كتاب
فحولة الشعراء
تأليف
أبي حاتم السجستاني
( سهل بن محمد بن عثمان )
نقلا عن
الأصمعي
( عبد الملك بن قريب )
تحقيق
الدكتور جميل عبن الله عويضة
1430هـ/2009م
تقديم :
مازال العلماء منذ ظهور الإسلام حتى يومنا هذا يهتمون بالشعر القديم وينتقدونه، ويحفظونه ، ويشرحونه ، ويقلدونه ، والرسالة التي نقدم لها تمثل لوناً من هذا الاهتمام ، فقد تضمنت آراء الأصمعي ، العالم الناقد اللغوي الراوية ، في فحولة طائفة من الشعراء الجاهليين والإسلاميين رواها عنه تلميذه أبو حاتم سهل بن عثمان السجزي ، و للأصمعي آراءً نقديةً أخرى كثيرة ومتنوعة مبثوثة في عدة مصادر ككتاب الأغاني ، والموشح ،والعمدة وغيرها من الكتب التي تحفل بآرائه النقدية وأحكامه .
إنَّ تاريخ النقد الأدبي لدى أمة ما يبدأ مع ظهور أول أثر من آثار الإبداع الأدبي لأحد أبنائها ، إذ لابد أن يلقى هذا الأثر استجابة ما ، تعبر عن الإحساس بقيمته تعبيرا إيجابيا أو سلبيا ، يرِد في صورة حكم عفوي مباشر وسريع في أغلب الأحيان ، ثم يرقى هذا الحكم الانطباعي ويتطور برُقي حركة الأدب ، وتطوُّر الحياة الفكرية والثقافية ، ليصبح أكثر دقة وتركيزا، وأعمق تحليلا وتعليلا، وقد يعتمد فيه صاحبه بعض المعايير أو المقاييس النقدية البسيطة،كالمقارنة بين معنيين ، والموازنة بين أثرين ، والمفاضلة بين أديبين مع الإلمام بمجمل خصائصهما الفنية البارزة إلماما سريعا ومتعجلا، كما هو الشأن فيما نقل إلينا عن بعض أهل الجاهلية وما تلاها من عصور أدبية من أخبار ومفاضلات وأحكام نقدية، مما تحفل به كتب الأدب والنقد ومصادر دراستهما ، وتعنى به المراجع الحديثة التي تهتم بالنقد العربي بخاصة .
مفهوم الفحولة(1/1)
قال ابن جنّي: وكان الأصمعي يعيب الحُطيئة ويتعقّبه ، فقيل له في ذلك، فقال: وجدتُ شعره كله جيّداً، فدلّني على أنه يصنعه، وليس هكذا الشاعر المطبوع ، إنما الشاعر المطبوع الذي يرمي بالكلام على عواهنه، جيّده على رديئه (1) .
والعرب كما يقول ابن رشيق لاتنظر في أعطاف شعرها بأن تجنّس أو تُطابق أو تُقابل، فتترك لفظة للفظة، أو معنى لمعنى، كما يفعل المحدثون، ولكن نظرها في فصاحة الكلام، وجزالته، وبسط المعنى، وإبرازه، وإتقان بنية الشعر، وإحكام عقد القوافي، وتلاحم الكلام بعضه ببعض..... فهو نوعٌ ممّا سمّوه بحُسن السبك، واطّراد البناء، الدال على صدق الشاعر ومهارته في آن ، دون تكثّر يدلّ على كلفة ومشقّة وتعمّل مقصود، ممّا لم يجز البتة أن يكون طبعاً واتفاقاً، إذ ليس ذلك في طباع البشر (2) .
__________
(1) الخصا ئص3/282
(2) العمدة 1/129(1/2)
ويقابل ذلك المستوى من الاعتماد على الطبع مستوى ثانٍ ، هو ذلك الذي يجمع فيه الشاعر بين الطبع والصنعة، وقد اختاروا للشاعر في تلك الحالة لقب الفحل، وهو لقب اختُصّ به علقمة بن عبدة ، ولكنه اتُّخذ لقباً عامّاً لكل شاعر يجمع في شعره بين الطبع والصنعة، فيُحْكِم عمله إحكاماً فنّيَّاً تامّاً، وقد جعلوا الشعراء طبقات متفاوتة في ذاك، كما يتمثّل هذا في كتاب فحولة الشعراء وهو الكتاب الذي بين أيدينا ، أو طبقات الشعراء لابن سلاّم الجمحي. ومهما يكن الرأي في طبقاتهم تلك وتصنيفاتها، فإن في معايير الفحوليّة ومنها: طول النصّ، وإحكام بنائه، وكثرة نصوص الشاعر، ومن ثم ركوبه كل بحر وقافية دليلاً على احتفائهم بالصنعة إلى جانب الطبع في استحقاق الشاعر لقب الفحوليّة.. ولارتهان صفة الفحوليّة بالصنعة كانت الفحوليّة تعني الابتداع والتميّز، وأن يكون الشاعر مجدّداً لا مقلّداً، فكلام الفحل لا يُنْحَل، كما وصفه الفرزدق في شعره، لا ينتحله هو من شعر غيره ولا ينتحله غيره من شعره ، وإلاّ لافتضح أمره لفرط تميّزه وشهرته.. أي أن للفحل مزيّة على غيره كمزيّة الفحل على الحِقاق ، حسب تعريف الأصمعي، ولا يتحقّق هذا بطبعٍ لا تصحبه صنعة.. ولذلك كله عُدَّ المهلهل مهلهلاً لا فحلاً ، ولو كان قال مثل قوله :
أَلَيلَتَنا بِذي حُسُمٍ أَنيري إِذا أَنتِ اِنقَضَيتِ فَلا تَحوري
كان أفحلهم ، وأكثر شعره محمول عليه.. كما قال الأصمعي في فحولة الشعراء ، وقد استحق علقمة بن عبدة لقب الفحل ، لا لأن هناك علقمةً خصيّاً في رهطه فمُيّز عنه بلقبه هذا كما زعم الزاعمون ومنهم الجمحي و ابن قتيبة ، ولا لأن أمّ جُندب مالت إليه ميلاً جنسيّاً ففضلته على بعلها امرئ القيس ، وخلفه على نكاحها ، وهو ما لجأ إلى الاعتذار به امرؤ القيس نفسه ولكنه استحق لقب الفحل قبل ذلك وبعده لأسباب فنية ، هي:(1/3)
... 1ـ لأنه أحسن من صنعة الوصف ما لم يحسنه امرؤ القيس، ففطن إلى جانب صنائع يتعلّق بما يجب في وصف الخيل ، ممّا يفوت على صاحب الطبع الذي لا يُرجع البصر الواعي إلى شؤون خارجية ، تستدعي أن يعيد الشاعر خواطره الشعرية على أساسها.. وذاك كان أحد الأسباب التي اكتسبت لديهم بها قصيدة علقمة صفة الروعة، كما يشير الجمحي.. وهو السبب نفسه الذي شرطوا إمكانية وصف المهلهل بالفحل بتحققه لديه، وهو أن لو كان قد قال مثل قصيدته، التي منها : (أليلتنا بذي حسم أنيري...) كان أفحلهم، لما تميّزت به قصيدته تلك من صنعة وصفيّة للنجوم والكواكب.. هذا إلى معاييرهم الأخرى التي توافرت في تلك القصيدة، كالجزالة، والطول، الذي يُروى أنه تجاوز الخمسين بيتاً.
... 2ـ لأن له قبل ذلك ثلاث روائع جياداً لا يفوقهنّ شعر، حسب رأيهم.
... 3 ـ لأن العرب كانت تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوه منها كان مقبولاً، وما ردّوه منها كان مردوداً، فقَدِمَ عليهم علقمة بن عبدة، فأنشدهم قصيدته التي يقول فيها:
... هَل ما عَلِمتَ وَما اِستودِعَت مَكتومُ أَم حِبلُها إِذ نَأَتكَ اليَومَ مَصرومُ
فقالوا: هذه سمط الدهر، ثم عاد إليهم العامَ المقبل ، فأنشدهم:
... طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ بُعَيدَ الشَبابِ عَصرَ حانَ مَشيبُ(1/4)
فقالوا: هاتان سِمطا الدهر (1) ، وإذا كانت الفحوليَّة تمثّل ذروة المثالثة الفنية لديهم ، لما تتميّز به من توازن بين الطبع والصنعة، فإن غَلَبَة الصنعة على الطبع تمثّل حالة من الجودة أقلّ مستوى من الفحوليّة.. وقد كان لقب المحبّر، الذي أُطلق على طُفيل الغنوي ، ت. نحو 610هـ يشير إلى هذه الخاصية ، خاصية أن الصنعة لديه قد غلبت على الطبع. ذلك أن طُفيلاً كان أوصف العرب للخيل، وكان يسمى طُفيل الخيل لكثرة وصفه إيّاها، والمحبّر لحُسْن وصفه لها (2) ، وهناك من عمّم نعت التحبير على شعر طُفيل، فذهب إلى أنه سمي محبّراً لتحسينه شعره، كما في فحولة الشعراء ، أدب الكُتّاب (3) ، لأن التحبير إضافة إلى إيحائه بالحبر والكتابة عملية صناعية نظيرة للنسج، والتأليف، والصياغة، والبناء، والوشي، وما أشبه ذلك، ممّا يوجب اعتبار الأجزاء بعضها من بعض، حتى يكون لوضع كلّ حيث وُضع علّة تقتضي كونه هناك، وحتى لو وُضع في مكان غيره لم يصلح ، على حد وصف عبدالقاهر الجرجاني (4) ، ولا غرو، فقد كان المحبّر أحد أساتذة زهير بن أبي سُلمى رأس مدرسة الصنعة، الني لُقّب أصحابها بعبيد الشعر لكثرة ما يُعملون فيه التنقيح والتثقيف والتحكيك, ولا يذهبون به مذهب المطبوعين. ومع هذا فإن الصنعة لم تنزع عن المحبّر صفة الفحولة، التي يضفيها عليه الأصمعي، كما لم تنزع الصنعة صفة الفحولة عن زهير.
__________
(1) الأغاني21/ 201
(2) خزانة الأدب9/47
(3) أدب الكتاب ـ الصولي
(4) في دلائل الإعجاز(1/5)
وتبعا لأبحاث النقاد والدارسين المهتمين بالنقد القديم ، والذين نقبوا عن أول أثر نقدي مدوّن يفصح عن رأي صاحبه في الشعر والشعراء، ويعتمد على أسس محددة وواضحة، فإن أول أثر وصل إلينا من هذا النوع،هو كتاب "فحولة الشعراء" للأصمعي،غير أنه لم يقُم بتدوينه بنفسه ، وإنما تكلف ذلك تلميذه أبو حاتم السجستاني (_ت231هـ) إذ عمد إلى تدوين أجوبة شيخه على أسئلته أو أسئلة غيره من تلامذته ومريديه حول آرائه في بعض الشعراء.
وقد أقام الأصمعي معظم أحكامه على أساس مبدأ نقدي ثابت ومحدد وهو مبدأ الفحولة إذ اتخذ منه معيارا نقديا للموازنة بين الشعراء وتفضيل بعضهم على بعض ،من خلال النظر في أشعارهم ومدى استيفائها لمجمل خصائصه وأركانه، وقد ابرز كذلك أهم خصائص منهجه النقدي في أحد ردوده على تلميذه أبي حاتم السجستاني إذ سأله: فما معنى الفحل ؟ قال :إن له مزية على غيره كمزية الفحل على الحِِقاق ، قال وبيت جرير يدلك على هذا :
وابنُ اللبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ لم يستَطِع صولَة البُزلِ القناعيسِ
ابن اللبون : ولد الناقة
لُزَّ : شُد
القرن : الحبل المفتول
البزل جمع بازل : وهو البعير إذا بلغ التاسعة
القناعيس : الشداد الأقوياء
واذا ما تأملنا البيت أدركنا أن مفهوم الفحل في ذهن الأصمعي ،عبد الملك بن قريب الباهلي(ت_216هـ)،مرتبط بقدم العهد فابن اللَّبون من الشعراء ليس كَالبَازل في قوته وقدرته الشعرية أسلوبا ونسجا وجودة.ولما كان قدم العهد في الشعر شرطا من شروط الفحولة نجده يسكت عن تقديم الثلاثة الإسلاميين جرير والفرزدق والأخطل ، ويقول: هؤلاء لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن ، ولا أقول فيهم شيئا لأنهم إسلاميون ،ويبدي إعجابه الشديد بالأخطل خاصة ، فيقول بعد سماع إحدى قصائده : مَن قال لك إن في الدنيا أحداً قال مثلَها قبله ولا بعده فلا تصدقه ، دون أن يعترف بفحولته لحداثة عهده.(1/6)
بيد أن قدم العهد وحده غير كاف لاكتساب الشاعر صفة الفحولة لديه،فلا بدله من توافر بعض الخصائص الأخرى أيضا،ومن أهمها كثرة الشعر أو كثرة الجيد منه على الأقل،ولذلك وجدناه يقول عن مهلهل بن ربيعة وهو من أقدم الشعراء الجاهليين عهدا: ولو كان قال قوله :أليلتنا بذي حسم أنيري ، كان أفحلهم ، ويقول عن الحويدرة: فلو قال مثل قصيدته(العينية)خمس قصائد كان فحلا ، وترتبط جودة الشعر لدى الأصمعي وأمثاله من النقاد بقوة في السبك وجزالة في الأسلوب وفصاحة في اللغة بروابط وثيقة،وهو ما يميز أشعار أهل البادية عن غيرهم من الشعراء الذين تأثرت أشعارهم بمؤثرات حضارية خاصة كعدي بن زيد أحد أبناء ملوك الحيرة ، وكان على صلة قوية بالفُرس ، فَلاَن لسانه وضعف أسلوبه كما قال الأصمعي عنه : ليس بفحل ولا أنثى .
وكان عبد الملك بن قريب الباهلي الأصمعي يتجه في نقده وجهة أخلاقية ، طبعت أحكامه على بعض الشعراء ، فنجده يقول عن الشماخ : إنه فحل ، بينما لم يصف أخاه مزرّدا بهذه الصفة ، فاكتفى بالقول : ليس بدون الشماخ ، ولكنه أفسد شعره بما يهجو الناس ، دون أن تخلو أحكامه من بعض التضارب مع قوله الشهير : الشعر نكدٌ بابه الشر، فإن أدخلته في باب الخير لانَ وضعف.
كتاب فحولة الشعراء
هذا الكتاب من نوادر الأدب العربي ، يضم مجموع تقييدات وتعليقات دونها أبو حاتم السجستاني من أجوبة شيخه الأصمعي على أسئلة ألقاها عليه ، ثم زاد في تلك الأجوبة زيادات من عنده ، وحذف منها ما شاء ، فنسب الكتاب إليه كما نسب إلى الأصمعي ينبغي أن تتحقق قبل إصدار الحكم على الشاعر بأنه فحل، فطفيل الغنوي فحل ، لأنه غاية في النعت ، ولبيد ليس بفحل ، لأن شعره كالطيلسان الطبري ، جيد الصنعة وليس له حلاوة، وكعب بن سعد فحل في مرثيته التي لا مثيل لها في الدنيا . .. ألخ
بسم الله الرحمن الرحيم(1/7)
قال أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد الأزدي (1) ،
__________
(1) ابن دريد الأزدي 223 - 321 هـ / 838 - 932 م
محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني، أبو بكر.
