أبيات سارت بها الركبان
عائض القرني
واس
مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فهذه أبيات جرت بها الألسنة ، وتشنفت بها الآذان، وصارت كالأمثال شهرة، وكالنجوم ظهوراً ، أحببت أن أجمعها لتكون للمتأمل متعة، وللمعتزل أنساً ، وللعاقل عبرة، ففيها الحكمة الشاردة، والتجربة الواعية، والرأي السديد، وهي خيار من خيار، فقد تمر بي مئات البيات فلا أعجب ببيت واحد، وقد أقلب ديوان الشاعر كله فأخرج ببيت واحد يتيم؛ لأن الإبداع عزيز نادر في نتاج البشر؛ ولهذا قل الرواد، وشح الزمان من المبدعين ، ومع قصر العمر وكثرة المشاغل كان من الأحسن اختيار الأفضل واطراح المفضول، فخذ من العين نونها، ومن القلب سويداءه. ومع الأبيات الذائعة الشائعة.
إن كان عندك يا زمان بقية
مما يهان بها الكرام فهاتها
لها عين أصابت كل عين
وعين قد أصابتها العيون
ألا إن عيناً لم تجد يوم واسط
عليك بغإلى دمعها لجمود
أعز مكان في الدنا سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
كذا قضت الأيام ما بين أهلها
مصائب قوم عند قوم فوائد
أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم من اللوم
أو سدوا المكان الذي سدوا
أضاعوني وأي فتي أضاعوا
ليوم كريهة وسداد ثغر
هنيئاً مريئا غير داء مخامر
لعزة من أعراضنا ما استحلت!
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فتناولته واتقتنا بإليد
ومن كلمت فيه النهي لا يسره
نعيم ولا يرتاع للحدثان
خذا من صبا نجد أمانا لقلبه
فقد كاد رياها يطير بلبه !
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري!
يقولون لو سليت قلبك لارعوى
فقلت وهل للعاشقين قلوب!
يا قوم أذني لبعض الحى عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا!
يكون أجاجاً دونكم فإذا انتهي
إليكم تلقى طيبكم فيطيب
وإنما المرء حديث بعده
فكن حديثاً حسناً لمن وعى
إن رباً كفاك ما كان بالأمس
سيكفيك في غد ما يكون
دقات قلب المرء قائلة له:(1/1)
إن الحياة دقائق وثواني!
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا!
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
وإذا لثمن يمينه وخرجت من
أبوابه لثم الملوك يميني!
تفوح أطياب نجد من ثيابهم
عند القدوم لقرب العهد بالدار!
تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عن عرار
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكرته
كما المسك ما كررته يتضوع!
كأن قطاة علقت بجناحها
على كبدي من شدة الخفقان!
بكت عيني اليمنى فلما زجرتها
عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا!
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله!
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
ومن نكد الدنيا على الحر أن يري
عدواً له ما من صداقته بد!
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
لا خيل عندك تهديا ولا مال
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال!
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام!
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والأقدام قتال!
إنا لفي زمن ترك القبيح به
من أكثر الناس إحسان وإجمال
فإن تفق الأنام وأنت منهم
فإن المسك بعض دم الغزال
قد يهون العمر إلا ساعة
وتضيق الأرض إلا موضعا!
هو الجد حتى تفضل العين أختها
وحتى يكون إليوم لليوم سيدا
فإنك شمس والملوك كواكب
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا!
وليس على الأعقاب تدمي كلومنا
ولكن على أقدامنا تقطر الدما
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وبشرت آمالي بشخص هو الورى
ودار هي الدنيا ، ويوم هو الدهر
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى!
ولست بمستبق أخاً لا تلمه
على شعث، أي الرجال المهذب؟!
وكيف تعلك الدنيا بشيء
وأنت لعله الدنيا طبيب؟!
المجد عوفي إذا عوفيت والكرم(1/2)
وزال عنك إلى أعدائك الألم!
لا يدرك المجد إلا سيد فطن
بما يشق على السادات فعال
وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تموت جبانا!
