جامعة الأزهر
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين -القاهرة
شعبة الشريعة الإسلامية
الدراسات العليا
تخصص- الفقه
دراسة وتحقيق
عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ
للإمام السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ الحُسَيني(أبي السعود) المتوفى ((1172 هـ ))
من الورقة 111/أ إلى الورقة 161/أ وتشتمل على
القاعدة الثالثة :« الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير
إشراف
فضيلة الأستاذ الدكتور: محمد عبد الرحمن الهواري
فضيلة الأستاذ الدكتور: محمد خير هيكل
الطالب: عبد الكريم جاموس بن مصطفى
إلى سيد المرسلين محمد ? ومن جنابه الشريف إلى جميع الأنبياء والمرسلين ....
إلى الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.....
إلى العلماء العاملين ...وخصوصاً من كان له اليد البيضاء في الإشراف على رسالتي ( فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الهواري بالقاهرة و فضيلة الأستاذ الدكتور محمد خير هيكل بدمشق )........
إلى أسرة معهد الفتح الإسلامي بدمشق ممثلة برئيسها فضيلة الأستاذ الدكتور حسام الدين فرفور ورئيس قسم الفقه فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الصابوني.....
إلى شيخي المربي فضيلة الشيخ محمد سعيد الكحيل .....
إلى من أكرماني بالرضى والدي... والدتي... حفظهما الله .....
إلى إخواتي وأخواتي وزوجتي وأولادي وأقربائي ....
إلى كل من وقف بجانبي وشارك في إخراج هذا العمل ...وخصوصاً (عبدالرحمن الضحيك - محمود خليل - أحمد قدور )......
أهدي ثمرة جهدي .....
المقدمة:(1/1)
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيماً، يضئ لنا الدرب، ويهّون علينا الصعاب، وهو لنا الدستور والإمام الصالح لكل زمان ومكان على مر العصور والأيام، المحفوظ من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، مصداق ذلك قوله تعالى ?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ? [سُورَةُ الْحِجْرِ: 9 ]، والصلاة والسلام على من بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق الجهاد، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه، وعلى آله وأصحابه الكرام، الذين كانوا أهل عناية وأمانة، وحفظٍ ودراية، ومن بعدهم العلماء العاملين الذين حفظوا لنا هذا الشرع العظيم، وضبطوا ما فيه بفهم عميم، وصانوا لنا هذا الدين، ونقلوه إلى من جاء من بعدهم رضوان الله عليهم أجمعين، ونفعنا بهم وبعلمهم آمين آمين.
وبعد:
فإن الله تعالى خلق الإنسان، وجعله خليفته في الأرض، فكان له دور السيادة والقيادة لهذه المخلوقات التي خلقت معه تشاركه ظهر المعمورة من سكنٍ وطعامٍ وشراب، فكان هو المكرَّم والمشرَّف من بينها وليس ذاك إلا لكونه هو صاحب الصدارة فيما أعطاه الله من فهم وإدراك وتقدير قال تعالى:? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 70 ](1/2)
فالإنسان إذن ينشد دائماً معرفة ذاته، ويسعى ليبصر حقيقة وجوده، ليشكّلَ من هذه المعرفة منظاراً يتوجه به إلى العالم من حوله، ليلتقط به المشاهد والمناظر، فمن هذا المنظار الذي امتلكته من هذه المعرفة وتلك الحقيقة،حصل لي بسببه ومن خلاله رؤية بعض المشاهد الهامة في هذه الحياة، فكان المشهد الرئيسي مشهد العلم والمعرفة الذي يندرج تحته الكثير من الفصول، وكان لي موقف أساسي عند فصل واحد منها، وقفت عنده ِوقفة طالب علم يلتمس من هذا المشهد الحق والصواب، وهو فصل دراسة الفقه الذي منَّ الله به علينا? وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 20 ] ولكي يكون للطالب قدم راسخة في الفقه كان لا بد أن يكون عنده إلمام بعلم القواعد الفقهية وشروحها.
ولذلك فإن بستان العلوم الشرعية كثيرة أزهاره، عظيمة أنواره، ولعل أسمى ما في الوجود ـ العلم والبحث في تلك العلوم. فالله عز وجل يرفع الذين أتوا العلم درجات، وإن من أجلّ العلوم الشرعية الفقه وأصوله، فلا عَجَبَ أن تكثر الدراساتُ حول هذين العلمين حتى لا تحصى، و أن تفيض القرائح والأقلام بالمؤلفات التي تتناولهُما، فقد أُلِّف العديد الجمُّ من المصنفات، والتي سرى فيها أصحابها مناهج متنوعة من حيث التعمق، فمنها ما هو مُسَهبٌ وشامل تقريباً، ومنها ما هو مُختزَل مقتصرٌ على بعض المسائل، ومنها ما بينَ بينْ. هذا وقد كان من تلك المصنفات مخطوط: عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: للسَّيِّدِ مُحَمَّدٍ أبي السُّعُودِ الحُسَيني الْحَنَفِيِّ 1172 هـ رحمه الله، التي سأقوم بتحقيق جزء منها لنيل درجة الماجستير في الفقه ، فاخترت القاعدة الثالثة منها تكملة لبعض زملائي في إكمال التحقيق لهذا المخطوط .(1/3)
فتقدمت بخطة البحث إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين – القاهرة- فكان القبول من لجانها الموقرة على هذه الخطة التي حصل فيها بعض التغير من حيث الترتيب لا من حيث المضمون، وذلك حسب رأي المشرف في القاهرة ودمشق والحمد لله رب العالمين.
خطة البحث
هذا وقد قسمت الرسالة إلى:
مقدمة و تمهيد وقسمين هما: القسم الدراسي و القسم المحقق، وخاتمة.
أولاً: المقدمة وتتضمن مبحثين:
المبحث الأول: أهمية هذا المخطوط.
المبحث الثاني: الباعث على تحقيقه.
ثانياً: التمهيد ويتضمن أربعة مباحث:
المبحث الأول: التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه.
المبحث الثاني: أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة.
المبحث الثالث: تطورهما واعتناء العلماء بهما.
المبحث الرابع: لمحة عن أئمة الفقه ومدارسهم وخاصة المذهب الحنفي.
ثالثاً: القسم الأول: الدراسة
وتتضمن فصلين هما:
الفصل الأول: القواعد الفقهية.
ويتضمن سبعة مباحث هي:
المبحث الأول: تعريف القواعد الفقهية.
المبحث الثاني: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية.
المبحث الثالث: الفرق بين القاعدة والضابط.
المبحث الرابع: أهمية القواعد الفقهية وفوائدها.
المبحث الخامس: مناهج المؤلفين في القواعد الفقهية.
المبحث السادس: كتب القواعد الفقهية.
المبحث السابع: التعريف بكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم وشروحه.
الفصل الثاني: التعريف بالمخطوط ومؤلفه.
ويتضمن مبحثين:
المبحث الأول: المؤلِّف (محمد أبو السعود).
اسمه، نسبته، كنيته.
مولده، نشأته، وفاته.
أسرته.
حياته العلمية والثقافية.
شيوخه وتلاميذه.
كتبه وآثاره.
عصره من النواحي السياسية –الاجتماعية –الاقتصادية.
المبحث الثاني: المؤلَّف (المخطوط).
عنوان المخطوط ونسبته إلى مؤلفه.
وصف نسخه.
أهميته وقيمته العلمية.
أقوال العلماء فيه.
منهج المؤلَّف.
مصادره.
تقويم المخطوط:
المآخذ على المخطوط.
مصطلحات المخطوط.
رابعاً:القسم الثاني: التحقيق
ويتضمن مايلي:(1/4)
منهج التحقيق.
النص المحقق.
الفهرسة وتتضمن:
فهرس موضوعات قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك ».
الفهارس العامة وهي:
فهرس الآيات.
فهرس الأحاديث والآثار.
فهرس الأشعار.
فهرس الأعلام.
فهرس الكتب الواردة في النص.
فهرس المصادر والمراجع.
خامساً: الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج .
****************************
المبحث الأول: أهمية هذا المخطوط
حوت المكتبة العربية ضمن دفاتها العديد من المؤلفات والمصنفات المخطوطة، ولئن قلنا إن الكثير منها ضاع واندثر بسبب الحروب والكوارث إلا أن الكثير بقي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الثراء الكبير بهذه المصنفات،وجهود علمائنا الأفاضل بغنىً عن التعريف في هذا المجال حيث ألفوا وخطوا جمعاً ونسخاً حتى أثمرت جهودهم هذا التراث الثقافي الذي نعتزُّ به ونقدّره.
من هذا المنطلق تأتي أهمية مخطوط عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ إذ هو واحد من أجزاء تراثنا العريق ناهيك عن كونه من كتب الشريعة التي أسهمت بشكل أساسي في إرساء أركان المجتمع وتسهيل مسالك الحياة من خلال توضيح المناهج العامة للمعاملات بأغلبها، وكذلك الحديث عن الكثير من الموضوعات الشرعية كالطلاق والعدة وغيرها.
وأيضاً تأتي أهمية هذا المخطوط من كونه شبيهاً بمكتبة قائمة؛ إذ درج في طياته أكثر من مئة كتاب، وهذا يدل على السعة الثقافية لدى مؤلفه.
*****************
المبحث الثاني: الباعث على تحقيقه(1/5)
قررت بعون الله تعالى الخوضَ في بحر الفقه، فانبريت إلى تحقيق مخطوط إمامنا الفاضل "أبي السعود" سعياً لخدمة هذا الدين الحنيف، و أملاً في نيل شرف شهادة «الماجستير» في /الفقه / وكما أسلفت بالقول إن المصنفاتِ كثيرة ومتنوعة غير أني رأيت في مخطوط إمامنا فيضاً فقيهاًَ شاملاًَ وسهلاً خصيباً كاملاًَ قد تفتّحت فيه معظم القواعد الفقهية مما شكل حافزاً قوياً عندي لأقوم على تحقيق هذا المخطوط وأبسُطَ القول فيه بما يلهمني الله عز وجل.
أضف لذلك كله:
1ـ أنَّ هذا المخطوط عديدة أخطاؤه حيث يشوبه النقص في بعض العبارات، كما قد تُزاد بعض الكلمات في مواضع أُخر، فكان من جِلِّ الأمور عندي العمل على تحقيق هذا المخطوط؛ لتفكيك الرموز الصعبة والعمل على ربط المتفككة، والذي فككها ضياع بعض العبارات في مواضع وإثباتها في مواضع أخرى، فالأخطاء التي أشرت إليها قُبيلَ قليل ليست بأخطاء في الاجتهاد الفقهي عند "أبي السعود" إنما أخطاء تشوب المخطوط نتيجة النقص في إحدى العبارات؛ لذا عمدت إلى الإشارة إلى كل نقص أو زيادة أو تحريف أو لبس في المعنى.
2ـ هذا المخطوط شرح متن الأشباه والنظائر لابن نجيم الذي يعتبر من أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية عند "الأحناف". فقد كان "الأحناف" يفترضون المسائل ولا يشترطون حدوثها ثم يستنبطون أحكامها الفقهية مما يَنمُّ على استخدامهم العقل والرأي فكان لابد من تحقيق هذا المخطوط؛ لأهميته وشموله.
3ـ اعتماد أبي السعود على ينابيع أصيلة وكتب نفيسة من رؤوس وأمهات الكتب في شرحه لمتن الإمام "ابن نجيم" في كتابه « الأشباه والنظائر » فقد أخذ وبشكل كبير عن كتاب « غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر» للإمام "الحموي"، وغيره كالبيري، والغزي...الخ.(1/6)
4ـ أكون بإخراجي وتحقيقي لهذا المخطوط قد ساهمت بأقل ما يجب علي فعله لخدمة هذا الدين وخدمة العلم وأهله، وابتغاءً لمرضاة الله عز وعلا، وسعياً حثيثاً لنيل شرف شهادة «الماجستير» في/الفقه /، ولا يغيب عن ذهني قوله تعالى ? وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ? [سُورَةُ طَهَ: 114]. فعسايَ بهذا التحقيق أحصل على جانب من الفائدة وشيءٍ من الاستزادة من هذا العلم المبارك.
هذه أبرز الأمور التي حملتني على تحقيق هذا المخطوط.
***************
المبحث الأول( ( ) هذه المباحث التي سأوردها في هذه المقدمة ليس لي فيها الجهد من حيث أنني آتي بجديد من تعاريف واعتراضات عليها، فالناظر في ما كتب من هذه المباحث في المكتبة الإسلامية الحافلة بجم من المؤلفات حول هذه المواضيع ليجد أنه أمام مواضيع كثيرة عناوينها واحدة ومضمونها واحد، ولكن اختلفت الصياغة المعبرة لهذه العناوين، لذلك سيكون تكرار بعض هذه المباحث التي بُحثت سابقاً من قبل علماء أفاضل في هذه المقدمة.
وللأمانة العلمية أشير إلى المراجع المأخوذة منها بعض هذه المباحث مع التصرف بالعبارة والصياغة والترتيب، و الرجوع أيضاً إلى أمهات الكتب وإحالة ما قاله العلماء من أمهات كتبهم.
ولعلي أشير هنا أن الجديد هو ما كان من (جمع لنسخ المخطوط ووصفها وترجمة للمؤلف ودراسة للمخطوط ومنهجه.. الخ).): التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه.
نشأ الفقه في ربوع الشريعة الإسلامية منذ بزوغ شمسها، والفقه: فهم الشريعة وتوضيحها.
وأما أصول الفقه فيبحث في الأدلة الشرعية وإثباتها للأحكام ودلالتها عليها.
فما هو الفقه وما أصوله وما الفرق بينهما؟
* تعريف الفقه:
لغة: الفهم.( ( ) ينظر: لسان العرب لابن منظور 13/522، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي2/479.) يقال فقه يفقه: أي فهم يفهم.(1/7)
وقد ورد الفقه في القرآن الكريم بمعنى: الفهم قال الله تعالى حكاية عن سيدنا موسى: ?وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ? [ سُورَةُ طَهَ27 و28 ]وقال أيضاً? تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 44 ].
هذا وقد رأى بعضهم أن ضبط هذه الكلمة "فقه" حسب اشتقاقها ينشئ تفاوتاً في معنى هذه الكلمة، ومن أولئك "ابن حجر" في مؤلفه «فتح الباري» حيث يقول: ((يقال فَقُهَ بالضمة: إذا صار الفقه له سجية، وفَقَهَ بالفتح: إذا سبق غيره إلى الفهم، وفَقِهَ بالكسر: إذا فهم))( ( ) فتح الباري لابن حجر العسقلاني:1/164.).
جاء في «لسان العرب»: الفقه: العلم بالشيء والفهم له، وفي «القاموس المحيط»: الفقه بالكسر العلم بالشيء والفهم له والفطنة( ( )ينظر: لسان العرب لابن منظور 13/522، القاموس المحيط للفيروز آبادي /1614/.).
ومن هنا نشير من باب التأكيد إلى هذا المعنى ما ذُكر عن "سلمان الفارسي" - رضي الله عنه - بأنه نزل على امرأة نبطية بالعراق فقال: هل ها هنا مكان نظيف أصلي فيه؟ فقالت: طهر قلبك وصلِّ حيث شئت، فقال فقهت أي فهمت وفطنت للحق والمعنى الذي أرادت( ( )ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير3/465. ).
* الفقه في اصطلاح الشرع:
الفقه في لسان الشرع: العلم بالدين: أي معرفة الأحكام العملية المكتسبة في الأدلة التفصيلية.
يرى حجة الإسلام الإمام الغزالي أن الفقه في العصر الأول هو: علم الطريق إلى الآخرة، ومعرفة دقائق آفاق النفوس وما يتصل بذلك.(1/8)
يقول في كتابه «إحياء علوم الدين»( ( )إحياء علوم الدين للغزالي 1/35.): (( ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقاً على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفاق النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب، ويَدُلّكَ على ذلك قوله عز وجل: ?فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ? [ سُورَةُ التَّوْبِةِ: 122 ]. ومن ذلك ما عرفه الإمام أبو حنيفة: (( هو معرفة النفس ما لها وما عليها )) ( ( ) شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/16.). ولهذا سمى كتابه في العقائد: « الفقه الأكبر ».
ومع مرور الزمن أصبح اسم الفقيه لا يطلق إلا على ذلك الإنسان المطلع على أحكام الفروع المأخوذة من الأدلة التفصيلية، وقد استقر الفقه على هذا المعنى فصار خاص له ثم أخذ العلماء يعرفونه فتنوعت التعاريف بيد أنها في نهاية المطاف تصبُّ في مجرى واحد ومن تلك التعاريف:
تعريف حُجةِ الإسلام "الغزالي" في «المستصفى»: ((عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة)) ( ( )المستصفى للغزالي /4-5/.)
وقد عرفه "ابن خلدون" في «مقدّمته» بقوله:(( هو معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين بالوجوب والحذر والندب والكراهة والإباحة وهي متلقاة الكتاب والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها فقه))( ( )مقدمة ابن خلدون /445/.).
وعرفه "الآمدي" في «الإحكام» بأنه: (( "العلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال".(1/9)
فالعلم احتراز عن الظن بالأحكام الشرعية، فإنه وإن تجوز بإطلاق الفقه عليه في العرف العامي فليس فقيها في العرف اللغوي والأصولي، بل الفقه العلم بها أو العلم بالعمل بها، بناء على الإدراك القطعي وإن كانت ظنية في نفسها.
وقولنا: بجملة من الأحكام، احترز عن العلم بالحكم الواحد أو الاثنين لا غير فإنه لا يسمى في عرفهم فقهاً.
وإنما لم نقل بالأحكام؛ لأن ذلك يشعر بكون الفقه هو العلم بجملة الأحكام ويلزم منه أن لا يكون العلم بما دون ذلك فقهاً وليس كذلك.
وقولنا: الشرعية،احتراز عما ليس بشرعي كالأمور العقلية والحسية.
وقولنا: الفروعية: احتراز عن العلم بكون أنواع الأدلة حججاً فإنه ليس فقهاً في العرف الأصولي وإن كان المعلوم حكماً شرعياً نظرياً لكونه غير فروعي.
وقولنا: بالنظر والاستدلال: احتراز عن علم الله تعالى بذلك وعلم جبريل والنبي عليه الصلاة والسلام فيما علمهِ بالوحي فإن علمه بذلك لا يكون فقها في العرف الأصولي إذ ليس طريق العلم في حقهم بذلك النظر والاستدلال)) ( ( )الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/21و22.).
* تعريف أصول الفقه
الأصل لغة: ما ينبني عليه غيره( ( ) التعريفات للجرجاني /45/، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي 1/16.): أي من حيث أنه ينبني عليه الشيء فحسب.
تعريف الأصول اصطلاحاً: وُجد علم أصول الفقه بعد نشوء الفقه، ولعل الإمام الشافعي رضي الله عنه هو أول من خطّ في الأصول، ومن ثم جاء من بعده العلماء في ترسيخ قواعد هذا العلم حتى أصبح علماً مستقلاً.
والعلماء نهلوا في تعريف الأصول مناهل عديدة حيث تعددت التعاريف إلا أنها تنصب في نهاية المطاف في إطار واحد متقارب فالآمدي يعرف الأصول في كتابه الإحكام قائلاً:(( هي أدلة الفقه وجهات دلالتها على الأحكام الشرعية وكيفية حال المستدل بها من جهة الجملة لا من جهة التفصيل ))( ( )الإحكام في أصول الأحكام للآمدي1/22.).(1/10)
وعرف السبكي أصول الفقه في كتابه جامع الجوامع حيث قال: ((أصول الفقه: دلائل الفقه الإجمالية وقيل معرفتها، والأصولي العارف بها وبطريق الاستفادة منها وحال المستفيد )).
والمقصود بالدلائل: مصادر الفقه والتشريع، سواء أكانت من المتفق عليه، كالكتاب والسنة والإجماع، أو المختلف فيها كالقياس والاستحسان والاستصحاب والاستصلاح وغير ذلك من الأدلة.
والمقصود من المعرفة الإجمالية: معرفة الأدلة من حيث الإجمال كمعرفة كون الإجماع حجة وكون الأمر للوجوب والنهي للتحريم والقياس حجة.
والمقصود بكيفية الاستفادة منها: معرفة أحوال الأدلة من نسخ ومعارضة وترجيح وغير ذلك، ومعرفة أنواع الأحكام،وأن أي نوع من الأحكام يثبت بنوع من أنواع الأدلة والمباحث المتعلقة بالمحكوم به ككونه عبادة أو عقوبة أوالمحكوم عليه من الأهلية والعوارض لها.والمقصود بحال المستفيد: معرفة شرائط الاجتهاد وشرائط التقليد. ( ( )ينظر: حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع1/39،45.)
*****************
المبحث الثاني: أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة
أهمية الفقه:
مذ أن بدأ القرآن الكريم بالنزول بدأت أكمام الفقه بالتَّفتح لتجلو حقائق ومعاني القرآن، فالفقه هو الجانب العملي الذي يكمل الشريعة، فهي تفسَّرُ به، فكان ظهور الفقه منذ عصر الصحابة- رضي الله عنهم - في حياة النبي ? حيث كان الناسُ بحاجة ماسة لفهم الأحكام الهامة، وتنظيم علاقاتهم، ومعرفة الحقوق العائدة لهم، والواجبات المترتبة عليهم من هنا تأتي أهمية الفقه لما له من خصائص تكمن فيما يلي:(1/11)
1- الوحي الإلهي هو أساس للفقه: فالفقه يمتاز بسمات تميزه عن القوانين الوضعية وذلك من حيث مصدره، فمصدره القرآن الكريم الذي هو كلام الله ووحيه والسنة النبوية الشريفة، فكل فقيه مجتهد لا بد له من استنباط أحكامه الخاصة بالشريعة من هذين المصدرين، بل هو مقيد بهما وبما يتفرع عنهما مباشرةً وما ترشد إليه روح الشريعة وقواعدها وكافة مبادئها الكلية، فكانت نشأة الفقه كاملة، سوية البنية، وطيدة الأركان وذلك تبعاً لاكتمال مبادئه، وتمام قواعده، ولأن أصوله رست راسخة في زمن الرسالة، وأثناء نزول الوحي على الهادي الأمين ?. قال عز وجل في محكم التنزيل ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا? [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 3 ]وبهذا ينتقل الفقه إلى طور التطبيق، و بمواكبة مصالح البشرية وانسجامها مع ما ترمي إليه الشريعة.
2- شمول الفقه لكافة متطلبات الحياة: فالفقه الإسلامي يختلف عن القوانين بميزة مميزة له وهي تناوله علاقات الإنسان الثلاث.
فأما الأولى: فعلاقته بربه، وأما الثانية: فعلاقته بنفسه، وأما الثالثة: فعلاقته بمجتمعه؛لأنه للدنيا والآخرة، ولأنه دين ودولة وعام للبشرية وخالد حتى قيام الساعة، فأحكام الفقه متآزرة ففيها تكمن العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق كل ذلك لتتحقق غاية الرضا والإيمان والسعادة والراحة والطمأنينة وتنظيم سير الحياة الخاصة والعامة لتحلَّ السعادة في العالم أجمع.
ومن هنا نلمح أهمية للفقه تكمن في أحكامه المتعلقة بكل ما يصدر عن المكلف وتنطوي تحت نوعين:
الأول: أحكام العبادة وما يندرج تحتها من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة ويمين ونذر، وكل ما يقصد به تنظيم علاقة الإنسان بربه وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم قرابة /140/ آية تتناول العبادات.(1/12)
الثاني: أحكام المعاملات: أي كل ما ينظم علاقات الناس بعضهم ببعض من عقود وعقوبات وجنايات وضمانات.
3- تأتي أهمية الفقه أيضاً من كونه يتصف بالصفة الدينية حلاً وحرمة، فالفقه يختلف عن القانون في أن كل فعل أو تصرف مدني في المعاملات يتصف بوجود فكرة الحلال والحرام.
4- ارتباط الفقه بالأخلاق: الفقه يتأثر بقواعد الأخلاق وهذا يميزه عن القانون الذي لا هدف له إلا المحافظة على النظام، والعمل على إرساء الاستقرار في المجتمع حتى ولو أهدر شيئا من أولويات الأخلاق، أو حتى الدين بينما الفقه دائم الحرص على الاعتناء بأسس الفضيلة وإحياء المثل العليا والأخلاق القويمة السليمة.
فعلى سبيل المثال يمنع الفقه من الغش ويحرمه في العقود وأكل مال الآخرين بالجور والباطل وإفساد العقود كل هذا من أجل إشاعة المحبة وتوفير الثقة ومنع المشاحنات والبغضاء بين الناس واحترام حقوقهم.
وبهذا نرى أن الدين إذا تآزر والخلقَ في التعامل يتحقق الصلاح للفرد وللمجتمع، ويرسم ذلك أيضاً طريق الخلود والنعيم في الآخرة فغاية الفقه هي تحقيق السعادة للإنسان.
5- تأتي أهمية أخرى للفقه من كونه يحاسب على الخطأ في الدنيا والآخرة، وبالتالي فهو يردع أكثر من القانون فالقانون يحاسب على الإساءة ويعاقب عليها في الدنيا، أما الفقه فإنه ينهى على الرذائل من جهة، ومن باب آخر ترى الفقه يعد بالإثابة على الفعل الحسن ويعاقب على الفعل السيئ بتطبيق الحد وفي الآخرة يتوعد الله المسيء بعذاب أليم والفقه أيضاً يشرح هذا كله حيث أن الله يتوعد المسيء بالعذاب مع إمكانية العفو والمغفرة فيحيا الإنسان على الأمل بعد التوبة في حين أنه يَعِدُ بالجزاء الحسن للمؤمنين وكان وعده مفعولا كل هذه الأمور الفقه يشرحها.
6- الفقه يراعي مصالح الجميع، فهو يراعي مصلحة الفرد والجماعة ويقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد إذا ما تعارضتِ المصلحتان.(1/13)
ومصلحة الجماعة تراعى من خلال إنشاء كافة الخدمات من مشاريع كالمشافي والمساجد والمقابر وغير ذلك. ( ( ) من مقدمة كتاب الفقه الإسلامي وأصوله للدكتور وهبة الزحيلي ص/ 18وما بعد / بتصرف.)
وهكذا نرى أن الفقه يسبر الطريق أمام الحياة المثالية المتكاملة إذا ما طبق بالشكل الصحيح، فالفقه وكما رأيناه أرخى بظلاله على كافة نواحي الحياة فرسم ما لها وما عليها ليكون الإنسان على جادة الصواب مهما صنع إن كان متمسكاً بحبال الفقه، وبالتالي يكون العمل بالفقه واجباً إلزامياً، فالمجتهد على سبيل المثال عليه أن يعمل بما أداه إليه الاجتهاد فهذا هو حكم الله تعالى وعلى باقي الناس أن يعملوا بفتوى المجتهد، فلا طريق أمامهم لمعرفة الحكم الشرعي سوى ما أفتى به ذلك المجتهد.
* أهمية أصول الفقه:
يأتي الجوهر الحقيقي لأهمية أصول الفقه من موضوعه إذ أن موضوعه يبحث في الأدلة الشرعية كإثباتها للأحكام ودلالتها عليها ناهيك عن معرفة أقسام هذه الأدلة، وتقديم بعضها على بعضها الآخر أثناء تعارضها، وأهمية قواعد أصول الفقه آتية من كونها مستمدةً من القرآن
الكريم ومن السنة النبوية الشريفة مع اعتماد تلك القواعد على سحر قواعد العربية وجماليات بيانها وبلغتها، وعلم الأصول باستناده على كل ما سلف ذكره لايعني أن ما ذكرناه من صلب أبحاثه وإنما يرتكز عليها مستعيناً بها فقط ليتوصل إلى إثبات ما أقرَّه من قواعد وضوابط وأصول، والغاية المنشودة من علم أصول الفقه تتجلى فيما يلي ذكره:
1- معرفة كيفية استنباط الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين من المصادر التشريعية، فبواسطة بحوثه وتطبيق قواعده وضوابطه على نصوص الكتاب والسنة يتوصل إلى الأحكام الشرعية التي تدل عليها.(1/14)
2- علم الأصول يُعلِّم القاضي أو المفتي كيف فهم الأئمة الأحكام وأخذوها من أدلتها وتوصلوا إلى استنباطها حتى يتمكن هؤلاء من تخريج المسائل الحادثة جديداً بناء على ما استنبطه الأئمة واستخرجه من تلك القواعد والضوابط من أحكام، وليتمكنوا أيضاً من ترجيح الآراء عند تعددها أو تعارضها.
3- إن علم الأصول مع تفاعله بالبحوث التي يستعين بها، وما ينتج عن ذلك من قواعد وضوابط يتوصل إلى استنباط الأحكام للحوادث التي لم يرد فيها نصوص مصادر التشريع الأخرى.
نستطيع في النهاية إلى أن نخلص بالقول: إن علم أصول الفقه يساعد رجال الحكم والإدارة على فهم نصوص القوانين والأنظمة الإدارية التي هي من قبيل السياسة الشرعية، ولا تتعارض أحكامها مع نصوص التشريع وروح الشريعة، وبواسطة قواعده يتعرف هؤلاء على مدلولات نصوص القوانين فيما يعرض لهم من قضايا منصوص عليها( ( ) من كتاب أبحاث حول أصول الفقه الإسلامي تاريخه وتطوره للدكتور مصطفى الخن /75/ بتصرف.).
******************
المبحث الثالث: تطورهما واعتناء العلماء بهما.
تطور هذين العلمين:(1/15)
علم الفقه أسبق من الأصول، وعلم الأصول رافق الفقه منذ نشوئه تقريباً لكنه لم يترسخ ويظهر على شكل علم مستقل حتى ظهور الإمام "الشافعي" رحمه الله الذي يعتبر المؤسس لهذا العلم ثم أخذ هذا العلم بالتطور من خلال البحث في مسائل جديدة، "فالشافعي" رحمه الله في كتابه «الرسالة» أتى على علم الأصول كله بحيث لم يبقَ لمن يأتي بعد ه إلا أن يقرأ أو يفسر، ولكن كما أسلفنا ظهرت بعده مسائل جديدة أو بالأصح فرعية فأخذ الأصوليون يزيدون ويحررون فحرّروا من بعده مسائل كثيرة من هنا أخذ علم الأصول ينمو ويتطور ولعل ابن خلدون في مقدمته أثرى القول في ذلك فتحدث عن نشأة ذلك العلم وعن تطوره حيث قال: (( اعلم أن أصول الفقه من أعظم الأمور الشرعية وأجلها قدراً وأكثرها فائدة، وهو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتأليف، وأصول الأدلة الشرعية هي الكتاب الذي هو القرآن ثم السنة المبينة له.
فعلى عهد النبي ? كانت الأحكام تتلقى بما يوحى إليه من القرآن ويبينه بقوله وفعله بخطاب شفاهي لا يحتاج إلى نقل ولا إلى نظر وقياس ومن بعده صلوات الله وسلامه عليه تعذر الخطاب الشفاهي وانحفظ القرآن بالتواتر وأما السنة فأجمع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على وجوب العمل بما يصل إلينا منها قولاً أو فعلاً بالنقل الصحيح الذي يغلب على الظن صدقه وتعينت دلالة الشرع في الكتاب والسنة بهذا الاعتبار.(1/16)
ثم ينزل الإجماع منزلتهما لإجماع الصحابة على النكير على مخاليفيهم ولا يكون ذلك إلا عن مستند لأن مثلهم لا يتفقون من غير دليل ثابت، مع شهادة الأدلة بعصمة الجماعة، فصار الإجماع دليلاً ثابتاً في الشرعيات ثم نظرنا في طرق استدلال الصحابة والسلف بالكتاب والسنة، فإذا هم يقيسون الأشباه بالأشباه منهما، ويناظرون الأمثال بالأمثال بإجماع منهم وتسليم بعضهم لبعض في ذلك، فإن كثيراً من الواقعات بعده صلوات الله وسلامه عليه لم يندرج في النصوص الثابتة فقاسوها بما ثبت وألحقوها بما نص عليه بشروط في ذلك الإلحاق تصحح تلك المساواة بين الشبيهين أو المثلين حتى يغلب على الظن أن حكم الله تعالى فيهما واحد وصار ذلك دليلاً شرعياً بإجماعهم عليه وهو القياس وهو رابع الأدلة، واتفق جمهور العلماء على أن هذه هي أصول الأدلة وإن خالف بعضهم في الإجماع والقياس إلا أنه شذوذ.
وألحق بعضهم بهذه الأربعة أدلة أخرى لا حاجة بنا إلى ذكرها لضعف مداركها وشذوذ القول فيها فكان أول مباحث هذا الفن النظر في كون هذه أدلة.
فأما الكتاب: فدليله المعجزة القاطعة في متنه والتواتر في نقله، فلم يبقى فيه مجال للاحتمال.
وأما السنة: وما نقل إلينا منها، فالإجماع على وجوب العمل بما يصح منها كما قلناه معتمداً بما كان عليه العمل في حياته صلوات الله وسلامه عليه من إنفاذ الكتب والرسل إلى النواحي بالأحكام والشرائع آمراً وناهياً.
وأما الإجماع: فلاتفاقهم رضوان الله تعالى عليهم على إنكار مخالفتهم مع العصمة الثابتة للأمة.
وأما القياس: فبإجماع الصحابة- رضي الله عنهم – عليه، كما قدمناه هذه أصول الأدلة.(1/17)
ثم إن المنقول من السنة محتاج إلى تصحيح الخبر بالنظر في طرق النقل وعدالة الناقلين لتتميز الحالة المحصلة للظن بصدقه الذي هو مناط وجوب العمل، وهذه أيضاً من قواد الفن ويلحق بذلك عند التعارض بين الخبرين وطلب المتقدم منهما معرفة الناسخ والمنسوخ وهي من فصوله أيضاً وأبوابه ثم بعد ذلك يتعين النظر في دلالة الألفاظ وذلك أن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الو صفية مفردة ومركبة والقوانين اللسانية في ذلك هي علوم النحو والتصريف والبيان.وحين كان الكلام ملكة لأهله لم تكن هذه علوماً ولا قوانين ولم يكن الفقه حينئذٍ يحتاج إليها لأنها جبلة وملكة فلما فسدت الملكة في لسان العرب قيدها الجهابذة المتجردون لذلك بنقل صحيح ومقاييس مستنبطة صحيحة وصارت علوما يحتاج إليها الفقه في معرفة أحكام الله تعالى)) ( ( )مقدمة ابن خلدون /452-456/.وينظر: البحر المحيط للزركشي 1/18، التقرير والتحبير لابن أمير حاج 1/67، أبجد العلوم لحسن خان القنوجي 2/75.
).
وفي أول القرن الثاني إلى منتصف القرن الرابع الهجري وهو الدور الذهبي للاجتهاد لمعت في الأفق مذاهب جديدة يميزها عن غيرها خاصة التدوين فدُوِّنت آراؤهم وقلدت أيضا ومنهم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك بن أنس والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنهم -.
*****************
المبحث الرابع: لمحة عن أئمة الفقه ومدارسهم(1/18)
رسخ الإسلام في نفوس البشرية حباً لله عزّ وجلَّ وحباً لنبيه العظيم وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حمل الخلفاء الراشدون لواء الإسلام وعملوا على نشره في الأمصار وبانقضاء عهد الخلفاء الراشدين بدأت موجات العداء تجتاح الدين الإسلامي فقيض الله علماء ربانيين من عنده مخلصين له الدين للدفاع عن الإسلام فالعلماء هم ورثة الأنبياء وهم واجهة الإسلام إذ يعلمون الناس أمور دينهم ويرشدونهم إلى طريق النور ولقد يطيب لنا الكلام عن أئمة أهل العلم الذين كانوا ومازالوا منارة العلماء وأعني أئمة المذاهب الأربع من حنفي ومالكي وشافعي وحنبلي رضي الله عنهم أجمعيم وإليك لمحة إلى حياتهم حسب التسلسل الزمني.
أولاً: الإمام أبو حنيفة:
وهو النعمانُ بنُ ثابتٍ بن زوطى، منْ أَقطابِ مدرسةِ الرأي، ولدَ سنةَ ثمانينَ للهجرةِ، قيل إنَّهُ أَدركَ أربعةً مِنَ الصحابة، وهم: أنس بنُ مالكٍ بالبصرةِ، وعبدُ اللهِ بنُ أَبي أَوفى بالكوفةِ، وسهلُ بنُ سعدٍ الساعديُّ بالمدينةِ، وعامرُ بنُ واثلةَ بمكةَ.
وقد روى الحديث عن عطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عامر، وقتادة.
وأخذ الفقه عن حمّاد بن أبي سليمان الذي لازمه ثمان عشرة سنةً، والذي تلقاه عن إبراهيم النخعيِّ، عن علقمة والأسود بن يزيد، وكلاهما عن ابن مسعود رضي الله عنه.
وكان أوّل من اشتغل بالفقه، فزاد علم الفقه اتساعاً، ومجاله انبساطاً. وله التقدم في الفقه، وهذا أمرُ لا شك فيه.
تشدد الإمام أبو حنيفة في قبول الحديث وتوسع في القياس والاستحسان، وأصول مذهبه: الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان.
قال فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه: (الناس في الفقه عيالٌ على أبي حنيفة).
* أشهر تلامذته:
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الكوفي: (113-182 )هـ قاضي القضاة في عهد الرشيد كان له الفضل الأكبر على مذهب أبي حنيفة في تدوين أصوله ونشر آرائه في أقطار الأرض وكان مجتهداً مطلقاً.(1/19)
محمد بن حسن الشيباني (132-189) هـ ولد بواسط وكان والده من حرستا بدمشق تفقه محمد على يد أبي حنيفة أولاً ثم أتم تعلمه على أبي يوسف ولازم الإمام مالك بن أنس مدة، وانتهت إليه رياسة الفقه بالعراق بعد أبي يوسف وكان نابغة من أذكياء العلم ومجتهداً مطلقاً.
وزفر والحسن بن زياد اللؤلؤي. وصنف من الكتب "الفقه الأكبر" و" المسند" و"المخارج في الفقه".
وانقسمت مسائل الفقه عند الحنفية إلى ثلاثة أقسام:
1- الأصول: وقد جمعها الإمام محمد بن الحسن في كتب ستة تُعرف: بكتب ظاهر الرواية.
2- النوادر: وهي مسائل مروية عن الإمام وأصحابه.لكن لا في الكتب الستة.
3- الفتاوى: وهي ما أفتى به مجتهدوا الحنفية المتأخرون فيما لم يُروَ فيه رواية عن الإمام وأصحابه، تخريجاً على مذهبهم. وأول كتاب عُرف في فتاوى الحنفية كتاب "النوازل" لأبي اللّيث السمرقنديِّ.
توفي الإمام الأعظم رحمه الله سنة: (150) هـ.
ثانياً: مالك بن أنس/ 93-179/:
مؤسس المذهب المالكي: هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحيِّ، نسبةً إلى ذي أصبح، قبيلةٌ باليمن.
وُلدَ بالمدينة سنة ثلاثٍ وتسعين، وأخذ العلم عن علمائها، وأول من لازم منهم: عبد الرحمن بن هرمزٍ، كما أخذ العلم عن نافع مولى ابن عمر، وابن شهاب الزهري.
وكان شيخه في الفقه ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي.
تسلم منصب التدريس في السابعة عشر من عمره، وقال عن نفسه: ما جلست للفتيا والحديث حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني مرضاةٌ لذلك.
وقد أجمع أشياخه وأقرانه ومن بعدهم على أنه إمام في الحديث، موثوق بصدق روايته قال البخاري: أصحُّ الأسانيد: مالكٌ عن نافع عن ابن عمر، ثمَّ: مالك عن الزهريَّ، عن سالم، عن أبيه، ثم: مالكٌ: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.(1/20)
امتاز الإمام مالك في الفقه والحديث حتى روى عنه ابن شهاب الزهري، وربيعة الرأي فقيه أهل المدينة، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وموسى بن عقبة، وكلهم أشياخه.
وروى عنه من أقرانه: الثوريُّ، والليث بن سعد، والأوزاعيُّ، وابن عيينة، وأبو يوسف.
ومن أعيان تلاميذه: الإمام الشافعيُّ، وابن المبارك، ومحمد بن الحسن الشيباني، وخلق كثيرٌ.
وممن أخذ عنه الفقه: عبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب، وأشهب، وعبد الله بن الحكم، وأسد بن الفرات، وعبد السلام بن حبيب المشهور بسحنون، وغيرهم.
بنى رحمه الله أصول مذهبه على الكتاب والسنة، واعتمد فيهما النص الظاهر والمفهوم والبينة، ثم على الإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، والاستحسان، وسد الذرائع، ومراعاة الخلاف، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، وشرع من قبلنا.
مما تميزت به طريقته رحمه الله أنَّ عمل أهل المدينة حجةٌ عنده مقدمةٌ على القياس، وعلى خبر الآحاد، وكذلك قول الصحابيِّ إذا صحَّ سنده.
لم يخالف الحديث المرفوع الصالح للحجية، وكان لا يشترط في قبول الحديث الشهرة فيما تعمُّ به البلوى، ولا يردُّ خبر الآحاد لمخالفته للقياس أو لعمل الراوي بخلافه، كما أنه لا يقدم القياس على خبر الواحد على أن لا يخالف عمل أهل المدينة.
وقد قال بالاستحسان في مسائل كثيرة إلا أنه لم يتوسع في القول به توسع الحنفية.
امتحن الإمام مالك سنة: (147) هـ، وضرب بالسياط، وانفكت ذراعه لأجل فتوى لم توافق غرض السلطان، وبقي مريضاً إلى وفاته، فأقام في المدينة ولم يرحل منها، والناس يرحلون إليه إلى أن توفي سنة: (179) هـ.
وله من الكتب «الموطأ» و«المدونة» و «تفسير غريب القرآن» و «الوعظ» و «المسائل» وغيرها.
ثالثاً: الإمام الشافعي:(1/21)
محمد بن إدريس القرشي الهاشمي المطلبي، يلتقي نسبه مع الرسول ? في جده عبد المناف ولد بغزة بفلسطين الشام عام 150هـ، وهو عام وفاة أبي حنيفة وتوفي بمصر عام 204هـ بعد موت أبيه بغزة وبعد سنتين من ميلاده حملته أمه إلى مكة موطن آبائه فنشأ فيها يتماً وحفظ القرآن في صباه كان فصيحاً في العربية وإماماً فيها، تتلمذ في مكة على مفتيها مسام بن خالد الزنجي حتى أذن له بالإفتاء وهو ابن خمس عشرة سنة، ثم ارتحل إلى اليمن، فولي عملاً فيها، ثم ارتحل إلى بغداد عام 183هـ و195هـ، فأخذ عن محمد بن الحسن وكانت له معه مناظرات، سُرَّ منها الرشيد.
كان مجتهداً مستقلاً إماماً في الفقه والحديث والأصول جمع فقه الحجازيين والعراقيين.
أصول مذهبه: القرآن والسنة ثم الإجماع،ثم القياس،ولم يأخذ بأقوال الصحابة، لأنها اجتهادات تحتمل الخطأ وترك العمل بالاستحسان الذي قال به الحنفية والمالكية.
وخلَّف الإمام الكثير من الكتب الأمهات في المذهب منها: ما يمثل المذهب القديم؛ كـ "الأمالي"، و "مجمع الكافي"، و "عيون المسائل"، و "البحر المحيط". ومنها: ما يمثل المذهب الجديد؛ كـ" الأم"، و " الإملاء"، و"المختصرات"، و "الرسالة"، و "الجامع الكبير" وغيرها.
وقد كثر تلاميذه وأتباعه ومنهم:
يوسف بن يحيى البويطي أبو يعقوب المتوفى سنة 231هجري.
أبو إبراهيم، إسماعيل بن يحيى المزني المتوفى سنة264هجري.
الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المتوفى سنة270هجري وعن طريقه وصلنا كتاب الرسالة والأم وغيريهما.
رابعاً: الإمام أحمد بن حنبل (164-241)هـ:
الإمام الحافظ الورع أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي ثم البغدادي. حملت به أمه في مرو، ولدته ببغداد سنة: (164)هـ وفيها نشأ يجمع السنة ويحفظها حتى صار إمام المحدّثين في عصره، روى الحديث عن هشيم، وإبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.(1/22)
قرأ الفقه على الإمام الشافعي حين قدم إلى بغداد وكان من أكبر تلاميذة البغداديين، ثم أصبح مجتهداً مستقلاً.
قال فيه الإمام الشافعي:((خرجت من بغداد وما خلفت فيها أفقه ولا أورع ولا أزهد ولا أعلم من ابن حنبل)).
بنى أصول مذهبه على الكتاب والسنة، ولم يقدم على الحديث الصحيح عملاً ولا رأياً ولا قول صحابي ولا إجماعاً.
وكان يعتمد فتاوى الصحابة المتفق عليها فيما بينهم، كما كان يأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إن لم يكن في الباب شيء يدفعه، أما القياس: فكان يستعمله للضرورة فقط، ويكره الفتوى التي ليس فيها أثر عن السلف.
دعي إلى القول بخلق القرآن فلم يجب، فضرب وحبس وهو مصرٌّ على الامتناع، وكان ضربه في العشر الأخير من رمضان سنة: (220)هـ.
توفي رحمه الله ببغداد سنة: (241)هـ وكان لجنازته شأن كبير أسلم من مظهرها الجم الغفير من أهل الذمة. وله من الكتب: «المسند»و «العلل» و«الزهد» و«فضائل الصحابة» و «الورع» و غيرها.
- ومن أشهر تلامذته:
صالح بن أحمد بن حنبل المتوفى سنة 266هـ.
عبد الله بن أحمد بن حنبل المتوفى سنة290هـ.
الأثرم أبو بكر محمد بن هانئ الخرساني البغدادي المتوفى سنة273هـ.
***********************
الفصل الأول: القواعد الفقهية
ويتضمن سبعة مباحث هي:
المبحث الأول: تعريف القواعد الفقهية
* تعريف القواعد الفقهية
القاعدة في اللغة: الأساس( ( ) ينظر: لسان العرب لابن منظور 3/362، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي 2/510.)، وتجمع على قواعد، وهي أسس الشيء وأصوله، حسياً كان ذلك الشيء: كقواعد البيت، أو معنوياً: كقواعد الدين أي دعائمهِ.(1/23)
وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم بقوله الله تعالى: ? وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ? [ سُورَةُ البَقَرَةِ: 127 ].وبقوله تعالى:?قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ? [ سُورَةُ النَّحْلِ: 26]:
فالقاعدة في هاتين الآيتين الكريمتين بمعنى: الأساس وهو ما يرفع عليه البنيان.
أما القاعدة اصطلاحاً:
فهي:(( قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها)) ( ( )ينظر:التعريفات للجرجاني /219/، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/35، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 1/25.
والقضية هي: قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب. والكلية هي: ثبوت الحكم على كل واحد بحيث لا يبقى فرد. ينظر: التعريفات للجرجاني /226/، التقرير والتحبير 1/25. ).
وعرفها أبو البقاء الكفوي بقوله: القاعدة اصطلاحاً:((قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها))( ( ) الكليات لأبي البقاء الكفوي/ 48/.).
وعرفها العلامة "التفتازاني" في «التلويح» بأنها:(( حكم كلي ينطبق على جزئياته ليَتَعَرَّف أحكَامَها منه))( ( ) شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/34.).
وعرفها "الحموي" في « غمز عيون البصائر» فقال هي:(( حكم أكثري ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه)).( ( ) غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائرللحموي1/51.)
هذه التعريفات توضح لنا معنى القاعدة اصطلاحاً وقد جرى هذا الاصطلاح في جميع العلوم فإن لكل علم قواعد، فهناك قواعد نحوية وقواعد أصولية وقواعد قانونية وغيرها.(1/24)
والقاعدة عند الجميع هي: أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته وإذا كان هناك شاذ خرج عن نطاق القاعدة فالشاذ أو النادر لا حكم له ولا ينقض القاعدة.
لكن الفقهاء قد عبروا عنها أحياناً بقولهم ((ينطبق عليها جزئيات كثيرة)) فاكتسب الانطباق معنى آخر وانبنى عليه.
وعرف تاج الدين السبكي القاعدة بقوله:(( هي الأمر الكلي الذي ينطبق عليه جزيئات كثيرة تفهم أحكامها منها)).( ( ) مقدمة الأشباه والنظائر للسبكي: مخطوط ورقة:/1/، عن كتاب القواعد الفقهية للندوي /40/.)
* مناقشة هذه التعاريف:
عند دراسة هذه التعاريف نجد أن مضمونها واحد إلا أن بعضهم وصف القاعدة الفقهية بأنها كلية، وبعضهم الآخر وصفها بأنها أكثرية.
ومن خلال التمحيص والتمعن في هذه التعاريف نبني قولنا إنها كلية مستندين إلى جملة من الدلائل نوردها فيما يلي:
أ- الأصل في القاعدة كونها كلّية، ووجود بعض المستثنيات من القاعدة لا يخل بكليتها وعمومها، كما أن بعضها يخصص ويقيد بعضاً.
ب- أن الفرع المُخْرَجَ عنها بدليل عند الفقهاء إما أن يدخل تحت قاعدة أخرى أو لا.
وعلى كلٍ فهي كلية بالنسبة إلى غير ذلك الفرع المخرج، فكما أن الدليل أخرج الفرع عنها، كذلك خصصها بما وراءه.
ج- فالجزئيات المتخلفة قد يكون تخلفها لِحكَمٍ خارجة عن مقتضى الكلي فلا تكون داخلة تحته أصلاً.
د- أن قواعد الفقه تقررت عن طريق الاستقراء، والاستقراء- هنا- تتبع الجزئيات والتأكد من اندراجها تحت القاعدة.( ( ) ينظر: الموافقات للشاطبي 2/53، شرح الكوكب المنير للفتوحي /12/.)
- وتعليل الذين يرون أنها أكثرية هو: وجود استثناءات لبعض فروع تلك القواعد؛ لأثر أو ضرورة، أو قيد، أو علة مؤثرة( ( ) ينظر: إكمال شرح المجلة لمحمد طاهر الأتاسي1/11- 12.).
* تعريفات المعاصرين:
لا يخلو تعريف للقواعد الفقهية من نقد، لكن من خلال ما سبق من العرض والمناقشة عرفها بعض العلماء المعاصرين بما يلي:(1/25)
1- يقول الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا: (( هي أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكاماً تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها))( ( ) شرح القواعد الفقهية للشيخ أجمد الزرقا /34/.).
