مَهيَعُ الوُصُولِ إلى عِلمِ الأصُولِ
نَظمُ الإمَامِ
أبِي بَكر مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمِ الأندَلُسِيِّ الغَرنَاطِيِّ
المُتَوفَّى سَنَةَ 829 هـ
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى
وَهُوَ نظمٌ لكِتَابِ «تَقْرِيبِ الوُصُولِ إلى عِلمِ الأُصُولِ» لجَدِّ النَّاظِمِ الإمَامِ أبِي القََاسِمِ مُحمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ جُزَي الكَلْبيِّ الغَرنََاطيِّ المُتوفَّى سَنَةَ 741 هـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى
نقله إلى الشبكة : فوزي سليم منصور
*
الحمد لله الذي يعلم ما
... يكون او كان في الارض والسما
منزل الكتابِ بالأحكامِ
... ومُرسِلِ الرسول بالإسلام
محمدٍ أعلى الوجود منزلهْ
... لدى الذي بالبينات أرسله
هدى إلى الرشد وللحق دعا
... مبلغا عن ربه ما شرعا
فقرر الاداب والاحكام
... وبين الحلال والحراما
حتى استقل دينه الذي ارتضى
... له فكان ناسخا لما مضى
عليه رضوان من السلام
... وأفضل الصلاة والسلام
وبعد : فالقصد بذا المنظوم
... تبييننا لأشرف العلوم
من بعد علمي الكتاب والسنن
... وهو : أصول الفقه واضح السنن
في رجز مهذب المقاصد
... أبياته ألف بغير زائد
نظمته مبتغيا للأجر
... لا للمباهاة ولا للفخر
قربت معناه بأسهل لفظ
... ومقصدي تيسيره للحفظ
وحين تم واستقل كافيا
... يُبدي في الإصطلاح حظا وافيا
ومطلبي من منصف به اغتبط
... إصلاحُ مايُلفيه فيه من غلط
والله يهدينا إلى الرشاد
... فهو لمستهديه خير هادي
-
القول في مدارك العقول
... ومقتضى تقسيمها المعقول
مدارك العقول عند التحقيق
... إما تصور وإما تصديق
فالأول : إدراك معنى ذات
... مفردة كالجسم والحياة
والثان : حكم مسند للذات
... إما على النفي أو الإثبات
كالجسم حادث وما الكهل فتى
... وذا عن الأول تركيبا أتى
كلاهما أو علم كلها وجب
... منه ضروري ومنه مكتسب
عن الضروري سواء يحصل
... أو يلزم الدور أو التسلسل
وخمسة أقسام ثان علم
... جهل وشك ثم ظن وهم
فالعلم جازم لحق طابقا(1/1)
... والجهل : جازم سواه وافقا
والشك : ما يقبل فوق واحد
... على السواء دون أمر زائد
والظن : ما يرجح والمرجوح
... وهم إذا ما وجد الترجيح
وعند حكم العقل تصديقا يرى
... لكنه بالنطق يدعى خبرا
وهو لمن يحتج في قضية
... عليه دعوى أو به قضية
والعلم قيل : لايحد إما
... لعسره أو للحصول فهما
وحده قوم من أهل المعرفه
... وأقرب الحدود : قولهم صفه
توجب تمييزا مع الغير فلا
... يحتمل النقيض فيما نقلا
القول فيما يوضح التصورا
... حتى يرى مبينا مفسرا
تصور يجعل في المعارف
... بالحد والرسم وبالمرادف
تعريف ماهية شىء إن أتى
... بالجنس والفصل فحد أثبتا
والفصل ذاتي من الصفات
... كالنطق للإنسان في الذوات
فعند ذكر الجنس يلفى جامعا
... وعند ذكر الفصل يلفى مانعا
فذاك للطرد وذا للعكس
... وناقص ما كان دون جنس
وإن أتى به مع الوصف الذي
... لازم كالذاتي فالرسم احتذي
وهو كمثل الحد في حالاته
... لدى سقوط الجنس أو إثباته
والأحسن الإتيان فيهما معا
... بأقرب الأجناس حيث وقعا
والجنس بالعالي وبالأعلى دعي
... إن لم يكن نوع لجنس أرفع
والنوع قد سموه جنسا عندما
... يلفى لأنواع له مقسما
واجتنبوا الإجمال في اللفظ وما
... أدى لدور في الجميع فاعلما
واشترطوا الإتيان بالجلي
... لا بالمساوي الميز و الخفي
وفي مرادف أبوا من أن يرى
... أعم أو أخص مما فسرا
-
القول فيم يوضح التصريفا
... ويكسب الظن أو التخفيفا
أمارة مفيد ظن سم
... وادع دليلا موصلا للعلم
فأول أقسامه محصورة
... وهمية مقبولة مشهورة
وسم بالمقبول أخبار الثقة
... دون تواتر ترى محققه
وسم بالوهمي حكما يشتبه
... ويوهم العقلي لكن ليس به
وكل ما الناس عليه اتفقوا
... أو جلهم أو من بفضل يسبق
من عادة أو غيرها توافق
... فذلك المشهور وهو السابق
والعقل قد يجكم أو لن يحكما
... به ولا يخالف الملتزما
والثان عقلي وحسي وما
... ركب من ذين وسمعي سما
وهو الكتاب عندهم بإجماع(1/2)
... وسنة تواترت والإجماع
كذلك العقلي عند النظري
... منه ضروري ومنه نظري
في السمع والرؤية ثم اللمس
... والذوق والشم انحصار الخمس
وألحقوا بهذه الوجداني
... كالعلم باللذة والأشجان
ثم الذي أفاده التركيب
... تواتر والحدس والتجريب
زاد أبو المعالي والغزالي
... في قسمه قرائن الأحوال
-
القول في تسمية الألفاظ
... وحكمها نقلا عن الحفاظ
تعدد الألفاظ والمعاني
... تباين كالطير والإنسان
وعكس ذا إن استوى حيث يحل
... معناه فهو المتواطي كالرجل
وإن بدا تفاوت المذكور
... فسمه مشككا كالنور
وفي اتحاد اللفظ دون المعنى
... مشتركا يدعونه كالأدنى
وعكسه سمي بالمرادف
... مثاله كمقسم وحالف
لا باعتبار زائد في ذاته
... كالسيف والصارم من صفاته
واشترطوا في الاشتراك الوضعا
... وغير ما بالوضع نقلا يدعى
وسوف يأتي بعد ذكر النقل
... مفصلا في غير هذا الفصل
-
القول في تنوع الدلالة
... وذكر ما يلفى لها من حاله
واللفظ إما أن يدلنا على
... جميع ماله اسمه قد جعلا
أو جزئه أو لازم ما فارقه
... فأول دلالة المطابقه
والثان والثالث ذا تضمن
... وذا التزام والجميع بين
وفي التزام اللزوم يشترط
... في خارج و ذهن او ذهن فقط
-
القول في التفريق بين شبهه
... وهو أكيد يحصل التنبيه به
وسم بالجزئي ما دل على
... منفرد بعينه مثل العلا
وإن يكن لا يمنع التعددا
... في الذهن فالكلي يدعى أبدا
وهبه في الخارج ذا تعدد
... أو واحدا كالشمس أو لم يوجد
وقال في المضمر عن خلاف
... بوضعه كليا القرافي
واختص في استعماله والأكثر
... من قال جزئيا يكون المضمر
والجزء ما ركب منه الكل
... والكل مجموع وذاك أصل
وما اقتضى حكما لفرد فرد
... فسمه كلية بالقصد
وما اقتضى حكما على فرد فقط
... فقد دعوا جزئية هذا النمط
-
القول في التبيين للحقائق
... بذكر مثل الضد والموافق
إن نظرت حقيقة مع أخرى
... فأربع حالاتها باستقرا
تبائن كالحي والجماد
... فحكم ذا وذا على انفراد(1/3)
أو التساوى حاصل بالقوة
... مع فرس أو ما يكون نحوه
وجود كل واحد يستلزم
... أن يوجد الثاني كذاك العدم
أو أن يكون كل واحد ينص
... أعم من وجه ومن وجه أخص
فذان ما في واحد على الثان
... دلالة كأبيض وإنسان
أو العموم والخصوص مطلقا
... بينهما كمثل أرض أو نقا
فنفي ذي العموم ينفي الثاني
... والعكس في الوجود ذو برهان
و لا دليل عند إثبات الأعم
... أو نفي مخصوص على الاخر ثم
وضبط ذا الباب بكل يحصل
... و ذو الخصوص ما عليه تدخل
مع صدقه من جهة و إن يكن
... من جهتين فالتساوي لم يخن
و إن تكن في الجهتين تكذب
... فحاصل تباين لا يحجب
-
القول في تبيين أنواع الحجج
... وما به استدل عالم فحج
والحجة العقلية المشهوره
... أنواعها ثلاثة محصورة
وهي القياس ثم الاستقراء
... و بعد بالتمثيل قسما جاءو
أما القياس المنطقي فهو ما
... ركب مما فوق جملة سما
فجا بحكم عند ذا التركيب
... إثباته أو نفيه المطلوب
يدعى نتيجة وما ولدها
... مقدمات أعقموا مفردها
فإن تكن جملتها قطعيه
... سمي برهانا بغير مريه
وإن تكن إحداهما مظنونه
... فينتج المظنون لا ما دونه
لأجل أن مقتضى القطعيه
... له توقف على الظنيه
والحكم إن يوجد على طريقه
... لأكثر الأفراد في حقيقه
فيغلب الظن بأن الحكم عم
... أفرادها فذاك الاستقرا الأتم
والحكم للجزء بحكم مثله
... سمي بالتمثيل عند أهله
وذا الأخير أصعب الأقسام
... والفرق مأخوذ من الأحكام
أو ماله الخصوص من وجه ومن
... وجه عموم فتفهم واستبن
وكل معلوم لثان ذكرا
... نقيضا او خلافا او ضدا يرى
فالأول الممنوع أن يجتمعا
... كالليل والنهار أو يرتفعا
فذا وجود واحد مهما وجد
... يبدي انتفا الآخر واعكس ذا تجد
ثم الخلافان اللذان يمكن
... رفعهما والاجتماع يمكن
فما يدل واحد على الثاني
... بحاله كطائر و إنسان
وسم بالضدين ما يمتنع