من أئمة اللغة والأدب، كانوا يقولون: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء، وهو صاحب المقصورة الدريدية، ولد في البصرة وانتقل إلى عمان فأقام اثني عشر عاما وعاد إلى البصرة ثم رحل إلى نواحي فارس فقلده آل ميكال ديوان فارس، ومدحهم بقصيدته المقصورة، ثم رجع إلى بغداد واتصل بالمقتدر العباسي فأجرى عليه في كل شهر خمسين دينارا فأقام إلى أن توفي.
من كتبه (الاشتقاق -ط) في الأنساب، و(المقصور والممدود -ط)، و(الجمهرة-ط) في اللغة، ثلاثة مجلدات، و(أدب الكاتب)، و(الأمالي).(1/8)
قال: قال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجزي (1) : سمعت الأصمعي (2)
__________
(1) سهل بن محمد بن عثمان، الإمام أبو حاتم السجستاني ثم البصري النحوي المقرئ صاحب المصنفات؛ اخذ عن أبي عبيدة وأبي زيد الأنصاري والأصمعي ووهب بن جرير ويزيد بن هارون وأبي عامر العقدي، وقرأ القرآن على يعقوب الحضرمي، وحمل الناس عنه القرآن والحديث والعربية وروى عنه أبو داود والنسائي والبزار في مسنده، وكان جماعة للكتب يتجر فيها، وله اليد الطولى في اللغة والشعر والعروض والمعمى، ولم يكن حاذقاً في النحو؛ وله: إعراب القرآن، وكتاب ما تلحن فيه العامة، والمقصور والممدود، وكتاب المقاطع والمبادي، والقراءات، والفصاحة، والوحوش، واختلاف المصاحف، وكتاب الطير، وكتاب النحلة، وكتاب القسي والنبال والسهام، وكتاب السيوف والرماح، وكتاب الدرع والترس، وكتاب الحشرات، وكتاب الزرع، وكتاب الهجاء، وكتاب خلق الإنسان، وكتاب الإدغام، وكتاب اللبأ واللبن والحليب، وكتاب الكرم، وكتاب الشتاء والصيف، وكتاب النحل والعسل، وكتاب الإبل، وكتاب العشب، وكتاب الخصب والقحط، وغير ذلك. وتوفي سنة خمسين ومائتين، وقيل سنة ثمان وأربعين ومائتين. قرأ كتاب سيبويه على الأخفش مرتين، وكان إذا اجتمع مع أبي عثمان المازني في دار عيسى بن جعفر الهاشمي تشاغل وبادر بالخروج خوفاً من أن يسأله مسألة في النحو لأنه لم يكن فيه حاذقاً؛ وكان أبو العباس المبرد يحضر حلقته ويلازم القراءة عليه . الوافي بالوفيات
(2) الأصمعي :عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن عبد شمس الأصمعي البصري صاحب اللغة. كان إمام زمانه في اللغة. روى عن أبي عمرو بن العلاء وطبقته. قال عمر بن شبة؛ سمعته يقول حفظت ستة عشر ألف أرجوزة. وقال الشافعي: ما عبر أحد عن العرب بمثل عبارة الأصمعي. وقال ابن معين: لم يكن ممن يكذب، وكان من أعلم الناس في فنه..وقال أبو داود: صدوق؛ وكان يتقي أن يفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يتقي أن يفسر القرآن. وتناظر هو وسيبويه، فقال يونس بن حبيب: الحق مع سيبويه، وهذا يغلبه بلسانه. وقال البخاري: مات سنة ست عشرة ومايتين. وقال غيره: سنة خمس عشرة. وقيل انه عاش ثمانياً وثمانين سنة. وكان الشعر للأصمعي والأخبار لأبي عبيدة. قال أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي: كان الأصمعي صدوقاً في كل شيء من أهل السنة. فأما ما يحكي العوام، وسقاط الناس من نوادر الأعراب ويقولون: هذا ما افتعله الأصمعي ويحكون أن رجلاً رأى ابن أخيه عبد الرحمن فقال له: ما يفعل عمك؟ فقال: قاعد في الشمس يكذب على الأعراب! فهذا باطل نعوذ بالله منه، ومن معرة جهل قائليه، وكيف يكون ذلك وهو لا يفتي إلا فيما أجمع علماء اللغة عليه، ويقف عما ينفردون عنه، ولا يجيز إلا أفصح اللغات . ومن تصانيفه: كتاب خلق الإنسان؛ كتاب الأجناس؛ كتاب الأنواء؛ كتاب الهمز؛ كتاب المقصور والممدود؛ كتاب الفرق؛ كتاب الصفات؛ كتاب الأثواب؛ كتاب الميسر والقداح؛ كتاب خلق الفرس؛ كتاب الخيل؛ كتاب الإبل؛ كتاب الشاء؛ كتاب الأخبية؛ كتاب الوحوش، كتاب فعل وأفعل؛ كتاب الأمثال؛ كتاب الأضداد؛ كتاب الألفاظ؛ كتاب السلاح؛ كتاب اللغات؛ كتاب مياه العرب؛ كتاب النوادر؛ كتاب الاشتقاق؛ كتاب معاني الشعر؛ كتاب المصادر؛ كتاب الأراجيز؛ كتاب النخلة؛ كتاب النبات؛ كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه؛ كتاب غريب الحديث؛ كتاب نوادر الأعراب؛ وغير ذلك. الوافي بالوفيات(1/9)
عبد الملك بن قريب غير (1) مرةٍ يفضِّل النابغة الذبياني (2) على سائر شعراء (3) الجاهلية ، وسألتُه آخر ما سألته قبيل موته : مَن أوَّل الفحول ؟ قال: النابغة الذبياني ، ثم قال: ما أرى في الدنيا لأحد مثل قول امرئ القيس (4) : ( من الوافر )
__________
(1) كتبت : عن ، وهو خطأ .
(2) النابِغَة الذُبياني : ? - 18 ق. هـ / ? - 605 م
زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة. حظياً عند النعمان بن المنذر، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب منه النعمان، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام، وغاب زمناً. ثم رضي عنه النعمان فعاد إليه. شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو. عاش عمراً طويلاً.
(3) كتبت : الشعراء .
(4) امرؤ القَيس : 130 - 80 ق. هـ / 496 - 544 م
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي. شاعر جاهلي، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، ، كان أبوه ملك أسد وغطفان وأمه أخت المهلهل الشاعر. قال الشعر وهو غلام، وأخذ في اللهو ، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده ، وهو في نحو العشرين من عمره. أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل ينتقل مع أصحابه في أحياء العرب ، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال: ضيعني صغيراً وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر. ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد، وقال في ذلك شعراً كثيراً، .ثم قصد الحارث بن أبي شمر الغساني والي بادية الشام لكي يستعين بالروم على الفرس فسيره الحارث إلى قيصر الروم ، فوعده وماطله ، فعاد قافلا ، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، فأقام فيها إلى أن مات.(1/10)
وَقاهُم جِدُّهُم بِبَني أَبيهِم وَبِالأَشقينَ ما كانَ العِقابُ
قال أبو حاتم : فلما رآني أكتب كلامه فكر ثم قال : بل أولهم كلهم في الجودة امرؤ القيس ، له الخطوَة والسبق، وكلهم أخذوا من قوله ، واتبعوا مذهبه ، وكأنه جعل النابغة الذبياني من الفحول.
قال أبو حاتم : قلت فما معنى الفحل ؟ قال: يريد أن له مزيّةً على غيره ، كمزيّة الفحل على الحِقاق (1) .
قال: وبيت جرير (2) يدلك على هذا :
وابنُ اللبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ لم يستَطِع صولَة البُزلِ القناعيسِ
قال أبو حاتم : وسأله رجل أي الناس طرا أشعر؟ قال : النابغة، قال: تُقدِّم عليه أحدا؟ قال : لا ، ولا أدركتُ العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا ، قلت: فزهير بن أبي سلمى (3)
__________
(1) جمع حِقٍّ وحِقَّةٍ من الإبل ، وهو الذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يُتمكَّن من ركوبه وتحميله. لسان العرب ( حقق )
(2) جَرير : 28 - 110 هـ / 648 - 728 م
جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم. أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفردق والأخطل. كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.
(3) زُهَير بن أبي سُلمَى : ? - 13 ق. هـ / ? - 609 م
زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من مُضَر. حكيم الشعراء في الجاهلية وفي أئمة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافة. قال ابن الأعرابي: كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعراً، وخاله شاعراً، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة. ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام. قيل: كان ينظم القصيدة في شهر وينقحها ويهذبها في سنة فكانت قصائده تسمّى (الحوليات)، أشهر شعره معلقته التي مطلعها:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ويقال : إن أبياته في آخرها تشبه كلام الأنبياء.(1/11)
قال (1) : اختلف فيه وفيهما ، ثم قال : لا، قال أبو عمرو (2) : وسأله رجل وأنا أسمع: النابغة اشعر أم زهير؟ فقال : ما يصلحُ زهيرٌ أن يكونَ أجيراً للنابغة ، قال: أوس بن حجر (3)
__________
(1) كتبت : قد .
(2) أبو عمرو بن العلاء زبان بن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحصين بن الحارث ينتهي إلى معد بن عدنان التميمي المازني المقرئ النحوي أحد القراء السبعة وقيل اسمه العريان وقيل غير ذلك ، وقيل في زبان ربان والصحيح زبان بالزاي. قرأ القرآن على سعيد بن جبير ومجاهد وقيل على أبي العالية الرياحي وعلى جماعة سواهم، وكان لجلالته لا يسأل عن اسمه. وحدث عن أنس بن مالك وأبي صالح السمان وعطاء بن أبي رباح وطائفة سواهم. وكان رأساً في العلم في أيام الحسن البصري. قال أبو عبيدة: أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب. وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف. ثم تنسك فأحرقها. وكان من أشراف العرب ووجوهها. مدحه الفرزدق وغيره. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. ، وقال الأصمعي: كان لأبي عمرو كل يوم فلسان فلس يشتري به ريحاناً وفلس يشتري به كوزاً فيشم الريحان يومه ويشرب في الكوز يومه فإذا أمسى تصدق بالكوز وأمر الجارية أن تجفف الريحان وتدقه في الأشنان ثم يستجد غير ذلك في كل يوم. قال ياقوت: وحدث أبو الطيب قال: كان أبو عمرو يميل إلى القول بالإرجاء. فحدث الأصمعي قال: قال عمرو بن عبيد لأبي عمرو: يا أبا عمرو هل يخلف الله وعده؟ قال: لا. قال: أفرأيت من أوعده الله عقاباً أيخلف وعده؟ قال: من العجمة أتيت يا أبا عثمان الوعد غير الوعيد. وهو خبر فيه طول استوفاه ياقوت في معجم الأدباء. وتوفي أبو عمرو بن العلاء سنة أربع وخمسين ومائة. الوافي بالوفيات
(3) أوس بن حَجَر : 95 - 2 ق. هـ / 530 - 620 م
أوس بن حجر بن مالك التميمي أبو شريح. شاعر تميم في الجاهلية، أو من كبار شعرائها، أبوه حجر هو زوج أم زهير بن أبي سلمى، كان كثير الأسفار، وأكثر إقامته عند عمرو بن هند في الحيرة. عمّر طويلاً ولم يدرك الإسلام. في شعره حكمة ورقة، وكانت تميم تقدمه على سائر الشعراء العرب. وكان غزلاً مغرماً بالنساء.(1/12)
أشعر من زهير، ولكن النابغة طأطأ منه . قال أوس :
بجيش ترى منه الفضاء معضّلا (1)
في قافية، وقال النابغة ، فجاء بمعناه في نصف بيت وزاد شيئا آخر، فقال : ( من الكامل )
جَيْشٌ يَظَلُّ به الفَضاءُ مُعَضِّلاً يَدَعُ الإكامَ كأَنَّهُنَّ صَحَارِى
قال أبو حاتم : حدثنا الأصمعي قال: حدثنا شيخ من أهل نجد قال : كان طفيل الغنوي (2) يسمى في الجاهلية محبِّرًا لحسن شعره ، قال: وطفيل عندي في بعض شعره أشعر من امرئ القيس ، الأصمعي يقوله ، ثم قال : وقد أخذ طفيل من امرئ القيس شيئا، قال : ويقال إن كثيرا من شعر [ امرئ ] (3) القيس لصعاليك كانوا معه ، قال: وكان عمرو بن قميئة (4)
__________
(1) هذا عجز بيت من الطويل ، وهو من قصيدة مطلعها :
... ... صَحا قَلبُهُ عَن سُكرِهِ فَتَأَمَّلا وَكانَ بِذِكرى أُمِّ عَمروٍ مُوَكَّلا
ولكن البيت الذي منه هذا العجز غير موجود في المطبوع من ديوانه . انظر ديوان أوس بن حجر ، ص 82 ـ 92
(2) الطُفَيلِ الغَنَوي : ? - 13 ق. هـ / ? - 609 م
طُفَيل بن عوف بن كعب، من بني غني، من قيس عيلان. شاعر جاهلي، فحل، من الشجعان وهو أوصف العرب للخيل وربما سمي (طفيل الخيل) لكثرة وصفه لها. ويسمى أيضاً (المحبّر) لتحسينه شعره، عاصر النابغة الجعدي وزهير بن أبي سلمى، ومات بعد مقتل هرم بن سنان. كان معاوية يقول: خلوا لي طفيلاً وقولوا ما شئتم في غيره من الشعراء.
(3) زيادة يقتضيها السياق .
(4) عمرو بنِ قُمَيئَة : 179 - 85 ق. هـ / 448 - 540 م
عمرو بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك الثعلبي البكري الوائلي النزاري. شاعر جاهلي مقدم، نشأ يتيماً وأقام في الحيرة مدة وصحب حجراً أبا امرئ القيس الشاعر، وخرج مع امرئ القيس في توجهه إلى قيصر فمات في الطريق فكان يقال له (الضائع). وهو المراد بقول امرئ القيس (بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه)، إلى آخر الأبيات.(1/13)
دخل معه الروم إلى قيصر، قال: وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: دعوا لي طفيلاً، فإن شعره أشبه بشعر الأولين من زهير وهو فحل ، ثم قال: من العجب أن النابغة الذبياني لم ينعت / فرسا قط بشيء إلا قوله : ... ... ... ... ... ... 1 ب
صفرٌ مناخرُها من الجرجار (1)
قال : ولم يكن النابغة وأوس وزهير يحسنون صفة الخيل ، ولكن طفيل الخيل غاية في النعت، وهو فحل ، ثم أنشد له : ( من الطويل )
يُرادي عَلى فَأسِ اللِجَامِ كَأَنَّما يُرادي بِهِ مِرقاةُ جِذعٍ مُشَذَّبِ
قوله يُرادي (2) على فأس اللجام ، تقول راودته على كذا : أي حاولته عليه ، ويقال أردته أيضا وإنما يصف عنقه ، وهو جيد الصفة للخيل جدا ، قال: والنابغة الجعدى (3) فحل (4) ، ثم أنشد :
__________
(1) عجز بيت من الكامل ، والبيت بتمامه :
... ... يَتَحَلَّبُ اليَعضيدُ مِن أَشداقِها صُفراً مَناخِرُها مِنَ الجِرجارِ
وفي الديوان ( صفرا ) بالنصب على الحال
(2) رادَى الرجلَ: داراهُ وراوَدَهُ، وراوَدْتُه على الأَمرِ وراديْتُه مقلوب منه. قال ابن سيده: رادَيْته على الأَمْر راوَدْته كأَنه مَقْلُوبٌ، أَبو عمرو: رادَيْت الرجل وداجَيْته ودالَيْته وفانَيْته بمعنىً واحِدٍ. اللسان ( ردي )
(3) النّابِغَةِ الجَعدِيّ : 54 ق. هـ - 50 هـ / 570 - 670 م
قيس بن عبد الله، بن عُدَس بن ربيعة، الجعدي العامري، أبو ليلى. شاعر مفلق، صحابي من المعمرين، اشتهر في الجاهلية وسمي النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثمَّ نبغ فقاله، وكان ممن هجر الأوثان، ونهى عن الخمر قبل ظهور الإسلام. ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وأدرك صفّين فشهدها مع علي كرم الله وجهه، ثم سكن الكوفة فَسَيّره معاوية إلى أصبهان مع أحد ولاتها فمات فيها وقد كُفَّ بصره وجاوز المائة.
