الْمَنظُومَةُ الفَضْفَرِيَّةُ
فِي القَواعِدِ الفِقهِيَّةِ (1)
تَألِيفُ الشَّيخِ أَنوَرِ عَبدَ اللهِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ الفَضفَرِيِّ
جَزاهُ اللهُ خَيراً وَبارَكَ فيهِ
قَدَّمَ لَها فَضيلَةُ الشَّيخِ العَلاَّمَةِ
عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ العَزيزِ بنِ عَقيلِ
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
الحَمدُ للهِ الذي قَد أَنعَمَا ... عَلَى العِبادِ بِالهُدَى وَأَكرَمَا
وَنَزَّلَ الكِتابَ وَالتِّبيَانَا ... وَعَلَّمَ الأُصولَ وَالبُرهانَا
وَكَمَّلَ الدِّينَ الحَنيفَ هَادِيا ... فِي كُلِّ دَهرٍ مُستَفيضاً بَاقِيَا
وَأَفضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ ... عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ الأَنَامِ
وَآلِهِ وَصَحبِهِ وَمَنْ تَبِعْ ... لَهُم بِإحسانٍ إِلَى اليَومِ الفَزِعْ
مَن اِهتَدَى بِهَديِهِ فَقَد ظَفِر ... وَمَن يَحِد عَنْ نَهجِهِ فَقَد خَسِر
تُلفِي بِهِ إِلَى الفَلاحِ مَنهَجا ... وَعَنْ جَميعِ الْمُعضِلاتِ مَخرَجا
فَلَيسَ خَيرٌ قَطٌ اِلاَّ قَرَّرَه
... وَلَم يَكُن مِن شَرٍّ إِلاَّ حَذَّرَه
فَدِينُنَا لَم يَخلُ عَن حُكمٍ عَلَى ... مُرِّ الزَّمانِ ، لَو بَدا ما أَعضَلا
لأَنَّهُ قَد اِحتَوى قَواعِدا ... تُستَخرَجُ الأَحكامَ عَنهَا رَاشَدَا
وَهِذهِ أُرجُوزَةٌ مَخوِيَّه ... فِيها مِنَ القَواعِدِ الْفِقهِيَّه
ج
جَمَعتُهَا مِن قَولِ أَهلِ العِلمِ ... وَشَرحِهِم مِن نَثرِ أَو مِن نَظمِ
ج
سَهَّلتُهَا لِطالِبي القَواعِدِ ... تَأتِي مَعَ الإِيجازِ بِالأَوابِدِ
تُعَرَّفُ القَاعِدَةُ الفِقهِيَّه ... بِأنَّها قَضِيَّةٌ كُلِّيَّه
جامِعَةٌ مَسائِلاً فَرعِيَّه ... كَـ(إنَّما أَعمالُنا بِالنِّيَّه)
تُفارقُ الأُصولَ في أَشياءِ ... كَمِثلِ ما فيها مِنَ استِثناءِ
فَاعلَم هَداكَ اللهُ أنَّ القَاعِدَه ... لَيسَ بِشَرطٍ كَونِها مُطَّرِدَه
__________
(1) طُبِعَ بِتاريخِ 1423 ه - 2002 م .(1/1)
فَقَد تَرى بَعضَ الفُروعِ خارِجَه ... وَقَد تَرَها تَحتَ أُخرى دارِجَه
فَأَحكِمِ الأَبوابَ وَالفُصولاَ ... وَأَتقِنَ الفُرُوع وَالأُصولا