... جمعهما و ذا كذا يرتفع
فيستدل بوجود الواحد
... على انتفاء الثان دون زائد(1/4)
وبالبياض والسواد مثلا
... والحكم في جميعها قد انجلى
-
القول في حكم القياس المنطقي
... وذكر ما احتج به أو اتقي
في خمسة كل القياس قد حصل
... سفسطة شعر خطابة جدل
والخامس البرهان يدعى وهو ما
... كانت قضاياه كما تقدما
قطعية مثل البديهيات
... وحكمه من بعد هذا ياتي
والجدل الذي هنا إثباته
... هو الذي تلفى مقدماته
مقبولة في الحكم أو مشهوره
... وقد ترى كاذبة في صوره
والقصد منه أن يكون الخصم
... يغلب خصمه به فيسموا
ثم الخطابة التي تبنى على
... ما كان مقبولا وظنا حصلا
فتقنع النفوس مع قبولها
... نقيض ما يكون من محصولها
والقصد منها أن يميل السامع
... لما يراد منه وهو طائع
والشعر ذو التشبيه والتمثيل
... يبنى على المجاز والتخييل
وهو مع اليقين في بطلانه
... مؤثر في النفس ذا من شانه
فائده إثباته شيئا ما
... حتى يعود في الوجود وهما
وهو أعم في اصطلاح المنطق
... لكونه نظما ونثرا فافرق
ثم الذي سموه منه سفسطه
... ما حاز في الكلام قصدا غلطه
من جهة الألفاظ والمعاني
... أو جهة التركيب في البرهان
أو نقض شرط من شروط الوضع
... أو جعل وهمي مكان القطع
أو من طريق الحذف والإضمار
... وما لتغليط من انحصار
-
القول في تنوع البرهان
... والحكم فيه واضح البيان
وقسم البرهان للحملي
... في القسمة الأولى وللشرطي
فالثان قسمان فمنه المتصل
... ومنه ما يدعونه بالمنفصل
و أول القسمين في البرهان
... إنتاجه يدعى بالاقتراني
وهو مركب كم تقدما
... من جملتين أو يزيد فاعلما
ويحصل الإنتاج من معناهما
... وقد ترى محذوفة إحداهما
لكن مع العلم بها بحيث لا
... يحدث إشكال وبعد جعلا
تسليم حكم سلب أو إيجاب
... أو علمه شرطا بهذا الباب
وكل جملة دعوا مقدمه
... إذا القياس حازها متممه
أجزاؤها الموضوع وهو المخبر
... عنه ومحمول وذاك الخبر
ثم حدوده ثلاثة ترى
... فحده الأوسط ما تكررا
وبعد ذا الأول سم أصغرا
... وسم بالأكبر ما تأخرا(1/5)
وسم صغرى حيث حل الأصغر
... وسم كبرى حيث حل الأكبر
وسم عند الفقهاء المسندا
... حكما ومحكوما عليه المبتدا
وإن تكن نتيجة فسمها
... وجه الدليل في اصطلاح الفقها
-
فصل : وسموا أضرب القضية
... محصورة مهملة شخصيه
فسم ما موضوعها جزئي
... شخصية كمثل (( زيد حي ))
( وما تكون ذاتها محتمله
... للكل والبعض فتلك المهمله )
فاطرحوا المهمل والشخصيا
... مع كونه موجبا او منفيا
واستعملوا من بعد ذا المحصور
... ولفظه الحاصر سموا سورا
وهو ككل في التي كليه
... ومثل بعض في التي جزئيه
كلتا هما قسمان إما سالبه
... للحكم أو موجبة مطالبه
والسور في كلية السالب لا
... شيء وليس بعض للعكس اجعلا
أربعة مضروبة في أربعة
... لكل شكل صور مجتمعه
تشمل للمنتج والعقيم
... بمقتضى التركيب والتقسيم
وصور الأشكال أربع فقط
... محصورة لذاك بالحد الوسط
أعني به الأوسط وهو العله
... فاعرف من الفقه بذا محله
فإن يك المحمول عند الصغرى
... مع كونه الموضوع عند الكبرى
فذاك في الأشكال يلفى الأولا
... والكامل الذي عليه عولا
كأن بدا بذاته للنفس
... وغيره بالخلف أو بالعكس
وينتج الأربعة المطالب
... والغير للجزئي أو للسالب
والشرط في الأنتاج كون الكبرى
... كلية ومنع سلب الصغرى
فالأضرب التي حواها المنتج
... أربعة وغيرها لا ينتج
وعكس ذا التركيب يلفى الرابعا
... لبعده عنه و ليس نافعا
وبعضهم يجعله عكسا له
... فيكتفي به ويلغي نقله
وخمسة منتجه ولا تجي
... كلية موجبة في المنتج
والثان ما الأوسط محمول لدى
... قضيتية أربع ما ولدا
إنتاجه بأن تكون الكبرى
... كلية قد خالفت للأخرى
إيجابا او سلبا وهذا الشكل لا
... ينتج إلا السلب حيثما انجلى
والثالث الذي يكون الأوسط
... بعكس هذا فيهما واشترطوا
إيجاب صغراه و لا تخلوا ترى
... إحداهما كلية مهما جرى
وكل ما ينتج هذا أبدا
... جزئية وستة قد ولدا
-
فصل ومهما كان في قضيه
... في الكل سلب أو ترى جزئيه(1/6)
فتتبع النتيجة الخسيسا
... و لا ترى تتبع النفيسا
ويبطل الإنتاج مهما وقعا
... من القضيتين فيهما معا
-
فصل و عكس في القضايا يتضح
... تحويل جزئيها على وجه يصح
فما يكون موجبا ينعكس
... موجبة جزئية إذ ينكس
والسلب كليته اعكس مثلها
... وغيرها اتركها فلا عكس لها
وسم بالنقيض حيث ياتي
... مخالفا في نفي او إثبات
فما ترى في حالة كليه
... نقيضها من غيرها جزئيه
-
فصل : و ما سمى بالمتصل
... يدعونه تلازما وهو جلي
وكل ما فيه من الأجزاء
... ركب من شرط ومن جزاء
وجملة أخرى تسمى استثنا
... بالفظ لكن وما في المعنى
وجملة الشرط دعوا مقدما
... ثم الجزاء تاليا وربما
سموه باللازم و الملزوم
... يدعى به الشرط وذا معلوم
والسور حرف الشرط في ذا الضرب
... ومع أداة النفي سور السلب
فاستثن عين ما دعوا مقدما
... فذاك عين التالي عنه لزما
كذا نقيد التالي عنه يلزم
... نقيض ما جاء به المقدم
وذاك للزوم دون العكس إذ
... يحتمل الثاني العموم حينئذ
وليس ينفي نفي ما خص الأعم
... و لا الأعم يقتضي الأخص ثم
و ما به النقيض يستثنى دعوا
... قياس خلف وهو غالبا بلو
-
فصل : وينتج القياس المنفصل
... لكن بالاستثناء مثل المتصل
وهو الذي بعض أولي التعليم
... يدعونه بالسبر والتقسيم
تعدد اللازم فيه لازم
... مع التنافي ذاك حكم جازم
ونوع ذا القياس ما ركب من
... قضية بها العناد يقترن
فإن تعاندا بين صدق وكذب
... فهي الحقيقة إذا ما تنتسب
فإن يكن في الصدق وحده فذى
... مانعة الجمع دعوها فاحتذي
وإن يكن في كذب فهذه
... مانعه الخلو سموها به
فاستثن في الأول عينا ينتج
... نقيض غيره وعكس منتج
والثان كالأول دون عكس
... والعكس للثالث دون لبس
-
فصل : ومهما لم يقم دليل
... على قضية وذا تكميل
أبطل نقيضها ومنه تستدل
... على ثبوتها كذا العكس استقل
فحيثما كذب شيء يصدق
... نقيضه والعكس أيضا حققوا
إن يك محكوم عليه يتحد
... في ذا وذا والحكم مثله وجد(1/7)
القول في ثلاثة الأحوال
... الوضع والحمل والاستعمال
فالوضع أن يدل باللفظ على
... معنى وقسمين استقر أولا
فغير مسبوق يسمى المرتجل
... وغيره المنقول إن كان انتقل
دون علاقة وإن كانت له
... علاقة فذا المجاز حله
وقصدنا باللفظ قصد الوضع
... يدعى بالاستعمال عند الجمع
بحيث ما كان من الحالات
... واختلفوا في مبدإ اللغات
والقول بالتوقيف في البعض نقل
... وكل ما قد قيل فيه محتمل
وسم بالحمل اعتقاد السامع
... في قصد مستعمل لفظ واقع
مع كونه أصاب ما أراده
... أو لم يوافق قصده اعتقاده
-
فصل : وفي وجود لفظ المشترك
... في معنيين الخلف باد مشترك
واللفظ ذو المجاز والحقيقة
... قد اقتفى ي حكمه طريقه
وحكمه توقف إن وردا
... من كل ما يوضحه مجردا
وقد أجاز الشافعي حمله
... على معانيه وقوى نقله
أما الذي تعضده قرينه
... فتقتفي سبيلها المبينه
-
القول في المجاز والحقيقه
... على اصطلاح واضعي الطريقه
حقيقة سمى الذي استعمل في
... معناه والعكس والمجاز يقتضي
لكن بشرط أن ترى بينهما
... علاقة وذكر ذا تقدما
كلاهما قسم للعرفي
... واللغوي الأصل والشرعي
لكن بالاستعمال قد ينعكس
... حالهما عند الذي يلتمس
ثم المجاز أضرب محصوره
... من جهة العلاقة المذكوره
أولها المجاز بالتشبيه
... أو باستعارة لقصد فيه
أو باسم كل جيء للبعض به
... أو عكسه وليس بالمشتبه
أو بمجاور يسمى باسم ما
... جاوره وذاك حكم علما
كذاك إن سمى باسم للسبب
... مسبب والعكس غير مجتنب
وما يسمى باسم ما يستقبل
... أو ما مضى والوصف ذاك يعدل
والنقص في الألفاظ كالزياده
... قد جاء بالمجاز في الإفاده
ومنه ما يكون في الأفراد
... ومنه في التركيب والإسناد
-
القول في العموم والخصوص
... والحكم فيهما على المنصوص
أما العموم فشمول اللفظ في
... مدلوله لكل فرد فاعرف
لفظ جميع بعض ما يدل
... عليه مثل اجمع وكل
والجمع مطلقا بلام وألف
