الكتاب : مُرْتَقَى الْوُصُوْل إِلَى عِلْمِ الأُصُوْل لِلإِمَامِ محَمَّدِ بنِ عَاصِمِ الغِرنَاطِي المتوفى سنة 829 هـ تم استيراده من نسخة : أ/علي عبد الباقي

مُرْتَقَى الْوُصُوْل
إِلَى
عِلْمِ الأُصُوْل

لِلإِمَامِ
محَمَّدِ بنِ عَاصِمِ الغِرنَاطِي
المتوفى سنة 829 هـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

1-الْحَمْدُ للهِ الْمُحِيْطِ عِلْمُهُ ... السَّابِقِ الْخَلْقَ جَمِيْعًا حُكْمُهُ
2-سُبْحَانَهُ مِنْ وَاجِبٍ وُجُوْدُهُ ... عَمَّ الْعِبَادَ لُطْفُهُ وَجُوْدُهُ
3-أَبْدَعَ مَا شَاءَ كَمَا قَدْ شَاءَ ... وَفَضْلُهُ مَنَّ بِهِ ابْتِدَاءَ
4-وَعَمَّ بِالتَّكْلِيْفِ كُلَّ مَا خَلَقْ ... وَخَصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا لَهُ سَبَقْ
5-وَقَدَّرَ الأَرْزَاقَ وَالآجَالاَ ... وَحَصَرَ الأَنْفَاسَ وَالأَعْمَالاَ
6-لِيَجْزِيَ الْعَاصِيَ وَالْمُطِيْعَا ... وَلَوْ يَشَاءُ لَهَدَى الْجَمِيْعَا
7-أَضَلَّ مَنْ شَاءَ وَمَنْ شَاءَ هَدَى ... وَأَرْسَلَ الرُّسْلَ لِتَبْيِيْنِ الْهُدَى
8-وَعِنْدَمَا تَوَالَتِ الضَّلاَلَهْ ... هَدَاهُمُ بِخَاتِمِ الرِّسَالَهْ
9-الْحَاشِرِ الْمَاحِيْ نَبِيِّ الرَّحْمَهْ ... مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ هَادِي الأُمَّهْ
10-دَاعِيْهِمُ لِمِلَّةِ الإِسْلاَمِ ... مُبَيِّنًا لِلْحِلِّ وَالْحَرَامِ
11-مُجّدِّدًا مَعَالِمَ الإِيْمَانِ ... وَمُظْهِرًا مَنَاهِجَ الإِحْسَانِ
12-وَلَمْ يَزَلْ يَدْعُوْ إِلَى دِيْنِ الْهُدَى ... لِيُنْجِيَ الأُمَّةَ مِنْ مَهْوَى الرَّدَى
13-حَتَّى دَعَاهُ رَبُّهُ إِلَيْهِ ... مُرَدِّدًا صَلاَتَهُ عَلَيْهِ
14-وَبَقِيَتْ سُنَّتُهُ مُسْتَمْسَكَا ... فَلَنْ يَضِلَّ مَنْ بِهَا تَمَسَّكَا
15-صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا أَبْدَتْ هُدَى ... وَمَا اقْتَفَى سَبِيْلَهَا مَنِ اهْتَدَى
16-وَبَعْدُ فَالْعِلْمُ أَجَلُّ مُعْتَنَى ... بِهِ وَكُلُّ الْخَيْرِ مِنْهُ يُجْتَنَى
17-وَالنَّظْمُ مُدْنٍ مِنْهُ كُلَّ مَا قَصَى ... مَذَلِّلٌ مَنْ مُمْتَطَاهُ مَا اعْتَصَى
18-فَهْوَ مِنَ النَّثْرِ لِفَهْمٍ أَسْبَقُ ... وَمُقْتَضَاهُ بِالنُّفُوْسِ أَعْلَقُ

(1/1)

---

19-لِذَا اسْتَعَنْتُ اللهَ في تَيْسِيْرِ ... عِلْمِ أُصُوْلِ الْفِقْهِ بِالتَّقْرِيْرِ
20-في هَذِهِ الأُرْجُوْزَةِ الْمَشْطُوْرَهْ ... فَهْيَ عَلَى تَأْصِيْلِهِ مَقْصُوْرَهْ
21-حَاشَيْتُهَا مِنْ لُغَةٍ وَمَنْطِقِ ... حِرْصًا عَلَى إِيْضَاحِ أَهْدَى الطُّرُقِ
22-إِلاَّ يَسِيْرًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ ... تُفِيْدُ في مَسَائِلٍ سَتَاتِي
23-فَاسْتَكْمَلَتْ عِدَّتُهَا خَمْسِيْنَا ... تَالِيَةً ثَمَانِيًا مِئِيْنَا
24-وَعِنْدَمَا تَمَّتْ بِهَا الْمَقَاصِدُ ... وَمَهَّدَتْ بُنْيَانَهَا الْقَوَاعِدُ
25-سَمَّيْتُهَا بِمُرْتَقَى الْوُصُوْلِ ... إِلَى الضَّرُوْرِيِّ مِنَ الأُصُوْلِ
26-وَمَا بِهَا مِنْ خَطَإٍ وَمِنْ خَلَلْ ... أَذِنْتُ في إِصْلاَحِهِ لِمَنْ فَعَلْ
27-لَكِنْ بِشَرْطِ الْعِلْمِ وَالإِنْصَافِ ... فَذَا وَذَا مِنْ أَجْمَلِ الأَوْصَافِ
28-وَاللهُ يَهْدِيْ سُبُلَ السَّلاَمِ ... سُبْحَانَهُ بِحَبْلِهِ اعْتِصَامِي

مُقَدِّمَةٌ

29-عِلْمُ أُصُوْلِ الْفِقْهِ عِلْمٌ نَافِعُ ... لِقَدْرِ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ رَافِعُ
30-وَالْفِقْهُ أَنْ يُعْلَمَ عَنْ دَلِيْلِ ... حُكْمُ فُرُوْعِ الشَّرْعِ بِالتَّفْصِيْلِ
31-وَجُمْلَةُ الأَدِلَّةِ الْكُلِّيَّهْ ... أُصُوْلُهُ وَكُلُّهَا قَطْعِيَّهْ
32-وَالظَّنُّ في بَعْضِ التَّفَاصِيْلِ يَقَعْ ... وَهْوَ لَهُ مُعْتَمَدٌ وَمُتَّبَعْ
33-فَائِدُهُ الْعِلْمُ بِكُلِّ الشَّرْعِ ... أَخْذًا وَتَرْكًا عَنْ دَلِيْلٍ شَرْعِي
34-وَمُسْتَمَدُّهُ مِنَ الْكَلاَمِ ... وَالنَّحْوِ وَالُّلغَةِ وَالأَحْكَامِ

فَصْلٌ

35-أَوَّلُ مَا نُدْرِكُهُ تَصَوُّرُ ... وَعَنْهُ تَصْدِيْقٌ لَهُ تَأخُّرُ
36-فَأَوَّلٌ إِدْرَاكُ مَعْنًى مُفْرَدِ ... وَالثَّانِ الاِدْرَاكُ لِحُكْمٍ مُسْنَدِ
37-إِمَّا عَلَى النَّفْيِ أَوِ الإِثْبَاتِ ... كَلَمْ يَقُمْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو آتِ
38-كِلاَهُمَا قُسِّمَ بِالْوُجُوْبِ ... إِلَى الضَّرُوْرِيِّ وَلِلْمَطْلُوْبِ

(1/2)

---

39-بُرْهَانُهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ ذَا الْحُكْمُ ... لَعَمَّ جَهْلٌ أَوْ لَعَمَّ عِلْمُ
40-وَالْعِلْمُ مَا يُدْرِكُهُ الْعَقْلُ وَلاَ ... يُرَى لِمَا نَاقَضَهُ مُحْتَمِلاَ
41-وَعَكْسُهُ اعْتِقَادٌ إنْ طَابَقَ صَحّْ ... أَوْ لَمْ يُطَابِقْ فَفَسَادُهُ اتَّضَحْ
42-وَالشَّكُّ مَا كَانَ مِنَ الإدْرَاكِ ... مُحْتَمِلاً أَمْرَيَنِ بِاشْتِرَاكِ
43-وَالظَّنُّ مَا كَانَ لَهُ التَّرْجِيْحُ ... في ذَاكَ وَالْوَهْمُ هُوَ الْمَرْجُوْحُ
44-وَادْعُ أَمَارَةً مُفِيْدَ الظَّنِّ ... وَالظَّنُّ في بَعْضِ الأُمُوْرِ يُغْنِي
45-فَمَا يُرَى عَنْ ثِقَةٍ مَنْقُوْلاَ ... دُوْنَ التَّوَاتُرِ ادْعُهُ مَقْبُوْلاَ
46-وَمَا عَلَيْهِ لِلْوَرَى مُوَافَقَهْ ... مِنْ عَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُوَافِقَهْ
47-أَوْ جُلِّهِمْ وَمَنْ لَهُ الْفَضْلُ أُلِفْ ... فَذَاكَ بالْمَشْهُوْرِ عِنْدَهُمْ عُرِفْ
48-وَادْعُ مُفِيْدَ الْعِلْمِ بِالدَّلِيْلِ ... وَذَاكَ أَقْسَامٌ لَدَى التَّفْصِيْلِ
49-دَلِيْلُ حِسٍّ وَدَلِيْلُ عَقْلِ ... وَمِنْهُمَا مُرَكَّبٌ وَنَقْلِي
50-فَالْحِسُّ في الرُّؤْيَةِ وَالسَّمْعِ وَفي ... ذَوْقٍ وَشَمٍّ ثُمَّ لَمْسٍ اقْتُفِيْ
51-وَقُسِّمَ الْعَقْلِيُّ لِلضَّرُوْرِي ... وَمُسْتَفَادٍ بَعْدُ في الأُمُوْرِ
52-وَذَا الدَّلِيْلُ في الأُصُوْلِ لاَ يَقَعْ ... مُعْتَمَدًا أَصْلاً وَلَكِنْ مُتَّبَعْ
53-وَعِلْمُنَا بِمِثْلِ حُزْنٍ وَفَرَحْ ... إِلْحَاقُهُ بِمَا مَضَى قَدِ اتَّضَحْ
54-وَالْحَدْسُ وَالتَّجْرِيْبُ مِنْ مُرَكَّبِ ... وَمَعْهُمَا تَوَاتُرًا لَهُ انْسُبِ
55-وَمِثْلُهَا قَرَائِنُ الأَحْوَالِ ... لاِبْنِ الْجُوَيْنِيِّ وَلِلْغَزَالِي

فَصْلٌ في بَيَانِ الدَّلِيْلِ

56-وَالنَّقْلُ في الإِجْمَاعِ وَالْكِتَابِ مَعْ ... تَوَاتُرِ السُّنَّةِ كُلٌّ مُتَّبَعْ
57-وَلِلْقِيَاسِ وَلِلاِسْتِقْرَاءِ ... نَفْعٌ وَلِلتَّمْثِيْلِ في الأَنْحَاءِ

(1/3)

---

58-أَمَّا الْقِيَاسُ فَهْوَ مَا تَرَكَّبَا ... مِنْ جُمْلَتَيْنِ يُنْتِجَانِ الطَّلَبَا
59-وَإِنْ يَكُنْ جَمِيْعُهُ قَطْعِيَّا ... فَيُنْتِجُ الْقَطْعِيَّ لاَ الظَّنِّيَّا
60-وَإِنْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا ظَنِّيَّهْ ... فَلَيْسَ بِالْمُنْتِجِ لِلْقَطْعِيَّهْ
61-وَنَوْعُ الاِسْتِقْرَاءِ في التَّفْسِيْرِ ... تَتَبُّعٌ لِلْحُكْمِ في الأُمُوْرِ
62-فَيَحْصُلُ الظَّنَّ بِأَنَّ الحُكْمَ قَدْ ... عَمَّ مِنَ الأَفْرَادِ كُلَّ مَا وَجَدْ
63-وَرُبَّمَا يَبْلُغُ في ذَا الْحُكْمِ ... مَبْلَغَ أَنْ يُفِيْدَ حَالَ الْعِلْمِ
64-كَعِلْمِنَا في النَّحْوِ أَنَّ الرَّفْعَا ... يَعُمُّ كُلَّ الفَاعِلِيْنَ قَطْعَا
65-وَلاَ يُزِيْلُ الْقَطْعَ بِالْكُلِّيَّهْ ... تَخَلُّفٌ إِنْ كَانَ مِنْ جُزْئِيَّهْ
66-وَالْحُكْمُ لِلشَّيْءِ بِوَصْفٍ ظَاهِرِ ... في مِثْلِهِ التَّمْثِيْلُ في مَصَادِرِ
67-وَاعْتَبِرِ الْمَقَايِسَ الْفِقْهِيَّهْ ... فَهْيَ عَلَى أَسَاسِهِ مَبْنِيَهْ
68-وَإِنْ يَكُ الْعَقْلُ لِنَقْلٍ عَضَدَا ... فَالنَّقْلُ مَتْبُوْعٌ بِحَيْثُ وُجِدَا
69-إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ مَجَالٌ في النَّظَرْ ... إِلاَّ بِقَدْرِ مَا مِنَ النَّقْلِ ظَهَرْ
70-وَالْحُسْنُ كَالْقُبْحِ بِهِ خُلْفٌ جَلِيْ ... بَيْنَ أُوْلِي السُّنَّةِ وَالْمُعْتَزِلِيْ
71-يَقُوْلُ أَهْلُ السُّنَةِ التَّحْسِيْنُ ... وَضِدُّهُ بِالشَّرْعِ يَسْتَبِيْنُ
72-وَالْعَقْلُ قَبْلَ الشَّرْعِ مَا لَهُ نَظَرْ ... وَإِنَّهُ لَهُمْ لأَصْلٌ مُعْتَبَرْ
73-وَقَالَ أَهْلُ الاِعْتِزَالِ الْعَقْلُ ... لَهُ مَجَالٌ في الأُمُوْرِ قَبْلُ
74-ثُمَّ أَتَى الشَّرْعُ مُؤَكِّدًا لِمَا ... أَدْرَكَ أَوْ مُبَيِّنًا مَا انْبَهَمَا
75-وَهْوَ لَهُمْ مِنَ الأُصُوْلِ الْوَاهِيَهْ ... وَعَلَّقُوْا بِهِ فُرُوْعًا ذَاوِيَهْ
76-وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ في الاِسْتِعْمَالِ ... بِنِسْبَةِ النَّقْصِ أَوِ الْكَمَالِ

(1/4)

---

77-أَوْ جِهَةِ النِّفَارِ وَالْوِفَاقِ ... لِلطَّبْعِ عَقْلِيَّانِ بِاتِّفَاقِ
78-وَحَمَلَ الأَشْيَاءَ قَبْلَ الشَّرْعِ ... عَلَى الإِبَاحَةِ لَهَا وَالْمَنْعِ
79-الأَصْبَهَانِيُّ وَالاَبْهَرِيُّ ... وَالْقَوْلُ بِالتَّوَقُّفِ الْمَرْضِيُّ
80-لَكِنْ عَلَى دَلاَلةٍ شَرْعِيَّهْ ... وَفَاسِدٌ لِغَيْرِ هَذِي النِّيَّهْ
81-وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ ... عَقْلاً سِوَى في الْمَذْهَبِ الْمُذَمَّمِ

فَصْلٌ في ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ

82-اَلْوَضْعُ أَنْ يُجْعَلَ لِلْمَعْنَى عَلَمْ ... لَفْظٌ يُفِيْدُ مَالَدَى النَّفْسِ ارْتَسَمْ
83-وَالْقَصْدُ بِالَّلفْظِ لِقَصْدِ وَاضِعِهْ ... ذَلِكَ الاِسْتِعْمَالُ في مَوَاقِعِهْ
84-وَالْحَمْلُ الاِعْتِقَادُ فِيْمَا قَصَدَا ... مِنْ ذَلِكَ الْوَضْعِ الَّذِيْ قَدْ وَرَدَا
85-وَهَبْهُ قَدْ أَصَابَ في اعْتِقَادِهِ ... أَوْ خَالَفَ الْوَاضِعَ في مُرَادِهِ
86-وَمَبْدَأُ الُّلغَةِ قِيْلَ عِلْمُ ... وَقِيْلَ وَضْعٌ وَاسْتَقَرَّ الْفَهْمُ
87-وَبَعْضُهُمْ مَذْهَبُهُ التَّوْقِيْفُ ... في قَدْرِ مَا يَكْفِيْ بِهِ التَّعْرِيْفُ
88-ثُمَّ الْجَمِيْعُ مُمْكِنُ الْوُقُوْعِ ... وَالْخُلْفُ لاَ يُثْمِرُ في الْفُرُوْعِ
89-وَبَعْضُهُمْ خَالَفَ جُلَّ النَّاسِ ... فَأَثْبَتَ الُّلغَةَ بِالْقِيَاسِ

فَصْلٌ في أَسْمَاءِ الأَلْفَاظِ

90-اَلَّلفْظُ وَالْمَعْنَى إِذَا تَعَدَّدَا ... مَعًا تَبَايُنٌ كَرَاحَ وَاغْتَدَى
91-وَفي اتِّحَادٍ مُتَوَاطٍ إِنْ ظَهَرْ ... فِيْهِ التَّسَاوِيْ مِثْلَ أَرْضٍ وَشَجَرْ
92- وَمَعْ تَفَاوُتٍ لَدَيْهِ بَادِ ... مُشَكِّكٌ كَالنُّوْرِ وَالسَّوَادِ
93-وَمَا بِهِ الْمَعْنَى فَقَطْ تَعّدَّدَا ... كَالْعَيْنِ فَهْوَ الاِشْتِرَاكُ وَرَدَا
94-وَمَا يُرَى لِنَوْعِ ذَا يُخَالِفُ ... كَالْبُرِّ وَالْقَمْحِ هُوَ الْمُرَادِفُ
95-وَلَيْسَ مِنْهُ مَا بِهِ لِمَقْصِدِ ... زِيَادَةٌ كَالسَّيْفِ وَالْمُهَنَّدِ

(1/5)

---

96-وَالْوَضْعُ شَرْطُ الاِشْتِرَاكِ حَيْثُمَا ... أَتَى وَإِلاَّ فَهْوَ لِلنَّقْلِ انْتَمَى

فَصْلٌ

97-وُقُوْعُ لَفْظِ الاِشْتِرَاكِ وُضِعَا ... في مَعْنَيَيْهِ الْخُلْفُ فِيْهِ وَقَعَا
98-وَالْحُكْمُ فِيْهِ إِنْ أَتَى مُجَرَّدَا ... تَوَقُّفٌ فِيْهِ بِحَيْثُ وُجِدَا
99-وَالشَّافِعِيُّ حَامِلٌ لَهُ عَلَى ... مَا يَقْتَضِيْهِ الاِشْتِرَاكُ مَا عَلاَ
100-وَحَيْثُمَا احْتَفَّتْ بِهِ الْقَرَائِنُ ... فَهْوَ لِتَعْيِيْنِ الْمُرَادِ ضَامِنُ
101-وَفي الْكِتَابِ مِنْهُ بَعْضٌ قَدْ أَتَى ... مِثْلُ قُرُوْءٍ حُكْمُهُ قَدْ ثَبَتَا
102-وَمِثْلُهُ بَعْضُ الْمُعَرَّبَاتِ ... كَالأَبِّ وَالقُسْطَاسِ وَالْمِشْكَاةِ
103-وَجَمْعُ مَا عَلَى اشْتِرَاكٍ قَدْ وُضِعْ ... يُبْنَى عَلَى الْحَمْلِ الَّذِيْ مِنْهُ سُمِعْ
104-وَصَحَّ أَنْ يَنُوْبَ عَنْ مُرَادِفِ ... مُرَادِفٌ كَمُقْسِمٍ وَحَالِفِ
105-وَالْحَدُّ وَالْمَحْدُوْدُ أَوْ مَا بِالتَّبَعْ ... كَبَسَنٌ فِيْهِ التَّرَادُفُ امْتَنَعْ

