قلت: لم أقل من ذلك شيئا، فجمع بيني وبين أبي الفضل بن أبي أحمد، وواقفني، وأنكرته، وراجعني، وكذّبته.
وأحضر أبو بكر بن شاهويه، وسئل عن الحكاية، فقال: ما أعرفها، ولا جرى بيني وبين القاضي قول في معناها.
وثقل على أبي بكر هذه المواقفة، وقال: ما نعامل الأضياف هذه المعاملة.
وسئل أبو عليّ الهائم عمّا سمعه، فقال: كنت خارج الخركاه، وكنت مشغولا بالأكل، وما وقفت على ما كانا فيه.
فمدّ، وضرب مائني مقرعة، وأقيم، فنفض ثيابه «1» .
وخرج أبو عبد الله ابن سعدان «2» ، وكان لي محبّا، فقال لي: الملك يقول لك، ألم تكن صغيرا فكبّرناك، ومتأخّرا فقدّمناك، وخاملا فنبّهنا عليك، ومقترا فأحسنّا إليك؟ فما بالك جحدت نعمتنا، وسعيت في الفساد على دولتنا؟
قلت: أمّا اصطناع الملك لي، فأنا معترف به، وأمّا الفساد على دولته، فما علمت أنّني فعلته، ومع ذلك، فقد كنت مستورا فهتكني، ومتصوّنا ففضحني، وأدخلني من الشرب والمنادمة بما قدح فيّ.
فقال أبو عبد الله: هذا قول لا أرى الإجابة به، لئلّا يتضاعف ما نحن محتاجون إلى الاعتذار والتخلّص منه، ولكنّي أقول عنك كذا وكذا، بجواب(4/96)
لطيف، فاعرفه، حتى إذا سئلت عنه، وافقتني فيه، وتركني وانصرف.
وجلست مكاني طويلا، وعندي أنّني مقبوض عليّ، ثم حملت نفسي على أن أقوم وأسبر «1» الأمر.
وقمت، وخرجت من الخيمة، فدعا البوابون دابّتي على العادة، ورجعت إلى خيمتي منكسر النفس، منكسف البال.
فصار الوقت الذي أدعى فيه للخدمة، فجاءني رسول ابن الحلّاج على الرسم، وحضرت المجلس، فلم يرفع الملك إليّ طرفا، ولا لوى إليّ وجها، ولم يزل الحال على ذلك خمسة وأربعين يوما.
ثم استدعاني، وهو في خركاه، وبين يديه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف «2» ، وعلى رأسه أبو الثناء شكر الخادم «3» .
فقال: ويلك، اصدقني عمّا حكاه أبو الفضل بن أبي أحمد.
فقلت: كذب منه، ولو ذكرت لمولانا ما يقوله، لما أقاله العثرة.
فقال: أومن حقوقي عليكم، أن تسيئوا غيبتي، وتتشاغلوا بذكري.
فقلت: أمّا حقوق النعمة فظاهرة، وأمّا حديثك فنحن نتفاوضه دائما.
فالتفت إلى أبي القاسم، وقال: اسمع ما يقول.
فقال له بالفارسية، وعنده أنّني لا أعرفها: هؤلاء البغداديّون مفتونون، ومفسدون، ومتسوّقون «4» .(4/97)
فقال شكر: [الأمر] كذلك، إلّا أن التسوّق على القاضي، لا منه، ثم قال لي عضد الدولة: عرّفنا ما قاله أبو الفضل.
قلت: هو ما لا ينطلق به لساني.
فقال: هاته، وكان يحبّ أن تعاد الأحاديث، والأقاويل، على وجهها، من غير كناية عنها، ولا احتشام فيها.
فقلت: نعم، إنّك عند وفاة والدك بشيراز «1» ، أنفذت من كرمان «2» ، وأخذت جاريته زرياب، وإنّ الخادم المخرج في ذاك، وافى ليلة الشهر، فاجتهدت به أن يتركها تلك الليلة، لتوفي أيّام الحق «3» ، فلم يفعل، ولا رعى للماضي حقا ولا حرمة.
فقال: والله، لقد أنكرنا على الخادم إخراجه إيّاها على هذا الإعجال، ولو تركها يوما، وأيّاما، لجاز، وبعد فهذا ذنب الخادم، ولا عمل لنا فيه، ولا عيب علينا به، ثم ماذا؟
قلت: قال: إنّ مولانا يعشق كنجك المغنّية، ويتهالك في أمرها، وربّما نهض إلى الخلاء، فاستدعاها إلى هناك، وواقعها.
فقال: إنّا لله، لعنكما الله، ولا بارك فيكما، ثم ماذا؟
فأوردت عليه أحاديث سمعتها من غير أبي الفضل، ونسبتها إليه.
وقلت: لم أعلم أنّني أقوم هذا المقام، فأحفظ أقواله، وقد ذكر أيضا هذا الأستاذ، وأومأت إلى أبي القاسم، وأبا الريان «4» ، وجماعة الحواشي.(4/98)
فقال: ما قال في أبي القاسم؟
قلت: قال: إنّه ابتاع من ورثة ابن بقيّة «1» ، ناحية الزاوية من راذان «2» بأربعة آلاف درهم، بعد أن استأذنك استئذانا سلك فيه سبيل السخريّة والمغالطة، واستغلّها في سنة واحدة، نيفا على ثلاثين ألف درهم، وإنّه أعطى فلانا، وفلانا، ثمانية آلاف درهم على ظاهر البضاعة والتجارة، فأعطياه نيفا وستين ألف درهم.
فمات عند سماعه ذلك، وأوردت ما أوردته عنه، مقابلة على ما ذكرني به.
قلت: وقال في أبي الريان كذا وكذا، لأمور ذكرتها.
وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي، والإقبال عليّ.
واتفق أنّه سكر في بعض الأيّام، وولع بكنجك ولعا قال لي فيه:
وهذا من حديث أبي الفضل، وأشار إليه.
فقلق أبو الفضل، وقرب مني، وكنت أقعد، ويقوم «3» ، وقال لي:
ما الذي أومأ إليّ الملك فيه.
قلت: لا أدري، فسله أنت عنه.
ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق، وعليّ ثياب حسنة، وتحتي بغلة بمركب وجناغ «4» جداد «5» ، فقال لي: من أين لك هذه البغلة؟.(4/99)
قلت: حملني عليها الصاحب أبو القاسم، بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثيابا، وسبعة آلاف درهم.
فقال: هذا قليل مع ما تستحقّه عليه.
فعلمت أنّه اتّهمني به، وبأنّي خرجت بهذا الحديث إليه، وما كنت حدّثته به.
ووردنا إلى بغداد، فحكى لي أنّ الطائع متجاف عن ابنته المنقولة إليه «1» ، وأنّه لم يقربها إلى تلك الغاية «2» ، فثقل ذلك عليه.
وقال لي: تمضي إلى الخليفة، وتقول له عن والدة الصبية: إنّها مستزيدة لإقبال مولانا عليها، وإدنائه إليها، ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال، ويزول معه الانقباض، فقد كنت وسيط هذه المصاهرة «3» .
فقلت: السمع والطاعة، وعدت إلى داري، لألبس ثياب دار الخلافة، فاتفق أن زلقت، ووثئت رجلي «4» ، فانفذت إلى الملك أعرّفه عذري في تأخّري عن أمره، فلم يقبله، وأنفذ إليّ يستعلم خبري.
فرأى الرسول لي غلمانا روقة «5» وفرشا جميلا، فعاد إليه وقال له:
هو متعالل، وليس بعليل، وشاهدته على صورة كذا وكذا، والناس يغشونه ويعودونه.(4/100)
فاغتاظ غيظا مجددا، حرّك ما في نفسه مني أوّلا، فراسلني: بأن الزم بيتك، ولا تخرج عنه، ولا تأذن لأحد في الدخول عليك فيه، إلّا نفر من أصدقائي استأذنت فيهم، فاستثنى بهم.
ومضت الأيّام، وأنفذ إليّ أبو الريّان، فطالبني بعشرة آلاف درهم، كنت استسلفتها من إقطاعي، فأدّيتها إليه.
واستمرّ عليّ السخط، والصرف عن الأعمال، إلى حين وفاة عضد الدولة «1» .
معجم الأدباء 6/260(4/101)
46 أبو العباس النحوي يمدح أبا القاسم التنوخي والد المؤلف
أنشدني أبو القاسم التنوخيّ، عن أبيه، لأبي العباس النحوي، من قصيدة مدح بها جدّه أبا القاسم، أوّلها:
والجفون المضانيات المراض ... والثنايا يلحن بالإغماض
والعهود التي تلوح بها الصحف ... خلاف الصدود والإعراض
قد برتني الخطوب حتى نضتني ... حرضا باليا من الأحراض
وجدتني والدهر سلمي سليمى ... لم ينلني بنابه العضّاض
بين برد من الشباب جديد ... ورداء من الصبا فضفاض
[ومنها في المديح] :
ومدير عرى الأمور برأي ... يقظ الحزم مبرم نقّاض
دقّ معنى وجلّ قدرا فجادت ... في معانيه نهية الأغراض
وأنشد له أيضا:
لو قد وجدت إلى شفائك منهجا ... جبت الصباح إليه أو حلك الدجى
لكن وجدتك لا يحيك العتب فيك ... ولا العتاب ولا المديح ولا الهجا
فاذهب سدى ما فيك شر يتّقى ... يوما وليس لديك خير يرتجى
وإذا امرؤ كانت خلائق نفسه ... هذه الخلائق فالنجا منه النجا
معجم الأدباء 6/304(4/102)
47 المفجع الشاعر يلاطف القاضي أبا القاسم التنوخي
دخل المفجّع «1» يوما إلى القاضي أبي القاسم عليّ بن محمد التنوخيّ، فوجده يقرأ معاني الشعر «2» على العبيسي، فأنشد:
قد قدّم العجب «3» على الرويس «4» ... وشارف الوهد «5» أبا قبيس «6»
وطاول البقل «7» فروع الميس «8» ... وهبّت العنز «9» لقرع «10» التيس «11»
وادّعت الروم أبا في قيس «12» ... واختلط الناس اختلاط الحيس «13»
إذ قرأ القاضي حليف الكيس «14» ... معاني الشعر على العبيسي
وألقى ذلك إلى التنوخي، وانصرف.
معجم الأدباء 6/319(4/103)
48 المفجع الشاعر يعاتب القاضي أبا القاسم التنوخي
ومدح المفجّع «1» ، أبا القاسم التنوخي «2» ، فرأى منه جفاء، فكتب إليه:
لو أعرض الناس كلّهم وأبوا ... لم ينقصوا رزقي الذي قسما
كان وداد فزال وانصرما ... وكان عهد فبان وانهدما
وقد صحبنا في عصرنا أمما ... وقد فقدنا من قبلهم أمما
فما هلكنا هزلا ولا ساخت الأرض ... ولم تقطر السماء دما
في الله من كلّ هالك خلف ... لا يرهب الدهر من به اعتصما
حرّ ظننّا به الجميل فما ... حقّق ظنّا ولا رعى الذمما
فكان ماذا؟ ما كلّ معتمد ... عليه يرعى الوفاء والكرما
غلطت والناس يغلطون وهل ... تعرف خلقا من غلطة سلما
من ذا الذي أعطي السداد فلم ... يعرف بذنب ولم يزل قدما
شلّت يدي لم جلست عن ثقة ... أكتب شجوي وأمتطي القلما
يا ليتني قبلها خرست فلم ... أعمل لسانا ولا فتحت فما
يا زلّة ما أقلت عثرتها ... أبقت على القلب والحشى ألما
من راعه بالهوان صاحبه ... فعاد فيه فنفسه ظلما
معجم الأدباء 6/319(4/104)
49 من شعر أبي النضر الكندي
حدّثنا الببغاء «1» قال:
كان يجتمع معنا في خدمة سيف الدولة، شيخ من أهل الأدب، والتقدّم في النحو، وعلم المنطق، ممن درس على الزجّاج، وأخذ عنه، يكنى بأبي النضر، وهو محمد بن إسحاق بن أسباط الكنديّ المصريّ «2» ، وحكى أنّه كان حسن الشعر.
وأخبرنا: أنّ الأبيات التي ينسبها قوم إلى أبي المغيرة «3» ، وآخرون إلى أبي نضلة «4» - قلت أنا: وجدتها أنا، في ديوان أبي القاسم التنوخيّ، معزوّة إلى أبي القاسم- وتروى لغيرهم أيضا، أنّها لأبي النضر، من قديم شعره، وأنشدها لنفسه، وهي:
وكأس من الشمس مخلوقة ... تضمّنها قدح من نهار
هواء ولكنّه ساكن ... وماء ولكنّه غير جار
فهذا النهاية في الابيضاض ... وهذا النهاية في الاحمرار(4/105)
وما كان في الحكم أن يوحدا ... لفرط التنافي وفرط النفار
ولكن تجاور سطحاهما ... البسيطان فاجتمعا بالجوار
كأنّ المدير لها باليمين ... إذا طاف للسقي أو باليسار
تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فردكمّ من الجلّنار
وقد أورد التنوخي هذه الحكاية، في كتاب النشوار، وحكى: أنّ أبا النضر، كان عالما بالهندسة، قيّما بعلوم الأوائل.
ولأبي النضر أيضا:
هات اسقني بالكبير وانتخب ... نافية للهموم والكرب
فلو تراني إذا انتشيت وقد ... حرّكت كفي بها من الطرب
لخلتني لابسا مشهّرة ... من لازورد يشفّ عن ذهب
وقال أبو عليّ التنوخيّ: أنشدني أبو عمر بن حفص «1» الخلّال، لأبي النضر المصريّ النحويّ من قصيدة، يذكر فيها رجلا مدحه، وقال: وكان متّسعا في الشعر الجيّد المستحسن:
ورأيت أحمدنا وسيّدنا ... متصدّرا للورد والصدر
خلت النجوم خلقن دائرة ... موصولة الطرفين بالقمر
معجم الأدباء 6/406(4/106)
50 أبو مسلم الأصبهاني يكتب لمحمد بن زيد الداعي
قال أبو عليّ التنوخيّ، وقد ذكر محمد بن زيد الداعي «1» ، فقال: وهو الذي كان أبو مسلم محمد بن بحر الأصبهاني «2» ، الكاتب المعتزليّ الشهير، العالم بالتفسير، وبغيره من صنوف العلم- وقد صار عامل أصبهان، وعامل فارس «3» ، للمقتدر «4» - يكتب له، ويتولّى أمره.
معجم الأدباء 6/420(4/107)
51 الصلت بن مالك الشاري يدعو الله أن يوقف المطر
حدّث أبو عليّ المحسّن، قال: حدّثني أبو القاسم الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن خلّاد الشاهد العكبريّ، أمام الجامع فيها، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد «1» ، قال:
كنت بعمان مع الصلت بن مالك الشاري «2» ، وكانت الشراة «3» تدعوه:
أمير المؤمنين.
وكانت السنة كثيرة الأمطار، ودامت على الناس، فكادت المنازل أن تتهدّم، فاجتمع الناس، وصاروا إلى الصلت، وسألوه أن يدعو لهم.
فأجّل بهم أن يركب من الغد إلى الصحراء، ويدعو.
فقال لي بكّر لتخرج معي في غد، فبتّ مفكّرا، كيف يدعو.
فلما أصبحت، خرجت معه، فصلّى بهم، وخطب، ودعا، فقال:
اللهم إنّك أنعمت فأوفيت، وسقيت فأرويت، فعلى القيعان «4» ومنابت الشجر، حيث النفع لا الضرر.
فاستحسنت ذلك منه.
معجم الأدباء 6/492(4/108)
52 من شعر ابن جمهور العمي
قال أبو عليّ التنوخيّ:
كان محمد بن الحسن بن جمهور العميّ الكاتب «1» من شيوخ أهل الأدب بالبصرة، وكثير الملازمة لأبي، وحرّر لي خطّي، لما قويت على الكتابة، لأنّه كان جيّد الخط، حسن الترسّل، كثير المصنّفات لكتب الأدب، فكثرت ملازمتي له، وكان يمدح أبي.
فأنشدني لنفسه، وهو من مشهور شعره:
إذا تمنّع صبري ... وضاق بالهجر صدري
ناديت والليل داج ... وقد خلوت بفكري
يا ربّ هب لي منه ... وصال يوم بعمري
وأنشدني أيضا لنفسه:
كثرت عندي أياديك ... فجلّ الوصف عنها
فأحاطت بجميع الفهم ... حتى لم أبنها
فمتى ازددتك منها ... كنت كالناقص منها
معجم الأدباء 6/498(4/109)
53 إنه الله تبارك وتعالى
أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «2» ، قال: حدّثني أبي «3» ، قال: حدّثنا القاضي محمد بن صالح الهاشميّ «4» قال: حدّثني القاضي أبو عمر «5» ، يعني محمد بن يوسف، وأبو عبد الله المحاملي القاضي «6» وأبو الحسن عليّ بن العباس النوبختي «7» ، قالوا: حدّثنا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان «8» قال:
كنت أكتب لموسى بن بغا «9» ، وكنّا بالريّ، وكان قاضيها إذ ذاك(4/110)
أحمد بن بديل الكوفي «1» .
فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة كانت هناك، كانت له فيها سهام، وأن يعمّرها، وكان فيها سهم ليتيم.
فصرت إلى أحمد بن بديل، أو قال: استحضرت أحمد بن بديل، وخاطبته في أن يبيع علينا حصّة اليتيم، ويأخذ الثمن.
فامتنع، وقال: ما باليتيم حاجة للبيع، ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه، فيحدث على المال حادثة، فأكون قد ضيّعته عليه.
فقلت: أنا أعطيك في ثمن حصّته ضعف قيمتها.
فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر، مثلها إذا قلّ.
فأدرته بكل لون وهو يمتنع، فأضجرني، فقلت له: أيّها القاضي، إلّا تفعل، فإنّه موسى بن بغا.
فقال لي: أعزّك الله، إنّه الله تبارك وتعالى.
قال: فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك، وفارقته.
ودخلت على موسى، فقال: ما عملت في أمر الضيعة؟
فقصصت عليه الحديث.
فلما سمع «إنّه الله» بكى، وما زال يكرّرها.
ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجة فاقضها.(4/111)
قال: فأحضرته، وقلت له: إنّ الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة، وذلك انّي شرحت له ما جرى بيننا، وهو يعرض عليك قضاء حوائجك.
قال: فدعا له، وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، وما لي حاجة إلّا إدرار رزقي، فقد تأخّر منذ شهور، وقد أضرّ بي.
فأطلقت له جاريه.
المنتظم 5/9(4/112)
54 بشرك الله بالنار
حدثنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا القاضي أبو القاسم عمر بن محمد ابن إبراهيم البجلي «2» - من لفظه وحفظه- قال: حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي «3» ، قال:
كنت بسرّ من رأى، وكان عبد الله بن أيوب المخرّمي «4» يقرب إليّ، فخرج توقيع الخليفة بتقليده القضاء، فانحدرت في الحال من سرّ من رأى إلى بغداد، حتى دققت على عبد الله بن أيوب، بابه، فخرج إليّ.
فقلت: لك البشرى.
فقال: بشّرك الله بخير، وما هي؟
قال: قلت: خرج توقيع السلطان بتقليدك القضاء، لأحد البلدين، إما سرّ من رأى، أو بغداد- أبو القاسم البجلي الشك منه-.
قال: فأطبق الباب، وقال: بشّرك الله بالنار.
وجاء أصحاب السلطان إليه، فلم يظهر لهم، فانصرفوا.
تاريخ بغداد 10/81 المنتظم 5/52(4/113)
55 أبو بكر الآدمي القارىء يقرأ لابن أبي الساج
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه، قال: حدّثني أبو السريّ عمر بن محمد القارىء «2» ، قال: حدّثني أبو بكر الآدمي «3» ، قال:
لما أدخل مؤنس «4» ، أبا القاسم بن أبي الساج «5» أسيرا، خرجت إلى تلقّيه على فراسخ، ودخلت بغداد معه «6» .
فقال لي لما قربنا: إذا كان غدا، فإنّي سأركب مع ابن أبي الساج وأشهره، فاركب بين يديه، واقرأ.(4/114)
فقلت: السمع والطاعة.
فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس «1» ، فبدأت، فقرأت، وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
«2» وأتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس.
قال: وحانت مني التفاتة، فوجدت ابن أبي الساج يبكي.
ومضى ذلك اليوم.
فلمّا كان بعد أيّام، رضي عنه السلطان، بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره.
فأنا كنت يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وقال لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه.
فقلت له: أيّها الأستاذ، الله، الله، فيّ، لعلّه وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم.
فضحك، وقال: امض إليه.
فمضيت إليه، فرفعني، وأجلسني، وقال: أحبّ أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يديّ يوم كذا.
فقلت: أيّها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بمؤاخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن أقرأ لك غيرها.
فقال: لا، إلّا تلك، فإنّه تداخلني لها خشوع وخوف، أحبّ أن أكسر به نفسي، فردّد سماعها عليّ.
قال: فاستفتحت، فقرأتها، فما زال يبكي وينتحب، إلى أن قطعت القراءة.(4/115)
ثم قال: تقدّم إليّ.
فخفته والله أن يبطش بي، ثم قلت في نفسي: هذا محال، فتقدّمت، فأخرج من تحت مصلاه دنانير كثيرة، وقال: افتح فاك.
ففتحته بكل ما استطعته، فما زال يملأه حتى لم يبق في فمي موضع.
ثم قال للغلام: هات، فجاء بكيس فيه ألفا درهم، فجعلها في كمّي «1» .
ثم خرجت، فقدّمت إليّ بغلة فارهة مسرجة، فحملت عليها، وأصحبني ثيابا، وقال: إذا شئت فعد إلينا، ولا تنقطع عنّا، ما دمنا مقيمين.
فكنت أجيئه في كلّ أسبوع أقرأ في داره، فيعطيني في كل شهر مائة دينار، إلى أن خرج من مدينة السلام.
المنتظم 5/80(4/116)
56 إبراهيم بن شبابة يشكو فلا يجاب
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز، عن عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه، قال: أخبرني أبو الفرج الأصبهانيّ، قال: حدّثني حبيب بن نصر المهلّبي، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدّثني عبد الله بن أبي نصر المروزي، قال: حدّثني محمد بن عبد الله الطلحي، قال: حدّثني سليمان بن يحيى بن معاذ، قال:
قدم على نيسابور إبراهيم بن شبابه «1» الشاعر البصري، فأنزلته عليّ، فجاء ليلة من الليالي، وهو مكروب قد هاج، فجعل يصيح بي: يا أبا أيّوب.
فخشيت أن يكون قد غشيته بليّة، فقلت: ما تشاء؟
فقال: أعياني الشادن الربيب.
فقلت: بماذا؟
فقال: إليه أشكو فلا يجيب.
فقلت: داره وداوه.
فقال: من أين أبغي دواء دائي ... وإنّما دائي الطبيب
فقلت: إذن يفرّج الله عزّ وجل.
فقال: يا ربّ فرّج إذن وعجّل ... فإنّك السامع المجيب
قال: ثمّ انصرف.
المنتظم 5/119(4/117)
57 عضد الدولة وإيمانه بالمنامات
حدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو «1» ببغداد، وذلك في سنة 370 قال:
حدّثتني أمّي رحمها الله: أنّها ولدت للأمير ركن الدولة «2» ، ولدا قبلي، كنّاه أبا دلف، وعاش قليلا ومضى لسبيله.
قالت: فحزنت عليه حزنا شديدا، أسفا على فقده، وإشفاقا من أن ينقطع ما بيني وبين الأمير بعده.
فسلّاني مولاي، وسكّنني، وأقبل عليّ، وقرّبني، ومضت الأيّام، وتطاول العهد، وسلوت.
ثم حملت بك، بأصبهان، فخفت أن أجيء ببنت، فلا أرى مولاي، ولا يراني، لما أعرف من كراهيته للبنات، وضيق صدره بهنّ، وطول إعراضه عنهنّ، ولم أزل على جملة القلق والجزع، إلى أن دخلت في شهري، وقرب ما أترقّبه من أمري، وأقبلت على البكاء والدعاء، ومداومة الصلاة والأدعية إلى الله، في أن يجعله ولدا، ذكرا، سويّا، محظوظا.
ثم حضرت أيّامي، واتّفق أن غلبني النوم، فنمت في مخادعي، ورأيت في منامي، رجلا شيخا، نظيف البزّة، ربعة، كثّ اللحية، أعين «3» ، عريض الأكتاف، وقد دخل عليّ، وعندي أنّه مولاي ركن الدولة،(4/118)
فلما تبيّنت صورته ارتعت منه، وقلت: يا جواري، من هذا الهاجم علينا؟ فتساعين إليه، فزبرهنّ، وقال: أنا عليّ بن أبي طالب.
فنهضت إليه، وقبّلت الأرض بين يديه، فقال: لا. لا.
وقلت: قد ترى يا مولاي ما أنا فيه، فادع الله لي بأن يكشفه، ويهب لي ذكرا سويا محظوظا فقال: يا فلانة، وسمّاني باسمي- وكذا كنى الملك عضد الدولة عن الاسم- قد فرغ الله ممّا ذكرت، وستلدين ذكرا، سويا، نجيبا، ذكيا، عاقلا، فاضلا، جليل القدر، سائر الذكر، عظيم الصولة، شديد السطوة، يملك بلاد فارس وكرمان، والبحر وعمان، والعراق والجزيرة، إلى حلب، ويسوس الناس كافّة، ويقودهم إلى طاعته بالرغبة والرهبة، ويجمع الأعمال الكثيرة، ويقهر الأعداء، ويقول بجميع ما أنا فيه- يقول الملك ذاك- ويعيش كذا وكذا سنة، لعمر طويل، أرجو بلوغه- ولم يبيّن الملك قدره- ويملك ولده من بعده، فيكون حالهم كذا وكذا لشيء طويل، هذه حكاية لفظه.
قال الملك عضد الدولة: وكلّما ذكرت هذا المنام، وتأمّلت أمري، وجدته موافقا له حرفا بحرف.
ومضت على ذلك السنون، ودعاني عمّي عماد الدولة إلى فارس، واستخلفني عليها، وصرت رجلا، وماتت أمّي.
واعتللت علّة صعبة، أيست فيها من نفسي، وأيس الطبيب مني، وكانت سنتي المتحوّلة فيها، سنة رديئة الدلائل، موحشة الشواهد، وبلغت إلى حدّ أمرت فيه، بأن يحجب الناس عنّي، حتى الطبيب، لضجري بهم، وتبرّمي بأمورهم، وما أحتاج إلى شرحه لهم، ولا يصل إليّ إلّا حاجب النوبة.(4/119)
وبينما أنا على ذلك، وقد مضت عليّ فيه ثلاثة أيام، أو أربعة، ولا شغل لي إلّا البكاء على نفسي، والحسرة على مفارقة الحياة، إذ دخل حاجب النوبة، فقال: أبو الحسين الصوفي «1» في الدار، منذ الغداة، يسأل الوصول، وقد اجتهدت به في الانصراف، فأبى إلّا القعود، وترك القبول، وهو يقول:
لا بدّ لي من لقاء مولانا، فإنّ عندي بشارة، ولا يجوز أن يتأخّر وقوفه عليها، وسماعه إيّاها، فلم أحبّ أن أجدّ به في المنع والصرف، إلّا بعد المطالعة وخروج الأمر.
فقلت له- على مضض غالب، وبصوت خافت- قل له: كأنّي بك، وأنت تقول قد بلغ الكوكب الفلاني، إلى الموضع الفلاني، وتهذي عليّ في هذا المعنى، هذيانا لا يتسع له صدري، ولا يحتمله قلبي وجسمي، وما أقدر على سماع ما عندك، فانصرف.
فخرج الحاجب، وعاد متعجّبا، وقال: إمّا أن يكون أبو الحسين قد اختلّ، وإمّا أن يكون عنده أمر عظيم، فإنّي أعدت عليه ما قاله مولانا، فقال: ارجع، وقل له: والله، لو أمرت بضرب رقبتي، لما انصرفت أو أراك، ومتى أوردت عليك في معنى النجوم حرفا، فحكمك ماض فيّ، وإذا سمعت ما أحدثك به، عوفيت في الوقت، وزال ما تجده.
فعجبت من هذا القول، عجبا شديدا، مع علمي بعقل أبي الحسين، وشدّة تحقيقه، وقلّة تحريفه، وتطلّعت نفسي إلى ما عنده، فقلت: هاته.
فلمّا دخل، قبّل الأرض، وبكى، وقال: أنت والله يا مولاي في عافية، ولا خوف عليك، اليوم تبلّ، وتستقلّ، ومعي دلالة على ذلك.(4/120)
قلت: وما هي؟ ولم أكن حدّثته من قبل بحديث المنام الذي رأته أمّي، ولا سمعه أحد منّي.
فقال: رأيت البارحة في منامي، أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام، والناس يهرعون إليه، ويجتمعون عليه، ويفاوضونه أمورهم، ويسألونه حوائجهم، وكأنّي تقدمت إليه، وقلت له: يا أمير المؤمنين، أنا رجل في هذا البلد غريب، تركت نعمتي وتجارتي بالريّ، وتعلّقت بخدمة هذا الأمير الذي أنا معه، وقد بلغ في علّته، إلى حدّ آيس فيه من عافيته، وأخاف أن أهلك بهلاكه، فادع الله له بالسلامة، قال: تعني فناخسرو بن الحسن بن بويه؟
فقلت: نعم، يا أمير المؤمنين.
فقال: امض إليه غدا، وقل له: أنسيت ما أخبرتك به أمّك عنّي في المنام الذي رأته وهي حامل بك؟ ألم أخبرها مدّة عمرك، وأنّك ستعتلّ إذا بلغت كذا وكذا سنة، علّة يأيس فيها منك أهلك، وطبّك، ثم تبرأ منها؟ وفي غد يبتدى برؤك، ويتزايد إلى أن تركب، وتعود إلى عاداتك كلّها، في كذا وكذا يوما، ولا قاطع على أجلك إلى الوقت الذي أخبرتك به أمّك عنّي.
قال الملك عضد الدولة: وقد كنت أنسيت أنّ أمّي ذكرت ذلك في المنام، وأنّي إذا بلغت هذه السنة من عمري، اعتللت هذه العلّة التي ذكرها، فذكرت ذلك عند قول أبي الحسين ما قاله.
فحين سمعت ما سمعت، حدثت لي في الحال قوّة نفس لم تكن من قبل وقلت: أقعدوني.
فجاء الغلمان وأجلسوني.
فلما استقللت على الفراش، قلت لأبي الحسين: اجلس، وأعد الحديث.(4/121)
فجلس، وأعاد، وتولّدت بي شهوة الطعام، واستدعيت الطب، فأشاروا بتناول غداء عمل في الوقت، وأكلته، ولم يتصرّم الوقت، حتى أحسست بالصلاح الكثير، وتدرّجت العافية، فركبت، وعاودت عاداتي، في اليوم الذي قاله أبو الحسين.
وكان الملك يشرح هذا الشرح، وأبو الحسين حاضر، يقول: كذا والله قلت لمولانا، وأعيذه بالله، فما أحسن حفظه وذكره.
ثم قال لي: بقي في نفسي من هذا المنام شيء.
قلت: يبلغ الله مولانا آماله، ويزيل عنه كل ما يهوله، ويصرم عنه كل ما يخشاه.
ولم أتجاوز الدعاء، لعلمي بأنّ سؤاله عن ذلك، سوء أدب، فعلم ما في نفسي، وقال:
وقوفه على أنّني أملك حلب، ولو كان عنده أنّني أتجاوزها، لقال، حتى إنّه لما ورد الخبر بإقامة ابن شيخ الدعوة لي بها، ذكرت المنام فتنغّص عليّ أمرها، إشفاقا من أن تكون آخر حدود مملكتي في ذلك الصقع.
فدعوت له، وانقطع المجلس.
تجارب الأمم 2/418(4/122)
58 أبو العلاء الكاتب ووفاؤه للمهلبي
وروي أيضا عن أبي علي التنوخي، الحكاية التي وردت في إرشاد الأريب (3/193) «1» ، وقال أيضا:
وكان المهلّبي «2» ، قد اصطنع أبا العلاء، عيسى بن الحسين بن أبرونا النصراني الكاتب، واستكتبه على خاصّته، وأطلعه على أموال وذخائر دفنها.
فأخذ أبو العلاء في جملة المأخوذين، وعوقب أشدّ عقوبة، وضرب أبرح ضرب، وهو لا يقرّ بشيء، ولا يعترف بذخيرة.
فعدل أبو الفضل، وهو العباس بن الحسين الشيرازي «3» ، وأبو الفرج وهو محمد بن العباس بن الحسين بن فسانجس «4» إلى تجنّي «5» وهي أمّ أبي الغنائم الفضل بن الوزير المهلبي، وأمرا بضرب ابنها أبي الغنائم بين يديها «6» .
فبكى من عرفها من الذي يتمّ عليها، وقالت لهم: إنّ مولاي المهلّبي فعل هذا بي، حين استدعى آلات العقوبة لزوجة أبي عليّ الطبري «7» ، لما قبض عليها بعد وفاته.(4/123)
ثم قالت: أحضروني أبا العلاء بن أبرونا، فاحضروه، وحمل في سبنيّة «1» بين أربع فرّاشين، فطرح بين يديها.
فجعلت تسأله عن شيء شيء، وهو يخبرها بمكانه، حتى كان في جملة ذلك ثلاثون ألف دينار.
فقال له من حضر: ويلك، ألست من الآدميين، تقتل هذا القتل «2» ، ويفضي حالك إلى التلف، وأنت لا تعترف.
فقال: يا سبحان الله، أكون ابن أبرونا الطبيب الفصّاد على الطريق، بدانق ونصف دانق، يأخذني الوزير أبو محمد، ويصطنعني، ويجعلني كاتب سرّه، وأعرف بخدمته، وأطلع الناس على ذخيرة ذخرها لولده؟ والله ما كنت لأفعل هذا ولو هلكت.
فاستحسن فعله، وكان ذلك سببا لإطلاقه، وتقدّم بذلك عند أبي الفضل، وأبي الفرج، وابن بقيّة.
وتوفي سنة 369 في أيّام عضد الدولة.
تجارب الأمم 2/197(4/124)
59 المعتضد والملاح القاتل
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن، عن أبيه، عن جدّه، قال: حدّثني أبو [محمد] «1» الحسن بن محمد الصلحي، قال:
حدّث أحد خدم المعتضد المختصّين بخدمته، قال:
كنّا حول سرير المعتضد «2» ، ذات يوم نصف النهار، وقد نام بعد أن أكل، وكان رسمنا أن نكون عند سريره، أوقات منامه، من ليل أو نهار.
فانتبه منزعجا، وقال: يا خدم، يا خدم.
فأسرعنا الجواب.
فقال: ويلكم، أعينوني، والحقوا الشط، فأوّل من ترونه منحدرا في سفينة فارغة، فاقبضوا عليه، وجيئوني به، ووكّلوا بسفينته.
فأسرعنا، فوجدنا ملّاحا في سميريّة، فأصعدناه، فحين رآه الملاح، كاد يتلف.
فصاح عليه صيحة واحدة عظيمة، كادت روحه تخرج معها، قال:
أصدقني يا ملعون، عن قصّتك مع المرأة التي قتلتها وسلبتها اليوم، وإلّا ضربت عنقك.
قال: فتلعثم، وقال: نعم، كنت اليوم سحرا في المشرعة الفلانية فنزلت امرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثيرة، فطمعت فيها،(4/125)
واحتلت عليها، حتى سددت فاها، وغرّقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجترىء على حمل سلبها إلى بيتي، لئلا يفشو الخبر، فعملت على الهرب، وانحدرت الساعة، لأمضي إلى واسط، فعوّقني هؤلاء الخدم، وحملوني.
فقال: وأين الحلي والسلب؟
فقال: في صدر السفينة تحت البواري.
فقال المعتضد للخدم: جيئوني به، فمضوا، وأحضروه.
وقال: خذوا الملاح فغرّقوه، ففعلوا.
ثم أمر أن ينادى في بغداد كلّها، على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانية سحرا، وعليها ثياب وحلي، يحضر من يعرفها، ويعطي صفة ما كان عليها ويأخذه، فقد تلفت المرأة.
فحضر في اليوم الثاني، أو الثالث، أهل المرأة، فأعطوه صفة ما كان عليها، فسلّم إليهم.
فقلنا: يا مولاي أوحي إليك؟
فقال: رأيت في منامي كأنّ شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي: يا أحمد خذ أوّل ملاح ينحدر الساعة، فاقبض عليه، وقرّره خبر المرأة التي قتلها اليوم، وسلبها، وأقم عليه الحدّ.
فكان ما شهدتم.
المنتظم 5/127(4/126)
60 المدائني يثني على إسحاق الموصلي
وأخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن سيف- إجازة- وحدّثنا أحمد بن عبد الله الدوريّ الورّاق «1» ، عنه، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن العبّاس «2» اليزيدي، قال: حدّثني أحمد بن زهير بن حرب «3» ، قال:
كان أبي «4» ، ويحيى بن معين «5» ، ومصعب الزبيري «6» يجلسون بالعشيّات على باب مصعب، قال: فمر عشية من العشيّات، رجل على حمار فاره،(4/127)
وبزّة حسنة، فسلّم، وخصّ بمسائلته يحيى بن معين.
فقال له يحيى: إلى أين يا أبا الحسن؟
فقال: إلى هذا الكريم الذي يملأ كمّي من أعلاه إلى أسفله دنانير ودراهم.
فقال: ومن هو يا أبا الحسن؟
فقال: أبو محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلّي «1» .
قال: فلما ولّى، قال يحيى بن معين: ثقة، ثقة، ثقة.
قال: فسألت أبي، فقلت: من هذا الرجل؟
قال: المدائني «2» .
تاريخ بغداد 12/54(4/128)
61 لو رضيته لما بعته
أخبرنا التنوخيّ، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عيسى بن عليّ الرمانيّ «1» ، قال: حدّثنا ابن دريد «2» ، قال: أخبرنا العكلي، قال: حدّثني شيخ من أهل البصرة، قال:
رأيت محمد بن واسع الأزديّ «3» ، بسوق مرو «4» ، يعرض حمارا.
فقال له رجل: يا عبد الله، أترضاه لي؟
قال: لو رضيته لما بعته.
تاريخ بغداد 12/16(4/129)
62 أبو سعيد القرامطي يبعث برسالة إلى المعتضد
أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثنا القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشميّ «4» ، قال:
سمعت العبّاس بن عمرو الغنوي «5» يقول:
لما أسرني أبو سعيد القرمطي «6» ، وأسر العسكر الذي كان بعثه معي المعتضد إلى قتاله «7» ، وحصلت في يده، يئست من الحياة.
فأنا يوما على هذه الصورة، إذ جاءني رسوله، فأخذ قيودي، وغيّر ثيابي، وأدخلني إليه، فسلّمت عليه، وجلست.(4/130)
فقال: أتدري لم استدعيتك؟
قلت: لا.
قال: أنت رجل عربيّ، ومن المحال إذا استودعتك أمانة أن تخفرها.
قلت: هو كذلك.
فقال: إنّي فكرت، فإذا لا طائل في قتلك، وفي نفسي رسالة إلى المعتضد «1» ، لا يجوز أن يؤدّيها غيرك، فرأيت إطلاقك، وتحميلك إيّاها، إن حلفت أنّك إذا سيّرتك إليه، تؤدّيها.
فحلفت له.
فقال: قل للمعتضد، يا هذا، لم تخرق هيبتك، وتقتل رجالك، وتطمع أعداءك في نفسك، وتبعث في طلبي الجيوش، وأنا رجل مقيم في فلاة، لا زرع فيها ولا ضرع، وقد رضيت لنفسي بخشونة العيش، والعزّ بأطراف هذه الرماح، وما اغتصبتك بلدا، ولا أزلت سلطانك عن عملك، ومع هذا، فو الله، لو أنفذت إليّ جيشك كلّه، ما جاز أن يظفر بي، لأنّي رجل نشأت في العسف «2» فاعتدته، أنا ورجالي، لا مشقة علينا فيه، وأنت تنفذ جيوشك من الخيوش «3» والثلج والريحان «4» ، فيجيئون من المسافة البعيدة الشاقّة، وقد قتلهم السفر قبل قتالنا، وإنّما غرضهم أن يبلغوا غرضا من مواقفتنا ساعة، ثم يهربون، وإن هم هزموني، بعدت عشرين فرسخا، أو ثلاثين، وجلت في الصحراء شهرا أو شهرين، ثم كبستهم على غرّة، فقتلتهم، وإن كانوا محترسين، فما يمكنهم أن يطوفوا خلفي في الصحاري،(4/131)
ولا تحملهم الإقامة في أماكنهم، فأنت تنفق الأموال، وتكلّف الرجال الأخطار، وأنا سليم من ذلك، وهيبتك تنخرق في الأطراف، كلّما جرى عليك هذا، فإن اخترت بعد هذا محاربتي فاستخر الله، وإن أمسكت، فذاك إليك.
ثم سيّرني، وأنفذ معي عدّة إلى الكوفة، وسرت منها إلى الحضرة «1» .
ودخلت على المعتضد، فأخبرته بما قال، في خلوة، فرأيته يتمعّط في جلده غيظا، حتى ظننت أنّه سيسير إليه بنفسه، وخرجت.
فما رأيته بعد ذلك ذكره.
المنتظم 5/133(4/132)
63 الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان يقلد عليّ بن محمد قضاء القضاة
أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال:
لما مات إسماعيل بن إسحاق «4» ، مكثت بغداد بغير قاض، ثلاثة أشهر، وسنة عشر يوما، فاستقضي في يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين، عليّ بن محمد بن عبد الملك «5» ، على قضاء المدينة «6» ، مضافا إلى ما كان يتقلّده من القضاء بسرّ من رأى وأعمالها «7» .
قال: وقبل هذا كان [أخوه الحسن] «8» على قضاء القضاة بسر من رأى(4/133)
في أيّام المعتز «1» والمهتدي «2» .
فلمّا توفي الحسن «3» ، وجّه المعتمد «4» بعبيد الله بن يحيى بن خاقان «5» إلى عليّ بن محمد، فعزّاه بأخيه، وهنّأه بالقضاء، فامتنع من قبول ذلك.
فلم يبرح الوزير عبيد الله من عنده حتى قبل «6» ، وتقلّد قضاء القضاة «7» ، ومكث يدعى بذلك، إلى أن توفي «8» .
وهو رجل صالح، ضيّق الستر، عظيم الخطر، ثقة، أمين، على طريق الشيوخ المتقدمين، حمل الناس عنه حديثا كثيرا.
المنتظم 5/164(4/134)
64 ابن أبي زيد يثني على عليّ بن عيسى الربعيّ
سمعت التنوخيّ يقول: كان أبو عليّ، يقول: سمعت ابن أبي زيد- وكان ابن أخت أبي عليّ الفارسيّ النحوي «1» - يقول: قولوا لعليّ البغدادي «2» :
لو سرت من الشرق إلى الغرب، لم تجد أنحى «3» منك.
تاريخ بغداد 12/17(4/135)
65 أبو خازم القاضي وشدّته في الحكم
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: أخبرني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبيّ «4» ، قال:
قال لي ابن حبيب الذرّاع:
كنّا ونحن أحداث مع أبي خازم «5» ، وكنّا نقعده قاضيا، ونتقدّم إليه في الخصومات.
قال: فما مضت الأيّام واللّيالي، حتى صار قاضيا.
قال أبو الحسين: وبلغ من شدّته في الحكم، أنّ المعتضد «6» ، وجّه إليه بطريف المخلدي «7» ، فقال له: إنّ لي على الضبعيّ- بيّع «8» كان(4/136)
للمعتضد ولغيره- مالا، وقد بلغني أنّ غرماءه، أثبتوا عندك، وقد قسّطت لهم في ماله، فاجعلنا كأحدهم.
فقال له أبو خازم: قل له: أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- ذاكر لما قال لي وقت ما قلّدني، أنّه قد أخرج الأمر من عنقه، وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدّع إلّا ببيّنة.
فرجع إليه طريف، فأخبره.
فقال: قل له فلان وفلان يشهدان، يعني رجلين جليلين كانا في ذلك الوقت.
فقال: يشهدان عندي، وأسأل عنهما، فإن زكّيا، قبلت شهادتهما، وإلّا أمضيت ما ثبت عندي.
فامتنع أولئك من الشهادة، فزعا.
ولم يدفع إلى المعتضد شيئا.
المنتظم 6/53(4/137)
66 أبو خازم القاضي أدب شخصا فمات فوداه من بيت المال
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال:
أخبرنا التنوخيّ «3» قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو الفرج طاهر بن محمد الصلحيّ، قال: حدّثني القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر «5» ، قال:
بلغني أنّ أبا خازم القاضي «6» جلس في الشرقيّة «7» ، وهو قاضيها، للحكم، فارتفع إليه خصمان، فاجترأ أحدهما بحضرته إلى ما يوجب التأديب، فأدّب، فمات في الحال.
فكتب إلى المعتضد «8» من المجلس: أعلم أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، أنّ خصمين، حضراني، فاجترأ أحدهما إلى ما وجب عليه معه الأدب عندي، فأمرت بتأديبه، فمات.(4/138)
فإذ كان المراد بتأديبه، مصلحة المسلمين، فمات في الأدب، فديته واجبة في بيت مال المسلمين.
فإن رأى أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، أن يأمر بحمل الدية، لأحملها إلى ورثته، فعل.
فعاد الجواب إليه: بأنّا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم.
فأحضر ورثة المتوفى، ودفعها إليهم.
المنتظم 6/54(4/139)
67 القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب يتقلّب بين التولية والعزل
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
استخلف المستكفي بالله «1» في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «2» ، واستقضى على مدينة المنصور «3» والشرقية «4» أبا الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «5» .
وذكر طلحة: أنّه كان رجلا واسع الأخلاق، كريما، جوادا، طلّابة للحديث، قال: ثم قبض عليه في صفر سنة أربع وثلاثين.
فلمّا كان في رجب في هذه السنة، قبض على المستكفي بالله «6» واستخلف المطيع «7» ، فقلّد أبا الحسن الشرقيّة والحرمين «8» واليمن «9»(4/140)
ومصر «1» وسر من رأى «2» وقطعة من أعمال السواد «3» وبعض أعمال الشام «4» وسقي الفرات وواسط.
ثم صرف عن جميع ذلك في رجب سنة خمس وثلاثين «5» .
المنتظم 6/389(4/141)
68 قاض متهم بالاسترشاء
أخبرنا القزّاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أنبأنا إبراهيم بن مخلد، قال: أخبرنا إسماعيل، عن عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال:
عزل محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «2» عن جميع ما كان يتقلّده من أمر القضاء «3» ، وأمر المستكفي «4» بالقبض عليه، ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة أربع وثلاثين»
، وكان قبيح الذكر فيما يتولّاه من الأعمال، منسوبا إلى الاسترشاء في الأحكام، والعمل فيها بما لا يجوز، وقد شاع ذلك عنه، وكثر الحديث به «6» .
المنتظم 6/389(4/142)
69 الناشئ يشغف برقيبة
حدّثنا عليّ بن أبي عليّ «1» - لفظا- قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثني الصولي «3» ، قال: حدّثني محمد بن خلف بن المرزبان «4» ، قال:
اجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر «5» ، والناشئ «6» ، ومحمد بن عروس، فدعوت لهم مغنّية، فجاءت ومعها رقيبة «7» لم ير الناس أحسن منها قط.
فلما شربوا، أخذ الناشئ رقعة، وكتب فيها:
فديتك لو أنهم أنصفوك ... لردّوا النواظر عن ناظريك
تردّين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلّا إليك(4/143)
وهم جعلوك رقيبا علينا ... «1» فمن ذا يكون رقيبا عليك
ألم يقرأوا ويحهم ما يرون ... من وحي حسنك في وجنتيك
قال: فشغفنا بالأبيات.
فقال ابن أبي طاهر: أحسنت- والله- وأجملت، قد والله حسدتك على هذه الأبيات، والله، لا جلست.
وقام، وخرج.
تاريخ بغداد 10/92 المنتظم 6/58(4/144)
70 المقتدر والقرية الفضية
أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخيّ «2» ، عن أبيه «3» قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون «4» ، قال: حدّثني أبي «5» ، قال:
كان ابن عمّي أبو القاسم يوسف بن يحيى بن عليّ «6» ، حسن الإقبال، محظوظا.
وكانت له داية تسمى نظم، فخدمت السيدة «7» أمّ المقتدر «8» ، واختصّت بها، حتى صارت إحدى قهارمتها، التي تجري على يديها الصغير والكبير، فرفعت أبا القاسم، وانتهت به إلى أسنى الأرزاق، وأوسع الأحوال، وأخرجت له الصلات، حتى تأثلت حاله بذلك، وصار صاحب عشرات ألوف دنانير، وخلطته بخدمة السيّدة.(4/145)
فعزم أبو القاسم على تطهير «1» ابنه، فأنفق في وليمته ما لم يسمع بمثله، حتى إنّه أفرد عدّة دور للحلواء، وعدّة دور للفاكهة، وأنفق ألوف دنانير.
وبلغ نظما خبره، فجاءته من عند السيدة بأموال عظيمة، معونة له على التطهير، وحملت له من عندها، من الفرش والآنية، والثياب، والمخروط بألوف.
فلما مضت أيّام، قالت لها: يا نظم، أيش خبر طهر ابن يوسف؟
قالت: يا ستّي، قد بقيت له أشياء يريدها.
فقالت: خذي ما تريدين، واحمليه إليه.
فجاءت نظم إليه، فقالت: إن كان شيء قد بقي في نفسك، فعرّفني.
فقال لها: الطهر غدا، وما بقي في نفسي شيء إلّا وقد بلغته بك، وقد بقي في نفسي شيء، لست أجسر على مسألته.
فقالت: قل ما في نفسك، فإن أمكن، وإلّا ليس يضرّك.
فقال: أشتهي، إعارة القرية الفضّية، التي عملت لأمير المؤمنين، ليراها الناس في داري، ويشاهدون ما لم يشاهدوا مثله، فيعلمون حالي من الاختصاص والعناية.
فوجمت، وقالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، ومقداره عظيم، وفي هذه القرية، مئين ألف «2» دراهم، ولا أحسب جاهي يبلغ إليها، وكيف يستعار من خليفة شيء، ومتى سمع بخليفة يعير، ولكن أنا أسأل السيدة في هذا، فإن كان ممّا يجوز، وإلّا عرفتك؛ ومضت.(4/146)
فلما كان الليل، جاءتني، وقالت: إنّ إقبالك قد بلغ إلى أن تحمد الله عليه.
فقلت: ما الخبر؟.
فقالت: كلّ ما تحب؛ قد جئتك بالقرية هبة لا عارية، وجئتك معها بصلة ابتدأك بها أمير المؤمنين من غير مسألة من أحد.
فقلت: ما الخبر؟
قالت: مضيت، وأنا منكسرة القلب، آيسة من أن يتمّ هذا، فدخلت على هيأتي تلك على السيدة.
فقالت: من أين؟.
قلت: من عند عبدك يوسف، وهو على أن يطهّر ابنه غدا.
قالت: أراك منكسرة.
قلت: ببقائك، ما أنا منكسرة.
قالت: ففي وجهك حديث، فقلت: خير.
قالت: بحياتي، ما ذاك؟
قلت: قد شكر ما عومل به، ودعا، وقال: إنّي كنت أحب أن أتشرّف بما لم يتشرّف به أحد قبلي، ليعلم موضعي من الخدمة.
قالت: وما هو؟
قلت: يسأل أن يعار القرية ليتجمّل بها، ويردّها في غد.
فأمسكت، ثم قالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، كيف يحسن أن يرى في دار غيره؟ وهذا فضيحة، وليس يجوز أن أسأله هبتها له، لأنّي لا أدري هل ملّها وشبع منها، أم لا، فإن كان قد ملّها، فقيمتها أهون عليه، من أن يفكّر في إعارتها، وإن كان لم يملّها لم آمن أن أفجعه بها، وسأسبر ما عنده في هذا.(4/147)
ثم دعت بجارية، فقالت: اعرفوا خبر الخليفة.
فقيل لها: هو عند فلانة.
فقالت: تعالي معي، وقامت، وأنا معها، وعدّة جوار حتى دخلت.
وكانت عادته إذا رآها أن يقوم لها قائما، ويعانقها، ويقبّل رأسها، ويجلسها معه في دسته.
قالت: فحين رآها، قام، وأجلسها معه، وقال: يا ستّي- وهكذا كان يخاطبها- ليس هذا من أوقات تفضّلك وزيارتك.
فقالت: ليس من أوقاتي.
ثم حدّثته ساعة، وقالت: يا نظم، متى عزم ابنك يوسف، على تطهير ابنه؟
قلت: غدا يا ستّي.
فقال الخليفة: يا ستّي إذا كان يحتاج إلى شيء آخر، أمرت به.
فقالت: هو مستكف، داع، ولكن قد التمس شيئا، ما أستحسن خطابك فيه، قال: أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم، ويرى عندي ما لم ير في العالم مثله.
قال: وما هو؟
قالت: يا سيّدي، يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده، ارتجعت.
فقال: يا ستّي، والله هذه ظريفة، يستعير خادم لنا شيئا، وتكونين أنت شفيعه، فأعيره، ثم أرتجعه؟ هذا من عمل العوامّ، لا الخلفاء، ولكن إذا كان محلّه من رأيك هذا، حتى حملت نفسك على خطابي فيه، وتجشّمت زيارتي، وأنا أعلم أنّه ليس من أوقات زيارتك، فقد وهبت له القرية، فمري بحملها، بجميع آلاتها إليه، وقد رأيت أن أشرّفه بشيء آخر.(4/148)
قالت: وما هو؟
قال: يحمل إليه غدا جميع وظائفنا، ولا يطبخ لنا شيء البتّة، بل يوفّر عليه، ويؤخذ لنا سمك طريّ فقط.
فأمرت بنقل القرية، وقالت: قولي ليوسف، ما تصنع بالوظيفة؟.
فقال: والله ما أحتاج إلى ملح إلّا وقد حصّلته، فإن حملت إليّ، لم أنتفع بها، فخذي لي ثمنها من الوكلاء، فأخذت، وكان مبلغ ذلك ألف وخمسمائة دينار، وهي وظيفة كل يوم «1» .
وقالت: اقتصر الخليفة لأجلك اليوم على السمك؛ فاشتري له سمك بثلاثمائة دينار.
وكانت القرية، على صفة قرية، فيها مثال البقر والغنم والجمال والجواميس والأشجار والنبات والمساحي والناس، وكلّ ما يكون في القرى.
المنتظم 6/75(4/149)
71 ما هو حد السكر؟
أخبرنا القزّاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ القاضي «3» ، قال: حدّثنا أبو الحسن الداودي، قال:
لمّا جلس محمد بن داود بن عليّ الأصبهاني «4» ، في حلقة أبيه «5» بعد وفاته، يفتي، استصغروه عن ذلك، فدسّوا إليه رجلا، وقالوا: سله عن حدّ السكر ما هو؟
فأتاه الرجل، فسأله عن حدّ السكر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سكرانا؟
فقال محمد: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسرّه المكتوم.
فاستحسن ذلك منه، وعلم موضعه من العلم.
المنتظم 6/94 تاريخ بغداد 5/256(4/150)
72 القاضي ابن أبي الشوارب يصاب بالفالج فيخلفه ابنه
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال:
لم يزل عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «4» ، واليا على القضاء بالجانب الشرقيّ من بغداد، وعلى الكرخ أيضا، من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، إلى ليلة السبت لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، فإنّ الفالج ضربه فيها، فأسكت، فاستخلف له ابنه محمد «5» على عمله كلّه في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، وكان سريّا جميلا،(4/151)
واسع الأخلاق، ولم تكن له خشونة «1» ، فاضطربت الأمور بنظره، ولبّست عليه في أكثر أحواله، وكانت أمور السلطان كلّها قد اضطربت، ولم يزل على خلافة أبيه إلى سنة إحدى وثلاثمائة، وتوفي.
المنتظم 6/98
73 ابن الراوندي
قال القاضي أبو عليّ التنوخي»
:
كان أبو الحسين بن الراوندي «3» ، يلازم أهل الإلحاد، فإذا عوتب في ذلك، قال: إنّما أريد أن أعرف مذاهبهم، ثم إنّه كاشف، وناظر.
ويقال: انّ أباه كان يهوديّا، فأسلم.
وكان بعض اليهود يقول لبعض المسلمين: لا يفسدنّ عليكم هذا كتابكم.
كما أفسد أبوه التوراة علينا.
ويقال: انّ أبا الحسين، قال لليهود: قولوا إنّ موسى قال: لا نبيّ بعدي.
معاهد التنصيص 56(4/152)
74 القاضي أبو خليفة واللص
قرأت في كتاب هراة، للفاميّ قال: روى عن محمد بن إبراهيم بن عبد ربه بن سدوس بن عليّ أبي عبد الله المسندي، أنّه قال:
كنّا عند أبي خليفة القاضي بالبصرة، فدخل عليه اللص داره، فصاح ابنه باللص، فخرج أبو خليفة إلى صحن الدار، فقال: أيّها اللص، مالك، ومالنا، إن أردت المال فعليك بفلان، وفلان، إنّما عندنا قمطران، قمطر فيه أحاديث، وقمطر فيه أخبار، إن أردت الحديث، حدّثناك عن أبي الوليد الطيالسي «1» وأبي عمر الجوصي، وابن كثير وهو محمد، وإن أردت الأخبار أخبرناك عن الرياشيّ «2» عن الأصمعيّ «3» ومحمد بن سلّام «4» .
فصاح به ابنه: إنّما كان كلبا.
فقال: الحمد لله الذي مسخه كلبا، وردّ عنّا حربا.
وذكر التنوخيّ هذه الحكاية، وقال في آخرها: فقال له غلامه:
يا مولاي، ليس إلّا الخير، إنّما هو سنّور.
فقال أبو خليفة، الحمد لله الذي مسخه هرّا، وكفانا شرّا.
معجم الأدباء 6/136(4/153)
75 كلبة ترضع طفلا
ذكر أبو عبد الله، عن أبي عبيدة النحوي، وأبي اليقظان سحيم بن حفص، وأبي الحسن عليّ بن محمد المدائني «1» ، عن محمد بن حفص بن سلمة بن محارب.
وقد حدّثنا بهذا الحديث «2» ، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا «3» ، بإسناد ذكره، وهو حديث مشهور:
انّ الطاعون الجارف، أتى على أهل دار، فلم يشكّ أحد من أهل المحلّة، أنّه لم يبق فيها صغير ولا كبير، وكان قد بقي في الدار صبيّ رضيع صغير، يحبو ولا يقوم، فعمد من بقي من أهل تلك المحلة، إلى باب الدار فسدّوه.
فلما كان بعد ذلك بأشهر، تحوّل إليها بعض ورثة القوم، فلما فتح الباب، وأفضي إلى عرصة الدار، إذا هو بصبيّ يلعب مع جرو كلبة كانت لأصحاب الدار، فلما رآها الصبيّ حبا إليها، فأمكنته من لبنها.
فعلموا أنّ الصبي بقي في الدار، وصار منسيا، واشتد جوعه، ورأى جرو الكلبة يرضع، فعطف عليها، فلما سقته مرّة، أدامت له، وأدام لها الطلب.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 18(4/154)
76 قاض ولايته ثلاثة أيام
أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
صرف المقتدر بالله «2» أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول «3» ، يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة ستّ عشرة وثلاثمائة، عن القضاء بمدينة المنصور «4» ، واستقضى في هذا اليوم، أبا الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك بن أشرس بن عبد الله بن منجاب الشيباني، المعروف بابن الأشناني «5» ، وخلع عليه.
ثم جلس يوم السبت، لثمان بقين من هذا الشهر للحكم، وصرف من غد في يوم الأحد لسبع بقين منه، فكانت ولايته ثلاثة أيام.
وهذا رجل من جلّة الناس، ومن أصحاب الحديث المجوّدين، وأحد الحفاظ له، وحسن المذاكرة بالأخبار، وكان قبل هذا يتولى القضاء بنواحي الشام «6» ، ويستخلف الكفاة، ولم يخرج عن الحضرة، وتقلّد الحسبة ببغداد «7» .
وقد حدّث حديثا كثيرا، وحمل الناس عنه قديما وحديثا.
تاريخ بغداد 11/237(4/155)
77 استخلف على القضاء وله عشرون سنة
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال:
استقضى المقتدر بالله، في يوم النصف من رمضان سنة عشر وثلاثمائة، أبا الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب «4» ، وكان قبل هذا يخلف أباه على القضاء بالجانب الشرقيّ «5» ، والشرقيّة «6» ، وسائر ما كان إلى قاضي القضاة أبي عمر «7» ، وذلك انّه استخلفه وله عشرون سنة.
ثم استقضي بعد استخلاف أبيه له، على أعمال كثيرة.
ثم قلّد مدينة السلام «8» في حياة أبيه.
المنتظم 6/167(4/156)
78 من مكارم أخلاق حامد بن العباس عامل واسط
قال المحسّن، وحدّثني أبو عبد الله الصيرفيّ، قال: حدّثني أبو عبد الله القنوتي قال:
ركب حامد، وهو عامل واسط «1» ، إلى بستان له، فرأى بطريقه دارا محترقة، وشيخا يبكي ويولول، وحوله صبيان ونساء على مثل حاله.
فسأل عنه، فقيل: هذا رجل تاجر، احترقت داره وافتقر.
فوجم ساعة، ثم قال: أين فلان الوكيل؟ فجاء.
فقال: أريد أن أندبك لأمر، إن عملته كما أريد، فعلت بك وصنعت- وذكر جميلا- وإن تجاوزت فيه رسمي، فعلت بك وصنعت- وذكر قبيحا-.
فقال: مر بأمرك.
فقال: ترى هذا الشيخ، قد آلمني قلبي له، وقد تنغّصت عليّ نزهتي بسببه، وما تسمح نفسي بالتوجّه إلى بستاني، إلّا بعد أن تضمن لي أنّني إذا عدت العشيّة من النزهة، وجدت الشيخ في داره وهي كما كانت، مبنيّة، مجصّصة، نظيفة، وفيها صنوف المتاع، والفرش، والصفر «2» ، كما كانت، وتبتاع له ولعياله، كسوة الشتاء، والصيف، مثل ما كان لهم.(4/157)
فقال الوكيل: تتقدّم إلى الخازن، بأن يطلق ما أريده، وإلى صاحب المعونة «1» ، أن يقف معي، وأن يقف معي، وأن يحضر من أطلبه من الصنّاع.
فتقدّم حامد بذلك.
وكان الزمان صيفا، فتقدم بإحضار أصناف الروز جارية «2» ، فكانوا ينقضون بيتا ويقيمون فيه من يبنيه.
وقيل لصاحب الدار: اكتب جميع ما ذهب منك، حىّ المكنسة والمقدحة.
وصلّيت العصر، وقد سقّفت الدار، وجصّصت، وعلّقت الأبواب، ولم يبق غير الطوابيق «3» .
فأنفذ الوكيل إلى حامد، وسأله التوقّف في البستان، وأن لا يركب منه إلى أن يصلّي العشاء.
فبيّضت الدار، وكنست، وفرشت، ولبس الشيخ وعياله الثياب، ودفعت إليهم الصناديق والخزائن، مملوءة بالأمتعة.
فاجتاز حامد، والناس قد اجتمعوا كأنّه يوم عيد، يضجّون بالدعاء له.
فتقدّم حامد إلى الجهبذ بخمسة آلاف درهم، يدفعها إلى الشيخ، يزيدها في بضاعته.
وسار حامد إلى داره.
المنتظم 6/182(4/158)
79 حديث العلوية الزمنة
سجّل القاضي التنوخي، في النشوار، قصة العلوية الزمنة «1» ، وكيف شفيت من دائها، وقال إنها كانت عاتقا.
ولما نقل القصة إلى كتابه الفرج بعد الشدة، ذكر أن العلوية الزمنة تزوجت، وأن آخر معرفته بخبرها في السنة 373 «2» .
ثم وجدت في مخطوطة المكتبة الظاهرية، وكذلك في مخطوطة مكتبة جون رايلند، من كتاب الفرج بعد الشدّة، أنّ القاضي التنوخي، أضاف إلى قصة العلوية الزمنة، إضافة أخرى، تدلّ على أنّه أبصرها في السنة 377، واستنطقها، ودوّن أجوبتها «3» ، وهذه هي الإضافة:
قال مؤلف الكتاب: وحدّثني بعد هذا جماعة أسكن إليهم من أهل شارع دار الرقيق، بخبر هذه العلوية، على قريب من هذا، وهي باقية إلى حين معرفتي بخبرها في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة «4» .
ثم كنت في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، عند أبي الفتح أحمد بن عليّ ابن هارون المنجم «5» ، فرأيت في داره، بدرب سليمان «6» ، في شارع دار(4/159)
الرقيق، وأنا عنده، امرأة عجوزا، قد دخلت، فأعظمها.
فقلت: من هذه؟
فقال: العلوية الزمنة، صاحبة المنام.
وكانت تمشي بخفّها وإزارها.
فسألتها أن تجلس، ففعلت، واستخبرتها، فحدّثتني، قالت:
اعتللت من برسام، وأنا في حدود عشرين سنة من عمري، ثم انجلى عنّي، وقد لحق حقوي شيء أزمنني، فكنت مطروحة على الفراش، سبعا وعشرين سنة، لا أقدر أن أقعد، ولا أن أقوم أصلا، وأنجو في موضعي، وأغسل، وكنت مع ذلك لا أجد ألما.
ثم بعد سنين كثيرة من علّتي، رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، في منامي، وأنا أقول له: يا جدّي، ادع الله عزّ وجلّ، أن يفرّج عنّي.
فقال: ليس هذا وقتك.
ثم رأيت أمير المؤمنين رضي الله عنه، فقلت له: أما ترى ما أنا فيه؟ فسل رسول الله أن يدعو لي، أو ادع لي أنت، فكأنّه قد دافعني.
ثم توالت عليّ بعد ذلك، رؤيتي لهما في النوم، فجرى بيني وبينهما، قريب من ذلك.
ورأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكأنّي أسأل كل واحد منهما الدعاء بالعافية، فلا يفعل.
فلما مضت سبع وعشرون سنة، لحقني ألم شديد، أيّاما في حقوي،(4/160)
فقاسيت منه شدّة شديدة، فأقبلت أبكي، وأدعو الله بالفرج.
فرأيت ليلة في منامي النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفته، لأنّي كنت أراه طول تلك السنين على صورة واحدة، وكأنّي أقول له: يا جدّي، متى يفرّج الله عنّي؟
فكأنّه أدخل يده في طرف كمّي، وجسّ بدني، من أوّله إلى آخره، حتى بلغ حقوي، فوضع يده عليه، وتكلّم بكلام لا أفهمه، ثم ردّني على قفاي، كما كنت نائمة، وقال: قد فرّج الله عنك، فقومي.
فقلت: كيف أقوم؟
فقال: هاتي يدك.
فأعطيته يدي، فأقعدني، ثم قال: قومي على اسم الله، فقمت، ثم خطا بي خطوات يسيرة، وقال: قد عوفيت.
فانتبهت، وأنا مستلقية على ظهري، كما كنت نائمة، إلا أنّني فرحانة، فرمت القعود، فقعدت لنفسي وحدي، ودلّيت رجلي من السرير، فتدلتا، فرمت القيام عليهما، فقمت، ومشيت.
فقلت للمرأة التي تخدمني: لست آمن، أن يشيع خبري، فيتكاثر الناس عليّ، فيؤذوني، وأنا ضعيفة من الألم الذي لحقني، إلا أني كنت لما انتبهت، لم أحس بشيء من الألم، ولم أجد غير ضعف يسير، فقلت: اكتمي أمري يومين، إلى أن صلحت قوّتي فيهما.
وزادت قدرتي على المشي والحركة، وفشا خبري، وكثر الناس عليّ، فلا أعرف إلى الآن إلا بالعلوية الزمنة.
فسألتها عن نسبها، فقالت: أنا فاطمة بنت علي بن الحسن بن القاسم(4/161)
ابن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
ولم تذكر لي غير هذا، ولا سألتها عنه «1» .
كتاب الفرج بعد الشدة، مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق 125 و 126 كتاب الفرج بعد الشدة، مخطوطة مكتبة جون رايلند بمانجستر 101 و 102(4/162)
80 مائدة الوزير حامد بن العباس ينفق عليها كل يوم مائتي دينار
حكى أبو عليّ التنوخيّ، عن بعض الكتاب، قال:
حضرت مائدة حامد «1» ، وعليها عشرون نفسا، وكنت أسمع أنّه ينفق عليها كلّ يوم مائتي دينار، فاستقللت ما رأيت.
ثم خرجت، فرأيت في الدار، نيفا وثلاثين مائدة منصوبة «2» ، على كل مائدة ثلاثون نفسا، وكلّ مائدة كالمائدة التي بين يديه، حتى البوارد والحلوى «3» .
وكان لا يستدعي أحدا إلى طعامه، بل يقدّم الطعام إلى كلّ قوم في أماكنهم.
المنتظم 6/180(4/163)
81 مبلغ ما صودر عليه الوزير أبو الحسن بن الفرات
أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، عن أبي القاسم التنوخيّ «2» ، عن أبيه «3» ، قال: خبرني بعض الكتّاب، قال:
كان ابن الفرات «4» قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، فأدّى جميعها في مدة سنة عشر شهرا، من وقت أن قبض عليه «5» .
المنتظم 6/192(4/164)
82 أبو بكر بن السراج يتمثل بأبيات من الشعر حسنة
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا الخطيب، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ، عن عليّ بن عيسى بن عليّ النحوي «1» ، قال:
كان أبو بكر بن السّراج «2» يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنّفه، فمرّ فيه باب، فاستحسنه بعض الحاضرين، فقال: هذا والله أحسن من كتاب المقتضب «3» .
فأنكر عليه أبو بكر ذلك، وقال: لا تقل هذا، وتمثّل ببيت، وكان كثيرا ما يتمثل في ما يجري له من الأمور بأبيات حسنة، فأنشد حينئذ:
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا ... بكاها وقلت الفضل للمتقدّم
قال: وحضر في يوم من الأيام بنيّ له صغير، فأظهر من الميل إليه والمحبة له، فأكثر.
فقال له بعض الحاضرين: أتحبّه؟
فقال متمثلا:
أحبّه حبّ الشحيح ماله ... قد كان ذاق الفقر ثم ناله
المنتظم 6/220 تاريخ بغداد 5/320(4/165)
83 تفسير الآية وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً
أخبرنا محمد بن أبي طاهر، قال أنبأنا عليّ بن المحسّن، عن أبيه، قال حدّثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عيّاش القاضي، قال: أخبرني بعض أصحابنا:
انّه كان بمكّة في الوقت الذي دخلها أبو طاهر القرمطيّ «1» ونهبها، وسلب البيت «2» ، وقلع الحجر الأسود «3» ، والباب «4» ، وقتل المسلمين في الطواف «5» ، وفي المسجد، وعمل تلك الأعمال العظيمة.
قال: فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب «6» ، فلما صار عليه سقط، فاندقت عنقه.(4/166)
فقال القرمطي: لا يصعد إليه أحد، ودعوه، فترك الميزاب، ولم يقلع.
ثم سكنت النائرة، بعد يوم أو يومين.
قال: فكنت أطوف بالبيت، فإذا بقرمطيّ سكران، وقد دخل المسجد بفرسه، فصفر له، حتى بال في الطواف «1» ، وجرّد سيفه ليضرب به من لحق، وكنت قريبا منه، فعدوت، فلحق رجلا كان إلى جنبي، فضربه، فقتله.
ثم وقف، وصاح: يا حمير، أليس قلتم في هذا البيت، مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً
«2» ، فكيف يكون آمنا، وقد قتلته الساعة بحضرتكم؟
قال: فخشيت من الرد عليه أن يقتلني، ثم طلبت الشهادة، فجئت حتى لصقت به، وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبته، لئلا يتمكّن من ضربي بالسيف، ثم قلت: اسمع.
قال: قل.
قلت: إنّ الله عزّ وجلّ لم يرد: أنّ من دخله كان آمنا، وإنّما أراد:
من دخله فأمّنوه، وتوقّعت أن يقتلني.
فلوى رأس فرسه، وخرج من المسجد، وما كلّمني.
المنتظم 6/223(4/167)
84 قرمطي يتحدث عن اعتقادات القرامطة
قال المحسّن، وحدّثني أبو أحمد الحارثيّ، قال: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أسرته القرامطة «1» ، سنة الهبير «2» ، واستعبدته سنين، ثم هرب منها لمّا أمكنه، قال:
كان يملكني رجل منهم، يسومني سوء العذاب، ويستخدمني أعظم خدمة، ويعربد عليّ إذا سكر، فسكر ليلة، وأقامني حياله، وقال: ما تقول في محمد هذا صاحبكم «3» ؟
فقلت: لا أدري، ولكن ما تعلّمني أيّها المؤمن، أقوله.
فقال: كان رجلا سائسا، فما تقول في أبي بكر «4» ؟
قلت: لا أدري.
قال: كان رجلا ضعيفا مهينا، فما تقول في عمر «5» ؟.
قلت: لا أدري.(4/168)
قال: كان والله فظّا غليظا، فما تقول في عثمان «1» ؟
قلت: ما أدري.
قال: كان جاهلا أحمق، فما تقول في عليّ «2» ؟
قلت: لا أدري.
قال: كان ممخرقا «3» ، أليس يقول: إنّ هاهنا علما لو أصبت له حملة، أما كان في ذلك الخلق العظيم بحضرته من يودع كلّ واحد منهم كلمة يفرغ ما عنده، هل هذه إلا مخرقة؟ ونام.
فلما كان من الغد، دعاني، وقال: ما قلت لك البارحة؟
فأريته أنّي لم أفهمه، فحذّرني من إعادته، والإخبار عنه بذلك.
فإذا القوم زنادقة، لا يؤمنون بالله، ولا يفكّرون في أحد من الصحابة «4» .
قال المحسّن: ويدل على هذا أنّ أبا طاهر القرمطيّ «5» ، دخل الكوفة «6» دفعات، فما دخل إلى قبر عليّ عليه السلام «7» ، واجتاز بالحائر «8» فما زار(4/169)
الحسين «1» .
وقد كانوا يمخرقون بالمهديّ «2» ، ويوهمون أنّه صاحب المغرب «3» ، ويراسلون إسماعيل بن محمد «4» ، صاحب المهدية المقيم بالقيروان «5» .
ومضت منهم سريّة مع الحسن بن أبي منصور بن أبي سعيد «6» في شوّال سنة ستين وثلاثمائة «7» ، فدخلوا دمشق «8» في ذي القعدة من هذه السنة، فقتلوا خلقا، ثم خرجوا إلى مكّة «9» فقتلوا، واستباحوا.
وأقاموا الدعوة للمطيع لله «10» ، في كل فتح فتحوه، وسوّدوا أعلامهم، ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة.(4/170)
وقالوا: لو فطنّا لما فطن له ابن بويه الديلمي «1» لاستقامت أمورنا، وذلك انّه ترك المذاهب جانبا، وطلب الغلبة والملك، فأطاعه الناس «2» .
وكان من مخاريقهم، قبّة ينفرد فيها أميرهم، وطائفة معه، فلم يقاتلوا، فإذا كلّ المقاتلون، حمل هو بنفسه، وتلك الطائفة، على قوم قد كلّوا من القتال.
وكانوا يقولون: انّ النصر ينزل من هذه القبة، وقد جعلوا [فيها] مدخنة وفحما، فإذا أرادوا أن يحملوا، صعد أحدهم إلى القبّة، وقدح، وجعل النار في المجمرة، وأخرج حبّ الكحل فطرحه على النار، فتفرقع فرقعة شديدة، ولا يكون له دخان، وحملوا، ولا يثبت لهم شيء، ولا يوقد ذلك، إلّا ان يقول صاحب العسكر، قد نزل النصر.
فكسر تلك القبّة، أصحاب جوهر الذي ملك مصر «3» .
المنتظم 6/224(4/171)
85 ابن العلاف الشاعر يجيز بيتا نظمه المعتضد
أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي بكر الشاعر، قال: حدّثني أبي «5» ، قال:
كنت ذات ليلة في دار المعتضد «6» وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجلسنا، في حجرة كانت مرسومة بالندماء.
فلما أخذنا مضاجعنا، وهدأت العيون، أحسسنا بفتح الأبواب، والأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك، وجلسنا في فرشنا.
فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد، فقال: إنّ أمير المؤمنين يقول لكم: أرقت الليلة بعد انصرافكم فعملت:
ولما انتبهنا للخيال الذي سرى ... إذا الدار قفر والمزار بعيد(4/172)
وقد أرتج عليّ تمامه «1» ، فأجيزوه «2» ، ومن أجازه بما يوافق غرضي، أجزلت جائزته.
وفي الجماعة كل شاعر مجيد، مذكور، وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة، وأطالوا الفكر.
فقلت مبتدرا:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعلّ خيالا طارقا سيعود
فرجع الخادم إليه بالجواب، ثم عاد إليّ، فقال: أمير المؤمنين، يقول لك، أحسنت، وما قصّرت، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده، وقد أمر لك بجائزة، وها هي.
فأخذتها، وازداد غيظ الجماعة مني «3» .
المنتظم 6/237(4/173)
86 القاضي أبو عمر وعنايته في إصدار الأحكام
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقّاق «4» ، قال: قال لي أبو إسحاق بن جابر الفقيه:
لما ولي أبو عمر «5» طمعنا في أن نتتبّعه بالخطإ، لما كنّا نعلم من قلّة فقهه، فكنّا نستفتى، فنقول: امضوا إلى القاضي، ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام «6» ، مدافعة، أحسن من فصل الحكم، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص، فنخاف أن نحرج، إن لم نفت، فتعود الفتاوى إليه، فيحكم بما يفتي به الفقهاء.
فما عثرنا عليه بخطإ «7» .
المنتظم 6/247(4/174)
87 جزاء الخيانة
وأنبئت عن المؤيّد قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن هبة الله الخازن، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ الكوفيّ، قال: حدّثنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفيّ «1» ، قال: حدّثنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن بن عليّ التنوخي.
وأنبئت، عن المؤيّد، وعبد الوهاب الأمين، وغيرهما، عن محمد ابن عبد الباقي، عن عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا أبي، قال: أخبرني أحمد بن يوسف الأزرق التنوخيّ، مناولة، قال: أخبرني أبو الحسن عليّ ابن الفتح الكاتب، المعروف بالمطوّق «2» ، مناولة من كتابه «كتاب مناقب الوزراء، ومحاسن أخبارهم» وفيه ذكر كثير من الحوادث، فقال فيه:
وفي رجب سنة خمس عشرة وثلاثمائة «3» ، انّ رجلا أمسى، في بعض محالّ الجانب الغربيّ من مدينة السلام، ومعه دراهم لها قدر، فخاف على نفسه من الطائف «4» ، ومن بليّة تقع عليه، فصار إلى رجل من أهل الموضع، أراد أن يبيت عنده، فأدخله.
فلما تيقّن أنّ معه مالا، حدّثته نفسه بقتله، وأخذ ماله.(4/175)
وكان له ابن شاب، فنوّمه مع الرجل في بيت واحد، ولم يعلم أحدا بما في نفسه، وخرج، وقد عرف مكانهما، وطفّى «1» المصباح.
فقدر الأمر، أن الابن انتقل من موضعه إلى موضع آخر، وانتقل الضيف إلى موضع الابن، وجاء أبوه، ليطلب الضيف، فصادف ابنه، وهو لا يشكّ، أنّه الضيف، فخنقه.
وانتبه الضيف باضطرابه، وعرف ما أريد به، فخرج هاربا من الدار، وصاح في الطريق.
ووقف الجيران على خبره، فأغاثوه، وأخذوا الرجل، فقرّر، فأقرّ بقتل ابنه، فحبس، وأخذ المال من داره، فردّ على الضيف، وسلم.
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط(4/176)
88 تاجر بغدادي آلى على نفسه أن يغسل يده أربعين مرّة إذا أكل ديكبريكه
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» عن أبي القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي. عن أبيه، قال: حدّثني أبو الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم، الفقيه المعروف بابن النرسي، قال:
كنت جالسا بحضرة أبي، وأنا حدث، وعنده جماعة، فحدّثني حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الطريفة، وكان ممّن حضر، صديق لأبي، فسمعته يحدّث أبي، قال:
حضرت عند صديق لي من التجّار، كان يحزر بمائة ألف دينار، في دعوة، وكان حسن المروءة.
فقدّم مائدته، وعليها ديكبريكه «2» ، فلم يأكل منها، فامتنعنا.
فقال: كلوا، فإنّي أتأذّى بأكل هذا اللون.
فقلنا: نساعدك على تركه.
فقال: بل أساعدكم على الأكل، وأحتمل الأذى، فأكل، فلمّا أراد غسل يديه أطال، فعددت عليه، أنّه قد غسلها أربعين مرة.
فقلت: يا هذا، وسوست؟
فقال: هذه الأذيّة التي فرقت منها.(4/177)
فقلت: وما سببها؟ فامتنع من ذكر السبب.
فألححت عليه، فقال: مات أبي، وسنّي عشرون سنة، وخلّف لي نعمة صغيرة، ورأس مال، ومتاعا في دكّانه، وكان خلقانيّا في الكرخ «1» .
فقال لي لمّا حضرته الوفاة: يا بنيّ، إنّه لا وارث لي غيرك، ولا دين عليّ، ولا مظلمة، فإذا أنا متّ، فأحسن جهازي، وصدّق «2» عني بكذا وكذا، وأخرج عني حجّة بكذا وكذا، وبارك الله لك في الباقي، ولكن احفظ وصيّتي.
فقلت: قل.
فقال: لا تسرف في مالك، فتحتاج إلى ما في أيدي الناس ولا تجده، واعلم أنّ القليل مع الإصلاح كثير، والكثير مع الفساد قليل، فالزم السوق، وكن أوّل من يدخلها، وآخر من يخرج منها، وإن استطعت أن تدخلها سحرا بليل «3» ، فافعل، فإنّك تستفيد بذلك فوائد، تكشفها لك الأيّام.
ومات، وأنفذت وصيّته، وعملت بما أشار به، وكنت أدخل السوق سحرا، وأخرج منها عشاء، فلا أعدم أن يجيئني من يطلب كفنا، فلا يجد أحدا قد فتح غيري، فأحكم عليه، ومن يبيع شيئا، والسوق لم تقم، فأبيعه له، وأشياء من الفوائد.
ومضى على لزومي السوق سنة وكسر، فصار لي بذلك جاه عند أهلها، وعرفوا استقامتي، فأكرموني.
فبينا أنا جالس يوما، ولم يتكامل السوق، إذا بامرأة راكبة حمارا(4/178)
مصريّا «1» ، وعلى كفله «2» منديل دبيقيّ «3» ، وخادم، وهي بزيّ القهرمانة «4» .(4/179)
فبلغت آخر السوق ثم رجعت، فنزلت عندي، فقمت إليها، وأكرمتها وقلت: ما تأمرين؟
وتأمّلتها فإذا بامرأة لم أر قبلها، ولا بعدها، إلى الآن، أحسن منها، في كلّ شيء.
فقالت: أريد كذا ثيابا، طلبتها. فسمعت نغمة، ورأيت شكلا قتلني، وعشقتها في الحال، أشدّ العشق.
فقلت: اصبري حتى يخرج الناس، فآخذ لك ذلك، فليس عندي إلّا القليل ممّا يصلح لك.
فأخرجت الذي عندي، وجلست تحادثني، والسكاكين في فؤادي من عشقها. وكشفت عن أنامل، رأيتها كالطلع، ووجه كدارة القمر.
فقمت لئلا يزيد عليّ الأمر، فأخذت لها من السوق ما أرادت، وكان ثمنه مع ما لي نحو خمسمائة دينار، فأخذته، وركبت، ولم تعطني شيئا.
وذهب عني، لما تداخلني من حبها، أن أمنعها من أخذ المتاع إلّا بأداء المال، أو أن أستدلّ على منزلها، ومن دار من هي؟.
فحين غابت عني، وقع لي أنّها محتالة، وأنّ ذلك سبب فقري، فتحيّرت في أمري، وقامت قيامتي، وكتمت خبري لئلّا افتضح بما للناس عليّ.(4/180)
وعملت على بيع ما في يدي من المتاع، وإضافته إلى ما عندي من الدراهم، ودفع أموال الناس إليهم، ولزوم البيت، والاقتصار على غلّة العقار الذي ورثته عن أبي، ووطّنت نفسي على المحنة، وأخذت أشرع في ذلك مدة أسبوع.
وإذا هي قد نزلت عندي، فحين رأيتها، أنسيت جميع ما جرى عليّ، وقمت إليها.
فقالت: يا فتى، تأخّرنا عنك، لشغل عرض لنا، وما شككنا في أنّك لم تشكّ أنّنا احتلنا عليك.
فقلت: قد رفع الله قدرك عن هذا.
فقالت: هات التخت والطيّار «1» ، فأحضرته.
فأخرجت دنانير عتقا، فوفتني المال بأسره. وأخرجت تذكرة «2» بأشياء أخر.
فأنفذت إلى التجّار أموالهم، وطلبت منهم ما أرادت، وحصلت أنا في الوسط ربحا جيدا.
وأحضر التجّار الثياب، فقمت وتمّنتها معهم لنفسي، ثم بعتها عليها بربح عظيم.
وأنا في خلال ذلك أنظر إليها نظر تالف من حبها، وهي تنظر إليّ، نظر من قد فطن لذلك، ولم تنكره، فهممت بخطابها، ولم أقدم.
فاجتمع المتاع، وكان ثمنه ألف دينار، فأخذته، وركبت، ولم أسألها عن موضعها.(4/181)
فلمّا غابت عنّي، قلت: هذا الآن، هو الحيلة المحكمة، أعطتني خمسة آلاف درهم، وأخذت ألف دينار، وليس إلّا بيع عقاري الآن، والحصول على الفقر المدقع، ثم سمحت نفسي برؤيتها مع الفقر.
وتطاولت غيبتها نحو شهر، وألحّ عليّ التجار في المطالبة، فعرضت عقاري على البيع، ولازمني بعض التجّار، فوزنت جميع ما أملكه، ورقا وعينا.
فأنا كذلك، إذ نزلت عندي، قزال عنّي جميع ما كنت فيه برؤيتها، فاستدعت الطيار والتخت، فوزنت المال، ورمت إليّ تذكرة يزيد ما فيها على ألفي دينار بكثير.
فتشاغلت بإحضار التجار، ودفع أموالهم، وأخذ المتاع منهم، وطال الحديث بيننا، فقالت: يا فتى، لك زوجة؟
فقلت: لا، والله، ما عرفت امرأة قط.
وأطمعني ذلك فيها، وقلت: هذا وقت خطابها والإمساك عنها عجز، ولعلّها لا تعود.
وأردت كلامها فهبتها، وقمت كأنّي أحثّ التجّار على جميع المتاع، وأخذت يد الخادم، وأخرجت له دنانير، وسألته أن يأخذها، ويقضي لي حاجة.
فقال: أفعل، وأبلغ محبّتك، ولا آخذ شيئا.
فقصصت عليه قصّتي، وسألته توسّط الأمر بيني وبينها.
فضحك، وقال: إنّها لك أعشق منك لها، ووالله ما بها حاجة إلى أكثر هذا الذي تشتريه، وإنّما تجيئك محبّة لك، وتطريقا إلى مطاولتك «1» ،(4/182)
فخاطبها بظرف، ودعني، فإنّي أفرغ لك من الأمر.
فجسّرني بذلك عليها، فخاطبتها، وكشفت لها عشقي، ومحبتي، وبكيت.
فضحكت، وتقبّلت ذلك أحسن تقبّل، وقالت: الخادم يجيئك برسالتي.
ونهضت، ولم تأخذ شيئا من المتاع، فرددته على الناس، وقد حصل لي ممّا اشترته أوّلا وثانيا، ألوف دراهم ربحا.
ولم يحملني النوم تلك الليلة، شوقا إليها، وخوفا من انقطاع السبب.
فلما كان بعد أيّام جاءني الخادم، فأكرمته، وسألته عن خبرها.
فقال: هي والله عليلة من شوقها إليك.
فقلت: اشرح لي أمرها.
فقال: هي مملوكة السيّدة أمّ المقتدر، وهي من أخصّ جواريها بها، واشتهت رؤية الناس، والدخول، والخروج، فتوصّلت حتى جعلتها قهرمانة، وقد والله حدّثت السيدة بحديثك، وبكت بين يديها، وسألتها أن تزوّجها منك.
فقالت السيدة: لا أفعل، أو أرى هذا الرجل، فإن كان يستأهلك، وألا لم أدعك ورأيك.
ويحتاج إلى إدخالك الدار بحيلة، فإن تمّت، وصلت بها إلى تزويجها، وإن انكشفت ضرب عنقك.
وقد أنفذتني إليك في هذه الرسالة، وهي تقول لك: إن صبرت على هذا، وإلا فلا طريق لك والله إليّ، ولا لي إليك بعدها.
فحملني ما في نفسي أن قلت: أصبر.(4/183)
فقال: إذا كان الليل، فاعبر إلى المخرّم «1» ، فادخل إلى المسجد «2» ، وبت فيه، ففعلت.
فلمّا كان السحر، إذا أنا بطيّار «3» قد قدم، وخدم قد رقّوا صناديق فرّغ، فحطّوها في المسجد، وانصرفوا.
وخرجت الجارية، فصعدت إلى المسجد، ومعها الخادم الذي أعرفه، فجلست، وفرّقت باقي الخدم في حوائج.
واستدعتني، فقبّلتني، وعانقتني طويلا، ولم أكن نلت قبل ذلك منها قبلة.
ثم أجلستني في بعض الصناديق، وأقفلته.
وطلعت الشمس، وجاء الخدم بثياب وحوائج، من المواضع التي كانت أنفذتهم إليها، فجعلت ذلك بحضرتهم في باقي الصناديق، ونقلتها وحملتها إلى الطيّار، وانحدروا.
فلما حصلت فيه، ندمت، وقلت: قتلت نفسي لشهوة، وأقبلت ألومها تارة، وأشجّعها أخرى، وأنذر النذور على خلاصي، وأوطّن نفسي مرّة على القتل.(4/184)
إلى أن بلغنا الدار، وحمل الخدم الصناديق، وحمل صندوقي، الخادم الذي يعرف الحديث، وبادرت بصندوقي أمام الصناديق وهي معه، والخدم يحملون الباقي، ويلحقونها.
فكلّ ما جازت بطبقة من الخدم والبوّابين قالوا: نريد نفتش الصندوق، فتصيح عليهم، وتقول: متى جرى الرسم معي بهذا؟ فيمسكون، وروحي في السياق «1» .
إلى أن انتهت إلى خادم خاطبته هي بالأستاذ «2» ، فعلمت أنّه أجلّ الخدم.
فقال: لا بدّ من تفتيش الصندوق الذي معك، فخاطبته بلين وذلّ فلم يجبها، وعلمت أنّها ما ذلّت له ولها حيلة، وأغمي عليّ.
وأنزل الصندوق للفتح، فذهب عليّ أمري وبلت فزعا، فجرى البول في خلل الصندوق «3» .
فصاحت: يا أستاذ أهلكت علينا متاعا بخمسة آلاف دينار في الصندوق، وثيابا مصبّغات، وماء ورد قد انقلب على الثياب، والساعة تختلط ألوانها، وهو هلاكي مع السيدة.
فقال لها: خذي صندوقك إلى لعنة الله، أنت وهو، ومرّي.
فصاحت بالخدم: احملوه، وأدخلت الدار، فرجعت إليّ روحي.
فبينا نحن نمشي إذ قالت: ويلاه، الخليفة، والله.(4/185)
فجاءني أعظم من الأوّل، وسمعت كلام خدم وجواري، وهو يقول من بينهم: ويلك يا فلانة أيش في صندوقك؟ أريني هو؟
فقالت: ثياب لستي يا مولاي، والساعة أفتحه بين يديها، وتراه.
وقالت للخدم: أسرعوا ويلكم، فأسرعوا.
وأدخلتني إلى حجرة، وفتحت عنّي، وقالت: اصعد تلك الدرجة، إلى الغرف، واجلس فيها، وفتحت بالعجلة، صندوقا آخر، فنقلت بعض ما كان فيه إلى الصندوق الذي كنت فيه، وقفلت الجميع.
وجاء المقتدر وقال لها: افتحي، ففتحته، فلم يرض منه شيئا، وخرج.
فصعدت إليّ، وجعلت ترشفني، وتقبّلني، فعشت «1» ، ونسيت ما جرى.
وتركتني، وقفلت باب الحجرة يومها، ثم جاءتني ليلا، فأطعمتني، وسقتني، وانصرفت.
فلما كان من غد، جاءتني فقالت: السيّدة، الساعة تجيء، فانظر كيف تخاطبها.
ثم عادت بعد ساعة مع السيّدة، فقالت: انزل، فنزلت.
فإذا بالسيدة جالسة على كرسي، وليس معها إلّا وصيفتان، وصاحبتي.
فقبّلت الأرض، وقمت بين يديها، فقالت: اجلس.
فقلت: أنا عبد السيّدة وخادمها، وليس من محلّي أن أجلس بحضرتها.(4/186)
فتأمّلتني، وقالت: ما اخترت يا فلانة إلّا حسن الوجه والأدب، ونهضت.
فجاءتني صاحبتي بعد ساعة، وقالت: أبشر، فقد أذنت لي والله في تزويجك، وما بقي الآن عقبة إلّا الخروج.
فقلت: يسلّم الله.
فلما كان من الغد، حملتني في الصندوق، فخرجت كما دخلت، بعد مخاطرة أخرى، وفزع نالني.
ونزلت في المسجد، ورجعت إلى منزلي، فتصدّقت، وحمدت الله على السلامة.
فلمّا كان بعد أيّام، جاءني الخادم، ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا «1» .
وقال: أمرتني ستّي بإنفاذ هذا إليك من مالها، وقالت: تشتري به ثيابا، ومركوبا، وخدما، وتصلح به ظاهرك، وتعال يوم الموكب إلى باب العامّة، وقف، حتى تطلب، فقد واقفت الخليفة على أن تزوّجك بحضرته.
فأجبت على رقعة كانت معه، وأخذت المال، واشتريت ما قالوا بيسير منه، وبقي الأكثر عندي.
وركبت إلى باب العامّة في يوم الموكب «2» بزيّ حسن، وجاء الناس، فدخلوا إلى الخليفة.(4/187)
ووقفت إلى أن استدعيت، فدخلت، فإذا أنا بالمقتدر جالس، والقوّاد، والقضاة، والهاشميّون، فهبت المجلس، وعلّمت كيف أسلّم، وأقف، ففعلت.
فتقدّم المقتدر إلى بعض القضاة الحاضرين، فخطب لي، وزوّجني، وخرجت من حضرته.
فلما صرت في بعض الدهاليز، قريبا من الباب، عدل بي إلى دار عظيمة مفروشة، بأنواع الفرش الفاخرة، وفيها من الآلات، والخدم، والأمتعة، والقماش، كلّ شيء لم أر مثله قط.
فأجلست فيها، وتركت وحدي، وانصرف من أدخلني.
فجلست يومي، لا أرى من أعرفه، ولم أبرح من موضعي إلّا إلى الصلاة، وخدم يدخلون ويخرجون، وطعام عظيم ينقل، وهم يقولون: الليلة تزفّ فلانة- اسم صاحبتي- إلى زوجها البزّاز، فلا أصدّق، فرحا.
فلما جاء الليل، أثّر فيّ الجوع، وأقفلت الأبواب، ويئست من الجارية، فقمت أطوف الدار، فوقفت على المطبخ، ووجدت الطبّاخين جلوسا فاستطعمتهم، فلم يعرفوني، وقدّروني بعض الوكلاء، فقدموا إليّ هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين، فأكلتهما، وغسلت يدي بأشنان كان في المطبخ، وقدّرت أنّها قد نقيت، وعدت إلى مكاني.
فلما جنّ الليل، إذا طبول، وزمور، وأصوات عظيمة، وإذا بالأبواب قد فتحت، وصاحبتي قد أهديت إليّ، وجاءوا بها، فجلوها عليّ، وأنا أقدّر أنّ ذلك في النوم، فرحا.
وتركت معي في المجلس، وتفرّق الناس.
فلمّا خلونا، تقدّمت إليها فقبّلتها، وقبّلتني، فشمّت لحيتي، فرفستني، فرمت بي عن المنصّة، وقالت: أنكرت أن تفلح، يا عاميّ يا سفلة، وقامت لتخرج.(4/188)
فقمت، وتعلّقت بها، وقبّلت الأرض، ورجليها، وقلت: عرّفيني ذنبي، واعملي بعده ما شئت.
فقالت: ويحك، أكلت فلم تغسل يدك.
فقصصت عليها قصّتي، فلما بلغت إلى آخرها، قلت: عليّ وعليّ، وحلفت بطلاقها، وطلاق كلّ امرأة أتزوّجها، وصدقة مالي، وجميع ما أملكه، والحجّ ماشيا على قدمي، والكفر بالله، وكلّ ما يحلف به المسلمون، لا أكلت بعدها ديكبريكه، إلّا غسلت يدي أربعين مرّة.
فأشفقت، وتبسّمت، وصاحت: يا جواري، فجاء مقدار عشر جواري ووصائف.
وقالت: هاتوا شيئا نأكل.
فقدّمت ألوان طريفة، وطعام من أطعمة الخلفاء، فأكلنا، وغسلنا أيدينا.
ومضى الوصائف، ثم قمنا إلى الفراش، فدخلت بها، وبتّ بليلة من ليالي الخلفاء، ولم نفترق أسبوعا.
وكانت يوم الأسبوع، وليمة هائلة، اجتمع فيها الجواري.
فلما كان من غد، قالت: إنّ دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا، فلولا أنّه استؤذن، فأذن بعد جهد، لما تمّ لنا هذا، لأنّه شيء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيري، لمحبّة سيّدتي لي.
وجميع ما تراه، فهو هبة من السيّدة لي، وقد أعطتني خمسين ألف دينار، من عين وورق، وجوهر ودنانير، وذخائر لي خارج القصر كثيرة من كل لون، وجميعها لك.
فاخرج إلى منزلك، وخذ معك مالا، واشتر دارا سرية، واسعة الصحن، فيها بستان كثير الشجر، فاخر الموقع، وتحوّل إليها، وعرّفني، لأنقل هذا(4/189)
كلّه إليك، فإذا حصل عندك، جئتك.
وسلّمت إليّ عشرة آلاف دينار عينا، فحملها الخادم معي.
فابتعت الدار، وكتبت إليها بالخبر، فحملت إليّ تلك النعمة بأسرها، فجميع ما أنا فيه منها.
فأقامت عندي كذا وكذا سنة، أعيش معها عيش الخلفاء، ولم أدع مع ذلك التجارة.
فزاد مالي، وعظمت منزلتي، وأثرت حالي، وولدت لي هؤلاء الفتيان، وأومأ إلى أولاده، ثم ماتت رحمها الله.
وبقي عليّ من مضرة الديكبريكه حاضرا، ما شاهدته.
المنتظم 6/254(4/190)
89 الشيخ بويه والرؤيا التي هالته
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه قال: حدّثنا عليّ بن حسّان الأنباريّ الكاتب، قال:
لمّا أنفذني معزّ الدولة «2» ، من بغداد إلى ديلمان «3» ، لأبني له دورا في بلدة منها، قال لي: سل عن رجل من الديلم، يقال له أبو الحسين بن شيركوه، فأكرمه، واعرف حقّه، واقرئه سلامي، وقل له: سمعت وأنا صبيّ، بحديث منام كان أبي رآه، وفسّره هو وأنت، على مفسّر بديلمان، ولم أقم عليه للصبا، فحدّثني به، واحفظه لتعيده عليّ.
فلما جئت إلى ديلمان، جاءني الرجل مسلّما، فعلمت بأنّه كان بينه وبين بويه، والد الأمير، صداقة، فأكرمته وعظّمته، وأبلغته رسالة معزّ الدولة.
فقال لي: كانت بيني وبين بويه مودة وكيدة، وهذه داره وداري، متحاذيتان، كما ترى، وأومأ إليهما.
فقال لي ذات يوم: إنّي قد رأيت رؤيا هالتني، فاطلب لي إنسانا يفسّرها لي.
فقلت: نحن هاهنا في مفازة «4» ، فمن أين لنا من يفسّر؟ ولكن اصبر(4/191)
حتى يجتاز بنا منجّم أو عالم، فنسأله، ومضى على هذا الأمر شهور.
فخرجت أنا وهو في بعض الأيّام إلى شاطئ البحر، نصطاد سمكا، فجلسنا، فاصطدنا شيئا كثيرا، فحملناه على ظهورنا، أنا وهو، وجئنا.
فقال لي: ليس في داري من يعمله، فخذ الجميع إليك ليعمل عندك.
فأخذته، وقلت له: فتعال إليّ، لنجتمع عليه، ففعل.
فقعدنا أنا وعيالي ننظّفه، ونطبخ بعضه، ونشوي الباقي.
وإذا رجل مجتاز، يصيح، منجّم، مفسّر للرؤيا.
فقال لي: يا أبا الحسين، تذكر ما قلته لك، بسبب المنام الذي رأيته؟
فقلت: بلى، فقمت، وجئت بالرجل.
فقال له بويه: رأيت ليلة في منامي، كأنّي جالس أبول، فخرج من ذكري نار عظيمة كالعمود، ثم تشعّبت يمنة ويسرة، وأماما وخلفا، حتى ملأت الدنيا، وانتبهت، فما تفسير هذا؟
فقال له الرجل: لا أفسّره لك بأقل من ألف درهم.
قال: فسخرنا منه، وقلنا له: ويحك، نحن فقراء، نخرج نصيد سمكا لنأكله، والله ما رأينا هذا المبلغ قط، ولا عشره، ولكنّا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك.
فرضي بذلك، وقال له: يكون لك أولاد يفترقون في الدنيا، فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها، على قدر ما احتوت النار التي رأيتها في المنام عليه من الدنيا.
قال: فصفعنا الرجل، وقلنا: سخرت منا، وأخذت السمكة حراما.
وقال له بويه: ويلك، أنا صيّاد فقير، كما ترى، وأولادي هم هؤلاء، وأومأ إلى عليّ بن بويه»
، وكان أوّل ما اختطّ(4/192)
عارضه «1» ، والحسن «2» ، وهو دونه، وأحمد «3» ، وهو فوق الطفل قليلا.
ومضت السنون، وأنسيت المنام، حتى خرج بويه إلى خراسان «4» ، وخرج علي بن بويه، فبلغنا حديثه، وأنّه قد ملك أرجان «5» ، ثم ملك فارس «6» كلها.
فما شعرنا إلّا بصلاته، قد جاءت إلى أهله، وشيوخ بلد الديلم «7» ، وجاءني رسوله يطلبني، فخرجت، ومشيت إليه، فهالني ملكه، وأنسيت المنام، وعاملني من الجميل والصلات بأمر عظيم.
وقال لي، وقد خلونا: يا أبا الحسين، تذكر منام أبي الذي ذكرتموه للمفسّر، وصفعتموه لمّا فسّره لكم؟
فاستدعى عشرة آلاف دينار، فدفعها إليّ، وقال: هذا من ثمن تلك السمكة، خذه، فقبلت الأرض.
فقال لي: تقبل تدبيري؟
فقلت: نعم.
قال: أنفذها إلى بلد الديلم، واشتر بها ضياعا هناك، ودعني أدبّر(4/193)
أمرك بعدها، ففعلت، وأقمت عنده مدّة، ثم استأذنته في الرجوع.
فقال: أقم عندي، فإنّي أقوّدك، وأعطيك أقطاعا بخمسمائة ألف درهم في السنة.
فقلت له: بلدي أحب إليّ، فأحضر عشرة آلاف دينار أخرى، فأعطاني إيّاها.
وقال: لا يعلم أحد بها، فإذا حصلت في بلد الديلم، فادفن منها خمسة آلاف، استظهارا على الزمان، وجهّز بناتك بخمسة آلاف، ثم أعطاني عشرة دنانير، وقال: احتفظ بهذه، ولا تخرجها من يدك، فأخذتها، فإذا في كلّ واحد مائة دينار وعشرة دنانير.
فودّعته، وانصرفت.
قال أبو القاسم: فحفظت القصّة، فلمّا عدت إلى معز الدولة، حدّثته بالحديث، فسّر به وتعجّب.
المنتظم 6/269(4/194)
90 بين جحظة البرمكي ومحبرة بن أبي عباد الكاتب
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ ابن أبي عليّ البصريّ «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو الفرج الأصبهاني «5» قال: حدّثني جحظة «6» ، قال:
اتّصلت عليّ إضافة أنفقت فيها كلّ ما أملك، حتى بقيت وليس في داري غير البواري «7» .
فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر، ففكرت كيف أعمل فيه، فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بن أبي عبّاد الكاتب «8» ، وكنت أجاوره،(4/195)
وكان قد ترك التصرّف «1» قبل ذلك بسنين، ولزم بيته، وحالفه النقرس «2» ، فأزمنه «3» ، حتى صار لا يتمكّن من التصرّف إلّا محمولا على الأيدي، أو في محفّة «4» ، وكان مع ذلك، على غاية الظرف، وكبر النفس، وعظم النعمة، وأن أتطايب عليه ليدعوني، فآخذ منه ما أنفقه مدّة؛ فكتبت إليه:
ماذا ترى في جدي «5» ... وبرمة «6» وبوارد «7»
وقهوة «8» ذات لون ... يحكي خدود الخرائد
ومسمع «9» ليس يخطي ... من نسل يحيى بن خالد «10»
إنّ المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد
فما شعرت إلا بمحفّة محبرة يحملها غلمانه إلى داري، وأنا جالس على بابي.
فقلت له: لم جئت؟ ومن دعاك؟.
قال: أنت.
قلت: إنّما قلت لك: ماذا ترى في هذا؟ وعنيت في بيتك، وما قلت(4/196)
لك إنّه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أمّ موسى.
فقال: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك، وأستدعي من داري ما أريد.
قلت: ذاك إليك.
فدخل، فلم ير في بيتي إلا بارية.
فقال: يا أبا الحسن، هذا والله، فقر مفظع، هذا ضرّ مدقع، ما هذا؟
فقلت: هو ما ترى.
فانفذ إلى داره فاستدعى فرشا، وقماشا، وجاء فرّاشه، ففرشه، وجاءوا من الصفر والشمع، وغير ذلك ممّا يحتاج إليه، وجاء طبّاخه بما كان في مطبخه، وجاء شرابيّه بالصواني، والمخروط، والفاكهة، والبخور، وجلس يومه ذاك عندي.
فلما كان في غد، سلّم إليّ غلامه كيسا فيه ألفا درهم، ورزمة من فاخر الثياب، واستدعى محفّته، فجلس فيها، وشيّعته هنيّة.
فلما بلغ آخر الصحن، قال: مكانك يا أبا الحسن، احفظ بابك، فكلّ ما في الدار لك.
وقال للغلمان: اخرجوا.
فأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة.
المنتظم 6/284(4/197)
91 ذنب جحظة إلى الزمان
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال:
أخبرنا: عليّ بن المحسّن «3» ، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «4» ، قال: حدّثنا جحظة «5» ، قال:
أنشدت عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين «6» ، قولي:
قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر واريته ... وجامع بذّرت ما يجمع
فقال لي: ذنبك إلى الزمان الكمال.
المنتظم 6/284(4/198)
92 المجنون الشاعر
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «1» ، قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان «2» ، قال: حدّثني أبو عليّ الحسن بن صالح، قال: قال مساور الورّاق:
قلت لمجنون كان عندنا، وكان شاعرا، ويقال إنّ عقله ذهب لفقد ابنة عمّ كانت له.
فقلت له يوما، أجز هذا البيت:
وما الحبّ إلّا شعلة قدحت بها ... عيون المها باللحظ بين الجوانح
قال: فقال على المكان:
ونار الهوى تخفى وفي القلب فعلها ... كفعل الذي جاءت به كف قادح «3»
مصارع العشاق 1/13(4/199)
93 المقتدر يستقضي الحسن بن عبد الله على مدينة المنصور
أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أخبرنا أبوبكر بن ثابت «2» ، قال:
أخبرنا عليّ بن المحسّن «3» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «4» ، قال:
بعد الثلاثة أيّام التي تقلّد فيها ابن الأشناني «5» ، مدينة المنصور «6» ، استقضى المقتدر «7» على مدينة المنصور، الحسن بن عبد الله بن علي «8» ، في يوم الاثنين لست بقين في ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة.
وهذا رجل حسن الستر، جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه وجدّه، في باب الحكم والسداد.
فلم يزل واليا على المدينة إلى نصف رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر.
وتوفي يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين.
المنتظم 6/290(4/200)
94 ثلاثة متقدمون لا يزاحمهم أحد
أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «3» ، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري «4» ، قال:
رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة أصناف من بني جنسهم، فلا يزاحمهم أحد.
أبو عبد الله الحسين بن أحمد الموسوي «5» ، يتقدّم الطالبيّين، فلا يزاحمه أحد.
وأبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي «6» ، يتقدّم العباسيّين، فلا يزاحمه أحد.
وأبو بكر الأكفاني «7» ، يتقدّم الشهود، فلا يزاحمه أحد.
المنتظم 6/292(4/201)
95 من شعر أبي نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع
وأخبرنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن بن الأخباري «1» ، قال:
أنشدني أبو نضلة «2» لنفسه، ونحن في مجلس أبي بكر الصولي «3» :
وخمرة جاء بها شبهها ... ظلمت لا بل شبهه الخمر
فبات يسقيني على وجهه ... حتى توفّى عقلي السكر
في ليلة قصّرها طيبها ... بمثلها كم بخل الدهر
قال: وأنشدني أبو نضلة لنفسه:
ولمّا التقينا للوداع ولم يزل ... ينيل لثاما دائما وعناقا
شممت نسيما منه يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا
تاريخ بغداد للخطيب 13/273(4/202)
96 خصومة بين قاض وشاهد انتهت بالمصالحة
1- أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال:
لما كان يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة 328، خلع الراضي «4» على أبي نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف «5» ، وقلّده الحضرة بأسرها «6» ، الجانب الشرقي، والغربي، والمدينة، والكرخ، وقطعة من أعمال السواد، وخلع على أخيه أبي محمد الحسين بن عمر «7» ، لقضاء أكثر السواد.(4/203)
ثم صرف الراضي أبا نصر عن مدينة المنصور، بأخيه الحسين في سنة تسع وعشرين، وأقرّه على الجانب الشرقي.
وفي يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، أشهد أبو عبد الله ابن أبي موسى الهاشمي «1» على نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بأنّه لا يشهد عند القاضي أبي نصر يوسف بن عمر ببغداد، وأخذ خطوط الشهود أنّه عدل مقبول الشهادة.
وفي يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة أسجل القاضي أبو نصر، يوسف بن عمر، بأن أبا عبد الله بن أبي موسى الهاشمي، ساقط الشهادة، بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك «2» .
المنتظم 6/300 2- في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «3» ، قلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله «4» القضاء في الجانب الشرقي، وأقر القاضي أبو نصر «5» على الجانب الشرقي.
وقلد أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي «6» ، قضاء مدينة أبي جعفر.(4/204)
وفي هذه السنة، جمع القاضي أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي، أبا عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، وأبا نصر يوسف بن أبي الحسين عمر ابن محمد القاضي في منزله، حتى اصطلحا، وتعاقدا على التصافي، وأخذ كل واحد منهما خطّ صاحبه بتزكيته، وبما تأكّد من الصلح بينهما، وكانا قد خرجا إلى أقبح المباينة، حتى أشهد أبو نصر، وهو والي قضاء مدينة السلام على نفسه، بإسقاط أبي عبد الله، وأنّه غير موضع للشهادة، وسعى أبو عبد الله في صرفه، ومعارضته بما يكره، حتى تهيأ له في ذلك ما أراد.
المنتظم 6/341(4/205)
97 كلب يحرم نفسه من قوته ويؤثر صاحبه على نفسه
أخبرني علي بن محمد، قال: حدّثني الحسين بن شدّاد «1» ، قال:
ولّاني القاسم، خلافة أحمد بن ميمون بنيسابور، فنزلت في بعض منازلها، فوجدت في جواره جنديا من أصحابه، يعرف بنسيم، كان برسم تنظيف كلابه.
وإذا كلب له يخرج بخروجه، ويدخل بدخوله، وإذا جلس على بابه قرّبه، وغطاه بدوّاج «2» كان عليه.
فسألت الراسبي عن محل الغلام، وكيف يقنع الأمير منه، بدخول الكلب عليه، ويرضى منه بذلك، وليس بكلب صيد؟
قال أبو الوليد: سله عن حديثه، فإنّه يخبرك بشأنه.
فأحضرت الغلام، وسألته عن السبب الذي استحقّ به هذه المنزلة منه؟
فقال: هذا خلّصني- بعد الله عزّ وجلّ- من أمر عظيم.
فاستبشعت هذا القول منه، وأنكرته عليه، فقال لي: اسمع حديثه فإنّك تعذرني.
كان يصحبني رجل من أهل البصرة، يقال له: محمد بن بكر، لا يفارقني، يواكلني، ويعاشرني على النبيذ وغيره منذ سنين.
فخرجنا إلى الدينور، فلما رجعنا وقربنا من منزلنا، كان في وسطي هميان فيه جملة دنانير، ومعي متاع كثير أخذته من الغنيمة، قد وقف عليه بأسره.(4/206)
فنزلنا إلى موضع، فأكلنا، وشربنا.
فلما عمل الشراب، عمد إليّ، فشد يديّ إلى رجلي، وأوثقني كتافا، ورمى بي في واد، وأخذ كل ما معي، وتركني ومضى، وأيست من الحياة.
وقعد هذا الكلب معي، ثم تركني ومضى، فما كان بأسرع من أن وافاني، ومعه رغيف، فطرحه بين يديّ، فأكلته، ولم أزل أحبو إلى موضع فيه ماء، فشربت منه، ولم يزل الكلب معي، باقي ليلي يعوي إلى أن أصبحت، فحملتني عيناي، وفقدت الكلب.
فما كان بأسرع من أن وافاني ومعه رغيف، فأكلت، وفعلت فعلي في اليوم الأوّل.
فلما كان اليوم الثالث غاب عني، فقلت مضى يجيئني بالرغيف، فلم ألبث إلّا أن جاء ومعه الرغيف، فرمى به إليّ، فلم استتمّ أكله، إلا وابني على رأسي يبكي.
فقال: ما تصنع ها هنا، وما هي قصّتك؟ ونزل فحلّ كتافي، وأخرجني.
فقلت له: من أين علمت بمكاني، ومن دلّك عليّ؟
فقال: كان الكلب يأتينا في كل يوم، فنطرح له الرغيف على رسمه، فلا يأكله. وقد كان معك، فأنكرنا رجوعه، ولست أنت معه، فكان يحمل الرغيف بفيه، ولا يذوقه ويخرج يعدو، فأنكرنا أمره، فاتّبعته حتى وقفت عليك.
فهذا ما كان من خبري وخبر الكلب، فهو عندي أعظم مقدارا من الأهل والقرابة.
قال: ورأيت أثر الكتاف في يده، قد أثّر أثرا قبيحا.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 19(4/207)
98 الأمير جعفر بن ورقاء يعاتب القاضيين أبا عمر وأبا الحسين
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» قال: حدّثنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبيد الله النصيبيّ، قال: إنّ جعفر بن ورقاء «3» حدّثهم، قال:
عدت من الحجّ أنا وأخي، فتأخّر عن تهنئتي القاضي أبو عمر «4» وابنه أبو الحسين «5» ، فكتبت إليهما:
أأستجفي أبا عمر وأشكو ... وأستجفي فتاه أبا الحسين
بأيّ قضيّة وبأيّ حكم ... ألحّا في قطيعة واصلين
فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقّي موجبين
فإن نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين
وإن نعتب فحقّ غير أنّا ... نجلّ عن العتاب القاضيين
فوصلت الأبيات إلى أبي عمر، وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين، وأمره بالجواب عنها، فكتب إليّ:(4/208)
تجنّ واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الودّ أيّها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أنّي لحبلكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن في الهوى حاكم
تركت حقّ الوداع مطرّحا ... وجئت تبغي زيارة القادم
أمران لم يذهبا على فطن ... وأنت بالحكم فيهما عالم
وكلّ هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم
المنتظم 6/306 معجم الأدباء 6/53(4/209)
99 الخليفة الراضي يبكي حزنا على قاضي القضاة
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال أخبرنا علي ابن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال:
توفي قاضي القضاة، يعني أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف «4» ، في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أبو نصر «5» ، ودفن إلى جانب أبي عمر «6» في دار إلى جانب داره.
وقال أبو بكر الصولي «7» : كان هذا القاضي قد بلغ من العلم مبلغا عظيما، وقرأ عليّ من كتب اللغة والأخبار، ما يقارب عشرة آلاف ورقة، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة.
ووجد عليه الراضي «8» وجدا شديدا، حتى كان يبكي بحضرتنا، وقال:
كنت أضيق بالشيء ذرعا، فيوسّعه عليّ.
وكان يقول: لا بقيت بعده.
المنتظم 6/307(4/210)
100 أبو بكر الأنباري يملي من حفظه
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» قال: أنبأنا علي بن أبي علي البصري «2» عن أبيه «3» ، قال:
أخبرني غير واحد ممن شاهد أبا بكر الأنباري «4» ، انّه كان يملي من حفظه، لا من كتاب، وانّ عادته في كلّ ما كتب عنه من العلم، كانت هكذا، ما أملى قط من دفتر.
المنتظم 6/312(4/211)
101 اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات سحقت خلافته
أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا علي بن أبي علي البصري «3» ، قال حدّثني أبي «4» ، قال: قال لي أبو الحسين بن عياش «5» :
اجتمعت في أيام المتقي بالله «6» إسحاقات كثيرة «7» ، فانسحقت خلافة بني العباس في أيّامه، وانهدمت قبّة المنصور الخضراء «8» التي كان بها فخرهم.
فقلت له: ما كانت الإسحاقات؟
قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي «9» يكنى أبا إسحاق،(4/212)
وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي «1» ، وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد، وكانت داره القديمة، دار إسحاق ابن إبراهيم المصعبي «2» ، وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج «3» .
المنتظم 6/318(4/213)
102 الخليفة المتقي يستسقي
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «4» ، قال:
حدّثنا أبو محمد الصلحي الكاتب «5» ، قال:
نادى منادي المتّقي «6» في زمن خلافته «7» ، في الأسواق: انّ أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته، إنّ امرأة صالحة رأت النبيّ صلى الله عليه وسلّم في منامها، فشكت احتباس القطر «8» ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون «9» ، ويدعون الله، فإنّه يسقيهم في يومهم، وإنّ أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج، في يوم الثلاثاء كما أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نيّاتكم، وإقلاع عن ذنوبكم.(4/214)
قال: فأخبرني الجمّ الغفير أنّهم لما سمعوا النداء، ضجّت الأسواق بالبكاء والدعاء.
فشقّ ذلك عليّ، وقلت: منام امرأة لا يدرى كيف تأويله، وهل يصح أم لا، ينادي به خليفة في أسواق مدينة السلام؟ فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفّار؟ فليته أمر الناس بالخروج ولم يذكر هذا.
وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء، فقيل لي: إنّ الناس قد خرجوا إلى المصلّى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك، إمام الجامع «1» ، وخرج أكثر أصحاب السلطان، والفقهاء، والأشراف.
فلمّا كان قبل الظهر، ارتفعت سحابة، ثم طبقت الآفاق، ثم أسبلت عزاليها «2» بمطر جود «3» .
فرجع الناس حفاة من الوحل «4» .
المنتظم 6/319(4/215)
103 وتقدرون فتضحك الأقدار
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرني عليّ بن أبي عليّ البصري «3» ، قال: أخبرني أبي «4» ، قال:
حدّثني أبو بكر عمر بن عبد الملك السقطي قال: سمعت أبا بكر بن يعقوب ابن شيبة «5» يحدّث، قال:
لمّا ولدت، دخل أبي على أمّي، فقال لها: إنّ المنجّمين قد أخذوا مولد هذا الصبي، وحسبوه، فإذا، هو يعيش كذا وكذا، وقد حسبتها أيّاما، وقد عزمت على أن أعدّ له لكلّ يوم دينارا، مدّة عمره، فإنّ ذلك يكفي الرجل المتوسّط، له ولعياله، فأعدّي له حبّا «6» فارغا، فأعدّته، وتركته في الأرض، وملأه بالدنانير.
ثم قال: أعدّي حبّا آخر، أجعل فيه مثل هذا استظهارا، ففعلت، وملأه.
ثم استدعى حبّا آخر، وملأه بمثل ما ملأ به كلّ واحد من الحبّين،(4/216)
ودفن الجميع، فما نفعني ذلك، مع حوادث الزمان، فقد احتجت إلى ما ترون.
قال أبو بكر السقطي: ورأيناه فقيرا يجيئنا بلا إزار، ونقرأ عليه الحديث، ونبرّه بالشيء بعد الشيء.
المنتظم 6/333
104 الأمير معز الدولة يشجع السعي والصراع والسباحة
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخي «2» ، عن أبيه «3» ، قال:
من أعجب الأشياء المتولّدة في زمن معزّ الدولة «4» ، السعي «5» ، والصراع «6» ، وذلك إنّ معزّ الدولة، احتاج إلى السعاة، ليجعلهم فيوجا «7» بينه وبين أخيه(4/217)
ركن الدولة «1» ، إلى الري «2» ، فيقطعون تلك المسافة البعيدة، في المدة القريبة، وأعطى على جودة السعي الرغائب «3» .
فحرص أحداث بغداد وضعفاؤهم «4» على ذلك، حتى انهمكوا فيه، وأسلموا أولادهم إليه.
فنشأ ركابيّان «5» لمعز الدولة، يعرف أحدهما بمرعوش، والآخر بفضل «6» ، يسعى كلّ واحد منهما، نيفا وثلاثين فرسخا «7» في يوم «8» ، من طلوع الشمس إلى غروبها، يتردّدون ما بين عكبرا «9» وبغداد.
وقد رتّب على كلّ فرسخ من الطريق، قوما يحضّون عليهم، فصاروا أئمة السعاة ببغداد، وانتسب السعاة إليهم، وتعصّب الناس لهم.
واشتهى معزّ الدولة الصراع، فكان يعمل بحضرته حلقة في ميدانه «10» ، ويقيم شجرة يابسة تنصب في الحال، ويجعل عليها الثياب الديباج «11» ،(4/218)
والعتّابي «1» ، والمروزي «2» ، وتحتها أكياس فيها دراهم، ويجمع على سور الميدان «3» المخانيث «4» بالطبول والزمور، وعلى باب الميدان الدبادب «5» ، ويؤذن للعامّة في دخول الميدان، فمن غلب، أخذ الثياب والشجرة والدراهم.
ثم دخل في ذلك أحداث بغداد، فصار في كلّ موضع صراع، فإذا برع أحدهم، صارع بحضرة معزّ الدولة، فإن غلب، أجريت عليه الجرايات «6» ، فكم من عين ذهبت بلطمة، وكم من رجل اندقّت.
وشغف بعض أصحاب معز الدولة بالسباحة، فتعاطاها أهل بغداد، حتى أحدثوا فيها الطرائف.
فكان الشاب يسبح قائما، وعلى يده كانون «7» فوقه حطب يشتعل تحت قدر، إلى أن تنضج، ثم يأكل منها، إلى أن يصل إلى دار السلطان.
المنتظم 6/340(4/219)
105 فرار الناس من بغداد لما دخلها الديلم
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف «1» ، قال:
لما دخل الديلم «2» من الجانب الغربي «3» ، إلى الجانب الشرقي «4» ، وخاف الناس السيف، هربوا على وجوههم، وكانت العذراء، والمخبأة المترفة من ذوات النعم، والصبيّة، والأطفال، والعجائز، وسائر الناس، يخرجون على وجوههم، يتعادون يريدون الصحراء، وكان ذلك اليوم حارا، فلا يطيقون المشي.
قال أبو محمد الصلحي «5» : انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة «6» ، نريد الموصل «7» ، من بين يدي معزّ الدولة «8» ، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد، قد تلفوا بالحر والعطش، ونحن نركض هاربين «9» ، فما شبّهته إلّا بيوم القيامة «10» .(4/220)
قال: فأخبرني جماعة: أنّهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي، وهي تصيح: أنا ابنة فلان «1» ، ومعي جوهر وحلي بألف دينار، رحم الله من أخذه منّي وسقاني شربة ماء، فما يلتفت إليها أحد، حتى خرّت ميتة، وبقيت متكشّفة، والثياب عليها والحلي، وما يعرض له أحد «2» .
المنتظم 6/349(4/221)
106 الوزير علي بن عيسى يقول: ليتني تمنّيت المغفرة
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة «3» ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن داسه «4» ، قالا: حدّثنا أبو سهل بن زياد القطّان «5» ، صاحب علي بن عيسى «6» ، قال:
كنت مع عليّ بن عيسى، لمّا نفي إلى مكة «7» ، فلما دخلناها، دخلنا في حرّ شديد، وقد كدنا نتلف.
فطاف علي بن عيسى، وسعى، وجاء فألقى نفسه، وهو كالميت من الحر والتعب، وقلق قلقا شديدا.
وقال: أشتهي على الله شربة ماء مثلوج.
فقلت له: يا سيّدنا تعلم أنّ هذا ممّا لا يوجد بهذا المكان.
فقال: هو كما قلت، ولكنّ نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى.(4/222)
قال: وخرجت من عنده، ورجعت إلى المسجد الحرام «1» ، فما استقررت فيه، حتى نشأت سحابة، فبرقت، ورعدت، وجاءت بمطر يسير، وبرد كثير.
فبادرت إلى الغلمان، فقلت: اجمعوا.
فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكّة منه شيئا عظيما.
وكان علي بن عيسى صائما، فلما كان وقت المغرب، خرج إلى المسجد الحرام ليصلّي المغرب.
فقلت له: أنت والله مقبل، والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت.
وجئته بأقداح مملوءة من أصناف الأسوقة «2» والأشربة، مكبوسة بالبرد.
فأقبل يسقي ذلك من قرب منه، من الصوفيّة، والمجاورين، والضعفاء، ويستزيد، ونحن نأتيه بما عندنا، وأقول له: اشرب، فيقول: حتى يشرب الناس.
فخبأت مقدار خمسة أرطال «3» ، وقلت له: إنّه لم يبق شيء.
فقال: الحمد لله، ليتني كنت تمنّيت المغفرة، فلعلّي كنت أجاب.
فلمّا دخل البيت لم أزل أداريه حتى شرب منه، وتقوّت ليلته بباقيه.
المنتظم 6/351(4/223)
107 الزاهدة ابنة أبي الحسن المكي
أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبيد الله بن أحمد بن بكير، قال:
كان لأبي الحسن المكّي، ابنة مقيمة بمكة، أشدّ ورعا منه، وكانت لا تقتات إلا ثلاثين درهما ينفذها إليها أبوها في كلّ سنة، مما يستفضله من ثمن الخوص الذي يسفّه «1» ويبيعه.
فأخبرني ابن الروّاس التمّار، وكان جاره، قال: جئته، أودّعه للحجّ، وأستعرض حاجته وأسأله أن يدعو لي.
فسلّم لي قرطاسا، وقال: تسأل بمكة في الموضع الفلاني عن فلانة، وتسلّم هذا إليها.
فعلمت أنّها ابنته، فأخذت القرطاس، وجئت، فسألت عنها، فوجدتها بالعبادة والزهد، أشدّ اشتهارا من أن تخفى.
فطمعت نفسي أن يصل إليها من مالي شيء يكون لي ثوابه، وعلمت أنّني إن دفعت إليها ذلك لم تأخذه، ففتحت القرطاس، وجعلت الثلاثين درهما، خمسين درهما، ورددته كما كان، وسلّمته إليها.
فقالت: أيّ شيء خبر أبي؟
فقلت: على السلامة.
فقالت: قد خالط أهل الدنيا، وترك الانقطاع إلى الله؟
فقلت: لا.(4/224)
قالت: أسألك بالله، وبمن حججت له، عن شيء فتصدقني؟
قلت: نعم، فقالت: خلطت في هذه الدراهم شيئا من عندك؟
فقلت: نعم، فمن أين علمت هذا؟
فقالت: ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا، لأنّ حاله لا تحتمل أكثر منها، إلّا أن يكون ترك العبادة، فلو أخبرتني بذلك، ما أخذت منه أيضا شيئا.
ثم قالت لي: خذ الجميع فقد عققتني، من حيث قدّرت أنّك بررتني، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو، شيئا.
فقلت: خذي منها ثلاثين، كما أنفذ إليك أبوك، وردّي الباقي.
فقالت: لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته، فلا آخذ منها شيئا، وأنا الآن أقتات إلى الموسم الآخر من المزابل، لأنّ هذه كانت قوتي طول السنة، فقد أجعتني، ولولا أنّك ما قصدت أذاي، لدعوت عليك.
قال: فاغتممت، وعدت إلى البصرة، وجئت إلى أبي الحسن، فأخبرته، واعتذرت إليه.
فقال: لا آخذها وقد اختلطت بغير مالي، وقد عققتني وإيّاها.
قال: فقلت ما أعمل بالدراهم؟
قال: لا أدري.
فما زلت مدّة أعتذر إليه، وأسأله ما أعمل بالدراهم.
فقال لي بعد مدّة: صدّق بها.
ففعلت.
المنتظم 6/361(4/225)
108 أبو عمر غلام ثعلب من الرواة الذين لم ير أحفظ منهم
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن أبي علي «2» ، عن أبيه «3» ، قال:
من الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم، أبو عمر غلام ثعلب «4» ، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة، لغة، فيما بلغني.
وجميع كتبه التي في أيدي الناس، إنّما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتّهم بالكذب.
وكان يسأل عن الشيء الذي يقدّر السائل أنّه قد وضعه، فيجيب عنه، ثم يسأله غيره بعد سنة، على مواطأة، فيجيب بذلك الجواب بعينه.
أخبرنا بعض أهل بغداد، قال: كنّا نجتاز على قنطرة الصراة «5» ، نمضي إليه، مع جماعة، فتذاكروا كذبه، فقال بعضهم: أنا أصحّف له القنطرة، وأسأله عنها.
فلما صرنا بين يديه، قال له: أيها الشيخ ما الهرنطق «6» عند العرب؟(4/226)
فقال: كذا، وذكر شيئا قد أنسيته أنا.
قال: فتضاحكنا، وأتممنا المجلس، وانصرفنا.
فلما كان بعد أشهر، ذكرنا الحديث، فوضعنا رجلا غير ذلك، فسأله، وقال: ما الهر نطق؟
فقال: أليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهرا، فقلت هي كذا؟.
قال: فما درينا من أيّ الأمرين نعجب، من ذكائه، إن كان علما فهو اتّساع ظريف، وإن كان كذبا في الحال، ثم قد حفظه، فلمّا سئل عنه ذكر الوقت والمسألة، فأجاب بذلك الجواب، فهو أظرف.
قال أبي «1» : وكان معزّ الدولة، قد قلّد شرطة بغداد، مملوكا تركيا يعرف بخواجا.
فبلغ أبا عمر الخبر، وكان يملي الياقوتة، فلما جاءوه، قال: اكتبوا ياقوتة خواجا، الخواج في اللغة: الجوع، ثم فرّع على هذا بابا، فأملاه، فاستعظم الناس ذلك، وتتبّعوه.
فقال أبو علي الحاتمي: أخرجنا في أمالي الحامض، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، الخواج: الجوع.
المنتظم 6/380(4/227)
109 كلب يحمي صاحبه ممن أراد أن يخنقه
أخبرني «1» بعض الشيوخ من أهل الجبل «2» ، قال:
كنت أنا مع جماعة خارجين إلى أصبهان «3» ، فلما صرنا إلى بعض الطريق، مررنا بخان قديم خراب، ليس فيه أحد، وإذا صوت كلب ينبح، وإذا حركة شديدة.
فدخلنا بأجمعنا الخان، فإذا نحن برجل من أصحابنا نعرفه، من الفيوج «4» ، كان معه كلب لا يفارقه حيث كان، وإذا بعض المبنّجين «5» قد وقع عليه، وكان الفيج فطنا، فلما رأى أنّ حيلته ليست تنفذ له عليه، طرح في عنقه وترا ليخنقه به.
فلما رأى الكلب ذلك، ثار إلى المبنّج، فخمش وجهه، وعضّ قفاه، وطرح منه قطعة لحم، فسقط المبنّج مغشيا عليه.
فخلّصنا من عنق صاحبنا الوتر، وكان قد أشرف على التلف، وقبضنا على المبنّج، فكتّفناه بوتره، ودفعناه إلى السلطان.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 22(4/228)
110 لص يموت على النقب الذي نقبه
أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزّاز عن أبي القاسم عليّ بن المحسّن، عن أبيه، قال:
أخبرني أبو الفرج الأصبهاني: أنّ لصّا نقب ببغداد في زمن الطاعون الذي كان في سنة ستّ وأربعين وثلاثمائة «1» ، فمات مكانه وهو على النقب.
وأنّ إسماعيل القاضي «2» ، لبس سواده، ليخرج إلى الجامع، فيحكم، ولبس أحد خفّيه، وجاء ليلبس الآخر، فمات «3» .
المنتظم 6/384(4/229)
111 لا آمرك، ولكني شفيع
أخبرنا القاضيان، أبو الحسين أحمد بن علي التنوخي، وأبو القاسم علي ابن المحسن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «2» ، قال: حدّثنا الحسن بن مكرم بن حسان «3» ، قال: حدّثنا علي بن عاصم «4» ، عن خالد الحذاء «5» ، عن عكرمة «6» ، عن ابن عباس «7» ، قال:(4/230)
لما أعتقت بريرة «1» ، وكان زوجها حبشيّا «2» ، خيّرت، فاختارت فراقه، فكان يطوف حولها، ودموعه تسيل على خدّيه حبّا لها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لعمه العبّاس «3» : أما ترى شدّة حبّه لها، وشدّة بغضها له؟
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لو تزوّجته.
قالت: إن أمرتني.
قال: لا آمرك، ولكنّي شفيع.
فلم تفعل.
مصارع العشاق 2/8(4/231)
112 القاضي أبو جعفر بن البهلول يلي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن جعفر الشاهد «3» قال:
لم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول «4» على قضاء المدينة- يعني مدينة المنصور- من سنة ست وتسعين ومائتين إلى ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة «5» .
وكان ربّما اعتلّ، فيخلفه ابنه أبو طالب محمّد «6» ، وهو رجل جميل الأمر، حسن المذهب، شديد التصوّن، وممّن كتب العلم، وحدّث بعد أبيه بسنين «7» .
المنتظم 6/392(4/232)
113 أبو بكر الآدمي واجتماع الناس عليه عندما يقرأ القرآن
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي «3» ، قال: سمعت أبي «4» يقول:
حججت في بعض السنين، وحجّ في تلك السنة، أبو القاسم البغوي «5» وأبو بكر الآدمي «6» ، القارىء.
فلمّا صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلّم «7» ، جاءني أبو القاسم البغويّ، فقال لي: يا أبا بكر، هاهنا رجل ضرير، قد جمع حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقعد يقصّ، ويروي الكذب من(4/233)
الأحاديث الموضوعة، والأخبار المفتعلة، فإن رأيت أن تمضي بنا إليه، لننكر عليه ونمنعه.
فقلت له: يا أبا القاسم إنّ كلامنا لا يؤثّر مع هذا الجمع الغفير، والخلق العظيم، ولسنا ببغداد، فيعرف لنا موضعنا، ولكن هاهنا، أمر آخر، هو الصواب.
فأقبلت على أبي بكر الآدمي، وقلت له: استعذ، واقرأ «1» .
فما هو إلّا أن ابتدأ بالقراءة، حتى انجفلت الحلقة، وانفضّ الناس جميعا، فأحاطوا بنا يستمعون قراءة أبي بكر، وتركوا الضرير وحده.
فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي، هكذا تزول النعم.
المنتظم 6/393(4/234)
114 أبو بكر الآدمي يقرأ القرآن في بغداد فتسمع قراءته في كلواذى
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن ثابت «2» ، قال:
أخبرنا عليّ بن المحسّن «3» قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد «5» ، قال: حدّثني درة الصوفي «6» ، قال:
كنت بائتا بكلواذى «7» ، على سطح عال، فلما هدأ الليل، قمت لأصلّى، فسمعت صوتا ضعيفا يجيء من بعد، فأصغيت إليه، وتأمّلته، فإذا هو صوت أبي بكر الآدمي القارئ «8» ، فقدّرته منحدرا في دجلة، وأصغيت، فلم أجد الصوت يقرب، ولا يزيد، وظلّ على ذلك ساعة، ثم انقطع.
فتشكّكت في الأمر، وصلّيت، ونمت، وبكّرت، فدخلت بغداد(4/235)
على ساعتين من النهار، أو أقلّ.
وكنت مجتازا في السماريّة «1» ، فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل إلى الشط من دار أبي عبد الله الموسوي «2» التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة.
فصعدت إليه، وسألته عن خبره، فأخبرني بسلامته.
وقلت: أين كنت البارحة؟
فقال: في هذه الدار.
فقلت: قرأت؟
قال: نعم.
قلت: أيّ وقت؟
قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر.
قال: فنظرت، فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذى.
فعجبت من ذلك عجبا شديدا، بانّ له فيّ، فقال: ما لك؟
فقلت: إنّي سمعت صوتك البارحة، وأنا على سطح بكلواذى، وتشكّكت، فلولا أنّك أخبرتني الساعة على غير اتّفاق، ما صدّقته.
قال: فاحكها عنّي.
فأنا أحكيها دائما.
المنتظم 6/393(4/236)
115 أبو جعفر بن برية يرى أبا بكر الآدمي في النوم
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي «2» ، قال:
حدّثني علي بن أبي علي المعدّل «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى القاضي «4» ، وأبو إسحاق الطبري «5» ، وغيرهما، قالوا سمعنا أبا جعفر عبد الله ابن إسماعيل بن برية «6» ، يقول:
رأيت أبا بكر الآدمي «7» في النوم بعد موته بمديدة، فقلت له: ما فعل الله بك؟.
فقال لي: أوقفني بين يديه، وقاسيت شدائد وأمورا صعبة.
فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟
فقال: ما كان شيء أضرّ عليّ منها، لأنّها كانت للدنيا.
فقلت له: فإلى أي شيء انتهى أمرك؟
قال: قال لي تعالى، آليت على نفسي أن لا أعذّب أبناء الثمانين.
المنتظم 6/394(4/237)
116 بين الأول والثاني مائة سنة وهما في القعدد إلى المنصور سواء
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي «2» ، قال:
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «3» ، قال: سمعت القاضي أبا بكر بن أبي موسى الهاشمي «4» ، وأبا إسحاق الطبري «5» ، ومن لا أحصي من شيوخنا، يحكون:
أنهّم سمعوا أبا جعفر المعروف بابن بريّة «6» الإمام، يقول:
رقى هذا المنبر- يعني منبر مسجد جامع المدينة «7» - الواثق «8» في سنة ثلاثين ومائتين «9» ، ورقيت هذا المنبر في سنة ثلاثين وثلاثمائة «10» وبين الرقيتين مائة سنة، وأنا وهو في القعدد «11» إلى المنصور سواء، هو الواثق بن المعتصم بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور، وأنا عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن المنصور.
المنتظم 7/5(4/238)
117 إن الله لا يعذب من جاوز الثمانين
أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ الذهبي المعروف بابن القطّان، قال:
رأيت أبا السائب عتبة بن عبيد الله قاضي القضاة «4» بعد موته، فقلت:
ما فعل الله بك، مع تخليطك «5» ؟ - بهذا اللفظ-.
فقال: غفر لي.
فقلت: فكيف ذاك؟
فقال: إنّ الله تعالى عرض عليّ أفعالي القبيحة، ثم أمر بي إلى الجنّة، وقال: لولا أنّي آليت على نفسي أن لا أعذب من جاوز الثمانين، لعذّبتك، ولكنّي قد غفرت لك، وعفوت عنك، اذهبوا به إلى الجنّة.
فأدخلتها.
المنتظم 7/6(4/239)
118 شقيقان ملتزقان من جانب واحد
أخبرنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد «2» ، وأبو عمر أحمد ابن محمد الخلّال، قالا:
حدّثنا جماعة كثيرة العدد من أهل الموصل وغيرهم، ممّن كنّا نثق بهم، ويقع لنا العلم بصحة ما حدّثوا به، لكثرته، وظهوره، وتواتره، أنّهم شاهدوا بالموصل، سنة نيف وأربعين وثلاثمائة «3» ، رجلين أنفذهما صاحب أرمينية «4» إلى ناصر الدولة «5» ، للأعجوبة فيهما.
وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب واحد، ومن حدّ فويق الحقو إلى دوين الإبط، وكان معهما أبوهما، فذكر لهم أنّهما ولدا كذلك.
وكنّا نراهما يلبسان قميصين، وسراويلين، كلّ واحد منهما لباسه فرد، إلّا أنّه لم يكن يمكنهما- لالتزاق كتفيهما، وأيديهما- المشي، لضيق ذلك عليهما، فيجعل كلّ واحد منهما يده التي تلي أخاه، من جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه، ويمشيان كذلك، وأنّهما كانا يركبان دابّة واحدة، ولا يمكن أحدهما التصرّف، إلّا إذا تصرّف الآخر معه، وإذا أراد أحدهما(4/240)
الغائط، قام الآخر معه، وإن لم يكن محتاجا.
وانّ أباهما حدّثهم، انّه: لمّا ولدا، أراد أن يفرّق بينهما، فقيل له إنّهما يتلفان، لأنّ التزاقهما من جانب الخاصرة، وإنّه لا يجوز أن يفصلا، فتركهما، وكانا مسلمين.
فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما.
وكان الناس بالموصل يصيرون إليهما، فيتعجّبون منهما، ويهبون لهما.
قال أبو محمد: وأخبرني جماعة: أنّهما خرجا إلى بلدهما، فاعتلّ أحدهما ومات، وبقي أيّاما حتى أنتن، وأخوه حيّ، لا يمكنه التصرّف، ولا يمكن الأب، دفن الميت، إلى أن لحقت الحي، علّة من الغم والرائحة، فمات أيضا، فدفنا جميعا.
وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء، وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما؟
فسألهما الأطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد.
فقال: إذا جاع الواحد منّا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا دواء مسهلا، انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط، ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة.
فنظروا فإذا لهما جوف واحد، وسرّة واحدة، ومعدة واحدة، وكبد واحد، وطحال واحد، وليس [في موضع] الالتصاق، أضلاع، فعلموا أنّهما إن فصلا تلفا.
ووجدوا لهما ذكرين، وأربع بيضات.
وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر، فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا كلّم الآخر، أيّاما، ثم يصطلحان.
المنتظم 7/17(4/241)
119 القاضي عمر بن أكثم جلس يقضي في الموضع الذي جلس فيه جد أبيه قبل مائة عام
أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
لما افتتح المطيع لله «3» ، والأمير معز الدولة أحمد بن بويه «4» ، البصرة، في شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلاثمائة «5» ، خرج القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله «6» ، إلى البصرة، مهنئا لهما، وكان يكتب له على الحكم، أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد بن حبان بن بشر الأسدي «7» .
وحبان رجل من جلّة المسلمين، تقلّد القضاء في نواحي كثيرة، وتقلّد أصبهان، ثم قلّد الشرقيّة.
وأبو بشر رجل من سروات الرجال، نشأ نشوءا حسنا، على حال صيانة تامة، ومعرفة ثاقبة، فقبل الحكام شهادته، ثم كتب للقضاة.
فاستخلفه القاضي أبو السائب، عند خروجه، على الجانب الشرقي «8» ،(4/242)
تم جمع البلد «1» لأبي السائب، وهو بالبصرة مع المطيع، فكتب بذلك إلى الحضرة «2» واستخلفه على بغداد بأسرها.
فتجمّل القضاء بموضعه، وأجرى الأمور مجاريها، وأصدرها مصادرها، وواصل الجلوس، ولم يحتجب عن الخصوم، وأجهد نفسه في الصبر على كبار الأمور، غير برم، ولا ضجر، فظهر منه خشونة «3» ، فانحسم عنه الطمع، واعتقد أهل الأقدار مودّته، وبثّوا في الناس شكره وذكره.
ثم أصعد القاضي أبو السائب إلى الحضرة، ونظر في الأمور بنفسه، وعاد أبو بشر إلى كتابته.
قال طلحة: نظرت في التاريخ، فإذا القاضي أبو بشر عمر بن أكثم ابن أحمد بن حبان قد جلس في الشرقيّة، في الموضع الذي جلس فيه، حبان بن بشر، جدّ أبيه، بعد مائة سنة.
قلت: لم يزل عمر بن أكثم على كتابة أبي السائب، إلى أن مات أبو السائب، وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة خمسين وثلاثمائة، فأقرّ عمر بن أكثم على خلافته، إلى أن قلّد قضاء القضاة أبو العباس بن أبي الشوارب «4» في شعبان من هذه السنة «5» ، ثم عزل في سنة اثنتين وخمسين «6» ، وقلّد أبو بشر، قضاء القضاة، في رجب من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة «7» ، فلم(4/243)
يزل يتولاه إلى أن صرف عنه، في شعبان في سنة ست وخمسين «1» ، ولازم منزله إلى أن توفي.
فكانت مدّة تقلده قضاء القضاة، إلى أن صرف عنه، أربع سنين وأيّاما.
ذكر لي ذلك التنوخي.
تاريخ بغداد 11/249(4/244)
120 الشاعر المتنبي لا يفصح عن نسبه
قال المحسّن «1» :
سألت المتنبي «2» عن نسبه، فما اعترف لي به، وقال: أنا رجل أخبط القبائل، وأطوي البوادي وحدي، ومتى انتسبت، لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي أنتسب إليها.
وما دمت غير منتسب إلى أحد، فأنا أسلم على جميعهم.
المنتظم 7/25(4/245)
121 المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرة واحدة
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي قال:
كان المتنبي، وهو صبي، ينزل في جواري بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلّة.
ونشأ هو محبّا للعلم والأدب، وصحب الأعراب، فجاءنا بعد سنين بدويّا قحّا، وكان تعلّم الكتابة والقراءة، وأكثر من ملازمة الورّاقين.
فأخبرني ورّاق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان.
قلت له: كيف؟
قال: كان اليوم عندي، وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي، نحو ثلاثين ورقة، ليبيعه، فأخذ ينظر إليه طويلا.
فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، وإن كنت تريد حفظه، فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر.
فقال له: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة، ما لي عليك؟
قال: أهب لك الكتاب.
قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه عليّ إلى آخره، ثم استلمه، فجعله في كمّه.
فقام صاحبه وتعلّق به، وطالبه بالثمن.(4/246)
فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي.
فمنعناه منه، وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام.
فتركه عليه.
المنتظم 7/25
122 المتنبي وادعاؤه النبوة
قال المحسّن:
اجتمعت بعد موت المتنبي بسنين، مع القاضي أبي الحسن بن أمّ شيبان الهاشمي «1» ، وجرى ذكر المتنبي، فقال:
كنت أعرف أباه بالكوفة، شيخا يسمى عبدان، يستقي على بعير له، وكان جعفيّا «2» صحيح النسب.
قال: وكان المتنبي لما خرج إلى كلب «3» ، فأقام فيهم، ادّعى أنّه علويّ حسنيّ، ثم ادّعى بعد ذلك النبوّة، ثم عاد يدعي أنّه علويّ، إلى أن شهد عليه بالشام، بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرا طويلا، وأشرف على القتل، ثم استتيب، وأشهد عليه بالتوبة، وأطلق.
المنتظم 7/25(4/247)
123 كيف قتل المتنبي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ «2» ، قال: حدّثني علي بن أيّوب «3» ، قال:
خرج المتنبي من بغداد «4» إلى فارس «5» ، فمدح عضد الدولة «6» ، وأقام عنده مديدة «7» ، ثم رجع من شيراز «8» يريد بغداد، فقتل بالطريق بالقرب(4/248)
من النعمانيّة «1» ، في شهر رمضان، وقيل في شعبان، من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة «2» ، وفي سبب قتله ثلاثة أقوال:
أحدها: إنّه كان معه مال كثير، فقتله العرب لأخذ ماله، فذكر بعض العلماء، انّه وصل إليه من عضد الدولة، أكثر من مائتي ألف درهم، بقصيدته التي قال فيها:
ولو أنّي استطعت حفظت طرفي ... فلم أبصر به حتى أراكا
وفي آخرها:
وأنّى شئت يا طرقي فكوني ... أذاة أو نجاحا أو هلاكا
فجعل قافية البيت «الهلاك» فهلك.
وذلك أنّه ارتحل عن شيراز، بحسن حال، وكثرة مال، ولم يستصحب خفيرا، فخرج عليه أعراب، فحاربهم، فقتل هو، وابنه محسّد، وبعض غلمانه، وفاز الأعراب بأمواله، وكان قتله، بشط دجلة، في موضع يعرف بالصافية «3» ، يوم الأربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
واسم قاتله: فاتك بن أبي جهل الأسدي.
والقول الثاني: إنّ سبب قتله، كلمة قالها عن عضد الدولة، فدسّ عليه من قتله.(4/249)
وذكر مظفر بن عليّ الكاتب «1» ، قال: اجتمعت برجل من بني ضبّة، يكنى أبا رشيد، فذكر انّه حضر قتل المتنبي، وكان صبيّا، حين راهق حينئذ.
وكان المتنبي قد وفد على عضد الدولة، وهو بشيراز، ثم صحبه إلى الأهواز، فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاث كسى، في كلّ كسوة سبع قطع، وثلاثة أفراس، بسروج محلاة، ثم دسّ عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة ابن حمدان؟
فقال المتنبي: هذا أجزل إلّا أنّه عطاء متكلّف، وكان سيف الدولة يعطي طبعا.
فاغتاظ عضد الدولة، لمّا نقل إليه هذا، وأذن لقوم من بني ضبّة، في قتله، إذا انصرف.
قال: فمضيت مع أبي، وكنّا في ستّين راكبا، فكنّا في واد، فمّر في الليل، ولم نعلم به، فلمّا أصبحنا، تبعنا أثره، فلحقناه، وقد نزل تحت شجرة كمّثرى، وعندها عين، وبين يديه سفرة طعام.
فلما رآنا قام، ونادى: هلمّوا وجوه العرب، فلم يجبه أحد، فأحسّ بالداهية، فركب ومعه ولده، وخمسة عشر غلاما له، وجمعوا الرحال، والجمال، والبغال، فلو ثبت مع الرجالة لم نقدر عليه، ولكنه برز الينا يطاردنا.
قال: فقتل ولده، وأحد غلمانه، وانهزم يسيرا، فقال له غلام له:
أين قولك؟:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم(4/250)
فقال له: قتلتني، قتلك الله، والله، لا انهزمت اليوم، ثم رجع كارّا علينا، فطعن زعيمنا في عنقه، فقتله، واختلفت عليه الرماح، فقتل.
فرجعنا إلى الغنائم، وكنت جائعا، فلم يكن لي همّ إلّا السفرة، فأخذت آكل منها.
فجاء أبي، فضربني بالسوط، وقال: الناس في الغنائم، وأنت مع بطنك؟ اكفأ ما في الصحاف، وأعطنيها، فكفأت ما فيها، ودفعتها إليه، وكانت فضّة، ورميت الفراخ والدجاج في حجري.
والقول الثالث: إنّ المتنبي هجا ضبّة الأسدي، فقال:
ما أنصف القوم ضبّة ... وأمّه الطرطبّة
فبلغته، فأقام له في الطريق من قتله، وقتل ولده، وأخذ ما معه، وكان ضبّة يقطع الطريق «1» .
المنتظم 7/26- 28(4/251)
124 بحث في آل الكرخي
حدّث أبو عليّ المحسّن قال: القاسم بن علي بن محمد الكرخي «1» ، وأخوه أبو أحمد «2» ، وابناه جعفر «3» ومحمد «4» ، تقلّدوا الدنيا.
لأنّ القاسم تقلّد كور الأهواز «5» ، وتقلّد مصر «6» والشام «7» ، وتقلّد ديار ربيعة «8» .
وتقلّد ابنه جعفر كور الأهواز، وتقلّد فارس «9» وكرمان «10» وتقلّد الثغور «11» ، وأشياء أخر.
وتقلد أبو جعفر محمد بن القاسم الجبل «12» ، وديوان السواد «13» ، دفعات،(4/252)
وقطعة من المشرق كبيرة «1» ، وتقلّد البصرة «2» والأهواز مجموعة، ثم تقلّد عدّة دواوين كبار جليلة بالحضرة «3» ، ثم تقلّد الوزارة للراضي «4» ، ثم الوزارة للمتّقي «5» .
وإذا أضيف إليهم من تقلّد من وجوه أهلهم وكبارهم، لم يخل بلد جليل، من أن يكون واحد منهم تقلّده.
وإنّما سموا الكرخيّين، لأنّ أصلهم من ناحية الرستاق الأعلى بالبصرة من عراص المفتح «6» تعرف بالكرخ «7» باقية إلى الآن، إلا أنّها كالخراب، لشدّة اختلالها.
وقد تقلّد البصرة غير واحد منهم، وقطعا من الأهواز، تقلّد البصرة أبو أحمد أخو القاسم الكرخي، وتقلّد مصر أيضا.
وتقلّد قطعة من الأهواز، في أيام السلطان، أبو جعفر الكرخي المعروف بالجرو، وهذا الرجل مشهور بالجلالة فيهم قديما، وكان مقيما بالبصرة، وشاهدته أنا، وهو شيخ كبير، وقد اختلّت حاله، فصار يلي الأعمال الصغار، من قبل عمّال البصرة.(4/253)
وكان أبو القاسم ابن أبي عبد الله البريديّ «1» ، لما ملك البصرة، صادره على مال أفقره، وسمّر يديه في حائط، وهو قائم على كرسيّ، فلما سمّرت يداه بالمسامير في الحائط، نحّي الكرسي من تحته، وسلّت أظافيره، وضرب لحمه بالقصب الفارسي «2» ، ولم يمت، ولا زمن، ورأيته بعد ذلك بسنين صحيحا.
ولا عيب فيهم، إلّا ما كانوا يرمون به من الغلّو، فإنّ القاسم وولديه، استفاض عنهم، أنّهم كانوا مخمّسة، يعتقدون أنّ عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين، ومحمد صلوات الله عليه، خمسة أشباح أنوار قديمة، لم تزل، ولا تزال، إلى غير ذلك من أقوال هذه النحلة، وهي مقالة مشهورة.
وكان القاسم ابنه، من أسمح من رأينا في الطعام، وأشدهم حرصا على المكارم، وقضاء الحاجات.
وكان لأبي جعفر، محمد بن القاسم، على ما بلغني، في غير عمل تقلّده وخرج إليه، ستمائة دابّة وبغل، ونيف وأربعون طبّاخا.
ثم آلت حاله في آخر عمره إلى الفقر الشديد، ومات بعد سنة 340 في منزله ببغداد.
معجم البلدان 4/253(4/254)
125 ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي
أنبأنا محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا عليّ بن أبي عليّ، عن أبيه، قال:
ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي «1» ، وسمعت من يقول: إنّه يحفظ مائتي ألف حديث، ويجيب في مثلها، إلّا أنّه كان يفضل الحفاظ، بأنّه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفّاظ يتسمّحون في ذلك، وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع «2» ، والمرسل «3» ، والحكايات، ولعله يحفظ من هذا، قريبا ممّا يحفظ من الحديث المسند «4» .
وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث، وثقات الرجال، ومعتلّهم، وضعفائهم، وأساميهم، وأنسابهم، وكناهم، ومواليدهم، وأوقات وفاتهم، ومذاهبهم، وما يطعن به على كل واحد، وما يوصف به من السداد.
وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه، حتى لم يبق في زمانه من يتقدّمه فيه في الدنيا.
المنتظم 7/37 تاريخ بغداد 3/28(4/255)
126 من شعر أبي نصر القاضي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: حدّثني التنوخي، قال: أنشدني أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «3» ، قال: أنشدني أبو نصر يوسف بن عمر القاضي «4» لنفسه:
يا محنة الله كفّي ... إن لم تكفّي فخفّي
ما آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفّي
ذهبت أطلب بختي ... فقيل لي قد توفّي
ثور ينال الثريّا ... وعالم متخفّي
الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفي
المنتظم 7/42(4/256)
127 من شعر الزاهي
أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا محمد بن عبيد الله بن حمدان الكاتب النصيبي «1» ، قال:
أنشدني علي بن إسحاق بن خلف، الزاهي البغدادي القطان «2» ، لنفسه، وكان دكانه في قطيعة الربيع «3» :
قم نهنّي عاشقين ... أصبحا مصطلحين
جمعا بعد فراق ... فجعا منه وبين
ثم عادا في سرور ... من صدود آمنين
فهما روح ولكن ... ركبت في جسدين
قال لي التنوخي: مات الزاهي بعد سنة ستين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد 11/350 المنتظم 7/59(4/257)
128 من شعر أبي فراس الحمداني
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، ومحمد بن ناصر، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أنشدنا القاضي عليّ بن المحسّن التنوخي، قال أنشدنا أبو الفرج بن الببغاء «1» ، قال:
أنشدنا أبو فراس «2» ، وكتب بها إلى غلامين له، وهو مأسور:
هل تحسّان لي رفيقا رفيقا ... يحفظ الود «3» أو صديقا صديقا
لا رعى الله يا حبيبي «4» دهرا ... فرّقتنا صروفه تفريقا «5»
كنت مولاكما وما كنت إلّا ... والدا محسنا وعمّا شفيقا
بتّ أبكيكما وإنّ عجيبا ... أن يبيت الأسير يبكي الطليقا
فاذكراني وكيف لا تذكراني ... كلّ ما استخون الصديق الصديقا «6»
المنتظم 7/69(4/258)
129 عضد الدولة ينفق عشرة ملايين درهم على بناء دار وإنشاء بستان
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: حدّثني القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن، قال: سمعت أبي «3» يقول:
ماشيت الملك عضد الدولة «4» في دار المملكة بالمخرّم «5» ، التي كانت دار سبكتكين «6» حاجب معزّ الدولة «7» من قبل، وهو يتأمّل ما عمل، وهدم منها، وقد كان أراد أن يزيد في الميدان السبكتكيني أذرعا ليجعله بستانا، ويردّ بدل التراب رملا، ويطرح التراب تحت الروشن «8» على دجلة، وقد ابتاع دورا كثيرة، كبارا وصغارا، ونقضها، ورمى حيطانها بالفيلة، تخفيفا للمؤونة، وأضاف عرصاتها إلى الميدان، وكانت مثل الميدان دفعتين، وبنى على الجميع مسنّاة «9» .
فقال لي في هذا اليوم، وقد شاهد ما شاهد: تدري أيّها القاضي، كم(4/259)
أنفق على ما قلع من التراب إلى هذه الغاية، وبناء هذه المسناة، مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف؟
قلت: أظنّه شيئا كثيرا.
فقال لي: هو إلى وقتنا هذا، تسعمائة ألف درهم صحاحا، ويحتاج إلى مثلها دفعة أو دفعتين، حتى يتكامل قلع التراب، ويحصل موضعه الرمل موازيا لوجه البستان.
فلمّا فرغ من ذلك، وصار البستان أرضا بيضاء لا شيء فيها من غرس ولا نبات، قال: قد أنفق على هذا، حتى صار كذا، أكثر من ألفي ألف درهم.
ثم فكّر في أن يجعل شرب البستان، من دواليب ينصبها على دجلة، فأعلم أنّ الدواليب لا تكفي، فأخرج المهندسين إلى الأنهار التي في ظاهر الجانب الشرقيّ من مدينة السلام، ليستخرجوا منها نهرأ يسيح ماؤه إلى داره، فلم يجدوا ما أرادوه إلّا في نهر الخالص «1» ، فعلّى الأرض بين البلد وبينه تعلية أمكن معها أن يجري الماء على قدر، من غير أن يحدث به ضرر، وعمل تليّن عظيمين، يساويان سطح ماء الخالص، ويرتفعان عن أرض الصحراء أذرعا، وشقّ في وسطهما نهرا جعل له خورين «2» من جانبيه، وداس الجميع بالفيلة، دوسا كثيرا، حتى قوي، واشتد، وصلب، وتلبّد، فلما بلغ إلى منازل البلد، وأراد سوق النهر إلى داره، عمد إلى دور السلسلة، فدكّ أرضها دكّا قويا، ورفع أبواب الدور، ووثّقها، وبنى جوانب(4/260)
النهر، على طول البلد، بالآجر، والكلس والنورة، حتى وصل الماء إلى الدار، وسقى البستان.
قال أبي: وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء إليه، على ما سمعته من حواشي عضد الدولة، خمسة آلاف ألف درهم.
ولعلّه قد أنفق على أبنية الدار- على ما أظنّ- مثل ذلك.
وكان عضد الدولة، عازما على أن يهدم الدور التي بين داره، وبين الزاهر «1» ، ويصل الدار بالزاهر، فمات قبل ذلك.