... كذا أسمه إن كان فيه ما وصف
ومفرد عرف بالأداة(1/8)
... لكن إذا كانت لجنس تاتي
ومن وأي والذي وكل ما
... فرع منهما وكذا مهما وما
ثم متى تعم في الزمان
... كحيث ثم أين في المكان
وفي سياق النفي عمت نكره
... والخلف في الفعل به لن تنكره
وفي خطاب الناس في الأفهام
... يندرج العبيد في الأحكام
كذا الخطاب للرجال يشمل
... في حكمه النساء حيث يقبل
في غير ما قد خصه الدليل
... من الفريقين وذا تكميل
-
فصل : لديه يذكر الخصوص
... وحده وما به التخصيص
فحده إخراج بعض ما استقر
... في جهة العموم قبل أن تقر
ثم المخصصات منها متصل
... كالشرط والغاية غير منفصل
كذلك الوصف و الاستثناء
... حكم الجميع عندهم سواء
ثم سوى الوصف إذا ما يرد
... من بعد أشياء بذاك تقصد
فمالك على الجميع رده
... و ذو العراق للأخير وحده
ونوعها الثاني يسمى المنفصل
... لكنه على ضروب يشتمل
العقل والسنة والكتاب
... نصا ومفهوما بلا ارتياب
كذلك الحس وفعل الشارع
... وما أقره بلا منازع
ومثل ذا الإجماع عند الناس
... وإنما الخلاف في القياس
وكلها تخص الكتابا
... ومثله السنة بابا بابا
والعرف كالعادة لا يخصص
... وقيل : بل كلاهما مخصص
والخلف في العطف على ما خص أو
... عطف الذي خص عليه قد رووا
كمثل ما الراوي له قد خالفه
... فعمه و لا تكن مخالفه
وجائز تخصيص ما عم إلى
... بقاء واحد له فما علا
وجاز تخصيص العموم الواقع
... بالسبب المخصوص عند الشافعي
والأكثر التعميم قالوا قد وجب
... إن مستقلا قد أتى دون السبب
وإن أتى من غير ما استقلال
... فهو له تال بكل حال
ثم الذي خصص يبقى حجه
... من بعد ذا للمقتفين نهجه
وجائز تأخير ما قد خصصا
... كمثل يوصيكم بنحن خصصا
والجمع عند مالك أقله
... ثلاثة واثنان عنه نقله
و اللفظ في الخصوص والعموم
... في أربع يحصر بالتقسيم
إذ كل نوع منهما قد أطلقا
... إما لمثل أو لعكس مطلقا
-
القول في الحكم في الاستثناء
... من المخصصات للأشياء
وحده إخراج بعض يدخل(1/9)
... في الحكم بالأداة كيما يفصل
وهو من المنفي إثبات ومن
... نقيضه يكون نفيا فاستبن
والمقتضي دخول ما يستثنى
... علم وظن أو جواز أغنى
فالعلم مقتضيه في النصوص
... مما كعشرين على الخصوص
والظن يقتضيه في الظواهر
... وفي العمومات بغير حاجر
كما اقتضى الجواز في الزمان
... كذاك في الأحوال والمكان
-
فصل : و لا يجوز ما يستثنى
... من جملة جميعها في المعنى
وجلها يمنعه ابن الطيب
... وغيره فيه الجواز يجتبي
والوصل فيه لازم وما وصف
... عن ابن عباس ففي باب الحلف
-
فصل : والاستثناء إن تعددا
... ولم يكن في قصة منفردا
فالزوج راجع لحكم أصليه
... والفرد كالأول في محله
-
القول في المطلق والمقيد
... والحكم فيهما وفي المقيد
وسم بالمطلق كليا خلا
... من كل تعيين إذا ما استعملا
لذاك لا يكون إلا نكره
... إذ بالشياع قد غدت مشتهره
واكتف في الحكم عليه إن بدا
... بالفرد منه أي فرد وجدا
ثم الذي يدخله تعيين
... ولو بوجه كيفا يكون
من وصف أو شبه له مقيد
... فذاك قد سموه بالمقيد
وذان أمران إضافيان
... بمقتضى الإبهام والبيان
فرب مطلق بنسبه يرد
... مقيدا بنسبة واعكس تجد
فأحمل على الإطلاق مطلقا وجد
... دون مقيد له حيث يرد
واحمل على تقييده مقيدا
... ليس له من مطلق إن وردا
-
فصل : وقسم مطلقا في موضع
... مقيدا في آخر لأربع
ما أتفق الحكم لديه والسبب
... فها هنا الحمل على القيد وجب
وعكسه الإجماع فيه انعقدا
... في عدم الحمل على ما قيدا
والخلف في مختلف في السبب
... لا الحكم مثل عكسه في المذهب
والشافعي فيهما قيد ما
... أطلق والنعمان للمنع انتمى
-
القول في الظاهر و المؤول
... والنص مع مبين ومجمل
النص ما دل على معناه
... ثم أبى احتمال ما سوه
وإن يكن لمعنيين يحتمل
... فصاعدا فسمه بالمحتمل
وهو مع الراجح ظاهر وفي
... مقصود مرجوح مؤول قفي
وإن يكن في كل ما يحتمل
... على السواء فاسم ذاك المجمل
و ما لمعناه يرى تعينه(1/10)
... بالوضع أو ضميمة تبينه
فهو مبين بعكس المجمل
... ويشمل الظاهر والنص الجلي
ويحصل البيان في الأشياء
... بالقول والمفهوم والإيماء
والفعل والإقرار والتعليل
... والكتب والقياس والدليل
ثم الدليل عندهم بالنقل
... دليل حس ودليل عقل
-
فصل : و لا يجوز في البيان
... تأخيره عن حاجة الإنسان
وجائز فيه بلا ارتياب
... تأخيره عن زمن الخطاب
ومطلق التحريم أو ما حللا
... بنسبة الأعيان ليس مجملا
لأجل أن عرف الخطاب عينا
... في كل معنى حكمه وبينا
وقد أتى المجمل في الكتاب
... وفي الحديث دون ما ارتياب
-
القول في لحن الخطاب ثم في
... فحواه مع دليله حيث قفى
لحن الخطاب معمل للعلما
... من ليس للظاهر منهم انتمى
لأنه تقدير شيء قد حذف
... قام به المعنى وزال إذ عرف
-
فصل : وتنبيه الخطاب سم
... فحوى الخطاب عند أهل العلم
وسمي المفهوم ذا الموافقه
... إذ حكمه المنطوق فيه وافقه
يثبت للمسكوت عنه حكم ما
... نص عليه وهو الاولى منهما
وهو على ضربين تنبيه على
... ما قل بالأكثر أو عكس جلا
يلحقه بالنص جل الناس
... لذا ارتضاه منكر القياس
-
فصل : وما سماه من تقدما
... باسم الدليل في الخطاب وهو ما
يثبت للمسكوت عنه مطلقا
... نقيض حكم ما به قد نطقا
فإنه المفهوم ذو المخالفه
... و مالك حج به من خالفه
والشافعي مثله قال به
... فخالفا النعمان في مذهبه
وليس في المنطوق خلف يعلم
... بأنه حجة فيما يفهم
وإن جرى المفهوم مجرى الغالب
... فتستوي في منعه المذاهب
كذا إذا بولغ في الحكم فلا
... حكم لمفهوم وإن هو انجلى
-
فصل : وذا المفهوم في تسع ورد
... في الشرط والعلة ثم في العدد
والوصف والغاية والزمان
... ثم في الاستثناء والمكان
والحصر ثم الحصر بالأداة
... كأنما في حيز الإثبات
أو كجميع ما به يستثنى
... يقدمه نفي عليه يبنى
ومنه بالتقديم للمعمول
... أو خبر عند أولي التحصيل
والخلف للقاضي وللغزالي
... في الوصف منقول بلا إشكال(1/11)
وزيد للدقاق مفهوم اللقب
... وهو لما يلزم عنه مجتنب
-
القول في المقتضيات الوارد
... فيها تعارض على المقاصد
فإن تعارض احتمال قد رجح
... مع عكسه فالحكم للراجح صح
وذاك كالعموم والتقيد
... والنسخ والمجاز والتأكيد
أو ما كا لإستقلال والتأصيل
... والنقل والتضمين والتأويل
والحذف والترتيب والإفراد
... مع ما لكلها من الأضداد
فالأصل من كل على الفرع له
... مقدم فاعرف بذا محله
إلا إذا الدليل دلنا على
... إرادة المرجوح حين استعملا
فيحصل التقديم للمرجوح
... بما تبدى فيه من وضوح
-
فصل : وكل قدم الشرعيا
... إذ أتى يعارض العقليا
كذاك في العرف أيضا حكموا
... مع لغوي حكم عرف قدموا
وإن يقع ما بين مرجوحين
... تعارض حكمت في هذين
بمقتضى الأقرب حكما منهما
... متبعا سبيل ما قد رسما
فقدم التخصيص عن تعارضا
... على المجاز واطرح تعارضا
ثم على الإضمار ذين قدما
... كما على النقل الجميع قدما
وقدم النقل وما تقدمه
... على اشتراك ولتكن ملتزمه
وكل ما سمي قل به ولا
... تقل بنسخ ما وحدت محملا
وإن تعارض راجح المجاز
... حقيقة بالعكس لا تواز
فقدم النعمان للحقيقه
... مخالفا تلميذه طريقه
وقال فخر الدين بالتوقف
... إذ لم يجد لواحد من مصرف
-
القول في الأمر وفي أحكامه
... والحكم في النهي وفي أقسامه
والأمر للوجوب إن جرد من
... كل قرينة به قد تقترن
وقيل للندب وذا الأمر انتهى
... لغير مالك وجل العلما
واحمله مع وجودها فيه على
... ما تقتضيه واتخذه محملا
من نذب او وجوب او إباحه
... متبعا في ذالك اتضاحه
وجاء للتعجيز والتهديد
... وجاء كا لأخبار للتأكيد
وقيل نهي عن جميع ضده
... وفي الأصح ليس ذا من قصده
والحق في اقتضائه الفور وفي
... هل يقتضي التكرار أو لا فاعرف
وبعضهم من بعد نسخ يستدل
... به على الجواز والمنع نقل
وكونه يدل في المأمور
... به على الأجزاء للجمهور
والنهى للتحريم يأتي دونما
... قرينة فيه لجل العلما
وقال للكراهة الأقل(1/12)