(4) جملة ( قال والنابغة الجعدي فحل ) جاءت في المخطوط بعد بيت الشعر السابق مباشرة قبل شرح يراد على فأس ، والمكان الصحيح لهذه الجملة هو هنا .(1/14)
يشد الشُئون أو أراد ليَزْفرا (1)
وقد أحسن في قصيدته التي يقول فيها: ( من البسيط )
تِلكَ المَكارِمُ لا قَعبانِ مِن لَبَنٍ شِيبا بِماءٍ فَعادا بَعدُ أَبوالا
قلت : ما مذهبه في ذا ؟ فإن هذا البيت يدخل في شعر غيره ، قال : لما قال سو ار بن الحياء (2) القشيري: ومنا ناشدُ رجله (3) ، ومنا الذي أَسَرَ حاجبا ، ومنا الذي سقى اللبن ، قال النابغة حينئذ: ... ... ...
تِلكَ المَكارِمُ لا قَعبانِ مِن لَبَنٍ
قال الأصمعي: لو كانت هذه القصيدة للنابغة الأكبر بلغت كل مبلغ .
قلت : فالأعشى أعشى بنى قيس بن ثعلبة (4) ؟
__________
(1) عجز بيت من الطويل ، ولم أعثر في ديوانه على بيت عجزه هذا الذي ذُكر ، ووجدت البيتين التاليين في قصيدتين مختلفتين في ديوانه :
شَديدُ قُلاتِ المِرفَقَين كَأَنَّما بِهِ نفَسٌ أَو قَد أَرادَ لِيَزفِرا
شَدِيدُ قِلاَتِ المَوقِفَينِ كَأَنَّمَا نَهى نَفَساً أَو قَد أَرادَ لِيَزفِرا
(2) هو سوار بن أوفى بن سبرة القشيري ، له ذكر في المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء ، ص 189
(3) قال الجاحظ في كتابه البرصان والعرجان ، ص 265 / الموسوعة الشعرية : قطعت في الحرب رجل حاتم بن عتاب بن قيس بن الأعور بن قشير، وهو الذي كان ينشد رجله وهو يقاتل، فسمي ناشد رجله، وهو الذي كان يحجل يوم اليرموك على الأخرى ويقاتل الروم، وذهب إلى قدر زيت تغلي فأدخل رجله فيها لتكويها ويقطع عنها النزف، فقال شاعرهم سوار بن الحياء القشيري :
أبو حمل أعني ربيعة لم يزل لدن شب حتى مات في الحمد راغبا
ومنا ابن عتاب وناشد رجله ومنا الذي أدى إلى الحرب حاجبا
(4) الأعشى : ? - 7 هـ / ? - 628 م
ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير. من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات. كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، غزير الشعر، يسلك فيه كلَّ مسلك، وليس أحدٌ ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. وكان يُغنّي بشعره فسمّي (صناجة العرب). قال البغدادي: كان يفد على الملوك ولا سيما ملوك فارس فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية (منفوحة) باليمامة قرب مدينة الرياض وفيها داره وبها قبره.(1/15)
قال: ليس بفحل .
قلت: فعلقمة بن عبدة (1) ؟ قال فحل .
قلت: فالحارث بن حلزة (2) ؟ قال: فحل .
قلت: فعمرو بن كلثوم (3) ؟ قال: ليس بفحل .
__________
(1) علَقَمَةِ الفَحل : ? - 20 ق. هـ / ? - 603 م
علقمة بن عَبدة بن ناشرة بن قيس، من بني تميم. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان معاصراً لامرئ القيس وله معه مساجلات. وأسر الحارث ابن أبي شمر الغساني أخاً له اسمه شأس، فشفع به علقمة ومدح الحارث بأبيات فأطلقه. شرح ديوانه الأعلم الشنتمري، قال في خزانة الأدب: كان له ولد اسمه عليّ يعد من المخضرمين أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره.
(2) الحارث بن حلزة : ? - 54 ق. هـ / ? - 570 م
الحارث بن حِلِّزَة بن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي. شاعر جاهلي من أهل بادية العراق، وهو أحد أصحاب المعلقات. كان أبرص فخوراً، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند الملك بالحيرة، جمع بها كثيراً من أخبار العرب ووقائعهم حتى صار مضرب المثل في الافتخار، فقيل: أفخر من الحارث بن حلّزة.
(3) عمرو بنِ كُلثوم : ? - 39 ق. هـ / ? - 584 م
عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب، أبو الأسود، من بني تغلب. شاعر جاهلي، من الطبقة الأولى، ولد في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة وتجوّل فيها وفي الشام والعراق ونجد. كان من أعز الناس نفساً، وهو من الفتاك الشجعان، ساد قومه (تغلب) وهو فتىً وعمّر طويلاً وهو الذي قتل الملك عمرو بن هند. أشهر شعره معلقته التي مطلعها : (ألا هبي بصحنك فاصبحينا ......)،
يقال: إنها في نحو ألف بيت وإنما بقي منها ما حفظه الرواة، وفيها من الفخر والحماسة العجب، مات في الجزيرة الفراتية. قال في ثمار القلوب: كان يقال: فتكات الجاهلية ثلاث: فتكة البراض بعروة، وفتكة الحارث بن ظالم بخالد بن جعفر، وفتكة عمرو بن كلثوم بعمرو بن هند الملك، فتك به وقتله في دار ملكه وانتهب رحله وخزائنه وانصرف بالتغالبة إلى بادية الشام ولم يصب أحد من أصحابه.(1/16)
قلت: فالمسيب بن علس (1) ؟ قال: فحل.
قلت: فعدى بن زيد (2) ، أفحل هو؟ قال: ليس بفحل ولا أنثى.
__________
(1) المسيب بن عَلس : 100 - 48 ق. هـ / 525 - 575 م
المسيب بن مالك بن عمرو بن قمامة، من ربيعة بن نزار. شاعر جاهلي، كان أحد المقلّين المفضلين في الجاهلية. وهو خال الأعشى ميمون وكان الأعشى راويته. وقيل اسمه زهير، وكنيته أبو فضة. له ديوان شعر شرحه الآمدي.
(2) عدي بن زيد : ? - 36 ق. هـ / ? - 587 م
عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي. شاعر من دهاة الجاهليين، كان قروياً من أهل الحيرة، فصيحاً، يحسن العربية والفارسية، والرمي بالنشاب. وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، الذي جعله ترجماناً بينه وبين العرب، فسكن المدائن ولما مات كسرى وولي الحكم هرمز أعلى شأنه ووجهه رسولاً إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية، فزار بلاد الشام، ثم تزوج هنداً بنت النعمان. وشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة.(1/17)
قال أبو حاتم : وإنما سألته لأنى سمعت ابن مناذر (1) لا يقدم عليه أحدا.
قلت: فحسان بن ثابت (2) ؟ قال: فحل .
قلت: فقيس بن الخطيم (3) ؟
__________
(1) محمد بن مناذر أبو ذريح وقيل أبو عبد الله الشاعر البصري مولى عبد الله بن أبي بكرة، مدح المهدي وغيره وكان فصيحاً قدم بغداذ وتنسك ثم عاد إلى البصرة فابتلي بمحبة بن عبد الوهاب الثقفي فسقط فمات فرثاه ابن مناذر ومات بعده بيسير سنة ثمان وتسعين ومائة، قال الثوري: سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من أيام النحر ما كانت العرب تسميه فقال: لا أعلم، فلقيت ابن مناذر فأخبرته فقال: أخفي هذا على أبي عبيدة؟ هذه أيام متواليات كلها على حرف الراء، فالأول يوم النحر والثاني يوم القر والثالث يوم النفر والرابع يوم الصدر، قال: فلقيت أبا عبيدة فأخبرته فكتبه عني عن محمد بن مناذر، أسند ابن مناذر عن شعبة وعن ابن عيينة وغيرهما، وقد أسقط يحيى بن معين روايته قال: وكان صاحب شعر لا صاحب حديث، كان يتعشق عبد المجيد ويقول فيه الشعر ويشبب بنساء ثقيف فطردوه من البصرة فخرج إلى مكة . الوافي بالوفيات ـ والأغاني
(2) حَسّان بن ثابِت : ? - 54 هـ / ? - 673 م
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد.
شاعر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام. وكان من سكان المدينة. واشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام، وعمي قبل وفاته.لم يشهد مع النبي (صلى الله عليه وسلم) مشهداً لعلة أصابته. توفي في المدينة. قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام. وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.
(3) قَيس بن الخَطيم : ? - 2 ق. هـ / ? - 620 م
قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو يزيد. شاعر الأوس وأحد صناديدها في الجاهلية. أول ما اشتهر به تتبعه قاتلي أبيه وجده حتى قتلهما، وقال في ذلك شعراً. وله في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار كثيرة. أدرك الإسلام وتريث في قبوله، فقتل قبل أن يدخل فيه.(1/18)
قال: فحل.
قلت: فالمرقشان (1) ؟ قال: فحلان.
قلت: فابن قميئة (2) ؟ قال: فحل ، قال: هو قميئة بن سعد بن مالك، وكنيته أبو يزيد.
قلت: فأبو زبيد (3) ؟
__________
(1) هما المرقش الأصغر ، والمرقش الأكبر :
المرقش الأصغر : ? - 54 ق. هـ / ? - 570 م
ربيعة بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة. شاعر جاهلي من أهل نجد، من شعراء الطبقة الثانية، أشعر المرقشين، وكان من أجمل الناس وجهاً وأحسنهم شعراً، كلف بفاطمة بنت الملك المنذر وأكثر من ذكرها في شعره، وهو عمُّ طرفة بن العبد. أشهر شعره حائيته وهي إحدى المجمهرات مطلعها: أمن رسم داء عينيك يسفح . وفي الأمثال: أيتم من المرَقِّش.
المرقش الأكبر : ? - 72 ق. هـ / ? - 552 م
عوف (وقيل عمرو) بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس من بني بكر بن وائل. شاعر جاهلي من المتيمين الشجعان عشق ابنة عم له إسمها (أسماء) وقال فيها شعراً كثيراً، يحسن الكتابة وشعره من الطبقة الأولى، ضاع أكثره، ولد باليمن ونشأ بالعراق واتصل مدة بالحارث بن أبي شمر الغساني واتخذه الحارث كاتباً له. والمرقش لقب غلب عليه لقوله:
الدار قفر والرسوم كما رقّش في ظهر الأديم قلم
وتزوجت عشيقته برجل من بني مراد فمرض المرقش زمناً ثم قصدها فمات في حبها. وهو عم المرقش الأصغر (ربيعة بن سفيان).
(2) سبقت ترجمته = عمرو بن قميئة
(3) أبو زبيد الطائي : ? - 41 هـ / ? - 661 م
حرملة بن المنذر بن معد يكرب بن حنظلة يتصل نسبة بيعرب بن قحطان. شاعر جاهلي من قبيلة طيء في اليمن، هاجرت قبيلته إلى الحجاز واستولت على جبلي أجأ وسلمى فعُرفا بجبل طيء وكان جده (النعمان بن حيّة بن سعنة) قد ولي ملك الحيرة من قبل كسرى. وهو من المعمرين ويروى أنه عاش مائة وخمسين عاماً وأدرك الإسلام واسلم واستعمله عمر بن الخطاب على صدقات قومه بني طيء وفي بعض الروايات أنه بقي على النصرانية ولم يعتنق الإسلام بينما تقول روايات أخرى أنه أسلم على يد صديقه الحميم الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وكان قد رثى عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب. ورافق الوليد في اعتزاله علياً ومعاوية فأقام معه نديماً في الرقة ثم توفي بعده بقليل ودفن إلى جانبه هناك.(1/19)
قال: ليس بفحل.
قلت: فالشماخ (1) ؟ قال: فحل . قال الأصمعي : وأخبرني من راى قبر الشماخ بأرمينية .
قلت: فمزرّد (2) أخوه ؟ قال: ليس بدون الشماخ ، ولكنه أفسد شعره بما يهجو الناس.
قال: وأخبرني الأصمعي قبل هذا أن أهل الكوفة لا يقدمون على الأعشى أحدا، قال: وكان خلف (3) لا يقدم عليه أحدا، قال أبو حاتم: لأنه قال في كل عروض، وركبَ كل قافية.
قلت فعروة بن الورد (4) ؟
__________
(1) الشماخ الذبياني : ? - 22 هـ / ? - 642 م
الشماخ بن ضرار بن حرملة بن سنان المازني الذبياني الغطفاني. شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وهو من طبقة لبيد والنابغة. كان شديد متون الشعر، ولبيد أسهل منه منطقاً، وكان أرجز الناس على البديهة. جمع بعض شعره في ديوان. شهد القادسية، وتوفي في غزوة موقان. وأخباره كثيرة. قال البغدادي وآخرون: اسمه معقل بن ضرار، والشماخ لقبه.
(2) المزرد الغطفاني : ? - 10 هـ / ? - 631 م
مزرد بن ضرار بن حرملة بن سنان المازني الذبياني الفطفاني. فارس شاعر جاهلي، أدرك الإسلام في كبره وأسلم ويقال: اسمه يزيد غلب عليه لقبه مزرد، وهو الأخ الأكبر للشماخ ( معقل بن ضرار المتوفى سنة 22 هـ 642 م. خبيث اللسان، حلف لا ينزل به ضيف إلا هجاه، ولا يتنكب بيته إلا هجاه، وهو القائل في وصف آشعاره في الهجاء من أبيات: ومن نرمه منها ببيت يلح به كشامة وجه ليس للشام غاسل
(3) خلف الأحمر : ? - 180 هـ / ? - 796 م
خلف بن حسان الأحمر أبو محمد وأبو محرز.، كان مولى أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أعتقه وأعتق أبويه. وكان أعلم الناس بالشعر ، وكان شاعراً ، ووضع على شعراء عبد القيس شعراً موضوعاً كثيراً وعلى غيرهم عبثاً بهم، فأخذ عنه أهل البصرة وأهل والكوفة ، وأخذ النحو عن عيسى بن عمرو وأخذ اللغة عن أبي العلاء. وكان يضرب به المثل في الشعر ، وكان يقرأ القرآن في كل يوم وليلة.
(4) عُروة بن الوَرد : ? - 30 ق. هـ / ? - 593 م
عروة بن الورد بن زيد العبسي، من غطفان. من شعراء الجاهلية وفرسانها وأجوادها. كان يلقب بعروة الصعاليك لجمعه إياهم، وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم. قال عبدالملك بن مروان: من قال إن حاتماً أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد.(1/20)
قال شاعر كريم، وليس بفحل.
قلت فالحويدرة (1) ؟ قال: لو قال مثل قصيدته خمس قصائد / كان فحلا.
قلت: فمُهَلهِل (2) ؟ قال: ليس بفحل، ولو كان قال مثل قوله: ... ... ... ... 2 أ
أَلَيلَتَنا بِذي حُسُمٍ أَنيري (3)
كان أفحلهم ، قال: وأكثر شعره محمول عليه .