المنتظم 7/78 و 79 تاريخ بغداد 1/105(4/261)
130 المؤلف يخطب في عقد قران الخليفة الطائع على ابنة عضد الدولة
في يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذي القعدة سنة 369 هـ. تزوّج الطائع لله «1» ، بنت عضد الدولة الكبرى «2» ، وعقد العقد بحضرة الطائع، وبمشهد من الأشراف والقضاة والشهود، ووجوه الدولة، على صداق مبلغه مائة ألف دينار «3» ، وفي رواية مائتي ألف دينار، والوكيل عن عضد الدولة في العقد، أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي «4» ، والخطيب القاضي أبو عليّ المحسّن بن علي التنوخي «5» .
المنتظم 7/101(4/262)
131 رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد ابن بكر البسطامي «1» ، قال: حدّثنا بن دريد «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى العكلي، عن ابن أبي خالد، عن الهيثم بن عدي، قال:
كان لعمرو بن دويرة السحمي، أخ قد كلف بابنة عمّ له، كلفا شديدا، وكان أبوها يكره ذلك، ويأباه، فشكا إلى خالد بن عبد الله القسري «3» ، وهو أمير العراق، أنّه يسيء جواره، فحبسه، فسئل خالد في أمر الفتى، فأطلقه.
فلبث الفتى مدّة، كافّا عن ابنة عمّه، ثم زاد ما في قلبه، وغلب عليه الحب، فحمل نفسه على أن تسوّر الجدار إليها، وحصل الفتى معها.
فأحسّ به أبوها، فقبض عليه، وأتى به خالد بن عبد الله القسري، وادّعى عليه السّرق، وأتاه بجماعة يشهدون أنّهم وجدوه في منزله ليلا، وقد دخل دخول السّراق.
فسأل خالد الفتى، فاعترف بأنّه دخل يسرق، ليدفع بذلك الفضيحة عن ابنة عمّه، مع أنّه لم يسرق شيئا.(4/263)
فأراد خالد أن يقطعه، فرفع عمرو أخوه إلى خالد رقعة فيها:
أخالد قد والله أوطئت عشوة ... وما العاشق المظلوم فينا بسارق
أقرّ بما لم يقترفه لأنّه ... رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق
ولولا الذي قد خفت من قطع كفّه ... لألفيت في أمر لهم غير ناطق
إذا مدّت الغايات في السبق للعلى ... فأنت ابن عبد الله أوّل سابق
وأرسل خالد، مولى له، يسأل عن الخبر، ويتجسّس عن جلية الأمر، فأتاه بتصحيح ما قال عمرو في شعره.
فأحضر الجارية، وأمر بتزويجها من الفتى، فامتنع أبوها، وقال: ليس هو بكفؤ لها.
قال: بلى، والله، إنّه لكفؤ لها، إذ بذل يده عنها، ولئن لم تزوّجها، لأزوّجنه إيّاها وأنت كاره.
فزوّجه، وساق خالد المهر عنه من ماله.
فكان يسمى العاشق، إلى أن مات «1» .
مصارع العشاق 2/197(4/264)
132 إلى غزال من بني النصارى
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله، سنة 443، قال:
حدّثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري «1» قال: أنشدنا أبو القاسم مدرك بن محمد الشيباني «2» ، لنفسه في عمرو النصراني «3» :
قال القاضي أبو الفرج: وقد رأيت عمرا، وبقي حتى ابيضّ رأسه.(4/265)
من عاشق ناء هواه دان ... ناطق دمع صامت اللسان
موثق قلب مطلق الجثمان ... معذب بالصدّ والهجران
من غير ذنب كسبت يداه ... غير هوى نمت به عيناه
شوقا إلى رؤية من أشقاه ... كأنّما عافاه من أضناه
يا ويحه من عاشق ما يلقى ... من أدمع منهلّة ما ترقى
ناطقة وما أحارت نطقا ... تخبر عن حبّ له استرقّا «1»
لم يبق منه غير طرف يبكي ... بأدمع مثل نظام السلك
تطفيه نيران الهوى وتذكي ... كأنّها قطر السماء تحكي
إلى غزال من بني النصارى ... عذار خدّيه سبى العذارى
وغادر الأسد به حيارى ... في ربقة الحب له أسارى
ريم بدار الروم «2» رام قتلي ... بمقلة كحلاء لا عن كحل(4/266)
وطرّة «1» بها استطار عقلي ... وحسن وجه وقبيح فعل
ريم به أيّ هزبر لم يصد ... يقتل باللحظ ولا يخشى القود «2»
متى يقل: ها، قالت الألحاظ: قد ... كأنّه ناسوته حين اتّحد
ما أبصر الناس جميعا بدرا ... ولا رأوا شمسا وغصنا نضرا
أحسن من عمرو فديت عمرا ... ظبي بعينيه سقاني الخمرا
ها أنا ذا بقدّه مقدود ... والدمع في خدّي له أخدود
ما ضرّ من فقدي به موجود ... لو لم يقبّح فعله الصدود
إن كان ديني عنده الإسلام ... فقد سعت في نقضه الآثام
واختلّت الصلاة والصيام ... وجاز في الدين له الحرام
يا ليتني كنت له صليبا «3» ... أكون منه أبدا قريبا
أبصر حسنا وأشمّ طيبا ... لا واشيا أخشى ولا رقيبا
يا ليتني كنت له قربانا «4» ... ألثم منه الثغر والبنانا
أو جاثليقا «5» كنت أو مطرانا «6» ... كيما يرى الطاعة لي إيمانا(4/267)
يا ليتني كنت لعمرو مصحفا «1» ... يقرأ مني كلّ يوم أحرفا
أو قلما يكتب بي ما ألّفا ... من أدب مستحسن قد صنّفا
يا ليتني كنت لعمرو عوذه «2» ... أو حلّة يلبسها مقذوذه «3»
أو بركة «4» باسمه مأخوذه ... أو بيعة «5» في داره منبوذه
يا ليتني كنت له زنّارا «6» ... يديرني في الخصر كيف دارا
حتى إذا الليل طوى النهارا ... صرت له حينئذ إزارا
قد والذي يبقيه لي أفناني ... وابتزّ عقلي والضنى كساني
ظبي على البعاد والتداني ... حلّ محلّ الروح من جثماني
واكبدي من خده المضرّج «7» ... واكبدي من ثغره المفلّج «8»
لا شيء مثل الطرف منه الأدعج «9» ... أذهب للنسك وللتحرّج
إليك أشكو يا غزال الأنس ... ما بي من الوحشة بعد الأنس
يا من هلالي وجهه وشمسي ... لا تقتل النفس بغير نفس(4/268)
جد لي كما جدت بحسن الودّ ... وارع كما أرعى قديم العهد
واصدد كصدّي عن طويل الصدّ ... فليس وجد بك مثل وجدي
ها أنا في بحر الهوى غريق ... سكران من حبّك لا أفيق
محترق ما مسّني حريق ... يرثي لي العدو والصديق
فليت شعري فيك هل ترثي لي ... من سقم بي مضّني طويل
أم هل إلى وصلك من سبيل ... لعاشق ذي جسد نحيل
في كلّ عضو منه سقم وألم ... ومقلة تبكي بدمع وبدم
شوقا إلى شمس وبدر وصنم ... منه إليه المشتكى إذا ظلم
أقول إذ قام بقلبي وقعد ... يا عمرو، يا عامر قلبي بالكمد
أقسم بالله يمين المجتهد ... أنّ امرأ أسعدته لقد سعد
يا عمرو ناشدتك بالمسيح «1» ... إلّا استمعت القول من فصيح
يخبر عن قلب له جريح ... باح بما يلقى من التبريح «2»
يا عمرو بالحقّ من اللاهوت «3» ... والروح روح القدس «4» والناسوت «5»(4/269)
ذاك الذي في مهده المنحوت ... عوّض بالنطق من السكوت «1»
بحق ناسوت ببطن مريم «2» ... حل محل الريق منها في الفم
ثم استحال في قنوم الأقدم ... فكلم الناس ولمّا يفطم
بحق من بعد الممات قمّصا ... ثوبا على مقداره ما قصّصا «3»
وكان لله تقيّا مخلصا ... يشفي ويبري أكمها وأبرصا «4»
بحق محيي صورة الطيور ... وباعث الموتى من القبور «5»
ومن إليه مرجع الأمور ... يعلم ما في البرّ والبحور
بحق ما في شامخ الصوامع «6» ... من ساجد لربه وراكع
يبكي إذا ما نام كل هاجع ... خوفا إلى الله بدمع هامع «7»
بحق قوم حلقوا الرؤوسا ... وعالجوا طول الحياة بوسى
وقرعوا في البيعة الناقوسا ... مشمعلين «8» يعبدون عيسى(4/270)
بحق ماري مريم «1» وبولس «2» ... بحق شمعون الصفا «3» وبطرس «4»
بحق دانيل «5» بحق يونس «6» ... بحق حزقيل «7» وبيت المقدس «8»
ونينوى إذ قام يدعو ربّه ... مطهّرا من كل سوء قلبه
ومستقيلا فأقال ذنبه ... ونال من أبيه ما أحبّه
بحقّ ما في قلّة الميرون «9» ... من نافع الأدواء للمجنون
بحق ما يؤثر عن شمعون ... من بركات الخوص والزيتون «10»(4/271)
بحق أعياد الصليب الزهر «1» ... وعيد شمعون «2» وعيد الفطر «3»
وبالشعانين «4» العظيم القدر ... وعيد مرماري «5» الرفيع الذكر
وعيد إشعيّا «6» وبالهياكل «7» ... والدخن «8» اللاتي بكفّ الحامل
يشفى بها من خبل كل خابل ... ومن دخيل السقم في المفاصل
بحق سبعين من العبّاد «9» ... قاموا بدين الله في البلاد
وأرشدوا الناس إلى الرشاد ... حتى اهتدى من لم يكن بهاد
بحق ثنتى عشرة من الأمم «10» ... ساروا إلى الأقطار يتلون الحكم
حتى إذا صبح الدجى جلّى الظلم ... صاروا إلى الله وفازوا بالنعم
بحقّ ما في محكم الإنجيل ... من محكم التحريم والتحليل(4/272)
وخبر ذي نبإ جليل ... يرويه جليل قد مضى عن جيل
بحق مرقس «1» الشفيق الناصح ... بحق لوقا «2» ذي الفعال الصالح
بحقّ يوحنّا الحليم «3» الراجح ... والشهداء بالفلا الصحاصح «4»
بحقّ معموديّة الأرواح «5» ... والمذبح «6» المشهور في النواحي
ومن به من لابس الإمساح «7» ... وعابد باك ومن نوّاح
بحق تقريبك «8» في الآحاد ... وشربك القهوة كالفرصاد «9»
وطول تبييضك للأكباد ... بما بعينيك من السواد
بحق ما قدّس شعيا فيه ... بالحمد لله وبالتنزيه(4/273)
بحق نسطور «1» وما يرويه ... عن كل ناموس له فقيه
شيخان كانا من شيوخ العلم ... وبعض أركان التقى والحلم
لم ينطقا قط بغير فهم ... موتهما كان حياة الخصم
بحرمة الأسقف «2» والمطران «3» ... والجاثليق «4» العالم الربّاني
والقس «5» والشمّاس «6» والديراني «7» ... والبطرك الأكبر «8» والرهبان «9»
بحرمة المحبوس في أعلى الجبل «10» ... ومار «11» قولا حين صلى وابتهل
وبالكنيسات القديمات الأول ... وبالسليح «12» المرتضى بما فعل(4/274)
بحرمة الأسقوفيا «1» والبيرم «2» ... وما حوى مغفر رأس مريم
بحرمة الصوم الكبير الأعظم ... وحق كل بركة ومحرم
بحق يوم الدنح «3» ذي الإشراق ... وليلة الميلاد «4» والسلاق «5»
والذهب المذهب للنفاق ... والفصح «6» ، يا مهذّب الأخلاق
بكل قداس «7» على قداس ... قدّسه القس مع الشمّاس
وقرّبوا يوم الخميس الناسي «8» ... وقدموا الكاس لكل حاسي
إلّا رغبت في رضا أديب ... باعده الحبّ عن الحبيب
فذاب من شوق إلى المذيب ... أعلى مناه أيسر التقريب
فانظر أميري في صلاح أمري ... محتسبا فيّ عظيم الأجر
مكتسبا فيّ جميل الشكر ... في نثر ألفاظ ونظم شعر
مصارع العشاق 2/170(4/275)
133 أقبل الفم الذي قال: لا إله إلا الله
أنبأنا التنوخي علي بن المحسن، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال:
حدّثني نفطويه «1» ، قال: حدّثني إدريس بن إدريس، قال:
حضرت بمصر قوما من الصوفيّة، وعندهم غلام أمرد يغنّيهم، فغلب رجل منهم على أمره، فلم يدر ما يصنع. فقال: يا هذا، قل لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله.
فقال: أقبّل الفم الذي قال لا إله إلا الله «2» .
مصارع العشاق 2/292(4/276)
134 أمست فتاة بني نهد علانية
أخبرنا «1» أبو بكر أحمد بن عليّ «2» بالشام، بقراءتي عليه، أخبرنا عليّ ابن أبي علي البصريّ «3» قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «4» ، قال: حدّثنا جحظة «5» ، قال:
كنت بحضرة الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر «6» ، فاستؤذن عليه للزبير ابن بكار «7» ، حين قدم من الحجاز، فلما دخل عليه، أكرمه، وعظّمه.
وقال له: لئن باعدت بيننا الأنساب لقد قرّبت بيننا الآداب، وإنّ أمير المؤمنين «8» ذكرك، فاختارك لتأديب ولده «9» ، وأمر لك بعشرة آلاف(4/277)
درهم، وعشرة تخوت «1» من الثياب، وعشرة بغال تحمل عليها رحلك «2» إلى حضرته بسر من رأى.
فشكره على ذلك، وقبله.
فلما أراد توديعه، قال له: أيها الشيخ، أما تزوّدنا حديثا نذكرك به؟
قال: أحدّثك بما سمعت أو بما شاهدت؟
قال: بل بما شاهدت.
فقال: بينا أنا في مسيري هذا بين المسجدين «3» ، إذ بصرت بحبالة «4» منصوبة فيها ظبي ميت، وبإزائه رجل على نعشه ميت، ورأيت امرأة حرّى، تسعى، وهي تقول:
يا خشن لو بطل، لكنّه أجل ... على الأثاية ما أودى بك البطل
يا خشن قلقل أحشائي وأزعجها ... وذاك يا خشن عندي كلّه جلل
أمست فتاة بني نهد علانية ... وبعلها في أكفّ القوم يبتذل
قد كنت راغبة فيه أظنّ به ... فحال من دون ضنّ الرغبة الأجل
قال: فلمّا خرج من حضرته، قال لنا محمد بن عبد الله بن طاهر، أيّ شيء أفدنا من الشيخ؟.
قلنا له: الأمير أعلم.
فقال: قوله: أمست فتاة بني نهد علانية، أي ظاهرة، وهذا حرف لم أسمعه في كلام العرب قبل هذا.
تاريخ بغداد 8/469 مصارع العشاق 2/56(4/278)
135 ما لمن ذاق ميتة من إياب
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن، فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا ابن أبي الدنيا «3» ، قال: حدّثني هارون بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب، قال: حدّثني إسحاق بن يعقوب مولى آل عثمان، عن أبيه، قال:
إنّا لبفناء دار عمرو بن عثمان «4» بالأبطح «5» ، صبح خامسة من التهاني «6» ، إذ درئت «7» برجل على راحلة، ومعه أداوة «8» جميلة، قد جنب إليها فرسا وبغلا، [ومعه رفيق له] ، فوقفا عليّ، فسألاني، فانتسبت لهما عثمانيا «9» ، فنزلا، وقالا: رجلان من أهلك «10» ، قد نابتنا إليك حاجة، نحبّ أن تقضيها(4/279)
قبل الشدّة بأمر الحاج.
قلت: فما حاجتكما؟
قالا: نريد إنسانا يوقفنا على قبر عبيد الله بن سريج «1» .
قال: فنهضت معهما، حتى بلغت محلة ابن أبي قارة، من خزاعة، بمكة، وهم موالي عبيد الله بن سريج، فالتمست لهما إنسانا يصحبهما، حتى يوقفهما على قبره بدسم «2» ، فوجدت ابن أبي دباكل، فأنهضته معهما.
فأخبرني ابن أبي دباكل، انّه لما وقفهما على قبره، نزل أحدهما عن راحلته، وهو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، ثم عقرها، واندفع يغني غناء الركبان «3» بصوت طليل «4» حسن:
وقفنا على قبر بدسم فهاجنا ... وذكّرنا بالعيش إذ هو مصحب «5»
فجالت بأرجاء الجفون سوافح ... من الدمع تستتلي التي تتعقّب
إذا أبطأت عن ساحة الخد ساقها ... دم بعد دمع إثره يتصبّب
فإن تسعدا نندب عبيدا بعولة ... وقلّ له منّا البكا والتحوّب «6»
فلما أتى عليها، نزل صاحبه، فعقر ناقته، وهو رجل من جذام، يقال له: عبيد الله بن المنتشر، فاندفع يتغنى غناء «7» الخلوات:(4/280)
فارقوني وقد علمت يقينا ... ما لمن ذاق ميتة من إياب
إنّ أهل الحصاب «1» قد تركوني ... موجعا مولعا بأهل الحصاب
أهل بيت تتابعوا للمنايا ... ما على الدهر بعدهم من عتاب
سكنوا الجزع «2» جزع بيت أبي موسى ... إلى الشعب «3» من صفيّ الشباب
كم بذاك الحجون «4» من حيّ صدق ... من كهول أعفّة وشباب
قال: ابن أبي دباكل: فو الله، ما أتمّ منها ثالثا، حتى غشي على صاحبه، ومضى غير معرّج عليه «5» ، حتى إذا فرغ، جعل ينضح الماء في وجهه، ويقول: أنت أبدا، منصوب على نفسك من كلفات ما ترى.
فلما أفاق قرّب إليه الفرس، فلما علاه، استخرج الجذاميّ، من خرج على البغل، قدحا، وأداوة، فجعل في القدح، ترابا من تراب القبر، وصب عليه ماء، ثم قال: هاك، فاشرب هذه السلوة «6» ، فشرب، ثم جعل الجذامي، مثل ذلك لنفسه، ثم نزا على البغل، وأردفني، فخرجنا، لا والله، ما يعرّجان، ولا يعرّضان بذكر شيء مما كانا فيه، ولا أرى في وجوههما مما كنت أرى قبل شيئا.(4/281)
قال: فلمّا اشتمل علينا أبطح مكة، مديده إليّ بشيء، وإذا عشرون دينارا.
فو الله، ما جلست حتى ذهبت ببعيري، واحتملت أداوى الراحلتين، فبعتهما بثلاثين دينارا.
مصارع العشاق 2/110
136 حديث بهرام جور وولده
أنبأنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن أحمد المازني الكاتب «1» ، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي «2» قال: حدّثنا عيسى بن محمد أبو ناظرة السدوسي، قال: حدّثني قبيصة بن محمد المهلبي، قال: أخبرني اليمان ابن عمرو، مولى ذي الرياستين «3» ، قال:
كان ذو الرياستين، يبعثني، ويبعث أحداثا من أحداث أهله، إلى شيخ بخراسان، له أدب، وحسن معرفة بالأمور، ويقول لنا: تعلّموا منه الحكمة، فإنّه حكيم، فكنّا نأتيه، فإذا انصرفنا من عنده، سألنا ذو(4/282)
الرياستين، واعترض ما حفظناه، فنخبره به.
فقصدنا ذات يوم إلى الشيخ، فقال: أنتم أدباء، وقد سمعتم، ولكم جدات «1» ونعم، فهل فيكم عاشق؟
فقلنا: لا.
فقال: اعشقوا، فإن العشق يطلق اللسان العييّ، ويفتح حيلة البليد والمخبّل «2» ، ويبعث على التنظّف وتحسين اللباس، وتطييب المطعم، ويدعو إلى الحركة والذكاء، ويشرّف الهمة، وإياكم والحرام.
فانصرفنا من عنده إلى ذي الرياستين، فسألنا عما أخذنا في يومنا ذاك، فهبنا أن نخبره، فعزم علينا، فقلنا: إنّه أمرنا بكذا وكذا.
قال: صدق والله، تعلمون من أين أخذ هذا؟
قلنا: لا.
قال: إنّ بهرام جور «3» كان له ابن «4» ، وكان قد رشحه للأمر من بعده، فنشأ الفتى ناقص الهمة، ساقط المروءة، خامل النفس، سيّء الأدب، فغمّه ذلك، ووكّل به المؤدبين، والمنجمين، والحكماء، ومن يلازمه ويعلّمه، وكان يسألهم عنه، فيحكون له ما يغمه من سوء فهمه، وقلّة أدبه.
إلى أن سأل بعض مؤدّبيه يوما، فقال له المؤدب: قد كنا نخاف سوء أدبه، فحدث من أمره، ما صيّرنا إلى اليأس من فلاحه.(4/283)
قال: وما ذاك الذي حدث؟
قال: رأى ابنة فلان المرزبان «1» ، فعشقها حتى غلبت عليه، فهو لا يهذي إلّا بها، ولا يتشاغل إلّا بذكرها.
فقال بهرام: الآن رجوت فلاحه.
ثم دعا بأبي الجارية، فقال له: إنّي مسرّ إليك سرّا، فلا يعدونّك، فضمن له ستره، فأعلمه أنّ ابنه، قد عشق ابنته، وانّه يريد أن ينكحها إيّاه، وأمره أن يأمرها بأطماعه في نفسها، ومراسلته من غير أن يراها، وتقع عينه عليها، فإذا استحكم طمعه فيها، تجنّت عليه، وهجرته، فإن استعتبها أعلمته انّها لا تصلح إلا لملك، ومن همّته همّته ملك، وانها تمنع من مواصلتها من لا يصلح للملك، ثم ليعلمه خبرها وخبره، ولا يطلعها على ما أسرّ إليه، فقبل أبوها ذلك منه.
ثم قال للمؤدّب الموكّل بولده: شجّعه على مراسلة المرأة، ففعل ذلك، وفعلت المرأة، ما أمرها به أبوها.
فلما انتهت إلى التجنّي عليه، وعلم الفتى السبب الذي كرهته له، أخذ في الأدب، وطلب الحكمة، والعلم، والفروسية، والرماية، وضرب الصوالجة، حتى مهر في ذلك، ثم رفع إلى أبيه، انّه محتاج إلى الدواب، والآلات، والمطاعم، والملابس، والندماء، إلى فوق ما تقدّم له، فسرّ الملك بذلك، وأمر له به.
ثم دعا مؤدّبه، فقال: إنّ الموضع الذي وضع به ابني نفسه من حيث هذه المرأة، لا يزري به، فتقدّم إليه أن يرفع إليّ أمرها، ويسألني أن أزوّجه إيّاها، ففعل، فرفع الفتى ذلك إلى أبيه، فدعا بأبيها، فزوّجها إيّاه، وأمر بتعجيلها إليه، وقال: إذا اجتمعتما فلا تحدث شيئا حتى أصبر إليك.(4/284)
فلما اجتمعا، صار إليه، فقال: يا بنيّ، لا يضعنّ منها عندك مراسلتها إيّاك، وليست في حبالك، فإنّي أنا أمرتها بذلك، وهي أعظم الناس منّة عليك، بما دعتك إليه من طلب الحكمة، والتخلّق بأخلاق الملوك، حتى بلغت الحدّ الذي تصلح معه للملك من بعدي، وزدها من التشريف والإكرام بقدر ما تستحقّ منك.
ففعل الفتى ذلك، وعاش مسرورا بالجارية، وعاش أبوه مسرورا به، وأحسن ثواب أبيها، ورفع مرتبته، وشرّفه بصيانة سرّه وطاعته، وأحسن جائزة المؤدب بامتثاله ما أمره، وعقد لابنه على الملك بعده.
قال اليماني، مولى ذي الرئاستين: ثم قال لنا ذو الرئاستين: سلوا الشيخ الآن، لم حملكم على العشق؟
فسألناه، فحدّثنا بحديث بهرام جور وابنه.
مصارع العشاق 2/21(4/285)
137 اللهم فرج ما ترى
أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدّثنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «2» ، قال: حدّثني إسحاق بن محمد بن أبان «3» ، قال: أخبرني بعض البصريين، قال:
مرّ أبو السائب المخزومي «4» بسوداء تستقي، وتسقي بستانا، فقال:
ويلك، ما لك؟ قالت: صديقي، عبد بني فلان، كان يحبّني وأحبّه، ففطن بنا، فقيّده مواليه، وصيّرني مولاي في هذا العمل.
فقال أبو السائب: والله، لا يجمع عليك ثقل الحبّ، وثقل ما أرى، وقام مقامها في الزرنوق «5» ، فكلّ الشيخ، وعرق، فجعل يمسح العرق، ويقول: اللهم فرّج ما ترى.
مصارع العشاق 2/17(4/286)
محتويات الكتاب
5 مقدمة المحقق
7 1 أبو العباس ثعلب يقول لما لا يدري، لا أدري
8 2 بين خالد الكاتب وإبراهيم بن المهدي
10 3 أبو الفرج الأصبهاني يجمع شعره بين إتقان العلماء وإحسان الشعراء
11 4 إجازة برواية قصيدة
12 5 أبو رياش القيسي وأبو محمد المافروخي، وكثرة ما يحفظان
13 6 أبو رياش القيسي يغضب من نسبة بيت شعر إليه
14 7 أبو محمد المافروخي الفأفاء، يفأفئ له ابن أحد خلفائه
15 8 بين القاضي أبي عمر الأزدي، والقاضي أبي جعفر بن البهلول
17 9 بين القاضي أبي جعفر بن البهلول وأبي جعفر الطبري
19 10 القاضي أبو جعفر بن البهلول، لا يخشى في القول الحق لومة لائم
23 11 القاضي أبو جعفر بن البهلول يطلب بين الصدر والقبر فرجة
28 12 القاضي أبو جعفر بن البهلول يكشف عن براءة الوزير ابن الفرات مما اتّهم به.
35 13 من شعر أبي الفتح بن المنجم
37 14 غلام يقتضي أن يكون أخا وصديقا(4/287)
39 15 جحظة البرمكي يفت لبنات وردان
40 16 أبو بكر بن الجراح عالم فارس
41 17 أبو عبد الله بن ثوابة، نهاية في الكتبة وحسن الكلام
42 18 فرات غاض من آل الفرات
43 19 عضد الدولة غلام أبي علي الفارسي في النحو
45 20 زورق ابن الخواستيني، يحمل ثلاثمائة ألف رطل
46 21 ابن أبي علان ومبالغاته
47 22 التنوخي يتحدث عن الحسن بن بشر الآمدي
49 23 لعن الله الدنيا
52 24 نعوذ بالله من الخيبة والخذلان
54 25 ابن الماشطة، صاحب كتاب جواب المعنت
56 26 من طريف أخبار العادات
57 27 خطيب يموت على المنبر
58 28 أبو الفرج بن هندو، كاتب الإنشاء في ديوان عضد الدولة
59 29 أبو الحسن الصائغ النحوي، أستاذ الجبائي
60 30 هذا بلاغ للناس ولينذروا به
61 31 بين الوزير ابن مقلة، والشاعر ابن بسام
62 32 بين ابن الفرات وخالد الكاتب
64 33 رسالة كتبها والد المؤلف
65 34 من شعر أبي الفتح بن المنجم
66 35 أبو معشر وعلم التنجيم
68 36 من إخوانيات الجاحظ
70 37 الوزير علي بن عيسى يقر بأنّه صنيعة الوزير ابن الفرات(4/288)
74 38 ابن دريد يكتب دروسه لتلامذته
75 39 القاضي التنوخي وقاطع الطريق
78 40 ابن سكّرة الهاشمي يهجو غلاما
79 41 عناية الوزير أبي محمد المهلبي بالتنوخي المؤلف
82 42 التنوخي المؤلف في مجلس أنس عضد الدولة
86 43 أبيات من نظم عضد الدولة
88 44 عضد الدولة يحتفل بتحوّل سنة شمسيّة من يوم مولده
93 45 لماذا سخط عضد الدولة على التنوخي المؤلف
102 46 أبو العباس النحوي يمدح أبا القاسم التنوخي والد المؤلف
103 47 المفجع الشاعر يلاطف القاضي أبا القاسم التنوخي
104 48 المفجع الشاعر يعاتب القاضي أبا القاسم التنوخي
105 49 من شعر أبي النضر الكندي
107 50 أبو مسلم الأصبهاني يكتب لمحمد بن زيد الداعي
108 51 الصلت بن مالك الشاري، يدعو الله أن يوقف المطر
109 52 من شعر ابن جمهور العمي
110 53 إنّه الله تبارك وتعالى
113 54 بشرك الله بالنار
114 55 أبو بكر الآدمي القارئ، يقرأ لابن أبي الساج
117 56 إبراهيم بن شبابة، يشكو فلا يجاب
118 57 عضد الدولة وإيمانه بالمنامات
123 58 أبو العلاء الكاتب، ووفاؤه للمهلبيّ
125 59 المعتضد والملاح القاتل
127 60 المدائني يثني على إسحاق الموصلي(4/289)
129 61 لو رضيته لما بعته
130 62 أبو سعيد القرمطي يبعث برسالة إلى المعتضد
133 63 الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان، يقلّد عليّ بن محمد قضاء القضاة
135 64 ابن أبي زيد يثني على عليّ بن عيسى الربعي
136 65 أبو خازم القاضي، وشدته في الحكم
138 66 أبو خازم القاضي أدّب شخصا فمات، فوداه من بيت المال
140 67 القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب، يتقلّب بين التولية والعزل
142 68 قاض متهم بالاسترشاء
143 69 الناشئ يشغف برقيبة
145 70 المقتدر والقرية الفضيّة
150 71 ما هو حد السكر؟
151 72 القاضي ابن أبي الشوارب يصاب بالفالج فيخلفه ابنه
152 73 ابن الراوندي
153 74 القاضي أبو خليفة واللص
154 75 كلبة ترضع طفلا
155 76 قاض ولايته ثلاثة أيام
156 77 استخلف على القضاء وله عشرون سنة
157 78 من مكارم أخلاق حامد بن العباس عامل واسط
159 79 حديث العلوية الزمنة
163 80 مائدة الوزير حامد بن العباس ينفق عليها في كل يوم مائتي دينار(4/290)
164 81 مبلغ ما صودر عليه الوزير أبو الحسن بن الفرات
165 82 أبو بكر بن السراج يتمثل بأبيات من الشعر حسنة
166 83 تفسير الآية (ومن دخله كان آمنا)
168 84 قرمطي يتحدث عن اعتقادات القرامطة
172 85 ابن العلاف الشاعر يجيز بيتا نظمه المعتضد
174 86 القاضي أبو عمر وعنايته في إصدار الأحكام
175 87 جزاء الخيانة
177 88 تاجر بغدادي آلى على نفسه أن يغسل يده أربعين مرة إذا أكل ديكبريكه
191 89 الشيخ بويه والرؤيا التي هالته
195 90 بين جحظة البرمكي ومحبرة بن أبي عبّاد الكاتب
198 91 ذنب جحظة إلى الزمان
199 92 المجنون الشاعر
200 93 المقتدر يستقضي الحسن بن عبد الله على مدينة المنصور
201 94 ثلاثة متقدمون لا يزاحمهم أحد
202 95 من شعر أبي نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع
203 96 خصومة بين قاض وشاهد، انتهت بالمصالحة
206 97 كلب يحرم نفسه من قوته، ويؤثر صاحبه على نفسه
208 98 الأمير جعفر بن ورقاء يعاتب القاضيين أبا عمر وأبا الحسين
210 99 الخليفة الراضي يبكي حزنا على قاضي القضاة
211 100 أبو بكر الأنباري، يملي من حفظه
212 101 اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات سحقت خلافته
214 102 الخليفة المتقي يستسقي(4/291)
216 103 وتقدرون فتضحك الأقدار
217 104 الأمير معز الدولة يشجع السعي والصراع والسباحة
220 105 فرار الناس من بغداد لما دخلها الديلم
222 106 الوزير علي بن عيسى يقول: ليتني تمنيت المغفرة
224 107 الزاهدة ابنة أبي الحسن المكّي
226 108 أبو عمر غلام ثعلب، من الرواة الذين لم ير أحفظ منهم
228 109 كلب يحمي صاحبه ممن أراد خنقه
229 110 لص يموت على النقب الذي نقبه
230 111 لا آمرك، ولكنّي شفيع
232 112 القاضي أبو جعفر بن البهلول يلي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة
233 113 أبو بكر الآدمي واجتماع الناس عليه عندما يقرأ القرآن
235 114 أبو بكر الآدمي يقرأ القرآن في بغداد، فتسمع قراءته في كلواذى
237 115 أبو جعفر بن بريّة يرى أبا بكر الآدمي في النوم
238 116 بين الأول والثاني مائة سنة، وهما في القعدد إلى المنصور سواء
239 117 إن الله لا يعذب من جاوز الثمانين
240 118 شقيقان ملتزقان من جانب واحد
242 119 القاضي عمر بن أكثم جلس يقضي في الموضع الذي جلس فيه جد أبيه قبل مائة عام
245 120 الشاعر المتنبي لا يفصح عن نسبه
246 121 المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرّة واحدة(4/292)
247 122 المتنبي وادعاؤه النبوة
248 123 كيف قتل المتنبي
252 124 بحث في آل الكرخي
255 125 ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي
256 126 من شعر أبي نصر القاضي
257 127 من شعر الزاهي
258 128 من شعر أبي فراس الحمداني
259 129 عضد الدولة ينفق عشرة ملايين درهم على بناء دار وإنشاء بستان
262 130 المؤلف يخطب في عقد قران الخليفة الطائع على ابنة عضد الدولة
263 131 رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق
265 132 إلى غزال من بني النصارى
276 133 أقبّل الفم الذي قال لا إله إلا الله
277 134 أمست فتاة بني نهد علانية
279 135 ما لمن ذاق ميتة من إياب
282 136 حديث بهرام جور وولده
286 137 اللهم فرّج ما ترى(4/293)
فهرس أسماء الأشخاص
(أ)
إبراهيم بن المهدي- العباسي، أبو إسحاق 8، 9
ابن أبرونا- أبو العلاء عيسى بن الحسين النصراني الكاتب 123، 124
ابن أحمد- أبو إسحاق، صاحب شرطة المتقي 213
ابن أحمد- أبو عمر إسماعيل، عامل البصرة 45
الاخباري- أبو الحسن أحمد بن محمد 68، 202
الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني النحوي 60، 129، 165
الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 47
إدريس بن إدريس 276
الآدمي- أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن يزيد بن عبد الملك القارىء 114، 233، 234، 235، 236، 237
الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد 133، 134، 229
الأزدي- أبو محمد الحسين بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف 203، 204
الأزدي- أبو بكر محمد بن واسع بن جابر 129
الأزدي- أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد 162، 235، 240
الأزدي- أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف 15، 203، 204، 205، 210، 256
الأزرق- أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق التنوخي
الأسدي- ضبّة- 251
الأسدي- فاتك بن أبي جهل، قاتل المتنبي 249، 251(4/294)
الأسدي- أبو المغيرة محمد بن يعقوب بن يوسف الشاعر البغدادي 105
إسماعيل- 142
إشعيا- النبي 272
الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن الشيباني 14، 155، 200
الأصبهاني- داود بن علي بن خلف الظاهري
الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي، صاحب الأغاني 10، 56، 57، 68، 117، 195، 229
الأصبهاني- أبو مسلم محمد بن بحر الكاتب 107
الأصبهاني- محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري
الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 153، 246
ابن الأعرابي- أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم 227
ابن أكثم- أبو بشر عمر بن أكثم بن حبان بن بشر الأسدي 242، 243
ابن الأكفاني- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 233
ابن الأكفاني- أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 201، 233
الآمدي- أبو القاسم الحسن بن بشر 12، 47
الأمين- عبد الوهاب 175
الأمين- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 9
الأنباري- علي بن حسان الكاتب 191
الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 211
الأندلسي- أبو زكريا يحيى بن مالك بن عائذ 57
الأنصاري- كعب بن مالك 114
(ب)
الباغندي- أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الأزدي الواسطي 113
الباهلي- قتيبة بن مسلم، القائد العربي 129(4/295)
الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي 45، 105، 258
البتول فاطمة الزهراء، بنت النبي محمد صلوات الله عليه
البتي- أبو الحسن أحمد بن علي، كاتب القادر بالله 256
البجلي- أبو القاسم عمر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد القاضي 113
البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 143
البخاري- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صاحب الجامع الصحيح 153
بختيار- أبو منصور عز الدولة بن أبي الحسين أحمد بن بويه 90، 99
البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك 196
البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريديين 75
البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أبي عبد الله أحمد بن محمد 254
البريديون- 39
بريرة- عتيقة أم المؤمنين عائشة 231
البزاز- أبو علي الحسن بن مكرم بن حسان 230
البزاز- أبو بكر محمد بن عبد الباقي، المعروف بابن أبي طاهر 114، 117، 125، 130، 145، 164، 166، 175، 177، 191، 211، 214، 217، 220، 224، 226، 229، 240، 255
ابن بسّام- أبو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور العبرتائي 61
البسطامي- أبو بكر محمد بن بكر، غلام ابن دريد، وزوج ابنته 263
ابن بشر- أبو الفرج منصور بن بشر النصراني الكاتب 45
ابن بطحاء- أبو إسحاق، محتسب المتقي 213
البغدادي- أبو القاسم الحسين بن علي 39
البغدادي، علي النحوي الربعي، أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى 107
البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز 233، 234(4/296)
ابن بقيّة- أبو طاهر، نصير الدولة، محمد بن محمد، وزير بختيار 99، 124
ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله القرشي الأسدي 277
ابن بكر- محمد، صاحب نسيم الجندي بنيسابور 206
ابن بكير- عبيد الله بن أحمد 224
بهرام جور- ملك فارس 283، 284
بولس- القديس 271
بويه- والد عماد الدولة علي، وركن الدولة الحسن، ومعز الدولة أحمد 191
(ت)
تجنّي- محظية الوزير أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي وأم أولاده 50، 51، 123، 162
التمّار- ابن الروّاس، جار أبي الحسن المكي بالبصرة 224
التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 15، 17، 19، 21، 22، 23، 24، 25، 28، 31، 232
التنوخي- القاضي أحمد بن علي 230
التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق 66، 70، 175، 214، 220
التنوخي- أبو القاسم علي بن الحسن التنوخي الشامي، من أهالي معرة النعمان، المعروف بابن جلباب 90
التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، ابن صاحب النشوار 8، 11، 23، 47، 52، 102، 110، 113، 114، 117، 125، 127، 129، 130، 133، 136، 138، 140، 142، 143، 145، 150، 151، 154، 155، 156، 164، 165، 166، 172، 174، 175، 176، 191، 195، 198، 199، 200، 201، 203، 206، 208، 210، 211، 212، 214، 216، 217، 220، 222، 224، 226، 227، 228، 229، 230، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 240، 242، 244، 246، 248، 254، 256، 257، 259، 263، 265، 276، 277، 279، 282، 286(4/297)
التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي، والد صاحب النشوار 13، 24، 64، 75، 93، 102، 103، 104، 105، 109، 125
التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن عليّ- صاحب النشوار 3، 5، 7، 10، 12، 13، 14، 16، 19، 25، 35، 37، 40، 41، 42، 43، 45، 46، 47، 49، 54، 56، 57، 59، 60، 62، 64، 65، 66، 70، 74، 75، 79، 82، 84، 86، 87، 88، 91، 93، 95، 98، 100، 106، 107، 109، 110، 114، 117، 118، 123، 125، 130، 138، 145، 152، 157، 176، 191، 195، 211، 212، 214، 216، 217، 220، 222، 224، 226، 229، 235، 245، 246، 247، 252، 254، 258، 259، 261، 262
التنوخي- أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول 17
التنوخي- أبو بكر الأزرق يوسف بن يعقوب بن إسحاق 66، 93
توزون- القائد التركي، أمير الأمراء 179، 212
التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي القاضي 286
(ث)
ابن ثابت- أبو العلاء النصراني 64
ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن يسار الشيباني 7، 11، 47، 227
ثمل- قهرمانة المقتدر 179
ابن ثوابة- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد 20، 41
ابن ثوابة- محمد بن جعفر بن محمد بن ثوابة، كان على ديوان الرسائل 41
(ج)
ابن جابر- أبو إسحاق الفقيه 174
الجاحظ- أبو عثمان، عمرو بن بحر 68، 69، 83(4/298)
الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد 59
جبر- صالح، رئيس وزراء عراقي 57
جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى البرمكي 8، 39، 195، 198، 277
ابن الجراح- أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل المعروف بالخزّاز 40
ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 72، 175
الجعابي- أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم بن البراء، قاضي الموصل 255
الجكار- أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف، صاحب ديوان الرسائل في بلاط عضد الدولة 89، 97، 98، 99
ابن جلباب التنوخي، أبو القاسم علي بن الحسن الشامي
الجمحي- أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله 153
ابن جني- أبو الفتح عثمان الموصلي 43
الجهرمي- أبو محمد، عيّن قاضيا خلفا للتنوخي صاحب النشوار 93
الجهشياري- أبو عبد الله محمد بن عبدوس الكوفي- صاحب كتاب الوزراء 34
ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 114، 152
الجوصي- أبو عمر 153
جوهر الصقلي- أبو الحسن جوهر بن عبد الله الرومي، باني القاهرة والجامع الأزهر 171
(ح)
الحارثي- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطي 168
حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 22، 28، 29، 30، 31، 33، 34، 54، 157، 158، 163
الحامض- أبو موسى سليمان بن محمد بن أحمد النحوي 47، 227
الحذاء- خالد بن مهران البصري الحافظ 230
الحرمي- نذير، خادم المقتدر 33(4/299)
حزقيل- النبي 271
الحسن- الإمام أبو محمد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 83، 160، 254
الحسن البصري- أبو سعيد بن يسار 7
الحسين- الإمام أبو عبد الله سبط الرسول وابن البتول، شهيد كربلا 83، 160، 170، 254
أبو الحسين- عمر بن محمد بن يوسف الأزدي 15، 156، 204، 208، 210
بنت حسينة- سلمة، مغنية عضد الدولة 82
ابن حفص- أبو اليقظان سحيم 154
الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 199
ابن الحلاج- مأمور التشريفات في بلاط عضد الدولة 97
ابن حماد- كاتب موسى بن خلف أمين الوزير ابن الفرات 29
الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان 220، 240، 241
الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 43، 53، 105، 250
الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 8
ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 39
ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن يحيى الخزاز 143، 199، 230، 286
(خ)
أبو خازم القاضي- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 136، 137، 138
الخازن- أحمد بن يحيى بن هبة الله 175
ابن خاقان- أبو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وزير المتوكل والمعتمد 133، 134
ابن خاقان- الفتح، وزير المتوكل 55
خالد الكاتب- أبو الهيثم خالد بن يزيد البغدادي 8، 62
ابن أبي خالد 263(4/300)
الخباز البلدي- أبو بكر محمد بن أحمد بن حمدان 82
الخرقي- القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق، قاضي المتقي 213
الخزاز- محمد بن العباس ابن حيويه
الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي 9
الخصيبي- أبو الحسين عبد الواحد بن محمد 136
الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 8، 40، 43، 110، 133، 136، 137، 150، 151، 156، 165، 172، 174، 195، 198، 200، 201، 203، 208، 210، 212، 216، 222، 230، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 246، 248، 256، 259
الخلال- أبو عمر أحمد بن محمد بن حفص 59، 106، 240
أبو خليفة- الفضل بن الحباب بن محمد الجمحي القاضي 153
خواجا- المملوك التركي الذي قلده معز الدولة شرطة بغداد 227
ابن الخواستيني- صاحب أكبر زورق بالبصرة 45
ابن أبي خيثمة النسائي أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب بن شداد
(د)
ابن داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر البصري 222
الداعي- محمد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن العلوي الحسني، صاحب طبرستان والديلم 107
دانيال- النبي 271
الداودي- أبو الحسن 150
ابن أبي دباكل 280
ابن درستويه- أبو محمد عبد الله بن جعفر 11، 59
ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 47، 74، 108، 129، 263
الدقاق- الحسين بن محمد بن عبيد المعروف بابن العسكري 174
أبو دلف- شقيق عضد الدولة، مات طفلا 118(4/301)
دلويه- أبو محمد عبد الله بن علي 19
ابن أبي الدنيا- أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس 154، 279
الدوري- أحمد بن عبد الله الوراق 127
(ذ)
الذراع- ابن حبيب 136
الذهبي- أبو بكر أحمد بن علي ابن القطان
(ر)
ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد 75
الرازي- أحمد بن موسى، قاضي مكة 71
الراسبي- أبو الوليد 206
الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 203، 204، 210
ابن الراوندي- أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق 152
رايلند- جون، صاحب المكتبة بجامعة مانجستر 159، 162
الربعي- أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح النحوي البغدادي 135
ابن رستم- أحمد بن محمد بن رستم، عامل أصبهان 107
الرسعني- بكاره 85
الرشيد- أبو جعفر هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 9، 128، 193، 238
الرضا- الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم 193
الرفاء- أبو الحسن السريّ بن أحمد الكندي 84
ركن الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه 91، 94، 118، 193، 218
الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى النحوي الإخشيدي ابن الرومي- أبو الحسن عليّ بن العباس بن جريج 47، 143
الرياشي- أبو الفضل العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 153(4/302)
أبو الريان- حمد بن محمد، من رجال عضد الدولة 98، 101
(ز)
الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم اللغوي، غلام ثعلب 11، 226، 227
الزاهي- أبو الحسن علي بن إسحاق بن خلف القطان 257
ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير 127
الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السري 47، 105
زرياب- جارية ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 98
الزعفراني- أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الواسطي 7
الزهراء- فاطمة البتول بنت النبي محمد صلوات الله عليه
الزهري- 7
ابن أبي زيد- ابن أخت أبي علي الفارسي النحوي 135
زيدان- قهرمانة المقتدر 179
زينة- ابنة الوزير أبي محمد الحسن المهلبي 50
(س)
أبو السائب- عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله الهمذاني، قاضي القضاة 79، 80، 81 92، 142، 204، 239، 242، 243
ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد، من كبار رجال الدولة العباسية 31، 32، 114، 115
السبخي- أبو طاهر 60
سبكتكين- الحاجب الكبير، المعروف بجاشنكير، مولى معز الدولة 184، 259
السحمي- عمرو بن دويرة 263(4/303)
السدوسي- أبو ناظرة عيسى بن محمد 282
السدوسي- أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة 216
السراج- أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء 199، 277
ابن السراج- أبو بكر محمد بن السري بن سهل 48، 165
السرخسي- أبو العباس الفضل بن سهل، ذو الرئاستين 282، 283، 285
ابن سريج- أبو يحيى عبيد الله، من أشهر المغنين في صدر الإسلام 280
ابن أبي سعد 117
أبو سعد 60
ابن سعدان- أبو عبد الله الحسن بن أحمد، من رجال عضد الدولة 96
ابن السقاء- أبو محمد عبد الله بن محمد 8
السقطي- أبو بكر عمر بن عبد الملك 216، 217
ابن سكرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي 78
ابن السكّيت- أبو يوسف يعقوب بن إسحاق 83
السلامي- أبو الحسن محمد بن عبد الله 90
سليمان بن أبي جعفر المنصور 159
السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- صاحب كتاب الأنساب 11
سهل بن بشر- أبو العباس، عامل واسط والأهواز 46
ابن سيار- القاضي أبو بكر أحمد، قاضي الأهواز 79
السيدة أم المقتدر- شغب، مولاة المعتضد 145، 146، 147، 179، 180، 183، 186، 189
السيرافي- أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان 74، 135
ابن سيف- عمر بن محمد 127
السيوطي- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري 7(4/304)
(ش)
ابن شاذان- أبو بكر 276
الشاري- الصلت بن مالك، صاحب عمان 108
الشالجي- عبود الشالجي، المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5
شاه زنان- ابنة عضد الدولة، زوجة الطائع لله 262
ابن شاهويه- أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه، صاحب القرامطة 94، 95، 96
ابن شبابه- إبراهيم الشاعر، مولى بني هاشم 117
ابن شداد- الحسين 206
شرف الدولة- أبو الفوارس شيرزيل بن عضد الدولة 97
الشعبي- أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار 7
شكر- أبو الثناء، خادم عضد الدولة 97، 98
شكلة- أم إبراهيم بن المهدي العباسي 9
شمعون الصفا- القديس 271
شهدة بنت أحمد بن عمر الإبري- فخر النساء 199
ابن أبي الشوارب- الحسن بن عبد الله بن علي 200
ابن أبي الشوارب- الحسن بن محمد بن عبد الملك 133، 134
ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 151، 243
ابن أبي الشوارب- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك 133، 134
ابن أبي الشوارب- أبو الحسن محمد بن الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 140، 142
ابن أبي الشوارب- محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 151
الشيباني- الأمير أبو محمد جعفر بن ورقاء 208
الشيباني- أبو القاسم مدرك بن محمد الشاعر 265
ابن شيبة- السدوسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب(4/305)
ابن شيخ- أقام الدعوة بحلب لعضد الدولة 122
الشيرازي- أبو الفضل أحمد بن أبي أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 94، 95، 96، 97، 98، 99
الشيرازي- أبو الفضل العباس بن الحسين، صهر الوزير المهلبي 49، 51، 123، 124
الشيرازي- عبد الرحمن بن جعفر، عامل فارس 107
الشيرازي- أبو الحسن علي بن عيسي بن الفرج الربعي 44
الشيرازية- حسن علم، قهرمانة المستكفي
ابن شيركوه- أبو الحسين 191، 192، 193
(ص)
الصائغ- أبو الحسن علي بن عيسى الرامهرمزي النحوي 59
الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال 41
الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن بن إبراهيم بن هلال الصابي الحراني 79، 93
الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد، كافي الكفاة 90، 94، 95، 100
صاحب الزنج- علي بن محمد الورزنيني العلوي 153، 213
ابن صالح- أبو علي الحسن 199
صبري- حسن، رئيس وزراء مصري 57
الصديق- أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي القرشي، أول الخلفاء الراشدين 168
الصلحي- أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي 125، 214، 220
الصلحي- أبو الفرج طاهر بن محمد 138
صمصام الدولة- أبو كاليجار المرزبان بن عضد الدولة أبي شجاع فناخسرو 96، 97، 98
الصوفي- درة 235
الصوفي- أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن سهل الرازي، منجم عضد الدولة 44، 89، 120، 122
الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 143، 202، 210(4/306)
الصيرفي- أبو عبد الله 157
الصيرفي- أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد الطيوري المعروف بابن الحمامي 175
الضبعي- البيّع 136
(ض)
الضبعي- شبيل بن عزرة 11
الضبّي- أبو رشيد، حضر مقتل المتنبي 250
الضبّي- أبو معد نزار بن محمد، صاحب شرطة المقتدر 33، 34
الضبّي- أبو جعفر هارون بن محمد، خليفة أحمد بن هلال صاحب عمان 48
(ط)
الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 100، 262
الطائي- أبو تمام حبيب بن أوس 13
ابن طاهر- الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين 129
ابن طاهر- الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر 277، 278
الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد 11، 201، 237، 238
الطبري- أبو علي الحسن بن محمد 123
الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير 17، 18
الطبسي- أبو القاسم المظفر بن علي، راثي المتنبّي 250
ابن طرار- أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني 265
ابن طرخان- أبو الحسن علي بن أبي القاسم الحسن الطنبوري 82
ابن طرخان- أبو القاسم الحسن بن طرخان الطنبوري 82
طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 133، 136، 140، 151، 155، 156، 200، 203، 210، 232، 242، 243(4/307)
الطلحي- محمد بن عبد الله 117
الطنبوري- محمد بن كاله، مغني عضد الدولة 82
ابن طولون- الأمير أبو العباس أحمد، صاحب مصر والشام 213
ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور الخراساني، صاحب تاريخ بغداد 143 144
(ظ)
الظاهري- الإمام أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني 150
الظاهري- أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف الأصبهاني 150
(ع)
العباس بن عبد المطلب- عم النبي صلوات الله عليه 231
ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 230
عبدان السقاء- والد المتنبي 247
ابن عبد الجبار- أبو الحسين 258
العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 105، 202
عبيد الله بن سليمان- أبو القاسم، الوزير 71، 72، 110
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين 198
أبو عبيدة- معمر بن المثني 154
العبيسي- قرأ عليه والد صاحب النشوار كتاب معاني الشعر 103
عثمان بن عفان بن العاص بن أمية- ذو النورين، أبو عمرو، الخليفة الثالث 169
ابن عثمان- عمرو 279
ابن عديّ- أبو عبد الرحمن الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الثعلي الطائي البحتري الكوفي 263
ابن عروس- محمد 143
ابن العسكري الدقاق، الحسين بن محمد بن عبيد(4/308)
عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 43، 44، 58، 74، 82، 84، 86، 88، 89، 91، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 100، 101، 118، 119، 121، 124، 248، 249، 250، 251، 259، 261، 262
ابن عقبة- أبو محمد، عيّن قاضيا خلفا للتنوخي صاحب النشوار 93
العكبري- أبو القاسم الحسن بن علي بن إبراهيم بن خلاد، إمام جامع عكبرا 108
عكرمة- مولى ابن عباس 230
العكلي- أحمد بن عيسى 129، 263
ابن العلاف- أبو بكر الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد الضرير النهرواني 172
ابن العلاف- عبد العزيز بن الحسن بن علي بن أحمد 172
ابن أبي علان- أبو أحمد عبد الله بن محمد، قاضي الأهواز 46
علم- قهرمانة المستكفي 179، 180
العلوي- الحسن بن محمد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن الحسني 107
العلوي- أبو الحسن محمد بن يحيى 246
علي- أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام 60، 83، 119، 121، 160، 169، 230، 254
علي بن عيسى بن الجراح- أبو الحسن الوزير 19، 20، 21، 22، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 41، 47، 54، 70، 71، 73، 83، 107، 175، 179، 222، 223
عماد الدولة- أبو الحسن علي بن بويه 119، 192، 193
أبو عمر- القاضي محمد بن يوسف الأزدي 15، 20، 21، 30، 31، 110، 156
ابن عمرو- اليمان، مولى ذي الرياستين 282
العمي- أبو علي محمد بن الحسن بن جمهور الكاتب 109
ابن عياش- القاضي أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش الجوهري 166، 212
العيني- ضبّة بن يزيد، هجاه المتنبّي 251(4/309)
(غ)
الغنوي- العباس بن عمرو- عامل المعتضد على اليمامة والبحرين 130
(ف)
ابن الفاخر- أبو الكرم النحوي 60
فارس- داية المكتفي وقهرمانته 179
الفارسي- أبو علي الحسن بن أحمد النحوي 43، 44، 88، 135، 262
فاروق- ملك مصر 57
الفاروق- أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 141، 168، 169
فاطمة- الزهراء البتول، ابنة النبي محمد أبي القاسم صلوات الله عليه 169، 254
فاطمة بنت علي بن الحسن بن القاسم بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب- العلوية الزمنة 161
فاطمة- قهرمانة المقتدر 179
الفاطمي- إسماعيل بن محمد العبيدي، صاحب المهدية 170
فخر الدولة- أبو الحسن علي بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 90، 94
ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 70، 71، 72، 73، 136
ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وزير المقتدر 19، 20، 21، 22، 26، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 42، 54، 61، 62، 70، 72، 73، 136، 164، 184
ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن الوزير أبي الحسن بن الفرات 71، 172
ابن فسانجس- أبو محمد علي بن العباس، نديم بختيار 90
ابن فسانجس- أبو الفرج محمد بن العباس، وزير بختيار 35، 50، 51، 65، 90، 123، 124
الفسوي- أبو بكر بن عبد الرحيم، من التجار 90(4/310)
(ق)
القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى 154، 206، 228
القارىء- أبو السري عمر بن محمد 114
ابن قرابة- أبو بكر 221
القراريطي- أبو إسحاق محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسكافي 212
القرمطي- أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي 130
القرمطي- الحسن بن أبي منصور سعيد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي 170
القرمطي- أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي 166، 169
ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد عبد الرحمن 162، 222
القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، المعروف بابن زريق 8، 40، 43، 110، 133، 136، 138، 142، 150، 151، 156، 165، 172، 174، 195، 198، 200، 201، 203، 208، 210، 212، 216، 222، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 246، 248، 256، 259
القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله 263، 264
القشوري- نصر الحاجب 19، 33
ابن القطان- أبو بكر أحمد بن علي الذهبي 239
القطان- أبو سهيل بن زياد 83، 222
القطان- أبو الحسن علي بن إسحاق بن خلف الزاهي
ابن قليجة- رسول الوزير علي بن عيسى إلى القرامطة 19، 22
القنوتي- أبو عبد الله 157
أبو قيراط- أبو القاسم هشام بن عبد الله الكاتب 28، 54
ابن أبي قيراط- أبو الحسن علي بن هشام بن عبد الله الكاتب 19، 28، 42، 54، 61، 62
القيسي- أبو رياش أحمد بن أبي هاشم 12، 13(4/311)
(ك)
الكاتب- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان 8، 198، 277
ابن كثير- محمد 153
الكرخي- أبو أحمد بن علي بن محمد 252
الكرخي- أبو عبد الله جعفر بن القاسم 252، 254
الكرخي- القاسم بن علي بن محمد 252، 254
الكرخي- اللص، قاطع الطريق بين بغداد وواسط 75
الكرخي- أبو جعفر محمد بن القاسم 252، 254
الكلوذاني- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 175
الكلوذاني- أبو الطيب محمد بن أحمد 19
كنجك- المغنّية، عشيقة عضد الدولة 98، 99
ابن كنداج- إسحاق، عامل الموصل والجزيرة 213
ابن كنداج- محمد بن إسحاق 213
الكندي- أبو النضر، محمد بن إسحاق بن أسباط النحوي المصري 85، 105، 106
الكوفي- أبو جعفر أحمد بن بديل بن قريش بن الحارث اليامي 111
الكوفي- الحسين بن علي 175
الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي 279، 282
(ل)
لوقا- القديس 273
(م)
المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني 16، 23، 279، 282
ابن ماسرجس- أبو العباس 45(4/312)
ابن ما شاء الله- الرفاش الذي صيره الوزير ابن الفرات بيّعا 136
ابن الماشطة- أبو الحسين علي بن الحسن بن محمد البغدادي 54، 55
المافروخي- أبو محمد عبد العزيز بن أحمد 12، 14
المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 9، 128، 282
ابن المبارك- عبد الوهاب 258
المبرّد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 43، 165
المبرمان- أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل العسكري 59
المتقي لله- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المقتدر 180، 203، 204، 212، 213، 214، 238
المتنبي- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 43، 245، 246، 247، 248، 249، 250، 251
المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 55، 83، 134، 277
ابن المثنّى- أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنّى 48
ابن المثنّى- أبو أحمد طلحة بن الحسن بن المثنّى 48
ابن محارب- محمد بن حفص بن سلمة 154
المحاملي- أبو بكر الحسين بن محمد بن الحسين- عيّن قاضيا خلفا للقاضي التنوخي صاحب النشوار 93
محبرة النديم- أبو جعفر محمد بن يحيى بن أبي عباد جابر بن زيد بن الصباح العسكري 195
ابن محمد- علي 206
محمد- أبو القاسم، رسول الله صلوات الله عليه 21، 60، 160، 161، 214، 231، 233، 254، 255، 278
ابن محمود- كاتب الأمير يوسف بن أبي الساج 32
مخارق- أبو المهنّأ بن يحيى الجزار، المغني 9
المخرّمي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب بن صبيح 113
المخزومي- أبو السائب عبد الله بن السائب بن صيفي بن عابد 286(4/313)
ابن مخلد- إبراهيم 142
المخلدي- طريف 136، 137
المخلص- أبو طاهر 239
المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 128، 154
ابن المدبر- أبو إسحاق إبراهيم 37، 68، 69
ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المعروف بالمحولي 143، 199، 230، 286
المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران 74
مرقس- القديس 273
ابن مروان- الفضل، الوزير 55
ابن مروان- عبد الله بن سعيد بن عبد الملك 280
ابن مروان- الوليد بن عبد الملك 263
ابن مروان- هشام بن عبد الملك 263
المروزي- عبد الله بن أبي نصر 117
مريم- السيدة البتول، أم المسيح عليه السلام 270
المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم بن هارون الرشيد 134
المستكفي بالله- أبو القاسم عبد الله بن أبي محمد علي المكتفي بن أبي العباس أحمد المعتضد 140، 142، 180
المسرحي- علي بن محمد الفقيه، أحد خلفاء القضاة ببغداد 7
المسمعي 13
المسندي- أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد ربه بن سدوس بن علي 153
ابن المسيب- أبو محمد سعيد بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي 7
المسيح- نبي الله عيسى عليه السلام 269
ابن مصعب- هارون بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب 279
المصعبي- أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب، أمير بغداد 213(4/314)
المطوّق- أبو الحسن عليّ بن الفتح 175
المطيع لله- أبو القاسم الفضل بن أبي الفضل جعفر المقتدر 86، 140، 242، 243
ابن معاذ- أبو أيوب سليمان بن يحيى 117
ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن محمد المعتز بن جعفر المتوكل 24، 84، 172
المعتز- أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 83، 134
المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 8، 9، 134، 141، 238
المعتضد بالله- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق بن أبي الفضل جعفر المتوكل 72، 125، 126، 130، 131، 132، 136، 137، 138، 172، 195
المعتمد- أبو العباس أحمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 23، 134، 141، 213
معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 41، 49، 51، 65، 94، 140، 171، 191، 193، 194، 217، 218، 220، 227، 242، 259
المعز لدين الله- أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي الفاطمي العلوي 171
أبو معشر- جعفر بن محمد بن عمر البلخي المنجم 66
مغيث- زوج بريرة، مولى آل المغيرة من بني مخزوم 231
المفجّع- محمد بن أحمد بن عبيد الله الشاعر 103، 104، 110
المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 19، 21، 41، 48، 107، 130، 145، 151، 155، 156، 164، 175، 179، 186، 188، 200، 221، 232
ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين 34، 47، 54، 61
المكتفي بالله- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 72، 151، 179
مكحول- أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذل، فقيه الشام 7
المكي- أبو الحسن الزاهد 224، 225
ابنة المكي- الزاهدة، ابنة أبي الحسن الزاهد 224
ابن المنتشر- عبيد الله الجذامي 280
المنتصر بالله- أبو جعفر محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 55(4/315)
ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى 35، 65، 145، 159، 162
المنجم- أبو عبد الله إسحاق، من ندماء عضد الدولة 86، 91
ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 65، 145
ابن المنجم- أبو الحسن علي بن يحيى بن المنجم 66
ابن المنجم- أبو القاسم يوسف بن يحيى بن علي بن يحيى 145، 146، 147، 148، 149
المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي 238
المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 134
المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور 159، 238
ابن مهرويه- الحسن بن القاسم 68
المهلبي- حبيب بن نصر 117
المهلبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 37، 49، 51، 56، 79، 80، 91، 123، 124، 162
المهلبي- قبيصة بن محمد 282
المهلبي- أبو الغنائم المفضل بن الوزير أبي محمد الحسن المهلبي 49، 50، 51، 123
ابن أبي موسى- أبو بكر أحمد بن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى 93، 237، 238
موسى بن بغا- أحد قواد الأتراك، ابن خالة المتوكل 110، 111
موسى بن خلف- أمين الوزير ابن الفرات 29، 31
الموسوي- أبو عبد الله الحسين بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي بن الحسين 201، 236
الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم النديم 128
الموفق- أبو أحمد طلحة بن أبي الفضل جعفر المتوكل 23، 213، 277
مؤنس المظفر- أمير الجيوش 114، 115
المؤيد 175
المؤيد- إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المتوكل 83(4/316)
مؤيد الدولة- أبو منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 94
ابن ميمون- أحمد، من عمال الدولة العباسية 206
(ن)
ابن ناصر- محمد 258
الناشىء- أبو العباس عبد الله بن محمد الأنباري 143
النحوي- أبو العباس أحمد بن يحيى 102، 128
النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان الملقب بالأحمر 286
ابن النرسي- أبو الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم الفقيه 177
النسائي- أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب بن شداد البغدادي المعروف بابن أبي خيثمة 127
النسائي- أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد البغدادي 127
نسطور- بطريرك القسطنطينيّة، حرمه المجمع الأفسي المسكوني 274
نسيم- جندي من أصحاب أحمد بن ميمون 206
ابن نصر- أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي 138، 142
النصراني- عمرو- صاحب ابن مدرك الشيباني 265، 266
النصيبي- محمد بن عبيد الله بن حمدان الكاتب 208، 257
أبو النضر الكندي، محمد بن إسحاق بن أسباط المصري
أبو نضلة العبدي، مهلهل بن يموت بن المزرع
نظم- داية أبي القاسم يوسف بن المنجم، قهرمانة السيدة أم المقتدر 145، 146، 180
نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي 276
نقفور- ملك الروم 52
أبو نؤاس- الحسن بن هانىء الحكمي 83
النوبختي- أبو الحسن علي بن العباس 110(4/317)
(هـ)
الهائم الراوية- أبو علي أحمد بن علي المدائني 84، 85، 94، 96
الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 159
هارون الرشيد الرشيد
ابن هارون- أبو الفتح عبد الواحد بن أبي علي الحسين الكاتب 49، 51
الهاشمي- أبو الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك 215
الهاشمي- أبو القاسم جعفر بن عبد الواحد 48
الهاشمي- أبو عبد الله بن أبي موسى القاضي بالجانب الشرقي ببغداد 142، 204، 205
الهاشمي- أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور المعروف بابن بريه 237، 238
الهاشمي- أبو عبد الله محمد بن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى 201
الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الواحد 48، 130
الهاشمية- أم موسى، قهرمانة المقتدر 179
ابن هلال- أحمد، صاحب عمان 48
ابن هندو- أبو الفرج علي بن الحسين الكاتب 58
(و)
الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 128، 238
الواسطي- أبو الحسن علي بن عاصم بن صهيب 230
الواسطي- الفضل بن الحسن 136
الوراق- مساور 199
وصيف- القائد التركي 55
الوكيل- عبد الله بن جعفر 68
ابن وهب- القاسم بن عبيد الله الوزير 72، 206(4/318)
(ي)
يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي- أبو زكريا 127
يزدجرد بن بهرام جور 283
اليزيدي- أبو عبد الله محمد بن العباس 127
ابن يعقوب- إسحاق، مولى آل عثمان 279
يوحنا الحبيب- القديس 273
يونس- النبي 271(4/319)
فهرس جغرافي
(أ)
279: 135: الأبطح
30: 12: أردبيل
240: 18: أرمينيّة
(ب)
253: 124: البصرة
166: 83: البيت الحرام
271: 132: بيت المقدس
(ج)
220: 105: الجانب الشرقي
220: 105: الجانب الغربي
228: 109: الجبل
281: 135: الجزع
(ح)
169: 84: الحائر
281: 135: الحجون
140: 67: الحرمان
281: 135: الحصاب
131: 62: الحضرة
(خ)
193: 89: خراسان
(د)
159: 79: درب سليمان
280: 135: دسم
170: 84: دمشق
75: 39: دير العاقول
(ر)
99: 45: راذان
11: 4: رويان
(س)
133: 63: سرّ من رأى
23: 11: سقي الفرات(4/320)
(ش)
141: 67: الشام
138: 66: الشرقيّة
(ف)
193: 89: فارس
(ق)
103: 47: أبو قبيس
66: 35: القفص
(ك)
253: 124: الكرخ
66: 35: كركر
166: 83: باب الكعبة
235: 114: كلواذى
98: 45: كرمان
(م)
24: 11: ماه البصرة
24: 11: ماه الكوفة
184: 88: المخرّم
156: 77: مدينة السلام
141: 67: مصر
129: 61: مرو
223: 106: المسجد الحرام
24: 11: مسكن
253: 124: المشرق
90: 44: معرة النعمان
253: 124: المفتح
170: 84: مكة
179: 88: الملويّة
(ن)
249: 123: النعمانية
82: 42: نهاوند
260: 129: نهر الخالص
(هـ)
93: 45: همذان
(ي)
233: 113: يثرب
140: 67: اليمن(4/321)
فهرس عمراني
(أ)
173: 85: الإجازة
279: 135: الإداوة
173: 85: أرتج
50: 23: الأرسي
196: 90: أزمن
185: 88: الأستاذ
266: 132: استرق
214: 102: الاستسقاء
185: 88: الأسطى
274: 132: الأسقف
275: 132: الأسقوفي
118: 57: الأعين
273: 132: الامساح
(ب)
195: 90: البارية
268: 132: البركة
115: 55: البرنس
274: 132: البطرك
103: 47: البقل
228: 109: البنج
196: 90: البوارد
275: 132: البيرم
136: 65: البيّع
268: 132: البيعة
(ت)
280: 135: التحوب
278: 134: التخت
181: 88: التذكرة
181: 88: التسكرة
97: 45: التسوّق
56: 26: تشرن
196: 90: التصرّف
29: 12: تطاول
146: 70: التطهير
273: 132: التقريب
34: 12: التوثيّة
103: 47: التيس(4/322)
(ج)
267: 132: الجاثليق
283: 136: الجدات
99: 45: جداد
196: 90: الجدي
219: 104: الجراية
247: 122: جعف
99: 45: جناغ
(ح)
216: 103: الحب
278: 134: الحبالة
166: 83: الحجر الأسود
255: 125: الحديث المرسل
255: 125: الحديث المسند
255: 125: الحديث المقطوع
13: 6: حديث
13: 6: حديثة
29: 12: الحرّاقة
17: 9: الحق
103: 47: الحيس
(خ)
94: 45: خركاه
152: 72: الخشونة
178: 88: الخلقاني
185: 88: الخلل
275: 132: الخميس الناسي
260: 129: الخور
131: 62: الخيش
(د)
219: 104: الدبادب
272: 132: الدخن
279: 135: درأ
88: 44: الدست
268: 132: الدعج
219: 104: الدنبركة
275: 132: الدنح
206: 97: الدوّاج
253: 124: الدواوين
76: 39: الدوسة
218: 104: الديباج
274: 132: الديراني
177: 88: ديكبريكة
193: 89: الديلم
191: 89: ديلمان
(ر)
274: 132: الراهب
278: 134: الرحل(4/323)
85: 42: الرسعي
45: 20: الرطل
223: 106: الرطل
218: 104: الرغائب
143: 69: الرقيبة
95: 45: الركابي
280: 135: الركباني
269: 132: روح القدس
158: 78: الروزجاري
100: 45: روقة
103: 47: الروم
103: 47: الرويس
131: 62: الريحان
(ز)
51: 23: زبزب
286: 137: الزرنوق
268: 132: الزنّار
271: 132: الزيتون
(س)
145: 70: السادة
97: 45: سبر
124: 58: السبنيّة
36: 13: سجار
178: 88: السحر
217: 104: السعي
224: 107: سف الخوص
76: 39: السلاح الشاك
275: 132: السلاق
281: 135: السلوة
275: 132: السليح
236: 114: السميرية
88: 44: السنة الشمسيّة
141: 67: السواد
34: 12: السوط
185: 88: السياق
145: 70: السيدة
(ش)
124: 58: الشبلية
108: 51: الشراة
56: 26: الشرى
272: 132: الشعانين
281: 135: الشعب
274: 132: الشماس
(ص)
158: 78: صاحب المعونة
249: 123: الصافية(4/324)
273: 132: الصحصاح
178: 88: صدق
217: 104: الصراع
157: 78: الصفر
270: 132: الصومعة
(ط)
175: 87: الطائف
267: 132: الطرّة
76: 39: طرح عليه
20: 10: الطلق
280: 135: طليل
176: 87: طفّى
31: 12: الطنز
158: 78: الطوابيق
184: 88: الطيّار
(ع)
193: 89: العارض
219: 104: العتّابي
103: 47: العجب
50: 23: عرضيّ الدار
215: 102: العزالي والعزالى
131: 62: العسف
186: 88: عشت
30: 12: عفوا
136: 65: العلوة
268: 132: العوذة
49: 23: علياباذ
272: 132: عيد شمعون
272: 132: عيد الصليب
(غ)
46: 21: الغضارة الصيني
280: 135: غناء الركبان
(ف)
218: 104: الفرسخ
273: 132: الفرصاد
275: 132: الفصح
268: 132: الفلج
217: 104: الفيج
(ق)
108: 51: القاع
46: 21: القبجة
124: 58: القتل
275: 132: القدّاس
267: 132: القربان
103: 47: القرع(4/325)
274: 132: القس
214: 102: القطر
218: 104: القنويز
179: 88: القهرمان
196: 90: القهوة
267: 132: القود
(ك)
77: 39: الكار
219: 204: الكانون
116: 55: الكم
103: 47: الكيس
(ل)
269: 132: اللاهوت
(م)
274: 132: مار
196: 90: المحفّة
283: 136: المخبّل
174: 86: المدافعة عن الأحكام
273: 132: المذبح
39: 15: المردان
283: 136: المرزبان
228: 109: المرقد
219: 104: المروزي
20: 10: المساحي
196: 90: المسمع
259: 129: المسناة
280: 135: المصحب
268: 132: المصحف
268: 132: المضرّج
182: 88: المطاولة
33: 12: المطبق
215: 102: المطر الجود
267: 132: المطران
273: 132: المعمودية
191: 89: مفازة
34: 12: المقرعة
219: 104: المنقلة
271: 132: الميرون
166: 83: الميزاب
103: 47: الميس
(ن)
269: 132: الناسوت
196: 90: النقرس
(هـ)
270: 132: الهامع(4/326)
272: 132: الهياكل
(و)
103: 47: الوهد
100: 45: وثئت رجلي
(ي)
187: 88: يوم الموكب(4/327)
فهرس الكتب والمراجع
الآثار الباقية عن القرون الخالية: أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني- طبع ليبزك 1923.
إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب معجم الأدباء.
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: القسطلاني، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد، طبع بولاق 1304.
الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة.
الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت.
الإمتاع والمؤانسة: أبو حيان التوحيدي- طبع بيروت.
الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913.
بدائع البدائه: أبو الحسن علي بن ظافر بن حسين الأزدي الخزرجي- حاشية على هامش معاهد التنصيص- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316.
تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت.
تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، طبع دار المعارف بمصر.
تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه- تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914 تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: أبو الحسن هلال بن المحسّن الصابي- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- القاهرة 1958.
تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية مع ذكر أصلها بحروفه- طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965.
التعريفات: السيد الشريف الجرجاني- طبعة اصطنبول 1283.
تكملة تاريخ الطبري: محمد بن عبد الملك الهمذاني- تحقيق البرت يوسف كنعان- المطبعة الكاثوليكية- بيروت.(4/328)
الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي المعروف بابن البيطار- طبعة بولاق 1291.
جمع الجواهر في الملح والنوادر: أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني- طبعة الخانجي سنة 1353 بالقاهرة.
حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم ميتز- هيدلبرج 1909.
دائرة المعارف الإسلامية- الترجمة العربية: 15 مجلدا 1933.
الديارات: الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد- تحقيق كوركيس عواد- ط 2 بغداد 1966.
ديوان أبي فراس: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه- طبع دار صادر بيروت 1955.
ديوان السري الرفاء: السري بن أحمد بن السري الكندي- طبعة مكتبة القدسي- مصر 1355
ذم الهوى: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع مصر.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي.
شرح ديوان المتنبي: الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري طبع برلين 1861.
الطبيخ: محمد بن عبد الكريم البغدادي- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت.
العيون والحدائق في أخبار الحقائق ج 3- المؤلف مجهول- نشر بريل 1869.
الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية: محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقا- طبعة صادر- بيروت.
الفرج بعد الشدة: أبو علي المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: جزآن طبع دار الهلال بمصر 1914.
الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: مخطوطة جون رايلند- مانجستر.
الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: مخطوطة الظاهرية- دمشق.
فرج المهموم في مواقع النجوم: رضي الدين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد ابن طاووس الحسنيّ الحسينيّ- طبع النجف.
فضل الكلاب على من لبس الثياب: أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان- طبع مصر 1341.(4/329)
فقه اللغة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- طبعة البابي- القاهرة 1938.
الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- طبعة غوستاف فلوغل- ليبزك.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966. 13 مجلدا مع الفهرس كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول.
الكنايات: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري مطبعة السعادة بمصر 1326.
لسان العرب: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الإفريقي- طبعة صادر.
لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبعة الحلبي بالقاهرة.
مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت 10 ج 5 م.
المزهر: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري.
المشترك وضعا والمفترق صقعا: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864.
مصارع العشاق: السراج، أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء- دار صادر.
معاهد التنصيص في شرح شواهد التلخيص: بدر الدين أبو الفتح عبد الرحيم العباسي- طبع بمطبعة محمد مصطفى بمصر 1316.
معجم الأدباء: ارشاد الأريب إلى معرفة الأديب- ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت ابن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، طبعة مرجليوث 1924.
المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: رينهارت دوزي- امستردام 1845.
معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي: المستشرق زامباور- جامعة فؤاد الأول 1951.(4/330)
معجم البلدان: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس
معجم الحيوان: أمين المعلوف- طبع دار المقتطف 1932.
معجم المراكب والسفن في الإسلام: حبيب زيات- مجلة المشرق م 43
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934.
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357.
المنجد: الأب لويس معلوف- ط 19 بيروت.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي- الأجزاء 1 و 2 و 3- تحقيق عبود الشالجي- طبع دار صادر- بيروت.
نشوار المحاضرة- شمس الدين أبو المظفر يوسف بن عبد الله المعروف بقز أوغلي، سبط ابن الجوزي- مخطوط.
نكت الهميان في نكت العميان: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله- تحقيق أحمد زكي باشا- القاهرة 1913.
هدية العارفين، أسماء المؤلفين، وآثار المصنفين: إسماعيل باشا البغدادي- اصطنبول 1955.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- 6 مجلدات- طبع القاهرة.
يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.(4/331)
رموز
: راجع
م: مقدمة المؤلف
الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم
الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.(4/332)
الفهارس
محتويات الكتاب 287
فهرس أسماء الأشخاص 294
فهرس جغرافي 320
فهرس عمراني عام 322
فهرس الكتب والمراجع 328
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة 4(4/333)
(بعونه تعالى)
تم طبع الجزء الرابع من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر نيسان 1972 على مطابع دار صادر في بيروت(4/334)
الجزء الخامس
مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
والحمد لله رب العالمين أقدّم لقرّاء العربيّة، الجزء الخامس من كتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» للقاضي أبي علي المحسّن بن علي التنوخي، وهو ثاني الأجزاء الأربعة، التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب، وبذلت في ذلك من الجهد ما لا يدرك كنهه إلّا من مارس ما مارست، وعانى ما عانيت، فإن انعدام الفهارس في أكثر الكتب العربية، كان يضطرّني إلى قراءة الكتاب كلّه، فربما عثرت في طياته على فقرة واحدة، من فقرات النشوار الضائعة، وربما لم أعثر على شيء.
والاطلاع على ثبت المراجع التي رجعت إليها، وهي المدوّنة في آخر الكتاب، لا يكفي للإحاطة بمقدار ما بذلت من جهد، وما كابدت من عناء، فإنّ عشرات من الكتب، قرأتها سطرا سطرا، ولم أعثر فيها على فقرة من الفقرات المطلوبة، فلم أذكرها في الثبت.
ولست أمنّ على أحد بما بذلت من جهد، وبما واجهت من مشقّه،(5/5)
ولكنّي بسطت ذلك لمن يقرأ هذا الكتاب، ليطّلع على مقدار ما عانيت، فيكون سعيي لديه مشكورا، وخطإي عنده مغفورا.
والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.
بحمدون في 28 نيسان 1972 عبود الشالجي المحامي(5/6)
1 الخليفة المستكفي ينقل قاضيا وينصب بدلا منه
أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
لما نقل المستكفي بالله «2» أبا السائب «3» عن القضاء بمدينة المنصور «4» ، وذلك في يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «5» ، قلّد في هذا اليوم، أبا الحسن محمّد بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب، ويعرف هو وأهله ببني أمّ شيبان «6» ، وهي والدة يحيى ابن عبد الله جدّ أبيه، وهي المكناة بأمّ شيبان، واسمها كنيتها، وهي بنت يحيى بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمّ زكريا بن طلحة: أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصدّيق، وأمّ أبيه صالح بن علي: فاطمة بنت جعفر بن محمد(5/7)
ابن عمّار البرجمي «1» ، قاضي القضاة بسرّ من رأى، قال طلحة: فقد ولده ثلاثة من الصحابة من قريش «2» ، وله ولادة في البراجم من العرب.
والقاضي أبو الحسن محمد بن صالح، من أهل الكوفة، وبها ولد ونشأ، وكتب الحديث، وقدم بغداد سنة إحدى وثلاثمائة مع أبيه، ثم تكرّر دخوله إياها، ثم دخل إليها في سنة سبع وثلاثمائة، فقرأ على أبي بكر بن مجاهد «3» ، ولقي الشيوخ.
ثم انتقل إلى الحضرة، فاستوطنها في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وصاهر قاضي القضاة أبا عمر محمد بن يوسف»
على بنت بنته.
قال طلحة: وأبو الحسن رجل عظيم القدر، وافر العقل، واسع العلم، كثير الطلب للحديث، حسن التصنيف، مدمن الدرس والمذاكرة، ينظر في فنون العلم والآداب، متوسط في الفقه على مذهب مالك، ولا أعلم قاضيا تقلّد القضاء بمدينة السلام من بني هاشم غيره.
ثم قلّده المطيع «5» قضاء الشرقية «6» ، مضافا إلى مدينة المنصور، وذلك في رجب سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة «7» ، فصار على قضاء الجانب الغربي(5/8)
بأسره إلى شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، فإنّ بغداد جمعت لأبي السائب عتبة بن عبيد الله «1» .
وقلّد القاضي أبو الحسن، مصر «2» ، وأعمالها، والرملة «3» ، وقطعة من أعمال الشام «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/363 المنتظم 7/102 باختصار(5/9)
2 لماذا سمي زوج الحرة
حدّثنا القزّاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني الأمير أبو الفضل جعفر بن المكتفي بالله، قال:
كانت بنت بدر مولى المعتضد «5» ، زوجة أمير المؤمنين المقتدر بالله «6» ، فأقامت عنده سنين، وكان لها مكرما، وعليها مفضلا الافضال العظيم، فتأثّلت حالها، وانضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة.
وقتل المقتدر «7» ، فأفلتت من النكبة، وسلم لها جميع أموالها وذخائرها، حتى لم يذهب لها شيء، وخرجت من الدار «8» .
وكان يدخل إلى مطبخها حدث، يحمل على رأسه، يعرف بمحمد بن جعفر «9» ، وكان حركا «10» ، فنفق على القهرمانة بخدمته، فنقلوه، إلى أن صار(5/10)
وكيل المطبخ، وبلغها خبره، ورأته، فردّت إليه الوكالة في غير المطبخ.
وترقّى أمره، حتى صار ينظر في ضياعها، وعقارها، وغلب عليها، حتى صارت تكلّمه من وراء ستر، وخلف باب.
وزاد اختصاصه بها، حتى علق بقلبها، فاستدعته إلى تزويجها، فلم يجسر على ذلك، فجسّرته، وبذلت مالا، حتى تمّ لها ذلك.
وقد كانت حالته تأثّلت بها، وأعطته، لما أرادت ذلك منه، أموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة، لئلّا يمنعها أولياؤها منه لفقره، وأنّه ليس بكفء، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوّجوها منه، واعترضها الأولياء، فغالبتهم بالحكم والدراهم، فتمّ له ذلك ولها.
فأقام معها سنين، ثم ماتت، فحصل له من مالها، نحو ثلاثمائة ألف دينار، فهو يتقلّب إلى الآن فيها.
قال أبي: قد رأيت أنا هذا الرجل، وهو شيخ عاقل، شاهد «1» ، مقبول «2» ، توصّل بالمال إلى أن قبله أبو السائب القاضي «3» ، حتى أقرّ في يده وقوف الحرة، ووصيّتها، لأنّها أوصت إليه في مالها ووقوفها، وهو إلى الآن، لا يعرف إلّا بزوج الحرة «4» .(5/11)
وإنما سمّيت الحرّة، لأجل تزويج المقتدر بها، وكذا عادة الخلفاء، لغلبة المماليك عليهم، إذا كانت لهم زوجة، قيل لها: الحرّة «1» .
المنتظم 7/119 تاريخ بغداد للخطيب 2/153(5/12)
3 البيضاوي أزرق كوسج
أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال:
سمعت التنوخي يقول:
حضرت عند أبي الحسن بن لؤ لؤ «3» مع أبي الحسين البيضاوي «4» ، لنقرأ عليه، وكان قد ذكر له عدد من يحضر السماع، ودفعنا إليه دراهم كنّا قد واقفناه عليها.
فرأى في جملتنا واحدا زائدا عن العدد الذي ذكر له، فأمر بإخراجه، فجلس الرجل في الدهليز، وجعل البيضاوي يقرأ، ويرفع صوته، ليسمع الرجل.
فقال ابن لؤلؤ: يا أبا الحسين، أتعاطى «5» عليّ، وأنا بغدادي، باب طاقي «6» ،(5/13)
ورّاق، صاحب حديث، شيعي، أزرق «1» ، كوسج «2» .
ثم أمر جاريته أن تدقّ بالهاون أشنانا «3» حتى لا يصل صوت البيضاوي بالقراءة إلى الرجل.
المنتظم 7/140(5/14)
4 القاضي ابن قريعة يستخلف التنوخي على قضاء الأهواز
قال أبو الفرج الشلجي «1» : حدّثني أبو علي التنوخي القاضي، قال:
لما قلّدني القاضي أبو بكر بن قريعة «2» ، قضاء الأهواز خلافة له، كتب إلى المعروف بابن سركر الشاهد، وكان خليفته على القضاء قبلي، كتابا على يدي، وعنوانه:
إلى المخالف الشاق، السيء الأخلاق، الظاهر النفاق، محمد بن إسحاق.
معجم الأدباء 6/252(5/15)
5 أبو القاسم الصاحب ابن عباد يشتهي مشاهدة ثلاثة من بغداد
أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: سمعت أبا القاسم التنوخي يقول: كان الصاحب أبو القاسم بن عباد «3» يقول:
كنت أشتهي أن أدخل بغداد وأشاهد جرأة محمد بن عمر العلوي «4» ، وتنسّك أبي أحمد الموسوي «5» ، وظرف أبي محمد بن معروف «6» .
المنتظم 7/166(5/16)
6 أبو الفضل الزهري محدّث وآباؤه كلهم محدّثون
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال:
أخبرنا التنوخي، قال:
سئل أبو الحسن الدارقطني «1» ، وأنا أسمع، عن أبي الفضل الزهري «2» ، فقال:
هو ثقة، صدوق، صاحب كتاب، وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف إلّا من قد روي عنه الحديث.
ثم قال الخطيب: حدّثنا الصوري، قال: حدّثني بعض الشيوخ:
انّه حضر مجلس القاضي أبي محمد بن معروف «3» يوما، فدخل أبو الفضل الزهري، وكان أبو الحسين بن المظفر حاضرا، فقام عن مكانه، وأجلس أبا الفضل فيه، ولم يكن ابن معروف، يعرف أبا الفضل، فأقبل عليه ابن المظفر، فقال: أيّها القاضي، هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف «4» ، وهو محدّث، وآباؤه كلهم محدّثون إلى عبد الرحمن بن عوف.(5/17)
ثم قال ابن المظفر: حدّثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهري «1» ، والد هذا الشيخ، وحدّثنا فلان عن أبيه محمد بن عبيد الله «2» ، وحدّثنا فلان عن جده عبيد الله بن سعد «3» .
ولم يزل يروي لكل واحد من آباء أبي الفضل حديثا، حتى انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف.
المنتظم 7/167(5/18)
7 المؤلف التنوخي يتحدث عن نفسه
أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: حدّثنا ابن المحسّن ابن علي «3» ، قال: قال لي أبي «4» :
مولدي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة «5» ، وكان مولده في ليلة الأحد لأربع بقين من ربيع الأول.
وأوّل سماعه الحديث في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «6» .
وأوّل ما تقلّد القضاء من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله «7» بالقصر «8» وبسورا «9» في سنة تسع وأربعين «10» .(5/19)
ثم ولّاه المطيع لله «1» القضاء بعسكر مكرم «2» وايذج «3» ورامهرمز «4» .
وتقلّد بعد ذلك أعمالا كثيرة في نواح مختلفة «5» .
المنتظم 7/178(5/20)
8 ذو الكفايتين أبو الفتح بن العميد يحيي سهرة تنتهي باعتقاله
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد النصيبي «1» ، قال:
كان أبو الفتح بن العميد «2» ، الملقب بذي الكفايتين «3» ، قد تداخله في بعض العشايا سرور، فاستدعى ندماءه، وعبّى «4» لهم مجلسا عظيما، بآلات الذهب والفضة، وفاخر الزجاج، والصيني، والآلات الحسنة، والطيب،(5/21)
والفاكهة الكثيرة، وأحضر المطرب، وشرب بقيّة يومه، وعامّة ليلته، ثم عمل شعرا، أنشده ندماءه، وغنّي به في الحال، وهو:
دعوت المنى ودعوت العلى ... فلمّا أجابا دعوت القدح
وقلت لأيام شرخ الشباب ... إليّ فهذا أوان الفرح
إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح
قال: وكان هذا بعد تدبيره على الصاحب أبي القاسم بن عبّاد «1» ، حتى أبعده عن كتبة «2» صاحبه الأمير مؤيد الدولة «3» ، وسيّره عن حضرته بالريّ «4» ، إلى أصبهان «5» ، وانفرد هو بتدبير الأمور لمؤيّد الدولة، كما كان لركن الدولة «6» .
فلمّا غنّي الشعر استطابه، وشرب عليه، إلى أن سكر، ثم قال لغلمانه: غطّوا المجلس، ولا تسقطوا منه شيئا، لأصطبح «7» في غد عليه، وقال لندمائه: باكروني، ولا تتأخّروا، فقد اشتهيت الصبوح، وقام إلى بيت منامه، وانصرف الندماء.(5/22)
ودعاه مؤيّد الدولة في السحر «1» ، فلم يشك أنّه لمهمّ، فقبض عليه، وأنفذ إلى داره من أخذ جميع ما فيها، وتطاولت به النكبة، حتى مات فيها «2» .
ثم عاد ابن عبّاد إلى وزارة مؤيد الدولة، ثم وزّر لأخيه فخر الدولة «3» ، فبقي في الوزارة ثماني عشرة سنة وشهورا، وفتح خمسين قلعة سلّمها إلى فخر الدولة، لم يجتمع مثلها إلى أبيه.
وكان الصاحب عالما بفنون من العلوم كثيرة، لم يقاربه في ذلك وزير، وله التصانيف الحسان، والنثر البالغ، وجمع كتبا عظيمة، حتى كان يحتاج إلى نقلها على أربعمائة جمل.
وكان يخالط العلماء والأدباء، ويقول لهم: نحن بالنهار سلطان، وبالليل إخوان «4» .
المنتظم 7/179، 180(5/23)
9 من شعر الحسن بن حامد
أنشدنا الحسن بن علي الجوهري «1» ، وعلي بن المحسّن التنوخي، قالا:
أنشدنا أبو محمد الحسن بن حامد «2» لنفسه:
شريت المعالي غير منتظر بها ... كسادا ولا سوقا تقام لها أخرى
وما أنا من أهل المكاس «3» وكلّما ... توفّرت «4» الأثمان كنت لها أشرى
تاريخ بغداد للخطيب 7/304 المنتظم 7/181(5/24)
10 الشاعر ابن سكرة يدخل محمدا ويخرج بشرا
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال:
أنشدني علي بن المحسّن، قال: أنشدني أبو الحسن بن سكّرة «3» ، وقال:
دخلت حمّاما وخرجت وقد سرق مداسي، فعدت إلى داري حافيا، وأنا أقول:
إليك أذمّ حمّام ابن موسى ... وإن فاق المنى طيبا وحرّا
تكاثرت اللصوص عليه حتى ... ليحفى من يطيف به ويعرى
ولم أفقد به ثوبا ولكن ... دخلت محمدا وخرجت بشرا «4»
المنتظم 7/186(5/25)
11 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي أبا السائب
ومن أشعار [ابن سكّرة الهاشمي «1» ، ما قاله] في القاضي أبي السائب «2» :
إن شئت أن تبصر أعجوبة ... من جور أحكام أبي السائب «3»
فاعمد من الليل إلى صرّة ... وقرّر الأمر مع الحاجب «4»
حتى ترى مروان يقضى له ... على عليّ بن أبي طالب «5»
المنتظم 7/186(5/26)
12 يسقط من موضع عال فيسلم ثم يعثر بعتبة الباب فيقع ميتا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد الاسكافي، قال:
سمعت أبا الحسن محمد بن عمر العلوي «4» ، يقول:
انّه لما بنى داره بالكوفة، وكان فيها حائط عظيم العلوّ، فبينا البنّاء قائم على أعلاه لإصلاحه، سقط إلى الأرض، فارتفع الضجيج استعظاما للحال، لأنّ العادة لم تجر بسلامة من يسقط عن مثل ذلك الحائط، فقام الرجل سالما لا قلبة به «5» ، وأراد العود إلى الحائط، ليتمّ البناء.
فقال له الشريف أبو الحسن: قد شاع سقوطك من أعلى الحائط، وأهلك لا يصدقون سلامتك، ولست أحبّ أن يردوا إلى بابي صوارخ، فامض إلى أهلك، ليشاهدوا سلامتك، وعد إلى شغلك.
فمضى مسرعا، فعثر بعتبة الباب، فسقط ميتا.
المنتظم 7/213(5/27)
13 بين أبي إسحاق الطبري وأبي الحسين بن سمعون
أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: حدّثني علي ابن أبي علي المعدّل «3» ، قال:
قصد أبو الحسين بن سمعون «4» أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري «5» ليهنّئه بقدومه من البصرة، فجلس في الموضع الذي جرت عادة أبي إسحاق بالجلوس فيه لصلاة الجمعة من جامع المدينة، ولم يكن وافى، فلما جاء والتقيا، قام إليه، وسلّم عليه، وقال له بعد أن جلسا:
الصبر إلّا عنك محمود ... والعيش إلّا بك منكود
ويوم تأتي سالما غانما ... يوم على الإخوان مسعود
مذ غبت غاب الخير من عندنا ... وإن تعد فالخير مردود
المنتظم 7/223(5/28)
14 أبو القاسم الخبز أرزي يهدي للتنوخي سبحة سبج
حدّثنا القاضي التنوخي، قال:
أهدى إليّ نصر بن أحمد الخبز أرزي، سبحة سبج «1» ، وكتب معها:
بعثت يا بدر بني يعرب ... بسبحة من سبج معجب
يقول من أبصرها طرفه ... نعم عتاد الخائف المذنب
لم تخط إن فكّرت في نظمها ... ولونها من حمّة العقرب
التحف والهدايا 23(5/29)
15 عبد الصمد يدق السعد في العطارين
أخبرنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي «2» ، قال:
كان عبد الصمد «3» يدقّ السعد في العطارين، ويذهب مذهب التديّن والتصوّف، والتعفّف والتقشّف.
فسمع عطارا يهوديا، يقول لابنه: يا بنيّ، قد جرّبت هؤلاء المسلمين، فما وجدت فيهم ثقة.
فتركه عبد الصمد أياما، ثم جاءه، فقال: أيها الرجل، تستأجرني لحفظ دكانك؟
قال: نعم، وكم تأخذ مني؟
قال: ثلاثة أرطال خبز، ودانقين فضة كل يوم.
قال: قد رضيت.
قال: فاعطني الخبز أدرارا، واجمع لي الفضة عندك، فإنّي أريدها لكسوتي.
فعمل معه سنة، فلما انقضت، جاءه، فحاسبه، فقال: انظر إلى دكّانك.
قال: قد نظرت.(5/30)
قال: فهل وجدت خيانة أو خللا؟
قال: لا والله.
قال: فإني لم أرد العمل معك، وإنما سمعتك تقول لولدك في الوقت الفلاني، إنك لم تر في المسلمين أمينا، فأردت أن أنقض عليك قولك، وأعلمك أنّه إذا كان مثلي- وأنا أحد فقرائهم- على هذه الصورة، فغيري من المسلمين على مثلها، وما هو أكثر منها.
ثم فارقه، وأقام على دقّ السّعد «1» .
المنتظم 7/235(5/31)
16 طلسم في صعيد مصر يطرد الفار
قال أبو علي التنوخي: حدّثني من أثق به، وهو أبو عبد الله الحسين ابن عثمان الخرقي الحنبلي، قال:
توجّهت إلى الصعيد «1» في سنة 359 فرأيت في باب ضيعة لأبي بكر علي ابن صالح الروذباري «2» تعرف بابسوج «3» ، شارعة على النيل بين القيس «4» والبهنسا «5» ، صورة فأرة في حجر، والناس يجيئون بطين من طين النيل فيطبعون فيه تلك الصورة، ويحملونه إلى بيوتهم.
فسألت عن ذلك، فقيل لي: ظهر عن قريب، من سنيّات، هذا الطّلسم، وذاك إنّه كان مركب فيه شعير تحت هذه البيعة «6» ، فقصد صبيّ من المركب ليلعب، فأخذ من هذا الطين، وطبع الفأرة، ونزل بالطين المطبوع إلى المركب، فلما حصل فيه، تبادر فأر المركب يظهرون ويرمون أنفسهم في الماء.(5/32)
فعجب الناس من ذلك، وجرّبوه في البيوت، فكان أيّ طابع حصل في داره، لم تبق فيها فأرة إلّا خرجت، فتقتل، أو تفلّتت إلى موضع لا صورة فيه.
فكثّر الناس أخذ الصورة في الطين، وتركها في منازلهم، حتى لم تبق فارة في الطرق والشوارع.
وشاع ذلك، وذاع في البلدان «1» .
معجم البلدان 1/91(5/33)
17 حجر عجيب الخواص في ضيعة عين جاره
قال أبو علي التنوخي: حدّثني الحسين بن نبت، غلام الببغاء «1» ، وكتب لي خطّه، وشهد له الببغاء بصحة الحكاية، قال:
كانت من أعمال حلب، ضيعة تعرف بعين جاره، بينها وبين الهونة، أو قال: الحونة، أو الجومة «2» ، حجر قائم كالتخم «3» بين الضيعتين.
وربما وقع بين أهل الضيعتين شرّ، فيكيدهم أهل الهونة، بأن يلقوا ذلك الحجر القائم، فكما يقع «4» الحجر، يخرج أهل الضيعتين من النساء ظاهرات متبرّجات، لا يعقلن على أنفسهن، طلبا للجماع، ولا يستحيين من الحال، لما عليهن من غلبة الشهوة.
إلى أن يتبادر الرجال إلى الحجر، فيعيدونه إلى حالته الأولى قائما، منتصبا، فتتراجع النساء إلى بيوتهن، وقد عاد إليهن التمييز باستقباح ما كنّ فيه.(5/34)
وهذه الضيعة كان سيف الدولة الحمداني «1» أقطعها أبا علي أحمد بن نصر البازيار «2» ، وكان أبو علي يتحدّث بذلك، ويسمعه الناس منه.
وقد ذكر هذه الحكاية، بخطّه في الأصل «3» .
معجم البلدان 3/760(5/35)
18 مشهد النذور بظاهر سور بغداد
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال:
كنت جالسا بحضرة عضد الدولة «1» ، ونحن مخيّمون بالقرب من مصلى الأعياد «2» ، في الجانب الشرقي من مدينة السلام، نريد الخروج معه إلى همذان «3» ، في أول يوم نزل العسكر، فوقع طرفه على البناء الذي على قبر النذور «4» .
فقال لي: ما هذا البناء؟
فقلت: هذا مشهد النذور، ولم أقل قبر، لعلمي بتطيّره من ذكر هذا.
فاستحسن اللفظ، وقال: قد علمت أنّه قبر النذور، وإنما أردت شرح أمره.
فقلت: هذا يقال إنّه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنّ بعض الخلفاء أراد قتله خفية، فجعل له هناك زبية «5» ، وسيّر عليها وهو لا يعلم، فوقع فيها، وهيل عليه التراب حيّا، وإنما شهر بقبر النذور، لأنه ما يكاد ينذر له نذر إلّا صحّ، وبلغ الناذر ما يريد، ولزمه الوفاء بالنذر، وأنا أحد من نذر له مرارا لا(5/36)
أحصيها كثرة، نذورا على أمور متعدّدة، فبلغتها، ولزمني النذر، فوفيت به.
فلم يقبل هذا القول، وتكلّم بما دل على أنّ هذا إنّما يقع منه اليسير اتّفاقا، فيتسوّق العوام بأضعافه، ويسيّرون الأحاديث الباطلة فيه، فامسكت.
فلما كان بعد أيام يسيرة، ونحن معسكرون في موضعنا، استدعاني، في غدوة يوم، وقال: اركب معي إلى مشهد النذور.
فركبت، وركب في نفر من حاشيته، إلى أن جئت به إلى الموضع، فدخله، وزار القبر، وصلّى عنده ركعتين، سجد بعدهما سجدة طويلة، أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد، ثم ركبنا معه إلى خيمته، ثم رحل ورحلنا معه نريد همذان، وبلغناها، وأقمنا فيها معه شهورا.
فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟
فقلت: بلى.
فقال: إنّي خاطبتك في معناه، بدون ما كان في نفسي، اعتمادا لإحسان عشرتك، والذي كان في نفسي، في الحقيقة، أنّ جميع ما يقال فيه كذب.
فلما كان بعد ذلك بمديدة، طرقني أمر خشيت أن يقع ويتمّ، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله، ولو بجميع ما في بيوت أموالي، وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهبا.
فتذكّرت ما أخبرتني به من النذر لقبر النذور، فقلت: لم لا أجرّب ذلك؟ فنذرت إن كفاني الله سبحانه ذلك الأمر، أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحا.
فلما كان اليوم، جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر، فتقدّمت إلى(5/37)
أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف- يعني كاتبه «1» - أن يكتب إلى أبي الريان- وكان خليفته ببغداد «2» - بحملها إلى المشهد.
ثم التفت إلى عبد العزيز، وكان حاضرا، فقال له: قد كتبت بذلك، ونفذ الكتاب.
معجم البلدان 4/29 تاريخ بغداد للخطيب 1/123(5/38)
19 ألوان غريبة من الورد
حكى صاحب نشوار المحاضرة «1» : أنّه رأى وردا أصفر، واستغرب ذلك، وقد رأيناه كثيرا، إلّا أنه امتاز بكونه عدّ ورق وردة، فكانت ألف ورقة «2» ، ورأى وردا أسود حالك اللون، له رائحة ذكية، ورأى بالبصرة وردة، نصفها أحمر قاني الحمرة، ونصفها الآخر ناصع البياض «3» ، والورقة التي قد وقع الخط فيها كأنها مقسومة بقلم «4» .
مطالع البدور 1/94(5/39)
20 ذكر خبر بناء مدينة السلام
أخبرنا القاضي علي بن أبي عليّ المعدّل التنوخي «1» ، قال: أخبرنا طلحة ابن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني محمد بن جرير إجازة «3» :
أنّ أبا جعفر المنصور «4» بويع له سنة ست وثلاثين ومائة «5» ، وأنّه ابتدأ أساس المدينة سنة خمس وأربعين ومائة «6» ، واستتم البناء، سنة ست وأربعين ومائة «7» ، وسماها مدينة السلام «8» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/66(5/40)
21 مدينة السلام لم يمت فيها خليفة قط
قال أبو عبد الله محمد بن داود بن الجراح «1» .
لم يمت بمدينة السلام «2» خليفة، مذ بنيت إلّا محمد الأمين «3» ، فإنه قتل في شارع باب الأنبار «4» ، وحمل رأسه إلى طاهر بن الحسين «5» ، وهو في معسكره بين بطاطيا وباب الأنبار «6» ، فأما المنصور «7» ، وهو الذي بناها، فمات حاجّا، وقد دخل الحرم «8» ، ومات المهدي «9» بماسبذان «10» ، ومات(5/41)
الهادي «1» بعيساباذ «2» ، ومات هارون «3» بطوس «4» ، ومات المأمون «5» بالبدندون «6» من بلاد الروم، وحمل- فيما قيل- إلى طرسوس «7» فدفن بها، ومات المعتصم «8» بسرّ من رأى «9» ، وكل من ولي الخلافة بعده من ولده، وولد ولده، إلّا المعتمد «10» والمعتضد «11» والمكتفي «12» فإنهم ماتوا بالقصور من الزندورد «13» ، فحمل(5/42)
المعتمد ميتا إلى سرّ من رأى، ودفن المعتضد في موضع من دار محمد بن عبد الله بن طاهر «1» ، ودفن المكتفي في موضع من دار ابن طاهر «2» .
قال الخطيب الحافظ أبو بكر: ذكرت هذا الخبر للقاضي أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخيّ رحمه الله، فقال: محمد الأمين أيضا لم يقتل في المدينة، وإنما كان قد نزل في سفينة إلى دجلة ليتنزّه «3» ، فقبض عليه في وسط دجلة، وقتل هناك، ذكر ذلك الصولي وغيره.
وقال أحمد بن أبي يعقوب الكاتب: قتل الأمين خارج باب الأنبار «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/68(5/43)
22 الصنم الموجود على رأس القبة الخضراء
حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال:
سمعت جماعة من شيوخنا يذكرون: أنّ القبة الخضراء، كان على رأسها صنم على صورة فارس في يده رمح، فكان السلطان إذا رأى أنّ ذلك الصنم قد استقبل بعض الجهات، ومدّ الرمح نحوها، علم أنّ بعض الخوارج يظهر من تلك الجهة، فلا يطول الوقت حتى ترد عليه الأخبار خارجيا قد نجم من تلك الجهة، أو كما قال «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/73(5/44)
32 الأبواب الحديد على مدينة المنصور
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، قال: حدثّني أبو الحسن ابن عبيد الزجّاج الشاهد «1» ، وكان مولده في شهر رمضان من سنة أربع وتسعين ومائتين، قال:
أذكر في سنة سبع وثلاثمائة، وقد كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور «2» ، فأفلت من كان فيها، وكانت الأبواب الحديد «3» التي للمدينة باقية، فغلقت، وتتبّع أصحاب الشرط من أفلت من الحبوس، فأخذوا جميعهم، حتى لم يفتهم منهم أحد.
تاريخ بغداد للخطيب 1/75(5/45)
24 الماء المنبثق من قبين يهدم طاقات باب الكوفة في مدينة المنصور
حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: قال لي القاضي أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي «2» :
انبثق البثق «3» من قبّين «4» ، وجاء الماء الأسود «5» فهدم طاقات باب الكوفة «6» ، ودخل المدينة «7» فهدم دورنا، فخرجنا إلى الموصل «8» ، وذلك في سنة نيف(5/46)
وثلاثين وثلاثمائة، وأقمنا بالموصل سنين عدّة، ثم عدنا إلى بغداد، فسكنّا طاقات العكّي «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/75(5/47)
25 عدد الخدم والفراشين في قصر الخلافة
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم «1» ، قال: حدّثني أبي «2» قال:
قال أبو القاسم علي بن محمد الخوارزمي، في وصف أيام المقتدر بالله «3» ، وقد جرى حديثه، وعظم أمره، وكثرة الخدم في داره: قد اشتملت الجريدة «4» على أحد عشر ألف خادم خصي، وكذا، من صقلبيّ «5» وروميّ «6» وأسود.
وقال: هذا جنس واحد ممن تضمنه الدار، فدع الآن الغلمان الحجرية، وهم ألوف كثيرة، والحواشي من الفحول.
وقال أيضا: حدّثني أبو الفتح عن أبيه وعمّه، عن أبيهما [عن] أبي الحسن علي بن يحيى «7» : أنّه كانت عدّة كل نوبة من نوب الفرّاشين في دار المتوكّل على الله، أربعة آلاف فراش، قالا: فذهب علينا أن نسأله، كم نوبة كانوا «8» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/100(5/48)
26 من شعر صاحب النشوار
أنشدنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» ، قال: أنشدني أبي «2» لنفسه:
يوم سرقنا العيش فيه خلسة ... في مجلس بفناء دجلة مفرد
رقّ الهواء برقّة «3» قدّامه ... فغدوت رقّا للزمان المسعد
فكأنّ دجلة طيلسان «4» أبيض ... والجسر فيها كالطراز «5» الأسود
تاريخ بغداد للخطيب 1/117(5/49)
27 الوزير ابن الفرات
يقيّد، ويغلّ، ويلبس جبة صوف نقعت بماء الأكارع حدث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسين علي بن هشام «1» ، قال:
كنت حاضرا مع أبي «2» ، مجلس أبي الحسن بن الفرات «3» ، في شهر ربيع الآخر، سنة خمس وثلاثمائة، في وزارته الثانية «4» ، فسمعته يتحدّث، ويقول:
دخل إليّ أبو الهيثم، العباس بن محمد بن ثوابة الأنباري «5» ، في محبسي في دار المقتدر بالله «6» وطالبني بأن أكتب له خطي بثلاثة عشر ألف ألف دينار.(5/50)
فقلت: هذا مال ما جرى على يدي للسلطان في طول أيام ولايتي، فكيف أصادر على مثله؟.
قال: قد حلفت بالطلاق على أنه لا بد أن تكتب بذلك، فكتبت له ثلاثة عشر ألف ألف، ولم أذكر درهما ولا دينارا.
فقال: اكتب دينارا لأبرأ من يميني، فكتبت، وضربت عليه، وخرقت الرقعة، ومضغتها.
وقلت: قد برّت يمينك، ولا سبيل بعد ذلك إلى كتب شيء، فاجتهد، ولم أفعل.
ثمّ عاد إليّ من غد، ومعه أم موسى القهرمانة «1» ، وجدّد مطالبتي، وأسرف في شتمي، ورماني بالزنا، فحلفت بالطلاق والعتاق، وتمام الأيمان الغموس «2» ، أنّني ما دخلت في محظور من هذا الجنس، منذ نيف وثلاثين سنة، وسمته أن يحلف بمثل يميني، على أن غلامه القائم على رأسه، لم يأته في ليلته تلك.
فأنكرت أم موسى هذا القول، وغطت وجهها حياء منه.
فقال لها ابن ثوابة: هذا رجل بطر بالأموال التي معه، ومثله، مثل المزيّن مع كسرى، والحجّام مع الحجّاج بن يوسف، فتستأمرين السادة في إنزال المكروه به، حتى يذعن بما يراد منه.
وكان قوله السادة، إشارة إلى المقتدر بالله «3» ، والسيدة والدته «4» ،(5/51)
وخاطف «1» ، ودستنبويه أم ولد المعتضد بالله، وهم إذ ذاك مستولون على التدبير «2» لصغر سن المقتدر بالله «3» .
فقامت أم موسى، وعادت، وقالت لابن ثوابة: يقول لك السادة:
قد صدقت فيما قلت، ويدك مطلقة فيه.
قال ابن الفرات: وكنت في دار لطيفة «4» ، والحرّ شديد، فتقدّم بتنحية البواري «5» عن سمائها، حتى نزلت الشمس إلى صحنها «6» ، وإغلاق أبواب بيوتها، فحصلت في الشمس، من غير أن أجد مستظلا منها، ثمّ قيّدني بقيد ثقيل، وألبسني جبة صوف، قد نقعت في ماء الأكارع «7» ، وغلّني بغلّ، وأقفل باب الحجرة وانصرف.
فأشرفت على التلف، وعددت على نفسي ما عاملت به الناس، فوجدتني، قد عملت كل شيء منه، من مصادرة، ونهب، وقبض ضياع، وحبس، وتقييد، وتضييق، وإلباس جباب الصوف، وتسليم قوم إلى أعدائهم، وتمكينهم من مكروههم، ولم أذكر أنّي غللت أحدا، فقلت: يا نفس هذه زيادة.
ثم فكّرت أنّ النرسي، كاتب الطائي، ضمني من عبيد الله بن سليمان «8» ،(5/52)
فلم يسلمني إليه، وسلّمه إليّ، فسلّمته إلى الحسن المعلوف، المستخرج، وكان عسوفا، وأمرته بتقييده، وتعذيبه، ومطالبته بمال حددته له، وألطّ «1» ، ولم يؤدّ، فتقدّمت بغلّه، ثم ندمت بعد أن غلّ مقدار ساعتين، وأمرت بإنزال الغلّ عنه.
وتجاوزت الساعتين وأنا مغلول، فذكرت أمرا آخر، وهو أنّه لما قرب سبكرى «2» مأسورا مع رسول صاحب خراسان «3» ، كتبت إلى بعض عمال المشرق «4» ، بمطالبته بأمواله، وذخائره، فكتب بإلطاطه وامتناعه، فكتبت بأن يغلّ، ثم كتبت بعد ساعتين كتابا ثانيا بأن يحلّ، فوصل الكتاب الأول وغلّ، وتلاه الثاني بعد ساعتين، فحلّ.
فلما تجاوزت عنّي أربع ساعات، سمعت صوت غلمان مجتازين في الممرّ الذي فيه حجرتي، فقال الخدم الموكلون بي: هذا بدر الحرمي، وهو صنيعتك.
فاستغثت به وصحت: يا أبا الخير، لي عليك حقوق، وأنا في حال أتمنّى معها الموت، فتخاطب السادة، وتذكّرهم حرمتي، وخدمتي في تثبيت دولتهم «5» ، لما قعد الناس عن نصرتهم، وافتتاحي البلدان المأخوذة «6» ،(5/53)
واستيفائي الأموال المنكسرة، وإن لم يكن إلّا مؤاخذتي بذنب ينقم عليّ، فالسيف، فإنّه أروح.
فرجع، ودخل إليهم، وخاطبهم، ورقّقهم، فأمروا بحلّ الحديد كلّه عنّي، وتغيير لباسي، وأخذ شعري، وإدخالي الحمّام، وتسليمي إلى زيدان «1» ، وراسلوني: بأنك لا ترى بعد ذلك بأسا، وأقمت عند زيدان، مكرما، إلى أن رددت إلى هذا المجلس «2» .
قال أبو الحسين: ثم ضرب الدهر ضربه، فدخلت إليه مع أبي، في الوزارة الثالثة «3» ، وقد غلب المحسّن «4» على رأيه وأمره.
فقال له أبي: قد أسرف أبو أحمد، في مكاره الناس، حتى انّه يضرب من لو قال له: اكتب خطّك بما يريده منه، لكتب من غير ضرب، ثم يواقف المصادر على الأداء في وقت بعينه، فإن تأخّر إيراد الروز به، أعاد ضربه، وفي هذا الفعل شناعة، مع خلوّه من فائدة.
فقال له أبو الحسن: يا أبا القاسم، لو لم يفعل أبو أحمد، ما يفعله، بأعدائنا، ومن أساء معاملتنا، لما كان من أولاد الأحرار، ولكان نسل(5/54)
هوان، أنت تعلم أنّني قد أحسنت إلى الناس دفعتين، فما شكروني، وسعوا على دمي، وو الله لأسلكنّ بهم ضدّ تلك الطريقة.
فلمّا خرجنا من حضرته، قال لي أبي: سمعت أعجب من هذا القول؟
إذا كنّا لم نسلم مع الإحسان، نسلم مع الإساءة؟ فما مضى إلّا أيام يسيرة، حتى قبض عليه، وجرى ما جرى في أمره.
قال القاضي أبو علي التنوخي: قلت لأبي الحسين بن هشام: قد عرفنا خبر المزيّن مع كسرى، وهو أنه جلس ليصلح وجهه، فقال له: أيّها الملك زوّجني بنتك، فأمر بأن يقام، فأقيم.
وقيل له: ما قلت؟
فقال: لم أقل شيئا، ففعل به ذلك ثلاث دفعات.
فقال الملك: لهذا المزيّن خطب، وأحضر أهل الرأي، فأخبرهم بحاله.
فقال جميعهم: ما أنطق هذا المزيّن، إلّا باعث بعثه من مال وراء ظهره، فأنفذ إلى منزله، فلم يوجد له شيء.
فقال الملك: احفروا مكان مقعده عند خدمته لي، فحفر، فوجد تحته كنز عظيم.
فقال الملك: هذا الكنز كان يخاطبني.
ثم قلت لأبي الحسين: فهل تعرف خبر الحجّام، مع الحجّاج؟
فقال: نعم، بلغنا أنّ الحجاج «1» ، احتجم ذات يوم، فلما ركّب الحجّام المحاجم على رقبته، قال: أحبّ أيها الأمير، أن تخبرني بخبرك مع ابن الأشعث «2» ،(5/55)
وكيف عصى عليك.
فقال له: لهذا الحديث وقت آخر، وإذا فرغت من شأنك، حدّثتك، فأعاد مسألته، وكرّرها، والحجاج يدفعه، ويعده، ويحلف له على الوفاء له.
فلما فرغ، ونزع المحاجم عنه، وغسل الدم، أحضر الحجّام، وقال له: إنّا وعدناك بأن نحدّثك حديث ابن الأشعث، وحلفنا لك، ونحن محدّثوك، يا غلام، السياط، فأتي بها.
فأمر الحجّاج بالحجّام، فجرّد، وعلته السياط، وأقبل الحجّاج يقصّ عليه قصّة ابن الأشعث، بأطول حديث، فلما فرغ استوفى الحجّام خمسمائة سوط، فكاد يتلف.
ثم رفع الضرب، وقال له: قد وفينا لك بالوعد، وأيّ وقت أحببت أن تسأل خبرنا مع غير ابن الأشعث، على هذا الشرط، أجبناك «1» .
الوزراء للصابي 118(5/56)
28 الوزير ابن الفرات
يتناول رقعة فيها سبّه وشتمه وتهديده حدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسين بن هشام «1» ، قال: حدّثني أبو علي بن مقلة «2» ، قبل وزارته «3» ، قال:
عزم أبو الحسن بن الفرات «4» ، في وزارته الأولى «5» ، يوما على الصبوح من غد، وكان يوم الأحد من رسمه أن يجلس للمظالم فيه.
ثم قال: كيف نتشاغل نحن بالسرور، ونصرف عن بابنا قوما كثيرين، قد قصدوا من نواح بعيدة، وأقطار شاسعة، مستصرخين، متظلّمين؟
فهذا من أمير، وهذا من عامل، وهذا من قاض، وهذا من متعزّز، ويمضون مغمومين، داعين علينا، والله، ما أطيب نفسا بذلك.
ولكن أرى أن تجلس أنت يا أبا علي ساعة، ومعك أحمد ابن عبيد الله بن رشيد، صاحب ديوان المظالم «6» ، وتستدعيا(5/57)
القصص «1» ، وتوقّعا منها فيما يجوز توقيعكما فيه، وتفردا ما لا بدّ من وقوفي عليه، وتحضرانيه لأوقّع فيه، وينصرف أرباب الظلامات مسرورين، وأتهنّأ يومي بذلك.
فقلت: السمع والطاعة، وبكرت من غد.
فقال لي: اخرج، واجلس، على ما واقفتك عليه، فخرجت ومعي ابن رشيد، وجلسنا ووقّعنا في جمهور ما رفع، إلّا عشر رقاع ممّا يحتاج إلى وقوفه عليها، وتوقيعه بخطّه فيها، وكان منها رقعة كبيرة ضخمة، ترجمتها: المتظلمون من أهل روذمستان، وهرمزجرد، وهما ناحيتان من السيب الأسفل «2» وجنبلاء «3» ، وكانت إذ ذاك في إقطاع السيدة «4» ، وقدّرت(5/58)
أنّها ظلامة من وكيلها، في تغيير رسم «1» ، أو نقص طسق «2» ، فجعلتها فيما أفردته.
وعدت إلى أبي الحسن، فعرّفته ما جرى، فأخذ الرقاع، ولم يزل يوقّع فيها، إلى أن انتهى إلى هذه الرقعة، فقرأها، ووجهه يربدّ ويصفرّ، وينتقل من لون إلى لون، فضاق صدري، وندمت على ترك قراءتها، وقلت: لعلّ فيها أمرا يتّهمني فيه، وأخذت ألوم نفسي على تفريطي فيما فرّطت فيه.
وفرغ منها، فكتمني ما وقف عليه فيها، وقال: هاتوا أهل روذمستان وهرمزجرد.
فصاح الحجّاب دفعات، فلم يجب أحد، وقام وهو مهموم منكسر، ولم يذاكرنا بأمر أكل ولا شرب، ودخل بعض الحجر، وتأخّر أكله، وزاد شغل قلبي.
وقلت لخليفة لساكن- صاحب الدواة- وكان أميّا «3» : أريد رقعة لابن بسّام الشاعر «4» ، عليها خرج لأقف عليه، ولم أزل أخدعه، حتى مكّنني من تفتيش ما هو مع الدواة «5» ، ولو كان ساكن حاضرا لما تمّ لي ذلك.(5/59)
وأخذت الرقعة، فإذا هي رقعة بعض أعداء ابن الفرات، وقد قطّعه فيها بالثلب، والطعن، وتعديد المساوىء، والقبائح، وهدّده بالسعاية.
وقال فيما قاله: قد قسمت الملك بين نفسك وأولادك، وأهلك وأقاربك، وكتّابك وحواشيك، واطّرحت جميع الناس، وأقللت الفكر في عواقب هذه الأفعال، وما ترضى لمن تنقم عليه، بالإبعاد وتشتيت الشمل، حتى تودعهم الحبوس، وتفعل وتصنع، وختمها بأبيات هي:
لو كان ما أنتم فيه يدوم لكم ... ظننت ما أنا فيه دائما أبدا
لكن رأيت الليالي غير تاركة ... ما ساء من حادث أو سرّ مطرّدا
وقد سكنت إلى أنّي وأنّكم ... سنستجدّ خلاف الحالتين غدا
قال: وبطل صبوح ابي الحسن، ودعانا وقت الظهر، فأكلنا معه على الرسم، ولم أزل أبسطه، وأقول له أقوالا تسكّنه، إلى أن شرب بعد انتباهه من نومه، غبوقا «1» .
ومضى على هذا اليوم أربعة أشهر، وقبض عليه «2» ، واستترت عند الحسين بن عبد الأعلى.
فلما خلع على أبي علي محمد بن عبيد الله بن خاقان «3» ، جلسنا نتحدّث، ونتذاكر أمر ابن الفرات.
فقال لي ابن عبد الأعلى: كنت جالسا في سوق السلاح، أنتظر جواز(5/60)
الخاقاني بالخلع، لأقوم إليه وأهنّئه، فاتّفق معي رجل شاب، حسن الهيأة، جميل البزّة، وحدّثني انّه صاحب لأبي الحسين محمد بن أحمد بن أبي البغل «1» ، وانّه أنفذه من أصبهان، قاصدا، حتى دسّ إلى ابن الفرات، رقعة على لسان بعض المتظلّمين، فيها كل طعن، وثلب، ودعاء، وسبّ، وتوعّد، وتهدّد، وفي آخرها شعر.
فقلت له: على رسلك، هذه الرقعة على يدي جرت، ووصلت إلى ابن الفرات.
وخرج الحديث متقابلا.
الوزراء للصابي 122(5/61)
29 الوزير أبو علي بن مقلة يشيد بمآثر الوزير ابن الفرات
وحدّث القاضي أبو عليّ، قال: حدّثني أبو الحسين بن هشام «1» ، قال:
قال: سمعت أبي «2» يقول لأبي علي بن مقلة «3» ، في أوّل وزارته الأولى «4» ، وقد جلس مجلسا تقصّى فيه الأعمال، وبان منه فضل كفاية واستقلال:
العمل في يد الوزير أيّده الله، ذليل.
فقال: على هذه الحال نشأنا، يا أبا القاسم، وأخذناها عمّن كانت الدنيا والمملكة، يطرحان الأثقال عليه، فينهض بها، يعني أبا الحسن بن الفرات «5» .
ثم قال أبو علي: لقد رأيته جالسا في الديوان للمظالم، والوزير إذ ذاك، القاسم بن عبيد الله «6» ، فتظلّم إليه رجل من رسم ثقّله عليه الطائي «7» ، وغيّر(5/62)
به رسما له قديما خفيفا، ويسأل ردّه إلى ما كان عليه أولا.
فردّ يقول: قد سمتني أن أبطل رسما، قرره أبو جعفر الطائي- رحمه الله- مع محلّه من العدل، والثقة، والبصيرة بأسباب العمارة، وقد درّت على يده الأموال، وصلحت الأحوال، وأحمده الجمهور، واستقامت عليه الأمور، وهذا سوم إعنات، وكتب بحمله على ما رسمه أبو جعفر.
ثم رأيت، مرة ثانية، متظلّما آخر، من رسم ثقيل خفّفه الطائي، لعلمه بأن الضيعة لا تحتمل غيره، وقد اعترض عليه فيه، ويسأل إجراءه على رسم الطائي.
فردّ يقول له: يا بارك الله عليك، ليس الطائي أبا بكر الصدّيق، أو عمر بن الخطاب، أو علي بن أبي طالب، الذين نقتفي آثارهم، ونمضي أفعالهم، وإنما الطائي، ضامن عمل، رأى ما رآه حظّا لنفسه، وما يلزم السلطان تقريره، وأنت معنت في تظلّمك، وكتب بأن يجري على الرسم القديم الثقيل.
وخاطب كلّا من الرجلين، بلسان غير اللسان الآخر، شحّا على الأموال وحفظا لها.
الوزراء للصابي 124(5/63)
30 الوزير العباس بن الحسن يستشير كبار الكتاب في اختيار من يخلف المكتفي
حدّث أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي الكاتب «1» ، قال:
حدّثني غير واحد من كتّاب الحضرة «2» ، أنّ أبا أحمد العباس بن الحسن «3» لما مات المكتفي بالله «4» ، جمع كتّابه، وخواصّه، وخلا بهم، وشاورهم فيمن يقلّده الخلافة، فأجمعوا، وأشاروا على العباس، بعبد الله بن المعتزّ «5» ، إلّا أبا الحسن بن الفرات «6» فإنّه أمسك.
فقال له العباس: لم أمسكت، ولم تورد ما عندك؟
فقال: هو أيّها الوزير، موضع إمساك.
قال: ولم؟
قال: إنّه وجب أن ينفرد الوزير- أعزّه لله- بكل واحد منّا،(5/64)
فيعرف رأيه، وما عنده، ثم يجمع الآراء، ويختار منها بصائب فكره، وثاقب نظره ما شاء، فإمّا أن يقول كل واحد رأيه، بحضرة الباقين، فربّما كان عنده، ما يسلك سبيل التقيّة في كتمانه وطيّه.
قال: صدقت والله، قم معي، فأخذ يده، ودخلا، وترك الباقين بمكانهم.
فقال له ابن الفرات: قررت رأيك على ابن المعتز؟
قال: هو أكبر من يوجد.
قال: وأيّ شيء تعمل برجل فاضل، متأدّب، قد تحنّك، وتدرّب، وعرف الأعمال، ومعاملات السواد، وموقع الرغبة في الأموال، وخبر المكاييل والأوزان، وأسعار المأكولات والمستغلّات، ومجاري الأمور والتصرّفات، وحاسب وكلاءه على ما تولّوه، وضايقهم، وناقشهم، وعرف من خياناتهم واقتطاعاتهم، أسباب الخيانة والاقتطاع التي يدخل فيها غيرهم، فكيف يتمّ لنا معه أمر، إن حمل كبيرا على صغير، وقاس جليلا على دقيق، هذا لو كان ما بيننا وبينه عامرا، وكان صدره علينا من الغيظ خاليا، فكيف وأنت تعرف رأيه.
قال العباس: وأيّ شيء في نفسه علينا؟
قال: أنسيت أنّه منذ ثلاثين سنة، يكاتبك في حوائجه، فلا تقضيها، ويسألك في معاملاته فلا تمضيها، وعمالك يصفعون وكلاءه فلا تنكر، ويتوسّل في الوصول إليك ليلا، فلا تأذن، وكم رقعة جاءتك بنظم ونثر، فلم تعبأ بها، ولا أجبته إلى مراده فيها، وكم قد جاءني منه، ما هذا سبيله، فلم أراع فيه وصولا إلى ما يريد إيصاله إليه، وهل كان له شغل عند مقامه في منزله، وخلوته بنفسه، إلّا معرفة أحوالنا، والمساءلة عن ضياعنا، وارتفاعنا، وحسدنا على نعمتنا، هذا، وهو يعتقد أنّ الأمر كان له ولأبيه(5/65)
وجدّه، وأنّه مظلوم منذ قتل أبوه، مهضوم، مقصود، مضغوط، فكيف يجوز أن نسلّم إليه نفوسنا، فتحرس، فضلا عن أموالنا؟
فقال العباس: صدقت والله، يا أبا الحسن، فمن يقلّد، وليس هاهنا أحد؟
قال: تقلّد جعفر»
بن المعتضد «2» ، فإنّه صبي، لا يدري أين هو، وعامّة سروره، أن يصرف من المكتب، فكيف أن يجعل خليفة، ويملك الأعمال والأموال، وتدبير النواحي، والرجال، ويكون الخليفة بالاسم، وأنت هو على الحقيقة، وإلى أن يكبر، قد انغرست محبّتك في صدره، وحصلت محصل المعتضد في نفسه.
قال: فكيف يجوز أن يبايع الناس صبيّا، أو يقيموه إماما؟
فقال له: أما الجواز فمتى اعتقدت أنت، أو نحن، إمامة البالغين من هؤلاء القوم؟ وأما إجابة الناس، فمتى فعل السلطان شيئا فعورض فيه، أو أراد أمرا فوقف؟ وأكثر من ترى صنائع المعتضد، وإذا أظهرت أنّك اعتمدت في ذلك مراعاة حقه، وإقرار الأمر في ولده، وفرّقت المال، وأطلقت البيعة، وقع الرضا، وسقط الخلاف، وطريق ما تريده، أن تواقف بعض أكابر القوّاد، وعقلاء الخدم، على المضي إلى دار ابن طاهر «3» وحمله- يعني جعفر بن المعتضد- إلى دار الخلافة، وأن تستر الأمر إلى أن يتمّ التدبير، وإن اعتاص معتاص، مدّ بالعطاء والإحسان.(5/66)
فقال العباس: هذا هو الرأي، واستدعى في الحال، مؤنسا «1» مولى المعتضد، وأورد عليه، ما ذهب فيه إلى الجنس الذي أشار به أبو الحسن، من الوفاء للمعتضد، ورعاية ما كان منه في اصطناع الجماعة، ورسم له قصد دار ابن طاهر، وحمل جعفر إلى دار الخلافة «2» ، والسلام عليه بها، ففعل.
وماج الجند، ففرّق فيهم مال البيعة، ودخل عليهم من طريق الوفاء للمعتضد، وتمّ التدبير.
فلما زال أمر العباس، وكان من قتله ما كان «3» ، وانتظمت الأمور بعد قتل ابن المعتز «4» ، وتقلّد أبو الحسن الوزارة «5» ، صارت ثمرة هذا الرأي له.
وكان يقف بين يدي المقتدر بالله، وهو صبي، قاعد على السرير، فيخاطب الناس، والجيش، عنه، فإذا انصرفوا، أمرت السيدة «6» ، بأن يعدل بأبي الحسن إلى حجرة، فيجلس فيها، ويخرج المقتدر، فيقوم إليه، فيقبّل يده ورأسه، ثم يقعد، ويقعده في حجره، كما يفعل الناس بأولادهم.
وتقول له السيدة من وراء الباب: هذا يا أبا الحسن ولدك، وأنت قلّدته الخلافة، أولا، وثانيا، تعني ما تقدّم من مشورته على العباس به، وبتقلّده الخلافة، من بعد إزالة فتنة ابن المعتز.(5/67)
فيقول ابن الفرات: هذا مولاي، وإمامي، وربّ نعمتي، وابن مولاي، وإمامي.
وبقي على ذلك، مدة وزارته الأولى «1» ، وتمكّن أبو الحسن من الخزائن والأموال، وفعل ما شاء وأراد.
الوزراء للصابي 130(5/68)
31 الوزير ابن الفرات يتحدّث عن تلوّن المقتدر واختلاف رأيه
وحدّث أبو محمد الصلحي «1» ، قال: حدّثنا جماعة من كتّاب أبي الحسن بن الفرات، وخواصّه قالوا:
عاد أبو الحسن من الموكب «2» يوما، فجلس بسواده «3» مغموما، يفكّر فكرا طويلا، فشغل ما رأينا منه قلوبنا، وظننّاه لحادث حدث.
فسألناه عن أمره، فدافعنا، وألححنا عليه، فحاجزنا، وقال: ما هاهنا إلّا خير وسلامة.
فقام ابن جبير «4» وكان من بيننا متهوّرا مدلّا، فقال: تأمر أيها الوزير بأمر؟
قال: إلى أين؟
قال: أستتر، وأستر عيالي، وسبيل هؤلاء الذين بين يديك أن يفعلوا مثل فعلي.
قال: ولم؟
قال: تعود من دار الخلافة، وأنت من الغمّ الظاهر في وجهك، على(5/69)
هذه الصورة، ونسألك عن أمرك فتكتمنا، ولم تجر عادتك بذلك معنا، وهل وراء هذا إلّا القبض والصرف؟
فقال له: اجلس يا أحمق، حتى أحدّثك السبب، فجلس.
وقال: ويحكم، قد علمتم أنّني أشكو إليكم نقصان هذا الرجل- يعني المقتدر- دائما، وشدّة تلوّنه، واختلاف رأيه، وأنّي أحب منذ مدّة، أن أروزه «1» ، وأعرف قدر ذلك منه، وهل هو في كل الأمور، أو في بعضها، وفي صغارها أم في كبارها؟
فقلت له اليوم في أمر رجل كبير- ولم يسمّه ابن الفرات- يا أمير المؤمنين، إنّ فلانا قد فسد علينا، وليس مثله من أخرج من أيدينا، وقد رأيت أن أقلّده كذا، وأقطعه، وأسوّغه كذا- وأكثرت- لنستخلصه بذلك، ونستصلح نيّته، ونستديم طاعته، ولم يجز أن أفعل أمرا إلّا بعد مطالعتك، فما تأمر؟
قال: افعل.
ثم حدّثته طويلا، وخرجت من أمر إلى آخر، وقرب وقت انصرافي.
فقلت له: يا مولانا، عاودت الفكر في أمر فلان، فوجدت أنّ ما نعطيه إيّاه، ممّا استأذنت فيه، كثيرا، مؤثّرا في بيت المال، ولا نأمن أن يطمع نظراؤه في مثل ذلك، وإن أجبناهم، عظمت الكلفة، وإن منعناهم فسدوا، وقد رأيت رأيا آخر في أمره.
قال: ما هو؟
قلت: أن نقبض عليه، ونأخذ نعمه، ونخلّده الحبس أبدا.
قال: افعل.(5/70)
فقلت: وا ويلاه، كذا والله تجري حالي معه، يقال له: إنّ ابن الفرات، الكافي، الناصح، وهو وطّأ لك الأمر، وأقامك في الخلافة، وهو ... وهو، فيقول: نعم، ويقرّبني، ويقدّمني.
ثم يقف غدا بين يديه، رجل، فيقول: قد سرق ابن الفرات الأموال، ونهب الأعمال، وفعل، وصنع، والوجه أن يقبض عليه، ويصرف، ويقيّد، ويحبس، ويقلّد وزير آخر، فيقول: نعم، ويفعل ذلك بي.
ثم يعاود، ويقال له: لا يجوز أن يوحش ابن الفرات، ويستبقى، ولا يؤمن أن يستفسد، ويترك، والصواب قتله، فيقول: افعلوا، فأهلك.
قال: واستشعر هذا، فكان على ما قدّره «1» .
وقد تواترت هذه الحكاية، عن جماعة، عنه.
الوزراء للصابي 133(5/71)
32 من أقوال الوزير أبي الحسن بن الفرات
وممّا ذكر عن ابن الفرات «1» ، أنّه كان يقول: تمشية أمور السلطان على الخطإ، خير من وقوفها على الصواب.
ويقول أيضا: إذا كانت لك حاجة إلى الوزير، فاستطعت أن تقضيها بخازن الديوان، أو كاتب سره، فافعل، ولا تبلغ إليه فيها «2» .
الوزراء للصابي 135(5/72)
33 الوزير أبو علي بن مقلة
يتحدّث عن سياسة الوزير ابن الفرات ووفور عقله وحدّث «1» أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي «2» ، قال: حدّثني أبو علي ابن مقلة «3» ، قال:
كنت أكتب لأبي الحسن بن الفرات «4» ، في التحرير، أيام خلافته أبا العباس أخاه «5» ، على ديوان السواد، بجاري عشرة دنانير في كل شهر، ثم تقدّمت حاله، فأرزقني ثلاثين دينارا، في كل شهر، فلما تقلّد الوزارة «6» ، جعل رزقي خمسمائة دينار في الشهر.
ثم أمر بقبض ما في دور القوم الذين بايعوا ابن المعتز «7» ، فحمل في الجملة صندوقان.
فسأل: هل علمتم ما فيها؟
قالوا: نعم: جرائد بأسماء من يعاديك، ويدبّر في زوال أمرك.
فقال: لا يفتحان، ثم دعا بنار، دعاء كرّره، وصاح فيه، وأحضر الفراشون النار فأجّجت، وتقدم بطرحهما في النار، على ما هما.(5/73)
فلما أحرقت، أقبل على من كان حاضرا، وقال: والله لو فتحتها، وقرأت ما فيها، لفسدت نيات الناس كلّهم علينا، واستشعروا الخوف منا، ومع فعلنا ما فعلناه، طوينا الأمور بهذا، فهدأت القلوب، واطمأنت النفوس «1» .
ثم قال لي: قد آمن الله، والخليفة- أعزّه الله- كلّ من بايع ابن المعتز، فاكتب الأمانات للناس جميعا، وجئني بها لأوقّع فيها، ولا تردّ أحدا عن أمان يطلبه، فقد أفردتك لذلك، لأنّه باب مكسب كبير.
وقال لمن حضر: أشيعوا قولي، وتحدّثوا به بين الخاص والعام، ليأنس المستوحش، ويأمن المستتر.
قال أبو علي: فحصل لي من كتب الأمانات، مائة ألف دينار، أو نحوها.
الوزراء للصابي 135(5/74)
34 وزير يسرق سبعمائة ألف دينار في عشر خطوات
قال أبو محمد الصلحي «1» :
قال لنا أبو علي بن مقلة «2» ، وقد جرى ذكر ابن الفرات «3» : يا قوم سمعتم بمن سرق في عشر خطوات سبعمائة ألف دينار؟
قلنا: كيف ذلك؟
قال: كنت بين يدي ابن الفرات في وزارته الأولى «4» ، ونحن في دار الخلافة، نقرّر أرزاق الجيش، ونقيم وجوه مال البيعة «5» ، ونرتّب إطلاقه، وذلك عقيب فتنة ابن المعتز «6» .
فلما فرغ ممّا أراده، وخرج، فركب طيّاره، وبلغ نهر المعلّى، قال: إنّا لله، إنّا لله، قفوا.
فوقف الملّاحون.
فقال لي: وقّع إلى أبي خراسان، صاحب بيت المال، بحمل سبعمائة ألف دينار، تضاف إلى مال البيعة وتفرّق على الرجال.
فقلت في نفسي: أليس قد وجّهنا وجوه المال كلّه؟ ما هذه الزيادة؟(5/75)
ووقّعت بما رسمه، وعلّم فيه بخطه، ودفعه إلى غلام، وقال: لا تبرح من بيت المال، حتى تحمل هذا المال الساعة إلى داري، ثم سار.
قال: فحمل إليه بأسره، وسلّم إلى خازنه، فعلمت أنّه أنسي أن يأخذ شيئا لنفسه في الوسط، ثم ذكر أنّه باب لا يتّفق مثله سريعا، ويحتمل ما احتمله من هذا الاقتطاع الكثير، فاستدرك من رأيه ما استدرك، وتنبّه من فعله، على ما تنبّه «1» .
الوزراء للصابي 133(5/76)
35 الظلم إذا زاد رفع نفسه
حدّث القاضي أبو علي «1» ، قال: حدّثني أبو جعفر طلحة بن عبيد الله «2» ، قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي «3» ، قال: قال لنا أبو الحسن بن الفرات «4» يوما، وقد جرى بحضرته ذكر رجل قد أسرف في الظّلم «5» : الظلم إذا زاد رفع نفسه «6» .
الوزراء للصابي 238(5/77)
36 ما يرتفع لابن الفرات ولعلي بن عيسى من ضياعها
حدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن الجوهري «1» ، المعروف بالمقنعي، أحد الشهود، قال: حدّثني أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى «2» : أنّه كان يرتفع لأبيه «3» ، من ضياعه في كل سنة، عند الاعتزال والعطلة، بعد ما ينصرف من النفقة، ثلاثون ألف دينار، ويرتفع من ضياع أبي الحسن علي بن محمد ابن الفرات «4» ، إذا قبضت عنه، ألف ألف دينار، وإذا وزّر، وردّت عليه، أضعفت «5» .
قال القاضي: واتّفق أن حضر هذا الحديث، أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق الأنباري «6» ، فقال: حدّثني جماعة من أصحاب أبي الحسن علي بن عيسى، أنّ جميع ما كان يرتفع له في السنة نيف وثمانون ألف دينار، يخرج منها في أبواب البرّ، وسبل الخير، وتفقّد الطالبين، والعباسيين،(5/78)
والأنصار، وأولاد المهاجرين، ومصالح الحرمين، نيف وأربعون ألف دينار، ويبقي الباقي لنفقاته، وأنّه كان يسمع الكتّاب يقولون في ضياع أبي الحسن بن الفرات، أنها ترتفع في وزارته بألف دينار، وعند القبض عليه، ودخول يد العمال فيها، بثمانمائة ألف دينار، وأقلّ، وأكثر.
الوزراء للصابي 348(5/79)
37 عادة ابن الفرات في كلامه «بارك الله عليك» ، وعادة علي بن عيسى «والك»
حدّث القاضي أبو علي «1» ، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد ابن عياش القاضي «2» ، قال:
كانت عادة أبي الحسن بن الفرات «3» ، في كلامه، أن يقول للإنسان:
بارك الله عليك.
ومن عادة أبي الحسن، علي بن عيسى «4» أن يقول: «والك» ، أو «واك» «5» .
فكان الناس يقولون: لو لم يكن من الفرق بين الرجلين إلّا حسن اللقاء، وصرف ما بين القولين [لكفى] .
وحكى أبو محمد الصلحي «6» ، قال:
لما صرف الراضي بالله «7» ، أبا علي، عبد الرحمن بن عيسى «8» عن وزارته(5/80)
ونكبه، ونكب أبا الحسن علي بن عيسى «1» ، وصادر أبا الحسن على ألف ألف درهم «2» ، وعبد الرحمن على ثلاثة آلاف دينار «3» ، وكان ذلك طريفا، وحصل أبو الحسن معتقلا في دار الخلافة «4» ، وخاف أبو الحسن أن يكون في نفس الراضي بالله عليه، ما يريد معه قتله، فراسلني- يقول هذا أبو محمد، وكان إذ ذاك كاتب أبي بكر بن رائق «5» - يسألني خطاب الراضي بالله عن صاحبي، في نقله إلى دار وزيره «6» ، إلى أن يؤدّي ما قرّر عليه أمره.
قال: فجئت إلى الراضي بالله، وقلت له: يا أمير المؤمنين، علي ابن عيسى، خادمك وخادم آبائك، ومن قد عرفت محلّه من الصناعة، وموقعه من جمال المملكة، ومن حاله وأمره كذا وكذا.
فقال: هو كذلك، ولكن له عندي ذنوب، وأخذ يعدّد ذنوب عبد الرحمن.(5/81)
فقلت له: يا مولانا، وأيّ درك يلزمه، فيما قصّر فيه أخوه؟
فقال: سبحان الله، وهل دبّر عبد الرحمن، إلّا برأيه، وأمضى شيئا أو وقفه، إلّا عن أمره، أو أمري إيّاه بأن لا يحلّ ولا يعقد إلّا بموافقته؟
وأقبلت أعتذر له، وأجعل بإزاء كل ذنب حجّة.
قال: دع ذا، ما خاطبني قط، إلّا قال: «واك» فهل يتلقّى الخلفاء بمثل ذاك؟
فقلت: يا أمير المؤمنين إنّ هذا طبع له قد ألف منه، وحفظ عليه، وعيب به في أيام خدمته للمقتدر بالله «1» ، رحمة الله عليه، وما استطاع أن يفارقه مع نشئه عليه، وتعوّده إياه.
فقال: اعمل على أنه خلق، أما كان يمكنه أن يغيّره مع ما وصفته من فضله وعقله، أو يتحفّظ معي خاصّة فيه، مع قلّة اجتماعي معه، ومخاطبتي إيّاه؟ وما يفعل ما يفعله، إلّا عن تهاون، وقلّة مبالاة.
فقبّلت الأرض مرارا بين يديه، وقلت: الله، الله، أن يتصوّر مولانا ذلك فيه، وإنما هو عن سوء توفيق، والعفو من أمير المؤمنين مطلوب.
ولم أزل إلى أن أمر بنقله، إلى دار وزيره، ونقل، وصحّح «2» ما أخذ به خطّه، وصرف إلى منزله.
الوزراء للصابي 359(5/82)
38 الوزير علي بن عيسى يرأف بأحد المطالبين، ويعفيه من المطالبة
حدّث أبو علي التنوخي «1» ، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف، ابن الأزرق «2» ، قال: حدّثني أبو يعقوب أخي»
، قال: حدّثني أبو بكر ابن مقاتل «4» ، ونحن بمصر «5» ، قال:
ابتعت من السلطان قديما- وأنا تاجر- غلّة على إكراه، وبقي عليّ من ثمنها عشرون ألف دينار.
وأحضرني أبو الحسن علي بن عيسى، وطالبني بذلك، فلم تكن لي وجهة، وعدلت إلى جحده، وترك الاعتراف به.
وقال لي: اعمل حسابا، بأصل ما ابتعته، وما أدّيته، ليبين الباقي بعده.(5/83)
ودافعت، فاعتقلني في الديوان، وأمرني بعمل الحساب فيه.
فأخذت أعلّل، وأطاول، إشفاقا من أن تتحقّق البقيّة، فأحصل تحت المطالبة، بغير عذر ولا حجّة.
ثم أرهقني، ودعاني إلى حضرته، فدخلت، ومعي كيس حسابي، لأريه ما أرتفع منه، وأسأله إنظاري بإتمامه، واستكماله.
وفتحت الكيس بين يديه، وكنت أستطيب خبز البيت، ولا آكل غيره، ويحمل إليّ من منزلي في كلّ يومين أو ثلاثة، ما أريد منه.
وبحسن الاتفاق، تركت في الكيس منه رغيفين، استظهارا، لئلّا يتأخّر عنّي ما يحمل إليّ.
وبينما أقلّب الحساب، وقعت عين الوزير أبي الحسن على الرغيفين، فلما رآهما، قال لي: أضمم إليك حسابك- مرارا- فضممته وشددته.
وقال لي: قم إلى بيتك.
فانصرفت، ولم يطالبني بشيء بعد ذلك، ولا تنبّه من نظر بعد على أمري، فانكسر المال- والله- وكان سببه الرغيفين، لأنّ علي بن عيسى، لمّا رآهما، وقد كنت أشكو الخسارة والفقر، حملني على أنّ حملي للرغيفين مع الحساب، لضعف حال، وشدّة فاقة.
الوزراء للصابي 375(5/84)
39 الملك عضد الدولة يغضب على أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف
ذكر أبو علي القاضي التنوخي «1» ، عن عضد الدولة ابن بويه «2» ، أنّه كان قدّم في دولته أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف «3» ، واعتقد في كمال عقله، ورزانة نبله، ورجحان فضله، فناط به أزمّة عقده وحلّه، واعتمد إليه في أمر ملكه كلّه.
وكان نفاق الحاشية، يغطّي عواره، ويستره، وألسن الخدم والأتباع لعضد الدولة، تمدحه وتشكره، وجماعة من عظماء الدولة، تعرض عنه فلا تذكره، وهو يتبجّح بدعوى العقل، وهو أجهل من باقل، ويتحلّى بحسن التدبير، وهو بجيد من المعرفة عاطل، ويظهر الاستطالة على فضلاء الأماثل، وهو خال عن الفضائل.
واستمر ذلك برهة من الدهر.
إلى أن أتاح، القدر المحتوم، والقضاء المعلوم، أن سافر عضد الدولة من العراق، إلى همذان، فتبعه أبو محمد الخرنبازي، يطلب خدمة، وكان ذا دراية، وفضل، وعقل، ورزانة، ونبل.
فلما رآه أبو القاسم، قد خرج في جملة الجماعة، خشي من تقدّمه(5/85)
عند عضد الدولة، فيفضح مستوره، وتقبح أموره، فحسّن لعضد الدولة ردّه من الطريق، وإبعاده عن الصحبة، وان يجرى عليه شيء من الرزق بالبصرة، ويقيم بها.
قال أبو علي القاضي: كنت بين يدي عضد الدولة، وقد قال لأبي بكر بن شاهويه «1» - وهو من أصحاب أبي القاسم عبد العزيز- تمضي إلى أبي محمد الخرنبازي، وتقول له: تمضي إلى البصرة، ونحن نجري لك معيشة ترتزق منها، فقد طال تبعك لنا، وتعبك معنا، وقد تبرّمنا منك، وليس في حضرتنا ما تحبّه، والسلامة لك في بعدك عنّا، فصاحبنا أبو القاسم عبد العزيز، قد استصحب جماعة كثيرة، في بعضهم غنية عن أمثالك، فانصرف عنا، واكتف بما أرتّبه لك، إن شاء الله تعالى.
ثم إن عضد الدولة، سيّر من خاصّته شخصا مع أبي بكر، ليشهد ما يقوله، وليسمع ما يجاوبه به أبو محمد، بحيث لا يكتم أبو بكر شيئا من الجواب، لكونه من أصحاب أبي القاسم.
فلما حضرا عند أبي محمد، قال له أبو بكر، صورة ما قاله عضد الدولة جميعه.
فقال أبو محمد، لما سمع ذلك: الأمر للملك، ولا خلاف له، والسمع والطاعة لتقدّمه، ولعمري إنّ الناس بجدودهم ينالون، وبحظوظهم يستديمون، ولو أنني تقدّمت عند الملك، ونفقت عليه، ما كان عجبا، فقد نال منه، وتقدّم عنده، من أنا أرجح منه، ولكن المقادير غالبة، وليس للإنسان(5/86)
متقدّم عنها ولا متأخّر، وقد قيل: من غالب الأقدار غلب، ولكن، أيها الشيخ، لي حاجة أحبّ أن تبلغها الملك عنّي، وهي كلمة فيها نصيحة، وشفاء لما في الصدور.
فقال أبو بكر، قل: فإنّي أبلغها الملك.
فقال: تقول له: أنا صائر إلى ما أمرت، ومتوجّه إلى البصرة، لامتثال ما رسمت، ولكن بعد أن تقضي وطرا في نفسي، وفيه شهرة لعظمتك، وتنبيه على أنّك لا تنخدع في ملكك، ولا يلتبس لديك محقّ بمبطل، وعاقل بجاهل، ومسيء بمحسن، ويقظان بغافل، وجواد بباخل، وهو أن يتقدّم، بأن يقام عبد العزيز المكنى بأبي القاسم، بين اثنين على رؤوس الأشهاد، وينتقم منه انتقاما بالغا، ويقال له: إذا لم تبذل جاهك لمتلهّف، ولم يكن عندك برّ لضعيف، ولا فرج لمكروب، ولا عطاء لسائل، ولا جائزة لشاعر، ولا مرعى لمنتجع، ولا مأوى لضيف، ولا ذبّ عن عرض مخدومك، ولا استجلاب ثمار الألسنة بالأدعية والمحامد لدولة أوجدتك، ولا لك من العقل ما تميّز به بين ما يكسب حمدا أو ذمّا، فلم ألزمت نفسك أن يخاطبوك بسيدنا، وتمدّ يدك ليقبّلها الداخلون، ويقوم لك عظماء المملكة، عند طلوعك عليهم؟.
ثم إنّ أبا محمد قام وركب، وعاد.
قال أبو بكر بن شاهويه: فعدت، وقد سبقني الذي كان معي مشرفا، وذكر ذلك للملك عضد الدولة، فلما حضرت عنده، وأبو القاسم بين يديه، سكتّ.
فقال لي: هات الجواب الذي ذكره أبو محمد.
فاستحييت من أبي القاسم، أن أذكره، فقلت: سمعه الملك من المشرف الذي أنفذه معي.(5/87)
قال: قل، فأنت كنت الرسول، فاذكر الحديث على صورته كلّه، فو الله إن تركت منه حرفا، لم تلق خيرا.
فما أمكنني إلّا أنني سردت كلام أبي محمد، كما قاله، ولم أترك منه شيئا، وأبو القاسم يتقدّد في إهابه، ويتمزّق في جلده، ويتغيّر وجهه، ويتلوّن ألوانا، عند كل كلمة منه.
فأقبل عليه عضد الدولة، فقال: كيف ترى يا عبد العزيز «1» ؟ لا جزاك الله خيرا، الآن علمت أنّك لا تعتمد حالة ترضي الله تعالى، ولا تتبنّى مكرمة، ولا تحفظ مروءة، ولا تحرس أمانة، ولا يخرج فكرك عنك، ولا صمتك، إلّا في مال تجتذبه، وإقطاع لنفسك تثّمره، وتجعلني بابا من أبواب معاشك، وجهة من جهات أرباحك، تبعد من ينفعني، وتقرّب من ينفعك، فخدمتك معروفة، وسيرتك معلومة، وكنت أسمع في جرّك النار إلى قرصك، وشرهك في جميع أحوالك، وأذاك لمن يقصد أبوابنا، ولكن لكلّ أجل كتاب، ثم أمر به فأخذ.
فظهرت بسوء فعله، قلّة عقله، وبقبح قصده، ضعف رأيه «2» .
العقد الفريد للملك السعيد لأبي سالم الوزير 9(5/88)
40 أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال:
أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أنبأنا أبو محمد جعفر بن الفضل العسكري قال: أنبأنا محبوب بن صالح، عن أبيه:
أنّ رجلا من العرب، رأى امرأة، فوقعت بقلبه، فكاتم بذلك دهرا، ثم أنّ الأمر تفاقم، وتمكّنت منه الصبابة، وسحقه الغرام، فبعث إليها يسألها نفسها، ويخبرها بما هو عليه من حبّها.
فكتبت إليه: اتّق الله أيها الرجل وارع على نفسك، واستحي من هذه الهمة التي قد تعلّقت بها، فإن ذلك أولى بذوي العقول، فلما وافاه كتابها، أخذته وسوسة، واستولى عليه الشيطان، وجعل الأمر يتزايد، حتى زال عقله، وكان لا يعقل إلّا ما كان من حديثها أو ذكرها.
وكان يبكّر في كل يوم، فيقف على باب الدار التي تنزلها المرأة، فيقول:
يا دار حيّيت إن كانت تحيّتنا ... تغني ولو كان في التسليم إشفائي
لا زلت أبكيك ما قامت بنا قدم ... أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي
ثم مضى شبيها بالهائم على وجهه، فلم يزل على ذلك حتى مات.
ذم الهوى لابن الجوزي 275(5/89)
41 أشاع الدمع ما كنت أكتم
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، فيما أجاز لنا، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «1» ، قراءة عليه، قال: أخبرنا محمد بن خلف «2» ، إجازة، قال: حدّثنا قاسم بن الحسن «3» ، قال: حدّثنا العمري، قال: أخبرنا الهيثم بن عدي «4» :
انّ مرّة بن مصعب القيسي كان له أخ يقال له فهر، وكانا ينزلان الحيرة «5» وانّ فهرا ارتحل بأهله وولده، فنزل بأرض السراة «6» ، وأقام مرّة، بالحيرة، وكانت عند مرّة، أمرأة من بكر بن وائل، فلبثت معه زمانا لم يرزق منها ولدا، حتى يئس من ذلك، ثم أتي في منامه، ذات ليلة، فقيل له:
إنّك إن باشرت زوجتك، في ليلتك هذه، رأيت سرورا وغبطة، فانتبه، فباشرها، فحملت، فلم يزل مسرورا إلى أن تمت أيامها، فولدت له غلاما، فسماه إياسا، لأنه كان آيسا، فنشأ الغلام منشئا حسنا.(5/90)
فلما ترعرع، ضمّه أبوه إليه، وأشركه في أمره، وكان إذا سافر أخرجه معه، لقلّة صبره عنه.
فقال له أبوه يوما: يا بنيّ، قد كبرت سنّي، وكنت أرجوك لمثل هذا اليوم، ولي إلى عمك حاجة، فأحب أن تشخص فيها.
فقال له إياس: نعم يا أبة، ونعم عين وكرامة، فإذا شئت، أخبرني بحاجتك، فأعلمه الحاجة، فخرج متوجّها حتى أتى عمّه، فعظم سروره به، وسأله عن سبب قدومه، وما الحاجة، فاخبره بها، ووعده بقضائها، فأقام عند عمّه أياما ينتظر فيها قضاء الحاجة.
وكان لعمّه بنت يقال لها صفوة، ذات جمال وعقل، فبينا هو ذات يوم جالس بفناء دارهم، إذ بدت له صفوة، زائرة بعض أخواتها، وهي تهادى بين جوار لها، فنظر لها أياس نظرة، أورثت قلبه حسرة، وظل نهاره ساهيا، وبات وقد اعتكرت عليه الأحزان، ينتظر الصباح، يرجو أن يكون فيه النجاح.
فلما بدا له الصباح، خرج في طلبها ينتظر رجوعها، فلم يلبث أن بدت له، فلما نظرت إليه تنكّرت، ثم مضت فأسرعت، فمرّ يسعى خلفها، يأمل منها نظرة، فلم يصل إليها، وفاتته، فانصرف إلى منزله، وقد تضاعف عليه الحزن، واشتد الوجد.
فلبث أياما، وهو على حاله، إلى أن أعقبه ذلك مرضا أضناه، وأنحل جسمه، وظلّ صريعا على الفراش.
فلما طال به سقمه، وتخوّف على نفسه، بعث إلى عمه لينظر إليه، ويوصيه بما يريد، فلما رآه عمّه، ونظر إلى ما به، سبقته العبرة إشفاقا عليه.
فقال له إياس: كفّ، جعلت فداك يا عمّ، فقد أقرحت قلبي، فكفّ عن بعض بكائه، فشكا إليه إياس ما يجد من العلّة، فقال له:(5/91)
عزّ والله، عليّ يا ابن أخي، ولن أدع حيلة في طلب الشفاء لك.
فانصرف إلى منزله، وأرسل إلى مولاة له، كانت ذات عقل، فأوصاها به، وبالتعاهد له، والقيام عليه.
فلما دخلت المولاة عليه، فتأمّلته، علمت انّ الذي به عشق، فقعدت عند رأسه، فأجرت ذكر صفوة، لتستيقن ما عنده، فلما سمع ذكرها زفر زفرة، فقالت المرأة: والله، ما زفر إلّا من هوى داخله، ولا أظنه إلّا عاشقا.
فأقبلت عليه كالممازحة له، فقالت له: حتى متى تبلي جسمك، فو الله ما أظن الذي بك إلا هوى.
فقال لها إياس: يا أمّه، لقد ظننت بي ظن سوء، فكفّي عن مزاحك.
فقالت: إنّك، والله، لن تبديه إلى أحد هو أكتم له من قلبي، فلم تزل تعطيه المواثيق، وتقسم عليه، إلى أن قالت له: بحق صفوة.
فقال لها: لقد أقسمت عليّ بعظيم لو سألتني به روحي لدفعتها إليك، ثم قال: والله يا أمّه، ما عظم دائي، إلّا بالاسم الذي أقسمت عليّ بحقّه، فالله، الله، في كتمانه، وطلب وجه الحيلة فيه.
فقالت: أما إذ أطلعتني عليه، فسأبلغ فيه رضاك، إن شاء الله.
فسرّ بذلك، وأرسل معها بالسلام إلى صفوة، فلما دخلت عليها، ابتدأتها صفوة بالمسألة عن الذي بلغها من مرضه، وشدة حاله، فاستبشرت المولاة بذلك.
ثم قالت: يا صفوة، ما حالة من يبيت الليل ساهرا محزونا يرعى النجوم ويتمنّى الموت؟
فقالت صفوة: ما أظن هذا على ما ذكرت بباق، وما أسرع منه الفراق.(5/92)
ثم أقبلت على المولاة، فقالت: إني أريد أن أسألك عن شيء، فبحقي عليك لما أوضحته.
فقالت: وحقّك، إن عرفته فلا أكتمك شيئا.
قالت: هل أرسلك إياس إلى أحد من أهل ودّه في حاجة؟
فقالت المولاة: والله لأصدقنّك، والله، ما جلّ داؤه، وعظم بلاؤه إلّا بك، وما أرسلني بالسلام، إلّا إليك، فأجيبيه إن شئت، أو دعي.
فقالت لا شفاه الله، والله، لولا ما وجب من حقّك لأسأت إليك، وزجرتها.