وَأنَّ ذي أَدِلَّةُ الإجْمَالِ ... يَأتِي بِها الفَقيهُ في اِستِدلالِ
تُضَمُّ مَع أَدِلَّةِ التَّفصيلِ ... فَتَنتُجُ الحُكمَ مَعَ الدَّليلِ
وَفَهمُكَ الفُروعَ مَع قَواعِدِ الـ ... فِقهِ بِلا ضَمِّ الدَّليلِ مُستَقِلْ
وَأنَّ مَوضوعَ الأُصولِ جُلَّه ... عَوارِضُ اللَّفظِ مِنَ الأَدِلَّه
وَهوَ مِنَ القَواعِدِ الفِقهِيَّيه ... فِعلُ العِبادِ ؛ كالرِّضا والنِّيَّه
وَغَيرِهَا مِنَ الفُروقِ فَافهَمِ ... مِنَ الْمُطَوِّلاتِ ، ثُمَّ لِيُعلَمِ
تُفارِقُ الضَّابِطَ ؛ فَهوَ : ما ارتَبَطْ ... وَاختَصَّ بِالفُروعِ مِن بابٍ فَقَطْ
ج
وَمَأَخِذُ القَواعِدِ : النُصوصُ ... وَبَعضُ آثارٍ كَذا مَنصوصُ
وَمِن مآخِذٍ لَها الأُصولُ ... وَبَعضُها مِن لُغَةٍ مَنقولُ
وَخُرِّجَت أَيضاً عَن استِقراءِ ... وَالعَقلِ وَالقِياسِ ذي الجَلاءِ
وَالاجتِهادُ فِي الْمَناطَينِ وَعَنْ ... تَرجيحُ اِستِصحابِ أَصلٍ فَاعلَمَنْ
أَمَّا التي فِيها مِن الفَوائِدِ ... فَمِن عُلاهَا : العِلمُ بِالمَقاصِدِ
وَالضَّبطُ وَالتَّسهيلُ للحِفظِ كَذا ... تَفهيمُ مُفتٍ نَهجَهُ وَالْمَأخَذَا
وَكَونُها أَدِلَّةُ الأَحكَامِ ... فِيهِ خِلافُ طَالبُ الأَحكامِ
وَالحَقُّ أَنَّ بَعضَهَا مِنها كَما ... إِذا أَتَتْ بِنَصِّ شَرعٍ فَاعْلَمَا
أُصُولُنَا : القُرآنُ ثُمَّ السُّنَّه ... وَبَعدَهَا : الإِجماعُ فَاسمَعَنَّه
ج
مِن بَعدِهِ ما صَحَّ مِن قِياسِ
ج ... أَحكامُنا قامَت بِذا القسطاسِ
وَكُلُّ أَمرٍ بِالْمَقاصِدِ استَوَى ... فَإنَّما لِكُلِّ مَرءٍ مَا نَوَى
مَا جَعَلَ اللهُ عَلَينَا مِن حَرَجْ ... فِي دِينِنَا ، وَلَم يَكُن لَهُ عِوَج
فِي كُلِّ ضِيقٍ يُجلَبُ التَّيسيرُ
ج ... فَلَيسَ فِي مِنهاجِنَا تَعسيرُ(1/2)
لا ضَرَرٌ وَلا ضِرارٌ جارِ ... فَالضُّرُّ لا يُزالُ بالإِضرارِ
وَاستَصحِبِ اليَقينَ إنْ شَكٌّ طَرَا ... وَالعَدَمُ الأَصلِيُّ إِنْ خُلفٌ عَرَا
وَحَكِّمِ العادَةَ فِيما لَم يَرِدْ ... تَحديدُهُ شَرعاً كَحِرزٍ ، وَاعتَمِدْ
لِكُلِّ ما نَصَّ عليهِ العُلَمَا ... فَاقبَل ؛ فَذا بَعدَ التِّحَرِّي استَحكَمَا
وَتَحرُمُ الحِيلَةُ فِي أَيِّ عَمَلْ ... بَلْ قِيلَ : ما يُعمَلْ بِها فَقَد بَطَلْ
لا يَسقُطُ الْميسُورُ بِالْمَعسُورِ ... فَاعمَلْ بِمَا استَطَعتَ مِن مَأمورِ
