ومنها ديوان الشعر العربي جمعه ولده الشيخ عبد العزيز ورتبه الشيخ رفيع الدين.
وأما شعره
بالعربي فكأنما الإعجاز أو السحر في رقة اللفظ ومعناه وصفاء المورد ومغناه:
كأن نجوماً أومضت في الغياهب عيون الأفاعي أو رؤوس العقارب
إذا كان قلب المرء في الأمر خاثراً فأضيق من تسعين رحب السباسب
وتشغلني عني وعن كل راحتي مصائب تقفو مثلها في المصائب
إذا ما أتتني أزمة مدلهمة تحيط بنفسي من جميع جوانب
تطلبت هل من ناصر أو مساعد ألوذ به من خوف سوء العواقب
فلست أرى إلا الحبيب محمداً رسول إله الخلق جم المناقب
ومعتصم المكروب في كل غمرة ومنتجع الغفران من كل هائب
ملاذ عباد اللّه ملجأ خوفهم إذا جاء يوم فيه شيب الذوائب
إذا ما أتوا نوحاً وموسى وآدماً وقد هالهم إبصار تلك الصعائب
فما كان يغني عنهم عند هذه نبي ولم يظفرهم بالمآرب
هناك رسول اللّه ينجو لربه شفيعاً وفتاحاً لباب المواهب
فيرجع مسروراً بنيل طلابه أصاب من الرحمن أعلى المراتب
سلالة إسماعيل والعرق نازع وأشرف بيت من لؤي بن غالب
بشارة عيسى والذي عنه عبروا بشدة بأس بالضحوك المحارب
ومن أخبروا عنه بأن ليس خلقه بفظ وفي الأسواق ليس بصاخب
ودعوة إبراهيم عند بنائه بمكة بيتاً فيه نيل الرغائب
جميل المحيا أبيض الوجه ربعة جليل كراديس أزج الحواجب
صبيح مليح أدعج العين أشكل فصيح له الإعجام ليس بشائب
وأحسن خلق اللّه خلقاً وخلقة وأنفسهم للناس عند النوائب
وأجود خلق اللّه صدراً ونائلاً وأبسطهم كفاً على كل طالب
وأعظم حر للمعالي نهوضه إلى المجد سام للعظائم خاطب
ترى أشجع الفرسان لاذ بظهره إذا احمر باس في بئيس المواجب
وآذاه قوم من سفاهة عقلهم ولم يذهبوا من دينه بمذاهب
فما زال يدعو ربه لهداهم وإن كان قد قاسى أشد المتاعب
وما زال يعفو قادراً من مسيئهم كما كان منه عنده جبذة جاذب
وما زال طول العمر للّه معرضاً عن البسط في الدنيا وعيش المزارب(1/1)
بديع كمال في المعالي فلا امرؤ يكون له مثلاً ولا بمقارب
أتانا مقيم الدين من بعد فترة وتحريف أديان وطول مشاغب
فيا ويل قوم يشركون بربهم وفيهم صنوف من وخيم المثالب
ودينهم ما يفترون برأيهم كتحريم حام واختراع السوائب
ويا ويل قوم حرفوا دين ربهم وأفتوا بمصنوع لحفظ المناصب
ويا ويل من أطرى بوصف نبيه فسماه رب الخلق اطراء خائب
ويا ويل قوم قد أبار نفوسهم تكلف تزويق وحب الملاعب
ويا ويل قوم قد أخف عقولهم تجبر كسرى واصطلام الضرائب
فأدركهم في ذاك رحمة ربنا وقد أوجبوا منه أشد المعائب
فأرسل من عليا قريش نبيه ولم يك فيما قد بلوه بكاذب
ومن قبل هذا لم يخالط مدارس ال يهود ولم يقرأ لهم خط كاتب
فأوضح منهاج الهدى لمن اهتدى ومن بتعليم على كل راغب
وأخبر عن بدء السماء لهم وعن مقام مخوف بين أيدي المحاسب
وعن حكم رب العرش فيما يعينهم وعن حكم تروى بحكم التجارب
وأبطل أصناف الخنى وأبادها وأصناف بغي للعقوبة جالب
وبشر من أعطى الرسول قياده بجنة تنعيم وحور كواعب
وأوعد من يأبى عبادة ربه عقوبة ميزان وعيشة قاطب
فأنجى به من شاء منا نجابه ومن خالب فلتندبه شر النوادب
فأشهد أن اللّه أرسل عبده بحق ولا شيء هناك برائب
وقد كان نور اللّه فينا لمهتد وصمصام تدمير على كل ناب
وأقوى دليل عند من تم عقله على أن شرب الشرع أصفى المشارب
تواطى عقول في سلامة فكره على كل ما يأتي به من مطالب
سماحة شرع في رزانة شرعة وتحقيق حق في إشارة حاجب
مكارم أخلاق وإتمام نعمة نبوة تأليف وسلطان غالب
نصدق دين المصطفى بقلوبنا على بينات فهمها من غرائب
براهين حق أوضحت صدق قوله رواها ويروي كل شب وشائب
من الغيب كم أعطى الطعام لجائع وكم مرة أسقى الشراب لشارب