فخرجت من عندها كئيبة، فأتته، فأعلمته، فازداد على ما كان به من مرضه، وأنشأ يقول:
كتمت الهوى حتى إذا شبّ واستوت ... قواه أشاع الدمع ما كنت أكتم
فلما رأيت الدمع قد أعلن الهوى ... خلعت عذاري فيه والخلع أسلم
فيا ويح نفسي كيف صبري على الهوى ... وقلبي وروحي عند من ليس يرحم
قال: ثم إنّ عمه دخل عليه ليعرف خبره، فقال له، يا عم، إني مخبرك بشيء لم أخبرك به حتى برح الخفاء ولم أطق له محملا.
فأخبره الخبر، فزوّجه إيّاها، فأفاق، وبرء من علته.
مصارع العشاق 1/150(5/93)
42 بنو عذرة أرق الناس قلوبا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي «2» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن منصور بن سيار «5» ، قال: حدّثنا نوح بن يزيد المعلّم «6» ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد «7» ، قال: حدّثني محمد بن إسحاق «8» ، قال: حدّثني محمد بن جعفر ابن الزبير، قال:(5/94)
سمعت رجلا من بني عذرة، عند عروة بن الزبير «1» يحدّثه، فقال عروة: يا هذا بحق أقول لكم: إنّكم أرقّ الناس قلوبا.
فقال: نعم والله، لقد تركت بالحي، ثلاثين شابا قد خامرهم السلّ، ما بهم إلّا داء الحب «2» .
ذم الهوى 331(5/95)
43 علامة من كان الهوى في فؤاده
أخبرنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن «2» ، قال:
أنبأنا محمد بن العباس «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» ، قال:
ترى العاشق إذا رأى من يحبه، أو سمع بذكره، كيف يهرب دمه، ويستحيل لونه، ويخفق فؤاده، وتأخذه الرعدة، وربما امتنع من الكلام، ولم يطق ردّ الجواب.
وقد قال بعض الشعراء:
علامة من كان الهوى في فؤاده ... إذا ما رأى الأحباب أن يتحيّرا
ويصفرّ لون الوجه بعد احمراره ... وإن حرّكوه للكلام تشوّرا «5»
ذم الهوى 344(5/96)
44 زعموا أن الفراق غدا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن «2» ، قال: أنشدنا علي بن محمد «3» ، قال: أنشدنا أبو بكر الصنوبري «4» ، لنفسه:
أخذوا للسير أهبته ... وأخذنا أهبة الكمد «5»
زعموا أنّ الفراق غدا ... وفراق الروح بعد غد
ذمّ الهوى 345(5/97)
45 عاشق ينتحر بمحضر من الخليفة عبد الملك بن مروان
أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال:
حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس الكديمي «3» ، قال: أنبأنا السليمي «4» ، عن محمد بن نافع مولاهم، عن أبي ريحانة، أحد حجاب عبد الملك بن مروان، قال:
كان عبد الملك يجلس في كل أسبوع، يومين، جلوسا عاما، فبينا هو جالس في مستشرف له، وقد أدخلت عليه القصص «5» ، إذ وقعت في يده قصة غير مترجمة «6» ، فيها: إن رأى أمير المؤمنين، أن يأمر جاريته فلانة، أن تغنّي ثلاثة أصوات، ثم ينفذ فيّ ما شاء من حكمه، فعل.(5/98)
فاستشاط من ذلك غضبا، وقال: يا رباح، عليّ بصاحب هذه القصة.
فخرج الناس جميعا، فأدخل عليه غلام كما عذّر، كأهيأ الفتيان وأحسنهم.
فقال له عبد الملك: يا غلام، أهذه قصّتك؟
فقال: نعم، يا أمير المؤمنين.
قال: وما الذي غرّك مني، والله لأمثلنّ بك، ولأردعنّ بك نظراءك من أهل الجسارة، عليّ بالجارية، فجيء بجارية كأنّها فلقة قمر، وبيدها عود، فطرح لها كرسي، وجلست.
فقال عبد الملك: مرها يا غلام.
فقال لها: غنّيني يا جارية بشعر قيس بن ذريح:
لقد كنت حسب النفس لو دام ودّنا ... ولكنّما الدنيا متاع غرور
وكنّا جميعا قبل أن يظهر الهوى ... بأنعم حالي غبطة وسرور
فما برح الواشون حتى بدت لنا ... بطون الهوى مقلوبة لظهور
قال: فخرج الغلام من جميع ما كان عليه من الثياب تخريقا.
ثم قال له عبد الملك: مرها، تغنّيك الصوت الثاني.
فقال: غنّيني بشعر جميل:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بوادي القرى إنّي إذن لسعيد
إذا قلت: ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب، قالت: ثابت ويزيد
وإن قلت: ردّي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قالت: ذاك منك بعيد
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ... ولا حبّها فيما يبيد يبيد
يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعود
فغنّته الجارية، فسقط الغلام مغشيا عليه ساعة، ثم أفاق.(5/99)
فقال له عبد الملك: مرها، فلتغنّك الصوت الثالث.
فقال: يا جارية، غنّيني بشعر قيس بن الملوّح، المجنون:
وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة ... غزال غضيض المقلتين ربيب
فلا تحسبي أنّ الغريب الذي نأى ... ولكنّ من تنأين عنه غريب
فغنّته الجارية، فطرح الغلام نفسه من المستشرف، فلم يصل إلى الأرض حتى تقطّع.
فقال عبد الملك: ويحه، لقد عجل على نفسه، ولقد كان تقديري فيه غير الذي فعل، وأمر، فأخرجت الجارية عن قصره، ثم سأل عن الغلام، فقالوا: غريب لا يعرف، إلّا أنه منذ ثلاث ينادي في الأسواق، ويده على رأسه:
غدا يكثر الباكون منّا ومنكم ... وتزداد داري عن دياركم بعدا «1»
ذم الهوى 355 مصارع العشاق 2/215(5/100)
46 ثلاثة مجانين في بني عامر
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: أخبرنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرني أحمد بن حرب «4» قال: أخبرني ابن أبي كريم، قال: أخبرنا أبو قلابة العامري، عن القاسم ابن سويد الحرمي، قال:
كان في بني عامر ثلاثة مجانين، معاذ ليلى، وهو معاذ بن كليب، أحد بني عامر بن عبيد، وقيس بن معاذ، ومهدي بن الملوّح الجعدي.
فأما ليلى: فاختلفوا في نسبها، فقال بعضهم: ليلى بنت مهدي.
وقال بعضهم: ليلى بنت ورد، من بني ربيعة.
وفي كنيتها قولان، أحدهما: أمّ مالك، وكذلك كنّاها المجنون في شعره، والثاني: أمّ الخليل «5» .
ذم الهوى 380(5/101)
47 ليلى والمجنون
أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا أبو محمد بن السراج «2» ، قالا: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثني رجل من بني عامر، يقال له: رباح بن حبيب، قال:
كان في بني عامر جارية من أجمل النساء، لها عقل وأدب، يقال لها ليلى بنت مهدي.
فبلغ المجنون خبرها، وما هي عليه من الجمال والعقل، وكان صبّا بمحادثة النساء، فعمد إلى أحسن ثيابه، فلبسها وتهيّأ، فلما جلس إليها، وتحدّث بين يديها، أعجبته، ووقعت بقلبه، فظل يومه ذاك يحدّثها وتحدّثه حتى أمسى، فانصرف إلى أهله، فبات بأطول ليلة، حتى إذا أصبح مضى إليها، فلم يزل عندها حتى أمسى، ثم انصرف، فبات بأطول من ليلته الأولى، وجهد أن يغمض، فلم يقدر على ذلك، فأنشأ يقول:
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزّتني إليك المضاجع
أقضيّ نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهمّ باللّيل جامع
وأدام زيارتها، وترك إتيان كل من كان يأتيه، فوقع في قلبها مثل الذي وقع في قلبه، فجاء يوما يحدّثها، فجعلت تعرض عنه، وتقبل على غيره،(5/102)
تريد أن تمتحنه، وتعلم ما في قلبه، فلما رأى ذلك منها اشندّ عليه وخرج، فلما خافت عليه، أقبلت عليه، فقالت:
كلانا مظهر للناس بغضا ... وكلّ عند صاحبه مكين «1»
فسري عنه عند ذلك.
فقالت: إنما أردت أن أمتحنك، والذي لك عندي، أكثر من الذي لي عندك، وأنا معطية الله عهدا، إن أنا جالست بعد يومي هذا، رجلا سواك، حتى أذوق الموت، إلّا أن أكره على ذلك.
فانصرف وهو أسرّ الناس، فأنشأ يقول:
أظنّ هواها تاركي بمضلّة ... من الأرض لا مال لديّ ولا أهل
ولا أحد أفضي إليه وصيّتي ... ولا وارث إلّا المطية والرّحل
محا حبّها حبّ الأولى كنّ قبلها ... وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل «2»
ذم الهوى 381(5/103)
48 تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة
أخبرنا ابن ناصر، قال: أنبأنا أحمد بن محمد البخاري «1» ، قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري، وأخبرنا محمد بن عبد الباقي «2» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» ، قال: قال العمري، عن لقيط بن بكير المحاربي:
انّ المجنون علق بليلى علاقة الصبا، وذلك أنّهما كانا صغيرين يرعيان أغناما لقومهما، فعلق كل واحد منهما صاحبه، إلّا أنّ المجنون كان أكثر منها، فلم يزالا على ذلك حتى كبرا.
فلما علم بأمرهما، حجبت ليلى عنه، فزال عقله، وفي ذلك يقول:
تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
ذم الهوى 383(5/104)
49 مجنون ليلى يفقد عقله
أخبرنا ابن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، قال: حدّثنا ابن حيويه «3» قال: أنبأنا محمد بن خلف «4» ، قال: حدّثنا عبد الله بن عمرو «5» ، قال: حدّثني يحيى بن أبي جابر، قال:
حدّثني ربيعة بن عبد الحميد قال:
كان المجنون من ولد أبي بكر بن كلاب، فأتى عليه عصر من الدهر لا يعرف ليلى، ثم عشقها، فخطبها، فلم يزوّجوه، فاشتدّت حالته، وزاد ما كان يجده، وفشا أمره في الناس، فلقيه ابن عم له، فقال: يا أخي اتّق الله في نفسك، فإنّ هذا الذي أنت فيه من عمل الشيطان، فازجره عنك، فأنشأ يقول:
يا حبذا عمل الشيطان من عمل ... إن كان من عمل الشيطان حبّيها(5/105)
منّيتها
النّفس حتى قد أضرّ بها ... وأحدثت خلقا ممّا أمنّيها
قال ابن خلف: وقال أبو عبيدة «1» : كان المجنون يجلس في نادي قومه وهم يتحدّثون، فيقبل عليه بعض القوم، فيحدّثه، وهو باهت ينظر إليهم، ولا يفهم ما يحدّثه به، ثم يثوب إليه عقله، فيسأل عن الحديث، فلا يعرفه، فحدّثه مرة بعض أهله بحديث، ثم سأله عنه في غد، فلم يعرفه، فقال:
إنّك لمجنون، فقال:
إنّي لأجلس في النادي أحدّثهم ... فأستفيق وقد غالتني الغول
يهوى بقلبي حديث النفس دونكم ... حتى يقول خليلي أنت مخبول
قال أبو عبيدة: فتزايد الأمر به، حتى فقد عقله، فكان لا يقرّ في موضع، ولا يؤويه رحل، ولا يعلوه ثوب إلا مزّقه، وصار لا يفهم شيئا ممّا يكلّم به، إلّا أن تذكر له ليلى، فإذا ذكرت أجاب النداء به، ورجع عقله.
ذم الهوى 384(5/106)
50 من أطاع الواشين لم يتركوا له صديقا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، قال: روى رباح بن حبيب، رجل من بني عامر، قال:
لما كثر ذكر المجنون لليلى، واشتهر أمره، اجتمع إلى أبيه أهله، وكان سيّدا، فقالوا له: زوّج قيسا، فإنه سيكفّ عن ذكر ليلى، وينساها.
فعرض عليه أبوه التزويج، فأبى، وقال: لا حاجة لي إلى ذلك.
فأتى ليلى بعض فتيان القوم، ممّن كان يحسد قيسا، ويعاديه، فأخبرها أنّه على أن يتزوّج، وجاء المجنون كما كان يجيء، فحجبته، ولم تظهر له، فرجع وهو يقول:
فو الله ما أدري علام هجرتني ... وأيّ أمور فيك يا ليل أركب
أأقطع حبل الوصل؟ فالموت دونه ... أم أشرب رنقا منكم ليس يشرب؟
أم أهرب حتى لا يرى لي مجاور؟ ... أم أفعل ماذا؟ أم أبوح فأغلب؟
فو الله ما أدري وإنّي لدائب ... أفكّر ما جرمي إليها فأعجب
قال: فبلغها قوله، فأنشأت تقول: صدق والله قيس حيث يقول:
ومن يطع الواشين لم يتركوا له ... صديقا وإن كان الحبيب المقرّبا
ذم الهوى 385(5/107)
51 ألا حجبت ليلى
أخبرنا ابن أبي منصور، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «1» ، قال:
أنبأنا علي بن المحسّن «2» ، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد ابن خلف «4» ، قال: قال محمد بن زياد بن الأعرابي «5» :
لما شبّب المجنون بليلى، وشهر بحبّها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها، وزيارتها، وتهدّدوه، وأوعدوه بالقتل، فكان يأتي امرأة، فتعرف له خبرها، فنهوا تلك المرأة عن ذلك، فكان يأتي غفلات الحيّ في الليل.
فلما كثر ذلك، خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه إلى مروان بن الحكم «6» ، فشكوا إليه ما ينالهم من قيس بن الملوّح، وسألوه الكتابة إلى عامله عليهم، يمنعه من كلام ليلى.(5/108)
فكتب لهم مروان، كتابا إلى عامله، يأمره أن يحضر قيسا، ويتقدّم إليه في ترك زيارة ليلى، فإن أصابه أهلها عندهم، فقد أهدروا دمه.
فلما ورد الكتاب على عامله، بعث إلى قيس وأبيه، وأهل بيته، فجمعهم، وقرأ عليهم كتاب مروان، وقال لقيس: اتّق الله في نفسك، لا يذهب دمك هدرا، فانصرف قيس، وهو يقول:
ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... عليّ يمينا جاهدا لا أزورها
وأوعدني فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشّنت لي صدورها
على غير شيء غير أنّي أحبّها ... وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها
فلما أيس منها، وعلم أن لا سبيل إليها، صار شبيها بالتائه العقل، وأحبّ الخلوة وحديث النفس، وتزايد الأمر به، حتى ذهب عقله، ولعب بالحصا والتراب، ولم يكن يعرف شيئا إلّا ذكرها، وقول الشعر فيها.
وبلغها ما صار إليه قيس، فجزعت أيضا لفراقه، وضنيت ضنى شديدا «1» .
ذم الهوى 388(5/109)
52 رددت قلائص القرشي
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا ابن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: حدّثني إسحاق بن محمد «4» قال: حدّثني أبو معاذ النميري:
أنّ مروان بن الحكم «5» ، استعمل رجلا من قيس «6» ، على صدقات كعب ابن ربيعة بن عامر، وهم قيس والحريش وجعدة.
فسمع بخبر قيس بن معاذ «7» ، وهو مجنون بني عامر، فأمر أن يؤتى به، فأتي به، فساء له عن حاله، واستنشده، فأنشده، فأعجب به، وقال له:
الزمني، فلك أن أحتال لك في أمر ليلى، حتى أجمع بينك وبينها، فلازمه، وكان يأتيه، فيتحدّث إليه.(5/110)
وكان لبني عامر مجتمع، يجتمعون فيه، في كل سنة، وكان الوالي يخرج معهم إلى ذلك المجتمع، لئلّا يكون بينهم اختلاف، فحضر الوقت، فقال قيس للوالي: أتأذن لي في الخروج معك إلى هذا المجتمع؟ فأذن له.
فلما عزم على الخروج، جاءه قوم من رهط قيس، فقالوا له: إنّما سألك الخروج معك ليرى ليلى ويكلّمها، وقد استعدى عليه بعض أهلها، وأهدر لهم السلطان دمه، إن أتاهم.
فلما قالوا له ذلك، منعه من الخروج معه، وأمر له بقلائص من إبل الصدقة، فردّها، وأبى أن يقبلها، وأنشأ يقول:
رددت قلائص القرشيّ لما ... بدا لي النقض منه للعهود
سعوا للجمع ذاك وخلّفوني ... إلى حزن أعالجه شديد
فلما علم قيس بن معاذ، انّه قد منع، وأن لا سبيل إليها، ذهب عقله، وصار لا يلبس ثوبا إلّا خرّقه، وهام على وجهه عريانا، لا يعقل شيئا ممّا يكلّم به، ولا يصلّي.
فلما رأى أبوه ما صنع بنفسه، خاف عليه التلف، فحبسه، وقيّده، فجعل يأكل لحمه، ويضرب بنفسه الأرض.
فلما رأى أبوه ذلك، حلّ قيده، وخلّاه، فكان يدور في فيافيهم عريانا، ويلعب بالتراب.
وكانت له داية، لم يكن يأنس بأحد غيرها، وكانت تأتيه في كل يوم، برغيف وماء، فتضعه بين يديه، فربما أكله، وربما تركه، ولم يأكله.
ذم الهوى 389 مصارع العشاق 2/89(5/111)
53 أنتم شغلي، وعندكم عقلي
أخبرنا ابن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، وأخبرتنا شهدة «3» ، قالت: أنبأنا ابن السرّاج «4» ، قالا: أنبأنا علي بن المحسّن، قال:
أنبأنا ابن حيويه «5» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «6» ، قال: حدّثني محمد بن إسحاق «7» ، قال: حدّثني ابن عائشة «8» ، عن أبيه قال:
ولي نوفل بن مساحق «9» ، صدقات كعب بن ربيعة «10» ، فنزل بجمع من(5/112)
تلك المجامع، فرأى قيس بن معاذ المجنون «1» ، وهو يلعب بالتراب، فدنا منه، فكلّمه، فجعل يجيبه بخلاف ما يسأل عنه.
فقال له رجل من أهله: إن أردت أن يكلّمك كلاما صحيحا، فاذكر له ليلى.
فقال له نوفل: أتحبّ ليلى؟
قال: نعم.
قال: فحدّثني حديثك معها.
قال: فجعل ينشده شعره فيها، فأنشأ يقول:
وشغلت عن فهم الحديث سوى ... ما كان فيك فأنتم شغلي
وأديم لحظ محدّثي ليرى ... أن قد فهمت وعندكم عقلي
وأنشد:
سرت في سواد القلب حتى إذا انتهى ... بها السير وارتادت حمى القلب حلّت
فللعين تسكاب إذا القلب ملّها ... وللقلب وسواس إذا العين ملّت
وو الله ما في القلب شيء من الهوى ... لأخرى سواها أكثرت أم أقلّت
وأنشد:
ذكرت عشية الصدفين ليلى ... وكلّ الدهر ذكراها جديد
عليّ أليّة إن كنت أدري ... أينقص حبّ ليلى أم يزيد
فلما رأى نوفل منه ذلك، أدخله بيتا، وقيّده، وقال: أعالجه، فأكل(5/113)
لحم ذراعيه، وكفّيه، فحلّه، وأخرجه، فكان يأوي مع الوحوش.
وكانت له داية ربّته صغيرا، وكان لا يألف غيرها، ولا يقرب منه أحد سواها، فكانت تخرج في طلبه في البادية، وتحمل له الخبز والماء، فربما أكل بعضه، وربما لم يأكل.
ولم يزل على ذلك حتى مات.
ذم الهوى 390(5/114)
54 كالسهم أصبح ريشه ممروطا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي «2» ، قال:
حدّثنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «4» ، قال:
حدّثني عبد الله بن عمرو «5» ، قال: حدّثنا علي بن الحسن، قال: حدّثنا داود ابن محمد، عن عمرو بن رزام، قال:
وفد فتى من نهد، يقال له صباح بن عامر، على الملوّح، أبي قيس المجنون، فسلّم عليه، وخبّره بنسبه، وقال له: إنّي قد وفدت من بلدي، لأنظر إلى قيس، وأسمع من شعره، فما فعل؟
فبكى الشيخ، حتى غشي عليه، ثم سكن، وقال: أنّى لك بقيس؟
إنّ قيسا عشق ابنة عم له، وإنّه جنّ على رأسها، فهو لا يأنس بأحد، يرد مع الوحوش، يوم ورودها، ويصدر معها إذا صدرت ولكن هاهنا شاب، يذهب إليه في كل وقت، وهو يأنس به، ويأخذ منه ما يقول، وقد حفظ له قصيدة يقال لها: المؤنسة، فإذا أنشده إياها أنس به وحدّثه، فإن شئت، فصر إليه.
قال صباح: فصرت إلى الفتى، فرحّب بي، وسألني عن حالي، فأخبرته.(5/115)
فقال لي: أتروي لقيس بن ذريح «1» شيئا؟ فإنّ المجنون مستهتر بشعره.
قلت: أنا أحفظ الناس لشعر قيس.
قال: فصر إلى موضع كذا وكذا، فاطلبه في تلك الفيافي، فإنّك تجده، واعلم انّه إذا رآك، سوف ينفر منك، ويهوي إليك بحجر، فلا يهولنّك، واقعد كأنّك لا تريده، فإذا رأيته قد سكن، فاذكر له ليلى، فإنه سيرجع إلى عقله، ويراجع صحته، ويحدّثك عن حاله، ثم أنشده من شعر قيس شيئا، فإنّه مشغوف به.
قال صباح: ففعلت الذي أوصاني به الفتى، ولم أزل أطلبه، حتى انتصف النهار، فإذا أنا برجل عريان، قد سقط شعر رأسه على حاجبيه، وإذا هو قد حظّر حظيرة من تراب، وهو قاعد في وسطها، وإلى جانبه أحجار، وهو يخطّط باصبعه في الأرض.
فلما رآني أهوى إلى حجر، ووثب ليقوم، فقعدت ناحية أرمي ببصري إلى غيره، ولا أحفل به، ثم انّه رجع إلى عبثه وتخطيطه.
قلت له: أتعرف ليلى؟(5/116)
قال: بأبي والله هي، فكيف لا أعرفها؟
قلت: لله قيس بن ذريح حيث يقول:
وإني لمفن دمع عينيّ بالبكا ... حذارا لما قد كان أو هو كائن
وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة ... فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيّتي ... بكفّيك إلّا أنّ ما حمّ حائن
فقال: أنا والله أشعر منه حيث أقول:
نعب الغراب ببين ليلى إنّه ... كان الكتاب ببينهم مخطوطا
أصبحت من أهلي الذين أحبهم ... كالسهم أصبح ريشه ممروطا
ثم وثب مسرعا إلى ظباء سنحت له، فغاب عني، فتبعته، فجعلت أقفو أثره، الى آخر النهار، فما وقعت عيني عليه.
ثم غدوت في اليوم الثاني، فجعلت أطوف عليه في تلك الفيافي. حتى إذا جنّني الليل، انصرفت.
فلما كان في اليوم الثالث طلبته، فإذا هو عريان، بين أحجار، ميت «1» .
ذم الهوى 397(5/117)
55 قضاها لغيري وابتلاني بحبها
أخبرنا ابن أبي منصور، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «1» ، قال:
أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، قال: حدّثني سليمان بن أيوب المديني، قال: سمعت مصعبا الزبيري «4» ، يقول:
كان مجنون بني عامر، يسيح مع الوحوش، وينثر الشعر نثرا، وكان الركبان يتلقّون منه الشعر فيروونه.
قال ابن خلف: قال التخومي: لما قال المجنون:
قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا
سلب عقله.
قال ابن خلف: وأنشد مصعب بن الزبير للمجنون:
ألا أيها القلب الذي لجّ هائما ... وليدا بليلى لم تقطّع تمائمه
أفق قد أفاق العاشقون وقد أنى ... لدائك أن يلقى طبيبا يلائمه(5/118)
وما لك مسلوب العزاء كأنّما ... ترى نأي ليلى مغرما أنت غارمه
أجدّك لا تنسيك ليلى ملمّة ... تلمّ ولا ينسيك عهدا تقادمه
قال ابن خلف: وأنشد أبو عمرو الشيباني، للمجنون:
دعاك الهوى والشوق حين ترنّمت ... هتوف الضحى بين الغصون طروب
تجاوب ورقا «1» قد أرعن لصوتها ... فكلّ لكلّ مسعد ومجيب
ألا يا حمام الأيك «2» ما لك باكيا ... أفارقت إلفا «3» أم جفاك حبيب
ذم الهوى 399(5/119)
56 وقفت على ربع لعزة ناقتي
أخبرنا محمد بن أبي منصور، وشهدة بنت أحمد «1» ، قالا: أنبأنا جعفر ابن أحمد السراج «2» ، وأنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «3» ، قالوا: أنبأنا علي ابن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا علي بن عيسى الرماني «4» ، قال: أنبأنا أبو بكر بن دريد «5» ، قال: أنبأنا عبد الأول بن مريد، قال: أخبرني حماد ابن إسحاق «6» ، عن أبيه «7» ، قال: خرج كثير «8» يريد عبد العزيز بن مروان «9» ، فأكرمه، ورفع منزلته، وأحسن جائزته، وقال: سلني ما شئت من الحوائج، قال: نعم، أحب أن تنظر لي من يعرف قبر عزة «10» ، فيقفني عليه، فقال(5/120)
رجل من القوم: إنّي لعارف به، فانطلق به الرجل، حتى انتهى به إلى موضع قبرها، فوضع يده عليه، وعيناه تجريان، وهو يقول:
وقفت على ربع لعزّة ناقتي ... وفي البرد رشّاش من الدمع يسفح
فيا عزّ أنت البدر قد حال دونه ... رجيع التراب والصفيح المضرّح «1»
وقد كنت أبكي من فراقك حقبة ... فأنت لعمري اليوم أنأى وأنزح
فهلّا فداك الموت من أنت زينه ... ومن هو أسوا منك حالا وأقبح
ألا لا أرى بعد ابنة النضر لذّة ... لشيء ولا ملحا لمن يتملّح
فلا زال وادي رمس عزّة سائلا ... به نعمة من رحمة الله تسفح
فإنّ التي أحببت قد حال دونها ... طوال الليالي والضريح الموجّح «2»
أرثّ بعينيّ البكا كلّ ليلة ... فقد كاد مجرى دمع عينيّ يقرح
إذا لم يكن ماء تحلّبتا دما ... وشرّ البكاء المستعار الممتّح «3»
ذم الهوى 446(5/121)
57 امرأة من أهل النار
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد النصيبي «2» ، قال: حدّثني أبو الحسن بن نجيح، قال: حدّثني رجل مستور، كان لي صديقا، وكان ينزل بقرب مقابر الخيزران ببغداد «3» ، قال:
رأيت ليلة في منامي، كأني قد أطلعت من داري إلى المقبرة، على رسمي في ذلك من اليقظة، فإذا أنا بالقبور مفتّحة، وأهلها يخرجون منها شعثا، غبرا، حفاة، عراة، فيجتمعون في موضع منها، حتى لم يبق قبر إلّا خرج من كان فيه، ثم ضجّوا بالبكاء، والدعاء، والابتهال إلى الله تعالى في أن يصرف عنهم دفن المرأة التي تدفن عندهم في غد.
فكأنّي قد سألت بعضهم، فقال: هذه امرأة من أهل النار، وإن دفنت عندنا، تأذينا بسماع عذابها، وما يجري عليها، فنحن نسأل الله صرف دفنها عنّا.
قال: فانتبهت، فعجبت من هذا عجبا شديدا، وطال الليل بي، فلما أصبحت، سألت الحفّارين، هل حفروا قبرا لامرأة؟ فدلّني بعضهم على قبّة عظيمة، لقوم من التجّار مياسير، قد ماتت زوجة أحدهم، ويريد دفنها في القبر، وقد حفر لها.(5/122)
قال: فقصصت الرؤيا على الحفّارين، فطمّوا القبر في الحال، وراعيت أمر المرأة، فجاء رسل القوم، يسألون عن القبر، فقال الحفارون: إنّ الموضع، ليس يتأتّى فيه قبر، لأنّا قد وقعنا على حمأة تحت الأرض، لا يثبت فيها ميت.
فسألوا جماعة من أصحاب القباب، أن يحفروا عندهم، فأبوا عليهم، وكان الخبر قد انتشر بين الحفّارين واشتهر، فمضوا إلى مقبرة أخرى، فحفروا للمرأة.
فاستدللت على الموضع الذي تخرج منه الجنازة، فدللت، فحضرت، وشيّعت الجنازة، وكان الجمع عظيما هائلا، والرجل جليلا، ورأيت خلف الجنازة فتى ملتحيا حسن الوجه، ذكر أنه ابن المرأة، وهو يعزّى وأبوه، وهما وقيذان بالمصيبة.
فلما دفنت المرأة تقدّمت إليهما، فقلت: إنّي رأيت مناما في أمر هذه المتوفاة، فإن أحببتما، قصصته عليكما.
فقال الشيخ الذي هو زوج المتوفاة: أمّا أنا فما أحبّ ذلك.
فأقبل الفتى، فقال: إن رأيت أن تفعل.
فقلت: تخلو معي، فقام.
فقلت: إنّ الرؤيا عظيمة، فاحتملني.
قال: قل.
فقصصت عليه الرؤيا، وقلت: يجب لك أن تنظر في هذا الأمر الذي أوجب من الله لهذه المرأة، ما ذكرته لك، فتجتنب مثله، وإن جاز أن تعرّفنيه لأجتنب مثله، فافعل.
فقال والله يا أخي، ما أعرف من حال أمي ما يوجب هذا، أكثر من أنّ أمي كانت تشرب النبيذ، وتسمع الغناء، وترمى بالنساء، وما يوجب(5/123)
هذا، هذا الأمر العظيم، ولكن في دارنا عجوز لها نحو تسعين سنة، هي دايتها، وما شطتها، فإن نشطت، صرت معي، فسألناها، فلعلّها تخبرنا بما يوجب هذا، فنجتنبه.
فقمت معه، فقصدنا الدار التي كانت للمتوفاة، فأدخلني إلى غرفة فيها، وإذا بعجوز فانية، فخاطبها بما جرى، وقصصت أنا عليها الرؤيا.
فقالت: اسأل الله أن يغفر لها، كانت مسرفة على نفسها جدّا.
فقال لها الفتى: يا أمّي، بأكثر من الشراب، والسماع، والنساء؟
فقالت نعم يا بنيّ، ولولا أن أسوءك لأخبرتك بما أعلم، فإنّ هذا الذي رآه هذا الرجل، قليل من كثير ممّا أخاف عليها من العذاب.
فقال الفتى: أحبّ أن تخبريني، ورفقت أنا بالعجوز، فقلت: أخبرينا، لنجتنبه ونتّعظ به.
فقالت: إن أخبرتكم بجميع ما أعرفه منها، ومن نفسي معها، طال، وبكت، وقالت: أما أنا، فقد علم الله أنّي تائبة منذ سنين، وقد كنت أرجو لها التوبة، فما فعلت، ولكن أخبركم بثلاثة أحوال من أفعالها، وهي عندي أعظم ذنوبها.
فقلنا: قولي.
فقالت للفتى: كانت من أشدّ الناس زنى، وما كان يمضي يوم، إلّا وتدخل إلى دار أبيك، بغير علمه، الرجل والرجلين، فيطأونها، ويخرجون، ويكون دخولهم، بألوان كثيرة من الحيل، وأبوك في سوقه.
فلما نشأت أنت، وبلغت مبلغ الرجال، خرجت في نهاية الملاحة، فكنت أراها تنظر إليك نظر شهوة، فأعجب من ذلك.
إلى أن قالت لي يوما، يا أمّي، قد غلب على قلبي، عشق ابني هذا، ولا بدّ لي أن يطأني.(5/124)
فقلت لها: يا بنتي اتّقي الله، ولك في الرجال غيره متّسع؟
فقالت: لا بدّ من ذلك.
فقلت: كيف يكون هذا؟ أو كيف يجيئك، وهو صبيّ، وتفتضحين، ولا تصلين إلى بغيتك، فدعي هذا لله عزّ وجلّ، فقالت: لا بدّ أن تساعديني.
فقلت: أعمل ماذا؟
فقالت: تمضين إلى فلان المعلّم، وكان معلّما في جوارنا، أديبا، ورسمه أن يكتب لها رقاعا إلى عشّاقها، ويجيب عنها، فتبرّه، وتعطيه في كل وقت.
فقالت: قولي له، يكتب إليه رقعة، يذكر فيها عشقا، وشغفا، ووجدا، ويسأله الاجتماع، وأوصلي الرقعة، كأنّها من فلانة، وذكرت صبيّة من الجيران، مليحة.
قالت العجوز: ففعلت ذلك، وأخذت الرقعة وجئتك بها، فلما سمعت ذكر الصبية، التهب قلبك نارا، وأجبت عن الرقعة تسألها الاجتماع عندها، وتذكر أن لا موضع لك.
فسلّمت الجواب إلى والدتك.
فقالت: اكتبي إليه عن الصبيّة، أن لا موضع لها، وأنّ سبيل هذا أن يكون عنده، فإن قال لك: ليس لي موضع، فأعدّي له الغرفة الفلانية، وافرشيها، واجعلي فيها الطيب والفاكهة، وقولي له: إنها صبيّة، وهو ذا تستحي، ولكن عشقك قد غلب، وهي تجيئك إلى هاهنا ليلا، ولا يكون بين أيديكما ضوء، حتى لا تستحي هي، ولا تفطن والدتك بالحديث، ولا أبوك، إذا رأوا في الغرفة ضوء سراج، فإذا أجابك إلى هذا فأعلميني.
قالت: ففعلت ذلك، وأجبت أنت إلى هذا، وتقرّر الوعد ليلة بعينها، وأعلمتها، فلبست ثيابا، وتبخّرت، وتطيّبت، وتعطّرت، وصعدت إلى(5/125)
الغرفة، وجئت أنت، وعندك أنّ الصبية هناك، فوقعت عليها، وجامعتها إلى الغداة، فلما كان وقت السحر، جئت أنا، وأيقظتها، وأنزلتها، وأنت نائم، وكان صعودها إليك، بعد أن نام أبوك.
فلما كان بعد أيّام، قالت لي: يا أمي، قد والله، حبلت من ابني، فكيف الحيلة؟
فقلت: لا أدري.
فقالت: أنا أدري، ثم كانت تجتمع معك على سبيل الحيلة التي عرّفتك، إلى أن قاربت الولادة.
فقالت لأبيك: إنّها عليلة، وقد خافت على نفسها التلف، وإنّها تريد أن تمضي إلى بيت أمّها فتتعلّل هناك.
فأذن لها، ومضت، وقالت لأمها: إنّها عليلة، فأدخلت، وأنا معها، في حجرة من دارها، وجئنا بقابلة، فلما ولدت، قتلت ولدها، وأخرجته، فدفنته، على حيلة وستر، وأقامت أياما، وعادت إلى منزلها.
فقالت لي بعد أيام: أريد ابني.
فقلت: ويحك، ما كفاك ما مضى؟
فقالت: لا بدّ، فجئتك على تلك الحيلة بعينها.
فقالت لي، من غد: قد والله حبلت، وهذا والله، سبب موتي، وفضيحتي، وأقامت تجتمع معك، على سبيل الحيلة، إلى أن قاربت الولادة، فمضت إلى أمها، وعملت كما عملت، فولدت بنتا مليحة، فلم تطب نفسي بقتلها، وأخذتها منها ليلا، فأخرجتها إلى قوم ضعفاء، لهم مولود، فسلّمتها إليهم، وأعطيتهم من مال أبيك دراهم كثيرة، وواقفتهم على إرضاعها، والقيام بها، وأن أعطيهم في كل شهر شيئا بعينه، وكانت تنفذه إليهم في كل شهر، وتعطيهم ضعفه، حتى تدلّل الصبية، وتوفد إليها الثياب(5/126)
الناعمة، فنشأت في دلال ونعمة، وهي تراها في كل يوم إذا اشتاقتها.
وخطب أبوك عليك من النساء، فتزوّجت بزوجتك الفلانية، فانقطع ما بينك وبينها، وهي من أشدّ الناس عشقا لك، وغيرة عليك من امرأتك، ولا حيلة لها فيك.
حتى بلغت الصبية تسع سنين، فأظهرت أنّها مملوكة، قد اشترتها ونقلتها إلى دارها، لتراها كل وقت، لشدّة محبّتها لها، والصبيّة لا تعلم انّها ابنتها، وسمّتها باسم المماليك.
ونشأت الصبيّة، من أحسن الناس وجها، فعلّمتها الغناء بالعود، فبرعت فيه، وبلغت مبلغ النساء.
فقالت لي يوما: يا أمي، هو ذا ترين شغفي بابنتي هذه، وانّه لا يعلم أنّها ابنتي غيرك، ولا أقدر على إظهار أمرها، وقد بلغت حدّا، إن لم أعلقها برجل، خفت أن تخرج عن يدي، وتلتمس الرجال، أو تلتمس البيع، إذ تظنّ أنّها مملوكة، وإن منعتها، تنغّص عيشها وعيشي، وإن بعتها، وفارقتها، تلفت نفسي عليها، وقد فكّرت في أن أصلها بابني.
فقلت: يا هذه، اتّقي الله، يكفيك ما مضى.
فقالت: لا بدّ من ذلك.
فقلت: وكيف يتمّ هذا الأمر.
قالت: امضي، واكتبي رقعة، تذكرين فيها، عشقا وغراما، وامضي بها إلى زوجة ابني، وقولي لها إنها من فلان الجنديّ جارنا- وذكرت غلاما حين بقل عذاره، في نهاية الحسن، قد كانت تعشقه، ويعشقها- وارفقي بها، واحتالي حتى تأخذي جوابها إليه.
ففعلت، فلحقني من زوجتك، امتهان، وطرد، واستخفاف، فتردّدت إليها، وما زلت بها حتى درّ متنها، فقرأت الرقعة، وأجابت عنها بخطّها.(5/127)
وجئت بالجواب إلى أمك، فأخذته، ومضت به إلى أبيك، فشنعت عليها، وألقت بينها وبين أبيها وأبيك وبين أمها شرّا كنّا فيه شهورا، إلى أن انتهى الأمر.
إلى أن طالبك أبوك بتطليق زوجتك، أو الانتقال عنه، وأن يهجرك طول عمره، وبذل لك وزن الصداق من ماله، فأطعت أبويك، وطلّقت المرأة، ووزن أبوك الصداق.
ولحقك غمّ شديد، وبكاء، وامتناع عن الطعام، فجاءت أمّك، وقالت لك: لم تغتم على هذه القحبة؟ أنا أهب لك جاريتي المغنّية، وهي أحسن منها، وهي بكر وصالحة، وتلك ثيّب فاجرة، وأجلوها عليك كما يفعل بالحرائر، وأجهّزها من مالي ومال أبيك، بأحسن من الجهاز الذي نقل إليك.
فلما سمعت ذلك، زال غمّك، وأجبتها، فوافقت على ذلك، وأصلحت الجهاز، وصاغت الحلي، وجلتها عليك، فأولدتها أولادك هؤلاء، وهي الآن قعيدة بيتك.
فهذا باب واحد ممّا أعرفه من أمك.
وباب آخر، وبدأت تحدّث، فقال: حسبي، حسبي، اقطعي، لا تقولي شيئا، لعن الله تلك المرأة، ولا رحمها، ولعنك معها، وقام يستغفر الله، ويبكي ويقول: خرب والله بيتي، واحتجت إلى مفارقة أمّ أولادي.
وأخذ بيدي، وقمت، وفي قلبي حسرة، كيف لم أسمع باقي ما أرادت العجوز أن تحدّثنا به.
ذم الهوى 448(5/128)
58 شقيقان عشيقان
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني إبراهيم بن علي النصيبي، قال: حدّثني أبو بكر النحوي، قال: حدّثني أبو علي بن فتح، قال: حدّثني أبي، قال:
كنت سنة من السنين جالسا في دربي، إذ دخل شاب حسن الوجه والهيأة، وعليه أثر نعمة، فسأل عن دار فارغة في الدرب يكتريها، وكان أكثر الدرب لي.
فقمت معه إلى دار فيه كبيرة حسنة فارغة، فأريته إياها، فاستحسنها، ووزن لي أجرتها لشهر، وأخذ المفتاح.
فلما كان من غد، جاء ومعه غلام، ففتحا الباب، وكنس الغلام الدار، ورشّ، وجلس هو، ومضى الغلام، وعاد بعد العصر، ومعه عدّة حمّالين وامرأة، فدخلوا الدار، وأغلق الباب، فما سمعنا لهم حركة.
وخرج الغلام قبل العشاء، وبقي الرجل والمرأة في الدار، فما فتحا الباب أياما.
ثم خرج إليّ في اليوم الرابع، فقلت: ويحك، ما لك؟
فأومأ إليّ أنّه مستتر من دين عليه، وسألني أن أندب له رجلا، يبتاع له كلّ يوم ما يريده، دفعة واحدة، ففعلت.
فكان يخرج في كلّ أسبوع، فيزن دراهم كثيرة، فيعطيها للغلام الذي نصبته له، ليشتري له بها ما يكفيه لطول تلك الأيام، من الخبز، واللحم والفاكهة، والنبيذ، والأبقال، ويصبّ الماء في الحباب الكثيرة، التي قد أعدّها لتلك الأيام، ولا يفتح الباب، أو ينقضي ذلك الزاد.(5/129)
فكان على هذا سنة، لا يجيء إليه أحد، ولا يخرج من عنده أحد، ولا أراه أنا، ولا غيري.
إلى أن جاء ليلة، في وقت المغرب، فدقّ بابي، فخرجت، فقلت ما لك؟
فقال: اعلم أنّ زوجتي قد ضربها الطلق، فأغثني بقابلة.
وكان في داري قابلة لأم أولادي، فحملتها إليه، فأقامت عنده ليلتها، فلما كان في الغد جاءتني، فذكرت أنّ امرأته ولدت في الليل بنتا، وانّها أصلحت أمورها، وأنّ النفساء في حالة التلف، وعادت إليها.
فلما كان في وقت الظهيرة، ماتت الجارية، فجاءت القابلة، فأخبرتنا.
فقال: الله الله أن تجيئني امرأة، أو يلطم أحد، أو يجيء أحد من الجيران فيعزّيني، أو يصير لي جمع.
ففعلت ذلك، ووجدته من البكاء والشهيق على أمر عظيم.
فأحضرت له الجنازة بين العشائين، وقد كنت أنفذت من حفر قبرا، في مقبرة قريبة منّا، فانصرف الحفّارون لما أمسوا، وقد كان واقفني على صرفهم، وقال: لا أريد أن يراني أحد، وأنا وأنت نحمل الجنازة، إن تفضّلت بذلك، ورغبت في الثواب، فاستحييت، وقلت له: أفعل.
فلما قربت العتمة، خرجت إليه، وقلت له: تخرج الجنازة؟
فقال: تتفضّل أوّلا، وتنقل هذه الصبيّة إلى دارك على شرط.
قلت: وما هو؟
قال: إنّ نفسي لا تطيق الجلوس في هذه الدار بعد صاحبتي، ولا المقام في البلد، ومعي مال عظيم وقماش، فتتفضّل بأخذه، وتأخذ الصبيّة، وتنفق عليها من ذلك المال، ومن أثمان الأمتعة، إلى أن تكبر الصبيّة، فإن ماتت وقد بقي منه شيء، فهو لك بارك الله لك فيه، وإن عاشت فهو يكفيها إلى(5/130)
أن تبلغ مبلغ النساء، فحينئذ تدبّر أمرها بما ترى، وأنا أمضي بعد الدفن، فأخرج من البلدة.
فوعظته، وثبّته، فلم يكن إلى ذلك سبيل.
فنقلت الصبيّة إلى بيتي، وحمل الجنازة وأنا معه أساعده.
فلما صرنا على شفير القبر، قال لي: تتفضّل وتبتعد، فإني أريد أن أودّعها فأكشف وجهها، فأراه، ثم أدفنها.
ففعلت، فحلّ وجهها، وأكبّ عليها يقبّلها، ثم شدّ كفنها، وأنزلها القبر.
ثم سمعت صيحة من القبر، ففزعت، فجئت، فاطلعت، فإذا هو قد أخرج سيفا كان معلّقا تحت ثيابه، مجرّدا، وأنا لا أعلم، فاتّكأ عليه، فدخل في فؤاده، وخرج من ظهره، وصاح تلك الصيحة، ومات، كأنّه ميت من ألف سنة.
فعجبت من ذلك عجبا شديدا، وخفت أن يدرك، فيصير قصّة، فأضجعته فوقها في اللحد، وغيّبت عليهما اللّبن، وهلت التراب، وأحكمت أمر القبر، وصببت عليه جرار ماء كانت لنا في المكان.
وعدت، فنقلت كل ما كان في الدار، إلى داري، وعزلته في بيت، وختمته، وقلت: هذا أمر لا بدّ أن تظهر له عاقبة، وما ينبغي أن أمسّ من هذا المال والمتاع شيئا، وكان جليلا، يساوي ألوف دنانير، وأحتسب النفقة على هذه الطفلة، وأعدّها ملقوطة من الطريق، ربّيتها للثواب.
ففعلت ذلك، فمضى على موت الغلام والجارية، نحو سنة.
فإني لجالس على بابي يوما، إذ اجتاز شيخ عليه أثر النبل واليسار، وتحته بغلة فارهة، وبين يديه، غلام أسود، فسلّم، ووقف.
وقال: ما اسم هذا الدرب؟(5/131)
فقلت: درب فتح.
فقال: أنت من أهل الدرب؟
قلت: نعم.
قال: منذ كم سكنته؟
قلت: منذ نشأت، وإليّ ينسب، وأكثره لي.
فثنى رجله، ونزل.
فقمت إليه، وأكرمته، فجلس تجاهي، يحادثني، وقال: لي حاجة.
فقلت: قل.
فقال: أتعرف في هذه الناحية، إنسانا وافى منذ سنتين، شاب من حاله، وصفته، فوصف الغلام، واكترى هاهنا دارا؟
فقلت: نعم.
قال: وما كانت قصته، وإلى أي شيء انتهى أمره؟
فقلت: ومن أنت منه حتى أخبرك؟
قال: تخبرني.
قلت: لا أفعل، أو تصدقني.
فقال: أنا أبوه.
فقصصت عليه القصة، على أتمّ شرح.
فأجهش بالبكاء، وقال: مصيبتي أنّي لا أقدر أن أترحّم عليه.
فقدّرته يومىء إلى قتل نفسه، فقلت: لعله ذهب عقله، فقتل نفسه.
فبكى، وقال: ليس هذا أردت، فأين الطفلة؟
فقلت: عندي، هي والمتاع.
فقال: تعطيني الطفلة.
فقلت: لا أفعل، أو تصدقني.(5/132)
فقال: تعفيني.
فقلت: أقسم عليك بالله، إلّا فعلت.
فقال: يا أخي، مصائب الدنيا كثيرة، ومنها: أنّ ابني هذا نشأ، فأدّبته، وعلّمته، ونشأت له أخت، لم يكن ببغداد أحسن منها، وكانت أصغر سنا منه، فعشقها، وعشقته، ونحن لا نعلم.
ثم ظهر أمرهما، فزجرتهما، وأنكرت عليهما، وانتهى الأمر إلى أن افترعها.
فبلغني ذلك، فضربته بالمقارع وإيّاها، وكتمت خبرهما لئلّا أفتضح، ففرّقت بينهما، وحجرت عليهما، وشدّدت عليهما أمهما مثل تشديدي، فكانا يجتمعان على حيلة، كالغريبين.
فبلغنا ذلك فأخرجت الغلام من الدار، وقيّدت الجارية، فكانا على ذلك شهورا كثيرة.
وكان يخدمني غلام لي كالولد، فتمّت لولدي عليّ حيلة به، فكان يترسّل بينهما، حتى أخذوا منّي مالا جليلا، وقماشا كثيرا، وهربوا منذ سنتين، وعملوا لأخذ ذلك، والهرب، حيلة طويلة الشرح، فلم أقف لهم على خبر، وهان عليّ فقد المال لبعدهما، فاسترحت منهما، إلّا أن نفسي كانت تحنّ إليهما.
فبلغني أنّ الغلام في بعض السكك منذ أيام، فكبست عليه الدار، فصعد إلى السطح.
فقلت له: بالله عليك يا فلان، ما فعل ولداي؟ فقد قتلني الشوق إليهما، وأنت آمن.
فقال لي: عليك بدرب فتح، في الجانب الغربي، فسل عنهما هناك، ورمى نفسه إلى سطح آخر، وهرب، وأنا أعرف بفلان، من مياسير التجار(5/133)
بالجانب الشرقي، وأخذ يبكي.
وقال: تقفني على القبر.
فجئت به حتى وقفته على القبر، ثم جاء فأدخلته داري، فأريته الصبيّة فجعل يترشّفها «1» ويبكي، وأخذها ونهض.
فقلت: مكانك، انقل متاعك.
فقال: أنت في حلّ منه وسعة.
فما زلت أداريه، إلى أن علقت به، وقلت: خذ المال، وأرحني من تبعته.
فقال: على شرط، نقسمه بيني وبينك.
فقلت: والله، لا تلبّست منه بحبّة.
قال: فاطلب حمّالين، فجئت بهم.
فحمل تلك التركة، والصبيّة، وانصرف.
ذم الهوى 453(5/134)
59 حلف بالطلاق لا يحضر دعوة أبدا
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني الشريف أبو أحمد الحسين ابن موسى العلوي، النقيب «1» قال:
حدّثني شيخ كان يخدمني: انّه حلف بالطلاق أن لا يحضر أبدا دعوة، فسألته عن سبب ذلك، فقال:
كنت قد انحدرت إلى البصرة من بغداد، فصعدت إلى بعض مشارع البصرة، فاستقبلني رجل، فكناني بغير كنيتي، وبشّ بي، واحتفى، وجعل يسائلني عن قوم لا أعرفهم.
وكنت غريبا، لا أعرف مكانا، فقلت: أبيت عنده الليلة إلى غد، فأطلب مكانا، فوهمت عليه في القول، فجذبني إلى منزله، ومعي رحل صالح، وفي كمّي دراهم كثيرة.
فدخلت إليه، فرأيت دارا حسنة، وحالا متوسّطا، وإذا عنده دعوة، وهم على نبيذ، وقد خرج لحاجة، فشبّهني بصديق كان له، وكان فيمن كان عنده غلام أمرد، فلما أخذنا مضجعنا للنوم، ندمت على فعلي، ونامت الجماعة.
فلما كان بعد ساعة طويلة، رأيت أحد الجماعة، قد قام إلى الغلام(5/135)
الأمرد، ففسق به، ورجع إلى موضعه، وكان قريبا من صاحب الغلام، فاستيقظ صاحب الغلام، وحرّكه.
فقال له الغلام: ما تريد؟ ألم تكن الساعة عندي، وفعلت بي وكذا كذا.
فقال له: لا.
فقال: قد جاءني الساعة من فعل بي كذا، فظننت أنّه هو أنت، فلم أتحرّك، ولم أظن أنّ أحدا يجسر عليك.
فنخر الرجل وجرّد سكّينا من وسطه، واتّفق أنّه بدأ بصاحب الخيانة، وأنا أرعد فزعا، ولو كان بدأ بي فوجدني أرعد، لقتلني، وكان يظن أنني صاحب القصة.
فلما أراده الله من حياتي، بدأ بصاحب القصّة، فوضع يده على قلبه، فوجده يخفق، وقد تناوم عليه الرجل، يرجو بذلك السلامة، فوضع السكين في فؤاده، وأمسك فاه، فاضطرب الرجل وتلف، وأخذ بيد غلامه وانصرف» .
ذم الهوى 464(5/136)
60 أبو البلاد يجن فيعلو حبيبته بالسيف
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن العباس «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر العامري، عن أحمد بن هشام «4» ، قال: أخبرني أشياخ من بني سعد ومالك ابني زيد مناة، عن أشياخ من قومهم، أدركوا ذلك الدهر:
أنّ أبا البلاد، وهو بشر بن العلاء، أحد بني طهية، ثم أحد بني سود، كان في شرف من قومه، وكان يتيما من أمه، وكنفه عمّه، وكان اسم عمّه حنيف بن عمرو، وكان عنده أثر من والده، وكانت لعمّه ابنة يقال لها سلمى، وكانت أحسن فتاة بنجد، مشهورة بذلك، وكان يهاب عمه أن يخطبها إليه، فغاب غيبة، فزوّجها أبوها أحد بني عمّها، وبلغ ذلك أبا البلاد، فذهل عقله، وانّه أتى الخباء الذي تكون به سلمى كما كان يأتي، فرأت سلمى في وجهه صفرة، ورأت به زمعا «5» ، فحسبت أنّه جائع، فدفعت إليه من وراء الستر، جفنة فيها طبيخ من لحم طير، قد راح به رعاؤهم، فطفق يأكل، أكل مسلوس «6» ، فظنّت الفتاة أنّه عرض له عارض من الخافي «7» ،(5/137)
فخرجت من كسر البيت، تريد بيت أختها ليلى.
وسمع حفيف ثوبها، فخرج معارضا لها بالسيف، فضربها على حبل عاتقها «1» ، وسمعت ليلى الوجبة «2» ، فغدت عليه بهراوة، وأدبر، فاتبعته الفتاة، فأصابت خشاشه «3» ، فتتعتع «4» ، فسقط، ثم انتعش، فغدا هاربا، وقال في ذلك:
وإنّ لليلى بين أذني وعاتقي ... كضربة سلمى يوم نعف الشقائق
قال: واستصرخ أبوها، وعمها، وإخوتها، فأقبلوا، ويأوي أبو البلاد في قارة «5» ، حذاء أبياتهم، فكان يكون فيها نهاره، وينحدر بالليل، فيتنوّر نار أهلها، وهي تضرب بنفسها «6» في ثياب لها، وبها علز الموت «7» ، فيراها.
فأخبر بذلك أبوها، فقال: ما كنت لأقتل ولدا بولد، وقال أبو البلاد وهو يرى نار سلمى التي كانت توقد لها قبل الموت:
يا موقد النار وهنا موقد النار ... بجانب الشيخ من رقصات أعيار
يا موقد النار أشعلها بعرفجة ... لمن تنوّرها من مدلج ساري(5/138)
نار
تضيء سليمى وهي حاسرة ... سقيا لموقد تلك النار من نار
قال: فماتت سليمى.
ولم يزل بأبي البلاد، بعد ذلك، وسوسة «1» ، وبهتة «2» ، حتى مات.
ذم الهوى 473(5/139)
61 ولكم في القصاص حياة
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبد الله بن محمد، قال: حدّثني شيخ كان يخدمني، وقد تجارينا أحاديث، قال:
بتّ ليلة في مكان، فقتل رجل رجلا، فخرجت والليل منتصف، لا أدري أين أقصد.
وخفت العسس، فرأيت أتون حمّام، ولم يوقد بعد، فقلت: أختبئ فيه إلى أن يفتح الحمام، فأدخله.
فجلست في ناحية من الأتون، فما لبثت حتى سمعت وقع حافر، فإذا رجل معه جارية، فأدخلها إلى الأتون، فذبحها، وتركها، ومضى.
فرأيت بريق خلخالين في رجلها، فانتزعتهما منها، وصبرت ساعة، ثم خرجت.
وما زلت أمشي في طريق لا أعرفه، متحيّرا، إلى أن اجتزت بحمّام قد فتح، فدخلته، وخبأت ما معي، في ثيابي.
وخرجت، فعرفت الطريق، وعلمت أنّي بالقرب من دار صديق لي، فطلبتها، ودققت بابه، ففتح لي، وسرّ بقدومي، وأدخلني.
فدفعت إليه دراهمي ليخبأها، والخلخالين، فلما نظر إليهما تغيّر وجهه.
فقلت: ما لك؟
فقال: من أين لك هذان الخلخالان؟
فأخبرته بخبري كلّه في ليلتي تلك.(5/140)
فقال لي: تعرف الرجل الذي قتل الجارية؟
فقلت: أما بوجهه فلا، لأن الظلمة كانت حائلة بيننا، ولكن إن سمعت كلامه عرفته.
فأعدّ طعاما، ونظر في أمره، ثم خرج، وعاد بعد ساعة، ومعه رجل من الجند، فكلّمه، وغمزني عليه.
فقلت: نعم، هو الرجل.
ثم أكلنا، وحضر الشراب، فحمل عليه النبيذ، حتى سكر، ونام في موضعه، فغلق باب الدار، وذبح الرجل.
وقال لي: إنّ المقتولة أختي، وكان هذا قد أفسدها، وأنا منذ مدة أتخبّر، فلا أصدق، إلّا أنّي طردت أختي، وأبعدتها عني، فمضت إليه، ولست أدري ما كان بينهما، حتى قتلها، وإنما عرفت الخلخالين، فدخلت، وسألت عن أمرها.
فقالوا لي: هي عند فلان.
فقلت: قد رضيت عنها، فوجهوا ردّوها.
فمضوا يعرفون خبرها، فلجلج الرجل، فعلمت أنّه قد قتلها كما ذكرت، فقتلته، فقم حتى ندفنه.
فخرجنا ليلا، أنا والرجل، حتى دفنّاه، وعدت إلى المشرعة هاربا من البصرة، حتى وصلت إلى بغداد.
وحلفت لا أحضر دعوة أبدا «1» .
ذم الهوى 474(5/141)
62 يقتل عشيقته فيفترسه الأسد
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني إبراهيم بن علي النصيبي «2» . قال: حدّثني أبو علي «3» ابن حامد بن أبي بكر [المعروف] بابن أبي حامد، قال: حدّثني بعض أصحاب أبي قال:
كان جدك ابن أبي حامد «4» ، وهو صاحب بيت المال- إذ ذاك- يتمسّى في دار الخلافة، فينصرف وقد مضى ربع الليل، أو ثلثه، فيجلس في طيّاره «5» ، ويصعد إلى داره، ونحتاج نحن، أن يكون لنا سفن مشاهرة، فإذا ركب طيّاره، نزلنا نحن في سفننا، وكان برسمي ملّاح على مرور الأوقات.(5/142)
فلما كان ليلة من الليالي، خرجت مع جدّك، فطلبت ملّاحي، فلم أجده، فأخذني بعض أصحاب جدّك، في سميريته، وبكّرت في الغد، فلم أعرف له خبرا، وتمادى ذلك سنين.
فلما كان بعد سنين، رأيته في الكرخ، بطيلسان «1» ، ونعل طاق، بزيّ التجّار المياسير.
فقلت: فلان؟ فحين رآني اضطرب.
فقلت: ويحك، ما قصّتك؟
قال: خير.
فقلت: وما هذا الزيّ؟
قال: تركت الملاحة، وصرت تاجرا.
قلت: فرأس المال من أين لك؟ فجهد أن يفلت.
فقلت: لا تطوّل عليّ، والله، لا افترقنا، أو تخبرني خبرك، ولم تركتني تلك الليلة، ثم لم نرك إلى الآن؟
فقال: على أن تستر عليّ.
فقلت: أفعل.
فأحلفني، فحلفت.
قال: إنّك أبطأت تلك الليلة، وعرضت لي بولة، فأصعدت من دار الخلافة، إلى مشرعة بنهر معلّى، فبلت.
وإذا برجل قد نزل، فقال: احملني.
فقلت: أنا مع راكب لا يمكنني فراقه.
فقال: خذ مني دينارا واحملني.(5/143)
فلما سمعت بذكر الدينار، طمعت، وظننته هاربا، فقلت: إلى أين أحملك؟
فقال: إلى الدبّاغين.
فقلت: لا أحملك.
فقال: خذ دينارين.
فقلت: هات، فأعطاني دينارين، فجعلتهما في كمّي، وكان معه غلام، فقال: امض وهات ما معك.
فمضى الغلام، ولم يحتبس حتى جاء بامرأة، لم أرقط أحسن منها وجها، ولا ثيابا، وجاء بجونة كبيرة حسنة، وأطباق فاكهة، وثلج، ونبيذ، وكانت ليلة مقمرة، وجاء بعود، فأخذته الجارية في حجرها، فسهل عليّ لطيب الوقت، أن أخلّ بك.
ثم قال للغلام: امض أنت، فمضى.
قال: ادفع، فدفعت.
وكشفت الجارية وجهها، فإذا هي أحسن من البدر بشيء كبير.
فلما بلغت الدبّاغين، جرّد سيفا كان معه، وقال: ادفع إلى مكان ما أقول لك، وإلّا ضربت عنقك.
فقلت: ما بك إلى هذا حاجة، السمع والطاعة، فانحدرت.
فقال لها: تأكلين شيئا؟
فقالت: نعم.
فأخرج ما كان في الجونة، فإذا طعام نظيف، ظريف، فأكلا، وألقى الجونة إليّ.
ثم أخذت العود، وغنّت أحسن غناء يكون، وأطيبه.
فقال لي: يا ملّاح لولا خوفي أن تسكر، لسقيتك.(5/144)
فقلت: يا أستاذ، أنا أشرب عشرين رطلا نبيذا، ولا أسكر، فأعطاني ظرفا فيه خمسة أرطال «1» ، وقال: اشرب لنفسك.
فجعلت أشرب على الغناء وأجدف، وهما يشربان، إلى أن دنا منها، فقبّلها كثيرا، واحتدّت شهوته، فجامعها وأنا أراه، ثم عاودها دفعات، وثمل.
فقال: يا فلانة، خنت عهدي وميثاقي، ومكّنت فلانا من نفسك، حتى فعل بك كيت وكيت، وفلانا، وفلانا، وجعل يوافقها، وهي تقول:
لا والله، يا سيدي، ما فعلت هذا، وإنما كذبوا عليّ عندك، ليباعدوني منك.
فقال: كذبت، أنا توصّلت إلى أن حصلت معكم، في ليلة كذا، في الدار الفلانية، وقد دعاك فلان، وصنعتم وفعلتم كذا وكذا، وأنا أراكم بعيني، وما بعد هذا شيء، وتدرين لم جئت بك إلى هذا الموضع، وعاتبتك هاهنا؟
فقالت: لا.
فقال: لأن أودّعك، وأجعل هذا آخر العهد بك، وأقتلك، وأطرحك في الماء.
قال: فجزعت الجارية جزعا شديدا، ثم قالت: يا مولاي، ويطيب قلبك؟
قال: إي والله، ثم خالطها، وأخرج تكّتها، فكتّفها بها.
فقلت: يا سيدي، اتّق الله، مثل هذا الوجه، وأنت تالف في حبّه، تعمل به مثل هذا؟(5/145)
فقال: الساعة والله، أبتدئ بك.
وأخذ السيف، فجزعت، وأمسكت، وتقدم إليها فذبحها، وأمسكها حتى جرى دمها وماتت.
ثم أقبل ينزع حليها، ويرمي به إلى صدر السميرية «1» ، ثم نزع الثياب عنها، وشقّ جوفها، وجعل يقطعها قطعا، ويرمي بها إلى الماء.
وكنا قد قاربنا المدائن «2» ، وقد مضى أكثر الليل، فرأيت منظرا لم أر قط مثله، ومتّ جزعا، وقلت: الساعة يقتلني لئلّا أنمّ عليه، ولم أجد حيلة، فاستسلمت.
وطرح نفسه كالمغشيّ عليه، وجعل يبكي، ويقول: شفيت قلبي، وقتلت نفسي، ويلطم، ورمى بالعود، وجميع ما كان معه، من فاكهة، وأكل، وشراب، إلى الماء.
فطلع الفجر وأضاء، وبقي بيننا وبين المدائن نصف فرسخ، فطمعت في الحيلة عليه.
فقلت له: يا سيدي، قد أصبحنا، أفلا تصلّي؟ وأردت أن يصعد إلى الشط، وأنحدر أنا في السميرية، وأدعه.
فقال: بلى، اطرحني إلى الشط.
فقدمت السميرية إلى الشط، وطرحته.
فحين صعد من السميرية أذرعا يسيرة، إذا سبع قد قفز عليه، فتناوله، فرأيته والله، في فمه، كالفأرة في فم السنور.
فلا أنسى ما ورد على قلبي من السرور بذلك.(5/146)
فحدرت السفينة، فلما تجاوزت المدائن، طرحت «1» إلى الشط، وجمعت الحلي، وخبأته، تحت بارية «2» السميرية، وتأمّلت الثياب، فغسلت ما أثّر الدم فيه، وخبأته، وانحدرت، فما ردّ وجهي شيء إلى البصرة.
فنظرت، فإذا معي حلي بألف دينار، وثياب بعتها بجملة دنانير كثيرة، فأقمت بالبصرة أتّجر، وخفت العود إلى بغداد، لئلّا يراني ذلك الغلام، فيطالبني بالرجل، أو أسأل عن الحديث.
فلما طالت المدة، وانقضت السنون، وقع لي أن الأمر قد نسي، واشتقت إلى بغداد، وكانت البضاعة قد نمت وزادت، فاشتريت بجميعها تجارة إلى بغداد، ودخلت، وأنا فيها منذ نحو سنة، حتى رأيتني اليوم.
ذم الهوى 475(5/147)
63 حلف بالطلاق لا يشيّع جنازة أبدا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبد الله بن محمد «2» ، قال: حدّثني الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى العلوي النقيب «3» ، قال:
حدّثني شيخ كان يخدمني: انّه حلف بالطلاق، لا يشيّع جنازة.
فسألته عن السبب.
فقال: خرجت يوما ببغداد في نصف النهار من يوم حار، لحاجة لي، فاستقبلتني جنازة يحملها اثنان.
فقلت: غريب، فقير، أربّعها، فأثاب، فدخلت تحتها بدلا من أحد الحمّالين.
فحين استقرّت على كتفي، افتقدت الحمال، فقلت: يا حمّال، يا حمّال.
فقال الآخر: أيش تريد؟ إمش واسكت، قد انصرف الحمّال.
فقلت: الساعة والله، أرمي بها.
فقال الحمّال: والله لئن فعلت، لأصيحنّ.(5/148)
فاستحييت، وحملت الأذى، وقلت: ثواب، وما زلت أسير في الشمس، والرمضاء، إلى الشونيزية «1» .
فلما حططنا الجنازة في مسجد الجنائز، هرب الحمال الآخر.
فقلت لنفسي: ما لهؤلاء الملاعين، والله لأتمّمن الثواب، وأخرجت من كمّي دراهم، وصحت، يا حفّار، أين قبر هذه الجنازة؟
فقال: لا أدري.
فقلت: احفر، فأخذ مني درهمين، وحفر قبرا.
فلما صوّبت عليه الجنازة، ليأخذ الميت ليدفنه، وثب من اللحد، ولكمني، وجعل عمامتي في رقبتي، وصاح: يا قوم! قتيل.
واجتمع الناس، وسألوه، فقال: هذا جاء برجل مقطوع الرأس لأدفنه له، فحلّ الكفن، فوجد الأمر على ما قاله الحفّار.
فبهتّ، وتحيّرت، وجرى عليّ من العامة، من المكروه، ما كادت نفسي تتلف، إلى أن حملت إلى صاحب الشرطة، فأخبر الخبر، فجرّدت للسياط، وأنا ساكت، باهت وكان له كاتب، فحين رأى حيرتي، قال له: أنظرني، حتى أكشف أمر هذا الرجل، فإنّي أحسبه مظلوما.
فخلا بي، وساءلني، فأخبرته خبري، ولم أزد فيه، ولم أنقص.
فنحّى الميت عن الجنازة، وفتّشها، فوجد فيها كتابة، انها للمسجد الفلاني، للناحية الفلانية.
فأخذ معه رجّالة، ومضى، فدخل المسجد متنكّرا، فوجد فيه خيّاطا،(5/149)
فسأله عن جنازة، كأنّه يريد أن يحمل عليها ميتا له.
فقال الخياط: للمسجد جنازة، إلّا أنها أخذت منه الغداة، لحمل ميت، ولم تردّ.
فقال: من أخذها؟
فقال: أهل تلك الدار، وأوما إليها.
فكبسها الكاتب، برجالة الشرطة، فوجد فيها رجالا، فقبض عليهم وحملهم إلى الشرطة، وأخبر صاحبه الخبر، فقدّم القوم، وقرّرهم، فأقرّوا، أنّهم تغايروا «1» على غلام أمرد معهم، فقتلوه، واحتزّوا رأسه، ودفنوه في بئر حفروها في الدار، وحملوه على تلك الصورة، وأنّ الحمالين كانا أحد القوم، فضربت أعناق القوم، وخلي سبيلي.
فهذا سبب توبتي، أن لا أحضر جنازة «2» .
ذم الهوى 477(5/150)
64 منفصل عني وما قلبي عنه منفصل
وأنبئت عن الوليد بن محمد، وغيره، عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري «1» قال: حدّثنا علي بن المحسن التنوخي، إذنا، قال: أنبأنا أبي، عن أبي الفرج الأصبهاني «2» ، قال: أخبرني عمي، قال: حدّثني عبد الله بن المرزبان «3» ، قال: أخبرني علي بن صالح بن الهيثم «4» ، وإسماعيل بن يونس، قالا:
حدّثنا أبو هفان «5» ، قال:
أهديت إلى الرشيد، جارية في غاية الجمال، والكمال، فخلا بها أياما، وأخرج كل قينة من داره.
واصطبح يوما، فكان من حضره من جواريه للغناء وغيره، زهاء ألفي جارية، في أحسن زيّ، من كل نوع من أنواع الثياب والجوهر.
واتّصل الخبر بأم جعفر «6» ، فغلظ عليها ذاك، فأرسلت إلى(5/151)
عليّة «1» ، تشكو إليها.
فأرسلت عليّة: لا يهولنك هذا، فو الله لأردنّه، وأنا أعمل شعرا، وأصوغ فيه لحنا، وأطرحه على جواريّ، فلا تدعي عندك جارية، إلّا بعثت بها إليّ، وألبسيهنّ فاخر الثياب والحلي، ليأخذن الصوت مع جواريّ.
ففعلت أم جعفر ما أمرتها.
وزحفت عليّة من حجرتها، ومعها زهاء ألفي جارية من جواريها، وسائر جواري القصر، عليهن غرائب اللباس والحلي، وكلّهن يغنّين في لحن واحد، هزج، صنعته عليّة:
منفصل عنّي وما ... قلبي عنه منفصل
يا قاطعي اليوم لمن ... نويت بعدي أن تصل
فطرب الرشيد، وقام على رجليه، حتى استقبل أم جعفر، وعليّة، وهو على غاية السرور، وقال: لم أر كاليوم قط.
ثم قال: يا مسرور «2» ، لا تبقين في بيت المال شيئا إلّا نثرته، فكان مبلغ ما نثر يومئذ، ستة آلاف ألف درهم.
وما سمع بمثل ذلك اليوم قط.
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي مخطوط(5/152)
65 ألا ان هندا أصبحت منك محرما
أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا أبو محمد بن السراج «2» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، قال: أنبأنا علي بن عيسى بن علي النحوي «3» ، قال: حدّثنا أبو بكر بن دريد «4» ، قال: حدثنا أبو حاتم «5» ، عن الأصمعي «6» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة «7» ، عن أيوب السختياني «8» ، عن ابن سيرين «9» ، قال: قال عبد الله بن عجلان النهدي «10» في الجاهلية:(5/153)
ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما «1» ... وأصبحت من أدنى حميّمها حمى «2»
وأصبحت كالمقمور «3» جفن سلاحه ... يقلّب بالكفّين قوسا وأسهما
ومدّ بها صوته، حتى مات.
ذم الهوى 503(5/154)
66 جعلت من وردتها تميمة في عضدي
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال:
أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن منصور «4» [بن سيار] «5» ، قال: أخبرني عبد الله بن نصر المروزي، قال: أخبرني عبد الله بن سويد، عن أبيه، قال: سمعت علي بن عاصم يقول:
قال لي رجل من أهل الكوفة، من بعض إخواني، هل لك في عاشق تراه؟
فمضيت معه، فرأيت فتى كأنما نزعت الروح من جسده، وهو متّزر بإزار، مرتد بآخر، وإذا هو مفكّر، وفي ساعده وردة.
فذكرنا له بيتا من الشعر، فتهيّج وقال:
جعلت من وردتها تميمة في عضدي ... أشمّها من حبّها إذا علاني جهدي(5/155)
فمن رأى مثلي فتى ... بالحزن أضحى مرتدي
أسقمه الحب وقد ... صار قليل الأود «1»
وصار ساه دهره ... مقارنا للكمد
ألا فمن يرحم أو ... يرقّ لي من كمد
ثم أطرق. فقلت: ما شأنه؟
قالوا: عشق جارية لبعض أهله، فأعطى بها كل ما يملك، وهو سبعمائة دينار، فأبوا أن يبيعوها، فنزل به ما ترى، وفقد عقله.
قال: فخرجنا، فلبثنا ما شاء الله، ثم مات، فحضرت جنازته.
فلما سوي عليه، إذا بجارية تسأل عن القبر، فدللتها عليه، فما زالت تبكي، وتأخذ التراب فتجعله في شعرها، فبينما هي كذلك، إذ جاء قوم يسعون، فأقبلوا عليها ضربا، فقالت: شأنكم، والله، لا تنتفعون بي بعده أبدا.
ذم الهوى 521(5/156)
67 عشق، فعف، فكتم، فمات
أنبأنا محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا التنوخي، قال: حدّثنا ابن حيّويه، قال: أنبأنا ابن المرزبان، قال: ذكر بعض الرواة عن محمد بن معاوية «1» ، قال: حدّثني إبراهيم بن عثمان العذري، وكان ينزل الكوفة، قال:
رأيت عمر بن ميسرة، وكان كهيئة الخيال، وكأنّه صبغ بالورس «2» ، لا يكاد يكلّم أحدا، ولا يجالسه، وكانوا يرون أنّه عاشق، فكانوا يسألونه عن قصته، فيقول:
يسائلني ذا اللب عن طول علّتي ... وما أنا بالمبدي لذا الناس علّتي
سأكتمها صبرا على حرّ جمرها ... وأكتمها إذ كان في السرّ راحتي
إذا كنت قد أبصرت موضع علّتي ... وكان دوائي في مواضع لذّتي
صبرت على دائي احتسابا ورغبة ... ولم أك أحدوثات أهلي وخلّتي
قال: فما أظهر أمره، ولا علم أحد بقصّته، حتى كان عند الموت، فإنّه قال: إنّ العلة التي كانت بي، من أجل فلانة ابنة عمّي، والله، ما حجبني عنها، وألزمني الضرّ، إلّا خوف الله عز وجلّ لا غير، فمن بلي في هذه الدنيا بشيء، فلا يكن أحد أوثق عنده بسرّه من نفسه، ولولا أن الموت نازل بي الساعة، ما حدّثتكم، فاقرؤوها مني السلام، ومات.
ذم الهوى 525(5/157)
68 عبد الله بن عجلان وهند بنت كعب
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال:
أخبرني أبو بكر العامري، قال: أخبرني سليمان بن الربيع الكادحي «4» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن الماجشون «5» ، عن أيوب «6» ، عن ابن سيرين «7» ، قال:
عبد الله بن عجلان «8» ، هو صاحب هند بنت كعب بن عمرو «9» ، وإنّه(5/158)
عشقها، فمرض مرضا شديدا حتى ضني، فلم يدر أهله ما به.
فدخلت عليه عجوز، فقالت: إنّ صاحبكم عاشق، فاذبحوا له شاة، وائتوه بها، وغيّبوا فؤادها، ففعلوا، وأتوه بها، فجعل يرفع بضعة، ويضع أخرى.
ثم قال: أما لشاتكم قلب «1» ؟
فقال أخوه: لا أراك إلّا عاشقا، ولم تخبرنا.
فبلغني- والله أعلم- أنّه قال لهم بعد ذلك: آه، ومات.
ذم الهوى 531(5/159)
69 عشقت، فجنت، فماتت
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، كلاهما عن أبي عبيد الله المرزباني «2» ، قال: أنبأنا ابن دريد «3» ، قال: أنبأنا العباس بن الفرج الرياشي «4» ، عن محمد بن سلام «5» ، قال: حدّثني بعض أهل الكوفة، قال: حججت، فرأيت امرأة قبيل فيد «6» ، وهي تقول:
فإن تضربوا ظهري وبطني كليهما ... فليس لقلبي بين جنبيّ ضارب
فسألت عنها، فقيل: عاشق.
ثم عدت في العام المقبل، فإذا بها قد حال لونها «7» مع حسنة، وهي تقول:
فإن يك عيسى قد أطاع بي العدى ... فلا وأبيه ما أطعت الأعاديا
يقولون لي مولى فلا تقربينه ... وعيش أبي إنّي أحبّ المواليا(5/160)
ثم رجعت في العام الثالث، فإذا هي مقيّدة، فاقدة عقلها، وهي تقول:
أيا طلحة «1» الرعيان «2» ظلّك بارد ... وماؤك عذب يستساغ لشارب
ثم سألت عنها بعد ذلك، فأخبرت أنها ماتت.
ذم الهوى 534(5/161)
70 رب لا تسلبني ديني ولا تفتنّي بعد أن هديتني
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرني محمد بن موسى، عن سعيد بن عبد الله بن ميسرة، قال:
حدّثني شيخ من أهل الشام، قال:
صحبني فتى في بعض أسفاري، فكنت كثيرا ما أسمعه ينشد هذه الأبيات:
ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت ... وأدركت الساري بليل فلم ينم
وفي صحبة التقوى غناء وثروة ... وفي صحبة الأهواء ذلّ مع الندم
فلا تصحب الأهواء واهجر محبّها ... وكن للتقى إلفا وكن في التقى علم
فقلت له يوما: ما هذه الأبيات التي أسمعك كثيرا تنشدها؟
فضحك، وقال: كيف سألتني عنها؟
فقلت: لأني أراك كثيرا ما تنشدها، فأردت أن أعلم، من قولك هي؟
قال: لا، ولكنها من قول أخ لي، وله حديث عجيب.
فقلت له: حدّثني به.(5/162)
قال: نعم. كان لي أخ، وكنت أحبه الحبّ الذي لا شيء بعده، فمكثنا بذلك حينا، فلزم الحديث، والفقه، والأدب، وما رأيت فتى- مع التقوى- أمزح منه.
قال: ثم تغيّر عن بعض ما كنت أعهد منه، من المزاح، والسرور، وحسن الحديث، فلما رأيت ذلك منه غمّني، وأنكرته، فخلوت به يوما، فقلت:
يا أخي، ما قصتك؟ وما حالك؟ وما الذي نزل بك؟ أخبرني، فإن كان من أمر الآخرة، سررت به، وإن كان من أمر الدنيا أعنتك عليه.
قال: والله يا أخي، ما هو من أمر الآخرة، ولكنّه من أمر الدنيا، ولست أبديه، حتى يبلغ الأمر آخره، ويخرج من يدي، ولا أستطيع ردّه.
قال: ولهج بهذه الأبيات:
ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت
قال: فعظم عليّ ما نزل به، وشغل قلبي، وأخذه شبيه بالسهو، ويقول في بعض الساعات: ربّ لا تسلبني ديني، ولا تفتنّي بعد أن هديتني.
فقلت في نفسي: ما أراه إلّا وقد غلبت عليه وسوسة من الشيطان، فهو يخاف، ومكث بذلك حينا، ما يزداد إلّا ضنى.
وجعل أهله يسألونني، فأقول: والله، ما علمي به إلّا كعلمكم، ولقد سألته عن حاله، فما يخبرني بشيء.
واشتدّ عليه الأمر، فسقط في الفراش، وكان الناس يعودونه.
ودخل الأطباء عليه، فبعضهم يقول: سلّ، وبعضهم يقول: غمّ، واختلفت في أمره علينا الأقاويل، وكان لا يتكلّم بشيء أكثر من قوله:
ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت ... فأدركت الساري بليل فلم ينم
قال: ولم يزل به الأمر، حتى غلب على عقله، وضاق به مكانه، فأدخلناه(5/163)
بيتا، فكان يصرخ الليل كلّه، فإذا ملّ من الصراخ، أنّ كما يئنّ المدنف من علّته.
فأشاروا علينا بتخليته، وقالوا: إنّكم إن خلّيتموه، تفرّج واستراح، فخلّيناه.
فكان إذا أصبح، خرج فقعد على باب داره، فكلّ من مرّ به، سأله:
أين تريد؟
فيقول: أريد موضع كذا وكذا.
فيقول: اذهب محفوظا، لو كان طريقك على بغيتنا، أودعناك كلاما.
قال: فمرّ به بعض إخوانه، فقال: أين تريد؟
قال: أريد حيث تحب، فهل لك من حاجة؟
قال: نعم.
قال: ما هي؟
فقال:
تقرا السلام على الحبيب تحيّة ... وتبثّه بمطاول الأسقام
وتقل له: إنّ التقى زمّ الهوى ... لمّا سما متعجّلا بزمام
فقال: أفعل إن شاء الله.
قال: فمضى، فما كان بأسرع من أن رجع، فقال: قد بلّغت القوم رسالتك.
قال: فما قالوا؟
قال: قالوا:
لئن كان تقوى الله زمّك أن تنل ... أمورا نهى عن نيلها بحرام
فزرنا لنقضي من حديث لبانة ... ونشفي نفوسا آذنت بسقام(5/164)
قال: فوثب قائما، ثم أنشأ يقول:
لأقلّ من هذا وفيه لذي الهوى ... شفاء وقد يسلو الفتى جدّ وامق
إذا اليأس حلّ القلب لم ينفع البكا ... وهل ينفع المعشوق دمعة عاشق
قال: ومضى، فقمت خلفه، فقلت لأهله، لا يتبعني أحد منكم، وتبعته، حتى أتى نزل رجل من أهل الفضل والرأي والدين، وكانت له ابنة من أجمل النساء، فوقف على الباب، فقال:
فها أنذا قد جئت أشكو صبابتي ... وأخبركم عمّا لقيت من الحبّ
وأظهر تسليما عليكم لتعلموا ... بأنّي وصول ثم ذا منكم حسبي
قال: فلما فهمت القصة، وخشيت أن يلحظني أحد، أو يراه بعض من يعرفه، أو يفهم قصّته، خرجت عليه.
فقلت: ما جلوسك على باب القوم، ولم يأذنوا لك؟ قال: بلى.
فقلت: كيف، وهم يقولون:
بالله ربّك لا تمرّ ببابنا ... إنّا نخاف مقالة الحسّاد
ودع التعتّب والتذكّر إنّه ... يرويه عنك أجلّة العوّاد
قال: يا صالح، وقد قالوا هذا؟ قلت: نعم.
فجعل يهذي، ويقول:
إن كان قد كرهوا زيارة عاشق ... فلربّ معشوق يزور العاشقا
فلما رجعت، سألوني عن قصته، فقلت؛ ما أخطأ الجبّان «1» .
ولزم بيته، فلم يزل زائل العقل، حتى مات.
ذم الهوى 542(5/165)
71 مت عشقا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال:
وجدت في كتاب بعض إخواني من أهل العلم، قال: حدّثنا زكريا بن إسحاق، قال: سمعت مالك بن سعيد يقول: حدّثني مشيخة من خزاعة «4» :
انّه كان عندهم بالطائف جارية عفيفة صالحة، وكانت لها أمّ من خيار النساء لها فضل ودين، وكانت لهم بضاعة مع رجل من أهل الطائف، وكان يتّجر لهم بها، ويعطيهم فضلها.
قال: فبعث الرجل إليهم ذات يوم، ابنه في حاجة، وكان غلاما جميلا، فدخل والجارية جالسة، لم تعلم بدخوله، فنظر إليها، وكانت ذات جمال، فوقعت بقلبه، فخرج من عندهم، وما يدري أين يسلك، وجعل الأمر يتزايد عليه، حتى تغيّر عقله، ونحل جسمه، ولزم الوحدة والفكر، وكتم حاله، وجعل لا يقر له قرار.
فلما رأى أهله ذلك، حبسوه في بيت، وأوثقوه، فكان ربما أفلت،(5/166)
فيجتمع عليه الصبيان، فيقولون له: مت عشقا، مت عشقا.
قال: وكان يقول، إذا كثروا عليه:
أأفشي إليكم بعض ما قد أصابني ... أم الصبر أهيا بالفتى عندما يلقى
سلام على من لا أسمّي باسمها ... ولو صرت مثل الطير في غيضة ملقى
ألا أيّها الصبيان لو ذقتم الهوى ... لأيقنتم أنّي أحدّثكم حقّا
أحبّكم من حبّها وأراكم ... تقولون لي مت يا شجاع بها عشقا
فلم تنصفوني، لا ولا هي أنصفت ... فرفقا قليلا بالفتى ويحكم رفقا
قال: فلما صح ذلك عند أهله، وعلموا أنّه عاشق، جعلوا يسألونه عن أمره، فلا يخبرهم بقصّته، ولا يجيبهم.
فلما رأوا ذلك منه، حبسوه في بيت، وقيّدوه، فكان إذا جنّه الليل، هتف بصوت له حزين، يقول:
يا ليل أنت رفيقي ... من بين أهلي ومالي
يا ليل أنت أنيسي ... في وحشتي واحتيالي
يا ليل إنّ شكاتي ... إليك طول اشتغالي
بمن برت جسم صبّ ... فصار مثل الخلال
فالجسم منّي نحيل ... لم يبق إلّا خيالي
والشوق قد شفّ جسمي ... وليس يخلق بالي
فلو رآني عدوّي ... لرقّ لي ورثى لي
قال: فلم يزل تلك حاله، حتى مات.
ذم الهوى 551(5/167)
72 إلا أن يشاء ابن معمر
أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا جعفر بن أحمد، قال:
أنبأنا علي بن أبي علي المعدّل «2» ، قال حدّثني أبي «3» ، قال: روى أبو روق الهزّاني»
، عن الرياشي «5» :
انّ بعض أهل البصرة، اشترى صبية، فأحسن تأديبها، وتعليمها، وأحبّها كلّ المحبّة، وأنفق عليها حتى أملق، وحتى مسّهما الضرّ الشديد.
فقالت الجارية: إنّي لأرثي لك يا مولاي ممّا أرى بك من سوء الحال، فلو بعتني، واتّسعت بثمني، فلعلّ الله أن يصنع لك، وأقع أنا بحيث يحسن حالي، فيكون ذلك أصلح لكلّ واحد منّا.
قال: فحملها إلى السوق، فعرضت على عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وهو أمير البصرة «6» ، يومئذ، فأعجبته، فاشتراها بمائة ألف درهم.
فلما قبض المولى الثمن، وأراد الانصراف، استعبر كل واحد إلى صاحبه، باكيا، وأنشأت الجارية تقول:(5/168)
هنيئا لك المال الذي قد حويته ... ولم يبق في كفّي غير التذكّر
أقول لنفسي وهي في غشي كربة «1» ... أقلّي فقد بان الحبيب أو اكثري
إذا لم يكن للأمر عندك حيلة ... ولم تجدي شيئا سوى الصبر فاصبري
فاشتدّ بكاء المولى، ثم أنشأ يقول:
فلولا قعود الدهر بي عنك لم يكن ... يفرّقنا شيء سوى الموت فاعذري
أروح بهمّ في الفؤاد مبرّح ... أناجي به قلبا شديد التفكّر
عليك سلام لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلّا أن يشاء ابن معمر
فقال ابن معمر: قد شئت، خذها، ولك المال، وانصرفا راشدين، فو الله، لا كنت سببا لفرقة محبّين.
ذم الهوى 625(5/169)
73 لماذا سمي العراق عراقا
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدّل «2» ، قال: قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال ابن الأعرابي «4» :
إنّما سمي العراق عراقا، لأنه سفل عن نجد، ودنا من البحر، أخذ من عراق القربة، وهو الخرز الذي في أسفلها «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/24(5/170)
74 من لم ير بغداد، لم ير الدنيا
أخبرنا عمر بن إبراهيم الفقيه «1» ، والحسن بن علي الجوهري «2» ، وعلي ابن أبي علي «3» ، قالوا: حدّثنا محمد بن العباس «4» ، قال: حدّثنا أبو بكر الصولي «5» قال: حدّثنا القاسم بن إسماعيل «6» ، قال: حدّثنا أبو محلم، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، يقول:
الإسلام ببغداد، وإنها لصيّادة تصيد الرجال، ومن لم يرها لم ير الدنيا «7» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/47(5/171)
75 من محاسن الإسلام
سمعت القاضي أبا القاسم علي بن المحسن التنوخي يقول: كان يقال:
من محاسن الإسلام، يوم الجمعة ببغداد، وصلاة التراويح «1» بمكة «2» ، ويوم العيد بطرسوس «3» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/47(5/172)
76 إذا خرجت من العراق فالدنيا كلها رستاق
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: أخبرني أبي قال: قال أبو القاسم بزياش بن المحسن الديلمي، وهو شيخ لقيته ببغداد يتعلّق بعلوم، فصيح بالعربية:
سافرت الآفاق، ودخلت البلدان، من حدّ سمرقند «1» إلى القيروان «2» ، ومن سرنديب «3» إلى بلد الروم «4» ، فما وجدت بلدا أفضل، ولا أطيب من بغداد، قال: وكان سبكتكين «5» ، حاجب معز الدولة، المعروف بالحاجب الكبير، آنسا بي، فقال لي يوما: قد سافرت الأسفار الطويلة، فأيّ بلد وجدت أطيب وأفضل؟
فقلت له: أيها الحاجب، إذا خرجت من العراق، فالدنيا كلّها رستاق «6» ، تاريخ بغداد للخطيب 1/49(5/173)
77 فلم ار فيها مثل بغداد منزلا
أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو سعد علي بن محمد بن خلف الهمذاني «1» لنفسه:
فدى لك يا بغداد كلّ قبيلة ... من الأرض حتى خطّتي ودياريا
فقد طفت في شرق البلاد وغربها ... وسيّرت رحلي بينها وركابيا
فلم أر فيها مثل بغداد منزلا ... ولم أر فيها مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرقّ شمائلا ... وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا
وكم قائل لو كان ودّك صادقا ... لبغداد لم ترحل فكان جوابيا
يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمي النوى بالمقترين المراميا «2»
تاريخ بغداد للخطيب 1/52(5/174)
78 السري الرفاء يمدح بغداد
أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: أنشدنا أبو علي الهائم «1» ، قال: أنشدنا السريّ بن أحمد الرفّاء الموصلّي «2» لنفسه من أبيات:
إذا سقى الله منزلا فسقى ... بغداد ما حاولت من الديم
يا حبذا صحبة العلوم بها ... والعيش بين اليسار والعدم «3»
تاريخ بغداد للخطيب 1/52(5/175)
79 سويق الحمص في بغداد
حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي «1» في سنة ستين وثلاثمائة «2» ، قال:
أخبرني رجل يبيع سويق الحمّص «3» ، منفردا به، أسماه لي وأنسيته، أنّه حصر ما يعمل في سوقه من هذا السويق كل سنة، فكان مائة وأربعين كرّا، يكون حمّصا مائتين وثمانين كرا، يخرج في كل سنة، حتى لا يبقى منه شيء، ويستأنف عمل ذلك للسنة الأخرى.
قال: وسويق الحمص غير طيّب، وإنّما يأكله المتجمّلون والضعفاء، شهرين أو ثلاثة، عند عدم الفواكه، ومن لا يأكله من الناس أكثر.
قال الشيخ أبو بكر (الخطيب البغدادي) : ولو طلب من هذا السويق اليوم في جانبي بغداد، مكوك واحد، ما وجد «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/119(5/176)
80 القاضي أبو طاهر محمد بن نصر
أخبرنا علي بن المحسن القاضي «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
استقضى المتقي لله «3» على مدينة المنصور «4» في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة «5» ، أبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر «6» ، وله أبوّة في القضاء «7» ، سديد المذهب، متوسط الفقه، على مذهب مالك «8» ، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون، ويتناظرون بحضرته، فكان يتوسّط بينهم، ويكلّمهم كلاما سديدا، ويجري معهم فيما يجرون فيه، على مذهب محمود وطريقة حسنة، ثم صرف أبو طاهر بعد أربعة أشهر من هذه السنة في شوال «9» ،(5/177)
ثم استقضى المستكفي «1» أبا طاهر على الشرقية «2» في صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «3» ، فكانت ولايته أقلّ من خمسة أشهر «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 1/313(5/178)
81 عتاهية بن أبي العتاهية
قرأت في كتاب أبي عبيد الله المرزباني «1» ، بخطّه، وحدّثنيه علي بن أبي علي البصري «2» ، عنه، قال:
محمد بن أبي العتاهية «3» ، لقبه عتاهية، ويكنى أبا عبد الله، وأمه هاشمية بنت عمرو اليمامي مولى لمعن بن زائدة «4» ، وكان محمد ناسكا، زاهدا، شاعرا، وهو القائل:
قد أفلح الساكن الصموت ... كلام راعي الكلام قوت
ما كلّ نطق له جواب ... جواب ما يكره السكوت
يا عجبي لامرئ ظلوم ... مستيقن أنّه يموت
تاريخ بغداد للخطيب 2/35(5/179)
82 اقطع العمر بظن حسن
أخبرنا علي بن المحسّن القاضي «1» ، قال: حدّثني أبي، أبو علي المحسن بن علي «2» ، قال: نبّأنا أبو بكر الصولي «3» ، قال: نبّأنا عون بن محمد الكندي «4» ، قال: قال لي محمد بن أبي أمية الكاتب «5» :
كنت أنا وأخي، نكتب للعباس بن الفضل بن الربيع «6» ، فجاءه أبو العتاهية «7» مسلّما، فأمره بالمقام عنده.(5/180)
فقال: على شريطة أن ينشدني كاتبك هذا من شعره، وأومأ إليّ.
فقال: ذلك لك، وتغدّينا، فقال: الشرط.
فأمرني أن أنشده، فحصرت «1» ، وقلت: ما أجسر على ذلك، ولا ذاك قدري.
فقال: إن أنشدتني وإلّا قمت، فجدّ بي فأنشدته:
ربّ وعد «2» منك لا أنساه لي ... أوجب الشكر وإن لم تفعل
أقطع العمر بظنّ حسن ... وأجلّي غمرة ما تنجلي
وأرى الأيام لا تدني الذي ... أرتجي منك وتدني أجلي
كلّما أمّلت يوما صالحا ... عرض المكروه لي في أملي
قال: فبكى أبو العتاهية، أشدّ بكاء، ثم قال: إن لم تزدني قمت.
فقال لي: زده فانشدته:
بنفسي من يناجيه ... ضميري بأمانيه
ومن يعرض عن ذكري ... كأنّي لست أعنيه
لقد أسرفت في الذلّ ... كما أسرفت في التيه
أما تعرف لي إحسان ... يوم فتجازيه؟
قال: فزاد والله بكاؤه.
تاريخ بغداد للخطيب 2/86(5/181)
83 يا هاشمي ويا مولى ويا عربي
أخبرنا علي بن أبي علي البصري، قال: أنبأنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: أنشدنا أبو بكر بن الأنباري «2» ، قال: أنشدنا أبي «3» ، قال: أنشدنا أحمد بن عبيد النحوي»
لمحمد بن أميّة «5» :
تتيه جهلا بلا دين ولا حسب ... على ذوي الدين والأنساب والحسب
من هاشم أنت «6» بخّ بخ وأنت غدا ... مولى وبعد غد فرد من العرب
إن صحّ هذا فأنت الناس كلهم ... يا هاشميّ ويا مولى ويا عربي
تاريخ بغداد للخطيب 2/86(5/182)
84 الخليفة المنتصر وما كتب بالفارسية على البساط
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: نبّأنا محمد بن العباس الخزاز «2» لفظا، قال: نبّأنا محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: حدّثني أحمد بن حبيب «4» ، قال: حدّثني علي بن يحيى المنجّم «5» قال:
جلس المنتصر «6» في مجلس كان أمر أن يفرش له بفرش ديباج «7» مثقل بالذهب، وكان في بعض البسط «8» دائرة كبيرة فيها مثال فرس وعليه راكب، وعلى رأسه تاج، وحول الدائرة كتابة بالفارسية.
فلما جلس المنتصر، وجلس الندماء، وقف على رأسه وجوه الموالي والقواد، فنظر إلى تلك الدائرة، وإلى الكتاب الذي حولها، فقال لبغا «9» :(5/183)
أيش هذا الكتاب «1» ؟
فقال: لا أعلم يا سيدي.
فسأل من حضر من الندماء فلم يحسن أحد أن يقرأه.
فالتفت إلى وصيف «2» وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب، فأحضر رجلا، فقرأ الكتاب فقطّب.
فقال له المنتصر: ما هو؟
فقال: يا أمير المؤمنين، بعض حماقات الفرس.
فقال: أخبرني ما هو؟
قال: يا أمير المؤمنين: ليس له معنى، فألحّ عليه وغضب.
قال، يقول: أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز «3» ، قتلت أبي، فلم أمتّع بالملك، إلّا ستة أشهر.
فتغيّر وجه المنتصر، وقام عن مجلسه إلى النساء، فلم يملك إلّا ستة أشهر.
تاريخ بغداد للخطيب 2/120(5/184)
85 محمد بن الحسن يصرف ما ورثه من والده على تعلّم العلم
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني أبو عروبة، في كتابه إليّ، قال: حدّثني عمرو بن أبي عمرو، قال: قال محمد بن الحسن «3» :
ترك أبي ثلاثين ألفا درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفا، على النحو والشعر، وخمسة عشر ألف، على الحديث والفقه.
تاريخ بغداد للخطيب 2/173(5/185)
86 محمد بن الحسن والخليفة هارون الرشيد
أخبرنا علي بن أبي علي، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
حدّثني مكرم القاضي «1» ، قال: حدّثني أحمد بن عطية، قال: سمعت أبا عبيد يقول:
كنّا مع محمد بن الحسن، إذ أقبل الرشيد، فقام إليه الناس كلهم، إلّا محمد بن الحسن، فإنه لم يقم، وكان الحسن بن زياد «2» ثقيل القلب، ممتلىء البطن «3» على محمد بن الحسن، فقام، ودخل الناس من أصحاب الخليفة.
فأمهل الرشيد يسيرا، ثم خرج الآذن، فقال: محمد بن الحسن، فجزع أصحابه له، فأدخل، فأمهل، ثم خرج طيّب النفس مسرورا.
فقال، قال لي: ما لك لم تقم مع الناس؟
قلت: كرهت أن أخرج عن الطبقة التي جعلتني فيها، إنّك أهّلتني(5/186)
للعلم، فكرهت أن أخرج عنه إلى طبقة الخدمة التي هي خارجة عنه، وإنّ ابن عمك صلى الله عليه وسلّم قال: من أحبّ أن يتمثّل له الرجال قياما فليتبوّأ مقعده من النار، وإنّما أراد بذلك العلماء، فمن قام بحقّ الخدمة، وإعزاز الملك، فهو هيبة للعدوّ، ومن قعد، اتّبع السنّة التي عنكم أخذت، فهو زين لكم.
قال: صدقت يا محمد.
ثم قال: إنّ عمر بن الخطاب صالح بني تغلب، على أن لا ينصّروا أبناءهم، وقد نصّروا أبناءهم، وحلّت بذلك دماؤهم، فما ترى؟
قال، قلت: إنّ عمر أمرهم بذلك، وقد نصّروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان، وابن عمك «1» ، وكان من العلم ما لا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنن، فهذا صلح من الخلفاء بعده، ولا شيء يلحقك في ذلك، وقد كشفت لك الحكم، ورأيك أعلى.
قال: لكنّا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إنّ الله أمر نبيّه بالمشورة، فكان يشاور في أمره، ثم يأتيه جبريل عليه السلام، بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولّاه الله أمرك، ومر أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشيء تفرّقه على أصحابك.
فخرج له مال كثير، ففرّقه.
تاريخ بغداد للخطيب 2/173(5/187)
87 محمد بن الحسن ومالك بن أنس
أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: وجدت في كتاب جدّي «2» :
حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء المكي «3» ، قال: نبّأنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «4» ، قال: حدّثني هانئ بن صيفي، قال: حدّثني مجاشع بن يوسف، قال:
كنت بالمدينة عند مالك «5» وهو يفتي الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن «6» ، صاحب أبي حنيفة، وهو حدث.
فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلّا في المسجد؟
فقال مالك: لا يدخل الجنب المسجد.
قال: فكيف يصنع، وقد حضرت الصلاة، وهو يرى الماء؟(5/188)
قال: فجعل مالك يكرر: لا يدخل الجنب المسجد.
فلما أكثر عليه، قال له مالك: فما تقول أنت في هذا؟
قال: يتيمّم ويدخل، فيأخذ الماء من المسجد، ويخرج فيغتسل.
فقال: من أين أنت؟
قال: من هذه، وأشار إلى الأرض.
فقال: ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه.
فقال: ما أكثر من لا تعرف، ثم نهض.
فقالوا لمالك: هذا محمد بن الحسن، صاحب أبي حنيفة.
فقال مالك: محمد بن الحسن، كيف يكذب، وقد ذكر أنّه من أهل المدينة؟
قالوا: إنّما قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض.
قال: هذا أشدّ عليّ من ذاك.
تاريخ بغداد للخطيب 2/174(5/189)
88 رأي الشافعي في محمد بن الحسن
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن حبيش البغوي، قال: حدّثني جعفر بن ياسين، قال: سمعت الربيع بن سليمان «3» يقول:
وقف رجل على الشافعي «4» ، فسأله عن مسألة، فأجابه.
فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء.
فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيها قط؟ أللهم الّا أن تكون رأيت محمد ابن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدنا قط أذكى من محمد بن الحسن «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 2/176(5/190)
89 سفهني ولم أكن سفيها
أخبرنا علي بن المحسن القاضي، قال: أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن محمد المقرئ «1» قال: نبّأنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني «2» ، قال: أخبرني أخي محمد بن الحسن بن علي بن مالك «3» ، قال: حدّثني علي بن سهل بن المغيرة «4» ، قال:
قلت لعفّان بن مسلم «5» : أين سمعت من عمر بن أبي زائدة؟
قال: سمعت منه بالبصرة، قدم مخاصما إلى سوّار «6» في ميراث كان له، فقال لسوّار: تقضي لي بشاهد ويمين يا سوّار؟
فقال له سوّار: ليس هذا مذهبي.(5/191)
قال: فغضب عمر بن أبي زائدة «1» ، فهجا سوّارا، فقال:
سفّهني ولم أكن سفيها ... ولا بقوم سفهوا شبيها
لو كان هذا قاضيا فقيها ... لكان مثلي عنده وجيها
قال: فقضى له بشاهد ويمين.
تاريخ بغداد للخطيب 2/194(5/192)
90 محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة
أخبرنا علي بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
لما توفي الواقدي «3» ، استقضى المأمون «4» أبا عمر محمد بن عبد الرحمن المخزومي «5» قاضي مكة، وهو رجل من أهل العلم، حسن الطريقة، فلم يلبث إلّا يسيرا حتى عزله، وقد روي عنه الحديث.
قلت: وكانت ولايته أيضا بعسكر المهدي من شرقي بغداد «6» وذلك في سنة ثمان ومائتين «7» .
ولما عزل، لحق بمكة فأقام بها إلى أيّام المعتصم «8» ، وقدم بغداد وافدا عليه.(5/193)
فأخبرنا ابن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر «1» ، قال: حدّثنا يعقوب بن سفيان «2» ، قال:
شهدت محمد بن عبد الرحمن المخزومي القاضي، جاء إلى سليمان بن حرب «3» ،- وكان قد كتب إلى سليمان بن حرب، أن يقف على القضاء، يعني بمكة- يسلّم عليه ويودّعه، ويخرج إلى بغداد.
فقال له سليمان: ما يخرجك؟
قال: أذهب فأعزّي أمير المؤمنين، يعني المعتصم، عن الماضي، وأهنّيه فيما يستقبل.
فقال سليمان: ويحك إنّما تخرج، لعلّ ابن أبي دؤاد يعمل لك في قضاء مكة، وهو لا يفعل، فإنّه قد خرج ابن الحرّ فسيقضّيه ليتّخذه صنيعة يذكر به، وأنت لا تكون صنيعة له، أنت أجلّ من ذلك.
وخرج، فكان كما قال سليمان.
تاريخ بغداد للخطيب 2/310(5/194)
91 عليل يعاد فلا يوجد
حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي «2» : انّه اعتلّ فتأخر عن مجلس أبي عمر الزاهد «3» .
قال: فسأل عني لما تراخت الأيام، فقيل له إنّه كان عليلا، فجاءني من الغد يعودني.
فاتّفق أن كنت قد خرجت من داري إلى الحمّام، فكتب بخطه على بابي باسفيداج «4» :
وأعجب شيء سمعنا به ... عليل يعاد فلا يوجد
تاريخ بغداد للخطيب 2/356(5/195)
92 لماذا سمي أبو محمد بن عبيد بالعسكري
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد ابن عبيد العسكري «2» يقول:
كان أبي «3» يشهد عند القضاة، وإنما سافر جدّي إلى سرّ من رأى، فلما عاد، سمّي العسكري «4» .
قال: وأول ما شهد أبي عند إسماعيل القاضي «5» .
وكان عمّي يشهد، وأول ما شهد، عند عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك، ابن أبي الشوارب «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 2/370(5/196)
93 ان نعش نلتقي
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثني الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان الفامي «3» ، قال: حدّثنا محمد بن عبدك القزاز «4» وغيره، قال:
اجتمعت مع زهير السامي «5» ، وتحدّثنا، فلما أردت مفارقته، قلت:
متى نلتقي؟
فقال:
إن نعش نلتقي وإلّا فما أشغل ... من مات عن جميع الأنام
تاريخ بغداد للخطيب 2/384(5/197)
94 لماذا سمي بالبياضي
سمعت القاضي أبا القاسم التنوخي، يسأل بعض ولد البياضي «1» ، عن سبب هذه التسمية، فقال:
إنّ جدي حضر مع جماعة مع العباسيين يوما، فجلس الخليفة وكانوا كلهم قد لبسوا السواد، غير جدّي، فإن لباسه كان بياضا.
فلما رآه الخليفة، قال: من ذلك البياضي.
فثبت ذلك الاسم عليه، فلم يعرف بعد، إلّا به «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 2/401(5/198)
95 القاضي ابن أبي موسى
1- أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
أبو عبد الله محمد بن عيسى المعروف بابن أبي موسى «3» ، من أهل العلم بمذهب أهل العراق «4» ، وأبوه كان أحد المتقدّمين في هذا المذهب، وتلاه أبو عبد الله في التمسّك به، والذبّ عنه، والكلام للمخالفين له، وكان له سمت، وحسن وقار تام، وكان ثقة عند الناس، مشهورا بالصدق والفقر، حافظا لنفسه، لا مطعن عليه فيما يتولاه، وينظر فيه.
ذكر طلحة بن محمد بن جعفر فيما أخبرنا علي بن المحسّن: أنّ ابن أبي موسى ولي الجانب الشرقي من بغداد، والكرخ من الجانب الغربي، في جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين «5» ، وأنّ المتقي لله «6» صرفه.
2- أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد، قال:(5/199)
استخلف المستكفي بالله «1» في صفر سنة 333 «2» ، وقلّد الجانب الشرقي أبا عبد الله محمد بن عيسى المعروف بابن أبي موسى، فلم يزل واليا على الجانب الشرقي إلى ليلة السبت لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فإنّ اللصوص كبسوه في داره فقتلوه «3» ، وأخذوا جميع ما كان له في منزله ولعياله، وقدروا أنّ عنده شيئا له قدر، فوجدوه فقيرا، ودفن في يوم السبت «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 2/403 و 404(5/200)
96 فصوص زمرد في غلف در
أنشدنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن عمر الأنباري «1» لنفسه في صفة الباقلاء الأخضر «2» :
فصوص زمرّد في غلف درّ ... باقماع حكت تقليم ظفر
وقد خلع الربيع لها ثيابا ... لها لونان من بيض وخضر
تاريخ بغداد للخطيب 3/35(5/201)
97 من شعر أبي العلاء المعري
أنشدني القاضي أبو القاسم، علي بن المحسن التنوخي، قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي «1» لنفسه، يجيب أبا الخطاب الجبّلي «2» عن أبيات كان مدحه بها عند وروده معرّة النعمان:
أشفقت من عبء البقاء وعابه ... ومللت من أري «3» الزمان وصابه «4»
ووجدت أحداث الليالي أولعت ... بأخي الندى تثنيه عن آرابه(5/202)
وأرى أبا الخطاب نال من الحجى ... حظّا رواه الدهر عن خطّابه
لا تطلبنّ كلامه متشبّها ... فالدرّ ممتنع على طلّابه
أثنى وخاف من ارتحال ثنائه ... عنّي فقيّد لفظه بكتابه
كلم كنظم العقد يحسن تحته ... معناه حسن الماء تحت صبابه
فتشوّفت شوقا إلى نفحاته ... أفهامنا ورنت إلى آدابه
والنخل ما عكفت عليه طيوره ... إلّا لما علمته من أرطابه
ردّت لطافته وحدّة ذهنه ... وحش اللغات أوانسا بخطابه
والنحل يجني المرّ من نور الربى ... فتصير شهدا في طريق رضابه
عجب الأنام لطول همّة ماجد ... أوفى به قصر وما أزرى به
سهم الفتى أقصى مدى من سيفه ... والرمح يوم طعانه وضرابه
هجر العراق تطرّبا وتغرّبا ... ليفوز من سمط العلا بغرابه
والسمهرية ليس يشرف قدرها ... حتى يسافر لدنها من غابه
والعضب لا يشفي امرأ من ثأره ... إلّا بعقد نجاده وقرابه
والله يرعى سرح كل فضيلة ... حتى يروّحه إلى أربابه
يا من له قلم حكى في فعله ... أيم «1» الغضا لولا سواد لعابه
عرفت جدودك إذ نطقت وطالما ... لفظ القطا فأبان عن أنسابه
وهززت أعطاف الملوك بمنطق ... ردّ المسنّ إلى اقتبال شبابه
ألبستني حلل القريض ووشيه ... متفضّلا فرفلت في أثوابه
وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه ... رجلا سواه من الورى أولى به
فأجاب عنه مقصّرا عن شأوه ... إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه
تاريخ بغداد للخطيب 3/101(5/203)
98 تهجوا
حدّثنا علي بن المحسن القاضي «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري الورّاق «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال:
كان محمد بن عمران الضبّي «3» على اختيار القضاة للمعتزّ «4» ، فاجتمع إليه القضاة والفقهاء، الخصّاف «5» ونظراؤه من الفقهاء.
وكان الضبّي قبل ذلك معلّما، فنعس، ثم رفع رأسه، فقال: تهجّوا «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 3/133(5/204)
99 أبو هشام الرفاعي يقضي ببغداد
حدّثنا علي بن المحسن «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
استقضي أبو هشام الرفاعي «3» - يعني ببغداد- في سنة اثنتين وأربعين ومائتين»
، وهو رجل من أهل القرآن، والعلم، والفقه، والحديث، وله كتاب في القراءات، قرأ علينا ابن صاعد «5» أكثره، وحدّث بحديث كثير.
تاريخ بغداد للخطيب 3/376(5/205)
100 المبرد والقبعض
أخبرني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله الإيذجي «3» ، قال: حدّثني أبو عبد الله المفجع «4» ، قال:
كان المبرّد «5» لعظم حفظه اللغة، واتّساعه فيها، يتّهم بالكذب، فتواضعنا على مسألة لا أصل لها، نسأله عنها لننظر كيف يجيب.
وكنّا قبل ذلك، قد تمارينا «6» في عروض بيت الشاعر:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
فقال بعضنا: هو من البحر الفلاني، وقال آخرون: هو من البحر الفلاني، فقطّعناه، وتردّد على أفواهنا من تقطيعه (قبعض) .
فقلت له: أنبئنا، أيّدك الله، ما القبعض عند العرب؟.
فقال المبرد: القطن، يصدّق ذلك قول أعرابي:
كأنّ سنامها حشي القبعضا(5/206)
قال: فقلت لأصحابي: هو ذا ترون الجواب والشاهد، إن كان صحيحا فهو عجيب، وإن كان اختلق الجواب، وعمل الشاهد في الحال، فهو أعجب «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 3/380(5/207)
101 القاضي أبو عمر
حدّثنا علي بن المحسّن «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد «2» قال:
أبو عمر محمد بن يوسف «3» ، من تصفّح أخبار الناس، لم يخف عليه موضعه، وإذا بالغنا في وصفه كنّا إلى التقصير فيما نذكره من ذلك أقرب.
ومن سعادة جدّه، أنّ المثل ضرب بعقله وحلمه، وانتشر على لسان الخطير والحقير ذكر فضله، حتى إنّ الإنسان كان إذا بالغ في وصف رجل، قال: كأنّه أبو عمر القاضي، وإذا امتلأ الإنسان غيظا، قال: لو أنّي أبو عمر القاضي ما صبرت.
سوى ما انضاف إلى ذلك من الجلالة والرياسة، والصبر على المكاره، واحتمال كلّ جريرة إن لحقته من عدوّه، وغلط إن جرى من صديقه، وتعطّفه بالإحسان إلى الكبير والصغير، واصطناع المعروف عند الداني والقاصي، ومداراته للنظير والتابع، ولم يزل على طول الزمان يزداد جلالة ونبلا «4» .
ثم استخلف لأبيه يوسف «5» على القضاء بالجانب الشرقي، فكان يحكم(5/208)
بين أهل مدينة المنصور رياسة، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة، إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فإنّ أبا خازم «1» توفّي، وكان قاضيا على الكرخ «2» ، أعني الشرقية «3» ، فنقل أبو عمر عن مدينة المنصور «4» إلى قضاء الشرقية، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين ومائتين.
ثم صرف هو ووالده يوسف عن جميع ما كان إليهما «5» ، وتوفّي والده «6» سنة سبع وتسعين ومائتين، وما زال أبو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة، فإنّ أبا الحسن عليّ بن عيسى، تقلّد الوزارة «7» ، فأشار على المقتدر به، فرضي عنه، وقلّده الجانب الشرقي، والشرقية، وعدة نواح من السواد، والشام، والحرمين، واليمن، وغير ذلك.
وقلّده القضاء «8» سنة سبع عشرة وثلاثمائة.(5/209)
وحمل الناس عنه علما واسعا من الحديث، وكتب الفقه التي صنّفها إسماعيل- يعني ابن إسحاق «1» - وقطعة من التفسير، وعمل مسندا كبيرا، قرأ أكثره على الناس.
ولم ير الناس في بغداد أحسن من مجلسه لما حدّث، وذلك انّ العلماء، وأصحاب الحديث، كانوا يتجمّلون بحضور مجلسه، حتى إنّه كان يجلس للحديث، وعن يمينه أبو القاسم بن بنت منيع «2» - وهو قريب من أبيه في السنّ والاسناد- وابن صاعد «3» على يساره، وأبو بكر النيسابوري «4» بين يديه، وسائر الحفّاظ حول سريره.
وتوفّي في شهر رمضان، سنة عشرين وثلاثمائة، وله ثمان وسبعون سنة «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 3/401(5/210)
102 ثم أيش
حدّثنا علي بن المحسّن- من حفظه- قال: حدّثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأسدي «1» ، قال: قال لي أبي «2» :
دخلت يوما على القاضي أبي عمر محمد بن يوسف «3» ، وبين يديه ابن ابنه أبو نصر «4» ، وقد ترعرع، فقال لي: يا أبا بكر:
إذا الرجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها
وجعلت أعلالها تعتادها ... فهي رروع قد دنا حصادها
فقلت: يبقي الله القاضي.
فقال: ثمّ أيش «5» ؟
تاريخ بغداد للخطيب 3/404(5/211)
103 القاضي ابن البهلول التنوخي 1
حدّثنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، في تسمية قضاة بغداد، قال:
أحمد «1» بن إسحاق بن البهلول بن حسان «2» بن سنان التنوخي، من أهل الأنبار، عظيم القدر، واسع الأدب، تام المروءة، حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق، ولكنه غلب عليه الأدب.
وكان لأبيه إسحاق مسند كبير حسن، وكان ثقة، وحمل الناس عن جماعة من أهل هذا البيت، منهم البهلول بن حسان «3» ، ثم ابنه إسحاق «4» ، ثم أولاد إسحاق، حدّث منهم بهلول بن إسحاق «5» ، وحدّث القاضي أحمد(5/212)
ابن إسحاق «1» وابنه محمد «2» ، وحدّث ابن أخي القاضي: داود بن الهيثم بن إسحاق «3» ، وكان أسنّ من عمه القاضي [أبي جعفر أحمد بن إسحاق] «4» ، وأبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزرق «5» ، وكان من جلّة الكتّاب.
ولم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة «6» من سنة ستّ وتسعين ومائتين «7» إلى شهر ربيع الآخر من سنة ستّ عشرة وثلاثمائة، ثم صرف «8» .
تاريخ بغداد للخطيب 4/31(5/213)
104 القاضي ابن البهلول التنوخي 2
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل، قال: قال أبي:
أحمد بن إسحاق بن البهلول ولد بالأنبار سنة إحدى وثلاثين ومائتين في المحرم، ومات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
وكان ثبتا في الحديث، ثقة، مأمونا، جيّد الضبط لما حدّث به، وكان متفنّنا في علوم شتى، منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسيئلات يسيرة.
وكان تام العلم باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألّفه.
وكان واسع الحفظ للشعر القديم، والمحدث «1» ، والأخبار الطوال «2» ، والسير، والتفسير.
وكان شاعرا كثير الشعر جدا «3» ، خطيبا حسن الخطابة والتفوّه بالكلام، لسنا، صالح الحفظ، والترسّل في المكاتبة، والبلاغة في المخاطبة.
وكان ورعا، متخشّنا في الحكم «4» ، وتقلّد القضاء بالأنبار وهيت، وطريق الفرات، من قبل الموفق الناصر لدين الله، في سنة ستّ وسبعين(5/214)
ومائتين «1» ، ثم تقلّده للناصر «2» ، دفعة أخرى، ثم تقلّده للمعتضد «3» ، ثم تقلّد بعض كور الجبل «4» للمكتفي «5» ، سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها، ثم قلّده المقتدر «6» في سنة ست وتسعين ومائتين، بعد فتنة ابن المعتز «7» ، القضاء بمدينة المنصور «8» من مدينة السلام «9» ، وطسوجي قطربّل «10» ومسكن «11» ، والأنبار «12» وهيت «13» ، وطريق الفرات «14» ، ثم أضاف له إلى ذلك بعد سنين،(5/215)
القضاء بكور الأهواز مجموعة «1» ، لما مات قاضيها إذ ذاك محمد بن خلف المعروف بوكيع «2» فما زال على هذه الأعمال، إلى أن صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة «3» .
تاريخ بغداد للخطيب 4/31(5/216)
105 وأقبلت نحوك مستعجلا
أخبرني علي بن المحسّن، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «1» ، قال: أنبأني أبو الحسن بن حنش الكاتب، قال:
دعا أبي جحظة «2» في بعض الأيام فلمّا حضر، ودخل الدار، وقعت عينه على أبي، فقال:
ولمّا أتاني منك الرسول ... تركت الذي كنت في دعوته
وأقبلت نحوك مستعجلا ... كأنّي جوادك في سرعته
تاريخ بغداد للخطيب 4/68(5/217)
106 فها خطي خذوه بألف ألف
قال «1» ، قال لنا جحظة «2» :
صكّ لي بعض الملوك «3» بصكّ «4» فتردّدت إلى الجهبذ «5» في قبضه، فلما طالت مدافعته، كتبت إليه:
إذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطّط بالأنامل والأكفّ
ولم تجد الرقاع عليّ نفعا ... فها خطّي خذوه بألف ألف
تاريخ بغداد للخطيب 4/68(5/218)
107 بين جحظة وصاحب النشوار
قال «1» : وشرب أبي دواء «2» ، فكتب إليه جحظة، يسأله عن حاله، رقعة، كان فيها:
أبن لي كيف أمسيت ... وما كان من الحال
وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالي «3»
تاريخ بغداد للخطيب 4/68(5/219)
108 أبو الحجاج الأعرابي يهجو ابن أبي دؤاد
أخبرني علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى «1» ، قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «2» ، قال: أنشدني أبو العباس ثعلب «3» ، قال: أنشدني أبو الحجاج الأعرابي:
نكست الدين يا ابن أبي دؤاد ... فأصبح من أطاعك في ارتداد
زعمت كلام ربك كان خلقا ... أما لك عند ربّك من معاد
كلام الله أنزله بعلم ... وأنزله على خير العباد
ومن أمسى ببابك مستضيفا ... كمن حلّ الفلاة بغير زاد
لقد أطرفت يا ابن أبي دؤاد ... بقولك إنّني رجل أيادي «4»
تاريخ بغداد للخطيب 4/153(5/220)
109 القاضي أبو الحسن بن الخرقي
أخبرني علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» قال:
قلّد المتقي «2» بغداد بأسرها «3» ، الجانب الشرقي، ومدينة المنصور «4» ، والكرخ «5» ، أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي «6» ، مضافا إلى ما كان قلّده قبل الحضرة «7» ، من القضاء بمصر، والمغرب «8» والرملة «9» ، والبصرة «10» وواسط «11» ، وكور دجلة «12» ، وقطعة من السواد «13» ، وخلع عليه في سنة ثلاثين وثلاثمائة «14» .(5/221)
وكان هذا «1» ، رجلا من وجوه التجار البزّازين بباب الطاق»
، هو، وأبوه، وعمومته، وكانوا يشهدون عند القضاة «3» ، بتمكّنهم من خدمة زيدان «4» ، قهرمانة المقتدر، ومعاملتهم لها، واتّصلت معاملة أحمد بن عبد الله بعد المقتدر، بحاشيته، وولده.
وكان المتقي يرعى له خدمته في حياة أبيه، وبعد ذلك، فلما أفضت الخلافة إليه، أحبّ أن ينوّه باسمه، ويبلغه إلى حال لم يبلغها أحد من أهله، فقلّده القضاء، ولم تكن له خدمة للعلم، ولا مجالسة لأهله.
فعجب الناس لذلك، وقدّروا أنّه سيستعمل الكفاة على هذه الأمور العظام، فلم يفعل ذلك، ونظر في الأمور بنفسه، فظهرت منه رجلة «5» وكفاية، وجرت أحكامه وقضاياه على طريق صالحة، وبان من عفّته، وتنزّه نفسه، وارتفاعها عن الدنس، ما تمكّنت بها حاله من نفوس الناس، ورضى مكانه أهل الجلالة والخطر، ولم يتعلّق عليه بشيء، وارتفعت عنه الكلفة، ولم يلحقه عتب في أيامه.
قال علي بن المحسّن: وذكر طلحة: إنّه خرج إلى الشام بعد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «6» ، فمات هناك.
تاريخ بغداد للخطيب 4/231(5/222)
110 سر إن اسطعت في الهواء رويدا
أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، قال؛ أنشدنا أبو العلاء المعري «1» ، لنفسه يرثي بعض أقاربه:
غير مجد في ملّتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنّم شاد
وشبيه صوت النعيّ إذا قيس ... بصوت البشير في كلّ ناد
أبكت تلكم الحمامة أم غنت ... على فرع غصنها الميّاد
صاح هذه قبورنا تملأ الأرض ... فأين القبور من عهد عاد
خفّف الوطء ما أظنّ أديم الأرض ... إلّا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدم العهد ... هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويدا ... لا اختيالا على رفات العباد
ربّ لحد قد صار لحدا مرارا ... ضاحكا من تزاحم الأضداد
ودفين على بقايا دفين ... في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمّن أحسّا ... من قبيل وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار ... وأنارا لمدلج في سواد
تعب كلّها الحياة فما أعجب ... إلّا من راغب في ازدياد
إنّ حزنا في ساعة الموت أضعاف ... سرور في ساعة الميلاد
خلق النّاس للبقاء فضلّت ... أمّة يحسبونهم للنّفاد
إنّما ينقلون من دار أعمال ... إلى دار شقوة أو رشاد
والقصيدة طويلة.
تاريخ بغداد للخطيب 4/240(5/223)
111 شعر البتي يكتب على التكك
حدّثني التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «1» ، قال:
أمرني بهاء الدولة «2» أن أكتب أبياتا يكتبها بعض الجواري على تكّة إبريسم، فكتبت:
لم لا أتيه ومضجعي ... بين الروادف والحضور
وإذا نسجت فإنّني ... بين الترائب والنحور
ولقد نشأت صغيرة ... بأكفّ ربّات الخدور
تاريخ بغداد للخطيب 4/320(5/224)
112 البتي يصف الفقاع
أنشدني التنوخي، قال: أنشدني البتّي لنفسه، يصف الفقّاع «1» :
يا ربّ ثدي مصصته بكرا «2» ... وقد عراني خمار مغبوق «3»
له هدير إذا شربت به ... مثل هدير الفحول في النوق
كأنّ ترجيعه إذا رشف ... الراشف فيه صياح مخنوق
تاريخ بغداد للخطيب 4/320(5/225)
113 إخوانيات
حدّثني علي بن المحسّن التنوخي، قال:
قرأت في كتاب من أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعلان «1» ، إلى أبي «2» جوابا في المكاتبات القديمة:
وقرأت الأبيات التي تجري مجرى الدرّ المنظوم، والماء المسجوم، وكنت في الحال كما قال الشاعر:
يكلّ لساني عن مديحك بالشعر ... وأعجز أن أجزي صنيعك بالشكر
فإن قلت شعرا كنت فيه مقصّرا ... وإن رمت شكرا تهت فيه فما أدري
على أنّ ما تولي وتسدي وتبتدي ... كقدرك، والنقصان منّي على قدري
وقد تكلّفت ما ليس من عملي، وكنت كجالب التمر إلى هجر «3» ، والمتفاصح على أهل الوبر «4» ، وقلت:
يا كاتبا أهدى إليّ كتابه ... طرفا يحار الطرف في أثنائها
كالدر أشرق في سموط عقوده ... والزهرة الزهراء غب سمائها
فأفادني جذلا وبالي كاسف ... وأجار نفسي من جوى برحائها
وحسبت أيّام الشباب رجعن لي ... فلبست حلي جمالها وبهائها
لا يعدم الإخوان منك محاسنا ... كلّ المحاسن قطرة من مائها
تاريخ بغداد للخطيب 4/411(5/226)
114 القاضي أحمد بن محمد بن سماعة
أخبرني علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
لما توفي الحسن بن علي بن الجعد «2» ، استقضي «3» على مدينة المنصور «4» ، أحمد بن محمد بن سماعة «5» .
وهذا الرجل من أهل الدين والعلم، قريب الشبه بأبيه «6» ، عفيف في نفسه.
وصرف عن مدينة المنصور، سنة ثلاث وخمسين ومائتين «7» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/10(5/227)
115 أبو العباس بن عقدة الكوفي المحدث
حدثنا علي بن أبي علي البصري «1» ، عن أبيه «2» ، قال: سمعت أبا الطيّب، أحمد بن الحسن بن هرثمة «3» ، يقول:
كنّا بحضرة أبي العباس بن عقدة الكوفي المحدّث «4» ، نكتب عنه، وفي المجلس، رجل هاشمي إلى جانبه، فجرى حديث حفّاظ الحديث.
فقال أبو العباس: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف حديث، من حديث أهل بيت هذا، سوى غيرهم، وضرب بيده على الهاشمي.
تاريخ بغداد للخطيب 5/16(5/228)
116 محدث يحفظ ستمائة ألف حديث
حدّثنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، من حفظه، قال:
سمعت أبا الحسن، محمد بن عمر العلوي «1» يقول:
كانت الرئاسة بالكوفة في بني الفدان، قبلنا، ثم فشت رئاسة بني عبيد الله، فعزم أبي على قتالهم، وجمع الجموع، فدخل إليه أبو العباس بن عقدة «2» ، وقد جمع جزءا فيه ستّ وثلاثون ورقة، فيها حديث كثير، لا أحفظ قدره، في صلة الرحم، عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن أهل البيت، وعن أصحاب الحديث، فاستعظم أبي ذلك، واستكثره.
فقال له: يا أبا العباس، بلغني من حفظك للحديث ما استنكرته واستكثرته، فكم تحفظ؟
فقال له: أنا أحفظ منسّقا من الحديث، بالأسانيد، والمتون، خمسين ومائتي ألف حديث، وأذاكر بالأسانيد، وبعض المتون، والمراسيل، والمقاطيع ستمائة ألف حديث.
تاريخ بغداد للخطيب 5/17(5/229)
117 القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي
أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
مات أبو هشام سنة تسع وأربعين ومائتين «1» ، فاستقضي أحمد بن محمد ابن عيسى البرتي «2» ، وكان رجلا من خيار المسلمين، دينا عفيفا، على مذهب أهل العراق «3» ، وكان من أصحاب يحيى بن أكثم «4» .
وكان قبل ذلك تقلّد واسطا، وقطعة من أعمال السواد، وروى كتب محمد بن الحسن «5» ، عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد بن الحسن، وحدّث بحديث كثير.
تاريخ بغداد للخطيب 5/62(5/230)
118 القاضي أبو بشر الهروي
حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال:
أبو بشر أحمد بن محمد بن محمد الهروي «1» فقيه على مذهب الشافعي «2» ، وكان يخدم أمير المؤمنين القادر بالله «3» ، قبل الخلافة، ودرس عليه مذهب الشافعي.
وروى أبو بشر حديثا كثيرا، وأخبارا، وآدابا، وأشعارا، وكتبا مصنّفة، ومولده بهراة «4» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وكان يعرف بالعالم، وتقلّد الحسبة بجانبي مدينة السلام، وتقلّد قضاء(5/231)
طسوجي مسكن «1» وقطربّل «2» ، وبلاد أذربيجان «3» .
وتوفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد للخطيب 5/89(5/232)
119 شيخ القراء أبو بكر بن مجاهد، يغنّي
حدّثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم القاضي «2» ، قال: حدّثني أبو بكر بن الجعابي «3» ، قال:
كنت يوما عند أبي بكر بن مجاهد «4» في مسجده، فأتاه بعض غلمانه، فقال له: يا أستاذ إن رأيت أن تجمّلني بحضورك غدا دارنا.
فقال له أبو بكر: ومن معنا؟
فقال له: أصحابنا المسجدية، ومن يرى الشيخ.
فقال أبو بكر: ينبغي أن تدعو أبا بكر- يعنيني- فأقبل الفتى عليّ يسألني.
فقلت له: هو ذا تطفّل بي؟ لو أرادني الرجل لأفردني بالسؤال.
فقال: دع هذا يا بغيض.
فقلت له: السمع والطاعة.
فقال لي الرجل: إنّ الأستاذ قد آثرك، فمن تؤثر أن أدعو لك؟
فقلت له: الحسين بن غريب «5» .(5/233)
قال: السمع والطاعة، ونهض الفتى.
فلما كان من الغد، وافى إلى مسجد أبي بكر، فسألنا النهوض معه إلى منزله.
فقال أبو بكر لأصحابه: قوموا، وامضوا متقطّعين، وخالفوا الطرق، ففعلوا.
ثم أقبل على الفتى، فقال له: اسبقنا، فإنّي أنا وأبو بكر نجيئك.
فقلت أنا له: أيش عملت في إحضار ابن غريب؟
فقال لي: قد أخذت الوعد عليه من أمس، وأنا أنفذ إليه رسولا ثانيا، ومضى، وجلس أبو بكر، ففرغ من شغيلات له.
ثم إنّا نهضنا جميعا، وعبرنا إلى الجانب الغربي، وصعدنا درب النخلة، وكانت دار الفتى فيه، فوجدناه مترقّبا لنا.
فدخلنا، فدعا بماء، فغسلنا أيدينا، ثم أتى بجونة «1» ، فوضعها بين أيدينا.
فقلت في نفسي: ما أزرى مروءة هذا الفتى، أيش في الجونة، ممّا يطعمنا؟
ففتحها، فإذا فيها بزماورد «2» ، وأوساط «3» ، ولفّات «4» ،(5/234)
وسنبوسج «1» ، فأكلنا أكلا عظيما مفرطا، والجونة على حالها، وما فيها من هذا الطعام على غاية الكثرة والوفور.
وشلنا أيدينا «2» ، فاستدعى الحلوى، فأتي بفالوذج غرف «3» ، حار، بماء ورد، على مائدة كبيرة، فأكثرنا منه، فعجبت من ظرف طعامه، ونظافته، وطيبه، وحسنه، وتمام مروءته، من غير إجحاف، ولا إسراف، وغسلنا أيدينا.
فقلت له: أين ابن غريب؟
فقال لي: عند بعض الرؤساء، وقد حال بيننا وبينه.
فشقّ عليّ، وتبيّن أبو بكر بن مجاهد ذلك مني، فقال لي: هاهنا من ينوب عن ابن غريب.(5/235)
فتحدّثنا ساعة، فقلت له: لا أرى للنائب عن ابن غريب خبرا، ولا أثرا، فدافعني.
فصبرت ساعة، ثم كرّرت الخطاب عليه، وألححت، ولست أعلم من هو النائب بالحقيقة عن ابن غريب.
فقال للفتى: هات قضيبا «1» ، فأتاه به.
فأخذه أبو بكر، ووقّع، واندفع يغنّي، فغنّاني نيفا وأربعين صوتا، في غاية الحسن، والطيبة، والاطراب، فأشجاني، وحيّرني.
فقلت له: يا أستاذ متى تعلّمت هذا؟ وكيف تعلّمته؟
فقال: يا بارد تعلّمته لبغيض مثلك، لا يحضر الدعوة إلّا بمغنّ.
ومضى لنا يوم طيّب معه.
تاريخ بغداد للخطيب 5/146(5/236)
120 القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف
أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن يحيى بن محمد بن جعفر «1» قال:
استقضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «2» ، في سنة أربع وخمسين ومائتين «3» ، وكان متوسّطا في أمره، شديد المحبّة للدنيا، وكان صالح الفقه على مذهب أهل العراق «4» ، ولا أعلمه حدّث بشيء، ثم عزل، واستقضي ثانية، وعزل، وولي الأهواز «5» ، ثم وجه به إلى خراسان «6» ، فمات بالري «7» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/202(5/237)
121 الصديق لا يحاسب
أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرنا أبو الحسن منصور ابن محمد بن منصور الحربي «1» ، قال: سمعت أبا محمد الزهري «2» ، يقول:
كان لثعلب»
عزاء ببعض أهله، فتأخّرت عنه، لأنه خفي عنّي، ثم قصدته معتذرا.
فقال لي: يا أبا محمد ما بك حاجة إلى أن تتكلّف عذرا، فإنّ الصديق لا يحاسب، والعدو لا يحتسب له.
تاريخ بغداد للخطيب 5/205(5/238)
122 صبرك على أذى من تعرف خير من استحداث ما لا تعرف
حدّثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا منصور بن محمد الحربي «2» ، قال: سمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد الزهري «3» ، يقول:
كانت بيني وبين أبي العباس ثعلب «4» ، مودّة وكيدة، وكنت أستشيره في أموري.
فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلة إلى أخرى، لتأذّيّ بالجوار، فقال لي: يا أبا محمد، العرب تقول: صبرك على أذى من تعرف، خير لك من استحداث ما لا تعرف «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/206(5/239)
123 عبد الحميد الكاتب وتجويد الخط
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران المرزباني «2» قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «3» ، قال: قال أحمد بن يوسف الكاتب «4» :
رآني عبد الحميد بن يحيى «5» ، أكتب خطّا رديئا، فقال لي: إن أردت أن يجود خطّك، فأطل جلفتك وأسمنها، وحرّف قطّتك، وأيمنها، ثم قال:
إذا جرح الكتّاب كان قسيّهم ... دويّا وأقلام الدويّ لهم نبلا
قال الأخفش: قوله جلفتك: أراد فتحة رأس القلم.
تاريخ بغداد للخطيب 5/216(5/240)
124 أبو الحسن بن الأزرق التنوخي
قال لي علي بن المحسن: ولد أبو الحسن بن الأزرق «1» ببغداد في المحرم لعشر خلون منه من سنة سبع وتسعين ومائتين «2» ، سمعته يذكر ذلك، وحمل عن جماعة من اهل الأدب، منهم علي بن سليمان الأخفش «3» ، وابن دريد «4» ، وابن شقير النحوي «5» ، ونفطويه «6» ، وكان حافظا للقرآن، قرأه كله مرارا على ابن مجاهد «7» بقراءة أبي عمرو بن العلاء «8» ، وأخذ شيئا من النحو عن أبي بكر بن السراج «9» ، وأبي إسحاق الزجّاج «10» ، وحمل قطعة من اللغة والنحو(5/241)
عن ابن الأنباري «1» ، ونفطويه، وقرأ الكلام والأصول على أبي بكر بن الإخشيد «2» ، ثم على أبي هاشم الجبائي «3» ، ودرس من الفقه قطعة على أبي الحسن الكرخي «4» ، ومات يوم الجمعة لستّ وعشرين ليلة خلت من المحرّم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «5» وكان منزله بالجانب الشرقي من مدينة السلام، بقرب باب البستان «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/222(5/242)
125 أبو بكر بن المرزبان يعاتب جدّ أبي عمر بن حيويه
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال:
كتب أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» إلى جدّي يعاتبه:
أجميل بالمرء يخلف وعدا ... أو يجازي الوصول بالقرب بعدا
ما مللناك إذ مللت ولم ننفكّ ... نزداد مذ عقلناك ودّا
فعلام استحقّ هجرك من ليس ... يرى منك يا ابن حيويه بدّا
يحفظ العهد حين نقضك للعهد ... ويأتي الذي تحبّ مجدّا
يا أبا بكر بن يحيى نداء ... من أخ لم تزل لديه مفدّى
لك مذ دام صرف وجهك أيّام ... طوال أعدّها لك عدّا
وتناسيت ما سألت وقد أسلفت ... فيما سألت مدحا وحمدا
خاطبا منك دعوة واستماعا ... لفظ من لا نرى له الدهر ندّا
فتناهى إليّ أمس حديث ... كاد يقضي عليّ حزنا ووجدا
زعموا أنّ أحمد الخير ما زال ... لديكم يشدو ثلاثا ويشدى(5/243)
فلماذا جفوتنا بعد وصل ... ونقضت العهود عهدا فعهدا
ألبخل عراك؟ فالبخل قد كان ... إلى راحتيك لا يتهدّى
أو ملال، فليس مثلك من ملّ ... أخا لا يحلّ في الحبّ عقدا
دائم الودّ لا يصدّ ولو جار ... عليه خليله وتعدّى
فاعطف الوصل نحو من منح الوصل ... وراجع فالوصل أولى وأجدى
أيّ شيء أنكى لقلب محبّ ... حال منه نحس المطالع سعدا
أدرك الحاسد الشمات وقد كان ... قديما لهجرنا يتصدّى
طالما يبتغي القطيعة بالحيلة ... بيني وبينكم ليس يهدى
لو تراه لخلته نال ما أمّل ... يختال لاهيا يتقدّى
أنت أعطيته أمانيه جورا ... وزمانا قد كان في ذاك أكدى
فاستمع ما أقول إنّي وعهد الله ... أهوى استماع أحمد جدّا
واقتراحي بعد انبساطي إليه ... «تلك هند تصدّ للهجر صدّا»
تاريخ بغداد للخطيب 5/238(5/244)
126 ابن سيرين يحبس في الدين
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد «5» ، قال: أخبرنا المدائني «6» ، قال:
كان سبب حبس ابن سيرين «7» في الدّين، انّه اشترى زيتا بأربعين ألف درهم، فوجد في زقّ منه فأرة، فقال: الفأرة كانت في المعصرة، فصبّ الزيت كلّه.
وكان يقول: عيّرت رجلا بشيء منذ ثلاثين سنة، أحسبني عوقبت به، وكانوا يرون انّه عيّر رجلا بالفقر، فابتلي به.
تاريخ بغداد للخطيب 5/335(5/245)
127 عضد الدولة يذم أهل بغداد
حدثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: سمعت أبي «2» يقول:
قال عضد الدولة يوما، وأنا حاضر «3» وقد جرى ذكر أهل بغداد، وكان يذمّهم كثيرا ويثلبهم «4» : ما وقعت عيني في هذا البلد، على أحد يستحقّ التفضيل، أو أن يسمّى برجل، غير نفسين، ولما ميّزتهما، علمت أنّهما ليسا من أهل بغداد.
قال أبي: فتشوّفت لمعرفتهما، ولم أسأله عنهما، وبان له ذلك في وجهي.
فقال: أما أحدهما، وأولاهما بالتفضيل، فأبو الحسن بن أم شيبان «5» ، والآخر محمد بن عمر- يعني العلوي «6» - وهما كوفيّان.
تاريخ بغداد للخطيب 5/364(5/246)
128 سفيان الثوري يعاتب ابن علاثة على ولايته القضاء
أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
حدّثني عبد الباقي بن قانع «1» ، قال: حدّثني بعض شيوخنا، قال:
استأذن ابن علاثة «2» ، على سفيان الثوري «3» بعد أن ولي القضاء، فدخل عمّار بن محمد، ابن أخت سفيان «4» ، يستأذن له على سفيان، فلم يأذن له، وكان سفيان يعجن كسبا «5» للشاة، فلم يزل به عمّار حتى أذن له.
فدخل ابن علاثة، فلم يحوّل سفيان وجهه إليه، ثم قال له: يا ابن علاثة، ألهذا كتبت العلم؟ لو اشتريت صيرا «6» بدرهم- يعني سميكا- ثم درت في سكك الكوفة، لكان خيرا من هذا.
تاريخ بغداد للخطيب 5/389(5/247)
129 جاء الرسول ببشرى منك تطمعني
أخبرني عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم الأزدي «2» ، الكاتب، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال:
أنشدني أحمد بن صدقة «4» ، لأبي الشيص «5» :
جاء الرسول ببشرى منك تطمعني ... فكان أكبر ظنّي أنّه وهما
فما فرحت ولكن زادني حزنا ... علمي بأنّ رسولي لم يكن فهما
كم من سريرة حبّ قد خلوت بها ... ودمعة تملأ القرطاس والقلما
تاريخ بغداد للخطيب 5/402(5/248)
130 لا ينقص الكامل من كماله ما جرّ من نفع إلى عياله
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد، قال:
رأى رجل محمد بن كناسة «5» ، يحمل بيده بطن شاة، فقال له: أنا أحمله لك، فقال:
لا ينقص الكامل من كماله ... ما جرّ من نفع إلى عياله
تاريخ بغداد للخطيب 5/406(5/249)
131 على الباغي تدور الدوائر
ذكر القاضي التنوخي، في كتابه نشوار المحاضرة «1» ، قال: حدّثني إبراهيم النصيبي «2» ، عن جار له يقال له، أبو القاسم الصفّار، قال:
خرجت من نصيبين، بسيف نفيس، كنت ورثته عن أبي، وقصدت العباس بن عمرو «3» ، أمير ربيعة «4» ، لأهديه له، وهو في رأس العين «5» .
فصحبني شيخ من شيوخ الأعراب، وسألني عن خبري، فأخبرته، وقد كنّا قريبين من رأس العين، فدخلناها وافترقنا.(5/250)
وكان يأتيني ويراعيني، ويظهر لي البرّ، ويسألني عن حالي، فأخبرته أنّ الأمير قبل هديتي، وأعطاني ألف درهم وثيابا، وأنّي أريد الخروج يوم كذا وكذا، فمضى.
فلما كان ذلك اليوم، خرجت من الدار، راكبا حمارا، فلما صرت في الصحراء، إذا أنا بالشيخ راكبا دويبة ضعيفة، متقلّدا سيفا.
فلما رأيته استربت به، وأنكرت وجهه، وأيقنت بالشر في عينيه، فقلت: ما تصنع [ها هنا] «1» .
فقال: قضيت حوائجي، وأريد الخروج صحبتك، وصحبتك عندي آثر من صحبة غيرك.
فقلت: على اسم الله.
فمضينا، وهو يجتهد أن آنس به، وأدنو منه، وكلما دنا منّي، تباعدت عنه، إلى أن سرنا شيئا كثيرا من الطريق، وليس معنا ثالث، إلّا الله تعالى؛ فقصر عني، فحثثت حماري لأفوته، فما أحسست إلّا بركضه في إثري، فالتفتّ، [وإذا هو] «2» قد جرّد سيفه، وقصدني، فرميت بنفسي عن الحمار، وعدوت.
فلما خاف أن أفوته، صاح: يا أبا القاسم، إنما مزحت معك.
فلم ألتفت إليه، فضرب دابته، وزاد في الجري، ولاح لي ناووس، فقصدته، وقد كاد الأعرابي أن يلحقني، فلما دخلت الناووس، وقفت وراء بابه.
قال: ومن صفة هذا الناووس، أنّه مبني بحجارة، وباب هذا الناووس حجر واحد عظيم، قد نقر، وحفّف، فلا تستمكن اليد منه، وله من(5/251)
خارج الباب حلقة، وليس من داخله شيء تلزم به اليد، وإنما يدفع من خارجه، فينفتح، فيدخل إليه، فإذا خرجت، وجذبت الحلقة، انغلق الباب، وتمكّن الذي يكون من خارجه.
فاختبأت وراء باب الناووس، فجاء الأعرابي، فشدّ دابته في حلقة الباب، ودخل يطلبني في الناووس، وكان مظلما، فلم يرني، ومشى إلى داخل، فخرجت من خلف الباب، وجذبت الحلقة، حتى صار مغلقا، فرأى الموت عيانا.
فصاح من الناووس: يا أبا القاسم، اتّق الله، فإنّي تالف لا محالة.
فقلت: تتلف أنت، أهون من أن أتلف أنا.
قال: أخرجني، وأنا أعطيك أمانا، وأستوثق لك بالأيمان، انّي لا أتعرض لك بسوء، واذكر الحرمة.
فقلت: أنت لم ترعها، وأيمانك كاذبة فاجرة، لا أثق بها.
وأخذ يكرّر هذا، فقلت: لا تهذ، فإني أركب الآن دابتك، وأجنب حماري، والوعد بيننا بعد أيام هاهنا، فلا تبرح [حتى أجيء، وإن احتجت إلى طعام، فعليك بجيف العلوج، فنعم الطعام لك] «1» .
قال: فأخذ يبكي، ويستغيث، ويصيح: قتلتني، والله.
فقلت: إلى لعنة الله.
فركبت دابته، وجنبت حماري، فوجدت على دابته خرجا فيه ثيابه، فأتيت نصيبين، فبعت ثيابه ودابته، وكتمت أمري «2» .(5/252)
فلما كان بعد شهور «1» ، عرض لي المسير إلى رأس العين، فخرجت إلى تلك الطريق، وبدا لي ذلك الناووس، فقصدته، ودخلته، فإذا بالأعرابي صار عظاما نخرة «2» ، فحمدت الله على سلامتي، وهلاكه.
فحرّكته برجلي، وقلت على سبيل العبث: كيف خبرك يا فلان؟
فإذا بشيء يتخشخش تحت رجلي، فمسسته «3» ، فإذا هو هميان، فأخذته، وأخذت سيفه، وخرجت من الناووس، وفتحت الهميان، فإذا فيه خمسمائة درهم، وبعت السيف بمائة درهم.
تحفة المجالس ونزهة المجالس 242(5/253)
132 من يعمل مثقال ذرة خيرا يره
روى القاضي التنوخي أيضا، في كتابه نشوار المحاضرة «1» ، عن شخص «2» انّه قال:
كان لأبي مملوك يقال له مقبل، فهرب منا، ولم نعرف له خبرا منذ سنين كثيرة.
ثم تغرّبت عن بلدي، ووقعت إلى نصيبين، وأنا إذ ذاك شاب، ما نبتت لحيتي.
فأنا ذات يوم مجتاز، وفي كميّ منديل مملوء دراهم، وأنا في سوق نصيبين، إذ رأيت غلامنا مقبل.
فحين رآني، بشّ بي، وفرح، وأظهر سرورا عظيما، [وأقبل يسألني عن أبي وأهلنا، فأعرفه موت من مات، وخبر من بقي.
ثم قال لي: يا سيدي متى دخلت إلى هاهنا، وفي أي شيء؟
فعرّفته، فأخذ يعتذر من هربه منّا، ثم قال: أنا مستوطن هنا وأنت مجتاز] «3» وقال: يا سيدي، تجيء إلى دعوتي اليوم؟ [فإني أحضر لك نبيذا طيبا، وغناء حسنا] «4» .
فقلت: نعم.(5/254)
فمشى قدّامي، ومشيت خلفه، وطال الطريق عليّ، وأنا أقول له:
ويحك أين بيتك؟ فيقرّب عليّ المدى.
حتى بلغ آخر نصيبين، في درب خراب يقارب الصحراء، فدقّ بابا، فخرج رجل، ففتح الباب، فدخل، ودخلت.
فحين حصلت في الدهليز، ردم الباب «1» ، واستوثق منه، فأنكرت ذلك، ودخلت، فإذا أنا بثلاثين رجلا، بسلاح، بلا بارية ولا غيرها، وإذا هم لصوص، وهو عين «2» لهم، فأيقنت بالبلية والشرّ.
فقام إليّ واحد منهم، وقال: انزع ثيابك.
فطرحت ما كان عليّ، إلّا السراويل، فجاءوا ليأخذونه، فسألتهم في ذلك، فتركوه.
وحلّوا منديل كمّي، وأخرجوا ثلاثين درهما، وقالوا لمقبل: امض، فخذ لنا شيئا نأكله.
فتقدّم مقبل، فسارّ أحدهم، وهو رئيسهم.
فقال له ذاك: إنّه لا بد من قتله، فجئنا بما نأكله، فإذا جئتنا به، قتلناه.
فعلمت أنّ مقبلا، أشار عليهم بقتلي، فطارت روحي جزعا.
وقال لهم الغلام: لا أمضي أو تقتلوه.
فقلت لهم: يا قوم، أيش ذنبي؟ ولم أقتل؟ قد أخذتم ما لي وثيابي، دعوني أروح.
ثم قلت له: يا مقبل، هذا من حقّي عليك، وحقّ أبي، ويحك، ألا ترحمني؟(5/255)
قال: فكاشفني، وقال للقوم: إنّكم إن لم تقتلوه، وإلّا يخرج ينبّه عليكم السلطان، فيقتلكم كلّكم.
قال: فجذبني واحد منهم، واستلّ سيفه، وسحبني من صدر الدار التي كانوا فيها، [إلى البالوعة] «1» ليذبحني عليها.
فوقعت عيني على غلام منهم، كان على قدر سنّي، فقلت له: ارحمني، فأنت غلام مثلي، وإن خلّصتني من يد هؤلاء، أجرت بي، فاستدفع البلاء من الله تعالى، بخلاصي.
قال: وبكيت، وبقيت أحلف لهم، انّي لا أنبّه عليهم أبدا، ولا أتكلّم إن تركوني.
قال: فألهم الله عز وجل، ذلك الفتى، أن طرح نفسه عليّ، وقال:
والله، لا يقتل وأنا حيّ، فإما قتلتموني قبله، وإلّا فلا تقتلوه.
قال: وتعصّب له أستاذه، وقال: غلامي أجاره، فلا تقتلوه.
فشتموه، وشتموا غلامه، وتعصّب لهما جماعة، وجاءوا فأخذوني من البالوعة، وقد كاد الرجل يذبحني، فأجلسوني في صدر صفّة، وجلسوا حولي، وشتموا ذلك الغلام، ومنعوا الباقين عنّي.
وقالوا: نحن جياع، فأتونا بشيء نأكله، وقتل هذا لا يفوت.
فقال الباقون: القول ما قالوا، فكفّوا عني.
ومضى، فاشترى خمسين رأسا، وخبزا كثيرا، وجبنا، وزيتونا «2» ، وجاءهم به، فجلسوا يأكلون، وأنا أتخوّف أن يتغافلني منهم إنسان، فيقتلني.(5/256)
فقلت لذلك الفتى، فترك الأكل، وجلس هو وأستاذه يحفظاني، إلى أن أكلت الجماعة، ووكّلا بي قوما من أصحابهم ممّن أكل، وجلسا يأكلان.
واستدعياني للأكل معهما، فأردت إيجاب الذمام عليهما، فأكلت معهما أكل معرض، لقمة واحدة، أو لقمتين، بلا شهوة ولا عقل.
فقال لهم: الآن أكلتم، وترك هذا خطأ، فاقتلوه.
فعاد الكلام في قتلي، وأقبل أولئك يمنعون، وتزايد الأمر إلى أن جرّد بعضهم السيوف على بعض، وجعلني أولئك وراءهم، وأقبلوا يجادلون عني، وأولئك ينخسوني من خلفهم بأطراف السيوف، وأنا أروغ خوفا من أن يصل إليّ بعض ذلك، فيقتلني، وأنا أحلف لهم أنّي إن سلمت لم أنبّه عليهم، إلى أن كادوا يتجارحون.
ودخل بعضهم بينهم، وقالوا: لا يكون هذا ميشوما عليكم، فدعوه.
فتوافقوا على الكفّ عني، وجلسوا يشربون، فلما أرادوا أن يخرجوا، قالوا: يتوكّل به من يتعصّب له، حتى نخرج نحن، فإن صاح، بلي به من خلّصه.
فقال لي الفتى وأستاذه: قد سمعت يا فتى، فلا تكافنا على الجميل بقبيح.
فحلفت لهم بالله، أنّي لا أنبه عليهم، فخرجت الجماعة، إلّا الغلام وأستاده، فلما بعدت الجماعة، خرج النفسان «1» .(5/257)
فما كان لي همّة، إلّا غلق الباب وراءهما، وترسه، ووقعت مغشيا عليّ، وذهب عقلي عني إلى قريب من نصف الليل، فأفقت وقد لحقني البرد، فلم أزل أرتعد فزعا وبردا، إلى وجه السحر، وسمعت صوت الدبادب «1» ، فخرجت عريانا، حتى أتيت إلى بيتي.
وآليت على نفسي، أن لا أمضي إلى موضع لا أخبره، ولا مع من لا أعرف باطنه، وحمدت الله على العافية «2» .
تحفة المجالس ونزهة المجالس 244(5/258)
133 عاقبة البغي
روى القاضي التنوخي، في كتابه أخبار المذاكرة، ونشوار المحاضرة، عن عبيد الله بن محمد الخفاف، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني صديق لي من أولاد الجند، قال:
كنت مجتازا يوما في الكرخ ببغداد، فرأيت امرأة لم أر أحسن منها قط، فوقفت أنظر إليها، وإذا بها قد ولّت، وإذا بعجوز معها قد جاءتني، فمازحتني عنها، وقالت: تقولك لك: تجيء في دعوتي؟.
فقلت: لا يمكنني أن أمضي مع أحد، ولكن تجيء في دعوتي أنا.
فقالت: لا، بل تجيء أنت.
فحملني فرط شهوتي لها [أن مضيت معها] ، إلى أن حصلنا في طرف من أطراف بغداد، ووافت إلى باب، فدقّته.
فقالوا: من هذا؟
فقالت: أنا، صيد.
فحين قالت ذلك، وجب قلبي، فولّيت.
فقالت: إلى أين يا فتى، ما بدا لك منّا؟
فقلت: خير، ودخلت البيت، فإذا بدار فارغة، قليلة الآلات جدا، وإذا بجارية سوداء قد جاءت بطشت وماء، فغسلت وجهي، ورجلي، واسترحت، وجاءوني بطعام غير نظيف، فأكلت منه لفرط الجوع.
وخرجت الجارية، وإذا هي من أحسن النساء وجها، وجاءوني بنبيذ، فجلست أشرب، وهي معي.
فأهويت إليها، فمكّنتني من عناقها، فلما تجاوزت ذلك، قالت:(5/259)
أنا لا أدخل في حرام، واصبر حتى يجيء من يزوّجني بك.
وجاءت المغرب، وصار الوقت بين الصلاتين، وإذا بالباب يدقّ.
فقالت: ويه، ويه.
فقلت لها: ما الخبر؟
فقالت: قد جاء أخي وغلامه، وإن رآك لم آمن عليك، قم إلى ذلك البيت فاختبئ فيه، حتى إذا ناموا جئتك.
فأدخلتني بيتا، فلما حصلت فيه، زرفنت بابه «1» ، فأيقنت أنّي مقتول، وأنّ ذلك لغرض كان في ثيابي ومالي، فتبت إلى الله من الحرام، وعاهدته إن خلّصني، أن لا أدخل في شيء من ذلك.
قال: وأقبلت أسمع ما يجري من خلف الباب، فإذا بالداخل غلام أسود، لم أر قط أهول منه خلقة، ولا أعظم، وهو يقبّل المرأة، وهي تترشّفه ترشّف عاشقة له، وجلسا يتحدّثان، وجاءوه بما أكله، وشربه، ثم جامعها دفعات.
وقال لها في خلال ذلك: أيش حصل اليوم؟
فقالت: ما وقع اليوم غير رجل مخذول، لم يكن في كمّه شيء، قال:
وأخرجت ثيابي، فسلّمتها إليه، فشتمها وضربها.
وقال: هذا أيش، نحن أردنا صاحب كيس كبير.
فقالت: كما اتفق، ولم تزل تقبّل رجله، وتبكي، وتعتذر إليه، إلى أن رضي عنها.
وأيقنت أنا بالهلاك، وأقبلت على الدعاء.
وما زالا يشربان، وهو يجامعها في خلال ذلك، إلى أن عددت أنّه قد(5/260)
جامعها عشر دفعات، وسكر.
فقالت له: قد أخذ النبيذ منك يا سيدي، قم فافرغ من هذا الميشوم، حتى نتخلّص منه.
فتشهّدت حينئذ.
ففتح الباب، ودخل الأسود إليّ بسيف مسلول، فما زال يضربني موشّحا، وأنا أصيح، فلا يسمع أحد صياحي، إلى أن بردت، وانقطع صياحي، ولم يشك الأسود في موتي، فجذبني وطرحني في البئر، وإذا تحتي فيها أشلاء «1» ثلاثة، فصرت أنا قريبا من رأسها، فوق القوم، فخرج ولم يغلق الباب. فقالت له: ما عملت؟
قال: فرغت منه.
فنام إلى جانبها، وقامت العجوز، فجللتهم، ولم يكن في الدار غيرهم.
فلما كان بعد نصف الليل، حملتني حلاوة الحياة، على طلب الخلاص فقمت، فإذا البئر إلى صدري، وإذا أنا قويّ، فتسلّقت، وخرجت منها إلى البيت.
ووقفت أتسمّع، فلم أسمع لهم حسّا، إلّا غطيطا يدل على نومهم، فخرجت قليلا قليلا، حتى فتحت الباب، وخرجت من الدار، وما شعروا بي، فجئت إلى بيتي قبل طلوع الشمس.
فقالوا: ما دهاك؟
فقلت: كنت البارحة عند صديق لي، وبكّرت من عنده، فلقيني لص يستقفي «2» ، فمنعته ثيابي، فأخذها، وعمل بي هذا.(5/261)
فأقمت شهورا أعالج، إلى أن عوفيت، فلما خرجت، وتصرّفت، لم يكن لي همّ إلّا طلب المرأة في الطريق والأسواق.
فاجتزت يوما بالكرخ، فرأيتها، فلم أكلّمها، وعدت إلى منزلي، وكنت قد غيّرت زيّي، وطوّلت لحيتي، حتى تغيّرت هيأتي عليها، ومشيت ويدي مكتوفة إلى ظهري، على مذهب الخراسانية، وجئت أطلبها، وصادفتها في الموضع.
فحين رأتني العجوز، أقبلت عليّ، وبدأتني بالكلام، فأجبتها بالفارسية، وعلمت أنها لم تعرفني.
وجئت معها، فحملتني إلى الدار بعينها، وجرت القصة على الرسم الأول، إلى أن قالت: قد جاء أخي وغلامه، قم لا يراك، فأقامتني إلى البيت بعينه، فدخلته، وأغلقت عليّ، ووقفت أسمع، وكان تحت ثيابي سيف لطيف ماض.
فقال لها الأسود، بعد أن وطئها خمس عشرة مرة: أيش جبت اليوم؟
قالت: بطة سمينة، خراساني معه هميان ملآن.
قال: فأين هو؟
قالت: في وسطه.
فقال: غاية «1» .
فأخرجت أنا السيف، ووقفت خلف الباب أنتظره، فأكل، وشرب حتى سكر، وجاء، فدخل، فخالفت طريقه، ومضى يريد صدر البيت، فصرت خلفه، وضربته في ساقه ضربة محكمة، أجلسته منها، وثنّيتها بأخرى، فما قدر أن ينهض، وواليت ضربه، حتى قطّعته، فلما برد،(5/262)
تقدّمت فحززت رأسه، وفصلته عن بدنه، لتزول عنّي الشبهة في أمره، ووقفت موضعي.
فلما أبطأ خروجه على الجارية، قالت للعجوز: قومي انظري أيش خبره؟
فقامت العجوز المسماة صيد، تطلبه، وجاءت إلى البيت، تقول:
يا سيدي، لم ليس تخرج؟ أين أنت؟
فما تكلمت.
فدخلت إلى البيت، فضربتها في ساقها أيضا، فقعدت زمنة، فحين جلست، جررت برجلها، فأخرجتها إلى برّا، وقلت: مرحبا يا صيد، إلى كم تصطادين ولا تصادين؟ وقتلتها.
وخرجت إلى الدار، وتكلمت بلسان فصيح، وقد كنت أكلمهم بلسان الخراسانية، فأيقنت الجارية بالهلاك.
ثم قلت لها: أنا الرجل الذي فعلت بي كذا وكذا.
قالت: فأين الأسود؟
فقلت: قتلته، وهذا رأسه.
قالت: سألتك بالله، إلّا قتلتني بعده، فلا حاجة لي في الحياة.
فقلت: ليس تحتاجين إلى مسألتي في هذا، فإني أفعله، ولكن أين الأموال؟ وإلّا عذبتك، ولم أقتلك، وأخرجتك إلى السلطان، فحصلت في العقوبات.
فقالت: افتح ذلك البيت، وذلك البيت.
ففتحت أبوابا، فخرج عليّ منها أمر عظيم.
فقلت: الأموال.
وما زلت أقرّرها، وكلّما امتنعت، ضربتها بالسيف، إلى أن عرّفتني(5/263)
مواضع الدفائن، وأوقفتني على جميع ما عندها من الذخائر، فقتلتها حينئذ.