وَاجْتَنِبِ الجَميعَ مِن مَحظورِ
ج ... كَما أَتَى فِي الخَبَرِ الْمَأثُورِ
وَالشَّيءُ لا يَلزَمُ قَبلَ العِلمِ بِهْ ... دَلِيلُهُ : فِعلُ الْمُسيءِ فانتَبِه
وَقَبلَ عِلمِ النَّسخِ للقِبلَةِ لِلْـ ... ـكَعبَةِ صَلَّوا نَحوَ شامٍ فَقُبِلْ
وَلا اضطِرارٍ : جازَ فِعلُ ما حُظِرْ ... وَلا احتِياجٍ : فِعلُ مَكروهٍ غُفِرْ
وَما لِسَدٍّ للذَّرِيعَةِ اُجتُنِبْ ... مِثلُ العَرَيا لاحتِياجٍ اُرتُكِبْ
وَادْفَع مِنَ الضَّرَّينِ بالأَخَفِّ ... وَاعمَل مِنَ الفَضلَينِ بِالأَعَفِّ
إِن يَقتَرِنْ حَظرٌ مَعَ الْمُبيحِ ... فَالحَظرُ أَولَى مِنهُ بِالتَّرجيحِ
إِذا استَوى فِي الأَمرِ نَفعٌ وَضَرَرْ ... فَادْرَأْ فَسَادَهُ وَرَجِّحِ الحَظرْ
وَالنَّفعُ إِن يَرجَحْ عَلَى الفَسادِ ... فَاعمَلْ بِهِ كالجَرحِ فِي الإِسنادِ
بِالجَهلِ وَالنِّسيانِ وَالإِكراهِ
ج ... يُنْفَى العِقابُ فِي حُقوقِ اللهِ
ج
لَكِنَّها لا تُسقِطُ الضَّمانَا ... فِي حَقِّ خَلقٍ ؛ فَاحفَظِ الأَمانَا
قَد يَحرُمُ الشَّيءُ إِذَا كَان استَقَلْ ... وَجازَ إِن كانَ مَعَ الأَصلِ حَصَلْ
كَبَيعِ حَملٍ أَو ثِمارِ مَا بَدَا ... صَلاحُهَا ؛ فَلا يَجوزُ مُفرَدَا
وَبَيعُها مَع أَصلِها صَحيحُ ... وَكُلُّ ذَا فِي قَولِهِم صَريحُ(1/3)
قَدْ يَحرُمُ الشَّيءُ اِبتِداءً ؛ وَيَفِي ... جَوَازُهُ اِستِدامَةً ، لَن يَنتَفِي
وَذَاكَ مِثلُ الطِّيبِ فِي الإِحرامِ ... بَقاؤُهُ خَالٍ عَنِ الحَرَامِ
فِي صِحَّةِ الأَعمالِ بِالظَّنِ اكْتَفِ ... وَفِ العُقودِ نَفسَ الأَمرِ تَقتَفِي
لَكِن إِذا بانَ فَسادُ الظَّنِّ ... فَأَبْرِئَ الحَقَّ بِر تَأَنِّ
مِثلُ الصَّلاةِ قَبلَ أَنْ يَطَّهَّرَا ... فَلْيُعِدِ الصَّلاةَ إِنْ تَذَكَّرَا
وَالشَّكُّ مِن بَعدِ الفَراغِ لا يَضُرْ ... وَالوَهمُ وَالوَسواسُ دَعْ فَلا يَسُرْ
بِالأَصلِ خُذ حَيثُ يُنافِي الظَّاهِرُ ... كَالْمَاءِ فِي الفَلاةِ فَهْوَ طَاهِرُ
وَكُلُّ مَعرُوفٍ بِعُرفٍ اِنتَشَرْ ... كَمِثلِ مَعرُوفٍ بِشَرعٍ يُعتَبَرْ
ج
إِشارَةُ الأَخرَسِ فِي البَيانِ ... مَقبُولَةٌ كَالنُّطقِ بِاللِّسانِ
ج
إِنَّ الكِتابَ كَالخِطابِ يُقبَلُ ... لَكِنَّهُ بِالقَصدِ مِنهُ يُعمَلُ