فَصْلٌ في الْحَقِيْقَةِ وَالْمَجَازِ

106-مُسْتَعْمَلٌ فِيْمَا لَهُ قَدْ وُضِعَا ... حَقِيْقَةً يُدْعَى بِحَيْثُ وَقَعَا
107-وَعَكْسُهَا الْمَجَازُ إِنْ كَانَ انْتَقَلْ ... وَهْوَ عَلَى عَلاَقَةٍ قَدِ اشْتَمَلْ
108-وَلَيْسَتِ الآحَادُ مِنْهُ تَفْتَقِرْ ... لِلنَّقْلِ شَأْنَ كُلِّ مَا لاَ يَنْحَصِرْ
109-ثُمَّ كِلاَهُمَا مَعًا قَدْ يَنْعَكِسْ ... في الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ وَلَيْسَ يَلْتَبِسْ
110-وَلَيْسَتِ الْحَقِيْقَةُ الشَّرْعِيَّهْ ... لِمَنْ عَدَا الْقَاضِيِ بِالْمَنْفِيَّهْ
111-ثُمَّ الْمَجَازُ في لِسَانِ الْعَرَبِ ... يَكُوْنُ في الْمُفْرَدِ وَالْمُرَكَّبِ
112-وَهُوَ تَشْبِيْهٌ أَوِ اسْتِعَارَهْ ... وَمَعْ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ تَارَهْ
113-وَحَيْثُمَا عُبِّرَ بِالْمُسَبَّبِ ... عَنْ سَبَبٍ أَوْ عَكْسِهِ بِالسَّبَبِ

(1/6)

---

114-أَوِ اسْمِ كُلٍّ إِنْ يَكُنْ قَدْ أُطْلِقَا ... لِبَعْضٍ اوْ عَكْسٍ كَذَاكَ حُقِّقَا
115-أَوِ اسْمِ مَا مَضَى وَمَا يَسْتَقْبِلُ ... وَمِثْلُ ذَا الْمَعْنَى بِوَصْفٍ يَحْصُلُ
116-أَوِ اسْمِ مَا جَاوَرَ لِلْمُجَاوِرِ ... وَقِسْ عَلَى ذَاكَ بِأَمْرٍ ظَاهِرِ
117-وَالَّلفْظُ ذُو الْمَجَازِ وَالْحَقيْقَهْ ... كَذِي اشْتِرَاكٍ فَاتَّبِعْ طَرِيْقَهْ

فَصْلٌ في الْمُقْتَضَيَاتِ الْمُحْتَمَلَةِ

118-اَلاِحْتِمَالُ قَابِلُ التَّرْجِيْحِ ... وَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحِ لاَ الْمَرْجُوْحِ
119-فَكُلُّ أَصْلٍ خُصَّ بِالتَّقْدِيْمِ ... مَعْ فَرْعِهِ الْمَعْلُوْمِ بِالتَّقْسِيْمِ
120-وَذَاكَ كَالتَّخْصِيْصِ وَالتَّأْكِيْدِ ... وَالنَّسْخِ وَالْمَجَازِ وَالتَّقْيِيْدِ
121-وَالنَّقْلِ وَالإِضْمَارِ وَالتَّأْوِيْلِ ... وَمَا يُرَى كَذَاكَ مِنْ أُصُوْلِ
122-وَذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ دَلِيْلُ ... أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْعُ لاَ التَّأْصِيْلُ
123-وَالأَخْذُ بِالشَّرْعِيِّ مَعْ عَقْلِيِّ ... وَمِثْلُهُ الْعُرْفِيُّ مَعْ وَضْعِيِّ
124-وَفي احْتِمَالِ مُقْتَضِيْ فَرْعَيْنِ ... اَلْحُكْمُ أَخْذُ أَقْرَبِ الأَمْرَيْنِ
125-قَدِّمْ عَلَى الْمَجازِ تَخْصِيْصًا وَذَا ... قَدِّمْ عَلَى الإِضْمَارِ فَهْوَ الْمُحْتَذَى
126-وَكُلَّها قَدِّمْ عَلَى النَّقْلِ كَمَا ... جَمِيْعُهَا عَلَى اشْتِرَاكٍ قُدِّما
127-وَالنَّسْخُ لاَ تَقُلْ بِهِ إِلاَّ إِذَا ... لَمْ تُلْفِ فِيْهِ غَيْرَ ذَاكَ مَأْخَذَا
128-وَفي مَجَازٍ رَاجِحٍ يُعَارِضُ ... حَقِيْقَةً بِالْعَكْسِ خُلْفٌ عَارِضُ
129-فَقَدَّمَ الْحَقِيْقَةَ النُّعْمَانُ ... وَالْعَكْسَ عَنْ تِلْمِيْذِهِ اسْتَبَانُوا
130-وَنَقَلُوْا فِيْهِ لِفَخْرِ الدِّيْنِ ... تَوَقُّفًا عَنْ عُهْدَةِ التَّعْيِيْنِ

فَصْلٌ في لَحْنِ الْخِطَابِ وَفَحْوَاهُ وَدَلِيْلِهِ

(1/7)

---

131-وَيَحْصُلُ الْقَصْدُ مِنَ التَّفْهِيْمِ ... بِالاِقْتِضَا وَالَّلفْظِ وَالْمَفْهُوْمِ
132-لَحْنُ الْخِطَابِ الاِقْتِضَاءُ مَا عُرِفْ ... مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَلِلْفَهْمِ حُذِفْ
133-وَالْعَقْلُ عُمْدَةٌ في الاِقْتِضَاءِ ... وَقَدْ يُرَى بِالشَّرْعِ في أَشْيَاءِ
134-وَبِرُفِع عَّنْ أمَّتِي الْخَطَا وَلاَ ... صَلاَةَ إِلاَّ بِطُهُوْرٍ مُثِّلاَ
135-وَمِنْهُ مَا يَكُوْنُ بِالتَّصْرِيْحِ ... مَعْ قَصْدِهِ وَمِنْهُ بِالتَّلْوِيْحِ
136-فَأَوَّلٌ كَمُقْتَضِي التَّحْلِيْلِ ... وَمُقْتَضِي التَّحْرِيْمِ في التَّنْزِيْلِ
137-وَالثَّانِ مِثْلُ فَاقْطَعُوْا أَوْ فَاجْلِدُوْا ... في الْفَهْمِ لِلتَّعْلِيْلِ حَيْثُ يَرِدُ
138-وَمِثْلُهُ مَا جَاءَ في التَّرْغِيْبِ ... وَالْمَدْحِ أَوْ في الذَّمِّ وَالتَّرْهِيْبِ
139-وَذَاكَ مَا يُقْصَدُ في الْعِبَارَهْ ... وَغَيْرُ مَقْصُوْدٍ هُوَ الإِشَارَهْ
140-مِثْلُ أَقَلِّ الْحَمْلِ مِنْ دَلِيْلِهِ ... وَأَكْثَرِ الْحَيْضِ عَلَى تَفْصِيْلِهِ
141-ثُمَّ الَّذِيْ فَحْوَى الْخِطَابِ طَابَقَهْ ... فَذَلِكَ الْمَفْهُوْمُ ذُو الْمُوَافَقَهْ
142-وَهْوَ الَّذِي الْمَسْكُوتُ عَنْهُ حُكْمُهُ ... مِنْ جِهَةِ الْمَنْطُوْقِ بَادٍ فَهْمُهُ
143-وَقَدْ يُرَى الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَهْلاَ ... لِحُكْمِ مَنْطُوْقٍ بِهِ وَأَوْلَى
144-وَإِنْ يَكُنْ في حُكْمِهِ قَدْ خَالَفَهْ ... فَإِنَّهُ الْمَفْهُوْمُ ذُو الْمُخَالَفَهْ
145-وَسُمِّيَ الدَّلِيْلَ لِلْخِطَابِ ... وَخَصَّهُ النُّعْمَانُ بِاجْتِنَابِ
146-وَمَالِكٌ قَالَ بِهِ وَالشَّافِعِي ... وَلَيْسَ في الْمَنْطُوْقِ خَوْفُ مَانِعِ
147-وَالأَخْذُ بِالْمَفْهُوْمِ في الْمَذَاهِبِ ... مُمْتَنِعٌ إِنْ يَجْرِ مَجْرَى الْغَالِبِ
148-كَفِيْ حُجُوْرِكُمْ كَذَا مَا أَشْبَهَا ... سَبْعِيْنَ مَرَّةً مُبَالَغًا بِهَا

(1/8)

---

149-في الشَّرْطِ وَالْغَايَةِ ذَا الْمَفْهُومُ قَدْ ... جَاءَ وَفي اسْتِثْنَا وَحَصْرٍ وَعَدَدْ
150-وَجَاءَ في الْعِلَّةِ وَالزَّمَانِ ... وَالْوَصْفِ وَالْحَالِ وَفي الْمَكَانِ
151-وَلِلَّذِيْ يَلْزَمُ حَتْمًا اجْتُنِبْ ... مِمَّنْ سِوَى الدَّقَّاقِ مَفْهُومُ الَّلقَبْ

فَصْلٌ في الأَحْكَامِ

152-مُبَاحٌ اوْ وَاجِبٌ اوْ حَرَامُ ... أَوْ نَدْبٌ اوْ مَكْرُوْهٌ الأَحْكَامُ
153-فَالْوَاجِبُ الْمَطْلُوْبُ شَرْعًا فِعْلُهُ ... جَزْمًا وَدُوْنَ الْجَزْمِ نَدْبٌ أَصْلُهُ
154-وَالتَّرْكُ إِنْ يُطْلَبْ فَذَا الْحَرَامُ مَعْ ... جَزْمٍ وَمَكْرُوْهٌ إِنِ الْجَزْمُ ارْتَفَعْ
155-وَمَا أَتَى التَّخْيِيْرُ فِيْهِ شَرْعَا ... فِعْلاً وَتَرْكًا فَالْمُبَاحُ يُدْعَى
156-وَمِنْ خِطَابِ الشَّارِعِ الأَحْكَامُ لاَ ... مِنْ صِفَةِ الأَعْيَانِ حَيْثُ تُجْتَلَى
157-وَلاَ يُرَى تَعَلُّقُ الأَحْكَامِ ... إِلاَّ بِقَصْدٍ مِنْ أُوْلِي الأَفْهَامِ
158-فَمَا لَهَا تَعَلُّقٌ بِالنَّاسِي ... وَلاَ بِمَنْ أَشْبَهَهُ في النَّاسِ
159-وَمَا بِهِ تَمَامُ وَاجِبٍ وَجَبْ ... مِنْ أَمْرِهِ الأَوَّلِ ضِمْنًا يُكْتَسَبْ

فَصْلٌ

160-مَعْنَى الْوُجُوْبِ الْفَرْضُ بِاتِّفَاقِ ... وَخَالَفَ النُّعْمَانُ في الإِطْلاَقِ
161-فَجَعَلَ الْفَرْضَ عَنِ الْقَطْعِيِّ ... وَالْوَاجِبَ الثَّابِتَ عَنْ ظَنِّيِ
162-وَالْفَرْضُ مَقْسُوْمٌ إِلَى نَوْعَيْنِ ... فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ عَيْنِ
163-فَمَا عَلَى الأَعْيَانِ فَرْضُهُ كُتِبْ ... فَذَاكَ فَرْضُ الْعَيْنِ لَيْسَ يَنْقَلِبْ
164-وَمَا عَلَى الْجُمْلَةِ كَالْجِهَادِ ... فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْعِبَادِ
165-يَسْقُطُ عَنْ كُلٍّ إِذَا الْبَعْضُ فَعَلْ ... وَيَأْثَمُ الْجَمِيْعُ إِنْ هُوَ انْهَمَلْ
166-وَمِنْهُ مَا التَّرْتِيْبُ فِيْهِ جَارِ ... مِثَالُهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ

(1/9)

---

167-وَمِنْهُ بِالْعَكْسِ كَغَيْرِ الصَّوْمِ في ... مَا قَدْ أَتَى كَفَارَةً لِلْحَلِفِ
168-فَالْفَرْضُ وَاحِدٌ عَلَى التَّخْيِيْرِ ... وَذَلِكَ الْمُخْتَارُ لِلْجُمْهُوْرِ
169-وَمِنْهُ مَا في وَقْتِهِ تَوْسِيْعُ ... كَالْحَجِّ أَوْ مُقَدَّرٌ مَقْطُوْعُ
170-وَعُلِّقَ الْوُجُوْبُ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... مِنْهُمْ بِكُلِّ الْوَقْتِ في الْمُقَدَّرِ
171-وَالشَّافِعِيُّ بِابْتِدَاءٍ عَلَّقَا ... وَالْعَكْسُ لِلنُّعْمَانِ فِيْهِ حُقِّقَا
172-وَالنَّدْبُ لِلْعَيْنِ وَغَيْرِ الْعَيْنِ ... كَقُرْبَةِ الأَذَانِ وَالْعِيْدَيْنِ
173-وَالنَّدْبُ مَأْمُوْرٌ بِهِ لِلأَكْثَرِ ... وَعَنْهُمُ الْمَكْرُوْهُ بِالنَّهْيِ حَرِي
174-وَالذَّنْبُ الاِرْتِكَابُ لِلْحَرَامِ ... وَمِثْلُهُ الإِثْمُ لَدَى الأَفْهَامِ
175-وَهُوَ مَقْسُوْمٌ إِلَى الصَّغَائِرِ ... ثُمَّ إِلَى مَا عُدَّ مِنْ كَبَائِرِ
176-وَقَد تَّخِفُّ حَالَةُ الْمَكْرُوْهِ ... وَقَدْ يَكُوْنُ ضِدُّ ذَاكَ فِيْهِ
177-وَرُبَّمَا أُطْلِقَ وَالْقَصْدُ بِهِ ... تَعَيُّنُ الْحَرَامِ لاَ الْمُشْتَبِهِ
178-وَأُطْلِقَ الْمُبَاحُ إِطْلاَقَيْنِ ... اَلأَوَّلُ التَّخْيِيْرُ في الأَمْرَيْنِ
179-وَأُطْلِقَ الثَّانِيْ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجْ ... وَمَا أُبِيْحَ رُخْصَةً فِيْهِ انْدَرَجْ
180-وَبِاعْتِبَارِ مَا انْتَفَى لَهُ يُرَى ... عَنْ أَصْلِهِ مِنْ مُقْتَضَى مَا اعْتُبِرَا
181-وَلَيْسَ بِالْجِنْسِ لِوَاجِبٍ وَلاَ ... مِمَّا بِأَمْرٍ حُكْمُهُ قَدْ حَصَلاَ
182-وَلَيْسَ طَاعَةً دَلِيْلُ مَا ذُكِرْ ... أَنْ لَيْسَ لاَزِمًا بِنَذْرٍ إِنْ نُذِرْ

فَصْلٌ فِيْمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الأَحْكَامُ

183-وَذَاكَ مَانِعٌ وَشَرْطٌ وَسَبَبْ ... وَالْكُلُّ مُعْمَلٌ بِمَا بِهِ انْتَسَبْ
184-فَالسَّبَبُ الْمُظْهِرُ حُكْمًا إِنْ وَقَعْ ... وَإِنْ يَكُنْ يُرْفَعُ فَالْحُكْمُ ارْتَفَعْ

(1/10)

---

185-وَالشَّرْطُ مَا مِنْ شَأْنِهِ إِنْ عُدِمَا ... أَنْ لاَزِمٌ لِحُكْمِهِ أَنْ يُعْدَمَا
186-وَالْمَانِعُ الَّذِيْ إِذَا مَا وُجِدَا ... فَلاَزِمٌ لِلْحُكْمِ أَنْ لاَ يُوْجَدَا
187-وَالشَّيْءُ قَدْ يَكُوْنُ كُلَّ مَا ذُكِرْ ... مَعَ اخْتِلاَفِ الْحُكْمِ كَالرِّقِّ اعْتُبِرْ
188-وَلاَ يَكُوْنُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَدَا ... في ذَلِكَ الْحُكْمِ سَوَاءً أَبَدَا
189-وَالْبَعْضُ في الأَسْبَابِ مِنْ مَقْدُوْرِ ... مُكَلَّفٍ كَالْبَيْعِ وَالنُّذُوْرِ
190-وَبَعْضُهَا لَيْسَتْ لَهُ مَقْدُوْرَهْ ... كَالْفَجْرِ وَالزَّوَالِ وَالضَّرُوْرَهْ
191-وَمِثْلُهَا الشُّرُوْطُ وَالْمَوَانِعُ ... مَعًا كِلاَ الأَمْرَيْنِ فِيْهَا وَاقِعُ
192-كَالْغُسْلِ أَوْ كَالْحَوْلِ لِلزَّكَاةِ ... وَالدَّيْنِ أَوْ كَالْحَيْضِ لِلْفَتَاةِ
193-فَغَيْرُ مَقْدُوْرٍ بِكُلِّهَا اعْتُبِرْ ... مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ بِحَيْثُمَا نُظِرْ
194-وَاعْتُبِرَ الْمَقْدُوْرُ حَيْثُ وَقَعَا ... مِنْ جِهَةِ التَّكْلِيْفِ وَالْوَضْعِ مَعَا
195-وَوَضْعُ الاَسْبَابِ لِدَرْءِ مَفْسَدَهْ ... أَوْ لاِقْتِضَا مَصْلَحَةٍ مُعْتَمَدَهْ
196-وَهْوَ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ قَدْ وُضِعْ ... وَقِسْمُهُ الثَّانِيْ لَدَى الشَّرْعِ مُنِعْ
197-فَأَوَّلٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ ... وَالثَّانِ كَالإِتْلاَفِ وَالْجِرَاحِ
198-وَقَدْ يُرَى لِلسَّبَبِ الَّذِي اسْتَقَرّْ ... مُسَبَّبَاتٌ كَالنِّكَاحِ وَالسَّفَرْ
199-كَذَا لِشَرْطٍ مِثْلُهُ وَالْمَانِعِ ... مِثْلُ الْوُضُوْءِ وَالْمَحِيْضِ الْمَانِعِ
200-كَذَاكَ قَدْ يَكُوْنُ لِلْمُسَبَّبِ ... كَالْغُسْلِ أَسْبَابٌ لَدَى التَّرَكُّبِ
201-وَمِثْلُهُ الْمَشْرُوْطُ في تَعَدُّدِ ... شُرُوْطِهِ كَأَكْثَرِ التَّعَبُّدِ
202-كَذَلِكَ الْمَمْنُوْعُ مَعْ مَوَانِعِهْ ... كَالْبَيْعِ أَوْ كَالصَّوْمِ في مَوَاقِعِهِ

(1/11)

---

203-وَالسَّبَبُ الْوَاحِدُ كَافٍ مُعْتَبَرْ ... وَمِثْلُهُ في الْمَنْعِ مَانِعٌ ظَهَرْ
204-وَالشَّرْطُ مِثْلُ ذَاكَ في التَّخَلُّفِ ... بِوَاحِدٍ يَفْقِدُ حُكْمَ مُقْتَفِي
205-وَالشَّرْطُ قَدْ قُسِّمَ لِلْعَادِيِّ ... ثُمَّ إِلَى الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ
206-كَالأَكْلِ في الْحَيَاةِ وَالْحَيَاةِ ... في الْعِلْمِ وَالْوُضُوْءِ في الصَّلاَةِ
207-ثُمَّ لِذِي الأَدَاةِ إِنْ وَمَنْ وَلَوْ ... وَمَا لِمَعْنَاهَا بِهِ قَدِ احْتَذَوْا
208-وَلِلْقَرَافِيِّ وَمَنْ لَهُ انْتَسَبْ ... اَلْقَوْلُ إِنَّ ذَا لَهُ حُكْمُ السَّبَبْ
209-وَهْوَ عَلَى الأَصَحِّ عِنْدَ مَنْ نَظَرْ ... كَغَيْرِهِ مِنَ الشُّرُوْطِ يُعْتَبَرْ
210-ثُمَّ الْتِزَامُ مَا بِشَرْطٍ عُلِّقَا ... هُوَ الَّذِي طَرَفَ الاَسْبَابِ ارْتَقَى