وخرجت سحرا، وقد قلعت الدفائن، وأخذت منها ما أطقت حمله من فاخر ما وجدته، ولم أقرب الناحية إلى الآن، ولا أدري إلى أي شيء انتهى خبر القتلى والأسود والدار.
فكان ما وصل إليّ من ذلك ما قيمته ألوف كثيرة.
تحفة المجالس ونزهة المجالس 285(5/264)
134 الأنصاري وعبد الله بن عامر عامل العراق
قال القاضي أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي التنوخي:
خرج رجلان من المدينة، يريدان عبد الله بن عامر بن كريز «1» ، للوفادة عليه، أحدهما من ولد جابر بن عبد الله الأنصاري «2» ، والآخر من ثقيف، وكان عبد الله عاملا بالعراق لعثمان بن عفان رضي الله عنه.
فأقبلا يسيران، حتى إذا كانا بناحية البصرة، قال الأنصاري للثقفي:
هل لك في رأي رأيته؟
قال: اعرضه.
قال: ننيخ رواحلنا، ونتوضّأ، ونصلّي ركعتين، نحمد الله عز وجل فيهما، على ما قضى في سفرنا.
قال له: نعم، هذا الرأي الذي لا يردّ.
قال: ففعلا.
ثم التفت الأنصاري إلى الثقفي، فقال له: يا أخا ثقيف، ما رأيك؟(5/265)
قال: وأيّ موضع رأي هذا؟ أمضيت سفري، وأنضيت بدني، وأتعبت راحلتي، ولا مؤمّل دون ابن عامر، فهل لك من رأي غير هذا؟
قال: نعم، إنني لما صلّيت، فكّرت، فاستحييت من ربي، أن يراني طالب رزق من عند غيره.
ثم قال: أللهم رازق ابن عامر، ارزقني من فضلك، ثم ولى راجعا إلى المدينة.
ودخل الثقفيّ البصرة، فمكث على باب ابن عامر أيّاما، فلما أذن له، دخل عليه، وكان قد كتب إليه من المدينة بخبرهما.
فلمّا رآه رحّب به، وقال: ألم أخبر أنّ ابن جابر خرج معك؟ فأخبره بما كان منهما.
فبكى ابن عامر، وقال: والله، ما قالها أشرا ولا بطرا، ولكن رأى مجرى الرزق، ومخرج النعمة، فعلم أنّ الله عز وجل هو الذي فعل ذلك، فسأله من فضله، ثم أمر للثقفيّ بأربعة آلاف، وكسوة، وطرف، وأضعف ذلك للأنصاري، فخرج الثقفي، وهو يقول:
أمامة ما سعى الحريص بزائد ... فتيلا ولا عجز الضعيف بضائر
خرجنا جميعا من مساقط روسنا ... على ثقة منّا بجود ابن عامر
فلمّا أنخنا الناعجات ببابه ... تأخّر عنّي اليثربيّ ابن جابر
وقال: ستكفيني عطية قادر ... على ما يشاء اليوم للخلق قاهر
فإن الذي أعطى العراق ابن عامر ... لربّي الذي أرجو لسدّ مفاقري
فلمّا رآني قال: أين ابن جابر؟ ... وحنّ كما حنّت عراب الأباعر
فاضعف عبد الله- إذ غاب- حظّه ... على حظّ لهفان من الحرص فاغر
لباب الآداب 143(5/266)
135 عابدة الجهنية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه
عابدة «1» بنت محمد الجهنيّة، امرأة عم أبي محمد الحسن بن محمد المهلّبي الوزير «2» .
قال ابن النجار: كانت أديبة، شاعرة، فصيحة، فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسّن بن علي بن محمد التنوخي.
قال التنوخي: حضرت بغداد في مجلس الملك عضد الدولة، في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة، والشعراء ينشدونه التهاني، فحضرت عابدة الجهنية، امرأة عم أبي محمد المهلبي الوزير- كان- فأنشدت قصيدة لم أظفر منها بشيء.
وقال التنوخي: أنشدتني عابدة لنفسها، وهذه امرأة فاضلة، كانت تهجو أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي «3» ، لما ولي الوزارة:
شاورني الكرخي لما دنا ... النيروز والسن له ضاحكه
فقال ما نهدي لسلطاننا ... من خير ما الكف له مالكه
قلت له كل الهدايا سوى ... مشورتي ضائعة هالكه(5/267)
اهد له نفسك حتى إذا ... أشعل نارا كنت دوباركه
قال التنوخي: الدوباركة، كلمة أعجمية، وهم اسم للعب على قدر الصبيان يحلها أهل بغداد سطوحهم ليلة النيروز.
وقد كانت تنشدني أفحل من هذا، فكتبت ذلك عنها في مواضع من كتبي «1» .
نزهة الجلساء 75(5/268)
136 عاتكة المخزومية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه
عاتكة بنت محمد بن القاسم بن محمد بن يحيى بن حابس بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية، أم «1» الحسن بن محمد بن عبد الله «2» السلامي الشاعر «3» .
قال ابن النجار: كانت شاعرة فصيحة، مدحت عضد الدولة ببغداد، وروى عنها القاضي التنوخي.
قال التنوخي: حضرت مجلس عضد الدولة ببغداد، من يوم عيد الفطر سنة 367، وحضر الشعراء فأنشدوا التهاني.
وحضرت أم أبي الحسن البغدادي السلامي «4» ، فأنشدته لنفسها قصيدة طويلة، بعبارة فصيحة، وإنشاد صيّت مستقيم، ولسان سليم من اللحن، لم أصل إلى جميعها، تقول فيها عند ذكرها [الممدوح] :
شتّان بين مدبّر ومدمّر ... صيد الليوث حصائد الغزلان
روّعته من بعد دهر راعني ... وسقيته ما كان قبل سقاني
فلقد سهرت لياليا ولياليا ... حتى رأيتك يا هلال زماني
نزهة الجلساء 77(5/269)
137 الشاعرة المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر
ابنة خال السلامي الشاعر «1» ، كذا في تاريخ ابن النجار «2» .
ثم روي عن أبي علي التنوخي، قال:
أخبرني محمد بن عبد الله السلامي، أنه كانت له ابنة خال بغدادية، مخزومية، تقول الشعر.
وقال: أنشدتني لنفسها من قصيدة لها إلى سيف الدولة «3» ، وإنها ماتت سنة 367:
لولا حذاري من أن ألام على ... عتاب يوم منه وإعتابه
لسرت والليل هودجي وذباب ... السيف في نحره إلى بابه
نزهة الجلساء 109(5/270)
138 أنسب بيت قالته العرب
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرني أبو الفرج المعروف بالأصبهاني «1» ، قال:
أخبرني الحرمي ابن أبي العلاء «2» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «3» ، قال: حدّثني خلف بن وضّاح، أنّ عبد الأعلى بن عبد الله بن صفوان الجمحي، قال:
حملت دينا بعسكر المهدي «4» ، فركب المهدي «5» يوما، بين أبي عبيد الله «6» ، وعمر بن بزيع «7» ، وأنا وراءه في موكبه، على برذون(5/271)
قطوف «1» .
فقال: ما أنسب بيت قالته العرب؟
فقال أبو عبيد الله، قول امرئ القيس «2» .
وما ذرفت عيناك إلّا لتضربي ... بسهميك في أعشار «3» قلب مقتّل
قال: هذا أعرابي قح.
فقال عمر بن بزيع: قول كثير «4» يا أمير المؤمنين:
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما ... تمثّل لي ليلى بكل سبيل
فقال: ما هذا بشيء، وما له يريد أن ينسى ذكرها، حتى تمثّل له؟
فقلت: عندي حاجتك يا أمير المؤمنين!(5/272)
قال: الحق بي قلت: لا لحاق بي، ليس ذلك في دابتي.
قال: احملوه على دابة.
قلت: هذا أوّل الفتح، فحملت على دابة، فلحقته.
فقال: ما عندك؟
قلت: قول الأحوص «1» :
إذا قلت إنّي مشتف بلقائها ... فحمّ التلاقي بيننا زادني سقما
فقال: أحسنت، حاجتك؟
قلت: عليّ دين.
فقال: اقضوا دينه.
فقضي ديني.
مصارع العشاق 2/192(5/273)
139 وقد يجمع الله الشتيتين
أخبرنا القاضي عليّ بن المحسّن «1» ، حدّثني أبي «2» ، حدّثنا عبيد الله بن محمد الصروي «3» ، حدّثني أبي، حدّثني صديق لي ثقة:
إنّه كان ببغداد رجل من أولاد النعم، ورث مالا جليلا، وكان يعشق قينة، فأنفق عليها مالا كثيرا، ثم اشتراها، وكانت تحبه كما يحبها، فلم يزل ينفق ماله عليها، إلى أن أفلس.
فقالت له الجارية: يا هذا، قد بقينا كما ترى، فلو طلبت معاشا.
قال: وكان الفتى لشدة حبه الجارية، وإحضاره الأستاذات ليزيدوها في صنعتها، قد تعلم الضرب والغناء، فخرج صالح الضرب والحذق فيهما.
فشاور بعض معارفه، فقال: ما أعرف لك معاشا أصلح من أن تغنّي للناس، وتحمل جاريتك إليهم، فتأخذ على هذا الكثير، ويطيب عيشك.
فأنف من ذلك، وعاد إليها، فأخبرها بما أشير به عليه، وأعلمها أن الموت أسهل عنده من هذا.
فصبرت معه على الشدّة، مدّة، ثم قالت له: قد رأيت لك رأيا.
قال: قولي.
قالت: تبيعني، فإنّه يحصل لك من ثمني ما إن أردت أن تتّجر به، أو تنفقه في ضيعة، عشت عيشا صالحا، وتخلصت من هذه الشدّة، وأحصل(5/274)
أنا في نعمة، فإن مثلي لا يشتريها إلا ذو نعمة، فإن رأيت هذا، فافعل.
فحملها إلى السوق، فكان أوّل من اعترضها، فتى هاشمي من أهل البصرة، ظريف، قد ورد بغداد للّعب والتمتّع، فاستامها، فاشتراها بألف وخمسمائة دينار عينا.
قال الرجل: فحين لفظت بالبيع، وأعطيت المال، ندمت، واندفعت في بكاء عظيم، وحصلت الجارية في أقبح من صورتي، وجهدت في الإقالة، فلم يكن إلى ذلك سبيل.
فأخذت الدنانير في الكيس، لا أدري أين أذهب، لأنّ بيتي موحش منها، ووقع عليّ من اللطم والبكاء ما هوّسني.
فدخلت مسجدا، وأخذت أبكي، وأفكّر فيما أعمل، فغلبتني عيني، فتركت الكيس تحت رأسي، فانتبهت فزعا، فإذا شاب قد أخذ الكيس، وهو يعدو، فقمت لأعدو وراءه، فإذا رجلي مشدودة بخيط قنّب، في وتد مضروب في أرض المسجد، فما تخلّصت من ذلك، حتى غاب الرجل عن عيني.
فبكيت، ولطمت، ونالني أمر أشدّ من الأمر الأول، وقلت: فارقت من أحبّ، لأستغني بثمنه عن الصدقة، فقد صرت الآن فقيرا ومفارقا.
فجئت إلى دجلة، فلففت وجهي بإزار كان على رأسي، ولم أكن أحسن العوم، فرميت نفسي في الماء لأغرق.
فظنّ الحاضرون أنّ ذلك لغلط وقع عليّ، فطرح قوم نفوسهم خلفي، فأخرجوني، فسألوني عن أمري، فأخبرتهم، فمن بين راحم ومستجهل.
إلى أن خلا بي شيخ منهم، فأخذ يعظني، ويقول: ما هذا؟ ذهب مالك، فكان ماذا حتى تتلف نفسك؟ أو ما علمت أنّ فاعل هذا في نار(5/275)
جهنم؟ ولست أوّل من افتقر بعد غنى، فلا تفعل، وثق بالله تعالى، أين منزلك؟ قم معي إليه.
فما فارقني حتى حملني إلى منزلي، وأدخلني إليه، وما زال يؤنسني، ويعظني، إلى أن رأى مني السكون، فشكرته، وانصرف.
فكدت أقتل نفسي، لشدة وحشتي للجارية، وأظلم منزلي في وجهي، وذكرت الدنيا والآخرة، فخرجت من بيتي هاربا إلى بعض أصدقائي القدماء، فأخبرته خبري، فبكى رقة لي، وأعطاني خمسين درهما.
وقال: اقبل رأيي، اخرج الساعة من بغداد، واجعل هذه نفقة، إلى حيث تجد قلبك مساعدك على قصده، وأنت من أولاد الكتاب، وخطّك جيّد، وأدبك صالح، فاقصد بعض العمال، واطرح نفسك عليه، فأقلّ ما في الأمر، أن يصرّفك في شغل، أو يجعلك محررا بين يديه، وتعيش أنت معه، ولعل الله أن يصنع لك.
فعملت على هذا، وجئت إلى الكتبيّين، وقد قوي في نفسي أن أقصد واسطا، وكان لي بها أقارب، فأجعلهم ذريعة إلى التصرّف مع عاملها.
فحين جئت إلى الكتبيين، إذا بزلّال مقدّم، وإذا خزانة كبيرة، وقماش فاخر كثير، ينقل إلى الخزانة والزلّال، فسألت عن ملاح يحملني إلى واسط، فقال لي أحد ملّاحي الزلّال: نحن نحملك إلى واسط بدرهمين، ولكن هذا الزلّال لرجل هاشمي من أهل البصرة، ولا يمكننا حملك معه على هذه الصورة، ولكن تلبس من ثياب الملاحين، وتجلس معنا، كأنّك واحد منّا.
فحين رأيت الزلّال، وسمعت أنّه لرجل هاشمي من أهل البصرة، طمعت أن يكون مشتري جاريتي، فأتفرّج بسماعها إلى واسط، فدفعت الدرهمين إلى الملاح، وعدت فاشتريت جبّة من جباب الملاحين، وبعت الثياب التي عليّ، وأضفت ثمنها إلى ما معي من النفقة، واشتريت(5/276)
خبزا وأدما، وجلست في الزلّال.
فما كان إلا ساعة، حتى رأيت جاريتي بعينها، ومعها جاريتان تخدمانها، فسهل عليّ ما كان بي، وما أنا فيه، وقلت: أراها، وأسمع غناءها، من هاهنا إلى البصرة، واعتقدت أن أجعل قصدي البصرة، وطمعت في أن أداخل مولاها، وأصير أحد ندمائه، وقلت: لا تخليني هي من المواد، فإنّي واثق بها.
فلم يكن بأسرع من أن جاء الفتى الذي اشتراها، راكبا، ومعه عدة ركبان، فنزلوا في الزلّال، وانحدرنا.
فلما صرنا بكلواذى، أخرج الطعام، فأكل هو «1» ، وأكل الباقون على سطح الزلّال، وأطعموا الملاحين.
ثم أقبل على الجارية، فقال: إلى كم هذه المدافعة عن الغناء، ولزوم الحزن والبكاء؟ ما أنت أول من فارق مولى كان له، فعلمت ما عندها من أمري.
ثم ضربت لها ستارة في جانب الزلّال، واستدعي الذين في سطحه، وجلس معهم خارج الستارة، فسألت عنهم، فإذا هم إخوته وبنو عمه، فأخرجوا الصواني ففرّقها عليهم، وفيها النبيذ، وما زالوا يرفقون بالجارية، إلى أن استدعت العود فأصلحته، واندفعت تغني من الثقيل الأول، بإطلاق الوتر الذي في مجرى الوسطى:
بان الخليط بمن عرفت فأدلجوا ... عمدا لقتلك ثم لم يتحرّجوا
وغدت كأنّ على ترائب نحرها ... جمر الغضا في ساعة يتأجّج
ثم غلبها البكاء، فقطعت الغناء، وتنغّص على القوم سرورهم، ووقعت(5/277)
أنا مغشيا عليّ، فظنّ الملّاحون أنّي قد صرعت، فأذّن بعضهم في أذني، فأفقت بعد ساعة، وما زالوا يدارونها، ويرفقون بها، ويسألونها الغناء، إلى أن أصلحت العود، واندفعت تغني في الثقيل الثاني:
فوقفت أسأل بالذين تحملوا ... وكأنّ قلبي بالشفار يقطّع
فدخلت دارهم أسائل عنهم ... والدار خالية المنازل بلقع
ثم شهقت، فكادت تتلف، وارتفع لها بكاء عظيم، وصعقت أنا، فتبرّم بي الملّاحون وقالوا: كيف حملنا هذا المجنون؟ وقال بعضهم: إذا بلغتم بعض القرى فأخرجوه وأريحونا منه.
فجاءني أمر أعظم من كل ما أصابني، وجاءني في نفسي التصبّر، والحيلة في أن أعلم الجارية بمكاني بالزلّال، لتمنع من إخراجي، فأفقت.
وبلغنا إلى قرب المدائن، فقال صاحب الزلّال: اصعدوا بنا إلى الشط، فطرحوا إلى الشط، وصعدت الجماعة، وكان المساء قريبا، وصعد أكثر الملاحين يتغوّطون، وخلا الحديدي، وكان الجواري فيمن صعد إلى مستراح ضرب لهن.
فمشيت سارقا نفسي، حتى صرت خلف الستارة، فغيّرت طريقة العود عما كانت عليه إلى طريقة أخرى، ورجعت إلى موضعي من الزلّال.
وفرغ القوم من حاجتهم في الشط، ورجعوا والقمر منبسط، فقالوا لها:
هو ذا ترين وقتنا، فتكلّفي الغناء، ولا تنغّصي علينا، فأخذت العود، فجسته، وشهقت، وقالت: قد والله، أصلح هذا العود مولاي، على طريقة من الضرب كان بها معجبا، وكان يضربها معي، وو الله، إنّه معنا في الزلّال.
فقال لها مولاها: والله، يا هذه، لو كان معنا ما امتنعنا من عشرته، فلعلّه أن يخفّ بعض ما بك، فننتفع بغنائك، ولكنّ هذا بعيد.(5/278)
فقالت: لا أدري ما تقولون، هو والله معنا.
فقال الرجل للملاحين: ويلكم هل حملتم معنا إنسانا؟
فقالوا: لا.
فأشفقت أن ينقطع السؤال، فصحت: نعم، هو ذا أنا.
فقالت: كلام مولاي، والله.
وجاء بي الغلمان إلى الرجل، فلما رآني، قال: ويحك، ما هذا الذي أصابك، وصيّرك في مثل هذا الحال؟
فصدقته عن أمري، وبكيت، وعلا نحيب الجارية من خلف الستارة، وبكى هو وإخوته بكاء شديدا، رقّة لنا.
ثم قال: يا هذا، والله، ما وطئت هذه الجارية، ولا سمعت غناءها إلا اليوم، وأنا رجل موسّع عليّ، ولله الحمد، وردت بغداد لسماع الغناء، وطلب أرزاقي من الخليفة، وقد بلغت من الأمرين، ما أردت، ولما عملت على الرجوع إلى وطني، أحببت أن أستبيع من غناء بغداد شيئا، فاشتريت هذه الجارية، لأضمّها إلى عدة مغنيات عندي بالبصرة، وإذ كنتما على هذه الحال، فأنا- والله- أغتنم المكرمة والثواب فيكما، وأشهد الله، أنّي إذا صرت إلى البصرة، أعتقتها، وزوّجتك منها، وأجريت عليكما ما يكفيكما ويسعكما، على شريطة، إن أجبتني إليها.
قلت: ما هي؟
قال: أن تحضرنا كلما أردنا الغناء، خلف ستارتنا، وتنصرف بانصرافك إلى دار أفردها لكما، وقماش أعطيكما إياه.
فقلت: يا سيدي، وكيف أبخل بهذا على من هو المعطي لي، وعلى من ردّ عليّ حياتي؟ وأخذت يده أقبلها، فمنعني، ثم أدخل رأسه إلى الجارية، فقال: يرضيك هذا؟ فأخذت تدعو له وتشكره.(5/279)
فاستدعى غلاما، فقال: خذ بيد هذا الرجل، وغيّر ثيابه، وبخّره، وقدّم إليه ما يأكله، وجئنا به.
فأخذني الغلام، ففعل بي ذلك، وعدت، وتركت بين يدي صينيّة، واندفعت الجارية تغني بنشاط وسرور وانبساط، واستدعت النبيذ، فشربت وشربنا، وأخذت أقترح عليها الأصوات الجياد، فتضاعف سرور الرجل.
وما زلنا على ذلك، أيّاما، إلى أن بلغنا نهر معقل، ونحن سكارى، فشدّ الزلّال في الشط، وأخذتني بولة، فصعدت إلى ضفة نهر معقل لأبول، فحملني السكر على النوم فيها، ودفع الزلّال، وأنا لا أعلم، وأصبحوا فلم يجدوني، ودخلوا البصرة، ولم أنتبه إلا بحر الشمس، فجئت إلى الشط، فلم أر لهم عينا ولا أثرا.
وقد كنت أجللت الرجل أن أسأله بمن يعرف، وأين داره في البصرة، واحتشمت أن أسأل غلمانه عن ذلك، فبقيت على شاطئ نهر معقل، كأوّل يوم بدأت بي المحنة، وكأنّ ما كنت فيه منام.
واجتازت بي سميريّة، فركبت فيها، ودخلت البصرة، وما كنت دخلتها قط، فنزلت خانا، وبقيت متحيّرا، لا أدري ما أعمل، ولم يتوجّه لي معاش.
إلى أن اجتاز بي يوما إنسان عرفته من بغداد، فتبعته لأكشف له حالي، وأستميحه، فأنفت من ذلك، ودخل الرجل إلى منزله، فعرفته، وجئت إلى بقّال كان هناك، على باب الخان الذي نزلته، فأعطيته دانقا، وأخذت منه ورقة دواة، وجلست أكتب رقعة إلى الرجل.
فاستحسن البقّال خطّي، ورأى رثاثة حالي، فسألني عن أمري، فأخبرته انني رجل ممتحن فقير، وقد تعذّر علي التصرّف، وما بقي معي شيء، ولم أشرح له أكثر من ذلك.(5/280)
فقال: أتعمل معي في كل يوم على نصف درهم، وطعامك، وكسوتك، وتضبط حساب دكاني؟
قلت: نعم.
فقال: اصعد.
فمزّقت الرقعة «1» وصعدت فجلست معه، فدبّرت أمره، وضبطت دخله وخرجه، وكان غلمانه يسرقونه، فأدّيت إليه الأمانة.
فلما كان بعد شهر، رأى الرجل دخله زائدا، وخرجه ناقصا، فحمدني، وكنت معه إلى أن حال الحول، وقد بان له الصلاح في أمره، فدعاني إلى أن أتزوج بابنته، ويشاركني في الدكان، ففعلت.
ودخلت بزوجتي، ولزمت الدكان، والحال تقوى، إلا أنّي في خلال ذلك، منكسر النفس، ميت النشاط، ظاهر الحزن، وكان البقال ربما شرب، فيجذبني إلى مساعدته، فأمتنع، وأظهر أن سبب ذلك حزني على موتى لي.
واستمرّت بي الحال على هذا سنين كثيرة، فلما أن كان ذات يوم، رأيت قوما يجتازون بجون ونبيذ، اجتيازا متصلا، فسألت عن ذلك، فقيل لي: اليوم يوم الشعانين، ويخرج أهل الظرف واللعب، بالنبيذ والطعام والقيان إلى الأبلّة، فيرون النصارى، ويشربون، ويتفرجون.
فدعتني نفسي إلى التفرّج، وقلت: لعلّي أن أقف لأصحابي على خبر، فإنّ هذا من مظانّهم.
فقلت لحميّ: أريد أن أنظر هذا المنظر.
فقال: شأنك، وأصلح لي طعاما وشرابا، وسلم إليّ غلاما وسفينة، فخرجت، وأكلت في السفينة، وبدأت أشرب حتى وصلت إلى الأبلّة،(5/281)
وأبصرت الناس، وابتدأوا ينصرفون، وانصرفت.
فإذا أنا بالزلّال بعينه، في أوساط الناس، سائرا في نهر الأبلّة، فتأمّلته، فإذا بأصحابي على سطحه، ومعهم عدة مغنّيات.
فحين رأيتهم لم أتمالك نفسي فرحا، فصرت إليهم، فحين رأوني عرفوني، وكبّروا، وأخذوني إليهم، وقالوا: ويحك، أنت حي؟ وعانقوني، وفرحوا بي، وسألوني عن قصتي، فأخبرتهم بها على أتم شرح.
فقالوا: إنّا لمّا فقدناك في الحال، وقع لنا أنّك سكرت، ووقعت في الماء فغرقت، ولم نشك في هذا، فمزّقت الجارية ثيابها، وكسرت عودها، وجزّت شعرها، وبكت، ولطمت، فما منعناها من شيء من هذا.
ووردنا البصرة، فقلنا لها: ما تحبين أن نعمل لك؟ فقد كنا وعدنا مولاك بوعد تمنعنا المروءة من استخدامك معه في حال فقده، أو سماع غنائك؟.
فقالت: تمكنوني من القوت اليسير، ولبس الثياب السود، وأن أعمل قبرا في بيت من الدار، وأجلس عنده، وأتوب من الغناء، فمكّناها من ذلك، فهي جالسة عنده إلى الآن.
وأخذوني معهم، فحين دخلت الدار، ورأيتها بتلك الصورة، ورأتني شهقت شهقة عظيمة، ما شككت في تلفها، واعتنقنا، فما افترقنا، ساعة طويلة.
ثم قال لي مولاها: قد وهبتها لك.
فقلت: بل تعتقها، وتزوّجني منها، كما وعدتني، ففعل ذلك، ودفع إلينا ثيابا كثيرة، وفرشا، وقماشا، وحمل إليّ خمسمائة دينار.
وقال: هذا مقدار ما أردت أن أجريه عليك في كلّ شهر، منذ أول يوم دخولي البصرة، وقد اجتمع هذا لهذه المدة، فخذه، والجائزة لك مستأنفة في كلّ شهر، وشيء آخر لكسوتك، وكسوة الجارية، والشرط في المنادمة،(5/282)
وسماع الجارية من وراء ستارة، باق عليك، وقد وهبت لك الدار الفلانية.
قال: فجئت إليها، فإذا بذلك الفرش الذي أعطانيه، فيها، والجارية.
فجئت إلى البقّال، فحدّثته بحديثي، وطلّقت ابنته، ووفّيتها صداقها، وأقمت على تلك الحال مع الهاشميّ سنين، فصلحت حالي، وصرت ربّ ضيعة، ونعمة، وعادت حالي، وعدت إلى قريب مما كنت عليه.
فأنا أعيش كذلك إلى الآن مع جاريتي.
مصارع العشاق 2/229(5/283)
140 أعمرو علام تجنبتني
أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي التوزي «1» ، وأبو القاسم علي ابن المحسّن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدّثنا محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن أبي مالك بن الهيثم الخزاعي «2» ، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، قال:
حدّثني إبراهيم بن ميمون «4» ، قال:
حججت في أيام الرشيد «5» ، فبينا أنا بمكّة، أجول في سككها، إذا أنا بسوداء قائمة ساهية، فأنكرت حالها، فوقفت أنظر إليها، فمكثت كذلك ساعة، ثم قالت:
أعمرو علام تجنّبتني ... أخذت فؤادي فعذّبتني
فلو كنت يا عمرو خبرّتني ... أخذت حذاري فما نلتني
قال: فدنوت منها، فقلت: يا هذه، من عمرو؟(5/284)
فارتاعت من قولي، وقالت: زوجي.
فقلت: وما شأنه؟
قالت: أخبرني أنّه يهواني، وما زال يدسّ إليّ، ويعلق بي في كلّ طريق، ويشكو شدّة وجده، حتى تزوّجني، فلبث معي قليلا، وكان له عندي من الحبّ، مثل الذي كان لي عنده، ثم مضى إلى جدّة «1» ، وتركني.
قلت: فصفيه لي.
فقالت: أحسن من تراه، وهو أسمر، حلو، ظريف.
قال: فقلت: فخبّريني، أتحبّين أن أجمع بينكما؟
قالت: فكيف لي بذلك، وظنّتني أهزل بها.
قال: فركبت راحلتي، وصرت إلى جدّة، فوقفت في المرفإ «2» ، أتبصّر من يعمل في السفن، واصوّت: يا عمرو، يا عمرو، فإذا أنا به خارج من سفينة، وعلى عنقه صنّ «3» ، فعرفته بالصفة.
فقلت: أعمرو علام تجنّبتني؟
فقال: هيه، هيه، رأيتها، وسمعته منها؟ ثم أطرق هنيهة، ثم اندفع يغنّيه، فأخذته منه، وقلت له: ألا ترجع؟
فقال: بأبي أنت، ومن لي بذلك؟ ذلك والله أحب الأشياء إليّ، ولكن منع منه طلب المعاش.
قلت: كم يكفيك كلّ سنة؟
قال: ثلاثمائة درهم.(5/285)
فأعطيته ثلاثة آلاف درهم، وقلت: هذه لعشر سنين، ورددته إليها، وقلت له: إذا فنيت، أو قاربت الفناء، قدمت عليّ فبررتك، وإلّا وجّهت إليك.
وكان ذلك أحب إليّ من حجّي.
قال محمد بن عبد الله، قال إسحاق: والناس ينسبون هذا الصوت إلى إبراهيم، وكان إبراهيم أخذه من هذا الفتى «1» .
مصارع العشاق 1/240(5/286)
141 دواء الحب غالي
أخبرنا التنوخي عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر المحوّلي «2» ، قال: أنشدني حمّاد بن إسحاق «3» ، للوليد ابن يزيد «4» :
ولقد قال طبيبي ... وطبيبي غير آل «5»
أشك ما شئت سوى ... الحبّ فإنّي لا أبالي
سقم الحب رخيص ... ودواء الحب غالي
مصارع العشاق 1/234(5/287)
142 وكل غريب للغريب نسيب
وأخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي أيضا بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال:
قال أبو عبد الله، محمد بن زياد الأعرابي: إن قيس بن الملوح، وهو المجنون، لما نسب بليلى، وشهر بحبها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها، وزيارتها، وتهددوه بالقتل.
وكان يأتي امرأة من بني هلال، ناكحا في بني الحريش، وكان زوجها قد مات، وخلّف عليها صبية صغارا، فكان المجنون إذا أراد زيارة ليلى، جاء إلى هذه المرأة فأقام عندها، وبعث إلى ليلى، فعرفت له خبرها، وعرّفتها خبره.
فعلم أهل ليلى بذلك، فنهوها أن يدخل قيس إليها.
فجاء قيس كعادته، فأخبرته المرأة الخبر، وقالت: يا قيس، أنا امرأة غريبة عن القوم، ومعي صبية، وقد نهوني أن أؤويك، وأنا خائفة أن ألقى منهم مكروها، فأحبّ أن لا تجيء إليّ هاهنا.
فأنشأ يقول:
أجارتنا إنّا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب
فلا تزجريني عنك خيفة جاهل ... إذا قال شرّا أو أخيف لبيب
قال: وترك الجلوس إلى الهلالية، وكان يترقّب غفلات الحي في الليل.
فلما كثر ذلك منه، خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه، إلى مروان ابن الحكم، فشكوا إليه ما نالهم من قيس، وما قد شهرهم به، وسألوه(5/288)
الكتابة إلى عامله عليهم بمنعه من كلام ليلى، وبخطبه إليهم.
فكتب لهم مروان كتابا إلى عامله، يأمره فيه بأن يحضر قيسا، ويتقدّم إليه في ترك زيارة ليلى، فإن أصابه أهلها عندهم، فقد أهدر دمه.
فلما ورد الكتاب على عامله، بعث إلى قيس وأبيه، وأهل بيته، فجمعهم وقرأ عليهم كتاب مروان، وقال لقيس: اتّق الله في نفسك، لا يذهب دمك هدرا.
فانصرف قيس وهو يقول:
ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... عليّ يمينا جاهدا لا أزورها
وأوعدني فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشنت لي صدورها
على غير شيء غير أنّي أحبّها ... وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها
فلما أيس منها، وعلم أن لا سبيل إليها، صار شبيها بالتائه العقل، وأحب الخلوة، وحديث النفس، وتزايد الأمر به، حتى ذهب عقله، ولعب بالحصا والتراب، ولم يكن يعرف شيئا إلا ذكرها، وقول الشعر فيها، وبلغها هي ما صار إليه قيس، فجزعت أيضا لفراقه، وضنيت ضنى شديدا.
وإنّ أهل ليلى خرجوا حجّاجا، وهي معهم، حتى إذا كانوا بالطواف، رآها رجل من ثقيف، وكان غنيا كثير المال، فأعجب بها، على تغيّرها، وسقمها، فسأل عنها، فأخبر من هي، فأتى أباها، فخطبها إليه، وأرغبه في المهر، فزوّجه إيّاها.
وبلغ الخبر قيسا، فأنشأ يقول:
ألا تلك ليلى العامرية أصبحت ... تقطّع إلّا من ثقيف وصالها(5/289)
هم حبسوها محبس البدن وابتغى ... بها المال أقوام تساحف مالها «1»
إذا التفتت والعيس صعر «2» من البرى «3» ... بنخلة خلّى عبرة العين حالها «4»
مصارع العشاق 2/287(5/290)
محتويات الكتاب
5 مقدّمة المحقق
7 1 الخليفة المستكفي ينقل قاضيا وينصب بدلا منه
10 2 لماذا سمّي زوج الحرّة
13 3 البيضاوي أزرق كوسج
15 4 القاضي ابن قريعة يستخلف التنوخي على قضاء الأهواز
16 5 أبو القاسم الصاحب بن عباد يشتهي مشاهدة ثلاثة من بغداد
17 6 أبو الفضل الزهري محدّث، وآباؤه كلّهم محدّثون
19 7 المؤلّف التنوخي يتحدّث عن نفسه
21 8 ذو الكفايتين أبو الفتح بن العميد يحيي سهرة تنتهي باعتقاله
24 9 من شعر الحسن بن حامد
25 10 الشاعر ابن سكّرة يدخل محمدا، ويخرج بشرا
26 11 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي أبا السائب
27 12 يسقط من موضع عال فيسلم، ثم يعثر بعتبة الباب فيقع ميتا
28 13 بين أبي إسحاق الطبري وأبي الحسين بن سمعون
29 14 أبو القاسم الخبز أرزي يهدي للتنوخي سبحة سبج
30 15 عبد الصمد يدقّ السّعد في العطّارين
32 16 طلسم في صعيد مصر يطرد الفار
34 17 حجر عجيب الخواصّ في ضيعة عين جاره
36 18 مشهد النذور بظاهر سور بغداد(5/291)
39 19 ألوان غريبة من الورد
40 20 ذكر خبر بناء مدينة السلام
41 21 مدينة السلام لم يمت فيها خليفة قط
44 22 الصنم الموجود على رأس القبّة الخضراء
45 23 الأبواب الحديد على مدينة المنصور
46 24 الماء المنبثق من قبّين يهدم طاقات باب الكوفة في مدينة المنصور
48 25 عدد الخدم والفراشين في قصر الخلافة
49 26 من شعر صاحب النشوار
50 27 الوزير ابن الفرات يقيّد، ويغلّ، ويلبس جبّة صوف نقعت بماء الأكارع.
57 28 الوزير ابن الفرات يتناول رقعة فيها سبّه وشتمه وتهديده
62 29 الوزير أبو علي بن مقلة يشيد بمآثر الوزير ابن الفرات
64 30 الوزير العباس بن الحسن يستشير كبار الكتاب في اختيار من يخلف المكتفي
69 31 الوزير ابن الفرات يتحدّث عن تلوّن المقتدر واختلاف رأيه
72 32 من أقوال الوزير أبي الحسن بن الفرات
73 33 الوزير أبو علي بن مقلة يتحدّث عن سياسة الوزير ابن الفرات ووفور عقله
75 34 وزير يسرق سبعمائة ألف دينار في عشر خطوات
77 35 الظلم إذا زاد رفع نفسه
78 36 ما يرتفع لابن الفرات ولعلي بن عيسى من ضياعهما
80 37 عادة ابن الفرات في كلامه «بارك الله عليك» وعادة علي ابن عيسى «والك»(5/292)
83 38 الوزير علي بن عيسى، يرأف بأحد المطالبين، ويعفيه من المطالبة
85 39 الملك عضد الدولة يغضب على أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف
89 40 أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي
90 41 أشاع الدمع ما كنت أكتم
94 42 بنو عذرة أرقّ الناس قلوبا
96 43 علامة من كان الهوى في فؤاده
97 44 زعموا أنّ الفراق غدا
98 45 عاشق ينتحر بمحضر من الخليفة عبد الملك بن مروان
101 46 ثلاثة مجانين في بني عامر
102 47 ليلى والمجنون
104 48 تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة
105 49 مجنون ليلى يفقد عقله
107 50 من أطاع الواشين لم يتركوا له صديقا
108 51 ألا حجبت ليلى
110 52 رددت قلائص القرشي
112 53 أنتم شغلي، وعندكم عقلي
115 54 كالسهم أصبح ريشه ممروطا
118 55 قضاها لغيري وابتلاني بحبّها
120 56 وقفت على ربع لعزّة ناقتي
122 57 امرأة من أهل النار
129 58 شقيقان عشيقان(5/293)
135 59 حلف بالطلاق لا يحضر دعوة أبدا
137 60 أبو البلاد يجنّ، فيعلو حبيبته بالسيف
140 61 ولكم في القصاص حياة
142 62 يقتل عشيقته فيفترسه الأسد
148 63 حلف بالطلاق، لا يشيّع جنازة أبدا
151 64 منفصل عنّي وما قلبي عنه منفصل
153 65 ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما
155 66 جعلت من وردتها تميمة في عضدي
157 67 عشق، فعفّ، فكتم، فمات
158 68 عبد الله بن عجلان وهند بنت كعب
160 69 عشقت، فجنّت، فماتت
162 70 ربّ لا تسلبني ديني، ولا تفتنّي بعد أن هديتني
166 71 مت عشقا
168 72 إلّا أن يشاء ابن معمر
170 73 لماذا سمّي العراق عراقا
171 74 من لم ير بغداد، لم ير الدنيا
172 75 من محاسن الإسلام
173 76 إذا خرجت من العراق، فالدنيا كلّها رستاق
174 77 فلم أر فيها مثل بغداد منزلا
175 78 السريّ الرفاء يمدح بغداد
176 79 سويق الحمص في بغداد
177 80 القاضي أبو طاهر محمد بن نصر
179 81 عتاهية بن أبي العتاهية(5/294)
180 82 اقطع العمر بظن حسن
182 83 يا هاشميّ ويا مولى ويا عربي
183 84 الخليفة المنتصر، وما كتب بالفارسية على البساط
185 85 محمد بن الحسن يصرف ما ورثه من والده على تعلّم العلم
186 86 محمد بن الحسن والخليفة هارون الرشيد
188 87 محمد بن الحسن ومالك بن أنس
190 88 رأي الشافعي في محمد بن الحسن
191 89 سفهني ولم أكن سفيها
193 90 محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة
195 91 عليل يعاد فلا يوجد
196 92 لماذا سمي أبو محمد بن عبيد بالعسكري
197 93 إن نعش نلتقي
198 94 لماذا سمّي بالبياضيّ
199 95 القاضي ابن أبي موسى
201 96 فصوص زمرّد في غلف درّ
202 97 من شعر أبي العلاء المعرّي
204 98 تهجّوا
205 99 أبو هشام الرفاعي يقضي ببغداد
206 100 المبرّد والقبعض
208 101 القاضي أبو عمر
211 102 ثمّ أيش؟
212 103 القاضي ابن البهلول التنوخي 1
214 104 القاضي ابن البهلول التنوخي 2(5/295)
217 105 وأقبلت نحوك مستعجلا
218 106 فها خطّي خذوه بألف ألف
219 107 بين جحظة وصاحب النشوار
220 108 أبو الحجّاج الأعرابي يهجو ابن أبي دؤاد
221 109 القاضي أبو الحسن بن الخرقي
223 110 سر إن اسطعت في الهواء رويدا
224 111 شعر البتّي يكتب على التكك
225 112 البتّي يصف الفقّاع
226 113 إخوانيات
227 114 القاضي أحمد بن محمد بن سماعة
228 115 أبو العباس بن عقدة الكوفي المحدّث
229 116 محدّث يحفظ ستمائة ألف حديث
230 117 القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي
231 118 القاضي أبو بشر الهروي
233 119 شيخ القرّاء أبو بكر بن مجاهد، يغنّي
237 120 القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف
238 121 الصديق لا يحاسب
239 122 صبرك على أذى من تعرف، خير من استحداث ما لا تعرف
240 123 عبد الحميد الكاتب وتجويد الخط
241 124 أبو الحسن بن الأزرق التنوخي
243 125 أبو بكر بن المرزبان يعاتب جد أبي عمر بن حيويه
245 126 ابن سيرين يحبس في الدين(5/296)
246 127 عضد الدولة يذمّ أهل بغداد
247 128 سفيان الثوري يعاتب ابن علاثة على ولايته القضاء
248 129 جاء الرسول ببشرى منك تطمعني
249 130 لا ينقص الكامل من كماله ما جرّ من نفع إلى عياله
250 131 على الباغي تدور الدوائر
254 132 من يعمل مثقال ذرة خيرا يره
259 133 عاقبة البغي
265 134 الأنصاري وعبد الله بن عامر عامل العراق
267 135 عابدة الجهنية، تحضر مجلس عضد الدولة، وتنشد قصيدة في مدحه
269 136 عاتكة المخزومية، تحضر مجلس عضد الدولة، وتنشد قصيدة في مدحه
270 137 الشاعرة المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر
271 138 أنسب بيت قالته العرب
274 139 وقد يجمع الله الشتيتين
284 140 أعمرو علام تجنّبتني
287 141 دواء الحب غالي
288 142 وكلّ غريب للغريب نسيب(5/297)
فهرس أسماء الأشخاص
(أ)
الأثرم- أبو العباس أحمد بن محمد بن حماد بن إبراهيم بن ثعلب البصري (240- 336) ، 19.
ابن أحمد- جعفر 168
أحمد بن حبيب النهرواني
أحمد بن عبيد بن ناصح، مولى بني هاشم أبو عصيدة.
أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني، أبو بكر
الأحمر، أبو يعقوب إسحاق بن محمد النخعي
الأحوص- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري الشاعر 273
الأحول- أحمد بن أبي خالد، وزير المأمون 240
ابن الإخشيد- أبو بكر أحمد بن علي بن بيغجور 242
الإخشيد- أبو بكر محمد بن طغج بن جف 83
الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى الرماني الوراق 120، 153
الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان 220، 240، 241
ابن أدهم- أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور التميمي البلخي 249
أرسطو- طبيب فارسي ببغداد 47
الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد القاضي 196، 210
الأزدي- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم 248
الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف القاضي 8، 188، 208، 209، 210، 211
الأزدي- أبو نصر يوسف بن أبي الحسين عمر أبي عمر محمد بن يوسف الأزدي القاضي 211
الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 209(5/298)
ابن إسحاق- زكريا 166
ابن إسحاق- أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار- صاحب السيرة 94
الاسكافي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد 27
ابن الأشتر- أبو عبد الله إبراهيم بن مالك الأشتر 110
ابن الأشعث- عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي 55
الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني 191
الأشناني- محمد بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني 191
الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 151، 188، 236، 271، 286
الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي، راوية العرب 101، 153
الأعرابي- أبو الحجاج 220
ابن الأعرابي- أبو عبد الله محمد بن زياد، مولى بني هاشم 108، 170، 288
الأفشين- خيذر بن كاوس 184.
ابن أكثم- أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي القاضي 230
ابن الأكفاني- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 140، 148، 211، 233
ابن الأكفاني- أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 211
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي- الملك الضليل 272
الأموي- أبو إسحاق إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (ت 132) 12
الأموي- أبو هاشم خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 109
الأموي- أبو أيوب سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (54- 99)
الأموي- أبو الأصبغ عبد العزيز بن مروان بن الحكم 120
الأموي- أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم 77، 98، 99، 100، 109، 110، 215
الأموي- أبو بكر محمد بن معاوية بن عبد الرحمن الأندلسي 157
لأموي- أبو عبد الملك مروان بن الحكم 26، 108، 109، 110، 288، 289(5/299)
الأموي- أبو عبد الملك مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي، الملقب بالجعدي، وبالحمار 12، 240
الأموي- مسلمة بن عبد الملك بن مروان 9، 77
الأموي- أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان 109
الأموي- أبو ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 109
الأموي- أبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان 12، 77
الأموي- أبو العباس الوليد بن عبد الملك 77
الأموي- أبو العباس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان 287
الأموي- يحيى بن الحكم 110
الأموي- أبو خالد يزيد بن عبد الملك بن مروان 100
الأموي- أبو خالد يزيد بن معاوية 77
ابن أبي أمية- محمد بن أمية، ابن أخي محمد بن أمية الكاتب 182
ابن أبي أميّة- محمد الكاتب 180
الأمين- أبو عبد الله محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي العباسي 12، 41، 43، 151، 152، 180
الأنباري- علي بن صالح بن الهيثم الكاتب 151
الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 182، 245
الأنباري- أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الشاعر 201
الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 170، 182، 242، 245، 249
الأنصاري- جابر بن عبد الله بن عمر بن حرام الخزرجي السليمي الصحابي 265
الأنصاري- أبو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن 105، 115
الأنصاري- محمد بن عبد الباقي البزاز
الأيادي- أبو عبد الله أحمد بن ابن أبي دؤاد، السيد العربي النبيل 194، 220
الإيذجي- أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله 206
الأيوبي- صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي (532- 589)(5/300)
(ب)
ابن البازيار- أبو علي أحمد بن نصر بن الحسين 35
الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الشاعر 34
البتي- أبو الحسن أحمد بن علي 224، 225
بجكم- الماكاني، أمير الأمراء، القائد التركي 267
البخاري- أبو نصر أحمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن علي 104
البخاري- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صاحب الجامع الصحيح (194- 256) 18
بختيار- أبو منصور عز الدولة بختيار بن أبي الحسين معز الدولة أحمد بن بويه 176
بدر- مولى المعتضد 10، 210
البرتي- أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر القاضي 230
البرجمي- جعفر بن محمد بن عمار الكوفي، قاضي القضاة 8
البرجمية- فاطمة بنت جعفر بن محمد بن عمار البرجمي، قاضي القضاة 7
ابن برد- بشار الشاعر 290
البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد 53
البرمكي- الفضل بن يحيى بن خالد 53
البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريدين 19
البزاز- أبو الحسن علي بن سهل بن المغيرة 191
البزاز- أبو بكر محمد بن أبي طاهر عبد الباقي بن محمد بن عبد الله 21، 27، 30، 129، 135، 137، 140، 142، 148، 151، 155، 157، 158، 160، 162، 166
البزاز- أبو بكر مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي 186
بزياش- أبو القاسم بن المحسن الديلمي ابن بزيع- عمر، مولى المهدي، ولي له ديوان الأزمّة 271، 272(5/301)
ابن بسام- علي بن محمد الشاعر 59
البشاري- أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي، صاحب أحسن التقاسيم 9
البصري- أبو سعيد الحسن بن يسار الحسن البصري
بغا- القائد التركي، المعروف بالكبير 183، 184
ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد 61
البغوي- أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن حبيش 190
البغوي- أبو القاسم محمد بن إسحاق 112
ابن بقية- أبو طاهر نصير الدولة، محمد بن محمد، وزير بختيار 246
ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب، القرشي، الأسدي، المكيّ، 188، 271
أبو البلاد- بشر بن العلاء، أحد بني طهية، ثم أحد بني سود 137
بهاء الدولة- أبو نصر فيروز بن أبي شجاع عضد الدولة فنا خسرو البويهي 174، 224
البياضي- أبو علي محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى العباسي الهاشمي 198
البيضاوي- أبو الحسين علي بن إبراهيم بن أحمد بن الهيثم الوراق 13، 14
ابن البيطار- ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي، صاحب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 31
البيّع- أبو علي أحمد بن صدقة البيّع ابن صدقة
(ت)
التخومي 118
أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي 219
التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق الأنباري 78، 83، 241
التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 212
التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 209، 212، 213، 214(5/302)
التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن أبي بكر يوسف الأزرق الأنباري 83
التنوخي- أبو محمد البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان 212
التنوخي- أبو الهيثم البهلول بن حسان بن سنان 212
التنوخي- حسان بن سنان 212
التنوخي- أبو محمد الحسن بن يوسف الأزرق الأنباري 83
التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 213
التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم القاضي، والد صاحب النشوار 29، 188، 216
التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسن القاضي، ابن صاحب النشوار 10، 12، 16، 17، 19، 21، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 36، 40، 43، 44، 45، 46، 48، 49، 50، 89، 90، 94، 96، 97، 98، 101، 104، 105، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 120، 122، 129، 135، 137، 140، 142، 148، 151، 153، 155، 157، 158، 160، 162، 166، 168، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 179، 180، 182، 183، 185، 186، 188، 190، 191، 193، 195، 196، 197، 198، 199، 201، 202، 204، 205، 206، 207، 208، 211، 213، 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 233، 237، 238، 239، 240، 241، 243، 245، 246، 247، 248، 249، 274، 284، 287، 288
التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن علي القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 7، 10، 15، 19، 20، 21، 27، 32، 34، 36، 49، 55، 57، 72، 73، 75، 77، 78، 83، 85، 86، 129، 135، 136، 140، 141، 142، 148، 150، 151، 168، 173، 180، 206، 214، 218، 225، 226، 228، 246، 250، 254، 259، 267، 268، 269، 271، 274(5/303)
التنوخي- أبو طالب محمد بن أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول 213
التنوخي- أبو بكر يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق 213
التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 21، 86، 88، 272،
التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي القاضي 284
تيمور- أحمد 39، 236
تيمور لنك 173
التيمي- زكريا بن طلحة بن عبيد الله 7
التيمي- أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي المدني 8، 109
التيمي- عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان القرشي 168، 169
التيمي- يحيى بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله 7
التيمية- عائشة بنت طلحة بن عبيد الله 112
(ث)
ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيّار النحوي 220، 238، 239
ثمل- قهرمانة المقتدر 58
ابن ثوابة- أبو الهيثم العباس بن محمد بن ثوابة الأنباري الكاتب 50
الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري 247
(ج)
ابن أبي جابر- يحيى 105
الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 100، 101
الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب 242
جبريل عليه السلام 187(5/304)
الجبّلي- أبو الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم 202
ابن جبير- أبو منصور عبد الله بن جبير النصراني، كاتب الوزير ابن الفرات 69
جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي 217، 218، 219
ابن الجراح- أبو علي عبد الرحمن بن عيسى 80، 81، 82
ابن الجراح- أبو الحسن علي بن عيسى، وزير المقتدر 50، 54، 78، 80، 81، 82، 83، 84، 209
ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى 78
ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 41
الجرجرائي- أبو أحمد العباس بن الحسن، وزير المقتدر 64، 65، 66، 67
جرير- أبو حزرة جرير بن عطيّة بن الخطفى الشاعر 273
ابن الجعابي- أبو بكر محمد بن عمر بن سليم بن البراء التميمي 233
أمّ جعفر- أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور زبيدة
ابن جعلان- أبو الحسين أحمد بن محمد 226
الجكّار- أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الشيرازي، وزير عضد الدولة 38، 85، 86، 87، 88
الجمّاز- أبو عبد الله محمد بن عمرو بن حماد بن عطاء بن زبان 272
الجمحي- عبد الأعلى بن عبد الله بن صفوان 271
جميل بثينة العذري
جنكيزخان 173
الجهشياري- أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي، صاحب كتاب الوزراء والكتاب 53
الجهنيّة- عابدة بنت محمد- امرأة عمّ أبي جعفر محمد بن يحيى بن شيرازاد 267
الجوزجاني- أبو سليمان 230
ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 89
الجوهري- أحمد بن عبد العزيز 204(5/305)
الجوهري- الحسن بن علي بن الجعد، مولى أمّ سلمة المخزومية 227
الجوهري- أبو محمد الحسن بن علي بن محمد 24، 104، 160، 171
الجوهري- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله بن قناش الطائي 77
الجوهري- أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن 78
(ح)
الحاتمي- أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر 195
حاجب القاضي أبي السائب- محمد 26
ابن الحارثية أبو العباس السفاح
الحافي- أبو نصر بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي (150- 227) 25
ابن أبي حامد- أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى بن النضر بن حكيم، المعروف بابن أبي حامد، صاحب بيت المال 142
ابن أبي حامد- أبو علي محمد بن محمد، حفيد أبي بكر بن أبي حامد، صاحب بيت المال 142
حامد- أبو محمد حامد بن العباس، وزير المقتدر 45، 50
الحبّوبي- السيد محمد سعيد النجفي، الفقيه، الشاعر، المجاهد، الشهيد 116
ابن حبيب- رباح العامري 102، 107
الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي يضرب به المثل في الظلم 45، 51، 55، 56، 77
ابن الحر 194
ابن حرب- أبو جعفر أحمد بن حرب بن مسمع بن مالك المعدّل 101
ابن حرب- سليمان، قاضي مكّة 194
الحربي- أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز المقرئي 238، 239
الحرّة- بنت بدر مولى المعتضد، زوجة المقتدر 10، 11، 12
الحرمي- ابن أبي العلاء، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة 188، 271
الحرمي- أبو الخير بدر 53(5/306)
الحرمي- القاسم بن سويد 101
الحريري- أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان (446- 516) 201
ابن الحسن- العباس، وزير المقتدر الجرجرائي
ابن الحسن- علي 115
الحسن- الإمام أبو محمد الحسن بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب 12
الحسن البصري- أبو سعيد الحسن بن يسار البصري 56
الحلّاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 35، 210
الحلي- السيد حيدر، الشاعر 290
الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 35، 83
الحمداني- الحسين بن حمدان 45، 67
الحمداني- أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان 67
الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 35، 97، 270
الحمداني- أبو تغلب، فضل الله بن ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان 20
الحموي- شهاب الدين ياقوت بن عبد الله البغدادي 33، 34، 43، 44، 202، 220، 224، 225، 231، 250
الحميرية- أمّ موسى بنت منصور بن عبد الله، والدة المهدي العباسي 12
ابن حنش- أبو الحسن الكاتب 217
حنيف بن عمرو- عم أبي البلاد بشر بن العلاء، أحد بني طهية 137
أبو حنيفة- الإمام النعمان بن ثابت 15، 122، 186، 188، 189، 199، 214، 271
ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 35
الحيدري- عبد الرحمن باشا 47
ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز 89، 90، 94، 96، 101، 104، 105، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 137، 155، 157، 158، 162، 166، 171، 182، 183، 188(5/307)
(خ)
أبو خازم القاضي- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 209
خاطف- خالة المقتدر، واحدة من الثالوث الحاكم في أيّام المقتدر 52
الخاقاني- أبو علي محمد بن عبيد الله الوزير 60، 61
الخبز أرزي- أبو القاسم نصر بن أحمد البصري الشاعر 29
أبو خراسان- صاحب بيت المال في أيّام فتنة ابن المعتز 75
ابن الخرقي- أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق القاضي 221، 222
الخرقي- أبو عبد الله الحسين بن عثمان الحنبلي 32
الخرمي- بابك 184
الخرنبازي- أبو محمد 85، 86، 87، 88
الخزاعي- أبو عبد الله أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم 284
الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي، شاعر أهل البيت 248
الخزاعي- محمد بن عبد الله بن أبي مالك بن الهيثم 284، 285
الخصّاف- أبو بكر أحمد بن عمر بن مهير الشيباني 204
الخصيبي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب 54
الخطيب- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، صاحب تاريخ بغداد 10، 12، 15، 16، 17، 18، 19، 24، 25، 28، 38، 40، 43، 44، 45، 49، 151، 171، 172، 173، 174، 176، 182، 186، 188، 192، 194، 195، 196، 197، 198، 200، 201، 202، 204، 205، 210، 211، 212، 215، 216، 218، 219، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 232، 236، 237، 240، 242، 244، 245، 246، 247، 248، 249، 284، 287
الخفاف- عبيد الله بن محمد 259(5/308)
ابن خلّكان- أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر القاضي (608- 681) 15، 198
خوارزم شاه 173
الخوارزمي- أبو القاسم علي بن محمد 48
(د)
الدارقطني- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الحافظ 17
الدامغاني- أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الأنصاري 94، 155
ابن درستويه- أبو محمد عبد الله بن جعفر بن المرزبان الفارسي 151، 194
ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 120، 153، 160، 241
دستنبويه- أمّ ولد المعتضد بالله، واحدة من الثالوث النسائي الحاكم في أيام المقتدر 52
الدوري- أحمد بن عبد الله الورّاق 204
الديلمي- أبو القاسم بزياش بن المحسّن 173.
الدينوري- أبو القاسم عبد الصمد بن عمر بن محمد بن إسحاق، الواعظ، الزاهد 30
(ذ)
ابن ذريح- قيس بن ذريح بن سنة بن حذافة الكناني، زوج لبنى 99، 116
الذهلي- أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر 177، 178
(ر)
ابن رائق- أبو بكر محمد بن رائق، أمير الأمراء 81، 83
الراضي- أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر 80، 81
الراوي- السيد طه الراوي- أستاذنا في علوم العربية ببغداد 204(5/309)
ابن الربيع- أبو الفضل العباس بن الفضل بن الربيع 180
ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع 180
الربيع- الحاجب 271
رتبيل- ملك الترك 55
الرزاز- أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد بن العباس بن دينار الكندي 97
ابن رزام- عمرو 115
الرشيد- أبو جعفر هارون بن محمد المهدي العباسي 41، 94، 151، 152، 186، 190، 193، 237، 248، 271، 284
الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الشاعر الموصلي 175
الرفاعي- أبو هشام محمد بن يزيد بن كثير بن رفاعة بن سماعة الكوفي 205، 230
ركن الدولة- أبو علي الحسن بن بويه 21، 22، 36
الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى الإخشيدي
الروذباري- أبو بكر علي بن صالح 32
الرياشي- أبو الفضل العباسي بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 160، 168
أبو الريان- حمد بن محمد، خليفة أبي القاسم عبد العزيز وزير عضد الدولة ببغداد 38
أبو ريحانة- رباح، حاجب عبد الملك بن مروان 98، 99
ريطة بنت عبد المدان الحارثي- أمّ أبي العباس السفاح 12
(ز)
ابن أبي زائدة- عمر 191، 192
الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، غلام ثعلب 195، 207
زبيدة- أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور العباسي، أمّ محمد الأمين 12، 151، 152
ابن الزبير- أبو بكر عبد الله بن الزبير 109
ابن الزبير- أبو عبد الله عروة 45(5/310)
ابن الزبير- محمد بن جعفر 94
ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب 215
الزبير بن العوام الأسدي- أبو عبد الله (28 ق- 36) 109
الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير 118
الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ 241
الزجاج- أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد الشاهد 45
ابن زريق- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 25
الزهري- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس الكوفي 227
الزهري- أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف 94
الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن عوف 17، 18
الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18، 238، 239
الزهري- أبو الفضل عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18
الزهري- أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد من أولاد عبد الرحمن بن عوف 17
الزهري- أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18
زوج الحرّة- أبو بكر محمد بن جعفر بن أحمد بن الحسين بن وهب الحريري، المعروف بابن أبي عسرون 10، 11
ابن زياد- الحسن اللؤلؤي الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان 205
زيد- الإمام أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، العلوي، الهاشمي، القرشي، الشهيد 12
زيد مناة 137
زيدان- قهرمانة المقتدر 50، 54، 222(5/311)
(س)
أبو السائب- القاضي عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله الهمذاني، قاضي القضاة 7، 9، 11، 19، 26
ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد، من كبار رجال الدولة العباسية 54
ساكن- صاحب دواة الوزير ابن الفرات 59
الساماني- أبو نصر أحمد بن إسماعيل، صاحب ما وراء النهر 53
الساماني- أبو إبراهيم إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان (234- 295) ثاني أمراء الدولة السامانية فيما وراء النهر 250
سبط ابن الجوزي- أبو المظفر شمس الدين يوسف بن عبد الله، المعروف بقز أوغلي 152
سبكتكين- الحاجب الكبير، القائد التركي 173، 267
سبكرى- من قوّاد الدولة العباسيّة 53
السجستاني- أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان الجشمي البصري 153
السختياني- أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان البصري 153، 158
ابن السراج- أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسن القارىء البغدادي، صاحب كتاب مصارع العشاق 102، 112، 120، 153
ابن السراج- أبو بكر محمد بن السري بن سهل 241
ابن سركر- محمد بن إسحاق الشاهد، خليفة القاضي أبي بكر بن قريعة على قضاء الأهواز 15
ابن أبي سعد- عبد الله بن عمرو الأنصاري
ابن سعيد- مالك 166
السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبيد الله بن العباس 12، 227، 240
ابن سكرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله الهاشمي، العباسي، الشاعر المطبوع 25، 26
ابن سلام- أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم 160
سلامة- البربريّة، أمّ أبي جعفر المنصور العباسي 12
السلامي- أبو الحسن محمد بن عبد الله الشاعر 269، 270(5/312)
ابن أبي سلمة- عبد العزيز بن عبد الله الماجشون
أمّ سلمة المخزومية- زوجة أبي العباس السفاح 227
سلمى بنت حنيف بن عمرو- ابنة عم أبي البلاد بشر بن العلاء 137
سليمان بن داود- نبيّ الله 45
السليمي- أبو طاهر عبد الغفار بن محمد بن جعفر بن زيد السليمي المؤدب 98
ابن سماعة- أحمد بن محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي 227
ابن سماعة- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي 227
السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي 98، 198، 201، 202
ابن سمعون- أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل الواعظ 28
سوّار بن عبد الله بن قدامة- قاضي البصرة 191، 192
ابن سويد- أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدل 170
ابن سويد- عبد الله 155
ابن سيّار- أبو محمد نوح بن يزيد المؤدّب 94
السيّدة- شغب، أمّ المقتدر، مولاة المعتضد 51، 58، 67
ابن سيرين- أبو بكر محمد بن سيرين البصري 153، 158، 245
ابن سينا- أبو علي شرف الملك الحسين بن عبد الله، صاحب القانون في الطب 31، 201، 219
(ش)
الشارب- زريق، السقاء البغدادي 246
الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي، القرشي، المطلبي 190، 231
الشالجي- عبود الشالجي المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 6
ابن شاهويه- أبو بكر محمد بن علي 86، 87
ابن شاهين- أبو حفص 188(5/313)
شبيب الخارجي بن يزيد 159
شجاع- عاشق حجازي من أهل الطائف 167
شرف الدولة- شيرزيل بن عضد الدولة فنا خسرو البويهي 16، 224، 242
الشريف الرضي- أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى العلوي، الحسيني، الموسوي (359- 406) ، 16
الشريف المرتضى- أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى، العلوي الحسينى، الموسوى (355- 436) ، 16
ابن شقير- أبو بكر أحمد بن الحسن بن الفرج 241
الشلجي- أبو الفرج 15
شهدة، فخر النساء بنت أحمد بن عمر الإبري 102، 112، 153، 168
ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن الحسن، قاضي القضاة 26
ابن أبي الشوارب- عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 196
شوقي- أحمد، شاعر العرب 159
ابن أمّ شيبان- أبو الحسن محمد بن صالح بن علي بن يحيى الهاشمي الشيباني- أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 230
الشيباني- أبو الوليد معن بن زائدة 179
ابن شيرزاد- أبو جعفر محمد بن يحيى 267
شيرويه- قباذ بن كسرى أبرويز بن هرمز 184
أبو الشيص- محمد بن عبد الله بن رزين الشاعر 248
(ص)
الصائغ- أبو محمد القاسم بن الحسن بن يزيد الهمذاني 90
الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن 61، 68، 71، 74، 76، 82، 84(5/314)
الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد، كافي الكفاة، وزير ركن الدولة 16، 22، 23، 229
ابن صاعد- أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد البغدادي 205، 210
ابن صالح- محبوب 89
ابن صدقة- أبو علي أحمد بن صدقة البيّع 248
الصديق- أبو بكر عبد الله بن عثمان التيمي القرشي، الخليفة الأول 8، 63
الصرويّ- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 274
الصفّار- أبو عثمان عفّان بن مسلم البصري 191
الصفار- عمرو بن الليث 250
الصفار- أبو القاسم النصيبيني 250، 251، 252
الصفدي- صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله 15
الصلحي- أبو محمد الحسن بن محمد الكاتب 64، 69، 73، 75، 77، 79، 80، 81
الصنوبري- أبو بكر أحمد بن الحسن بن مرار الضبّي الحلبي الأنطاكي 97، 219
الصوري- أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ 17
الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 43، 171، 180
الصيرفي- أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار المعروف بابن الطيوري 98، 105، 108، 112، 118
ابن صيفي- هانىء 188
(ض)
الضبي- أبو جعفر محمد بن عمران بن زياد بن كثير النحوي الكوفي 204
(ط)
الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل (المطيع) بن جعفر (المقتدر) 23، 224، 242
الطائي- أبو جعفر أحمد بن محمد 52، 62، 63(5/315)
الطائي- الحارث بن عمر، عامل البلقاء 77
الطائي- أبو عبد الرحمن الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الطائي 90
ابن طاهر- أبو العباس محمد بن عبد الله بن طاهر 43
طاهر بن الحسين بن مصعب- قائد المأمون 41
الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد 28، 191.
الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 40
طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 7، 8، 40، 177، 185، 186، 190، 193، 199، 205، 208، 212، 221، 222، 227، 230، 237، 247
ابن الطيوري، أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي
(ع)
ابن عائشة- أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن عمر التيمي 112
ابن عاصم- علي 155
ابن عامر- صباح النهدي 115، 116
ابن عامر- أبو عبد الرحمن عبد الله بن عامر بن كريز، عامل العراق 265، 266
العامري- أبو بكر 137، 158
العامري- أبو قلابة 101
ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس 29
العباس بن عبد المطلب- أبو الفضل 8
العباسي- الأمير أبو الفضل جعفر بن المكتفي 10
العباسي- جعفر بن المنصور، والد زبيدة 151
العباسي- الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 29
العباسي- عبد الله بن علي، عمّ المنصور 77
ابن عبد الأعلى- الحسين، استتر عنده الوزير ابن مقلة 60(5/316)
ابن عبد الحميد- ربيعة 105
عبد الصمد الزاهد الدينوري
عبد العزيز بن مروان الأموي
عبد الملك بن مروان الأموي
العبقسي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين 254
ابن عبيد- أبو بكر أحمد بن حبيب بن عبيد بن كثير 245
أبو عبيد 186
أبو عبيد الله- معاوية بن يسار، وزير المهدي 271، 272
عبيد الله بن سليمان- وزير المعتضد 52، 74
أبو عبيدة، معمر بن المثنى- 106
عتاهية بن أبي العتاهية- محمد بن إسماعيل بن القاسم 179
أبو العتاهية- أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد 179، 180، 181
عتبة- جارية المهدي، تعشقها أبو العتاهية 180
عثمان- أبو عمرو عثمان بن عفان، الخليفة الثالث 108، 187، 265
العذري- أبو بكر البغدادي، بائع السماد 246
العذري- أبو عمر جميل بن عبد الله بن معمر القضاعي- صاحب بثينة 95، 99، 273
العذري- عروة بن حزام، عاشق عفراء 95
العذري- محمد بن عثمان 157
ابو عروبة 185
عزة بنت حميل بن حفص بن إياس الحاجبيّة، صاحبة الأخبار مع كثير 120
أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور زبيدة
العسكري- أبو محمد جعفر بن الفضل 89
العسكري- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق 196
العسكري- أبو الحسين محمد بن عبيد الدقاق 196
أبو عصيدة- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي 182(5/317)
عضد الدولة- أبو شجاع فنا خسرو بن ركن الدولة 16، 20، 36، 85، 86، 87، 88، 246، 267، 269
ابن عطية- أحمد 186
عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري 173
ابن عقدة- أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن 228، 229
ابن العلاء- أبو عمرو زبّان بن العلاء المازني، أحد القرّاء السبعة 241
ابن علاثة- أبو اليسير محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 247
العلوي- أبو أحمد الحسين بن موسى النقيب، والد الشريفين الرضي والمرتضى الموسوي
العلوي- عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 36
العلوي- أبو الحسن محمد بن عمر الكوفي 16، 27، 229، 246
علي- أمير المؤمنين، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام 12، 26، 63، 187
علي بن عيسى- أبو الحسن الوزير ابن الجراح
علية بنت المهدي العباسي 152
أبو عمر القاضي الأزدي
عمر- أبو حفص عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين 63، 187
عمر بن عبد العزيز- الخليفة الصالح 77، 120
عمر اليمامي- مولى معن بن زائدة الشيباني 179
عمرة- جارية المقتدر، أمّ الأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 29
ابن أبي عمرو- عمرو 185
العمري 90، 104
ابن العميد- أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين، ذو الكفايتين: السيف والقلم. 21، 23
ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين 21
ابن أبي العنبس الزهري الزهري إبراهيم بن إسحاق
عواد- كوركيس 214
ابن عيّاش- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش الجوهري البغدادي 80(5/318)
ابن عيّاش- أبو بكر 171
أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد 219
(غ)
ابن غريب- الحسين 233، 234، 235، 236
الغزولي- علاء الدين علي بن عبد الله البهائي الدمشقي، صاحب كتاب مطالع البدور 39
الغنوي- العباس بن عمرو، أمير ديار ربيعة 250
(ف)
الفامي- أبو محمد عبد الله بن سليمان بن عيسى بن الهيثم بن سيرين الورّاق 197
ابن فتح- أبو علي 129
فتح- صاحب درب فتح، بالجانب الغربي من بغداد 129
فخر الدولة- أبو الحسن علي بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 22، 23، 225
ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 73، 74
ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد 35، 50، 52، 54، 57، 59، 60، 61، 62، 64، 65، 66، 68، 69، 70، 71، 72، 74، 75، 77، 78، 79، 80، 209
ابن الفرات- أبو أحمد المحسن بن علي بن محمد 54
الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، الشاعر 273
الفسوي- الحسن بن محمد بن عثمان 19
الفسوي- أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي 194
ابن الفضل 194
الفقيه- أبو الحسن عمر بن إبراهيم بن حماد 171(5/319)
(ق)
القادر بالله- أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر 224، 231
القاسم بن إسماعيل المحاملي
ابن قانع- أبو الحسن عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأميري، مولى ابن أبي الشوارب 247
ابن قرابة- أبو بكر 72
القرامطة 250
ابن قريعة- أبو بكر محمد بن عبد الرحمن القاضي 15
القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 10، 12، 16، 17، 19، 28
القزاز- محمد بن عبدك بن سالم 197
القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله 45
ابن قناش- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله الجوهري القوالة- تحفة، جارية أبي عبد الله بن عمر البازيار 236
القوالة- خاطف 236
القيسي- إياس بن فهر بن مصعب 90، 91، 92، 93
القيسي- فهر بن مصعب 90، 93
القيسي- مرّة بن مصعب 90، 91
القيسيّة- صفوة بنت مرة بن مصعب 91، 92
ابن أبي قيراط- أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله 50، 54، 57، 62
أبو قيراط- أبو القاسم هشام بن عبد الله، كاتب الوزير ابن الفرات 50، 54، 55، 72
قيس المجنون
(ك)
الكاتب- أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح، وزير المأمون 240
الكاتب- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان 197، 217(5/320)
الكاتب- عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري المعروف باسم عبد الحميد الكاتب 240
الكادحي- أبو محمد سليمان بن الربيع النهدي
كثير عزة- أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي 120، 272
الكديمي- أبو العباس محمد بن يونس بن موسى بن سليمان البصري القرشي 98
الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال 242
الكرخي- أبو جعفر محمد بن القاسم، وزير الراضي 81، 267
ابن أبي كريم 101
كسرى- ملك فارس 51، 55
أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصديق 7
ابن كناسة- أبو يحيى محمد بن عبد الله (كناسة) بن عبد الأعلى المازني الأسدي 249
الكندي- أبو مالك عون بن محمد 180
الكوفي- أبو اليقظان عمّار بن محمد بن أخت سفيان الثوري 247
الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر بن محمد بن خالد بن بشر 98، 248
(ل)
بنى- بنت الحباب الكعبيّة، زوجة قيس بن ذريح 116
بن لؤلؤ- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة الثقفي الورّاق 13
لؤلؤي- أبو علي الحسن بن زياد، مولى الأنصار 186
ليلى- أمّ الخليل بنت ورد، من بني ربيعة 101
ليلى- أمّ مالك، بنت مهدي، حبيبة مجنون بني عامر 101، 102، 104، 105، 107، 108، 110، 111، 113، 115
ليلى العامرية- حبيبة قيس العامري 288، 289(5/321)
(م)
الماجشون- عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة 153، 158
المادرائي- أبو جعفر حمد بن إسحاق 72
المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 98
مالك- الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، رأس المذهب المالكي 8، 177، 188، 189
المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد، حكيم بني العباس 41، 42، 152، 172، 193، 227، 230، 240
المأموني- ابو طالب عبد السلام بن الحسين 236
المبرّد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 206
المتّقي لله- أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر 177، 199، 221، 222
المتنبي- أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 24
المتوكّل على الله- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 184، 205، 214، 227، 230، 237
ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 8، 233، 234، 235، 236، 241
المجنون- قيس بن الملوح 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 115، 117، 118، 288، 289، 290
مجنون بني عامر- قيس بن معاذ 101، 110، 111، 113
مجنون بني عامر- معاذ بن كليب، أحد بني عامر بن عبيد ويعرف بمعاذ ليلى 101
مجنون بني عامر- مهدي بن الملوح الجعدي 101
المحاربي- لقيط بن بكير 104
المحاملي- أبو عبيد القاسم بن إسماعيل بن محمد 171
أبو محلم- 171(5/322)
ابن محمد- داود 115
ابن محمد- عبد الله 249
ابن محمد- الوليد 151
أبو محمد التاجر- الحسن بن حامد، التاجر الأديب، صديق المتنبّي 24
محمد- رسول الله صلوات الله وسلامه عليه 77، 187
محمد بن جعفر بن أبي عسرون زوج الحرة
المحولي- أبو بكر ابن المرزبان
المختار بن أبي عبيد الثقفي 110
ابن مخرمة- نوفل بن مساحق بن عبد الله، عامل الأمويين على صدقات كعب بن ربيعة ابن عامر 110، 112، 113
المخزومي- أبو عمر محمد بن عبد الرحمن، قاضي مكة 193، 194
المخزومية- الشاعرة البغدادية، ابنة خال السلامي الشاعر 270
المخزومية- عاتكة بنت محمد بن القاسم، أمّ أبي الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر 269
ابن مخلد- أبو محمد الحسن بن مخلد بن الجراح الوزير 76
المدائني- أبو علي أحمد بن علي، المعروف بالهائم 175
المدائني- أبو عبد الله أحمد بن هشام بن بهرام 137
المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 245
المديني- سليمان بن أيّوب 118
المرادي- أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المصري 190
ابن المرزبان- كاتب فخر الدولة 21
ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف 89، 90، 94، 96، 101، 104، 105، 106، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 137، 155، 157، 158، 162، 166، 183، 243، 249، 284، 287، 288
المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى 160، 179، 220، 240
مروان بن الحكم الأموي(5/323)
المروزي- عبد الله بن نصر 155
ابن مريد- عبد الأوّل 120
المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم 205
المستكفي- أبو القاسم عبد الله بن المكتفي 7، 178، 200
مسرور- أبو هاشم الخادم، الملقب بمسرور الكبير 152
ابن مسعود- أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي 228
مسلمة بن عبد الملك الأموي
مصعب بن الزبير ابن الزبير
المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 8، 19، 20، 23
ابن المظفر- أبو الحسن 17، 18
معاوية بن أبي سفيان الأموي
ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن المعتز 50، 53، 64، 65، 73، 74، 75، 204، 209، 215
المعتز- أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل 204، 227، 237
المعتصم- أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد 42، 152، 183، 184، 193، 194، 230
المعتضد- أبو العباس أحمد بن الأمير الموفّق طلحة بن جعفر المتوكّل 10، 34، 52، 66، 67، 74، 210، 215، 250
المعتمد- أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل 42، 43
ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن معروف، قاضي القضاة 16، 17، 229
المعرّي- أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي 202
معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 19، 173
المعلوف- الحسن المستخرج 53
المفجّع- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب الشاعر 206
ابن مقاتل- أبو بكر محمد بن علي بن مقاتل- مستشار الأمير ابن رائق 83(5/324)
مقبل- المملوك الغادر 254، 255، 258
المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 10، 12، 29، 45، 48، 50، 51، 52، 53، 54، 64، 66، 67، 69، 70، 82، 209، 215، 222، 241،
ابن المقفّع- عبد الله (106- 142) 240
ابن مقلة- أبو علي محمد بن علي بن الحسين 57، 62، 73، 75
المكتفي- أبو محمد علي بن المعتضد 42، 43، 64، 215
مكرم القاضي البزاز
ملكشاه- السلطان ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي 74
ابن الملوّح- قيس المجنون
الملوّح- أبو قيس مجنون بني عامر 115
المنتصر- أبو جعفر محمد بن جعفر المتوكل 183، 184
ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون 48
ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون 48
ابن المنجم- أبو الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور 48، 183
الإمام منصور 215
ابن أبي منصور 108، 118، 120
المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي 7، 12، 40، 41، 45، 151، 180، 240، 247
ابن بنت منيع- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي (213- 317) 210، 236
المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور العباسي 12، 41، 152، 247، 271
المهلّبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 26، 175، 267
ابن موسى- محمد 162
الموسوي- أبو أحمد الحسين بن موسى، نقيب العلويين، والد الرضيّ والمرتضى 16، 135، 148، 229(5/325)
الموصلي- أبو إسحاق إبراهيم بن ميمون 284، 286
الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم 120، 184، 286
الموصلي- حماد بن إسحاق 120، 287
الموفق- أبو أحمد طلحة بن جعفر المتوكل 214، 215، 271
مؤنس- المظفر، القائد 67
مؤيّد الدولة- أبو منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 21، 22، 23
ابن ميسرة- سعيد بن عبد الله 162
ابن ميسرة- عمرو 157
(ن)
ابن ناصر- أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر البغدادي الحافظ 98، 104، 105، 112
الناصر- أبو أحمد طلحة بن المتوكل الموفّق
ابن نافع- محمد 98
ابن نباتة السعدي- أبو نصر عبد العزيز الشاعر 236
ابن نبت- الحسين، غلام الببغاء 34
ابن النجّار- أبو عبد الله محبّ الدين محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن 269، 270
نجح الطولوني- أخو سلامة حاجب المقتدر 72
ابن نجيح- أبو الحسن 122
النحوي- أبو بكر 129
النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان المعروف بالأحمر 110، 188
النرسي- كاتب أبي جعفر الطائي 52
النسائي- أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد 197
نصيب- أبو محجن نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، الشاعر 273
النصيبيّ- أبو إسحاق إبراهيم بن علي المتكلّم 21، 122، 129، 142، 250(5/326)
نظام الملك- قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، وزير السلطان ألب أرسلان وولده السلطان ملكشاه 74
نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، من أحفاد المهلّب بن أبي صفرة 241
النميري- أبو معاذ 110
النهدي- أبو محمد سليمان بن الربيع الكوفي، المعروف بالكادحي 158
النهدي- عبد الله بن عجلان 153، 158
النهرواني- أبو بكر أحمد بن حبيب بن عبيد بن كثير 183
النواجي- شمس الدين محمد بن الحسن، صاحب كتاب حلبة الكميت 39
النيرماني- أبو سعد علي بن محمد بن خلف 174
النيسابوري- أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون 210
(هـ)
الهائم- أبو علي المدائني
الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 42، 152، 193، 271
الهاشمي- أبو بكر أحمد بن عيسى بن أحمد بن موسى المعروف بابن أبي موسى 46
الهاشمي- صالح بن علي بن يحيى، ابن أمّ شيبان 7، 176، 246
الهاشمي- أبو الحسن محمد بن صالح بن علي بن يحيى، ابن أمّ شيبان 7، 8، 9
الهاشمي- أبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد الله المعروف بابن أبي موسى الضرير 199، 200
الهاشمي- يحيى بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن عيسى بن موسى، ابن أمّ شيبان 7
الهاشمية- أمّ موسى، قهرمانة المقتدر 51
هاشمية بنت عمرو اليمامي- أمّ عتاهية بن أبي العتاهية 179
ابن هرثمة- أبو الطيّب أحمد بن الحسن 228
الهروي- أبو بشر أحمد بن محمد بن جعفر 231
الهزّاني- أبو روق أحمد بن بكر 168
هشام بن عبد الملك الأموي(5/327)
أبو هفان- عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي 151
ابن هلال- عبد الملك 29
هند بنت كعب بن عمرو- زوجة عبد الله بن عجلان النهدي 158
الهيثم بن عديّ الطائي
(و)
الواثق- أبو جعفر هارون بن محمد المعتصم 184، 227
الواشجي- سليمان بن حرب، قاضي مكّة ابن حرب
الواقدي- أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد السلمي 193
الوراق- أبو محمد الأنصاري عبد الله بن عمرو
الوزير- أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي، مؤلف كتاب العقد الفريد للملك السعيد 88
وصيف- القائد التركي، من موالي المعتصم 184
ابن وضّاح- خلف 271
وكيع- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ القاضي 216
الوليد بن عبد الملك الأموي
ابن وهب- القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب، وزير المعتضد والمكتفي 62
(ي)
ابن ياسين- جعفر 190
ياقوت الحموي
يزيد بن عبد الملك الأموي
يزيد بن معاوية الأموي
ابن أبي يعقوب- أحمد الكاتب 43(5/328)
ابن يوسف- مجاشع 188
ابن يونس- إسماعيل 151
ابن أبي يوسف- أحمد بن يحيى بن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي 237
ابن أبي يوسف- يوسف بن أبي يوسف القاضي 227
أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم 227(5/329)
فهرس جغرافي
(أ)
32: 16: ابسوج
232: 118: أذربيجان
237: 120: الأهواز
(ب)
41: 21: باب الأنبار
242: 124: باب البستان
46: 24: باب الكوفة
42: 21: البدندون
173: 76: بلاد الروم
32: 16: البهنسا
(ت)
284: 140: توج
(ج)
285: 140: جدة
58: 28: جنبلاء
(خ)
215: 104: خرائب مسكين
237: 120: خراسان
(ر)
250: 131: رأس العين
9: 1: الرملة
(ز)
42: 21: الزندورد
(س)
90: 41: السراة
58: 28: السيب الأسفل
173: 76: سمرقند
19: 7: سورا
(ش)
8: 1: الشرقية
178: 80: الشرقية(5/330)
180: 82: شفاثة
15: 4: شلج
149: 63: الشونيزية
(ص)
32: 16: الصعيد
(ط)
47: 24: طاقات العكي
42: 21: طرسوس
172: 75: طرسوس
42: 21: طوس
(ع)
193: 90: عسكر المهدي
42: 21: عيساباذ
196: 92: العسكر
(ف)
160: 69: فيد
(ق)
46: 24: قبين
19: 7: قصر ابن هبيرة
173: 76: القيروان
(م)
41: 21: ماسبذان
7: 1: مدينة المنصور
215: 104: مسكن
9: 1: مصر
53: 27: المشرق
36: 18: مصلى الأعياد
53: 27: المغرب
221: 109: المغرب
172: 75: مكة
(هـ)
231: 118 هراة(5/331)
فهرس عمراني عام
(أ)
202: 97: ألاري
14: 3: أزرق
195: 91: الإسفيداج
14: 3: الأشنان
22: 8: الاصطباح
287: 141: الآلي
186: 86: امتلاء البطن
186: 86: امتلاء القلب
226: 113: أهل الوبر
156: 66: الأود
203: 97: الأيم
(ب)
147: 62: البارية
201: 96: الباقلاء
46: 24: البثق
290: 142: البرى
183: 84: البساط
225: 112 بكر
52: 27: البواري
(ت)
34: 17: التخم
172: 75: التراويح
98: 45: ترجمة الكتاب
134: 58: الترشف
29: 14: التسبيح
96: 43: التشوّر
13: 3: تعاطى
138: 60: التعتعة
272: 138: التعشير
150: 63: التغاير
24: 9: توفّر
(ث)
186: 86: ثقل القلب
(ج)
226: 113: جالب التمر إلى هجر
218: 106: الجهبذ
234: 119: الجونة(5/332)
(ح)
2: 10: الحرك
154: 65: الحرمان
154: 65: الحمى
(خ)
137: 60: الخافي
166: 71: خزاعة
138: 60: الخشاش
225: 112: خمار المغبوق
(د)
258: 132: الدبادب
183: 84: الديباج
(ذ)
21: 8: ذو الكفايتين
(ر)
173: 76: الرستاق
59: 28: الرسم
145: 62: الرطل
161: 69: الرعيان
32: 16: روذبار
(ز)
36: 18: الزبية
260: 133: زرفن الباب
137: 60: الزمع
183: 84: الزولية
(س)
29: 14: السبج
29: 14: السبحة
23: 8: السحر
290: 142: سحف الشعر
31: 15: السعد
235: 119: السنبوسج
69: 31: السواد
176: 79: سويق الحمص
176: 79: سويق الشعير
(ص)
202: 97: الصاب
82: 37: صحح
52: 26: صحن الدار
290: 142: صعر وجهه
121: 56: الصفيح(5/333)
218: 106: الصكّ
285: 140: الصنّ
247: 128: الصير
(ض)
138: 60: ضرب العرق
(ط)
49: 26: الطراز
147: 62: طرح
59: 28: الطسق
161: 69: الطلح
(ع)
138: 60: العاتق
138: 60: علز الموت
24: 9: العملة
255: 132: العين
(غ)
262: 133: غاية
236: 119: الغناء بالقضيب
150: 63: الغيرة
(ف)
235: 119: فالوذج الغرف
225: 112: الفقاع
(ق)
138: 60: القارة
58: 28: القصّة
98: 45: القصص
236: 119: قضيب القول
272: 138: القطوف
159: 68: القلب
27: 12: القلبة
183: 84: القنويز
236: 119: القوال
32: 16: القيس
(ك)
64: 30: كتّاب الحضرة
22: 8: الكتبة
169: 72: الكرب
247: 128: الكسب
34: 17: كما يقع
97: 44: الكمد
14: 3: الكوسج(5/334)
(ل)
176: 79: لبلبي
235: 119: اللفّات
80: 37: لك
(م)
52: 26: ماء الأكارع
75: 34: مال البيعة
121: 56: متح الماء
176: 79: المجوهر
154: 65: المحرم
285: 140: المرفأ
29: 14: المسبحة
261: 133: المستقفي
137: 60: مسلوس
121: 56: المضرّح
57: 28: المظالم
24: 9: المفاصلة
154: 65: المقمور
24: 9: المكاس
218: 106: الملك
206: 100: المماراة
(ن)
46: 24: النزيز
(هـ)
204: 98: الهجاء
95: 42: الهوى العذري
(و)
255: 132: الوتي
138: 60: الوجبة
121: 56: وجّح
157: 67: الورس
119: 55: الورق
234: 119: الوسط
80: 37: ولك
(ي)
51: 27: اليمين الغموس
69: 31: يوم الموكب(5/335)
فهرس الكتب والمراجع
أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي البشاري- طبع ليدن 1906.
إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب معجم الأدباء.
الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة.
الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة 20 مجلدا
الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت.
الإمتاع والمؤانسة: أبو حيّان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس 3 أجزاء- طبع بيروت.
الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913.
البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس- تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني- طبع دمشق.
البيان والتبيين: الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب- طبع بيروت 1968 4 ج 2 م.
تاريخ بغداد: ابن طيفور، أبو الفضل أحمد بن طاهر الكاتب، طبع بيروت 1968.
تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت.
تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري- طبع دار المعارف بمصر.
تاريخ الوزراء والكتاب: الجهشياري، أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي.
تجارب الأمم، الجزء الأول للمدة 295- 329 والجزء الثاني للمدة 329- 369:
أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914.
تجارب الأمم، الجزء السادس للمدة 198- 251: ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- ذيل على الجزء الثالث من كتاب العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869.(5/336)
التحف والهدايا: الخالديان أبو بكر محمد بن هاشم وأبو عثمان سعيد بن هاشم- تحقيق الدكتور سامي الدهان- طبع دار المعارف بمصر 1952.
تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: الصابي، أبو الحسن هلال بن المحسّن- تحقيق عبد الستار أحمد فراج، طبع البابي الحلبي بالقاهرة 1958.
تحفة المجالس ونزهة المجالس: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي (849- 911) .
تقويم البلدان: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عمر، صاحب حماة- طبع باريس 1840.
التمثيل والمحاضرة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو- القاهرة 1961.
الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي- طبعة بولاق 1291.
حلبة الكميت: النواجي، شمس الدين محمد بن الحسن (788- 859) - طبع مطبعة إدارة الوطن بمصر 1299.
حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1909 خلاصة الذهب المسبوك، المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964.
دائرة المعارف الإسلامية: الترجمة العربية- 15 مجلدا 1933.
درة الغواص، في أوهام الخواصّ: الحريري، أبو محمد القاسم بن علي- طبع فوجل في ليبزك 1871.
الديارات: أبو الحسن علي بن محمد الشابشتي- تحقيق كوركيس عواد- ط 2 بغداد 1966.
ديوان أبي تمام: الطائي، أبو تمام حبيب بن أوس- طبع بيروت.
ديوان السريّ الرفاء: السري بن أحمد بن السريّ الكندي- طبعة مكتبة القدسي، مصر 1355.(5/337)
ديوان المتنبي: أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي- شرح الواحدي- تحقيق فريدرخ ديتريصي- طبع برلين 1861.
ذمّ الهوى: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع مصر.
ذيل تجارب الأمم للمدة 369- 393: الروذراوي، الوزير أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين.
شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي.
الطبيخ: البغدادي، محمد بن عبد الكريم- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت.
العقد الفريد للملك السعيد: أبو سالم محمد بن طلحة الوزير- طبع مطبعة الوطن بالقاهرة 1306.
العيون والحدائق في أخبار الحقائق، الجزء الثالث للمدة 86- 227: لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869.
الفخري، في الآداب السلطانية، والدول الإسلامية: ابن الطقطقا، محمد بن علي بن طباطبا- طبع دار صادر- بيروت.
الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزء الأول، مخطوط- المكتبة الظاهرية- دمشق.
الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- مكتبة جون رايلند- مانجستر.
الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- دار الكتب المصرية.
الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- طبعة دار الهلال بمصر 1903- 1904.
الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- تحقيق رضا تجدد- طبع طهران.
فوات الوفيات: محمد بن شاكر الكتبي- مطبعة دار السعادة بالقاهرة 1951.(5/338)
القانون في الطب: ابن سينا، أبو علي، شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق- القاهرة.
الكامل: المبرّد، أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي- الجزآن الأول والثاني- مطبعة التقدم بالقاهرة.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966، 13 مجلدا مع الفهارس.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاجي خليفة، طبعة اصطنبول 6 مجلدات.
اللباب في تهذيب الأنساب: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد- 3 أجزاء، طبع القاهرة 1357.
لباب الآداب: الأمير أسامة بن منقذ- تحقيق أحمد محمد شاكر- طبع مصر 1935.
لسان العرب، قاموس: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكر بن علي بن أحمد الأنصاري- إعداد خياط ومرعشلي بيروت- طبع دار صادر.
لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبع الحلبي- القاهرة.
المحاسن والأضداد: الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، الطبعة الثانية- القاهرة 1330.
مراصد الاطّلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي- طبع مصر 1954.
مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966.
المسالك والممالك: الاصطخري، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الكرخي- طبع مصر 1961.
المستجاد من فعلات الأجواد: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي- دمشق المشترك وضعا والمفترق صقعا: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864.
مطالع البدور في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299.(5/339)
معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924، 7 مجلدات.
معجم البلدان: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد، 6 مجلدات مع الفهارس.
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة، 1934.
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357.
المحاسن والمساوىء: البيهقي، إبراهيم بن محمد- مطبعة السعادة بمصر 1906.
مصارع العشاق: السرّاج، أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء- دار صادر- بيروت.
المنجد، قاموس: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت.
الموسوعة التيمورية: أحمد تيمور- طبع القاهرة 1961.
الموسيقي والغناء عند العرب: أحمد تيمور، القاهرة.
نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني: الشيخ ماريوس كانار- الجزائر 1934.
نزهة الجلساء في أشعار النساء: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري- بيروت 1958.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي- الأجزاء الأوّل والثاني والثالث والرابع- تحقيق عبود الشالجي- مطابع دار صادر- بيروت.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي- الأجزاء السادس والسابع والثامن- تحقيق عبود الشالجي- معدّة للطبع.
نشوار المحاضرة: سبط ابن الجوزي، شمس الدين أبو المظفر يوسف قز أوغلي- مخطوط.
نهاية الأرب في فنون الأدب: ويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم القرشي- طبع دار الكتب بمصر 1923.(5/340)
الوافي بالوفيات: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، الأجزاء من 1 إلى 7.
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبع القاهرة- 1948.
الولاة والقضاة: أبو عمر محمد بن يوسف الكندي- تحقيق المستشرق رفن كست- بيروت 1908.
يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.(5/341)
استدراكات
(الجزء الأول)
الصحيفة: السطر: رقم القصة
20: 9: ترجمة المؤلف اقرأ: الحسن بن محمد الفسوي بدلا من: الحسين ابن محمد النسوي
8 و 9: «ورد في الكتاب:
نشأ المحسن التنوخي بالبصرة، وسمع من أبي بكر الصولي، وأبي العباس الأثرم والحسين بن محمد النسوي، وطبقتهم
(التأييد والتصحيح)
1- تأييد: قرىء على أبي بكر محمد بن يحيى الصولي وأنا حاضر أسمع، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 47) .
2- تأييد: حدثني أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم المقرىء البغدادي، بالبصرة، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 18) توفي أبو العباس الأثرم سنة 336 (الكامل لابن الأثير 8/476)
3- تصحيح: وأخبرنا أبو علي الحسن ابن محمد بن عثمان الفسوي، قراءة عليه، بالبصرة، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 18) .(5/342)
الصحيفة السطر القصة
22*: 9: «تصحيح: قال المؤلف: سألت المتنبي، بالأهواز، في السنة 354 عند اجتيازه بها إلى فارس، عن معنى المتنبي (نشوار المحاضرة ج 8 رقم القصة 86)
23*: 7- 12: «إيضاح: قال المؤلف: كنت في السنة ست وخمسين وثلاثمائة، أتقلد القضاء والوقوف بسوق الأهواز، ونهر تيرى، والأسافل، وسوق رامهرمز سهلها وجبلها، وأعمال ذلك (الفرج بعد الشدة، نسخة جون رايلند ص 179) ثم صرفت عن تلك الولاية في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة نسخة چون رايلند ص 180) .
24:* 4 و 5: «إيضاح: قال المؤلف: ثم عدت إلى الأهواز بعد ثلاث سنين وشهور (أي في السنة 364) واليا بها للأعمال التي كنت أليها فيها، وأضيف إليها واسط وأعمالها (القرج بعد الشدة، نسخة جون رايلند ص 180) .
93: الحاشية ف 1: 1/42: راجع في الامتاع والمؤانسة 1/139 رأي التوحيدي في أبي نصر بشر بن هارون الكاتب النصراني البغدادي، وفي الجزء الثاني منه ص 53 و 56 أبياتا من الشعر لأبي نصر.
95: 5: 1/44 أبو نصر محمد بن محمد النيسابوري، الملقب بالبنص، راجع بشأنه وفيات الأعيان 3/79 رقم الترجمة 454 وأخبار سيف الدولة ص 350
104: 2: 1/53: إضافات تتعلق بحساب الأصابع:
1- ورد في اليتيمة 3/407:(5/343)
مضى يوسف عنا بتسعين درهما ... وعاد وثلث المال في كف يوسف
فكيف يرجى بعد هذا صلاحه ... وقد ضاع ثلثا ماله في التصرف
2- وفي البصائر والذخائر للتوحيدي م 2/2 ص 657: إذا أخذ العامي البغدادي الفواق، عقد بيده أربعا وثلاثين، ويزعم أنه يسكن.
231: الفقرة 4 من الحاشية: 1/123 كيفية قسمة بغداد إلى أرباع:
الربع الأول: من حد المخرم (مدينة الطب الآن) إلى الطرف الأعلى من الجانب الشرقي.
الربع الثاني: من حد المخرم إلى أسفل، من الجانب الشرقي.
الربع الثالث: مدينة أبي جعفر المنصور، وما يتصل بها إلى أعلى، من الجانب الغربي.
الربع الرابع: الشرقية، إلى طرف الجانب الغربي الأسفل (تجارب الأمم 2/399 و 400) .
251: 1/134 راجع ما يشبه هذه القصة لأبي يوسف القاضي في وفيات الأعيان 5/422 و 423.
264: 1/142 راجع بعض أخبار المتوكل، في المراجع التالية:
1- المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118.
2- خلاصة الذهب المسبوك ص 226.
3- تجارب الأمم 6/556
4- مقاتل الطالبيين ص 597 و 599
303: 1/162: عن الخيش، راجع المراجع التالية:-
1- الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 63.
2- لطائف المعارف للثعالبي ص 19.(5/344)
الصحيفة: السطر: القصة
349: 13: 1/186: اقرأ: دار الجهشياري بدلا من دار الجاشياري وهي دار علي بن جهشيار، صاحب الأمير الموفق الملقب بالناصر والد المعتضد، وكانت لأسماء بنت المنصور وفيها الطاق المسمى طاق أسماء الذي تقع حوله محلة باب الطاق (محلة الصرافية الآن) ، (راجع معجم البلدان 3/489) .
(الجزء الثاني)
116: الحاشية ف 6: 2/57 ذكر الوزير أبو القاسم بن المغربي في كتاب أدب الخواص: أن البطيخ العبد لاوي منسوب إلى الأمير عبد الله بن طاهر (راجع وفيات الأعيان 2/274) .
194: الحاشية ف 1: 2/94 جاء في تذكرة ابن حمدون في الباب 47: وجد في بعض الأوارجات السلطانية: وما حمل إلى أبي الفضل جعفر بن يحيى (البرمكي) أعزه الله لهدية السرور، من العين الطري، مائة ألف دينار، وفي آخر الحساب: ومما أخرج لثمن النفط والبواري والحطب، لإحراق جثة جعفر ابن يحيى، بضعة عشر درهما (تجارب الأمم 2/80) .
228: 1: 2/121: 1- بشأن أبي نوح عيسى بن إبراهيم، راجع الطبري 9/228 و 344 و 387 و 396 وابن الأثير 7/201 و 216.
2- بشأن أبي عيسى، راجع كتاب الفرج بعد الشدة مخطوطة الظاهرية ص 158 والقصة 8/34 من النشوار(5/345)
الصحيفة: السطر: القصة
(الجزء الثالث)
16: 4: 3/7: علي بن أحمد الخراساني، الأديب، ممدوح المتنبي مدحة بقصيدته التي مطلعها:
حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا ... فلم أدر أي الظاعنين أشيع
(ديوان المتنبي شرح الواحدي 42)
105: 5: 3/69: في الامتاع والمؤانسة 1/79: بلهور، لقب لكل عظيم من ملوك الهند، مثل به سيبويه في كتابه، وفسره السيرافي.
123: 2: 3/80: في التمثيل والمحاضرة ص 182، للثعالبي:
قال الصنوبري:
وللسقاط أمثال فمنها ... تمثلهم لدى الشيء المريب
إذا ما كنت ذا بول صحيح ... ألا فاضرب به وجه الطبيب
193: الحاشية ف 1: 3/125: إضافة:
1- كان يصرف لمطبخ المقتدر في كل شهر ثلاثمائة دينار لثمن المسك الذي يوضع في الطعام (وزراء 379) .
2- لما ولي ابن مقلة الوزارة الأولة، كانت تشترى له في كل يوم جمعة فاكهة بخمسمائة دينار (تجارب الأمم 1/203) .
(الجزء الرابع)
22: 16: 4/10: للقصة تتمة وردت في كتاب الوزراء للصابي ص 319.(5/346)
الصحيفة: السطر: القصة
51: 49: 4/23: أورد الصولي قصة مشابهة، حصلت بين ولدي القاسم بن عبيد الله بن سليمان، وزير المكتفي، والعباس بن الحسن الذي خلف والدهما على الوزارة (لطائف المعارف ص 133) .
109: 3: 4/52: العمي: نسبة الى بني العم، راجع سبب هذه التسمية في الأغاني 3/257.
117: 7: 4/56: في المنتظم لابن الجوزي 5/119 وفي الأعلام 1/36 إبراهيم بن شبابة (بالشين) ، وفي الأغاني 12/88- 92 إبراهيم بن سيابة (بالسين) .
144: 1: 4/69: قال الشاعر في مظلوم لما أقيمت رقيبة على عريب:
لقد ظلموك يا مظلوم لما ... أقاموك الرقيب على عريب
ولو أولوك إنصافا وعدلا ... لما أخلوك أنت من الرقيب
179: الحاشية ف 4: 4/88: 1- كانت للقاهر قهرمانة اسمها (إختيار) سعت لمحمد بن القاسم بن عبيد الله حتى استوزره القاهر (تجارب الأمم 1/260) .
2- وكانت لعز الدولة بختيار البويهي، قهرمانة اسمها (تحفة) تعقد المحالفات مع كبار الموظفين لتحميهم حتى إذا أرضاها خصومهم، تركتهم إلى غيرهم (تجارب الأمم 2/321- 323) .
252: 1: 4/124: إضافة: تقلد أبو أحمد الحسن بن علي بن محمد الكرخي، المسرقان من أعمال الأهواز، في وزارة أبي أحمد العباس بن الحسن، (وزراء 188) ، وتقلد بابل وخطرنيه، في وزارة أبي الحسن علي بن الفرات (وزراء 189) ،(5/347)
وتقلد مصر في وزارة أبي الحسن علي بن عيسى (وزراء 335) وتقلد الموصل في وزارة ابن الفرات الثالثة (القصة 8/51 و 8/52 من النشوار) وتقلد أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الكرخي، أصبهان، ثم تقلد الأهواز (وزراء 295، والقصة 2/176 من النشوار) ، وتقلد أبو عبد الله جعفر بن القاسم الكرخي فارس في وزارة الوزير أبي الحسن بن الفرات (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 49 ونسخة دار الهلال 1/69) .
281: 1 و 5: 4/135: في الأغاني 9/174 زيادة بيتين، المطلع:
أسعداني بعبرة أسراب من دموع كثيرة التسكاب والأخير:
فلي الويل بعدهم وعليهم ... صرت فردا وملني أصحابي
281: 4: 4/135: اقرأ: صفي السباب بدلا من: صفي الشباب وصفي السباب موضع بمكة (الأغاني 1/321 و 16/135) انظر في الأغاني 9/174 سبب هذه التسمية.
(الجزء الخامس)
19: الحاشية ف 6: 5/7: اقرأ: الحسن بن محمد الفسوي بدلا من:
الحسين بن محمد النسوي.
52: 15: 5/27: راجع أخبار النرسي في كتاب الوزراء للصابي ص 183 و 191 و 194.
151: 151-: 5/64 وردت القصة في الأغاني 10/172.
154: 1 و 2: 5/65: تعليق: هذان البيتان نسبهما صاحب الأغاني إلى(5/348)
مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، أحد فتيان قريش جمالا وشعرا وسخاء، اقرأ قصته في الأغاني 9/50.
168: 5/72: وردت القصة في الأغاني 15/389.
170: 281: 5/73: إيضاح: ما زال البغداديون، وسكان الفرات الأوسط يطلقون كلمة: العراق، على القسم الجنوبي الداني من البحر، وقد سمعت في السنة 1933 في مضيف السيد محمد الياسري رحمه الله في أم عردة في منطقة المشخاب بالسوارية (في ناحية الفيصلية، من قضاء أبي صخير) صادق الجيلاوي وصيهود المغنيين المعروفين في تلك المناطق، يتغنيان ببيتين من الشعر العامي:
يا عنيده شوتكولين من حان الفراك والظعن شال بليل والوى على العراك قوله: الفراك والعراك، يريد: الفراق، والعراق، وأكثر سكان العراق يلفظون القاف كافا فارسية، فهم يقولون كلبي، وكريب وكام، وكال، وكوي، مكان: قلبي، وقريب، وقام، وقال، وقوي.
171: 5/74: لما رجع الصاحب بن عباد من بغداد، سأله ابن العميد عنها، فقال: بغداد في البلاد، كالأستاذ في العباد.
180:-: 5/82: وردت القصة مبتورة في الأغاني 4/87 و 2/144
197: الحاشية ف 2: 5/93: اقرأ: أبو عبد الله الحسين، بدلا من: أبو أحمد الحسين.
246: 5/127: يقال إنه لا يعرف لأهل بلدة في الألقاب ما لعامة أهل بغداد (لطائف المعارف ص 53) .
249: 5/130: وردت القصة في الأغاني 13/339.
257: 4: 5/132: اقرأ: أكل معذر بدلا من: أكل معرض(5/349)
رموز
: راجع
الأرقام التي نقش بجانبها نجمة تشير إلى صفحات مقدمة المحقق وترجمة المؤلف
الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم
الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص(5/351)
الفهارس
محتويات الكتاب......... 291
فهرس أسماء الأشخاص........ 298
فهرس جغرافي......... 330
فهرس عمراني عام......... 332
فهرس الكتب والمراجع........ 336
الاستدراكات......... 342(5/352)
بعونه تعالى تم طبع الجزء الخامس من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول 1972 على مطابع دار صادر في بيروت(5/353)
الجزء السادس
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة تأليف القاضى ابى على المحسّن بن على التّنوخى المتوفّى سنة 384 هـ الجزء السّادس تحقيق عبّود الشالجى المحامى(6/3)
جميع الحقوق محفوظة للمحقق 1393 هـ 1973 م(6/4)
مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللهم وفق وأعن أقدّم لقراء العربية، الجزء السادس من كتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» للقاضي أبي علي المحسّن بن عليّ التنوخي، وهو ثالث الأجزاء الأربعة، التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب.
وقد فصّلت في مقدمة الجزء الأول من الكتاب، الطريقة التي توصّلت بها إلى استخلاص هذه الفقرات، كما ألمعت في مقدّمة أحد الأجزاء الأخرى، إلى ما لقيت في سبيل ذلك من عناء، وما كابدت من مشقّة، وما بذلت من وقت، وجهد، وصبر.
وغاية مرادي أن يكون هذا الكتاب، نافعا للقارىء، مفيدا للمستفيد.
ومن الله أسأل التوفيق والتسديد، وحسن المعونة والتأييد، إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى، ونعم النصير.
بحمدون في 30 تموز 1972 عبود الشالجي المحامي(6/5)
1 من شعر ابن كناسة
حدّثنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى «2» ، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان الأخفش «3» ، قال: حدّثني أبو عبد الله محمد بن محمد الإبزاري المعروف بمنقار «4» ، قال: حدّثني إسحاق الموصلي «5» قال: أنشدنا ابن كناسة «6» ، ويحيى بن معين «7» في مجلسه:
فيّ انقباض وحشمة فإذا ... جالست أهل الحياء والكرم
أرسلت نفسي على سجيّتها ... وقلت ما قلت غير محتشم
قال: فقال لي إسحاق: فأذكرت ابن كناسة هذين البيتين بعد، فقال:
لكنّي أنشدك اليوم:
ضعفت عن الإخوان حتى جفوتهم ... على غير زهد في الإخاء ولا الودّ
ولكنّ أيّامي تخرّمن قوّتي ... فما أبلغ الحاجات إلّا على جهد
تاريخ بغداد للخطيب 5/407(6/7)
2 القاضي محمد بن عبد الله الأنصاري
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن أيّوب «3» ، عن ابن قتيبة «4» :
أنّ الرشيد «5» قلّد محمد بن عبد الله الأنصاري «6» القضاء بالجانب الشرقي- يعني من بغداد- بعد العوفي «7» ، في آخر خلافته.(6/8)
فلما ولي محمد- وهو الأمين «1» - عزله، وولّى مكانه عون بن عبد الله «2» ، وولىّ محمد بن عبد الله المظالم «3» بعد إسماعيل بن عليّة «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/409(6/9)
3 القاضي محمد بن عبد الله المؤذن
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
لما توفّي حبّان بن بشر «1» ، استقضى محمد بن عبد الله المؤذّن «2» من أهل السواد، وكان صالحا من أصحاب أبي حنيفة، في الفقه، ولا أعلمه حدّث بشيء.
وقال طلحة: حدّثني عبد الباقي بن قانع «3» ، قال: حدّثني إسحاق بن ديمهر التوزي «4» قال: حدّثني من حضر ابن المؤذن القاضي- وهو يموت- فقال: انقلوني من هذا الموضع، فنقل، فجاء عصفور بحبة من حنطة، فرمى بها على صدره، فما زال يقرضها، حتى فرغ منها، ثم مات.
تاريخ بغداد للخطيب 5/416(6/10)
4 القاضي أبو الحسن الخرقي كان يحكم بنفسه
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
استتر القاضي أحمد بن عبد الله بن إسحاق، وهو المعروف بالخرقي «1» ، بعد ثلاثة أشهر من تقلّده القضاء، لما خرج المتّقي إلى الموصل «2» ، فاستخلف على مدينة المنصور أبا الفضل محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب «3» ، ثم عاد المتّقي «4» ، فظهر أبو الحسن، أحمد بن عبد الله ابن إسحاق، وكان يحكم بنفسه «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 5/449(6/11)
5 من شعر ابن سكرة الهاشمي
أنشدني عليّ بن المحسّن، قال:
أنشدني أبو الحسن بن سكرة الهاشمي «1» ، لنفسه:
في وجه إنسانة كلفت بها ... أربعة ما اجتمعن في أحد
الوجه بدر والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر من برد
تاريخ بغداد للخطيب 5/466
6 من شعر ابن سكرة الهاشمي
أنشدني عليّ بن المحسّن، قال: أنشدني ابن سكرة لنفسه:
وقائل قال لي: لا بدّ من فرج ... فقلت- واغتظت- لم لا بد من فرج
فقال لي: بعد حين، قلت: وا عجبا ... من يضمن العمر لي يا بارد الحجج
تاريخ بغداد للخطيب 5/466(6/12)
7 أبو إسحاق الطبري المقرىء
ذكر لي أبو القاسم التنوخي:
أنّ أبا إسحاق الطبري المقرئ، إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله «1» ، وكان أحد الشهود ببغداد، شهد أيضا بالبصرة، والأبلّة، وواسط، والأهواز، وعسكر مكرم، وتستر، والكوفة، ومكة، والمدينة «2» .
قال: وأمّ بالناس في المسجد الحرام، أيّام الموسم، وما تقدّم فيه من ليس بقرشيّ غيره «3» .
وكان يكتم مولده، ويقال: ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
وهو مالكيّ المذهب.
تاريخ بغداد للخطيب 6/19(6/13)
8 البحتري يمدح الكجي وابن جهور
أخبرني عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني «2» ، أنّ محمد بن يحيى «3» أخبره، قال:
كان أبو مسلم الكجّي «4» ، وأسد بن جهور «5» ، يتقلّدان أعمالا بالشام، فقال البحتري «6» يمدحهما:
هل تبدينّ لي الأيّام عارفة ... لدى أبي مسلم الكجّي أو أسد
كلاهما آخذ للمجد أهبته ... وباعث بعد وعد اليوم نجح غد
لله درّكما من سيّدين ومن ... أحويتما من معاليه إلى أمد
وجدت عندكما الجدوى ميسّرة ... أوان لا أحد يجدي على أحد(6/14)
وقد تطلبّت جهدي ثالثا لكما ... عند الليالي فلم تفعل ولم تكد
لن يبعد الله منّي حاجة أمما ... وأنتما غايتي فيها ومعتمدي
إن تقرضا فقضاء لا يريث وان ... وهبتما فقبول الرفد والصفد
وفي القوافي إذا سوّمتها بدع ... يثقلن في الوزن أو يكثرن في العدد
فيها جزاء لما يأتي الرسول به ... من عاجل سلس أو آجل نكد «1»
تاريخ بغداد للخطيب 6/122(6/15)
9 إسحاق الموصلي يتحدث عن أصله
حدّثني عليّ بن المحسّن، قال: وجدت في كتاب جدي عليّ بن محمد ابن أبي الفهم التنوخي: حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء «1» ، قال: حدّثنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلبي «2» ، قال:
سمعت إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، يقول: نحن قوم من أهل أرجان «4» ، سقط أبي إلى الموصل في طلب الرزق، فما أقام بها إلّا أربعة أشهر، ثم قدم بغداد، فقال الناس: الموصلي، لقدومه منها، ولم يكن من أهلها.
قال: وأبي إبراهيم بن ماهان «5» ، قال: وهو عندنا ابن ميمون.
قال: وكانت في أيدينا ضياع لبعض الحنظليين، فتوليناهم.
تاريخ بغداد للخطيب 6/176(6/16)
10 القاضي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: حدّثني محمد بن أحمد التنوخي «3» ، قال: حدّثنا ابن حيان «4» ، وهو وكيع القاضي، قال: أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان، عن العباس بن ميمون، قال:
سمعت محمد بن عبد الله الأنصاري «5» ، يقول: ما ولي القضاء من لدن عمر بن الخطاب، إلى اليوم، أعلم من إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة «6» .
فقال له أبو بكر الجبّي: يا أبا عبد الله، ولا الحسن بن أبي الحسن «7» ؟
قال: لا والله، ولا الحسن.(6/17)
قال ابن حيّان: وأخبرني أبو العيناء «1» ، قال:
قال رجل لإسماعيل: قد ذهب نصفك.
قال: لو بقيت منّي شعرة، لبقي منها ما يقضي عليك.
وقال ابن حيّان عن أبي العيناء، قال:
لما ولي إسماعيل البصرة، دس إليه الأنصاريّ،- يعني محمد بن عبد الله- إنسانا يسأله عن مسألة، فقال: أبقى الله القاضي، رجل قال لامرأته ...
فقطع عليه إسماعيل، وقال: قل للذي دسّك، إنّ القضاة لا تفتي.
تاريخ بغداد للخطيب 6/244(6/18)
11 القاضي إسماعيل بن إسحاق كان علما في الفقه على مذهب مالك
أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد، قال:
إسماعيل بن إسحاق «1» ، كان منشؤه البصرة، وأخذ الفقه على مذهب مالك «2» ، عن أحمد بن المعدّل «3» ، وتقدّم في هذا العلم، حتى صار علما فيه.
ونشر من مذهب مالك، وفضله، ما لم يكن بالعراق في وقت من الأوقات.
وصنّف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح له، ما صار لأهل هذا المذهب مثالا يحتذونه، وطريقا يسلكونه.
وانضاف إلى ذلك علمه بالقرآن، فإنّه ألّف في القرآن كتبا تتجاوز كثيرا الكتب المصنّفة فيه.
فمنها: كتابه في أحكام القرآن، وهو كتاب لم يسبقه إليه أحد من أصحابه إلى مثله.
ومنها كتابه في القراءات، وهو كتاب جليل القدر عظيم الخطر.(6/19)
ومنها كتابه في معاني القرآن.
وهذان الكتابان، يشهد بتفضيله فيهما، واحد الزمان، ومن انتهى إليه العلم بالنحو واللغة في ذلك الأوان، أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد «1» .
ورأيت أبا بكر بن مجاهد «2» ، يصف هذين الكتابين، وسمعته مرات لا أحصيها، يقول: سمعت أبا العباس المبرّد، يقول: القاضي أعلم منّي بالتصريف.
وبلغ من العمر ما صار به واحدا في عصره في علوّ الأسناد، لأن مولده كان سنة تسع وتسعين ومائة «3» ، فحمل الناس عنه من الحديث الحسن، ما لم يحمل عن كبير أحد.
وكان الناس يصيرون إليه، فيقتبس منه كل فريق علما لا يشاركه فيه الآخرون، فمن قوم يحملون الحديث، ومن قوم يحملون علم القرآن، والقراءات، والفقه، إلى غير ذلك ممّا يطول شرحه.
أما سداده في القضاء، وحسن مذهبه فيه، وسهولة الأمر عليه فيما كان يلتبس على غيره، فشيء شهرته تغني عن ذكره.
وكان في أكثر أوقاته، وبعد فراغه من الخصوم، متشاغلا بالعلم، لأنّه اعتمد على كاتبه، أبي عمر محمد بن يوسف «4» ، فكان يحمل عنه أكثر أمره من لقاء السلطان، وينظر له في كل أمره، وأقبل هو على الحديث والعلم.
تاريخ بغداد للخطيب 6/285(6/20)
12 القاضي إسماعيل بن إسحاق تجمع له بغداد بأسرها ويقلد قضاء القضاة
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
لم يزل إسماعيل بن إسحاق «1» قاضيا على عسكر المهدي «2» إلى سنة خمس وخمسين ومائتين «3» ، فإنّ المهتدي محمد بن الواثق «4» ، قبض على حمّاد بن إسحاق «5» ، أخي إسماعيل بن إسحاق، وضربه بالسياط، وأطاف به على بغل بسر من رأى لشيء بلغه عنه، وصرف إسماعيل بن إسحاق عن الحكم، واستتر.
وقاضي القضاة- كان- بسرّ من رأى، الحسن بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب «6» ، ثم صرف عن القضاء في هذه السنة، وولي القضاء عبد(6/21)
الرحمن بن نائل بن نجيح «1» ، ثم ردّ الحسن بن محمد في هذه السنة إلى القضاء.
ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي، القاسم بن منصور التميمي «2» ، نحو سبعة أشهر، وكان قليل النفاذ.
ثم قتل المهتدي بالله في رجب سنة ست وخمسين ومائتين «3» ، وقيل سمّوه، وأخرج، فصلى عليه جعفر بن عبد الواحد «4» ، بعد يومين من العقد للمعتمد على الله «5» ، وعلى قضاء القضاة بسر من رأى الحسن بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب.
فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي من بغداد، وذلك في رجب سنة ست وخمسين ومائتين، فلم يزل على القضاء بالجانب الشرقي إلى سنة ثمان وخمسين ومائتين.
وغلب على الموفق «6» ، ثم سأله أن ينقله إلى الجانب الغربي، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقيّة- وهو الكرخ- البرتي «7» ، وعلى مدينة المنصور أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «8» ، فأجابه إلى ذلك.(6/22)
وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب، فاجتهد في ترك البرتي وأحمد ابن يحيى، فما أمكنه، لتمكّن إسماعيل من الناصر- يعني الموفّق-.
فأجيب إسماعيل إلى ما سأل، ونقل البرتي عن قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي «1» ، ولم يزل على القضاء بالجانب الشرقي، وإسماعيل بن إسحاق على الجانب الغربي بأسره، إلى سنة اثنتين وستين ومائتين.
ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق، وصرف البرتي، وقلّد المدائن، والنهروانات، وقطعة من أعمال السواد.
وكان الحسن بن محمد بن أبي الشوارب قد توفي سنة إحدى وستين ومائتين بمكة بعد الحج، فولي أخوه علي بن محمد «2» مكانه، وبقي ابن أبي الشوارب على قضاء سر من رأى «3» ، وكان يدعى بقاضي القضاة، وصار إسماعيل المقدّم على سائر القضاة، ولم يقلّد أحد قضاء القضاة إلى أن توفي.
تاريخ بغداد للخطيب 6/287(6/23)
13 الله خير مستعان
أخبرنا علي بن أبي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا الحسين بن عمر الضرّاب «2» ، قال: أنشدنا سمعان الصيرفي:
أشدّ من فاقة «3» الزمان ... مقام حرّ على هوان «4»
فاسترزق الله واستعنه ... فإنّه خير مستعان
وإن نبا منزل بحر ... فمن مكان إلى مكان
تاريخ بغداد للخطيب 6/297(6/24)
14 إسحاق بن غرير
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكّار «5» ، قال:
ومن ولد حميد بن عبد الرحمن، إسحاق بن غرير «6» - واسم غرير، عبد الرحمن- بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف.
كان في صحابة المهدي «7» أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين موسى»
، وأمير المؤمنين هارون «9» ، وهلك في خلافة أمير المؤمنين هارون، وكان ذا منزلة(6/25)
فيهم وقدر، وكان حلوا، معروفا بالسخاء.
وفيه يقول الشاعر:
استوسق الناس وقالوا معا ... لا جود إلّا جود إسحاق
قال: وله ولأخيه يعقوب، يقول الصهيبي:
نفى الجوع من بغداد إسحاق ذو الندى ... كما قد نفى جوع الحجاز أخوه
وما يك من خير أتوه فإنّما ... فعال غرير قبلهم ورثوه
فأقسم لو ضاف الغريريّ بغتة ... جميع بني حوّاء ما حفلوه
هو البحر بل لو حلّ بالبحر رفده ... ومن يجتديه ساعة نزفوه
تاريخ بغداد للخطيب 6/316(6/26)
15 حب ابن غرير غرور
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن «2» وأحمد ابن عبد الله «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير «5» ، قال: حدّثني أبو عزيه محمد بن موسى الأنصاري، قال:
كان إسحاق بن غرير «6» معجبا بعبّادة، جارية المهلبيّة، وكانت المهلّبية منقطعة إلى الخيزران «7» أم أمير المؤمنين، ذات منزلة منها.
قال: فركب يوما، عبد الله بن مصعب بن الزبير «8» ، وإسحاق بن غرير(6/27)
أمير المؤمنين المهدي «1» وكانا يأتيانه في كل عشيّة، إذا صلى الناس العصر، فيقيمان معه إلى أن ينقضي سمره.
فلقيا في طريقهما عبّادة، جارية المهلّبية، فقال إسحاق بن غرير، لعبد الله بن مصعب، يا أبا بكر، هذه عبّادة التي كنت تسمعني أذكرها، وركض دابته حتى استقبلها، فنظر إليها ثم رجع.
فضحك عبد الله بن مصعب ممّا صنع، ثم مضيا فدخلا على أمير المؤمنين المهدي، فحدّثه عبد الله بن مصعب حديث إسحاق بن غرير وعبّادة، وما كان منه في أمرها تلك العشيّة.
فقال لإسحاق: أنا أشتريها لك، وقام فدخل على الخيزران.
فقال: أين المهلّبية؟ فأمرت بها، فدعيت له.
فقال لها: تبيعني عبّادة بخمسين ألف درهم؟
فقالت له: يا سيّدي إن كنت تريدها لنفسك، فبها فداك الله.
قال: إنّما أريدها لإسحاق بن غرير.
فبكت، وقالت: يدي، ورجلي، ولساني في حوائجي، تنزعها منّي لإسحاق بن غرير.
قال: فقالت الخيزران: ما يبكيك؟ لا يقدر والله إسحاق عليها.
وقالت لأمير المؤمنين المهدي: صار ابن غرير يتعشّق جواري الناس؟
فخرج أمير المؤمنين المهدي، فأخبر إسحاق الخبر، وأمر له بالخمسين الألف الدرهم، فأخذها.(6/28)
فقال في ذلك أبو العتاهية «1» :
من صدق الحبّ لأحبابه ... فإنّ حبّ ابن غرير غرور
أنساه عبّادة ذات الهوى ... وأذهل الحبّ لديه الضمير
خمسون ألفا كلّها وازن ... خشن لها في كل كيس صرير
قال: وقال في ذلك أيضا أبو العتاهية:
حبّك المال لا كحبّك عبّا ... دة يا فاضح المحبّينا
لو كنت أخلصتها الوفاء كما ... قلت لما بعتها بخمسينا
تاريخ بغداد للخطيب 6/317(6/29)
16 إنك لا تدري ما يقول هذا الغلام
حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: وجدت في كتاب جدّي عليّ بن محمد بن أبي الفهم التنوخي «2» ، حدّثنا الحرمي ابن أبي العلاء «3» ، قال:
حدّثنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلّبي «4» ، قال: سمعت إسحاق الموصلي «5» يقول:
لمّا خرجنا مع الرشيد إلى الرقّة «6» ، قال لي الأصمعي «7» : كم حملت معك من كتبك؟
قلت: تخفّفت، فحملت ثمانية أحمال، ستة عشر صندوقا.
قال: فعجب.
فقلت: كم معك يا أبا سعيد؟
قال: ما معي إلّا صندوق واحد.
قلت: ليس إلّا؟(6/30)
قال: وتستقل صندوقا من حق «1» ؟
قال أبو خالد: وسمعت إسحاق بن إبراهيم الموصلي، يقول: رأيت في منامي كأنّ جريرا «2» ناولني كبّة من شعر، فأدخلتها في فمي.
فقال بعض المعبّرين: هذا رجل يقول من الشعر ما شاء.
قال: وجاء مروان بن أبي حفصة «3» يوما إلى أبي، فاستنشدني من شعري، فأنشدته:
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ورافع ضيمي خازم وابن خازم
عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي السماء «4» قاعدا غير قائم
قال: فجعل مروان يستحسن ذلك، ويقول لأبي: إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام.
تاريخ بغداد للخطيب 6/340(6/31)
17 البهلول بن حسان يبذل ماله للقريب والبعيد
أخبرني علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: أنبأنا أحمد بن يوسف الأزرق «2» ابن يعقوب بن إسحاق بن البهلول، قال: أخبرني عمّي إسماعيل «3» ، قال:
حدّثني عمّي البهلول «4» ، قال: أخبرني أبي «5» ، قال:
كنت في ديوان بادوريا «6» ، وكنت أمضي مع أبي، البهلول بن حسّان «7» ، ونحن بمدينة السلام «8» ، إلى مسجد الرصافة «9» ، فيدخل أبي إلى هشيم بن(6/32)
بشير «1» فيسمع منه، وأمضي أنا إلى الديوان «2» .
ثم طلبت الحديث، فقصدت هشيما، وكتبت منه أحاديث من درج ضاع منّي بعد ذلك، وتوفّي هشيم فسمعت من أصحابه.
وقال ابن الأزرق: أخبرني عمّي إسماعيل، قال: حدّثني عمّي البهلول قال:
كان أبي سمحا سخيّا، وكان يأخذ من أرزاقه بمقدار القوت، ويفرّق ما يبقى بعد ذلك على ولده وأهله والأباعد.
ويفرّق في أيّام كل فاكهة، شيئا كثيرا منها.
وكان له غلام وبغل، يستقي الماء، ويصبه لقراباته، إرفاقا بهم.
تاريخ بغداد للخطيب 6/367(6/33)
18 إسحاق بن البهلول يحدّث من حفظه بخمسين ألف حديث
أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: أنبأنا أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، قال: أخبرني عمّي إسماعيل بن يعقوب «3» ، قال: حدّثني عمّي البهلول ابن إسحاق «4» ، قال:
استدعى المتوكل «5» أبي «6» إلى سر من رأى «7» ، حتى حدّثه، وسمع منه، وقرئ له عليه حديث كثير.
ثم أمر فنصب له منبر، وكان يحدّث عليه في المسجد الجامع بسر من رأى «8»(6/34)
وفي رحبة زيرك «1» بالقرب من باب الفراغنة «2» .
وأقطعه إقطاعا في كل سنة مبلغه اثنا عشر ألفا، ورسم له صلة خمسة آلاف درهم في السنة، فكان يأخذها.
وأقام إلى أن قدم المستعين «3» بغداد «4» ، فخاف أبي الأتراك، أن يكبسوا الأنبار «5» ، فانحدر إلى بغداد عجلا، ولم يحمل معه شيئا من كتبه.
فطالبه محمد بن عبد الله بن طاهر «6» ، أن يحدّث، فحدّث ببغداد من حفظه بخمسين ألف حديث، لم يخطئ في شيء منها.
تاريخ بغداد للخطيب 6/368(6/35)
19 القاضي أسد بن عمرو يصلح قبلة جامع واسط
أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: حدّثنا عليّ بن محمد بن عبيد «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة «3» ، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «4» قال:
كان أسد بن عمرو «5» على قضاء واسط، فقال: رأيت قبلة واسط رديئة جدا وتبين لي ذلك، فتحرّفت فيها.
فقال قوم من أهل واسط: هذا رافضي.
فقيل لهم: ويلكم هذا من أصحاب أبي حنيفة، كيف يكون رافضيّا؟
تاريخ بغداد للخطيب 7/16(6/36)
20 أشعب الطامع بين سالم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عثمان
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد ابن لؤلؤ الورّاق «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث «3» ، قال: حدّثنا أبو داود السنجي «4» ، قال: حدّثنا الأصمعي «5» ، عن أشعب الطامع «6» ، قال:
دخلت على سالم بن عبد الله «7» ، فقال لي: يا أشعب، حمل إلينا جفنة هريسة، وأنا صائم، فاقعد، فكل.
قال: فحملت على نفسي «8» .(6/37)
فقال: لا تحمل على نفسك، ما يبقى تحمله معك.
قال: فلما رجعت إلى منزلي، قالت لي امرأتي: يا مشؤوم، بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان «1» يطلبك، ولو ذهبت إليه لحباك.
قلت: فما قلت له؟
قالت: قلت له: إنّك مريض.
قلت: أحسنت.
فأخذت قارورة دهن، وشيئا من صفرة، فدخلت الحمام ثم تمرّخت به، ثم خرجت فعصبت رأسي بعصابة، وأخذت قصبة، واتّكأت عليها، فأتيته وهو في بيت مظلم.
فقال لي: أشعب؟
قلت: نعم، جعلني الله فداك، ما رفعت جنبي من الأرض منذ شهرين.
قال: وسالم في البيت، وأنا لا أعلم.
فقال لي سالم: ويحك يا أشعب.
قال: فقلت لسالم: نعم جعلني الله فداك، منذ شهرين ما رفعت ظهري من الأرض.
قال: فقال سالم: ويحك يا أشعب.
قال: فقلت: نعم، جعلت فداك، مريض منذ شهرين ما خرجت.
قال: فغضب سالم وخرج.(6/38)
قال: فقال لي عبد الله بن عمرو، ويلك يا أشعب، ما غضب خالي «1» إلّا من شيء.
قال: فقلت: نعم جعلت فداك، غضب من أنّي أكلت اليوم عنده جفنة هريسة.
قال: فضحك عبد الله وجلساؤه، وأعطاني، ووهب لي.
قال: فخرجت، فإذا سالم بالباب، فلما رآني، قال: ويحك يا أشعب «2» ألم تأكل عندي؟
قلت: بلى جعلت فداك.
فقال سالم: والله لقد شكّكتني.
تاريخ بغداد للخطيب 7/41(6/39)
21 سالم بن عبد الله يقسم تمرا
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن لؤلؤ «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان «3» ، قال: حدّثنا أبو داود السنجيّ «4» ، قال:
حدّثنا الأصمعي «5» ، قال:
مرّ أشعب «6» فجعل الصبيان يعبثون به حتى آذوه، فقال لهم: ويحكم سالم بن عبد الله «7» يقسم تمرا.
فصدّقه الصبيان، ومرّوا يعدون إلى دار سالم، فعدا أشعب معهم، وقال: ما يدريني والله، لعلّه حقّ.
تاريخ بغداد للخطيب 7/42(6/40)
22 الحد الذي بلغه طمع أشعب
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن محمد بن لؤلؤ «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان «3» ، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الرحمن الأعشى، قال: حدّثنا أبو عاصم، قال:
أخذ بيدي ابن جريج «4» ، وأوقفني على أشعب الطامع، فقال له: حدّثه ما بلغ من طمعك؟
قال: بلغ من طمعي أنّه ما زفّت امرأة بالمدينة، إلّا كنست بيتي رجاء أن تهدى إليّ.
تاريخ بغداد للخطيب 7/43(6/41)
23 القاضي أبو الوليد الكندي يأبى أن ينفذ قضاء يحيى بن أكثم
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
لما عزل المأمون «2» إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة «3» ، استقضى على مدينة المنصور «4» أبا الوليد بشر بن الوليد الكندي «5» .
وكان بشر علما من أعلام المسلمين، وكان عالما، دينا، خشنا في باب الحكم، واسع الفقه، وهو صاحب ابي يوسف «6» ، ومن المقدّمين عنده، وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعه.
وقال طلحة: حدّثني عبد الباقي بن قانع «7» ، عن بعض شيوخه: أنّ(6/42)
يحيى بن أكثم «1» شكى بشر بن الوليد إلى المأمون، وقال: إنّه لا ينفذ قضائي، وكان يحيى قد غلب على المأمون، حتى كان عنده أكبر من ولده، فأقعده المأمون معه على سريره، ودعا بشر بن الوليد.
فقال له: ما ليحيى يشكوك، ويقول إنّك لا تنفذ أحكامه؟
قال: يا أمير المؤمنين، سألت عنه بخراسان، فلم يحمد في بلده ولا في جواره.
فصاح به المأمون، اخرج، فخرج بشر.
فقال يحيى: يا أمير المؤمنين، قد سمعت، فاصرفه.
فقال: ويحك، هذا لم يراقبني فيك، كيف أصرفه؟
ولم يفعل.
تاريخ بغداد للخطيب 7/82(6/43)
24 التسليم للفقهاء، سلامة في الدين
أخبرني عليّ بن أبي عليّ البصري، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح النيسابوري، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت «1» ، قال سمعت بشر بن الوليد القاضي «2» ، يقول:
كنّا نكون عند ابن عيينة «3» ، فكان إذا وردت عليه مسألة مشكلة يقول:
هاهنا أحد من أصحاب أبي حنيفة؟
فيقال: بشر.
فيقول: أجب فيها، فأجيب.
فيقول: التسليم للفقهاء، سلامة في الدين.
تاريخ بغداد للخطيب 7/82(6/44)
25 نسب أبي الهيثم التنوخي
سمعت القاضي أبا القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي يقول:
البهلول بن حسّان بن سنان بن أوفى بن عوف بن أوفى بن سرح بن أوفى بن خزيمة بن أسد بن مالك- أحد ملوك تنوخ- بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن عمران بن الحاف بن قضاعة- وقضاعة لقب- واسمه عمرو بن مالك بن عمرو بن مرّة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر، ويقال: هو هود النبي صلى الله عليه وسلّم «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 7/109(6/45)
26 القاضي البهلول بن إسحاق الأنباري
حدّثني عليّ بن أبي عليّ «1» ، عن أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، عن عمّه إسماعيل بن يعقوب «3» :
أنّ البهلول بن إسحاق «4» ، أنباريّ، ولد بها سنة أربع ومائتين، ومات بها في شوال من سنة ثمان وتسعين ومائتين.
قال: وكان قد تقلّد القضاء والخطبة على المنابر بالأنبار وأعمالها مدّة طويلة، قبل سنة سبعين ومائتين.
وكان حسن البلاغة، مصقعا في خطبه، كثير الحديث، ثقة فيه، ضابطا لما يرويه، وحدّث بالأنبار.
تاريخ بغداد للخطيب 7/110(6/46)
27 لماذا سمي بشار بالمرعث «1»
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «2» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن الحسين القطيعي «3» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «4» ، قال: حدّثني محمد بن المرزبان «5» ، قال: حدّثنا أحمد بن أبي طاهر «6» ، قال: حدّثنا أبو الصلت العنزي، قال:
سمي بشار بن برد «7» المرعّث «8» بشعره:
من لظبي مرعّث ... فاتن العين والنظر
قال لي: لست نائلي ... قلت: أو يغلب القدر
تاريخ بغداد للخطيب 7/113(6/47)
28 لماذا سمي بشار بالمرعث 2
أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا القطيعي «2» ، قال: حدّثنا ابن الأنباري «3» قال: حدّثنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: حدّثني ابن أبي طاهر «5» ، عن محمد بن سلام «6» ، قال:
إنّما سمّي بشار المرعّث، لأنه كان لقميصه جيبان، يخرج رأسه مرّة من هذا، ومرّة من هذا، وكان يضمّ القميص عليه من غير أن يدخله في رأسه «7» .
قال: والرعث، عند العرب، الاسترخاء والاسترسال، والرعثة:
القرط، وكذلك الرعث والرعاث.
تاريخ بغداد للخطيب 7/113(6/48)
29 ارحمهم رحمك الله
عن التنوخي، عن أبي دهمان الغلابي، قال:
حضرت بشار بن برد «1» ، وعقبة بن رؤبة «2» ، وابن المقفّع «3» ، قعودا، يتناشدون، ويتحدّثون، ويتذاكرون، حتى أنشد بشار أرجوزته الداليّة:
يا طلل الحيّ بذات الصمد
ومضى فيها.
فاغتاظ عقبة بن رؤبة لما سمع فيها من الغريب «4» ، وقال: أنا وأبي «5» فتحنا الغريب للناس، وأوشك- والله- أن أغلقه.
فقال له بشّار: ارحمهم رحمك الله.
قال: يا أبا معاذ، أتستصغرني وأنا شاعر بن شاعر بن شاعر؟
قال: فأنت إذن من القوم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.
تاريخ بغداد للخطيب 7/117(6/49)
30 بين جعفر البرمكي وعبد الملك بن صالح الهاشمي
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب «2» ، قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «3» ، قال: حدّثني بعض أصحابنا، قال:
خرج عبد الملك بن صالح «4» مشيّعا لجعفر بن يحيى البرمكي «5» ، فعرض عليه حاجاته.
فقال له: قصارى كل مشيّع الرجوع، وأريد- أعزّ الله الأمير- أن يكون لي، كما قال بطحاء العذري:
وكوني على الواشين لدّاء شغبة ... فإنّي على الواشي ألدّ شغوب(6/50)
فقال جعفر: بل أكون لك كما قال جميل «1» :
واذا الواشي وشى يوما بها ... نفع الواشي بما جاء يضر
تاريخ بغداد للخطيب 7/153(6/51)
31 القاضي جعفر بن محمد بن عمار
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ البصري «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «2» - لفظا- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، بالبصرة، قال: أخبرنا أبو زيد عمر بن شبّة النميري «3» ، قال:
كان أيّوب بن حسن بن موسى بن جعفر بن سليم «4» ، عاملا على الصلاة بالكوفة وأحداثها «5» للمتوكل «6» ، وجعفر بن محمد بن عمّار «7» على قضائها «8» ،(6/52)
فكان ربما أمره بالصلاة بهم إذا اعتلّ، وكان كثير العلل، من نقرس «1» كان به، فكان جعفر يصلّي بهم، ويدعو لأيّوب على المنبر، بالتأمير له «2» ، فقال محمد بن نوفل التميمي:
فما عجب أن تطلع الشمس بكرة ... من الغرب إذ تعلو على ظهر منبر
ولولا أناة الله جلّ ثناؤه ... لصبحت الدنيا بخزي مدمّر
إذا جعفر رام الفخار فقل له ... عليك ابن ذي موسى بموساك فافخر
فقد كان عمّار إذا ما نسبته ... إلى جدّه الحجام لم يتكبّر
ثم عزل جعفر بن محمد عن قضاء الكوفة، وحمل إلى سرّ من رأى، فولي قضاء القضاة «3» ، إلى أن مات بسر من رأى «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 7/163(6/53)
32 وقف بعرفة ستا وخمسين وقفة على المذهب
أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي- غير مرّة-، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري «1» ، قال: قال لي جعفر الخلدي «2» :
وقفت بعرفة «3» ستا وخمسين وقفة، منها إحدى وعشرون على المذهب.
فقلت لأبي إسحاق: أيّ شيء أراد بقوله على المذهب؟
فقال: يصعد إلى قنطرة الياسرية «4» ، فينفض كمّيه، حتى يعلم أن ليس معه زاد ولا ماء، ويلبّي ويسير «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 7/230(6/54)
33 أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد التنوخي
ذكر لي أبو القاسم التنوخي:
أنّ أبا محمد التنوخي، جعفر بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول ابن حسّان «1» ، أصله من الأنبار «2» ، وانه ولد ببغداد في ذي القعدة في سنة ثلاث وثلاثمائة «3» ، وكان أحد القراء للقرآن بحرف عاصم «4» ، وحمزة «5» ، والكسائي «6» .
وكتب هو وأخوه عليّ «7» ، الحديث في موضع واحد، وأصل كلّ واحد منهما أصل الآخر، وشيوخ كلّ واحد منهما شيوخ الآخر.
وحدّث عن عبد الله بن محمد البغوي «8» ، وأبي بكر بن أبي داود «9» ، وأبي(6/55)
الليث الفرائضي «1» ، وأحمد بن القاسم أخي أبي الليث «2» ، وأحمد بن عبيد الله ابن عمّار «3» ، وجدّه أحمد بن إسحاق البهلول «4» ، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي «5» ، ومحمد بن هارون بن المجدر «6» ، وعبد الوهاب بن أبي حيّة «7» ، وأحمد بن سليمان الطوسي «8» ، ويحيى بن محمد بن صاعد «9» ، وغيرهم.
وعرض عليه القضاء والشهادة، فأباهما تورّعا، وتقلّلا، وصلاحا.
قال لي علي بن المحسّن: مات جعفر بن أبي طالب بن البهلول ببغداد، ليلة الأربعاء لثمان وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «10» ، ودفن من الغد إلى جانب داره، بسكة أبي العباس الطوسي «11» .
تاريخ بغداد للخطيب 7/232(6/56)
34 ما لي وللعيد
أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي قال: أنشدني أبو عبد الله بن حجاج «1» لنفسه:
قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحا ... فقلت: ما لي وما للعيد والفرح
قد كان ذا والنوى لم تضح نازلة ... بعقوتي وغراب البين لم يصح
أيّام لم يخترم قربي البعاد ولم ... يغد الشتات على شملي ولم يرح
وطائر طار في خضراء مورقة ... على شفا جدول بالروض متّشح
بكى وناح ولولا أنّه سبب ... لشجو قلبي المعنّى فيك لم ينح
فما ذكرتك والأقداح دائرة ... إلّا مزجت بدمعي باكيا قدحي
ولا سمعت بصوت فيه ذكر نوى ... إلّا عصيت عليه كل مقترح
مصارع العشاق 1/258(6/57)
35 أبو العيناء يرثي الحسن بن سهل
أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال حدّثنا جعفر بن أبي العيناء «3» ، قال: لما مات الحسن بن سهل «4» ، قال أبي «5» :
والله لئن أتعب المادحين، لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الأيام، وخرست بموته الأقلام، ولقد كان بقية وفي الناس بقيّة، فكيف اليوم، وقد بادت البرية «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 7/322(6/58)
36 القاضي أبو محمد الحسن ابن أبي الشوارب
أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
بعد الثلاثة أيام التي تقلّد فيها ابن الأشناني «3» ، مدينة المنصور، استقضى المقتدر على مدينة المنصور أبا محمد الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «4» ، في يوم الاثنين لست بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة.
وهذا رجل، حسن السيرة، جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه «5» وجدّه «6» ، على طريقتهم في باب الحكم والسداد.
ولم يزل واليا على المدينة «7» إلى يوم النصف من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر.
تاريخ بغداد للخطيب 7/340(6/59)
37 المنصور ينصح ولده المهدي بالإقبال على الفقه والمغازي
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
كان الحسن بن عمارة «1» على الحكم- يعني ببغداد- ثم بعث المنصور «2» إلى عبيد الله بن محمد بن صفوان «3» إلى مكة، من يقدم به عليه.
فلما قدم ولاه القضاء، وضم الحسن بن عمارة إلى المهدي «4» .
وكان أبو جعفر، يبعث بأسلم «5» إلى المهدي ليعرف حاله، وكيف هو في مجلسه، وربما وجّه إليه في السر.
فرآه أسلم مقبلا على مقاتل بن سليمان «6» فأخبر المنصور بذلك.(6/60)
فقال له المنصور: يا بني، بلغني إقبالك على مقاتل، فسرّني «1» ذلك، وإنك إنما تعمل غدا بما تسمع اليوم، فلا تقبل على مقاتل، وأقبل على الحسن ابن عمارة للفقه، وعلى محمد بن إسحاق للمغازي «2» ، وما جرى فيها.
تاريخ بغداد للخطيب 7/345(6/61)
38 الحسن بن عمارة يكرم أحد طلاب الحديث
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
حدّثني محمد بن العباس اليزيدي «1» ، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «2» ، قال: حدّثني أبي «3» ، قال:
كان بالكوفة رجل غريب، يكتب الحديث، وكان يختلف إلى الحسن بن عمارة «4» ، يكتب عنه.
فجاءه، فودّعه، ليخرج إلى بلاده، وقال له: إنّ في نفقتي قلّة.
فكتب له الحسن رقعة، وقال: اذهب بها إلى الفرات، إلى وكيل لنا هناك، يبيع القار «5» ، فادفعها إليه.
فظن الرجل، أنه قد كتب له بدريهمات، فإذا هو قد كتب له بخمسمائة درهم.
تاريخ بغداد للخطيب 7/346(6/62)
39 عبيد الله بن محمد بن صفوان يتقلّد للمهدي قضاء المدينة
حدّثنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
عبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي «1» ، أقدمه المنصور من مكة، فقلّده القضاء بمدينة السلام «2» ، وكان عالما أديبا.
وما زال على الحكم حتى مات المنصور «3» ، فقلّده المهدي قضاء مدينة الرسول صلى الله عليه وسلّم «4» ، والحرب، والصلاة «5» ، وعزله عن قضاء بغداد «6» .
قلت: كان المنصور قد جعل الحسن بن عمارة «7» على المظالم ببغداد، ثم استقضاه، فلم يلبث إلّا أياما، حتى صرفه، وولى مكانه القضاء ابن صفوان تاريخ بغداد للخطيب 10/306(6/63)
40 القاضي أبو حسان الزيادي يضرب رجلا ألف سوط ويتركه في الشمس حتى يموت
أخبرنا عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة «2» ، قال: حدّثني أبو الحسين عمر ابن الحسن «3» ، قال: حدّثنا ابن أبي الدنيا «4» ، قال:
كنت في الجسر واقفا، وقد حضر أبو حسّان الزيادي القاضي «5» ، وقد وجّه إليه المتوكل «6» من سر من رأى، بسياط جدد في منديل دبيقي، مختومة، وأمره أن يضرب عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم- وقيل أحمد بن محمد ابن عاصم- صاحب خان عاصم، ألف سوط، لأنّه شهد عليه الثقات، وأهل الستر، أنّه شتم أبا بكر وعمر، وقذف عائشة، فلم ينكر ذلك، ولم يتب منه، وكانت السياط بثمارها.
فجعل يضرب بحضرة القاضي، وأصحاب الشرط قيام.
فقال: أيها القاضي، قتلتني.(6/64)
فقال له أبو حسّان: قتلك الحق، لقذفك زوجة الرسول، ولشتمك الخلفاء الراشدين المهديين.
قال طلحة: وقيل: لما ضرب ترك في الشمس حتى مات، ثم رمي به في دجلة.
تاريخ بغداد للخطيب 7/357(6/65)
41 الخليفة الواثق يستقضي الحسن بن علي بن الجعد
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
عزل الواثق «1» عبد الرحمن بن إسحاق «2» سنة ثمان وعشرين ومائتين، واستقضى الحسن بن علي بن الجعد «3» وكان سريّا، ذا مروءة، وكان من العلماء بمذهب أهل العراق «4» ، أخذ عن أبيه «5» ، وولي القضاء في حياة أبيه.
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
توفي الحسن بن علي بن الجعد، وأبو حسّان الزيادي في وقت واحد، وكل واحد منهما قاض، كان أحدهما على المدينة «6» ، والآخر على الشرقية «7» ، في سنة ثلاث وأربعين ومائتين، في أيام المتوكل.
تاريخ بغداد للخطيب 7/364(6/66)
42 جريت مع الصبا طلق الجموح
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العبّاس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا أبو عمر أحمد بن محمد السوسنجردي العسكري قال: حدّثنا ابن أبي الذيال المحدّث- بسر من رأى- قال:
حضرت وليمة حضرها الجاحظ «4» ، فسمعته يقول: حضرت وليمة حضرها أبو نواس «5» ، وعبد الصمد بن المعذل «6» ، فسمعت عبد الصمد، يقول لأبي نواس: لقد أبدعت في قولك
جريت مع الصبا طلق الجموح ... وهان عليّ مأثور القبيح
قال أبو بكر الأنباري، أنشدني لأبي نواس:
جريت مع الصبا طلق الجموح ... وهان عليّ مأثور القبيح(6/67)
رأيت ألذّ عافية الليالي ... قران العود بالنغم الفصيح
ومسمعة «1» إذا ما شئت غنّت ... متى كان الخيام بذي طلوح «2»
تزوّد من شباب ليس يبقى ... وصل بعرى الغبوق «3» عرى الصبوح «4»
وخذها من مشعشعة «5» كميت «6» ... تنزّل درة الرجل الشحيح
تخيّرها لكسرى رائداه ... لها حظّان من طعم وريح
ألم ترني أبحت اللهو عيني ... وعضّ مراشف الظبي المليح
وأيقن رائدي أن سوف تنأى ... مسافة بين جثماني وروحي «7»
تاريخ بغداد للخطيب 7/441(6/68)
43 من شعر أبي عبد الله بن الحجاج
أنشدنا عليّ «1» بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج الكاتب «2» لنفسه:
نمّت بسري في الهوى أدمعي ... ودلّت الواشي على موضعي
يا معشر العشاق إن كنتم ... مثلي وفي حالي فموتوا معي
وأنشدنا التنوخي أيضا، قال: أنشدنا أبو عبد الله بن الحجاج لنفسه:
يا من إليها من ظلمها الهرب ... ردّ فؤادي أقلّ ما يجب
ردّي حياتي إن كنت منصفة ... ثم إليك الرضاء والغضب
ملكت قلبي فلم أفتك به ... سبحان من لا يفوته طلب
تاريخ بغداد للخطيب 8/14(6/69)
44 لحية القاضي العوفي تبلغ إلى ركبته
أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد المعدّل «2» ، قال: حدّثني أحمد بن كامل «3» ، قال: حدّثنا حسين بن فهم «4» ، قال:
كانت لحية العوفي «5» تبلغ إلى ركبته.
تاريخ بغداد للخطيب 8/31(6/70)
45 لحية القاضي العوفي تعدت كل قدر
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ»
، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: أنشدني أبو عبد الله التميمي، لبعضهم:
لحية العوفي «4» أبدت ... ما اختفى من محسن شعري
هي لو كانت شراعا ... لذوي متجر بحر
جعل السير من الصين ... إلينا نصف شهر
هي في الطول وفي العرض ... تعدّت كل قدر
تاريخ بغداد للخطيب 8/32(6/71)
46 القاضي العوفي يلقي مسائله في المناظرة من الدفتر
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
الحسين بن الحسن العوفي «1» ، رجل جليل من أصحاب أبي حنيفة، وكان سليما مغفّلا، ولّاه الرشيد أيّاما ثم صرفه.
وكان يجتمع في مجلسه قوم فيتناظرون، فيدعو بدفتر، فينظر فيه، ثم يلقي من المسائل، ويقول لمن يلقي عليه، أخطأت، أو أصبت، من الدفتر.
وتوفي سنة إحدى ومائتين.
تاريخ بغداد للخطيب 8/32(6/72)
47 الحسين بن الضحاك الشاعر
حدّثني عليّ بن أبي عليّ «1» ، عن أبي عبيد الله المرزباني «2» ، قال:
أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الخليع الباهلي البصري «3» ، مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي، وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه، وبلغ سنا عالية.
يقال إنّه ولد في سنة اثنتين وستين ومائة، ومات في سنة خمسين ومائتين.
واتصل له من مجالسة الخلفاء ما لم يتصل لأحد، إلّا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي «4» ، فإنّه قاربه في ذلك، أو ساواه.
صحب الحسين الأمين في سنة ثمان وثمانين ومائة «5» ، ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين.
تاريخ بغداد للخطيب 8/55(6/73)
48 الراضي يستقضي أبا محمد الحسين بن عمر
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
استقضى الراضي «1» ، أبا محمد الحسين «2» بن أبي الحسين عمر «3» بن محمد «4» ابن يوسف «5» بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم.
وهو أصغر من أبي نصر «6» بقليل، وهو فتى جميل الأمر، متوسط في مذهبه، وسداده، سليم الصدر، قريب من الناس، وكان محبوبا إلى الناس لأنّه يشبه أباه في الصورة والخلق.
ثم مات الراضي، واستخلف المتقي لله «7» ، فأقرّه على مدينة المنصور «8» إلى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ثم صرفه «9» .
تاريخ بغداد للخطيب 8/82(6/74)
49 أبو علي التنوخي ينيب عنه أبا القاسم الكوفي في القضاء بالكوفة
حدّثني عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبي القاسم الكوفي «1» ، وذكر لي أنه سمع منه ببغداد في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.
قال: وسألته عن مولده، فقال: ولدت يوم السبت لثلاث بقين من المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
قال التنوخي: وكان ثقة، كثير الحديث، جيد المعرفة به، وولي القضاء بالكوفة من قبل أبي، وكان فقيها على مذهب أبي حنيفة، وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء، قيما بذلك، وكان زاهدا عفيفا.
تاريخ بغداد للخطيب 8/103(6/75)
50 من مخاريق الحلاج
أنبأنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، قال:
حدّثني غير واحد من الثقات من أصحابنا: أنّ الحسين بن منصور الحلّاج «3» ، كان قد أنفذ أحد أصحابه، إلى بلد من بلدان الجبل «4» ، ووافقه على حيلة يعملها.
فخرج الرجل، فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، ويقرأ القرآن ويصوم، فغلب على البلد.
حتى إذا علم أنّه قد تمكّن، أظهر أنّه قد عمي، فكان يقاد إلى مسجده، وتعامى على كل أحد شهورا.
ثم أظهر أنّه قد زمن «5» ، فكان يحبو، ويحمل إلى المسجد، حتى مضت سنة على ذلك، وتقرّر في النفوس زمانته وعماه.
فقال لهم بعد ذلك: إنّي رأيت في النوم، كأنّ النبي صلى الله عليه وسلّم يقول لي: إنّه يطرق هذا البلد عبد الله صالح مجاب الدعوة، تكون عافيتك(6/76)
على يده، وبدعائه، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء، أو من الصوفية، فلعل الله أن يفرّج عني على يد ذلك العبد، وبدعائه، كما وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فتعلقت النفوس إلى ورود العبد الصالح، وتطلّعته القلوب.
ومضى الأجل الذي كان بينه وبين الحلّاج، فقدم البلد، فلبس الثياب الصوف الرقاق، وتفرّد في الجامع بالدعاء والصلاة.
وتنبهوا على خبره، فقالوا للأعمى.
فقال: احملوني إليه، فلما حصل عنده، وعلم أنّه الحلّاج، قال له: يا عبد الله، إنّي رأيت في المنام، كيت وكيت، فتدعو الله لي.
فقال: ومن أنا؟ وما محلي؟
فما زال به، حتى دعى له، ثم مسح يده عليه، فقام المتزامن صحيحا مبصرا.
فانقلب البلد، وكثر الناس على الحلّاج، فتركهم، وخرج من البلد.
وأقام المتعامي المتزامن فيه شهورا، ثم قال لهم: إنّ من حق نعمة الله عندي، وردّه جوارحي عليّ، أن أنفرد بالعبادة انفرادا أكثر من هذا، وأن يكون مقامي في الثغر «1» ، وقد عملت على الخروج إلى طرسوس «2» ، من كانت له حاجة تحمّلتها، وإلّا فأنا استودعكم الله.
قال: فأخرج هذا ألف درهم، وقال: اغز بها عني، وأعطاه هذا(6/77)
مائة دينار، وقال: أخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه هذا مالا، وهذا مالا، حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم.
فلحق بالحلّاج، فقاسمه عليها «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 8/122(6/78)
51 محاكمة الحلاج وتنفيذ حكم الاعدام فيه
حدّثنا عليّ بن المحسّن القاضي «1» ، عن أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن زنجي الكاتب «2» عن أبيه «3» - وهو المعروف بزنجي- بما أسوقه من أخبار الحلّاج «4» إلى حين مقتله، وكان زنجي يلازم مجلس حامد بن العباس «5» ، ويرى الحلّاج، ويسمع مناظرات أصحابه.
قال زنجي: أول ما انكشف من أمره في أيّام وزارة حامد بن العباس، أنّ رجلا شيخا، حسن السمة، يعرف بالدبّاس، تنصّح فيه، وذكر انتشار أصحابه، وتفرق دعاته في النواحي، وأنّه كان ممّن استجاب له، ثم تبين له مخرقته، ففارقه، وخرج عن جملته، وتقرّب إلى الله بكشف أمره.
واجتمع معه على هذه الحال، أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي،(6/79)
الكاتب الأنباري، وكان قد عمل كتابا، ذكر فيه مخاريق «1» الحلّاج، والحيلة فيها.
والحلّاج يومئذ، مقيم عند نصر القشوري «2» ، من بعض حجره، موسّع عليه، مأذون لمن يدخل إليه.
وللحلّاج إسمان، أحدهما الحسين بن منصور، والآخر محمد بن أحمد الفارسي.
وكان قد استغوى نصرا، وجاز تمويهه عليه، حتى كان يسميه: العبد الصالح.
وتحدّث الناس، أنّ علة عرضت للمقتدر بالله «3» في جوفه، وقف نصر على خبرها، فوصفه له، واستأذنه في إدخاله إليه، فأذن له، فوضع يده على الموضع الذي كانت فيه العلّة، وقرأ عليه، فاتّفق أن زالت العلّة.
ولحق والدة المقتدر بالله «4» مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك، فزال ما وجدته.
فقام للحلّاج بذلك، سوق في الدار، وعند والدة المقتدر، والخدم، والحاشية، وأسباب نصر خاصة.
ولما انتشر كلام الدبّاس، وأبي علي الأوارجي في الحلّاج، بعث به المقتدر بالله، إلى أبي الحسن علي بن عيسى «5» ، ليناظره، فأحضره مجلسه،(6/80)
وخاطبه خطابا فيه غلظة.
فحكي في ذلك الوقت، أنّه تقدّم إليه، وقال له- فيما بينه وبينه-:
قف حيث انتهيت، ولا تزد عليه شيئا، وإلّا قلبت الأرض عليك. أو كلاما في هذا المعنى.
فتهيّب علي بن عيسى مناظرته، واستعفى منه، ونقل حينئذ، إلى حامد.
وكانت بنت السمري، صاحب الحلّاج، قد أدخلت إليه، وأقامت عنده في دار السلطان مدة، وبعث بها إلى حامد ليسألها عمّا وقفت عليه، وشاهدته في أحواله.
فدخلت إلى حامد، في يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته، وكانت حسنة العبارة، عذبة الألفاظ، مقبولة الصورة.
فسألها عن أمره، فذكرت أنّ أباها السمري، حملها إليه، وأنّها لما دخلت عليه، وهب لها أشياء كثيرة، عدّدت أصنافها، منها ريطة «1» خضراء، وقال لها؛ قد زوجتك ابني سليمان، وهو أعزّ ولدي عليّ، وهو مقيم بنيسابور- في موضع قد ذكرته، وأنسيته- وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا من الأحوال، وقد أوصيته بك، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته، فصومي يومك، واصعدي آخر النهار إلى السطح، وقومي على الرماد، واجعلي فطرك عليه، وعلى ملح جريش، واستقبليني بوجهك، واذكري لي ما أنكرتيه منه، فإنّي أسمع وأرى، قالت: وكنت ليلة نائمة في السطح، وابنة الحلّاج معي، في دار السلطان وهو معنا، فلما كان في الليل، أحسست به وقد غشيني، فانتبهت مذعورة(6/81)
منكرة لما كان منه، فقال: إنّما جئت لأوقظك للصلاة.
ولما أصبحنا، نزلت إلى الدار، ومعي بنته، ونزل هو، فلما صار على الدرجة، بحيث يرانا ونراه، قالت بنته: اسجدي له.
فقلت لها: أو يسجد أحد لغير الله؟
وسمع كلامي لها، فقال: نعم، إله في السماء، وإله في الأرض، قال: ودعاني إليه، وأدخل يده في كمه، وأخرجها مملوءة مسكا، فدفعه إليّ، وفعل هذا مرّات، ثم قال: اجعلي هذا في طيبك، فإنّ المرأة، إذا حصلت عند الرجل، احتاجت إلى الطيب.
قالت: ثم دعاني، وهو جالس في بيت البواري «1» ، فقال: ارفعي جانب البارية، وخذي من تحته ما تريدين، وأومأ إلى زاوية البيت، فجئت إليها، ورفعت البارية، فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت، فبهرني ما رأيت من ذلك.
قال زنجي: وأقامت هذه المرأة، معتقلة في دار حامد، إلى أن قتل الحلّاج.
ولما حصل الحلّاج في يد حامد، جدّ في طلب أصحابه، وأذكى العيون عليهم، وحصل في يده منهم، حيدرة «2» ، والسمري «3» ، ومحمد بن علي القنائي «4» ، والمعروف بأبي المغيث الهاشمي «5» ، واستتر المعروف بابن حماد «6» ،(6/82)
وكبس منزلة، وأخذت منه دفاتر كثيرة، وكذلك من منزل محمد بن علي القنائي، في ورق صيني، وبعضها مكتوب بماء الذهب، مبطّنة بالديباج والحرير، مجلّدة بالأديم الجيّد.