2- وعرفها الشيخ علي أحمد الندوي في كتابه «القواعد الفقهية»: ((هي أصل فقهي كلي يتضمن أحكاماً تشريعية عامة من أبواب متعددة في القضايا التي تدخل تحت موضوعه))( ( ) القواعد الفقهية للندوي /45/.). والله أعلم.
**************
المبحث الثاني: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية
الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية:
يقول الشيخ علي أحمد الندوي: ((ولعل الإمام شهاب الدين القرافي أول من ميز بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية))( ( ) القواعد الفقهية للندوي /67/.)
فيقول في مقدمة «الفروق» مايلي:
((اعلم أن الشريعة المعظمة المحمدية قد اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان:
أحدهما: المسمى بأصول الفقه وهو غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك....
والقسم الثاني: قواعد كلية فقهية جليلة كثيرة العدد عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع ما لا يحصى ولم يذكر شيء منها في أصول الفقه على سبيل التفصيل، وإنما اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال)).( ( ) أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/3، 4، 9.)
وقد ذكر العلماء فروقاً بينهما من عدة وجوه ومنها:
1- من جهة الاستمداد: فعلم الأصول مستمد من ثلاثة أشياء هي: علم الكلام، والعربية، وتصور الأحكام الشرعية( ( ) ينظر: التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 1/66، شرح الكوكب المنير للفتوحي /14/.).(1/26)
أما القواعد الفقهية فإنها مستمدة من الأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية العامة، والأحكام الفرعية المتشابهة.
2- من جهة التعلق: القواعد الأصولية متعلقة بأدلة التشريع.
أما القواعد الفقهية فمتعلقة بأفعال المكلفين.
3- من جهة الاستعمال: القواعد الأصولية تستعمل في الأحكام من حيث إثبات شرعيتها، وأدلتها، واستنباطها.
أما القواعد الفقهية فتستعمل في ضبط مسائل منتشرة في أبواب الفقه تحت مناط واحد وحكم واحد.
4- من جهة المستفيد منهما: القواعد الأصولية يستفيد منها المجتهد خاصة، فيستعملها عند استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة.
أما القواعد الفقهية فيستفيد منها المجتهد، والقاضي، والمفتي، والمتعلم، لأن القواعد أحكام كلية لفروع متناثرة، يعتمد عليها بدلاً من الرجوع إلى حكم كل فرع على حده.
5- أن القواعد الأصولية مصدر لتأسيس الأحكام واستنباطها، فيفترض فيها- ذهنياً- أنها سابقة في وجودها الفروع الفقهية؛ لأن الفروع مبينة عليها.
أما القواعد الفقهية فهي تقرير لأحكام ثابتة ورباط لمسائل متفرقة، فهي متأخرة في وجودها عن الفروع الفقهية.
6- من جهة توقف كل منهما على الأخرى في استنتاجها: فالقواعد الأصولية لا يتوقف استنتاجها على قاعدة فقهية.
أما القوعد الفقهية فيتوقف استنتاجها على القواعد الأصولية.
ومع ذلك كله لا يخفى على الناظر المدقق بعضُ التداخل بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية؛ نتيجة اختلاف النظر إليها وذلك كسدِّ الذرائع أو العرف، فإذا نظر إليها باعتبار موضوعها دليلاً شرعياً كانت قاعدة أصولية. وإذا نظر إليها باعتبارها فعلاً للمكلف، كانت فقهية.
المبحث الثالث: الفرق بين القاعدة والضابط.
الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي:
تتفق القاعدة مع الضابط في ثلاثة وجوه هي:
أ- أن كلاً منهما حكم فقهي.
ب- أنه يندرج تحت كل منهما جزيئات فقهية.
ج- أن كلاً منهما مناطه واحد.(1/27)
ويفرق بينهما: بأن القاعدة أعمُّ من الضابط، فالقاعدة تجمع فروعاً من أبواب متعددة، أما الضابط فيجمع فروعاً من باب واحد( ( ) ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى صفحة غمز عيون الصائر2/5، وغمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر للحموي 1/31.).
وعلى هذا فإن القواعد الفقهية مختلفة عن الضوابط الفقهية فالضابط الفقهي أضيق من مجال القاعدة الفقهية، فنطاق الضابط لا يتعدى الموضوع الفقهي الواحد الذي يرجع إليه بعض مسائله.
وإن عدداً من الأصوليين والفقهاء قد أشاروا إلى ذلك ونبهوا عليه ومن ذلك ما ذكره "ابن نجيم" في الفن الثاني من «الأشباه و النظائر»فقال:(( القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد، هذا هو الأصل))( ( ) الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى صفحة غمز عيون الصائر2/5.)
وكذا أبو البقاء الكفوي يميل إلى هذا التعريف إذ يقول في الكليات: ((والضابط يجمع فروعاً من باب واحد))( ( ) الكليات لأبي البقاء/ 48 /.).
وهكذا يظهر أن لا اتفاق بين القواعد والضوابط فالقواعد أعمق وأشمل من الضابط إلا أنها أكثر شمولاً تبعاً لشمولها فالضابط يضبط موضوعاً واحداً لا يتعداه.
**************
المبحث الرابع: أهمية القواعد الفقهية وفوائدها
أهمية القواعد الفقهية وفوائدها:
إن للقواعد أهمية كبرى، ومنزلة عظيمة في الفقه الإسلامي.
قال القرافي: ((فإن كل فقيه لم يخرّج على القواعد فليس بشيء)).
وقال:((وإذا رتبت الأحكام مخرّجة على قواعد الشرع، مبينة على مآخذها، نهضت الهمم حينئذٍ لاقتباسها، وأعُجبت غاية الإعجاب بتقمّص لباسها))( ( ) الذخيرة للقرافي1/36، 50.).
فالقواعد الفقهية تدل على تناسق الأحكام الشرعية، ووضوح مآخذها، وكشف آفاقها.
فلها فوائد كثيرة أهمها ما يلي:(1/28)
1- ضبط الفروع الجزئية المتناثرة، والاستغناء عن حفظها، وسهولة معرفة أحكامها والإلمام بها؛ لأن الإحاطة بالجزئيات غير ممكن لكونها لا تتناهى، مع سرعة نسيانها وعدم ثباتها في الذهن.
قال القرافي: ((ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات)).( ( )ينظر: أنوار البروق في أنواع الفروق للقرافي1/3.)
2- إن معرفة القواعد الفقهية تجعل الدارس يطلع على أسرار الشريعة، ومدارك الأحكام، ومآخذ المسائل الفقهية.
3- إن الإلمام بالقواعد الفقهية يعين على فهم المسائل، واستحضار أحكامها.
4- تنمية الملكة الفقهية؛ لأنها تعطي الفقيه القدرة على إلحاق المسائل المتحدة في المناط بعضها ببعض، والتخريج على القواعد، وتنزيل الحوادث عليها.
5- إن معرفة القواعد الفقهية تعين العالم على معرفة أحكام النوازل والوقائع .
6- إن دراسة الفروع الفقهية مجردة عن القواعد قد تسبب التناقض الذهني لدى الطالب، لكن دراستها مع القواعد تبعد ذلك التناقض.
7- إدراك مقاصد الشريعة، فمعرفة القاعدة العامة يفهم منه مقصد الشريعة في ذلك.فقاعدة: الضرورات تبيح المحظورات. يفهم منها أن رفع الحرج والتيسير على العباد مقصد من مقاصد الشريعة.( ( ) ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي /6/، و الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى غمز عيون البصائر1/35، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي1/3، الذخيرة للقرافي1/36، 50.)
*****************
المبحث الخامس: مناهج المؤلفين في القواعد الفقهية
مناهج المؤلفين في القواعد الفقهية:
من يطلع على مصنفات القواعد يتبين له اختلاف مناهج المؤلفين فيها من حيث المضمون والترتيب.
وتنقسم مناهجهم من حيث المضمون إلى قسمين هما:
1- إيراد القواعد والضوابط الفقهية، مع إدخال بعض القواعد الأصولية( ( ) لكن دخول القواعد الأصولية-هنا- على أن موضوعها فعل المكلف، فتكون قواعد فقهية.).
مثل: الكرخي، والدبوسي، وابن الوكيل، والمقّري.(1/29)
2- إيراد القواعد والضوابط الفقهية، مع بعض القواعد الأصولية، وضموا إليها فنوناً فقهية أخرى كالفروق، والأحكام الخاصة – كأحكام السكران، والمحارم، والخنثى، ونحوها- والألغاز، والحيل، وتقاسيم الفروق، والمآخذ والعلل.
مثل: ابن السبكي، والسيوطي، وابن نجيم.
أما مناهجهم من حيث ترتيبُ القواعد فتنقسم إلى خمسة أقسام هي:
1- جمع القواعد دون ترتيب: فهؤلاء يوردون القواعد دون الالتزام بترتيب معين. مثل الكرخي، وابن الوكيل، والونشريسي.
2- الترتيب الفقهي: هو ترتيب القواعد على الأبواب الفقهية.
مثل: المقرّي، وابن الملقن. وهذا المنهج يؤخذ عليه:
أ- أن إيراد جميع فروع القاعدة تحتها في مكان واحد فيه عسر.
ب- تكرار القاعدة، وذلك لتفرق مسائلها في الأبواب.
ج- صعوبة الوصول إلى القاعدة لاحتمال وجودها في أكثر من باب.
3- الترتيب الموضوعي: هو ترتيب القواعد على موضوع واحد.
مثل: الدبّوسي رتب كتابه حسب اختلاف العلماء.
4- الترتيب الهجائي: هو ترتيب القواعد ترتيباً ألفبائياً يراعى فيه الحرف الأول للقاعدة.
مثل: الزركشي والخادمي.
وهذا منهج ميسر يسهل الوصول إلى القاعدة، غير أن صياغة القاعدة تختلف من كتاب إلى آخر، فالبحث عن القاعدة بلفظ لم يتطرق إليه المؤلف فيه عسر، يزول حينما يبحث عنها بكل ألفاظها المحتملة.
5- الترتيب حسب الأهمية: تختلف أهمية القاعدة حسب اختلاف نظرة العلماء.لذلك نجدهم اختلفوا في الترتيب. مثل:ابن السبكي قسم القواعد إلى ثلاثة أقسام هي:
أ- القواعد الخمس.
ب- القواعد العامة: وهي التي لا تختص بباب معين.
ج- القواعد الخاصة: وهي التي تخص الأبواب. وجعلها أربعة أنواع هي:
العبادات، والبيع، والإقرار، والمناكحات.
والسيوطي وابن نجيم يتفقان مع ابن السبكي في القسمين الأول والثاني.
غير أن السيوطي جعل القسم الثالث: القواعد المختلف فيها.(1/30)
وابن نجيم لم يورد قسماً ثالثاً، وإنما خصص الفن الثاني: للفوائد- وهي الضوابط- ورتبها على الأبواب.
****************
المبحث السادس: كتب القواعد الفقهية
* كتب القواعد الفقهية:
مدونات هذا الفن كثرة جداً، وسأورد أهمها مرتبة حسب المذاهب.
أولاً: المذهب الحنفي:
1- رسالة الكرخي: لأبي الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي (ت:340)هـ، جمع الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، فأورد سبعاً وثلاثين أصلاً مشتملة على قواعد فقهية وأصولية.
وقام نجم الدين أبو حفص عمر بن أحمد النسفي (ت:537)هـ بوضع أمثلتها ونظائرها وشواهدها، طبعت مع تأسيس النظر.
2- تأسيس النظر: لأبي زيد عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي (ت:430)هـ، قسمه إلى ثمانية أقسام هي:
أ- الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه.
ب- الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف وبين محمد بن الحسن.
ج- الخلاف بين أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، وبين أبي يوسف.
د- الخلاف بين أبي يوسف، ومحمد بن الحسن.
هـ- الخلاف بين أبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد، وبين زفر.
و- الخلاف بين الحنفية، ومالك بن أنس.
ح- الخلاف بين الحنفية والشافعية.
يورد في هذه الأقسام الأصول التي اختلفوا فيها، ويخرّج المسائل عليها.
وحوى الكتاب ستاً وثمانين قاعدة( ( ) والكتاب لا يختلف من حيث المنهج والمضمون عن كتاب "تأسيس النظائر" لأبي الليث نصر بن محمد السمرقندي (ت:373)هـ- حققه محمد محمد رمضان في رسالته الماجستير بجامعة الأزهر.). وهو مطبوع.
3- الأشباه والنظائر: لزين العابدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم (المتوفى970)هـ.والكتاب يشتمل على سبعة فنون هي:
أ- القواعد، ب- الفوائد، ج- الجمع والفرق. د- الألغاز، هـ- الحيل، و- الفروق، ز- الحكايات والمراسلات.( ( ) سأفرد له بحثاً كاملاً؛ لأنه متن المخطوط الذي نحن بصدد تحقيقه.)
4- مجامع الحقائق: لأبي سعيد محمد الخادمي (ت:1176)هـ.(1/31)
كتاب في أصول الفقه ختمه المؤلف بخاتمة أورد فيها مائة وأربعاً وخمسين قاعدة، دون شرح، رتبها على حروف المعجم. واستقى غالبها من ابن نجيم، طبع بدار الطباعة العامرة باستنبول عام 1273 هـ.
وله شروح منها.
أ- منافع الدقائق شرح مجامع الحقائق: لمصطفى بن محمد الكوز الحصاري (ت:1215)هـ، شرح الكتاب مع خاتمته، وشرح القواعد بإيجاز، وهو مطبوع.
ب- إيضاح القواعد: لمصطفى هاشم الشهير بحفيد قوجه، شرح قواعد الخادمي لوحدها، وهو مطبوع.
5- قواعد مجلة الأحكام العدلية:
ألفها- مجموعة من علماء الدولة العثمانية عام 1286 هـ.
وتحتوي على أحكام المعاملات صيغت على شكل مواد ليعمل بها في المحاكم، وصدّرت بتسع وتسعين قاعدة فقهية ذات صيغة محكمة، اختيرت من أشباه ابن نجيم، وخاتمة مجامع الحقائق وغيرهما.
ولقواعد المجلة شروح مستقلة منها:
أ- شرح القواعد الفقهية: لأحمد بن محمد الزرقاء (ت: 1357)هـ.
والكتاب غزير المادة، اجتهد مؤلفه في جمع كل ما له صلة بالقاعدة من القيود والفروع والمستثنيات في الفقه الحنفي، فيبدأ بشرح القاعدة، ثم التطبيق، ثم المستثنيات، طبع بتقديم: مصطفى الزرقاء وعبد الفتاح أو غدة، وتصحيح: عبد الستار أبو غدة.
ب- شرح الأستاذ مصطفى الزرقا:
شرح موجز مع تصنيفها وترتيبها ترتيباً جديداً، فقسمها إلى قسمين هما:
أ- القواعد الأساسية: وهي التي كل منها أصل مستقل ليس متفرعاً من قاعدة أعم منه وهي أربعون قاعدة، ورتب القواعد الأساسية حسب موضوعاتها.
ب- القواعد المتفرعة عن الأساسية: وهي تسع وخمسون قاعدة، جعلها تحت القواعد الأساسية، ضم إليها إحدى وثلاثين قاعدة سردها مرتبة على حروف المعجم دون شرح سوى تعليقات يسيرة أحياناً، طبع ضمن كتابه «المدخل الفقهي العام» (2/965-1089).
6- الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية: لمحمود حمزة- مفتي دمشق- (توفي:1305)هـ.(1/32)
تتبع المؤلف القواعد والضوابط والفوائد الفقهية وجمعها من مصادر الفقه الحنفي، ورتبها حسب الأبواب الفقهية، وبين مرجع كل قاعدة.
وحوى الكتاب مائتين وإحدى وخمسين قاعدة، وأكثر قواعده ضوابط مذهبية، وهو مطبوع.
ثانياً: المذهب المالكي:
1- أصول الفتيا في الفقه على مذهب الإمام مالك: لمحمد بن حارث الخشني (ت:361)هـ.
يورد قواعد وضوابط الفقه المالكي مرتبة على أبواب الفقه، ويورد نظائر الأبواب، والكتاب مختصر مستوعب للأصول المطردة في المذهب، طبع بتحقيق محمد المجدوب ومحمد أبي الأجفان وعثمان بطيخ.
2- أنوار البروق في أنواء الفروق: لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (ت:684)هـ.
اشتهرت باسم "الفروق". من أجل الكتب في بابه، وأغزرها مادة، وأكثرها استيعاباً، وحوى مباحث وتحقيقات لم يسبق إليها، فيه خمسمائة وثمان وأربعون قاعدة.
فهو يورد الفروق بين الفروع لتحصيل القواعد، ويورد الفروق بين القواعد لتحقيقها، وهو مطبوع.
وعني به علماء المالكية فألفوا حوله مؤلفات منها:
أ- ترتيب فروق القرافي: لمحمد بن إبراهيم البقوري (ت: 707)هـ. لخص القواعد والمسائل، وزاد بعض القواعد.
وقام بترتيب القواعد على ما يلي:
أ- قواعد كلية- ب- قواعد نحوية-ج- قواعد أصولية-د- ما يناسب تلك القواعد-هـ- القواعد الفقهية مرتبة على أبواب الفقه.
مخطوط له نسختان موجودتان:
1- في دار الكتب الوطنية بتونس برقم (12298، 14982).
2- في خزنة القرويين بفاس برقم (80/1269)، باسم "مختصر قواعد القرافي".
ب- إدرار الشروق على أنواء الفروق: لقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري المعروف بابن الشاط (ت:723)هـ، تعقب كتاب القرافي بالتصويب والتصحيح والتنقيب، وطبع مع الفروق.
3- القواعد: لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقرّي (ت:758)هـ.
حوى ألفاً ومائتي قاعدة، ويبين الخلاف بين الأئمة في القواعد وهذه ميزة الكتاب.
ولا يسترسل في إيراد الفروع، مرتب على أبواب الفقه.(1/33)
حققه الدكتور: محمد الدردابي في رسالته الدكتوراه بدار الحديث الحسنية بالمغرب.
وحقق الدكتور: أحمد بن عبد الله بن حميد قسم العبادات منه في رسالته الدكتوراه بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، وطبعته الجامعة، ويعمل على تحقيق باقيه.
4- عمل من طَبْ لِمَنْ حَبَّ: للمقرّي المتقدم.
قسمه المؤلف إلى أربعة أقسام هي:
أ- الأحاديث النبوية: يشتمل على خمسمائة حديث من أحاديث الأحكام التي يكثر دورانها على ألسنة الفقهاء.
ب- الكليات الفقهية: يحتوي على خمسمائة وخمس وعشرين كلية، مرتبة على أبواب الفقه.
حقق هذا القسم الباحث: محمد بن الهادي أبو الأجفان في رسالته الماجستير بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ج- القواعد الفقهية: سرد مائتي قاعدة دون أمثلة، وليس لها ترتيب ظاهر.
د- الألفاظ الحكمية المستعملة في الأحكام الشرعية.
مخطوط له خمس نسخ:
في الخزانة العامة بالرباط برقم (1258د).
في الخزانة نفسها ضمن مجموع برقم (2687 ك).
في مكتبة الاسكوريال بمدريد ضمن مجموع برقم (1140).
في مكتبة الزاوية الحمزية بالمغرب ضمن مجموع برقم (291).
في مكتبة الأستاذ محمد أبي حمزة الخاصة بتونس.
5- المنهج المنتخب إلى أصول عُزيت للمذهب: لأبي الحسن علي بن قاسم الزقاق (ت:912)هـ.
نظم في قواعد الفقه المالكي، نال اهتمام علماء المالكية فوضعوا له شروحاً منها.
أ- شرح المنهج المنتخب: لأبي العباس أحمد بن علي المنجور (ت:995)هـ. ويعرف بـ (شرح المنجور).
ب- شرح المنظومة، واستفاد في شرحه من فروق القرافي وقواعد المقرّي.
طبع الشرح مع النظم طبعة حجرية بفاس عام 1305 هـ.
6- إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك: لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي (ت:914)هـ.
يتضمن مائة وثماني عشرة قاعدة، أورد المؤلف جلّها بصيغة الاستفهام على اعتبار أنها قواعد خلافية، استفاد من قواعد المقري، وفروق القرافي.(1/34)
ويوجد تشابه بين الكتاب والمنهج المنتخب من حيث المضمون، طبع بتحقيق الباحث: أحمد بو طاهر الخطابي.
7- الكليات الفقهية: لمحمد بن أحمد بن محمد بن غازي العثماني المكناسي (ت:919)هـ.
وأورد فيه ثلاثمائة وأربعاً وثلاثين كلية في أبواب الأنكحة والمعاملات والأقضية والحدود.
طبع طبعة حجرية بفاس، وحققه محمد بن الهادي أبو الأجفان مع دراسته وشرحه في رسالته الدكتوراه الحلقة الثالثة بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بتونس.
ثالثاً: المذهب الشافعي:
1- التلخيص في الفقه: لأبي العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص (ت:335)هـ.
مرتب على أبواب الفقه، يورد في كل باب القواعد والضوابط والنظائر والمستثنيات، ويعرض في بعض المسائل أراء الحنفية.
مخطوط في مكتبة أياصوفيا برقم (1074) تابعة للمكتبة السليمانية.
2- قواعد الأحكام في مصالح الأنام: لعز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (ت:660)هـ.
بين فيه مصالح الأحكام ليسعى العباد في تحصيلها، ومقاصد المخالفات ليسعى الناس في ردئها.
ورد فيه أحكام الشرعية إلى قاعدة: المصالح والمفاسد. فيقرر قواعد المصالح والمفاسد ثم يوضحها بالتطبيقات الفقهية والكتاب مصدر في بابه استفاد منه من أتى بعده. ويسمى "القواعد الكبرى". مطبوع.
3- الأشباه والنظائر: لصدر الدين محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد المعروف بابن الوكيل (ت/716)هـ.
أول كتاب ألّف في القواعد بهذا الاسم، استفاد منه الذين ألفوا في هذا الفن من فقهاء الشافعية بعده، والكتاب غير مرتب.
ثم جاء ابن أخيه زيد الدين محمد بن عبد الله بن المرحل (ت/738) وزاد عليه ورتبه.
4- المجموع المذهب في قواعد المذهب: لصلاح الدين خليل بن كَيْكَلدي العلائي (ت:761)هـ.
صدره المؤلف بالقواعد الخمس الكبرى، ثم أورد القواعد الأصولية، ثم القواعد الفقهية مرتبة حسب الأهمية، وختمه بالمسائل المفردة عن أصولها وأشباهها.(1/35)
واستفاد ابن القاص وابن الوكيل والعز بن عبد السلام والقرافي.
5- مختصر من قواعد العلائي وكلام الإسنوي: لأبي الثناء محمود بن أحمد الحموي المعروف بابن خطيب الدهشة (ت:834 هـ).
اختصر قواعد العلائي وزاد عليه كلام الأسنوي من "التمهيد" ورتبه على أبواب "المنهاج" للنووي، فإذا قال "مسألة" فهي من كلام الإسنوي، وما عداه من قواعد العلائي، طبع بتحقيق الدكتور/ مصطفى بن محمود البنجويني.
6- الأشباه والنظائر: لتاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي (ت:771)هـ.
وضعه مؤلفه لتحرير كتاب ابن الوكيل وزاد عليه، قسمه إلى سبعة أقسام هي:
أ- القواعد الخمس.
ب- القواعد العامة.
ج- القواعد الخاصة (وهي الضوابط)، ورتبها على أربعة أنواع هي: العبادات، والبيع، والإقرار، والمناحكات.
د- أصول كلامية ينبني عليها فروع فقهية.
هـ- مسائل أصولية يتخرج عليها فروق فقهية.
و- كلمات نحوية يترتب عليها مسائل فقهية.
ز- المآخذ المختلف فيها بين الأئمة، وختمه بباب في الألغاز.
ويعتبر من أغزر المؤلفات في هذا الفن مادة، وأعظمها فائدة، وأجودها ترتيباً وتنسيقاً للقواعد.
حقق الكتاب الدكتور /عبد الفتاح بدارن أبو العينين في رسالته الدكتوراه بجامعة الأزهر. وطبع الكتاب بتحقيق/ عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض.
7- المنثور في القواعد: لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي (ت:794)هـ.
رتب القواعد على حروف المعجم، ولعله أول من ابتكر هذا الترتيب للقواعد وأدخل بعض الموضوعات التي لا تندرج في القواعد الفقهية، كالبدعة والمطارحات، والممتحنات، والمغالطات.
طبعته وزارة الأوقاف الكويتية بتحقيق الدكتور/ تيسير فائق أحمد محمود.
8- الأشباه والنظائر: لعمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بابن الملق (ت:804هـ).وهو الآن قيد التحقيق من قبل طلاب كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة عن طريق معهد الفتح الإسلامي بدمشق في شعبة الفقه.(1/36)
9- الاستغناء في الفرق والاستثناء: لمحمد بن أبي بكر بن سليمان البكري.
رتبه على أبواب الفقه، يورد في كل باب قواعده وما يستثنى منها، ويبين الفروق بين المسائل، حوى ستمائة قاعدة، والكتاب جيد في إيجازه واستيعابه، وهو من أشمل الكتب في إيراد المستثنيات من القواعد.
حقق الدكتور/ سعود بن مسعد الثبيتي قسم العبادات منه في رسالة الدكتوراه بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، وطبعته الجامعة، وقد طبع الكتاب بتحقيق/ عادل أحمد عبد الموجود، وعلى محمد معوض.
10- الأشباه والنظائر: لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت:911)هـ.
رتبه مؤلفه على سبعة كتب هي:
أ- شرح القواعد الخمس. ب- القواعد الكلية: وهي أربعون قاعدة.
ج- القواعد المختلف فيها: وهي عشرون قاعدة.
د- أحكام يكثر دورها، ويقبح بالفقيه جهلها.
هـ- نظائر الأبواب: رتبها على أبواب الفقه.
و- الفروق بين الأبواب المتشابهة.
ز- نظائر شتى.
وهو من أكثر كتب القواعد انتشاراً وتداولاً، اعتنى مؤلفه فيه بإيراد أدلة القواعد ما أمكن، واستفاد من كتب ابن السبكي وعوّل عليه، مطبوع، وله طبعة بتحقيق/ علاء بن محمد السعيد.
رابعاً: المذهب الحنبلي:
1- القواعد الكبرى: لنجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي (ت:716)هـ.
2- القواعد الصغرى: للطوفي المتقدم.
3- القواعد النورانية الفقهية: لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيميه (ت:728 هـ).
رتب الكتاب على الأبواب الفقهية ونبّه في كل باب على القواعد والضوابط، مع العناية باختلاف الفقهاء والاستدلال لآرائهم، طبع بتحقيق/ محمد حامد الفقي، وحقق الكتاب الباحث/ محيسن بن عبد الرحمن المحيسن في رسالته الماجستير بالمعهد العالي للقضاء. انتهى إلى أن عنوانه «قواعد كلية».
4- القواعد: لأبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (ت:795 هـ).(1/37)
أورد فيه مائة وستين قاعدة، ثم ختمه بإحدى وعشرين فائدة خلافية يبنى عليها مسائل، وقواعده مذهبية، قصد مؤلفه ضبط أصول المذهب، وبيان مأخذ الفقه، فهو من الأصول التي يعتمد عليها في تقعيد الفقه الحنبلي، فهو يحوي بين طياته قواعد وضوابط وموضوعات فقهية.
- أثنى عليه ابن عبد الهادي وعدّه من عجائب الدهر.
- وضع جلال الدين نصر الله بن أحمد البغدادي (ت:812 هـ) فهرساً لمسائله على الأبواب، طبع في آخر الكتاب.
والكتاب له مختصرات منها:
أ- مجلة الأحكام الشرعية: لأحمد بن عبد الله القاري (ت:1359 هـ).
صدّر المجلة بقواعد ابن رجب مختصرة مجردة عن المسائل والفوائد، مع المحافظة على ترتيبها وصياغتها، وأوردها على شكل مواد بلغت مائة وستين مادة.
طبعت المجلة بتحقيق /د. عبد الوهاب أبي سليمان. و د. محمد إبراهيم أحمد علي.
ب- نيل الأرب من قواعد ابن رجب: للشيخ محمد بن صالح العثيمين.
سرد القواعد مع حذف الفروع والفوائد تسهيلاً لحفظها.
ووضع له مصطلحات في المقدمة هي:
المذهب أو ظاهر المذهب، أو عنه قول وهو المذهب: هو ما ذهب إليه المتأخرون كصاحبي المنتهى والإقناع، ضمير الجمع: هم الأصحاب المتأخرون، الشيخ: هو شيخ الإسلام ابن تيمية.
5- مغنى ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام: لجمال الدين يوسف بن عبد الهادي (ت:909 هـ)، في خاتمة الكتاب وضع المؤلف فصلاً: في قواعد كلية يترتب عليها مسائل جزئية في جميع الفقه، سرد فيه ستاً وسبعين قاعدة بصيغة مختصرة متقنة خالية من التفريع.
6- القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة: للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376 هـ). مطبوع.
قسم الكتاب إلى قسمين هما:
الأول: القواعد والأصول الجامعة، أورد فيه ستين قاعدة مشروحة شرحاً مع بيان أدلتها، وتوضيحها بالأمثلة. بأسلوب سهل ميسر يمكن للطالب فهمه، وهذه ميزة الكتاب.(1/38)
الثاني: الفروق بين المسائل المتشابهة والتقاسيم المهمة، بيّن الفروق بين المسائل الفقهية المتشابهة والأحكام المتقاربة، وقسّم بعض الموضوعات الفقهية تقسيمات لطيفة ليسهل ضبطها.
المبحث السابع: التعريف بكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم وشروحه
الأشباه والنظائر: لزين العابدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم (ت:970)هـ.والكتاب يشتمل على سبعة فنون هي:
أ- القواعد: أورد خمساً وعشرين قاعدة كلية، وتسع عشرة قاعدة فرعية.
ب- الفوائد: وهي الضوابط والاستثناءات، بلغت أكثر من خمسمائة فائدة، مرتبة على أبواب الفقه.
ج- الجمع والفرق.
د- الألغاز.
هـ- الحيل. و- الفروق. ز- الحكايات والمراسلات.
وقد وضع المؤلف كتابه على غرار كتاب ابن السبكي وأفاد منه ومن كتاب السيوطي.
ولقي هذا الكتاب قبولاً لدى علماء الحنفية فتعاقبوا عليه بالشرح والتعليق والترتيب والإضافة، فبلغت حوالي (42) كتاباً.
ابن نجيم( ( ) ينظر: شذرات الذهب 8/356، الأعلام للزركلي3/104، معجم المؤلفين 4/192.) ( 970هـ):
هو العلامة زين الدين بن إبراهيم بن محمد، الشهير بابن نجيم، الحنفي، المصري، أحد الأعلام الثقات في العلم والتقوى في القرن العاشر الهجري.
ونجد العلامة تقي الدين التميمي (1005هـ ) يصف المذكور في بداية ترجمته بقوله (( كان إماماً، عالماً عاملاً، مؤلفاً مصنفاً، ما له في زمنه نظير ))؛ ثم يقول في الختام: (( وفي الجملة كان من مفاخر الديار المصرية )). تفقه على الإمام قاسم بن قطلوبغا وغيره من أئمة ذلك الزمان، ألف رسائل فقهية وأصولية، ووضع شروحا للمتون في الفقه الحنفي، منها:
شرح كنز الدقائق وسماه بالبحر الرائق، وهو أجل مؤلفاته، لكن وافاه الأجل قبل أن يكمله، فقد وصل فيه إلى أثناء الدعاوى والبينات.
وشرح المنار لحافظ الدين النسفي في الأصول وأسماه: « فتح الغفار في شرح المنار».(1/39)
وكذلك اختصر التحرير للإمام ابن الهمام وسماه « لب الأصول »، وله تعليق على «الهداية»، وما سواها من الكتب المفيدة الأخرى.
قال الغزي في الكواكب نقلا عن بعض تلاميذ الإمام ابن نجيم: (( إن وفاته كانت سنة تسع وستين وتسعمائة )).
أما الكتاب- الأشباه والنظائر- فهو من أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية تحت عنوان الأشباه والنظائر، وهو قرين لكتاب العلامة السيوطي «الأشباه والنظائر » في اسمه، وصيغته، وخصائصه، ويحتل مكاناً رفيعاً بين مؤلفات هذا الفن، وقد جاء خَطوة جديدة بعد أن توقف سير التأليف في هذا الموضوع على مدى من الأيام في الفقه الحنفي.
وضعه المؤلف على غرار الأشباه والنظائر للعلامة تاج الدين السبكي كما صرح بذلك في مقدمة الكتاب المذكور وهذا ما نجده عند الموازنة بين الكتابين،فإن ابن نجيم التزم السير على منهج الإمام السبكي مع اختلاف يسير في ترتيب المباحث وتنسيق القواعد، إلا أن للقواعد الأصولية نصيباً وافراً عند السبكي خلاف ما نشاهد عند ابن نجيم، فإنه لم يتعرض للقواعد الأصولية، فقد خص الفن الأول للقواعد الكلية الفقهية، وبسط فيها القول، ووضع الفنون الأخرى للكتاب في مباحث أخرى ذات مساس بالفقه الإسلامي كالألغاز، والمطارحات، والفروق، والحكايات، والمراسلات الفقهية، فتناول كلاً منها بإيجاز.
وبلغ عدد القواعد الفقهية خمساً وعشرين عند ابن نجيم. جمعها في الفن الأول من الكتاب، وسلك مسلكا بديعا في ذكرها، فقد صنفها في نوعين:
قواعد أساسية وهي: الأمور بمقاصدها، الضرر يزال، العادة محكمة، اليقين لا يزول بالشك، والمشقة تجلب التيسير، لا ثواب إلا بالنية.
تسع عشر قاعدة أقل اتساعا وشمولا للفروع مما سبق، ولكن لها قيمتها ومكانتها في الفقه الإسلامي، من أمثلة هذا النوع:
" الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.
إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام.
تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة.
ذكر بعض ما لا يتجزىء كذكر كله.(1/40)
وعلى هذه الشاكلة تجد القواعد المذكورة في الكتاب قواعد فقهية مشهورة، قد سبق ذكرها في كتب المتقدمين والمؤلفين في هذا العلم قبل ابن نجيم، وكان من عمل المؤلف انتقاؤها وتنسيقها تنسيقا جديداً وربطها بفروع فقهية كثيرة في المذهب الحنفي.
وبما أن الكتاب احتوى على ذخيرة ثمينة ومادة دسمة من فروع المذهب، أكب عليه علماء المذهب درساً وتدريساً، وتتابعت في فترات مختلفة تعليقات وشروح تخدم هذا الكتاب.
ويقف الباحث مدهوشاً حائراً أمام تلك الأعمال، فقد أربى عددها على خمس وعشرين، ما بين شرح للكتاب واستدراك عليه، وهي:
« تنوير البصائر على الأشباه والنظائر »،لشرف الدين الغزي (1005هـ ):
المؤلف: هو عبد القادر بن بركات بن إبراهيم، ويقال له ابن حبيب، فقيه حنفي، عارف بالتفسير والعربية وله مؤلفات في الفقه منها: هذا الشرح.
لقد ذكر المؤلف في مقدمة الشرح أنه استدرك على المؤلف بعض الاستدراكات ونبه على بعض المسائل المهمة التي فاتت المؤلف أن يتناولها.
«غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر» للحموي ( 1098هـ ):
المؤلف: هو أحمد بن محمد الحموي، الحنفي، الفقيه الأصولي، درس بالقاهرة ودرّس بها، علا شأنه واشتهر ذكره لمشاركته في علوم كثيرة، وتخرج به العلماء الكثيرون. له مؤلفات في الأصول، والفقه، وعلوم اللغة، منها: شرح الكنز، وحاشية الدرر والغرر في الفقه، ودرر العبارات وغرر الإشارات في البلاغة.
وهذا الشرح الذي نحن بصدده من أدق الشروح على الأشباه والنظائر، تجد كلامه كالمناقش عند التعقيب والاستدراك. وذلك مما يدل على نبوغ المؤلف، وثقابة نظره، وباعه الطويل في الفقه والأصول.
وهذا الشرح متداول ومشهور بين الناس لما فيه من الدقة والتحقيق. ويدل على ذلك نقل الإمام أبي السعود منه بكثرة في مخطوطنا عمدة الناظر.
«عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر» لابن بيري (1099 ) هـ:(1/41)
المؤلف: هو إبراهيم بن حسين بن أحمد بن محمد بن أحمد بن بيري مفتي مكة، أحد كبار الحنفية، وانفرد في الحرمين بعلم الفتوى في عصره.له مؤلفات وشروح في الفقه والحديث، يبلغ عددها نحو سبعين، منها: هذا الشرح.
وقد بين المؤلف المنهج الذي سلكه في الشرح بقوله:
(( لما كانت الأشباه والنظائر من الكتب التي لم يسبق لها نظير، وقد جمعت فيه من نفايس الفروع الجم الغفير، حتى صارت عمدة الناظر وذخيرة ذوي البصائر، غير أن فيها المطلق والمجمل والعام، والروايات الضعيفة وخلاف منقول مذهب الإمام، أحببت عند ذلك أن أقيد المطلق منها في الباب، وأفصل ما أجمله في الخطاب، وأنص على ما هو منقول الإمام والأصحاب.... )).
«عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ»لأبي السعود الحنفي (1172هـ ):وهو مخطوطنا الذي يحقق.
المؤلف: هو محمد بن علي بن علي بن إسكندر، الحسيني، المصري، فقيه حنفي، وله آثار فقهية طيبة، منها: شرح نور الإيضاح باسم " ضوء الصباح "، ولا سيما هذا الشرح الذي بين أيدينا، فهو شرح واسع يقع في ثلاث مجلدات، جمع فيه الشتات المنتشر من شروح الأشباه المختلفة.
ولعل هذا الشرح من أحفل الشروح للأشباه والنظائر، فقد استبان عند العثور على الكتاب، والتوغل فيه أنه اقتبس أهم ما في الشروح المتداولة في ذلك العصر( ( ) من كتاب القواعد الفقهية للندوي / 174 /.).
إبراز الضمائر حاشية على الأشباه والنظائر: لمحمد بن ولي الدين الإزميري الحنفي( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 6/328. ) (1165هـ ).
إتحاف الأبصار والبصائر بتبويب الأشباه والنظائر: لمحمد أبي الفتح الحنفي( ( )طبع الكتاب بالمطبعة الوطنية بالإسكندرية سنة 1289 هـ.).
إيقاظ ذوي الانتباه لفهم الاشتباه الواقع لابن نجيم في الأشباه: لمحمد بن عبد (رب) الرسول بن قلندر الحسيني الشهرزوري المدني الشافعي ( 1103 هـ)( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 6/302-303.).(1/42)
التحقيق الباهر شرح الأشباه والنظائر: لمحمد هبة الله بن محمد بن يحيى التاجي (1224هـ ).
تعليقة على الأشباه والنظائر: للمولى محمد بن محمد المشهور " بجوي زاده " (995هـ) ( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/98.).
تعليقة على الأشباه والنظائر: لعلي بن أمر الله الشهير بـ " قِنالي زاده " (997)هـ.
تعليقة على الأشباه: لعبد الحليم بن محمد الشهير بأخي زاده ( 1013 هـ ) ( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/98؛ و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي: 5/504.).
تعليقة على الأشباه: لمصطفى الشهير بأبي الميامين ( 1015هـ ) ( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/98.).
تعليقة على الأشباه: لعلي بن غانم الخزرجي المقدسي (1036هـ )، وقد نوه بها حاجي خليفة فقال: (( إنها أحسنها وأوجزها ))( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/98؛ و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي: 5/750.).
تعليقة على الأشباه: لصالح بن محمد بن عبد الله الخطيب التمرتاشي (1055هـ)، وسماها (( زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر ))، فرغ من تأليفها سنة 1014هـ ( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/99، الأعلام للزركلي 3/195.).
تقرير الأشباه والنظائر:لمحمد بن محمد الشهير بـ " زيرك زاده" ( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/99، و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/355.).
تكملة لشرح عثمان الشامي على الأشباه والنظائر: لابن بالي محمد أمين بن علي المديني (1220هـ )( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 6/355.).
تنوير الأذهان والضمائر في شرح الأشباه والنظائر: لمصطفى بن خير الدين العروف بـ "جلب " مصلح الدين من علماء القرن الحادي عشر شرح فيه الفن الثاني من الضوابط ( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 6/439؛ الأعلام للزركلي 8/133.).
حاشية الأشباه والنظائر: لمصطفى بن محمد الشهير بعزمي زاده (1037هـ )( ( )كشف الظنون لحاجي خليفة 1/98-99.).(1/43)
حاشية على الأشباه والنظائر: لمحمد أنور شاه الكشميري (1352هـ) ( ( )ينظر: مقدمة الشيخ الجليل عبد الفتاح أبي غدة: " التصريح فيما تواتر بنزول المسيح " ص 32.).
رسالة على الأشباه والنظائر: لإسحاق بن أحمد الأردبِيلّي (1055هـ ) ( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي:5/202.).
رفع الاشتباه عن عبارة الأشباه: لابن عابدين ( 1253هـ ) ( ( )رسالة مطبوعة في مجموعة رسائل ابن عابدين.).
شرح الأشباه والنظائر: لمحمد بن عبد الله المتوفى بمكة (1025هـ ).
شرح الأشباه والنظائر: لعثمان بن عبد الله أبي الفتح الدمشقي المدني (1214هـ).
شرح الأشباه والنظائر: لمحمد بن خالد الأنصاري الحمصي (1364هـ ) ( ( )الأعلام للزركلي 6/345.).
عقد الدرر و الجواهر في نقد الأشباه والنظائر: لمحمد أمين بن عثمان الشهير بـ " قره زاده " (1222هـ ) ( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 6/355.).
كشف الأسرار عن الأشباه والنظائر: جمعها الشيخ محمد بن عمر الكفيري سنة (1130هـ )، وتلقاها عن الشيخ إسماعيل الحائك (1113هـ ).يقول العلامة أبو الفضل محمد خليل المرادي في ترجمة المذكور: (( من تآليفه حاشية الأشباه والنظائر، وكان شيخه إسماعيل الحائك قد شرع في تأليفها ولم يكملها، فبعد وفاته أتمها )) ( ( )سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي: 4/42.).
كشف الاشتباه في شرح الأشباه: لحسن بن علي القيصري الرومي المعروف بخطيب بطال ( 1181هـ ) ( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 5/299.).
كشف الخطائر عن الأشباه والنظائر: لعبد الغني النابلسي (1143هـ )( ( )"مخطوط " بالأوقاف المغربية الرباط رقم 2730، ومنه شريط مصور بالمركز، فقه عام، رقم 187.عن كتاب القواعد الفقهية للندوي / 475 /.).(1/44)
نزهة النواظر على الأشباه والنظائر: لابن عابدين (1252هـ ). جمعه تلميذه محمد البيطار من هوامش نسخة شيخه وسماه بهذا الاسم ( ( )مطبوع مع كتاب الأشباه والنظائر بتحقيق الشيخ محمد مطيع الحافظ. ).
نظم الأشباه والنظائر:لابن قضيب البان السيد عبد الله بن محمد حجازي الحلبي (1096هـ ) ( ( )هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 5/478؛ وخلاصة الأثر للمحبي 3/70.).
الفصل الثاني: التعريف بالمؤلِّف ومخطوطه
ويتضمن مبحثين:
المبحث الأول: المؤلِّف (محمد أبو السعود)( ( ) قلَّت المراجع التي ترجمت لإمامنا أبي السعود مما زاد هذا البحث صعوبة؛ لأن أبا السعود من العلماء المتأخرين وهذا دأب كثير من العلماء المتأخرين الذين لم تكتب لهم ترجمة وافية في الكتب التي اختصت بهذا، ولكن وبفضل من الله عليَّ أني مع كثرة البحث والتدقيق في كتب التراجم التي عنيت في هذا القرن – الثاني عشر هجري- وجدت من يشير إلى ترجمته بخطوط عريضة غير وافية وكافية فأخذت أنسج منها تلك الترجمة المتواضعة.
فكل مايكتب من ترجمته هي من (( الترجمة في النسخة (جـ) من المخطوط ؛ حيث وُجد على غلافها ترجمة للمؤلف ولعلها من الناسخ، و الأعلام للزركلي 6/296، ومعجم المؤلفين 10/307و11/29، وعجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي 1/267، والخزانة التيمورية 3/136. )
اسمه، نسبته، كنيته.
أجمع كل من ترجم لأبي السعود على أن اسمه:
محمد بن علي بن علي إسكندر الحسيني السيد الشريف الحنفي المصري( ( ) الأعلام للزركلي 6/296، معجم المؤلفين 10/307.) وهو من أهل العلم وقد نبغ في الفقه حتى غدا فقيهاً ثم ترعرع في أحضان الأصول حتى بات أصولياً فهو فقيهٌ أصوليٌ مكين.
وتكنيه بأبي السعود، لم يرد في ترجمته سبب لهذه الكنية.
وإسكندر لقب لوالده الذي كان يقرأ دروساً بجامع إسكندر باشا بباب الخرق كما أنه يعرف والده بالسيواسي الضرير( ( )عجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي1/267.).(1/45)
مولده، نشأته، وفاته. (..- 1172 هـ =..- 1758 م)( ( )الأعلام للزركلي 6/296.)
.. لم أجد- فيما اطلعت عليه – من كتب التراجم من ذكر سنة ولادة أبي السعود إلا أني وبعد جهد لا بأس به ذهبت في زعمي إلى القول إنَّ مولده بين عامي 1102ـ1172هـ مستنداً إلى قول النبي : ? { أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ}( ( ) أخرجه الترمذي برقم (3473) في كتاب الدعوات باب في دعاء النبي، وابن ماجة برقم (4226) في كتاب الزهد من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي : (حسن غريب).) فهو كما أشارت كتب التاريخ قد توفي سنة 1172هـ والله أعلم.
فعلى هذا التقدير يخلص لنا أن نشأته كانت في بداية القرن الثاني عشر هجري في مصر القاهرة التي أخذ العلم من أزهرها الشريف كما سيأتي معنا في حياته العلمية.
وتوفي رحمه الله سنة اثنين وسبعون ومائة وألف للهجرة( ( ) ينظر: الترجمة في النسخة (جـ) من المخطوط، معجم المؤلفين 10/307.).
أسرته.
لم أستطع أن ألمَّ بكل من أحاط بأبي السعود من أسرته إلا أني وجدت معلومات حول (والده) إذ كان من شيوخ زمانه.
وقد وجدت "الجبرتي" يقول في حقه: ((العلامة إمام الأئمة شيخ الشيوخ وأستاذ الأساتذة عمدة المحققين والمدققين الحسيب النسيب السيد علي بن علي إسكندر الحنفي السيواسي الضرير، أخذ عن الشيخ أحمد الشوبري الشرنبلالي والشيخ عثمان بن عبد الله التحريري الحنفيين، وأخذ الحديث عن الشيخ البابلي والشبراملسي وغيرهم)).
وسبب تلقيبه بإسكندر أنه كان يقرأ دروساً بجامع إسكندر باشا بباب الخرق، وكان عجيباً في الحفظ والذكاء وحدة الفهم وحسن الإلقاء، وكان الشيخ العلامة محمد السجيني إذا مر بحلقة درسه خفض من مشيته ووقف قليلاً وأنصت لحسن تقريره.
وكان كثير الأكل ضخم البدن طويل القامة لا يلبس زي الفقهاء، بل يعتم عمامة لطيفة بعذبة مرخية، وكان يقول عن نفسه: أنا آكل كثيراً وأحفظ كثيراً.(1/46)
وسافر مرة إلى دار السلطنة وقرأ هناك دروساً واجتمع عليه المحققون حين ذاك وباحثوه وناقشوه واعترفوا بعلمه وفضله، وقوبل بالإجلال والتكريم، وعاد إلى مصر ولم يزل يملي ويفيد ويدرس ويعيد حتى توفي في ذي القعدة سنة 1148هـ عن ثلاث وسبعين سنة وكسور.
أخذ عنه كثير من الأشياخ كالشيخ الحفني وأخيه الشيخ يوسف والسيد البليدي والشيخ الدمياطي والشيخ الوالد والشيخ عمر الطحلاوي وغيرهم.( ( ) عجائب الأثار في التراجم و الأخبار للجبرتي 1/267.)
هذا وقد ضمن أبو السعود مخطوطه أقوالاً عزاها إلى أبيه بقوله كذا شيخنا وقد أشار في أحد المواضع إلى أنه بقوله شيخنا يعني أباه، فهو إذن تلميذ أبيه ودارت عجلة الزمان ليصبح أستاذ ابنه الإمام السيد: إبراهيم بن محمد أبي السعود
يقول الإمام الجبرتي في حقه: ((الإمام السيد: إبراهيم بن محمد أبو السعود بن علي بن علي الحسيني الحنفي ولد بمصر وقرأ الكثير على والده وبه تخرج في الفنون ومهر في الفقه، وأنجب وغاص في معرفة فروع المذهب وكانت فتاويه في حياة والده مسددة معروفة ويده الطولى في حل الإشكالات العقيمة مذكورة موصوفة.
رحل في صحبة والده إلى المنصورة فمدحهما القاضي عبد الله بن مرعي المكي وأثنى عليهما بما هو مثبت في ترجمته ولو عاش المترجم لتم به جمال المذهب. توفي في يوم الأحد السابع عشر من جمادى الآخرة سنة 1179))( ( )عجائب الأثار في التراجم و الأخبار للجبرتي1/330.).
وهكذا جليت أمامنا بعض المعلومات حول أسرته تضمنت الحديث عن أبيه وابنه، وقد حفه العديد من التلاميذ الذين أعجبوا به فالتفوا حوله لينهلوا من علمه وسيأتي الحديث عنهم فيما سيأتي.
حياته العلمية والثقافية.(1/47)
عاش الإمام أبو السعود كما مر معنا في أسرة علمية، فكان له بذلك الخير أن نهل من علم والده الكثير المبارك، كما وأنه لازم علماء عصره الأفاضل الذين وضعوا فيه الثقة ليتولى إفتاء الحنفية بالقاهرة المحروسة بعد شيخه سليمان المنصوري، وليكن مدرساً في الجامع الأزهر لصيق باب رواق المغاربة من جهة القبلة، فكان بذلك العالم المفتي المدرس المربي للعلماء الكرام من بعده.( ( ) من الترجمة في النسخة (جـ) من المخطوط.)
شيوخه وتلاميذه.
أولاً: شيوخه:
المعلومات التي تحصَّلت عليها شحيحة في حياة أبي السعود، فهناك جوانب كثيرة في حياته يكتنفها الغموض، وتحتاج إلى بيان وإيضاح، ومن هذه الجوانب معرفة شيوخه وتلاميذه.