وكم من مريض قد شفاه دعاؤه وإن كان قد أشفى لوجبة واجب
ودرت له شاة لدى أم معبد حليباً ولا تسطاع حلبة حالب
وقد ساخ في أرض حصان سراقة وفيه حديث عن براء بن عازب(1/2)
وقد فاح طيباً كف من مسه كفه وما حل رأساً جس شيب الذوائب
وألقى شقي القوم فرث جزورهم على ظهره واللّه ليس بعازب
فألقوا ببدر في قليب مخبث وعم جميع القوم شؤم المداعب
وأخبر أن أعطاه مولاه نصرة ورعباً إلى شهر مسيرة سارب
فأوفاه وعد الرعب والنصر عاجلاً وأعطى له فتح التبوك ومارب
وأخبر عنه أن سيبلغ ملكه إلى ما أرى من مشرق ومغارب
فأسبل رب الأرض بعد نبيه فتوحاً توارى ما لها من مناكب
وكلمه الأحجار والعجم والحصى وتكليم هذا النوع ليس برائب
وحن له الجذع القديم تحزناً فإن فراق الحب أدهى المصائب
وأعجب تلك البدر ينشق عنده وما هو في إعجازه من عجائب
وشق له جبريل باطن صدره لغسل سواد بالسويداء لازب
وأسرى على متن البراق إلى السما ء فيا خير مركوب ويا خير راكب
وشاهد أرواح النبيين جملة لدى الصخرة العظمى وفوق الكواكب
وشاهد فوق الفوق أنوار ربه كمثل فراش وافر متراكب
وراعت بليغ الآي كل مجادل خصيم تمادى في مراء المطالب
براعة أسلوب وعجز معارض بلاغة أقوال وأخبار غائب
وسماه رب الخلق أسماء مدحة تبين ما أعطى له من مناقب
رؤف رحيم أحمد ومحمد مقفي ومفضال يسمى بعاقب
إذا ما أثاروا فتنة جاهلية يقود ببحر زاخر من كتائب
يقوم لدفع البأس أسرع قومه بجيش من الأبطال غر السلاهب
أشداء يوم البأس من كل باسل ومن كل قوم بالأسنة لاعب
توارث أقداماً ونبلاً وجرأة نفوسهم من أمهات نجائب
جزى اللّه أصحاب النبي محمد جميعاً كما كانوا له خير صاحب
وآل رسول اللّه لا زال أمرهم قويماً على ارغام أنف النواصب
ثلاث خصال من تعاجيب ربنا نجابة أعقاب لوالد طالب
خلافة عباس ودين نبينا تزايد في الأقطار من كل جانب
يؤيد دين اللّه في كل دورة عصائب تتلو مثلها من عصائب
فمنهم رجال يدفعون عدوهم بسمر القنا والمرهفات القواضب
ومنهم رجال يغلبون عدوهم بأقوى دليل مفحم للغاضب
أشداء يوم البأس من كل باسل ومن كل قوم بالأسنة لاعب(1/3)
توارث أقداماً ونبلاً وجرأة نفوسهم من أمهات نجائب
جزى اللّه أصحاب النبي محمد جميعاً كما كانوا له خير صاحب
وآل رسول اللّه لا زال أمرهم قويماً على ارغام أنف النواصب
ثلاث خصال من تعاجيب ربنا نجابة أعقاب لوالد طالب
خلافة عباس ودين نبينا تزايد في الأقطار من كل جانب
يؤيد دين اللّه في كل دورة عصائب تتلو مثلها من عصائب
فمنهم رجال يدفعون عدوهم بسمر القنا والمرهفات القواضب
ومنهم رجال يغلبون عدوهم بأقوى دليل مفحم للغاضب
ويبدو محياه لعيني في الكرى بنفسي أفديه إذاً والأقارب
وتدركني في ذكره قشعريرة من الوجد لا يحويه علم الأجانب
وألفي لروحي عند ذلك هزة وأنساً وروحاً دون وثبة واثب
وصلى عليك اللّه يا خير خلقه ويا خير مأمول ويا خير واهب
ويا خير من يرجى لكشف رزية ومن جوده قد فاق جود السحائب
فأشهد أن اللّه راحم خلقه وأنك مفتاح لكنز المواهب
وأنك أعلى المرسلين مكانة وأنت لهم شمس وهم كالثواقب
وأنت شفيع يوم لاذو شفاعة بمغن كما أثنى سواد بن قارب
وأنت مجيري من هجوم ملة إذا أنشبت في القلب شر المخالب
فما أنا أخشى أزمة مدلهمة ولا أنا من ريب الزمان براهب
فإني منكم في قلاع حصينة وحد حديد من سيوف المحارب
وليس ملوماً عي صب أصابه غليل الهوى في الأكرمين الأطائب
توفي إلى رحمة الله سبحانه ظهيرة يوم السبت سلخ شهر الله المحرم سنة ست وسبعين
ومائة وألف بمدينة دهلي فدفن عند والده خارج البلدة، وله اثنان وستون سنة، كذا
وجدته بخط الشيخ نعمان بن نور الحسني النصير آبادي.(1/4)