وكان فيما خاطبه به حامد، أول ما حمل إليه: ألست تعلم أنّي قبضت عليك بدور الراسبي، وأحضرتك إلى واسط «1» ، فذكرت في دفعة أنّك المهدي، وذكرت في دفعة أخرى أنّك رجل صالح تدعو إلى عبادة الله، والأمر بالمعروف، فكيف ادعيت بعد الألوهية؟
وكان في الكتب الموجودة، عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إلى النواحي، وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه، وما يأمرهم به من نقلهم من حال إلى أخرى، ومرتبة إلى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم، على حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة، لا يعرفها إلّا من كتبها، ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها صورة فيها اسم الله تعالى مكتوب على تعويج، وفي داخل ذلك التعويج، مكتوب:
عليّ عليه السلام، كتابة لا يقف عليها إلّا من تأمّلها.
وحضرت مجلس حامد، وقد أحضر السمري صاحب الحلّاج، وسأله عن أشياء من أمر الحلاج، وقال له: حدّثني بما شاهدته منه.
فقال له: إن رأى الوزير أن يعفيني، فعل.
فأعلمه أنّه لا يعفيه، وعاود مسألته عمّا شاهده، فعاود استعفاءه.
وألحّ عليه في السؤال.
فلما تردد القول بينهما، قال: أعلم أنّي إن حدثتك كذّبتني، ولم(6/83)
آمن مكروها يلحقني، فوعده أن لا يلحقه مكروه.
فقال: كنت معه بفارس «1» ، فخرجنا نريد اصطخر «2» في زمان شات، فلما صرنا في بعض الطريق، أعلمته بأنّي قد اشتهيت خيارا.
فقال لي: في هذا المكان؟ وفي مثل هذا الوقت من الزمان؟
فقلت: هو شيء عرض لي.
ولما كان بعد ساعات، قال لي: أنت على تلك الشهوة؟
فقلت: نعم.
قال: وسرنا إلى سفح جبل ثلج، فأدخل يده فيه، وأخرج إليّ منه خيارة خضراء، ودفعها إليّ.
فقال له حامد: فأكلتها؟
قال: نعم.
فقال له: كذبت يا ابن مائة ألف زانية في مائة ألف زانية، أوجعوا فكّه.
فأسرع الغلمان إليه، فامتثلوا ما أمرهم به، وهو يصيح: أليس من هذا خفنا؟
ثم أمر به، فأقيم من المجلس.
وأقبل حامد يتحدّث عن قوم من أصحاب النيرنجيات «3» ، كانوا يعدون بإخراج التين، وما يجري مجراه من الفواكه، فإذا حصل ذلك في يد الإنسان، وأراد أن يأكله، صار بعرا.
وحضرت مجلس حامد، وقد أحضر سفط خيازر لطيف، حمل من(6/84)
دار محمد بن علي القنائي- أكبر ظني- فتقدّم بفتحه، فإذا فيه قدر جافّة خضراء، وقوارير فيها شيء يشبه لون الزئبق، وكسر خبز جافّة، وكان السمريّ حاضرا، جالسا بالقرب من أبي، فعجب من تلك القدر وتصييرها في سفط مختوم، ومن تلك القوارير- وعندنا أنّها أدهان- ومن كسر الخبز.
وسأل حامد السمري عن ذلك، فدافعه في الجواب، واستعفاه منه.
وألحّ عليه في السؤال، فعرّفه أنّ في ذلك القدر رجيع الحلّاج، وأنّه يستشفى به، وأنّ الذي في القوارير بوله.
فعرّف حامد، ما قاله، فعجب منه من كان في المجلس، واتّصل القول في الطعن على الحلّاج.
وأقبل أبي يعيد ذكر تلك الكسر، ويتعجّب منها، ومن احتفاظهم بها، حتى غاظ السمري ذلك، فقال له: هوذا أسمع ما تقول، وأرى تعجّبك من هذه الكسر، وهي بين يديك فكل منها ما شئت، ثم انظر كيف يكون قلبك للحلّاج بعد أكلك ما تأكله منها.
فتهيّب أبي أن يأكلها، وتخوّف أن يكون فيها سمّ.
وأحضر حامد الحلّاج، وسأله عما كان في السفط، وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله؟ فذكر أنّه شيء ما علم به، ولا عرفه.
وكان يتّفق في كثير من الأيام، جلوس الحلّاج في مجلس حامد، إلى جنبي، فأسمعه يقول دائما: سبحانك، لا إله إلّا أنت، عملت سوءا، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت.
وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف.
وكنت يوما، وأبي، بين يدي حامد، ثم نهض عن مجلسه، وخرجنا(6/85)
إلى دار العامة، وجلسنا في رواقها، وحضر هارون بن عمران الجهبذ «1» ، فجلس بين يدي أبي، ولم يحادثه، فهو في ذاك، إذ جاء غلام حامد الذي كان موكلا بالحلّاج، وأومأ إلى هارون بن عمران أن يخرج إليه، فنهض عن المجلس مسرعا، ونحن لا ندري ما السبب.
فغاب عنّا قليلا، ثم عاد وهو متغيّر اللون جدا. فأنكر أبي ما رآه منه، وسأله عنه.
فقال: دعاني الغلام الموكل بالحلّاج، فخرجت إليه، فأعلمني أنّه دخل إليه، ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه في كل يوم، فوجده ملأ البيت من سقفه إلى أرضه، وملأ جوانبه، فهاله ما رأى من ذلك، ورمى الطبق من يده، وخرج من البيت مسرعا، وأن الغلام ارتعد، وانتفض، وحمّ، وبقي هارون يتعجّب من ذلك.
وبلغ حامدا عن بعض أصحاب الحلّاج، إنّه ذكر أنّه دخل إليه، إلى الموضع الذي هو فيه، وخاطبه بما أراده، فأنكر ذلك كلّ الإنكار، وتقدّم بمساءلة الحجاب والبوابين عنه، وقد كان رسم أن لا يدخل إليه أحد، وضرب بعض البوابين، فحلفوا بالإيمان المغلظة، أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلّاج إليه، ولا اجتاز بهم، وتقدّم بافتقاد السطوح، وجوانب الحيطان، فافتقدوا ذلك أجمع، ولم يوجد له أثر ولا خلل.
فسئل الحلّاج، عن دخول من دخل إليه، فقال: من القدرة نزل، ومن الموضع الذي وصل إليّ منه خرج.(6/86)
وكان يخرج إلى حامد، في كل يوم، دفاتر، ممّا حمل من دور أصحاب الحلّاج، وتجعل بين يديه، فيدفعها إلى أبي، ويتقدّم إليه، بأن يقرأها عليه، فكان يفعل ذلك دائما.
فقرأ عليه في بعض الأيام، من كتب الحلّاج، والقاضي أبو عمر «1» حاضر، والقاضي أبو الحسين ابن الأشناني «2» ، كتابا حكى فيه، أنّ الإنسان إذا أراد الحجّ، ولم يمكنه، أفرد في داره بيتا، لا يلحقه شيء من النجاسة، ولا يدخله أحد، ومنع من تطرقه، فإذا حضرت أيام الحج، طاف حوله، طوافه حول البيت الحرام، فإذا انقضى ذلك، وقضى من المناسك ما يقضي بمكة مثله، جمع ثلاثين يتيما وعمل لهم أمرأ ما يمكنه من الطعام، وأحضرهم إلى ذلك البيت، وقدّم إليهم ذلك الطعام، وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا فرغوا من أكلهم، وغسل أيديهم، كسا كل واحد منهم قميصا، ودفع إليه سبعة دراهم، أو ثلاثة- الشكّ مني- فإذا فعل ذلك، قام له مقام الحج.
فلما قرأ أبي هذا الفصل، التفت أبو عمر القاضي إلى الحلّاج، وقال له:
من أين لك هذا؟
قال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري «3» .
فقال له أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصري بمكة، وليس فيه شيء مما ذكرته.
فلما قال أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قال له حامد: اكتب بهذا.
فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلّاج، فأقبل حامد، يطالبه بالكتاب بما قاله،(6/87)
وهو يدافع، ويتشاغل، إلى أن مدّ حامد الدواة من بين يديه إلى أبي عمر ودعا بدرج، فدفعه إليه.
وألحّ عليه حامد بالمطالبة بالكتاب، إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس.
ولما تبيّن الحلّاج الصورة، قال: ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحلّ لكم أن تتأوّلوا عليّ بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنّة، وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح «1» ، ولي كتب في السنّة موجودة في الورّاقين، فالله الله من دمي.
ولم يزل يردّد هذا القول، والقوم يكتبون خطوطهم، إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عن المجلس، ورد الحلّاج إلى موضعه الذي كان فيه.
ودفع حامد ذلك المحضر إلى والدي، وتقدّم إليه أن يكتب إلى المقتدر بالله، بخبر المجلس، وما جرى فيه، وينفذ الجواب عنها.
فكتب الرقعتين، وأنفذ الفتوى درج الرقعة إلى المقتدر بالله.
وأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، ولحقه ندم على ما كتب به، وتخوّف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله.
فكتب بخط والدي، رقعة إلى المقتدر بالله، في اليوم الثالث، يقتضي فيها ما تضمّنته الأولى، ويقول: إنّ ما جرى في المجلس، قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلّاج، افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن(6/88)
في ذلك، وأنفذ الرقعة إلى مفلح «1» ، وسأله إيصالها، وتنجيز الجواب عنها، وإنفاذه إليه.
فعاد الجواب من المقتدر بالله في غد ذلك اليوم، من جهة مفلح، بأن القضاة، إذا كانوا قد أفتوا بقتله، وأباحوا دمه، فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة «2» ، ويتقدم إليه بتسلّمه، وضربه ألف سوط، فإن تلف تحت الضرب، وإلّا ضرب عنقه.
فسرّ حامد بهذا الجواب، وزال ما كان عليه من الاضطراب، وأحضر محمد بن عبد الصمد، وأقرأه إياه، وتقدّم إليه بتسلّم الحلّاج، فامتنع من(6/89)
ذلك، وذكر أنه يتخوّف أن ينتزع.
فأعلمه حامد، أنّه يبعث معه غلمانه، حتى يصيروا به إلى مجلس الشرطة في الجانب الغربي.
ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة، ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال مؤكفة، يجرون مجرى الساسة، ليجعل على واحد منها، ويدخل في غمار القوم.
وأوصاه بأن يضربه ألف سوط، فإن تلف، حزّ رأسه، واحتفظ به، وأحرق جثته.
وقال له حامد: إن قال لك: أجري لك الفرات ذهبا وفضة، فلا تقبل منه، ولا ترفع الضرب عنه.
فلما كان بعد عشاء الآخرة، وافى محمد بن عبد الصمد، إلى حامد، ومعه رجاله، والبغال المؤكفة، فتقدّم إلى غلمانه، بالركوب معه، حتى يصل إلى مجلس الشرطة، وتقدّم إلى الغلام الموكل به، بإخراجه من الموضع الذي هو فيه، وتسليمه إلى أصحاب محمد بن عبد الصمد.
فحكى الغلام: أنّه لما فتح الباب عنه، وأمره بالخروج، وهو وقت لم يكن يفتح عنه في مثله، قال له: من عند الوزير؟
فقال: محمد بن عبد الصمد.
فقال: ذهبنا والله.
وأخرج، وأركب بعض تلك البغال المؤكفة، واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد معه، حتى أوصلوه إلى الجسر، ثم انصرفوا.
وبات هناك محمد بن عبد الصمد، ورجاله مجتمعون حول المجلس.
فلما أصبح يوم الثلاثاء، لست بقين من ذي القعدة، أخرج الحلّاج إلى(6/90)
رحبة المجلس «1» ، وأمر الجلّاد بضربه بالسوط، واجتمع من العامة خلق كثير لا يحصى عددهم، فضرب إلى تمام الألف سوط، وما استعفى، ولا تأوّه.
بل لما بلغ إلى ستمائة سوط، قال لمحمد بن عبد الصمد: ادع بي إليك، فإن عندي نصيحة، تعدل فتح القسطنطينية.
فقال له محمد: قد قيل لي إنّك ستقول هذا، وما هو أكثر منه، وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل.
ولما بلغ ألف سوط، قطعت يده، ثم رجله، ثم يده، ثم رجله، وحزّ رأسه، وأحرقت جثّته.
وحضرت في هذا الوقت، وكنت واقفا على ظهر دابتي، خارج المجلس، والجثّة تقلّب على الجمر، والنيران تتوقّد، ولما صارت رمادا، ألقيت في دجلة.
ونصب الرأس يومين ببغداد، على الجسر، ثم حمل إلى خراسان، وطيف به في النواحي، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما.
واتفق أن زادت دجلة في تلك السنة، زيادة فيها فضل، فادّعى أصحابه، أنّ ذلك بسببه، ولأن الرماد خالط الماء.
وزعم بعض أصحاب الحلّاج، أنّ المضروب، عدو الحلّاج، ألقي شبهه عليه.
وادعى بعضهم، أنهم رأوه في ذلك اليوم، بعد الذي عاينوه من أمره، والحال التي جرت عليه، وهو راكب حمارا، في طريق النهروان، ففرحوا(6/91)
به، وقال: لعلّكم مثل هؤلاء البقر الذين ظنّوا أنّي أنا المضروب والمقتول.
وزعم بعضهم: أنّ دابة حوّلت في صورته.
وكان نصر الحاجب بعد ذلك، يظهر الترثّي له، ويقول: إنّه مظلوم، وإنّه رجل من العبّاد.
وأحضر جماعة من الوراقين، وأحلفوا على أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلّاج ولا يشتروها «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 8/133(6/92)
52 الخليفة يدعو القاضي حفص بن غياث فيستمهله حتى يفرغ من أمر الخصوم
أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
حدّثني عمر بن الحسن «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور «2» ، عن أبي هشام الرفاعي «3» :
أنّ حفص بن غياث «4» كان جالسا في الشرقيّة «5» للقضاء، فأرسل إليه الخليفة «6» يدعوه.
فقال له: حتى أفرغ من أمر الخصوم، إذ كنت أجيرا لهم، وأصير إلى أمير المؤمنين.
ولم يقم حتى تفرّق الخصوم.
تاريخ بغداد للخطيب 8/190(6/93)
53 القاضي حفص بن غياث تمر أحكامه وقضاياه كالقدح
أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
أخبرني عبد الباقي بن قانع «1» ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن رزق «2» ، قال:
لما ولي حفص بن غياث «3» القضاء بالكوفة، قال لهم أبو يوسف «4» :
اكسروا دفترا لتكتبوا فيه نوادر قضاياه، فمرت قضاياه وأحكامه كالقدح.
فقالوا لأبي يوسف: أما ترى؟
قال: ما أصنع بقيام الليل.
يريد أنّ الله وفّقه- بصلاة الليل- في الحكم.
تاريخ بغداد للخطيب 8/193(6/94)
54 الحسن بن وهب يرثي أبا تمام الطائي
أنبأنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني «2» ، قال: أخبرني محمد بن يحيى «3» ، قال: حدّثني محمد بن موسى، قال:
قال الحسن بن وهب «4» ، يرثي أبا تمام الطائي «5» .
فجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضتها حبيب الطائي
ماتا معا فتجاورا في حفرة ... وكذاك كانا قبل في الأحياء
تاريخ بغداد للخطيب 8/252(6/95)
55 مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر
أنبأنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي «2» ، إملاء من حفظه، قال:
حدّثنا أبي، أبو بكر يوسف بن يعقوب «3» ، وعم أبي، القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول «4» ، قال: سمعت جدي حسّان بن سنان «5» ، يقول:
قدمت إلى واسط «6» متظلما من عاملنا بالأنبار «7» ، فرأيت أنس بن مالك «8» ،(6/96)
في ديوان الحجاج بن يوسف «1» ، وسمعته يقول: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر.
قال إسحاق بن البهلول: قد دخلت في الدعوة التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بقوله: طوبى لمن رآني، ومن رأى من رآني، ومن رأى من رأى من رآني «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 8/258(6/97)
56 حسان بن سنان التنوخي أدركته بركة دعاء أنس بن مالك
أنبأنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثني أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «2» ، قال: حدّثنا أبي «3» ، قال: حدّثنا جدّي إسحاق «4» ، قال: حدّثني جدّي حسّان «5» ، قال:
خرجت في وفد من أهل الأنبار، إلى الحجاج، إلى واسط، نتظلّم إليه من عامله علينا ابن الرفيل.
فدخلت ديوانه، فرأيت شيخا، والناس يكتبون عنه، فسألت عنه، فقيل لي: أنس بن مالك، فوقفت عليه.
فقال لي: من أين أنت؟
فقلت: من الأنبار، جئنا إلى الأمير نتظلم إليه.
فقال: بارك الله فيك.(6/98)
فقلت: حدّثني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يا خادم رسول الله.
فقال سمعته صلى الله عليه وسلّم، يقول: مر بالمعروف، وانه عن المنكر، ما استطعت.
وأعجلني أصحابي، فلم أسمع منه غير هذا الحديث.
قال أبو غانم: قال أبي: كان جدي إسحاق يقول: أرجو أن أكون ممّن سبقت فيه، دعوة النبي صلى الله عليه وسلّم، بقوله (طوبى لمن رآني، ولمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني) .
قال أبو غانم: وكان من بركة دعاء أنس لحسان، أنّه عاش مائة وعشرين سنة، وخرج من أولاده جماعة فقهاء، وقضاة، ورؤساء، وصلحاء، وكتّاب، وزهاد.
ولد حسّان سنة ستين للهجرة، ووفاته في سنة ثمانين ومائة.
تاريخ بغداد للخطيب 8/259(6/99)
57 حسان بن سنان التنوخي كان نصرانيا، وأسلم
حدّثني عليّ بن المحسّن القاضي، عن أحمد بن يوسف الأزرق، عن مشايخ أهله، قال:
كان جدنا حسّان بن سنان، يكنى أبا العلاء، وولد بالأنبار في سنة ستين من الهجرة على النصرانية، وكانت دينه، ودين آبائه، ثم أسلم، وحسن إسلامه.
وكانت له حين أسلم ابنة بالغ، فأقامت على النصرانية، فلما حضرتها الوفاة، وصّت بمالها لديرة تنوخ بالأنبار.
وكان حسّان، يتكلم ويقرأ ويكتب، بالعربية، وبالفارسية، وبالسريانية، ولحق الدولتين.
فلما قلّد أبو العباس السفاح، ربيعة الرأي، القضاء بالأنبار، وهي إذ ذاك حضرته، أتي بكتب مكتوبة بالفارسية، فلم يحسن أن يقرأها، فطلب رجلا ديّنا، ثقة، يحسن قراءتها، فدلّ على حسّان بن سنان، فجاء به، فكان يقرأ له الكتب بالفارسية.
فلما اختبره، ورضي مذاهبه، استكتبه على جميع أمره.
وكان حسّان قبل ذلك، رأى أنس بن مالك، خادم النبي صلى الله عليه وسلّم، وروى عنه، ولا يعلم هل رأى غيره من الصحابة أم لا.
ومات جدنا حسّان، وله مائة وعشرون سنة.
تاريخ بغداد للخطيب 8/259(6/100)
58 افتتح القضاء بأعورين
أنبأنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
أخبرني محمد بن جرير الطبري «3» إجازة:
أنّ المتوكل «4» أشخص يحيى بن أكثم «5» من بغداد إلى سر من رأى «6» ، بعد القبض على ابن أبي دؤاد «7» فولاه قضاء القضاة في سنة سبع وثلاثين ومائتين «8» ، وعزل عبد السلام- يعني الوابصي «9» - وولي مكانه سوّار بن عبد الله بن سوّار العنبري «10» ، ويكنى أبا عبد الله، على الجانب الشرقي «11» ، وقلّد حبّان بن بشر،(6/101)
الأسدي «1» ، الشرقية «2» ، وخلع عليها في يوم واحد، وكانا أعورين، فأنشدني عبيد الله بن محمد الكاتب «3» ، لدعبل «4» :
رأيت من الكبائر قاضيين ... هما أحدوثة في الخافقين
قد اقتسما العمى نصفين قدّا ... كما اقتسما قضاء الجانبين
وتحسب منهما من هزّ رأسا ... لينظر في مواريث ودين
كأنّك قد جعلت عليه دنّا ... فتحت بزاله من فرد عين
هما فأل الزمان بهلك يحيى ... إذ افتتح القضاء بأعورين
تاريخ بغداد للخطيب 8/285(6/102)
59 من شعر خالد الكاتب
أنبأنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أنشدنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال:
أنشدنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، لخالد الكاتب «4» :
قدّ القضيب حكى رشاقة قدّه ... والورد يحسد ورده في خدّه
والشمس جوهر نورها من نوره ... والبدر أسعد سعده من سعده
خشف أرقّ من البهاء بهاؤه ... ومن الفرند المحض في إفرنده
لو مكّنت عيناك من وجناته ... لرأيت وجهك في صفيحة خدّه
قال: وله أيضا:
الله جارك يا سمعي ويا بصري ... من العيون التي ترميك بالنظر
ومن نفاسة خدّيك اللذين لك ال ... معنى وقد وسما بالشمس والقمر
فحاسناك، فما فازا بحسنهما ... وخاطراك، فما فاتاك بالخطر
من كان فيك إلى العذال معتذرا ... من الأنام فإنّي غير معتذر
تاريخ بغداد للخطيب 8/310(6/103)
60 أبو سعد داود بن الهيثم ابن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري
حدّثني علي بن المحسّن التنوخي، قال: قال لنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» :
كان أبو سعد داود بن الهيثم «2» أسن من القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق البهلول «3» ، ومن أبي «4» .
ولد أبو سعد في سنة تسع وعشرين ومائتين، وولد القاضي أبو جعفر في المحرم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وولد أبي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
وكان أبي، والقاضي أبو جعفر، يريان فضل أبي سعد، وضبطه، ويقدمانه عليهما.
وكان أبي يقول: أبو سعد، أدّبني، وعلّمني.
وكان «5» أخذ بيد إسحاق بن البهلول «6» ، حين أدخله على المتوكل «7» ،(6/104)
لما استحضره للسماع «1» ، فلما أراد إسحاق أن يقرأ على المتوكل، فضائل العباس، تقدّم إلى أبي سعد، فقرأها عليه، والمتوكل يسمع.
قال علي بن المحسّن: وكان فصيحا، نحويا، لغويا، حسن العلم بالعروض، واستخراج المعمّى «2» ، وصنّف كتبا في اللغة والنحو على مذهب الكوفيين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان «3» ، متداول.
وكان أخذ عن يعقوب بن السكيت «4» ، ولقي ثعلبا «5» ، فحمل عنه، وكان يقول الشعر الجيّد، ولقي من الأخباريين جماعة، منهم حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي «6» .
حدّثني عليّ بن المحسّن، عن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: كان أبو سعد داود بن الهيثم، كثير الحديث، كثير الحفظ للأخبار، والآداب، والنحو، واللغة، والأشعار، ولد بالأنبار، ومات بها في سنة ست عشرة وثلاثمائة.
قال علي بن المحسّن: وقال لنا أبو الحسن بن الأزرق: مات أبو سعد، داود بن الهيثم وله ثمان وثمانون سنة.
تاريخ بغداد للخطيب 8/379(6/105)
61 لماذا عرف بالثلاج
أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت «2» قال: حدّثني التنوخي، قال:
قال لنا ابن الثلّاج «3» : ما باع أحمد من سلفنا ثلجا قط، وإنما كانوا بحلوان «4» ، وكان جدي مترفا، فكان يجمع له في كل سنة ثلج كثير لنفسه.
فاجتاز الموفّق «5» ، أو غيره من الخلفاء، فطلب ثلجا، فلم يوجد إلّا عند جدي، وأهدى إليه منه، فوقع منه موقعا لطيفا، وطلبه منه أياما كثيرة، طول مقامه، وكان يحمله إليه.
فقال: اطلبوا عبد الله الثلاج، واطلبوا ثلجا من عند عبد الله الثلّاج، فعرف بالثلاج، وغلب عليه.
المنتظم 7/192(6/106)
62 ترفق بأهل الجهل إن كنت ساقيا
حدّثني علي بن المحسّن «1» ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «2» ، قال:
زرّاع بن عروة الحنفي «3» ، شاعر محدث من أهل اليمامة «4» ورد بغداد، ومات بها، وهو القائل:
فقد قال زرّاع، فكن عند قوله: ... ترفّق بأهل الجهل إن كنت ساقيا
وجدت أقلّ الناس عقلا إذا انتشى ... أقلّهم عقلا إذا كان صاحيا
يزيد حسى الكأس السفيه سفاهة ... ويترك أحلام الرجال كما هيا
تاريخ بغداد للخطيب 8/493(6/107)
63 ضم يا ضمام، واحذر لا تنام
حدّثنا التنوخي قال:
سرق أصحاب الحديث نعل أبي زيد «1» ، فكان إذا جاء أصحاب الشعر والعربية والأخبار، رمى بثيابه، ولم يتفقّدها، وإذا جاء أصحاب الحديث، جمعها كلّها، وجعلها بين يديه، وقال: ضم يا ضمّام، واحذر لا تنام.
تاريخ بغداد للخطيب 9/79(6/108)
64 رأي أبي زيد الأنصاري في أبي عبيدة والأصمعي
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال:
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدثنا أحمد بن عبيد «3» ، قال:
سئل أبو زيد الأنصاري «4» عن أبي عبيدة «5» والأصمعي «6» ، فقال: كذابان.
وسئلا عنه، فقالا: ما شئت من عفاف، وتقوى، وإسلام.
تاريخ بغداد للخطيب 9/79(6/109)
65 السري الرفاء يستهدي قدحا
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أنشدنا أحمد بن علي، المعروف بالهائم «2» ، قال: أنشدنا السري بن أحمد الرفاء «3» - لنفسه- وكتب بها إلى صديق «4» له، كان أهدى إليه قدحا حسنا، فسقط من يده فانكسر:
يا من لديه العفاف والورع ... وشيمتاه العلاء والرفع
كأسك قد فرقت مفاصله ... بين الندامى فليس تجتمع
كأنّما الشمس بينهم سقطت ... فجسمها في أكفهم قطع
لو لم أكن واثقا بمشبهه ... منك لكاد الفؤاد ينصدع
فجد به بدعة فعندي من ... جودك أشياء كلها بدع
تاريخ بغداد للخطيب 9/194(6/110)
66 أعجمي يتنقص الإمام عليا فيضرب ويطرد
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخيّ، عن أحمد بن يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» ، قال: أخبرني أبي «2» وعمّي «3» ، أنّه كان بالأنبار قوم لا يرتقون في الخلافة والفضل بعليّ بن أبي طالب، منهم الوضاح بن حسان- رجل من الأعاجم- وكان إسحاق بن البهلول «4» ، يحضر مجلسه، والناس متوافرون عليه، لعلوّ إسناده.
فصار إسحاق إليه يوما، وهو يحدّث في مسجده، وحواليه زهاء ألف إنسان، فسأله عن علي بن أبي طالب، فلم يلحقه بأبي بكر وعمر وعثمان.
فخرق إسحاق دفترا كان بيده، فيه سماع منه له، وضرب به رأسه.
فانفض الناس عن الوضاح، وأقعد إسحاق في مكانه رجلا، كان أقام بالأنبار، ثم خرج إلى الثغر، يعرف بسمرة بن حجر الخراساني «5» ، صاحب سنّة، فحدّث بفضائل الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، وكتب عنه إسحاق، فكتب الناس عنه.
تاريخ بغداد للخطيب 9/228(6/111)
67 شبيب بن شيبة يفزع إليه أهل البصرة في قضاء حوائجهم
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم «2» ، ومحمد بن عبد الرحمن بن العباس «3» ، قالا: حدّثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري «4» ، قال: حدّثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري «5» ، قال: حدّثنا الأصمعي «6» ، قال:
كان شبيب بن شيبة «7» ، رجلا شريفا، يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم، فكان يغدو في كل يوم ويركب.(6/112)
فإذا أراد أن يغدو، أكل من الطعام شيئا قد عرفه، فنال منه، ثم ركب.
فقيل له: إنّك تباكر الغداء.
فقال: أجل، أطفي به فورة جوعي، وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ به في قضاء حوائجي، فإنّي وجدت خلاء الجوف، وشهوة الطعام، يقطعان الحكيم عن بلوغه في حاجته، ويحمله ذلك على التقصير فيما به إليه الحاجة، وإنّي رأيت النهم لا مروءة له، ورأيت الجوع داء من الداء، فخذ من الطعام ما يذهب عنك النهم، وتداوي به داء الجوع «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 9/276(6/113)
68 من حكم شبيب بن شيبة
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: حدّثنا أبو العباس بن محمد، قال: سمعت أبا العباس المبرد «2» يقول: قال شبيب بن شيبة «3» :
من سمع كلمة يكرهها، فسكت، انقطع عنه ما يكرهه، وإن أجاب، سمع أكثر ممّا يكره.
تاريخ بغداد للخطيب 9/276(6/114)
69 علام يؤتى المرء
أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا علي بن الحسن الجراحي «1» قال: حدّثني سهل بن إسماعيل الجوهري «2» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله ابن الضريس النحوي، قال: حدّثنا عبد الله بن الحكم الحربي، قال: حدّثنا محمد بن شبيب النحوي، قال: حدّثنا الشرقي بن القطامي «3» ، قال:
دخلت على المنصور «4» ، فقال: يا شرقي، علام يؤتى المرء؟
فقلت: أصلح الله الخليفة، على معروف قد سلف، ومثله يؤتنف، أو قديم شرف، أو علم مطّرف.
تاريخ بغداد للخطيب 9/278(6/115)
70 العباس الخياط لا يثمر فيه الإحسان
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أنشدنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: أنشد أبو القاسم التوزي، أبي «3» ، وأنا أسمع، للعباس الخياط في صالح بن أحمد بن حنبل «4» :
جاد بدينارين لي صالح ... أصلحه الله وأخزاهما
فواحد تحمله ذرّة ... ويلعب الريح بأقواهما
بل لو وزنّا لك ظلّيهما ... ثمّ عمدنا فوزنّاهما
لكان- لا كانا ولا أفلحا- ... عليهما يرجّح ظلّاهما
تاريخ بغداد للخطيب 9/318(6/116)
71 من شعر ابن الأعرابي
أخبرنا عليّ بن المحسّن المعدّل «1» ، حدّثنا أحمد بن محمد بن يعقوب الكاغدي «2» ، قال: حدّثنا محمد بن أحمد الحكمي «3» ، قال: حدّثنا أبو توبة، صالح بن محمد بن دراج الكاتب «4» ، قال: أنشدنا ابن الأعرابي «5» :
كانت سليمى إذا ما جئت طارقها ... وأخمد الليل نار الموقد الصالي
قارورة من عبير عند ذي لطف ... من الدنانير كالوه بمثقال
تاريخ بغداد للخطيب 9/319(6/117)
72 القاضي التنوخي ينيب عنه صدقة بن علي الموصلي على قضاء نصيبين وأعمالها
أخبرنا التنوخي، [عن أبيه] ، قال: حدّثنا صدقة بن علي الموصلي «1» - وكان خليفة أبي «2» ، على قضاء نصيبين وأعمالها- قرأ علينا من لفظه، في منزلنا ببغداد، في ذي القعدة من سنة سبعين وثلاثمائة، بعد أن كتبه لنا من حفظه:
حدّثنا إبراهيم بن ثمامة الحنفي، بمصر، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد «3» ، قال: حدّثنا مالك بن أنس «4» ، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلّم، قال:
إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن.
قال التنوخي: ذكر لنا صدقة، أنّه ولد في سنة سبع وثلاثمائة.
تاريخ بغداد للخطيب 9/335(6/118)
73 لا عار في الصرف إذا بقيت المحاسن محروسة
حدّثني عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: لما عزل صاعد بن محمد «1» عن قضاء نيسابور «2» بأستاذه أبي الهيثم عتبة بن خيثمة، كتب إليه أبو بكر محمد ابن موسى الخوارزمي «3» ، هذين البيتين، وأنشدهما لنفسه:
وإذا لم يكن من الصرف بدّ ... فليكن بالكبار لا بالصغار
وإذا كانت المحاسن بعد ال ... صرف محروسة فليس بعار
تاريخ بغداد للخطيب 9/344(6/119)
74 المنصور العباسي يضرب أسوأ الأمثال في القسوة
أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدّي علي ابن محمد بن أبي الفهم «1» قال: حدّثني أحمد بن أبي العلاء المعروف بحرمي «2» ، قال: حدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أبان «3» ، قال: حدّثني أبو معقل، وهو ابن إبراهيم بن داحة، قال: حدّثني أبي، قال:
أخذ أبو جعفر «4» ، أمير المؤمنين، عبد الله بن حسن بن حسن «5» ، فقيّده، وحبسه في داره.
فلما أراد أبو جعفر الخروج إلى الحج، جلست له ابنة لعبد الله بن حسن، يقال لها: فاطمة، فلما أن مرّ بها أنشأت تقول:
ارحم كبيرا سنّه متهدّما ... في السجن بين سلاسل وقيود(6/120)
وارحم صغار بني يزيد إنّهم ... يتموا لفقدك لا لفقد يزيد
أرجوك بالرحم القريبة بيننا ... ما جدّنا من جدكم ببعيد
فقال أبو جعفر: أذكرتنيه، ثم أمر به فحدر إلى المطبق، وكان آخر العهد به «1» .
قال ابن داحة: يزيد هذا أخ لعبد الله بن حسن.
قال إسحاق بن محمد: فسألت زيد بن عليّ بن حسين بن زيد بن علي، وهو عند الزينبي محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، عن هذا الحديث، وأخبرته بقول إبراهيم بن داحة، في يزيد هذا.
فقال: لم يقل شيئا، ليس في ولد علي بن أبي طالب يزيد، وإنما هذا شيء تمثّلت به، ويزيد هو ابن معاوية بن عبد الله بن جعفر.
تاريخ بغداد للخطيب 9/432(6/121)
75 القاضي عبد الله بن أبي الشوارب
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «1» ، من سروات الرجال، وله قدر وجلالة.
استقضاه المكتفي بالله «2» على مدينة المنصور «3» ، في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين ومائتين «4» ، وما زال على قضاء المدينة إلى سنة ست وتسعين ومائتين «5» ، فإن المقتدر «6» نقله إلى القضاء بالجانب الشرقي «7» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/10(6/122)
76 المنصور يضرب قهرمانه سبع درر
قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن إبراهيم بن محمد الطبري «2» ، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الهجيمي، قال: حدّثنا أبو العيناء «3» ، قال:
دخل المنصور «4» من باب الذهب، فإذا بثلاثة قناديل مصطفّة.
فقال: ما هذا، أما واحد من هذا كان كافيا؟ يقتصر من هذا على واحد.
قال: فلما أصبح، أشرف على الناس وهم يتغدّون، فرأى الطعام قد خفّ من بين أيديهم، قبل أن يشبعوا.
فقال: يا غلام، عليّ بالقهرمان.
قال: ما لي رأيت الطعام قد خفّ من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟
قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك، قد قدرت الزيت، فقدرت الطعام.
فقال له: وأنت لا تفرّق بين زيت يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل وجدت له آكلا؟ ابطحوه.
قال: فبطحوه، فضربه سبع درر «5» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/56(6/123)
77 قطن بن معاوية الغلابي يستسلم للمنصور
أخبرنا التنوخي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أيوب بن عمرو بن أبي عمرو- أبو سلمة الغفاري- قال: حدّثني قطن ابن معاوية الغلابي، قال:
كنت ممّن سارع إلى إبراهيم «2» ، واجتهد معه.
فلما قتل، طلبني أبو جعفر «3» ، واستخفيت، فقبض أموالي ودوري.
ولحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقّلت في بلاد قيس أجاورهم.
حتى ضقت ذرعا بالاستخفاء، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراض له.
فقدمت البصرة، فنزلت في طرف منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي ودّا، فشاورته في الذي أزمعت عليه.
ففيّل «4» رأيي، وقال: والله إذن ليقتلنّك، وإنك لتعين على نفسك.(6/124)
فلم ألتفت إليه، وشخصت، حتى قدمت بغداد، وقد بني أبو جعفر مدينته ونزلها «1» ، وليس من الناس أحد يركب فيها، ما خلا المهدي «2» .
فنزلت الخان «3» ، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثا، فإن جئتكم، وإلّا فانصرفوا.
ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع «4» ، وهو يومئذ داخل المدينة، في الشارعة على قصر الذهب «5» .
فلم يلبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه، فردّ عليّ السلام.(6/125)
وقال: من أنت؟
قلت: قطن بن معاوية.
قال: أنظر ما تقول؟
قلت: أنا هو.
فأقبل على مسودّة «1» معه، فقال: احتفظوا بهذا.
قال: فلما حرست، لحقتني ندامة، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسّفت عليه.
ودخل الربيع، فلم يطل، حتى خرج بخصيّ، فأخذ بيدي، فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتا حصينا، فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق.
فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء، وخلوت بنفسي ألومها.
فلما كانت الظهر، أتاني الخصيّ بماء، فتوضّأت وصلّيت، وأتاني بطعام، فأخبرته بأنّي صائم.
فلما كانت المغرب، أتاني بماء، فتوضأت وصلّيت، وأرخى عليّ الليل سدوله، فيئست من الحياة.
وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع عنّي النوم.
فلما ذهب صدر الليل، أتاني الخصيّ، ففتح عنّي، ومضى بي، فأدخلني صحن دار، ثم أدناني من ستر مسدول، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده، والربيع قائم في ناحية.
فأكبّ أبو جعفر هنيهة مطرقا، ثم رفع رأسه، فقال: هيه.
قلت: يا أمير المؤمنين، قد والله جهدت عليك جهدي، فعصيت أمرك، وواليت عدوّك، وحرصت على أن أسلبك ملكك، فإن عفوت فأنت أهل(6/126)
لذاك، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني.
قال: فسكت هنيهة، ثم قال: هيه.
فأعدت مقالتي.
فقال: فإنّ أمير المؤمنين قد عفا عنك.
فقلت: يا أمير المؤمنين، فإنّي أصير من وراء بابك، فلا أصل إليك، وضياعي ودوري، فهي مقبوضة، فإن رأى أمير المؤمنين، أن يردّها، فعل.
فدعا بالدواة، ثم أمر خادما، فكتب بإملائه، إلى عبد الملك بن أيّوب النميري، وهو يومئذ على البصرة «1» : انّ أمير المؤمنين، قد رضي عن قطن ابن معاوية وردّ عليه ضياعه ودوره، وجميع ما قبض له، فاعلم ذلك، وأنفذه له إن شاء الله.
قال: ثم ختم الكتاب، ودفعه إليّ.
فخرجت من ساعتي، لا أدري أين أذهب، فإذا الحرس بالباب، فجلست بجانب أحدهم أحدّثه.
فلم ألبث أن خرج علينا الربيع، فقال: أين الرجل الذي خرج آنفا؟
فقمت إليه.
فقال: انطلق أيها الرجل، فقد والله سلمت.
فانطلق بي إلى منزله، فعشّاني، وأفرشني.
فلما أصبحت، ودّعته، وأتيت غلماني، فأرسلتهم يكترون لي،(6/127)
فوجدوا صديقا لي من الدهاقين «1» ، من أهل ميسان «2» ، قد اكترى سفينة لنفسه، فحملني معه.
فقدمت على عبد الملك بن أيّوب، بكتاب أبي جعفر، فأقعدني عنده، فلم أقم حتى ردّ عليّ جميع ما اصطفي لي.
تاريخ بغداد للخطيب 10/58(6/128)
78 القاضي عبد الله بن محمد رافق الرشيد وهلك بطوس
أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال:
عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة «6» ولّاه أمير المؤمنين الرشيد «7» قضاء المدينة، وكان معه حتى هلك بطوس «8» ، مخرج(6/129)
أمير المؤمنين الرشيد إلى خراسان «1» ، الذي هلك فيه الرشيد «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/61(6/130)
79 القاضي عبد الله بن محمد الخلنجي وعفته وديانته
حدّثنا علي بن المحسّن، أنّ طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
عزل الواثق «2» ، عبد الرحمن بن إسحاق «3» واستقضى عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي يزيد الخلنجي «4» ، وكان من أصحاب أبي عبد الله بن أبي دؤاد «5» ، حاذقا بالفقه على مذهب أبي حنيفة، واسع العلم، ضابطا، وكان يصحب ابن سماعة «6» ، وتقلّد المظالم «7» بالجبل «8» .
فأخبر ابن أبي دؤاد أنه مستقلّ عالم بالقضاء ووجوهه، فسأل عنه ابن سماعة، فشهد له، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم «9» ، فولاه قضاء همذان «10» ،(6/131)
فأقام نحوا من عشرين سنة لا يشكى، وتلطّف له محمد بن الجهم في مال عظيم فلم يقبله.
ولما ولي الشرقية «1» ، ظهرت عفته، وديانته، لأهل بغداد، وكان فيه كبر شديد.
وكتب إليه المعتصم في أن يمتحن الناس «2» ، وكان يضبط نفسه، فتقدّمت إليه امرأة فقالت: إنّ زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنين في القرآن، ففرّق بيني وبينه، فصاح عليها.
فلما كان في سنة سبع وثلاثين، في جمادى، عزله المتوكل «3» ، وأمر أن يكشف، ليفضحه، بسبب ما امتحن الناس في خلق القرآن.
فأخبرني الطبري محمد بن جرير، قال: أقيم الخلنجي «4» للناس سنة سبع وثلاثين ومائتين.
قال طلحة: وأخبرني عمر بن الحسن «5» ، قال: كشف الخلنجي، فما انكشف عليه أنّه أخذ حبّة واحدة.
تاريخ بغداد للخطيب 10/73(6/132)
80 يا نفس صبرا لعل الخير عقباك
أخبرنا علي بن المحسّن المعدّل «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: أخبرنا أبو بكر الصولي «3» ، قال:
كان القاسم بن عبيد الله الوزير «4» ، قد تقدم عند وفاة المعتضد بالله «5» ، إلى صاحب الشرطة، مؤنس الخادم «6» ، أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز «7» ، وقصي ابن المؤيد «8» ، وعبد العزيز بن المعتمد «9» ، فيحبسهم في دار، ففعل ذلك.
فكانوا محبسين خائفين، إلى أن قدم المكتفي بالله «10» بغداد، فعرف خبرهم، فأمر بإطلاقهم، ووصل كل واحد منهم بألف دينار.(6/133)
قال: فحدّثنا ابن المعتز، قال: سهرت ليلة دخل في صبيحتها المكتفي إلى بغداد «1» ، فلم أنم خوفا على نفسي، وقلقا بوروده.
فمرت بي في السحر «2» طير فصاحت، فتمنّيت أن أكون مخلّى مثلها، لما يجري عليّ من النكبات.
ثم فكّرت في نعم الله عليّ، وما خاره لي من الإسلام، والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وما أؤمّله من البقاء الدائم في الآخرة، فقلت في الحال:
يا نفس صبرا لعلّ الخير عقباك ... خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرّت بنا سحرا طير فقلت لها ... طوباك يا ليتني إيّاك طوباك
لكن هو الدهر فالقيه على حذر ... فربّ مثلك تنزو بين إشراك
تاريخ بغداد للخطيب 10/98(6/134)
81 أبو القاسم بن بنت منيع يفيد مائتي دينار من نسخ مغازي ابن إسحاق
حدّثنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر البزاز «2» ، قال: حدّثني أبو القاسم بن بنت منيع «3» ، قال:
كنت أورّق، فسألت جدّي أحمد بن منيع «4» أن يمضي معي إلى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي «5» ، يسأله أن يعطيني الجزء الأول من المغازي عن أبيه «6» ، عن ابن إسحاق «7» ، حتى أورّقه عليه.
فجاء معي، وسأله، فأعطاني الجزء الأول، فأخذته وطفت به.(6/135)
فأوّل ما بدأت بأبي عبد الله بن المغلس، وأريته الكتاب، وأعلمته أنّي أريد أن أقرأ المغازي على سعيد الأموي، فدفع إليّ عشرين دينارا، قال:
اكتب لي منه نسخة.
ثم طفت بعده بقيّة يومي، فلم أزل آخذ من عشرين دينارا إلى عشرة دنانير، وأكثر وأقل، إلى أن حصل معي في ذلك اليوم مائتا دينار.
فكتبت نسخا لأصحابها بشيء يسير من ذلك وقرأتها لهم، واستفضلت الباقي «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/113(6/136)
82 ثلاثة يسلمن إلى الأجل
أنشدني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنشدني أبو محمد عبد الله ابن محمد البافي «1» ، لنفسه:
ثلاثة ما اجتمعن في رجل ... إلّا وأسلمنه إلى الأجل
ذل اغتراب، وفاقة، وهوى ... وكلّها سائق على عجل
يا عاذل العاشقين إنّك لو ... أنصفت رفّهتهم عن العذل
فإنهم- لو عرفت صورتهم- ... عن عذل العاذلين في شغل
تاريخ بغداد للخطيب 10/140(6/137)
83 رأي ابن مهدي في سفيان ومالك وشعبة وابن المبارك
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الصفار»
، قال: حدّثنا أبو علي أحمد بن علي بن شعيب المدائني بمصر، قال: حدّثنا محمد بن عمر، وهو ابن نافع المعدّل، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن شبويه، قال: حدّثنا الثقة عن ابن مهدي قال:
ما رأيت رجلا أعلم بالحديث من سفيان الثوري «3» ، ولا أحسن عقلا من مالك «4» ، ولا أقشف من شعبة «5» ، ولا أنفع لهذه الأمة من عبد الله بن المبارك «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/160(6/138)
84 عبد الله بن مصعب يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس «2» وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني محمد بن مسلمة المخزومي قال:
كان مالك بن أنس «6» ، إذا ذكر عبد الله بن مصعب «7» ، قال: المبارك.
وكان يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم، وكان في صحابة أمير المؤمنين المهدي، وولّاه اليمامة «8» .
فقال له: يا أمير المؤمنين، إنّي أقدم بلدا أنا جاهل بأهله، فأعنّي(6/139)
برجلين من أهل المدينة، لهما فضل وعلم، عبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد الله بن محمد بن عجلان، فأعانه بهما، وكتب في إشخاصهما إليه.
قال الزبير «1» : وحدّثني عمّي مصعب بن عبد الله «2» ، قال: كان سبب اتصال عبد الله بن مصعب بأمير المؤمنين المهدي، أنّ أمير المؤمنين المهدي، قدم المدينة سنة ستين ومائة «3» ، فدقّ المقصورة «4» وجلس للناس في المسجد، فجعلوا يدخلون عليه، ويأمر لهم بالجوائز، ويحضرهم الشفعاء من وزرائه.
وكان رجال قد أحسّوا بجلوس أمير المؤمنين المهدي، وما يزيد في الناس، وطلبوا الشفاعات.
ودخل عليه عبد الله بن مصعب بغير شفيع، وكان وسيما جميلا، ومفوها فصيحا، وقد عرفت له مروءته وقدره بالبلد، قبل ذلك.
فتكلم بين يدي أمير المؤمنين المهدي، فأعجب به، وألحق جائزته بأفضل جوائزهم، وكساه كسوة خاصة، وأدخله في صحابته، وخرج به معه إلى بغداد.
فقال عبد الله بن مصعب:
ولمّا وجّه الشفعاء قوما ... علا خطبي فجلّ عن الشفيع(6/140)
وجاء يدافع الأركان عنّي ... أب لي في ذرى ركن منيع
أب يترنّح الأبناء منه ... إذا انتسبوا إلى الشرف الرفيع
سعى فحوى المكارم ثم ألقى ... مساعيه إلى غير المضيع
فورّثني على رغم الأعادي ... مساعي لا ألفّ ولا وضيع
فقمت بلا تنحّل خارجي ... إذا عدّ الفعال ولا بديع
فإن يك قد تقدّمني صنيع ... يشرّفني فما وفّى صنيعي
وكانت له من أمير المؤمنين المهدي، ومن أمير المؤمنين موسى، ومن أمير المؤمنين هارون الرشيد، خاصة ومنزلة «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/173(6/141)
85 مد لك الله الحياة مدا
أخبرنا علي بن أبي علي المعدل «1» ، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال: حدّثنا أبو الفضل الربعي، قال:
لما ولد جعفر «4» بن المأمون، المعروف بابن بخّة، دخل المهنئون على المأمون «5» ، فهنأوه بصنوف من التهاني.
وكان فيمن دخل العباس بن الأحنف «6» ، فمثل بين يديه قائما، ثم أنشأ يقول:
مدّ لك الله الحياة مدّا ... حتى يريك ابنك هذا جدّا
ثم يفدّي مثلما تفدّى ... كأنّه أنت إذا تبدّا
أشبه منك قامة وقدّا ... موزّرا بمجده مردّى
فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم.
تاريخ بغداد للخطيب 10/189(6/142)
86 القاضي عبد الرحمن بن إسحاق يحل محل إسماعيل بن حماد وبشر بن الوليد
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
عزل إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة «1» ، فاستقضي مكانه عبد الرحمن ابن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة، مولى بني ضبّة «2» ، وجدّه من أصحاب الدولة، وكان من أصحاب أبي حنيفة، حسن الفقه، وتقلّد الحكم في أيام المأمون، وما زال إلى آخر أيام المعتصم «3» .
ولما عزل المأمون بشر بن الوليد «4» ، ضم عمله إلى عبد الرحمن بن إسحاق، وكان على قضاء الشرقية «5» ، فصار على الحكم بالجانب الغربي بأسره «6» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/260(6/143)
87 أبو عبد الله الختلي يحدّث في البصرة بخمسين ألف حديث من حفظه
أخبرني علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال:
دخل إلينا أبو عبد الله الختلي «1» إلى البصرة، وهو صاحب حديث جلد، وكان مشهورا بالحفظ.
فجاء وليس معه شيء من كتبه، فحدّث شهورا، إلى أن لحقته كتبه.
فسمعته يقول: حدّثت بخمسين ألف حديث من حفظي، إلى أن لحقتني كتبي.
تاريخ بغداد للخطيب 10/290(6/144)
88 كأن رقيبا منك يرعى خواطري
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا ابن حيويه «1» ، قال: أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر»
، قال: أنشدني البحتري «3» :
كأنّ رقيبا منك يرعى خواطري ... وآخر يرعى ناظري ولساني
فما أبصرت عيناي بعدك منظرا ... يسوءك إلّا قلت قد رمقاني
ولا بدرت من فيّ بعدك مزحة ... لغيرك إلّا قلت قد سمعاني
إذا ما تسلّى العاذرون عن الهوى ... بشرب مدام أو سماع قيان
وجدت الذي يسلي سواي يشوقني ... إلى قربكم حتى أملّ مكاني
وفتيان صدق قد سئمت لقاءهم ... وعفّفت طرفي عنهم ولساني
وما الدهر أسلى عنهم غير أنّني ... أراك على كل الجهات تراني
مصارع العشاق 2/195(6/145)
89 عبيد الله بن أحمد بن غالب
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
كان عبيد الله بن أحمد بن غالب «1» ، فقيها، عالما، على مذهب أهل العراق «2» ، وكان من أصحاب ابن أبي دؤاد «3» ، وهو خال عمر بن غالب.
وكان مولده سنة ثمانين ومائة، ولم يحدّث بشيء فيما أعلمه «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 10/319(6/146)
90 لا تهجرني فإني لست ذا جلد
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا أبو طالب عبد العزيز بن أحمد الدنقشي «1» ، قال: قال لي أبو عبد الله الحسن بن علي بن سلمة:
أنشدت أبا الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي «2» :
ما إن ذكرتك في قوم أحدّثهم ... إلّا وجدت فتورا بين أحشائي
فأنشدني لنفسه، يريد تضمين هذا البيت:
كم لوعة في الحشا أبقت به سقما ... خوفا لهجرك أو خوفا من النائي
لا تهجرنّي فإنّي لست ذا جلد ... ولا اصطبار على هجر الأخلاء
الله يعلم ما حمّلت من سقم ... وما تضمّنته من شدّة الداء(6/147)
لو أنّ أعضاء صبّ خاطبت بشرا ... لخاطبتك بوجدي كلّ أعضائي
فارعي حقوق فتى لا يبتغي شططا ... إلّا السلام بإيحاء وإيماء
هذا على وزن بيت كنت منشده ... عار إذا كان من لحن وإقواء
ما إن ذكرتك في قوم أحدّثهم ... إلّا وجدت فتورا بين أحشائي
ولا هممت بشرب الماء من عطش ... إلّا رأيت خيالا منك في الماء «1»
تاريخ بغداد للخطيب 10/354(6/148)
91 من شعر أبي الحسن الكرخي
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو طالب الدنقشي «1» ، قال: قال لي أبو عبد الله الحسن بن علي بن سلمة، قال: أنشدني أبو الحسن الكرخي «2» لنفسه:
حسبي سمّوا في الهوى أن تعلما ... أن ليس حقّ مودّتي أن أظلما
ثم امض في ظلمي على علم به ... لا مقصرا عنه ولا متلوّما
فوحقّ ما أخذ الهوى من مقلتي ... وأذاب من جسمي عليك وأسقما
لجفاك عن علم بما ألقى به ... أحظى لديّ من الرضا متجهّما
تاريخ بغداد للخطيب 10/354(6/149)
92 العالم العاقل ابن نفسه
قال لي التنوخي:
بلغني أنّ أبا محمد بن معروف «1» ، جلس يوما للحكم في جامع الرصافة، فاستدعى أصحاب القصص إليه، فتتبّعها، ووقّع على أكثرها.
ثم نظر في بعضها، فإذا فيها ذكر له بالقبيح، ومواقفته على وضاعته، وسقوط أصله، ثم تنبيهه وتذكيره بأحوال غير جميلة، وتعديد ذلك عليه.
فقلب الرقعة، وكتب على ظهرها:
العالم العاقل إبن نفسه ... أغناه جنس علمه عن جنسه
كن ابن من شئت ولكن كيّسا ... فإنما المرء بفضل كيسه
كم بين من تكرمه لغيره ... وبين من تكرمه لنفسه
من إنما حياته لغيره ... فيومه أولى به من أمسه
تاريخ بغداد للخطيب 10/366(6/150)
93 لا ردّ الله غربتك
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا جماعة من أصدقائنا عن أبي عبد الله بن بطّة العكبري «1» ، قال:
انحدرت لأقرأ على أبي بكر بن مجاهد «2» ، فوافيت إلى مسجده «3» ، فجلست فيه بالقرب منه.
فلما قرأ الجماعة، نظرت فإذا سبقي بعيد، فدنوت منه، وقلت:
يا أستاذ، خذ عليّ.
فقال: ليس السبق لك.
فقلت له: أنا غريب، وينبغي أن تقدّمني.
فقال: إي لعمري، من أيّ بلد أنت؟
فقلت: من بلد يقال له عكبرا «4» .
فقال لأصحابه: بلد غريب، ما سمعنا به، ومسافة شاسعة.
ثم ضحك والتفت إليّ، وقال لي: لا ردّ الله غربتك، مع أمّك تغدّيت، وجئت إليّ.
تاريخ بغداد للخطيب 10/372(6/151)
94 أكني بغيرك
أخبرنا التنوخي، قال: نقلت من خطّ أبي إسحاق الصابي «1» :
أكني بغيرك في شعري وأعنيك ... تقيّة وحذارا من أعاديك
فإن سمعت بإنسان شغفت به ... فإنّما هو ستر دون حبّيك
غالطتهم دون شخص لا وجود له ... معناه أنت ولكن لا أسمّيك
أخاف من مسعدي في الحبّ زلّته ... وكيف آمن فيه كيد واشيك
ولو كشفت لهم ما بي وبحت به ... لاستعبروا رحمة من محنتي فيك
مصارع العشاق 2/161(6/152)
95 وظريف زوال وجد بوجد
قال التنوخي: أنشدني أبو العبّاس الزراري «1» لنفسه:
لي صديق قد صيغ من سوء عهد ... ورماني الزمان فيه بصدّ
كان وجدي به فصار عليه ... وظريف زوال وجد بوجد
تاريخ بغداد للخطيب 10/378(6/153)
96 القاضي عبد الملك بن حزم توفي، فصلى عليه الرشيد
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
استقضى الرشيد عبد الملك بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم «1» أيّاما، ومات، فصلى عليه هارون الرشيد، ودفن في مقابر العباسة بنت المهديّ «2» ، وذلك في سنة ثمان وسبعين ومائة «3» .
وكان جليلا من أهل بيت العلم والسير والحديث.
تاريخ بغداد للخطيب 10/410(6/154)
97 المنصور يعفو عن أحد الثائرين عليه
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني مصعب بن عثمان «6» ، ومحمد بن الضحاك الحزامي «7» ، ومحمد بن الحسن المخرّمي «8» ، وغيرهم:(6/155)
أنّ عبد العزيز بن عبد الله «1» ، كان ممّن أسر مع محمد بن عبد الله بن حسن «2» ، فلما قتل محمد، حمل عبد العزيز إلى أمير المؤمنين المنصور «3» في حديد.
فلما أدخل عليه، قال له: ما رضيت أن خرجت عليّ، حتى خرجت معك بثلاثة أسياف من ولدك؟
فقال له عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، صل رحمي، واعف عنّي، واحفظ فيّ عمر بن الخطاب.
فقال: أفعل، فعفا عنه.
فقال له عبد الله بن الربيع المداني: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه، لا يطمع فيك فتيان قريش.
فقال له أمير المؤمنين المنصور: إذا قتلت هذا فعلى من أحبّ أن أتأمّر؟.
تاريخ بغداد للخطيب 10/435(6/156)
98
قرشية اختارت لنفسها
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا المخلّص محمد بن عبد الرحمن «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان «4» ، قال:
حدّثنا الزبير «5» ، قال: حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري، عن أبي هريرة بن جعفر المحرري «6» ، مولى أبي هريرة.
أنّ الديباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان «7» ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب «8» ، خطبا امرأة من قريش، فاختلفا عليها في(6/157)
جمالها، فجعلت تسأل وتستبحث.
إلى أن خرجت تريد صلاة العتمة في المسجد، فرأتهما قائمين في القمر، يتعاتبان في أمرها، ووجه عبد العزيز إليها، وظهر محمد إليها.
فنظرت إلى بياض عبد العزيز، وطوله، فقالت: ما يسأل عن هذين، وتزوجت عبد العزيز.
فجمع الناس، وأولم لدخولها، فبعث إلى محمد بن عبد الله بن عمرو، فدعاه فيمن دعا، فأكرمه، وأجلسه في مجلس شريف.
فلما فرغ الناس، برّك له محمد، وخرج وهو يقول:
وبينا أرجيّ أن أكون وليّها ... رميت بعرق «1» من وليمتها سخن
تاريخ بغداد للخطيب 10/435(6/158)
99 عبد العزيز الأعرج لا يمسك شيئا لفرط سخائه
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال:
عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز الذي يقال له الأعرج «6» ، كان(6/159)
يحيى بن خالد بن برمك «1» قد أصحبه، فقدم عليه، ووصله يحيى بأموال كثيرة، وكان رجلا لا يمسك شيئا، ينفق المال ويتوسّع فيه، فلم يدع من ذلك المال كثير شيء، حتى هلك.
وأمّه، أمة الرحمن بنت حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف.
تاريخ بغداد للخطيب 10/441(6/160)
100 ابن البقال أحد المتكلمين الشيعة الزيدية
قال لي أبو القاسم التنوخي:
كان ابن البقّال «1» أحد المتكلمين من الشيعة، وله كتب مصنّفة على مذهب الزيدية «2» ، تجمع حديثا كثيرا.
وله أخ شاعر مشهور.
تاريخ بغداد للخطيب 10/458(6/161)
101 عبد العزيز بن حماد الدنقشي قاضي رامهرمز
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو طالب عبد العزيز بن أحمد بن محمد ابن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد الدنقشي «1» ، قاضي رامهرمز «2» ببغداد في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، قال: حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد «3» ، قال: حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال: حدّثنا سفيان «4» عن عمرو بن عبيد «5» ، عن الحسن «6» عن عمران بن حصين «7» ، وأبي بكرة «8» ومعقل بن يسار «9» وأبي(6/162)
برزة الأسلمي «1» وأنس بن مالك «2» ، قالوا جميعا:
ما سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم قط قام فينا خطيبا إلّا وهو ينهانا عن المثلة «3» ، ويأمرنا بالصدقة.
قال لنا التنوخي: قال لنا أبو طالب الدنقشي، ولدت ببغداد، في مدينة المنصور سنة اثنتين وثلاثمائة.
قال: وكان حماد يلقب بدنقش، وهو مولى المنصور، وصاحب حرسه.
وكان محمد بن حماد، أحد القواد بسر من رأى مع صالح بن وصيف ثم ولي الشرطة بها للمهتدي بالله «4» .
وكان أبو عيسى أحمد بن محمد أمينا من أمناء القضاة.
تاريخ بغداد للخطيب 10/462(6/163)
102 وتأخذ من جوانبنا الليالي
أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو نصر بن نباتة «1» لنفسه:
وتأخذ من جوانبنا الليالي ... كما أخذ المساء من الصباح
أما في أهلها رجل لبيب ... يحسّ فيشتكي ألم الجراح
أرى التشمير فيها كالتواني ... وحرمان العطيّة كالنجاح
ومن تحت التراب كمن علاه ... يرى الأرزاق في ضرب القداح «2»
تاريخ بغداد للخطيب 10/467(6/164)
103 كيف الظن بمن هو أرحم الراحمين
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد «2» ، قال:
كنت أمشي يوما مع أبي طاهر بن أبي هاشم المقرئ «3» ، وكان أستاذي، فاجتزنا بمقابر الخيزران «4» ، فوقف عليها ساعة.
ثم التفت إليّ، فقال لي: يا أبا القاسم، ترى لو وقف هؤلاء هذه المدة الطويلة على باب ملك الروم، ما رحمهم؟ فكيف تظن بمن هو أرحم الراحمين؟
وبكى.
تاريخ بغداد للخطيب 11/8(6/165)
104 تشابهت الطباع
أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدنا أبو الفرج الببغاء «1» لنفسه:
أكلّ وميض بارقة كذوب ... أما في الدهر شيء لا يريب
تشابهت الطباع فلا دنيء ... يحنّ إلى الثناء ولا حسيب
وشاع البخل في الأشياء حتى ... يكاد يشحّ بالريح الهبوب
فكيف أخصّ باسم العيب شيئا ... وأكثر ما نشاهده معيب
تاريخ بغداد للخطيب 11/11(6/166)
105 سقطت على الخبير
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي، قال: حدّثنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قراءة عليه، قال: حدّثنا أبو بكر بن المرزبان «2» ، إجازة، قال: أنشدني منشد للحسن بن وهب «3» :
جسّ عرقي، فقال: حبّ طبيبي ... ما له في علاجه من نصيب
فغمزت الطبيب سرّا بعيني ... ثم حلّفته بحق الصليب
لا تقل لوعة الهوى أسقمته ... فينالوا- بدعوة- من حبيبي
وأنشد:
دواعي السقم تخبر عن ضميري ... وتخبر عن مفارقتي سروري
ألا يا سائلي عن سوء حالي ... وعن شأني سقطت على الخبير
شربت من الصبابة كأس سقم ... بعيني شادن ظبي غرير
مصارع العشاق 1/239(6/167)
106 فمن ذا يداوي جوى باطنا
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، إجازة، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «1» قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف «2» ، قال: قال عمر بن أبي ربيعة «3» :
طبيبيّ داويتما ظاهرا ... فمن ذا يداوي جوى باطنا
فعوجا على منزل بالغميم «4» ... فإنّي هويت به شادنا «5»
مصارع العشاق 1/121(6/168)
107 المتوكل يخير أهل بغداد
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
عزل المتوكل عبيد الله بن أحمد بن غالب «1» ، في سنة أربع وثلاثين ومائتين واستقضى عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر، ويعرف بالوابصي «2» ، وكان قبل ذلك، على قضاء الرقة.
وبعد أن صرف عن بغداد، ولي قضاء الرقة أيضا، وكان رجلا جميل الطريقة.
وكان أهل بغداد قد ضجّوا من أصحاب أحمد بن أبي دؤاد، وقالوا بعد أن عزل عبيد الله بن أحمد بن غالب: لا يلي علينا إلا من نرضى به.
فكتب المتوكل العهد مطلقا، ليس عليه اسم واحد، وأنفذه من سر من رأى مع يعقوب قوصرة «3» ، أحد الحجاب الكبار، وقال: أحضر عبد السلام، والشيوخ، واقرإ العهد، فإن رضوا به قاضيا، فوقع على العهد اسمه.
فقدم قوصرة، ففعل ذلك، فصاح الناس: ما نريد غير الوابصي.
فوقّع في الكتاب اسمه وحكم من وقته في الرصافة «4» .
تاريخ بغداد للخطيب 11/52(6/169)
108 الصاحي بموضع رجلي السكران أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه
أخبرني التنوخي، قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، يقول: سمعت أبا هاشم الجبائي «2» يقول:
سألني بعض أصحابنا عن مسألة، فأجبته عنها، فقال لي: يا أبا هاشم لا تظنّني لم أكن أعرف هذا.
فقلت له: الصاحي بموضع رجلي السكران، أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه.
يعني: أنّ العالم أعلم بمقدار ما يحسنه الجاهل، من الجاهل بقدر ما يحسن.
تاريخ بغداد للخطيب 11/55(6/170)
109 المعتضد يستقضي أبا خازم القاضي
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
استقضى المعتضد بالله «2» على الشرقية «3» ، سنة ثلاث وثمانين ومائتين، أبا خازم، عبد الحميد بن عبد العزيز «4» ، وكان رجلا ديّنا، ورعا، عالما بمذهب أهل العراق «5» ، والفرائض «6» والحساب، والذرع والقسمة «7» ، حسن العلم بالجبر والمقابلة، وحساب الدور، وغامض الوصايا، والمناسخات، قدوة في العلم بصناعة الحكم «8» ، ومباشرة الخصوم «9» ، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات، والإقرارات.
أخذ العلم عن هلال بن يحيى الرازي «10» ، وكان هذا أحد فقهاء الدنيا من أهل العراق، وأخذ عن بكر العمي، ومحمود الأنصاري، ثم صحب عبد(6/171)
الرحمن بن نائل بن نجيح، ومحمد بن شجاع «1» ، حتى كان جماعة يفضّلونه على هؤلاء.
فأما عقله فلا نعلم أحدا رآه، فقال: إنّه رأى أعقل منه.
ولقد حدّثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن مانيداذ عن حامد بن العباس «2» عن عبيد الله بن سليمان بن وهب «3» ، أنّه قال: ما رأيت رجلا أعقل من الموفّق «4» ، وأبي خازم القاضي.
وأما الحساب، فإن أبا الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي «5» ، أخبرني، قال: قال لي أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم.
قال: وقال ابن حبيب الذراع: كنا ونحن أحداث مع أبي خازم، فكنا نقعده قاضيا، ونتقدّم إليه في الخصومات، فما مضت الأيام والليالي حتى صار قاضيا، وصرنا ذرّاعه «6» .
قال أبو الحسين: وبلغ من شدته في الحكم، أنّ المعتضد، وجّه إليه بطريف المخلدي «7» فقال له: إنّ لنا على الضبعي- بيّع «8» كان للمعتضد ولغيره- مال، وقد بلغني أن غرماءه أثبتوا عندك، وقد قسّطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم.(6/172)
فقال له أبو خازم: قل له: أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- ذاكر لما قال لي وقت قلّدني، إنّه قد أخرج الأمر من عنقه، وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل، لمدّع إلّا ببيّنة.
فرجع إليه طريف، فأخبره.
فقال: قل له: فلان وفلان يشهدان، يعني لرجلين جليلين كانا في ذلك الوقت.
فقال: يشهدان عندي، وأسأل عنهما، فإن زكيّا قبلت شهادتهما، وإلّا أمضيت ما قد ثبت عندي.
فامتنع أولئك من الشهادة فزعا «1» ، ولم يدفع إلى المعتضد شيئا «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 11/64(6/173)
110 القاضي يحيى بن أكثم يستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبان
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
لمّا خرج المأمون «1» إلى فم الصلح «2» بسبب بوران «3» ، أخرج معه يحيى ابن أكثم «4» ، فاستخلف على الجانب الشرقي «5» عيسى بن أبان «6» ، أحد الفقهاء في العراق، وله مسائل كثيرة، واحتجاج لمذهب أبي حنيفة، وكان خيّرا فاضلا.
تاريخ بغداد للخطيب 11/158(6/174)
111 بحق من أغراك بي زيدي
أنشدنا التنوخي قال:
أنشدنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير «1» ، لنفسه:
قد فات ما ألقاه تحديدي ... وجلّ عن وصفي وتعديدي
وقلت للأيّام هزءا بها ... بحقّ من أغراك بي زيدي
تاريخ بغداد للخطيب 11/180(6/175)
112 القاضي عمر بن حبيب العدوي لم ير قاض أهيب منه
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
كان لمحمد بن عبد الله بن علاثة «1» أخ يسمى زياد بن عبد الله، يخلف أخاه على القضاء بعسكر المهدي.
فاستعان بعمر بن حبيب العدوي «2» ، ينظر في أمور الناس بالشرقية، فولاه المهدي، الشرقية رياسة، وقيل ولّاه من قبل أبي يوسف، ثم ولّاه الرشيد قضاء البصرة، فقال ليحيى بن خالد: إنكم تبعثوني إلى ملك جبار، لا آمنه- يعني محمد بن سليمان «3» - فبعث معه يحيى قائدا في مائة، فكان إذا جلس للقضاء، أقام الجند عن يمينه وعن يساره سماطين.
فلم يكن قاض أهيب منه، وكان لا يكلّم في طريق.
تاريخ بغداد للخطيب 11/196(6/176)
113 القاضي عمر بن حبيب العدوي ينصبه المأمون قاضيا بالبصرة
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال:
حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس الكديمي «3» ، قال: حدّثنا عمر بن حبيب العدوي القاضي «4» ، قال:
وفدت مع وفد من أهل البصرة، حتى دخلنا على أمير المؤمنين المأمون «5» فجلسنا، وكنت أصغرهم سنّا «6» .
فطلب قاضيا يولّى علينا بالبصرة، فبينّا نحن كذلك، إذ جيء برجل(6/177)
مقيّد بالحديد، مغلولة يده إلى عنقه، فحلّت يده من عنقه، ثم جيء بنطع «1» فوضع في وسطه، ومدّت عنقه، وقام السياف شاهر السيف، واستأذن أمير المؤمنين في ضرب عنقه، فأذن له، فرأيت أمرا فظيعا.
فقلت في نفسي: والله لأتكلّمنّ، فلعلّه أن ينجو.
فقلت: يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي.
فقال لي: قل.
فقلت: إن أباك حدّثني عن جدّك عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه قال: إذا كان يوم القيامة، ينادي مناد من بطنان «2» العرش: ليقم من عظم الله أجره، فلا يقوم إلّا من عفا عن ذنب أخيه، فاعف عنه يا أمير المؤمنين عفا الله عنك.
فقال لي: آلله، إنّ أبي حدّثك عن جدّي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟
فقلت: آلله، إنّ أباك حدّثني عن جدّك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلّم.
فقال: صدقت، إنّ أبي حدّثني عن جدّي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهذا، يا غلام، أطلق سبيله.
فأطلق سبيله، وأمر أن أولّى القضاء.
ثم قال لي: عمّن كتبت؟
قلت: أقدم من كتبت عنه داود بن أبي هند.
فقال: تحدّث؟
قلت: لا.(6/178)
قال: بلى، فحدّث، فإن نفسي ما طلبت منّي شيئا إلّا وقد نالته ما خلا هذا الحديث، فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي، ويقال لي من حدّثك؟ فأقول: حدّثني فلان.
قال: فقلت يا أمير المؤمنين، فلم لا تحدّث؟
قال: لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث للناس «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 11/198(6/179)
114 القاضي أبو الحسين بن أبي عمر
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
استقضى المقتدر «2» بالله، في يوم النصف من سنة عشر وثلاثمائة «3» ، أبا الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد ابن زيد «4» ، وكان قبل هذا يخلف أباه «5» على القضاء بالجانب الشرقي «6» ، والشرقية «7» وسائر ما كان إلى قاضي القضاة أبي عمر، وذلك أنه استخلفه وله عشرون سنة.
ثم استقضي بعد استخلاف أبيه له على أعمال كثيرة من غير الحضرة «8» ، رياسة، ثم قلّد مدينة السلام، في حياة أبيه أبي عمر.
وهذا رجل يستغني باشتهار فضله، عن الإطناب في وصفه، لأنا وجدنا البلغاء قد وصفوه فقصروا، والشعراء قد مدحوه فأكثروا، وكل يطلبون أمده فيعجزون، إذ كان الله تعالى جعله نسيج وحده، ومفردا في عصره ووقته، في حفظ القرآن، والعلم بالحلال والحرام، والفرائض، والكتاب، والحساب،(6/180)
والعلم باللغة، والنحو، والشعر، والحديث، والأخبار، والنسب، وأكثر ما يتعاطاه الناس من العلوم، وأعطاه من شرف الأخلاق، وكرم الأعراق، والمجد المؤثّل، والرأي المحصّل، والفضل والنجابة، والفهم والإصابة، والقريحة الصافية، والمعرفة الثاقبة، والتفرد بكل فضل وفضيلة، والسمو إلى كل درجة رفيعة نبيلة، ومن محمود الخصال، والفضل والكلام، ما يطول شرحه.
وكان فقيها على مذهب مالك وأهل المدينة، مع معرفته بكثير من الاختلاف في الفقه، وكان صنّف مسندا، ورأيت بعضه، وكان في نهاية الحسن، وكان يذاكر به، وكان يحفظ عن جده يوسف «1» ، أحاديث.
ولم يزل على قضاء القضاة إلى يوم توفي، رحمه الله «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 11/229(6/181)
115 ما مات من بقيت له بعد موته
أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن الحسن بن المظفّر الحاتمي «2» ، قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد «3» ، قال:
دخلت على أبي الحسين بن أبي عمر القاضي «4» معزيا له عن أبيه «5» ، فلما وقع طرفي عليه، قلت:
وما مات من تبقى له بعد موته ... ولا غاب من أمسى له منك شاهد
قال: فكتبه في الوقت، ولم يشغله الحال.
تاريخ بغداد للخطيب 11/231(6/182)
116 غلبتني على الفؤاد الهموم
أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، أخبرنا أبو عمر ابن حيويه «1» ، أنبأنا أبو بكر ابن الأنباري «2» ، أنشدنا إبراهيم بن عبد الله الوراق لمحمد بن أمية «3» :
شغلتني بها ولم ترع عهدي ... ثمّ منّت وعهدها لا يدوم
ورأتني أبكي إليها فقالت: ... يتباكى كأنّه مظلوم
علم الله أنّني مظلوم ... وحبيبي بما أقول عليم
ليس لي في الفؤاد حظ فأشكو ... غلبتني على الفؤاد الهموم
مصارع العشاق 2/262(6/183)
117 القاضي عثمان بن طلحة كان لا يرتزق على القضاء
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، وأحمد بن عبد الله الوراق «2» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «3» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «4» ، قال:
عثمان بن طلحة «5» كان من أهل الهيأة والنعمة والقدر، ولّاه أمير المؤمنين المهدي «6» قضاء المدينة «7» ، فلم يكن يأخذ عليه رزقا.
فقيل له في ذلك، فقال: أكره أن أرتزق، فيضريني ذلك بولاية القضاء، ثم استعفى أمير المؤمنين من القضاء فأعفاه.(6/184)
قال الزبير: وحدّثنا عثمان بن عبد الرحمن «1» ، قال:
جلس يوما عثمان بن طلحة مع العباس بن محمد «2» ببغداد، فقال له العباس:
دلّني على خيف «3» بنخلة، أشتريه وأعتمله.
قال: قد وقعت عليه.
قال: عند من؟
قال: عندي.
قال: بكم هو؟
قال: بخمسة آلاف دينار.
فاشتراه منه، وما سأل عنه غيره، وأعطاه الثمن على ما قال.
تاريخ بغداد للخطيب 11/277(6/185)
118 الفراء يقر للكسائي بالرئاسة
أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهري «1» ، وعلي بن المحسّن التنوخي، قالا:
حدّثنا محمد بن العباس «2» قال: حدّثنا الصولي «3» ، قال: أخبرنا الحزنبل، قال: حدّثنا سلمة بن عاصم «4» ، قال: حدّثني الفرّاء «5» ، قال:
قال لي قوم: ما اختلافك إلى الكسائي «6» وأنت مثله في العلم؟
فأعجبتني نفسي، فناظرته، وزدت، فكأني كنت طائرا أشرب من بحر.
تاريخ بغداد للخطيب 11/409(6/186)
119 سبب تسمية صالح بصاحب المصلى
أخبرنا التنوخي، قال: سمعت أبا الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح، صاحب المصلى، وسأله أبي، عن سبب تسمية جدّه بصاحب المصلى، فقال:
إنّ صالحا جدنا»
كان ممّن جاء مع أبي مسلم «2» إلى السفاح «3» ، وكان من أولاد ملوك خراسان، من أهل بلخ «4» .
فلما أراد المنصور إنفاذ أبي مسلم لحرب عبد الله بن علي «5» ، سأله أن(6/187)
يخلّفه وجماعة من أولاد ملوك خراسان بحضرته، منهم الخرسي «1» ، وشبيب ابن واج «2» ، وغيرهم، فخلفهم، واستخدمهم المنصور «3» .
فلما أنفذ أبو مسلم خزائن عبد الله بن علي على يد يقطين بن موسى «4» ، عرضها المنصور على صالح، والخرسي، وشبيب، وغيرهم، ممن كان اجتذبهم من جنبة أبي مسلم، واستخلصهم لنفسه.
وقال: من أراد من هذه الخزائن شيئا فليأخذه، فقد وهبته له، فاختار كل واحد منهم شيئا جليلا.
فاختار صالح حصيرا للصلاة من عمل مصر، ذكر أنّه كان في خزائن(6/188)
بني أميّة، وأنّهم ذكروا أنّه كان النبي صلى الله عليه وسلّم، صلّى عليه.
فقال له المنصور: إن هذا لا يصلح أن يكون إلّا في خزائن الخلفاء.
فقال: قلت إنّك قد وهبت لكلّ إنسان ما اختاره، ولست أختار إلّا هذا.
فقال: خذه على شرط أن تحمله في الأعياد والجمع، فتفرشه لي، حتى أصلي عليه.
فقال: نعم.
فكان المنصور إذا أراد الركوب إلى المصلى أو الجمعة، أعلم صالحا، فأنفذ صالح الحصير ففرشه له، فإذا صلى عليه، أمر به، فحمل إلى داره، فسمي لهذا: صاحب المصلى.
فلم يزل الحصير عندنا إلى أن انتهى إلى سليمان جدي، وكان يخرجه كما كان أبوه «1» وجده يخرجانه للخلفاء.
فلما مات سليمان في أيام المعتصم «2» ، ارتجع المعتصم الحصير، وأخذه إلى خزانته «3» .
تاريخ بغداد للخطيب 11/438(6/189)
120 القاضي علي بن ظبيان يجلس على بارية مثل البارية التي يجلس عليها الخصوم
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال:
حدّثني علي بن محمد بن عبيد «2» ، عن أحمد بن زهير «3» عن سليمان بن أبي شيخ «4» ، قال: حدّثني عبيد بن ثابت مولى بني عبس، كوفي، قال:
كتبت إلى علي بن ظبيان «5» ، وهو قاض ببغداد: بلغني أنك تجلس على بارية، وقد كان من قبلك من القضاة يجلسون على الوطاء، ويتكئون.
فكتب إليّ: إنّي لأستحي أن يجلس بين يدي رجلان حرّان مسلمان على بارية، وأنا على وطاء، لست أجلس إلّا على ما يجلس عليه الخصوم.
تاريخ بغداد للخطيب 11/445(6/190)
121 من شعر إسحاق بن إبراهيم الموصلي
أخبرنا التنوخي، والجوهري، قالا: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني «1» قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان الأخفش «2» ، قال: قال محمد بن حبيب، حدّثنا أبو عكرمة وعامر بن عمران الضبّي، قالا: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، قال:
دخلت على أمير المؤمنين الرشيد «4» يوما، فقال: أنشدني من شعرك، فأنشدته:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فذلك شيء ما إليه سبيل
أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى ... بخيلا له في العالمين خليل
ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال خيرا أن يكون ينيل
عطائي عطاء المكثرين تكرّما ... وما لي- كما قد تعلمين- قليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله ... ويحقر يوما أن يقال بخيل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل
قال: لا تخف إن شاء الله، يا فضل أعطه مائة ألف درهم، لله در(6/191)
أبيات تأتينا بها، ما أحسن فصولها، وأثبت أصولها.
فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أجود من شعري.
قال: أحسنت، يا فضل «1» ، أعطه مائة ألف أخرى.
تاريخ بغداد للخطيب 14/11(6/192)
122 أنت لنا شمس، وفتح لنا قمر
أنبأني غير واحد ممن تقدم ذكرهم في أول الكتاب، عن أبي اليمن، زيد ابن الحسن الكندي، وأنبأني غير واحد، ممن تقدم ذكرهم، وأبو الفضل ابن أبي الحسين الدمشقي، وغيره، عن المؤيد بن محمد الطوسي، وأبو الفرج البغدادي، عن أبي أحمد بن علي الأمين، وأبو حفص بن القواس، وغيره، عن عبد الصمد الحدثاني، كلهم، عن أبي بكر بن أبي طاهر، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني، قال: حدّثني أحمد بن خلف بن المرزبان «1» ، قال: حدثني أحمد بن سهل الكاتب، وكان أحد الكتاب لصاعد، قال: سمعت الحسن بن محمد يحدّث:
إن رجلا من أهل اليمامة، قدم بجاريتين، شاعرتين، من مولدات اليمامة، على المتوكل «2» ، فعرضهما عليه، من جهة الفتح «3» ، فنظر إلى أجملهما، فقال لها: ما اسمك؟
قالت: سعاد.(6/193)
قال: أنت شاعرة؟
قالت: كذا يزعم مالكي.
قال: فقولي في مجلسنا هذا، شعرا، ترتجلينه، وتذكريني فيه، وتذكرين الفتح.
فتوقفت هنيهة ثم أنشدت:
أقول وقد أبصرت صورة جعفر ... إمام الهدى والفتح ذي العز والفخر
أشمس الضحى، أم شبهها وجه جعفر ... وبدر السماء الفتح أم مشبه البدر
فقال للأخرى: أنشدي أنت، فقالت:
أقول وقد أبصرت صورة جعفر ... تعالى الذي أعلاك يا سيد البشر
وأكمل نعماه بفتح ونصحه ... فأنت لنا شمس وفتح لنا قمر
فأمر بشراء الأولى، وردّ الأخرى.
فقالت الأخرى: لم رددتني؟
قال: لأن في وجهك نمشا.
فقالت:
لم يسلم الظبي على حسنه ... يوما ولا البدر الذي يوصف
الظبي فيه خنس بيّن ... والبدر فيه كلف يعرف
فأمر بشراء الثانية.
نشوار المحاضرة مخطوط لسبط ابن الجوزي(6/194)
123 القاضي يحيى بن سعيد قاضي السفاح على الهاشمية
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر المعدّل، قال:
كان أبو جعفر «1» لما قدم بغداد، معه يحيى بن سعيد «2» وهو قاض لأبي العباس السفاح «3» على المدينة الهاشمية بالأنبار «4» ، والحسن بن عمارة «5» على المظالم.
تاريخ بغداد للخطيب 14/102(6/195)
124 يحيى بن سعيد يضطره ضيق حاله وكثرة ديونه لتقلّد القضاء
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني علي بن محمد بن عبيد «1» عن أحمد بن زهير «2» ، قال: حدّثني إبراهيم بن المنذر»
، قال: حدّثنا يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق، قال: حدّثني سليمان بن بلال، قال:
كان يحيى بن سعيد «4» قد ساءت حاله، وأصابه ضيق شديد، وركبه الدين، فبينا هو على ذلك، إذ جاءه كتاب أبي العباس «5» ، يستقضيه.
قال سليمان: فوكلني بأهله، وقال لي: والله ما خرجت وأنا أجهل شيئا.
فلما قدم العراق، كتب إليّ: إنّي كنت قلت لك حين خرجت، قد(6/196)
خرجت وما أجهل شيئا، وإنّه والله لأوّل خصيمين جلسا بين يديّ، فاقتضيا والله بشيء ما سمعته قط، فإذا جاءك كتابي هذا، فسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن «1» ، واكتب إليّ بما يقول، ولا يعلم أنّي كتبت إليك بذلك.
تاريخ بغداد للخطيب 14/103(6/197)
125 مطيع بن إياس يرثي يحيى بن زياد الحارثي
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو عبيد الله المرزباني، قال:
أنشدنا علي بن سليمان الأخفش، عن ثعلب «1» ، قال: قال مطيع بن إياس «2» ، يرثي يحيى بن زياد الحارثي «3» :
أقول للموت حين بادهه ... والموت مقدامة على البهم
لو قد تدبّرت ما سعيت به ... قرعت سنّا عليه من ندم
اذهب بمن شئت، إذ ذهبت به ... ما بعد يحيى للرزء من ألم
قال: وأنشدنا ثعلب لمطيع بن إياس يرثي ابن زياد الحارثي:
قد راح يحيى ولو تطاوعني ال ... أقدار لم يبتكر ولم يرح
يا خير من يجمل البكاء به ال ... يوم ومن كان أمس للمدح
قد ظفر الحزن بالسرور وقد ... أديل مكروهه من الفرح
تاريخ بغداد للخطيب 14/107(6/198)
126 الفراء يملي دروسه من حفظه
قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن طلحة بن محمد بن جعفر المعدّل «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر بن مجاهد «3» ، قال: قال لي محمد بن الجهم «4» :
كان الفراء «5» يخرج إلينا، وقد لبس ثيابه، في المسجد الذي في خندق عبويه، وعلى رأسه قلنسوة كبيرة.
فيجلس فيقرأ أبو طلحة الناقط عشرا من القرآن، ثم يقول له: امسك، فيملي من حفظه المجلس.
ثم يجيء مسلمة بعد أن ننصرف نحن، فيأخذ كتاب بعضنا، فيقرأ عليه، ويغيّر، ويزيد، وينقص، فمن ههنا، وقع الاختلاف بين النسختين.
قال ابن مجاهد: ما رأيت مع الفراء كتابا قط، إلّا كتاب يافع ويفعة.
قال ابن مجاهد: وقال لنا ثعلب: لما مات الفراء لم يوجد له إلّا رؤوس أسفاط فيها مسائل تذكره، وأبيات شعر.
تاريخ بغداد للخطيب 14/152(6/199)
127 أبو الغوث بن البحتري يمدح ابن بسطام
حدّثني التنوخي، عن أبي عبيد الله المرزباني، قال:
أبو الغوث يحيى بن البحتري الشاعر «1» ، قدم بغداد قبل الثلاثمائة، وسمع منه وجوه أهلها أشعار أبيه، ونفي بعد ذلك.
قال: وهو القائل يمدح أبا العباس بن بسطام «2» :
ملك تقوم له الملوك إذا احتبى ... وتخرّ للأذقان عند قيامه
برقت مخايل جوده وتخرّقت ... بالنيل للعافين غرّ غمامه
صلحت به الأيام بعد فسادها ... وأضاء وجه الدهر بعد ظلامه
تاريخ بغداد للخطيب 14/228(6/200)
128 أبو حنيفة يشهد لأبي يوسف بأنّه أعلم من على الأرض
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا أبو ذر أحمد بن علي ابن محمد الاستراباذي «2» قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني الفقيه «3» ، قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي «4» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن أبي ثور الرعيني، المعروف بابن عبدون قاضي إفريقية، قال: حدّثني سليمان بن عمران، قال: حدّثني أسد بن الفرات «5» قال: سمعت محمد بن الحسن «6» يقول:(6/201)
مرض أبو يوسف «1» في زمن أبي حنيفة مرضا خيف عليه منه، قال:
فعاده أبو حنيفة ونحن معه.
فلما خرج من عنده، وضع يديه على عتبة بابه، وقال: إن يمت هذا الفتى، فإنه أعلم من عليها، وأومأ إلى الأرض.
تاريخ بغداد للخطيب 14/246(6/202)
129 اللهم إني لم أجر في حكم حكمت به
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني مكرم بن أحمد «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عطية، قال: سمعت محمد بن سماعة «2» يقول:
سمعت أبا يوسف «3» في اليوم الذي مات فيه، يقول: اللهم إنّك تعلم أنّي لم أجر في حكم حكمت به بين عبادك متعمدا، ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنّة نبيّك، وكل ما أشكل عليّ جعلت أبا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي- والله- ممّن يعرف أمرك، ولا يخرج عن الحق وهو يعلمه.
تاريخ بغداد للخطيب 14/254(6/203)
130 أبو يوسف القاضي يصلي في كل يوم مائتي ركعة
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد، قال: حدّثني مكرم ابن أحمد «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عطية، قال: سمعت محمد بن سماعة «2» ، يقول:
كان أبو يوسف «3» يصلي- بعد ما ولي القضاء- في كل يوم مائتي ركعة.
تاريخ بغداد للخطيب 14/255(6/204)
131 ما برع أحد في علم إلّا دلّه على غيره من العلوم
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: حدّثنا أبو بكر الأنباري «1» ، قال: حدّثني أبي، قال:
سمعت إسماعيل بن إسحاق «2» يقول: ما أحد برع في علم إلّا دلّه على غيره من العلوم.
فقال بشر المريسي «3» للفراء «4» : يا أبا زكريا، أريد أن أسألك عن مسألة في الفقه.
فقال: سل.
فقال: ما تقول في رجل سها في سجدتي السهو؟
قال: لا شيء عليه.
قال: من أين قلت هذا؟.
قال: قسته على مذاهبنا في العربية، وذلك إن المصغّر عندنا لا يصغّر، فكذلك، لا يلتفت إلى السهو في السهو.
فسكت بشر.
تاريخ بغداد للخطيب 14/151(6/205)
132 الشريف أبو جعفر، ابن الجصاص المصري
كان بمصر شريف من ولد العباس «1» ، يعرف بأبي جعفر الشق، شبيه بابن الجصاص»
في الغفلة، والجدّ، والنعمة.
قال أبو القاسم بن محمد التنوخي «3» : بعثني أبي إليه، من قرية تعرف بتلا «4» يستقرضه عشرة أرادب قمحا، وثلاثين زوج بقر، وكتب معي بذلك رقعة، فأتيت إليه، وسلّمت عليه، ودفعت إليه الرقعة، فقال: ذكرت أباك بخير، وحرسه، وأسعده، فهو صاحبي، وصديقي، وخليطي «5» ، وأين هو الآن؟
فقلت: بقرية تلا، أعز الله سيدي الشريف.
قال: نعم، حفظه الله، هو بالفسطاط «6» معنا، وقد انقطع عنا كذا، ما كنت أظنه إلا غائبا.(6/206)
قلت: لا يا سيدي، هو بتلا.
قال: فما لك ما قلت لي؟ فما كان سبيله أن يؤنسني برقعة من قبله.
قلت: يا سيدي، قد دفعت إليك رقعته.
قال: وأين هي؟ قلت: تحت البساط.
فأخذها، وقرأها، وقال: قل لي الآن، كان لك أخ أعرفه، حار الرأس، حاد الذهن، يحسن النحو والعروض والشعر، فما فعل الله به؟
قلت: أنا هو، أعزك الله.
قال: كبرت كذا، وعهدي بك تأتيني معه، وأنت بزقة، مخطة، لعقة، قردلاش.
قلت: نعم، أيد الله الشريف.
قال: وما الذي جئت فيه؟
قلت له: والدي بعثني إليك برقعة، يسألك فيها، قرض عشرة أرادب قمحا، وثلاثين زوج بقر. قال: وهو الآن بالفسطاط؟
قلت: لا يا سيدي، هو بتلا.
قال: نعم، وإنّما ذاك الفتى أخوك؟
قلت: لا، أنا هو.
فهو يراجعني الكلام، وقد ضجرت من شدة غفلته، وكثرة نسيانه لما أقول له، حتى أقبل كاتبه أبو الحسين.
فقال له: سل هذا الفتى ما أراد؟ فسألني، فعرّفته، فأخبره.
فقال: نفّذ حاجته.
فوقّع لي الكاتب بما أراد، وقال: تلقاني للقبض بالديوان.
فشكرت الشريف، ونهضت، فقال: اصبر يا بنيّ، فقد حضر طعامنا، وقدّم الطعام، وفيه حصرمية غير محكمة، فرفع يده، وقال: مثل مطبخي،(6/207)
يكون فيه مثل هذه؟، عليّ بالطباخ، فأتى.
فقال له: ما هذا العمل؟
فقال: يا سيدي، إنّما أنا صانع، وعلى قدر ما أعطى، أعمل، وقد سألت المنفق أن يشتري لي ما أحتاج إليه، فتأخّر عنّي، فعملت على غير تمكّن، فجاء التقصير كما ترى.
فقال: عليّ بالمنفق.
فأحضر. فقال: مالي قليل؟
قال: لا يا سيّدي، بل عندك نعم واسعة.
قال: فما لك تضايقنا في النفقة؟ ولا توسّع كما وسّع الله علينا؟
قال: يا سيدي، إنّما أنفق ما أعطى، وقد سألت الجهبذ أن يدفع لي، فتأخّر عني.
قال: عليّ بالجهبذ.
فأتي به، فقال: ما لك لم تدفع للمنفق شيئا؟
قال: لم يوقع لي الكاتب.
فقال للكاتب: لم لم تدفع إليه شيئا؟
فتلعثم في الكلام، ولم يكن عنده جواب.
فقال للكاتب: قف هنا، فوقف، ووقف خلفه الجهبذ، ووقف خلف الجهبذ المنفق، وخلف المنفق الطباخ.
وقال: نفيت من العباس، إن لم يصفع كل واحد منكم، من يليه بأكثر ما يقدر عليه. فتصافعوا.
قال: فخرجت، وأنا متعجّب من غباوته، ورقاعته في هذا الحكم.
الملح والنوادر للحصري 222(6/208)
133 لقد ذهب الحمار بأم عمرو
ودخل عليه كاتبه أبو الحسين، فوجده يبكي بكاء شديدا، ويقول:
وا انقصام ظهراه، واهلاكاه.
فقلت: ما للشريف، لا أبكى الله عينه؟
فقال: ماتت الكبيرة، يريد أمّه، وكان بارّا بها.
فقلت: ماتت؟
قال: نعم.
فشققت جيبي، وأظهرت من الجزع ما يجب لمثلي، ثم إنّي أنكرت الحال، إذ لم أجد لذلك دليلا. لا أحد يعزّيه، ولا في الدار حركة، فبقيت حائرا حتى أتت الخادمة، فقالت: الكبيرة تقرؤك السلام، وتقول لك:
أيش تأكل اليوم؟
قال: قولي لها، ومتى أكلت قط بغير شهوتك؟
فقلت: يا سيدي، والكبيرة في الحياة؟
فقال: وأيش تظن أنها ماتت من حق؟ إنّما رأيت البارحة في المنام، كأنّها راكبة على حمار مصري، تسقيه من النيل، فذكرت قول الشاعر:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو
الملح والنوادر للحصري 223(6/209)
134 والله لقد أنسيت
وقال أبو الحسين، كاتبه: وأتيت إليه يوما، وقد ماتت والدتي، فعرّفته، فبكى، وقال: ماتت كبيرتي ومربيتي، وهو أكبر منها بأربعين سنة.
ثم قال لغلامة: يا بشر، قم فجئني بعشرين دينارا، فأتاه بها.
فقال: خذها، فاشتر بعشرة دنانير كفنا، وتصدّق بخمسة دنانير على القبر. وأقبل يصرف الخمسة الباقية، فيما يحتاج إليه من تجهيزها.
ثم قال لغلام آخر: امض أنت يا لؤلؤ، إلى فلان صاحبنا، لا يفوتك، يغسلها.
فاستحييت منه، وقلت: يا سيدي، ابعث خلف فلانة، جارة لنا، تغسلها.
قال: يا أبا الحسين، ما تدع عقلك في فرح ولا حزن، كأنّ حرمك ما هي حرمي؟ كيف يدخل عليها من لا تعرفه؟
قلت: نعم، تأذن لي بذلك؟
قال: لا والله، ما يغسلها إلّا فلان.
فقلت: وكيف يغسل رجل امرأة؟
قال: وإنّما أمك امرأة؟ والله لقد أنسيت.
الملح والنوادر للحصري 224(6/210)
135 أبو جعفر في ضيافة أبي بكر المادرائي
وكان يوما عند أبي بكر المادرائي «1» ، ثم خرج وهو طيّب الحلق، فاجتاز بأبي زنبور «2» ، فسمع خفق أوتار، وغناء في داخل الدار، فوقف يتسمّع، فرآه غلام لأبي زنبور، فدخل، فأعلم مولاه، فخرج حافيا، وقال:
يا مولاي الشريف تشرّفني بالدخول؟
قال: نعم.
فدخل، فقدم له طعاما، فأكل، وشرب ثلاثة أقداح، وغنّي ثلاثة أصوات، وانصرف، فنام ليلته.
فلما أصبح، قال: يا بشرى، جئني الساعة، بأبي شامة العابر «3» .
فأتاه به، فقال: رأيت البارحة، كأنّي خرجت من دار أحد إخواني، فاجتزت بدار حسنة، فسمعت خفق العيدان، وغناء القيان، فخرج إليّ صاحب الدار، فأدخلني، فأفضيت إلى بستان في الساحة، وأمامه بهو جليل، في صدره شاذروان، وقد فرش المجلس بأنواع الديباج المثقل، وضربت ستارة فيها غرائب الصور، وعجائب الصنائع، وفيها قيان بأيديهنّ العيدان.(6/211)
وهنّ يغنّين أحسن الأغاني، فقدم لي خوان، عليه من كل الألوان، فأكلت، وشربت، وغنيت، وانصرفت.
ففسّر له الرؤيا على ما يسرّه، فأمر له بخمسة دنانير.
ثم مرّ بعد أيّام، بأبي زنبور، وهو جالس على باب داره، فقال له:
يا سيدي الشريف، أما تشرّفني بعودة؟
قال: إلى ماذا؟
قال: تثنّي لي عادة حضورك.
قال: ومتى تقدّم لي ذلك؟
قال: ليلة كذا.
قال: وإنّما خدعنا العابر، وأخذ متاعنا بالباطل، امضوا إليه وردوا الخمسة دنانير منه.
ثم فكّر ساعة، وقال: دعوه، لعلّه أنفقها، وهو فقير.
الملح والنوادر للحصري 224(6/212)
136 بين الشريف أبي جعفر وأبي زنبور الكاتب
وشرب مرة أخرى عند أبي زنبور الكاتب «1» ، ومعه ابن المادرائي «2» ، وحضر القيان فغنّين أطيب غناء، فقام الشريف إلى قضاء الحاجة، فأتت دابة ابن المادرائي، فانصرف، والشريف في الخلاء، فقضى حاجته، وعاد إلى موضعه.
وكان أبو زنبور، لما انصرف أبو بكر، جلس في دسته، فالتفت إليه الشريف، وقال: يا أبا بكر، هذا الكلب، أبو زنبور، عنده مثل هذا السماع الطيب، ولا يمتعنا به كل وقت؟ إنّما يدعونا من مدة إلى مدة.
فقال له أبو زنبور: هو على قدر ما يتّفق له من الفراغ، وهو مشتغل مع سلطانه، في أكثر أيامه.
قال: لا والله، ما هو إلا كلب كلب، فاعل، صانع.
فقال له: أعز الله الشريف، أبو بكر انصرف، وأنا أبو زنبور.
فقال له: اعذرني، والله، ما ظننتك إلا ابن المادرائي.
فقال: أراك تشتمني غائبا وحاضرا.
الملح والنوادر للحصري 225(6/213)
137 يدعى للتبكير بالغداة فيحضر العشيّة
وقال له بعض أصحاب الإخشيد «1» : أحبّ أن تبكّر إليّ بالغداة، في حاجة للأمير أيّده الله، وذكر الحاجة.
فقال: أنا آتيك أوّل الناس كلّهم.
فمضى، وأكل، وشرب أقداحا، ونام القائلة، فاستيقظ بالعشيّ، فقام مذعورا، فلبس ثيابه، وركب إلى الرئيس، فاستأذن عليه، فدخل، وقال: اعذرني أعزّك الله، فقد حزبني النوم، والله ما صليت الصبح من السرعة، ولقد آثرت المجيء إليك عليها، وأنا أستغفر الله عنها.
فضحك حتى استلقى، وقال له: قد احتجنا إلى تأخير الأمر إلى الغد إن شاء الله.
قال: فأنا أبكّر إليك على كل حال.
وانصرف.
الملح والنوادر للحصري 255(6/214)
138 نزلت في قلبي
أخبرني القاضي أبو القاسم التنوخي «1» ، إجازة، وحدثني أحمد ابن ثابت الحافظ «2» عنه، قال: أنشدني أبو عبد الله بن الحجاج «3» ، لنفسه:
يا سيدي عبدك لم تقتله ... رأيت من يفعل ما تفعله
نزلت في قلبي فيا سيدي ... لم تخرب البيت الذي تنزله
مصارع العشاق 1/48(6/215)
139 كلبان يحميان صاحبهما من الثعبان
وحدّثني بعض أصدقائي «1» ، قال:
خرجت ليلة وأنا سكران، فقصدت بعض البساتين، لأمر من الأمور، ومعي كلبان كنت ربيتهما، ومعي عصا، فحملتني عيني، فإذا الكلبان ينبحان ويصيحان، فانتبهت لصياحهما، فلم أر شيئا أنكره، فضربتهما، وطردتهما، ونمت.
ثم عاودا الصياح والنباح، فأنبهاني، فلم أر شيئا أنكره أيضا، فوثبت إليهما وطردتهما.
فما أحسست إلّا وقد سقطا عليّ يحركاني بأيديهما وأرجلهما، كما يحرك اليقظان النائم، لأمر هائل.
فوثبت، فإذا بأسود سالخ «2» قد قرب مني، فوثبت إليه فقتلته، وانصرفت إلى منزلي.
فكان الكلبان- بعد الله عز وجل- سببا لخلاصي.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 26(6/216)
140 فجعت بمسمار
ويروى «1» أنه كان لميمونة «2» زوج النبي صلى الله عليه وسلّم، كلب يقال له مسمار، وكانت إذا حجت، خرجت به معها، فليس يطمع أحد بالقرب من رحلها مع مسمار، فإذا رجعت جعلته في بني جديلة، وأنفقت عليه.
فلما مات، قيل لها: مات مسمار.
فبكت، وقالت: فجعت بمسمار.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 27(6/217)
141 لم يبق لي طمع
قال أبو الفرج الببغاء «1» : كان القاضي أبو القاسم التنوخي، أنشدنا جميع شعره، أو أكثره، ولا أعلم هذه القطعة، فيما أنشدنا، هل هي له أم لا، وهي:
يا سادتي هذه روحي تودعكم ... إذ كان لا الصبر يسليها ولا الجزع
قد كنت أطمع في ردّ الحياة لها ... فالآن مذ غبتم لم يبق لي طمع
لا عذّب الله روحي بالحياة فما ... أظنها بعدكم بالعيش تنتفع
مصارع العشاق 2/291(6/218)
142 كلب يهاجم خصم صاحبه
وحدثني إبراهيم بن برقان «1» ، قال:
كان في جوارنا رجل من أهل أصبهان، يعرف بالخصيب، ومعه كلب له، جاء به إلى الجبل «2» ، فوقع بينه وبين جاره خصومة، إلى أن تواثبا.
فلما رأى الكلب ذلك، وثب على الرجل الذي واثب صاحبه، فوضع مخاليبه «3» في إحدى عينيه، وعض قفاه، حتى رأيت الرجل قد غشي عليه، ودماؤه تجري على الأرض.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 22(6/219)
143 الكلب وعرفان الجميل
أخبرني «1» أبو العلاء بن يوسف القاضي، قال: حدّثني شيخ كان مسنا صدوقا، أنه حجّ سنة من السنين، قال: وبرزنا أحمالنا إلى الياسرية «2» ، وجلسنا على قراح «3»
نتغدى وكلب رابض بجوارنا، فرمينا إليه من بعض ما نأكل.
ثم ارتحلنا ونزلنا بنهر الملك، فلما قدّمنا السفرة، إذا الكلب بعينه رابض بجوارنا، كاليوم الأول.
فقلت للغلمان: قد تبعنا هذا الكلب، وقد وجب حقّه علينا، فتعهّدوه، ونفض الغلمان السفرة بين يديه، فأكل، ولم يزل تابعا منا من منزل إلى منزل، على تلك الحال، لا يقدر أحد أن يقرب جمالنا، ولا محاملنا، إلّا صاح ونبح. فكنّا قد أمنّا من سلّال الطريق «4» .(6/220)
ووصلنا إلى مكة، وقضينا حجنا وعزمنا على الخروج في عمل إلى اليمن «1» .
فكان معنا إلى أرض قبا «2» ، ورجعنا إلى مدينة السلام «3» وهو معنا.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 18(6/221)
144 نسيم لو رقد المخمور فيه أفاق
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» إجازة، وحدثنا أحمد بن علي الحافظ «2» عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن العباس الأخباري «3» ، قال: أنشدني أبو نضلة «4» ، لنفسه:
ولما التقينا للوداع ولم يزل ... ينيل لثاما دائما وعناقا
شممت نسيما منه يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا
مصارع العشاق 2/19(6/222)
145 أموت وأحيا
أخبرنا علي بن المحسن «1» ، قال: أنشدنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الأخباري «2» ، قال: أنشدنا ابن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي «4» عن عمه «5» ، لامرأة بدويّة:
فلو أنّ ما ألقى وما بي من الهوى ... بأوعر ركناه صفا وحديد
تفطّر من وجد وذاب حديده ... وأمسى تراه العين وهو عميد
ثلاثون يوما كلّ يوم وليلة ... أموت وأحيا إنّ ذا لشديد
مسافة أرض الشام ويحك قرّبي ... إليّ ابن جوّاب وذاك يزيد
فليت ابن جوّاب من الناس حظّنا ... وكان لنا في النار بعد خلود
مصارع العشاق 2/198(6/223)
146 البين صعب
وأخبرنا القاضي «1» ، قال: أنشدنا الثقة، بحضرة المرتضى «2» :
قالت وقد نالها للبين أوجعه ... والبين صعب على الأحباب موقعه
أشدد يديك على قلبي فقد ضعفت ... قواه مما به لو كان ينفعه
أعطف عليّ المطايا ساعة فعسى ... من كان شتّت شمل البين يجمعه
كأنّني يوم ولّوا ساعة بمنى ... غريق بحر رأى شطّا ويمنعه
مصارع العشاق 2/114(6/224)
147 من شعر القاضي التنوخي
للقاضي التنوخي في المرّيخ والمشتري:
كأنّما المرّيخ «1» والمشتري «2» ... قدامه في شامخ الرقعه
منصرف بالليل في ظلمة ... قد أسرجوا قدّامه شمعه
حلبة الكميت 339(6/225)
148 مطر الربيع
أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي «1» ، قال: قرأت على أبي عمر بن حيويه «2» ، قال: أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة «3» ، لنفسه:
تواصلنا على الأيام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع
يروعك صوبه لكن تراه ... على علّاته داني النزوع
كذا العشاق هجرهم دلال ... ويرجع وصلهم حسن الرجوع
معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دل المطاع على المطيع
مصارع العشاق 2/194(6/226)
149 سقراط والعشق
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس «2» قال: حدثنا أبو بكر بن المرزبان «3» ، قال:
قال سقراط الحكيم «4» : العشق جنون، وهو ألوان، كما أن الجنون ألوان.
مصارع العشاق 1/15(6/227)
150 كلب يحمي طفل صاحبه
وحدّثني صديق لي «1» : أنه كان له صديق ماتت امرأته، وخلفت صبيّا وكان له كلب قد رباه.
فترك يوما ولده في الدار مع الكلب، وخرج لبعض الحوائج، وعاد بعد ساعة، فرأى الكلب في الدهليز، وهو ملوث بالدم وجهه وبوزه كله «2» .
فظن الرجل أنه قد قتل ابنه وأكله، فعمد إلى الكلب فقتله، قبل أن يدخل الدار.
ثم دخل الدار، فوجد الصبيّ نائما في مهده، وإلى جانبه بقيّة أفعى «3» قد قتله الكلب، وأكل بعضه.
فندم الرجل على قتله أشدّ ندامة، ودفن الكلب.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 27(6/228)
151 كلب مالك بن الوليد يقتل زوجته وعشيقها
قال الأصمعي «1» : كان لمالك بن الوليد أصدقاء لا يفارقهم، ولا يصبر عنهم.
فأرسل أحدهم إلى زوجته، فأجابته، وجاء ليلة، واستخفى في بعض دور مالك، عند امرأته، ومالك لا يعلم بشيء من ذلك.
فلما أخذا في شأنهما، وثب كلب لمالك عليهما، فقتلهما، ومالك لا يعقل من السكر.
فلما أفاق، وقف عليهما، وأنشأ يقول:
كل كلب حفظته لك أرعى ... ما بقي لو بقي ليوم التناد «2»
من خليل يخون في النفس والمال ... وفي العرس بعد صفو الوداد «3»
فضل الكلاب على من لبس الثياب 26(6/229)
152 من شعر أبي بكر الأنباري
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا التنوخي قال: أنشدني أبو العبّاس الكاتب «3» ، قال: أنشدنا أبو بكر الأنباري «4» :
وكم من قائل قد قال دعه ... فلم يك ودّه لك بالسليم
فقلت إذا جزيت الغدر غدرا ... فما فضل الكريم على اللئيم
وأين الإلف «5» يعطفني عليه ... وأين رعاية الحقّ القديم
المنتظم 7/143(6/230)
153 سكنت القلب
أنشدني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» ، رحمه الله، للشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي «2» :
أذات الطوق لم أقرضك قلبي ... على ضنّي به ليضيع ديني
سكنت القلب حين خلقت منه ... فأنت من الحشا والناظرين
أحبّك أنّ لونك مثل قلبي ... وإن ألبست لونا غير لوني
عديني وامطلي أبدا فحسبي ... وصالا أن أراك وأن تريني
مصارع العشاق 2/114(6/231)
154 سقى الله أياما خلت
أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي «1» ، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي «2» ، قال: حدثنا أبو بكر بن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن «4» عن عمّه «5» :
رويدك يا قمريّ لست بمظهر ... من الشوق إلّا دون ما أنا مضمر
ليكفك أنّ القلب منذ تنكّرت ... أسيماء عن معروفها متنكّر
سقى الله أيّاما خلت ولياليا ... فلم يبق إلّا عهدها المتذكّر
لئن كانت الدنيا أجدّت إساءة ... لما أحسنت في سالف الدهر أكثر
مصارع العشاق 1/309(6/232)
155 الفراق مر شديد
أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي «1» ، إن لم يكن سماعا فإجازة، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: حدّثنا ابن المرزبان «3» ، قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن الفضل، قال: حدّثني أحمد بن معاوية، قال:
رأيت مجنونا واقفا بصحراء أثير «4» ، وقد هاج، وهو يقول:
هدّ ركني الهوى وكنت جليدا ... ورأيت الفراق مرّا شديدا
مصارع العشاق 1/266(6/233)
156 زيدي قلبي وسواسا
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، إجازة، قال: أنشدت لماني «4» :
سلي عائداتي كيف أبصرن كربتي ... فإن قلت قد حابيني فاسألي الناسا
فإن لم يقولوا مات أو هو ميّت ... فزيدي إذن قلبي جنونا ووسواسا
مصارع العشاق 1/98(6/234)
157 رفقا بقلب
أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله، لمحمد ابن أبي عون الكاتب:
غنيت بمشيتها عن الأغصان ... حسناء يلعب حبّها بجناني
وبدت تفضّ العتب عن خاتامه «1» ... وتجول فيه بناظر ولسان
رفقا بقلب قلّ ما قلّبته ... إلّا على شعل من النيران
مصارع العشاق 2/73(6/235)
158 فرأيك في سح الدموع موفقا
أنشدنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدني قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر بن ماكولا «1» ، لأبي بكر الخوارزمي الطبري «2» ، من طبرية الشام، من تشبيب قصيدة في الصاحب أبي القاسم بن عباد «3» :
يفلّ غدا جيش النوى عسكر اللقا ... فرأيك في سحّ الدموع موفّقا
ولما رأيت الإلف يعزم للنوى ... عزمت على الأجفان أن تترقرقا
وخذ حجّتي في ترك جسمي سالما ... وقلبي، ومن حقيهما أن يخرّقا
يدي ضعفت عن أن تخرّق جيبها ... وما كان قلبي حاضرا فيمزّقا
مصارع العشاق 1/90(6/236)
159 زائر متهالك
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن «1» قال: أخبرنا علي بن عيسى الرماني «2» ، قال: أخبرني ابن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن «4» عن عمه «5» ، لأبي المطراب العنبري:
أيا بارقي مغنى بثينة أسعدا ... فتى مقصدا بالشوق فهو عميد
ليالي منّا زائر متهالك ... وآخر مشهور كواه صدود
على أنه مهدي السلام وزائر ... إذا لم يكن ممّن يخاف شهود
وقد كان في مغنى بثينة لو رنت ... عيون مها تبدو لنا وخدود
مصارع العشاق 1/310(6/237)
160 أسائل عنها كل ركب
أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي «1» ، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر بن حيويه الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال حدثني أبو عبد الله التميمي، قال: حدثنا أبو الوضاح الباهلي، عن أبي محمد اليزيدي، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن عتيق عن عامر بن عبد الله ابن الزبير قال:
خرجت أنا ويعقوب بن حميد بن كاسب، قافلين من مكة، فلما كنّا بودّان «2» ، لقيتنا جارية من أهل ودّان. فقال لها يعقوب: يا جارية، ما فعلت نعم؟
فقالت: سل نصيبا.
فقال: قاتلك الله، ما رأيت كاليوم قط، أحدّ ذهنا، ولا أحضر جوابا منك. وإنّما أراد يعقوب قول نصيب «3» في نعم، وكانت تنزل ودّان:
أيا صاحب الخيمات من بطن أرثد «4» ... إلى النخل من ودّان ما فعلت نعم
أسائل عنها كلّ ركب لقيتهم ... وما لي بها من بعد مكّتنا علم
مصارع العشاق 2/49(6/238)
161 أفق عن بعض لومك
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدثنا أبو الفضل قاسم بن سليمان الإيادي، عن عبد الرحمن بن عبد الله «1» ، قال:
أخبرني مخبر، أنه رأى أسود ببئر ميمون «2» ، وهو يمتح من بئر، ويهمس بشيء لم أدر ما هو، فدنوت منه، فإذا بعضه بالعربية، وبعضه بالزنجيّة، ثم تبيّنت ما قال، فإذا هو:
ألا يا لائمي في حب ريم ... أفق عن بعض لومك لا اهتديتا
أتأمرني بهجرة بعض نفسي ... معاذ الله أفعل ما اشتهيتا
أحب لحبها تئليم طرّا ... وتكعة والمشكّ وعين زيتا
فقلت: ما هذه؟ فقال: رباع كانت لنا بالحبشة، كنا نألفها، قال:
قلت: أحسبك عاشقا. قال: نعم، قلت: لمن؟ قال: لمن إن وقفت رأيته.
فما لبثنا ساعة، إذ جاءت سوداء على كتفها جرّة، فضرب بيده عليها، وقال: هذه هي، قال: قلت له: ما مقامك هاهنا؟ قال: اشتريت، فأوقفت على هذا القبر أرشه. فأنا أبرّد من فوق، وربّك يسخّن من أسفل.
مصارع العشاق 2/57(6/239)
162 أين المفر
أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي «1» ، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن سليمان، قال: حدّثنا القحطبي، قال: أخبرنا بعض الرواة، قال:
بينا أنا يوما على ركيّ «2» قاعد، وذلك في أشد ما يكون من الحر، إذا أنا بجارية سوداء، تحمل جرّة لها، فلما وصلت إلى الركيّ، وضعت جرتها، ثم تنفست الصعداء، فقالت:
حرّ هجر، وحرّ حب، وحرّ ... أين من ذا وذا يكون المفرّ
وفي رواية أخرى: أيّ حر من بعد هذا أضرّ؟ وملأت الجرة، وانصرفت.
فلم ألبث إلّا يسيرا، حتى جاء أسود، ومعه جرّة، فوضعها بحيث وضعت السوداء جرّتها، فمر به كلب أسود، فرمى إليه رغيفا كان معه، وقال:
أحبّ لحبها السودان حتى ... أحبّ لحبها سود الكلاب
مصارع العشاق 2/36(6/240)
163 كذاك العاشقون
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي «1» ، بقراءتي عليه، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قراءة عليه، قالا: أخبرنا أبو عمر بن حيويه الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: أخبرنا عبد الله بن شبيب»
، قال: أخبرني الزبير بن بكار، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني هبيرة بن مرة القشيري، قال:
كان لي غلام يسوق ناضحا «3» ، ويرطن بالزنجية، بشيء يشبه الشعر، فمرّ بنا رجل يعرف لسانه، فاستمع له، ثم قال: هو يقول:
فقلت لها إنّي اهتديت لفتية ... أناخوا بجعجاع «4» قلائص «5» سهّما «6»
فقالت: كذاك العاشقون ومن يخف ... عيون الأعادي يجعل الليل سلّما
مصارع العشاق 2/7(6/241)
164 لا تكن ملحاحا
أنبأنا أبو القاسم علي بن أبي علي التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد ابن العباس «2» قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن خلف المحوّلي «3» ، إجازة، قال:
حدثني سعيد بن عمر بن علي البيروذي «4» ، قال: حدثني علي بن المختار، قال:
حدثني القحذمي «5» ، قال:
هوي رجل من أهل البصرة، امرأة فضني من حبها، حتى سقط على الفراش، وكان إذا جنّه الليل، صاح بأعلى صوته:
كم ترى بيننا وبين الصباح
فإذا أكثر، هتف به هاتف من جانب البيت:
ألف عام، وألف عام تباعا ... غير شك، فلا تكن ملحاحا
قال: فأقام الرجل على علّته سنين، ثم أبل من علّته.
مصارع العشاق 1/247(6/242)
165 في القلب صدوع
أخبرنا التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس «2» ، قال: حدثنا محمد بن خلف «3» ، قال: أنشدني أبو علي البلدي الشاعر، للمجنون:
لئن نزحت دار بليلى لربما ... غنينا بخير والزمان جميع
وفي النفس من شوق إليك حزازة ... وفي القلب من وجد عليك صدوع
مصارع العشاق 2/90(6/243)
166 مساكين أهل العشق
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين، وأبو القاسم علي بن المحسن ابن علي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، قال: حدّثنا محمد ابن خلف، قال: أخبرني جعفر بن علي اليشكري، قال: أخبرني الرياشي «1» ، قال: أخبرني العتبي «2» ، قال:
دخل نصيب «3» على عبد العزيز بن مروان «4» ، فقال له: هل عشقت يا نصيب؟
قال: نعم، جعلني الله فداك، ومن العشق أقلّتني إليك البادية.
قال: ومن عشقت؟
قال: جارية لبني مدلج، فأحدق بنا الواشون، فكنت لا أقدر على كلامها إلا بعين أو إشارة، فأجلس على الطريق، حتى تمرّ بي، فأراها، ففي ذلك أقول:
جلست لها كيما تمرّ لعلّني ... أخالسها التسليم إن لم تسلّم
فلما رأتني والوشاة تحدرت ... مدامعها شوقا ولم تتكلّم
مساكين أهل العشق ما كنت أشتري ... حياة جميع العاشقين بدرهم
مصارع العشاق 2/51(6/244)
167 كلب يحمي عرض سيده
وممّن أفسد الصديق بحرمته، فقام الكلب بنصرته، ما أخبرونا عن أبي الحسن المدائني «1» يرفعه عن عمرو بن شمر، قال:
كان للحارث بن صعصعة، ندمان لا يفارقهم، شديد المحبة لهم، فعبث أحدهم بزوجته، فراسلها، وكان للحارث كلب رباه، فخرج الحارث في بعض متنزهاته، ومعه ندماؤه، وتخلف عنه ذلك الرجل، فلما بعد الحارث عن منزله، جاء نديمه إلى زوجته، فأقام عندها يأكل ويشرب، فلما سكرا واضطجعا، ورأى الكلب أنه قد ثار على بطنها، وثب الكلب عليهما فقتلهما.
فلما رجع الحارث إلى منزله، ونظر إليهما عرف القصة، ووقف ندمانه على ذلك، وأنشأ يقول:
وما زال يرعى ذمّتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون
فوا عجبا للخل يهتك حرمتي ... ويا عجبا للكلب كيف يصون
قال: وهجر من كان يعاشره، واتخذ كلبه نديما وصاحبا، فتحدث به العرب، وأنشأ يقول:
فللكلب خير من خليل يخونني ... وينكح عرسي بعد وقت رحيلي
سأجعل كلبي ما حييت منادمي ... وامنحه ودي وصفو خليلي
فضل الكلاب على من لبس الثياب 25(6/245)
168 الحبشاني وصفراء العلاقمية
أخبرنا التوزي «1» ، والتنوخي «2» ، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس «3» ، حدثنا محمد بن خلف «4» ، قال: وذكر بعض الرواة عن العمري:
كان أبو عبد الله الحبشاني، يعشق صفراء العلاقمية، وكانت سوداء، فاشتكى من حبها، وضني حتى صار إلى حد الموت، فقال بعض أهله، لمولاها: لو وجهت صفراء إلى أبي عبد الله الحبشاني، فلعله يعقل إذا رآها، ففعل، فلما دخلت إليه صفراء، قالت: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟
قال: بخير، ما لم تبرحي.
قالت: ما تشتهي؟
قال: قربك.
قالت: فما تشتكي؟
قال: حبك.
فقالت: أفتوصي بشيء؟
قال: نعم، أوصي بك، إن قبلوا مني.
فقالت: إني أريد الانصراف.
قال: فتعجّلي ثواب الصلاة عليّ. فقامت، فانصرفت.
فلما رآها مولّية، تنفّس الصعداء، ومات من ساعته.
مصارع العشاق 2/50(6/246)
169 كلب يقتل زوجة سيده وخليلها
وذكر ابن دأب، قال «1» :
كان للحسن بن مالك الغنوي «2» ، أخوان، وندمان، فأفسد بعضهم محرما له، وكان له على باب داره كلب قد رباه، فجاء الرجل يوما إلى منزل الحسن، فدخل إلى امرأته.
فقالت له: قد بعد، فهل لك في جلسة يسرّ بعضنا ببعض فيها؟.
فقال: نعم.
فأكلا وشربا، ووقع عليها.
فلما علاها وثب الكلب عليهما، فقتلهما.
فلما جاء الحسن، ورآهما على تلك الحال، تبيّن ما فعلا فأنشأ يقول:
قد أضحى خليلي بعد صفو مودتي ... صريعا بدار الذلّ أسلمه الغدر
يطا حرمتي بعد الإخاء وخانني ... فغادره كلبي وقد ضمه القبر
فضل الكلاب على من لبس الثياب 25(6/247)
170 دفع درهمين فأفاد أربعة آلاف دينار
أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم عليّ ابن المحسّن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، حدثنا محمد بن خلف المحولي، قال: أخبرني أبو الفضل الكاتب، عن أبي محمد العامري، قال: قال إسماعيل بن جامع «1» :
كان أبي يعظني في الغناء، ويضيّق عليّ، فهربت إلى أخوالي باليمن، فأنزلني خالي غرفة له، مشرفة على نهر في بستان، فإني لمشرف منها، إذ طلعت سوداء معها قربة، فنزلت إلى المشرعة، فجلست، فوضعت قربتها، وغنّت:
إلى الله أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل منّي وتبذل علقما
فردّي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه هائم القلب مغرما
وذرفت عيناها، فاستفزني ما لا قوام لي به، ورجوت أن تردّه، فلم تفعل، وملأت القربة، ونهضت.
فنزلت أعدو وراءها، وقلت: يا جارية بأبي أنت وأمي، ردّي الصوت.
قالت: ما أشغلني عنك.
قلت: بماذا؟
قالت: عليّ خراج، كل يوم درهمان.(6/248)
فأعطيتها درهمين، فتغنّت وجلست حتى أخذته، وانصرفت، ولهوت يومي ذلك، وكرهت أن أتغنّى الصوت، فأصبحت وما أذكر منه حرفا واحدا. وإذا أنا بالسوداء قد طلعت، ففعلت كفعلها الأول، إلّا أنها غنّت غير ذلك الصوت.
فنهضت وعدوت في إثرها، فقلت: الصوت قد ذهبت عليّ منه نغمة.
قالت: مثلك لا تذهب عليه نغمة، فتبيّن بعضه ببعض، وأبت أن تعيده إلّا بدرهمين، فأعطيتها ذلك، فأعادته، فتذكرته.
فقلت: حسبك.
قالت: كأنّك تستكثر فيه أربعة دراهم، كأنّي والله بك، وقد أصبت به أربعة آلاف دينار.
قال ابن جامع: فبينا أنا أغنّي الرشيد يوما، وبين يديه أكياس، في كلّ كيس ألف دينار، إذ قال: من أطربني فله كيس، فغنيته الصوت، فرمى لي بكيس.
ثم قال: أعد، فأعدت، فرمى لي بكيس.
وقال: أعد، فأعدت، فرمى لي بكيس، فتبسمت.
فقال: ما يضحكك؟.
قلت: يا أمير المؤمنين لهذا الصوت حديث أعجب منه، وحدّثته الحديث.
فضحك، ورمى إليّ الكيس الرابع، وقال: لا نكذّب قول السوداء.
فرجعت بأربعة آلاف دينار.
مصارع العشاق 2/38(6/249)
171 وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا
أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، قال: حدثنا أبو بكر بن المرزبان، إجازة، قال: حدثني محمد بن علي عن أبيه علي، عن ابن دأب، قال:
عشق فتى، جارية لأخته، وكان سبب عشقه إيّاها، أنّه رآها في منامه، فأصبح مستطارا عقله، ساهيا قلبه.
فلم يزل كذلك حينا، لا يزداد إلّا حبا ووجدا، حتى أنكر ذلك أهله، وأعلموا عمّه بما هو فيه، فسأله عن حاله، فلم يقرّ بشيء، وقال: علّة أجدها في جسمي، فدعا له أطباء الروم، فعالجوه بضروب من العلاج، فلم يزده علاجهم إلّا سوءا، وامتنع عن الطعام والكلام.
فلما رأوا ذلك منه، أجمعوا على أن يوكّلوا به امرأة، فتسقيه الخمر حتى يبلغ منه دون السكر، فإن ذلك يدعوه إلى الكلام والبوح بما في نفسه، فعزم رأيهم على ذلك، وأعلموا عمّه ما اتفقوا عليه، فبعث إليه بقينة يقال لها:
حمامة، ووكّل به حاضنة كانت له.
فلما شرب الفتى، غنّت الجارية قدّامه، فأنشأ يقول:
دعوني لما بي وانهضوا في كلاءة ... من الله قد أيقنت أن لست باقيا
وأن قد دنا موتي وحانت منيّتي ... وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا
أموت بشوق في فؤادي مبرّح ... فيا ويح نفسي من به مثل ما بيا
قال: فصارت الحاضنة والقينة إلى عمه، فأخبرتاه الخبر، فاشتدت له رحمته، فتلطف في دس جارية من جواريه إليه، وكانت ذات أدب وعقل،(6/250)
فلم تزل تستخرج ما في قلبه، حتى باح لها بالذي في نفسه، فصارت السفيرة فيما بينه وبين الجارية، وكثرت بينهما الكتب، وعلمت أخته بذلك، فانتشر الخبر، فوهبتها له، فبرأ من علته، وأقام على أحسن حال.
مصارع العشاق 2/27(6/251)
172 أبو علي التنوخي يهنئ رئيسا بحلول رمضان
كتب القاضي أبو علي التنوخي، إلى بعض الرؤساء، في شهر رمضان:
نلت في ذا الصيام ما تشتهيه ... وكفاك الإله ما تتّقيه
أنت في الناس مثل شهرك في الأش ... هر «1» بل مثل ليلة القدر «2» فيه
وفيات الأعيان 4/161(6/252)
173 من شعر القاضي أبي علي التنوخي
ومن المنسوب للقاضي التنوخي:
قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقي المترهب
نور الخمار ونور خدك تحته ... عجبا لوجهك كيف لم يتلهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما من مذهب
وإذا أتت عني لتسرق نظرة ... قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي «1»
وفيات الأعيان 4/161(6/253)
174 من شعر أبي الفرج الببغاء
وحكى القاضي أبو علي التنوخي قال:
دخل أبو الفرج عبد الواحد الببغاء «1» ، على الوزير أبي نصر سابور بن أردشير «2» ، وقد نثرت عليه دنانير وجواهر، فأنشد بديها:
نثروا الجواهر واللجين وليس لي ... شيء عليه سوى المدائح أنثر
بقصائد كالدرّ إن هي أنشدت ... وثنا إذا ما فاح فهو العنبر «3»
وفيات الأعيان 2/201(6/254)
175 مكشوف العلل ومكتوم الأجل
أنشدني علي بن أبي علي «1» ، قال: أنشدني أبي، قال: أنشدني قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله «2» بن أحمد بن معروف، لنفسه:
يا بؤس للإنسان في ... الدنيا وإن نال الأمل
يعيش مكشوف العلل ... فيها ومكتوم الأجل
بينا يرى في صحة ... مغتبطا قيل اعتلل
وبينما يوجد فيها ... ثاويا قيل انتقل
فأوفر الحظ لمن ... يتبعه حسن العمل
تاريخ بغداد للخطيب 10/367(6/255)
176 الأشتر وجيداء
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أبي علي «1» ، قراءة عليه، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: أخبرني أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصبهاني «3» ، قال: حدّثني جعفر ابن قدامة «4» ، قال حدّثني أبو العيناء «5» ، قال:
كنت أجالس محمد بن صالح بن عبد الله بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، وكان حمل إلى المتوكل «6» أسيرا، فحبسه مدّة، ثم أطلقه، وكان أعرابيا فصيحا محرّما «7» ، فحدّثني قال: حدّثني نمير بن قحيف الهلالي، وكان حسن الوجه، حييا، قال:
كان منّا فتى يقال له بشر بن عبد الله، ويعرف بالأشتر، وكان يهوى جارية من قومه، يقال لها: جيداء، وكانت ذات زوج.
وشاع خبره في حبها، فمنع منها، وضيق عليه، ووقع الشر بينه وبين أهلها، حتى قتلت بينهم القتلى، وكثرت الجراحات، ثم افترقوا على أن لا ينزل أحد منهم بقرب الآخر.(6/256)
فلما طال على الأشتر البلاء والهجر، جاءني ذات يوم، فقال: يا نمير هل فيك خير؟
قلت: عندي كل ما أحببت.
قال: أسعدني على زيارة جيداء، فقد ذهب الشوق إليها بروحي، وتنغصت عليّ حياتي.
قلت: بالحب والكرامة، فانهض إذا شئت.
فركب، وركبت معه، وسرنا يومنا وليلتنا، حتى إذا كان قريبا من مغرب الشمس، نظرنا إلى منازلهم، ودخلنا شعبا خفيّا، فأنخنا راحلتينا وجلين.
فجلس هو عند الراحلتين، وقال: يا نمير، اذهب، بأبي أنت وأمي، فادخل الحيّ، واذكر لمن لقيك أنّك طالب ضالّة، ولا تعرّض بذكري بشفة ولا لسان، فإن لقيت جاريتها فلانة الراعية، فاقرئها مني السلام، وسلها عن الخبر، وأعلمها بمكاني.
فخرجت، لا أعذر «1» في أمري، حتى لقيت الجارية، فأبلغتها الرسالة، وأعلمتها بمكانه، وسألتها عن الخبر.
فقالت: بلى والله، مشدّد عليها، متحفّظ منها، وعلى ذلك، فموعدكما الليلة، عند تلك الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت.
فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته الخبر، ثم نهضنا نقود راحلتينا، حتى جاء الموعد.
فلم نلبث إلّا قليلا، وإذا جيداء قد جاءت تمشي حتى دنت منّا، فوثب إليها الأشتر، فصافحها، وسلّم عليها، وقمت مولّيا عنهما.(6/257)
فقالا: إنّا نقسم عليك إلّا ما رجعت، فو الله ما بيننا ريبة، ولا قبيح نخلو به دونك.
فانصرفت راجعا إليهما، حتى جلست معهما، فتحدّثا ساعة، ثم أرادت الانصراف.
فقال الأشتر: أما فيك حيلة يا جيداء، فنتحدّث ليلتنا، ويشكو بعضنا إلى بعض.
قالت: والله ما إلى ذلك من سبيل، إلّا أن نعود إلى الشر الذي تعلم.
فقال لها الأشتر: لا بدّ من ذلك، ولو وقعت السماء على الأرض.
فقالت: هل في صديقك هذا من خير أو فيه مساعدة لنا؟
قال: الخير كلّه.
قالت: يا فتى، هل فيك من خير؟
قلت: سلي ما بدا لك، فإنّي منته إلى مرادك، ولو كان في ذلك ذهاب روحي.
فقامت، فنزعت ثيابها، فخلعتها عليّ، فلبستها، ثم قالت: اذهب إلى بيتي، فادخل في خبائي، فإن زوجي سيأتيك بعد ساعة أو ساعتين، فيطلب منك القدح، ليحلب فيه الإبل، فلا تعطه إيّاه حتى يطيل طلبه، ثم ارم به رميا، ولا تعطه إيّاه من يدك، فإنّي كذا كنت أفعل به، فيذهب فيحلب، ثم يأتيك عند فراغه من الحلب، والقدح ملآن لبنا، فيقول: هاك غبوقك، فلا تأخذ منه حتى تطيل نكدا عليه، ثم خذه، أو دعه حتى يضعه، ثم لست تراه، حتى تصبح إن شاء الله.
قال: فذهبت، ففعلت ما أمرتني به، حتى إذا جاء القدح الذي فيه اللبن، أمرني أن آخذه، فلم آخذه، حتى طال نكدي، ثم أهويت لآخذه، وأهوى ليضعه، واختلفت يدي ويده، فانكفأ القدح، واندفق ما فيه،(6/258)
فقال: إن هذا طماح «1» مفرط، وضرب بيده إلى مقدّم البيت، فاستخرج سوطا مفتولا، كمتن الثعبان المطوّق، ثم دخل عليّ، فهتك الستر عنّي، وقبض على شعري، وأتبع ذلك السوط متني، فضربني تمام ثلاثين، ثم جاءت أمّه وإخوته، وأخت له، فانتزعوني من يده، ولا والله، ما أقلع، حتى زايلتني روحي، وهممت أن أوجره السكين، وإن كان فيه الموت.
فلما خرجوا عنّي، وهو معهم، شددت ستري، وقعدت كما كنت.
فلم ألبث إلّا قليلا، حتى دخلت أم جيداء عليّ تكلّمني، وهي تحسبني ابنتها، فاتّقيتها بالسكات «2» والبكى «3» ، وتغطّيت بثوبي دونها.
فقالت: يا بنيّة، اتّقي الله ربك، ولا تعرضي لمكروه زوجك، فذاك أولى بك، فأما الأشتر، فلا أشتر لك آخر الدهر.
ثم خرجت من عندي، وقالت: سأرسل إليك أختك تؤنسك، وتبيت الليلة عندك.
فلبثت غير ما كثير، فإذا الجارية قد جاءت، فجعلت تبكي، وتدعو على من ضربني، وجعلت لا أكلمها، ثم اضطجعت إلى جانبي.
فلما استمكنت منها، شددت بيدي على فيها، وقلت: يا هذه تلك أختك مع الأشتر، وقد قطع ظهري الليلة بسببها، وأنت أولى بالستر عليها، فاختاري لنفسك ولها، فو الله لئن تكلمت بكلمة، لأضجنّ بجهدي، حتى تكون الفضيحة شاملة.
ثم رفعت يدي عنها، فاهتزّت الجارية كما تهتز القصبة من الروع، ثم بات معي منها أملح رفيق رافقته، وأعفّه، وأحسنه حديثا، فلم تزل تتحدّث،(6/259)
وتضحك مني، وممّا بليت به من الضرب، حتى برق النور، وإذا جيداء قد دخلت علينا من آخر البيت، فلما رأتنا ارتاعت، وفزعت.
وقالت: ويلك من هذا عندك؟
قلت: اختك.
قالت: وما السبب؟
قلت: هي تخبرك، ولعمر الله، إنها لعالمة بما نزل بي، وأخذت ثيابي منها، ومضيت إلى صاحبي، فركبنا، ونحن خائفان.
فلما سري عنا روعنا، حدّثته بما أصابني وكشفت عن ظهري، فإذا فيه ما غرس السوط من ضربة إلى جانب أخرى، كل ضربة تخرج الدم وحدها.
فلما رآني الأشتر، قال: لقد عظمت صنيعتك، ووجب شكرك، إذ خاطرت بنفسك، فبلغني الله مكافأتك «1» .
مصارع العشاق 2/148 و 156(6/260)
177 كيف تعالج اللثغة عند الصبي
حدّث أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، في نشوار المحاضرة، قال:
حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن المنجم «1» ، قال: حدّثني أبي «2» قال:
كنت وأنا صبيّ لا أقيم الراء في كلامي، وأجعلها غينا «3» ، وكانت سنّي إذ ذاك أربع سنين، أقل أو أكثر، فدخل أبو طالب الفضل بن سلمة، أو أبو بكر الدمشقي (الشك من أبي الفتح) إلى أبي، وأنا بحضرته، فتكلّمت بشيء فيه راء، فلثغت فيها.
فقال له الرجل: يا سيدي، لم تدع أبا الحسن يتكلّم هكذا؟
فقال له: ما أصنع، وهو ألثغ؟
فقال له:- وأنا أسمع وأحصّل ما جرى، وأضبطه- إنّ اللثغة لا تصحّ مع سلامة الجارحة، وإنّما هي عادة سوء تسبق إلى الصبي أوّل ما يتكلّم، لجهله بتحقيق الألفاظ، وسماعه شيئا يحتذيه، فإن ترك على ما يستصحبه من ذلك، مرن عليه، فصار له طبعا لا يمكنه التحوّل عنه، وإن أخذ بتركه(6/261)
في أوّل نشوه «1» ، استقام لسانه، وزال عنه، وأنا أزيل هذا عن أبي الحسن ولا أرضى فيه بتركك له عليه.
ثم قال لي أخرج لسانك، فأخرجته.
فتأمّله، وقال: الجارحة صحيحة، قل يا بنيّ: را، واجعل لسانك في سقف حلقك.
ففعلت ذلك، فلم يستو لي.
فما زال يرفق بي مرّة، ويخشن بي أخرى، وينقل لساني من موضع إلى موضع، من فمي، ويأمرني أن أقول الراء فيه، فإذا لم يستو لي، نقل لساني إلى موضع آخر، دفعات كثيرة، في زمان طويل، حتى قلت راء صحيحة في بعض تلك المواضع.
وطالبني، وأوصى معلمي بإلزامي ذلك، حتى مرن لساني عليه، وذهبت عنه اللثغة.
معجم الأدباء 5/442(6/262)
178 أيهما يصفع
حكى عليّ بن المحسّن «1» القاضي، قال:
حضرت مجلس قاض، فتقدم إليه رجلان، وادّعى أحدهما على الآخر شيئا.
فقال للمدعى عليه: ما تقول؟، فضرط بفمه «2» .
فقال المدعي: يسخر بك يا أيها القاضي.
فقال القاضي: اصفع يا غلام.
فقال الغلام: من أصفع، الذي سخر منك، أم الذي ضرط عليك؟
فقال: بل دعهما، واصفع نفسك.
الكنايات للجرجاني 47(6/263)
محتويات الكتاب
5 مقدمة المحقق
7 1 من شعر ابن كناسة
8 2 القاضي محمد بن عبد الله الأنصاري
10 3 القاضي محمد بن عبد الله المؤذّن
11 4 القاضي أبو الحسن الخرقي كان يحكم بنفسه
12 5 من شعر ابن سكّرة الهاشمي
12 6 من شعر ابن سكّرة الهاشمي
13 7 أبو إسحاق الطبري المقرئ
14 8 البحتري يمدح الكجّي وابن جهور
16 9 إسحاق الموصلي يتحدّث عن أصله
17 10 القاضي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة
19 11 القاضي إسماعيل بن إسحاق، كان علما في الفقه على مذهب مالك
21 12 القاضي إسماعيل بن إسحاق، تجمع له بغداد بأسرها، ويقلد قضاء القضاة
24 13 الله خير مستعان
25 14 إسحاق بن غرير
27 15 حب ابن غرير غرور
30 16 إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام(6/265)
32 17 البهلول بن حسّان، يبذل ماله للقريب والبعيد
34 18 إسحاق بن البهلول، يحدّث من حفظه بخمسين ألف حديث
36 19 القاضي أسد بن عمرو، يصلح قبلة جامع واسط
37 20 أشعب الطامع بين سالم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عثمان
40 21 سالم بن عبد الله يقسم تمرا
41 22 الحد الذي بلغه طمع أشعب
42 23 القاضي أبو الوليد الكندي، يأبى أن ينفذ قضاء يحيى بن أكثم
44 24 التسليم للفقهاء سلامة في الدين
45 25 نسب أبي الهيثم التنوخي
46 26 القاضي البهلول بن إسحاق الأنباري
47 27 لماذا سمّي بشّار بالمرعث 1
48 28 لماذا سمّي بشّار بالمرعث 2
49 29 ارحمهم رحمك الله
50 30 بين جعفر البرمكي وعبد الملك بن صالح الهاشمي
52 31 القاضي جعفر بن محمد بن عمّار
54 32 وقف بعرفة ستا وخمسين وقفة على المذهب
55 33 أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد التنوخي
57 34 ما لي وللعيد
58 35 أبو العيناء يرثي الحسن بن سهل
59 36 القاضي أبو محمد الحسن بن أبي الشوارب(6/266)
60 37 المنصور ينصح ولده المهدي، بالإقبال على الفقه والمغازي
62 38 الحسن بن عمارة، يكرم أحد طلّاب الحديث
63 39 عبيد الله بن محمد بن صفوان، يتقلّد للمهدي قضاء المدينة
64 40 القاضي أبو حسان الزيادي، يضرب رجلا ألف سوط، ويتركه في الشمس حتى يموت
66 41 الخليفة الواثق يستقضي الحسن بن علي بن الجعد
67 42 جريت مع الصبا طلق الجموح
69 43 من شعر أبي عبد الله بن الحجاج
70 44 لحية القاضي العوفي، تبلغ إلى ركبته
71 45 لحية القاضي العوفي، تعدّت كل قدر
72 46 القاضي العوفي يلقي مسائله في المناظرة من الدفتر
73 47 الحسين بن الضحاك الشاعر
74 48 الراضي يستقضي أبا محمد الحسين بن عمر
75 49 أبو علي التنوخي ينيب عنه أبا القاسم الكوفي في القضاء بالكوفة
76 50 من مخاريق الحلّاج
79 51 محاكمة الحلّاج، وتنفيذ حكم الإعدام فيه
93 52 الخليفة يدعو القاضي حفص بن غياث، فيستمهله حتى يفرغ من أمر الخصوم
94 53 القاضي حفص بن غياث، تمرّ أحكامه وقضاياه كالقدح
95 54 الحسن بن وهب يرثي أبا تمام الطائي
96 55 مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر
98 56 حسان بن سنان التنوخي، أدركته بركة دعاء أنس بن مالك(6/267)
100 57 حسان بن سنان التنوخي، كان نصرانيا وأسلم.
101 58 افتتح القضاء بأعورين
103 59 من شعر خالد الكاتب
104 60 أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري
106 61 لماذا عرف بالثلّاج
107 62 ترفّق بأهل الجهل إن كنت ساقيا
108 63 ضمّ يا ضمّام، واحذر لا تنام
109 64 رأي أبي زيد الأنصاري، في أبي عبيدة والأصمعي
110 65 للسريّ الرفاء يستهدي قدحا
111 66 أعجميّ يتنقّص الإمام عليا، فيضرب، ويطرد
112 67 شبيب بن شيبة، يفزع إليه أهل البصرة في قضاء حوائجهم
114 68 من حكم شبيب بن شيبة
115 69 علام يؤتى المرء
116 70 العباس الخياط، لا يثمر فيه الإحسان
117 71 من شعر ابن الأعرابي
118 72 القاضي التنوخي ينيب عنه صدقة بن علي الموضلي على قضاء نصيبين وأعمالها
119 73 لا عار في الصرف إذا بقيت المحاسن محروسة
120 74 المنصور العبّاسي، يضرب أسوأ الأمثال في القسوة
122 75 القاضي عبد الله بن أبي الشوارب
123 76 المنصور يضرب قهرمانه سبع درر
124 77 قطن بن معاوية الغلابي، يستسلم للمنصور(6/268)
129 78 القاضي عبد الله بن محمد، رافق الرشيد، وهلك بطوس
131 79 القاضي عبد الله بن محمد الخلنجي، وعفته، وديانته
133 80 يا نفس صبرا لعلّ الخير عقباك
135 81 أبو القاسم ابن بنت منيع، يفيد مائتي دينار من نسخ مغازي ابن إسحاق
137 82 ثلاثة يسلمن إلى الأجل
138 83 رأي ابن مهدي في سفيان، ومالك، وشعبة، وابن المبارك
139 84 عبد الله بن مصعب، يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم
142 85 مدّ لك الله الحياة مدّا
143 86 القاضي عبد الرحمن بن إسحاق يحلّ محل إسماعيل بن حماد وبشر بن الوليد
144 87 أبو عبد الله الختلي يحدّث في البصرة بخمسين ألف حديث من حفظه
145 88 كأنّ رقيبا منك يرعى خواطري
146 89 عبيد الله بن أحمد بن غالب
147 90 لا تهجرنّي فإنّي لست ذا جلد
149 91 من شعر أبي الحسن الكرخي
150 92 العالم العاقل ابن نفسه
151 93 لا ردّ الله غربتك
152 94 أكني بغيرك
153 95 وظريف زوال وجد بوجد
154 96 القاضي عبد الملك بن حزم، توفي، فصلى عليه الرشيد(6/269)
155 97 المنصور يعفو عن أحد الثائرين عليه
157 98 قرشية اختارت لنفسها
159 99 عبد العزيز الأعرج لا يمسك شيئا لفرط سخائه
161 100 ابن البقال أحد المتكلمين الشيعة الزيدية
162 101 عبد العزيز بن حماد الدنقشي قاضي رامهرمز
164 102 وتأخذ من جوانبنا الليالي
165 103 كيف الظن بمن هو أرحم الراحمين
166 104 تشابهت الطباع
167 105 سقطت على الخبير
168 106 فمن ذا يداوي جوى باطنا
169 107 المتوكل يخيّر أهل بغداد
170 108 الصاحي بموضع رجلي السكران، أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه
171 109 المعتضد يستقضي أبا خازم القاضي
174 110 القاضي يحيى بن أكثم، يستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبان
175 111 بحق من أغراك بي زيدي
176 112 القاضي عمر بن حبيب العدوي، لم يرقاض أهيب منه
177 113 القاضي عمر بن حبيب العدوي، ينصبه المأمون قاضيا بالبصرة
180 114 القاضي أبو الحسين بن أبي عمر
182 115 ما مات من بقيت له بعد موته
183 116 غلبتني على الفؤاد الهموم(6/270)
184 217 القاضي عثمان بن طلحة، كان لا يرتزق على القضاء
186 118 الفرّاء يقرّ للكسائي بالرئاسة
187 119 سبب تسمية صالح بصاحب المصلّى
190 120 القاضي علي بن ظبيان، يجلس على بارية مثل البارية التي يجلس عليها الخصوم
191 121 من شعر إسحاق بن إبراهيم الموصلي
193 122 أنت لنا شمس، وفتح لنا قمر
195 123 القاضي يحيى بن سعيد، قاضي السفاح على الهاشمية
196 124 يحيى بن سعيد، يضطره ضيق حاله وكثرة ديونه، لتقلّد القضاء
198 125 مطيع بن إياس، يرثي يحيى بن زياد الحارثي
199 126 الفرّاء يملي دروسه من حفظه
200 127 أبو الغوث بن البحتري، يمدح ابن بسطام
201 128 أبو حنيفة يشهد لأبي يوسف بأنّه أعلم من على الأرض
203 129 اللهم إنّي لم أجر في حكم حكمت به
204 130 أبو يوسف القاضي يصلّي في كل يوم مائتي ركعة
205 131 ما برع أحد في علم إلّا دله على غيره من العلوم
206 132 الشريف أبو جعفر، ابن الجصاص المصري
209 133 لقد ذهب الحمار بأمّ عمرو
210 134 والله لقد أنسيت
211 135 أبو جعفر في ضيافة أبي بكر المادرائي
213 136 بين الشريف أبي جعفر وأبي زنبور الكاتب
214 137 يدعى للتبكير بالغداة، فيحضر العشيّة(6/271)
215 138 نزلت في قلبي
216 139 كلبان يحميان صاحبهما من الثعبان
217 140 فجعت بمسمار
218 141 لم يبق لي طمع
219 142 كلب يهاجم خصم صاحبه
220 143 الكلب وعرفان الجميل
222 144 نسيم لو رقد المخمور فيه أفاق
223 145 أموت وأحيا
224 146 البين صعب
225 147 من شعر القاضي التنوخي
226 148 مطر الربيع
227 149 سقراط والعشق
228 150 كلب يحمي طفل صاحبه
229 151 كلب مالك بن الوليد، يقتل زوجته وعشيقها
230 152 من شعر أبي بكر الأنباري
231 153 سكنت القلب
232 154 سقى الله أياما خلت
233 155 الفراق مرّ شديد
234 156 زيدي قلبي وسواسا
235 157 رفقا بقلب
236 158 فرأيك في سحّ الدموع موفّقا
237 159 زائر متهالك
238 160 أسائل عنها كلّ ركب(6/272)
239 161 أفق عن بعض لومك
240 162 أين المفرّ
241 163 كذاك العاشقون
242 164 لا تكن ملحاحا
243 165 في القلب صدوع
244 166 مساكين أهل العشق
245 167 كلب يحمي عرض سيده
246 168 الحبشاني وصفراء العلاقميّة
247 169 كلب يقتل زوجة سيده وخليلها
248 170 دفع درهمين، فأفاد أربعة آلاف دينار
250 171 وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا
252 172 أبو عليّ التنوخي، يهنئ رئيسا بحلول رمضان
253 173 من شعر القاضي أبي علي التنوخي
254 174 من شعر أبي الفرج الببغاء
255 175 مكشوف العلل ومكتوم الأجل
256 176 الأشتر وجيداء
261 177 كيف تعالج اللثغة عند الصبي
263 178 أيّهما يصفع؟(6/273)
فهرس أسماء الأشخاص
(أ)
آدم- أبو البشر 58
ابن أبان- أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة القاضي 174
الأبزاري- أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحصين، الملقب بمنقار 7
الأحمر- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان النخعي
الأحمر- أبو محرز خلف بن حيان 108
الأحنف- أبو بحر الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي 119
ابن الأحنف- أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي الشاعر 142
الأخباري- أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس بن عبد الله بن حفص بن عمر بن بيان 222، 223
الإخشيد- أبو بكر محمد بن طغج، صاحب مصر 214
الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى بن عبد الله الرماني
الأخطل- أبو مالك غياث بن غوث بن الصلت التغلبي الشاعر 31
الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 7، 50، 191، 198
ابن أردشير- الوزير أبو نصر سابور بن أردشير، وزير البويهيين 254
أرسطاطاليس- الفيلسوف اليوناني، مؤدب الإسكندر 179
الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد القاضي 19، 21، 22، 23، 205
الأزدي- أبو محمد الحسين بن عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74
الأزدي- أبو إسماعيل حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم القاضي 21(6/274)
الأزدي- أبو الفوارس سليمان بن فهد بن أحمد 110
الأزدي- أبو الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74، 180، 182
الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف القاضي 20، 56، 70، 74، 87، 88، 180، 182
الأزدي- أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشر البلخي 60
الأزدي- أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74
الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب 74، 181
الاستراباذي- أبو ذر أحمد بن علي بن محمد 201
ابن إسحاق- القاضي عبد الرحمن 146
ابن إسحاق- أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب السيرة 61، 135
الأسدي- أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي 196
الأسدي- أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم ابن علية
الأسدي- أبو بشر حبان بن بشر بن المخارق القاضي 10، 101
الأسدي- أبو بشر عمر بن أكثم القاضي 10
الأسدي- أبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الكوفي ابن كناسة
ابن إسرائيل- أبو جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباري الكاتب 147
أسلم- مولى المنصور 60
الأسلمي- أبو برزة نضلة بن عبيد بن الحارث 163
الأشتر- بشر بن عبد الله الهلالي 256، 257، 258، 259، 260
أشعب- أبو العلاء أشعب بن جبير، المعروف بأشعب الطامع 37، 38، 39، 40، 41
ابن الأشعث- أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، المعروف بأبي بكر بن أبي داود السجستاني- السجستاني
الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني القاضي 59، 64، 87
الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 193، 256
ابن أخي الأصمعي- عبد الرحمن بن عبد الله 223، 232، 237(6/275)
الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 30، 37، 40، 108، 109، 112، 223، 229، 232، 237
ابن الأعرابي- أبو عبد الله محمد بن زياد، مولى بني هاشم 117
الأعرج- أبو ثابت عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري
الأعشى- يحيى بن عبد الرحمن 41
ابن أعين- بكير 153
ابن أعين- زرارة 153
إفلاطون- الفيلسوف اليوناني، تلميذ سقراط، ومعلم أرسطاطاليس 179
اقليدس- واضع مبادىء الهندسة السطحيّة 179
ابن أكثم- أبو محمد يحيى بن أكثم بن قطن التميمي 42، 43، 101، 102، 174
ابن الأكفاني- أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله القطيعي 239
الأموي- أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص 135، 136
الأموي- أبو الأصبغ عبد العزيز بن مروان بن الحكم 51، 244
الأموي- عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان 38، 39
الأموي- عتبة بن أبي سفيان 244
الأموي- محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، الملقب بالديباج 38، 121، 157، 158
الأموي- مروان بن محمد بن مروان بن الحكم 187
الأموي- معاوية بن أبي سفيان 140
الأموي- أبو أيوب يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص 135
ابن أبي أمية- محمد بن أمية، الشاعر 183
ابن أبي أمية- محمد بن أبي أمية بن عمرو 183
الأمين- أبو أحمد بن علي 193
الأمين- أبو عبد الله محمد الأمين بن أبي جعفر هارون الرشيد 9، 73، 187(6/276)
189، 192
أنس بن مالك- أبو ثمامة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاري 96، 97، 98، 100، 163
الأنصاري- أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن قيس النحوي اللغوي 108، 109
الأنصاري- أبو طاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر محمد بن عمرو المعروف بابن حزم 154
الأنصاري- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك البصري 8، 9، 17، 18
الأنصاري- أبو عزية محمد بن موسى 27
الأنصاري- محمود 171
الأنصاري- أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس القاضي 195
الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 205
الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 47، 48، 67، 103، 183، 205، 230
الأوارجي- أبو علي هارون بن عبد العزيز الأنباري الكاتب 79
الإيادي- أبو عبد الله أحمد بن دؤاد السيد العربي النبيل 42، 58، 101، 131، 146، 169
الإيادي- أبو الوليد بن أحمد بن أبي دؤاد 146
الإيادي- أبو الفضل قاسم بن سليمان 239
ابن إياس- أبو سلمى مطيع بن إياس الكناني 198
(ب)
الباقي- أبو محمد عبد الله بن محمد 37
الباهلي- سليمان بن ربيعة 73
الباهلي- الوضاح 238(6/277)
الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الحنطبي 166، 218، 254
بثينة العذرية- صاحبة جميل بن معمر العذري 51
البجلي- أبو المنذر أسد بن عمرو بن عامر بن عبد الله الكوفي القاضي 36
البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 14، 145
ابن البحتري- أبو الغوث يحيى بن أبي عبادة الوليد بن عبيد 200
ابن بخة- جعفر بن المأمون 142
أبو البختري- القاضي وهب بن وهب بن كبير بن عبد الله بن زمعة 45
البرتي- أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر 22، 23
البرجمي- القاضي جعفر بن محمد بن عمار الكوفي 52، 53
ابن برد- بشار، الشاعر 47، 48، 49
ابن برقان- إبراهيم 219
البلدي- أبو علي الشاعر 243
البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد، وزير الرشيد 50، 51
البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك، وزير الرشيد 159، 160، 176
البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريديين 11، 89
البزار- أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان 112
البزاز- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر المعروف بابن كرنيب وبابن العطار 135
البزاز- أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد بن عبد الله بن حساب 36، 190، 196
ابن البزاز- أبو بكر مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم القاضي 203، 204
ابن بزيع- عمر، صاحب الدواوين في أيام المهدي 188
ابن بسطام- أبو العباس أحمد بن بسطام، صهر حامد بن العباس وزير المقتدر 200
أبو بسطام- شعبة بن الحجاج العتكي
بشير بن الليث بن نصر بن سيار- أخو رافع بن الليث الثائر على الرشيد 130
ابن بشير- أبو معاوية هشيم بن بشير بن أبي خازم القاسم بن دينار 33
ابن بطة العكبري- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان 151(6/278)
بطليموس- من علماء الهيأة والتاريخ والجغرافية، صاحب المجسطي 179
البغدادي- أبو الفرج 193
البغوي- أبو جعفر أحمد بن منيع بن عبد الرحمن 135
البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن بنت منيع ابن البقال- أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر بن روزبهان بن الهيثم، أحد المتكلمين من الشيعة 161
ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب الزبيري
أبو بكر- الصديق
أبو بكر البيع- أبو بكر محمد بن هارون بن حميد ابن المجدر
أبو بكرة- نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي 162
ابن بلال- سلمان 196
ابن بلنجر- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي 109
بوران- خديجة بنت الحسن بن سهل، زوجة المأمون 58، 174
البيروذي- سعيد بن عمر بن علي 242
(ت)
أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي الشاعر 14، 95
التميمي- القاضي القاسم بن منصور 22
التميمي- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر 71، 131، 203، 204، 238
التميمي- محمد بن نوفل، الشاعر 53
التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري القاضي 56، 96، 103، 104
التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 32، 33، 34، 46، 76، 96، 100، 103، 104، 111، 170، 205(6/279)
التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 32، 33، 34، 96، 97، 98، 99، 104، 105، 111
التنوخي- أبو الحسن إسماعيل بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 32، 33، 34، 46، 111
التنوخي- أبو محمد البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 32، 33، 34، 46
التنوخي- أبو الهيثم البهلول بن حسان بن سنان 32، 45
التنوخي- أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري 55
التنوخي- أبو العلاء حسان بن سنان بن أوفى بن عوف الأنباري 96، 97، 98، 99، 100
التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول الأنباري 104، 105
التنوخي- أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول 55
التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم القاضي، والد صاحب النشوار 16، 30، 120، 206
التنوخي- أبو القاسم علي بن أبي علي المحسّن التنوخي القاضي، ابن صاحب النشوار 7، 8، 10، 11، 12، 13، 14، 17، 19، 21، 24، 25، 27، 30، 31، 34، 36، 37، 40، 41، 42، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 52، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 60، 62، 63، 64، 66، 67، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 79، 93، 94، 95، 96، 98، 100، 101، 103، 104، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 122، 123، 124، 129، 131، 133، 135، 137، 138، 139، 142، 143، 144، 145، 146، 147، 149، 150، 151، 152، 153، 154، 155، 157، 159، 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 174، 175،(6/280)
176، 177، 180، 182، 183، 184، 186، 187، 190، 191، 193، 195، 196، 199، 200، 201، 203، 204، 205، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 222، 223، 224، 226، 227، 228، 229، 231، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 246، 247، 248، 250، 255، 256، 263
التنوخي- أبو علي المحسن بن علي التنوخي القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 44، 75، 78، 118، 133، 136، 144، 187، 193، 225، 252، 253، 254، 255، 256، 261
التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 17
التنوخي- أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري 98، 99
التنوخي- أبو بكر يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري 96، 98، 99، 104، 111
التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 164
التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين 238
التوزي- أبو القاسم 116
التوزي- أبو يعقوب إسحاق بن ديمهر بن محمد 10
التيمي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله 129
التيمي- عثمان بن طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب 184، 185.