ولا شك من أنه تتلمذ على صفوةٍ ممتازةٍ من كبار علماء عصره، وكان لهم الأثر الأكبر في نبوغه، فقد كان كثيرٌ منهم رأساً في علم من العلوم أو أكثر..ولكن الذي ظهر منهم في ترجمته هو:
( والده):( ( ) سبقة ترجمته في الكلام على أسرته.) ((العلامة إمام الأئمة شيخ الشيوخ وأستاذ الأساتذة عمدة المحققين والمدققين الحسيب النسيب السيد علي بن علي إسكندر الحنفي السيواسي الضرير)).
الإسقاطي: هو الإمام أحمد بن عمر، الإسقاطي الحنفي، أبو السعود المصري، المتوفى سنة 1159هـ، النحوي الفقيه، العارف بالتجويد، قال الشارح أبو السعود في مقدمته لهذا المخطوط: « عمدة الناظر على الأشباه والنظائر » ق1، وفي مقدمة كتابه: « فتح المعين على شرح العلامة ملا مسكين » 1/2 ما نصه: (( ومتى أبهمت في العزو، كما إذا عزوت شيئا لبعضهم غير مصرح به، فالمراد به المرحوم العلامة، الشيخ الإسقاطي )). اهـ كلامه.( ( ) ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/174،و الأعلام للزركلي 1/188،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/29.)(1/48)
سليمان المنصوري: بن مصطفى بن عمر بن محمد الحنفي القاهري الشهير بالمنصوري مفتي السادة الحنفية بالجامع الأزهر وخاتمة الفقهاء الحنفية بالديار المصرية الشيخ الإمام الفقيه البارع أبو الربيع بهاء الدين ولد سنة سبع وثمانين وألف وتفقه على كل من الشيخ شاهين بن منصور الأرمنازي وعبد الحي بن عبد الحق الشرنبلالي وأبي الحسن علي بن محمد العقدي وعثمان ابن عبد الله النحريري وعمر الدفري الشهير بالزهري وقائد الأبياري شارح الكنز وغيرهم واشتهر أمره وبعد صيته وعلا ذكره وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة وألف. ( ( ) ينظر: الترجمة في النسخة (جـ) من المخطوط، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر 1/289.)
ثانياً: تلامذته:
كانت شهرة أبي السعود من دواعي إقبال الطلبة عليه ورغبتهم في الأخذ عنه.
والحق أنه يعسر الإحاطة بكل من أخذوا عنه أو سمعوا منه، فمنهم المُقِلُّ، ومنهم المكثر، ومنهم من صحبه ولازمه في حلقات الدروس التي كان يلقيها في جامع الأزهر وإن كان منهم من توفي قبله لكن في تراجم هؤلاء ذُكر أخذهم العلم عن الإمام أبي السعود.
وسأذكر هنا بعضهم، مرتبةً أسماؤهم على حسب سنة الوفاة.
العلامة محمد بن أحمد الحنفي الأزهري الشهير بالصائم1170هـ ( ( ) ينظر عجائب الأثار في التراجم والأخبار للجبرتي 1/299.).
الشيخ عبد الرحمن المنيني المتوفى سنة 1172هـ.( ( )سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لمحمد خليل المرادي2/316.)
(ابنه ):الإمام العلامة السيد إبراهيم بن محمد أبي السعود بن علي بن علي الحسيني الحنفي المتوفى سنة 1179هـ ( ( )عجائب الأثار في التراجم و الأخبار للجبرتي1/330.).
والشيخ كمال الدين البكري المتوفى سنة 1196هـ ( ( )سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لمحمد خليل المرادي 1/10.).
الشيخ ابراهيم الصابحاني المتوفى سنة 1197هـ( ( ) سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر لمحمد خليل المرادي 1/10.).
كتبه وآثاره.(1/49)
كل من ترجم لأبي السعود لم يذكر أكثر من مؤلفات ثلاث وهي:
حاشية منلا مسكين:
ويسمى هذا الكتاب «فتح الله المعين على شرح منلا مسكين »كما ذكر ذلك الإمام أبو السعود في مقدمة هذا الكتاب، وجاء في الترجمة من النسخة (جـ) أنها في مجلدين كبيرين، يبحث فيهما مع الاسقاطي وغيره.( ( ). ينظر: 1/1 المقدمة من الحاشية، وهو في ثلاثة مجلدات في مكتبة الأسد.)
عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: في أصول الفقه في ثلاث مجلدات جمعت ما في "الحموي" و"البيري" و"تنوير البصائر" و"الزواجر"، وزادت عليها بجم من الفوائد، فرغ من تأليفها في 13 جمادى الثانية سنة 1155 هـ( ( ) معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/29.). وهو هذا المخطوط الذي نقدم له.
وضوء المصباح في شرح نور الإيضاح: في فروع الفقه الحنفي. نحواً من سبعين كراسة يبحث مع المصنف في شرحه( ( ) معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/307.).
عصره من النواحي السياسية – الاجتماعية – الاقتصادية.
عرفنا أن الأمام أبا السعود عاش في مصر في القرن الثاني عشر هجري أي ما يوافق القرن الثامن عشر ميلادي (1100-1172 هـ 1689-1757م).وحتى يتضح لنا المقام على حياة المؤلف فلا بد من دراسة عصره من النواحي السياسية –الاجتماعية –الاقتصادية.
أولاً: الحالة السياسية في مصر(1/50)
قررت معركة الريدانية عام 1517م مصير دولة المماليك في مصر كما قررت معركة مرج دابق من قبل مصير دولتهم في الشام فخضعت مصر والشام منذ ذلك الوقت للعثمانيين بل لقد قرر خضوع مصر للحكم العثماني مصير الخلافة الإسلامية نفسها فلم يلبث المشرق العربي أن انتقل إلى الإمبراطورية العثمانية وانتقلت الخلافة الإسلامية إلى آل عثمان سواء أحدث تنازل عن الخلافة من الخليفة العباسي المتوكل على الله الذي كان يقيم في مصر للسلطان سليم الأول أم لم يحدد وأصبح سلاطين العثمانيين زعماء العالم الإسلامي وورثوا بذلك مركز سلاطين المماليك في مصر( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /48/.) ورغم زوال السلطنة المملوكية بقي المماليك يسيطرون على مرافق الحياة في مصر بشكل خاص وبقيت للوالي العثماني سلطة محدودة حتى قيام مذبحة القلعة للمماليك في عام 1811م على يد محمد علي باشا وبذلك نطلق على الحقبة ما بين الاحتلال والمذبحة بالعهد العثماني المملوكي( ( ) المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني لرجب حراز /5/.) رغم أن مصر فقدت نتيجة الاحتلال العثماني مركزها البارز في العالم الإسلامي إلا أنها مع ذلك بقيت من أهم ولايات الدولة العثمانية في المشرق العربي وفضلاً عن ذلك كان السلاطين العثمانيون يعدون مصر الولاية الثانية في الدولة بعد ولاية المجر ولذا كانوا يختارون لها نظراً لأهمية مركزها ولاة أو باشاوات ممن تقلبوا في مناصب رئيسة في حكم الأقاليم أو في البلاط العثماني والواقع أن أهمية مصر في العهد العثماني كانت تأتي من ناحيتين الأولى: موقعها الجغرافي المتوسط بين الولايات العربية في المشرق العربي من ناحية وأوجقات المغرب العربي ((طرابلس الغرب وتونس والجزائر)) من ناحية أخرى وقد أدى هذا الموقع إلى أن مصر أصبحت مركزا لقوافل الحج الوافدة من بلاد المغرب وهذه الحقيقة تفسر أهمية قافلة الحج المصري بالنسبة(1/51)
لقوافل الحج الإسلامي في ذلك العصر حيث كانت تأتي في المرتبة الثانية بعد قافلة الحج الشامي.
الثانية: اعتماد الدولة العثمانية عليها إلى حدٍّ ما في تطبيق اتجاهات السياسة العثمانية في البحر الأحمر بصفة عامة وفي الحجاز بصفة خاصة لأن الكثير من الأوقاف المصرية كانت محبوسة على الحرمين الشريفين كما كانت السلطة العثمانية تتخذ من قافلة الحج المصري وسيلة لتنفيذ سياستها في الحجاز( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /49/.).
التنظيم الإداري العثماني:
اشتركت في حكم ولاية مصر العثمانية ثلاث هيئات هي: الباشا ومعاونوه،والحامية العثمانية، وأمراء المماليك.
وقد نجح هذا النظام إلى حد ما في عهدي سليم الأول وسليمان القانوني ولكن للأسف مساوئه بدأت بالظهور تدريجياً فقد أدى توزيع السلطة بين الباشا ورجال الحامية والمماليك إلى قيام نزاع دائم بين هذه القوى الثلاث مما انعكس في رأيي على أحوال مصر الداخلية وأدى ذلك إلى تدهورها وسأقدم وصفاً عاماً عن أهم عناصر الحكومة والإدارة في مصر العثمانية.
1-الباشا: كان وكيل السلطان ورئيس الهيئة الإدارية العثمانية في مصر وسمي في الوثائق العثمانية تارةً ((والي مصر)) وتارةً أخرى ((محافظ مصر المحروسة)).(1/52)
ومن أهم اختصاصاته: تطبيق قواعد الحكم العثماني في مصر، وهو مكلف بإرسال خزينة السلطان و((معتادات الأستانة )) مثل: مهمات بناء السفن وبعض منتجات مصر والمواظبة على إرسال المؤن والهدايا إلى الحرمين وكان الباشا يدفع في الأستانة مبلغاً من المال نظير تعينه وكيلاً أو نائباً عنه في مصر ولذلك قيل: أن الباشا كان يشتري باشاوية مصر أو بمعنى آخر كان يشتري التزاماتها المتعددة والجدير ذكره إن الباشا كان يجمع أثناء حكمه لمصر من إيراداته المتعددة أضعاف ما كان يدفعه للسلطان عند توليه نائباً عنه في مصر( ( ) المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني لرجب حراز /8/.)
وكان الباشا يعزل من منصبه عادة بسبب دسائس رجال البلاط العثماني وبسبب المؤامرات من قبل رجال الحامية وأمراء المماليك في مصر.
2- الديوان:
أقام العثمانيون إلى جانب الباشا عدداً من الدواوين منها:
1- الديوان الكبير. 2- الديوان الصغير.
3- هيئة المماليك:
كان أمراء المماليك عناصر هامة من عناصر الحكم والإدارة في مصر العثمانية، وسبب اشتراكهم في الإدارة هو أن السلطان سليم الأول وبعد احتلال مصر لم يعمل على القضاء عليهم بل عفا عنهم مكتفياً بما نالهم من هزيمة، ولما كان أمراء المماليك أدرى بعادات البلاد وحكمها وأوثق صلة بأهل البلاد من غيرهم فقد رأى السلطان سليم أن يسند إليهم شؤون الحكم في الثغور الهامة من الأقاليم،لكي يكونوا عنصر الموازنة بين الباشا (الحاكم العثماني) من جهة، وبين رؤساء الفرق العسكرية وأصحاب الكلمة المسموعة في حكومة القاهرة من جهة أخرى،ومما يلفت النظر أن المماليك في عهد السلطان سليمان القانوني سُمِحَ لهم بالانخراط في سلك الحامية العثمانية فكوَّنوا بذلك فرقة (أو جاق ) الشراكسة( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /52_53/.).(1/53)
وقد عاصر إمامنا أبو السعود خلال المدة التي عاشها عدداً من السلاطين العثمانيين بلغوا ستة سلاطين وهم:
1- السلطان سليمان الثاني (1687- 1691م).
2- السلطان أحمد الثاني (1691- 1695م).
3 – السلطان مصطفى الثاني (1695-1703م).
4- السلطان أحمد الثالث (1703-1730م).
5- السلطان محمود الأول (1730-1754م).
6- السلطان عثمان الثالث (1754-1757م)( ( ) الدولة العثمانية تاريخ ووثائق لمحمود علي عامر /169_180/.).
وخلال هذه المرحلة التي عاش فيها أبو السعود شهدت مصر العديد من الاضطرابات السياسية بين العثمانيين و المماليك، وأنوه هنا على أن الحكم العثماني في مصر كان قوياً خلال مدته الأولى وحتى الربع الأخير من القرن السادس عشر واستطاع ولاته في مصر الإمساك بزمام الأمور وضبط الأمور الإدارية ( ( ) أوضح الإرشادات فيمن تولى مصر والقاهرة من الوزراء والباشاوات لأحمد شلبي /3/.)
ولكن كثرة تنقل ولاة العثمانيين أدى إلى ضعف توطيد نفوذهم في مصر وأدى بشكل سريع إلى استرجاع الحكام السابقين (المماليك) الذين كانت أقدامهم ضاربة بعمق البلاد والقبض على السلطة.
ومما أتاح لهم ذلك أيضاً طول أمد النزاع بين الولاة والجند مما أدى إلى انشغال الطائفتين بمشاحناتهم على كل ما سوى ذلك ( ( ) المختصر في تاريخ مصر من أقدم العصور حتى الاحتلال البريطاني لعلي عبد المنعم شعيب /230/.)
وقد انتهى الموقف في القرن الثامن عشر إلى أن أصبح المماليك القوة العسكرية الوحيدة في مصر مما أفضى إلى سيطرتهم على شؤون الحكم واتسمت هذه الحقبة من تاريخ مصر بالفوضى والاضطراب واستمرت حتى أوائل القرن التاسع عشر حيث أطلق الدكتور يوسف نعيسة على هذه المرحلة (الفوضى المملوكية)( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /78_79/.).(1/54)
وقد فضل رؤساء البيوت المملوكية وزعماؤها وجود الباشا العثماني الضعيف في القاهرة على مجيء آخر قد يكون له من القوة ما يفي بالقضاء على نفوذهم وسلطتهم وكثيراً ما أقدم بكوات المماليك على حبس الباشا العثماني في القلعة مطالبين السلطان بعزله فيعزله ويتولى آخر
ولكن هنا يحق لنا أن نتساءل: ماذا كان موقف الدولة العثمانية من هذه الاضطرابات المملوكية ومن استئثار المماليك بشؤون البلاد في الواقع كانت الدولة العثمانية منشغلة بحروبها إبان القرن السابع عشر والثامن عشر ضد روسيا والنمسا مما أنهك قواها وأعاقها عن الالتفاف نحو مصر وغيرها من ولايات الدولة وكانت الدولة العثمانية تتحين الفرصة بين حين وآخر في الوقت الذي لم تكن مشغولة بحروبها في أوربا لاسترجاع سيطرتها الضائعة إذا أحسنت التعبير بإضعاف المماليك ونفوذهم فلجأت إلى وسائل خاصة عديدة منها:
1-إغلاق أسواق الرقيق في البلقان ومناطق سواحل البحر الأسود أمام البكوات المماليك التي كانت المصدر الأساسي لمماليكهم الذين يجلبوهم ويربوهم ويدربوهم على أعمال الفروسية والقتال وكان هؤلاء المماليك المجلوبين هم السند الأساسي لبكوات المماليك
2- إرسال حملات تأديبية لردع البكوات المماليك المتمردين على سلطات الدولة وكان المماليك بدورهم يضطرون أمام هذه الحملات إلى الفرار إلى الصعيد حتى إذا اضطرت الدولة إلى استدعاء حملاتها من مصر بسبب حاجتها إليها في ميادين القتال الأوربية رجع المماليك بدورهم إلى القاهرة واستعادوا نفوذهم وسلطانهم( ( ) المشرق العربي في العهد العثماني لعبد الكريم رافق /250_253/.).(1/55)
وأيضاً نتساءل من جديد ما موقف الشعب المصري من الحكم العثماني المملوكي بصفة عامة ومن جور المماليك وظلمهم بصورة خاصة لقد كانت الفكرة السائدة التي كانت تحس بها الجماهير المصرية إبان العهد العثماني المملوكي هي الفكرة الدينية إذا كان المجتمع المصري في هذا العهد لا يزال من مجتمعات العصور الوسطى التي استحوذ الدين فيها على مكانة قوية بل كان بمثابة المركز الذي تدور عليه حياة تلك المجتمعات ولذا كان المصريون ينظرون إلى السلطان العثماني على أنه ((خليفة المسلمين وحامي حمى الإسلام)).
كما كانوا ينظرون إلى الدولة العثمانية ذاتها على أنها حامية الإسلام من الفرنجة في الغرب ومن الفرس ((الشيعة)) في الشرق( ( ) تاريخ الأقطار العربية الحديثة للوتسكي ترجمة عفيفة البستاني /9/.).
وخلاصة الكلام لم يكن هناك تذمر من التبعية للخلافة المسلمة إلا بقدر ما تسيء هذه الخلافة وتدبير أمور حياة الناس كالعدل والاعتدال في جمع الضرائب وإقرار الأمن ومع ذلك لم يتردد الشعب المصري في هذا العهد عن القيام بالثورات كثورة علي بك الكبير( ( ) الدولة العثمانية تاريخ ووثائق لمحمود علي عامر/182_183/.).
الحياة الاجتماعية:(1/56)
كان المجتمع المصري في العهد العثماني المملوكي مكوناً من قوى فوقية وأخرى تحتية أو بعبارة أخرى أقلية: أرستقراطية إقطاعية، وأكثرية: من العاملين في الأرض في القرى أو المشتغلين بالحرف الصناعية وغالباً في المدن وكان الأتراك العثمانيون من بين أفراد الأقلية الأرستقراطية أصحاب نعرة شديدة وتعصب وكانوا بسبب غلوهم في التعصب العنصري أو العرقي ينظرون إلى ((أبناء العرب)) كأنهم خلقوا من طينة غير طينتهم ويعدونهم من طبقة لا يجب لأفرادها أن يبلغوا ذلك المستوى الرفيع الذي بلغته الأرستقراطية العتيدة لذا عاشت طبقة الأتراك العثمانيين منعزلة تماماً عن المجتمع المصري فلم تتعلم العربية أو تختلط بجماهير الشعب( ( ) تاريخ الأقطار العربية الحديثة للوتسكي ترجمة عفيفة البستاني/24/.).
أما البكوات المماليك فكانت بأيديهم حكومة البلاد الإقليمية كما كان منهم حاكم القاهرة أو شيخ البلد وقد نعى المعاصرون عليهم ظلمهم وجورهم وقبيح أفعالهم حيث استغلوا مراكزهم كحكام للإقليم وكملتزمين في استنزاف أموال الفلاحين وإنزال صنوف الإرهاق بهم.
وتمسك معظم المماليك بطابعهم المملوكي المعروف بالولع الشديد بالفروسية وركوب الخيل الأصيلة وارتداء الثياب المزركشة والتزود بأسلحة العصر وأهمها السيف والخنجر والغدارات المرصعة بالجواهر النفيسة وأنفق بكوات المماليك الأموال الطائلة التي اكتنزوها على بناء القصور الفخمة وأماكن اللهو والتسلية وحوت هذه القصور ألوان الترف والبذخ التي أطنب المعاصرون في وصفها( ( ) أوضح الإرشادات فيمن تولى مصر والقاهرة من الوزراء والباشاوات لأحمد شلبي /13-14/، تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /125-126/.).
وتحت هذا البناء الفوقي للمجتمع المصري والذي كان متمثلاً في الأتراك وبكوات المماليك كانت هناك فئات الشعب وفي مقدمتها:
فئة المشايخ أو علماء الأزهر:(1/57)
كان لهؤلاء نفوذاً كبيراً بين جماهير الناس فهم موضع احترامهم وتقديرها بسبب قيامهم برسالتهم الدينية واشتغالهم بأمور الدين ومن ناحية أخرى ارتفعت مكانة المشايخ في العهد العثماني المملوكي لحاجة البكوات إليها في تثبيت حكمهم المزعزع أمام السلطان العثماني صاحب الحق الشرعي على مصر ولقد نتج عن ارتفاع مكانة المشايخ في هذا العهد أن صار لهم الجرئة عند اشتداد الخطوب بالأهالي على أيدي البكوات أن ينذروا ويتوعدوا الآخرين ويتهددونهم بتأليب الرعية عليهم إذا لم يحجموا عن ظلمهم وجورهم( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة/127/.).
وكانت لفئة المشايخ وساطة بين طوائف الشعب وبين الحاكمين الأتراك والمماليك ذات أثر ممدود و قد أفلحت أحياناً في قضاء بعض حوائج الأهليين و رفعت شيئاً من المظالم عنهم إلا أنها لم تنجح في ردع البكوات في غييهم و ظلمهم حتى مجيء الحملة الفرنسية.
أما الفلاحون:
الذين تكونت غالبية الشعب المصري منهم فكانوا أكثر القوى الاجتماعية التحتية تعريضاَ للمظالم و النهب و العبث من جانب الطبقة الأرستقراطية الإقطاعية الحاكمة فعاشوا في هذا العهد عيشة بائسة قانعين بما كتبت لهم الأقدار و رضوا بأن يظلوا ((فلاحين)) شعارهم الطاعة العمياء ولو أنهم في حالات قليلة كانوا يضطرون للثورة على السلطات الحاكمة الغاشمة وكان كل مبتغاهم من الله أن يروا النيل الأزرق حتى ينبت الزرع ويعيشوا في هدوء وأمان ومن ثم فقد انكبوا على الأرض يزرعونها ويفلحونها ويقدمون خيراتها إلى بكوات المماليك وغيرهم من الطبقة العثمانية الممتازة ذات النفوذ القوي والمكانة العتيدة( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /128/.).(1/58)
وقد صور لنا الدكتور السيد رجب حراز حال الفلاح في ذلك والوقت نقلاً عن كتاب الرحالة "فولني" حيث قال: ((الفلاحون آلات مأجورة لا يترك لهم للمعاش إلا ما يقيهم من الموت وما يحصدونه من أرز وحنطة ويذهب إلى موائد أسياده ويحتفظون بالذرة لكي يصنعوا منها خبزاً بلا خمير وهو لا طعم له إذا كان بارداً أما مساكنهم فأكوام ترابية يضيق الصدر من قيظها أضف إلى هذه الأدواء الجسدية ما ينتابهم من خوف الغزو والنهب وزيارة المماليك ومشاغل الحرب الأهلية المستديمة هذه هي صور تطبق على كل القرى ))( ( ) المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني لرجب حراز /36/.).
ولم يكن سكان المدن أسعد حظاً من إخوانهم أهل القرى،فيقول فولني:(( ليست صورة المدن أكثر بهجة من صورة القرى،ففي القاهرة نفسها يروع الغريب منظر الخراب والشقاء الشاملين فثمة جماعات تزدحم في الأزقة بأطمار بالية تنبو عنها النواظر وأجسام عارية تشمئز منها الأنفس، وكثيراً تلتقي بخيالة يرتدون الثياب الثمينة ((المقصود بكوات المماليك)) بيد أن هذا البذخ يجعلك أكثر تألماً لمنظر البؤس والشقاء فكل ما ترى وتسمع ينبئك أنك في بلد العبودية والطغيان فلا تسمع إلا أحاديث الاضطرابات الأهلية، والفقر الشامل وابتزاز المال والضرب والقتل( ( ) المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني لرجب حراز /38/.).
تلك كانت القوى الاجتماعية التي يتألف منها المجتمع المصري في العهد العثماني المملوكي قوى فوقية هي الأتراك العثمانيون وبكوات المماليك وقوى تحتية هي المشايخ أو علماء الأزهر والفلاحون وأرباب الحرف والصناعات الصغيرة وصغار التجار وباستثناء نفر من شيوخ الأزهر تولوا نظارة الأوقاف التي حبست للإنفاق من ريعها على المساجد والسبل ووجوه البر والصدقات والمدارس وما إلى ذلك.(1/59)
كانت القوى التحتية مغلوبة ً على أمرها ومحرومة من كل شيء، في حين أن القوى الفوقية الحاكمة كانت تستحوذ على مغانم الحكم، وتتمتع بالجاه والسلطان وتستبد بجماهير الشعب.
الاحتفالات الدينية: من أهم الاحتفالات الدينية عيد المولد النبوي الشريف وحفلات شهر رمضان الكريم، وعيد الفطر، وعيد الأضحى المبارك، ورحيل المحمل وعودته من الأقطار الحجازية، ومولد السيد أحمد البدوي في طنطا.
المناسبات العامة:
ومن أهم المناسبات العامة كان عيد قطع الخليج عند ارتفاع مياه النيل زمن الفيضان،وارتقاء سلطان جديد لعرش السلطنة، وانتصار السلطان في حروبه،ووصول باشا جديد إلى القاهرة، وتوديع الباشا المعزول( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /131-132/.).
الحياة الاقتصادية:
لم يكن من المنتظر أن يكون لدى الأتراك العثمانيين أو بكوات المماليك الذين خضعت لهم البلاد وظلت ترزح تحت أعباء حكمهم مدةً طويلة أي رغبة في الإصلاح وانتشال البلاد من الضنك الذي وقعت فيه، بل تظافرت عوامل اختلال الحياة الاقتصادية في هذا العهد لدرجة كبيرة،وكانت هذه العوامل كثيرة منها تعدد أنواع النقد المتداول وتغيير العملة فالنقد في مصر ارتبط في ذلك العهد بالنقد العثماني.
وفي أواخر القرن السادس عشر ميلادي كان النقد العثماني موضع تغيرات جمة حدث ما يماثلها في مصر، ومنها إلغاء العملة المتداولة حينئذٍ وسكُّ غيرها أدنى من قيمتها الحقيقية أو حظر ضرب نوع معين من النقد أو سحب غيرها من التداول وهكذا.(1/60)
ومن أسباب زيادة فوضى النقد دخول العملة الأجنبية إلى مصر، وهي العملة الفضية أو الذهبية ذات القيمة الموثوق بها والتي أحضرها الفرنجة معهم ومنها الدولار الهولندي المعروف باسم، «البندقي» أو الريال «الأسباني» المعروف باسم «أبي طاقة» ثم «أبي كلب» وهذه العملة كلها كانت مقبولة ومفضلة على غيرها عند التعامل ومن أسباب اختلال الحياة الاقتصادية في البلاد انخفاض النيل وانتشار الأوبئة والطاعون وكثرة الوَفَيَات تبعاً لذلك وتحول طريق التجارة العالمية من البحر الأحمر نحو رأس الرجاء الصالح وعلى العموم كانت مصر في العهد العثماني المملوكي تعاني تأخراً عاماً في جميع النواحي الزراعية والصناعية والتجارية ( ( ) المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني لرجب حراز /41/.).
الزراعة ونظام الالتزام والضرائب:
الزراعة هي مصدر ثروة مصر في كل العصور التاريخية، ولذا عني السلاطين العثمانيون بشؤون الزراعة في مصر، وأصدروا أوامرهم إلى الباشاوات والملتزمين بوجوب العناية بحفر الترع والمصارف وإقامة الجسور اللازمة ومعاملة الفلاحين بالعدل والرحمة وكانت الزراعة في ذلك الوقت قائمة على ري الحياض مع رفع الماء بالسواقي، وامتازت الأرض المصرية بوفرة طميها وخصوبتها وزرعت مصر المحصولات اللازمة للاستهلاك الداخلي والتي صدِّر جزء منها إلى الخارج( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /133/.).
ووجد في مصر نظام خاص لجمع الضرائب من الفلاحين بإعطاء هذا الحق بطرائق المزايدة لبعض الأقوياء من بكوات المماليك أو رجال الحامية العثمانية أو التجار أو الموظفين أو مشايخ العرب، بل للنساء في بعض الأحايين.
الصناعة:
كانت الصناعة مزدهرة في مصر العربية ازدهاراً كبيراً فقد قامت في البلاد صناعات عديدة كصناعة المنسوجات بمختلف أنواعها وصناعة الأسلحة والمعادن ولاسيما الذهب والفضة وصناعة السكر والصابون.(1/61)
ومن الملاحظ أن مستوى الصناعة في مصر (( العثمانية المملوكية )) كان متأخراً بالنسبة لمستواها في مصر الإسلامية ومرد ذلك لأسباب كثيرة منها:
1- أن السلطان سليم الأول اصطحب معه عقب احتلاله مصر عدداً كبيراً من الصناع المصريين المهرة إلى الأستانة.
2 -التأخر الحضاري والاقتصادي الذي خيم على الشرق الأدنى إبان العهد العثماني المملوكي.
3- تحول طريق التجارة بين الشرق والغرب عن البحر الأحمر ومصر إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
4- خضوع الصناعة في مصر لنظام الطوائف وتركز كل صناعة في أسرة معينة فلما انقرضت بعض هذه الأسر انقرضت معها صناعتها المتوارثة.
5- منافسة الصناعات الأوربية للصناعات المصرية المتأخرة وعجز الصناعات الأخرى عن الصمود أمام منافستها ( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /141/.).
التجارة:
كانت مصر في القرنيين الرابع عشر والخامس عشر طريقاً للتجارة العالمية بين الشرق والغرب عن طريق البحر الأحمر أحد الطرق الثلاثة التجارية المعروفة منذ القدم مما أدى إلى قيام تجارة مرور ((ترانزيت))واسعة النطاق في البلاد عادت بأرباح طائلة على خزائن الدولة المملوكية وتجارة القاهرة بخاصة وكان سلاطين المماليك يفرضون رسوماً جمركية تبلغ عِشر قيمة المتاجر في الموانىء المصرية على ساحل البحر الأحمر كالسويس والطور والقصير كما كانوا يفرضون ضرائب على موانىء البحر المتوسط في الإسكندرية وكانت تجارة مصر في العهد العثماني المملوكي على نوعين:
1- تجارة محلية كانت تجري في أسواق تنعقد أسبوعياً.
2- تجارة خارجية مع البلاد العربية من ناحية والدول الأوربية من ناحية أخرى وكانت تجارة مصر الخارجية هذه تأتي من عدة فروع ( ( ) تاريخ العرب الحديث والمعاصر ليوسف نعيسة /142-145/.).
***************
المبحث الثاني: المؤلف (المخطوط)
عنوان المخطوط(1/62)
عنوان المخطوط: " عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ" ويدل على ذلك ما يأتي:
1- جاء هذا على صفحة الغلاف في المخطوطات.
2- في مقدمة المخطوط ذكر أنه سماه " عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ".
3- الذين ترجموا للمؤلف، وبينوا مؤلفاته، أوردوه بهذا الاسم( ( ) ينظر:الخزانة التيمورية 3/136، الأعلام للزركلي 6/296، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/307و11/29.).
نسبته إلى مؤلفه:
من المسلم به أن أبا السعود قد ألف هذا الكتاب بناءً على ما يأتي:
1- اتفاق النسخ الخطية على نسبته إلى أبي السعود:
ففي النسخ الأربع، ورد في المقدمة ما نصه: ((وبعد فيقول الفقير إلى الله تعالى السيد محمد أبو السعود ابن المرحوم السيد علي الحسيني الحنفي لطف الله به، لما كانت الأشباه والنظائر من الكتب التي لم يسبق لها مثيل وقد........................ ويحسن إن تُوسم هذه الكتابة بعُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ)).
وفي آخرها ما نصه:" ((وهذا الذي تيسر جمعه على فن القواعد من الأشباه والنظائر لمؤلفه أبو السعود المصري،وهو المجلد الأول، فلله الحمد على كل حال، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين أمين)).
وفي نسخة مكتبة دار الكتب المصرية (جـ) ذكرت ترجمة للمؤلف مصرح بشرح الحاشية على الشكل التالي:(( وله التآليف المفيدة المزينة بعقود الدرر النضيدة: كحاشية ملا مسكين في مجلدين كبيرين، يبحث فيهما مع الإسقاطي وغيره.والحاشية الحافلة على الأشباه والنظائر في ثلاث مجلدات جمعت ما في الحموي والبيري وتنوير البصائر والزواجر، وزادت عليها بجم من الفوائد.
وشرح نور الإيضاح نحواً من سبعين كراسة يبحث مع المصنف في شرحه، وله غير ذلك.
وصف نسخه.
1- نسخة الظاهرية(مكتبة الأسد)بدمشق:
توجد بدار الكتب الظاهرية بدمشق، تحت رقم (12145).(1/63)
نوع الخط: نسخ معتاد.
الفراغ من نسخها:لم يذكر.
لم يذكر اسم الناسخ.
لون المداد في العنوان: أحمر.
لون المداد في المحتوى: أسود.
عدد الورقات:329 ورقة.
عدد الأسطر في الصفحة 21 سطراً.
عدد الكلمات في السطر: 10 كلمات تقريباً.
صفحاتها قد ارتبطت بطريقة التعقيبة – وهو دأب بعض النساخ.
في الصفحة الأول المقدمة:وجاء فيها( الحمد والثناء، واسم المؤلف، وذكر منهجه في الشرح...الخ).
في الصفحة الأخيرة الخاتمة للمجلد الأول وجاء فيها ((وهذا الذي تيسر جمعه على فن القواعد من الأشباه والنظائر لمؤلفه أبو السعود المصري،وهو المجلد الأول، فلله الحمد على كل حال، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرة إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين أمين)). عدد كراريز هذا المجلد 332.
رمزت لها بـ (أ).
تقع القاعدة الثالثة:« الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »من هذه النسخة في الورقة 111/أ إلى الورقة 161/أ.
لها صورة ميكروفيلم بالمكتبة برقم (13321) تاريخ تصويرها 14/6/1997.
2- نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة:
توجد في مكتبة دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم (252) تصنيف /فقه حنفي عربي/.
نوع الخط: نسخ حسن.
لم يذكر اسم الناسخ.
عدد الصفحات: 900 صفحة
عدد الأسطر في الصفحة: 27 سطراً.
عدد الكلمات في السطر: 11 كلمة تقريباً.
لون المداد في العنوان: أحمر.
لون المداد في المحتوى: أسود.
صفحاتها قد ارتبطت بطريقة التعقيبة – وهو دأب بعض النساخ.
مادة التجليد: جلد، وهو قديم مزخرف.
في الورقة الأولى المقدمة وفيها( الحمد والثناء والصلاة على الرسول ?، واسم المؤلف وذكر منهجه في الشرح...الخ).
يظهر أن هذه النسخة مقابلة لما يأتي:
أ- وجود علامات الإلحاق في مواضع السقط، مع إثبات الساقط في الهامش، ويكتب في آخره كلمة "صح".
ب- وجد العبارات الصريحة بالمقابلة مثل (مقابلة في الورقة 80، وبلغ مقابلة في الورقة 91).(1/64)
رمزت لها بـ (ب).
تقع القاعدة الثالثة:« الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »من هذه النسخة في الورقة 74/أ إلى الورقة 119/ب.
يوجد على الهامش عناوين فرعية سميت بالمطالب، ولعلها من الناسخ أو كتبت عند المقابلة.
لها صورة ميكروفيلم بمكتبة دار الكتب المصرية ج1:/17231/، و ج2 /37876/.
3- نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة:
توجد في مكتبة دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم (223) تصنيف /أصول تيمور عربي/.
نوع الخط: نسخ معتاد.
اسم الناسخ: خليل بن إبراهيم العجوز.
تاريخ النسخ: سنة 1290 هـ.
بأولها ترجمة المؤلف (أبي السعود).
عدد الصفحات: 836 صفحة.
عدد الأسطر في الصفحة: 25 سطراً.
عدد الكلمات في السطر: 10 كلمة تقريباً.
لون المداد في العنوان: أحمر.
لون المداد في المحتوى: أسود.
صفحاتها قد ارتبطت بطريقة التعقيبة – وهو دأب بعض النساخ.
في الورقة الأولى المقدمة وفيها( الحمد والثناء والصلاة على الرسول- صلى الله عليه وسلم -، واسم المؤلف وذكر منهجه في الشرح...الخ).
يظهر أن هذه النسخة ليست مقابلة لما يأتي:
أ- لعدم وجود علامات الإلحاق في مواضع السقط.
ب- كثرة السقط فيها مع عدم التصحيح.
رمزت لها بـ (جـ).
تقع القاعدة الثالثة:« الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »من هذه النسخة في الصفحة/ 194/ إلى الصفحة /304/.
لها صورة ميكروفيلم بمكتبة دار الكتب المصرية:/22355/.
4- نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة:
توجد في مكتبة دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت رقم (806) تصنيف /فقه حنفي طلعت عربي/.
نوع الخط: نسخ.
لم يذكر اسم الناسخ.
عدد الأوراق: 414 ورقة
عدد الأسطر في الصفحة: 27 سطراً.
عدد الكلمات في السطر: 10 كلمة تقريباً.
لون المداد في العنوان: أحمر.
لون المداد في المحتوى: أسود.
صفحاتها قد ارتبطت بطريقة التعقيبة – وهو دأب بعض النساخ.
مادة التجليد: جلد مزخرف، وهو حديث.(1/65)
في الورقة الأولى المقدمة وفيها( الحمد والثناء والصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، واسم المؤلف وذكر منهجه في الشرح...الخ).
يظهر أن هذه النسخة ليست مقابلة لما يأتي:
أ - لعدم وجود علامات الإلحاق في مواضع السقط.
ب- كثرة السقط فيها مع عدم التصحيح.
رمزت لها بـ (د).
تقع القاعدة الثالثة:« الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »من هذه النسخة في الورقة 88/أ إلى الورقة 137/أ.
يوجد على الهامش بعض عناوين فرعية سمية بالمطالب، ولعلها من الناسخ.
لها صورة ميكروفيلم بمكتبة دار الكتب المصرية:/9262/.
أهميته وقيمته العلمية.
لهذا المخطوط قيمة علمية كبيرة من عدة وجوه:
جمع أكثر من شرح للأشباه والنظائر ( حموي غزي بيري نابلسي....الخ).
يقف على الصحيح منها ويصوب الخطأ فيها، غزير العلم مستعذب اللفظ، وهو مصدر من مصادر كتب القواعد الفقهية في المذهب الحنفي و أيضاً كتب الفروع في المذهب المعتمدة كحاشية ابن عابدين و البحر الرائق حيث نجد كثرة النقل منه من قبل ابن عابدين.
التطبيقات على القواعد فيه كثيرة، ويذكر أكبر قدر ممكن من المسائل، لذا حوى المخطوط مسائل كثيرة مما زاد في قيمته.
أقوال العلماء فيه.
الكتاب قيم من الناحية العلمية كما ظهر لنا من خلال الدراسة ولكن كما أنه لم يكن للمؤلف ترجمة وافية في كتب التراجم كذلك لم ينقل عن العلماء كلام في حق مخطوطة عمدة الناظر وبالرغم من ذلك كله نجد أن من تكلم من العلماء المعاصرين عن القواعد الفقهية وشروحها ذكر هذا المخطوط على أن له النفع الكبير فيقول الشيخ الندوي في كتاب القواعد الفقهية ((فهو شرح واسع يقع في ثلاث مجلدات، جمع فيه الشتات المنتشر من شروح الأشباه المختلفة، ولعلَّ هذا الشرح من أحفل الشروح للأشباه والنظائر فقد استبان عند العثور على الكتاب، والتوغل فيه أنه اقتبس أهم ما في الشروح المتداولة في ذلك العصر.( ( ) القواعد الفقهية للندوي /174/.)(1/66)
ويقول الناسخ للنسخة (جـ) من المخطوط في ترجمة المؤلف عند ما ذكر مؤلفات أبي السعود: (والحاشية الحافلة على الأشباه والنظائر في ثلاث مجلدات جمعت ما في الحموي والبيري وتنوير البصائر والزواجر، وزادت عليها بجم من الفوائد)( ( )ينظر:المخطوط 1/أ من النسخة (جـ).).
مصادره.
لعلّ أبا السعود كان يملك مكتبة ضخمة غنية بأمهات الكتب والمراجع، أفاد منها في مؤلفاته، وكان لها أثر بارز في تكوين شخصيته العلمية.
فمصادر أبي السعود في هذا الكتاب التي نص عليها، وأورد أسماء مؤلفيها كثيرة جداً ( ( ) – سيأتي سردها- إن شاء الله – في فهرس الكتب الواردة في النص.)، لكن بالبحث والتتبع تبين أن المؤلف استفاد من الذين سبقوه في شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم، فهو لا ينقل من جميع المصادر التي أوردها مباشرة، بل بواسطة المؤلفات التي استفاد منها؛ لأن المسائل والنصوص لا تختلف كثيراً عن النصوص الواردة فيها، وقد تكون مختلفة عن مصادرها الأصلية.
واستفادة المؤلف من هذه المصادر متفاوتة فبعضها اعتمد عليه اعتماداً كثيراً وهي:غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر للحموي، وكادت أن تكون المخطوطة بأكملها ذاك الكتاب لكثرة النقل منه، وبعضها وكانت الاستفادة منه قليل مثل البيري والغزي والنابلسي.. الخ.
منهج المؤلِّف.
تعددت المناهج في التأليف ولكل مؤلِّف منهج، وفي الحقيقة أن مخطوطة عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لا تنطوي تحت مناهج التأليف؛ لأنه شرح لمتن ولابد من الالتزام به، ومع هذا لا يخفى أن في الشرح المتبع لهذا المتن منهج للشارح.
فمن خلال دراسة المخطوط، يمكن تلخيص منهج المؤلِّف فيما يأتي:
يبتدئ كل قاعدة مستقلة بلفظ " قاعدة " ثم يكتبها كاملة.
يقطتع من متن الأشباه والنظائر ما يريد شرحه ثم لا يكمل كتابة الفكرة كاملة بل يوضع اختصار لذلك وهو (الخ).
ينسب بعض القواعد إلى قائليها.(1/67)
يسوق كلاماً يتضمن قواعد دون التصدير بما يشعر بها. مثل: قالوا: «الْأَصْلُ في الْقُيُودِ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ»( ( )قاعدة أصولية: نقلها ابن قاسم العبادي في حواشي الشرواني 1/42 عن الإمام سعد التفتزاني، و.ينظر: حاشية الدسوقي 3/334.)
يورد الخلاف في القواعد أحياناً.
يبين المؤلف ما يستثنى من القواعد بعد شرحه للقاعدة الفرعية.
يكثر من التطبيقات على القواعد، ويذكر أكبر قدر ممكن من المسائل، لذا حوى الكتاب مسائل كثيرة مما زاد في قيمته.
يذكر المسائل الفرعية موجزة، فإيجاز المسائل سمة عامة لكتب القواعد الفقهية فهي بمثابة عناوين، لأن المراد ضرب الأمثلة، أما بسط المسائل، والاستطراد فيها فمحله كتب الفروع.
عُني المؤلف بمذهب الحنفي، فأورد نصوصه وأقواله، والأوجه عن أصحابه، وطرقهم.
يورد الخلاف في المسائل بين أئمة المذهب الحنفي أحياناً وبين أئمة المذاهب الفقهة الأربع أحياناً أخرى.
يشير إلى فوائد كثيرة ويخرّج عليها.
يبين الفرق بين المسائل المتشابهة.
عند الاستدلال بالسنة يأتي بالنص كاملاً ، وأحياناً يشير إليه ، وأحياناً يكتفي بالشاهد.
أكثر النقل من الكتب الفقهية وكتب الفتاوى.
كان الإمام أبو السعود صاحب أمانة في النقل؛ لأنه كان يشير في نهاية كل نص ينقله إلى مصدره
في بعض الأحيان كان يتصرف في النقل مصرحاً بذلك أحياناً وغير مصرح بها أحياناً أخرى.
حاول جمع أكبر قدر ممكن من الفروع على المسألة المشروحة من أكثر من مرجع.
تقويم المخطوط:
ما من كتاب يظهر للوجود إلا وله محاسن ترفع من قدره، ويجدر التنويه عليها، ومآخذ تقتضي الأمانة العلمية بيانها، فالعصمة لكتاب الله وسنة رسول الله ?.وهذا المخطوط من هذه الكتب لذا لابد من وجود محاسن ومآخذ عليه.
محاسن الكتاب:(1/68)
1- جمع عدة شروح لمتن واحد مع التوفيق بين هذه الشروح وتصويب ما فيها أو الرد عليها إذا وجد ذلك، وهذا لم يسبقه عليه أحد ممن شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم فلذلك كان مكان اهتمام.
2- كثرة التطبيقات على القواعد، فقد جمع قدراً كبيراً من المسائل، وهو أمر يتطلب سرعة استحضار الفروع، مع ملكة فقهية متميزة.
3- بيان المستثنيات من القواعد، والإكثار منها.
4- اهتمام المؤلف بإيراد الخلاف في المذهب الحنفي مع بيان درجته.
5- عدم اقتصاره على مذهبه الحنفي في بعض المسائل والقواعد، بل يورد الخلاف بين الأئمة.
6- جودة الترتيب والتنظيم، وحسن سرد المسائل وتهذيبها، وإتقان تحريرها.
8- إطِّلاع المؤلف على مدونات القواعد الفقهية التي سبقته، وإفادته منها.
9- يرجح في بعض الأحيان بين أقوال العلماء في مسألة كثرت الآراء حولها.
10- يصحح بعض النقول عن أئمة المذهب فيما ينقله غيره في كتبهم.
11- كان ينقل من أكثر من نسخة للمتن بدليل أنه كان يقارن بين النسخ مع التصويب الصحيح للكلمة المرادة مثل (الذمي الذي الدم )في مسألة الثوب المتنجس بعضه.
المأخذ على المخطوط.
ليس مثلي من يضع مأخذ على الكتاب ولكن كما أسلفت فهو من الأمانة العلمية وإكمال للمنهج العلمي في التحقيق، وأيضاً هذا من وجهة نظري ولعل المؤلف عنده تبرير لما أذكره فهذه بعض الملاحظات على الكتاب أوجزها فيما يلي:
1- عدم وضع المتن الكامل للأشباه والنظائر المشروح ليسهل الربط بين المتن والشرح.
2- أحياناً يشير إلى الحديث ولا يورده.
3- التصرف في ألفاظ بعض الأحاديث.
4- تكرار بعض القواعد وبعض الشروح عليها وخاصة عندما كررها في الخاتمة.
5- كان ينقل الكلام من بعض المراجع بدون أن يعترض عليها.
6- كان يخرج في بعض الأحيان عن الموضوع و القاعدة الذي هو بصددها مثل مسائل العقيدة والقبح.
7- كان يفيض في كثير من المسائل والتفريعات عليها على حساب غيرها.
مصطلحات المخطوط:(1/69)
لقد جرى المؤلف في كتابه على مصطلحات الفقه الحنفي التي سار عليها أئمة الفقه الحنفي: مثل ( ظاهر الرواية، الصحيح، عليه الفتوى، في الظاهر، احتياطاً، أحوط، واقعة الفتوى، المعتبر، المشهور، الوجه، المختار، الفاسد، المعتمد الأول الخ).
************************
رابعاً:القسم الثاني: التحقيق
ويشمل ما يأتي:
منهج التحقيق.
لما تشعبت القواعد الفقهية وكثرت في مخطوطنا تبعاً لشمولها وثرائها لم تترسم لي معالم البحث جيداً،فعانيت ما عانيت من صعوبات في البحث والتحقيق فضلاً عن كثرة العقبات نتيجة لكثرة الآراء حول مسألة واحدة مهما صغرت فكان لابد من العودة إلى كل رأي والتثبت منه فوجدت نفسي سائراً في بحر من الفقه عميق فكان الخوض فيه بطيئاً أحياناً شائكا ًفي طور آخر لكنّي بفضل الله عز وعلا أزمعت الخوض فيه فالعلم نعطيه كل النفيس؛ليعطينا بعضه ولذا رحت أواظب على متابعة مصادر البحث بسعي شديد كيما ألم بأطراف البحث فقد هالني الخوف من التقصير بحق أيّ قاعدة فقهية وحين تلألأ في مخيلتي منهج البحث جريت إلى تطبيقه حرفيا وكنت كلما سنحت الفرصة أزيد في منهجي خطوة جديدة علّني أمسك زمام الأمور المحيطة بهذا البحث.
والأسس المحورية لمنهجي تتبلور فيما يلي:
1ـ بعد الحصول على نسخ المخطوط اتجهت إلى قراءتها متمعّناً إياها بكل دقة وبعدها طفقت أنسخ وأخط التحقيق على الرسم الموجود في الزمن الحاضر" وأعجمت ما قمت بإهماله"(1/70)
2ـ لم أعتمد في طريق مقابلة النسخ نسخة واحدة لتكون هي الأصل أو مرجعاً وحيداً وإنما أزمعت القيام بتحقيق المخطوط معتمداً على نسخه الأربع / التي توفرت عندي بعون الله تعالى / وقد انتحيت طريقة النص المختار التلفيق، وكل نسخة من النسخ ما كانت لتفرغ من تصحيف أو تحريف أو غير ذلك من الأخطاء الساهية كنقص لبعض الكلمات في نسخة ووجودها في نسخة أخرى. ولذا هممتُ بإثبات الصحيح من الكلمات والعبارات عن أي نسخة وُجدتْ فيها ثم أشير في الهامش إلى ما جاء في بقية النسخ وقد توصلت إلى ذلك كله عن طريق المقارنة المركزة بين نسخ المخطوط.
3ـ تعاملت مع الكلمات الزائدة في بعض النسخ على الشكل التالي:إذا وجدت زيادة في إحدى نسخ المخطوط فإني أشير إليها ضمن الهامش فإن كانت تلك الزيادة غير مخلّة للنص أي لا تخل المعنى فإنني أثبتها في النص وأثبتها إذا أخل حذفها في النص بيد أنني وجدت بعض الكلمات زائدة في بعض النسخ غير موجودة في النسخ الأخرى وكان حذفها أو إثباتها لا يؤثر في المعنى فكنت أثبتها أيضاً وأشير إلى تلك الكلمات في الهامش.
4ــ وردت بعض الكلمات الزائدة في بعض النسخ وكان إثباتها يضعضع المعنى ويشوب النص بالغموض لو أثبتها فكنت حينها لا أثبتها وإنما ألمح إليها في الهامش.
5- أغفلت اختلاف النسختين في الفروق التي لا أثر لها في المعنى وهي:
"تعالى" و "صلى الله عليه وسلم"، و "عليه الصلاة والسلام"، و "الله أعلم"، و "أيضاً"، و "الإمام"، و "انتهى".
6- توضيح المراد من كلام المؤلف، وإعادة الضمائر إلى مرجعها عند الحاجة إلى ذلك.
7- توثيق النصوص المنقولة عن الآخرين ما أمكن.
8- توثيق القواعد والفوائد الفقهية من كتب الفقه والقواعد الفقهية المتقدمة والمعاصر للمؤلف.
9- توثيق القواعد والفوائد والمسائل الأصولية من كتب الأصول مع كتب القواعد الفقهية.
10- الترجمة للأعلام المذكورين في النص، واتبعت في ترجمة كل واحد ما يلي – قدر الإمكان-:(1/71)
أ/ كنيته واسمه ولقبه وشهرته.