... وإن أتت قرينة تدل
فهو على ما تقضيه يحمل
... تحريما او كراهة لا يعدل
والنهي يقتضي فساد ما وقع
... النهي عنه مطلقا حيث يقع
وخالف القاضي لذي الفريق
... وقال فخر الدين بالتفريق
ففي العبادات كأهل المذهب
... وفي المعاملات كأبن الطيب
ويقتضي الفور مع التكرار
... على الأصح فيه والمختار
وهو في الاقتضاء للأمر بضد
... لما مضى في الأمر قبل يستند
-
القول في تفسير معنى أحرف
... كثيرة الوقوع والتصرف
الباء للإلصاق أو ظرفيه
... ولاستعانة و تعليليه
وللتعدي واصطحاب وقسم
... وربما زيدت وذا قد يلتزم
و توجد اللام على الإطلاق
... للاختصاص أو للاستحقاق
والملك والتأكيد والتعليل
... والأمر والدعاء للتفصيل
ومن لتبعيض وللبيان
... ولابتداء غاية المكان
وقد تزاد ثم للظرفيه
... أو سببية بغير مريه
حتى لغاية بحيث ما تقع
... ولانتهائها إلى أو مثل مع
والكاف للتشبيه والتعليل
... أما مع التشديد للتفصيل
والواو منها حرف عطف ارتسم
... من غير ترتيب وواو للقسم
وواو رب ثم واو الحال
... ثم التي تنصب للأفعال
والفاء للعطف مع التعقيب
... كذا أتت للربط والتسبيب
وتنصيب الفعل لأمر قبله
... وثم للترتيب ثم المهمله
لكن ولكن للاستدراك
... للنهي لا والنفي باشتراك
وقد ترى زائدة وعاطفه
... وعطفها يحكم بالمخالفه
إما لتخير لدى الأعلام
... أو شك أو تنويع أو إيهام
وزد لأو مع ما لإما ذكرا
... إباحة ومثل واو قد ترى
وأن لتفسير ومصدريه
... كذاك إن للنفي أو شرطيه
كلتاهما زائدة مؤكده
... وذات تخفيف من المشدده
كذاك إن حالة التشديد
... بالفتح أو بالكسر للتأكيد
لما على نوعين إما نافيه
... إما وجوب لوجوب آتيه
لولا لتحضيض وعرض وضعت
... ولامتناع لوجود وقعت
ألا للاستفتاح تأتي فيه
... والعرض والتخضيض والتنبيه
لو لامتناع لامتناع قد أتت
... وفي التمني حكمها أيضا ثبت
-
القول في تنوع الأحكام
... وذكر مالها من الأقسام
لخمسة قسمت الأحكام(1/13)
... فواجب قابله الحرام
وقوبل المكروه بالمندوب
... ثم المباح خامس الترتيب
ما طلب الشرع بجزم فعله
... فذاك الواجب فاعرف فضله
وإن يكن بغير جزم يطلبه
... فذاك ما الندب غدا يستصحبه
وإن يكن يطلب ترك الفعل
... جزما فذا الحرام عند الكل
وإن يكن يطلب تركا دون ما
... ورد إذن فيه للشرع انتمى
-
القول في أسماء ذا الأقسام
... ومالها في الشرع من أحكام
وسم باللازم والمكتوب
... والفرض والمفروض ذا الوجوب
والفرق للنعمان بين الواجب
... والفرض منقول لدى المذاهب
فالواجب الثابت عن ظني
... لديه والفرض عن القطعي
وانقسم الفرض إلى قسمين
... فرض كفاية وفرض عين
فما على كل مكلف يجب
... ففرض عين كالصلاة قد كتب
والثان من وفاه في العباد
... يسقط عن سواه كالجهاد
وإن رأى جميعهم إهماله
... فكلهم باء بإثم ناله
-
فصل : ومن أقسامه المخير
... وعكسه مرتب سيذكر
مثاله كفارة اليمين
... فالفرض واحد بلا تعيين
وقيل : إن فعله يعينه
... ثم المرتب الذي يبينه
ما ليس تجزي خصلة مؤخره
... وهو على ما قبلها ذو مقدره
ومثله كفارة الظهار
... الحكم بالترتيب فيه جار
ومنه ما زمانه موسع
... وهو الذي أكثر منه يسع
منه بطول العمر كالحج وقد
... يكون محدودا بوقت وأمد
ثم بكل الوقت في القدر
... تعلق الوجوب عند الأكثر
وقيل : بل يجزئه والفعل
... منه على التعيين يستدل
وتابعوا النعمان فيما حققوا
... بآخر الوقت الوجوب علقوا
والمنتهى للشافعي علقه
... بأول الوقت فكن محققه
وسمي المندوب بالتطوع
... وهو مراتب لدى التنوع
فضيلة وسنة ونافله
... وكلها الخيرات فيها حاصله
وهو على قسمين ما للعين
... مثل صلاة الوتر والعيدين
وربما يكون كالأذان
... كفاية ليست على الأعيان
والأفضل السنة ثم المستحب
... وهو فضيلة بقول من أحب
-
فصل : وللحرام أسماء أخر
... منها الحرام الذي قد أشتهر
والذنب والممنوع ثم المعصيه
... والإثم والمحظور ثم السَّيَّيَهْ
وربما سمى مكروها لدى(1/14)
... بعضهم والمنع فيه قصدا
وقسم الحرام للكبائر
... كالقتل والزور والصغائر
وقد ترى كراهة المكروه
... غليظة وقد تخف فيه
ثم المباح عند الاستعمال
... سمي بالجائز والحلال
وربما قد عينوا المباحا
... بمثل لا بأس و لا جناحا
وهو إلى سواه قد ينتقل
... مع اعتبار ما به يتصل
-
القول في الشروط في التكليف
... وحكمها بأحسن التعريف
ويحصل التكليف للأنام
... بالعقل والبلوغ والإسلام
ثم حصول الذهن حال الفرض
... ودعوة تبلغ من في الأرض
وظاهر المذهب منه استنبطا
... في عدم الإكراه أن يشترطا
ولا اعتراض بالزكاة توجب
... في مال غير بالغ وتطلب
ولا بما أتلف إذ وليه
... مخاطب بذاك أو وصيه
ولا اختلاف في أولي الكفران
... أنهم مخاطبون بالإيمان
وإنما الخلاف ذو وقوع
... هل هم مخاطبون بالفروع
والاتفاق أنها لا تقبل
... إلا إذا الإيمان منهم يحصل
-
القول في الأوصاف للعباده
... وذكر ما فيها من الإفادة
من وصفها الصحة والأداء
... عكسهما الفساد والقضاء
وبعدها الرخصة والعزيمة
... والكل تبدي بعد ذا تقسيمه
إن وقعت عبادة وقد مضى
... وقت معين لها فهو القضا
وما يكون موقعا منها لدى
... وقت معين له فهو الأدا
وقال بعض الناس أوجب القضا
... أمر مجرد وقيل ما مضى
وبالأداء والقضاء يوصف
... بعض العبادات وذاك الأعرف
وبعضها يوصف بالأداء
... على انفراده من القضاء
وبعضها يعرى عن اتصاف
... بذا وهذا دونما اختلاف
والحد للصحة عند من مضى
... ما وافق الأمر أو اسقط القضا
وهي من الإجزاء عندهم أعم
... إذ هو وصف في الوجوب يلتزم
ويدخل الفساد في العباده
... فيقتضي دخوله الإعاده
وهو متى يدخل في العقود
... فحكمه الإخلال بالمقصود
وسم بالرخصة ما اقتضى السبب
... من فعل ممنوع وترك ما وجب
وبعضها قد يبلغ الوجوبا
... وبعضها الجائز والمندوبا
وفعل او ترك إذا ما لزما
... عزيمة سمي عند العلما
-
القول في التحسين والتقبيح
... والحكم فيهما على الصحيح(1/15)
والحسن والقبح إذا ما حققا
... على ثلاثة لديهم أطلقا
فأول ما الحسن بالموافقه
... للطبع ثم القبح ما لا وافقه
والثان ما جاء في الاستعمال
... بنسبة النقص أو الكمال
و ذان لا افتقار فيهما لأن
... يبين الشرع القبيح والحسن
وإن يكن ما مدح الله الحسن
... وما عليه بالثواب منه من
وضده القبيح ما قد ذمه
... واستوجب العقاب من قد أمه
فها هنا الخلاف كل فعله
... للأشعريين وللمعتزله
فالأشعريون يقولون بأن
... ليس بغير الشرع يعرف الحسن
أو ضده إذ ليس حكم يثبت
... قبل ورود الشرع وهو الأثبت
والحسن والقبح لدى المعتزله
... العقل قبل الشرع كان حصله
إما ضرورة وإما بالنظر
... ولم يصل فيه لمعنى معتبر
فالأولان الشرع فيهما أتى
... مؤكدا ما بالعقول أثبتا
والثالث الشرع به أظهر ما
... لم يصل العقل إليه منهما
والأبهيري قائل بالمنع
... في جملة الأشياء قبل الشرع
وقال بل مباحة أبو الفرج
... ومن له توقف فلا حرج
-
القول فيما توقف الأحكام
... عليه وهو عندهم أقسام
الشرط والمانع ثمت السبب
... في كل اعتباره مما وجب
فالسبب اللازم منه إن وجد
... أن يوجد الحكم وإن يفقد فقد
والشرط ما اللازم فيه إن عدم
... أن يعدم الحكم الذي به التزم
وليس لازما به إن وجدا
... أن يعدم للحكم و لا أن يوجدا
وعكسه المانع مهما وقعا
... فلازم للحكم أن يرتفعا
و ما بلازم له إن عدما
... أن يوجد الحكم و لا أن يعدما
ثم من الأسباب للمكلف
... ما هو مقدور له و منتف
ورب شىء مانع شرط سبب
... لكن مع اختلاف ماله انتسب
و ما بدا في صورة من ذالك
... فلا يكون غيرها هنالك
-
فصل : وتكميل عميم المنفعه
... وهو الشروط قسمت لأربعة
شرعية كالطهر للصلاة
... عادية كالأكل للحياه
عقلية فيما اقتضت من حكم
... مثالها الحياة شرط العلم
لفظية شرط الأداة إن وما
... ضمن معناها ومالها انتمى
فإن لمشكوك عليه تدخل
... ولو لماض ليس عنه تعدل
ثم إذا وهي على المعلوم(1/16)
... تدخل والمشكوك في التقسيم