(ث)
ابن ثابت- عبيد بن ثابت الكوفي، مولى بني عبس 190
الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 164، 166، 215، 218(6/281)
ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 105، 198
الثقفي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الكاتب ابن عمار الثقفي- الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي يضرب بظلمه المثل 97، 98
الثقفي- أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله 118
الثلجي- أبو عبد الله محمد بن شجاع البغدادي 172
ابن الثلاج- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد بن مهران 106، 165
الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق 138، 162
(ج)
الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 67
جالينوس- الطبيب اليوناني 179
ابن جامع- أبو القاسم إسماعيل بن جامع السهمي القرشي 248، 249
الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب 170
الجبّي- أبو بكر 17
ابن الجراح- أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري القرشي، أحد العشرة المبشرة 88
ابن الجراح- أبو الحسن علي بن عيسى، وزير المقتدر 80، 81
ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى 175
الجراحي- علي بن الحسن 115
ابن جريج- أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 41 (80- 150)
جرير- أبو حزرة جرير بن عطية بن الخطفى 31
ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 206
أم جعفر زبيدة
الجماز- محمد بن عبد الله بن عمرو بن حماد بن عبد الله 102(6/282)
الجمحي- عبيد الله بن محمد بن صفوان بن عبيد الله بن أبي خلف 60، 63
الجهبذ- هارون بن عمران 86
ابن الجهم- أبو عبد الله محمد بن الجهم بن هارون الكاتب السمري
ابن جهور- أسد، أحد كبار العمال في الدولة العباسية 14
الجوهري- أبو بكر أحمد بن عبد العزيز 52
الجوهري- أبو جعفر أحمد بن القاسم بن مساور 93
الجوهري- الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد 66، 146، 186، 191
الجوهري- سهل بن إسماعيل الطرسوسي 115
الجوهري- أبو الحسن علي بن الجعد بن عبيد 66
الجوهري- أبو عاصم عمر بن الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد 93، 132
جيداء الهلالية 256، 257، 258، 260
(ح)
الحاتمي- أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر 182
الحارثي- أبو الفضل يحيى بن زياد 198
الحاسب- أبو برزة 172
حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 79، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 172
ابن الحباب- أبو أسامة والبة، الشاعر الأسدي الكوفي 198
الحبشاني- أبو عبد الله 246
ابن حبيب- محمد 191
ابن الحجاج- أبو عبد الله الحسين، الشاعر 57، 69، 215
الحدثاني- عبد الصمد 193
الحربي- عبد الله بن الحكم 115
الحرمي- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة، المعروف بابن أبي العلاء(6/283)
16، 30، 120
الحزامي- محمد بن الضحاك 155
ابن حزم- أبو طاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو- الأنصاري
الحزنبل- 186
ابن حسان- الوضاح، رجل أعجمي 111
الحسن البصري- أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار 17، 87، 162
الحسن بن سهل- أبو محمد السرخسي 58
أبو الحسين- كاتب الشريف أبي جعفر العباسي المصري، المعروف بالشق 207، 208، 209
الحصري- أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني 167
حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب 39
ابن أبي حفصة- مروان، الشاعر 31
أبو حفصة- جد الشاعر مروان 31
الحكيمي- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش بن حازم بن صبيح بن صباح الكاتب 117
الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 76، 77، 78، 79، 80، 81، 82، 83، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 91، 92، 148
حماد عجرد- أبو عمرو حماد بن عمر بن يونس بن كليب السوائي 198
حماد الراوية- أبو القاسم حماد بن سابور بن المبارك 198
ابن حماد- من أصحاب الحلاج 82
الحمّاني- أبو العباس أحمد بن الصلت بن المغلس 44
الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 89، 149، 164
الحمداني- أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 118
الحمداني- ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان 11
حمزة- أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات، أحد القراء السبعة 55(6/284)
حمزة بن عبد المطلب- أبو عمارة، حمزة، عم النبي صلوات الله عليه 163
الحنفي- إبراهيم بن ثمامة 118
الحنفي- زراع بن عروة 107
أبو حنيفة- الإمام- النعمان بن ثابت
ابن أبي حنيفة- القاضي أبو عبد الله إسماعيل بن حماد بن الإمام أبي حنيفة 17، 18، 19، 143
ابن أبي حية- أبو القاسم عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب 56
حيدرة- من أصحاب الحلاج 82
ابن حيويه- العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز، والد أبي عمر 116، 145
ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا الخزاز 67، 71، 103، 114، 116، 167، 168، 183، 186، 226، 227، 233، 234، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 246، 248، 250
(خ)
الخادم- مؤنس، صاحب الشرطة، المعروف بمؤنس الفحل 133
أبو خازم- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 171، 172، 173
خاطف- المغنية التي تغني بالقضيب 136
ابن خاقان- أبو محمد الفتح بن خاقان بن طرغوج 193، 194
الختلي- أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن زيد بن عبد الحميد بن حيان 144
الخدري- أبو سعيد سعد بن مالك 118
خديجة بنت الحسن بن سهل- بوران
الخراساني- سمرة بن حجر 111
الخراساني- أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم 187، 188(6/285)
الخرسي- صاحب الشرطة ببغداد أيام المنصور 188
الخرقي- أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق القاضي 11
الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي 102
الخزاعي- أبو نجيد عمران بن حصين بن عبيد 162
الخصيب الأصبهاني 219
الخصيبي- أبو الحسين عبد الواحد بن محمد 172
الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 29، 30، 31، 32، 33، 35، 36، 37، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 58، 59، 61، 62، 63، 65، 66، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 78، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 121، 122، 123، 128، 129، 130، 131، 132، 134، 135، 136، 137، 138، 141، 142، 143، 144، 145، 155، 156، 158، 159، 160، 161، 163، 164، 165، 166، 169، 170، 172، 173، 174، 175، 176، 179، 181، 182، 184، 185، 186، 189، 190، 192، 193، 195، 196، 197، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 215، 222، 230
الخلدي- أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الصوفي الخواص 54
ابن خلكان- القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر 48، 253
الخلنجي- عبد الله بن محمد بن أبي يزيد 131، 146
الخليع- أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي البصري 73
الخليل بن أحمد- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي 49(6/286)
الخوارزمي- أبو بكر محمد بن العباس 236
الخوارزمي- أبو بكر محمد بن موسى بن محمد 119
ابن أبي خيثمة- أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب- النسائي
ابن خيثمة- أبو الهيثم عتبة 119
الخياط- العباس 116
الخيزران- أم الهادي والرشيد 27، 28
(د)
ابن دأب- محمد 247، 250
ابن داحة- إبراهيم 120، 121
الدارمي- أبو القاسم صدقة بن علي بن محمد بن المؤمل التميمي الموصلي 118
الدارمي- مسكين الشاعر 253
الدامغاني- أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور 201
الدانيالي- أحد الممخرقين، تولى الحسبة ببغداد 89
الدباس- الشيخ الذي وشى بالحلاج 79
ابن دراج- أبو توبة صالح بن محمد بن عبد الله بن زياد بن دراج الكاتب 117
ابن دحية- أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد الكلبي 179
الدراوردي- عبد العزيز بن محمد 140
ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي 223
الدقاق- أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون 47
الدمشقي- أبو بكر 261
الدمشقي- أبو الفضل بن أبي الحسين 193
دنقش- حماد، مولى المنصور وصاحب حرسه 147، 163
الدنقشي- أبو عيسى أحمد بن محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد 163
الدنقشي- حماد بن محمد بن حماد، القائد، من أصحاب صالح بن وصيف 147، 163
الدنقشي- أبو طالب عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد(6/287)
147، 162، 163
الدنقشي- محمد بن حماد، حاجب المعتصم 147، 163
ابن أبي الدنيا- أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس 64
ابن أبي دؤاد- أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد- الإيادي
الدوري- أبو بكر أحمد بن عبد الله بن خلف الوراق 25، 27، 52، 129، 139، 155، 157، 159، 184
الديباج- محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي
الدينوري- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة 8
(ذ)
الذراع- ابن حبيب 172
الذهبي- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن زكريا، المعروف بابن المخلص 25، 27، 112، 129، 139، 155، 157، 159، 184
ابن أبي الذيال- المحدث 67
(ر)
ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد بن رائق، أمير الأمراء 11
الراسبي- الأمير علي بن أحمد 83
الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 74
رافع بن الليث بن نصر بن سيار- الثائر على هارون الرشيد 130
الربعي- أبو سعيد عبد الله بن شبيب 241
الربعي- أبو الفضل 142
الربيع- أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة، حاجب المنصور 125، 126، 127، 146، 192
ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس، وزير الرشيد 191، 192(6/288)
ابن أبي ربيعة- أبو الخطاب عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي 168، 221
ربيعة الرأي- أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن 197
الرشيد- أبو جعفر هارون الرشيد بن أبي عبد الله محمد المهدي بن أبي جعفر عبد الله المنصور 8، 9، 25، 27، 30، 31، 50، 72، 93، 129، 130، 140، 141، 154، 160، 177، 185، 190، 191، 192، 249
الرصافي- معروف بن عبد الغني (1294- 1364) 125
الرضا- الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام 129
الرعيني- محمد بن عبد الله بن أبي ثور المعروف بابن عبدون، قاضي أفريقية 201
الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الموصلي 110
الرفاعي- أبو هشام محمد بن يزيد بن محمد بن رفاعة 93
ابن الرفيل- عامل الحجاج على الأنبار 98
الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى بن عبد الله الإخشيدي 232، 237
ابن رؤبة- عقبة، الراجز 49
الرياشي- أبو الفضل العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 244
(ز)
الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، المعروف بغلام ثعلب 182
زبيدة- أم جعفر، أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور، أم الأمين 93
الزبير- أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي 88
الزبيري- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب 25، 27، 129، 139، 140، 155، 157، 159، 184، 241
الزبيري- عامر بن عبد الله بن الزبير 238
الزبيري- أبو بكر عبد الله بن مصعب بن الزبير الأسدي 27، 139
الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن أبي بكر عبد الله بن مصعب بن الزبير 140، 155(6/289)
الزراري- أبو العباس عبيد الله بن أحمد بن محمد الكاتب 153، 230
ابن زريق- أبو محمد إبراهيم بن محمد بن زريق الكوفي الشاعر الكاتب 94
زنجي- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأنباري 79، 82
ابن زنجي- أبو القاسم إسماعيل بن محمد (المعروف بزنجي) بن إسماعيل الأنباري 79
الزهاوي- جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان (1279- 1354) 254
الزهري- إسحاق بن عبد الرحمن (غرير) بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف 25، 26، 27، 28
الزهري- حميد بن عبد الرحمن بن عوف 25
الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث القرشي 88
الزهري- أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي 185
الزهري- أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب 118
الزهري- يعقوب بن عبد الرحمن بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف 26
الزيات- الوزير محمد بن عبد الملك 147
الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان القاضي 64، 65، 66
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- العلوي
أبو زيد النحوي- سعيد بن أوس بن ثابت بن قيس- الأنصاري
زيرك- أحد القواد الأتراك، تنسب إليه رحبة زيرك في سامراء 35
الزينبي- محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام 121
(س)
الساجي- أبو يعلى زكريا بن خلاد البصري- المنقري
السجستاني- أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث المعروف بأبي بكر بن أبي داود 37، 40، 41، 55
سرور- طه عبد الباقي سرور، مؤلف كتاب الحلاج شهيد التصوف الإسلامي 148
السري الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي- الرفاء(6/290)
سعد بن أبي وقاص- أبو إسحاق سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري 88
السعدي- أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد الشاعر- ابن نباتة
سعيد العدوي- أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي 88
السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 96، 100، 187، 195، 196، 197
سقراط الحكيم- الفيلسوف اليوناني 227
ابن سكّرة الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد البغدادي 12
السكري- أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى 112
السكوني- أثير بن عمرو، الطبيب الكوفي 233
ابن السكيت- أبو يوسف يعقوب بن إسحاق 105
سلام- مولى المهدي 8
ابن سلام- محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم 48
سلمان الفارسي- الصحابي 245
ابن سلمة- أبو عبد الله الحسن بن علي 147، 149
ابن سلمة- عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة، مولى بني ضبة 143
ابن سلمة- أبو طالب الفضل 261
ابن سليم- أيوب بن حسن بن موسى بن جعفر 52
سليمان- ابن الحلاج 81
ابن سليمان- عبد الرحمن 240
ابن سماعة- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي السمري- صاحب الحلاج 81، 82، 83، 85
السمري- أبو عبد الله محمد بن الجهم بن هارون الكاتب 132، 199
السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي 7، 56
ابن سمية- زياد بن أبيه 162
السنجي- أبو داود سليمان بن معبد النحوي المروزي 37، 40(6/291)
ابن سهل- أحمد الكاتب 193
ابن سهل- شعيب 146
السوسنجردي- أبو عمر أحمد بن محمد العسكري 67
السيدة- شغب، أم المقتدر 80
(ش)
الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس 137
الشالجي- أبو حازم عبود بن مهدي بن محمد أمين بن أحمد الشالجي، المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5
ابن شبويه- أحمد بن محمد 138
الشرقي- الوليد بن الحصين القطامي الكوفي 115
الشريف الرضي- أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي 231
ابن شعيب- سعيد القاضي 146
ابن شمر- عمرو 245
ابن شهاب- أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب- الزهري
ابن أبي الشوارب- أبو محمد الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 59
ابن أبي الشوارب- الحسن بن محمد بن عبد الملك الأموي 21، 22، 23
ابن أبي الشوارب- القاضي أبو العباس عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 59، 122
ابن أبي الشوارب- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 23، 59
ابن أبي الشوارب- أبو الفضل محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك الأموي 11
ابن أبي الشوارب- محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 122
الشيباني- الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد 135
الشيباني- أبو الفضل صالح بن أحمد بن حنبل 116
الشيباني- أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد- صاحب الإمام أبي حنيفة 130، 201، 241(6/292)
ابن شيبة- أبو معمر شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو- المنقري
أبو شيخ- منصور بن سليمان 62
ابن أبي شيخ- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان النسائي 36، 62، 190
(ص)
الصائغ- أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن أيوب بن بشير 8
الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون 152، 218
الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عبد الله، كافي الكفاة 236، 255
صاحب المصلى- صالح، حاجب المنصور 187، 188، 189
ابن صاحب المصلى- سليمان بن علي بن صالح 189
ابن صاحب المصلى- علي بن صالح، حاجب المهدي والهادي والمأمون 189
ابن صاحب المصلى- أبو الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح 187
صاعد بن مخلد- 193
ابن صاعد- أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور 56، 162
الصديق- أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي، أول الخلفاء الراشدين 64، 88، 111
ابن الصديق- يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر 196
ابن صعصعة- الحارث 145
الصفار- أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم 138
الصهيبي 26
الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس 14، 95، 133، 186
الصيرفي- سمعان 24(6/293)
(ض)
الضبعي- البيّع 172
الضبيّ- عامر بن عمران 191
الضبيّ- عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة القاضي 66، 131
الضراب- أبو عبد الله الحسين بن عمر- ابن الضرير
ابن الضرير- أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران بن حبيش الضراب 24
ابن الضريس- محمد بن عبد الله النحوي 115
(ط)
الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 56، 255
ابن طاهر- محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، أمير بغداد 52
ابن أبي طاهر- أبو بكر 193
ابن أبي طاهر- أبو الفضل أحمد بن طيفور- ابن طيفور
الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرىء 13 54، 123
الطبري- أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 101، 132، 236
الطحاوي- أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي 201
طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني- أبو محمد 88
طلحة بن محمد- أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد 8، 10، 11، 17، 18، 19، 21، 36، 42، 59، 60، 62، 63، 64، 65، 66، 70، 72، 74، 93، 94، 101، 112، 131، 143، 146، 154، 169، 171، 174، 180، 190، 195، 196، 199، 203، 204
الطوسي- أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود بن أبي محمد بن أبي العباس 25، 27، 56، 129، 139، 155، 157، 159، 184،(6/294)
الطوسي- المؤيد بن محمد 193
ابن طولون- أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون 211
ابن طولون- هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون 211
الطيار- جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم 89
ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر 47، 48
ابن طيفور- أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر طيفور المروروذي 145
(ظ)
ابن ظبيان- أبو الحسن علي بن ظبيان بن هلال بن قتادة- العبسي
(ع)
عائشة- أم المؤمنين 64
ابن أبي عابد- أبو القاسم الحسين بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الكوفي 75
العابر- أبو شامة 211
عاصم- أبو بكر عاصم بن أبي النجود بهدلة الكوفي، أحد القراء السبعة 55
ابن عاصم- أبو محمد مسلمة بن عاصم النحوي 186
ابن عاصم- عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم، صاحب خان عاصم ببغداد 64
أبو عاصم 41
العامري- أبو محمد 248
عبادة- جارية المهلّبية 27، 28
العباس بن عبد المطلب- أبو الفضل عم رسول الله صلوات الله عليه 105
ابن العباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 178
العباسة بنت المهدي 154
العباسي- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي 187، 188
العباسي- الشريف أبو جعفر الشق المصري 206، 211، 213(6/295)
العباسي- داود بن علي بن عبد الله بن العباس، عم المنصور 125
العباسي- أبو الفضل العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 185
العباسي- عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس 125
العباسي- الأمير عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس 187
العباسي- عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس 50
العباسي- أبو عبد الله محمد بن سليمان بن علي، أمير البصرة 176
عبد الواحد بن المقتدر 89
ابن عبدون- محمد بن عبد الله بن أبي ثور، قاضي أفريقية- الرعيني
العبدي- أبو القاسم عبد الصمد بن غيلان بن المعذل 67
العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 222
العبسي- أبو الحسن علي بن ظبيان بن هلال بن قتادة الكوفي القاضي 190
ابن عبيد- أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصري، شيخ المعتزلة في عصره 162
أبو عبيدة- معمر بن المثنى البصري 109
عتاهية بن أبي العتاهية- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن القاسم 146
أبو العتاهية- أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد 29
العتبي- أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو الأموي 244
العتكي- أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد 138
ابن عتيق- عبد الله بن عمر 238
عثمان بن عفان- أبو عمرو عثمان، الخليفة الثالث 37، 88، 111، 125
ابن أبي عثمان- إبراهيم 17
ابن العجاج- أبو محمد رؤبة بن العجاج البصري التميمي الراجز 49
ابن عجلان- عبد الله بن محمد 140
العدوي- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي 37، 38، 39، 40
العدوي- عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب 156، 157، 158
العدوي- القاضي عمر بن حبيب 176، 177(6/296)
العذري- بطحاء 50
العذري- أبو عمرو جميل بن عبد الله بن معمر، صاحب بثينة 51
عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن أبي علي ركن الدولة الحسن بن بويه 118
ابن العطار- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر- البزاز
ابن عطية- أحمد 203، 204
العقيلي- الأمير مجد الدين معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد، صاحب الموصل 110
العكبري- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان- ابن بطّة
أبو عكرمة 191
ابن العلاء- أبو عمرو 124، 126
ابن أبي العلاء- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة- الحرمي
ابن علاثة- زياد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 176
ابن علاثة- أبو اليسير محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 176
العلاقمية- صفراء 246
العلوي- إبراهيم بن الحسن بن الحسن 121
العلوي- إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 124
العلوي- إسماعيل بن الحسن 121
العلوي- داود بن الحسن 121
العلوي- زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 161
العلوي- زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي 121
العلوي- أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 120، 121، 157
العلوي- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن 121
العلوي- محمد بن إبراهيم بن الحسن 121
العلوي- محمد بن صالح بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب 256
العلوي- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالنفس الزكية 60، 156(6/297)
العلوي- يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر 121
علي- أبو الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 88، 111، 121، 163، 233
علي بن أبي علي- أبو القاسم علي بن أبي عليّ المحسن التنوخي القاضي التنوخي ابن علي- محمد 250
ابن عليّة- أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي 9
ابن عمّار- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي الكاتب 56
ابن عمارة- أبو محمد الحسن بن عمارة بن المضرب- الكوفي
عمر بن الخطاب- الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 17، 64، 88، 111، 119، 162
أبو عمر- القاضي محمد بن يوسف- الأزدي
ابن عمران- سليمان 201
أبو عمرو- زبان بن العلاء المازني، أحد القراء السبعة 56
العمري- 246
العمي- بكر 171
ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين (العميد) بن محمد 164
العنبري- أبو عبد الله سوار بن عبد الله التميمي 101
العنبري- أبو المطراب 237
العوفي- أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة 8، 70، 71، 72، 154
ابن أبي عون- محمد الكاتب 235
أبو العيناء- أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد الضرير 18، 58، 123، 256
ابن أبي العيناء- جعفر بن محمد بن القاسم بن خلاد 58
ابن عيينة- أبو محمد سفيان بن أبي عمران 44(6/298)
(غ)
ابن غالب- القاضي عبيد الله بن أحمد بن غالب، مولى الربيع الحاجب 101، 146، 169
ابن غالب- عمر، ابن أخت عبيد الله بن أحمد بن غالب 146
الغزالي- ناظم، المغني العراقي 253
الغفاري- أبو سلمة أيوب بن عمرو بن أبي عمرو 124
الغلابي- أبو دهمان 49
الغلابي- قطن بن معاوية 124، 126، 127
الغنوي- الحسن بن مالك 247
ابن غياث- حفص القاضي 8
(ف)
الفارسي- محمد بن أحمد، من أسماء الحلاج 80
فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب 38، 121، 157
فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلوات الله عليه 161
فاطمة بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 120
الفراء- أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلمي 186
الفرائضي- أبو الليث نصر بن القاسم بن زياد 56
أخو الفرائضي- أبو بكر أحمد بن القاسم بن زياد 56
ابن الفرات- أبو عبد الله أسد بن الفرات، قاضي القيروان 201
ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وزير المقتدر 89، 200
ابن الفرات- أبو أحمد المحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 200
الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي 31
ابن الفضل- محمد بن عبد الله 233
ابن فهم- أبو علي الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم 70(6/299)
(ق)
القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى 216، 217، 219، 220، 228، 229، 247
ابن قانع- أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأموي، مولى ابن أبي الشوارب 10، 42، 94
ابن قتيبة- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري- الدينوري
القحذمي- أبو عبد الرحمن الوليد بن هشام بن قحذم 242
القحطبي- أبو الغوث الطيب بن إسماعيل بن الحسن بن قحطبة بن خالد بن معدان الطائي 240
ابن قدامة- جعفر بن قدامة بن زياد 256
القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، المعروف بابن زريق 106، 230
القشوري- نصر الحاجب 80، 92
القشيري- هبيرة بن مرة 241
ابن القطامي- الوليد بن الحصين الكوفي- الشرقي
القطيعي- أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون الدقاق 47، 48
ابن القفطي- جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي 175
القنائي- محمد بن علي، من أصحاب الحلّاج 82، 83، 85
ابن القواس- أبو حفص 193
قوصرة- يعقوب بن إبراهيم البوشنجي الباذغيسي، مولى الهادي، ويعرف بقوصرة 169
(ك)
الكاتب- أبو الفضل 248
الكاتب- أبو الهيثم خالد بن يزيد البغدادي 103(6/300)
ابن كاسب- يعقوب بن حميد بن كاسب 238
الكاغدي- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله بن ميدان الوراق الفارسي 117
ابن كامل- أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي 70
الكجي- أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن المهاجر البصري 14
الكديمي- أبو العباس محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم القرشي الشامي 177
الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال 147، 148
ابن كرنيب- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر- البزاز
الكسائي- أبو الحسن علي بن حمزة، أحد القراء السبعة 55، 130، 186
ابن كناسة- أبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الكوفي الأسدي 7
الكندي- أبو الوليد بشر بن الوليد بن خالد القاضي 42، 43، 44، 143
الكندي- أبو اليمن زيد بن الحسن 193
الكوفي- أبو محمد الحسن بن عمارة بن المضرب 60، 61، 62، 63، 195
الكوفي- أبو القاسم الحسين بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل- ابن أبي عابد
الكوفي- عون بن عبد الله بن عون بن عتبة بن مسعود 9
الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم 58، 109، 142، 177
(ل)
ابن لؤلؤ الوراق- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة الثقفي 37، 40، 41
الليثي- عطاء بن يزيد 118
ابن أبي ليلى- القاضي محمد بن عبد الرحمن بن يسار (أبي ليلى) بن بلال الأنصاري الكوفي (74- 148) 42(6/301)
(م)
المادرائي- أبو زنبور الحسين بن أحمد بن رستم 211، 212، 213
المادرائي- أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم 211، 213
المازني- أبو عثمان بكر بن محمد بن حبيب بن بقية النحوي البصري 108
المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 58، 109، 124، 142، 177
ابن ماكولا- أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي 236
مالك ابن أنس- أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري 19، 118، 138، 139، 156، 181
المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 10، 42، 43، 58، 66، 73، 130، 142، 143، 174، 177، 179، 187، 189، 192
ماني- أبو الحسن محمد بن القاسم المعروف بماني الموسوس 234
ابن مانيداذ- أبو الحسن محمد بن أحمد 172
ابن ماهان- علي بن عيسى بن ماهان، أمير خراسان 130
ابن المبارك- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي 138
المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 20، 114
المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المقتدر 11، 74
المتنبي- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 14
ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 151، 199
المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 10، 14، 16، 34، 52، 64، 66، 101، 104، 105، 132، 146، 169، 193، 194، 200، 234، 256
ابن المجدر- أبو بكر محمد بن هارون بن حميد، المعروف بأبي بكر البيّع 56
المجنون- قيس بن الملوّح العامري 243
المحرري- محرر بن جعفر، مولى أبي هريرة 157(6/302)
محمد رسول الله صلوات الله عليه 96، 97، 98، 99، 100، 101، 118، 161، 163، 178، 184، 188، 189، 198، 253
محمد بن عبد الصمد- صاحب الشرطة ببغداد 89، 90، 91
ابن محمد- الحسن 193
ابن محمد- العباس 114
ابن المختار- علي 242
المخرمي- أبو العباس محمد بن الحسن بن سعيد بن الخشاب 155
المخزومي- أبو عبيد الله 162
المخزومي- أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، قاضي مكة 42
المخزومي- محمد بن مسلمة 139
المخلدي- طريف، الخادم 172، 173
ابن المخلّص- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا- الذهبي
المدائني- أبو علي أحمد بن علي بن شعيب 138
المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 245
المداني- عبد الله بن الربيع 156
المرتضى- أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى 224
ابن المرزبان- أبو عبد الله أحمد بن خلف بن المرزبان المعروف بالمحولي- أخو محمد بن خلف 193
ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام الآجري المحولي 71، 167، 168، 227، 233، 234، 238، 239، 240، 241، 242، 243 244، 246، 248، 250
ابن المرزبان- أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيرازي الكاتب 47، 48
المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى الكاتب 7، 14، 50، 73، 95، 107، 191، 200
المريسي- أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن 205(6/303)
المزني- أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني الشافعي 201
المزني- معقل بن يسار بن عبد الله المزني 162
المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي إسحاق المعتصم 35، 73، 235
مسلمة 199
مسمار- كلب ميمونة، آخر زوجات النبي صلوات الله عليه 217
مسيلمة الكذاب- أبو ثمامة مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي 107
المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 255
ابن معاوية- أحمد 233
المعتز- أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 167، 235
ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن المعتز 133، 134
المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 131، 132، 143، 146، 163، 169، 189
المعتضد- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق 133، 171، 172، 173، 200
المعتمد- أبو العباس أحمد بن أبي الفضل المتوكل 22، 23
ابن المعتمد- عبد العزيز 133
المعدّل- محمد بن عمر بن نافع 138
ابن المعدّل- أبو جعفر أحمد بن حرب بن مسمع بن مالك 19
ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن معروف، قاضي القضاة 150، 255
أبو معقل- ابن إبراهيم بن داحة 120
ابن المغلّس- أبو عبد الله 136
مفلح الأسود- أبو صالح مفلح الأسود، خادم المقتدر 89
مقاتل بن سليمان- أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي- الأزدي
المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 55، 59، 80، 88، 89، 122، 180، 200(6/304)
المقرىء- أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم يسار المقرىء 165
المقريزي- تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي 211
ابن المقفع- عبد الله، الكاتب 49
المكتفي- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 122، 133، 134
ابن مقلة- أبو علي محمد بن علي بن الحسين الوزير 175
المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى 261
المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 261، 262
المنصور- أبو جعفر عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس 8، 38، 49، 56، 60، 61، 63، 112، 115، 120، 121، 123، 124، 125، 126، 127، 128، 156، 157، 185، 187، 188، 189، 192، 195
منقار- أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحصين الابزاري- الابزاري
المنقري- أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد الساجي البصري 112
المنقري- أبو معمر شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو البصري 112، 113، 114
ابن بنت منيع- أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي 55، 135، 136
المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 21، 22، 163، 167
المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور العباسي 8، 21، 25، 28، 31، 47، 60، 63، 83، 112، 113، 115، 125، 139، 140، 141، 176، 177، 184، 188، 189، 198
ابن مهدي 138
المهلب بن أبي صفرة الأزدي- القائد العربي 163
المهلبي- أبو خالد يزيد بن محمد بن المغيرة 16، 30، 31
المهلبية- مالكة عبادة 27، 28
المؤذن- محمد بن عبد الله القاضي 10
ابن موسى- محمد 95
ابن موسى- يقطين، الداعية العباسي 188(6/305)
الموصلي- أبو إسحاق إبراهيم بن ميمون (ماهان) 16
الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم 7، 16، 30، 31، 73، 191، 198
الموصلي- حماد بن إسحاق بن إبراهيم 105
الموفق- أبو أحمد طلحة بن المتوكل 106، 172
مؤنس المظفر- القائد التركي 89
ابن المؤيد- قصي 133
الميكالي- الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد 218
ابن ميمون- العباس 17
ميمونة- برّة بنت الحارث بن حزن الهلالية، آخر زوجات النبي صلوات الله عليه 217
(ن)
نازوك- أبو منصور، القائد التركي 89
الناصر- الأمير أبو أحمد الموفق طلحة بن المتوكل- الموفق
الناقط- أبو طلحة 199
ابن نباتة- أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة السعدي 164
ابن نجيح- عبد الرحمن بن نائل القاضي 22، 172
النحوي- محمد بن شبيب 115
النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان المعروف بالأحمر 120، 121
النخعي- أبو عمر حفص بن غياث بن طلق الكوفي القاضي 93، 94
النسائي- أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب 36، 190، 196
النسائي- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان ابن أبي شيخ نصيب- أبو محجن نصيب بن رباح الشاعر 238، 244
أبو نضلة- المهلهل بن يموت بن المزرع- العبدي
النعمان بن ثابت- الإمام أبو حنيفة 10، 21، 36، 44، 56، 66، 72، 75،(6/306)
119، 124، 131، 143، 146، 156، 171، 172، 174، 190، 201، 202
النفس الزكية- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب- العلوي
نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي 226
النميري- عبد الملك بن أيوب بن ظبيان 127، 128
النميري- أبو زيد عمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة البصري 52
أبو نؤاس- الحسن بن هانئ الحكمي 67، 68، 154
أبو نوح- عيسى بن إبراهيم 147
النيسابوري- أبو العلاء صاعد بن محمد 119
النيسابوري- أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح 44
(هـ)
الهائم- أبو علي أحمد بن علي المدائني 110
الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله المهدي 25، 27، 140، 141، 187، 189
الهاشمي- جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 22، 53
الهاشمي- أبو المغيث، من أصحاب الحلّاج 82
الهجيمي- إبراهيم بن علي 123
هلال الرأي- هلال بن يحيى بن مسلم البصري 171
الهلالي- نمير بن قحيف 256، 257
هند بنت عتبة، أم معاوية بن أبي سفيان الأموي 163
ابن أبي هند- داود 178(6/307)
(و)
الوابصي- أبو الفضل عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر الأسدي الرقي 101، 169
الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 66، 131، 167، 189
ابن واج- شبيب بن واج المروروذي 188
الواسطي- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان- ابن أبي شيخ
الوراق- إبراهيم بن عبد الله 183
الوراق- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله بن ميدان الفارسي 117
ابن وصيف- صالح، القائد التركي 147، 163
ابن أبي وقاص- سعد بن مالك الزهري 185
وكيع القاضي- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان 17، 18
ابن الوليد- مالك 229
ابن وهب- أبو علي الحسن بن وهب الحارثي 95، 167
ابن وهب- أبو أيوب سليمان بن وهب الحارثي 167
ابن وهب- أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي 172
ابن وهب- القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي، وزير المعتضد والمكتفي 133
(ي)
ياقوت- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 221، 262
ياقوت- أبو المظفر، من قواد الدولة العباسية 89
يحيى بن معين- أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي 7
اليزيدي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي 102
اليزيدي- أبو عبد الله محمد بن العباس 62
اليزيدي- أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي 238
اليشكري- جعفر بن علي 244
اليشكري- عبد السلام بن هاشم 188(6/308)
ابن يقطين- علي بن يقطين بن موسى، صاحب ديوان زمام الأزمة 188
ابن يوسف- أبو العلاء القاضي 220
أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري 42، 94، 176، 202، 203، 204، 205
ابن أبي يوسف- القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف 22، 23(6/309)
فهرس جغرافي
(أ)
233 155 أثير
238 160 أرثد
84 15 اصطخر
(ب)
35 18 باب الفراغنة
137 82 باف
239 161 بئر ميمون
242 164 بيروذ
(ت)
206 132 تلا
(ج)
219 142 الجبل
(ح)
180 114 الحضرة
106 61 حلوان
(ر)
35 18 رحبة زيرك
(س)
245 167 سلمان باك
(ش)
101 58 الجانب الشرقي
(ط)
129 78 طوس
(ع)
21 12 عسكر المهدي
151 93 عكبرا
(غ)
168 106 الغميم
(ف)
206 132 الفسطاط
(ق)
221 143 قبا
47 27 قطيعة الدقيق(6/310)
(م)
221 143 مدينة السلام
32 17 مسجد الرصافة
128 77 ميسان
(و)
238 160 ودّان
(ي)
54 32 الياسرية
220 143 الياسرية
221 143 اليمن(6/311)
فهرس عمراني
(أ)
216 139 أسود سالخ
257 176 أعذر الرجل
228 150 الأفعى
230 152 الالف
(ب)
82 51 البارية
178 113 البطنان
259 176 البكى
228 150 البوز
(ت)
229 151 يوم التناد
(ج)
241 163 الجعجاع
(ح)
31 16 من حق
37 20 حمل على نفسه
(خ)
125 77 الخان
235 157 الخاتام
215 138 خبز الأبازير
215 138 خبز العروق
188 119 الخرسي
206 132 الخليط
185 117 الخيف
(د)
123 76 الدرة
140 84 دق المقصورة
128 77 الدهقان
(ر)
35 18 الرحبة
240 162 الركيّة
81 51 الريطة
(ز)
161 100 الزيديّة
263 178 زيك(6/312)
(س)
134 80 السّحر
259 176 السكات
220 143 سلّال الطريق
241 163 السهام
(ش)
168 106 الشادن
68 42 شعشع الشراب
252 172 الشهر
(ص)
68 42 الصبوح
171 109 صناعة الحكم
(ط)
259 176 الطماح
(ظ)
263 178 ظرط بفمه
(ع)
211 135 العابر
52 31 العامل على الصلاة
158 98 العرق
263 178 العفطة
(غ)
68 42 الغبوق
54 29 الغريب
247 169 الغنوي
(ف)
171 109 الفرائض
35 18 الفراغنة
263 178 الفص
124 77 فيّل
(ق)
62 38 القار
164 102 القدح
252 172 ليلة القدر
220 143 القراح
171 109 القسمة
241 163 القلوص
(ك)
68 42 الكميت
(م)
171 109 مباشرة الخصوم
163 101 المثلة
256 176 المحرم
219 142 مخاليب(6/313)
225 147 المريخ
68 42 المسمعة
225 147 المشتري
126 77 المسودة
105 60 المعمّى
(ن)
241 163 الناضح
178 113 النطع
53 31 النقرس
84 51 النيرنجيات(6/314)
استدراكات
الجزء الأول
الصحيفة السطر رقم القصة
78 3 حاشية 1/32 اقرأ: البزوري، بدلا من: المروزي، والتصحيح من الباب 1/120 إضافات تتعلق بحساب الأصابع:
104 1/53 1- سئل أبو العيناء، كم سنه؟ فقال:
قبضة، يريد ثلاثا وتسعين سنة. (الملح والنوادر للحصري) .
2- قال الخليل بن أحمد، يهجو رجلا بأن يديه مقبوضتان عن البذل:
وكفاك لم تخلقا للندى ... ولم يك بخلهما بدعه
فكف ثلاثة آلافها ... وتسع مئين لها شرعه
وكف عن الخير مقبوضة ... كما نقصت مائة سبعة
(أدب الكتاب للصولي 241) 187 10 1/97 اقرأ: هذه دور بلا نخبة (بالخاء) بدلا من:
نحبة (بالحاء) .
قال البحتري يهجو ابن قماش (ديوان البحتري 791 و 792) .
وما في الستارة من حاجز ... إذا قرعت ركبة ركبه(6/320)
أتحجب طاقة إبريسم ... عن الصب منهم هوى الصبه
إذا الساقيات أدرن الكؤوس ... دورا على القوم أو نخبه
197 12 1/107 مخلط خراسان: قال أبو طاهر المقنعي: عجل لنا يا غلام ما أدرك من عند الطباخ، من الدجاج، والفراخ، والبوارد، والجوذابات، وتزايين المائدة، وصل ذلك بشراء قيراط جبن وزيتون من عند كبل البقال في الكرخ، وقطائف حبش، وفالوذج عمر، وفقاع زريق، ومخلط خراسان من عند أبي زنبور.
264 1/142 1- نفق أبو الشبل البرجمي، عاصم بن وهب عند المتوكل، بايثاره العبث (الأغاني 14/193)
2- وكان عبادة المخنث ينادم المتوكل، وكان عبادة مجاهرا بالعهر. (البصائر والذخائر م 4 ص 65) .
3- وكان للمتوكل مضحكان، يقال لأحدهما شعرة وللآخر بعرة. (البصائر والذخائر م 1 ص 25) .
4- والمتوكل أول خليفة أظهر في مجلسه اللعب والمضاحيك (مروج الذهب 2/391) .
5- وبلغه أن رجلا من الجند استحلف أمير مصر بحق الحسن والحسين، فكتب إلى الأمير:
أن اجلده مائة سوط (الولاة والقضاة للكندي 203) .
6- وكان المتوكل معروفا بالنصب، أمر في السنة 236 بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله(6/321)
من الدور، وأن يعمل مزارع، ويحرس، ومنع الناس من زيارته، وبقي صحراء، فكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان، وقال البسامي:
تا الله إن كانت أمية قد أتت ... قتل ابن بنت نبيها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله ... هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا ... في قتله فتتبعوه رميما
فوات الوفيات 1/203 الجزء الثاني
2 2/2 إضافة: 1- كان زياد- جد عمر الرخجي من سبي معن بن زائدة، أما فرج- والد عمر- فكان مولى لحمدونة بنت الرشيد (الهفوات النادرة رقم 97 ص 77) وكان فرج دميما، قبيح الصورة (المحاسن والأضداد للجاحظ ص 116) ، وكان عمر يتبرع باختلاق التهم على العلويين، والتجسس عليهم (البصائر والذخائر م 3 ق 1 ص 319 والفرج بعد الشدة 2/64 سطر 17- 21) وولاه المتوكل أمر الطالبيين، لعلمه بكراهيته لهم، فكان يسومهم العسف، حتى إنه ضرب يحيى بن عمر ابن يحيى بن الحسين بالمقارع، وحبسه في المطبق (الطبري 9/182) ، ثم ولاه المتوكل مكة والمدينة، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، ومنع الناس من البر بهم، وكان(6/322)
لا يبلغه أن أحدا بر أحدا منهم بشيء- وإن قل- إلا أنهكه عقوبة، وأثقله غرما، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات، ليصلين فيه، واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه، ويجلسن إلى مغازلهن، عواري، حواسر، إلى أن قتل المتوكل، فعطف المنتصر عليهم، وأحسن إليهم. (مقاتل الطالبيين 599) .
2- وصف للمتوكل عائشة بنت عمر بن فرج الرخجي، فوجه في جوف الليل، والسماء تهطل، إلى عمر، أن احمل إلي عائشة، فسأله أن يصفح عنها، فإنها القيمة بأمره، فأبى فانصرف عمر، وهو يقول: اللهم قني شر عبدك جعفر، ثم حملها بالليل، فوطئها، ثم ردها إلى منزل أبيها (المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118) .
107 2/52 راجع في الأغاني 5/387 قصة تشبه هذه القصة، حيث صنع عطاء الملك، بالبصرة، بالأصمعي، في والده قريب، ما صنعه الجهني، بوكيع، في والده خلف.
132 الحاشية ف 5 2/67 جاء في فوات الوفيات 1/34. قال أبو العيناء للسيد الحميري: بلغني أنك تقول بالرجعة، قال: هو ما بلغك، قال: فاعطني دينارا بمائة دينار إلى الرجعة، فقال السيد: على أن توثق لي بمن يضمن أنك ترجع إنسانا، أخاف أن ترجع قردا أو كلبا، فيذهب مالي.
145 2/77 طريق خراسان: من جملة أعماله براز الروز (اسمها الآن بلد روز) والبندنيجين (اسمها(6/323)
الآن مندلي) (كتاب الوزراء للصابي 187) .
279 2/143 أبو نصر البنص: هو محمد بن محمد النيسابوري، جاء في أخبار سيف الدولة ص 350 أن أبا نصر دخل على سيف الدولة، وألقى بين يديه قصيدة مطلعها:
حباؤك معتاد وأمرك نافذ ... وعبدك محتاج إلى ألف درهم
فضحك سيف الدولة، ضحكا شديدا، وأمر له بألف دينار.
280- 2/143 أورد صاحب الأغاني 18/317 قول العماني يصف الفرني:
جاءوا بفرني لهم ملبون ... بات يسقى خالص السمون
مصومع أكوم ذي غضون ... قد حشيت بالسكر المطحون
أقول: وجدت أهل النجف في العراق، يسمون المحلبي (المهلبية) : فرني.
الجزء الثالث
127 3/85 إضافة: قال أحمد بن الطيب: قال بعض أصحابنا: بت ليلة بالبصرة، مع جماعة من المسجديين، فلما حان وقت السحر، حركهم واحد، فقال: إلى كم هذا النوم عن أعراض الناس؟ (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 310) .
135 3/91 إضافة: حدثتني زوجتي أم حازم الحاجة بهيجة بنت خالي الحاج حبودي القاموسي، أنها(6/324)
سمعت بأذنها جارة لهم معيدية، تقرأ سورة الإخلاص في صلاتها، كما يلي: أصلي صلاة لوحدي، لا لي شريج (شريك) لولدي.
156 3/108 إضافة: في السنة 350 تقدم القاضي أبو العباس ابن أبي الشوارب، وعرض أن يتقلد القضاء، على أن يحمل إلى خزانة معز الدولة، في كل سنة مائتي ألف درهم، فخلع عليه من دار السلطان، وضرب بين يديه بالدباب، وهو أول من ضمن القضاء، ولم يسمع بذلك قبله، فلم يأذن له الخليفة بالدخول عليه، وأمر بأن لا يحضر الموكب، لما ارتكبه من ضمان القضاة (المنتظم 7/2 وابن الأثير 8/536) ولما ضمن القضاء، كان النظار يحيلون عليه بمشاهرة الساسة والنفاطين، فكانوا يجيئونه ويشدون نعالهم على بابه، ويدخلون يطالبونه كما يطالبون ضامن الماخور، فقال ابن سكرة:
نوب تنوبك بالنوائب ... وعجائب فوق العجائب
وغرائب موصولة ... في كل يوم بالغرائب
مما جنى قاضي القضا ... ة حدندل ابن أبي الشوارب
قاض تولى بالصنو ... ج وبالطبول وبالدبادب
ومناديان يناديا ... ن عليه في وسط المواكب
هذا الذي ضمن القضا ... مع الفروج بغير واجب(6/325)
هذا قدار زماننا ... وأخو المثالب والمعايب
(تكملة تاريخ الطبري 184) .
166 15 3/114 هذا البيت لمحمد بن حازم الباهلي، ذكر ذلك التوحيدي في البصائر والذخائر م 4 ص 165 وأورد صاحب وفيات الأعيان 3/79 هذا البيت، في ترجمة ابن المعتز، ضمن أبيات ثلاثة، وذكر قصتها، راجع التفصيل في وفيات الأعيان 3/79.
193 الحاشية ف 1 3/125 1- كانت وظيفة المنصور كل يوم لطعامه، ملبقة، وخمسة ألوان، وجنب شواء، وجام فالوذج أو عصيدة (البصائر والذخائر م 1 ص 290) .
2- كانت وظيفة إبراهيم الموصلي المغني، لطعامه، وطيبه، وما يتخذ له، في كل شهر ثلاثين ألف درهم (الأغاني 5/163) .
3- كانت كلفة مائدة المعتصم في كل يوم ألف دينار، (تاريخ الخلفاء للسيوطي 337) .
251 13 3/158 إضافة: القاضي ابن غسان، صهر القاضي أبي عمر، كان من وجوه الناس ببغداد، في أيام بختيار الديلمي، وكان بختيار منبسطا معه لقديم خدمته، وكان أحد الأماثل الذين شخصوا إلى بختيار بظاهر الكوفة وكلموه في أمر الجهاد، راجع تفصيل ذلك في الامتاع والمؤانسة ج 3 ص 153 و 154.(6/326)
الجزء الرابع الصحيفة السطر رقم القصة
7 4/1 إضافة: سئل الشعبي عن مسألة فقال: لا علم لي، فقالوا: ألا تستحي؟ فقال: ولم أستحي مما لم تستحي منه الملائكة، حين قالت: لا علم لنا (البصائر والذخائر م 4 ص 204) .
45 5 4/20 راجع أخبار أبي العباس بن ماسر جس في ذيل تجارب الأمم 3/253- 296.
57 4/27 إضافة: في موت الفجاءة، راجع التكملة في أخبار السنة 348 ص 176، وراجع في الأغاني 19/42 كيفية موت يزيد بن مزيد الشيباني.
117 4/56 1- قيل لابن سيابة: ما نظنك تعرف الله، فقال: كيف لا أعرف من أجاعني، وأعراني، وأدخلني في حر أمي (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 359) .
2- وصف ابن سيابة رجلا، فقال: فيه كياد مخنث، وحسد نائحة، وشرة قوادة، ودل قابلة، وملق داية، وبخل كلب، وحرص نباش (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 427) .
141 4/67 إضافة: السواد سوادان، سواد البصرة:
الأهواز، ودستميسان، وفارس.
وسواد الكوفة: من كسكر إلى الزاب، ومن حلوان إلى القادسية (المعارف لابن قتيبة) .
179 الحاشية رقم 4 4/88 1- كانت مخابرات الوزراء في أيام المقتدر تجري أحيانا مع السيدة أمه، راجع كتاب الوزراء للصابي ص 308.(6/327)
الصحيفة السطر رقم القصة
2- انفذ المقتدر خاتمه إلى ابن أبي البغل بتوليته الوزارة، على يد فرج النصرانية، صاحبة أم موسى الهاشمية القهرمانة، راجع كتاب الوزراء للصابي ص 293.
الجزء الخامس
12 ف 1 حاشية 5/2 إضافة: عرض أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك ابن مروان، على عمرة بنت الحارس أن يتزوج منها، فقالت له: يا ابن التي تعلم، وإنك لهناك؟ تعني أن أمه أمة. (بلاغات النساء 190) .
29 ف 1 حاشية 5/14 إضافة: قال ابن أبي عتيق لسلامة:
احملي معك سبحة وتخشعي (الأغاني 8/342) .
171 5/74 إضافة: قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، ليونس بن عبد الأعلى:
يا يونس، دخلت بغداد؟ فقال: لا، فقال:
يا يونس ما رأيت الدنيا، ولا الناس. (معجم البلدان 1/688) .
174 4 حاشية 5/77 إقرأ: 2/151 بدلا من 2/94 الجزء السادس
59 ف 3 حاشية 6/37 إقرأ تاريخ بغداد 10/306 بدلا من 7/306.
222 6 6/144 قال ابن حمدون: قال لي الفتح بن خاقان، شعرت يا أبا عبد الله أني انصرفت البارحة من مجلس أمير المؤمنين، فلما دخلت منزلي، استقبلتني فلانة- يعني جاريته- فلم أتمالك أن قبلتها، فوجدت فيما بين شفتيها هواء لو رقد فيه المخمور لصحا. (معجم الأدباء 6/118) .(6/328)
رموز
: راجع
م: مقدمة المؤلف
الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم
الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.(6/329)
الفهارس
محتويات الكتاب 265
فهرس أسماء الأشخاص 274
فهرس جغرافي 310
فهرس عمراني عام 312
فهرس الكتب والمراجع 315
الاستدراكات 320(6/330)
بعونه تعالى تم طبع الجزء السادس من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين التاسع من شهر نيسان 1973 على مطابع دار صادر في بيروت(6/331)
الجزء السابع
مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وله الحمد أقدّم لقراء العربية، الجزء السابع من كتاب نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة، للقاضي أبي عليّ المحسّن بن علي التنوخي، وهو رابع الأجزاء التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب، وبذلت في هذا العمل المضني من الجهد والصبر، ما لا يدرك كنهه إلّا من عاناه.
وقد فصّلت في مقدمة الجزء الأول من الكتاب، الطريقة التي توصّلت بها إلى استخلاص هذه الفقرات.
وقد كان للإقبال الذي أسبغه طلاب العلم والمعرفة، على الأجزاء التي أصدرتها من هذا الكتاب، الأثر البيّن في تشجيعي على إنجاز ما تصدّيت له، ونهضت به.
وأسأل الله سبحانه وتعالى حسن التوفيق في إتمامه، وإسباغ ما بدأ به من فضله وإنعامه، إنّه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير.
بحمدون في 19 شباط 1973 عبود الشالجي المحامي(7/5)
1 من شعر يعقوب بن الربيع
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عمران المرزباني «1» ، قال: أنشدنا علي بن سليمان الأخفش «2» ، ليعقوب بن الربيع «3» :
أضحوا يصيدون الظباء وإنني ... لأرى تصيّدها عليّ حراما
أشبهن منك سوالفا «4» ومدامعا «5» ... فأرى بذاك لها عليّ ذماما
أعزز عليّ بأن أروّع شبهها ... أو أن تذوق على يديّ حماما
تاريخ بغداد للخطيب 14/267(7/7)
2 أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ابن البهلول التنوخي
حدّثنا عليّ بن المحسّن القاضي، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» ، عن أبيه «2» ، قال:
يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي، يكنى بأبي يوسف، وكان من حفّاظ القرآن، العالمين بعدده، وقراءاته، وكان حجّاجا، متنسكا، وحدّث حديثا كثيرا عن جماعة من مشايخ أبيه إسحاق «3» وغيرهم، ولم ينتشر حديثه.
وولد بالأنبار «4» في سنة سبع وثمانين ومائة «5» ، ومات ببغداد لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين ومائتين «6» .
ومات في حياة أبيه، فوجد عليه وجدا شديدا، ودفن في مقابر باب التبن» .
وخلّف ابنه يوسف الأزرق، وابنه إبراهيم، يتيمين، وبنات،(7/8)
وزوجة حاملا، ولدت بعد موته ابنا سمي إسماعيل «1» ، فرباهم جدّهم إسحاق ابن البهلول، وكان يؤثرهم جدا، ويحبهم لمحبته أباهم، ولكونهم أيتاما.
وقال أبو الحسن: حدّثني عمي إسماعيل بن يعقوب، قال: أخبرت عن جدّي إسحاق بن البهلول، أنّه كان يقول: على ودّي أنّ لي ابنا آخر مثل يعقوب في مذهبه، وأنّي لم أرزق سواه.
وأنّه لما توفي يعقوب أغمي على إسحاق، وفاتته صلوات، فأعادها بعد ذلك، لما لحقه من مضض المصيبة.
وأنّه كان يقول: ابني يعقوب أكمل مني.
تاريخ بغداد للخطيب 14/276(7/9)
3 بحث في المواساة
حدّثني التنوخي، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف بن [يعقوب بن] إسحاق بن البهلول «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني يعقوب بن شيبة «3» ، قال:
أظلّ عيد من الأعياد رجلا- يومئ إلى أنّه من أهل عصره- وعنده مائة دينار، لا يملك سواها.
فكتب إليه رجل من إخوانه يقول له: قد أظلّنا هذا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، ويستدعي منه ما ينفقه.
فجعل المائة دينار في صرّة، وختمها، وأنفذها إليه.
فلم تلبث الصرّة عند الرجل إلّا يسيرا حتى وردت عليه رقعة أخ من إخوانه، وذكر إضاقته في العيد، ويستدعي منه مثل ما استدعاه، فوجّه بالصرة إليه بختمها.
وبقي الأول لا شيء عنده، فكتب إلى صديق له، وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير، يذكر حاله، ويستدعي منه ما ينفقه في العيد، فأنفذ إليه الصرّة بخاتمها.(7/10)
فلما عادت إليه صرّته التي أنفذها بحالها، ركب إليه، ومعه الصرّة، وقال له: ما شأن هذه الصرّة التي أنفذتها إليّ.
فقال له: إنّه أظلّنا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، فكتبت إلى فلان أخينا، أستدعي منه، ما ننفقه، فأنفذ إليّ هذه الصرّة، فلما وردت رقعتك عليّ، أنفذتها إليك.
فقال له: قم بنا إليه.
فركبا جميعا إلى الثاني، ومعهما الصرّة، فتفاوضوا الحديث، ثم فتحوها، فاقتسموها أثلاثا.
قال أبو الحسن: قال لي أبي: والثلاثة: يعقوب بن شيبة، وأبو حسان الزيادي «1» القاضي، وأنسيت أنا الثالث «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 14/282(7/11)
4 أبو يعقوب البويطي لسان الشافعي
أخبرنا العتيقي، والتنوخي، قالا: أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي «1» ، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: في كتابي عن الربيع بن سليمان «2» أنّه قال:
كان لأبي يعقوب البويطي «3» من الشافعي «4» منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عن المسألة، فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه، أخبره، فيقول: هو كما قال.
قال: وربما جاء إلى الشافعي، رسول صاحب الشرط، فيوجه الشافعي أبا يعقوب البويطي، ويقول: هذا لساني.
تاريخ بغداد للخطيب 14/300(7/12)
5 القاضي يوسف بن يعقوب ابن إسماعيل بن حماد
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد «1» ، كان رجلا صالحا عفيفا خيّرا، حسن العلم بصناعة القضاء، شديدا في الحكم، لا يراقب فيه أحدا.
وكانت له هيبة ورياسة.
وحمل الناس عنه حديثا كثيرا، وكان ثقة أمينا.
تاريخ بغداد للخطيب 14/310(7/13)
6 أبو بكر يوسف الأزرق لقب بالأزرق لزرقة عينيه
أخبرنا التنوخي، عن أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، قال:
قال لي أبي «2» : ولدت بالأنبار في رجب سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
قال: وقال لي أبي: لو شئت أن أقول في جميع حديث جدّي «3» إنّي سمعته منه، لقلت، واعلم أنّني فرّقت في سنة سبع وأربعين ومائتين، ولي تسع سنين، بين: كتبت في كتابي، وقلت في كتابي، [وبين] قرأ عليّ جدّي، وقرأت على جدّي.
قال ابن الأزرق: وكان أبي قد كتب لغة، ونحوا، وأخبارا، عن أبي عكرمة الضبّي صاحب المفضل «4» ، وحمل عن عمر بن شبة «5» من هذه العلوم فأكثر، وعن الزبير بن بكار «6» ، وعن ثعلب «7» ، وكان كتب عن أحمد بن(7/14)
بديل اليامي «1» ، وعباس بن يزيد البحراني «2» ، فضاع كتابه عنهما، فلم يحدّث عنهما بشيء.
قال ابن الأزرق: وسمعت أبي يقول: خرج عن يدي، إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة، نيف وخمسون ألف دينار في أبواب البرّ.
قال: وكان بعد ذلك يجري على رسمه في الصدقة.
قال لي التنوخي: كان يوسف بن يعقوب أزرق العين، وكان كاتبا جليلا، قديم التصرف مع السلطان، عفيفا فيما تصرف فيه، وكان عريض النعمة، متخشّنا في دينه، كثير الصدقة، أمّارا بالمعروف.
تاريخ بغداد للخطيب 14/321(7/15)
7 القاضي أبو نصر بن أبي الحسين بن أبي عمر
أخبرنا التنوخي قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
لما كان في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة «1» ، خرج الراضي «2» إلى الموصل «3» ، وأخرج معه قاضي القضاة، أبا الحسين- يعني عمر بن محمد بن يوسف «4» - وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها «5» ، أبا نصر يوسف ابن عمر «6» ، لما علم أنّه لا أحد بعد أبيه يجاريه، ولا إنسان يساويه.
فجلس في يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في جامع الرصافة، وقرئ عهده بذلك، وحكم «7» ، فتبيّن للناس من أمره ما بهر عقولهم، ومضى في الحكم على سبيل معروفه له ولسلفه «8» .(7/16)
وما زال أبو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة، من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة، في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة «1» ، وصلى عليه ابنه أبو نصر، ودفن إلى جنب أبي عمر، محمد بن يوسف، في دار إلى جنب داره.
فلما كان في يوم الخميس لخمس بقين من شعبان، خلع الراضي على أبي نصر، يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف، وقلّده قضاء الحضرة بأسرها «2» ، الجانب الشرقي والغربي، المدينة والكرخ، وقطعة من أعمال السواد، وخلع عليه، وعلى أخيه أبي محمد الحسين بن عمر «3» لقضاء أكثر السواد والبصرة وواسط «4» .
قال طلحة: وما زال أبو نصر منذ نشأ فتى نبيلا، فطنا، جميلا، عفيفا، متوسطا في علمه بالفقه، حاذقا بصناعة القضاء، بارعا في الأدب والكتابة، حسن الفصاحة، واسع العلم باللغة والشعر، تام الهيبة، اقتدر على أمره بالنزاهة والتصوّن والعفّة، حتى وصفه الناس في ذلك بما لم يصفوا به أباه وجده، مع حداثة سنه، وقرب ميلاده من رياسته.
ولا نعلم قاضيا تقلّد هذا البلد، أعرق في القضاء منه، ومن أخيه الحسين، لأنه يوسف بن عمر بن محمد «5» بن يوسف «6» بن يعقوب، وكل 2 ن 7(7/17)
هؤلاء تقلّدوا الحضرة، غير يعقوب، فإنه كان قاضيا على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تقلّد فارس، ومات بها.
وما زال أبو نصر، واليا على بغداد، بأسرها إلى صفر من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، فإن الراضي صرفه عن مدينة المنصور، بأخيه الحسين، وأقره على الجانب الشرقي والكرخ «1» ، ومات الراضي في هذه السنة «2» .
تاريخ بغداد للخطيب 14/322(7/18)
8 لمسلم بن الوليد يرثي يزيد بن مزيد
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «1» ، قال: أنشدنا أبو الحسن الأخفش «2» ، عن ثعلب «3» ، لمسلم «4» (يعني ابن الوليد) يرثي يزيد بن مزيد «5» ، ومات ببرذعة «6» ، من أرض أرّان «7» :
قبر ببرذعة استسرّ ضريحه ... خطرا تقاصر دونه الأخطار
ألقى الزمان على معدّ بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعار
نقضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزّاعها الأمصار
فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعار
تاريخ بغداد للخطيب 14/336(7/19)
9 لمسلم بن الوليد أمدح بيت وأرثى بيت وأهجى بيت
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال:
حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «2» ، قال: حدّثنا أبو الحسن بن البراء، عن شيخ له، قال:
قال مسلم بن الوليد «3» ، ثلاثة أبيات، تناهى فيها، وزاد على كل الشعراء، أمدح بيت، وأرثى بيت، وأهجى بيت.
فأما المديح، فقوله:
يجود بالنفس إذ ضنّ البخيل بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وأما المرثية فقوله:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر
وأما الهجاء فقوله:
حسنت مناظره فحين خبرته ... قبحت مناظره لقبح المخبر «4»
تاريخ بغداد للخطيب 13/97(7/20)
10 عبد الملك بن مروان يشهد لخصمه مصعب بن الزبير بكمال مروءته
أخبرنا الجوهري والتنوخي، قالا: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف بن المرزبان «2» ، قال: حدّثني أبو العباس محمد ابن إسحاق «3» قال: حدّثنا ابن عائشة «4» ، قال: سمعت أبي يقول:
قيل لعبد الملك بن مروان «5» ، وهو يحارب مصعبا «6» : إنّ مصعبا قد شرب الشراب.
فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله، لو علم مصعب أنّ الماء ينقص من مروءته، ما روي منه.
تاريخ بغداد للخطيب 13/106(7/21)
11 أشجع العرب
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال:
حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني محمد بن الحسن، عن زافر بن قتيبة، عن الكلبي قال:
قال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟
فقالوا: شبيب «6» ، قطري «7» ، فلان، فلان.(7/22)
فقال عبد الملك: إنّ أشجع العرب، رجل جمع بين سكينة بنت الحسين «1» وعائشة بنت طلحة «2» ، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه الرباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، ولي العراقين»
خمس سنين، فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبى، ومشى بسيفه حتى مات، ذاك المصعب بن الزبير، لا من قطع الجسور، مرة ههنا، ومرة ههنا.
تاريخ بغداد للخطيب 13/106(7/23)
12 الحمد لله شكرا
حدّثني التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «1» ، قال:
أنشدنا أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد القاضي، لنفسه «2» :
يا محنة الله كفّي ... إن لم تكفّي فخفّي
ما آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفّي
ذهبت أطلب بختي ... فقيل لي قد توفّي
ثور ينال الثريّا ... وعالم متخفّي
الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفي
تاريخ بغداد للخطيب 14/323(7/24)
13 حرّ انتصر
أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير «1» ، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد البغوي «2» ، قال: حدّثنا داود بن عمرو «3» ، قال: حدّثنا مكرم بن حكيم- أبو عبد الله الخثعمي- قال:
حدّثني مهران بن عبد الله «4» ، قال:
لقيت علي بن أبي طالب «5» وهو مقبل من قصر المدائن «6» ، وحوله المهاجرون «7» حين بلغ قنطرة دنّ «8» ، متوزّر على صدره من عظم بطنه، وقد وقع ثديه على إزاره، ضخم البطن، ذو عضلات ومناكب، أصلع، أجلح، قد(7/25)
خرج الشعر من أذنيه، وأنا أمشي بجنباته، وهو يريد أسبانبر «1» .
فجاء غلام فلطم وجهي.
فالتفت عليّ.
فلما التفت، رفعت يدي، فلطمت وجه الغلام.
فقال: حرّ انتصر.
فكأنما صوت عليّ في أذني الساعة.
تاريخ بغداد للخطيب 13/235(7/26)
14 العلم عند أبي عبيدة
أخبرنا علي بن المحسّن بن علي بن محمد التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدّي: حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء «1» ، قال: أنشدنا أبو خالد يزيد ابن محمد المهلبي «2» ، قال: أنشدني إسحاق الموصلي لنفسه «3» ، قوله للفضل ابن الربيع «4» ، يهجو الأصمعي «5» :
عليك أبا عبيدة «6» فاصطنعه ... فإنّ العلم عند أبي عبيده
وقدّمه وآثره عليه ... ودع عنك القريد بن القريده
تاريخ بغداد للخطيب 13/255(7/27)
15 تأويلات مروية عن ابن عباس عن الكلمات الأبجدية
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا علي بن عمر السكري «1» ، قال: حدّثنا أبو سعيد مفتاح بن خلف بن الفتح «2» ، وقد قدم علينا حاجّا في سنة تسع وثلاثمائة «3» بباب الشمّاسية «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن صالح الكرابيسي البلخي «5» ، قال: حدّثنا الحسن بن يزيد الجصّاص «6» ، قال: حدّثنا عبد الرحيم بن واقد «7» ، قال: حدّثنا الفرات بن السائب «8» ، عن ميمون بن مهران «9» ، عن ابن عباس «10» ، قال:(7/28)
إنّ لكل شيء سببا، وليس كلّ أحد يفطن له، ولا سمع به، وإنّ لأبي جاد لحديثا عجبا.
أمّا أبو جاد: فأبى آدم الطاعة، وجدّ في أكل الشجرة، وأمّا هوّاز فهوى من السماء إلى الأرض، وأمّا حطّي فحطّت عنه خطاياه، وأمّا كلمن فأكل من الشجرة، ومنّ عليه بالتوبة، وأمّا سعفص، فعصى آدم ربّه، فأخرج من النعيم إلى النكد، وأمّا قريشات، فأقرّ بالذنب، وسلم من العقوبة «1» .
تاريخ بغداد للخطيب 13/270(7/29)
16 تحفة القوالة تغني من وراء الستارة
أخبرنا التنوخي، قال: قال لنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس الاخباري «1» حضرت في سنة ست وعشرين وثلاثمائة «2» ، مجلس تحفة القوّالة «3» ، جارية أبي عبد الله بن عمر البازيار، وإلى جانبي عن يسرتي أبو نضلة مهلهل ابن يموت بن المزرع «4» ، وعن يمنتي أبو القاسم بن أبي الحسن البغدادي «5» ، نديم ابن الحواري «6» قديما، والبريديين «7» بعد، فغنّت تحفة من وراء الستارة:
بي شغل به عن الشغل عنه ... بهواه وإن تشاغل عنّي
سرّه أن أكون فيه حزينا ... فسروري إذا تضاعف حزني
ظن بي جفوة فأعرض عنّي ... وبدا منه ما تخوّف منّي
فقال لي أبو نضلة: هذا الشعر لي.
فسمعه أبو القاسم بن البغدادي، وكان ينحرف عن أبي نضلة، فقال:
قل له إن كان الشعر له، أن يزيد فيه بيتا.(7/30)
فقلت له ذلك على وجه جميل.
فقال في الحال:
هو في الحسن فتنة قد أصارت ... فتنتي في هواه من كل فن «1»
تاريخ بغداد للخطيب 13/273 وفيات الأعيان 7/59(7/31)
17 أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي
أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: استقضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «2» في سنة أربع وخمسين ومائتين «3» ، وكان متوسطا في أمره، شديد المحبة للدنيا، وكان صالح الفقه على مذهب أهل العراق «4» ، ولا أعلمه حدّث بشيء، ثم عزل، واستقضي ثانية، وعزل، وولي الأهواز، ثم وجّه به إلى خراسان، فمات بالري.
تاريخ بغداد للخطيب 5/201(7/32)
18 كادت تزل به من حالق قدم
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «1» ، قال:
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: أخبرنا أبو زيد عمر ابن شبّة «2» ، قال:
حكم ابن أبي ليلى «3» بحكم، ونوح بن درّاج «4» حاضر، فنبّهه نوح، فانتبه، ورجع عن حكمه ذاك.
فقال ابن شبرمة «5» :
كادت تزلّ به من حالق قدم ... لولا تداركها نوح بن درّاج
لما رأى هفوة القاضي أخرجها ... من معدن الحكم نوح أيّ إخراج(7/33)
يقال: إنّ الحاكم كان ابن شبرمة، لا ابن أبي ليلى، وإنّ رجلا ادّعى قراحا «1» فيه نخل، فأتاه بشهود شهدوا له بذلك.
فسألهم ابن شبرمة: كم في القراح نخلة؟
فقالوا: لا نعلم، فردّ شهادتهم.
فقال له نوح: أنت تقضي في هذا المسجد منذ ثلاثين سنة، ولا تعلم كم فيه أسطوانة.
فقال للمدعي: أردد عليّ شهودك، وقضى له بالقراح، وقال هذا الشعر.
تاريخ بغداد للخطيب 13/315(7/34)
19 يزيد بن هبيرة يريد أبا حنيفة على بيت المال، فيأبى، فيضربه أسواطا
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «1» ، قال:
أخبرنا أحمد بن القاسم بن نصر «2» - أخو أبي الليث الفرائضي «3» - قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «4» قال: حدّثني الربيع بن عاصم- مولى بني فزارة- قال:
أرسلني يزيد بن عمر بن هبيرة «5» ، فقدمت بأبي حنيفة «6» ، فأراده على بيت المال، فأبى، فضربه أسواطا.
تاريخ بغداد للخطيب 13/327(7/35)
20 من محاسن أبي حنيفة
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح النيسابوري، بالبصرة، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت بن المغلس الحمّاني «1» ، قال: سمعت أبا نعيم يقول:
ولد أبو حنيفة سنة ثمانين بلا مائة، ومات سنة خمسين ومائة، وعاش سبعين سنة.
قال أبو نعيم: وكان أبو حنيفة حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، حسن المجلس، شديد الكرم، حسن المواساة لإخوانه.
وقال أبو يوسف: ما رأيت أحدا أعلم بتفسير الحديث، ومواضع النكت التي فيه من الفقه، من أبي حنيفة.
تاريخ بغداد للخطيب 13/330 و 340(7/36)
21 فقه أبي حنيفة وورعه وصبره على تعليم العلم
أخبرني التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمد بن حمدان بن الصباح، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت، قال: حدّثنا سعيد بن منصور، قال: سمعت الفضيل بن عياض «1» يقول:
كان أبو حنيفة رجلا فقيها، معروفا بالفقه، مشهورا بالورع، واسع الحال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا على تعليم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام، حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدلّ على الحق، هاربا من مال السلطان.
(هذا حديث مكرم «2» ، وزاد عليه ابن الصباح) :
وكان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتّبعه، إن كان عن الصحابة أو التابعين، وإلّا قاس، وأحسن القياس.
تاريخ بغداد للخطيب 13/339(7/37)
22 أبو حنيفة يخطّئ حكم القاضي في ستة مواضع
أخبرني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا القاضي أبو نصر محمد ابن محمد بن سهل النيسابوري «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ «3» ، قال: حدّثني أحمد بن يحيى أبو يحيى السمرقندي، قال: حدّثنا نصر بن يحيى البلخي، قال: حدّثنا الحسن بن زياد اللؤلؤي «4» قال:
كانت هاهنا امرأة يقال لها أمّ عمران، مجنونة، وكانت جالسة في الكناسة، فمرّ بها رجل، فكلّمها بشيء، فقالت له: يا ابن الزانيين، وابن أبي ليلى «5» حاضر يسمع ذلك.
فقال للرجل: أدخلها عليّ المسجد، وأقام عليها حدّين، حدّا لأبيه، وحدّا لأمه.(7/38)
فبلغ ذلك أبا حنيفة، فقال: أخطأ فيها في ستة مواضع، أقام الحدّ في المسجد ولا تقام الحدود في المساجد، وضربها قائمة، والنساء يضربن قعودا، وضرب لأبيه حدّا، ولأمه حدّا، ولو أنّ رجلا قذف جماعة كان عليه حدّ واحد، وجمع بين حدّين، ولا يجمع بين حدّين حتى يجبّ «1» أحدهما، والمجنونة ليس عليها حدّ، وحدّ لأبويه وهما غائبان لم يحضرا، فيدّعيان.
فبلغ ذلك ابن أبي ليلى، فدخل على الأمير، فشكا إليه، فحجر على أبي حنيفة، وقال: لا يفتي.
فلم يفت أياما، حتى قدم رسول من ولي العهد، فأمر أن تعرض على أبي حنيفة مسائل حتى يفتي فيها.
فأبى أبو حنيفة وقال: أنا محجور عليّ.
فذهب الرسول إلى الأمير، فقال الأمير: قد أذنت له.
فقعد، فأفتى.
تاريخ بغداد للخطيب 13/350(7/39)
23 أبو حنيفة من أعظم الناس أمانة
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الورّاق الدوري «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم بن نصر»
، أخو أبي الليث الفرائضي، قال:
حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «3» قال: حدّثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي «4» ، قال:
قال رجل بالشام، للحكم بن هشام الثقفي: أخبرني عن أبي حنيفة.
قال: على الخبير سقطت، كان أبو حنيفة، لا يخرج أحدا من قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حتى يخرج من الباب الذي منه دخل.
وكان من أعظم الناس أمانة، وأراده سلطاننا على أن يتولّى مفاتيح خزائنه، أو يضرب ظهره، فاختار عذابهم على عذاب الله.
فقال له: ما رأيت أحدا وصف أبا حنيفة، بمثل ما وصفته به.
قال: هو كما قلت لك.
تاريخ بغداد للخطيب 13/351(7/40)
24 ورع أبي حنيفة وصلاته وقراءته
أخبرنا علي بن المحسن المعدّل، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن يعقوب الكاغدي «1» قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب ابن الحارث الحارثي البخاري «2» - ببخارى- قال: حدّثنا أحمد بن الحسين البلخي «3» ، قال: حدّثنا حماد بن قريش، قال: سمعت أسد بن عمرو «4» ، يقول:
صلّى أبو حنيفة، فيما حفظ عليه، صلاة الفجر بوضوء صلاة العشاء أربعين سنة.
فكان عامة الليل يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة، وكان يسمع بكاؤه بالليل حتى يرحمه جيرانه.
وحفظ عليه أنّه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه، سبعة آلاف مرة.
تاريخ بغداد للخطيب 13/354(7/41)
25 أبو حنيفة يؤثر رضى ربه على كل شيء
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمد بن حمدان، قال:
حدّثنا أحمد بن الصلت الحماني «1» ، قال: سمعت مليح بن وكيع يقول: سمعت أبي يقول:
كان- والله- أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان الله في قلبه جليلا كبيرا عظيما، وكان يؤثر رضاء ربه على كلّ شيء، ولو أخذته السيوف في الله لاحتمل، رحمه الله، ورضي عنه رضى الأبرار، فلقد كان منهم.
تاريخ بغداد للخطيب 13/358(7/42)
26 فقه أبي حنيفة وتقواه
أخبرنا التنوخي «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثنا محمد بن حمدان ابن الصباح النيسابوري، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت الحماني «3» ، قال:
حدّثنا علي بن المديني «4» ، قال: سمعت عبد الرزاق يقول:
كنت عند معمر، فأتاه ابن المبارك «5» ، فسمعنا معمرا يقول:
ما أعرف رجلا يحسن يتكلم في الفقه، أو يسعه أن يقيس، ويشرح لمخلوق النجاة في الفقه، أحسن من معرفة أبي حنيفة، ولا أشفق على نفسه من أن يدخل في دين الله، شيئا من الشكّ، من أبي حنيفة.
تاريخ بغداد للخطيب 13/339(7/43)
27 من شعر أبي الحسن ناجية بن محمد الكاتب
أنشدنا التنوخي، قال: أنشدني أبو الحسن ناجية بن محمد الكاتب «1» لنفسه:
ولما رأيت الصبح قد سلّ سيفه ... وولّى انهزاما ليله وكواكبه
ولاح احمرار قلت قد ذبح الدجى ... وهذا دم قد ضمّخ الأفق ساكبه
تاريخ بغداد للخطيب 13/427(7/44)
28 من إخوانيات البحتري
أخبرني علي بن أبي علي البصري، قال: أخبرنا محمد بن عمران الكاتب «1» أنّ أبا بكر الجرجاني، أخبره عن محمد بن يزيد النحوي «2» ، قال: كتبنا إلى البحتري «3» أن يجيئنا بعقب مطر، فكتب إلينا:
إنّ التّزاور فيما بيننا خطر ... والأرض من وطأة البرذون تنخسف
إذا اجتمعنا على يوم الشتاء فلي ... همّ بما أنا لاق حين أنصرف
تاريخ بغداد للخطيب 13/449(7/45)
29 القاضي أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول
حدّثني أبو القاسم التنوخي، قال: ولد أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول «1» ببغداد في شوال سنة إحدى وثلاثمائة «2» ، وتوفي بها في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة «3» ، وكان حافظا للقرآن، قرأ على أبي بكر بن مقسم «4» بحرف حمزة ولقي أبا بكر بن مجاهد «5» ، وقرأ عليه بعض القرآن، وسمع منه حديثا، وتفقه على مذهب أبي حنيفة «6» ، وحمل من النحو، واللغة، والأخبار، والأشعار، عن جده القاضي أبي جعفر بن البهلول «7» ، وعن أبي بكر ابن الأنباري «8» ، ونفطويه «9» ، والصولي «10» ،(7/46)
وغيرهم، وقال الشعر، وتقلّد القضاء بالأنبار «1» ، وهيت «2» ، من قبل أبيه «3» في سنة عشرين وثلاثمائة «4» ، أو قبلها، ثم ولي من قبل الراضي بالله «5» سنة سبع وعشرين، القضاء بطريق خراسان، ثم صرف بعد مدة ولم يتقلّد شيئا إلى أن قلّده أبو السائب عتبة بن عبيد الله»
في سنة إحدى وأربعين «7» - وهو يومئذ قاضي القضاة- الأنبار، وهيت، وأضاف إليهما بعد مدة الكوفة، ثم أقرّه على ذلك، أبو العباس بن أبي الشوارب «8» ، لما ولي قضاء القضاة «9» ، مدة، وصرفه بعد، ثم لما ولي أبو بشر عمر بن أكثم «10» قضاء القضاة «11» ، قلّده عسكر مكرم «12» وإيذج «13» ، ورامهرمز «14» ، مدة، ثم صرفه.
تاريخ بغداد للخطيب 12/82(7/47)
30 لو أرادوا صلاحنا ستروا وجهه الحسن
أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن أبي صابر الدلال «1» ، قال:
وقفت على الشبلي «2» في قبة الشعراء في جامع المنصور، والناس مجتمعون عليه، فوقف عليه في الحلقة، غلام، لم يكن ببغداد في ذلك الوقت أحسن وجها منه، يعرف بابن مسلم.
فقال له: تنحّ، فلم يبرح.
فقال له الثانية: تنحّ يا شيطان عنّا، فلم يبرح.
فقال له الثالثة: تنحّ، وإلّا والله خرقت كل ما عليك، وكانت عليه ثياب في غاية الحسن، تساوي جملة كثيرة، فانصرف الفتى.
فقال الشبلي، ونحن نسمع:
طرحوا اللحم للبزاة ... على ذروتي عدن
ثم لاموا البزاة لم ... خلعوا منهم الرسن
لو أرادوا صلاحنا ... ستروا وجهه الحسن
وكان أبي معي، فاستملحت هذه الأبيات، وأخذت أكررها على نفسي لأحفظها.
فقال لي أبي: يا بني، أنشدك أحسن من هذه الأبيات في معناها؟(7/48)
فقلت: إن رأيت.
فقال: أنشدني أبو علي بن مقلة:
أيا ربّ تخلق أقمار ليل ... وأغصان بان وكثبان رمل
وتبدع في كل طرف بسحر ... وفي كلّ قدّ رشيق بشكل
وتنهى عبادك أن يعشقوا ... أيا حكم العدل ذا حكم عدل «1» ؟
تاريخ بغداد للخطيب 14/95(7/49)
31 صريع الغيلان لا صريع الغواني
أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال: حدّثني محمد بن عجلان، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت «4» قال: أخبرني محمد بن المهنّى، قال:
كان عباس بن الأحنف «5» مع إخوان له على شراب، فجرى ذكر مسلم ابن الوليد «6» .
فقال بعضهم: صريع الغواني.
فقال عباس: والله ما يصلح إلّا أن يكون صريع الغيلان.
فاتّصل ذلك بمسلم، فأنشأ مسلم يهجوه ويقول:
بنو حنيفة لا يرضى الدعيّ بهم ... فاترك حنيفة واطلب غيرها نسبا
منيت منّي وقد جدّ الجراء بنا ... بغاية منعتك الفوت والطلبا
فاذهب فأنت طليق الحلم مرتهن ... بسورة الجهل ما لم أملك الغضبا
اذهب إلى عرب ترضى بدعوتهم ... إنّي أرى لك خلقا يشبه العربا
تاريخ بغداد للخطيب 12/128(7/50)
32 برز من أصحاب الخليل أربعة
أخبرني التنوخي، قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول التنوخي، قال: حدّثنا أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول «1» ، قال: حدّثنا حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد ابن زيد «2» عن نصر بن علي «3» ، قال:
برّز من أصحاب الخليل «4» أربعة: عمرو بن عثمان أبو بشر المعروف بسيبويه «5» ، والنضر بن شميل «6» ، وعلي بن نصر «7» ، ومؤرج السدوسي «8» .
تاريخ بغداد للخطيب 12/196(7/51)
33 مذهب الجاحظ في الصلاة تركها
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال:
حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا أبو عمر أحمد بن أحمد السوسنجردي «4» العسكري، قال: حدّثني ابن أبي الذيال المحدّث- بسر من رأى- قال:
حضرت وليمة حضرها الجاحظ «5» ، وحضرت صلاة الظهر، فصلّينا، وما صلّى الجاحظ، وحضرت صلاة العصر، فصلّينا، وما صلّى الجاحظ.
فلما عزمنا على الانصراف، قال الجاحظ لربّ المنزل: إنّي ما صلّيت لمذهب، أو لسبب، أخبرك به.
فقال له: أو فقيل له: ما أظن أنّ لك مذهبا في الصلاة إلّا تركها.
تاريخ بغداد للخطيب 12/217(7/52)
34 المهدي يستقضي قاضيين في عسكره
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني محمد بن جرير الطبري «3» - في الإجازة-:
أنّ المهديّ «4» استقضى ابن علاثة «5» وعافية «6» ، سنة إحدى وستين ومائة، فكانا يقضيان في عسكر المهدي.
وعلى الشرقية عمر بن حبيب العدوي «7» .
تاريخ بغداد للخطيب 12/308(7/53)
35 المستكفي يقلد أبا السائب القضاء بمدينة أبي جعفر
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
لما قبض المستكفي على محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «1» - وكان قاضيا على الجانب الغربي بأسره «2» - قلّد مدينة أبي جعفر «3» ، القاضي أبا السائب عتبة ابن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله «4» ، وذلك في صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «5» .
ثم قتل أبا عبد الله محمد بن عيسى، اللصوص «6» ، وكان قاضيا على الجانب الشرقي، وذلك في يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الآخر من هذه السنة.
قال طلحة: والقاضي أبو السائب، رجل من أهل همذان، وكان أبوه عبيد الله، تاجرا مستورا ديّنا، أخبرني جماعة من الهمذانيين، أنّه كان يؤمّهم في مسجد لهم فوق الثلاثين سنة.(7/54)
ونشأ أبو السائب يطلب العلم، وغلب عليه في ابتداء أمره علم التصوّف، والميل إلى أهل الزهد في الدنيا، ثم خرج عن بلده، وسافر.
ودخل الحضرة في أيام الجنيد «1» ، ولقي العلماء، وعني بفهم القرآن، وكتب الحديث، وتفقّه على مذهب الشافعي، وتقلّد الحكم.
واتّصلت أسفاره، فدخل المراغة «2» وبها عبد الرحمن الشيزي، وكان صديقه، وكان عبد الرحمن غالبا على أبي القاسم ابن أبي الساج «3» ، وتقلّد جميع أذربيجان «4» مع المراغة، وعظمت حاله.
وقبض على ابن أبي الساج، وعاد إلى الجبل بعد الحادثة على ابن أبي الساج، وتقلّد همذان «5» .
ثم عاد إلى بغداد، فقطن بها، وتقدّم عند السلطان، وعرف الرؤساء فضله وعقله.
وتقلّد أعمالا جليلة بالكوفة «6» وديار مضر «7» والأهواز «8» ، وتقلّد عامة(7/55)
الجبل «1» ، وقطعة من السواد «2» .
وتقدم عند قاضي القضاة أبي الحسين بن أبي عمر «3» ، وسمع شهادته، واستشاره في كثير من أموره.
ثم ما زال على أمر جميل، وفعل حميد، إلى رجب سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فإنّه تقلّد قضاء القضاة «4» .
وله أخبار حسان، وعلقت عنه أشياء كثيرة، وجوابات في مسائل القرآن عجيبة.
وذكر لي أنّ عامة كتبه بهمذان.
تاريخ بغداد للخطيب 12/320(7/56)
36 سبب علة أبي زرعة الرازي
أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال:
أخبرني قاضي القضاة أبو السائب «1» ، قال حدّثني عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال:
اعتلّ أبو زرعة الرازي «2» ، فمضيت مع أبي «3» لعيادته، فسأله أبي عن سبب هذه العلّة.
فقال: بتّ وأنا في عافية، فوقع في نفسي أنّي إذا أصبحت أخرجت من الحديث ما أخطأ فيه سفيان الثوري «4» .
فلما أصبحت خرجت إلى الصلاة، وفي دربنا كلب ما نبحني قط، ولا رأيته عدا على أحد، فعدا عليّ وعقرني، وحممت.
فوقع في نفسي أنّ هذا عقوبة لما وضعت في نفسي، فأضربت عن ذلك الرأي.
تاريخ بغداد للخطيب 12/321(7/57)
37 ابن السماك يعظ الرشيد
قال طلحة «1» : وأخبرني قاضي القضاة، يعني أبا السائب أيضا، أنّه سمع ابن أبي حاتم، قال: سمعت محمد بن الحسين النخعي، قال: سمعت محمد ابن الحسين البرجلاني «2» يقول:
قال الرشيد لابن السماك «3» : عظني.
فقال: يا أمير المؤمنين، إنّك تموت وحدك، وتغسل وحدك، وتكفّن وحدك، وتقبر وحدك.
يا أمير المؤمنين. إنما هو دبيب من سَقَم»
، فيؤخذ بالكَظم «5» ، وتزلّ القَدَم، ويقع الفوت والندم، فلا توبة تنال، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال.
تاريخ بغداد للخطيب 12/321(7/58)
38 من إخوانيات الفضل بن سهل
أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا علي بن محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا أبو عكرمة الضبّي، قال:
عتب الفضل بن سهل «5» ، على بعض أصحابه، فأعتبه، وراجع محبّته، فأنشأ الفضل يقول:
إنّها محنة الكرام إذا ما ... أجرموا أو تجرّموا الذنب تابوا
واستقاموا على المحبّة للإخ ... وان فيما ينوبهم وأنابوا
قال: ووجّه الفضل بن سهل إلى رجل بجائزة، وكتب إليه:
قد وجهت إليك بجائزة، لا أعظّمها مكثّرا، ولا أقلّلها تجبّرا، ولا أقطع لك بعدها رجاء، ولا استثيبك عليها ثناء، والسلام.
تاريخ بغداد للخطيب 12/342(7/59)
39 أبو نعيم المحدّث يرفس برجله يحيى بن معين فيرمي به من الدكان
قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن علي بن الحسن الجراحي «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن الجراح أبو عبد الله «3» ، قال: سمعت أحمد ابن منصور الرمادي «4» يقول:
خرجت مع أحمد بن حنبل «5» ، ويحيى بن معين «6» ، إلى عبد الرزاق، خادما لهما.
فلما عدنا إلى الكوفة، قال يحيى بن معين، لأحمد بن حنبل: أريد أن أختبر أبا نعيم «7» .(7/60)
فقال له أحمد بن حنبل: لا ترد، الرجل ثقة.
فقال يحيى بن معين: لا بد لي.
فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه.
ثم جاءا إلى أبي نعيم، فدقّا عليه الباب.
فخرج فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل، فأجلسه عن يمينه، وأخذ يحيى بن معين فأجلسه عن يساره، ثم جلست أسفل الدكان.
فأخرج يحيى بن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت.
ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه.
ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت.
فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه.
ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم، وانقلبت عيناه.
ثم أقبل على يحيى بن معين، فقال له: أما هذا- وذراع أحمد في يده- فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأمّا هذا- يريدني- فأقلّ من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك، يا فاعل.
ثم أخرج رجله، فرفس يحيى بن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره.
فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك إنّه ثبت.
قال: والله لرفسته لي، أحب إليّ من سفري.
تاريخ بغداد للخطيب 12/353(7/61)
40 فرج بن فضالة يمتنع عن القيام للمنصور
أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا صدقة بن علي الموصلي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «2» ، قال: حدّثنا أبي «3» ، قال:
حدّثنا أحمد بن عبيد «4» ، عن المدائني «5» ، قال:
مرّ المنصور «6» بفرج بن فضالة «7» ، فلم يقم له، فقيل له في ذلك.
فقال: خشيت أن يسألني الله لم قمت؟ ويسأله لم رضيت؟.
تاريخ بغداد للخطيب 12/393(7/62)
41 أبو عبيد يقرأ كتابه في غريب الحديث
أخبرني علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا العباس بن أحمد بن الفضل الهاشمي «1» ، وأخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي الدربندي، قال:
حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد التوزي- بالبصرة- قالا:
حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي قال: حدّثني جعفر بن محمد بن علي بن المديني، قال: سمعت أبي يقول:
خرج أبي «2» إلى أحمد بن حنبل «3» يعوده- وأنا معه- قال: فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين «4» ، وذكر جماعة من المحدّثين.
قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام «5» ، فقال له يحيى بن معين: اقرأ(7/63)
علينا كتابك الذي عملته للمأمون «1» ، في غريب الحديث «2» .
فقال: هاتوه.
فجاءوا بالكتاب، فأخذه أبو عبيد، فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب.
فقال له أبي: يا آبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك.
فقال يحيى بن معين، لعلي بن المديني: دعه يقرأ على الوجه، فإن ابنك محمدا معك، ونحن، فنحتاج أن نسمعه على الوجه.
فقال أبو عبيد: ما قرأته إلّا على المأمون، فإن أحببتم أن تقرأوه فاقرأوه.
قال: فقال له علي بن المديني: إن قرأته علينا، وإلّا فلا حاجة لنا فيه.
ولم يعرف أبو عبيد، علي بن المديني، فقال ليحيى بن معين: من هذا؟
فقال: هذا علي بن المديني.
فالتزمه، وقرأه علينا، فمن حضر ذلك المجلس، جاز أن يقول حدّثنا، وغير ذلك، فلا يقول.
تاريخ بغداد للخطيب 12/407(7/64)
42 القاضى قتيبة بن زياد يحاكم بشر المريسي
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال:
قتيبة بن زياد الخراساني «3» رجل من أهل الفقه، على مذهب أبي حنيفة، وله فهم ومعرفة، كان قاضيا على الجانب الشرقي في أيام منصور «4» وإبراهيم «5» ابني المهدي.
وفي أيامه هاجت العامة على بشر المريسي «6» ، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتيبه، فأمر إبراهيم، قتيبة بن زياد، أن يحضر مسجد الرصافة.
فحدّثني محمد بن أحمد بن إسحاق «7» ، عن محمد بن خلف «8» ، قال:(7/65)
سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي «1» ، يقول: شهدت مسجد الجامع بالرصافة، وقد اجتمع الناس، وجلس قتيبة بن زياد للناس، وأقيم بشر على صندوق من صناديق المصاحف «2» ، عند باب الخدم.
وقام المستمليان «3» ، أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس، مستملي ابن عيينة «4» ، وهارون بن موسى، مستملي يزيد بن هارون «5» ، يذكران أنّ أمير المؤمنين إبراهيم بن المهدي أمر قاضيه قتيبة بن زياد أن يستتيب بشر بن غياث المريسي، من أشياء عددها «6» ، فيها ذكر القرآن، وغيره، وأنّه تائب.(7/66)
قال: فرفع بشر صوته، يقول: معاذ الله، إنّي لست بتائب.
وكثر الناس عليه، حتى كادوا يقتلونه، فأدخل إلى باب الخدم، وتفرّق الناس.
تاريخ بغداد للخطيب 12/464(7/67)
43 الخليفة المعتضد دقيق الملاحظة
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» عن أبي القاسم علي بن المحسّن، عن أبيه، قال:
بلغني أن المعتضد بالله «2» كان يوما جالسا في بيت يبنى له، يشاهد الصنّاع، فرأى في جملتهم غلاما أسود، منكر الخلقة، شديد المزاج، يصعد على السلاليم، مرقاتين، مرقاتين، ويحمل ضعف ما يحملونه.
فأنكر أمره، فأحضره، وسأله عن سبب ذلك، فلجلج.
فقال لا بن حمدون «3» - وكان حاضرا- أي شيء يقع لك في أمره؟
فقال: ومن هذا، حتى صرفت فكرك إليه؟ ولعله لا عيال له، فهو خالي القلب.
قال: ويحك، قد خمّنت في أمره تخمينا ما أحسبه باطلا، إمّا أن يكون معه دنانير قد ظفر بها دفعة من غير وجهها، أو يكون لصا يتستر بالعمل في الطين.
فلاحاه ابن حمدون في ذلك.
فقال: عليّ بالأسود، فأحضر.(7/68)
وقال: مقارع، فضربه نحو مائة مقرعة، وقرّره، وحلف إن لم يصدقه، ضرب عنقه، وأحضر السيف والنطع.
فقال الأسود: لي الأمان؟
فقال: لك الأمان، إلّا ما يجب عليك فيه حدّ، فلم يفهم ما قال له، وظنّ أنّه قد آمنه.
فقال: أنا كنت أعمل في أتاتين الآجر سنين «1» ، وكنت منذ شهور هناك جالسا، فاجتاز بي رجل في وسطه هميان فتبعته، فجاء إلى بعض الأتاتين، فجلس وهو لا يعلم مكاني، فحل الهميان، وأخرج منه دينارا، فتأملته، فإذا كله دنانير، فثاورته، وكتفته، وسددت فاه، وأخذت الهميان، وحملته على كتفي، وطرحته في نقرة الأتون، وطيّنته، فلما كان بعد ذلك أخرجت عظامه، فطرحتها في دجلة، والدنانير معي يقوى بها قلبي.
فأمر المعتضد من أحضر الدنانير من منزله، وإذا على الهميان مكتوب:
لفلان بن فلان.
فنودي في البلدة باسمه، فجاءت امرأة، وقالت: هذا زوجي، ولي منه هذا الطفل، خرج في وقت كذا، ومعه هميان فيه ألف دينار، فغاب إلى الآن.
فسلّم الدنانير إليها، وأمرها أن تعتدّ، وضرب عنق الأسود، وأمر أن تحمل جثته إلى الأتون «2» .
الأذكياء 42(7/69)
44 الخليفة المعتضد يكتشف أحد المجرمين
قال المحسّن:
بلغني أن المعتضد بالله، قام في الليل لحاجته، فرأى بعض الغلمان المردان، قد نهض عن ظهر غلام أمرد، ودب على أربعته، حتى اندس بين الغلمان.
فجاء المعتضد، فجعل يضع يده على فؤاد واحد بعد واحد، إلى أن وضع يده على فؤاد ذلك الفاعل، فإذا به يخفق خفقانا شديدا.
فوكزه برجله، فقعد، واستدعى آلات العقوبة، فأقرّ، فقتله «1» .
الأذكياء 43(7/70)
45 التحقيق الدقيق يؤدي إلى العثور على المجرم
قال المحسن:
بلغنا عن المعتضد بالله، أنّ خادما من خدمه جاء يوما، فأخبره أنّه كان قائما على شاطىء الدجلة، في دار الخليفة، فرأى صيادا، وقد طرح شبكته فثقلت بشيء، فجذبها، فأخرجها، فإذا فيها جراب، وأنّه قدّره مالا، فأخذه، وفتحه، وإذا فيه آجر، وبين الآجر، كفّ مخضوبة بحناء.
قال: فأحضر الجراب والكف والآجر.
فهال المعتضد ذلك، وقال: قل للصياد يعاود طرح الشبكة، فوق الموضع، وأسفله، وما قاربه.
قال: ففعل، فخرج جراب آخر فيه رجل.
قال: فطلبوا، فلم يخرج شيء آخر.
فاغتم المعتضد، وقال: معي في البلد من يقتل إنسانا ويقطع أعضاءه، ويغرّقه، ولا أعرف به؟ ما هذا ملك.
قال: وأقام يومه كلّه، ما طعم طعاما.
فلما كان من الغد، أحضر ثقة له، وأعطاه الجراب فارغا، وقال له:
طف على كل من يعمل الجرب «1» ببغداد، فإن عرفه منهم رجل، فسله على من باعه؟ فإن دلّك عليه، فسل المشتري، من اشتراه منه؟ ولا تقرّ على خبره أحدا.(7/71)
قال: فغاب الرجل، وجاءه بعد ثلاثة أيام، فزعم أنّه لم يزل يتطلّب في الدباغين وأصحاب الجرب، إلى أن عرف صانعه، وسأل عنه، فذكر أنّه باعه على عطار بسوق يحيى «1» ، وأنّه مضى إلى العطار، وعرضه عليه، فقال: ويحك، كيف وقع هذا الجراب في يدك؟
فقلت: أو تعرفه؟
قال: نعم، اشترى منّي فلان الهاشمي منذ ثلاثة أيام عشرة جرب، لا أدري لأي شيء أرادها، وهذا منها.
فقلت له: ومن فلان الهاشمي؟ فقال: رجل من ولد علي بن ريطة، من ولد المهدي «2» ، يقال له: فلان، عظيم، إلّا أنّه شرّ الناس، وأظلمهم، وأفسدهم لحرم المسلمين، وأشدّهم تشوّقا إلى مكايدهم، وليس في الدنيا من ينهي خبره إلى المعتضد، خوفا من شرّه، ولفرط تمكّنه من الدولة والمال.
ولم يزل يحدّثني- وأنا أسمع- أحاديث له قبيحة، إلى أن قال:
فحسبك أنّه كان يعشق منذ سنين، فلانة المغنية، جارية فلانة المغنية، وكانت(7/72)
كالدينار المنقوش، وكالقمر الطالع، في غاية حسن الغناء، فساوم مولاتها فيها، فلم تقاربه.
فلما كان منذ أيام، بلغه أنّ سيدتها تريد بيعها على مشتر قد حضر، وبذل فيها ألوف الدنانير، فوجه إليها: لا أقل من أن تنفذيها إليّ لتودّعني.
فأنفذتها إليه، بعد أن أنفذ إليها جذرها لثلاثة أيام.
فلما انقضت الأيام الثلاثة، غصبها عليها، وغيّبها عنها، فما يعرف لها خبر، وادعى أنها هربت من داره.
وقال الجيران: إنّه قتلها، وقال قوم: لا بل هي عنده، وقد أقامت سيدتها عليها المأتم، وجاءت، وصاحت على بابه، وسوّدت وجهها، فلم ينفعها شيء.
فلما سمع المعتضد، سجد شكرا لله تعالى، على انكشاف الأمر له، وبعث في الحال من كبس على الهاشمي، وأحضر المغنيّة، وأخرج اليد، والرجل، إلى الهاشمي، فلما رآهما امتقع لونه، وأيقن بالهلاك، واعترف.
فأمر المعتضد بدفع ثمن الجارية إلى مولاتها، من بيت المال، وصرفها.
ثم حبس الهاشمي، فيقال: إنه قتله، ويقال: مات في الحبس «1» .
الأذكياء 43(7/73)
46 مسرور السياف والوزير جعفر البرمكي
أنبيت عن المؤيد بن محمد الطوسي، وغيره، عن أبي بكر بن أبي طاهر الأنصاري، عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني «1» ، قال: حدّثني جعفر بن قدامة «2» ، قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي، قال:
سمعت مسرور الأمير «3» يحدّث، قال: لما أمرني الرشيد بقتل جعفر ابن يحيى «4» ، دخلت عليه، وعنده الأعمى المغني الطنبوري «5» ، يغنّيه:(7/74)
فلا تبعد فكل فتى سيأتي ... عليه الموت يطرق أو يغادي «1»
فقلت له: في هذا والله أتيتك، ثم أخذت بيده، فأقمته، وأمرت بضرب رقبته.
فقال الأعمى المغني: نشدتك الله، إلّا ألحقتني به.
فقلت: وما رغبتك في ذلك؟
فقال: إنّه أغناني عن سواه بإحسانه، فما أحبّ أن أبقى بعده.
فقلت: استأمر أمير المؤمنين في ذلك.
فلما أتيت الرشيد، برأس جعفر، أخبرته بقصة الأعمى، فقال: هذا رجل فيه مصطنع، فاضممه إليك، وانظر إلى ما كان جعفر يجريه عليه، فأقمه له.
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي، مخطوط(7/75)
47 أبو يوسف القاضي وفتواه الحاسمة
حدّثنا علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبي قال:
كان عند الرشيد جارية من جواريه، وبحضرته عقد جوهر، فأخذ يقلّبه، ففقده، فاتّهمها، فسألها عن ذلك، فأنكرت.
فحلف بالطلاق والعتاق، والحجّ، لتصدقنّه، فأقامت على الإنكار، وهو متّهم لها.
وخاف أن يكون قد حنث في يمينه، فاستدعى أبا يوسف «1» ، وقصّ عليه القصة.
فقال أبو يوسف: تخليني مع الجارية، وخادما معنا، حتى أخرجك من يمينك، ففعل ذلك.
فقال لها أبو يوسف: إذا سألك أمير المؤمنين، عن العقد، فأنكريه، فإذا أعاد عليك السؤال، فقولي: قد أخذته، فإذا أعاد عليك الثالثة، فأنكري.
وخرج فقال للخادم: لا تقل لأمير المؤمنين ما جرى.
وقال للرشيد: سلها يا أمير المؤمنين ثلاث دفعات متواليات عن العقد، فإنها تصدقك.
فدخل الرشيد، فسألها، فأنكرت أوّل مرة.
وسألها الثانية، فقالت: نعم، قد أخذته.(7/76)
فقال: أي شيء تقولين؟
فقالت: والله، ما أخذته، ولكن هكذا قال لي أبو يوسف.
فخرج إليه، فقال له: ما هذا؟
قال: يا أمير المؤمنين، قد خرجت من يمينك، لأنها أخبرتك، أنّها قد أخذته، وأخبرتك أنها لم تأخذه، فلا يخلو أن تكون صادقة في أحد القولين، وقد خرجت أنت من يمينك.
فسرّ، ووصل أبا يوسف.
فلما كان بعد مدة، وجد العقد «1» .
الأذكياء 77(7/77)
48 علي الزراد يتوصل إلى رد فضائل قريش عليها
قال المحسّن بن علي التنوخي، عن أبيه، قال:
حججت في موسم اثنين وأربعين «1» ، فرأيت مالا عظيما، وثيابا كثيرة، تفرّق في المسجد الحرام.
فقلت: ما هذا؟
فقالوا: بخراسان رجل صالح، عظيم النعمة والمال، يقال له: عليّ الزرّاد، أنفذ عام أول مالا وثيابا إلى ههنا، مع ثقة له، وأمره أن يعتبر «2» قريشا، فمن وجده منها حافظا للقرآن، دفع إليه كذا وكذا ثوبا.
قال: فحضر الرجل، عام أوّل، فلم يجد في قريش، البتّة، أحدا يحفظ القرآن، إلّا رجلا واحدا من بني هاشم، فأعطاه قسطه.
وتحدّث الناس بالحديث، وردّ باقي المال إلى صاحبه.
فلما كان في هذه السنة، عاد بالمال والثياب، فوجد خلقا عظيما، من جميع بطون قريش، قد حفظوا القرآن، وتسابقوا إلى تلاوته بحضرته، وأخذوا الثياب والدراهم، حتى نفدت، وبقي منهم من لم يأخذ، وهم يطالبونه.
قال: فقلت: لقد توصّل هذا الرجل، إلى ردّ فضائل قريش عليها، بما يشكره الله سبحانه له.
الأذكياء 99(7/78)
49 ابن أبي الطيب القلانسي تنعكس حيلته عليه
عن علي بن المحسّن، عن أبيه، قال:
حدّثنا جماعة من أهل جنديسابور «1» ، فيها، كتاب وتجار، وغير ذلك، أنّه كان عندهم في سنة نيّف وأربعين وثلاثمائة «2» ، شاب من كتّاب النصارى، وهو ابن أبي الطيّب القلانسي.
فخرج إلى بعض شأنه في الرستاق «3» ، فأخذته الأكراد، وعذبوه، وطالبوه بأن يشتري نفسه منهم، فلم يفعل.
وكتب إلى أهله، أنفذوا لي أربعة دراهم أفيون «4» ، واعلموا أنّي أشربها فتلحقني سكتة، فلا يشك الأكراد أنّي قد متّ، فيحملوني إليكم، فإذا حصلت عندكم، فأدخلوني الحمام، واضربوني، ليحمى بدني وسوّكوني «5» بالإيارج «6» ، فإنّي أفيق.
وكان الفتى متخلّفا، وقد سمع أنّه من شرب أفيونا أسكت، فإذا أدخل(7/79)
الحمام، وضرب، وسوّك بالإيارج، برئ، فلم يعلم مقدار الشربة من ذلك، فشرب أربعة دراهم، فلم يشك الأكراد في موته، فلفّوه في شيء وأنفذوه إلى أهله.
فلما حصل عندهم، أدخلوه الحمام، وضربوه، وسوّكوه، فما تحرّك، وأقام في الحمام أياما.
ورآه أهل الطب، فقالوا: هذا قد تلف، كم شرب أفيونا؟
قالوا: وزن أربعة دراهم.
فقالوا لهم: هذا لو شوي في جهنم ما عاش، إنّما يجوز أن يفعل هذا بمن شرب أربعة دوانيق «1» أفيونا أو وزن درهم أو حواليه، فأمّا هذا، فقد مات.
فلم يقبل أهله ذلك، فتركوه في الحمام، حتى أراح «2» ، وتغيّر، فدفنوه، وانعكست الحيلة على نفسه.
الأذكياء 110(7/80)
50 بلال بن أبي بردة يبحث عن حتفه بكفه
قال المحسّن: وقد روي قديما مثل هذا:
أنّ بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري «1» كان في حبس الحجّاج «2» ، وكان يعذّبه.
وكان كلّ من مات في الحبس، رفع خبره إلى الحجّاج، فيأمر بإخراجه وتسليمه إلى أهله.
فقال بلال للسجّان: خذ منّي عشرة آلاف درهم، وأخرج اسمي إلى الحجّاج في الموتى، فإذا أمرك بتسليمي إلى أهلي، هربت في الأرض، فلم يعرف الحجّاج خبري، وإن شئت أن تهرب معي، فافعل، وعلي غناك أبدا.
فأخذ السجّان المال، ورفع اسمه في الموتى، فقال الحجّاج: مثل هذا، لا يجوز أن يخرج إلى أهله حتى أراه، هاته.
فعاد إلى بلال، فقال: أعهد «3» ، قال: وما الخبر؟(7/81)
قال: إنّ الحجّاج قال: كيت وكيت، فإن لم أحضرك إليه ميتا، قتلني، وعلم أنّي أردت الحيلة عليه، ولا بد أن أقتلك خنقا.
فبكى بلال، وسأله أن لا يفعل، فلم يكن إلى ذلك طريق، فأوصى، وصلّى، فأخذه السجان، وخنقه، وأخرجه إلى الحجّاج ميتا.
فلما رآه ميتا، قال: سلّمه إلى أهله.
فأخذوه، وقد اشترى القتل لنفسه بعشرة آلاف درهم، ورجعت الحيلة عليه «1» .
الأذكياء 110(7/82)
51 دخلت باب الهوى
أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أحمد بن محمد بن العباس الإخباري «1» ، قال: أنشدنا نصر بن أحمد الخبّاز البصري «2» لنفسه:
لمّا جفاني من كان لي أنسا ... أنست شوقا ببعض أسبابه
كمثل يعقوب بعد يوسف إذ ح ... نّ إلى شمّ بعض أثوابه «3»
دخلت باب الهوى ولي بصر ... وفي خروجي عميت عن بابه
تاريخ بغداد للخطيب 13/297(7/83)
52 طفيلي لا ينشط إلا عند تهيأة الطعام
قال علي بن المحسّن بن علي القاضي، عن أبيه، قال:
صحب طفيليّ، رجلا في سفر، فقال له الرجل: امض فاشتر لنا لحما.
قال: لا والله، ما أقدر، فمضى هو فاشترى.
ثم قال له: قم فاطبخ.
قال: لا أحسن، فطبخ الرجل.
ثم قال له: قم فاثرد.
قال: أنا والله كسلان، فثرد الرجل.
ثم قال له: قم واغرف.
قال: أخشى أن ينقلب على ثيابي، فغرف الرجل.
ثم قال له: قم الآن، فكل.
قال الطفيلي: قد- والله- استحييت من كثرة خلافي لك.
وتقدّم، فأكل «1» .
الأذكياء 181 والإمتاع والمؤانسة 3/40(7/84)
53 كيف استعاد التمار أمواله
أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أخبرنا علي بن المحسّن، عن أبيه، قال: حدّثنا عبيد الله بن محمد الصرويّ «2» ، قال: حدّثني ابن الدنانير التمّار، قال: حدّثني غلام لي قال:
كنت ناقدا «3» بالأبلّة «4» ، لرجل تاجر، فاقتضيت «5» له من البصرة نحو خمسمائة دينار، وورقا «6» ، ولففتهما في فوطة، وأمسيت، ولم يمكنني المسير إلى الأبلّة.
فما زلت أطلب ملّاحا فلا أجد، إلى أن رأيت ملّاحا مجتازا في خيطيّة «7» خفيفة فارغة، فسألته أن يحملني.
فخفّف عليّ الأجرة، وقال: أنا راجع إلى منزلي بالأبلّة، فانزل.(7/85)
فنزلت، وجعلت الفوطة بين يدي، وسرنا.
فإذا رجل ضرير على الشط، يقرأ أحسن قراءة تكون، فلما رآه الملّاح كبّر، فصاح هو بالملّاح، احملني، فقد جنّنني الليل، وأخاف على نفسي، فشتمه الملّاح.
فقلت له: احمله.
فدخل إلى الشط «1» ، فحمله، فرجع إلى قراءته، فخلب عقلي بطيبها.
فلما قربنا من الأبلّة، قطع القراءة، وقام ليخرج في بعض المشارع بالأبلّة، فلم أر الفوطة.
فاضطربت، وصحت، واستغاث الملّاح، وقال: الساعة تنقلب الخيطية، وخاطبني خطاب من لا يعلم حالي.
فقلت: يا هذا، كانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار.
فلما سمع الملّاح ذلك، لطم، وبكى، وتعرّى من ثيابه، وقال: لم أدخل الشط، ولا لي موضع أخبئ فيه شيئا فتتّهمني بسرقته، ولي أطفال، وأنا ضعيف، فالله، الله، في أمري، وفعل الضرير مثل ذلك.
وفتّشت السميرية، فلم أجد فيها شيئا، فرحمتهما، وقلت: هذه محنة لا أدري كيف التخلّص منها.
وخرجنا، فعملت على الهرب، وأخذ كلّ واحد منّا طريقا، وبتّ في بيتي، ولم أمض إلى صاحبي.
فلما أصبحت، عملت على الرجوع إلى البصرة، لأستخفي بها أيّاما ثم أخرج إلى بلد شاسع.
فانحدرت، وخرجت في مشرعة بالبصرة، وأنا أمشي، وأتعثّر، وأبكي،(7/86)
قلقا على فراق أهلي وولدي، وذهاب معيشتي وجاهي.
فاعترضني رجل، فقال: ما لك؟ فأخبرته.
فقال: أنا أردّ عليك مالك.
فقلت: يا هذا، أنا في شغل عن طنزك «1» بي.
قال: ما أقول إلّا حقا، امض إلى السجن ببني نمير «2» ، واشتر معك خبزا كثيرا، وشواء جيدا، وحلوى، وسل السجّان أن يوصلك إلى رجل محبوس هناك، يقال له: أبو بكر النقاش، قل له: أنا زائره، فإنّك لا تمنع، وإن منعت، فهب للسجّان شيئا يسيرا، يدخلك إليه.
فإذا رأيته، فسلّم عليه، ولا تخاطبه، حتى تجعل بين يديه ما معك، فإذا أكل، وغسل يديه، فإنّه يسألك عن حاجتك، فأخبره خبرك، فإنّه سيدلك على من أخذ مالك، ويرتجعه لك.
ففعلت ذلك، ووصلت إلى الرجل، فإذا شيخ مكبّل بالحديد، فسلّمت، وطرحت ما معي بين يديه، فدعا رفقاء له، فأكلوا.
فلما غسل يديه، قال: من أنت، وما حاجتك؟ فشرحت له قصّتي.
فقال: امض الساعة إلى بني هلال، فادخل الدرب الفلاني، حتى تنتهي إلى آخره، فإنّك تشاهد بابا شعثا، فافتحه وادخله، بلا استئذان، فتجد دهليزا طويلا، يؤدي إلى بابين، فادخل الأيمن منهما، فسيدخلك إلى دار فيها أوتاد وبواري، وكل وتد عليه إزار ومئزر، فانزع ثيابك، وألقها على الوتد، واتّزر بالمئزر، واتّشح بالإزار، واجلس، فسيجيء قوم يفعلون كما فعلت، ثم يؤتون بطعام، فكل معهم، وتعمّد موافقتهم،(7/87)
في سائر أفعالهم، فإذا أتي بالنبيذ، فاشرب، وخذ قدحا كبيرا، واملأه، وقم قائما، وقل: هذا، ساري لخالي أبي بكر النقاش، فسيفرحون، ويقولون:
أهو خالك؟ فقل: نعم، فسيقومون، ويشربون لي، فإذا جلسوا، فقل لهم:
خالي يقرأ عليكم السلام، ويقول: يا فتيان، بحياتي، ردّوا علي ابن أختي المئزر الذي أخذتموه بالأمس من السفينة، بنهر الأبلّة، فإنّهم يردّونه عليك.
فخرجت من عنده، ففعلت ما أمر، فردّت الفوطة بعينها، وما حلّ شدّها.
فلما حصلت لي، قلت: يا فتيان، هذا الذي فعلتموه معي، هو قضاء لحقّ خالي، ولي أنا حاجة تخصّني.
قالوا: مقضيّة.
قلت: عرّفوني، كيف أخذتم الفوطة؟ فامتنعوا ساعة، فأقسمت عليهم بحياة أبي بكر النقاش.
فقال لي واحد منهم: أتعرفني؟ فتأمّلته جيدا، فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ، وإنّما كان متعاميا.
وأومأ إلى آخر، فقال: أتعرف هذا؟ فتأمّلته، فإذا هو الملّاح.
فقلت: كيف فعلتما؟
فقال الملّاح: أنا أدور في المشارع، في أول أوقات المساء، وقد سبقت بهذا المتعامي، فأجلسته حيث رأيت، فإذا رأيت من معه شيء له قدر، ناديته، وأرخصت له الأجرة، وحملته.
فإذا بلغت إلى القارئ، وصاح بي، شتمته، حتى لا يشكّ الراكب في براءة الساحة، فإن حمله الراكب، فذاك، وإلّا رقّقته عليه حتى يحمله، فإذا حمله، وجلس يقرأ، ذهل الرجل، كما ذهلت.
فإذا بلغنا الموضع الفلاني، فإنّ فيه رجلا متوقّعا لنا، يسبح، حتى(7/88)
يلاصق السفينة، وعلى رأسه قوصرة «1» ، فلا يفطن الراكب له.
فيسلب هذا المتعامي الشيء بخفّة فيسلمه إلى الرجل الذي عليه القوصرة، فيأخذه ويسبح إلى الشط.
وإذا أراد الراكب الصعود، وافتقد ما معه، عملنا كما رأيت، فلا يتّهمنا، ونفترق، فإذا كان من غد اجتمعنا، واقتسمناه.
فلمّا جئت برسالة أستاذنا، خالك، سلّمنا إليك الفوطة.
قال: فأخذتها، ورجعت.
الأذكياء 187(7/89)
54 وما ظالم إلا سيبلى بأظلم
أخبرنا محمد بن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، قال:
أنبأنا الجوهري.
وأخبرني ابن ناصر، قال: أخبرنا عبد المحسن بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرنا ابن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» قال: حدّثني لصّ تائب، قال:
دخلت مدينة، فطلبت شيئا أسرقه، فوقعت عيني على صيرفي موسر، فما زلت أحتال، حتى سرقت كيسا له، وانسللت.
فما جزت غير بعيد، إذ أنا بعجوز معها كلب، قد وقعت في صدري، تبوسني، وتلزمني، وتقول: يا بنيّ، فديتك، والكلب يبصبص، ويلوذ بي، ووقف الناس ينظرون إلينا.
وجعلت المرأة تقول: يالله، انظروا إلى الكلب، قد عرفه، فعجب الناس من ذلك، وتشككت أنا في نفسي، وقلت: لعلها أرضعتني، وأنا لا أعرفها؟
وقالت: معي إلى البيت، أقم عندي اليوم، فلم تفارقني حتى مضيت معها إلى بيتها.(7/90)
وإذا عندها أحداث يشربون، وبين أيديهم من جميع الفواكه والرياحين، فرحّبوا بي، وقرّبوني، وأجلسوني معهم.
ورأيت لهم بزّة حسنة، فوضعت عيني عليها، فجعلت أسقيهم وأرفق بنفسي، إلى أن ناموا، ونام كلّ من في الدار.
فقمت وكوّرت ما عندهم، وذهبت أخرج.
فوثب عليّ الكلب وثبة الأسد، وصاح، وجعل يتراجع وينبح، إلى أن انتبه كل نائم، فخجلت، واستحييت.
فلما كان النهار، فعلوا مثل فعلهم بالأمس، وفعلت أنا بهم أيضا مثل ذلك، وجعلت أوقع الحيلة في أمر الكلب إلى الليل، فما أمكنتني فيه حيلة.
فلما ناموا، رمت الذي رمته، فإذا الكلب قد عارضني بمثل ما عارضني به.
فجعلت أحتال، ثلاث ليال، فلما أيست، طلبت الخلاص منهم بإذنهم، فقلت: أتأذنون لي، فإنّي على وفز «1» .
فقالوا: الأمر إلى العجوز.
فاستأذنتها، فقالت: هات الذي أخذته من الصيرفي، وامض حيث شئت، ولا تقم في هذه المدينة، فإنّه لا يتهيأ لأحد فيها معي عمل.
فأخذت الكيس وأخرجتني، ووجدت مناي أن أسلم من يدها.
وكان قصار اي أن أطلب منها نفقة، فدفعت إليّ، وخرجت معي، حتى أخرجتني عن المدينة، والكلب معها، حتى جزت حدود المدينة.
ووقفت، ومضيت، والكلب يتبعني، حتى بعدت، ثم تراجع ينظر إليّ، ويلتفت، وأنا أنظر إليه، حتى غاب عن عيني.
الأذكياء 188(7/91)
55 صادف درء السيل درءا يصدعه
أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، عن أبيه، قال:
حدّثني عبيد الله بن محمد الصروي «1» ، قال: حدّثنا بعض إخواننا:
أنّه كان ببغداد، رجل يطلب التلصّص في حداثته، ثم تاب، فصار بزّازا.
قال: فانصرف ليلة من دكانه، وقد غلقه، فجاء لصّ محتال، متزيّ بزيّ صاحب الدكان، في كمه شمعة صغيرة، ومفاتيح، فصاح بالحارس، فأعطاه الشمعة في الظلمة، وقال: اشعلها، وجئني بها، فإنّ لي الليلة بدكّاني شغلا.
فمضى الحارس يشعل الشمعة، وركب اللصّ على الأقفال، ففتحها ودخل الدكان.
وجاء الحارس بالشمعة، فأخذها من يده، فجعلها بين يديه، وفتح سفط الحساب، وأخرج ما فيه، وجعل ينظر الدفاتر، ويري بيده، أنّه يحسب، والحارس يتردّد، ويطالعه، ولا يشك في أنّه صاحب الدكان، إلى أن قارب السّحر.
فاستدعى اللصّ الحارس، وكلمه من بعيد، وقال: اطلب لي حمالا.
فجاء بحمال، فحمل عليه أربع رزم مثمنة، وقفل الدكان، وانصرف، ومعه الحمال، وأعطى الحارس درهمين.
فلما أصبح الناس، جاء صاحب الدكان، ليفتح دكانه، فقام إليه الحارس(7/92)
يدعو له، ويقول: فعل الله بك وصنع، كما أعطيتني البارحة الدرهمين.
فأنكر الرجل ما سمعه، وفتح دكانه، فوجد سيلان الشمعة، وحسابه مطروحا، وفقد الأربع رزم.
فاستدعى الحارس، وقال له: من كان حمل الرزم معي من دكاني؟
قال: أما استدعيت منّي حمّالا، فجئتك به؟
قال: بلى، ولكنّي كنت ناعسا، وأريد الحمّال، فجئني به.
فمضى الحارس، فجاء بالحمّال، فأغلق الرجل الدكان، وأخذ الحمّال معه، ومضى.
وقال له: إلى أين حملت الرزم معي البارحة، فإنّي كنت متنبذا «1» ؟
قال: إلى المشرعة الفلانية، واستدعيت لك فلانا الملّاح، فركبت معه.
فقصد الرجل المشرعة، وسأل عن الملّاح، فحضر، وركب معه، وقال:
أين رقيت أخي، الذي كان معه الأربع رزم؟
قال: إلى المشرعة الفلانية.
قال: اطرحني إليها، فطرحه.
قال: من حملها معه؟
قال: فلان الحمال.
فدعا به، فقال له: امش بين يدي، فمشى، فأعطاه شيئا، واستدلّه برفق، إلى الموضع الذي حمل إليه الرزم.
فجاء به إلى باب غرفة، في موضع بعيد عن الشط، قريب من الصحراء فوجد الباب مقفلا، فاستوقف الحمّال، وفشّ القفل، ودخل، فوجد الرزم بحالها.(7/93)
وإذا في البيت بركان «1» معلّق على حبل، فلفّ به الرزم، ودعا بالحمّال، فحملها عليه، وقصد المشرعة.
فحين خرج من الغرفة، استقبله اللصّ، فرآه وما معه، فأبلس، فاتّبعه إلى الشطّ، فجاء إلى المشرعة، ودعا الملّاح ليعبر، فطلب الملاح من يحطّ عنه، فجاء اللصّ، فحطّ الكساء، كأنه مجتاز متطوّع.
فأدخل الرزم إلى السفينة، مع صاحبها، وجعل البركان على كتفه، وقال له: يا أخي استودعك الله، قد استرجعت رزمك، فدع كسائي.
فضحك، وقال: انزل فلا خوف عليك.
فنزل معه، واستتابه، ووهب له شيئا، وصرفه، ولم يسئ إليه.
الأذكياء 190(7/94)
56 كلب يقوم مقام الفيج
حدّثني أبو عبد الله، قال: حدّثني أبو الحسين محمد بن الحسين بن شداد، قال:
قصدت دير مخارق «1» إلى عبد الله بن الطبري النصراني، الذي كان يأتي بالنزل للمعتضد بالله، فسألته إحضار وكيل له، يقال له إبراهيم بن داران، وطالبته بإحضار الأدلاء لمسامحة «2» قرية تعرف بباصيرى السفلى.
فقال لي: يا سيدي قد وجهت في ذلك.
فقلت له: أنا على الطريق جالس، وما اجتاز بي أحد.
فقال لي: أما رأيت الكلب الذي كان بين أيدينا؟ قد وجّهت به.
فغلظ عليّ ذلك من قوله، ونلت من عرضه، وأمرت بما أنا أستغفر الله عز وجل منه.
فقال: إن لم يحضر القوم الساعة، فأنت من دمي في حلّ.
فما مكث بعد هذا القول إلّا ساعة، حتى وافى القوم مسرعين، والكلب بين أيديهم.
فسألته: كيف تحمّله الرسالة؟
فقال: أشدّ في عنقه رقعة بما أحتاج إليه، وأطرحه على المحجّة، فيقصد القوم، وقد عرفوا الخبر، فيقرأون الرقعة، فيمتثلون ما فيها.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 20(7/95)
57 من حيل اللصوص
أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، عن أبيه، أنّ رجلا نام في مسجد، وتحت رأسه كيس فيه ألف وخمسمائة دينار.
قال: فما شعرت إلّا بإنسان قد جذبه من تحت رأسي، فانتبهت فزعا، فإذا شاب قد أخذ الكيس ومرّ يعدو.
فقمت لأعدو خلفه، فإذا رجلي مشدودة بخيط قنّب، في وتد مضروب في آخر المسجد «2» .
الأذكياء 193(7/96)
58 ابن الخياطة يسرق وهو في الحبس
أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الله بن محمد البصري، قال: حدّثنى أبي، قال:
كان بالبصرة رجل من اللصوص، يلصّ بالليل، فاره جدا، مقدام، يقال له: عباس بن الخياطة، قد غلب الأمراء، وأشجى أهل البلد.
فلم يزالوا يحتالون عليه، إلى أن وقع، وكبّل بمائة رطل حديد، وحبس.
فلما كان بعد سنة من حبسه وأكثر، دخل قوم بالأبلّة على رجل تاجر كان عنده جوهر بعشرات ألوف دنانير، وكان متيقظا، جلدا.
فجاء إلى البصرة يتظلّم، وأعانه خلق من التجار، وقال للأمير: أنت دسست على جوهري، وما خصمي سواك.
فورد عليه أمر عظيم، وخلا بالبوابين، وتوعّدهم، فاستنظروه، فأنظرهم، وطلبوا، واجتهدوا، فما عرفوا فاعل ذلك، فعنفهم الرجل، فاستجابوا مدة أخرى.
فجاء أحد البوابين إلى الحبس، فتخادم لابن الخياطة، ولزمه نحو شهر، وتذلّل له في الحبس.
فقال له: قد وجب حقك عليّ فما حاجتك؟
قال: جوهر فلان، المأخوذ بالأبلّة، لا بد أن يكون عندك منه خبر،(7/97)
فإن دماءنا مرتهنة به، وحدّثه الحديث.
فرفع ذيله، وإذا سفط الجوهر تحته، فسلّمه إليه، وقال: قد وهبته لك.
فاستعظم ذلك، وجاء بالسفط إلى الأمير، فسأله عن القصّة، فأخبره بها.
فقال: عليّ بعباس، فجاءوا به.
فأمر بالإفراج عنه، وإزالة قيوده، وإدخاله الحمام، وخلع عليه، وأجلسه في مجلسه مكرما، واستدعى الطعام، فواكله، وبيّته عنده.
فلما كان في الغد، خلا به، وقال: أنا أعلم أنّك لو ضربت مائة ألف سوط، ما أقررت كيف كانت صورة أخذ الجوهر، وقد عاملتك بالجميل، ليجب حقّي عليك، من طريق الفتوّة، وأريد أن تصدقني حديث هذا الجوهر.
قال: على أنّني ومن عاونني عليه آمنون، وأنّك لا تطالبنا بالذين أخذوه.
قال: نعم. فاستحلفه، فحلف.
فقال له: إنّ جماعة اللصوص، جاءوني إلى الحبس، وذكروا حال هذا الجوهر، وأنّ دار هذا التاجر لا يجوز أن يتطرّق عليها نقب ولا تسلّق، وعليها باب حديد، والرجل متيقظ، وقد راعوه سنة، فما أمكنهم، وسألوني مساعدتهم.
فدفعت إلى السجان مائة دينار، وحلفت له بالشطارة، والأيمان الغليظة، أنّه إن أطلقني عدت إليه في غد، وأنّه إن لم يفعل ذلك، اغتلته، فقتلته في الحبس.
فأطلقني، فنزعت الحديد، وتركت الحبس، وخرجت وقت المغرب فوصلنا إلى الأبلّة، وقت العتمة، وخرجنا إلى دار الرجل، فإذا هو في المسجد وبابه مغلق.
فقلت لأحدهم: تصدّق من الباب، فتصدّق.(7/98)
فلما جاءوا ليفتحوا، قلت له: اختف، ففعل ذلك مرّات، والجارية تخرج، فإذا لم تر أحدا عادت.
إلى أن خرجت من الباب، ومشت خطوات، تطلب السائل، فتشاغلت بدفع الصدقة إليه، فدخلت أنا إلى الدار.
فإذا في الدهليز بيت فيه حمار، فدخلته، ووقفت تحت الحمار، وطرحت الجلّ عليّ وعليه.
وجاء الرجل، فغلّق الأبواب، وفتّش، ونام على سرير عال، والجوهر تحته.
فلما انتصف الليل، قمت إلى شاة في الدار، فعركت أذنها، فصاحت.
فقال: ويلك، أقول لك افتقديها.
قالت: قد فعلت.
قال: كذبت، وقام بنفسه ليطرح لها علفا.
فجلست مكانه على السرير، وفتحت الخزانة، وأخذت السفط، وعدت إلى موضعي، وعاد الرجل فنام.
فاجتهدت أن أجد حيلة، وأن أنقب إلى دار بعض الجيران، فأخرج، فما قدرت، لأنّ جميع الدار، مؤزّرة بالساج.
ورمت صعود السطح، فما قدرت، لأن الممارق «1» مقفلة بثلاثة أقفال.
فعملت على ذبح الرجل، ثم استقبحت ذلك، وقلت هذا بين يدي، إن لم أجد حيلة غيره.
فلما كان السحر، عدت إلى موضعي تحت الحمار.(7/99)
وانتبه الرجل يريد الخروج، فقال للجارية، افتحي الأقفال من الباب، ودعيه متربسا «1» ، ففعلت، وقربت من الحمار، فرفس، فصاحت.
فخرجت أنا، ففتحت المترس «2» ، وخرجت أعدو، حتى جئت إلى المشرعة، فنزلت في الخيطية.
ووقعت الصيحة في دار الرجل.
فطالبني أصحابي أن أعطيهم شيئا منها، فقلت: لا، هذه قصة عظيمة وأخاف أن يتنبّه عليها، ولكن دعوها عندي، فإن مضى على الحدث ثلاثة أشهر، وانكتم، فصيروا إليّ، أعطيكم النصف، وإن ظهر، خفت عليكم وعلى نفسي، وجعلته حقنا لدمائكم، فرضوا بذلك.
فأرسل الله هذا البواب، بلية، فخدمني، فاستحييت منه، وخفت أن يقتل، هو وأصحابه، وقد كنت وضعت في نفسي الصبر على كل عذاب، فدخلتم عليّ من طريق أخرى، لم أستحسن في الفتوة، معها، إلّا الصدق.
فقال له الأمير: جزاء هذا الفعل، أن أطلقك، ولكن تتوب.
فتاب، وجعله الأمير من بعض أصحابه، وأسنى له الرزق، فاستقامت طريقته.
الأذكياء 193(7/100)
59 ابن الخياطة يتسلل إلى الصيرفي من بين حراسه
قال أبو الحسين «1» ؛ وحدّثني أبي، عن طالوت بن عباد الصيرفي، قال:
كنت ليلة نائما بالبصرة، في فراشي، وأحراسي يحرسونني، وأبوابي مقفلة، فإذا أنا بابن الخياطة ينبهني من فراشي، فانتبهت فزعا.
فقلت: من أنت؟
فقال: ابن الخياطة، فتلفت.
فقال: لا تجزع، قد قمرت الساعة خمسمائة دينار، أقرضني إيّاها، لأردّها عليك.
فأخرجت خمسمائة دينار، فدفعتها إليه.
فقال: نم، ولا تتبعني، لأخرج من حيث جئت، وإلّا قتلتك.
قال: وأنا- والله- أسمع صوت حرّاسي، ولا أدري من أين دخل، ومن أين خرج.
وكتمت الحديث، خوفا منه، وزدت في الحرس.
ومضت ليال فإذا أنا به قد أنبهني، على تلك الصورة، فقلت:
مرحبا، ما تريد؟
قال: جئت بتلك الدنانير، تأخذها منّي.
قلت: أنت في حلّ منها، وإن أردت شيئا آخر فخذ.
فقال: لا أريد، من نصح التجار شاركهم في أموالهم، ولو كنت(7/101)
أردت مالك باللصوصية، فعلت، ولكنّك رئيس بلدك، ولا أريد أذيّتك، فإنّ ذلك يخرج عن الفتوة «1» ، ولكن خذها، وإن احتجت إلى شيء بعد هذا، أخذت منك.
فقلت: إنّ عودك يفزعني، ولكن، إذا أردت شيئا، فتعال إليّ نهارا، أو رسولك.
فقال: أفعل.
فأخذت الدنانير منه، وانصرف، وكان رسوله يجيئني بعلامة، بعد ذلك، فيأخذ ما يريده.
فما انكسر «2» لي عنده شيء، إلى أن قبض عليه.
الأذكياء 196(7/102)
60 البلاء موكل بالمنطق
أخبرنا أبو القاسم الأزهري، وعلي بن أبي عليّ البصري «1» ، قالا: أنشدنا أحمد بن منصور الوراق «2» ، قال: أنشدنا نصر الخبزأرزي «3» ، لنفسه:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... وكلّ امرئ ما بين فكّيه مقتل
إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكّل
وكم فاتح أبواب شرّ لنفسه ... إذا لم يكن قفل على فيه مقفل
كذا من رمى يوما شرارات لفظه ... تلقّته نيران الجوابات تشعل
ومن لم يقيّد لفظه متجمّلا ... سيطلق فيه كل ما ليس يجمل
ومن لم يكن في فيه ماء صيانة ... فمن وجهه غصن المهابة يذبل
فلا تحسبنّ الفضل في الحلم وحده ... بل الجهل في بعض الأحايين أفضل
ومن ينتصر ممّن بغى فهو ما بغى ... وشرّ المسيئين الذي هو أوّل
وقد أوجب الله القصاص بعدله ... ولله حكم في العقوبات منزل
فإن كان قول قد أصاب مقاتلا ... فإنّ جواب القول أدهى وأقتل
وقد قيل في حفظ اللسان وخزنه ... مسائل من كل الفضائل أكمل
ومن لم تقرّبه سلامة غيبه ... فقربانه في الوجه لا يتقبّل(7/103)
ومن يتّخذ سوء التخلّف عادة ... فليس عليه في عتاب معوّل
ومن كثرت منه الوقيعة «1» طالبا ... بها غرّة فهو المهين المذلّل
وعدل مكافاة المسيء بفعله ... فماذا على من في القضية يعدل
ولا فضل في الحسى إلى من يحسّها ... بلى عند من يزكو لديه التفضّل
ومن جعل التعريض محصول مزحه ... فذاك على المقت المصرّح يحصل
ومن أمن الآفات عجبا برأيه ... أحاطت به الآفات من حيث يجهل
أعلّمكم ما علّمتني تجاربي ... وقد قال قبلي قائل متمثّل:
إذا قلت قولا كنت رهن جوابه ... فحاذر جواب السوء إن كنت تعقل
إذا شئت أن تحيا سعيدا مسلّما ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل
تاريخ بغداد للخطيب 13/297(7/104)
61 بغدادية تقعد جنينها فقاعيا على باب الجنة
قال المحسّن: حدّثني أبو محمد بن داسه «1» ، أنّه سمع امرأة تخاصمت مع زوجها.
فقالت له: طلّقني.
فقالت لها: أنت حبلى، حتى إذا ولدت طلّقتك.
قالت: ما عليك منه.
قال: فأيش تعملين به؟.
قالت: أقعده على باب الجنة فقّاعي «2» .
فقلت لعجوز كانت تتوسّط بينهما: أيش معنى هذا؟
قالت: تريد أنها تشرب ماء السداب «3» ، وتتحمّل سدابا عليه أدوية، لتسقط، فيلحق الصبي بالجنّة، فيكون كالفقّاعي.
الأذكياء 221(7/105)
62 لأبي علي القرمطي في وصف شمعة
أنبأني الشيخان: الأجل العلامة تاج الدين الكندي، والفقيه جمال الدين ابن الحرستاني، إجازة، قالا: أخبرنا الإمام الحافظ، أبو القاسم بن عساكر الدمشقي «1» ، سماعا عليه، قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، عن أبي القاسم التنوخي، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عثمان الخرقي، الفارقي، الحنبلي، التميمي، قال:
كنت بالرملة، سنة ثلاثمائة وخمس وستين، وقد ورد إليها القرمطي، أبو علي «2» ، القصير الثياب، فاستدناني منه، وقرّبني إلى خدمته.
فكنت ليلة عنده، إذ حضر الفراشون بالشموع، فقال لأبي نصر بن كشاجم «3» - وكان كاتبه-: يا أبا نصر، ما يحضرك في صفة هذه الشموع؟
فقال: إنّما نحضر مجلس السيد، لنسمع كلامه، ونستفيد من أدبه.
فقال أبو علي، في الحال، بديها:
ومجدولة «4» مثل صدر القناة تعرّت وباطنها مكتسي(7/106)
لها مقلة هي روح لها ... وتاج على الرأس كالبرنس
اذا غازلتها الصبا «1» حرّكت ... لسانا من الذهب الأملس
وإن رنّقت «2» لنعاس عرا ... وقطّت من الرأس لم تنعس
وتنتج في وقت تلقيحها ... ضياء يجلّي دجى الحندس «3»
فنحن من النور في أسعد ... وتلك من النار في أنحس
تكيد الظلام وما كادها ... فتفنى وتفنيه في مجلس
فقام أبو نصر بن كشاجم، وقبّل الأرض بين يديه، وسأله أن يأذن له، في إجازة الأبيات، فأذن له، فقال:
وليلتنا هذه ليلة ... تشاكل أشكال أقليدس
فيا ربّة العود غنّي لنا ... ويا حامل الكأس لا تجلس
فتقدّم بأن يخلع عليه، وحملت إليه صلة سنية، وإلى كل من الحاضرين.
بدائع البدائه 1/157(7/107)
63 فليت الأرض كانت مادرايا
ذكر أبو علي التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة، قال:
حدّثني محمد بن الحسن البصري، قال: حدّثني الهمداني الشاعر، قال:
قصدت ابن الشلمغاني «1» في مادرايا «2» ، فأنشدته قصيدة قد مدحته بها، وتأنّقت فيها، وجوّدتها، فلم يحفل بها.
فكنت أغاديه كل يوم، وأحضر مجلسه، حتى يتقوّض الناس، فلا أرى للثواب طريقا.
فحضرته يوما، وقد احتشد مجلسه، فقام شاعر، فأنشد نونيّة، إلى أن بلغ فيها إلى بيت، وهو:
فليت الأرض كانت مادرايا ... وليت الناس آل الشلمغاني
فعنّ لي في الوقت هذا البيت، فقمت، وقلت مسرعا:
إذا كانت بطون الأرض كنفا ... وكلّ النّاس أولاد الزواني
فضحك، وأمرني بالجلوس، وقال: نحن أحوجناك إلى هذا، وأمر لي بحائزة سنيّة.
فأخذتها وانصرفت.
بدائع البدائه 1/50(7/108)
64 لأبي الفرج الببغاء في وصف قدح ياقوت أزرق
وأخبرني الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي، قال: أخبرني الإمام الحافظ السلفي الأصبهاني «1» رحمه الله تعالى، قال: أخبرني الرئيس أبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد الدسكري «2» ، في سنة ست وتسعين وأربعمائة، قال: حدّثني القاضي التنوخي، قال:
أصعد أبو الفرج الببغاء «3» ، إلى سيف الدولة بن حمدان «4» ، هو وجماعة من الشعراء الكبار، يمتدحونه، فأخرج يوما خازنه قدحا من ياقوت أزرق، فملأه ماء، وتركه يتشعشع.
فقال له أبو الفرج: يا مولانا، ما رأيت أحسن من هذا.
فقال: قل فيه شيئا، وهو لك.
فقال أبو الفرج في الحال:(7/109)
كم منّة للظلام في عنقي ... بجمع شمل وضمّ معتنق
وكم صباح للراح أسلمني ... من فلق ساطع إلى فلق
فعاطنيها بكرا مشعشعة ... كأنّها في صفائها خلقي
في أزرق كالهواء يخرقه الل ... حظ وإن كان غير منخرق
كأنّ أجزاءه مركّبة ... حسنا ولطفا في زرقة الحدق
ما زلت منه منادما كعبا «1» ... مذ أسكرتها المدام لم تفق
تختال قبل المزاج في أزرق ال ... فجر وبعد المزاج في شفق «2»
أدهشها سكرنا فإن يكن ال ... صمت حديثا فذاك عن فرق «3»
تغرق في أبحر المدام فيستن ... قذها شربنا من الغرق
ونحن باللهو بين مصطبح ... يمرح أمنا وبين مغتبق
فلو ترى راحتي وصبغتها ... من لونها في معصفر شرق «4»
لخلت أنّ الهواء لاطفني ... بالشمس في قطعة من الأفق
فاستحسنها سيف الدولة، وأعطاه إيّاه.
بدائع البدائه 2/26(7/110)
65 ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا
ذكر القاضي أبو علي التنوخي، في كتاب النشوار، قال:
أنشدني أبو القاسم عبيد الله بن محمد الصروي «1» ، لنفسه، بالأهواز «2» ، يقول:
إذا حمد الناس الزمان ذممته ... ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا
وزعم أنّه حاول أن يضيف إليه شيئا، فتعذّر عليه مدة طويلة، وضجر منه، وتركه مفردا.
وكان عندي أبو القاسم المصيصي المؤدّب، فسمع القول، فعمل في الحال، إجازة له، وأنشدها لنفسه:
وإن أوسعتني النائبات مكارها ... ثبتّ ولم أجزع وأوسعتها صبرا
إذا ليل خطب سدّ طرق مذاهبي ... لجأت إلى عزمي فأطلع لي فجرا
بدائع البدائه 1/106(7/111)
66 أبو الفرج الببغاء يصف بركة ملئت وردا
قال «1» : وكنت أنا وأبو الفرج الببغاء «2» ، نشاهد بركة ملئت، وجعل فوقها ورد، وبهار «3» ، وشقائق «4» ، حتى غطى أكثر الماء.
وحضر أبو علي الهائم «5» ، فسأل أبا الفرج أن يعمل في ذلك شيئا، فعمل بحضرتنا، وأنشد:
خجل الورد من جوار البهار ... فمشى باحمراره في اصفرار
وحكى الماء فيهما أحمر الياقو ... ت حسنا مرصّعا بنظار
جمعا بالكمال في بركة تم ... تع حسنا نواظر الحضار
أضرم الماء بالشقيق بها النا ... ر وعهدي بالماء ضد النار
فوجدنا أخلاق سيدنا الزهر ... ذكاء تربى على الأزهار
ظلت منه ومن نداماه للأن ... س نديم الشموس والأقمار
بدائع البدائه 2/23(7/112)
67 القاضي التنوخي يهدي إلى جحظة البرمكي طيلسانا
قال «1» : أهدى إليّ أبو القاسم التنوخي القاضي «2» ، رضي الله عنه، طيلسانا «3» فكتبت إليه:
قد أتى الطيلسان مستوعبا شك ... ري في حسن منظر ورواء
مثقلا عاتقي وإن كان في الخفّ ... ة واللطف في قياس الهواء
تسرح العين منه والقلب في الآ ... ل، وفي الماء، والسنا، والبهاء
يتلقّى حرّ الصدود ببرد ال ... وصل والصيف في طباع الشتاء
يخفق الدهر في النسيم كما يخ ... فق قلب الجبان في الهيجاء
كلّ جزء منه يمجّ إلى الأر ... واح روح المنى وبرد الوفاء
ليس فيه للنار والأرض حظّ ... هو من جوهري هواء وماء
زاد في همّتي ونفسي وتأ ... ميلي علوّا وزاد في كبريائي
فكأنّي إذا تبخترت فيه ... قد تطيلست نصف بدر السماء
التحف والهدايا 51(7/113)
68 من شعر السري الرفاء
وذكر «1» : أنّ السري الرفاء «2» ، دخل على أبي الحسن، باروخ بن عبد الله، صاحب ناصر الدولة بن حمدان «3» ، وبين يديه ستارة، تستر من يجلس برسم الغناء.
فأمره أن يصنع ما يكتب عليها، فصنع بديها:
تبيّن لي سبق الأمير إلى العلا ... وما زال سبّاقا إلى الفضل منعما
فصيّرني بين القيان إذا شدت ... وبين نداماه حجابا مكرّما
لأظهر من حسن الغناء محلّلا ... وأستر من حسن الوجوه محرّما «4»
بدائع البدائه 2/27(7/114)
69 الوزير المهلبي يمتدح غناء الرقية زوجة أبي علي الحسن بن هارون الكاتب
قال «1» : وحدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجّم «2» ، قال:
حدّثني أبي «3» : قال:
كنا في دعوة أبي علي. الحسن بن هارون الكاتب «4» ، وحضر فيها الوزير، أبو محمد، الحسن بن محمد المهلبي «5» ، وهو إذ ذاك، يخلف أبا جعفر الصيمري «6» على الأمر ببغداد.
فغنّت الرقّية، زوج أبي علي، صوتا من وراء الستارة، أحسنت فيه، فأخذ المهلبي الدواة، فكتب في الحال على البديهة، وأنشدنا لنفسه:
ذات غنى في الغناء من نغم ... تنفق في الصوت منه إسرافا
كأنّها فارس على فرس ... ينظر في الجري منه أعطافا
بدائع البدائه 2/94(7/115)
70 نصر الخبزأرزي، وحريق المربد
وروي «1» : أنّ نصر بن أحمد الخبزأرزي «2» ، دخل على أبي الحسين بن المثنّى «3» ، في أثر حريق المربد «4» .
فقال له أبو الحسين: يا أبا القاسم، ما قلت في حريق المربد؟
[قال: ما قلت شيئا.
فقال له: هل يحسن بك، وأنت شاعر البصرة، والمربد من أجلّ شوارعها، وسوقه من أجلّ أسواقها، ولا تقول فيه شيئا؟] «5» .
فقال: ما قلت، ولكني أنشدك ارتجالا:
أتتكم شهود الهوى تشهد ... فما تستطيعون أن تجحدوا
[فيا مربديّون ناشدتكم ... على أنني منكم مجهد] «6»(7/116)
جرى نفسي صعدا «1» بينكم ... فأحرق من ذلك المربد
وهاجت رياح حنيني لكم ... فظلّت بها ناره توقد
ولولا جرت أدمعي لم يكن ... حريقكم أبدا يخمد
بدائع البدائه 2/94(7/117)
71 بين ابن لنكك، وأبي رياش القيسي
قال «1» : وأخبرني من حضر مجلس أبي محمد المافروخي «2» ، عامل البصرة، وقد تناظرا في شيء من اللغة اختلفا فيه، فقال أبو رياش «3» ، كذا أخبرتني عمّتي، أو جدتي، في البادية، عن العرب، ووجدتها تتكلّم به.
فقال له أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر بن لنكك الشاعر «4» ، وكان حاضرا: اللغة لا تؤخذ عن البغيّات.
فأمسك خجلا.(7/118)
وكان أبو محمد المافروخي، قد ولاه الرسم على المراكب «1» بعبادان «2» بحار سابع «3» ، وأحسن إليه، واختاره عصبيّة منه للعلم والأدب، فقال ابن لنكك:
أبو رياش ولي الرسما ... فكيف لا يصفع أو يعمى
يا رب جدي دفّ في خضرة «4» ... ثمّ أتانا بقفا يدمى «5»
معجم الأدباء 1/77(7/119)
72 من نظم القاضي التنوخي
وأظرف ما يعرف في هذا المعنى، ما أنشده القاضي التنوخي، لنفسه:
لم أنس شمس الضحى تطالعني ... ونحن في روضة على فرق
وجفن عيني بمائة شرق «1» ... وقد بدت في معصفر شرق «2»
كأنّه دمعتي ووجنتها ... حين رمتنا العيون بالحدق
ثم تغطّت بكمّها خجلا ... كالشمس غابت في حمرة الشفق
معاهد التنصيص 113(7/120)
73 حسبنا الله ونعم الوكيل
وأنبئت عنه، وعن غيره، قالوا: أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب، عن شجاع بن فارس الذهلي، قال: أنبأنا أبو الحسين هلال بن المحسّن بن إبراهيم الصابي «1» إذنا، قال: حدّثني القاضي علي بن المحسن التنوخي، وأنبئت، عن أبي أحمد بن سكينة، عن محمد بن عبد الباقي البزاز، عن علي ابن المحسّن، قال: حدّثتني صفية بنت عبد الصمد، من خدم القادر «2» ، قالت:
كنت في دار الأمير أبي العباس أحمد، يعني القادر بالله، يوم كبست «3» ، بمن أنفذه الطائع لله «4» ، للقبض عليه، وقد جمع حريمه، في غداة هذا اليوم، وكنت معهم.
فقال لنا: رأيت في منامي، كأنّ رجلا يقرأ عليّ: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزادَهُمْ إِيماناً، وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
«5» ، وقد خفت أن يطلبني طالب، أو يحدث عليّ حادث.(7/121)
وهو في حديثه، إذ شاهد أبا الحسن بن حاجب النعمان «1» ، قد تقدّم إلى درجة داره، فقال: إنّا لله، هذا حضور مريب، بعقب هذا المنام.
وصعد، ومعه أبو القاسم بن تمام، والعباسيّ الحاجب، وتبادرنا إلى وراء الأبواب، فلما رأينا أبا الحسن، قد علق بكمّه، خرجنا إليه، وأخذناه من يده، ومنعناه منه.
قال هلال: وانحدر متخفّيا إلى البطيحة «2» ، فأقام بها، عند مهذّب الدولة «3» إلى أن عقدت له الخلافة «4» ، وأصعد.
فجعل علامته: حسبنا الله ونعم الوكيل.
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/122)
74 أبو دهبل خرج للغز وفتزوج وأقام
أنبئت عن القاضي الأشرف، قال: أنبأنا أبو محمد الشهرستاني، وهو إسماعيل بن إبراهيم الصوفي، قال: أنبأنا أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، قال: أنبأنا والدي ثابت، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله.
وكتب إليّ من بغداد، الشيخ كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف البغدادي، عن أبي أحمد الأميني.
وأجاز لي أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، وغيره، عن المؤيد ابن محمد الطوسي.
وأنبئت عن جماعة غيره، عن أبي بكر بن أبي طاهر الأنصاري، عن أبي القاسم علي بن المحسّن، قال: حدّثنا أبو بكر محمد «1» ، قال: أنبأنا والدي عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق المازني، قال: أنبأنا مصعب بن عبد الله «2» ، قال: حدّثنا أبو قثم بن أبي عبد الله، قال:
خرج أبو دهبل «3» يريد الغزو، وكان رجلا جميلا، صالحا، فلما كان بجيرون «4» جاءته امرأة، فأعطته كتابا، فقالت: اقرأ لي هذا الكتاب.(7/123)
فقرأه لها.
ثم ذهبت، فدخلت قصرا، ثم خرجت إليه، فقالت: لو بلغت إلى هذا القصر، فقرأت هذا الكتاب على امرأة فيه، كان لك فيه أجر- إن شاء الله- فإنه من غائب لها يعنيها أمره.
فبلغ معها القصر، فلما دخل، إذا فيه جوار كثيرة، فأغلقت عليه باب القصر، وإذا امرأة جميلة، فدعته إلى نفسها، فأبى، فأمرت به، فحبس في بيت من القصر، وأطعم، وسقي، مكبّلا، حتى ضعف، وكاد يموت.
ثم دعته إلى نفسها، فقال: أمّا حراما فلا يكون ذلك أبدا، ولكن أتزوّجك.
قالت: نعم.
فأمرت به، فأحسن إليه، حتى رجعت إليه نفسه، فأقام معها زمانا طويلا، لا تدعه يخرج من القصر، حتى أيس منه أهله وولده، وتزوّج بنوه وبناته، واقتسموا ماله، وأقامت زوجته تبكي عليه، ولم تقاسمهم ماله.
ثم إنّه قال لامرأته: إنّك قد أثمت فيّ، وفي أهلي وولدي، فأذني لي، أن أطلعهم، وأعود إليك.
فأخذت عليه أيمانا، لا يقيم إلّا سنة، حتى يعود إليها، وأعطته مالا كثيرا.
فخرج من عندها بذلك المال، حتى قدم على أهله، فرأى زوجته، وما صارت إليه من الحزن، وما صار إليه ولده.
وجاءه ولده، فقال: ما بيني وبينكم عمل، أنتم ورثتموني، فهو حظّكم، والله، لا يشرك زوجتي فيما قدمت به أحد.
وقال لزوجته: شأنك بهذا المال، فهو لك كله، وقال في الشامية:(7/124)
صاح حيّا الإله حيّا ودورا ... عند أصل القناة من جيرون
عن يساري إذا دخلت من البا ... ب وإن كنت خارجا عن يميني
وذكر أبياتا منها:
ثم فارقتها على خير ما كا ... ن قرين مفارقا لقرين
فبكت خشية التفرّق للب ... ين بكاء الحزين نحو الحزين
قال: فلما جاء الأجل، وأراد الخروج إليها، جاءه خبر موتها، فأقام «1» .
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/125)
75 مائدة الوزير حامد بن العباس
أنبئت عن أبي أحمد بن منصور، وغيره، كلهم عن محمد بن أبي طاهر البزاز «1» ، أنّ علي بن المحسّن التنوخي، أخبره، عن أبيه، قال:
حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم «2» :
أنّ حامدا «3» كان يقدّم على موائده، في كل يوم، بعدد من يحضر الموائد، لكل واحد، جديا»
، يوضع بين يديه، لا يشاركه فيه أحد، يأكل منه ما يأكل، فيرفع الباقي، فيفرّق على الغلمان.
قال: فحضر المائدة، يوما، رجل، لم يكن شاهد أمر الجدي، قبل ذلك، فهاله.
فقال له: أيها الوزير، قد أحدثت في الطعام، من الكرم، كل شيء حسن، وأحسنه، أمر هذا الجدي، وهو شيء لم تسبق إليه، فكيف وقع لك؟
فقال: نعم، كنت في دعوة مرّة، قبل علوّ حالي، فقدّم على المائدة جدي، وكان في فمي لقمة أنا مشغول بأكلها.(7/126)
فلمحت موضعا من الجدي استطبته، وعملت على أن أمد يدي إليه، فآخذه.
فإلى أن يفرغ فمي، سبقني بعض الحاضرين، فأخذ الموضع، فأكله، فورد عليّ من ذلك، مشقة شديدة، بحيث نغّص عليّ طعامي.
فاعتقدت في الحال، إن الله وسّع عليّ، ومكّنني، أن أجعل على مائدتي، جديا، بعدد الحاضرين، لئلّا يتّفق عليهم، مثل هذا الفعل.
فلما تمكّنت من اتساع الحال، فعلته «1» .
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/127)
76 «نبت» جارية مهران المخنث
وأنبئت عن المؤيد الطوسي وغيره، عن محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، عن علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني «2» ، قال:
أخبرني جعفر بن قدامة «3» ، قال: حدّثني أحمد بن أبي طاهر «4» ، قال:
دخلت يوما على «نبت» جارية مهران المخنّث، وكانت حسنة الوجه والغناء، فقلت لها: قد قلت مصراعا، فأجيزيه.
فقالت: قل.
فقلت:
يا نبت حسنك يغشي بهجة القمر
فقالت:
قد كاد حسنك أن يبتزّني بصري
فتوقّفت أفكّر، فسبقتني، فقالت:
وطيب نشرك مثل المسك قد نسمت ... ريّا الرياض عليه في دجى السحر
فزاد فكري، وبادرتني، فقالت:(7/128)
فهل لنا فيك حظّ من مواصلة ... أو لا، فإنّي راض منك بالنظر
فقمت عنها خجلا.
ثم عرضت بعد ذلك على المعتمد «1» ، فاشتراها بثلاثين ألف درهم.
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/129)
77 بين الوليد بن يزيد ودحمان المغني
وعن ابن عساكر قال: قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين.
وأنبئت عن جماعة، منهم أبو اليمن، وعبد الوهاب بن علي، وابن الحرستاني، عن محمد بن عبد الباقي «1» ، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني «2» ، قال: أخبرني محمد بن خلف وكيع «3» ، قال: حدّثني أبو أيوب المديني، عن أبي محمد العامري، قال:
كان دحمان «4» ، جمّالا، يكري إلى المواضع، ويتّجر، فبينا هو ذات يوم، قد أكرى جماله، وأحرز ماله، إذ سمع رنّة «5» ، فقام، واتّبع الصوت، فإذا جارية، قد خرجت تبكي.
فقال لها: أمملوكة أنت؟
قالت: نعم.
قال: لمن؟
قالت: لامرأة من قريش، ونسبتها له.(7/130)
فقال لها: أتبيعك؟
قالت: نعم.
ودخلت على مولاتها، فقالت: هذا إنسان يشتريني.
فقالت: ائذني له.
فدخل، فساومها بها، حتى استقر الأمر بينهما على مائتي دينار، فاشتراها، ونقدها الثمن، وانصرف بالجارية.
قال دحمان: فأقامت عندي مدة، أطرح عليها، ويطارحها معبد، ونظراؤه من المغنّين.
ثم خرجت بعد ذلك إلى الشام، وقد حذقت، فكنت لا أزال، أنزل ناحية وأعتزل بالجارية، وتتغنّى، حتى نرحل.
فلم نزل كذلك، حتى قربنا من الشام.
فبينا أنا ذات يوم، نازل، وأنا ألقي عليها لحني:
وإنّي لآتي البيت ما ان أحبّه ... وأكثر هجر البيت وهو حبيب
وأغضي على أشياء منكم تسوءني ... وأدعى إلى ما سرّكم فأجيب
قال: فلم أزل أردّده عليها، حتى أخذته، واندفعت تغنّيه. فإذا أنا براكب قد طلع علينا، فسلّم علينا، فرددنا عليه السلام.
فقال لنا: أتأذنون لي أن أنزل، تحت ظلكم هذا ساعة؟
قلنا: نعم.
فنزل، وعرضت عليه الطعام، فأجاب، فقدّمت إليه السفرة، فأكل، واستعاد الصوت مرارا.
ثم قال للجارية: أتروين لدحمان، شيئا من غنائه؟
قالت: نعم.(7/131)
قال: فغنيني صوتا.
فغنّته أصواتا من صنعتي، وغمزتها، أن لا تعرّفيه أنّي دحمان، فطرب، وامتلأ سرورا، والجارية تغنيه، حتى قرب وقت الرحيل.
فأقبل عليّ، وقال: أتبيعني هذه الجارية؟
قلت: نعم.
قال: بكم؟
قلت كالعابث: بعشرة آلاف دينار.
قال: قد أخذتها، فهلمّ دواة وقرطاسا، فجئته بذلك، فكتب فيه:
ادفع إلى حامل هذا الكتاب، ساعة تقرأه، عشرة آلاف دينار، وتسلّم الجارية منه، واستعلم مكانه، وعرّفنيه، واستوص به خيرا.
وختم الكتاب، ودفعه إليّ، وقال: إذا دخلت المدينة، فسل عن فلان، واقبض منه المال، وسلّم إليه الجارية، ثم ركب، وتركني.
فلما أصبحنا رحلنا، ودخلنا المدينة، فحططت رحلي، وقلت للجارية:
البسي ثيابك، وقومي معي، وأنا- والله- لا أطمع في ذلك، ولا أظنّ الرجل إلّا عابثا.
فقامت معي، فخرجت بها، وسألت عن الرجل، فدللت عليه، فإذا هو وكيل الوليد بن يزيد، فأتيته، فأوصلت إليه الكتاب.
فلما قرأه، وثب قائما، وقبّله، ووضعه على عينيه، وقال: السمع والطاعة لأمير المؤمنين، ودعى بعشرة آلاف دينار، فسلّمت إليّ، وأنا لا أصدّق أنها لي.
وقال لي: أقم، حتى أعلم أمير المؤمنين خبرك.
فقلت: حيث كنت، أنا ضيفك، وقد كان أمره لي بمنزل، وكان بخيلا.(7/132)
قال: وخرجت، فصادفت كراء، فقضيت حوائجي، في يومي وغدي، ورحلت رفقتي، ورحلت معهم.
وذكرني صاحبي بعد أيام، فسأل عنّي، وأمر بطلبي، فعرف أنّ الرفقة قد ارتحلوا، وأنني قد ارتحلت معهم، فأمسك، فلم يذكرني إلا بعد شهر، قال لها وقد غنته صوتا من صنعتي، لمن هذا؟
قالت: لدحمان.
قال: وددت والله، أنّي قد رأيته وسمعت غناءه.
قالت: فقد والله، رأيته، وسمعت غناءه.
قال: لا والله، ما رأيته ولا سمعته.
فقالت له: والله، قد رأيته وسمعت غناءه.
فغضب، وقال لها: أنا أحلف، وأنت تعارضيني، وتكذّبيني؟
قالت: إنّ الرجل الذي اشتريتني منه، دحمان.
قال: ويحك، هلّا أعلمتني.
قالت: إنّه نهاني عن ذلك.
قال: وإنّه لهو، أما والله، لأجشّمنه السفر.
ثم كتب إلى عامل المدينة، بحمله إليه، فحمله إليه، فلم يزل أثيرا عنده «1» .
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/133)
78 من شعر إسحق الموصلي
وأنبئت عن أبي اليمن الكندي، وابن طبرزد، وأبي أحمد بن سكينة، وغيرهم، عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، قال:
أنبأنا أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حمدان، قال:
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين الخالع «1» ، قال: أنبأنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني «2» .
وأنبأني أبو الفرج بن وريدة، عن أبي أحمد بن سكينة، وغيره، وأبو الفضل بن عساكر، وغيره، عن المؤيد بن محمد الطوسي.
وأنبئت عن أبي اليمن الكندي وغيره، كلهم عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري «3» ، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني، قال: انبأنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: أنشدنا حماد بن إسحاق «5» ، قال:(7/134)
أنشدني أبي، يعني إسحاق بن إبراهيم بن ميمون الموصلي:
يبقى الثناء وتذهب الأموال ... ولكلّ دهر دولة ورجال
ما نال محمدة الرجال وشكرهم ... إلّا الجواد بمساله المفضال
لا ترض من رجل طلاقة قوله ... حتى يصّدق ما يقول فعال
فإذا وزنت مقاله بفعاله ... فتوازنا فإخاء ذاك جمال «1»
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/135)
79 وإنك لتعلم ما نريد
حدّثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، قال: حدّثنا أبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري، قال: حدّثنا أبو بكر الخطيب «1» .
وبالإسناد المتقدم إلى الخطيب، قال: حدّثنا علي بن أبي علي «2» ، قال:
حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل «3» ، قال: أنبأنا أبو بكر بن الأنباري «4» ، قال: قال مصعب الزبيري «5» :
خرج سالم بن عبد الله «6» متنزها إلى ناحية من نواحي المدينة، مع حرمه، وجواريه، وبلغ أشعب «7» الخبر، فوافى الموضع الذي يلمّ به، يريد التطفيل «8» ، فلما دقّ الباب، وجده مغلقا، فتسوّر الحائط.(7/136)
فقال له سالم: ويلك يا أشعب، معي بناتي، وحرمي.
