مصطلحات النقد العربي السيماءوي(/)
مصطلحات النقد العربي السيماءوي
الإشكالية والأصول والامتداد
2003/2004
البريد الالكتروني: unecriv@net.sy E-mail
aru@net.sy
موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الانترنت
www.awu-dam.org
""
الدكتور مولاي على بوخاتم
مصطلحات النقد العربي السيماءوي
الإشكالية والأصول والامتداد
2003/2004
منشورات اتحاد الكتاب العرب
دمشق - 2005
تصدير
يعد كتاب الدكتور مولاي علي بوخاتم الموسوم مصطلحات النقد العربي السيميائي واحد بين التآليف النقدية العربية الحداثية المتخصصة في مجال المصطلح والمصطلحية، فضلاً عن الطرائقية في صياغة المصطلحات.
وهو كتاب يعالج من خلاله الباحث جملة من الإشكاليات المصطلحية محاولاً التطبيق على نموذج الدرس السيميائي العربي بجملة من المصطلحات المنتقاه بذكاء ومعالجة نقدية توصيفية تنأى عن المفاضلة بين النقاد العرب في هذا المجال.
وقد استطاع الباحث عقد مقارنة مصطلحية مبيئة في جل الأوطان العربية، التي تزخر بأقلام رائدة في هذا المساق من مثل العراق والسعودية وسورية ولبنان والمغرب وتونس ومصر والجزائر.....
من هذا المنتهى، فإننا نثمن هذا الجهد الذي جاء ليضاف إلى مجهودات أخرى تغني الموروث النقدي العربي والمنجز السيميائي الراهن.....
الأستاذ الدكتور رشيد بن مالك
الجزائر في تاريخ 18/7/2004
***
الباحث في سطور
الدكتور مولاي علي بوخاتم من مواليد بلدة سيدي حمادوش، من مواليد 4 آذار 1962 في ولاية سيدي بلعباس، متحصل على درجة ماجستير، ودرجة دكتوراه في السيميائيات، له مؤلف في هذا المساق، وبعض المقالات المتخصصة، الدولية والوطنية. أستاذ محاضر في اللسانيات والسيميائيات في جامعة سيدي بلعباس ومدرس في قسم الماجستير. وناشط في الحقل الإعلامي الجزائري.
علمتني الحقيقة أن أكرهها فما استطعت...
***
الإهداء
(/)
إلى روح والدي بغداد رحمه الله رحمة واسعة وأعلى مقامه في جنات النعيم، إلى كل شهداء الكلمة من أبناء أمتنا العربية.
إلى زوجتي وولدي إيهاب، وليد. إلى كل هؤلاء، أهدي هذا الجهد المتواضع راجياً أن يكون ذلك كفاء لما لقيته منهم من مساعدات وتشجيعات.
والله أسأل أن يجنبني الزلل ويوفقني إلى ما فيه نفع الدين والعربية ويسدد خطاي، إنه سميع مجيب.
***
تقديم
لا يقلّ اكتشاف اللغة في العصر الحديث عن أيّ اكتشاف علمي آخر على مستويات عدّة، لما في اللغة من وسائل تساعد الإنسان على الفهم والإفهام. ومعلومٌ كذلك أنّ الإنسان لم يعرف نفسه ولم تعرفه العامّة إلاَّ متكلّماً لُسناً، وفي الغالب قارئاً حصيفاً وكاتباً بارعاً.
لكن هذه الأصوات والرّسوم الحرفية التي يلفظها الإنسان أو يكتبها، لم تكن في حدّ ذاتها موضوع السؤال الأساس والرئيس في جلّ الدّراسات التي جعلتها مادة لها. ولم يكن اكتشاف الدلالة بشكل أخصّ يشكل الهمّ الأساس لدى الباحثين والكتّاب.
وفي زمن لاحق، وحينما أخذت الأسئلة تلاحق ما تعنيه الدّلالة، أي ما تعنيه اللغة: حروفها وكلماتها ومفاهيمها، ظلّ الاستفهام يدور حول اللغة بوصفها أداة للتواصل. وليس اللغة باعتبارها أول وأهمّ ما يشكّل الدلالة وموضوعها معاً.
ومعلوم كذلك، أننا نستخدم ملفوظات العقل في الكلام اليومي، ونستخدم الكلمات للدلالة عن كنه الأشياء، لنعني بها ما نفهمه نحن وما نودّ إفهامه للآخر. ثم أن اللغة جهاز من المفاهيم المنشئة للمعرفة، إلاَّ أنها تظلّ مساحة خصبة هائلة ومنظومة غير مكتشفة جليّة، وحدودها لازالت مقفلة.
نقول هذا على عجل لنشير في هذه التقدمة المنهاجية، لأنّ موضوعنا الرئيس هو المصطلح السيميائي، بكلّ جذوره وتفرّعاته الفلسفية والعلمية، باعتباره جزءاً لا يتجزّأ من تلك اللغة التواصلية، وممارسة إجرائية تشكّل حيزاً متميّزاً للدلالة في الحقل النقدي المعاصر.
(/)
من هنا، سعى الباحث إلى اتخاذ موقف من الجدل الذي لا يزال قائماً بين الباحثين والنقاد العرب، في تحديد ماهية المصطلح والمصطلحية، كمسألة عدّها جلّ اللغويين متجذرة الوجود في اللغة العربية، وعدّها بعضهم وافدة من الغرب، محدثة النشوء أريد بها عند آخرين علماً خاصّاً بذاته، ثم حقلاً معرفياً عادياً.
وعليه، فإننا لا نبالغ إذا قلنا إنّ طبيعة هذا الخلاف الناشئ حول هذين الحقلين مفتعلة، ولا تقوم على دعائم موضوعية، لأنّ أصل الخلاف كامن حول المصطلحات المستعملة في الإنجازات النقدية وليس حول العلم ذاته. فعلم المصطلح مثلاً، في اللغة العربية علم ليس بجديد. إذ هو نشاط مارسته العرب عبر الزمن، واتخذت منه حقلاً معرفياً معاجمياً، وتجلت ملامحه في القواميس والمعجمات المنجزة عبر العصور.
كما أنّ هذا العلم بدأ يشهد تداخلات مصطلحية منذ دخول النظريات اللسانية إلى النقد، منذ أن استلهمت الحداثة العربية أدواتها المفاهيمية الإجرائية من المنجز الغربي، حيث استفاد النقاد من منجزات العلوم اللسانياتية الحديثة الوافدة من أوروبا، ومن أمريكا، وفي مختلف الاتجاهات وبشتى اللغات.
من هذا المنتهى، عزم الباحث الخوض في جهود النقاد العرب بخصوص مجال المصطلحات السيميائية، بوصفها إحدى الأدوات الإجرائية اللغوية في نقد الأعمال الأدبية، ساعياً إلى الوقوف على "المصطلحية السيميائية العربية" النشوئية في هذا الميدان مترجمة تعمق مجاله، وتصوغه صياغة شبه نهائية. ووفق مناهج علمية معصرنة تمكّن أعمالهم من الاتسام بالشرعية العلمية.
(/)
وطبيعي كذلك، أن اتجهت هذه الجهود في وضع المصطلح السيميائي النقدي العربي إلى التكاثر، مع تزايد البحث في النقود الحداثية، انطلاقاً من المدّ البنيوي إلى عهد السيميائية والتفكيكية. وقد تجلّى مثل هذا الاهتمام في تكاثر التآليف النقدية السيميائية. وبموازاة ذلك تكاثرت الاختلالات بخصوص المصطلح نفسه إلى درجة صار الاختلاف داء من أدواء لغتنا العربية، ينمو ويستمر كلما اتسعت دوائر البحث في هذه النظريات.
وأوّل ما فعله الدّارسون لحال المصطلح النقدي والمصطلح السيميائي بوجه أخصّ، هو طرحهم السؤال: هل أنّ الإحساس بوضع المصطلح في مقال الشيء كان مواكباً لوعي الناقد العربي القديم؟ وهل مسألة تضارب استعمالات المصطلحات السيميائية طبيعية ـ بين ولادتها الأصلية، في مصادرها الأولى، وتناقلها عبر وسطاء إلى الساحة النقدية العربية، بالترجمة طوراً وبطرائق مختلفة تقليدية أطواراً أخرى؟. وهل مسلك النقاد العرب في ظلّ تكاثر البحوث السيميائية أسهم في تحديد معارف المصطلحات أم في تجميعها بكثافة دون توضيح العلائق المتحكمة بين المصطلحات الأوروبية والفرنسية والأنجلوساكسونية الإنجليزية.
وقد حركت الكاتب رغبة ملحة في اختيار هذا الموضوع وهي في الأصل نابعة من عدّة عوامل أهمها:
1 ـ كشف القصور السائد في صياغة المصطلح النقدي.
2 ـ استبار مدى فهم النقاد للمصطلحات الألسنية. إذ لا يجوز علمياً الحكم على الناقد العربي أو عليه، ما لم يحدّد مدى استيعابه لهذه النظرية الألسنية أو ذلك المنهج أو ذاك المصطلح.
3 ـ الرغبة في تخصيص مصطلحية عربية جامعية ضرورية لكلّ باحث وطالب في النظرية السيميائية، باعتبارها معرفة علمية أساسية، وباعتبار المصطلحات آليات لها شأنها في الثورة العلمية الحديثة.
4 ـ السعي إلى تجاوز تكاثر المصطلحات بشكل عام، ومن ثم المصطلحات السيميائية، فهي ركيزة الدّرس السيميائي العالمي بشكل عام والعربي بشكل خاص.
(/)
5 ـ إشاعة المصطلح السيميائي بوصفه تخصصاً علمياً، ومقياساً لا تستغني عنه العلوم الإنسانية قاطبة. إذ كيف تدرس اللسانيات بمفاهيمها، ويؤتونها دون أن تلحق بدروس في المصطلحات، والحال نفسه مع السيميائيات.
6 ـ تجاوز الطرائقية التقليدية في إيجاد المصطلحات. لأنّ الواقع يشهد بأنّ الباحثين العرب تمكّنوا من النظريات والمصطلحات عن طريق فعل القراءة، بعيداً عن السبل المهترئة في صوغ المصطلحات.
7 ـ حصر إشكالية التعارض التي لا تزال تسم حركية البحث، اعتباراً لما أنجز في النقود العربية إلى حدّ اليوم، لاسيما أنّ مثل هذا التعارض ما كان ليوجد لولا وجود هذا التنوع البشري أصلاً، لدى الغرب والعرب أجمعين.
8 ـ افتقار السّاحة النقدية العربية إلى مواقع ومؤسسات تؤطر المنجز المصطلحي الراهن، بغض النظر عن بعض المجهودات الفردية.
ولذلك تبين ـ ومنذ أول الخطو ـ، أنّ الأسئلة كثيرة والإجابات مختلفة بخصوص المصطلح النقدي، وبخصوص المعاجمية العربية المفترضة في تقديم أدوات إجرائية عملية ومقاربة مفاهيمية.
وتبين كذلك، أنّ موضوع البحث غير نهائي مادامت المصطلحات عوالم ممكنة باستمرار. لزم تقبلها مع الانزياحات المصطلحية، فيدرس الاختلاف لئلا يزداد البون بخصوص الإشكالية ذاتها فيؤدّي الأمر إلى الخلاف.
وقد دلت فصول البحث على مثل هذه الدراسة في المصطلحات وتحقيباتها بشكل عام، والمصطلح السيميائي وتمظهراته بشكل أخصّ، ودلت مباحثه على مقاربة نماذج عينية، من خلال التطبيقات النقدية، توخى صاحبها وضع إطار مصطلحي ـ افتراضي للسيميائية، ووفق منظورات وأهداف مبسطة تعليمية، يواكب فيها الوظيفي التنظيري بالمنجز التطبيقي، على الأقل فيما هو كائن في البحوث السيميائية العربية القليلة والمتواضعة.
(/)
وقد قادت الكاتب مثل هذه القراءة الموغلة في المنجزات العربية، إلى انتقاء مجموعة من المصطلحات المتداولة في الحقل النقدي المعاصر، غير مقتصر على جغرافية إقليمية مشرقية أو مغربية في اختيار الباحثين، إلاَّ ما صدر عنه سهواً.
ثم حاول إدراج المصطلحات تبعاً لمساقات القول، ولدى جلّ النقاد العرب، ممن أغرقت كتاباتهم الحداثية الساحة النقدية بكثير من المصطلحات السيميائية، بينهم نقاد في تونس، والجزائر، والمغرب، والسعودية، وسورية، ولبنان، والعراق، وجل الأقطار العربية. وهي ـ في اعتقاد الباحث ـ أغلب البلدان التي استجابت إلى مسألة الاقتباسات الاصطلاحية السيميائية عن الغرب، وضمن المدوّنات النقدية الراهنة على اختلاف مشاربها الأصلية.
من الصعب إذاً، انتقاء أشكال غير موجودة أصلاً، ومقاربة مصطلحات موجودة هنا وهناك. وكانت حجة الباحث في هذا العمل المتواضع، مرتبطة بأن وجود مثل هذه المصطلحات السيميائية (المحصورة في البحث) خير من عدمه، ودليل للدلالة على وضع مصطلحية هذا الحقل النشوئي في البلاد العربية.
وفي عموم الإشكالية أراد الباحث تحقيق غايتين أساسييّن:
الأولى: تحديد معالم المصطلحية السيميائية، والدفع بمجهودات الباحثين في نظرياتها إلى تأسيس "منهج سيميائي" افتراضي محدّد المعالم لما للمناهج من علائق بالمصطلحات.
والثانية: المشاركة في تأسيس لغة علمية خالية من التناقضات والتعددية الدّلالية.
وهو يروم إلى تحقيق هذه الأهداف العلمية، ارتأى صاحبه تقسيم البحث من حيث الزمن إلى مرحلتين رئيستين، تجسدتا في بابين، اشتمل كلّ باب على فصول، وانبنى هذا التقسيم على أساس التحقيبات التاريخية للمصطلحية العربية.
(/)
ففي الباب الأول، الموسوم: أثر المصطلح في الدرس اللغوي والنقدي، سعى إلى تلمّس جوانب إشكاليات المصطلح والمصطلحية بشكل عامّ، وفي فصل خاصّ هو الأول، وذلك بغية تحديد المصطلح وشؤونه، ثم المصطلحية ومجالات وأعلامها. ثم اقتضت طبيعة البحث في هذا التقسيم الافتراضي، أن خاض ضمن الفصل الثاني في أهم طرائقية البحث في مجال المصطلحات، ثم الخوض في مجال المصطلح النقدي السيميائي باعتباره النموذج المثال القمين بالدراسة والتمحيص.
وهكذا تحددت معالم هذا البحث، ضمن الإطار التاريخي التأصيلي التأثيلي، وتحدد التسليم برغبة صاحبه في إغناء البحث بمقترحات ضمن كلّ فصل ومبحث، وختمها بخلاصات وآفاق. وذلك بغية مراعاة منهجية البحث الأكاديمي، وتبسيط عمليتي الفهم والإفهام للقراءة في هذا المجال.
وبغية الحرص على مثل هذه المنهاجية، تم تقسيم الباب الثاني إلى فصلين رئيسين: الأول احتوى نماذج مصطلحية كثر تداولها في تحليل الخطاب الشعري، والثاني أراد الإفادة فيه ببعض النماذج المصطلحية السّردية.
وقد تمت عملية البحث بالاستراتيجية نفسها، مقدماً كل فصل بمفتتح ثم تذييله بخلاصة وآفاق، من أجل جعل عناصر البحث متساوقة ومنضدة، أنهي البحث بخاتمة جامعة لمعظم الخلاصات، فضلاً عن مسرد مصطلحي للكلمات المفاتيح الواردة في البحث.
تبنى الباحث المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الموضوع، مع الاعتماد ـ في كثير من المواضع ـ أسلوب الإحصاء، وذلك من خلال استقراء واقع المصطلحات في النصوص النقدية العربية، ومحاولة جعلها تكشف عن الاتجاهات المتبناة في الساحة النقدية، دون اللجوء إلى الأحكام المسبقة على أصحابها، بل مناقشة الآراء والطروحات بترّو وأمانة علمية. مع الاستعانة بمصادر أجنبية وعربية لإضاءة الإشكاليات، كلما رأى أنّ الحاجة تتطلب ذلك، وقد تمّ ذلك، بمراعاة الجوانب التاريخية لصيرورة المصطلح.
(/)
وقد أفادت الدراسة من عشرات الكتب العربية والمترجمة والقواميس العربية والأجنبية، وعشرات المجلات العربية، وكلها عجزت عن توفير الأرضية الكافية لاعتصار هذه الإشكالية، بل العكس هو الصحيح. ولذلك، اعتمد الباحث أبرز القواميس الألسنية في أوروبا، بينها معجم "جان ديبوا الألسني، ومعجم "غريماس وكورتيس" السيميائي المعقلن، وبعض المؤلفات المتخصصة في هذا المساق، لدى باحثين مثل: رولان بارط، وامبرطو ايكو، وجاك دريدا، ودي سوسير، وميكائييل باختين، وجوليا كريستيفا وجيراير جنيت وسواهم ممن تطول القائمة بذكرهم.
أما حين أوجب البحث الرجوع إلى أصول الكلمات في اللغة العربية، فقد سلك صاحبه مسلك التوفيق، تارة بالعودة إلى المعاجم العربية الأثيلة مثل لسان العرب لابن منظور، أو كتب مثل الحيوان للجاحظ، وأخرى حداثية متخصصة بينها: معجم المصطلحات الأدبية لمحمد رشاد الحمزاوي، ومعجم الألسنية لبسام بركة، ومعجم المصطلحات الأدبية لسعيد علوش وسواها من المؤلفات المعاجمية المتخصصة.
كما وجب الإشارة، إلى اعتماد الباحث أغلب المجلات العربية الحداثية، التي عالجت الإشكالية ذاتها. فوجدها متعددة وكتابها كثر. فجاء إلى المقول من خلال المعقول، مركزاً على أبرزها في الساحة النقدية العربية الراهنة. ومعتمداً أغلب الأعداد منها ومما يمت بصلة للموضوع المعالج.
ومهما يكن من أمر، فإنّ هذا العرض السّريع، لما انطوى عليه لا يتعدّى أن يكون ملخصاً سريعاً لإشكالية، لابدّ لمن يريد الوقوف على تفاصيلها التأمل في فصولها، إن هو أراد الهدف إلى تفعيل حركية البحث في المصطلحات بشكل عام..
(/)
ويستسمح الكاتب القارئ الكريم القدر المنقول، إن هو أصاب فذلك هدفه المنشود والمأمول، وإلاّ فحسبه أنه ما كان لحظةً ضنيناً في تلمس الصواب وابتغاء السبيل. كما أن صاحبه لا يدعي أنه جاء إلى هذا الموضوع على حذر، بالنظر لقلة المصادر المختصّة فيه، ولحداثة مساقاته، ولحساسية الموقف في التفاضل بين النقاد. وحساسية اللغة نفسها، لغة اللسانيات والعلوم التي لا تقبل التأويل. ولذلك فحاجة الجميع ماسة إلى متابعة العمل في هذا المضمار الدقيق.
والكتاب في صورته النهائية هذه عود على بدء لما سوف يلحقه من مؤلف آخر يدخل في ذات الاستراتيجية المنهاجية والموضوعية ثم النمذجة للإشكاليات المطروحة في كتاب سلالي أسميناه إشكاليات المصطلح السيميائي.
الدكتور بوخاتم مولاي علي
الجزائر في تاريخ 24/7/2004
،،،
الباب النظري
أثر المصطلح في الدرس اللغوي
الفصل الأول في المصطلح والمصطلحية
الفصل الثاني في طريقة وضع المصطلح
الفصل الثالث واقع المصطلح السيميائي
الفصل الأول
أثر المصطلح في الدرس اللغوي
1ـ تقدمة
أصبح الدرس اللساني في السنوات الأخيرة موضوع اهتمام الدارسين كل إزاء لغته وبلسان قومه، وظهرت أصوات تدعو إلى عصرنة النقد العربي، تتحسس الظاهرة اللغوية في ضوء اللسانيات الحديثة و"تسعى إلى تأسيس المعرفة الإنسانية، والتأصيل للمناهج المحدثة، وإخصاب النظريات البلاغية القديمة وجعلها تتماشى مع العصر، تعتمد اللغة كعنصر قارٍّ في العلم
والمعرفة" 1
(/)
من ههنا، بدأ النقد في القرن التاسع عشر يصطبغ باللغة العلمية، واتجه النقاد إلى الاستضاءة بالعلوم الطبيعية، يطبقون مناهج العلماء على النقد وفق النظريات اللسانية الجديدة، ويعدون النقد فناً لا يزرى ويُهجِّن النص الأدبي بقدر ما يقرره، ويعدون النص، نسيجاً قاراً من الرموز، يحمل الكثير من الدلائل والأسرار، مشحوناً بالمعاني والأصداء الدلالية، والكلمة فيه بمثابة الفكرة ولحمة النص، هي الثقافة وهي كل شيء.
وربما اعتدوا بهذا المنظار، اعتقاداً منهم، بأن اللغة داخل النص هي كذلك بمنزلة محور الفكر والخطاب، بها يتجدد كل شيء، وبها نتحدث عن الأشياء في واقعنا، ونتحدث عن اللغة نفسها، وهي الموسومة بالمكنونات الغامضة التي من الصعب التكهن بعناها إلا عندما تخضع للوسائل النقدية المتوفرة، وهي مادة الفكر والأدب، ترمز إلى الواقع المحسوس، أداة ترميزية ونظاماً من العلامات متغيرة بتغير النصوص وتعدد القراءات "فضمن مجموع الألفاظ والرموز يتكون عالم آخر.2
من هذا المنطق، جاء اهتمامنا في هذا البحث مبنياً على المصطلح أو الاصطلاح كعرف خاص يعني اتفاق طائفة خاصة على وضع شيء وتداوله في أدبيات الكتابة، مجال أولته العرب عناية كبيرة واهتمت بوضع المصطلحات والمناصبة بين مداليلها اللغوية ومداليلها الاصطلاحية. لما لها من تأثيرات على الجوانب الفكرية العامة. لأن المصطلح "صورة مكثفة للعلاقة العضوية القائمة بين العقل واللغة ويتصل أيضاً بالظواهر المعرفية والمصطلحات في كل علم من العلوم هي بمنزلة ، النواة المركزية التي يمتد بها مجال الإشعاع المعرفي ويترسخ بها الاستقطاب الفكري3. وكل ذلك، لإسهامه في ربط الحضارات والأمم بعضها ببعض كما أسهم أسلافنا بمصطلحاتهم في استيعاب العلوم والفنون قديماً.
(/)
ففي صدر الإسلام وحتى نهاية القرن الثالث الهجري استفادت اللغة العربية بكثير من الألفاظ والمعاني الجدية واختلاط العرب بغيرهم من الأمم المتحضرة، مما رقى العقل العربي وأدخل على الحياة العربية كثيراً من المستحدثات، واتسعت دائرة الثقافة العربية من الثقافات الأجنبية ككل.
أما اليوم، ومع تأثير النظريات اللسانياتية الحديثة في النقد العربي، فقد أصبح المصطلح يأخذ حيزاً بليغ المرتبة لدى الدارسين لما له من أهمية في عملية الإيصال والتبيلغ Communication =، الأمر الذي جعل النقاد يأخذون بحظ وفير من هذه المصطلحات الوافدة من الغرب، حتى أصبح لكل ناقد منهم رصيده اللغوي الذي يمكنه من الكتابة والتأليف والنقد بحسب الأغراض. فاختلفت مصطلحاتهم من شكل إلى آخر، وانقسموا إلى فرق متباينة يحضر كل منها رأياً أو مدرسة.
وفي ضوء ذلك، استهدى هؤلاء النقاد بوسائل كثيرة قصد صياغة المصطلح النقدي الألسني أهمها: الوضع والقياس والاشتقاق والترجمة والمجاز والتوليد والتعريب4. وربما تارة بالإحياء وهي وسائل رفدت علوم اللغة العربية بكثير من المصطلحات الجديدة ورفدت الحركة النقدية الحديثة في الوطن العربي.
بيد أن، هذه الجهود التي غرفت من المصطلحات الأجنبية ادعاءً أو استسهالاً أوجدت إشكاليات المصطلح النقدي، حتى أضحى موروثنا النقدي يكاد يخلو من مواضعة عربية خالصة لمصطلحات متفق عليها يقرؤها المشارقة والمغاربة على حد سواء، ويقرؤها الباحثون من مثلي بعيداً عن إغراق النقد العربي في لجة المصطلحات الغربية المتباينة حيناً والمتشاكلة أحياناً أخرى.
من هذا المنتهى، اخترنا أن نروح في إشكاليات المصطلح مبتعدين ـ قدر الإمكان ـ عن اللحاق الكامل بالموقف الغربي والانتقائية العمياء، والسعي خلف خلق علاقة حميمة صحيحة بين الحضارات، نحاول جراها إخراج المصطلح البلاغي من قوقعته، وجعله يتماشى مع النظريات اللسانية الحديثة بالتوفيق.
(/)
وفي كل ذلك، نعتقد أن المصطلح العلمي ملك مشاع علينا أن نجعله ينسجم مع خصوصيات هذه اللغة (العربية)، وكيف نستفيد من المصطلحات التي تدرسها البنوك العالمية وحينما نقول المصطلح نعني العمل به والتحكم فيه وفي مستلزماته 5.
ثم إن معرفة المصطلح عنصر أساسي يدخل في صلب العلم ومنهاجه، والنقد أسلوب وحركة، وهو علامة دالة لحقل معرفي معين يسم الخطاب ويعلمه، وكلمة أو مجموعة من الكلمات تتجاوز دلالاتها اللفظية والمعجمية إلى تأطير، تصورات فكرية وتسميتها في إطار معين، تقوى على تشخيص المفاهيم وضبطها التي تنتجها ممارسة ما في لحظات معينة 6 وهو العرف الخاص الذي يعني اتفاق طائفة خاصة على وضع شيء وتداوله في أدبيات الكتابة.
أما الباحث أحمد حطاب في بحثه القيم في مجال المصطلحات العلمية وأهميتها فيقول: "فالمصطلحات العلمية إذاً عبارة عن مجموعة من الكلمات التي تم الاتفاق على استعمالها من طرف مجمع الباحثين لتقوم بوظيفة تتمثل في تجسيد نتائج البحث ووضعها في قالب لغوي يضمن تواصلاً فعالاً ومفيداً بين مختلف فئات المستعملين"7.
ولا أدل على مثل هذه الأهمية، من أن العرب أولت المصطلح عناية كبيرة، واهتمت بوضع المصطلحات والمناسبة بين مداليلها الاصطلاحية، كما اهتمت كل مدرسة لسانياتية حديثة بالمصطلح، وشكلت لنفسها مصطلحية خاصة بها، لكن غير مكتملة ولا محددة، أي لا وجود لأي علم من دون مصطلحية، بغض النظر عن التفرقة بين المصطلح والمصطلحية، لأن هذه المادة بشكليها لقيت اهتماماً كبيراً لدى النقاد والدارسين، لما لها من خطورة وأهمية على الجوانب الفكرية العامة، لا سيما مع شيوع التيارات النقدية الألسنية.
(/)
ولعل من المجدي كذلك الإشارة، إلى أن "علم المصطلح" وليد مطلع هذا القرن تبعاً لمجهودات علماء أوروبيين إلى توحيد قواعد وضع المصطلح، ومن قبل وحتى نهاية القرن 3 الهجري استفادت اللغة العربية بكثير من الألفاظ والمعاني الجديدة، لاسيما اختلاط العرب بغيرهم من الأمم المتحضرة، أمر رقى العقل العربي، وأدخل على الحياة العربية الكثير من المستحدثات.8
في ضوء ما سبق يستحضر الدارسون بعض التآليف المصطلحية في هذا الشأن فيذكرون بعضها من ذلك كتاب "التعريفات للشريف الجرجاني" و"مفاتيح العلوم للخوارزمي" و"كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي" وعندئذ نوهوا بمجهودات المجاميع العربية في هذا المساق والساعية إلى التنسيق في وضع المصطلحات العربية والتقنين لها.
ولما كنا لا نروم في هذه التقدمة الوجيزة التفصيل في المصطلح وآلياته، فحسبنا الإشارة كذلك إلى أهمية المصطلح والاصطلاح، كفاتحة لهذه الدراسة لأننا نعتقد أن كل دراسة بمجرد ما تريد أن تكون عملية، تصطدم بمشاكلات الاصطلاح وأزمة المصطلح، ولا أدل على ذلك أننا نجد أغلب الباحثين يرفضون حق الدراسات الأدبية في أن تتوافر على مصطلحات محددة تحديداً دقيقاً.
وكذلك، تؤكد تعريفات حديثة للمصطلح، أن "تاريخ المصطلحات هو تاريخ العلوم، وكل علم جديد يحتاج إلى مصطلحات جديدة، وكل تصور جديد يدعو صاحبه إلى خلق مصطلحات جديدة، ومن صفات العلوم الطبيعية أنها دائمة النمو، وأنها دقيقة منظمة، قابلة للامتداد البعيد المدى، لذلك كان من الضروري، أن تكون للعلوم هذه المصطلحات نفسها، فيجب أن تكون دقيقة، وأن تكون منظمة، وأن تكون قابلة للنمو" 9.
(/)
وتؤكد تعاريف أخرى، أن المصطلح في الأصل اتفاق الباحثين على اختياره للتعيين عن مفهوم معين في علم أو فن محدد، وتأتي عادة المصطلحات في شكل ألفاظ مفردة مثل: قاموس أو حاسوب أو عدد من الألفاظ، مثل: هندسة المياه، أو الوصف مثل: الهندسة الكهربائية أو بهما معاً كما في علم اللغة الاجتماعي.
ونضيف، أن الحقول المعرفية تتحدد بتحديد دلالات مصطلحاتها واستقرار مفاهيمها، وبقدر رواج المصطلح وشيوعه وتقبّل الباحثين والمهتمين لهذا المصطلح أو يحقق العلم أو الحقل المعرفي ثبات منهجيته، ويمكن لوضوح اختصاصه، وصرامة أدواته الإجرائية، ومن خلال ذلك يمكنه تناول موضوعه بالدرس والتحليل وهو مطمئن إلى النتائج التي يصل إليها تحليله10.
من هاهنا، جاء المصطلح والمصطلحية ليكوّنان حيزاً كبيراً من حجم هذا المشروع الذي نخوض فيه، وحيزاً من المعركة التي يخوضها الخطاب النقدي المعاصر، بما يعني أن له شأواً بعيداً ضمن نسيج هذا الخطاب، فجئنا نروم تشريح آليات المصطلح النقدي السيميائي، والضوابط المتحكمة في طرائق صياغته، بإجراء حفريات معرفية نلامس من خلالها إشكاليات الكلمة مصطلحاً ومصطلحية وأهم جذور القواعد الفكرية في أدق حيثياتها، معتقدين أن الوعي بالمفاهيم في مجال النقد الأدبي كثيراً ما يتخطى عتبة الوعي بدوالها.
ولذلك، تبرز إشكاليات المصطلح في النسق النقدي السيميائي، وتبرز قبلها كلمة مصطلح في اللغة والاصطلاح كمادة في القواميس العربية والأجنبية، ويبرز المصطلح السيميائي كلفظ أو مركب لفظي منزاح عن دلالته المعجمية الأولى، متفق عليه من أهل الاختصاص ومختلف بشأنه تارة أخرى.
(/)
ويذكر بعض الدارسين11 في هذا المجال، أن علم المصطلح هو الآخر، قد ظهر لدى بعض علماء الأحياء والكيمياء الأوروبيين الذين سعوا إلى توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالمي في حدود سنتي 1906 و1928 حيث أصدروا معجماً مصوراً للمصطلحات التقنية في 16 مجلداً، وتلت هذه المحاولة محاولات أخرى لتأسيس النظرية العامة لعلم المصطلحات في جميع الفروع وصولاً إلى العصر الحديث والمجهودات التي قام بها آخرين بخصوص مجامع اللغة العربية.
ونظراً لهذه الأهمية التي ذكرنا، ارتأينا أن نخوض في إشكالية المصطلح Terme والمصطلحية Treminologie كعلم يدرس المصطلح في ذاته دراسة مرفولوجية مجردة، ونحن لا نروم وراء هذا الخوض تعقيد الأمر في التميز بين المصطلحين السابقين ولا بين المصطلحية وعلم المصطلح. وما هي أبعاد المصطلح وشروطه ومعايير الاصطلاح؟ وطرائق وضع المصطلحات المعروفة سلفاً لدى الباحثين في هذا المجال من مثل: الاشتقاق، النحت، المجاز، الترجمة والتعريب والقياس وسواها من الطرائق.
وربّما نذهب بعيداً، إلى غاية الخوض في مجال المصطلحات في علوم اللغة، وفي الفقه لدى اللغويين والنقاد السيميائيين على وجه أخص. وأملنا في كل ذلك كبير في أن يكون هذا العمل مفيداً للباحثين من اللغويين والعلميين، والمصطلحيين وحافزاً لهم بغية التعرف عن قرب على وضع المصطلحية وطرائق وضع المصطلحات.
(/)
في ضوء كل هذا، وسعياً وراء هذه الغاية، نحاول التنقيب في الدلالات اللغوية والاصطلاحية للفظتين: مصطلح ومصطلحية، كاثنتين من أكثر المصطلحات ترداداً في الممارسات الثقافية الحديثة، والممارسات العلمية والنقدية. ونهدف من ذلك إلى تشخيص ضروب العلاقات التي تربطها وتصل بينهما، بما يكشف بالمفاهيم الدقيقة لهما، سواء في انحدارهما عن أصول معينة، متشابهة أم مختلفة، وفي حقول معرفية محددة، أو في الانحراف الدلالي، الذي لحق بهما كونهما أداتين مفهومتين لإنتاج المعرفة، وكل هذا استدعى الحفر في أصولهما وتطوراتهما بما يكشف عن الأهمية التاريخية والمعرفية لهما في سياق تكون الفكر الإنساني.
وسوف نتناول خلال هذا العمل، موضوعات تتعلق بأهم طرائق المصطلح. وهي طرائق وضعه، وكل ذلك لأجل إنماء اللغة العربية، وجعلها تستوعب المصلحات التي تعبر عما يستحدث من مفاهيم جديدة، عملاً بقول مصطفى الشهابي، إن العربية قد نمت بالاشتقاق والمجاز والنحت والتعريب، وهي الوسائل التي رجع إليها العلماء والنقلة عندما وضعوا آلاف المصطلحات في صدر الإسلام وهي الوسائل التي نتخذها مطية لنقل العلوم الحديثة إلى اللغة العربية.
2 ـ المصطلح /الحد
إن كلمة مصطلح في اللغة مشتقة من المادة "صلح" أو صلح ومنها الصلاح والصلوح، حيث أورد ابن فارس في معجمه أن "الصاد واللام والحاء أصل واحد يدل على خلاف الفساد..." 12 وفي الصيغة الاشتقاقية نفسها أورد ابن منظور أن الصلاح كلمة ضد الفساد، أي اصطلحوا وصالحوا وأصلحوا وتصلحوا، واصالحوا، مع تشديد الصاد، ثم قلبوا التاء صاداً مع إدغامها في الصاد بمعنى واحد 13.
(/)
ودائماً بخصوص هذه المادة، يلاحظ في اللغة العربية أنها في اللغة العربية مصدرٌ ميمي للفعل "اصطلح" مثل المادة (صلح) بحيث ورد في الصحاح بأنها "ضد الفساد" فنقول صلح الشيء يصلح صلوحاً. حيث قال الفراء: وحكى أصحابنا صلح أيضاً بالضمّ، من المصالحة. ثم أن الإصلاح نقيض الإفساد والمصلحة واحدة المصالح، والاستصلاح نقيض الإفساد 14.
أما الفعل اصطلح فقد ورد ذكره في أحاديث نبوية كثيرة، وورد ذكره في معاجم عربية بالدلالة نفسها. وهناك حديث آخر عن المصدرين (اصطلاح) و"مصطلح" بحيث وردت دلالة هذه الكلمة لتعني "الكلمات المتفق على استخدامها بين أصحاب التخصص الواحد للتعبير عن المفاهيم العلمية لذلك التخصص15.
بهذه الدلالة، جاءت كلمة "مصطلح" وجاء الفعل (اصطلاح) ضمن هذا المجال الدلالي المحدد، كما ورد في كتاب الجاحظ ضمن كتابه (البيان والتبيين) عن المتكلمين حيث إنهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب باسم. كما يعثر على تعريف آخر لكلمة (اصطلاح) نقله الجرجاني، في مادة (صلح) هو اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد نقله عن موضوعه الأول لمناسبة بينهما أو مشابهتهما في وصف و غيرهما"16. وهو بهذا المعنى، يستخلص تسميتين أساسيتين للمصطلح:
الأولى: اتفاق المتخصصين على دلالة دقيقة.
والثانية: اختلاف المصطلح عن كلمات أخرى في اللغة العامة.
وقد جاء في المعجم الوسيط، أن لفظة صلح بمعنى "زال عنه الفساد" واصطلح القوم: زال ما بينهم من خلاف، ثم أن "تصالحوا، اصطلحوا والاصطلاح مصدر اصطلح بمعنى "اتفاق طائفة على شيء مخصوص17 وهي الدلالة التي عثرنا عليها في جل المعاجم بمعنى الاتفاق والتواضع والمصالحة. وأما الاتفاق المقصود هنا فهو اتفاق جماعة من العلماء والمشتغلين بعلم من العلوم على إعطاء كلمة ما معنى جديداً فتصبح عندئذ دالة على مدلول جديد، وتدعى مصطلحاً أي كلمة تحمل دلالة جديدة متفقاً عليها، دلالة تغاير تماماً الدلالة الأصلية.
(/)
والشرط الرئيس في المصطلح أن يكون للمفهوم الواحد سواء أكان اسم معنى أم اسم ذات لفظة اصطلاحية واحدة يتفق عليها أهل الاختصاص.
وثمة أمثلة أخرى كثيرة وردت في هذه اللفظة وسواها من هذه المادة الأفعال التالية: صلح، صلُحَ، صَالَحَ، أصلح، تصالح، أصالح، والمصادر، صُلح، صلاح، ومصالحه، وإصلاح، واستصلاح والمشتقات صالح، وصليح ومصلح وصلحاء ومصلحة، وقريباً من هذه المواد، مصطلح (اصطلاح) الذي ورد ذكره في أحاديث كثيرة، وذكرته معاجم عربية أهمها، لسان العرب لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي، وفي الحديث مثلاً: "اصطلحا على أن لنوح ثلثها" واصطلح أهل هذه البحيرة" ثم "يصطلح الناس على رجل" وكلها أحاديث اشتملت على أن الفعل اصطلح رديف اتفق.
وبهذا المعنى، استخدمت لفظة (مصطلح) وأضحى الفعل (اصطلح) يحمل هذه الدلالة الجديدة المحددة، كما استخدمت لفظة علم المصطلحات تسمية لذلك التخصص الذي يبحث القواعد العامة لهذه الألفاظ الاصطلاحية 18 وقد ورد في الاصطلاح لدى الجاحظ"... وهم تخيروا تلك الألفاظ لتلك المعاني، وهم اشتقوا لها من كلام العرب تلك الأسماء، وهم اصطلحوا على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم فصاورا ذلك سلفاً لكل خلف وقدوة لكل تابع" 19.
ويحدد كثير من الباحثين المحدثين، أن المصطلح أو الاصطلاح، بأنه العرف الخاص، وهو اتفاق طائفة مخصوصة على وضع شيء والاصطلاحي، وهو ما يتعلق بالاصطلاح ومقابلة اللغوي20. وعليه فالمصطلح يؤدي دوراً رئيساً في اللغة بما يغدقه من إثراء على اللغة، وأول باكورة لهذه كانت بفضل القرآن الكريم الذي جاء بمعان لغوية مختلفة عن سابقاتها القديمة، وأضفى المعاني الدلالية والتشبيه والمجاز.
(/)
ومن المجدي كذلك الإشارة، إلى أن مؤلفين آخرين عبروا عن المصطلحات بلفظ (الكلمات) أبرزهم، الرازي أحمد بن حمدان، وعبر آخرون عن المصطلحات بكلمة ألفاظ ـ على نحو ما أورده علي بن يوسف الآمدي، في مؤلفه (المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتحكمين).
وتجاوزاً للتعريفات العربية القديمة، فإن أقدم تعريف غربي لكلمة مصطلح هو ما أورده فاتشيك (J.Vachek) ضمن مدرسة براغ اللسانياتية الأوروبية حيث أورد التعريف الآتي في اللغة الفرنسية: 21 أمكن ترجمته ضمن الصياغة الآتية "المصطلح كلمة لها في اللغة المتخصصة معنى محددة وصيغة محددة، وحينما يظهر في اللغة العادية يشعر المرء أن هذه الكلمة تنتمي إلى مجال محدد ودقيق".
فمن خلال هذا التحديد يستخلص ارتباط المصطلح باللغة المتخصصة.
وهناك تعريفات أخرى للمصطلح المفهوم الذي يدل عليها أهمها أن "المصطلح كلمة أو مجموعة من الكلمات من لغة متخصصة علمية أو تقنية، يستخدم للتعبير عن المفاهيم وليدل على أشياء مادية محددة". وبهذه الدلالة يصبح المصطلح دالاً على المفاهيم والأشياء المادية.
أما الرأي الراجح لدى المتخصصين في علم المصطلح، فهو أن أفضل تعريفات المصطلح، تكاد تكون متفقة من حيث النطق والإملاء، وهي الكلمات Trem في اللغة الإنجليزية، وTrem في اللغة الألمانية، وTerme في الفرنسية، وTermine في الإيطالية وTermino في الإسبانية، وTermo في البرتغالية، وTernin في الروسية، وغيرها من الكلمات في اللغات الأوروبية التي تنتمي إلى أسرة لغوية واحدة.
(/)
والتحديد المتفق عليه في هذا المساق، هو أن هذه الكلمة تدل في الاستخدام المتخصص على أية كلمة أو تركيب يعبر عن مفهوم أو عن فكرة قابعة في الأصل في اللغة اللاتينية وبناتها، بيد أنه يعثر على بعض المظاهر التي تومئ إلى الكلمة، ففي اللغة اليونانية يعثر على كلمتين هنا: Terma وtermon وكلمات من قبيل Termen وTerminus ثم كلمة Termo هذه الأخيرة تدل على الحدود الفاصلة، كما تدل كلمة Terminus على المجال والحيز.
ومع مرور الزمن، بدأت المعاجم الأوروبية المتخصصة في المجال المصطلحي تخص كلمة (Terme) في الفرنسية (Terme) في الإنجليزية ببعض التحديدات أهمها ما أورده معجم ماروزو (1951) على أنها مرادفة لفظة Mot أي الكلمة 22 ووفق هذا المنظور، عَدّو الكلمة الاصطلاحية أو العبارة الاصطلاحية ومفهوماً مفرداً أو عبارة مركبة استقر معناها وحدد بوضوح، كما أن مثل هذا التحديد لا يقصر المصطلح على الكلمة المفردة بقدر ما يعومه على العبارة المركبة.
وقد ورد في بعض المعجمات السيميائية في إطار علم المصطلح، تحديد آخر له دلالته الاصطلاحية هو كالآتي: Terme: non définissable d un systeme coherent enumeratif. "nomlenclature" ou structure "Taxonomie" et correspondant sans ambiguîte aune notion ou concept 23.
بناء على هذا التحديد، فإن المصطلح مرتبط بوضوح المفهوم الذي يدل عليه كما أن المصطلح الواحد تتحدد دلالته بين مصطلحات التخصص الدقيق نفسه أي عن طريق مكانته وسط المصطلحات الأخرى، ثم أن المصطلح يخضع في تطوره بحسب التخصص وهو يتحدد داخل النظام الذي يكونه هذا التخصص، كما أن المصطلحات ينبغي أن تكون دالة على نحو مباشر ودقيق.
(/)
وقد يعثر على أن المصطلح يقابله في اللغة الفرنسية Treme المشتقة من اللاتينية Terminus التي تعني في ما تعنيه النهاية والحد الزمني 24 ما ورد في معجم لاروس الصغير، وقد استخدمت كلمة terminal حتى اليوم في اللغة الإنجليزية، بمعنى المحطة لخط المواصلات وهي الدلالة التي تلتقي مع المعنى في اللغة الأم اللاتينية.
وهناك سمات أساسية أخرى يتميز بها المصطلح، حيث ينبغي أن يكون لفظاً أو تركيباً وألا يكون عبارة طويلة تصف الشيء وتوحي إليه 25 أي "تمثل تصوراً ما لوحدة لغوية ويتكون من كلمة أو أكثر".
من جانب آخر، يمكن اعتبار المصطلح رمزاً اتفاقياً لتصور ما، يتألف من أصوات منطوقة أو الشكل الذي تمثل به كتابياً أي عن طريق الحروف، ويكون في صورة كلمة أو عبارة. ووفق هذا الاعتبار، يمكن كذلك أن يرد المصطلح في شكل كلمة، وقد تحوي مورفيما واحداً أي عنصراً معنوياً غير قابل للتقسيم، أي حرفما ـ أو يحوي عدة موفمات. كما يمكن أن نعثر في المصطلحات على مجموعة تركيبية Syntactic Group من الكلمات.
بيد أن الخواص الذين يميزون المصطلح عما عداه يعتبرون أن "تحليل مضمون المصطلح يكشف عن درجة عالية من الدقة أو المضمون الخاص الذي لا تعرفه لغة الأغراض العامة. وبما أن المصطلح يمثل تصوراً، وهذا بدوره يشكل عنصراً داخل منظومة التصورات المعينة، فالمصطلح يمثل عنصراً في المنظومة المصطلحية، المقابلة لمنظومة التصورات أي مصطلحية Terminologie الحقل الموضوعي الخاص" 26 ووفق ذلك، قد يحوي المصطلح خصيصات تميزه عما عداه، هي الدقة وحقيقة انتمائه إلى منظومة مصطلحية.
(/)
بيد أن بعض الدارسين يرون أنه من غير الممكن أن يحمل المصطلح من البداية كل الصفات، وبمضي الوقت يتضاءل الأصل اللغوي لتصبح الدلالة العرفية الاصطلاحية دلالة مباشرة على المفهوم كله، كما أن الاختصار والاختزال لابد أن ينظم نسق المصطلحات، حتى تكون دالة في وضوح على المفاهيم، ومن ثم تتخذ مكانها في لغة العلم.
ما دمنا في مساق الحديث عن المصطلح، يجدر بنا التسليم بأن أمر تعريف المصطلح ليس يسيراً لأن تعدد الحدود يغيب معالم الدقة والوضوح. فقد يلفي المرء نفسه قبالة تعريفات متشابهة ومختلفة لطائفة من الباحثين والدارسين، من ذلك، ما أشار إليه محمد طبي في مؤلفه "وضع المصطلحات" 27، وحامد صادق قنيبي في مؤلفه 28 دراسات في تأصيل المعربات والمصطلح كما هو الحال فيما جاء به علي القاسمي 29، أو الفاسي الفهري 30، حيث برزت مجهودات هذين الأخيرين في معجم روبير الصغير ومعجم روبير المنهجي. كما هو الحال في الثقافة الفرنسية في قاموس اللسانيات Dictionnaire de Linguistique لصاحبه جان ديبوا 31.
فجل هذه المعجمات أو المعاجم يحدث فيها اختلال في تحديد كلمة مصطلح فتلفي أصحابها يعرفونك بالكلمة ويحيلونك على مصطلحات أخرى من مثيلات Le xi cographie. Nomenclature. Ternimologie 32 في اللغة الفرنسية، وكما شاهدنا من مثيلات: Terminus وTerminal وفي الدراسات العربية من مثيلا ت اصطلاح، مصطلحية، علم المصطلح. بل حتى لدى المتقدمين من أمثال الجرجاني والآمدي وسواهما.
وربما حدث مثل هذا الاختلال بخصوص الكلمة وغابت الدقة في التحديد، نتيجة تداخل بعض الحقول الدلالية تداخلاً غريباً تغيب معه أدنى علامات التمييز في القواميس التي هي مرتبة ترتيباً ألفبائياً.
(/)
ووفقاً لهذه الخصوصية التي يتميز بها البحث في مجال المصطلح وأهميته، أضحت المسألة مسألة ملحة تشغل بال العلماء والباحثين، مما أدى إلى جعل هذا المجال علماً قائماً بذاته، من أسسه صياغة مبادئ تحكم وضع المصطلحات الجديدة، والسعي إلى توحيد المصطلحات القائمة، ومحاولة تقييمها وتوثيقها ونشرها في شكل معاجم متخصصة.
وأضحى كذلك المصطلح، يمارس دوراً أساسياً وفاعلاً في تكوين المعرفة، ومثل هذا الحقل يتشكل فيه المصطلح ويوجه مفهومه ويحدد دلالته، لأن هذا المفهوم الذي ينطوي عليه شكل المصطلح يتعدد بتعدد حقول المعرفة وتبعاً للأثر التاريخي الذي يتطور في ضوئه. ثم إن انتماء المصطلح إلى حقل معرفي محدد، يرتب عليه أن ينتظم في علاقة جدل خصبة، كونه منتجاً للمعرفة من جهة، وخاضعاً لأطرها العامة الموجهة، وكل هذا يكشف الأهمية التاريخية والمعرفية للوقوف على ممارسات المصطلح، بغية ضبط شكله ومفهومه.
وجدير بالذكر والتنويه، أن سمة الخلط هذه والاضطراب الكائنين في إشكالية المصطلح التي تسم جميع الممارسات والتي تتصل بأمره، تفاعلت حتى أصبحت إشكالية من إشكاليات الثقافة الحديثة عربية أم غربية مرتبطة في الأصل بأسباب أهمها:
1 ـ إشكالية الأصالة المتجلية في الممارسات الثقافية، وذلك حين نقل مصطلح أنتجته ثقافة معينة، ويستعمل في حقل معرفي آخر دون مراعاة خصائصه التي اكتسبها ضمن حقله الأصل، الأمر الذي يوجد مصطلحات ذوات مفاهيم تحيد عن المساقات الثقافية المخصصة لها.
2 ـ إشكالية المعاصرة المتجلية في الممارسات الثقافية الأكثر تردداً وتنوعاً على نقل المصطلح من ثقافة غربية إلى الثقافة العربية من دون مراعاة الخصائص التي تتميز بها.
ومثل هذا النقل في المصطلحات ذات الدلالات المحددة إلى ثقافة أخرى غير الثقافة المبيئة، أفضى إلى ارتباك واضطراب كبيرين وقاد إلى غموض لا يقبل اللبس في دلالة المصطلح.
(/)
وعليه، فقد شغلت قضية المصطلح، منذ عصر النهضة العربية في عهد محمد علي باشا، جميع المشتغلين بمجالات البحث العلمي، على الرغم من تفاوت مقاصدهم، وعكس هذا الانشغال اختلافاتهم المعرفية الزمانية والمكانية، لكن الشيء القمين بالذكر، هو أن كل واحد منهم كان يرغب أن تنال لغته مكانتها الجديرة بها كلغة علم بكل ما تعنيه الكلمة من دلالة.
ومادمنا في صدد الحديث عن المصطلح، فإنه ليستحسن بنا الإشارة إلى وجود اختيار الألفاظ المناسبة للمفاهيم المناسبة للمفاهيم المقصودة، لأن الأمور لا تجري بصفة تعسفية، بل لابد من وجود علائق تشابه بين المعاني اللغوية التي وضعت لها الكلمات للدلالة عليها وبين المعاني الاصطلاحية التي يراد تحميلها لهذه الكلمات.
وبهذا المعنى، يجب استعمال اللفظ المناسب للمفهوم المناسب مع مراعاة عنصر الاتفاق لدى أهل الاختصاص، حتى لا يحدث للمفهوم الواحد عدة ألفاظ أو عدة مفاهيم وبالتالي تضطرب عملية التواصل Communication وينعدم التفاهم بين الناس.
3 ـ المصطلح/ الأثر
ما من شك في أن للمصطلح دوراً أساسياً وفاعلاً في تكوين المعرفة، وأن أية ثقافة كانت، لن تنهض ويستقيم صرحها، إلا إذا أفلحت في إنتاج معرفة خصبة وجديدة، توجهها اصطلاحات واضحة للدلالة. وفي الحال نفسه فإن ثقافة أية أمة من الأمم، تقوض وتفكك بالنظر لعدة أسباب أهمها اضطراب دلالة المصطلح وتكاثر المصطلحات وتعارض مفاهيمها وعدم استقرارها.
وعليه، فللمصطلح دور كبير في حياة الناس، وهو الذي ينظم التواصل بينهم، في شتى ميادين النظم والعمل، لأن المفاهيم ترسخ في الأذهان بحسب الكلمات المتفق عليها لدى الناس أجمعين.
(/)
ولسنا نحن العرب وحدنا من يحتاج إلى المصطلح بلغته، بل إن الكثرة الكاثرة من لغات العالم تفتقر إلى ما تفتقر إليه اللغة العربية من ألفاظ فنية تدل على المعاني والأعيان المستحدثة33. لأن الغزو اللغوي ظاهر في كثير من البلدان. يحمل في طياته غزواً ثقافياً من خصائصه وتنميطاً للأفكار والمفاهيم والعادات والسلوكيات، ويخضع للغزو الصناعي الذي تقوم به الدول المتقدمة وتخضع له الدول النامية.
وغني عن القول، أن بعض الدارسين ـ فيما أوردوه من تحديدات للمصطلح، يقرنون بين المصطلح والمفهوم وفي ذلك ما أورده بعضهم ترجمة عن جون ولسون J.Wilson حيث أشار أن "المصطلح هو تعيين مفهوم ما في شكل حروف أو أرقام أو كتابة رسم أو تأليف ما من هذه العناصر" 34 ومن خلال ذلك رأوا أنّ للمصطلح علاقة وطيدة مع المفهوم. وفي ضوء ذلك، اقترحوا تحديداً قوامه أن المفاهيم ليست هي المصطلحات، لأن المفاهيم هي بمنزلة مقولات أو فئات أو مجموعات تسمح بتصنيف الوقائع ضمن مفاهيم ومقولات محدودة جداً والمصطلح غير ذلك.
ونظراً للدور الرئيس في البنى المعرفية، فإن الحقول المعرفية تظل تتحدد دائماً بتحديد دلالات مصطلحاتها واستقرار مفاهيمها، وبقدر رواج المصطلحات وشيوعها وتقبل الباحثين والمهتمين لهذا المصطلح أو ذاك، يحقق العلم أو "الحقل المعرفي" ثبات منهجيته 35.
(/)
ثم إن اللغة العربية مثلما لم تواجه الحاجة إلى المصطلح للمرة الأولى في هذا العصر، بل سبق لها أن واجهت هذه الحاجة في القرن 2 هـ، في عصر ازدهار الترجمة أيام العباسيين. لأن العرب، آنذاك أيام الرشيد والمأمون لم يخطر لهم التنبه أن يهجروا لسانهم، الذي كانوا يعتزون به أيما اعتزاز فصاحة لفظ وروعة بيان، ليطلبوا العلوم التي وجدوها متقدمة، قياساً على ما كانت عليه عندهم، بإحدى اللغات التي كانت تلك العلوم مدونة بها كاليونانية والفارسية والهندية، كما فعل بعض العرب في العصر الحديث الذين توهموا ومازالوا أن لغتهم تضيق بالعلوم المعاصرة، بل عمدوا دون تحرج أو تردد، ومن موقع الثقة بالنفس إلى نقل العلوم من اللغات المختلفة إلى اللغة
العربية" 36.
كما يحسن بنا التذكير، بأن ترجمة المصطلحات ظهرت لدى العرب في عهد بني أمية، ولكن أفقها لم يتسع إلا في عهد العباسيين، حيث جعلت منشطاً من مناشط الدولة يحظى بدعمها المعنوي والمادي. فيذكر في هذا المساق ما أتاه الخليفة المنصور من ديوان للترجمة الذي وسعه الرشيد، وما أتاه الخليفة المأمون في "بيت الحكمة" الذي كان بمنزلة المجمع العلمي والمرصد الفكري والمكتبة العامة التي أقام فيها طائفة من المترجمين وأجرى عليهم الأرزاق من بيت المال37.
وهكذا ترجمت المعارف عن الهندية والفارسية، واغترف العرب من كتب الإغريق ما يناهز مئة كتاب في الرياضيات وفي الطب. الأمر الذي جعل اللغة العربية لغة علمية بل لغة صالحة للتعبير عن بعض موضوعات العلوم الحديثة. وعلى الرغم من هذه الجهود، فلم تكن في ذلك العهد مجامع لغوية أو لجان جامعية أو مكاتب للتعريب أو دوائر معاجم تلّم مثل هذه الجهود، وظل المعيار الرئيس في هذه العملية هو الترجمة كحد فاصل يقتضي صياغة اللفظة العربية بدقة.
(/)
أما في العصر الحديث، ونظراً لأهمية دور المصطلح فقد رافق النهضة الثقافية في القرنين 19 و20 سعي حثيث لإيجاد المصطلحات العلمية التي تطلبها تدريس العلوم المعاصرة باللغة العربية في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. وقد أسهمت في مثل هذه المساعي جهات عدة، مثل الهيئات والمؤسسات والمجامع والجامعات والمجالس والمنظمات والاتحادات.
وظهر هذا خلال هذه الحقبة من الزمن رجال أفذاذ نابهون لم يوفروا جهداً أو وقتاً ولم يخشوا عناءً في خدمة لغتهم وإغنائها بالمصطلحات الجديدة، فمنهم من ترجم الكتب القيمة إلى العربية ومنهم من ألّف في الموضوعات العلمية وآخر وضع المعاجم المتخصصة ثم جاء دور الهيئات والمؤسسات.
والملاحظ خلال هذه الفترة الزمنية، أن دور المصطلح لم يكن منوطاً بأية هيئة من الهيئات، بل كان عملاً مشاعاً متروكاً لمبادرة الأساتذة الجامعيين ورجال العلم والثقافة والأدب والصحافة والترجمة.
وحين تأتي إلى اللغة العربية، تجد أن المصطلحات بالنسبة لهذه اللغة غدت "جزءاً مهماً من اللغة كما في كل اللغات المعاصرة، باعتبارها مفاتيح المعرفة الإنسانية في شتى فروعها، ووسيلة التفاهم والتواصل بين الناس في مختلف المجالات العلمية والعملية"38.
4 ـ المصطلحية/الإشكالية:
لما كانت إشكاليات المصطلح تأتي في صدارة الطرح النقدي المعاصر، سعى بعض الدارسين إلى اعتبار علم المصطلح أو المصطلحية علماً قائماً بذاته باعتبار أن "كل علم بحاجة إلى مجموعة من المصطلحات المحددة بكل دقة، وهذه المصطلحات هي التي تحدد مصطلحيته" 39 ووفقاً لهذا الاعتبار فلا وجود لعلم دون مصطلحية" 40.
(/)
ولا أدل على الأهمية التي يكتسبها علم المصطلح هو أن كل علم يحتاج أكثر من حقل من حقول المعرفة إلى مجموعة مصطلحات محددة تحديداً دقيقاً يستطيع بواسطتها التعبير عن المفاهيم التي يحتاج إليها: وتمثل مجموعة المصطلحات هذه مصطلحية، إذ لا وجود لأي علم من دون مصطلحية41. وعلى هذا الأساس فرق الدارسون بين المصطلح Terme والمصطلحية Terminologie هذه الأخيرة التي تعنى بدارسة المصطلح في ذاته، دراسة مورفولوجية مجردة وفي ارتباطه بالمفهوم الذي يعبر عنه.
تجاوزاً لإشكالية التفرقة بين علم المصطلح والمصطلحية والمصطلحاتية وسواها من التسميات. جاز اعتبار علم المصطلح من أحدث فروع علم اللغة التطبيقية يتناول الأسس العلمية لوضع المصطلحات وتوحيدها، ومعنى ذلك أن وضع المصطلحات لم يعد في ضوء المعايير المعاصرة يتم على أساس البحث المفرد في كل مصطلح على حده، وقد كان "فوستر E.Wuster" قد حدد مكان علم المصطلح بين أفراد فروع المعرفة بأنه مجال يربط علم اللغة بالمنطق وبعلم الوجود (الانطولوجيا) وبعلم المعلومات وبفروع العلم المختلفة" 42.
من بعد ذلك، حدد فوستر مجالات علم المصطلح العام أو النظرية العامة لعلم المصطلح تحديداً اتسعت مجالاته بتقدم هذا العلم، فيتناول علم المصطلح العام "طبيعة المفاهيم، وخصائص المفاهيم، وعلاقات المفاهيم، ونظم المفاهيم، ووصف المفاهيم، وطبيعة المصطلحات، ومكونات المصطلحات، والعلاقات والرموز، وأنماط الكلمات، والمصطلحات، وتوحيد المفاهيم، والمصطلحات ومعجمات المصطلح (...) أما علم المصطلح الخاص فيتضمن شكل القواعد الخاصة بالمصطلحات في لغة مفردة مثل اللغة العربية أو اللغة الفرنسية أو اللغة الألمانية" 43. ومثل هذا التمييز بين العلمين يوازي التميز بين علم اللغة العام وعلم اللغة الخاص.
(/)
وتعد المصطلحية (المصطلحاتية) جهازاً معبراً عن المعارف والقوانين وكشفاً مفهومياً يولي كل علم من العلوم أهميته وهو يتوافر على علاقة وطيدة بالعلوم الأخرى كعلم المعرفة واللسانيات وعلم المنطق وعلم الدلالة. وعلوم أخرى لا يمكن حصرها بالنظر لكثرتها 44. لأنه العلم الذي يتناول شتى الموضوعات الأساسية التي تلقى تطبيقاً في وضع المصطلحات وتوحيدها، وربما لهذا الأساس عمل العالم فوستر Wuster عملاً متقناً في هذا المجال، إذ تعد نظريته من أحدث النظريات وأرقاها وأغناها وأكثرها اهتماماً بالمصطلحاتية بحيث تبنتها مدرسة فيينا.
ونحن نروم في هذا البحث محاولة صياغة تحديد للمصطلحية وعلم المصطلح يجدر بنا الأوبة إلى تفرقة عبد السلام المسدي في قاموس اللسانيات حينما عد المصطلحية "علماً ينحصر بحصر كشوف المصطلحات بحسب كل فرع معرفي، فهو كذلك علم تصنيفي تقريري يعتمد الوصف والإحصاء مع السعي إلى التحليل التاريخي، أما علم المصطلح فهو تنظيري في الأساس تطبيقي في الاستثمار لا يمكن الذهاب فيه إلا بحسب تصور مبدئي لجملة من القضايا الدلالية والتكوينية في الظاهرة اللغوية (...) فبين علم المصطلح والمصطلحية العلم فوق ما بين المعجمية والقاموسية، من كل زوجين جنس لبعض الزوج الآخر" 45.
على الرغم من أن الباحث تراجع في مثل هذه التفرقة وهذا التمييز بين المصطلحين، ضمن مقالاته المتأخرة حيث سعى ضميناً إلى اعتبار المصطلحين مرادفين لمعنى واحد. قائلاً: "إن ما يعكف عليه اللغويون عادة ضمن واحد من أفنان الشجرة المعجمية بعلم المصطلح أو المصطلحية" 46.
(/)
على النقيض من هذه الإرهاصات الأولية لعلم المصطلح، يمكننا الإشارة كذلك إلى مدرسة براغ Ecole de Prague التي حللت وظيفة اللغة. وأخذت من اللسانيات نقطة انطلاق لها. لاسيما من خلال التقطيع المزدوج للغة ومسألة الوظيفة، فكلا التقطيعين ينجم عنهما دور ووظيفة. الفونم والمونم، لأن اللغة أي لغة في نظر اتباع هذه النظرية هي كلٌّ وظيفي أو مجموعة متشابكة من الوسائل اللغوية التي تخدم غرضاً اقتصادياً معنياً.
وفي المقابل، جاءت حركات أخرى دعت إلى التمييز بين نماذج من العناصر غير المصطلحية معتمدة العنصر التزامني أي التمييز بين العناصر المصطلحية والعناصر غير المصطلحية، ثم التمييز بين الوحدات العبارية الدالة للغة الأغراض العامة والوحدات العبارية غير الدالة لها47.
مادمنا في خضم الحديث عن الجهود اللسانية صوب المصطلحية، يمكن الإشارة كذلك إلى النظريات الأوروبية التي جاءت بمظاهر جديدة في المصطلحية لم يسبق لها أن قامت، أمر خلق ضرباً من التقارب بين اللسانيات والمصطلحية، إلى درجة أن أضحت هذه الأخيرة حقلاً من حقول البحث المعترف بها في اللسانيات التطبيقية، وهي نقطة التشاكل التي خلصت إليها جهود فوستر، وأدى هذا الاهتمام لدى الباحثين إلى حصر موضوعات الدراسة في النظرية العامة للمصطلحية ضمن ثلاثة حقول رئيسية هي:
1 ـ الدلالية Semantique
2 ـ القاموسية Lexicologie
3 ـ المعجمي Lexicographie
وإذا كان هذا التحديد هو الأقرب للمصطلحية، فإن النطاق الرئيس لها هو أن حدودها تلتحم بحدود علوم أخرى ليست بطبيعتها علوماً لسانياتية مثل المنطق (الفلسفة) ونظرية المعرفة والمعلومات والتوثيق أي البحث الوثائقي علاوة على التصنيف Classification
(/)
وتظهر الحاجة ماسة للتحدث في هذا المساق عن أبرز واضعي علم المصطلح، من ذلك واضعو المنظومية Systematic والتسميات Nomenclatemes وعلم التشريح Bertholler وLavoisier والكيمياء Cinnanens وعليه فقد وضع Lavisier مصطلحات منظومية أقر خلالها بالعلاقات المتداخلة بين التصور Le concept والمصطلح Le terme والباحث على المصطلح Motivation 48.
ودائماً بخصوص ذكر الجهود في حقل المصطلحية، يذكر أن القرن 19 اتسم بخطوات عملاقة تقدمت بها المسيرة العلمية، ووجدت طريقاً إلى التطبيق العملي، ومن ثم نشأت حاجة كبيرة للمصطلحية.
وفي النصف الثاني من القرن الماضي أصبحت مهمة تحقيق التواصل المهني مُلِّحة، خاصة بالنسبة للتفاهم المتبادل بين الخبراء العاملين في الحقل المعرفي الواحد مع تباين في الخلفية اللغوية. فنذكر على سبيل التدليل أن المنظمة العالمية للتقنية الكهربائية Electrotechnical International Commission. IEC سرعان ما شكلت بعد تأسيسها 1906 لجنة عهد إليها مهمة التنسيق والتخطيط لمصطلحية هذا الحقل الخاص 49.
ومثل هذا الجهد على ما فيه من جدّية لوحظ كلية بأنه لا يبصر بعملية تصنيف المعجم التعريفي فحسب بل يبصر بتطور بعض الأسس المصطلحية. إضافة إلى ما قام به العالم Frege 1892 من تقييم لهذا الجهد والعمل المعجمي.
ومن أمثلة هذه الازدواجية في التفرقة بين المصطلحية وعلم المصطلح ذهب الباحث عبد الملك مرتاض إلى إيجاد مصطلح، المصطلحاتية والمصطلحية قرائن لهذا العلم المصطلح وحصره في ثلاثة جوانب هي 50:
أ/ العلاقات بين المفاهيم المتداخلة مثل الجنس والنوع والكل والجزء.
ب/ المصطلحات اللغوية والعلاقات القائمة بينها ووسائل وضعها، فهو فرع خاص من فروع علم الألفاظ والمفردات Lexicologie وعلم تطور دلالات الألفاظ Semasiologe
ج/ الطرائق العامة المؤدية إلى خلق اللغة العلمية والتقنية.
(/)
في الاتجاه نفسه أشار الباحث علي القاسمي 51 إلى المصطلحية. كعلم أشار إليه علماء الأحياء والكيمياء الأوروبيون الذين شرع فريق منهم في توحيد قواعد المصطلحات في حوالي 16 مجلداً، ثم أصدر الباحث فيما ذكرنا سلفاً ـ "فيستر" كتابه (التوحيد الدولي للغات الهندسة) ثم في سنة 1936 شكلت اللجنة التقنية للمصطلحات، وتلتها محاولات أخرى ضمن منظمة اليونسكو مركز المعلومات الدولي في فيينا 1971، هذا فضلاً عن الجامعات العربية التي اهتمت بتدريس النظرية العامة كعلم المصطلح.
ومن المفيد كذلك، أن نذكر أنه على الرغم من قلة الاهتمام بعلم المصطلح في المعاجم الأوروبية المتخصصة في القديم فإنها عادة ما كانت تقرن باللفظة Mot خاصة لدى اللغويين المنتمين لمدرسة براغ التي كان لها دور كبير في النظرية العامة لعلم اللغة ولتطبيقاته في التحليل اللغوي للنصوص الأدبية.
وفي الجهة الأخرى، أصبح الاهتمام بالمصطلحية مركزاً هاماً في الأبحاث الحديثة لما لها من دور في ضبط التعامل في الحياة اليومية والعملية، وفي بناء النظريات والمناهج في الحياة العملية، ويتجلى هذا الاهتمام في مناحٍ عدّة أهمها، التآليف اللغوية والقواميس والمعاجم والكتب المختصة، وهي التآليف التي اهتمت بدراسة الكلمات والمفاهيم والمصطلحات وحاول أصحابها التفرقة بينها.
في هذا المجال، وإن شئنا ضبط العلوم التي بينها وبين المصطلحية شجرة نسب فإننا لا نستطع تحديد شكل هذا التوافق لفرط كثرته واختلاف نسب التقارب بينهما. فمن باب التنظير لهذا العلم المستحدث يمكننا القول بأن الدراسات الجادة والمهتمة بالمصطلحية عائدة إلى حداثتها، فقد ذكر فوستر Wuster بأن تقويم النظرية المصطلحاتية ومبادئها واستعمالها لم يبدأ إلا في السبعينيات في جامعات دول بينها: النمسا وكندا وتشيكوسلوفاكيا والدانمارك وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول (...) 52.
(/)
من خلال ذلك، حدث التقدم العلمي وحدث أن تزايد الاهتمام بقضية المصطلحات، وأدرك العلماء الكبار في الحضارة الأوروبية عملية توحيد المصطلحات في تخصص مهم، ثم حدث التقدم في عدة دول أوروبية، وعرفت كل دولة مواقع عديدة للبحث والتطبيق في هذا المجال، بحيث كثر الباحثون وزادت الحاجة إلى مصطلحات جديدة وزاد الاهتمام بتوحيد لهذه المصطلحات من أجل تحسين عملية التواصل بين الباحثين.
ولعل أولى مظاهر الإرهاصات في علم المصطلح أو المصطلحية تتجلى في أول خطوة جدية ظهرت مع ظهور معجم شلومان schlammen المصور للمصطلحات التقنية A.schammans illustrated technical vocabularies. في اللغة الإنجليزية، وهو المؤلف الذي ظهر في 16 مجلداً وبست لغات بين عامي 1906 و1928 ـ 53.
وبالفعل، فقد أفاد هذا المعجم الباحثين كثيراً وأغنى مجال المصطلحية لا سيما في طريقة ترتيب المواد التي تمت على أساس المفاهيم، وأوضح مدلول المصطلح، كوعاء يوضع فيه مضمون من المضامين وأداة تحمل رسالة جد خطيرة، تسهم في تطور العلم والمعرفة النظرية منها والتطبيقية على
امتداد الحضارات المختلفة والأنساق الفكرية المتعددة والعقائد والمذهبات المتميزة 54.
ودائماً في مساق التأريخ لعلم المصطلح، يجدر بنا القول إن العرب هم كذلك لهم باعهم في مجال التأليف في المصطلحية من مثل كتاب (التعريفات) للشريف الجرجاني و(مفاتيح العلوم) للخوارزمي، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي.
(/)
في العصر الحديث يجدر التنويه بالمجهودات المصطلحية التي قام بها بعض العلماء والتي قامت وتقوم بها المجامع العربية مثل: ما ذكره الباحث رشاد الحمزاوي في منهجية التنميط (المبادئ والتطبيقات) بحيث اشترط في المنهجية وفرة قائمة المصادر والمراجع، ثم ذكر الاطراد واليسر في التداول والملاءمة أي عدم التداخل ثم تحدث عن الاشتقاق ودعا إلى تجنب الغرابة. وفي سياق التنميط الكمي فقد صوره في أربع نقاط هي: الشيوع، ويسر التداول، والملائمة، والحوافز 55.
ومن جملة مجامع اللغة العربية نذكر المجمع المصري 1932 والمجمع السوري 1979 والمجمع العراقي 1937 والمجمع الأردني 1976 والمجمع الهندي 1976 فضلاً عن بعض الهيئات التي أسست في خدمة المصطلح مثل: مكتب تنسيق التعريف بالرباط 1969 ومعهد العلوم اللسانية والصوتية بجامعة الجزائر 1966.
أما بنوك المعلومات فنذكر من بينها البنك التابع للمجموعة الاقتصادية الأوروبية Eurodicaution وبنك مكتب اللغة الفرنسية b.t.q الكائن بكندا وبنك Normoterm التابع لمؤسسة afnor وبنك terminum الكندي وبنك
Le xar 56 .
ولا يقتصر الأمر على مجهودات البنوك والمجامع بل تعداها إلى بعض المنظمات من مثل: المنظمة الدوليّة للتقييس I.S.O كلجنة تقنية خاصة تحمل رقم 37 وهي المنظمة التي أسهمت في إرساء هذا العلم وأثرت مجال المعجمات. ومنذ سنة 1951 قامت لجنة المصطلحات بالمنظمة الدولية للمواصفات القياسية بمتابعة العمل في وضع الأسس والتنسيق بين الجهود.؟
كما يبدو جلياً تتبع بعض الهيئات لقضايا المصطلح عالمياً كما هو الحال لدى الاتحاد الدولي لعلم اللغة التطبيقي الذي أرسى دعائم لجنة خاصة بالمصطلحية تضم كثيراً من المتخصصين، حيث عقدت مؤتمرها الأول مرة في كندا عام 1978، تناول فيها أعضاؤها نظرية علم المصطلح وتعليم المصطلحات 57.
(/)
وبما أن العمل قد بدأ، كان جد الجاد من رجال العلم واللغة هو الذي سد المسدّ فأغنى اللغة وأثرى الثقافة وفتح الباب عريضاً للتأليف والكشف والإبداع في مؤتمرات أخرى دولية في علم المصطلح عقدت والتي اهتم فيها أصحابها بالأسس المنهجية لعمل المصطلحات في دول العالم المختلفة مع بيان القضايا اللغوية من ذلك، ومنها قضايا التجديد المعجمي في المصطلحات.
في ضوء كل ما سبق حول المصطلحية أو علم المصطلح، يتجلى للرائي أن أولى المنطلقات التي يستوجب عليه الشروع فيها بخصوص هذا الحقل هو تبيان القواعد العامة في صياغة المصطلحات العلمية والفنية، ثم تأتي المرحلة الموالية، وهي البحث في القواعد الأساسية المتحكمة في صياغة المصطلح ضمن اللغة المحددة.
وبناءً على ذلك، يقع استقراء الآليات التي تتوافر في بنية اللغة العربية ويسمح لها بتوليد الألفاظ وتركيب المصطلحات مع مقارنتها بالآليات التي تتضمنها اللغات الأخرى لا سيما تلك التي يأخذ عنها اللسان العربي اليوم أغلب المصطلحات المستحدثة بحكم الثورة المعرفية العالمية.
وفي مرحلة أخرى يأتي مجال بحثنا في آليات صياغة المصطلح. مع العلم، أن لصياغة المصطلح أي مصطلح آليات تتبع سبلاً من الصيغ وقوالب من البناء هي التي توجهها معايير تتصل بموازين الكلمة وتركيبتها المقطعية وانتظامها الصوتي. وبناءً على ذلك، خلص النقاد والمختصون في مجال المصطلحية إلى أن المصطلح مثلاً في مجال النقد يعتمد على النقل والتوليد وعلى استخلاص الاسم من الاسم، ولاسيما عن طريق قالب المصدر الصناعي، كما يعتمد على كل مراتب التجريد الاصطلاحي، مرة بالامتثال إلى تتابعها الطبيعي، ومرة أخرى بالقفز على انتظامها 58.
(/)
في ضوء ما سبق، يتضح أن بين المصطلح والمصطلحية صلة وشيجة وترابطاً محكماً، ذلك أن المصطلح الذي نعني فيما نعني أن يكون أداة تفكير في كل علم وفن ووسيلة إيصال في مجال التعليم والبحث والتأثير. والحقل المصطلحي أو علم المصطلح هو المجال الاشتغالي للمصصلح أي الخلفية الابستيمية التي تستمد منها المصطلحات أصولها وتتحدث ضمن إطارها ولكل مصطلح مرجعيته، أو ما يسمَّى بمرجع المصطلح59. بمعنى الحقل المعرفي الذي يعبر المصطلح عن بعض جوانبه.
وتوكيداً لهذه المنطلقات التي سلمنا بها في مجال علم المصطلحات والمنبثقة من البحوث اللغوية الأساسية، يمكننا إيجاز خصائص المصطلحية فيما يأتي 60:
1 ـ إن منطلق العمل في مجال المصطلحية هو تحديد المفاهيم تحديداً دقيقاً ومحاولة إيجاد المصطلحات الدالة عليها، ثم تقنين المصطلحات في ضوء المفاهيم العملية النابعة من طبيعة الموضوع نفسه.
2 ـ اقتصار علم المصطلح على المجال البحثي في المفردات على خلاف علم اللغة الذي يبحث في مجالات بناء الجمل والأصوات.
3 ـ علم المصطلح أو المصطلحية منطلقه تزامني Synchronic وهو يبحث في جمل الحالة للمفهوم.
4 ـ تخضع المصطلحات لمبدأ الاتفاق، ويختص مجال المصطلحية بمجال تكوين هذه المصطلحات وتوحيدها وجعلها مواكبة للمسميات.
5 ـ يتجاوز علم المصطلح الوصفية إلى المعيارية على خلاف علم اللغة.
6 ـ علم المصطلح جزء من التنمية اللغوية، ومهمة علم المصطلح في هذا السياق إيجاد الوسائل الأساسية للوصول باللغات الوطنية الكبرى على مستوى التعبير الكامل عن حضارة العصر وعلومه.
7 ـ اعتماد علم المصطلح على الكلمة المكتوبة على خلاف البحث اللغوي الذي يعتمد على المنطوق.
8 ـ يعتمد علم المصطلح على التوحيد المعياري واختيار المصطلح المناسب للمفهوم الأنسب.
9 ـ علم المصطلح ذو أفق عالمي مثل علم اللغة بصفة عامة، ويتطلب التوحيد المعياري للمصطلحات أسساً ونظرية عامة.
(/)
10 ـ يتطلب علم المصطلح التعرض للمصطلحات في مجالات محددة.
11ـ علم المصطلح حقل له وشائح بشتى العلوم.
5 . شروط وضع المصطلح:
ما هو شائع في الدراسات اللغوية أن "الإنسان لا يختار لغته مثلما لا يختار بلده وقومه ولونه، فهي قدره، ولذا فإن المسألة ليست مسألة جدلية احتمالية، بل هي بالوجود والمصير معاً، وأن اللغة عنوان الذات، ومن استخدم غير لغته في التعبير عن أفكاره ومشاعره وأحاسيسه في موطنه، كان كمن لبس جلد غيره أو كمن اتخذ هوية في هويته61.
من هذا المنطلق، يصبح المصطلح صورة مكثفة للعلاقة العضوية القائمة بين العقل واللغة، ذلك لأن المصطلحات وفي كل علم من العلوم هي بمنزلة النواة المركزية التي بها يشيع المجال المعرفي، كما أن المصطلحات هي أولى قنوات التواصل بين شتى العلوم البشرية، تساهم في مستوى الحوار الحضاري بين الأمم والتواصل الثقافي بين الشعوب.
ولذلك يلاحظ أن جانباً كبيراً من معركة النقد الأدبي اليوم في واقعنا العربي ترجع إلى خصام مبين حول المناهج النقدية ومصطلحاتها التي يتلبس بها الخطاب حول الأدب، كما أن الدراسة المصطلحية يمكن أن تتجه صوب هدفين متوازيين هما62:
أولاً: أن يتجه أنصار النقد المأثور من المعترضين على حركة التجديد المنهجي لتزيل حواجز اللبس القائمة بينهم وبين لغة النقاد المجددين، فيتبينوا ما هو راجح من مآخذهم على الحركة المستحدثة إلى بنية المضامين.
ثانياً: أن تتجه إلى رواد التجديد من النقاد ليتيسر عليهم الاستئناس بقوانين إنبناء الألفاظ حتى لا يتعسفوا أمرهم عندما يكتبون ذلك لأن دراسة المصطلح النقدي في أعمق مكوناته التركيبية والدلالية تساعد على تبين الثغرات التي تتخلل خطابنا النقدي المعاصر.
(/)
ويرى بعض الباحثين من خلال تتبعهم لقضايا المصطلح إلى أن مشكل المصطلح ذو صلة بالحقول الدلالية، بينما أوعز بعضهم الآخر. المسألة إلى الصحافة ونسبة الارتجال فيها واختلاف الفئات المتأثرة بهذا المصطلح أو ذلك. والحقيقة أن جل الدارسين اختلفوا وتعثروا بشأن المصطلح وحدّد مجال اختلافهم ضمن مناحٍ ثلاثة هي:
1 ـ تعدد المصطلح للدلالة على شيء واحد.
2 ـ اختلاف دلالة المصطلح.
3 ـ إطلاق مصطلح واحد للدلالة على عدة أشياء.
وأن هذا التفاوت والاختلاف لم يستمر طويلاً، إذ توحدت المصطلحات البلاغية والنقدية، ولنا مثال في هذا المساق، حيث كان للسكاكي (626 هـ) فضل في استقرار المصطلحات، كما كان لجلال الدين القزويني (739 هـ) نفس الاتجاه من خلال كتابه "التخليص" 63.
وفي ضوء هذه القراءة التي تتعرض لمسألة الجزافية والاعتباطية في الإصلاح أثار الباحث أحمد مطلوب إيجاد شروط وضع المصطلح ضمن عوامل أربعة هي:
1 ـ اتفاق العلماء عليه للدلالة على معنى من المعاني العلمية.
2 ـ اختلاف دلالته الجديدة عن دلالته اللغوية الأولى.
3 ـ وجود مناسبة أو مشاركة ومشابهة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي.
4 ـ الاكتفاء بلفظة واحدة للدلالة على معنى علمي واحد.
ومن خلال هذا الجرد، فإن أكثر ما يحتاج إليه في العلوم المدونة والفنون المروية لدى الدارس هو اشتباه الاصطلاح، فإن لكل علم اصطلاحاً خاصاً به إذا لم يعلم بذلك، لا يتيسر للشارع فيه إلى الاهتداء سبيلاً ولا إلى فهمه دليلاً" 64 وبغية الوصول إلى اتفاق اصطلاحي بين الدارسين ينبغي على المجمعيين والمؤلفين والمترجمين والنقاد اتباع جملة من الخطوات أوردها الباحث أحمد مطلوب في النقاط الآتية:
(/)
الخطوة الأولى: رصد المصطلحات النقدية العربية والوقوف على دلالتها وتغيرها في العهود المختلفة، والأخذ بما ينفع النقد الأدبي الحديث. لأن مثل هذه المصطلحات قادرة أن ترفد النقد الحديث، وتقوم للناقد المعاصر مصطلحات جديرة بالاهتمام، ثم أن رصد مثل هذه المصطلحات يتم عبر أمهات المصادر والكتب أهمها:
1 ـ كتب البلاغة والنقد.
2 ـ كتب الأدب.
3 ـ كتب اللغة المختلفة، لاسيما المعاجم.
4 ـ كتب التفسير وعلوم القرآن.
5 ـ كتب الفلاسفة المسلمين.
6 ـ كتب المصطلحات.
الخطوة الثانية: جرد أهم الكتب الأدبية والنقدية، ومحاولة استغلال المصطلحات النقدية التي استعملت في هذا القرن والاتفاق على مصطلح دقيق للدلالة على المعنى الجديد.
الخطوة الثالثة: جرد أهم كتب مصطلحات الأدب والنقد الحديثة.
الخطوة الرابعة: جرد أهم كتب الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والفنون ومحاولة استخلاص المصطلحات التي تتصل بالنقد الأدبي.
الخطوة الخامسة: جرد أهم كتب الأدب والنقد المترجمة وهي كتب ضمت كثيراً من المصطلحات النافعة في وضع معجم.
الخطوة السادسة: الاطلاع على بعض موسوعات الأدب الأجنبي ونقده بلغاتها الأصلية.
الخطوة السابعة: الاستعانة ببعض المعاجم الأجنبية لتحديد معنى المصطلح اللغوي لاسيما معجم اكسفورد الكبير.
الخطوة الثامنة: تصنيف ما يجمع التراث القديم والفكر الجديد.
الخطوة التاسعة: تعريف المصطلح تعريفاً وافياً والوقوف على اختلاف المذاهب الأديبة في تحديده وذكره بلغة واحدة أو أكثر لمعرفة المقابل الأخير.
ولما كانت أزمة المصطلح العلمي اللسانياتي تبدو في صورتها أزمة صارخة وواضحة في المؤتمرات والندوات اللسانيات العريبة، وكان لكل باحث لسانياتي في المجال مصطلحاته الخاصة به.65 فقد اقترح الباحث محمد طبي، جملة من الشروط بخصوص وضع المصطلح العلمي66.
*أولها : اتفاق العلماء عليه للدلالة على معنى من المعاني العلمية.
(/)
*ثانيهما : اختلاف دلالته الجديدة على دلالته اللغوية الأولى.
*ثالثهما : وجود علاقة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغوي.
*رابعهما : الاكتفاء بلفظة واحدة للدلالة على معنى علمي واحد.
وهناك اهتمام جديد تجلى بقوة وعلى نحو طيب لاسيما لدى الباحث جميل صليبا في معجمه الفلسفي بحيث حدد أربع قواعد ينبغي اتباعها في وضع المصطلحات العلمية وهي كالآتي67.
1 ـ البحث في الكتب العربية القديمة عن اصطلاح متداول للدلالة على المعنى المقصود ترجمته، ويشترط في هذه القاعدة أن يكون اللفظ الذي استعمله القدماء مطابقاً المعنى الجديد، مثال الجوهر:
(substance).
2 ـ البحث عن لفظ قديم يقترب معناه من المعنى الحديث ومثال ذلك الحدس: (Intuition).
3 ـ البحث عن لفظ جديد لمعنى جديد مع مراعاة قواعد الاشتقاق العربي مثال: الشخصية: (Personnalité).
4 ـ اقتباس اللفظ الأخير بحروفه، على أن يصاغ صياغة عربية، وذاك ما يدخل في مجال التعريب، مثلا: تلفزيون: (television).
وغير بعيد عن هذا المعنى، ونظراً للأسباب المتكاثرة والمتضافرة، يلفي القارئ صورة أخرى يتلمسها لدى المؤلف محمود فهمي حجازي ضمن مؤلفه الأسس اللغوية لعلم المصطلح. بحيث بحث في مجال المصطلح والمصطلحية، وموقعها في الوطن العربي، وهو نمط من البحث يمثل تقديرنا عينة الإشكال المعرفي نظراً لمتناقضات الحال التي عليها أمر المعارف اللغوية عندنا بحيث أورد أن هناك مجالين للبحث في المصطلحات والمصطلحات العربية بوجه خاص، وكلا المجالين لهما أهميتهما ومتطلباتهما وعلاقاتهما بالتخصصات الأخرى وباللغات المختلفة. 68
ففي المجال الأول: تناول الباحث في مجال البحث من خلال كل ما ورد من مفردات وعبارات اصطلاحية في الكتب العربية والمعربة، وهي كتب في العلوم الطبية وفي الكيمياء وفي الرياضيات وفي الفلك ومجالات علمية أخرى.
(/)
والمجال الثاني: وهو الذي يتضمن المصطلحات في العصر الحديث منذ بداية الاتصال بأوربا ومحاولة نقل العلوم الحديثة والنظم الجديدة، والمفاهيم الحضارية الأوروبية في اللغة العربية.
ودائماً في هذا المجرى الكلامي، فقد أقامت (ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي العربي) التي نظمها مكتب تنسيق التعريب في الرباط 1981 مشيرة إلى قرارات مهمة في أصول اللغة، وقضايا المصطلح من خلال عدد كثير من الباحثين المساهمين والممثلين لمجامع اللغة العربية، بحيث أضافت معلوماته الدقيقة أبنية أفادت كثيراً مجال المصطلحية وخرجت بجملة من المبادئ، أمكن إيجازها في 18 عنصراً هي كالآتي 69.
1 ـ ضرورة وجود مناسبة أو مشابه بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلوله الاصطلاحي.
2 ـ وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد من الحقل الواحد.
3 ـ تجنب تعدد الدلالات للمصطلح الواحد في الحقل الواحد.
4 ـ استقراء وإحياء التراث العربي.
5 ـ مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية، بجملة من الشروط هي:
ـ مراعاة التقريب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين بالعلم والدارسين.
ـ اعتماد التصنيف الشعري الدولي لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها.
ـ تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل.
ـ إشراك المختصين والمستهلكين في وضع المصطلحات.
ـ مواصلة البحوث والدراسات لتيسير الاتصال الدائم بين واضعي المصطلحات ومستعمليها.
6 ـ استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة والتوليد لما فيه من مجاز واشتقاق وتعريب، وهي الوسائل التي رجع إليها العلماء والنقلة عندما وصفوا آلاف المصطلحات في صدر الإسلام.70
7 ـ إيثار الكلمات العربية الفصيحة على الكلمات المعربة.
8 ـ تجنب الكلمات العامية إلا حين الضرورة الملحة.
9 ـ الميل إلى الجزالة في القول واليسر والنفور من الصعب الممحك في التعبير.
(/)
10 ـ تفضيل الكلمة التي تسمح بالاشتقاق.
11 ـ تفضيل الكلمة المفردة.
12 ـ تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة المبهمة الغامضة وفصل دلالة المصطلح الأجنبي على دلالة المصطلح العربي السليم.
13 ـ في حالة الترادف تفضل اللفظة ذات المفهوم الأصيل الأثيل.
14 ـ الأخذ بمبدأ الشيوع والتداول في المصطلحات دون الكلمات الشاذة النادرة.
15 ـ عند وجود ألفاظ مترادفة في المداليل ينبغي تحديد الدلالة العلمية لكل واحدة منها.
16 ـ مراعاة الاتفاق لدى الباحثين والمختصين في مجال المصطلحية.
17 ـ اللجوء إلى التعريب عن الألفاظ الأجنبية. 71
18 ـ التعريب، عن طريق السهولة والسلاسة في التعبير ثم الأخذ بالمصطلح المعرب في قواعده الأصلية وذلك لما يطرحه وضع المصطلح المعرب بالمعنى الواسع من عدة مشكلات نظرية إضافة إلى المشكلات المنهجية لأنه يقودنا إلى القذف بمحيط غريب عنا نوعاً ما داخل محيطنا، وتمثلات للمحيط مجسدة في ألفاظ لغات أخرى ضمن تمثلنا المحلي، فهناك تصادم وصراع بين هذه الألفاظ والتمثلات الداخلية والمدخولة قد يفضي إلى تعايش مرحلي أو إلى هيمنة ثقافية كلية أو جزئية...
6. خلاصة وآفاق:
إن موضوع المصطلح من أهم الموضوعات الثقافية والقومية التي تتصل بحاضر الأمم وبمستقبلها المنشود، عن طريق وحدة قومية تقوم على قاعدة من التقدم الثقافي والتطور الحضاري، كيما تتمكن أية أمة من استعادة دورها التاريخي والإنساني التي هي به جديرة وعليه قديرة.
(/)
وقد لاحظ الدارس لهذه التقدمة حول المصطلح والمصطلحية بأننا هدفنا فيما هدفنا إليه إلى طرح جملة من التساؤلات والفرضيات التي تضع المصطلح أي مصطلح ضمن أولوياتها الأساسية باعتباره تعبيراً وتطويراً للمخيال الجماعي من جهة، ومن جهة ثانية نتاجاً فكرياً يمكن وضعه على محك البحث والدراسة قصد الوصول إلى نتائج تحدد السمات والأبعاد المفهومية للمصطلح، وتستشرف الآفاق التي يكون عليها هذا المصطلح في المستقبل، كما تقتضي الإجابة عن هذه التساؤلات والفرضيات المطروحة ثم الرجوع إلى الينابيع والجذور التي كانت مصدراً ومنطلقاً لهذا المصطلح خاصة وإنه لا يتشكل هكذا بقدر قادر، استجابة لرغبة هذا الاتجاه الغامر ولذلك التيار الغربي الجارف بل أنه يتكون وفقاً للمعطيات الموضوعية.
وما هو قمين بالذكر ضمن هذا المنظور، إن المصطلح أصبح يعد فعلاً اتصالياً يستحوذ على اهتمام الكتاب والباحثين في السنوات الأخيرة بعد أن كان محصوراً في الدراسات اللغوية، وازداد النقاش بشأنه حدة بعد ربطه بالنقد.
وقد لاحظنا، كيف أن المصطلح قد يكون كلمة أو مجموعة من الكلمات، وكيف أن وضع المصطلح في اللغات الأجنبية تفصله هو ة سحيقة بينه بين المصطلح في اللغات المترجم إليها ومرد ذلك إلى ضعف التتبع وبطئ العمل وتشتت الجهد، ولذلك فسعينا جاء ليصب في مجال الانتفاع بالمصطلح العلمي، وعدم الارتجالية والدعوة إلى المعرفة الموغلة بأصول اللغة.
ووفق هذا الافتراض، وقعنا على تحديدات جامعة نافعة للمصطلح Terme والمصطلحية Terminologie كأدوات مهمة في السبر اللغوي. على جميع الأصعدة والمستويات وعلى المستوى الاصطلاحي والمستوى اللفظي ثم المستوى الشعاري.
ـ فعلى المستوى الأول: فإن المصطلح قائم على تأييد التعريف الافتراضي للكلمة إذا ما عومل المصطلح بحسب قيمته المحددة.
(/)
ـ أما على المستوى اللفظي فالمصطلح يجب أن يتعامل مع الكلمة على أساس اقتصار معناها على الحد اللغوي الذي يمكن ضبطه بالعودة إلى المعجم اللغوي.
ـ وعلى المستوى الشعاري فإن بعض المناصرين لهذا المصطلح أو ذاك يحاولون جعل الكلمة مرتبطة بحزب ما أو عصبة أو جماعة دينية أو رسم تجارة.
وإذا كانت جل الدراسات الجادة تدل على أن مهمة الاستيعاب وتمثل المعلومات عملية تتم عبر المصطلحات، فمن هنا وجب الاستفادة من المصطلحات تعلماً وتعليماً متقناً ثم البحث في خبايا اللغات عن طريق الابتكار والإبداع ثم النجاعة في وضع المصطلح وتوحيده واستخدامه ذريعة للتنفيذ في البحوث اللغوية وفي النقد والنقد الفني.
ومن خلال إيماءاتنا لتاريخ المصطلح والمصطلحية في التراث القديم، أردنا القول بأن لغتنا القومية بمفرداتها العربية قادرة هي الأخرى على التعبير الدقيق والقول والتناسل المستمرين، لأنها إحدى ركائز هويتنا القومية، وإن استخدام لغة أخرى مكانها هو اتهام لها بالعجز على الرغم ما فيها من قيم رفيعة وتراث جليل.
ودائماً من خلال الجهود التي بذلت وتبذل في مجال المصطلح والمصطلحية، لاحظنا كيف أن المتخصصين في المجال ذاته مستمرون في المطالبة والسعي، وثمة خطوات مهمة ساهموا فيها. عن طريق إنشاء المؤسسات والهيئات العلمية اهتماماً بالمصطلح العلمي على رغم من مواضع الخلل التي اقترنت بهذا الاجتهاد وارتبطت بهذا التنفيذ.
وهكذا، يبقى الشرط الرئيس في المصطلحات أن يكون للمفهوم الواحد، سواء أكان اسماً أم معنى، لفظة اصطلاحية يتفق عليها جميع أهل الاختصاص، لأن تعدد الألفاظ بالمفهوم الواحد يفضي إلى اضطراب في عملية التواصل communication.
(/)
وفي المقابل، يتطلب التوحيد المعياري للمصطلحات قومياً وعالمياً أن يكون هناك نظاماً مقنناً للمقابلات اللغوية، وذلك بتحديد وسيلة لغوية واحدة والتعبير عن المفهوم بمكون لغوي واحد. والمقصود بالوسيلة اللغوية هذه أية وحدة صرفية ووزناً من الأوزان أو وحدة معاجمية للتعبير عن ماهية ما.
ففي هذا الصدد، قام فوستر بعرض مجموعة من الأسس في بحثه الهادف إلى التوحيد المعياري للمكونات اللغوية للمصطلح وهي: 72
أولاً : إيجاد معجم للمصطلحات تلبية لحاجة المصطلحين من أجل التوحيد.
ثانياً : ترتيب عناصر المصطلح ترتيباً قائماً على المفاهيم وترتيب المفاهيم بحسب الورود الهجائي.
ثالثاً : مراعاة نسبة شيوع عنصر المصطلح.
رابعاً : كتابة عنصر المصطلح في صيغته الأصلية باللغة اللاتينية الأم.
خامساً : عرض المصطلح في صورته الأصلية قبل تحريفه، أي في صيغته الأساسية.
سادساً : النطق الموحد للصيغ الأصلية حتى لا يطرأ عليها تحريف حين نقلها بالتعريب أو الترجمة إلى اللغة المستقبلية اللغة الثانية.
سابعاً : إدخال المصطلحات الدولية المتفق عليها بدون تعديل أو انحراف.
ولا يقتصر الأمر، هاهنا، عن دور المصطلح في التواصل وحسب، بل ثمة علاقة حميمية في المصطلح والتنمية اللغوية، ويتجلى ذلك ـ فيما سوف يأتي القول بشأنه ـ ضمن مجالات الترجمة والتعليم والتدوين. وترجع هذه الأهمية فيما رأينا حسب الهيئات المنشأة والكتب المؤلفة في إطار التعاون وتبادل الخبرات بين الهيئات العالمية. حيث رأينا حجم الإنتاج الغربي والعربي على حدّ سواء وواسطة الترجمة في بعض العينات التي ساهمت في إنشاء مجال المصطلحية.
(/)
من هذا كله، يتضح أن الاهتمام بالمصطلح يوفر عناية خاصة بحركة التأليف الحديثة. سعياً إلى التنمية الدائمة إضافة إلى أن السياسة اللغوية تظهر عادة لدى المهتمين بقضايا المصطلح قضية أساسية لها دورها الحاسم في كل الموضوعات الخاصة بالمصطلحات في التعلم والإعلام والإدارة. ومؤكد هذه المقولة، ما ذهب إليه العرب في المعاهد والمؤسسات والمؤتمرات، أمر يقطع عليهم أي طريق للتعاون العلمي فيما بينهم 73.