وذا الذي يجعله القرافي
... كالسبب المقرر الأوصاف
والحق فيه أنه كغيره
... يسير فيما يقتضي كسيره
وفي التزام الشرط ممن قد وجب
... حصول مشروط به وهو السبب
-
القول في تنوع الحقوق
... بنسبة الخالق والمخلوق
وجملة الحقوق إذ تعين
... ثلاثة أقسامها تبين
فخالص لله كالصلاه
... والحج والصيام والزكاه
والثان ما يختص بالعبد فقط
... كالدين إن اسقط العبد سقط
وثالث كمثل حد القذف
... فذا الذي فيه أتوا بالخلف
فقيل حق الله فيه يغلب
... وقيل حق العبد فيه أغلب
-
القول في وسائل المقاصد
... والحكم في أنواعها للقاصد
موارد الأحكام إما مقصد
... وهو الذي لا لسواه يقصد
إما وسيلة له توصل
... وحكمها عن حكمه لا يعدل
في الندب والوجوب والحرام
... وغيرها من سائر الأحكام
وحيث يسقط اعتبار المقصد
... فليسقط اعتبارها وليفقد
-
القول في الجائز للمكلف
... في سائر الأعيان من تصرف
أوله إنشاء ملك بادي
... في غير مملوك كالاصطياد
ثانيه نقل ملك شيء قد ملك
... من ذمة لغيرها به سلك
مع عوض كالبيع أو دون عوض
... في هبة ومثلها إذا عرض
وثالث إسقاطه لحق
... من غير تعويض كمثل العتق
أو مع تعويض حر بالنفع
... كالعفو بالمال ومثل الخلع
الرابع القبض بإذن الشارع
... أو إذن غيره كمثل البائع
الخامس الإقباض وهو قد يرى
... بالفعل كالدفع لشخص ما اشترى
أو نية كالقبض والإقباض من
... أب لمن في الحجر منه مرتهن
وسادس ما التزم الإنسان
... مثاله النذور والضمان
والسابع الخلط كمثل الشركه
... على اختلافها لقصد البركه
والاختصاص عندهم بالمنفعه
... ثامن قسم مثل الارض المقطعه
وتاسع منها بالاذن الواقع
... إما في الاعيان أو المنافع
والعاشر الإتلاف وهو ينقسم
... إلى ثلاثة جميعها علم
إما لإصلاح جسوم الناس
... كالأكل و الذكاة واللباس
إما لدفع الشر والضراء
... كقتل ما يؤذي من الأشياء
إما لحق الله مثل كسر
... صليب إذ مثل أهل الكفر(1/17)
ختام ما قدم من أقسام
... الزجر والتأديب بالأحكام
وهو يرى إما مع التقدير
... أو دونه كالحد والتعزير
-
القول في الأدلة الشرعيه
... وأولا في ذكرها جمليه
وذلك النص والاستنباط
... ونقل مذهب به يناط
فالنص في السنة والكتاب
... وحكمه يذكر في أبواب
والنقل في للمذهب في الإجماع
... وهو أتى مختلف الأنواع
كذاك الاستنباط ذو أجناس
... كمثل الاستدلال والقياس
وينتهي تنوع الدليل
... لنحو عشرين على التفصيل
وبعضها مستند إليه
... وبعضها لم يتفق عليه
وكلها نذكره مفصلا
... حتى يعود حكمها محصلا
-
فصل وإن الأصل في الأدله
... هو الكتاب عند أهل المله
نعني به القران وهو المكتتب
... في المصحف الذي اتباعه وجب
لأنه محقق لدينا
... بنقله تواتر إلينا
بالسبعة المقارىء المشهوره
... أو ما يضاهيها من المأثور
كالمقرىء المروي والمنسوب
... لابن محيصن وعن يعقوب
والشرط عنهم في جميع الأحرف
... صحة نقل ووفاق المصحف
ولغة العرب وهب ذاك على
... بعض الوجوه واللغات حصلا
وما على خلاف هذا قد وجد
... فبالشروط ينتمي حيث يرد
لكنه يدعى قراءة ولا
... تقرأ به القران مهما نقلا
وقيل لا احتجاج عند مالك
... به على شيء من المدارك
والظاهر اعتداده ببابه
... لنقله إياه في كتابه
وهو لدى النعمان في مذهبه
... كخبر الآحاد يحتج به
وقد أتى المجاز في القران
... كغيره من سائر المعاني
جزما على نهج كلام العرب
... إذ قد أتانا بلسان عربي
كما أتى معرب اللغات
... فيه كالاستبرق والمشكاة
-
فصل وحصر سنة المختار
... في القول والفعل وفي الإقرار
قول رسول الله كالقران
... لمن به يحتج في المعاني
وفعله إن كان في العادات
... دل على الجواز والثبات
ويحسن اتباعه فيه لنا
... كيفية أو صفة أو زمنا
وإن يكن في القربات ما فعل
... فهو على ثلاثة قد اشتمل
ففعله لغيره مبينا
... الحكم فيه حكم ما قد بينا
وفعله ممتثلا لأمر
... الحكم فيه حكم ذاك الأمر
وفعله مبتدئا دون سبب(1/18)
... قيل على الندب وقيل بل وجب
والحكم في حق الرسول إن ثبت
... فمثبت لأمة له ائتست
إلا إذا ما دلنا الدليل
... بأنه اختص به الرسول
-
فرع وبالفعل الذي قد يفعل
... جميع أنواع البيان يحصل
من نسخ او تأويل او تخصيص
... أو من بيان مجمل منصوص
وإن يعارض قوله ما فعلا
... فالخلف في الترجيح عنهم نقلا
وراجح على الأصح القول
... لأجل أن صيغته تدل
وذا إذا ما جهل التاريخ
... وأول مع علمه منسوخ
وثالث جاء به التفصيل
... هو الذي أقره الرسول
وذاك أن يسمع شيئا أو يرى
... فعلا فلم يكن لذاك منكرا
فإنه مع عدم الموانع
... يدلنا على جواز الواقع
وكل ما في عصره قد فعلا
... من غير أن ينكره قد فصلا
إن كان في العادة مما يخفى
... عليه لا حجة فيه تلفى
وإن يكن ليس له خفاء
... فذا وما أقره سواء
واختلفوا هل شرع من تقدما
... شرع لنا في غير ما قد أحكما
ثالثها ما شرع الخليل
... شرع لنا وفرقه نبيل
-
القول في تبين حكم الخبر
... نقلا وإلقاء وحكم المخبر
والنقل للأخبار عند الاسناد
... نقل تواتر ونقل آحاد
فالخبر الذي له إشاعة
... وهو الذي تنقله جماعه
محال ان تواطؤوا على الكذب
... ذاك تواتر إليه ينتسب
والخلف في عدتهم قد اشتهر
... فقيل سبعون وقيل اثنا عشر
وقيل أدنى مقتض مئينا
... وبعضهم حد بأربعينا
وقال فخر الدين ترك الحصر
... بعدة أولى بهذا الأمر
ومذهب الجمهور أن الاربعه
... خارجة عنه فكن متبعه
والعلم حاصل من التواتر
... لكن بشرطين لدى المعتبر
أن تستوي في كثرنا قليه
... واسطة مع طرفيه فيه
والثان أن يكون مسندا لما
... بالحس لا من نظر قد علما
والعلم أيضا حاصل بالخبر
... من طرف ليست من التواتر
وهي إذا ما المخبر عنه بالخبر
... نعلمه ضرورة أو بالنظر
و هو كذاك بين الحصول
... من خبر الله أو الرسول
وواضح حصوله من خبر
... مجموع الامة التزاما فانظر
كذاك من قرائن الأحوال
... عند أبي المعال و الغزالي
ونقل عدلين لدى ابن حزم(1/19)
... فيما يره موجب للعلم
-
فصل وأما خبر الاحاد
... فالعلم منه غير مستفاد
لكن يفيد الظن في الأمور
... و هو بنقل واحد مشهور
أو نقل جمع لم ينالوا في الورى
... حد التواتر الذي قد قررا
و هو مع الشروط فيه حجه
... عند أولي العلم فأتبع نهجه
-
فصل ومنها أن يكون الداع
... مميزا في حالة السماع
وهبه غير بالغ وحينا
... يحدث التميز لا يكفينا
بل شرطه البلوغ لا محاله
... والعقل والإسلام والعداله
والعدل من يجتنب الكبائر
... مع التوقي بعد للصغائر
وكل ما يقدح في المروءه
... من المباحات سوى الممنوعه
ثم بالاختبار أو بالتزكيه
... عدالة تثبت فيه مغنيه
ويحصل التجريح والتعديل
... بواحد ومنعه منقول
و ما روى فاسق او مجهول
... في حالة ليس له قبول
والخلف في رواية المبتدع
... في الرد والقبول مما قد وعي
وكل واحد من اصحاب النبي
... عدل لما يه من الفضل حبي
ومن شروطه التي فيه تجب
... أن لا يكون النقل بين الكذب
بكونه مخالفا لما علم
... ضرورة أو بتواتر حتم
أو بدليل قاطع أو شأنه
... تواتر فلم يقم برهانه
ثم من الشروط عند مالك
... الفقه في الراوي لدى المدارك
-
فصل و لا يقدح في الروايه
... عند أولي التحقيق والدرايه
ما كان من تساهل الناقل في
... شيء سوى علم الحديث فاعرف
و لا خلاف أكثر الناس له
... فيما رواه وأجاد نقله
و لا جهالة اللسان العربي
... أو كون ما يروي خلاف المذهب
ثم الروايات ضروب جمله
... أرفعها السماع من شيخ له
ثم تلي قراءة عليه
... ثم سماع قارىء لديه
ثم تناول به قد واجهه
... ثم إجازة له مشافهه
وبعدها إجازة الكتابه
... فهذه مراتب الروايه
ثم للفظ الناقل الصحابي
... ست مراتب بلا ارتياب
أولها حيث يرى يقول
... حدثني أخبرني الرسول
ومثل ذا سمعته وقال لي
... فالكل نص في تلقيه جلي
ثم يليه من يقول أخبرا
... أو قال أو حدث سيد الورى
و مثل هذا بلا اشتباه
... حيث يقول عن رسول الله
وكلها على التلقي تحمل(1/20)
... فهي به ظاهر إذ تنقل
وبعدها من قال في نقل الخبر