قلت: فأبو دؤاد (4) ؟
__________
(1) الحادرة لقب غلب عليه، والحويدرة أيضاً، واسمه قطبة بن أوس بن محصن بن جرول ، شاعر جاهلي مقل. وإنما سمي الحدرة بقول زبان بن سيار الفزاري له:
كأنك حادرة المنكبي ن رصعاء تنقض في حائر
عجوز ضفادع محجوبة يطيف بها ولدة الحاضر
والحادرة: الضخم. وذكر أبو عمرو الشيباني أن الحادرة خرج هو وزبان الفزاري يصطادان فاصطادا جميعاً، فخرج زبان يشتوي ويأكل في الليل وحده؛ فقال الحادرة:
كأنك حادرة المنكبي ن رصعاء تنقض في حائر
فقال له الحادرة:
لحا الله زبان من شاعرٍ أخي خنعة فاجر غادر
كأنك فقاحة نورت مع الصبح في طرف الحائر
فغلب هذا اللقب على الحادرة. الأغاني
(2) المهلهل بن ربيعة : ? - 94 ق. هـ / ? - 531 م
عدي بن ربيعة بن مرّة بن هبيرة من بني جشم، من تغلب، أبو ليلى، المهلهل. من أبطال العرب في الجاهلية من أهل نجد. وهو خال امرئ القيس الشاعر. قيل: لقب مهلهلاً، لأنه أول من هلهل نسج الشعر، أي رققه. وكان من أصبح الناس وجهاً ومن أفصحهم لساناً. عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء، فسماه أخوه كليب (زير النساء) أي جليسهن.ولما قتل جساس بن مرة كليباً ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو، وآلى أن يثأر لأخيه، فكانت وقائع بكر وتغلب، التي دامت أربعين سنة، وكانت للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة. أما شعره فعالي الطبقة.
(3) صدر بيت من الوافر ، والبيت بتمامه :
... ... أَلَيلَتَنا بِذي حُسُمٍ أَنيري إِذا أَنتِ اِنقَضَيتِ فَلا تَحوري
وذو حُسُم : وادٍ بنجد . معجم ما استعجم 1/446
(4) أبو دؤاد الإيادي : 146 - 79 ق. هـ / 480 - 545 م
جارية بن الحجّاج بن حذاق الإياديّ وقيل حنظلة بن الشرقي. شاعر جاهلي، وهو أحد نعات الخيل المجيدين، وإنما أحسن نعت الخيل لأنه كان على خيل النعمان بن منذر. وكان أبو داود قد جاور كعب بن أمامة الإيادي فكان إذا هلك له بعير أو شاة أخلفها، فضرب المثل به فقالوا : كجار أبي داود وقيل جار أبي داود هو الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان. قال الأصمعي: كانت العرب لا تروي أشعار أبي داود لأن ألفاظه ليست بنجدية له شعر في الأصمعيات.(1/21)
قال: صالح ، لم يقل إنه فحل .
قلت: فالراعي (1) ؟ قال: ليس بفحل .
قلت: فابن مقبل (2) ؟ قال: ليس بفحل.
قال أبو حاتم: وسألت الأصمعي من أشعر: الراعي أم ابن مقبل؟ قال: ما أقربهما، قلت : لا يقنعنا هذا، قال: الراعي أشبه شعراً بالقديم وبالأول.
__________
(1) الراعي النُمَيري : ? - 90 هـ / ? - 708 م
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل. من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد. وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة. عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات. وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
(2) ابن مقبل : 70 ق. هـ - 37 هـ / 554 - 657 م
تميم بن أبيّ بن مقبل من بني العجلان من عامر بن صعصعة أبو كعب. شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم فكان يبكي أهل الجاهلية !!
عاش نيفاً ومئَة سنة وعدَّ في المخضرمين وكان يهاجي النجاشي الشاعر. له (ديوان شعر -ط) ورد فيهِ ذكر وقعة صفين سنة 37ه.(1/22)
قلت: فابن أحمر الباهلي (1) ؟ قال: ليس بفحل ، ولكن دون هؤلاء وفوق طبقته.
قال: وأرى أن مالك بن حريم الهمداني (2) من الفحول.
قال: ولو قال ثعلبة بن صعير المازني (3)
__________
(1) أورد الآمدي في المؤتلف والمختلف من يقال له ابن أحمر أربعة، وقال: منهم عمرو بن أحمر الباهلي. قال ابن حبيب: هو عمرو بن أحمربن العمرد بن عامر بن عبد شمس بن عبد بن قدام بن فراص بن معن، الشاعر الفصيح، كان يتقدم شعراء أهل زمانه. وأورده ابن حجر في قسم المخضرمين من الإصابة وقال: قال المرزباني: هو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم، وغزا مغازي في الروم، وأصيب بإحدى عينيه هناك، ونزل الشام وتوفي على عهد عثمان بعد أن بلغ سناً عالية. وقال أبو الفرج: كان من شعراء الجاهلية المعدودين، ثم أسلم وقال في الجاهلية والإسلام شعراً كثيراً، ومدح الخلفاء الذين أدركهم، ولم يلق أبا بكر، ومدح عمر فمن دونه إلى عبد الملك بن مروان. وهذا يخالف قول المرزباني: إنه في عهد عثمان. خزانة الأدب الشاهد 460
(2) مالك بن حريم الهمداني : ? - ? هـ / ? - ? م
مالك بن حريم، وقيل خريم، بن دالان بن عبد الله بن حبيش الهمداني. شاعر وسيد في قومه وكان كريم الأخلاق واسع الصدر، وهو فارس شجاع صاحب مغازي همدان، جاهلي يماني. كان يقال له (مفزع الخيل) ويعد من فحول الشعراء. وهو أحد وصّافي الخيل المشهورين. كما تحدث في شعره عن معاناته الذاتية حين كانت تعصف به هموم الأخذ بالثأر لقتيل من أبناء قومه، وربما بلغ التعبير عن هذه المعاناة ذروته حين اتصل الأمر بأخ له قتله بني قمير غيلة، فأغار عليهم وقتل سيدهم بأخيه.
(3) ثعلبة المازني : ? - ? هـ / ? - ? م
ثعلبة بن صُعير بن خزاعي المازني التميمي المري. شاعر جاهلي، من شعراء المفضليات، له قصيدة فيها من الطوال، أورد شارحها التبريزي نسبه إلى عدنان، وأشار القالي إلى ابتكاره بعض المعاني في شعره ومنها بيت أخذ لبيد معناه. قال الأصمعي: وهو أقدم من جد لبيد. وقد وردت ترجمة في الإجابة الرقة / 942 ) لثعلبة بن صعير القضاعي العذري فقيل : .. هذا الكلام ليس بصحيح ، فصاحبنا من بني مرة وهذا من عذرة .(1/23)
مثل قصيدته خمسا كان فحلا.
قلت: فكعب بن جعيل (1) ؟ قال: أظنه من الفحول ولا أستيقنه.
قلت: فجرير (2) والفرزدق (3) والأخطل (4) ؟ قال: هؤلاء لو كانوا في الجاهلية كان لهم شأن، ولا أقول فيهم شيئا لأنهم إسلاميون.
قال أبو حاتم: وكنت أسمعه يفضل جريرا على الفرذدق كثيرا فقلت له: يوم دخل عليه
__________
(1) كعب بن جعيل : ? - 55 هـ / ? - 675 م
كعب بن جعيل بن قمير بن عجرة التغلبي. شاعر تغلب في عصره مخضرم عرف في الجاهلية والإسلام. كان لا ينزل بقوم إلا أكرموه وضربوا له قبة. أدركه الأخطل في صباه وهاجاه وكان في زمن معاوية. وشهد معه وقعة (صفين) قال المرزباني: وهو شاعر معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام يمدحهم ويرد عنهم.
(2) سبقت ترجمته .
(3) الفَرَزدَق : 38 - 110 هـ / 658 - 728 م
همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس. شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة. يشبه بزهير بن أبي سلمى وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الإسلاميين. وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر. كان شريفاً في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه. لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المئة
(4) الأَخطَل : 19 - 90 هـ / 640 - 708 م
غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو، أبو مالك، من بني تغلب. شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل. نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.(1/24)
عصام بن الفيض : إني أريد أن أسألك عن شيء، ولو أن عصاما يعلمه من قبلك لم أسألك، ثم قلت: سمعتك تفضل جريرا على الفرزدق غير مرة ، فما تقول فيهما وفي الأخطل؟ فأطرق ساعة، ثم أنشد بيتا من قصيدته : ( من الطويل )
لَعَمري لَقَد أَسرَيتُ لا لَيلَ عاجزِ بِساهِمَةِ الخَدّين طاويَةِ القُربِ (1)
فأنشد أبياتا زُهاء العشرة، ثم قال: من قال لك إن في الدنيا أحدا قال مثلها قبله ولا بعده فلا تصدقه، ثم قال: أبو عمرو بن العلاء كان يفضله ، سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لو أدرك
الأخطل من الجاهلية يوما واحدا ما قدمت عليه جاهليا ولا إسلاميا، ثم قال الأصمعي:أنشدت أبا عمرو بن العلاء شعرا فقال: ما يطيق هذا من الإسلاميين أحد ولا الأخطل.
قال أبو حاتم: وسألته عن الأغلب (2) : أفحل هو من الرجاز ؟ فقال: ليس بفحل ولا مفلح، وقال: أعياني شعره، وقال لي مرة : ما أروى للأغلب إلا اثنتين ونصفا، قلت: كيف قلت نصفا ؟ قال: أعرف له ثنتين، وكنت أروى نصفا من التي على القاف فطوَّلوها، ثم قال: كان ولده يزيدون في شعره حتى أفسدوه..
قال أبو حاتم: وطلب منه إسحاق/ بن العباس رجز الأغلب وطلبه منى، فأعرته، 2ب فأخرج منها نحوا من عشرين ، فقلت: ألم تزعم أنك لا تعرف له إلا اثنتين ونصفا ؟ قال لي : بلى، ولكنني انتقيت ما أعرف، فإن لم يكن له فهو لغيره ممن هو ثبت أو ثقة.
قال أبو حاتم: وكان أروى الناس للرجز الأصمعي .
__________
(1) في ديوانه : بِساهِمَةِ العَينَينِ
(2) الأغلب العجلي : 70 ق. هـ - 21 هـ / 552 - 642 م
الأغلب بن عمرو بن عبيدة بن حارثة، من بنى عجل بن لجيم، من ربيعة. شاعر راجز معمر، أدرك الجاهلية والإسلام وتوجه مع سعد بن أبي وقاص غازياً فنزل الكوفة، واستشهد في واقعة نهاوند. وهو أول من أطال الرجز. قال الآمدي: هو أرجز الرجاز وأرصنهم كلاماً وأصحهم معاني. وقال البكري في شرح نوادر القالي: الأغلب العجلي آخر من عمر في الجاهلية عمراً طويلاً.(1/25)
قال أبو حاتم: سمعت مرة نجرانيا كان قد طاف بنواحي خراسان، فسأله فقال: أخبرني فلان بالري أنك تروى اثنتي عشرة ألف أرجوزة ، قال: نعم، أربع عشرة ألف أرجوزة أحفظها، فتعجبت، فقال لي : أكثرها قصار، قلت: اجعلها بيتا بيتا !! أربعة عشر ألف بيت !! قال الأصمعي: إنما أعياني شعر الأغلب ، قال خلف: فكان من ولده إنسان يصدق في الحديث والروايات ويكذب عليه في شعره.
قلت: فحاتم الطائي (1) ؟ قال: حاتم إنما يعد بكرم، ولم يقل إنه فحل.
قلت: فمعقّر البارقي (2) حليف بني نمير: قال: لو أتم خمسا أو ستا لكان فحلا ، ثم قال: لم أرَ أقل شعرا من كلب وشيبان.
قلت: فأبو ذؤيب الهذلي (3) ؟
__________
(1) حاتَم الطائي : ? - 46 ق. هـ / ? - 577 م
حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، أبو عدي. شاعر جاهلي، فارس جواد يضرب المثل بجوده. كان من أهل نجد، وزار الشام فتزوج من ماوية بنت حجر الغسانية، ومات في عوارض (جبل في بلاد طيء)
(2) هو معقر ابن الحارث بن أوس بن حمار بن شجنة بن مازن بن ثعلبة بن كنانة بن سعد وهو بارق بن عدي بن حارثة بن عمرو بن
عامر. شاعر محسن متمكن وهو القائل في قصيدته المختارة:
تهيبك الأسفار من خشية الردى وكم قد رأينا من ردى لا يسافر
وألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر
المؤتلف والمختلف
(3) أبو ذُؤَيب الهذلي : ? - 27 هـ / ? - 648 م
خويلد بن خالد بن محرِّث أبو ذُؤيب من بني هذيل بن مدركة المضري. شاعر فحل، مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وسكن المدينة واشترك في الغزو والفتوح، وعاش إلى أيام عثمان فخرج في جند عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى إفريقية سنة (26 هـ) غازياً. فشهد فتح آفريقية وعاد مع عبد الله بن الزبير وجماعة يحملون بشرى الفتح إلى عثمان، فلما كانوا بمصر مات أبو ذؤيب فيها. وقيل مات بإفريقية. أشهر شعره عينية رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد مطلعها: "أمن المنون وريبه تتوجع". قال البغدادي: هو أشعر هذيل من غير مدافعة. وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفاته، فأدركه وهو مسجّى وشهد دفنه. له (ديوان أبي ذؤيب - ط).(1/26)
قال: فحل
قلت: فساعدة بن جؤيّة (1) ؟ قال: فحل
قلت: فأبو خراش (2) ؟ قال: فحل
قلت: فأعشى همدان (3) ؟ قال: هو من الفحول، وهو إسلامي كثير الشعر.
وسألت الأصمعي عن كعب بن سعد الغنوى (4) ،
__________
(1) ساعِدَة الهذلي : ? - ? هـ / ? - ? م
ساعِدَة بن جُؤَيَّة بن كعب بن كاهل من سعد هذيل. شاعر، من مخضرمي الجاهلية والإسلام، أسلم وليست له صحبة قال الأمدي: شعره محشو بالغريب والمعاني الغامضة، له (ديوان شعر - ط).
(2) أبو خراش الهذلي : ? - 15 هـ / ? - 636 م
أبو خراش الهذلي خويلد بن مرة الهذلي المضري. شاعر مخضرم، وفارس فاتك مشهور، أدرك بالعدو، فكان يسبق الخيل. أسلم وهو شيخ كبير، وعاش إلى زمن عمر، وله معه أخبار، نهشته أفعى فقتلته. له شعر مطبوع في ديوان الهذليين.
(3) أعشى همدان : ? - 83 هـ / ? - 702 م
عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث بن نظام بن جشم الهمداني. شاعر اليمانيين، بالكوفة وفارسهم في عصره. ويعد من شعراء الدولة الأموية. كان أحد الفقهاء القراء، وقال الشعر فعرف به وكان من الغزاة أيام الحجاج، غزا الديلم وله شعر كثير في وصف بلادهم ووقائع المسلمين معهم. ولما خرج عبد الرحمن بن الأشعث انحاز الأعشى إليه واستولى على سجستان معه وقاتل رجال الحجاج الثقفي. ثم جيء به إلى الحجاج أسيراً بعد مقتل الأشعث، فأمر به الحجاج فضربت عنقه.