وإن لم تمت تحت السيوف مكرماً
تمت وتعاني الذل غير مكرم!
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
بهن فلول من قراع الكتائب
نسب كأن عليه من شمس الضحى
ألقاً ومن ضوء الصباح عمودا
كأنهم يردون الموت من ظمأ
أو ينشقون من الخطي ريعانا!
يستعذبون مناياهم كأنهم
لا يخرجون من الدنيا إذا قتلوا!
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم
قوم بآبائهم أو مجدهم قعدوا!
بها ليل في الإسلام سادوا ولم يكن
لأولهم في الجاهلية أول!
دار متى ما أضحكت في يومها
أبكت غداً قبحاً لها من دار!
السيف اصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب!
علو في الحياة وفي الممات
لحق أنت إحدى المعجزات!
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
أعياني كفا عن فؤادي فإنه
من الظلم سعي اثنين في قتل واحد!
إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم!
ويقبح من سواك الفعل عندي
وتفعله فيحسن منك ذاكا!
أتي الزمان بنوه في شبيبته
فسرهم وأتيناه على هرم
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار!
أحرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس؟!
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
ثمال إليتامى عصمة للأرامل
ما في الخيام أخو وجد نطارحه
حديث نجد ولا خل نجاريه
أضاءت لهم أخلاقهم ووجوههم
دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
كفي بك داء أن ترى الموت شافيا
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
ثمن المجد دم جدنا به
فاسألوا كيف دفعنا الثمنا!
والمستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار!
كأن عينيك يوم الجزع تخبرنا
عن المحبين من أسماء قتلاك!
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم؟!
لا تعذل المشتاق في أشواقه(1/3)
حتى يكون حشاك في أحشائه
أحي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدا
لها أحاديث من ذكراك تشغلها
عن الطعام وتلهيها عن الزاد
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض
فحسبك مني ما تكن الجوارح
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة
غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر!
ألا أيها الركب إليمانون عرجوا
علينا فقد أضحى هوانا يمانيا!
أحبك لا تفسير عندي لصبوتي
أفسر ماذا والهوى لا يفسر!
يا ليتها إذ فدت عمراً بخارجة
فدت علياً بمن شاءت من البشر!
والناس من يلق خيراً قائلون له
ما يشتهي، ولأم مع المستعجل الزلل
لا تغترر ببني الزمان ولا تقل
عند الشدائد لي أخ وحميهم
والناس أعوان من دالته دولته
وهم عليه إذا عادته أعوان
أولئك آبائي فجئتني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المجامع!
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة
يواسيك أو يسلبك أو يتوجع
تعود بسط الكف حتى لو انه
أراد انقباضاً لم تطعه أنامله
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
وليس وراء للمرء مذهب
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا
يقضي على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا
من كان يألفهم في الموطن الخشن
اعذر حسودك فيما قد خصصت به
إن العلا حسن في مثلها الحسد!
إذا كان هذا الدمع يجري صبابة
على غير سعدى فهو دمع مضيع
وما شرقي بالماء إلا تذكراً
لماء به أهل الحبيب نزول!
فبت كني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع
وصدر أراح الليل عا-همه
تضاعف فيه الحزن من كل جانب
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع!
هم يحسدوني على موتي فوا أسفا
حتى على الموت لا أخلو من الحسد!
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير!
قد كنت أشفق من دمعي على بصري
فإليوم كل عزيز بعدكم هانا
إني وإن لمت حاسدي فما
أنكر أني عقوبة لهم
ومن العداوة ما ينالك نفعه
ومن الصداقة ما يضر ويؤلم!
فما أطال النوم عمراً وما
قصر في الأعمار طول السهر(1/4)
وأنا الذي جلب المنية طرفه
فمن المطالب والقتيل القاتل؟!
وتجلدي للشامتين أريهم
أني لريب الدهر لا أتضعضع
فصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود!
جزى الله المسير اليك خيراً
وإن ترك المطايا كالمزاد!