وربما تؤدي مهمة العناية بالمصطلحات إلى العناية الدائمة باللغة أي لغة عن طريق إيجاد المصطلحات المستحدثة للتعبير عن كل جديد في مجالات العلوم وقطع الطريق على الاتهامات الزائفة التي توجه إلى بعض اللغات بالقصور. كما أن الاهتمام بموضوع المصطلح والمصطلحية، مجال يؤكد لنا وللدارسين إجابة شافية للسؤال اللحوح، هو كيف نجعل من المصطلح العلمي ملكاً مشاعاً وكيف نجعله يتماشى مع خصوصيات هذه اللغة التي نتحدث بها نحن، اللغة العربية، أو كيف نستفيد من المصطلحات التي تدرسها البنوك العالمية، وحينما نقول المصطلح نعني العمل به والتحكم فيه وفي مستلزماته.
ومن خلاصات ما سبق، أن الفكر النقدي العالمي، في اعتقادنا هو نتاج عقل، في المصطلح والمنهج والوظيفة. ثم أن البحث في مجال المصطلح هو مجال صعب، وليست الصعوبة في التحكم في طرائق وصفه أو العجز في صياغته ولكن الصعوبة الأساسية تكمن في الاعتراف العلمي به، لأن أساسيات المصطلح أن يكون واحداً موحداً وأن يكون متفقاً عليه، فهو كاسم العلم، كالكلمة، كالفونم، أو الوحدة الكلامية. وعليه فالإنسان لا يجوز كما يقال أن يحمل أكثر اسم سمي به، كذلك الأشياء لا يمكن أن تأخذ أسماء عدة لمسمى واحد. مهما اختلفت طرق صياغة هذا الاسم أو المصطلح.
***
هوامش الفصل الأول
1. عبد السلام المسدي، قراءات مع الشابي والمتنبي والجاحظ وابن خلدون، الشركة التونسية للتوزيع، تونس، 1984، ص 162.
(/)
2. محمود زكي نجيب، تجديد الفكر العربي، دار الشرق، بيروت (لبنان)، 1971 ص: 247.
3. عبد السلام المسدي الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، المجلة العربية للثقافة، م.ع. للثقافة، ع24، مارس 1993، ص 54.
4. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر، المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة. تونس. ع24 مارس 1993 ص 11.
5. صالح بلعيد، في قضايا فقه اللغة العربية، ديوان م، الجامعية. الجزائر. 1995. ص97.
6. أحمد بوحسن، مدخل إلى علم المصطلح، ونقد النقد العربي الحديث، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي. بيروت ع66 ـ 67, 1989 ص 84.
7. حطاب أحمد المصطلحيات العلمية وأهميتها في مجال الترجمة، العلوم الطبيعية كنموذج "في الترجمة العلمية (ندوة لجنة اللغة العربية الأكاديمية المملكة المغربية، طنجة، 11 ـ 12 ديسمبر 1995 الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية ص 185 ـ 203.
8. ينظر، أحمد شامية، خصائص اللغة العربية، والإعجاز القرآني في نظرية عبد القاهر الجرجاني للغوية. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر 1995 ص 103.
9. محمد كامل حسين، القواعد العامة لوضع المصطلحات العلمية، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة. ج11، 1955 ص: 137.
10. نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث. ج1. دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع. دت.ص 13
11. علي القاسمي، المصطلحية، النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها، مجلة //اللسان العربي//، الرباط، المجلد 18، ج1، 1980، ص 08.
12.ابن فارس، مقاييس اللغة، ج 3. تحقيق وضبط عبد السلام هارون. دار الفكر. دت.ص 303.
13. ابن منظور، لسان العرب، ج 2. إعداد وتصنيف يوسف الخياط. دار لسان العرب. بيروت. م3 دت. ص 08.
14. ينظر الجوهري، الصحاح في اللغة والعلوم، بيروت، 1975 (المادة، صلح).
(/)
15.محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح. دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع. دت.ص 08.
16. الجرجاني علي بن محمد، التعريفات، 1 طبعة ليبسيغ. 1845، المادة (صلح).
17. ينظر: المعجم الوسيط. 1و2 دار الأمواج بيروت 1990 ص 520.
18. ينظر، مجمع اللغة العربية، محاضر جلسات المجلس في الدورة 40، 1973/1974 القاهرة 1975 ص: 418 بحيث ترجمت لفظة terminoloy باسم علم المصطلحات.
19. الجاحظ، البيان والتبيين، ج1، تحقيق عبد السلام هارون. ط 3. مطبعة الخانجي. القاهرة 1968. ص 139.
20 . محمد طبي، وضع المصطلحات. المؤسسة العمومية الاقتصادية لترقية الحديد والصلب. دت. ص 38.
21. J. Vachek, dictionnaire linguistique de l école de Prague, Utrecht. Au vers, 1966 terme.
22. J. maronzeau. Lexique de terminologie linguistiques, Paris 1951.. mot.
23. J. Josette. Rey. Deboue, 4, Lexique sémiotique, Paris 1949. terme.
* وحينما نتحدث عن مصطلح المفهوم في المجال المعرفي "فنحن نجد أنفسنا أمام وحدات تصويرية أخرى تشكل بينها جميعاً بناء يشرح بعضه ببعض قد يصل إلى درجة النظرية العلمية.. لذلك فالمفاهيم بحاجة إلى جهاز مفهومي"، كما أن المفهوم في اعتقادنا هو قرين اللفظة والكلمة والمصطلح أي (Mot). فلا فرق بينهما. لمزيد من التفصيل ينظر: محمد الدغموني، انتقال المفاهيم، نقد النقد، مجلة علامات ج 31 مج8، فبراير 1999، ص 71. (الهامش).
24. "Petit Larousse, Lustre 1984, P:999.
25. ينظر: ونجانج نيدوبتي، التصويرية والدلالية: مقارنة في النهج وفحص في صلاحية الاستعمال في مجال المصطلحاتية. مجلة اللسان العربي. مكتب تنسيق التعريب ع/29 ص 124 ويحيى عبد الرؤوف: جبر الاصطلاح مصادره ومشاكله وطرائق توليده (مجلة اللسان العربي ع/36)، ص 144.
(/)
26. هريبرت بيثست وجيفر دارسكا، مقدمة في المصطلحية، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، جامعة. الكويت، مجلس النشر العلمي، لجنة التأليف والتعريب والنشر، أكتوبر 2000، ص 141.
27. محمد طبي، وضع المصطلحات. م س. ص 08.07
28. حامد صادق قنيبي دراسات في تأصيل المعربات والمصطلح، مجلة. اللسان العربي ع/31، 1988 ص 134.
29. ينظر: علي القاسمي، علم المصطلح بين علم المنطق وعلم اللغة، العناصر المنطقية والوجودية في علم "المصطلح مجلة اللسان العربي.. ع 30، 1988 ص 134.
30. ينظر: عبد القادر الفاسي الفهري. اللسانيات واللغة العربية. منشورات عويدات. بيروت. باريس. ط. 1. باريس. ط1. 1986 ص396.
31. Jeans Dubois et les autres, Dictionnaire de Linguistique, Larrousse. Paris. Ed.. revue et corrigee, P486.
32. Voir le Petit Robert 02. Paris. 8. Edition. 1984 P. 1946.
33. ينظر، التعريب والمصطلح، دراسة أعدت بمناسبة انعقاد "ندوة التعاون العربي في مجال المصطلحات، علماً وتطبيقاً" في تونس، من 7 إلى 10 من شهر 7. 1985، ص 173.
34. محمد مفتاح، المفاتيح ومعالم ط1، المركز الثقافي العربي، الرباط، المغرب، 2001 ص 06.
35. ينظر: نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب. م س ص 13.
36. دراسة أعدت بمناسبة انعقاد "ندوة التعاون العربي في مجال المصطلحات علماً وتطبيقاً" في تونس من 7 إلى 10/07/1986. ص 174.
37. ينظر: شحادة الخوري، دور المصطلح العلمي في الترجمة والتعريب، مجلة علامات، ج 29م 7 جمادى الأولى/ سبتمبر 1998، ص 190، 191.
38. الخطيب أحمد شفيق، حول توحيد المصطلحات العلمية، من محاضرات مجمع اللغة العربية في مؤتمره 59، القاهرة 12 ـ 26 أبريل 1993، بيروت، لبنان، ص 8.
39. Jean Dubios et les autres, Dictionnaire de la liguistique - P 486.
40. Idem, P 486.
(/)
41. jean dubois et les autrex, dictionnaire de linguistique, larrousse. Paris, 1991. P486.
42. محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح. ص 17.
43. المصدر السابق، ص 20.
44. ينظر: عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 395 ـ أو محمد حلمي هليل. نحو تعليم المصطلحاتية والتدرب عليها، مشروع العالم العربي، مجلة اللسان. ع. ع. /32/ ص 105.
45. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية، تونس 1984، ص 22.
46. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي. م سص 34.
* مدرسة براغ من مؤسسيها 1946-1882 Vielem Matheriesوهو أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كارولينا، وقد ضمت لسانيين مثل رومان كاجوسبون ونيكول تروبتسكوي، فنظرت إلى اللغة باعتبارها نظاماً من الوحدات الوظيفية المتصلة، وتتلخص مقولة هذه المدرسة في الأخذ بدراسة اللسان في حد ذاته ومن أجل ذاته لمزيد من الاستفادة ينظر:
Aj Grimas, semantique structurale ed. Libaririe Larousse. Paris 1972 mP6.
47. لمزيد من الاستفادة ينظر: هربيت، بيثست ووحيفر دارسكاو، مقدمة في المصطلحية، كلية الآداب قسم اللغةالإنجليزية. جا. الكويت. مجلس النشر العلمي. لجنة التأليف والتعريب. والنشر. اكتوبر 2000 ص 44.43.
48. لمزيد من التفصيل ينظر. هربيرت بيثست وحيفر دارسكاو ص 44.43 علي القاسمي. المصطلحية (علم المصطلحات)، النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها، مجلة اللسان العربي، مكتب تنسيق التعريب. الرباط، م18 ـ 1980.
ج. الأول، 1980، ص 9.
49. المصدر السابق. ص 08
50. علي القاسمي. المصطلحية. علم المصطلحات. النظرية العامة لوضع المصطلحات وتوحيدها وتوثيقها. مجلة اللسان العربي. الرباط. م18. ج1980. 1 ص09.
51. علي القاسمي، المصطلحية، م. س. ص 8.
52. ينظر، هلملت فيليبر، المصطلحاتية في عالم اليوم. مجلة اللسان العربي. ع. 30. 1988 ص 201.
(/)
في هذا الشأن أدت البحوث الأساسية التي قام بها فوستر إلى قيام اللجنة التقنية رقم 37 في المنظمة الدولية للمواصفات القياسية، وكانت اللجنة الخاصة بالمصطلحات في إطار الفيدرالية الدولية للاتحادات الوطنية للتقييس، قد وافق على قيامها سنة 1936 إلى أن جاءت سنة 1951 فقامت لجنة المصطلحات بالمنظمة الدولية للمواصفات القياسية بمتابعة العمل في وضع الأسس والتنسيق بين الجهود.
لمزيد من الاستفادة ينظر: الأسس اللغوية لعلم المصطلح ص 22
53. وقد سمحت لنا الظروف بالإطلاع على مضامين طبيعة اللغة الإنجليزية عثرنا عليها أثناء زيارتنا لإحدى مكتبات الشرق العربي. لمزيد من الاستفادة ينظر: علي القاسمي، النظرية العامة بالنظرية الخاصة في علم المصطلح (م. ل. ع. ع./29) ص 127.
54. ينظر عبد الله بوخلخال، مصطلح السيميائية في البحث اللساني العربي الحديث النشأة والمفهوم والتعريب، أعمال ملتقى عنابة، ص 74.
55. ينظر. محمد رشاد الحمزاوي، المنهجية العربية لوضع المصطلحات من التوحيد في التنميط م. ل. ع. ع. /25 ص 45ز
56. ينظر: عامر إبراهيم قندليجي، بنوك وشيكات المعلومات، مكوناتها مستلزماتها، نماذج عربية وأجنبية م.ل. ع. ع./ 25 ص 109.
57. ينظر: محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 22.
58: ينظر: عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، تونس 1984. ص 47 ـ 53.
59. ينظر: أحمد بوحسن، مدخل علم المصطلح، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 66 ـ 67 جويلية. أوت 1983. ص 72.
60. ينظر: محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، 24 ـ 27.
61. شحاذة الخوري، الترجمة قديماً وحديثاً، حركة التعريب في العراق، معهد البحوث والعلوم، بغداد، ص 56.
62. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص 33.
(/)
63. أحمد مطلوب، مصطلح النقد الأدبي المعاصر، المجلة العربي للثقافة، ع 24 مارس 1993 المنظمة العربية الترجمة والثقافة، ص 14.
64. أحمد مطلوب. إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر ص: 23 ـ 26.
65. ينظر مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث (مدخل) دار النشر الترجمة والنشر، ط1، 1988 ص: 363.
66. ينظر، محمد طبي، وضع المصطلحات. مس. ص40
67. ينظر، جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ج1. دار الكتاب اللبناني. بيروت. 1973. ص 12.15.
68. ينظر، محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح: ص 29 ـ 30.
69. ينظر. مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 56 ج 04 أكتوبر 1981 ص: 887 وما بعدها.
70. هي الطرائق التي سوف نتعرض لها بإتقان خلال هذا الباب من الأطروحة.
71. ويقصد بالتعريب هاهنا تعريب اللفظ وليس تعريب النص أو المجال الآن اللفظ مجاله، التفوه باللفظة الأعجمية على منهاج العرب في النطق والوزن على نمط ما قيل في القديم ترياق، ناطور، سوس، فردوس... وسواها من الصياغات التي أجازتها مجامع اللفظ العربية لمزيد من الاستفادة ينظر: شحاذة الخوري دور المصطلح العلمي في الترجمة والتعريب، مجلة علامات ج 29م 8 جمادى الأولى سبتمبر 1998 ص: 184 أو عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات ص: 28. كما نسجل هنا موقفاً معترضاً للفاسي الفهري على بعض هذه المبادئ ومنها التعريب وعلى خلاف فاضل ثامر الذي زكاها بالمباركة. لمزيد من التفاصيل ينظر. عبد القادر الفاسي الفهري. اللسانيات واللغة العربية. ص 359.398 وفاضل ثامر. اللغة الثانية. ط1. المركز الثقافي العربي. بيروت. 1994. ص 172. 173.
72 . ينظر محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 91، 91.
73. خليفة عبد الكريم، تأهيل هيئة التدريس بالعربية، في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، السنة الثالثة، كانون الثاني، 1980، ص 7.
،،،
الفصل الثاني
طرائقية وضع المصطلح
1 ـ تقدمة
(/)
ونحن نروم البحث في مجال طرائقية وضع المصطلح وجب التسليم، بأن علم المصطلح يتناول الأسس الخاصة بوضع المصطلحات على أساس معياري موحد، وإذا كانت اللغة تسمح بوسائل كثيرة لتكوين المصطلحات فإن علم المصطلح يحدد الضوابط الموجهة فعن طريق هذا الجهد يسجل الباحثون كثيراً من المسائل لمشاكلهم اللغوية الحاضرة والمستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جل هذه الوسائل التي ذكرنا تكاد لا تخرج عن المسائل العامة لتكوين المصطلحات وألفاظ الحضارة، في اللغة العربية الفصحى، إلى جانب المصطلحات التراثية الموروثة عن الآباء والأجداد من اللغويين العرب . وهناك مصطلحات أخرى حديثة وجديدة توصل إليها الباحثون وفق هذه الطرائق، وحاولوا الإفادة بها في إطار المناهج الحديثة، وهذه الوسائل هي التي نتخذها في زماننا هذا طرقاً معيارية لنقل العلوم الحديثة إلى لغتنا الحضارية.
كما يتضح، أن لكل لغة رصيدها المحدود من المصطلحات، وبنمو المعرفة الإنسانية وتفجرها فإن عدد التصورات اللازم التعبير عنها آخذ كل يوم في الازدياد، ويصح القول إن بعض طرائق وضع المصطلحات أقدر على التوليد في لغة الأغراض الخاصة.
ومسألة وضع المصطلحات ليست بالمهمة اليسيرة، ذلك لأنها مهمة "تتطلب تمكناً من المادة وفقهاً في اللغة، والإحاطة بالتاريخ ووقوفاً على النشاط العلمي المعاصر" 1 غير أن الصعوبة تزداد إذا ما تعلق الأمر، بحقل الترجمة والنقل من لغة إلى أخرى. والوسائل الآتية هي الوسائل المثالية لصياغة المصطلح وهي وسائل مستقلة عن اللغة تواتر استعمالها يختلف باختلاف اللغات. خاض في جملتها اللغويون العرب ـ قدامى ومحدثون ـ :
(/)
فالاشتقاق عملية تقوم على مبدأ القياس، تستنبط على وزن من الأوزان العربية القديمة فتصبح مألوفة موروثة، وهو عملية قياسية تهدف إلى تكوين كلمات جديدة وفقاً للقواعد التي تقوم عليها الكلمات الموجودة في اللغة. وتقترب هذه الدلالة من المعنى المراد اللغوي العربي الشريف الجرجاني الذي أورد "أن الاشتقاق أخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية وهيئة وتركيب لها، ليدل بالثانية على معنى الأصل" 2..
وهو أداة ضرورية قوامها، انتزاع كلمة من أخرى على أن يكون ثمة تناسب في اللفظ والمعنى مع توافق في ترتيب الحروف وهو الاشتقاق الصغير، على نحو: عارف معروف معرفة، أو على نحو تناسب اللفظ والمعنى من دون توافق على نحو، جذب وجبذ وهو الاشتقاق الكبير أو القلب، وتتضمن المشتقات الحروف الأصلية في الكلمة:
لأجل إنماء اللغة العربية وجعلها تستوعب المصطلحات التي تعبر عما يجد من مفاهيم ذهنية جديدة، عمل اللغويون العرب وفق الاشتقاق قصد التنمية اللغوية أفادت اللغة العربية كثيراً عبر تاريخها من الاشتقاق، وتفيد شتى الصيغ المشتقة لديهم على المداليل الأصلية إلى درجة اختلفوا فيه حول أصل الاشتقاق، فانقسموا إلى فرق أهمها أهل البصرة وأهل الكوفة وعجّت جل المؤلفات اللغوية العربية، بتقسيمات كثيرة للاشتقاق وهي تقسيمات متداخلة ومتضاربة، أشهرها الاشتقاق الأكبر والأصغر لدى ابن جني والسيوطي 3 ثم الصغير والكبير والأكبر لدى الشريف الجرجاني 4..
وفي العصر الحديث، جرى الاشتقاق كذلك وفق صيغ أخرى من ذلك أسماء الأعيان العربية، وأسماء الأعيان المعربة، بالإضافة إلى الاشتقاق من أسماء المعاني أي المصادر.
1 ـ أما النحت في أبسط تعريفاته اللغوية هو انتزاع كلمة من كلمتين أو اكثر. على أن يكون ثمة تناسب في اللفظ والمعنى بين المنحوت والمنحوت منه، وهو في اعتقاد بعض الباحثين ضرباً من الاشتقاق.
(/)
فابن فارس في معجمه مقاييس اللغة يعرّف النحت كمصطلح له دلالته اللغوية باعتبار، أن "النون والحاء والتاء كلمة تدل على نجر شيء وتسويته بجديدة، ونحت النجار الخشبة ينحتها نحتاً" 5..
على هذا، فالنحت يعني تركيب كلمة بانتزاع حروفها من كلمتين أو أكثر، للدلالة على معنى وهو مزيج من دلالات الكلمات المنتزع منها (المنحوتة) ويعرفه فقهاء اللغة على أنّه "الاشتقاق الكبار". وقد استعمل النحت كمظهر لغوي لدى القدماء ولد في حدود ضيقة، واستعمل في العصر الحديث كما سوف يأتي فيه القال.
2 ـ في حين أن التعريب في نظر بعض الدارسين هو الاقتراض، وما أكثر اللغات التي افترضت من اللغة العربية ألفاظاً تعدّ بالمئات وأحياناً بالألوف. وأمّا المعرب في نظر بعض المحدثين هو ما "استعمله العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها، فقال الجوهري في الصحاح "تعريب الاسم الأجنبي أن تتفوّه به العرب على منهاجها، تقول عربته العرب وأعربته أيضاً6.
والتعريب أو الاقتراض كما أسميناه يقابله في اللفظ الأجنبي emprunt، هو ظاهرة لغوية عالمية لا تكاد تخلو منها أية لغة على وجه الأرض، تفرضها جملة من العوامل التاريخية والجغرافية والحضارية.
إما إشكالية التعريب في المصطلح التي نروم البحث فيها فهي من أهم الموضوعات الثقافية والنقدية التي تتصل بحاضر الأمة العربية ومستقبلها والتعريب الذي ندعو إليه هاهنا دواعيه هي الأخرى عديدة، وحسبه أنه تصحيح لوضع خاطئ مناف لطبيعة الأمور، لابد فيه من خطة تحكمه وتأخذ في حسبانها ظروف العصر، وتحدد فيها مجالات التعريب التي يحتاج إليها ذلك العصر والإمكانيات البشرية والمادية المتاحة له، على أن يباشر العمل على أساس هذا العصر عن طريق التنسيق والتعاون من الأقطار والمنظمات والاتحادات العربية المتخصصة جمعاء.
(/)
لهذا، فإننا نطرح التساؤل عن طريق الكتابة في موضوع التعريب والمصطلح عما إذا كنا سنأتي بجديد في أمر تداولته أقلام الباحثين وخاض في لجاته الدارسون والنقاد، وكان مدار حوارات ومناقشات في العديد من الندوات الفكرية. وأياً كانت الأجوبة، فإننا نعتقد بأن ذا الموضوع على كثرة ما كتب فيه وقيل بشأنه، ما يزال موضوعاً بكراً، ومشكلة قائمة لم تجد لها حلاً،وقضية مهمة من قضايا الوطن العربي ولعل إسهامنا فيه يساعد على مواجهته ويمهد السبيل لبلوغ الحل الناجع له.
3 ـ وبخصوص الترجمة يتعلق الأمر في هذا المجال بنقل مصطلح من لغة إلى أخرى، ويقابله في اللفظ الأجنبي traduction، والمفهوم في أبسط تعريفاته "تمازج عبقريتين متباينتين تنصهران في بوتقة واحدة، ولكن دون هذا التمازج عقبات كأداء" 7. وتحتاج هذه الخاصية المصطلحية المنقول منه والمنقول إليه. وتقتضي الترجمة عادة تعاوناً دولياً بتجاوز الحدود الوطنية واللغوية، وترجمة بعض الوثائق من ذوات الأهمية ترجمة دقيقة وواضحة، تمظهر وخاصية لهما أهميتهما أيضاً في الندوات المصطلحية المتخصصة.
ومواكبة لهذه الثورة المصطلحية فإن العرب في حاجة ماسة إلى دور الكتاب والمبدعين العرب وجهدهم في ابتكار المصطلح العربي الذي يمتاز بالخفة والسلالة ومسايرة للثورة المصطلحية الغربية. لأننا وفي كل يوم يمرّ يطالعنا الإعلام العربي والمكتوب الشفاهي بذخيرة مصطلحية غربية. نطرب لترفها وثرائها.
ولا يخفى على أحد بأن الترجمة كانت ولازالت العمود الرئيس الذي يعتمده باحثونا، فكثيراً ما ولا يخفى على أحد في أن الترجمة كانت ولازالت العمود الرئيس الذي يعتمده باحثونا فكثيراً ما تسللت بعض الألفاظ والمصطلحات الأجنبية إلى اللغة العربية منذ القدم وعن طريق هذه القناة وتلك سُنّة من سنن اللغات والمثاقفة وإن شئنا الاقتراض بين الغرب والعرب.
(/)
كما كان من المتعين علينا في هذا المدخل المنهجي ومع تداخل الاختصاصات المعرفية لدى النقاد العرب المعاصرين الذين سوف نخوض في بحوثهم، الخوض كذلك في قانون القياس كإحدى القوانين لصياغة المصطلح والضوابط المتحكمة في طرق صياغته عن طريق إجراء حفريات معرفية تلامس جذور القواعد الفكرية في أدق حيثياتها لدى هؤلاء النقاد أجمعين مغاربة ومشارقة على حد سواء كل في بيئته الثقافية.
وفحوى القياس اللغوي لدى إبراهيم أنيس "مقارنة كلمات بكلمات أو صيغها بصيغ أو استعمال باستعمال، رغبة في التوسع اللغوي، وحرصاً على إطراد الظواهر اللغوية" 8 وهو إحدى طرق نمو اللغة. ولذا، سوف يأتي مجال بحثنا بحثاً في أهم القواعد الأساسية المتحكمة في صوغ المصطلح السيميائي ضمن هذه الآلية، وبناءاً على ذلك نحاول استقراء المصطلحات العربية المستنبطة عن طريق هذه الآلية. وضمن هذا المدار سنعالج نماذج عينية من خلال الذخيرة النقدية العربية المعاصرة.
3 ـ وبخصوص المجاز يحسن بنا إلقاء نظرة على حجم العمل النقدي المصطلحي لدى النقاد العرب الذي تم ضمن آلية المجاز، كآلية قوامها بيان لفظ ينقله "المتكلم من معناه الأصلي الموضوع له إلى معنى آخر فيه وبين المعنى الأصلي علاقة" 9 ومصطلحياً هو نقل اللفظ من معناه الأصلي إلى معنى علمي ويقابله في اللفظ الأجنبي trope. بيد أن مثل هذا النقل "يقترن مع اللفظ الفني فيوضع المصطلح وعندئذ يكون المجاز سبيل الرصيد اللغوي العام إلى الرصيد الخاص المعرفي، الذي هو رصيد المصطلحات العلمية 10.
ولما كان المجاز وسيلة مهمة لتوسيع المعنى داخل في اللغة داخل اللغة نفسها وقوانينها المعجمية استعان النقاد بهذه الوسيلة لإثراء اللغة نفسها بنفسها وفق وحدات معاجمية تستوعب دلالات جديدة بعيدة عن الدلالات الأصلية الأثيلة.
(/)
كما نعني بآلية الإحياء "ابتعاث اللفظ القديم ومحاكاة المعنى العلمي الموروث بمعنى علمي حديث يضاهيه" وعادة ما لجأ النقاد العرب إلى هذه الخصيصة إحياءاً للتراث العلمي، فأحيوا المصطلحات علمية قديمة صالحة لأن تكون مفاهيم حداثية معتقدين أن توظيف المصطلح القديم لنقل مفاهيم جديدة من شأنه أن يفسد علينا تمثل المفاهيم الواردة والمفاهيم المحلية على السواء، ولا يمكن إعادة تعريف المصطلح القديم وتخصيصه إذا كان موظفاً توظيفاً محكماً.
وقد اعتمدنا هذه الآلية الإجرائية، اعتقاداً منا بأن ثلة من رجالات الأدب والنقد في المجال السيميائي تولوا العمل بهذه الآلية، وهم ممن كانت لهم دراية بالتراث العتيق ومعرفة معمقة باللغة العربية الأم، فاجتهدوا ما وسعهم الاجتهاد، وأحيوا ما وسعهم الإحياء، فنجحوا في وضع مصطلحات هي اليوم تشيع في النقد السيميائي وسواه.
قصارى القول، في هذه التقدمة، أن السير في شعاب بحث يخص المصطلح والمصطلحية يلزم على صاحبه تحديد الآليات والطرائق التي تضمن مسار بحثه ومضمونه، ولهذا غضا في هذا المجال محاولين تحديد ماهية الترجمة والتعريب والقياس، والنحت، والمجاز، والإحياء، والمصطلحات بين هذه القواعد ككل وأثرها في تنمية اللغة العربية لأن الاعتقاد الراسخ لدينا ولدى جميع الباحثين في مثل هذا المجال هو أن صياغة المصطلح النقدي إشكالية صارت تتسارع دون هوادة مرتكزة على قواعد وإجراءات متباينة ذكرنا بعضها وبعضها سوف يأتي بشأنه القال ضمن هذا المقال.
أولاً: الاشتقاق:
(/)
غني عن البيان أن اللغة أي لغة هي روح الأمة وقلبها النابض وعنوان من عناوين تقدمها وازدهارها ولهذا تحرص الأمم الراقية على تجديد لغاتنا لتجعلها صالحة لمواكبة المستجدات الأصلية، ومزاحمة اللغات الوافدة. ثم "إن اللغة تتطور بتطور الفكر وهي تلبي حاجات التطور الإنساني الفكري والمادي، فإن لم يكن في اللغة هذا الاستعداد الذاتي للتطور فلا شك أنه ستقصر وتنزوي وتعجز وربما تندثر بعد ذلك وتموت، كما حدث لكثير من اللغات"11.
وعليه فاللغة تشمل عدداً ضخماً من العناصر الصرفية التي تساعد على تكوين كلمات جديدة من كلمات أو أصول موجودة بالفعل، وهذه العناصر إما سوابق Prefixes أو لواحق 12 suffixes وبهذه الطريقة يمكننا صياغة الأسماء والأفعال؛ ويؤدي هذا النوع إلى اشتقاق لا محدود من الكلمات.
ولعل الحديث عن قدرة اللغة العربية على مواكبة العصر يكمن في تفعيل آلياتها لتجديد ثروتها اللفظية من هذه الآليات للاشتقاق الذي يمثل الرافد الأكثر تدفقاً والأقوى انصباباً فما ذاك إلا لكونه يقوم فيما يقوم على صيغ معروفة لها دلالات خاصة فتصب الجذور في قوالب يحمل كل منها هيئة مختلفة وزيادات صوتية، وتبقى دلالة الألفاظ المشتقة مرتبطة إلى حد ما بالجذر.
والمعروف عن الاشتقاق أنه ساعد اللغة العربية على تجديد ثروتها اللفظية والمصطلحية بعد مجيء الإسلام إبان العصر العباسي وساهم المشتقون في خلق حشد من الألفاظ والكلمات. وهو في أبسط تحديداته المألوفة، اشتق الشيء على وزن افتعل ـ بمعنى أخذ شقه واشتق الكلمة من الكلمة أي أخرجها منها، والاشتقاق في عرف أهله هو "أخذ صيغة من أخرى مع اتفاقهما معنى، ومادة أصلية وهيئة تركيب لها ليدل بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة" 13.
(/)
وفي المساق ذاته يقول ابن فارس "أن العرب تشتق بعض الكلام من بعض وإن اسم الجن من الاجتنان وأن الجيم والنون تدلاّن أبداً على الستر" 14 وعليه، فابن فارس لا يبتعد كثيراً عن مسألة توقيفية نشأة اللغة واعتباطية اللغة وتعسفها بما في ذلك الاشتقاق، أي أن الكلمات الأولى تواضع عليها الناس الأولون كرموز لمسميات كانت كافية في بداية الأمر لمستوى الحياة البشرية الأولى وسواها من الطروحات.
وقريب من هذا التحديد لابن فارس، فقد صبّ اللغويون كامل جهدهم الجهيد في استخراج المصطلحات عن طريق الاشتقاق لتكون في متناول القراء، على الرغم من اختلاف رؤاهم ونظرياتهم إزاء هذه الآلية العلمية، فهناك من كان يزعم أن (الكلم) أصل كله، منكراً للاشتقاق، وأسرف آخرون فرأوا أن الكلم كله مشتق. بيد أن واقع اللغة العربية أثبت ويثبت أن الاشتقاق اعتمد على أصول كانت موضوعة.
وفي نفس المنهج، فقد عرّف علماء اللغة المحدثون الاشتقاق بأنه توليد الألفاظ بعضها من بعض ولا يتسنى ذلك إلا من الألفاظ التي بينها أصل واحد ترجع وتتولد منه، فهو في الألفاظ أشبه ما يكون بالرابطة السببية بين الناس".
وعليه، يبقى الاشتقاق عملية استخراج لفظ من لفظ، أو صوغه في أخرى بحيث تظل الفروع المولدة متصلة بالأصل، والمعنى أن أخذ لفظ من آخر مع تناسب بينهما. في المعنى وتغيير في اللفظ من شأنه أن يقدم لنا زيادة على المعنى الأصلي، وبهذه الزيادة يوجد الاشتقاق بغض النظر عن تقسيماته15..
وهكذا فإن معظم فقهاء اللغة يجمعون على مصطلح derivation مقابلاً للفظ العربي اشتقاق 16 يعني به في أبسط التحديدات توالد وتكاثر جملة من المفردات، أي اشتقاق ألفاظ جديدة من ألفاظ قد وضعت، كما اشتق المعنى الثاني من المعنى الأول، وهو من أبرز ما يمتاز به اللسان العربي.
(/)
والواضح كذلك أن الاشتقاق علم مشترك بين الصرفيين واللغويين الذين احتاجوا إليه حين قاموا بوضع المعاجم الأولى، وكان أشد اهتمامهم في بادئ الأمر على انتهاج تصنيف مواد اللغة بحسب مخارج الحروف مثلما فعل الخليل بن أحمد الفراهيدي، أو على أصول الكلمات كما هو الحال لدى الأزهري في مقاييس اللغة، في حين يذكر التاريخ كثيراً من التأليف التي خص فيها أصحابها الاشتقاق بحيزات وافرة من الشرح والتفصيل والتطبيق17. حتى لا نغرق بحثنا في لجة لا تخدم البحث وننساق وراء تعريفات الاشتقاق التي أغرقت بها مؤلفات فقه اللغة العربية. فإن أهم طريق في الاشتقاق يعنينا همنا هو الاشتقاق الصرفي أو الصغير، ذلك لأنه طريقة من الطرائق الأساسية في وضع المصطلحات في حين يتشاكل (الاشتقاق الكبار) مع طريقة النحت التي اخترناها طريقة أخرى في توليد المصطلح والمصطلح السيميائي بوجه أخص.
فالاشتقاق الأصغر مثلاً: هو الأكثر استعمالاً في اللغة العربية قوامه "تقليب تصاريف الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصيغ دلالة إطراد أو حروفاً غالباً كضرب فإنه دال على مطلق الضرب فقط" 18.. وهو الأمر الذي يجعلنا استقراء قول السيوطي حين اعتقد أن الاشتقاق الأصغر له الدور الحاسم في توسيع اللغة وتوليد القسم الكبير من مفرداتها، ضرب من ضروب المصادر ذات المعاني المطلقة وتحويلها إلى صور مختلفة.
أما الاشتقاق الأكبر فهو ابتكار ابن جني الذي أرجعه هو نفسه إلى شيخه علي الفارسي، وهو القائل "هذا موضع لم يسمّه أحد من أصحابنا، غير أن أبا علي ـ رحمه الله ـ كان يستعين به ويخلد إليه مع أعواز الاشتقاق الأصغر، لكنّه مع هذا لم يسمّه، وإنّما كان يعتاده عند الضرورة" 19.
(/)
وبخلاف الاشتقاق الأصغر فإن اللغويين في الاشتقاق الأكبر يعتمدون على إبدال الحروف ببعضها نظراً لصلة بين هذه الحروف (الأصوات) كالاتحاد أو التقارب في المخرج، وفيه يتم تغيير مواقع الحروف الثلاثة في الكلمة ست مرّات، وتقليدها للحصول على ستة تراكيب تختلف في الهيئة وتتوافق في المعنى وكل تركيب يصير بدوره مادة أصلية قابلة لاحتضان الاشتقاق الأصغر.
وبمثل هذا المشغل الاشتقاق الذي عدّ مجالاً رحباً تدافعت فيه الدراسات والبحوث لا عجب أن يكون الأمر كذلك، فالصلة وثيقة وعضوية بين المصطلح السيميائي ـ موضوع بحثنا ـ والاشتقاق، ونحن ندرك هذه الصلة منذ أن بدأت الشرارة الأولى في الاتجاه البنيوي وابنته البارة السيميائية مع المنظر الأول فردينارد دوسوسير F.de Saussure بكتابه (دروس في اللسانيات العامة) 20...
وإن نظرة سريعة على بعض المصطلحات السيميائية المشتقة لكفيلة بأن تكشف لنا، منذ المقدمات، عن الكمّ الهائل لهذه الدراسات وآمادها المختلفة حول إشكاليات المصطلح السيميائي، على رغم أن هذه الدراسات على كثرتها أو قلتها، تبدو عاجزة عن محاصرة أزمة المصطلح، ومن يدري فقد لا يأتي اليوم الذي يحاصر فيه المصطلح، وبذلك تنتصر ملكة الانفلات فيه.
فإذا كان السلف قد نجحوا في تطويع المصطلح واستلهامه من التراث مع ظهور الإسلام ومن بعده، فإن حركة وضع المصطلحات بالألفاظ اتسعت مع توسع الحياة والحضارة، فذهب الخلف اليوم إلى محاولة استيعاب العلوم والفنون عن طريق المجامع اللغوية العلمية والعلماء والأدباء والمفكرين مستهدين إلى الاشتقاق وسواه من الوسائل الكثيرة، فوفقوا في وضع مصطلحات أدبية ونقدية كان لها أكبر الأثر في تقدم الحركة الأدبية والنقدية.
(/)
على الرغم من أن الاتجاه المسلوك من قبلهم في ـ السنوات الأخيرة ـ أميل إلى الغرب كل الميل بسبب طغيان المصطلحات الأجنبية فما ينشر أو يترجم، وبدأت أصوات منهم ترفع شعار "إشكالية المصطلح النقدي، وتعقد من أجله الندوات والمؤتمرات". 21. بيد أن الذي يعنينا في هذا المقام هو جهدهم بخصوص وضع المصطلح السيميائي اشتقاقاً والجهود التي قدمها النقاد العرب المعاصرين بغية المحافظة قدر الإمكان على دلالة المصطلح المشتق بمكوناته، على رغم اختلاف ضوابطهم والاستخدام اللغوي في هذا الصدد. وتوضح الأمثلة التالية تعدد الصور والأشكال والطرائق التي اتخذها هؤلاء النقاد العرب.
ضمن هذا الباب، وانطلاقاً من الاستكشاف المنهجي لقوانين صياغة المصطلح بوسعنا التنبؤ بمصير ما يلقى في حلبة الاستعمال من ألفاظ عن هذه النماذج التي أوقفنا عليها النظر طبقاً لآلية الاشتقاق مصطلحات من قبل: سيميائية وشعرية وأقونة كنماذج عينية في هذا المقام هي على غاية من النشاط الدلالي.
فمسيره المصطلحات الشعرية، قد تشابكت بين دلالة تاريخية وأخرى اشتقاقية وثالثة توليدية مستحدثة، أمر أفضى بالنقاد العرب إلى الميل وراء مصطلح "البوتيك" في أغلب الصياغات وهو المصطلح الثاوي وراء المادة المكونة في اللغة العربية (ش.ع.ر) مع العلم أن "هذا الجذر الثلاثي يحوم في دلالته الاشتقاق حول كل ما له ارتباط بالحس من حيث هو خامس حاسة لم نجد ما نعبّر به عنها إلا لفظة الحواس ذاتها، ولا ينفك عن هذا المعنى التأثيلي ما تدل عليه المادة اللغوية في جدوليها الكبيرين بأي تقليب من تقلبات الوزن الصرفي أخذتها" 22.
(/)
فإذا كانت الشعرية من الألفاظ والمفاهيم التي حاول الشكلانيون الروس بعثها 23 فلم يعرفها العرب القدماء بمعناها الحديث، وإنما ترددت عندهم ألفاظ من قبيل، شاعرية، شعر شاعر، والقول الشعري، والقول غير الشعري والأقاويل الشعرية، ثم ولج المصطلح في الدراسات الحديثة كعلم موضوعه الشعر، أو علم الأدب.
في مقابل هذا الاكتشاف، برز دور النقاد المعاصرين في المزاوجة بين مصطلح الإنشائية كمصطلح مشتق من المادة (شعر) وهو التعويل على أنّ هذا الجذر اللغوي يعطي سماء الدلالة من حيث هي السبب ومن حيث هي النتيجة.
ويطابق مصطلح الشاعرية كنموذج يطابق اشتقاق المصدر الصناعي انطلاقاً من اسم الفاعل، والشاعرية هنا صياغة تفيد تأكيد اتصاف الموصوف بصفته، والمصطلح يؤكد أنَّ هذا اللفظ يتجه صوب تخصيص السمة الإبداعية بصاحبها، مصطلح يقابله اللفظ الأجنبي Poetecite على خلاف الشعرية Poerique وهي الترجمة التي نستحسنها وندعو إليها.
ثم إن لفظ الشعرية في النقد العربي المعاصر، مثله مثل الجمالية، ينحو في صورة أولى منحى المكرّس لدلالة المعرفية فيكون معناه مجانساً لعبارة علم الشعر، لفظ صادر ضمن محاولات كثيرة أبرزها محاولة كاظم جهاد في نشره لبحث ت. تود وروف الموسوم (الشعرية) وكذلك أحمد مطلوب 24.
وانطلاقاً من هذا الاشتقاق النوعي بخصوص مصطلح شعرية طبقاً لآلية المصدر الصناعي يتولد متصور دقيق يصبح دالاً على الإطار العام الذي ينزل فيه الأدب، غير أن النظام الذي سلكه المنظرون متوسلين مفهوم الاشتقاق في أغلب تنظيراتهم، ظل مسكوناً بهاجس حضاري مع هذا المصطلح ومصطلحات أخرى بمسائلة في التراث العربي الأثيل، وهي مصطلحات ظلت تتسمّ بخصوصيات معرفية كما لو كانت اللاحقة الاشتقاقية قائمة مقام لفظ العلم. وكما لو كان ما أردفت إليه هو لفظ الإبداع لا لفظ الشعر.
(/)
وهكذا تتضح معالم هذا النموذج العجيب من نماذج صوغ المصطلح في اللغة العربية عن طريق التعريب. وكانت هذه المحاولات قد أحلّت مصطلحاً من مصطلحات علوم اللسان في غير موطنه، فكرست هذه الصيغ، ولذا فطرح هذه الإشكالية على هذا النحو قد يفتح المجال على جداول متعددة متوالجة إلى خصوصيات أخرى للمصطلح من قطر عربي لآخر بل ومن مؤسسة معرفية لأخرى.
أما مصطلح أقونة فهو الآخر سحب عليه النقاد العرب آلية الاشتقاق وعدوه مصطلحاً معرباً من أكثر المصطلحات تداولاً بهذه الصيغة المعربة، ومصطلحاً بديلاً عن اللفظ الغربي Icon، وكانت أغلب الأجوبة البديلة هي مصطلحات من قبيل، المثل والمماثل، والتمثل، والتماثل، والتمثال والامتثال والممثل، وهي كلمات في أغلبها تدل على نسخ أيقونة Ic?ne لصورة أصلية ما. وقريباً من هذه الصياغات، ذهب محمد مفتاح إلى اعتماد الترجمة التواصلية في نقل دلالة اللفظة من المنظرين السيميائيين الألمان والأمريكان، فأورد مصطلح (مماثلة) متحدثاً عن الترجمة الحرفية 25.
وهكذا وإن كان الحديث عن النماذج الاشتقاقية في مصطلحات النقاد السيميائية لا يكاد ينتهي، فإمكاننا أن نضيف في شجون هذا السبيل الممتد، مجتزئين بما ذكرنا، بالإشارة إلى مصطلح سيميائية لنسلك من خلاله مراحل التجريد الاصطلاحي ثم نسلك في الأخير سبلاً مخصوصة لاستنباط قوالب اشتقاقية عينية (مثالية).
فعلى هذا المدار، والصوغ اللغوي نلتقي في بحوث كثيرة بهذا المصطلح المشتق من المادة (سوم) التي تعني في أحد وجهيها العلم، وهي تدل على إطلاق ما يميز الواحد من الآخرين ومدار كل ذلك لفظ الاسم وهو ما تتعين به الجواهر والأعراض ومنه الأفعال: سمّى وأسمى، وتسامى القوم، واستسمي بعضهم بعضاً.
(/)
وهكذا نجد أن المصطلح مشتق من المادة الثلاثية على الصورة (وسام)، والمقصود العلامة، وهي أقرب إلى صورة الكي، ومنه السمة والوسم وكذلك الوسام، وتردد كذلك الكلمة على صورة أخرى هي (السومة) وهي العلامة ومنه سوّم الفرس، ومن هذه الترديدات يتحصل القارئ على عدّة صيغ اشتقاقية أبرزها: السيمة، والسيمي، والسيماء، والسيميا والسيمياء. وسواها من المصطلحات التي خصصناها بفصل كامل خلال هذا البحث.
وهناك وجوه أخرى للمصطلح السيميائي، تتجلى في استخدامات النقاد في حقل النقد الأدبي السيميائي. أمر وقفنا عليه في حفريات البحث في صياغة المصطلح السيميائي عبر آلية الاشتقاق أبرزها المصطلحات النقدية الشائعة التي تفوقت صيغتها الدخيلة على سائر المقترحات الاشتقاقية، في الاستعمال النقدي العربي المعاصر. فضمن هذا المجال، يعثر على مصطلحات من قبيل: السرد ومنه، السردية والسردانية، والأزمنة والأمكنة، والنقد ونقد النقد، والقراءة وقراءة القراءة، والنص، والنصنصة والنصوصية والبينصوصة، والخطاب والخطبية، وعداها من المصطلحات.
ثانياً: النحت والتركيب:
من الواضح أن المفاهيم ودلالاتها واستخدامها هو موضوع شغل النقاد العرب المعاصرين، ولذلك فمعظم هؤلاء النقاد واللغويين يعتقدون أن معنى الكلمة أو المصطلح يكمن في الصورة التي يأتي عليها، وعليه يجب أن يكون هذا الاستعمال محكوماً بقواعد، لأن الاستعمال الصحيح في المصطلحات هو الذي يجيء فيه المصطلح منسجماً مع القواعد التي تضبطه. وبعد ذلك فطنوا إلى استعمال صياغات أخرى بينها النحت كآلية استعملت منذ العصر الجاهلي بحيث تناقلت الكتب والتأليف عدداً غير محدود من الكلمات والمصطلحات والقرن الثاني الهجري دليل شاهد على ذلك.
(/)
أما المصطلح في ذاته فمرجعه إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي من خلال كتابه العين 26، ثم تواترت الجهود والتأليف بشأنه لدى آخرين مثل ابن السكيت في مؤلفة إصلاح المنطق ثم ابن فارس في معجمه "مقاييس اللغة" فضلاً على ما تناوله الثعالبي وبعض اللغويين في تحديد هذا المفهوم والتدليل عليه بأمثلة وافية شافية. والمصطلح في أبسط تحديداته اللغوية يعني (النجر والإصلاح) 27 وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الشعراء )وتنحتون من الجبال بيوتاً آمنين( 28 والمقصود إصطلاحاً اشتقاق كلمة من كلمتين أو أكثر عن طريق الاختزال والاختصار. وهذا ما عبّر عنه ابن فارس في الصاحبي حين اعتقد أن "العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار" 29.
وبخصوص أسلوب (النجر) الذي تحدثنا عنه في تلوين المصطلحات، فهو مصطلح جديد استعمل في نظرية النحت الجديدة، الكلمات الرئيسة في تكوين هذه الكلمة هي (نحت، جذر، إرجاع) وهي تدّل على الجملة (نحت بإرجاع الكلمات إلى جذورها الأصلية). فبواسطة أسلوب النجر هذا، تفتح آفاقاً جديدة، أمام تكوين كلمات عربية في كل المجالات العلمية والنقدية على حدّ سواء.
لكن الملاحظ في هذه العملية الجديدة التي استهدى إليها اللغويون والنقاد هو عدم الوقوع في السهولة للتعامل معها بغية تكوين مصطلحات جديدة، وعليه اشترطوا فهم المبادئ الأساسية التي بنيت عليها العربية لتذوق رونق وجمال الكلمات المركبة بهذه الطريق.
على الرغم من هذا الجذر الذي يشترطه اللغويون، فإنّ النحت القديم والنجر الحديث كتسمية بديلة هو بحث وتنقيب في خامات اللغة العربية من أجل تحويلها في مجال الاشتقاق والتعريب إلى كلمات مركبة.
(/)
وهكذا، فالظاهر من تحديدات اللغويين وجهابذة الفكر بخصوص هذه الآلية، فإن النحت يحصل بثلاثة طرائق: إما أن تنحت اللفظة من كلمتين مثل: بحثر الشيء إذا بدّده، والفعل منحوت من بحث بمعنى التفتيش في التراب وبثر أي خرج به بثراً، وإما أن تكسع بحرف أو حرفين زائدين لمعنى المبالغة فنقول عرمرم دلالة على الكثرة لا من العدم. وإما تكون بالوضع على أربعة أو خمسة أحرف كقولنا مخضرم.
وقد تناول بعض اللغويين أمثلة أخرى ذكرت بعد عصر الخليل بن أحمد الفراهيدي، أبرزها ما أورده ابن السكيت ضمن مؤلفه (إصلاح المنطق) بالقول: البسملة والحوقلة، والحمدلة والجعفدة والسبحلة وهي كلمات منحوتة
لعبارات أخرى كالآتي: (بسم الله)، (لا حول ولا قوة إلا بالله)، (الحمد لله)، (سبحان الله) 30.
وهكذا وبغض النظر عن الأمثلة الكثيرة التي غصت بها كتب فقه اللغة وعلم اللغة فيما أورده الثعالبي والسيوطي وابن فارس وعبد القادر المغربي، فإنّ المصطلح في اللغات الأجنبية يقابله لفظ Composition بحسب التحديد الذي أورده الباحث الفرنسي موتني وهو المدلول الذي ألفيناه في بعض القواميس الأجنبية 31 يعني التداخل.
وفي بعض المعاجم العربية يعني التداخل (تداخل الكلمات)، وربما وقع الباحث هنا في الخلط بين مدلولي النحت والتركيب الأقرب إلى التداخل. وشتان بين المدلولين 32.
(/)
الأهم في كل هذه التحديدات وأخرى أن مصطلح النحت هو من أهم رسائل تكوين المصطلحات العلمية، لأنَّ الكلمات المركبة تتخذ عناصرها من أصول مختلفة، لتصبح هذه العناصر مكونات لكلمة واحدة، وقد أفادت اللغة العربية من هذه الصيغ المنحوتة في اللغات الأجنبية على سبيل الافتراض والتعريب. وقد شجع مجمع اللغة العربية بالقاهرة الباحثين واللغويين على المضي في العمل وفق هذا الإجراء اللغوي 33. فوافق أعضاؤه على نحت الكلمات العربية عند الضرورة الملحة. ووفق مراعاة الذوق العربي رغم تحفظ بعض العلماء على قبول الألفاظ المنحوتة، وانعكس مثل هذا الاختلاف على النقاد والعرب المعاصرين لاسيما السيميائيين منهم.
وإذا كان من اللازم توضيح معالم الطريق في هذا البحث، فكذلك من اللازم التطرق إلى أبرز الصنوف التي ترتكز عليها آلية (النحت) لتشكيل المصطلحات الجديدة سواء في معظم المجالات من الكتابة في إشكاليات المصطلح أو في حالات نادرة لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
وفيما يأتي مجمل الصنوف والأنواع لآلية النحت:
1 ـ النحت النسبي: وفيه يلحق آخر الاسم بياء مشددة للدلالة على نسبة الشيء إليه، فيكسر ما قبل الياء للمناسبة. وهو صنف تركب فيه صيغة نسبية من اسمين مركبين تركيباً إضافياً بشرط ألا يؤخذ من كل واحد منهما سوى حرفين اثنين ليكون مجموع الحروف الخمسة وأمثلة ذلك، عبشمي من عبد شمس.
2 ـ النحت الجملي: وهو النحت الذي لا يعثر عليه في المجال المصطلحي تماماً، لأنه يختص بجملة كاملة اسمية أم فعلية، وهو طريقة انتهجها القدماء.
3 ـ النحت الاسمي: وهو يأتي على ضربين، الأول فيه ينتزع الكلمة من كلمتين على نحو قولهم طائر البرقش المختزلة في كلمة برش، والثاني أن يزاد بحرف من مثل: برقع من الفعلين رقع والباء زائدة.
(/)
4 ـ النحت الصفتي: وهو على عدة صنوف، كنحت الصفة من لفظتين، ونحت الصفة من ثلاث كلمات، ونحت الصفة بزيادة حرف واحد تصديراً ونحت الصفة بزيادة حرفين في الأول أو في الوسط أو في الأخير، وأخيراً نحت الصفة المنحوتة بزيادة حرف فيها.
5 ـ النحت الفعلي: وهو نوع لا يختلف عن الأسلوب المنيع في نحت الأسماء الصفات، وهو حقيقة لغوية، تطرق إليها الأزهري ضمن معجمه مقاييس اللغة.
والظاهر مما سبق، فيما تعلق بآلية النحت كأسلوب متبع لدى القدماء من اللغويين أن لغويي هذا القرن ونقاده المعاصرين لاسيما السيميائيين والبنيويين قد أدركوا فعالية هذا الإجراء، فجوزوا من خلاله بعض المصطلحات التي لا تتعارض مع خصائص اللغة العربية، ونسيجها المحكم بغية إنمائها بما يمّكنها من تعريب المصطلحات العلمية والتقنية واللغوية على حدّ سواء.
وفي اعتقادنا أنّه لا مندوحة عن النحت في لغتنا المعاصرة، لأنّه إجراء كبقية الإجراءات التي تتيح للناقد أصول جديدة من الأصول القديمة لاستحداث ألوان من المصطلحات والتعابير الضرورية. ولاحتواء القدر الممكن من المصطلحات المبتكرة لدى الغرب في لغات كالإنجليزية والفرنسية.
وإذا نحن أخذنا بالمدلول الأجنبي أي التركيب، كأسلوب جديد متبع أقرب إلى النحت فإنّنا نحصر كثيراً من المصطلحات السيميائية المنحوتة على هدي ما رأينا لدى القدماء من مثل: لغة اللغة، ميطا لسانية، جد لغة، نقد النقد، نقد نقد ـ النقد، القراءة، قراءة القراءة، قراءة قراءة القراءة، والزمكان وسواها من المصطلحات.
ثالثاً: التعريب
لقد سبق خلال تقدمة هذا الفصل التلميح إليه بمصطلح (الاقتراض) 34 كطريقة من الطرائق التي نمت بها اللغة العربية، والتي يمكن أن تنمو بها مستقبلاً، وفاءاً بمتطلبات التطور العلمي والثقافي الذي سعى لتحقيقه بغية اللحاق بركبه السائر دون توقف في العالم المتقدم علماً وتقنيناً.
(/)
وقد عاملت العرب اللفظ المعرب معاملة العرب. فاشتقوا من الكلمات الألفاظ العربية، من ذلك محاولات الخليل بن أحمد الفراهيدي 35 ثم تلاعبوا بالألفاظ الأجنبية لتكون معربة، تلاعباً بالعربي من حيث التصريف فيه صيغة ودلالة، ذلك لما ألحقوه بالعربي، جعلوا له حكمه فعاملوه معاملته، وآية ذلك في وصف القرآن بأنه عربي في عدة مواضع فما قوله تعالى: )إنا أنزلناه قرآناً عربياً مبيناً( 36. على الرغم من أن اللغويين القدامى، فرقوا بين ما هو عربي ومعرب ودخيل 37.
وهكذا فأنّ أهل اللغة وأهل الاصطلاح ـ في أغلب الحالات ـ يلجأون إلى التعريب اللفظي إما لسهولته أو لجهل بأسرار اللغة والتطور اللغوي 38 والمسألة عريقة في الموروث اللغوي العربي، لأن المسألة اللغوية ومنذ الجاهلية دخلتها كلمات أجنبية وعربت كلمات كثيرة كذلك مع هذا الاحتكاك الحضاري بشعوب الشام والعراق.
ومن أجل هذا، نذر اللغويون أوقاتهم لتحقيق ذلك، منذ سيبيويه وحتى عصرنا الحاضر ببحث موضوع التعريب، والمادة في تحديد الجوهري من (عرب) والمعرب هنا "ما استعمله العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها" وعليه فالألفاظ المعربة عجمية الأصل. ثم إن التغيير يحدث "في اللفظ الأجنبي المراد نقله إلى العربية، من حيث الصوت أو البنية أو هما معاً39.
فمنذ العصر الأموي، العصر الذي تمحور فيه هاجس الأمويين حول مسألة تجسيد الروح العربية في جميع مناحي الحياة، كان لفكرة التعريب أثرها العظيم في رفع شأن اللغة العربية، حتى غدت اللغة الرئيسة. وبدأت النشاطات وفق هذه الآلية. مع أهم الدواوين التي شملتها هذه العملية في عصر عبد الملك بن مروان، في ديوان الجند، وديوان الخراج، وديوان الرسائل، وديوان المغانم، وكان الذي يقوم بإدارة هذه الدواوين قبل علمية التعريب اليونانيون في بلاد الشام والفرس وفي العراق والأقباط في مصر.
(/)
ثم أننا لا نبتعد عن الصواب إذا سلمنا بأن عملية التعريب هذه كان لها أبعد الأثر من المعارك والفتوحات في باب توطيد أركان وأسس الدولة العباسية.، وأن الأمويين زرعوا جذورا التعريب في كل ميدان من ميادين الحياة، مؤمنين بأنّ العرب لن يكتب لهم الخلود إلاَّ من خلال تفجير خزانهم اللغوي. ثم نسلم مبدئياً بأن مشكل التعريب في العصر الحديث بدأ الاهتمام فيه جلياً وبقضية الألفاظ المعربة في النصف الثاني من القرن 19 وهو مستمر إلى يومنا هذا، انطلاقاً من محاولات فارس الشدياق وعبد القادر المغربي وسواهما من الذين أرادوا إبراز أهمية التعريب في وضع المصطلحات العلمية والفنية.
فدارت الحوارات والمناقشات وقدمت الأبحاث تدعيماً لهذه الآلية واعتماداً للغة الضاد، لأنّ غالبية أنصار التعريب يرون بأنّ الألفاظ المعربة لا تضير بنية اللغة وما أكثر الألفاظ المعربة الدخيلة في اللغات الأوروبية المختلفة وفوائد التعريب مؤكدة. الغاية السامية هنا إيجاد "مصطلحات علمية عامة تكاد تكون مشتركة بين العلماء والباحثين والمخترعين في مختلف البلاد المتحضرة" 40.
فقد أورد العلامة مصطفى الشهابي في هذا الموضوع أنه "إذا تعذر على الناقل الكفء وضع لفظ عربي بالوسائل المذكورة عمد إلى التعريب مراعياً قواعده على قدر المستطاع 41 ومثل هذا الطرح يؤدي إلى استخلاص جملة من المعاني والدلالات أولها المدلول العام للمصطلح العام للمصطلح: وفيه نجد أنفسنا مسوقين إلى اعتبار التعريب هو التفوه على منهاج العرب.
وثانيهما: المداليل الفرعية وهي:
1 ـ إن التعريب مفهوم لم يقصد به استخدام ألفاظاً أعجمية، مع الحفاظ على الوزن والإيقاع العربي. وهذا ما أسميناه بالاقتراض اللغوي 42. إغناءاً للغة العربية لا سيما بأسماء أعيان المواليد من نبات وجماد أو أسماء اللباس والطعام.
(/)
2 ـ يقصد بالتعريب نقل النصوص من إحدى اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، أي أن المفهوم ينصرف إلى ترجمة العلوم وسائر الفنون. فتكون الكلمة عندئذ أقرب إلى مدلول الترجمة.
3 ـ جعل اللغة العربية لغة العلم والعمل والفكر بها يعرب المجتمع والتعليم وسواهما ومصداقاً لهذه الأبعاد الدلالية لمصطلح (تعريب) يمكننا تلخيص التعريب العام بأنّه إدخال لفظ أجنبي إلى اللغة العربية بعد إخضاعه للوزن الذي تقبله هذه اللغة أي "جعل المجتمع بلغته وتقاليده عربياً، وبعضها يخص به المصطلح العلمي المعرب، وهناك صنف يرى التعريب بأنه تهيئة اللغة وتنميتها وتطويعها لتصير بنظامها قادرة على أن تقوم بالوظائف التعبيرية التي تقوم بها لغات أخرى" 43.
وبتعبير أبسط، نتوصل إليه أن التعريب نقل اللفظ الأجنبي إلى اللغة العربية مع المحافظة على أصله ما أمكن ويؤخذ فيه بأقرب نطق إلى العربية مصطلح أقرب إلى لفظ التدخيل بمعنى إدخال الكلمة الأجنبية في اللغة العربية دون أي تغيير، ونعتقد فيه (رسما) أي رسم اللفظ الأجنبي بحروف عربية ومن دون وعي لغوي 44.
من هذا كله، يستخلص الدارس أن التعريب طريقة من الطرائق العملية، تفضي إلى إيجاد ألفاظ اصطلاحية، مبدأها العام الضرورة القصوى، وحل من الحلول المفضلة لدى اللغويين والنحاة: ومسألة أسالت الكثير من الحبر سواء بالمناقشات في المجامع والمنتديات أم في التآليف اللغوية المتخصصة والنقدية والثقافية 45.
ولذا أوحينا إلى أنفسنا ترك المسألة جانباً وولجنا المجال النقدي نستقرئ واقع المصطلح النقدي السيميائي المعرب.
(/)
فهذا النحو الذي طرحت به قضية التعريب بخصوص المصطلحات والأسماء عامة، وهذه المناقشات الجمّة الصادرة عن مؤتمرات التعريب ومجامع اللغة العربية وقراراتها أثناء النظر في المصطلحات الدالة على مذاهب أدبية أو فنية حديثة أو أسماء صناعية أو طبية. أردنا طرح القضية في ساحة النقد متناولين زمرة من المصطلحات المعربة، ومحاولين الوقوف على مدى جدوى التعريب، تعريب الكلمات كما فعل العرب وفعلت الشعوب الأوروبية في أخذها الكلمات ذات الأصول اليونانية. فطرحنا السؤال المشروع ما واقع مسألة التعريب في النقد السيميائي؟ وما نصيب المصطلح النقدي الحداثي من هذا الإجراء؟ ونحن على يقين تام بأن استخدام العربية لغة علم لا يتعارض مع إتقان الباحث والمدرس والناقد لغة أجنبية، تكون نافذة له على معطيات العلم الحديث إلى جانب ما يترجم منها إلى العربية.
في هذا المساق، فإن الجهود التي بذلت ولا زالت تبذل في ساحة النقد المعاصر، أوجدت مجالاً رحباً، فقطع بنا النقاد العرب خطوات مهمة. شرعوا من خلالها في تعريب المصطلح السيميائي والبنيوي. وفي حالات كثيرة أوجدنا تزاوجاً تاماً بين اقتراض الكلمات في صورتها الأجنبية أو ترجمتها. فتوفر النقد العام على دراسات تشمل كما معتبراً من المصطلحات المعربة.
ويدلنا هذا الكم، على رغبة النقاد العرب المعاصرين في اصطناع المصطلح المعرب أكثر من غيره فيعثر الدارس للنقود العربية المعاصرة على تفوق هؤلاء النقاد الواضح من التعامل وفق الاقتراض أكثر من الاشتقاق مثلاً.
فضمن هذا الموطن، يعثر على مصطلحات لسانية من قبيل، مورفيم Morphéme ومونم Monéme وسانتاقم Syntagme وسيمية Séméme وكلاسيم Classéme وليكسيم Lixéme وفونيم Phonéme وسواها من المصطلحات الرئيسة في الدرس اللسانياتي46.
(/)
وهكذا، بدأ العمل في الحقل النقدي مع التعريب في مجالات اللسانيات، بحيث راعى المختصون في هذا المجال استعمال مصطلحات ودلالات علمية خاصة بهم معربة كانت أم مترجمة، أبرزها المصطلحات التي عنت مع ظهور المعاجم اللسانية الأولى، من مثل معجم جان ديبوا، وكتابات ليفي ستراوس في المجال السردي.
فعربوا الألفاظ الأجنبية بغية إغناء ساحة النقد، مراعين التغيير الشكلي في المصطلحات حتى تصبح موافقة للصيغة العربية ومستساغة، واعتبروا المصطلح المعرب عربياً يخضع لقواعد اللغة، ويجوز فيه النحت والاشتقاق ويستخدم فيه أدوات من مثل البدء والإلحاق على الرغم من البداية المرحلية والخطوات البطيئة.
وفي حالات كثيرة أخرى، تحوّلت عملية تعريب المصطلح إلى تعريب أسماء الأعلام توازياً مع وجودها في القواميس والتأليف الأجنبية الأثيلة، ليتحول الأمر في آخر المطاف مع الاتجاه البنيوي والاتجاه السيميائي فيما بعد.
ففي الغالب ما يعثر الدارس على كلمات من قبيل هيرومنيوطيقا، كلفظ معرب عن المصطلح اللاتيني Heurmeneutikos والمصطلح الغربي Heurmeneutique دلالة على التأويلية تجاه النص المقدس كما هو الحال مع مصطلح (سيميولوجيا) أو (سيميولوجية) حيث يعثر الدارس على مصطلحات معربة كثر بينها: الساميوتيك، ساميوتيكاي، ساميولوجيا، ساميوتيك، سيميوطيقا، سيميوتيقا.
ثم نقلاً عن اللغة الفرنسية والإنجليزية، وتقلباً بين التيارين الأوروبي والانجلوساكسوني وشتان بين الاتجاهين.
وبنفس الآلية صاغوا جذر الكلمة الأصيل كما هو قابع في المعاجم الغربية مثل: (ساما Sema) و(سامايون Semioen). وقريباً من هذا المصطلح، صاغوا مصطلحات من قبيل (سمانتيك) علم الدلالة مقابلاً للفظ الأجنبي الفرنسي Sémantique ومن الجذر Sema.
(/)
وفي مرحلة أخرى، جاء البحث في صياغة مصطلح الشعرية، وفق ألسنة مختلفة وأشكال متباينة، فأوجدوا مصطلحات من قبيل: بواتيك، بوايزي، بوايزس، بوايتيك، بواتيكوس، بوايتيكا، لوايتيكاي، بواتييك، بوايتيكو، دلالة على مصطلح الشعرية pétique وتارة حصل اللبس مع لفظ الشاعرية Poéticité 47.
وهناك صنف آخر من المصطلحات السيميائية الأجنبية التي تجاوزت مرحلة الدّخيل لتندمج معربة في سياق الاستعمال المعرب، إلى درجة أنّه يخيل للقارئ أنّها كلمات ذات أصول عربية، من ذلك مصطلح (الأقونة) ترجمة عن اللفظ الفرنسي Icéne إذا استحسنا صيغة التأنيث بحرف التاء المقابل للحرف الأجنبي (e). وتارة أخرى، من دون تاء (اقون) ترجمة عن اللفظ الأجنبي Icon بغض النظر عن مدلولي المصطلحين.
وقريباً من هذا النسيج اللغوي يعثر على الكلمة (لوغوس) بديلاً عن لفظ خطاب أو نص texte والمصطلح معرب منقول عن اللفظ الأجنبي الأصيل Logos، مثلما هو الحال كذلك، للفظة (شفرة chiffre) و(كود) المقابلة للفظ الأجنبي Code واللفظ المترجم عربياً (سنن) وقانون ونمط 48.
بيد أن مكمن الغرابة يتجلى في كون مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الخمسين عام 1984 اعتمد لفظة (شفرة) معربة لكلمة Cypher 49 واشتقها الفرنسيون من كلمة Lafrancisation لتشكل كلمة Chiffre الدالة على اللغة الرقمية في بادئ الأمر50.
وعليه، يلاحظ أن أغلب الاجتهادات الفردية التي ذهبت إلى اعتبار المصطلح الدخيل صياغة شاذة غير مألوفة تمثلها قلّة من النقاد. أمر جعل هذه الجهود التي بذلت من أجل أن تستعيد العربية مكانتها في أرضها وبين أهلها، تعتورها عقبات، ومن أجل هذا طرح موضوع التعريب، مرة بعد مرة، وشرحت دوافعه ونتائجه ومجالاته ووسائله حيناً بعد حين.
رابعاً: الترجمة
(/)
تحدث القدامى عن الترجمة وما كانوا يقصدون غالباً إلا نوعاً خاصاً منها الترجمة الأديبة أما اليوم فأصبح معنى الكلمة شمولياً بحيث أنّه يمكننا أن نتكلم عن الترجمة العلمية والفنية والتقنية والتجارية والصناعية والصحفية وبالتجاوز عن الإذاعية والسينمائية وحتى عن تلك التي تتم بالآلات الإلكترونية ولا يهمنا في هذا المقام تبيان ما للترجمة من فضل في تأمين الحاجات العلمية والتقنية للعالم بأسره بل يهمنا إقامة الدليل على ما للترجمة من فضل في تنشيط التفاعل بين الآداب العالمية على اختلاف أنواعها.
ثم أن الترجمة عملية معقدة تقع على مفترق طرق علوم متعددة كعلم الألسنية وعلم النفس والمنطق والفلسفة والتربية والحضارات... ولكن لم تحاول أي من هذه العلوم سبر أغوارها وإدراك كنهها فاكتنفها الغموض وكانت من العلوم الغيبية التي تحيطها هالة من السرّية وقد لمس بعض أساتذة الألسنية مثل هذه النظرية وهالهم أمر هذا الشطط فتنبهوا إليه منذرين بالخطر الذي ينجم عن تقبل نظرية الترجمة كفن منوهين بما يجري في عالمنا الحاضر من تقدم في الأبحاث العلمية يؤدي إلى اعتبار الترجمة علماً بأصول يحتاج إلى علوم مساعدة.
ترجع الترجمة كنوع من أنواع النشاط الإنساني إلى أعماق الماضي إلى فجر البشرية ولولا هذا النشاط لتعذر علينا الإطلاع على الثقافات المختلفة كالثقافة الفارسية والثقافة الهندية والثقافة اليونانية.
وقد عرف العرب قديماً أهمية الترجمة فعنوا منذ زمن الأمويين لاسيما في زمن العباسيين بنقل تراث اليونان والفرس والهند ولقد أغدق الخلفاء العباسيون الأموال الضخمة على المترجمين فأذكوا الترجمة والنقل.
(/)
في هذا المساق يقول الدكتور شوقي ضيف ويكفي أن نذكر ما أهداه المتوكل إلى حنين بن إسحاق المتوفى سنة 264، فإنّه أهداه ثلاث دور من دوره وحمل إليها كل ما يحتاج إليه من الأثاث والفرش والآلات والكتب وأنواع الستائر الأنيقة (أقطعة بعض الإقطاعات وجعل له راتباً شهرياً خمسة عشر ألف درهم وكانت هناك جماعة من ذوي اليسار في عهد المأمون عنيت بنقل كثير من الكتب إلى العربية منها بنو موسى بن شاكر وهم محمد والحسين وأحمد حين أغدقوا رواتب شهرية على جماعة من المترجمين بينهم حنين بن إسحاق وجيش بن أخته وثابت بن قرّة ويقال تبلغ في الشهر خمسمائة دينار وتروي كتب التاريخ والتراجم أنّ المنصور والمأمون كانا ينفقان في سبيل نقل الكتب بسخاء حتى أنّهما أعطيا وزن ما يترجم لهما ذهباً.
ويضاف أن الترجمة ضرورة قومية ويمكن أن نؤكد أهميتها بإنشاء اتحاد الكتاب العرب في دمشق. مجلة "الآداب الأجنبية" ـ "جمعية الترجمة" وبإنشاء القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة المعهد العسكري للغات الأجنبية. حيث اعتقد الدكتور أنيس صايغ الذي ساهم في موضوع هذه الاجتماعات إنّ تعطش المواطن العربي إلى الإطلاع على كتابات الأجانب باللغات الأجنبية يزداد بشكل مطرد وسريع مع ازدياد انفتاح المواطن العربي على الحضارات الأخرى. ثم أشار الأستاذ بشر سلامة رئيس تحرير مجلة "الفكر" التونسية وهو من المساهمين أيضاً في الموضوع نفسه وليس أدل على أنّ الترجمة هي ضرورة لكل مجتمع مهما كانت درجة تقدمه من رصد الأمم المتقدمة لاعتمادات ضخمة من شأنها أن تنقل إلى لغاتها كل ما جدّ من جديد عند الغير (حيث إن ثلثي الكتب المطبوعة في ألمانيا الديمقراطية مترجمة)".
(/)
وللترجمة أهميتها أيضاً في المؤتمرات واجتماعات الخبراء والندوات المتخصصة، وقد استقر العرف على اختيار لغات بعينها في كل مؤتمر تكون لغات العمل فيه، ولذا تترجم أعمال المؤتمر إلى كل لغات العمل المعتمدة ولا يمكن أن تتم هذه الترجمة في المؤتمرات واجتماعات الخبراء والندوات إلا إذا كانت المصطلحات في اللغة المترجم منها واللغة المترجم إليها مقننة واضحة الدلالة 51.
فيتضح مما تقدم أن الترجمة ضرورة إنسانية وقومية وأداة هامة لنقل حصيلة العلوم والمعارف والآداب علاوة على أنّها عامل من عوامل النهضة وليس أدلّ على أهمية الترجمة من أنّها أصبحت اليوم في كثير من الدول المتقدمة ـ مهنة يقوم بها مترجمون متخصصون.
وضمن المساق التاريخي كان اللخميون ـ عرب الحيرة ـ هم الصلة بين الفرس وعرب الجزيرة وكل منهم يتقن اللغة الفارسية فقد ورد في تاريخ ابن خلدون: "أن عدي بن زيد كان من تراجمة أبرويز وأن أباه زيداً كان شاعراً خطيباً وقارئاً كتاب العرب والفرس". كما كان الغسانيون عرب الشام على اتصال بالثقافة اليونانية والمدنية الرومانية وكانوا هم الصلة بين اليونان والعرب وقد ترجموا كثيراً من الكتب اليونانية.
فمكّن الإسلام العرب من فتح فارس ومستعمرات الرّوم إلى أن تسربت مدنية هاتين الأمّتين إلى المسلمين من خلال أنواع الاتصال المختلفة أهمّها حركة الترجمة.
وبدأت الترجمة في العصر الأمّوي فكان أول من اشتغل بنقل العلوم إلى اللغة العربية هو خالد بن يزيد الأموي المتوفى سنة 80 هـ (حفيد معاوية الأكبر ويسمونه حكيم آل مروان).
(/)
ثم نشطت حركة الترجمة في العصر العباسي حيث روى كتاب الفهرست لابن النديم أسماء النقلة من اللسان الفارسي إلى اللسان العربي ذكر منهم عبد الله ابن المقفع وآل نوبخت وموسى ويوسف ابني خالد وأبا الحسن علي بن زياد التصميمي والحسن بن سهل والبلاذري وجبلة بن سالم وإسحاق بن سالم وإسحاق بن زيد ومحمد بن الجهم البرمكي وهشام بن القاسم بن عيسى الكردي وزاوية بن شاهويه الأصفهاني ومحمد ابن بهراهم بن مطيار الأصفهاني وبهرام بن مردان شاه وعمر بن الفرخان.
ثم أن الترجمة كلمة عربية أصيلة نقلاً عن لسان العرب أن الترجمان والتّرجمان المفسر للسان وفي حديث هرقل قال لترجمانه التّرجمان بالضم والفتح هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى أخرى والجمع التراجم.
وجاء أيضاً في لسان العرب 52 للسان وقد رجمه وعنه والفعل يدل على أصالة التاء والترجمان ابن هريم بن أبي طخمة وجاء في الصحاح في اللغة والعلوم يقال قد ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر.
معاني الترجمة في الاصطلاح:
اتفق المنظرون والكتاب المترجمون على أنّ الترجمة هي النقل من لغة إلى أخرى وللترجمة بهذا المعنى معنيان: الترجمة كنتيجة لعملية محددة، الترجمة باعتبارها العملية بالذات واستناداً لهذا نعرف الترجمة عملية تحويل إنتاج كلامي في إحدى اللغات إلى إنتاج كلامي في لغة أخرى مع المحافظة على الجانب المضمون الثابت أي على معنى. وهي "نقل اللفظ الأعجمي بمعناه إلى ما يقابله في اللغة العربية Thermométre مقياس الحرارة 53.
نظريات الترجمة:
النظرية العامة للترجمة:
(/)
تمثل النظرية العامة للترجمة في الحقيقة نظريتين مختلفتين تتميزان عن بعضهما بعضاً من حيث المهام والموضوع وطريقة البحث يمكن أن تسمى النظرية الأولى حسب طريقتها بالنظرية الاستنباطية العامة للترجمة والثانية النظرية الاستقرائية العامة للترجمة وحينئذ يمكن أن تتحقق النظرية الاستقرائية كنظرية معيارية والنظرية الاستنباطية كنظرية موضوعية.
النظرية الخاصة للترجمة:
إن القضايا التي تتناولها النظرية الخاصة للترجمة هي قضايا النظرية الاستقرائية العامة للترجمة في استخدامها القائم على الاتصال الثقافي للغة.
النظرية الاختصاصية للترجمة:
إن القضايا التي تتناولها هي تعليل المقاييس المتنوعة لمماثلة الترجمة والوصف المعياري الأساليب اللغة الوظيفة والدلالية المختلفة.
النظرية الترجمة الآلية:
تتخلص مشكلاتها في وضع نظرية لغوية شاملة وبناء نموذج لغوي متكامل وإنّ المحاولات ماضية في هذا المجال بغية التوصل إلى تحقيق الترجمة الآلية بشكل كامل.
أنواع الترجمة:
1 ـ الترجمة التحريرية:
أ) ـ ترجمة النصوص الصحفية الإعلامية والوثائقية.
ب) ـ ترجمة المؤلفات الاجتماعية والسياسية والأدبية والاجتماعية وكلمات الخطباء.
ج) ـ ترجمة المؤلفات الفنية.
د) ـ الترجمة (الفورية): هي التنفيذ الآلي لعمليات استيعاب النّص الأصلي سمعياً.
2 ـ الترجمة الشفوية: أو الترجمة الشفوية للنص الشفوي تستخدم في هذا النوع كلتا اللغتين بشكل شفوي.
يوجد في نطاق هذا النوع نوعان من الترجمة المتتابعة والإلتزامية.
3 ـ الترجمة الشفوية التحريرية: الترجمة الشفوي للنص التحريري.
4 ـ الترجمة التحريرية (الشفوي): الترجمة التحريرية للنص الشفوي.
ترشدنا الترجمة التطبيقية إلى الطرائق التالية لنقل المفردات غير المطابقة.
أ) ـ التعبير بالرموز الصوتية.
ب) ـ المحاكاة اللغوية.
ج) ـ الترجمة الوصفية (الإيضاحية).
د) ـ الترجمة التقريبية.
هـ ) ـ الترجمة التحويلية.
وحدة الترجمة:
(/)
وحدة الترجمة هي الوحدة في نّص الأصل التي يمكن أن نجد لها مكافئات في نص الترجمة ويمكن أن تكون وحدة الترجمة وحدة من أي مستوى لغوي.
أ. الترجمة على مستوى الفونمات (الغرافيا):
يعرف بعض اللغويين الفونيم بأنّه أصغر وحدة صوتية عن طريقها يمكن التفريق بين المعاني والفونيم نوعان قطعي segmental وفوقطعي suprasegmental
ب. الترجمة على مستوى المورفيمات:
يكون المورفيم وحدة للترجمة في بعض الحالات أي أن كلّ مورفيم في كلمة الأصل يعادله مورفيم في لغة الترجمة.
ث. الترجمة على مستوى الكلمات:
كثير ما نستعمل الكلمة أكثر من غيرها كوحدة للترجمة.
ث. الترجمة على مستوى العبارات: هو ترجمة العبارات الاصطلاحية الخاصة أو العبارات الثابتة:
اشتغل Tocatch fire
عرض أول First might
ج. الترجمة على مستوى النص:
ومن شروط الترجمة:
1). البيان: يستطيع المترجم صاحب البيان أن يحلّل النّص الأصلي وأن يصوغه من جديد في لغة الترجمة مع المحافظة على المعنى ومراعاة تحويلات الترجمة من تبادل واستبدال وإضافة وحذف.
2). معرفة اللغتين: المنقول منها والمنقول إليها.
حيث أشار بعضهم إلى أنه ليس للترجمة قيمتها حقاً إلاّ إذا كانت صورة صحيحة للأصل. أي يجب عليه أن يكون مطلعاً على علم الأصوات اللغوية وعلم الصرف وعلم متن اللغة وعلم البلاغة.
3). معرفة الموضوع المنقول: إنّ المترجم الماهر هو الذي يملك من المعرفة اللغوية ومن معرفة الموضوع المنقول ما يهوّن عليه أمر النقل بيان واضح وأمين.
4). ثقافة عامّة: قال سقراط ليست أثينا ولا اليونان وطني إنّما وطني هو العالم.
طرائق الترجمة:
1). الترجمة الحرفية: إنّ المترجم الماهر هو ذلك الذي لا يضحي بتراكيب الكلام أو بلاغة اللغة أو بوضوح المعنى لو اضطر إلى الترجمة ترجمة حرفية.
(/)
2). الترجمة الحدة: إذا كانت مقبولة أثناء ترجمة المؤلفات الأدبية الفنية فإنّها مرفوضة تماماً أثناء ترجمة النصوص الرسمية والفضائية والدبلوماسية.
3). الترجمة المعنوية: لا ينقل البناء اللغوي للأصل أو نسبية اللغوي أو شكله أنّه لا ينقل إلاَّ معنى للنّص الأصل عامة.
4). الترجمة المماثلة: إيجاد مضمون الأصل وشكله من جديد.
وإن شئنا التأصيل لمجال الترجمة في العصر الحديث سواء مع المصطلح أم النصوص باللغة العربية، فإنّ أول منظمة عالمية تقرر استخدام اللغة العربية، هي منظمة العمل الدولية ووفق الترجمة الشفوية منذ عام 1966. ومع منظمة الأغذية والزراعة عام 1987 في ترجمة وثائق المنظمة. وأصبحت العربية لغة رسمية ولغة عمل، ودخلت منظمة الأمّم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بين سنتي ـ 1969 ـ 1970 ـ 54.
البعد النظري للمصطلح المترجم (سيميائياً):
مما سبق، ومن خلال هذه التحقيبات التاريخية والآراء المختلفة يمكننا الوقوف على شأن المصطلح السيميائي بوجه خاص؛ نستقرئ واقعه مع الترجمة ثم مع التعريب، فنلفيه مصطلحاً يتجه إلى التوالد وفق مراحل متوالجة ومع ذلك نجد أن محظوظية هذا المصطلح التطور إذا ما قورن بحظه في معاجم غربية وكتابات نقدية مثيلة.
وإذا كان المعجم اللسانياتي "شأنه شأن المعاجم القطاعية الأخرى، موزع بين معجم داخلي، أي المعجم الأحادي اللغة، ومعجم خارجي، أي معجم متعدد اللغة... فإنّ واقع المصطلح المترجم يظل متقلباً، و"الثروة المفرداتية الخارجية تأتي وتنمو عن طريقة الترجمة والتعريب بمعناه الواقع، إذاً المعجم اللساني العربي في طريق التكوين، وهو يغرف من هذين الموردين" 55.
(/)
وما يقال عن المصطلح اللسانياتي يقال عن المصطلح السيميائي، فمصطلحات الدرس السيميائي تختلف عن عمل نقدي إلى آخر ومن نّص إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، وكذلك المقولات والأصناف والترجمات الواردة فيها. فمن أطرف القضايا التي عثرنا عليها وسوف نروج في رحابها ـ في الباب الثاني ـ قضية ترجمة المصطلحات الأجنبية لدى النقاد العرب الذين سعوا إلى جعل الجيل الجديد من القراء يستوعبون مفردات عربية تتعامل مع المستجدات في النقد الغربي، بالنظر لخفته ورشاقته رواجاً وشيوعه لدى نقادنا سواء تأثر بالاتجاه الأوروبي أم الاتجاه الانجلوساكسوني.
في هذا المساق، وفي المجال السردي باختلاف النقاد في صياغة مصطلح من مثل سيميائية وبنيوية، فأوجدوا مصطلحات من قبيل سيمياء وعلم الأعراض، والإعراضية وعلم العلامات والعلامية، ونفس الحال مع مصطلح البنيوية ترجمة للفظ Structuralisme 54 ـ فصاغوا مصطلحات من قبيل: بنيانية، بنوية، بنيوية (بالضم) وبالكسر تارة أخرى، فحدثت فوضى في الترجمة والتأليف، وما زاد الأمر خللاً واضطراباً عوامل أبرزها 57:
1 ـ اختلاف الأوروبيين أنفسهم بشأن المصطلح الواحد.
2 ـ الاشتراك اللفظي المنقول عنها واختلاف المترجمين عن اللغات المختلفة 58.
3ـ الاشتراك اللفظي في اللغة العربية دلالة المصطلح الواحد على عدّة أشياء.
وتتوازى مع هذا العرف الاصطلاحي، ترجمة أخرى لمصلح الشعرية Piétique بمصطلحات متعددة من قبيل: الإنشائية والهيكلية هذا الأخير الذي راج فترة ما في بعض أقطار المغرب العربي للتعبير عما أصبح يعرف في شيوع مطرد البنيوية، فاتخذ العرب هذا المصطلح مطية لعرض محاضراتهم على منابر المؤتمرات والدورات العالمية في أصقاع البلدان العربية.
(/)
يبد أن الذي حدا بالبعض إلى ترجمة مصطلح Poétique في اعتقاد الباحث عبد السلام المسدي هو الافتراق في أصل دلالة الألفاظ بين اللغة العربية واللغات الأخرى، فصياغة الكلام على نمط من التركيب له قوانينه الطارئة في كل لسان بشري من وزن وقافية وإيقاع 59.
ونفس الحكم ينطبق على مصطلحات أخرى انتقيناها في هذا البحث، في المجال السردي، بحيث أمكننا في هذا النطاق إعطاء بعض الأمثلة الدالة على ذلك لإبرازما يميز هذه المصطلحات عن بعضها بعضاً، فنجد العديد من المصطلحات من مثل خطاب المقابلة للفظ Discours والنص Texte والصيغة Mode والسرد والحكي، Narration/Cite ثم السردية والحكائية Narrativité والراوي Narrateur وسواها من المصطلحات السردية المتداولة في كل النظريات والدراسات.
وهي مصطلحات تختلف اختلافاً بيناً، حيث يصل الأمر بين مستعمليها إلى حدّ التضارب والتقارب، وهي جميعاً متعددة المعاني. وقد تعدّى أمر ترجمة هذه المصطلحات إلى ترجمة السوابق واللواحق، فأشار النقاد إلى مصطلحات من قبيل: النحولوجيا ترجمة للفظ Gramotologie والسردولوجيا Naratolgie
وهناك ترجمات كثيرة للسوابق واللواحق الملتصقة بالمصطلحات أي Les Prefixes et suffixes فقال بعضهم بالسوابق والذيول وآخر التتويج والتذييل وآخر الصدر واللواحق ثم الزيادات والأحشاء ثم البدء والإلحاق ثم الصدر والكاسعة، فاللاصق القبلي واللاصق البعدي. وازداد اللبس في مثل هذه المصطلحات الحاوية على السوابق واللواحق من مثل:
(/)
Gramotologie, Commucicnation، Métalinguistique أو Métalolanguage وسواها من المصطلحات المبيئة في التربة الغربية فمصطلح (التبليغ) Communication في تمثلات النقاد المعاصرين، مسألة عالجها رومان جاكبسون R.Jakobson ضمن تحديد وظائف اللغة، ولفظ اصطنع بصياغات مختلفة أبرزها، التواصل 60 والتخاطب 61 والإبلاغ وسواها من الصياغات. ونفس الحال بالنسبة لجميع المصطلحات المنتهية باللاحقة tion وما شابهها.
ويمكن قول الشيء نفسه على مصطلحات سيميائية أخرى تدخل في المجال اللسانياتي وتقترب من مجال البحث السيميائي ونعني بذلك كلمات من قبيل Monéme, Phonéme, Lexéme, Séme, Syntagne, Morphémé, التي قوبلت في الأعمال المنقودة بأشكال متعددة ووفق آلية الترجمة، فترجمة كلمة Séme بألفاظ مثل معنى ونواة دلالية، ووحدة لغوية، وسيمية، وترجمت كلمة Phonéme بالصوغ والصرفية ووحدة صوتية، وحروف المباني والصوتة ووحدة صوتية وسواها من الأشكال والصور المختلفة.
أمّا بخصوص المصطلحات التي تحوي اللاحقة Topie أو Topos في اللغة اللاتينية ونخص بالذكر لفظتي: Isotopie وِAllotopie المركبة، وهما مفهومان استعارهما قريماس من الحقول العلمية، فصاغ الأول بصور أهمها: القطب الدلالي والتناظر وصاغ الثاني بالتباين، والتضاد، وهكذا...
(/)
قصارى القول، أن مثل هذه المصطلحات التي لقيت رواجاً في الفكر الغربي كثيرة ودروبها متعددة ومتشعبة. ذلك إنّ الناقد العربي أصبح اليوم يزج بالمصطلحات زجاً من دون توضيح وتأويل، سواء أكان على دراية باللغة الأمّ التي أنجبت المصطلح 65. أم كان مرغوماً عن طريق الاضطرار للاشتغال بمصطلح دون آخر والولوج من بوابة التأويل وليس من بوابة التفسير فيخرج إلينا وهو يحمل تأويلات وقراءات معينة وليس مصطلحات، ولا يضير مثل هذا الكلام مجهودات بعض النقاد الحداثيين الذين خصّوا المصطلح بكتابات أوسع من مثل: أحمد مطلوب وعبد السلام المسدي، وسواهما من الباحثين المعاصرين، لأننا على يقين تام من أن ظاهرة المصطلح طارئة تفنى وتموت. ولا تفنى ظاهرة الكشف والإبداع لدى نقادنا المعاصرين.
خامساً: المجاز
لقد سبقت الإشارة في تقدمة هذا الفصل إلى مفهوم المجاز كوسيلة أساسية يستعين بها اللغويون بغية إثراء نفسها بنفسها بحيث هذه المصطلحات تنحرف عن مدلولاتها الأساسية لتستوعب دلالات جديدة لا تربطها بالدلالات الأصلية سوى وشائج المناسبة والمشابهة وإن شئنا التوافق والتطابق. ومن الناحية اللغوية يكاد يتفق العلماء بشأن المجاز ويمكن تحديد هذا المفهوم في كون الحقيقة هي استعمال الكلام فيما وضع له والمجاز عكسها، بمعنى استعمال الكلام في غير موضعه.
والمصطلح في نظر اللغويين مأخوذ من الفعل (جاز يجوز) وهو تحديد ارتضاه ابن فارس 63. أمّا المصطلح في نظر البلاغيين هو استعمال اللفظ أو التركيب في غير المعنى الذي وضعته له العرب لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادتي المعنى الأصلي، وإن شئنا إسناد الشيء إلى ما ليس من حقه أن يستند إليه.
(/)
وهكذا فإنّ كلمة مجاز، في ظل المفهوم اللغوي معناها مقابل للحقيقة، ودليل ذلك ما ورد في قول الجاحظ في كتابه ـ الحيوان ـ "هذا أكله مختلف وهذا أكله مجاز" 64 وإلى جنس هذا التحديد اقترنت مصطلحات أخرى بالكلمة فقالت العرب بأنّ المجاز طرائق القول ومآخذه منها: التمثيل والإظهار والتعريض والإيضاح والكناية والإيضاح 65. وذكر أن هذه الظاهرة في اللغة العربية تنشأ تدريجياً وبشكل طبيعي، فتسبق عملية الدراسة والبحث، مع العلم أنّ الكلمات هي أصغر وحدات الكلام، وليست أشياء غامضة خفية تغلفها الأسرار والألغاز، وإنّما هي إحداث لها بعديها الزماني والمكاني، أي لها معانٍ ترمز إليها.
ولذلك فالمصطلحيون يولدون المصطلحات هكذا، حتى تكون مسميات أو رموزاً لأي أشياء أخرى غير الذي أطلقت عليه، ولكنها حددت لمسميات مخصوصة، ثم تكتسب معان إضافية أخرى من خلال الاستعمال. وهم يعتقدون أنّ اللغة كلما تطورت أصبحت من المباح استعمال كلمات جديدة للأشياء مجازية، لها معظم الأغراض والدلالات المستحدثة والاصطلاح سيد الموقف وأنّه أثرى شرط في تقدير مسائل اللغة. وانطلاقاً من هذا القول الذي انتهينا إليه بشأن اللغة لا يمكننا إلا أن نخطئ هؤلاء المصطلحين إذا استعملوا الكلمات القديمة في أثواب جديدة، لأنّهم هم سادة لغتهم.
(/)
في هذا المساق، فقد شهد المصطلح السيميائي كنموذج من المصطلحات الأخرى النقدية منها واللغوية ضروباً من المصطلحات المجازية فقد تكون قليلة في النصوص والكتابات النقدية أم كثيرة. ونخص بالذكر هنا مصطلحات مثل: الهيكلية كمصطلح بديل عن البنيوية لدى عبد السلام المسدي، ذلك أنّ الهيكلية مشتقة من (الهيكل) قد يكون عظمي أو سواه. ونفس الحال بالنسبة لبعض المصطلحات المجازية مثل: التأليف وأصول التأليف، وعلم النظم والعروض كبدائل لمصطلح شعرية Poétique. لأنّ التأليف سمته الأولى والأخيرة الكتابة وذاك هو المدلول الأصلي كبقية المدلولات للنظم، ومدلول كلمة العروض الأول الوزن والقافية والروي وسواها من الرموز اللغوية.
وتزداد صور المصطلح المجازي تداخلاً واضطراباً وتعقيداً، حين نستحضر مصطلحات من قبيل القطب الدلالي تعبيراً عن التشاكل أو المعجمية، ذلك أن القطب سمته البروز والنتوء، كما أنّ لفظ واسع المفهوم أعمّ وأشمل منه فيغدو علماً قائماً بذاته في المصطلحية.
إلى جانب ذلك، يمكن للدارس أن يتصفح كتابات بعض النقاد المفرطين في تناول المصطلح السيميائي مجازاً 66، فأشاروا إلى الوتد الأندلسي والسلم الصوتي والماء الشعري والتقويضية والمفتاح السردي، وغدت هذه المصطلحات موظفة توظيفاً مكرراً في كتاباتهم. بديلة عن مصطلحات هي على التوالي: الجملة الملفوظة (الوحدة الكلامية)، التفاوت اللغوي، العناصر الأدبية الجمالية، والتفكيكية، ثم حل العقدة في النص القصصي. بيد أن مدلولات الكلمات في أثوابها المجازية لا تعكس واقع المصطلح السيميائي البتة.
(/)
وحصل مثل هذا التداخل والصوغ نفسه مع كلمات أخرى مثل "الانزياح" فغدا لدى بعض النقاد باسم (الفارق) والانحراف والبعد والبعيد ثم الفجوة، والكلمات في أصولها اللغوية مختلفة لأنّ الفارق بون والانحراف زيغ والبعد جفاء والبعيد ناء والفجوة شرخ ويبقى مصطلح الانزياح ـ ربما أقرب إلى العدول وسواه من المصطلحات الأخرى. وتبقى المصطلحات المقترحة مجازياً مقبولة.
وهكذا تتكاثر المصطلحات السيميائية وفق آلية المجاز لينسحب الأمر في الأخير على بعض الملفوظات الألسنية من قبيل وحدة نظمية Graphéme ومفرد Lexéme وركن Syntagme وسواها من المصطلحات.
سادساً: الإحياء:
تعدّ وسيلة الإحياء من الوسائل اللغوية الحديثة التي طالما انتهجها اللغويون والنقاد في استراتيجية توليد المصطلحات اللغوية ومحاولة استيعاب ذلك الكم الهائل من المصطلحات الأجنبية الوافدة إلى ساحة النقد العربي المعاصر.
وقد حرصت ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي حرصاً جماً على هذه الوسيلة. من خلال تشديدها على "استقراء وإحياء التراث العربي وخاصة ما استعمل منه من مصطلحات علمية عربية صالحة للاستعمال الحديث وما ورد فيه من ألفاظ معربة" 67.
وقد خص الباحث عبد السلام المسدي، هذا الإجراء ببعض التحديد الاصطلاحي معتقداً بأنّ الإحياء "ابتعاث اللفظ القديم ومحاكاة معناه العلمي الموروث بمعنى علمي حديث يضاهيه 68. وهو أسلوب جعل أصحابه على استقراء المصطلحات اللغوية العربية الحديثة يحوي نسبياً كل المصطلحات العامة والخاصة التي لم يسبق استعمالها من قبل في العربية، والمصطلحات التي استعملت استعمالاً حديثاً للتعبير عن مفهوم لغوي حديث.
(/)
وميزة هذا الاستقراء الرامي إلى استخراج المصطلحات من النصوص التي تحويها لم يلق ترحاباً لدى أبرز النقاد العرب المعاصرين واللغويين ونخص بالذكر الفاسي الفهري حيث تحدث عن التوليد داعياً اللغويين وأهل الاختصاص إلى "الابتعاد عن استعمال المصطلح المتوفر القديم في مقابل المصطلح الداخل، لأنّ توظيف المصطلح القديم لنقل مفاهيم جديدة من شأنه أن يفسد علينا تمثل المفاهيم الواردة والمفاهيم المحلية على حد سواء، ولا يمكن إعادة تعريف المصطلح القديم وتخصيصه إذا كان موظفاً..." 69. وهو بذلك أراد الجزم بأنّ مثل هذا التوالد ربح على مستوى اللفظ لكنه قد يؤدي إلى لفظ غير مستقيم أو غير مرغوب فيه.
من هنا استحسنت عصبة من النقاد هذه الطريقة في توليد المصطلحات واعترضت عصبة أخرى، فعنّ لنا استحسان الباحث عبد المالك مرتاض هذه الظاهرة حين أوجد الكثير من المصطلحات الإحيائية المستقر أنّ من الموروث القديم مثل (أدبية الشعر والماء الشعري، وحين قرن مصطلح خطاب Discours بالنّص Texte وقرن هذا الأخير بدلالة النسيج وأضفى في الحديث عن النسج والديباجة مقابلاً للفظ Texture فضلاً على كلمات أخرى من قبيل: الحروف الذولقة مقابلاً للفظ Alrvéolaires.
وفي هذا القبيل من الكلمات بحث النقاد في الموروث القديم وفي نصوصه فأبدوا مصطلحات إحيائية لكلمة بنيوية وسيميائية، فاوجدوا في الأولى بنوية، وبناوية وفي موضع آخر السمة والوسم (الكي) والسيم والسيماء في نفس المصادر الأثيلة. وهي مصطلحات أحياها النقاد المغاربة وسواهم في أثواب جديدة ومستحدثة. مثلما أحيوا مصطلح العدول كمصطلح مقابل للانزياح L`écart. والحال نفسه حدث لدى نقاد آخرين حينما عدّو التشاكل L`isotopie مشاكلة (من البلاغة العربية) والتباين Allotopie تضاداً، والجناس، Alliteration70 مجانسة استهلاكية وروي الصدارة 71 والنهج نفسه نحاه الباحث التونسي: عبد السلام المسدي 72.