فَصْلٌ في أَوْصَافِ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا

211-فِعْلُ الْمُكَلَّفِ لَهُ أَوْصَافُ ... لِبَعْضِهِ بِبَعْضِهَا اتِّصَافُ
212-فَصِحَّةٌ عَزِيْمَةٌ أَدَاءُ ... وَاعْكِسْ فَسَادٌ رُخْصَةٌ قَضَاءُ
213-مَا أَسْقَطَ الْقَضَا هُوَ الصَّحِيْحُ ... أَوْ وَافَقَ الأَمْرَ وَذَا مَرْجُوْحُ
214-وَمِثْلُهَا الإِجْزَاءُ في الْعِبَادَهْ ... وَهْيَ أَعَمُّ إِذْ تُرَى في الْعَادَهْ
215-وَعَكْسُهَا الْفَسَادُ كَالْبُطْلاَنِ ... هُمَا سَوَاءٌ لِسِوَى النُّعْمَانِ
216-وَيَقْتَضِيْ في الْعَادَةِ الْفَسْخَ وَفي ... عِبَادَةٍ إِعَادَةَ الْمُكَلَّفِ
217-وَمَا قَضَى الشَّرْعُ لَنَا تَحْتِيْمَهْ ... مِنْ فِعْلٍ اوْ تَرْكٍ هُوَ الْعَزِيْمَهْ
218-وَعَكْسُهَا الرُّخْصَةُ وَهْوَ مَا السَّبَبْ ... قَدْ عَيَّنَ الأَخْذَ بِعَكْسِ مَا وَجَبْ
219-وَاعْتَبِرِ الْعَزِيْمَةَ الْمُعْتَادَهْ ... بِأَنَّهَا تَجْرِيْ بِحُكْمِ الْعَادَهْ
220-أَوِ اعْتَبِرْهَا بِالْعُمُوْمِ مُطْلَقَا ... أَوْ كَوْنِ شَرْعِهَا ابْتِدَاءً حُقِّقَا

(1/12)

---

221-وَاعْتَبِرِ الرُّخْصَةَ فَهْيَ تَجْرِي ... مَعَ انْخِرَامِ عَادَةٍ لِعُذْرِ
222-أَوِ اعْتَبِرْهَا بِانْتِفَا الْعُمُوْمِ في ... زَمَانٍ اوْ في حَالٍ اوْ مُكَلَّفِ
223-وَأَصْلُهَا الْجَوَازُ وَهْيَ تَنْتَهِي ... لِلنَّدْبِ وَالْوُجُوْبِ وَالأَخْذِ بِهِ
224-ثُمَّ الأَدَاءُ فِعْلُ مَا وَقَعَ في ... وَقْتٍ لَهُ قُدِّرَ لِلْمُكلَّفِ
225-وَفي الْقَضَا اعْكِسَنْ وَأَوْجَبَ الْقَضَا ... أَمْرٌ جَدِيْدٌ وَالأَقَلُّ مَا مَضَى
226-وَبَعْضُهُ مِنْ وَصْفِهِ الْقَضَاءُ ... وَإِنْ يَكُنْ يَمْتَنِعُ الأَدَاءُ
227-وَذَاكَ كَالْحَائِضِ حَيْثُ تَقْضِيْ ... وَالْقَوْلُ بِالْمَجَازِ غَيْرُ مَرْضِيْ
228-وَبَعْضُ مَا يُوْصَفُ بِالأَدَاءِ ... إِنْ فَاتَ لاَ يُوْصَفُ بِالْقَضَاءِ
229-كَمِثْلِ سَاهٍ عَنْ صَلاَةِ الْجُمُعَهْ ... اَلشَّرْعُ مِنْ قَضَائِهَا قَدْ مَنَعَهْ

فَصْلٌ في الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ

230-مَقَاصِدُ الشَّرْعِ ثَلاَثٌ تُعْتَبَرْ ... وَأَصْلُهَا مَا بِالضَّرُوْرَةِ اشْتَهَرْ
231-وَاتَّفَقَتْ في شَأْنِهَا الشَّرَائِعُ ... أنْ كَانَ أَصْلاً وَسِوَاهُ تَابِعُ
232-وَهْوَ الَّذِيْ بِرَعْيِهِ اسْتَقَرَّا ... صَلاَحُ دُنْيَا وَصَلاَحُ أُخْرَى
233-وَذَاكَ حِفْظُ الدِّيْنِ ثُمَّ الْعَقْلِ ... وَالنَّفْسِ وَالْمَالِ مَعًا وَالنَّسْلِ
234-مِنْ جِهَةِ الْوُجُوْدِ وَالثَّبَاتِ ... كَالأَكْلِ وَالنِّكَاحِ وَالصَّلاَةِ
235-وَتَارَةً بِالدَّرْءِ لِلْفَسَادِ ... كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالْجِهَادِ
236-وَبَعْدَهُ الْحَاجِيُّ وَهْوَ مَا افْتَقَرْ ... لَهُ الْمُكَلَّفُ بِأَمْرٍ مُعْتَبَرْ
237-مِنْ جِهَةِ التَّوْسِيْعِ فِيْمَا يُنْتَهِجْ ... أَوْ رَفْعِ تَضْيِيْقٍ مُؤَدٍّ لِلْحَرَجْ
238-وَثَالِثٌ قِسْمُ الْمُحَسِّنَاتِ ... مَا كَانَ مِنْ مَسَائِلِ الْعَادَاتِ
239-وَفي الضَّرُوْرِيِّ وَفي الْحَاجِيِّ ... مَا هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الأَصْلِيِّ

(1/13)

---

240-كَالْحَدِّ في شُرْبِ قَلِيْلِ الْمُسْكِرِ ... وَكَاعْتِبَارِ كُفْءِ ذَاتِ الصِّغَرِ
241-وَكُلُّهَا قَوَاعِدُ كُلِّيَّهْ ... مَقَاصِدُ الشَّرْعِ بِهَا مَرْعِيَّهْ
242-وَلَيْسَ رَافِعًا لِكُلِّيَّاتِهَا ... تَخَلُّفٌ لِبَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا
243-وَهْيَ تَعَبُّدَاتٌ اوْ عَادَاتُ ... ثُمَّ جِنَايَاتٌ مُعَامَلاَتُ
244-وَجُمْلَةُ التَّعَبُّدَاتِ يَمْتَنِعْ ... أَنْ يُسْتَنَابَ في الَّذِيْ مِنْهَا شُرِعْ
245-وَفي الَّذِيْ يَدْخُلُهُ الْمَالُ نَظَرْ ... مِنْ جِهَتَيْنِ فِيْهِ خُلْفٌ اشْتَهَرْ
246-إِذْ صَارَ مِنْ مَجَالِ الاِجْتِهَادِ ... لِنَاظِرٍ كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ
247-وَغَيْرُهَا يَجُوْزُ بِاتِّفَاقِ ... نِيَابَةٌ فِيْهِ عَلَى الإِطْلاَقِ
248-مَا لَمْ تَكُنْ حِكْمَتُهُ مَقْصُوْرَهْ ... عَادَةً اوْ شَرْعًا فَلاَ ضَرُوْرَهْ
249-كِمِثْلِ مَا لِلاِزْدِجَارِ شَرْعُهُ ... وَكَالَّذِيْ لاَ يَتَعَدَّى نَفْعُهُ
250-وَجُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ يَمْنَعُ الْحِيَلْ ... لِقَلْبِ حُكْمٍ أَوْ لإِسْقَاطِ عَمَلْ
251-مَا لَمْ يَكُ الشَّرْعُ يُرَاعِيْهِ فَذَا ... فِيْهِ الْجَوَازُ بِاتِّفَاقِ يُحْتَذَى
252-كَمِثْلِ مَا رُوْعِيَ فِيْمَنْ يُكْرَهُ ... فَاحْتَالَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا يُكْرَهُ
253-أَوْ يَكُنِ الشَّرْعُ لَهُ مُطَّرِحَا ... لَمْ يَعْتَبِرْهُ حِيْلَةً إِذْ وَضَحَا
254-كَمَنْ لَهُ بُرٌّ رَفِيْعُ الْعَيْنِ ... فَبَاعَ مُدًّا وَاشْتَرَى مُدَّيْنِ
255-وَمَنْ أَجَازَ فَأَرَى اجْتِهَادَهْ ... أَدَّى لِذَا وَالْخُلْفُ في شَهَادَهْ
256-وَلاَ يُقَالُ إِنَّهُ تَعَمَّدَا ... خِلاَفَ قَصْدِ الشَّرْعِ فِيْمَا اعْتَمَدَا
257-وَوَاجِبٌ في مُشْكَلاَتِ الْحُكْمِ ... تَحْسِيْنُنَا الظَّنَّ بِأَهْلِ الْعِلْمِ

فَصْلٌ في التَّكْلِيْفِ

258-اَلْقَصْدُ بِالتَّكْلِيْفِ صَرْفُ الْخَلْقِ ... عَنْ دَاعِيَاتِ النَّفْسِ نَحْوَ الْحَقِّ

(1/14)

---

259-وَهْوَ عَلَى الْعُمُوْمِ وَالإِطْلاَقِ ... في النَّاسِ وَالأَزْمَانِ وَالآفَاقِ
260-وَشَرْعُهُ لِقَصْدِ أَنْ يُقِيْمَا ... مَصَالِحَ الْخَلْقِ لِتَسْتَقِيْمَا
261-أَمْرًا وَنَهْيًا بِاعْتِبَارِ الآجِلِ ... وَقَدْ يَكُوْنُ رَعْيُهُ لِلْعَاجِلِ
262-مِنْ حَيْثُ سَعْيُهُمْ لأُخْرَى تَاتِي ... لاَ جِهَةِ الأَهْوَاءِ وَالْعَادَاتِ
263-وَكَمْ دَلِيْلٍ لِلْعُقُوْلِ وَاضِحِ ... عَلَى الْتِفَاتِ الشَّرْعِ لِلْمَصَالِحِ
264-مِمَّا أَتَى في مُحْكَمِ التَّنْزِيْلِ ... في مَعْرِضِ الْمِنَّةِ وَالتَّعْلِيْلِ
265-كَقَوْلِهِ جَلَّ يُرِيْدُ اللهُ ... غَالِبُهُ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ
266-وَفي الْمَفَاسِدِ مَعَ الْمَصَالِحِ ... دَفْعًا وَجَلْبًا مَيْلُهُ لِلرَّاجِحِ
267-وَمِنْ كِلاَ الضِّدَّيْنِ مَالاَ يُعْتَبَرْ ... لِكَوْنِهِ في عَكْسِهِ قَدِ انْغَمَرْ
268-وَمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالأُخْرَى ... فَهْوَ بِتَقْدِيْمٍ لَدَيْهِ أَحْرَى

فَصْلٌ في شُرُوْطِ التَّكْلِيْفِ

269-وَاشْتُرِطَ الْبُلُوْغُ لِلتَّكْلِيْفِ ... كَالْعَقْلِ وَالإِسْلاَمِ وَالتَّعْرِيْفِ
270-وَالذِّهْنُ أَنْ يَحْضُرَ وَقْتَ الْفَرْضِ ... وَعَدَمُ الإِكْرَاهِ عِنْدَ بَعْضِ
271-وَلَيْسَتِ الزَّكَاةُ لِلصَّبِيِّ ... مِنْ ذَاكَ وَالْخِطَابُ لِلْوَلِيِّ
272-وَهْوَ بِمَا لَيْسَ يُطَاقُ قَدْ يَسَعْ ... عَقْلاً وَلَكِنْ ذَاكَ شَرْعًا امْتَنَعْ
273-وَلاَحِقٌ بِذَاكَ مَا فِيْهِ حَرَجْ ... مِمَّا عَنِ الْمُعْتَادِ يُلْفَى قَدْ خَرَجْ
274-وَلَيْسَ مِنْهُ كُلُّ مَا لَمْ نَقْدِرِ ... عَلَيْهِ مِنْ مُعْتَادِ فِعْلِ الْبَشَرِ
275-وَاشْتُرِطَ الإِمْكَانُ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... وَنَسَبُوْا خِلاَفَهُ لِلأَشْعَرِي
276-وَالاِتِّفَاقُ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَا ... بِمَا مِنَ الْمَعْلوْمِ أَنْ لَنْ يَقَعَا
277-وَلَيْسَ في التَّكْلِيْفِ شَرْطًا قَطْعَا ... أَنْ يَحْصُلَ الشَّرْطُ الْمُرَادُ شَرْعَا

(1/15)

---

278-وَهْيَ بِحُكْمِ الْفَرْضِ في وُقُوْعِ ... تَكْلِيْفِ مَنْ كَفَرَ بِالْفُرُوْعِ
279-وَبِاتِّفَاقٍ قَاطِعِ الْبُرْهَانِ ... أَنْ خُوْطِبَ الْكُفَّارُ بِالإِيْمَانِ
280-لِيَحْصُلَ التَّكْلِيْفُ بِالْمَشْرُوْعِ ... في حَقِّهِمْ مِنْ سَائِرِ الْفُرُوْعِ
281-وَإِنَّهُمْ لَيْسُوْا بِمَقْبُوْلِي الْعَمَلْ ... حَتَّى يُرَى الإِيْمَانُ مِنْهُمْ قَدْ حَصَلْ
282-وَالْخُلْفُ في الْخِطَابِ بِالْفُرُوْعِ ... ثَالِثُهَا بِالنَّهْيِ عَنْ مَمْنُوْعِ
283-وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ ... مَا مِثْلُ الاِتْلاَفِ عَلَى الإِطْلاَقِ

فَصْلٌ في الْحُقُوْقِ

284-تَرَتُّبُ الْحُقُوْقِ في الْمَطَالِبِ ... مُشْتَرَكٌ وَخَالِصٌ لِجَانِبِ
285-فَخَالِصٌ للهِ كَالزَّكَاةِ ... فَذَاكَ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَمَاتِ
286-وَخَالِصٌ لِلْعَبْدِ كَالدَّيْنِ إِذَا ... أَسْقَطَهُ فَنَافِذٌ مَا أَنْفَذَا
287-وَذُو اشْتِرَاكٍ مِثْلُ حَدِّ الْقَذْفِ ... فَذَا الَّذِيْ فِيْهِ مَنَاطُ الْخُلْفِ
288-فَبَعْضُهُمْ حَقَّ الْعِبَادِ غَلَّبُوا ... وَقِيْلَ حَقُّ اللهِ فِيْهِ أَوْجَبُ
289-وَمِنْهُ مَحْدُوْدٌ لَهُ تَرَتُّبُ ... في ذِمَّةٍ دَيْنًا عَلَيْهِ يَجِبُ
290-وَمُقْتَضَى التَّقْدِيْرِ في الأَشْيَاءِ ... يُشْعِرُ بِالْقَصْدِ إِلَى الأَدَاءِ
291-وَغَيْرُ مَحْدُوْدٍ كَهَذَا يُطْلَبُ ... وَمَا لَهُ في ذِمَّةٍ تَرَتُّبُ

فَصْلٌ في أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِ

292-وَكُلُّ فِعْلٍ لِلْعِبَادِ يُوْجَدُ ... إِمَّا وَسِيْلَةٌ وَإِمَّا مَقْصِدُ
293-وَهْيَ لَهُ في الْخَمْسَةِ الأَحْكَامِ ... تَأْتِي بِهِ بِحُكْمِ الاِلْتِزَامِ
294-وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا وَيُفْقَدُ ... بِحَيْثُمَا يَسْقُطُ ذَاكَ الْمَقْصِدُ
295-وَقَدْ يُرَى الْمَقْصِدُ وَالْوَسِيْلَهْ ... وَهْوَ لِشَيْءٍ فَوْقَهُ وَسِيْلَهْ
296-وَمِنْهُ إِنْشَاءٌ لِمِلْكٍ عَادِي ... كَالاِحْتِطَابِ وَكَالاِصْطِيَادِ

(1/16)

---

297-وَنَقْلُ مِلْكٍ كَانَ مِنْ قَبْلُ عَرَضْ ... مَعْ عِوَضٍ كَالْبَيْعِ أَوْ دُوْنَ عِوَضْ
298-وَمِنْهُ الاِسْقَاطُ لِحَقٍّ هُوَ لَهْ ... مَعْ عِوَضٍ أَوْ دُوْنَهُ قَدْ أَعْمَلَهْ
299-وَمِنْهُ الاِقْبَاضُ لِمَنْ لَهُ وَجَبْ ... بِالْفِعْلِ أَوْ بِنِيَّةٍ كَمِثْلِ الاَبْ
300-وَمِثْلُ ذَاكَ الْقَبْضُ في مَعْنَاهُ ... إِمَّا بِإِذْنِ الشَّرْعِ أَوْ سِوَاهُ
301-وَمِنْهُ الاِلْتِزَامُ كَالضَّمَانِ ... وَمِنْهُ الاِشْتِرَاكُ في الأَعْيَانِ
302-وَالإِذْنُ في الشَّيْءِ لِحَوْزِ نَافِعِ ... إِمَّا في الأَعْيَانِ أَوِ الْمَنَافِعِ
303-وَمِنْهُ الاِتْلاَفُ لِحَقِّ النَّاسِ ... في الأَكْلِ وَالْمَرْكَبِ وَالِّلبَاسِ
304-أَوْ لاِنْدِفَاعِ الضُّرِّ عَنْهُمْ وَالْخَطَرْ ... كَقَتْلِ شَيْءٍ فِيْهِ لِلْخَلْقِ ضَرَرْ
305-إِمَّا لِحَقٍّ فِيْهِ للهِ انْحَتَمْ ... كَقَتْلِ مَنْ يَكْفُرْ أَوْ كَسْرِ صَنَمْ
306-وَبَعْدَهُ التَّأْدِيْبُ بِالأَحْكَامِ ... وَالزَّجْرُ لِلْكَفِّ عَنِ الآثَامِ
307-وَسُمِّيَ الْحَدَّ مَعَ التَّقْدِيْرِ ... وَدُوْنَهُ سُمِّيَ بِالتَّعْزِيْرِ

فَصْلٌ في الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ

308-أَصْلُ الأَدِلَّةِ الْقُرَانُ مَا كُتِبْ ... في الْمُصْحَفِ الَّذِي اتِّبَاعُهُ يَجِبْ
309-أَنْزَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى النَّبِيْ ... وَقَالَ فِيْهِ بِلِسَانٍ عَرَبِيْ
310-فَفِيْهِ مَا في ذَلِكَ الِّلسَانِ ... مِنَ الدَّلاَلَةِ عَلَى الْمَعَانِي
311-مِنْ جِهَةِ الَّلفْظِ أَوِ الْمَفْهُوْمِ ... وَتَارَةً بِالاِقْتِضَا الْمَعْلُوْمِ
312-أَوْ جِهَةِ الدَّلاَلَةِ الأَصْلِيَّهْ ... أَوِ الَّتِيْ تَكُوْنُ تَابِعِيَّهْ
313-وَلُغَةُ الْعُرْبِ لَهَا امْتِيَازُ ... بِبَدْئِهَا وَالْمُنْتَهَى الإِعْجَازُ
314-كَذَاكَ مَا لِلْعُرْبِ مِنْ مَقَاصِدِ ... مَوْجُوْدَةٍ فِيْهِ لَدَى الْمَوَارِدِ
315-مِثْلُ الْكِنَايَةِ عَنِ الأَشْيَاءِ ... وَالنَّصِّ وَالإِجْمَالِ وَالإِيْمَاءِ

(1/17)