... نهى رسول الله عن ذا او أمر
فهذه فيها احتمال هل سمع
... ذاك من الرسول ليس يمتنع
رابعة ما يرفع التعيينا
... مثل أمرنا قبل أو نهينا
إذ احتمال فيه ثان ظاهر
... هل الرسول أو سواه الآمر
إلا إذا يروى عن الصديق
... فيحصل التعيين للتفريق
إذ ليس مأمور لمن قد سلفا
... غير النبي الهاشمي المصطفى
ثم تلي خامسة و هي إذا
... ما قيل والسنة عندنا كذا
فالقصد سنة الرسول حيث ما
... أطلق هذا اللفظ عند العلما
وبعدها إن قيل كنا نفعل
... فذا سوى عصر الرسول يقبل
ولفظ من ليس صحابيا على
... مراتب ندهم قد جعلا
حدثني سمعت أو أخبرني
... مرتبة أولى لأمر بين
و هو إذا ما قال حيث ينقل
... قال رسول الله فهو المرسل
ومالك يجعله كالنعمان
... لا الشافعي حجة مهما كان
ثانية قول نعم لمن حضر
... فاستفهموه أسمعت ذا الخبر
ثالثة إعلام من عنه يعي
... إشارة برأسه أو إصبع
رابعة أن يقرأ القاري فلا
... ينكر مقروء عليه ما تلا
ثم الحديث نقله بالمعنى
... الخلف فيه والجواز أدنى
واشترط المجيز أن لا يلغى
... وقد أتى بما يكون أخفى
و لا يرى يزيد في المعنى و لا
... ينقص منه عندما قد نقلا
-
القول في الناسخ وفي المنسوخ
... والناسخ المعلوم بالتاريخ
النسخ رفع الحكم بعدما أقر
... في سنة وفي كتاب يستقر
وغير هذين كما لا ينسخ
... كذاك لا ينسخ حين يرسخ
و إنما يكون في الأحكام
... أو خبر يأتي بحكم سام
و النسخ جائز لدينا عقلا
... وواقع شرعا وآت نقلا
وإنما أنكره اليهود
... وقولهم بشرعهم مردود
و ليس لازما به ما ألزموا
... من البداء بئس ما قد زعموا
إذ البداء رفع حكم يقع
... لم يسبق العلم بأن سيرفع
وينسخ القران بالقران
... دون خلاف بين أهل الشان
لكن أقوال الخلاف اشتهرت
... في نسخه بسنة تواترت
ومنع نسخه بنقل الآحاد
... عند سوى الباجي أمر معتاد
ومن أولي الظاهر من قد وافقه
... وغيرهم ليس له موافقه(1/21)
وتنسخ السنة بالكتاب
... وما تواترت بلا ارتياب
وتنسخ الآحاد بالآحاد
... و ذو تواتر بخلف باد
والنسخ في القران في الحكم وفي
... تلاوة وفيهما معا قفي
ويعرف النسخ من النص على
... ثبوت ضر أو نقيض حصلا
كذاك من نص على الرفع و من
... علم بإجماع عليه فاستبن
و ناسخ من شرطه تأخيره
... و عكسه بعكسه تقريره
و يعرف التأخير بالنص على
... ذاك و بالوقتين علما حصلا
ونقل منقول إلى المغاير
... قبل رواية الحديث الآخر
و النسخ بالأخف أو بالأثقل
... والمثل جائز ودون البدل
وحاصل من جملة المنصوص
... الفرق بين النسخ والتخصيص
-
القول في حقيقة الإجماع
... وذكر ما فيه من الأنواع
إجماع الأمة اتفاق العلما
... لكن على حكم إلى الشرع انتمى
و هو لديهم حجة معتبرة
... أحكامها عندهم مقرره
و لا اعتبار بخلاف خارجي
... ورافض عن الصواب خارج
و مالك أجاز أن ينعقدا
... عن الدليل أو قياس قد بدا
و عن أمارة لديده يحصل
... و هو إذا ما كان يوما ينقل
عن خبر الآحاد فالخلف انجلى
... فقيل فيه حجة وقيل لا
-
فائدة وأهل كل عصر
... إجماعهم كمثله في الأمر
وغير مشروط جميع الأمه
... إلى النشور لانتفاء الحكمه
ولا انقضاء العصر مما يشترط
... و قال قوم إن ذاك مشترط
وغير إجماع الصحابه التزم
... داوود أن ليس بحجة يؤم
وجائز حصول الاتفاق
... بعد اختلاف كان و افتراق
في العصر الواحد أو في الثاني
... و حيتما قد وجدت قولان
لأهل عصر أول في حكم
... فلا يجوز عند أهل العلم
إحدات قول ثالث إلا لدى
... من كان بالظاهر منهم اقتدى
و ليس إجماع اللفيف في البشر
... عند سوى القاضي بشيء يعتبر
و اعتبروا في كل فن وجدا
... إجماع أهله سوى من قلدا
وحكم بعض الناس مع سكوت
... باقيهم سمي بالسكوتي
وقيل فيه حجة لا إجماع
... وقول من سماه إجماع شاع
وعند مالك وأهل المذهب
... معتبر أجماع أهل يثرب
مقدم عندهم على الخبر
... وخلف غيرهم لهم فيه اشتهر
و اتفق الجميع في التصريح(1/22)
... بأنه من أوجه الترجيح
و مثله إجماع أهل الكوفه
... عند أولي مذاهب معروفه
لأجل أن حل بها كثير
... من الصحاب قدرهم خطير
و عد قوم حجة معتبره
... إجماع أصحاب الرسول العشره
لفضلهم و حجة متبعه
... قد عد قول الخلفاء الأربعه
-
فصل وأما القول للصحابي
... دون مخالف له أو آبي
فإن يكن في عصرهم منتشرا
... فهو كالاجماع السكوتي يرى
و إن يكن لم ينتشر فذلك
... من جملة الحجة عند مالك
و الخلف فيه عندهم للشافعي
... و ما أتى من الخلاف الواقع
بين الصحابة الكرام الجله
... يجعل من تعارض الأدله
و يدخل الترجيح حيثما ورد
... بينهما إما بكثرة العدد
إما بأن وافق بعض الخلفا
... عليه هبه واحدا فقد كفى
و واجب إن استوى القولان
... رجوعنا إلى دليل ثاني
-
القول في التبيين للقياس
... مع ما به يلحق من أجناس
والأخذ بالقياس أمر معتبر
... و هو محال الاجتهاد و النظر
إذ نازلات الحكم ليست تنحصر
... والنص والإجماع شيء منحصر
فاضطر للإثبات بالقياس
... و لم يخالف حكمه في الناس
سوى أولي الظاهر إذ غيرهم
... هو لديهم حجة تسلم
لكنه ينظر فيه آخرا
... إن لم ير الحكم سواه ظاهرا
وحده إثبات حكم واقع
... في غير ذي حكم لأمر جامع
فغير ذي الحكم يسمى فرعا
... و ماله حكم فأصلا يدعى
يدخل في الأحكام لا الأسباب
... والقصد حكم الشرع في ذا الباب
و في المقدرات كالكفاره
... لكن أبو حنيفة ما اختاره
و لا قياس عندهم على الرخص
... والشافعي بجوازه يخص
شروطه محصورة ثمانيه
... في الأصل والفرع وحكم آتيه
و اشتراطوا في الأصل أن ليس يرى
... يخرج عن باب القياس آخرا
بكونه من التعبدات
... كعدة الركعات في الصلاه
أو كونه يختص بالرسول
... حسبما قد جاء في المنقول
و لا يكون الأصل فرع أصل
... سواه والخلف هنا في النقل
و اشترطوا في فرعه مخصوصا
... أن لا يكون حكمه منصوصا
وأن يكون فيه ما في أصله
... من وصفه الجامع في محله
و اشترطوا في حكم الاصل أن يرى(1/23)
... منتسبا للشرع حيث قررا
له ثبوت عن دليل شرعي
... و لم يقرر نسخه في الشرع
فيه اتفاق لجميع العلما
... أو للذين في سواه اختصما
-
فصل و تقسيم القياس ينتهي
... إلى قياس علة وشبه
وبعضهم قد زاد ذا المناسبه
... وحكم ذا يذكر حيث ناسبه
فالأول الذي به الحكم وجب
... من وصفه الجامع إذ هو السبب
و هو لدى من بالقياس قالا
... بلا خلاف حجة توالى
و الثاني ما يكون فيه الجامع
... ليس بعلة بحكم واقع
بل هو وصف عندما تلفيه
... يشترك الفرع والاصل فيه
ومنع الاحتجاج في ذا مذهب
... لضعفه و كونه ينقلب
ثم القياس منه ما هو خفي
... ومنه ظاهر لكل منصف
وهو على مراتب أولاها
... و هو الذي نجعله أعلاها
وهو يرى المسكوت عنه مطلقا
... أولى بحكم ما به قد نطقا
وبعده ما ماثل المنطوق به
... في حكمه المسكوت عنه فانتبه
وقال في هذين بعض الناس
... إذ وضحا ليسا من القياس
فحكم ما يسكت عنه يفهم
... من غير فكر فيهما ويعلم
ثم يلي ذين قياس العله
... وهو الذي بينت قبل أصله
و بعد القياس ذو المناسبه
... وخامس ذو شبه قد ناسبه
ثم الثلاثة التفاوت انجلى
... فيها بنسبة الخفاء و الجلا
والعلم بالعلة مما يحصل
... بجملة من الأمور تنقل
وبعضها أقوى بلا التباس
... وذا به تفاوت القياس
الأول النص عليها إن وجد
... وغيره ينوب عنه إن فقد
و بعد الإيماء في الكلام
... بالفاء أو الباء أو باللام
أو إن للعلة حيثما أتى
... و ثالث ترتيب حكم ثبتا
فيه على الوصف ورابع يرى
... حكم يدور مع وصف ذكرا
كذاك الاجماع عليها خامس
... والسبر والتقسيم أمر سادس
ثمت تنقيح المناط سابع
... والعلم بالعة منه شائع
و هي مع المناط شيء واحد
... ليس لها عليه معنى زائد
-
فصل وتنقيح المناط أن يرى
... تعيينها من بعض ما قد ذكرا
وإن يكن تعيينها في موضع
... من غير مذكور فتخريج دعي
وحيثما التعيين فيها اتفقا
... عليه تحقيق المناط أطلقا
-
فصل وللقياس مفسدات
... و تسعة عددها الرواة(1/24)
فينقض الخصم على من ناظره
... قياسه بالبعض في المناظره
أولها إن خالف القياس