(4) كعب بن سعد الغَنوي : ? - 5 ق. هـ / ? - 617 م
كعب بن سعد بن عمرو الغنوي، من بني غني من قيس بن عيلان. شاعر مخضرم مجيد من أهل الطبقة الثانية وشعره يحتج به عند أهل اللغة وكان له أخ يدعى أبا المغوار قتل في حرب ذي قار، رثاه فصارت من المراثي المعدودة عند العرب واشتهر بها وقد قال عنه الأصمعي بين أصحاب المراثي: ليس في الدنيا مثله. وكان يكثر من اقتباس الأمثال في شعره، فعرف بكعب الأمثال. وكان منزله في موضع يسمى رملة إنسان في شرقي الرجام (وهو جبل نزل بسفحه جيش أبي بكر في زحفه من المدينة إلى عُمان لحرب أهل الردة).(1/27)
قال: ليس من الفحول إلا في المرثية، فإنه ليس في الدنيا مثلها، قال: وكان يقال له كعب الأمثال .
وسألته عن خُفاف بن ندبة (1) وعنترة (2) والزبرقان بن بدر (3) ،
__________
(1) خفاف بن ندبة السلمي : ? - 20 هـ / ? - 640 م
خفاف بن ندبة بن عمير بن الحارث بن عمرو (الشريد) بن قيس بن عيلان السلمي. اشتهر بالنسبة إلى أمه ندبة بنت شيطان، وكانت سوداء سباها الحارث بن الشريد حين أغار على بني الحارث بن كعب، فوهبها لابنه عمير فولدت له خفافاً، وهو من فرسان العرب المعدودين، يُكنى أبا خُراشَة، أدرك الإسلام فأسلم وشهد فتح مكة وغزوة حنين والطائف، ومدح أبو بكر، وكان أحد أغربة العرب، وهو ابن عم الخنساء الشاعرة. وأكثر شعره مناقضات ، وروي عن الأصمعي قوله: خفاف ودريد بن الصمة أشعر الفرسان.
(2) عَنتَرَة بن شَدّاد : ? - 22 ق. هـ / ? - 601 م
عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي.أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن شعراء الطبقة الأولى. من أهل نجد. أمه حبشية اسمها زبيبة، سرى إليه السواد منها. وكان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفساً، يوصف بالحلم على شدة بطشه، وفي شعره رقة وعذوبة.وكان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفساً، يوصف بالحلم على شدة بطشه، وفي شعره رقة وعذوبة.كان مغرماً بابنة عمه عبلة فقل أن تخلو له قصيدة من ذكرها. اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر، وشهد حرب داحس والغبراء، وعاش طويلاً، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي
(3) الزبرقان بن بدر : ? - 45 هـ / ? - 665 م
حصين بن بدر بن خلف بن بهدلة، من تميم من بني بهدلة بن عوف بن كعب. شاعر صحابي مخضرم، عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم وسمي بالزبرقان لجماله الشبيه بالقمر، وقيل لأنه كان يصبغ عمامته بالزعفران. وهو سيد من سادات قومه وأحد رؤساء تميم المشهورين. وأبوه بدر من زعماء تميم وأمه من باهلة وذكر أنها عُكلية من بني أقيش . وزوجته ذات الخمار (هنيدة بنت صعصعة) عمة الشاعر الفرزدق ويمتاز شعره بحسن العبارة وجودة المعنى ومتانة السبك، وقد حارب الزبرقان في صفوف جيش خالد بن الوليد وعاش إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان. قال ابن حزم: وله عقب بطلبيرة، لهم بها تقدُّم، وكانوا أول نزولهم بالأندلس نزلوا بقرية ضخمة سميت الزبارقة نسبة إليهم ثم غلب الإفرنج عليها فانتقلوا إلى طلبيرة.(1/28)
قال: هؤلاء أشعر الفرسان، ومثلهم عباس بن مرداس السلمى (1) ، لم يقل إنهم من الفحول ، وبشر بن أبي خازم (2) ، وسمعت أباعمرو ابن العلاء يقول : قصيدته التي على الراء ألحقَتْهُ بالفحول : ( من الوافر )
أَلا بانَ الخَليطُ وَلَم يُدان وَقَلبُكَ في الظَعائِنِ مُستَعارُ (3)
قلت: فالأسود بن يعفر النَّهشلي (4) ؟
__________
(1) العَبّاسِ بنِ مِرداسِ : ? - 18 هـ / ? - 639 م
العباس بن مرداس بن أبي عامر السُلَمي، من مُضَر، أبو الهيثم. شاعر فارس، من سادات قومه، أمُّه الخنساء الشاعرة. أدرك الجاهلية والإسلام، وأسلم قُبيل فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم ويُدعى فارس العُبَيْد، وهو فرسه، وكان بدوياً قحاً، لم يسكن مكة ولا المدينة وإذا حضر الغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، لم يلبث بعده أن يعود إلى منازل قومه وكان ينزل في بادية البصرة وبيته في عقيقها، وهو وادٍ مما يلي سفوان، وأكثر من زيارة البصرة، وقيل: قدم دمشق وابتنى بها داراً. وكان ممن ذمّ الخمر وحرّمها في الجاهلية. مات في خلافة عمر.
(2) بشرُ بنُ أَبي خازِم : ? - 22 ق. هـ / ? - 601 م
بشر بن أبي خازم عمرو بن عوف الأسدي، أبو نوفل. شاعر جاهلي فحل، من الشجعان، من أهل نجد، من بني أسد بن خزيمة. كان من خبره أنه هجا أوس بن حارثة الطائي بخمس قصائد، ثم غزا طيئاً فجرح وأسره بنو نبهان الطائيون فبذل لهم أوس مائتي بعير وأخذه منهم، فكساه حلته وحمله على راحلته وأمر له بمائة ناقة وأطلقه، فانطلق لسان بشر بمدحه فقال فيه خمس قصائد محا بها الخمس السالفة. توفي قتيلاً في غزوة أغار بها على بني صعصعة بن معاوية، رماه فتى من بني واثلة بسهم أصاب ثندؤته.
(3) رواية الديوان : أَلا بانَ الخَليطُ وَلَم يُزاروا .....
(4) الأسود بن يعفر النهشلي : ? - 23 ق. هـ / ? - 600 م
الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي، أبو نهشل. شاعر جاهلي، من سادات تميم، من أهل العراق، كان فصيحاً جواداً، نادم النعمان ببن المنذر، ولما أسن كفّ بصره ويقال له: أعشى بني نهشل.(1/29)
قال: يشبه الفحول.
قلت : أرأيت عمرو (1) بن شأس الأسدي (2) ، ما قلت منه ، قال : ليس بفحل ، هو دون هؤلاء .
قلت : فلبيد بن ربيعة (3) ، قال : ليس بفحل ، وقال لي مرة أخرى : كان رجلاً صالحاً ، كأنه ينفي عنه جودة الشعر، وقال لي مرة : شعر لبيد كأنه طيلسان طبري ، يعني أنه جيّد الصنعة وليست له حلاوة .
قال : وجرادة بن عُميلة العنزي (4) له أشعار تشبه أشعار الفحول ، وهي قصار ، وهذا البيت له
( من الكامل )
/ أنَّى اهتديتِ وكنت غيرَ دليلةٍ ... شهدت عليك بما فعلت شهود 3 أ
قلت فأوس بن غلفاء الهجيمي (5) ، قال : لو كان قال عشرين قصيدة لحق بالفحول، ولكنه قُطِع به .
__________
(1) كتبت عمر .
(2) عمرو بن شأس الأسدي : ? - 20 هـ / ? - 640 م
عمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة الأسدي، أبو عِرار. شاعر جاهلي مخضرم، أدرك الإسلام وأسلم، عدّه الجمحي في الطبقة العاشرة من فحول الجاهلية، وقال: كثير الشعر في الجاهلية والإسلام، أكثر أهل طبقته شعراً. وهو القائل:
إذا نحن أولجنا وأنت أمامنا كفى لمطايانا برياك هاديا
وكان ذا قدر وشرف في قومه. قال التبريزي: أدرك الإسلام وهو شيخ كبير. وقال ابن حجر: شهد القادسية وله فيها أشعار.
(3) لَبيد بن ربيعة العامِري : ? - 41 هـ / ? - 661 م
لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري. أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. من أهل عالية نجد. أدرك الإسلام، ووفد على النبي (صلى الله عليه وسلم). يعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً. وسكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً. وهو أحد أصحاب المعلقات
(4) لم أقف لع على ترجمة.
(5) أوس الهُجَيمي : ? - ? هـ / ? - ? م
أوس بن غَلفاء الهُجَيمي التميمي. من شعراء المفضليات، له فيها قصيدة ميمية 21 بيتاً وعده الجمحي في الطبقة الثامنة من فحول الجاهلية.(1/30)
قال : وعميرة بن طارق اليربوعي (1) من رؤوس الفرسان، وهو الذي أسر قابوس بن المنذر ، وسألته عن خداش بن زهير العامري (2) ، قال: هو فحل .
قلت: فكعب بن زهير (3) بن أبي سلمى ؟ قال: ليس بفحل .
قلت: فزيد الخيل الطائي (4) ؟
__________
(1) عميرة بن طارق بن حصينة بن أريم بن عبيد بن ثعلبة ، ذكره النويري في نهاية الأرب ، ص 8860/ الموسوعة الشعرية ، عند حديثه عن يوم ذي طلوح ، وهو لبني يربوع على بكر . وكذا في أيام العرب في الجاهلية ، ص 184
(2) خِداش العامِري : ? - 6 هـ / ? - 627 م
خداش بن زهير العامري، من بني عامر بن صعصعة. شاعر جاهلي، من أشراف بني عامر وشجعانهم، كان يلقب (فارس الضحياء)، يغلب على شعره الفخر والحماسة. يقال أن قريش قتلت أباه في حرب الفجار، فكان خداش يكثر من هجوها. وقيل أدرك حنيناً، وشهدها مع المشركين.
(3) كَعبِ بنِ زُهَير : ? - 26 هـ / ? - 646 م
كعب بن زهير بن أبي سلمى، المازني، أبو المضرَّب. شاعر عالي الطبقة، من أهل نجد، كان ممن اشتهر في الجاهلية. ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم، دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وخلع عليه بردته. وهو من أعرق الناس في الشعر: أبوه زهير بن أبي سلمى، وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية.
(4) زيد الخيل الطائي : ? - 9 هـ / ? - 630 م
زيد بن مهلهل بن منهب بن عبد رضا من طيء، أبو مُكنف. من أبطال الجاهلية. لقب زيد الخيل لكثرة خيله أو لكثرة طراده بها، كان طويلاً جسيماً، من أجمل الناس. وكان شاعراً محسناً، وخطيباً لسناً، موصوفاً بالكرم وله مهاجاة مع كعب بن زهير. أدرك الإسلام ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة 9 هـ في وفد طيء فأسلم وسر به الرسول صلى الله عليه وسلم وسماه (زيد الخير). ومكث في المدينة سبعة أيام وأصابته حمى شديدة فخرج عائداً إلى نجد فنزل على ماء يقال له (فرده) فمات هناك.(1/31)
قال: من الفرسان .
قلت: فسليك بن السلكة (1) ؟ قال: ليس من الفحول ولا من الفرسان، ولكنه من الذين كانواة يغزون فيعدون على أرجهلم فيختلسون ، قال: ومثله ابن براقة الهمداني (2) ، ومثله حاجز الثمالي (3) من السرويين، وتأبط شرا (4) واسمه ثابت بن جابر، والشنفري (5)
__________
(1) السُليَك بن السَلَكَة : ? - 17 ق. هـ / ? - 606 م
السليك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي. والسلكة أمه، فاتك عدّاء، شاعر أسود، من شياطين الجاهلية يلقب بالرئبال، كان أعرف الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها. له وقائع وأخبار كثيرة إلا أنه لم يكن يغير على مُضَر وإنما يغير على اليمن فإذا لم يمكنه ذلك أغار على ربيعة. قتلهُ أسد بن مدرك الخثعمي، وقيل: يزيد بن رويم الذهلي الشيباني .
(2) عمرو بن براقة الهمداني ثم النهمي : وهو عمرو بن منبه بن شهر بن نهم بن ربيعة بن مالك بن معاوية بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيران ابن نوف بن همدان. شجاع فاتك شاعر وهو القائل في القصيدة الطويلة التي أولها:
تقول سليمى لا تعرض لتلفة وليلك من ليل الصعاليك نائم
المؤتلف والمختلف ، ص 66 ـ 67
(3) هو حاجز بن عوف بن الحارث بن الأخثم بن عبد الله بن ذهل بن مالك بن سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران بن عوف بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد. وهو حليف لبني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، وهو شاعر جاهلي مقل، ليس من مشهوري الشعراء، وهو أحد الصعاليك المغيرين على قبائل العرب، وممن كان يعدو على رجليه عدواً يستبق به الخيل. الأغاني 13/209
(4) تَأبَط شَراً : ? - 85 ق. هـ / ? - 540 م
ثابت بن جابر بن سفيان، أبو زهير، الفهمي. من مضر، شاعر عدّاء، من فتاك العرب في الجاهلية، كان من أهل تهامة، شعره فحل، قتل في بلاد هذيل وألقي في غار يقال له رخمان فوجدت جثته فيه بعد مقتله.
(5) الشنفرى : ? - 70 ق. هـ / ? - 554 م
عمرو بن مالك الأزدي، من قحطان.
شاعر جاهلي، يماني، من فحول الطبقة الثانية وكان من فتاك العرب وعدائيهم، وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم. قتلهُ بنو سلامان، وقيست قفزاته ليلة مقتلهِ فكان الواحدة منها قريباً من عشرين خطوة، وفي الأمثال (أعدى من الشنفري). وهو صاحب لامية العرب، شرحها الزمخشري في أعجب العجب المطبوع مع شرح آخر منسوب إلى المبرَّد ويظن أنه لأحد تلاميذ ثعلب. وللمستشرق الإنكليزي ردهوس المتوفي سنة 1892م رسالة بالانكليزية ترجم فيها قصيدة الشنفري وعلق عليها شرحاً وجيزاً .(1/32)
الأزدي السروي، وليس المنتشر (1) منهم، ولكن الأعلم الهذلي (2) منهم.
قال : وبالحجاز منهم وبالسراوة أكثر من ثلاثين، يعنى الذين كانوا يعدون على أرجلهم ويختلسون.
قال: وسلامة بن جندل (3) لو كان زاد شيئا كان فحلا .
قال: والمتلمس (4) رأس فحول ربيعة .
__________
(1) هو كما قال أبو عبيدة: ابن وهب بن سلمة بن كراثة بن هلال ابن عمرو بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان. وكان المنتشر رئيساً فارساً. وكان رئيس الأبناء يوم أرمام، وهو أحد يومي مضر في اليمن، كان يوماً عظيماً قتل فيه مرة بن عاهان، وصلاءة بن العنبر، والجموح، ومعارك. وقال الأصمعي: المنتشر هو ابن هبيرة بن وهب بن عوف بن حارث بن ورقة ابن مالك. وخبره كاملا في : خزانة الأدب 1/188 الشاهد ( 27 )
(2) حبيب الأعلم : ? - ? هـ / ? - ? م
حبيب بن عبد الله الهذلي الخثمي. هو أخو صخر الغي الهذلي أحد بني عمرو ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة. شاعر محسن من قبيلة هذيل، له شعر مجموع في ديوان الهذليين. المؤتلف والمختلف ـ ص 94 ـ 95
(3) سَلامَة بن جَندَل : ? - 23 ق. هـ / ? - 600 م
سلامة بن جندل بن عبد عمرو، أبو مالك، من بني كعب بن سعد التميمي. شاعر جاهلي من الفرسان، من أهل الحجاز. في شعره حكمة وجودة، يعد في طبقة المتلمس، وهو من وُصَّاف الخيل.