---

316-وَالأَخْذِ بِالْمَفْهُوْمِ أَوْ تَفْضِيْلِهِ ... وَالتَّرْكِ لِلْمَنْطُوْقِ مَعْ تَأْصِيْلِهِ
317-وَالْقَصْدِ لِلْمَجَازِ وَالإِيْهَامِ ... وَالْحَذْفِ وَالإِضْمَارِ وَالإِبْهَامِ
318-وَالسَّوْقِ لِلْمَعْلُوْمِ كَالْمَجْهُوْلِ ... لِنُكْتَةٍ وَالَّلحْظِ لِلتَّأْوِيْلِ
319-وَالْقَصْدِ لِلتَّخْصِيْصِ في التَّعْمِيْمِ ... وَعَكْسِهِ وَقِسْ عَلَى الْمَرْسُوْمِ
320-فَهْوَ عَلَى نَهْجِ كَلاَمِ الْعَرَبِ ... فَاسْلُكْ بِهِ سَبِيْلَ ذَاكَ تُصِبِ
3
321-وَمَنْ يُرِدْ فَهْمَ كَلاَمِ اللهِ ... بِغَيْرِهِ اغتَرَّ بِأَصْلٍ وَاهِ
322-وَنَقْلُهُ تَوَاتُرًا إِلَيْنَا ... بِالْخَطِّ وَاسْتِعْمَالُهُ لَدَيْنَا
323-بِمَقْرَإِ الْمَدِيْنَةِ الْمَشْهُوْرِ ... وَمَا يُضَاهِيْهِ مِنَ الْمَأثُوْرِ
324-وَصِحَّةُ النَّقلِ بِوَفْقِ الْمُصْحَفِ ... وَالُّلغَةِ الشَّرْطُ بِكُلِّ الأَحْرُفِ
325-وَذَاكَ مَقْطُوْعٌ عَلَى مُغَيَّبِهْ ... وَتُقْتَضَى الأَحْكَامُ مِنْ تَطَلُّبِهْ
326-وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ أَنَّ الْجَاحِدَا ... لَهُ مِنَ الْكُفَّارِ قَوْلاً وَاحِدَا
327-وَغَيْرُهُ يُنْسَبُ لِلشُّذُوْذِ ... وَالْحُكْمُ مِنْهُ لَيْسَ بِالْمَأْخُوْذِ
328-وَلاَ يَجُوْزُ بَعْدُ أَنْ يُقْرَأَ بِهْ ... وَلَيْسَ مَقْطُوْعًا عَلَى مُغَيَّبِهْ
329-وَلَمْ يُكفَّرْ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدْ وَقَعْ ... مِنْهُ لَهُ جَحْدٌ وَبِئْسَ مَا صَنَعْ
330-وَمَذْهَبُ الْقُرَّا بِهَذِي الْمَسْأَلَهْ ... أَقْعَدُ في الأَمْرِ كَذَا في الْبَسْمَلَهْ
331-وَذُو الأُصُوْلِ حَظُّهُ الأَخْذُ لِمَا ... مِنْهُ اسْتَمَرَّ عِلْمُهُ مُسَلَّمَا
332-وَالْحَقُّ أَنْ لاَ يُكْذَبَ الرُّوَاةُ ... في نَقْلِهِمْ لأَنَّهُمْ ثِقَاتُ
333-وَهْوَ لَدَى النُّعْمَانِ في عِدَادِ ... مَا قَدْ أَتَى في خَبَرِ الآحَادِ
334-وَمَالِكٌ ظَاهِرٌ اعْتِدَادُهُ ... بِهِ لأَنْ صَحَّ بِهِ اسْتِشْهَادُهُ

فَصْلٌ في الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ

(1/18)

---

335-مُتَّضِحَاتُ الآيِ مُحْكَمَاتُ ... قَسِيْمُهُنَّ الْمُتَشَابِهَاتُ
336-مِنْ حَيْثُ لاَ يُعْلَمُ مُقْتَضَاهَا ... فِيْمَا أَتَتْ بِهِ كَمِثْلِ طَهَ
337-أَوْ لِظُهُوْرِ صِفَةِ اشْتِبَاهِ ... وَالرَّاجِحُ الْوَقْفُ عَلَى اسْمِ اللهِ
338-وَيَقْتَضِيْ ذَاكَ مَعَانِ الآيَهْ ... مِنْ جِهَةِ التَّفْصِيْلِ في الْبِدَايَهْ
339-وَالسَّبَبُ الْوَاقِعُ في التَّنْزِيْلِ ... وَهْوَ مُرَاعَى لأُولِي التَّحْصِيْلِ
340-وَجَاءَ مَا لَمْ يُدْرَ لِلتَّنْبِيْهِ ... عَلَى الَّذِيْ لِلرَّاسِخِيْنَ فِيْهِ
341-وَذَلِكُ التَّصْدِيْقُ وَالإِيْمَانُ ... وَلَيْسَ يُسْتَبْعَدُ هَذَا الشَّانُ
342-مَعْ كَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ في الأَحْكَامِ ... فَيُطْلُبُ الْبَيَانُ في الإِعْلاَمِ
343-أَمَا تَرَى مَا قَالَ في الأَبِّ عُمَرْ ... وَمَا بِهِ في عَدَمِ الْبَحْثِ اعْتَذَرْ
344-فَحُكْمُ ذَا لِلرَّاسِخِيْنَ يُعْتَبَرْ ... مُنَزَّلاً مَنْزِلَ أَبٍّ لِعُمَرْ
345-وَالْقَوْلُ في الآيَةِ بِاشْتِمَالِ ... مَعْ ذَا عَلَى تَشَابُهِ الإِجْمَالِ
346-مُرْتَكَبٌ صَعْبٌ وَمِمَّا يَلْزَمُ ... عَلَيْهِ أَنْ يَقِلَّ فِيْهِ الْمُحْكَمُ

فَصْلٌ في الْمُبَيَّنِ وَالْمُجْمَلِ وَالظَّاهِرِ وَالْمُؤَوَّلِ

347-قَوْلٌ يُرَى مُعَيِّنًا مَدْلَوْلُهُ ... بِالْوَضْعِ أَوْ ضَمِيْمَةٍ تَسْمُوْ لَهُ
348-هُوَ الْمُبَيَّنُ الَّذِيْ قَدْ شَمَلاَ ... اَلنَّصَّ وَالظَّاهِرَ وَالْمُؤَوَّلاَ
349-وَعَكْسُهُ الْمُجْمَلُ وَهْوَ مَا افْتَقَرْ ... في مُقْتَضَاهُ لِبَيَانٍ وَنَظَرْ
350-وَالنَّصُّ قَوْلٌ مُفْهِمٌ مَعْنَاهُ ... مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبَلَ مَا عَدَاهُ
351-وَإِنْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ يَحْتَمِلُ ... مَعْهُ سِوَاهُ فَاسْمُ ذَا الْمُحْتَمِلُ
352-وَالظَّاهِرُ الَّذِيْ مُرَجَّحًا بَدَا ... وَعَكْسُهُ مُؤَوَّلٌ إِنْ عُضِدَا
353-وَفي الْكِتَابِ قَدْ أَتَتْ وَالسُّنَّهْ ... لَمْ يَتَخَلَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُنَّهْ

(1/19)

---

354-وَالأَخْذُ بِالتَّأْوِيْلِ أَمْرٌ مُعْتَبَرْ ... لِجُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ حُكْمُهُ اشْتَهَرْ
355-وَهْوَ قَرِيْبٌ في مَحَلِّ النَّظَرِ ... وَمِنْهُ ذُوْ بُعْدٍ وَذُوْ تَعَذُّرِ
356-بِالأَوَّلِ الْعَمَلُ بِاتِّفَاقِ ... مِمَّنْ بِهِ قَالَ عَلَى الإِطْلاَقِ
357-وَقِسْمُهُ الثَّانِيْ كَأَمْسِكْ أَرْبَعَا ... يُرَادُ جَدِّدْ أَوْ دَعِ الْمُتَّبِعَا
358-وَمِثْلُهُ إِطْعَامُ سِتِّيْنَ عَلَى ... الاِطْعَامِ مَعْ تَعْدَادِ شَخْصٍ حُمِلاَ
359-وَثَالِثٌ لَيْسَ لَهُ قَبُوْلُ ... وَهْوَ الَّذِيْ تَعَافُهُ الْعُقُوْلُ
360-كَمِثْلِ مَا عَنْ أَهْلِ نَجْرَانَ صَدَرْ ... في مِثْلِ نَحْنُ وَخَلَقْنَا وَنَذَرْ

فَصْلٌ في الْبَيَانِ

361-إِخْرَاجُ مُشْكِلٍ مِنَ الْمَعَانِي ... إِلَى التَّجَلِّي الْحَدُّ لِلْبَيَانِ
362-فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِالتَّعْلِيْلِ ... وَالْقَوْلِ وَالْمَفْهُوْمِ وَالتَّأْوِيْلِ
363-وَالنَّسْخِ وَالتَّخْصِيْصِ وَالدَّلِيْلِ ... مِنْ حِسٍّ اوْ عَقْلٍ عَلَى التَّفْصِيْلِ
364-وَالْفِعْلِ وَالإِقْرَارِ وَالإِيْمَاءِ ... وَالْكَتْبِ وَالْقِيَاسِ في الأَشْيَاءِ
365-وَلاَ يَجُوْزُ في الْبَيَانِ أَنْ يُرَى ... عَنْ وَقْتِ حَاجَةٍ لَهُ مُؤَخَّرَا
366-وَجَوَّزُوا التَّأْخِيْرَ بِالإِطْلاَقِ ... عَنْ زَمَنِ الْخِطَابِ بِاتِّفَاقِ
367-وَمُطْلَقُ التَّحْلِيْلِ وَالتَّحْرِيْمِ ... لَيْسَ بِمُجْمَلٍ لَدَى الْفَهِيْمِ
368-لأَنَّ مَنْ عُرْفِ الْخِطَابِ يُفْهَمُ ... في كُلِّ وَقْتٍ حُكْمُهُ وَيُعْلَمُ
369-وَجُمْلَةٌ ذَاتُ اقْتِضَاءٍ صَحَّتِ ... كَالْوَالِدَاتُ وَرُفِع عَّنْ أُمَّتِي
370-كَذَاكَ مَا لَدَيْهِ مَحْمَلاَنِ ... مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَالِّلسَانِ
371-وَالْخُلْفُ في هَذَا كَالاِثْنَانِ فَمَا ... فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ قَدْ عُلِمَا
372-وَالاِسْمُ في الْمُخْتَارِ مِثْلُ الْمُجْمَلِ ... كَالصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ غَيْرُ مُجْمَلِ

(1/20)

---

373-وَالْعَكْسُ قِيْلَ وَقَضَى الْغَزَالِي ... في النَّفْيِ لاَ الإِثْبَاتِ بِالإِجْمَالِ
374-وَمَا كَمِثْلِ فَامْسَحُوْا أَوْ فَاقْطَعُوْا ... لَيْسَ بِمُجْمَلٍ بِحَيْثُ يَقَعُ
375-وَمَا لِمَعْنًى تَارَةً وَيُنْقَلُ ... لِمَعْنَيَيْنِ دُوْنَهُ فَمُجْمَلُ

فَصْلٌ في الْعُمُوْمِ وْالْخُصُوْصِ

376-مَعْنَى الْعُمُوْمِ مَا بِهِ الَّلفْظُ شَمِلْ ... مَدْلُوْلَهُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَشْتَمِلْ
377-وَأَصْلُ أَلْفَاظِ الْعُمُوْمِ كُلُّ ... كَذَا جَمِيْعٌ مِثْلُهُ يَدُلُّ
378-وَالْجَمْعُ وَاسْمُهُ إِذَا مَا عُرِّفَا ... وَمُفْرَدٌ مَعْ أَلْ إِذَا الْجِنْسُ خَفَا
379-وَمَنْ وَمَا مَهْمَا وَأَيُّ وَالَّذِيْ ... وَبِالْفُرُوْعِ حُكْمُهُ قَدِ احْتُذِيْ
380-وَأَيْنَ مِثْلُ حَيْثُ في الْمَكَانِ ... كَذَا مَتَى أَيَّانَ في الزَّمَانِ
381-وَالنَّكِرَاتُ في سِيَاقِ نَفْيِهَا ... تَعُمُّ كَالِفِعْلِ الَّذِيْ في طَيِّهَا
382-وَالْخُلْفُ في نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ أَتَى ... وَالْمَنْعُ لِلنُّعْمَانِ فِيْهِ ثَبَتَا
383-وَمُثْبَتُ الأَفْعَالِ لاَ يَعُمُّ ... أَقْسَامَهَا وَمِنْ سِوَاهُ الْحُكْمُ
384-وَفي خِطَابِ النَّاسِ بِالسَّوَاءِ ... يَنْدَرِجُ الْعَبِيْدُ كَالنِّسَاءِ
385-إِلاَّ إِذَا مَا خُصَّ بِالدَّلِيْلِ ... حُكْمُ الْفَرِيْقَيْنِ عَلَى التَّفْصِيْلِ
386-وَسَالِمُ الْجَمْعِ مِنَ الْمُذَكَّرِ ... لاَ يَشْمَلُ النِّسَاءَ عِنْدَ الأَكْثَرِ
387-وَشَامِلٌ لَهُنَّ مَنْ شَرْطًا وَفي ... خِطَابِ وَاحِدٍ سِوَاهُ مُنْتَفِيْ
388-وَمَنْ مَضَى خِطَابُهُ في عَهْدِهِ ... لَيْسَ خِطَابًا لِلَّذِيْ مِنْ بَعْدِهِ
389-وَمَا أَتَى لِلْمَدْحِ أَوْ لِلذَّمِّ ... يَعُمُّ بِالْخُلْفِ لأَهْلِ الْعِلْمِ
390-وَمِثْلُ يَا عِبَادِ لِلرَّسُوْلِ ... وَغَيْرِهِ الأَكْثَرُ بِالشُّمُوْلِ
391-وَعَكْسُهُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ... بِالْعَكْسِ إِلاَّ بِدَلِيْلٍ يُقْبَلُ

(1/21)

---

392-وَلاَ يَعُمُّ نَحْوُ خُذْ مِنْ مَالِيْ ... صَدَقَةً في أَخْذِهَا مِنْ مَالِيْ
393-وَعَنْ صَحَابِيٍّ نَهَى عَنِ الْغَرَرْ ... يَعُمُّ كُلَّ غَرَرٍ لَدَى النَّظَرْ
394-وَمِثْلُ قَوْلِهِ قَضَى بِالشُّفْعَهْ ... لِلْجَارِ مُبْدٍ لِلْعُمُوْمِ نَفْعَهْ
395-وَالأَخْذُ بِالْعُمُوْمِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ ... مُخَصِّصٍ مِمَّا بِهِ الْمَنْعُ اقْتَرَنْ
396-وَإِنْ عَلَى الْعِلَّةِ حُكْمٌ عُلِّقَا ... يَعُمُّ بِالْقِيَاسِ شَرْعًا مُطْلَقَا
397-وَقِيْلَ لاَ وَقِيْلَ بَلْ بِالصِّيْغَةِ ... وَالأَوَّلُ الأَظْهَرُ في الْقَضِيَّةِ
398-كَذَا مُخَاطِبٌ بِلَفْظٍ يَشْمُلُ ... في مُتَعَلَّقِ الْعُمُوْمِ يَدْخُلُ

فَصْلٌ في التَّخْصِيْصِ

399-وَقَصْرُ مَا عَمَّ عَلَى بَعْضِ الَّذِيْ ... يَحْتَمِلُ الَّلفْظَ الْخُصُوْصُ يَحْتَذِيْ
400-وَفي الْمُخَصِّصَاتُ مَا يَنْفَصِلُ ... وَبَعْضُهَا بِعَكْسِهِ يَتَّصِلُ
401-وَهْوَ عَلَى اسْتِثْنَا وَشَرْطٍ وَبَدَلْ ... بَعْضٍ وَغَايَةٍ وَوَصْفٍ اشْتَمَلْ
402-وَغَيْرُ شَرْطٍ إِنْ أَتَى وَالْبَدَلِ ... مِنْ بَعْدِ وَاوٍ عَاطِفٍ لِلْجُمَلِ
403-يَخُصُّهُ النُّعْمَانُ بِالأَخِيْرِ ... وَغَيْرُهُ لِبَدْوِ ذِيْ تَحْجِيْرِ
404-لَكِنَّ لِلشَّرْطِ خُصُوْصًا عِنْدَهُ ... فَلِلْجَمِيْعِ كُلُّهُمْ قَدْ رَدَّهُ
405-وَمَا مِنَ الْمُخَصِّصَاتِ يَنْفَصِلْ ... فَإِنَّهُ عَلَى ضُرُوْبٍ يَشْتَمِلْ
406-فَمُطْلُقُ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ ... بِالنَّصِّ وَالْمَفْهُوْمِ دُوْنَ ءَابِ
407-وَالْعَقْلِ وَالْحِسِّ مَعَ الإِجْمَاعِ ... وَالْخُلْفُ في الْقِيَاسِ لِلأَتْبَاعِ
408-فَمَالِكٌ وَسَائِرُ الأَئِمَّهْ ... وَالأَشْعَرِيُّ مُعْمِلُوْنَ حُكْمَهْ
409-وَكُلُّهَا مُخَصِّصٌ لِلسُّنَّهْ ... وَلِلْكِتَابِ مِثْلُ ذَاكَ هُنَّهْ
410-وَعَمَّ مَعْطُوْفٌ عَلَى مَا خُصِّصَا ... وَمَا عَلَيْهِ عَطْفُ مَا تَخَصَّصَا

(1/22)

---

411-وَعَمَّ مَا الرَّاوِيْ لَهُ مُخَالِفُ ... وَالْقَوْلُ بِالتَّخْصِيْصِ فِيْهِ سَالِفُ
412-وَالْعُرْفُ كَالْعَادَةِ فِيْهِ خُلْفُ ... وَالْمَنْعُ تَرْجِيْحٌ بِهِ مُحْتَفُّ
413-وَمِثْلُ هَذَا مَرْجِعُ الضَّمِيْرِ ... لِلْبَعْضِ لاَ يَخُصُّ لِلْجُمْهُوْرِ
414-وَمِثْلُهُ إِنْ وَافََقَ الْعُمُوْمَا ... مُخَصَّصٌ لاَ يَرْفَعُ التَّعْمِيْمَا
415-وَخُصَّ لِلْوَاحِدِ بِالْمُسْتَثْنَى ... وَبَدَلٍ وَقِيْلَ لاَ يُسْتَثْنَى
416-وَحُجَّةً يَبْقَى لَدَى الْمَوَارِدِ ... عَلَى الْمَجَازِ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدِ
417-وَالسَّبَبُ الْمَخْصُوْصُ عِنْدَ الشَّافِعِي ... يُخَصِّصُ الْعُمُوْمَ في الْمَوَاقِعِ
418-وَالْوَاجِبُ الْعُمُوْمَ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... فِيْمَا اسْتَقَلَّ دُوْنَهُ في النَّظَرِ
419-وَغَيْرُ مَا اسْتَقَلَّ يَتْبَعُ السَّبَبْ ... في كُلِّ حَالٍ ذَاكَ أَمْرٌ قَدْ وَجَبْ
420-وَجَازَ في مُخَصِّصٍ تَأْخِيْرُهُ ... بِنَحْنُ مَعْ يُوْصِيْكُمُ تَقْرِيْرُهُ
421-كَذَاكَ تَبْلِيْغُ الرَّسُوْلِ الْحُكْمَا ... وَاخْتِيْرَ في الْبَعْضِ وَبَعْضٌ عَمَّا
422-وَعِنْدَ مَالِكٍ أَقَلُّ الْجَمْعِ ... ثَلاَثَةٌ وَاثْنَانِ عَنْهُ مَرْعِيْ
423-وَلَفْظُ مَا قَدْ خَصَّ أَوْ قَدْ عَمَّ في ... مَدْلُوْلِهِ وَعَكْسُهُ قَدِ اقْتُفِيْ