ب/ سنة ومكان ولادته ووفاته.
ج/ أشهر شيوخه.
د/ مذهبه في الفروع.
و/ أهم مصنفاته.
ز/مراجع العلم المترجم.
11- التعريف بالكتب الواردة في النص.
12ـ في حال تزعزع النص واختلاله في كل النسخ فإنني أثبته كما ورد في تلك النسخ من باب الحفاظ على الأمانة ولا أقوم بالتصرف به وإنما ألجأ إلى توضيح المعنى المراد وأحاول كسر هشاشة النص الوارد وذلك بالعودة إلى المتن الذي نقل وشرح عليه أبو السعود أي من الأشباه والنظائر لأنه الأصل ثم أقحف بشرح المعنى وكل ذلك يكون في الهامش.
13ـ إذا ما عثرت أثناء مقارنة النسخ على عبارتين كانتا تؤديان نفس المعنى المراد وكانت إحداهن أوضح وأجلى للمعنى المراد وتقدمه بوضوح أعمق مما تقدمه العبارة الأولى فإنني أثبت في تحقيقي العبارة الأقوى مستعيناً بالمصادر التي عمد إليها المؤلف أبو السعود لاسيما كتاب غمز عيون البصائر للحموي، وغيره.
14-لم أضع عناوين وإنما جريت إلى سرد القواعد والمسائل مباشرة لا فاصل بين المسألة والأخرى سوى عنوانها وذلك لأنني رأيت في هذه المسائل سلسلة واحدة وترابطاً وثيقاً فيما بينها فكان من الصعب عندي أن أضع عناوين تَفصل أو تُفصِّل ما بينها وأضف إلى ذلك أن المؤلف أبا السعود ذاته لم يضع عنوانين وأنا بدوري إنما أقوم بتنضيد وترتيب مسائله وشرحها بما يهديني الله إليه فكان من باب أولى واحتراماً لأبي السعود ألا أقوم بتثبت عناوين لمُؤَلَفِهِ.
15ـ إذا اختل المعنى أو الكلام ما كان ليستقيم إلا بزيادة حرف أو كلمة فإنني أجري إلى زيادتها معتمداً على مرجع أبي السعود وأضع ما أزيد بين معقوفين ضمن الهامش. وإذا كانت الكلمة في النسخ الأربعة فيها خطأ بين أضع مكانها الصحيح مع الإشارة إلى ذلك.(1/72)
16ـ عندما يسري أبو السعود بنقل نص من أحد المراجع ويشير إلى ذلك بقوله مثلاً قال حموي كذا فإنني أحمل كلام حموي وكأنه مخطوط أتعامل معه بكل دقة وحرص لا أزيد على قوله من شيء إنما أهيم على شرحه وتوضيحه في الهامش،هذا وقد كنت أعود إلى كتاب حموي الذي ورد فيه هذا الكلام ـ أي الكلام الذي نقله أبو السعود فأتثبت منه ثم أشير في الهامش إلى مكان النص أي رقم الصفحة.
وكما أشرت بالقول إن أبا السعود ينقل النصوص أو بعضها عن غيره من الأئمة وكان يشير إلى ذلك وحينما أعود إلى نصوص الأئمة كنت أجد المسألة أحياناً بغير لفظها أو حتى لا أجدها فكنت أشير إلى ذلك في الهامش بقولي: بالعودة إلى كتاب كذا لم أجد هذه المسألة بلفظها أو بتمامها إنما وجدتها كذا.
17ـ في الهامش كنت أشير إلى بداية كل ورقة من أوراق النسخ المخطوطة الأربع و ذلك للسعي إلى إنشاء ترابطٍ ما بين النص المحقق وأصوله المخطوطة لتسهيل العودة إليها لمن شاء.
18ـ بيِّنتُ كل المراجع التي عاد أو استفاد منها أبو السعود في أي مسألة أو قاعدة لتمكين الباحث من التوسع دون العناء.
19ـ في حال ورود تعريف منقول يقوم أبو السعود بذكره فإنني أعزو ذلك التعريف إلى قائله وأعود إلى كتابه الذي ورد فيه ذلك التعريف ثم أشير فيما إذا كان أبو السعود قد نقل التعريف بنصه الكامل أو مالَ إلى اختزاله من باب التبسيط والإيجاز ثم أذكر المراجع مع رقم الصفحة ضمن الهامش.
20ـ إذا ذكر أبو السعود مذهباً أو مذهبين في مسألة من المسائل فإنني أذكر آراء المذاهب الأخرى في تلك المسألة وأنسب الآراء إلى قائليها وأذكر كتبهم مع رقم الصفحة التي ورد فيها ذلك الرأي كآراء الإمام الشافعي في كتابه الأم كنت أثبتها كلها في الهامش.
21ـ كل كلمة يعتريها الغموض أقوم بشرحها كي يتسنى فهمها لكل من يقرؤها.(1/73)
22ـ كل تعريف أقوم بذكره أميل أولاً إلى تعريفه لغة مستعيناً بالمعاجم ثم أعرفه اصطلاحاً في عرف الفقهاء وفي عرف الأصوليين في حال وجود تعريف لهم وأرجع ذلك له إلى موطن ضمن المراجع مشيراً إلى ذلك في الهامش.
23ـ صوّبت عثراتِ الناسخ وأخطاءَه على حسب ما يقتضيه الكلام ولكن بعد التحري والبحث العميق في ذلك الخطأ ـ وإنما أعني بالخطأـ رسمَ بعض الكلمات.
24ـ قمت بوضع المتنِ متنِ ابن نجيم أولاً ثم أرفقت شرح وتعليق أبي السعود، ثم فصلتُ بينهما بخط أفقي ثم هممت بشرحي وتحقيقي أسفلهما فاصلاً أيضاً بين قولي وقوليهما بخطّ أفقي أيضاً وقمت كي أسهل الربط ما بين الشرح والمتن وتحقيقي بوضع أرقام لتشير إلى كل شرح.
25-لم أتعامل مع متن الأشباه والنظائر بشيء من التحقيق غير أني وضعته في أعلى الصفحة ليسهل الربط بين المتن وشرحه لأبي السعود وذلك كما أشار إلي المشرف حفظه الله.
26ـ عيّنْتُ الآيات الكريمة في مكانها من سورها وأشرت إلى رقم الآية وجعلت الآية القرآنية بين قوسين خاصين بها: ? ?.
27ـ أما الحديث النبويّ الشريف فلقد تعاملت معه بدقة متناهية وذكرت المتن مضبوطاً بالشكل و بينت مكان ورود الحديث في المرجع مع رقمه ورقم الصفحة وذكر الكتاب والباب الوارد فيه.
28ـ كثيراً ما كنت أُعُمِل النحو والصرف ؛لأعيدَ ترتيب الكلام حسب النسق المألوف لأن أبا السعود عمد في كثير من الأحيان إلى الخوض في مسائل الإسناد وإرجاع الفعل إلى فاعله وتبين نائب الفاعل ولماذا لم يذكر الفاعل وأناب عنه المفعول به أو حرف الجر مع مجروره.
29ـ إذا ما ذكر أبو السعود عدداً من الآراء والمذاهب حول قاعدة من القواعد فإنني أفصّل ذلك جاعلاً كل رأي أو وجوه في سطر ثم أقوم بتحقيقه منفرداً ثم أنتقل إلى الوجوه أو الرأي التالي وهكذا، درءاً للخلط بين الوجوه وليسهُلَ على القارئ فهم النص بشكل أوضح فيما بعد.(1/74)
30ـ كل الطوائف والمذاهب والمدارس التي ذكر لها أبو السعود آراءً في مصنفه ـ عمدت إلى ترجمتها وتعريفها وذِكرِ أبرز أئمتها وشيوخها.
31ـ قمت بوضع فهرس عام للكتاب بحسب الحاجة ـ أي للرسالة ـ ينطوي على:
فهرس الآيات.
فهرس الأحاديث.
فهرس الأشعار.
فهرس الأعلام.
فهرس الكتب الواردة في النص.
فهرس ثبت المصادر والمراجع.
هذا وقد أنهيت ما بدأت بخطه في تحقيق هذا المخطوط فإن كنت أصبت فمن الله عز وجل ولئن أخطأت فمن نفسي وتقصيري ، ولا أدعي العصمة فالعصمة لا تكون إلا لمن عصمه الله وإني وبعد بذل جهد لا يعلمه إلا الله أقف وقفة الشاكر للمولى، فما توفيقي إلا منه وإني لأسأل الله العلي القدير أن يرزقنا حلاوة الإيمان ويوفقنا إلى طاعته وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم والحمد لله رب العرش العظيم وصلى الله تعالى وسلم على نور البشرية محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج.
والحمد لله رب العالمين.
عبد الكريم مصطفى الجاموس
سوريا – من مدينة خالد بن الوليد
1/رجب/1427 هـ
**************************(1/75)
- مَتْنُ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ -
لِابْنِ نُجَيْمٍ رحمه الله { 970 هـ } .
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: « الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »
«عُمْدَةُ النَّاظِر على الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ » للسَّيِّدِ مُحَمَّدٍ أَبي السُّعُودِ الحُسَيني الْحَنَفِيُّ رحمه الله { 1172 هـ } .
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ( ( )ترتيبها عند الإمام السيوطي الشافعي في كتابه « الأشباه والنظائر » هي القاعدة الثانية، الأشباه والنظائر للسيوطي /50/. وهي المادة الرابعة في درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر. 1/22.) «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ »( ( )" الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ " أَوْ " الشَّكُّ لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ"، أَوْ " لَا شَكَّ مَعَ الْيَقِينِ " هذه القاعدة - على اختلاف تراكيبها - من أمهات القواعد التي عليها مدار الأحكام الفقهية. يقول الإمام السيوطي: (( اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ تَدْخُلُ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَالْمَسَائِلُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَيْهَا تَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ وَأَكْثَرَ)). الأشباه والنظائر للسيوطي /50/. ): أي لا يزول بشكٍّ( ( )في (أ) شك.) طرأ عليه، فلا يرد ما أورده «الْمُجْتَبَى»( ( )« الْمُجْتَبَى »: للإمام العلامة، نجم الدين، أبي الرجا، مختار بن محمود، الزاهدي الغزميني الحنفي، المتوفى سنة 658هـ. شرح به مختصر القدوري، وهو كتاب مخطوط، يوجد منه نسخة مخطوطة بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( 16812 ) و( 16813 ). ينظر: والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 1/166، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1592، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/423، الأعلام للزركلي 7/193.) عن بعضهم حيث قال: (( قيل لا..............
.........................................................................................(2/1)
شكَّ( ( ) في (ب) و(د) لا يشك.) مع اليقين، فكيف يرتفع ما لا وجود له)).
وُيستغنى حينئذٍ عما قيل في جوابه من أنه يمكن أن يقال: الأصل المتيقَنُ لا يُزيله شك طرأ عليه.
ثم اليقين( ( ) «اليقين»: لغة: العلم وزوال الشك. مختار الصحاح للرازي 310، وفي لسان العرب: العلم وإزاحة الشك 2/457. وفي التعريفات للجرجاني /332/: العلم الذي لا شك فيه، وينظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي 4/395 وأما في الاصطلاح فهو:-كما قال الهيتمي-: (( مرادف للعلم، وفرق بعضهم بينهما فقال: اليقين حكم الذهن الجازم الذي لا يتطرق إليه الشك، والعلم أعم)). تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 10/180.): طمأنينة القلب على حقيقة الشيء،يُقَالُ:« يَقِنَ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ إذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ».( ( )ينظر: التعريفات للجرجاني 332، لسان العرب لابن منظور 13/457 و458، درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 1/22، الكليات للكفوي 5/116.)
وَالشَّكُّ( ( )«الشك» لغة: نقيض اليقين وجمعه شكوك. يقال شك في الأمر وتشكك إذا تردد فيه بين شيئين، سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر. قال الله تعالى:? فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ? [ سُورَةُ يُونُسَ: 94 ] أي غير مستيقن، وهو يعم حالتي الاستواء والرجحان.) لُغَةً: مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ( ( )ينظر: المطلع على أبواب المقنع لأبي الفتح البعلي 1/26، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/255، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي 320.).
وفي اصطلاح الأصوليين: استواء طرفي الشيء، وهو التوقف بين الشيئين؛ بحيث لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجَّح أحدهما ولم يُطرح الآخر فهو ظن، فإن طرحه فهو
.........................................................................................(2/2)
غالب( ( )في ( د ) الغالب.) الظَّنِّ، وهو بمنزلة اليقين( ( )التعريفات للجرجاني /168/.)، وإن لم يترجح فهو وهم، وأما عند /( ( )بداية صفحة /195/ من النسخة (جـ).) الفقهاء( ( )الفقهاء لا يستعملون الشك بالمعنى الأصولي، بل يطلقونه على التردد والاستواء أي على الشك والظن بالمعنى الأصولي. يقول ابن قيم الجوزية في "بدائع الفوائد ": ((حيث أطلق الفقهاء لفظ الشك فمرادهم به التردد بين وجود الشيء وعدمه سواء تساوى الاحتمالان أو رجح أحدهما)). بدائع الفوائد 4/26.): فهو كالمعنى اللغوي في سائر الأبواب، لا فرق بين المتساوي والراجح،كما زعم " النَّوَوِيُّ( ( )"النَّوَوِيُّ": يحيى بن شرف بن مري بن حسن، الفقيه الحافظ محيي الدين النَّوَوِيّ، ولد سنة 631هـ، اشتغل بالتصنيف والعمل بدقائق الفقه، والحرص على الخروج من خلاف العلماء، وكان محققا محررا لمذهب الشافعي، من تصنيفاته: الروضة والمنهاج والمجموع وشرح مسلم والأذكار ورياض الصالحين وتهذيب الأسماء واللغات وغيرها كثير، توفي سنة 676هـ..)" ( ( )يرى الإمام النَّوَوِيُّ رحمه الله أن الشك عند الفقهاء أيضاً هو مطلق التردد كالمعنى اللغوي، وهذا يؤدي إلى القول بأن الشك والظن عندهم سواء، ونص عبارته ما يلي: ((اعلم أن مراد الفقهاء بالشك في الماء والحدث والنجاسة والصلاة والصوم والطلاق والعتق وغيرها هو: التردد بين وجود الشيء وعدمه، سواء كان الطرفان في التردد سواء أو أحدهما راجحا، فهذا معناه في استعمال الفقهاء في كتب الفقه. وأما أصحاب الأصول ففرقوا بينهما فقالوا: التردد بين الطرفين إن كان على السواء فهو الشك، وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم ). المجموع شرح المهذب للنووي 1/220.(2/3)
وممن أخذ بهذا الرأي أيضاً الإمام ابن نجيم فقال: ((إن الظن عند الفقهاء من قبيل الشك ؛ لأنهم يريدون به التردد بين وجود الشيء وعدمه سواء استويا، أو ترجح أحدهما )) غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/240 و241.
ومن خلال البحث في هذه المسألة وُجد أنه عُقِّب على ما قاله النَّوَوِيّ وابن نجيم في بيان حقيقة الشك قال الزركشي في المنثور: ((وهو في اللغة مطلق التردد وفي اصطلاح الأصوليين تساوي = = الطرفين، فإن رجح كان ظنا والمرجوح وهما، وأما عند الفقهاء فزعم النَّوَوِيُّ أنه كاللغة في سائر الأبواب، لا فرق بين المساوي والراجح وهذا إنما قالوه في الأحداث، وقد فرقوا في مواضع كثيرة بينهما )) المنثور في القواعد 2/255.
ومثله الإمام الحموي اعترض على ابن نجيم فيما قاله في حقيقة الشك، فقال: ((ولا ينبغي الجزم بأنه عند الفقهاء مطلقا من قبيل الشك، لئلا يتوهم تركهم استعماله بمعنى الطرف الراجح أصلا فتأمل )). غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/134. )،
.........................................................................................
ولكن هذا إنما قالوه في الأحداث، وقد فرقوا في مواضع كثيرة بينهما( ( ) من هذه المواضع كما ذكرها الشيخ الإمام زكريا الأنصاري في كتابه شرح البهجة حيث قال: ((إنهم فرقوا بينهما في أبواب منها باب الإيلاء وحياة الحيوان المستقرة، والقضاء بالعلم، والأكل من أموال الغير، وركوب البحر للحاج، والمرض المخوف، ووقوع الطلاق )). الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 1/144، وينظر: المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/255 والأشباه والنظائر للسيوطي 1/75.).
ولبعض متأخري( ( )في (جـ) بعض المتأخرين.) الأصوليين عبارة أخرى وهي: أن اليقين: جزم القلب مع الاستناد إلى الدليل القطعي( ( )في ( د) استناد إلى دليل قطعي.).(2/4)
[ والاعتقاد( ( )الاعتقاد لغة: مصدر اعتقد. واعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير، وقيل: العقيدة، ما يدين الإنسان به. ينظر: مختار الصحاح للرازي 320.
واصطلاحاً: يطلق الاعتقاد على معنيين:
الأول: التصديق مطلقا، أعم من أن يكون جازما أو غير جازم، مطابقا أو غير مطابق، ثابتا أو غير ثابت.
الثاني: أحد أقسام العلم، وهو اليقين، وقد سبق تعريفه. ينظر: المحصول للرازي 1/84 وما بعدها، والكليات للكفوي 5/116، والفروق في اللغة لأبي هلال العسكري /63/، والمجموع شرح المهذب للنووي 1/239، 17/284، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي 320، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 8/276، وحاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني 1/120.): جزم القلب من غير استناد إلى دليل...................................
.........................................................................................
قطعي ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) كاعتقاد العامي( ( )في غمز عيون البصائر المطبوعة: كاعتقاد العاصي، وهو خطأ مطبعي والله أعلم.).
والظَّنُّ( ( )الظَّنُّ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ ظَنَّ، مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهُوَ خِلَافُ الْيَقِينِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى? الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ? [ سُورَةُ البَقَرَةِ: 46]وَمِنْهُ الْمَظِنَّةُ بِكَسْرِ الظَّاءِ لِلْمَعْلَمِ وَهُوَ حَيْثُ يُعْلَمُ الشَّيْءُ، وَالْجَمْعُ الْمَظَانُّ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: مَظِنَّةُ الشَّيْءِ مَوْضِعُهُ وَمَأْلَفُهُ، وَالظِّنَّةُ بِالْكَسْرِ: التُّهْمَةُ. ينظر: لسان العرب لابن منظور 13/272 وما بعدها.(2/5)
وَالظَّنُّ فِي الِاصْطِلَاحِ: كَمَا عَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيِّ هُوَ: (( الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مَعَ احْتِمَالِ النَّقِيضِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَقِينِ وَالشَّكِّ، وَقِيلَ: الظَّنُّ أَحَدُ طَرَفَي الشَّكِّ بِصِفَةِ الرُّجْحَانِ )). وَذَكَرَ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ: أَنَّ الظَّنَّ مِنَ الْأَضْدَادِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ يَقِينًا وَيَكُونُ شَكّاً، كَالرَّجَاءِ يَكُونُ أَمْنًا وَخَوْفًا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّدَ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ، سَوَاءٌ اسْتَوَيَا أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا. وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ. ينظر: التعريفات للجرجاني 1/187،الكليات لأبي البقاء الكفوفي 3/165،و البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي 1/103.): تجويز أمرين أحدهما أقوى [ من ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) الآخر.
والوهم( ( )الوهم في اللغة: الوهم مصدر وهم وهو: سبق القلب إلى الشيء مع إرادة غيره.ينظر: لسان العرب لابن منظور 12/644.
وفي الاصطلاح: هو إدراك الطرف المرجوح، أي ما يقابل الظن. وهو عند الأصوليين طرف المرجوح من طرفي الشك. ينظر: الجوهر النقي للمارديني 3/ 328، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/658، والدر المختار للحصكفي 2/82، والمحصول للرازي 1/84.
بناء على ذلك ذكر الفقهاء أنه لا يثبت حكم شرعي استنادا على وهم، ولا يجوز تأخير الشيء الثابت بصورة قطعية بوهم طارئ. ينظر: ( الْمَادَّةُ 74 ) (لَا عِبْرَةَ لِلتَّوَهُّمِ ) في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 1/73.): تجويز( ( )في (جـ) يجوز.) أمرين أحدهما أضعف من الآخر.
.........................................................................................(2/6)
والشَّكُّ: تجويز أمرين لا مزيَّة لأحدهما على الآخر " حَمَوِِيّ( ( )" الحَمَوِِيّ ": أحمد بن محمد الحسيني الحَمَوِِيّ الحنفي شهاب الدين، توفي 1098 هـ، له عدة مصنفات منها الدر النفيس في بيان نسب الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وكشف الرمز عن خبايا الكنز في الفقه الحنفي، و غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر لابن نجيم، وشرح كنز الدقائق. ينظر: معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 1/259،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/164،و الضوء اللامع للسخاوي 2/261.)"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/193 للحَمَوِِيّ بتصرف قليل من الإمام أبي السعود -رحمه الله-. وهذا منهجه في نقله لنصوص غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر فعندما يقول حَمَوِِيّ فالكلام المنقول لا يكون بكامله في بعض الأحيان عن غمز عيون البصائر، وقد يذكر في بعض الأحيان الإمام أبو السعود رحمه الله كلمة بتصرف.).
وفيه نظر؛ إذ ما ذكره في تعريف الوهم من أنه: تجويز أمرين أحدهما أضعف من الآخر. يلتبس بالظن، فالصواب حذف قوله: أحدهما أضعف من الآخر، يدل عليه ما قدمه في وجه الفرق بين الظن والوهم حيث قال: وإن لم يترجح فهو وهم؛ إذ معناه وإن لم يترجح أحدهما على الآخر بأن كان الطرفان عنده على حد سواء، ومتى كان أحدهما أضعف من الآخر لزم ترجيح الطرف الآخر، فيكون/( ( )بداية 111/ب من النسخة (أ).) ظناً، اللهم إلا أن يفرق بين/( ( )بداية 74/ب من النسخة (ب).) الظَّنِّ والوهمِ بالحيثية بأن يقال: إنَّه بالنسبة للطرف المرجوح وهم، وللراجح ظنٌّ، فيكون بينهما تلازم حينئذٍ.
وكذا ما سبق من قوله: وفي اصطلاح الأصوليين إلى قوله: وإن لم يترجح فهو وهم، فيه التباس الشك بالوهم؛ إذ مقتضى قوله: وإن لم يترجح الخ. أنه في الوهم لابد من تساوي
.........................................................................................(2/7)
الطرفين فيلتبس بما قبله من تعريف الشك: بأنه استواء/( ( )بداية 88/ب من النسخة (د).) طرفي الشيء الخ.
ثم اعلم أن الشَّكَّ على ثلاثةِ أضربٍ.
شكٌّ طرأ على أصل حرام، وشكٌّ طرأ على أصل مباح، وشكٌّ لا يعرف أصله.
فالأول: مثل أن يجد شاة مذبوحة في بلد فيها مسلمون ومجوس( ( )(المجوس): فرقة من الكفرة كان ظهورها قبل الإسلام يعبدون الشمس والقمر والنار. ينظر: معجم الوسيط 2/855،و المطلع على أبواب المقنع لأبي الفتح البعلي 233،و تفسير الطبري 17/129.)، فلا تحل حتى يعلم أنَّها ذكاةُ مسلم؛ لأنَّ الأصل فيها الحرمة؛ إذ حِلُّ الأكل متوقف على تحقق الذكاة الشرعية، فصار حِلُّ( ( )في (ب) إذ حل.) الأكل مشكوكاً، فلو كان الغالبَ فيها المسلمون( ( )في(أ) و(ب) و(د) المسلمين.) جاز الأكل عملاً بالغالب المفيد للحل( ( )من الْتَبَسَتْ عليه المذكاة بالميتة حرُمَتا معاً لحصول سبب التحريم و هو الشَّكُّ. فلو وُجِدَت شاةٌ مذبوحةٌ ببلدٍ فيه من تحل ذبيحته ومن لا تحل ذبيحته كالمجوسي، ووقع الشك في ذابحها، لا تحل إلا إذا غلب على أهل البلد من تحل ذبيحتهم. وفي معنى المجوسي كل من لم تحل ذبيحته. قال النَّوَوِيُّ في المجموع 9/75: (( ذبائح المجوس حرام عندنا، وقال به جمهور العلماء، ونقله ابن المنذر عن أكثر العلماء )). ينظر: المجموع شرح المهذب للنووي 9/84، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/334، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 10/410. روضة الطالبين للنووي 3/270، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني 2/581، والمغني لابن قدامة 4/181. ).
والثاني: أن يجد ماء متغيراً واحْتُمِلَ تغيرُه بنجاسة، أو طولِ مكث، يجوز التطهر به عملاً
.........................................................................................(2/8)
بأصل الطهارة( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم /73، والدر المختار للحصكفي 1/186، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/24، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للخرشي 1/53، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 1/55، والفروع لابن مفلح 1/62، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/218، و2/287، والأم للشافعي 1/20،و الفتاوى الكبرى لابن تيمية 1/214.).
( ( )في ( ب) و(جـ) مطلب.)والثالث: مثل معاملة من/( ( )بداية صفحة /196/ من النسخة ( جـ).) أكثر ماله حرام، لا تحرم مبايعته حيث لم يتحقق حرمة ما أخذه منه، ولكن يكره خوفاً من الوقوع في الحرام( ( )(معاملة من غالب ماله حرام): من القواعد الفقهية أنه «إذا اجتمع الحلال والحرام غُلِّب الحرام».
قال السيوطي: خرج عن هذه القاعدة فروع منها: معاملة من أكثر ماله حرام إذا لم يعرف عينه لا يحرم في الأصح لكن يكره. الأشباه والنظائر للسيوطي 107.
وذهب بعض الفقهاء ومن بينهم الغزالي إلى أنه يحرم التعامل مع من غالب ماله من الحرام.
وقال العز بن عبد السلام: في معاملة من اعترف بأن أكثر ماله حرام: (( إن غلب الحرام عليه بحيث يندر الخلاص منه لم تجز معاملته، مثل أن يقر إنسان بأن في يده ألف دينار كلها حرام إلا دينارا واحدا، فهذا لا تجوز معاملته بدينار لندرة الوقوع في الحلال )). قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/84.
وجاء في فتح المعين: (( فائدة قال في المجموع: يكره الأخذ ممن بيده حلال وحرام وقول الغزالي يحرم الأخذ ممن أكثر ماله حرام وكذا معاملته شاذ )). فتح المعين 2/214 وينظر: إعانة الطالبين في حل ألفاظ فتح المعين للسيد البكري 2/ 355.
وأنكر النَّوَوِيُّ قول الغزالي بالحرمة مع أنه تبعه في شرح مسلم. فتح المعين 2/355.(2/9)
وفي حاشية الدسوقي قال: (( اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام المعتمد جواز معاملته = = ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد خلافا لأصبغ المحرم لذلك )). حاشية الدسوقي 3/277،وينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 5/343، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 5/277، وشرح مختصر خليل للخرشي 7/193،و حاشية الصاوي على الشرح الصغير 3/367،و الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 2/153،و المجموع شرح المهذب للنووي 9/420و421،و المغني لابن قدامة 4/181.).......................................
.........................................................................................(2/10)
كذا في « فَتْحِ الْمُدَبَّرِ( ( )«فَتْحُ الْمُدَبَّرِ للعَاجِزِ المُقَصرِ » في علم القضاء، للشيخ محمد بن إبراهيم بن أحمد، السَّمْدِيسِيِّ الحنفي، المتوفى سنة 932هـ، من مؤلفاته: فَتْحُ الْمُدَبَّرِ وهو مخطوط كما ذكر الزركلي، وفيض الغفار شرح المختار. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/217، والأعلام للزركلي 5/302.) »( ( )في نسخ المخطوط الثلاثة (ب) و(جـ) و(د) فَتْحُ الْمُدَبَّرِ وفي (أ) فَتْحُ القدير، وعند الرجوع إلى غمز عيون البصائر للحَمَوِِيّ وجد أن الكتاب هو فتح القدير وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ذكره فتح القدير ونصه (( قالوا: إن الشك على ثلاثة أضرب شك طرأ على أصل حرام وشك طرأ على أصل مباح وشك لا يعرف أصله فالأول... كذا في فتح القدير قاله أبو السعود في حاشيته على الأشباه.1 /24 / )). وعند الرجوع إلى كتاب فتح القدير لم أجد هذه المسألة.فالكتاب والله أعلم هو «فَتْحُ الْمُدَبَّرِ للعَاجِزِ المُقَصرِ» في علم القضاء للشيخ محمد بن إبراهيم بن أحمد السَّمْدِيسِيِّ الحنفي، هذا وقد أشار الإمام أبو السعود فيما يأتي من شرحه أنه للسَّمْدِيسِيِّ.
كما نقل الإمام السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر أضرب الشك عن الشيخ أبي حامد الإسفرائيني /75/.).
هذا وقد نُقِضت هذه القاعدة( ( )لا خلاف بين العلماء على جواز نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بالآحاد.
وإنما الخلاف في نسخ الكتاب بالسنة، ونسخ السنة بالكتاب ..................................... =
= إذا كان الحكم المنسوخ ثابتاً بالقرآن، وكان الناسخ ثابتاً بسنة متواترة أو مشهورة، فقد اختلف الأصوليون في جواز النسخ على مذهبين:
الأول: جمهور المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة ومن الفقهاء مالك وأصحاب أبي حنيفة وابن سريح إلى الجواز.
الثاني: ذهب الشافعي وأكثر أصحابه والصيرفي وأكثر أهل الظاهر إلى المنع وعدم الجواز.(2/11)
ينظر: الروضة لابن قامة 1/321، والإحكام للآمدي 3/135، والمستصفى للغزالي 1/123،وأصول السرخسي 2/69، وكشف الأسرار للبزدوي 3/351.و البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي 5/262، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 3/137.) بالمسألة الأصولية، وهي: «جواز نسخ القرآن.........
.........................................................................................
بخبر الواحد»( ( )لا خلاف بين العلماء على جواز نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بالآحاد.
وإنما الخلاف في نسخ الكتاب بالسنة، ونسخ السنة بالكتاب.
إذا كان الحكم المنسوخ ثابتاً بالقرآن، وكان الناسخ ثابتاً بسنة متواترة أو مشهورة، فقد اختلف الأصوليون في جواز النسخ على مذهبين:
الأول: جمهور المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة ومن الفقهاء مالك وأصحاب أبي حنيفة وابن سريح إلى الجواز.
الثاني: ذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأحمد والصيرفي وأكثر أهل الظاهر إلى المنع وعدم الجواز.
ينظر: الروضة لابن قامة 1/321، والإحكام للآمدي 3/135، والمستصفى للغزالي 1/123،و أصول السرخسي 2/69، وكشف الأسرار للبزدوي 3/351.و البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي 5/262، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 3/137.).
والجواب: إنه لم يُرَدْ باليقين القطع، بل إنَّ الشَّيء الثابت بشيء لا يرتفع إلا بمثله والنَّص وخبر الواحد سواء في وجوب العمل، وهو كاف في الأحكام كذا................
.........................................................................................(2/12)
في « قَوَاعِدَ الزَّركَشِي( ( )المنثور في القواعد: لبدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي (794هـ-1392م)، وهو كتاب في قواعد الفقه الكلية التي يندرج تحتها أحكام الفقه وتضم فروعاً كثيرة متشابهة في الأحكام.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/174،و الأعلام للزركلي 6/60.)»( ( )المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 3/137 ونصه: ((وقد نقضت هذه القاعدة بالمسألة الأصولية في جواز نسخ القرآن بخبر الواحد كذا رأيته في كتاب الأحكام " لأحمد بن موسى العجلي " معترضا به، فقال: نقض الشافعي أصله أن ما ثبت بيقين لا يرفع إلا بيقين بتخصيصه، أو نسخه بخبر الواحد النصوص القطعية. وهذا الذي قاله مردود فإن الشافعي رضي الله عنه لم يرد باليقين القطع بل إن الشيء الثابت بشيء لا يرتفع إلا بمثله، والنص وخبر الواحد سواء في وجوب العمل وهو كاف في الأحكام)).) " حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/193.) بتصرف.
وتُعقّب بأنَّ ما ذكره " الزَّركَشِيُّ"( ( )الزَّركَشِيُّ":محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، بدر الدين، المصري الشافعي، ولد عام 745هـ بالقاهرة.وتوفي 794هـ ودفن بالقاهرة.فقيه أصولي محدِّث أديب،، ويلقب بالزركشي؛ لأنه تعلم صناعة الزركش في صغره، كما ويلقب بالمِنْهاجي لأنه حفظ كتاب منهاج الطالبين للإمام النَّوَوِيّ من تصنيفاته: إعلام الساجد بأحكام المساجد، البحر المحيط في الأصول، البرهان في علوم القرآن، الديباج لشرح المنهاج، شرح الوجيز للغزالي، وغيرها كثير، وكان يلقب بالمصنف لكثرتها. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/174،و الأعلام للزركلي 6/60.) مبني( ( )في (د) يبنى.) على مذهبه من «جواز نسخ القرآن بخبر الآحاد»، أما [على]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) مذهبنا فلا يجوز كما هو مصرح به، فدعواه نقض القاعدة غير مسلّم(2/13)
.........................................................................................
[كذا ذكره "الرَّمدُوسِيُّ"( ( )لم أجده. ولعله: ردوسي زاده: محمد بن عبد الله المدرس الرومي الحنفي الشهير بردوسي زاده توفي سنة 1113. له ترجمة كتاب الخراج لأبي يوسف. ترجمة وفيات الأعيان لابن خلكان مطبوع. ترجمة عجائب المخلوقات. شرح القصائد من ديوان العرفي وغير ذلك ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/308، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/214.) ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ) و(ب) و(جـ).).
وقال" البِيرِيُّ"( ( )"البيري": إبراهيم بن حسين بن أحمد بن محمد بن أحمد بن بيري الحنفي، المتوفى سنة 1099هـ، مفتي مكة. ولد وتوفي بالمدينة، مؤلفاته ورسائله كثيرة، تنيف على سبعين، منها: عمدة ذوي البصائر بحل مهمات الأشباه والنظائر، والإتحاف بالأحاديث الواردة في فضل الطواف شرح منظومة ابن الشحنة، والسيف المسلول في جواز دفع الزكاة لآل الرسول ?، والقول الأزهر فيما يفتى به بقول الإمام زفر.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/34،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 1/22، والأعلام للزركلي 1/36.): الشَّكُّ في عرف الفقهاء: غير ما قاله أهل اللغة.
والمراد من الشَّكِّ في سؤر الحمار والبغل التوقف( ( )اختلف الفقهاء في أحكام الأسآر على اتجاهين: أحدها: يذهب إلى طهارة الأسآر، وهو مذهب المالكية. والآخر: مذهب الجمهور الذين قسموها إلى أربعة أقسام: ( طاهر، مكروه، نجس، مشكوك فيه ).
القسم الرابع: المشكوك في طهارة سؤره وهو الحمار الأهلي والبغل.(2/14)
ذهب الحنفية: إلى أن سؤرهما مشكوك في طهارته ونجاسته؛ لتعارض الأدلة، فالأصل في سؤرهما النجاسة ؛ لأنه لا يخلو سؤرهما عن لعابهما، ولعابهما متحلب من لحمهما ولحمهما نجس، وقد تعارضت الآثار في طهارة سؤر الحمار ونجاسته، فعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه كان يقول: الحمار يعتلف القت والتبن فسؤره طاهر. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: إنه رجس، فوقع الشك في وقوع حكم الأصل، والتوقف في الحكم عند تعارض الأدلة واجب، ولذلك كان مشكوكا فيه فلا = = ينجس سؤره الأشياء الطاهرة، ولا يطهر به النجس، وعند عدم الماء يتوضأ بسؤره ويتيمم احتياطا، وأيهما قدم جاز ؛ لأن الطاهر منهما غير متيقن، فلا فائدة في الترتيب. وقال زفر: يبدأ بالوضوء بسؤر الحمار أو البغل؛ ليصير عادما للماء حقيقة.
وذهب الشافعية: إلى أن سؤر جميع الحيوانات من الأنعام، والخيل والبغال والحمير والسباع والهررة والفئران والطيور والحيات وسام أبرص، وسائر الحيوانات المأكولة وغير المأكولة - سؤر طاهر لا كراهة فيه إلا الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما.
وذهب الحنابلة: إلى تقسيم الحيوان إلى قسمين قسم نجس وقسم طاهر. ثم قسموا النجس إلى نوعين: النوع الأول: ما هو نجس رواية واحدة وهو الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما، فهذا النوع سؤره وعينه وجميع ما يخرج منه نجس. القسم الثاني: طاهر في نفسه، وسؤره وعرقه طاهران.
وذهب المالكية والأوزاعي: إلى أن سؤر البهائم جميعا طاهر ومطهر إذا كان ماء، ولو كانت هذه البهيمة محرمة اللحم أو كانت جلالة، ويدخل في ذلك الكلب والخنزير، وما تولد منها أو من أحدهما. ينظر:المبسوط للسرخسي 1/49،89،114،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/59،و فتح القدير لابن الهمام الحنفي 1/114،و المدونة الكبرى للإمام مالك 1/115،و المجموع شرح المهذب للنووي 1/223، والمغني لابن قدامة 1/50. ) كما في..............................(2/15)
.........................................................................................
«التَّجرِيدِ»( ( )«التَّجرِيدِ»:وهو «تجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق»: لأحمد بن محمد بن شيخ الإسلام أحمد بن يونس بن الشلبي، المتوفى سنة 1021هـ، الفقيه الحنفي المصري، من مؤلفاته: إتحاف الرواة بمسلسل الرواة، ومجمع الفتاوى، ومناسك الحج، وتجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق. ينظر: الأعلام للزركلي 1/236،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/78.) اهـ( ( )عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر ( مخطوط )مكتبة الأسد برقم /6504 / الورقة 13 /أ.) [بتصرف ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ) و(ب) و(د).).
1= وَدَلِيلُهَا مَا رَوَاهُ "مُسْلِمٌ" عَنْ "أَبِي هُرَيْرَةَ" رضي الله عنه مَرْفُوعًا: { إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا
1= قوله: وَدَلِيلُهَا مَا رَوَاهُ " مُسْلِمٌ"( ( ) مسلم": مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، أبو الحسن النيسابوري الإمام الحافظ صاحب الصحيح، روى عن قتيبة وعمرو الناقد وابن المثنى وابن يسار وأحمد ويحيى وإسحاق وخلق، وعنه الترمذي وأبو عوانة وابن صاعد وخلق، قال أحمد بن سلمة رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما، وقال ابن منده: سمعت أبا علي النيسابوري يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم، وقال الماسرجسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: ((صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة)). مات في رجب سنة 261هـ. ينظر:طبقات الحفاظ للسيوطي 264، وتهذيب الكمال للحافظ المزي 27/499-508، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/100-104.) الخ.هريرة(2/16)
ظاهره أنه في « مُسْلِمٌ » بهذا اللفظ [ وليس كذلك( ( )بل هو بهذا اللفظ في مسلم ( 362 ) في كتاب الحيض باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، بل هو في « الصَّحِيحَين » لا بهذا اللفظ ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).)، والذي في « الصّحِيحَين »، عن "عَبدِ اللهِ بن زَيد"( ( )"عبد الله بن زيد": هو أبو محمد عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو الأنصاري المازني يعرف بابن أم عمارة واسمها نسيبة بفتح النون وضمها شهد أُحدا ومابعدها من المشاهد واختلفوا في شهوده بدراً، وهو قاتل مسيلمة الكذاب شارك وحشياً في قتله رماه وحشي بالحربة وقتله عبد الله بن زيد بسيفه، روى صفة الوضوء وغير ذلك واستشهد بالحرة سنة 63هـ، روى عنه واسع بن حبان في الوضوء وسعيد بن المسيب وابن أخيه عباد بن تميم في الصلاة. ينظر: تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني 1/304، وتهذيب الأسماء للنووي 1/252، ومعجم الصحابة لعبد الباقي البغدادي 2/110. ): قال: { شُكِيَ إِلَى
........................................................................................(2/17)
النَّبِيِّ ? عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا يَنْصَرِفُ /( ( )بداية 112/ أ من النسخة (أ).) حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا }( ( )أخرجه أحمد في مسنده ( 16007 ) في كتاب أول مسند المدنيين أجمعين، والبخاري ( 137 ) في كتاب الوضوء باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، ومسلم ( 361 ) في كتاب الحيض باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، والنسائي ( 160 ) في كتاب الطهارة باب الوضوء من الريح، وأبو داود ( 176 ) في كتاب الطهارة باب إذا شك في الحدث، وابن ماجه ( 513 ) في كتاب الطهارة وسننها باب لا وضوء إلا من حدث، كلهم من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.). "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/194.) بتصرف.
[شُكِيَ ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).): يتعين( ( )في (ب) ينبغي.) أن يكون مبنياً للمجهول، ونائب الفاعل هو قوله: إلى النبي ?، وقوله: الرجل يخيل إليه مبتدأ وخبر، وجملة: أنه يجد الشيء في الصلاة في محل نصب على أنها مفعول يتخيل، والجملة بتمامها/( ( )بداية 75/أ من النسخة ( ب).) من المبتدأ والخبر مع ما تعلق به من قوله: أنه يجد الشيء في الصلاة بيان للمعنى المراد من قوله: شُكِيَ إِلَى "النَّبِيِّ" /( ( )بداية 89/أ من النسخة ( د).) ?.
......................................................................................................(2/18)
[وليس في قول "المصنِّفِ": (وَدَلِيلُهَا مَا رَوَاهُ "مُسْلِمٌ") ما يقتضي بظاهره أنه ليس في "الْبُخَارِيِّ"( ( )البخاري شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم البخاري، صاحب الصحيح والتصانيف، مولده في شوال سنة 194هـ حفظ تصانيف ابن المبارك وهو صبي، ونشأ يتيما، وصنف وحدث وما في وجهه شعرة، وكان رأسا في الذكاء، رأسا في العلم ورأسا في الورع والعبادة، حدث عنه الترمذي ومحمد بن نصر المروزي الفقيه وصالح بن محمد جزرة وابن خزيمة وخلق كثير، قال البخاري: كتبت عن أكثر من ألف رجل، وقال محمد بن خميرويه سمعت البخاري يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح، وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري، وقال الحاكم سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول سمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري يسأله سؤال الصبي، مات ليلة عيد الفطر سنة 256هـ. ينظر:طبقات الحفاظ للسيوطي 252،و سير أعلام النبلاء للذهبي 12/391.) كما فهم ذلك"المُحَشِّي"( ( )هو: الإمام "الحموي" في: غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/194.)؛ إذ عَزْوُ الرواية إلى " مُسْلِم" ليس هو من قبيل التقييد على أنهم قالوا: «الْأَصْلُ فِي الْقُيُودِ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ»( ( )قاعدة أصولية: نقلها ابن قاسم العبادي في حواشي الشرواني 1/42 عن الإمام سعد التفتزاني، وينظر: حاشية الدسوقي 3/334.).(2/19)
قال السيد "الحَمَوِِيّ" ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في( أ) و(ب) و(جـ).): قيل( ( )القائل هو: "السيوطي" كما في الأشباه والنظائر له /51/.): ((هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه( ( )يقول العلامة الشيخ علي أحمد الندوي ((هذه القاعدة أصل شرعي عظيم. عليها مدار كثير من الأحكام الفقهية. يتمثل فيها مظهر من مظاهر اليسر والرأفة في الشريعة الإسلامية. وهي تهدف إلى رفع الحرج حيث فيها تقرير لليقين باعتباره أصلاً معتبراً، وإزالة للشك الذي كثيراً ما ينشأ عن الوسواس، لاسيما في باب الطهارة والصلاة... وتظهر سعة آفاقها في الفقه الإسلامي وأصوله. فإنها تدخل في معظم أبواب الفقه من عبادات، ومعاملات، وعقوبات، وأقضية. وإنَّ عديداً من القواعد الدائرة في الفقه وأصول الفقه تجدها وثيق الصلة بها بل ناشئة عنها )). القواعد الفقهية للندوي/355-356/.)، والمسائل المُخَرَّجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر))( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/194.). انتهى.
2= فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أَوْ يَجِدَ رِيحاً.
وَفِي « فَتْحِ الْقَدِير » مِنْ بَابِ الْأَنْجَاسِ مَا يُوَضِّحُهَا فَنَسُوقُ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا.
قوله: « تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْ الْإِزَالَةِ لِخَفَاءِ خُصُوصِ الْمَحَلِّ الْمُصَابِ مَعَ الْعِلْمِ بِتَنْجِيسِ الثَّوْبِ.
3= قِيلَ: الْوَاجِبُ غَسْلُ طَرَفٍ مِنْهُ فَإِنْ غَسَلَهُ بِتَحَرٍّ، أَوْ بِلَا تَحَرٍّ طَهُر َ
2= قوله: فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً الخ.(2/20)
قال"ابن الشِّحْنَة"( ( )" ابن الشِّحْنَة": سري الدين، أبو البركات، عبد البر بن محمد بن محمد بن محمود بن الشحنة، الحلبي الحنفي، المتوفى سنة 921هـ، من مصنفاته: الإشارة والرمز إلى تحقيق الوقاية، وشرح الكنز، وشرح منظومة جده ابن الشحنة التي نظمها في عشرة علوم، شرح جمع الجوامع للسبكي وغيرها. ينظر: الأعلام للزركلي 3/273، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/77، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 4/99.): ( نبه ? [على]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) أنَّ الأصل في اليقين أن لا يُتْرَك حكمه بالشَّك بل بيقين( ( )في (أ) يتعين.) مثله، وهو وجدان الحدث من صوت/( ( )بداية صفحة /197/ من النسخة (جـ).) أو ريح ). اهـ "بِيرِي".( ( )عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر ( مخطوط )مكتبة الأسد برقم /6504 / الورقة 13 /أ.)
3= قوله: قِيلَ: الْوَاجِبُ غَسْلُ طَرَفٍ مِنْهُ فَإِنْ غَسَلَهُ بِتَحَرٍّ، أَوْ بِلَا تَحَرٍّ طَهُر.
.........................................................................................
أي على تخريج "المشايخ" لهذا في « السير الكبير »( ( )«السير الكبير»: للإمام محمد بن الحسن الشيباني كما يأتي قريبا شرحه القاضي الإمام علي بن الحسين السعدي المتوفى سنة 461هـ، وشرحه الإمام شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي المتوفى سنة 483هـ في جزأين ضخمين أملاه محبوساً وأتمه في آخر المحنة بمرغينان في جمادى الأولى سنة 48هـ وعليه شرح لصاحب المحيط ينظر:كشف الظنون لحاجي خليفة 1/1014.).(2/21)
وما بحثه "المحقِّقُ"صحيح لا غبار عليه؛ ولذلك قال الشيخ " عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ "( ( )"عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ": الإمام سراج الدين، عمر بن إبراهيم بن محمد، المصري الحنفي، المعروف بابن نجيم، وهو أخو زين الدين بن نجيم، توفي سنة 1005هـ، من تصنيفاته: إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل، وعقد الجوهر في الكلام على سورة الكوثر، والنهر الفائق بشرح كنز الدقائق. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1516، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/796، الأعلام للزركلي 5/39،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/271.): وأما القسمة وما بعدها؛ فلأنَّ النَّجاسة باقية أيضاً، وإنَّما جاز الانتفاع لوقوع الشَّكِّ في الموجود أبقيت النجاسة فيه أم لا؟ وفي «خِزَانةِ الأكمَلِ»( ( )«خزانة الأكمل» في الفروع، لأبي يعقوب، يوسف بن علي بن محمد، الجرجاني الحنفي، المتوفى بعد سنة 522هـ، ذكر فيه أن هذا الكتاب محيط بجل مصنفات الأصحاب، بدأ بكافي الحاكم، ثم بالجامعين، ثم بالزيادات ثم بمجرد ابن زياد، والمنتقى، والكرخي، وشرح الطحاوي وعيون المسائل، وغير ذلك، أشار الزركلي إلى أنه مخطوط، يوجد منه نسخة مخطوطة بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: (9416). ينظر:كشف الظنون لحاجي خليفة 1/702،و الأعلام للزركلي 8/242،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/319.) إذا اشتبه موضع النَّجاسة على ثوبه( ( )من شروط صحة الصلاة: طهارة البدن والثوب والمكان، فإذا أصابت النجاسة شيئاً من ذلك وعلم مكانه وجب إزالتها بغسل الجزء الذي أصابته النجاسة بالاتفاق، أما إذا خفي موضع النجاسة ولم = = يعلم في أي جزء هي ؟ مثل مسألتنا هذه (الثوب النجس بعضه، مع وقوع الاشتباه في جميع أجزائه )، فإنه عند الجمهور: يجب غسل الثوب كله أو البدن كله ؛ لأن النجاسة موجودة على اليقين، ولا يحصل اليقين بزوالها إلا بغسل جميع ما وقع فيه الاشتباه، والنضح أو الغسل للبعض لا يزيل النجاسة فلا بد من غسله(2/22)
كاملاً، وفي قول عند الحنفية: إذا غسل موضعاً من الثوب يحكم بطهارة الباقي، قال الكاساني في بدائع الصنائع 1/81: ((ولو أن ثوبا أصابته النجاسة - وهي كثيرة - فجفت، وذهب أثرها، وخفي مكانها ؛ غسل جميع الثوب وكذا لو أصابت أحد الكمين ولا يدري أيهما هو؛ غسلهما جميعا، وكذا إذا راثت البقرة أو بالت في الكديس _( الكديس هو العُرْمَة من الطعام والتمر والدراهم ونحو ذلك، والجمع أَكداس،. لسان العرب لابن منظور 6/192.)- ولا يُدرى مكانه، غسل الكل احتياطا، وقيل: إذا غسل موضعا من الثوب – كالدخريص (الدِّخْرِيص معرّب، أَصله فارسي، وهو ما يُوصَل به البدَنُ ليَوَسِّعَه. لسان العرب لابن منظور 7/35.)- ونحوه - وأحد الكمين وبعضا من الكديس يحكم بطهارة الباقي، وهذا غير سديد ؛ لأن موضع النجاسة غير معلوم، وليس بعضٌ أولى من بعض، ولو كان الثوب طاهرا فشك في نجاسته جاز له أن يصلي فيه ؛ لأن الشك لا يرفع اليقين))، وفى مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده ((لو تنجس طرف من الثوب فنسى المحل المصاب بالنجاسة وغسل طرفا بلا تحر حكم بطهارته)) 1/64، وفى فتح القدير لابن همام 1/192 عن الظهيرية (( الثوب تكون فيه النجاسة فلا يدرى مكانها، يغسل الثوب كله )) وفي الأم للشافعي 1/72(( كل ما أصاب الثوب من غائط رطب أو بول أو دم أو خمر فاستيقنه صاحبه فعليه غسله، وإن أشكل عليه موضعه لم يجزه إلا غسل الثوب كله )) وفي المجموع شرح المهذب للنووي 3/151 قال: (( وحكاه صاحب البيان وجها عن ابن سريج من الشَّافِعِية، وعلله بأنه يشك بعد ذلك في نجاسته والأصل طهارته، قال النَّوَوِيُّ: وهذا ليس بشيء ؛ لأنه تيقن النجاسة في هذا الثوب وشك في زوالها)). وقال ابن قدامة في المغني 1/412و413: ((وإذا خفي موضع النجاسة من الثوب استظهر، حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة وجملته أن النجاسة إذا خفيت في بدن أو ثوب، وأراد الصلاة فيه، لم يجز له ذلك حتى(2/23)
يتيقن زوالها، ولا يتيقن ذلك حتى يغسل كل محل يحتمل أن تكون النجاسة أصابته، فإذا لم يعلم جهتها من الثوب غسله كله. وإن علمها في إحدى جهتيه غسل تلك الجهة كلها. وإن رآها في بدنه، أو ثوب - هو لابسه -، غسل كل ما يدركه بصره من ذلك. وبهذا قال النخعي والشَّافِعِي ومالك وابن المنذر = = وقال عطاء والحكم وحماد: إذا خفيت النجاسة في الثوب نضحه كله. وقال ابن شبرمة: ((يتحرى مكان النجاسة فيغسله. ولعلهم يحتجون بحديث سهل بن حنيف في المذي عن النبي ? قال: قلت يا رسول الله فكيف بما أصاب ثوبي منه ؟ قال: { يجزئك أن تأخذ كفا من ماء، فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه. })) أخرجه أبو داود (210 ) في كتاب الطهارة باب في المذي، والترمذي ( 115) في كتاب الطهارة باب ماجاء في المذي يصيب الثوب، وابن ماجه ( 506 ) في كتاب الطهارة وسننها باب الوضوء من المذي، كلهم من حديث سهل بن حنيف بهذا اللفظ: عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْىِ شِدَّةً وَعَنَاءً فَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغُسْلَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ? وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ:« إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِى مِنْهُ قَالَ « يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ ». فأمره بالتحري والنضح. ولنا ـالحنابلة ـ، أنه متيقن للمانع من الصلاة. فلم تبح له الصلاة إلا بتيقن زواله كمن تيقن الحدث وشك في الطهارة، والنضح لا يزيل النجاسة، وحديث سهل في المذي دون غيره، فلا يعدى؛ لأن أحكام النجاسة تختلف. وقوله: حيث ترى أنه أصاب منه ". محمول على من ظن أنه أصاب ناحية من ثوبه، من غير تيقن، فيجزئه نضح المكان أو غسله)). وما مضى من الحكم في خفاء النجاسة في الثوب أو البدن، أو المكان، هو مع العلم بوجود النجاسة وخفاء(2/24)
موضعها من الثوب، أو البدن، أو المكان، فإن شك في وجود النجاسة مع تيقن سبق الطهارة جازت الصلاة دون غسل؛ لأن الشك لا يرفع اليقين، وهذا عند الحنفية والشَّافِعِية والحنابلة. أما المالكية فيفرقون بين الشك في نجاسة البدن ونجاسة غيره من ثوب، أو حصير مثلا، فيوجبون غسل البدن ؛ لأنه لا يفسد بذلك ويوجبون نضح الثوب والحصير ؛ لأنه قد يفسد بذلك، وإن غسل فقد فعل الأحوط. وهذا في الجملة. ينظر هذه المسألة في: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/49، وفتح القدير لابن الهمام 1/190و191،و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/70، وبريقة محمودية للخادمي 4/219 و220، ورد المحتار على الدر المختار 1/170، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/231،و الفتاوى الهندية للبلخي1/42، وأنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 4/170، التاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 1/231،و مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 1/160، والأم للشافعي 1/71، والمجموع شرح المهذب للنووي 3/151-153،و المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/289،و أسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري1/71، وحاشيتا قليوبي وعميرة 1/205،والمغني لابن قدامة 7/280،و الفروع لابن المفلح 1/97.) ذكر ..........................................................................