(/)
وتبعاً لما ذكرنا، فإنّنا لا نجازف إن اعتبرنا الإحياء محاولة مستحسنة وإجراءً طرائقياً فعّالاً ولو قليلاً مساهماً في وضع المصطلح اللغوي والسيميائي المخصص الذي نريده مصطلحاً يعوض النقص في مجال المصطلحية مثله مثل الطرائق الأخرى ـ وإن كان قليل الاستعمال.
خلاصة وآفاق:
تساءلت وأنا أهمُّ بالكتابة في موضوع طرائقية المصطح ووضعه وحال المجهودات العامة والفردية، عما إذا كنت سآتي بجديد في أمر عاج في لجّاته الباحثون واللغويون والمجمعيون، وكان مدار حوارات ومناقشات العديد من المجامع والهيئات والمؤتمرات. فقلت إنّ المجهودات حول المصطلح وطرائقية صوغه مسألة على كثرة ما كتب فيها وقيل بشأنها، مازالت مجالاً بكراً في أكثر البلدان العربية، ومشكلة قائمة لم تجد لها حلاً وهي في جميع الحالات قضية من قضايانا الثقافية والقومية تستحق أن نولّيها المزيد من العناية والاهتمام. وعليه حاولنا تقديم هذه النتائج والخلاصات والاقتراحات آملين أن تكون مسلمات تتسق مع طبيعة الأمور لتخدم اللغة العربية لغة العرب أجمعين.
ففي هذا الصدد، رأينا كيف أنّ المجهودات بخصوص المصطلحات اللغوية المعاصرة بدأت بداية متواضعة، وكيف بدأت تتخذ دلالات اصطلاحية مع المعاصرين، حيث تكوّن عندهم عدد من المصطلحات التي تتفق إلى حدّ بعيد مما هو لدى اللغويين في مصر وسورية والعراق وهيئات أخرى. ثم كيف توازنت هذه المجهودات في جامعات المشرق العربي ومغربه عدّة اتجاهات ومدارس وهيئات ومنظمات تختص جميعاً في البحث اللغوي الحديث إلى جانب استمرار النحو التعليمي بمصطلحاته.
(/)
بالتفصيل رأينا، كيف أنّ الجهود بذلت ولازالت مستمرة في كل قطر عربي، والرواد المخلصون مازالوا يواصلون مبادراتهم وسعيهم تجاه تكوين قاعدة أساسية للمصطلح. فثمة خطوات مهمة قطعتها بعض الأقطار العربية التي شرعت بتعريب التعليم العلمي في جامعاتها وينطوي ذلك على الاهتمام بالمصطلح والترجمة وهي بلدان مثل: الجزائر والمغرب والعراق وليبيا والسودان ومصر.
فعلى الصعيد القومي العربي أنجزت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووضعت خططاً للتعريب وأخرى للترجمة، وأنشأ مكتب تنسيق التعريب في الرباط، وأنشأت معاجم ومجلات فضلاً على المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق إلى جانب القرارات المنشورة في جامعة الدول العربية وبعض المؤتمرات الوزارية.
وذكرنا في المبحث الأول كيف أنّ البداية مع علم المصطلح بدأت حسنة وسليمة في مصر، وكيف أنشأ المجمعان العربيان اللغويان في دمشق وفي القاهرة، وهما اللذان عُنيا بالمصطلحات العلمية الحديثة وفتحا المجال رحباً رحيباً أمام المؤسسات والهيئات الأخرى ناهيك عن المجهودات الفردية في تكوين المصطلح.
فعرّب مجمع دمشق مجال الطب والجيش، كما أنّ مجمع القاهرة عنى بإنجاز عدّة معاجم وعلى الدرب نفسه سار مجمع عمان وبغداد (العراق) فيما بعد.
(/)
وقد عرفنا كيف أنّ المصطلحات تتغير بتغيير العلوم الحديثة، فتختلف باختلافها وباختلاف الثقافات. وكان من الطبيعي أن اتجهت مجهودات العلماء واللغويين إلى مواكبة ما تتطلبه تلك النهضة العلمية من المصطلحات الجديدة. ثم تناولنا ولو بالإشارة، لأنّ مجال بحثنا خصيب وحديث، إلى أبرز المنجزات والمؤلفات في مصر، والتي عني فيها أصحابها بالعلوم التطبيقية ووضع مصطلحاتها بحيث درسوها في مدارسهم العليا بلغتهم العربية أول الأمر، ثم بلغات أخرى أجنبية. وكان مثل هذا الأمر طبيعياً، لأن هدفهم كان مواكبة تلك النهضة العلمية من المصطلحات الجديدة، وقد شهدت لهم مؤلفاتهم الكثيرة على الجهد.
وتناولنا في موضوع آخر من المبحث الأول، عينات من المعاجم العلمية عرضاً وضمن مساق محدد وبحسب التسلسل الزمني، آخذين معيار الوصف بعين الاعتبار وكان المبدأ الأول مع جميع المجاميع وهو عرض الجهود اللغوية في المصطلح العلمي، الحديث ضمن موضوعة لغوية بعيدة عن الأهواء والتسرع في إصدار الأحكام لأنّ المجال مجال عرض لا نقد.
وحريّ بنا أن نذكر أنّ غايتنا من وراء تقديم المجهودات سواء أكانت فردية أم جماعية هو إغناء البحث والوقوف على خلفيات التأليف المعجمي المصطلحي فنتمنى أن تتحقق هذه الغاية ويتحقق معها ما يأتي:
* أولاً: رفع سمة القصور والعجز عن اللغة العربية، وهي مقولة دعاة التعريب الذين يحركهم الوهن والهزيمة والانبهار بما لدى غيرنا من مصطلحات غربية جديدة وزعمهم بأنّه ليس ثمة مصطلحات عربية علمية كافية تفي بالغرض.
* ثانياً: عقد مقارنة بين المجهودات السابقة في مجال المصطلح، والمجهودات المعاصرة، وتوكيد مقولة أن حركة وضع المصطلحات العلمية في البلاد العربية تجمدت في فترة ما منذ عصور الانحطاط وعادت إلى النشاط من جديد، طالما أنّ لغتنا القومية غنية بمفرداتها وبتوالدها الخلاق ونمائها المستمر، واستمرار أجيالها ومثقفيها جيل بعد جيل.
(/)
* ثالثاً: إثبات مقولة أنّ المصطلح اللغوي لا يمكن أن يؤخذ برؤية فردية أو قطرية أو فئوية. فالمجامع والمنظمات والمكاتب المجمعة هي الوحيدة التي يرجع إليها القرار الفيصل في مواجهة المشكلة ووفق أسس مهمة.
* رابعاً: لا مندوحة من الرجوع إلى التراث والأصل والإفادة من جهود النحاة واللغويين وفي إطار المناهج الحديثة، مثل هذا ما يوفر قائماً مشتركاً لجميع المجامع والهيئات حول المصطلح. وقبل أن نخلص إلى الآفاق، فلا جرم من التذكير هنا بطرائقية وضع المصطلح بشكل عام وهي فيما ذكرنا على النحو الآتي:
* الاشتقاق وهو أسلوب قوامه نزع كلمة من أخرى بشرط التناسب بين معنيي الكلمتين.
* الترجمة: وهي نقل التضامن من صيغه الأعجمية بمعناه إلى ما يقابله في اللغة العربية.
* المجاز: وهو التوسع في المعنى اللغوي لكلمة ما لتحميلها معنى آخر جديداً.
* النحت والتركيب: انتزاع كلمة من كلمتين على أن يكون هناك في اللفظ والمعنى بين المنحوت والمنحوت منه.
* التعريب: والذي عنينا به الاقتراض في اللغة بألفاظ كثيرة، ونقل المصطلحات من إحدى اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية ثم محاولة جعل اللغة العربية لغة إنسانية لغة علم وعمل.
* وأخيراً الإحياء: وهو النبش في الموروث التراثي البلاغي منه والقرآني والحديث ثم صوغ المصطلحات مثلية لما هو موجود فيها.
(/)
هكذا، ولما أنهينا مجال البحث في هذه المسألة، اعتقدنا كامل الاعتقاد من أن جميع الجهود التي بذلت من أجل أن تستعيد العربية مكانتها في أرضها، فإنّ العقبات لم تذلل جميعها، أمر دفعنا إلى حصر جملة من الاقتراحات تتوازى مع جميع الطرائق أسميناها آفاق وهي في مواقعها نتائج موجهة ذات طابع وصفي ومنهجي من الصعب إجمالها، ونريد هنا أن نقدم منها بعض النماذج فقط توخينا في التحليلات السابقة التي قدمناها أن تتسم بالوضوح والبساطة وفي شكل دعوات يتوق إليها كلّ باحث ويرغب إجلاءها في أعماله وهو يتحدث عن إشكاليات المصطلح:
1ـ السعي إلى مواصلة سنة المجامع والهيئات والمنظمات الرامية إلى تكوين مصطلحات وألفاظ تشغل حيزاً كبيراً من لغتنا العربية، ومن نقودنا المعاصرة ولا سيما في ظل تكاثر المصطلحات الأجنبية الموسومة بالرشاقة وغياب المصطلح العربي الواحد الموحد.
2ـ وقد لاحظنا ممَّا سبق أنّ مجال المصطلحية في الأقطار العربية تسللت إليه ومنذ القدم ألفاظ ومصطلحات أجنبية، لا يختلف بشأنها اثنان وهي قد وردت في القرآن الكريم، ووجب العمل على سمة التلاقح والاقتراض بين هذه اللغات المؤثرة واللغة العربية.
3ـ وقد اعترفنا بهذه الجهود التي بذلت ومازالت تبذل في وضع المصطلحات العلمية وتوحيدها، كما نعترف اليوم بأنها جهود غير كافية، وعليه وتداركاً لهذا الخلل في المواكبة والتزامن بين المصطلح الأجنبي ومقابله العربي، ودرءاً لتعدد المقابلات العربية للمصطلح الواحد، علينا تشجيع مكاتب تنسيق التعريب على مستوى القوة، وكل المراكز العلمية.
4ـ وندعو بهذه المناسبة إلى تغيير طرائقية وضع المصطلح وتنسيقه وتوحيده، ورسم استراتيجية جديدة تتماشى وطموحات الأجيال الحالية والقادمة. وذلك عن طريق إنشاء بنوك للمصطلحات العلمية ومراكز أعلام مصطلحية عن طريق الترجمة والتأليف وتوحيد منهجيات وضع المصطلح.
(/)
5ـ العمل على إشاعة المصطلحات المعربة أو المترجمة عن طريق جميع الوسائل الإعلامية المتاحة لما لها من أثر في شيوع المصطلحات العلمية.
6ـ الدعوة إلى الميل للمصطلحات المولدة من الموروث العربي القديم، أليق بالنطق العربي ومخارج الأصوات، وبالأحرى السهولة في النطق والسلاسة في التعبير والاقتصاد في الكلام على الأناقة والاختزال في وضع المصطلح.
7ـ وفي نفس السياق، وتلافياً لهذا الواقع الذي يعيشه المصطلح العربي بدا من الضروري مراجعه جميع المصطلحات الصادرة عن المجامع والهيئات والمنظمات ضمن مؤتمرات خاصة يستدعى إليها كافة النحاة واللغويين وفي مختلف فروع العلم والمعرفة. لأنَّ مثل هذا المسعى يدرء إلى حدّ كبير سمتي الارتجال والاضطراب الحاصلين في وضع المصطلح ويوفر جمود التنسيق.
8ـ ورأينا، من الواجب درأ الاختلاف في صياغة المصطلح سواء أكان لغوياً أم نقدياً، لأنَّ استعمال عدّة ألفاظ عربية متنوعة للتعبير عن لفظ أعجمي واحد، أمر سبب الكثير منه الاضطراب للباحثين.
9ـ وينبغي في هذا المقام، تدريس جميع القرارات والمقترحات الصادرة عن المجامع ومكتب التنسيق ضمن مقاييس تربوية لأنّ مثل هذه المصطلحات صادقت عليها مؤتمرات التعريب على نطاق أوسع. ومن شأن توحيد البرامج في الجامعات أن يوفر أحكام الصلات بين الأقطار والعلماء واللغويين ويختزل الهوة في المصطلح.
10ـ وبناءاً على ما سبق، ينبغي التذكير بأنّ مدلول كلمة (مصطلح) هو محدد في اللغة، ولذا وجب على اللغويين والنقاد أن يكون استعمالهم به محكوماً بقواعد، فيجعلون بذلك الكلمة أو المصطلح ذا مغزى. ولا يترتب عن ذلك اضطراب وخلخلة في المفاهيم لدى القراء.
أمَّا بشأن المقترحات التي رأيناها قمينة بالذكر والتذكير، في مجال طرائقية وضع المصطلح، مثلاً:
(/)
1ـ ألاّ يلهث اللغويون والنقاد وراء الأعمال العشوائية والآنية في وضع المصطلح المعرب، فلا بدّ من وضع خطة ومنهج للتعريب يحتاج إليها القطر العربي الواحد وكافة الأقطار الأخرى.
2ـ العمل على مواصلة ترجمة المصطلح العلمي والثقافي، كإحدى أدوات التعلّم والتعليم والنظر والعمل، لأنّنا نلحظ بأنّ الهوة سحيقة في مجال المصطلح فكيف يكون الحال في مجال العلوم التقنية والطب مثلاً والاستراتيجية التي نراها في هذا المجال، تتوفر على تحقيبات هي كالآتي:
1ـ العمل المرحلي والمنهجية المنوطة والأمر المحدد للتعريب.
2ـ توفير الإعلام.
3ـ فتح مجالات التواصل عن الأقطار العربية.
4ـ توحيد التعليم، مناهجه وبرامجه، في مراحله المختلفة.
5ـ تشجيع مخابر البحث في للسانيات والمعاجميين.
توفير الدعم المادي للأكاديميات الوطنية والإقليمية في الوطن العربي.
أمَّا في مجال الاشتقاق؛ فإنّ الاقتراحات هي كالآتي:
1ـ تشجيع آلية اشتقاق المصطلحات، والتركيز في هذا المجال على الكلمات الشائعة منها على ألسنة الناس، وبشرط أن تكون هذه المصطلحات مستساغة يسهل تداولها، ولم يعرف لها مرادف عربي سابق صالح للاستعمال. لئلا ينعكس هذا على القارئ العربي.
2ـ ومع درس الاشتقاق وجب على واضعي المصطلحات السعي لاشتقاق الكلمات آخذين بعين الاعتبار القواعد التي سار عليها العرب الأقدمون.
(/)
3ـالتركيز على آلية الاشتقاق عند الحاجة العلمية، وليس الحال كما شهدنا في الساحة النقدية السيميائية من تكاثر للمصطلحات وبخصوص المصطلح "المترجم" وجب الالتزام بقواعد الترجمة، وتقديم كل المصطلحات المترجمة إلى الهيئات والمجامع واختيار مختصين بشؤون العربية ينظرون في صلاحيتها ثمَّ تعرض على لجان مختصة للمصادقة عليها. ونرى في ذلك من الضروري الميل إلى المصطلحات القصيرة السهلة الشيوع والتداول على خلاف كلمتين أو أكثر عند وضع كل اصطلاح جديد، ثمَّ التعاون مع الهيئات والمنظمات والبنوك الدولية بخصوص بعض المصطلحات الوافدة من بيئات أعجمية، بغية دراسة مداليلها والوقوف على مضامينها. لئلا يتحول استيرادها إلى التربة العربية إلى شيء لا يجدي.
وبخصوص عينة المصطلح "المنحوت" نرى أنّ اللغة العربية طالما تتوفر على آليات متعددة، تعددت أشكال وصور المصطلح، ومنها النحت. فالنحت في اعتقادنا أليق بلغة العلوم وأحق، لكن تبقى العبرة في الاستخدام وشيوع المصطلح على ألسنة المستخدمين فهما اللذان يحققان له فرص الانتشار، أمَّا بقاؤه حبيس المعاجم، فلن يساهم إلا في تضخم معاجمنا العلمية والحضارية.
***
هوامش الفصل الثاني:
1. إبراهيم مدكور، لغة العلم المعاصر، مجلة مجمع اللغة العربية الأردني، عمان، السنة 10، العدد30ـ 1986، ص 10.
2. السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، المكتبة العصرية، بيروت 1987، ص 346 (ج.الأول).
3. السيوطي، المزهرم. س..ص، 347 ـ 348.
4. الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات. مكتبة لبنان 1978 ص 27
5. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق وضبط عبد السلام هارون، دار الفكر (د.ت)،(ج5)، المادة (نحت).
6. السيوطي، عبد الرحمن جلال الدين، الموجز في علوم اللغة وأنواعها (شرح وتعليق، محمد جاد المولى، بك ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، المكتبة العصرية صيدا، بيروت، 1987، ج1، ص 268
(/)
7. J.hajjar. Traite de traduction, 2e Edition, Dar El machreq, Beyrout 1986, P369. .
8. إبراهيم أنيس، من اللغة ط3، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1966، ص 9.
9. شحادة الخوري، دور المصطلح العلمي في الترجمة والتعريب، مجلة علامات ج29، م7، سبتمبر 1998، ص 188.
10. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، 1984، ص 44، 45.
11. أحمد شامية، خصائص العربية والإعجاز القرآني (في نظرية عبد القاهر الجرجاني اللغوية)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1995، ص 59.
12. فالسوابق في اللغة العربية مثالها حروف (أنيت) التي تدخل على الفعل المضارع، واللواحق هي الضمائر المتصلة اللاحقة للفعل الماضي.
13.السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، دار الفكر، ج1، د ت ص 346.
14. ابن فارس الصاحبي مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، السنة 1977، ص 57.
15. ذلك أن معظم المؤلفات اللغوية العربية قديمة وحديثة تحدثت عن تقسيمات متداخلة للإشتقاق. من بينها الصغير (الصرفي) والكبير (القلب) والأكبر (الإبدال) لدى الجرجاني الشريف مثلاً، أو السيوطي وابن جني حين قالوا بالأكبير "لمزيد من التفصيل في هذه المسألة ينظر. الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات، مكتبة لبنان، بيروت، 1978، ص 28.
أو السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ص 348.
16. عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 424.
17. أمر ينطبق على الأصمعي والأخفش والمبرد وابن دريد وسواهم ينظر: السيوطي، المزهر، ج1، ص 346 ـ 351.
18. السيوطي، المزهر، ج1 ، ص 346 ـ 347.
19. ابن جني، الخصائص، دار الهلال للطباعة والنشر ط2 بيروت ج2 ، ص 133 ـ 134.
20. الكتاب في جملته ثلاث محاضرات كبرى ألقاها الباحث بين سنوات 1908 و. 1909 و. 1907 و. و 1911 و. 1910.
(/)
ولم ينشرها أو يدونها أو يدع إلى ذلك لمزيد من التفصيل ينظر، فردينا رد دي سوسير، دروس في اللسانيات العامة. ترجمة صالح القرمادي وآخرين. الدار العربية للكتاب 1985.
21. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد المعاصر، المجلة العربية للثقافة، العدد 24 مارس 1993، المنظمة العربية للتربية والثقافة، ص 11.
22. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، النموذج الشعرية والسيميائية، ص 36.
23. ينظر، الموقف الأدبي، دمشق، العدد 100، 1979، ص 139، 142.
24. ينظر مثلاً: أحمد مطلوب، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص 39.
25. لمزيد من التفصيل ينظر هذا البحث، الباب الثاني، (الفصل الثاني) مصطلح اقونة،
26. الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، تحقيق المخزومي والسامرائي. بغداد 1986 ج4 ص 68 ص 68.
27. لمزيد من التفصيل ينظر: ابن منظور، لسان العرب، دار بيروت للطباعة والنشر، ج 13، 1964، 1968. المادة نحت.
28. سورة الشعراء، الآية 149.
29. ابن فارس، أبو الحسين أحمد. الصاحبي، ص 461
30. محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 72.
31. والنص الدال على ذلك:
"On appelle mot compose un mot contenant deux, on plus de deux morphemes lexicaux et correspondent a une unite significative, ex. Chou - fleure - malheureux… et y voir. Jeans DUBOIS et les autres, Dictionnaire de linguistipue librairie Larousse, Paris. 1973, P: 108 - 109
32. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية، ص 301
33. ينظر مثلاً: تقرير إحدى اللجان في النحت ضمن، مجلة اللغة العربية بالقاهرة، ج7، السنة 1941 ص 201 ـ 204 . أو ينظر: مجمع اللغة العربية، مجموعة القرارات العلمية، القاهرة 1963، ص 09.
(/)
34. وفي الافتراض يمكن للباحث أن يسلك أحد الطريقين تجاه الكلمات والمصطلحات: إما أن ينقل الكلمات بصورها كما هي من استعمال خاص إلى آخر، وإما أن يترجمها إلى لغته القومية، فتسمى الطريقة الأولى اقتراض الكلمات والثانية الاقتراض بطريق الترجمة "لمزيد من التفصيل ينظر: ستيفن أولمان دور الكلمة في اللغة، ترجمة، محمد بشير محمد ص 159 ـ أو محمود فهمي حجازي، علم اللغة العربية، الكويت، 1973، ص 156.
35. الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، م س ص 46.
46. سورة يوسف، الآية 2.
37. في هذا المجال: أورد من الألفاظ الدخيلة التي لم تكن أصيلة من مثل (تلفاز) إذا أبدلو الفاء فاء، وجعلوا له زنة اسم الآلة (مفعال). على أن أوزان الدخيل تخالف أوزان العربية من مثل (تلفزيون) المركبة في اللفظ الأعجمي والموحدة في اللفظ العربي: لمزيد من التفصيل ينظر مثلا: نشرة المجمع العلمي العراقي، بتاريخ 1987، ص 313 حرف التاء.
وبخصوص التفرقة بين (المعرب) (والدخيل) كمصطلحية أقرب إلى بعضها بعض من حيث الدلالة يمكن الرجوع كذلك إلى القدماء مثل: على عبد الواحد وافي، مطبعة السعادة، مصر 1959، ص 185. لمزيد من الاستفادة ينظر. أبو منصور الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية ولدى المعاصرين، أو ينظر أكصد الزبيدي، فقه اللغة العربية. جامعةالموصل 1987، ص 314.
38. لمزيد التفصيل ينظر: علي أحمد، تاريخ العصر الأموي السياسي والحضاري، طبعة جامعة دمشق، 1994، ص 93-94.
39. ينظر: أكصد الزبيدي، فقه اللغة العربية. م س ص 313
40. حسن عباس، اللغة والنحو بين القديم والحديث، القاهرة، 1966، ص 234
41. مصطفى الشهابي، ملاحظات على وضع المصطلحات العلمية. في مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، م 11، 1945 ، ص 33
(/)
42. على الرغم من أن بعض الباحثين يرون في الاقتراض بأنه مفهوم يشمل التعريب، فعبد الصبور شاهين، يضيف مفهوماً آخر هو الإلصاق ويقصد به أن يضاف إلى أساس الكلمة زائدة في صدرها تسمى Prefexes أو في عجزها تسمى لاحقة Suffixes أو في وسطها وتسمى حشوا Infixes وعليه يعد المفهوم رافداً من روافد التنمية اللغوية في وضع المصطلحات الجديدة، لمزيد من التفصيل ينظر عبد الصبور شاهين، العربية لغة العلوم والتقنية، دار الإصلاح، الدمام، ط1 1983، ص 265.
43. عبد القادر الفاسي الفهري، عربية النحو والمعجم الذهني، مجلة أبحاث لسانية، منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، الرباط، المجلد الأول، ع1 مارس 1996، ص 13.
44.وهكذا، فإنّنا نستحسن مصطلح (الرسم) بديلا للفظ التعريب فالمصطلح نعتقد فيه صورة أيقونة للمدلول الأعجمي من دون تحريف في الحروف الأصلية. أو مصطلح (الاستنساخ المصطلحي) ذلك أن الاستنساخ كلمة قريبة من ذلك اللفظ الصنو (التطابق الكلي).
45. لمزيد من التفصيل ينظر المجامع وقراراتها ومجلاتها خلال هذا البحث:
مصطفى نظيف، نقل العلوم إلى اللغة العربية، مجلة مجمع اللغة العربية القاهرة، م7 ص 252.
أو مجمع اللغة العربية، محاضر الجلسات في الدورة 20، القاهرة، 1978 ، ص 45.
ومن المؤلفات المتخصصة ينظر مثلاً: ممدوح خسارة، التعريب والتنمية اللغوية، مطبوعات دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 1994 أو كتاب. التعريب والمصطلح للأستاذ شحادة الخوري، قسم اللغة العربية، جامعة تشرين اللاذقية، 9 ـ 10 نيسان 1996، ص 13.
46. في هذا المذهب، يمكن مراجعة تعريب السيميائيين التونسيين للمصطلح ينظر مثلاً: فردينارد دي سوسير، دروس في اللسانيات العامة، ص 33 وما بعدها، فضلا عمَّا أنجزه المغاربة من خطة قومية للتعريب والترجمة، وتفعيلهم لجهازين مهمين هما مكتب تنسيق التعريب بالرباط والمركز العربي للتعريب كما أسلفنا الذكر في هذا البحث.
(/)
47. ينظر مثلاً: عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، أنموذج الشعرية والسيميائية. ص 34 ـ 37.
48. من ذلك مثلاً: القول بلفظ (كود) عند سعيد علوش، ينظر كتابه، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، منشورات المكتبة الجامعية، الدار البيضاء، 1984، ص 110.
49. مجلة، مجمع اللغة العربية الأردني، عمان، س، 9 ع29 حزيران 1985، ص 169.
50. Le petit larousse: (Larousse) illustrè 1984, librairie larousse, Paris, 1980, P198.
لقد تعمدنا الاختزال والاختصار في نمذجة بعض المصطلحات وفق آلية التعريب في النقد المعاصر والآليات الأخرى، تلافيا للتكرار لأنَّ معظم المصطلحات السيميائية موضوع بحثنا خلال الفصل الثاني من هذا البحث.
51. محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، ص 192.
52. حيث حدّد ابن منظور الترجمان المفسر للسان، والترجمان بالضم والفتح هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى أخرى، والجمع والتّراجم والتاء والنون زائدتان.
ينظر: ابن منظور، لسان العرب، المادة، (ترجم) م.12. ص 66.
53. ينظر وثيقة. التعريب والمصطلح، دراسة أعدت بمناسبة انعقاد "التعاون العربي في مجال المصطلحات علماً وتطبيقاً" في تونس من 7 ـ 10/ 07/ 1986، ص 174.
54. ينظر: المصدر السابق، ص 193 ـ 194.
55. عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 393.
56. ومعلوم أن البنيوية هي المصطلح الشائع المقابل للمصطلح الأخير Structuralisme لفظ، دال على المنهج المعروف في تاريخ النقد الأدبي، وهي نسبة غير قياسية إلى كلمة بنية التي صاغها النقاد على عدة صور اصطلاحية أبرزها. الهيكلية المنهج الهيكلاني، المذهب البيني، البناوية. البنيوانية) وسواها من المصطلحات التي ذكرنا).
57. محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث ط3، القاهرة 1964، ص 417 وما بعدها.
58. علي القاسمي، مقدمة في علم المصطلح، بغداد، 1985، ص 82 ـ 84.
(/)
59. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص 36 ـ 37.
60. ينظر مثلاً: ميشال زكريا، الألسنية (علم اللغة الحديث)، قراءات تمهيدية، ط2، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، بيوت 1985، ص 282 أو عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية ص 422. أو سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، ص132.
61. عبد الرحمن صالح، مجلة اللسانيات، مجلد 1، ج1، 1971، ص 32
62.عبد السلام المسدي، الأسلوب، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، ط3، (دت)، ص143.
63. ابن فارس، الصاحبي. تحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى الحلبي 1977، ص 322، 333.
64. الجاحظ، (عثمان بن بحر)، الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، مكتبة الحلبي، ط1، ج5، ص 10.
65. حنفي محمد شرف، إعجاز القرآن البياني، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، 1970، ص 19،
66. ينظر مثلاً: عبد الملك مرتاض، ألف ليلة وليلة، تحليل سيميائي تفكيكي لحكاية حمال بغداد، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر. د ت ص 96 ـ 97.
67. يوسف وغليسي، إشكاليات المنهج والمصطلح في تجربة عبد الملك مرتاض النقدية، بحث مقدم لنيل درجة الماجستير، جامعة قسنطينة 1995، 1996 (مخطوط)، ص 296 وقد طبع الكتاب عام 2002.
68. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص 44.
69. عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 406.
70. Jean DUBOIS et autres, Dictionnaire de linguestique. P20.
71. وهبة مجدي وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط2، 1984، ص 335.
72. عبد السلام المسدّي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، 1984، ص 246.
،،،
الفصل الثالث
المصطلح النقدي/ الواقع والتحقيب
1.تقدمة
(/)
دأب الباحثون على اعتبار المصطلح أو الاصطلاح بأنّه العرف الخاص الذي يعنى اتفاق طائفة خاصة على وضع شيء وتداوله في أبيات الكتابة. وهو مسألة أولتها العرب عناية كبيرة واهتمت بوضع المصطلحات والمناسبة بين مداليلها اللغوية ومداليلها الاصطلاحية منذ القدم. ذلك، لما للمصطلح من تأثيرات على الجوانب الفكرية العامة سواء في مجالات الأدب أم النقد أم الثقافة. انطلاقاً من أنّ المصطلح في أدبيات جلّ النقاد والباحثين هو "صورة مكثفة للعلاقة العضوية القائمة بين العقل واللغة ويتصل بالظواهر المعرفية والمصطلحات في كل علم من العلوم هي بمثابة النواة المركزية التي يمتدّ بها مجال الإشعاع المعرفي ويترسخ بها الاستقطاب الفكري" 1.
كما لا يخفى على أحد، أنّ المصطلح يساهم بحدّ وفير في ربط الحضارات، والأمّم بعضها ببعض كما ساهم الأسلاف القدماء بمصطلحاتهم في استيعاب العلوم والفنون، كما حدث في صدر الإسلام وفي نهاية القرن الثالث الهجري حيث استفادت اللغة العربية بالكثير من الألفاظ والمعاني الجديدة واختلط عندئذ العرب بغيرهم من الأمّم المتحضرة ممَّا رقى العقل العربي وأدخل على الحياة العربية كثيراً من المستحدثات واتسعت دائرة الثقافة العربية من الثقافات الأجنبية ككل 2.
وحدث اليوم، مع تأثير النظريات اللسانياتية الحديثة في النقد العربي، أن أصبح المصطلح يأخذ حيزاً بليغ المرتبة لدى الدارسين، لما له من أهمية في عملية الإيصال والتبليغ. أمر جعل النقاد يأخذون بحظ وفير من هذه المصطلحات الوافدة من الغرب، إلى درجة أن أصبح لكلّ ناقد منهم رصيده اللغوي الذي يمكنه من الكتابة والتأليف والنقد وبحسب الأغراض، فاختلفت مصطلحاتهم من شكل إلى آخر، وانقسموا إلى فرق متباينة تعضد كل منها رأياً أو مدرسة.
(/)
من ههنا، استهدى بوسائل في صياغة المصطلح النقدي والألسني بوجه خاص، أهّمها: الوضع والقياس والاشتقاق والترجمة والمجاز والتوليد والتعريب3 وتارة بالإحياء، وهي وسائل عرفنا ـ فيما سبق ـ كيف أنّها رفدت علوم اللغة العربية بكثير من المصطلحات الجديدة، ورفدت الحركة النقدية الحديثة في الوطن العربي.
بيدا أنّ هذه الجهود التي غرفت من المصطلحات الأجنبية ادعاءً أو استسهالاً أوجدت إشكالية المصطلح النقدي، إلى درجة أن أصبح الموروث العربي يكاد يخلو من مواضعة عربية خالصة لمصطلحات متفق عليها يقرأها المشارقة والمغاربة على حدّ سواء، ويقرأها الباحثون من مثلي بعيداً عن إغراق النقد العربي في لجة المصطلحات الغربية المتباينة حيناً والمتشاكلة أحياناً أخرى.
أمر جعلنا نخوض في هذه الإشكالية، بعيدين عن اللحاق الكامل بالموقف الغربي، والانتقائية العمياء، ساعين إلى خلق علاقة حميمية وصحيحة بين الحضارات، نحاول جرّاها ـ قدر الإمكان ـ إخراج المصطلح البلاغي من قوقعته ونجعله يتماشى مع النظريات اللسانياتية الحديثة وبالتوفيق، وشئنا الوقوف على صورة المصطلح العربي السيميائي كما تداولته أقلام الباحثين بالمقارنة والوصف والتحليل.
وفي كل ذلك، فإنّ قناعتنا الراسخة أنّ المصطلح العلمي أو سواه من المصطلحات ملك مشاع علينا أن نجعله ينسجم مع خصوصيات اللغة العربية، ونطرح التساؤل كيف نستفيد من المصطلحات التي تدّرسها البنوك العالمية، وابتدعتها المجامع والهيئات، وعاج في رحابها الأفراد من ذوي الاختصاص وجلّ النقاد والباحثين. وحين نذهب هذا المذهب نعني بالمصطلح طرائق صوغه وآليات العمل به والتحكم فيه وفي مستلزماته4.
ولهذا، كانت أولى المنطلقات التي شرعنا فيها، تبيان القواعد العامّة في صياغة المصطلحات العلمية والفنية فيما عرف بعلم المصطلح أو المصطلحية (المصطلحاتية)، ثمَّ البحث في القواعد الأساسية المتحكمة في صياغة المصطلح ضمن اللغة المحدّدة.
(/)
وبناءاً عليه، رمنا استقراء الآليات التي تتوفر في بنية اللغة العربية، والوقوف على مدى قدرتها في توليد الألفاظ وتركيب المصطلحات، مع مقارنتها بالآليات التي تتضمنها اللغات الأخرى، لا سيما تلك التي يأخذ عنها اللسان العربي.
ولما كانت جل المصطلحات العربية المستحدثة تساير الثورة المعرفية العالمية جاء بحثنا جزءاً معالجاً لهذه الإشكالية تجلّى من خلالها كيفية صياغة المصطلح النقدي. مع العلم، أنّ هذه العملية في اللغة العربية لها آليات خاصة وتتبع سبلاً من الصوغ وقوالب من البناء، وهي التي توجهها معايير تتصل بموازين الكلمة وتراكيبها المقطعية وانتظامها الصوتي. لا سيما وقد علمنا أنّ المصطلح في مجال النقد يعتمد النقل والتوليد واستخلاص الاسم من الاسم، عن طريق قالب المصدر الصناعي، ويعتمد كل مراتب التجريد الاصطلاحي، مرّة بالامتثال إلى تتابعا الطبيعي، ومرّة أخرى بالقفز على انتظامها5.
والإشكالية ذاتها، تأتي من حيث الأهمية في الرتبة الثانية بعد إشكالية المنهج في جميع الطروحات النقدية المعاصرة، ولا أدلّ على ذلك، أنّ المسألة قد تجاوزت النظر إلى الإشكاليتين، على اعتبار أنّهما مجرد وسيلتين لغاية نقدية أدبية قصوى، إلى عدّها غاية جوهرية في الخطاب النقدي ذاته6. بيد أنّ إشكالية المصطلح النقدي، عنصر أساسي يدخل في صلب العلم ومنهاجه، والنقد في كلّ هذا أسلوب وحركة.
(/)
من هذا المنطلق، ولما كانت جهود النقاد إزاء المصطلح مختلفة، فمنهم من بالغ في التسمك بمعطيات التراث العربي اللغوي، وتشدّد إزاء المعرّب والدخيل، ومنهم من تساهل في ذلك تساهلاً مخلاً، في غياب منهجية دقيقة لاختيار المصطلح، وجاءت أعمالهم على غير نسق واحد موحد، طرحنا إشكالية المصطلح النقدي، وطرحنا معها جملة من الأسئلة، هل ثمَّة خطة واضحة لوضع المصطلح النقدي؟. وهل ثمَّة مؤسسة أو جهاز مكلف بتتبع المصطلحات المستحدثة في النقد العربي المعاصر؟ وهل عمل النقاد على وضع مقابلات عربية كافية لمصطلحات نقدية أجنبية؟ في وقت محدّد في المشرق والمغرب العربيين؟ ولماذا جاءت المقابلات متفاوتة في قربها وفي بعدها عن زمن شيوع المصطلح الأجنبي؟ ومن يتولى وضع المصطلح النقدي..؟ وهل نحن ـ معشر العرب ـ متخلفين زمنياً في وضع المقابل العربي قبل أنّ تتداوله ألسنة الناس؟ وليس بمقدورنا أنّ نضيف سؤالاً آخر، من هم النقاد العرب المعاصرون الذين ابتدعوا مصطلحات ومقابلات عربية سواء أحسنوا اختيارها أم لا؟.
ولّما كانت الظروف المرحلية التي تجتازها اللغة العربية ـ في كثير من الأحيان ـ أقرب إلى الإفادة عن طريق اللغات ذات الصدارة في المجالات العلمية والفكرية المتميزة، وجدتنا نروم البحث في المصطلح اللسانياتي باعتباره نموذجاً من نماذج إشكاليات المصطلح.
ولأنّ، "المعجم اللسانياتي" شأنه شأن المعاجم القطاعية الأخرى، موزع بين معجم داخلي أي المعجم الأحادي للغة، ومعجم خارجي أي معجم متعدد اللغة".7
(/)
وقد اقتضى منّا الأمر الوقوف على هذه الثروة المفرداتية في النقد العربي المعاصر التي مصدرها اللسانيات الحديثة. والتي تمت في النقد عن طريق الترجمة والتعريب بمعنيهما الواسعين. ثمَّ إنّ المعجم اللسانياتي العربي في النقد هو في طريق التكوين وهو يغرف من الدرس اللسانياتي الحديث المتشعب، أي من التيارين الانجلو ساكسوني لدى بعض النقاد والتيار الأوروبي لدى بعضهم الآخر.
وبغية تقديم تبرير كاف لمعالجتها للمصطلح اللسانياتي، يذكر أن هذا الصنف من المصطلحات أصبح يشكل خطراً جليلاً في المعارف الإنسانية جمعاء، ومن نفول القول لدى ذوي العلم والرجحان أن يتحدث المرء اليوم عن مكانة المصطلح اللسانياتي، وشأنه في النقد العربي المعاصر، فلو فعل ذلك لكان شأنه شأن من يتحدث عن أزمة النقد العربي المعاصر، وإشكالياته ككلّ.
مبرر آخر، جعلنا نخوض هذه الإشكالية، هو إيماننا الراسخ بأنّ علم الألسنية (اللسانيات) علم يتخذ من اللغة موضوعاً له، وأنّ جلّ الخائضين في هذا المجال يجمعون على أنّ المصطلحات الألسنية "تشكل عبئاً كبيراً على الدارس الأكاديمي المتبدئ والمتقدم"8، ولا أدل على ذلك، هذا الحشد الهائل من المصطلحات البدائل لمصطلح الألسني الواحد الذي تشهده الساحة النقدية العربية. إضافة إلى ذلك، محاولة الوقوف على مواطن التأزم والاضطراب الحاصلين في المصطلح اللسانياتي، وما ترتب عن ذلك من غموض وتجريد في مصطلحات النقد العربي المعاصر.
(/)
ويمكننا في هذا الفصل، توضيح كيف أنّ المفاهيم والمصطلحات الموظفة في الخطاب العربي الحديث والمعاصر، مستقاه كلها إمّا من الماضي العربي أو من الحاضر الأوروبي، بحيث تدل الكثير من هذه المصطلحات على واقع، إما الواقع العربي أو الواقع الأوروبي. فأمكننا طرح السؤال حول ما إذا كان واقع المصطلح العربي الحديث والمعاصر، بحقيقته يعبر بالفعل عن عقم الفكر العربي المعاصر وتهافت خطابات نقاده على مصطلحات عدة لمصطلح واحد؟ أم أن الفكر العربي موسوم بالغزارة وتكاثر المصطلحات إلى حدّ التشاكل والاختلاف.
ولذا، فالمهمة الأولى والأساسية الجديرة بالطرح، هل حقق النقاد العرب الاستقلال الذاتي في المصطلح النقدي. وهل تحرر الناقد العربي من سلطة المصطلح السلفي؟ وتخلص من آليات التفكير التقليدية كما هو سائد لدى النقاد الأجانب؟
فبالنظر للتحقيبات التي شهدها المصطلح بشكل عام، أمكننا تناول المصطلح السيميائي راغبين الوقوف على أغلب الدراسات النقدية انطلاقاً من نهاية الثمانينات إلى يومنا هذا، وهي التي حققت قفزة نوعية، بعد ظهور المحاولات السيميائية الأولى في المغرب والجزائر وتونس وبعض البلدان العربية الأخرى مثل: مصر وسوريا والعراق. وأقل حجماً بلدان الخليج العربي. وكلها بلدان سعت إلى إحداث قطيعة جذرية مع الممارسات النقدية التقليدية وإعطاء الأولوية في التعامل مع النّصوص للتفكير العلمي"9.
وقد صاحب هذه النقلة النوعية خطاب علمي جديد، مبني أساساً على مصطلحات سيميائية ترتكز على مرجعيات علمية محدّدة، لا يمكن للباحث الاشتغال عليها بقطع النظر عن المعرفة المسبقة لحقولها الأصلية.
(/)
في ضوء ذلك، أيقنا بأنّه ليس بالأمر السهل تناول المصطلح السيميائي في النقد العربي المعاصر، لأنّ هذا المصطلح، في غالبيته لا يزال وفي شكل تام، يكافح الانتزاع والاعتراف به وبحداثته المميزة، وهو في كفاحه هذا، يتطور بشكل مستمر، عبر المحاولات المتواصلة التي يبذلها النقاد العرب والتجارب المتلاحقة التي يمر بها هذا المصطلح، من دون أنّ تكتمّل صورته في الواقع ومن دون أن يتخذ، بشكل نهائي استقلالية أو سمات ذاتية يقف عندها ويمتاز بها. وهو بسبب امتداده في ساحة النقد العربي، وغزارة اجتهادات النقاد فيه، أشبه ما يكون حالياً ببحر تضطرب فيه الرؤية ومن ثمَّ يصعب الغوص فيه ودراسته دراسة وافية، واستخراج ملامحه وخصائصه المميزّة.
في ضوء ما سبق، فإنّ المتتبع للدرس السيميائي المعاصر، يلفي ذلك التباين حول وضع علم المصطلح (المصطلحية) بين النقاد في الغرب والنقاد العرب، فيلاحظ إجماعاً في البحوث السيميائية العربية حولها ويلاحظ أنّ وضع هذا العلم لم يرقَ إلى النموذج الدقيق والمضبوط ممَّا يولّد هوة سحيقة بين الباحثين في صوغ المصطلحات والإجماع حولها.
وإذا كان المصطلح السيميائي حديث الميلاد، قد شغل بوضعه نقاداً نابهين غيارى، منذ عشرين سنة أو يزيد، وشغلت بدراسته وتوحيده، معاجم وجمعيات جهوية وقطرية، فهو اليوم بحاجة إلى المزيد من الجهد المنظم لتدارك، الخلخلة والاضطراب فيه، ومتابعة المستحدثات بخصوصيته، مع العناية بتعميم المصطلحات الموحدّة في حقله، والحث على استخدامها وذاك ما ابتغيناه سبيلاً في هذا الفصل.
2ـ1. المصطلح اللسانياتي:
(/)
لقد بذل العرب جهداً كبيراً في وضع المصطلح بعد أن اتسعت العلوم، وتنوعت الفنون وتقدمت الحياة، وأول المصطلحات العربية ما جاء في القرآن الكريم وكان لكثير منها معنى لغوي فنقلت من معناها الأول إلى المعنى الجديد، كما كانت الحقيقة الشرعية من أسباب نحو اللغة وفتح باب تطور الدلالة وانتقال الألفاظ من معنى إلى آخر يقتضيه الشرع، وتتطلبه الحياة، الجديدة وكان المتكلمون أول من اهتم بالمصطلحات10.
فقد تحدث أبو عثمان الجاحظ عن التحوّل الطارئ في المجال المصطلحي بظهور الإسلام 11 وتحدث العلماء الآخرون عن المصطلح البلاغي في دور نشأته وتطوره وفي مجالات البلاغة، فضلاً عن أنّ المتتبعين للمصطلح من القدماء كان لزاماً عليهم في معظم المناسبات الاتصال لمعظم كتب التراث العربي، لأنّ كثيراً من الطوائف والفرق ساهمت في رفد البلاغة وماله علاقة بالبيان. فيذكر على سبيل التدليل، ما ورد لدى الخليل ابن أحمد الفراهيدي ـ (175هـ)، من مصطلحات لها علاقة بالدرس البلاغي، وما شاع لدى البلاغيين المتأخرين من ألوان في علم المعاني، أو فيما تناوله سبيويه ت (180هـ) من المصطلحات في الباب الذي ذكر فيها أنّ الفعل يستعمل في اللفظ لا في المعنى، أو فما أورده الفراء من مصطلحات بلاغية كثيرة.
بيد أنّ حركة وضع المصطلحات والألفاظ اتسعت باتساع الحياة وما حدث من تطور نظري، "فقد نجح السلف في ذلك واستطاعوا استيعاب العلوم والفنون، ولولا ما أصاب الأمّة العربية من انتكاسات لظل العلماء يرفدون اللغة بكل بديع، وخيمت الغيوم على الوطن العربي قروناً" 12. فحدث أن تبدّدت خلال القرن الماضي هذه الشكوك، وتأسست المجامع العلمية واللغوية والهيئات ومكاتب التنسيق، وعملت جميعها على رفد اللغة العربية بكثير من المصطلحات الجديدة.
(/)
ومن أولى الثمار التي جناها المفكرون العرب والباحثون والنقاد، هي اطلاعهم على ما في تراثهم، وتراث الأمّم البائدة، من علوم اللغة ومصطلحاتها، فضلاً عن النهل من معين الحركة النقدية الحداثية، في وجهها الغربي، فحدثت في الأخير سمة التوفيقية بين كلّ ما هو تراثي أصيل أثيل، وما هو غربي معصرن، أمر افضى إلى ميلاد إشكاليات المصطلح النقدي.
وحين نتحدث عن هذه الإشكالية، فإنّنا نستند إلى مسلمة تعتبر المصطلح النقدي ومسألة نقله إلى العربية ـ في هذا العصر ـ تشكل عقبة كبرى أمام هذا البحث، إذ هو يمرّ بفترة تأرجح وغموض أدت إلى عملية ترادف وخلط كبيرين بينه والمصطلح اللسانياتي. ثمَّ إنّ اللبس حاصل ومردّه إلى محاكاة النقاد المعاصرين للسانيات الحديثة، في فترة يمكن التأريخ لها منذ أواخر الستينيات، أو بداية السبعينيات في العالم العربي بعامّة مع ظهور المدّ البنيوي. بحيث اقترن المصطلح العربي الأصيل مع بعض المصطلحات اللسانياتية المستحدثة، ممَّا أدى إلى طغيان المصطلحات الأجنبية فيما ينشر أو يترجم.
على أنّا أردنا ـ قدر الإمكان ـ الإجابة عن هذه المسألة المحيرة، التي قد تشكل بحثاً إن لم نقل مجلداً قائماً بذاته، وهو الأمر الذي لم نرم إليه، فاختزلنا الإجابة موجزة في التقدمة، لئلا نمرق عن غاية البحث الأصلية، وهي المصطلح اللسانياتي والسيميائي. لكن، مادمنا لا نعرف الظّروف التي نشأ فيها المصطلح النقدي الحداثي، والأسباب التي دفعت إلى وضعه، ولم نطلع على جلّ الآداب الأجنبية والأعمال النقدية لفهم المصطلح فهماً دقيقاً، اكتفينا بتقديم الإجابات للأسئلة التالية:
ما هي حدود إشكالية المصطلح باعتباره دليلاً لسانياتياً؟ من حيث الأفهوم والأهمية، وما هو موقعها بين التراث والحداثة؟ وما هي المراحل التي مر بها المصطلح اللسانياتي؟ وما هي الأسباب والعلّل التي تقف عوائق في تطوره؟ ثمَّ المقترحات والحلول لهذه المسألة؟
(/)
2ـ2ـ الإشكالية/ الضبط:
غني عن البيان، أنّ المصطلح اللسانياتي يتصدر مركز المسؤولية في التخطيط والتطويع والمواكبة المتعلقة بالإصلاح. لأنّ وضع هذا المصطلح، بدأ يشهد تحولات منذ بداية السبعينيات حين بدأت اللسانيات تلعب دوراً فعالاً، تؤثر وتتأثر من جل الحقول المعرفية، وبعض صنوف العلوم الدقيقة. أمر أدى إلى استحداث مفاهيم جديدة في الثقافة العربية، حيث حدث التراكم المعرفي، واصطحبه في ذلك تراكماً مصطلحياً. سواء في اللغات الأجنبية أم في لغات الشعوب المتأثرة بهذا التحول، ومنها الشعوب العربية، المسايرة للجهود العالمية المبذولة في العلوم اللسانياتية المتشعبة، والراغبة في جعلها فضاءً لتطوير اللغة العربية.
وكان هم، المثقفين العرب في بادئ الأمر جعل اللغة العربية لغة تعبيرية تامة، ومحاولة تنميتها بالشكل الذي يجعلها تواكب الممارسة اليومية، من دون اللجوء إلى اللغات الأمّهات التي أنجبت هذه المصطلحات.
وانطلاقاً من هذا المبدأ، أصبح المصطلح العلمي، لا يستقيم عوده إلاّ بمثل هذه التوأمة بين التأصيل الداعي إلى استقراء التراث الفكري العربي بجميع روافده ومرتكزاته، والتفعيل الإجرائي للخطاب العلمي المنجز في الثقافة العربية المعاصرة، وباستثمار الخبرة اللسانياتية العالمية من جهة أخرى، فحدث أن وفر البحث اللسانياتي الإطار النظري13، وسهل مهمة تكوين رصيد مصطلحي يمكن التعويل عليه في حلّ كثير من المشاكل. ولذلك، فما دام المصطلح ينشأ في وضع اجتماعي، ومستوى حضاري معين، وفي مجال علمي مختلف، فإنّ صورة الاضطراب فيه بدأت في الثقافة العربية المعاصرة، وتعدت المشكلة في هذه المسألة الناحية الفنية لتشمل أبعاداً علمية وفلسفية وحضارية عامة، ترتبط بنشاط البحث والإبداع العلمي الذي ينتج معه مصطلحاته.
(/)
ثمَّ إنّ الظروف المرحلية التي اجتازتها اللغة في بعض الأحيان، جعلت اللغة العربية تقتبس ممَّا يفد عن طريق لغات مثل الإنجليزية والفرنسية ذات الصدارة، بغية الإفادة في المجالات الفكرية والفلسفية والنقدية. وجعل أصحابها بعطاءاتهم النوعية لا يستقلون استقلالاً فكرياُ تاماً داخل حدود اللغة العربية بقواعدها ونحوها. أمر أفضى إلى اضطراب في المصطلح وعطل آليات الإبداع، والمساهمة في إنتاج الخطاب العملية في حقل ما من حقول المعرفة الإنسانية، وهذا التحصيل انعكس لا محالة على الوعي المنهجي في الثقافة العربية المعاصرة وأضعف حمولتها المعرفية في مجال تقاطع وتلاقي الحضارات14.
ولهذه العفوية في التعامل مع المصطلحات الغربية الوافدة، انتقل المصطلح اللسانياتي العربي إلى البيئة العربية عن طريق الترجمة والتعريب في بادئ الأمر، أكثر ممَّا نحا أصحابه إلى التوالد من داخل اللغة العربية الموسومة بنمائها، فغيروا كثيراً من الألفاظ من حيث الكم، ووفروا اصطلاحات كثيرة من مدارس لسانياتية مختلفة.
والملاحظ، في هذه الجهود الفردية سمة العفوية في النقل، أي عدم اقتران الترجمة والتعريب بمبادئ منهاجية دقيقة، واتفاق مسبق، وحركات للأبعاد النظرية لمشكل المصطلح، أو المقاربة بين اللغات بغية التوصل إلى استنتاج رائع يتمثل في تربط وتقارب الأفكار البشرية على المستوى الفكري، أو الأخذ في الحسبان خصوصية كل لغة، فلكل لغة درجة من التعقيد، ولا يمكن بأية حال إجراء مقارنة أو تميز بين لغة متحضرة وأخرى بدائية15.
(/)
ثمَّ إنّ الكلمات والمصطلحات في اللغات، تتطور وتتقدم وتنمو بحسب قدرات وإمكانيات أصحابها عن طريق الخبرة والممارسة، والأكيد أن صوغ المصطلحات والمفاهيم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقوانين تفكير المفكرين والنقاد. والمفردات والمصطلحات واحدة من هذه القوانين، ثمَّ إن ضبطها للمفاهيم لا يكتمل إلاّ بدقة الكلمات في اللغة العربية، واستحداث طرائق وآليات جديدة لصوغها، لأنَّ اللغة العربية تزخر بكثير من الكلمات.
والوجه الآخر الذي أوجد هذه الإشكالية، جراء الترجمة والتعريب للمصطلح، هو أنّ الفكر الإنساني يظل مرتبطاً باللغة، أي أنّ اللغة هي الأداة المثلى لترجمة الأفكار والتعبير عن قدراته العقلية، أمر لم يراعه المترجمون إلى العربية، ولم يأخذوا في الحسبان تبيئة هذه المصطلحات وليدة الترجمة عن اللغة العربية. كما تجمع كثير من النظريات اللسانتية الحدثية، التي لا تفصل وظيفها الرئيسية عن جانبها الاجتماعي لها، أي ليست إلاّ صورة منعكسة للمجتمع الذي يتبناها، ونحن لا نستطيع أن ندرك كنه مجتمع إلا سطحياً أمَّا إذا لم نتخذ لغته سبيلاً لذلك".16
ثمَّ أن المشكل المصطلحي يظل قائماً، ولو جزئياً حين نلمس عند من يقترح هذه المصطلحات تسلّماً ضمنياً بمرحلة الاصطلاح، فلا يثبت أو ينفى أو يجزم بخصوص المصطلح العربي، صحته من عدمها مقابلاً للفظ الأجنبي القار.
(/)
ووفق مقارنة بسيطة بين اللغتين العربية والفرنسية، يذكر أنّ اللغة الفرنسية المتعايشة مع العربية أخذت مسد احتياجات العديد من الفراغات في النقد والأدب. فأفادت إحصائية صادرة عن مجلة (اللسان العربي) أنّ "مجموع الكلمات الفرنسية القادمة إليها من لغات أخرى، شرقية وغربية يصل إلى نسبة 13% تقريباً، وأنّ الكلمات الفرنسية القادمة من اللغة العربية، تقع في المرتبة الخامسة، من بين اللغات التي استعارت منها الفرنسية كلماتها، أي أنّ الكلمات العربية تأتي من حيث عددها في مرتبة قبل الألمانية (المرتبة السادسة)، والإسبانية (المرتبة السابعة) والفارسية (المرتبة الثالثة عشر)، والبرتغالية (المرتبة السادسة عشر)... وغيرها من اللغات الأخرى، وهكذا تبين أنّه
بين 8088 كلمة أجنبية الأصل في الفرنسية، توجد 420 كلمة ذات أصل عربي".17
وهكذا يبدو للعيان، أنّ مشكل المصطلح اللسانياتي وسواه من المصطلحات الأخرى الوافدة إلى اللغة العربية هو مشكل مراس، لأنَّ مهام توليد المصطلحات اللسانياتية ونقلها إلى العربية في أي حقل من الحقول، مرجعها إلى الإحصائيين الذين يمارسون الوضع في حقل التخصص. وبديهي أن يكون علم المصطلح المعالج لوضع المصطلح اللسانياتي علماً مستقلاً. وفرعاً من علوم اللسان.
لأنَّه، وبسبب هذا الرباط الحاصل بين اللسانيات والنقد حصلت الصعوبة في الانتقال بالمصطلحات من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وباستخدام الرصد الداخلي العربي، بناء على مقولات فكرية داخلية، حتّى نستطيع التعبير بألفاظ عربية عمَّا يعبّر بألفاظ أجنبية مبنى ومعنى وما أصعب الإشكالية كما أنّه من الصعب "على أمة لا تضع الأشياء، أن تبدع الأسماء فمن شأن الاسم أن يبرز من رحم اللغة التي أنتجت مسماه، والعرب اليوم مختلفون لا يكادون يسايرون الحضارة المعاصرة إلا محاذاة ومحاكاة ونسخاً وتقليداً والمصطلح اللسانياتي وإشكالياته إلاّ نموذجاً عينياً لذلك.
(/)
2ـ3ـ المصطلح/ التداخل:
إنّ الدراسة اللغوية واللسانية تعاني من تضخمّ وتكاثر المصطلحات الواردة إليها من اتجاهات ومناهل مختلفة، أعاقت ولا زالت تعيق مسيرة النقد المعاصر، ومرجع ذلك إلى سمة التقارض والتداخل الحاصلين في المصطلح اللسانياتي. وهي المسألة التي شكلت تداخلاً بين الموروث القديم والحداثة المعاصرة. وانعكست على البنية المصطلحية للعلوم. فغدت الأعمال النقدية والكتابات بعامةّ مطرزة بمصطلحات ألسنية.
لكن هذه المفاهيم والمصطلحات الوافدة من اللسانيات الحديثة، بدأت تشهد تغيرات تبعاً لتغير المنظومة المصطلحية الوافدة إليها، لأنّ المصطلح عندما يغير انتماءه البنيوي لا يعاد بالقوة بنفس الأفهوم. وهذا ما حصل مع النقد العربي المعاصر، لا سيما حين مرحلة السبعينيات، حيث رصدت هذه الظاهرة مع تشكل المعارف والعلوم في بدايتها، وتداخلت هذه العلوم والأعمال النقدية. كما تداخلت معها المصطلحات وتكاملت وفق رؤية شمولية تجاه الظاهرة المعالجة.
وواقع الأمر، إن مسألة معالجة المصطلح اللسانياتي، تتطلب الرجوع إلى جلّ المراحل التي شهدها هذا المصطلح، مظاهرها، وأسبابها، وذلك بدءاً من التداخل بين الحضارات والعلوم، وانطلاقاً من التراث العربي إلى ما بعد المرحلة اليونانية، ثمَّ مروراً بالنحو المقارن إلى مرحلة اللساينات الحديثة وتأثيرها في النظريات النقدية المعاصرة.
ففي التراث الغربي مثلاً، كانت الدراسات اللغوية لدى الإغريق، تشكل جزءاً من الفلسفة مثل فلسفة أرسطو وأفلاطون، وكانت مجالاً يتحرك فيه المفكرون والعلماء، وفضاءً للعلوم والبلاغة والنقد إلى درجة أن رأوا في فلاسفتهم مثالاً يزرع كل التساؤلات وفي كل ميدان 18.
(/)
وفي هذا المجال، كانت الدراسة اللغوية تخدم غيرها من الدراسات، فحدث هذا مع الطبيعيين والسفسطائيين وسواهم. ثمَّ كانت المصطلحات والمفاهيم حاضرة في كلّ خطاب، وحدث التداخل بين الدراسات اللسانياتية والمنطق والفلسفة والدين، إلى أن غدّت الدراسة الدينية أساس كل دراسة لغوية. ثمَّ جاءت الحدود المنطقية والمفاهيم والمقولات الفلسفية متحكمة في مصطلحات الدرس اللسانياتي.
وفي طور لاحق، شهد المصطلح اللسانياتي منعطفاً ملحوظاً وحاسماً. ولا سيما خلال المرحلة ما بعد اليونانية أي في حدود القرن الثامن عشر، ثمَّ تلا هذا التمظهر، تمظهر آخر للمصطلح اللسانياتي، واكب المرحلة المقارنة للسانيات. حيث شاعت مصطلحات لم تكن متداولة من قبل. ثمَّ حدثت المقارنة بين اللغات، وتداخل المصطلح اللسانياتي مع شتى النظريات في العلوم الأخرى مثل "نظرية داروين في تفسير العناصر الحية" في إطار العلوم الطبيعية.
أمَّا مع مطلع القرن التاسع عشر، ومع بروز كتاب "دروس في الألسنة العامة: لفردينارد دي سوسير، لم تصبح اللسانيات ذلك العلم الذي يأخذ دون أن يعطي، فانتقل صاحب الكتاب بهذا العلم من أطواره التاريخية والمقارنة ليطل على النظريات الحديثة يغذي بها الحقل اللسانياتي، وشهدنا في اللسانيات موارد هامّة للأخذ بالجانب المفاهيمي والمصطلحي، وتكونت علاقة متينة بين العلوم واللسانيات19.
وأمّا التداخل الذي حصل، فهو طغيان المفاهيم اللسانياتية في معظم العلوم الإنسانية، ونشأ عن هذا التأثير والتأثير، تداخلاً بين التيارات الفكرية والعلمية الحديثة.
وإذا كان هذا الضرب من التداخل بين الدراسات اللغوية القديمة اللسانياتية، والعلوم الأخرى انعكس على الحجم المصطلحي وطرائق صوغه وتمظهراته، فإن المصطلح اللسانياتي العربي لم يكن بمنأى عن مثل هذا التداخل نظراً للهوية المشتركة بين المصطلحين الغربي والعربي، ولذلك أمكننا إجمال ما يأتي من ملاحظات:
(/)
1ـ إنّ التداخل بين العلوم الأوروبية القديمة والدرس اللسانياتي الغربي، أفضى إلى تداخل بين التراث والحداثة. وأن اللغة كموضوع للدراسة قد درست من خلالها، وبأدوات مصطلحية ومفاهيمية لم تستنبط من نظامها بالذات.
2ـ إن المصطلح اللسانياتي لم يولد من خصوصيات عربية اثيلة.
3ـ أهمية دور الروافد الأجنبية في تكوين المصطلح اللسانياتي.
4ـ سمة التداخل والتعارض في المصطلح اللسانياتي العربي، وليدة حتمية التداخل بين التراث الغربي، والتراث العربي وتداخل العلوم. وهي نتيجة لها عقبي خصبة.
2ـ4ـ المصطلح/ التحقيب
عند استقراء تاريخ اللساينات العربية، يلاحظ أنّ هذا العلم بمعناه العلمي الدقيق لم يدخل العالم العربي بصفة جدّية إلاّ بعد الأربعينيات، وذلك مع إيفاد عدد من الباحثين المصريين للتكوين في المدارس الأوروبية والأمريكية، فضلاً عن المجهودات التي بذلتها المدرسة الجزائرية والمغربية والتونسية في مجالات اللسانيات الحديثة. وعلى الرغم ممَّا اعتور مجهودات هذه الهيئات والأفراد من نقصان بحكم حداثة العقل وقلة المرجعية وإشكالية الترجمة والتعريب.
لأنَّ حدّ المصطلح المعرّب في اللسانيات بوجه عام، قوبل بتعريفات خضعت لمفاهيم مختلفة أملتها ظروف تلك البلدان، فجاءت المصطلحات منقولة عن اللغة الفرنسية دون مراعاة مفهوم المصطلح ومدلوله، وعدّ بعض الدّارسين التعريب آلية نقل من دون مراعاة خصوصية اللغة العربية، كعنوان للذات العربية 20. ثمَّ إن مكمن الصعوبة ـ في العادة ـ هو في موضوع المصطلح، وليس في التحكم في طرائق وضعه، أو العجز في صياغته، وكذلك في الاعتراف العلمي بالمصطلح، لأنّ أساسيات المصطلح أن يكون واحداً موحداً، ومتفقاً عليه، فهو كاسم العلم لا يجوز للإنسان أن يحمل أكثر من اسم سُميَّ به.
(/)
وقد سلك لفيف من النقاد العرب مسلك الترجمة بجوانبها السلبية والإيجابية وفق وجهات نظر مختلفة، فأغنوا الثقافة العربية وأوجدوا مصطلحات عدّة، لم يستطع القارئ العربي تنقيتها من الشوائب أو فهم مقصديتها. فكان لهذه الترجمة في المصطلح اللسانياتي، مضارها على حساب المعنى وأدى ذلك إلى مراجعة الترجمات فيما بعد، كما لجأ فريق من المترجمين إلى الترجمة بالمعنى 21، مثلما فعل فريق من النقاد المغاربة والتونسيين بصرف النظر عن اللغة المترجم إليها.
من ههنا، يصح القول إنّ مراحل ميلاد المصطلح اللسانياتي العربي تتأسس في عرف الدارسين والباحثين على مراحل ثلاثة (أي ضمن ثلاث حالات):
1- الوضع والتحسس.
2ـ النقل والترجمة.
3ـ الإحياء/ الابتداع.
1ـ الحالة الأولى:
خلال هذه المرحلة، بدأ العرب ينشغلون بالظاهرة اللغوية، متأثرين بالدراسات اللغوية القديمة، التي قامت لها جميع الأجناس، من إغريق وهنود وسواهم، على أساسين هما: الهدف الديني والهدف التعليمي وهي الحالة التي ابتدع فيها اللغويون كثيراً من النظريات، إلى أن توسطت اللسانيات مرحلتها التاريخية والمقارنة، مرحلة مقارنة اللغات واللهجات.
وحين جاءت بداية القرن 19. ظهرت محاولات لدى الغرب أبرزها الكتاب الرئيس في اللسانيات الحديثة لصاحبه فردينار دي سوسير. وهو المؤلف الموسوم: Cours de linguistipue gènèrale الذي ترجمه بعض الباحثين بينهم صالح القرمادي ومحمد الشاوش ومحمد عجينة: باسم دروس في علم الألسنية العام، وهو الكتاب الذي نظر فيه صاحبه إلى اللسانيات الداخلية، فضلاً عن الدراسات التاريخية، فتوسط به الدرس اللسانياتي وأتاح لنفسه البحث عن جملة من الثنائيات أبرزها: الآنية والزمانية Synchronie / diachronie واللغة والكلام Langue / Parole والعلاقات السياقية والعلاقات الجدولية ثمَّ الدال والمدلول Signifiè et signifiant وسواها من المفاهيم التي تدخل في حيز الدراسة البنيوية.
(/)
من ههنا، عدّ كتاب فردنيارد دي سوسير Ferdinarnd de Saussure مساهمة فعّالة في ميدان علم اللغة في القرن العشرين. وجاءت النظريات فيه تنظيراً لمفاهيم ومصطلحات ألسنية عديدة، دخلت إلى اللغة العربية بالترجمة طوراً، وبالتعريب طوراً آخر. وأصبحت تفرض علينا استقراءها وتتبعها في ذا الزمان، إذا تساعد على توحيد المصطلحات اللغوية في اللغة العربية، وتحدد مدى تأثر المصطلح الألسني بما جدّ من مصطلحات في الدرس اللسانياتي الغربي.
وكان لهذا الاكتشاف الجديد، أثره البارز في الدراسات العربية. حيث تأثر الدارسون باستراتيجية الكتاب. فظهر "علم اللغة المقارن"، وظهرت دراسات علي عبد الواحد وافي ضمن مؤلفين هما: علم اللغة العربية، وفقه اللغة 22. ثمَّ ظهرت أعمال أخرى أبدى أصحابها تأثراً بالمنهج والمصطلح اللسانياتيين. أهّمها كتاب "اللغة العربية معناها ومبناها لتمام حسان23. وأبدى الباحث طحان اهتماماً بالغ الأثر باللغة والفكر ضمن مقالات نشر أغلبها في مجلة موقف.
وبدأت بالموازاة مع ذلك، مرحلة أخرى تدعو إلى تعصير النقد الأدبي وفق مناهج وقوانين ومصطلحات ألسنية. والنأي ـ قدر الإمكان ـ عن الأدوات النقدية القديمة في معالجة النّصوص وكان للمصطلح كما كان للمنهج حظاً وفيراً من هذا التأثر.
(/)
ولم يقف استحسان النقاد والدارسين العرب للظاهرة اللسانياتية عند هذه المحولات، بل ازداد الاعتناء بالظاهرة اللغوية، واستيراد النظريات اللسانياتية، عبر طرائق واليات مختلفة، فنقلت مقالات في هذا المجال تأثرا باللسانياتيين الغربيين. أمثال رولان بارط Roland barthes في أبرز كتبه 24S\Z وأورد حسين الواد عرضاً بعنوان "قضية الشكل والمحتوى في القصص"25. أنجز عبد السلام المسدي في تونس كتاباً حول مؤلف مكائيل رفاتير الموسوم 26Essais de stylistipue Structurale ، الذي يعالج مضامين في الأسلوبية البنيوية، وجانباً أكبر من جوانب المصطلح اللسانياتي، فضلاً عن دراسة حمادى صمود الموسومة: معجم مصطلحات النقد الحديث.
وتعددت في تونس مثل هذه العروض من دول أخرى، عرضاً للنظريات الغربية في النقد ذي النزعة اللسانياتية، مثلما فعل: رضا السوسيري في عمله الموسوم. ملامح من النقد العربي الحديث، "ثمَّ رشيد الغزي في منجزه "مسألة القصة من خلال بعض النظريات الحديثة"27، متأثرين بأعمال الشكلانيين الروس وسواهم من البنيويين.
وفي استقراء آخر للمؤلفات والمقالات المستمدة أفكارها ونظرياتها ومصطلحاتها من اللسانيات الحديثة، أبدى الباحث صلاح فضل 28 تأثراً واضحاً بالتيار البنيوي، فخاض في مصطلحات من مثل: البنائية (البنيوية) والبنية، وأدوات تشريح النص القصصي، والسيميولوجية، كما تحسس عبد السلام المسدي الظاهرة الأسلوبية. من خلال مؤلفه: الأسلوبية والأسلوب 29، معالجاً المصطلحين والنظريتين في أوسع تحديد، ومقدماً كشفاً مصطلحياً وثبتاً للألفاظ الأجنبية وأسماء الأعلام في اللسانيات.
(/)
وهكذا، يبدو التركيز في هذه الحالة على بعض المؤلفات التي تناول فيها أصحابها المصطلح عن طريق التحسس وملامسة المسائل اللغوية عن طريق فعل القراءة بما هو نظري تجريدي. ثمَّ إنّ النقاد المعاصرين في هذه المرحلة اكتفوا بالتعريف بمبادئ هذه النظريات بالعرض أحياناً والتفكير أخرى....
2ـ الحالة الثانية: الترجمة.
في هذه الحقبة من تاريخ المصطلح الألسني العربي، عجّت الكتابات النقدية بالنظريات الألسنية الغربية، وتولّدت عنها الكثير من المصطلحات المرقعة، وبدت الهوة سحيقة بين المصطلحات الغربية الأصلية والمصطلحات العربية المترجمة. ثمَّ بدا المصطلح العربي يعيش فوضى التأليف، ومثل هذا مردّه إلى عوامل يمكن إجمالها فيما يأتي:
1ـ اختلاف ثقافات المؤلفين والباحثين.
2ـ اختلاف الأوروبيين أنفسهم في قراءة المصطلحات وبحسب أمزجتهم.
3ـ اختلاف الأوروبيين في نقل الكلمات عن اللفظة الأم.
4ـ الاشتراك اللفظي في اللغة العربية ودلالة المصطلح الواحد على عدّة أشياء.
5ـ طغيان النزعة الذاتية (الجهد الفردي) بعيداً عن الجهود الجماعية.
6ـ اتفاق النقاد المعاصرين على وضع المصطلح. والأخذ بالمصطلحات من كل مشرب من أوروبا ومن روسيا ومن أمريكا. دون مراعاة خصوصية اللغة المنقول عنها. أمر ولد "صعوبة في التحكم في طرائق وضع هذه المصطلحات وسبل صياغتها ثمَّ الاعتراف العلمي بها لأنّها ليست واحدة موحدة متفق عليها"30.
7ـ اختلاف الترجمات في الدلالة على المصطلح الواحد.
8ـ عدم وجود علاقة بين مدلول المصطلح في أصله اللغوي ومدلوله الجديد.
9ـ الاكتفاء أحياناً بوضع مصطلح واحد للدلالة على معاني متعددة.
(/)
وقد شهدت هذه الفترة إطلاعاً وفيراً على الثقافة الغربية من طرف النقاد العرب، رغبة في قراءة التراث العربي، وقراءة المفاهيم الألسنية، وربما كان فعل القراءة هذا عاملاً في سقوط ورقة ترجمة المصطلح من أيدي بعض النقاد، وذلك من خلال عدم التفاهم على صوغ مصطلحات موحدة، وظل الوسيط المتوفر، هو الأساس في كل ترجمة للمصطلح الألسني، رغم اعترافنا بالأثر السلبي لهذا الوسيط فإنّ "لإخواننا المشارقة اليد الطولى في التقدم أكثر من هذا الاستلاب، ومترّجماتهم فيها الرديء وفيها الرفيق الأمين."31
ومن جراء هذا العامل، وعوامل أخرى، تأثر النقد العربي بهذه الإشكالية اللغوية المتمثلة في عدم دقة المصطلحات المستخدمة، وشيوع كلمات كثر بمعان متشظية متعددة، ممَّا حذى ببعض النقاد إلى وضع شروط للترجمة والترجمان هي:
1ـ الإتقان الجيد والعميق للمصطلح المترجم.
2ـ إتقان لغة المترجم وأبعادها.
3ـ التخصص في الحقل العلمي والإطلاع على الدرس اللسانياتي مفاهيمه ونظرياته.
ومن ثمَّة حذى، ببعضهم الآخر الدعوة إلى الترجمة العلمية الأمينة لكل ما هو موجود في هذا العلم، وبعدها يمكن وضع نظرية لسانية عربية، تنبع من الفكر العربي الضاربة جذورها في حركة التاريخ، ثمَّ من الفكر العربي المعاصر الذي هو امتداد لكينونة هذا التاريخ32..
وهناك دعوة مثيلة لهذه الرؤية، يرى أصحابها أنّ الترجمة وسيلة مساعدة على التمكن من إشكاليات المصطلح، لما لها من إسهام في نقل المعارف والعلوم، مع الأخذ في الحسبان اللغة المترجم منها واللغة المترجم إليها لئلا يفسد أمر اللغة المنقول إليها ويجعلها غامضة ممَّا يحول بينها وبين النمو الذاتي 33. ومثل هذا حصل للغة العربية، وجعلنا نستقرئ واقع المصطلح اللسانياتي المترجم.
فمن أولى الترجمات للنصوص الغربية في النقد، ما نقله موريس أبو نصر بعنوان "ألف ليلة وليلة"، ضمن تحليل بنيوي على نمط ما أورده تودوروف.
(/)
T. Todorov في مؤلفه "الناس الحكايات 34 Les hommes rècits .
وضمن هذه الترجمة، كشف الباحث عن مصطلحات عربية مقبلة لأخرى فرنسية، أبرزها: تركيب Syntaxe وتضمين Enchainement ، وبنيوية Steucturalisme، على خلاف ما صاغه صلاح فضل فيما سبق من لفظ (بنائية. وضمن المجلة ذاتها وردت عدّة مصطلحات مترجمة أبرزها: لسان Langue , ولغة Language وكلام Parole، كنماذج عينية في الفكر البنيوي لدى مدرسة جنيف.
أمَّا في المغرب، فكثيراً ما عنيت المدرسة اللسانياتية المغربية بالترجمة عن اللغة الفرنسية، وتبوأت مجلة "الثقافة الجديدة" هذا المقعد 35 فأوردت مصطلحات من قبيل: أدبية Littèrature، وعلم اللغة Linguistique، وفقه اللغة Philologie، وإشارة Signal، على خلاف ما شاع لدى التونسيين من مصطلحات مثل: دليل وعلامة في ترجمة صالح القرمادي لكتاب فرديناردي سوسير.
وهكذا تواترت المحاولات في الترجمة عن مختلف الاتجاهات البنيوية، فترجم بعض النقاد، مقالات للوسيان قولدمان ضمن مؤلفه "الماركسية والعلوم الإنسانية" 36. كما اهتمت مجلة أقلام المغربية بترجمة "نظرية المنهج الشكلي" 37، ونقلت مصطلحات لسانياتية عن الثقافة الفرنسية، من قبيل موضوع
Sujet، ودافع Motif، وتحفيز Motivation، ونسق Procèdè، ونظم Syntaxe، وخطاب Discours، وتنضيدEnfilage، وسواها من المصطلحات المنتمية إلى المدرسة البنيوية.
وفي تونس، يمكن التدليل على بعض الباحثين أمثال حمادى صمود ضمن مجلة "الحوليات" بالإحاطة والشمول لبعض المصطلحات. وهي المفاهيم التي شملت النقد الحديث وتختص بالاتجاهات الألسنية ومتعلقة بالقصة والنسج الحكائي. معتمداً في ذلك على معجم جان ديبوا وآخرين، والموسوم Dictionnaire de linguistique 38، وهو القاموس المنظر للمصطلحات الألسنية والذي يقع في 516 صفحة، حيث عالج فيه صاحبه جلّ المصطلحات والمفاهيم والنظريات والمصادر عن دار لاروس الفرنسية.
(/)
وفي قراءة حمادي صمود، وترجمات غيره من النقاد، فإنّ الدارس لواقع المصطلح في هذه الفترة، يلاحظ أنّ عملية تعريب المصطلح ولدت حساسية للناقد العربي "وسيطر المصطلح النقدي الخاطئ أو فقدان المصطلح المتبلور"
39. كما أن الحال للباحث خلدون الشمعة في محاولاته لبلورة المصطلح النقدي والوقوف على إشكالية بشكل عام 40، بحيث درس في مؤلفه (المنهج والمصطلح) بعض الإشكاليات أهّمها:
1ـ المستوى الاصطلاحي والمستوى اللفظي.
2ـ إشكالية المصطلح النقدي.
ثمَّ حاول الكشف هذا المجال، عن سيطرة المستوى الشعاري على المستوى الاصطلاحي، داعياً إلى التعامل الموضوعي والضبط المنهجي، من دون خلل أو انحراف، مشيراً بالقول أنّ المصطلحات في النقد ليست بالضرورة ذات طبيعة تحكمية جزافية، بل مجرد فرضيات لابدّ أن يكون لها غطاؤها الفعلي من الأرصدة الذهبية 41.
وتأثراً بالتيارات الألسنية الغربية، ترجم الباحث مجموعة من المصطلحات مثل الأسلبة نقلاً عن Stylistique والانتحائية والتزمين والتلفيظ. وخصّص ملاحق خاصة كما فعل حمادى صممود، وعبد السلام المسدي، متأثرين بكتاب ميكائيل ريفاتير Rifatterre. M الموسوم (Essais de stylistique structurale )
هذه عينة من المحاولات التي تمخضت عن بعض القراءات من النقود الألسنية الغربية، وهي مجهودات أقامها أصحابها وفق معيار الترجمة الذي ولّد للنقاد كثيراً من المتاعب، إلى درجة أن أصبح النموذج اللسانياتي في الوطن العربي رهين المصطلح. وأصبحت إشكاليات المصطلح الألسني تنتشر في النقد العربي الحديث فتسمه بالعثار، وتصيب القارئ العربي بالاضطراب.
3ـ الحالة الثالثة: الابتكار والابتداع.
(/)
وهي مرحلة الإحياء والاجتهاد، وإن شئنا مرحلة التنظير لمصطلحية عربية منقولة بجميع الآليات والطرائق. والإحياء أسلوب آخر لصوغ المصطلح الألسني، يعني به ابتعاث اللفظ، ومحاكاة معناه العلمي الموروث بمعنى علمي حديث يضاهيه 42.. ففي هذا المجال، فهم النقاد العرب المعاصرين حدّ الإشكالية، ودعوا إلى فكرة الرجوع إلى التراث والبلاغة العربية، ساعين إلى هضم المصطلح النقدي الألسني في بيئته الغربية ونقله في البيئة العربية، بعيداً عن روح الإلزامية أو التشبث باستيراد الأفكار. فعمدوا إلى القراءة الجذرية في الحداثة الغربية، وإثبات مشروعها، وفهم مصطلحاتها، كما هي ثمَّ محاولة موائمتها بما هو قابع في التراث العربي، لا كما هو رهين فكرة وحضارة غربية.
وهي باختصار، مرحلة توفيقية بين ما هو أصيل أثيل وما هو عصراني في المصطلح الألسني، ركبوا من خلالها التراث فآبوا إلى القرآن والبلاغة والنقد القديم من دون تحرج، محاولين تخصيب النموذج اللغوي العربي، ومراشفته بالمصطلح الألسني الحديث.
ومثل هذه الدعوات، سار في فلكها الباحث السوري مازن الوعر، حين دعا إلى مثل هذا التخصيب قائلاً: "ينبغي علينا نحن العرب أن نتكلم عن هذا العلم (علم اللسانيات) بالعربية وأن نضع له مصطلحات عربية لسانية"43، قاصداً علم اللسانيات بنظرياته بنيوية وتفكيكيته وسيميائيته، وصولاً إلى مسعى التعريب يوماً بعد يوم إلى غاية خلق المصطلح، وابتداعه ثمَّ بناءه.
ثمَّ أضاف الباحث "إذا أردنا أن نعمل في الحقل العربي اللسانياتي الحديث والمعاصر فإنّه لا بدّ لنا من أن نبدأ بنظرية لسانية عربية تتبع من الحاجة اللغوية العربية المعاصرة، التي تواجهها لغتنا العربية، تلك الحاجة المعاصرة التي تختلف عن الحاجة اللغوية القديمة"44.
(/)
من ههنا، يتبين لنا أنّ أكبر صعوبة جابهها النموذج اللسانياتيي في النقد العربي، هي المصطلح، لأنّ غموض المصطلح يؤدي إلى غموض في المنهج. وبالتالي أزمة المصطلح قد تفرز أزمة منهج. ووفق هذه القناعة ترسخ في أذهاننا، بأنّ المصطلحات تنشأ من الاستعمال أي من نصوص المختصين ومن أعمالهم النقدية.
كما يجوز الاعتقاد كذلك، أن الوضعية التي شهدها النقد العربي، تعدّ تحوّلاً ملحوظاً وليس انتقالاً للمفاهيم الألسنية، لأنّ عملية الانتقال في أبجديات الفكر تتطلب شروطاً وعناصر، أهّمها 45:
أولاً: أن انتقال المفاهيم يمر دائماً بمستويات من الفهم والوعي، وهذا ما لم تشهده الساحة النقدية ـ على الأقل ـ في بداية مرحلة تعصير النقد واستيراد المفاهيم والمصطلحات.
ثانياً: أنّ وصف الانتقال يتطلب بدوره مفاهيم، بمعنى أنّه يقحم بالضرورة انتقال الأفهوم في مساقات ثقافية معرفية تخصص الفهم والوعي المذكورين منذ حين. ثمَّ أن المفاهيم لا تنتقل خارج النظريات، سواء ظهرت وحدات مفردة أم بصورة مصطلحات. وهذا ما حدث لدى بعض النقاد العرب المعاصرين، بحيث نقلوا المفاهيم الألسنية من دون الإحاطة والشمول بالنظريات التي احتوتها.
ثالثاً: لا يمكن التحدث عن الانتقال بدون الوعي بالعبارات 46 التي يتمثل فيها فعل الانتقال.
بالنتيجة، يمكن اعتبار عملية انتقال النموذج اللسانياتي المصطلحي، نموذجاً اختيارياً وانتقائياً متسماً بالخلط، أو التعديل، أو التوفيق، أو الاستيعاب المحدود. بحيث تحولت بعض المصطلحات في مجال العلوم الإنسانية ـ في النقد العربي على وجه أخص ـ إلى نماذج مستعارة موسومة بالتحوّل، لأنّ أصحابها لم يأخذوا بعناصر الانتقال المعقولة في ظل غياب الوعي النقدي، أمر جعل بعضهم يسقط في التكرارية والتشويه والتقليد 47 وأما العناصر فهي:
(/)
1ـ عنصر الزمن في أغلب الحالات لم يعقد النقاد توقيتاً لعملية الانتقال سواء بالترجمة أم بطرائق أخرى، لأنّ إعادة توظيف هذه المصطلحات في البيئة العربية تفترض زمن محدّداً (سريع) من زمن الإنتاج إلى زمن التلقي Rèception وعملية فهم المصطلح تكون أيسر وأصوب. على رغم تغيير حمولة المصطلح من بيئته الغربية إلى البيئة العربية (المنقول إليها).
2ـ عنصر الحاجات، في شأن هذا فإنّ عملية الانتقال وجب أن تأخذ في الحسبان الأهداف التي تكيف الانتقال للحاجات.
3ـ خصوصية المرجعيات: من ذلك، أنّ عملية انتقال المصطلحات يجب أن تراعي خصوصية مرجعية الباحث (الباث) وخصوصية المتلقي، ومثال ذلك تحول مفاهيم النظرية البنيوية من داخل الثقافة الفرنسية إلى الثقافة العربية والنقد الأدبي المعاصر.
وإضافة إلى ما سبق من علل في حقيقة المصطلح الألسني وضوابطه، يذكر أنّ الواقع الحاصل للمصطلح الألسني الغربي، متمثل في لغة البحث اللسانياتي العربي وهذه معضلة جوهرية، فكثير من الباحثين العرب في حقول اللسانيات يعمدون عن وعي واختيار إلى الكتابة بلغة أجنبية، وتكاد هذه الظاهرة أن تكون عامّة، سواء من تلكأت خطى بلاده على مدارج التعريب. أم من كان بلده قد تخلص في الازدواج اللسانياتي منذ خلاصة الاستعمار"48 وهذا فريق أول.
والفريق الثاني، متمثل في بعض الباحثين العرب ممَّن كتبوا ويكتبون مواد بحوثهم بلغة عربية تقديراً لها واعتقاداً من أن العربية ليست قاصرة عن النهوض بأعباء علم اللسان، ومثل هذا وذاك، أدّى إلى افتقار في المصطلح الألسني العربي حيناً وعدم توحدّه أحياناً أخرى.
(/)
لكنّ، هذه الأحكام ليست بمبرر كاف لمنطلقنا المبدئي، المسلم به وهو الإقرار بمجهودات بعض الباحثين في مجال التحول المصطلحي. من ذلك بعض المساهمات التي بذلها بعض النقاد واللسانياتين في توليد بعض المصطلحات النقدية، أبرزهم الناقد خلدون الشمعة 49 الذي بذل جهداً كبيراً وكرس جلّ أبحاثه من أجل مصطلحية عربية سليمة.
وقد أفصح الباحث عن استراتيجية جديدة للتقرب من النّص الأدبي، وفق مناظير نقدية حداثية، إلى مدى التقاطع بين المناهج. فتحدث عن مفاهيم مثل: نظرية الشكل، البنيانية (البنيوية) و"التعبيرية" ثمَّ أوضح مفاهيم مثل: الأسلبة والانتحائية والتلفيظ.
بيد أنّ الملاحظ على استراتيجية خلدون الشمعة، هو استعماله الجيد للمصطلح وميله إلى الثقافة الانجلوساكسونية، ترجمة عن اللغة الإنجليزية. من خلال الإحالات على مصادره، فبدا يتوفر على ثقافة إنجليزية أكثر منها فرنسية، فكان هذا سبباً من الأسباب التي جعلته لا يعتمد المصطلحات اللسانياتي النقدية بكثرة"50، من مثل: بويطيقا Poètique والمتلقى Rècepteur .
وتواصل الاهتمام بالمصطلح الألسني والمناهج الغربية في النقد العربي الحديث متسماً بالقلة في الوطن العربي، ودليل ذلك المصطلحات التي شكلت المعاجم اللسانياتية، فالمعاجم الموحدّ لمصطلحات اللسانيات لا يحتوي إلاّ على 3059 مصطلحاً 51. وهو عدد قليل بالنظر إلى قدرة اللسانيات كعلم يستوعب جلّ المصطلحات العلمية وفي شتى الحقول.
(/)
أمَّا من حيث المعاجم اللسانياتية التي يمكن التدليل بها في هذا المجال فيذكر ما أنجزه الباحث محمد رشاد الحمزاوي "المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية والمنشور بتاريخ 1977 ـ 52. والكتاب في حقيقته يعدّ من أبرز المؤلفات اللغوية الألسنية باللغة العربية، حيث وضع من خلاله مصطلحات عديدة أقل ما يقال عنها أنها بدخولها العربية ترجمة أو تعريباً أصبحت تفرض علينا استقراءها ووصفها باعتبار أنّها كلمات مفاتيح تساعدنا على وضع قضية المصطلحات اللغوية، وكشف نوعية المسائل اللغوية الحديثة، كتاب حاكي من خلاله الباحث أهمّ المؤلفات الألسنية واستلهم منها النموذج المصطلح الألسني وأبرزها:
1- F.de Saussure, Cours de linguistique gènèrale.
2- B. Maemberg, les novelles tendances de la linguistique.
3- A. Martinet élèments de linguistique gènèrale.
فضلاً عن بعض المصادر والمراجع باللغة العربية، التي كانت لها الفضل في معالجة قضية المصطلح وأبرزها:
1ـ فلسفة اللغة العربية وتطورها لجبر ضومط.
2ـ مرمرجي الدومنيكي الثنائية والألسنية السامية.
3ـ محمود السعران اللغة والمجتمع.
وتواتراً لذكر المعاجم اللغوية، يمكن الإشارة إلى اسم الباحث خليل إبراهيم حماش في معجمه المصطلحات اللغوية والصوتية إنكليزي عربي 53، والدكتور محمد علي الخولي في "معجم علم اللغة النظري ـ إنكليزي عربي، مع مسرد مصطلحي 54. فضلاً عن معجم مصطلحات علم اللغة الحديث (عربي إنكليزي ـ إنكليزي عربي)55 وما صدر عن مكتب تنسيق التعريب في مشروع معجم علم اللغة (السانيات). أو ما أنجزه الباحث بسام بركة في معجمه الألسني ـ فرنسي ـ عربي، عربي ـ فرنسي، أو الباحث التونسي عبد السلام المسدي، في معجمه قاموس اللسانيات، المنشور في تاريخ 1984. فرنسي ـ عربي، عربي ـ فرنسي 56.
(/)
كما وجب التنويه أيضاً، بمعجم علم الأصوات لصاحبه، محمد علي الخولي المنشور بتاريخ 1980 و 1982، ومعجم المصطلحات اللسانياتية الحديثة، المؤلف من طرف لجنة من الباحثين اللغويين، ومعجم "علوم اللغة"، من إعداد عبد الرسول ثاني. ناهيك عن بعض الكتب النقدية واللغوية التي اعتمد فيها أصحابها على مسارد مصطلحية تارة بالترجمة عن اللغة الإنجليزية، وأخرى في اللغة الفرنسية محدودة مثلما فعل الباحث عبد القادر الفاسي الفهري 57، ومازن الوعر58، ومنذر عياشي59، وسعيد علوش60، وسواهم من الباحثين.
للتلخيص، إن هذه المعاجم الموضوعة، هي من صنع أصحابها بالوضع والترجمة والتعريب، وبالإيحاء تارة. من دون التركيز على الاستعمال الشائع لدى اللسانياتيين أو النقاد العرب. لذلك جاءت مختلفة من باحث إلى آخر، ومن تخصص إلى آخر، في غياب منهجية استقرائية لضبط الحقول المعاجمية والمفاهيم، وحصر ميدان النظريات اللغوية المعنية بالأمر.
لأنها كثيرة ودروبها متشعبة. والمصطلحات فيها متضاربة متباينة ومتطورة المفاهيم. ناهيك على اختلاف الموارد (المصادر) في نقل المصطلحات الألسنية من إنجليزية إلى فرنسية، أمر زاد الإشكالية تعقيداً؛ وكرّس هذا الواقع الذي ظهرت فيها المصطلحات مختلفة في الشكل والمدلول لارتباطها بلغة خاصة، وغياب قاعدة مركزية لها هيئة مصطلحية قادرة توحدّ اللغة وتنمط مصطلحاتها ومفاهيمها متعمقة في معظم الجوانب.
ثمَّ إنّ بواكير هذا العلم أي (السيمياء)، قد بدت إلى الوجود، وقطع خلالها هذا العلم أشواطاً علمية واسعة مخترقاً العديد من العلوم، منذ تصور دي سوسير للسيميائيات، في كتابه (الدروس)، وهو الذي أعاد العلاقات بينه وبين اللسانيات والابستمولوجيا، والفلسفة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع والأكسيوماتيك.
(/)
فحصل، أن انتقلت السيميائيات من تبعيتها للسانيات، إلى قيامها بجمع شمل العلوم والتحكم فيها، وأنتجت أدوات عرفية لمقاربة مختلف الظواهر الثقافية باعتبارها أنساقاً تواصلية ودلالات61. وبرغم ذلك، فإنّه ليس للسيميائيات تاريخاً واحداً، لأنها لم تنشأ مع سوسير أو مع بيرس. بل تعود في بدايتها إلى الفكر اليوناني، مع كل من أرسطو، وأفلاطون، والرواقيين، في شكل أفكار متناثرة تفتقد إلى إطار نظري تتساوق داخله62.
والظاهر أن السيميائيات عدت علماً من بين العلوم، أو هي العلم كلّه في منظور بعض الاتجاهات السيميائية، وفي تصور ف.دي سوسير، أي "نظام جديد للوقائع"، باعتبار أنّ اللسان نسق دلائل معبّرة عن أفكار، شبيه بالكتابة بأبجدية الصم والبكم والطقوس الرمزية، وأشكال آداب السلوك، والعلاقات البحرية63، ممَّا لزم علينا النظر في هذه الأشكال وتصورها في علم واحد موحد يدرس حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، ودراسته في علاقته بالأدب والنقد.
وفي اعتقادنا، أنّ الفكر الأدبي العربي ومنذ مطلع الثمانينات شهد تحولاً كبيراً سواء على مستوى مرجعياته أم طرائق تعامله مع النّص الأدبي، وتوظيفاً لمصطلحات ومفاهيم عديدة وجديدة من حيث بنيتها وتركيبها ودلالاتها. ويبدو مثل هذا التحول على صعيد اللغة النقدية العربية يتأسس إجمالاً على ما تقدم له اللسانيات والسيميائيات.
ومثل هذا السخاء في إنتاج المصطلحات، أوجد مصطلحات غير موحدّة تختلف وتتعارض ببعضها بعض. وهي عرضة للتحول والتغيير. كما أنّ هذا التداخل المصطلحي عند باحث واحد في كتاب أوحد يعطي فكرة عن الفوضى التي تشيع بين الباحثين، سواء فيما تعلق بمصطلحات النقد السردي أم مصطلحات الدرس السيميائي بشكل عام 64.
3ـ1ـ المصطلح السيميائي:
(/)
إنّ المصطلح السيميائي واحد من المصطلحات التي ولجت إلى الدراسات العربية في العصر الحديث نتيجة الاحتكاك بالنقد الأدبي العالمي، والرغبة في تجاوز المفاهيم التقليدية التي سادت النقد القديم إلى مفاهيم حداثية تنفتح على آفاق المعرفة العلمية.
ونتيجة للتفاعل بين اللسانيات والعلوم الإنسانية بشكل عام، كان من نتائج ذلك أن تعدد مناهج النقد الحديث، وتم انتقالها من النموذج السياقي إلى النموذج النصاني، وكان واجب المتلقي في البلاد العربية إدراك أصول هذه المناهج والنظريات الوافدة من الحضارة الغربية، وكشف العلاقة بينها والمفاهيم والمتصورات اللسانياتية التي تمّ إثراءها وتجديد محتوياتها. حتّى تكون هذه المناهج متكاملة واضحة المعالم في تحليل النّص الأدبي، لأنّ العلاقة بين اللسانيات والعلوم الإنسانية بصنفيها علاقة متجذرة بين المنهج والمصطلح لدى المنظرين الأوائل في النقد الجديد.
من هذا المنطلق، جاءت معالجتنا للمصطلح السيميائي مسبوقة بمعالجة للمصطلح اللسانياتي ضمن منظومة المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالعلاقة بين اللسانيات والعلوم الإنسانية لا سيما النقد العربي المعاصر، وهو الوريث الشرعي للنقد العربي بخصوص المصطلحات السيميائية، فجاءت معالجتنا لهذا الجهاز التنظيري المنبثق عن نشاطات معرفية مختلفة، ووسائل منهجية ومصادر متباينة، انجلوساكونية (أمريكية وإنجليزية) وأوروبية. وهي جميعاً ساهمت وتساهم إلى حدّ اليوم في سياق تطور النقد العربي والعلوم الإنسانية في البلاد العربية مشرقها ومغربها.
من ههنا سعينا إلى معالجة الموضوع وفق ما هو مكتوب في البحوث السيميائية العربية الراهنة واقفين على حدّ الإشكالية وطرائق تجاوزها لدى مختلف التيارات السيميائية، ومختلف النقاد العرب، وفق المناظير الآتية:
أ/المصطلح السيماءوي الإشكالية/ الحد.
ب/ الواقع/ الراهن.
ج/حلول وآفاق.
1ـ الإشكالية/ الحد
(/)
لقد شهدت إشكالية السيميائية كعلم توسعاً في كافة الاتجاهات. لأنّ المؤلفات التي بحثت في العلامات وأصنافها، عالجت موضوعات تطبيقية معينة طغت على غيرها الأدبيات، وظهر هذا العلم من خلال عشرات المجلات المتخصصة والكتب، ناهيك عن المؤلفات اللغوية والبلاغية وعلم الجمال والبلاغة التي احتضنت موضوعات متفرقة في علم السيمياء65.
فمن حيث المصدر فإنّ المتتبع لتطور الدرس السيميائي يصل إلى أن منحدراته العلمية ظهرت في بعض جوانبه وبشكل واضح في الدراسات اللسانية وبوجه أخص في كتاب "دروس في اللسانيات العامة" لصاحبه ف.دو سوسير F. de Saussure بحيث تمت الولادة الفعلية للسيميولوجية وبظهور حقيقي وفي شكل العلم الذي نعرفه اليوم. فكتب "أنّه إذا كان بالإمكان تحديد اللغة كنظام من الدلائل يعبر عمّا للإنسان من أفكار"66. يمكن مقارنته بأنظمة أخرى. واقترح عندئذ تسمية هذا العلم sèmiologie أي علم الدلائل.
وهي ولادة سبقت،التنظير الفعلي لهذا العلم على يد عالم المنطق الأمريكي "ش.بيرس 1839 ـ 1914 بصفته السبّاق في المحاولة لتكوين علم مستقل وتكرر المشهد مع ل.هيالمسف S.hjelmslev ضمن مؤلفه مقدمات في نظرية الكلام، ثمَّ أعمال حلقة فينا وكارناب وبحوث الشكلانيين الروس.