(4) المتلمس الضبعي : ? - 43 ق. هـ / ? - 580 م
جرير بن عبد العزى، أو عبد المسيح، من بني ضُبيعة، من ربيعة. شاعر جاهلي، من أهل البحرين، وهو خال طرفة بن العبد. كان ينادم عمرو بن هند ملك العراق، ثم هجاه فأراد عمرو قتله ففرَّ إلى الشام ولحق بآل جفنة، ومات ببصرى، من أعمال حوران في سورية. وفي الأمثال: أشأم من صحيفة المتلمس، وهي كتاب حمله من عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين وفيه الأمر بقتله ففضه وقُرِأ له ما فيه فقذفه في نهر الحيرة ونجا. وقد ترجم المستشرق فولرس ديوان شعره إلى اللغة الألمانية.(1/33)
قال: ودريد بن الصمة (1) من فحول الفرسان .
قال ودريد في بعض شعره أشعر من الذبياني ، وكاد يغلب الذبياني.
قلت: فأعشى باهلة (2) ، أمن الفحول هو ؟ قال: نعم، وله مرثية ليس في الدنيا مثلها، وهي :
( من البسيط )
... ... إنّي أَتَتني لِسانٌ مَا أُسَرُّ بها من عُلوَ لا عَجَبٌ فِيهَا ولا سَخَرُ
إنِّي أتَتنى لِسانٌ لا أُسَرُّ بِها من عُلوَ لا كَذِبٌ فِيهَا ولا سَخَرُ (3)
قال : وولد العجاج (4)
__________
(1) دُرَيد بن الصَمّة : ? - 8 هـ / ? - 629 م
دريد بن الصمة الجشمي البكري، من هوازن.شجاع من الأبطال الشعراء المعمرين في الجاهلية، كان سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم، وغزا نحو مئة غزوة لم يهزم في واحدة منها. وعاش حتى سقط حاجباه عن عينيه، أدرك الإسلام ولم يسلم، فقتل على دين الجاهلية يوم حنين. وقد استصحبته هوازن معها تيمّناً به وهو أعمى.
(2) أعشى باهلة : أبو قحفان عامر بن الحَرث بن رياح بن أبي خالد بن ربيعة بن زيد بن عمرو بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن. ومعن بن أعصر أبو باهلة وهي امرآة من همدان نسب إليها أولاد معن. شاعر جاهلي مجيد، أشهر شعره رائية له في رثاء أخيه لأمه (المنتشر بن وهب) أوردها البغدادي برمتها.ومن غرائب أخطاء الأصفهاني: أنه ذكر قصة مجلس فيه بشار بن برد ( المتوفى سنة 167 هـ 783م) وعقبة بن سلم وحماد عجرد وأعشى باهلة المتوفى في الجاهلية. وله شعر في الأصمعيات.
(3) رواية الديوان : إنّي أَتَتني لِسانٌ مَا أُسَرُّ بها من عُلوَ لا عَجَبٌ فِيهَا ولا سَخَرُ
(4) العجاج : ? - 90 هـ / ? - 708 م
عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي التميمي أبو الشعثاء. راجز مجيد، من الشعراء، ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها، ثم أدرك الإسلام وأسلم وعاش إلى أيام الوليد بن عبد الملك ففلج وأقعد، وهو أول من رفع الرجز، وشبهه بالقصيد، وكان بعيداً عن الهجاء وهو والد رؤبة الراجز المشهور.(1/34)
في الجاهلية، وكان حميد الأرقَط (1) يشذب الرجز وينقحه وينقيه. قال: ورأيته يستجيد بعض رجز أبي النجم (2) ، ويضعف بعضا، لأن له رديئا كثيرا، قال مَرةً: لا يعجبني شاعر اسمه الفضل بن قدامة ، يعني أبا النجم .
قال أبو حاتم: وسألت الأصمعي عن القُحَيف (3) العامري ،الذي قال في النساء، قال: ليس بفصيح ولا حجة .
وسألته عن زياد الأعجم (4) ،
__________
(1) حميد الأرقط: شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، وهو معاصر الحجاج. وهو حميد بن مالك بن ربعي بن مخاشن بن قيس بن نضلة بن أحيم ابن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وقيل: هو أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وهم ربيعة الجوع. وسمي الأرقط لآثار كانت بوجهه. والرقط النقط. والرقطة: سواد يشوبه نقط. والأرقط من الغنم: مثل. والأرقط: النمر. خزانة الأدب 3/395 ، معجم الأدباء 11/14 ـ 15
(2) أبو النجم العجلي : ? - 130 هـ / ? - 747 م
الفضل بن قدامة العجلي، أبو النجم، من بني بكر بن وائل. من أكابر الرجّاز ومن أحسن الناس إنشاداً للشعر. نبغ في العصر الأموي، وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان وولده هشام. قال أبو عمرو بن العلاء: كان ينزل سواد الكوفة، وهو أبلغ من العجاج في النعت.
(3) القحيف العقيلي : ? - 130 هـ / ? - 747 م
القحيف بن خمير بن سليم العقيلي. شاعر عده الجمحي في الطبقة العاشرة من الإسلاميين وكان معاصراً لذي الرمة، له تشبب بمحبوبته (خرقاء) وعاش إلى ما بعد يوم (الفلج) الذي قتل فيه يزيد ابن الطثرية (سنة 126 هـ) ورثاه. وشعره مجموع في (ديوان صغير). وانظر الاغاني
(4) زياد الأعجم : ? - 100 هـ / ? - 718 م
زياد بن سليمان أو سليم الأعجم، أبو أمامة العبدي، مولى بني عبد القيس. من شعراء الدولة الأموية وأحد فحول الشعر العربي بخراسان، كانت في لسانه عجمة فلقب بالأعجم، ولد ونشأ في أصفهان وانتقل إلى خراسان، فسكنها وطال عمره ومات فيها. ويروى أن المهلب بن أبي صفرة وهب له غلاماً فصيحاً ينشده شعره وذلك لعجمة في لسانه. وكان كثير الهجاء حتى أن قبيلة عبد القيس تبرأت منه. وقيل أنه كان يخرج وعليه قباء ديباج تشبهاً بالأعاجم فقنعه يزيد بن المهلب أسواطاً ومزق ثيابه وقال له: أبأهل الكفر والشرك تتشبه لا أم لك.(1/35)
فقال: حجة لم يتعلق عليه بلحن, وكنيته أبو أمامة.
قلت: فأخبرني عن عبد بني الحسحاس (1) ، قال: هو فصيح، وهو زنجي أسود.
قال : أبو دلامة (2) ، عبدٌ ، رأيتُهُ ، مولدٌ حبشيٌّ ، قلت : أفصيحا (3) كان؟ قال: هو صالح الفصاحة.
قال: وأبو عطاء السندي (4)
__________
(1) سحيم : ? - 40 هـ / ? - 660 م
سحيم. عبد حبشي اشتراه بنو الحسحاس وهم بطن من بني أسد. شاعر مجيد عرف بغزله الصريح وتشبيبهه ببنات أسياده. شاعر مخضرم أدرك الإسلام وأسلم وقد تمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من شعره، ويروى أنه تمثل قوله (كفى بالشيب والإسلام للمرء ناهيا). وقد مات قتلاً في زمن عمر بن الخطاب. ويقال أن سبب مقتله هو قوله:
فَلَقَد تَحَدَّرَ مِن جَبينِ فَتاتِكُم عَرَقٌ عَلى ظَهرِ الفِراشِ وَطيبُ
وقد رويت في ذلك أخبار ظاهرها الوضع !! وفيها ما يمس منزلة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2) أبو دُلامَة : ? - 161 هـ / ? - 777 م
زند بن الجون الأسدي. شاعر مطبوع من أهل الظرف والدعابة، أسود اللون، جسيم وسيم كان أبوه عبداً لرجل من أسد وأعتقه. نشأ في الكوفة واتصل بالخلفاء من بني العباس، فكانوا يستلطفونه ويغدِقون عليه صِلاتِهم، وله في بعضهم مدائح. وكان يتهم بالزندقة لتهتكه، وأخباره كثيرة متفرقة.
(3) كتبت أفصيح
(4) أبو عطاء السندي : ? - 180 هـ / ? - 796 م
أفلح بن يسار السندي، أبو عطاء. شاعر فحل قوي البديهة. كان عبداً أسود، من موالي بني أسد، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، نشأ بالكوفة، وتشيع للأموية، وهجا بني هاشم، وشهد حرب بني أمية وبني العباس، فأبلى مع بني أمية. قال البغدادي: مات عقب أيام المنصور (ووفاة المنصور سنة 158 هـ) وقال ابن شاكر: توفي بعد الثمانين والمئة. وكانت في لسانه عجمة ولغثة، فتبنى وصيفاً سماه (عطاء) وروّاه شعره، وجعل إذا أراد إنشاء شعر أمره فأنشد عنه، وكان أبوه سندياً عجمياً لا يفصح.(1/36)
عبدٌ أخرَبُ (1) مشقوق الأذن ، قلت أو كان في الأعراب ؟ قال: لا ، ولكنه فصيح.
قال عبد العزيز بن مروان لأيمن بن خريم الأسدي (2) : كيف ترى مولاي ، يعنى نُصَيبا (3) ؟ قال: هو أشعر أهل جلدته وكان أسود.
قال: وعمر بن أبي ربيعة (4)
__________
(1) يقال رجل أخْرَبُ للمشقوق الأذن، وكذلك إذا كان مثقوب الأذن. فإن انخرم بعد الثَقْبِ فهو أخْرَم. الصحاح ( خرب )
(2) أيمن بن خريم الأسدي :
أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي. ? - 80 هـ / ? - 700 م
من بني أسد شاعر كان من ذوي المكانة عند عبد العزيز بن مروان بمصر. ثم تحول عنه إلى أخيه بشر بن مروان بالعراق. وكان يشارك في الغزو وله رأي في السياسة عرض عليه عبد الملك مالاً ليذهب إلى الحجاز ويقاتل ابن الزبير فأبى وقال أبياتاً منها:
ولست بقاتل رجلاً يصلي معاذ الله من سفه وطيش
وكان به برص وهو ابن خريم الصحابي.
(3) نُصيب بن رباح : ? - 108 هـ / ? - 726 م
نصيب بن رباح أبو محجن. مولى عبد العزيز بن مروان، شاعر فحل، مقدم في النسيب والمدائح، كان عبداً أسوداً لراشد بن عبد العزى من كنانة، من سكان البادية، وأنشد أبياتاً بين يدي عبد العزيز بن مروان، فاشتراه وأعتقه. وكان يتغزل بأم بكر (زينب بنت صفوان) وهي كنانية، وفي بعض الروايات (زنجية). له شهرة ذائعة، وأخبار مع عبد العزيز بن مروان وسليمان بن عبد الملك والفرزدق وغيرهم. وكان يعد مع جرير وكثير عزة، وسئل عنه جرير، فقال: أشعر أهل جلدته، وتنسك في أواخر عمره، وكان له بنات، من لونه، امتنع عن تزويجهن للموالي ولم يتزوجهن العرب، فقيل له: ما حال بناتك؟ فقال: صببت عليهن من جلدي (بكسر الجيم) فكسدن علي! قال الثعالبي: وصرن مثلاً للبنت يضن بها أبوها فلا يرضى من يخطبها ولا يرغب فيها من يرضاه لها.
(4) عمر بن أبي ربيعة : 23 - 93 هـ / 643 - 711 م
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، أبو الخطاب. أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق، ولم يكن في قريش أشعر منه. ولد في الليلة التي توفي بها عمر بن الخطاب، فسمي باسمه. وكان يفد على عبد الملك بن مروان فيكرمه ويقربه. رُفع إلى عمر بن عبد العزيز أنه يتعرض للنساء ويشبب بهن، فنفاه إلى دهلك، ثم غزا في البحر فاحترقت السفينة به وبمن معه، فمات فيها غرقاً .(1/37)
مولد ، وهو حجة ، سمعت أبا عمرو بن العلاء يحتج في النحو بشعره ويقول: هو حجة.
وفضالة بن شريك الأسدي (1) ، وعبد الله بن الزَّبير (2) الأسدي وابن الرقيات (3) : هؤلاء مولدون، وشعرهم حجة، ورأيته طعن في الأقيشر (4)
__________
(1) هو فضالة بن شريك بن سلمان بن خويلد بن سلمة بن عامرٍ موقد النار بن الحريش بن نمير ابن والبة بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزارٍ. وكان شاعراً فاتكاً صعلوكاً مخضرماً أدرك الجاهلية والإسلام. وكان له ابنان شاعران، أحدهما عبد الله بن فضالة ، والثاني فاتك بن فضالة . الآغاني 12/71 ـ 80
(2) ابن الزَبير الأسدي : ? - 75 هـ / ? - 695 م
عبد الله بن الزبير بن الأشيم بن الأعشى بن بجرة بن قيس بن منقذ بن طريف الأسدي. شاعر من الكوفة من الشعراء المشهورين بالهجاء كان مرهوب اللسان كثير الهجاء سريع الغضب كثير التقلب. كوفي المنشأ والمنزل. ولما غلب مصعب بن الزبير على الكوفة جيئ به أسيراً فأطلقه وأكرمه فمدحه وانقطع إليه. وعمي بعد مقتل مصعب ومات في خلافة عبد الملك بن مروان له (ديوان شعر -ط) جمعه يحيى الجبوري ببغداد.
(3) عُبَيد الله بن الرُقَيّات : ? - 85 هـ / ? - 704 م
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات. شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي . أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
(4) الأُقَيشِرِ الأَسَدِيّ : ? - 80 هـ / ? - 699 م
المغيرة بن عبد الله بن مُعرض، الأسدي، أبو معرض. شاعر هجاء، عالي الطبقة من أهل بادية الكوفة، كان يتردد إلى الحيرة. ولد في الجاهلية ونشأ في أول الإسلام وعاش وعّمر طويلاً وكان (عثمانياً) من رجال عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وأدرك دولة عبد الملك بن مروان وقتل بظاهر الكوفة خنقاً بالدخان. لُقّب بالأقيشر لأنه كان أحمر الوجه أَقشر وكان يغضب إذا دُعي به، قال المرزباني: هو أحد مُجّان الكوفة وشعرائهم، هجا عبد الملك ورثى مصعب بن الزبير.(1/38)
ولم يلتفت إلى شعره، وقال: ولا يقال إلا رجل شرطي ، فقلت : قال الأقيشر: ( من الرمل )
... ... إِنَّما يَشرَبُ مِن أَموالِنا فَاسْألوا الشُرطِيَّ ما هَذا الغَضَب (1)
فقال: ذلك مولد .
قال: وابن هرمة (2) ثبت فصيح .
قال: وابن أذَينة (3) ثبت في طبقة ابن هرمة ، وهو دونه في الشعر، وقد كان مالك يروى عنه الفقه.
قال: وطفيل الكناني (4)
__________
(1) رواية الديوان : إِنَّما نَشرَبُ مِن أَموالِنا فَسَلوا الشُرطِيَّ ما هَذا الغَضَب
(2) ابراهيم بن هرمة : 80 - 176 هـ / 699 - 792 م
أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة بن هذيل بن ربيع. ينتهي نسبه إلى الحارث بن فهر، وفهر أصل قريش، تربى في قبيلة تميم وهي من القبائل العربية الكبيرة في شرق الجزيرة، كان لها شأن في الجزيرة والإسلام. شاعر مشهور من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، ذكر الأصمعي أنه رآه ينشد الشعر بين يدي الرشيد. اتفق ابن الأعرابي والأصمعي: على أن الشعر ختم بابن هرمة وبخمسة من معاصريه إلا أن الأصمعي قدمه عليهم وكان يقول: ما يؤخره عن الفحول إلا قرب عهده وقد تنقل بين المدينة ودمشق وبغداد يمدح الخلفاء. له (ديوان -ط)، ودفن بالبقيع بالمدينة.