... نصا أو اجماعا فلا يقاس
فإن يكن يخالف العموم من
... سنة أو من الكتاب لم يشن
إذ ربما خصص بالقياس
... ما عم بالخلف لبعض ناس
والثان ما من القياس قد عدم
... ثبوت وصف جامع به حكم
والعكس أيضا مفسد إن حله
... وهو وجود الحكم دون العله
وقدحه مع التزام الخصم
... بكونها واحدة في الحكم
وليس بالقادح مهما اتفقا
... بأن للحكم سواها مطلقا
والخلف في النقض لأهل العلم
... و هو وجود الوصف دون الحكم
والقلب منها عددوه خامسا
... و الفرق أيضا قد دعوه سادسا
فالقلب إثبات نقيض الحكم
... بعلة بعينها للخصم
و الفرق الابداء لمعنى معتبر
... مناسب للحكم عند ذي النظر
يوجد في الأصل وليس يوجد
... في الفرع أو بالعكس من ذا يرد
فإن يكن غير مناسب فلا
... يقدح في القياس مهما نقلا
وسائغ مهما تكون العله
... قاصرة لا تتعدى أصله
والثامن النقض لشرط عد في
... شروطه المقدرات فاعرف
والقول بالموجب وهو التاسع
... تسليمك الدليل للمنازع
في غير موضع النزاع جمله
... و قدحه في جملة الأدله
-
فصل والاستدلال في ذا العلم
... أخذ دليل موصل للحكم
وهو على ضربين أما الأول
... فهو على نوعين فيما ينقل
دلالة اللازم في الحكم على
... ملزومه أو عكسه قد انجلى
وسم بالملزوم ما لو تحسن
... فيه ولازم بلازم بين
كلاهما له وجود وعدم
... و منتج الأقسام شطر ما التزم
وجود ملزوم يدلنا على
... وجود لازم له قد حصلا
كذاك لازم إذا ما عدما
... يعدم ملزوم له قد لزما
وثالث اللفظ هو المعدوم
... والعكس موجود وذا معلوم
إذ شأن لو شرطية حيث أتت
... إثبات ما ينفي ونفي ما ثبت
والثاني من ضربي الاستدلال
... السبر والتقسيم في أحوال
و ذاك حصر الحكم في أشياء
... تذكر إثباتا أو انتفاء
حتى يرى المطلوب منه يحصل
... في حالة أو في الجميع يبطل
ثم كلا الضربين حجة يرى
... و قد مضى حكمهما مقررا
-(1/25)
فصل والاستصحاب حيثما ورد
... فحجة للأكثرين تعتمد
وذاك أن يقال الاصل الآنا
... إبقاء ما كان على ما كان
حتى يدلنا الدليل المرتضى
... على خلاف الحكم فهو ما اقتضى
ومثله البراءة الأصليه
... في أن رأوها حجة شرعيه
وهي البقا على انتفاء الحكم
... حتى يدلنا دليل حكمي
والأصفهاني كذاك الأبهري
... خالف في المذهب قول الأكثر
والأخذ بالأخص قول الشافعي
... إن كان موجود بغير مانع
-
فصل والاستقراء في مواقعه
... تتبع للحكم في مواضعه
ثم وجوده بحيث ما عرف
... وحاله واحدة لم تختلف
فيغلب الظن بأنه يرى
... في موضع النزاع مثل ما جرى
وهو لديهم حجة مقبوله
... قد اقتفوا حيث أتى دليله
-
فصل يخص نوع الاستحسان
... بأنه ينمى إلى النعمان
والحد فيه أنه مهما نظر
... بحسب التفسير حيثما اعتبر
واختلفوا فيه فقيل الحكم
... دون دليل يقتضيه العلم
وذا بلا شك لدى الجميع
... محرم من جملة الممنوع
أو اتباع أحسن الأدله
... ولا خلاف فيه عند الجله
وقيل بل هو الدليل يظهر
... في النفس والتعبير عنه يعسر
وأحسن الأقوال في القضيه
... الأخذ بالمصلحة الجزئيه
فيما يقابل القياس الكلي
... والشافعي منكر للأصل
وذا الأخير ينتهي فيما رووا
... للمالكيين ونعم ما رأوا
-
فصل وما يغلب عند الناس
... فعادة يدعى بلا التباس
وقد تكون في جميع الأرض
... وتارة في البعض دون البعض
ومالك يقضي به إلا إذا
... خالفت الشرع فليس تحتذى
والعرف منها وهو أمر معتبر
... لدى الجميع حكمه قد اشتهر
-
فصل و ما يدعونه بالمصلحه
... أقسامه ثلاثة مصححه
فقسمه الأول ما قد وردا
... والشرع باعتباره قد شهدا
وذلك القياس ذو المناسبه
... مبناه بالرأي على ما ناسبه
من جهة التحصيل للمنافع
... والدفع للمفاسد البواقع
وهو لدى بعض أولى القياس
... من جملة الحجة دون بأس
وآخر شهادة الشرع بدت
... في عدم اعتباره حيث ثبت
كالمنع من غراسة الكروم
... خيفة عصر المسكر المعلوم
فذا بإجماع بحيثما ورد(1/26)
... مطرح ولم يقل به أحد
وثالث مرسلها ما الشرع لم
... يشر بها إلى اعتبار أو عدم
فذاك حجة رآه مالك
... وغيره خالفه في ذلك
واطرح اعتبارها الغزالي
... في موضع الحاجة والكمال
واعتبرت لديه في الضروره
... وهي لديهم خمسة مشهوره
اتفقت في شأنها الشرائع
... دون مخالف بها ينازع
وذاك حفظ النفس والأنسال
... والدين والعقل وحفظ المال
وشرطها بأن ترى كليه
... مع كونها ضرورة قطعيه
-
فصل كذا سد الذريعة انقسم
... إلى ثلاثة فأول ........
كمنع الاشتراك في سكن الدور
... مخافة من ارتكاب المحظور
وآخر معتبر إجماعا
... فرعيه عند الجميع شاعا
كسب الأصنام لدى من يتقى
... من أن يسب الله مهما نطقا
وثالث أحكامه مقرره
... ومالك دون سواه اعتبره
كالبيع للآجال أو إعمال
... دعوى الدماء دون دعوى المال
-
فصل وتنبيه على المحصول
... في هذه الثلاثة الفصول
إذ كل ما مرر فيها وذكر
... منه لهم ملغى ومنه معتبر
وقول من يقول إن مالكا
... له انفراد باعتبار ذلكا
ليس على التحقيق بل هو اعتبر
... أكثر من سواه ذاك فاشتهر
-
القول في التقليد والمقلد
... وذكر الاجتهاد والمجتهد
حقيقة التقليد في الأصول
... قبول قول دونما دليل
والخلف في جوازه للعلما
... لكن بتفصيل لديهم علما
ففي أصول الدين منعه اجتبى
... أهل الكلام الأكثرون مذهبا
والجل ممن في الحديث اعتمدا
... وغيرهم فيه الجواز اعتمدا
وفي فروع الفقه فالمشهور
... وهي التي قد علمت ضروره
يمتنع التقليد قولا واحدا
... فيها لأن ليس بنيل فائدا
وفي التي العلم بها بالنظر
... وشبهه يجوز عند الأكثر
لغير من يفقه في الأحكام
... تقليده للعالم الإمام
وجائز تقليد غير العلما
... فيما له من المعارف انتمى
وذاك كالخارص في الزكاة
... والحازر العارف بالزكاة
واختلفوا هل يأثم المكلف
... في فعل ما في المنع منه اختلفوا
من غير أن قلد أو لا يأتم
... ومنشأ الخلاف أمر يفهم
وجوزوا التقليد للمذاهب(1/27)
... في نازلات الفقه والغرائب
تنقلا لمذهب من مذهب
... على شروط كلها مما اجتبي
وهو اعتقاد العلم فيمن قلدا
... وأنه من أهل فضل وهدى
وأن يكون فيه غير طالب
... ما كان رخصة لدى المذاهب
ولا يرى يجمع بينها على
... ما خالف الإجماع فيه عملا
مثل النكاح دون مهر وولي
... وشاهد فإن ذا لم ينقل
-
فصل والاجتهاد بذل الوسع
... في النظر المبدي لحكم شرعي
وهو لدى الجمهور واجب على
... رسم سيأتي بعد ذا مفصلا
واختلفوا هل الرسول قد حكم
... بالاجتهاد أو بوحي ملتزم
فقيل لم يكن به تعبدا
... فالوحي أغناه عن أن يجتهدا
والاختيار أنه قد اجتهد
... في غير ما الوحي بحكمه ورد
والاستناد في الذي بينت
... مثل عفا الله لو استقبلت
و الاجتهاد جاز باتفاق
... بعد رسول الله في الآفاق
وجائز في عصره للغائب
... والخلف في الحاضر في المذاهب
وحيثما قد نقلوا عن مجتهد
... قولين في حكم ووقت متحد
فهو لذا وذا لديه يحتمل
... فإن يشر فيه لترجيح نقل
وإن يك القولان في وقتين
... لم يعلما فالحكم في هذين
إن لم يكن يمكننا أن نجمعا
... بينهما أن يتساقطا معا
وإن يكن التاريخ مما قد علم
... فعد ثانيا رجوعا التزم
ثم اجتهاده إذا ما ذكره
... في نازل يفتى به من كرره
وإن يكن قد نسي اجتهاده
... فيه وسيل ثانيا أعاده
فإن يؤد لخلاف الأول
... يفت بثان ماله من معدل
-
فصل ومن شروط من يجتهد
... شروط تكليف وفهم جيد
ثم عدالة وحفظ يشهر
... وعلم ما من الفنون يذكر
أولها علم كتاب الله
... فلا يكن عن حفظه بالساهي
ولا عن الفهم له والأحكام
... لا سيما الآيات ذات الإحكام
مجودا له ولو بواحد
... من أحرف السبعة أو بزائد
وليعرف المنسوخ والناسخ له
... من محكم نقص به أن يجهله
وليعرف المكي من سواه
... وغير ذا من علم مقتضاه
وحفظه الجميع لن يشترطا
... لبعضهم أو بعضه وذا خطا
والعلم بالحديث فن ثان
... وحفظه المطلوب في ذا الشأن
فقد كفانا من مضى في الحال(1/28)
... مؤونة الإسناد والرجال
فصار علمها لدى من يجتهد
... وصف كمال لا جناح إن فقد
وقول من يقول ليس يشترط