فقال: (لَقَدْ عَلِمْتَ، ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)
«1» .
فوجه إليه سالم من الطعام، ما أكل، وحمل إلى منزله «2» .
نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/137)
80 الوارش والواغل
أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن بكير التميمي «3» ، قال: أخبرنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة «4» ، قال:
يقال للداخل على القوم، وهم يطعمون، ولم يدع: الوارش «5» .
وللداخل على القوم وهم يشربون: الواغل «6» .
التطفيل، للخطيب البغدادي 9(7/138)
81 الضيف والضيفن
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: أخبرنا ابن بكير «3» ، قال: أخبرنا ابن قتيبة «4» ، قال:
الضيفن: الذي يجيء مع الضيف، ولم يدع «5» .
التطفيل، للخطيب البغدادي 12(7/139)
82 لابن الزمكدم في أبي الفضائل
أنشدني علي بن المحسّن القاضي، لأبي علي سليمان بن الفتح الموصلي، المعروف بابن الزمكدم، يهجو أبا إسحاق بن حجر الأنطاكي، الملقب أبا الفضائل، ويرميه بالتطفيل:
مطفّل أطفل من ذباب ... على طعام وعلى شراب
لقّب طنزا أشرف الألقاب ... أدور بالموصل من دولاب
يمرّ مرّ الريح والسحاب ... ينزل تطفيلا بباب باب
نزول شيب لاح في شباب ... يدخل بالحيلة في الأنقاب
مكابرا ينساب كالحباب ... لا يفرق الردّ من البوّاب
وإن له أغلظ في الخطاب ... له انقضاض سورة العقاب
على القلايا «1» وعلى الجوذاب ... يحمل حملات أبي تراب
في يوم صفّين وفي الأحزاب ... بالجدي منه أثر الذئاب
يمغثه «2» مغثة ليث الغاب ... بكفه وظفره والناب
فعامر الميدة «3» في خراب ... وصاحب المنزل في عذاب
لسوء ما يأتي من الآداب(7/140)
قال علي بن المحسّن: وقال فيه يهجوه:
طفيليّ على فرس يدور ... يقدّر عند من غلت القدور
بأوقات، الموائد حين يؤتى ... بها للأكل علّام خبير
له في الغيب اصطرلاب وحي «1» ... بمائدة- إذا وضعت- نذير
فبطليموس في تحديد وقت ... إليه- بغير ما غلط- يشير
كأنّ على الموائد منه ليثا ... على خيوانها حنقا يزير
فربّ الدار منه في حصار ... ومن فيها بخدمته ضجور
يكنّى بالفضائل وهو نقص ... على طنز بلحيته صبور «2»
التطفيل، للخطيب البغدادي 27 و 28(7/141)
83 لأبي الحارث الموصلي في طاهر الهاشمي
أنشدني علي بن أبي علي البصري، عن أبيه، لأبي الحارث الموصلي، في طاهر الهاشمي، يهجوه بالتطفيل:
عمرو العلا ساد الورى ... بالجود والفعل الحميد
هشم الثريد لقومه ... والناس في ضرّ شديد
وهشمت أنت وجوه أه ... ل الأرض في طلب الثريد
فلو انّ قوما يشتوو ... ن اللحم في جبلي زرود «1»
لطرقتهم بضيائهم ... في نارهم ذات الوقود
وإذا سمعت بثردة ... ألفيت منها بالوصيد «2»
التطفيل للخطيب البغدادي 29(7/142)
84 وصف طفيلي
وأنشدني علي بن أبي علي «1» ، أيضا، عن أبيه، لغيره:
أطفل من ليل على نهار ... كأنّه في الدار رب الدار
التطفيل، للخطيب البغدادي 30(7/143)
85 لشاعر بصري في طفيلي
أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال:
وجدت في كتاب جدي القاضي أبي القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم «1» ، حدّثنا حرمي بن أبي العلاء «2» ، قال: أنشدني إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «3» لبعض البصريين، في طفيلى:
يمشي إلى الدعوة مستذفرا «4» ... مشي أبي الحارث «5» ليث العرين
لم تر عيني آكلا مثله ... يأكل باليسرى معا واليمين
تجول في القصعة «6» أطرافه ... لعب أخي الشطرنج بالشاهبين «7»
التطفيل، للخطيب البغدادي 31(7/144)
86 ليت الليل كان سرمدا
أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدي «1» ، حدّثنا حرمي بن أبي العلاء «2» ، قال: حدّثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «3» ، قال: حدّثني القحذمي «4» ، قال:
كان رقبة يقعد في المسجد، فإذا أمسى، بعث جلساؤه من جيران المسجد، فيأتي كل رجل منهم، من منزله، بطرفة «5» ، فيأكل، ثم يقول: ليت الليل كان سرمدا «6» ، إلى يوم القيامة «7» .
التطفيل، للخطيب البغدادي 37(7/145)
87 لأبي الحسن الأسدي
أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن محمد المقري، قال: أخبرنا المظفر بن يحيى»
، قال: أنشدني أبو الحسن الأسدي لنفسه:
كنت يا سيدي على التطفيل ... أمس لولا مخافة التثقيل
وتذكرت دهشة القارع البا ... ب إذا ما أتى بغير رسول
وتخوّفت أن أكون على القو ... م ثقيلا فقدت كل ثقيل
لو تراني وقد وقفت أروّي ... في دخول إليك أو في حلول
لرأيت العذراء حين تحايا ... وهي من شهوة على التعجيل «3»
التطفيل، للخطيب البغدادي 46(7/146)
88 وصية طفيلي
حدّثنا علي بن أبي علي البصري «1» ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «2» ، قال:
كان طفيل العرائس «3» الذي ينسب إليه الطفيليون، يوصي ابنه عبد الحميد ابن طفيل، في علّته، فيقول:
إذا دخلت عرسا، فلا تتلفّت تلفّت المريب، وتخيّر المجالس، فإن كان العرس كثير الزحام، فمر، وانه، ولا تنظر في عيون أهل المرأة، ولا في عيون أهل الرجل، ليظنّ هؤلاء أنّك من هؤلاء، ويظنّ هؤلاء أنّك(7/147)
من هؤلاء. فإن كان البواب غليظا وقاحا، فابدأ به، ومره، وانهه، من غير أن تعنّفه، وعليك بكلام بين النصيحة والإدلال:
لا تجزعنّ من القري ... ب ولا من الرجل البعيد
وادخل كأنّك طابخ ... بيديك مغرفة الثريد
متدلّيا فوق الطعام ... تدلّي البازي الصيود
لتلفّ ما فوق الموا ... ئد كلها لفّ الفهود
واطرح حياءك إنما ... وجه المطفّل من حديد
لا تلتفت نحو البقو ... ل ولا إلى غرف الثريد
حتى إذا جاء الطعا ... م ضربت فيه بالشديد
وعليك بالفالوذجا ... ت فإنها عين القصيد
هذا إذا حرّرتهم ... ودعوتهم هل من مزيد
والعرس لا يخلو من ال ... لموزينج الرطب العتيد
فإذا أتيت به محو ... ت محاسن الجام الجديد
ثم أغمي عليه ساعة، عند ذكر اللوزينج «1» ، فلما أفاق رفع رأسه، وقال:
وتنقّلنّ على الموائ ... د فعل شيطان مريد
وإذا انتقلت عبثت بال ... كعك المجفّف والقديد(7/148)
يا ربّ أنت رزقتني ... هذا على رغم الحسود
واعلم بأنّك إن قبل ... ت نعمت يا عبد الحميد «1»
التطفيل، للخطيب البغدادي 68(7/149)
89 طفيلي يصف نفسه
أنشدني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، لطفيلي:
إنّ شكري لمنّة التطفيل ... وأياديه منذ دهر طويل
كم تراني قد نلت من لذّة العي ... ش بأسبابه وحظّ جزيل
وتمتّعت من طعام لذيذ ... وسماع فيه شفاء الغليل
فإذا ما عرفت مجتمع الإخ ... وان في بيت صاحب أو خليل
كان إتيانه صوابا على الأن ... س ولم أجتنب كفعل الثقيل
وجعلت السعي السبيل إلى ذا ... ك ولم أنتظر مجيء الرسول
فأبن لي أين اجتماعكم اليو ... م إلى ذي سماحة أو بخيل؟
فلعلّي أكون لا أعرف الدا ... ر فأحتال في حضور الدليل «1»
التطفيل، للخطيب البغدادي 74(7/150)
90 بنان الطفيلي يحفظ آية واحدة وبيتا واحدا من الشعر
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز البرذعي «1» وعلي بن أبي علي البصري «2» ، قالوا: أخبرنا محمد بن عبيد الله بن شخير الصيرفي «3» ، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن علي المقرىء «4» ، قال:
سأل أبي بنانا «5» ، وأنا أسمع: أتحفظ من كتاب الله شيئا؟(7/151)
قال: نعم، آية واحدة.
قال: ما هي؟
قال: قال موسى لفتاه آتنا غداءنا «1» .
قال له: أتحفظ من الشعر شيئا؟
قال: نعم، بيتا واحدا.
قال: ما هو؟
قال:
نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم ... إنّ المحب إذا ما لم يزر زارا «2»
التطفيل، للخطيب البغدادي 77(7/152)
91 الأكل مع الإخوان لا يضر
أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى، وعبيد الله بن عبد العزيز، وعلي بن أبي علي، قالوا: حدّثنا محمد بن عبيد الله بن الشخير، قال حدّثنا حمد بن الحسن بن علي المقرئ، قال: سمعت بنانا «1» يقول: حدّثني عباس(7/153)
الدوري، قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: الأكل مع الإخوان لا يضرّ.
التطفيل، للخطيب البغدادي 80(7/154)
92 نسخة عهد في التطفيل
حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي، قال:
كان في نقباء الأمير بختيار، المعروف بعز الدولة «1» ، رجل يسمى عليكا، وكان كثير التطفيل على جميع أهل العسكر من الحجّاب، والقواد، والكتاب، ووجوه الخاصة، والغلمان.
وشاع له ذلك عند بختيار، فرسم له أن يستخلف على التطفيل خليفة.
وتقدم إلى أبي إسحاق، إبراهيم بن هلال الصابي، الكاتب «2» ، أن يكتب بذلك عهدا، لابن عرس الموصلي، عن عليكا، وأن يجعله خليفته على التطفيل.
فكتب له على طريق الهزل، عهدا، قرأه أبو إسحاق علينا، فكانت نسخته:
هذا ما عهد علي بن أحمد، المعروف بعليكا، إلى علي بن عرس الموصلي، حين استخلفه على إحياء سنته، واستنابه في حفظ رسومه من التطفيل، على أهل مدينة السلام، وما يتصل بها من أكنافها، ويجري معها من سوادها وأطرافها، لما توسّمه فيه، من قلّة الحياء، وشدّة اللقاء، وكثرة اللقم، وجودة الهضم، ورآه أهلا له من سدّه مكانه في هذه الرفاهية المهملة التي فطن لها، والرفاعية المطرحة التي اهتدى إليها، والنعم العائدة على لابسيها، بملاذ الطعوم، ومناعم الجسوم، متورّدا على من اتسعت موادّ ماله، وتفرّعت(7/155)
شعب حاله، وأقدره الله على غرائب المأكولات، وأظفره ببدائع الطيّبات، آخذا من كل ذلك بنصيب الشريك المناصف، وضاربا فيه بسهم الخليط المفاوض، ومستعملا للمدخل اللطيف عليه، والمتولّج العجيب إليه، والأسباب التي ستشرح في مواضعها من هذا الكتاب، وتستوفى الدلالة على ما فيها من رشاد وصواب، وبالله التوفيق، وعليه التعويل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أمره بتقوى الله التي هي الجانب العزيز، والحرز الحريز، والركن المنيع، والطود الرفيع، والعصمة الكالئة، والجنّة الواقية، والزاد النافع، يوم المعاد، حين لا ينفع إلّا مثله من الأزواد، وأن يستشعر خيفته، في سرّه وجهره، ومراقبته في قوله وفعله، ويجعل رضاه مطلبه، وثوابه ملبسه، والقرب منه أربه، والزلفى لديه غرضه، ولا يخالفه في مسعاة قدم، ولا يتعرض عنده لعاقبة ندم.
وأمره بأن يتأمّل اسم التطفيل ومعناه، ويعرف مغزاه ومنحاه، ويتصفّحه تصفّح الباحث عن حظّه بمجهوده، غير القائل فيه بتسليمه وتقليده، فإنّ.
كثيرا من الناس قد استقبحه ممّن فعله، وكرهه لمن استعمله، ونسبه فيه إلى الشره والنهم، فمنهم من غلط في استدلاله، فأساء في مقاله، ومنهم من شحّ على ماله، فدافع عنه باحتياله، وكلا الفريقين مذموم، لا يتعرّيان من لباس فاضح، ومنهم الطائفة التي لا ترى شركة العنان، فهي تبذله إذا كان لها، وتتدلّى عليه إذا كان لغيرها، وترى أنّ المنّة من المطعم، للهاجم الآكل، وفي المشرب، للوارد الواغل، وهي أحقّ بالحرية، وأخلق بالخيرية، وأحرى بالمروءة، وأولى بالفتوّة.
وقد عرفت بالتطفيل، ولا عار فيه، عند ذوي التحصيل، لأنه مشتقّ من الطّفل، وهو وقت المساء، وأوان العشاء، وإن كثر استعماله في صدر(7/156)
النهار وعجزه، وأوّله وآخره، كما قيل للشمس والقمر، القمران، وأحدهما القمر، ولأبي بكر وعمر، العمران، وأحدهما عمر.
وأمره أن يتعهّد موائد الكبراء والعظماء بقراياه، وسمط الأمراء والوزراء بسراياه، فإنّه يظفر منها بالغنيمة الباردة، ويصل عليها إلى الغريبة النادرة، وإذا استقرأها، وجد فيها من طرائف الألوان، الملذّة للسان، بدائع الطعوم، السائغة في الحلقوم، ما لا يجد عند غيرهم، ولا يناله إلّا لديهم.
وأمره أن يتتبّع ما يعرض لموسري التجار، ومجهّزي الأمصار، من وكيرة «1» الدار، والعرس والأعذار «2» ، فإنّهم يوسّعون على أنفسهم في النوائب، بحسب تضييقهم عليها في الراتب.
وأمره أن يصادق قهارمة الدور ومدبّريها، ويرافق وكلاء المطابخ وحمّاليها، فإنهم يملكون من أصحابهم، أزمّة مطاعمهم، ومشاربهم، ويضعونها بحيث يحبّون من أهل مودّاتهم، ومعارفهم، وإذا عدّت هذه الطائفة أحدا من الناس من خلّانها، واتخذته أخا من إخوانها، سعد بمرافقتها، وحظي بمصادقتها، ووصل إلى محابّه من جهاتها، ومآربه في جنباتها.
وأمره أن يتعهّد أسواق المتسوّقين، ومواسم المتبايعين، فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها، وأطعمة قد احتشد مشتريها، اتّبعها إلى المقصد بها، وشيّعها إلى المنازل الحاوية لها، واستعلم ميقات الدعوة، ومن يحضرها من أهل اليسار والمروءة، فإنّهم لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه، ويكمن له ويصحبه، ويدخل معه، وإن خلا من ذلك، اختلط بزمر الداخلين، فما هو إلّا أن يتجاوز عتب الأبواب، ويخرج من سلطان البوابين والحجّاب،(7/157)
حتى يحصل محصلا، قلّما حصله أحد قبله فانصرف عنه، إلّا ضلعا «1» من الطعام، نزيفا «2» من المدام.
وأمره أن ينصب الأرصاد، على منازل المغنّيات والمغنّين، ومواطن الإبليات «3» والمخنّثين «4» ، فإذا أتاه خبر لمجمع يضمّهم، أو مأدبة تعمّهم، ضرب إليها أعقاب إبله، وانضى حولها مطايا خيله، وحمل عليها حملة الحوت الملتقم، والثعبان الملتهم، والليث الهاجر، والعقاب الكاسر.
وأمره أن يتجنّب مجامع العوام المقلّين، ومحافل الرعاع المقترين، وأن لا ينقل إليها قدما، ولا يفضّ لمأكلها فما، ولا يلقي في عتب دورها كيسانا «5» ، ولا يعدّ الرجل منها إنسانا، فإنها عصابة تجتمع لها ضيق النفوس والأحوال، وقلّة الأحلام والأموال، وفي التطفيل عليها إجحاف بها يؤثم، وإرزاء بمروءة المطفّل، والتجنّب لها أجدى، والازورار عنها أرجى.
وأمره أن يحزر الخوان إذا وضع، والطعام إذا نقل، حتى يعرف بالحدس والتقريب، والبحث والتنقيب، عدد الألوان، في الكثرة والقلّة، وافتنانها في الطيب واللذّة، فيقدّر لنفسه أن يشبع مع آخرها، وينتهي عند انتهائها، ولا يفوته النصيب من كثيرها وقليلها، ولا يخطئه الحظّ من دقيقها وجليلها.(7/158)
ومتى أحسّ بقلّة الطعام، وعجزه عن الإقدام، أمعن في أوّله، إمعان لكيّس في سعيه، الرشيد في أمره، المالىء لبطنه، من كل حارّ وبارد.
فإذا فعل ذلك، سلم من عواقب الأغمار، الذين يكفّون تظرّفا، ويقلّون تأدبا، ويظنون أنّ المادة تبلغهم إلى آخر أمرهم، وتنتهي بهم إلى غاية شبعهم، فلا يلبثون أن يخجلوا خجلة الوامق، وينقلبوا بحسرة الخائب، أعاذنا الله من مثل مقامهم، وعصمنا من شقاء جدودهم.
وأمره أن يروض نفسه، ويغالط حسّه، ويضرب عن كثير مما يلحقه صفحا، ويطوي دونه كشحا، ويستحسن الصمم عن الفحشاء، ويغمض عن اللفظة الخشناء، وإن أتته اللكزة في حلقه، صبر عليها في الوصول إلى حقه، وإن وقعت به الصفعة في راسه، أغضى عنها لمراتع أضراسه، وإن لقيه ملاق بالجفاء، قابله باللطف والصفاء، إذ كان إذا ولج الأبواب، وخالط الأسباب، وجلس مع الحضور، وامتزج بالجمهور، فلا بدّ أن يلقاه المنكر لأمره، ويمرّ به المستغرب لوجهه، فإن كان حرّا حييّا، أمسك وتذمّم، وإن كان فظّا غليظا، همهم وتكلّم، وأن يجتنب عند ذلك المخاشنة، ويستعمل مع المخاطب له الملاينة، ليردّ غيظه، ويفلّ حدّه، ويكف غربه، ثم إذا طال المدى تكررت الألحاظ عليه فعرف، وأنست النفوس به فألف، ونال في الحال المجتمع عليها، منال من جشم وسيل «1» العنا إليها.
ولقد بلغنا أنّ رجلا من هذه العصابة، كان ذا فهم ودراية، وعقل وحصافة، طفل على وليمة رجل ذي حال عظيمة، فرمقته فيها من القوم العيون، وتصرّفت بهم فيه الظنون، فقال له قائل منهم. من تكون أعزّك الله؟(7/159)
فقال: أنا أوّل من دعي إلى هذا الحق.
قيل: وكيف ذاك؟ ونحن لا نعرفك.
فقال: إذا رأيت صاحب الدار، عرفني، وعرفته بنفسي.
فجيء به، فلما رآه بدأه بالسلام، بأن قال له: هل قلت- أيّدك الله- لطباخك، أن يصنع طعامك، زائدا على عدد الحاضرين، ومقدار حاجة المدعوين؟
فقال: نعم.
فقال: فإن تلك الزيادة لي، ولأمثالي، وبها تستظهر، لمن جرى مجراي، وهي رزق أنزله الله على يدك، وسبّبه من جهتك.
فقال: مرحبا بك، وأهلا، وقربا، والله، لا جلست إلّا مع علية الناس، ووجوه الجلساء، إذ قد ظرفت في قولك، وتفنّنت في فعلك.
فليكن ذلك الرجل، لنا إماما نقتدي به، وحاذيا نحذو على مثاله، إن شاء الله.
وأمره أن يكثر من تعاهد الجوارشنات «1» المنفذة للسدة «2» ، المقوية للمعدة، المشهيّة للطعام، المسهّلة لسبيل الانهضام، فإنها عماد أمره وقوامه، وبها انتظامه والتئامه، لأنها تعين على عمل الدعوتين، وتنهض في اليوم الواحد بالأكلتين، وهو في تناولها، كالكاتب الذي يقطّ أقلامه، والجندي الذي يصقل حسامه، والصانع الذي يجدد آلاته، والماهر الذي يصلح أدواته.(7/160)
هذا عهد علي بن أحمد، المعروف بعليكا، إليك، وحجته عليك، لم يألك في ذلك إرشادا وتوقيفا، وتهذيبا وتثقيفا، ونعتا وتبصيرا، وحثّا وتذكيرا، فكن بأوامره مؤتمرا، وبزواجره مزدجرا، ولرسومه متّبعا، وبحفظها مضطلعا إن شاء الله «1» .
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
التطفيل، للخطيب البغدادي 99(7/161)
93 لا تتركن الدهر يظلمني
قال أبو علي «1» :
حضرت أبا محمد»
في وزارته، وقد دفع إليه شاعر، رقعة صغيرة، فقرأها وضحك، وأمر له بألف درهم.
وطرح الرقعة، فقرأتها، وإذا فيها:
يا من إليه النفع والضرّ ... قد مسّ حال عبيدك الضرّ
لا تتركنّ الدهر يظلمني ... ما دام يقبل قولك الدهر
معجم الأدباء 13/196(7/162)
94 مصادرة من أعظم المصادرات
قال التنوخي:
من أعظم المصادرات، مصادرة معز الدولة «1» لأبي علي الحسن بن محمد الطبري «2» ، صادره على خمسمائة ألف دينار.
فلما مات الصيمري «3» طمع في الوزارة، وبذل فيها مالا عظيما، قدّم منه أوّل نوبة ثلاثمائة ألف دينار «4» ، فلما ثبت عليه خروجها، أخذها منه، وقلّد المهلّبي «5» .
تجارب الأمم 2/123(7/163)
95 معز الدولة ينفذ وزيره المهلبي إلى عمان
وروي أيضا عن التنوخي، قال: قال المهلّبي «1» :
لما عزم معزّ الدولة «2» ، على إنفاذي إلى عمان، طرقني أمر عظيم، فبتّ ليلة، ما بتّ في عمري مثلها، لا في فقري، ولا في صغر حالي.
وما زلت أطلب شيئا أتسلّى به عمّا دهمني، فلم أجد.
إلّا أنّي ذكرت، أنّي حصلت أيام صباي بسيراف «3» ، لما خرجت إليها هاربا، فعرفت هناك قوما، أولوني جميلا، وحصلت لهم عليّ أياد، ففكّرت، وقلت: لعليّ إذا قصدت تلك البلدان، أجدهم، أو بعضهم، أو أعقابهم، فأكافيهم على تلك الأيادي.
فلما ذكرت هذا تسليت عن المصيبة بالخروج، وسهل عليّ، ووطنت نفسي عليه «4» .
تجارب الأمم 2/198(7/164)
96 أتتك بحائن رجلاه
حدّث أبو علي، المحسّن بن علي التنوخي، في نشوار المحاضرة، قال:
حدّثني أبو القاسم الجهني «1» ، قال: حدّثنا أبو محمد بن حمدون «2» ، قال:
أمر المعتضد بالله «3» ، في علّته التي مات فيها، وقبل موته بأيام يسيرة «4» ، بأن يصنع له سم يقتل به جماعة ممّن كان في الحبس، لم يجب قتلهم قتلة ظاهرة، لسياسة رآها.
وفعل ذلك، وجيء بالسم إلى حضرته، فأراد تجربته قبل أن يقتل به من أراد قتله، فطرح في كرنبيّة «5» ، وأحضرت في طيفورية «6» ، وهو مفكّر فيمن يطعمه منها، وعلى من يجرّب السم الذي فيها، إذ دخل محمد بن أحمد، نفّاطه، وابن أبي عصمة، فقيل لهما: إنّ الخليفة يريد أن يأكل من ذلك اللون، وهو محجم عنه للحمية.
فقالا: ما أحسن هذه الكرنبيّة، فلو أكل منها مولانا لقمة، رجونا(7/165)
أنّها لا تضرّه، وتجاوزا ذلك، إلى أن أكلا منها لقما، كأنّهما قصدا استنهاض شهوته، وتحريكها بأكلها، فلم يمكنه أن ينهاهما لئلا يخرج السرّ، وأمسك عنهما، ومضيا إلى منازلهما فماتا من يومهما.
وبلغ الخليفة خبرهما من الغد، وقد اشتدّت علّته، فعلم صحّة السمّ، وأمسك لسانه أن يأمر في معنى من أراد أن يأمر في معناه، بإطعامه من ذلك السمّ الذي عمل له.
ومات المعتضد بعد ذلك بثلاثة أيام، ومضى أولئك بالعرض، وسيّء الاتفاق، وسوء المقدار، وكأنّه عمل لهما، لا لغيرهما، وسلم من عمل له، وقصد به، ونجا.
الهفوات النادرة 218(7/166)
97 ربّ عيش أخف منه الحمام
وحدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثتني علم، قهرمانة المستكفي بالله، الشيرازية «1» ، حماة أبي أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي «2» ، قالت:
كان المستكفي «3» ، لما أفضي إليه الأمر، يوصيني بتفقّد القاهر بالله «4» ، بنفسي وأن لا أعوّل على أحد في ذلك، ويكرمه، ويبرّه، ويحسن إليه.
وكان قد اختلّ عقله، لسوداء لحقته، ويخرّق ما يلبسه من الثياب، وقلّما يبقى عليه منها قميص أو جبّة، وينتف شعر لحيته وبدنه، وربما صاح وضجّ، ثم يثيب إليه عقله.
قالت: فراسلني- في بعض أيام إفاقته- المستكفي، يأمرني أن أستعرض شهواته، وحاجاته، فسألني تمكينه من جواريه، فعرفته ذلك، فأمرني بحملهن إليه، وأدخلت إليه جماعة منهن.
ثم استدعى بعد ذلك مرة، أن تدخل إليه ابنته، ففعلت، فقبض عليها يوما، وافتضّها.
وبلغ المستكفي ذلك، فأعظمه، وهاله، وأمر أن يفرّق بينهما، ولا يمكّن أن يدخل إليه غير جواريه.
الهفوات النادرة 221(7/167)
98 يا حبيبا نأى عليك السلام
وحدّث «1» : قال: حدّثني أبو أحمد الحارثي «2» ، قال:
كنت أعاشر بهمذان «3» ، بعض كتّاب الديلم «4» ، وحسبك وصفا بجهل، أن أقول: من كتّاب الديلم.
وكان يتحلّى مغنّية، فسمعها تغنّي يوما:
يا حبيبا نأى عليك السلام ... فرّقت بين وصلنا الأيام
فاستطابه، فلما أراد أن يستعيده، قال: يا ستّي، غنّي ذاك الصوت الذي أوّله:
يا حبيب الله عليك السلام
فقالت: هذا صياح الحرّاس، أظنّك أردت:
يا حبيبا نأى عليك السلام
قال: نعم، هو هو، شدّي لي في ذنبه علامة، أي وقت أردته، أخرجته.
الهفوات النادرة 222(7/168)
99 والله الذي لا إله إلا هو
قال «1» : وسمعته يحلف، فيقول:
والله الذي لا إله إلّا هو، أعني به الطلاق والعتاق «2» .
الهفوات النادرة 222(7/169)
100 حديقة حيوان
قال «1» : وكتب مرة بحضرتي، تذكرة بأضاحي يريد تفرقتها في دار صاحبه، وقد قرب عيد الأضحى:
«القائد ثور، وامرأته بقرة، ابنه كبش، بنته نعجة، الكاتب تيس» .
قال: فقلت له: الروح الأمين ألقى هذا عليك؟
فلم يدر ما أردت «2» .
الهفوات النادرة 222(7/170)
101 كاتب ديلمي يستهدي نبيذا
قال «1» : وحدّثني أبو أحمد الحارثي «2» أيضا، قال:
حضرت هذا الكاتب، وهو يشرب، وقد قلّ نبيذه، فكتب إلى صديق له، رقعة، يطلب منه نبيذا، ما رأيت أطراف منها.
فقلت له: يا سيدي، قد رأيت كتّاب بغداد، وطوّفت الآفاق، ما رأيت أحسن من هذه الرقعة، فأحبّ أن تأذن لي في نسخها.
فقال: يا با، ونحن اليوم أيش بقي مما نحسنه؟ قد نسيناه كلّه مع هذا القائد، انسخها، وأعجبه ذاك، وكانت:
«كتبت هذه الكلمات، يا سيدي، وزرّي، أعني به قميصي، ومن هو فاضلي ومولاي، وأنا عبده، ومتصنّع له، أطال الله بقاءه، من منزلك الذي أنا ساكنه، وقد نفضت الدم، من قفاك المرسوم بي، وليس- وحق رأسك الذي أحبّه- عندي من نبيذك الذي تشربه شيء، فبحياتي العزيزة عليك، إن كان عندك من نبيذ أشربه، فوجه إليّ منه، بما عسى ألّا يسهل على يدي غير هذا الرسول، فإنّه ثقة، أوثق منّي ومنك، وإن أردت أن لا تختمه، فلا تفعل، فإن الصورة لا توجب إلّا ذاك، فعلت، إن شاء الله.
الهفوات النادرة 222(7/171)
102 كاتب لا يحسن القراءة والكتابة
قال «1» : وكنت يوما عنده، فجاءه صديق له من كتّاب الديلم مجروحا، فقال له: ما لك؟
قال: جاء إلى الأمير اليوم، كتاب من وكيله في إقطاعه، فرمى به إليّ، وقال: اقرأه.
وكنت قبل ذلك، إذا جاءه كتاب، أخرج إلى المعلّم، حتى يقرأه عليّ وأحفظه، وأدخل، فأقرؤه عليه، فلم أقدر اليوم أن أخرج من بين يديه.
فقلت له باكيا: أنا لو كنت أحسن أقرأ وأكتب، كنت أكون كاتب الأمير علي بن بويه «2» .
فرماني بالزوبين»
، فجرحني «4» .
الهفوات النادرة 223(7/172)
103 قائد ديلمي يمتدح كاتبه
قال «1» : وبلغني عن بعض قواد الديلم، أنه قال:
كاتبي أحذق الناس بأمر الدواب، والضياع، وشراء الأمتعة والحوائج، وما له عيب، إلّا أنه لا يقرأ، ولا يكتب «2» .
الهفوات النادرة 224(7/173)
104 عامل الجامدة لا يعطي على المدح شيئا
قال «1» : حدّثني محمد بن عبد الله التميمي، قال: حدّثني الهمذاني الشاعر، قال:
انحدرت أريد الجامدة «2» ، وكان في الوقت يليها الهيثم بن محمد العامل، فمدحته.
فقال لي: لست ممّن يعطي على المدح شيئا، فلو هجوتني لكان أجدى عليك.
قال: فأردت النهوض من مجلسه، فلما رأى ذلك، قال: اجلس، فجلست.
وجيء بمائدة لم أر مثلها، عليها من كل شيء حسن، طيب، شهيّ، لذيذ، فأقعدني ناحية، وجعل يأكل، ويقول: لو هجوتني، لأكلت معي.
وكلّما مرّ لون، وصفه، ونعته، وشهّانيه، وحسّرني عليه، وأرانيه، ومنعنيه، والروائح تقتلني، والمشاهدة تحسّرني.(7/174)
إلى أن فرغ من الطعام، وجيء بالحلوى، وكانت الصورة فيها مثلها في الطعام.
ثم جيء بغسول «1» ، من ذراريّ «2» عجيبة طيبة، فغسل يده بها، وهو يقول:
لو هجوتني لأكلت ممّا أكلت، وتحليت به، وغسلت يدك من هذا.
ثم أحضر الشراب، وعبّىء «3» بحضرته مجلس ما ظننت أنّ مثله يكون إلّا في الجنة حسنا، بأصناف الفاكهة، وألوان الرياحين، والطيب، والكافور، والتماثيل «4» ، والشمامات «5» ، والمطبوخ القطربّلي، والنبيذ من الزبيب والعسل «6» .(7/175)
وهو يقول: لو هجوتني لشربت من هذا، وحيّيت من هذا، وتنقّلت «1» من هذا، قم الآن وكل ممّا تستحقه بمدحي.
فقمت، وجاءوني بطبق وسخ، عليه أرغفة سود، وقطعة مالح، ومرق سكباج «2» أحمض من الفراق، وقليل تمر.
فأكلت لفرط الجوع، وجاءوني بأشنان أخضر، لم ينقّ يدي، وجئت فجلست عنده.
فقال: اجعلوا بين يديه من الشراب، مثل ما يستحقّ من مدحني.
فجاءوني بقنينة زجاج أخضر غليظ وحش، وقدح مثلها، وسخين وحشين، وفي القنينة نبيذ دوشاب «3» طريّ، وباقلا مملوح، وباقة ريحان.
فشربت أقداحا، وهممت بهجائه، وأنا أمتنع، خوفا من أن يكون ذلك يصعب عليه، وإنّما يمازحني بما يقوله لي، وأنا أفكّر في ذاك، إذ أخرج خمسين دينارا.
فقال: الآن قد فاتك ما مضى، ولكن اهجني مستأنفا، حتى أعطيك لكل بيت دينارا.
فقلت: إن كان ولا بدّ، فاكتب، وقلت:
جاءت بهيثم أمّه ... من بغيها وزنائها
فرمى إليّ دينارا، فقلت:(7/176)
جاءت به من نتنه ... لا شك يوم خرائها
يا هيثم بن محمد ... يا ابن التي لشقائها
فقال: ما صنعت شيئا.
قلت: انتظر.
قال: هات.
فقلت:
أمست تناك بكسرة ... وكذاك مهر نسائها
فرمى إليّ بقيّة الدنانير، وقال: حسبك، ما أريد أجود من هذا، ولا أكثر، هاتوا له ممّا أكلت.
فقدّم لي من جميع ما كان على المائدة، فأكلت، وقدّم لي من الشراب الذي بين يديه، والتحايا «1» والأنقال «2» ، فلمّا أراد القيام، أمر لي بجائزة وخلعة.
فأخذتها وانصرفت من عند أحمق الناس وأجهلهم على الإطلاق.
الهفوات النادرة 224.(7/177)
105 كاتب بأنطاكية يعزله حمقه
حدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو القاسم أبي «1» ، قال:
حدّثني أبي «2» ، عن الحسين بن السميدع الأنطاكي، قال:
كان عندنا بأنطاكية، عامل من قبل أمير حلب، وكان له كاتب أحمق.
فغرق في البحر شلنديان «3» من مراكب المسلمين التي يقصدون فيها الروم، فكتب الكاتب عن صاحبه، إلى الأمير بحلب:
بسم الله الرحمن الرحيم، أعلم الأمير أعزّه الله، أنّ شلنديين، أعني مركبين، صفقا، أي غرقا، من خبّ البحر، أي من شدة موجه، فهلك من فيهما، أي تلفوا.
فأجابه صاحب حلب: ورد كتابك، أي وصل، وفهمناه، أي قرأناه، فأدّب كاتبك، أي اصفعه، واستبدل به، أي اصرفه، فإنّه مائق، أي أحمق، والسلام، أي قد انقضى الكتاب.
الهفوات النادرة 305(7/178)
106 حماقة متمكنة ورقاعة متبينة
كان أبو العباس سهل بن بشر «1» ، ممّن ارتفعت في الدولة الديلمية رتبته، وعلت درجته ومنزلته، وضمن واسط والأهواز، على حماقة متمكّنة، ورقاعة متبيّنة.
وكان دأبه تغليط الكتاب، والرد عليهم، وتغيير كتبهم التي ينشؤونها عنه، وعكس حسباناتهم التي يرفعونها إليه، ويعرضونها عليه، بالمحال الفاسد، والمستحيل الباطل.
ولقد قال يوما لأحدهم: ويلك، لم يجب أن تفصّل في هذا الموضع، هذا التفصيل الواسع، كان يجب أن يكون بقدر ما تسلكه نملة، وقد جعلته بحيث تسلكه حيّة، أيش حية بل شاة، أيش شاة بل دابة، أيش دابة، بل جمل، أيش جمل بل فيل، أيش فيل بل كركدن، ثم خرّق الكتاب، ورمى به.
وحكى القاضي أبو علي التنوخي، قال: رأيته عدّة دفعات، لا أحصيها كثرة، يجلس في مجلس العمل، فإذا كثر عليه الشغل، وضاق به صدره، وغلبت عليه سوداؤه، تركه مفكّرا، ثم أخذ الدرج الذي بين يديه، وخرّق منه، وفتله، وتخلّل به، وأخرجه من فيه، وشمّه، ثم رمى به حيث وقع من حجور الناس، أو وجوههم، أو لحاهم، أو عمائمهم.
فاتّفق في بعض الأيام، أن وقع من ذلك واحدة في لحية أحمد بن عمر الطالقاني الكاتب، فصوّت من فيه، كصوت البوق.(7/179)
فتنبّه سهل بن بشر من غفلته، وقال: ما هذا؟ وشتمه أفحش شتم، وسبّه أقبح سبّ.
فقال له: نصب سيدنا الأستاذ في لحيتي هذا المطرد «1» ، فظننت أنّه يريد الخروج إلى بعض الأسفار، فضربت بالبوق ليعلم ذلك، فيصحبه من يريد أن يصحبه، ويسير معه.
فضحك منه الحاضرون «2» .
الهفوات النادرة 314(7/180)
107 حديد سفيه شتام
وقال القاضي «1» : كان سهل حديدا، سفيها، شتّاما للغلمان، ولم يكن يصبر على خدمته أحد.
وشتم يوما بعض الفراشين، فتداخلت الفراش حميّة الإسلام، ودخل بقربته إلى حجرة خالية، بعيدة عن الدار الكبيرة التي فيها الغلمان، ليرشّ خيشا «2» فيها، وقام سهل وراءه، يتبعه ويشتمه.
ورأى الفراش خلو الموضع من غيرهما، فصفعه بالقربة، إلى أن قطعها على قفاه جميعها.
ووقع سهل مغشيا عليه، فداس بطنه، ولكم جنوبه، فلما شفى نفسه منه، تركه يتخبّط، وخرج، فأخذ ما كان له في خزانة الفرّاشين وانصرف.
وبعد ساعة لمّا ظهر على سهل، وعرف ما جرى عليه، طلب الفراش بأصحاب الشرط، والمراكز، والجوازات، فلم يوقف له على خبر.
الهفوات النادرة 315(7/181)
108 اشتفيت والله
وشتم «1» يوما فرّاشا آخر، فردّ عليه، فنهض إليه، وعدا من بين يديه، فقال له: بحق محمد نبيّك، قف لي حتى ألحقك.
فقال له: بحق عيسى ربك، ارجع عنّي واتركني.
وما زالا يعدوان، حوالي البستان، وعثر الفراش، فوقعت عمامته، فأخذها سهل، وما زال يعضّها ويخرّقها ويقول: اشتفيت والله.
ثم رجع فجلس في مكانه «2» .
الهفوات النادرة 316(7/182)
109 سهل بن بشر يشتم ذوي الحاجات
قال القاضي «1» : واجتمع النصارى بجنديسابور «2» إلى مطرانهم، وشكوا ما يجري من سهل عليهم من السب والشتم، والقذف والصفع، وانهم لا يأمنون نفرة من المسلمين عليهم لأجله، وفتكة بهم بسببه.
فقال لهم: أنا أكفيكم ذلك، في يوم الأحد عند حضوره في البيعة.
وفعل المطران ذلك، واستقصى الخطاب له فيه.
فقال له: أنت، يا أبونا، أحمق، إنما أخاطب الناس، بما أخاطبهم به، عن القائد، لا عنّي، فإن لساني مستعار منه، ومستأجر لهذا وغيره.
فلعنه المطران، وانصرف سهل.
وأراد أن يشتم رجلا، فقال له: اسمع يا هذا، قد وعظني المطران، وأنا رجل مستأجر مع هذا القائد، ولا بد لي من أن أمتثل أمره، وأؤدي عنه ما يقوله.
وقد قال لك: يا زوج كذا وكذا، ويا ابن كذا، ويا أخو كذا، وشتمه وسبّه، لم فعلت كذا؟ وذكر له ما أراد مواقفته عليه.
وبقي يقول ذلك مدة، ثم قال: هذا طويل، حر أمّ المطران، ورجع إلى ما كان أوّلا عليه.
الهفوات النادرة 316(7/183)
110 صدقت، صدقت
وقال القاضي «1» : كنت عنده «2» يوما، ونحن خاليان، فجاءه الدواتيّ بكتاب، فقرأه وطواه، وكتب عليه: لأبي فلان، فلان بن فلان، من ... ، ووقف، ثم قال لي: ممّن؟
فقلت: إمّا منك، أو من الأمير.
فقال: صدقت، صدقت، وكتب «3» .
الهفوات النادرة 317(7/184)
111 نعب الغراب، فصفع البواب
قال القاضي «1» : وحدّثني عبيد الله بن محمد الصروي الشاعر «2» ، وكان منقطعا إلى سهل، قال:
رأيته يوما، وقد سقط غراب، على حائط صحن داره، فنعب، فتطيّر من صياحه، وأمر بصفع البوّاب، لم مكّن الغراب من دخول الدار «3» ؟
الهفوات النادرة 318(7/185)
112 هاشمي متخلف يراسل وكيله
وحدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال:
رأيت عند القاضي أبي بكر بن قريعة «1» ، في سنة إحدى وستين وثلاثمائة «2» شيخا يعرف بابن سكران، يتوكل له في ضياعه وضماناته ببادوريا «3» .
فقلت له: من يكون منك ابن سكران الذي كان يتوكل للحسن بن عبد العزيز الهاشمي، في ضيعته، ويكتب إليه كتبا طريفة مضحكة؟
فقال: أنا هو.
وسمناه أن يقرأ علينا شيئا من ذاك، وكان يقال عنه، إنّه يحفظه، فامتنع.
ولم أزل والقاضي أبو بكر به، إلى أن أملى عليّ كتابين من لفظه، على ما بهما من الخطإ والنقصان في الهجاء.
فكان أولهما، وعنوانه: «من الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، أبو لمّة- يريد أبو الأئمة، لأنّ أولاده كانوا أئمة في الجوامع- إلى وكيله وخادمه، أبو القاسم سكران، ولولا أنّه يقول، أنّه خادمه، قلنا أنّه منهم، ومضمونه:
بسم الله الرحمن الرحيم، يا ابن سكران، قد أعجبتك نفسك، صبغوني في عينك، أنت تعرفني إذا حردت، فكيف إذا غضبت، هاها «4» ، كدت أفعل، كنت إذا أردت أن تعمل شيء، تكتب إليّ، وتستأذنني، وتشاورني،(7/186)
وصرت تأمر وتنهي لنفسك، والله لأقطعنّ يد الآخر «1» ، ورجليك، ولأضعنّك في أضيق الحبوس.
أنا مع أمير المؤمنين، ابن عمّي أعزّه الله، وقد خرج، صلى بنا الجمعة، وأنا أكلّمه، داه داه «2» ، أكلمه في أمر المسلمين، والدين، والهاشميين، وعينه في جوف عيني، وعيني في جوف فمه، لا ينظر إلى غيري، ترى لا أقدر أنتصف منك، والذي يبقي لي ابني أبو بكر «3» وعمر، وعثمان، هاه، من هونا «4» يحردون الروافض، عليك وعليهم لعنة الله، يا ماص بظر أمّه، إن كنت منهم، وإن لم تكون «5» منهم، فلا شيء عليك.
وليس أنت كما ذكرت طويتك، ما دامت لك هذه العين تدور، وهذه الشعرة تعيش، والذي يعطيني في الآخرة أضعاف ما أعطاني في الدنيا، منه أسأل إن شاء الله.
الجزير «6» الذي أوصل كتابك، قد أطعمته البارحة ممّا أكلت، خبز وشواء، وكل خير، وما رزق الله، فسله حتى يقل لك.
البارحة، وحياتك يا أبا القاسم، ذكرتك، وقد شربت ماء باردا بثلج كثير، فقريت «7» عليك، وعوّذتك، ودعوت لك، ولوالديّ، ولجميع المسلمين.(7/187)
وقلت: ترى، ذاك وكيلي ابن سكران الميشوم، أيش خبره، في هذه الشمس الحارة ونصف النهار؟ وما أبالي معك بولد ولا تلد «1» ولا أحد، فاحمل إليّ الخراج، صحّ «2» ، وصنان الباذنجان «3» ، وخيار، وبطيخ، وكل ما في القرية، والحملين الذي طلبتهم منك، احملهم إليّ في شعبان، قبل رمضان، سمان، سمان، واحد كبير نطبخه، وآخر صغير نشويه.
أسمعت يا أبا القاسم أعزّك الله وفهمت؟ أعزك الله يا أبا القاسم، وأطال بقاءك، وأكرمك، وأتمّ نعمته عليك، وصلى الله على محمد النبي وآله، وعلى أصحابه، قول «4» آمين.
وعنوان الآخر: من الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، الإمام في الرصافة، وابنه أبو بكر الإمام في دار الخلافة، وابنه الآخر عمر الإمام بمصر والحرمين، وابنه عثمان يكون الإمام في مدينة المنصور، وابنه علي يكون الإمام في باقي الدنيا إن شاء الله.
إلى وكيله ابن سكران.
وباطنه: بسم الله الرحمن الرحيم، تحضر الجبابرة بني دينار، والأطروش خاطر، وابن كيلوه، لعنهم الله، فإنهم كلاب- أحاط الله- أكرة، بل زطّ، حتى ننظر أيش يعملون.
فقد- والله محمود- أردت أن أضرب القريتين بالنار، ولكن الله سلّمكم، فانظروا كيف تكونون.(7/188)
وقولوا: أمر سيّدنا وسيّدكم، أبو علي الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، ابن عم النبي صلوات الله عليه وعلى أزواجه أمّهات المؤمنين، بشرى «1» من هم نحن منهم، وقد تقدم سيّدنا أبو علي بإحضاركم، فتكون أعينكم بين أيديكم. والسلام.
الهفوات النادرة 327(7/189)
113 عار على آدم
قال أبو القاسم التنوخي:
جلس إبراهيم بن لنكك «1» في جامع البصرة، فجلس إليه قوم من العامة، فاعترضوا كلامه بما غاظه، فأخذ محبرة بعض الحاضرين، وكتب من شعره:
وعصبة لما توسّطتهم ... ضاقت عليّ الأرض كالخاتم
كأنّهم من بعد أفهامهم ... لم يخرجوا بعد إلى العالم
يضحك إبليس سرورا بهم ... لأنّهم عار على آدم
كأنّني بينهم جالس ... - من سوء ما شاهدت- في ماتم
فاعترضه ولده وقال: يا أبت، أبياتك متناقضة، ولكن اسمع ما عملت:
لا تصلح الدنيا ولا تستوي ... إلّا بكم يا بقر العالم
من قال للحرث خلقتم فلم ... يكذب عليكم لا ولم ياثم
ما أنتم عار على آدم ... لأنّكم غير بني آدم
فوات الوفيات 1/54(7/190)
114 سيد العرب ابن أبي دؤاد
حدّث القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي [عن أبيه، بما جاء] في كتابه، قال: حدّثني الصولي «1» ، قال: حدّثني محمد بن القاسم بن خلاد «2» ، قال:
رفع بعض العمال إلى المعتصم «3» ، وكان قد تولى من الخراج والحرب، ما كان يتولاه خالد بن يزيد بن مزيد «4» ، بأنّ خالدا اقتطع الأموال واحتجن «5» بعضها، فغضب المعتصم، وحلف ليأخذنّ أموال خالد، وليعاقبنّه وينفينّه.
فلجأ خالد إلى أحمد بن أبي دؤاد القاضي «6» ، فاحتال حتى جمع بينه وبين خصمه، فلم تقم على خالد حجّة، فعرّف ابن أبي دؤاد القاضي، المعتصم بذلك، وشفع إليه في خالد، فلم يشفعه، وأحضر خالدا، وأحضر له آلات العقوبة، وكان قبل ذلك قبض أمواله وضياعه، وصرفه عن العمل.
وحضر ابن أبي دؤاد المجلس، فجلس دون مجلسه الذي كان يجلس فيه.
فقال له المعتصم: ارتفع إلى مكانك.
فقال له: يا أمير المؤمنين ما أستحق إلّا دون هذا المجلس.(7/191)
قال: وكيف؟
قال: لأنّ الناس يزعمون أنّه ليس محلّي محل من شفع في رجل قرف «1» بما ليس فيه، ولم يصحّ عليه شيء منه، فلم يشفّع.
قال: فارتفع إلى موضعك.
قال: مشفّعا أو غير مشفّع؟
قال: بل مشفّعا، قد وهبت لك خالدا، ورضيت عنه.
قال: إنّ الناس لا يعلمون بهذا.
قال: قد رددت عليه جميع ما قبض منه من ضياعه وأمواله.
قال: فمر بفكّ قيوده، واخلع عليه.
ففعل ذلك.
قال: يا أمير المؤمنين، قد استحقّ هو وأصحابه رزق ستة أشهر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجعلها صلة له.
قال: لتحمل معه.
فخرج خالد، وعليه الخلع، والمال بين يديه، والناس ينتظرون الإيقاع به.
فلما رأوه على تلك الحال سرّوا، وصاح به رجل: نحمد الله على خلاصك يا سيد العرب.
فقال: مه، بل سيد العرب- والله- ابن أبي دؤاد الذي طوّقني هذه المكرمة التي لا تنفكّ من عنقي أبدا.
المستجاد من فعلات الأجواد 159(7/192)
115 بين الإسكندر وملك الصين
قال القاضي أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي بن محمد التنوخي، حدّثني أبو الفرج الأصبهاني «1» من حفظه، قال:
قرأت في بعض أخبار الأوائل: أنّ الاسكندر «2» لما انتهى إلى الصين، ونازل ملكها، أتاه حاجبه، وقد مضى من الليل شطره، فقال له: رسول ملك الصين بالباب يستأذن عليك.
فقال: ائذن له.
فلما دخل، وقف بين يديه وسلّم، وقال: إن رأى الملك أن يخليني فليفعل.
فأمر الاسكندر من بحضرته بالانصراف، وبقي حاجبه.
فقال له الرسول: إنّ الذي جئت له، لا يحتمل أن يسمعه غيرك.
فأمر بتفتيشه، ففتّش، فلم يوجد معه شيء من السلاح. فوضع الاسكندر بين يديه سيفا مجرّدا، وقال له: قف مكانك، وقل ما شئت، ثم أخرج كل من كان عنده.
فلما خلا المكان، قال له الرسول: إنّي أنا ملك الصين لا رسوله، وقد حضرت أسألك، عمّا تريده منّي، فإن كان ممّا يمكن الانقياد إليه، ولو(7/193)
على أصعب الوجوه، أجبت إليه، وغنيت أنا وإيّاك عن الحرب.
فقال له الاسكندر: وما آمنك مني؟
قال: علمي بأنّك رجل عاقل، وأنّه ليس بيننا عداوة متقدّمة، ولا مطالبة بذحل، وأنّك تعلم أن الصين إن قتلتني، لا يسلمون ملكهم إليك، ولا يمنعهم عدمهم إيّاي، أن ينصبوا لأنفسهم ملكا غيري، ثم تنسب أنت إلى غير الجميل، وضد الحزم.
فأطرق الاسكندر مفكّرا في مقالته، وعلم أنّه رجل عاقل، ثم قال له:
الذي أريده منك، ارتفاع ملكك لثلاث سنين عاجلا، ونصف ارتفاعه في كل سنة.
قال: هل غير ذلك شيء؟
قال: لا.
قال: قد أجبتك.
قال: فكيف تكون حالك حينئذ؟
قال: أكون قتيلا أو محاربا، وأكلة أوّل مفترس.
قال: وإن قنعت منك بارتفاع سنتين، كيف يكون حالك؟
قال: أصلح ممّا يكون إذا ألزمت بما تقدّم ذكره.
قال: فإن قنعت منك بارتفاع سنة واحدة.
قال: يكون ذلك مجحفا بملكي، ومذهبا لجميع لذّاتي.
قال: فإن اقتصرت منك على السدس؟
قال: يكون السدس موفّرا، والباقي لجيشي، ولأسباب الملك.
قال: قد اقتصرت منك على هذا.
فشكره، وانصرف.
فلما أصبح، وطلعت الشمس، أقبل جيش الصين حتى طبّق الأرض،(7/194)
وأحاط بجيش الاسكندر، حتى خافوا الهلكة، وتواثب أصحابه، فركبو واستعدوا للحرب.
فبينما هم كذلك، إذ ظهر ملك الصين وعليه التاج، فلما رأى الاسكندر ترجّل.
فقال له الاسكندر: أغدرت؟
قال: لا والله.
قال: فما هذا الجيش؟
قال: أردت أن أعلمك، أنّي لم أطعك من قلّة وضعف، والآن ترى هذا الجيش، وما غاب عنك منه أكثر، لكنّي رأيت العالم الأكبر مقبلا عليك، ممكّنا لك، فعلمت أنّه من حارب العالم الأكبر، غلب، فأردت طاعته بطاعتك، والذلّة لأمره، بالذلّة لك.
فقال الاسكندر: ليس مثلك من يؤخذ منه شيء، فما رأيت بيني وبينك، أحدا، يستحق التفضيل، والوصف بالعقل، غيرك، وقد أعفيتك من جميع ما أردته منك، وأنا منصرف عنك.
فقال ملك الصين: أمّا إذا فعلت ذلك، فلست تخسر.
فلما انصرف الاسكندر، أتبعه ملك الصين، من الهدايا والألطاف، بضعف ما كان قرّره معه «1» .
لباب الآداب 129(7/195)
116 أبو هاشم الجبائي يموت في السادسة والأربعين
ذكر المحسّن بن علي التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، في الجزء الحادي عشر منه، وقد ضمن في خطبة كتابه هذا، أنّه تحقّق ما يوجد فيه عنده، قال: حدّثني أبو الحسن بن الأزرق «1» ، قال:
كان أبو هاشم»
بن أبي علي «3» الجبائي، لما قدم بغداد، يخبرنا أنّ أباه أبا عليّ، كان كثير الإصابة في علم النجوم، ويحدّثنا من ذلك بأحاديث كثيرة، وأخبرنا أنّه حكم له أن يعيش نيفا وسبعين سنة شمسية، فكنّا لإصابة أبي عليّ في الأحكام، طيّاب النفوس بهذا الحكم.
فلما اعتلّ أبو هاشم علّته التي مات فيها ببغداد، جئت إليه. عائدا، فوجدت أخته، ابنة أبي عليّ، قلقة عليه، فأخذت أطيّب نفسها، حتى قلت: أليس قد حكم أبوه أنّه يعيش نيفا وسبعين سنة شمسيّة؟
قالت: بلى، ولكن على شرط.
قلت: ما هو؟
قالت: إنّه قال: إن أفلت في السنة السادسة والأربعين، وقد اعتلّ هذه(7/196)
العلة الصعبة فيها، فقلقي عليه لذلك، خوفا من أن يصحّ الحكم الأول.
قال أبو الحسن: فمات في تلك العلّة «1» .
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 154(7/197)
117 النجوم تكشف عن مولود أحنف
ومن إصابات أبي عليّ الجبائي «1» في أحكام النجوم، ما رواه أيضا في نشوار المحاضرة، قال: حدّثني القاسم بن بدر الرامهرمزي «2» ، وكان يخلفني على العيار في دار الضرب، قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن عباس «3» ، قال:
كنت مع أبي علي الجبائي في عسكر مكرم، فاجتاز بدار، فسمع فيها ضجّة بولادة فقال: إن صحّ ما يقول المنجمون، فهذا المولود ذو عاهة.
فدققت الباب، فخرجت امرأة، فسألتها عن الخبر، فجمجمت «4» .
ثم خرج رجل كهل، فحين رآه أبو علي، قال: هذه دارك؟
قال: نعم.
قال: فكيف هو؟ يعني المولود.
قال: أحنف «5» . فأخذ أبو علي يطيّب نفسه.
فقال تتفضّل يا أبا عليّ، فتدخل تحنّكه، وتؤذن في أذنه، فلعل الله يجعله مباركا.
فدخل وحنّكه، وأذن في أذنه، ورأيناه وهو أحنف.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 155(7/198)
118 يتنبأ بموت مولود في يومه السادس عشر
ومن إصابات أبي علي «1» في النجوم، ما حكاه التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة أيضا، قال: سمعت أبا أحمد بن مسلمة الشاهد العسكري «2» المعتزلي الحنفي، وكان شيخ بلده، يحكي عن رجل من أهل عسكر مكرم «3» ، وثّقه وعظّمه، قال:
كنت مع أبي علي الجبائي «4» جالسا في داره في عسكر مكرم، فدخل إليه بعض غلمانه، فقال له: اجلس.
فقال: لي زوجة تطلق، وأريد الرجوع إليها لحاجة طلبتها.
فقال أبو علي، لبعض من حضر: امض معه، فإذا ولدت امرأته، فخذ الارتفاع، وجئني به.
ففعل.
فلما كان في غد، قال لنا أبو علي: إن صحّ حكم التنجيم، فإن هذا الولد يموت بعد خمسة عشر يوما.
فلما كان اليوم السادس عشر، وكنا جلوسا ندرس على أبي علي، إذ دخل الرجل، فقال: إن فلانا قد مات، يعني ولده.
فقال أبو علي: قوموا فأحضروه، ووفّوه حقه.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 155(7/199)
119 تنبأوا له بالوزارة وهو صبي
ومن المعروفين بعلم النجوم، والإصابة فيها، [فتى] من ولد يحيى بن يعقوب.
فمن حكايته في ذلك، ما ذكره التنوخي في كتابه، قال: حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجّاج النحوي «2» ، قال:
كنت أؤدب القاسم بن عبيد الله «3» ، وكان أبوه «4» إذ ذاك، يحضره الديوان.
فلما أخرجه من المكتب، كنت معه في الديوان ببادوريا «5» ، وهو معه فيه، وله من العمر ست عشرة سنة، وأبوه متعطل، وذلك في وزارة إسماعيل ابن بلبل «6» ، للموفق «7» والمعتمد «8» .(7/200)
وكان معه في ذلك الديوان جماعة من أولاد الكتّاب، وفيهم فتى نجيب من ولد يعقوب بن فرازون النصراني، وكان يفهم النجوم.
فقال له ذلك الفتى: يا سيّدي أرى فيك نجابة وصناعة، ولك حظّ من الرياسة، وقد رأيت مولدك، وهو يدلّ على أنّك تتقلّد الوزارة، وتطول أيّامك فيها، فاكتب لي خطّا، يكون معي تذكر فيه اجتماعنا، وتضمن لي أن يكون لي حظّ منك إذ ذاك، حقّ بشارتي لك.
قال: فأخذ القرطاس، وكتب فيه، بحسن خطّه: ليلقني فلان، إذا بلّغني الله ما أحبّ، لأبلّغه ما يحب إن شاء الله.
فحدّثت أباه في ذلك، ففرح، وقال: قد والله سررتني بذلك. وأحضر المنجّمين، وأخرج مولده، فحكموا له بالوزارة، وأنّه يتقلّدها سنة ثمان وسبعين «1» .
فخلف أباه على وزارة المعتضد «2» في إمارته «3» ، ودامت له إلى أن مات «4» .
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 165(7/201)
120 وزير لا تغيره الوزارة
قال لي الزجّاج «1» :
لما ولي القاسم «2» الوزارة «3» بعد موت أبيه، ودخل داره، وقفت في صحن الدار، لينصرف الناس، ودخل هو ليستريح، فيخرج للناس، فلا أنسى هيبتي عند غلمانه، حيث دخلت عليه، فلم أمنع، فوجدته قد صلّى وسلّم، وهو يدعو الله في خلوته، وليس بحضرته أحد، فلما رآني، قام إليّ، فانكببت على رجله.
فقال لي: يا سيدي، يا أبا إسحاق، أنت أستاذي، وهذا الذي أعتقده في إكرامك، وكان في نفسي أن أعاملك [به] قبل أن تشرّفني عند حضور الناس، وتوقير مجلس الخلافة، وإذا فعلت ذلك، فهو حقّك عليّ، وإذا لم أفعله، فهو نقص حق العلم والعمل.
قال: ثم ما أنكرت منه شيئا في عشرة، ولا مخاطبة، عما كان يعاملني به، إلى أن مات «4» .
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 166(7/202)
121 القاضي التنوخي والد المحسن وقوة حافظته
قال القاضي التنوخي، في الجزء السادس من نشوار المحاضرة:
كان أبي «1» يحفظ للطائيين «2» سبعمائة قصيدة ومقطوعة «3» ، سوى ما لغيرهم من المحدثين، والمخضرمين، والجاهليين.
ولقد رأيت له دفترا بخط يده يحتوي على رؤوس ما حفظه، وهو الآن عندي في نيف وثلاثين ورقة، أثمان منصوريّ لطاف.
وكان يحفظ من اللغة والنحو شيئا عظيما.
ومع ذلك كان علم الفقه والفرائض والشروط والمحاضرة والسجلات رأس ماله، وكان يحفظ منه ما قد اشتهر به.
وكان يحفظ من الكلام والمنطق والهندسة الكثير، وكان في علم النجوم، والأحكام، والهيئة، قدوة، وكذلك في علم العروض، وله فيها، وفي الفقه وغيره، عدة كتب مصنّفة.
وكان مع ذلك يحفظ ويحدّث فوق عشرين ألف حديث، وما رأيت أحدا أحفظ منه، ولولا أن حفظه متفرق في هذه العلوم، لكان أمرا هائلا.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 167(7/203)
122 أبو يوسف البريدي يخالف منجمه فيقتل
ومن الموصوفين بعلم النجوم من المسلمين، أبو القاسم غلام زحل «1» ، وقد حكى الشيخ الفاضل المحسّن بن علي التنوخي، في الجزء السادس من نشوار المحاضرة عنه جملا، وذكر طرفا من فضله، وإصابته في الأحكام بالنجوم، فقال:
ومن العجيب، حكمه في قتل أبي يوسف»
، فإنه قد كان يخدمه في النجوم أبو القاسم غلام زحل المنجم، وهو الآن شيخ من شيوخ المنجمين في الأحكام، وكان أبي يقدمه في هذه الصناعة، ويستخدمه فيها، ويسلّم إليه سنيّ تحويل مولده، ومولدي، إذا قطعه قاطع عن عملها بيده، لأنه كان قلّما يأخذ تحاويلنا بيده، بل يولّي ذلك غيره «3» .
وأبو القاسم الآن مقيم بخدمة الأمير عضد الدولة بشيراز «4» .(7/204)
فقال أبو القاسم هذا، لأبي يوسف البريديّ، في اليوم الذي عزم فيه على الركوب إلى الأبلّة «1» ، ليسلّم فيه على أخيه أبي عبد الله «2» : أيها الأستاذ لا تركب، فإنّ هذا اليوم يوجب تحويلك فيه عليك، قطعا بالحديد.
فقال: يا فاعل، إنما أركب إلى أخي فممّن أخاف؟ وخرج بالطيّار.
فعاد غلام زحل، فأخرج جميع ما كان له في الدار من أثاث، وذهب لينصرف.
فقال له الحجّاب: إلى أين؟
فقال: أهرب، لأن الدار بعد ساعة تنهب.(7/205)
ومضى أبو يوسف، إلى أبي عبد الله، فقتله في ذلك اليوم «1» .
وكان هذا الخبر مشهورا، عن أبي القاسم غلام زحل، نقله أبي، وشهد بصحته.
وكان يحكي ذلك في تلك الأيام، وأنا صبيّ، فأسمع ذلك، وكان يعدّه من إصابات، غلام زحل.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 168(7/206)
123 سهلون ويزدجرد ابنا مهمندار الكسروي
وممّن وصف بعلم النجوم، سهلون، ويزدجرد، من علماء الإسلام، فيما ذكره التنوخي في رابع أجزاء النشوار، فقال ما هذا لفظه:
حدّثني أبو عبد الله محمد الحارثي «1» ، قال: كان ببغداد، في أيام المقتدر، أخوان كهلان، فاضلان، وعندهما من كل فن مليح، وهما من أحرار فارس، قد نشآ ببغداد، وتأدّبا بها، وتعلّما علوما كثيرة، يقال لأحدهما:
سهلون، وللآخر يزدجرد، ابنا مهمندار الكسروي، ويعرفان بذلك، لانتسابهما إلى الأكاسرة، وكانا ذوي نعمة قديمة، وحالة ضخمة، وكنت ألزمهما، على طريق الأدب.
وكان ليزدجرد منهما، كتاب حسن ألّفه في صفة بغداد «2» ، وعدد(7/207)
سككها، وحماماتها، وشوارعها، وما تحتاج إليه في كل يوم من الأقوات والأموال، وما تحتوي عليه من الناس، وعدة كتب أدبية وفلسفية، قرأت أكثرها عليه.
وكان هو وأخوه ينشدان الشعر الجيد لأنفسهما، وسهلون بن مهمندار كان لزم بعض الرؤساء، وعمل له رسائل وقصائد.
ثم ذكر التنوخي، من شعر سهلون، ما يقتضي علمه بالنجوم، فقال:
أنشد من شعره:
تعفّفت عن أخذ الدراهم والبرّ ... ليمسك من سرّي فبالغت بالستر
ولم يرّ ميلي للّجين وللتبر ... ولكن لإكرامي وأن يعرفوا قدري
ولست أسوم الناس صعبا من الأمر ... ولا عابني حال من العسر واليسر
ولا أنا ممّن يمدح الناس بالشعر ... ولا أنا من يهجو بشعر ولا نثر
ولكنّني رب العلوم وذو الأمر ... بنظم تغلّيه الجواري على الدرّ
ولي دربة طالت على كل عالم ... إذا أعوز الإنسان علم بما يدري
من الطبّ والتنجيم من بعد منطق ... ولا علم إلّا ما أحاط به صدري
وها أنا سيف الله علما بدينه ... أذبّ عن التوحيد في أمم الكفر «1»
ثم ذكر تمام الأبيات، والمراد منها ما ذكره عن نفسه في عالم النجوم.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 176(7/208)
124 أبو العباس بن المنجم يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلم
ومن المعروفين بعلم النجوم من أهل الإسلام، وإن لم يعرف له شيء من الأحكام، ممّن ذكرهم التنوخي، في كتابه النشوار، جماعة، منهم:
أبو بكر ابن عمر «1» ، وقد صنف كتبا كثيرة في النجوم.
ومنهم أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم «2» .
ومنهم يحيى بن أبي منصور المنجم «3» ، وكان يحيى مجوسيا، أسلم على يد المأمون، فصار مولاه بذلك، وكان خصيصا به، ومنجمه، ونديمه.
وأبو منصور، والده، منجم المنصور «4» .
ومنهم أبو الحسن محمد بن سليمان، صاحب الجيش، وكان منقطعا إلى أبي علي بن مقلة، قبل الوزارة، وبعدها، مختصا به من أجل النجوم والأدب.
ومنهم الحسن بن علي بن زيد المنجم «5» ، غلام أبي نافع، عامل معز(7/209)
الدولة على الأهواز وقطعة من كورها، ومحله عنده محل أحد وزرائه.
ومنهم والد أبي العباس هبة الله بن المنجم، الذي ذكر التنوخي، أنّ ولده أبا العباس «1» جرت له حكاية، فقال:
أنشد أبو العباس لنفسه، يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلّم «2» ، لمّا صيّر له عضد الدولة رسما، أن يحمل إليه من مائدته كل يوم جونة كبيرة، طعاما، تشريفا له بذلك.
وأنا أقول: كان سبب ذلك، أنّه أقطعه إقطاعا بمال جليل في كل سنة، فلم يقبل، فبذل له شراء ضياع يوقفها عليه، بدل هذا الإقطاع، وتستطاب غلّتها، ويصحّ إنفاقها، فلم يقبل، وأبى.
قال عضد الدولة «3» : فلا أقل من أن ينفذ إليك في كل يوم، من حضرتي، بما تأكله، وفي كل فصل بكسوة، وطيب تستعمله.
فأجاب إلى ذلك.
فأنفذ إليه ثيابا جليلة، من صنوف القطن، والكتّان، والعود الهندي، وأنواعا من العطر، وصار ينفذ إليه جونة في كل يوم، مع غلام من أصحاب مائدته،(7/210)
من الطعام الذي يقدّم إليه، ثم يشال من بين يديه.
فقال هبة الله، أبو العباس المنجم، لكنّي سمعت هذا الشعر، وأبو العباس ليس بحي، ولا أبو إسحاق النصيبي «1» ، فأعرف صحّته، إلّا أنّي أثق بخبر أبي علي «2» ، والشعر هو:
أظهر هذا الشيخ مكنونه ... وجنّ لما أبصر الجونه «3»
شحّ عليها إذ رأى حسنها ... وهي بلحم الطير مشحونه
أسلم للعاثور «4» إسلامه ... وباع في أكلتها دينه
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم لرضي الدين بن طاوس 201(7/211)
125 منجم يأخذ طالع المعتصم
ذكر التنوخي في الجزء السابع من نشوار المحاضرة، قال: حدّثني علي ابن العباس النوبختي «1» ، قال: حدّثني محمد بن داود بن الجراح «2» ، قال:
حدّثني أبو علي الحسن بن وهب «3» ، قال:
رأيت يوما محمد بن عبد الملك الزيات «4» ، قد عاد من موكب المعتصم «5» ، قبل خروجه إلى سامراء، وهو على غاية من الضجر، وكنت جسورا عليه.
فقلت: ما لي أرى الوزير أيّده الله مهموما؟
قال: أفما عرفت خبري؟
قلت: لا.
قال: ركب أمير المؤمنين، وأنا أسايره من جانب، وابن أبي دؤاد «6» يسايره من الجانب الآخر، حتى بلغنا رحبة الجسر، فأطال الوقوف، حتى ظننّا أنّه ينتظر شيئا.
ثم أسرع خادم يركض، حتى أسرّ إليه سرّا، فقال: غممتني، وكرّ(7/212)
راجعا إلى الجانب الشرقي، فلما توسّط الطريق جعل يضحك، ولا شيء يضحكه.
فجسر عليه ابن أبي دؤاد، فقال: إن رأى أمير المؤمنين، أن يشركنا بالسرور فيما يسرّه.
قال: ليست لكما حاجة في ذلك.
فقال ابن أبي دؤاد: بلى.
قال: أما إذ سألتماني لم ركبت اليوم، فإنّي اعتمدت أن أبعد، وصرت إلى رحبة الجسر، فذكرت منجما كان يجلس فيها أيّام فتنة الأمين «1» ، وبعدها، وكان موصوفا بالحذق قديما، وكنت أسمع به.
فلما غلب إبراهيم بن شكلة «2» ، على الأمور، اعتمد «3» عليّ في الرزق، وأجرى لي خمسمائة دينار في الشهر، ولم يكن أحد داخله أكثر رزقا منّي، لأنّ جيشه إنما كان كلّ واحد له تسعة دراهم وعشرة، والقوّاد مثلها دنانير ونحو ذلك، لضيق الأحوال، وخراب البلاد، والناس إنما كانوا يقاتلون معه عصبيّة، لا لجائزة.
فركبت يوما حمارا، متنكرا «4» لبعض شأني، فرأيت ذلك المنجّم، فتطلّعت إليه نفسي أن أسأله عن أمر إبراهيم وأمري، وهل يتمّ لنا شيء، أم يغلبنا المأمون «5» ، فعدلت إلى المنجم، وكنت متنكّرا.(7/213)
وقلت للغلام: أعطه ما معك، فأعطاه درهمين.
وقلت له: خذ الطالع، واعمل لي مسألة، ففعل.
ثم قال لي: سألتك بالله هل أنت هاشمي؟
قلت: ما سؤالك عن هذا؟
فقال: كذا يوجب الطالع، فإن لم تصدقني لم أنظر لك.
فقلت: نعم.
قال: فهذا الطالع أسد، وهو الطالع في الدنيا، وإنّه يوجب لك الخلافة، وأنت تفتح الآفاق، وتزيل الممالك، ويعظم جيشك، وتبني لك بلادا عظيمة، ويكون من شأنك كذا، ومن أمرك كذا، وقصّ عليّ جميع ما أنا فيه الآن.
قلت: فهذا السعود، فهل عليّ من النحوس؟
قال: لا، ولكنك إذا ملكت، فارقت وطنك، وكثرت أسفارك.
قلت: فهل غير هذا؟
قال: نعم، ما شيء أنحس عليك من شيء واحد.
قلت: ما هو؟
قال: يكون المتولّون عليك في أيام ملكك، أصولهم دنيّة، سفلة، فيغلبون عليك، ويكونون أكابر أهل مملكتك.
قال: فعرضت عليه دراهم كانت في خريطة معي في خفّي، فحلف أن لا يقبل غير ما أخذه.
وقال: إذا وليت هذا الأمر فاذكرني، وأحسن في ذلك الوقت إليّ.
فقلت: أفعل.
ولكنّي ما ذكرته إلى الآن، ولما بلغت الرحبة، وقعت عيني على موضعه فذكرته، وذكرت كلمته، وتأمّلتكما حواليّ، وأنتما أكبر أهل مملكتي،(7/214)
وأنت ابن زيّات «1» ، وهذا ابن قيّار «2» - وأومأ إلى ابن أبي دؤاد- فإذا قد صح جميع ما قال.
فأنفذت هذا الخادم في طلبه والبحث عنه، لأفي له بسالف الوعد، فعاد إليّ، وذكر أنه قد مات قريبا، فكسلت، وغمّني أن فاتني الإحسان إليه، فرجعت عن الابعاد، وأخذني الضحك، إذ ترأس في دولتي أولاد السفل.
قال: فانكسرنا، ووددنا أنّا ما سألناه.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 190(7/215)
126 كيف اتصل نوبخت المنجم بأبي جعفر المنصور
أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: أنبأنا الحسين بن القاسم الكسروي «2» ، قال: حدّثني أبو سهل بن علي بن نوبخت «3» ، قال:
كان جدّنا نوبخت على دين المجوسيّة، وكان في علم النجوم نهاية، وكان محبوسا في سجن الأهواز.
قال: رأيت أبا جعفر المنصور «4» قد دخل السجن «5» ، فرأيت من هيبته، وجلالته، وسيماه، وحسن وجهه، وشأنه، ما لم أره لأحد قط، فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد.
فقال: أجل يا مجوسي.(7/216)
قلت: من أيّ بلاد أنت؟
قال: من المدينة.
قلت: أي مدينة؟
قال: مدينة الرسول صلوات الله عليه.
فقلت: وحق الشمس والقمر، من أولاد صاحب المدينة؟
قال: لا، ولكن من عرب المدينة. فلم أزل أتقرّب إليه وأحدّثه، حتى سألته عن كنيته. فقال: أبو جعفر.
فقلت: أبشر، وجدتك في الأحكام النجومية، تملكني، وجميع ما في هذا البلد، حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال.
فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟
قلت: هو كما أقول، واذكر لي هذا.
قال: إن قضى الله، فسوف يكون.
قلت: قد قضى الله من السماء، فطب نفسا.
وطلبت دواة، فوجدتها، فقلت: اكتب، فكتب.
«بسم الله الرحمن الرحيم. إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم معرة الظالمين، وردّ الحق إلى أهله، فلا نغفلك» .
فقلت: اكتب لي في خدمتك خطّا، وأمانا. فكتب لي.
قال نوبخت: ولما ولي الخلافة، صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال:
أنا له ذاكر مع الأمان، والحمد لله الذي صدق وعده، وردّ الحق إلى أهله.
قال: فأسلم نوبخت، وكان منجما لأبي جعفر، ومولى له.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 211(7/217)
127 كلب يموت على قبر صاحبه
وذكر بعض الرواة «1» ، قال:
كان للربيع بن بدر، كلب قد رباه، فلما مات الربيع، ودفن، جعل الكلب يتضرّب «2» على قبره حتى مات.
وكان لعامر بن عنترة «3» كلاب صيد وماشية، وكان يحسن صحبتها، فلما مات عامر، لزمت الكلاب قبره، حتى ماتت عنده، وتفرق عنه الأهل والأقارب.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 10(7/218)
128 وفاء الكلب، وغدر أبي سماعة
كان للأعمش «1» كلب يتبعه في الطريق إذا مشى، حتى يرجع، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت صبيانا يضربونه، ففرقت بينهم وبينه، فعرف لي ذلك فشكره، فإذا رآني يبصبص لي، ويتبعني.
ولو عاش- أيدك الله- الأعمش إلى عصرنا، ووقتنا هذا، حتى يرى أهل زماننا هذا، ويسمع خبر أبي سماعة المعيطي ونظائره، لازداد في كلبه رغبة، وله محبة.
قال: هجا أبو سماعة المعيطي، خالد بن برمك «2» ، وكان إليه محسنا، فلما ولي يحيى «3» الوزارة، دخل إليه أبو سماعة، فيمن دخل من المهنئين.
فقال: انشدني الأبيات التي قلتها.
فقال: ما هي؟
قال: قولك:
زرت يحيى وخالدا مخلصا لل ... هـ ديني فاستصغرا بعض شاني
ولو انّي ألحدت في الله يوما ... أو لو انّي عبدت ما يعبدان
ما استخفّا فيما أظن بشأني ... ولأصبحت منهما بمكان(7/219)
إنّ شكلي وشكل من جحد الل ... هـ وآياته لمختلفان
قال أبو سماعة: لا أعرف هذا الشعر، ولا من قاله.
فقال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف.
فقال يحيى: وامرأتك طالق، فحلف.
فأقبل يحيى على الغساني، ومنصور بن زياد، والأشعثي، ومحمد بن محمد العبدي- وكانوا حضورا في المجلس- وقال: ما أحسبنا إلّا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلا، وآلة، وحرما، ومتاعا، يا غلام:
ادفع له عشرة آلاف درهم، وتختا فيه عشرة أثواب، فدفع إليه.
فلما خرج تلقّاه أصحابه، يهنئونه، ويسألونه عن أمره، فقال: ما عسيت أن أقول إلّا أنه ابن زانية أبي إلّا كرما.
فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر به، فحضر، فقال له يا أبا سماعة، لم تعرق في هجائنا، وتغرق في شتمنا؟
فقال له أبو سماعة: ما عرّفته أيها الوزير، افتراء وكذب عليّ.
فنظر إليه يحيى مليّا، ثم أنشأ يقول:
إذا ما المرء لم يخدش بظفر ... ولم يوجد له أن عضّ ناب
رمى فيه الغميزة من بغاها ... وذلّت من قرائنه الصعاب
فقال أبو سماعة: كلّا أيها الوزير، ولكنّه كما قال:
لم يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا ... حتى يذلّوا، وإن عزّوا، لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرة ... لا صفح ذلّ ولكن صفح أحلام
فتبسّم يحيى، وقال: إنّا عذرناك، وعلمنا أنّك لن تدع مساوىء شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك،(7/220)
ثم تمثّل قائلا:
متى لم تتّسع أخلاق قوم ... تضيق بهم فسيحات البلاد
إذا ما المرء لم يخلق لبيبا ... فليس اللب عن قدم الولاد
ثم قال: هو والله، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: المؤمن لا يشفي غيظه.
ثم إن أبا سماعة، هجا بعد ذلك سليمان بن أبي جعفر «1» ، وكان إليه محسنا، فأمر به الرشيد «2» ، فحلق رأسه ولحيته «3» .
فضل الكلاب على من لبس الثياب 11(7/221)
129 كلب يخرج صاحبه من حفرة دفن فيها حيا
أنبأنا الفقيه أبو موسى عيسى بن أبي عيسى القابسي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قراءة عليه، قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيويه الخزاز «2» ، أنّ أبا بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، أخبرهم، قال:
أنشدني أبو عبيدة «4» ، لبعض الشعراء:
يعرّج عنه جاره وشقيقه ... ويرغب فيه كلبه وهو ضاربه
قال أبو عبيدة: قيل هذا الشعر، في رجل من أهل البصرة خرج إلى الجبّانة «5» ينتظر ركابه، فاتبعه كلب له فطرده، وضربه، وكره أن يتبعه، ورماه بحجر فأدماه، فأبى الكلب ألّا أن يتبعه.
فلما صار إلى الموقع، وثب به قوم، كانت لهم عنده طائلة «6» ، وكان معه جار له، وأخ، فهربا عنه، وتركاه وأسلماه، فجرح جراحات كثيرة،(7/222)
ورمي به في بئر، وحثوا عليه التراب، حتى واروه، ولم يشكّوا في موته، والكلب مع هذا يهرّ «1» عليهم، وهم يرجمونه.
فلما انصرفوا، أتى الكلب إلى رأس البئر، فلم يزل يعوي، ويبحث في التراب بمخالبه، حتى ظهر رأس صاحبه وفيه نفس يتردد، وقد كان أشرف على التلف، ولم يبق فيه، إلّا حشاشة نفسه، ووصل إليه الروح.
فبينما هو كذلك، إذ مرّ أناس، فأنكروا مكان الكلب، ورأوه كأنّه يحفر قبرا، فجاءوا، فإذا هم بالرجل على تلك الحال، فاستخرجوه حيّا وحملوه إلى أهله.
فزعم أبو عبيدة، أنّ ذلك الموضع، يدعى: بئر الكلب.
فضل الكلاب على من لبس الثياب 16(7/223)
130 كلب خلص صاحبه من موت محقق
حدّثني عبد الله بن محمد الكاتب، قال: حدّثني أبي، عن محمد بن خلاد «1» ، قال:
قدم رجل على بعض السلاطين، وكان معه حاكم أرمينية، منصرفا إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبّة مبنيّة، مكتوب عليها:
هذا قبر الكلب، فمن أحبّ أن يعلم خبره، فليمض إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها من يخبره.
فسأل الرجل عن القرية، فدلّوه عليها، فقصدها، وسأل أهلها، فدلّوه على شيخ، فبعث إليه، وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله، فقال: نعم، كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، وكان مستهترا بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد ربّاه، وسمّاه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غدائه وعشائه، أطعمه ممّا يأكل.
فخرج يوما إلى بعض متنزهاته، وقال لبعض غلمانه: قل للطباخ، يصلح لنا ثريدة لبن، فقد اشتهيتها، فأصلحوها، ومضى إلى متنزهاته.
فوجّه الطباخ، فجاء بلبن، وصنع له ثريدة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ شيء آخر.
فخرج من بعض شقوق الحيطان أفعى، فكرع من ذلك اللبن، ومجّ في الثريدة من سمّه، والكلب رابض، يرى ذلك كله، ولو كان له في الأفعى حيلة لمنعها، ولكن لا حيلة للكلب في الأفعى والحيّة، وكان عند الملك جارية(7/224)
خرساء، زمنة «1» ، قد رأت ما صنع الأفعى.
ووافى الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان، أوّل ما تقدمون إليّ الثريدة.
فلما قدموها بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونبح الكلب وصاح، فلم يلتفتوا إليه، وألحّ في الصياح ليعلمهم مراده فيه.
ثم رمى إليه بما كان يرمي إليه في كل يوم، فلم يقربه، ولجّ في الصياح.
فقال لغلمانه: نحّوه عنّا، فإن له قصّة، ومد يده إلى اللبن.
فلما رآه الكلب، يريد أن يأكل، وثب إلى وسط المائدة، وأدخل فمه في اللبن، وكرع «2» منه، فسقط ميتا، وتناثر لحمه.
وبقي الملك متعجّبا منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها، وما صنع الكلب.
فقال الملك لندمائه وحاشيته: إنّ كلبا قد فداني بنفسه، لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبّة، وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان من خبره «3» .
فضل الكلاب على من لبس الثياب 16(7/225)
131 أبو الحسن القمي يقترح أصواتا
«1» كان أبو الحسن القمّي، يكتب لروزبهان بن ونداد خورشيد «2» ، على إقطاعه في السواد، وخليفة عنه بحضرة معز الدولة «3» ، ببغداد، وكان يهوى «منداة» جارية قهرمانة ابن مقلة «4» ، وهي صبيّة مليحة الوجه، طيّبة الغناء، وكان من أصواته عليها:
أيا راهبي نجران ما فعلت هند ... أقامت على عهدي وأنّى لها عهد
فأراد يوما أن تغنّيه له، فقال لها: يا ستّي، غنّي لي ذاك سوت «5» :
أيا راهبي نجران ما فعلت هندي ... أقامت بلا عهد وإنّي بلا عهد
فضحكت، وقالت له: أعلم أنّك سفلة، بلا عهد.
وقال لها مرة: يا ستّي، غنّي ذاك سوت:(7/226)
يا فاطمة بعط ذلول
فضحكت، وضحك الحاضرون، يريد:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل
وحدّثت عنه، بين يديه، وهو يسمع، قالت: غنّيت له ليلة:
أمن سميّة دمع العين مذروف ... لو أنّ ذا منك قبل اليوم معروف
وفيه لحن حسن، فأعجبه، وأطربه، ولم يزل يتلقّنه، ويتحفّظه، إلى أن ظنّ أنّه قد أتقنه.
وصبر ساعة، وقال لي: يا ستّي، بالله غنّي لي، ذاك سوت:
أمن سميته دموعك عينك ذرذف
فضحكت منه، فقال: ما لك؟
فأعدت البيت عليه، على صحّته.
فقال: يا باردة، كلّه واحد.
قالت: وغنّيت له مرة، صوتا استحسنه، وقال لي: يا ستّي، اكتبيه لي.
فقلت له: يا هذا أنت كاتب أو أنا؟
فقال: أنا ما أحسن أكتبه بلحنه، أريد تكتبينه أنت بلحنه، كما تحسنينه «1» .
الهفوات النادرة 331(7/227)
132 أبو الحسن القمي يتحدّث عن يقطين قم
وكان يوما في دار أبي الحسن الأهوازي «1» ، فتحدّث بحديث يقطين يكون بقمّ «2» ، عظيما، حتى إنّ قشر الواحدة- إذا فرّغ وجفّف- وسع من الحنطة شيئا كثيرا.
وقال: وهو مقبل على أبي الحسن بن محمود البادرائي، نديم أبي الحسن الأهوازي، وكان طيّبا، نادرا، فقال له: إقطعون راسك، أخرجون صوف.
فقال له ابن محمود: يكون- يا سيدي- في قرع قم، صوف؟
قال: هاي، كيف يكون صوف في قرع؟ إنّما أخرجون قماش بطنك.
فقال ابن محمود: كانت حالي مع الصوف أصلح، مرّ يا سيدي في حديثك، فلك نيّتك، وقد علمنا ما أردت.(7/228)
فضحكت الجماعة.
فقال: ذا قرع مبارك، جاب الضحك والفرح.
وضحك معهم «1» .
الهفوات النادرة 332(7/229)
133 رقعة أبي الحسن القمي إلى الأمير عبد الواحد بن المقتدر
وكتب يوما رقعة إلى عبد الواحد بن المقتدر بالله «1» ، يسأله مبايعته سقف ساج مذهب، كان في بيت ماء في داره على دجلة، بباب خراسان «2» :
بسم الله الرحمن الرحيم، قد علم سيدي الأمير، حال السقف الذهب، الذي- حاشا وجه سيدي- في الخلاء، وهو هدية من ماله، والشكر عليه كثير، وليس أجعله- وحياة راس سيدي الأمير- في الخلاء، أريده لصفّة «3» ، ويوعز سيدي الأمير، إذا منحني من ثمنه، مزحت مع سيدي، وليس أخرج له من رأي قضاء حقّي، حتى أبو محمد القرافي يعرّفه ما في الأمر، ويزن الثمن، وعرّفته ذلك، حتى يعمل معي ما يشبهه، إن شاء الله «4» .
الهفوات النادرة 333(7/230)
134 ابن الجصّاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 1
حكى ابن الجصاص «1» ، قال:
كنت يوم قبض عليّ المقتدر «2» ، جالسا في داري، وأنا ضيّق الصدر، وكانت عادتي، إذا حصل مثل ذلك، أن أخرج جواهر كانت عندي في درج، معدة لمثل هذا، من ياقوت أحمر، وأصفر، وأزرق، وحبّا كبارا، ودرّا فاخرا، ما قيمته خمسون ألف دينار، وأضعه في صينيّة، وألعب به حتى يزول قبضي.
فاستدعيت بذلك الدرج، فأتي به بلا صينيّة، فأفرغته في حجري، وجلست في صحن داري، في بستان، في يوم بارد، طيّب الشمس، وهو مزهر بصنوف الشقائق «3» والمنثور «4» .
وأنا ألعب بذلك، إذ دخل الناس بالزعقات والمكروه، فلما رأيتهم دهشت، ونفضت جميع ما كان في حجري من الجوهر، بين ذلك الزهر في البستان، فلم يروه.(7/231)
وأخذت، وحملت، وبقيت مدّة في المصادرة والحبس، وتقلّبت الفصول على البستان، وجفّ ما فيه، ولم يفكّر أحد فيه.
فلمّا فرّج الله عنّي، وجئت إلى داري، ورأيت المكان الذي كنت فيه، ذكرت الجوهر، فقلت: ترى بقي منه شيء؟.
ثم قلت: هيهات، وأمسكت.
ثم قمت، ومعي غلام ينثر البستان بين يدي، وأنا أفتش ما ينثره، وآخذ الواحدة بعد الواحدة، إلى أن وجدت الجميع، ولم أفقد منه شيئا «1» .
فوات الوفيات 1/273(7/232)
135 ابن الجصّاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 2
قال ابن الجصاص:
لمّا نكبني المقتدر، وأخذ منّي تلك الأموال العظيمة «1» ، أصبحت يوما في الحبس، آيس ما كنت فيه من الفرج، فجاءني خادم، فقال: البشرى! قلت: وما الخبر؟
قال: قم، فقد أطلقت.
فقمت معه، فاجتاز بي في بعض دور الخليفة، يريد إخراجي إلى دار السيّدة، لتكون هي التي تطلقني، لأنها هي شفعت فيّ.
فوقعت عيني على أعدال خيش «2» لي أعرفها، وكان مبلغها مائة عدل،(7/233)
فقلت: أليس هذا من الخيش الذي حمل من داري؟
قال: بلى.
فتأمّلته، فإذا هو مائة عدل، وكانت هذه الأعدال، قد حملت إليّ من مصر، في كل عدل منها ألف دينار، وكانت هناك، فخافوا عليها، فجعلوها في أعدال الخيش، فوصلت سالمة، ولاستغنائي عن المال، لم أخرجه من الأعدال، وتركته في بيت من داري، وقفلت عليه، ونقل كل ما في داري، فكان آخر ما نقل منها، الخيش، ولم يعرف أحد ما فيه، فلما رأيته بشدّه، طمعت في خلاصه.
فلما كان بعد أيام من خروجي، راسلت السيّدة، وشكوت حالي إليها، وسألتها أن تدفع إليّ ذلك الخيش لانتفع بثمنه، إذ كان لا قدر له عندهم، ولا حاجة بهم إليه، فوعدتني بخطاب المقتدر في ذلك.
فلما كان بعد أيام، أذكرتها، فقالت: قد أمر بتسليمه إليك.
فسلّم إليّ بأسره، ففتحته، فأخذت منه المائة ألف دينار، ما ضاع منها شيء، وبعت من الخيش ما أردت، بعد أن أخذت منه قدر الحاجة «1» .
المنتظم 6/212(7/234)
136 الوزير ابن الفرات يحسن إلى عطار
حكي أنّ ابن الفرات اجتاز يوما ببعض الطرق، فاتّفق أن سار تحت ميزاب، فوقع عليه منه ما لوّث ثيابه، وسرجه، ودابته، فوقف في الطريق، وأنفذ إلى داره من يحضره خلعة ثياب أخرى، فرآه رجل عطّار كان في الموضع، فقام إليه، وسأله أن يدخل إلى منزله، ويقيم فيه، إلى أن يعود الرسول بالثياب، ففعل، وأقام عنده، وخلع ما كان عليه، وتنظّف بالماء مما كان أصابه، وأحضره الغلام الثياب، فلبسها، ثم سأله العطار، أن يأذن له في إحضار بخور يتبخّر به، فأذن له، وركب أبو الحسن.
ومضت الأيام، فلمّا ولي الوزارة، كانت حال العطّار قد اختلّت، ورزحت «1» .
فقالت له زوجته: لو مضيت إلى الوزير، وتعرّفت عليه بخدمتك كانت له «2» ، لرجوت أن ينظر في أمرك نظرا يغيّر به حالك.
فأعرض عن قولها، واستبعد الأمل ممّا ذكرته.
ثم ألحّت عليه في القول، فمضى، ودخل دار أبي الحسن، وتعرّض له، إلى أن رآه، فأمسك، وانصرف.
فعرّف زوجته ما جرى، فأشارت عليه بالعود.
فعاد ومعه رقعة يستميحه فيها، ولم يزل حتى وجد فرصة، فعرضها عليه، فلمّا وقف عليها، قال: سل حاجة، تقض لك.(7/235)
واتّفق أن صار إليه من خاطبه في أمر كاتب للعيال «1» ، كان محبوسا، وسأله مسألة الوزير إطلاقه، وضمن له خمسة آلاف دينار له خاصة، وللوزير عشرين ألف دينار، على يده، وللحواشي خمسة آلاف دينار، وواقفه على تعديل المال، عند بعض التجار بالكرخ.
فلما توثّق منه، قصد الوزير، ومعه رقعة بالصورة، فأمره بحمل المال، ليطلق له الرجل.
فحمل المال، فلما حصل في الدار، منع بعض الخدم من إدخاله في الخزانة، إلى أن يؤذن في قبضه.
وعرف الوزير أمره، فتقدّم إلى العطار، أن يفرّق ما للحاشية عليهم، ويأخذ جميع الباقي لنفسه، وأمر بإطلاق كاتب العيال.
فاستعظم العطار ذلك، وملأ قلبه، ورأى قدره يصغر عن مثله، فقال للوزير: يقنعني من هذا كلّه، ألف دينار، أغيّر بها حالي، واجعلها رأس مالي.
فقال له: خذ الجميع، عافاك الله، ولا تكثر عليّ في الخطاب.
فخرج من حضرته، وصار إلى أبي أحمد المحسّن، وعرّفه الحال، وأنّه يقنعه اليسير ممّا أعطيه، وأومأ إلى حمل الباقي إليه.
فقال له أبو أحمد: يأمر لك الوزير بشيء وأصانعك عليه؟ خذ المال، وانصرف «2» .
الوزراء للصابي 84(7/236)
137 من يفعل الخبر لا يعدم جوازيه
وأنبئت عن عمر بن أحمد بن هبة الله، قال: أنبأنا أبو عبد الله الحنبلي، بأصبهان، عن أبي طاهر التاجر، قال: أنبأنا أبو القاسم بن منده، إذنا، عن أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي، قال: حدّثني أبو الحسن البصري، قال: قال لي رجل:
كنت أخدم علي بن محمد بن الفرات، وزيرا، قال: فغضب عليه السلطان، وتقدّم بحبسه.
قال: وكان عندي خمسمائة دينار، فقلت لامرأتي، وكانت ذات عقل ورزانة: إنّي أريد أن أحمل هذه الدنانير إلى الوزير، لعلّه يحتاج إليها في حبسه.
قالت: ويحك، إنّ ابن الفرات، لا يحمل إليه خمسمائة دينار، فإنّه يستخفّها، وحاملها.
قال: فعصيتها، وحملت الدنانير.
فلما رآني، تعجّب، وقال: فلان؟
قلت: نعم، أيّد الله سيدنا.
قال: حاجتك؟
فأخرجت الصرة، وقلت: هذه خمسمائة دينار، ولعلّها تصلح أن تبرّ بها بوّابا، أو موكّلا.
فقال: قبلتها، ثم قال: خذها، تكون وديعة عندك.
قال: فخجلت، ورجعت إلى امرأتي، وحدّثتها، فقالت: قد كنت أشرت عليك، أن لا تفعل، فأبيت.(7/237)
قال: ثم إنّ السلطان، رضي عن الوزير، وعاد إلى أفضل مما كان عليه، فدخلت عليه؛ فلمّا أبصرني، طأطأ رأسه، ولم يملأ عينه منّي فقلت: هذا ما قالته لي امرأتي.
وكنت أغدو إليه بعد، وأروح، فلا يزداد إلّا إعراضا عنّي، حتى أنفقت تلك الدنانير، وبقيت متعطّلا، أبيع ما في بيتي.
وبكّرت إلى ابن الفرات يوما، على ما بي من انكسار، وضعف حال ومنّة، فدعاني، وقال: وردت البصرة سفن من بلاد الهند، فانحدر، وفسّرها، واقبض حقّ بيت المال «1» ، وما كان من رسمنا من المستثنى «2» ، ولا تتأخر.
فعدت إلى أهلي، فقلت لها: من تمام المحنة، إنّه كلّفني سفرا، وأنا لا أقدر على ما أنفقه.
قال: فناولتني خمارا «3» لها، وقرطين، فبعت ذلك، وجعلت ثمنه نفقتي، وانحدرت، وفسّرت السفن «4» ، وقبضت حقّ بيت المال، ورسم الوزير، فحملته إلى بغداد، وعرّفت الوزير فقال: سلّم حقّ بيت المال، واقبض الرسم المستثنى لنا، وكم هو؟(7/238)
قلت له: خمسة وعشرون ألف دينار.
قال: احملها إلى منزلك.
فأخذتها إلى منزلي، وسهرت ليلي لحفظها، على اهتمامي طول نهاري بها، ومضى لهذا الحديث زمان ليس بالطويل، وبان الضرّ في وجهي.
فدخلت إليه يوما، فقال لي: ادن منّي، ما لي أراك متغيّر اللون، سيّء الحال؟.
فحدّثته بإقلالي وإضاقتي.
فقال: ويحك، وأنت ممّن بنفق في مدّة يسيرة، خمسة وعشرين ألف دينار؟
قلت: أيّد الله سيدنا الوزير، ومن أين لي خمسة وعشرون ألف دينار؟
قال: يا جاهل، أما قلت لك احملها إلى منزلك؟ أتراني لم أجد من أودعه مالي غيرك؟ ويحك أما رأيت إعراضي عنك، أوّل دخولك إليّ.
قلت: بلى أيّها الوزير، وذاك الذي أذاب قلبي.
قال: ويحك، إنّما أعرضت عنك، حياء منك، وتذكّرت جميل صنيعك، وأنا محبوس، فقلت: متى أقضي حقّ هذا فيما فعله؟ فعجّل إلى منزلك، واتّسع في النفقة، وأنا أنظر لك، بما يغنيك، ويغني عقبك، إن شاء الله تعالى.
فعدت إلى منزلي، عودة عبد من عند مولى كريم، وكان ذلك سبب غناي.
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/239)
138 خشكنانجانات حشوها دنانير
حكى ابن الهمذاني، أنّ ابن سمعون «1» ، ذكر على كرسيه في ليلة النصف من رمضان، الحلوى، وكانت مزنة، جارية أبي سعيد الصائغ «2» ، حاضرة، وهو تاجر مشهور بكثرة المال، ومنزله بدرب رباح، فلمّا أمسى، أتاه غلام ومعه خشكنانكه «3» ، فكسر واحدة، فوجد فيها دينارا فكسر الجميع، وأخرج الدنانير، وحملها بنفسه، إلى أبي سعيد الصائغ، وقال: قد جئتك في سبب، وأريد أن يكون جوابك قبول قولي، وأن لا تنكر على أهل الدار، وأخبره بالدنانير.
فقال له أبو سعيد: أعيذك بالله، أن يحضر مجلسك من فيه ريبة، والله ما تركت المرأة الدنانير إلا بحضرتي، وتساعدنا جميعا على هذا العمل.
المنتظم 7/200(7/240)
139 يكتب هذا في مكارم الأخلاق
«1» أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمد بن نعيم الضبّي، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي، يقول:
حضرت مجلس موسى بن إسحاق «2» ، القاضي بالري، سنة ست وثمانين ومائتين، فتقدّمت امرأة، فادعى وليّها على زوجها خمسمائة دينار مهرا، فأنكر.
فقال القاضي: شهودك؟.
قال: قد أحضرتهم.
فاستدعى بعض الشهود، أن ينظر إلى المرأة، ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد، وقال للمرأة: قومي.
فقال الزوج: تفعلون ماذا؟
قال الوكيل: ينظرون إلى امرأتك، وهي مسفرة، لتصحّ عندهم معرفتها.
فقال الزوج: أنا أشهد القاضي، أنّ لها عليّ هذا المهر الذي تدّعيه، ولا تسفر عن وجهها.
فأخبرت المرأة بما كان من زوجها، فقالت: وأنا أشهد القاضي، أنّي قد وهبته هذا المهر، وأبرأته منه في الدنيا والآخرة.
فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق.
المنتظم 6/18(7/241)
140 من التقط ما تحت مائدته أمن من الفقر
وحكي عن هدبة بن خالد «1» ، رحمه الله، قال:
حضرت مائدة المأمون، فلما رفعت المائدة، جعلت ألتقط ما في الأرض، فنظر إليّ المأمون، فقال: أما شبعت يا شيخ؟
قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، ولكن حدّثنا حماد بن سلمة «2» ، عن ثابت ابن أنس «3» ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من التقط ما تحت مائدته، أمن من الفقر.
فنظر المأمون إلى خادم واقف بين يديه، فأشار إليه، فما شعرت أن جاءني، ومعه منديل فيه ألف دينار، فناولني إيّاه.
فقلت: يا أمير المؤمنين، وهذا من ذاك.
ثمرات الأوراق للحموي 7(7/242)
141 من محاسن القاضي أحمد بن أبي دؤاد
ومن ملح أخبار القاضي أحمد ابن أبي دؤاد، ما حكي «1» : أنّ المعتصم كان بالجوسق، مع ندمائه، وقد عزم على الاصطباح، فأمر كلّا منهم أن يطبخ قدرا، ونظر سلامة، غلام أحمد بن أبي دؤاد، فقال: هذا غلام ابن أبي دؤاد جاء ليعرف خبرنا، والساعة يأتي، فيقول: فلان الهاشمي، وفلان القرشي، وفلان الأنصاري، وفلان العربي، فيقطعنا بحوائجه عمّا كنّا عزمنا عليه، وأنا أشهدكم أنّي لا أقضي له اليوم حاجة.
فلم يكن بأسرع من أن دخل إيتاخ «2» ، يستأذن لأحمد بن أبي دؤاد.
فقال لجلسائه: كيف ترون؟
قالوا: لا تأذن له يا أمير المؤمنين.
قال: سوأة لهذا الرأي، والله، لحمّى سنة، أسهل عليّ من ذلك.
فأذن له، فدخل، فما هو إلّا أن سلّم، وجلس، وتكلّم، حتى أسفر وجه المعتصم، وضحكت إليه جوارحه.
ثم قال: يا أبا عبد الله، قد طبخ كلّ واحد من هؤلاء قدرا، وقد جعلناك حكما في أطيبها.
قال: فلتحضر لآكل، وأحكم بعلم.
فأمر المعتصم بإحضارها، فأحضرت القدور بين يديه، وتقدّم القاضي أحمد بن أبي دؤاد، فجعل يأكل من أوّل قدر أكلا تاما.
فقال له المعتصم: هذا ظلم.(7/243)
قال: وكيف ذاك؟
قال: أراك قد أمعنت في هذا اللون، وستحكم لصاحبه قال: يا أمير المؤمنين، ليس بلقمة، ولا باثنتين، تدرك المعرفة بأخلاط الطعام، وعليّ أن أوفي كلّا حقّه من الذوق، ثم يقع الحكم بعد ذلك.
فتبسّم المعتصم، وقال: شأنك إذا.
فأكل من جميعها كما ذكر، ثم قال: أما هذه، فقد أجاد صاحبها، إذ كثّر خلّها وقلّل فلفلها، ليشتهي حمضها، وأما هذه فقد أحكمها طبّاخها، بتقليل مائها، وكثرة ربّها، وأقبل يصفها واحدة واحدة، حتى أتى على جميعها، بصفات سرّ بها أصحابها.
وأمر المعتصم بإحضار المائدة، فأكل مع القوم بأكلهم، أنظف أكل وأحسنه، فمرّة يحدّثهم بأخبار الأكلة في صدر الإسلام، مثل معاوية بن أبي سفيان، وسليمان بن عبد الملك، وعبيد الله بن زياد، والحجاج، ومرّة يحدّثهم عن أكلة دهره، مثل ميسرة الروّاس، وحاتم الكيّال، وإسحاق الحمامي، فلما رفعت الموائد قال له المعتصم: ألك حاجة يا أبا عبد الله؟.
قال: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: فاذكرها، فإنّ أصحابنا يريدون أن يتشاغلوا بقيّة يومهم.
فقال: رجل من أهلك يا أمير المؤمنين، قد وطئه الدهر، فغيّر من حاله، وخشّن معيشته.
قال: ومن هو؟ قال: سليمان بن عبد الملك النوفلي.
قال: قدّر له ما يصلحه. «1»(7/244)
قال: خمسين ألف درهم.
قال: قد أمرت له بها.
قال: وحاجة أخرى. قال: وما هي؟
قال: ضياع هارون بن المعمّر توغر بها له «1» . قال: قد فعلت.
قال: فو الله ما برح حتى سأل في ثلاث عشرة حاجة، لا يردّه المعتصم عن شيء منها.
ثم قام خطيبا، فقال: يا أمير المؤمنين، عمّرك الله طويلا، فبعمرك يخصب جناب رعيتك، ويلين عيشهم، وتنمو أموالهم، ولا زلت ممتّعا بالسلامة، منعّما بالكرامة، مدفوعا عنك حوادث الأيام، وغيرها، ثم انصرف.
فقال المعتصم: هذا والله الذي يتزيّن بمثله، ويبتهج بقربه، أما رأيتم كيف دخل؟ وكيف أكل، وكيف وصف القدور، وكيف انبسط في الحديث، وكيف طاب به أكلنا؟ والله لا يردّ هذا عن حاجة إلّا لئيم الأصل، خبيث الفرع، والله، لو سألني في مجلسي هذا ما قيمته عشرة آلاف ألف درهم، ما رددته عنها، فإني أعلم أنّه يكسبني في الدنيا جمالا وحمدا، وفي الآخرة ثوابا وأجرا «2» .
المستجاد من فعلات الأجواد 206(7/245)
142 قاضي القضاة ابن ابي دؤاد ينجي أبا دلف من القتل
قيل: كان الأفشين «1» مبغضا لأبي دلف القاسم بن عيسى العجلي «2» ، وحاسدا له على فضله، ويبغضه للفروسية والشجاعة «3» ، فحمل نفسه يوما على قتله، واستدعاه باستحثاث وإزعاج.
وكان أبو دلف، صديقا لقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد، فبعث إليه: أدركني، فمن أمري كذا وكذا، فركب مسرعا، واستحضر من حضره من الشهود.
فلمّا ورد باب الأفشين، قال له الغلمان: نستأذن لك؟
قال: الأمر أعجل من ذلك، ونزل، ودخل، فألفى الأفشين جالسا(7/246)
في موضعه، وقد أقيم أبو دلف بين يديه في الصحن.
فلمّا رأى الأفشين قاضي القضاة، دخل بلا إذن، بهت.
فقال له أحمد بن أبي دؤاد: أيها الأمير، أنا رسول أمير المؤمنين إليك، يأمرك أن لا تحدث في أمر القاسم حدثا إلا بإذنه.
ثم التفت إلى الشهود، فقال: اشهدوا أنّي قد بلّغت رسالة أمير المؤمنين والقاسم حيّ معافى.
ثم خرج فأتى باب المعتصم مسرعا، واستأذن عليه، فأذن له، فلمّا دخل عليه، قال: يا أمير المؤمنين، قد كذبت عليك واحدة، أرجو بها الجنة، ولك بها الفخر.
قال: وما هي؟
قال: كان من الأمر كيت وكيت.
قال: فضحك المعتصم، وقال: أحسنت، أحسن الله إليك.
ثم لم يلبث أن جاء الأفشين مستأذنا، فأذن له، فلمّا استقر مجلسه قال:
يا أمير المؤمنين، جاءتني رسالة منك مع قاضي القضاة في معنى أبي دلف، فما تأمر في شأنه؟
قال: نعم، أرسلت إليك فيه، فاحذر أن تتعرّض له إلّا بخير.
فأفلت بذلك من يده «1» .
المستجاد من فعلات الأجواد 148(7/247)
143 سنان بن ثابت الحراني يعالج أمير الأمراء بجكم
بعث بجكم التركي، أمير الأمراء «1» ، إلى الطبيب سنان بن ثابت «2» ، بعد موت الراضي «3» ، وسأله أن ينحدر إليه، إلى واسط «4» ، فانحدر إليه، فأكرمه وقال له: إنّي أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني، وفي أمر آخر، هو أهم إليّ من أمر بدني، وهو أمر أخلاقي، لثقتي بعقلك، ودينك، فقد غمّتني غلبة الغضب، والغيظ، وإفراطهما فيّ، حتى أخرج إلى ما أندم عليه، عند سكونهما، من ضرب، وقتل، وأنا أسألك أن تتفقّد ما أعمله، فإذا وقفت لي على عيب، لم تحتشم أن تصدقني عنه، وتنبّهني عليه، ثم ترشدني إلى علاجه.
فقال له: السمع والطاعة، أنا أفعل ذلك، ولكن يسمع الأمير منّي بالعاجل، جملة علاج ما أنكره من نفسه، إلى أن آتي بالتفصيل في أوقاته:(7/248)
اعلم أيها الأمير، أنّك قد أصبحت، وليس فوق يدك يد لأحد من المخلوقين، وأنّك مالك لكل ما تريده، قادر على أن تفعله، أيّ وقت أردته، لا يتهيّأ لأحد من المخلوقين منعك منه، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه، أيّ وقت أردت، واعلم أنّ الغيظ والغضب يحدثان في الإنسان سكرا، أشد من سكر النبيذ بكثير، فكما أنّ الإنسان يعمل في وقت السكر من النبيذ، ما لا يليق به، ولا يذكره إذا صحا، ويندم عليه إذ احدّث به، ويستحي منه، كذلك يحدث له في وقت السكر من الغيظ، بل أشدّ، فإذا ابتدأ بك الغضب، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت، لا يفوتك عمله، فإنّك إذا بتّ ليلتك، سكنت فورة غضبك، وقد قيل: أصحّ ما يكون الإنسان رأيا، إذا استدبر ليله، واستقبل نهاره، فإذا صحوت من سكرك، فتأمّل الأمر الذي أغضبك، وقدّم أمر الله عز وجلّ، أوّلا، والخوف منه، وترك التعرّض لسخطه، واشف غيظك، بما لا يؤثمك، فقد قيل: ما شفى غيظه من أثم، واذكر قدرة الله عليك، فإنك تحتاج إلى رحمته، وإلى أخذه بيدك، في أوقات شدائدك، فكما تحبّ أن يغفر لك، كذلك غيرك، يؤمّل عفوك، وفكّر بأيّة ليلة بات المذنب قلقا لخوفه منك، وما يتوقّعه من عقوبتك واعرف مقدار ما يصل إليه من السرور، بزوال الرعب عنه، ومقدار الثواب الذي يحصل لك، بذلك، واذكر قوله تعالى: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
، وإنما يشتد ذلك عليك مرّتين، أو ثلاثا، ثم تصير عادة لك، وخلقا، فيسهل.
فابتدأ بجكم، فعمل بما قال له «1» ، المنتظم 6/321(7/249)
144 مسافر لا يفكر في قطع الطريق
قال عبد الواحد بن نصر المخزومي «1» : أخبرني من أثق به أنّه خرج في طريق الشام، مسافرا يمشي وعليه مرقّعة، وهو في جماعة، نحو الثلاثين رجلا، كلّهم على هذه الصفة، قال: فصحبنا في بعض الطريق رجل شيخ، حسن الهيأة، معه حمار فاره يركبه، ومعه بغلان عليهما رحل، وقماش، ومتاع فاخر.
فقلنا له: يا هذا، إنّا لا نفكّر في خروج الأعراب علينا، فإنّه لا شيء معنا يؤخذ، وأنت لا تصلح لك صحبتنا، مع ما معك.
فقال: يكفينا الله.
ثم سار، ولم يقبل منّا، وكان إذا نزل يأكل، استدعى أكثرنا، فأطعمه وسقاه، وإذا أعيى الواحد منا، أركبه على أحد بغليه، وكانت الجماعة تخدمه وتكرمه، وتتدبّر برأيه.
إلى أن بلغنا موضعا، فخرج علينا نحو ثلاثين فارسا من الأعراب، فتفرّقنا عليهم، فقال الشيخ: لا تفعلوا، فتركناهم، ونزل، فجلس، وبين يديه سفرته، ففرشها، وجلس يأكل.
وأظلّتنا الخيل، فلما رأوا الطعام، دعاهم إليه، فجلسوا يأكلون، ثم حلّ رحله، وأخرج منه حلوى كثيرة، وتركها بين يدي الأعراب، فلما أكلوا، وشبعوا، جمدت أيديهم، وخدرت أرجلهم، ولم يتحرّكوا.(7/250)
فقال لنا: إنّ الحلو مبنّج، أعددته لمثل هذا، وقد تمكّن منهم، وتمّت الحيلة عليهم، ولكن لا يفك البنج «1» ، إلا أن تصفعوهم، فافعلوا، فإنّهم لا يقدرون على الامتناع.
فعلمنا صدق قوله، وأخذنا أسلحتهم، وركبنا دوابهم، وسرنا حواليه في موكب، ورماحهم على أكتافنا، وسلاحهم علينا، فما نجتاز بقوم، إلّا ظنونا من أهل البادية، فيطلبون النجاء منا، حتى بلغنا مأمننا.
الأذكياء لابن الجوزي 149(7/251)
145 فهل عند رسم دارس من معوّل
قال أبو بكر الصولي، حضرت باب علي بن عيسى الوزير، ومعنا جماعة من أجلّاء الكتّاب، فقدّمت دواة، وكتبت:
وقفت على باب ابن عيسى كأنّني ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
إذا جئت أشكو طول فقري وخلّتي ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بلّ دمعي محملي
لقد طال تردادي وقصدي إليهم ... فهل عند رسم دارس من معوّل «1»
فنمّ الخبر إليه، فاستدعاني، وقال: يا صولي، فهل عند رسم دارس من معوّل؟.
فاستحييت، وقلت: أيّد الله الوزير، ما بقي شيء، وأنا كما ترى فأمر لي بخمسة آلاف درهم فأخذتها، وانصرفت «2» .
المنتظم 6/360(7/252)
146 ألا موت يباع فأشتريه
ومن لطائف المنقول:
أنّ أبا محمد الوزير المهلبي، «1» كان في غاية من الأدب، والمحبة لأهله، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة بن بويه، في شدة عظيمة من الضرورة والمضايقة، وسافر وهو على تلك الحالة، ولقي في سفره شدّة عظيمة، فاشتهى اللحم، فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا:
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصي من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت لو انّني فيما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه
وكان له رفيق، يقال له: أبو عبد الله الصوفي، وقيل: أبو الحسن العسقلاني، فلما سمع هذه الأبيات، اشترى له لحما بدرهم، وطبخه، وأطعمه، وتفارقا.
وتنقّلت الأحوال، وولي الوزارة ببغداد لمعز الدولة المذكور «2» ، وضاق الحال برفيقه الذي اشترى له اللحم في السفر، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه:(7/253)
ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقال مذكّر ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضيق عيش ... ألا موت يباع فأشتريه
فلما وقف عليها، تذكّر الحال، وهزّته أريحية الكرم، فأمر له بسبعمائة درهم، ووقّع له في رقعته: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل، في كلّ سنبلة مائة حبّة.
ثم دعا به، فخلع عليه، وقلّده عملا، يرتفق منه «1» .
ثمرات الأوراق للحموي 80(7/254)
147 سبحة المقتدر بالله تقوّم بما يزيد على مائة ألف دينار
وانبئت عنه [ابن النجار] ، قال: أنبأنا أبو الفرج الحرّاني، عن أبي علي بن المهدي، قال: سمعت الأمير أبا محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله، قال:
أخبرتني والدتي عمرة، جارية المقتدر، قالت: استدعى المقتدر، بجواهر، فاختار منها مائة حبة، ونظمها سبحة يسبّح بها، فعرضت على الجوهريين، فقوّموا كل حبّة منها بألف دينار، وأكثر، فكان إذا أراد أن يسبّح، استدعى بها، ثم ردها إليّ، فأعلّقها في الخزانة، في خريطة.
فلما قتل المقتدر، وقع النهب، فأخذت في جملة ما أخذ، فلعلّ الذي أخذها، لا يدري ما هي «1» .
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/255)
148 ما أغنى عني ماليه
لما احتضر عضد الدولة «1» ، في السنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، جعل يتمثّل بقول القاسم بن عبيد الله «2» :
قتلت صناديد الرّجال فلم أدع ... عدوّا ولم أمهل على ظنّة خلقا
وأخليت دور الملك من كل نازل ... فشرّدتهم غربا وشرّدتهم شرقا
فلما بلغت النجم عزّا ورفعة ... وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقّا
رماني الردى سهما فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاطلا ملقى
فأذهبت دنياي وديني سفاهة ... فمن ذا الذي منّي بمصرعه أشقى
ثم جعل يقول: ما أغنى عنّي ماليه، هلك عنّي سلطانيه، فردّدها إلى أن توفي في آخر يوم الاثنين من شوال هذه السنة، عن سبع وأربعين سنة، وأحد عشر شهرا وثلاثة أيام «3» ، وأخفى خبره، ودفن بدار المملكة، ثم حمل إلى مشهد علي عليه السلام.
المنتظم 7/11(7/256)
149 أقوال الحكماء في الإسكندر وفي عضد الدولة
لمّا توفّي عضد الدولة «1» سنة 372، بلغ خبره إلى مجلس بعض العلماء، وفيه جماعة من أكابر أهل العلم، فتذاكروا الكلمات التي قالها الحكماء، عند موت الاسكندر «2» ، وقد رويت لنا من طرق مختلفة الألفاظ، ونحن نذكر أحسنها:
وذاك، أنّ الاسكندر، لما مات، قام عند تابوته، جماعة من الحكماء، فقال أحدهم: سلك الاسكندر، طريق من فني، وفي موته عبرة لمن بقي.
وقال الثاني: خلّف الاسكندر، ماله لغيره، وسيحكم فيه بغير حكمه.
وقال الثالث: أصبح الاسكندر مشتغلا بما عانى، وهو بالأعمال يوم الجزاء أشغل.
وقال الرابع: كنت مثلي حديثا، وأنا مثلك وشيكا.
وقال الخامس: إنّ هذا الشخص كان لكم واعظا، ولم يعظكم قط بأفضل من مصرعه.
وقال السادس: كان الاسكندر كحلم نائم انقضى، أو كظلّ غمام انجلى.(7/257)
وقال السابع: لئن كنت بالأمس لا يأمنك أحد، لقد أصبحت اليوم، وما يخافك أحد.
وقال الثامن: هذه الدنيا الطويلة العريضة، طويت في ذراعين.
وقال التاسع: أجاهل كنت بالموت فنعذرك، أم عالم به فنلومك؟
وقال العاشر: كفى للعامة أسوة بموت الملوك، وكفى للملوك عظة بموت العامة.
وقال بعض من حضر المجلس، الذي أشيع فيه، بموت عضد الدولة، وذكرت فيه هذه الكلمات، لو قلتم أنتم مثلها، لكان ذلك يؤثر عنكم.
فقال أحدهم «1» : لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها، وأعطاها فوق قيمتها، وحسبك أنّه طلب الربح منها، فخسر روحه فيها.
وقال الثاني «2» : من استيقظ للدنيا فهذا نومه، ومن حلم فيها فهذا انتباهه.
وقال الثالث «3» : ما رأيت غافلا في غفلته، ولا عاقلا في عقله، مثله، فقد كان ينقض جانبا، وهو يظن أنّه مبرم، ويغرم، وهو يظن أنّه غانم.
وقال الرابع «4» : من جدّ للدنيا هزلت به، ومن هزل راغبا عنها جدّت له.(7/258)
وقال الخامس «1» : ترك هذا الدنيا شاغرة، ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة.
وقال السادس «2» : إنّ ماء أطفأ هذه النار لعظيم، وإنّ ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف.
وقال السابع «3» : إنّما سلبك من قدر عليك.
وقال الثامن «4» : لو كان معتبرا في حياته، لما صار عبرة في مماته.
وقال التاسع: الصاعد في درجاتها إلى سفال، والنازل في دركاتها إلى معال.
وقال العاشر «5» : كيف غفلت عن كيد هذا الأمر، حتى نفذ فيك، وهلّا اتّخذت دونه جنّة تقيك، إنّ فيك لعبرة للمعتبرين، وإنّك لآية للمستبصرين [1] .
المنتظم 7/117
__________
[1] ذكر أبو حيان التوحيدي في كتاب الزلفة: أنه لما صحت وفاة عضد الدولة، كنا عند أبي سليمان السجستاني، وكان القومسي حاضرا، والنوشجاني، وأبو القاسم غلام زحل، وابن المقداد، والعروضي، والأندلسي، والصيمري، فتذاكروا الكلمات العشر المشهورة(7/259)
__________
التي قالها الحكماء العشرة، عند وفاة الاسكندر، فقال الأندلسي: لو قد تقوض مجلسكم هذا، بمثل هذه الكلمات، لكان يؤثر عنكم ذلك، فقال أبو سليمان: ما أحسن ما بعثت عليه، أما أنا فأقول: لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها، وأعطاها فوق قيمتها، وحسبك أنه طلب الربح منها، فخسر روحه فيها، وقال الصيمري: من استيقظ للدنيا فهذا نومه، ومن حلم بها فهذا انتباهه، وقال النوشجاني: ما رأيت غافلا في غفلته، ولا عاقلا في عقله مثله، لقد كان ينقض جانبا وهو يظن أنه مبرم، ويغرم وهو يرى أنه غانم، وقال العروضي: أما أنه لو كان معتبرا في حياته، لما صار عبرة في مماته، وقال الأندلسي:
الصاعد في درجاتها إلى سفال، والنازل في دركاتها إلى معال، وقال القومسي: من جد للدنيا هزلت به، ومن هزل راغبا عنها جدت له، انظر إلى هذا كيف انتهى أمره، وإلى أي حضيض وقع شأنه، وإني لأظن أن الرجل الزاهد الذي مات في هذه الأيام، ودفن بالشونيزية، أخف ظهرا، وأعز ظهيرا، من هذا الذي ترك الدنيا شاغرة، ورحل عنها، بلا زاد ولا راحلة، وقال غلام زحل: ما ترك هذا الشخص استظهارا بحسن نظره وقوته، ولكن غلبه ما منه كان، وبمعونته بان، وقال ابن المقداد: إن ماء أطفأ هذه النار لعظيم، وإن ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف، فقال أبو سليمان: ما عندي في هذا الحديث، أحسن مما سمعت من أبي إسماعيل الخطيب الهاشمي، لما نعاه على المنبر، يوم الجمعة، يقول في خطبته: كيف غفلت عن كيد هذا الأمر حتى نفذ فيك، وهلا اتخذت دونه جنة تقيك، ماذا صنعت بأموالك والعبيد، ورجالك والجنود، وبحولك العتيد، وبدهرك الشديد، هلا صانعت من عجل على السرير، وبذلت له من القنطار إلى القطمير، من أين أتيت وكنت شهما حازما، وكيف مكنت من نفسك وكنت قويا صارما، من الذي واطأ على مكروهك، وأناخ بكلكله على ملكك، لقد استضعفك من طمع فيك، ولقد جهلك من سلم بالعز لك، كلا، ولكن ملكك من أخرك وأملك، وسلبك من قدر عليك بالقهر لك، إن فيك لعبرة للمعتبرين، وإنك لآية للمستبصرين، جافى الله جنبك عن الثرى، وتجاوز عنك بالحسنى، ونقل روحك إلى الدرجات العلى، وعرفنا من خلفك خيرا وعدلا، يكثر من أجلهما لك الدعاء، وعليك الثناء، إنه على ذلك قدير، وهو عليه بصير (ذيل تجارب الأمم 3/75- 77) .(7/260)
150 الوزير ابن الفرات ينصب مطبخا لأصحاب الحوائج
وانبئت عنه [عمر ابن أحمد بن هبة الله] ، وعن غيره، قالوا:
حدّثنا ذاكر بن كامل، قال: كتب إليّ أبو بكر الشيراوي، قال:
حدّثنا بائق الشيراوي، قال: أخبرنا أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي الساري «1» ، أنّ محمد بن عمر الكاتب قال: حدّثنا جماعة من مشايخنا:
أنّ صاحب الخبر، رفع إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات، وهو وزير، أنّ رجلا من أرباب الحوائج، اشترى خبزا وجبنا، فأكله في الدهليز، فأقلقه ذلك، وأمر بنصب مطبخ، لمن يحضر من أرباب الحوائج «2» .
فلم يزل ذلك طول أيّامه.
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/261)
151 هذا جزاء من استودع فجحد
ومن ذلك، ما حكي أنّه:
قدم رجل إلى بغداد، ومعه عقد يساوي ألف دينار، فأراد بيعه، فلم يتّفق، فجاء إلى عطار موصوف بالخير والديانة، فأودع العقد عنده.
وحجّ، وأتى بهدية للعطّار، وسلّم عليه، فقال: من أنت؟ ومن يعرفك؟.
فقال: أنا صاحب العقد، فلما كلمه، رفسه، وألقاه عن دكانه.
فاجتمع الناس، وقالوا: ويلك، هذا رجل صالح، فما وجدت من تكذب عليه، إلّا هذا؟
فتحيّر الحاج، وتردّد إليه، فما زاده إلّا شتما وضربا.
فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة «1» ، لحصل لك من فراسته خير.
فكتب قصّته، وجعلها على قصبة «2» ، وعرضها عليه.
فقال له: ما شأنك؟، فقص عليه القصة.
فقال: اذهب غدا، واجلس في دكان العطار، ثلاثة أيّام، حتى أمرّ عليك في اليوم الرابع، فأقف، وأسلّم عليك، فلا تردّ عليّ إلّا السلام،(7/262)
فإذا انصرفت، أعد عليه ذكر العقد، ثم أعلمني بما يقول لك.
ففعل الحاج ذلك.
فلمّا كان في اليوم الرابع، جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمّا رأى الحاج، وقف، وقال: السلام عليكم.
فقال الحاج: وعليكم السلام، ولم يتحرّك.
فقال: يا أخي، تقدم إلى العراق، ولا تأتينا، ولا تعرض علينا حوائجك.
فقال له: ما اتّفق هذا.
ولم يزده على ذلك شيئا، هذا والعسكر واقف بأكمله، فانذهل العطار وأيقن بالموت.
فلمّا انصرف عضد الدولة، التفت العطار إلى الحاج، وقال له:
يا أخي، متى أودعتني هذا العقد؟ وفي أيّ شيء هو ملفوف؟ فذكّرني لعلّي أتذكّر.
فقال: من صفته كذا وكذا.
فقام، وفتّش، ثم فتح جرابا، وأخرج منه العقد، وقال: الله يعلم أنّني كنت ناسيا، ولو لم تذكّرني به، ما تذكّرت.
فأخذ الحاج العقد، ومضى إلى عضد الدولة، فأعلمه، فعلّقه في عنق العطار، وصلبه على باب دكانه، ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد.
ثم أخذ الحاج العقد، ومضى إلى بلاده.
ثمرات الأوراق للحموي 144(7/263)
152 ابني ابني
وانبئت عن المؤيد الطوسي، وأبي أحمد بن سكينة، وغيرهما، عن محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: كتب إليّ أبو غالب، محمد بن أحمد بن شبران الواسطي، قال: حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الكاتب، قال:
كنت عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين بن ماكولا «2» ، يوما، فحدّثه أبو بكر محمد بن عمر القاضي المعروف بابن الأخضر، وهو جالس إلى جنبي، قال: حدّثني الشيخ أبو الحسن علي بن نصر الفقيه المالكي، وكان ناهيك به عدالة وثقة- وضرب بيده على فخذي- قال:
زوّجت- أيّام عضد الدولة- بعض غلمانه الأتراك، من صبيّة في جوارنا، وكان لها، ولوالدتها، أنس بدارنا، وكانت من الموصوفات بالستر والعفاف، ومضى على ذلك سنتان.
وحضرني الغلام التركي، وقال: يا سيدي، هذه المرأة التي زوّجتني بها، قد ولدت لي ابنا، وما أشكو شيئا من أمرها، ولا أنكره، غير أنها ما أرتني ولدي منذ ولدته، وكلّما طالبتها به، دافعتني عنه، وأريد أن أراه.
فبعثت عليها، وعلى والدتها، وخاطبتهما، فأشارت إليّ، وقالت:
يا سيّدي، صدق فيما حكاه، وإنّما دافعناه عن هذا لأنّنا قد بلينا ببليّة(7/264)
قبيحة، وذلك أنّ زوجته، ولدت منه، ولدا أبلق «1» ، من رأسه إلى سرّته أبيض، وبقيته إلى قدمه أسود، في لون الحبش.
قال: وسمع التركي قولها: أبلق، فصاح: داست كفت «2» ، ثم قال بالعربية: ابني، ابني، وهكذا كان جدي، بالتركي «3» ، وقد رضيت.
ففرحت المرأة بقوله، وانصرفت، فأظهرت له الولد «4» .
نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط(7/265)
153 النار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سحّت به أجفانه
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد ابن أبي نصر الحميدي «1» ، قال: حدّثني أبو محمد علي بن أبي عمر اليزيدي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الواحد الزبيري، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن الأشكري «2» المصري، قال:
كنت من جلّاس الأمير تميم بن المعز «3» ، وممن غلب عليه جدا، فبعث بي إلى بغداد، فاشتريت له جارية رائعة، من أفضل ما وجد في الحسن والغناء، فلما وصلت إليه، أقام دعوة لجلسائه،- وأنا منهم- ثم وضعت الستارة، وأمرها بالغناء، فغنّت:
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألّق موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنّع أركانه
فدنا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا إليه وصدّه سجّانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سحّت به أجفانه «4»(7/266)
قال: أحسنت، وطرب تميم، وكل من حضر، ثم غنّت:
سيسليك عما فات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره
ثنى الله عطفيه وألّف شخصه ... على البرّ مذ شدّت عليه مآزره
فطرب الأمير تميم، ومن حضر، طربا شديدا. ثم غنّت:
أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه «1»
فاشتد طرب تميم، وأفرط جدا، ثم قال لها: تمنّي ما شئت، فلك مناك.
فقالت: أتمنّى عافية الأمير وبقاءه.
فقال: والله، لا بدّ لك أن تتمنّي.
فقالت: على الوفاء، أيّها الأمير، بما أتمنّى؟
فقال: نعم.
فقالت: أتمنّى أن أغنّي هذه النوبة ببغداد.
فانتقع «2» لون تميم، وتغيّر لونه، وتكدّر المجلس، وقام، وقمنا كلّنا.
قال ابن الأشكري: فلحقني بعض خدمه، وقال لي: ارجع، فالأمير يدعوك.
فرجعت فوجدته جالسا ينتظرني، فسلّمت، وجلست بين يديه.
فقال: ويحك، أرأيت ما امتحنّا به؟
فقلت: نعم، أيها الأمير.(7/267)
قال: لا بد من الوفاء لها، وما أثق في هذا بغيرك، فتأهّب لتحملها إلى بغداد، فإذا غنّت هناك، فاصرفها.
فقلت: سمعا وطاعة.
قال: ثم قمت، وتأهّبت، وأمرها بالتأهّب، وأصحبها جارية له سوداء، تعادلها «1» وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل، فأدخلت فيه، وحملها معي، ثم سرت إلى مكة، مع القافلة، فقضينا حجّنا، ثم دخلنا في قافلة العراق، وسرنا «2» .
فلمّا وردنا القادسية «3» ، أتتني السوداء عنها، فقالت: تقول لك سيّدتي، أين نحن؟ فقلت لها: نحن نزول بالقادسيّة.
فانصرفت إليها، فأخبرتها، فلم أنشب أن سمعت صوتها يرتفع بالغناء:
لمّا وردنا القادسيّ ... ة حيث مجتمع الرفاق
وشممت من أرض الحجا ... ز نسيم أنفاس العراق
أيقنت لي ولمن أح ... بّ بجمع شمل واتّفاق
وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق
فتصايح الناس من أقطار القافلة: أعيدي بالله، أعيدي بالله.
قال: فما سمع لها كلمة.(7/268)
قال: ثم نزلنا بالياسرية «1» ، وبينها وبين بغداد قرب، في بساتين متّصلة، ينزلها الناس، فيبيتون ليلتهم، ثم يبكّرون لدخول بغداد.
فلما كان قريب الصباح، إذا بالسوداء أتتني مذعورة.
فقلت: ما لك؟
فقالت: إنّ سيدتي ليست حاضرة.
فقلت: وأين هي؟
قالت: والله ما أدري.
قال: فلم أحسّ لها أثرا بعد، ودخلت بغداد، وقضيت حوائجي منها، وانصرفت إليه، فأخبرته الخبر.
فعظم ذلك عليه، واغتمّ له، ثم ما زال بعد ذلك، ذاكرا لها، واجما عليها.
المنتظم 7/94(7/269)
154 ابن أبي حامد صاحب بيت المال يحسن إلى رجل من المتفقّهة
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي «2» ، قال: حدّثني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: حدّثنا أبو الحسن الدارقطني «3» ، قال:
كان أبو حامد المروروذي «4» ، قليل الدخول على ابن أبي حامد، صاحب بيت المال «5» ، وكان في مجلسه رجل من المتفقّهة، فغاب عنه أيّاما، فسأل عنه، فأخبر أنّه متشاغل بأمر قد قطعه عن حضور المجلس، فأحضره، فسأله عن حاله، فذكر أنّه قد اشترى جارية لنفسه، وأنّه انقطعت به النفقة، وضاقت يده في تلك السنة، لانقطاع المادة عنه من بلده، وكان عليه دين لجماعة من السوقة، فلم يجد قضاء لذلك، دون أن باع الجارية، فلما قبض الثمن، تذكّرها، وتشوّق إليها، واستوحش من بعدها عنه،(7/270)
حتى لم يمكنه التشاغل بفقه، ولا بغيره، من شدة قلقه، وتعلّق قلبه بها، وذكر أنّ ابن أبي حامد قد اشتراها، فأوجبت الحال مضي أبي حامد الفقيه، إلى ابن أبي حامد، يسأله الإقالة، وأخذ المال من البائع.
فمضى، ومعه الرجل، فحين استأذن على ابن أبي حامد، أذن له في الحال، فلما دخل إليه، قام إليه، واستقبله، وأكرمه غاية الإكرام، وسأله عن حاله، وعما جاء له، فأخبره أبو حامد، بخبر الفقيه، وبيع الجارية، وسأله قبض المال، وردّ الجارية على صاحبها.
فلم يعرف ابن أبي حامد، للجارية خبرا، ولا كان عنده علم من أمرها، وذلك أنّ امرأته كانت قد اشترتها، ولم يعلم بذلك، فورد عليه من ذلك مورد، تبيّن في وجهه.
ثم قام ودخل على امرأته، يسألها عن جارية اشتريت في سوق النخّاسين على الصفة والنعت.
فصادف ذلك، أنّ امرأته، كانت جالسة، والجارية حاضرة، وهم يصلحون وجهها، وقد زيّنت بالثياب الحسان والحلي.
فقالت: يا سيّدي، هذه الجارية التي التمست.
فسرّ بذلك سرورا تاما، إذ كانت عنده رغبة في قضاء حاجة أبي حامد، فعاد إلى أبي حامد، وقال له: خفت أن لا تكون الجارية في داري، والآن فهي بحمد الله عندنا، والأمر للشيخ أعزه الله في بابها.
ثم أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت، تغيّر وجه الفتى، تغيّرا شديدا، فعلم بذلك، أنّ الأمر كما ذكره الفقيه، من حبّه لها، وصبابته بها.
فقال له ابن أبي حامد: هذه جاريتك؟
فقال: نعم، هذه جاريتي، واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها.(7/271)
فقال له: خذها، بارك الله لك فيها.
فجزاه أبو حامد، خيرا، وشكره، وسأله قبض المال، وأخبره أنّه على حاله، وقدره ثلاثة آلاف درهم، فأبى أن يأخذه، وطال الكلام في ذلك.
فقال أبو حامد؛ إنما قصدناك نسأل الإقالة، ولم نقصد أخذها على هذا الوجه.
فقال له ابن أبي حامد: هذا رجل فقير، وقد باعها لأجل فقره وحاجته، ومتى أخذت المال، خيف عليه أن يبيعها ثانية، ممن لا يردّها عليه، والمال يكون في ذمته، فإذا جاءته نفقة من بلده، جاز أن يردّ ذلك.
فردّ المال له، وسلّمه الجارية وكان عليها من الحلي والثياب، شيء له قدر كبير.
فقال له أبو حامد: إن رأى- أيده الله- أن يتفضّل، وينفذ مع الجارية، من يقبض هذه الثياب، والحلي الذي عليها، فما لهذا الفقيه أحد ينفذه به على يده.
فقال: سبحان الله، هذا شيء أسعفناها به، ووهبناه لها، سواء كانت في ملكنا، أو خرجت عن قبضتنا، ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك.
فعرف أبو حامد، أن الوجه ما قاله، فلم يلحّ عليه، بل حسن موقعه من قلبه.
فلمّا أراد لينهض، ويودّعه، قال ابن أبي حامد: أريد أن أسألها، قبل انصرافها، عن شيء. فقال: يا جارية، أيما أحبّ إليك، نحن، أو مولاك هذا الذي باعك وأنت له الآن؟
فقالت: يا سيّدي، أما أنتم، فأحسن الله عونكم، وفعل بكم، وفعل، فقد أحسنتم إليّ وأغنيتموني، وأما مولاي هذا، فلو ملكت منه، ما ملك منّي، ما بعته بالرغائب العظيمة.
فاستحسن الجماعة ذلك منها، وما هي عليه من العقل مع الصبا.
وودّعوه، وانصرفوا.
المنتظم 6/251(7/272)
155 طبيب يعالج جارية الرشيد بإدخال الفزع عليها
حدّثنا أبو القاسم الجهني «1» ، قال: إنّ حظية لبعض الخلفاء- أظنّه الرشيد- قامت لتتمطّى، فلما تمطّت، جاءت لتردّ يديها فلم تقدر، وبقيتا جافتين، فصاحت، وآلمها ذلك، وبلغ الخليفة، فدخل، وشاهد من أمرها ما أقلقه، وشاور الأطبّاء، فكلّ قال شيئا، واستعمله، فلم ينجح.
وبقيت الجارية، على تلك الصورة أيّاما، والخليفة قلق بها.
فجاءه أحد الأطبّاء، فقال: يا أمير المؤمنين، لا دواء لها، إلّا أن يدخل إليها رجل غريب، فيخلو بها، ويمرّخها مروخا يعرفه، فأجابه الخليفة إلى ذلك، طلبا لعافيتها.
فأحضر الطبيب رجلا، وأخرج من كمّه دهنا، وقال: أريد أن تأمر يا أمير المؤمنين بتعريتها، حتى أمرّخ جميع أعضائها بهذا الدهن، فشقّ ذلك عليه، ثم أمر أن يفعل ذلك، ووضع في نفسه قتل الرجل، وقال للخادم: خذه، فأدخله عليها، بعد أن تعرّيها، فعرّيت الجارية، وأقيمت.
فلما دخل الرجل، وقرب منها، سعى إليها، وأومأ إلى فرجها ليمسّه، فغطّت الجارية فرجها بيدها، ولشدّة ما داخلها من الحياء والجزع، حمي بدنها، بانتشار الحرارة الغريزية، فعاونتها على ما أرادت من تغطية فرجها،(7/273)
واستعمال يدها في ذلك، فلما غطّت فرجها، قال لها الرجل: قد برئت، فلا تحركي يديك.
فأخذه الخادم، وجاء به إلى الرشيد، وأخبره الخبر.
فقال له الرشيد: كيف نعمل بمن شاهد فرج حرمتنا؟.
فجذب الطبيب بيده لحية الرجل، فإذا هي ملتصقة، فانفصلت، فإذا الشخص جارية، وقال: يا أمير المؤمنين، ما كنت لأبدي حرمتك للرجال، ولكن خشيت أن أكشف لك الخبر، فيتّصل بالجارية، فتبطل الحيلة، لأنّي أردت أن أدخل إلى قلبها فزعا شديدا، يحمي طبعها، ويقودها إلى الحمل على يديها، وتحريكها، وإعانة الحرارة الغريزية على ذلك، فلم يقع غير هذا، فأخبرتك به، فأجزل الخليفة جائزته، وصرفه «1» .
قال أبو القاسم: ولهذا استعملت الأطباء، في علاج اللقوة الضعيفة، الصفعة الشديدة، على غفلة، من ضد الجانب الملقوّ، ليدخل قلب المصفوع ما يحميه، فيحوّل وجهه ضرورة بالطبع إلى حيث صفع، فترجع لقوته «2» الأذكياء لابن الجوزي 175(7/274)
156 المكتفي يفتقد وزيره المريض
مرض القاسم بن عبيد الله بن سليمان، الوزير، في رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين «1» ، فأمر أن يطلق العمال من الحبوس، ويكفل من عليه مال، ويطلق من في الحبس من العلويين الذين أخذوا ظلما بسبب القرمطي الناجم بالشام «2» .
وزادت علّته، فاستخلف ابن أخيه، أبا أحمد عبد الوهاب بن الحسن ابن عبيد الله «3» ، فجاء يعرض على المكتفي، فلما خرج من بين يديه، تمثّل المكتفي:
ولمّا أبي إلّا جماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل
تسلّى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلّى بها تغري بليلى ولا تسلي
المنتظم 6/46(7/275)
157 ذكاء المنصور العباسي
ومن ذلك، ما روي عن منصور بني العباس «1» ، وهو أنّه جلس يوما في إحدى قباب المدينة «2» ، فرأى رجلا ملهوفا، يجول في الطرقات، فأرسل إليه من أتاه به، فسأله عن حاله، فأخبره أنّه خرج في تجارة، فأفاد فيها مالا كثيرا، وأنّه رجع بها إلى زوجته، ودفع المال إليها، فذكرت المرأة أنّ المال سرق من المنزل، ولم ير نقبا ولا تسلّقا.
فقال له المنصور: منذ كم تزوجتها؟
قال: منذ سنة.
قال: تزوّجتها بكرا أم ثيّبا؟
قال: ثيّبا.
قال: شابة أم مسنّة؟
قال: شابة.
فدعا المنصور بقارورة طيب، وقال: تطيّب بهذا، فإنّه يذهب همّك.
فأخذها، وانقلب إلى أهله.
فقال المنصور لجماعة من نقبائه: اقعدوا على أبواب المدينة، فمن مرّ بكم، وشممتم منه روائح هذا الطيب، فأتوني به.
ومضى الرجل بالطيب، إلى بيته، فدفعه إلى المرأة، وقال: هذا من طيب أمير المؤمنين.(7/276)
فلما شمّته، أعجبها إلى الغاية، فبعثت به إلى رجل، كانت تحبّه، وهو الذي دفعت المال إليه، فقالت له: تطيّب بهذا الطيب.
فتطيّب به، ومرّ مجتازا ببعض الأبواب، ففاحت منه روائح الطيب، فأخذ، وأتي به إلى المنصور.
فقال له: من أين استفدت هذا الطيب؟
فتلجلج في كلامه، فسلّمه إلى صاحب شرطته، وقال له: إن أحضر كذا وكذا من الدنانير، فخذ منه، وإلّا فاضربه ألف سوط.
فما هو إلّا أن جرّد «1» ، وهدّد، حتى أذعن بردّ الدنانير، وأحضرها، كهيئتها، ثم أعلم المنصور بذلك، فدعى صاحب الدنانير، وقال له:
أرأيت إن رددت إليك الدنانير، أتحكّمني في امرأتك؟
قال: نعم، يا أمير المؤمنين.
قال: ها هي دنانيرك، وقد طلّقت امرأتك.
وقصّ عليه الخبر.
ثمرات الأوراق للحموي 1/142(7/277)
158 يبايع بالخلافة وهو لاجىء في البطائح
أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي «1» ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسّن «2» ، قال: أخبرني أبي «3» ، قال: حدّثني أبو الحسين محمد بن الحسن بن محفوظ قال: حدّثني الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجس «4» ، قال: حدّثني أبو القاسم هبة الله بن عيسى، كاتب مهذّب الدولة «5» ، قال:
لما ورد القادر بالله «6» ، البطيحة، وأقام عندنا، كنت أغشاه يومين في كل أسبوع، كالنوبة في خدمته، فإذا حضرت، تناهى في الإدناء لي،(7/278)
والإحفاء بي، والرفع من مجلسي، والزيادة في بسطي، وأجتهد في تقبيل يده، فيمنعنيها، ولا يمكّنني منها.
فاتّفق أن دخلت يوما على رسمي، فوجدته متأهّبا، تأهّبا لم أعرف سببه، ولا جرت له به عادة، ولم أر منه، ما عوّدنيه، من الإكرام، والرفع من مجلسي، والإقبال عليّ، والبسط لي، وجلست دون موضعي، فما أنكر ذلك مني، ورمت تقبيل يده، فمدها إليّ، وشاهدت، من أمره، وفعله، ما اشتدّ وجومي له، واختلفت منّي الظنون فيه، وقلت له عند رؤيتي ما رأيته، وإنكاري ما أنكرته: أيؤذن لي بالكلام؟
قال: قل.
قلت: أرى اليوم من الانقباض عنّي، ما قد أوحشني، وخفت أن يكون لزلّة كانت منّي، فإن يكن ذلك، فمن حكم التفضّل إشعاري به، لأطلب بالعذر مخرجا منه، وأستعين بالأخلاق الشريفة في العفو عنه.
فأجابني بوقار: اسمع أخبرك، رأيت البارحة في منامي، كأنّ نهركم هذا، وأومأ إلى نهر الصليق «1» ، قد اتّسع، حتى صار في عرض(7/279)
دجلة دفعات، وكأنّني متعجب من ذلك، وسرت على ضفتيه، متأملا لأمره، ومستطرفا لعظمه «1» ، فرأيت دستاهيج قنطرة «2» ، فقلت: ترى من قد حدّث نفسه، بعمل قنطرة في هذا الموضع، وعلى هذا البحر الكبير، وصعدته، وكان وثيقا محكما، ومددت عيني، فإذا بإزائه مثله، فزال عني الشك، في أنهما دستاهيج قنطرة، وأقبلت أصعّد، وأصوب نظري، وأتعجّب.
وبينا أنا واقف عليه، رأيت شخصا قد قابلني من ذلك الجانب الآخر، وناداني: يا أحمد، تريد أن تعبر؟
قلت: نعم.
فمدّ يده، حتى وصلت إليّ، وأخذني، وعبّرني، فهالني أمره وفعله، وقلت له، وقد تعاظمني فعله: من أنت؟
قال: أنا عليّ بن أبي طالب، وهذا الأمر صائر إليك، ويطول عمرك فيه، فأحسن إلى ولدي وشيعتي.
فما انتهى الخليفة إلى هذا الكلام، حتى سمعنا صياح الملاحين، وضجيج ناس، فسألنا عن ذلك، فقيل: ورد أبو علي الحسن بن محمد بن نصر، ومعه جماعة، وإذا هم الواردون للإصعاد به، وقد تقرّرت الخلافة له،(7/280)
وأنفذ إليه معهم قطعة من أذن الطائع لله «1» .
فعاودت تقبيل يده، ورجله، وخاطبته بإمرة المؤمنين، وبايعته.
وكان من إصعاده، وإصعادي معه، ما كان «2» .
المنتظم 7/157(7/281)
محتويات الكتاب
5/مقدمة المحقق
7/1/من شعر يعقوب بن الربيع
8/2/أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي
10/3/بحث في المواساة
12/4/أبو يعقوب البويطي لسان الشافعي
13/5/القاضي يوسف بن يعقوب بن اسماعيل بن حماد
14/6/أبو بكر يوسف الأزرق، لقّب بالأزرق لزرقة عينيه
16/7/القاضي أبو نصر بن أبي الحسين بن أبي عمر
19/8/لمسلم بن الوليد يرثي يزيد بن مزيد
20/9/لمسلم بن الوليد أمدح بيت، وأرثى بيت، وأهجى بيت
21/10/عبد الملك بن مروان يشهد لخصمه مصعب بن الزبير بكمال مروءته
22/11/أشجع العرب
24/12/الحمد لله شكرا
25/13/حرّ انتصر
27/14/العلم عند أبي عبيدة
28/15/تأويلات مروية عن ابن عباس عن الكلمات الأبجدية
30/16/تحفة القوّالة تغني من وراء الستارة
32/17/أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي(7/283)
33/18/كادت تزل به من حالق قدم
35/19/يزيد بن هبيرة يريد أبا حنيفة على بيت المال، فيأبى، فيضربه أسواطا.