اَلاِسْتِثْنَاءُ

424-وَحَدُّهُ الإِخْرَاجُ بِالأَدَاةِ ... بَعْضًا مِنَ الْمَنْفِيِّ لِلإِثْبَاتِ
425-أَوْ بَعْضَ مُثْبَتٍ لِمَنْفِيٍّ وَقَدْ ... كَانَ لَهُ الدُّخُوْلُ قَبْلُ يُعْتَمَدْ
426-بِالْعِلْمِ أَوْ بِالظَّنِّ وَالْجَوَازِ ... فَالْعِلْمُ بِالنُّصُوْصِ بِامْتِيَازِ
427-وَالظَّنُّ في الْعُمُوْمِ وَالظَّوَاهِرِ ... وَجَازَ في ظَرْفٍ وَحَالٍ ظَاهِرِ
428-وَمَنْ سِوَى الْقَاضِيْ يُجِيْزُ اسْتِثْنَا ... أَكْثَرَ مَا مِنْهُ يُرَى الْمُسْتَثْنَى
429-وَكَادَ أَنْ يُمْنَعَ بِاتِّفَاقِ ... إِتْيَانُ مَا اسْتُثْنِيْ لِلاِسْتِغْرَاقِ

(1/23)

---

430-وَفَصْلُهُ يُمْنَعُ وَالْمَنْقُوْلُ ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَهُ تَأْوِيْلُ
431-وَشَفْعُ مَا اسْتُثْنِيْ مِنَ الْمُسْتَثْنَى ... كَالْوَصْلِ وَالْوَتْرِ كَفَرْدٍ عَنَّا
432-وَمِثْلُهُ في الَّلفْظِ لاَ في الْمَعْنَى ... مُنْقَطِعٌ مِنْ نَوْعَيِ الْمُسْتَثْنَى
433-وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَعْ تَعَذُّرِ ... مُتَّصِلٍ وَرَابِطٍ مُقَدَّرِ

الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ

434-اَلْمُطْلَقُ الْمُفِيْدُ لِلْمَاهِيَّهْ ... مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ يَقْتَضِيْ وَصْفِيَّهْ
435-وَيُكْتَفَى بِأَيِّ فَرْدٍ وُجِدَا ... مِنْهُ لَدَى الْحُكْمِ بِحَيْثُ وَرَدَا
436-وَمَا بِوَصْفٍ أَوْ سِوَاهُ بُيِّنَا ... فَهْوَ مُقَيَّدٌ وَقَد تَّعَيَّنَا
437-وَكُلُّ مُطْلَقٍ فَلَيْسَ يُوْجَدُ ... إِلاَّ إِضَافِيًّا كَذَا الْمُقَيَّدُ
438-فَاحْكُمْ لِمُطْلَقٍ بِمَا لَهُ بَدَا ... وَاحْمِلْ عَلَى تَقْيِيْدِهِ الْمُقَيَّدَا
439-وَمَا أَتَى في مَوْضِعٍ مُقَيَّدَا ... وَفي سِوَاهُ مُطْلَقًا أَيْضًا بَدَا
440-فَإِنْ يَكُ الْحُكْمُ بِهِ وَالسَّبَبُ ... مُتَّفِقَيْنِ حُكْمُ قَيْدٍ يَجِبُ
441-وَإِنْ يَكُنْ مُخَالِفًا في وَاحِدِ ... فَالْخُلْفُ في الْمَذْهَبِ في الْمَوَارِدِ
442-وَقَيَّدَ الْمُطَلَقَ فِيْهِ الشَّافِعِي ... وَالْقَوْلُ لِلنِّعْمَانِ مِثْلُ الْمَانِعِ

الأَمْرُ وَالنَّهْيُ

443-وَالأَمْرُ لِلْوُجُوْبِ لاَ لِلنَّدْبِ إِنْ ... جُرِّدَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَقْتَرِنْ
444-وَهْوَ إِنِ احْتَفَّتْ بِهِ قَرِيْنَهْ ... فَمُقْتَضَاهَا مُقْتَضٍ تَعْيِيْنَهْ
445-وَلَيْسَ لِلْفَوْرِ وَلاَ التَّكْرَارِ ... وَالنَّهْيِ عَنْ ضِدٍّ عَلَى الْمُخْتَارِ
446-وَمَا عَلَى ثَابِتِ عِلَّةٍ ثَبَتْ ... فَهْوَ مُكَرَّرٌإِذَا تَكَرَّرَتْ
447-وَالأَمْرُ إِنْ عَاقَبَهُ مِثْلٌ وَلاَ ... مَانِعَ لِلتَّكْرَارِ وَالْعَطْفِ جَلاَ

(1/24)

---

448-فَقِيْلَ بِالأَمْرَيْنِ في ذَاكَ الْعَمَلْ ... وَقِيْلَ بِالتَّوْكِيْدِ وَالْوَقْفِ انْتَقَلْ
449-وَالأَرْجَحُ التَّأْسِيْسُ مَعْ عَطْفٍ فَإِنْ ... رَجَحَ تَوْكِيْدٌ بِعَادِيٍّ قُرِنْ
450-فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ وَإِلاَّ ... فَالْوَقْفُ فِيْهِ حُكْمُهُ تَجَلَّى
451-وَكُلُّ مَأْمُوْرٍ بِهِ الأَمْرُ حَرِي ... بِمُقْتَضَى الإِجْزَاءِ عِنْدَ الأَكْثَرِ
452-وَهْوَ عَلَى التَّخْيِيْرِ مُسْتَقِيْمُ ... بِوَاحِدٍ وَمِثْلُهُ التَّحْرِيْمُ
453-وَالأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ مُسْتَفَادُ ... إِبَاحَةٍ كَانْتَشِرُوْا وَاصْطَادُوْا
454-وَقِيْلَ لِلْوُجُوْبِ وَالْوَقْفِ نُقِلْ ... وَبَعْدَ الاِسْتِئْذَانِ كَالْحَظْرِ حُمِلْ
455-وَالأَمْرُ بِالأَمْرِ بِشَيْءٍ لاَ يُرَى ... أَمْرًا بِهِ كَقُلْ لِزَيْدٍ انْظُرَا
456-وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيْمِ إِنْ تَجَرَّدَا ... أَوْ مَعْ قَرِيْنَةٍ عَلَيْهَا اعْتَمَدَا
457-وَبِاقْتِضَاءِ الْفَوْرِ وَالتَّكْرَارِ لاَ ... أَمْرٍ بِضِدٍّ قَالَ مَنْ تَبَتَّلاَ
458-وَالنَّهْيُ في الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَقْتَضِيْ ... فَسَادَهُ وَالْقَاضِ عَكْسًا يَرْتَضِيْ
459-وَقَوْلُ فَخْرِ الدِّيْنِ في الْعِبَادَهْ ... كَقَوْلِ الأَكْثَرِيْنَ لاَ في الْعَادَهْ
460-وَالنَّهْيُ ضِدُّ الأَمْرِ مُطْلَقًا وَإِنْ ... تَوَارَدَا فَبِاعْتِبَارٍ يَقْتَرَنْ
461-فَالنَّهْيُ عَنْ شَيْءٍ يَخُصُّ أَصْلَهُ ... وَمَا لَهُ جَاوَرَ أَوْ وَصْفًا لَهُ
462-فَالأَمْرُ وَالأَوَّلُ لَنْ يَجْتَمِعَا ... إِذْ يَسْتَحِيْلُ افْعَلْ وَلاَ تَفْعَلْ مَعَا
463-فَتَائِبٌ يَخْرُجُ مِمَّا قَدْ غَصَبْ ... مُمْتَثِلٌ لِفْعِلِهِ لِمَا يَجِبْ
464-وَعَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ إِثْمُهُ ... مُسْتَصْحَبٌ حَالَ الْخُرُوْجِ حُكْمُهُ
465-وَالأَمْرُ مَعْ نَهْيٍ عَنِ الْمُجَاوِرِ ... جَمْعُهُمَا يُمْكَنُ دُوْنَ حَاجِرِ

(1/25)

---

466-مِثْلُ الصَّلاَةِ في الْمَكَانِ الْمُغْتَصَبْ ... أَوْ وَقْتِ أَنْ يَمْنَعَ مِمَّا قَدْ وَجَبْ
467-فَيُجْعَلُ الأَمْرُ بِهِ لأَصْلِهِ ... وَيُقْصَرُ النَّهْيُ عَلَى مَحَلِّهِ
468-وَالنَّهْيُ عَنْ وَصْفٍ بِهِ الْخُلْفُ جلِي اجْتُلِي ... وَمَالِكٌ أَلْحَقَهُ بِالأَوَّلِ
469-مِثْلُ الصِّيَامِ مُقْتَضًى بِالأَمْرِ ... وَالنَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ
470-وَكَالطَّوَافِ الأَمْرُ بِإِتْبَاعِهِ ... مَعْ نَهْيِ مَنْ أَحْدَثَ عَنْ إِيْقَاعِهِ
471-وَيَبْطُلُ الْوَصْفُ لَدَى النُّعْمَانِ ... لاَ غَيْرُ، ذَا يَعُدُّهُ كَالثَّانِي
472-وَحَالُ مَا أُبِيْحَ مَعْ نَهْيٍ يَرِدْ ... كَحَالِ مَأْمُوْرٍ بِهِ فِيْمَا قُصِدْ
473-كَالنَّهْيِ حَالَ الْحَيْضِ عَنْ طَلاَقِ ... أَوْ سَفَرٍ في حَالَةِ الإِبَاقِ
474-وَإِنْ أَتَى بَعْدَ الْوُجُوْبِ الأَكْثَرُ ... مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيْمِ ذَاكَ يُشْعِرُ
475-وَلِلإِبَاحَةِ الأَقَلُّ تَالِيْ ... وَالْوَقْفُ فِيْهِ لأَبِي الْمَعَالِيْ

النَّسْخُ

476-اَلنَّسْخُ غَيْرُ مُسْتَحِيْلٍ عَقْلاَ ... وَقَدْ أَتَى شَرْعًا وَصَحَّ نَقْلاَ
477-وَالْحَدُّ فِيْهِ رَفْعُ حُكْمٍ شُرِعَا ... قَدْ سَبَقَ الْعِلْمُ بِهِ أَنْ يُرْفَعَا
478-يَدْخُلُ في السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ ... إِذْ بِهِمَا النَّسْخُ بِلاَ ارْتِيَابِ
479-وَمَا عَدَا هَذَيْنِ يُلْفَى رَاسِخَا ... وَلاَ يَكُوْنُ لِسِوَاهُ نَاسِخَا
480-وَمَا عَلَيْهِ أَجْمَعُوْا في الْمُصْحَفِ ... لَيْسَ بِنَسْخٍ لِمُزَالِ الأَحْرُفِ
481-وَتُنْسَخُ الآيَاتُ بِالآيَاتِ ... وَاخْتَلَفُوْا في الْمُتَوَاتِرَاتِ
482-وَالنَّسْخُ بِالآحَادِ في ذَاكَ امْتَنَعْ ... عِنْدَ سِوَى الْبَاجِيْ وَهْوَ الْمُتَّبَعْ
483-وَالنَّسْخُ في تِلاَوَةٍ أَوْ حُكْمٍ اوْ ... كِلَيْهِمَا مَعًا جَوَازَهُ رَأَوْا
484-وَسُنَّةٌ بِهَا وَبِالْقُرْآنِ مَعْ ... خُلْفٍ بِآحَادٍ تَوَاتُرًا رَفَعْ

(1/26)

---

485-وَالنَّسْخُ لِلْفَحْوَى وَيَبْقَى الأَصْلُ ... يُمْنَعُ وَالْعَكْسُ الْجَوَازَ يَتْلُو
486-وَغَيْرُ مَا يُخْتَارُ ذُوْ قَوْلَيْنِ ... بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ في الأَمْرَيْنِ
487-وَيُعْلَمُ النَّسْخُ مِنَ النَّصِّ عَلَى ... رَفْعٍ وَمِنْ إِجْمَاعِ مَنْ قَبْلُ خَلاَ
488-كَذَاكَ مِنْ نَصٍّ عَلَى ثُبُوْتِ ... نَقِيْضٍ اوْ ضِدٍّ فَذَاكَ يُوْتِي
489-وَالْحُكْمُ أَوْ مَا يَقْتَضِيْهِ الْمُنْتَسِخْ ... وَالشَّرْطُ تَأْخِيْرُ الَّذِيْ بِهِ نُسِخْ
490-وَذَاكَ مِنْ نَصٍّ عَلَيْهِ يُعْلَمُ ... وَالْعِلْمُ بِالْوَقْتَيْنِ أَيْضًا مُعْلِمُ
491-وَمِنْ حَدِيْثِ مَنْ يُعَدُّ هَالِكَا ... قَبْلَ رِوَايِةِ الأَخِيْرِ ذَالِكَا
492-وَدُوْنَ إِبْدَالٍ وَمَعْهُ يُلْفَى ... بِالْمِثْلِ أَوْ أَثْقَلَ أَوْ أَخَفَّا
493-وَذُو الْوُجُوْبِ فِيْهِ نَسْخٌ يَقَعُ ... لأَصْلِهِ لاَ لِلْجَوَازِ يَرْجِعُ
494-وَالنَّسْخُ مِنْ حِيْنِ الْبُلُوْغِ يَثْبُتُ ... وَالْقَوْلُ مِنْ حِيْنِ الْوُقُوْعِ أَثْبَتُ
495-وَجَازَ قَبْلَ قُدْرَةٍ عَلَى الْعَمَلْ ... وَالْجُزْءُ إِنْ يُنْقَضْ بِهِ النَّسْخُ حَصَلْ
496-في ذَلِكَ الْجُزْءِ وَيَبْقَى أَصْلُهُ ... وَالشَّرْطُ إِنْ يُرْفَعْ فَذَاكَ مِثْلُهُ
497-وَفي مَزِيْدٍ لَمْ يَحُزْ تَعَلُّقَا ... بِأَوَّلٍ لاَ نَسْخَ فِيْهِ مُطْلَقَا
498-وَهْوَ كَمَا أُوْجِبَتِ الصَّلاَةُ ... وَبَعْدَهَا أُوْجِبَتِ الزَّكَاةُ
499-وَذُوْ تَعَلُّقٍ أَبَى أَنْ يَقْتَصِرْ ... عَلَى سِوَاهُ النَّسْخُ فِيْهِ قَدْ ظَهَرْ
500-كَمِثْلِ أَنْ أُوْجِبَ رَكْعَتَانِ ... وَزِيْدَ في إِقَامَةٍ ثِنْتَانِ
501-وَالْخُلْفُ فِيْمَا يَقْبَلُ اقْتِصَارَا ... لَكِنَّ قَوْلَ النَّسْخِ لَنْ يُخْتَارَا
502-وَذَا كَمَا لَوْ زِيْدَ في الْحُدُوْدِ ... مِثَالُهُ التَّغْرِيْبُ لِلْمَحْدُوْدِ
503-وَإِنْ عَرَى أَصْلَ الْقِيَاسِ رَفْعُ ... فَفِي الأَصَحِّ لَيْسَ يَبْقَى الْفَرْعُ

(1/27)

---

الدَّلِيْلُ الثَّانِيْ: السُّنَّة

504-لِلْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَلِلإِقْرَارِ ... قُسِّمَتِ السُّنَّةُ بِانْحِصَارِ
505-قَوْلُ الرَّسُوْلِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّانِ ... في مَأْخَذِ الأَحْكَامِ كَالْقُرْآنِ
506-وَالْفِعْلُ مِنْهُ إِنْ يَكُنْ في الْعَادَهْ ... فَفَي اقْتِفَاءِ نَهْجِهِ السَّعَادَهْ
507-وَهْوَ لِمُقْتَضَى الْجَوَازِ يَقْتَضِىْ ... فَحَسْبُنَا مِنْهُ الرِّضَى بِمَا رَضِيْ
508-وَفي الْعِبَادَةِ فَمَا دُوْنَ السَّبَبْ ... قِيْلَ عَلَى النَّدْبِ وَقِيْلَ قَدْ وَجَبْ
509-وَإِنْ يَكُنْ فِيْهِ لأَمْرٍ امْتَثَلْ ... فَالْحُكْمُ فِيْهِ حُكْمُ ذَاكَ الْمُمْتَثَلْ
510-وَإِنْ يَكُنْ مُبَيِّنًا فَذَا الَّذِيْ ... حَذْوَ مُبَيَّنٍ بِهِ قَدِ احْتُذِيْ
511-وَثَابِتٌ مَا فَعَلَ الرَّسُوْلُ ... لَنَا سِوَى مَا خَصَّهُ الدَّلِيْلُ
512-وَلِلْبَيَانِ الْفِعْلُ ذُوْ تَحْصِيْلِ ... مِنْ نَسْخٍ اوْ تَخْصِيْصٍ اوْ تَأْوِيْلِ
513-وَإِنْ يُعَارِضْ فِعْلُهُ مَا قَالاَ ... فَرَاجِحٌ مَنْ رَجَّحَ الْمَقَالاَ
514-لَكِنْ مَعَ التَّحْقِيْقِ لِلتَّارِيْخِ ... يُعَدُّ أَوَّلٌ مِنَ الْمَنْسُوْخِ
515-وَإِنْ رَأَى الرَّسُوْلُ فِعْلاً أَوْ سَمِعْ ... قَوْلاً وَلَمْ يُنْكِرْ فَذَا مِمَّا اتُّبِعْ
516-إِنْ كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ عَادَهْ ... وَإِنْ يَكُنْ يَخْفَى فَلاَ إِفَادَهْ

فَصْلٌ في الأَخْبَارِ

517-ثُمَّ تَقَسَّمَتْ لَدَى الإِسْنَادِ ... إِلَى تَوَاتُرٍ وَلِلآحَادِ
518-فَالأَوَّلُ الْمُفِيْدُ حُكْمَ الْقَطْعِ ... هُوَ الَّذِيْ انْتِقَالُهُ بِجَمْعِ
519-يَبْعُدُ في الْعَادَةِ أَنْ تَوَاطَؤُوْا ... عَلَى خِلاَفِ الصِّدْقِ أَوْ تَمَالَؤُوْا
520-وَحُدَّ مِثْلُ النُّقَبَا أَوْ أَرْبَعَهْ ... وَقِيْلَ مِثْلُ مَنْ يُقِيْمُ الْجُمُعَهْ
521-أَوْ قَوْمِ مُوْسَى أَوْكَأْهِلِ بَدْرِ ... وَاخْتَارَ فَخْرُ الدِّيْنِ تَرْكَ الْحَصْرِ

(1/28)

---

522-وَالْحَقُّ فِيْهِ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ ... وَمَا عَلَى عَدَالَةٍ تَوَقُّفُ
523-وَقَطَعَ الْقَاضِيْ بِأَنَّ الأَرْبَعَهْ ... بَيِّنَةٌ لَيْسَتْ بِعِلْمٍ مُتْبَعَهْ
524-وَشَرْطُهُ اسْتِفَادَةٌ لِمَا عُلِمْ ... بِالْحِسِّ لاَ مِنْ نَظَرٍ بِهِ حُكِمْ
525-وَتَسْتَوِيْ مَعْ طَرَفَيْهِ فِيْهِ ... وَاسِطَةٌ في كُثْرِ نَاقِلِيْهِ
526-وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ لَنَا بِالْخَبَرِ ... مِنْ طُرُقٍ سِوَاهُ في الْمُعْتَبَرِ
527-فَهْوَ مِنَ الإِجْمَاعِ ذُوْ حُصُوْلِ ... وَخَبَرِ الإِلَهِ وَالرَّسُوْلِ
528-وَقَوْلُ مَنْ وَافَقَهُ مُصَدِّقَا ... آحَادَهَا الْعِلْمَ يُفِيْدُ مُطْلَقَا
529-وَالْقَوْلُ في مُجْتَمَعٍ جَمِّ الْعَدَدْ ... فَلَمْ يُكَذِّبُوْا بِهِ الْعِلْمُ اطَّرَدْ
530-وَعَنْ أَبِي الْمَعَالِيْ وَالْغَزَالِيْ ... يَحْصُلُ مِنْ قَرَائِنِ الأَحْوَالِ
531-كَذَاكَ بِاثْنَيْنِ حُصُوْلُ الْعِلْمِ ... دُوْنَ قَرِيْنَةٍ لَدَى ابْنِ حَزْمِ
ش