.........................................................................................
"الطحَاويُّ"( ( )"الطحَاويُّ": أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، أبو جعفر الفقيه، المتوفى سنة 321هـ، انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، تفقه على مذهب الشَّافِعِي - على خاله المزني - ثم تحول حنفيا، من تصنيفاته: شرح معاني الآثار، وبيان السنة، وكتاب الشفعة، ومشكل الآثار، ومناقب أبي حنيفة. ينظر: الأعلام للزركلي 1/206،و معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 2/1233.) أنه يغسل كله.(2/25)
وقيل: إذا غسل شيئاً منه فله أن يصلي فيه _كما لو أصاب بول حمار الحنطة في الدّياسة، فإنَّ بعض أصحابنا( ( )جاء في «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» 1/64 قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: ((اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ بَعْضُهَا أَوْ قُسِّمَت الْحِنْطَةُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ طَاهِرًا ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّجَاسَةُ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ فَاعْتُبِرَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي الطَّهَارَةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ انْتَهَى)). وينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/74،و رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين1/315و328،و الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 1/27،و المغني لابن قدامة 1/987. ) قالوا: يغسل قفيزاً( ( )القفيز في اللغة: مكيال، وهو ثمانية مكاكيك، وهو مفرد يجمع على أقفزة وقفزان،كما يطلق على مساحة من الأرض قدر مائة وأربع وأربعين ذراعا،أو عُشر الجريب. ينظر: لسان العرب لابن منظور 4/570 و5/396،و مختار الصحاح للرازي 288.
وفي الاصطلاح: قال القليوبي: ((القفيز مكتل يسع من الحب اثني عشر صاعا، والقفيز من الأرض مُسطح َضْربِ قصبة في عشر قصبات وهو عُشر الجريب ))حاشية القليوبي وعميرة 3/167 وقال ابن الهمام ((القفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف)) فتح القدير 7/104.) منها ثم يخلط فيحكم بالحل_ وقال" أبَو جَعفَر":[ يصلي على موضع منه وينوي أنَّه الطاهر "بِيرِي"( ( )عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر ( مخطوط )مكتبة الأسد برقم /6504 / الورقة 13 /أ. إلى عند قوله: يغسل قفيزاً... وكفاية الكلام في الورقة 13 /ب لكن غير موجودة في المخطوط.)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (جـ).) وقوله: وقال "أبو جَعفَر":
.........................................................................................(2/26)
الظَّاهر أنَّه "الهنْدُوانِي"( ( )محمد بن عبد الله بن محمد بن عمرأبو جعفر الفقيه البلخي الهندواني إمام كبير من أهل بلخ قال السمعاني: كان يقال له أبو حنيفة الصغير لفقهه تفقه على أستاذه أبي بكر محمد بن أبي سعيد المعروف مات ببخارى في ذي الحجة سنة 362هـ، وهو ابن اثنتين وستين سنة وتفقه عليه نصر بن محمد أبو الليث الفقيه. ينظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 1/68و250، و سير أعلام النبلاء للذهبي 16/143، و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/254.) لا "الطَّحاوِي"؛ إذ لا يلائم ما سبق عنه من أنَّه يغسل كلَّه.
وقوله: وينوي أنَّه الطَّاهر محلُّ تأمُّل.
وقوله: وقال الشيخُ " عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ ": وأمَّا القسمة وما بعدها الخ.
أي قال ذلك في « النَّهر ِ»( ( )«النهر»: وهو «النهر الفائق بشرح كنز الدقائق»: للإمام سراج الدين، عمر بن إبراهيم بن محمد، المصري الحنفي، المعروف بابن نجيم، وهو أخو زين الدين ابن نجيم، توفي سنة 1005هـ، ذكر فيه: أن الكنز جمع غرر هذا الفن وقواعده، فشرحه، وأودع فيه حقائق لباب آراء المتقدمين، وفوائد أفكار المتأخرين، قال: لا سيما شيخنا الأخ زين الدين ختام المتأخرين، وهو كتاب مخطوط كما أشار الزركلي، من مؤلفاته: إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل، وعقد الجوهر في الكلام على سورة الكوثر. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1516، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/796، والأعلام للزركلي 5/39، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/271.)، وإلا "فالمصنِّفُ" هنا لم يذكر شيئاً بعد القسمة، وقوله: فإنَّ بعض أصحابنا قالوا: بغسل قفيز منها ثمَّ يخلط الخ.
التحقيق إنَّه بالخلط تعود النَّجاسة كما سيأتي معزياً « لِبَحرِ» "المصنِّفِ".
4= وَذِكْرُ الْوَجْهِ يُبَيِّنُ أَنْ لَا أَثَرَ لِلتَّحَرِّي، وَهُوَ أَنْ(2/27)
5= يَغْسِلَ بَعْضَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَغْسُولِ مَحَلَّهَا فَلَا يَقْضِي بِالنَّجَاسَةِ بِالشَّكِّ كَذَا، أَوْرَدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ: وَسَمِعْت الْإِمَامَ تَاجَ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقوله: وَيَقِيسُهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ هِيَ: إذَا فَتَحْنَا حِصْنًا وَفِيهِمْ ذِمِّيٌّ لَا يُعْرَفُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِيَقِينٍ فَلَوْ قُتِلَ الْبَعْضُ، أَوْ أُخْرِجَ حَلَّ قَتْلُ الْبَاقِي لِلشَّكِّ فِي قِيَامِ الْمُحَرَّمِ، كَذَا هُنَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدًا عَنْ التَّعْلِيلِ، فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ صَلَاةً، ثُمَّ ظَهَرَتْ النَّجَاسَةُ فِي طَرَفٍ آخَرَ تَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّى (انْتَهَى). وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: ثَوْبٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يَدْرِي مَكَانَهَا يَغْسِلُ الثَّوْبَ كُلَّهُ
6 = وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ، وَذَلِكَ التَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ عِنْدِي، فَإِنَّ غَسْلَ طَرَفٍ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي طُهْرِ الثَّوْبِ بَعْدَ الْيَقِينِ بِنَجَاسَةٍ قَبْلُ...........................(2/28)
4= قوله: وَذِكْرُ الْوَجْهِ: أي وجه طهارة الثوب بغسل طرف منه( ( )قال الإمام مُنْلَا خُسْرو في كتابه دُرَرَ الْحُكَّامِ فِي شَرْحِ غُرَرِ الْأَحْكَامِ: ((ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَغَسْلُ طَرَفٍ آخَرَ مِنْهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَنَسِيَ لِأَنَّ الْآخِرِيَّةَ تُشْعِرُ بِالْعِلْمِ بِغَيْرِهِ وَلِذَا حَذَفَ لَفْظَ الْآخَرِ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي فَقَالَ: تَنَجَّسَ طَرَفٌ مِنْ الثَّوْبِ فَنَسِيَهُ فَغَسَلَ طَرَفًا مِنْهُ بِتَحَرٍّ أَوْ بِدُونِ تَحَرٍّ طَهُرَ)) ا هـ. درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/47) اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).
5= قوله: يَغْسِلَ /( ( )بداية 112/ب من النسخة ( أ ).) بَعْضَهُ [متعلق بقوله الآتي: وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ، وفي بعض]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( أ ).) النسخ ووقع، ولا صحة له، ولا يظهر لتقديم المعمول على عامله هنا نكته.
.........................................................................................
"حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/194.).
وقول/( ( )بداية 89/ب من النسخة ( د).) ((المصنِّفِ)): وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضَهُ الخ. بيان للوجه [الذي]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) في [بعض]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د) و( جـ).) النسخ وهو أن يغسل بصيغة الفعل، وهو تحريف، والصواب: كونه مصدراً مجروراً بالباء، يدل عليه ما ذكره"المُحَشِّي" من أنَّه متعلق بقوله: ((وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ))( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/194.).(2/29)
6= وقوله: وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ ( ( )من معاني الاحتياط لغة: الأخذ في الأمور بالأحزم والأوثق، وبمعنى المحاذرة، ومنه القول السائر: أوسط الرأي الاحتياط، وبمعنى الاحتراز من الخطأ واتقائه. ينظر: لسان العرب لابن منظور 7/297.
ويستعمل الفقهاء الاحتياط بهذه المعاني وبمعنى الورع الذي هو: ((اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات)).ينظر: التعريفات للجرجاني/325/.
والكثير من الأحكام الفقهية تثبت لأجل الاحتياط. ولتعارض الاحتياط مع أصل براءة الذمة، ومع قاعدة التحري والتوخي عند الحرج، يأتي التردد والخلاف في الأحكام المبنية على الاحتياط. ويذكر الأصوليون ما عبر عنه " الأنصاري " شارح «مسلم الثبوت »أنه ليس كل ما كان أحوط يجب، بل إنما هو فيما ثبت وجوبه من قبل، فيجب فيه ما تخرج به عن العهدة يقينا، كالصلاة المنسية، كما = = إذا فاتت صلاة من يوم فنسيها، فيجب عليه قضاء الصلوات الخمس من ذلك اليوم؛ ليخرج عن عهدة المنسية يقينا ". ثم ذكر الحالة الثانية التي يجب فيها الفعل احتياطا فقال: (( أو كان الوجوب هو الأصل ثم يعرض ما يوجب الشك، كصوم الثلاثين من رمضان، فإن الوجوب فيه الأصل، وعروض عارض الغمام لا يمنعه، فيجب احتياطاً، لا كصوم يوم الشك، فلا يثبت الوجوب للاحتياط في صوم يوم الشك ؛ لأن الوجوب فيه ليس هو الأصل، ولا هو ثابت يقينا )). فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت بهامش المستصفى 2/182.
ويذكر الأصوليون في باب تعارض الأدلة ترجيح الدليل المقتضي للتحريم على ما يقتضي غيره من الأحكام؛ لاستناد ذلك الترجيح للاحتياط، وفي تعارض العلل ترجيح العلة المقتضية للتحريم على المقتضية لغيره.
وذكروا أيضاً مسألة جريان الاحتياط في الوجوب والندب والتحريم، في الباب نفسه أيضا.(2/30)
ويذكر الفقهاء القواعد المبنية على الاحتياط، ومنها قاعدة ((تغليب الحرام عند اجتماع الحرام والحلال )).ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم في حاشية الحموي 1/355،و الأشباه والنظائر للسيوطي /105/.) ....................................................
7= وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ شَكٌّ فِي الْإِزَالَةِ بَعْدَ تَيَقُّنِ قِيَامِ النَّجَاسَةِ، وَالشَّكُّ لَا يَرْفَعُ الْمُتَيَقَّنَ قَبْلَهُ،
وهو العمل بأقوى الدليلين "حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).
7 = قوله: وَحَاصِلُهُ: أي حاصل تقرير الإشكال في التعليل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).
8 = وَالْحَقُّ أَنَّ ثُبُوتَ الشَّكِّ فِي كَوْنِ الطَّرَفِ الْمَغْسُولِ وَالرَّجُلِ الْمُخْرَجِ هُوَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ، وَالْمَعْصُومَ الدَّمِ.
9 = يُوجِبُ أَلْبَتَّةَ الشَّكَّ فِي طُهْرِ الْبَاقِي وَإِبَاحَةِ دَمِ الْبَاقِينَ.(2/31)
8= قوله: وَالْحَقُّ الخ. ليس من/( ( )بداية 75/ب من النسخة ( ب).) كلام "ابن الهمام"( ( )ابن الهمام: كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود الإسكندراني السيواسي، حنفي المذهب، فقيه، محدث، لغوي، قرأ الهداية على سراج الدين الكتاني الشهير بقارئ الهداية أهم مصنفاته: فتح القدير (شرح الهداية )،التحرير ( في أصول الفقه )، المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة، وزاد الفقير( مختصر في فروع فقه الحنفية). مولده: 790 هـ في الإسكندرية، وفاته: 861 هـ ينظر: الأعلام للزركلي7/135، الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي 180، و كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2034.)؛ إذ لا يلائمه بل من تتمة ما قبله من قول " المصنف": وَحَاصِلُهُ الخ؛ إذ كلام "ابن الهُمامِ" انتهى بقوله: وَذَلِكَ التَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ عِنْدِي( ( )عند الرجوع إلى فتح القدير لينظر كلام ابن الهمام أين ينتهي فوجدت أنه: من كلام ابن الهمام هذه المسألة كلها، كما أشار إلى ذلك المصنف " ابن نجيم " عندما قال: نسوق عبارتها بتمامها، وأيضاً هي ليست بتمامها حرفياً وإنما بتمامها معنى. ينظر: فتح القدير لابن الهمام 1/191.) الخ.
9= قوله: يُوجِبُ أَلْبَتَّةَ( ( )الْبَتَاتُ فِي اللُّغَةِ: الْقَطْعُ الْمُسْتَأْصَلُ. يُقَالُ: بَتَتُّ الْحَبْلَ: أَيْ قَطَعْتُهُ قَطْعًا مُسْتَأْصِلًا.ينظر: لسان العرب لابن منظور 2/7.) الخ. جملة يوجب خبر أن في قوله: أَنَّ /( ( )بداية صفحة/198/ من النسخة ( جـ).) ثُبُوتَ الشَّكِّ الخ. وقع في أكثر النُّسخ قبل قوله: يُوجِبُ لفظ الذي، وهي محرَّفة من لفظ الذمي كما في بعض النُّسخ، وفي بعضها الدم، وهي أولى من نسخة الذِّمي "حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).
10= وَمَنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ مَشْكُوكًا فِيهِ(2/32)
11= ارْتِفَاعُ الْيَقِينِ عَنْ تَنَجُّسِهِ وَمَعْصُومِيَّتُهُ، وَإِذَا صَارَ مَشْكُوكًا فِي نَجَاسَتِهِ
10= قوله: وَمَنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ. قيل: هل الضَّمير للطَّرف أو للباقي من الثوب كلٌّ محتمل انتهى.
أقول: لكن سياق الكلام يقتضي رجوعه للباقي كما هو ظاهر "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).
11= قوله: ارْتِفَاعُ الْيَقِينِ عَنْ تَنَجُّسِهِ الخ. صريح في مخالفة "المصنِّفِ" "لابن الهمامِ"، وسيأتي منه أيضاً ما هو صريح في مخالفته "للإِسبِيجَابِيِّ"( ( )"الإسبيجابي": علي بن محمد بن إسماعيل، بهاء الدين، الإسبيجابي السمرقندي الحنفي، المتوفى سنة 535هـ، ينعت بشيخ الإسلام، من أهل سمرقند، وبها وفاته، له كتب منها: الفتاوى، وشرح مختصر الطحاوي. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1627،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/697، والأعلام للزركلي 4/329،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/183.)وهو قوله: إلَّا أَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ لَمْ يَبْقَ لِكَلِمَتِهِمْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا الخ.
والحاصل أنَّ "المصنَّفَ" لم يسلم "لابنِ الهمامِ" ما ادَّعاه من تيقن قيام النَّجاسة بناءً على ما ذكره من أنَّ الشَّكَّ في إزالتها [ لا يرفع المتيقن قبله، بل [نقول]( ( )في (جـ) يقول.): إنَّ ثبوتَ الشَّكِّ في إزالتها ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) يوجب الشَّكَّ في طهر الباقي فيلزم بالضرورة أن يكون قيام النَّجاسة مشكوكاً لا أنَّه متيقنٌ، ولا "للإسِبيِجَابِي" ما ذكره من أَنَّه ( ( )في (جـ) أن.) يَغْسِلُ بَعْضَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ
.........................................................................................(2/33)
الثَّوْبِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ النَّجَاسَةِ، إلى قوله: فَلَا يَقْضِي بِالنَّجَاسَةِ بِالشَّكِّ وهو في الحقيقة عكس ما ذكره "ابنُ الهمامِ"؛ إذ قوله: مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ وقوله: فَلَا يَقْضِي بِالنَّجَاسَةِ بِالشَّكِّ يفيد كون الطهارة متيقنة، فلا يرفع هذا المتيقن بما طرأ عليه من الشَّكِّ في قيام النَّجاسة، وتحصَّل من كلام ["المصنِّفِ"]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (جـ).) /( ( )بداية 113/أ من النسخة (أ).) أنَّ مخالفته "لابن الهُمامِ" ترجع للمناقشة في الاستدلال فقط/( ( )بداية 90/أ من النسخة ( د).)، وأمَّا الحكم وهو عدم جواز الصلاة فيه ما لم يغسل باقيه فلا ينازعه فيه.
فإن قلت حيث لم يكن قيام النَّجاسة متيقناً بل مشكوكاً على ما حققه "المصنِّف" بقوله: والحق الخ.[فَلِمَ لَمْ يَقُلْ]( ( )في (أ) فلو لم يدخل.(2/34)
في النسخة (أ) قلت: وجه المنع من تجويزه الصلاة فيه؛[ إذ مجرد الشك في قيام النجاسة لم يتيقن بنجاسته] وإن لم يتيقن بنجاسته... الخ مابين المعقوفين زيادة ولعله سَبْقُ نظر من الناسخ.) بتجويز الصلاة فيه؛ إذ مجرد الشَّكِّ في قيام النجاسة لا أثر له؟ قلت: وجه المنع من تجويزه الصلاة فيه؛( ( )في النسخة (أ) قلت: وجه المنع من تجويزه الصلاة فيه؛[ إذ مجرد الشك في قيام النجاسة لم يتيقن بنجاسته] وإن لم يتيقن بنجاسته... الخ مابين المعقوفين زيادة ولعله سَبْقُ نظر من الناسخ.) وإن لم يتيقن بنجاسته يعلم مما قدمه "المصنف" من أن ثبوت الشك في كون الطرف المغسول مكان النجاسة يوجب الشك في طهر الباقي فلم تكن طهارته متيقنة حينئذٍ وبهذا التقرير يعلم أن النزاع بين "ابن الهمامِ" و"المصنِّفِ" إنما هو[ في ]( ( )في موجودة في( أ).) الطريق/( ( )بداية صفحة /199/ من النسخة ( جـ).) الموصل لعدم تجويز الصلاة فيه أعني وجه الاستدلال، أما نفس الحكم فمتفق عليه فيما/( ( )بداية 76/أ من النسخة ( ب).) بينهما.
12= جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُ إلَّا أَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ لَمْ يَبْقَ لِكَلِمَتِهِمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا - أَعْنِي قَوْلَهُمْ: الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ – مَعْنًى
13= فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ
12= قوله: جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُ وذلك؛ لأنَّه قبل النَّجاسة كان طاهراً بيقين "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/195.).(2/35)
في هذا البيان قصور، والبيان التام ما رأيته لبعض "الأفَاضِلِ"( ( )هو الإمام أحمد بن عمر، الإسقاطي الحنفي، أبو السعود المصري، المتوفى سنة 1159هـ، الننحوي الفقيه، العارف بالتجويد، من كتبه: تنوير الحالك على منهج السالك للأشموني على ألفية ابن مالك، ومنهج السالكين إلى شرح ملا مسكين لكنز الدقائق، وهو كتاب مخطوط كما أشار إلى ذلك الزركلي. قال الشارح أبو السعود في مقدمته لهذا الكتاب: (( عمدة الناظر على الأشباه والنظائر )) ق1، وفي مقدمة كتابه: (( فتح المعين على شرح العلامة ملا مسكين )) 1/2 ما نصه: (( ومتى أبهمت في العزو، كما إذا عزوت شيئا لبعضهم غير مصرح به، فالمراد به المرحوم العلامة، الشيخ الإسقاطي )).اهـ كلامه. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/174،و الأعلام للزركلي 1/188،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/29.) حيث قال: إنَّ طهارة الثَّوب متيقنة فإذا تنجَّس طرف منه غير متيقن لا يزول اليقين بهذا الشَّكِّ، فإذا غسل بعضه وقع الشَّكُّ في الشَّكِّ وهي شُبْهَةَ الشُّبْهَة، واليقين في طهارة الثَّوب ثابتٌ فلا تعتبر ((شُبْهَةُ الشُّبْهَة))( ( )اتفق العلماء على عدم اعتبار شُبْهَةِ الشُّبْهَة. يقول ابن نجيم في البحرالرائق4/153: ((شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ سَاقِطَةُ الِاعْتِبَارِ بِالْإِجْمَاعِ )). وينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لعلي حيدر 2/83، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/185.) كما هو مقرر في الأصول انتهى.
13= قوله: فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ. أي حينئذٍ ثبت الشَّكُّ في طهر الباقي، وإباحة دم الباقين لاحتمال كون الطرف المغسول هو المتنجِّس أو غيره، والرجل المخرج هو معصوم الدم أو غيره لا يتصور أن يثبت شَّكٌّ الخ. إلى هذا يشير كلام "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/196.).(2/36)
14= لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَثْبُتَ شَكٌّ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِ الْيَقِينِ لِيُتَصَوَّرَ ثُبُوتُ شَكٍّ فِيهِ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ ذَلِكَ الْيَقِينُ، فَمِنْ هَذَا حَقَّقَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ
14= قوله: لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَثْبُتَ شَكٌّ فِي مَحَلِّ ثُبُوتِ الْيَقِينِ الخ. وردّ بأنه قد تصور فيما إذا ثبت حكم لمحل معلوم ثم شك في زواله عنه باحتمال وجود دليل الزوال وعدمه على السواء، كما إذا شك في الحدث بعد تيقن الطهارة أو عكسه، ونحو ذلك من الأحكام كالطلاق والعتاق بخلاف مسألة الثوب والذمي فإنَّ النَّجاسة وحرمة القتل لم تثبت يقيناً لمحلٍّ معلوم بل لمحلٍّ مجهول مع أنَّ ضدهما وهي الطهارة وحل القتل كانا ثابتين بيقين لمحل معلوم إلا أنه امتنع العمل به؛ لثبوت ذلك المجهول فيه يقيناً فإذا زال اليقين ووقع[في]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب) و(د).) الشك في بقاء ذلك المجهول وعدمه لا يمتنع/( ( )بداية 113/ب في النسخة (أ).) العمل بما كان ثابتاً يقيناً؛ لأنَّ اليقين لا يزول بالشَّكِّ، والأصل فيه أنَّ الشَّكَّ قسمان( ( )أقسام الشك: ينقسم الشك من عدة اعتبارات:
1ـ باعتبار حكم الأصل الذي طرأ عليه: وينقسم الشك - إجمالاً - بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول: شك طرأ على أصل حرام. القسم الثاني: شك طرأ على أصل مباح. القسم الثالث: شك لا يعرف أصله. ينظر: غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/193، المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/287، والأشباه والنظائر للسيوطي /74/.
2ـ بحسب الإجماع على اعتباره وإلغائه، ذكر القرافي: أن الشَّكَّ بهذا الاعتبار ينقسم أيضا إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مجمع على اعتباره كالشك في المذكاة والميتة، فالحكم تحريمهما معا.
القسم الثاني: مجمع على إلغائه، كمن شك هل طلق أم لا ؟ فلا شيء. عليه، وشكه يعتبر لغوا.(2/37)
القسم الثالث: اختلف العلماء في جعله سببا، كمن شك هل أحدث أم لا ؟ فقد اعتبره مالك = = دون الشافعي. ومن شك هل طلق ثلاثا أم اثنتين ؟ ألزمه مالك الطلقة المشكوك فيها خلافاً للشافعي.ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي /50/، والفروق للقرافي 1/225 و226، والتاج والإكليل لابن أبي قاسم العبدري 1/301.): قسم طارئ على اليقين: أي
.........................................................................................
حاصل بأمر/( ( )بداية 90/ب من النسخة ( د).) خارج عنه.
وشكٌّ طارئ باليقين أي: بمعارضة دليل مع دليل آخر، فالأول: لا يزيل اليقين والثاني: يخرجه عن كونه يقيناً، بيان ذلك:
أنَّ الشَّكَّ إنَّما ينشأ عن عدم دليل أو عن تقابل دليلين متساويين متحدين زماناً/( ( )بداية صفحة /200/ من النسخة ( جـ).) ومحلاً حتى لوِ اختلف زمانهما يكون الثَّاني ناسخاً للأول إذا كان دليل الوجود دون البقاء، وإنِ اختلف محلهما فلا تقابل، وإنْ جهل حصل( ( )في (ب) حصول.) الشَّكُّ؛ لعدم الدليل على الزوال عن المحل الآخر والبقاء فيه، فإذا ثبت حكم يقينا لمحل معلوم فالشَّكُّ في ثبوت ضد ذلك الحكم لذلك المحل إنَّما يتأتى من عدم دليل، أو من تقابل دليلين متساويين يقتضي أحدهما بقاء الحكم الأول والآخر/( ( )بداية 76/ب من النسخة ( ب).) عدمه، وحينئذ ٍٍيتساقطان، ويبقى الحكم الأول بدليله، فهذا معنى قولهم: اليقين لا يرتفع بالشَّكِّ، وهذا هو القسم الأول من قسمي الشك، ولا يمكن أن يتأتى الشَّكُّ حينئذ ٍ من دليلٍ معارض لدليل الأول مساوٍ له، بل يكون نسخاً إن كان الأول دليل الوجود دون البقاء، وهو من القسم الثاني من قسمي الشَّكِّ، أمَّا إذا ثبت حكم يقيناً لمحل مجهول فيمكن أن يقال: الشك في دليل معارض لدليل مساو له يثبت ضد ذلك
15= أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُ الْيَقِينِ،
16= وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَخْلُصُ الْإِشْكَالُ(2/38)
17= فِي الْحُكْمِ لَا الدَّلِيلِ فَنَقُولُ: وَإِنْ ثَبَتَ الشَّكُّ فِي طَهَارَةِ الْبَاقِي وَنَجَاسَتِهِ لَكِنْ لَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ ذَلِكَ الْيَقِينِ السَّابِقِ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ،
الحكم؛ لأنَّ المحلَّ لما لم يكن معلوما لم يتيقن كون الدليل الآخر ناسخا بل احتمل أن يثبت ضد الحكم في المحلِّ الأول فيكون ناسخا، فإن ثبت في محلٍّ آخر فلا يكون ناسخا للاحتمال على السواء، فحصل الشَّكُّ ضرورةً في بقاء الحكم في المحلِّ المجهول وعدمه، وهو أيضا من القسم الثاني من قسمي الشَّكِّ، وهو ناشئ من اليقين الأول مع معارضة وليس شك خارج عنه وردّ عليه كما في القسم الأول، وهو يقتضي الرجوع إلى يقين آخر غير اليقين العارض الخ. "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/197.) فليتأمل.
15= قوله: أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ حُكْمُ الْيَقِينِ. أي المراد من قولهم اليقين لا يُرفع بالشَّكِّ أي أنَّ الشَّكَّ لا يَرفع حكم اليقين.
16= قوله: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَخْلُصُ الْإِشْكَالُ الخ. الإشكال تجويز الصلاة في ثوب تيقنت نجاسته/( ( )بداية 114/أ من النسخة( أ).) قبل تحقق إزالتها، وتجويز قتل [الباقي مع التيقن بأن في الحصن شخصا معصوم/( ( )بداية 91/أ من النسخة ( د).) الدم قبل]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) التحقق أنه المخرج.
17= قوله: فِي الْحُكْمِ لَا الدَّلِيلِ. فإن قلت لِمَ لَمْ يُحمل بحث "ابنِ الهُمَامِ" على أنَّه
18= فَلَا تَصِحُّ بَعْدَ غَسْلِ الطَّرَفِ ; لِأَنَّ الشَّكَّ الطَّارِئَ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَقِينِ السَّابِقِ،(2/39)
19= عَلَى مَا حُقِّقَ مِنْ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الْيَقِينُ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ فَغَسْلُ الْبَاقِي، وَالْحُكْمُ بِطَهَارَةِ الْبَاقِي مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُ فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: الْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ مِنَ الْمُطَهِّرَاتِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الْبُرِّ
بالنسبة للحكم فقط؟. قلت: لم يظهر لي وجه المنع، وليس في كلامه ما يعين أن بحثه بالنسبة للدليل/( ( )بداية صفحة /201/ من النسخة ( جـ).) أيضاً، فإن قلت لعلَّ "المصنِّفَ" أشار إلى وجه المنع من صحة هذا الحمل بقوله: وحاصله أي حاصل إشكال "ابنِ الهمَامِ" أنَّه شكٌّ في الإزالة بعد تيقن قيام النجاسة، والشَّكُّ لا يرفع المتيقن قبله. قلت: لا نسلم؛ إذ يصح أن يقال: معنى قوله: لا يرفع المتيقن أي لا يرفع حكم المتيقن قبله، وهو عدم جواز الصَّلاة فيه، ثم ظهر أنَّه يكفي لتوجه الاعتراض عليه أنَّه ذكر البحث مطلقا، ولم يذكر فيه ما يشير إلى أنَّ استشكاله بالنسبة لمجرد الحكم، وبفرض أن يكون ذلك مراده ((فالمراد لا يدفع الإيراد))( ( )((المراد لا يدفع الإيراد)): هذه العبارة استخدمها الفقهاء كثيراً في ثنايا كتبهم يعبرون عنها بأن المراد الذي يساق الحكم من أجله من قبل الفقيه المثبت للمسألة لا يعتبر بمقابل الإيراد الذي هو الأصل فيها. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/344، والفتاوى الفقهية لابن حجر الهيتمي 2/107،و تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 2/492.).
18= قوله: فَلَا تَصِحُّ الخ. أي لا تصحُّ الصلاة بعد غسل الطرف ما لم يغسل باقيه، وإنَّما أتى بقوله: فلا تصحُّ الخ. ولم/( ( )بداية 77/أ من النسخة ( ب).) يكتفِ بما قبله من قوله: وهو عدم جواز الصلاة دفعاً لما عساه يتوهَّم من كون المراد بنفي الجواز عدم الحلِّ، وهو لا ينافي الصحة.(2/40)
19= قوله: عَلَى مَا حُقِّقَ مِنْ أَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قولهمْ الخ. أي حكم اليقين هو المراد من قولهم اليقين لا يرتفع بالشَّكِّ.
20= قُسِمَ. طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلِّ جُزْءٍ هَلْ هُوَ الْمُتَنَجِّسُ، أَوْ لَا.
21= يَنْدَرِجُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ مِنْهَا قَوْلُهُمْ:
20= قوله: قُسِمَ. طَهُرَ لِوُقُوعِ الشَّكِّ الخ. هذا خلاف التحقيق( ( )ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/74، رد المحتار على الدر المختار 1/315و328، الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 1/27، المغني لابن قدامة 1/987.)، والتحقيق أنَّه لا يطهر وإنَّما جاز لكلٍّ الانتفاع للشَّكِّ فيها حتى لو جمع عاد كما في «البَحرِ»( ( )لم أقف في كتاب البحر على هذا الحكم وإنما هو في كتاب الأشباه والنظائر للمصنف ـ ابن نجيم ـ حيث قال: (( وذكر بعضهم أن قسمة المثلي من المطهرات ؛ فلو تنجس بر فقسم طهر، وفي التحقيق لا يطهر وإنما جاز لكل الانتفاع بالشك فيها حتى لو جمع عادت)).الأشباه والنظائر في أعلى صفحة ( غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر ) 2/11.) "للمصنِّفِ". "الحَمَوِِيِّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/197.).
21= قوله: يَنْدَرِجُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ( ( )القواعد لغة: جمع قاعدة، وهي أساس الشيء وأصله. تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي 9/45. وفي الاصطلاح: عرفها الجرجاني في التعريفات219: هي ((قضية كلية منطبقة على جزئيّاتها )).(2/41)
وعرفها أبو البقاء الكفوي في الكليات 1/78 بأنها:قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها. وقال والقاعدة: وهي الأصل لما فوقها وهي تجمع فروعاً من أبواب شتى. وعرفها العلامة التفتازاني في التلويح فقال: (( حكم كلي ينطبق على جزئيات؛ ليتعرف على أحكامها منه )). شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/34.): صريح فيما قلناه( ( )الضمير هنا يعود إلى الإمام الحموي حيث يقول ما نصه: (( المرد بالقواعد الكلية القواعد التي لم تدخل قاعدة منها تحت قاعدة أخرى، وإن خرج منها بعض الأفراد )). غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/51.) في أول [فن]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).)
.........................................................................................
القواعد من أنَّ المراد بالقواعد الكلية القواعد التي لم تدخل قاعدة منها تحت قاعدة أخرى لا الكلية بمعنى الصدق على جميع الأفراد؛ بحيث لا يخرج فرد "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/198.).
ولهذا [صرحوا بأن قواعد الفقه أغلبية( ( )أغلبية: بعض الفقهاء عندما عرفوا القواعد تحرزوا عن ذكر أنها كلية، وقالوا: إنها أغلبية؛ لأنه قد يَنِدُّ عن معظم القواعد بعض الفروع، وإن كان خروج تلك الفروع عن هذه القواعد لا يغير بعمومها ولا يحط من قيمتها. يقول الإمام الحموي: (( إن القاعدة هي عند الفقهاء غيرها عند النحاة والأصوليين،إذ هي عند الفقهاء حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها )). غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/51.
لكن أكثر الفقهاء عرفوها بأنها كلية كما مر من تعريفات الجرجاني وأبي البقاء الكفوي والتفتازاني وغيرهم.(2/42)
على هذا وذاك فلا فرق بين كونها كلية أو أغلبية من حيث استخراج الأحكام منها.) ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) وصرَّحوا بعدم جواز الإفتاء من القواعد( ( )مسألة ((جواز الإفتاء من القواعد الفقهية)): هناك كثير من القواعد الفقهية لها صفة الدليل الشرعي حيث أنها قاعدة من حيث تصنيفها من القواعد، وهي في موضع آخر تكون حديثاً ثابتاً مستقلاً مثل حديث ((لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)) [رواه أحمد في المسند (2862)، وابن ماجه (2341) في كتاب الأحكام باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.] وحديث ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)) [رواه الإمام أحمد في المسند (23704)،والترمذي (1285) في كتاب البيوع باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد فيه عيبا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.والنسائي (4490) في كتاب: البيوع، باب: الخراج بالضمان. وأبو داود في كتاب: البيوع، = = باب: فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم وجد فيه عيباً وابن ماجه(2242) في كتاب: التجارات، باب: الخراج بالضمان.، من حديث عائشة رضي الله عنها].(2/43)
وحديث (( الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ)) [رواه الترمذي (1341) في كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. على هذا ذهب العلماء إلى جواز مثل هذه القواعد أن تكون دليلاً شرعياً، وأن تكون الفتوى مستنبطة منها. وأما القواعد الأخرى وهي كثيرة جداً فقد صرح العلماء في مقدماتهم لمثل هذه القواعد على أنها لا تصلح أن تكون هذه القواعد أدلة شرعية بحد ذاتها؛ معللين ذلك: بأن هذه القواعد لا تخلو من المستثنيات. وهذه بعض النصوص المشيرة إلى ذلك. ينقل الإمام الحموي في كتابه غمز عيون البصائر كلاماً لابن نجيم صرح فيه بعدم جواز الإفتاء من هذه القواعد فقال: (( ثم صرح المصنف في الفوائد الزينية بأنه لا يجوز الفتوى بما تقتضيه الضوابط لأنها ليست كلية، بل أغلبية خصوصاً وهي لم تثبت عن الإمام بل استخرجها المشايخ من كلامه)). غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر للحموي 1/37. وجاء في شرح المجلة للعلامة علي حيدر (( فحكام الشرع ما لم يقفوا على نقل صريح لا يحكمون لمجرد الاستناد إلى واحدة من القواعد ))درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 1/10.
إذاً: لا يجوز للقاضي الاستناد إلى إحدى القواعد الفقهية وحدها، وإنما يرجع إلى نص شرعي تبنى عليه الفتوى من الكتاب والسنة ومصادر التشريع الأخرى، أما إذا كانت الحادثة لا يوجد لها نص فقهي شرعي ولم يتعرض لها الفقهاء؛ ووجدت قاعدة تشملها يجوز الاستناد إلى هذه القاعدة في الفتوى والله أعلم. ينظر: مبحث (هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً يستنبط منه الحكم ) وكذلك المبحث الذي يليه في كتاب « القواعد الفقهية» لعلي الندوي /329/بتصرف.
)، فتحصل أنه لا تنافي بين كونها كلية وأغلبية لاختلاف الحيثيِّة فمن حيث أنَّها لم(2/44)
.........................................................................................
تدخل تحت غيرها من القواعد تكون كلية، ومن حيث خروج بعض الأفراد تكون أغلبية.
- - -
«الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ»
22= الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَتَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْهَا:
23= مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ، وَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ مُحْدِثٌ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا،
22= قوله: "الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ"( ( )"الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ" إن هذه القاعدة ليست من القواعد الكلية، وإنما هي قاعدة داخلة تحت غيرها من القواعد وهي: (( اليقين لا يزول بالشك ))، وعند الأستاذ علي حيدر في درر الحكام تكون المادة الخامسة، أما في كتب الفقه فذكرت (( الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يقوم الدليل على خلافه )) لأن الأصل إذا اعترض عليه دليل خلافه بطل.ينظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 1/23، ويطلق على هذه القاعدة عند علماء الأصول (( الاستصحاب ))، وهو كما عرفه الإسنوي (( الاستصحاب: عبارة عن الحكم بثبوت أمر في الزمن الآتي بناء على ثبوته في الزمن الأول )) نهاية السول في شرح منهاج الأصول للإسنوي2/937، ويقول الإمام الونشريسي في المعيار: ((استصحاب الحال، وهو أصل من أصول الشريعة)) المعيار المعرب والجامع المعرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب 4/424.)؛ لأنَّ الأصل في الأشياء البقاء والعدم طارئ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/198.) .
23= قوله: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي /( ( )بداية 91/ب من النسخة ( د)، وبداية 114/ب من النسخة (أ).) الْحَدَثِ( ( )مسألة (( الشك في الحدث )):(2/45)
تنقسم هذه المسألة إلى قسمين:القسم الأول: شك في الطهارة وتيقن الحدث، والقسم الثاني: شك في الحدث وتيقن الطهارة.......................................................................... =
= أما الأول: (( شك في الطهارة وتيقن في الحدث )) فقد أجمع الفقهاء على أن من تيقن الحدث وشك في الطهارة يجب عليه الوضوء، وإعادة الصلاة إن صلى؛ لأن الذمة مشغولة فلا تبرأ إلا بيقين.
والثاني: (( شك في الحدث وتيقن الطهارة )) فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وكذلك الظاهرية: إلى أنه لا وضوء عليه؛ لأن الوضوء لا ينقض بالشك عندهم وأجازوا الصلاة بهذه الحالة؛ لأن الطهارة متيقنة والمشكوك منه ملغى.وهذه بعض النصوص من كتبهم:جاء في رد المحتار لابن عابدين في حاشيته على الدر المختار 1/150 (( إذا علم سبق الطهارة وشك في عروض الحدث بعدها أو بالعكس: أخذ باليقين وهو السابق ))
قال الإمام النَّوَوِيّ في الروضة تحت عنوان فرع:(( من القواعد التي يبنى عليها كثير من الأحكام استصحاب حكم اليقين والإعراض عن الشك فلو تيقن الطهارة، وشك في الحدث، أو عكسه عمل باليقين فيهما )) روضة الطالبين للنووي1/77.
وقال ابن قدامة في المغني: ((مسألة: قال: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة، فهو على ما تيقن منهما)) المغني لابن قدامة 1/126.وينظر: المحلى لابن حزم الظاهري 1/168.
بينما ذهب المالكية - في المشهور من المذهب - إلى منع الصلاة مع الشك ببقاء الطهارة معللين ذلك: بأن ترتب الصلاة في الذمة هو الأصل الأول،ولا يمكن الخروج عن العهدة والبراءة من الذمة إلا بطهارة متيقنة.(2/46)
ينقل القرافي في الذخيرة عن الإمام مالك رحمه الله قوله: ((شغل الذمة بالصلاة متيقن يحتاج إلى سبب مبرىء والشك في الشرط يوجب الشك في المشروط فيقع الشك في الصلاة الواقعة بالطهارة المشكوك فيها وهي السبب المبرىء والمشكوك فيه ملغى فيستصحب شغل الذمة)) الذخيرة للقرافي 1/219، وينظر: المدونة الكبرى للإمام مالك 1/122، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 1/300، التاج والإكليل لابن أبي قاسم العبدري 1/436.). يعني الحقيقي أو الحكمي
.........................................................................................
فشمل ما لو شكَّ هل نام/( ( )بداية صفحة/202/ من النسخة (جـ).) وهل نام متمكناً أو لا أو زالت إحْدَى أَلْيَتَيْهِ وشكَّ هل كان قبل اليقظة أو بعدها؟ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/198.).
.........................................................................................
والمستتر في كان من قوله: هل كان قبل اليقظة الخ. يرجع للزوال الذي دل عليه قوله: أو زالت إحْدَى أَلْيَتَيْهِ.
وقال "البيري" بعد قول "المصنِّفِ": ومن تيقَّن بالطهارة، وشكَّ في الحدث فهو متطهر. وفي «مختَاراتِ النوَازِلِ»( ( )«النوازل في الفروع »: للإمام أبي الليث، نصر بن محمد بن إبراهيم، السمرقندي الحنفي، المتوفى سنة 375هـ، قال في مقدمته: (( جمعت من أقاويل المشايخ، وشيئا من أقاويل أصحابنا، ليسهل على الناظر فيها طريق الاجتهاد )). وهو كتاب مخطوط، توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( 9862 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1981،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/91.) وعلى هذا الطلاق والعتاق وغيرهما انتهى. يعني إذا تيقن قيام العصمة وشكَّ في الطلاق( ( )( مسألة الشك في الطلاق ): شَكُّ الزوج في الطلاق لا يخلو من ثلاث حالات:(2/47)
الحالة الأولى: أن يكون الشك في وقوع أصل الطلاق، أي شك هل طلقها أم لا ؟ فلا يقع الطلاق في هذه الحالة بإجماع الأمة، واستدلوا لذلك بأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك.
الحالة الثانية: أن يقع الشك في عدد الطلاق - مع تحقق وقوعه - هل طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا؟ لم تحل له - عند المالكية، والخرقي من الحنابلة وبعض الشافعية - إلا بعد زواج آخر، لاحتمال كونه ثلاثا. ويحكم بالأقل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، فإذا راجعها حلت له على رأي هؤلاء.
الحالة الثالثة: أن يقع الشك في صفة الطلاق، كأن يتردد مثلا في كونها بائنة أو رجعية، وفي هذه الحالة يحكم بالرجعية لأنها أضعف الطلاقين فكان متيقنا بها. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 3/ 128.و حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/401، 202،و الفروق للقرافي 1/174، والمدونة الكبرى للإمام مالك 2/ 67،والمجموع شرح المهذب للنووي 1/259، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/491،والمغني لابن قدامة 7/379.) لم يؤثر شكه، وكذا لو تيقن قيام رِقِّهِ، وشكَّ في عتقه لم يؤثر شكه أيضاً.
24= وَلَكِنْ ذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَجَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَشَكَّ هَلْ خَرَجَ مِنْهُ، أَوْ لَا كَانَ مُحْدِثًا،
25= وَإِنْ جَلَسَ لِلْوُضُوءِ وَمَعَهُ مَاءٌ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا كَانَ مُتَوَضِّئًا عَمَلًا بِالْغَالِبِ فِيهِمَا وَفِي «خزانة الأكمل»(2/48)
24= قوله: وَلَكِنْ ذُكِرَ عَنْ "مُحَمَّدٍ"( ( )"مُحَمَّد":أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني، مولى بني شيبان، مات بالري سنة 187هـ، وهو ابن 58 سنة، حضر مجلس أبي حنيفة سنين، ثم تفقه على أبي يوسف، وصنف الكتب الكثيرة، ونشر علم أبي حنيفة، قال الشَّافِعِي: حملت من علم محمد بن الحسن وقر بعير، وقال أيضا: ما رأيت أحدا يسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن. ينظر: طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي /142/، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء /526/.) الخ. الظاهر أن ذُكِرَ بالبناء للفاعل أي ذُكِرَ في «السّراجِّيةِ»( ( )« الفتاوى السراجية »: للإمام أبي محمد، سراج الدين، علي بن عثمان، الأوشي الفرغاني الحنفي، المتوفى بعد سنة 569هـ، من مصنفاته: نصاب الأخبار لتذكرة الأخيار، واختصره في: غرر الأخبار ودرر الأشعار، والفتاوى السراجية، وهو مخطوط في البصرة 526 صفحة كما ذكر الزركلي، وتوجد نسخة مخطوطة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم ( 6430 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1887،و الأعلام للزركلي 4/310.)، ووجه الاستدراك ظاهر، وهو خروج ـ ما إذا دخل بيت الخلاء للاستراحة ـ عن الأصل المذكور( ( )الأصل المذكور هنا «بقاء ما كان على ما كان » فيستثنى منه هذه الصورة التي ذكرها الإمام محمد في قضاء الحاجة بحالة الاسترخاء.)، ووجه الحكم بالحدث أن جلوسه في بيت الخلاء على هيئة الجالس للتَّغوط أو البول مظنَّة خروج الحدث، والمراد بالاستراحة: الاستراحة من أذى الحدث ولو لم يخرج.
25= قوله: وَلو( ( )في المتن وإن جلس.) جَلَسَ لِلْوُضُوءِ وَمَعَهُ مَاءٌ الخ. يعني وكان الماء بحيث يمكن
26= اسْتَيْقَنَ بِالتَّيَمُّمِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي التَّيَمُّمِ أَخَذَ بِالْيَقِينِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ(2/49)
27= وَلَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَالْحَدَثَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ عُضْوًا لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعَيْنِهِ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى ; لِأَنَّهُ آخِرُ الْعَمَلِ
التوضؤ ببعضه، أو كان قليلاً لا يكفي إلا لوضوء شخص واحد، ولم يكن موجوداً/( ( )بداية 77/ب من النسخة ( ب).) وقت حصول الشَّكِّ المذكور.
26= قوله: اسْتَيْقَنَ بِالتَّيَمُّمِ الخ. كان المناسب تقديم هذه المسألة، والتي بعدها على قوله: لكن ذُكر عن "محمَّدٍ"( ( )لأن حكم هذه المسألة كحكم مسألة (( الشك في الحدث))وقد ذكرت آنفاً.).