كل الموارد غير النيل آسنة
وكل سوى البلقاء فيحياء
يا من يعز علينا أن نفارقهم
وجداننا كل شيء بعدكم عدم!
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
هم القوم إن قالوا أصابوا، وإن دعوا
أجابوا ، وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
يا قرة العين سل عيني هل اكتحلت
بمنظر حسن مذ غبت عن عييني؟!
ولي كبد مقروحة من يبيعني
بها كبداً ليست بذات قروح؟!
إذا هم ألقي بين عينيه همه
وأعرض عن ذكر العواقب جانبا
سل الرماح العوإلي عن معإلينا
واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا؟
ما أقبح الصبر الجميل
بعاشقيك وأجملك!
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني
ألست أرى الأعضاء منك كواسيا؟!
وردنا على ماء العشيرة والهوى
على ملل، يا لهف نفسي على ملل!
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر
وغصنك مياد ففيم تنوح؟!
فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهد
وخرب فأر عنوة سد مأرب
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
لعلمت أنك بالعبادة تلعب
ألا لا أري الأحداث مدحاً ولا ذماً
فما بطشها جهلاً ولا كفها حلما
تفت فؤادك الأيام فتا
وتنحت جسمك الساعات نحتا
أتياس أن تري فرجاً
فأين الله والقدر؟!
وما كل دار أقفرت دار عزة
ولا كل مصقول الترائب زينب!
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
جرت الرياح على محل ديارهم
فكأنهم كانوا على ميعاد
وما مشتت العزمات ينفق عمره
حيران لا ظفر ولا إخفاق
لشتات ما بين إليزيدين في الندى
يزيد بن عن عمرو والأغر بن حاتم
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
ولا موجعات القلب حتى تولت!
متى تأتيه تعشو إلى ضوء ناره
تجد خير نار عندها خير موقد(1/5)
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل على رقيب!
وإذا أراد الله نشر فضيلة
طويت أتاح لها لسان حسود
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خيلى البإلي
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا!
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
لمعت نارهم وقد عسعس الليل
ومل الحادي وحار الدليل
ولو لم يكن في كفه غير روحه
لجاد بها فليتق الله سائله!
اذكرونا مثل ذكرانا لكم
رب ذكرى قربت من نزحا
واعلم بأن عليك العار تلبسه
من عضة الكلب لا من عضة الأسد!
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
متي أضع العمامة تعرفوني
ليس الحجاب بمقص عنك لي أملاً
عن السماء ترجى حين تحتجب
قد هيؤوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
من راقب الناس مات هماً
وفاز باللذة الجسور
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
ففي السماء نجوم لا عداد لها
وليس يكسف إلا الشمس والقمر
والحادثات وإن أصابك بؤسها
فهو الذي أنباك كيف نعيمها
ذكر الفتى عمره الثاني ، وحاجته
ما قاته، وفضول العيش أشغال
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
يا ظبية البان ترعى في خمائله
ليهنك إليوم أن القلب مرعاك!
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
وكل شديدة نزلت بقوم
سيأتي بعد شدتها رخاء
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن يرق أسباب السماء بسلم
أري الموت يعتام الكرام ويصطفي
عقيلة مال الفاحش المتشدد
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي مربض المستنفر الحامي
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها: إن الكرم قليل
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة(1/6)
على المرء من وقع الحسام المهند
بغاث الطير أكثرها فراحاً
وأم الصقر مقلاة نزور
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولن تلين إذا قومتها الخشب
والنفس راغبة إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذماً عليه ويندم
إذا لم تستطع شيئاً فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
من لم يمت عبطة يمت هرماً
للموت كأس والمرء ذائقها
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجأ
يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
نروح ونغدو لحاجاتنا
وحاجة من عاش لا تنقضي
ولم أر كالمعروف ، أما مذاقه
فحلو ، وأما وجهه فجميل
إذا كنت في حاجة مرسلا
فأرسل حكيماً ولا توصه
ومهما تكن عند امرئ من خليفة
وإن خالها تخفي على الناس تعلم
إذا لم يكن إلا السنة مركب
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
تعلم فليس المرء يولد عنالماً
وليس أخو علم كمن هو جاهل
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلق الذي لا تعاقبه
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشف
له عن عدو في ثياب صديق!