وَكُلُّ ما يَثبُتُ بِالبُرهانِ ... فَذَاكَ كَالثَّابِتِ بِالعَيانِ
وَالحُكمُ فِي الوُجُودِ وَالعُدمِ تَبِعْ ... عِلَّةً ؛ اِلاَّ ما تُعُبِّداً وُضِعْ
وَالفِعلُ إنْ يَسبِْ وُجودَ السَّبَبِ ... فَذَاكَ لَغْوٌ ؛ كَونُهُ لَم يُحسَبِ
فَمَنْ يُطَلِّقْ قَبلَ عَقدٍ لَم يَقَعْ ... أَوْ يَتَصَرَّفْ قَبلَ مِلكٍ امتَنَعْ
وَقَد يُباحُ الشَّيءُ إِنء تَقَدَّمَا ... عَلَى وُجودِ الشَّرطِ فِيما انحَتَمَا
كَمَن يُعَجِّلُ الزَّكاةَ قَبلَ مَا ... يَحُولُ حَولٌ مِن نِصابٍ تُمِّمَا
وَكُلُّ ما يَحرُمُ فِعلُهُ حَرُمْ ... أَمرٌ بِهِ وَبَذلُهُ ؛ فَلا تَرُمْ
وَكُلُّ شَيءٍ أَصلُهُ الحِلُّ . وَفِي ... عِبادَةٍ مَنعٌ بِلا إِذنٍ يَفِي
ج
إِن عَمَلاً عَلَى وُجُوهٍ نَقَلُوا ... وَكانَ كُلُّهَا بِحَيثُ يُقبَلُ
فَاعْمَل بِها كُلاًّ عَلَى أَحيانِ ... أَوِ اجْمَعَنَّها لَدَى الإِمكانِ(1/4)
لِتُحْيِيَ السُّنَّةَ بِالتَّفصِيلِ ... وَتَحفَظَ الشَّرعَ عَلَى التَّكميلِ
وَكُلُّ ما يَكثُرُ فِعلاً عَمَلْ ... يَزدادُ أَجراً فَاغْتَنِم وَلا تَمَلْ
ج
مَا كانَ فَرضاً : فِي الثَّوابِ أَفضَلُ ... مِنْ مُستَحَبٍّ : فَهْوَ مِنْ ذَا يُكمَلُ
ج
إِتْمَامُ فَرضٍ : بِالشُّرُوعِ يَنحَتِمْ ... لا النَّفلُ ؛ لَكِن عُمرَةً حَجّاً أَتِمْ
وَيَحرُمُ الْمُضِيُّ فِي الفَاسِدِ مَا ... لَم يَكُ عُمرَةًً وَحَجّاً دَائِمَا
وَكُلُّ شَيءٍ لا يَتِمَّ الوَاجِبُ ... إِلاَّ بِهِ ؛ فَواجِبٌ مُصاحِبُ
عِندَ اشتِباهِ الأَمرِ وَاستِواءِ ... أُحكُم بِقُرعَةٍ بِلا عَناءِ
إِعمَالُكَ الكَلامَ ذَا أَولَى مِنَ الْـ
جج ... إِهْمَالِ فانظُرْ وَادرِ مَا عَلَيهِ دَلْ
لا يُنسَبُ القَولُ إِلَى مَن يَسكُتُ ... إِلاَّ إِذَا حِينَ البَيانِ يَصمُتُ
وَالاجتِهادُ إِنْ مَضَى لا يُنقَضُ ... بِمِثلِهِ وَحُكمُهُ لا يُرفَضُ
وَالاجتِهادَ فِي مَكانِ النَّصِّ ... وَلا دَلالَةٌ خِلافَ النَّصِّ
وَالْمِلكُ شَرطُ عاقِدٍ وَهَكَذَا ... إِنْ كَانَ عَن وِلايَةٍ قَد نَفَذَا
ج
وَكُلُّ مَشغُولٍ فَلَيسَ يُشغَلُ ... فَنَحوُ رَهنٍ بَيعُهُ لا يُقبَلُ
وَكُلُّ سَاقِطٍ فَلا يَعُودُ ... كَحَقِّ فَسخٍ ، ضَمَّهُ العُقُودُ
وَتابِعُ الشَّيءِ إِذَا لَمْ يُفرَدِ ... بالعَقدِ تابِعٌ وَلَم يُجَرَّدِ