27= قوله: وَلَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَالْحَدَثَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ( ( )مسألة: )) من تيقن الطهارة والحدث معاً، وشك في السابق منهما))(2/50)
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه: عليه أن يعمل بضد ما قبلهما، فإن كان قبل ذلك محدثا فهو الآن متطهر؛ لأنه تيقن الطهارة بعد ذلك الحدث وشك في انتقاضها، حيث لا يدري هل الحدث الثاني قبلها أو بعدها ؟، وإن كان متطهرا وكان يعتاد التجديد فهو الآن محدث؛ لأنه متيقن حدثا بعد تلك الطهارة وشك في زواله حيث لا يدري هل الطهارة الثانية متأخرة عنه أم لا ؟. وقال ابن عبد البر: ((مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي ومن سلك سبيله البناء على الأصل حدثا كان أو طهارة، وهو قول أحمد بن حنبل، وإسحاق وأبي ثور والطبري، وقال مالك: إن عرض له ذلك كثيرا فهو على وضوئه، وأجمع العلماء أن من أيقن بالحدث وشك في الوضوء فإن شكه لا يفيد فائدة وأن عليه الوضوء فرضا وهذا يدل على أن الشك عندهم ملغى، وأن العمل عندهم على اليقين، وهذا أصل كبير في الفقه فتدبره وقف عليه)).التمهيد لابن عبد البر 5/27. = = وينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/150،وفتح القدير لابن الهمام1/54،و التاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 1/438، والمدونة الكبرى للإمام مالك 1/122، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 1/128،و المغني لابن قدامة 1/126.) الخ. في [«فَتْحِ
.........................................................................................(2/51)
الْمُدَبَّرِ»]( ( )في (أ) فتح القدير.) للعلامة "السَّمْدِيسِيِّ" ما نصه: ((من تيقن الطهارة والحدث، وشكَّ في السَّابق يؤمر بالتَّذكر فيما قبلهما، فإن كان محدثاً فهو الآن متطهر؛ لأنَّه تيَّقن أن الطهارة بعد ذلك الحدث وشكَّ في انتقاضها؛ لأنَّه لا يدري هل الحدث الثاني قبلها أو بعدها؟. وإن كان متطهراً فإن كان يعتاد التجديد فهو الآن محدث؛ لأنَّه متيقن حدثاً بعد تلك الطهارة، وشكَّ في زواله؛ لأنَّه لا يدري هل الطَّهارة الثانية متأخِّرة عنه [أم لا]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) بأن يكون والى بين الطَّهارتين؟)) اهـ. ومنه يعلم ما في كلام "المصنِّفِ" من القصور( ( )القصور في كلام ابن نجيم رحمه الله هو أنه أطلق الحكم في كِلا الأمرين على أنه متطهر، ولم يقل بالعمل بضد ما قبلهما كما نص على ذلك الفقهاء.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/199.).
ثم رأيت "الخَطِيبَ الشَّربينيَّ"( ( )"الخطيب الشربيني": محمد بن أحمد الشربيني، شمس الدين، فقيه شافعي، مفسر لغوي، من أهل القاهرة،توفي سنة (977 هـ)،من تصنيفاته (( الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ))،(( مغني المحتاج شرح المنهاج للنووي)). ينظر: الأعلام للزركلي 6/234، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/250، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/1108. ).....................................................
.........................................................................................(2/52)
ذكر في شرحه على «أبي شُجَاعٍ( ( )«الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع»: للشيخ محمد بن أحمد الشربيني الذي شرح به مختصر الإمام أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني (( الشهير بأبي شجاع )) في الفقه ا لشافعي ينظر: الأعلام للزركلي 6/234،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/250، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/1108)»/( ( )بداية 115/أ من النسخة (أ).)ما نصه/( ( )بداية 92/أ من النسخة (د).) ((من القواعد/( ( )بداية صفحة/203/ من النسخة (جـ).) المقررة التي ينبني عليها كثير من الأحكام الشرعية «استصحاب الأصل [وطرح]( ( )في (ب) وترك.) الشَّكِّ»، و«بقاءُ مّا كَانَ عَلَى مَا كَانَ»، وقد أجمع الناس على أنَّ الشخص [لو شكَّ هل طلَّق زوجته أم لا ؟ أنَّه يجوز له وطؤها( ( )أي لا يقع الطلاق في هذه الحالة.ينظر: ما كان في المسألة السابقة (( الشك في الطلاق )).)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).)، وأنَّه لو شكَّ في امرأة هل تزوَّجها أم لا ؟، لا يجوز له وطؤها، ومن ذلك أن لا يُرفع يقين طُهرٍ، أو حدثٍ بظنٍّ ضده، فلو تيقَّن الطهر والحدث، كأن وُجد منه بعد الفجر، وجُهل السابق منهما أخذ بضد ما قبلهما، فإن كان قبلهما محدثاً فهو الآن متطهرٌ سواءٌ اعتاد تجديد الطُّهر أم لا؛ لأنَّه تيقَّن الطُّهر وشكَّ في رافعه، والأصل عدمه، أو متطهراً فهو الآن محدث إن اعتاد التجديد؛ لأنَّه تيقَّن الحدث وشكَّ في رافعه والأصل عدمه، بخلاف ما إذا لم يعتده فلا يأخذ به بل يأخذ بالطهر لأنَّ الظَّاهر تأخُّر طهره عن حدثه بخلاف من اعتاده، فإن لم يتذكر ما قبلهما إن اعتاد التجديد لزمه الوضوء لتعارض [الاحتمالين]( ( )في (جـ)و( د) الأصلين.) بلا [ترجح]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).)، ولا سبيلَ إلى الصلاة مع التردُّدِ المحض في الطُّهر وإلا أخذ بالطهر))( ( )الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني الخطيب 1/58.) الخ.(2/53)
28= رَأَى الْبَلَّةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ سَائِلًا مِنْ ذَكَرِهِ يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِضُهُ كَثِيرًا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَوْلٌ، أَوْ مَاءٌ لَا يَلْتَفِت إلَيْه
28= قوله: رَأَى الْبَلَّةَ بَعْدَ الْوُضُوءِ سَائِلًا( ( )مسألة ((البلة سائلة من ذكره)):
على قول المصنف "ابن نجيم"أنه يعيد. أي يعيد الوضوء فيحمل كلامه على أنه تيقن من النجاسة بخروج هذه البلة، أما لو كان هذا الأمر يجري معه كثيراً، فحكمه حكم سلس البول كما هو مقرر عند الفقهاء.
السلس عند الفقهاء: استرسال الخارج بدون اختيار من بول، أو مذي، أو مني، أو ودي، أو غائط، أو ريح، وقد يطلق السلس، على الخارج نفسه. أما صاحب السلس فمعذور، ويعامل في وضوئه وعبادته، معاملة خاصة تختلف عن معاملة غيره من الأصحاء، فقد ذكر الحنفية أن من بهم سلس البول،يتوضؤون لكل صلاة، ويصلون بذلك الوضوء في الوقت ما شاؤوا من الفرائض، والنوافل، وإن توضأ على السيلان، وصلى على الانقطاع، وتم الانقطاع باستيعاب الوقت الثاني أعاد، ويبطل الوضوء عند خروج وقت المفروضة، بالحدث السابق وهو الصحيح وهو قول أبي حنيفة. وقال زفر: يبطل بدخول الوقت، وقال أبو يوسف ومحمد: يبطل بهما.
وذهب المالكية إلى أن السلس إن فارق أكثر الزمان ولازم أقله فإنه ينقض، وقد تردد متأخرو المالكية في اعتبار الملازمة من دوام وكثرة ومساواة وقلة في وقت الصلاة خاصة، وهو من الزوال إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني أو اعتبارها مطلقا لا بقيد وقت الصلاة فيعتبر حتى من الطلوع إلى الزوال، وفي قول العراقيين من المالكية لا ينقض السلس مطلقا غير أنه يندب الوضوء منه إن لم يلازم كل الزمان فلا يندب.(2/54)
وذهب الشافعية إلى الوضوء لكل فرض ولو منذورا، ويصلي به ما شاء من النوافل فقط، والحنابلة في هذا كله كالشافعية إلا في مسألة الوضوء لكل فرض فإنهم ذهبوا إلى أن صاحب الحدث الدائم يتوضأ لكل وقت، ويصلي به ما شاء من الفرائض والنوافل كما ذكر الحنفية.والفقهاء سوى المالكية متفقون على وجوب تجديد الوضوء للمعذور وقال المالكية باستحبابه كما سبق، والوضوء، يكون بعد دخول الوقت عند الشافعية والحنابلة. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/28، فتح القدير لابن الهمام 1/179،و المنتقى شرح الموطأ للباجي 1/89،و التاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 1/206 و422،و تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي = = 1/398،و المجموع شرح المهذب للنووي 2/561،و المغني لابن قدامة 1/206، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/288.). أقول: صوابه سائلة؛ لأنَّه حال منَ.......
29= وَيَنْضِحُ فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ بِالْمَاءِ قَطْعًا لِلْوَسْوَسَةِ، وَإِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ عَنْ الْوُضُوءِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ بَوْلٌ لَا تَنْفَعُهُ الْحِيلَةُ (انْتَهَى)
البلَّةِ، ولا بدَّ من مطابقة الحال لصاحبها تأنيثاً وتذكيراً "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/199.).(2/55)
[29= قوله: وَيَنْضِحُ فَرْجَهُ( ( )نضح الفرج بعد الوضوء هو ما ذكره الفقهاء تحت باب الاستبراء: وهو طلب البراءة من خارج، ويختلف بطباع الناس، إلى أن يستيقن بزوال الأثر. ينظر: رد المحتار على الدر المختار 1/345.والنضح يكون قطعا للوسوسة وهو من وسائل طرد الوسواس؛ لأنَّ جمهور الفقهاء قالوا: إنَّه إذا فرغ من الاستنجاء بالماء استحب له أن ينضح فرجه أو سراويله بشيء من الماء، قطعاً للوسواس، حتى إذا شك حمل البلل على ذلك النضح، ما لم يتيقن خلافه. وهذا ذكره الحنفية أنه يفعل ذلك إن كان الشيطان يريبه كثيرا. ومن ظن خروج شيء بعد الاستنجاء لا يلتفت حتى يتيقن.ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/49،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/33،و حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني 1/131،و المجموع شرح المهذب للنووي 1/338،و المغني لابن قدامة 1/103.)، النضح: الرَّش، وبابه ضرب، ونضح البيت رشَّه، وانتضح عليه الماء ترشرش، ونضحت القربة رشت( ( )«مختار الصحاح» مانصه: ((ن ض ح: النَّضْحُ الرش وبابه ضرب ونَضَحَ البيت رشه والنَّاضِحُ البعير يستقى عليه والأنثى نَاضِحةٌ وسانية وانْتَضَحَ عليه الماء ترشش ونَضَحَتِ القربة والخابية رشحت وبابه قطع وتَنْضَاحاً أيضا بالفتح)). مختار الصحاح للرازي /277/.). «مُختَار»( ( )« مختار الصحاح » ( في اللغة ) للإمام زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي ت:( 721 هـ ) اختصره في صحيح ا لجوهري، اقتصر فيه على ما لا بد منه في الاستعمال، وضم إليه كثيراً من تهذيب الأزهري وغيره. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1208، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 9/112، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/918.)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ) و( ب).).(2/56)
30= وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ مَثَلًا فَبَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى الْأَدَاءِ، وَالْإِبْرَاءِ فَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا لَمْ تُقْبَلْ،
31= حَتَّى يُبَرْهِنَ أَنَّهَا حَادِثَةٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ.
30= قوله: وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو أَلْفٌ الخ. في [«فَتْحِ الْمُدَبَّرِ »]( ( )في (أ) فتح القدير.) علمنا لزيد على عَمرٍو ألفاً، فأقام عَمرٌو بينةً بالأداء أو الإبراء، فأقام زيد بينة أن عمراً أقرَّ له بألف مطلقاً لم يثبت بهذه البينة شيء، لاحتمال أنَّ الألف/( ( )بداية 78/أ من النسخة(ب).) الذي أقر به هو الألف الذي علمنا وجوبه، وقد قامت البيِّنةُ بإبرائه، فلا تشتغل ذمَّته بالاحتمال( ( )لأن فراغ ذمة عمرو بعد البينة التي أقامها يقيناً،والألف التي أقام عليها زيد البينة مطلقاً. فقد تحتمل أن تكون هي المراد، أو المبروء عنها،فلا تشغل ذمة عمرو بمجرد الشك بعد التيقن بفراغها. ولأنه (( إذا تعارض الموجب والمسقط يعتبر المسقط الأخير ))، ينظر: المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/350،و درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 4/273.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/199.).
31= قوله: حَتَّى يُبَرْهِنَ [أَنَّهَا]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) حَادِثَةٌ. ومن ثمَّ قالوا لا تسمع الدعوى بعد البراءة العامَّة إلا بشيء حدث بعد تاريخ البراءة( ( )ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/451،و غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر2/345.).(2/57)
32= شَكَّ فِي وُجُودِ النَّجَسِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ ; وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: حَوْضٌ تَمْلَأُ مِنْهُ الصِّغَارُ، وَالْعَبِيدُ بِالْأَيْدِي الدَّنِسَةِ، وَالْجِرَارِ الْوَسِخَةِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ نَجَاسَةٌ ; وَلِذَا أَفْتَوْا بِطَهَارَةِ طِينِ الطُّرُقَاتِ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ
33= فَأْرَةٌ فِي الْكُوزِ لَا يَدْرِي أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَرَّةِ
32= قوله: شَكَّ فِي وُجُودِ [النَّجَسَ]( ( )في (أ)، و(ب)، و(جـ) المتنجس.) فَالْأَصْلُ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ. كان المناسب تقديم/( ( )بداية صفحة /204/ من النسخة (جـ).) هذا أيضاً على قوله: لكن( ( )عند قوله:(لكن ذكر عن محمد) في المتن للمصنف.ص/156/.) الخ.
33= قوله: فَأْرَةٌ فِي الْكُوز( ( )الكوز: هو كوب ماء. جاء في «المغرب»: (الكوز): هو الكوب، والكوب تقريب كوز لا عروة له. المغرب للمطرزي/ 48/،وينظر: لسان العرب لابن منظور 5/402.) الخ. يعني [صب]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) من ماء/( ( )بداية 92/ب من النسخة (د).) الجرة في الكوز، فوجد في الكوز فأرةً لا يقضي بفساد الجرة؛ لأنَّه كما احتمل أن تكونَ الفأرةُ كانت في الجرة وقد سقطت في الكوز عند الصب احتمل كونها في الكوز قبلَ صبِّ الماء فيه، فإذا احتمل واحتمل لا يقضي بفساد ماء الجرة بمجرد الشَّكِّ، وأمَّا إن/( ( )بداية 115/ب من النسخة (أ).) أريد بالجرة ما يمكن اغتراف الماء منه بالكوز كالزير( ( )الزير:الجرة الضخمة. ينظر: المطلع على أبواب المقنع لأبي الفتح البعلي 242،و لسان العرب لابن منظور 4/339، وتكملة المجموع شرح المهذب للسبكي 10/517،و تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 2/113.) ففي الحكم بفساد ماء(2/58)
34 = لَا يَقْضِي بِفَسَادِ الْجَرَّةِ بِالشَّكِّ، وَفِي «خزانة الأكمل» رَأَى فِي ثَوْبِهِ قَذَرًا وَقَدْ صَلَّى فِيهِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَهُ يُعِيدُهَا مِنْ آخِرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ وَفِي الْمَنِيِّ آخِرِ رَقْدَةٍ ( انْتَهَى).
35= يَعْنِي احْتِيَاطًا وَعَمَلًا بِالظَّاهِرِ.
أَكَلَ آخِرَ اللَّيْلِ وَشَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ،
[الزير( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).)] تفصيل يدرك بالتأمل، وهو ما إذا اغترف من الزير بالكوز على وجه لم يعد شيء مما اغترفه إلى ماء الزير، فإنَّه لا يحكم بفساده، بخلاف ما إذا حصل العلم بعود شيء منه فإنَّه حينئذٍ يحكم بفساده( ( )لأنه قدأصبح ماء الزير نجساً بملاقاة الماء العائدة.).
34= قوله: لَا يَقْضِي بِفَسَادِ الْجَرَّةِ. مفهومه القضاء بفساد الكوز( ( )في غمز عيون البصائر للحموي الكون 1/200.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/200.).
35= قوله: احْتِيَاطًا( ( )الواو في قول المصنف (( احتياطاً وعملاً بالظاهر )) موجودة في متن الأشباه، وعند شرح الإمام الحموي للأشباه، توهم عدم وجود الواو قبل قوله ((عملاً )) في قول ابن نجيم، فظنّ أن قوله (( عملاً )) مفعول (( احتياطاً )) فتداخل المفعول لأجله في ظنه. والصواب أنَّه معطوف وليس من التداخل في شيء والله أعلم.) وَعَمَلًا بِالظَّاهِرِ. من قبيل تداخل المفعول لأجله على حد قوله: تعالى ?حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ ?. ( ( )الآية? وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ? [ سُورَةُ التَّوْبِةِ: 92 ].)
.........................................................................................(2/59)
قال في «الكشّافِ»( ( )الكشاف عن حقائق التنزيل، للإمام العلامة، أبي القاسم، جار الله، محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، المتوفى سنة 538هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1475): أن لا يجدوا مفعول له، وناصبه المفعول له الذي هو حزناً( ( )الكشاف للزمخشري 2/286 منقول بتصرف والنص هو: (( ومحل الجار والمجرور النصب على التمييز ألا يجدوا ولئلا يجدوا، ومحله نصب على أنه مفعول له وناصبه المفعول له الذي هو حزناً ).). قال "الطَيِبي"( ( )"الطَيِبي": هو الإمام الحسين بن محمد بن عبد الله، شرف الدين الطيبي،من علماء الحديث والتفسير والبيان، المتوفى سنة /743/هـ، وكان شديد الرد على المبتدعة والفلاسفة،من تصنيفاته: (( التبيان في المعاني والبيان ))، (( والخلاصة في أصول الحد))، ((والكاشف عن حقائق السنن النبوية )). ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/285،و الأعلام للزركلي 2/256، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/53.): على التداخل في المفعول له اهـ. وهذا مما لم ينبه عليه أصحاب المتون العربية وشروحها اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/200.).
وقوله: قال في «الكشّافِ»: ((حزناً)) مفعول له. صوابه أن لا ((يجدوا)) مفعول له كما ذكرناه، وهذا أي ما ذكر من التداخل أحد احتمالين كما يعلم من عبارة "البَيضَاوِي"( ( )البيضاوي: هو الإمام عبد الله بن عمر بن محمد بن علي ناصر الدين، أبو سعيد البيضاوي الشيرازي الشافعي، فقيه مفسر أصولي محدث، كان قاضي القضاة بشيراز، أخذ الفقه عن والده ومعين الدين أبي سعيد، وعن حجة الإسلام الغزالي، من تصنيفاته: (( منهاج الوصول إلى علم الأصول ))، و(( أنوار التنزيل،وأسرار التأويل ))، توفي رحمه الله سنة( 685 هـ ).) بناء على أن لا يجدوا متعلق بحزناً، أمَّا إن جعل متعلقاً بـ(تفيض) فلا، وعبارته حزناً نصب على(2/60)
36= وَكَذَا فِي الْوُقُوفِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَعَ الشَّكِّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهُ مُسِئ بِالْأَكْلِ مَعَ الشَّكِّ إذَا كَانَ بِبَصَرِهِ عِلَّةٌ
37=، أَوْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ مُقْمِرَةً، أَوْ مُتَغَيِّمَةً، أَوْ كَانَ فِي مَكَان لَا يَسْتَبِينُ فِيهِ الْفَجْرُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُهُ لَا يَأْكُلُ،
العلة( ( )أي مفعول لأجله.)، أو الحال، أو المصدر لفعل دل عليه ما قبله، وقوله: أن لا يجدوا أي: لئلا يجدوا متعلق بحزناً أو بـ تفيض انتهى( ( )تفسير البيضاوي 3/166.).
[قوله: آخِرِ رَقْدَةٍ: الرقدة بالفتح النومة.[مُختَار( ( )مختار الصحاح للرازي /106/.)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).).
36= قوله: وَكَذَا فِي الْوُقُوفِ. يعني وقف بعرفة آخر الليل، وشكَّ هل أدرك جزءاً من الليل قبل طلوع الفجر أو لا صح وقوفه( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/80،و المجموع شرح المهذب للنووي 4/378،والفروع لابن مفلح 3/534.).
37= [قوله: أَوْ كَانَتِ اللَّيْلَةُ مُقْمِرَةً، [أَي]( ( )في الأصل ( أو) والسياق يقتضي: [أي] والظاهر أنه خطأ من الناسخ.وفي مختار الصحاح ما يؤيده حيث قال: (وليلة قَمْراءُ أي مضيئة وأقْمَرَتْ ليلتنا أضاءت وأقمرنا طلع علينا القمر).مختار الصحاح للرازي /560/.) مضيئة، كما في المختار]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).)،...........
38= فَإِنْ أَكَلَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ(2/61)
38= قوله: فَإِنْ أَكَلَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ( ( )مسألة (( تأخير الأكل في السحور إلى وقت الشك )) إذا شك الصائم في طلوع الفجر فالمستحب ألا يأكل لاحتمال أن يكون الفجر قد طلع، فيكون الأكل إفساداً للصوم فيتحرز عنه. ولو أكل وهو شاك، وجب عليه القضاء دون الكفارة، وهذا مذهب الحنفية، ومشهور مذهب المالكية،والصحيح من مذهب الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، وذلك للشبهة لأن الأصل بقاء الليل.وإذا لم يتبين له شيء، لا يجب عليه القضاء في ظاهر الرواية ـ عند الحنفية ـ وقيل: يقضي احتياطاً، وكذلك الحكم إذا أفطر بظن الغروب. ينظر: المبسوط للسرخسي 3/77،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/100،105،و المدونة الكبرى للإمام مالك 1/265، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 4/203،و المجموع شرح المهذب للنووي 4/378 و6/326،والمغني لابن قدامة 3/34، والفروع لابن مفلح 3/73.)؛ لأنَّ اليقينَ لا [يزول]( ( )في (د) يزال.) إلا بمثله، ولأنَّ المتيقنَ دخولُ الليل في الوجود، وأمَّا الحكمُ ببقائه فظنِّيٌّ؛ لأن القولَ بالاستصحاب والأمَارةَ/( ( )بداية 78/ب من النسخة (ب).) الموجبةَ عدمَ ظن بقاءِ الليلِ/( ( )بداية صفحة /205/ من النسخة (جـ).) دليلٌ ظنِّي أيضاً، فتعارض دليلان ظنِّيان في قيام الليل وعدمه فيتهاتران( ( )الهتر: بالكسر هو الباطل، والسقط من الكلام. ينظر: لسان العرب لابن منظور 5/250،والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5/242.) ويعمل بالأصل وهو/( ( )بداية 93/أ من النسخة (د).) بقاء الليل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/200.).
.........................................................................................
وقوله: والأَمارة الموجبة بالنصب عطفاً على القول من قوله: لأن القول بالاستصحاب.(2/62)
وقوله: [عدم] ( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ) و(ب).)ظن بقاء الليل. بالنَّصب أيضاً على أنَّه معمول للموجبة من قوله: والأمارة الموجبة، والخبر هو قوله: [دليل]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ) و(ب) و(جـ).) ظنِّي، ثم اعلم أنَّ هذه العبارة التي ذكرها السيد "الحَمَوِِيّ" على وجه التعليل لقول "المُصنِّفِ" فإن أكل فإن لم [يستبن]( ( )في (أ) يستثنى، وفي (ب) يتبين.) له شيء لا قضاء عليه حيث [علل]( ( )بداية 116/أ من النسخة (أ).) ذلك بقوله: لأنَّ اليقينَ لا يزول إلا بمثله الخ.للعلامة "الغَزِّي"( ( )صالح بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد، الخطيب الغزي، التمرتاشي الحنفي، المتوفى سنة 1055هـ، من تصنيفاته: العناية في شرح النقاية، زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر وهي ( مخطوط في مكتبة الأسد الوطنية ) برقم: ( 5193 )، أبكار الأفكار وفاكهة الأخيار. ينظر:معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/11، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/423.) بتمامها لخَّصها من عبارة "الكَمَالِ"( ( )الكمال: هو الإمام كمال الدين بن عبد الواحد ( ابن الهمام ) صاحب كتاب فتح القدير سبقت ترجمته.ص/142/.)، وعبارته: ((اعلم أنَّ التحقيقَ هو: أنَّ المتيقن إنَّما هو دخول الليل في الوجود، وامتداده إلى وقت [ظن]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) طلوع الفجر لاستحالة تعارض اليقين مع الظَّنَّ لأنَّ العلم بمعنى اليقين لا يحتمل النقيض فضلاً عن أن يثبت معه
38= لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ(2/63)
ظنُّ النقيض( ( )تنظر هذه المسألة في تعريف الظن واليقين فيما سبق.ص/118 و121/.)، فإذا [فرض]( ( )في (جـ) فرغ.) تحقق طلوع الفجر في وقت، فليس ذلك الوقت محل تعارض الظَّنِّ به، واليقين بقاء الليل. بل التحقيق أنَّه محل تعارض دليلين ظنيين في بقاء الليل وعدمه وهما: الاستصحاب، والأمارة التي؛ بحيث توجب ظنّ عدمه لا تعارض ظنين في ذلك أصلاً؛ إذ ذلك لا يمكن لأنَّ الظَّنَّ هو: الطرفُ الراجح من الاعتقاد، فإذا فرض تعلقه بأنَّ الشيءَ كذا استحال تعلق آخر بأنَّه لا كذا من شخص واحد في وقت واحد؛ إذ ليس له إلا طرف واحد راجح، فإذا عرف هذا، فالثابتُ تعارض ظنين في قيام الليل وعدمه فيتهاتران لأنَّ موجب معارضتهما( ( )في فتح القدير للكمال بن الهمام [ تعارضهما ] 2/275.) الشَّكُّ لا ظن واحد فضلاً عن ظنين وإذا تهاترا عُمل بالأصل وهو الليل فحقق هذا ))( ( )فتح القدير لابن الهمام 2/274و275.) انتهى.(2/64)
38= قوله: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ( ( )(مصطلحات المذهب الحنفي ): ظاهر الرواية: يراد به في الغالب الشائع القول الراجح لأئمة الحنفية الثلاث « الإمام أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد»، وكتب ظاهر الرواية: كتب محمد الستة « المبسوط، والزيادات، والجامع الصغير، والسير الصغير، والجامع الكبير» و الإمام: أبو حنيفة، والشيخان: هما أبوحنيفة وأبو يوسف، الطرفان: هما أبو حنيفة ومحمد، والصاحبان: هما أبو يوسف ومحمد، والثاني: هو أبو يوسف، والثالث: هو محمد، ولفظ (له): أي لأبي حنيفة، ولفظ (لهما) أو (عندهما) أو (مذهبهما): أي مذهب الصاحبين، وإذا قالو: أصحابنا، فالمشهور اطلاق ذلك على الأئمة الثلاثة (أبي حنيفة وصاحبيه، وأما المشايخ: فالمراد بهم في الاصطلاح: من لم يدرك الإمام.ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/50_69. ). قيل عليه( ( )(( قيل عليه )) هذا المصطلح يستخدمه الإمام الحموي كثيراً بمعنى (( الجواب عليه )).): فيه أن الظن كاف في
.........................................................................................(2/65)
ترتيب الأحكام، وقضيته وجوب القضاء عليه، وإن لم يستبن له شيء، ومن ثم قيل يجب أن يحمل ما في ظاهر الرواية على مجرد الشك فقد يطلق الظن عليه/( ( )بداية صفحة/ 206/ من النسخة (جـ).) أما إذا حصل ظن حقيقي فيجب كما صرح به في «الخَانيِّةِ»( ( )«الخانية» أو «فتاوى قاضي خان» للإمام الحسن بن منصور بن محمود بن عبد العزيز الأوزجندي الفرغاني الحنفي، المعروف بقاضي خان، توفي 592هـ، من تصنيفاته: الفتاوى، وشرح أدب القاضي للخصاف، وشرح الزيادات وغيرها.ينظر: الأعلام للزركلي 2/224، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/297.) قال: ((وإن تسحر وأكبر رأيه أنَّ الفجَّرَ طالعٌ قال مشايخنا( ( )قال الإمام الكاساني في البدائع: (( فأما إذا تسحر وأكبر رأيه، الفجر طالع فذكر في الأصل وقال: إن الأحب إلينا أن يقضي، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقضي، وذكر القدوري أن الصحيح لا قضاء عليه، وجه رواية الأصل أنه على يقين من الليل فلا يبطل إلا بيقين مثله، ووجه رواية الحسن أن غالب الرأي دليل واجب العمل به بل هو في حق وجوب العمل في الأحكام بمنزلة اليقين وعلى رواية الحسن اعتمد شيخنا رحمه الله )) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/100و105. ينظر: المبسوط للسرخسي 3/77،،و المدونة الكبرى للإمام مالك 1/265، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 4/203،والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/269،و المجموع شرح المهذب للنووي 4/378 و6/326،و المغني لابن قدامة 3/34،و الفروع لابن مفلح 3/73.): عليه أن يقضي ذلك اليوم))( ( )فتاوى قاضي خان 1/214 ( على هامش الفتاوى الهندية ).)، ويدل على ذلك التعليل للحكم المذكور بقولهم/( ( )بداية 93/ب من النسخة (د).) اليقينُ لا يزولُ بالشَّكِّ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/201.). وأقولُ: إذا كان الظَّنُّ الحقيقي موجباً للقضاء(2/66)
39= وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَهُ قَضَى وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْغُرُوبِ لَمْ يَأْكُلْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ فَإِنْ أَكَلَ وَلَمْ يَسْتَبِنْ لَهُ شَيْءٌ قَضَى
كما نقله هو عن «الخَانِيّةِ»/( ( )بداية 79/أ من النسخة (ب).) ففيما نحن فيه بالطَّريق الأولى؛ إذ فرض المسألة أنَّه غلب على ظنِّه طلوع الفجر، وإلا يشكل بما ذكره من أنَّه إن تسحر وأكبر رأيه الخ. وما حكاه من التأويل يحمل ما في ظاهر الرواية على مجرد الشَّكِّ الخ. فيه نظر ظاهر لكون المسألة مفروضة في غلبة الظن فكان ما ذكره من التأويل بقوله: ومن ثم قيل يجب أن يحمل ما في ظاهر الرواية على مجرد الشك الخ. ساقطاً ووجه [سقوطه]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) ما اشتهر من أنَّ غلبة الظَّنِّ/( ( )بداية 116/ب من النسخة (أ).) بمنزلةِ اليقينِ، وممن صرح به "المصنِّفُ" فيما سيأتي قريباً بعد قوله: قاعدة: ((مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَو لا ؟ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ))( ( )قاعدة فقهية ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي /55/،و الأشباه والنظائر لابن نجيم على حاشية غمز عيون البصائر 1/204.) حيث قال: ((والمرادُ به أي باليقينِ غالبُ الظَّنِّ))( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/204.) وقوله: فقد يطلق الظَّنّ عليه. قلنا: نعم. لكن ليس الكلامُ في مطلق الظَّنِّ بل في خصوص غلبة الظَّنِّ.(2/67)
39= قوله: وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَهُ قَضَى وَلَا كَفَّارَةَ( ( )الكفارة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن عليه القضاء ولا كفارة عليه؛لأنه لم يفطر متعمداًً بل مخطئاً،ووجه قولهم بأن القضاء يثبت بمطلق الإفساد سواء كان صورة ومعنى،أو صورة لا معنى، أو معنى لا صورة،وسواء كان عمداً،أو خطأً،وسواء كان بعذر أو بغير عذر؛لأن القضاء يجب جبرا للفائت فيستدعي فوات الصوم لا غير،والفوات يحصل بمطلق الإفساد فتقع الحاجة إلى الجبر = = بالقضاء ليقوم مقام الفائت فينجبر معنىً أمَّا الكفارة فيتعلق وجوبها بإفساد مخصوص وهو الإفطار الكامل بوجود الأكل أو الشرب أو الجماع صورة ومعنى متعمداً من غير عذر مبيح ولا مرخص ولا شبهة الإباحة. ينظر: المبسوط للسرخسي 3/77،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/105،100، والمدونة الكبرى للإمام مالك 1/265، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 4/203، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/269،و المجموع شرح المهذب للنووي 4/378 و6/326، والمغني لابن قدامة 3/34، والفروع لابن مفلح 3/73.). سيذكر آخر كتاب
40= وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ مِنَ الصَّوْمِ
الصوم أنَّ عليه الكفارة، وسيأتي عن «البزَّازِيّةِ» ( ( )«الفتاوى البزازية»: أو البزازية في الفتاوى، للإمام حافظِ الدين محمد بن محمد بن شهاب بن يوسف الكردري، الشهير بالبزازي، أو بابن البزاز، المتوفى سنة 827هـ، وهو كتاب جامع، لخص فيه زبدة مسائل الفتاوى والواقعات من الكتب المختلفة، ورجح ما ساعده الدليل، وسماه الجامع الوجيز.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/242، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/555.) ما منه يستفاد أن وجوب الكفارة هنا يكون أولوياً( ( )الفتاوى البزازية 4/100 ( على هامش الفتاوى الهندية ).).(2/68)
40= قوله: وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/342، وفتح القدير لابن الهمام 2/375، ودرر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/204، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/206.). في «البَدَائِعِ»( ( )« بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع » في الفقه الحنفي لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني (587هـ )، وهو شرح لكتاب تحفة الفقهاء للسمرقندي، لكنه مزج الأصل بالشرح دون أن يبقي تمييزاً بينهما، ولم يلتزم ترتيب التحفة في الأبواب والفصول. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/ 371، والأعلام للزركلي 2/70، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 2/1540.): الصحيح عدم الوجوب قال:
41= ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ عَدَمَ وُصُولِ النَّفَقَةِ، وَالْكُسْوَةِ الْمُقَرَّرَتَيْنِ فِي مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَالْقَوْلُ لَهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَدْيُونِ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ
لأن احتمال الغروب قائم فكانت الشبهة ثابتة، وهذه الكفَّارة لا تجب مع الشُّبهة( ( )الرواية الثانية : تجب الكفارة لأن غالب الرأي نزل منزلة اليقين. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/106.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/201.).
وأقول: نقل بعض الفضلاء عن« البزَّازِيّةِ » ما نصه: ((أفطر وأكبر رأيه أن الشمس لم تغرب قضى وكفَّر، لأنَّ الأصلَ دوامُ الثابتِ، وقد انضمَّ إليه أكبر الرأي))( ( )الفتاوى البزازية4/100 ( على هامش الفتاوى الهندية ).) الخ.وهذا هو الذي ينبغي اعتمادُه لما عرف من [أن]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) أكبر الرأي بمنزلة اليقين، وهذا هو الذي أحلنا عليه بقولنا فيما سبق: [ وسيأتي]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) عن « البزَّازِيّةِ » الخ.(2/69)
41= قوله: ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ عَدَمَ/( ( )بداية صفحة / 207/ في النسخة (جـ).) وُصُولِ النَّفَقَةِ( ( )لو ادعت المرأة عدم وصول النفقة والكسوة المقررتين لها في مدة معينة فالقول لها؛ لأن الأصل المتيقن بقاؤها في ذمة الزوج. أما دعواه فمشكوك فيها ولا يُزال يقين بشك، وهذا الحكم عند الجمهور من الفقهاء خلافاً لمالك رحمه الله فإنه قال: القول قول الزوج ويحلف سواء كان الزوج عديما أو موسرا، وأسند ابن تيمية رحمه الله ذلك إلى العرف حيث قال في فتاويه الكبرى: (( إذا كانت مقيمة في بيت زوجها مدة تأكل وتشرب وتكتسي كما جرت به العادة، ثم تنازع الزوجان في = = ذلك... فالقول قول من يشهد له العرف والعادة وهو مذهب مالك )). الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/378، وينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 4/29،و الفتاوى الهندية للبلخي 1/551،و المدونة الكبرى للإمام مالك 2/180، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/520، الأم للشافعي 5/96، المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/321، والمغني لابن قدامة 8/167،و القواعد لابن رجب /339/. ) الخ. قيل: يشكل على........
.........................................................................................(2/70)
هذا( ( )أي أن هذه المسائل التي سيذكرها المحشي ـ الحموي ـ هي من المسائل الخارجة عن قاعدة ((الأصل بقاء ما كان على ما كان )). ) أنَّهم قالوا: لو ادعتِ المرأةُ مُضيَّ عدتها في مدةٍ تحتمله صُدِّقَتْ( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 5/205، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 3/465،و الأشباه والنظائر للسيوطي /53/،و الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 4/353.)، مع أنَّ الأصلَ بقاءُ العدَّةِ فقد قالوا: لو ادعتِ المطلقة امتداد الطهر وعدم انقضاء العدة صُدِّقَتْ ولها النفقة، لأن الأصل بقاؤهما، ويشكل أيضاً بأن المودع لو ادعى رد الوديعة أو ادعى/( ( )بداية 94/أ من النسخة (د).) الهلاك فالقول قوله( ( )المبسوط للسرخسي 11/113،و الفروق للكرابيسي 2/29،و فتح القدير لابن الهمام 4/231، والمدونة الكبرى للإمام مالك 4/439، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 8/274،و الأم للشافعي 4/143،و الأشباه والنظائر للسيوطي /52/، والمغني لابن قدامة 6/304، 307،و الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/422.) مع أنَّ الأصلَ البقاءُ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/201.).
وقوله: في مدة تحتمله. أي والحال أنَّها ادعت انقضاء عدتها بالحيض، يدل عليه ما ذكره
42= وَلَو اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكَرِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي السُّكُوتِ وَالرَّدِّ لَهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَاءِ(2/71)
في «القنيةِ»( ( )قنية المنية: لمختار بن محمود بن محمد، أبي الرجا، الزاهدي الغزميني، المتوفى سنة 658هـ، من أكابر الحنفية، أخذها من كتاب شيخه منية الفقهاء، لفخر الدين بديع بن أبي منصور العراقي الحنفي، وذكر أنها بحر محيط، فاستقصى لبابها، وسماه قنية المنية. ينظر: الأعلام للزركلي 7/658، وكشف الظنون لحاجي خليفة 2/1357.) من أنَّها؛ إذا قالت انقضت عدتي في يوم أو أقل تُصدَّقُ أيضاً، وإن لم تقل أسقطت لاحتماله( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/65.) اهـ.
42= قوله: وَلَو اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكَرِهِ( ( )عند الإمام مالك القول قولها. المدونة الكبرى للإمام مالك 2/229،وينظر: منح الجليل شرح مختصر خليل للشيخ عليش 4/160، وفي الأشباه والنظائر للسيوطي القول قوله/52/ وقال في موضع آخر لو جرت خلوة بين الزوجين وادعت الإصابة فقولان أصحهما تصديق المنكرة؛ لأن الأصل علمها، والثاني تصديق مدعيها؛ لأنَّ الظاهر من الخلوة الإصابة غالباً/65/،وعند الشافعية:لو اختلف الزوجان في التمكين فقالت: مكنت في وقت كذا فأنكر ولا بينة صُدِّق بيمينه؛ لأنَّ الأصل عدمه0 ينظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 8/323،وتحفة الحبيب على شرح الخطيب للبجيرمي4/88.(2/72)
وعند الحنابلة يقول ابن قدامة:((وإن اختلف في التمكين الموجب للنفقة،أو في وقته،فقالت كان ذلك في شهر.فقال بل من يوم فالقول قوله؛لأنه منكر والأصل معه0المغني لابن قدامة8/1670). يخالفه ما في «تَنويرِ/( ( )بداية 79/ب من النسخة( ب )) الأبصِارِ»( ( )تنوير الأبصار وجامع البحار للشيخ شمس الدين، محمد بن عبد الله بن أحمد بن تمرتاش، الغزي الحنفي، المتوفى سنة 1004هـ، جمع فيه مسائل المتون المعتمدة عونا لمن ابتلي بالقضاء والفتوى. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/501،ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/197.): افترقا فَقالتْ: بعد الدخول، وقال: قبل الدخول فالقولُ
43= وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعَةِ فِيهَا فَالْقَوْلُ لَهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَالْقَوْلُ لَهُ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَيَمْلِكُ الْإِخْبَارَ.
قولُها( ( )الدر المختار شرح تنوير الأبصار((حاشية ابن عابدين))3/121) وعزاه في الشرح« للقِنيةِ » وعلله في «القِنيةِ» بأنَّها تنكر سقوط نصف المهر( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/154) كذا ذكره(( الغَزِّي( ( )زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر، للإمام صالح التمرتاشي الغَزِّيّ ( مخطوط في مكتبة الأسد الوطنية ) برقم: ( 5193 ) ق42/ب،و 43/أ.))).(2/73)
43= قوله: وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعَةِ فِيهَا( ( )((اختلاف الزوجين في الرجعة))إذا ادعى الزوج على مطلقته الرجعية أنه راجعها أمس أو قبل شهر صدق إن كانت في العدة؛ لأنه أخبر بما يملك استئنافه، فلا يكون متهماً في الإخبار، ولا يُصدق إذا قال بعد انقضاء عدتها إنه كان راجعها في عدتها فأنكرت، فالقول قولها؛ لأنه ادعى مراجعتها في زمن لا يملك مراجعتها فيه0 وإذا ادعى الزوج بعد انقضاء العدة أنه قد راجع مطلقته في أثناء العدة وأقام بينة على ذلك صحت رجعته0ينظر: المبسوط للسرخسي6/21،والفتاوى الهندية للبلخي 1/470،ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين3/398،وشرح مختصر خليل للخرشي4/83،وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير2/421، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري5/406،و المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 3/210،و أسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/346. ) الخ. في « فَتْحِ الْمُدَبَّرِ»( ( )في(أ)فتح القدير.) ولدت وطلَّقها فقال: طلقت بعدَ الولادة فلها الرجعة. وقالت: قبلها. فلا رجعةَ( ( )ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي/52/، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج الهيتمي 8/333، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي7/132.) و[لو]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في( ب) و( د).)
44= وَلَو اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الطَّوْعِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْإِكْرَاهَ، أَوْلَى، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ(2/74)
لم يعينا وقتاً للولادة ولا للطلاقِ فالقولُ قوله؛ لأنَّ الأصلَ بقاءُ سلطة النكاح، فإن اتفقا على يوم الولادة ـ كيوم/( ( )بداية 117/أ من النسخة(أ).) الجمعة وقال: طلقت يوم السبت وقالت: الخميس [فالقولُ قوله؛لأنَّ الأصلَ بقاءُ النكاحِ يومَ الخميسِ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في(جـ).)، وعدمُ الطلاقِ ـ أو على وقت الطلاق، واختلفا في وقت الولادة فالقولُ قولها؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الولادةِ إذ ذاك. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/202.).
ومنه يعلم أنَّ ما ذكره "المُصنِّفُ" من قوله: فالقول لها. ليس على إطلاقه.
44= قوله: وَلَو اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الطَّوْعِ( ( )جاء في البحر الرائق لابن نجيم: ((بينتا الكره والطوع في البيع والصلح والإكراه فبينة الكره أولى)) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم7/114.ونقل ابن عابدين5/490 عن ابن الشحنة قوله:
وَبَيِّنَتَا كُرْهٍ وَطَوْعٍ أُقِيمَتَا
فَتَقْدِيمُ ذَاتِ الْكُرْهِ صَحَّحَ الْأَكْثَرُ
وجاء في لسان الحكام لابن الشحنة((اختلفا في الطوع والإكراه فالقول لمن يدعي الجواز، ولو أقاما بينة فلمن يدعي الكره وعليه الفتوى)) لسان الحكام/358/.) الخ. وكذا الحكم في الصلح والإقرار كما في« الخانيَّةِ »( ( )فتاوى قاضي خان 3/120 على هامش الفتاوى الهندية.)، وذكر في «المُحيطِ البرهَانِي»( ( )( المحيط البرهاني في الفقه النعماني ) للإمام برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر البخاري المرغناني الحنفي، المتوفى سنة 616هـ. وهو كتاب كبير اختصره وسماه الذخيرة، وهو كتاب مخطوط، توجد نسخة منه في ثلاثة مجلدات في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: (16831-16833).): لوِ اختلفَ المتبايعانِ في الطَّوع
.........................................................................................(2/75)
والكره قال" الصّدرُ الشَّهِيدُ( ( )"الصدر الشهيد": عمر بن عبد العزيز بن مازة، أبو محمد، برهان الأئمة،حسام الدين، المتوفى سنة536 هـ،قتل بسمرقند،وله من الكتب: الفتاوى الصغرى، والفتاوى الكبرى، وعمدة المفتي والمستفتي،وشرح الجامع الصغير، وغيرها كثير.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/783،والأعلام للزركلي5/51.)" في «الصُّغرَى»( ( )الفتاوى الصغرى للصدر الشهيد.): كنَّا نقولُ أولاً إنَّ القول من يدعي الكره وهو البائع، لأنَّه ينكر زوال الملك، وكانَ الإمامُ القاضي ((الإسِبِيجَابِي)) يفتي به، وذكر أيضاً في آخر ضمان المكاتب أنَّ المولى مع المكاتب إذا اختلفا في الصحةِ والفساد أنَّ القولَ قولُ من يدعي الصحة، والبينةُ بينةُ من يدعي الفساد، والنكتة في «شَرحِ المختَصَرِ»"لعِصَامٍ"( ( )شرح المختصر لعصام لم أجده؟.) أنَّ مدعي الفساد يدعي/( ( )بداية صفحة / 208/ من النسخة( جـ).) لحوق شرط زائد والآخرُ ينكر فعلى قياسِ هذه المسألة يجبُ أن يكونَ القولُ في مسألة الطوع والكره قولَ مدعي الطوعِ، والبينةُ بينةُ مدعي الإكراه. هذه الجملةُ ذكرها "الصّدرُ الشَّهيدُ "، وأنا أقول على قياس العبارة الثانية: القولُ قولُ من يدعي الطوع لأنَّهما اتفقا على وجود عقدٍ واحدٍ، وعلى قياس العبارة الأولى/( ( )بداية 94/ب من النسخة( د).) إن ادعى البائعُ الإكراه على البيع بأقلِّ من القيمةِ فالقولُ للبائع، لأنَّ البائعَ بدعوى الإكراه يدفعُ الاستحقاق عن نفسه [وإن ادعى البيعَ بمثل القيمةِ فالقولُ لمن يدعي الطواعية وهو المشتري لأنَّ البائعَ بدعوى الفساد لا يدفعُ الاستحقاق عن نفسه]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في(جـ).) وفي
.........................................................................................(2/76)
«التَتارخَانِية»( ( )«التتارخانية»: أو زاد المسافر في الفتاوى، للإمام عالم بن علاء، الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 786هـ، وهو كتاب عظيم في مجلدات، جمع فيه مسائل المحيط البرهاني، والذخيرة، والخانية، والظهيرية، وجعل الميم علامة للمحيط، وذكر اسم الباقي، وقدم باباً في ذكر العلم، ثم رتبه على أبواب الهداية، وذكر أنه أشار إلى جمعه: الخان الأعظم تاتار خان ولم يسمه، ولذلك اشتهر به، وقيل: إنه سماه: زاد المسافر، ثم إن الإمام إبراهيم بن محمد الحلبي، المتوفى سنة ست وخمسين وتسعمائة، لخصه في مجلد، وانتخب منه ما هو غريب أو كثير الوقوع، وليس في الكتب المتداولة ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/268 و2/947، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/435، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/52، فهرس مخطوطات الظاهرية – الفقه الحنفي 1/122و2/10.) القولُ لمن يدعي الطوع والبينةُ بينةُ الآخرِ في الصحيح من الجواب،وقال بعضهم: بينةُ الطوعِ أولى وإن اختلفا فادعى أحدهما أنَّ البيعَ كان تلجئة( ( )مسألة بيع التلجئة: لو ادعى أحد المتبايعين بيع التلجئة، وأنكر الآخر، فإن جاء مدعي التلجئة ببينة قبلت وإلا فالقول لمدعي الأصل وهو عدم التلجئة ببينة. ولو قدم كل منهما بينة قدمت بينة مدعي التلجئة؛لأنه يثبت خلاف الظاهر. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 5/177، والفتاوى الهندية للبلخي 3/210، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/275.) والآخر/( ( )بداية 80/أ من النسخة (ب).) ينكر التلجئة لا يقبل قول من يدعي التلجئة في البيع، والتلجئة في البيع أن يقول الرجل لغيره: إني أبيع داري منك بكذا وليس ذلك بيعاً بل تلجئة ويشهد على ذلك ثم يبيع في الظاهر من غير شرط، وهذا البيع باطلٌ بمنزلة بيع الهازل"حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/203.).(2/77)
والفرقُ بين بيع الهازل وبيع التلجئة: أنَّ بيعَ الهازلِ ليسَ فيه غرضٌ صحيح سوى مجرد الهزل، بخلاف بيع التلجئة فإنَّ الحاملَ/( ( )بداية 117/ب من النسخة (أ).) عليه دفع ضرر متوقع بأن خاف على داره من
.........................................................................................
ظالمٍ، فاتفق مع شخصٍ ذي جاهٍ على أنَّه يبيعها منه بحسب الظَّاهر ليتقي شر هذا الظالم وقول السيدَ"الحمَوِِيّ": وكذا الحكم في الصلح والإقرار( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/202.). يعني إذا ادَّعى أنَّه اصطلح أو أقرَّ مكرها فالقولُ لمن يدعي الطوع، ثم رأيت في«حَاشِيةِ الغَزّي» أنه: لو ثبت إقرار إنسان بشيء طائعاً فأقام بينةً أنَّه [كان]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) مكرهاً فبينةُ الإكراه أولى؛ لأنَّها تثبت خلاف الظاهر وهو الأصح وعليه الفتوى، وفي«المُلتَقَطِ»( ( )« الملتقط»:الملتقط في الفتاوى أو مآل الفتاوى للإمام ناصر الدين أبي القاسم محمد بن يوسف الحسيني السمرقندي المدني الحنفي المتوفى سنة 556 هـ، المعروف بأبي القطن، قيل قتل صبراً بسمرقند، وكان شديد النقد للعلماء والأئمة.أشار الزركلي في الأعلام إلى أنه مخطوط.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1813،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/94،والأعلام للزركلي7/149، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 12/137.): ادَّعى عليه أنَّه أقرَّ طائعاً وبرهن على ذلك. وبرهن المدَّعى عليه أنَّه أقرَّ بالكره فبينةُ المدعى عليه أولى، وإن لم يؤرِّخا أو أرَّخا على التعاقب فبينةُ المدعي أولى اهـ.(2/78)
قال "الغَزّيُّ"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (43/أ).): ((فتكون المسألة ثلاثية وهي: إمَّا أن يؤرِّخا أو لا، فإن كان الأول وهو ما إذا أرَّخا[ فإما]( ( )في (ب) إما.) أن يتَّحدَ التاريخ أو يختلفَ، فإن كان الأول فبينةُ الإكراه/( ( )بداية صفحة/209/ من النسخة (جـ).) أولى، وإن كان الثاني وهو ما إذا اختلف التاريخ أو لم يؤرِّخا فبينةُ الطوع أولى))( ( )زواهر الجواهر النظائر على الأشباه والنظائر للغزي مخطوط ورقة (43/أ).) اهـ.