وأعلم بأن من السكوت إبانة
ومن التكلم ما يكون خبالا
الصمت اجمل بالفتى
من منطق في غير حينه
يصاب الفتى من عثرة بلسانه
وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق!
جراحات الطعان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان
وإن امرءا قد سار سبعين حجة
إلى منهل من وردة لقريب
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
بقدر الجد تكسب المعإلي
ومن رام العلا سهر الليإلي
تقفون والفلك المسخر دائر
وتقدون وتضحك الأقدار
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
غب وزر غباً تزد حباً فمن
أكثر الترداد أقصاه الملل
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى
ولا زاجرت الطير ما الله صانع(1/7)
ومن ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة فقر فالذي فعل الفقر!
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مراً به الماء الزلالا
ولبس عباءة وتقر عيني
أحب إلى من لبس الشفوف
ذهب الشباب فما له من عودة
وأتي المشيب فأين منه المهرب؟!
إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت الناس كلهم غضابا!
ذهب الذين يعاش في أكنافهم
وبقيت في خلق كجلد الأجرب
لولا الحياء لعادني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار
وكانت في حياتك لي عظات
فأنت إليوم أوعظ منك حيا
تعب كلها الحياة فما أعـ
ـجب إلا من راغب في ازدياد
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
قبيلة لا يغدرون بذمة
ولا يظلمون الناس حبة خردل
ضدان لما استجمعا حسنا
والضد يظهر حسنه الضد
إذا اعتاد الفتي خوض المنايا
فأهون ما يمر به الوحول
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
وحب الجبان النفس أورده التقي
وحب الشجاع النفس أورده الحربا
فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعباً بلغت ولا كلابا
من يفعل الخير لم يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت واي الناس تصفو مشاربه؟!
مكر مفر مقبل مدبر معاً
كجلمود صخر حطه السيل من عل
نصحتك فالتمس يا ليث غيري
طعاماً إن لحمي كان مراً؟
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
ليلتي هذه عروس من الزنج
عليها قلائد من جمان
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
وإنما أو-ا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
أنا الذي نظر الأعمي إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لم تستطعه الأوائل
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
تسيل على حد الظبات نفوسنا
وليست على غير الظبات تسيل
ألا لا يجهلن أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
إنا لمن معشر أفني أوائلهم
قيل الكماة: ألا أين المحامونا؟!(1/8)
وما للمرء خير في حياة
إذا ما عد من سقط المتاع
أحلامنا تزن الجبال رزانة
وتخالنا جنا إذا ما نجهل
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
وفيهم مقامات حسان وجوهها
وأندية ينتابها القول والفعل
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
محسدون على ما كان من نعم
لا ينزع الله منهم ما له حسدوا
أغر أبلج يستسقى الغمام به
لو صارع الناس عن أحلامهم صرعا
هينون لينون أيسار ذوو كرم
سواس مكرمة أبناء أيسار
أأذكر حاجتي أم قد كفاني
حياؤك إن شيمتك الحياء
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
ونشرب عن وردنا الماء صفواً
ويشرب غيرنا كدراً وطينا
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً
أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
قوم إذا الشر أبدي ناجذيه لهم
طاروا إليه زوافات ووحدانا
بانت سعاد فقلبي إليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم
مثل النجوم التي يري بها الساري
بيض الوجوه نقية حجزاتهم
شم الأنوف من الطراز الأول
ساشكر عمراً إن تراخت منيتي
أيادي لم تمنن وإن هي جلت
لا يسالون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
هو البحر من أي النواحي أتيته
فلجته المعروف والجود ساحله
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
مع تحيات :
مكتبة قصيمي نت لروائع الكتب
http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=67
واس : مشرف المكتبة
waas@hotmail.com
الشكر لموقع قووه(1/9)