وعلى هذا الأساس فإن الوضع المصطلحي الأوروبي التزم فيه الباحثون مصطلحاته سواء في الإنجاز أم التنظير. فاتفقوا على مواضعة المصطلحات السيميائية في "المعجم السيميائي المعقلن لنظرية الكلام للباحثين اج هاشيت 1979، ثمَّ أعيد طبعه في ضوء الملاحقات المقدمة حول المصطلحية المعتمدة في هذا البحث المؤسس للنظرية السيميائية.
(/)
أمَّا وضع المصطلحية السيميائية في العالم العربي، فهو يختلف تماماً عمّا مرّ عليه في أوروبا، ولم يرق بحكم التضارب المرجعي في المصطلحات المستعملة إلى بلورة نموذج مؤسس لخطاب علمي دقيق يضبط مفاهيمه وأدواته الخاصة به سلفاً 76 إلى درجة أن أصبح موضوع تداخل المصطلح اللسانياتي والسيميائي بالنقد موضع أخذ عند كثير من الباحثين. فعرض عدد غير قليل مصطلحات أجنبية للدراسة معبرة عن هوية علوم أخرى، بما يعني "أنّ اللغة كموضوع للدراسة قد درست من خارجها" أي من خارج المحيط الثقافي العربي. ومع ذلك، فالتاريخ لم يسجل ولو لحظة واحدة استقل فيها النقد العربي المعاصر استقلالاً تاماً من الناحية المصطلحية والمفاهيمية رغم تمتعه بهويته الذاتية منذ قرون ووعي المشتغلين به. وبدأت ملامح وضع المصطلحية السيميائية العربية منذ أن بدت النزعة البنيوية في مطلع القرن العشرين، على يد فرينارد دو سوسير بحيث بدأت الحملة على ما سبق في الدراسات العربية على كل ما هو تقليدي وظهر المصطلح السيميائي نتاجاً لهذه الحملة. وحين انزاحت النظرية البنيوية وفسحت المجال لنظريات تخصبت بغيرها من العلوم 68 وصار للسيميائيات السيادة في ساحة الدراسة النقدية العربية.
ثمَّ إنّ الناظر، في علاقة الدرس السيميائي بالنموذج الغربي وما نجم عن ذلك من تقارض مصطلحي ومفاهيمي، لا يسعه إلا الاعتراف بدور هذه الروافد الأجنبية في تقدم هذا العلم وتعميق مفاهيمه. 69 كما لا يسعه استغراب الأمر، لأنَّ وحدة الحضارة تحتم ذلك وتقضي به.
وعند استقراء واقع المصطلحية السيميائية العربية ومدى محظوظية المصطلح من هذا التداخل والانتقال بالمصطلح الفرنسي إلى النموذج العربي تبدو الاختلافات بين الباحثين العرب أنفسهم، وتؤثر سلباً في تبليغ الرسالة العلمية وتفسّر جانباً من جوانب الفشل في عملية التواصل بين القارئ العربي (المتلقي) وباث المعرفة السيميائية في أصولها المتجذرة.
(/)
وهكذا، فإذا كان "الخطاب السيميائي مستعصى الفهم في لغته الأصلية، فإنّ الترجمة وبالشكل الذي تمَّ به، وبحكم تعبيرها عن رغبة فردية تخضع لميول شخصية أكثر ممَّا تخضع لفعل جماعي تزيدها غموضاً على غموض، ولا تفي بالغرض العلمي"70.
ومعلوم أن ترجمة الخطاب النقدي المنجزة في إطار الدرس السيميائي، نقلاً عن غريماس وكورتيس وسواهما من الباحثين الفرنسيين. اتسمت بطابع التعميم والانزياح أحياناً عن الدلالات الموضوعة لها في بيئتها الثقافية التي افترضتها أو السياقات المنهجية التي انبعثت منها. وكل ذلك، كان تحصيل حاصل لغياب استراتيجية ترجمة وتعريب، تراعي خصوصيات المصطلح السيميائي في بيئته، وخصوصية اللغة المنقول عنها والمنقول إليها (العربية). أمر أفضى إلى تنوع التيارات السيميائية ومعها المصطلحات والمفاهيم التي تحكم الخطاب النقدي العربي.
وقد احتلت مكان الصدارة متحولة من القراءات الفردية والجهود الجماعية الثقافية لتصبح موضوعاً ونظرية يهتم بها الباحثون ويقبل عليها الدارسون. ولم يؤمن النقاد العرب بالقطيعة والانغلاق عن هذا الوافد الجديد، ففتحوا المجال أمام البحث السيميائي وأمام جل الدراسات الأدبية واللسانياتية والثقافة غير السيميائية. فألفوا كتباً ونشروا مقالات عدّة، تشكل نقلة نوعية في تاريخ الأدب العربي وفي تاريخ اللغة وشتى التخصصات المنطقية والفلسفية والتربوية.
وفي إطار هذا الحوار اللسانياتي النقدي، جاز التسليم أنّه ومنذ بداية السبعينات "بدأت عملية التسرب من المنهج، الجدلي تدريجياً، عبر البنيوية التكوينية نحو البنيوية اللسانياتية والسيميائيات، وكان ذلك تحت شعار إعادة الاعتبار للنص في وجه الدراسات التاريخية والخارج نصية التي تحابي المؤلّف"71.
(/)
لكن هذا الانتقال في النهج في اللغة المصطلحية، كان ينبغي أن يكون، لأنّ النقاد العرب لم يكونوا في منأى عن هموم البحث المنهاجي على المستوى الكوني، فحركتهم الأسئلة إزاء تراث متراكم هو التراث العربي ومناهج سياقية متباينة خارج نصية..
ومعلوم أنّ هذه المناهج التقليدية ذات الطابع الفيلولوجي والتاريخي لم تقف سداً منيعاً أمام هذا التحول في الشكل وفي المضمون. فحدث هذا في المشرق عن طريق الوسيط الإنكليزي مباشرة ومنذ مرحلة السبعينيات في لبنان وفي سورية والعراق وظهر في المغرب العربي مع مطلع الثمانينيات مع البنيوية التكوينية، وصولاً إلى السيميائية في مطلع التسعينيات بنقلات نوعية مغربية وتونسية وجزائرية.
وهكذا، ونظراً لأهمية المصطلح في الخطاب النقدي المعاصر العربي، ولأهمية الإشكاليات التي يطرحها الاشتغال في هذا الحقل. حاولنا الوقوف على واقع المصطلح السيميائي في حقل النقد العربي، ونحن واعون بأنّ آفاق البحث فيه تتفتح على جداول متعددة متوالجة، من أهمها خطر تتبع خصوصيات المصطلح في الوطن العربي، في المشرق وفي المغرب، من سياق ثقافي لآخر، وما تلونت به آليات الصياغة الاصطلاحية، وما تتوافر عليه سنن التركيب المعرفي، من قطر عربي لآخر، بل ومن مؤسسة معرفية لأخرى، وهو باب من أبواب البحث والتمحيص لا بدّ أن يعيه ذوو الأمر ويفرغ له من يستطيع تأسيس البحث في جغرافية المصطلح النقدي في وطننا العربي."
وأنّا لنروم البحث في هذا المجال، تدبراً لواقع هذا المصطلح وتعميقاً للبحث بشأنه، قصد إثارة مبحث هام يفرض حضوره في زمننا الحاضر ولم تخصه الدراسات المنجزة والأبحاث بميزات وافرة.
3ـ2ـ الواقع/ الراهن:
(/)
من المسلمات التي لا يعتريها الشك من لدن نقاد الأدب، أنّ للمصطلح تأثيرات نادراً ما يقدر الناس لأبعادها أو يولونها ما تستحقّه من اهتمام، وتتصل هذه التأثيرات بالجوانب الفكرية العامة، لأنّ المصطلح هو صورة مكثفة للعلاقة القائمة بين اللسانيات والنقد، لا سيما النقد السيميائي بوجه خاص.
ولا شك في أنّ السيميولوجية بوصفها فرعاً من اللسانيات العامة تزخر بكثير من المصطلحات مثل: سمة، سيميائية، تشاكل، خطاب (نص) تفكيكية، عدول، نقد، نقد النقد، كتابة، قراءة وتأويل وسواها من المصطلحات. وهي نماذج أتت إلى النقد العربي المعاصر، سواء عن طريقة الترجمة أم التعريب، وأصبحت تفرض علينا أن نستقرئها ونصفها باعتبارها كلمات مفاتيح تساعدنا على تحليل النصوص الأدبية وفك شفراتها.
وبما أنّ جانباً كبيراً من هذه المصطلحات هو السائد في واقع النقد العربي المعاصر، كان من المتعين الوقوف في هذا العمل على مقاربة بعض هذه المصطلحات السيميائية السائدة من خلال الأعمال المنجزة، في المعاجم وفي التآليف النقدية. وبحسب التأسيس اللغوي والمعرفي في المراحل المتعاقبة التي شهدتها هذه المصطلحات. من دون مراعاة التحقيبات الزمنية التي تجلت فيها، لأنّها ظلت في زمن واحد.
فعلى المستوى المعاجمي، يستحسن التدليل بكتاب "معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة" لسعيد علوش الصادر بتاريخ 1984 الذي خصّ من خلاله الباحث المصطلح السيميائي بحيز مقدماً ترجمات مثل: سيميائية Sèmiotique والتحليل السيمي (المعنمي) Ananlyse Sèniotique وعلم العلامات Sèmiologie والمستوى السيميولوجي Niveau Sèmiologique ، وهي مفاهيم ومصطلحات مرجعها إلى الحدود التي بناها اج. غريماس للسيمة Sème أو (المعنم) 72 والهادفة إلى ردّ المعاني إلى الحدود السيمية أي الشبكات المنظمة للحدود الأولية 73.
(/)
أمَّا المصطلح الثاني Analyse Sèmiotique فهو مجموعة من الإجراءات التي تختص بتحليل المضمون على المستوى الأفقي والعميق، لأنَّ الباحث في اعتقاد بعض الدارسين استعمل ترجمتين مختلفتين هما (علم العلامات) و(المستوى السيميولوجي) لمصطلح واحد خضع في اللغة الأصل لعملية الاشتقاق Sèmiologique \ Sèmiologie 74.
ومثل هذه الترجمة تظهر حالة من حالات انقسام اللغويين العرب والنقاد، وتكشف إلى حد ما عمق إشكالية المصطلح لدى النقاد والمترجمين الساعين إلى ترجمة المصطلح الواحد لكثيرٍ من الترجمات أمّا بخصوص مصطلح connotation في الثقافة الفرنسية الذي ترجم إلى مصطلحات مثل: تضمين 75 دلالة حافة 76 طاقة إيحائية77 ودلالية متحوّلة78 .
ومن المصطلحات، سيميولوجيا، وسيميائية، فإن الأول تبنته مدرسة جنيف والثاني تبنته المدرسة الفرنسية، مدرسة باريس في أواخر الستينات.
وتكرر مثل هذا، لدى الكثير من المعاجميين، حيث تمَّ الاعتماد على النماذج الغربية دون الاعتماد على اللغة العربية، فتكاثرت المصطلحات والاختلافات. من دون مراعاة مبدأ أنّ لكل نظريتها اللسانياتيتية ونموذجها الصوري اللائق بوصفها، وهذا لا يقول، ولا يمكن أن يقول به أي لغوي فما قال به الغرب لا يصح أن تتكاثر بشأن المصطلحات والاختلالات.
أمَّا الباحث محمد رشاد الحمزاوي فقد ألف "المصطلحات اللغوية الحديثة" كمحاولة تستطيع أن تساهم ولو قليلاً في وضع المعجم اللغوي التاريخي المختص الذي نبتغيه شاملاً لمصطلحاتنا اللغوية باعتبارها شاهداً على مجتمعاتنا ومرآة لحضارتنا وتطورها. فأورد عدّة ترجمات لمصطلحات مثل بنية Structure تباين La dissimilation السوميولوجيا (علم العلامات) sèmiologie عوض علم العلامات. كما هو شائع في بلدان المغرب العربي، وفي تونس، في ترجمة sèmantique بالسيمية. وهو مصطلح عني به البحث في معاني الكلمات ونشأتها وتطورها والآثار اللغوية المترتبة عن ذلك 79.
(/)
وأوردّ الباحث عدّة مصطلحات عربية مقابلاً للفظ العربي علم الدلالة، من الفعل (دّل) فذكر، علم المعنى، علم السيماتيتك، وألفاظ من قبيل:Sèmatologie وsèmiologie و Sèmantique ، وهي مصطلحات فرع من فروع الدراسة التي تناولتها بالبحث زمرة من العلماء، وكان اسم هذا العلم محل خلاف في اللغات المختلفة عندهم ولدى سواهم80.
وبذلك، يعدّ الحمزاوي واحداً من أبرز المترجمين لكثير من المصطلحات، كما ذكر الدارسون ترجمة عبد العزيز طليمات مصطلح Disjonction بالانفعالات والانفكاكات81 وسامي سويدان الذي ترجم Histoire في المجال السردي بالحكاية والخبر 82.
أمّا الباحث بسام بركة، فقد ألف معجم اللسانيات (فرنسي عربي) وعربي فرنسي، كنواة لمعجم (يربو) بحيث أضاف إليه بعض المصطلحات اللسانياتية التي لم تردّ في معجم عكف على تأليفه بمعية بعض الباحثين 83 ومعظم الألفاظ المضافة تدخل في مجال السيميائية والأسلوبية والعلوم الرديفة. وفق استراتيجية تبنى أساساً على وضع مقابل واحد للمفردة الفرنسية الواحدة، وتارة بعرض الألفاظ العربية التي تتضمن دلالتها المعاني اللسانياتية والتي استعملها الباحثون العرب في المضمون ذاته مع الإشارة إلى السياق الثقافي الذي تستعمل فيه والميدان الذي تنتمي إليه.
ومن خلال ذلك ترجم لبعض المصطلحات السيميائية مثل انفكاك Aliènable، سيميائي علاماتي لا سيميائي Asèmiotique وحدة معنوية شاملة Archisèmème، ترميز Codage/codification وCode رمز نظام، اصطلاح، رموز الأشكال ودلالي Sèmantique وتعيين وإشارة ودلالة ذاتية Dènotation وفجوة Ecart أي ابتعاد ثم انزياح ثم فارق وعدم تقييد ثم عالم الرموز، علم العلامات السيميائية (كعلم يبحث في الرموز اللغوية وغير اللغوية، مقابلاً للفظ semiotique وتفسير Interprètation وSèmiologie علم الرموز.
وعليه، فالمستقرئ لهذا المؤلف المعجمي المتخصص يستنتج جملة من الملاحظات:
(/)
1 ـ اعتماد الباحث على مرجعية زاخرة من المعاجم الأجنبية والعربية، بحيث بلغ البحث 16 معجماً عربياً لسانياتياً متخصصاً، و61 مؤلفاً. ناهيك عن المصادر الأساسية في اللغة الفرنسية ومن أبرزها.
1 - DUBOIS jean et collaborateurs، Dictionnaire de linguistique.
2 - Greimas. Aj et courtes. J، Sèmiotique dictionnaire raisonnè de la thèorie du language، HU، Paris، 1979.
2 ـ الترجمة الواحدة لمصطلحين مختلفين، فترجم مصطلح ترميز لمصطلحين مختلفين هما: Codage وCodification، ومصطلح السيميائية بالعلاماتية وتارة علم الرموز وسواها من المصطلحات. ومثل هذا المنحى نحاه بعض الباحثين أمثال: ج. بوهاس، وج. ب. غيوم، وجمال الدين كولوغلي لمصطلحي Narration وRècit بالسرد 84 وترجم يوسف غازي Sèmiologie وSèmiotique بالأعراضية85.
3 ـ طغيان المادة اللسانياتية في انتقاء المصطلحات..
أمّا في مجال النقد، فإنّ مسألة قراءة الطروحات السيميائية وما صاحبتها من رؤى متشعبة، أدّت إلى تعدد المفاهيم السيميولوجية في أدبيات النقاد والألسنيين والفلاسفة، مّا أفضى إلى ظهور سيميولوجيات متولدّة عن التعارض في المنطلقات والتصورات86.
فسار النقاد العرب على سنة استثمار المفاهيم الحداثية والتراثية راغبين حدّثنة ما في التراث ومسايرة الحداثة الغربية، في المشرق وفي المغرب العربيين وساعين إلى هضم مفاهيم الدرس السيميائي. فالمغاربة (دول المغرب العربي) بحكم وضعهم الجغرافي ووضعهم الثقافي القريب من فرنسا، اكتشفوا كثيراً من المصطلحات السيميائية وروّجوا لها، ثم ترجموا من الفرنسية إلى العربية، واجتهدوا في التأليف، وخلق المفاهيم، "التأليف الظلي أو "ظل التأليف"87.
(/)
وبنفس الاستراتيجية، اجتهد النقاد المشارقة نحو ترجمة المصطلحات الألسنية والسيميائية فظهرت معاجم متخصصة في سورية ولبنان والعراق وسواها من البلدان. ناهيك عن بعض الأقلام في الخليج العربي،التي نظرت للبنيوية وولجت مجال البحث السيميائي ولو في طابعه البدائي الأكاديمي.
وبين دول المشرق والمغرب، فإنّ قائمة الباحثين السيميائيين في توالد مستمر، من ذلك ما أورده الحاجي البشير من أسماء مثل. لعروس قاسمي من تونس أحمد المتوكل، مصطفى الشاذلي، محمد مفتاح، عبد الفتاح كليطو، عبد الرحمن طنكول، حميد لحميداني، رشيد بن حدو، محمد خطابي، محمد المكاوي من المغرب، فضلاً عن بعض أسماء الجزائريين، محمد أركون (السوربون)، وعبد المجيد علي بوعشة وعبد الملك مرتاض وعمار بلحسن وأحمد يوسف) من الجزائر88 ثم بعض الأسماء التي أوردها فاضل ثامر89 مثل: محمد برادة، محمد بنيس، إبراهيم الخطيب، يمنى العيد وغيرهم، وأخرى عرفت بمجهوداتها ولم تدوّن على هذه القائمة في الجزائر ومن دول أخرى مثل: عبد الحميد بورايو، رشيد بن مالك، حمادي صمود، عبد السلام المسدي، نصر حامد أبو زيد، عبد الله الغذامي، وعبد الله إبراهيم، وسعيد علوش. ومنذر عياش، وأنطوان أبي زيد، وأحمد مطلوب، بن عبد العالي وسواها من الأسماء التي اخترنا التطرق إلى مجهوداتها ـ بصفة انتقائية ـ وبحسب البلدان التي تنتمي إليها:
ففي سورية مثلاً: ترجم الباحث منذر عياشي مؤلفاً باسم "علم الإشارة، السيميولوجيا" لصاحبه بيرجيرو، الصادر بتاريخ 1988، وهو المؤلف الذي يشكل "دراسة متميزة في التفكير السيميولوجي وضبط التيارات التي تنطوي تحتها. ومن هذه الناحية يعد نقطة معلمية للبحوث السيميائية الراهنة وخلفية علمية أساسية لكلّ قارئ يطمع إلى امتلاك المبادئ الأولية في هذه المعرفة الجديدة"90.
(/)
مع العلم، أنّ الكتاب ألف في فترة المدّ البنيوي، وعليه فالمصطلحات الواردة فيه لم ترق لتشكل خطاباً علمياً، كما أنّ مصطلحات البحث اتسمت في بعض الأحيان بالعفوية والفردانية وغياب العمل الجماعي المؤسس على رغم ما فيها من جدّية وابتكار. وطرائق سخية في حقل السيميولوجية المصطلحية.
وبين المصطلحين سيميوتيكس وسيميولوجية سلّم الباحث بمصطلح سيمياء كمصطلح قديم في التراث العربي، رديف للمصطلحين الأجنبيين، وهو تطابق استمده من قراءاته المعاجمية في "القاموس الموسوعي في نظرية الكلام "لديكرو وتودوروف في كتابهما الجماعي. وقراءته في معجم: جان دبيوا الألسني Dictionnaire de linguistique gènèrale حين أوردّ:
"Sèmiotique reperend le projet de sèmiologie de F..de saussure et s'assigne pour objet I' etude de la vie des signes au sein de la vie sociale"91.
وعليه، فجان ديبوا ومعاونيه لم يفصلوا في إشكالية الازدواجية المصطلحية بين sèmiotique، sèmiologie بل ذهبوا إلى التاريخ للمصطلحية منذ جهودات شارل بيرس وصولاً إلى إرهاصات ف.دو. سوسير.
للتدقيق في هذا المصطلح بصيغتين اثنين هما: علم الإشارة والسيميولوجيا نجد أنّ الباحث اتفق مع غيره من الباحثين في صوغ هذا المصطلح لفظاً ومفهوماً. من قاموس متعدد الاختصاصات، في اللسانيات في النقد الأدبي وفي فنون الثقافة أيضاً، فكان العنوان مصوغاً في نفس المادة الاشتقاقية. سيميولوجيا وبيولوجيا وسيميولوجيا. ومؤكد ذلك مثلاً: ما ظهر من صياغات في بعض المترجمات (درس، السيميولوجيا) لرولان بارت وفي، (الفينومينولوجيا والتأويل ـ مشكلة الذات ـ تحدي السيميولوجيا) لبول ريكور، ومحاضرات في السيميولوجيا، أو في "سيميولوجيا الرعب والابتذال في الكتابة الجديدة"92 ولدى مازن الوعر Sèmiologie/ علم السيميولوجيا، وsèmiotique/ سيميولوجيا93.
(/)
ودائماً في سورية، فإنّ مازن الوعر خصص مجمل تآليفه لترجمة بعض المصطلحات اللسانياتية والسيميائية، وتحدث عن أزمة المصطلح العلمي اللسانياتي قائلاً: "نحن العرب لا زلنا نبحث الآن عن إيجاد المصطلح اللسانياتي المقابل الذي يمثل فترة التطور اللسانياتي الغربي في الخمسينيات والستينيات من هذا العصر مع العلم أنّ مئات المصطلحات اللسانياتية قد تولدت في السبعينات والثمانينات نتيجة التقدم الذي أحرزته العلوم اللسانياتية في الغرب ولا سيما في الولايات المتحدة"94.
من هنا، فالباحث في كتابه "قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث" أراد تحقيق التوازن الثقافي المفقود بخصوص المصطلح، توازن بين كل ما هو أصيل ومعاصر حديث. محاولاً التدليل على هذه المفارقة بالاستغراب لا سيما حينما يقرأ مصطلحاً واحداً معبّراً عنه بالفرنسية linguistique وبالإنجليزية linguistic تقابله في اللغة العربية مصطلحات كثر من مثل علم اللسان، علم اللسانيات، علم الألسن، علم الألسنية، علم اللغة، علم اللغويات الحديثة95.
أمر أدّى به بذل المجهودات عن طريق الترجمة من اللغة الإنجليزية، فخصص معجماً للمصطلحات باللغة الإنجليزية ومقابلاتها باللغة العربية مثل: الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence وهي مصطلحات لسانياتية، خلاصة قراءات في مؤلفات بعض الباحثين ضمن التيار الأنجلوساكسوني من مثل: بلومفيد Bloomfield وبراون Brown. ون. شومسكي N. Chomsky.
(/)
وفي تونس، فإنّ عبد السلام المسدي، ببعض مؤلفاته مثل: (الأسلوبية والأسلوب) و(قاموس اللسانيات)، و(قضية البنيوية) و(اللسانيات وأسسها المعرفية). وبعض المقالات المتخصصة في إشكاليات المصطلح النقدي والسيميائي، قدّم للمصطلحية السيميائية نماذج مرموقة باللغة العربية، وأدرج كثيراً من النظريات والآراء النقدية الغربية التي نسجت في السيميولوجية الفرنسية. بالمناقشة والتحليل، مع محاولته الخروج منها بنظرية غير النظرية الغربية، ومفاهيم غير المفاهيم الأجنبية.
ومن أهم هذه المراجع التي سعى فيها الباحث للتأصيل السيميائي، نظرية ومصطلحية. يذكر مؤلفه "اللسانيات وأسسها المعرفية" الذي تحدث فيه عن (علم العلامات) كاسم يعبّر عنه بمصطلحات فرنسية مشتقة من الأصل اليوناني (سامايون) ومعناه العلامة، ويطلق عليه: Sèmiotique، sèmeiologie، sèmiologie ومنه العلم الذي يتخذ تلك العلامات في ذاتها موضوعاً للبحث Syntomatologie.96..
وبذلك، عد الباحث من الداعين إلى إدخال مفاهيم اللسانيات مع مفاهيم التراث في جدول خصيب، راغباً الخروج بمفاهيم جديدة وحصيلة معرفية متفردة ثم إنّ ترجمته للمصطلح مستمدة من التراث. وهي صورة منسلخة من اللسانيات.
(/)
والخصيصة الثانية، هي تعارض هذه القراءة مع ما ورد في مكتبة الكتاب مثل: Dictionnaire de linguistique gènèrale. فقد أقر عبد السلام المسدي بقاموسه اللسانياتي، أن "الخطاب العلمي اللسانياتي يتناسب جلاؤه تناسباً طردياً مع اختلاف اللغة الموضوعة عن اللغة المحمولة"97 معتمداً ترجمة وتعريب جملة من المصطلحات السيميائية مثل: لغة اللغة Mètalangage والتشاكل Isomorphisme بدلاً من isotopie والانزياح Ecart. وبعض الملفوظات السانياتية التي تطلق على التركيب واللفظ وأجزائه. مما شيع في الدراسات المعاصرة كما ترجم روسم Graphème ومصنف dassème ومعنم sème وصيغم Morphème ومأصل lixème ولفظم Monème ونسق Sytagne وصوتم Pronèmeـ98... وسواها من المصطلحات.
وفي مجال (السرد) ومشتقاته، ترجم عبد السلام المسدي السرد Narration والسردية Narratavitè-99 ثم توسّع في دلالات بعض المصطلحات السيميائية، محاولاً إثراء القاموس النقدي المعاصر بمصطلحات جديدة في الحدّ والأفهوم معتمداً في الأساس على مصدرين أساسين هما:
1 - Jean DUBOIS et les autres، Dictionnaire de linguistique Gènèrale.
2 - Dictionnaire raisonè de la thèorie du language.
وفي بعض المقالات النقدية، حرص عبد السلام المسدي أشد الحرص على التفرقة الجوهرية بين المصطلح، وما يقع في محيطه الدلالي من مصطلحات كثيراً ما يصطنعها آخرون على أنّها مرادفة له، وما وقع بشأنها اختلاف جاء في جوهر الأفهوم من مثل: مصطلح: السيميائية والشعرية، عارضاً سمتي الازدواج والمماثلة بخصوص هذين المصطلحين ولدى جلّ النقاد العرب المعاصرين، فأثار ترجمات لمصطلحات فرنسية وأخرى إنجليزية هي:
Poèsie، poètique، new criticism، poeticm. Poèticm.
Poèticam. Poèticsm. Logoism. Semiotics، Sèmiotiquem sèmèologiem sèmiologie، Semiotics-100.
Semiology، Sèmantique، (Sèmèiotikè).
(/)
وقد رغب عبد السلام المسدي في مجال الأسلوبية، التأصيل لأسلوبية عربية حديثة وفق المنجز من الدرس الأسلوبي الغربي الحديث، عن طريق عقد أواصر القربى بين الدرس الغربي الأسلوبي والدرس العربي، في كتابه الأسلوبية والأسلوب. مع دقّة ضبط المصطلحات وترتيب المباحث، وفق منهجية علمية صارمة حققت له موضوعية وأعملت ريادته.
ومن أهمّ المصطلحات التي وردت في هذا الكتاب، على علاقة بالانزياح هي: الانزياح Ecart والتجاوز L'Abus والانحراف Dèviation101 كما ترجم مجموعة من المصطلحات أهمها: الاستعمال الدارج Ordinaries الاستعمال المألوف L'usage habituel التعبير البسيط L'expression si; ple التعبير الشائع L'expression commune الكلام الفردي Le parler individual الوضع الحيادي L'ètat neuter الدرجة صفر Zèro le degreés النمط العادي La norme gènèrale الاستعمال العادي L'usage normal الاستعمار السائر L، usage courant الاستعمال المتوسط L'usage Moyen، السنن البريئة La Parole innocente النمط La norme الاستعمال النمط L'usage norme وسواها من المصطلحات102.
وعلى هذا النمط، من التنقيب اللغوي، لم يعتمد الباحث أي مصدر سيميائي من المعاجم، نقدر ما انتقل من حقل إلى آخر، من حقول النقد العربي ومن هوية ثقافية إلى أخرى، وعبر قنوات الانسياب المعرفي بين أمصار الأمة العربية جمعاء. ليبقى هذا المجهود الذي قدمه الباحث تتوافر فيه جميع مقوّمات المواءمة الإبداعية، معوّل عليه كثيراً في الترويج للمصطلح السيميائي.
وفي المغرب، يعد محمد مفتاح واحداً من هذا الرعيل الذي لم يتردد في التشرب من المصطلحات السيميائية لدى الغرب، من أوروبا ومن الولايات المتحدة الأمريكية، يتشبث بأصولها، ويحرص على نقلها سليمة، معتقداً أنّ المصطلح النقدي يتطلب دراسة عميقة، وعودة إلى أصول دلالاته قبل إشاعته، لئلا ينعكس هذا على قدرة الفهم والاستيعاب.
(/)
وباستقراء شامل في مشروعه النقدي، ومحاولة الوقوف على بعض المصطلحات التي ابتكرها وترجمها، يلاحظ الدارس أن معظمها شهدت أبعاداً دلالية وتناولاً ضافياً، فقدم مصطلحات سيميائية بصور مختلفة نادراً ما يعثر عليها في حقل الدراسات النقدية العربية والمتتبع لهذا البسط المصطلحي يستخلص ذلك.
حيث ترجم جملة من المصطلحات مثل: سمة Signe وسيميائية Sèmiotique وأيقون Icôn وتشاكل Isotopie وللاتشاكل Allotopie وHètèrotopie وتناظر Isomorphisme وشعرية Poètique ولغة اللغة (القول الشارح) وهي نماذج لما ورد في المعاجم الفرنسية لمصطلحات مثل: Mètalangue، Mètalinguistique، Mètalanguage وخطاب Discours وسواها من المصطلحات المستمدة من "التيار الأوروبي متمثلاً في فرنسا والتيار الأنجلوساكسوني الأمريكي توفرت عليها مؤلفاته: تحليل الخطاب الشعري ـ استراتيجية التناص ودينامية النّص.
وسواء في المصطلح أم المنهج، فإنّ محمد مفتاح في مساق البرهنة على اعتماده علماء اللسانيات، أعلن إفادته في كثير من الأفكار من غريماس وجيرار جينيت ومتيران103. وكان هذا مبرراً كافياً له للأخذ بأطراف كل النظريات والمفاهيم مجتمعة، معتبراً نموذج "غرماس" بإجراءاته وتصوراته أقرب إلى تصورات "فلاديمر بروب" و"كلودليفي ستروس" و"هلمسليف"، كما تأثر بكبار الدارسين الشكلانيين الروس أمثال "رومان جاكوبسون: R.Jakobson" في الشعرية Poètique. وتفتح على حقول لسانياتية متعددة، وقنوات معرفية أكثر انسياباً من الثقافة الأوروبية والثقافة الأنجلوساكسونية قاصداً من خلالها إقامة أفقه التنظيري ـ التحليلي منهجياً وابستيمولوجيا وفق تأسيس تدريجي للمفاهيم اللسانياتية والسيميائية104.
(/)
وهكذا، فعلى مستوى المصطلحية السيميائية استمد مفاهيم مثل: النظرية الذاتية اللغوية عن موريس وغيره، ونظرية الأفعال الكلامية عن فلاسفة أوكسفورد واوستين و سورل وكرايس، واستمد من التيار السيميوطيقي مصطلحات ضمن مجموعة من الكتب أبرزها:
1 ـ كتاب محاولات في السميوطيقا الشعرية، الذي استمد منه النظرية الجشطالتية والسيميوطيقا ـ واللسانيات.
2 ـ سيميوطيقا الشعر لميكائيل ريفاتير واستمد منه التحليل السيميائي للخطاب، فنقل عنه المصطلحات والمفاهيم.
3 ـ معجم غريماس وكورتيس: والأدوات الإجرائية مثبتاً ذلك بالقول وسنحاول استخلاص بعض المفاهيم الإجرائية القريبة من الشعر بين المفاهيم الأخرى العامّة الصالحة لكلّ تحليل"105.
كما نقل مفهوم التشاكل Isotopie عن غريماس الذي نقله هو الآخر، من ميدان الفيزياء، واستقاه عن جماعة مو M في كتابها "بلاغة الشعر" وعن النظرية الجشطالتية Gestellèory-106 ونقل التناص من الثقافة الغربية في مصدرها المزدوج الفرنسي intertextualitè والحواري Dialogisme- وترجم مصطلح الشعرية Poètique عن أبرز الباحثين أمثال جاكوبسون، وجان كوهين وج.مولينو وطامين.
وبهذا التوصيف النقدي، أثبت الباحث جدارة مشروعه السلالي وإفادته في رصد أهم الاتجاهات العلمية في الثقافة النقدية المعاصرة... مثل تأثير المفاهيم الفيزيائية والرياضية والبيولوجية والمعلوماتية في التفكير اللسانياتي والتطبيق السيميائي ـ107.
(/)
وبخصوص نظرية "الذكاء الاصطناعي" اعتبر محمد مفتاح، أنّ هذه النظرية وليدة تنظيرات بيرس S.Peirce حينما صرّح أنّ السيميوطيقا "البورسية" هي بين الأسس التي قامت عليها نظريات الذكاء الاصطناعي في وصف عملية الإنتاج والتلقي وتأويلها، وخصوصاً استثمار مفهوم الغرض الاستكشافي108. ومن خلال هذا الأفق القرائي ترجم مصطلحات مثل: الأطر Frames والمدونات Scripts والحوارات Scènarios والخطاطات Shemata sclleme ومن ثم إلى القاعدة Towpower والغرض الاستكشافي Abduction109.
وعلى هذا الأساس تتسع دائرة البحث المصطلحي السيميائي والاستعانة في أعمال الباحث محمد مفتاح على عدّة مناخات فكرية أجنبية معاصرة، فرنسية ألمانية وأمريكية، ومن خلالها يسهل القول أن توافر هذه التعددية اللغوية التي امتلكها، وإلمامه بجوانبها المتعدّدة هي التي مكنت من تقدم زاد معرفي على مستوى "المنهج والمصطلح" للإرث النقدي العربي "بطريقة حية جامعة بين عنصري القدم والحداثة، بين الأصالة والمعاصرة.
أمّا الباحث سعيد يقطين، في أبرز مؤلفاته النقدية،فقد خصّ المصطلحية السيميائية بقسط وفير من البحث والتمحيص، في أبرز كتبه:
1 ـ انفتاح النّص الروائي ـ 1989.
2 ـ تحليل النص الروائي ـ 1989.
3 ـ القراءة والتجربة حول التجريب في الخطاب الروائي 1985.
فضلاً عن بعض المقالات المتخصصة في مجال المصطلحية النقدية، والمصطلح السردي بوجه خاص، مستشهداً بتواتر الدراسات والترجمات بخصوص المصطلح وكثرة المشتغلين في نطاق هذا التوجه الجديد، حيث تراكمت المشكلات والإشكاليات المصطلحية، بين أنصار التقليد والميل إلى التراث وأنصار العصرنة أو الحركة الجديدة في النقد إلى درجة اتخذت ملامسة الاختلاف بين النقاد العرب إزاء المصطلح الواحد وفي المقال الواحد والاتجاه السيميائي الواحد والمدرسة الواحدة الموحدة.
(/)
وقد صار المصطلح السردي العربي، من اهتمامات سعيد يقطين لكونه "يحتل مكانة مهمة ضمن المصطلحية الأدبية العربية الجديدة، لكن وضعه الحالي لا يمكن أن يستمر بالوتيرة التي يعرفها حالياً، وإلاّ فإنّ مصيره هو معرفة المزيد من الخلاف والاختلاف الذي لا يسهم في التطور ولا في إغناء مجالنا الأدبي والنقدي110.
أمّا بخصوص المصطلح الأدبي الحديث في أصوله وتحولاته فقد أقر سعيد يقطين بمدى القرابة بين المصطلحية الأدبية ببعدها من البلاغة والعلوم على نحو خاص. وقد تأسست هذه المصطلحية في الستينيات تحت تأثير اللسانيات، انطلاقاً من اعتبار الأدب لغة "على الدرس الأدبي أن يتشكل على قاعدة البحث في "اللغة الأدبية"111 ومن هنا حدثت القطيعة مع المصطلحية التقليدية.
وكان من الطبيعي، أن يعثر الدارس على مصطلحية أدبية جديدة تستلهم ملامحها. من البحث اللسانياتي المعاصر انطلاقاً من المدّ البنيوي حيث برزت مصطلحات مثل الجملة Phrase الخطاب Discours الترتيب Syntaxe البنية Structure الدلالة Signification العلامة Marque الدال Signification المدلول Signifiè.
ممّا سبق، واعتباراً لما تركه التراثيون من الشكلانيين الروس، تبلورت نظرية السيميوطيقا كعلم خاص بالعلامات أو العلامة، فولدت لها لغتها الخاصة ومصطلحاتها الخاصة بها مستفيدة من إنجازات العلوم الحقة مثل الرياضيات، المنطق والفيزياء والعلوم الإنسانية (الأنثروبولوجيا).
ويمكننا في هذا المساق الوقوف على إعطاء أمثلة من المصطلحات السردية التي أوردها سعيد يقطين فعلى مستوى الاشتراك اللفظي ذكر الخطاب Discours والنّص Texte والصيغة Mode والسرد الحكي Narration/cite ثم السردية أو الحكائية Narrativitè والراوي Narrateur وسواها من المصطلحات المتعددة المعاني.
(/)
كم يعثر على مصطلحات أخرى لدى سعيد يقطين تكتسب دلالالتها من خلال مساقات الاستعمال، وبحسب المواقع التي تتحددها من ذلك: الراوي Narrateur والعوامل Les actants وغيرها من المصطلحات التي تلح مجال المصطلحية السردية التي ظهرت مع مطلع الثمانينيات، وتحققت في اعتقاد الباحث جرّاء رافدين هما:
1 ـ مجال الترجمة: ويتعلق بعملية الترجمة إلى اللغة العربية، سواء بنقل المقالات أم الكتب السيميائية واللسانياتية من الفرنسية والإنجليزية إلى العربية سواء كانت هذه الدراسات ذات طبيعة تنظيرية أم تطبيقية.
2 ـ الحكائية: عندما نكون في مجال "السيميوطيقا" وكل ما يرتبط بها ننعته بها فنستعمل: سيميوطيقا، الحكي، البرنامج الحكائي، المسار الحكائي البنيات الحكائية112.
ومن خلال ذلك، ذهب الباحث إلى التمييز بين السردية والحكائية كمقابل لـ Marrativitè فناقش قضايا المصطلح، مقابلاً للقرين الأجنبي في الإطار النظري، مازجاً بين الاتجاه الأنجلوساكسوني والأوروبي معاً.
وفي مساق آخر، وضمن مقال له موسوم بنظريات السرد وموضوعها في المصطلح السردي، المنشور ضمن مجلة "علامات". تحدث سعيد يقطين عن المصطلح السردي العربي، حاول تظهير مدى اعتماد النقاد العرب على معيار الشيوع في تناول المصطلحات. من ذلك مصطلح Narrativitè الأكثر تناولاً وتداولاً لدى النقاد في المغرب العربي، والمادة من السرد Narration، أمر حذى بالباحث إلى تحميل مصطلح السرد معنيين مختلفين، تحت غطاء التكثيف الدلالي فتارة كتب مصطلح Narration وتارة أخرى Narrativitè مقابلاً للفظ العربي سرد113.
(/)
ودائماً في ضوء هذا المنظور الإشكالي الذي يحثّ على التفكير والتدبر والاجتهاد، طرح سعيد يقطين عدّة إشكاليات بخصوص المصطلحية، فنال كل مصطلح من مقالاته حظاً وافراً أو قليلاً من الدراسة، ومثل هذا ورد في مقاله الموسوم بـ كتابة تاريخ السرد العربي الأفهوم والصيرورة، معبراً عن سر اختياره لفظة "سرد" لتكون الجامع لمختلف الممارسات التي تنهض على أساس وجود، "مادة حكائية" يرتهن إلى انطلاقه من مقولة "الصيغة"114.
وبخصوص المصطلحية عبّر سعيد يقطين عن غضبه الشديد إزاء الفوضى التي تسود الدراسات السردية معبّراً عن المشكلات المتصلة بالمصطلح وهي كثيرة، ومتعددة وموضوعية، لا تحلها ترجمة المصطلحات من دون توحيد الجهود والاتصالات على مستوى الأفراد والجماعات، لأنّ المعرفة باللغة الأجنبية غير كافية للمترجم للإقدام على ترجمة دراسات تنتمي إلى حقل معرفي محدّد اللغة، ومضبوط المفاهيم.
وتلافياً لهذا الواقع، عمل سعيد يقطين على بذل الجهود معدّاً دراسة عن السرديات والمصطلحات السردية، هادفاً إلى ترهين التفكير في العديد من الجوانب والمشاكل المتراكمة، بادئاً الحديث عن المفاهيم المركيزة ومنتهياً إلى المفاهيم الأكثر جزئية. فقدم مسرداً عربياً، فرنسياً، إنكليزياً متناولاً بعض المصطلحات نعرضها في الجدول الآتي115.
المصطلح الأفهوم اللغة الفرنسية اللغة الإنكليزية
أديبة Littèralitè
التبئير Focalisation Focalization
البويطيقا Poètique Poètics
داخل الحكي Homoditègètique Homodiegetic
التواتر Frèquence Frequence
الوقف Description Description
وظيفة Fonction Function
الزمان Temps Time-tense
الحكاية (الحكائية) Narrativitè Narrativity
الملفوظ ènoncè Uherrance
الفاعل Acteur Actor
القصة Histoire Story-Fiction
الخطاب Discours Discours
(/)
وفي مجال الحديث عن مجهودات الباحثين المغاربة، تطول القائمة وتبقى خصوصيات الأجناس الأدبية بشكل عام، ومهمة المصطلحية في جنس السرد.
مهمة صعبة ومعقدة، لاسيما إذا عرفنا أنّ أصعب الأمور دراسة الجنس الروائي سيميائياً، ومصطلحياً بوجه خاص، لأنّه الجنس الأدبي الوحيد وتجدداً في الأجناس الأدبية، والأكثر غزارة بالمصطلحات من حيث المشاكل التي تطرحها.
من هؤلاء، بعض الباحثين استهوتهم فكرة المصطلحية في النقد السيميائي والنقد الجديد بشكل عام، فسارعوا إلى البحث في الثقافة العربية عن مصطلحات و مفاهيم بدائل عن طرائق الترجمة والتعريب أبرزهم عبد العالي بوطيب الذي ترجم مجموعة من المصطلحات مثل شعرية Poètique، خارج نص extratexte عن الشكلانيين الروس، وقرأ لرولان بارت في معظم تآليفه السيميائية، واستفاد عن غريماس وكورتيس، ضمن مدخل السيمائية السردية الخطابية116. كما تحدث في نظرية السرد لدى السيميولوجيين الفرنسيين، على اختلاف مشاربهم، وتنوع المصطلحات التي استعملوها فترجم الحكاية L،histoire والخطاب Discours والملفوظ والتلفظ ènonciation-enoncè وما فوق لساني Translinguistique وغيرها من المصطلحات117.
ويمكن أن نسوق مثالاً آخر لعبد العالي بوطيب، في مقالة الموسوم، إشكالية المصطلح الروائي العربي "الذي وقع من خلاله على نماذج عينية سردية في المصطلحية السيميائية معترفاً بحجم الإشكالية المصطلحية التي تكتب "يترجم البعض معنى المصطلح في ضوء المعاجم اللغوية العربية، ويميل البعض إلى التوليد، ويُبقي آخرون الكلمة كما ينطق بها، ولا يقبلون بها بديلاً، حتى أصبح لبعض المصطلحات الأجنبية عدد من المصطلحات المعربة تختلف باختلاف الأقطار العربية"118.
أمّا باب الإشكالية في نظر الباحث متمثل في عاملين اثنين هما119.
(/)
الأول: تجاهل بعض الباحثين لقواعد وضع المصطلحات المسيطرة من قبل الهيئات والمجامع، واعتمادهم على المطلق على الاجتهادات الفردية دون احتكام لضوابط علمية.
الثاني: سمة الفردانية في البحث العلمي المعرب، في غياب العمل المؤسساتي الجماعي.
ومن خلال وقوفه على واقع المصطلح في النقد الروائي خلص إلى جملة من الملاحظات تصب في إشكاليات المصطلح السيميائي وواقعه وهي:
1 ـ سمة الذاتية في التعامل مع المصطلح، أمر قد يفضي إلى: "التعدد والاختلاف، إذ أنّ كل فئة وهذا من دواهي الأمور تنطوي على شعور بأنّها أحقّ بأن تتبع.... ولا يهمنا أوافق هذا المصطلح الدّقة أم لم يوافق"120.
2 ـ عدم مصادرة حق الباحثين الشخصي في الاجتهاد ووضع المقابلات العربية للمصطلحات الغربية.
3 ـ الالتزام ـ في حدود الإمكان ـ باستعمال المصطلحات التي تفرقها الضرورة العلمية.
4 ـ فتح باب المناقشة بخصوص وضع المصطلحات من دون تعارض أو سوء فهم. وبشكل منظم وهادف يحتكم لمعطيات علمية موضوعية، حتى لا يكون المصطلح عامل تفريق لا تجميع.
5 ـ عدم الاستهتار بالقواعد العلمية المتبعة في صوغ المصطلحات، أو تجاهل أعمال النقاد لبعضهم بعض تارة بالنفي أو الإقصاء.
6 ـ وضع استراتيجية قومية فعالة، على المستوى المغاربي والمشرقي، ودعم الفاعلين الحقيقيين في هذا المجال.
7 ـ إيلاء المؤسسات العلمية الرسمية، مهمة البحث في توحيد المصطلح.
أما في الجزائر وفي مجال المصطلحية السيميائية فإن قائمة الباحثين محدودة اللهم من خلال بعض المنجزات النقدية ممثلة في كتابات عبد الملك مرتاض وعبد الحميد بورايو ورشيد بن مالك وسواهم من الباحثين.
(/)
فعبد الملك مرتاض مثلاً، وبحكم موطنه الجغرافي المتوسطي، يعدّ من أكثر النقاد الجزائريين اهتماماً بالمصطلح اللسانياتي والأكثر تعبيراً على وضعية المصطلح السيميائي في الواقع المغاربي بوجه خاص والعربي بوجه عام121. يحاول التعامل مع المصطلح بما أوتي من ثروة لغوية هائلة تمتد قواعدها إلى التراث العربي القديم ببلاغته وموروثه الأدبي الزاخر، يخوض في تفرعاته محكوماً بالحدود العامّة التي حدّدها البلاغيون والنقاد القدماء، أو كما هو في المعاجم اللسانياتية الغربية، فنجده ينحت مصطلحاته باستمرار، بلغته التحفة ذات الأدبية الخارقة والخصوصية المتفردة، وقاموسه اللغوي الثري، فخصوصيته خصوصية الرجل المبدع المطلع على خبايا اللغة العربية وأسرارها.
وهو بهذا الامتياز دائماً، يثير النظريات والمصطلحات السيميائية، وما رّوج له من نوادي العلم وحقوله وبكل جرأة أدبية،لا يتحدث عن مصطلحات لساناتية وسيميائية دقيقة حية.
وعلى هذا الأساس فإنّ مصطلحية عبد الملك مرتاض تعتمد ثلاثة مصادر:
1 ـ المصدر البلاغي (التراثي):
ومن خلاله استلهم الباحث جملة من المصطلحات المأخوذة من البلاغة والنقد القديم لا سيما في بداية مساراته الكتابية، في مؤلفات من مثل: بنية الخطاب الشعري وفن المقامات في الأدب العربي، إلى غاية بعض المؤلفات خلال العشرية الماضية.
ومن أمثلة ذلك، ترجمته للفظة الفرنسية Discours بـ: اللغة الفنية، لغة التعبير الأدبي، القول "والمواجهة بالكلام" مستلهماً المصطلح من تحديدات الزمخشري122 والزركشي 123 مثلما استعار مدلول مصطلحي Isotopie وIsomorphisme من التراث ولخصها في مصطلحات مثل: التشاكل والمشاكلة والمجانسة والمشابهة.
وقدم مصطلح الانزياح L'Ecart عارضاً بشأنه أهم المفاهيم البلاغية الأشدّ ارتباطاً بالأفهوم ثم اصطنع مصطلح التقويضية بدلاً عن التفكيكية ترجمة للمصطلح الفرنسي Deconstruction وسواها من المصطلحات.
(/)
2 ـ الحقل الألسني المعاصر:
في هذا المجال، اتخذ عبد الملك مرتاض من اللغة موضوعاً للألسنية، ولغة للنص الأدبي، واعتبرها مبدأ الدراسات النقدية الحديثة المعاصرة، محاولاً تجاوز المعطيات العلمية الألسنية والاستقلال بنظرية لساناتية عربية، ومن خلال ذلك آثار كثيراً من المصطلحات السيميائية عبر معايير مختلفة أبرزها: المعيار المعاجمي، الاشتقاقي، الفيلولوجي والشيوع ثم الإحيائي.
والمتتبع لشؤون المصطلح السيميائي لدى الباحث، يلفي هذه المعايير اللغوية مجتمعة، والمصطلحات متباينة مختلفة من كتاب لآخر. ومن أمثلة ذلك: سمة Signe علامة Marque سيميائية Sèmiologie أقونة (أيقونة) Icone مشاكلة (تشاكل) Isotopie التناص (التكاتب والاقتباس)Intextextualitè والشعرية الإنشائية Poètique وقول على قول (لغة اللغة) Mèta-language.
3 ـ المصدر السيميائي:
ومن خلال هذا المشرب سعى الباحث إلى تخطي جملة من العقبات المنهجية التي واجهته خلال المرحلة التقليدية، على مستوى المنهج والمصطلح. فعلى المستوى الإجرائي المفاهيمي استفاد الباحث في كثير من "تقنيات السرد" مستمداً نظرياته من النقد العالمي، ورواده مما يشكل تقنياته المستمدة من الثقافة الفرنسية، قاصداً إفادة غيره بها. وهكذا أورد عدّة تعريفات لمفاهيم مثل: العمل السردي، والسارد الروائي كمفاهيم تقنية قرأها ضمن الأفهوم التقليدي، وضمن الأفهوم الحداثي، مثلما تحدث عن "الفاعل" الذي هو في حدّ ذاته ليس ضرورة أن يكون كائناً إنسانياً خالصاً، وإنّما قد يكون أيضاً من الأشياء عبر القصص، وهو عنصر مساهم في بناء الحدث124. وبغض النظر عن مصدر هذا التعريف الذي أشار إليه بروب وغريماس.
وهي جملة من التعريفات المستمدة من المعجم السيميائي المعقلن لـ"قريماس وكورتيس125 كما استمد بعض المفاهيم الأخرى مثل: صلة
السرد بالوصف، ومسألة تداخل السرد من بعض مؤلفاته تودوروف T.Todorov126.
(/)
وتبعاً لهذه والمعطيات، ظهر تأثره الواضح بالبنيوية والشكلانية وأعلامها127 مهتدياً إلى الكشف عن مفهوم الأدبية Littèralite بوصفه مصطلحاً ومفهوماً نقدياً شائعاً في أديبات النقاد الشكلانيين الروس، أبرزهم: رومان جاكوبسون R.Jacobson كأحد مؤسسي هذه المدرسة، ذلك أنّ الأدبية هي "جوهر الأدب"128.
كما بدا واضحاً، اعتماد الباحث على بعض مظاهر اللسانيات، من خلال مصادرها المعاجمية الأصلية، ونعني بذلك المعجم السيميائي، ومعجم جان ديبوا اللسانياتي129 ودليل ذلك قوله: "إلى كلّ هذه المصطلحات التي كانت معجم اللسانيات يصبح بها قبل ظهور هذا العالم، ولكنها السيميائية، حاولت تطوير هذه المفاهيم وتطويعها لا تجاهلها، فأضفت عليها معاني جديدة لم تكن فيها من قبل، ونلاحظ أنّ كثيراً من هذه المفاهيم تنازعتها الألسنية (اللسانيات والسيميائية والتشريحية نفسها)130.
كما تمثل الباحث، عن بعض أعلام السيميائية، مفهوم الهيرومنيوطيقا L'Heurmeneutique التي نهض بها "هيدجر ومارتان وبول ريكور P.Ricoeur، ووسع دائرة إفادته في كثير من الأفكار والنظريات عن سيميائين آخرين، في مفاهيم أخرى، أبرزها الحيز Proxèmique والتحييز Spatialisation واللغة Langage والمقولات الحيزية Catègories spatiales ومسألة الزمن وغيرها من المفاهيم131.
(/)
ولغرض إثراء المصطلحية السيميائية، ترجم الباحث مجموعة أخرى من المصطلحات أبرزها مصطلح قراءة القراءة كمفهوم أقرب إلى ما ترجمه "سامي سويدان" لمصطلح (نقد ـ النقد) ضمن مؤلف تودوروف Mètacritique وربما قراءة ـ قراءة القراءة Mèta-Mètacritique. وتناول مسألة (التشاكل )Isotopie من خلال المصدر السيميائي، محاولاً توسيع مفهومها من خلال أفكار راستي F.Rastier والتشاكل الأناني، في اعتماده تصورات بعض الفلاسفة العرب والغربيين، من المعجم الفلسفي لـ (جميل صليبا) والمعجم البسيكولوجي لـ: بيار فديدا، Pierre Fedida، وفي اللغة الإنجليزية عن أفكار كوندياك ضمن مؤلفه Traitè de sensation132.
وهكذا تزداد إفادة ـ عبد الملك مرتاض ـ توسعاً في أبحاثه، معتمداً مصطلحات أخرى في الممارسة السيميائية نفسها أبرزها الانزياح (العدول) L'Ecart كمفهوم لسانياتي تسرب إلى كتاباته، متمثلاً إياه في ثوبه السيميائي الجديد، من خلال القواميس السيميائية واللسانياتية الفرنسية وسواها من المصطلحات الأخرى. وتزداد عملية البحث في المجال السيميائي المصطلحي لدى باحثين جزائريين آخرين يضيق مجال البحث بذكرهم جميعاً.
أما الوجه الآخر القمين بالتدليل ـ ضمن أبرز الجهود المصطلحية ـ فذاك ما تمثله الباحث رشيد بن مالك* وأنجزه في قاموسه الموسوم مصطلحات التحليل السيميائي، وهو العمل الجزائري الوحيد بين الأعمال السيميائية المعاجمية المتخصصة، بالمعنى الدقيق لكلمة تخصص. وذلك بالنظر لندرة مثل هذه البحوث على الأقل في الوضع العربي الراهن.
(/)
ولأن الباحث، يعد واحداً من الباحثين المنتمين إلى المدرسة السيميائية الفرنسية، ساهم في ترجمة نسبة كبيرة من المصطلحات نقلاً عن اللغة الفرنسية، وهو الذي عاصرهم منذ المد البنيوي في رقعته المبيئة، وعاصر سيرورة بعض المفاهيم منها في واقع الأبحاث المنجزة، لدى أقطاب السيميولوجية الأوروبية، ثم وقف على تقلباتها في رقعتها العربية المغاربية.
ثم أن عمله هذا، يندرج ضمن استراتيجية البحث السيميائي التي وضعتها ـ رابطة السيميائيين الجزائريين ـ المؤسسة في جامعة سطيف 1998، ويعد الباحث رشيد بن مالك أحد مؤسسيها والرامية إلى جملة من الأهداف بينها.
1 ـ ترقية المستوى النظري والتطبيقي للممارسات السيميائية.
2 ـ خلق نوع من الترابط بين السيميائيين في العالم.
3 ـ إيجاد وسائل للتواصل والحوار بخصوص هذا العلم.
توفير النشريات والتشجيع ترجمة المصطلحات والمفاهيم134.
وقد حاول الباحث في هذا المعجم، الإفادة من الأعمال الرائدة في هذا المجال، وفي صدارتها بعض المعاجم العربية مثل معجم اللسانياتية لبسام بركة والمعجم الفلسفي لجميل صليبا وبعض الأعمال النقدية المترجمة لنقاد أمثال. بارط، وتودوروف، ووجينيت، فضلاً عن بعض الجهود البارزة الأخرى منها "المعجم الأدبي" لجبور عبد النور. ودراسات أجنبية متخصصة.
وكانت نقطة الانطلاق في إعداد هذا المعجم هي واقع الحركة الأدبية والثقافية العربية واحتياجات هذا الواقع، فالحركة الأدبية العربية تموج بالتيارات المختلفة المتفاعلة مع التيارات العالمية دون أن تكون مجرى صدى لها، كما أنها تتمثل نزعات ومفاهيم وتقنيات ليست منطقة الصلة بنظائرها في العالم لكنها مختلفة متباينة في بيئتها الإقليمية العربية مشرقية ومغربية.
(/)
وكان لا بد للمصطلحات أن تحتل مكانها المناسب في اهتمامات الحركة الأدبية العربية من هذا المنطلق. لذلك كان معيار الاختيار بين المصطلحات ومعيار أهميتها النسبية هو درجة ارتباط المصطلح بمشاكلات الحياة الأدبية الفعلية، وقدرته على إضاءة الطريق أمام المنتج الأدبي والنقاد والقارئ ولم تكن المشكلة المطروحة في المحل الأول تقديم عرض واف لكل التيارات والنزعات والتقنيات الموجودة في العالم. لذلك لم يقدم المعجم الأصول اللغوية للمصطلحات إلا إذا كان ذلك ضرورياً لفهمها، فالمصطلح يتجاوز دلالته اللغوية المباشرة في أكثر الأحيان، ومعناه هو طريقة استعماله.
ولذلك، حاول الباحث في هذا المعجم أن يستعمل المصطلح العربي المترجم الشائع على الأقلام والألسنة وأن يستعين بمبادرة الرواد الذين قدموا وما زالوا يقدمون المبادرات الثمينة، وأن يتفادى الترجمات الركيكة والغريبة، التي تبتعد عن الدقة. وذلك عن طرائق الاعتماد على تحديد المصطلحات وفقاً لما هو سائد في المعجم السيميائي المعقلن لقريماس وكورتيس، المشكلة نقطة ارتكاز البحث، ومن خلال ذلك ترجم نسبة كبيرة من المصطلحات باللغة الفرنسية أعقبها بالترجمة الإنجليزية والعربية. مقدماً شروحاً مفصلة لهذا المصطلحات.
وقد ابتعد المعجم عما لا يسهم في الخصوصية الأدبية للمصطلح فلم يقف عند المدارس "اللسانياتية" أو المصطلحات "الألسنية" إلا فيما له علاقة بحقيقة النقد، ولم يتعرض إلى المصطلحات السيميائية العربية المتكاثرة، والتسميات المختلفة بخصوص المصطلح الواحد وداخل الإقليم العربي الأوحد والبلد الموحد. كما أن هذا المعجم يشير إلى استقرار اللسانياتيين والسيميائيين الغرب على مصطلحات تؤسس للدرس السيميولوجي الأوروبي والدرس السيميوطيقي الأنجلوساكسوني، ومثل هذا الاستقرار تفتقده الساحة النقدية العربية في الزمن الحاضر.
(/)
وقد اتبع المعجم في ترتيب المفردات اعتبار حروفها الأولى وفقاً لطريقة نطقها على أساس التسلسل الهجائي (الألفبائي) دون ردها إلى جذورها ودون مراعاة للحروف الأصلية أو المزيدة. وتبعاً لما هو سائد في الساحة النقدية العالمية، ووفق منهجية تسهل على القارئ البحث عن المفردة دون جهد يبذله في تجريدها من الحروف الزائدة.
ونرجو أن يتمكن هذا المعجم من إقامة رابطة بين المصطلحات التقليدية والمصطلحات الحديثة، وبين المصطلح العالمي والمصطلح العربي المعاصر. ثم رابطة سيميائية عربية على غرار تلك المؤسسة في الجزائر، وليكن هذا العمل بادرة أولى لبوادر أخرى عربية قد تساهم يوماً في فك ألغاز الإشكالية المصطلحية، وما ذاك على نقادنا وباحثينا بعزيز.
4 ـ خلاصة وآفاق:
ممّا سبق يتضّح جلياً، أنّ المصطلح في ثقافتنا المعاصرة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإشكالية انتقال النظرية. كما أنّ المدخل إلى إشكالية المصطلح والمصطلح النقدي بوجه أخص لا تبتعد عن دائرة وقوع الثقافة العربية في منطقة تعيد فيها قراءة المصطلح قراءة غير منتجة. وسواء تعلّق الأمر بالمصطلح النقدي أم المصطلح السيميائي، يتضّح أنّ جلّ الممارسات النقدية العربية لا تفكك المصطلح وتعيد بناءه في مجال الممارسة المباشرة فتقرأ خلفياته وواقعه ومكان إنتاجه وإنما تقف في أغلبها عند حدود المساءلة والنقل لا غير.
وقد اتضّح، أنّ حجم إشكالية المصطلح اللسانياتي والسيميائي بوجه عامّ أبعد ممّا تتصوّر، وهي لا تقتصر على مجال دون آخر، تتوالد خلالها المصطلحات مع ظهور النظريات اللسانياتية، وهي تشمل جميع مشاغل المثقفين والمفكرين في النقد الأدبي واللسانيات والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النّفس وسواها من العلوم. وخاصّة إذا أدركنا، أنّ جميع الحقول المعرفية تتحدّد بتحديد دلالات مصطلحاتها واستقرار مفاهيمها، وبقدر ما كان المصطلح شائعاً رائجاً تقبّله الباحثون وتحقّق معه استيعاب هذه النظرية أو تلك.
(/)
ومعلوم، أنّ هجرة المصطلح اللسانياتي والسّيميائي لا تحدّ بموقع دون آخر، بل هي تطأ مجالات المعرفة وتهاجر منها إلى أخرى، وفدت وتفد من أوروبا ومن أمريكا وإنجلترا إلى البلاد العربية، بمشرقها ومغربها، فتصل تارة نقية غير مشوبة بالزلل واللحن، وأخرى يعمّها الاختلاف والتباين في الصوغ، كما تهاجر مع هجرة الأجناس الأدبية والأعمال المنقودة لتصل ميدان الاصطلاح، ليوحي بكلّ تشعّباته وتعقيداته.
وعلى هذا الأساس، اعتبرنا إشكالية المصطلح إشكالية شاملة، تختصّ باللسانيات وبالسّيميائيات، وبجميع النظريات المستحدثة كإشكالية وافدة إلى ميدان النقد العربي المعاصر، فأثرنا اسئلتها في مجال النظرية والأفهوم. وفي مجال الخلفية الابستيمية المبيئة في الثقافة العربية، ثم في المنجز الراهن لدى الباحثين اللسانياتيين والسيميائيين. طارحين أسئلة تنشر وتتسع معها موضوعات متشعبة ومتقاطعة، راغبين الإجابة على أعقد إشكالية تصخر حسب الثقافة العربية المعاصرة.
وقد اتضّح كذلك، أنّ هذه الإشكالية في النقد المعاصر تعدّ قضية جدلية قائمة في جلّ اللّغات، لا سيما اللّغات المستقبلة والمستفيدة للنظريات والمصطلحات. من الحضارات الغربية الرائدة. وتتسع دائرتها مع اتساع مجال الممارسات النقدية وعدد الخائضين في مجال المصطلحية، والساعين إلى خلق مشروع نقدي مصطلحي خالص، يخفف العبء على الباحثين في هذا المجال، وييسر علينا أمر القضية المطروحة.
ويستخلص الباحث في مجال المصطلحية، أنّ أولى العقبات التي تواجهه في ذا المساق، تتعلّق بضرورة اعتماد مدونة تشم كلّ الرّصيد المصطلحي العربي المعاصر، يساهم في إنجازها المشارقة والمغاربة على حدّ سواء. لا تنحاز لمصطلح دون آخر، من غير قواعد متفق عليها سلفاً وضمن المدونة العربية المشتركة. فضلاً عن توافر شروط ومقاييس، وطرائق علمية تحكم المصطلحات جميعاً.
(/)
وقد لوحظ، لدى أغلب الباحثين غياب القواعد والأدلة المبررة التي تساعدنا على استخلاص إيجابيات وسلبيات المصطلح المعاصر، وضمن مصطلحية عربية علمية موحّدة ومتطوّرة، تسهّل علينا نقل النظريات نقلاً مرتكزاً على حجج وبراهين، فيعتد بها جل"ّ الباحثين العرب. ولذلك وجب أن توكل المهمّة إلى:
ـ المجامع اللغوية والمؤسسات والهيئات المتخصصة فضلاً عن بنوك المعلومات والمصطلحات. لتساهم جميعها في وضع المعاجم الاصطلاحية العربية على المستويين النظري والإنجازي. وفي شتى العلوم. فتسلم المصطلحية العربية عندئذٍ من المتناقضات. ويسلم الباحثون من الاعتداد بالكم على حساب الكيف في صياغة المصطلح، ومن الارتجاليين في التأسيس للمصطلحات. ونحسب أنّ العملية يسيرة سهلة، إذ أخذ أصحابها في الحساب مسألة التوفيقات. في التأسيس للمعجم، بين كلّ ما هو تراثي وكلّ ما هو عصراني حداثي.
لأنّ الواقع العربي، يشهد بغنى التراث العربي وقواعده ونحوه ومفرداته الثرية الوافرة، والكامنة لوضع مدوّنة شاملة كاملة، قادرة أن تستثمر استثماراً علمياً مفيداً. وتلك العقبة الثانية.
وقد اتضّح، أنّ جلّ المصطلحات والتطوّرات لدى الباحثين العرب في مجال المصطلحية، مرتبطة بالنظريات اللسانياتية الحديثة في التّنظير والإنجاز. انطلاقاً من تطوّرات أقطاب مدرسة جنيف وعلى رأسهم فردينارد دي سوسير، الذي زوّد بكتابه ـ "دروس في اللسانيات" ـ السّاحة النقدية العربية بثروة لغوية مصطلحية روّجتها نظرياتها الرّائدة مثل: البنيوية وتلتها مثل التوزيعية والوظيفية أو مدرسة نوام تشومسكي الأنجلوساكسونية ونظرياتها مثل التوليدية والتحويلية، وما إلى ذلك من فروع مساهمة في مجال تشرّب الباحثين العرب بذلك، ومن مشربين أساسيين أوروبي وأنجلوساكسوني.
(/)
فقد لاحظنا مثلاً، أنّ النقاد العرب ساهموا كثيراً في نقل المصطلحات عن هذه النظريات. ولو بالتدريج عن طريق إيفاد البعثات إلى الخارج للتكوين في المدارس الأوروبية والأمريكية. وتارة أخرى سلكوا مسلك ترجمة المصطلحات بجوانبها السلبية والإيجابية عن هذه الثقافات، ومن وجهات نظر مختلفة. فساهموا في إغناء الثقافة العربية وأحيوا مصطلحات جديدة، فضلاً عن سعيهم إلى احتواء هذه المصطلحات الأجنبية بمصطلحية تراثية ووسائل عربية خالصة. وقد تمت هذه الجهود عبر تعقيبات أفصحنا عنها خلال هذا المبحث في الوضع والتحسن في النقل والترجمة وأخيراً الإحياء والابتداع.
وكان لذلك أثر واضح في المؤلفات العربية المهتمة باللسانيات الحديثة، بحيث انقسم أصحابها إلى ثلاث فئات رئيسة: الأولى اهتمت بالترجمة، متمثلة في إسهامات صالح القرمادي ومعاونيه في ترجمة كتاب "الدروس" لفردينارد دي سوسير، تنظيراً للمفاهيم والمصطلحات الألسنية، والثانية، توفيقية، تأثرت بفعل هذه الحركية الحداثية ومصطلحاتها، وحاولت التوفيق بين ما هو في التراث العربي الأدبي والنقدي ومعاجميته وما هو من مصطلحات ومفاهيم ألسنية حديثة، ودليل ذلك إسهامات علي عبد الواحد وتمام حسان وريمون طحان وسواهم من الباحثين، وفئة ثالثة تعدّت حدود التقليد والتوفيق إلى الإحياء والابتداع، وإن شئنا التنظير لمصطلحية عربية خالصة منقولة بطرائق وآليات عربية خالصة.
أرادوا من خلالها ابتعاث اللفظ القديم ومحاكاة معناه العلمي الموروث بمعنى علمي حديث يضاهيه، ونخصّ بالذكر في ـ هذا السياق ـ إسهامات مازن الوعر، وعبد السّلام المسدي، وميشال زكريا، وسواهم من الباحثين.
بالعموم، وبخصوص انتقال المصطلحات إلى البيئة العربية، لقد زوّدتنا اللسانيات الحديثة وبالأحرى علم المصطلح أو "المصطلحية الألسنية" بمصطلحات ونظريات أساسية تعدّ مفاتيح لمعالجة القضية المطروحة.
(/)
أما بخصوص واقع المصطلح السيميائي، فقد توصّلنا إلى إقرار جملة من المبادئ حول المصطلح العربي وطرائق وضعه وأساليب تعميمه، عن طريق سرد ضروب من هذه المصطلحات بالكمّ والكيف والمبادئ هي:
1 ـ إيجاد مجموعة من المعاجم المعاصرة التي تعدّ مفاتيح الدّرس السيميائي العربي، أبرزها "معجم المصطلحات الأدبية" لسعيد علوش، والمصطلحات اللغوية الحديثة لمحمد رشاد الحمزاوي، ثمّ معجم اللسانيات لبسّام بركة.
2 ـ وفي مجال النقد، أفضت الدراسة إلى ظهور سيميولوجيات متولّدة عن التعارض في المنطلقات والتصوّرات والمفاهيم والمصطلحات. فسار بعض النقاد على منوال السيميولوجية الفرنسية ناقلين المصطلحات عن مدرسة قريماس. وسلك مثل هذا الاتجاه لفيف من النقاد المغاربيين. كما سار نقاد آخرون على منوال السيميوطيقا الأنجلوساكسونية في المشرق والمغرب العربيين. وصنف آخر من النقاد أعلنوا إفادتهم في كثير من الأفكار من قريماس، وجينيت، وميتران، وأخذوا بقسط وافر من النظريات الأنجلوساكسونية بالتوفيق.
وقد أمكن تلخيص المصادر المصطلحية لدى جلّ النقاد العرب ضمن ثلاثة مصادر هي:
1 ـ المصدر البلاغي (التراثي).
2 ـ المصدر الألسني (الحداثي).
3 ـ المصدر السيميائي (الأوروبي والأنجلوساكسوني).
وهكذا، تحدّد الاقتراحات السّابقة المصطلح الألسني بوظيفته فتجعله وسيطاً بين الثقافات الأجنبية والعربية، فتعدّ اللغة عملية توسيط يحتلّ فيها كلّ عنصر مكانة تتحكّم بها قواعد ثابتة، كما يستخلص أنّ الكلمة (أي المصطلح) يحضر حضوراً مستمرّاً في أدبيات النقاد والسيميائيين العرب على رغم ما فيه من اختلاف وتباين ومغايرة.
(/)
كما يجوز التأكيد كذلك على الآثار التي تركتها النظريات السيميائية الغربية على المخزون الثقافي العربي، بحيث أثرته ووسعت رقعة البحث فيه. ولربما كان في هذا التأثير اقتراب كشف جديد عن ملامح جديدة لهوية المصطلح العربي. الذي ينطوي على دلالات قاموسية ثرية. ويفرض على القرّاء تحدّيات كبرى تفرض عليه الإطلاع على النظريات اللسانياتية وخلفياتها الابستيمية لئلا يبقى معزولاً قاصراً على الفهم والإفهام.
كما تبين للقارئ الحصيف، أنّ أوجه الشبه كثيرة بين النقاد العرب في صياغة المصطلحات الألسنية كما أنّ أوجه الخلاف بينهم متعددة أيضاً. وإلاّ فكيف نفسّر خضوعها جميعها لهذا الإنباء المزدوج وهذا التكاثر المصطلحي لدى باحث واحد من بيئة عربية موحّدة أو لدى الباحثين أجمعين.
لأنّ، تضارب استعمالات المصلحات، بين ولادتها الأصلية (الغربية) ـ في مصادرها الأولى ـ وتناقلها عبر وسطاء ثقافيين، يخضعون لتقاليد ومواضعات اجتماعية وثقافية مختلفة، يسمح للمصطلح بانزياحات تطبع استعماله وكتابته ثم قراءته في التطبيقات النقدية.
من ها هنا، توخينا في البحث وضع إطار عام ومناظير وأهداف نراها ضرورية في تكوين المصطلحات النقدية،ومساهمة في الحدّ من هذه التراكمات الكمية والنوعية وهذا التخلف المعاجمي المساير لها وهي على النحو الآتي.
1 ـ ضرورة التنسيق بين جهودات الباحثين في مجال المصطلحية، من ذلك الاهتمام بالهيئات والمنظمات والبنوك الرّسمية في إيجاد المصطلحات.
2 ـ اعتماد معياري الاطراد والشيوع، فيرجع مصطلح واحد من اثنين أو من ثلاثة، بحسب الشيوع والسهولة في النطق.
3 ـ لا جرم من توحيد منهجيات وآليات صياغة المصطلح، ونقله من بيئة غربية واحدة موحّدة من غير تلفيق، ومحاولة ملائمة هذا المصطلح مع ميدان علمي واحدٍ دون غيره.
(/)
4 ـ تشجيع المعاجمية العربية، ومعناه اعتماد المعيار الكمي والنوعي في إيجاد المعاجم، بغية اشتقاق المصطلحات منها، والتزام الباحثين المعاجميين بهذه المهمة قبل النقاد.
5 ـ تنزيل المصطلحية والمصطلح النقدي كمادّة وجب على الطلبة والباحثين التعامل معها باعتبارها معرفة علمية أساسية.
6 ـ ضرورة اعتماد المعايير الألسنية الحديثة ركيزة لوضع المصطلح العربي. لتجاوز إشكاليات الإحياء والابتداع.
7 ـ ضرورة الاقتناع بأنّ علم المصطلح وإشكالياته، لا تقتصر على الوسائل التقليدية في الصياغة مثل: التعريب والترجمة وسواهما، بل تتجاوز ذلك إلى الممارسة الفعلية مثل التقييس. وعليه فليس بالضرورة أن يكون كلّ ناقد حصيف مبتكراً بارعاً منتجاً لمصطلحات موحّدة.
8 ـ التحلّي بالعلمية والحياد أساساً لكلّ عمل مصطلحي جاد في التنمية اللغوية، عن طرائق تشجيع أعمال المجامع والمنظمات في الواقع.
للتلخيص، إنّ بين مصادر إشكاليات المصطلح النقدي بشكل عامّ، تلك المفارقات الدالة على ارتباط النقاد العرب ببيئات عربية إقليمية مختلفة، تتعدّد معها القراءة، وتنزاح معها المصطلحات انزياحات متشاكلة أو متباينة. لكن المجمل العامّ لمثل هذا المشغل في النقد العربي، يفضي إلى تمثيلات في النظرية، وفي المنهج، وفي المصطلح، وتمثلات في الممارسة النقدية لدى جلّ الباحثين.
***
هوامش الفصل الثالث
1. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص 31.
2. أحمد شامية، خصائص العربية والإعجاز القرآني في نظرية عبد القاهر الجرجاني ص 103.
3. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر، ص 11.
4. صالح بلعيد، في قضايا فقه اللغة العربية، ديوان المطبوعات الجامعية. ص 37.
5. ينظر عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، تونس، 1984، ص 47 ـ 53.
(/)
6. يوسف وغليسي، إشكاليات المنهج والمصطلح في تجربة عبد الملك مرتاض النقدية. بحث مقدم لنيل درجة الماجستير.جامعة. قسنطينة. 1995 ص 02. مخطوط.
7. عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 393.
8. محمد حلمي هليل، دراسة تقويمية لحصيلة المصطلح اللسانياتي في الوطن الوطن، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1991، ص 287.
9. رشيد بن مالك، مقدمة في السيميائية السردية، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2000، ط1، ص 69.
10. ينظر، الجاحظ (أبو عثمان)، البيان والتبين، ج 1، م س ص 13.
11. ينظر، الجاحظ (أبو عثمان)، الحيوان، ج1، .. م س ص 327 ـ 336.
12. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر، ص 11.
13. أحمد حساني، المصطلح اللسانياتي في التراث، من التأصيل إلى التفعيل، المصطلح، مجلة علمية أكاديمية، كلية الآداب والعلوم والإنسانية، جا. تلمسان. العدد 01 مارس 2000، ص 84.
14. أحمد حساني، المصطلح اللسانياتي في التراث، ص 84.
15. محمد طبي، وضع المصطلحات، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر 1992، ص 18.
16. عبد الجليل مرتاض، هذه العربية واقع وآفاق، نصوص وأعمال الندوة الدولية 6 ـ 8 نوفمبر 2000 منشورات المجلس الأعلى للغة العربية، الجزائر، 2001.
17. عبد العلي الود غيرى، مجلة اللسان العربي عدد 49 مكتب تنسيق التعريب، الرباط، 2000، ص 10.
18. ينظر مثلاً: زبير دراقي، محاضرات في اللسانيات التاريخية والعامة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ص 16 وما بعدها.
19. منذر عياشي، اللسانيات والدلالة، مركز الإنماء الحضاري، حلب، ط1، 1996، ص64.
20. محمد طبي، وضع المصطلحات، ص 46.
21. سمير عبد الحميد إبراهيم، الترجمة واللغات الشرقية وقضية المصطلح الديني، مجلة الفيصل، مجلة ثقافية شهرية، السنة 25، العدد 291 نوفمبر، ديسمبر 2000،
ص 28، 29.
(/)
22. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، الدار العربية للكتاب، 1984، ص 16.
23. تمام حسان، اللغة العربية، معناها ومبناها، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1973.
24. من ذلك ما أوردته مجلة مواقف في أحد أعدادها، من خلاصات حول مؤلفه المذكور، ينظر: مواقف، عدد 9، السنة 1970، ص 149.
25. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد الحديث، ص 19.
Ed flammarion 1971. Paris p52 Trad. Daniel delas. Ed
26. M. RIFFAHERE، Essais de stylistique structurale، trad. Daniel.
27. مجلة الحياة الثقافية، العدد 2، نوفمبر/ديسمبر 1976، ص 32.
28. صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي. دار الآفاق الجديدة. بيروت. ط 3. 1985 ص 73.
29. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، نحو بديل ألسني في نقد الأدب، الدار العربية للكتاب، تونس، ليبيا 1977. ص 55.
30. ينظر: محمد طبي، وضع المصطلحات، ص 46.
31. محمد أبو خزار، حوار أجراه جهاد فاضل، مع أربعة أدباء مغاربة، مجلة الجيل، 09، 1988، ص 79.
32. مازن الوعر، دراسات لسانية تطبيقية. دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر. دمشق. ط 1983 ص 40.
33. محمد مفتاح، التشابه والاختلاف، نحو منهجية شمولية. المركز الثقافي العربي. المغرب. المغرب. ط 1 عام 1996.. ص 197.
34. في هذا المقال: قدم الباحث أهم الاتجاهات التي سبقت البنيوية ومن أبرزها: الاتجاه الصرفي (Projectif) والاتجاه التفسيري Interprètatif أوعز اكتشاف الفكر البنيوي إلى تودوروف، لمزيد من التفصيل ينظر: مجلة مواقف. العدد 16، تموز/آب 1971، ص 135/151.
35. مجلة المواقف، عدد 29، خريف 1974، ص 152 ـ 160.
36. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، ص 31.
37. مجلة الأقلام، المغرب (الرباط)، العدد 10، السنة 1979، ص 23.
38. Jean DUBOIS Dictionnaire de luinguistique libairie laruosse، 1973.
(/)
39. خلدون الشمعة، النقد والحرية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1977، ص 8.
40. ونعني بذلك مؤلفه "المنهج والمصطلح" بحيث عالج الإشكالية الجديدة في النقد العربي الحديث. لمزيد من التفصيل ينظر: خلدون الشمعة، الإشكالية الجديدة في النقد العربي الحديث، مدخل إلى أدب الحداثة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1979، ص 29 إلى 49.
41. خلدون الشمعة، المصدر السابق، ص 49.
42. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصلح النقدي، ص 44.
43. مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، مدخل، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ط1، 1988، ص 420.
44. مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، ص 426.
45. محمد الدغموني، انتقال المفاهيم (نقد النقد)، مجلة علامات ج 31، مج 8، ذو القعدة /فبراير ذ999، ص 62.
46. ميشال فوكو، نظريات المعرفة، ترجمة سالم يفوت، دار الطليعة 1988، ص 55 ـ 56.
47. ينظر: إدوارد سعيد، انتقال النظريات، مجلة الكرمل، العدد 9، 1998، ص 1.
48. عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية، الدار التونسية للنشر اللسانيات وأسسها المعرفية، الدار التونسية للنشر، تونس، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، أوت 1986، ص 17.
49. خلدون الشمعة، الشمس والعنقاء، دراسة نقدية عن المنهج والنظرية والتطبيق، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق (سوريا)، 1974، ص 13 ـ 51.
50. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، ص 37.
51. قاموس (إنجليزي ـ فرنسي ـ عربي)، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، العدد 1/5/1985، ص 272.
52. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية، (المصدر السابق).
53. ينظر: خليل حماش منشورات تطوير تدريب اللغة الإنجليزية في العراق، بغداد 1982 (260 صفحة) ينظر مثلاً: ص 245.
(/)
54. محمد علي الخولي، معجم علم اللغة النظري، إنكليزي عربي، مكتبة لبنان 1982، ص 350.
55. محمد حسن باكلا وآخرين، معجم مصطلحات علم اللغة الحديث عربي إنكليزي، إنكليزي عربي، مكتبة لبنان، 1982، ص 103.
56. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، م س.
57. بحيث خصص الباحث فصلاً خاصاً بالمصطلح اللسانياتي ووضعه، ومسرداً مصطلحياً، لبعض المصطلحات الفنية فيما يقارب 20 صفحة، (عربي، فرنسي، إنكليزي) لمزيد من التفصيل ينظر: عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص 391 و419 وما بعدها.
58. مازن الوعر، نحو نظرية لسانية وظيفية لتحليل التراكيب الأساسية في اللغة العربية، ديوان المطبوعات الجامعية، السنة 1984 (المسرد المصطلحي).
59. بيير جيرو. بكتابيه:
علم الإشارة. السيميولوجيا. ترجمة. منذر عياشي. ط 1. دار طلاس. دمشق 1992.
علم الدلالة. ترجمة. منذر عياشي. ط1. دار طلاس. دمشق 1992.
60. سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، منشورات المكتبة الجامعية، الدار البيضاء 1984، (المسرد المصطلحي).
61. حنون مبارك، دروس في السيميائيات، دار توبافال للنشر، المغرب، ط1، 1987، ص 100.
62. ينظر مثلاً: روبرت شولز، السيمياء والتأويل، ترجمة سعيد الغانمي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الأردن، ط1، 1999، ص 9 وما بعدها.
63. F. de Saussure، cours de linguistique gènèrale payat. Paris 1978 p 33.
64. لمزيد من التفصيل، ينظر: محمد خير البقاعي، أزمة المصطلح في النقد الروائي العربي، مجلة العربي، شتاء 1996، العدد 83. ص 17، وص 83.
65. عادل فاخوري، حول إشكالية السيميولوجيا (السيمياء)، مجلة عالم الفكر، المجلد 24، غ 3، الكويت، مارس 1996.
66. رشيد بن مالك، إشكالية المصطلح اللسانياتي في النقد العربي المعاصر، حوار أجريناه مع الباحث، نشر ضمن جريدة (الرأي) صيف 1988.
(/)
67. منذر عياشي، اللسانيات والدلالة، مركز الإنماء الحضاري، حلب، ط1، 1996، ص36.
68. ينظر: جورج مونان، مفاتيح الألسنية، تعريب الطيب البكوش، تونس 1981، ص 111.
69. منذر عياشي، اللسانيات والدلالة، ص 115.
70. رشيد بن مالك، إشكالية المصطلح اللسانياتي في النقد العربي المعاصر. م س.
71. جيلالي الكدية وأحمد المأمون، مقدمة، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (سال) العدد 6، خريف ـ شتاء 1992، المغرب (المقدمة)، ص 5.
72. رشيد بن مالك، إشكالية ترجمة المصطلح في البحوث السيميائية العربية الراهنة، مجلة بحوث سيميائية، دار الغرب للنشر والتوزيع، ع 01، سبتمبر 2002، ص 48.
73. المرجع السابق، ص 48.
74. نفسه، ص 49.
75. جوزيف شريم، التعيين والتضمين في علم الدلالة، مجلة الفكر العربي المعاصر، ع 18 ـ 19 مركز الاتحاد القومي، بيروت، آذار 1982 ص 72.
76. جورج مونان وآخرون، البنيوية والنقد الأدبي، ترجمة محمد لقاح، دار إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1990، ص 75.
77. حميد لحميداني، سحر الموضوع، مطبعة النجاح الجديدة، المغرب، 19990، ص 93.
78. سعيد علوش، النقد الموضوعاتي، شركة باسل للطباعة، الرباط 1989، ص 11.
79. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة، ص 83 ـ 84.
80. المصدر السابق، ص 130.
81. عبد العزيز طلمات، الواقع الحالي وآليات إنتاج الوقع عند وولف غانغ ايزر، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية، ع 6، 1992، ص 63.
82. سامي سويدان، مجلة الفكر العربي المعاصر، المرجع السابق، ص 226.
83. Bassam BARAKE، Dictionnaire de linguistique Francais. Arabe. Jarrouss press-Liban. P 1 et 2.
84. ج. بوهايس وآخرون، معجم اللسانيات في مجلة التواصل اللسانياتي، م 3، العدد 1، دار النجاح الجديدة، المغرب، مارس 1991، ص 76 ـ 86.
85. يوسف غازي، مدخل إلى الألسنية، دمشق 1985، ص 270 ـ 40.
(/)
86. عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي، دراسة سيميائية للشعر الجزائري. ديوان المطبوعات الجامعية. ط 1 ـ 1993 ص 1.
87. ينظر: عبد الملك مرتاض، مدخل في قراءة الحداثة، مجلة البيان، رابطة الأدباء بالكويت، العدد 323، 1997، ص 11، 12.
88. وهي أسماء من قائمة أوردها الباحث، ينظر: محمود الحاجي البشير، الكتابة المسرحية، سيميائيات الخطاب، مجلة كتابات معاصرة، بيروت،ا لعدد 26، مجلد 7، 1996، ص 77 ـ 78.
89. ينظر: فاضل تامر، مقاربات النقاد المعاصرين، مجلة كتابات معاصرة (بيروت)، العدد 2، السنة 1999، ص 35.
90. رشيد بن مالك، إشكالية ترجمة المصطلح في البحوث السيميائية (المرجع السابق)، ص 44.
91. Jean DUBOIS et les autres Dictionnaire de linguistique. p 434-435.
92. مازن الوعر، نحو نظرية لسانية عربية حديثة لتحليل التراكيب الأساسية في اللغة العربية، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، سورية، ص 10، 13.
93. ينظر ترجمة عبد السلام بنعبد العالي، دار توبوقال، الدار البيضاء، 1986، ص 40 أو ترجمة: بدر الدين عرودكي، الفكر العربي المعاصر، ع 25، 1983، ص 63 ـ 77.
94. مازن الوعر، (المصدر السابق)، ص: 91.
95. نفسه، ص 98.
96. عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية، الدار التونسية للنشر (تونس)، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر، أوت 1986، ص 47.
97. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، م. س. ص 13.
98. ينظر: عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، ص 218، 236، 185، 203، 207، 180، 295، (على التوالي).
99. ينظر: عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، ص 201 للتدليل على مثل الحكم النقدي أمكن الرجوع إلى النص الأصل: Dictionnaire de la thèorie du langage o 247.
100. ينظر، عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص 52.
101. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، الدار العربية للكتاب، تونس، ط 2، 1982، ص 99.
(/)
102. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص 100.
103. محمد مفتاح، التحليل السيميائي، أدواته وأبعاده، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية. المغرب. العدد 1.. خريف 1987. ص 14.
104. ينظر: بحثنا، الدرس السيميائي بين عبد الملك مرتاض ومحمد مفتاح، رسالة ماجستير، معهد اللغات والفنون، جامعة. وهران 1999، مخطوط ص 27.
105. ينظر: محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص ـ المركز الثقافي العرب، المغرب، ط 1، 1986، ص 8.
106. إنّ نظرية "الجشتلت" أو نظرية "الصيغة تطورت في جو الفينومينولوجيا، ولكنها لم تأخذ منها سوى مفهوم التفاعلية بين الذات والموضوع، وقد ولدت عام 1912 من أعمال "كوهلروم ورتمير المتقاربة، وامتدت إلى علم النفس الاجتماعي، الذي يعود إلى "ك. لفين" وإلى تلامذته، لمزيد من الاستفادة ينظر: جان بياجه ـ البنيوية ـ ترجمة عارف منيمنة وبشر أوبري، منشورات عويدات ـ بيروت، باريس، ط2، 1980، ص 46.
107. ينظر أحمد يوسف، الخطاب السيميائي واللسانيات، السيميولوجيا والبيولوجيا، نظريات نقدية، مجلة كتابات معاصرة، مجلة الإيداع والعلوم الإنسانية، بيروت، ع 4، 1991، ص 52.
108. محمد مفتاح. دور العرفة الخلفية في الإبداع والتحليل، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (سال)، الدار البيضاء ـ المغرب، العدد 6، 1992، ص 88.
109. محمد مفتاح، دينامية النّص، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط1، 1987، ص 25 ـ 26.
110. سعيد يقطين، قضايا واقتراحات (مخطوط).
111. سعيد يقطين، قضايا واقتراحات. م س.
112. المرجع السابق.
113. ينظر: سعيد يقطين، نظريات السرد وموضوعها في المصلح السردي، مجلة علامات (مكناس)، العدد 6، 1996، ص 43.
114. سعيد يقطين، كتابة تاريخ السرد العربي، والصيرورة، مجلة علامات، ج 35، مج 3، مارس 2000، ص 40 وما بعدها.
115. وهي المصطلحات والمفاهيم التي عرضها في جلّ مؤلفاته السردية.
(/)
116. عبد العالي بو طيب، مستويات دراسة النص السردي، الرواية نموذجاً، مجلة علامات (المصدر السابق)، ص 140 وما بعدها.
117. عبد العالي بو طيب، المصدر السابق، ص 149 وما بعدها.
118. نجاة عبد العزيز، آفاق الترجمة والتعريب، مجلة عالم الفكر، م 19، ع 3، 1989، ص 11 ـ 12.
119. عبد العالي بو طيب، إشكالية المصطلح في النقد الروائي العربي، ص 152....
120. شاكر عبد الحميد، ندوة النقد العربي، وأزمة الهوية، مجلة القاهرة، ع 160، 1196، ص 60.
121. اكتفينا في هذا البسط التركيز على أهمّ المصادر الأساسية في مصطلحية عبد الملك مرتاض، وقد خصصنا الباحث بقسط وافر من الدراسة في رسالة الماجستير الموسومة: الدرس السيميائي بين محمد مفتاح وعبد الملك مرتاض. (المصدر السابق).
122. الزمخشري، أساس البلاغة، تحقيق عبد الرحيم محمود. دار المعرفة بيروت. /د ت. ص 114.
123. الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط3، دار الفكر، 1980، ج2، ص 217 ـ 253.
124. عبد الملك مرتاض، ألف ليلة وليلة (تحليل سيميائي تفكيكي لحكاية جمال بغداد)، ديوان المطبوعات الجامعية، 1993، ص 86.
125. عبد الملك مرتاض. ألف ليلة وليلة، ص 109.
126. عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة (أين ليلاي؟)، لمحمد العيد آل خليفة ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر، ط1، 1992، ص 20.
127. هذه الدراسة هي الرافد الثاني ضمن التيار البنيوي، ازدهرت في العقدين الثاني والثالث وتأسست عام 1915 ونبغ من خلالها مجموعة من طلبة الدراسات العليا في موسكو، وأسست حلقة "موسكو اللغوية" كحركة تهدف إلى استثمار الحركة الطليعية الأدبية والقضاء على المناهج النقدية مع الظاهرة الأدبية، ومن أبرز أعلامها (رومان جاكوبسون). لمزيد من الاستفادة ينظر: صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي ـ دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط3، 1985، ص 54.
(/)
128. عبد الملك مرتاض، أي: دراسة سيميائية تفكيكية، ص 16.
129. من ذلك مصطلح "الحيز" لمزيد من الاستفادة ينظر الصدر السابق، ص 101.
130. نفسه، ص 21.
131. نفسه، ص 191.
132. ينظر: عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة قصيرة القراءة ـ تحليل مركب لقصيدة "أشجان يمانية سيميائية، دار المنتخب العربي العربي، بيروت، 1994، ص 109.
133. ينظر: عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة ـ قصيدة القراءة، ص 181.
* ـ وقد اعتمدنا هذا المنجز مرغمين لأن الأستاذ الدكتور المشرف دعانا في غير مرة إلى عدم اعتماد أعماله ضمن هذا البحث لاعتبارات بينها مهمة الإشراف عليه. ولما كانت المراجع السيميائية نادرة في هذا المجال رمنا التدليل بهذا العمل على وضع المصطلحية السيميائية النشوئية في الوطن العربي تاركين الاعتبارات الشخصية جانباً.
134. ينظر: عبد الحميد بورايو، قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص، م س كلمة تقديم. ص 09.
،،،
الباب التطبيقي: نماذج مصطلحية.
الفصل الأول: مصطلحات التحليل الشعري.
الفصل الثاني: المصطلح السردي
الفصل الأول: مصطلحات التحليل الشعري.
تقدمة
لعلّ الحديث عن المصطلح السيميائي وقدرته على مواكبة العصر تكرار نحن في غنى عن الخوض فيه. لكن هذا لا يمنع من التأكيد على أن ثمة دوراً متميزاً يؤدّي به إلى هذا المصطلح في عمليتي التجديد والتوليد، حيث يشكّل مدخلاً لغرس المفاهيم الجديدة في الذهنية العربية.
كما يجب التأكيد على أنه ثمة عوائق تحول بين العربية في القيام بدورها في التعبير عن منجزات العصر، ومصطلحات الدرس اللسّانياتي بشكل عام. وهو موقف أبناء اللغة العربية من كتّاب ونقّاد أنتج عجزاً في تفعيل آليات تجديد الثورة اللغوية العربية من اشتقاق ومجاز وتركيب ونحت.
(/)
نسوق هذه المقدمة، ونحن على يقين بأن للمصطلح تأثيرات نادراً ما يقدّر الناس أبعادها ـ أو يولونها ما تستحقه من اهتمام وتتصل هذه التأثيرات بالجوانب الفكرية العامة، لأن المصطلح هو صورة مكثفة للعلاقة القائمة بين اللسانيات والنقد، لا سيما المصطلح السيميائي بوجه خاصّ.
ذلك، لأن المصطلح السيميائي ـ في زماننا ـ أصبح الأكثر تداولاً لدى النقاد المعاصرين، وأصبحت الأفواه تتهافت عليه وتتهدل الأعضاء في التعامل معه في النصوص النقدية، الأكثر تناولاً لدى المشتغلين في حقل النقد المعاصر، في تحليل النصوص وفي التعامل مع الإجراءات بشكل خاصّ. فيشتغل به المبتدئ من النقاد، ليؤلف بشأنه ألفاظاً ومعاني جديدة من عنده، وبحسب الضرورة، فيبدع ويبتكر.
ثم إن مثل هذا الاضطرار، مرده إلى أسباب ضرورة تتخلص في كون المصلح وصل النقاد سماعاً أو مشافهة، ولم يقرأه في نص حتى يتمكن من تحرير ملامحه وصولاً لمعناه وهيئته في موضعه وسياقه. إضافة إلى أن مستخدمي المصطلح السيميائي مثلاً، بعضهم ليس على دراية واسعة باللغة الأم التي أنجبت هذا المصطلح، فرنسية أم إنجليزية، لذلك يبدأ بالاضطرار، فيقسر المشتغل بالنقد نفسه وأدواته على الدخول من بوابة التأويل وليس من بوابة التفسير، منتجاً جملة من المصطلحات المتباينة أحياناً والمتشاكلة أحياناً أخرى.
وصنف آخر من النقاد، يقوم بزج المصطلحات زجّاً في نقوده دون توضيح وتأويل، أمر يجعل الباحثين مضطرّين للبحث عن المعاني والدّلالات المحمولة، يركبونها على قدر أحوالهم فنلفيها مصطلحات مضطربة يشوبها الخلاف والاختلاف.
(/)
وتلافياً لهذا الواقع، ارتأينا درأ هذا الضرب من الارتجال في وضع المصطلح، معتقدين كامل الاعتقاد أن الوطن العربي، برقعته الواسعة، تسكنه أمّة واحدة، فيه تعد اللغة العربية من أهم الصلات التي تربط أبناءها من النقاد، وهي التي تربط بين أقطارها برباط الثقافة والإبداع. وعليه وجب الوقوف على مواضع الاختلاف في المصطلحات لئلا يتجمع قدرٌ من الألفاظ العلمية والنقدية في كلّ قطر يختلف عن مثيلٍ له في قطرٍ ثانٍ وثالثٍ ورابعٍ، فنعرض العربية عندئذ إلى الشكّ والرّيب وتعرّض كافة أعمال ناقدنا إلى البلبلة والاضطراب.
وممّا لا شكّ فيه، أن السيميائية بوصفها فرعاً من اللسانيات العامة تزخر بكثير من المصطلحات مثل سمة، سيميائية، نص وتناص، تشاكل وتباين، بنية وبنيوية إقونة، وشعرية ولغة وتفكيكية وقراءة، وقراءة القراءة وكتابة وتأويل وتأويلية وسواها المصطلحات من الأخرى. وهي نماذج أتت إلى النقد العربي المعاصر سواء عن طرائق الترجمة أم التعريب بحيث أصبحت تفرض علينا أن نستقرئها ونصنّفها باعتبارها كلمات مفاتيح تساعدنا على تحليل النصوص الأدبية، وفكّ شفراتها.
وبما أنّ جانباً كبيراً من المصطلحات هو السائد في واقع النقد العربي المعاصر، كان من المتعين الوقوف في هذه الدراسة على مقاربة بعض هذه المصطلحات السيميائية السّائدة في كتابات بعض النقاد العرب المعاصرين، وبحسب التأسيس اللغوي والمعرفي والاصطلاحي في المراحل المتعاقبة التي شهدتها هذه المصطلحات.
وسوف نركّز في ذلك، على بعض النماذج، اعتقاداً منا بأنها الأكثر شيوعاً لدى النقاد والباحثين في الحقل السيميائي، وهي الأكثر تعبيراً على وضعية المصطلحات السيميائي في الواقع العربي مشرقه ومغربه. فنحسب أن هؤلاء الباحثين هم أكبر المثالات التي تظهر هذه الوضعية على الأقل في حدود جغرافية إقليمية شرق أوسطية وخليجية ومغاربية.