فَصْلٌ في مَرَاتِبِ رِوَايَةِ الصَّحَابِي

532-لَفْظُ الصَّحَابِيِّ لَهُ حَمْلٌ جَلِيْ ... أَوْضَحُهُ سَمِعْتُهُ أَوْقَالَ لِيْ
533-وَمِثْلُهُ حَدَّثََنِيْ أَخْبَرَنِيْ ... مِنْ كُلِّ نَصٍّ في التَّلاَقِيْ بَيِّنِ
534-وَبَعْدُ حَدَّثَ وَقَالَ أَخْبَرَا ... وَعَنْ رَسُوْلِ اللهِ مِثْلُهُ يُرَى
535-وَبَعْدَهُ نَهَى الرَّسُوْلُ أَوْ أَمَرْ ... وَفي التَّلاَقِيْ كُلُّ ذَاكَ قَدْ ظَهَرْ
536-ثُمَّ أُمِرْنَا اجْعَلْهُ أَوْ نُهِيْنَا ... مُحْتَمِلاً مُقْتَضِيًا تَبْيِيْنَا
537-وَقَدْ يَكُوْنُ فِيْهِ ذَاكَ النَّاهِي ... وَعَكْسُهُ غَيْرَ رَسُوْلِ اللهِ
538-فَإِنْ يَكُنْ يُرْوَى عَنِ الصِّدِّيْقِ ... فَهْوَ مُبَيَّنٌ عَلَى التَّحْقِيْقِ
ِ
539-وَالَّلفْظُ بِالسُّنَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَا ... فَسُنَّةَ الرَّسُوْلِ يَعْنَيْ مُطْلَقَا
540-وَمَا كَكُنَّا مُخْبِرًا بِوَاقِعِ ... فَقَابِلٌ لِغَيْرِ عَصْرِ الشَّارِعِ

(1/29)

---

فَصْلٌ في رِوَايَةِ غَيْرِ الصَّحَابِي

541-وَلَفْظُ غَيْرِهِ الَّذِيْ بِهِ اعْتُنِيْ ... سَمِعْتُهُ أَخْبَرَنِيْ حَدَّثَنِيْ
542-ثُمَّ نَعَمْ لِسَائِلٍ عَنْ خَبَرِ ... ثُمَّ إِشَارَةٌ إِلَى مُسْتَخْبِرِ
543-ثُمَّ الَّذِيْ يَقْرَؤُهُ لَدَيْهِ ... مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْكِرَهُ عَلَيْهِ
544-وَحَيْثُ قَالَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ ... فَمُرْسَلٌ ذَاكَ بِلاَ اشْتِبَاهِ
545-وَهْوَ لَدَى النُّعْمَانِ مِثْلُ مَالِكِ ... مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ في الْمَدَارِكِ
546-وَالنَّقْلُ لِلْحَدِيْثِ لِلْمَعْنَى اقْتُفِيْ ... بِشَرْطِ أَنْ يَتْرُكَ الاَخْفَى لِلْخَفِيْ
547-مَعْ حِفْظِ مَعْنَاهُ مِنَ الزِّيَادَهْ ... وَالنَّقْصِ مِنْهُ حَالَةَ الإِفَادَهْ
548-وَبِالْجَوَازِ حَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ ... في غَيْرِ غَايَةٍ وَمُسْتَثْنًى حَرِيْ

فَصْلٌ في أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ

549-أَعْلَى الرِّوَايَةِ السَّمَاعُ مُطْلَقَا ... مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ إِذَا مَا نَطَقَا
550-وَبَعْدَهُ قِرَاءَةٌ عَلَيْهِ ... بِلَفْظِهِ مُلْتَفِتًا إِلَيْهِ
551-ثُمَّ سَمَاعُ قَارِئٍ وَبَعْدَهُ ... تَنَاوُلٌ لِمَا يَكُوْنُ عِنْدَهُ
552-ثُمَّ إِذَا شَافَهَ بِالإِجَازَةِ ... ثُمَّ إِذَا أَجَازَ بِالْكِتَابَةِ
553-وَجَائِزٌ إِجَازَةُ الْمَوْجُوْدِ ... مُعَيَّنًا وَدُوْنَ مَا تَقْيِيْدِ
554-وَالْخُلْفُ أَنْ يُجَازَ بِالإِمْكَانِ ... مَنْ سَيَكُوْنُ مِنْ بَنِيْ فُلاَنِ
555-وَإِنَّمَا الْمَمْنُوْعُ بِاتِّفَاقِ ... لِكُلِّ مَنْ يَكُوْنُ بِالإِطْلاَقِ

فَصْلٌ في خَبَرِ الْوَاحِدِ

556-وَخَبَرُ الْوَاحِدِ ظَنًّا حَصَّلاَ ... وَهْوَ بِنَقْلِ وَاحِدٍ فَمَا عَلاَ
557-وَمَا رَوَى عَدْلٌ يَصِحُّ عَقْلاَ ... تَعَبُّدٌ بِهِ وَصَحَّ نَقْلاَ
558-وَهْوَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَصْلٌ مُعْتَمَدْ ... عَلَى شُرُوْطٍ فِيْهِ عَنْهُمْ تُعْتَمَدْ
559-وَإِنَّ مِنْهَا أَنْ يَكُوْنَ قَدْ رَوَى ... مُمَيِّزًا حَالَ السَّمَاعِ لاَ سِوَى

(1/30)

---

560-وَمَنْ يُحَدِّثْ شَرْطُهُ الإِفْهَامُ ... وَالْعَدْلُ وَالْبُلُوْغُ وَالإِسْلاَمُ
561-وَكُلُّ مَنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَا ... عَدْلٌ إِذَا يَجْتَنِبُ الصَّغَائِرَا
562-مَعْ كُلِّ مَا يَقْدَحُ في الْمُرُوْءَهْ ... مِمَّا مِنَ الْمَبَاحِثِ الْمَشْنُوْءَهْ
563-وَمُنِعَ التَّعْدِيْلُ وَالتَّجْرِيْحُ ... بِوَاحِدٍ وَعَكْسُهُ الصَّحِيْحُ
564-بِنِسْبَةِ الرُّوَاةِ لاَ الشُّهُوْدِ ... وَجَازَ عَنْ بَعْضٍ بِلاَ تَقْيِيْدِ
565-وَقِيْلَ يَكْفِيْ فِيْهِمَا الإِطْلاَقُ ... وَشَارِطُ الْعِلْمِ لَهُ وِفَاقُ
566-وَقِيْلَ لاَ وَقِيْلَ في التَّعْلِيْلِ ... وَالْقَوْلُ بِالْعَكْسِ مِنَ الْمَنْقُوْلِ
567-وَالأَكْثَرُ الْمُقَدِّمُ التَّجْرِيْحِ ... وَقِيْلَ بَلْ يُرْجَعُ لِلتَّرْجِيْحِ
568-وَفَاسِقٌ وَمَنْ لَهُ حَالٌ جُهِلْ ... يُرَدُّ مَا يَرْوِيْهِ حَيْثُمَا نُقِلْ
569-وَالْخُلْفُ فِيْمَا قَدْ رَوَاه الْمُبْتَدِعْ ... أَخْذًا وَتَرْكًا وَالصَّحِيْحُ يَمْتَنِعْ
570-وَكُلُّ مَنْ صَاحَبُهُ الرَّسُوْلُ ... حَازُوْا بِهِ الْفَضْلَ فَهُمْ عُدُوْلُ
571-وَمَالِكٌ فِقْهُ الرُّوَاةِ مُشْتَرَطْ ... لَدَيْهِ إِذْ يَكْثُرُ بِالْجَهْلِ الْغَلَطْ
572-وَإِنْ يَكُ النَّقْلُ مُبَيَّنَ الْكَذِبْ ... فَغَيْرُ مَقْبُوْلٍ وَرَدُّهُ يَجِبْ
573-لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا في الصُّوْرَهْ ... لِلْمُدَرَكِ الْمَعْلُوْمِ بِالضَّرُوْرَهْ
574-أَوْ جِهَةِ التَّوَاتُرِ الْمُقَدَّرِ ... أَوِ لِدَلِيْلٍ قَاطِعٍ مُعْتَبَرِ
575-أَوْ كَانَ مِمَّا شَأْنُهُ إِذَا وَقَعْ ... تَوَاتُرًا فَبَانَ عَنْهُ وَارْتَفَعْ
576-وَلَيْسَ بِالْقَادِحِ فِيْمَا قَدْ رَوَى ... تَسَاهُلٌ إِلاَّ الْحَدِيْثَ لاَ سِوَى
577-وَلاَ خِلاَفُ أَكْثَرِ النَّاسِ وَلاَ ... أَنْ كَانَ مِنْ لِسَانِ عُرْبٍ قَدْ خَلاَ
578-كَذَاكَ لاَ يَقْدَحُ فِيْمَا جَاءَ بِهْ ... كُوْنُ الَّذِيْ يَرْوِيْ خِلاَفَ مَذْهَبِهْ

الثَّالِثُ: الإِجْمَاعُ

(1/31)

---

579-وَإِنَّ الاِجْمَاعَ لأَصْلٌ مُتَّبَعْ ... في كُلِّ حِيْنٍ وَبِحَيْثُ مَا وَقَعْ
580-وَإِنْ يُخَالِفْ مَنْ لَهُ اعْتِبَارُ ... فَمَا لإِجْمَاعٍ بِهِ اسْتِقْرَارُ
581-وَحَدٌّهُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ ... في زَمَنٍ عَلَى اتِّبَاعِ حُكْمِ
582-وَعَنْ دَلِيْلٍ أَوْ قِيَاسٍ يَنْعَقِدْ ... وَعَنْ أَمَارَةٍ وَكُلٌّ اعْتُمِدْ
583-وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ فِيْهِ بَادِ ... إِذَا أَتَى عَنْ خَبَرِ الآحَادِ
584-وَلَيْسَ مَقْصُوْرًا عَلَى الصَّحَابَهْ ... وَالظَّاهِرِيُّ جَاعِلٌ ذَا دَابَهْ
585-وَلَيْسَ شَرْطًا فِيْهِ تَعْيِيْنُ الْعَدَدْ ... دَلِيْلُهُ السَّمْعُ بِحَيْثُ مَا وَرَدْ
586-وَلاَ وِفَاقُ مَنْ يَكُوْنُ بَعْدُ ... فَذَاكَ عَنْ وُجُوْدِهِ يَصُدُّ
587-وَفي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ خُلْفٌ وَضَحَا ... وَالْمَنْعُ لاِشْتِرَاطِهِ قَدْ صُحِّحَا
588-وَكُلُّ إِجْمَاعٍ بِعَصْرٍ وُجِدَا ... فَوَاجِبٌ لَهُ اتِّبَاعٌ سَرْمَدَا
589-وَالاِتِّفَاقُ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ ... يَجُوْزُ أَنْ يَقَع عَّلَى الإِطْلاَقِ
590-وَحَيْثُمَا لأَهْلِ عَصْرٍ قَدْ خَلاَ ... في الْحُكْمِ قَوْلاَنِ لَهُمْ فَمَا عَلاَ
591-فَلاَ يُجْيِزُ غَيْرُ أَهْلِ الظَّاهِرِ ... إِحْدَاثَ قَوْلٍ ثَالِثٍ لِلآخِرِ
592-وَجَائِزٌ أَنْ يُحْدَثَ الدَّلِيْلُ ... لِلأَكْثَرِيْنَ وَكَذَا التَّأْوِيْلُ
593-وَلَيْسَ غَيْرُ الْقَاضِ بِالْمُعْتَبِرِ ... في شَيْءٍ اجْمَاعَ لَفِيْفِ الْبَشَرِ
594-وَكُلُّ عِلْمٍ يَرْتَضِيْهِ النَّظَرُ ... إِجْمَاعُ أَهْلِهِ بِهِ مُعْتَبَرُ
595-ثُمَّ السُّكُوْتِيُّ مِنَ الإِجْمَاعِ ... وَحُجَّةً رَآهُ ذُو النِّزَاعِ
596-وَمَالِكٌ تَقْدِيْمُهُ عَلَى الْخَبَرْ ... إِجْمَاعَ أَهْلِ طَيْبَةٍ قَدِ اشْتَهَرْ
597-وَهْوَ مَعَ الْخِلاَفِ وَالْوِفَاقِ ... مِنْ أَوْجُهِ التَّرْجِيْحِ بِاتِّفَاقِ
598-وَعَنْ أُوْلِيْ مَذَاهِبٍ مَعْرُوْفَهْ ... مُعْتَبَرٌ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْكُوْفَهْ

(1/32)

---

599-وَالْقَوْلُ لِلْعِتْرَةِ في قَضِيَّهْ ... قَوْمٌ رَأَوْهُ حُجَّةً مَرْضِيَّهْ
600-كَذَاكَ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الأَرْبَعَهْ ... بَعْضٌ رَأَوْهُ حُجَّةً مُتَّبَعَهْ
601-وَلَيْسَ حُجَّةً عَلَى الصَّحَابِي ... مَذْهَبُ غَيْرِهِ مِنَ الأَصْحَابِ
602-وَاخْتِيْرَ أَنْ يَعُمَّ ذَا الْحُكْمُ الْبَشَرْ ... وَقِيْلَ قَوْلُ الْعُمَرَيْنِ يُعْتَبَرْ
603-وَالْقَوْلُ إِنْ يُرْوَ عَنِ الصَّحَابَهْ ... دُوْنَ مُخَالِفٍ يَرَى اجْتِنَابَهْ
604-إِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُنْتَشِرِ ... فَهْوَ بِالاِجْمَاعِ السُّكُوْتِيِّ حَرِي
605-أَوْ كَانَ لَمْ يَذِعْ فَإِنَّ مَالِكَا ... يَرَاهُ حُجَّةً فَخُذْ بِذَالِكَا
606-وَخُلْفُ أَصْحَابِ الرَّسُوْلِ إِنْ نُقِلْ ... عَلَى تَعَارُضِ الدَّلِيْلَيْنِ حُمِلْ
607-وَكَثْرَةُ الْعِدَّةِ تَرْجِيْحٌ كَفَى ... كَذَا إِذَا وَافَقَ بَعْضُ الْخُلَفَا
608-ثُمَّ التَّرَاخِيْ لِدَلِيْلٍ ثَانِيْ ... مُعْتَمَدٌ إِنْ يَسْتَوِ النَّقْلاَنِ

الرَّابِعُ: الْقِيَاسُ

609-اَلأَخْذُ بِالْقِيَاسِ مُضْطَرٌّ لَهُ ... وَجُلُّ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقْفُوْ سُبْلَهُ
610-وَإِنَّمَا نَؤُثِرُهُ اتِّبَاعَا ... إِذَا عَدِمْنَا النَّصَّ وَالإِجْمَاعَا
611-وَأَنْكَرَ الْقِيَاسَ أَهْلُ الظَّاهِرِ ... وَرَأْيُهُمْ في ذَاكَ غَيْرُ ظَاهِرِ
612-يَعُمُّ في الأَحْكَامِ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... وَخَالَفَ النُّعْمَانُ في الْمُقَدَّرِ
613-وَلاَيُرَى الْقِيَاسُ لِلْجَمْهُوْرِ ... يَدْخُلُ في الأَسْبَابِ لِلأُمُوْرِ
614-ثُمَّ عَلَى الرُّخْصَةِ لاَ يُقَاسُ ... وَالشَّافِعِيُّ شَأْنُهُ الْقِيَاسُ
615-وَبِالْقِيَاسِ جَائِزٌ لِلأَكْثَرِ ... تَعَبُّدٌ وَوَاقِعٌ في الأَشْهَرِ
616-وَحَدُّهُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ اسْتَقَرّْ ... لِغَيْرِ ذِيْ حُكْمٍ بِأَمْرٍ مُعْتَبَرْ
617-سُمِّيَ وَصْفًا جَامِعًا وَيُدْعَى ... ذُو الْحُكْمِ أَصْلاً وَسِوَاهُ الْفَرْعَا

(1/33)

---

618-وَالشَّرْطُ في الأَصْلِ بِحَيْثُ يَاتِي ... خُرُوْجُهُ عَنِ التَّعَبُّدَاتِ
619-وَمِثْلُهُ مَا اخْتَصَّ بِالرَّسُوْلِ ... فَذَا وَذَا لَيْسَ مِنَ الْمَعْقُوْلِ
620-وَالْخُلْفُ أَنْ يَكُوْنَ فَرْعَ أَصْلِ ... وَالشَّرْطُ في الْفَرْعِ اتِّبَاعُ الأَصْلِ
621-في وَصْفِهِ الْجَامِعِ ثُمَّ لاَ يُرَى ... وَحُكْمُهُ بِالنَّصِّ قَد تَّقَرَّرَا
622-وَشَرْطُ حُكْمِ الأَصْلِ أَنْ يَتَّفِقَا ... عَلَيْهِ مَعْ خَصْمٍ بِهِ أَوْ مُطْلَقَا
623-لَمْ يَنْتَسِخْ قَدِ انْتَمَى لِلشَّرْعِ ... مَعَ الثُّبُوْتِ عَنْ دَلِيْلٍ شَرْعِي
624-أَعْلاَهُ مَا السُّكُوْتُ عَنْهُ حَلاَّ ... مِثْلاً لِمَنْطُوْقٍ بِهِ أَوْ أَعْلَى
625-كَالْعَبْدِ وَالأَمَةِ في الإِعْتَاقِ ... وَالضَّرْبِ وَالتَّأْفِيْفِ في الإِلْحَاقِ
626-وَفي النُّصُوْصِ جُلُّهُمْ قَدْ جَعَلَهْ ... وَمُنْكِرُ الْقِيَاسِ مِمَّنْ أَعْمَلَهْ
627-وَمَنْ إِلَى الْقِيَاسِ قَدْ عَزَاهُ ... قِيَاسَ لاَ فَارِقَ قَدْ سَمَّاهُ
628-ثُمَّ يَلِيْ ذُوْ عِلَّةٍ وَهْوَ الَّذِيْ ... مِنْ وَصْفِهِ الْجَامِعِ حُكْمُهُ احْتُذِيْ
629-كَمَنْعِ بَيْعِ الْخَمْرِ لِلتَّحْرِيْمِ ... حَمْلاً عَلَى مُحَرَّمِ الشُّحُوْمِ
630-وَمَنْعُ غَضْبَانَ مِنَ الْقَضَاءِ ... قِيْسَ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الإِعْيَاءِ
631-وَالْجُوْعُ مَعْ إِفْرَاطِهِ وَالْعَطَشُ ... وَكُلُّ مًا عَنْ نَظَرٍ يُشَوِّشُ
632-وَلاَ يُقَاسُ تَافِهُ الأَشْيَاءِ ... لأَنَّ فَعْلاَنَ لِلاِمْتِلاَءِ
633-وَهْوَ مِنَ الْحُجَّةِ دُوْنَ بَاسِ ... عِنْدَ جَمِيْعِ مُثْبِتِي الْقِيَاسِ
634-وَبَعْدَهُ الْمَنْسُوْبُ لِلْمُنَاسَبَهْ ... وَسَوْفَ يُسْتَوْفَى بِحَيْثُ نَاسَبَهْ
635-ثُمَّ يَلِيْهِمَا قِيَاسُ الشَّبَهِ ... وَمَالِكٌ كَغَيْرِهِ قَالَ بِهِ
636-وَهْوَ الَّذِيْ يَكُوْنُ فِيْهِ وَصْفُهُ ... لَيْسَ بِعِلَّةٍ فَبَانَ ضَعْفُهُ

(1/34)

---

637-وَهُوَ تَشْبِيْهُ الأُرُزِّ مَثَلاَ ... بِالْبُرِّ في وَصْفٍ عَلَيْهِ اشْتَمَلاَ
638-بِشَرْطِ أَنْ يَكُوْنَ ذَا اعْتِبَارِ ... كَالطَّعْمِ وَالْقُوْتِ وَالاِدِّخَارِ