... حفظ الحديث ظاهر فيه الغلط
لأخذه إذ ذاك بالقياس في
... ما حكمه من الحديث قد قفي
والثالث الفروع والحفظ لها
... لا يخرق الإجماع من حصلها
بل يقتدي بمن مضى مرجحا
... ما صح من أقوالهم أو رجحا
ورابع الفنون لا محاله
... علم أصول الفقه فهو الآله
وخامس وهو أكيد الطلب
... على المهم من لسان العرب
كالنحو واللغات إذ لن يفهما
... شيء من العلوم إلا بهما
وغيرها من العلوم إن وجد
... وصف كمال زائد في المجتهد
وشرط الاجتهاد في فن ما
... أحكامه معروفة وفهما
مع الذي يحتاج ذاك الفن
... مع أدوات فاتبع ما سنوا
والاجتهاد في أصول الدين
... أو في فروع الفقه بالتعيين
فالأول المصيب فيه واحد
... ومن عداه آثم معاند
والقول للجاحظ مثل العنبري
... كل مصيب أي من الإثم بري
وأضرب الفروع في التقسيم
... ثلاثة عند أولي التعليم
ما لا يسوغ الاجتهاد فيه
... لأننا ضرورة ندريه
كالصلوات الخمس في الوجوب
... وعدد الركعات والترتيب
فخطيء الإجماع من قد خالفه
... وأثمرت تكفيره المخالفه
والثان ما لم ندره ضروره
... مثل وجوب الصدق الممهوره
لكنه أجمع في الأمصار
... عليه أهل العلم في الأعصار
فمن يخالف مخطئ إجماعا
... مفسق إذ خالف الإجماعا
وثالث ما الاجتهاد فيه قد
... أتى لأهل العلم حكما واطرد
وهي المسائل التي اختلف
... فيها على ما فوق قول من سلف
في سائر الأعصار والأمصار
... فها هنا الخلاف عنهم جار
فقيل إن الحق قول واحد
... وما سواه باطل وفاسد
واعتبر المخطئ غير واقع
... في الإثم والقول بذا للشافعي
وقيل بل يصيب كل مجتهد
... الحق والنعمان ذاك يعتمد
ومثله القاضي والاشعري
... وذا كذا عن مالك مروي
-
القول في تبين وصف المفتي
... والحكم في الفتوى وفي المستفتي
والشرط في المفتي شروط المجتهد
... لدى الذين أوجبوا أن يجتهد(1/29)
وعند غيرهم يكون المفتي
... من ينقل القول إذا ما استفتي
في الحكم عن إمامه المقلد
... كمثل مالك ومثل أحمد
لكن مع تحقيقه في النازله
... لما يكون عنه فيها نافله
وإنما فتياه في قضيه
... في الاجتهاديات لا العقليه
-
فصل ولا خلاف أن يستفتي
... غير الفقيه عالما في الوقت
واشترطوا مع علمه عدالته
... ونقل واحد يبين حالته
وعالم لم يبلغ اجتهادا
... من فوقه مقلدا منقادا
فإن يكن بالغه فالأكثر
... يمنعه التقليد وهو الأظهر
وبعضهم أجاز أن يقلدا
... أعلم منه لا مساويا بدا
وقد أجاز له بإطلاق
... سفيان وابن حنبل وإسحاق
وفي تعدد رأوا إيثارا
... أفضلهم وقيل بل ما اختارا
ثم إذا ما سأل المكلف
... اثنين أو أكثر ثم اختلفوا
قيل له تقليد من شاء وقد
... قيل له الأحوط أولى ما أعتمد
وأظهر الأقوال أن يجتهدا
... في أيهم أفضل كي يقلدا
-
القول في تعارض الأدله
... والحكم في الترجيح عند الجله
وفي تعارض الدليلين فما
... فوقهما مسالك للعلما
الجمع ما بينهما إن أمكنا
... ولو بوجه ما وذاك استحسنا
أو نسخ واحد بآخر وذا
... إن علم التاريخ شيء يحتذى
والثالث الترجيح للتصحيح
... بواحد من أوجه الترجيح
وهو لدى الجمهور جائز وقد
... أنكره قوم وقولهم يرد
وإنما يدخل في الظنيه
... ولا يرى يدخل في القطعيه
وحيثما قد عدم الجميع
... فالأخذ عندهم بها ممنوع
ويجب التقليد أو توقف
... عند سوى القاضي وذاك أعرف
والأبهري أصله المنع اقتضى
... والأصبهاني الإباحة ارتضى
والأخذ بالعلوم أمر حتما
... إن عارض المظنون حكما فاعلما
مع جهل تاريخ وإن تقدما
... وسابق المظنون للنسخ انتمى
وإن يعارض ظاهر الكتاب
... ظاهر سنة ففي ذا الباب
مذاهب للعلماء تعرف
... مقولة ثالثها التوقف
-
الحكم في تعارض الظواهر
... أو النصوص باحتياط ظاهر
الأخذ بالأحوط خير مذهب
... والمنع منقول عن ابن الطيب
كذا الذي وافقه قياس
... رجحه على سواه الناس
والأصل والغالب إن تعارضا(1/30)
... فرجح الغالب وهو المرتضى
والخبر الترجيح فيه باد
... عندهم في المتن والاسناد
فيحصل الترجيح في متن الخبر
... بجملة من الأمور تعتبر
بكون لفظه فصيحا أو حكم
... به على الآخر في بعض علم
أو كونه جاء لمعنى واحد
... مختلف الألفاظ لا المقاصد
أو كان نصا في المراد أو بدل
... عليه من وجهين عند المستدل
أو كان بالتكرار قد تأكدا
... أو لفظه حقيقة قد وردا
أو مستقلا أو أتى لم يتفق
... فيه على تخصيصه بما سبق
أو سالما من اضطراب أو ورد
... في سبب فيه عليه يعتمد
أو كان ينفي النقص فيما قرره
... عن الصحابة الكرام البرره
أو كان بعض الصحب أو بعض الاول
... ليس لهم على خلافه عمل
مع اطلاعهم عليه أو أتى
... بحكم العقل له قد أثبتا
أو كان مما لا تعم البلوى
... به وبالعكس سواه يروى
ويحصل الترجيح في الإسناد
... بجودة الحفظ وبالتعداد
والرفع للرسول باتفاق
... أو كونه مستحسن المساق
وباتفاق من وراته على
... أن أثبت الحكم به وحصلا
أو أن يرى إجماع أهل طيبة
... يعضد أو راويه ذا القضية
أو كونه في قصة مشهوره
... أو يشهد العقل له ضروره
أو سنة تواترت أو إجماع
... كذا الكتاب أو أراه الأسماع
أو كان سالما من اضطراب
... أو كان راويه لدى انتساب
من علية الصحابة الأبرار
... أو كونه بالفقه ذا اشتهار
أو كونه مشتهر العداله
... إما بتقرير الرواة حاله
أو باختيار أو بذكر السبب
... أو حاملا علم اللسان العربي
أو مدنيا أو له اسم واحد
... فاللبس مع ذلك غير وارد
أو كونه إسلامه تأخرا
... فالنسخ فيما قرروه لا يرى
أو لم يخالط ذهنه وعقله
... في زمن فذا صحيح نقله
ويدخل الترجيح في القياس
... عند الذي قال به في الناس
وقسم القياس من قال به
... إلى قياس علة أو شبه
وثالث ينسب للمناسبه
... فقدم الأول تتبع واجبه
عند تعارض وثالثا على
... ما جاء ثانيا تكن محصلا
وقدم الأقوى مع الجلي
... على الذي يضعف والخفي
وفي الجلي قدم الأجلى على(1/31)
... أقل منه في الظهور والجلا
ويحصل الترجيح عند من مضى
... بين قياسي علة تعارضا
بكون علة القياس الواحد
... وصفا حقيقيا بغير زائد
أو كونها منصوصة أو أن تعم
... فروعها أو كونها تلفى أعم
أو بانعكاسها مع اطرادها
... أو بتعديها على انفرادها
أو كونها مما عليها اتفقا
... أو وجدت أقل خلفا مطلقا
أو كونها قد أخذت من أصل
... عليه قد نص صريح النقل
أو مهدت لها أصول عده
... أو قلت الأوصاف فيه عنده
أو أن يرى الفرع من القياس
... من جنس أصله بلا التباس
أو أن يرى بعض مقدماته
... ينسب لليقين في إثباته
أو لا يعود الفرع بالتخصيص
... فيه على أصل به مخصوص
أو أن يرى ثبوت حكم أصله
... أقوى بالاجماع أو امر مثله
-
القول في أسباب الاختلاف
... بين أولي العلم بشرح واف
أولها تعارض الأدله
... وقبل قد ضمنته محله
والجهل بالدليل وهو جار
... لكنه يغلب في الأخبار
والخلف في نوع الدليل الظاهر
... مثل القياس عند كل ناظر
والخلف في صحة نقل الخبر
... بعد بلوغه لأهل النظر
أو اختلاف الناس في القراءات
... أو مثل الاختلاف في الروايات
أو اختلاف أوجه الإعراب
... في الخبر المروي والكتاب
مع اتفاقهم على الرواية
... أو اتفاقهم على القراءة
والخلف قي حمل الكتاب المحتمل
... على الخصوص أو عموم مستقل
أو حمله عند أولي الطريقه
... على المجاز أو على الحقيقه
أو حمل بعضهم للفظ مشترك
... فيه على بعض الذي فيه اشترك
وخلفهم هل الكتاب مستقبل
... أو فيه مضمر بمعناه استدل
أو هل هو الحكم الذي استبانا
... منسوخ او باق على ما كانا
وهل يكون الأمر مجمل على
... وجوب او ندب لكي نمتثلا
والنهي هل محله التحريم أو
... كراهة وكلها مما رأوا
والخلف هل يحمل فعل الشارع
... على إباحة لذاك الواقع
أو على الندب أو الوجوب
... محمله في حكمه المطلوب
فهذه أسباب الاختلاف
... وقس فهذا القدر منه كاف
وهاهنا انتهى الذي قصدته
... وتم من نظمي ما أردته
والحمد لله على إتمامه(1/32)
... حمدا يوافي الشكر في إنعامه
وخص بالصلاة والسلام
... رسوله المبعوث للأنام
وعم منه بالرضا والمغفره
... جميع آله الكرام البرره(1/33)