(/)
وانطلاقاً من هذا الاستكشاف المنهجي لقوانين صياغة المصطلح السيميائي، كان بوسعنا التنبؤ بمصير ما سوف نلاقيه في حلبة الاستعمال من مصطلحات متباينة لدى المشارقة والمغاربة على حدّ سواء، محاولين تبيان أهم القواعد العامة التي سار في فلكها النقاد في صياغة المصطلحات النقدية، وعن طريق انتقاء زمرة من النقاد بحسب الكثافة في الإنتاج والمراس في التعامل مع أفنان الشجرة المعاجمية، أو مع علم المصطلح (المصطلحية).
وفي نفس المدار نحاول معالجة إجراء بعض من الحفريات المصطلحية فنخوض في نماذج من المصطلح السيميائي منتقاة تبعاً لعوامل أهمها:
1. معيار الشيوع لدى النقاد العرب المعاصرين كافّة.
2. كون هذه المصطلحات تشهد خلخلة واضطراباً في الصياغة من ناقد إلى آخر.
3. الاختلاف الحاصل من النقاد مع ترصد الطرائقية العربية.
أما بخصوص اختيارنا لقائمة الباحثين، فمرده إلى أن نقاداً مثل: سعيد يقطين، وسعيد علوش، ومحمد مفتاح، وعبد السلام المسدي وعبد الله الغذامي وصلاح فضل وحمادي صمود وعبد الحميد بورايو وعبد الملك مرتاض، يُعَدُّون أكثر النقاد العرب اهتماماً بالمصطلح السيميائي، يحاولون التعامل معه بكلّ ما أوتوا من ثروة لغوية هائلة، تمتدّ قوامها إلى التراث العربي القديم ببلاغته وموروثه الأدبي الزاخر، يخوضون في تفرّعاته محكومين بالحدود العامة التي حدّدها البلاغيون والنقاد القدماء.
عامل آخر، هو تعاملهم مع المعاجم اللسانياتية الغربية، وقراءتهم المختلفة الاتجاهات في المدارس السيميولوجية والسيميوطيقية، فساهموا في وضع قواميس لغوية ثرية، ومسارد مصطلحية، وهم بهذا الامتياز دائماً، يثيرون النظريات والمصطلحات السيميائية، وما روّج له في نوادي العلم وحقوله، وبكلّ جرأة أدبية، لا يتحدّثون عن الألفاظ من حيث هي ألفاظ فارغة من الدّلالات الحية، بقدر ما يتحدّثون عن مصطلحات لسانياتية وسيميائية دقيقة.
(/)
فصنف من هؤلاء درسوا في فرنسا، وتشبّعوا من ثقافتها، وأضافوا إلى رصيدهم المعرفي لغة أخرى غير اللغة العربية، مفرداتها ومصطلحاتها، وغير التراث العربي، قرآنه وحديثه، بلاغته ونقده. فنهلوا من القواميس الأجنبية المصطلحات، فترجموها طوراً وعرّبوها أطواراً أخرى. وفي جميع الأحوال اختلفت ترجماتهم ومصطلحاتهم المولدة والمشتقة حيث انتقلوا بها من الائتلاف إلى الخلاف.
أما الرعيل الثاني، ففيه صنف من النقاد ممن تردّدوا في التشرّب من المصطلحات السميوطيقية من الولايات المتحدة الأمريكية ومن إنجلترا، باللغة الإنجليزية، متشبثين بأصولها أحياناً، فنقلوها إلى اللغة العربية وفق طرائق مختلفة.
فبين هذا الحرص على نقل المصطلحات سليمة، والالتباس الذي حصل في الترجمة وغيرها، رمنا تفحّص مجال المصطلح السيميائي في جميع الحقول النقدية العربية، وبجميع الطرائق والمعايير مجتمعة، راغبين الوقوف على مواطن الاتفاق والاختلاف في المصطلحات، باعتبارها صورة حيّة لوضع الاستعمال العربي، ساعين إلى تقصّي هذه النماذج التي أمكننا تسميتها سيميائية ـ بحسب الشجرة المعاجيمة ـ ووفق معالجة تنبني على جملة من المعايير مجتمعة هي:
1. المعيار المعاجمي1: ومن خلاله نسعى إلى الوقوف على دلالة المصطلح وجذوره في بعض المعاجم العربية أو الغربية القديمة أو الحديثة، لسانياتية ونقدية، كما وردت لدى النقاد العرب.
2. المعيار الاشتقاقي: وذلك نظراً لما تفيده الصيغ المشتقة من دلالات، وما للاشتقاق من أهمية في مجال الوضع الاصطلاحي لأنه "وسيلة من وسائل نمو اللغة وتوالد موادّها، وتكاثر كلماتها، فتمكّن من التعبير عن الجديد من الأفكار، والمستحدث من وسائل الحياة"2.
3. المعيار الفيلولوجي: ومن خلاله سنتتبّع طرائق وضع المصطلح، خلال مسارات الكتابة، ثم التطور الحاصل في تكوّن المصطلحات وتعدّديتها لدى الباحثين.
(/)
4. معيار الشيوع: ومن خلاله سنعتمد على مجال التداول الواسع للمصطلح.
5. معيار الإحياء: ونعني بالإحياء مصطلحات أوجدها الباحثون وأحيوها من التراث.
وسوف نعالج هذه المصطلحات في ازدواجية، بالنظر إلى عنصر المماثلة بين كلّ المصطلحات، متتبعين شؤونها بجداول إحصائية تظهر أوجه التشاكل والتباين فيها، منتقلين من باحث إلى آخر أو ناقد إلى آخر.
1.2 سمة Signe
لما كانت السمة في الثقافة الغربية عاملاً رئيسياً في السيميوطيقا (السيميولوجيا) تثمل شيئاً آخر تستدعيه بوصفها بديلاً له، أمكنها أن تكون موضوع دراسة في الثقافة الغربية بالتوازي مع ظهور النظرية السيميائية سواء على مستوى المعاجمية الفرنسية أم في أدبيات المنظرين الأوائل من النقاد فرنسيين سيميولوجيين أم آخرين أمريكان وإنكلترا سيميوطيقيين.
في حين أن مصطلح سمة (Signe)، هو اسم منحدر عن أصل لاتيني
(Signum) مرادف للأمارة والعلامة مثل علامة السحاب الدّاكن الدّالة على المطر الوشيك. كما أن العلامات دالة على الأفكار3. مثلما يتحوّل المرض في بعض الأحيان في حدّ ذاته إلى مؤشر دال على الخطر الوشيك الوقوع، فيحيلنا إلى الخطورة المهلكة بصاحبها.
وفي المعجم اللسانياتي لجان ديبو ومعاونيه(Jeans du bois et le autres)، فإن مصطلح العلامة هو فعل اجتماعي ثقافي4. يقتضي سمة التعاقد بين أفراد المجتمع والمواضعة، في حين أن لفظة سمة (Signe) تعني مثلها مثل الرمز والقرينة والإشارة نفس المدلولات.
(/)
وفي بعض التآليف المعاجمية المختصة الفرنسية، فإن السمة لفظ مذكر Signe يشمل القرينة والعلامة، علامة المطر، ومن ذلك تعدّ الأسماء دوالٍ على الأفكار، وهي تعكس ما هو الفكر وما مرغوب فيه، كقوله أو فعله. مثلما تعدّ الإشارة، بينة ودليلاً في معجم (لاروس) يستدلّ بها على شيء ما أو فضيلة ما، كالانحناء للدلالة على التقدير، والقبول بالقدر كعنوان للصبر والتجلّد، ومداعبة الوالد لولده كدليل على العطف والحنان، وأداء الأمانة، وسواها من الأمثلة الأخرى5.
إضافة إلى كلّ هذا الفيض والتعدّد المصطلحي والحشد الدلالي تسجّل عدّة تعريفات أخرى لمصطلح سمة وقرائنه مثل: العلامة والرمز وسواها من المصطلحات ضمن أدبيات النقاد الفرنسيين والغرب بشكل عام.
من ذلك، ففي "المعجم السيميائي المعقلن:
"Dictionnaire raisonnè de la thèorie du langage"
لصاحبيه قريماس وورتيس، فإن فردينارد دي سوسير رأياً في السمة نتاج التحام طرفين هما: الدال والمدلول. وبناءً عليه عدّا اللغة نظاماً من السمات (العلامات)، والمصطلح وفق هذا التحديد لا يعدو أن يكون "شيء جيء به ليمثل شيئاً آخر"6 ثم إن سوسير يعتبر السمة (الدليل) نتيجة نسق من الدال والمدلول أو نسق بين صورة سمعية وتصور، وهما متماسكان كوجهي الورقة وفق رباطٍ اعتباطي.
مثل هذا التحديد أورده رولان بارت حينما صرّح بأن "العلامة حدث مدرك مباشرة يعلمنا بشيء ما عن حدث آخر، غير مدرك مباشرة"7، ومن خلال ذلك أورد عدّة مصطلحات متقاربة مثل: العلامة Signal والأمارة Indice والرمز Symbile والمثال Allègorie وكلّ منها يمثل تعالق طرفين
(Delata) بين مسألة الحضور والغياب8.
وفي الاتجاه السيميوطيقي الآخر، فإن تشارلز. س. بيرس (C.S. pierce) تبنى تعريفاً للدّليل هو أن "الدليل شيء ما تسمح معرفته بمعرفة شيء آخر يدلّ عليه"9، ولذلك فإن العلامات اللغوية في فكر بيرس معادلة للرموز في المعنى وتعريفها يقترب من تعريف المؤشر.
(/)
ويزداد التداخل بشأن مصطلح سمة لدى الأدباء والنقاد الغرب، لا سيما حين نجد استعمالات أخرى مثلما أورده هلمسليف (L.Hjelmslev) حين ربط مفهوم السمة بمفهوم Smmiosis السيميوزة، وهي في نظره تعالق بين شكل التعبير forme وشكل المضمون. (Contenu) أي بين الدّال (Signifiant) والمدلول (Signifiè) بحسب التأسيس المعرفي لدى سوسير.
أما بخصوص وضع مصطلح سمة في أدبيات النقاد العرب المعاصرين، فإن هناك مجموعة من المصطلحات التي اقترنت بالمفهوم أبرزها: دليل، علامة، رمز، إشارة وغيرها. وهي التي خاض في رحابها النقاد العرب وأعطوها حقها من المفهومية في كتاباتهم البنيوية والسيميائية سواء بالترجمة أم بالتعريف أم بالاشتقاق، فقارنوها بمصطلحات أجنبية دخيلة مع الاعتماد على قواعد اللغة العربية التي تزكيها القاعدة اللغوية العامة.
وفي المعاجمية العربية، أورد بسام بركة مصطلح (علامة) معبّراً به عن اللفظة (إمارة) بكسر الهمزة الدالة على المتكلّم، ثم قابل المصطلح بلفظة أجنبية هي (Symptôme)10، وتحدّث عن مدلول مصطلح علامة (Marque) مقارباً إيّاه بألفاظ مثل: شارة، ميزة، ووسم معتبراً كلّ شيء علامة يعدّ مؤشراً وموسوماً ومميّزاً (Marquè)11.
وفي موضع آخر من قاموس اللغوي قارب الباحث مصطلح Signe مصطلح الرمز، والإشارة والعلامة. وقوام ذلك، حركة، شكلة وعلامة توضع فوق الحرف أو تحته ضبطاً للفظة"12، وقريباً من ذلك أورد مصطلحات مثل: علامة، شارة ترجمة للفظ (Signal).
أما الباحث محمد رشاد الحمزاوي، فقد اعتبر اللغة مجموعة من العلامات أو الرموز لأصوات يحدثها جهاز النطق الإنساني، وتدركها الأذن وهي المكوّنة للكلمات ذات الدلالات الاصطلاحية. ثم صاغ مجموعة من الآراء المصطلحية أبرزها:
1. التسوية بين لفظتي علامة وسمة، مقابلاً للفظة الأجنبية (Marque)13.
2. ابتداع مصطلحات مثل المقصود Signifiè والرمز Signifiant.
(/)
3. التأكيد على اعتماد العلامة إلى درجة ما، على الإرادة الفردية أو الاجتماعية.
4. إيجاد مصطلحات من قبيل: السيمية كمصطلح يراد به البحث في معاني الكلمات ونشأتها وتطوّرها والآثار اللغوية المترتبّة عنها، ثم مصطلح رمز الرموز: (Symbole des ymboles).
غير أن المستقرئ لواقع هذا المصطلح الألسني السيميائي وصيرورته في النقد العربي يلفيه أكثر تعقيداً وتقلباً، سواء في صورته المعرّبة أم المترجمة، ولا أدل على ذلك ما لمسناه في قطاع العلوم اللسانياتية والكتابات النقدية من مصطلحات معرّبة ومترجمة متعدّدة. مثل ترجمة لفظ (Signe) بالرمز، والعلامة والإشارة والسمة والدليل وسواها من المصطلحات.
من ذلك، أن عبد السلام المسدي، في مساق حديثه عن العلامة أورد عدّة مصطلحات مثل الدال والمدلول والدلالة وقابلها بالعلامة (Signe) عوض
(Marque)، على أساس أنها العلامة اللغوية، منتهجاً في ذلك منحى ف. دي. سوسير، ومعتبراً اللغة مجموعة علامات، الواحدة منها تدرك بالحس رؤية وسماعاً أو شمّاً.
والمفهوم في اعتقاده مركّب من مظهر حسي فيزيائي تدركه العين كتابة ويدركه السماع ملفوظاً، والعملية الجامعة بين الطرفين (الدال والمدلول) تسمّى الدلالة Signification14. وهكذا، فإن الدلالة العرفية لدى الباحث تنتج بوضع ما هو اصطلاح متفق عليه تصريحاً أو مسلمّاً به ضمنيّاً.
والأصل في العلامة أن تكون عرفية طبيعية تستوعب كلّ أنساق الدلالة، وبالنتيجة أن الرمز والعلامة مترادفان ويتأسسان على ما يسمّى بالعلامية، من دون أن يفرّق بين المصطلحين. وربما عمد الباحث إلى هذه التسوية نتيجة اعتقاده أن الرمز من اختصاص علم العلامات، والعلامات هي حوادث وأشياء توجه الانتباه إلى حوادث وأشياء أخرى.
(/)
ولدى وقوفه على اللفظة (سمة) رأى الباحث أن الواو والسين والميم (صورة، تحمل في معنى، وضع العلامة، وهو ما كان يتمّ في بعض صوره بالكي ومنه السمة والوسم والوسام، والوسمة هي العلامة، فضلاً على الأشكال الأخرى التي تصاغ منها: مثل السيمة، السيما، السيميا، والسيمياء وكلها تدل على العلامة15، منطلق السيميوطيقا.
ويزداد باب الاعتراض بخصوص مصطلح سمة لدى النقاد في المغرب العربي وتتعدّد الآراء بشأنه، من ذلك ما أورده بعض الدارسين من أن القسم المشترك الوحيد بين كلّ المصطلحات السيميولوجية دليل، رمز وأمارة وتمثيل وعلاقة وأيقونة، هو أنها جميعاً تحليل بالضرورة على علاقة بين طرفين متعاقدين، وبناءً عليه سعوا إلى "التمييز بين العلامة والأمارة التي لا تعتبر علامة، على خلاف نظرة العالم (بريتو) التي تعتبر كلّ علامة إمارة والعكس ليس صحيحاً16.
أما الباحث نصر حامد أبو زيد فقد قرأ في مسألة العلامة ثنائية المعنى أو ثلاثية المعنى وهي نتائج عملية نفسية17، مستلهماً الفكرة من أقطاب مدرسة جنيف (ف. دي سوسير، ومعتبراً أن المفهوم (علامة) حقيقية مادية محسوسة تستدعي حقيقة أخرى غير محسوسة (المدلول) وبذلك وسم العلاقة بين طرفي الدليل بالغموض، وفضلاً عن ذلك، رأى في الجذر اللغوي للعلامة (علم) تأكيداً على الارتباط الدلالي بين العلاّمة والعلم والعَالِمْ في كل المعاجم.
وتزداد صيرورة مصطلح سمة تعقيداً، حين نجد نقاداً مغاربيين آخرين يستحسنون مصطلح (دليل) كما هو الحال لدى بعض النقاد التونسيين أمثال محمد الشاوش ومحمد عجينة وصالح القرمادي) ضمن مؤلفهم المترجم الجماعي دروس في اللسانيات العامة22 مؤكدين على العلاقة الاعتباطية بين الدال والمدلول، الاسم والمسمى، وأنور المرتجي في سيميائية النص الأدبي وحنون مبارك في مؤلفه دروس في السسيميائيات.
(/)
فالأول: قال بمبدأ التفاعل بين طرفي الدليل اللغوي، بعبارة أخرى فإنه لا يوجد دال دون مدلول كما أنه لا يوجد مدلول دون دال"23 وفوق ذلك، فالدليل من خلال مظهره السمعي يجري في الزمن. فضلاً على تسويته بين المصطلحين دليل وإشارة لغوية.
أما الثاني: فقد نظر إلى المصطلح بأوجه متقاربة ومتغايرة في التسميات فترجم مصطلح علامة عن اللفظة (Signal) والأمارة عن (Indice)24. وغير بعيد عن الجغرافية المغاربية وهذه الصياغات المختلفة، فإن عبد القادر الفاسي الفهري تحدّث عن المصطلح في شكل ازدواجية ومماثلة مع مصطلحين هما دليل وعلامة25، مشيراً إلى لفظة (سمة) عرضاً، خلال حديثه عن السامة المركبة (Phrase Marker)26، والسام هنا من الوسم وهو أثر الكي والتعليم وفي اللسان أن السام والسامة شجر تعمل منه أدقال السفن. ومثل هذا الأمر وارد كذلك في التحليل اللغوي لدى ن. تشو مسكي (1957) في المكون التركيبي. وبخصوص ذات الإشكالية فإن عبد القادر الفاسي الفهري خص واقع المصطلح اللسانياتي بشكل عام وبعمل مستفيض، مركزاً على اضطراب الترجمة وفوضى الاصطلاح في قطاع العلوم اللسانياتية، ناقداً الآراء التي تترجم لفظ Sign بالرمز أو العلامة أو الإشارة أو الدّليل. ذلك أن الرمز عنصر من السمة. ثم قرن بين الرّمز Symbole والسمة Signe فالأول قد يكون طبيعي والثاني اعتباطي.
وعند استقراء الاستعمالات التي ورد فيها هذا المصطلح في الدراسات السيميائية الجزائرية يعثر الدارس على محاولات عبد الملك مرتاض الداعية إلى التأصيل للمصطلح. من ذلك تحديده لمحورين هما: محور التراث ومحور الحداثة ضمن بعض المقالات التي أوردها في هذا المجال مصرحاً "إن الأمم عرفت مفهوم السمة وتعاملت معه في جملة من المظاهر التي ربما أهمها (الإشارة)، واستخدام اللون، وإقامة الطقوس المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية والتعبير عن الأفراح"27.
(/)
وخلال تفرقته بين مصطلحي علامة وسمة خلص إلى النتائج الآتية:
1. إن العلامة، استعملت في الفكر النحوي العربي معنى لاحقة تلحق فعلاً من الأفعال أو اسماً من الأسماء، فيستحيل من حال إلى حال، لأن اصطناع ذلك المصطلح النحوي القديم من المفاهيم السيميائية، قد يزيد هذا الأمر اضطراباً ولبوساً.
2. يبدو أن اصطناع مصطلح (السمة) أدنى ما يكون إلى ما يطلق عليه السيميائيون الغربيون (Signe) من مصطلح (العلامة).
3. إن إطلاق لفظ (سمة) على مفهوم (Signe) تارة أخرى، عوضاً عن مصطلح العلامة.
وفي موضع آخر، أكد الباحث تبنيه لفظة (سمة) مشيراً إلى الوجهة الفلسفية لدى بيرس، في ضوء المفاهيم العلاقات الثلاثية الأطراف وهي28:
1. السمة الوصفية (Quali - Signe).
2. السمة الفردية (Si n signe).
3. السمة العرفية (le gi signe).
أما الشيء الذي يؤكّد موضوع الاضطراب في ترجمة الباحث للمصطلح، وهو ما نلمسه حينما سلّم بأن "مفهوم السمة معادل في كثير من الوجوه للقرينة (Indice). وحينما تناول مصطلح القرينة (Indice) في الثقافة لدى بيرس مضيفاً مصطلحين هما: المؤشر29 والعلميّة30".
وفي نفس هذا الموقع بالذات من تقاطع الدلالة في هذا المصطلح وتناظرها أثار عبد القادر فيدوح مصطلح الصورة بديلاً عن السمة قائلاً. "وهذا يجعل من الميسور التسليم بأن الأمر على هذا النحو إنما يدفعنا إلى ترجيح مصطلح السمة بديلاً للصورة"31. ثم استقر في الأخير على مصطلحين اثنين: الأول: القول بالعلامة على اختلاف أنواعها، والثاني: الدليل، من خلال استخدامه مصطلح الدلالية عنواناً لمؤلّفه. دلائلية النص الأدبي، دراسة سيميائية للشعر الجزائري.
(/)
لكن الوجه الآخر لمصطلح السمة، يتجلى في استخدامات بعض النقاد للمصطلح داخل الدراسات ذات الأفق العلامي، وبوجوه مختلفة، من ذلك القول بالإشارة التي تجمع بين الدال والمدلول، بين التعبير والمضمون. على اعتبار أن الإشارة ـ وفق تحديد منذر عياشي ـ منشط أي جوهر حساس، صورته الذهنية مشتركة مع تفكيرنا ومرتبطة بمنشط آخر، تستدعى تمهيداً للإيصال، وفيه سمة من السمات القصدية لإيصال المعاني32.
وعليه فكلّ شيء ـ في اعتقاد الباحث ـ يعتبر إشارة متزايدة، فالأشجار والغيوم والوجوه وطواجين القهوة.... كلها مغطاة بطبقات من التأويل. وقريباً من هذا فإن "المعنى المشتق من اللاتينية (Sensus) وفي الجرمانية (Sinno) فكرة ممثلة بإشارة، نحو قول فلوبير إن الكلمات تعني الإشارات ثم إن كلّ شيء إشارة وكل شيء مدلول وكلّ شيء دال33. وهكذا، فمع هذا الأنموذج السيميائي يحصل التضافر بين أنماط ويحصل الاختلاف بين أخرى، فتنضاف استخدامات أخرى متفرّقة أبرزها القول بمصطلح: الرمز اللغوي. كما هو الحال لدى قاسم المقداد حين اعتبر أن "الدلالة مصدرها مفهومات (Concepts) أما الترميز فينشأ من نظام ميكانيكي. لأنه يحصل بين الرامز (Symbolisant) والمرموز إليه (Symbolisé)34.
أما صلاح فضل فقد تحدّث عن الإشارات التي ترتكز على التجاور الواقعي الوجدي، والأيقونة ثم الرموز ووسمها بالتعدّد وتنوع الدلالات. مستلهماً هذا التقسيم من عند ش ـ س بيرس35. ومميزاً بين خمسة أنواع للرموز اللغوية:
1. الرمز كالصورة.
2. الرمز المتحوّل من عمل لآخر.
3. الرمز المتحول من شاعر لآخر.
4. الرمز الأدبي.
5. الرموز المتكررة في الثقافات المختلفة.
(/)
ومثل هذا التحديد، يتوازى مع صياغة قاسم المقداد في مساق تفرقته من العلامة والرمز حين ترجم المصطلح بالعلامة Signe لأن الرمز ذو طبيعة فردية يتميز بالمرونة وحرية الحركة، وهو لا يشكل أداة معرفية36. وهكذا تتواتر الصياغات لذات المصطلح وأشكال مختلفة ومتوالجة كما يتجلى في الجدول الآتي:
1 ـ سمة: Signe
اسم الباحث الترجمة Signe الترجمة Marque المرجع
بسام بركة سمة
علامة
رمز ـ أمارة علامة معجم اللسانية م س ص: 197
محمد رشاد الحمزاوي ؟ علامة
سمة المصطلحات اللغوية الحديثة م س ص: 129
83-84-76-26
عبد السلام المسدي سمة
علامة
الدال والمدلول
السيمة
السيما
السيميا
السيمياء ؟ الأسلوبية والأسلوب م س ص: 152
مارسيلو داسكال علامة
أمارة ؟ الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة م س ص40
نصر حامد أبو زيد سمة
علامة ؟ إشكاليات القراءات وآليات التأويل م. س. ص: 57
محمد مفتاح علامة
دليل ؟ النقد بين المثالية والدينامية (مجلة الفكر العربي المعاصر) م س ص: 20
أنور المرتجى سمة
دليل ؟ سيميائية النصّ الأدبي م س ص: 09
عبد القادر الفاسي الفهري سمة
دليل
علامة ؟ اللسانيات واللغة العربية م س ص 401
عبد الملك مرتاض سمة علامة بين السمة والسيميائية تجليات الحداثة (م س) ص10 و11
منذر عياشي سمة
إشارة ؟ علم الإشارة (السيميولوجيا)
ص 51 و77
قاسم المقداد علامة ؟ نظرية البنائية في النقد الأدبي م س ص 449/450
2. سيميائية:
لعلّ أهم نموذج من المصطلحات الألسنية السيميائية حظي باهتمام النقاد والدارسين هو مصطلح السيميولوجية (السيميائية). هذا الذي زرع في الحقول النقدية العالمية بآليات ومفاهيم مختلفة، وعرف ارتباكاً في استعمالاته سواء في اللغة الأصلية المنقول عنها أم في اللغات المترجم إليها37.
(/)
فقد تناول الدارسون هذا المصطلح بمصطلحات أخرى متقاربة ومتماثلة ومتغايرة، تقبع في رمّتها في المعاجم الغربية (الفرنسية) من مثل: Sémiologie أو Sémiotique أو (Sémanalyse) أو (Sémasiologie) أو (Séméiologie)، وهي مصطلحات تصطرع في بيئة ثقافية واحدة38، وتشهد ضروباً من الاختلافات.
وسواها من المصطلحات. وفي الأصل، تجمع أغلب المعاجم الأجنبية على مصطلح سيميولوجية (Sémiologie) كلفظة مشتقة من كلمة سامايون (Semêion) اليونانية التي تعني في الأصل "الدليل" وهو مصطلح وضعه بيرس وأصل اللفظة فيه (Semiotiké) اليونانية التي وضعها العالم جاينوس ليعني بها في أول الأمر علم الأعراض، من ذلك الأعراض الطبيعية.
أما السيميولوجية كعلم فهو يدرس حياة الدلائل والعلامات داخل النسق الاجتماعي، تنبأ إليه العالم السويسري فردينارد دي سوسير حينما اعتبر أن الدلائل التعسفية دلائل تشكل النموذج الأفضل للإجرائية السيميولوجية. وبموازاة هذا التنبؤ والتطور جاء تصور بيرس سابقاً له حين أوجد مصطلح سيميوطيقا المشبع بالمنطق ذي القيم المتعدّدة. وتأسيساً على ذلك، أمكن اعتبار المصطلحين سيميولوجية وسيميوطيقا قد ولدا مرّتين في مطلع هذا القرن.
ويمكن التأريخ للمصطلح، مع ظهور مصطلح سيميوطيقا (Semiotiké) في اللغة الأفلاطونية إلى جانب (Framatiké) الذي يعني تعلم القراءة والكتابة، وهو مندمج مع الفلسفة، كما أن السيميولوجيا القديمة تنتمي إلى جرد مدلولات الفكر، وهي بذلك تنصهر حسب بعض المظاهر مع ما نسميه بالمنطق الصوري39.
ويسجل هاهنا، ظهور المصطلح الأول (سيميوطيقا) لدى الفيلسوف الإنكليزي لوك. (John Locke) (1633 ـ 1704) تحت اسم (Semiotiké) بنفس الدلالة المقدّمة في الفلسفة اليونانية الأفلاطونية40 وظهر الثاني (السيميولوجيا) مع بروز المحاضرات الأولى لفردينارد دي سوسير (1890)، ضمن مؤلفه الصادر عام 1915 (دروس في اللسانيات العامة).
(/)
والسيميولوجية علم ومنهجية ذات نزعة علمية شأنها شأن الرياضيات والفيزياء، ومشروع هدفه الكشف عن المعاني وكيفية صناعتها، وضع أسسه علماء آخرون أمثال: الدانمركي يلمسلف واللتواني أ.. ح. غريماس. فضلاً على باحثين آخرين ساهموا في تكوين هذا الفكر أمثال: الروسي فلادمير بروب. (e.v.Propp) ومورلو بونتي (Morlo Panti) وكلود ليفي ستراوس (C.Levy Strauss) وإميل بنفنيست (E.Benveniste) ورولان بارط (R. Barthes) وجوليا كرستيفا (J. Kristiva).
سيميائياً، فإن المصطلح وحدة دلالية كبرى، وبالشكل الذي ظهر في اصطلاحات أ.. ح قريماس هو محدّد كتأليف بين النواة السيمية والسيمات السياقية، ويعتبر منتمياً إلى مستوى السطح في تعارضه مع المحايثة التي تعود إليها السيمية. وقد ظهر الاهتمام فيه، حديثاً، وتجلت معالم البحث فيه بظهور أول مؤلف فيه هو علم الدلالة البنيوي41. وهو المعنى الذي نقلته جوليا كرستيفا عن قريماس.
كما يتضح لدى امبرتو إيكو (U.Eco) أن السيميائية مصطلح يراد به "النظرية العامة للدلالة"42، وهو المعتقد أن القواعد الأساسية لدراسة العلامات كانت موجودة سلفاً، وكانت الأعمال التي قام بها نتيجة سيميولوجيات سابقة، ثم أثار في جملة حديثه عن المصطلح مجموعة من الاصطلاحات النقدية مثل: سيميولوجيا وسيمياء Sémiotique بديلة عن سيميوطيقا، وسيميولوجيا، مذكراً بمؤلف لوك الصادر في تاريخ 1690 والموسوم بِـ: "مقالة حول الفهم الإنساني"43.
(/)
كما تحدث ا. إيكو U.Ecco عن أصل الكلمة في اليونانية (Semiôtiké)، مستلهماً المصطلح (Semiotic) عن هوسلر44، وكل ذلك خلال تفرقته بين السيمياء العامة والسيمياء الخاصة. وهي غير التفرقة التي انتهجها بول ريكور. (P.Ricoeur) حين فرق بين السيمياء Semiotics وعلم الدلالة (Semantics)، وبتمييز مستعار من الفرنسي (إميل بنفنيست) E.Benveniste. ونتيجة لذلك اقترح ب. ريكور أن السيمياء لا تعني سوى علاقة داخل اللغة (Intralinguistics) بينما يختص علم الدلالة: (Semantics) بالعلاقات بين العلامات.
ولما كان التعدّد والاختلاف من نصيب مصطلح (سيميائية) منذ لحظات ميلادها، حيث شهد المصطلح صوراً أخرى في الصياغة والمفهوم، من ذلك ما تبناه رولان بارط في المقدّمات النظرية لكتاب (S/Z) ـ السيميولوجيا التفكيكية (Semio Clostie) والسيماناليز (Sémanalyse) أي السيميولوجية التحليلية لدى ج. كرستيفا45. هذا الأخير الذي أريد به التركيب بين الخطاب السيميولوجي والتحليل النظري.
وبين المصطلحين، سيميو طيقا في الثقافة الأنجلو ساكسونية وسيميولوجية في الثقافة الأوروبية، بدا واضحاً أن الثقافة الغربية حسمت في المصطلحين مبكراً من الناحية المفاهيمية، مؤكدة ما ورد المعجم الموسوعي لدى تودوروف (T.Todorov) وديكرو (Ducrot) حيث ورد: "la Sémiotique (Ou Sémiologie) est la science des signes"46.
وبعيداً عن هذه التحديدات في الثقافة الغربية، وهذا التوافق بشأن الازدواجية والمماثلة بين المصطلحين: سيميوطيقا وسيميولوجيا فإن هذا الزوج المصطلحي شهد تعريفات وأشكالاً مختلفة في حظيرة النقد العربي المعاصر.
(/)
وعليه، فقد برزت صياغة مصطلح (سيميولوجيا) في ترجمة بعض الباحثين مثل: عبد السلام بن عبد العالي من خلال مؤلفه "درس السيميولوجيا" لرولان بارط، وفي ترجمة عزّ الدين عرودكي "الفينومينولوجيا والتأويل ـ مشكلة الذات ـ تحدي السيميولوجيا لبول ريكور، ثم محمد السرغيني ضمن مؤلفه "محاضرات في السيميولوجيا"، وعند فؤاد أبو منصور، في "سيميولوجيا الرعب والابتذال وفي الكتابة الجديدة"47، ثم عبد الله إبراهيم ضمن فصل خاص موسوم بِـ: السيميولوجيا في مؤلفه التفكيك القواعد والأصول والمقولات48، وأحمد يوسف ضمن مقاله "الخطاب السيميائي واللسانيات/ السيميولوجيا والبيولوجي ـ نظريات نقدية49.
على نفس الأثر رادف مازن الوعر بين مصطلحين اثنين هما: السيميولوجيا والسيميائيات 50 ومنذر عياشي في ترجمته مصطلح (علم الإشارة). بالسيميولوجيا51. وفي كل ذلك تسوية بين الحقلين السيميولوجي والسيميوطيقي، وولاء للنموذجين الأوروبي والأنجلو ساكسوني، ثم تسوية بين مصطلحات مثل: إشارة، رمز، دليل، وسمة كألفاظ تصطرع فيما بينها لتكوّن مصطلحاً مماثلاً للأصل الإغريقي: (Semeion). والمقصود أن السيميولوجيا مرادفة للسيميوطيقا، أي علم الإشارة الدالة مهما كان نوعها وأصلها.
وبخلاف هذه الصياغة، بدا بعض النقاد غير مرتاحين لهذه الترجمة، فقرأ بعضهم في لفظ "سيميولوجيا" وهو تساهلٌ في إنشاء مفض إلى الخطأ قوامه (الجمع بين ساكنين في لغة يفترض أنها اعتبرت خاضعة لتقاليد الاستعمال العربي، فيكتبوا سيميولوجيا وهرمينوطيقا52 على زنة بيولوجيا وجغرافيا.
ومثل هذا، حذى ببعض النقاد إلى إسقاط ألف المدّ الزّائدة وتعويضها بتاء على زنة (سيميولوجية) وهي آلية تخترق العرف السائد في ترجمة المصطلحات، وعن مثل هذا لدى صلاح فضل حينما سلّم بمصطلح "السيميولوجية والأدب"53 وحميد لحمداني ومعاونيه ضمن مؤلفهم الجماعي: السيميولوجية المعاصرة، لمارسيلو داسكال54.
(/)
وربما تعدّى بعض الدارسين مثل هذا الطرح، حين صاغوا مصطلح سيميولوجي. وهو مذهب خزعل الماجدي في عمله الثقافي (السحر والشعر: بحث سيميولوجي في الأنظمة المقفلة والمفتوحة للدلالة والاتصال، أو فيما ذهب إليه موريس أبو ناضر (دراسة سيميولوجية لقصيدة المواكب لجبران) وسواهما من الباحثين.
وهناك صياغة أخرى، تخالف هذا الاتجاه وتتمثل في اقتفاء بعض النقاد لآلية، يُسقطون من خلالها الياء في مطلع المصطلح ويسكنون الجيم على نحو: ما ذهب إليه سعيد بنكراد في ترجمته (سيميولوجية الشخصيات الروائية) أو بإسقاط الياء الثانية مذهب رضا حميد في مؤلفه (قراءة اجتماعية سيميولوجية لمسرحية حبة رمان55.
أما مصطلح سيميوطيقا Semiotics أو Sémiotique (1555) هو مصطلح يتفق مع لفظ (Sémiologie) في السابقة (Sémio) ويختلف في اللاحقة (tique) الأولى الدالة على اللوغوس (Logos) والثانية على المعرفة. وهو اللفظ الأعرق والأكثر استعمالاً في النقد العربي المعاصر. حيث بدا ظهوره لدى أمنية رشيد من خلال مؤلّفها: السيميوطيقا: مفاهيم وأبعاد، في عمل جماعي، فضلاً عن مؤلفي نصر حامد أبي زيد الموسوم (مدخل إلى السيميوطيقا) و(نظريات حول الدراسات السيميوطيقية للثقافات مطبقة على النصوص السلافية)، ثم لدى فريال غزول في (سميوطيقا الشعر: دلالة القصيدة، وسيزا قاسم: السيميوطيقا حول بعض المفاهيم والأبعاد56.
وإذا كانت الباحثة فريال جبوري غزول تجعل من المصطلحين (سيميوطيقا) و(علم العلامات) مردافين57 فإن المصطلح الأول أكثر استعمالاً لدى النقاد المغاربة مثل: محمد مفتاح. (النظرية السيميوطيقية)58، وعبد المنعم تليمة (حول الآلية السيميوطيقية للثقافة). ثم نص حامد أبي زيد في سيميوطيقا السينما.
(/)
والطريف في المسألة، أن هناك صياغة تخترق المألوف وتشذ عما ذهب إليه هؤلاء الباحثون مثلما ذهب إليه عبد الملك مرتاض حين صرح بمصطلح (سيميوتيكا) والذي ارتضاه ولم يتداوله، ثم محمد السرغيني حين قال بمصطلح سيميوتيقا ضمن (التحليل السيميوتيقي للنصوص)، أو فيما اقترحه سمير حجازي في قاموس مصطلحات النقد من لفظ (نسق سيما طيقي)59. لأن هؤلاء الباحثين اقتربوا من مصطلح (علم الدلالة) (Sémantique) والمصطلح نواته السابقة (سيما Sema) دلالة على العلامة عوض (Semeion).
صورة أخرى، صاغها النقاد العرب محاولين التسوية بين المصطلحين: سيميولوجية، وسيميوطيقا، هي مذهب بسام بركة حين ترجم المصطلح بألفاظ هي: علم الرموز علم العلامات والسيميائية والسيميولوجية، وعدّ كلّ نصِّ وفق هذا التصور علاماتي أو سيامي أو سيميائي أو سيميولوجي أي ترميزي، ليصبح هذا العلم يعني بالرموز اللغوية وغير اللغوية60، ويختزل المسافة بين المصطلحين، معتبراً القول بأنه سيميولوجي ولاء للنموذج السويسري، والقول بأنه سميوطيقي ولاء للنموذج السائد في أمريكا الشمالية، أو فيما تمثله. س. بيرس61، وهي إشكالية تغاضاها أغلب الباحثين، فأصبحوا يطلقون كل شيء على كلّ شيء، وصارت المصطلحات ملكاً مشاعاً للجميع.
وهناك شكل آخر من صياغة المصطلح، هو القول بالسيميائية وسيميائية والسيما والسيماء كمصطلحات تشترك في هاجس واحد أي دراسة وضع العلامة في مدرج الخطاب ودراسة السمة ـ السيمة والسيمياء والسيميا والسيمياء وكل ما هو سيمي، لأن الأصل في المصطلح من المادة (س و م) بمعنى العلامة التي يعلم بها شيء ما أو حيوان ما، ومن ثمة جاءت لفظة السيما بالقصر والسيما بالمدّ والسيمياء (بإضافة ياء قبل الألف)62. وهو العلم المختص بدراسة أنظمة العلامات (السمات).
(/)
في هذا الاتجاه، صاغ عبد الملك مرتاض مؤلفه (أي دراسة سيميائية)63 وأنور المرتجى (سيميائية النص الأدبي)64، ومعجب سعيد الزهراوي بمقاله "في المقاربة السيميائية)65، ثم رشيد بن مالك في أطروحته (السيميائية بين النظرية والتطبيق لرواية نوار اللوز نموذجاً)66، وجمال شحيد في "الأدب العربي السيميائية"، ثم علي العشي، بمساهمته في التعريف بالسيميائية67، وأخيراً محمد العمري ضمن عمله (التحليل السيميائي) أبعاده وأدواته68.
وفي الجهة الأخرى، عمد بعض النقاد إلى صيغة الجمع على جمع، فقالوا بمصطلح سيميائيات على زنة رياضيات ولسانيات. ومن هؤلاء يذكر حنون مبارك في "السيميائيات العربية قراءة في نصوص قديمة 69، وأحمد يوسف في تحليل الخطاب "من اللسانيات إلى السيميائيات70، ومحمد مفتاح قولا بالدليليات والسيميائيات (مع تشديد الياء)71، ثم عبد العالي بوطيب ضمن مقاله الموسوم: قريماس والسيميائيات السردية72.
ومع تزايد الكتابات النقدية والتراجم والتعريب، برزت في النقد صياغات أخرى تستمدّ المفهوم من الثقافة العربية، ومن المعاجمية التراثية، ولا أدل على ذلك القول بلفظة (سيمياء) لدى محمد مفتاح، ضمن مؤلفه (في سيمياء الشعر القديم)، وسعيد بنكراد قولاً بمصطلح السيمية، ومنه السيميائيات السردية73.
على الخلاف من ذلك عنت صياغات أخرى لدى عبد الملك مرتاض مثل: السيميائيات والسيمياوية والسيمائية74 ثم أورد باحثون آخرون مصطلحات من مثل الوسمي والسيمة من السيمة والسيميائي وسيميائياتي، والسيامة أي علم الإشارات أو العلامات"75. وكلها مصوغة عن طريق التوليد اللفظي، ميلاً إلى السهولة في المخرج والسلاسة في التعبير.
(/)
وعند تتبع المصطلحات المصوغة من مصطلح (علامة)، نجد عبد السلام المسدي يقول بالعلامية، ترجمة للمصطلح الأنجلوساكسوني (Semiotica)، ثم علم العلامات مقابلاً للمصطلح الأوروبي (Sémiologie). وهما معاً العلم الذي يضع الأسس العامة لعلم الرموز وأبنيتها المختلفة واستخدامها في الرسائل بجميع أنواعها76.
وفي ضوء ذلك، يكون الباحث قد سوى بين مصطلحين اثنين هما:
1 ـ العلامة Marque والسمة (الدليل) Signe، وأسقط مصطلح (سمة) من قاموسه النقدي، ثم تحدث عن بعض الإشارات العرضية، في مساق حديثه عن السمة الأدبية التي تشمل الهيكل الكلي للنص. منتهياً إلى مصطلح (علم العلامات) مقابلاً للألفاظ: Sémeiologie وSémiologie وSémiotique77، وهو معنى شاركه فيه قاسم المقداد ضمن (البحث العلامي) 78، وعلي العشي ورشيد الغزي ومادى صمود وسواهم.
وقريباً من هذه الصياغة، تحاشى صلاح فضل المزالق فآثر مصطلحات كالسيميولوجية أو السيميائية بمعنى (العلامات) واحدها (سيماء) أي علامة وملمح79، وآمنة رشيد قولاً بالسيميوطيقا وعلم العلامات80، ثم نصر حامد أبي زيد وعبد الرحمن أيوب وعبد الله الغذامي، هذا الأخير الذي يعتقد أنّ العلامية موجودة في الوجود، وفي النص، وفي غير النص، على حين، أن أساس مصطلح السمة من الوسم، وهو شيء يقرأ في صفحات الوجه وفي الكلمات والإيحاءات.
على خلاف هذه الترجمة للمصطلح، فإن قاسم المقداد أوجد مصطلح (العلامية) مقابلاً للفظ الأجنبي (Sémiologie)، نقلاً عن معجم قريماس وكورتيس السيميائي المعقلن، ثم صاغ المصطلح المعرّب (سيميائية)81، كما صاغ نور الدين النيفر مصطلح (علم العلامات)82.
(/)
وإذا كان معظم الدارسين يقرّون بمدى محظوظية جل هذه المصطلحات المذكورة، فإن التأزم الفعلي إزاء هذا الأنموذج تثمل في صياغة المصطلح من المادة (دلّ ـ دلالة) مثل: علم الدلالة أي السيمانتيك Sémantique، (علم المعاني) فاصطنعوه للدلالة على علم الإشارات والرموز، وهو مذهب محمد رشاد الحمزاوي، (الساميولوجيا) بفتح السين، والسيمانتيك، (أي دراسة المعنى في حالة سنكرونية)83 ثم علم الدلائل84.
ومثل هذه الترجمة، تخترق العرف والتقاليد وتفتح اللبس من جديد، لأن الباحث جمع بين مصطلحي سيميولوجية وسيمانتيك، وجعل من المشروع السيميائي مشروع علم الدلالة كما يصوغها الخطاب داخل النص، وهي ترجمة قرأ فيها غيره إخراجاً للغة وإدخالاً للضيم على بيان ألفاظها مقابلاً لما أقره مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وما روّج له85.
ثم أن السيمانتيك (Sémantique) علم المعاني هو في الأصل من الكلمة الإغريقية Sema أي علامة أو دليل86 أو الرمز، انتقل على يد مبتكره العالم الفرنسي م. بريال. M.Breal حينما ترجم المصطلح عن اللغة الإنكليزية. وعليه، فالمزاوجة والمراشفة بين اللفظتين Sema وSemeion غير مقبولة، لأن ميشال بريال حدّد مجال السيمانتيك في دراسة اللغة من حيث الدلالة وحسب.
في الأخير، وبالتوازي مع هذه الصياغات، أمكننا أن نحسب مصطلحات سيميولوجية وسيميائية أكثر ترجيحاً إلى الصواب فضلاً على جل المصطلحات المصوغة لدى النقاد العرب والمنقولة من المعاجمية العربية القديمة، ومبرر ذلك العوامل الآتية.
1. إن مصطلح سيميولوجية أقرب إلى الترجمة عن اللغة الفرنسية مثلما هو مصطلح سيميوتيكا أقرب إلى الترجمة عن اللغة الإنكليزية، ثم إن اللاحقة e للدلالة على التأنيث أليق بمقابلة تاء التأنيث في اللغة العربية.
2. تشاكل المصطلحان سيميائية وسيميولوجية في اللاحقة سيميو Semio ولو بالصدفة. أي تشاكل اللاحقتان في الأصل الإغريقي والأصل التراثي العربي.
(/)
3. القول بمصطلح سيميولوجيا بالألف لفظ لا معنى له على زنة جيولوجيا، وجغرافيا لأن اللاحقة a في آخر اللفظ لا أصل لها في اللغة الفرنسية، بل في اللغة الإنكليزية.
4. ثم إن مصطلح سيميائية هو كذلك أقرب إلى الشجرة المعاجمية العربية، وليس بالضرورة لتوكيد نجاعته لما يتوافر عليه من دلالات أثيلة من مثيلات وسم، وسمة، وسيمية وسواها من المصطلحات.
2ـ سميائية: Sémiotiquel
اسم الباحث الترجمة المرجع
عبد السلام بن عبد العالي
عز الدين عبدو دكني
محمد السرغيني سيميولوجيا عبد السلام المسدي "الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي" م. س. ص 26-42
مازن الوعر سميولوجيا
سيميائيات دراسات لسانية تطبيقية م.س.ص 102.
عبد الملك مرتاض سيميائية أي دراسة سيميائية تفكيكية (العنوان) أو (بين السمة والسيميائية) مجلة تجليات الحداثة ص09.
سيميائية ـ سيموية ـ حوار ـ مجلة نزوى (مسقط) مخطوط م.س.ص: 12
سيميائية ـ سيميولوجيا
سيميوتيكا (بين السمة والسيميائية) م.س.ص: 15
أمنية رشيد
فريال غزول
سيزا قاسم سيميوطيقا
علم العلامات عبد السلام المسدي (الازدواج والمماثلة) ص42، 43، على التوالي.
بسام بركة سيميولوجية
سيميوطيقا
علم الرموز ـ علم العلامات
السيميائية معجم اللسانية م.س.ص: 158
حنون مبارك سيميائيات دروس في السيميائيات ص17.
محمد مفتاح سيميائية تحليل الخطاب الشعري م.س.ص: 09.
سيمياء في سيمياء الشعر القديم (العنوان)
دليلية ـ دليليات
سيميائيات التشابه والاختلاف م.س.ص: 189-193.
محمد رشاد الحمزاوي السيمانتيك
الساميولوجيا المصطلحات اللغوية م.س.ص:
عبد السلام المسدي العلامة
علم العلامات الأسلوبية والأسلوب ص180.
صلاح فضل سيميولوجية
سيميائية العلامات نظرية البنائية في النقد الأدبي ص103.
نور الدين النيفر علم العلامات
علم الدلائل نور الدين النيفر
فلسفة اللغة واللسانيات ص166.
3 ـ تشاكل/ تباين:
(/)
هو أحد المفاهيم السيميائية الجديدة التي أدخلت في الخطاب النقدي المعاصر كآلية استعارها النقاد في قريماس واستعارها هو الآخر عن الحقول العلمية كالفيزياء والكيمياء. حيث تجمع الأبحاث، على أن المصطلح في الأصل منحدر من كلمتين يونانيتين (Iso) التي تعني التساوي و (Topos) بمعنى المكان. ليصبح المصطلح يدلّ على المكان المتساوي أو تساوي المكان ثم أطلق للتعبير على الحال من المكان أي في مكان الكلام87.
وقد وظف المصطلح في علم الكيمياء إلى أن عاب عليه النقاد هذا الاستعمال الضيق فنقلوه من العلوم التجريبية إلى حقل العلوم اللسانياتية. في حين أن مصطلح إيزوطوبية أو إيزوطوبيا (Isotopie) في قراءة بعض الألسنيين هو "الميزة الخصوصية لوحدة دلالية ما، التي تسمح بضبط خطاب ما على اعتباره دلالة كلية (Tout signification)88. وبذلك تتعدّد التشاكلات في الخطاب الواحد.
ثم إن المصطلح في بعض المعاجم غير المختصة يعدّ الخاصية التي تمتاز بها بعض الدوال ذوات التناظر المعنوي، وقد ورد في معجم "لاروس الفرنسي" بلفظة (Isotope) أي متشاكل (بكسر الكاف) متجلياً في حدود 1922 في حقل الفيزياء والكيمياء ليعبر بها عما يلي:
1- التعبير عن عناصر كيماوية متماثلة لا تختلف فيما بينها إلا من حيث كتل ذرتها. على المكان المتساوي أو تساوي المكان ثم أطلق للتعبير على الحال من المكان أي في مكان الكلام87.
2- المتشاكل الإشعاعي ويستعمل في الطب لتشخيص ومعالجة بعض الأمراض.
أما المصطلح (الاسم) تشاكل (Isotopie)_ والصفة تشاكلي (Isotopique) (1970) فهما مجموعة من أصناف دلالية متكررة التي تسمح بقراءة متجانسة للنص89.
وحين البحث عن أصول المصطلح في الثقافة الغربية المصطلحية، نجد أن المصطلح يقترن بلفظ آخر هو (Isomorphisme). الذي يعني التشاكل والتماثل في الشكل على حين أن (Isotopie) هو تكرار أو معاودة لفئات دلالية90.
(/)
وهناك تحديدات أخرى لدى المنظرين السيميائيين، أبرزها ما ظهر لدى قريماس حين عرّف التشاكل بأنه "مجموعة متراكمة من المقولات المعنوية بعد حلّ إبهامها، هذا الحل نفسه موجّه بالبحث عن القراءة المنسجمة"92، ثم حصر المصطلح ضمن مجال ضيق في الاستعمال، أي ضمن المستوى المعنوي دون التعبير (قاصداً المضمون في محتواه الدلالي).
وفي المقال ذاته، حدد الباحث (إفرنسو راستيه) تعرفاً للتشاكل، ملخصه أنه "كلّ تكرار لوحدة لغوية مهما كانت"93، موسعاً المفهوم وفاتحاً له المجال أكثر معمماً ومدمجاً التعبير والمضمون معاً. وهو تحديد في اعتقاد قريماس يدخل كثيراً من المغالطات.
أما قانون التشاكل لسانياتياً، ضمن معجم "جان ديبوا الألسني" فهو يحتوي على بنيتين من مستويين مختلفين بينهما تشاكل حينما تبديان نمطاً واحداً من العلاقات التركيبية، فحين تكون القوانين التركيبية الصّرفة مثلاً مطابقة للقوانين التركيبية في علم المعنى نقول إن من علم الصرف وعلم المعنى تشاكلاً وحين "يمكن وضع مفردات إحدى بنيات المعنى في لغة ما، مفردة فمفردة، وفي علاقة مع مفردات إحدى بنيات المعنى من لغة أخرى، تقول إن بين اللغتين تشاكلاً معنوياً"94.
أما على المستوى المعاجمي فقد أورد بسام بركة مصطلحين اثنين الأول (Isotopie) وهو تكرار أو معاودة لفئات دلالية، والثاني (Isomorphisme) وهو تشاكل أو تماثل في الشكل95 مثيراً التداخل بين المصطلحين، فالسابقة المشتركة (Iso) أصبحت توظف في الكلمات الفرنسية بمعنى التساوي (égal) على أن كلمة (Isomorphisme) هي أحد مصطلحات الكيمياء والرياضيات وعلم المعادن بالدرجة الأولى، وشكل من التناظر بين بنيتين من نظامين حديثين مختلفين.
(/)
ولغوياً، يعدّ محمد رشاد الحمزاوي من النقاد القليلين الذين أشاروا إلى مسألة (التباين) كمصطلح نقيض للتشاكل، محدداً المصطلح في اللفظ (la Dissimilation) وهو عكس الإدغام أي نزعة صوتين متماثلين أو متقاربين إلى التباعد والتباين. ويكثر ذلك خاصة في معالجة الكلمات الدخيلة في نطق العامة للكلمات العربية الأصل96. ومثل هذا التحديد، يختلف تماماً عن "اللاتشاكل أو الاختلاف أو التباين" التي جعلهما قريماس بدائل لمصطلح (Hétérotopie) وهو "مفهوم سيميائي يقوم على إدراك العلاقة الدلالية بين الموضوع والمحمول بحيث يمكن أن يقع القارئ في خديعة الألفاظ كقولنا. (الصباح هو المساء)97.
أما من الوجهة اللسانياتية، فيمكن الإشارة إلى ما قدمه الباحث ميشال زكريا بخصوص هذا المصطلح، في مساق مناقشاته لأفكار قريماس. (A.J. Greimas) فأورد مصطلح المشاكلة مقابلاً للفظ (Isomorphisme) وهي النظرية التي تسمح بالنظر إلى بنية المعنى وكأنها تلفظ (Sémes) أي (السمات) وما يقابلها من سمات مميزة على مستوى التعيين أو (Phémes)98.
وانطلاقاً من المعاجمية اللغوية هذه، عرّف عبد القادر الفاسي الفهري مصطلح: (Isomorphisme) في اللغة الإنكليزية بـ: (وحدة الصيغة)99 مشيراً إلى كل ما هو إصداري بلفظ (Antonyme) Antonym، في مساق حديثه عن سمة النظرية العلاقية في المعنى ثم عرّف لفظ (les uniformities) بالمتشاكلات أو الثوابت في هذه النظرية، وهي: الإفراد والخصائص والعلائق والأمكنة، فنفس الأفراد والعلائق تتكرر باستمرار في أمكنة مختلفة100.
(/)
أما في المغرب، فإن محمد مفتاح قد أحاط هذا المصطلح بكم هائل من التعريفات، من التوظيف في الخطاب النقدي المعاصر. وكانت فرصة الإشارة الأولى لديه، حين طرح هذا المفهوم في كتابه (تحليل الخطاب اللغوي ـ استراتيجية التناص) مستقراً على اصطناع مصطلح "تشاكل" مقابلاً للفظ الأجنبي (Isotopie)، ومفهوم اللاتشاكل ترجمة عن اللفظتين (Allotopie) و(Hétératopie)101. والمفهومان ـ في اعتقاده ـ منقولان عن ف. راستي (F.Rastier), وهما إجراءان مهمان في تحليل الخطاب، ثم إن مفهوم راستي للتشاكل مأخوذ بشكله المهم التعبيري والمضموني معاً102.
وعليه، رفض الباحث التسليم بدلالة هذا المصطلح مطلقاً، فنعت تحديدات "قريماس" بالتخصيص، وتحديدات راستي بالتعميم والتوسيع، واقفاً على مناقشة الرّأيين معاً، ومستقراً في الأخير على حقيقة أن "التشاكل في تطور العالمين لا يحدث إلا بتعدّد الوحدات اللغوية أي بالتباين"103. ثم مشترطاً عنصرين أساسيين، يتحقق بهما التشاكل هما: 104
1. التكرار المعنوي لرفع إبهام القول.
2. صحة القواعد التركيبية المنطوقة بما فيها من مساواة وجمل.
(/)
ولتوضيح أدق، يشار إلى أبرز تعريف اقترحه الباحث هو أن "التشاكل تنمية لنواة معنوية سالباً أم إيجاباً،بإلمام قسري أو اختياري لعناصر صوتية ومعجمية وتركيبية ومعنوية وتداوليته ضماناً لانسجام الرسالة"105. وهو تعريف، قرأ فيه بعض النقاد أبعاداً أهمها أن "التشاكل يتولد عنه تراكم تعبيري ومضموني تحتمه طبيعة اللغة، ذلك أن هناك تشاكلات زمنية، ومكانية، وابستيمولوجية، واستيطيقية، تعمل على تحقيق أبعاد جمالية وانفعالية، وتؤثر فيه ضمن مناخات حرة تساد المستقبل في أن يتفاعل مع المعنى، وفق رؤياوية التأويلية..."106. والمفهوم عام ذلك لأن الخطاب لا يخلو من موجهات. سواء كان شعرياً أم سردياً كما لا يخلو من المرفولوجيا ومن المقصدية107. وهو ما يتعارض ـ في اعتقادهم ـ مع ما ذهب إليه عبد الملك مرتاض مثلاً108.
وفي مرحلة أخرى من هذه الدراسة للتشاكل، وقف الباحث على بعض القرارات، الابستيمولوجية والمعاني المتواترة والمتضافرة، فذكر مدى تأثير نظريات التحديد الأرسطي والفورفولوجي في الدراسات الدلالية السيميائية المعاصرة ثم حاول توسيع مجال بحثه سعياً وراء رفع اللبس عن بعض المغالطات التي عدّت تعريفاته من أنها استنتاجاً لما اعتقده (قريماس) وعليه، أثار ثلاثة آراء مختلفة 109.
أولهما: رأي ميرل (F.Merrell) الذي يرى بأن التحليل بالمقومات يقتصر على التحديدات المعاجمية، وخصوصاً تحديد المفردات.
وثانيهما: رأي امبرطو إيكو (U. Ecco) الذي أرجع التحليل المتوالي أو المقومي إلى جذوره الطبيعية في القدم، وتجاوز في وضع التفرقة بين مفهومين هما: المعجم والموسوعة.
وثالثهما: مفارقة السيميائيين الفرنسيين، ومن اتبعهم مثل (راستي) (F.Rastier) ومن خلال ذلك خلص "محمد مفتاح" إلى القول إن "التحليل بالمقومات مستعملٌ جداً في تحليل الخطاب على اتجاهاته، وفي علم التربية، وفي الشعريات، وفي السيميائيات، وفي المعجميات، ثم في الذكاء الاصطناعي"110.
(/)
وهي في الإجمال، آراء على أدوات منهاجية وإجرائية لقراءة النص الأدبي وتأويله، مع الأخذ في الحسبان طرفي التعبير والمضمون، ضماناً لانسجام الرسالة.
ومن خلال هذه القراءة الحفرية للمصطلح، يمكن كذلك رصد أهم المقولات التي سجّلها حميد لحميداني على قراءة محمد مفتاح وصيرورة المصطلح والملخصة في النقاط الآتية: 111
1 ـ إن التشاكل تنمية لنواة معنوية: وهذا يساوي الجانب التركيبي التحويلي بشقيه: (التعبير والدلالة).
2 ـ ثم هناك إركام قسري واختياري: وهذا يساوي جانب "التناص".
3 ـ ثم جانب تداولي، ويمكن أن نعطيه بعداً سوسيولوجياً.
قريماس من ازدواجية اصطلاحية هي (Isotopie) و(Isomorphisme) أي تشابه وتناظر117.
وفي موضع آخر، آثر الباحث اصطناع لفظة مشاكلة قائلاً: "إن المشاكلة أو التشاكل عبر النص وبالتالي عبر الخطاب الأدبي... والتشاكل يتكون من مكررات (Iterativité) أو متوترات عبر سلسلة تراكيبية، كما يتألف من أصناف سيميائية، تحفظ للخطاب الملفوظ تناسقه"118.
والحقيقة أن الباحث، حينما أورد مصطلح (مشاكلة) اعتقد أن المفهوم يشيع في بعض كتابات النقاد والبلاغيين الأوائل مثل الجاحظ، لكن هذا الأخير اصطنعه في غير المعنى الذي نريده اليوم.
وتوازياً مع هذا المفهوم البلاغي والنقدي القديم أورد عبد الملك مرتاض مصطلحات بينها (تشاكل) و(مجانسة) و(مشابهة)119، ومعتقداً أن البلاغيين كانوا قد حاولوا الإلمام بهذه المسألة، ولكنهم حاموا من حولها، ولم يقعوا عليها قط على النحو الذي وقع بها علمياً "قريماس" وفي صورة مصطلحات مختلفة أهمها: الطباق والمقابلة واللف والنشر والجمع"120.
(/)
وعند تأمل هذه المصطلحات التي أثارها الباحث ومحاولة مقارنتها بأخرى من المفاهيم اللسانياتية والسيميائية، يستشف أن عبد الملك مرتاض أورد تعريفات كثيرة للتشاكل أهمها أنه "كل ما استوى من المقومات الظاهرة المعنى والباطنة والمتمثلة في التعبير أو الصياغة، وهي متمثلة في المضمون، تأتي متشابهة مورفولوجياً أو نحوياً أو إيقاعياً أو تركيبياً، عبر شبكة من الاستدلالات والتباينات، وذلك بفضل علاقة سياقية، تحدّد معنى الكلام"121.
وفي مساق تفرقته بين المصطلحين: تشاكل ولا تشاكل (تباين) ترجمة للفظتين (Isotopie) و (Hétératopie)، سعى الباحث إلى نبش التراث البلاغي قصد تظهير هذين المفهومين، مثيراً مفاهيم مثل (الخبر والإنشاء) ثم (الطباق والمقابلة) كأسماء مثيلة للتباين122 وهو المصطلح الذي ارتضاه محمد رشاد الحمزاوي باسم (La Dissimilation).
أما بخصوص تعريفه للتباين، فقد أشار الباحث إلى أن اللاتشاكل يقوم في هذا الكلام على أساس التأليف بين أطراف متناقضة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه التباين123 ولما كانت رغبته قوية، في استجلاء جميع الفروق بين المصطلحين: تشاكل واللاتشاكل أو تباين أضاف قائلاً: "إذا كان التشاكل يرصد العلاقات المتقاربة أو المتشابهة بين معاني نص من النصوص ونوح خطاب من الخطابات فإن التباين يرصد العلاقات المتنافرة، أو المتناقضة التي تفضي فما تفضي إليه، في حقيقة الأمر، إلى تحديد الدلالة السيميائية للمعنى.."124.
وآخر الصور لدى مرتاض، هو حديثه في زاويتي "التشاكل والتباين" عن مصطلحين اثنين هما (الانتشار والانحصار) يندرجان ضمن مستحدثات المفاهيمية125.
(/)
وتجاوزاً لعبد الملك مرتاض وقاموسه النقدي السيميائي المفترض بخصوص مصطلح التشاكل، يعثر في الجزائر على محاولات سيميائية جادّة، اختصّ أصحابها في الترجمة نقلاً عن السيميولوجية الفرنسية وأعلامها في بيئتها الأثيلة. أبرزهم. رشيد بن مالك الذي أورد مصطلح التشاكل نقلاً عن اللفظ: (Isomorphisme) كفرضية تتحدّد بين صعيدي، التعيين والمضمون، للبنية الدلالية 126 ثم اشتغل على هذه الآلية ومفاهيم أخرى في إنجاز مصطلحية سيميائية عربية بإنجاز قاموس مختصّ ولو بصياغة مغايرة قوامها إشارته إلى لفظة ايزوتوبيا بشكليها الدلالي والسيميولوجي، وفي صيغتيها الفرنسية والإنجليزية.127
وفي غير هذه الملاحظات التي سجلها عبد القادر فيدوح على تحديدات محمد مفتاح فإنه صاغ مصطلح (تشاكل) نقلاً عن اتجاهين سيميولوجيين هما: اتجاه قريماس واتجاه راستي. في حين استخدم مصطلح (التقابل) بديلاً عن لفظ (التباين).
3 ـ التشاكل والتباين: Isotopie Allotopie
اسم الباحث Isotopie Isomorphisme المرجع
المرزوقي
وجميل شاكر القطب الدلالي
تماثل ؟ مدخل إلى نظرية القصة 23.
ميشال جوزيف شريم تشاكل ؟ دليل الدراسات الأسلوبية ص157.
سعيد علوش تناظر تشاكلية معجم المصطلحات الأدبية ص127 و75
عبد السلام المسدي ؟ تشاكل قاموس اللسانيات ص211
بسام بركة تشاكل
تماثل في الشكل ؟ معجم اللسانيات ص116.
عبد القادر الفاسي الفهري ؟ وحدة الصيغة اللسانيات واللغة العربية ص429
أنور المرتجي إيزوطوبيا ؟ سيميائية النص الأدبي ص40.
اتهامي الراجي الهاشمي ؟ تشاكل اللسان العربي عدد 25 230
عبد الملك مرتاض مشاكلة ـ تشاكل إيزوطوبية ؟ شعرية القصيدة على التوالي ص24 و42.
تشاكل ـ مجانسة
مشابهة ؟ التحليل السيميائي ص157
الانتشار والانحصار ؟ مقامات السيوطي 43
عبد القادر فيدوح تشاكل ؟ دلائلية النص الأدبي 46 ـ 90
خولة الإبراهيمي النظائر الدلالية
المتجانسات الدلالية ؟ مبادئ في اللسانيات
(/)
محمد مفتاح تشاكل ؟ تحليل الخطاب الشعري م س ص 21 ـ 19.
4 ـ تناص / حوارية
التناص مصطلح يقابله في اللغة الفرنسية (Intertextualité) وفي الإنكليزية (Intertextuality) وهو من المصطلحات والمفاهيم السيميائية الحديثة له فعاليته الإجرائية في كونه يقف راهناً في مجال الشعرية الحديثة والتحليل البنيوي. ومظهر استقطب كثيراً من الباحثين وروّاد الدرس السيميائي وقبلهم البلاغيون والنقاد القدماء. وفق زئبقية في التعريفات سواء بلغة المصادر الأجنبية أم بتحديدات معناه من خلال الشروحات والكتابات النقدية.
على هذا الأساس فإن مصطلح "التناص في المعجم السيميائي المعقلن مفهوم قوامه تفاعل لآداب والمصطلح آثاره منظر السيميائية الروسي ميخائين باختين (M. Bakhtine) صاحب الأثر الكبير من الفكر الغربي بسبب طرائقه المستعملة والنافعة في التبادل المنهجي حول نظرية التفاعل التي تقوم عليها أساساً أبحاث الأدب المقارن130. وهو مفهوم إجرائي يساهم في تفكيك سنن النصوص (الخطابات) ومرجعيتها وتعالقها بنصوص أخرى.
ويقر الباحث أ ـ مار لو (A. Marlaux) في هذا المساق، بأن العمل الفني ليس من إنتاج (الفنان أو المبدع وحده بل نتيجة احتكاكه وتفاعله وتأثره بأعمال فنية أخرى131، فيشكل التناص ـ وفق ذلك ـ قطباً منهجياً في مجال النصوص على اختلاف أجناسها وأنماطها شعرية أم سردية، ويأخذ بحقيقة: الأخذ والفضاء التفاعل بين العديد من النصوص (الأعمال الأدبية من منظور أنه ليس هناك إلا بنى دلالية ونحوية مشتركة لنوعٍ واحد من الخطاب المشترك132.
وتذهب بعض القواميس الفرنسية غير المختصة إلى اعتبار "كلّ نصّ تشرب وامتصاص وتحويل لنصوص عديدة أخرى، وليس الخطاب وحدة مغلقة حتى لو تعلّق الأمر بالعمل الداخلي بل لأنه يخضع لعملٍ نصوصٍ أخرى133 وهو بذلك مصطلح أريد به تقاطع النصوص وتداخلها ثم الحوار والتفاعل فيما بينها.
(/)
وعليه فالتقاطع بين نص وآخر، هو أسلوب لتشكيل فضاء النصّ (L'espace textuel)، والممارسة النصية (Pratique intertextuelle) من وجهة نظر جوليا كرستيفا القائلة بتقاطع نصين أو أكثر داخل النص الواحد"134. أو هو احتواء نص من نصٍّ آخر، وتفاعلية نصوصية ثم تبادل متفاعل (بكسر العين). ومثل هذا التحديد ذهب إليه كلود ديشي (Claude Duchet) معتبراً أن النصوص لا توجد إلا بعلاقاتها بنصوص سابقة متشابهة لها أو مختلفة عنها"135، وفي ضوء ذلك حدّد ثلاثة أشكال للتناص136:
1. تناص تطابقي فيه تطابق بين نصين.
2. تناص انفصالي، فيه إعلان لموت النص الأول في النص الثاني.
3. تناص النفي، موت النص الأول في النص الثاني.
ودائماً بخصوص صيرورة هذا المصطلح في الطروحات المنهجية لدى المنظرين السيميائيين الأوروبيين، فإن ت. تودوروف أشار إلى المصطلح بصفة عرضية قائلاً "أنه من الوهم أن نعتقد بأن العمل الأدبي له وجود مستقل، أنه يظهر مندمجاً داخل مجال أدبي ممتلئ بالأعمال السابقة"137، وعليه يتحول كلّ عمل فني يدخل في علاقة معقدة مع أعمال الماضي.
ولما كان المصطلح أكثر معالجة لدى السيميائيين في الغرب، فإن نقاداً آخرين خاضوا في صيرورته، بينهم ميشال أريفي (M. Arrivé) الذي حدد المفهوم بالقول: "إنه مجموع النصوص التي تدخل في علاقة مع نص معطى، هذا التناص يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة"138، ومن ثمة استخلص سمتين من النصوص المتقابلة أبرزها: أن النص الثاني يمكن أن يكون مضمونه النص الأول كما عكس للنص الثاني أن يمثل على مستوى التعبير (L'expression) النص الأول.
في حين أن، جوليا كرستيفا، ضمن أطروحتها حول "نص الرواية" وقفت على مصطلح: "الأيديولوجيم" ضمن باب "الوظيفة التناصية التي يمكننا أن نقرأها مادياً في كلّ مستويات بنية النصّ"139.
(/)
فمن الواضح إذن، أن المجهودات التي بذلها جيرار جينيت (G. Genette) وم. ريفاتير M.Riffattere وم. باختين M.Bakhtine وجوليا كريستيفا (J. Kristiva) وباحثين آخرين أمثال، أريفي ورولانت ولوتمان وسواهم. التي تشكل إضاءات تساعد الباحث على فهم ظاهرة مهمّة كالتناص.
للتوضح، فإن جيرار جينيت وهو يدرس الباروديا (Parodie) في كتابه الطرس (Palimpsestes) بدأ يخلخل المفاهيم السابقة عن الباروديا بعد أن استقاها من المفاهيم الأصلية لدى أرسطو140، وظهرت لدى المثاقفة ومسألة انحدار النصوص عن بعضها بعض ولن يتحقق ذلك إلا بفضل قراءة أدبية وتفحص وذاكرة مثقلة بالقراءات السابقة.
ثم جاء الباحث، بمصطلح التعالي (Transcendance) والمقصود علاقة وتقاطع النصوص ببعضها بعض وبالتداخل النصي141، ليتحول القارئ إلى متلقي يمتلك الذاكرة التي تعمل ضمن إطار جدلية الحضور والغياب، وإدراك العلاقات بين النصوص ومقارنتها، فينمي التناص قدرة القراءة المنتجة، كما يعدل في تقنيات الكتابة، ويدخل في الأخير حقل المتعاليات(Transtextualité).
وفق هذا التصنيف، أوجد جيرار جينيت أشكالاً جديدة من التناص بينها النصوصية المرادفة (Paratextualité) وما وراء النصوصية (Métatextualité) ثم النصوص الشمولية (A.Architextualité) وأخيراً النصوص الشاملة Hypertextualité142، وهي تقنيات أدخلها ضمن محاولاته النظرية.
أما. م. ريفاتير، فإنه يعدّ الظاهرة (التناص) منتجة للدوال ويعدّ القراءة نتاج مرجعيات كثيرة للنصّ فيقول بمبدأ "التدالّ بين الألفاظ والأنساق كما يقول بالحوار بين الأشكال الأدبية والمضامين الثقافية، من منظور علاقة حضور غياب داخل سجلات القول (الكلام) الأدبي143. ليفتح المفهوم على مجال أوسع في الاشتغال كالتحويل (Transformation) لأنساق وأساليب ضمن نصّ أدبي منتجها.
(/)
أما بخصوص مفهوم (الحوارية) (Le Dialogisme) المفهوم المعادل للتناص، فإن تودوروف يرى فيه انتماءاً إلى الخطاب وليس إلى اللغة فيقول (بالمبدأ الحواري) بين النصّ السّابق والنصّ اللاحق، وسمّي الخطاب الأول بأحادية السمة (Monovalent) باعتباره حدّاً، أما الخطاب اللاحق بتعدّدية القيم. Polyvalent144، مشيراً إلى استقلالية النصّ الأدبي وامتلائه بأعمال سابقة.. وهي الملاحظات التي أبداها رومان جاكوبسون في مساق حديثة عرضاً عن العلاقة السانكرونيكة والدياكرونيكية ثم شلوفسكي على لسان الشكلانيين الروس في حديثه عن الشعرية.
بيد أن م. باختين هو المؤكد على تناصية اللغة من خلال النظرية التفاعلية التي تولدت عنها فيما بعد النظرية الحوارية، لتحدّد النصّ على أنه تضمين خطاب آخر، وملفوظ في آخر، ثم عدّها المقدّمة الأساسية لهذا المفهوم، رافضاً قداسة الأولى التي قال بها الشكلانيون والماركسيون، ثم جعل من التناص (التداخل النصي) عنصراً من عناصر بناء النصّ145.
مثل هذه الحوارية لدى باختين، ورغم طابعها التجريدي فهي تشير إلى الكتابة كذاتية (Subjectivité) وكتواصلية (Communicativité) تناصية، وتقرأ على مستوى الرواية التي تشكّل بناءً حوارياً، والنص فيها مرتبط بنظام القول الاجتماعي والأيديولوجي أي، هي سلالية لنصّ سابق، مع الاحتفاظ بخصوصياته وتفرّده بعناصره المتميّزة، والرأي نفسه لدى جيرار جينيت مع "الباروديا، حيث الخطاب يلتقي بخطاب آخر في جميع الطرق دون تحريف أو تزييف للنصّ الأول، وإنما المدار على سبيل التفاعل والبراعة الفنية146.
ثم أن الخصوصية التي تسم تعريفات باختين في الحوارية (التداخل النصي) هي أنها إجراء ينسحب على كلّ شعر وعلى كلّ نصّ سواء أكان قديماً أم حديثاً، وتجعل من الحوارية أوسع من التداخل النصي لأنها مظهر من المظاهر التي تختصّ بالأسلوب النثري وتخضع لبلورة فنية.
(/)
ويذهب النقاد إلى اعتبار مصطلح التناص وليد الحوارية لدى باختين، لأن الباحثة جوليا كرستيفا وهي تقدّم المفهوم في تخريجاته تعتبر النصّ جهازاً فوق لساني يعيد توزيع نظام اللغة على انه يتحدّد عن طريق تبادل النصوص أي بالتناص147، وعليه لا تحصر مجال التناص على النصوص الأدبية وحسب، وإنما توسّعه ليشمل النصوص العلمية والخطابات السياسية، وتعدّ التقاطع بين النصوص كأسلوب في تشكيل لفضاء النصّ، وهو مذهب (Ducrot).
آخر هذه التنظيرات لدى اللسانياتيين والسيميائيين في الغرب، هو اعتبار الجهود اللغوية لدى فردينارد دي سوسير بخصوص هذه الإشكالية بمثابة الإرهاصات الأولى التي أومأت إلى ظاهرة التناص، حيث أشار إلى أن الكلمات تحت الكلمات، وأن النص سطح مكوكب يبنيه وتحرّكه نصوص أخرى148، هو مكتمل النظام، تأتلف فيه الكلمات وتنسجم ضمن مساق نصي.
أما إذا نحن قمنا بحفريات في النقد العربي المعاصر، نتقصى أشكال هذا المصطلح، نجد أنّ الدّراسات النقدية والنظريات الأدبية المعاصرة العربية قد حفلت بهذا المفهوم (التناص) Intertextualité كآلية لغوية وإجراء يتباين القصد منه ويتشاكل مع مفاهيم أخرى كالأدب المقارن، (Comparative littérature) والمثاقفة (Akloration) ودراسة المصادر والسرقات (Plagiarism).
وفي نفس التداخل المصطلحي لدى المنظرين السيميائيين الأوروبيين، يعد محمد مفتاح واحداً من الباحثين المغاربة الذي خصّ المفهوم بكتابات واسعة، واحتكموا إليها كمفهوم وإجراء سيميائي، ولا أدلّ على ذلك، ما جسّده ضمن مؤلّفه "تحليل الخطاب الشعري ـ إستراتيجية التناص" كعنوان للدراسة149.
(/)
وانطلاقاً من آراء المفكرين اللسانياتيين في المدرسة الفرنسية عرّف "التناص بأنه" فسيفساء من نصوص أخرى أدمجت فيه بتقنيات مختلفة، ممتص لهذه النصوص، فتسنح من فضائه ويحوّلها النص" ثم اختزالاً للمناقشات التي أثارها في هذا الجانب، أوجد عدّة مصطلحات تتلخّص ضمن الاتجاهين التاليين:
1. الاتجاه البلاغي القديم:
وفيه ورد ـ محمد مفتاح ـ مصطلح السرقة كنواة للنظرية الغربية، مقترحاً مفاهيم أخرى مثل (الأدب المقارن، المثاقفة ودراسة المصادر) ومؤكّداً على أنّ "نظرية التناص موجودة في الآراء الانطباعية التي كان يدلي بها متلقو الآداب في مختلف الثقافات ومنها الثقافة العربية"150.
لكن الباحث، وفي مساق دراسته مصطلح "التناص" بهذه القوة التكثيفية والتأطيرية في التراث، دعا في مرحلة لاحقة إلى "رفض المطابقة بين نظرية التناص المعاصرة وبين مقاربة السرقات في الأدب العربي"151، مستنداً إلى عاملين اثنين هما:
ـ إن مصطلح السرقات "هو وليد ذلك السياق الثقافي المشار إليه (التراث) وهو ليس مجمعاً عليه في الآداب الغربية نفسها...."152، ثمّ "إنه من مجانية الوعي التاريخي ومنطق التاريخ، أن تقع الموازنة بين نشأة وتطوّر دراسات السرقات الأدبية في العصر العباسي، وبين نظرية التناص التي هي وليدة القرن العشرين"153، ومن خلال ذلك، دعوته إلى إحياء مصطلح النقد العربي وإعادة تحديده في ظروفه المحايثة بحسب السياق والموقع.
2. الاتجاه الأوروبي الحديث:
وضمن هذا الاتجاه، استقرّ الباحث على مصطلح "التناصّ"، محاولاً المزج بين السيميائيات الأوروبية الحديثة ذات الأصل الأوروبي لدى فردينارد دي سوسير والسيميوطيقا الأنجلوساكسونية لدى "ش. س. بيرس" واقفاً على نزعتين متضادّتين لكنهما متكاملتين في تحديد مفهوم التناص:
(/)
إحداهما أدبية: تتجلى في آثار "باختين" ومن تأثر به مثل "جوليا كرستيفا ورولان بارط"، الأولى التي تعدّ "التناص الأدبي هو الإعادة إنتاج وليس إبداعاً محضاً، وإنما كلّ نص هو معضد أو قلب لنص آخر، سابق عليه أو معاصر له"154.
والثانية فلسفية: تلك التي تتجلى في تفكيكية دريدا وبارط، و"بور دومن" و"هارتمان" التي أثبتت أن أي نصّ هو عبارة عن نسيج من أصوات آتية من هنا وهناك155.
ومن خلال هاتين النزعتين صاغ الباحث تعريفاً للتناص مؤدّاه أن نظرية التناص "أدبية وفلسفية يهدف الجانب الفلسفي فيها إلى كشف بعض المبادئ التي قامت عليها العقلانية الأوروبية الحديثة والمعاصرة"156.
ومع مرور الزمن بدأ "محمد مفتاح" يفكّر في استبدال مصطلح "التناص" بمصطلح آخر أكثر فعالية، فأوجد مصطلح (الحوار ) قائلاً: "أن مفهوم التناص في الوقت الحالي أصبح فيه خلط ولم يعد إجرائياً، لذا تلاحظون في كتاباتي الأخيرة أنني استعملت مفهوم (الحوار) أي (حوار النص)157 ونحسب هذا المفهوم المقترح لدى الباحث أقرب إلى مصطلح الحوارية (Dialogisme) الذي صاغه "ميخائيل باختين"158.
أما الدليل المؤكد لذلك، هو استخدامه مصطلح الحوارية ضمن عنوانٍ فرعي هو "الحوارية في النص الشعري" وقوله "مفهوم الحوار يمكن إرجاعه إلى نظرية العمل وهي ماركسية سوسيولوجية وابستيمولوجية تقول بالسّيرورة والتطوّر..."159 وفي موضع آخر، اعتبر الباحث مفهوم التحويل مفهوماً سيميائياً وأساسياً، ومعنى ذلك أن كل نص هو تحويل لنص أو لنصوص سابقة عليه"160،
ثم آب إلى مصطلح التناص (Intertextualité) بلفظ هو "التخاطب" الذي يعني في أبسط تعريفاته "وجود علاقي خارجي بين أنواع من الخطاب، وداخلي بين مستويات اللغة"1601.
وتتواتر الدراسات والترجمات بخصوص ذات المصطلح، رغم الصعوبات والعراقيل التي يصطدم بها أي جديد عادة، وكثر المشتغلون في نطاق هذا المفهوم النقدي، وبدأت تتفاقم المشاكل والإشكاليات.
(/)
في هذا الصدد، وإذا سلمنا بضرورة التأثر والتأثر بين النصوص الأدبية، وحتمية ظاهرة التناص، فإننا نسلّم وبدون شكّ، ببعد التناص والتأثر والتأثير والاقتباس والمحاكاة، عن السرقة الأدبية. لأنّ بعض دراسات النقدية تعتبر الكاتب قارئاً، قبل أن يغدو كاتباً162، ثم إن النص، أي نص يتضمن وفرة من نصوص متغايرة يمثلها ويحوّلها، بقدر ما يتحد ويتحدّد على مستويات متعدّدة163، مذهب جابر عصفور، المؤكّد على حتمية ظاهرة التناص، على الرغم من عدم قبوله أي مصطلح من المصطلحات المذكورة التي تصنف السّرقات الأدبية في إطار التناص، أو في أيّة ظاهرة حوارية بين النصوص.
وفي نفس التداخل المصطلحي، يشير علوي الهاشمي في دراسة السكون المتحرّك بما معناه أن قصدية المؤلف لها معيار في التفريق بين مصطلح التضمين (Implication) المبني على الوعي القصدي في استحضار النصّ الغائب، والإشارة إليه، وبين السرقة القائمة على قصدية الكاتب بمعنى تغييب النص المضمن (بفتح الميم)، وذوبان نصه وتماهيه في النص الأصلي، دون الإشارة أو التلميح إلى عملية التناص والتأثر. وفي ضوء هذه القراءة صاغت الباحثة شريفة اليحيائي مصطلحين اثنين هما: التناص أو النصية164، مستبعدة آلية السرقة من مشروع التناص.
وعرف الباحث غازي مختار طليمات مصطلح التناص بوصفه بنية سيميائية ودلالية وتداولية مشتركة بين الثقافات واللغات المختلفة، في المصطلح النقدي الإنكليزي (Intertextuality) المصوغ من ثلاث كلمات متلاصقة (inter) ومعناها بين أو داخل (intra) و(texte) ومعناها نص (Uality) وهي رقعة لغوية تلحق بالكلمة لتجعلها راسماً أو مصدراً صناعياً، وعليه صاغ عدّة طرائق اشتقاقية أهمها: "التناصّ" بتشديد الصاد، على وزن تفاعل، الدال على التشارك كالتجاذب والتخاطب، ونقله عن آخرين في صورة (بينصية)165.
(/)
بيد أن الباحث، في خلال قراءته الناقدة فرّق بين المصطلحين حين اعتبر التناص تقارض النصوص وتبادلها في حين أن البينصية وقوع النص بين النصوص بغية الدلالة على ما بينها من اشتراك في الأفكار والصور والتراكيب والمشاعر، فالأول أوضح وأفصح من الثاني166.
وفي بعض المعاجم العربية المختصة وغير المختصة، ذهب بعض الدارسين إلى اعتبار مصطلح السرقات (Plagiavius) الأقرب إلى لفظ التناص، وهو عند البلاغيين كأخذ قائل من قائل آخر معنى من المعاني وبعض لفظه أو أكثر من لفظه167، أو كما ورد لدى بسّام بركة في المعجم الألسني بلفظة (بينصوصة) أي علاقة النص الأدبي بنصوص أدبية أخرى.
ثم إن الناظر في صنيع النقاد العرب مغاربة ومشارقة، يلفيهم مهتمين بهذا المفهوم، أكثر من المفاهيم الأخرى، ولا أدلّ على ذلك من المصطلحات المختلفة والمداليل المتباينة الواردة لديهم، وضمن محاولاتهم بغية الكشف عن معانيه وإيحاءاته.
من ذلك، فإن أنور المرتجى استعمل مصطلح التناص كشرط لكل نص، وهو ليس تقليداً أو عملية استرجاع إرادية وإنما هو إنتاجية168، فيه استلهم معظم الآراء من لدن النقاد الغربيين أمثال: جيرار جنيت وميشال ريفاتير، وباختين وكرستيفا، راصداً جملة من المفاهيم. وقد استمد من الباحثة جوليا كرستيفا مبدأي النصّ الظّاهر (Phenotexte) والنص المولد.
(Genotext)169.
(/)
ومن ثم خرج بنتيجة قوامها أن الناص سمة كلّ نصّ، وأعطى ضروباً لأنواع التناص هي: النصوص الشاملة (Architextes) والتعالي (Transcendance) والمابعد نصية. (La transtextualité) والأشهاد (La citation) والتلميح (L'allusion) والمابين نصية. (Para texte) أو ما يقابله من مصطلح "ما قبل نصية". (L'avant texte). ثم مصطلح "الميتانصية" (Métatextualité) المسمّى بمفهوم التقليد، وهناك الشامل النصي (L'archi texetualité) وأخيراً مصطلح (L'Hypertextualité)170، فضلاً على بعض المصطلحات القريبة من التناص مثل: Para texte و Méta texte و (Hyper texte) و(Auto Texte) ثم
(Infra texte) وسواها من المصطلحات.
وفي ذات البيئة المغاربية، حاول الباحث سعيد يقطين تحديد مفهوم (التناص) استناداً إلى بعض المقولات عن جيرار جنيت مستعملاً مصطلح (التفاعل النصي) بدل التناص، لأن التفاعل النصي أشمل وأعمّ من التناص، ومن خلال ذلك ذهب إلى اعتبار "التفاعل النصي يحدث بين النص والمحلل والبنيات النصية التي يدمجها في ذاته كنصّ، بحيث تصبح جزءاً منه ومكوّناً من مكوّناته"171.
وإذا كان سعيد يقطين قد استلهم هذا اللفظ عن المنظرين في الغرب، فإنه لم يتوان في استعمال مصطلحات أخرى قديمة تقارب مفهوم التناص، من التراث العربي النقدي القديم، مثل الاقتباس والتضمين والإشهاد، وهي فحوى مبدأ التعالق النصي172.
وسواء تمثلنا أطروحات سعيد يقطين القديمة أم الحديثة، فإن اللافت للنظر هو ابتداعه لجملة من المصطلحات في مساق الحديث عن التناص أبرزها: المتعاليات النصية173، ومحدداً أنواع "التفاعل النصّي" في الصنوف
الآتية174.
1. المناصة (Para textualité)
2. الميتانصية Méta textualibé
3. التناص (inter textualite)
أما الباحث أحمد المديني، فقد اختار الاستقرار على لفظ (التناص) منطلقاً من الاعتبارات الآتية175.
1. فكرة النص لقابلية تناصة.
(/)
2. أن النص باعتباره تناصاً يصبح مادّة إبستيمية épistemique متعلقة بالمعرفة.
3. إن فرضية الحقل التناصيّ (Champ intertextuel) سمحت بالحدّ من عملية تقليص الممارسة الرمزية.
4. كلمة تناص تدلّ على مصادر منحوتة ومبتكرة من مصطلحات أخرى.
صورة أخرى للمصطلح في واقعه العربي، نلمحها لدى عبد الله الغذامي القائل بمصطلح "التداخل النصي" بحيث يعتقد أن "تداخل النصوص يتمّ عبر نصِّ واحدٍ من جهة ويقابله في الجهة الأخرى نصوص لا تحصى"176 وفي ضوء هذا التحديد قدّم تفسيراً للمصطلح، معتبراً التناص يصنع من نصوص متضاعفة التعاقب على الذهن، ومن ثقافات متعدّدة ومتداخلة177. وسمة التداخل هذه، مذهب قال به نقاد آخرون بينهم: محمد بنيس178، وفريد الزاهي 179، والباحثة لطيفة إبراهيم180.
فالأول: تبني المفهوم عن جيرار جنيت من خلال النصية الموازية.
والثاني: تبني المفهوم عن جوليا كرستيفا مضيفاً مصطلح "التصحيفية" الذي يعني تقاطع وتفسخ عدّة خطابات دخيلة في اللغة الشعرية.
والثالثة: سلمت بمصطلح "النصّ المتداخل" مقابلاً للفظ التناص، والجمع النصوص المتداخلة.
ومن ناحية أخرى، ولما كانت مشكلة التناص وإمكانات التحليل التي يفتحها هذا المفهوم لا يمكن أن تنفصل عن فكرة الإنتاجية (Productivité) الأدبية، عدّ صلاح فضل مصطلح التناص مفهوماً يقيم علاقة مشروعة بين النصّ والموروث، ويكون دور القارئ حاسماً في هذا المجال، فهو الذي يستحضر النصوص السّابقة، أو يكتشفها بوعيه داخل النصّ181 ولم يورد مصطلحاً بديلاً عنه.
وحين البحث عن صياغات أخرى مخالفة لما ذكرنا، نقلاً عن اللغة الإنجليزية أورد بعض الدارسين مصطلح (النصوص المتداخلة) ترجمة للفظ (Intertext)182، وربما مصطلح (متناص) مقابلاً للفظتين: Intertextuality وIntertext، معتقدين أنّ "المتناص هو نص يكمن في داخل نص آخر ليشكّل معناه"183.
(/)
وفي الجهة الأخرى، تمثل بعض الباحثين نقلاً عن رولان بارط وم. باختين، من ذلك ما أشار إليه الباحث عمر أوكان، في سياق حديثه عن كتاب "لذة النص" أو "مغامرة الكتابة" معتبراً التناص تبادلاً أو حوار رباطاً، اتحاداً، تفاعلاً بين نصين أو عدّة نصوص148، وما تمثله حميد الحميداني بمفهوم (الحوارية) قائلاً: "النصّ الجديد رغم حواريته ورغم طابعه التناصي فلا بد أن يكون في تركيبته العامة شيئاً جديداً موقوفاً جمالياً ودلالياً جديداً"185.
أما في الجزائر، فهناك ثلاثة وجوه من التخاريج بشأن المصطلح.
الوجه الأول: الاستقرار على مصطلح التناص، من ذلك ما تمثله الباحث السيميائي رشيد بن مالك في معجمه المختص، معتبراً التناص ظاهرة تستدعي بالفعل سيميائيات أو خطابات مستقلة تتواصل داخلها سياقات البناء، إعادة الإنتاج وتحويل النماذج186.
الوجه الثاني: الإشارة إلى مصطلح "المثاقفة (Akloration) كمصطلح أشار إليه الباحثون المغاربة في الدروس الفلسفية والخطابية والأدبية واللغوية، ولم يأخذ به المشارقة، وقد ظهر حوالي 1886 في بحث الأنثروبولوجيين الأمريكيين187،
والوجه الأخير: تعدّد المفاهيم والمصطلحات إزاء اللفظ الواحد، وهو ما تمثله عبد الملك مرتاض، في بداية مشوار الكتابة حيث بدا أكثر احتكاماً إلى المفهوم السيميائي المعاصر، مبرراً أهمية المصطلح من الكتابة النقدية بالقول: "إنّ هذا التناص للنص الإبداعي كالأوكسجين الذي لا يشم ولا يروى، ومع
ذلك لا أحد من العقلاء ينكر بأنّ كلّ الأمكنة تحتويه وإنّ انعدامه يعني الاختناق"188.
ثم أشار: "وأحسب أن المصطلح ـ التناص المعاصر ـ هو ثمرة من ثمرات الترجمة الفرنسية أدق على الحال"189 وفي ذلك إشارة إلى المصطلح الفرنسي (Intertextualité) "كمفهوم فيه نصان أو أكثر يتعارضان أو يتضاربان أو يتنافسان"190.
(/)
أما الوجه الآخر، في تعريفه لمصطلح التناص، هو قوله: "إن التناص تبادل التأثير، تأثير مبدع بآخر"191 وهو تشرب وتأثير وتضاد وتشابه ومعارضة وإن شئنا تلاقي أفكار ونظام أطراف أو توارد خواطر192.
بعد هذا، عاد الباحث ليطرح وجهات نظر مختلفة في التناص، قائلاً: "إن التناص تفاعل وتبادل العلاقة بين نص وآخر إما على سبيل الاقتباس أو المعارضة أو التضاد"193، وغير بعيد عن هذا التمثل عدّ كلّ "نصٍّ تشرّب وامتصاص وتحوّل لنصوص عديدة أخرى"194، معتبراً الخطاب بأنه وحدة غير مغلقة داخل نسيجه بل هو وضع لعمل نصوص أخرى مضمنة.
أما الشكل الثاني، من المصطلحات التي اقترحها الباحث هو القول بمصطلح "التكاتب" مميزاً بينه وبين التناص فالأول موسوم بالعموم، شمل اللغة والأسلوب والأفكار، والثاني، أكثر خصوصية قريب من التأدّب.
والشكل الثالث: يكمن من خلال اقتراحه مصطلح "التفاعل" في قوله: "أنّ التفاعل الذي يحدث بين كتابة الكاتب والمؤثرات الأخرى، الشفوية والعامة، فهي تنطوي تحت مفهوم التناص، كما تنطوي تحت مفهوم التكاتب"195.
والشكل الرابع: يظهر من خلال محاولة الباحث تجاوز حدود النقل والتعليق الهامشي على إنجازات النظرية النقدية الحديثة في الغرب ودعوته إلى تفحص إنجازات النقد العربي في عهوده الراهنة، مقترحاً ما يلي:
أولاً: مصطلح الاقتباس: بالقول: "وهو إن شئت (أي التناص) اقتباس، وهذا مصطلح بلاغي محض، ولكنه الآن مسطو عليه من قبل السيميائيين..."196 والسرقة مفهوم بالغي قديم197.
(/)
ثانياً: السرقات كمصطلح أوجدته آراء البلاغيين والنقاد القدماء198. مشيراً إلى مسألة (حفظ النصوص) ونسيانها في تصوّر ابن خلدون، على أساس أنها فكرة تناصية، وليس التناص نفسه199 ولم يلبث أن عاد إلى مسألة السرقات الشعرية، بديلاً عن التناص200، عاقداً بعض المقاربات بن القدماء من البلاغيين والنقاد السيميائيين الغرب، ولا أدلّ على ذلك، مقاربة آراء ابن خلدون، بفكرة بارط بخصوص النسيان.
ثالثاً: إشارته إلى مصطلح "التناص العائم" ثم اقتراحه لمصطلح "الابتداع" كضرب من ضروب التناص المجسد الذي من خلاله يظل المبدع يحوم حول نصٍّ واحدٍ، هو أصلاً ثمرة لجملة من النصوص201.
3 ـ بالعموم فإن المستقرئ لواقع هذا المصطلح يلفيه أكثر تقلباً واختلالاً ومؤكد ذلك الجدول المقارن الآتي.
4 ـ التناص: Intertextualité
اسم البحث الترجمة المرجع
شريفة اليحيائي التناص ـ النصية الشعر العماني الحديث م س ص01.
غازي مختار طليمات تناص ـ (بتشديد الصاد)
بينصية التناص وأهل التفكيك، جريدة البيان (م س).
محمد سعيد أسير
وبلال الجنيدي التناص
السرقات معجم في علوم اللغة العربية م س ص527
سعيد يقطين التناص
التفاعل النصي انفتاح النص الروائي م س ص: 92.
الاقتباس
التضمين
الإشهاد
التعالق النصي الرواية والتراث السردي م س ص30
المتعاليات النصية انفتاح النص الروائي ص99
عبد الله الغذامي التداخل النصي الخطيئة والتكفير ص30.
سعيد الغانمي النصوص المتداخلة
المتناص السيمياء والتأويل ص73.
حميد الحميداني الحوارية سوسيولوجيا النص الروائي م س ص: 131.
محمد مفتاح التناص ـ الأدب المقارن
المثاقفة ـ دراسة المصادر تحليل الخطاب الشعري م س ص113.
الحوار ـ التحويل التحليل السيميائي م س ص23 ـ 24.
حوارية دينامية النص (م س) ص81.
تخاطب التشابه والاختلاف (م س) ص44
عبد الملك مرتاض التناص تحليل الخطاب الشعري م س ص:278
التكاتب ـ التفاعل
(/)
الاقتباس ـ الأدب المقارن بين التناص والتكاتب م س ص: 197 ـ 200.
السرقات فكرة السرقات الأدبية ونظرية التناص ص90 ـ 91
5 ـ الصورة / الإقونة Icône:
لقد تعرّض النصّ الأدبي إلى كثير من الخلخلة والاضطراب في التحديد لدى النقاد المعاصرين عرباً وأعاجم، وورد المصطلح بكثير من التسميات أبرزها: الإشارة والمؤشر والدليل والإقونة والإقون والشيفرة والمؤول والعلامة.. وسواها من المصطلحات المتناثرة المتكاثرة، التي تدلّ على اختلاف القراءات في المفاهيم.