كَفَصِّ خاتَمٍ وَكَالْحِيطانِ ... وَنَحوِ أَشجارٍ مَعَ البُستانِ
إِن يَسقُطِ الأَصلُ يُصَرْ إِلَى البَدَلْ ... فَالتَّالِفُ الْمَضمونُ فيهِ ما اعتَدَلْ
ج
وَيَسقُطُ الفَرعُ إِذا الأَصلُ انتَفَى ... كَضامِنٍ إِنْ صَاحبُ الحَقِّ عَفَا
ج
وَهَكَذا إنْ يَبطُلِ الأَصلُ بَطَلْ ... مَا كَانَ فِي ضِمنٍ لَهُ فَمَا استَقَلْ
نَحْوُ الْمَبيعِ بَانَ مُستَحَقّاً ... فَبَاطِلٌ بَيعٌ لِذَاكَ حَقّاً
فَبَاطِلٌ إِقرارُ مُشتَرِيهِ ... بِثَمَنٍ أَيضاً إِلَى شَارِيهِ
ج(1/5)
لأَنَّ بَيعَ الشَّيءِ قَد تَضَمَّنَا ... إِقرارُهُ بِما ارتَضاهُ ثَمَنَا
بَيِّنَةً أَلزِمْ عَلَى مَنْ يَدَّعِي ... وَحَلِّفِ الْمُنكِرَ ، وَالجَوْرَ ادْفَعِ
وَأَلغِ دَعْوًى بِخِلافِ الحِسِّ
ج ... مِثلُ أُبُوَّةٍ بِغَيرِ مَسَّ
وَاقبَلْ أَمِيناً يَدَّعِي الرَّدَّ إِذَا ... لَم يَكُ قَبضُهُ لِحَظٍّ نافِذاَ
وَأَطلِقِ القَبُولَ مِن أَمِينِ ... فِي تَلَفِ العَينِ مَعَ اليَمِينِ
لأَنَّهُ عَامَلَ بِالجَميلِ ... وَمَا عَلَى الْمُحسِنِ مِنْ مِن سَبيلِ
كَمُودَعٍ وَكَويكِيلٍ وَوَلِي ... مُستَأجِرٍ مُضارِبٍ وَكَوصِي
وَكُلُّ مُتْلِفٍ لِحَقٍّ غُرِّمَا ... بِمِثلِهِ أَو بِالَّذِي َدْ قُوِّمَا
إِلاَّ إِذَا كَانَ بِإذنِ الشَّارِعِ
جج ... أَوْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَلا تُنازِعِ
الأَجرُ وَالضَّمانُ لَنْ يَجتَمِعَا ... مِن جِهَةٍ فَاعرِفْ لَهَا الْمُواقِعَا
فَمُكتَرِي الشَّيءِ بِهِ لا يَضمَنُ ... وَمُتلِفٌ عَن أَجرِهِ قَدْ يَأمَنُ
الغُنمُ بِالغُرمِ هُمَا سِيَّانِ ... فَإنَّمَا الخَرَاجُ بِالضَّمانِ
لَيسَ لِعِرقٍ ظَالِمٍ نَصيبُ ... بَلْ كُلُّ مَا يَعمَلُهُ عَصيبُ
وَمَا عَنِ الْمَأذُونِ يَحدُثْ فَهَدَرْ ... نَحوُ سِرايَةٍ لِحَدٍّ مَعْ حَذَرْ
وَإنْ عَنْ الْمَضمُونِ شَيءٌ يَنتَشِرْ ... فَذَاكَ مَضمُونٌ لَهُ أَنْ يَنتَصِرْ
جِنايَةُ العَجماءِ ذِي جُبارُ ... كَمَا أَتَتْ بِذَلِكَ الأَخبارُ
الفِعلُ مَنسُوبٌ إِلَى مَن عَمِلا ... لَيسَ إِلَى الآمِرِ فَاعرِفْ وَاعدِلا
وَالصُّلحُ خَيرٌ وَالشُّرُوطُ نَافِذَهْ ... مَا لَمْ تَكُنْ لِحُكمِ شَرعٍ نَابِذَه
مُستَعجِلُ الشَّيءِ عَلَى وَجهٍ حُظِرْ ... عُوقِبَ بِالحِرمانِ عَنهُ فَاعتَبِرْ