36/20/من محاسن أبي حنيفة
37/21/فقه أبي حنيفة، وورعه، وصبره على تعليم العلم
38/22/أبو حنيفة يخطّىء حكم القاضي في ستّة مواضع
40/23/أبو حنيفة من أعظم الناس أمانة
41/24/ورع أبي حنيفة، وصلاته، وقراءته
42/25/أبو حنيفة يؤثر رضا ربه على كل شيء
43/26/فقه أبي حنيفة، وتقواه
44/27/من شعر أبي الحسن ناجية بن محمد الكاتب
45/28/من إخوانيات البحتري
46/29/القاضي أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول
48/30/لو أرادوا صلاحنا، ستروا وجهه الحسن
50/31/صريع الغيلان، لا صريع الغواني
51/32/برز من أصحاب الخليل أربعة
52/33/مذهب الجاحظ في الصلاة، تركها
53/34/المهدي يستقضي قاضيين في عسكره
54/35/المستكفي يقلّد أبا السائب القضاء بمدينة أبي جعفر
57/36/سبب علّة أبي زرعة الرازي
58/37/ابن السماك يعظ الرشيد
59/38/من إخوانيات الفضل بن سهل(7/284)
60/39/أبو نعيم المحدّث يرفس برجله يحيى بن معين فيرمي به من الدكان
62/40/فرج بن فضالة يمتنع عن القيام للمنصور
63/41/أبو عبيد يقرأ كتابه في غريب الحديث
65/42/القاضي قتيبة بن زياد يحاكم بشر المريسي
68/43/الخليفة المعتضد دقيق الملاحظة
70/44/الخليفة المعتضد يكتشف أحد المجرمين
71/45/التحقيق الدقيق يؤدي إلى العثور على المجرم
74/46/مسرور السياف والوزير جعفر البرمكي
76/47/أبو يوسف القاضي وفتواه الحاسمة
78/48/علي الزراد يتوصّل إلى رد فضائل قريش عليها
79/49/ابن أبي الطيّب القلانسي، تنعكس حيلته عليه
81/50/بلال ابن أبي بردة، يبحث عن حتفه بكفه
83/51/دخلت باب الهوى
84/52/طفيلي لا ينشط إلّا عند تهيأة الطعام
85/53/كيف استعاد التمّار أمواله
90/54/وما ظالم إلّا سيبلى بأظلم
92/55/صادف درء السيل درءا يصدعه
95/56/كلب يقوم مقام الفيج
96/57/من حيل اللصوص
97/58/ابن الخياطة يسرق وهو في الحبس
101/59/ابن الخياطة يتسلل إلى الصيرفي من بين حراسه
103/60/البلاء موكل بالمنطق(7/285)
105/61/بغدادية تقعد جنينها فقاعيا على باب الجنة
106/62/لأبي علي القرمطي في وصف شمعة
108/63/فليت الأرض كانت مادرايا
109/64/لأبي الفرج الببغاء في وصف قدح ياقوت أزرق
111/65/ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا
112/66/أبو الفرج الببغاء يصف بركة ملئت وردا
113/67/القاضي التنوخي يهدي إلى جحظة البرمكي طيلسانا
114/68/من شعر السريّ الرفّاء
115/69/الوزير المهلبي يمتدح غناء الرقيّة زوجة أبي علي الحسن ابن هارون الكاتب
116/70/نصر الخبزأرزي وحريق المربد
118/71/بين ابن لنكك، وأبي رياش القيسي
120/72/من نظم القاضي التنوخي
121/73/حسبنا الله ونعم الوكيل
123/74/أبو دهبل خرج للغزو، فتزوج، وأقام
126/75/مائدة الوزير حامد بن العباس
128/76/ «نبت» جارية مهران المخنث
130/77/بين الوليد بن يزيد ودحمان المغني
134/78/من شعر إسحاق الموصلي
136/79/وانك لتعلم ما نريد
138/80/الوارش والواغل
139/81/الضيف والضيفن
140/82/لابن الزمكدم في أبي الفضائل(7/286)
142/83/لأبي الحارث الموصلي في طاهر الهاشمي
143/84/وصف طفيلي
144/85/لشاعر بصري في طفيلي
145/86/ليت الليل كان سرمدا
146/87/لأبي الحسن الأسدي
147/88/وصية طفيلي
150/89/طفيلي يصف نفسه
151/90/بنان الطفيلي يحفظ آية واحدة، وبيتا واحدا من الشعر
153/91/الأكل مع الإخوان لا يضرّ
155/92/نسخة عهد في التطفيل
162/93/لا تتركنّ الدهر يظلمني
163/94/مصادرة من أعظم المصادرات
164/95/معز الدولة ينفذ وزيره المهلبي إلى عمان
165/96/أتتك بحائن رجلاه
167/97/ربّ عيش أخفّ منه الحمام
168/98/يا حبيبا نأى عليك السلام
169/99/والله الذي لا إله إلّا هو
170/100/حديقة حيوان
171/101/كاتب ديلمي يستهدي نبيذا
172/102/كاتب لا يحسن القراءة والكتابة
173/103/قائد ديلمي يمتدح كاتبه
174/104/عامل الجامدة لا يعطى على المدح شيئا
178/105/كاتب بأنطاكية يعزله حمقه(7/287)
179/106/حماقة متمكنة، ورقاعة متبينة
181/107/حديد، سفيه، شتّام
182/108/اشتفيت والله
183/109/سهل بن بشر يشتم ذوي الحاجات
184/110/صدقت، صدقت
185/111/نعب الغراب، فصفع البواب
186/112/هاشمي متخلّف، يراسل وكيله
190/113/عار على آدم
191/114/سيد العرب ابن أبي دؤاد
193/115/بين الاسكندر وملك الصين
196/116/أبو هاشم الجبائي يموت في السادسة والأربعين
198/117/النجوم تكشف عن مولود أحنف
199/118/يتنبّأ بموت مولود في يومه السادس عشر
200/119/تنبأوا له بالوزارة وهو صبي
202/120/وزير لا تغيّره الوزارة
203/121/القاضي التنوخي والد المحسّن، وقوة حافظته
204/122/أبو يوسف البريدي يخالف منجمه فيقتل
207/123/سهلون ويزدجرد ابنا مهمندار الكسروي
209/124/أبو العباس بن المنجم يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلم
212/125/منجم يأخذ طالع المعتصم
216/126/كيف اتصل نوبخت المنجم بأبي جعفر المنصور
218/127/كلب يموت على قبر صاحبه
219/128/وفاء الكلب وغدر أبي سماعة(7/288)
222/129/كلب يخرج صاحبه من حفرة دفن فيها حيّا
224/130/كلب خلّص صاحبه من موت محقّق
226/131/أبو الحسن القمّي يقترح أصواتا
228/132/أبو الحسن القمّي يتحدّث عن يقطين قم
230/133/رقعة أبي الحسن القمّي، إلى الأمير عبد الواحد بن المقتدر
231/134/ابن الجصاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 1
233/135/ابن الجصاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 2
235/136/الوزير ابن الفرات يحسن إلى عطار
237/137/من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
240/138/خشكنانجات حشوها دنانير
241/139/يكتب هذا في مكارم الأخلاق
242/140/من التقط ما تحت مائدته أمن من الفقر
243/141/من محاسن القاضي أحمد بن أبي دؤاد
246/142/قاضي القضاة ابن أبي دؤاد ينجي أبا دلف من القتل
248/143/سنان بن ثابت الحراني، يعالج أمير الأمراء بحكم
250/144/مسافر لا يفكر في قطع الطريق
252/145/فهل عند رسم دارس من معوّل
253/146/ألا موت يباع فأشتريه
255/147/سبحة المقتدر بالله تقوّم بما يزيد على مائة ألف دينار
256/148/ما أغنى عنّي ماليه
257/149/أقوال الحكماء في الاسكندر، وفي عضد الدولة
261/150/الوزير ابن الفرات ينصب مطبخا لأصحاب الحوائج
262/151/هذا جزاء من استودع فجحد(7/289)
264/152/إبني إبني
266/153/النار ما اشتملت عليه ضلوعه، والماء ما سحّت به أجفانه
270/154/ابن أبي حامد، صاحب بيت المال، يحسن إلى رجل من المتفقهة
273/155/طبيب يعالج جارية الرشيد بإدخال الفزع عليها
275/156/المكتفي يفتقد وزيره المريض
276/157/ذكاء المنصور العبّاسي
278/158/يبايع بالخلافة وهو لاجئ في البطائح(7/290)
فهرس أسماء الأشخاص
(أ)
ابن أبي أحمد محمد- نفاط المعتضد 165
ابن الأحنف- أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي 50
الأخباري- أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس 30، 83
ابن الأخضر- أبو بكر محمد بن عمر القاضي 264
الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 7، 19
آدم- أبو البشر 29، 190
أرسطوطاليس- المعلم الأول، أستاذ الاسكندر 193
أرسلان خاتون- زوجة الخليفة القائم بأمر الله 255
الأزدي- أبو محمد الحسين بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 17، 18
الأزدي- أبو إسماعيل حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم القاضي 51
الأزدي- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم- الفراهيدي
الأزدي- عافية بن يزيد بن قيس القاضي 53
الأزدي- أبو الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 16، 17، 56
الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي 16، 17
الأزدي- أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق العتكي 46
الأزدي- أبو يوسف يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 16، 17، 18
الأزدي- أبو نصر يوسف بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 16، 17، 18، 24، 25
الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 13، 17
الأزهري- أبو القاسم 103(7/291)
أسد بن عمرو- أبو المنذر الكوفي، صاحب أبي حنيفة- البجلي
الأسدي- أبو الحسن 146
الأسدي- أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد بن حبان القاضي 47
الاسكندر بن فيليب المكدوني- ذو القرنين 193، 257، 259
الأشرف- القاضي 123
أشعب الطامع- أبو العلاء أشعب بن جبير، المعروف بابن حميدة 136، 137
الأشعثي 220
الأشعري- أبو موسى عبد الله بن قيس 82
ابن الأشكري- أبو علي الحسن المصري 266، 267
الأصبهاني- أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سلفة 109
الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 74، 128، 130، 134، 193
الأصم- أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان المعروف بالأصم، مولى بني أمية 38
الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 27
الأعمش- أبو محمد سليمان بن مهران 219
الأفشين- خيذر بن كاوس، القائد الأشروسني 246، 247
أمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز 23
امرؤ القيس بن حجر الكندي 252
الأموي- أبو أيوب سليمان بن عبد الملك 244
الأموي- أبو الوليد عبد الملك بن مروان 21، 22، 23
الأموي- أبو حفص عمر بن عبد العزيز، الخليفة الصالح، والملك العادل 28، 82
الأموي- أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب 21، 244
الأموي- أبو المغيرة معاوية بن مروان بن الحكم 185
الأموي- الوليد بن يزيد بن عبد الملك 130، 132
ابن أميرويه- أبو القاسم الحسن، كاتب القائد الديلمي موسى بن فياذه 173(7/292)
الأمين- أبو عبد الله محمد الأمين بن أبي جعفر هارون الرشيد 213
الأميني- أبو أحمد 123
الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 59، 62
الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 20، 46، 52، 59، 62، 136
الأندلسي- 259، 260
الأنصاري- ثابت بن أنس بن أبي ظهير 242
الأنصارى- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار بن بلال القاضي 33، 34، 38، 39
الأنصاري- أبو الوليد مسلم بن الوليد 19، 20، 50
الأنصاري- أبو بكر موسى بن إسحاق بن موسى بن عبد الله الخطمي 241
الأنطاكي- أبو إسحاق بن حجر الملقب بأبي الفضائل 140
الأنطاكي- الحسين بن السميدع 178
الأنماطي- عبد الوهاب بن المبارك 266
الأهوازي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين الكاتب 228
الإيادي- أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد القاضي 191، 192، 194، 195، 212، 213، 215، 243، 244، 245، 246، 247
إيتاخ- أبو منصور، القائد التركي، حاجب المعتصم 243
(ب)
البادرائي- أبو الحسن بن محمود، نديم أبي الحسن الأهوازي 228
البازيار- أبو عبد الله بن عمر 30
الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الحنطبي 109، 112، 250
البتّي- أبو الحسن أحمد بن علي 24
بحكم- القائد التركي، أمير الأمراء 248، 249
البجلي- أبو المنذر أسد بن عمرو بن عامر بن عبد الله الكوفي. صاحب أبي حنيفة 41
البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 45، 107، 203(7/293)
البحراني- أبو الفضل العباس بن يزيد بن أبي حبيب 15
البخاري- أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي المعروف بأبي محمد الكلاباذي 41
ابن بختيشوع- جبرائيل، الطبيب 274
ابن بدر- الربيع 218
ابن البراء- أبو الحسن 20
البرامكة- 19، 189
البرجلاني- أبو جعفر محمد بن الحسن، ويعرف بابن أبي شيخ البرجلاني 58
ابن أبي بردة- بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري 81، 82
البرذعي- أبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز بن جعفر المعروف بقاسان 151
البرذعى- أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد البزاز 12
ابن برمك- أبو الفضل يحيى بن خالد، وزير الرشيد 219، 220
ابن برمك- خالد، أبو البرامكة 219
آل برمك- 74
البرمكي- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد- جحظة
البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى، وزير الرشيد 74، 75
البريدي- أبو الحسين علي بن محمد 205، 206
البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد 205، 206، 228
البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد 228
البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 204، 205، 206
البريدون 30
البزاز- أبو بكر محمد بن أبي طاهر عبد الباقي الأنصاري 68، 74، 85، 92، 96، 97، 106، 121، 123، 126، 128، 130، 134، 264
البزاز- القاضي أبو بكر مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم 37
ابن بشر- أبو العباس سهل بن بشر، عامل الأهواز 85، 111، 179، 180، 181،(7/294)
182، 183، 184، 185
البصري- أبو الحسن عبد الله بن محمد 97، 98، 237
البصري- محمد بن الحسن 97، 98، 108
ابن بطوطة- محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي 215، 268
البغدادي- أبو القاسم الحسين بن أبي الحسن علي 30
البغدادي- كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف 123
البغدادي- محمد بن زريق، الشاعر 267
البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان 25
البقال- ثابت بن بندار 123
البقال- أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار 123
ابن بقيّة- أبو طاهر محمد بن محمد، نصير الدولة، وزير بختيار 122
ابن بكار- الزبير- الزبيري
البلاذري- أحمد بن يحيى بن جابر، صاحب أنساب الأشراف 185
ابن بلبل- أبو الصقر إسماعيل بن بلبل، وزير المعتمد والمعتضد 200
البلخي- أحمد بن الحسين بن محمد 41
البلخي- أحمد بن صالح- الكرابيسي
البلخي- نصر بن يحيى 38
بنان الطفيلي- 84، 143، 151، 152، 153، 154
ابن بندار- أبو سعيد ماهك، من كتاب الديلم 170
البويطي- أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي المصري الفقيه، صاحب الإمام الشافعي 12
البويهي- معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه 47، 115، 163، 164، 210، 226، 228، 253، 279
البويهي- عز الدولة أبو منصور بختيار بن معز الدولة 46، 122، 155، 186
البويهي- ركن الدولة أبو علي الحسن بن بويه 207
البويهي- الأمير عماد الدولة علي بن بويه 172
البويهي- بهاء الدولة أبو نصر فيروز بن عضد الدولة 122، 178(7/295)
(ت)
التاجر- أبو طاهر 237
تحفة القوالة- المغنية من وراء الستارة 30
التمار- ابن الدنانير المصري 85
أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي 191، 203
ابن تمام- أبو القاسم- الزينبي
التميمي- أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن بكير 138، 139
التميمي- محمد بن عبد الله 174
التنوخي- إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8
التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 46
التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8، 9، 10، 14، 15، 51، 196، 197
التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 8، 9، 14
التنوخي- أبو الحسن إسماعيل بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 9
التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول 51
التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي القاضي 7، 8، 10، 12، 13، 14، 15، 16، 19، 20، 21، 22، 24، 25، 27، 28، 30، 33، 35، 36، 37، 38، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 48، 50، 51، 52، 53، 54، 57، 58، 59، 60، 62، 63، 65، 68، 74، 76، 79، 83، 84، 85، 90، 92، 96، 97، 101، 103، 106، 121، 123، 126، 128، 130، 134، 136، 138، 139، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 147، 150، 151، 153، 155، 190، 216، 218، 221، 222، 225
التنوخي- أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 46(7/296)
التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي، والد صاحب النشوار 76، 78، 113، 144، 145، 178، 191، 203، 204
التنوخي- أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 36، 37، 42، 43، 70، 71، 74، 76، 78، 79، 81، 84، 85، 92، 96، 97، 105، 108، 109، 111، 112، 113، 114، 116، 120، 122، 126، 128، 130، 134، 142، 143، 162، 163، 164، 165، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 178، 179، 181، 182، 183، 184، 185، 186، 191، 193، 196، 199، 200، 203، 204، 207، 208، 210، 212، 227، 229، 230
التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 47، 65
التنوخي- محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم، جد صاحب النشوار 178
التنوخي- أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8، 10، 11، 14، 15
التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 210، 240، 259
التوزي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد 63
تيمور- العلامة أحمد تيمور 280
(ث)
الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 118، 119
ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 14، 19
الثقفي- الحجاج بن يوسف، الظالم السيء الصيت 21، 22، 23، 81، 82، 146، 244
الثقفي- الحكم بن هشام 40
الثقفي- عبد الملك بن الوليد، من أولاد الحجاج بن يوسف 146
الثقفي- يوسف بن عمر، عامل العراقين للأمويين 81
الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق 57(7/297)
(ج)
الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 31، 52
الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب المعتزلي 196، 210
الحبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام المعتزلي 196، 198، 199
ابن جبير- أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي الشاطبي البلنسي 268
جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد 113
ابن الجراح- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الجراح بن ميمون، المعروف بالضراب 60
ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 212
ابن الجراح- الوزير أبو الحسن علي بن عيسى 46، 248، 251، 255
ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن أبي الحسن علي بن عيسى 25
الجراحي- أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن مطرف بن بحر بن تميم بن يحيى 60
الجرجاني- أبو بكر 45
الجزري- أبو سليمان، وأبو المعلى، فرات بن السائب 28
الجصاص- أبو علي الحسن بن يزيد بن معاوية بن صالح الحنظلي المخرمي 28
ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 231، 233، 234، 255
الجعل- أبو عبد الله الحسين بن علي بن إبراهيم البصري المتكلم- الكاغدي
الجمحي- أبو دهبل وهب بن زمعة بن أسد 123
ابن جميل- أبو الحسن الكاتب 228
الجنيد- أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الصوفي البغدادي 55
الجهضمي- علي بن نصر 51
الجهضمي- أبو عمر نصر بن علي بن نصر بن علي البصري 51
الجهني- أبو القاسم 165، 273، 274
ابن جهور- أسد، أحد كبار العمال في الدولة العباسية 180
الجواهري- أبو فرات محمد مهدي الجواهري النجفي، الشاعر المجلي 83(7/298)
الجوهري- أحمد بن عبد العزيز 21، 33، 90
الجوهري- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش البغدادي 200
الجيلي- أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر 265
(ح)
ابن أبي حاتم- عبد الرحمن 12
ابن حاجب النعمان- أبو الحسن علي بن عبد العزيز 122
الحارث- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطي 168، 169، 170، 171، 172، 173، 207
حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 126، 127
ابن أبي حامد- أبو بكر أحمد بن موسى بن النضر بن حكيم، صاحب بيت المال 270، 271، 272
الحراني- أبو الفرج 255
الحراني- أبو سعيد سنان بن ثابت بن قرة 248
ابن حرب- عبد السلام، شريك أبي نعيم في بيع الملاء 60
ابن الحرستاني- جمال الدين الفقيه 106، 130
الحرمي- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة 27، 144، 145
ابن الحسن- محمد 22
ابن الحسين- أبو القاسم علي بن الحسين، ابن أخت الوزير أبي الفرج محمد بن العباس 173
الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 67
الحلي- صفي الدين عبد العزيز بن سرايا 252
الحمامي- إسحاق، من الأكلة 244
الحماني- أبو العباس أحمد بن الصلت بن المغلّس 36، 37، 42، 43
ابن حمدان- أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن أحمد 134
الحمداني- ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان 16، 114(7/299)
الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 109، 110، 114
ابن حمدون- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن إبراهيم (حمدون) بن إسماعيل بن داود 68، 165
الحموي- تقي الدين أبو بكر بن علي المعروف بابن حجة الحموي، صاحب ثمرات الأوراق 196
الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 116، 215، 268، 269، 279
الحميدي- أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله بن حميد الأندلسي 266، 278
الحنبلي- أبو عبد الله 237
الحنظلي- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح 43، 77
أبو حنيفة- النعمان بن ثابت- النعمان
ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 30
ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز 21، 52، 59، 90، 222
(خ)
ابن خاقان- الفتح، وزير المتوكل 245
الخالع- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر بن الحسن بن محمد بن عبد الباقي 134
الخبزأرزي- أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري الخباز 83، 103، 116
الخثعمي- أبو عبد الله مكرم بن حكيم 25
الخراساني- عبد الرحيم بن واقد 28
الخراساني- القاضي قتيبة بن زياد 65، 66
الخراساني- أبو سعيد مفتاح بن خلف بن الفتح 28
الخرقي- أبو عبد الله محمد بن عثمان الفارقي الحنبلي التميمي 106(7/300)
الخرمي- بابك 246
الخزاعي- محمد بن عبد الله بن مالك 74
الخطيب- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي 7، 8، 11، 12، 13، 15، 18، 19، 20، 21، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 38، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 56، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 83، 103، 104، 122، 136، 145، 146، 149، 150، 152، 154، 161، 197، 230، 241، 270
ابن الخطيب- أبو الحسن العباس بن أحمد بن الفضل الهاشمي الأهوازي 63
ابن خلكان- القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر 197
الخوارزمي- سباشي الحاجب 228
ابن الخياطة- عباس، اللص البصري 97، 101
(د)
دارا- ملك فارس 193
ابن داران- إبراهيم، وكيل عبد الله بن الطبري النصراني، صاحب نزل المعتضد 95
الدارقطني- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الحافظ 270
ابن داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر البصري 105
داود بن عمرو- الضبيّ
دبيس الخياط- أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين- المقرىء
دحمان- عبد الرحمن بن عمر، الملقب دحمان الأشقر 130، 133
الدربندي- أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي 63
ابن درّاج- أبو محمد نوح بن درّاج الكوفي 33، 34
ابن دراج- أبو سعيد الحراني الطفيلي 149(7/301)
الدسكري- أبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد 109
الدلال- محمد بن أبي صابر 48
الدلال- أبو الحسن علي بن محمد بن أبي صابر 48
أبو دلف- القاسم بن عيسى بن ادريس بن معقل العجلي 246، 247
الدوري- أبو بكر أحمد بن عبد الله 22، 33، 35، 40
الدوري- عباس 154
الدينوري- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة 138، 139
(ذ)
الذبياني- النابغة الشاعر، زياد بن معاوية 39، 177
الذهلي- شجاع بن فارس 121
ابن أبي الذيال- المحدّث 52
(ر)
الرازي- عبد الرحمن بن أبي حاتم 57، 58
الرازي- أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ 57
الرازي- أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي 57
الراضي- أبو العباس محمد الراضي بن أبي الفضل جعفر المقتدر 16، 17، 18، 30 47، 205، 248
الرامهرمزي- القاسم بن بدر 198
الرباب بنت أنيف الكلبي- أم مصعب بن الزبير 23
ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس 7، 27
ابن الربيع- يعقوب، أخو الفضل بن الربيع 7
الرشيد- أبو جعفر هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي 8، 19، 58، 74، 75، 76، 175، 212، 221، 273، 274(7/302)
الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الموصلي الكندي 114
رقبة 145
الرقي- أبو أيوب ميمون بن مهران 28
الرقية- زوجة أبي علي الحسن بن هارون 115
الرمادي- أبو بكر أحمد بن منصور بن سيار بن معارك 60
الرواس- ميسرة، من الأكلة 244
ابن الرومي- أبو الحسن علي بن العباس بن جريج 141، 176
ريطة- ابنة أبي العباس السفاح، زوجة ابن عمها المهدي 72
(ز)
ابن الزبير- أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي 21
ابن الزبير- أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي 251
ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد 21، 23
الزبيري- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن الزبير الأسدي 14، 22
الزبيري- أبو بكر محمد بن عبد الواحد 266
الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت 123، 136
الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السري بن سهل النحوي 200، 202
الزرّاد- علي الخراساني 78
ابن زريق- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 241، 270
أبو زكار- المغني البغدادي الأعمى 74، 75
ابن زكريا- أبو الحسين أحمد بن فارس 237
ابن الزمكدم- أبو علي سليمان بن أبي الفتح الموصلي 140
الزهراء- فاطمة ابنة رسول الله محمد صلوات الله عليه 170
الزهري- سعد بن أبي وقاص 268
ابن الزيات- الوزير محمد بن عبد الملك، وزير المعتصم والواثق والمتوكل 212(7/303)
ابن زياد- عبيد الله 244
الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان القاضي 11
ابن زيد- الحسن بن علي بن زيد المنجم، غلام أبي نافع، عامل معز الدولة على الأهواز 209
ابن زيد اللات- عامر بن عذرة 218
زيدان- قهرمانة المقتدر 255
الزينبي- أبو القاسم بن تمام 122
(س)
ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد 55
الساري- أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي 261
سبط ابن الجوزي- شمس الدين أبو المظفر يوسف قزأوغلي 75، 265
السجستاني- أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام المنطقي 258، 259، 260
السدوسي- أبو فيد مؤرج بن عمرو بن الحارث 51
السدوسي- أبو يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور 10، 11
السرخسي- أبو محمد الحسن بن سهل، قائد المأمون 65
السرخسي- أبو العباس الفضل بن سهل، وزير المأمون 19، 59
السفاح- أبو عبد الله محمد بن علي العباسي 219
ابن سكران- وكيل الحسن بن عبد العزيز الهاشمي 186، 188
السكري- أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحميري، ويعرف بالسكري، وبالصيرفي، وبالحربي 28
ابن السكيت- أبو يوسف يعقوب 50
ابن سكينة- أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن عبيد الله 121، 130، 134، 264
سكينة- ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام 23
ابن سلام- أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي الخراساني البغدادي 63، 64
سلامة- غلام القاضي أحمد بن أبي دؤاد 243(7/304)
ابن سلمة- أبو سلمة حماد بن سلمة البصري 242
أبو سلمة- الطفيلي البصري 142
ابن سليمان- الربيع- المرادي
ابن سليمان- أبو الحسن محمد بن سليمان، صاحب الجيش 209
ابن السماك- أبو العباس محمد بن صبيح المذكر، مولى بني عجل، المعروف بابن السماك 58
السمرقندي- أبو يحيى أحمد بن يحيى 38
السمرقندي- أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر 134
السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي صاحب كتاب الأنساب 222
ابن سمعون- أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل الواعظ 240
السوسنجردي- أبو عمر أحمد بن أحمد العسكري 52
ابن سويد- أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدل 136
السياف- مسرور الخادم، سياف الرشيد- مسرور الكبير
سيبويه- أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر 51
السيدة- أم المقتدر، شغب، مولاة المعتضد 233، 234
السيوطي- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر 69، 73
(ش)
الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي 12، 55
الشالجي- عبود الشالجي المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5
ابن شاهين- عمران 279
ابن شبّة- عمر- النميري
ابن شبرمة- أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة القاضي 33، 34
الشعليه الاسلام بلي- أبو بكر دلف بن جحدر الصوفي 48
شبيب- أبو الضحاك شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني 22(7/305)
ابن الشخير- محمد بن عبيد الله 153
ابن شداد- أبو الحسين محمد بن الحسين بن شداد 95
الشرابي- أبو الحسن المظفر بن يحيى بن أحمد بن هارون بن عمرو بن المبارك 146
ابن الشعيري- أبو المعالي الحسين بن حمزة 136
ابن شكلة- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي- العباسي
الشلمغاني- أبو جعفر محمد بن علي، المعروف بابن أبي العزاقر 108
الشهرستاني- أبو محمد 123
ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن الحسن الأموي 47
ابن أبي الشوارب- محمد بن الحسن الأموي 54
الشيباني- الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد 60، 61، 63
الشيباني- أبو يزيد خالد بن يزيد بن مزيد 191، 192
الشيباني- أبو الوليد معن بن زائد 19
الشيباني- أبو خالد يزيد بن مزيد بن زائدة، ابن أخي معن بن زائدة 19
ابن شيبة- أبو يوسف يعقوب بن شيبة- السدوسي
ابن أبي شيخ- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان 35، 40
الشيرازي- حافظ، الشاعر الفارسي 204
الشيرازي- أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 167
الشيراوي- بائق 261
الشيراوي- أبو بكر 261
الشيزي- عبد الرحمن 55
(ص)
الصائغ- أبو سعيد، التاجر المشهور بكثرة المال 240
الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الكاتب 155
الصابي- أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم، الملقب غرس النعمة 278(7/306)
الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن 121، 122، 278
الصديق- أبو بكر عبد الله بن عثمان، الخليفة الأول من الخلفاء الراشدين 23
الصروي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 85، 92، 111، 185
الصوفي- إسماعيل بن إبراهيم 123
الصوفي- أبو عبد الله 253
الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 46، 191، 252
الصيرفي- طالوت بن عباد 101
الصيرفي- أبو العباس محمد بن إسحاق الصيرفي الشاهد 21
الصيرفي- أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن 66
الصيرفي- أبو بكر محمد بن عبيد الله بن محمد بن الفتح بن عبيد الله بن عبد الله بن الشخير الكاتب 151
الصيمري- أبو زكريا 258، 259
الصيمري- أبو جعفر محمد بن أحمد، وزير معز الدولة 115، 163
(ض)
الضبيّ- أبو سليمان داود بن عمرو بن زهير 25
الضبيّ- أبو عكرمة، صاحب المفضل 14
الضبيّ- محمد بن نعيم 241
ابن الضرير- القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي موسى عيسى بن عبد الله الضرير 54
(ط)
الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل 121، 122، 281
الطالقاني- أحمد بن عمر، الكاتب 179
ابن طاهر- الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين 63
ابن طاووس- رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الحسني الحسيني 211(7/307)
ابن طبرزد 134
الطبري- أبو علي الحسن بن محمد 163، 228
ابن الطبري- عبد الله بن الطبري النصراني، صاحب نزل المعتضد 95
الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 53
الطبري- أبو بكر محمد بن عمر بن حفص بن الفرخان 209
الطرسوسي- أبو أمية محمد بن إبراهيم 136
طفيل الأعراس- أو طفيل العرائس، رأس الطفيليين 147
طلحة بن عبيد الله التيمي- 23
طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 13، 16، 17، 32، 53، 54، 57، 58، 65
الطوسي- أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود بن محمد بن أبي العباس 22
الطوسي- المؤيد بن محمد 74، 123، 128، 134، 264
الطيالسي- أبو محمد عبد الله بن عباس بن عبيد الله 198
ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر الخراساني 128
ابن الطيوري- أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي البغدادي 90
(ع)
ابن عائشة- أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله ابن معمر التيمي 21
عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمي 23
ابن عاصم- الربيع بن عاصم، مولى بني فزارة 35
العامري- أبو محمد 130
ابن عباد- الصاحب، كافي الكفاة، إسماعيل بن عباد 197
ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 28
ابن العباس- الفضل 177(7/308)
العباسي- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي، المغني 65، 66، 246
العباسي- الحاجب 122
العباسي- الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى 255
العباسي- أبو أيوب سليمان بن أبي جعفر المنصور 221
العباسي- أبو علي عبد الواحد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 230
العباسي- منصور بن المهدي 65
عبد الرزاق 43، 60
بنت عبد الصمد- صفية، من خدم القادر 121
ابن عبد العزيز- عبيد الله 153
أبو عبد الله 95
عبد الملك بن مروان- الأموي
ابن عبد الله- أبو الحسن باروخ، صاحب ناصر الدولة الحمداني 114
ابن أبي عبد الله- قثم 123
العبدي- محمد بن محمد 220
العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 30
العبدي- أبو بكر يموت بن المزرع 31
ابن عبيد- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي- ابن أبي عصيدة
أبو عبيدة- معمر بن المثنى البصري 27، 222، 223
العتيقي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور (367- 441) 12
أبو العجل- ولاه أبو العبر الهاشمي 161
ابن عجلان- محمد 50
العجلي- عبد الله بن صالح بن مسلم القاضي 40
العدوي- عمر بن حبيب القاضي 53
العدوي- عمر بن الخطاب 268
عديّ- عامل الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز على العراق 82(7/309)
العروضي- أبو محمد 258، 259، 260
ابن أبي العزاقر- أبو جعفر محمد بن علي- الشلمغاني
العسقلاني- أبو الحسن 253
ابن عساكر- أبو القاسم ثقة الدين علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي 106، 123، 130، 134
العسكري- أبو أحمد بن سلمة الشاهد العسكري الحنفي المعتزلي 199
ابن أبي عصمة- من جلساء المعتضد 165
ابن أبي عصيدة- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي 62
عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة 204، 210، 256، 257، 259، 262، 263، 264
العقيلي- أبو اليسر محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة 53
علم الشيرازية- حسن، قهرمانة المستكفي 167
العلوي- محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى الحسيني 266
علي- أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام 25، 170، 256، 280
علي بن أبي علي- أبو القاسم علي بن أبي عليّ المحسّن التنوخي- التنوخي عليكا- علي بن أحمد 155، 161
ابن عمر- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي 136، 137
عمر- أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 21، 221
أم عمران 38
عمرة- جارية المقتدر، أم الأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 255
ابن عنترة- عامر 218
عواد- ميخائيل، الأديب المحقق 207
ابن عياض- أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود اليربوعي التميمي 37
عيسى- المسيح عليه السلام 182
ابن عيسى- أبو منصور محمد 153(7/310)
ابن عيسى- أبو القاسم هبة الله، كاتب مهذب الدولة صاحب البطائح 278
أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد 191، 224
ابن عيينة- أبو محمد سفيان بن أبي عمران عيينة المحدّث 66
(غ)
ابن أبي غالب- ذاكر بن كامل 121، 261
غزالة- زوجة شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي 22
الغساني- 220
الغساني- القائد مسلمة بن صهيب 230
غلام زحل- أبو القاسم عبيد الله بن الحسن المنجم 204، 205، 206، 259، 260
(ف)
الفاطمي- الأمير أبو علي تميم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي العلوي 266، 267
الفاطمي- الأمير نزار بن المعز بن المنصور 266
فتح علي شاه- من ملوك إيران 255
ابن أبي الفتح- عبيد الله 270
ابن الفرات- الوزير أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات 233، 235، 237، 238 261، 275
ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 236
الفرائضي- أبو الليث نصر بن القاسم بن نصر 35، 40
الفرات بن السائب- أبو سليمان- الجزري
الفراهيدي- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي 51
الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي 82
الفزاري- أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة، أمير العراق 35(7/311)
ابن فسانجس- الوزير أبو الفرج محمد بن العباس 173
ابن فضالة- أبو فضالة الفرج بن فضالة بن نعيم التنوخي الحمصي 62
الفضل بن سهل، وزير المأمون- السرخسي
ابن فياذه- موسى، القائد الديلمي 173، 226
فيليب- والد الاسكندر المكدوني 193
(ق)
القائم- أبو جعفر عبد الله بن أحمد القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي (391- 467) 255
القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى مرار 218، 221، 222، 225
أبو قابوس النعمان الثالث بن المنذر الرابع- ممدوح النابغة الذبياني 39
القادر بالله- أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر 121، 278، 280، 281
القاضي- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى 241
القاهر- أبو منصور محمد بن المعتضد 167، 230، 248
ابن قتيبة- زافر 22
القحذمي- أبو عبد الرحمن الوليد بن هشام بن قحذم 145
ابن قدامة- جعفر بن قدامة بن زياد 74، 128
القرمطي- أبو علي الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنّابي الملقب بالأعصم 106، 107
ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن 186
القزويني- أحد كتاب الديلم 184
القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله، أمير العراقين 81
قطري- أبو نعامة قطري بن الفجاءة (جعونة) بن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي 22
القلانسي- ابن أبي الطيب 79
القمي- أبو الحسن علي بن الحسين، كاتب أبي منصور راذويه، ثم كاتب روزبهان(7/312)
ابن ونداد خورشيد 226، 228، 230
القومسي- أبو بكر، المتفلسف 259، 260
القيسي- أبو رياش أحمد بن أبي هاشم 118، 119
(ك)
الكاتب- أبو الحسن علي بن محمد بن نصر 264
الكاتب- محمد بن عمر 261
الكاظم- الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق عليهما السلام 8
الكاغدي- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب- الوراق
الكاغدي- أبو عبد الله الحسين بن علي بن إبراهيم البصري المتكلم المعروف بالجعل 210
كدوي- الطفيلي البغدادي 147
الكرابيسي- أحمد بن صالح البلخي 28
كردك- أحد النقباء الأصاغر في جيش معز الدولة البويهي 164
الكسروي- الحسين بن القاسم 216
الكسروي- سهلون بن مهمندار 207، 208
الكسروي- يزدجرد بن مهمندار 207، 208
ابن كشاجم- أبو نصر بن أبي الفتح محمود بن الحسين 106، 107
الكلاباذي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي- البخاري
الكلبي- 22
الكندي- العلامة تاج الدين 106
الكندي- أبو اليمن 130، 134
الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر بن محمد بن خالد بن بشر 50، 216
الكيال- حاتم، من الأكلة 244(7/313)
(ل)
ابن لنكك- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين محمد بن محمد بن جعفر البصري الشاعر 190
ابن لنكك- أبو الحسين محمد بن محمد بن جعفر البصري الشاعر 118، 119، 190
اللؤلؤي- أبو علي الحسن بن زياد، مولى الأنصار 38
ابن أبي ليلى- القاضي محمد بن عبد الرحمن- الأنصاري
(م)
المازني- عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق، والد أبي بكر محمد 123
المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 20، 50، 123، 138، 139، 216
المازني- أبو الحسن النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد 51
ابن ماسرجيس- أبو العباس عيسى 278
المافروخي- أبو محمد عبد العزيز بن أحمد، عامل البصرة 118، 119
ابن ماكولا- أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي 264
المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 64، 65، 191، 209، 213، 242، 246
ابن المبارك- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح- الحنظلي
المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 45
المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر المقتدر 205
المتوكل- أبو الفضل جعفر بن المعتصم 146، 245
ابن المثنى- أبو الحسين أحمد بن الحسن 116
ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 46
ابن محمد- عبد الله الكاتب 224
ابن محمد- عبد المحسن 90(7/314)
محمد- رسول الله صلوات الله عليه 18، 82، 170، 182، 189، 217، 242
ابن محمد- الهيثم، عامل الجامدة في البطائح 174، 176، 177
محمد بن إسحاق- الصيرفي
محمد بن يزيد النحوي- المبرد
ابن مخلد- أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد 275
المخلّص- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا 22
المخنث- مهران، صاحب نبت 128
المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 62
المديني- أبو أيوب 130
المديني- جعفر بن محمد بن علي 63
ابن المديني- أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي 43، 63، 64
المديني- محمد بن علي 63، 64
المرادي- أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المصري، صاحب الإمام الشافعي 12
ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام الآجري المحوّلي 21، 65، 90، 134، 222
المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى الكاتب 7، 19، 45، 147
المروروذي- أبو حامد أحمد بن عامر بن بشر العامري البصري الخراساني 270، 271 272
المريسي- أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن 65، 66، 67
مزاحم- مولى الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز 82
مزنة- جارية أبي سعيد الصائغ التاجر 240
المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم 8
المستكفي- أبو القاسم عبد الله بن علي المكتفي 54، 167
مسرور الكبير- أبو هاشم مسرور الخادم، السياف الذي قتل جعفر البرمكي 74(7/315)
ابن مسلم- غلام لم يكن ببغداد في وقته أحسن منه 48
مسلم بن الوليد الشاعر- الأنصاري
المصيصي- أبو القاسم المؤدب 111
المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 46، 47، 186
معبد- أبو عباد معبد بن وهب المدني المغنّي 130
المعتز- أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل 32
المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 191، 212، 243، 244، 245، 246، 247، 261
المعتضد- أبو العباس أحمد بن الأمير الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل 68، 69، 70، 71، 73، 165، 166، 201، 202، 207، 256، 261، 275
المعتمد- أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل 129، 200
ابن المعتمر- إبراهيم 245
ابن المعذل- عبد الصمد، الشاعر البصري 142
ابن المعمر- هارون 245
معمر- 43
المعيطي- أبو سماعة الشاعر 219، 220
ابن معين- أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي 60، 61، 63، 64، 154
المفضل- أبو العباس المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الكوفي الراوية 14
المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 46، 47، 126، 127، 207، 231، 233، 248، 255، 261، 275
ابن المقداد- 259
المقدسي- أبو الحسن علي بن الفضل 109
المقرىء- إبراهيم بن أحمد بن محمد 146
المقرىء- أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين المعروف بدبيس الخياط 151، 153(7/316)
ابن مقسم- أبو بكر، ابتدع قراءة للقرآن لم تعرف 46
ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين 49، 205، 209، 226، 261
المكتفي- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 201، 202، 256، 275
ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون 115، 126، 209
ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 115
المنجم- أبو منصور، منجم المنصور 209
ابن المنجم- أبو العباس هبة الله بن محمد بن يوسف بن يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور 210، 211
ابن المنجم- يحيى بن أبي منصور 209
منداة- جارية قهرمانة ابن مقلة 226
ابن منده- أبو القاسم 237
ابن المنذر- النعمان، ملك الحيرة 112، 231
ابن منصور- أبو أحمد 126
منصور بن زياد- 220
ابن منصور- سعيد 37
ابن أبي منصور- محمد 278
المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 35، 48، 62، 209، 216، 217، 219، 230، 233، 261، 276، 277
المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور 53، 72، 77، 130، 219
ابن المهدي- أبو علي 255
مهذب الدولة- أبو الحسن علي بن نصر، صاحب البطيحة (335- 408) ، 122، 278
مهران بن عبد الله 25
المهلبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 115، 162، 164، 207، 226، 228، 253، 254
المهلبي- سليمان بن حبيب، أمير البصرة 216(7/317)
المهلبي- أبو خالد يزيد بن محمد بن المغيرة 27
ابن المهنّى- محمد 50
المورياني- أبو أيوب سليمان بن مخلد 233
ابن موسى- هارون، مستملي يزيد بن هارون 66
الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ميمون 27، 135
الموصلي- أبو الحارث 142
الموصلي- حماد بن إسحاق بن إبراهيم 134
الموصلي- القاضي أبو القاسم صدقة بن علي التميمي الدارمي 62
الموفق- أبو أحمد طلحة بن المتوكل 200
ميمون بن مهران- أبو أيوب- الرقي
(ن)
ناجية- أبو الحسن ناجية بن محمد الكاتب 44
ابن ناصر- أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن محمد بن علي بن عمر البغدادي الحافظ 90
نبت- جارية مهران المخنث 128
ابن النجار- أبو عبد الله محب الدين محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن 255، 265
النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان الملقب بالأحمر 144، 145
النخعي- محمد بن الحسين 58
ابن النديم- أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق 197
ابن نصر- أحمد بن القاسم بن نصر، أخو أبي الليث الفرائضي 35، 40
ابن نصر- أبو الحسن علي بن نصر، الفقيه المالكي 264
النصيبي- أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد المتكلم 211
أبو نضلة- مهلهل بن يموت بن المزرع- العبدي
النعمان- الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت 33، 35، 36، 37، 38، 39، 40، 41، 42، 43، 46، 65(7/318)
أبو نعيم- الفضل بن عمرو (دكين) بن حماد بن زيد بن درهم 36، 60، 61
نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، من أحفاد المهلب 46
ابن النفيس- أبو الحسن علي بن أبي الحزم القرشي المتطبب 175
النقاش- أبو بكر 87، 88
النميري- أبو زيد عمر بن شبّة بن عبيدة بن ريطة البصري 14، 33، 146
نوبخت- جد عائلة آل نوبخت 216، 217
النوبختي- أبو سهل إسماعيل بن علي 216
النوبختي- أبو الحسن علي بن العباس 212
النوشجاني- أبو الفتح 258، 259، 260
النوشري- أبو بكر أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم- الوراق
النوفلي- سليمان بن عبد الملك 245
النيسابوري- أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح 36، 37، 42، 43
النيسابوري- أبو نصر محمد بن محمد بن سهل بن إبراهيم بن سهل 38
(هـ)
الهائم- أبو علي أحمد بن علي المدائني 112
ابن هارون- أبو علي الحسن بن هارون الكاتب 115
ابن هارون- أبو خالد يزيد بن هارون بن زاذان بن ثابت السلمي الواسطي المولى 66
الهاشمي- أبو العبر أحمد بن محمد بن عبد الله 161
الهاشمي- أبو إسماعيل الخطيب 259، 260
الهاشمي- أبو بكر بن الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام في دار الخلافة 188
الهاشمي- الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام في الرصافة 186، 187، 188، 189
الهاشمي- طاهر 142
الهاشمي- عثمان بن الحسن بن عبد العزيز العباسي 188
الهاشمي- علي بن الحسن بن عبد العزيز العباسي 188(7/319)
الهاشمي- عمر بن الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام بمصر والحرمين 188
ابن هبة الله- عمر بن أحمد 237، 261
الهجيمي- أبو إسحاق إبراهيم بن علي 63
هداب- هدبة بن خالد القيسي البصري 242
ابن الهمذاني- 240
الهمذاني- الشاعر 108، 174
الهمذاني- أبو السائب عتبة بن عبيد الله القاضي 47، 54، 55، 57، 58
الهمذاني- أبو منصور محمد بن عيسى 151
(و)
الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 191
الواسطي- أبو غالب محمد بن أحمد بن شبران 264
الوراق- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب 41
الوراق- أبو بكر أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم المعروف بالنوشري 103
ابن وريدة- أبو الفرج 134
وكيع- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ القاضي 130
ابن وكيع- مليح 42
ابن ونداد خورشيد- القائد روزبهان 226
ابن وهب- أبو علي الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين الحارثي 212
ابن وهب- أبو أحمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله، بن سليمان بن وهب 275
ابن وهب- أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب 200، 201، 202
ابن وهب- أبو الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 200، 201، 202، 256، 275(7/320)
(ي)
اليامي- أبو جعفر أحمد بن بديل بن قريش بن الحارث الكوفي 5
يزيد بن عمر بن هبيرة، أمير العراق- الفزاري
اليزيدي- أبو محمد علي بن أبي عمر 266
ابن يعقوب- محمد بن أحمد 241
ابن يعقوب- يحيى بن يعقوب بن فرازون النصراني 200، 201
ابن أبي يوسف القاضي- أحمد بن يحيى بن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم 32
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم- مستملي أبي عيينة 66(7/321)
فهرس جغرافي
(أ)
55/35/أذربيجان
19/8/أرّان
26/13/أسبانبر
266/153/اشكرب
(ب)
8/2/باب التبن
230/133/باب خراسان
72/45/باب الطاق
119/71/بحار
19/8/برذعة
72/45/بستان الزاهر
174/104/البطائح
(ج)
174/104/الجامدة
79/49/جنديسابور
123/74/جيرون
(د)
109/64/الدسكرة
25/13/دنّ
55/35/ديار مضر
95/56/دير مخارق
(ر)
79/49/الرستاق
72/45/الرصافة
(ز)
142/83/زرود
(س)
261/150/سارية
56/35/السواد
52/33/سوسنجرد
72/45/سوق يحيى(7/322)
(ش)
108/63/شلمغان
279/158/الشماسية
204/122/شيراز
(ص)
72/45/الصرافية
279/158/الصليخ
279/158/الصليق
(ع)
119/71/عبادان
23/11/العراقان
72/45/العلوازية
72/45/العيواضية
(ق)
268/153/القادسية
25/13/قصر المدائن
72/45/القلعة
228/132/قم
25/13/قنطرة دن
215/125/القيّارة
(ك)
55/35/الكوفة
(م)
108/63/مادرايا
269/153/المحوّل
72/45/المخرّم
55/35/المراغة
116/70/المربد
72/45/المقبرة الملكية
(هـ)
174/104/الهور
(ي)
269/153/الياسرية(7/323)
فهرس عمراني
(أ)
158/92/الأبليّات
69/43/الأتون
191/114/الاحتجان
187/112/الآخر
80/49/أراح
141/82/الاسطرلاب
78/48/الاعتبار
157/92/الاعذار
81/50/اعهد
79/49/الافيون
85/53/الاقتضاء
267/153/انتقع وامتقع
25/13/الأنصار
177/104/الانفال
102/59/الانكسار
79/49/الايارجة
(ب)
94/55/البركان
251/144/البنج
112/66/البهار
(ت)
177/104/التحيّة
100/58/الترباس
218/127/التضرّب
238/137/التفسير
175/104/التماثيل
93/55/التنبّذ
176/104/التنقّل
(ج)
39/22/الجبّ
222/129/الجبّانة
126/75/الجدي
107/62/الجديلة
71/45/الجراب
277/157/جرّد
225/130/جرع(7/324)
198/117/جمجم
211/124/الجونة
(ح)
144/85/أبو الحارث
238/137/حق بيت المال
89/53/الحلّان
107/62/الحندس
198/117/الحنف
(خ)
240/138/خشكنانجة
119/71/الخضرة
238/137/الخمار
144/85/أبو خميّس
231/134/الخيريّ
233/135/الخيش
85/53/الخيطيّة
(د)
265/152/داست كفت
80/49/الدانق
280/158/دستاهيج
176/104/الدوشاب
187/112/دوه دوه
(ذ)
17/104/الذريرة
(ر)
235/136/رزح
119/71/الرسم
130/77/الرنّة
107/62/رنق
(ز)
225/130/الزمانة
7/1/الزلف
215/125/الزيات
(س)
7/1/السالفة
177/104/السباسب
107/62/السداب
160/92/السدّة
145/86/السرمد
58/37/السقم
107/62/سليمى كرفته
79/49/السوك(7/325)
(ش)
107/62/الشرجي
274/155/الشرجي
120/72/شرق بالدمع
110/64/شرق لونه
189/112/الشرى
86/53/الشط
110/64/الشفق
112/66/شقائق النعمان
231/134/شقائق النعمان
178/105/الشلندي
175/104/الشمامات
(ص)
107/62/الصبا
117/71/الصعداء
230/133/الصفّة
279/158/الصلق
(ض)
158/92/ضلع
139/81/الضيفن
(ط)
222/129/الطائلة
145/86/الطرفة
280/158/الطريف
138/80/الطفيلي
87/53/الطنز
165/96/الطيفورية
(ع)
211/124/العاثور
175/104/عبىء
(غ)
64/41/الغريب
175/104/الغسول
(ف)
102/59/الفتوة
110/64/الفرق
11/64/الفقاعي
(ق)
215/125/القيار
192/114/قرف
144/85/القروانة(7/326)
144/85/القصعة
140/82/القلية
126/75/القوزي
89/53/القوصرة
215/125/القير
(ك)
225/130/كرع
165/96/الكرنبيّة
58/37/الكظم
240/138/كليجة
69/43/الكورة
142/83/كيسان
89/53/الكيشة
(ل)
238/137/اللثام
274/155/اللقوة
118/71/لنكك
149/88/اللوزينج
(م)
100/58/المترس
22/11/المخلّص
7/1/المدمع
251/144/المرقد
238/137/المستثنى
144/85/المستذفر
66/42/المستملي
248/143/المستوصفات السيارة
268/153/المعادلة
110/64/المعصفر
140/82/المغث
99/58/الممارق
231/134/المنشور
25/13/المهاجرون
140/82/الميدة
(ن)
85/53/الناقد
175/104/النبيذ
158/92/النزيف
71/45/نفخ الجربان
79/49/النيف
(هـ)
186/112/هاها(7/327)
223/229/الهرير
(و)
138/80/الوارش
138/80/الواغل
85/53/الورق
159/92/الوسيل
104/60/الوقيعة
157/92/الوكيرة
91/54/الوفز(7/328)
فهرس الكتب والمراجع
أخبار القضاة: القاضي وكيع، أبو بكر محمد بن خلف بن حيان- طبع مصر.
أدبيات اللغة العربية: محمد عاطف ومحمد نصار وأحمد إبراهيم وعبد الجواد- المطبعة الأميرية بمصر 1909.
الأذكياء: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع بيروت.
إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- معجم الأدباء.
الأشربة: ابن قتيبة- أبو محمد عبد الله بن مسلم- طبع دمشق- 1947.
الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة.
الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة 21 مجلدا.
الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة بولاق 20 ج 10 م سنة 1285 هـ.
الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت.
الامتاع والمؤانسة: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس- 3 أجزاء طبع بيروت.
الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913.
أنساب الأشراف: البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر- ح 4 ق 2 وح 5- طبع القدس 1936 و 1938.
بدائع البدائه: أبو الحسن علي بن ظافر بن حسين الأزدي الخزرجي- حاشية على هامش معاهد التنصيص- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316.
البصائر والذخائر: التوحيدي، أبو حيان علي بن محمد بن العباس، تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني- طبع دمشق.(7/329)
تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، بيروت.
تاريخ الحكماء: ابن القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف- تحقيق ليبرت- طبع ليبزك 1903.
تاريخ الخلفاء: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر- ط 3- القاهرة- 1964.
تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري- طبع دار المعارف بمصر.
تجارب الأمم، الجزء الأول، للمدة من 295- 329. والجزء الثاني للمدة من 329- 369: أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914
تجارب الأمم، الجزء السادس للمدة من 198- 251: ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- ذيل على الجزء الثالث من كتاب العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869.
التحف والهدايا: الخالديان، أبو بكر محمد بن هاشم وأبو عثمان سعيد بن هاشم- تحقيق الدكتور سامي الدهان- طبع دار المعارف بمصر 1952.
تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: لصابي، أبو الحسن هلال بن المحسّن- تحقيق عبد الستار أحمد فراج، طبع البابي الحلبي بالقاهرة 1958.
تحفة المجالس ونزهة المجالس: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي (849- 911) .
تحفة النظار، في غرائب الأمصار، وعجائب الأسفار: ابن بطوطة، محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي- تحقيق أحمد العوامري ومحمد أحمد جاد المولى- المطبعة الأميرية ببولاق 1934.
تذكرة بالأخبار، عن اتفاقات الأسفار: ابن جبير، أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي الشاطبي البلنسي- بيروت 1968.
التطفيل: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- طبع دمشق 1346 هـ.
تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية، مع ذكر أصلها بحروفه- طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965.(7/330)
تقويم البلدان: أبو الفداء، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عمر، صاحب حماة- طبع باريس 1840.
ثمرات الأوراق: الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي، المعروف بابن حجة الحموي- حاشية على المستطرف- طبعة الحلبي بالقاهرة.
الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي- طبعة بولاق 1291.
جمع الجواهر في الملح والنوادر: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني- طبع مصر- 1353.
حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1902
خزانة الأدب: البغدادي، عبد القادر- 4 مجلدات- طبع بولاق.
خلاصة الذهب المسبوك، المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964.
دائرة المعارف الإسلامية: الترجمة العربية 15 مجلدا 1933.
ديوان البحتري: أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي- تحقيق رشيد عطية- طبع المطبعة الأدبية- بيروت 1911.
ديوان السري الرفاء: السري بن أحمد بن السري الكندي- طبع مكتبة القدسي، مصر 1355.
ذيل أمالي القالي: القالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم اللغوي البغدادي- مطبعة دار الكتب- القاهرة.
ذيل تجارب الأمم، للمدة من 369- 393: الروذراوي: الوزير أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين- تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914.
زه الآداب: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني- تحقيق الدكتور زكي مبارك- 3 أجزاء- المطبعة الرحمانية بالقاهرة- 1925.
شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي.(7/331)
شرح المعلقات السبع: الزوزني، أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين- طبع بيروت
شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائني- 20 م- طبعة الحلبي بالقاهرة.
شفاء الغليل، فيما في كلام العرب من الدخيل: الخفاجي، شهاب الدين أحمد- مطبعة السعادة بمصر 1325.
الطبيخ: البغدادي، محمد بن عبد الكريم- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت.
العيون والحدائق، في أخبار الحقائق، الجزء الثالث، للمدة من 86- 227: لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل 1869.
غرر الخصائص الواضحة، وعرر النقائص الفاضحة: جمال الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي الأنصاري المعروف بالوطواط- بولاق 1284.
الفرج بعد الشدّة: التنوحي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- مكتبة جون رايلند- ما نجستر.
الفرج بعد الشدّة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- طبعة دار الهلال بمصر 1903- 1904.
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم: ابن طاووس، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني- طبع النجف.
فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب: ابن المرزبان، أبو بكر محمد بن خلف- مطبعة محمد توفيق- القاهرة 1341.
الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- تحقيق رضا تجدد- طبع طهران.
فوات الوفيات: محمد بن شاكر الكتبي- مطبعة دار السعادة- القاهرة 1951.
القانون في الطب: ابن سينا، أبو علي شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق- القاهرة.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966- 13 مجلدا، مع الفهارس.(7/332)
كشف الظنون، عن أسامي الكتب والفنون: الحاجي خليفة، طبعة اصطنبول 6 مجلدات.
اللباب، في تهذيب الأنساب: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد- 3 أجزاء طبع القاهرة 1357.
لباب الآداب: الأمير أسامة بن منقذ- تحقيق أحمد محمد شاكر- طبع مصر 1935.
لسان العرب، قاموس: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري- طبع دار صادر.
لطائف المعارف: الثعالبي أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبع الحلبي- القاهرة.
مجمع البيان، في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت- 10 ج 5 م.
المحاسن والمساوىء: البيهقي، إبراهيم بن محمد- مطبعة السعادة بمصر 1906.
المخصص: ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي.
مراصد الاطلاع، على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي- طبع مصر 1954.
المرصع: ابن الأثير، ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد بن محمد الشيباني- اصطنبول 1304.
مروج الذهب، ومعادن الجوهر: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966.
المستجاد من فعلات الأجواد: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي- تحقيق كرد علي- دمشق.
المشتبه، في الرجال: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز- جزآن اثنان في مجلد واحد، طبع الحلبي 1962.
المشترك وضعا، والمفترق صقعا: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864.
مطالع البدور، في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299.(7/333)
معاهد التنصيص، في شواهد التلخيص: بدر الدين أبو الفتح عبد الرحيم العباسي- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316.
معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924- 7 مجلدات.
معجم البلدان: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس.
المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: دوزي، رينهارت- امستردام 1845.
معجم المراكب والسفن في الإسلام: حبيب زيات- مجلة المشرق- م 43.
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934.
مفاتيح العلوم: الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف- مطبعة الشرق- القاهرة- 1342.
المفردات، في غريب القرآن: الراغب الأصبهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل- المطبعة الميمنية- القاهرة- 1324.
الملل والنحل: الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد، هامش على الملل والنحل لابن حزم- طبعة الخانجي 1321.
المنتظم، في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدرآباد الدكن 1357.
المنجد، قاموس: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت.
ميزان الاعتدال، في نقد الرجال: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان- تحقيق علي محمد البجاوي- 4 م، طبع مصر 1963.
نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمد- الأجزاء 1- 6- تحقيق عبود الشالجي- مطابع دار صادر- بيروت.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي بن محمد- الجزء الثامن- تحقيق عبود الشالجي- معد للطبع.(7/334)
نشوار المحاضرة: سبط ابن الجوزي، شمس الدين أبو المظفر يوسف قزأوغلي- مخطوط
النهاية: ابن الأثير، أبو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري.
هدية العارفين، أسماء المؤلفين، وآثار المصنفين: إسماعيل باشا البغدادي- اصطنبول 1955.
الهفوات النادرة: غرس النعمة، أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر- دمشق 1967.
الوافي بالوفيات: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، الأجزاء 1- 7.
وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد بن محمد ابن أبي بكر- تحقيق الدكتور إحسان عباس- طبع دار صادر- 8 مجلدات مع الفهارس.
يتيمة الدهر، في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.(7/335)
استدراكات
الجزء السادس
الصحيفة: السطر: رقم القصة
88: 9: 6/51 اقرأ: الله، الله في دمي، بدلا من: من دمي.
الجزء السابع
118: 5 والحاشية رقم 4: 7/71 اقرأ: أبو الحسين، بدلا من: أبو الحسن
164: الحاشية رقم 4: 7/95 اقرأ: كردك، بدلا من: كرك
200: الحاشية رقم 1: 7/119 اقرأ: أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بدلا من: أحمد بن الحسن(7/337)
رموز
-: راجع
م: مقدمة المؤلف
الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم
الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.(7/338)
الفهارس
محتويات الكتاب 283
فهرس أسماء الأشخاص 291
فهرس جغرافي 322
فهرس عمراني 324
فهرس الكتب والمراجع 329(7/339)
بعونه تعالى تم طبع الجزء السابع من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين التاسع من شهر تموز 1973 على مطابع دار صادر في بيروت(7/341)
الجزء الثامن
[مقدمة التحقيق]
مقدمة المحقق
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) *
(والحمد لله رب العالمين) أقدّم لقراء العربية الجزء الثامن من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي أبي علي المحسّن بن عليّ التنوخي، وكان هذا الجزء من جملة المخطوطات التي اشتملت عليها مكتبة المتحف البريطاني بلندن برقم 9586 شرقي، والمخطوطة تشتمل على 110 ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة 15 سطرا، خطّها جيد قديم، قليلة التصحيف، مخرومة جزء من المقدمة، وقد ورد في آخر الكتاب: تم الجزء الثامن، ويتلوه التاسع، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين «1» ، وقد عثر المستشرق المعروف د. س. مرجليوث على هذه النسخة في مكتبة المتحف البريطاني، فنقل عنها بخطه نسخة ترجمها إلى اللغة الإنكليزية، ونشر الترجمة في مجلة تصدر في حيدر آباد الدكن اسمها L THE ISlamic Review LL ثم بعث بالنسخة العربية إلى المجمع العلمي العربي بدمشق، فطبعها المجمع في السنة 1930 في مجلته، ثم نشرها في كتاب على حدة.(8/5)
ولما عزمت على تحقيق هذا الكتاب، حصلت من مكتبة المتحف البريطاني على فلم لمخطوطة هذا الجزء، وكان عليها اعتمادي في القراءة والتحقيق.
أخرج القاضي التنوخي كتابه نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة في أحد عشر مجلدا «1» طبع منها ثلاثة «2» ، ولما اشتغلت بتحقيق هذا الكتاب عثرت على جزء آخر، فأصبحت أربعة «3» ، وجمعت أربعة أخرى «4» من ثنايا الكتب، ممّا نقله أصحابها عن التنوخي ونشواره، فأصبح المجموع ثمانية، تمت، كاملة التحقيق، بنشر هذا الجزء من الكتاب.
ولا أريد أن أتعرّض في هذه المقدمة، لذكر مقدار ما بذلت من جهد في سبيل إصدار هذه الأجزاء الثمانية من الكتاب، فقد سبق لي أن أوردت ذلك في مقدمة الجزء الأول، وكررته في أكثر من موضع من مقدمات الأجزاء الأخرى.
وبعد: فهذا جناي وخياره فيه.
وأسأل الله سبحانه وتعالى، أن يوفقنا لأرشد الأمور، وخيرها بدأ وخاتمة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
بحمدون في 24 آب 1973 عبود الشالجي المحامي(8/6)
الباقي من مقدمة المؤلف
..... أكثرها تحوّلا، وتغيّرا، العوائد في أخلاق أكثر العالم، ومعاملاتهم، ورسومهم، فتلقطت هذا الفن، وأثبتّه، وخلطت به، ما حدث، ويحدث، من مليح شعر، لمن ضمّنا وإياه دهر، ممّن لم يخلق شعره بالاشتهار، ولا بشمه الناس بالاستكثار، ومن رسالة غريبة، أو حكمة جديدة، أو ما يغلب على ظنّي من أشباه ذلك- وإن قدم- إلّا أنّه لم يدوّن، أو منام طريف، أو حادث عجيب، أو رسم غريب، أو مستنبط مفيد قريب، ليعرف الفرق بين الأمرين، والتباين في الحالين، ويهشّ لذلك، من قد فرغ من الآداب، وسبر أكثر الافهام والحلوم، وقرم إلى معرفة أسرار الأمور، والعادة في الجمهور، والتدبيرات والاختيارات، والملح في جميع الحالات، التي لا تكشفها له الفكر، إلّا في الطويل من العمر، وإذا وقف عليها من هاهنا، قربت من يديه، وخفّ تناولها عليه، ولم أجعل ذلك مرتّبا على أبواب، لعلل وأسباب، قد ذكرتها [1] فيما قبل هذا، وأوردت فيه مجمل هذا القول، وشرحت في رسالة كلّ جزء، ما يغني عن الإطالة فيها، ويوضح المغزى، ويقوم بالعذر.
وأرجو أن لا أكون مذموما بما جمعته، إن لم أحمد على ما صنعته، وأن يكون ما كتبته خيرا من موضعه لو بيّضته، كما أسلفت في الأجزاء السالفة من العذر وحبّرته، إن شاء الله.(8/7)
1 فرجة بين الصدر والقبر
حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام بن عبد الله «1» ، الكاتب البغدادي، المعروف أبوه، بأبي قيراط «2» ، كاتب ابن الفرات «3» ، قال:
سمعت أنّ أبا القاسم «4» ، كان إذا خلا، وتذكّر أمر الآخرة، وما هو منقطع به عنها من أمر السلطان، يقول: اللهم، لا تخرجني من الصدر إلى القبر، لا فرجة لي بينهما.
قال أبو الحسين: فأجيبت دعوته، وجلس في منزله، قبل موته، نحوا من سنة، تائبا من التصرّف «5» ، تاركا لطلبه.
فلما اعتلّ علّة موته، جاءته رسالة الراضي «6» ، يستدعيه، ليقرّر معه أمر الوزارة، ويوليّه إيّاها.
فقال: آلآن؟ أين كان قبل مدة، لعلّه لو جاءني هذا الأمر، وأنا تائب، لما رددته، ولعلّي كنت أنقض التوبة، فالحمد لله الذي لم يتم عليّ ذلك.(8/9)
2 الوزير علي بن عيسى يستحثّ عاملا على حمل الخراج
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: أقرأني أبو عبد الله أحمد بن محمد الحكيمي «2» كتابا بخط عليّ بن عيسى «3» ، وأخبرني أنّه كتبه إليه في وزارته الأخيرة «4» ، وهو يتقلّد له طساسيج طريق خراسان «5» ، يحثّه على حمل المال، ونسخته، قال:(8/10)
قد كنت- أكرمك الله- عندي، بعيدا عن التقصير، غنيا عن التنبيه والتبصير، راغبا فيما خصّك بالجمال، وقدّمك على نظرائك من العمال، واتصلت بك ثقتي، وانصرفت نحوك عنايتي، ورددت الجليل من العمل إليك، واعتمدت في المهم عليك.
ثم وضح لي من أثرك، وصحّ عندي من خبرك، ما اقتضى استزادتك، وردفه ما استدعى استبطاءك ولائمتك، وأنت تعرف صورة الحال، وتطلّعي مع شدّة الضرورة إلى ورود المال.
وكان يجب أن تبعثك العناية، على الجدّ في الجباية، حتى تدرّ حمولتك وتتوفّر، ويتّصل ما يتوقّع وروده من جهتك ولا يتأخّر.
فنشدتك الله، لما [2] تجنبت مذاهب الإغفال والإهمال، وقرنت الجواب على «1» كتابي هذا، بمال تبتزّه من سائر جهاته وتحصّله، وتبادر به وتحمله، فإنّ العين إليه ممدودة، والساعات لوروده معدودة، والعذر في تأخيره ضيّق، وأنا عليك من سوء العاقبة مشفق، والسلام.(8/11)
3 كيف تمكن عبيد الله بن يحيى بن خاقان من المتوكل
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو عبد الله بن عليّ الباقطائي «2» ، قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن إسرائيل «3» ، قال:
كان سبب رفعه عبيد الله بن يحيى «4» ، طلب المتوكل «5» لحدث من أولاد الكتّاب، يوقّع بحضرته في الأبنية «6» والمهمّات، لأنّه كان قد أسقط الوزارة، بعد صرف محمد بن الفضل الجرجرائي «7» ، واقتصر على أصحاب الدواوين،.(8/12)
وأمرهم أن يعرضوا الأعمال بأنفسهم، وجعل التاريخ في الكتب، باسم وصيف التركي «1» ، وانتصب منصب الوزارة، وإن كان لم يسمّ بها.
فأسمي له جماعة، فاختار عبيد الله من بينهم.
فحضر أول يوم، فصلّى في الدار ركعات، وجلس وعليه قباء وسيف ومنطقة وشاشية، على رسم الكتاب.
قال أبو الحسين: لأنه لم يكن أحد يصل إلى الخليفة، إلّا بقباء وسيف ومنطقة من الناس كلهم، إلّا القضاة، لا في موكب، ولا غيره، فإذا كان يوم موكب، كانت الأقبية كلها سوادا، وإذا كان غير يوم موكب، فربما كانت من بياض، وفي الأكثر سوادا.
فلما صلّى عبيد الله، وجلس، لم يجتز به أحد من الحاشية، كبير ولا صغير، الّا قام إليه قائما، وسلّم عليه، حتى قام إلى رئيس الفرّاشين.
فرآه بعض الحاشية، فقال: من هذا الشقيّ الذي قد قام لسائر الناس، حتى قام إلى الكلاب؟
فقيل له: فلان.
ثم أذن له المتوكل، لما خلا، فدخل إليه، وكان على رأسه قلنسوة سوداء شاشية، وكان طويل العنق، فظهرت عنقه.(8/13)
فلما رآه المتوكل، أومأ بيده إلى قفاه، ومسحه شبه صفعة، فأخذ عبيد الله يده فقبّلها.
فنفق عليه، وخفّ على قلبه، وسرّ بذلك، واستخفّ روحه.
وقال له: اكتب.
فكتب وهو قائم: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)
«1» ، إلى قوله عز وجل [3] (وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً)
«2» فكتب: وينصرك الله- يا أمير المؤمنين- نصرا عزيزا، فزاد ذلك في تقبّل المتوكل له، وتفاءل بذلك.
وقال له: الزم الدار، فكان يلزمها منذ السحر، إلى وقت نوم المتوكل في الليل.
وقوي أمره مع الأيام، حتى صار يعرض الأعمال، كما كان الوزراء يعرضونها، وليس هو بعد وزير، والتاريخ لوصيف.
فأمره المتوكل في بعض الأيام، أن يكتب نسخة في أمر الأبنية، فقال:
نعم.
فلما كان بعد ساعة، سأله، هل كتبت؟
فقال: لم يكن معي دواة.
فقال: اكتب الساعة، فاستحضر دواة.
وكان ايتاخ الحاجب «3» قائما، يسمع ذلك، فلما خرج عبيد الله،(8/14)
قال له: إنّما طلبك أمير المؤمنين، لتكتب بين يديه، فإذا حضرت بلا دواة فلأيّ شيء تجيء؟
فقال له عبيد الله: وأيّ مدخل لك أنت في هذا؟ أنت حاجب أو وزير؟
فاغتاظ من ذلك، فأمر به فبطح، وضربه على رجليه عشرين مقرعة، وقال له: الآن علمت أنّ لي فيه مدخلا؟
فلم يتأخّر عبيد الله عن الخدمة، وعاد، فجعل يمشي ويعرج، فسأل المتوكل عن خبره، فعرف الصورة، فغلظ عليه ذلك، وقال: إنّما قصده إيتاخ لمحبّتي له.
وكان قد اجتمع في نفس المتوكل من إيتاخ العظائم، مما كان يعمل به في أيام الواثق، ولا يقدر له على نكبة، لتمكّنه من الأتراك.
فأمر بأن يخلع على عبيد الله من الغد، وأن لا يعرض أحد من أصحاب الدواوين عليه شيئا، وأن يدفعوا أعمالهم إليه ليعرضها، وأجرى له في كل شهر عشرة آلاف درهم.
فندم إيتاخ على ما فعله، وجعل يداري عبيد الله، ويثاقفه.
وقوي أمر عبيد الله، حتى حذف بنفسه، من غير أمر، اسم وصيف من التاريخ، وأثبت اسمه.
ثم أمر له المتوكل برزق الوزارة، ثم خوطب بالوزارة، بعد مديدة، وخلع عليه لها خلعا أخر.
ثم قلّده كتابة المعتز «1» ، وخلع عليه.(8/15)
ثم قلّده كتابة المؤيد «1» ، وخلع عليه.
وضمّ المتوكل إلى ابنيه، بضعة عشر ألف رجل، وجعل تدبيرهم إلى عبيد الله، فكان وزيرا أميرا.
فلما تمكّن [4] ، هذا التمكّن بالحيش، والمحل، عارض إيتاخ، وبطّأ حوائجه، وقصده، ووضع من كتّابه، ولم يزل ذلك يقوى من فعله، إلى أن دبّر على إيتاخ، فقتله على يد إسحاق بن إبراهيم الطاهريّ ببغداد، بعد عود إيتاخ من الحجّ.(8/16)
4 الواثق ومحمد بن عبد الملك الزيات
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن، الكاتب المعروف بابن الماشطة «2» ، وكان يتقلّد قديما العمالات، ثم صار من شيوخ الكتاب، وتقلّد في أيّام حامد بن العباس، ديوان بيت المال، قال:
سمعت أبا «3» الفضل، وهو يحكي عن أبيه، وهو [ابن] الفضل بن مروان «4» ، قال:
كان في نفس الواثق «5» ، على محمد بن عبد الملك الزيّات «6» ، العظائم، ممّا كان يعامله به في أيّام أبيه.
فمن ذلك: أنّ المعلّم شكا إلى المعتصم «7» ، أنّ الواثق لا يتعلّم، فإذا طالبه بذلك، شتمه، ووثب عليه، فأمر المعتصم محمدا، بأن يضرب الواثق أربع مقارع.
فخرج محمد، واستدعى الواثق، وضربه ثلاث عشرة مقرعة، حتى مرض.(8/17)
فلما عرف أبوه الخبر، أنكر ذلك، وحلف للواثق، أنّه ما أمر محمدا، إلّا أن يضربه أربع مقارع، فأخفاها في نفسه، فكان يبغضه.
وعلم محمد بذلك، فكان يقصده في ضياعه وأملاكه، لما ترعرع، وصار أميرا.
فوقّع المعتصم يوما، أن يقطع الواثق، ما ارتفاعه «1» ألف ألف درهم، فمحاها محمد، وكتب: ما قيمته ألف ألف درهم.
فلما دخل إليه الخادم، وعرّفه ما عمله محمد، وثب إلى أبيه، وعرّفه ذلك، وعرض التوقيع عليه.
فقال له المعتصم: ما أغيّر ما وقّعت به، وما أرى في التوقيع إصلاحا، وكان محمد قد أجاد محوه.
وعلم المعتصم، أنّ رأي محمد في الاقتصاد، أصلح، فبطل ما كان يريده الواثق، وانصرف.
فقال للخادم: قد تمّ علي من هذا الكلب، كل مكروه، فإن أفضت الخلافة إليّ، فقتلني الله، إن لم أقتله.
ثم قال له: أنت خادمي، وثقتي، فإن أفضى هذا الأمر إليّ، فاقتله ساعة أخاطب بالخلافة، ولا تشاورني، وجئني برأسه.
قال: فمضت الأيام، وتقلّد الواثق، فحضر الدار في أوّل يوم، محمد ابن عبد الملك [5] ، مع الكتّاب.
فتقدّم الواثق إلى الكتّاب دونه، بأن يكتب كلّ منهم نسخة، بخبر وفاة المعتصم، وتقلّده الخلافة، فكتبوا بأسرهم، وعرضوا ذلك عليه، فلم يرضه.(8/18)
فقال لمحمد: اكتب أنت.
فكتب في الحال، بلا نسخة، كتابا حسنا، وعرضه، فاستحسنه، وأمر بتحرير الكتب عليه.
ولم يبرح من حضرته، حتى أقرّه على الوزارة، وخرج من بين يديه، والناس كلهم خلفه.
قال الخادم: فعجبت من ذلك، وقلت: تراه أنسي ما كان أمرني به؟
لم لا أستأذنه في ذلك، وأذكّره به؟
فتقدّمت إليه لما خلا، وأذكرته الحديث، واستأذنته، فقال: ويحك، السلطان إلى محمد بن عبد الملك، أحوج من محمد إلى السلطان، دعه «1» .
قال: فرقّاه الواثق إلى ما لم يرقّه إليه المعتصم.
قال الفضل بن مروان: ولا نعلم وزيرا، وزّر وزارة واحدة، بلا صرف، لثلاثة خلفاء متّسقين، غير محمد بن عبد الملك.(8/19)
5 أبو خازم القاضي يطالب الخليفة المعتضد بما في ذمّته للوقف
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني وكيع القاضي «3» .
قال أبو الحسين: وقد رأيت محمد بن خلف، وكيع، وكتبت عنه أشياء كثيرة، ليس هذا منها.
قال: كنت أتقلّد لأبي خازم «4» ، وقوفا في أيام المعتضد «5» ، منها وقوف الحسن بن سهل» .
فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسني «7» ، أدخل إليه،(8/20)
بعض وقوف للحسن بن سهل، كانت في يدي، ومجاورة للقصر.
وبلغت السنة آخرها، وقد جبيت مالها، إلّا ما أخذه المعتضد.
فجئت إلى أبي خازم، فعرّفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبله، وعلى أهل الوقف.
فقال لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟
فقلت: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟
فقال: والله، لا قسمت الارتفاع، أو تأخذ ما عليه، وو الله، لئن لم يزح العلة، لا وليت له عملا.
ثم قال: امض إليه الساعة، وطالبه.
فقلت: من يوصلني؟
فقال: امض إلى صافي الحرمي «1» ، وقل: إنّك رسولي، أنفذتك في مهمّ، فإذا وصلت، فعرّفه ما قلت لك.
فجئت، وقلت لصافي ذلك، فأوصلني، وكان آخر النهار.
فلما مثلت بين يدي الخليفة، ظنّ أمرا عظيما قد حدث، فقال لي:
هي «2» ، قل، كأنّه متشوّف.
فقلت: أنا ألي لعبد الحميد، قاضي أمير المؤمنين، وقوف الحسن بن(8/21)
سهل، ومنها [6] ، ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جبيت مال هذه السنة، امتنع من تفرقته، إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وأنفذني الساعة قاصدا لهذا السبب، فأمرني أن أقول: إنّي حضرت في مهمّ، لأصل.
قال: فسكت ساعة متفكرا، ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي، هات الصندوق.
قال: فأحضر صندوقا لطيفا.
فقال: كم يجب لك؟
فقلت: الذي جبيت عام أوّل من ارتفاع هذه العقارات، أربعمائة دينار.
قال: فكيف حذقك بالنقد والوزن؟
فقلت: أعرفهما.
قال: هاتوا ميزانا، فجاءوا بميزان حرّاني «1» حسن، عليه حلية ذهب، فأخرج من الصندوق دنانير عينا، فوزن منها أربعمائة دينار، وقبضتها، وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر.
فقال: أضفها إلى ما اجتمع للوقف عندك، وفرّقه في غد، في سبله، ولا تؤخّر ذلك، ففعلت.
فكثر شكر الناس لأبي خازم، لهذا السبب، وإقدامه على الخليفة، بمثل ذلك، وشكر هم للمعتضد رضي الله عنه، في إنصافه.(8/22)
6 الوزير ابن الفرات يحاسب عاملا
حدّثني أبو الحسين علي بن هشام أبي قيراط، الكاتب البغدادي، قال:
سمعت أبا الحسن، عليّ بن محمد بن الفرات «1» ، يحدّث:
قال: كان النهيكي العامل، قد لازم أبا القاسم عبيد الله بن سليمان في أيّام نكبته، فلم يكن له- لما ولي الوزارة- همّ، إلّا الإحسان إليه.
فقلّده بادوريا «2» ، وكان لا يتقلّدها إلّا جلّة الناس.
ولقد سمعت أخي أبا العباس «3» يقول: إنّ من صلح لتقلّد بادوريا، صلح أن يتقلد ديوان الخراج، ومن صلح لديوان الخراج، صلح للوزارة.
قال: والسبب في هذا أنّ المعاملات ببادوريا، كثيرة مختلفة، وأنّها عرصة المملكة، وعاملها يعامل أولاد الخلافة، والوزراء، والقوّاد، والكتّاب، والأشراف، ووجوه الرعية «4» ، فإذا ضبط اختلاف تلك العادات، وقام بإرضاء هذه الطبقات، صلح للأمور الكبار «5» .
قال أبو الحسن: فأقام النهيكيّ، يتولّى بادوريا نحو سنتين، مدّة تقلّد عبد الرحمن بن محمد بن يزداد لديوان الخراج، في أيام عبيد الله، ثم مدّة أيام أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي الأصبغ «6» . [7](8/23)
إلى أن أطلقت أنا وأخي، وتقلّد [أخي] ديوان زمام الخراج، وزمام ديوان الضياع «1» ، وخلفته عليهما.(8/24)
فكنّا إذا كاتبنا النهيكي في رفع الحساب، لم يجبنا، إدلالا لمحله من الوزارة، وتعفّفه «1» ، فإنه كان مشهورا بالعفّة، وإذا كاتبناه في شيء من أمور العمل، أقلّ الحفل بكتبنا.
فلما طالت المدّة علينا، ألححنا عليه بالمطالبة برفع الحساب، وشكوناه إلى(8/25)
الوزير فوكّل به من داره «1» ، مستحثا له في رفع الحساب لعدّة سنين.
فتشاغلت أنا بعمل مؤامرة له، فلم أجد عليه كثير تأوّل، وحضرنا بين يدي عبيد الله لمناظرته.
وقد كنت، صدّرت أول باب من المؤامرة، بأنّه فصّل تفصيلا، ثمن الغلّة المبيعة، جملته على حسب ما يوجبه التفصيل، أكثر من الجملة التي أوردها بألف دينار.
فقال: أتتبّع، فما زال يتتبّع، إلى أن صحّ الباب عليه، وقال: وما هذا؟ غلط الكاتب في الجملة.
فبدأت أكلّمه، فأسكتني أخي، وأقبل على عبيد الله، فقال: أيها الوزير، صدق، هذا غلط في الحساب، فالدنانير في كيس من حصلت؟
فقال له عبيد الله: صدق أبو العباس، والله، لا وليت لي عملا يا لصّ.
ثم أتبعت هذا الباب، بباب آخر، وهو ما رفعه ناقصا عمّا كان قدّم به كتابه في كيل غلّة عند قسمتها.
فلما لاحت عليه الحجة، قال: أريد كتابي بعينه.
فبدأت أكلّمه، فأسكتني أخي، ثم قال: أيها الوزير، يطعن في ديوانك، ونسخ الكتب الواردة، والنافذة، شاهدا عدل.
فقال: صدق، يا عدوّ الله، وأمر بسحبه، فسحب.
وما برحنا، حتى أخذ خطّه بثلاثة عشر ألف دينار، وأهلكناه بهذا، وما عمل بعد هذا كثير عمل.(8/26)
7 أبو العباس ابن الفرات يهدّد عاملا قد ألطّ بالمال
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، وأبو منصور عبد الله بن جبير النصرانيّ «1» ، قالا:
حضرنا مجلس ابن الفرات، وقد عملت مؤامرة لابن حبش العمانيّ، وكان يتقلّد الزاب ونهر سابس «2» ، في أيام وزارة عبيد الله بن سليمان.
فأخذ أبو العباس وأبو الحسن يناظرانه عليها، إلى أن ألزم خمسة وعشرين ألف درهم، من أبواب صحيحة، وطولب بأدائها، وأخذ خطه بتصحيحها «3» .
فصحّح خمسمائة وأربعين، طول المدة، وألطّ بالمال «4» [8] ، فقيّد فلم ينفع، وضرب سبع مقارع، فلم يودّ.
وكان إذا خرج بإنسان من العمال، إلى هذا القدر من المكروه، فعندهم أنّه النهاية.(8/27)
فأخرجه أبو العباس إلى حضرته، وطالبه بالمال، فأقام على أنّه لا شيء معه، وأنّ ضيعته وقف.
فقال له: ويلك، لا أعرف أجهل منك، إذا كان هذا صبرك على المكروه، وإسلامك لنفسك، وبذلك لها، فلم لم تأخذ أصل الارتفاع؟
فإنّا ما كنّا نعمل بك أكثر من هذا.
ولكن إن شئت، فأنا أدع عليك هذا المال، وأصرفك إلى منزلك، ولكن بعد أن كشف للوزير صبرك على المكاره، فلا تتصرّف- والله- في أيّامه أبدا، ويذهب خبرك.
قال: فقلق من ذلك، وسأل أن يخفّف عنه شيء من المال، ليؤديّ الباقي.
فما برحنا حتى تقرّر أمره على بعض المال، وأدّاه، وانصرف.(8/28)
8 الوزير عبيد الله بن سليمان يحرم عاملا من التصرّف
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات «2» ، يقول:
ناظرت الجهظ «3» ، أحد العمال، على مؤامرة قد عملناها له، وكنت أنا وأخي، وجعلنا نأخذ خطّه بباب باب.
فلما كثر ذلك، قال لي سرّا: ليس الشأن في الخطّ، الشأن في الأداء، ستعلمون أنّكم لا تحصلون على شيء.
فسمعه عبيد الله «4» ، لأنّا كنّا في مجلسه، فقال له: أعد عليّ ما قلت، فاضطرب.
فقال: لا بدّ أن تعيده، فأعاد ذلك.
فقال: إذن، لا تلي لي- والله- بعدها عملا أبدا، قم عافاك الله إلى منزلك، خرّق يا غلام، المؤامرة.
قال: فخرّقت في الحال، وانصرف الجهظ إلى منزله، فما صرّفه عبيد الله بعد ذلك.
وشاع خبره، فتحامى الناس كلّهم استخدامه، فهلك جوعا في منزله، حتى بلغ أنّه احتاج إلى الصدقة.(8/29)
9 وزير ينفى لأنه طرب لغناء صوت
حدّثنا أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو عبد الله زنجي الكاتب «2» ، قال:
حدّثنا أبو العباس بن الفرات «3» ، قال:
كتب صاحب الخبر «4» ، بمدينة السلام «5» ، إلى إسماعيل بن بلبل «6» ، في وزارته الأولى «7» للمعتمد، بأنّ مغنية من جواري بدعة الكبرى «8» ، غنّت عند الحسن بن مخلد «9» ، وهو إذ ذاك معطّل، بهذا الصوت، فاستعاده، وطرب عليه [9] .
عادات طيء في بني أسد ... ريّ القنا وخضاب كلّ حسام(8/30)
لهفي على قتلى النباج «1» فإنّهم ... كانوا الذرى ورواسي الأعلام
كانوا على الأعداء سيف محرّق ... ولجارهم حرما من الأحرام
لا تهلكي جزعا فإنّي واثق ... برماحنا وعواقب الأيام
فأنهى إسماعيل «2» ذلك إلى المعتمد، وقال: هذا يسعى عليك، ويتربّص بك الدوائر، فأمر بنفيه إلى مصر، فكان مضيّه إليها سبب تلفه «3»(8/31)
10 أحمد بن طولون يقتل الحسن بن مخلد بالسمّ
حدّثنا أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «2» ، قبل الوزارة «3» ، يتحدّث، قال: حدّثني أبو عبد الله حمد بن محمد القنّائي «4» الكاتب.
قال أبو الحسين: وكان «5» ابن أخت الحسن بن مخلد «6» ، وكان قد خلفه دفعات، على ديوان الخراج، ومرّة على ديوان الضياع، ثم ولي أعمالا جليلة، من العمالات «7» ، والدواوين «8» ، منها ديوان المغرب «9» ، ومات وهو(8/32)
يتقلّد ديوان الخراج، والضياع العامة بالسواد، وما يجري فيه، وقد رأيته، وتعلّمت بين يديه، وسمعته يتحدّث بأشياء، ولم أسمع هذا منه.
قال سليمان: قال لي حمد:
سألت الخادم الذي تبع خالي الحسن بن مخلد «1» ، إلى ابن طولون «2» ، لما نفي إليه، عن السبب الذي دعا ابن طولون، إلى قتله، فقال:
لما ورد عليه، تناهى في إكرامه، وبرّه وإعظامه، ثم أنس به، حتى نادمه، وصار يشاوره في مهمّ أموره.
فشاوره مرات في خلع طاعة المعتمد، فعظّم عليه أمر السلطان، وخوّفه من العصيان، فقبل رأيه.
ثم طولب ابن طولون، بمال الوظيفة التي كانت عليه، فقال لابن مخلد:
ما رأيت أعجب من جهل هذا المخذول- يعني الموفّق- يطالبني بالوظيفة، وهو عاص على الخليفة، إلى من أحمل؟
فقال له: لا تفعل، فإنّ الأمور إليه، والجيش معه، وإن منعته المال، قصدك وحاربك.
فقام في نفس ابن طولون أنّه دسيس للقوم عليه، وقال: لو كان هذا عدوّا للقوم، ما أشار عليّ بهذه المشورة، وإنما هو دسيس على ملكي، ليأخذ البلدان منّي لهم، ويرهبني، ويستخرج البلدان منّي باللّطف.
فتنكّر له، ثم أمر بالقبض عليه، وحبسه، وكان جبانا، فلم يحبّ.(8/33)
- مع إيحاشه له- أن يفلت، في وقت من الأوقات، فدسّ إليه في شربة، فقتله بها.
وجدّ الموفّق، وأنفذ إليه المعتضد في الجيش [10] ، وأخرج أحمد بن طولون، خمارويه، ابنه «1» ، لمحاربة المعتضد، فتحاربا، فانهزم كل واحد منهما من صاحبه، وهو لا يعلم أن صاحبه قد انهزم.
فضرب الناس بهما المثل، وقالوا: صبيّ لقي صبيّا، وهكذا تكون محاربة الصبيان.
قال: فلما جرت هذه الحال، تندّم أحمد بن طولون، على قتل الحسن ابن مخلد، وقال: صدقني، فلم أقبل منه، واتّهمته.(8/34)
11 جرأة وزير على أخذ أموال السلطان
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «2» ، قال: قال لي نافذ، خادم أبي وثقته، وكان يتولى نفقته:
إنّي ما رأيت أجسر من مولاي «3» ، على أخذ مال السلطان.
ومن ذلك، أنّي باكرته يوما، وقد لبس سواده، ليمضي إلى دار المعتمد «4» ، وهو إذ ذاك يتولى دواوين الأزمّة «5» والتوقيع «6» ، وبيت المال «7» .
فقلت له: قد صككت «8» عليّ البارحة للمعاملين، بألف وستمائة دينار، وما عندي من ذلك حبّة واحدة.
فقال لي: يا بغيض، تخاطبني في هذه الساعة؟ أين كنت عن خطابي البارحة لأوجّه لها وجها؟ ولكن اتبعني إلى دار السلطان.
فتبعته.(8/35)
ودخل إلى المعتمد، مع عبيد الله بن يحيى الوزير «1» ، ودخل معهما أحمد ابن صالح بن شيرزاد «2» ، صاحب ديوان الخراج، فلما خرج، قال لي:
امض إلى صاحب بيت المال، فخذ منه ما يسلّمه إليك.
فظننت أنّه قد استسلف على رزقه شيئا، فمضيت إلى صاحب بيت المال، فسلم إليّ ثلاثين ألف دينار.
فاستعظمت ذلك، وعلمت أنّه ليس من الرزق، وحملتها إلى الدار، وعرّفته خبرها.
فقال لي: أنفق منها ما وقّعت به إليك، واحفظ الباقي، فليس في كلّ وقت يتّفق لنا مثل هذا.
ومضى على الحديث أيام، ودعا دعوة، فيها صاعد بن مخلد «3» ، وإليه- إذ ذاك- عدّة دواوين، وجماعة من الكتّاب، وأكلوا، وناموا، وانتبهوا.
فإذا كاتب من كتّاب أحمد بن صالح بن شيرزاد، يستأذن عليّ، فاستأذنت لدخوله على مولاي، وكانوا قد بدأوا بالشرب.
فترك مولاي المجلس، وخرج إلى بيت الخلوة، واستدعى الرجل، فأدخله إليه.
فسمعته يقول: أخوك أبو بكر، يقرأ عليك السلام- يعني أحمد بن صالح- ويقول لك: أنت تعرف رسمي مع صاحب بيت المال، وأنّ(8/36)
محاسبته [11] في سائر الأموال إليّ، وأنا إذا تمّت ثلاثون يوما، وجّهت صاحبي إلى حساب بيت المال، فحمله مع صاحب بيت المال، لينظّم دستور الختمة «1» بحضرتي، وأصحّح حكاياتها.
ونحن منذ عشرة أيام في هذا، حتى انتظمت الحسبة، ولم يبق إلّا ثلاثون ألف دينار، ذكر صاحب بيت المال، أنّك خرجت إليه، من حضرة أمير المؤمنين، فأمرته بحملها إلى خادمك نافذ، ولست أدري في أية جهة صرفت؟
ولا في أي باب أثبتها؟ ولا ما الحجة فيها؟
قال: فأجابه مولاي بلا توقّف، وقال: أخي أبو بكر- والله- رقيع، أسأل أنا الخليفة، في أي شيء صرف ما أمر أن يحمل إلى حضرته؟ يجب أن يكتب في الختمة: وما حمل إلى حضرة أمير المؤمنين في يوم كذا وكذا، ثلاثون ألف دينار.
قال: فقام الكاتب خجلا، ومرّ ذلك في الحساب على هذا، فما تنبّه أحد عليه، وحصل له المال «2» .(8/37)
12 الوزير ابن الفرات يستولي على أموال المصادرات
قال أبو الحسين، فقال لي سليمان، بعقب هذه الحكاية:
ما رأيت لهذه الفعلة شبيها، إلّا ما عمله ابن الفرات، في وزارته الأولى، فإنّه نصب يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، الجهبذين، فلم يدع مالا لابن المعتز «1» ، ولا للعباس بن الحسن «2» ، ومن نكب، وبل في الفتنة، وما صحّ من مال المصادرين، وغيرهم ممّن يجري مجراهم، إلّا أجراه على أيديهما، دون يد صاحبي بيت مال العامة والخاصة.
وأفرد لذلك ابن فرجويه «3» ، كاتبه، يحاسبهما، ولا يرفع لهما حساب إلى ديوان من الدواوين.
فلما كان في السنة التي قبض عليه فيها، كتب كتابا عن نفسه إلى مؤنس الخادم «4» صاحب بيت المال، ذكر فيه: أنّه حوسب يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، على ما حصل عندهما من كيت وكيت- حتى استغرق(8/38)
تلك الوجوه- فكان الباقي قبلهما- بعد الذي حمل إلى حضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وصرف في مهمّات أمر بها هو، والسادة «1» أيّدهم الله- من الورق «2» ، ألف ألف، وأربعمائة وسبعين ألف درهم، وخمسمائة وستة وأربعين درهما، وأمر بقبض ذلك منهما، وإيراده بيت مال الخاصة «3» .
فقبض مؤنس منهما تلك البقيّة، ومضى الأصل [12] كله، لا يعرف في أي شيء صرف، وكان مبلغه، فيما ظنّه الكتاب، وكانوا يتعاودونه، نحو ألف ألف دينار، فإنّ ابن الفرات فاز بجميعها، ولم تقم بها حجة عليه.
قال أبو الحسين: فحدّثني أبي بعد ذلك، قال:
لما قّلدني عليّ بن عيسى، في وزارته الأولى، ديوان الدار، الجامع للدواوين، أمرني بإحضار هذين الجهبذين «4» ، ومطالبتهما بختماتهما «5» ، لما كان حصل في أيديهما، في وزارة ابن الفرات الأولى، من الجهات التي تقدّم ذكرها.
فاستدعيتهما، وطالبتهما، فأحالا على أن ابن الفرات، أخذ حسابهما، ولم يدع عندهما نسخة منه.
فأمرني بحبسهما، وتهديدهما، ففعلت ذلك.
فأحضراني حسابا مبتورا، ذكرا أنهما وجداه، فرأيته غير منتظم.(8/39)
فلم أزل أرفق بهما، إلى أن أقرّا أنّه قد وصل إليهما من فضل الصرف، فيما بين ما ورد عليهما، وبين ما أنفقاه، مائة ألف درهم، فجعلتها عشرة آلاف دينار، وقررت أمرهما عليها، وأخذت بها خطوطهما.
فلم يقنع عليّ بن عيسى بذلك، وأخذهما من يدي، وسلّمهما إلى حمد ابن محمد «1» وكان إليه ديوان المغرب، وأمره أن يتتبّع أمرهما بنفسه، وكان حسن الكتابة، ولم يعرّفه أني أخذت خطّهما بشيء.
فتتبّع حمد ذلك، فلم يجد في الحساب، إلّا إحالات على «حمل إلى الخليفة، والسادة» ، وأشياء صرفت إلى خاص ابن الفرات.
فقال له حمد: هذا كله مزوّق «2» ، والقوم معهم حجج بالابراء، وما عليهم طريق، وابن الفرات كان أجلد من أن يدع هؤلاء يفوزون بجبّة من المال.
فردّهما إليّ، وقال: اجتهد في أن تأخذ منهما مائتي ألف دينار «3» .
فقلت: لا يمكن ذلك.
فقال: اعمل على أنك طالبتهم بمرفق لنفسك بتمام مائتي ألف درهم.
فقلت له: فإذا فعلت هذا، فأي شيء أعمل أنا لنفسي؟
فقال: خذ منها عشرين ألف درهم، وألزمهما مائة وثمانين.
قال: فخرجت، وجددت بهما، إلى أن ألزمتهما ذلك، وأخذت لنفسي منه ما قال.(8/40)
فلما فرغنا من ذلك، أخذنا بها خطوطهما، وأخذنا لهما خطّه بالبراءة من ذلك.
فقال لي عليّ بن عيسى: سأريك موضعي أنا من العمل [13] ، وأنّ للرئيس في كل أمر موضعا لا يقوم فيه أحد مقامه.
فاستحضرتهما إلى حضرته، وأنا في مجلسه، فقال لهما: تريدان مني أن أزيل عنكما تبعة، إن لم أزلها بقيت عليكما، وعلى ورثتكما، أبد الدهر؟
لست أفعل هذا إلّا بشيء يقرب، لا ضرر عليكما فيه، وهو: أنّي أحتاج في كل هلال، إلى مال أدفعه في ستة أيام من ذلك الشهر، إلى الرجّالة، ومبلغه ثلاثون ألف دينار، وربما لم يتّجه في أول يوم من الشهر، ولا الثاني، وأريد أن تسلفاني في أول كل شهر، مائة وخمسين ألف درهم، ترتجعانها من مال الأهواز في مدة الشهر، فإنّ جهبذة الأهواز إليكما، فيكون هذا المال سلفا لكما أبدا، واقفا، لأضيف إلى هذا المال، الوظيفة التي على حامد، التي ترد في أول كل شهر، وهي عشرون ألف دينار، فيكون ذلك بإزاء مال القسط الأوّل من النوبة، فيخف عنّي ثقل ثقيل.
فتأبيا ساعة، فلم يفارقهما حتى استجابا لذلك.
فقال لي علي بن عيسى: كيف رأيت؟
فقلت: ومن يفي بهذا إلّا الوزير، أيده الله تعالى.
قال: وكان علي بن عيسى، إذا حلّ المال، وليس له وجه، استسلفه من التجار على سفاتج قد وردت من الأطراف، فلم تحلّ «1» ، عشرة آلاف دينار، بربح دانق ونصف فضّة في كل دينار «2» ، وكان يلزمه في كل شهر ألفان وخمسمائة درهم أرباحا.(8/41)
فلم يزل هذا الرسم يجري على يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، ومن قام مقامهما، مدة ست عشرة سنة، وبعد وفاتهما، لأنهما ما صرفا إلى أن ماتا، وكانا قد تقلدا في أيام عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان السلطان لا يرى صرفهما، ليبقى جاه الجهبذة مع التجّار «1» ، فيقرض التجار بالجهبذ، إذا وقعت الضرورة، ومتى صرف الجهبذ، وقلّد غيره، ولم يعامله التجار، وقف أمر الخليفة «2» .(8/42)
13 الصناعة نسب
حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن جنّي الكاتب، وكان أبوه مغنّيا، وهو من أعيان الكتّاب، قال: [حدّثني] ابن ثوابة الكاتب، قال: حدّثني أبو الفرج «1» عن نجاح بن سلمة، عن أبيه «2» ، عن الفضل بن مروان «3» ، قال:
كنت أتولى مجلس الحساب، من قبل صاحب ديوان الرشيد، وكان يجيئنا إلى الديوان، شيخ من بقايا كتّاب [14] بني أمية، وكان صاحب الديوان يقول لنا: هذا أكتب أهل زمانه، وكان يلبس درّاعة وقلنسوة كأكسية النصارى، وخفّا أحمر، وكان هذا زيّ المتعطّلين من الكتّاب إذ ذاك، وكان صاحب الديوان يكرمه جدّا.
فصار إليّ في يوم من الأيام لحاجة عرضت له، وأنا متشاغل بعمل مهمّ قد طلبه الرشيد، وأنا جالس حيال صاحب الديوان أعمله، فقصرت في حقّ الشيخ.(8/43)
ولا مني صاحب الديوان على تقصيري به، ووبخني، فاعتذرت إليه بشغل القلب.
فلما كان بعد أيام جاءني، فزدت في إكرامه، وقمت إليه، وجلست بين يديه.
فأقبل على صاحب الديوان، فقال: أحسبك عاتبت فتانا على تقصيره أولا.
ثم أقبل عليّ، وقال: يا فتى، كنّا نعدّ الصناعة «1» نسبا، والنعمة «2» نسبا، واللغة نسبا، والنحلة «3» نسبا.(8/44)
14 كيف اتصل الفضل بن مروان بالمأمون ووزّر له
حدّثنا أبو الحسين قال: حدّثنا أبو عبد الله الباقطائي «1» ، قال: حدّثني أبو الفضل عون بن هارون بن مخلد بن أبان، وكان كاتب المأمون، على ديوان الضياع، قال: [قال] ميمون: سمعت الفضل بن مروان يقول:
لا ينبغي لأحد أن يحقر أحدا، ولا يأيس من علوّه، فإني كنت في حداثتي أتوكّل لهرثمة بن أعين «2» في مطبخه، أيام الرشيد، وكان بخيلا، وكان له خادم يشرف على مطبخه، وأجرى عليّ خمسة عشر درهما في الشهر، ووظيفة خبز.
فلما كثر توفيري عليه، صيّرها عشرين درهما.
وكنت لا آكل من مطبخه شيئا، فسأل الخادم عن أكلي، فعرّفه أنّي لا آكل، فأمره أن يطعمني من المطبخ كلّ يوم، ويوفّر الوظيفة على منزلي.
فدعا يوما دعوة عظيمة، فوفرت عليه في الأسعار ألف درهم، وعرضت عليه بذلك عملا، فسرّه، وحسن موقعه منه، وكان بخيلا جدا.
فقال لي يوما: قد استحققت الزيادة، فكم تحب أن أزيدك؟
فقلت: لا أقلّ من عشرة دراهم أخرى.
فقال: هذا كثير، ولكن أربعة دراهم.(8/45)
فأيست من خيره، واتفق له بعد ذلك، خروج عن مدينة السلام، فتعاللت عليه، ولم أتبعه، ولزمت الديوان، وتعلّمت، فصرت كاتب مجلس في ديوان الرشبد «1» ، وكان ذلك أوّل إقبالي [15] ، وتخرّجت، وزادت حالي مع الأيّام.
فلما ولي المأمون، وعظّم من أمر المعتصم، كان المعتصم شديد المحبّة للصيد، وكنت في فتنة محمد المخلوع، قد صرفت ما كنت جمعته في ضياع وبساتين بالبردان «2» وصاهرت بعض تنّائها، واجتمعت لي حال، فلما انجلت الفتنة، كنت من وجوه البردان.
فاجتاز بها المعتصم، منصرفا من صيده، متسرّعا، وليس معه من أصحابه كبير أحد.
فاجتاز في الطريق، وأنا واقف على بابي، فتوسّمت فيه الجلالة، وقدّرته أحد وجوه القوّاد.
كان لي وعد على عامل البلد، أن يكون ذلك اليوم في دعوتي، وقد أعددت له طعاما، وفيه جداء، وحلوى، وفاكهة كثيرة، وثلج استدعيته من بغداد، وكان قبل ذلك بساعة، قد جاءني خبر العامل، أنّه عرض له مهمّ في السواد، فخرج لوقته.
فلما رأيت المعتصم، وتوسّمت فيه الجلالة، قلت: لم لا أحلف على هذا القائد، وأضيفه عندي على هذا الطعام المعدّ؟
قال: فكلّمته، وسألته النزول عندي.
فأجاب، ونزل، وأكل، وشرب، وأنفذت في الحال، فاستدعيت له(8/46)
قيانا، وجلس يشرب، وقد انبسطت بين يديه، وخدمته.
فنحن نشرب، انبثّ الجيش في طلبه، وعرفوا خبره، وأحاطوا بالدار، فعرفت حينئذ، أنّه أخو الخليفة، فهبته.
فبسطني، وسألني عن شرح حالي، فعرّفته، فقال: لا بد أن تجيء معي إلى بغداد.
وقلّدني بعض أموره، ثم تزايدت حالي عنده، إلى أن جمع لي جميع أمره، ورياسة كتّابه.
ثم خلطني بخدمة المأمون، وقلّدني ديوان الخراج مضافا إلى كتبة أخيه.
ثم رقّيت إلى الوزارة، من تلك الحال التي كنت عليها مع هرثمة.
قال أبو الحسين: ما رؤي في الدولة العباسية، من الكتّاب، من اتّصل تصرّفه منذ نشأ، إلى أن مات، وتردّدت ولايته الوزارة، وديوان الخراج، وديوان الضياع، من غير أن يتعطّل، أحد، غير الفضل بن مروان.
وصادره المعتصم على أربعين ألف ألف درهم [16] ، فأداها بغير مكروه «1» .(8/47)
15 الخليفة المعتصم يصادر وزيره
وسمعت حامد بن العباس «1» ، يحكي: أنّه سمع صاعدا «2» ، يقول:
حدّثني أحمد بن إسرائيل، قال: حدّثني الفضل بن مروان، قال:
ما في الأرض أجهل من وزير يطلب الخليفة منه مالا، وهو في ولايته، فيعطيه إيّاه، فإنّه يطمعه في نعمته، وإنّما يدفع النكبة مدة، ثم تحدث، وقد ذهب المال.
فمن ذلك: أنّ المعتصم، لما خرج لغزو الروم، وأنا وزيره، استخلفني على سر من رأى، واستخلف لي بحضرته، محمد بن الفضل الجرجرائي.
فلما عاد، طمع فيّ، فقال لي: قد وردت، والمال [نزر] ، والجيش مستحق، فاحتل لي مائة ألف دينار، من مالك وجاهك، ففعلت.
فلما مضى شهر، طلب مني على هذا السبيل، خمسين ألف دينار، ففعلت.
فطلب منّي في الدفعة الثالثة، بمثل هذا الوجه، ثلاثين ألف دينار، فوعدته بها، ودافعته أياما، ثم حملتها إليه.
فبلغني عنه، أنّه قال لابنه الواثق: هذا النبطي، ابن النبطية، أخذ مالي جملة، وهو ذا يتصدّق به عليّ تفاريق.
ثم قبض عليه، بعد أيّام، وأخذ منه أربعين ألف ألف درهم.(8/48)
16 العمارة والتوفير أولى واجبات الوزير
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الملك التواريخي، وكان شيخا قد عني بجمع التواريخ، فلقّب بها، وكان يجلس في الجامع إلى جانب الزجّاج «2» ، ويعظّمه، قال: سمعت المبرد «3» يقول:
كنت أصحب الفضل بن مروان «4» ، فذكر بحضرته- في أيّام الواثق- عظم بناء أحمد بن الخصيب «5» بسرّ من رأى، وأنّه استعمل في سقف دهليز داره سبعين قارية ساج، والقارية: ساجة عظيمة، تستعمل صحيحة «6» ، فقال الفضل: ما كانت لي في حياتي «7» ، لذّة في بناء، ولا فرش، ولا غلمان، ولا جوار، ولا مفاخرة بمروءة، وإنما كانت لذّتي في العمارة(8/49)
والتوفير، ولهذا اتّصلت مدّتي في صحبتهم.
ولعهدي، وقد وليت للمأمون ديوان الخراج، فوجدت الأهواز «1» ، قد اختلّت ببثق سدّ أبطل العمارة، فأنفقت عليه، مائة ألف دينار، وجددت في عمارة النواحي، وكانت كور الأهواز [17] ، إذ ذاك، قد ارتفعت بأربعة وعشرين ألف ألف درهم للسلطان، فضمنتها له بثمانية وأربعين ألف ألف درهم، صالحة للحمل.(8/50)
17 السبب في علو حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان مع المتوكّل
حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفرج محمد بن جعفر بن حفص الكاتب قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت نجاح بن سلمة، يقول:
إنّ السبب في علوّ حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان، مع المتوكل، أنّ أباه يحيى بن خاقان بن موسى، تقلّد ديوان الخراج في أيام المتوكل، فقلّد ابنه أبا محمد عبد الله، مجلسا من مجالس الديوان، ولم ير عبيد الله، أهلا لمثل ذلك.
فغضب على أبيه، وصار إلى الفضل بن مروان، وهو يتقلّد ديوان الضياع، فلزمه، وخطّ بين يديه.
وكانت أرمينية «1» تجري في ديوان الضياع، وكان على أهلها مقاطعة فضلها مال جليل، فامتنع الفضل من إمضائها لهم، وعرض عليه مرفق مائة ألف درهم، فأبى قبولها، وطرحوا نفوسهم على أكثر الوجوه بسرّ من رأى، فلم يجب أحدا إلى ذلك، فلجأوا إلى عبيد الله بن يحيى، وسألوه مسألته، لما ظهر من اختصاصه به، ونفاقه عليه.
فخاطبه في أمرهم، فتذمّم «2» من رده، لأنّه ما كان «3» يعمل معه بالرزق، ولا له نفع، وكانت حاله قويّة، وإنّما أراد التصرّف مراغمة لأبيه، وجعل(8/51)
ذلك كالمرفق له، والصلة، فأجابه، وأمضى المقاطعة.
فحمل إليه القوم خمسة آلاف دينار، فردّها، وقال: ما كنت لآخذ على معروفي ثمنا.
فلما خرجوا إلى أرمينية، أحبّوا مهاداته، ومكافأته، فاستعملوا له فرش بيت أرمنيّ ببساط عظيم، ومصلّيات، وأنخاخ، ومساور، ومخادّ، ودست، وستور «1» ، وأذهبوا الجميع، وكتبوا عليه كنيته واسمه، ولم يكن رؤي قط مثله حسنا وجلالة، وحملوه إليه.
واتفق أنّه وكّل المتوكل، تلك السنة، بالطرق، وأمر أن لا يدخل شيء من الأمتعة، أو يعرض عليه، فعرض عليه البيت، في جملة ما جيء به من أرمينية، فاستهوله، وقال: من هذا [18] الرجل؟
فقالوا: هو عبيد الله بن خاقان.(8/52)
قال: وأي شيء إليه، حتى يستعمل له هذا العمل؟ لعلّ هذا مرفق لأبيه؟
فقيل له: إنّ أرمينية تجري في ديوان الضياع، ولا معاملة بينه وبين أبيه.
فاستشرح الصورة، ونقّر عليها، إلى أن حدّث الحديث على صحّته.
فاستحسن ذلك من فعل عبيد الله، وأمر بتسليم فرشه إليه، وقال: هذا فتى يدل فعله، على كبر همّته.
فلما صرف محمد بن الفضل الجرجرائي، عن وزارته «1» ، قال: قد استغنيت عن وزير، لأنّ أصحاب الدواوين، يعرضون أعمالهم عليّ، والتاريخ يجعل باسم وصيف التركي، فأجرى الأمر على ذلك مدة.
ثم إنه احتاج إلى كاتب يكون بين يديه، في أبنيته، والتوقيعات في المهمّ الذي يأمر به من حضرته فيها، وفي غيرها، إلى أصحاب الدواوين، وغيرهم، فأمر أن يطلب له حدث من أولاد الكتاب، ينصبه لذلك.
فسمي له جماعة، منهم: عيسى بن داود بن الجراح، وأبو الفضل بن مروان، وجماعة، وكان فيهم عبد الله وعبيد الله، ابنا يحيى بن خاقان.
فحين مرّ على سمعه ذكر عبيد الله، ذكر حديث الفرش، فاختاره، ولم يزل حاله يرقى معه، إلى أن استوزره.(8/53)
18 ابن شيرزاد يتحدث عن عمله في ديوان الضياع الخاصّة
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن زكريا بن شيرزاد الكاتب «1» ، قال:
لمّا تقلّد أبي ديوان الضياع المعروفة بغريب الحال «2» ، استخلف أخي أبا الحسين، زكريا بن يحيى على الديوان، وأجرى له عشرين دينارا في الشهر، وأجرى عليّ عشرة دنانير برسم التحرير في هذا الديوان، فأنفت من ذلك، ولم أقبل الرزق، ولا العمل.
ومضيت إلى ديوان الضياع الخاصّة، وكان يليه، إذ ذاك، أبو حامد محمد ابن الحسن، الملقب (بسودانية) ، فلم ألقه، ولا توسّلت إليه، بما كان بين أبي وبينه.
ولزمت الديوان بحضرة أبي يوسف عبد الرحمن بن محمد بن سهل المعروف بالمرمّد، وإليه كان مجلس الحساب في هذا الديوان، مدة [19] شهر، وكنت أتعلّم.
فبلغ أبا حامد خبري، ولم أكن- إذ ذاك- بلغت عشرين سنة، ولا قاربتها، فاستحضرني، فدخلت إليه، فعاتبني على تركي الدخول إليه،(8/54)
والتعرّف إليه، وأمرني بملازمة حضرته، وأجرى لي درجين وثبتا وقرطاسا في كل يوم، وقال: سوّد فيها، وتعلّم الخط.
فلما كان بعد أيام، فرّقت أرزاق الكتّاب لشهر واحد، فوقّع إلى خازنه، المتولّي للتفرقة، أن يحمل إليّ، بقيمة عشرين دينارا، ثلاثمائة درهم، وقال: قد أجري لك هذه في كل شهر.
فصرت إلى أبي، فأريته إيّاها، وقلت: قد فعل الله بي خيرا ممّا فعلت.
فقال: خذ الآن العشرة، والزم موضعك، ليصير لك ثلاثين دينارا في الشهر.
فأخذتها، وكان هذا أوّل إقبالي «1» .(8/55)
19 البحتري وأبو معشر يؤصلان عند المعتز أصلا
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «1» ، قال:
لما أنفذ أبي «2» إلى مصر، اجتذبت البحتري وأبا معشر، فكنت آنس بهما، لوحدتي، وملازمتي البيت، وكانا في أكثر الأوقات، يحدّثاني، ويعاشراني.
فحدّثاني يوما: أنّهما أضاقا في وقت من الأوقات، إضافة شديدة، وكانا مصطحبين، فعرض لهما أن يلقيا المعتز «3» ، وهو محبوس، ويتوددان إليه، ويؤصّلان عنده أصلا، فتوصّلا إليه، حتى لقياه في حبسه.
قال: فقال لي البحتري: فأنشدته أبياتا، كنت قلتها في محمد بن يوسف الثغري «4» ، لما حبس «5» ، وجعلتها إليه، وهي:(8/56)
جعلت فداك الدهر ليس بمنفكّ ... من الحادث المشكوّ والحدث المشكي
وقد هذّبتك النائبات وإنّما ... صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك
أما في رسول الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوسا على الظلم والإفك
أقام جميل الصبر في الحبس برهة ... فآل به الصبر الجميل إلى الملك
على أنّه قد ضيم في حبسك العلى ... وأصبح عزّ الدين في قبضة الشرك
فأخذ الرقعة التي فيها الأبيات، ودفعها إلى خادم كان معه، وقال:
غيّبها واحتفظ بها، فإن فرّج الله عني، فأذكرني بها، لأقضي حقّ هذا الرجل.
قال أبو معشر: وكنت قد أخذت مولده، وعرفت وقت عقد البيعة للمستعين «1» ، ووقت [20] البيعة بالعهد من المتوكل للمعتز، ونظرت فيه، وقد صحّحت النظر، وحكمت له بالخلافة، بعد فتنة وحروب، وحكمت على المستعين بالخلع والقتل، فسلّمت ذلك إليه، وانصرفنا.
قال وضربت الأيام ضربها، وصحّ الحكم بأسره، فدخلنا جميعا، إلى المعتز، وهو خليفة، وقد خلع المستعين، وكان المجلس حافلا.
قال أبو معشر: فقال لي المعتز: لم أنسك، وقد صحّ حكمك، وقد أجريت لك مائة دينار في كل شهر رزقا، وثلاثين دينارا نزلا، وجعلتك رئيس المنجمين في دار الخلافة، وأمرت لك عاجلا بألف دينار صلة.
قال: فقبضت ذلك عاجلا كله في يومي.
قال البحتري: وأنشدته أنا في ذلك اليوم، قصيدتي التي مدحته بها، وهنّأته، وهجوت المستعين، وأوّلها:(8/57)
يجانبنا في الحبّ من لا نجانبه ... ويبعد عنّا في الهوى من نقاربه
حتى انتهيت إلى قولي:
وكيف رأيت الحقّ قرّ قراره ... وكيف رأيت الظلم آلت عواقبه
ولم يكن المغترّ بالله إذ شرى ... ليعجز والمعتزّ بالله طالبه
رمى بالقضيب عنوة وهو صاغر ... وعرّي من برد النّبي مناكبه
وقد سرّني أن قيل وجّه مسرعا ... إلى الشرق تحدى سفنه وركائبه
إلى واسط نحو الدجاج ولم تكن ... لتنشب إلّا في الدجاج مخالبه
فضحك، واستعاد هذه الأبيات مرارا، فأعدتها.
فدعى بالخادم، وطلب الرقعة التي فيها أبياتي التي أنشدته إيّاها في حبسه، فأحضره إياها، بعينها.
فقال: قد أمرت لك لكلّ بيت في الرقعة بألف دينار، وكانت ستة، فأعطيت ستة آلاف دينار.
وقال لي: كأنّي بك، وقد بادرت، فاشتريت غلاما، وجارية، وفرسا، وفرشا، وأتلفت المال، لا تفعل، فإنّ لك، فيما تستأنفه من أيّامك معنا، ومع وزرائنا وأسبابنا، إذا علموا موقعك منّا، غناء عن ذلك، فاشتر بهذا المال ضيعة ببلدك، تقوم في أدناها فترى أقصاها، ويبقى لك أصلها، وتنتفع بغلّتها، كما فعل ابن قيس الرقيات، بالمال الذي وصله به عبد الله بن جعفر.
فقلت: السمع والطاعة، وخرجت، فعملت [21] بما قاله، واعتقدت بالمال ضيعة جليلة بمنبج «1» ، ثم تأثّلت حالي معه، وأعطاني، وزاد وما قصّر.(8/58)
20 ضيعة البحتري في حيازة حفيد ولده
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفتح بن جعفر بن محمد بن الفرات «1» ، بعد عوده من مصر والشام، في أيّام الراضي، وتقلّد الوزارة «2» ، قال:
اجتزت في رجوعي هذا، إلى مدينة السلام، بمنبج، فرأيت ضياعا في نهاية العمارة والحسن.
فسألت عنها، فقيل: هي أقطاع البحتري الشاعر وأملاكه.
فقلت: لمن هي اليوم؟
فقيل لي: هي اليوم في يد ابن ابنة ابنه أبي الغوث.
فقلت: هذا نسب طويل، وأمرت الحسن بن ثوابة بقبضها.
فلما كان من الغد، جاءني رجل متكهّل «3» ، في زيّ الجند، وذكر أنّه صاحب الضياع، وقال: يا سيدي، هذه الضياع التي قال جدّي البحتري بسببها:
وما أنا والتقسيط إذ تكتبونه ... ويكتب قبلي جلّة القوم أو بعدي
وأنشدني هذه الأبيات كلّها، وقال: ذاك بكاء لأجل تقسيط يسير، فكيف يكون حالي، إذا قبضت هذه الضياع؟
قال: فتذمّمت أن أكون سبب ذهاب معيشته، فأطلقت له عنها.(8/59)
21 عامل يصفع عند المطالبة
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفتح، قبل تقلّده الوزارة الأولى «1» بمدّة طويلة، قال: حدّثني أبي «2» ، قال:
صرفت محمد بن سيف العامل، عن بادوريا «3» ، وتقلّدتها، فاستدركت عليه أشياء كثيرة، وطالبته بها، فلم يردّ فيها شيئا.
فأخرجته يوما إليّ، وناظرته، فأقام على أمر واحد، فاغتظت عليه وأمرت بصفعه، فلم يتأوّه، ولم يزل يصيح: واحدة، فإذا صفع أخرى قال: ثانية.
وعلى هذا، إلى أن صفع ثلاث عشرة صفعة.
فتعجّبت من عدّه، وقلت: يا هذا، ويحك أيّ فائدة لك في العدّ؟
وأن لا تستعفي.
قال: أنا أعدّد ذلك- أعزّك الله- لأصفعك بعدده، بعد أيّام، إذا صرفتك، وتقلّدت مكانك، فلا أظلمك بالزيادة، ولا تفوز بالنقصان.
قال: فأخجلني، فقلت: قم، في غير حفظ الله إلى منزلك.
فأطلقته، وذهب المال.(8/60)
22 حمال مستور
حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا نفطويه «2» ، قال: حدّثنا ثعلب «3» ، قال:
كان عندنا في الحربية «4» ، حمّال مستور [22] ، يوصف بالزهد، وكان لا يحمل لأصحاب السلطان شيئا «5» ، وكان إذا حمل على قدر قوته- على ضيق- لم يزدد عليه شيئا، وأراح نفسه، ولا يحمل إلّا كارة «6» خفيفة، مثل لحم وفاكهة، وما يكون قدره خمسين رطلا أو نحوه.
قال: فاتّبعته يوما، وهو لا يعلم أنّي خلفه، فرأيته يضع رجلا، ويقول: الحمد لله، ويرفعها، ويقول: أستغفر الله.
فقلت له: لم تفعل هذا؟
فقال: أنا بين نعم لله، وذنوب، فأنا أحمده- عزّ وجلّ- على نعمه، وأستغفره من ذنوبي.(8/61)
فأردت امتحانه، فقلت: ما تقول في عليّ وأبي بكر؟
فقال: إذا نشرت الدواوين، ووضعت الموازين، أأسئل عن ذنوبي، أم عن تفضيل أبي بكر وعلي؟
فقلت: بل عن ذنوبك.
فقال: فلي في نفسي شغل عن معرفة الأفضل منهما «1» .(8/62)
23 حامد بن العباس وبوّاب الوزير إسماعيل بن بلبل
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، قال: سمعت حامد بن العباس «1» يقول:
ما في الدنيا أضرّ على الإنسان من مداجاة العدوّ، وينبغي أن تشهر ما بينك وبين عدوّك، حتى لا يقبل قوله فيك.
قال، وسمعته يقول: ربما انتفع الإنسان في نكبته بالرجل الصغير، أكثر من منفعته بالكبير.
فمن ذلك: أنّ إسماعيل بن بلبل «2» ، لما حبسني، جعلني في يدّ بوّاب، كان يخدمه قديما، قال: وكان رجلا حرّا، فأحسنت إليه، وبررته، وكنت أعتمد على عناية أبي العباس بن الفرات.
وكان البوّاب قديم الخدمة لإسماعيل، يدخل إلى مجلس الخاصة، ويقف بين يديه، فلا ينكر ذلك خدمه عليه، لسالف الصحبة.
فصار إليّ في بعض الليالي، فقال: قد حرد الوزير على ابن الفرات، وقال له: ما يكسر المال على حامد غيرك، ولا بد من الجدّ في مطالبته بباقي مصادرته، وسيدعو بك الوزير في غد إلى حضرته، ويهدّدك.
فشغل ذلك قلبي، فقلت له: فهل عندك من رأي؟
فقال: اكتب رقعة إلى رجل من معامليك، تعرف شحّه، وضيق نفسه،(8/63)
والتمس منه لعيالك ألف درهم يقرضك إيّاها، واسأله أن يجيبك على ظهر رقعتك، لترجع إليك، فتخرجها، فإنّه لشحّه وسقوطه، يردّك بعذر، واحتفظ بالرقعة، فإذا طالبك الوزير، أخرجتها [23] إليه، وقلت:
قد أفضت حالي إلى هذا، وأخرجتها على غير مواطأة، فلعلّ ذلك ينفعك.
ففعلت ما قاله، وجاءني جوابه بالردّ، كما حسبنا، فشددت الرقعة معي.
فلما كان من غد، أخرجني الوزير، وطالبني، فأخرجت الرقعة، وأقرأته إيّاها، ورقّقته، وتكلّمت، فلان واستحيا، وكان ذلك سبب خفّة أمري، وزوال محنتي.
فلمّا تقلّدت في أيّام عبيد الله بن سليمان «1» ، سألت عن البواب، واجتذبته إلى خدمتي، فكنت أجري عليه خمسين دينارا كل سنة.
وهو باق معي إلى الآن.(8/64)
24 عامل مصروف يختبىء في قدر هريسة
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، عن جدي عبد الله بن هشام، قال: حدّثني يحيى بن عبد الله الكسكري «1» ، قال:
كنت أكتب لابن البختري الأصغر على مصر، فصرف بسليمان بن وهب «2» ، وخرج معه ابنه عبيد الله «3» - وكان يخلفه عليها-.
فجلس العامل ابن البختري لرفع حسابه، وتخلّوا لنظم الحساب، وكنت أغدو وأروح إلى سليمان، أعرض عليه ما أعمل.
وكان قد وكّل بابن البختري، قائدا من قوّاد مصر، معه عدّة من الفرسان، والرجّالة، والغلمان، وكان ابن البختري يقيم لهم الطعام الواسع.
وحضر المهرجان، فتقدّم بأن تحضر قدر النبيذ، وتعمل فيها الهريسة، في الدار التي كان فيها معتقلا.
وكان قصيرا ضئيلا، فجاءوا له بالقدر، وطبخ فيها الهريسة، في جملة الطعام، وأكل الموكلون، وشربوا، وسكروا.
وأعمل هو الحيلة، فجلس في القدر، وغطّيت عليه، وأخرجت، ولم يعرفوا خبره، حتى طلبوه لمّا أفاقوا، فلم يجدوه.
قال يحيى بن عبد الله: ولم أكن أنا عرفت الخبر، فبكّرت إلى سليمان،(8/65)
على رسمي، فوجدت عبيد الله جالسا، متشاغلا بطلبه، وقد ضجّ، وهو يقول: أيّ شيء أقبح من أن يتّصل بالخليفة، أنّا عجزنا عن حفظ العامل المصروف، فيقال فينا: كيف يحفظ هؤلاء الأموال، والأعمال، مع عجزهم عن حفظ محبوس؟ وجعل يضرب الناس في التقرير عليه.
وأمر بالقبض عليّ، لمّا رآني، فقلت له: أعزّك الله، لو كان عندي علم بالخبر ما جئتك، قال: فصدّق قولي، وكان حضوري سبب [24] خلاصي.
قال: ووقع في يده وكيل نصرانيّ لابن البختري، يتوكّل في مطبخه، وكان نبطيّا، وقيل له: إنّه لا يجوز أن يخفى عليه خبره، فجعل يضربه.
وكان في المجلس سليمان بن وهب، وأصحاب البرد والأخبار، والناس بأجمعهم.
وكنت أحسن النبطيّة، ولم يكن عبيد الله يحسنها.
فلما حمي الضرب على الوكيل، كاد أن يقرّ على موضع ابن البختري، ففهم ذلك سليمان، ولم يحب أن يأمره بالإنكار، فيكتب بالخبر، وأراد أن يسلم المنكوب، سلوكا لمذهب الناس قديما، في طلب السلامة، بالإبقاء على أعدائهم.
قال: فقال للمضروب كلاما بالنبطية، تفسيره: لا تقرّ، فإنّ الإقرار مثل القير لا ينقلع.
قال: فتصبّر الرجل على الضرب، ثم قال سليمان لعبيد الله: إلى كم تضرب هذا البائس؟ لو كان يعرف شيئا لقاله، اقطع عنه الضرب، لا يتلف، فتدخل في دمه.
قال: فرفع الضرب عنه، وأطلق من يومه، وأفلت المستتر.(8/66)
25 من مكارم أخلاق المأمون
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخيّ «1» ، قال: حدّثنا المبرّد «2» ، قال: حدّثني الحسن بن سهل «3» ، لمّا أسنّ، وجلس في بيته، قال:
دخلت يوما إلى المأمون، وهو جالس، وبحضرته جماعة من خواصّه، منهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب «4» ، وكان في يده كتاب يقرأه، فلم ينظر إليّ، فوقفت قائما.
فقال له إسحاق: يا أمير المؤمنين، أبو محمد، الحسن بن سهل.
فقال لي: اقعد، فقعدت.
فقال: أحضر دواتك، فأحضرت.
فقال: وقّع بتقليد إسحاق بن إبراهيم، جميع أعمال المعاون «5» بالسواد «6» ، جزاء له على ما نبّه عليه من تكرمتك يا أبا محمد.
فشكرته، ودعوت له، ووقّعت بذلك.(8/67)
26 الشاعر الكوفي أبو الحسن البصير
أنشدني أبو الحسن محمد بن غسان بن عبد الجبار بن أحمد الداري، الصيدلانيّ، البصري «1» ، قال: أنشدني أبو الحسن عبد الله بن سليمان الكوفي، الضرير، المعروف بالبصير، لنفسه:
واحربا ما الذي لقيت أنا ... أحمل في كلّ بلدة شجنا
أدخلها وادعا فتجلب لي ... رقة قلبي من أهلها سكنا [25](8/68)
27 الخارجي وصلاة الجمعة
حدّثني أبو الحسن محمّد بن غسّان بن عبد الجبار، قال:
رأيت بعمان شيخا من الخوارج، قد دخل في يوم جمعة، من ناحية بلد الشراة، إلى السوق بعمان، وكانت طريق الناس إلى الجامع، والناس يتعادون إلى حضور الجمعة، خوفا من فوتها، والخارجيّ ماش الهوينا «1» في حاجته، لا يراعي أمر الجمعة، فإذا بشيخ قد جاء من ناحية الجامع، فالتقيا.
فقال الشيخ للخارجي، وهو لا يعرفه، وقدّر أنّه يريد الجامع: إلى أين تمضي يا شيخ؟ وقد صلّى الناس وفاتتك الصلاة؟
فقال الخارجي: يا أبله، إنّما فاتت من أدركها.
يريد أنّ التجميع معهم، لا يسقط الفرض الذي هو الظهر، وهو إذا جمعّ معهم ترك الظهر، فتفوته الصلاة الواجبة، وهي الظهر، ويصلّي، ما لا يجزي عنه في مذهبه من تكفيرهم.
قال: ولم يفهم الشيخ ما سمعه.
وقلت أنا للخارجيّ: أظنّك- أعزّك الله- شاريا؟
قال: فقال: نعم، والحمد لله.
قال: وهم يستحبّون أن يقال لهم شراة، ويأبون أن يقال لهم: خوارج، ويذهبون إلى قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ)
«2» .(8/69)
28 أحد القائلين بالتناسخ يدعي أنّ الهرّة أمّة
حدّثني أبو الحسن عليّ بن نظيف «1» البغدادي، المعروف بابن السراج، المتكلم، المعروف بالبهشمي «2» ، قال:
كان يجتمع معنا في المجالس ببغداد، شيخ للإماميّة يعرف بأبي بكر بن الفلّاس، وكان طيّبا، فحدّثنا يوما: أنّه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيّع، ثم صار يقول بمذهب أهل التناسخ «3» ، قال: فوجدته، وبين يديه سنّور سوداء، وهو يمسحها، ويحكّ بين عينيها، ورأسها، وعينها تدمع، كما جرت العادة في السنانير بذلك، وهو يبكي بكاء شديدا.
فقلت له: لم تبكي؟(8/70)
فقال: ويحك، ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها؟ هذه أمّي لا شك، وإنّما تبكي من رؤيتها لي حسرة.
قال: وأخذ يخاطبها خطاب من عنده أنّها تفهم عنه، وجعلت السنّور تصيح قليلا قليلا.
قال: فقلت له، وأنا معتقد الطنز به «1» : فهي تفهم ما تخاطبها به؟
فقال: نعم.
فقلت له: أفتفهم أنت عنها صياحها؟
فقال: لا.
فقلت له: [26] فأنت إذن الممسوخ، وهي الإنسان «2» .(8/71)
29 كتاب تعزية
كتب محمد بن عيسى، أحد كتّاب زماننا، بتعزية إلى صديق له، قرأته بخطّه، فاستحسنت منه صدره، ونسخته:
من سرّه امتداد عمره، ساءته فجائع دهره، بفقد حميم، أو طارق هموم، عادة للزمان معروفة، وسنّة للحدثان «1» مألوفة، وأحقّ من سلّم للأقضية والأقدار، من وهب الله تعالى له جميل الاصطبار، فإن أصابته مصيبة، تلقّاها مسلما، أو [نابته] نائبة، وجدته محتسبا «2» .(8/72)
30 شاعر يقتضي ثواب مديح
كتب إليّ عمرو بن محمد بن الأشعث، شاب ورد من عمان، مجتازا بواسط- ذكر أنّه كان من الجند فيها، فزالت نعمته، وهرب حين ملك الديلم عمان «1» - أبياتا في آخر رقعة له، اقتضاني فيها، ثواب مديح، كان أسلفنيه، وهي:
مات الرجاء بغيظه فلك البقا ... ولربّما أفضى النعيم إلى الشقا
فإن احترقت فمن تلهّب حادث ... لأقلّ منه تلهّبا أن يحرقا
إن كان عود الجود جفّ فإنّه ... لم يسق ماء نداك حتى أورقا
وأريد منك إذا حرمت مطالبي ... تسعى معي فلعلني أن أرزقا(8/73)
31 الانتقال في ليلة واحدة من الحرّ إلى البرد
حدّثني أبو علي المنتاب، قال: حدّثني أبي، قال:
كنّا مع حامد بن العباس في ولايته، يوما، جلوسا في الخيش «1» ، بواسط، في النصف الأخير من تشرين الثاني، لشدّة الحر، فجاء البرد في ليلة، فأصبحنا من غد، وقد لبسنا الخزوز «2» والمحشوّ «3» ، وعجبنا من التفاوت بين الحالين في شدّة الحر، وفي شدّة البرد، في ليلة واحدة.(8/74)
32 في العافية طعم كل شيء
حدّثني أبو عليّ محمد بن محمد بن إسماعيل بن شانده «1» الواسطي، قال:
سمعت بعض شيوخنا، يحكي عن إبراهيم الحربي «2» ، أنّه قال:
في العافية طعم كل شيء، وفي الرزق نصر كل شيء.(8/75)
33 القاضي أبو خازم والخليفة المعتضد
حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام «1» ، قال: سمعت القاضي أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ، الأنباري «2» ، يحدّث أبي «3» ، وقد جئت إليه معه نهنّيه بعيد أضحى، فحدّث أحاديث، فقال: حدّثني أبو خازم القاضي «4» ، قال:
كان في حجري أيتام، ذكور وإناث، خلّفهم بعض العمال «5» ، فرددت أمانتهم، إلى بعض الشهود، فصار إليّ [27] الأمين يوما، وعرّفني أنّ عامل المستغلّات «6» ، ببغداد، الذي يتولّى مستغلّات السلطان، وعامل بادوريا «7» ، قد أدخلا أيديهما، في أملاك الأيتام، وذكرا أنّ الوزير عبيد الله ابن سليمان «8» ، أمرهما بذلك، عن أمير المؤمنين المعتضد «9» .(8/76)
فصرت إلى المعتضد في يوم موكب، فلما انقضى الموكب، دنوت منه وشرحت له الصورة.
فقال لي: يا عبد الحميد، هذا عامل خانني في مالي، واقتطعه، ولي عليه مال جليل، من نواحي كان يتولّاها من ضيعتي خاصّة، وما لي عليه بضعف هذه الأملاك التي خلفها.
فقلت: يا أمير المؤمنين، ما تدّعيه عليه يحتاج إلى بيّنة، وقد صحّ عندي أنّ هذه الأملاك أملاكه يوم مات، ولا طريق إلى انتزاعها من يد وارثه إلّا ببيّنة بالمال، هذا حكم الله في البالغين، فكيف في الأطفال؟
قال: فسكت ساعة مطرقا، ثم دعا بدواة، ووقّع بخطّه إلى عبيد الله ابن سليمان، بالإفراج عن الضياع «1» .(8/77)
34 دهاء عبدون أخي صاعد بن مخلد
حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفرات «1» ، وكان يخلف أبا نوح عيسى بن إبراهيم «2» ، على ديوان الضياع، حدّث أنّه:
كانت في يد صاعد بن مخلد «3» ، ضمانات كثيرة، وكانت إليه معاملة مع أبي نوح، وكان صاعد- إذ ذاك- من وجوه الناس، ولم يكن بلغ المبالغ الكبار.
فحضر عنده صاعد، أوّل خلافة المعتزّ، ونحن حضور، فطالبه أبو نوح بأموال وجبت عليه، وجرت بينهما مناظرات، أدّت إلى أن تنطّع «4» في الجواب.
فاغتاظ أبو نوح، فأعضّه «5» ، فردّ عليه صاعد، مثل ما قاله له.
فاستعظم الناس ذلك، فاستخفّوا به «6» ، وقالوا: يا مجنون، يا جاهل، قتلت نفسك، قم، قم.(8/78)
وخلّصوه من أن يفتك به أبو نوح في الحال، وقالوا: هذا مجنون، ولم يدر ما خرج من فيه.
وانصرف صاعد إلى منزله متحيّرا، لا يدري ما يعمل فيما قد نزل به.
فحدّث أخاه عبدونا «1» بما جرى، فقال له: إن لم تطعني، فأنت غدا مقبوض عليك، مطالب من المصادرة بما لا يفي به حالك، ولا حال من عرفك من أهلك، ومقتول بلا شكّ، تشفيّا منك.
قال: وما الرأي؟
قال: كم عندك [28] من المال الصامت العتيد «2» ؟ وأصدقني عن جميعه.
قال: خمسون ألف دينار.
قال: تسمح نفسك أن تتعرّى منها، وترمي بها كأنّها لم تكن، وتنقذ نفسك وتحرس بدنك، وما بقي من حالك، وضياعك، وعقارك، فتصير من أجلّاء الناس؟ أو لا تسمح بذلك، فتؤخذ الدنانير منك تحت المقارع، وتذهب الضيعة والنعمة كلها، وتذهب النفس؟
قال: ففكّر طويلا، ثم قال: قد تعرّيت عنها في عزّ نفس «3» .
قال: أعطني منها الساعة ثلاثين ألف درهم.
قال: خذ.
فأخذها، وجاء إلى حاجب موسى بن بغا «4» ، وقت عتمة، وقال له:(8/79)
هذه عشرة آلاف درهم، وأوصلني إلى فلان الخادم.
قال: وكان هذا الخادم، يتعشّقه موسى جدا، ويطيعه في كل أمره، وموسى إذ ذاك هو الخليفة، وكتبته كالوزارة، والأمور في يديه، والخليفة في حجره «1» .
قال: فأخذ الحاجب المال، وأوصله إلى الخادم، فأحضره العشرين الألف درهم الباقية، وقال: هذه هدية لك، وتوصلني الساعة إلى الأمير، وتعاونني في حاجة أريد أن أسأله إياها، ومشورة أريد أن أشير عليه بها.
فأوصله الخادم.
فلما مثل بين يديه، سعى إليه بكتّابه، وقال: قد نهبوك، واقتطعوا مالك، وأخربوا ضياعك، وأخي يجعل كتبتك أجلّ من الوزارة، ويتغلّب لك على الأمور، ويوفّر عليك كذا، ويفعل كذا، ويحمل إليك الليلة، من قبل أن ينتصف الليل، خمسين ألف دينار عينا، هدية منه لك، لا يريد عليها مكافأة، ولا يرتجعها من مالك، وتستكتبه، وتخلع عليه غدا سحرا.
قال: فقال له موسى: أفكّر.
فقال: ليس هذا موضع فكر، وألحّ عليه.
قال: وقال له الخادم: في الدنيا أحد جاءه هذا المال العظيم دفعة واحدة، فردّه؟ وكاتب بكاتب، والمال ربح.
قال: فأجابه، وصافحه.
فقال له: فتنفذ الساعة بمن يحضرك أخي، وتشافهه بذلك.
وأنفذ من أحضره، وبات عبدون في الدار، وقلّد موسى كتبته لصاعد،(8/80)
في الحال، وأمره بالبكور إليه ليخلع عليه، وتقدّم إلى النقباء «1» بأن يباكروا الرجل ليركبوا معه.
قال: وبكّر صاعد، وليس عند أحد له خبر، فخلع عليه موسى بن [29] بغا لكتبته، وركب الجيش على بكرة أبيهم، وانقلبت سرّ من رأى، بظهور الخبر.
فبكّر بعض المتصرفين، إلى الحسن بن مخلد «2» ، وكان صديقا لأبي نوح، فقال له: قد خلع على صاعد.
فقال: لأيّ شيء؟
فقال: تقلّد كتبة موسى بن بغا.
فاستعظم ذلك، وقال: ثيابي.
فأحضرت، فلبس، وركب إلى أبي نوح، فقال له: عرفت خبر صاعد؟
فقال: نعم، الكلب، وقد بلغك ما عاملني به؟ والله لأفعلنّ به ولأصنعنّ.
قال: أنت نائم؟ ليس هذا أردت، قد ولي الرجل كتبة الأمير موسى ابن بغا، وخلع عليه الساعة، وركب الجيش معه بأسرهم، إلى داره.
فقال له أبو نوح: هذا ما لم نظنّه، بات خائفا، وأصبحنا خائفين منه، فما الذي عندك؟
فقال: أنا أصلح بينكما الساعة.
قال: فركب الحسن بن مخلد، إلى صاعد، وهنّأه، وأشار عليه أن يصالح أبا نوح، وقال له: وأنت بلا زوجة، وأنا أجعلك صهره، وتعتضد(8/81)
به، فإنّك وإن كنت قد نصرت عليه، فهو من يعلم موضعه، ومحملّه، ويتجمّل بمصاهرته، ومودّته، وأنت حبيب على الرجل.
قال: ولم يدعه، حتى أجاب إلى الصلح والصهر.
فقال له: فتركب معي إليه، فإنه هو أبو الابنة، والزوج يقصد المرأة، ولولا ذاك لجاءك.
قال: فحمله من يومه إلى أبي نوح، واصطلحا، ووقع العقد في الحال بينهما.
وزوّج أبو نوح، في مجلسه ذلك، ابنته الأخرى، بالعبّاس بن الحسن بن مخلد، فولدت له أبا عيسى المعروف بابن بنت أبي نوح «1» ، صاحب بيت مال الاعطاء، ثم تقلّد ديوان زمام الجيش لعمّه سليمان بن الحسن، وكان أصغر سنا من أبيه.
فكانت كتبة صاعد لموسى، ومصاهرته لأبي نوح، أوّل رتبه العظيمة التي بلغها، ثم تقلّبت به الحال، حتى ولي الوزارة.(8/82)
35 حدّة طبع أبي العباس بن الفرات
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو القاسم سليمان بن الحسن «1» ، قال:
كنت أخطّ بين يدي أبي العباس بن الفرات «2» ، في أوّل وزارة عبيد الله ابن سليمان، وأتحقّق به، لأن أبي اصطنع أباه «3» ، وكنت أشرب معه.
فكنّا ليلة على شراب، وقد جرت الأحاديث، فحدّثنا بأخبار عدة من الكتّاب والوزراء، كانت فيهم حدّة.
وقال: كان أحمد بن الخصيب «4» ، يركل المتظلّمين.
وكان أبو عبّاد ثابت بن يحيى «5» ، يضربهم بالمقرعة، إذا كان راكبا.(8/83)
وكان أحمد بن أبي خالد «1» ، يشتمهم.
وعدّ جماعة [30] ، قال: وكان في أبي العباس، حدّة، وسفه لسان، فسمعنا ذلك منه، ولم نقدم على مواقفته.
فلما كان من غد، ركب وأنا معه، في السحر، فلقيه في الطريق، أهل سمطيا «2» ، يتظلّمون من عاملهم، في شيء ذكروه، فصاح عليهم، وشتمهم.
فتقدّم إليه أحدهم، فألحّ عليه في الكلام، فرفسه برجله في الركاب، وقنّعه بالمقرعة، وبصق عليه.
فذكرت الحديث الذي حدّثنا به من ليلته، فضحكت.
فسمع قهقهتي، فالتفت مبتسما، وقال: من أيّ شيء ضحكت يا عيّار؟
فقلت: زدتنا نتفة «3» يا سيّدي في ذلك الحديث الذي جرى البارحة.
فقال: أو قد حفظته؟
قلت: نعم.
قال: فقال لي سليمان بن الحسن: سمعت دفعات لا أحصيها، أبا العباس ابن الفرات، وقد احتدّ طبعه على قوم غضب عليهم، وكان يقول للواحد منهم: يا ابن مائة ألف كرّ خردل مضروبة في مائة ألف مثلها زواني، تشاغل بحساب هذا فهو أنفع لك «4» .(8/84)
36 سفه لسان حامد بن العباس
قال أبو الحسين: وما رأينا ولا سمعنا، برئيس أسفه لسانا، من حامد ابن العباس «1» ، فإنه كان لا يردّ لسانه عن أحد البتة، وكان إذا غضب شتم.
فمن ذلك: أنّ أبي حدّثني، أنّه كان بحضرته في مجلس حافل، فجاءت أمّ موسى القهرمانة «2» ، فقالت له: إنّ أمير المؤمنين «3» أمرني أن أقول لك، في مجلس حفلك، أنّ ابن الفرات «4» ، كان يحمل إليّ خريطة «5» في كلّ يوم فيها ألف دينار، وإلى السيدة عشرة آلاف دينار في الشهر، وإلى الأمراء والقهارمة، خمسة آلاف دينار في الشهر، وأنّك قد أخللت»
منذ أربعين يوما.
فقال لها في جواب ذلك: الساعة قد جئت حادّة محتدّة، تطالبيني بهذا؟
اضرطي والتقطي، واحذري لا تغلطي.
قال: فقامت خجلة «7» ، وكان ذلك أحد أسباب سقوطه عندهم، وغلبة عليّ بن عيسى «8» على الأمور.(8/85)
ومن ذلك: أنّه استحضر ابن عبد السلام العدل «1» ، يطالبه بوديعة، سعي بأنّها عنده لابن الفرات، وأنّ يحيى بن عبد الله الدقيقي، أبا زكريا «2» ، قرابة أم كلثوم، قهرمانة ابن الفرات، أودعه ذلك [31] .
فجرى الخطاب بينهما في ذلك، وعليّ بن عيسى حاضر، والخلق من القضاة والأشراف والأولياء، وكنت فيهم، وأنا حدث مع أبي.
فقال له: هذا الدقيقي ابن البظراء «3» ، قرابة أم كلثوم العفلاء «4» ، تعرفه؟
فقال العدل: الوزير أعزّه الله، أعرف به مني «5» .
ومن ذلك: أنّه قال لابن الحواريّ «6» ، في دار الخليفة، وأمّ موسى حاضرة، ليلة قدم من واسط ليتقلّد الوزارة، في حديث جرى بينهما:
قد نكت أمّه مرتين «7» .
فقالت أمّ موسى: ويلي، أيّ شيء هذا؟
فاستحيا، وقال لابن الحواري: نحن في السواد، إذا غلبنا خصومنا، قلنا، قد نكنا أمّهاتهم «8» .
ومنها: أنّه استحضر الوليد بن أحمد، ابن أخت الراسبي، ليصادره(8/86)
بمصادرة قد ووقف عليها، عشية عيد أتى عليه في وزارته، ولم يشغله حضور الناس عنده للتهنئة بالعيد.
فأتي بالرجل بجبة صوف، فلما رآه علي بن عيسى، وكان حاضرا، قال:
إن رأى الوزير أن يخليني وإياه لأخاطبه، وأقوده إلى امتثال أمره.
فقال: افعل.
واستدعاه إليه، وجعل يسارّه، وكان عليّ بن عيسى، قريب المجلس من حامد، يسمع عليه ما يخاطبه به.
فسمع الوليد يحلف قليلا، قليلا، ما بقيت لي حيلة.
فقال لعليّ بن عيسى: يا أبا الحسن، تلومني «1» الساعة، أن أنيك أمّ هذا؟
فقال علي بن عيسى: اللهم غفرا، أي والله، أيّ لوم.
قال: وكان ابن عبدوس الجهشياري، الذي ألّف كتاب الوزراء، قائما على رأس عليّ بن عيسى، لأنّه كان يحجب أبا الحسن، وكان أبوه من قبله مضموما إليه رئاسة الرجال، برسم عليّ بن عيسى الوزير، وكان يحجبه أيضا.
قال: فتنحّى ابن عبدوس من مكانه، وقال: لعن الله زمانا صرت أنت فيه وزيرا.
ومنها: أنّني سمعته، وقد اجتاز على باب دار كنّا ننزلها بشارع الكوفة، إذ ذاك، وأنا قائم على الباب، وقد اتّفق أن كلّمه في الموضع، قوم من أهالي بادوريا، في خراج النخل الشهريز، وأكثروا، وأنّهم يبيعون المائة رطل منه- وهي حمل نخلة- بدرهمين، وخراجها ثلاثة دراهم، وأنّهم يمنعون من قلعه، فإما أذن لهم في ذلك، وإمّا خفّف عنهم من الخراج.(8/87)
قال: فصاح عليهم، وقال: ليس لي في هذا نظر، قد صار النظر في هذا وشبهه، إلى عليّ بن عيسى، فامضوا إليه.
قال: فانصرف القوم؛ وسار خمس خطى أو نحوها، ثم وقف، وقال:
ردّوهم، فردّهم [32] الرجّالة.
فقال لهم: كأنّي بكم، تمضون إلى عليّ بن عيسى، وتقولون: قد أحالنا الوزير عليك، وأجابنا، وأمّي إن كنت أجبتكم إلى هذا زانية، وأمكم إن قلتم هذا زانية، وأمّ علي بن عيسى إن أجابكم إلى هذا زانية «1» .
ثم سار متوجها إلى بستانه المعروف بالناعورة «2» ليتنزه.
ومن ذلك: أنه كان يجتمع مع عليّ بن عيسى، في دار الخليفة، لما ضمن حامد في وزارته السواد، وصار عليّ بن عيسى مستوفيا عليه، ومطالبا له، فيتناظران في أمر المال، فيحتفيه «3» . عليّ بن عيسى، بالحجّة، فيعدل هو به إلى السب والسفه، فيقول له عليّ بن عيسى: سلاما، سلاما.
يريد بذلك، قول الله تعالى: (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ، قالُوا سَلاماً)
«4» .
فلما كثر ذلك على حامد، قال له يوما عقيب سفه جرى عليه منه: كم تذكر سلامه الذي ينيك أختك أسماء «5» ؟
فقام عليّ بن عيسى، وقال: ما بعد هذا شيء، وتجنّب مخاطبته بعد ذلك.
وقال لعليّ بن عيسى مرة بحضرة المقتدر: أنا والله، نكت هذا مرتين، وهو أمرد.(8/88)
37 من عجائب صنع الله
حدّثني أبو الحسين، قال: رأيت ببغداد، في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وأبي، وأنا، مستتران في الكرخ «1» ، طوّافا، يصيح ويقول: انظروا إلى قدرة الله، في رأس بقرة، برأسين وأربعة أعين، فرأيت ذلك كما وصف.
ورأيت معه فرّوجا له ثلاثة أرجل، يمشي بهن، ولا يعرج.(8/89)
38 الرياسة دين لا يقضى
وحدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبي يقول:
لما ولي أبو الحسن بن الفرات، الوزارة الأولى «1» ، لم يبدأ بتقليد أحد، قبل أبي العباس أحمد بن محمد بن بسطام «2» ، وكان مقيما في مصر، على عطلة، فكاتبه بأجلّ مكاتبة، وقلّده أعمال مصر، وزاده في الدعاء «3» .
وقال: هذا رجل، قد جرت له عليّ رياسة، والرياسة دين لا يقضى «4» .(8/90)
39 ابن الفرات يتعصب لآل نوبخت
قال أبو الحسين: وسمعت أنا- في الوزارة الثالثة- أبا الحسن بن الفرات، يقول:- وقد دفع إليه صاحب الخبر، خبرا، فقرأه، وخرّقه- ثم قال:
يتمعّضني الناس «1» ، بتعطيلي مشايخ الكتّاب، وتفريقي الأعمال على آل بسطام، وآل نوبخت، والله، لولا أنّه لا يحسن تعطيل نفر من العمال، وقد قلّدتهم، لما استعملت في الدنيا، إلّا آل [33] نوبخت، دون غيرهم.
قال أبو الحسين: وإنّما كان يتعصّب لآل بسطام لرياسة أبي العباس عليه «2» وللمذهب، ويتعصّب لآل نوبخت، للمذهب «3» .(8/91)
40 المعتضد والعمال المنكوبون
حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت جماعة من مشايخ الكتّاب، يقولون:
كان المعتضد «1» ، إذا نكب رجلا من جلّة العمال ورؤسائهم، وكلّ به من يحفظه من قبله، ولم يمكّن عبيد الله «2» من نفسه.
وربما أمر بصيانته، وشدّد الوصية في أمره، من غير توكيل به من جهته، ولا أطماع في المال.
وكان إذا وكّل به، يظهر أنّ التوكيل للمطالبة، وزيادتها، والتشدّد فيها، لا لحفظ نفسه، فيطمع العامل.
قال: وكان يقول: هؤلاء من أكابر العمال الذين قد قامت هيبتهم في نفوس الرعية، وعرفوا أقطار البلاد، هم أركان الدولة، وأنداد «3» الوزارة، والمرشّحون لها، فإن لم تحفظ نفوسهم، وضع ذلك من الأمر، وأثّر فيه.(8/92)
41 لون من ألوان التعذيب
حدّثني أبو الحسين، عليّ بن هشام، قال: حدّثني أبو منصور عبد الله ابن جبير النصراني «1» ، كاتب ابن الفرات، قال:
لما نكبت، بنكبة أبي الحسن بن الفرات، بعد الوزارة الأولى، سلّمت إلى أبي الحسن عليّ بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل «2» ، فحبسني عنده، وكان يطالبني بالمال، فأدفع عن نفسي.
إلى أن أحضرني يوما، فخاطبني في المال، فلم أذغن بشيء، فدعا بمزيّن، وأمره أن ينتف بالمنقاش ربع شعر رأسي.
فلما نتف منه طاقات يسيرة، كدت أتلف، وقام هو، وقال: إذا نتفم ربع رأسه، فعرّفوني.
فلما قام، رشوت الموكلين، فحلقوا باقي الربع من رأسي، ولم ينتف، وأعلموه أنّه قد نتف، فأمر أن يقيّر الموضع النظيف من رأسي، بقير حار.(8/93)
فجاءوا بالقير، فوضعوه على رأسي، ولم يكن مفرط الحرارة، لأنّه لو كان مفرطا، لأتلفني لا محالة.
فحين أحسست بحمي القير، قامت قيامتي، وكدت أن أتلف، فأذعنت بالأداء، وأقررت بسبعين ألف دينار، ودائع لي [34] ، وكتبت ألتزم تسليمها إليهم، فأخذت في اليوم الثالث.
فلما كتبت خطّي بتسليمها، أمر بالزيت فطلي به رأسي، وقلع به القير من رأسي، فقزع «1» شعري إلى الآن.(8/94)
42 من شعر نفطويه
حدّثني أبو الحسين قال:
انصرفت من عند أبي عبد الله، نفطويه «1» ، وقد كتبت عنه أشياء، فجئت إلى أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجّاج، فقال لي: ما هذا الدفتر؟
فأريته إياه، وكان على ظهره مقطوعتان، قد أنشدنيهما نفطويه لنفسه.
فلما قرأهما الزجّاج استحسنهما جدا، وكتبهما بخطّه على ظهر كتاب (غريب الحديث) ، وكان بحضرته.
والمقطوعتان:
تواصلنا على الأيّام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع
يروعك صوته لكن تراه ... على روعاته داني النزوع
كذا العشّاق هجرهم دلال ... ومرجع وصلهم حسن الرجوع
معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دلّ المطاع على المطيع
والأخرى:
وقالوا شانه الجدريّ فانظر ... إلى وجه به أثر الكلوم
فقلت ملاحة نثرت عليه ... وما حسن السماء بلا نجوم»(8/95)
43 رعونة عبيد الله بن سليمان جرّت النكبة عليه وعلى أبيه
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا جماعة من شيوخ الكتّاب، منهم عليّ بن عيسى «1» ، والباقطائي «2» ، وغيرهما، قالوا: حدّثنا عبيد الله بن سليمان، قال:
لما أضاق المعتمد بسرّ من رأى، وأمره- إذ ذاك- نافذ، ومعه قطعة من الجيش، وكان سليمان بن وهب وزيره، والموفّق بواسط «3» ، وعبيد الله ابن سليمان كاتبه، طلب المعتمد من سليمان، مالا يحتاله، لداره، وحرمه، وخاص نفقته، لا يعلم به الجند، فدافعه بذلك، فقبض عليه، وقال له:
قد تقلّدت منذ أيّام المعتز، إلى الآن، أعمالا متوالية، منها الوزارة للمهتدي، ومرّة الجبل، وغير ذلك، وما نكبت، ولا صودرت، وأريد منك خمسمائة ألف دينار.
قال: وورد عليّ الخبر، فلشدة محبتي لخلاص أبي، ما جنيت عليه جناية عظيمة، بأن صرت إلى الموفّق، فقلت له: لم يقدم المعتمد على أبي إلّا لبغضه لك، وليس يحقد علينا إلّا تمشية أمرك، واجتذاب الجيش [35] إليك.
فوعدني بتخليص أبي، على مهل.
فقلت: إن أخّرت الأمر، أسرع إلى مكروهه، وإزالة نعمته.(8/96)
فقال: ما تريد؟
فقلت: تخرج بمن معك، فتنتزعه من يده قسرا.
فقال: هذا يحتاج إلى مال ورجال، وهو خليفة على كل حال، ولا أحسب الرجال يطاوعوني على حربه.
فقلت له: عليّ المال والرجال.
فقال: دعني، حتى أفكّر.
قال: ودافعني، واعتقد فيّ أقبح اعتقاد، ورآني بصورة من يملك طاعة الرجال، في قتال خليفته، ويمكنه من المال، من عنده، ومن حيلته، ما يرضي به الجيش.
فلما عاودته، قال: يجب أن نقدّم المراسلة بيننا وبينه، فإن أنجعت، وإلّا كانت الحرب.
فاخترنا للرسال «1» ، صاعد بن مخلد «2» ، وهو إذ ذاك، من جلّة أصحاب الدواوين.
فاستدعاه الموفّق إلى حضرته من سرّ من رأى، فصار إليه، وحمّله رسالة إلى المعتمد.
فمضى، وأدّاها، وأصلح الأمر مع المعتمد لنفسه، وأشار على المعتمد بإطلاق أبي عاجلا، وضمن له إفساد رأي الموفّق فيه، وفيّ، حتى يقبض علينا.
فأقام أبي عند الموفّق، والوزارة إليه، فدبّر أمر الموفّق، ثم عاد صاعد فشرع مع الموفق في الأمر، وأنفذ المعتمد ثقاته سرّا إلى الموفق، بما لقّنه صاعد، ولم يزل ينسج الأمر، حتى تمت النكبة علينا.(8/97)
44 ما في الأرض أشد جناية على الوزراء والرؤساء من أصاغر أسبابهم
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو عيسى، أخو أبي صخرة «1» ، واسمه أحمد بن محمد بن خالد، قال: سمعت إسماعيل بن بلبل «2» يقول:
ما في الأرض أشد جناية على الوزراء، والرؤساء، من أصاغر أسبابهم، ولقد قال لي راشد، صاحب جيش الموفّق: كنت قد بليت بالنظر في أمر أنزال الرجّالة، ومن يجري مجراهم، وكنّا نحتاج في كل يوم لذلك إلى ستّة آلاف دينار، فما زالت تنقص بالإضاقة، إلى أن اقتصر على ما لا بدّ منه، وكان ثلاثة آلاف دينار.
واعتمد الموفّق «3» عليّ في ذلك، لشدة اهتمامه به، لأقوم به- إذا لم يطلق المال- بمالي وجاهي، وحيلتي، فأفقرني ذاك.
وكان عبيد الله بن سليمان «4» ، وأبوه «5» ، وهما مقيمان [36] بالحضرة، يقصداني، ويريّثان المال عليّ «6» ، فأحفظني ذلك عليهما، واقتصرا لي، على(8/98)
ألفي دينار في كل يوم، عاجلة، وألف بحوالات لا تروج، فكنت أحتاج أن أرهن سيوفي، وسروجي، وأدخل كل مدخل، حتى أقيم الأنزال «1» .
ووقّعا لي في بعض الأيام، إلى جهبذهما ليث، بمال من مال الأنزال، جعلاه من مال ضياعهما، فتوارى ليث، فبثثت الرسل في طلبه، فوجده بعض رجّالتي، فأوصل إليه التوقيع.
فقال: ما عندي للوزير، ولا لابنه مال.
فقال له: فاحتل، ولو من مالك، فهذا مهمّ للأمير أبي أحمد.
فقال: وأيش لأبي أحمق عندي؟
فجاءني الرجل بالخبر، فحملني الغيظ عليهما، أن شكوت إلى الموفّق هذه الحال، وقلت: قد قال كلاما لا يجوز إعادة مثله- قبحا- عليك.
فطالبني بإحضار الرسول، فأحضرته، فأمره أن يحكي الكلام، فخاف الرسول، فأرهبه، فأعاده عليه بعينه، من غير كناية.
فقال: صدق ليث، لو لم أكن أبو أحمق لما تركت عليه، وعلى أصحابه الأموال، حتى ننظر «2» .
فكان ذلك سبب تعجيل النكبة لهما.
فقال لي الموفق: أريد أن تلزم أصحابك، طلب ليث، وتظهر أنّه بسبب هذا التوقيع، وتبثّ الرجالة، حتى إذا حصل، قبضنا على أصحابه.
فأنفذت عدة، ولم أزل أجتهد حتى حصل.
وجاء سليمان وعبيد الله، من غد، للخدمة على الرسم، فشوغلا في الدار، إلى أن حصل ليث، فلما حصل، قبض عليهما، وأنفذ إلى صاعد،(8/99)
من أحضره، فتقلّد الأمر، وسلّم إليه ليث.
قال راشد: صرت إلى صاعد مهنئا له بالوزارة، فقال: قم بنا، لأريك العجب.
فقمنا، وخلونا، ودعا بليث، ورفق به، فلم ينفع الرفق، فقال:
عليّ بجيش غلامه، فجيء به، فضربه مقارع يسيرة.
فقال: أنا أدلّك على بئر المال.
فقال لليث: هذه البئر مالك، أو مال أصحابك؟.
فقال: بل مالي، أنا رجل تاجر.
فأخرجوا من البئر ثمانين ألف دينار، واستخرج بعدها من ليث، جملة أخرى كثيرة.
فكانت تلك أحد ما قوّى طمع الموفّق في آل وهب، واستئصالهم «1» [37] .(8/100)
45 الأمير الموفق يأمر وزيره الجديد بتعذيب الوزير المصروف
حدّثني أبو الحسين، قال: كنّا في مجلس حامد بن العباس، وهو وزير، وكان يتحدّث في مجلس العمل كثيرا، فسمعته يحكي، قال: قال لي صاعد ابن مخلد:
لما قلّدني الموفّق وزارته، شرطت عليه، أن لا أدخل في مكاره سليمان ابن وهب، وعبيد الله ابنه، ولا أطالبهما، ولا أنظر إليهما في مال، ولا وديعة.
وقلت للموفّق: سليمان اصطنعني، ورفع حالي، وصرّفني، وما دخل قط لي في مكروه، ولا دخلت لهما في مثله.
ولم أجب إلى التقليد، حتى صافحني أن لا يلزمني ذلك.
فلما تقلّدت، وخلع عليّ، خاطبني في أمرهم بعد أيّام، وذكر ضيق المال إلّا من جهتهم، فقلت: الشرط أملك، وأنت قادر أن تنصب لهذا كاتبا، وتدبّره بنفسك، وبمن ترى من حاشيتك.
فعاودني دفعات، وأنا ممتنع، حتى مضى شهر من تقلّدي.
فلما رآني على هذه الحال، راسل سليمان، وقال له: إنّ صاعدا غرّني من نفسه، وضمن لي القيام بالأمور، وقد بلح «1» ، وليس يذهب ولا يجيء، وهو عدوّك وعدوّ ابنك، وهو سعى بكما، فاضمنه منّي، واذكر لي ما عليه من الأموال، وما في جيبه، ومعايبه، والحجج، والتطرّق عليه وعلى أملاكه.(8/101)
وكان سليمان محنكا، مجرّبا، فأعاد الجواب على الرسالة، بأنّي إن كنت موثوقا بي، فلا تحتاج إلى ضماني، لأنّي أنصح وأستقصي على كل من يجب عليه حق للأمير، إن أعادني إلى خدمته.
ودافع عن كتابة الرقعة، وعلم أنّها حيلة عليه، لا متناعي عن مكروهه، حتى يجعل الرقعة حجّة عليه عندي.
فأنفذ الموفّق، إلى عبيد الله، مثل هذه الرسالة، واستكتمه ذلك عن أبيه، فكتب عبيد الله، رقعة طويلة، يسعى عليّ فيها، أقبح سعاية، ويضمني بمال جليل، ويثلبني، وينكّل بي.
فلما وصلت إلى الموفّق، احتفظ بها، وغدوت عليه، فخاطبني في تسلّمهم، ومطالبتهم، فاستعفيت، وأقمت على الامتناع.
فقال: اقرأ هذه الرقعة، فلما قرأتها، ولم يكن عندي- إذ ذاك- علم كيف جرت الصورة، وإنّما [38] انكشفت لي بعد ذلك المجلس، قامت قيامتي، وخفت على نفسي، من معاجلة الموفّق، متى لم أعاجلهم، ولم أشكّ أنّ ذلك القول صحيح من عبيد الله، وأنّ الموفق قد أنعم عليّ بإطلاعي عليه.
فاستجبت إلى تسلّمهم، وناظرتهم، وألزمتهم الأموال العظيمة، واستمرّت النكبة عليهم «1» .(8/102)
46 سبيل الإنسان في المحن أن يطأطئ لها
حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن عيسى، يقول:
سمعت عبيد الله بن سليمان، يقول:
لما دخل صاعد بن مخلد، عليّ وعلى أبي، ليناظرنا، ونحن في حبس الموفّق، قمنا، وتلقيناه.
فخاطب أبي بجميل، وأكرمه، وتجهّمني «1» بقبيح، وجعل لا يخاطبني إلّا باسمي، ويقول: يا عبيد الله.
فلما أكثر عليّ، آلمني ذلك، فقلت له: أنا عبيد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد، نتصرّف في خدمة السلطان، منذ خمسين ومائة سنة، ونتقلّب في جلائل الأعمال، أنت صاعد بن مخلد، مخلد من أبوه؟.
فكان هذا من أكبر ما أحفظه «2» عليّ، حتى تناهى في مكارهي.
وكان أبي يلومني على ذلك، ويقول: سبيل الإنسان في المحن أن يتطأطأ لها، ويذلّ لوقوعها، ولا يغالبها.
ولم تكن نفسي، أنا، تطاوعني على ذلك، وكان من أضرّ الأمور عليّ، وكان الحزم مع أبي دوني.(8/103)
47 حفلة تعذيب بمحضر الوزير
قال أبو الحسين: حدّثني أبو الحسن محمد بن محمد بن حمدون الواسطي «1» ، صاحب حامد بن العباس، وخليفته، قال: قال لي حامد:
كان صاعد بن مخلد، أوّل من قلّدني العمالة، رياسة، فقال لي في بعض الأيام: احضر دار الأمير الموفّق، فحضرتها معه.
فجلس في مجلسه منها، واستدعى على خلوة، سليمان بن وهب، وابنه عبيد الله، وهما منكوبان.
فرأيت سليمان، وقد خرج بطيلسان، وخفّ، ومبطّنة، وابنه حاف مكشوف الرأس، على أذلّ صورة.
فأكرم الأب، وأسمع الابن المكروه، إلى أن دعا له بالمقارع، فأخذ سليمان يستعطفه كلّ الاستطعاف، وهو لا ينثني، ويقول له: إذا صنتك يا أبا أيّوب عن مثل [39] هذه الحال، فلا أقلّ من أن تدعني أنتقم من هذا الجاهل، الفاعل، الصانع.
قال: وأقبلت المقارع تأخذ عبيد الله، وسليمان يستعطفه.
فلما زاد الأمر، قال له سليمان: يا كافر، يا فاجر، أما تستحي؟
إنّا اصطنعناك، وأقعدناك هذا المقعد، تضربه بين يديّ، سبّة عليك.(8/104)
قال: فاستحيا، وأمر بقطع الضرب، فما ضرب بعدها عبيد الله بحضرته، وواضع الموفّق بعد ذلك، على أن يكون الضرب بحضرته، بأيدي غلمانه، في داره.
فحرّض الموفّق عليهما، حتى نهكهما «1» عقوبة وضربا «2» .(8/105)
48 وحفلة تعذيب بمحضر الأمير
فحدّثني أبو علي بن مقلة، في نكبته بعد الوزارة الثالثة «1» ، وهو في دار أبي بكر بن قرابة «2» ، لمال يؤديّه، ضمنه عنه ابن قرابة «3» ، وشكا ما عامله(8/106)
به الخصيبي «1» من المكروه، ثم قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات «2» ، يقول:
سمعت أبا القاسم عبيد الله بن سليمان «3» ، يقول:
أخرجت وأخرج أبي في نكبتنا، في بعض الأيام، بواسط، إلى حضرة الموفّق، وقد نصبت له سبنية «4» ، فجلس وراءها، ونحن نعلم بذلك.
ودعا براغب، فأمره بضربنا، فضرب أبي نيفا وعشرين مقرعة، ثم دعي بي، فنوظرت، ثم أمر بضربي.
فإلى أن يستدعي لي من يضربني، قال أبي لراغب: الذي نحن فيه يستطاب معه الموت، وما أقول ما أقوله دفعا عن نفسي، ولا عن ولدي، وإنّما أقوله شفقة على الأمير، فأعلمه: أنّ ملكا من ملوك بني إسرائيل، ذبح سخلة، بحضرة أمّها فخبط من ساعته.
قال: فو الله، ما مضى راغب ليؤدّي الكلام، حتى جاءت الرسل من عند الموفّق، بأن يرفع الضرب عنّا، وقد كان بحيث يسمع الكلام من وراء السبنيّة.
فما عاد بعدها علينا مكروه.(8/107)
49 أبو زكريا السوسي يرى مناما
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو زكريا يحيى بن سعيد السوسي «1» ، المعروف بخلف، ومحله، في اليسار، والجلالة، والمكنة من السلطان، والاشتهار بالدين، والثقة، والصدق، والأمانة، وصحة الرأي، مشهور، وكان نصرانيا في حداثته، فأسلم، وحسن إسلامه، قال:
رأيت في منامي- يعني بعد إسلامه- عليا عليه السلام، وكأنّه جالس ومعه جماعة [40] من أصحابه، وبالقرب منه، أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ومعهما جماعة.
قال: فسألته، قلت: يا أمير المؤمنين، ما عندك في أبي بكر وعمر؟
فأثنى خيرا كثيرا.
قلت: فلم لم تجلس معهما؟
فقال: حياء منهما لما يعمل بهما الرافضة.(8/108)
50 حفيد يزيد بن هارون يرى جده في المنام
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي المعروف بنفطويه، في مسجد الرصافة، إملاء في سنة ثمان وثلاثمائة، قال: حدّثنا ابن بنت يزيد بن هارون «1» ، ولم يسمّه «2» ، وكذا أملى علينا، قال:
رأيت جدي يزيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ ومنكر ونكير ما قالا لك؟
قال: قالا لي: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟
فقلت: ألي يقال هذا؟ وأنا أعلمه الناس منذ ثمانين سنة؟
فقالا لي: نم نومة العروس، فلا بؤسى عليك.
وعاتبني ربي، على كتابي عن عثمان بن جرير «3» ، فقلت: يا رب، عبدك، وما أعلم إلّا خيرا.
قال: إنّه كان يبغض عليّا عليه السلام «4» .(8/109)
51 ابن الفرات وأحد طلاب الوزارة
حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو الحسن بن الفرات، قال:
دخل عليّ المقتدر يوما، وأنا في حبسه، في وزارة حامد، فقال لي:
يا أبا الحسن، أتعرف الحسن بن محمد الكرخي الكاتب «1» ؟
فقلت: نعم.
قال: أي شيء هو من الناس؟
قلت: عامل، له محلّ، ويفهم في الحساب شيئا، وهو من صنائعي، ووجوه عمّالي، وقد كان قبل، تقلّد عمالات لعبيد الله بن سليمان، وهو أخو القاسم بن محمد الكرخي «2» ، وهو من أهل بيت.
قال: فقال لي: إنّه قد كتب إليّ يخطب الوزارة، ويتضمّن بحامد، وبعليّ بن عيسى.
قال: فقلت له: ولا كلّ هذا يا أمير المؤمنين، إنّ هذا، إنّما طمع في الأمر لما رأى حامدا قد تقلّد الوزارة، ولعمري إنّها قد اتضعت بتقلّده،(8/110)