فَصْلٌ في مَسَالِكِ الْعِلَّةِ

639-وَتُعْلَمُ الْعِلَّةُ بِالإِجْمَاعِ ... وَالنَّصِّ وَالنَّصُّ عَلَى أَنْوَاعِ
640-فَبَعْضُهُ يَكُوْنُ بِالتَّصْرِيْحِ ... وَمِنْهُ بِالإِيْمَاءِ وَالتَّلْوِيْحِ
641-فَأَوَّلٌ بِالذِّكْرِ وَالإِفْهَامِ ... بِمِثْلِ كَيْ وَالْبَا وَمِنْ وَلاَمِ
642-وَذِكْرُهُ مُقَدَّمًا قَدْ يَحْصُلُ ... كَمِثْلِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوْا
643-وَالثَّانِ مَا يَكُوْنُ بِالإِيْمَاءِ ... بِإِنَّ أَوْ أرَيْتَ أَوْ بِالْفَاءِ
644-وَالثَّالِثُ التَّلْوِيْحُ بِالتَّرْتِيْبِ ... لِلْحُكْمِ فِيْهِ أَوْ بِفَا التَّعْقِيْبِ
645-كَمِثْلِ وَاقَعْتُ فَقَالَ كَفِّرُوْا ... وَمَا لِتَعْقِيْبٍ جَنَى فَعَزِّرُوْا
646-وَبَعْضُهَا يُدْرَى مِنِ اسْتِنْبَاطِ ... بِالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيْمِ لِلْمَنَاطِ
647-وَمِنْهُ مَا سُمِّيَ بِالْمُنَاسَبَهْ ... وَبِالإِخَالَةِ عَلَى مَا نَاسَبَهْ
648-وَذَاكَ تَخْرِيْجُ الْمَنَاطِ وَهْوَ إِنْ ... تَعْيِيْنُهَا مِنْ غَيْرِ مَذْكُوْرٍ زُكِنْ
649-مِثْلُ الرِّبَا في الْبُرِّ أَوْ مِثَالُهُ ... إِذْ تُقْتَضَى عِلَّتُهُ مِنْ حَالِهِ
650-وَذَاكَ بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ ظَاهِرِ ... مُنَاسِبٍ مُنْضَبِطٍ لاَ نَافِرِ
651-وَإِنْ يَكُنْ خَفِيًّا اوْ لاَ يَنْضَبِطْ ... فَبَالْمَظِنَّةِ الرُّجُوْعُ يَرْتَبِطْ
652-وَإِنْ يَكُنْ يَقْصُرُ عَنْ تَأْثِيْرِ ... لَمْ يُلْتَفَتْ كَاللَّوْنِ وَالتَّصْوِيْرِ
653-وَرُبَّمَا قَد تَّخْرِمُ الْمُنَاسَبَهْ ... مَفْسَدَةٌ قَدْ سَاوَتَ اوْ مُغَالِبَهْ
654-وَإِنْ يَكُ التَّعْيِيْنُ مِمَّا ذُكِرَا ... فَذَاكَ تَنْقِيْحُ الْمَنَاطِ شُهِرَا
655-كَمِثْلِ مَا قَدْ جَاءَ في الْكَفَّارَةِ ... بِمُفْسِدِ الصَّوْمِ مِنَ الْعِبَارَةِ

(1/35)

---

656-وَهْوَ اعْتِبَارُ مُقْتَضَى الْمَفْهُوْمِ ... مِنْ جِهَةِ التَّأْثِيْرِ وَالْعُمُوْمِ
657-مَعَ اطِّرَاحِ مُقْتَضِي الْخُصُوْصِ ... في الْحَالِ وَالزَّمَانِ وَالشُّخُوْصِ
658-وَلَفْظُ تَحْقِيْقِ الْمَنَاطِ يُطْلَقُ ... بِحَيْثُمَا تَعْيِيْنُهَا مُحَقَّقُ
ُ
659-مِثْلُ جَزَاءِ الصَّيْدِ في الْمِثْلِيَّهْ ... فَإِنَّهَا مَعْلُوْمَةٌ عَقْلِيَّهْ
660-وَقَدْ يُرَى اسْتِنْبَاطُهَا اسْتِشْعَارَا ... مِنْ حَالِ حُكْمٍ مَعَ وَصْفٍ دَارَا
661-وَذَا الَّذِيْ سُمِّيَ بِالْقِيَاسِ ... بِالاِطِّرَادِ مَعَ الاِنْعِكَاسِ

فَصْلٌ في قَوَادِحِ الْقِيَاسِ

662-وَلِلْقِيَاسِ مُفْسِدَاتٌ إِنْ بَدَتْ ... فَيُبْطِلُ الْقِيَاسَ مِنْهَا مَا ثَبَتْ
663-مِنْهَا إِذَا مَا خَالَفَ الإِجْمَاعَا ... أَوْ خَالَفَ النَّصَّ اقْتَضَى امْتِنَاعَا
664-وَلِلْعُمُوْمِ مَا لَهُ مِنْ بَاسِ ... لِمُثْبِتِ التَّخْصِيْصِ بِالْقِيَاسِ
665-وَوَصْفُهُ الْجَامِعُ إِنْ مِنْهُ عُدِمْ ... وَفي قُصُوْرِ عِلَّةٍ ذَاكَ الْتُزِمْ
666-ثُمَّ وُجُوْدُ الْحُكْمِ دُوْنَ الْعِلَّهْ ... قَدْحٌ يُسَمَّى الْعَكْسَ فَاتْبَعَ اصْلَهْ
667-وَهْوَ اعْتِبَارُهُ إِذَا مَا اتُّفِقَا ... أَنْ لَيْسَ لِلْحُكْمِ سِوَاهُ مُطْلَقَا
668-وَالنَّقْضُ كَوْنُ الْوَصْفِ دُوْنَ الْحُكْمِ ... وَفِيْهِ خُلْفٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ
669-وَالْقَلْبُ أَنْ يُثْبِتَ بَعْضُ الْخَصْمِ ... بِعِلَّةِ الآخَرِ ضِدَّ الْحُكْمِ
670-وَالْفَرْقُ إِبْدَاءٌ لِوَصْفٍ اسْتَقَرّْ ... مُنَاسِبٌ لِلْحُكْمِ مِمَّا يُعْتَبَرْ
671-وَلَيْسَ بِالْقَادِحِ عِنْدَ النَّظَرِ ... غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَلاَ مُعْتَبَرِ
672-وَنْقْصُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوْطِهِ الَّتِي ... تَقَرَّرَتْ مِنْ قَبْلِ ذَا وَحُدَّتِ
673-وَالْقَوْلُ بِالْمُوْجَبِ مَا الأَدِلَّهْ ... جَمِيْعُهَا مَعْهُ بِمُسْتَقِلَّهْ

(1/36)

---

674-وَذَاكَ تَسْلِيْمُ الدَّلِيْلِ الْكَافِي ... وَصَرْفُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْخِلاَفِ

ذِكْرُ الاِسْتِصْلاَحِ

675-وَإِنَّ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَشْهُوْرَهْ ... لأَضْرُبًا ثَلاَثَةً مَحْصُوْرَهْ
676-مَا جِنْسُهُ شَرْعًا بِهِ مُطَالَبَهْ ... فَذَالِكَ الْقِيَاسُ ذُو الْمُنَاسَبَهْ
677-وَأَصْلُهُ تَحْصِيْلُ قَصْدِ الشَّارِعِ ... في دَفْعِ فَاسِدٍ وَجَلْبِ نَافِعِ
678-كَجَعْلِ كُلِّ مُذْهِبٍ لِلْعَقْلِ ... كَالْخَمْرِ في امْتِنَاعِهِ لِلأَكْلِ
679-وَالثَّانِ مُلْغَى عِنْدَ كُلِّ ذِيْ نَظَرْ ... لِكَوْنِهِ في الشَّرْعِ غَيْرُ مُعْتَبَرْ
680-كَأَنْ يُقَالَ مَالِكُ الرِّقَابِ ... تَكْفِيْرُهُ بِالصَّوْمِ لِلْعِقَابِ
681-أَوْ أَنْ يُقَالَ حَامِلُ الأَثْقَالِ ... يَأْخُذُ بِالْفِطْرِ كَذِي التِّرْحَالِ
682-وَمُتْرَفٌ في حَالَةِ الأَسْفَارِ ... يُمْنَعُ مِنْ قَصْرٍ وَمِنْ إِفْطَارِ
683-فَكُلُّ ذَا لَمْ يُعْتَبَرْ في الشَّرْعِ ... فَهْوَ حَرٍ جَمِيْعُهُ بِالْمَنْعِ
684-وَثَالِثٌ مَا لَيْسَ بِالشَّرْعِ اتَّضَحْ ... بِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ أَوْ مُطَّرَحْ
685-وَذَا يُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْمُرْسَلِ ... وَكَمْ لَهُ كَمَالِكٍ مِنْ مُعْمِلِ
686-وَفي الضَّرُوْرِيَّاتِ لِلْغَزَالِي ... يَرَى اعْتِبَارَهُ في الاِسْتِعْمَالِ
687-مُشْتَرِطًا مَعْ ذَاكَ في الْقَضِيَّهْ ... وُرُوْدَهَا قَطْعِيَّةً كُلِّيَّهْ

ذِكْرُ الاِسْتِدْلاَلِ

688-وَخُذْ بِالاِسْتِدْلاَلِ حَيْثُ مَا وَرَدْ ... وَهْوَ عَلَى قِسْمَيْنِ كُلٌّ اعْتَمَدْ
689-وَحَدُّهُ أَخْذُ دَلِيْلٍ قَصْدَ أَنْ ... يُفْضِيَ لِلْحُكْمِ عَلَى أَهْدَى سَنَنْ
690-فَأَوَّلٌ مَا دَلَّ مَلْزُوْمٌ عَلَى ... لاَزِمِهِ فِيْهِ وَعَكْسٌ قَدْ خَلاَ
691-فَاللاَّزِمُ الّذِيْ لِلاَمٍ يَقْبَلُ ... وَلَوْ عَلَى الْمَلْزُوْمِ مِمَّا يَدْخُلُ
692-وَيَرْفَعُ الْمَلْزُوْمَ نَفْيُ اللاَّزِمِ ... وَذَاكَ في الإِثْبَاتِ غَيْرُ لاَزِمِ

(1/37)

---

693-لَكِنَّمَا الْمَلْزُوْمُ حَيْثُ ثَبَتَا ... ثَبَتَ لاَزِمٌ وَدَعْ عَكْسًا أَتَى
694-وَالسَّبْرُ وَالتَّقْسِيْمُ ثَانِيْ قِسْمِ ... تَقْرِيْرُ أَوْصَافٍ بِقَصْرِ الْحُكْمِ
695-وَالأَخْذُ بَالنَّفْيِ وَبِالإِثْبَاتِ ... حَتَّى يُرَى الْمَطْلُوْبُ مِنْهُ يَاتِي
696-وَنَوْعُ الاِسْتِصْحَابِ مَا أَبَانَا ... إِبْقَاءَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَا
697-وَاعْتَمَدَ الصِّحَّةَ فِيْهِ الأَكْثَرُ ... وَفِيْهِ لِلنُّعْمَانِ خُلْفٌ يُذْكَرُ
698-وَمِثْلُهُ الْبَرَاءَةُ الأَصْلِيَّهْ ... وَهْوَ الْبَقَا عَلَى انْتِفَا الْحُكْمِيَّهْ
699-حَتَّى يَدُ لَّنَا دَلِيْلٌ شُرِعَا ... عَلَى خِلاَفِ الْحُكْمِ فِيْهِمَا مَعَا
700-وَالْخُلْفُ مَوْجُوْدٌ بِأَصْلٍ ثَانِيْ ... لِلأَبْهَرِيِّ وَلِلاَصْبَهَانِيْ
701-وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَصْلٌ مُطَّرِدْ ... اَلأَخْذُ بِالأَخَفِّ حَيْثُمَا وُجِدْ

ذِكْرُ الاِسْتِقْرَاءِ

702-وَهَاكَ الاِسْتِقْرَاءَ خُذْهُ رَسْمَا ... تَتَبُّعُ الْجُزْئِيِّ حُكْمًا حُكْمَا
703-ثُمَّ يُرَى وَالْحُكْمُ فِيْهِ يَطَّرِدْ ... بِذَلِكَ الْحُكْمِ بِحِيْثُمَا يَرِدْ
704-فَيَحْصُلُ الظَّنُّ بِأَنَّ مَا قُصِدْ ... يَكُوْنُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا وُجِدْ
ِ
705-وَرُبَّمَا قَدْ يَنْتَهِيْ في الشَّرْعِ ... لأَنْ يُفِيْدَ فِيْهِ حُكْمَ الْقَطْعِ
ِ

ذِكْرُ الاِسْتِحْسَانِ

706-وَبَعْضُهُمْ يَنْسِبُ لِلنُّعْمَانِ ... عَلَى الْخُصُوْصِ نَوْعَ الاِسْتِحْسَانِ
707-وَمَالِكٌ لَيْسَ لَهُ بِمَانِعِ ... وَقَدْ رَوَوْا إِنْكَارَهُ لِلشَّافِعِي
708-وَإِنَّمَا الظَّاهِرُ فِيْهِ أَنْ يُرَى ... بِمُقْتَضَى تَفْسِيْرِهِ مُعْتَبَرَا
709-وَمُرْتَضَى حُدُوْدِهِ الْمَرْوِيَّهْ ... اَلأَخْذُ بِالْمَصْلَحَةِ الْجُزْئِيَّهْ
710-فِيْمَا يُقَابِلُ الْقِيَاسَ الْكُلِّي ... لأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحْسَنَاتِ الْعَقْلِ

ذِكْرُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ

(1/38)

---

711-اَلْعُرْفُ مَا يُعْرَفُ بَيْنَ النَّاسِ ... وَمِثْلُهُ الْعَادَةُ دُوْنَ بَاسِ
712-وَمُقْتَضَاهُمَا مَعًا مَشْرُوْعُ ... في غَيْرِ مَا خَالَفَهُ الْمَشْرُوْعُ

سَدُّ الذَّرَائِعِ

713-وَعِنْدَهُمْ سَدُّ الذَّرِيْعَةِ انْحَتَمْ ... في مِثْلِ الاِمْتِنَاعِ مِنْ سَبِّ الصَّنَمْ
714-وَبَعْضُهَا لَمْ يُعْتَبَرْ كَالْحَجَرِ ... مِنِ اغْتِرَاسِ الْكَرْمِ خَوْفَ الْخَمْرِ
715-وَقِسْمُهَا الثَّالِثُ عِنْدَ مَالِكِ ... مُعْتَبَرٌ لَدَيْهِ في الْمَسَالِكِ
716-كَمِثْلِ دَعْوَى الدَّمِ دُوْنَ الْمَالِ ... في رَأْيِهِ وَالْبَيْعُ لِلآجَالِ

مَبْحَثُ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا

717-وَقِيْلَ في هَلْ شَرْعُ مَنْ عَنَّا مَضَى ... شَرْعٌ لَنَا في غَيْرِ مَا الشَّرْعُ اقْتَضَى
718-بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ وَالتَّفْصِيْلِ ... بِمَنْعِ غَيْرِ شِرْعَةِ الْخَلِيْلِ

اَلاِجْتِهَادُ

719-اَلاِجْتِهَادُ بَذْلُ وُسْعِ الْمُجْتَهِدْ ... في النَّظَرِ الْمُبْدِيْ لِمَا الشَّرْعُ قَصَدْ
720-وَرَاجِحٌ أَنَّ الرَّسُوْلَ اجْتَهَدَا ... في غَيْرِ مَا الْوَحْيُ بِهِ قَدْ وَرَدَا
721-وَفي عَفَا اللهُ دَلِيْلٌ قَاطِعُ ... وَمِنْ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ ذَاكَ شَائِعُ
722-وَجَازَ بَعْدَ مَوْتِهِ اتِّفَاقَا ... وَقَبْلَهُ لِغَائِبٍ وِفَاقَا
723-وَاخْتَلَفُوْا في حَاضِرٍ وَإِنْ وُجِدْ ... قَوْلاَنِ عَنْ مُجْتَهِدٍ في مُتَّحِدْ
724-وَقْتًا فَإِنْ رَجَحَ وَاحِدٌ قُبِلْ ... أَوْ لاَ فَذَا وَذَا لَدَيْهِ يَحْتَمِلْ
725-فَإِنْ يَكُ التَّارِيْخُ مِمَّا حُقِّقَا ... فَإِنَّ ثَانِيًا رُجُوْعٌ مُطْلَقَا
726-وَعِنْدَمَا يُجْهَلُ وَقْتٌ فَرَطَا ... إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَإِلاَّ سَقَطَا
727-وَهْوَ إِذَا مَا نَسِيَ اجْتِهَادَهْ ... فِيْمَا يُعْيِدُ سَائِلٌ أَعَادَهْ
728-وَلْيُفْتِ بِالثَّانِيْ فَذَاكَ الْمُرْتَضَى ... وَهَبْهُ أَبْدَى عَكْسَ مَا كَانَ ارْتَضَى

(1/39)

---

729-وَلَيْسَ لاَزِمًا إِذَا مَا ذَكَرَا ... فُتْيَاهُ فِيْهِ أَنْ يُعِيْدَ النَّظَرَا
730-وَفي تَجَزِّي الاِجْتِهَادِ قَدْ سُمِعْ ... خُلْفٌ فَمُثْبِتٌ لَهُ وَمُمْتَنِعْ

فَصْلٌ

731-وَمَا بِهِ التَّكْلِيْفُ شَرْطُ الْمُجْتَهِدْ ... وَالْفَهْمُ وَالْحِفْظُ وَعِلْمُ مَا اعْتُمِدْ
732-أَوَّلُهُ الْكِتَابُ وَالْحِفْظُ لَهُ ... أَهَمُّ مَا مِنْ عِلْمِهِ حَصَّلَهُ
733-لاَ سِيَّمَا مَا كَانَ في الأَحْكَامِ ... فَإِنَّهُ أَكْمَلُ في الإِحْكَامِ
734-وَلْيَعْرِفِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوْخَا ... وَمَا اقْتَضَى في عِلْمِهِ رُسُوْخَا
735-وَالْحِفْظُ لِلْحَدِيْثِ أَوْلَى مَا اعْتَمَدْ ... وَلِلأُصُوْلِ فَهْيَ لِلْفِقْهِ عَمَدْ
736-وَلِلْمُهِمِّ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ ... وَلِلْفُرُوْعِ فَهْيَ لُبُّ الْمَطْلِبِ
737-فَلْيَعْتَمِدْ لأَهْلِهَا مَا فَصَّلُوْا ... وَفَرَّعُوْا في كُتْبِهِمْ وَأَصَّلُوْا
738-فَلْيَقْتَفِيْ آثَارَهُمْ مُصَحِّحَا ... وَيَنْتَقِيْ أَقْوَالَهُمْ مُرَجِّحَا
739-وَمَا سِوَى مَا مَرَّ في التَّنْبِيْهِ ... وَصْفِيْ لَهُ وَصْفُ كَمَالٍ فِيْهِ
740-وَكُلُّ عِلْمٍ فَلَهُ مُجْتَهِدُ ... عَلَيْهِ في تَقْرِيْرِهِ يُعْتَمَدُ
741-وَهْوَ الَّذِيْ أَصْلَحَ ذَاكَ الْعِلْمَا ... وَنَالَهُ مَعْرِفَةً وَفَهْمَا