ففي التراث العربي مثلاً، عرف البلاغيون والنقاد الصورة في جانبها الفني كوسيلة يعتمد عليها الناقد لكشف مواقف الشاعر وتجربته ومدى الأصالة الفنية التي يتمتّع بها وبيان الأساليب المستخدمة في التصوير". ثم إنّ فكرة الصورة بمعناها الحديث "لم تبرز عند القدامى، لكن القضايا التي تناولتها كانت متوفّرة وموجودة، وإن اختلفت طريقة العرض والتناول، وقد اتسع مفهومها لتشمل ما هو أبعد من الوسائل البلاغية المعروفة..."202.
وفي العصر الحديث، فإنّ ما يزيد في أهمية مصطلح (الإقونة)، هو أنّ السيميائية كنظرية تختصّ بدراسة العلامات وتصنيفها وتمييزها وتعليلها على مختلف مفاهيمها، جعلت من هذا اللفظ (Icône) 203 علامة دالة تحيل الدّارسين على كثير من التداعيات، وتعمل على تهريب المعنى من النصّ الأدبي.
في ضوء هذه الأهمية، وفي بعض القواميس الأجنبية الأصلية فإن هذا المصطلح "ينحدر من أصل لاتيني إكون (Ikon) وفي اللغة الروسية (Ikona).
ظهر عام 1938، متجلياً في رسومات زيتية دينية منجزة على ألواح خشبية في الكنائس الشرقية التي كانت تملأ الجدران بأيقونات، وبصور رجال نبلاء أكبر من الحجم الطبيعي"204.
وعليه فمصطلحات من مثل: Iikon, Icône, Icon, Image, eikon على رغم الاختلاف فيها، هي ألفاظ أكثر استعمالاً في الكنيسة الإغريقية في روسيا وتطلق على تلك الصور التي تمثل مريم والقديّسين205.
(/)
والأيقونة في بعض المعاجم الأجنبية، مثل (المعجم الألسني) وضمن تحديدات س. بيرس يوجد فرق بين الأيقونة والاستدلال والرّمز، والمقصود بها العلامات اللائي ما في الواقع الخارجي، ولهن نفس الميزات مع الموضوع المعيّن مثل: وصمة الدّم واللون الأحمر أو مثل الكتابة الهيروغليفية/ الصينية المصرية206.
ويتحدّد مدلول اللفظة في المعجم الفرنسي الموسوعي "بالعلامة التي تتحدّد بموضوعها الدينامي أو الحيوي بموجب طبيعة داخلية، والاستدلال بالعلامة التي تحدّد بموضوعها الحيوي بموجب العلاقة الواقعية التي تربطها به"207 ثم الرمز بالعلاقة التي تحدّد بموضوعها الحيوي في نطاق المعنى الذي تؤول إليه.
للتوسيع في تحديدات المنظرين السيميائيين الغرب، فإن ش. س بيرس (CH. S.Peirce) سمّى ما هو أيقوني (Iconique) كلّ أنظمة التمثيل القياسي المتميّز عن الأنظمة اللسانياتية، والمصطلح يتكوّن من كلمة يونانية قديمة تعني صورة (Image) ثم وضع المصدر الذي يعوّض المصطلحات غير الموجودة Imagique , Imagesque الصورة في المجتمعات الغربية208، والمقصود صورة الله. ثم أصبحت شيئاً فشيئاً تأخذ عماد الخيال.
من هنا يتضح، أنّ مصطلح الأيقون (Icône) لدى بيرس "يقوم على مفهوم التشابه والتماثل حين يتمّ التركيز على نقل ومحاكاة خصائص الشيء الموجود في العالم الخارجي، وتجسيدها كما تجسّد اللوحة الشخصية ملامح صاحبها"209.
وفي النقد العربي المعاصر، أصبح مفهوم الإيقون من العلامات التي تحتل مكانة هامّة في المجال السيميائي، حظيت باهتمام النقاد والألسنيين في الثقافة الحديثة، التي أصبحت تعتمد أساساً العلامات الأيقونية والصورة بوجه خاصّ.
(/)
ففي المعجم الألسني لصاحبه جورج مونان، يتحدد لفظ الأيقونة: كشكلٍ من الأشكال الثلاثية السمة (العلامة) بحسب تصوّر شارل بيرس، القرينة المؤشر والرّمز، من ذلك تصميم البيت (المنزل) أيقونة في حدّ ذاته210 وهو وفي معجم اللسانية لبسام بركة، علامة مبنية على تشابه بينها وبين الشيء المحسوس الذي تشير إليه، مثل الصورة بالنسبة لصاحب الصورة، وكلّ ما هو أيقوني Iconique211 وهكذا، يلتبس مدلول المصطلح بلفظ الصورة (Image) لدى بعض المعاجميين، ويقترن بالسمة والعلامة (Marque) لدى آخرين، مثل: محمد رشاد الحمزاوي212.
وعند تقصي الكتابات النقدية المعاصرة، نلفي المصطلح يظهر في شتى الصور والأشكال، ممثلة في الحالات الآتية:
الحالة الأولى: المتمثلة في التمسّك بالأصول التراثية البلاغية وصوغ المفهوم وفق هذا الإطار، ويمثلها في هذا المساق صلاح فضل مثيراً مصطلح "الصّورة" كلفظ يقترب مدلوله من مفهوم الإيقون، لأنه لا يكاد يشير إلى الأشكال البلاغية الناجمة عن عمليات التشابه والقياس فحسب، بل يمتدّ ليشمل جميع أنواع الأشكال والأوضاع الدلالية غير العادية، مع أن الكلمة توحي في أصلها بالأثر الناجم عن المحاكاة في الأدب باعتباره خطاباً يعكس "صورة" لشيء آخر مماثل213.
وعليه، فصلاح فضل يؤكّد على أنّ مصطلح "صورة" تجلى منذ السريالية، لدرجة أن أصبح يدلّ عموماً على مجمل الإجراءات الخاصة بكتابة الشعر والأدب.
والحالة الثانية: التأرجح بين شكلين مصطلحين هما: الأيقون، والأيقونة، والاشتقاق فيهما أيقوني وأيقونية (Iconique) باعتبار الإشارة في نظرية بيرس إيقونية حيث تدلّ على الشيء بفضل التشابه أو التماثل من المشير والمشير إليه، ثم إن الصّور والرّسوم البيانية هي أشهر الإشارات الأيقونة، أما صوت نباح (Woof) فأيقوني إلى حدّ ما لنباح كلب، وكلّ آثار تقليد الأصوات الطبيعية تعتمد الأيقونية السمعية214.
(/)
غير أن الملاحظ في ترجمة هذا المفهوم وتبيئته في الحداثة العربية لدى النقاد العرب، اتجه نحو مصدر أحادي في اللغة الإنجليزية وفي الثقافة الأمريكية لدى بيرس، من ذلك ما عن لدى نصر حامد أبو زيد، وسيزا قاسم في اعتبار الأيقونة بأنها صورة تدخل في علاقة مشابهة مع الواقع الخارجي، وتظهر نفس خصائص الشيء المشار إليه. (نقطة دم بالنسبة للون الأحمر"215 وفي موضع آخر، عرّفها بالعلامات التي تحتلّ مكانة هامّة في المجال السيميائي، وتحظى باهتمام النقاد والألسنيين في الثقافة الحديثة. وفي مساق حديثه عن مجهودات لوتمان والعلماء السوفيات بعامّة، وجماعة تارتو وموسكو، بخصوص العلامات العرفية والعلامات الأيقونية قرن الباحث المصطلح بلفظ (الصورة)216.
وخلال بحث مترجم عن تودوروف ترجم الباحث عثماني ميلود المصطلح بلفظ الأيقونة، كخاصية مشتركة مع الموضوع المشار إليه، تؤمثل خصائصها، معتبراً اللفظ المحاكي أيقوناً، والاستعارة أيقونة217. مستحضراً أهم الفروق الجوهرية بين الأيقونة القرينة ثم الرمز:
الإيقونة كلّ رسم بياني أو لوحة أو غيرهما.
أما القرينة أو الأثر، فهي دليل علامة على موضوعها عبر عملية تأويل يقوم بها القارئ.
إن الرمز في نظر بيرس علامة محدّدة من طرف موضوعها الديناميكي.
وفي ذات الموضوع أي اقتران الإيقونة (بالرسم التصويري) حدّد بعض الباحثين أمثلة للعلامات الأيقونية هي: الصورة والتخطيط والاستعارة، معتبرين "مفهوم الأيقونة يكون نافعاً شريطة أن نأخذ في اعتبارنا مؤهلتين، الأولى كون مبدأ التشابه طبيعياً جداً... والثانية كون التشابه يدخل في حسابه، ليس مجرّد علاقة موضع واحد بموضوع واحد"218.
(/)
وكذلك في ذات الترجمة لدى باحثين آخرين يلاحظ الاعتماد على ترجمة المصطلح إيقونة، نقلاً عن الثقافة الإنكليزية، واقتران اللفظ بالصورة ثم المؤشر Index، والمصطلحان "إشارتان لهما دوافعهما ومبرّراتهما أي نستطيع أن نعلّل الرابطة بين الدّال والمدلول منطقياً أو عقلياً"219.
ودائماً بخصوص ذات الثنائية (صورة/ إيقونة)، سعى عادل الفاخوري إلى تخريج جديد للإيقونة هو صورة Image واستعارة (تمثيل بياني) (Diagramme)220، معتبراً الصورة الفوتوغرافية للوحة لجوكوندا أيقونة الجوكوندا، وهي صورة تمثال أفلاطون. ومثل هذا المذهب نحاه عبد القادر فيدوح، معتبراً تأسيس النظام السيميوطيقي ينبني على نوعين من العلامات: العلامات العرفية (الكلمة) والعلامات الأيقونية (الصورة)221 وفي ضوء ذلك ترجم المصطلح إيقونة بِـ (Icon)، والمفهوم يكتسي مميزاته الدّلالية "من مجموع الملامح المشتركة لسياقها الرمزي والمعجمي والتركيبي"222.
ونجد تخريجاً آخر قدّمه بعض الباحثين السيميائيين، هو القول بلفظ إيقونة كعنصرٍ يتحقق مع الدلالة الطبيعية التي تحدث عنها، س. ش. بيرس، والتشابه القائم بين الدال والمدلول وأنّ الإيقونة ليس لها موضوعة بل يتحكّم بين طرفيها الدال والمدلول في تماثل مذهب رشيد بن مالك223 وسامية حبيب224 وحنون مبارك225.
الحالة الثالثة: الابتداع والإحياء في المصطلح:
في هذا المساق ساهم الباحث حميد سمير رامزاً إلى لفظة Icônisme226، ومتحدّثاً عن حقيقة النصّ الأدبي، كمرآة تعكس كائناً إنسانياً ومخلوقاً بشرياً ذاتياً وهو مذهب إبراهيم الخطيب227، ونفس الشيء لدى نور الدين النيفر في النظرية الأيفتوقرافية (I conographique) ترجمة عن أفلاطون، حيث نقلها بصورة (الأداتية للغة)228 معتبراً كلّ شيء إيقوني صوري أو إشاري229 أو فيما تمثله الباحث صلاح الجيلالي من مصطلحي: مماثل وأمثولة ترجمة للفظ (Icône)230.
(/)
الحالة الرابعة: تعدّد المدلولات للمصطلح الواحد، ويمثلها في هذا المساق باحثين بينهم مغاربياً: محمد مفتاح، وعبد الملك مرتاض. فنقلاً عن "السيميوطيقا" لدى بيرس، ذهب محمد مفتاح إلى قراءة المصطلح في صيغته الاسمية الإنكليزية أيقون (Icon) (بحذف التاء في اللغة العربية) وحذف الحرف (E) في اللغة الفرنسية، لأن أصل الكتابة في (Icône) على أنّ المفهوم ـ في اعتقاده ـ يضرب في مجاهل الماضي (التراث)، ارتباط بالمقدّس. واختفى في الدّيانات، وهو "يهدف إلى كشف الخفي وإيضاحه، سواء أكان الإيقون رسماً أم نحتاً أم لغة أم جمعاً بين اللغة والتشكيل، ويقوم بوظيفة الإدماج والإلحام بين العالم المقدّس والإيمان"231.
وهي نفس الصياغة التي اصطنعها في بداية مشوار الكتابة، مصرحاً، أنّ الإيقون هو (ارتباط الدال والمدلول ارتباطاً طبيعياً، صورة الشخص مع الشخص نفسه، والصورة الطبيعية للمنظر الطبيعي"232 وفي مساق استحضاره لأهم الثوابت التي انطلق منها في تحليل الخطاب عدّ "محمد مفتاح" كلّ "نصّ إيقوناً إما أن يكون واضحاً وإما أن يكون خفياً، والخفي أقوى وأكثر دلالة من الحرفي"233.
أما في مجال استعراضه لتعريفات الإيقون وخصائصه ودرجاته وعلاقته فقد حرص على التأريخ لهذا المصطلح، مشيراً إلى أنّ مفهوم الإيقون، وجد قبل بيرس، ولكن هذا الأخير أدخله في بنية علاقية ضمن تصنيفات ثلاثة"234، وخلف هذه القراءة، رصد الباحث عنصر المماثلة أو المشابهة كأحد المكوّنات الجهورية للإيقون، ومن دون توفّر هذا العنصر، فإن الإيقون ليس إيقوناً، وأوضح ذلك بمثال لبعض الشخصيات التاريخية، حيث أنّ أيقونات واشنطن، أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية235.
واستناداً إلى هذه القراءة للمصطلح، استخلص الباحث جملة من الملاحظات أهمها:
1. أن العلاقة بين العناصر (الإيقون) قائمة على أساس درجة المحاكاة.
2. أن التطابق بين العناصر أو اشتراكها يؤدّي إلى تطابق المحاكي والمحاكى.
(/)
3. المؤشّر نوع من الإيقون.
4. إنّ أي رمز، لا يصبح أيقوناً إلا بشرط العرف.
أمّا خارج هذا الإطار، فقد أورد محمد مفتاح مصطلح "إيقونة" في مساق حديثه عن نماذج الإيقون بينها: "الإيقونة المطابقة" و"الإيقونة الاعتباطية"236 ولم يشر لصياغة لفظتي إقوني، إقونية في حال الاسم الصفة.
وقريباً من المادّة (مثل)، واللفظ "مماثل"، فإن محمد مفتاح اعتمد على الترجمة التواصلية في نقل دلالة اللفظة من المنظريين السيميائيين الألمان والأمريكان مشيراً إلى مصطلح "مماثلة" وقائلاً: "إذا كان الإيقون يتأسس على مبدأ المماثلة بين الدال والمدلول، فإن الترجمة هي أن تكون لها مماثلة بين الدّال والمدلول، وإذا كانت المماثلة إيقون، أي أنها ترجمة حرفية أو تكاد تكون، فالإيقون يراعي الترتيب الطبيعي على مستوى النصّ"237.
ومثل هذا العرض، أفضى به إلى تلمّس تقسيمات للإيقون تتمحور ضمن صنفين أساسيين هما: إيقون أصلي، وإيقونات فرعية، وبناءً عليهما صنف الإيقون في أنواع مختلفة هي:
الإيقون المماثل والإيقون المشابه والإيقون المتوازي والإيقون المتناظر.
أما عبد الملك مرتاض، وفي مساق حديثه عن هذا المفهوم السيميائي تنظيراً، ذهب إلى عدّ: الإيقونة "مصطلحاً دينياً مسيحياً أصلاً، ثم نقل إلى هذا المعنى السيميائي الذي يعني فيما يعني العلاقة التشبيهية مع العالم الخارجي"238.
وعند تقصّي كتاباته، يعثر على قوله بازدواجية مصطلحية في ترجمة لفظ (Icône) حيث كتب "إيقونة" بإضافة الياء بعد الألف وتاء التأنيث في الأخير، وفي مرحلة لاحقة كتب "إقونة" بإسقاط الياء، وكلاهما اسمان منقولان عن اللفظ الفرنسي (Icône)239.
(/)
ويزداد البون شساعة في صياغة هذا المصطلح ـ عند عبد الملك مرتاض ـ لاسيما عند تناوله الشفرة (ليلى) في قصيدة "محمد العيد آل خليفة" كمفهوم تقليدي، تمثل صورة بصرية (إقونة)، وهي مجال التأويل، عكس "إيقوني" لعوالم تحوي مثلاً تشبه هذا المعكوس البصري تقريباً للصورة، وتجسيداً للفكرة 240 ثم أعقب هذه الصياغة بأخرى حيث كتب "إقوني" في حديثه عن المعادل الإقوني241.
وفي ضوء هذه التحديدات "للإقونة" تستخلص نتائج أهمها:
1. أنّ عبد الملك مرتاض، وحين قوله بمصطلح "إقونة" كصورة، تحديد مفضٍ إلى اللفظتين الأجنبيتين، في اللغة الفرنسية (Icône) و(Image).
2. وعند قوله بمصطلح "إيقوني" أو "إقوني" (Iconique) تحديد أقرب إلى مصطلحين اثنين هما (Iconique) و(Imagique).
3. إن مصطلح "إقوني" (Iconique) أقرب إلى تحديدات ش. بيرس (S.Ch.Peirce) ويتكون من كلمة يونانية قديمة تعني الصورة (Image) ثم وضع المصدر الذي عوّض المصطلحات غير الموجودة هي (Imagesque) و(Imagique) الصورة في المجتمعات الغربية242.
4- أمَّا في مجال التمييز بين المصطلحات مثل (إقونة ـ مماثل ـ قرنية) أشار عبد الملك مرتاض "ويكون التمييز بين المماثل (الإقونة) والقرينة، عادة يكون (القرينة) علية ولا تقبل المشابهة، بينما المماثل هو أصلاً يقوم على التماس التلاؤم أو التشابه المماثل. (صورة طبق الأصل) بني السمة والعالم الخارجي" 243.
5ـ أمّا مصطلح "مماثل" الذي اقترحه الباحث فهو عنصر ينتمي إلى عائلة المصطلحات الاشتقاقية مثل (مماثل، تماثل، مماثلة، تماثل) ولا يعثر على مثل هذه الترجمة في أبيات النقاد المعاصرين سوى فيما تمثله "بسام بركة" من مصطلح مثيل مرادف للفظة (إيقونة) 244. أو فيما دعونا إليه نحن من مصطلح مثيل ومن ذات الشجرة الاشتقاقية.*
5ـ إقونة: Lcone.
اسم الباحث الترجمة المرجع
بسام بركة إقونة
صورة معجم اللسانية م س ص 103
محمد رشاد الحمزاوي سمة
(/)
علامة معجم المصطلحات اللغوية
الحديثة م س ص 129
صلاح فضل الأيقون
صورة بلاغة الخطاب ص 239
نصر حامد أبو زيد
وسيزا قاسم علامة مدخل إلى السيميوطيقا م س ص: 169ـ 33
عبد الملك مرتاض إيقونة نص ـ أدب نص ثلاثة مفاهيم نقدية م س ص 274
إقونة أ ـ ي دراسة سيميائية تفكيكية م س ص 80
مماثل (سمة) شعرية القصيدة ـ قصدية القراءة م س ص : 234 ـ 235
محمد مفتاح إيقون
مماثلة التشابه والاختلاف م س على التوالي 150 ـ 198
عادل الفاخوري إيقونة
صورة
استعارة
تمثيل بياني حول إشكالية السيميولوجيا ص 182
نور الدين النيفر الآداتية للغة فلسفة اللغة واللسانيت م س ص: 74
حلام الجيلالي مماثل
أمثولة تقنيات التعريف في المعاجم العربية المعاصرة م س ص: 221
6ـ تفكيكية: (Dèconstruction)
إن أبسط تعريف مبكر للتفكيكية كإجراء منهجي، هو أنها حركة جاءت ما بعد البنيوة في النقد الأدبي فضلاً عن كونها الحركة الأكثر إثارة للجدل أيضاً، ونظرية أثارت الكثير من الإعجاب لدى روّاد التفكيك مثل: ج.هيليسميلر وبولديمان وجيفريهارتمن وهارولد بلوم. على الصعيدين النظري والتطبيقي، على الرّغم من تباين الأساليب وطرائق المعالجة.
وقد استطاعت هذه النظرية أن تعلي من شأن القارئ وتخالف تماماً القناعات الراسخة في الاتجاه البنيوي، وانطلقت الاتجاهات التفكيكية من تشكيل كامل بوجود مثل هذه الأنساق البنيوية المتشاكلة في الدّاخل، وهي تؤكد على خلاف البنيوية كلّ حالة تشاكلية خاضعة لعملية الإنبناء (Structuration) بل تذهب إلى أبعد من ذلك فتعدو إلى الهدم والتشتت والتقويض، وتفتح أبواب القراءات المتعددة، ومؤكد ذلك ما ذهب إليه، جال دريدا (J. Dèrida) من أن "قراءته للتفكيكية ذاتها هي عرضة للتفكيك أيضاً، لأنَّ جميع القراءات في رأيه ـ إساءة القراءة بمعنى أنها تحاول أن تفرض إستراتيجيات الإنسان على النصّ" 245.
(/)
من هاهنا، تتحول التفكيكية في نظر دريدا، إلى مترع وتيار يفكك النصوص ويقوضها ويفتتها ويجزئها، وهو القاتل: "أنا لا أعتبر النصّ أي نصّ كمجموع متجانس، ليس هناك من نصّ متجانس هناك في كلّ نصّ، حتّى في النصوص الميتافيزيقية الأكثر تقليدية قوى عمل هي في الوقت نفسه أقوى تفكيك للنصّ". 246
ويفضل جاك دريدا، مصطلح تفكيكات بصيغة الجمع بدلاً من الإفراد لتعني "أحد الأسماء الممكنة في سياقات محدّدة بدقة دائماً، لتعني شكل مجازي إجمالاً ما يحدث أو ما لا يمكن أن يحدث كما تعني تصدّقاً معنياً يتكرّر في الحقيقة بانتظام247.
وعليه، فالباحث يجعل من التفكيكات شكلاً من أشكال القراءة والكتابة، ومظهراً من مظاهرها، وهو ليس مجرد نشاط نقدي لمبدع أو فيلسوف، بل هو أبعد من ذكر حركة تاريخية، وبوصف كانط هو فترة من فترات النقد.
ونعتقد أن الباحث المتقصي لدريدا ونظريته في التفكيك يواجه عقبتين، الأولى أوجدها أسلوب دريدا نفسه المتسم بإثارة الحيرة فضلاً عن مصطلحاته ومفاهيمه، أمَّا الثانية فهي سلسلة الآراء النقدية التي تعدّ تأويلات (Interprètatives) أو سوء تأويلات (misinterpretations) .
ومن الممكن الوقوف على بعض التعليقات لدى النقاد تقييماً لدريدا وإستراتيجيته في التفكيك، ممثلة في قول نيوتن غارفر (Newton Garvar) المؤكد على أسبقية البلاغة على المنطق. وهيليس ميلر الداعي إلى أن التفكيك حقل معرفي بلاغي قائلاً "أن التفكيك بحث في الإرث الذي يخلفه المجاز والمفهوم والسرد في أحدهما الآخر، ولهذا السبب يعدّ التفكيك حقلاً معرفياً بلاغياً".148
غير أن الأهم عند مقاربة المصادر الثانوية الرامية إلى فهم دريدا والتفكيك، هو انقسام النقاد إلى فريقين، فريق ينقد دريدا وآخر منهم يقدر أصالة دريدا.
ويشكل هذان الفريقان مدراس في التفكيك. يصح المجال يذكرها لأنَّ المقام مقام بحث في المصطلح ودلالاته لدى النقاد.
(/)
ولذلك، يمكن القول إن النظرية التفكيكية بحاجة إلى كثير من التحليلات الجديدة وأن أية محاولة يقوم بها أي نقاد يودّ تحليل هذه النظرية فهو بحاجة إلى تحديد التفكيك، لأنَّ مثل هذه النظرية المعقدة والشائكة تستعصي على التعريف والتعريف المعاكس بوجه خاصّ.
ففي هذا المساق، اصطنع جلّ المنظرين السيميائيين طبقاً لمعيار الشيوع مصطلح "التفكيكية مقابلاً لمصطلح (Dèconstruction) الذي جعله دريدا عنوان مشروعه الفكري الثوري، وحين جاء النقاد العرب ينقلونه إلى حقل الممارسة النقدية اضطربوا، وأصابت الخلخلة والغموض هذا الأفهوم.
ويعدّ الناقد عبد الله الغذامي من النقاد الأوائل الذين أتوا بهذا المصطلح بلفظ "التشريحية" حيث صرّح لقد احترت في تعريب هذا المصطلح ولم أر أحداً من العرب تعرّض له من قبل (على حدّ إطلاعي) وفكرت له بكلمات مثل (النقض/ والفك) ولكن وجدتهما يحملان دلالات سلبية تسيء إلى الفكرة، ثمَّ فكرت باستخدام كلمة (التحليلية) من مصدر (حلّ) أي نقض، ولكنني خشيت أن تلتبس مع (حلل) أي درس بتفصيل، واستقرّ رأيي أخيراً على كلمة (التشريحية) أو تشريح النصّ.249
وبتقويم سليم لهذا التعريف، من غير الممكن الأخذ برأي الناقد في ترجمة المصطلح لكن إفادته في سيرورة البحث في التفكيك،كانت كافية بحكم حديثه عن هذا المفهوم وهذه النظرية بكثافة وموضوعية في كتابة (الخطيئة والتكفير) وهو ما لم يصله ناقد سواه في سنوات الثمانينات أي بداية مع مطلع 1980 250.
كما يعدّ الباحث يوئيل يوسف عزيز من المترجمين الأوائل للمصطلح (1987) في كتابة وليم راي الموسوم (المعنى الأدبي: من الظاهراتية إلى التفكيكية) مصرحاً في تقدمة الكتاب"ترجمت أيضاً بلفظة التحليلية البنيوية، ولكن لقطة التفكيكية أقرب. 251
(/)
فيما يذهب الباحث عبد الله إبراهيم إلى معالجة المصطلح كمفهوم ونظرية، في أوسع مجال من مذكراته النقدية، حيث ترجم مصطلح (Dèconstruction) بالتفكيكية كمصطلح يدل في المستوى الأول على التهديم والتخريب والتشريح، وهي دلالات تقترن عادة بالأشياء المادية المرئية، لكنه في مثواه الدلالي العميق، يدلّ على تفكيك الخطابات والنظم الفكرية وإعادة النظر إليها... حركة بنائية وضدّ البنيانية" 252
فيما يذهب سعيد علوش إلى ترجمة مصطلح (التفكيك) عن اللفظ الفرنسي (Dèconstruction) 253 الدال على التفكيكية لدى (جاك دريدا)، وهو مذهب، اقتراحه كذلك عبد السلام المسدي ضمن مؤلفه (الأسلوبية والأسلوب) 254 ببعض الاختلاف البيّن، لأنَّ أصل المصطلح الفرنسي لديه هو (le Dècodage)
ومثل هذه الترجمة تمثلها نقاد آخرون أبرزهم: توفيق الزبيدي ضمن علمه: أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث 255، ومحمد عصفور في ترجمته "البنيوية وما بعدها 256. والمنحى نفسه لدى معظم النقاد في ترجمة اللفظة decnstruction أمَّا محمد مفتاح، لم يجد بُدّاً في تحديده لهذا المصطلح، من الاحتكام إلى مصطلح واحد، هو التفكيكية، كتسمية أو جدها عبر آلية الترجمة، وعممها في بعض كتاباته النصانية الحداثية.
ففي مساق حديثه عن التيار التفكيكي ضمن الاتجاه السيميوطيقي الأنجلوساكسوني، وخلفيات التفكيكيين الأوروبيين، أشار إلى أن التيار التفكيكي يعتمد على أسس فلسفية رافضة للثنائيات القديمة، وعلى مفاهيم سوفسطائية، وتراث قباني، وفلسفة عدمية، وعليه استخلص جملة من الملاحظات: 257.
1ـ وجوب "هدم" النصّ حتّى يتساوى نسيجه التعبيري.
2ـ أن النص لا يتحدّث عن خارجه (مرجعه) بل أنه يتحدّث عن نفسه.
3ـ أن النص يمكن أن يقرأ بتجاوز لمعناه التواضعي الاصطلاحي.
(/)
4ـ أمَّا بخصوص خلفيات التفكيكيين، وعلى رأسهم "دريدا" ومن سبقهم فقد أضاف بأنها "خلفيات تستقي من تيارات فلسفية تهدف إلى تحطيم التيارات العتيقة بمختلف أشكالها وأنواعها" 258.
ومثل النقاد القائلين بمصطلحي تفكيك وتفكيكية كثيرون، وهم يشكلّون الفريق الأوّل الذي عمد أصحابه إلى هذا الاتجاه بالنظر لعوامل أهمها:
1ـ القراءة في المعاجمية الفرنسية، بينها: المعجم الألسني لجان ديبوا ومعاونية259.
2ـ لأنَّ مصطلح (Dècodage) أسهل وأيسر في النطق من (Dèconstruction) التي تعني الهدم والحفر وإعادة الهيكلة.
3ـ الرغبة في الاستقرار على مصطلح واحد.
وضمن الفريق الثاني، جنح بعض النقاد إلى الخروج عن المألوف، وابتداع مصطلحات جديدة، تمثل هذا الاتجاه بقوة عبد الملك مرتاض، متعاملاً مع المصطلح ضمن ثلاثة أشكال رئيسية هي:
الأول: عندما ذهب (في سياق البحث اللغوي) إلى تحديد جذور كلمة (تفكيكية) (Dèconstruction) قائلاً: "وتأملنا المصطلح الغربي الذي منشؤه فلسفي محض (جاك دريدا، فيلسوف) استبان لنا أن اللفظ الغربي مركب من مقطعين اثنين (DE) وتعني ما وراء، يأتي بعدها (Construction) الذي معناه البناء أو التطنيب" 260
ثمَّ عرف المصطلح بالقول: "إن التفكيك لغوياً يعني تجزئة كيان مركب منقطع، ثمَّ إعادة تركيبه، كما كان من ذي قبل، كتفكيك قطع محرّك، أو أجزاء بندقية، وهلمّ جرّاً فالتفكيك لا يعني ضياع أي جزء من الشيء المفكك" 261.
والثاني: ظهر حينما أفصح الباحث في تبينه مصطلحي "التفكيكية" و"التشريحية" كعناوين لبعض مؤلفاته مثل: (بنية الخطاب الشعري، دراسة تشريحية لقصيدة أشجان يمانية) و"أي دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة (أين ليلاي).
(/)
والثالث: من خلال تراجع الباحث عن هذين المصطلحين قائلاً "ونحن الآن لا نصطنع هذين المصطلحين معاً، على الرغم من أننا كنا اصطنعنا في مبدأ مسارنا الحداثي مصطلح "التشريح النصي" الذي كنا نريد به في الحقيقية إلى القراءة المجهرية أو (Mècro - lecture) لا إلى التشريحية لمفهوم (Dèconstruction) "262
واستناداً إلى ذلك، اقترح مصطلحاً آخر هو "التقويضية" مناقشاً هذا المفهوم في أفكار المفكر "بيير ريما" في كتابه Mècro lecture Dèconstruction أي "قراءة للتقويضية" وتوازياً مع هذا، رأي تناسب أفكاره مع آراء المفكر الجزائري "محمد أركون" في ذات المسألة، لا سيما من حيث الخلفية المعرفية لهذا المفهوم"263. ذلك لأنَّ التقويضية في نظر عبد الملك مرتاض "تعني الإتيان على هيئة من الهيئات، أو أي شيء مادي، أو معنوي، ثمَّ إقامة بناء جديد على أنقاضه وبوحي منه" 246 ثمَّ إن المصطلح أدق، بالمعنى المتداول لدى جاك دريدا.
وقريباً من هذا الشكل (التقويضية) يلاحظ أن باحثين قليلين حسبوا هذا اللفظ في كتاباتهم النقدية، وذلك من خلال ما أشار إليه باحثان سعوديان في كتابهما المشترك "دليل النقاد الأدبي" حين حدّدا المصطلح على أنه يتناسب مع الاستعارة التي يستخدمها دريدا في وصفه للفكر الماورائي الغربي، وينطوي مفهوم التقويض على انهيار البناء وهدمه.265
وعلى خلاف مواطنه عبد الله الغذامي، ذهب الباحث محمد الصالح الشنطي، ضمن مقاله ملامح من المشهد النقدي المجلي) إلى نقل المفهوم عن باحث سعودي آخر، (عابد خز ندار). الذي ميز بين مصطلحات ومفاهيم نقدية أبرزها: 266
1. القراءة التقويضية (Destructive reading)
2. القراءة النقضية (Deconstructive)
وعليه، جاز الترجيح بمصطلح تقويض كمصطلح عربي أصيل، مفهومه يقترب من تفكيك في ترابط البناء، لدى دريدا، أو الهدم والحفر لدى نيتشة.
6ـ تفكيكية: Dèconstructeon
اسم الباحث الترجمة المرجع
(/)
عبد الله الغذامي تشريحية الخطيئة والتكفير م س ص 50
أو تشريح النص م س ص 71
أو ثقافة الأسئلة م س ص 200
عبد الله إبراهيم تفكيكية
تهديم
تخريب
تشريح التفكيك والأصول والقواعد م س ص 45
محمد مفتاح تفكيكية مجمول البيان (م س ) ص:101
سعيد علوش التفكيك معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة م س ص 97
عبد السلام المسدي التفكيك الأسلوبية والأسلوب م س ص 185
عبد الملك مرتاض تشريحية بنية الخطاب الشعري م س ص (العنوان)
تقويضية القراءة وقراءة القراءة م س ص:201
تفكيكية أي دراسة الناقد الأدبي م س ص 49.
الرويلي (ميجان)
والبازغي (سعد) التقويضية دليل النقاد الأدبي م س ص 49
محمد صالح الشنطي التقويضية
النقضية ملامح من المشهد النقدي المحلي م س ص 35.
7.لغة اللغة:
مصطلح لغة اللغة من المصطلحات اللسانياتية، الأصل فيه أنه من المادتين (Mèta langage) و (Mèta langue) ، ككلمتين مسبوقتين بالسابقة (Mèta) التي تعني (ما بعد) أو (ما وراء)، وهي كذلك عنصر نحوي يحدّد ما فوق خلفه، وفوقي للغة (للسان)، أمَّا كلمة (langue) فتعني اللغة أو اللسان، بينما مصطلح (ميتا لونقاج) (Mèta langage) هو أسلوب ولغة تستعمل لوصف وشرح لغة أخرى طبيعية. 267
أمَّا مصطلح "ميطا لسانية" أو "ميطالغة" (Mèta linguistique) هو اسم لوظيفة من الوظائف اللسانياتية التي حدّدها رومان جاكوبسون (R. Jakobson) 268 انطلاقاً من رسم نظرية الإيصال (التواصل)، في مساق حديثه عن مستوى (اللغة ـ الموضوع) (Langue - objet) ومستوى لغة اللغة (الميتا لونقاج) (Mèta langage) التي تتحدّث فيه اللغة عن ذاتها. 269
وضمن التحديد اللسانياتي المعاجمي، فإن لفظة (Mèta - linguistique) كوظيفة سادسة لدى جاكوبسون، تعني ما وراء اللغة، مرتبطة بتقعيد اللغة. في حين لفظة (Mèta langue) لغة واصفة، أي لغة تقعيدية، تصف اللغة وتقدّر قواعدها. 270
(/)
ومعلوم أن التحديد العربي مستمدّ من التحديات الألسنية الأوروبية لدى جان ديبوا ومعاونيه. ولذلك فالمستقرئ لواقع هذا المصطلح في الكتابات النقدية العربية، يستخلص أن النقاد العرب لم يختلفوا في ترجمة أربع وظائف بقدر ما اختلفوا في اثنتين هما الشعرية ولغة اللغة.
ومؤكد ذلك، أن محمد برادة يستنيم بدرجة كبيرة مصطلح "اللغة الواصفة كمفهوم يستمدّ داله ومدلوله من اللغة/ الموضوع الذي استوحاه (رولان بارت) من الألسني (هيلمسلف) ليقترح تعميمه على النقد والسيميائيات.
وقريباً من ذلك، في مساق الحديث عن (الميتا لغة) أورد الباحثان سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد ثلاثة مصطلحات متباينة هي: ميتا لغة، اللغة ما وراء اللغة ثمَّ اللغة الواصفة مقابلاً للفظتين الأجنبيتين: (Mèta langage, Mèta langue) والمقصود بهما، لغة صناعية تستخدم لوصف لغة طبيعية: ألفاظها هي ألفاظ اللغة موضوع التحليل ولكنها ذات صلاحية واحدة. وقواعد تركيبها هي نفس قواعد اللغة المدروسة.271 وعليه، تتحول الميتا لغة، إلى لغة نحوية يستخدمها عالم اللغة لوصف عميلة اللغة، وهي اللغة المعجمية التي يستخدمها مؤلف القواميس والمعاجم لتعريف الألفاظ.
فضمن هذه الأشكال الثلاثة تمحورت اصطلاحات النقاد العرب مشارقة ومغاربة، بحيث ترجم التهامي والراجحي الهاشمي المصطلح بلفظة واصفة ضمن مقالة في اللسان العربي. 272 وكتب حميد لحميداني في نص الموضوع273. ومحمد معتصم ترجمة لأعمال كلود ليفي ستراوس274. ومحمد بنيس275. ثمَّ محمد نظيف في ما هي السيميولوجيا274. ونزار التجديتي ضمن ترجمته لأعمال (جان كوهين).277
أمَّا بخصوص مصطلح (الميتا لغة) فيلمس تفسيراً آخر لدى الباحث محمد نظيف في حديثه عن لغة التضمين وسنن التضمين، ليكون التضمين (ميتا لغة) كلّما انتصبت لغة (سنن) ثانية فوق لغة أولى. ويجب أن تتخذ السنن الثاني مجموع السنن الأولى كشكل للتعبير (الدال). 278
(/)
وفوق هذا، يلتقي الميتا لغة باللغة المتداولة حينما نتحدّث عن الدّرجة الثانية (زمن الكتابة) أو عن "القراءة بين الأسطر وبذلك يلخص محمد نظيف الموقف، مترجماً لفظ (Mèta langue) بالميتا لغة لغة، ومجاله لغة تتأسس بفضل اشتغال لغة أولى. 279
وضمن هذا المسعى، ترجم محمد عصفور، مصطلح (Mèta langage) بالميتا لغة، اللفظة التي تتناول المفاهيم والمصطلحات في علم من العلوم". 280 وقريباً من هذه الصياغة أي التي تجعل من المسابقة (ميتا) (Mèta) عماد المصطلح، كتب حميد لحميداني (ميتا لساني) ضمن بنية النص السردي281 ،وقال حسين خمري بلفظة ميتا لغة في بنية الخطاب الأدبي 282 وكذلك أنور المرتجى في سيميائية النص الأدبي.283
وهناك وجوه أخرى لتخاريج مصطلحية، تبقى السابقة (Mèta) وتحوّل من اللاحقة (لغة) إلى صورة وأشكال مختلفة، أبرزها: القول بلفظ ميتا كلام 284. وفي ذلك تسوية بين الكلام واللغة، كموضوعات في علم الألسنية ليس بينها تفاضل.
أمَّا الوجه الآخر, الأكثر شيوعاً لدى الباحثين، هو ما ظهر في حدود 1995، متجلياً في القول بلفظة (لغة اللغة) على زنة ما عنّ لدى "طودوروف من مصطلح "نقد النقد"المفهوم الذي يهتّم بالتعقيب على نقد ما كتب من قبل حول ظاهرة أو نظرية أو نصّ ويقابله في اللغة الفرنسية(le Mèta - critique)، وظهر في أعمال سامي سويدان على شاكلة، قراءة القراءة أو Mètareading.
في هذا المساق، وقبل وصول عبد الملك مرتاض إلى الاستقرار على مثل هذه الصياغة يلاحظ استعماله في بعض الكتابات لمصطلح "ما وراء اللغة" ترجمة للفظ:
(Mèta - mètalangage) ومصطلح نص النص 285، معتقداً أن هذا المصطلح "معادل" لنقد النص إذا انصرف الوهم إلى أثر مقدّس"286، ثمَّ عاد ليطلق مصطلح قول على قول 287، كاسمٍ مناسب لهذا اللفظ السيميائي اللغوي (ميتا لونقاج).
(/)
وحتى لا يذر الباحث مجالاً للاختلاف، وقف في مؤلفه (تحليل الخطاب السردي) على مصطلح "لغة اللغة"288كلفظ ارتضاه وأورد بشأنه الحجج الدامغة ثائراً على بعض الترجمات التي رآها رديئة مثل (ما وراء اللغة).
وهو مذهب بسام بركة289، وميشال جوزيف شريم في دليل الدراسات الأسلوبية290، وعزة آغا ملك291، وعدنان بن ذريل في الشعرية292، وعبد السلام المسدي في الأسلوبية والأسلوب293. لأنَّ مثل هذه الصياغات ـ في اعتقاد الباحث ـ مخالفة لأدنى مواصفات هذا المصطلح في أصله الغربي، ولأن السابقة (Mèta) تعني في حقل العلوم الإنسانية الانتماء والاحتواء، وهي كلمة إغريقية تعني ما يشمل اللغة ـ كمفهوم اصطنعه الفلاسفة الألمان في مدرسة (فينا)294، والأنسب حينئذ القول بمصطلح (لغة اللغة) أو اللغة الواصفة أو اللغة الجامعة 295 في حين أن مصطلح (قراءة القراءة) بالمفهوم الاشتقاقي العربي ينصرف إلى الوصف الخالص دون ضرورة الوقوع تحت تأثير حكم القمّة أو المفاضلة". 296 ثمَّ ظهر الاختلاف، أول ما ظهر لدى النقاد المعاصرين، بخصوص هذا المصطلح، حين جاءوا إلى ابتداع وإحياء مصطلحات أخرى أكثر تبايناً واضطراباً فجاء عبد الملك مرتاض بمصطلح (لسان اللسان) على نمط ما شيع في التراث العربي من لفظ (نمو النمو)297 ثمَّ أشار إلى لفظة (القول الشارح) بوصفه مصطلحاً معرّباً عن اللفظة الفرنسية Mètalinguistique 298 لدمى محمد مفتاح.
فيما تمثل نقاد آخرون مصطلحات تشذ عن العرف في النقد السيميائي العربي، مثل قول منذر عياشي بلفظة لغة دراسة ترجمة للفظ (Mètalangage) 299 والمعجمية ترجمة للفظ Mètalinguistique لدى توفيق الزبيدي 300، واللغة الماورائية لدى الرويلي وسعد البازغي301، ولغة انعكاسية لدى عبد السلام المسدي302، واللغة الورائية لدى كما أبو ديب303، وما فوق اللغة لدى ميشال زكريا304، وسعيد علوش305، وسواها من الترجمات.
(/)
بالعموم، فإن مصطلح (لغة اللغة) يأتي في طليعة المصطلحات المترجمة والمعرّبة الأثر اختلافاً عن الصياغة ضمن القاموس السيميائي العربي كما يتجلى في الجدول الموالي.
7ـ لغة اللغة Mètalangage
اسم الباحث الترجمة المرجع
سعيد علوش ما فوق اللغة معجم المصطلحات. م س ص 114
حميد لحميداني لغة واصفة سحر الموضوع م س ص 10
أنور المرتجى الميتالغوية سيميائية النص الأدبي م س: 25
عبد السلام المسدي لغة انعكاسية قاموس اللسانيات م س ص: 204
حميد لحميداني ميتا ـ لساني بنية النص السردي. م س ص33
محمد برادة لغة واصفة الدرجة الصفر للكتابة: م س ص 16
ميشال زكريا ما فوق اللغة الألسنية وعلم اللغة الحديث م س ص 286.
محمد عصفور ميتا لغة ما هي السميولوجيا؟ ص 112
محمد نظيف ميتا لغة ما هي السيميولوجيا؟ ص83
محمد بنيس لغة واصفة مساءلة الحداثة (04) م س ص 184
سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد ميتا لغة
ما وراء اللغة
اللغة الواصفة مدخل إلى السيميوطيقا ص 117
محمد مفتاح القول الشارح دينامية النص م س ص 155
حسن خمري ميتا لغة بنية الخطاب الأدبي م س ص 15
كمال أبو ديب اللغة الورائية في الشعرية م س ص 62
عبد الملك مرتاض قول على قول
نص على نص لأي دراسة سيميائية تفكيكية م س ص 146 ـ 94
لغة اللغة القراءة وقراءة القراءة م س ص 212
لسان اللسان نفسه (م س ) ص 216
اللغة الجامعةـ
اللغة الواصفة
اللسان الواصف نفسه (م س) ص 216
8ـ1. في القراءة:
(/)
لا نروم في هذه الدّراسة الوجيزة تفصيل القول في مسألة القراءة وآلياتها، ولا تقصي الحقول النقدية والجمالية التي تأسست عليها نظرة القراءة، بل حسبنا الإشارة إلى مصطلح القراءة كمفهوم اهتمت به السيميولوجيا، بصفته آلية تحوّل النصّ الأدبي. إلى الحدود الممكنة من خلال شفراته، لتولج النص في فضاء أوسع ممَّا كان عليه، فيفتح خلالها القارئ أشياء أخرى غير الأشياء الكامنة في عالم النص الأول. دون حياد عن عالم النص وفضائه، فيلج أبواب الاحتمالات، ثمَّ أن القراءة ممارسة هي الأخرى بعد الكتابة.
ففي القديم وضعت الألفاظ أولاً "لمعان ثمَّ استعملت فيها وضعت لمعان أخرى بعد الوضع الأول والاستعمال بعده، والوضع الثاني والاستعمال بعده"306، وغدت القراءة أمراً مشروعاً في اللغة العربية، ومن هاهنا صرّح ابن جني أن أكثر اللغة مجاز، والمفهوم بذاته شهد عدّة تأويلات ومداليل.
وفي اللغة العربية، تعد القراءة مصدر قرأ يقرأ، واصطلاحاً: مذهب من مذاهب النطق في القرآن يذهب به إمام من الأئمة القراء مذهباً يخالف غيره في النطق بالقرآن الكريم، وهي ثابتة بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" 307، وضبط المفهوم في عصر التابعين واعتنوا به عناية تامة وجعلوها علماً من علوم الشريعة. ومثل هذا تحديد أصولي يقترن بمداليل أخرى، ويتباين معها.
(/)
أمَّا في بعض المعاجم، فالقراءة مطالعة، معرفة واطلاع، وهي تعني القراءة أو المطالعة والتفسير المختلف وإن شئنا مناقشة، والقارئ فيها مصحح المسودّات الطباعية. 308 وفي اللغة اليونانية القديمة، يقترب مفهوم كلمة (Symb alien) من القراءة، فيدّل عليها دفعة واحدة أو بالقراءة المتعدّدة 309 ثمَّ إن القارئ في رأي شارودو: "فاعلاً مفسراً يضع عدّة افتراضات أو فرضية واحدة لفهم الحديث310، وليست علمية فهم الحديث واحدة لدى القراء. كما أن الأحادية في الرؤية من شأنها أن تقتل العمل الأدبي، وتعيق السير الحسن لفعل القراءة.
ضمن هذا الإطار، ومن منطلق تعدّدية الرؤى القرائية التي يستوجبها فعل القراءة، تعدّدت لدى النقاد القدامى والحداثيين، الرؤى في تحديد مفهوم القراءة.
ففي النقد العربي القديم، عدّ طه حسين الأدب نفحات طبيعية تصدر عن أصحابها لأنها لا بدّ لها من الصّدور، والأديب خلال هذه العملية لا يكتب حتّى يحسّ بحاجة الناس إلى القراءة فيما يكتب، وإلا عدّت كتابته مجرّد شطحات فكرية، يعاشر القراء ويخالطهم ويمازج حياتهم ممازجة دقيقة كلّ الدقة، خفية كلّ الخفاء، عميقة كلّ العمق، ثمَّ ينفصل عنهم فيعود إلى قمّته، فيتحوّل فعل القراءة إلى "جهد مشترك يجب أن يحمل عبأه المنتج والمستهلك جميعاً". 311
وعد المفكرون الأعاجم فعل القراءة "عملية شاملة ومعقّدة تؤسسها مجموعة عناصر ومحدّدات ذاتية وموضوعية، نصية وخارج نصية"312، أشبه ما تكون بفعل خلاقٍ يقرب الرمز ويضم العلامة إلى العلامة، ويسير في دروب ملتوية جدّاً من الدّلالات، نصادفها حيناً ونتوهّمها حيناً، اختلاقاً. عليه، "فليس للأثر الأدبي معنى واحد تقتصر القراءة على اكتشافه، وليس الأثر الأدبي منفتحاً انفتاحاً مطلقاً لشتى القراءات بحيث يقبل أي تأويل يوضع له"313.
(/)
وبالنسبة للتراث المقدّس، فإن الكنيسة لعبت دوراً مهمّاً في تعليم "القراءة" والمراس عليها على أساس أنها كلام الله" 314، باعتبار أن النصوص أيّاً كانت، النصوص الأدبية، والقانونية والدينية وبعض النصوص والأسطورية مفتوحة على باب الدّلالة ومن هنا تصح أن تكون موضوعاً للقراءة.
وفي مسعى آخر، يمثل بارت العلاقة بين الكاتب والنص والقارئ بعلاقة إيروسية (Erotic) حين يتكلّم إلى جسد الكاتب، وهو أشدّ ما فيه واقعية وحميمية يقدم إلى حس القارئ الذي يستجيب هو الآخر استجابة حميمية314، وبذلك يتحول القارئ إلى إنسانٍ مشدود بالمتعة أو اللذة وهما مصطلحان مختلفان في اعتقاده.
غير أن رولان بارت يقول بتعدّد القراءات وذلك بتوالد الكتابات لأنَّ "تعدّد الكتابات يؤسس أدباً جديداً بالقدر الذي لا يبتكر هذا الأدب لغته إلا ليكون مشروعاً، فيصبح الأدب أطوبيا اللغة"316 كما يصبح الأدب نص وقارئ، ولكن النص وجود مبهم كحلم معلق، ولا يتحقق هذا الوجود إلا بالقارئ وهنا، تأتي أهمية القارئ، وتأتي خطورة القراءة، كفعالية أساسية لوجود أي أدب. وعليه، فالقراءة في نظر بارت "عملية تقرير مصيري بالنسبة للنصّ".317
فيما يعرض تودورف في كتابه (Scholes Structuralisme) ثلاثة ضروب من القراءة:
1. القراءة الإسقاطية: وهي القراءة التقليدية التي لا ترتكز على النص ولكنها تمرّ من خلاله يلعب القارئ فيها دور المدّعي العام، لإثبات التهمة.
2. قراءة الشرح: وهي قراءة تلتزم بالنص الأدبي، ظاهره، يعاب عليها تكرار الكلمات واستبدالها بأخرى.
3. القراءة الشاعرية: قراءة لنص من خلال شفراته، وبحسب المساق الفني.
(/)
أمَّا الباحث الألماني (إيزر) فيعدّ القراءة عملية "تدخل في ديناميكية البحث عن مدلول من أجل نصية لا يمكن أن توجد من غير البحث المستمر للقارئ أي إذابة نظرية للنص، هي نظرية القراءة".318 وهكذا، تتحدّد عملية القراءة لدى (إيزر) كتفاعل بين النص والقارئ، وتغدو عملية الكتابة فعلاً كارتباطٍ جلدي، وكلاهما فعلان يتطلبان شخصين نشيطين بشكل مختلف هما المؤلف والقارئ.
ومن خلال هذا التحديد للمفاهيمي في بعض المدارس الأوروبية في القراءة والتلقي، تجمع الآراء على أن القراءة ليست عملية سكونية سلبية مغلقة، بل هي عملية دينامية فعالية، تشهد حركية، وقابلية للتوالد والتوهج.
أمَّا في النقد السيميائي العرب، فإن البون بين النقاد العرب غير واضح بخصوص الإشكالية المصطلحية، فيما عدا ابتداع بعض المفاهيم مثل: القراءة وقراءة القراءة لدى عبد الملك مرتاض، ثمَّ نقد النقد لدى سامي سويدان في ترجمته لعمل تودوروف.
لأنَّ المصطلح شهد اختلافاً مفهومياً لا مصطلحياً وأصبحت منذ مطلع التسعينات "نظرية القراءة أو التلقي من النظريات المعاصرة، التي لفتت الانتباه إلى القارئ بوصفه طرفاً مهمّاً، يسهم في إيجاد العمل الأدبي ويشكل بعده الجمالي، وهذا يعني أن النص الأدبي لا وجود له إن لم يقرأ".319 وعليه يتحول فعل القراءة إلى وجود فكري، وممارسة داخل وجود النص، وهي غير مستقلة عنه.
وضمن التحديد الاصطلاحي، اعتبر قاسم المقداد "القراءة عملية تبادل بين القارئ والمؤلف أو القاص"320 ثمَّ جعل من المفهوم نشاطاً يكشف عن خبايا النص وأسراره وممارسة طموحه تحترم اللغة ودوالها للوصول إلى المدلولات وهي كثيرة ومختلفة. أمَّا عبد السلام المسدي، فهو يعتبر النص الجيد أساسه إشارة القارئ، فلا نص عنده بلا قارئ، ولا خطاب بلا سامع، وعليه "فالقراءة الإبداعية هي ممَّا يصيّر النقد إنشاء والتشريح بناء".321
(/)
وبذلك، تتحول القراءة إلى مرجعية كشفية، وكتابة ثابتة للنص وفق وعي متقدّم ومرجعية ثقافية واسعة وجدلية شاملة تتفتح على الجدة والتعدّد والغموض322، وتتحول إلى خلق وتطور، ومن خلال تعدّد القراءات نساهم في تطوير النص إيجاباً ونتجاوز الواقع.
وبين ضروب القراءات القديمة والحديثة، اعتبر بعض الباحثين أن قراءة النصوص في النقد العربي ظلت حتّى الستينيات تعتمد بالعام، التفسير أو الشرح والتعليق وإبداء الرأي المعلل بالشواهد 323 لأنَّ معظم النقاد كانوا يقوّمون اللغة بالشروحات والتعبيرات، فيدرون معناها والعلاقات التي تفكها.
أمَّا واقع القراءة السيميائية في طابعها المشروط لتأويل الفهم "فهي التي تمنحنا المقدرة على إضاءة المعهود والكشف عنه، وفق جسرٍ يربط الماضي بالحاضر، على ضوء ما يقتضيها الراهن".324
ودائماً، بخصوص سمة الخلق في المفهوم يذهب الباحث عبد القادر فيدوح إلى اعتبار "القراءة خلق جديد للنص، ينبغي أن يكون فهمنا لهذا الخلق مسايراً لحركة التطوير، مائلين ما أمكن عن معنى التطوير"325 وهو بذلك يطرح عاملين في المفهوم:
الأول: سمة الخلق.
والثاني: عنصر التطوير في علاقته الداخلة، بغية الوصول إلى تأويليه.
أمَّا الباحث نور الدين النيفر، فقد حدّد نشاط القراءة بحسب تجربة القارئ والناقد، لأنَّ النص لا يحدّد في ذاته وحسب، وإن الحرية مطلب ينزع إليه القارئ غير بعيد عن سياق النص المحدّد للقراءة، وعليه "فالقراءة هدفها الحقيقي هو تربية الحرية"326، والمقصود هاهنا، أننا نتعلم القراءة لكي نتعلم الحرية.
(/)
ومصطلح القراءة لدى الباحث أحمد يوسف، لم يأت من العدم ولم يكن اعتباطياً وإنما كان نتيجة تطور المدارس النقدية، والقراءة فعل يعانق الفعل الفلسفي التأملي، وعليه فسبيلها كذلك ودرجات القراءة تتوقف على درجة السؤال327 ففضلاً على سمة الحرية، اعتبر الباحث القراءة تساؤلاً أكثر ممَّا هي جواب، ونظر إلى النص أي نص على أنه حامل لمعرفة مكثفة.
وفي اتجاه مفاهيمي آخر، ذهب عبد الله الغذامي إلى الاعتقاد أن اللسانيات ولكي تكون نزيهة عن التزوير، تشترط في القراءة أن تكون خلاقة تشاطر النص إبداعه بإعادة خلقه والسير معه، وضع الحاضر على الحاضر، نحو هدف معرفي يصير فيه الأدب معرفة يخرق المألوف ويتراح عن المعتاد 328، وهكذا اعتبر قراءة النص قراءة للواقع، لكن بطريقة تحويلية يصير الواقع معها لغة تجعل القارئ يحسن به على أنه أثر يبحث عنه من خلال متغيرات. ثمَّ حدّد المفهوم بالقول: "القراءة علمية دخول إلى السياق، وهي محاولة تصنيف النص في سياق يتمثله مع أمثاله من النصوص. 329
ثمَّ إن النص ليس له وجود خارج سياقه. وكلّ قراءة للنصّ، تفسير له وليست مظهراً ثقافياً. وهو بذلك يشترط عناصر هي: الفعالية، الخلق، المعاني، والإنتاج: ثمَّ التعدّدية مستنتجاً أن ممارسة القراءة هي تفاعل بين فعل القول وفعل التلقي والتأويل، وخضوع المعنى لنية المؤلف، أمَّا الدلالة فهي ما يفهم القارئ من النص.
وهناك، سمات أخرى، وسم بها النقاد مفهوم (القراءة) أبرزها: الاكتشاف؛ من ذلك ما ذهب إليه حسين الواد حين اعتبر القراءة، ضرباً من ضروب فكّ الرمز في العلامة وإدراك الفعل التعبيري وتلمس لمقاصده" 330 والقارئ خلالها دائماً يسعى في اتصالٍ مع النصّ إلى الخروج منه بمحصولٍ نفعي قوامه الدّعوة إلى العمل والحث عليه.
(/)
وهو مسعى، تؤيده خالدة سعيد حين نفت سمة السلبية المغلقة والسكونية، على فعل القراءة، ووسمته بأنه عملية ديناميكية فعالة وخلاقة لأنَّها تعامل في حركة مع أثر يتميز بالحياة وقابلية النمو والتوهج331، ويؤيدها نصر حامد أبو زيد، معتقداً أن القراءة اكتشاف لأبعاد النص الدلالية وتوالد الأفكار والنصوص، ومشترطاً الإبداع والإنتاج واللاحدودية.
أمَّا خارج هذا الإطار المفاهيمي، فقد خصّ عبد الملك مرتاض المصطلح بكتابة واسعة وثرية ضمن مؤلفه (شعرية القصيدة ـ قصيدة القراء) وبعض المقالات، مثيراً مصطلحات بعضها يقترب من التحديات التراثية وأخرى عن طرائق الإحياء والابتداع. وعليه، طرح مفاهيم مثل: القراءة والتأويل والتعليق والنقد والشرح والتحليل ذلك أن التعليق مثلاً شيء يندسّ بين الروح وجسده، أي بين اللفظ ومعناه (...)332
وأما التأويل: فينصرف في أدنى مفهومه وأبسط معناه إلى التعلق على نص ديني أو فلسفي (....) والنص الذي يتسلّط عليه التأويل يكون أعمق عمقاً، وأشدّ إعضالاً، وأكثر أشكالاً من النصّ الذي ينصرف إليه التعليق...333" ثمَّ إن الشرح: قصاراه "قراءة النص لغوياً ونحوياً ومضمونياً فحسب."334 على أن مفهوم التحليل: "ينصرف إلى حلّ اللّفظ عن اللفظ، وتفكيك عناصر، النسيج الأسلوبي أدنى عناصرها لإقامة بناء أدبي جديد قائم على إجراء محدّد".335
ولذلك فضل الباحث إطلاق مصطلح "الابتداع" بينما حدّد مفهوم القراءة على أنه "إعادة إنتاج المقروء، فهي أكثر مظاهر التناص مشروعية، والقراءة المثمرة هي إذاً ضرب من التناص المعطاء، والقراءة لا توحي بالقراءة هي قراءة ميتة أو لاغية".336
ثمَّ استخلص تحديداً آخر قائلاً: "إن القراءة تحليل وتطبيق، وشرب وتذوق، ولعلّ القراءة إبداع نشأ عن إبداع آخر"337 بل هي أجمل من الإبداع نفسه.
(/)
وقريباً من هذا المصطلح، صاغ الباحث لفظ (قراءة القراءة) (Mèta- lecture) كمفهوم تنسج من حوله قراءة سبقتها: تصفها وتحللها وتبلورها وتستضيئها، وتبث فيها روحاً جديداً لتغتدي منتجة مثمرة.338 وعلى منوال (قراءة ـ القراءة) جعل مرتاض مصطلح آخر و (قراءة ـ قراءة القراءة) مقابلاً لمصطلح (Mèta - mèta - lecture)
8ـ2ـ كتابة:
يعدّ مصطلح "كتابة" إلى جنب مصطلح القراءة، من المصطلحات الجديدة في الحقل التفكيكي، ويرتبط معها ارتباطاً جدلياً من حيث أنّ الكتابة لا تكون بفضل القراءة، فهذه سابقة عليها ورائدة لها، ومتقدّمة عليها، ذلك أنّ الإنسان ليس بوسعه الكتابة إلا إذا كان قد مرّ بفعل القراءة. فكأن القراءة أمّ الكتابة والثانية بنتاً بارّة لها. فالأولى أصل الثانية فرعٌ منها.
وعلى هذا النحو، طعّم رولان بارت اللغة الفرنسية بكلمة (Ecrivance) بمعنى "كتابة عمومية" تفترق عن الكتابة الأدبية (Ecriture)، وهو المصطلح الذي لا يعني ما صار بعينه في كتابات بارت الناضجة، فهو يستعمله "في الكتابة في الدّرجة الصفر" ليعني ما يعنيه الآخرون بكلمة الأسلوب".339
وبخصوص ذات الإشكالية، ميز بارت في مقاله الموسوم (Ecrivains et ècrivants) نشرها عام 1960 بين هذين النوعين من الكتاب، تميّزاً نوعياً حاسماً، والنوع الأول هو الأدنى، هو الكاتب (Ecrivant)، واللغة عنده وسيلة لغاية غير لغوية، لأنَّه كاتب متعدِّ يحتاج إلى مفعول مباشر، هو يقصد أن ينتقل كلّ ما يكتبه معنى واحداً فقط، وهو المعنى الذي يريد هو نفسه أن ينقله للقارئ. أمَّا المؤلف (Ecrivain) فهو للأعلى، شخصه أكثر مهابة، كهنوتي (Priestley) حيث آخر كتبي 340، elerical.
(/)
والكلمة الأخيرة، تدلّ على مهنة الكتابة التي يضطلع بها الكتاب في دوائر الدولة مثلاً، وعلى المهمة التي يتولاها رجال الأكليروس في الكنائس، ثمَّ إن (Clerk: Clergyman) يقصد بها المحافظ على الصلة بالكتب والتقليل من شأن الكاتب في مقابل المؤلف، بحس التحديد المعاجمي. أمَّا في التراث القديم فإن الكتبي هو النسّاخ للكتب، وربما واضعها. ومن خلال تمييزه بين المؤلف والكتاب، اعتبر بارط أن الكاتب الحقيقي خليطاً من ال: Ecrivaiu وال Ecrivant وهو الكاهن أحياناً والكاتب Clerk أحياناً أخرى. ينقل معنى معدّاً سلفاً أحياناً ويلعب باللغة. 341
وحين البحث في دلالة المصطلح الأخير (ècriture) يلاحظ أن المصطلح كتابة مترجم عن اللفظة (Grammatologie) مصدره بكلمة (Gramma) الإغريقية الأصل، ثمَّ حولها الفرنسيون إلى (Gramme)، وهي لاحقة تدخل ضمن بنية كلمات مثل: Tèlègramme أي برقية، و(Giyprogramme) أي كتابة مرمزة (مشفرة)، لتتحول الكلمة في القواميس الفرنسية فتفي الكتابة (um ècrit).342
أمَّا جاك دريدا، فقد أشار إلى مصطلح (Grammatologie) في حديثه عن الكتابة، ليعني به: "دراسة الحروف والأبجدية، والتقطيع اللفظي، والقراءة والكتابة، ثمَّ أشار إلى أنّ اللفظ لم يستعمل إلاّ من قبل (J. Gelb) في كتابه Astudy of the Foundations of Gramtology)) (writing عام 1952.) 343
(/)
وفي ترجمة المصطلح إلى اللغة العربية، يلاحظ أن محمد برادة حين ترجمته كتاباً لبارت، وحين وقوفه على كلمة (Ecrivants)، قابله بلفظ (كتبة) والكلمة جمع تكسير شائع لاسم الكاتب والكتاب 344 وترجم ابن عبد العالي مصطلح (Ecrivance) ب: كتابة345 على حين قابل سعيد علوش كلمة (ècritant) ب: المكتبب.346 وكدأبه في الخروج عن العرف التقليدي، ابتدع عبد الملك مرتاض مصطلحات مثل: الكتابة العمومية Ecrivance والكتابة الأدبية ècriture والكتبة Ecrivance والكتاب ècrivant 347 ومنها صاغ صيغة كتبوب على وزن شعرور.
أمَّا عبد الله الغذامي فنقل مصطلح (Grammatologie) بصورة: النحوية 348 ونقله سعيد علوش بصورة النحو ـ لوجيا 349 واختار الباحث سليمان عشراتي اللفظة بصيغة: غراماتولوجيا350 محافظاً على صيغة المصطلح المعرّبة.
9.تأويل وتاويلية:
تحيلنا هذه الازدواجية المصطلحية، إلى طرح جملة من الأسئلة العالقة الخاصة بمصطلح التأويل ولبوسه مع مصطلح التفسير في الموروث العربي، الديني والأدبي، ثمَّ مصطلح التأويلية Interprètation ولبوسه مع مصطلح الهرمينوطيقا (L Hermèneutique) في الثقافة الغربية، وأخيراً أهم الإشكاليات المطروحة في النقد العربي المعاصر، والمجهودات التي قام بها النقاد إزاء تبيئية هذه المصطلحات. وجلّ هذه الأسئلة نقدّمها في الإشكاليات الثلاثة الآتية:
الإشكالية الأولى:
وفيها التبس مفهوما التفسير والتأويل في الموروث العربي، وقيل إن التفسير أهمّ من التأويل استعمالاً، بحث عدّ التفسير كشف لمعاني القرآن وبيان المراد على مستوى اللفظ والمعنى، في غريب ألفاظه تارة وفي معانيه351 وعدّ التأويل: كشف ما انغلق من المعنى، حيث قال البجلي: التفسير يتعلّق بالرواية والتأويل يتعلق بالدراسة"352
(/)
وأورد أبو نصر القشيري: اعتبار التفسير اتباعاً وسماعاً، وإنما الاستنباط فيما تعلّق بالتأويل. ومن هنا غدا التفسير يعني "البيان والظهور" وغدا التأويل ما لم يحذره صاحبه انحراف في القول فيصبح تأويله جناية على القرآن والإيمان.
مع العلم، أن كلمة تأويل كثيراً ما أطلقت الدّلالة على مناهج المتصوفة والآخرين بالتفسير الشيعي أو الإرشادي أو الباطني. والمصطلح عرفه القدماء كمهمة لشرح النصوص الدّينية وإجلاء مكامنها. وعدّ الصوفية التأويل، كل العبارة (الكلمة) من ظاهرها إلى باطنها معها الاعتماد على الإشارة 353 لأنَّ المسافة بين اللفظ والمعنى سمح لمجال القراءة بالتحرّك والتأويل. ومن هنا، فإن التأويل الأصولي يهدف إلى إبداء حقيقية كلام الله الذي هو الظاهر، الباطن المحيط بكلّ شيء وإلى الدّفاع عن شريعته بالتأكيد على الطاعة المطلقة،
كما أن التأويل عند أهل التفسير والسلف من أهل الفقه والحديث يعنى به معنى التفسير والبيان، وهو عند المعتزلة والجهمية وغيرهم من المتكلمين: صرف اللفظ عن ظاهره فهو مخالف للأصل بالحجة والدليل غير محرّف، وسواها من التعريفات.
وبين المصطلحين تفسير وتأويل: فإن الأول فيه المفسر مطالب بالدراية الواسعة والمعرفة بالعلل ومظاهرها بغية اكتشاف العلة، والثاني المقصود به الكشف عن الدلالة الخفية للأفعال، وهذه الدلالة الخفية الباطنة لا تنكشف إلا من خلال "أفق" غير عادي هو العلم.
وإذا صحّ افتراضنا حول المصطلحين، فإن جوهر التفرقة بينهما يكمن في أن ثمَّة فارقاً هاماً بينهما يتمثل في أن "عملية التفسير تحتاج دائماً إلى التفسرة" وهي الوسيط الذي يتطرّق فيه المفسّر فيصل إلى اكتشاف ما يريد، في حين أن "التأويل" عملية لا تحتاج دائماً هذا الوسيط، بل تعتمد أحياناً على حركة الذهن في اكتشاف أصل الظاهرة أو في تتبع عقباتها354
2ـ الإشكالية الثانية:
(/)
وفيها يتمظهر مصطلح تأويلية(Interprètation) بشتى التعريفات المتباينة والمتشاكلة، معاجمياً وأدبياً، ومنذ البدء حدّد مصطلح التأويل لدى بعض المفكرّين الأجانب مع بدء اللغة، من الاهتمام بالبحث عن المعنى القصدي الذي يخفيه المؤلف في مكان ما من نصّه ولذلك فقد "احتضنت التأويل الاتجاهات الفلسفية والأدبية الذاتية والشخصانية والظاهراتية، التي تهتمّ بذوات المؤلفين في محاولة لترميم المعاني الكامنة ضمناً في نصوصهم"355.
وفي التحديد المعاجمي، إن الكلمة تأويل (Interprètation) من الاسم اللاتيني (Interprètario) و (Interptètare) بمعنى الشرح والترجمة والتأويل، شرح ظاهرة يعتريها الغموض، والمصطلح يعني طريقة نظر إلى الأشياء، نظرة إلى الحقائق وبوجهات نظر متباينة.
والمصطلح في التحديد السيميائي لدى (قريماس وكورتيس) يتحدّد في النص الآتي "يريد التقليد الأبستيمولوجي الذي تشرب منه لسانيات دي سوسير، وفي مجالات أخرى ظاهراتية هوسلر ونظريته التحليل النفسي عند فرويد وآخرين، أن تعرّف العلامة بدلالتها، ويدعو التقليد أيضاً إلى أن تكون الأشكال السيميائية أشكال دلالية أو مداليل"356 وبحسب وجهة نظر هيلمسليف يعتقد قريماس "أن مشكل التأويلية ليس حاداً بالنسبة للنظرية السيميائية فكلّ المنظومات قابلة للتأويل".357
أمَّا مصطلح تأويلية، (Heurneneutique) في التحديد السيميائي لدى قريماس فهو مفهوم "يكتسي في علم الإعراضية (السيميائية) معنيين مختلفين بناءً على الافتراضات (التخمينات القاعدية اللاتي تستند إليها ضمنياً أو بصفة مباشرة النظرية السيميائية..."358
(/)
أمَّا مارتن هيدجر، فقد قسّم الهرمينوطيقا على أساس فلسفي، معتبراً الفلسفة هي أساس الوجود، وإنّ المهم هو أساس الفلسفة وجوهر هذا الوجود. وبالنظر إلى مصطلح (هيرمينوطيقا) ذهب إلى اعتبار أن الكلمة لم ترد في كتابات هوسلر. وقد اعتبر أن مهمته في كتاب "الوجود والزمن" هي إقامة هيرمينوطيقا للوجود (Hermèneutic of phenomenology) والمصطلح مكوّن من Logos phenomenon فيشير الجزء الأول من الكلمة إلى مجموع ما هو معرض لضوء النهار، وأما الجزء الثاني (Logos) فإنها لا تدلّ على الفكر لكنها تدلّ على الكلام.359
وهكذا فقد فرّق الأصوليون بين التفسير والتأويل وفرق المحدثون والمعاجميون الأوروبيون بين التأويل (Interprètation) والتأويلية. (Hermèneutique) أمَّا تودوروف فيعدّ اللفظ هيرومينوطيقا مقرون بالتفسير باعتبار هذا الأخير بالمعنى الشائع يعني "الانتقال من النص الأدبي إلى النص النقدي، وإن التفسير محوط بدوره بهيرومينوطيقا (Hermèneutique) متعدّدة أو قواعد مجرّدة تحكم عمله".360 وبذلك فإن هذا المصطلح يتعلق بتفسير الكتب المقدّسة والقوانين القديمة.
3ـالإشكالية الثالثة:
والمتمثلة في تناول النقاد العرب المصطلح هيرومينوطيقا في النقد المعاصر، من ذلك تناول الباحث نصر حامد أبو زيد للمفهوم قائلاً بلفظة التأويلية، مؤرخاً للمصطلح منذ إرهاصات العالم الألماني شليرماز 1843م، والذي يعود إليه الفضل في نقل المصطلح من دائرة الاستخدام اللاهوتي ليكون علماً خاص بعملية الفهم وشروطها في تحليل النصوص361 وهي التأويلية على ثلاثية: المبدع (الفنان) والنص والقارئ.
أمَّا محمد مفتاح، فقد تحدّث عن مصطلحي التأويل والتفسير في الأصول، وعن التأويلية في مناهجها الفلسفية، معتقداً في التأويل القديم ظاهرة إنسانية تختلف من شخص إلى آخر، سواء أكان من المجال الإسلامي أم غير الإسلامي362، ثمَّ التأويل في الحديث كنوع من (اللعب الحر).363
(/)
وفي ضوء هذه التفرقة في أهم مؤلفاته (مجهول البيان، التلقي والتأويل، التشابه والاختلاف)، لم يعتمد الباحث على المصطلحات الأجنبية السيميوطيقية بخصوص ذات المصطلح، لا بالنقل ولا بالترجمة. حيث طرح: التأويل الفلسفي ثمَّ التأويل التراثي والحداثي.
ولغرض التوسع في تحديد المصطلح، خصّ سعيد علوش المصطلح بحيز وافر، معتقداً أن مصطلح "الهرمينوتيك" عبارة عن مجموعة من المعارف والتقنيات التي تسمح باستنطاق الرموز واكتشاف معانيها364 أي مبادة متجدّدة وفهم رافض للاستقرار، وهو بناء بتفكيك، حركة تدور على نفسها.
أمَّا مصطلح الهرمينوتيك كاتجاه نقدي لدى الباحث، فهو الذي يتجاوز الاتجاهات السيميولوجية، يأخذ منها عناصر كثيرة في حدود تمفصل نظرية عامة للمعنى وعلى هذا الأساس، فالتأويلية تأويلية فلسفية، تتعدى إشكالية النصّ إلى محاولة فهم أوضاع الإنسان وتجارية، وتفكرّ في أزمة العلوم الإنسانية كلها كما تناول الباحث المفهوم لدى "ليفي ستراوس" من شكلية الضمنيين:
1.الشكل الذي استهدفه الكاتب.
2. الشكل الذي لا يعيه الكاتب.
وفي التحديد المختصر، ذهب سعيد علوش إلى اعتبار الهرمينوتيك "مجموعة من المعارف والتقنيات التي تسمح باستنطاق الرموز واكتشاف معانيها"365 ثمَّ عمّم المفهوم على جميع أنواع المعرفة وجميع الاختصاصات دون العلوم الإنسانية ولغة الأدب فحسب.
(/)
وفي خضم هذا التشابك الدلالي، تعرض الباحث محمد برادة إلى المصطلح مازجاً بين المصطلحين هما: تأويل وهيرومينوطيقا 366 وترجم محمد عصفور نظام تحويلي باسم: (Hermaneutic) في مساق الحديث عن التصنيفات367 وعادل فاخوري لمصطلحي: تفسير وتفسير وتأويل مقابلاً للفظ الفرنسي (Hermèneutique) 368. في المقابل: تحدّث عبد الملك مرتاض عن أصل المصطلح اليوناني (Hermèneutikos) كظاهرة تعني التأويل والتفسير معاً. محدداً المفهوم في قراءات: هيدغر، ومارتان، وبور ريكور ممَّن وسعوا نظرية التأويل على خلاف الإغريق369
والمصطلح ـ في اعتقاده ـ غربي يعني الشرح، ومعناه في النقد العربي العلم الذي يختص بتأويل النص ثمَّ ينصرف المفهوم لدى الباحث إلى النص المقدّس لدى الإغريق والمسلمين. ومع مرور الوقت استعاض الباحث مصطلحاً آخر، هو: التأويلية بديلاً عن: (Hermèneutique) 370
وأكثر من ذلك، فإن مرتاض يعتبر سياق التفسير، بديلاً لعلم التأويل 371، ومنهجاً ضرورياً للنص الأدبي وتفكيك شفراته.
وهناك أشكال أخرى متعدّدة لدى أبرز النقاد ترجمة للمصطلح، بينها التأويل لدى مطاع صفدي372، ثمَّ التفسير والهيرمينوتيك لدى لطيفة إبراهيم،373 والهرمانوتيقية لدى نور الدين النيفر374، ثمَّ التأويل الهرمينوطيقي لدى فضل 375، وأخيراً التأويل والتأويلية لدى عبد القادر فيدوح376.
10ـ خلاصة وآفاق:
بالعموم لقد اتضح للعيان أن رواد البحث المصطلحي السيميائي العربي لا يفضلون بين الدرس البلاغي بتمثلاتة العربية والغربية والدرس السيميائي الحديث. بل هم من الداعين إلى تطوير المصطلحات النقدية العربية القديمة واستثمارها في الكتابات الحداثية النقدية فضلاً على الاستعانة بمصطلحات الدرس اللسانياتي متأثرين بكلِّ المنظرين ومن شتى المدارس. ومن ثمَّ فقد تجلى الاهتمام بالمصطلحية السيميائية العربية في أواخر العشرين وكانت وراءه عدة عوامل أهمها.
(/)
1ـ ترجمة الدراسات وما يتصل بها عن اللغات الأجنبية.
2ـ إتقان بعض النقاد للغات الأجنبية واستعانتهم بالدراسات المنجزة في هذا المجال.
3ـ تأثيرات المجال النقدي والعالمي في النقد العربي وحاجة النقد الحديث إلى مثل هذه المفاهيم والمصطلحات كأدوات إجرائية لتحليل الخطاب الأدبي تحليلاً موضوعياً.
4ـ وبقراءة استكشافية في الجداول المقارنة، يلاحظ تشاكل الباحثين العرب في اعتماد المرجعية السيميولوجية الفرنسية، ومؤكد ذلك الترجمة عن اللغة الفرنسية، بحكم تموقع أغلب الدول في محيط البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن الاحتكاك بهذه الثقافة ولا ينطبق الأمر على باحثين في المشرق العربي وآخرين في المغرب الأقصى حيث المثاقفة والنهل من الاتجاهين.
***
هوامش وإحالات الباب الثاني الفص الأول:
1ـ ونعني بلفظة "معاجمية" = (Lexicographie) أو علم صناعة المعاجم، كعلم ظهر فرعاً من فروع علم اللغة، وعلم الدلالة أو المفرداتية أو فقه اللغة. إلى أن تحول مجاله إلى العناية برصد المفردات والمصطلحات بجميع أنواعها. وأما المعاجم فهي مختلفة متباينة من حقل لآخر، فهناك معاجم تأصيلية تبحث في أصول المعاني وأخرى تأثيلية تردّ الألفاظ إلى أصولها، وأخرى تطورية (تأريخية) وأخرى لغوية، (عادية). لمزيد من التفصيل ينظر مثلاً: حسن ظاظا، كلام العرب من قضايا اللغة العربية. بيروت، دار النهضة العربية، 1976 ص 142 أو: حسين نصّار. المعجم العربي نشأته وتطوّره، دار مصر للطباعة، ط2 1968 ج2، ص762 أو: المعاجم العربية دراسة تحليلة، عبد السميع محمد أحمد، دار الفكر العربي، ط4، 1984 الكتاب الأول ص 195.
2ـ صالح سليم عبد القادر، الدلالة الصوتية في اللغة العربية، منشورات جامعة ـ سبها ـ ليبيا ـ 1998 ص 174.
3- Claude Auge, Larousse Universel, 2, nouveau dictionnaire, encyclopèdie libraire, Larousse, Paris (Signe) P946.
(/)
4- Jeans du bois et les autres, Dictionnaire de linguistique P 61 (Marque)
5-Claude Auge, Larousse universel, P: 54 et 946 (Signe).
6- A. J. Greimas et J- Courtès, Dictionnsire eaisonnè de la Sèmiotique, op , Cir., P350
7- R. Barthes, èlèmenr de sèmiologie dans communication n : (P: 12 et 13) .
8ـ مبارك حنون، دروس في السيميائيات، دار توبوقال للنشر، ط1، 1987 ص 83.
9- M.Eiffaterre, Sèmiotique de la poèsie, Seuil, Paris, 1983, P11 et 12.
10ـ بسام بركة، معجم اللسانية (فرنسي، عرب) منشورات جروس ـ برس ـ طرابلس ـ لبنان ط1، 1985 ص 197.
11ـ بسام بركة، معجم اللسانية ص 128.
12ـ المصدر السابق: ص 187.
13ـ محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة ص 129، 83، 84، 76، 26.
14ـ عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص 152
15ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص33، 34 وما بعدها
16ـ مارسيلو داسكال، الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة. ترجمة حميد لحميداني وآخرين. أفريقيا الشرق. ط2. الدار البيضاء. عيون المقالات. د ت ص 40.
17ـ سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السميوطيقا، مقالات مترجمة و ودراسات ج1، عيون المقالات الدار البيضاء ط2 ص 15 و 20 .
18ـ 19ـ سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السيميوطيقا ص 174.
20ـ 21ـ 22ـ ينظر محمد مفتاح، النقد بين المثالية والدينامية، مجلة الفكر العربي المعاصر: مركز الأنماء القومي (بيروت) ع: 60ـ 61. فبراير. 1989 ص 20.
23ـ فردينارد دو سوسير، دروس في اللسانيات العامة ص 102ـ 109
24ـ أنور المرتجي، سيميائية النص الأدبي. إفريقيا الشرق. 1987 ص 09
25ـ ينظر: حنون مبارك، دروس في السيميائيات، درا توبوقال للنشر، المغرب ط1، 1987 ص 108 , 109
26ـ ينظر، بعد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية ص401.
27ـ المصدر السابق ص60
(/)
28ـ ينظر، عبد الملكمرتاض، بين السمة والسيميائية، مجلة تجليات الحداثة، جامعة وهران، العدد الثاني يونيو 1993 ص 11
29ـ ينظر: عبد الملك مرتاض، بين السمة والسيميائية ص11
30ـ ومصطلح مؤشر (Indice) من الوجهة اللسانياتية، على حدّ تعريف "بريتو" Preito هو "حادث ملموس يتيح لنا معرفة شيء عن حديث آخر خفي "لمزيد من التفصيل ينظر: جورج مونان ـ مفاتيح الألسنية، ترجمة الطيب البكوش، منشورات الجديد ـ ط1، تونس 1981 ص 31ـ 33.
31ـ ينظر: عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة ـ قصيدة القراءة، تحليل مركبّ لقصيدة أشجان يمانية، دار المنتخب العربي، بيروت ـ لبنان ـ ط1 ، 1991 ص 236.
32ـ عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي ص 67.
33ـ34ـ بيير جيرو، علم الإشارة (السيميولوجيا): ص 51 و 77 (على التوالي)
35ـ قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي، جلجامش، درا السؤال للطباعة والنشر بدمشق، ط1، 1984 ص 54
36ـ صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد العربي. دار الآفاق الجديدة. بيروت 3. 1985. ص 449 ـ 450
37ـ قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري ص 51
38ـ حسين الواد، من مناهج الدراسات الأدبية. سراس للنشر. تونس 1985 ص 08
39ـ أحمد يوسف، التحولات السيميائية ـ الخطاب البصري ـ كتابات معاصرة. ص73.
40ـ محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا؟ إفريقيا الشرق، ط1 1999 ص 37
41- O. Ducrot, tz vetan Todorov, Dictionnaire des sciences du langage, Ed, le seuil, coll P113.
42- A.J. Greimas, Sèmantique Structure, l. Ul, Paris, 1966- 1896 P53.
43- Coquet. (j.G) Sèmiotique narrative et des cursive, Hachette, Paris (Introduction).
44ـ أمبرتوايكو، من الأثر الأدبي المفتوح إلى بندول فوكرـ لقاء مع إيكو، ت، محمد ميلاد، مجلة العرب والفكر العالمي، لبنان/ بيروت العدد11 / 1990 ص 139.
45ـ أمبرتوايكو، من الأثر الأدبي المفتوح إلى بندول فوكو ص 140
(/)
46ـ محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا؟ ص 91.
47- O S Wald Ducrot, Tzvetan Todorov, Dictionnaire4 encyclopèdie P:113
48ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص41.
49ـ عبد الله إبراهيم، التفكيك القواعد والأصول والمقولات. عيون المقالات. مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء. ط1. 1986 ص 26ـ 42
50ـ يوسف أحمد، الخطاب السيميائي واللسانيات/ السيميولوجيا والبيولوجيا، نظرية نقدية، مجلة كتابات معاصرة ع11 ص 51.
51ـ مازن الوعر، دراسات لسانية تطبيقية ص 102
52ـ بيار جيرو، علم الإشارة، السيميولوجيا، ص 10
53ـ عبد الملك مرتاض ـ حوار مجلة نزوى (مخطوط) ص 19
54ـ صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي ص 363
55ـ مارسيلو داسكال، الاتجاهات السيميولويجة المعاصرة، ترجمة حميد لحميداني وآخرين، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1987 (العنوان)
56ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص41.
57ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص 42
58ـ المصدر السابق، ص 43
59ـ محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص ص 18
60ـ عبد السلام المسدي: الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص 43
61ـ بسام بركة، معجم اللسانية ص 185
62ـ جون ستروك، البنيوية وما بعدها ص 16
63ـ الجوهري، الصحاح، مجلد (1) مادة (سوم) ص 63
64ـ عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة اين ليلاي لحمد العيد ال خليفة. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر ط 1992 . 1 (العنوان)
65ـ أنور المرتجى، سيميائية النص الأدبي ص 03 و 04.
66ـ معجب سعيد الزهراوي ـ في المقاربة السيميائية، مجلة علامات، ج8، مجلد 1 النادي الأدبي الثقافي (جدة) 1992 ص 146 ـ 147.
67ـ ينظر: جوزيف كورتيس، التحليل السيميائي للحكاية، ترجمة رشيد ابن مالك وآخرين، مجلة القصة 0الجاحظية)، الجزائر، ع1 ، 1996 ص 12
(/)
68ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص 43
69ـ ينظر محمد العمري، التحليل السيميائي أبعاده وأدواته، حور مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (سال) العدد 1 1987 ص 04
70ـ حنون مبارك دروس في السيميائيات (العنوان) و ص 17
71ـ أحمد يوسف، تحليل الخطاب، من اللسانيات إلى السيميائيات، مجلة (نزوى) مسقط، العدد 12 أكتوبر 1997 ص 38
72ـ محمد مفتاح، التشابه والاختلاف. نحو منهجية شمولية. المركز الثقافي العربي. المغرب ط1.. 1996 ص 198
72ـ عبد العالي بو طيب، قرعاس، والسيميائيات السردية، مجلة علامات ج22 م6 1996 ص 91
73ـ عبد العالي بو طيب، قرعاس والسيميائيات السردية، مجلة علامات ج22 م 6 ـ 1996 ص 91
74ـ عبد الملك مرتاض، حوار ـ مجلة نزوى (مخطوط) ص 07
75ـ بسام بركة، معجم اللسانية ص 186.
76ـ عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب ص 180
77ـ عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية ص 39
78ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة ص 44.
79ـ صلاح نفل، نظرية البنائية في النقد العربي ص 103.
80ـ سيزا قاسم ونصر حامد أبي زيد ص 47
81ـ قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي، جلجامش، دار السؤال للطباعة والنشر، دمشق، ص 59ـ 64
82ـ نور الدين النيفر، فلسفة اللغة واللسانيات ص 166
83ـ محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية ص ...
84ـ نور الدين النفير، فلسفة اللغة واللسانيات. أبو وجدان للنشر والطبع والتوزيع .ط1 1993 ص 166
85ـ عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدري ص 48
86ـ ستيفن أولمان، دور الكلمة في اللغة، ترجمة كمال محمد بشر مكتبة الشباب. القاهرة. 1988. ص 14
87ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب (الشعري، مجلة علامات، جدّة ج05 م 02 سبتمبر 1992 ص 157.
88- .J.Du Bois et les autres - Dictionnaire de linguistiqui: P271.
(/)
89- Larousse ed la langue Francaise, libraire Larousse, 1977, P984
90- BassamBarrakè, Dictionnairede inguisteque. Francais. Arabe. Jarrouss press. Liban. P116.
91- A.j . Greimas, la Sèmiotique structurale, Ed, Larousse 1996, Paris (lsotopie).
93- Francois Rastier, Sèmiotique des lsotopies, ln Essais de Sèmiotique Poètique, Larousse, 1972, Paris, P82.
94- J. Du bois et les a utres, OP, cet, (isomorphisme) P:
95ـ بسام بركة، معجم اللسانية ص 116
96ـ محمد رشاد الحمزواي، المصطلحات اللغوية الحديثة ص ـ 31
97ـ عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري، النص من حيث هو حقل للقراءة، مجلة علامات، جدّة، ج05 م 02 سبتمبر ص 161.
98ـ أ.ج. قريماس، البنية الدلالية، ترجمة ميشال زكريا، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 30 ـ 31 صيف 1984 ص 97
99ـ عبد القادر الفاسي الفهري اللسانيات واللغة العربية ص:335 ـ 429
100ـ عبد القادر الفاسي الفهري اللسانيات واللغة العربية ص:335 ـ 429
101ـ المصدر السابق: ص 383
102ـ ينظر محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري. ص19 ـ 20.
103ـ ينظر عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي دراسة سيميائية للشعر الجزائري، ديوان م.ج ط 31 1993/ ص 97
104ـ ينظر محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري ص 223
105ـ المرجع السابق، ص 24
106ـ محمد مفتاح، التحليل السيميائي أدواته وأبعاده مجلة دراسات (سال) الدار البيضاء المغرب، ع1 ، خريف 1987 ص 23
107ـ عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي ص 98
108ـ ينظر، المرجع السابق ص 89
109ـ ينظر محمد مفتاح، مجهول البيان، دار توبوقال، المغرب، ط1، 1990 ص 26ـ 27
110ـ محمد مفتاح، مجهول البيان: 27.
111ـ حميد لحميداني، التحليل السيميائي أدواته وأبعاده ص 22
112ـ ينظر، أنور المرتجى، سيميائية النص الأدبي، إفريقيا الشرق، 1987 ص 40.
(/)
113ـ ينظر، سمير المر زوقي وجميل شاكر، مدخل إلى نظرية القصة، تحليلاً وتطبيقاً، الدار الفرنسية للنشر، ديوان المطبوعات الجامعية، تونس ـ الجزائر ـ ص 118 ـ 119
114ـ ينظر، بسام بركة معجم اللسانية ص 116
115ـ ينظر، سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصر، منشورات المكتبة الجامعية، الدار البيضاء، 1984 ص 75
116ـ من ذلك ورود التشاكل بمعنى التماثل، لمزيد من التفصيل ينظر، المنجد، اللغة و الإعلام، دار المشرق، بيروت لبنان ـ المؤسسة الوطنية للكتاب (دت) ص 08
117- Greimas (A.J), courtes (j). Sèmiotique dictionnaire raisonnè de la thèorie du langage: P199.
118ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، مقامات السيوطي دراسة. منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1996 ص44
119ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري، مجلة علامات، جدّة، ج5 م2 سبتمبر 1922.
120ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة، قصيدة القراءة: تحليل حركي لقصيدة أشجان يمانية، دار المنتخب العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991 ص33.
121ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري ص 152.
122ـ عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري ص 161
123ـ ينظر عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة، قصيدة القراءة ص 37.
124ـ عبد الملك مرتاض، مقامات السيوطي ص 43.
125ـ المرجع السابق، ص 45.
126ـ ينظر، رشيد بن مالك، مقدمة في السيميائية النقدية، دار القصبة للنشر، 2000، ط1، ص 51.
127ـ وهو القاموس الممنهج الذي سد حيزاً وافراً في الحقل المصطلحي السيميلئي لمزيد من الاستفادة ينظر رشيد بن مالك. قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص. دار الحكمة. فيفري 2000.
128ـ عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي، دراسة سيميائية ص46 ـ 90
129ـ ينظر، خولة الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات. ص 199.
(/)
130- 131. 132. A.J. Greimas et J. courtes, Sèmiotique dictionnaire raisonnè, op, Cit: P:194.
133- Ducrot, (o) et. T. Todorv, Dictionnaire Encyclopèdie, de Sciences du langage, Paris, Ed, Seuil 4972, P446.
134- 136. J- Kristeva: la Rèvolution du langage, ot, tel, quell, Ed, eu Seuil, Paris 1974 P: 87.
136- J-Kristeva. Op. cit. P:88.
137- T. ToDorov, Cothègoies du rècit littèaire, Communication P16.
138- Kerbrat Arrecchioni, la connotation, Ed, Presses universitaerd, Lyon, P130.
139- J- Kristeva, "Problèmes de la structuration du texts linguistiques et lettèraire, la nouvelle critique P 62.
140ـ ينظر، الأعرج واسني، إمكانات التناص، جريدة جسور، العدد 9، 7/ 02/ 1991 (الجزائر) ص 18.
141ـ ينظر، أنور المرتجي، سيميائية النص الأدبي ص 56.
142ـ عبد الوهاب تزُّو، تفسير وتطبيق مفهوم التناص في الخطاب النقدي المعاصر، الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت، ك2، 1989 ص80.
143ـ ينظر، بشير القمري، مفهوم التناص بين الأصل الامتداد، (م.س) ص 94.
144ـ تودوروف (تزفيتان)، شعرية تودورف، ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، دار توبوقال. البيضاء، المغرب، ط1، 1987 ص 39.
145ـ ينظر، محمد داود، مفهوم الحوارية عند ميخائيل باختين، مجلة تجليات الحداثة، ع2 (م س) ص 79.
146ـ ويورد جيرار جنيت مصطلحاً آخر مقابلاً للفظ (Intertexualitè) هو لفظ Architex أي الموروث الصنفي، ومؤداه أننا عند قراءتنا للقصيدة الشعرية نلفيها تحتوي على عدد من النصوص الأخرى من الموروث الموفى، للمزيد من التفصيل ينظر: سعيد الغانمي ـ اللغة والخطاب الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط1، 1993 ص 97. أو Gèrard Genette, Palim peste, Ed, Seuil, Paris, Paris P07.
(/)
147ـ ينظر، يوسف أحمد، تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات، مجلة نزوى (البحرين) ع12 عام 1997 ص 44.
148ـ محمد بنيس، الشعر العربي الحديث، بنياته وإبدالاته، (04) مساءلة الحداثة، دار توبوقال، للنشر، الدار البيضاء ط1، 1991 ص 182
149ـ ينظر، محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص (العنوان).
150ـ محمد مفتاح، دور المعرفة الخلفية في الإبداع والتحليل، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (سال) الدار البيضاء المغرب، العدد 6 خريف شتاء 1992 ص 86/ 87
151ـ محمد مفتاح، دور المعرفة الخلفية في الإبداع والتحليل، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية (سال) الدار البيضاء، المغرب، العدد6 خريف شتاء 1992 ص 86/ 87
152ـ المرجع السابق ص 87.
153ـ المرجع السابق ص 87.
154ـ نفسه ص 86 وضمن هذا الاتجاه أوجد بعض الباحثين مصطلح المثاقفة (Akloration) مقابلاً للمصطلح "تناص"، والمفهوم في اعتقادهم لم يظهر إلا متأخراً، أي منذ قرن تقريباً، وقد ظهر أول الأمر حوالي 1880 في بحوث الأنتروبولوجين الأمريكيين، أي ضمن الاتجاه الأنجلوساكسوني" لمزيد من التفصيل ينظر مثلاً: أمين الزاوي، من المثقافة إلى الترجمة، جريدة الجمهورية، (ملحق)، الجزائر، عدد 7 بتاريخ 24/12/1986.
156ـ محمد مفتاح دور المعرفة الخلفية في الإبداع والتحليل ص 87.
157ـ محمد مفتاح التحليل السيميائي أدواته وأبعاده ص 23.
158ـ مفهوم الحوارية (Le Dialogisme) استخدمه ميكائيل باختين و"قولدمان" في المناهج الغربية المعاصر، خلاصته "الجمع بين مفاهيم البنيوية التكوينية، وبعض مفاهيم سوسيولوجيا النصّ الروائي "لمزيد من التفصيل ينظر مثلاً: حميد لحميداني في سوسيولوجيا الرواية، من البنيوية التكوينية وسوسيولوجيا النصّ، مجلة دارسات سيميائية. (سال) عدد 1 خريف 1987 ص 128.
159ـ محمد مفتاح، دينامية النص، تنظير وإنجاز ـ المركز الثقافي العربي، لبنان المغرب، ط1، 1987 ص 81.
(/)
160ـ محمد مفتاح، التحليل السيميائي أدواته وأبعاده ص 27.
161ـ محمد مفتاح، التشابه والاختلاف ص 44.
162ـ عبد النبي اصطيف، مجلة راية مؤتة، جامعة مؤتة، المجلد الثاني، العدد الثاني 1993 عن الموقف الأدبي، العددان 317 ـ 318ـ ص 168.
163ـ جابر عصفور، تعريف بالمصطلحات الأساسية، ملحق ترجمة كتاب عصر البنيوية لإريث كريزويل، دار سعاد الصباح، ط1، كويت 1993 ص 392.
164ـ شريفة اليحيائي، الشعر العماني الحديث من النقد والنقل. مخطوط. ص 01
165ـ غازي مختار ـ طليمات، التناص وأهل التفكيك، جريدة البيان دولة الإمارات العربية المتحدة، دبي بتاريخ 9/ 9/ 2002.
166ـ غازي مختار طليمات، التناص وأهل التفكيك (جريدة البيان) (م.س)
167ـ محمد سعيد أسير وبلال الجنيدي، معجم من علوم اللغة العربية ومصطلحاتها، 1، 1981 ص 527.
168ـ أنور المرتجي، سيميائية النص الأدبي، ص 54 ـ 55
169ـ المصدر السابق ص:55ـ 59
170ـ نفسه ص 59.
171ـ سعيد يقطين، انفتاح النص الروائي، (النص، السياق) المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب ط1 1989 ص 92
172ت سعيد يقطين: الرواية والتراث السردي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1993 ص 30.
173ـ سعيد يقطين، انفتاح النص الروائي: ص 99
174ـ سعيد يقطين، انفتاح النص الروائي: ص 99
175ـ ماركو أنجيلوا، أصول النقد الجديد، مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد، ترجمة أحمد المديني، عيون المقالات، الدار البيضاء، ط1 (دت) ص 109 و 192.
176ـ عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير. قراءة نقدية لنموذج لساني. النادي الأدبي الثقافي. جدة. السعودية ط1 ص 90.