(3) عروة بن أذينة : ? - 130 هـ / ? - 747 م
عروة بن يحيى بن مالك بن الحارث الليثي. شاعر غزل مقدم، من أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضاً، ولكن الشعر أغلب عليه. وهو القائل:
لقد علمتُ وخيرُ القول أصدَقهُ بأنّ رزْقي وإن لم آتِ يَأْتيني
أسعى له فيُعنِّيني تَطَلُّبه ولو قعدت أتاني لا يُعَنّيني
(4) أبو الطفيل القرشي : 3 - 100 هـ / 624 - 718 م
عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني القرشي. شاعر كنانة وأحد فرسانها ومن ذوي السيادة فيها ولد يوم وقعة أحد وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث. وحمل راية علي بن أبي طالب، في بعض وقائعه وعاش إلى أيام معاوية وما بعدها وكتب إليه معاوية يلاطفه فوفد عليه إلى الشام. ثم خرج على بني أمية مع المختار الثقفي مطالباً بدم الحسين ولما قتل المختار انزوى عامر إلى أن خرج ابن الأشعث فخرج معه وعاش بعد ذلك إلى أيام عمرو بن عبد العزيز فتوفي بمكة. وهو آخر من مات من الصحابة.(1/39)
مثل ابن هرمة.
قال: ويزيد بن ضبة (1) مولى لثقيف، قال: قال يزيد بن ضبة ألف قصيدة فاقتسمتها العرب فذهبت بها.
قال الأصمعي: لم يكن بعد رؤبة (2) وأبي نخيلة (3)
__________
(1) يزيد بن ضبّة الثقفي : ? - 130 هـ / ? - 747 م
يزيد بن مقسم الثقفي. من مواليهم، وضبة أمه: شاعر كبير، من أهل الطائف (بالحجاز) مات أبوه وخلفه صغيراً، فحضنته أمه، فنسب إليها. انقطع إلى الوليد بن يزيد بالشام، فكان لا يفارقه. ولما أفضت الخلافة إلى هشام، أبعد ابن ضبة، لاتصاله بالوليد؛ فخرج إلى الطائف، فأقام إلى أن ولي الوليد، فوفد عليه، فأدناه وضمه إليه وأكرمه. وفى الأغانى أن لابن ضبة ألف قصيدة اقتسمتها شعراء العرب وانتحلتها فدخلت فى أشعارها. وكان يتعمد الإتيان بغريب اللغة ومعتاص القوافي في شعره. مات بالطائف.
(2) رؤبة بن العجاج : ? - 145 هـ / ? - 762 م
رؤبة بن عبد الله العجاج بن رؤبة التميمي السعدي أبو الجحّاف أَو أَبو محمد. راجز، من الفصحاء المشهورين، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. كان أكثر مقامه في البصرة، وأخذ عنه أعيان أهل اللغة وكانوا يحتجون بشعره ويقولون بإمامته ف اللغة، مات في البادية، وقد أسنّ. وفي الوفيات: لما مات رؤبة قال الخليل: دفنا الشعر واللغة والفصاحة.
(3) أبو نخيلة : ? - 145 هـ / ? - 762 م
أبو نخيلة (كنيته أبو الجنيد) بن حزن بن زائدة بن لقيط بن هدم، من بني حمّان (بكسر الحاء وتشديد الميم) من سعد بن زيد مناة بن تميم، الحماني السعدي التميمي. شاعر راجز، كان عاقاً لأبيه، فنفاه أبوه عن نفسه، فخرج إلى الشام فاتصل بمسلمة بن عبد الملك فاصطنعه وأَحسن إِليه وأوصله إلى الخلفاء واحداً بعد واحد، فأغنوه.ولما نكب بنو أمية وقامت دولة بني العباس انقطع إليهم ولقّب نفسه بشاعر بني هاشم، ومدحهم وهجا بني أمية، واستمر إلى أن قال في (المنصور) أرجوزة يغريه فيها بخلع عيسى بن موسى من ولاية العهد، فسخط عليه عيسى؛ فهرب يريد خراسان، فأدركه مولى لعيسى فذبحه وسلخ وجهه.(1/40)
أشعر من جندل الطهوى (1) وأبي طوق وخطام المجاشعي (2) ، ويلقب خطام الريح.
قال: وكان ابن مفرغ (3) من مولدى البصرة .
قال: حدثني الأصمعي، قال: أخبرني وهب بن جرير ابن حازم، قال: إني كنت أروى لأمية (4)
__________
(1) هو جندل بن المثنى الطهوي غلبت عليهم أمهم طهية بنت عبشمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وهم أبو سود وجشيش وعوف، بنو مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وهو شاعر راجز إسلامي يهاجى الراعي ز اللآلي في شرح أمالي القالي ، ص 1130 / الموسوعة الشعرية .
(2) خطام الريح المجاشعي الراجز وهو خطام بن نصر بن رياح بن عياض بن يربوع من بني الأبيض ابن مجاشع بن دارم وهو القائل:
حيّ ديار الحي بين الشهبين وطلحة الدوم وقد تعفين
لم يبق من آي بهن تحلين غير رماد وحطام الكنفين
وما ثلاث ككما يؤتفين
في أبيات أخر وله أراجيز. المؤتلف والمختلف ، ص 112
(3) يزيد بن مفرغ الحميري : ? - 69 هـ / ? - 689 م
يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري. من أصل يمني من قبيلة يحصب، كانت أسرته في حلف مع قريش. ولد في البصرة، ونشأ بها، كان يعرف العربية والفارسية، بدأ اتصاله بالبلاط نديماً لسعيد بن عثمان بن عفان، وأصبح بعد ذلك من شعراء البلاط. اشتهر بشعره الساخر من عبّاد وعبيد الله بن زياد بن أبيه. وله شعر في المدح والغزل.
(4) أمية بن أبي الصلت : ? - 5 هـ / ? - 626 م
أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي. شاعر جاهلي، حكيم، من أهل الطائف. قدم دمشق قبل الإسلام وكان مطلعاً على الكتب القديمة، يلبس المسوح تعبداً وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية، ورحل إلى البحرين فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها الإسلام. وعاد إلى الطائف فسأل عن خبر محمد صلى الله عليه وسلم، وقدم مكة وسمع منه آيات من القرآن وسألته قريش رأيه فقال: أشهد أنه على الحق. قالوا: فهل تتبعه؟ فقال: حتى أنظر في أمره. ثم خرج إلى الشام وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة وحدثت وقعة بدر وعاد أمية يريد الإسلام فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خالٍ له فامتنع وأقام في الطائف إلى أن مات. أخباره كثيرة وشعره من الطبقة الأولى، إلا أن علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب. وهو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهّم، فكتبتها قريش.(1/41)
ثلثمائة قصيدة ، قال: فقلت: أين كتابه ؟ قال استعاره فلان فذهب به.
حدثني الأصمعي قال: كان يقال: أشعر الناس مغلّبو مضَر حميد (1) والراعي (2) وابن مقبل (3) ، فأما الراعي فغلبه جرير (4) ، وغلبه حنزر رجل من بني بكر. والجعدي (5) غلبته ليلى الأخيلية (6) .
__________
(1) حميد بن ثور الهلالي : ? - 30 هـ / ? - 650 م
حُميد بن ثور بن حزن الهلالي العامري، أبو المثنى. شاعر مخضرم عاش زمناً في الجاهلية وشهد حنيناً مع المشركين، وأسلم ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم، ومات في خلافة عثمان رضي الله عنه، وقيل أدرك زمن عبد الملك بن مروان. عده الجمحي في الطبقة الرابعة من الإسلاميين. وفي شعره ما كان يُتغنى به. قال الأصمعي: الفصحاء من شعراء العرب في الإسلام أربعة: راعي الإبل النُميري، وتميم بن مقبل العجلاني، وابن أحمر الباهلي، وحميد بن ثور الهلالي من قيس عيلان.
(2) سبقت ترجمته .
(3) سبقت ترجمته .
(4) سبقت ترجمته .
(5) سبقت ترجمته .
(6) ليلى الأخيلية : ? - 80 هـ / ? - 700 م
ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية من بني عامر بن صعصعة. شاعرة فصيحة ذكية جميلة. اشتهرت بأخبارها مع توبة بن الحمير. قال لها عبد الملك بن مروان : ما رأى منك توبة حتى عشقك؟ فقالت: ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة! وفدت على الحجاج مرات فكان يكرمها ويقربها وطبقتها في الشعر تلي طبقة الخنساء. وكان بينها وبين النابغة الجعدي مهاجاة. وسألت الحجاج وهو في الكوفة أن يكتب لها إلى عامله بالري ، فكتب ورحلت فلما كانت في (ساوة) ماتت ودفنت هناك. واسم جدها كعب بن حذيفة بن شداد ، وسميت (الأخيلية) لقولها أو قول جدها ، من أبيات :
نحن الأخايل ما يزال غلامنا حتى يدب على العصا مذكورا
وقال العيني : أبوها الأخيل بن ذي الرحالة بن شداد بن عبادة بن عقيل.(1/42)
وسوار بن الحيا (1) ، وابن مقبل غلبه النجاشي (2) من بني الحارث ابن كعب. وحميد كل من هاجاه غلبه ، قال : ابن أحمر (3) لم يهاج أحدا .
قال: وفسحُم (4) شاعر جاهلي مفلق ولم ينسبه.
__________
(1) قال أبو عمرو الشيباني: كان سبب المهاجاة بين ليلى الأخيلية وبين الجعدي أن رجلاً من قشير يقال له ابن الحيا وهي أمه واسمه سوار بن أوفى بن سبرة هجاه وسب أخواله من أزد في أمر كان بين قشير وبين بني جعدة وهم بأصبهان متجاورون، فأجابه النابغة بقصيدته التي يقال لها الفاضخة سميت بذلك لأنه ذكر فيها مساوي فشير وعقيل وكل ما كانوا يسبون به، وفخر بمآثر قومه وبما كان لسائر بطون بني عامر سوى هذين الحيين من قشير وعقيل:
جهلت علي ابن الحيا وظلمتني وجمعت قولاً جاء بيتاً مضللا
الأغاني 5/13 ـ 14
(2) النجاشي الحارثي : ? - 49 هـ / ? - 669 م
قيس بن عمرو بن مالك بن الحارث بن كعب بن كهلان. شاعر هجاء مخضرم اشتهر في الجاهلية والإسلام وأصله من نجران باليمن انتقل إلى الحجاز واستقر في الكوفة وهجا أهلها. وهدده عمر بن الخطاب بقطع لسانه وضربه علي على السكر في رمضان. من شعره في مدح معاوية: إني امرؤٌ قلما أثني على أحد حتى أرى بعض ما يأتي وما يذر قال البكري: النجاشي من أشراف العرب إلا أنه كان فاسقاً وكانت أمه من الحبشة فنسب إليها.
(3) سبقت ترجمته .
(4) يزيد بن فسحم الخزرجي وفسحم أمه وهي من بلقين بن جسر وهو يزيد بن الحارث بن
قيس بن مالك بن أحمر بن حارثة بن مالك الأغر بن امرئ القيس أحد بني الحارث بن
الخزرج بن حارثة. جاهلي يقول:
إذا جئتنا ألفيت حول بيوتنا مجالس تنفي الجهل عنا وسؤددا
نحامي على مجد الأغر بما لنا ونبذل حزرات النفوس لنحمدا
الأغر جده. معجم الشعراء ، ص 493(1/43)
قال: وكان النجاشي (1) بن الحارثية شرب الخمر ، فضربه على بن أبي طالب رضي الله عنه مائة سوط ، ثمانين للسكر ، وعشرين لحرمة رمضان ، وكان وجده في رمضان سكران ، فلما ضربه ذهب إلى معاوية فمدحه ، ونال من (2) عليٍّ رضي الله عنه.
قال الأصمعي: جامع زهير (3) قوما من يهود، أي قاربهم فسمع بذكر المعاد، فقال في قصيدته : ( الطويل )
... يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
قال الأصمعي: سئل شيخ عالم عن الشعراء، فقال: كان الشعر في الجاهلية في ربيعة،
وصار في قيس ، ثم جاء الإسلام فصار في تميم ،قلت للأصمعي: لِم لَمْ يذكر اليمن؟ [فقال] (4) : إنما أراد بني نزار فأما هؤلاء كلهم فإنما تعلموا من رأس / الشعراء: امرئ القيس، وإنما 4 أ كان الشعر في اليمن ، وقال: أفي الدنيا مثل فرسان قيس وشعرائهم الفرسان ؟ فذكر عدة، منهم: عنترة ، وخفاف بن ندبة، وعباس بن مرداس ، ودريد بن الصمَّة.
وقال لي مرة: دريد وخفاف أشعر الفرسان.
حدثني الأصمعي ، قال: ذهب أمية بن أبي الصلت في الشعر بعامة ذكر الآخرة، [ وذهب عنترة ] (5) بعامة ذكر الحرب ، وذهب عمر بن أبي ربيعة بعامة ذكر النساء.
قال الأصمعي: لقي رجل كُثير عزة (6) ،
__________
(1) سبقت ترجمته
(2) كنبت : وقال في علي ، والصواب ما أثبتناه
(3) زهير غير موجودة في المخطوط ، والمعنى يقتضيه
(4) زيادة يقتضيها السياق
(5) زيادة من المطبوعة
(6) كثير عزة : 40 - 105 هـ / 660 - 723 م
كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن مليح من خزاعة وأمه جمعة بنت الأشيم الخزاعية. شاعر متيم مشهور، من أهل المدينة، أكثر إقامته بمصر ولد في آخر خلافة يزيد بن عبد الملك، وتوفي والده وهو صغير السن وكان منذ صغره سليط اللسان وكفله عمه بعد موت أبيه وكلفه رعي قطيع له من الإبل حتى يحميه من طيشه وملازمته سفهاء المدينة. واشتهر بحبه لعزة فعرف بها وعرفت به وهي: عزة بنت حُميل بن حفص من بني حاجب بن غفار كنانية النسب كناها كثير في شعره بأم عمرو ويسميها تارة الضميريّة وابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة. وسافر إلى مصر حيث دار عزة بعد زواجها وفيها صديقه عبد العزيز بن مروان الذي وجد عنده المكانة ويسر العيش. وتوفي في الحجاز هو وعكرمة مولى ابن عباس في نفس اليوم فقيل: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس.(1/44)
وهو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي بن أبي جمعة ، فقال له: يا أبا صخر: أي الناس أشعر؟ قال الذي قال : ( من الطويل )
... آثَرتُ إِدلاجي عَلى لَيلِ حُرَّةٍ هَضيمِ الحَشا حُسّانَةِ المُتَجَرَّدِ
وهذا للحطيئة (1) ، قال ، ثم تركه حينا، حتى إذا ظنه قد نسى ذلك لقيه، فقال: يا أبا صخر: أي الناس أشعر؟ قال الذي يقول :
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ (2)
يعنى امرأ القيس ، وهو أول من بكى الديار، وسير الظعن.
قال الأصمعي: أنعت الناس لمركوب من الإبل عتيبة بن مرداس ، وهو الذي يقال له فسوة (3) ، وأنعت الناس لمحلوب في القصيد الراعي ، وأنعتهم لمحلوب في الرجز ابن لجأ التيمي (4) ، واسمه عمر.