فَصْلٌ في التَّصْوِيْبِ وَالتَّخْطِئَةِ

742-وَفي الأُصُوْلِ وَاحِدٌ مُصِيْبُ ... وَءَاثِمٌ سِوَاهُ لاَ يُصِيْبُ
743-وَمُسْقِطُ التَّأْثِيْمِ مِثْلُ الْعَنْبَرِي ... مَا قَوْلُهُ في ذَاكَ بِالْمُعْتَبَرِ
744-وَفي الْفُرُوْعِ فَالضَّرُوْرِيَّاتُ ... مُجْتَهِدٌ فِيْهَا لَهُ افْتِيَاتُ
745-وَإِنَّهُ لَمُخْطِئٌ إِجْمَاعَا ... مُكَفَّرٌ إِذْ خَالَفَ الإِجْمَاعَا
746-وَبَعْضُ مَا لَمْ نَدْرِهِ ضَرُوْرَهْ ... وَهْوَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمَشْهُوْرَهْ
747-قَدْ أَجْمَعُوْا عَلَيْهِ في الأَمْصَارِ ... في سَائِرِ الْبِلاَدِ وَالأَقْطَارِ

(1/40)

---

748-فَالْمُتَصَدِّيْ لاِجْتِهَادٍ مُخْطِئُ ... مُفَسَّقٌ بِمْثِلِهِ لاَ يُعْبَأُ
749-وَسَائِرُ الْفُرُوْعِ وَهْوَ مَا اخْتُلِفْ ... فِيْهِ وَالاِجْتِهَادُ فِيْهَا قَدْ أُلِفْ
750-قِيْلَ مُصِيْبُ الْحَقِّ فِيْهَا وَاحِدُ ... وَقِيْلَ بَلْ كُلٌّ مُصِيْبٌ وَاجِدُ
751-لِلشَّافِعِيِّ الْخُلْفُ وَالنُّعْمَانِ ... وَمَالِكٌ عَنْهُ رُوِي الْقَوْلاَنِ
752-وَبِاتِّفَاقٍ مُخْطِئٌ لَنْ يَأْثَمَا ... إِنْ يَجْتَهِدْ وَإِنْ يُقَصِّرْ أَثِمَا
753-وَحَيْثُمَا التَّصْوِيْبُ رَأْيًا اعْتُمِدْ ... فَالْحُكْمُ تَابِعٌ لِظَنِّ الْمُجْتَهِدْ
754-وَالْعَكْسُ قِيْلَ لاَ دَلِيْلَ فِيْهِ ... وَقِيْلَ بَلْ أَمَارَةٌ تُبْدِيْهِ

فَصْلٌ في التَّقْلِيْدِ

755-لِلْعُلَمَاءِ الْخُلْفُ في التَّقْلِيْدِ ... لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ مِنَ التَّقْيِيْدِ
756-فَفَيْ أُصُوْلِ الدِّيْنِ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... أَهْلِ الْكَلاَمِ ذَاكَ بِالْمَنْعِ حَرِي
757-وَأَكْثَرُ النَّاسِ الْمُحَدِّثِيْنَا ... وَغَيْرُهُمْ أَجَازَهُ تَلْقِيْنَا
758-وَذَا الَّذِيْ رَجَّحَهُ مَنْ نَظَرَا ... إِذِ الرَّسُوْلُ لَمْ يُكَلِّفْ نَظَرَا
759-وَفي الْفُرُوْعِ الْمَنْعُ في الْمَعْلُوْمِ ... ضَرُوْرَةً يُرَى مِنَ الْمَحْتُوْمِ
760-وَمَا مِنَ الْفُرُوْعِ يُدْرَى نَظَرَا ... جَوَازُهُ لِلأَكْثَرِيْنَ اشْتَهَرَا
761-فَغَيْرُ ذِي الْعِلْمِ مِنَ الأَنَامِ ... يُقَلِّدُ الْعَالِمَ بِالأَحْكَامِ
762-وَالْحَدُّ أَخْذُ الْقَوْلِ بِالْقَبُوْلِ ... مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ بِالدَّلِيْلِ
763-وَفِعْلُ مَا فِيْهِ اخْتِلاَفٌ دُوْنَ أَنْ ... قَلَّدَ في التَّأْثِيْمِ خُلْفٌ لَمْ يُشَنْ
764-وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَعَارِفِ ... قَلَّدَ وَالأَصْلُ الْقَضَا بِالْقَائِفِ
765-وَفي النَّوَازِلِ جَوَازُهُ اجْتُبِي ... وَنَقْلُهُ مِنْ مَذْهَبٍ لِمَذْهَبِ

(1/41)

---

766-مَعَ اعْتِقَادِ الْعِلْمِ في الْمُقَلَّدِ ... وَلاَ تُرَى الرُّخْصَةُ أَصْلَ الْمَقْصَدِ
767-وَلاَ يُرَى في فِعْلِهِ ابْتِدَاعَا ... يَأْتِيْ بِمَا يُخَالِفُ الإِجْمَاعَا
768-وَالْحُكْمُ لاَ يُنْقَضُ بِالإِطْلاَقِ ... في الاِجْتِهَادِيَّاتِ بِاتِّفَاقِ
769-مَا لَمْ يُخَالِفْ قَاطِعًا فَيُنْقَضُ ... مِنْهُ وَمِنْ سِوَاهُ حِيْنَ يُعْرَضُ
770-أَوْ خَالَفَ اجْتِهَادَهُ في الْحُكْمِ ... أَوْ نَصَّ مَنْ قَلَّدَهُ في الْعِلْمِ

فَصْلٌ فِيْمَنْ يَجُوْزُ لَهُ الإِفْتَاءُ

771-يُفْتَي الْوَرَى في الدِّيْنِ بِاسْتِحْقَاقِ ... مَنْ حَازَ الاِجْتِهَادَ بِالإِطْلاَقِ
772-وَقِيْلَ بَلْ يَكْفِيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَا ... في مَذْهَبٍ يَجْعَلُهُ مُعْتَمَدَا
773-لَكِنْ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْمَشْهُوْرَهْ ... مَعَ اقْتِفَاءِ السُّنَّةِ الْمَأْثُوْرَهْ
774-وَذَا الَّذِيْ بِهِ اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ ... مُذْ أَزْمُنٍ وَلَيْسَ عَنْهُ مَعْدِلُ
775-وَشَرْطُهُ مَعْ عِلْمِهِ عَدَالَتُهْ ... وَتُقْتَفَي بِفِعْلِهِ مَقَالَتُهْ
776-وَالاِجْتِهَادِيَّاتُ فِيْهَا يُفْتِيْ ... بِالرَّأْيِ دُوْنَ غَيْرِهَا الْمُسْتَفْتِيْ
777-وَإِنَّمَا الْفَتْوَى بِمَا فِيْهِ عَمَلْ ... وَغَيْرُهُ يَصُدُّ عَنْهُ مَنْ سَأَلْ
778-وَمُكْثِرٌ فِيْهِ السُّؤَالَ لاَ يُقَرّْ ... وَيُقْتَدَى فِيْهِ بِمَا قَضَى عُمَرْ
779-وَلاَ خِلاَفَ أَنَّهُ يُقَلِّدُ ... غَيْرُ أُوْلِي الْعِلْمِ الَّذِيْ يُعْتَمَدُ
780-وَعَالِمٌ لاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَفْتِيْ ... مَنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يُفْتِيْ
781-هَذَا إِذَا لَمْ يَبْلُغِ اجْتِهَادَا ... فَإِنْ يَكُنْ بُلُوْغَهُ اسْتَفَادَا
781-فَذَا لَهُ التَّقْلِيْدُ عِنْدَ الأَكْثَرِ ... مُمْتَنِعٌ وَلْيَسْتَنِدْ لِمَا أُرِيْ
783-وَجَائِزٌ لِبَعْضِهِمْ تَقْلِيْدُهُ ... أَعْلَمَ مِنْهُ في الَّذِيْ يُرِيْدُهُ

(1/42)

---

784-وَبَعْضُهُمْ يُجِيْزُ مُطْلَقًا وَذَا ... أَحْمَدُ فِيْهَ حَذْوَ إِسْحَاقَ احْتَذَى
785-وَحَيْثُ مَنْ يُفْتِيْ أُوْلُوْ تَعَدُّدِ ... تَخَيُّرُ الأَفْضَلِ حُكْمُ الْمُقْتَدِيْ
786-وَقِيْلَ بَلْ مَا اخْتَارَ فَهْوَ كَافِ ... ثُمَّ إِذَا أَفْتَوْهُ بِاخْتِلاَفِ
787-قِيْلَ لَهُ تَقْلِيْدُهُ مَنْ شَاءَا ... وَالأَخْذُ بِالأَحْوَطِ عَنْهُمْ جَاءَا
788-وَرَاجِحٌ عَلَيْهِمَا أَنْ يَجْتَهِدْ ... بِمَذْهَبٍ لِعَالِمٍ قَدِ اعْتُمِدْ
789-وَمُنِعَ اسْتِفْتَاءُ ذِيْ جَهَالَهْ ... في حَالَةٍ مِنْ عِلْمٍ اوْ عَدَالَهْ
790-وَجَازَ الاِفْتَاءُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدْ ... بِمَذْهَبٍ لِعَالِمٍ قَدِ اعْتُمِدْ
791-إِنْ كَانَ ذَا تَمَكُّنٍ مِنَ النَّظَرْ ... وَآخِذًا مِنْهُ بِحَظٍّ مُعْتَبَرْ
792-وَقِيْلَ إِنْ مُجْتَهِدٌ قَدْ عُدِمَا ... وَمُطْلَقًا وَالْمَنْعُ قَوْلُ عُلَمَا

التَّعَادُلُ وَالتَّرْجِيْحُ

793-إِذَا الدَّلِيْلاَنِ تَعَارَضَا وَلَمْ ... يُقْدَرَ عَلَى الْجَمْعِ وَلاَ النَّسْخُ انْحَتَمْ
794-يُرْجَعُ لِلتَّرْجِيْحِ عِنْدَ مَنْ مَضَى ... وَالْمَنْعُ لِلْبَعْضِ وَلَيْسَ مُرْتَضَى
795-وَإِنْ يَكُ التَّرْجِيْحُ عَنْهُ يَنْتَفِي ... يُرْجَعْ إِلَى تَقْلِيْدٍ اوْ تَوَقُّفِ
796-عِنْدَ سِوَى الْقَاضِيْ وَأَصْلُ الأَبْهَرِي ... اَلْمَنْعُ مُقْتَضٍ وَعَكْسَهُ اذْكُرِ
797-وَيَدْخُلُ التَّرْجِيْحُ في الظَّنِّيِّ ... لاَ في الَّذِيْ يُنْسَبُ لِلْقَطْعِيِّ
798-وَالْوَاجِبُ الأَخْذُ بِمَعْلُوْمٍ إِذَا ... عَارَضَ ظَنًّا غَيْرَهُ لاَ يُحْتَذَى
799-تَقَدَّمَ التَّارِيْخُ فِيْهِ أَوْ جُهِلْ ... وَسَابِقُ الظَّنِّ عَلَى النَّسْخِ حُمِلْ
800-وَظَاهِرُ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ في ... تَعَارُضٍ ثَالِثُهَا التَّوَقُّفِي
801-وَإِنْ يَكُنْ فِيْهِنَّ ذُو احْتِيَاطِ ... وَفي النُّصُوْصِ الأَخْذُ بِالْمُحْتَاطِ

(1/43)

---

802-وَالْمَنْعُ لِلْقَاضِيْ وَمَا قَدْ وَافَقَهْ ... حُكْمُ الْقِيَاسِ رَاعَوُا الْمُوَافَقَهْ

فَصْلٌ في التَّرْجِيْحِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْوِي

803-وَغَالِبٌ إِنْ عَارَضَ الأَصْلَ رَجَحْ ... وَقِيْلَ عَكْسُهُ وَأَوَّلٌ أَصَحّْ
804-وَرُجِّحَ التَّكْرَارُ في مَتْنِ الْخَبَرْ ... أَوْ كَوْنُ لَفْظِهِ حَقِيْقَةً صَدَرْ
805-أَوْ مُسْتَقِلاًّ أَوْ فَصِيْحًا أَوْ أَتَى ... في حُكْمٍ الْعَقْلُ لَهُ قَدْ أَثْبَتَا
806-أَوْ كَانَ حَاكِمًا عَلَى الآخِرِ أَوْ ... لَمْ يَتَّفِقْ إِنْ خُصَّ بِالَّذِيْ رَوَوْا
807-أَوْ سَالِمًا مِنِ اضْطِرَابٍ أَوْ نُقِلْ ... بِسَبَبٍ مَعْنَاهُ فِيْهِ قَدْ عُقِلْ
808-أَوْ كَانَ في الْمُرَادِ نَصًّا أَوْ وَرَدْ ... يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ فَهْوَ الْمُعْتَمَدْ
809-أَوْ جَاءَ في مَعْنًى لَهُ مُتَّحِدِ ... مُخْتَلِفًا في اللَّفْظِ لاَ في الْمَقْصَدِ
810-أَوْ عَمَلُ السَّلَفِ مُقْتَضَاهُ ... مَعَ اطِّلاَعِهِمْ عَلَى سِوَاهُ
811-أَوْ دَلَّ فِيْهِمُ عَلَى تَنْزِيْهِ ... أَوْ كَانَ لاَ تَعُمُّ بَلْوَى فِيْهِ

فَصْلٌ في التَّرْجِيْحِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّاوِي

812-بِالرَّفْعِ لِلرَّسُوْلِ وَالتَّعْدَادِ ... وَاللَّفْظِ قَدْ رُجِّحَ وَالإِسْنَادِ
813-وَبِاتِّحَادِ الاِسْمِ وَالتَّأَخُّرِ ... وَصِحَّةِ الْعَقْلِ بِطُوْلِ الأَعْصُرِ
814-وَبِاعْتِمَادٍ في اللِّسَانِ الْعَرَبِي ... وَنِسْبَةٍ لِلْفِقْهِ أَوْ لِيَثْرِبِ
815-وَبِاشْتِهَارِ الْفَضْلِ وَالْعَدَالَهْ ... أَوْ مَنْ رَوَاهُ بِالسَّمَاعِ قَالَهْ
816-أَوْ مُثْبِتٌ لِلْحُكْمِ بِاتِّفَاقِ ... رُوَاتِهِ أَوْ حَسَنُ الْمَسَاقِ
817-أَوْ عَاضِدٌ إِجْمَاعُ أَهْلِ طَيْبَةِ ... لَهُ أَوِ النَّاقِلُ ذُو الْقَضِيَّةِ
818-أَوْ كَوْنُهُ بِقِصَّةٍ مُنْتَقِلَهْ ... أَوْ يَشْهَدُ الْعَقْلُ وَالإِجْمَاعُ لَهْ
819-أَوِ الْكِتَابُ شَاهِدٌ لِنَقْلِهِ ... أَوْ سُنَّةٌ تَوَاتَرَتْ لِمِثْلِهِ

(1/44)

---

820-أَوْ كَانَ سَالِمًا مِنِ اضْطَرَابِ ... أَوْ مَنْ رَوَى مِنْ عِلْيَةِ الأَصْحَابِ

فَصْلٌ في تَرْجِيْحِ الأَقْيِسَةِ

821-وَفي الْقِيَاسِ يَدْخُلُ التَّرْجِيْحُ ... فَمَا سِوَى ذِيْ عِلَّةٍ مَرْجُوْحِ
822-وَرُجِّحَ الْقِيَاسُ ذُو الْمُنَاسَبَهْ ... عَلَى الَّذِي لِشَبَهٍ قَدْ نَاسَبَهْ
823-وَرُجِّحَ الأَجْلَى عَلَى سِوَاهُ ... عِنْدَ الَّذِيْ بِذَاكَ قَد دَّعَاهُ
824-وَفي قِيَاسِ عِلَّةٍ تَرْجِيْحُ ... بِكَوْنِهَا النَّصُّ بِهَا صَرِيْحُ
825-أَوْ أَنْ تُرَى فُرُوْعُهَا قَدْ عَمَّتِ ... أَوْ كَوْنِهَا الأَوْصَافُ فِيْهَا قَلَّتِ
826-أَوْ كَوْنِهَا أَعَمَّ أَوْ أَنْ تُلْفَى ... وَصْفًا حَقِيْقِيًّا وَذَا لاَ يَخْفَى
827-أَوْ كَوْنِهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهَا ... أَوْ قَلَّ خُلْفٌ عِنْدَهُمْ لَدَيْهَا
828-وَبِاطِّرَادِهَا مَعَ انْعِكَاسِهَا ... أَوْ بِتَعَدِّيْهَا لَدَى قِيَاسِهَا
829-أَوْ كَانَ أَخْذُهَا مِنَ اصْلٍ نُصَّا ... أَوْ لاَ يُرَى الأَصْلُ بِفَرْعٍ خُصَّا
830-أَوْ جُمْلَةٍ مِنَ الأُصُوْلِ تَشْهَدُ ... بِحُكْمِهَا أَوْ لِقِيَاسٍ يُوْجَدُ
831-في بَعْضِهَا مَا مُقْتَضَاهُ الْقَطْعُ ... أَوْ أَنْ يُرَى مِنْ جِنْسِ الاَصْلِ الْفَرْعُ
832-أَوْ كَانَ الاَصْلُ حُكْمُهُ يَثْبُتُ مِنْ ... إِجْمَاعٍ اوْ تَوَاتُرٍ فِيْهِ زُكِنْ

أَسْبَابُ الْخِلاَفِ

833-إِنَّ مِنَ اسْبَابِ الْخِلاَفِ جُمْلَهْ ... مَا مَرَّ مِنْ تَعَارُضِ الأَدِلَّهْ
834-وَالْجَهْلُ بِالدَّلِيْلِ كَالأَخْبَارِ ... وَالْخُلْفُ فِيْمَا صَحَّ مِنْ أَخْبَارِ
835-وَالْخُلْفُ في نَوْعٍ مِنَ الدَّلِيْلِ ... كَأَضْرُبِ الْقِيَاسِ في التَّمْثِيْلِ
836-أَوِ اخْتِلاَفِ أَوْجُهِ الْقِرَاءَةِ ... وَمِثْلُهُ الْخِلاَفُ في الرِّوَايَةِ
837-أَوِ اخْتِلاَفُ أَوْجُهِ الإِعْرَابِ في ... نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ حَدِيْثٍ اقْتُفِيْ

(1/45)

---

838-وَالْخُلْفُ في قَاعِدَةٍ أَصْلِيَّهْ ... وَالنَّسْخُ وَالإِحْكَامُ في قَضَيَّهْ
839-وَالْحَمْلُ لِلْمُحْتَمَلِ اللَّفْظِ عَلَى ... بَعْضِ الَّذِيْ مِنَ الْمَعَانِي احْتَمَلاَ
840-كَمِثْلِ الاِشْتِرَاكِ وَالْعُمُوْمِ ... وَالْحَذْفِ وَالْمَجَازِ وَالْمَفْهُوْمِ
841-وَالأَمْرِ هَلْ مَحَلُّهُ الْوُجُوْبُ ... وَالنَّهْيُ هَلْ تَحْرِيْمُهُ الْمَطْلُوْبُ
842-وَهَلْ عَلَى إِبَاحَةٍ لِلْوَاقِعِ ... أَوْ غَيْرِهَا يُحْمَلُ فِعْلُ الشَّارِعِ
843-وَقِسْ عَلَى ذَاكَ فَفِيْ ذَا الْقَدْرِ ... كِفَايَةٌ تُرْشِدُ مَنْ يَسْتَقْرِيْ
844-وَمَا لَهُ قَصْدِيْ فَقْد تَّمَّمْتُهُ ... مُبْدِيَ مَا مَعْنًى بِهِ رَسَمْتُهُ
845-فَكَانَ لَمَّا خُصَّ بِالْقَبُوْلِ ... أَحْظَى لَهَا مِنْ (مَهْيَعِ الأَصُوْلِ)
846-وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ بِحَمْدِهِ ... يَسْعَدُ مَنْ قَدَّمَهُ لِقَصْدِهِ
847-ثُمَّ صَلاَتُهُ بِلاَ تَنَاهِيْ ... عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُوْلِ اللهِ
848-وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الْكِرَامِ ... وَالتَّابِعِيْنَ الْقُدْوَةِ الأَعْلاَمِ

تَمَّ هَذَا النَّظْمُ الْمُبَارَكُ
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ

(1/46)

---