177ـ عبد الملك مرتاض، في نظرية النص الأدبي، مجلة الموقف الأدبي، كانون الثاني 1988 ص 57. 58
178ـ محمد بنيس، الشعر العربي الحديث. 3 الشعر المعاصر. دار توبوقال. الدار البيضاء. ط1 1990 ص 181 ، 187
(/)
179ـ جوليا كرستيفا ـ علم النص ـ ترجمة فريد الزاهي. مراجعة عبد الجليل ناظم. دار توبوقال للنشر. الدار البيضاء. ط1. 1991 ص 78.
180ـ لطيفة إبراهيم بدهم، اتجاهات تلقي الشعر في النقد العربي المعاصر، مجلة علامات، ج35، مج9 مارس 2000 ص 285.
181ـ الكويت، عدد 164 أوت ـ سبتمبر 1992 ص 240.
182ـ روبرت شولتر، السيمياء والتأويل. ترجمة سعيد الغانمي المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط1 1994. ص 79
183ـ المرجع السابق، ص 244.
184ـ عمر أوكان لذة النص أو مغامرة الكتابة لدى بارت، إفريقيا الشرق، المغرب ط1، 1991 ص 29.
185ـ حميد لحميداني، سوسيولوجيا النص الروائي، مجلة دراسات ع1 خريف 1987 ص 29.
186ـ رشيد بن مالك، قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص، عربي/ إنجليزي، فرنسي، دار الحكمة 2000 ص 92ـ 93
187ـ أمين الزاوي، من المثاقفة إلى الترجمة، الجمهورية (جريدة وطنية) بتاريخ 24/ 12/ 1986.
188ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السردي، معالجة تفكيكية سيميائية حركية، لرواية (زقاق المدق، سلسلة المعرفة، ديوان، م.ج. 1995 ص 78ج)
189ـ المرجع السابق ص 279
190ـ والإشارة هنا إلى بعض التعريفات الفرنسية للمفهوم، من ذلك اعتبار "جوليا كرستيفا" التناص تقاطع نصين أو أكثر داخل النصّ الواحد، لمزيد من الاستفادة ينظر:
Kristiva (j) la Rèvoluteon du langage, col, tel. Quel, Ed, du seuil, Paris 1974, p337 - 338
191ـ عبد الملك مرتاض، بين التناص والتكاتب، الماهية والتطور، مجلة قوافل النادي الأدبي، الرياض، السعودية، السنة 04 العدد 07، 1996 ص 187.
192ـ عبد الملك مرتاض بين التناص التكاتب، ص 188.
193ـ المصدر السابق، ص 188
194ـ نفسه: ص 196
195ـ نفسه: ص 200
196ـ نفسه: ص 188
(/)
197ـ ينظر عبد الملك مرتاض، فكرة السرقات الأدبية ونظرية التناص، مجلة علامات النادي الأدبي (جدّة) العدد1، سنة 1991ص 70 أو عبد العزيز عتيق، في النص الأدبي دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1972 ص 336
198ـ من ذلك، ابن سلام الجمحي، قدامة ابن جعفر، والآمدي وأبي عثمان الحافظ، وابن رشيق، وأبي هلال العسكري، وعبد القاهر الجرحاني، وحازم القرطاجني، لمزيد من التفصيل ينظر مثلاً: ابن رشيق القيرواني العمدة، ج2 تحقيق محيي الدين عبد الحميد. المكتبة التجارية. القاهرة. 1955 ص 280
199ـ عبد الملك مرتاض، فكرة السرقات الأدبية ص: 82
200ـ المصدر السابق ص 90ـ 91
201ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة، قصيدة القراءة تحليل مركب لقصيدة اشجان يمانية. دار المنتخب العربي. بيروت. لبنان. ط1. 1991
202ـ قرش عبد القادر، الصورة الفنية في الشعر الأندلسي في عهد المرابطين، مجلة اللغة والأدب، علمية أكاديمية، معهد اللغة العربية وآدابها جا، الجزائر، ع5 1994 ص 211
203- Larousse de la langue Fraucaise, lebrairie. Larousse, 1977, P929.
204- Larousse de la langue Francaise, op, cit, p292.
205- Larousse du XX siècle, sous la direction de P. Augè, Tous 11ème, Paris, Librairie, Larousse (Icône) P07.
206- J. du bois, Dictionnaire de linguisteque, op, cit, P248.
207- Dictionnaire Encyclopèdie, op, cit, P115
208ـ محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا؟ ص 37ـ 47
209- Benveniste. E, Problèmes de linguistique gènèrales, Ed, Gallimard, Paris, P258
210- J. Mounin, Dictionnaire de linguistique P:67
211ـ بسام بركة، معجم للسانية ص 103
212ـ محمد رشاد الحمزاوي، معجم المصطلحات اللغوية الحديثة ص 129
213ـ صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص 239
214ـ روبرت شولتز، السيمياء والتأويل ص 242
215ـ سيزا قاسم، نصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السيميوطيقا ص 169
(/)
216ـ المصدر السابق ص 33
217ـ تزفيتان تودوروف، المجاز المرسل، ترجمة عثماني ميلود، مجلة العرب والفكر العالمي، مركز الإنماء القومي، العدد11 صيف 1990 ص 28
218ـ كيير إيلام، سيمياء المسرح والدراما، مجلة العرب والفكر العالمي، مركز الإنماء القومي، ع11، 1990 ص 61
219ـ عدد من المؤلفين، سيمياء براغ للمسرح، دراسات سيميائية، ترجمة أدميركورية، دمشق، وزارة الثقافة 1997 ص 05
220ـ عادل الفاخوري، حول إشكالية السيميولوجيا (السيمياء) مجلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت م24، العدد الثالث، يناير/ مارس 1996 ص 182
221ـ عبد القادر فيدوح، دلائلية النصّ الأدبي ص 10 ـ 11
222ـ عبد القادر فيدوح، شعرية القصّ. ديوان المطبوعات الجامعية. وهران الجزائر 1996 ص 92
223ـ رشيد بن مالك، السيميائية بن النظرية والتطبيق، ص 20
224ـ سامية حبيب، دلالات في الدراما الشعرية العربية، مجلة علامات ج35 مج9، مارس 2000 ص 312
225ـ ينظر، حنون مبارك، دروس في السيميائيات ص 108
226ـ ينظر، حميد سمير، المؤلف في التراث الأدبي، مجلة علامات ج35 مج9، مارس 2000 ص 131
227ـ ينظر، إبراهيم الخطيب، مقدّمة في ترجمة كتاب فلاديمير بروب، مورفولوجية الخرافة، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، 1986 ص 11
228ـ ينظرن نور الدين النيفر، فلسفة اللغة واللسانيات ص 74
229ـ المصدر السابق ص: 55
230ـ حلام الجيلاني، في طبيعة المعنى. مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، مجلة تصدرها كلية الآداب، سيدي بلعباس، العدد 01، سنة 2000 ص 181 أو تقنيات التعريف في المعاجم العربية المعاصر، دكتوراه، دولة (مخطوط) جا. وهران 1997 ص 221.
231ـ محمد مفتاح، التشابه والاختلاف، نحو منهجية شمولية ص 190
232ـ محمد مفتاح، التحليل السيميائي أدواته وأبعاده ص 28
233ـ المرجع السابق ص 29
234ـ محمد مفتاح، التشابه والاختلاف ص 190
235ـ محمد مفتاح، التشابه والاختلاف ص 190
(/)
236ـ نفسه ص 192
237ـ نفسه ص 198
238ـ عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة، قصيدة القراءة ص 233 ـ 234
239ـ عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية ص 80
240ـ عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية ص 80
241ـ المرجع السابق ص 81
242ـ ينظر، محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا ص 31
243ـ نفسه 237، للإشارة فقد عرف عبد الملك مرتاض، مصطلح المماثل معتبراً الوصف مماثل (Icône) من بطاقات هائلة من الجمال الأدبي الذي غايته سمو صورة الغائب في صورة حاضرة "لمزيد من الاستفادة ينظر: عبد الملك مرتاض، نظرية الرواية، بحث في تقنيات السّرد، سلسلة دار المعرفة، الكويت ديسمبر كانون الأول 1998 ص 278
244- Bassam. Baraquè, Dictionnaire de linguistique. P:103.
245- Jack Derrida, l'ècriture et la difference, Seuil, Paris, P15.
246- Jack Derrida, l'ècriture et la difference, Seuil, Paris, P15
247ـ جاك دريدا، الإمضاء، واسم الآخر، حوار أجره، فرانسوا والد وترجمة محمد ميلاد، مجلة كتابات معاصرة ص 16
248ـ ج ـ هيليس، ميلر، الناقد مضيفان مجلة الحث النقدي العدد3 عام 1977 ص 41
249ـ عبد الله الغذامي، م.س.ص 50 أو ينظر كتابيه: تشريح النص، مقاربات تشريحية لنصوص شعرية معاصرة، ط1، دار الطليعة، بيروت 1987 ص 71 أو ثقافة الأسئلة، مقالات في النقد والنظرية، ط2، دار سعاد الصباح، الصفاة، الكويت 1993 ص 200
251ـ ذلك لأنَّ الباحث سامي محمد ترجم مصطلح التفكيكية عام (1980) عن صاحبه: ليوتيل إيبيل لمزيد من التفصيل ينظر: مقالة ضمن مجلة الأقلام، س 15 عدد 511 ب 1980 ص 217
252ـ راي (وليم) المعنى الأدبي، من الظاهراتية إلى التفكيكة، ترجمة يوئييل يوسف عزيز، ط1، دار المأمون، بغداد 1987 ص 09
252ـ ينظر، عبد الله إبراهيم، التفكيك والأصول والمقولات، عيون المقالات، مطبعة النجاح الجديد، البيضاء، ط1 1986 ص 45
(/)
مثلما رأى بعض النقاد أن دريدا والتفكيكيون معه، يرون أن البنيوية تعلق الأمر بالبيولوجيا أم بعلم اللغة أم الأدب. ينظر عبد الله إبراهيم وآخرون في معرفة الآخر، مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت ط1, 1990 ص 68 ـ 71. أو سارة كوفمان وروجي لابورت، مدخل إلى فلسفة جاك دريدا الميتافيزيقية واستحضار الأثر، ترجمة إدريس كثير، عزّ الدين الخطاب، إفريقيا الشرق، ط1، 1991، ص 21ـ 35
253ـ ينظر، سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ص 97
254ـ ينظر، عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب ص 185
255ـ توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث ص 166
256ـ ستروك جون، البنيوية وما بعدها ص 234
257ـ ينظر، محمد مفتاح، مجهول البيان، دار توبوقال، المغرب، ط1 1990 ص 101
258ـ ينظر المصدر السابق ص 102
259- Jean eu Bois et les autres, Dictionnaire de lenguesteque: (Dècodage) P134.
260ـ عبد الملك مرتاض، بين التناص والتكاتب ص 12
261ـ عبد الملك مرتاض، القراءة وقراءة القراءة، خوض في إشكالية المفهوم، مجلة علامات (جدّة)، السعودية، ج15 مجلد 14 السنة 1995 ص 201
262ـ عبد الملك مرتاض: بين التناص والتكاتب ص 12
263ـ عبد الملك مرتاض: بين التناص والتكاتب ص 12
264ـ عبد الملك مرتاض: القراءة وقراءة القراءة ص 201
265ـ ينظر، الرويلي (ميجان) والبازغي (سعد)، دليل الناقد الأدبي، مكتبة الملك فهد، السعودية، ط1 1995 ص 49
266ـ محمد الصالح الشنطي، ملامح من المشهد النقدي المحلي، مجلة قوافل النادي الأدبي، الرياض س1 ع2 رجب 1994 ص 35
267- Dictionnaire Hachette Encyclopèdeque, (Mèta) P1207.
268ـ ينظر، رومان جاكوبسون، وظائف اللغة، ترجمة أعبو إسماعيل، مجلة الفيصل ـ ثقافية شهرية (السعودية) العدد 117 السنة 1986 ص 103 ـ 106
269ـ المرجع السابق ص 105
(/)
270- Du Bois (J) et les autres, Dictionnaire de linguistique P:317.
271ـ سيزا قاسم ـ نصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السيميوطيقا ص 117.
272ـ التهامي الراجحي الهاشمي، مجلة اللسان العربي عدد 25، 1985، ص 233
273ـ حميد لحميداني، سحر الموضوع،عند النقد الموضوعاتي في الرواية والشعر، منشورات دراسات (سال) المغرب، 1990، ص 10
274ـ محمد معتصم، مساجلة بصدد علم تشاكل الحكاية
275ـ محمد بنيس، مادية الحداثة (4) م س ص 184
276ـ محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا ص 93
277ـ نزار التجديتي، نظرية الانزياح عند جاك كوهين، مجلة دراسات (ع1) م س ص 47
278ـ محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا ص 42
279ـ المصدر السابق ص 112
280ـ جون ستروك، البنيوية وما بعدها ص 177
281ـ حميد لحميداني، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، ط2، المركز الثقافي العربي، بيروت 1993 ص 33
282ـ حسين خمري، بنية الخطاب الأدبي، منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين، (د ت) ص 15
283ـ أنور المرتجى، سيميائية النص الأدبي ص 25
284ـ رشيد بن مالك ـ السيميائية بين النظرية والتطبيق ص 50
285ـ عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية ص 94
286ـ عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية ص 94
287ـ المصدر السابق ص 105
288ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، القراءة وقراءة القراءة ص 12 أو ينظر كتابه: بنية الخطاب الشعري، دراسة تشريحية لقصيدة ـ أشجان يمانية ـ ديوان م.ج، الجزائر 1991 ص 15.
289- B assam, Baraquè, Dictionnaire de linguitique, op, cit, P: 130
290ـ ميشال جوزيف شريم، دليل الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات بيروت، 1984 ص 157.
291ـ عزة آغا ملك، الأسلوبية من خلال اللسانيات، مجلة الفكر العربي المعاصر، بيروت ع38 آذار 1986 ص 89
292ـ عدنان بن ذريل، اللغة والأسلوب، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1980 ص 114
(/)
293ـ عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب ص 16 أو كتابه: قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، ص 204
294ـ عبد الملك مرتاض، القراءة وقراءة القراءة، ص 214، 215ز
295ـ المصدر السابق: ص 211ـ 212ـ 213
296ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، ديسمبر كانون الأول 1998 ص 216
297ـ ينظر، عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية ص 211
298ـ ينظر، محمد مفتاح، دينامية النص، تنظير وإنجاز، المركز الثقافي العربي، ط1، 1994 ص 155
299ـ منذر عياشي، الخطاب الأدبي ولسانيات النص، مجلة البيان ع323 يونيو 1997 رابطة الأدباء العرب في الكويت، ص 07
300ـ توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد الأدبي ص 87
301ـ ميجان الرويلي وسعد البازغي: دليل الناقد الأدبي ص 36
302ـ عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات ص:204
303ـ كمال أبو زكريا، الألسنية علم النص الحديث، قراءات تمهيدية، ط2، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1985 ص 286.
305. سعيد علوش، معجم المصطلحات الدبية ص 114.
306. ابن القيم الجوزية، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تحقيق سيد إبراهيم، دار الحديث، القاهرة، 1994، ج2، ص 273.
307. محمد علي الصابوني، التبيان في علوم القرآن، محاضرات في علم القرآن، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، ط 3، 1986 ص 223.
308. جروان السابق، معجم اللغات، إنجليزي ـ فرنسي ـ عربي ص 1108 و1109.
309. قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري، ص 56.
310. المصدر السابق، ص 80.
311. طه حسين، خطام ونقد، دار العلم للملايين، ط 12 ـ 1985 ص 28 ـ 33.
312. عبد العزيز طليمات، الوقع الجمالي وآليات إنتاج الوقع عند ولف غانغ إيزر، مجلة دراسات (سال) الدار البيضاء، المغرب، العدد 6 ـ 1992 ص 68.
313. Pierre. V. Xima, pour une sociologie du texte littèraire, U.G, edition, coli 10. 18 Paris 1978 p 53.
(/)
314. Gerard vigner, lire du texte au sens clè international, Paris 1979 p 20.
315. جون ستروك، البنيوية وما بعدها، من ليفي ستراوس إلى دريدا، ترجمة محمد عصفور. سلسلة عالم المعرفة. الكويت. العدد 26 فبراير 1996 ص 101.
316. رولان بارط، الدرجة صفر للكتابة، ترجمة محمد برادة، الترجمة المغربية للناشرين المتّحدين، ط 3/1985 ص 102.
317. عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير ص 75.
318. لطيفة إبراهيم بدهم، اتجاهات تلقي الشعر في النقد الأدبي المعاصر، مجلة علامات ج 35 مج 9 مارس 2000 ص 262 أو ينظر: خالدة سعيد، حركية الإبداع، دراسات في الأدب العربي الحديث، دار العودة، بيروت ط1، 1979 ص 139.
319. عبد الناصر مباركية، جماليات القراءة في الموازنة النقدية للآمدي، مجلة تجليات الحداثة. جا. وهران ع 4 يونيو 1996 ص 202.
320. قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي ص 41 ـ 46.
321. عبد السلام المسدي، قراءات مع الشابي والمتنبي والجاحظ وابن خلدون، الشركة التونسية للتوزيع 1984 ص 21.
322. إبراهيم رماني، الغموض في الشعر العربي الحديث، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 371.
323. يمنى العيد، النقد العربي والتيارات العالمية، المجلة العربية للثقافة ع 24 مارس 1993 ص 124.
324. عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي ص 24.
325. عبد القادر فيدوح، أدبية التأويل، مجلة تجليات الحداثة، جا. وهران، ع 1 1992 ص 45.
326. نور الدين النيفر، اللغة والتفسير والتواصل: ص 291.
327. أحمد يوسف، إسطنبول ناصر، جريدة الجمهورية، ملحق أسبوعي، ندوة حول إشكالية القراءة، بتاريخ 27/03/1988.
328. ينظر، عبد الله الغذامي، الخطاب الأدبي ولسانيات النص، مجلة البيان، ع 323 يونيو 1997 رابطة الأدباء من الكويت ص 16.
329. عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير ص 79.
330. ينظر حسين الواد، في مناهج الدراسات الأدبية. سراس للنشر. تونس 1985
ص 10.
(/)
331. ينظر، خالدة سعيد، حركية الإبداع دراسات في الأدب العربي الحديث، دار العودة، بيروت ط1، 1979 ص 180 ـ 181.
332. عبد الملك مرتاض، القراءة وقراءة القراءة، مجلة (علامات) م س ص 199.
333. المصدر السابق، ص 200.
334. عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة ص 16.
335. نفسه ص 201.
336. عبد الملك مرتاض، قراءة القراءة ص: 209.
337. عبد الملك مرتاض، قراءة القراءة ص: 215.
338. نفسه ص 216.
339. جون ستروك، البنيوية وما بعدها، ص 80.
240. نفسه ص 92.
341. نفسه ص 93.
342. Le petit Larousse, op. cit mot (ècrit).
343. Jacques Derrida, de la grammatologie, les editions de Minuit, Paris, 6e, 1967 o 13.
344. ينظر، أنيس إبراهيم وآخرون، المعجم الوسيط، ط 2، دار الأمواج، بيروت، 1990، ص 774.
345. رولان بارت، درس السيميولوجيا. ت. عبد السلام ابن عبد العالي ط2. دار توبوقال، 1986 ص 49 ـ 50.
346. سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ص 107.
347. عبد الملك مرتاض، القراءة وقراءة القراءة ص 198.
348. عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير ص 52.
349. سعيد علوش، معجم المصطلحات ص 120.
350. سلمان عشراتي، مجلة تجليات الحداثة ع 2 ص 108.
351. ينظر، الزركشي. البرهان في علوم القرآن. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. ط 3. دار الفكر. 1980. ص 149.
352. المصدر السابق: ص 150.
353. الغزي ثامر، التصوف الإسلامي، مجلة كتابات معاصرة، ع 30 م 8 1997 ص 78.
354. نصر حامد أبو زيد، التأويل مفهوم النص، دراسة في علوم القرآن، المركز العربي للطباعة والنشر، بيروت، ط 2 ـ 1994 ص 271.
355. روبرت شولتز، السيمياء والتأويل ص 10.
365. AJ. Greimas et (J) Courtes, Dictionnaire raisonnè de la semiotique op, cit, p 192.
357. Ibid., p: 193.
358. Ibid., p: 171.
359. نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة والتأويل ص 31 ـ 32.
(/)
360. تودوروف (ت)، التحليل البنيوي للنص الأدبي، المظهر الدلالي، ترجمة، إلهام سليم، مجلة العرب والفكر العالمي، مركز الأنحاء القومي، لبنان، بيروت، ع 11 صيف 1990 ص 70.
361. ينظر، نصر حامد أبو زيد، إشكالية القراءة وآليات التأويل. ص 20.
362. محمد مفتاح، مجهول البيان ص 88.
363. محمد مفتاح، مجهول البيان ص 101.
364. سعيد علوش، هيرمينوتيك النثر الأدبي، دار الكتاب اللبناني بيروت، سوشير يس، الدار البيضاء، ط1، 1985 ص 16.
365. المصدر السابق ص 53.
366. ينظر، محمد جرادة، عن التلقي الأدبي، مجلة دراسات (سال) المغرب، البيضاء، ع 06 ص 17 ـ 26.
367. جون ستروك، البنيوية وما بعدها ص 103.
368. عادل فاخوري، إشكالية السيميولوجيا (السيمياء) مجلة (جرس) ص 210.
369. ينظر عبد الملك مرتاض، أي ص 93.
370. ينظر، عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية ص 21.
371. عبد الملك مرتاض، تعدية النص، (نظرية النقد ونظرية لنص) مجلة كتابات م. ع 1، 1988 ص 28 ـ 29.
372. ينظر، محمد أحمد الخضراوي، التأويل والاختلاف، كتابات معاصرة، ع 26، م 7 آذار 1996 بيروت ص 57.
373. لطيفة إبراهيم برهم، اتجاهات تلقي الشعر في النقد الأدبي المعاصر، مجلة علامات (م س) ص 260.
374. نور الدين النيفر، فلسفة اللغة واللسانيات ص 106.
375. صلاح فضل، بلاغة الخطاب وعلم النص ص 48.
376. عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي ص 30.
،،،
الفصل الثاني
مصطلحات التحليل السردي
1 ـ السرد/الحكي:
إننا نروم البحث في هذا المفهوم السردي قصد الاضطلاع بإثارته والبحث في تطوره وصيرورته ثم تناوله في ذاته، حتى لا نتأخر في تأسيس المفهوم وإحلاله موقعه ضمن باقي الأجناس من جهة، والعمل على النظر في صيرورته وتحوله من منطلق طرح المشكلات الحقيقية والإحاطة بها من جهة أخرى ثم إن هذا الجنس (السرد) جنس له مقوّماته وملامحه المتميزة.
(/)
والسرد مصطلحٌ أدبي فني هو الحكي أو القصّ المباشر من طرف الكاتب أو الشخصية في الإنتاج الفني، يهدف إلى تصوير الظروف التفصيلية للأحداث والأزمات. ويعني كذلك برواية أخبار تمت بصلة للواقع أو لا تمت، أسلوب في الكتابة تعرفه القصص والروايات والسير والمسرحيات.
ويعدّ المفهوم من المفاهيم النقدية المستحدثة في الساحة النقدية العربية، ولذلك وجب فحص مدلولاته وضبطها في مثل هذه البحوث الأكاديمية أمرٌ سابقٌ لأوانه، أبرزها يعود إلى ترجمة مصطلح Rècit بشتى الترجمات هي السرد والحكي.
أمّا المصطلحات القديمة من لفظ (سرد) في اللغة الفرنسية
Narration وNarratologie ثم Narrativè فتقابلها في الترجمة النقدية العربية مصطلحات، بينها السرد والقصّ والحكي والأخبار والرواية. فضلاً على شيوع مصطلح (Rècit) في المعرفة الاصطلاحية، إذ هو الحكي والمحكي لدى بعض النقاد. وهو السرد والمسرود لدى آخرين. وإن كنا نستحسن مصطلح "السرد" بالنظر إلى معيار الشيوع في الثقافة العربية.
في هذا المساق، يعدّ جيرار جنيت (G.Genette) الناقد السيميائي الوحيد بين الأوائل الذين قاموا بإدخال بعض المصطلحات السردية، حيث جعل منها مرحلة هامّة من مراحل التحليل وعالجها ضمن ما أسماه بصيغة السرد: Mode du rècit ضمن النموذج التحليلي الذي قدّمه في اللغة الفرنسية، وهو النموذج المهمّ الذي استوعب المقولات السابقة عليه، فقدّم تأطيراً منظماً لأسس السرد الفني، خلال وقوفه على كلمة "قصة" في اللغات الأوروبية، مستخلصاً ثلاثة معانٍ: أوضحها وأقدمها هو الملفوظ السردي، مكتوباً أم شفهياً، والثاني المضمون السردي والمعنى الثالث: الحدث، وفي ضوء هذا التمييز حدّد ثلاثة مظاهر للسّرد1:
ـ 1ـ الحكاية: وتطلق على المفهوم السردي أي على المدلول.
ـ 2 ـ القصة: وتطلق على النص السردي وهو الدالّ.
(/)
ـ 3 ـ القصّ: ويطلق على العملية المنتجة ذاتها، وبالتالي على مجموعة المواقف المتخيلة المنتجة للنصّ السردي.
وقريباً من المصطلحات الثلاثة: (Narration) و(Narratologie)
و(Narrativitè) القابعة في المعجم السيميائي المعقلن لدى قريماس، ميّز بعض الباحثين بين الروي Rècite والحكي (diegesis) في السرد، ونعني في هذه الحالة التمييز بين النصّ الكامل للقصّ نصّاً من ناحية، والأحداث التي تروي أحداثاً من ناحية أخرى، ويمكننا عندئذ أن نستعير الكلمة الإغريقية، الحكي
(Diegesis) للتعبير عن نظام الشخصيات والأحداث،ونكتفي بتقريب الكلمة الأخرى بكلمة روي (recital) أو نكتفي بالإشارة إلى النص، حين نعني الكلمات والحكي للتعبير عما ستحثنا عن خلقه كقصص"2.
أما مصطلح الحكي (Narration) فهو لفظ يلتبس مع شبكة من المصطلحات والمفاهيم المتداخلة والمتمايزة، والمتقاربة والمتباعدة في آن واحدٍ، أبرزها: السرد والمسرود، والسارد والمسرود له والسر دانية والسرد ديات.
فمن خلال التحديد السيميائي لدى قريماس وكورتيس يمكن الوقوف على أهمّ الفروق الدّلالية بين هذه المفاهيم المتداخلة، حيث أشار الباحث إلى مصطلحي "البث (المرسل) والمتلقي (la Destinateur et le Destinataire) في الخطاب الروائي، وفي الملفوظ (L'Enoncè)، وأطلق عليهما جيرار جنيت مصطلحي: السارد والمسرود (Narrateur et Narrataire)3. لكن الملاحظ في لغة قريماس أنها تحيل على مفاهيم أخرى، وتجسد سلسلة من المفاهيم المعقدة التي تحيلنا بدورها على مفاهيم أخرى ودلالات أكثر تعقيداً في اللغة العربية.
(/)
وسواء أكان طودوروف أم جنيت أعرف من غريماس بالسرديات. أو العكس، فإنّ الذي يهمنا في هذا المقام هو الوقوف على الإشكالية المصطلحية بخصوص لفظة (سرد) ونحن واعون بأن ثمة مصطلحات لا تحصى ولا تعدّ وهي مشتقة من المفهوم، وتشترك معه اشتراكاً لفظياً، أبرزها: المؤلف والقارئ والشخصية واللغة والواقع والعامل والفعل والحدث الحكائي وسواها من المصطلحات التي تدخل في العمل السّردي.
فمصطلح الحكي مثلاً (Narration) تواجد في عدّة نصوصٍ نقدية خلال السّنوات الأخيرة في الساحة المغربية، وقد شابهُ كثير من الخلط الذي حصل في الترجمة بينه وبين مصطلح (السرد). لذا فالنقاد المغاربة نجدهم كثيراً ما يعتبرون مفهوم الحكي مرادفاً للكتابة الرّوائية، منظرين إلى السّرد كمكوّن في مكوّناته، فعدّوه "جزءاً" من مظاهر الحكي"4، واعتبره بعض النقاد باسم الحكي وهو مكوّن من مكوّنات بنية السّرد"5.
وقريباً من هذا التطوّر، كتب سعيد يقطين أغلب مقالاته السّردية في إشكالية المصطلح، مقرّاً بأن السرد عنصر من عناصر الحكي، ولذلك فهو يرادف بين المفهومين كأداتين إجرائيتين في تحليل مكوّنات النصوص الرّوائية. ومفرقاً بين ثلاثة مصطلحات هي السّرد (Narration)، والسرديات (Narratologie) والسّردية (Narrativitè)6، ثم مفصلاً تفصيلاً ومركزاً في القال.
ويمكننا في هذا النطاق إعطاء بعض الأمثلة الدّالة فيما تداوله سعيد يقطين لإبراز ما يميّز هذه المصطلحات عن بعضها بعض: من ذلك الوقوف على الاشتراك اللفظي والاختلاف الاصطلاحي حيث أشار إلى العديد من المصطلحات التي تشترك لفظاً، لكنها تختلف دلالة بحسب الإطار النظري الذي توظف في نطاقه، فترجم مصطلحات بينها: السّرد والحكي بِ: Narration/Rècit والسّردية أو الحكائية (Narrateur) ثم الراوي
(/)
(Narrativitè) وسواها من المصطلحات المتداولة في كلّ النظريات والدّراسات السّردية الحديثة7. لكنّ مثل هذه المصطلحات التي أشار الباحث تختلف اختلافاً بيِّناً بين مستعمليها إلى حدّ التضارب والتعارض.
وفي مساق الحديث عن الاختلاف اللفظي والاشتراك الاصطلاحي، أشار الباحث إلى جملة من المصطلحات التي تختلف من حيث اللفظ، لكنها تشترك اصطلاحاً، ولو في الإطار الدّلالي العام ويمكن التمثيل لذلك بمصطلحات مثل: وجهة النظر، والمنظور، والرؤية، والبؤرة والتبئير، التي تختلف من حيث اللفظ وتشترك في الاصطلاح. وضمن منحى آخر أشار الباحث إلى مصطلحات تصطرع في الثقافة الأجنبية، وتتصل بمادّة الحكي مثل: Rècit/ Histori/ Fabula/ diegese/ Contenu/ Intrique8.
وهكذا نجد في تحليلات سعيد يقطين من المصطلحات ما هو "جامع" وتتولّد عنه مصطلحات أخرى متضمنة في نسق المصطلح الجامع باعتباره نتاج عملية التصنيف. ولإعطاء مثال على ذلك، ترجم الباحث "الراوي" بِ: Narrateur9، وهو المفهوم الجامع، أي أن له بعداً جنسياً (Cenerique) ثم وظف هذا المفهوم في التحليل السردي ليعوض مفهوم الكاتب، وقريباً من ذلك ترجم العوامل عن (les actants) في السيميوطيقا الحكائية.
(/)
وأخذاً بمعيار الشيوع في استعمال بعض المصطلحات، سواء أكانت سليمة أم غير سليمة، ترجم الباحث بعض النماذج مثل السردية Narrativitè عن الجذر العربي (سرد) في العربية. وتارة عن Narration في اللغة الفرنسية10، وقد تبين له أنّ هذا المصطلح (سرد) يستعمل في مجالين سردين مختلفين، وكلّ مجال يعطيه دلالة تتجسّم وأطروحته الأساسية. ثم عاد لاقتراح مقابلين مختلفين، للمصطلح مميّزاً بين: (Narrativitè) أي السردية، وما يرتبط بها من مصطلحات مثل: الصوت السردي، الرؤية السردية، صيغة السرد، البنيات السّردية، ثم الحكائية في مجال "السيميوطيقا" فقال بمصطلحات من مثل: سيميوطيقا الحكي، البرنامج الحكائي، المسار الحكائي ثم البنيات الحكائية.
للتلخيص، فقد سجل سعيد يقطين موقفه من الإشكالية المصطلحية ومصطلح السّرد بوجه أخص قائلاً: "عندما نكون، نحن العرب، في وضع استقبال هذه المصطلحات ونقلها إلى لغتنا واستعمالنا النقدي فإننا لا ننقل فقط كلمات، ولكن علاوة على ذلك، مفاهيم مثقلة بحمولات تاريخية ومعرفية واستعمالية"11.
أما أسباب تفاقم الإشكالية، سواء في ترجمة المصطلح أم تعريفه فيلخصها سعيد يقطين ضمن النقاط الآتية:
1 ـ غياب الاختصاص في الممارسة.
2 ـ التخلف عن موالية المستجدّات في المجال السّردي.
3 ـ جهل بعض النقاد بالمعرفة السّردية.
4 ـ نحت المصطلحات بحسب الميول الشخصية عن النظريات التي يتعامل معها النقاد.
وفي الاقتراحات أشار سعيد يقطين إلى جملة من الحلول أبرزها:
1 ـ الميل إلى الأسهل والأيسر من المصطلح العربي المقترح.
2 ـ لا جرم من طواعية المصطلح العربي وتماشيه مع الصيغة والوزن العربيين.
3 ـ إعطاء الجانب المعرفي ما استحقه من العناية.
4 ـ التخصص.
5 ـ ممارسة العمل الجماعي.
(/)
أما الباحث فاضل ثامر، من خلال وقوفه على مصطلح سرد في الفضاء اللسانياتي والسيميائي، فقد ترجم إلى اللغة العربية مجموعة من المصطلحات، مراعياً خصوصية المصطلح النقدي العربي الحديث، الذي يواجه أعقد وأوسع الإشكاليات، من ذلك ترجمته لمصطلح السردية عن: Narratology من اللغة الإنكليزية، مقرّاً بالمقابلات المصطلحية الأخرى التي صاحبته مثل: علم السّرد، السرديات، السّردية، نظرية القصة القصصية، المسردية، القصيات، السردلوجية، الناراتولوجيا12. وهي مقابلات تعتمد معياري الترجمة والتعريب الجزئي والكلي.
وفي ذات المرجع (اللغة الثانية) ترجم المتن الحكائي Sjuzlut والمبنى الحكائي. عن Fabula، وصلتهما بثنائية القصة Story والحبكة Plot13، واقفاً على شتى وجوه الاضطراب والخلخلة وعدم الاستقرار، ومقترحاً مجموعة من الحلول.
ومثل هذا التداخل لدى يقطين وفاضل ثامر، يلفيه الدّارس لدى أغلب المترجمين والنقاد العرب، في الخطاب النقدي الروائي،ويعكس استهتار بعض النقاد بأبسط القواعد العلمية المتبعة في هذا المجال، سواء عملاً بالإطار المرجعي المصطلحات المترجمة أم تجاهلاً للجهد العربي الجماعي. واجتهاداً في وضع المقالات العربية.
ولا أدلّ على ذلك ترجمة محمد خير البقاعي لمصطلح الصفة (Narratif) مرّة بالسّردي، ومرّة بِ "الحكائي"14 مقرّاً بأزمة المصطلح النقدي، لدى كلّ باحث عربي، وبالفوضى التي تشيع في النقد الروائي العربي، بسبب هذا التداخل المصطلحي.
أما الباحث عبد العالي بوطيب، فقد عالج إشكالية المصطلح في النقد العربي، مثيراً تجاهل بعض الباحثين لقواعد وضع المصطلحات الموضوعية في المجامع العربية بخصوص ذات المصطلح، (سرد) (Narratologie) التي حدّد لها ثلاثة مقابلات عربية هي: السّرديات، علم السّرد ونراتولوجيا15، من دون احتساب التنويعات المختلفة التي أوردت لفظ (سرد) بحكي وقصّ ورواية. مما أضفى على المصطلح فوضى مصطلحية عارمة.
(/)
ومساهمة منه في وضع القارئ العربي بشكل ملموس في إطار التحول السّريع والمتلاحق الذي يعرفه البحث العربي في هذا الجزء المعرفي الحيوي الخاصّ بالسّرديات، سواء على المستوى النظري أو في مجال المصطلحات، نقل عبد العالي بوطيب جملة من المفاهيم والمصطلحات إلى الشكل العربي من ذلك: السردية عن (Narrativitè) والنصّ السّردي (le texte narratif)16، وكلّها تدخل ضمن التّصورات النظرية لدى قريماس وكورتيس.
وأما الباحث حمادي صمود وضمن (مصطلحات النقد الحديث) فقد ترجم كلمة سرد عن اللفظة الفرنسية (Narration) مسوياً بين مصطلحتين هما سرد وحكاية17، ما يؤكّد أنّ الاختلاف في المصطلحات السّردية، مضمونها ناتج من الموقف الإيديولوجي لدى المنظرين الأوائل بخصوص ذات الإشكالية مثل: ج. كريستيفا وقريماس.
ومن خلال معاينتنا لوضع المصطلح الذي أشار إليه في الخطاب السيميائي، ترجم: محمد مناصر العجيمي مصطلح (Narrativitè) بالسّردية18، ثم المرزوقي وجميل شاكر مصطلح (Narration) بالسّرد Narratologie بنظرية القصة ثم Narrativitè بِ: القصصية19، ثم ترجم قاسم المقداد، مصطلح Narratologie تارة بالتحليل السّردي وأخرى علم السّرد
القصصي20، وإبراهيم الخطيب في الحكي مقابلاً لِ:21 Narration وميشال شريم: بالإخبار مقابلاً لِ: Narration22، وسعيد علوش علم السّرد مقابلاً لِ: Narratologie23، وعبد السلام المسدي، بالسّرد والمسردية والسّردية لذات المصطلحات24، ثم أنور المرتجى، بعلم السّرد لِ: Narratologie25، ثم صلاح فضل بعلم السّرديات لِ: Narratologie26.
وبين اللفظتين سرد وحكي:
(/)
فإن مفهوم السّرد يندرج ضمن المفاهيم المستحدثة في الساحة النقدية العربية، استعمله النقاد ليكون المفهوم الجامع لكلّ التجليات المتصلة بالعمل الروائي أو الحكائي، وتأتي أهميته باعتباره مصطلحاً وجنساً يستدعي أن تكون له أنواع، كما يستدعي أن يكون له تاريخ، وأي تفكير في أنواعه وتاريخه لا يمكن أن يؤدي دوراً هامّاً في ترسيخ الوعي به واتخاذه موضوعاً للبحث الدّائم.
وفوق كلّ ذلك، أثار عبد الملك مرتاض مفاهيم نقدية من شأنها أن تضيف نقلة جديدة إلى الدّراسة السردية المعاصرة، بين هذه المصطلحات: ترجم مصطلح السّرد عن اللفظ Narration، والسّردية عن Narrativitè، والسّردانية عن Narratotologie27.
والمصطلح الأخير هو إطلاق شخصي يقوم مقام مصطلح (علم السّرد) الذي لا يصطنعه إلا قليلاً حيث أشار أنّ "السر دانية" أو علم (السّرد) هي الأدوات العلمية التي يتسلمهما الباحث من أجل الكشف عن سرّ العمل السّردي"28.
كما يمكن الإشارة إلى إيثار عبد الحميد بواريو ترجمة مصطلح
(Anecdote) بحدّوثة، وهي كلمة شائعة في اللهجة المصرية، والقريبة من مصطلح حكاية. Le conte، أما مصطلح قصة فقد استخدمه للدّلالة على لفظ Rècit، ومصطلح سرد narration مشيراً "ويجدر التنويه أننا استخدمنا هذا المصطلح ـ الأخير ـ أيضاً في صيغة ألسنيه "حدوثي" "في العديد من المواضع"29.
2 ـ خطاب/ نصّ
إنّ مصطلح خطاب من المصطلحات التي ولجت في الدّراسات النقدية الحديثة، وأصبحت أكثر تداولاً لدى النقاد المعاصرين العرب، نتيجة احتكاكهم بالتيارات النقدية العالمية، ورغبة منهم في تجاوز المفاهيم التقليدية، والسعي إلى آفاق المعرفية العلمية، ومحاولة تجاوز الإشكالية التي طرحها مفهوم (نص) من النصوص النقدية.
(/)
فيحيل مفهوم النص ـ كما ورد في المعاجم العربية ـ على معنى الظهور والارتفاع والانتصاب وهو في معجم (لسان العرب)، يحمل دلالة الرفع حيث ورد نص الحديث ينصه نصاً، رفعه وكلّ ما أظهر فقد نُصّ... ويقال نصّ الحديث إلى فلان أي رفعه... والمنصة ما تظهر عليه العروس لترى، وكلّ شيء نصص فقد أظهره، وهناك لفظ النصّ والنصيص أي السير الشديد والحث، وأصل النص أقصى الشيء وغايته30.
ويعني المصطلح في موضعٍ آخر لدى ابن منظور التحديد حتى يستخرج أقصى سير الناقة31، ومنه نصت الدابة السير إذا أظهرت أقصى ما عندها.
وكان الزمخشري ضمن سلسلة طويلة من الأصوليين، الذين كان لهم الفضل، في لفت الأنظار إلى دلالة المصطلح، فقد قرّر لغة، أنّ المصطلح يعني الارتفاع والانتصاب حيث أنّ الماشطة تنصّ العروس فتقعدها على المنصّة وهي تنصّ عليها أي ترفعها، ونص فلان سيداً كنص، ونصصت الرجل إذا أخفيته من المسألة ورفَعته إلى حدّ ما عنده من العلم حتى استخرجته، وبلغ الشيء نصّه أي منتهاه32.
وكان الشافعي يرى أن النصّ: خطاب يعلم ما أريد به من الحكم سواء كان مستقلاً بنفسه أو علم المراد به يغيره نافياً الاجتهاد في النصّ وقابلاً الاجتهاد من النصّ"33. وبذلك فإنّ النصّ لدى أغلب الأصوليين، يقترن بالتعيين ونفي الاحتمال، واستبعاد التأويل، وإلغاء أي دلالة حافة يتضمنها المفهوم، وظهوره في الثقافة العربية، ظلّ يواجه فعالية الوصف والاستقراء، والتحليل، فما يتصل بأدلّة الأحكام من قرآنٍ وحديث، لكونهما نصين مقدّمين، ثم امتدّ ليشمل الأدب كضرب من ضروب الإبداع.
أمّا مصطلح (خطاب)، وحيثما ورد في تضاعيف المعاجم العربية، فهو يحيل على الكلام34، وقد استمدّ دلالته المذكورة من السيّاق الذي ورد فيه القرآن الكريم، قال تعالى: )وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَة وَفصْلَ الخِطَابِ(35. وفي قوله عزّ وجلّ: )فَقَالَ أكْفُلْنِيْهَا وَعَزَنِّي فِي الخِطَابِ(36.
(/)
ويورد الزمخشري تفسيراً في فصل الخطاب بأنه الكلام المبين الدّال على المقصود بلا التباس"37، وهو موسوم بالبيان والتبيان، وتجنب الإبهام والغموض واللّبس، فخلق بين المصطلحين (كلام وخطاب) تلازماً يوجب الكثير من الاستقصاء والفحص الدّقيقين.
أمّا ابن جني، فقد عرّف الكلام، بأنّه لفظ مستقلّ بنفسه، مفيدٌ لمعناه، معتبراً أكمل داخل سياق الكلام هي الأخرى وحدات مستقلة على اختلال تراكيبها. وهو مذهب الشريف الجرجاني من الحديث عن المعنى المركّب. والآمدي الذي خصّ الكلام بمعنى الخطاب ثم التهانوي الذي دلل على الأصول الشفاهية للمصطلح، محاولاً إخراج لفظ الخطاب من كلّ ما يعتمد على الحركة والإيحاء والإشارة كوسائل للإفهام، كما أخرج أيضاً المهمل من الكلام، وكلّ كلام لا يقصد به في الأصل إفهام السّامع.
وعليه، فإنّ تحديد تعريف دقيق لدى الأصولية لمصطلح (الخطاب)، وفي الثقافة العربية، يقتضي بعض التريث، ذلك لأنه مصطلح شامل يتّسع لكثير من الدّلالات، فضلاً على اتساع المفهوم ليشمل كلام الله، ويشمل دلالات أخرى حافة. وهكذا اتضح أنّ هذه المادّة (نصص)، ذات معانٍ متعدّدة أهمها أربعة: هي الرفع والحركة، والإظهار وبلوغ الغاية.
وفي المعاجم العربية الحديثة يعدّ مصطلح (نصّ) أكثر المفاهيم تناولاً، فقد أورد صاحب معجم (الرائد) عشرة معانٍ لفعل (نصّ) هي نصّ على الشيء، حدّه، ونصّ القول أو الفعل: رفعه وأسنده إلى صاحبه، ونصّ الشيء: رفعه وأظهره، ونصّ العروس: أقعدها على المنصّة، ونصّ المتاع: جعل بعضه فوق بعض، ونصّه: استنصّ عن الشيء حتى استخرج ما عنده، ونصّ الناقة: استحثّها لتسرع، ونصّ عنقه: نصبه، رفعه ونصّ الشيء:حرّكه ونصّ الشيء: ظهر38.
(/)
وهناك تعريفات تختلف في دلالتها وتتفق حسب اجتهادات أصحابها وتوجّهاتهم من جهة، وحسب تطورات المصطلح من جهة أخرى، من ذلك النص يحوي دلالتين في "المعجم الأدبي" الأولى: كلام لا يحتمل إلا معنىً واحداً مكتوب أو مطبوع39، والنصّ هو الأصل والجوهر، وهو مختلف عن الكلام، لأنه فرع وهامش مفهوم بالخطأ.
وفي الثقافة الغربية فإن الحفر من الأصول اللغوية الاصطلاحية لِ: الخطاب والنصّ، ليس مردّه إلى النظم المرجعية التي استمدّت منها المفاهيم وجودها، وحسب، وإنما اختلاف نقد المعرفة التي كانت محضناً مباشراً لكلّ مصطلح، وموجّهاً لدلالته في الثقافة المذكورة.
من هذا المطلق، تحيلنا بعض المعاجم إلى مفهوم الخطاب الذي يحتوي أحياناً النص ويضعه في نطاق أوسع، فلا يعزله عن شروط تلفظه وتداوله في مجالٍ حيوي نشيط40. وهو في معجم اللسانيات (لجان ديبوا) Jean du bois، يعني الكلام (Parole) كمصطلح مرادف للملفوظ (ènoncè)41.
أما مصطلح نص في اللسانيات، فهو مقابل للدّلالة اللغوية Texte، يدلّ على النصوص والمتون العائدة لمؤلّف ما، كما يحيل على النسج، بينما دلالته الاصطلاحية تحيل على سلسلة من الكلمات تؤلّف تعبيراً حقيقياً في اللغة.
وقد أورد الباحثان قريماس وكورتيس ضمن ـ المعجم السيميائي المعقلن ـ مصطلحي الخطاب والنصّ مترادفين، ووفق معنى أحادي موحد. للدّلالة على أحكام سيميائية غير لسانية، وذهبت النظرية السيميائية إلى عدّ الخطاب جهازاً ذو مستويات الواحد فوق الآخر42، وفي ضوء هذا التحديد السيميائي أمكن تلخيص جملة من الملاحظات أهمها.
1 ـ أن النص استخدم في اللسانيات للدّلالة على كلّ مكتوب أو ملفوظ مهما كان حجمه.
2 ـ إن النص وحدة لغوية وليست نحوية مثله مثل العبارة أو الجملة.
3 ـ دلالة الخطاب والنص واحدة.
(/)
أمّا في المعاجم اللغوية الفرنسية الموسوعية، فإنّ كلمة Discours ذات أصل لاتيني (Discursis) والنصّ (Texte)، يطلق على المتن، جمع نصوص، متن، متون43. وفي غير ذلك إن النص رد فعل اللغة نتيجة عمل أي (نسيج)44، يطلق النص (Texte) على الكتاب المقدّس أو كتاب القدّاس، وهو في اللاتينية (Textus)، وتعني النسيج (Tissu) أو (Trame)، كما تعني منذ العصر الإمبراطوري ترابط حكاية أو نصّ45، فيتحوّل بذلك النصّ إلى منظومة عناصر من اللغة أو العلاقات، تشكّل (مدوّنة) أو نتاجاً شفهياً.
أما جورج مونان، في مساق حديثه عن دلالة النصّ التي تقترن بضرب من تركيب الألفاظ أو الكلمات، فقد أشار إلى دلالة المصطلح، التي تحيل على سلسلة متتابعة من العلامات اللفظية أو الإشارات الكتابية التي تنتظم في سياق يبرز تجانسها فذهب إلى اعتبار النص معادلاً للمتن كما هو معادلٌ للملفوظ "لا يعني إلاّ وثيقة مكتوبة وحدها بل كلّ المتون التي يستعملها اللغوي أو الألسني"46.
وفي الثقافة الفلسفية وضمن أدبيات النقاد الغرب، فإنّ مصطلح خطاب برز في كتاب ديكارت خطاب في المنهج، للدّلالة على الخطاب الفلسفي في العصور الوسطى، وهي المرحلة التي سبقت عصر النهضة، وسرعان ما أصبح الخطاب في العصر الحديث يشكّل موضوعاً في الفكر الفلسفي الغربي والسيميائيات الحديثة.
من ذلك، عناية ميشال فوكو (M. Faucault) بهذا الجانب، معتبراً المصطلح أنموذجاً فلسفياً يلج مجال المعرفة العقلية التي تُعدّ الموجّه الأول للثقافة الغربية في مختلف مظاهرها الأساسية, ومقراً بأنّ الخطاب لا بدّ أن يكون منظومة لغوية أو فكرية، وهو يتحدّد من القواعد التي تميّز مجموعة من المنظومات التي تنتظم داخل الممارسة النظامية، منظومة تسمح بتكوين مواضع البحث وتوزيعها، وتحدّد أنماط القول ولعبة الاحتمالات النظرية.
(/)
وأما هذا الكمّ الهائل من التحديات، فإنّ تعريفات أخرى عكست وجهة النظر الخاصّة بالمعرفة والمرجعيات الفكرية التي انطلق منها كلّ باحث، ولا أدلّ على ذلك التعريف القائل بأنّ "النصّ هو ما تنقرئ فيه الكتابة، وتنكتب في القراءة"47.
ويرى بول ريكور (Paul Ricoeur) أنّ النصّ، خطابٌ تمّ تثبيته بواسطة الكتابة48، أي أنّ النصّ ما نكتبه وما ندوّنه، وهي نظرة تلتقي مع وجهة نظر رولان بارط حين أقرّ مصطلح النسيج49، بمعنى أنّ النصّ يضع نفسه باستمرار، وهو نسيج كما تنسج العنكبوت نسجها في شبكة متلاحمة منضدة.
وهكذا، فإذا كانت بعض الدّراسات النقدية، تحدّد مصطلح "خطاب" بأنه "مقولة من مقولات علم المنطق، تعني التعبير عن فكر مستدرج بواسطة قضايا مترابطة"50 وكانت بعض المعاجم المختصة سيميائياً، تعدّه مرادفاً للنص
(Texte) وهما لفظتان تدلان على أحكام غير لساناتية"51 فإن الدّارس لرحلة المصطلح (خطاب) عبر مراحل تطوّره، يقف على محطات أساسية في مظهراته لدى الباحثين السيميائيين العرب، بدءاً من مرحلة التخلص من الترجمة الحرفية (النقل) إلى التعريب إلى الاشتقاق إلى الابتكار والإحياء.
من ذلك، فقد خطا الباحث عبد السلام المسدي، خطوات هامّة، في تحديد علاقة حفريات المعرفة بخصوص مصطلح خطاب، فعالج مجموعة من المصطلحات المتقاربة والمتنائية في آنٍ واحد، فذكر مصطلح الملفوظ
(?noncè) أو الجملة أو النص مهما كان نوعه وشكله كمرادفات لمصطلح خطاب"52.
وأما مصطلح الملفوظ، في اعتقاده، فهو "جملة ما يتلفظ به الإنسان ويكون محدّداً ببداية ونهاية كأن يكون محصوراً بين سكوتين في الخطاب الشفوي أو بين علامات ابتداء وانتهاء في الخطاب المكتوب، والملفوظ، وبذلك يكون جملة أو فقرة أو نصّاً"53.
(/)
ثم أضاف، إذا كان الخطاب كياناً عضوياً يحدّده انسجام نوعي، وعلاقة تناسب قائمة بين أجزائه فإن اللغة مفهوم كلّي واللسان مفهوم نمطي والكلام مفهوم إنجازي54، والمدونة هي اللغة الموضوعة والخطاب اللساني المستنبط منها هو اللغة المحمولة، فتلك بنية قائمة، وهذه بنية مشتقة55، وهو بذلك أراد الاقتراب في جملة هذه المصطلحات ـ من المقولة التي تعدّ اللغة جنساً واللسان نوعاً والكلام شخصاً.
وبين المصطلحين خطاب ونصّ، ذهب الباحث إلى الاعتقاد بأن النص يتعدّى مفهومه حدود الجملة أو الفقرة، له نظامه الخاصّ، قد يتطابق مع مجموعة الجمل أو يتعدّى ذلك إلى كتاب بأكمله.
أما محمد مفتاح، فقد صاغ مصطلح خطاب وارتضاه عنواناً لإحدى دراساته (تحليل الخطاب الشعري ـ استراتيجية التناص)، وبين المصطلحين خطاب ونص، ذهب إلى اعتبار النصّ، هو الأعرق والأقدم، روجت له الدّراسات القديمة، وعرف تعريفات عديدة تعكس توجهات معرفية ونظرية ومنهاجية مختلفة بنيوية واجتماعية وأدبية ونفسانية ودلالية56، مضيفاً "أنّ النص مدونة كلامية، وحدث تواصلي تفاعلي مغلق وتوالدي"57، ووظف هذا المصطلح ضمن عنوان دراسته (دينامية النص).
وحين تلمس أكبر المؤلفات احتضاناً للمصطلحين (خطاب ونص) يشار إلى مؤلفه (التشابه والاختلاف)، حيث اعتبر فيه "أنّ هذين المفهومين إشكالٌ نال حظّاً وافراً، أو قليلاً من المهتمين بنظرية الأدب ونظرية القراءة بمختلف تجلياتها، نظريات تحليل الخطاب، ونظريات التلقي"58.
وتجلى وجه آخر لهذين المصطلحين، من خلال قراءته في بعض المعاجم اللسانياتية والسيميائية، التي أردفت بين مصطلحات مثل (النص والقول والخطاب والتلفظ) كمصطلحات متقاربة ومتغايرة59.
وبخصوص التفرقة بين المصطلحين، لخص محمد مفتاح الموقف فيما يأتي:
1 ـ أن النص "عبارة عن وحدات لغوية طبيعية منضدة متسقة،
وأن الخطاب عبارة عن وحدات لغوية طبيعية منضدة متسقة منسجمة"60.
(/)
2 ـ وقوله "ونحن نجعل الخطاب أعمّ من النصّ، فالتخاطب أعمّ من التناص"61.
وبذلك يكون الباحث قد أثرى القاموس النقدي المعاصر بجملة من المصطلحات الجديدة، موظفاً مصطلحات أخرى لم تحفل بها الدّراسات النقدية العربية والتي هي معظمها مصطلحات أنجلوساكسونية.
وفي الجهة الأخرى، ولما كان انتماء المصطلح إلى حقل معرفي محدد، منتجاً للمعرفة، خاضعاً لأطرها العامة الموجهة، خاض الباحث صلاح فضل في خصوصياته النقدية، نقلاً عن المنظرين اللسانياتيين والسيميائيين أوجد عدّة تحديدات أهمها: 62
1 ـ نقلاً عن فردينارد دي سوسير، عدّ النصّ إنجازاً فعلياً للغة من طرف متكلّم واحد، وعلى هذا الأساس فإن المفهوم ـ في اعتقاده ـ ينطوي على أنّ الرسالة المكتوبة متركبة مثل العلامة أو الإشارة اللغة، يضم مجموعة من الدّوال بحدودها المادّية من حروف متسلسلة من كلمات وجمل وفقرات وفصول.
2 ـ ونقلاً عن رولان بارط، اعتبر النص نظاماً لا ينتمي إلى النظام اللغوي ولكنه على علاقة وشيجة معه، علاقة تماس وتشابه في الآن ذاته.
3 ـ وعن جاك دريدا (J. Dèrida) اقترح محوراً جديداً للنصّ معتمداً على تاريخ الفلسفة بإلغاء التعارض بين المستمرّ والمنقطع، فالنصّ "نسيج لقيمات".
هكذا ومن خلال هذه القراءة لدى رولان بارط وسواه من السيميولوجيين استشف الباحث جملة من السمات هي:
1 ـ سمة تقاطع نص مع نص آخر.
2 ـ قوة التحول.
3 ـ اختلافات الدّلالات، واللانهائية ثم التحول.
4 ـ التعدّد الدلالي.
5 ـ لبوس النص لمؤلّفه.
6 ـ سمة الانفتاحية.
7 ـ لذة النصّ.
وفي مساق حديثه عن مصطلح نص (Texte)، وجد الباحث نفسه إزاء جملة من المقاربات التي قدّمتها البحوث البنيوية والسيميولوجية الحديثة، بينها "أن النص هو عملية إنتاجية، يتوفر على سمتين63:
الأولى: علاقته باللغة التي يتموقع فيها.
الثانية: تمثيله لعملية استبدال من نصوص أخرى.
(/)
ومن جراء هذه الملاحظات وأخرى مجتمعة، سوّى الباحث بين المصطلحين خطاب ونصّ، معتقداً أنه ثمة سمة أساسية أخرى للنص الأدبي شغلت الباحثين البنيويين والمهتمين بالأدب من التفكيكيين، وهي علاقة النص بالكتابة (?criture) وارتباطهما معاً بمصطلح خطاب (Discours)64. بحيث يعدّ الخطاب من هذا المنظور حالة وسيطة تقوم ما بين اللغة والكلام، وهذه السمة ذات أهمية خاصّة في عمليات الفهم والتأويل، أي في عمليات إنتاج النصوص وإعادة إنتاجها مرّة أخرى.
وسعياً وراء التسوية بين المصطلحين، تذهب الباحثة فريال جبور غزول في حديثها عن سيميوطيقا الشعر لدى م. ريفاتير، إلى اعتبار المصطلحين سلسلة من وحدات إعلامية متعاقبة65.
وقد ظهر التمييز بين الخطاب والنص، وبين الخطاب والكلام وسواهما من المصطلحات لدى نقاد آخرين، هكذا، وترجمة لمقولات "إيميل بنفنيست" استفاد سعيد يقطين من بعض التحديدات المفاهيمية، معضداً استراتيجيته ببعض الأسس التي تنتمي إلى أحضان الدّراسات اللسانياتية والنقدية الغربية بمختلف اتجاهاتها، محاولاً التمييز بين نظامين هما "الحكي والخطاب" فالتلفظ القصصي يحتفظ به في اللغة المكتوبة بينما الخطاب كتابياً وشفوياً، ومن ثمة ميّز بين التلفظ
(Enoncè) والخطاب (Discours).
وفي نفس الاتجاه، ميّز الباحث أحمد يوسف بين مصطلحات هي: الخطاب والكلام وسواهما معتبراً66 الخطاب. "ملفوظ شكل وحدة جوهرية خاضعة للتأمل، وما هو إلا تسلسل من الجمل المتتابعة التي تصوغ ماهيته، وهو مرادف للكلام، بيد أن الملفوظ وحده لا يحدّد الخطاب إلا إذا أضيفت إليه وضعية الاتصال67.
Discours = Situation de communication + ?noncè.
وفي مجال التمييز دائماً، ترجم الباحث سعيد علوش مصطلح الملفوظ
(?noncè) بمصطلح القول وعقد ترادفاً بين النص والخطاب68، شأنه شأن محمد بنيس69، وسواهما من النقاد.
(/)
أما مصطلح خطاب، فتكرر ذكره بقوة لدى باحثين مثل: حنون مبارك70، وتوفيق الزبيدي71، ومحمد عصفور72، ورشيد بن مالك73، وبشير إبرير74، على الرغم من أنّ، هذا الأخير قرن بين مصطلحات متناقضة جاء بها الدّارسون فدون الخطاب بأنه ملفوظ (?noncè) والتلفّظ (Enonciation) والنص Texte، وسوى محمد بنيس، بين المصطلحين خطاب ونصّ75.
وفي مجال الاستثناء، فإنّ أكثر الباحثين تناولاً للمصطلح في تقلبّاته وتشعبّاته هما: عبد الملك مرتاض وعبد الله إبراهيم:
فالأول: (عبد الملك مرتاض)؛ في مساق بحثه في أصول هذا المصطلح سجّل جملة من الملاحظات المفاهيمية نوردها في الشكل الآتي:76
1 ـ إنّ مصطلح "خطاب" مصطلح عريق من النصوص العربية القديمة، تبناه الألسنيون المعاصرون.
2 ـ إنّ "الخطابات" متعدّدة ومتلونة، فهناك الخطاب السّياسي والدّيني، والتاريخي والأدبي.
3 ـ إطلاق لفظ "خطاب" في الدّراسات الشعرية "ينسحب على "كلّ حسن الكلام الذي يقع به التخاطب (أي بين متخاطبين، سواء أكان شفوياً أو معنوياً"77.
ومن النماذج الأخرى التي اقتفاها الباحث في ذات المسألة، اشتقاق معن جديد منه، حين ترجم المصلح (Discursivition) و(Discurcicisation) بـ: "الخطبية" و"النصنصة" لأن هذا الأخير هو "مجموعة من الإجراءات التي ترمي إلى تشكيل مفهوم خطابي"78.
أما في مجال حديثه عن الازدواجية المصطلحية (خطاب) و(نصّ)، فقد أضاف الباحث جملة من الملاحظات:
1 ـ أنّ الخطاب "خصوصية النصّ ضمن الجنس الأدبي".
2 ـ أنّ النص أصدق دلالة من الخطاب، ذلك أنه "يطلق على وحدة من الكلام الأدبي مثل نص القصيدة، على حين أن الخطاب شمل مجموعة من الكتابات الشعرية"79. وفي ضوء ذلك نتخلص سمتين أساسيتين هما:
1 ـ حرصه على التفرقة بين المصطلحين (خطاب) و(نصّ) وذلك في اصطناعه لفظ (خطاب) عنواناً لبعض دراساته مثل (بنية الخطاب الشعري).
(/)
2 ـ ميله إلى عدم التسوية بين المصطلحين، مردّه إلى أنّ في هذا المذهب، سلوك مفضٍ إلى المغالطة80.
أما في مجال البحث في لفظة (نص Texte) لغوياً، ذهب عبد الملك مرتاض إلى القول بأنّ "النصّ في أصل الاشتقاق والوضع في معظم اللغات الأوروبية الحديثة يعني باتفاقها النسج... في الفرنسية (Texte)، والإسبانية (Texto)، والإنكليزية (Text)، والروسية (TEKta)، أخذ أصلاً من اللغة اللاتينية (Textus) ويعني اللغة المتينة، وكذلك النسيج"81.
وعليه حاول التسوية بين النص والنسيج من جهة كما حاول تجاوز تحديدات (قريماس) في ذات المسألة، على الرغم من أنّ مثل هذه التفرقة بين الخطاب والنسيج لم تسد مؤلفه (بنية الخطاب الشعري)"82.
أما خارج هذا الإطار المفاهيمي لكلمة (نصّ) من خلال تعامله مع مصطلح (خطاب) فقد اقترح مفاهيم جديدة مثل (الكلام الأدبي، اللغة الأدبية، لغة الكتابة الفنية ثم اللفظة الفنية) ترجمة للفظ الأخير (le langage)83، وفي موضع آخر اصطلح لفظ (اللانقاج)84. وذاك عين التأزم لأنه اقترح من قبل تسوية بين النص والنسيج، وفرّق بين الخطاب والنص بالقول: "الخطاب نسيج من الألفاظ"85.
صورة أخيرة لدى عبد الملك مرتاض، هي قوله بِلفظ (اللغة الفنية) مقابلاً للفظ الأخير (le langage)86، وهو يتعارض مع ما وضعه لمصطلح (Discours) من ذي قبل. وهكذا تتواتر أشكال مصطلح خطاب وشتى الصور لدى الباحث، وتتعدد معها التقلبات المصطلحية.
أما الثاني (عبد الله إبراهيم)، ـ وضمن مفكرة النقد والبحث ـ فقد خصّ المصطلحين خطاب ونصّ بكتابات مستفيضة، أهمها: المصطلح وظاهرة الانزياح الدّلالي ـ المحضن العربي الثقافي وإشكالية الازدواج الدّلالي في الخطاب والنّص، مبرزاً مجموعة من الملاحظات نوردها فيما يأتي:
1 ـ البحث في الأصول العربية حيث فيه ملتبس المفهوم لمصطلح الكلام، والخطاب مصطلح يقابل (Discourse).
(/)
2 ـ النص (Texte) في الثقافة الغربية يدلّ على أية فقرة ملفوظة أو مكتوبة، وهو يحيد على كلّ بناء نظري مجرّد، ودلالته ودلالة الخطاب واحدة.
3 ـ الخطاب في الفلسفة العربية، ميدان تختلف فيه على نحو دائم ثنائية الكلمة والشيء.
4 ـ النص من الأصول: يحيل على معنى الظهور والارتفاع. لا يحيل على أي ضرب من التعبير الأدبي (الإنشائي) المخصوص من الكلام، مقترن بالتعيين ونفي الاحتمال.
5 ـ الخطاب والنص رديفان مساهمان في تكوين المعرفة.
أخيراً، وفضلاً على هذه المراهنات في خصوصيات المصطلحين، فإن الأمر الشاذ في الاستعمال، هو ما عثر فيه على ترجمتين (للخطاب) الأولى، لفريد الزاهي حين اعتبر اللوجوس Logos مصطلحاً متعدّد المدلولات، تارة يعني الخطاب وأخرى الفعل وأخرى الكلام87، والثانية لدى عبد الله إبراهيم، حين عرّف اللوغوس بأنه كلمة يونانية تعني الكلام أو المنطق أو العقل88.
في الأخير يمكن رصد ثلاثة تيارات كبرى تحرّك في رحابها النقاد عرب وعجم أجمعين وهي:
1 ـ التيار العربي الأصيل: ويختص بالمجال الثقافي العربي والإسلامي، ومن ممثليه البلاغيين والأصوليين.
2 ـ التيار الغربي، ومن ممثليه، كريستسفا وبارط وم. فوكو وجاك دريدا في فرنسا.
وتيارات أخرى ضمن هذا التيار الذي من ممثليه الظاهراتيين أي فلاسفة الظواهر. أما آراء النقاد السيميائيين العرب فصبّت ضمن هذه الأطاريح والتيارات، مع تطويع المفاهيم وابتكارها بحسب الاجتهادات الفردية.
3 ـ 1 ـ في الشعرية: (Poètique)
الشعرية مصطلح من المصطلحات التي أثارها الشكلانيون الروس وبعثوا بها في النقد الجديد، عرفه العرب من قبل تحت أسماء مختلفة مثل: الشاعرية وشعر شاعر والقول الشعري والقول غير الشعري والأقاويل الشعرية، ثمّ شاع استحداث اللفظة في الدّراسات الحديثة89.
(/)
وقد اهتمّ النقاد العرب القدامى والبلاغيون بالكلمة الشعرية واشترطوا فيها أن تكون مستعذبة حلوة غير ساقطة ولا حوشية موضوعة فيما عرف أن تستعمل فيه، ومن ثمة نجد ضرباً من التفرقة بين أنواع الخطاب وأنواع معجمها إلى درجة أن ذهبوا إلى عدّ كلّ متكلّم شاعرٍ إلى حدّ ما. وعدّو كل إنسانٍ يتكلّم بلغة شاعرة في كلّ وقت.
وفي المعنى ذاته، أنّ اللغة ـ وإن كانت أداة خلق وإبداع مهمتها الإيصال ـ هي قبل كلّ شيء تعبيرٌ شعري يخلق جمالية في نفس القارئ، فعنصر الشعر موجودٌ إذاً في كلّ شكلٍ من أشكال اللغة، كما أنّ "شاعرية اللغة تتضح في تسمية الأشياء"90.
وأمّا الشعرية اليونانية فهي تمثل كلّ العمل الإبداعي (شعر وخطابة ونصوص) وكانت تقابلها التمثيلية والمحاكاة (المسرح مثلاً) وتسمّى
(Mimèsis).
ومن هنا جاء الإحياء الذي يقدّمه رومان جاكوبسون (R. Jakobson) وج. جنيت (G. Genette) فحاولوا إعادة تحديد الدّراسات الأدبية التي اعتبرت منذ القرن 19 غارقة في علم النفس، ومهتمّة أساساً بالإحالات التاريخية والجمالية لِ. هـ. تين (H. Taine)، وس. بيف (S. Piff)، ولانسون (Lanson)، وبواسطة الدّلائل الأدبية للحصول على نقد تحليلي حقيقي وليس جمعاً غالباً ما تكون عميقة ومفسّرة للعمل الأدبي91.
ثم إن رومان جاكوبسون هو الذي أوجد هذا المفهوم ووظفه ضمن مفاهيم وظائف اللغة الست، حينما عرض بعض قضايا الشعرية قائلاً: ما الذي يجعل من رسالة لغوية عملاً أدبياً92، مستفيداً في ذلك من نظرية كلود شانون صاحب نظرية المعلومات. وبغية استكشاف هذا الإجراء المنهجي أضاف الباحث أنّ "الشعرية حقل معرفي يقارب النصوص اللغوية، الأمر الذي يجعلها أكثر تناصية من منهجية اللسانيات، أو يجعل هذه الأخيرة أكثر نجاعة في تعاملها مع الشعرية93.
(/)
وإذا كان الباحث قد عالج نمطاً من الممارسات الدالّة، أي اللغة الشعرية، معتبراً هذه التسمية مشتملة على "الشعر" و"النثر" معاً94. فإن جان كوهين (J. Kohen) ـ من خلال تفرقته بين اللّسانيات والشعرية ـ ذهب إلى اعتبار المصطلح أي "الشعرية" "مجالاً يعالج شكلاً من أشكال اللغة، أما اللسانيات فتعنى بالقضايا اللغوية بشكلٍ عامّ"95.
أما مصطلح "الشعرية" في بعض المعاجم الأجنبية الفرنسية فقد ورد باسم "البويتيكا" (Poètique) التي تعدّ المنظومة الشعرية لكاتب ما أو لشاعر ما، لعهد ما أو لبلد ما، كما تعتبر أيضاً الانتقاد الذي يسلّط الضوء على عمل الكتابة الشعرية (أي آلية الكتابة الشعرية96. وهو في المعجم الألسني لجان ديبوا (J. Du bois) المختص ورد باسم (البوتيك) الشعرية لدى رومان جاكوبسون، وهي وظيفة من خلالها يكتسب الخطاب الأدبي مسحة جمالية وفنية، وفرعٌ من اللسانيات97.
فيما يذهب بعض الدّارسين إلى اعتبار مصطلح (Poètique) في صيغته الأجنبية لفظ تبوأ منزلة ريادية ضمن تيارات الحداثة النقدية لا سيما انطلاقاً من المدرسة الفرنسية الحديثة في المعارف الأدبية.
ومعلوم كذلك، أنّ الكلمة الدالة على الشعر في اللغة الفرنسية هي (بوازي) تعود عبر اللغة اللاتينية إلى اللغة اليونانية، والأصل التأصيلي في ذلك هو بوازيس، (Poèsis ou poèsis) ويعني على وجه التحديد عملية الخلق أي ما يعبّر عنه في مجاز لفظي بالوضع أو الإنشاء، وقد ظهر المصطلح الأول لأول مرّة في حدود سنة 1511م وكان يدلّ على فنّ الخيال الأدبي98.
أما المصطلح في صيغته الوصفية (النعت) بواتيك (Poètique) فقد تمّ اشتقاقه من اللفظ اليوناني بوايتيكوس (Poetic us, Poiêtikos) عبر الصيغة اللاتينية، يعود ظهوره في الفرنسية إلى عام 1402، ولم يتناوله الفرنسيون إلاّ في حدود سنة 1637 في صيغته الأنثوية99.
(/)
واستناداً إلى ما سبق، فإنّ المصطلح متعدّد الدّلالة، مفهومه غير قارّ، يصعب على الباحث تحديده، ثم إن مجالاته متباينة، وبحسب زاوية الاشتغال لكل ناقد، وفيما يلي نماذج في هذا التشاكل الدلالي والتعدّد المفاهيمي.
فعند الشكلانيين الروس، يعد رومان جاكوبسون "البويتيقا" علم الأدبية مصطلحاً مقابلاً للمصطلح لدى (ف. دي. سوسير) السيميولوجيا
(Sèmiologie) ويعتبرها جزءاً من علم اللسانيات، ومذهب دافع عنه رولان بارط (R. Barthes) حين ميّز بين موضوع اللسانيات وموضوع "البويتيقا" وهو القائل بالأدبية أي الوظيفة الشعرية أو موضوع الأدب: ليس هو الأدب، وإنما الأدبية (La (littèraritè) أي ما يجعل من عملٍ ما عملاً أدبياً.
ثم إنّ جاكوبسون يقول بالفهم الشكلاني لوظائف النصّ، ولحركته الدّاخلية، أي رفضه القول بالمكون السياسي والإيديولوجي للعمل الأدبي، والدّعوة إلى استقلالية فضائه بخلاف الماركسية القائلة بأنّ الفن ممارسة إنسانية اجتماعية، فلا بدّ من المطابقة بين السياسي والأدبي.
ولما كان المفهوم أقرب في هذا التنظيم من الفكر الفرنسي، فإنّ مصطلح "الشعرية" (Poètique) لدى تودوروف يهدف إلى العديد من المعاني بينها:
1 ـ إنه كلّ نظرية داخلية للأدب، أي اقتراح لبناء المقولات التي تسمح بالقبض على الوحدة والتنوّع.
2 ـ هو مجموع الإمكانات الأدبية أي الوسائل "التيماتيكية"
(thèmatique) والتركيبية والأسلوبية التي يتبناها كاتب ما.
3 ـ أو هو إحالة على كلّ الترميزات المعيارية الإجبارية لمدرسة
ما 100.
استناداً إلى هذا التصوّر، فإنّ ت. تودوروف، قرأ في "الشعرية" بحثاً في القوانين الدّاخلية للخطابات الأدبية، مستخلصاً القوانين أو المقولات التي تؤسسها وليست النصوص في ذلك إلا أدوات خاصّة قصد الوصول إلى الأدوات العامّة التي تكون مضمرة في بنية الخطاب الأدبي.
(/)
الأهمّ في كلّ هذا، أنّ بارط وتودوروف وكريستيفا يتفقون في الأخذ بمصطلح (Poètique) في صيغتيه الوصفية والاسمية في اللغة الفرنسية.
وحين البحث في الخلفيات المعرفية لهذا الأفهوم العيني (الشعرية)، وفي تشابك دلالته في النقد العربي المعاصر، جاز القول، أنّ مسيرة هذا المصطلح قد تشابكت في تقلبّاتها بين دلالة تاريخية وأخرى اشتقاقية وثالثة توليدية مستحدثة، وأن رغبة الالتصاق بالمعنى التأصيلي قد تنزع بالناقد العربي إلى تداول اللفظ معرّباً أي القول بِ (البويطيقا) وهو منزع سيزا قاسم (حول بويطيقا العمل المفتوح) قراءة في اختناقات العشق والصباح لإدوارد خراط ومحمد اسويرتي (بويطيقا البنية الروائية الجنونية)101.
وجاز اعتبار مصطلح "الشعرية" مجالاً رحباً تتدافع فيه الدّراسات والبحوث، أبرزها؛ استعراض الباحث ثامر الغزي، لعلاقات الشعرية بعناصر أخرى ممثلة على النحو الآتي102.
1 ـ الشعرية/الأدبية؛ وفيها اعتبر لأدبية (Littèraritè) موضوعاً للشعرية.
2 ـ الشعرية/ الأسلوبية.
3 ـ الشعرية/التأويلية.
4 ـ الشعرية/اللسانيات.
ومن خلال استعراضه هذه العلاقات والمفاهيم، آب الباحث إلى صنيع بعض النقاد من مثل: كمال أبو ديب، الذي أكد في المفهوم توفر خاصيتين أساسيتين هما: 103
ـ الخصيصة العلائقية.
ـ الخصيصة الكلية.
فالأولى تُجسّد في النصّ شبكة من العلاقات، والثانية، تعدّ الشعرية بنية كليّة ولا تعدّها على أساس ظاهرة منفردة.
وغير بعيد عن مثل هذه التمثلات النقدية المصطلحية، استعرض حسن ناظم مجموعة من المصطلحات العربية المتداولة مقابلاً للفظ الفرنسي (Poètique) حيث عرض مصطلحات بينها: الشعرية والإنشائية والبويطيقا، والبويتيك ونظرية الشعر وفن الشعر وفن النظم، والفن الإبداعي والإبداع، وعلم الأدب، ناسباً كلّ مصطلحٍ إلى صاحبه104.
(/)
ثم يضاف، أن جلّ النقاد العرب المعاصرين يذهبون إلى تعريب المصطلح قولاً لِ: بويطيقا وهمّهم في ذلك أنّ اللفظة لا تعني الوقوف عند حدود الشعر وإنما هي شاملة للظاهرة الأدبية ككلّ.
وقريباً من هذه التمثلات فإنّ عبد الملك مرتاض، وإن كان في كلّ مرّة يرفض القول بمصطلحات معرّبة مثل: البويتيكا والسيميوطيقا105، دون تقديم مبرر شاف لهذا الرفض، فإنه أمْيَل إلى مثل هذا الصوغ في بعض كتاباته، وهو مذهب نحاه كذلك عبد الله الغذامي في قوله بمصطلح البويطيقا106.
وبخلاف هذه الصياغات فإنّ الشائع لدى جلّ النقاد هو لفظة (الشعرية) ولا أدلّ على ذلك: منحى صلاح فضل خلال حديثه عن وظائف جاكوبسون107، وكاظم جهاد ضمن ترجمته لأعمال تودوروف108.
على الرغم من أنّ صلاح فضل، تفرد بهذه الصياغة مشيراً إلى لفظ الشعرية مقابلاً للفظ (Poètècitè) وليس (Poètique)، كمصطلح ترتب على طبيعة التحوّلات في نظرية اللغة من ناحية، وعلى تظافر الأفكار الجمالية المنبثقة الخاصّة بالمذاهب الأدبية والمناهج البحثية من جهة أخرى109.
ثم إنّ مصطلح (الشعرية) أصيل وأثيل في التراث العربي، وكذا في لغة بعض المعاجم المختصّة في الترجمة، في حين أنّ البوتيك تعني علم النظم (عروض) والشعرية (حين الوصف) قوامها كلّ كلام شعري ونظمي وفق وظيفة شعرية كما شيع لدى رومان جاكوبسون.
وضمن مساق آخر، فإن القول بالشعرية "عرف يتوازى مع استخدامات نقاد آخرين يصوغون من المادّة (ش ع ر)، مذهب عبد الملك مرتاض في قوله بأدبية الشعر والبويتيك أو الإنشائية أو الشعرية مقابلاً للمصطلح الأجنبي (Poètique)، والمصطلح ـ يقابل ما أطلق عليه الغربيون (الماء الشعري)110، يحصل عندئذ أن قيد الباحث في هذا المصطلح الكلامَ بالوزن والقافية للدّلالة على السمة الإبداعية.
(/)
بيد أنّ الاضطراب يبدأ في صياغة عبد الملك مرتاض حين نلفيه يقول مصطلح الشعرية مقابلاً لفظ (Poètècitè) كمفهوم يختصّ بجمالية الشعر ثم الشعرانية مقابلاً للمصطلح (Poètique) الذي ينصرف إلى نظرية الشعرية111. فينقض ما جاء به في كتابه، أي دراسة سيميائية تفكيكية جملة وتفصيلاً.
ويزداد اللبس المصطلحي لدى الباحث حينما نلفيه يستقر ـ على صيغة الجمع قولاً بمصطلح الشعريات ومقابلاً لِلفظ: (Poètique)112. فيشاكل بين مصطلحات مختلفة هي: (الشعرية، الشعرانية، والشعريات)، وفي اعتقادنا أنّ البون شاسع بين (la Poèticitè) و(Poètique)، لأن مصطلح الشعرية دال في ذاته على الجمع، فالقصيدة شعرية والقصائد شعرية. وصياغة الباحث في ذلك جمع على جمع لا جدوى منه وإن كان جائزاً من الوجهة النحوية.
وبنفس الصياغة من المادّة (ش. ع. ر)، والاسم النعتي بصيغة التأنيث، أورد محمد مفتاح مصطلحي "الشعرية" كمصطلح يروج في الدّراسات القديمة، فقرأ دلالات للكلمة غير منهاجها الفيلولوجي، انطلاقاً من آراء القدامى والمحدثين، ثم في الدّراسات الألسنية الحديثة، وترجم مصطلح (Poètique) عن "جان كوهين" وعن "ماري بلينة" في اللغة الفرنسية113.
ومن ضمن العناصر التي أوردها الباحث، وخاضت فيها الدّراسات القديمة وبعض التيارات الألسنية (المجاز) سواء عند القدماء أم لدى الشعراء مثل (بودليير) و(ملارميه)، وبعض الشعراء المتصوفة114.
ثم قرأ الباحث المفهوم (في النقد الأوروبي الحديث)، واعتبره امتداداً أو إحياءاً لتراثهم النقدي والبلاغي واللغوي، مستشهداً بقراءة رومان جاكوبسون ضمن تحديده لوظائف اللغة، وخالصاً إلى تعريف جامعٍ مانعٍ للشعر هو أنه "يقوم على خرق العادة المعرفية والتعبيرية115، ومتصل بقواعد ومبادئ جمالية، وطاقة متفجّرة في الكلام، فيه القدرة على الانزياح (L'ècart) ثم التفرد عن اللاشعر.
(/)
ويتواتر المصطلح بنفس الصياغة (الشعرية) لدى نقاد آخرين، بينهم: قاسم المقداد116، وسعد الدين كليب117، وأحمد مطلوب118، ولدى باحثين آخرين بينهم عثماني ميلود في قوله بالشعرية أو علم الأدب119، ومحمد برادة القائل بأنّ المصطلح "انعطاف لتقنية لفظية تتمثل في التعبير وفقاً لقواعد أكثر جمالاً120.
وقريباً من ذلك، أورد محمد بنيس جملة من المصطلحات المتقاربة والمتغايرة أهمها: شعرية (La poètique)، وشعري (Le poètique)، وشاعري (Poèticien)، وشاعرية (Poèticitè)121، مفرقاً بين المصطلحين شعرية وشاعرية، وترجم أحمد المديني المصطلح بالشعرية، نقلاً عن تودوروف122، وكاظم جهاد123، وشكري المبخوت124 عن الباحث نفسه.
ومن خلال قراءة استكشافية لأعمال جان (كوهين)، أقبل بعض النقاد المغاربة على نفس الترجمة، أي شعرية أبرزهم محمد الوالي ومحمد العمري125، قاصدين بالمفهوم معايير نظم الشعر ونظم الشعر وحده. وعلى ذات العرف الاصطلاحي، تواترت الصياغات لدى سعيد علوش، في عمله المترجم الرائد شعرية الترجمات المغربية للأدبيات الفرنسية"126.
وعلى خلاف هذه الأشكال المصطلحية المصوغة، أثار الباحث إبراهيم السامرائي وجهاً آخر من الاختلال والاختلاف في المصطلح، فأخذ بمصطلح "الشعرية" مقابلاً للفظ (Poèticitè) والشعرانية مقابلاً للمصطلح (Poètique)127، وذلك في خصومته النقدية مع عبد الملك مرتاض. وهي ملاحظة لا يتفق بشأنها نقاد آخرون مثل عبد السلام المسدي القائل بالشاعرية مقابلاً للفظ (Poèticitè)، ولم يقل غالبيتهم بالشعرانية مقابلاً لِ: (Poètique) أمر يجعلنا ندخل في خصومة على خصومة وكلام على كلام نحن في غنى عنهما.
(/)
وبنفس المجهودات حاول الباحث عبد الله الغذامي تبيئة المفاهيم والمصطلحات الغربية في الثقافة العربية بتحويلها وتغييرها وتطويرها لتتلائم مع الصياغة العربية، فترجم مصطلح (Poètics) بالشاعرية أو لا شعرية أو الإنشائية أو البيوطيقا128. أما مصطلح الشاعرية ـ في اعتقاده فهو مصطلح يعني به "انتهاك القوانين العادية ما ينتج عنه تحويل اللغة من كونها انعكاساً للعالم أو موقفاً منه، إلاّ أنها نفسها عالماً آخر وربما بديلاً عن هذا العالم"129.
ومثل هذا المسعى، يتحدّد أيضاً لدى محمد بنيس، في قوله بالشعرية مقابلاً للمصطلح (Poètique)، وكل كلام شعري بصيغة النعت (Poètique)، ويتحدّد مصطلح الشاعرية في المصطلح (Poètique)130.
وفي مقابل هذه المصطلحات المصوغة من نفس المادة (ش. ع. ر)، فإن جهوداً أخرى اهتمت بالجذر اللغوي، فأوردت مصطلح ـ إنشاء ومنه مصطلح إنشائية. مذهب عبد السلام المسدي، الذي اقترح مصطلح الإنشائية بديلاً عن "البويطيقا ـ لما في المصطلح من خلق وإنشاء، وهو "يهدف إلى ضبط مقولات الأدب من حيث هو ظاهرة يتنوع إشكالها وتستند إلى مبادئ موحّدة، فلا يكون الأثر الأدبي بالنسبة إلى الإنشائية سوى ممارسة تستجيب لمقولات الأدب وتتميّز نوعياً بما يغذي النظرية الإنشائية نفسها131.
وفي مثل هذا المذهب، اتجه بعض النقاد بينهم، الباحث توفيق الزبيدي إلى القول بمصطلح: الإنشائية والبوتيك132. ثم محمد مندور حين قال بمصطلح (الخلق) لمعنى الإبداع والإنشاء133 ونور الدين السد، في مصطلحات مثل: الإنشائية، صناعة الأدب والشعرية134.
ودائماً بخصوص مفهوم "النشأة" صاغ نقاد آخرون مقالات متعدّدة: فكتب عبد الفتاح المصري بحثاً بعنوان "الإنشائية في النقد الأدبي" ثم توفيق بكار (المنهج الإنشائي في تحليل القصص: تودوروف) وسواها من الترجمات التي راجت في أعمال تودوروف135، وعرفتها أعمال باحثين مثل: حمادي صمود ورشيد الغزي وكاظم جهاد وسواهم.
(/)
وضمن هذا الالتباس في وضع هذا الحشد من المصطلحات المتقاربة والمتغايرة في آن واحد، فإن نقاداً آخرين سعوا إلى وضع مصطلحات أخرى، مثل: فاضل ثامر حين قال بِ: نظرية الأدب، قضايا الفن الإبداعي، علم الأدب، صناعة الأدب)136، ومحمد عصفور في القول بلفظ: استيتقا اللغة، والمقصود مفهوم البويطيقا الذي يتضمن ذلك الفن المهمل، فن اللعب بالكلمات (Jeux de mots).
وبالرغم من هذا السيل الجارف من المصطلحات النقدية والمترادفات المصطلحية المترجمة والمنقولة والمعرّبة، وهذا الفيض من المداليل، فإنّه ليس بوسع أيّ باحث إنكار هذه المجهودات الجبارة التي بُذِلَت وتُبذل في مدارس لساناتية مشرقية ومغاربية. كما أنه لا يمكن أن تبقى هذه الاجتهادات رهينة التجريب والنشوئية، بل لا جرم من التأسيس الفعلي للمصطلح السيميائي واللسانياتي وما ذلك على نقادنا بعزيز.
3 ـ 2 ـ الانزياح:
يعدّ مصطلح الانزياح (L'?cart) من المصطلحات الشائعة في الدراسة الأسلوبية المعاصرة، كما قدمت غالباً في العالم الغربي، وعلم قائم بذاته متوفر على "نظرية متجانسة ومتماسكة" كونها "تستند إلى اللسانيات، واللسانيات الأدبية" على اختلاف تياراتها المتباينة طوراً والمتشاكلة أطواراً أخرى.
وربما يكون جان كوهين أول من خصّ هذا المصطلح بحديث مستفيض في مجال حديثه عن لغة الشعر138، كإحدى المحاولات النظرية الجادّة في حقل الدّراسات البلاغية والشعرية، من هذا المنظور وأخذاً بعين الاعتبار الشروط المعرفية والمنهاجية الصارمة التي تفرضها الشعرية على نفسها تحدث الباحث على الشعرية كعلم أو اتجاه جديد مثيراً نظرية الانزياح.
(/)
وبهذا الحصر، جاءت محاولاته ومحاولات منظرين آخرين لتقدّم الشعرية خطوة أولى نحو موطنها، وجاءت الخطوة الثانية لتميز بين الشعر والنثر. فقامت نظرية الانزياح لديه على مجموعة من الثنائيات ضمن استراتيجية الشعرية البنيوية. لا سيما في كتبه: بنية اللغة الشعرية الذي ظهر عام 1966 139 بحيث أثار فيه ثنائية المعيار/ الانزياح. L'?cart/ la norme مستمداً هذه المفاهيم من الأسلوبية الشائعة في فرنسا أسلوبية شارل بالي، شارل برونو، ماروزو، كيرو وسواهم من الذين يعدّون الأسلوب انحرافاً فردياً بالقياس إلى القاعدة.
وقد استلهم جان كوهين المفهوم ليعني به ظاهرة فردية خاصّة بأحد الكتّاب أو بأحد المبدعين140، أي هو انحراف الكلام عن نسقه المألوف، وحدث لغوي يظهر في تشكيل الكلام وصياغته، يمكن بواسطته التعرّف إلى طبيعة الأسلوب الأدبي، ويمكن كذلك اعتبار الانزياح هو الأسلوب الأدبي ذاته.
ثم إنّ جان كوهين يحسب المصطلح أكثر المفاهيم استعمالاً في مجال النقد السيميائي، فقرنه بلفظ آخر هو الانحراف (Dèrivation) قريباً من دلالة مصطلح الانزياح، على اعتبار أنّ ليوسبتزر هو القائل بهذا المفهوم.
وفي موضع آخر، تمثل الباحث مصطلحات أخرى، فزاوج بين الانزياح ومصطلحات مثل: الانعطاف Dètour، والمخالفة Infraction، والحذف transgression أو Violation141، ملخصاً الموقف في كون الانزياح يتجلى في خرق الشعر لقانون اللغة.
وقريباً من لفظ إنزياح لدى كوهن شاع مفهوم (العدول) لدى شارل بالي كمفهوم "يقع من الكلام على محور اختياره، إذ يحدّد الحدث الأسلوبي عنده بالغياب (in Absentia) وذلك بإحلال ظاهرة لغوية عاطفية محلّ أخرى عقلية منطقية من دون إخلال بالمعنى"142.
(/)
وبين المصطلحين، عدول وانزياح، في الاشتقاق اللغوي، فإن الأول مصطلح آت من المصدر عدل، بمعنى مال، ويقال عدل عن الطريق حاد، وعدل إليه، رجع143 والثاني من الفعل زاحَ ويعني الإبعاد والتنحي، زاحَ عن المكان زوحاً، وزواحاً، زالَ، زَاحَ الشيء زوجاً، أبعده وانزاح زَالَ وتباعَدَ.
ومصطلح العدول، شائع في التراث النقدي العربي، لدى النقاد والبلاغيين بحيث كان النحاة واللغويون قد أقاموا مباحثهم على رعاية الأداء المثالي، وسار البلاغيون في اتجاه آخر، فأقاموا كذلك مباحثهم على أساس انتهاك هذه المثالية والعدول عنها في الأداء الفني144.
من هذا المنطلق دارت مباحث الجميع على مباحث المعاني في كثيرٍ من جوانبها حول العدول عن النمط المألوف على حسب مفهوم أصحاب اللغة145 متمثلين الظاهرة في كونها تمثل الطاقات الإيحائية في الأسلوب.
أما في مجال الدّراسات العربية المعاصرة. فيمكن أن يكون عبد السّلام المسدي أول من استخدم المصطلح تحت اسم (الانزياح) ترجمة عن اللفظ الفرنسي (Ecart) ليعني به تارة التجاوز وأخرى العدول146.
وقد درس عبد السلام المسدي ـ ضمن الفصل الخامس من مؤلفه، الأسلوبية والأسلوب "ـ مفهوم الخطاب ومدى التعويل عليه في تعريف الأسلوب، مبرزاً أهمية الانزياح تحت اسم "الاتساع مقابلاً للفظ الأجنبي
(Ecart) الذي تبنى عليه الظاهرة الأسلوبية147، ومبينّاً مصطلحات أخرى لها علاقة بالانزياح من أبرزها: الانزياح (?cart) التجاوز (L'Abus) الانحراف (Dèrivation) الاختلال (distorsion) الإطاحة (Subversion) المخالفة (L'infraction) الشناعة (Scandale) ثم الانتهاك Le viol148.
(/)
بالجملة، فإن الناظر في خارطة النقد العربي المعاصر، يلحظ بيسر مدى اهتمام النقاد بأنموذج (الانزياح) وقد كان الاهتمام ضرورياً، وحظي بإجماع لدى سائر الدّارسين، فآثروه على سائر البدائل الاصطلاحية الأخرى، بحسب "معيار" الشيوع فترجم أغلبهم المصطلح ?cart عن الفعل ?carter.
من ذلك، فقد فضل في المغرب الباحث محمد العمري مصطلح الانزياح، منمذجاً المفهوم في ثلاثة عينات أهمها: انزياح في التركيب وآخر في التداول وثالث في الدّلالة أي العلاقة بين الدليل والواقع149، ثم عدّ المصطلح إجراءً لغوياً يجد بعداً مهمّاً في التراث البلاغي العربي، شأنه شأن المجاز والعدول والتوسّع150.
ومن خلال تطرّقه لنظرية الانزياح لدى جان كوهين خاض الباحث "نزار التجديتي" في هذا المفهوم ليصل إلى تحديد مفهوم استراتيجية الصورة الشعرية عند كوهن، انطلاقاً من توظيفها للإنزياح ثم حدّد الثنائية التي يقوم عليها هذا المفهوم.
1 ـ بنية الرّسالة.
2 ـ وظيفة الرسالة.
وحدّد مرحلتين في دراسة الانزياح هما: الوصف والتفسير والتحليل151 جاعلاً من الانزياح فرعاً من نظرية كبرى هي نظرية الشعرية.
وهي الصياغة التي ناقشها عبد الملك مرتاض ضمن معالجته لقصيدة (أشجان يمانية) وحدّد في ضوئها الانزياح بأنه "المروق عن المألوف في نسيج الأسلوب بخرق التقاليد المتواضع عليها بين مستعملي اللغة152. مشيراً إلى أنّ البلاغيين عرفوا المصطلح باسم التقديم والتأخير والاختصاص والحذف والالتفات.
أما مصطلح "عدول" من اللفظ (عدل) الجاري على ألسنة النحاة، كفكرة تشيع في البحوث الأسلوبية المعاصرة، فقد فضله عدد لا بأس به من الباحثين: بينهم حمادي صمود 153، وعد الله صولة154.
(/)
وفي الجهة الأخرى للمصطلح، اضطرب المعاصرون أشدّ الاضطراب في نقل مفهوم الانزياح إلى اللغة العربية، فاجتهد كلّ باحث في محاول الوصول إلى إيجاد بديلٍ عن لفظة الانزياح. فجاءت مصطلحاتهم تمت بصلة للتراث وأخرى مستحدثة. من ذلك: أن قال صلاح فضل بالانحراف155، وميشال جوزيف شريم156، وسعيد علوش157 بالفارق، ثم محمد بنيس بالبعد158، ويمنى العيد بالتبعيد159، واعتدال عثمان بالفجوة160.
وأجمع جل الباحثين على أنّ المصطلح أسلوبي مستحدث، يحمل مفهوم قديم يرتدّ في أصوله إلى أرسطو، وإلى من تلا أرسطو من بلاغيين ونقاد، أخرهم جان كوهين وسابقيه.
3 ـ المكان والزمان:
يظل حضور المكان والزمان في الخطاب الأدبي شعراً وقصة ورواية ضروريين وأساسيين، فلا يمكن عزلهما عن السياق ومحفل الكتابة. وهما يتفاعلان ويتبادلان التأثير، عنصران أساسيان في عملية السّرد القصصي، وإن زمن الرواية ليس هو زمن الساعة، وكذلك فإنّ مكان الرواية ليس هو المكان الجغرافي.
ورغم هذا التلازم بين هذين العنصرين فهما لا يفترقان، حيث أنّ المكان ثابت على خلاف الزمان المتحرّك، وهو في ثبوته واحتوائه للأشياء الحسية، إنه المجال الذي تخرج منه الشخصيات الروائية أو تزحف إليه بعد عجز أو إخفاق، وهو الحيّز الذي يكشف عن نظام الأخلاقيات، وهو الفضاء والفراغ والخيال "صورة أولية ترجع إلى قوة الحساسية الظاهرة التي تشمل حواسنا الخمس"
161.
على خلاف الزمان الذي يدركه الإنسان إدراكاً غير مباشر، فهو يجري في الإنسان وكلّ المخلوقات التي جاءت قبل الإنسان. وبه تعرف الموجودات، فهو جسر يربط بين الوحدة والتباين، فهو إذاً فاعلية معينة تتحدد حسب ظروف مرحلية، من هنا فالزمان الإنساني هو سيّد ما جاء من قبله من أزمنة جامدة حية.
(/)
لهذا، تجد في أغلب الدّراسات مزجاً بين العنصرين، ودراسة متداخلة لهما، بعدما بدا للجميع أنه من غير الممكن تناول المكان بمعزل عن تضمين الزمان، كما يستحيل تناول الزمان دون التطرّق إلى المكان كمظهر من مظاهره.
4 ـ 1 ـ المكان:
أما مصطلح (المكان) في اللغة العربية المعاجمية بينها (لسان العرب) مشتق من المكان والمكانة مكان في أصل تقدير الفعل مفعل. أما الدليل على أنه المكان مفعل هو أنّ العرب لا تقول في معنى مكان كذا وكذا، إلا مفعل والجمع أمكنة162، وفي قواميس أخرى يعني المكان موضوع كون الشيء وحصوله.
أما من الناحية الاصطلاحية فقد خاض الدّارسون في هذا المصطلح، كإطار تسير عليه الأحداث في الرواية، فتنبه غاستون باشلار إلى المسألة، في كتابه جمالية المكان مصرحاً "المكان ممسوك بواسطة الخيال ليظل محايداً، خاضعاً لقياسات وتقييم ما في الأراضي"163، ولم يجعل من المكان نتاج صياغة المؤلف في العمل الروائي، بل إنّ المكان يمارس صياغة المكاتب وشخوصه الروائية.