الْحَدُّ وَالتَّعزِيرُ وَالدِّيَاتُ ... مَشرُوعَةٌ تَبقَى بِهَا الْحَياةُ
وَكُلُّهَا يَرجِعُ لِلمَصالِحِ ... لا بُدَّ مِنهَا للمَعاشِ الفَالِحِ(1/6)
كَحِفظِ دِينٍ ثُمَّ نَفسٍ مالِ ... عَقلٍ وَعِرضٍ نَسَبٍ يُوالِي
ج
بِالشُّبُهاتِ تُدرَأُ الحُدُودُ ... فَنَحوُ قَطعٍ مَعَهَا مَردُودُ
ج
مِثالُهُ : الوالِدُ إِذْ مَا وَقَعَا ... فِي الأَخذِ مِنْ أَولادِهِ لَنْ يُقطَعَا
وَاستَعمِلِ الأَلفاظَ فِيمَا وُضِعَتْ ... شَرعاً لَهَا مِنَ الْمَعانِي إِذْ أَتَتْ
لا تُمهِلِ الحَقيقَةَ الشَّرعِيَّه ... إِلاَّ مَعَ القَرائِنِ الجَلِيَّه
وَالنَّفيَ رَتِّبْ للوُجودِ الْحَالِي ... فَنَفي صِحَّةٍ فَلِلكَمالِ
وَالأَصلُ أَنَّ الأَمرَ للإِيجابِ ... وَالنَّهيُ للتَحريمِ بِاستِيعابِ
إِلاَّ إِذا قامَ هُناكَ صَارِفُ ... فَمُقتَضاهُ يَتَلَقَّى العارِفُ
مُجَرَّدُ الفِعلِ بِلا إيجابُ ... مِنَ الرَّسُولِ احمِلْ عَلَى استِحباب
وَإِنْ بِفِعلٍ بُيِّنَ الْمَأمورُ ... فَحُكمُهُ فِي حُكمِ ذَا مَحصورُ
وَفِعلُهُ الْمَنسوبُ لِلجِبِلَّه ... لَيسَ بِتَشريعٍ لِهَذِي الْمِلَّه
وَالنَّهيُ يَقتَضِي الفَسادَ إِنْ أَتَى ... لِلَّذاتِ أَو لِلَّشَّرطِ نَقضاً يَافَتَى
كَالصَّومِ فِي حَيضٍ وَيَومِ عِيدِ ... وَبَيعِ مَجهُولٍ بِلا تَحديدِ
وَإِن لأَمرٍ خارِجٍ نَهيٌ يَرِدْ ... فَلا يُنافِي صِحَّةً فَلا تَحِدْ
كَحَجِّ مَرأَةٍ بِدُونِ مَحرَمِ ... يَصِحُّ لَكِن ما خَلَتْ عَنْ مَأثَمِ
وَبِعُمومِ اللَّفظِ خُذْ حَيثُ اطَّرَدْ ... لا بِخُصوصِ السَّبَبِ الَّذِي وَرَدْ
وَمُثبِتُ الشَّيءِ مُقَدَّمٌ عَلَى ... نَافِيهِ حَيثُ لا مُرَجِّح جَلا
ج
هَذِي نَمُوذَجٌ مِنَ القَواعِدِ ... مِنَ الفَقيرِ الفَضفَرِي النَّاشِدِ
وَاللهُ أَرجُو أَن تَكونَ نافِعَه ... لِطالِبِي الفِقهِ كَعَينٍ نابِعَه
وَخِدمَةً مَقبولَةً للِّدينِ
ج ... وَذُخرَةً تَبقَى لِيَومِ الدِّينِ
فِي أَربَعٍ وَأربَعينَ وَمِيَه ... بِفَضلِ رَبِّي يَحتَوي مَنظُومِيَه
وَنِصفُ هَذِهِ مِنَ القَواعِدِ
ج ... وَجُملَةٍ مشن أَلطَفِ الفَوائِدِ(1/7)
فَأَحمَدُ اللهُ عَلَى الخِتامِ ... وَأَشكُرُ اللهُ عَلَى الدَّوامِ
لا تَنسَونَا مِن صَالحِ دُعائِكِم
ابنُ سالِمٍ(1/8)