__________
(1) الحُطَيئَة : ? - 45 هـ / ? - 665 م
جرول بن أوس بن مالك العبسي، أبو ملكية.شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. كان هجاءاً عنيفاً، لم يكد يسلم من لسانه أحد، وهجا أمه وأباه ونفسه. وأكثر من هجاء الزبرقان بن بدر، فشكاه إلى عمر بن الخطاب، فسجنه عمر بالمدينة، فاستعطفه بأبيات، فأخرجه ونهاه عن هجاء الناس.
(2) صدر بيت من الطويل ، والبيت بتمامه :
... ... قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
(3) ابن فسوة : عتيبة بن مرداس أحد بني كعب بن عمرو بن تميم، قال صاحب الأغاني: شاعر مقل غير معدود في الفحول، مخضرم، ممن أدرك الجاهلية والإسلام، هجاء خبيث اللسان. وهو ابن فسوة لقب لزمه. وليس أبوه بفسوة . الوافي بالوفيات ، ص 16257 /الموسوعة الشعرية ، الأغاني 22/ 227
(4) عمر بن لجأ التيمي : ? - 105 هـ / ? - 724 م
عمر بن لجأ (وقيل لحأ) بن حدير بن مصاد التيمي، من بني تيم بن عبد مناة. من شعراء العصر الأموي اشتهر بما كان بينه وبين (جرير) من مفاخرات ومعارضات. وهو الذي يقول فيه جرير:
أنت بن برزة منسوب إلى لحأ عند العصارة والعيدان تعتصر
وبرزة أمه، مات بالأهواز.(1/45)
قال الأصمعي: أي الناس أشعر قبيلة ؟ فقيل: النجل العيون في ظلال الفسيل، يعنى الأنصار، قال: ويقال: الزرق العيون في أصول العضاه (1) ، يعنى بنى قيس بن ثعلبة ، وذكر منهم المرقش (2) ، والأعشى (3) ، والمسيب بن علس (4) .
__________
(1) .العِضاهُ من الشجر: كل شجر له شَوْكٌ، وقيل: العِضاهُ أَعظمُ الشجر، وقيل: هي الخمْطُ، والخَمْطُ كلُّ شجرةٍ ذاتِ شوْكٍ، وقيل العِضاهُ اسمُ يقع على ما عَظُم من شجر الشَّوْك وطالَ واشتدَ شَوْكُه، فإِن لم تكن طويلةً فليست من العِضاه، وقيل: عِظامُ الشجر كلُّها عِضاهٌ، وإِنما جَمع هذا الاسمُ ما يُسْتظلُّ به فيها كلّها؛ وقال بعض الرواة: العِضاهُ من شجرِ الشَّوْكِ كالطَّلْح والعَوْسَجِ مما له أَرُومةٌ تبقى على الشِّتاء، والعِضاهُ على هذا القول الشجرُ ذو الشَّوْك مما جَلَّ أَو دَقَّ، والأَقاويلُ الأُوَلُ أَشْبَهُ، والواحدة عِضاهةٌ وعِضَهَةٌ وعِضَهٌ وعِضَةٌ، وأَصلها عِضْهةٌ. قال الجوهري: في عِضَةٍ تحذف الهاءُ الأَصليّة كما تُحْذف من الشَّفَة؛ قال: ونُقْصانُها الهاءُ لأَنها تُجْمع على عِضاهٍ مثل شفاهٍ، فتُرَدُّ الهاءُ في الجمع وتُصَغَّرُ على عُضَيْهَة، ويُنْسَب إِليها فيقال بَعِيرٌ عِضَهِيٌّ للذي يَرْعاها، وبَعِيرٌ عِضاهِيٌّ وإِبلٌ عِضاهِيَّةٌ، وقالوا في القليل عِضُونَ وعِضَوات، فأَبْدَلوا مكانَ الهاء الواوَ، وقالوا في الجمع عِضاهٌ؛ هذا تعليل أَبي حنيفة، وليس بذلك القول، فأَما الذي ذهب إِليه الفارسي. فإِنَّ عِضَةً المحذوفة يصلح أَن تكون من الهاء، وأَن تكون من الواو، أَما استدلاله على أَنها تكون من الهاء فبما نَراه من تصاريف هذه الكلمة كقولهم عِضاهٌ وإِبلٌ عاضِهةٌ، وأَما استدلاله على كونها الواو فبقولهم عِضَوات. اللسان (عضه )
(2) سبقت ترجمته .
(3) سبقت ترجمته ، وهو ميمون بن قيس .
(4) المسيب بن عَلس : 100 - 48 ق. هـ / 525 - 575 م
المسيب بن مالك بن عمرو بن قمامة، من ربيعة بن نزار. شاعر جاهلي، كان أحد المقلّين المفضلين في الجاهلية. وهو خال الأعشى ميمون وكان الأعشى راويته. وقيل اسمه زهير، وكنيته أبو فضة. له ديوان شعر شرحه الآمدي.(1/46)
حدثنا الأصمعي ، قال: حدثنا ابن أبي الزناد ، قال: أنشد حسان شعر عمرو بن العاص ، فقال: ما هو شاعر ولكنه عاقل.
قال الأصمعي: سئل الأخطل عن شعر كثير، فقال حجازي يكد البرد.
قال الأصمعي يوما : أشَعَرتَ أن ليلى. أشعر من الخنساء (1) ؟
وقال لي مرة : الزبرقان (2) فارس شاعر غير مطيل.
وقال: مالك بن نويرة (3) شاعر فارس مطيل .
[ و] (4) قال: ليس في الدنيا قبيلة على كثرتها أقل شعرا من بني شيبان وكلب ، قال: وليس لكلب شاعر في الجاهلية قديم ، قال: وكلب مثل شيبان أربع مرات.
__________
(1) الخَنساء : ? - 24 هـ / ? - 644 م
تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، الرياحية السُلمية من بني سُليم من قيس عيلان من مضر.أشهر شواعر العرب وأشعرهن على الإطلاق، من أهل نجد، عاشت أكثر عمرها في العهد الجاهلي، وأدركت الإسلام فأسلمت. ووفدت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع قومها بني سليم. فكان رسول الله يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشد وهو يقول: هيه يا خنساء.أكثر شعرها وأجوده رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية وكانا قد قتلا في الجاهلية. لها ديوان شعر فيه ما بقي محفوظاً من شعرها. وكان لها أربعة بنين شهدوا حرب القادسية فجعلت تحرضهم على الثبات حتى استشهدوا جميعاً فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم.
(2) سبقت ترجمته .
(3) مالك بن نويرة اليربوعي : ? - 12 هـ / ? - 634 م
مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعي التميمي، أبو حنظلة. فارس شاعر، من أرداف الملوك في الجاهلية، يقال له (فارس ذي الخمار) وذو الخمار فرسه، وفي أمثالهم فتى ولا كمالك، وكانت فيه خيلاء، وله لمة كبيرة، أدرك الإسلام وأسلم وولاه رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) صدقات قومه (بني يربوع) ولما صارت الخلافة إلى أبي بكر اضطرب مالك في أموال الصدقات وفرّقها، وقيل: ارتد، فتوجه إليه خالد بن الوليد وقبض عليه في البطاح، وأمر ضرار بن الأزور الأسدي، فقتله.
(4) زيادة من المطبوعة(1/47)
حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا الأصمعي قال: قيل لحسان: من أشعر الناس ؟ قال: أشعرهم رجلا أم قبيلة ؟ قال بل قبيلة ، قال : هذيل ، قال الأصمعي: فيهم أربعون شاعرا مفلقا، وكلهم يعدو على رجله ليس فيهم فارس.
قال أبو حاتم: سألت الأصمعي: فمن أشعرهم رجلا واحدا ؟ قال: أمَّاحسان فلم يقل في الواحد شيئا، / وأنا أقول: أشعرهم واحدا النابغة الذبياني ، وإنما قال الشعر قليلا وهو4 ب ابن خمسين سنة (1) وقال : النابغة الجعدي أفحمَ ثلاثين سنة بعد ما قال الشعر، ثم نبغ ، قال: والشعر الأول من قوله جيد بالغ، والآخر كله مسروق وليس بجيد.
قال أبو حاتم: قال الشعر وهو ابن ثلاثين سنة. ثم أفحم ثلاثين سنة، ثم نبغ فقال ثلاثين
سنة.
قلت للأصمعي: كيف شعر الفرزدق ؟ قال: تسعة أعشار شعره سرقة.
قال: وأما جرير فله ثلاثمائة قصيدة ما علمته سرق شيئا قط إلا نصف بيت ، قال : لا أدري لعله وافق بيني شيئا قلت ما هو ؟ هجاء ؟ فلم يخبر، قال أبو حاتم : قد رأيته أنا بعد في شعره...
قال أبو حاتم: حدثنا الأصمعي قال: أظن جميل بن معمر (2) ولد في الجاهلية.
قال : والأحوص (3)
__________
(1) جاءت هذه الجملة في المخطوط : وهو ابن خمسين سنة وإنما قال الشعر قليلا ، وما أثبتناه من المطبوعة .
(2) جَميل بُثَينَة : ? - 82 هـ / ? - 701 م
جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، أبو عمرو. شاعر من عشاق العرب، افتتن ببثينة من فتيات قومه، فتناقل الناس أخبارهما. شعره يذوب رقة، أقل ما فيه المدح، وأكثره في النسيب والغزل والفخر. كانت منازل بني عذرة في وادي القرى من أعمال المدينة ورحلوا إلى أطراف الشام الجنوبية. فقصد جميل مصر وافداً على عبد العزيز بن مروان، فأكرمه وأمر له بمنزل فأقام قليلاً ومات فيه
(3) الأحوص الأنصاري : ? - 105 هـ / ? - 723 م
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري. من بني ضبيعة، لقب بالأحوص لضيق في عينه، شاعر إسلامي أموي هجّاء، صافي الديباجة، من طبقة جميل بن معمر ونصيب، وكان معاصراً لجرير والفرزدق. وهو من سكان المدينة. وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام فأكرمه ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته فردّه إلى المدينة وأمر بجلده فجلد ونفي إلى دهلك (وهي جزيرة بين اليمن والحبشة) كان بنو أمية ينفون إليها من يسخطون عليه.فبقي بها إلى ما بعد وفاة عمر بن عبد العزيز وأطلقه يزيد بن عبد الملك، فقدم دمشق ومات بها، وكان حماد الراوية يقدمه في النسيب على شعراء زمنه.(1/48)
مولَّد ، نبت بقباء حتى هرم .
حدثنا الأصمعي قال: قال فلان إنما كُثير كربج ، يعني صاحب كربج (1) ، [ كان ] (2) يبيع الخيط والقطران.
قال الأصمعي: كان أبو ذؤيب راوية ساعدة , وشذ عليه في اشياء كثيرة ، فذكر في قافية ، وألح في شعرهم ، قال: واستجاد هذه الجيمية لأبي ذؤيب ، قال: ليس في الدنيا أحد يقوم للشماخ في الزائية والجيمية، إلا أن أبا ذؤيب أجاد في جيميته حدا لا يقوم له أحد ، قال هي التي قال فيها :
بَركٌ مِن جُذامَ لَبيجُ (3)
قال الأصمعي ، قال : النمر بن تولب (4) جاهلي إسلامي. قال: وقال الفرزدق للنوار امرأته : كيف شعري من شعر جرير؟ فقالت: شرَكَك في حلوه، وغلبك على مرّه .
__________
(1) الكُرْبَجُ والكُرْبُجُ: الحانوتُ، وقيل: هو موضع كانت فيه حانُوتٌ مَوْرودة؛ قال ابن سيده: ولعل الموضع إِنما سمي بذلك، وأَصله بالفارسية كُرْبُقْ، قال سيبويه: والجمع كَرابِجةٌ، أُلحقوا الهاء للعجمة، قال: وهكذا وجد أَكثر هذا الضرب من الأَعجمي، وربما قالوا كرابِجَ، ويقال للحانوت: كُرْبُجٌ وكُرْبُقٌ وقُرْبُقٌ ز لسان العرب ( كربج )
(2) زيادة من المطبوع
(3) جزء من عجز بيت من الطويل ، والبيت بتمامه :
... ... كَأَنَّ ثِقالَ المُزنِ بَينَ تُضارِعٍ وَشامَةَ بَركٌ مِن جُذامَ لَبيجُ
(4) النمر بن تولب : ? - 14 هـ / ? - 635 م
النمر بن تولب بن زهير بن أقيش، ينتهي نسبه إلى عوف بن وائل بن قيس بن عبد مناة. شاعر جاهلي أدرك الإسلام وهو كبير فأسلم وعُد من الصحابة وروى حديثاً عن الرسول وكان له ولد يدعى ربيعة، وأخ يدعى الحرث بن تولب ( سيد مُعظّم في قومه)، ونشأ بين قومه في بلاد نجد ثم نزلوا ما بين اليمامة وهجر. توفي في آخر خلافة أبو بكر الصديق. وما عرف له في المدح إلا قصيدة واحدة مدح فيها الرسول وكذلك كان هجاؤه نادراً وكان شعره صادقاً وألفاظه سهلة جميلة.(1/49)
قال الأصمعي، قال: سمعت أبا سفيان بن العلاء، يقول: قلت لرؤبة : كيف رجز أبي النجم عندك ؟ قال: كلمته تلك عليها لعنة الله لأنه استجادها : ( من الرجز )
الحمد للّه الوَهوب المُجْزل
حدثنا الأصمعي قال : الكميت بن زيد (1) ليس بحجة لأنه مولد وكذلك الطرماح (2) ، قال: وذو الرمة حجة ، لأنه بدوي ، ولكن ليس يشبه شعره شعر العرب ، ثم قال: إلا واحدة التي تشبه شعر العرب ، وهي التي يقول فيها : ( من البسيط )
وَالبابُ دونَ أَبي غَسّانَ مَسدودُ (3)
تم والحمد لله وحده
__________
(1) الكميت بن زيد الأسدي : 60 - 126 هـ / 680 - 744 م
الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي أبو المستهل. شاعر الهاشميين، من أهل الكوفة ، اشتهر في العصر الأموي، وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها. ثقة في علمه، منحازاً إلى بني هاشم، كثير المدح لهم، متعصباً للمضرية على القحطانية، وهو من أصحاب الملحمات. أشهر قصائده (الهاشميات - ط ) وهي عدة قصائد في مدح الهاشميين ، ترجمت إلى الألمانية. قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت، لكفاهم. وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان. اجتمعت فيه خصال لم تجتمع لشاعر: كان خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة ، وكان فارساً شجاعاً ، سخياً، رامياً لم يكن في قومه أرمى منه. له (الهاشميات).
(2) الطرماح : ? - 125 هـ / ? - 743 م
الطِّرمَّاح بن حكيم بن الحكم، من طيء. شاعر إسلامي فحل، ولد ونشأ في الشام، وانتقل إلى الكوفة فكان معلماً فيها. واعتقد مذهب (الشراة) من الأزارقة (الخوارج). واتصل بخالد بن عبد الله القسري فكان يكرمه ويستجيد شعره. وكان هجاءاً، معاصراً للكميت صديقاً له، لا يكادان يفترقان. قال الجاحظ: (كان قحطانياً عصبياً).
(3) عجز بيت من البسيط ، وروايته في ديوانه :
... إِن العَراقَ لِأَهلي لَم يَكُن وَطَناً وَالبابُ دونَ أَبي غَسّانَ مَشدودُ(1/50)