ومن ثم، أضاف، إذا كانت الرواية جنساً أدبياً مكانياً164 فإنّ المكان في الرواية يتخذ على حدّ تعبير بيتور butor المخيلة165. وعليه، تحول عنصر المكان لدى أغلب هؤلاء المنظرين إلى هندسة خارج النصّ.
ثم إنّ الحديث عن المكان بموجب رسم حدّ فاصل فيه ومصطلح الفضاء، يدفعنا إلى القول إن الحديث عن المكان في الخطاب الأدبي يجدر أن يقرّ ويعترف بالعلامة مع مكوّن أساسي هو الزمن، فكلّ تصوّر وتجسيد للمكان في محدوديته أو الفضاء في اتساعه لا يتم إلا بقول الزمن وإنما في الأفق الزمني.
(/)
ولذلك، فمصطلح الفضاء (Espace) المعمول به في الدّراسات السيميائية، والمتمثل في كونه موضوعاً مهيكلاً، يتكون من عناصر غير مستمرّة، لكنها منتشرة عبر امتداده وفق نظام مهيكل، يطلق عليه قريماس الفضاء الإدراكي وهو يقصد أن يتحول الفضاء في أيّ خطاب سردي مطابقاً لخطية النصّ وقريباً من هذا المصطلح (Espace) يعثر على مفاهيم لدى قريماس أبرزها: التحييز (Spatialisation) والبروكسيميكا (Proxèmique) ثم وصف الحيزية
(Description de la spatialitè) والمقولات الحيزية (Catègories Spatiales)166.
على أنّ مصطلح (Espace) في اللغة الفرنسية وSpace في اللغة الإنكليزية، وقد ترجم بصورة إحداهما المكان وأخرى الفضاء. وضمن تحديدات قريماس "هو الشيء المبني، يحتوي على عناصر متمفصلة، يتوفر على عنصر الامتداد، وهو بعد كامل ممتلئ"167.
أما مصطلح البروكسيميكا (Proxèmique) القريب من مفهوم (الحيز) أو (الفضاء) فهو مفهوم هدفه تحليل الموضوعات عبر الحيز168، واللفظة من استعمالات السيميائيين واللسانياتيين (Dieictiques)؛ وهو مصطلح يقوم مقام اسم الإشارة وظروف الزمان والمكان في اللغة العربية، وبذلك يغدو المفهوم السيميائي للمصطلح أوسع مما هو عليه في الدّلالة اللسانياتية.
وانطلاقاً من هذه المفاهيم المثارة في الثقافة الغربية فإنّ الباحث في الدّرس السيميائي العربي يصطدم بكثير من الاختلاف والتضارب في اصطناع هذا المصطلح النقدي. بين المشرق والمغرب، وبين أيّ ناقد وآخر في نفس البيئة الجغرافية.
بحيث ميز الباحثون بين المجال والمكان والفضاء والحيز والبيئة والفراغ وشتى المصطلحات، على الرغم من أنّ النقاد العرب لم ينتبهوا يومئذ إلى هذا المفهوم الذي كان شائعاً، في حقيقة الأمر بين النقاد الغربيين إلى حدّ بعيد.
(/)
من ذلك، فقد عالج حميد الحميداني مسألة المكان في الدّراسات الروائية، متطرّقاً إلى مجموعة من المصطلحات المتعلقة بالمفهوم مثل المكان الروائي والفضاء، والفضاء الجغرافي والفضاء الدّلالي، والفضاء النصي والفضاء بوصفه متطوّراً169. ثمّ أبدى ميلاً إلى عنصر المكان في الرواية، مذهب جلّ النقاد المشتغلين في الرواية. لما في مصطلح المكان من شمولية أوسع، لكونه يشمل المكان بعينه الذي تجري فيه أحداث الرواية بينما مصطلح الفضاء يشير إلى المسرح الرّوائي بأكمله، ويكون المكان داخله جزءاً منه170. وبذلك فصل بين المصطلحين المكان والفضاء.
كما حظي كلّ من الفضاء والمكان في الأعمال النقدية لدى عبد الملك مرتاض، لأن الفضاء في اعتقاد الباحث يتخذ في العربية الجارية مفهوم الجوّ الخارجي الذي يحيط بنا، ومن ذلك غزو الفضاء، والأبحاث الفضائية171.
ثم ذهب الباحث إلى التمييز بين المجال والمكان (Lieu) والفضاء (Espace) على النحو الذي يعنيه المصطلح الأخير في اللغة الفرنسية، بحيث يغطي المجالات الأرضة والسماوية والمائية ثم تحدث عن مصطلح الحيز الذي آثره بالاستعمال كمفهوم دال على الحركية الاتجاهية والخطية والطولية والعرضية معاً، سواء أكانت هذه أفقية أم عمودية أم مائلة172. وأما مصطلح المكان فيعني الجغرافيا، والفضاء يعني الأجواء العليا التي لا سيادة لأيّ بلدٍ فيها، والفضاء يعني الفراغ بالضرورة173. بينما مصطلح الحيز الذي تشبث به مرتاض قادرٌ على أن يشمل جلّ هذه المصطلحات اتجاهاً وبعداً ومجالاً وفضاءاً وجوّاً وفراغاً وامتلاءً.
(/)
وبغية للتعبير عن التفرقة بين المصطلحات حيز وفضاء ومكان أشار عبد الملك مرتاض إلى "أن مصطلح "فضاء" من منظورنا على الأقل، قاصر بالقياس إلى الحيز، لأن الفضاء من الضرورة أن يكون معناه جارياً في الخواء والفراغ، بينما الحيز لدينا ينصرف استعماله النتوء والوزن والثقل والحجم والشكل، على حين أنّ المكان نريد أن نقفه في العمل الروائي، على مفهوم الحيّز الجغرافي وحدهُ"174.
وعليه، فقد أقر ّعبد الملك مرتاض على أنّ مصطلح الحيز من ابتداعه دون سواه، والفضاء مصطلح شائع بين كثير من النقاد العرب المعاصرين175، وجديد في الاستعمال النقدي العربي المعاصر.
وقريباً مما أراده الفرنسيون من وراء مصطلح (Espace - temps) مزج الباحث بين تركيبتين هما (الزمان) و(المكان) مستحسناً لفظ (الزمكان)176 وقريباً من الاستعمال العربي الزمكاني، بحكم عدم القدرة على الفعل من شق الزمن والمكان.
وفي المقابل، سوّى بعض الباحثين بين مصطلح فضاء ومكان من خلال عمل الروائي الذي يرمي إلى بث المصداقية فيما يروى. فيجعل المكان في الرواية مماثلاً في مظهره الخارجي للحقيقية، وهو حين يفعل ذلك يوقف القارئ على "الصور الطوبوغرافية للمكان، التي تخبرنا عن مظهره الخارجي"177 فيتحوّل عمل الروائي إلى رسم صورة بصرية تجعل إدراك المكان بواسطة اللغة ممكناً. ثم يسم مؤلفه بعنصرين اثنين هما: (الفضاء والزمن).
ولزم التنويه إلى أنّ بعض النقاد مشارقة ومغاربة، يفضلون استعمال مصطلح المكان. دون الفضاء على خلاف ما ذهب إليه عبد الملك مرتاض. إذ حدّد جابر عصفور خلفيات المكان في مساق حديثه عن الصورة الفنية، هذه الأخيرة التي لا تتوافر إلا حين يكتسب المكان، "صفة سيميوطيقية من خلال إعطائه قيمة دلالية تميّز بين الظواهر المكانية التي لا تختلف بعضها عن بعض من الواقع"178.
(/)
ومن خلال ذلك، فإنّ الصّورة الفنية لدى جابر عصفور تتعدّى حدود الرؤية للمكان بعناصره الفيزيائية المشاركة الوجدانية179.
وبالتدرج إلى أدقّ التفاصيل، فإنّ الباحثة خالدة سعيد في كتابها حركية الإبداع، ذهبت إلى القول بمصطلح المكان "لكونه علامة في سياق الزمن، وهكذا يتخذ المكان شخصية زمانية"180 وتتخذ الباحثة مصطلح (الزمكان) نموذجاً للأخذ به.
كما أشار محمد برادة إلى العلاقة بين الزمان والمكان، وهي العلاقة التي تشخّص جدلية الواقع في الحياة181، مذهب وليد إخلاصي القائل بأن: "المكان عندي هو الزمكان، أي الزمن والمكان"182.
وخصّ باحثون آخرون المصطلح بأشكال أخرى من الصياغة أبرزها: البيئة لدى علي بوملحم183 وعمار زعموش184.
وعليه يمكن القول إنّ المكان والفضاء والحيز ألفاظ لمصطلح واحد دالّ على وعاء خارجي تزداد قيمته كلّما كان متداخلاً بالعمل الفني والأعمال الروائية التي تستخدم جغرافية الزمن. فهو السّطح والعمق، والأجواء قاطبة.
4 ـ 2 ـ الزمان:
لقد عرفت سائر المخلوقات الزمن قبل وجود الإنسان، وأنّ الموجودات تعرف بفضل عامل الزمان، فالزمان جسر يربط بين الوحدة والتباين، له فاعلية معينة تتحدّد حسب ظروف مراحله.
من هنا هنا "يعود الزمان إنساناً والإنسان سيّد الفوزيس (Phisis) بشطريهما الجامد والحيّ (Phusis. Bois). ويعد الزمان الإنساني هو سيّد ما جاء من قبله من أزمنة جامدة حيّة"185.
كما أن هذا المفهوم من أعقد المفاهيم تحديداً، وأكثرها تناولاً في الفلسفة والعلوم والرياضيات والأدب وهو في لغة المعاجميين مفهوم يقع على كلّ جمع من الأوقات مشتق من لفظ ومعناه من (الأزمنة) بمعنى الإقامة، ومنه اشتقت الزمانة لأنها حادثة عنه، فيقال رجل زمن، وقوم زمني186.
(/)
والزمن والزمان مصطلحان رديفان مترجمان عن اللغة الفرنسية le temps وtime في اللغة الإنكليزية وTemous في اللغة اللاتينية أو Tempo بالإيطالية، وفي لغة أفلاطون يعني مرحلة تمضي لحدث سابق إلى آخر لاحق.
أما الزمن الفلسفي فهو "كلّ ما يمضي، بالتعارض مع كلّ ما يبقى"187، على خلاف المكان لفظ لم يرد ذكره في القرآن الكريم، ولدى بعض الدّارسين فإنه "من المستحيل، تحديد مفهوم الزمن. "ولذلك عبّرت اللغة البشرية على تحديد هذا المفهوم، وعجز معها النقاد في ترجمته من اللغات الأجنبية إلى العربية.
والمقصود بالزمان ها هنا الزمان الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالمكان خاصّة من الناحية التاريخية، من ذلك فقد ورد المفهوم اللغوي للزمان في لسان العرب باعتبار أنّ: الزمن والزمان اسم لقليل الوقت وكثيره، وفي الحكم الزمن والزمان: حيث أورد أبو منظور مصطلح (الزمان) و(الأزمنة) ليعز به المدّة والدّهر، ثم الزمنة: البرهة من الزمن، وأشار الليحاني إلى (الزمنة) أي زمناً والزمتين (ساعة) وقال ابن الأثير بمصطلح الزمن والدّهر188.
من الناحية الاصطلاحية، يعدّ عنصر الزمن من العناصر الأساسية في بناء الرواية، إذ لا يمكن أن نتصوّر حدثاً سواء أكان واقعاً أم تخيلياً، خارج الزمن189 ولذلك فأفلاطون اعتبر العنصر ذاته أساس الوجود وعلته190.
أما بخصوص زمن القصّة وزمن الخطاب، فإنّ عنصر الزمن فيهما يعدّ من العناصر الفعالة، والرّكائز الأساسية في كلّ نصّ بغضّ النظر عن جنس هذا النصّ، حيث أنّ زمن القصّة لا يخضع إلى بنية معقّدة أو متداخلة بل يخضع للتسلسل المنطقي للأحداث191 في حين أنّ زمن الخطاب، فهو زمن لا يخضع إلى التسلسل المنطقي للأحداث192.
(/)
ولذلك، فقد قسّم الدّارسون الأزمنة المتعلّقة بالرواية إلى أزمنة خارج النصّ، أبرزها زمن الكتابة وزمن القراءة، وأزمنة داخلية ويوجد في عمل روائي على الأقل مستويان زمنيان هما: زمن القصّة أو الزمن المحكي، ثم زمن الخطاب أو زمن القول أو السّرد أو الحكي193.
وبالنظر إلى اعتبار الرواية فنّاً زمنياً أو عملاً لغوياً يجري ويمتدّ داخل النصّ، بحيث لا يمكن تخيل عمل روائي متخلّصاً من الانتظام الزمني، سعى النقاد العرب إلى ترجمة هذا المفهوم نقلاً عن اللغتين الفرنسية والإنكليزية.
فقد ترجم محمد رشاد الحمزاوي، مصطلح (الزمان) نقلاً عن اللفظتين الشائعتين: (Temps. Time) الاسم المنقول إلى الإنكليزية Time الدال على الماضي والمستقبل ولا وجود للحاضر، في حين أنّ الزمن temps-tense المقصود به الزمن النحوي الذي يعبّر عنه بالفعل المضارع تعبيراً لا يستند إلى دلالات زمانية فلسفية وإنما يبنى على استخدام القيم الخلافية بين الصيغ194، ومثل هذه التفرقة قليلة في أدبيات النقاد المعاصرين.
أما الباحث بسام بركة فقد ترجم اللفظة الأجنبية (temps) بالزمن، زمن الفعل، سواء في الماضي أم المستقبل أم الحاضر195. وهو تصنيف مخالف للتحديدات الأخرى التي تقصي الحاضر. ويقصي هو لفظ (الزمان) من قاموسه الألسني.
وفي ترجمة قاسم المقداد التي أثارت إشكالية الزمن في اللغة الفرنسية، أشار الباحث إلى مصطلح الزمن القواعدي. (Tomps grammatical)196 الشائع في لغة الملحمة. والزمن التاريخي (Temps Historique)197 عوضاً عن الزمن الأول. في حين ترجم لفظ (Temporalitè) في لغة كاسيرر بالزمانية198.
ومن المصطلحات المتوالدة والمتشاكلة مع مفهوم الزمن ترجم الزمن المروي عن (temps Racontè) وزمن الراوي عن (Racontant) والمدّة عن Durèe199.
(/)
أما الباحثة أمينة رشيد فقد أثارت عنصر الزمان باعتباره عنصراً من عناصر الرواية، له دوره الفعال في النصّ الروائي، شأنه شأن المكان، إذ للمكان دور مكمّل لدور الإنسان في تحديد دلالة الرواية. وتأطير المادة الحكائية وتنظيم الأحداث200. من ذلك يحدث التلازم من المكان والزمان فيأخذ الرواية تماسكها وانسجامها.
كما تحدّث عبد الملك مرتاض، عن هذا المفهوم، موضحاً ثلاثة حدود للمصطلح هي: التزامن والتعاقب والمدّة201، نقلاً عن جيرار جنيت معتبراً الزمن في ألطف دلالته "يحمل على معنى التراخي والتباطؤ، أي كأنّ حركة الحياة تتباطأ دورتها لتصدق عليها دلالة الزمن التي تحوّل العدم إلى وجود حسي أو زمن يسجل لقطة من الحياة في حركتها الدائمة، وديمومتها السرمدية202.
فالمفهوم لدى الباحث مجرّد غير محسوس، ويتجسّد الوعي به من خلال ما يتسلّط عليه بتأثيره الخفي عن الظاهر لا من خلال مظهره في حدّ ذاته. ويؤكد عبد الملك مرتاض على أنّ مفهوم الزمن من المفاهيم الكبرى التي خاض في رحابها العلماء والفلاسفة والرياضيون في الإجماع على تعريفها، وحجة ذلك قول باسكال أنه من المستحيل، ومن غير المجدي أيضاً تحديد مفهوم الزمن.
وهكذا يبدو لدى المشتغلين بعنصر الزمان شبه إجماع على المصطلح في صيغتين اثنتين زمان أو زمن لدى جلّ الباحثين السيميائيين. على خلاف عنصر المكان.
خلاصة وآفاق:
بعد هذه الرّحلة المضنية في شؤون المصطلح وإشكالياته المعقدّة، وما دامت تعلة النقاد العرب، وغيرهم من الباحثين تنصب على المصطلح السيميائي اتضحت لنا مجموعة من الخاصيات نوردها على النحو الآتي:
(/)
فمنذ البدء عرفنا كيف أنّ الأهمية المعرفية للمصطلح تزداد يوماً بعد يوم بوصفه بنية سيميائية ودلالية وتداولية مشتركة بين الثقافات واللغات المختلفة، وكيف أنّ المصطلح يمتلك حدوداً سيميائية ودلالية واضحة في لغاته الأصلية، ويتحوّل في اللغات المنقول إليها، وبطرائق وآليات مختلفة، إلى لغة تفاهم مشتركة بين الثقافات والشعوب.
ونسلّم بأنّ هناك اتفاقاً بين جلّ الباحثين على اصطناع ثلاثة حقول مصطلحية أساسية للمصطلح العربي، بوصفه علامة من نوع خاص، وجزءاً من التعبير اللغوي وقوّة تداولية ودلالية هي:
1) الحقل التراثي: ومنه اغترف النقاد مجموعة من المصطلحات السيميائية، وهو حقل هيمنت فيه سمة الوفاء للدلالة المصطلح ضمن مرجعيته الثقافية العربية القديمة، كما هو الحال عند النقاد القدماء والبلاغيين العرب، كما يتضح من خلال بعض القواميس اللغوية العتيقة، فضلاً على بعض الإفادة المصطلحية من التراث الإغريقي القديم.
2) الحقل الحداثي: زمن خلاله أبدى الباحثون العرب حرصهم على الإفادة من مصطلحات عديدة منجزة، سواء في الثقافة الأوروبية (الفرنسية) في مدرسة "قريماس" كما هو الحال لدى جلّ النقاد في المغرب العربي، أم من خلال بعض المصطلحات في الثقافة الأنجلوساكسونية، لدى (بيرس) وأقرانه، كما هو الحال لدى أغلب النقاد المشارقة. ما أفضى إلى ميلاد خصوصية المصطلح النقدي في أصوله الغربية المترجمة فضلاً عن خصوصيته في الموروث النقدي والبلاغي.
3) الحقل التوفيقي والإحيائي: وكان من نتائج صراع المناهج والمفاهيم والمصطلحات في العلوم اللسانياتية، سعى من خلاله النقاد إلى تجاهل بعض المصطلحات العتيقة وأخرى حداثية ثم محاولة توليد مصطلحات جديدة بطريقة اعتباطية أو انطباعية، يغلب عليها طابع الاجتهاد الفردي.
(/)
ومع مرور الوقت، لاحظنا كيف أنّ النقاد بدأوا يتخلّصون من الاتجاه المحافظ والتمسّك بالمصطلح البلاغي واللغوي، تحت ضغوط الاتجاهات النقدية الحديثة التي راحت تتخذ من النقد الغربي ومصطلحاته النقدية مثالاً لها. وراح المصطلح النقدي الأوروبي يجد سبيله إلى الخطاب النقدي العربي عن طريقة الترجمة تارة، أو عن طريقة التعريب الكلي أو الجزئي تارة أخرى.
والسمة التي وجدناها لدى أغلب الباحثين من الجيل الجديد، هي تداول المصطلح الغربي، والعمل على إشاعته، حتى حدث شبه افتراق بين الاتجاه التراثي والاتجاه الحداثي (الألسني). فبذلت خلال أواخر القرن الماضي جهود فردية وأخرى جماعية لضبط المصطلح النقدي واللسانياتي وضعاً وترجمة وتعريباً، وظهرت العديد من المعاجم الاصطلاحية الحديثة المساهمة في استقامة المصطلح السيميائي.
وفي المقابل، يتوصّل الدّارس في الجهود المصطلحية ـ من خلال هذه النماذج ـ إلى افتراق النقاد ضمن فريقين أحدهما، ينهل المصطلحات بقوّة من التراث، محاولاً وسم الحداثة الغربية بالقصور في المصطلحات والفقر. لأنها مصطلحات تتكدّس وتتعدّد في التراث النقدي العربي ومن أمثلة ذلك، السمة والعلامة، والتناص والإقونة، والسيميائية، والخطاب (النصّ) والزمان والمكان والانزياح. وثانيهما فريق اقتنع بأنّ البلاغة والنقد غير كافيان لفكّ ألغاز إشكاليات المصطلح اللسانياتي والسيميائي بوجه خاصّ، وكان من نتائج ذلك أن بدأ الباحثون يحرصون على إيجاد كثير من المترادفات المصطلحية العربية لمصطلح سيميائي غربي واحد، ففضلوا الترجمة والتعريب عن اللغات الأجنبية.
(/)
ونتيجة لتواتر الدّراسات والترجمات، هذه اصطدم جلّ الباحثين بصعوبات وعراقيل، وتراكمت المشكلات وتفاقمت الإشكالات المصطلحية، ولم تبق الخلافات مقتصرة على طرفي فريق التجديد وفريق التقليد بل ظهرت التناقضات المصطلحية داخل حدود الإقليم الواحد، في المشرق وفي المغرب، وداخل حدود البلد الواحد، بل حتى إنّ الخلاف والاختلاف صارا لدى الباحث الواحد وبناءً على وداعٍ ذاتية أكثر من المقتضيات العلمية والمنهجية.
وقد تراءى لنا أمام ضرورة ملحة وعاجلة، أنّ سمة الاضطراب من المصطلح السيميائي بشكل عام لها أسباب وعوامل يستطيع الدارس استخلاصها من خلال هذا الجرد المقدّم:
الأول: تعدّد المصطلحات بتعدّد الدارسين والمترجمين إلى درجة الفوضى والتسيب.
الثاني: نكران النقاد لجهود سابقيهم، وقطع الحوار والنقاش بخصوص اقتراح المصطلحات.
الثالث: عدم توحّد اللغات المنقول عنها رغم وحدة اللغة العربية، قواعدها واشتقاقها وتعريبها وترجمتها.
والرابع: صعوبة التمرس مع المصطلح السيميائي، ونقله إلى العربية، بسبب إنتاجه في بيئة غير عربية، ونقله بطرائق خاصّة ذاتية ومقابلات تتناس والفهم الخاص لكلّ ناقد أو باحث.
والخامس: تعارض المصطلحات المنتجة في بيئتها الغربية، وإنها عرضة للتحول والتغيير سواء لدى المعاجميين السيميائيين واللسانياتيين أمثال قريماس وكورتيس وجان ديبوا، أم لدى السيميائيين أمثال بارت وإيكو، وتودوروف وباختين وسواهم. أمرٌ أدّى ببعضهم إلى الإقرار بالصعوبة في إنتاج المصطلحات وتوليدها والاتفاق بشأنها. فانتقل هذا الخلاف إلى خلاف في البيئة العربية.
والسادس: اختلاف اللغات الأوروبية فيما بينها، الفرنسية والإنكليزية، المنقول عنها، وتعدّد الإطارات النظرية والاتجاهات المتباينة، ولذلك فالنقاد العرب يتعاملون مع لغات غير موحّدة في التطوّر والعمل، وفي تحديد المصطلح بشكل عامّ.
(/)
والسابع: تأسس المصطلحية السيميائية الجديدة تحت تأثير المصطلحية اللسانياتية، ولذلك فملامح المصطلح السيميائي العربي تكوّنت في سياق البحث اللسانياتي، المختلف المشارب والاتجاهات.
والثامن: اتساع طرائق وضع المصطلحات والألفاظ، بحيث سعى النقاد العرب إلى استيعاب العلوم والفنون، ثم استهدوا إلى طرائق وآليات في وضع وترجمة المصطلح. من البيئة الثقافية الغربية إلى رحاب النقد العربي أهمها: الاشتقاق، الترجمة والمجاز والتعريب، محاولة لرفع اللبس بينهم وبين نقادٍ آخرين. فتوحّدت آليات واختلفت المصطلحات المولدة.
والتاسع: توظيف مصطلحات ومفاهيم عديدة وجديدة، سواء من حيث بنيتها أم تركيبتها أم دلالتها، من دون مراعاة مدى توافقها مع المصطلحات المبتدعة لدى النقاد أجمعين، ما أفضى إلى توالدٍ مستمرٌ سلالي للمصطلح يوماً بعد يوم.
وتنضاف إلى هذه العوامل، مجموعة من الخاصيات في وضع المصطلح السيميائي أمكن إجمالها فيما يأتي:
1 ـ الحرص على تقديم بعض النقاد لمصطلحات أجنبية ومقابلاتها بأخرى عربية مع الأخذ في الحسبان دلالاتها الأفهومية، أمرٌ ظهر في مطلع الثمانينات، خلال مرحلة التحسّس، حيث نقلت مصطلحات مثل: بواتيك، سيميوطيقا، سيميولوجيا، سيميوتيكا، إقونة وإقون عبر معيار الترجمة الحرفية. وكانت رغبة الباحثين حينئذ، مسايرة التعابير الدّولية في استحداث المصطلحات ومحاولة التقريب بينها عند كلّ ضرورة.
للتوضيح، فقد نقل النقاد مصطلحات مثل: التفكيكية، الإقونة، نقلاً لغوياً واصطلاحياً من الثقافة الغربية الفرنسية والأنجلوساكسونية، كما هي في الاصطلاح الأجنبي، دون جهدٍ أو عناء. وكان مثل هذا الجهد ينسحب على غالبية النقاد العرب، أو بعضهم، في غياب تعاون علمي في شكليه الإقليمي والعربي.
(/)
2 ـ وفي المقابل، حرص بعض النقاد على توليد مصطلحات أخرى، مؤيدين المصطلح السيميائي العربي، عن طرائق الاجتهاد، فاصطنعُوا كثيراً من المصطلحات غير الشائعة في التربية العربية الحديثة، وبذلك أرادوا التعامل مع النص الأدبي بمصطلحات تراثية الروح حداثية المضمون (المادّة)، وظهر مثل هذا، في موادٍّ مثل (سيميائية، ابتداع، تقويضية، مماثل، مماثلة، مشاكلة، قراءة، قراءة القرءاة، وقول على قول...)، وغيرها من المصطلحات ـ وربما فعلوا ذلك استناداً إلى عوامل ثلاثة هي:
الأول: الرغبة في تجاوز الترجمة الحرفية الفجة للمصطلحات السيميائية.
الثاني: محاولة تجنب أي لبس دلالي في نقل المصطلحات.
الثالث: السعي لإخراج المصطلح العربي القديم من رتابته، مع الاعتماد على أساليب مثل: الدقة والإيجاز وسهولة المخرج والصحة النحوية واللسانياتية.
وفي الجهة الأخرى من نتائج هذا الفصل، يلاحظ الدارس سمة التخصص في المصطلح السّردي لدى بعض الباحثين مثل: سعيد يقطين وقاسم المقداد وسواهم، والخوض في جلّ المصطلحات والمساهمة في صياغتها بصفة مكثفة لدى آخرين مثل عبد الملك مرتاض وصلاح فضل، وعبد السّلام المسدي، وسواهم.
فضلاً، على استلهام المصطلحات من ثقافتين أوروبيتين: الأولى فرنسية والثانية أنجلوساكسونية، فانزلق الباحثون بخصوص ترجمة الموادّ المصطلحية بحسب هذين الاتجاهين. مما أحدث اللبس وأدخل الضيم على بيان ألفاظ اللغة العربية.
(/)
في الأخير، وبالنظر إلى هذه النماذج في المصطلح السيميائي، فإنّه يعتقد أنها لا تشكل إلا جزءاً يسيراً مما يوجد أصلاً في الثقافة العربية، وفي اللغات الأدبية، وإنّ مثل هذه الجهود التي بذلها النقاد في المشرق وفي المغرب حسب ذكرنا، هي بعض من كلّ، لا أول لها ولا آخر، فالتراجم متواصلة ومتزايدة والمصطلحات متوالدة مستمرّة، والناظر في علاقتها بالدّرس السيميائي، وما نجم عن ذلك من تقارض مصطلحي ومفهومي، لا يسعه إلا الاعتراف بدور هؤلاء النقاد الساعي إلى تقدّم هذا العلم (السيميائية وتعميق مفاهيمها).
لكن، السؤال المُلِحّ الذي يطرح نفسه في خاتمة هذه الملاحظات، هو إلى أيّ حدّ كانت الجهود اللغوية قد نجحت في سلبيات الخروج من مقتضيات البحث السيميائي الغربي وطبيعته، وإذا كان هذا التداخل المصطلحي قد أغنى الدراسة السيميائية وأفادها في تكوين مضمونها المعرفي، فما هي الاقتراحات التي تزيد هي الاقتراحات التي تزيد هذه الجهود قوّة ونماءاًَ؟
إجابة عن ذلك، ومن خلال كلّ ما تقدّم امكن اقتراح جملة من الحلول أبرزها:
1) العمل على وضع مصطلحية سيميائية خاصّة بالمصطلح العربي الموحّد، تراعي خصوصية اللغة العربية، مقبولة لدى المعاجميين والباحثين والنقاد.
2) إعادة النظر في المصطلح السيميائي واللسانياتي وعلاقته بالمصطلح الموروث في النقد والبلاغة العربية، مع صراعات المصطلح الحديث.
3) التأصيل للمصطلح السيميائي، وتحريره من التبعية المطلقة للصياغة الغربية وفي خزان اللغة العربية ما يفي بذكر.
4) إعادة فحص الرصيد الإصطلاحي لدى مختلف النقاد، المغاربة أولاً، ثم المشارقة ثانياً، وذلك بحسب سيرورة التداول، ثم توحيدها ضمن إطار عربي واحد.
5) تشجيع الثقافة المعاجمية والمصطلحية، وإخضاع مهمة توليد المصطلحات النقدية إلى رقابة علمية وإدارة، تتكفّل بها المجامع والهيئات العربية، تابعة للجامعة العربية.
(/)
6) تقنين الترجمة، وتركها لأهل الاختصاص، وليست الترجمة هنا ترجمة مصطلحات وحسب، بل نقل مقالات أو كتب من اللغات الأوروبية سواء كانت هذه المؤلفّات ذات طبيعة تنظيرية أم تطبيقية.
فيرجع المترجمون إلى المعاجم المتخصصة في اللغات الأصلية، ابتداءاً من القواميس اللسانياتية إلى القواميس السيميائية ثم المعاجم الفلسفية لما بين الحقول الثلاثة من تناصية.
7) تشجيع الباحثين العرب على العودة إلى التراث، والسعي إلى التوفيق بين المصطلح الأثيل والمصطلح الجديد، وبصفة جماعية.
8) التأكيد على صفة الاختصاص في مجال المصطلحية.
9) تشجيع المصطلحات الموسومة بجمالية ويسر في النطق، حتى تكون مقبولة لدى المتلقي.
10) الشروع في ممارسة العمل الجماعي، والتفكير في الوسائط والقنوات، للترويج للمصطلح بشكل عام. لأنّ المصطلح السيميائي واحد من المصطلحات الأخرى، وأزمتنا أزمة مصطلحية واختلافنا اختلاف لغوي. وكلما نجحنا في الإمساك بهذه المقترحات، أمكننا تأسيس ممارسة جديدة بناءاً على وعي مصطلحي جديد، واستنزاف لآفات جديدة وبعيدة.
***
هوامش الفصل الثاني
1. صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص384.
2. روبرت شولتر، السيمياء والتأويل ص187.
3. A.J. Greimas, courtes. J. dictionnaire raisonné de la theorie du langage. Tome1. classique hachette. Paris 1979.
4. إدريس الناقوري، الرواية المغربية، مدخل إلى مشكلاتها الفنية والفكرية.
5. فاطمة الزهراء أزويل، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، نشر الفنك، الدار البيضاء ص181.
6. سعيد يقطين، المصطلح السردي العربي، قضايا واقتراحات، مجلة نزوى ع21 السنة 2000 ص62.
7. سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي. ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، 1989 ص37 ـ 47.
8. المصدر السابق: ص62 ـ 63.
9. المصدر السابق: ص64.
10. سعيد يقطين، نظريات السرد وموضوعها، في المصطلح السردي، مجلة علامات (مكناس) ع6 سنة 1996 ص93.
(/)
11. سعيد يقطين: المصطلح السردي العربي ص10.
فاضل ثامر، اللغة الثانية، في إشكالية المنهج والنثرية والمصطلح في الخطاب الروائي النقدي العربي الحديث، المركز الثقافي العربي، بيروت 1994 (ط1) ص179 ـ 180.
13. المصدر السابق ص184 ـ 190.
14. محمد خير البقاعي، أزمة المصطلح في النقد الروائي العربي، مجلة الفكر العربي، شتاء 1996 ع83 ص17 ص83.
15. عبد العالي بو طيب، إشكالية المصطلح في النقد الروائي العربي، صحيفة الجزيرة، (الإنترنت) العدد 10815 بتاريخ الخميس 26 ـ 2002.
16. عبد العالي بوطيب، كرعاش والسيميائيات السردية، مجلة علامات، الجزء 22، المملكة العربية السّعودية، 1996 ص94 وما بعدها.
17. حمادي صمود، معجم مصطلحات النقد الحديث، حوليات الجامعة التونسية، ع5 15419771 ـ 155.
18. محمد الناصر العجيمي، في الخطاب السّردي، نظرية قرعاس، الدار العربية للكتاب: تونس ليبيا 1993 ص35.
19. المرزوقي وجميل شاكر مدخل إلى نظرية القصة، الدار التونسية للنشر، ديوان م. ج. تونس ـ الجزائر (د ت) 231 ـ 232.
20 ـ قاسم المقداد، هندسة المعنى ص17 ـ 52.
21. إبراهيم الخطيب: المنهج الشكلي نصوص الشكلانيين الروس، ط. مؤسسة الأبحاث العربية بيروت. 1982 لبنان ص225 أو الرواية المغربية، مجلة أقلام العدد 4 فبراير 1979 ص62.
22. ميشال شريم، دليل الدّراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدّراسات، بيروت، 1984 ص158.
23. سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية ص64 ـ 65.
24. عبد السلام المسدي، قاموس اللسّانيات ص201.
25. أنور المرتجى، سيميائية النص الأدبي ص33.
26. صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص136.
27. عبد الملك مرتاض، ألف ليلة وليلة، تحليل سيميائي مركب لحكاية جمال بغداد، ديوان م. ج. الجزائر 1982 ص48.
28. المصدر السّابق ص83.
29. جمال الدين بن شيخ، استراتيجية النص القصصي، ترجمة عبد الحميد بورايو، مجلة القصة، نادي القصة بالجاحظية، العدد 1 السنة 1996 ص11.
(/)
30. ابن منظور، لسان العرب، المحيط، ج4 (ق،ى) ص648 (المادة نصص).
31. المصدر السابق ص648.
32. محمد أديب صالح، تفسير النص في الفقه الإسلامي، ج، ص341.
33. ينظر، الشافعي، الرسالة، تحقيق وشرح محمد شاكر، المكتبة العلمية (د ت) ص14.
34. ينظر، الشافعي، الرسالة ص15.
35. سورة ص الآية 19.
36. سورة ص الآية 22.
37. الزمخشري، أساس البلاغة ص459.
38. معجم الرائد، مادّة (نصّ).
39. عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار الملايين، بيروت ط1، 1979 ص282.
40. أحمد بن حسن، المصطلح ونقد النقد العربي، مجلة الشعر العربي المعاصر، بيروت. ك2 شباط 1989 ص88.
41. Jean du bois et autres, Dictionnaire de Linguistique (Discours) P:57.
42. A.j. Greimas et J. courtes, semiotique Dictionnaire raisonné, op, cit. P:102-103.
43. J.b. belot, Dictionnaire Français- Arabe, imprimerie catholique, Beyrouth, Libraire P679.
44. Dictionnaire Encyclopédique, op, cit, P:444.
45. Le Grand Robert de la langue Français, Toure IX, Paris, 1985 P272.
46. George Mounin, Dictionnaire de linguistique, ol, cit, P:23.
47. رشيد بن حدّو، قراءة من قراءة، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 48 ـ 49، 1988 ص13.
48. عز الدين المناصرة، نص الوطن وطن النص، شهادة في شعرية الأمكنة، مجلّة التبيين، العدد (01) ص40.
49. رولان بارط، لذة النص، ترجمة محمد الرفرافي ومحمد خير بقاعي، مجلة العرب والفكر العالمي، العدد 10، سنة 1990 ص35 أو Voir Roland. Barthes, Théorie du texte, Envyclopédie Universalise 1980 (texte).
50. ينظر، محمد حافظ دياب، سيّد قطب، الخطاب والأيديولوجيا، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت لبنان ص05 أو:
51. Voir le Robert, Dictionnaire encycloédique philosophique universele, les notions philosophiques, dictionnaire, 1990 p: 2578-2579.
(/)
وفي هذا السياق دائماً ليعتبر، ميشال فوكو. كلمة (خطاب) Discours "مصطلحاً لسانياتيا، يتميز عن الكلام والكتابة يشمله كلّ إنتاج ذهني، سواء أكان نثرًا أو شعراً، منطوقاً أو مكتوباً فردياً أو جماعياً ذاتياً أو مؤسسياً، في حين أن المصطلحات الأخرى تقتصر على جانبٍ واحد، لمزيد من التفصيل ينظر: ميشال فوكو ـ نظام الخطاب، ترجمة محمد سبيلا، دار التنوير للطباعة والنشر ط1، 1984 ص09.
52. ينظر، عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص194.
53. المصدر السابق ص194.
54. عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية ص86.
55. المصدر السابق، ص158.
56. ينظر، محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري ص119.
57. المرجع السابق، ص120.
58. محمد مفتاح، التشابه والاختلاف ص33.
59. المرجع السابق، ص34.
60. محمد مفتاح، التشابه والاختلاف ص35.
61. نفسه ص55.
62. ينظر، صلاح فضل، بلاغة الخطاب، وعلم النص، القاهرة ط1، 1996 ص305.
63. المصدر السابق ص295.
64. نفسه، ص305.
65. ميكائييل ريفاتير، سيميوطيقا الشعر، دلالة القصيدة، ترجمة فريال جبور غزول، ضمن كتاب (مدخل إلى السيميوطيقا)، منشورات عيون المقالات الدار البيضاء، ط1، المغرب 1987 ص2/53.
66. ينظر، أحمد يوسف، تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات. م. نزوى. العدد 12 أكتوبر 1997 مسقط البحرين، ص38 ـ 40 ـ 42.
67. أحمد يوسف، تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات ص42.
68. سعيد علوش، هرمينوتيك النثر الأدبي، دار الكتاب اللبناني بيروت/ شو شريس، الدار البيضاء ص49.
69. محمد بنيس، مساءلة الحداثة ص182.
70. حنون مبارك، دروس في السيميائيات ص107.
71. توفيق الزبيدي، اللسانيات في النقد الحديث ص: 22.
72. جون ستروك، البنيوية وما بعدها، ترجمة محمد عصفور ص114.
73. رشيد بن مالك، نوار اللوز، براهيمي لعرج، سيميائية النص الأدبي الروائي، مجلة المساءلة، اتحاد الكتاب الجزائريين ع1 ربيع 1991.
(/)
74. بشير إبرير، خصائص الخطاب الروائي في رواية عبد الحميد ابن هدوقة، الجازية والدّراويش مجلة تجليات الحداثة، ع3 جوان 1994 ص161.
75. ينظر، محمد بنيس، الشعر العربي الحديث، بنياته وإبدالاتها (4) مساءلة الحداثة. دار توبوقال للنشر. ط1 ـ 1991 ص192.
76. ينظر، عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص262.
77. ينظر، عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص262.
78. ينظر، عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص262.
79. ينظر، عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص263.
80. ينظر عبد الملك مرتاض، نظرية ـ نص ـ أدب ثلاثة مفاهيم نقدية، بين التراث والحداثة ـ النادي الأدبي الثقافي ـ جدّة (السعودية) ج1، السنة 1992 ص267.
81. في ذلك سوى الباحث بين مصطلحين (خطاب ونسج) لمزيد من الاستفادة ينظر كتابه، بنية الخطاب الشعري. دراسة تشريحية لقصيدة أشجان يمانية ـ 1986 ص43.
82. عبد الملك مرتاض، نظرية، نصّ، أدب ص273.
83. ينظر عبد الملك مرتاض، عناصر التراث الشعبي في اللاز، دراسة المعتقدات والأمثال الشعبية الجزائرية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ص52.
84. عبد الملك مرتاض، بنية الخطاب الشعري ص43.
85. وقد أوجد الباحث مصطلحات أخرى أقرب إلى النص من ذلك (رسالة) وجملة، من قوله "النص في مفهومه الحديث الواسع بقي رسالة نبث المستقبل، فيستقيها" لمزيد من الاستفادة ينظر: عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تكفيكية ص101 أو كتابة النص الأدبي من أين؟ وإلى أين؟ ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1983 ص17. 18. 21. 43.
86. ينظر، عبد الملك مرتاض، عناصر التراث الشعبي، ص52.
87. ينظر، جوليا كريستيفا، علم النص، فريد الزاهي، مراجعة عبد الجليل ناظم، دار توبوقال للنشر، الدار البيضاء، ط1 ـ 1991 ص47.
88. ينظر، عبد الله إبراهيم، التفكيك، القواعد والأصول ص60.
89. ينظر، أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي ص17.
(/)
90. ينظر، محمد مفتاح، في سيمياء الشعر القديم ص43.
91. محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا، إفريقيا الشرق 1994 ط1، ص87.
92. R. Jakobson, Essais de Linguistique Générale, trad, Nicolas, Ruwet, Paris, Ed, minuit, 1974, P:120.
93. R. Jakobson, Essais de linguistique générale, op, cit, P: 66-69.
94> R. Jakobson, op, cit, p218.
95. Ibid. P69.
69. Dictionnaire encyclopédique, op, vit, (Poétique).
97. Du bois (Jean) et autres, dictionnaire de linguistique, ol, cit, P381.
98. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص35.
99. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص35.
100. عثماني ميلود، شعرية تودوروف، عيون المقالات، الدار البيضاء، ط1، 1997 ص04.
101. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي، ص36.
102. ثامر الغزي، مفاهيم الشعرية، دراسة مقارنة، علامات (السعودية) ج، 35، مج9، مارس 2000 ص382 ـ 383.
103. ثامر الغزي، مفاهيم الشعرية، ص386.
104. المصدر السابق، ص378.
105. عبد الملك مرتاض، حوار مجلة نزوى (مسقط) ص16.
106. عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير، قراءة نقدية لنموذج لساني، النادي الأدبي الثقافي، جدة، السعودية ط1، 1982 ص19.
107. صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص171 أو كتابه، علم الأسلوب ومبادئه، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط1، 1985 ص205 ـ 206.
108. ينظر، نور الدين السر، الأسلوبية وتحليل الخطاب ص86.
109. صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص172.
110. عبد الملك مرتاض، أيّ دراسة شعرية تفكيكية. ص146.
111. عبد الملك مرتاض، هل الحداثة فتنة، مجمل المنهل، ص181.
112. عبد الملك مرتاض، الصورة الأدبية الماهية والوظيفة، مجلة علامات في النقد، النادي الأدبي الثقافي، جدّة، السعودية 1996 ص187.
113. محمد مفتاح، في سيمياء الشعر القديم ص50.
114. المصدر السابق، ص52.
115. نفسه ص65.
(/)
116. قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي، ص49.
117. سعد الدين كليب، الحداثة الشعرية في النقد الأدبي المعاصر، مجلة البيان، ع323 يونيو 1993 ص19.
118. أحمد مطلوب، إشكالية مصطلح النقد الأدبي المعاصر ص17.
119. عثمان ميلود، شعرية تودوروف ص04.
120. رولان بارط، الدرجة الصفر للكتابة، ترجمة محمد جرادة، دتر الطليعة للطباعة والنشر بيروت، ط1، 1980 ص58 ـ 60.
121. محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها ص181.
122. تزفيتان تودوروف، في أصول الخطاب النقدي الجديد. ت. أحمد المديني، عيون المقالات، الدار البيضاء، ط2، 1989 ص32، 33، 34.
123. ت. تودوروف، الشعرية، ترجمة كاظم جهاد، مجلة (مواقف) العدد 33 خريف 1978 بيروت ـ لبنان ص125.
124. ت. تودوروف، الشعرية، ترجمة شكري المبخوت ورجاء سلامة، دار توبوقال للنشر، المغرب، ط1، 1987، ص10 ـ 11.
125. جان كوهين، بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الوالي ومحمد العمري، دار توبوقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1988 ص8 ـ 12.
126. سعيد علوش، شعرية الترجمات المغربية، منشورات مدرسة الملك فهد العليا، طنجة 1991 ص: 94.
127. إبراهيم السامرائي، هل الحداثة فتنة، مجلة المنهل، العدد 517م 56، 1994 ص121.
128. محمود أمين العالم، واقع النقد الأدبي الخليجي العربي العدد 451، عام 1996
ص106.
129. محمود أمين العالم، واقع النقد الأدبي الخليجي العربي، ص107.
130. محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها (04) مساءلة الحداثة، دار توبوقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1991 ص186.
131. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب ص171.
132. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث ص41.
133. محمد مندور، الأدب صورة للنفس، مجلة الثقافة ع. 54 يناير 1940 ص26.
134. نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب (ج2). ص86.
(/)
135. عبد السلام المسدي، الازدواج والمماثلة في المصطلح النقدي ص36.
136. المصدر السابق، ص37.
137. فاضل ثامر، اللغة الثانية، المركز الثقافي العربي، ط1، بيروت، 1994 ص101.
138. J. Cohen, Structure du langage poétique, Flammarion 1966: p: 07 (Objet et Méthode).
139. نزار التجديتي، نظرية الانزياح عند جان كوهن. مجلة دراسات (سال) ع1 م س ص47 وما بعدها.
140. المصدر السابق ص52.
141. المصدر السابق ص53.
@@142. Charles Bally: Traité de Stylistique Française, 3ème édition, Vi, 1951, P51.
143. ينظر مثلاً: ابن هشام قطر الندى وبل الصدى، المكتبة العصرية، بيروت، 1988 ص340 ـ 341.
144. محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984ص198-199 وما بعدها أو ينظر: عبد الله صولة، فكرة العدول في البحوث الأسلوبية المعاصرة، مجلة دراسات (ع1) ص73 ـ 101.
145. محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984 ص198ـ199 وما بعدها أو ينظر: عبد الله صولة، فكرة العدول في البحوث الأسلوبية المعاصرة، مجلة دراسات (ع1) ص73 ـ 101.
146. عبد السّلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب م س ص162.
147. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب ص83.
148. المصدر السّابق ص99/100.
14. هنريش بليث، البلاغة والأسلوبية، ترجمة محمد العمري، منشورات دراسات، منال ـ المغرب. فاس، ط1، 1989 ص11.
150. محمد العمري، تحليل الخطاب الشعري، البنية الصوتية في الشعر، الكثافة الفضاء التفاعل الدّار العالمية للكتاب، الدار البيضاء، المغرب ط1، 1990 ص23 ـ 43.
151. نزار التجديتي، نظرية الانزياح عند جان كوهين، مجلة دراسات (فاس)، المغرب خريف 1987 ص60 ـ 66.
152. عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة قصيدة القراءة ص130.
153. حمادي صمود، الوجه والقفا في تلازم التراث والحداثة، الدار التونسية للنشر، ط1، 1988 ص148 ـ 149.
(/)
154. عبد الله صولة، فكرة العدول في البحوث الأسلوبية المعاصرة، مجلة دراسات، سال، ع1 (م س) ص73 ـ 101.
155. صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد العربي ص372 ـ 375 ـ 376.
156. ميشال جوزيف شريم، دليل الدّراسات الأسلوبية: 155.
157. سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ص93.
158. محمد بنسب، ظاهرة الشعر المعاصر من المغرب ص517.
159. يمنى العيد، مهنة الآداب س42 ع8 ـ 9 المغرب عام 1990 ص60.
160. اعتدال عثمان، إضاءة النص، ص06.
161. يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، ط1، القاهرة، دار المعارف 1986 ص222.
162. ابن منظور، لسان العرب، ج5، ص114.
163. جاستون باشلار، جمالية المكان، ترجمة غالب هلسا، دار الجاحظ للنشر، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد العراق، كتاب الإقدام. 1 ـ 1980ط1، ص212.
164. R. Bourneuf, L'univers du roman, R.Ouellet, édit, 5 Puf1981 PP:128 P149.
165. M. Botor, L'espace du Roman, répertoire, édition de Minuit 1964 P44.
166. Greimas (A.J.) et Courtes, Sémiotique P: 300-359.
167. Ibid., (Espace).
168. Dubois (J). Dictionnaire de Linguistique: P107.
168. R.Bourneuf, L'univers du Roman, R.ouellet, édit, 5 Puf1981 PP:128.
169. حميد لحميداني، بنية النص السّردي، ط1، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1991 ص75 ـ 76.
170. حميد لحميداني، بنية النص السّردي: 62.
171. عبد الملك مرتاض، أي: ص101 ـ 102 وما بعدها.
172. عبد الملك مرتاض، أي: ص101 ـ 102 وما بعدها.
173. عبد الملك مرتاض، أي: ص101 ـ 102 وما بعدها.
174. عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص245 وما بعدها.
175. عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السّرد، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون، والآداب، ديسمبر 1998 ص143.
176. عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السّردي ص227.
(/)
177. حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي ـ الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية ط1، الدار البيضاء المركز الثقافي العربي، 1990 ص32 ـ 47.
178. سيزا قاسم دراز، الرواية، دراسة مقارنة لثلاثية نجيب محفوظ، القاهرة المهنية المصرية العامة للكتاب، 1984 ص255.
179. جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي القاهرة دار المعرفة، 1073 ص340.
180. خالدة سعيد، حركية الإبداع، دراسات في الأدب العربي الحديث، دار العودة، بيروت ط1، 1979 ص29.
181. محمد برادة وآخرون، الرواية العربية واقع وآفاق، دار ابن رشد للطباعة والنشر، لبنان ط1، ص396.
182. لؤي علي خليل، المكان في قصص وليد إخلاصي، مجلة أبحاث الفكر، الكويت، م 25، ع4 أبريل، يونيو 1997 ص24.
183. علي بو ملحم، في الأدب وفنونه، المطبعة العصرية للطباعة والنشر، صيدا بيروت، (د ت) ص125.
184. عمار زعموش، تحليل الخطاب الرّوائي ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، مجلة الثقافة، الجزائر، السنة 22، ع14، 1997 ص237.
185. يوسف سيتي، الرواية ومسألة الزمان، مجلة المساءلة (م س) ص: 169.
186. ابن سيّدة، المخصص ج9. ص63.
187. جميل صليبا، معجم الفلسفة (23701).
188. ابن منظور، لسان العرب، ص199.
189. إدريس بوديبة، الرؤية والبنية في روايات الطاهر وطاهر 98 ـ 99.
190. بشير بويجرة محمد، بنية الزمن في الخطاب الروائي الجزائري، دار الغرب، 1986 ط1، ص6-7.
191. إدريس بوديبة: الرؤية والنبية ص102.
192. نفس المرجع ص100.
193. الطاهر رواينية، الفضاء الروائي في الجازية والدّراويش، مجلة المساءلة (م س) ص25.
194. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة ص76 ـ 77.
195. بسام بركة، معجم اللسانيين م س: ص200.
196. قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري ص137.
197. المصدر السابق، ص138.
198. المصدر السابق، ص138.
199. نفسه ص141 ـ 142 ـ 143.
(/)
200. أمنية رشيد، تشظي الزمن في الرواية الحديثة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998 ص148.
201. عبد الملك مرتاض أي ص155 وما بعدها.
202. عبد الملك مرتاض: في نظرية الرواية ص: 199 وما بعدها.
،،،
خاتمة
في الختام، إنّ مسألة تصنيف وتأصيل التعبيرات الاصطلاحية والسياقية للمصطلح النقدي من خلال المعاجم الأصلية والكتابة النقدية الحداثية، مازالت تحتاج إلى الدراسات اللغوية الحديثة بغية تحريرها من قيود الماضي الذي لم يتجدّد بعد، ومن قيود اللسانيات الحديثة، التي لم تترسخ بعد في أذهان القارئ العربي. لأنّ هذه المصطلحات المستعملة في الساحة النقدية الآن ينقصها الاتفاق، ووضوح الرؤى بخصوص المصطلح السياقي الأصيل نفسه.
ونحن اليوم، نقف عند الظاهرة اللغوية ـ من خلال الأعمال النقدية والمنقودة، أثناء معالجتنا للمصطلح السيميائي ـ نرغب الحصول على تعريفات لتلك الظواهر باعتبارها مصطلحات أفاهيم.
وبهذا، سبق وأن لاحظنا ـ في بادئ الأمر ـ أنّ المصطلح والمصطلحية Terminologie, Terme، مجالان يعنيان بدراسة المصطلح في ذاته، دراسة مورفولوجية مجرّدة، وفي ارتباطه بالمفهوم الذي يعبّر عنه، ثم لاحظنا كيف أن النقاد العرب اختلفوا بشأن هذين الحقلين، تارة بعدم التفرقة بينهما، وأخرى بالتمييز بين المجالين، حيث فرّق الباحثون بين المعجمية والقاموسية.
ومن ثمّ، كيف أنّ الفكر العربي في جميع فروعه، أدرك قيمة المصطلح في وقت مبكّر نسبياً، من خلال بعض التآليف المصطلحية، فسبق ذكرنا لكتاب التعريفات للشريف الجرجاني، ومفاتيح العلوم للخوارزمي، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، وسواها من المصادر في مجال المصطلحية والمصطلح.
(/)
وفي فصل لاحق من البحث، سبق التنويه بالمجهودات المصطلحية التي قامت بها مجامع اللغة العربية، كالمجمع المصري 1932، والمجمع السوري 1919، والمجمع العراقي 1937، والمجمع الأردني 1976، والمجمع الهندي 1976، إضافة إلى بعض الهيئات والمعاهد القليلة الأخرى، كمكتب تنسيق التعريب في الرباط الذي أسّسته الجامعة العربية سنة 1969، والذي كان له ولمجلته الدورية (اللسان العربي) فضل كبير في تنسيق المصطلحات، وكذلك معهد العلوم اللسانياتية الصوتية في جامعة الجزائر، الذي صدر بمرسوم مؤرخ في 11 أبريل 1966، وكان للدكتور عبد الرحمن الحاج صالح عليه فضل مشهود. وسواها من الجهود التي ذكرنا سلفاً.
ولأجل الوقوف على نماء اللغة العربية ومدى استيعابها للإشكالية المصطلحية، سبق تخصيص فصل لطرائق وضع المصطلحات. لأن المهمّة ليست بالأمر الهيّن اليسير، بل هي تتطلّب تمكناً وتمرّساً من المواد اللغوية ثم تنقيها في اللغة وإحاطة بالتاريخ، ثم وقوفاً على النشاط العلمي المعاصر. وهو الذي ارتضيناه هنا نشاطاً علمياً نقدياً حداثياً.
وفي كلّ فصل من الفصول السابقة خلال الباب الأول حاولنا مقاربة هذه المجهودات المبذولة في الساحة اللغوية، بما هو كائن في الساحة النقدية العربية، لاسيما في المجال السيميائي الراهن.
وبذلك، سبق ملاحظة عدم اتفاق جلّ النقاد العرب المعاصرين على مصطلحات بعينها، فوجدنا أكثر من مصطلح عند الباحثين العرب يعالج المفهوم الواحد الموحّد لدى المنظرين السيميائيين الغرب، أوروبيين وأنجلوساكسونيين. لأنّ هذه المصطلحات معيارية تارة، أو شائعة الاستعمال تارة أخرى، فقد يراد الإشارة إلى معنى فتوضع مصطلحات عرمرماً تدلّ على معنى آخر. ومن ذلك، وجب العثور على المصطلح السياقي الخاصّ الذي يتناسب مع اللفظة الغربية (الأجنبية).
(/)
وفي الباب الثاني من البحث، ـ المخصص لإشكاليات المصطلح السيميائي ـ لوحظ كيف أنّ المصطلحات السسيميائية العربية في أغلب الحالات، لا تعطينا تصوّراً لمفاهيم سيميائية قابعة في المعاجم الأجنبية، لاسيما، معجم جان ديبوا ومعاونيه، ومعجم قريماس وكورتيس السيميائي المعقلن.
ولأنّ جلّ الباحثين العرب، إمّا يجهلون الظروف والملابسات التي أحاطت وتحيط بالتعبير الاصطلاحي الأصلي. أو هم أرادوا بذلك اتباع آراءهم الخاصّة وتعابيرهم التي رأوا فيها قدراً من الصحّة.
وكان من الواجب عليهم أن يستمدوا التعبيرات الاصطلاحية ومعانيها من المفردات العربية الأصلية، لا من اتفاقهم المبيئ في إقليم أو حيّز جغرافي معيّن، لأنّ المصطلح اللغوي بشكل عامّ، يتكوّن عادة من كلمات تكون في محصلتها مبهمة، وعن طريقة البحث والمراس تزداد وضوحاً وجلاءاً.
وفي المشهد النقدي ذاته، ـ بخصوص إشكاليات المصطلح النقدي ـ يلاحظ ثمة اتجاهات ثلاثة يحتكم إليها جلّ النقاد والباحثين في النظر إلى المصطلح النقدي بوجه عام والسيميائي بوجه خاصّ:
الاتجاه الأول: يرى أنّ التراث مرهون بمساقاته التاريخية والمعرفية، وهي مساقات ممتدّة في الحاضر، وما الخطاب المعاصر إلاّ حلقة جديدة من حلقات منضدة مرّت بها الخبرة الإنسانية، سواء في المصطلح، أم في غيره من النظريات المعاصرة. ومن خلال ذلك، أجازوا التشبث بالمنجز الراهن في النظرية والمصطلح. فصاغوا مصطلحات تراثية أصيلة من قبيل: إنشائية، نسيج، عدول، سرقات، أدب مقارن، صورة، وسيمة وسيميا، وأشكال أخرى، للدلالة على ما هو شائع في البيئة الغربية.
الاتجاه الثاني: يرى أصحابه، أنّ ثمة انقطاعاً معرفياً قد حدث، وإنّ كلّ مرحلة من المراحل لها مساقها الخاص، ومعرفتها الخاصّة. وعليه وجب نقل النظريات والمصطلحات كما هي على أشكالها الأوروبية بالنقل والترجمة، بينها ألفاظ مثل: بوتيك ومثيلاتها، وميتالونقاج ولوجوس وغيره مما ذكرنا.
(/)
الاتجاه الثالث: يرى أنّ موروثنا العربي القديم لاسيما من النقدي، موسوعة ضمت بين جنباتها مفاهيم ومصطلحات كثر، يتشدّق بها اليوم المحدثون، وأنّ ما نتج من نظريات، وأوجد من مصطلحات ما هو إلاّ معاودة، وتكرار لما هو قابع في هذا التراث، وتلك فئة توفيقية، تحاول مقاربة ما في المعاجمية العربية بما هو حداثي معصرن.
وقد ارتأينا، أن نتلمّس في هذه العجالة مواقف نقدية معاصرة ـ خلال فصلين متتاليين ـ بخصوص المصطلح السيميائي، في ضوء النظريات اللسانياتية الحديثة، اعتماداً على المنجزات في هذا السياق. فخلصنا إلى الكشف عن التفاعل المستمرّ بين المنجز الغربي والمنجز العربي المتواضع. وأفضت بنا النتائج إلى تحديد فئتين:
إحداهما: فئة من النقاد تدعو إلى التشبث باتجاه المستقبل والحاضر دون عقدة حضارية تشدّهم إلى الغرب، إلى فرنسا، وبريطانيا، وأمريكا، بل الاستفادة قدر الإمكان من جلّ النظريات.
وثانيتهما: فئة تدعو إلى تعميق الانتماء إلى الهوية العربية الحضارية، عن طريق الملاقحة والمراشفة بين كلّ ما هو دخيل، وما هو أصيل أثيل، في المصطلحات.
ومن خلال الوقوف على هذه النماذج، جاز لنا الذهاب في الاتجاه الذي يقرّ بلا تحفّظ، أنّه ثمة اختلاف وتباين في صياغة المصطلحات النقدية، وليس ثمة مماثلة بين المناهج النقدية العربية الحداثية، لما للمناهج من علائق بالمصطلح والمصطلحية. فضلاً عن ما يميّز ويفرّق بين الباحثين العرب أكثر ممّا يوحّد في المفهوم والإجراء.
(/)
وجدير بالملاحظة، أنّ بعض النقاد يحاولون التخلص ـ قدر الإمكان ـ من قابلية التبعية في المجال المصطلحي بالإحياء والابتداع. فعلت نبرات أصواتهم بعض الشيء، لتتجاوز مسألة البوادر والأوليات لدى الغرب، إلى حقّ التأصيل والتقعيد، معتقدين أنّ الإشكالية المصطلحية أكثر القضايا النقدية اهتماماً لديهم، لما تتوافر عليه من نظريات علمية لها جهازها المفاهيمي وهيكلها الإجرائي، ولم تعدّ مجرّد مقولات نقدية سديمة. ولذلك رأيناهم ينطلقون من التراث وصولاً إلى الحداثة في التأصيل للمصطلحات.
فالشعرية مثلاً، كمفهوم يعنى بقوانين الخطاب الأدبي، هو كذلك مصطلح آب من خلاله النقاد إلى الموروث الإغريقي والعربي القديمين. لأنه مصطلح في ذاته قديم، يعود إلى الفكر اليوناني لدى أرسطو، والحال نفسه حدث مع التناص، حيث آبوا فيه إلى السرقات الأدبية، والتأثير والتأثر، والتضمين، وسواها من النماذج الأخرى.
بالعموم، فإنّ الأبعاد النقدية لموضوع المصطلح، لهي موضوع عناية الدارسين على مدى العصور والأيام، ولو أردنا رصد تلك الأبعاد النقدية، فسيحتاج منا ذلك إلى تضافر جهود متعدّدة لإنجاز ذلك العمل متكاملاً، وشروط أفصحنا عنها خلال هذا البحث.
ولذلك، فقد امتدّت أيادي كتّاب أفذاذ، وأساطين اللغة، وأرباب النقد إلى الاهتمام بهذا الحقل، محاولين البحث، والتمحيص، والإبانة عن صيرورة المصطلحات عبر الزمن. ولكن، عملهم كان مثل هذا العمل المتواضع عوداً على بدئ، لأننا مازلنا في بداية الطريق، ومازلنا بحاجة ماسّة إلى المزيد من الدّراسات المستنبطة في مجالات المصطلح النقدي المعاصر، والكشف عن القدرات الفنية والإبداعية لدى النقاد واللغويين في صوغه.
،،،
معاجمية البحث
فرنسي / عربي
a
غرض استكشافي = Abduction
تجاوز: Abbus
مثاقفة: Akloration
جناس: Allitération
إنفكاكي: Aliénable
لا تشاكل، تناظر، (تباين): Allotopie
حروف ذو لقية: Alvéolaires
أوجه لبس: Ambigeuile
(/)
وحدة معنوية، شاملة: Archiémène
نصوصية شمولية: Architextualité
تمفصل Articulation
الذكاء الاصطناعي: Artificial intelligence
لاسيميائي، علاماتي، سيميائي: Asémiotique
C
مقولات حيزية: Catégories - Spatiales
شفرة: Chiffre
إشهاد: Citation
كلاسيم: Classème
تصنيف: Classification
ترميز: Codage
تواصل: إيصال ـ تبليغ: Communication
تواصلية: Communicativité
أدب مقارن: Compérative littératture
مفهوم: Concept
مفهوماتي: Conceptuelle
ترميز: Condification
دلالة حافة، طاقة إيحائية، تضمين، دلالة: Connotation
متحولة
حكاية: Conte
شكل المضمون: Contenu
شفرة: Code
- D -
مصنّف: Dassème
تفكيكية: Déconstruction
وصف: Description
انحراف: Déviation
دلالة ذاتية، تعيين، إشارة: Dénotaion
خطاب: Discours
خطاب ساذج: Discours na?fe
انفصالات، انفكاكات: Disjonction
تباين: Dissimilation
المدّة: Durée
- E -
ابتعاد، انزياح، فجوة، عدول: Ecart
كاتب: Ecrivant
مؤلّف: Ecrivain
كتابة عمومية: Ecrivance
كتابة أدبية: Ecriture
تساوي: Egal
تضمين: Enchaînement
تنضيد: Enfilage
ملفوظ: Enoncé
تلفظ: Enonciation
(علم العلم). ابستيمية: Epistamique
فضاء ـ حيّز: Espace
زمكان: Espace - Temps
فضاء النصّ: Espace - Textuel
وضع حيادي: Etat neutre
تعبير بسيط: Expression simple
تعبير شائع: Expression commune
خارج نصيّ: Extra - texte
- F -
تبئير: FoCalisation
وظيفة: Fonction
شكل التعبير: Forme
أطر: Frames
تواتر: Fréquence
- G -
نص مولد: Génotexte
الجشطالتية: Gestalt - théorie
روسم: Grapheme
- H -
تأويلية: Heurmeneutique: (HeUrmeneutikos)
قصّة: Histoire
داخل الحكي: Homodiegétique
نصوص شاملة: Hyper textualité
- I -
إقونة: Icône (Icon)
أيقوني: Iconique
مكرّرات: Ittérativités
صورة: Image
أمارة: Indice
تضمين: Implication
(/)
تفسيرـ تأويل: Interprétation
تناص: Intertextualité
داخل اللغة: Intralinguistique
الحدس: Intuition
متماثل شكلي: Isomorphe
تماثل شكلي: Isomorphisme
تشاكل، قطب دلالي: Isotopie
تشاكلي: Isotopique
- L -
لغة = لسان: Langue
لغة: Langage
مفرد ـ مأصل: Lexème
معاجمية = معجمية: Lexicographie
علم الألفاظ (المفردات) القاموسية: Lexicologie
علم اللسان، علم اللسانيات، علم الألسن: علم اللغة: Linguistique
أدبية: Littéralité
- M -
علامة: Marque
قراءة مجهرية: Micro lecture
ما بعد، ما وراء: Meta
نقد ـ نقد ـ النقد: Meta-Meta-critique
قراءة ـ قراءة ـ القراءة: Meta-Meta-lecture
لغة اللغة: Métalangage
قراءة القراءة: Meta - lecture
ميطالغة: Méta - linguistique
ما وراء نصوصية: Meta - textualité
سوء تأويلات: Misinterpretation
صيغة السّرد: Mode de Recit
مونيم: Monème
لفظة، كلمة، مصطلح: Mot
صيغم: Morphème
دافع: Motif
تحفيز: Motivation
- N -
راوي Narrateur
سردية، حكائية: Narrativité
سرد وحكي: Narrtion (Cité)
المستوى السيميولوجي: Niveau Sémiologique
تسميات: Nomenclatures
سنن لغوية: Normes du langage
نمط عادي: Normes Générale
- P -
مناصة = نصوصية مرادفة: Para textualité
كلام: Parole
نصّ ظاهر: Phenotext
سامة مركبة Phrase Markes
حرفم، فوغر: Phonème
دراسة المصادر، السرقات: Plagiarism
ممارسة نصية: Pratique intextuelle
بروكسيميكا: Praxémique
سوابق: Preffixes
شاعرية: Poétécité
شعرية: Poétique
تعدّدية القيم: Polyvalent
نسق: Procédé
آليات: Procédures
صوتم: Pronème
- Q -
Quali - signe
- R -
زمن الراوي: Racontant
متلقي: Récepteur
سرد: Récit
- S -
حوارات: Scénarios
خطاطات: Schemata (schema)
قطعي: Segmental
سيما: SEMA
علم الدلالة: Sémantique
سيماناليز: Sémanalyse
معجم، نواة، وحدة لغوية، سيمية، سيمية SEME
(/)
سيمية: SEMène
السيميولوجية التفكيكية: SEMioclastre
دلالات الألفاظ: Semasiologie
سميائية: SEMI otique
سمة: Signe
سمة فردة: Sin signe
إشارة ـ علامة: Signal
مدلول: Signifié
دال: Signifiant
دلالة: Signification
تخصيص: Spécialisation
بنية: Structure
بنيوية: Structuralisme
انبناء: Structuration
جوهر: Substance
ذيول: Suffixes
موضوع: Sujet
فوق طبيعي: Suprasegmental
رمز: Symbole
رمز الرموز: Symboles des symboles
رامز: Symbolisant
آنية: Synchromie
تركيب: نظم: Syntaxe
مجموعة تركيبية: Syntactic Group
سانتاقم، ركن Syntagme
منظومية: Synstématic
أسلبة: Stylistique
- T -
برقية: Télégramme
زمان: Temps
الزمانية: Temporalité
زمن قواعدي: Temps Grammatical
زمن تاريخي: Temps Historique
الزمن المروي: Temps raconté
مصطلح: Terme
(علم المصطلح) مصطلحية: Terminologie
نصّ: Texte
نسيج، ديباجة: Texture
نصّ سردي: Texte narratif
تيماتيكية: Thématique
دلالة كلية: Tout signification
من القمة إلى القاعدة: Town. Pown
ترجمة: Traduction
تعالي: Transcendence
- T -
تحويل: Transformation
متعاليات: Trantextualité
ما فوق لساني: Translinguistique
مجاز: Trope
- U -
استعمال سائر: Usage Courant
استعمال مألوف: Usage Habituel
استعمال متوسط: Usage Moyen
استعمال عادي: Usage normal
استعمال نمط: Usage Norme
- V -
نصّ: Valité
أسماء الأعلام
م. أريفي ـ (1) M. Arrivé
م. باختين ـ (2) M. BAKHTINE
ر.بارت ـ (3) R. BARTHES
بلوم فيلد ـ (4) BLOM Field
إميل بنفنيست ـ (5) E. BENVENISTE
نوام تشومسكي ـ (6) N. CHOMSKY
ج. ديبوا ـ (7) (jean) du bois
كلود. ديشي ـ (8) (Claude) Duchet
و. ديكرو ـ (9) O. Ducrot
إ. إيكو ـ (10) U. ECO
ب. فديدا ـ (11) P. FEDIDA
أ.ج. قريماس ـ (12) A. J. Greimas
ج. كرستيفا ـ (13) J. Kristeva
(/)
ك. ليفي ستراوس ـ (14) C. Levis Strauss
ل. هيالمسلاف ـ (15) L. Hjemislev
أ. مارلو ـ (16) A. MARLAUX
م. بونتى ـ (17) M. Ponti
ب. ريكور ـ (18) P. Ricoeur
م. ريفاتير ـ (19) M. RIFFAttere
1 ـ قائمة المصادر والمراجع
العربية والمترجمة
1. القرآن الكريم.
2. إبراهيم الخطيب، المنهج الشكلي، نصوص الشكلانيين الروس، ط1، مؤسسة الأبحاث العربية بيروت (لبنان)، 1982.
3. إبراهيم رماني، الغموض في الشعر العربي الحديث، ديوان المطبوعات الجامعة، (دت).
4. أكصد الزبيدي، فقه اللغة العربية، مطبعة دار الكتب، جامعة الموصل، 1987.
5. أنور المرتجي، سيميائية النص الأدبي، إفريقيا الشرق، 1987.
6. أنيس إبراهيم وآخرين، المعجم الوسيط، ط2، دار الأمواج، بيروت، 1990.
7. أمينة رشيد، تشظي الزمن في الرواية الحديثة، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1998.
8. إعتدال عثمان، إضاءة النص، ط1، دار الحداثة، بيروت، 1988.
9. بطرس البستاني، محيط المحيط، بيروت، مكتبة لبنان، 1987.
10. بسام بركة، معجم اللسانية (فرنسي ـ عربي) منشورات، جروس، بيرس، طرابلس، لبنان، ط1، 1985.
11. بشير بويجرة محمد، بنية الزمان في الخطاب الروائي، الجزائري، دار المغرب ط1، 1986.
12. بيير جيرو، علم الإشارة (السيميولوجيا)، ت، منذر عياشي، ط1، دار طلاس، دمشق، سورية. 1992.
13. بيير جيرو، علم الدلالة، ت. منذر عياشي، ط1 دار طلاس دمشق. سورية. 1992.
14. تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1973.
15. تودوروف (تزفيتان) شعرية تودوروف، ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، دار توبوقال، البيضاء، المغرب، ط1، 1987.
16. توفيق الزبيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، الدار العربية للكتاب، 1984.
17. جابر عصفور، تعريف بالمصطلحات الأساسية، ملحق كتاب عصر البنيوية لإريث كريزويل، دار سعاد الصباح، ط1، الكويت، 1993.
(/)
18. جابر عصفور، الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي، القاهرة، دار المعارف
1973.
19. الجاحظ (عثمان بن بحر) الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، مكتبة الحلبي،
ط1، ج5 (دت).
20. الجاحظ، البيان والتبيين، ج1، تحقيق عبد السلام هارون، ط3، مطبعة الخانجي، القاهرة (مصر) 1968.
21. الجاحظ (عثمان بن بحر)، الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام هارون ط1، مكتبة الحلبي ج1 و5.
22. جاستون باشلار، جمالية المكان، ترجمة غالب هلسا، دار الجاحظ للنشر، وزارة الثقافة والأعلام، بغداد، العراق، ط1، 1980.
23. جان بياجة، البنيوية، ترجمة عارف منيمنة وبشر أبرى، منشورات عويدات، بيروت، باريس، ط2، 1980.
24. جبران مسعود، الرائد بيروت، دار العلم للملايين ط3، 1978.
25. جروان السابق، معجم اللغات، إنجليزي (فرنسي ـ عربي). دت.
26. جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ج1، دار الكتاب اللبناني. بيروت، 1973.
27. ابن جني، الخصائص، القاهرة، 1935.
28. جورج مونان، مفاتيح الألسنية، تعريب الطيب البكوش، تونس، 1981.
29. جورج مونان وآخرون، البنيوية والنقد الأدبي، ترجمة محمد لقاح، دار إفريقيا للشرق، الدار البيضاء 1990.
30. جوليا كريستيفا، علم النص، ترجمة فريد الزاهي، مراجعة عبد الجليل ناظم، دار توبوقال للنشر، الدار البيضاء، ط1، 1991.
31. الجوهري، الصحاح في اللغة والعلوم، مجلد (1) بيروت، 1975.
35 ـ جون ستروك. البنيوية وما بعدها من ليفي ستراوس إلى دريدا، ترجمة محمد عصفور، سلسلة علم المعرفة، الكويت، فبراير 1996.
32. حامد صادق قنيبي، دراسات في تأصيل المعرّبات والمصطلح، م ل. ع.ع/31. (دت)
33. حميد لحميداني، بنية النص السردي، ط1، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1991.
34. حميد لحميداني، سحر الموضوع، مطبعة النجاح الجديدة، المغرب، 1990.
35. حنفي محمد شرف، إعجاز القرآن البياني، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، 1970.
(/)
36. حنون مبارك، دروس في السيميائيات، دار توبوقال للنشر، المغرب، ط1، 1987.
37. حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي، الفضاء ـ الزمن ـ الشخصية، ط1، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي 1990.
38. حسن ظاظا، كلام العرب من قضايا اللغة العربية، بيروت، دار النهضة العربية 1976.
39. حسن عباس، اللغة والنحو بين القديم والحديث، القاهرة، 1956.
40. حسين نصّار، المعجم العربي نشأته وتطوّره، دار مصر للطباعة ط2، ج2، 1968.
41. حسين الواد، في مناهج الدراسات الأدبية، سراس للنشر، تونس 1985.
42. خالدة سعيد، حركية الإبداع، دراسات في الأدب العربي الحديث، دار العودة، بيروت، ط1، 1979.
43. الخطيب أحمد شفيق، حول توحيد المصطلحات العلمية، من محاضرات مجمّع اللغة العربية، في مؤتمره 59، القاهرة 12 ـ 26 إبريل 1993 بيروت ـ لبنان.
44. خلدون الشمعة، الشمس والعنقاء، دراسة نقدية في المنهج والنظرية والتطبيق، منشورات اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، سوريا 1974.
45. خلدون الشمعة، النقد والحرية، منشورات اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 1977.
46. خلدون الشمعة، الإشكالية الجديدة في النقد العربي الحديث، مدخل إلى أدب الحداثة، منشورات اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 1979.
47. الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، تحقيق عبد الله درويش بغداد 1967.
48. خليل حماش، معجم المصطلحات اللغوية والصوتية (إنكليزي عربي)، منشورات تطوير مدرسين اللغة الإنكليزية في العراق، بغداد، 1982.
49. خولة الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2000.
50. راي (وليم)، المعنى الأدبي، من الظاهراتية إلى التفكيكية، ترجمة يوئيل يوسف عزيز، ط1، دار المأمون، بغداد، 1987.
51. رشيد بن مالك، مقدّمة في السيميائية السردية، دار القصبة للنشر، الجزائر، ط1، 2000.
52. رشيد بن مالك، قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص، دار الحكمة. للنشر، ط1، 2000.
(/)
53. ابن رشيق القيرواني، العمدة، ج2، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، 1955.
54. روبرت شولتز، السيمياء والتأويل، ترجمة سعيد الغانمي. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط1. 1994.
55. رولان بارت، الدرجة الصفر للكتابة، ترجمة محمد برادة، الترجمة المغربية للناشرية المتحدين، ط3، 1985.
56. رولان بارت، درس السيميولوجيا، ترجمة عبد السلام بن عبد العالي، ط2، دار توبوقال، المغرب 1986.
57. الرويلي (ميجان) والبازغي (سعد) دليل الناقد الأدبي، مكتبة الملك فهد- السعودية ط1، 1995.
58. زبير دراقي، محاضرات في اللسانيات التاريخية والعامة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر. د ت.
59. الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط3، دار الفكر، 1980.
60. الزمخشري، أساس البلاغة، تحقيق عبد الرحيم محمود، دار المعرفة، بيروت، (د ت).
61. سارة كوفمان وروجي لابورت، مدخل إلى فلسفة جاك دريدا الميتافيزيقية واستحضار الأثر، ترجمة إدريس كثير، عزّ الدين الخطاب، إفريقيا الشرق، ط1، 1991.
62. سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، منشورات المكتبة الجامعية، الدار البيضاء، 1984.
63. سعيد علوش، هرمنوتيك، للنثر الأدبي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، سوشريس، الدار البيضاء، ط1، 1985.
64. سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء. 1989.
67. سعيد الغانمي، اللغة والخطاب الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط1، 1993.
68. سمير المرزوقي وجميل شاكر، مدخل إلى نظرية القصّة، تحليلاً وتطبيقاً، الدار التونسية للنشر، ديوان المطبوعات الجامعية، تونس الجزائر.
69. سليم بابا عمر، اللسانيات العامة الميسرة، علم التركيب، أنوار، الجزائر، 1990.
70. سيزا قاسم، بناء الرواية، دراسة مقارنة لثلاثية نجيب محفوظ، القاهرة، المصرية، العامة للكتاب 1984.
(/)
71. الشافعي، الرسالة. تحقيق وشرح محمد شاكر، المكتبة العلمية (دت).
72. الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات، مكتبة لبنان، بيروت، 1978.
73. الشيخ أحمد رضا، معجم متن اللغة، بيروت، دار مكتبة الحياة، ج1، 1958.
74. صالح بلعيد، في قضايا فقه اللغة العربية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
1995.
75. صالح سليم عبد القادر، الدلالة الصوتية في اللغة العربية، منشورات جامعة سبها، ليبيا، 1988.
76. صلاح فضل، بلاغة الخطاب وعلم النصّ، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون- الكويت عدد 164 أوت/ سبتمبر 1992.
77. صلاح فضل، علم الأسلوب ومبادئه، منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت، ط1،
1985.
78. صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي، دار الآفاق الجديدة بيروت، ط3، 1985.
79. عثماني ميلود، شعرية تودوروف، عيون المقالات، الدار البيضاء، ط1، 1997.
80. عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب. ليبيا، تونس 1984.
81. عبد السلام المسدي، الأسلوبية والأسلوب، الدار العربية للكتاب، ليبيا ـ تونس ط3 (دت).
82. عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية، الدار التونسية للنشر تونس، المؤسسة الوطنية للكتاب ـ الجزائر ـ أوت 1986.
83. عبد السلام المسدي، قراءات مع الشابي والمتنبي وابن خلدون، الشركة التونسية للتوزيع، ط1. 1981.
84. عبد السميع محمد أحمد، دراسة تحليلية، دار الفكر العربي: ط4: 1984.
85. عبد الصبور شاهين، العربية في لغة العلوم والتقنية، دار الإصلاح، الدمام، ط1،
1983.
86. عبد العزيز عتيق، في النقد الأدبي، دار النهضة العربية للطباعة والنشر 1997.
87. عبد القادر الفاسي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، منشورات عويدات، بيروت، باريس ط1، 1986.
(/)
88. عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي، دراسة سيميائية للشعر الجزائري، ديوان م. ج، ط1، 1993. 96 ـ عبد القادر المغربي، الاشتقاق والتعريب، القاهرة، ط2، 1942.
89. عبد الله إبراهيم وآخرين، في معرفة الآخر، مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء. بيروت ط1، 1990.
90. عبد الله إبراهيم، التفكيك، القواعد والأصول والمقولات، عيون المقالات، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ط1، 1986.
91. عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير، قراءة نقدية لنموذج لساني، النادي الأدبي الثقافي، جدّة، السعودية، ط1، 1982.
92. عبد الله الغذامي، ثقافة الأسئلة، مقالات في النقد والنظرية، ط2، دار سعادة الصباح، الصفاة، الكويت 1993.
93. عبد الله الغذامي، تشريح النص، مقاربات تشريحية لنصوص شعرية معاصرة، ط1، دار الطليعة، بيروت 1987.
94. عبد الملك مرتاض، بنية الخطاب الشعري، دراسة تشريحية لقصيدة أشجان يمانية، ديوان م.ج الجزائر 1991.
95. عبد الملك مرتاض، عناصر التراث الشعبي في اللاز، دراسة المعتقدات والأمثال الشعبية الجزائرية، ديوان المطبوعات الجامعية (دت).
96. عبد الملك مرتاض، أي دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة (أين ليلاي؟) لمحمد العيد آل خليفة، ديوان المطبوعات الجامعة، الجزائر، ط1، 1992.
97. عبد الملك مرتاض، ألف ليلة وليلة، تحليل سيميائي، لحكاية حمال ببغداد، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر (دت).
98. عبد الملك مرتاض، شعرية القصيدة، قصيدة القراءة، تحليل مركب القصيدة أشجان يمانية، دار المنتخب العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991.
99. عبد الملك مرتاض، مقامات السيوطي، دراسة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1996.
100. عبد الملك مرتاض، تحليل الخطاب السردي، معالجة تفكيكية سيميائية لرواية زقاق المدق، سلسلة المعرفة، ديوان ـ م. ج، الجزائري 1995.
(/)
101. عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية، دراسة مقارنة لثلاثية نجيب محفوظ، القاهرة المصرية، العامة للكتاب، 1984.
102. عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار الملايين، بيروت، ط1، 1979.
103. عدد من المؤلفين، سيمياء براغ للمسرح، دراسات سيميائية ترجمة أدمير كورية، دمشق، وزارة الثقافة 1997.
104. عدنان بن ذريل، اللغة والأسلوب، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1980.
105. علي أحمد، تاريخ العصر الأموي السياسي والحضاري، طبعة جامعة دمشق 1991.
106. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق وضبط عبط السلام هارون، دار الفكر، ج5، دت.
107. ابن فارس، الصاحبي، ت، أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي، الحلبي، القاهرة السنة 1977.
108. ابن فارس، (أبو الحسين أحمد) مقاييس اللغة، ج3، تحقيق وضبط عبد السلام هارون، دار الفكر، دم. دت.
109. فاضل ثامر، اللغة الثانية في إشكالية المنهج والنثرية والمصطلح في الخطاب الروائي النقدي العربي الحديث، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1994.
110. فاطمة الزهراء أزويل، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، نشر الفنك، الدار البيضاء (دت).
111. فردينارد دو سوسير، دروس في اللسانيات العامة، ترجمة صالح القرمادي وآخرين، الدار العربية للكتاب، 1985.
112. قاسم المقداد، هندسة المعنى في السرد الأسطوري الملحمي، جلجامش، دار السؤال للطباعة والنشر بدمشق، ط1، 1984.
113. قاموس (إنكليزي ـ فرنسي ـ عربي)، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، العدد 1/05/1989.
114. ابن قيّم الجوزية، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، تحقيق سيد إبراهيم، دار الحديث، القاهرة، ج2، 1994.
115. كمال أبو ديب، في الشعرية، مؤسسة الأبحاث العربية، ط1، بيروت، 1987.
116. ليفي ستراوس. كلود وفلادمير بروب (مساجلة بصدد علم تشاكل الحكاية) ت. محمد معتصم، عيون المقالات. ط1. الدار البيضاء. (دت).
(/)
117. مارسيلو داسكال، الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة، ترجمة حميد لحميداني وآخرين، إفريقيا الشرق، ط2، الدار البيضاء عيون المقالات، الدار البيضاء. (دت).
118. مارك أنجيلو، صول النقد الجديد، مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد، ترجمة أحمد المديني، عيون المقالات، الدار البيضاء، ط1 (دت).
119. مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، مدخل، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، ط1، 1988.
120. مازن الوعر، نحو نظرية لسانية وظيفية، لتحليل التراكيب الأساسية في اللغة العربية، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة 1984.
121. مازن الوعر، دراسات لسانية تطبيقية، دار الأطلس للدراسات والترجمة والنشر. دمشق ط1، 1983.
122. محمد برادة وآخرون، الرواية العربية واقع وآفاق، دار بن رشد للطباعة والنشر، لبنان، ط1.
123. محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاتها (04)، مساءلة الحداثة، دار توبوقال للنشر الدار البيضاء، ط1، 1991.
124. محمد بنيس، الشعر المعاصر في المغرب، مقارنة بنيوية تكوينية، دار العودة بيروت (دت).
125. محمد بنيس، الشعر العربي الحديث بنياته وإبدالاته (3) الشعر المعاصر، دار توبوقال، الدار البيضاء ط1. 1990.
126. محمد حسن باكلا وآخرين، معجم مصطلحات علم اللغة الحديث، عربي إنكليزي، إنكليزي ـع ربي، مكتبة لبنان، 1982.
127. محمد حلمي هليل، دراسة تقويمية لحصيلة المصطلح اللساني في الوطن العربي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1991.
128. محمد رشاد الحمزاوي، المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية، الدار التونسية للنشر، المؤسسة الوطنية للكتاب (الجزائر).
129. محمد رشاد الحمزاوي، أعمال مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ط1، بيروت، 1988.
130. محمد سعيد أسير وبلال الجنيدي، معجم في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها، ط1، 1989.
131. محمد عبد المطلب، البلاغة والأسلوبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984.
(/)
132. محمد علي الخولي، معجم علم اللغة النظري، إنكليزي عربي، مكتبة لبنان 1982.
133. محمد علي الصابوني ، التبيان في علوم القرآن، دار البحث، قسنطينة، الجزائر، ط3، 1986.
134. محمد العمري، تحليل الخطاب الشعري، البنية الصوتية في الشعر، الكثافة الفضاء التفاعل، الدار العالمية للكتاب، الدار البيضاء، ط1، 1990.
135. محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ط3، القاهرة، 1964.
136. محمد مفتاح، المفاهيم معالم، ط1، المركز الثقافي العربي، الرباط، المغرب. 2001.
137. محمد مفتاح، مجهول البيان، دار توبوقال، المغرب، ط1، 1990.
138. محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري، استراتيجية التناص، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط1، 1986.
139. محمد مفتاح، التشابه والاختلاف، نحو منهجية شمولية، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط1، 1996.
140. محمد مفتاح، دينامية النص، المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء ط1، 1987.
141. محمد كامل حسين، القواعد العامة لوضع المصطلحات العلمية، مجلّة مجمّع اللغة العربية، القاهرة، 11، 1955.
142. محمد الناصر العجيمي، في الخطاب السردي، نظرية قريماس، الدار العربية للكتاب، تونس، ليبيا 1993.
143. محمد نظيف، ما هي السيميولوجيا؟ إفريقيا الشرق ـ ط1، 1994.
144. محمد طبي، وضع المصطلحات، المؤسسة العمومية الاقتصادية لترقية الحديد والصلب. (بروسيدار) (دت).
145. محمود فهمي حجازي، الأسس اللغوية لعلم المصطلح، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع (دت).
146. المنجد في اللغة والأعلام، دار المشرق، بيروت/ لبنان، المؤسسة الوطنية للكتاب (دت).
147. منذ عياشي، اللسانيات والدلالة، مركز الأنحاء الحضاري، حلب، ط1، 1996.
148. أبو منظور الثعالبي، فقه اللغة وسرّ العربية، مطبعة السعادة، مصر، 1955.
149. ابن منظور، لسان العرب، دار بيروت للطباعة والنشر، ج13، 1964، 1968.
(/)
150. ميشال جوزيف شريم، دليل الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات بيروت، 1984.
151. ميشال ريفاتير، سيميرطيقا الشعر دلالة القصيدة، ترجمة فريال جبور غزول (مدخل إلى السيميوطيقا)، منشورات عيون المقالات، الدار البيضاء، ط1، المغرب.
152. ميشال زكريا، الألسنية (علم اللغة الحديث)، قراءات تمهيدية، ط2، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، بيروت، 1985.
153. ميشال فوكو، نظريات المعرفة، ترجمة سالم يفوت، دار الطليعة 1988.
154. نصر حامد أبو زيد، التأويل، مفهوم النص، دراسة في علوم القرآن، المركز العربي للطباعة والنشر، بيروت، ط2، 1994.
155. نصر حامد أبو زيد، إشكاليات القراءة والتأويل للمركز الثقافي العربي، 1994.
156. نور الدين السد، الأسلوبية وتحليل الخطاب ج1، ج2 دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر 1997.
157. نور الدين النيفر، فلسفة اللغة واللسانيات، أبو وجدان للنشر والطبع والتوزيع، ط1، 1993.
158. هربيرت، بيشت وجيفر دار سكاو، مقدمة في المصطلحية، كلية الآداب، قسم اللغة الإنكليزية، جا. الكويت، مجلس النشر العلمي، لجنة التأليف والتعريب، والنشر، أكتوبر 2000.
159. هنريش بليت، البلاغة والأسلوبية، ترجمة محمد العمري، منشورات دراسات منال، المغرب، فاس، ط1، 1989.
160. ونجانج نيدوبتي، التصورية والدلالية، مقارنة في المنهج وفحص في صلاحية الاستعمال في مجال المصطلحية، م ل، ع. ع/29.
161. وهبة مجدي وكامل المهندس، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة، لبنان، بيروت ـ ط2 ـ 1989.
162. حي عبد الرؤوف، جبر الاصطلاح، مصادره ومشاكله وطرائق توليده (م. ل. ع. ع)/36.
163. يوسف بوغازي، مدخل إلى الألسنية، دمشق، 1985.
2 ـ قائمة المراجع باللغة الفرنسية
1- Aug (Claude) Larrousse universel, 20, nouveau dictionnai encyclopédique, Libraire, Larousse, Paris.
(/)
2- BARthe (Roland), Théorie du texte, encyclopédie universales, 1980.
3- BASS BARRAKé. Dictionnaire de linguistique, Français - Arabe, Jarousse, Press, Liban.
4- Bournerd (R), L'univers du Roman, Requelles, édit, 5 luf, 1981.
5- Botor (M), L'espace du Roman, répertoire, édition de minuit, 1964.
6- Belot (j-b), Dictionnaire Français - Arabe, imprimerie Catholique, Beyrouth, Libraire.
7- Benveniste (E), Problèmes de Linguistique Générales, ed, Gallimard, Paris.
8- Charles Bally, traité de stylistique français, 30 édition, VI, 1951.
9- Coquet (J-G), Sémiotique narrative et des cursive, hachette, Paris.
10- Derrida (Jacoppe), L'écriture et la différence, seuil, Paris, 1967.
11- Derrida (Jacque), de la Grammatologie, les éditions de Minuit, Paris, 60, 1967.
12- De Saussure (f), Cours de linguistique générale, payat, Paris, 1978.
13- Dubois (j) et les autres, Dictionnaire de linguistique, Larousse, Paris, 1991.
14- Ducrot. (o), tzvetan Todorov, Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, ed, le seuil, 1972.
15- Gremas (A.J), Sémantique structurable, P.U.F, Paris, 1966 - 1986.
16- Greima (A.J), semiotique dictionnaire Raisonné de la Theorie du langage. Classique hachette. Paris.
17- Gerard Genette, la linupestes, ed, Seuil, Paris.
18- le grand Robert de la lanque Française, Tome IV, Paris, 1985.
19- JAKKOBSON (R), Essais de Linguistique générale, trab, Nicolas Ruwet, Paris, ed, Minuit, 1974.
20- Jossette Rey Deboue, (4) Iexique sémiotique, Paris, 1979.
21- Kristeva (j), la Révolution du langage, ot, telquel, ed, du seuil, paris 1974.
(/)
22-Kristeva (j), Problèmes de la Structuration du texte linguistique et littérature, la nouvelle Critique.
23- Larousse de la langue française, librairie Larousse, 1977.
24- Larousse du XXiéme Siècle, Publié, sous la direction de l. AUGE, Tome 4, Prais Librairie, Larousse.
25- Marazeane (j), lexique de terminologie linguistique, Paris, 1951.
26- Le Petit Larousse (Larousse) Illustré 1984, Librairie Larousse, Paris, 1980.
27- Le Petit Robert- 02, Paris, 8ième éditions, 84.
28- Pierre. V. ZIMA, Pour une sociologie du texte littéraire, U.G, édition Coli, 10-18 Paris 1978.
29- Rastier (F), Sémantique des Isotopie, In Essais de sémiotique Poétique, Larousse, 1972, Paris.
30- Robert, Dictionnaire Encylopédie philosophique Universelle, les notions philosophiques, dictionnaire, 1990.
31- Riffaterre (M), Sémiotique de la Poésie, Seuil, Paris, 1983.
32- Riffatere (M), Essais de Stylistique Structurable, Trad, Danniel, ed, Flammarion 1971, Paris.
33- Vachek (j), Dictionnaire linguistique de l'école de Prague, Utrecht, Anvers 1966.
،،،
فهرست الكتاب
تصدير 5
الإهداء 7
تقديم 9
الباب النظري أثر المصطلح في الدرس اللغوي 15
الفصل الأول أثر المصطلح في الدرس اللغوي 17
1ـ تقدمة 17
2 ـ المصطلح /الحد 22
3 ـ المصطلح/ الأثر 29
4 ـ المصطلحية/الإشكالية: 31
5 . شروط وضع المصطلح: 39
6. خلاصة وآفاق: 44
الفصل الثاني طرائقية وضع المصطلح 53
1 ـ تقدمة 53
أولاً: الاشتقاق: 58
ثالثاً: التعريب 67
رابعاً: الترجمة 72
خامساً: المجاز 81
سادساً: الإحياء: 83
خلاصة وآفاق: 85
الفصل الثالث المصطلح النقدي/ الواقع والتحقيب 96
1.تقدمة 96
2ـ1. المصطلح اللسانياتي: 101
2ـ2ـ الإشكالية/ الضبط: 103
2ـ3ـ المصطلح/ التداخل: 106
(/)
2ـ4ـ المصطلح/ التحقيب 108
3ـ1ـ المصطلح السيميائي: 120
3ـ2ـ الواقع/ الراهن: 124
4 ـ خلاصة وآفاق: 144
الباب التطبيقي: نماذج مصطلحية. 157
الفصل الأول: مصطلحات التحليل الشعري. 159
تقدمة 159
1.2 سمة Signe 163
2. سيميائية: 171
3 ـ تشاكل/ تباين: 179
4 ـ تناص / حوارية 186
5 ـ الصورة / الإقونة Icône: 198
6ـ تفكيكية: (Dèconstruction) 206
7.لغة اللغة: 212
8ـ1. في القراءة: 216
8ـ2ـ كتابة: 221
9.تأويل وتاويلية: 223
10ـ خلاصة وآفاق: 227
الفصل الثاني مصطلحات التحليل السردي 246
1 ـ السرد/الحكي: 246
2 ـ خطاب/ نصّ 252
3 ـ 1 ـ في الشعرية: (Poètique) 263
3 ـ 2 ـ الانزياح: 270
3 ـ المكان والزمان: 273
4 ـ 1 ـ المكان: 274
4 ـ 2 ـ الزمان: 277
خلاصة وآفاق: 280
خاتمة 296
معاجمية البحث 301
فرنسي / عربي 301
أسماء الأعلام 305
1 ـ قائمة المصادر والمراجع العربية والمترجمة 306
فهرست الكتاب 316
،،
الدكتور مولاي علي بو خاتم
في هذا الكتاب....
يسعى الكاتب مولاي علي بو خاتم إلى اتخاذ موقف من الجدل الذي لا يزال قائماً بين الباحثين والنقاد العرب، في تحديد ماهية المصطلح والمصطلحية، كمسألة عدّها جلّ اللغويين متجذرة الوجود في اللغة العربية، وعدّها بعضهم وافدة من الغرب، محدثة النشوة أريد بها عند آخرين علماً خاصّاً بذاته، ثم حقلاً معرفياً عادياً.
كما أنّ هذا العلم، بدأ يشهد تداخلات مصطلحية منذ دخول النظريات اللسانياتية إلى النقد، ومنذ أن استلهمت الحداثة العربية أدواتها المفاهيمية الإجرائية من المنجز الغربي، حيث استفاد النقاد من منجزات العلوم اللسانياتية الحديثة الوافدة من أوروبا، ومن أمريكا، وفي مختلف الاتجاهات وبشتى اللغات.
(/)
من هذا المنتهى، عزم الباحث الخوض في جهود النقاد العرب بخصوص مجال المصطلحات السيميائية، بوصفها إحدى الأدوات الإجرائية اللغوية في نقد الأعمال الأدبية، ساعياً إلى الوقوف على "المصطلحية السيميائية العربية" النشوئية في هذا الميدان العلمي التي حاول من خلالها النقاد ـ وبتناصية تامّة ـ إغناء التراث الأدبي ببحوث مترجمة تعمق مجاله، وتصوغه صياغة شبه نهائية. ووفق مناهج علمية معصرنة تمكّن أعمالهم من الاتسام بالشرعية العلمية.
الباحث في سطور
الدكتور مولاي علي بوخاتم من مواليد بلدة سيدي حمادوش، في تاريخ 04 مارس 1962 في ولاية سيدي بلعباس، متحصل على درجة ماجستير، ودرجة دكتوراه في السيميائيات، له مؤلف في هذا المساق، وبعض المقالات المتخصصة، الدولية والوطنية. أستاذ محاضر في اللسانيات والسيميائيات في جامعة سيدي بلعباس ومدرس في قسم الماجستير. وناشط في الحقل الإعلامي الجزائري.
""(/)