45= وَلَو ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ اللَّحْمَ لَحْمُ مَيِْتَةٍ، أَوْ ذَبِيحَة مَجُوسِيٍّ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ، لَمْ أَرَهُ الْآنَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا. أَصْلُ الْبَيْعِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي
45= قوله: وَلَو ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ اللَّحْمَ لَحْمُ مَيِْتَةٍ إلى قوله: لَمْ أَرَهُ الْآنَ/( ( )بداية 95/أ من النسخة (د).). ذكر في «مُختَارَاتِ النَّوَازِلِ» ما نصُّهُ: ((ولو اشترى لحماً وقبضه فأخبره مسلم ثقة أنَّه ذبيحةُ المجوسي لا ينبغي أن يأكله ولا يطعمه لآخر. لأنَّه أخبر بأمر ديني، ولكن لا يرده إلى صاحبه لأنَّ قول الواحد( ( )مسألة (قول الواحد): يقول ابن نجيم في كتابه الأشباه والنظائر2/340: يقبل قول الواحد العدل في أحد عشر موضعاً كما في «منظومة ابن وهبان»: في تقويم المتلف، وفي الجرح والتعديل، والمترجم، وفي جودة المُسلم فيه ورداءته، وفي الإخبار بالتفليس بعد مضي المدة، وفي رسول القاضي إلى المزكي وفي إثبات العيب وبرؤية رمضان عند الاعتلال، وفي إخبار الشاهد بالموت، وفي تقدير أرش المتلف. وزدت أخرى: يقبل قول أمين القاضي إذا أخبره بشهادة شهود على عين تعذر حضورها.) ليس بحجةٍ في إبطال حق العباد)) اهـ.(2/79)
فأفاد بظاهره أنَّه ( ( )عبارة النسخة (أ): (( فأفاد بظاهره أنه ليس له رده ما لم يحكم)). ولعل ما تحته خط سبق نظر من الناسخ.) لو كان المخبر اثنين يرده ثم رأيت في « تَهذِيبِ القلانسي( ( )«تهذيب القلانسي»: ولعله هو «تهذيب الواقعات» لأحمد القلانسي المتوفى /1132/هـ. ينظر: كشف الظنون 1/517، الجواهر المضيئة 1/ 357، معجم المؤلفين 2/51.) » أنَّه ليس له ردُّه ما لم يحكم به الحاكم اهـ "البيري" بتصرف.
وقول "المُصنِّفِ": لم أره الآن أولى أن يقال:لم أره إلى الآن،كذا نبه عليه بعض "الأفَاضِلِ".
46= وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّاةَ فِي حَالِ حَيَاتِهَا مُحَرَّمَةٌ
47= فَالْمُشْتَرِي مُتَمَسِّكٌ بِأَصْلِ التَّحْرِيمِ إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ زَوَالُهُ
46= قوله: وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّاةَ فِي حَالِ حَيَاتِهَا مُحَرَّمَةٌ. أي لأنَّها ملك الغير لا يظهر غير هذا. اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/203.).
وأقول: بل الظاهر أن وجه الحرمة هو: أن حل الأكل متوقف على الذكاة الشرعية بأن يكون المذكي مسلماً أو كتابياً/( ( )بداية 80/ب من النسخة (ب).)، وما ذكره لا يصلح وجهاً لحرمتها، وكيف يتوهَّم كون الملك للغير أي لغير البائع مع كونه ذا يد [بل كونه ذا يد]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) قاضٍ بثبوت الملك له، يدل عليه ما صرَّحوا به أن من عاين شيئاً في يد إنسان وسعه أن يشهدَ بالملك له.(2/80)
47= قوله: فَالْمُشْتَرِي مُتَمَسِّكٌ بِأَصْلِ التَّحْرِيمِ إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ زَوَالُهُ/( ( )بداية 118/أ من النسخة (أ).). ظاهره أن له رد اللحم على البائع وكذا قوله قبله: ومقتضى قولهم: القول لمدعي البطلان إلى قوله: أن يقبل قول المشتري. يفيد جواز رده على البائع، وليس كذلك فكان بحثاً مخالفاً للمنقول بقي أن يقال قوله: فالمشتري متمسِّكٌ بأصل التحريم الخ. ليس هو من قبيل قولهم الأصل في الأشياء الحرمة. بل ذاك بالنِّسبة لشيء جهل حكمه بأن لم يرد فيه نص، بخلاف الشاة؛ إذ الحكم فيها معلوم وهو: حِلُّ الأكلِ، فالحرمةُ في جانب الشاة عبارةٌ عن توقفِ حلِّ الأكلِ على تحققِ الذكاةِ الشرعيةِ، وإلى هذا أشار بقوله:فالمشتري متمسِّكٌ بأصل التحريم إلى أن يتحقق زواله. أي/( ( )بداية صفحة/210/ من النسخة (جـ).) بالذكاة الشرعية يتحقق زوال التحريم.
48= ادَّعَت الْمُطَلَّقَةُ امْتِدَادَ الطُّهْرِ وَعَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صُدِّقَتْ وَلَهَا النَّفَقَةُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا
49= إلَّا إذَا ادَّعَت الْحَبَلَ فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إلَى سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَضَتَا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَبَلَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ(2/81)
48= قوله: ادَّعَتِ الْمُطَلَّقَةُ امْتِدَادَ الطُّهْرِ ( ( )إذا ادعتِ الرجعية امتدادَ الطهر مدة طويلة وعدم انقضاء العدة تصدق؛ لأن الأصل بقاء العدة، وتجب نفقتها. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 4/19،ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/610،و المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/321،والأشباه والنظائر للسيوطي/53/.) الخ. لأنَّ الطُّهر لا حدَ له( ( )مسألة((مدة أكثر الطهر )): قد يمتنع الحيض عن المرأة قبل سن الإياس؛ لعارض من هزال أو مرض، فلا يسمى ذلك يأسا،وقد يكون امتناعه لسبب غير معلوم فيقال لها في كل تلك الأحوال (ممتدة الطهر أو منقطعة الحيض).وقد أجمع الفقهاء على أنَّه لا حد لأكثر الطهر؛ لأن المرأة قد لا تحيض في عمرها إلا مرة واحدة، وقد لا تحيض أصلا فحينئذ تصلي وتصوم أبدا،ويأتيها زوجها. يقول الإمام الكاساني في البدائع: ((وأما أكثر الطهر فلا غاية له،حتى إن المرأة إذا طهرت سنين كثيرة فإنَّها تعمل ما تعمل الطاهرات بلا خلاف بين الأئمة؛ لأنَّ الطهارة في بنات آدم أصل والحيض عارض، فإذا لم يظهر العارض يجب بناء الحكم على الأصل، وإن طال)).بدائع الصانع في ترتيب الشرائع للكاساني1/40،وينظر: المبسوط للسرخسي 3/148،وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي1/63، فتح القدير لابن الهمام 1/174،ومواهب الجليل في شرح مختصر الخليل للحطاب 1/370،و المجموع شرح المهذب للنووي2/208،وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي1/386، ومطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني1/350.)، ولهذا صحَّ الاستثناء بقوله: إلَّا إذا ادعتِ الحبلَ الخ. إلى هذا أشار بعض "الأفَاضِلِ".(2/82)
49= قوله: إلَّا إذَا ادَّعَت الْحَبَلَ( ( )يعني المطلقة ادعت عدم انقضاء عدتها بسبب الحمل المانع لانتهاء العدة، فإنَّها تصدق ولها النفقة، ومدة ذلك سيرد تفصيله في مسألة (( أكثر مدة الحمل )).) الخ. لأنَّ مدةَ الحبلِ لها حدٌّ لا يتجاوز...........
.........................................................................................
السنتين( ( )مسألة ((أكثر مدة الحمل)): اختلف الفقهاء في تحديد أكثر مدة الحمل، فقال الشافعيةـ وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة وقول عند المالكيةـ: إن أكثر مدة الحمل أربع سنين، ودليل ذلك الاستقراء، وأن عمر - رضي الله عنه - قال في امرأة المفقود: ((تتربص أربع سنين، ثم تعتد بعد ذلك )) وسبب التقدير بالأربع أنها نهاية مدة الحمل. ينظر: المصنف لابن أبي شيبة 3/353.
ولقول مالك بن أنس: (( هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة كل بطن في أربع سنين )) ينظر: سنن الدارقطني 3/322.
وما ليس فيه نص يرجع فيه إلى الوقوع والوجود وقد وجد ووقع. ينظر: أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 3/204، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/473،و أسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/393،و تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 8/239، والمغني لابن قدامة 8/98،و الفروع لابن مفلح 5/537،و الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 9/274.
وقال الحنفية، وهو رواية عن أحمد: إن أقصى مدة الحمل سنتان، وهو مذهب الثوري، والدليل ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين ولا قدر ما يتحول ظل عود المغزل. رواه البيهقي في سننه 7/443، والدارقطني 3/321، وذلك لا يعرف إلا توقيفاً، إذ ليس للعقل فيه مجال، فكأنها روته عن النبي ?.(2/83)
ينظر: الفصول في الأصول للجصاص 3/393،و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/45،و فتح القدير لابن الهمام 4/362.
وقال محمد بن عبد الحكم: إن أقصى الحمل تسعة أشهر.
يقول ابن رشد: (( هذه المسألة مرجوع فيها إلى العادة والتجربة، وقول ابن عبد الحكم أقرب إلى المعتاد، والحكم إنَّما يجب أن يكون بالمعتاد لا بالنادر ولعلَّه أن يكون مستحيلاً )) بداية المجتهد لابن رشد 2/268. )، ولهذا قال فإن لها النفقة إلى/( ( )بداية 95/ب من النسخة (د).) سنتين [بقي أن يقال: يقتضي سياق قوله: فإنَّ لها
.........................................................................................
النفقة إلى سنتين]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).).
50= قوله: فَإِنْ [مَضَتَا]( ( )في (أ)و (د) مضت.)، ثُمَّ تَبَيَّنَ الخ. أنَّها إذا ادعتِ الخطأ في دعوى الحبل ورجعت إلى دعوى امتدادِ الطُّهر أن لا تصدق، [وكأنَّها]( ( )في (ب) و(جـ) وكأنه.) لتناقضها إلى هذا يشير كلامُ بعضِ "الأفَاضِلِ".
- - -
«الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ»
51= قَاعِدَةٌ: «الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ» وَلِذَا لَمْ يُقْبَلْ فِي شَغْلِهَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ.(2/84)
51= قوله: قاعدة «الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ» ( ( )قاعدة«الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ» هذه القاعدة من القواعد التي تتفرع عن القاعدة الكلية « اليقين لا يزول بالشَّكِّ »، وهي تُكَوِّن المادة الثامنة عند علي حيدر في كتابه « درر الحكام في شرح مجلة الأحكام » 1/25، والمراد منها أن تكون ذمة كل شخص غير مشغولة بواجب أو حق إلا بيقين وثبوت. والبراءة حالة أصلية في الأشخاص، فكل شخص يولد وذمته بريئة، وشَغْلُها يحصل بالمعاملات أو الأعمال التي يجريها فيما بعد، فكل شخص يدَّعي خلاف هذا الأصل يُطلبُ منه أن يبرهن على ذلك، فإذا ادعى شخص على آخر بحق، فالقول قول المدعى عليه لموافقته الأصل، والبينة على المدعي لدعواه مخافة الأصل، فإذا لم يتمكن من إثبات دعواه بالبينة يحكم ببراءة ذمة المُدَّعى عليه اعتباراً بهذه القاعدة.).
وممَّا يتفرع على أن «الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ»:
ما لو ملَّك شخص لشخص شيئاً، واختلفا في اشتراط [رد]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) العوض،كان القول للآخذ المنكر لتمسُّكه بالأصل المذكور، وما( ( )في( ب) ومما.) نقله "المُحَشِّي" عن « فَتْحِ الْمُدَبَّرِ »( ( )في (أ) فتح القدير.) حيث قال: ومنها أي من المسائل المفرعة على الأصل المذكور من صيغ القرض ملَّكتك على أن يرد بدله، فيه نظر ظاهر؛ إذ ردُّ البدل في القرض لازمٌ سواء اشترط عليه أم لا، فلا يحسن
52= وَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِدَعْوَةِ مَا خَالَفَ الْأَصْلَ،(2/85)
قوله بعده: فلو اختلفا في ذكر البدل الخ. وقد ظهر لي أن القرض محرف عن العرض( ( )في (ب) القرض.)، والحاصل: أنَّه ملكه العرض، ثم اختلفا فالمملِّك يدعي أنَّه ملَّكه على جهة البيع أو الهبة؛ إذ يحتمل أن يراد بالبدل الثمن، ويحتمل أن يراد به العوض، فإذا أنكر المتملك ذكر البدل يكون القول له، وبهذا/( ( )بداية 118/ب من النسخة (أ).) التقرير يعلم أنَّه لا وجه لقوله: من صيغ ولا لقوله: على/( ( )بداية 81/أ من النسخة (ب).) أن ترد( ( )بداية 81/أ من النسخة (ب).) بدله، فصواب العبارة الاقتصار على قوله: ومنها إذا ملَّكه العرض، ثم اختلفا في ذكر البدل الخ.
52= قوله: وَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ( ( )لأنه وافق الأصل.) الخ. وأمَّا إذا تعارض الأصل والظَّاهر( ( )إذا تعارض الأصل والظاهر فالحكم يكون على الأصل عملاً بهذه القاعدة «الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ».) فيعلم ممَّا ذكره "الكَمَالُ بنُ الهُمَامِ" في شَرحِ «الهدِايةِ»( ( ) «الهداية»: في الفروع لعلي بن أبي بكر المرغيناني الحنفي المتوفى سنة 593هـ. وهو شرح على متن له سماه بداية المبتدي، وروي أنه بقي في تصنيف الكتاب ثلاث عشرة سنة، وكان صائماً وكان في تلك المدة لايفطر أصلاً، وكان يجتهد أن لايطلع على صومه أحد، فكان ببركة زهده وورعه كتابه مقبولاً بين العلماء. ينظر: كشف الظنون 2/2022، الأعلام 4/266.) عند قوله: وإذا قال الزوج(2/86)
53= فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ، وَالْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ عَمَّا زَادَ وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ، أَوْ حَقٍّ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: تَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ; لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا فَقِيلَ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ ; لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ وَعَلَيْهِ مَبْنَى الْإِقْرَارِ.
بلغك الخبر( ( )جاء في فتح القدير لابن همام 4/125 (( لو قال: بلغك الخبر فسكتت، وقالت رددت، فالقول قوله، خلافاً لزفر )). وجاء في موضع آخر في فتح القدير 3/272 (( قوله وإذا قال الزوج بلغك الخ صورتها: ادعى على بكر بالغة أن وليها زوجها منه قبل استئذانها فلما بلّغها سكتت وقالت بل رددت، فالقول لها عندنا. وقال زفر: له لتمسكه بالأصل وهو عدم الكلام )). وينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/243، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/120،و فتح القدير لابن الهمام 3/272،والجوهرة النيرة للعبادي 2/8،و البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/125،و الفتاوى الهندية للبلخي 1/289.) اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/203.).(2/87)
53= قوله: فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ، وَالْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ( ( )مسألة ((اختلاف الغاصب والمالك في قيمة المغصوب )) القول قول الغاصب الغارم مع يمينه والبينة للمالك لأن الغاصب منكر والمالك مدعٍ. ينظر: المبسوط للسرخسي 66/11،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 163/7، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 213/5،و الفتاوى الهندية للبلخي 27/4،و المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 151/1،و أسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 248/2،و نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 172/5،و المغني لابن قدامة 170/5،و كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 114/4.
). .........................................................................................(2/88)
لأنَّ الأصل البراءة( ( )بداية صفحة/211/ من النسخة (جـ).) إلا إذا قامت البينة قال في «الخُلاصَةِ»( ( )«خلاصة الفتاوى»: للإمام طاهر بن أحمد بن عبد الرشيد البخاري المتوفى سنة 542هـ، وهو خلاصة جامعة للرواية، خالية من الزوائد، مع بيان مواضع المسائل، وفهرست الفصول والأجناس على رأس كل كتاب، ليكون عونا لمن ابتلي بالفتوى.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/718،و الأعلام للزركلي 3/320، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/33.) ناقلاً عن الأصل: أقام المغصوب منه البيِّنة أنَّ قيمة المغصوب كذا، وأقام الغاصب البيِّنة أنَّها كذا، فبينة المالك أولى، فإن لم يكن للمالك بيِّنةً فأراد الغاصب إقامة البينة فقال المالك: أحلفه ولا أريد البينة له ذلك( ( )بداية 96/أ من النسخة (د).) اهـ "بِيرِي". فإن قلت؛ حيث كان القول للغارم كما ذكره "المُصنِّفُ" فما فائدة إقامة البينة حينئذ قلت: فائدة إقامة البينة إسقاط اليمين عن نفسه، وبهذا التقرير يعلم ما في كلام "المُصنِّفِ" من القصور؛ حيث اقتصر على قوله: فالقول قول الغارم ولم يقل بيمينه( ( )وكذا عند الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر فإنَّه لم يذكر اليمين مع القول. الأشباه والنظائر للسيوطي / 53/.).
- - -
«مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ»
54= قَاعِدَةٌ مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا؟(2/89)
54= قوله: قَاعِدَةٌ مَنْ شَكَّ أنَّه فَعَلَ. [قال]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب) و(جـ) و(د).) في « فَتْحِ الْمُدَبَّرِ »( ( )في (أ) فتح القدير.): اعلم أن مراد الفقهاء بالشَّكِّ في الماء، والحدث، والنَّجاسة، والصَّلاة، والعتق، وغيرها هو: ((التردُّد بين وجود الشيء وعدمه سواء كان الطرفان في التردد سواء أو أحدهما راجحاً))( ( )ينظر: المصباح المنير للفيومي /320/، والتعريفات للجرجاني /186/.)، وهذا معناه في استعمال الفقهاء. وأمَّا أصحاب الأصول فإنَّهم فرَّقوا بين ذلك وقالوا: ((التردد إن كان على السواء فهو: الشَّكُّ، وإن كان أحدهما [راجحاً]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) فالرَّاجح ظنٌّ والمرجوح وهمٌ))( ( )ينظر: المحصول للرازي 1/84 وما بعدها، والكليات للكفوي 3/63، والمجموع شرح المهذب للنووي 1/220.) اهـ. وقد تقدم لنا في ذلك كلام( ( )سبق الإشارة إلى هذه التعاريف عند أهل اللغة، وعند الفقهاء، وعند الأصوليين في أول هذا البحث.ينظر: ص/119/.) اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/204.).
وقوله: فالرَّاجح ظنٌ والمرجوح وهمٌ يفيد الاكتفاء بتعريف واحد لكل من الظَّنِّ والوهم، ولا حاجةَ لأن [يذكر]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) لكلِّ واحدٍ منهما تعريفاً يخصُّه( ( )ينظر: تعريف الظَّنِّ والوهم في بداية بحثنا هذا.).
55= فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَتَدْخُلُ فِيهَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى: مَنْ تَيَقَّنَ الْفِعْلَ وَشَكَّ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ حَمَلَ عَلَى الْقَلِيلِ ; لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ(2/90)
55= قوله: فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ.أقول: ينبغي أن يقيد في الصلاة بما إذا كان في الوقت( ( )التقييد في وقت الصلاة ضروري لأن الفقهاء ذكروا أنه من شك أنه صلى أم لا بعد الوقت لا يعيد؛ لأن سبب الوجوب قد فات وإنما يجب القضاء بشرط عدم الأداء قبله وهذا فيه شك فلا يجب.) لما في «الخَانِيةِ» في فصل مسائل الشَّكِّ: ((شكَّ في صلاته أنَّه هل أدَّاها أم لا، فإن في الوقت كان عليه أن يعيدها، وبعد خروج الوقت لاشيءَ عليه))( ( )فتاوى قاضي خان 1/109 على هامش الفتاوى الهندية.) اهـ. وبهذا سقط ما أورده بعضُ الفضلاءِ على قول "المُصنِّفِ" الآتي قريباً: شكَّ في صلاة هل صلاها أعادها( ( )في (أ) أعاد.) في الوقت من أن القاعدة تقتضي الإعادة ولو بعد الوقت فما/( ( )بداية 119/أ من النسخة (أ).) فائدة التقييد( ( )علل هذا التقييد الشيخ محمد الخادمي - في كتابه بريقة محمودية نقلاً عن الخلاصة- بقوله: (( إذا شكَّ في صلاته أنَّه هل صلاها أم لا إن كان في الوقت فعليه أن يعيدها ))؛ليخرج من عهدتها بيقين كما وجبت عليه بيقين ( وإن خرج الوقت ثم شك لا شيء فيه ) أي في هذا الشك يعني لا يلزم عليه القضاء؛ لأنَّه إن كان صلى في الوقت كان قضاء هذه الصلاة بدعة، وإن لم يصلِّ فالقضاءُ واجب، فترجيح جانب عدم القضاء ترجيح احتمال البدعة على الواجب، ففي الوقت ترجيح جانب الوجوب على البدعة إذ إعادة الصلاة التي صلاها في الوقت بدعة، والصلاة التي لم يصلها فإتيانها في الوقت واجب، فمسألة الخلاصة تصلح مثالاً لهما لَعَلَّ لزوم الإعادة في الوقت؛لأن الغالب شغل الذمة في الوقت ؛ لأنه ربما يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها،وأن الوجوب إنما هو في آخر وقتها فلعله أخرها إلى آخر وقتها، وأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين مثله، وعدم لزوم القضاء بعد الوقت ؛ لأن الغالب على المؤمن أن يصليها في الوقت ولا يتركها، وكان الأصل براءة الذمة فلعله قد جعل ذمته بريئة عن(2/91)
الشغل، ثم يرد أن هذا ليس من قبيل التردد بين الواجب والبدعة بل بين = = الفرض والبدعة؛ إذ قضاء صلاة لم تُصلَّ فرضٌ قطعي لا واجب ظني، والأصل فيه رعاية جانب الفرض ألبتة فتأمل حتى يظهر الوجه)) ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/87، والفتاوى الهندية للبلخي 1/130، وفتح القدير لابن الهمام 1/519.) اهـ. وقول
.........................................................................................
بعض/( ( )بداية 81/ب في النسخة (ب).) الفُضَلاءِ/( ( )بداية صفحة/212/ من النسخة (جـ).): معنى أعاد في الوقت أي: إثر الوقت وإلَّا فلا يخفي ما فيه اهـ.
وأراد بما فيه ما قاله البعض وقد علمت سقوطه "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/204.).(2/92)
ووجه سقوطه تصريح "قَاضِي خَان"( ( )"قاضي خان": الحسن بن منصور بن محمود بن عبد العزيز الأوزجندي الفرغاني الحنفي، المعروف بقاضي خان، المتوفى سنة 592هـ، من تصنيفاته: الفتاوى، وشرح أدب القاضي للخصاف، وشرح الزيادات وغيرها. ينظر:معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/297،و الأعلام للزركلي 2/224.) بأنَّه إذا حصل الشَّكُّ بعد خروج الوقت لاشيء عليه، فتصريح "قَاضِي خَان" هو القرينة على أنَّ المفهومَ من القاعدة ليسَ على إطلاقه بل هو مقيَّد بما إذا حصل قبل خروج الوقت، وحينئذٍ فما ذكره "المصنف" من التقييد بالوقت في قوله: شكَّ في صلاة هل صلَّاها أعاد في الوقت أي بأن كان الشَّكُّ قد حصل قبل خروج وقتها متجه، ولا يكون مخالفاً للقاعدة خلافاً للفاضل الأول؛ حيث استشكل ذلك بقوله: إنَّ القاعدةَ تقتضي الإعادةَ ولو بعد الوقت فما فائدة التقييد. ويستغنى حينئذٍ عمَّا ذكره الفاضل [الثاني]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ)و(د) .) حيث ذكر ما محصله أنَّه: ليس المراد بالوقت في قول "المصنِّفِ" أعاد في الوقت وقت/( ( )بداية 96/ب في النسخة (د).) الصلاة. بل المراد به الوقت الذي حصل فيه الشَّكُّ ولو بعد خروج
56= إلا أَنْ تَشْتَغِلَ الذِّمَّةُ بِالْأَصْلِ
57= فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْيَقِينِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى قَاعِدَةٍ ثَالِثَةٍ هِيَ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ غَالِبُ الظَّنِّ
58= وَلِذَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: وَلَوْ لَمْ يَفُتْهُ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْءٌ،
وقتها، وما ذكره من الجواب ينبني على تسليم ما ذكره "الفاضل الأول" من الإشكال وقد علمت سقوطه.(2/93)
56= قوله: إلَا أَنْ تَشْتَغِلَ الذِّمَّةُ بِالْأَصْلِ. بأن لم يتيقن الفعل بأن( ( )في (ب) بل.) شكَّ هل فعل أم لا قبل خروج الوقت؛ حيث يلزمه( ( )في (ب) تلزمه.) الإعادة؛ إذ لا يخرج عن عهدة ما اشتغلت الذمة به إلا بيقين، وحينئذٍ فما ذكره "المُصَنّفُ" من الاستثناء متجه خلافاً لما ذكره "المُحَشِّي"( ( )في (أ) الْمُجْتَبَى.).
57= قوله: فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْيَقِينِ. كما إذا تيقَّن ديناً في ذمته وشكَّ في مقداره لا يحمل بالشَّكِّ على القليل. بل يحتاج إلى تفريغ ذمَّته بيقين كذا لبعض "الأفَاضِلِ".
ولا يخفى شمول قول "المُصنّفِ": إلَا أَنْ تَشْتَغِلَ الذِّمَّةُ بِالْأَصْلِ الخ. هذه( ( )في (ب)و (جـ) لهذه.) المسألة أعني مسألة شغل الذمة بالدَّين؛ إذ هو أعمُّ من أن تشتغل بحق الله وحق العبد.
58= قوله: وَلِذَا قَالَ فِي «الْمُلْتَقَطِ» الخ. قيل عليه الصحيح جواز الإعادة فقد فعل ذلك كثيرٌ من السَّلَفِ( ( )بداية صفحة / 213/ من النسخة (جـ).) لشبهة الفساد( ( )في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي عن أبي نصر ٍ فيمن يقضي صلاة عمره من غير أن يكون فاته شيء، يريد الاحتياط، فإن كان لأصل النقصان والكراهة فحسن، وإن لم يكن لذلك لم يفعل، = = وجاء في المضمرات: والصبح أنه يجوز إلا بعد صلاة الفجر والعصر، وقد فعله كثيرٌ من السلف لشبهة الفساد. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/188،و ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/86، والفتاوى الهندية للبلخي 1/124، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/38.(2/94)
وقال الحطاب: والشك الذي لا يستند لعلامة لغو، لأنه وسوسة، فلا قضاء إلا لشكٍّ عليه دليل، وقد أولع كثير من المنتمين للصلاح بقضاء الفوائت لعدم تحقيق الفوات أو ظنه أوشك فيه، ويسمونه صلاة العمر، ويرونها كمالاً، ويريد بعضهم بذلك أنه لا يصلي نافلة أصلاً بل يجعل محل كل نافلة فائتة لما عسى أن يكون من نقص أو تقصير أو جهل وذلك بعيد عن حال السلف وفيه هجران المندوبات وتعلق بما لا أجر له. مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 2/8.)، ولكن لا يعيد بعد صلاة الفجر
.........................................................................................
والعصر( ( )لورود النهي عن التنفل في هذه الأوقات، ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/86، و فتح القدير لابن الهمام 1/236،و البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/86.). وفي «الظّهِيِريّةِ»( ( )( الفتاوى الظهيرية ) للقاضي ظهير الدين، أبي بكر، محمد بن أحمد، البخاري الحنفي، المتوفى سنة 619هـ، ذكر فيها: أنه جمع كتابا من الواقعات والنوازل مما يشتد الافتقار إليه، وهو مخطوط كما أشار الزركلي، توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( 2488 ). ينظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 20، وكشف الظنون لحاجي خليفة 2/1226،و الأعلام للزركلي 5/320.) قيل تكره، وقيل لا تكره( ( )( قضاء صلاة العمر ) أو إعادة صلاة العمر: هذه المسألة ذكرها فقهاء الأحناف في طيات كتبهم مع اختلاف في الحكم عليها بين استحباب وكراهية. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/188، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/86، والفتاوى الهندية للبلخي 1/124، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/38.)، ويقرأ في جميع الركعات الفاتحة
59= وَأَحَبَّ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ عُمْرِهِ مُنْذُ أَدْرَكَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ(2/95)
والسورة( ( )التقييد هنا لجميع الركعات لاعتبار أن هذه الإعادة من قبل النفل، لأن الفاتحة في النفل واجبة عند الأحناف في جميع الركعات مع سورة، بخلاف الفرض فإنها واجبة في الأوليين وسنة في الأخريين. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/312،و رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/446. ) اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/205.) بتصرف.
وفيه نظر ظاهر وهو: أنَّ نفي الاستحباب لا ينافي الجواز فلا يرد على "المُصنِّف" ما أورده ذلك "الفَاضِل"( ( )في (أ)،و(جـ)،و( د) القائل.).
59= قوله: وَأَحَبَّ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ الخ.أي أحبَّ أن يعيد صلاة عمره، فالقضاء في كلام "المُصنِّفِ" هنا/( ( )بداية 119/ب في النسخة (أ).) معناه الإعادة( ( )الإعادة تطلق في اللغة على: إرجاع الشيء إلى حاله الأول، كما تطلق على فعل الشيء مرة ثانية، فمن أسماء الله تعالى " المعيد " - أي الذي يعيد الخلق بعد الفناء، وقوله تعالى ? كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ? [ سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ: 104 ]بهذا المعنى أيضا.ينظر:لسان العرب لابن منظور 3/316، والمغرب للمطرزي 2/87.(2/96)
والفقهاء غالبا ما يطلقون على إرجاع الشيء إلى مكانه الأول لفظ ( الرد ) فيقولون: ردّ الشيء المسروق، ورد المغصوب، وقد يقولون أيضا: إعادة المسروق. أما الإعادة بالمعنى الثاني - وهو فعل الشيء ثانية - فقد عرفها الحنفية كما ذكرت كتبهم " الإعادة: فعل مثل الواجب في وقته لخلل غير الفساد " وقد عرفها القرافي من المالكية بأنها: إيقاع العبادة في وقتها بعد تقدم إيقاعها على خلل في الإجزاء، كمن صلى بدون ركن، أو في الكمال كمن صلى منفردا. وعرفها الغزالي من الشافعية: = = فقال:" اعلم أن الواجب إذا أدي في وقته سمي أداء، وإن أدي بعد خروج وقته المضيق أو الموسع المقدر سمي قضاء، وإن فعل مرة على نوع من الخلل ثم فعل ثانيا في الوقت سمي إعادة. فالإعادة اسم لمثل ما فعل، والقضاء اسم لفعل مثل ما فات وقته المحدود ". أما الحنابلة فهي عندهم: فعل الشيء مرة أخرى. والكلام في هذا البحث ملحوظ فيه التعريف الأعم للإعادة وهو تعريف الحنابلة والله تعالى أعلم.ينظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/309،و التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 2/123، والذخيرة للقرافي 1/68، والمستصفى للغزالي /76/، وحاشية العطار على شرح الجلال المحلي 1/158، وشرح الكوكب المنير للفتوحي /115/.)؛ إذ فرض المسألة أنَّه لم يفته شيءٌ من الصَّلوات
60= إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا بِسَلْبِ الطَّهَارَةِ، أَوْ تَرْكِ شَرْطٍ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ
61= وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُكْرَهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ ( انْتَهَى ).
بخلافه فيما/( ( )بداية 82/أ من النسخة (ب).) سيأتي من قوله: إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا إلى قوله: فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الخ.فإنَّه لا صَارِفَ له عن حقيقته.(2/97)
60= قوله: إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ فَسَادَهَا. يعني فتستحب كما هو الظَّاهر منَ العبارة، وفيه أنَّه إذا كان أكثرُ الظَّنِّ هو اليقين كيف يكون القضاء مستحباً. اللَّهمَّ إلا أن يَدَّعي أنَّ الاستثناءَ منقطعٌ اهـ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/205.).
61= قوله: وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُكْرَهُ. هذا قول البعض، وقال بعضهم، لا يكره لكن لا يقضي بعد صلاة الفجر ولا بعد صلاة العصر، ويقرأ في الركعات كلها الفاتحة والسورة اهـ "بيري". فإن قلت قوله: لكن لا يقضي بعد صلاة الفجر الخ. مخالف لقوله في المتن وشرحه "لمِلا مِسكِين "( ( )معين الدين، محمد بن عبد الله الهروي الحنفي، المعروف بملا مسكين، المتوفى بعد 811هـ، فقيه = = حنفي من أهل هراة، سكن سمرقند، وبها صنف كتابه: شرح كنز الدقائق، وبحر الدرر في التفسير، وروضة الجنة في تاريخ هراة.ينظر: الأعلام للزركلي 6/237،ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 2/1795.): لا يمنع عن قضاء الفائتة..............................
.........................................................................................(2/98)
بعد صلاة/( ( )بداية 97/أ من النسخة (د).) الفجر والعصر( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/144 و145.)، قلت: وجه المنع احتمال وقوع [ما يقضيه]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) نفلاً بل هو راجح الاحتمالين؛ إذِ الكلام مفروض فيما إذا لم يفته شيء من الصلوات، وبالنظر لهذا قالوا: يقرأ في جميع الركعات الفاتحة والسورة فلم يكن مخالفاً لكلامهم بل موافق له، لتصريحهم بالمنع عنِ التنفل بعد صلاة الفجر والعصر، ومقتضى الإطلاق شمول المنع لما بعد العصر المجموعة( ( )في (أ)،و(جـ) المجموع.) مع الظُّهر بعرفات، ثم رأيت فيما علَّقناه على "مُلّا مِسكِين" ما نصه: ((وذكر بعضهم لا يتنفل بعد صلاتي الجمع بعرفات والمزدلفة ، وعزاه في ((المِعرَاجِ))( ( )( معراج الدراية إلى شرح الهداية ) للإمام قوام الدين، محمد بن محمد، البخاري الكاكي الحنفي، المتوفى سنة 749هـ، ذكر فيه أنه أراد - بعد فقدان كتبه - أن يجمع الفرائد من فوائد المشايخ والشارحين؛ ليكون ذلك المجموع كالشرح، وبين فيه أقوال الأئمة الأربعة من الصَّحيح والأصح، والمختار، والجديد والقديم، ووجه تمسكهم. وقد أشار الزركلي إلى أن الكتاب مخطوط، يوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: (12550). ينظر:كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2033،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/155، والأعلام للزركلي 7/36،و معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/182.) إلى
62= شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّاهَا أَمْ لَا، أَعَادَ فِي الْوَقْتِ. شَكَّ فِي رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، وَهُوَ فِيهَا أَعَادَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى،(2/99)
« الْمُجْتَبَى » ، في «القنِيةِ( ( )في نسخ المخطوط الأربعة [ القنية ] ولعلها اليتيمة لأن القنية ليست للترجماني بل للغزميني كما ترجم لها سابقاً. واليتيمة اسمها (يتيمة الدهر في فتوى أهل العصر ) للإمام علاء الدين محمد بن محمود بن محمد الترجماني الحنفي المتوفى 645هـ أشار الزكلي إلى أنها مخطوط. ينظر: كشف الظنون 2/2049، وهدية العارفين 2/125، ومعجم المؤلفين 5/210، والأعلام للزركلي 7/86.)»/( ( )بداية صفحة /214/ من النسخة (جـ).)"لِمجدِ الأئِمّةِ التُرجُمانِي"))( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/145.) الخ. وكما لا يتنفل بعد العصر المجموعة مع الظهر فكذا لا يتنفل فيما بينهما( ( )ذهب الفقهاء إلى كراهية التنفل بين الصلاتين المجموعتين جمع تأخير في مزدلفة. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/267، ودرر الحكام 1/226، والفواكه الدواني للنفراوي 1/232، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 1/487، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 4/109، والمغني لابن قدامة 3/214، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 2/496. ) عزاه "المصنِّف" آخر( ( )في (أ) من.) كتاب الحج «لِليَتِيمةِ».
62= قوله: شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّاهَا. أعاد في الوقت أي وجوباً بدليل قول صاحب «الذَّخيِرةِ»( ( )للإمام برهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر، البخاري المرغيناني الحنفي، المتوفى سنة 616هـ، وأصل الكتاب كتاب كبير اسمه: المحيط البرهاني في الفقه النعماني، ثم اختصره وسماه الذخيرة، أشار الزركلي إلى أنه كتاب مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1619،والأعلام للزركلي 7/161، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 12/147.): فعليه أن يعيد؛ لأنَّ سببَ الوجوبِ قائمٌ، وإنَّما لا يعمل هذا السبب
.........................................................................................(2/100)
بشرط الأداء قبله، وفيه شكٌّ واحتمال، وقيد الإعادة بالوقت لأنَّه إذا شكَّ بعد خروج الوقت لا شيءَ عليه لأنَّ سببَ الوجوبِ قد فات، وإنَّما يجب القضاء بشرط عدم الأداء [قبله وقد شكَّ فيه اهـ كذا ذكره "البيري".
وقوله]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ)، (ب).): وإنَّما يجب القضاء بشرط عدم الأداء الخ. أي بشرط التيقن( ( )في (ب) اليقن.) بعدم الأداء قبله بدليل قوله: وقد شكَّ فيه.
تتمة:
في «الذَّخِيرةِ» أيضاً من الزكاة سئل "عَبدُ اللهِ بنُ المباركِ"( ( )عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي، مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي، أحد الأئمة الأعلام، قال ابن مهدي: الأئمة أربعة: سفيان، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك. وقال أحمد: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وكان صاحب حديث حافظاً. وقال ابن معين: ما رأيت من محدث لله إلا ستة: منهم ابن المبارك. وكان ثقةً عالماً متثبتاً صحيحَ الحديثِ، مات منصرفاً من الغزو سنة 181هـ، وله ثلاث وستون سنة. ينظر:طبقات الحفاظ للسيوطي 124،و صفة الصفوة لعبد الحمن أبو الفرج 4/134-147،و تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/267-268.) عن رجل شكَّ في الزكاة فلم يدرِ أزكَّى أمْ لا قال: يعيدها( ( )قال العلماء من شكَّ في تأدية الزكاة فلم يدرِ أزكى أم لا ؟ فالواجب عليه إخراجها؛ لأن العمر كله وقت لأدائها، ومن هنا يظهر الفرق بين صاحب هذه الحالة في الشك في أداء زكاته وبين من شك في الصلاة بعد خروج الوقت أصلى أم لا ؟. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/251، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/228، والفتاوى الهندية 1/180، وأنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/225، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/276، والقواعد لابن رجب /340/.). فرقاً بين هذا وبين ما إذا/( ( )بداية 120/أ من النسخة (أ).) شكَّ في صلاته بعد ذهاب وقتها فلم يدرِ أصلَّاها أمْ لا فإنَّه لا(2/101)
يعيد اهـ "بِيرِي".
63= فَإِنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى، وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ وَهَذَا إذَا شَكَّ فِيهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا وَشَكَّ فِي تَعْيِينِهِ قَالُوا: يَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً، ثُمَّ يَسْجُدُ بِسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بَعْدَ السَّلَامِ: إنَّك صَلَّيْت الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَشَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا.
63= قوله: فَإِنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ( ( )من شكَّ في الصلاة فلا يدري كمْ صلَى، فعند الحنفية إن كان يعرض له الشَّكُّ كثيراً في الصلاة، وكان له رأي تحرّى، وبنى على أكبر رأيه، فإن لم يكن له رأي بنى على اليقين وهو الأقل. وقالوا عند البناء على الأقل يعتقد في كل موضع يُحتمل آخر الصلاة تحرزاً عن ترك فرض القعدة الأخيرة وهي ركن. وعند المالكية يبني على الأقل، ويأتي بما شك فيه مطلقاً.(2/102)
وذهب الشافعية إلى أنَّه إذا شكَّ في أثناء الصلاة فعليه الأخذ بالأقل، ويسجد للسهو. وأما الحنابلة فيفرقون بين الإمام والمنفرد في المشهور من مذهبهم فمن كان إماماً وشك فلم يدر كم صلى تحرى وبنى على غالب ظنه، وأمَّا المنفرد فيبني على اليقين ( الأقل )، وفي رواية يبني على غالب ظنه كالإمام، هذا إذا كان له رأي أما إذا استوى عنده الأمران بنى على اليقين إماماً كان أم منفرداً. ينظر: المبسوط للسرخسي 1/219، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/199، فتح القدير لابن الهمام 1/518، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/92، والمدونة الكبرى للإمام مالك 1/214، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 1/177، وأنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 2/163، وشرح مختصر خليل للخرشي 1/311، والأم للشافعي1/154، والمجموع شرح المهذب للنووي 4/42، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 1/324، والمغني لابن قدامة 1/374، والفتاوى الكبرى لابن تيميية 5/341، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 1/406.). اختلفوا في معنى قولهم أوَّل مرةٍ: فأكثر مشايخنا كما في «الخُلاصَةِ»، و«الخَانِيةِ( ( )فتاوى قاضي خان 1/120 على هامش الفتاوى الهندية.)»/( ( )بداية 82/ب من النسخة (ب).)، و«الظَّهِيريةِ» على أنَّ معناه: أول ما وقع له في
.........................................................................................(2/103)
عمره يعني لم يكن سها في صلاة قطُّ بعد بلوغه هكذا ذكره الإمام "الزّيلَعِي( ( )الإمام عثمان بن علي بن محجن فخر الدين الزيلعي، المتوفى سنة 743هـ، من فقهاء الحنفية، من مؤلفاته: تبيين الحقائق قي شرح كنز الدقائق. وهو غير الزيلعي صاحب نصب الراية.ينظر: الأعلام للزركلي 4/210، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 6/263.)"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1/199.). وذهب الإمام "السَّرخَسِي"( ( )السرخسي (483 هـ ): هو محمد بن أحمد بن أبي سهل؛ أبو بكر؛ السرخسي من أهل ( سرخس ) بلدة في خراسان. ويلقب بشمس الأئمة. كان إماماً في فقه الحنفية، وعلاَّمةً حجةً متكلماً ناظراً أصولياً مجتهداً في المسائل. أخذ عن الحلواني وغيره،سجن في جب بسبب نصحه لبعض الأمراء، وأملى كثيرا من كتبه على أصحابه وهو في السجن، أملاها من حفظه من تصانيفه: (( المبسوط )) في شرح كتب ظاهر الرواية في الفقه، و((الأصول )) في أصول الفقه،(( شرح السير الكبير )) للإمام محمد بن الحسن.ينظر: الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي 158، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 2/28، والأعلام للزركلي 6/208.) إلى [أن]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) معناه: أنَّ السهو ليس بعادة له لا أنَّه لم يسهُ قطٌّ( ( )المبسوط للسرخسي 1/219.). وقال "فَخرُ الإسلَامِ"( ( )"البزدوي": علي بن محمد بن الحسين، أبو الحسن، فخر الاسلام البزدوي المتوفى 482هـ. كان إمام الحنفية بما وراء النهر. أصولي محدث مفسر. من تصانيفه: (( المبسوط )) أحد عشر مجلدا، و(( شرح الجامع الكبير )) للشيباني في فروع الفقه الحنفي، و((كنز الوصول إلى معرفة الأصول )) المعروف بأصول البزدوي. وهو غير محمد بن محمد بن الحسين البزدوي، أبو اليسر، الملقب بالقاضي الصدر ( 421 – 493 هـ )ينظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 1/372، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/192،(2/104)
ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 554.): أي في هذه الصلاة، واختار.....................................
64= لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْقَوْمِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ لَا يُعِيدُ وَإِلَّا أَعَادَ بِقَوْلِهِمْ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
"ابنُ الفضلِ"( ( )"ابنُ الفضل":أبو بكر، محمد بن الفضل بن العباس، الحنفي البلخي، المتوفى سنة 319هـ، من أجلة مشايخ خراسان، أُخرج من بلخ، فدخل سمرقند، ومات فيها، من كتبه: الفتاوى. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1219، والأعلام للزركلي 6/329، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة11/128.) كما في «الظَّهِيريةِ»، وكلاهما قريب كذا في بعض المعتبرات/( ( )بداية 97/ب من النسخة (د).) "غَزّي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (43/أ ).).(2/105)
64= قوله: لِأَنَّ الشَّكَّ فِي صِدْقِهِ شَكٌّ فِي الصَّلَاةِ( ( )نقل الإمام ابن نجيم هذه المسألة في كتابه «البحر» نقلاً عن الخلاصة فقال: (( لو أخبره رجل عدل بعد السلام أنَّك صليت الظهر ثلاثاً وشكَّ في صدقه وكذبه فإنَّه يعيد احتياطا لأنَّ الشَّكَّ في صدقه شكٌّ في الصلاة بخلاف ما إذا كان عنده أنَّه صلى أربعاً فإنَّه لا يلتفت إلى قول المخبر وكذا لو وقع الاختلاف بين الإمام والقوم إن كان الإمام على يقين لا يعيد وإلا أعاد بقولهم، ولو اختلف القوم قال بعضهم صلى ثلاثا، وقال بعضهم صلى أربعاً والإمام مع أحد الفريقين يأخذ بقول الإمام، وإن كان معه واحد فإن أعاد الإمام الصلاة وأعاد القوم معه مقتدين به صح اقتداؤهم لأنه إن كان الإمام صادقا يكون هذا اقتداء المتنفل بالمتنفل، وإن كان كاذبا يكون اقتداء المفترض بالمفترض إلى آخر ما في الخلاصة)). ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/118، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/92. ). قيل عليه فيه: أن الشك في الصلاة بعد الفراغ منها لا يوجب عليه شيئاً، وظاهر قوله: يُعِيدُ احْتِيَاطًا. وجوب الإعادة عليه اهـ.
وأقول مبنى الإشكال ما ذكره من قوله: وظاهر قوله الخ. أمَّا إن قلنا معنى قوله:
65 = وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ، ثُمَّ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ قَالُوا: يَكُونُ فِي الظُّهْرِ وَالشَّكُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَلَوْ تَذَكَّرَ مُصَلِّي الْعَصْرِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً وَلَمْ يَدْرِ هَلْ تَرَكَهَا مِنْ الظُّهْرِ، أَوْ الْعَصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهَا تَحَرَّى، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُتِمُّ الْعَصْرَ وَيَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً ثُمَّ(2/106)
يعيد احتياطاً. [أنَّ الإعادةَ ليست بواجبة/( ( )بداية صفحة /215/ من النسخة (جـ).)، وإنَّما هي على سبيل الاحتياط فقط]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).).
قوله: ينتفي الإشكال ويحصل التوفيق( ( )في (أ) و (جـ) التوقيف.) بين ما سبق وما هنا؛ إذ نفي وجوب الإعادة فيما سبق؛ حيث قال: فإن كان بعده فلا شيء عليه. أي فإن كان الشَّكُّ في أنَّه كم صلى بعد الفراغ فلا شيءَ عليه [أي وجوباً]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) لا ينافي ما هنا من قوله: يعيد احتياطاً بناءً على ما هو المتبادر من أنَّ الإعادة ليست بواجبة. بل هي على سبيل الاحتياط فقط( ( )ينظر: التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 2/123، وشرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/309، والمستصفى للغزالي /76/، وحاشية العطار على جمع الجوامع 1/158، شرح الكوكب المنير للفتوحي /115/.).
65= قوله: وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ. قيل: لعلَّ صورته: أنه نوى الظُّهر الفائتة في وقت العصر الحاضر ليكون( ( )في (أ) فيكون.) الشَّكُّ أنَّه في العصر أي
.........................................................................................(2/107)
الحاضر، ويجوز أنَّه نوى الظَّهر الحاضر( ( )في (أ) الحاضرة.) وشكَّ في الثانية أنَّه في العصر الفائتة الخ. ثمَّ الظَّاهر من كونه شكَّ في الرابعة أنَّه في الظُّهر أنَّ المرادَ الظُّهرُ الأولُ. لأنَّ ((المعرفَةَ إذا أعيدت معرَّفةً فالثانيةُ عينُ الأولى))( ( )((المعرفَةُ إذا أعيدت معرَّفةً فالثانيةُ عينُ الأول)). قاعدة نحوية. ينظر: مغني اللبيب لابن هشام 2/861، وكذا عند الأصوليين.ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي للبخاري 1/44،و درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/282، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 2/307.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/206.).(2/108)
66= قوله: يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا. قيل عليه: قد تقدم أنَّ من شكَّ في ركوع أو سجود وهو فيها أعاد، وإن كان بعدها فلا( ( )هذه المسألة ذكرت في كتب الفقه كثيراً وعلل حكمها الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه القواعد فقال: ((إذا شكَّ بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها فإنه لا يلتفت إلى الشك، وإن كان الأصل عدم الإتيان به وعدم براءة الذمة لكن الظاهر من أفعال المكلفين للعبادات أن تقع على وجه الكمال فيرجح هذا الظاهر على الأصل، ولا فرق في ذلك بين الوضوء وغيره على المنصوص عن أحمد، وفي الوضوء وجه أن الشك في ترك بعضه بعد الفراغ كالشك في ذلك قبل الفراغ ؛ لأن حكمه باق بعد الفراغ منه، بخلاف الصلاة وغيرها)).القواعد لابن رجب /340/، وينظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/153، وفتح القدير 1/518، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/106، والمجموع شرح المهذب للنووي 1/254، و الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 1/113، والمغني لابن قدامة 1/296.). وفي هذه المسألة هو ليس في الظُّهر وإنَّما هو في العصر وفي قوله: احتياطاً. جوابٌ عن ذلك؛ إذ به علمُ أنَّ الأولَ من غير الاحتياط وهذا على سبيل الاحتياط فافهمْ "حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/206.).
67= فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
68= وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا شَكَّ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوْ لَا ؟ أَوْ هَلْ أَحْدَثَ، أَوْ لَا، أَوْ هَلْ أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ، أَوْ لَا، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، أَوْ لَا اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَّا فَلَا ( انْتَهَى ).(2/109)
67= قوله: فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قيل: لا يشكل عليه/( ( )بداية 120/ب من النسخة (أ).) وجوب الترتيب لأنَّ كون السجدة المتروكة من الظُّهر ليس مظنوناً بل هو مشكوك فيه، والظَّاهر أنَّ إعادةَ الظُّهر ليست واجبةً بل مستحبة فلا تجبُ إعادةُ العصرِ"حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.).
وقوله: لا يشكل عليه الخ. ينبني على أنَّه صاحبُ ترتيبٍ، فإن لم يكنْ صاحبَ ترتيبٍ فعدمُ وجوبِ إعادةِ العصرِ واضحٌ سواء قلنا بأنَّ إعادةَ الظهرِ مستحبةٌ لا واجبةٌ/( ( )بداية 83/أ من النسخة (ب).) لأنَّ احتمالَ كونِ السجدةِ المتروكةِ من الظُّهرِ لم يكن على طريق الظَّنِّ بل هو مجردُ الشَّكِّ أو قلنا بوجوبِ إعادتها/( ( )بداية 98/أ من النسخة (د).) لوجودِ( ( )في (أ)و (جـ) لوجوب.) الظَّنِّ المذكورِ.
68= قوله: وَفِي «الْمُجْتَبَى» الخ. ظاهر في تكبيرة الافتتاح، وفي/( ( )بداية صفحة /216/ من النسخة (جـ).) مسح الرأس أمَّا في الشَّكِّ في النَّجاسة وفي الحدث فتقدم ما يخالفه صريحاً، ومخالف أيضاً لقاعدة ((اليَقِين لا يزولُ بالشَّكِ)) كذا بخط بعض "الأَفَاضِل". ويؤيِّدُه ما ذكره السَّيدُ "حَمَوِِيّ"؛ حيث ذكر في جانب الشَّكِّ في الحدث ما نصه: ((قيل ينبغي أن لا يكون الشَّكُّ في هذه الصورة
69= ولو شَكَّ أَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، أَوْ الْقُنُوتِ لَمْ يَصِرْ شَارِعًا
كالشَّكِّ في غيرها. لأنَّه متيقنٌ بالوضوء فلا يحكم بالحدث))( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر للحموي 1/207.) اهـ.
لكن عليه مؤاخذة( ( )أي على الإمام الحموي.)؛ حيث لم يتعقبه بالنسبة للشَّكِّ في إصابة النَّجاسة لثوبه مع كون طهارة الثَّوب متيقنة، واليقين لا يزول إلا بيقين مثله فلا أثر لهذا الشَّكِّ.(2/110)
69= قوله: ولو شَكَّ أَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، أَوْ الْقُنُوتِ لَمْ يَصِرْ شَارِعًا( ( )أي وجب عليه الإعادة لهذه التكبيرة على أنها للافتتاح. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/146، وفتح القدير لابن همام 1/518، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/192، وشرح مختصر خليل للخرشي 1/262، والفواكه الدواني للنفراوي 1/177، وحاشية الدسوقي 1/231، والأم للشافعي 1/271، والمجموع شرح المهذب للنووي 4/73، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/264، وفتاوى الرملي 1/202،و الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 1/180، والمغني لابن قدامة 2/121.). لأنَّه لا يثبت له شروع بعد الجعل للقنوت ولا يعلم أنَّه نوى لتكون( ( )في (ب) ليكون.) للافتتاح كذا في «البَحرِ للمُصَنِّفِ»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/118.).
وقوله: أنَّه لا يثبت( ( )في (د) لأنه يثبت.) له شروع بعد الجعل للقنوت. أي بعد احتمال جعلها للقنوت أي احتمال أنَّه إنَّما نوى بها القنوت، وفيه إشارة إلى أنَّه لو نوى بها الافتتاح والقنوت معاً تكون للافتتاح وتلغو نيَّة القنوت وهو كذلك.
70= وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ آخِرِ سُجُودِ السَّهْوِ
71= وَلَو شَكَّ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ، ذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: يُؤَدِّي ثَانِيًا ; لِأَنَّ تَكْرَارَ الرُّكْنِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَزِيَادَةُ الرَّكْعَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَكَانَ التَّحَرِّي فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَحْوَطَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَجِّ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ،(2/111)
70= قوله: وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ آخِرِ سُجُودِ السَّهْوِ. يريد [به]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ)و (ب).) ما أشار إليه من الفرق بينه وبين ما قبله من قوله: وإلَّا فَلَا. حيث علل بقوله: لأنَّهُ لا يَثْبُتُ لَهُ شُرُوعٌ بَعْدَ الجُعْلِ لِلقُنُوتِ الخ. ما سبق ومحصل ما يظهر به وجه الفرق، أنَّه إذا شكَّ في خلال صلاته هل كبر للافتتاح أو لا، وجد ما يدل على أنَّه كبر للافتتاح؛ حيث اعتراه هذا الشَّكُّ بعد التلبس بالصلاة؛ إذ [لا]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) وجود للصلاة بدون تكبيرة الافتتاح فيحمل على إتيانه بها عملاً بهذا الظَّنِّ( ( )في (ب) الظاهر.). بخلاف ما إذا شكَّ أنَّه هل نوى [بها الافتتاح أو القنوت؛ حيث لم يوجد ما يعين كونها للافتتاح]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).).
71= قوله: وَلَو شَكَّ /( ( )بداية 121/أ من النسخة (أ).) فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ. أي في ركن من أركان الحج وهو الطواف أي شكَّ أنَّه هل أتى بجميع أشواط الركن، أو بقي منها شيء. فعلى ما عليه عامة
.........................................................................................
المشايخ يعيده( ( )( الشك في عدد الأشواط ): لو شك في عدد أشواط طوافه وهو في الطواف بنى على اليقين، وهو الأقل عند جمهور الفقهاء الشافعية والحنابلة،وأجرى المالكية ذلك في غير المستنكح، فقالوا: يبني الشاك غير " المستنكح على الأقل، والمراد بالشك مطلق التردد الشامل للوهم، أمَّا الشاك المستنكح (من يعتريه الشك كثيراً) فيبني على الأكثر.
وفصل الحنفية في الشك في عدد الأشواط بين طواف الفرض والواجب وغيره:
أما طواف الفرض كالعمرة والزيارة والواجب كالوداع فقالوا: لو شك في عدد الأشواط فيه أعاده، ولا يبني على غالب ظنه، بخلاف الصلاة، ولعلَّ الفرق بينهما كثرة الصلوات المكتوبة وندرة الطواف.(2/112)
أمَّا غير طواف الفرض والواجب وهو النفل فإنه إذا شك فيه يتحرى، ويبني على غالب ظنه، ويبني على الأقل المتيقن في أصله.
أما إذا شك بعد الفراغ من الطواف فلا يلتفت إليه عند الجمهور، وسوى المالكية بينه وبين ما إذا كان في الطواف، وأطلق الحنفية عباراتهم في الشك.
وإن أخبره ثقة بعدد طوافه أخذ به إن كان عدلا عند الأكثر، وصرح المالكية بشرط كونه معه في الطواف، ولم يشرط ذلك الشافعية والحنابلة. وقال الحنفية: لو أخبره عدل بعدد مخصوص مخالف لما في ظنه أو علمه، يستحب له أن يأخذ بقوله احتياطا فيما فيه الاحتياط فيكذب نفسه، لاحتمال نسيانه ويصدقه ؛ لأنه عدل لا غرض له في خبره، ولو أخبره عدلان وجب العمل بقولهما، وإن لم يشك ؛ لأن علمين خير من علم واحد، ولأن إخبارهما بمنزلة شاهدين على إنكاره في فعله أو إقراره. واستحب الشافعية له الأخذ بقول العدل المخالف لعلمه، خلافا للصلاة.ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/356، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/496، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 2/288و304، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 3/80، والفواكه الدواني للنفراوي 1/357، ومنح الجليل شرح مختصر خليل للعليش 2/248، والأم للشافعي2/196، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/29، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني 2/245، والمغني لابن قدامة 3/187، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي4/17. )، وعلى ما في «البَدَائِعِ» يبني على الأقل( ( )بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/166.)، ويحمل ما إذا لم...................
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ:
72= شَكَّ فِي الْقِيَامِ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةُ رَفَضَهُ(2/113)
(يقع/( ( )بداية 98/ب من النسخة (د).) تحريه)( ( )في (أ) تقع تحريمه.) على شيء/( ( )بداية/ 217/ من النسخة (جـ).) توفيقاً بينه وبين ما ذكره "الجّصَاصُ"( ( )"الجَصّاصُ":هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص من أهل الري، من فقهاء الحنفية المتوفى سنة 370هـ، سكن بغداد ودرس بها. تفقه الجصاص علي أبي سهل الزجاج، وعلي أبي الحسن الكرخي، وتفقه عليه الكثيرون. انتهت إلية رئاسة الحنفية في وقتة. كان إماماً، رحل إلية الطلبة من الآفاق. خوطب في أن يلي القضاء فامتنع، وأعيد عليه الخطاب فلم يقبل. من: تصانيفة (( أحكام القرآن ))،و (( وشرح مختصرشيخة أبي الحسن الكرخي ))، و(( وشرح الجامع الصغير )). ينظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 1/84،والأعلام 1/156.) من أنه: [يتحرى الافتتاح أو القنوت حيث لم يوجد ما يعين كونها للافتتاح ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب)، (جـ)، (د).).
72= قوله: شَكَّ فِي الْقِيَامِ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةُ. في نسخة: أو الثالثة( ( )في النسخة المطبوعة التي بين يدي ( الثانية )، وفي البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ذكرها ( الثالثة ) حيث قال: (( ولو شك في صلاة الفجر وهو في القيام أنها الثالثة أو الأولى لا يتم ركعته بل يقعد قدر التشهد ويرفض القيام، ثم يقوم فيصلي ركعتين ويقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، ثم يتشهد ثم يسجد للسهو)). البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/119. ) .................................................................................
73= وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ
74= ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ، ثُمَّ أَتَمَّ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ،(2/114)
وهي أولى( ( )لأنه إذا شك في الفجر أن الركعة التي هو فيها أولى أو ثانية تحرى، فإن وقع تحريه على شيء أتم الصلاة عليه وسجد للسهو بخلاف ما إذا كان شكه بين الأولى والثالثة كما هو مقرر. ينظر: فتح القدير لابن الهمام 1/520، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/119.) كما ذكره الشيخ "كَمَالُ/( ( )بداية 83/ب من النسخة (ب).) الدينِ"( ( )لم يذكر الشيخ كمال الدين بن الهمام أن كلمة (( الثالثة ))أولى من حيث وجودها في نص المسألة المفروضة وإنما هذا ما فهمه الإمام الحموي رحمه الله من كلامه، فإنني لم أجد هذه العبارة مصرحاً بها في كتابه فتح القدير وإنما هو يقرر المسألة على كونه شك في صلاة الفجر في عدة صور منها قوله (( وإن شك أنها أولى أو ثالثة لا يتم ركعة بل يقعد قدر التشهد ويرفض القيام، ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يتشهد ويسجد للسهو )) فتح القدير 1/520، وعلى هذا فإن الأولوية هنا قوله: ( الثالثة )) تكون على المصلي الذي لم يسه في صلاته قط فإنه عند الأحناف يستأنف صلاته كما تقرر سابقاً في بحثنا لهذه المسألة والله أعلم.) فليراجع "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.).
73= قوله: وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ.ليس على سبيل الوجوب، بل ليتأكد به رفض القيام "حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.) وفيه نظر لإبهامه أن الرفض بالنسبة لمجرد القيام فقط وليس كذلك.
74= قوله: ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. هو ملائم لما سبق على تقدير أنَّه أول شكٍّ حصل له؛ إذ تقدم أنَّه يستأنف عند عروضه، وغير ملائم على تقدير خلافه( ( )أي خلاف ما إذا كان هذا الشك هو أو شك قد حصل له إذ تقدم أنه يتحرى ولا يستأنف.) لأنَّ الحكم فيه التحري ليظهر له غالب الرأي وإلا بنى على الأقل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.).(2/115)
.........................................................................................
وأقول: حيث كان الإتيان بصلاة ركعتين ينبني( ( )في ( أ ) و(جـ )و( د ): يبتنى.) على قول من يقول إذا كان أول شكٍّ حصل يستأنف فلا وجه للأولوية التي قدمها "الحمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.) عن الشيخ "كَمالِ الدِّينِ".
واعلم أنَّ معنى قول "المُصنّفِ": ثم صلى ركعتين أي: ثم استأنف صلاة ركعتين وذا إنَّما يكون بتحريمة مبتدأة. يدلك( ( )في (ب)، (د) بذلك) على الاستئناف ما سبق عن "َالحمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/207.) حيث قال [قوله: ثم صلى ركعتين الخ. وأصرح منه قول "الزَّيلَعِي"]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) حيث قال بعد قول « الكَنزِ»( ( )كنز الدقائق، للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفي، المتوفى سنة 710هـ، لخص فيه ما عم وقوعه، حاويا لمسائل الفتاوى والواقعات. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1515، معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 2/1853.): (( وإن شكَّ أنَّه كم صلى أوَّل مرة استأنف ))( ( )كنز الدقائق 1/199 ( في تبيين الحقائق ) و1/117 ( من البحر الرائق ).) ما نصه: (( والاستقبال لا يتصور إلا بالخروج عن الأولى وذلك بالسلام، أو الكلام، أو عمل آخر ينافي الصلاة، والسلام قاعداً أولى لأنَّه عُهِد( ( )في ( أ )، ( جـ ): عمد.) مُحَلِّلاً شرعاً، ومجرد النِّية يلغو لأنَّه لم يخرج به من الصلاة ))( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/199.). اهـ واستفيد من مجموع كلام « الكَنزِ» و" الزَّيلَعِي" : أنَّ الاستئنافَ
.........................................................................................(2/116)
والاستقبالَ مترادفانِ، وبهذا التقريرِ تعلمُ أنَّ معنى قول "المصنِّفِ": رفضه. أي بالسلام، أو الكلام، أو عمل آخر ينافي الصلاة. فإن قلت: حيث كان معنى قول "المصنِّفِ": ثم صلى ركعتين. أي بتحريمة مبتدأة فلأي شيء يسجد للسهو. قلت: صرح في «الفَتحِ( ( )«فتح القدير»: ( شرح الهداية ):لكمال الدين محمد بن عبد الواحد الإسكندري السيواسي المعروف بابن الهُمام (861هـ).حنفي المذهب،والهداية أشهر كتاب وأهم مختصر في الفقه على المذهب الحنفي، ثم جاء الإمام كمال الدين ابن الهمام، فشرح الهداية شرحا عظيما في كتابه " فتح القدير "، فوضَّح لغتها وشرح ألفاظها وتوسع في بيان الأحكام، وأورد الأدلة، وناقش المخالفين ورد عليهم وكان منصفا لكن المنية سبقته قبل إتمام هذا الشرح، فأكمله شمس الدين أحمد بن قودر المعروف بقاضي زاده، وسمى التكملة "نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار" ينظر: الأعلام للزركلي7/135، الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي/180/، وكشف الظنون لحاجي خليفة 2/2034.)»( ( )فتح القدير لابن الهمام 1/520.): بأنه يسجد للسهو في جميع صور الشَّكِّ/( ( )بداية 121/ب في النسخة (أ).). لكن كان المناسب ذكر سجود السهو مقدماً على قوله: ثم صلى ركعتين، لأن الشَّكَّ هنا لم يكن/( ( )بداية 218 في النسخة (جـ).) في الصلاة التي استقبلها مع أنَّ سياق كلامهم يفيد أنَّه لا يسجد للسهو/( ( )بداية 99/ أ من النسخة (د).) لأجل الشَّكِّ مطلقاً بل هو بالنسبةِ لشكٍّ يترتب عليه التحرِّي أو البناءُ على الأقل. يدلُّ على ذلك ما وجدته فيما علقته على "مُلا مِسكِين" ونصه: ((ولم يذكر "المُصنّف" سجود السهو في جميع صور الشَّكِّ تبعاً للهداية، وهو مما لا ينبغي إغفاله فإنه واجب سواء عمل بالتحري أو بنى على الأقل))( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/286.) «فَتح»( ( )فتح القدير لابن لهمام 1/520.). وهو مقيد بما إذا(2/117)
.........................................................................................
شغله الشَّكُّ قدر ركن، ولم يشتغل حالة الشَّكِّ بقراءة أو تسبيح. لكن في «السِّرَاجِ»( ( )«السِّرَاجِ»:وهو« السراج الوهاج الموضح لكل طالب محتاج » شرح مختصر القدوري للحدادي، أبي بكر بن علي بن محمد الحداد العبادي اليمني، الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 800هـ، ثم اختصره وسماه: ( الجوهرة النيرة )، وأشار الزركلي إلى أن كتاب السراج الوهاج مخطوط، يوجد منه نسخة مخطوطة بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: (7195) و(2532 ). ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/236، الأعلام للزركلي 2/67.) في البناء على الأقل يسجد للسهو، وفي البناء على غلبة الظَّنِّ إن شغله التفكر قدر ركن سجد، وإلا فلا، والفرق في «البَحرِ»( ( )أي الفرق بين البناء على الأقل والبناء على غلبة الظن كما في البحر الرائق حيث قال: (( وكأنه في فصل البناء على الأقل حصل النقص مطلقاً باحتمال الزيادة فلا بد من جابر وفي الفصل الثاني النقصان بطول التفكير لا يطلقه )) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/120. ) وفيما نحن فيه الشك/( ( )بداية 84/أ من النسخة (ب).) وإن وجد، لكن لم يوجد البناء على الأقل ولا على غلبة الظَّن فينبغي أن لا يسجد للسهو أصلاً لا بالنسبة للصلاة التي [رفضها، ولا بالنسبة للصلاة التي استقبلها]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).).
فإن قلت: يمكن أن يكون المراد من قول "المُصنِّفِ": ((ثم صلى ركعتين)). أنَّه يؤديهما بتحريمة تلك الصلاة التي ارتفضت؛ إذ هي وإن ارتفضت [إلا أنَّ التحريمة باقيةٌ على الصحةِ بدليلِ ما صرحوا به من أنَّ المُؤَدَّى]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) من الصلاة وإن فسد بترك القراءة في كل من
.........................................................................................(2/118)
ركعتي الشفع. لكن لا يوجب بطلان[ التحريمة( ( )مسألة (بطلان التحريمة)لم يتفق أئمة الحنفية على هذا الحكم وإنَّما ذهبوا إلى البطلان في أوجه وعدمه في أوجه أخرى نقل ذلك الإمام النسفي في متن كنز الدقائق فقال: (( والأصل فيها أن الشفع الأول متى فسد بترك القراءة تبقى التحريمة عند أبي يوسف لأن القراءة ركن زائد ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها غير أنه لا صحة للأداء إلا بها وفساد الأداء لا يزيد على تركه، فلا تبطل التحريمة، وعند محمد متى فسد الشفع الأول لا تبقى التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني لأن القراءة فرض في كل من الركعتين فكما يفسد الشفع بترك القراءة فيهما يفسد بتركها في إحداهما وإذا فسدت الأفعال لم تبق التحريمة لأنها تعقد للأفعال وقد فسدت وعند الإمام أبي حنيفة إن فسد الشفع الأول بترك القراءة فيهما بطلت التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني، وإن فسد بترك القراءة في إحداهما بقيت التحريمة فصح الشروع في الشفع الثاني)).ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/64. ويعطي الإمام ابن عابدين الخلاصة في ذلك فيقول:((والحاصل أن التحريمة لا تفسد عند أبي يوسف بترك القراءة مطلقا، وتفسد عند محمد وزفر بتركها مطلقا. وعند الإمام تفسد بتركها أصلا: أي في الركعتين لا في ركعة، ويجمع الأقوال قول الْإِمَامِ النَّسَفِيِّ:
تَحْرِيمَةُ النَّفْلِ لَا تَبْقَى إذَا تُرِكَتْ
فِيهَا الْقِرَاءَةُ أَصْلًا عِنْدَ نُعْمَانِ
وَالتَّرْكُ فِي رَكْعَةٍ قَدْ عَدَّهُ زُفَرُ
كَالتَّرْكِ أَصْلًا وَأَيْضًا شَيْخُ شَيْبَانِ
وَقَالَ يَعْقُوبُ تَبْقَى كَيْفَمَا تُرِكَتْ
فِيهَا الْقِرَاءَةُ فَاحْفَظْهُ بِإِتْقَانِ(2/119)
ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/33.)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).)عند "أبي يوسف"( ( ) "أبو يوسف": يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حميد، الأنصاري الحنفي، من أولاد أبي دجانة الأنصاري الصحابي، ولد سنة 113هـ، ومات ببغداد سنة 182هـ، صاحب أبي حنيفة وتلميذه وأول من نشر مذهبه، وكان من أصحاب الحديث، ثم غلب عليه الرأي، وأخذ الفقه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ثم عن أبي حنيفة، وولي القضاء لهارون الرشيد. ينظر: طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي 141، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 220، الأعلام للزركلي 8/193.). صرح بذلك
.........................................................................................(2/120)
"الزّيلَعِي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/175.) وغيره في الكلام على المسألة الملقبة بالثمانية( ( )المسألة الملقبة بالثمانية هذه المسألة ذكرها فقهاء الحنفية للحكم على من ترك القراءة في النفل الرباعي فكانت على ثمان أوجه فسميت بالثمانية، وذكر البابرتي في العناية شرح الهداية ستة عشر وجها لها فقال:(( وإن صلى أربعاً ولم يقرأ فيهن شيئا هذه المسألة تلقب بمسألة الثمانية، والوجوه الآتية فيها ستة عشر وهي أنه قرأ في الجميع، ترك في الجميع، ترك في الشفع الأول، ترك في الشفع الثاني، ترك في الركعة الأولى، ترك في الثانية، ترك في الثالثة، ترك في الرابعة، ترك في الشفع الأول والركعة الثالثة، ترك في الأول والرابعة، ترك في الركعة الأولى والشفع الثاني، ترك في الثانية والشفع الثاني، ترك في الركعة الأولى والثالثة، ترك في الأولى والرابعة، ترك في الثانية والثالثة، ترك في الثانية والرابعة، فهذه ستة عشر وجها. والمصنف ترك الوجه الأول ؛ لأن الكلام في أقسام الفساد بترك القراءة والتي يقرأ في جميعها ليست منها، وتداخلت منها سبعة أوجه في الباقية لاتحاد الحكم فعادت ثمانية، فعليك بتمييز المتداخلة بالتفتيش في الأقسام المذكورة في الكتاب)) العناية شرح الهدية للبابرتي 1/456، وينظر: المبسوط للسرخسي 1/160، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/293، وكشف الأسرار للبزدوي 2/338، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/175، والجوهرة النيرة للعبادي 1/73، فتح القدير لابن الهمام 1/456، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/64.) معللاً بأن فساد الأداء لا يزيد على تركه. فكما أن تركه لا يفسد التحريمة فكذا فساده. ووجه كون فساد الأداء ليس بأقوى من تركه أنَّ الفاسدَ ثابتُ الأصلِ فائتُ الوصفِ فلا يكون أقوى من فائت كلّ من الأصل والوصف كذا ذكره "نُوح أَفَندِي"( ( )"نُوح أَفَندِي": نوح أفندي بن مصطفى، الرومي(2/121)
المصري الحنفي، المتوفى سنة 1070هـ، من مصنفاته: أشرف المسالك في المناسك، البلغة المترجم في اللغة، نتائج النظر في حواشي الدرر لملا خسرو في الفروع، وهو مخطوط كما أشار إلى ذلك الزركلي. ينظر هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/498، الأعلام للزركلي 8/51، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/119.) في رسالته.
75= فَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ أَنَّهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَمْ عَنْ الثَّانِيَةِ يَمْضِي فِيهَا، وَإِنْ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ إتْمَامَهَا لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ،
فإذا قلنا معنى قول "المُصنِّفِ": ثم صلى ركعتين. أي أداهما بتحريمة تلك الصَّلاة التي رفضها. يتَّجه ما ذكره حينئذٍ من أنَّه يسجد للسهو. قلت: هذا الاحتمال منع منه ما قدمناه عن" الزَّيلَعِي"/( ( )بداية 219 من النسخة (جـ).) من قوله: (( والاستقبال لا يتصور إلا بالخروج عن الأولى وذلك بالسلام أو الكلام إلى أن قال: ومجرد النية يلغو لأنه لم يخرج به من الصلاة))( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/199.). و"المصنِّفُ" أيضاً ذكره فيما سبق: أنَّ الصلاة لا تبطل بنية القطع. فإن قلت: سياق/( ( )بداية 122/أ من النسخة (أ).) قول "المصنِّفِ" ((رفضه وقعد قدر التشهد)). يقتضي أنَّ الرفض/( ( )بداية 99/ ب من النسخة (د).) بالنسبة للقيام فقط فلا يلزم المحذور وهو الانتقال منها بمجرد النية. قلت: قوله ثم صلى ركعتين يحقق أن الرَّفضَ لكلِّها لا للقيامِ فقط، وحينئذٍ كان المناسبُ تأنيثُ ضميرِ رفضِهِ.
وقوله: وقعد قدر التشهد. أي ليخرج منها بالسلام؛ إذ هو الأولى كما سبق عن "الزيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/199.).
75= قوله: فَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ. ((قيل عليه)):لم يظهر له معنى مُحَصَّل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/208.).(2/122)
76= وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَعَدَ،
77= ثُمَّ قَامَ وَصَلَّى رَكْعَةً وَأَتَمَّ بِسَجْدَةِ السَّهْوِ. وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَتِهِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ. إنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ
وأقول: ما ذكره من أنَّه ليس له معنى محصل يبتنى على أن ))وإن[ شك ]( ( )شك غير موجودة في نسخ المخطوط وهي موجودة في المتن.) من قوله )) وإن في السجدة الثانية. شرطية، جوابها: (لا) النافية. بناءً على ما وجد في بعض النسخ من ثبوت لا، وأمَّا إن جعلناها وصلية [بناءً]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) على عدم ثبوت (لا) في بعض النسخ، فإنَّه حينئذٍ يستقيم، ويكون المعنى المراد/( ( )بداية 84/ب من النسخة (ب).): أنَّه إذا شكَّ في سجدته أي سجدة الفجر أنَّها، أي أن هذه السجدة سجدة الركعة الأولى، أو سجدة الركعة الثانية، فإنَّه يمضي مطلقاً سواء [حصل]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ)، (ب).) شكه( ( )في (ب) شك.) هذا في السجدة الأولى، أو السجدة الثانية( ( )ينظر فتح القدير 1/520، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/119، والفتاوى الهندية للبلخي 1/130.).
76= وقوله: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَعَدَ [يعني لاحتمال أنَّها سجدة الركعة الثانية، فيلزمه القعود ليتشهد.
77= وقوله: ثُمَّ قَامَ وَصَلَّى رَكْعَةً]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).). يعني لاحتمال أنَّها سجدة الركعة الأولى، وهذا يتعين حمله على ما إذا لم يقع تحريه على أنَّها سجدة [الركعة]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (د).) الثانية، وإلا لم يكن الإتيان بتلك الركعة وجه.
78= فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى
79= يُمْكِنُ إصْلَاحُهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله ; لِأَنَّ إتْمَامَ الْمَاهِيَةِ بِالرَّفْعِ عِنْدَهُ(2/123)
78= قوله: فَسَدَتْ صَلَاتُهُ( ( )فسدت صلاته سواء كان شكه وهو في السجدة الأولى أو الثانية خلافا لمحمد لما سنذكر لاحقاً.). [أي]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).) لاحتمال أنَّه قيد الثالثة بالسجدة الثانية، وخلط المكتوبة بالنافلة قبل إتمامها( ( )يقول ابن نجيم في البحر: (( وقياس هذا أن تبطل إذا وقع الشك بعد رفعه من السجدة الأولى سجد الثانية أولا)). البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/119، و ينظر:الفتاوى الهندية للبلخي1/105.) الخ. "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/208.).
79= قوله: يُمْكِنُ إصْلَاحُهَا. لأنه إن كان صلى ركعتين كان عليه إتمام هذه الركعة/( ( )بداية 220 من النسخة (جـ).) لأنَّها ثانية فتجوز، ولو كانت ثالثةً لا تفسد صلاته عند محمد، لأنَّه لما تذكر في السجدة الأولى انتقضت تلك السجدة أصلاً، وصارت كأنَّها لم تكن كما لو سبقه الحدث( ( )مسألة (سبق الحدث):
هو في الاصطلاح: خروج شيء مبطل للطهارة من بدن المصلي ( من غير قصد ) في أثناء الصلاة.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن الصلاة لا تنعقد إن لم يكن متطهراً عند إحرامه، عامداً كان، أم ساهياً، كما لا خلاف بينهم في أن الصلاة تبطل إذا أحرم متطهراً ثم أحدث عمداً.
واختلفوا في الحدث الذي يسبق من غير قصد مما يخرج من بدن المصلي: من غائط، أو بول، أو ريح، وكذا الدم السائل من جرح أو دمل به بغير صنعه عند من يرى أنه حدث يفسد الطهارة.......... =
= فذهب الحنفية إلى أنه إذا سبق منه شيء من هذه الأحداث تفسد طهارته، ولا تبطل صلاته فيجوز له البناء على ما مضى من صلاته بعد تطهره استحساناً لا قياساً، ولكن عدل عن القياس للنص والإجماع. وهذا هو القول القديم للشافعي، ورواية عن أحمد.(2/124)
وقال المالكية وهو القول الجديد للشافعي وأصح الروايات عن أحمد: تبطل صلاته ويتوضأ، ويلزمه استئنافها، وهو قول الحسن، وعطاء، والنخعي، ومكحول، ولأنه فقد شرط الصلاة - وهو الطهارة عن الحدث - في أثنائها على وجه لا يعود إلا بعد زمن طويل وعمل كثير، ففسدت صلاته، كما لو تنجس نجاسة يحتاج في إزالتها إلى مثل ذلك. أو انكشفت عورته، ولم يجد السترة إلا بعيدة منه، أو تعمد الحدث، أو انقضت مدة المسح على الخفين وهو في أثناء الصلاة.
وفي رواية أخرى عن أحمد: إن كان الحدث من السبيلين ابتدأ الصلاة ولا يبني، أما إن كان من غيرهما بنى ؛ لأن نجاسة السبيلين أغلظ ؛ ولأن الأثر إنما ورد في الخارج من غير السبيلين فلا يلحق به ما ليس في معناه.ينظر: الفصول في الأصول للجصاص 4/117، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/221، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/145، فتح القدير لابن الهمام 1/377، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/114، والمدونة الكبرى للإمام مالك 1/141، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 1/493، والمجموع شرح المهذب للنووي 4/6، ومغني المحتاج إلى شرح ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني1/401، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 2/86، والمغني لابن قدامة 1/423، والفروع لابن مفلح 1/403. ) في
.........................................................................................(2/125)
السجدة الأولى من الركعة الخامسة، وهي مسألة «زِه»( ( )مسألة ( زه ) الزاي مع الهاء (زه) جاء في «المغرب»: أنها كلمة استعجاب عند أهل العراق وإنما قالها أبو يوسف تهكما وقيل الصواب ( زُه ) بالضم والزاي ليست بخالصة. المغرب للمطرزي /213/ ويقول الزيلعي: (( و(زِه) بمعجمة مكسورة وبعدها هاء كلمة تعجب وهو هنا على وجه التهكم )). تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/169، وينظر:فتح القدير لابن الهمام 1/511، والفتاوى الهندية للبلخي 1/131، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/150.)التي أنكرها "أبُو يُوسُف" على
80= فَتَرْتَفِعُ السَّجْدَةُ بِالرَّفْضِ ارْتِفَاعُهَا بِالْحَدَثِ فَيَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ
"مُحمدٍ" وقال: (زِه) صلاة فسدت يصلحها الحدث( ( )مسألة: (صلاة فسدت يصلحها الحدث ). صورتها: (( رجل يصلي صلاة رباعية وسها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة )): الحكم عند الحنفية يرجع إلى القعود ويسجد للسهو لأنه أخر واجباً، أمَّا إذا قيد الركعة الخامسة بسجدة ثم تذكر، فيبطل فرضه عند الحنفية خلافاً للشافعية وتتحول صلاته نافلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد فإنها لا تنقلب نفلا ولكن تصح هذه الصلاة عند الإمام محمد بمسألة ((زه )) وهي إذا سبقه الحدث قبل رفعه من السجدة المقيدة بالركعة الخامسة، فإنه يتوضأ ويبني لإتمام فرضه ويصح هذا الفرض عنده خلافا لأبي يوسف؛ لأن أبا يوسف عنده تتم السجدة بمجرد وضع الرأس والسجود بينما عند محمد لا تتم السجدة إلا عند الرفع وعند سبق الحدث لم تصح السجدة إذا لم يشرع بركعة خامسة إذاً صلاة فسدت لكن أصلحها الحدث والله أعلم.). كذا في «الخَانيَّةِ»( ( )فتاوى قاضي خان 1/107 على هامش (الفتاوى الهندية).) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/208.).(2/126)
80= قوله: فَتَرْتَفِعُ السَّجْدَةُ بِالرَّفْضِ( ( )في (ب) لرفض.) ارْتِفَاعُهَا بِالْحَدَثِ. قال العلامة "الحَلَبيُّ"( ( )إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، الحلبي الحنفي، المتوفى سنة 956هـ، ولد بحلب، وقرأ على علماء عصره، ثم ارتحل إلى مصر، ومنها إلى بلاد الروم، وتوطن القسطنطينية، وصار إماما وخطيبا بجامع السلطان محمد الفاتح، من كتبه: غنية المتملي في شرح منية المصلي، ملتقى الأبحر. ينظر:كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1886، معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/13.) في شرح «المنيةِ»( ( )شرح المنية واسمها: ((غنية المتملي شرح منية المصلي )) للإمام إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي الحنفي المتوفى سنة 956 هـ.) بعد تصوير هذه المسألة ما نصُّهُ/( ( )بداية 100/ أ من النسخة (د).): ((فيرفضها ويقعد
81= إلَى أَنْ قَالَ نَوْعٌ مِنْهُ، تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا قَوِليًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَرَكَ رُكْنًا فِعْلِيًّا يُحْمَلُ عَلَى تَرْكِ الرُّكُوعِ
82= فَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ.
ويتشهد ثم يصلي ركعةً أخرى)) "حَمَوِِيّ "( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/208.).
وقوله: فيرفضها ويقعد ويتشهد يعني: لاحتمال كون الركعة التي ارتفضت( ( )في (أ) و(جـ): ارتفعت.) برفض سجدتها هي الركعة الثالثة، فيلزمه القعود حينئذٍ، ولاحتمال أنَّ الركعةَ التي ارتفضت هي الثانية يلزمه الإتيان بركعةٍ أخرى.
81= قوله: إلَى أَنْ قَالَ نَوْعٌ مِنْهُ. المستتر في قال "للبزَّازِي"( ( )أي لما نقل الشارح عن المتن عندما قال وفي البزَّازِّية:شكَّ في القيام في الفجر أنها الأولى أو الثانية رفضه.... الخ. الفتاوى البزازية1/61 ( على هامش الفتاوى الهندية ).).(2/127)
82= قوله/( ( )بداية 122/ب من النسخة (أ).): فَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً الخ. أي يسجد لاحتمال أن يكون المتروك [سجوداً، والحمل على ترك الركوع لا ينافي في احتمال كون المتروك سجوداً، ثم يصلي ركعة لاحتمال كون المتروك]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) ركوعاً، فإن قلت: ينبغي الإكتفاء بالركعة، وعدم الإتيان بالسجدة قبلها؛ لكونِ الركعةِ مشتملةً على السجدةِ قلت: لما احتمل كونُ المتروكِ سجوداً قدم الإتيان بها على الركعة لوجوب مراعاة الترتيب فيما بين السجدتين
84= وَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَكَذَلِكَ،
لتصريحهم بأنَّ: ما شرع مكرراً في الركعة الواحدة وهو السجود يجب فيه مراعاة الترتيب( ( )ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 18163، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/22، والجوهرة النيرة للعبادي1/50، فتح القدير لابن الهمام 1/277، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/313، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/612.).
83= قوله: أَعَادَ الْفَجْرَ، وَالْوِتْرَ. لافتراض القراءة( ( )مسألة (القراءة في الصلاة): ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، فتجب قراءتها في كل ركعة من كل صلاة، فرضا أو نفلا، جهرية كانت أو سرية. وذهب الحنفية إلى أن ركن القراءة في الصلاة يتحقق بقراءة آية من القرآن لقوله تعالى: ? فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ? [ سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ: 20 ].(2/128)
أمَّا قراءة الفاتحة فهي من واجبات الصلاة وليست بركن، ويقصدون بالآية هنا الطائفة من القرآن مترجمة - أي اعتبر لها مبدأ ومقطع - وأقلها ستة أحرف ولو تقديرا، كقوله تعالى: ? لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ? [ سُورَةُ الإِخْلاَصِ: 3 ]. وهذا عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: أدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة. وقالو أيضاً: إن قراءة أقصر سورة من القرآن أو ما يقوم مقامها بعد الفاتحة واجب وليس بسنة، فإن أتى بها انتفت الكراهة التحريمية.ينظر: أحكام القرآن للجصاص 1/25، والمبسوط للسرخسي 1/19، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/160، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/106، و فتح القدير لابن الهمام 1/293، والمدونة الكبرى للإمام مالك 1/162، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 1/156، والأم للشافعي 2/200، والمجموع شرح المهذب للنووي 3/283، والمغني لابن قدامة 1/283، والفروع لابن مفلح 1/414. ) في كلِّ ركعات الوتر، وفي ركعتي الفجر.
84= قوله: وَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَكَذَلِكَ. أي( ( )في (أ) في.) لزوم إعادتهما هنا
85= وَإِنْ تَذَكَّرَ التَّرْكَ فِي الْأَرْبَعِ فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ كُلُّهَا، ( انْتَهَى )
وَمِنْهَا 86 = شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لَمْ يَقَعْ.
87= شَكَّ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ، بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ إلَّا أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِالْأَكْثَرِ، أَوْ يَكُونَ أَكْبَرُ ظَنِّهِ عَلَى خِلَافِهِ
يكون بالطريق الأولى/( ( )بداية 85/أ من النسخة (ب).) وفي العبارة قصور؛ إذِ المغرب تعاد أيضاً بترك القراءة في ركعتين منها.(2/129)
85= قوله: وَإِنْ تَذَكَّرَ التَّرْكَ فِي الْأَرْبَعِ/( ( )بداية 221 من النسخة (جـ).) فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ [كُلُّهَا]( ( )ما بين المعقوفين لم يردفي (أ)و (ب)و (د).). أي فيعيد ذواتِ الأربعِ كلَّها، وإنَّما لزمه إعادة ذواتِ الأربعِ كلِّها لأنَّ فرض المسألة إن لم يعلم أي صلاة هي.
86= قوله: شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لَمْ يَقَعْ. قال "المُصنِّفُ" في «فَتاوِيه»( ( )«فتاوى ابن نجيم» أو «الفتاوى الزينية في فقه الحنفية»: وهي لزين الدين بن إبراهيم بن نجيم المصري جمعها ابنه أحمد، قال كتبتها سؤلاً بعد سؤال من ابتداء أمري في شهر ربيع الأول سنة 965هـ، ثم رأيت أن أرتبها على كتب الفقه. وعدتها نحو 400 سؤال وجواب. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1223. ): ولا اعتبار بالشَّكِّ( ( )لم أجد هذه الفتوى في كتاب «فتاوى ابن نجيم» للمصنف في كتاب الطلاق ص/56/،ولا في غيره مع كثرة بحث.) "حَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/209.)
87= قوله: شَكَّ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ، بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ الخ . في « خِزَانَةِ
.........................................................................................(2/130)
الأكمَلِ» شكَّ أنَّه طلَّق واحدةً أو ثلاثاً، فهي واحدةٌ حتى يستيقنَ أو يكونَ أكثرُ( ( )في (أ) أكبر.) ظنِّه على خلافِهِ( ( )ذكر الفقهاء شروطاً لوقوع الطلاق متعلقة بصيغة اللفظ فقالوا: صيغة الطلاق هي اللفظ المعبر به عنه وله شروط لا بد من توافرها فيه، وإلا لم يقع الطلاق، من هذه الشروط: القطع أو الظن بحصول اللفظ وفهم معناه: والمراد هنا: حصول اللفظ وفهم معناه، وليس نية وقوع الطلاق به، وقد تكون نية الوقوع شرطا في أحوال كما سيأتي. وعلى هذا إذا حلف المطلق بشيء، ثم شك أكان حلفه بطلاق أم بغيره، فإنه لغو ولا يقع به شيء، وكذلك إذا شك أطلق أم لا ؟ فإنَّه لا يقع به شيء من باب أولى، فإن تيقن أو ظنَّ أنه طلق ثم شكَّ في العدد، أطلق واحدة، أم اثنتين، أم أكثر من ذلك ؟ بنى على الأقل لحصول اليقين أو الظنِّ به والشكّ فيما فوقه، والشك لا يثبت به حكم شرعي بخلاف الظن واليقين، وهذا عند جمهور الفقهاء ومنهم أبو حنيفة ومحمد، وذهب أبو يوسف من الحنفية إلى أنه يتحرى، فإن استويا عنده حمل بأشد ذلك عليه احتياطا في قضايا الفروج، قال ابن عابدين تعليقاً على ذلك: ((ويمكن حمل الأول على القضاء، والثاني على الديانة)).رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/283.وينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 3/ 128، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/202و401، الفروق للقرافي 1/174، المدونة الكبرى للإمام مالك 2/ 67 والمجموع شرح المهذب للنووي 1/259، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني4/491،المغني لابن قدامة 7/379.) الخ.
قال " البِيرِي": ولم يذكر "المؤَلف" ما إذا استوى ظنه.(2/131)
قال في «خِزَانةِ الأكمَلِ» عن "أبِي يُوسُف": ((إذا لم يدر أنَّه حلف بواحدةٍ أو ثلاث يتحرى الصواب، وإن استوى ظنُّه فيهما يأخذ بالثلاث))( ( )قال الزيلعي في التبيين: (( حلف بطلاق ولا يدري حلف بواحدة أو أكثر يتحرى ويعمل بما يقع عليه للتحري، فإن استوى ظنه يأخذ بالأكثر احتياطاً )) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/152 وينظر: فتح القدير لابن الهمام 5/180.) اهـ.
88= وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: عَزَمْت عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثٌ يَتْرُكُهَا،
89= وَإِنْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَصَدَّقَهُمْ أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ
وقوله: وإن استوى ظنُّه أي: شكَّ. فالمراد بالظَّنِّ هنا: الشَّكُّ. لأنَّ الظَّنَّ هو: الطَّرفُ الراجحُ كما سبق، وسبقَ أنَّ الظَّنَّ يطلقُ على الشَّكِّ.
وفي قوله/( ( )بداية 100/ب من النسخة (د).): ((ولم يذكرِ "المؤلف" ما إذا استوى ظنُّهُ)) نظر؛ لأنَّ الشَّكَّ هو: (التردُّدُ بين الشيئين لا رجحانَ لأحدهما على الآخرِ فيلزم من الشَّكِّ استواء الظَّنِّ)( ( )ينظر تعريف الشك في بداية البحث ص/118/.).
88= قوله: وَإِنْ قَالَ [الزَّوْجُ]( ( )الزوج لم ترد في نسخ المخطوط وهي في المتن.): عَزَمْت عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثٌ يَتْرُكُهَا( ( )ينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 1/363، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/284.). ظاهره وجوب الترك، وإن ظنَّ في نفس الأمر أنَّها واحدة. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/209.).(2/132)
89= قوله: وَإِنْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَصَدَّقَهُمْ الخ. وعزمه الأول لم يحرمها عليه هذا كلامهم كذا ذكره " البِيرِي". وهو ظاهر في أن قوله: وإن أخبره عدول الخ.[فقط]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( ب) و(جـ ) و( د ).) يرتبط( ( )في (أ) يرد.) بقوله: وإن قال عزمت على أنَّه ثلاث/( ( )بداية 123/أ من النسخة (أ).)، ثم قال
.........................................................................................(2/133)
" البِيرِي": ويعكس عليه أي على ما ذكره من أن عزمه الأول لم يحرمها عليه ما في «الفَتاوَى( ( )في (أ) فتاوى.) التتَارخَانِيَّةِ»: ((لو أنَّ فقيهاً قال لامرأته أنتِ طالقٌ البتة وهو يراها ثلاثاً، وعزم على أنَّها حرمة عليه، ثم رأى بعد ذلك أنَّها تطليقة رجعية أمضى رأيه الذي كان عزم عليه ولا يردها إلا أن يكون قد تزوجها برأي حدث بعده. بخلاف ما إذا قضى القاضي بخلاف رأيه الذي كان عزم عليه( ( )مسألة (افتاء الفقيه في حق نفسه وفيما يجري بينه وبين غيره): للفقيه المجتهد الحق في أن يفتي لنفسه، وأيضا للقرابة والصداقة والعداوة،فهي غير مؤثرة في صحة الفتوى كما تؤثر في القضاء والشهادة، فيجوز أن يفتي أباه أو ابنه أو صديقه أو شريكه أو يفتي على عدوه، فالفتوى في هذا بمنزلة الرواية؛لأن المفتي في حكم المخبر عن الشرع بأمر عام لا اختصاص له بشخص، ولأن الفتوى لا يرتبط بها إلزام، بخلاف حكم القاضي. ويجوز أن يفتي نفسه، قال ابن القيم: ((لكن لا يجوز أن يحابي نفسه أو قريبه في الفتيا، بأن يرخص لنفسه أو قريبه، ويشدد على غيره فإن فعل قدح ذلك في عدالته)). أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 4/161. وينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 3/355، والبحر المحيط للزركشي 8/372، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 6/341.)، وكذلك لو كان في الابتداء يرى أنَّها تطليقةٌ رجعيةٌ فعزمَ على أنَّها امرأته ثم رأى بعد ذلك أنَّها ثلاثُ تطليقاتٍ لم تحرم عليه، ولو كان/( ( )بداية 222 من النسخة (جـ).) في الابتداء لم
90= وَصَدَّقَهُمْ أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ
91= إنْ كَانُوا عُدُولًا، وَعَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَلَا يَدْرِي أَثَلَاثٌ أَمْ أَقَلُّ يَتَحَرَّى
92= وَإِنِ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَذَا فِي «الْبَزَّازِيَّةِ».(2/134)
يعزم على ذلك ولم يمضِ رأيه حتى رآها ثلاثاً لم يسعه المقام معها، وكذلك لو كان في الابتداء يرى أنَّها ثلاثُ تطليقاتٍ إلا أنَّه لم يعزم [عليه]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( ب).) ولم يمضِ رأيه حتى رآها/( ( )بداية 85/ب من النسخة (د).)
رجعية وسعه ذلك ولا يحرمها رأي ٌ آخر بعد ذلك))( ( )ينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 3/355.) اهـ ببعض تصرف.
والظَّاهر أنَّ المراد بالفقيه في عبارة «التَتارخَانِيَّةِ» المجتهد.
وقوله: ولا يردها إلا أن يكون قد تزوجها برأي حدث بعده. أي: بأن كانت قد تزوجت بغيره ثم فارقها بعد ما دخل بها وانقضت عدتها.
90= قوله: وَصَدَّقَهُمْ. مفهومه أنَّه لو غلب على ظنِّه خلاف كلامهم يأخذ بظنِّه. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/209.).
91= قوله: إنْ كَانُوا عُدُولًا. فيه أنَّ الكلام في أخبار العدول "حَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/209.) اهـ.
92= قوله: وَإِنِ اسْتَوَيَا عَمِلَ بِأَشَدِّ ذَلِكَ. قيل: ينبغي إذا استويا أن يأخذ بالأقل؛ لأنَّه المتيقن ولأنَّ الأصلَ العدمُ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/209.).
93= وَمِنْهَا شَكَّ فِي الْخَارِجِ أَمَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ وَكَانَ فِي النَّوْمِ فَإِنْ تَذَكَّرَ احْتِلَامًا وَجَبَ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا وَ إِلَّا لَمْ يَجِبْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله عَمَلًا بِالْأَقَلِّ، وَهُوَ الْمَذْيُ وَوَجَبَ عِنْدَهُمَا احْتِيَاطًا.
وأقول: الأخذ بالأقل فيما إذا استويا ظاهر بالنسبة [لمذهب]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( ب).) "الإمامِ" و"مُحمدٍ"، أما عند "أبي يُوسُف": فيأخذ بالأكثر صرح " البِيرِي" بما يفيد ذلك.(2/135)
93= قوله: وَمِنْهَا شَكَّ فِي الْخَارِجِ أَمَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ( ( )مسألة ( الشك في الخارج أمني أو مذي ): لو استيقظ فوجد شيئاً، وشكَّ في كونه منياً أو غيره (والشك: استواء الطرفين دون ترجيح أحدهما على الآخر ) فللفقهاء في ذلك عدة آراء:
أ - وجوب الغسل: وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة، إلا أن الحنفية أوجبوا الغسل إن تذكر الاحتلام وشك في كونه منيا أو مذيا، أو منيا أو وديا، وكذا إن شك في كونه مذيا أو وديا؛ لأن المني قد يرق لعارض كالهواء، لوجود القرينة، وهي تذكر الاحتلام. فإن لم يتذكر الاحتلام فالحكم كذلك عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا يجب، وهو القياس ؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، وهذا كله مقيد عند الحنفية والحنابلة بألا يسبقه انتشار قبل النوم، فإن سبقه انتشار ترجح أنه مذي. وزاد الحنابلة: أو كانت بهِ إِبْرِدَةُ (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ مَعْرُوفَةٌ مِنْ غَلَبَةِ الْبَرْدِ وَالرُّطُوبَةِ تُفْتِرُ عَنِ الْجِمَاعِ) ؛ لاحتمال أن يكون مذيا، وقد وجد سببه. ويجب منه حينئذ الوضوء، وقصر المالكية وجوب الغسل على ما إذا كان الشك بين أمرين أحدهما مني. فإن شكَّ في كونه واحدا من ثلاثة- مني أو مذي أو ودي - فلا يجب الغسل، لضعف الشك بالنسبة للمني؛ لتعدد مقابله.
ب - عدم وجوب الغسل: وهو وجه للشافعية، وقول مجاهد وقتادة؛ لأنَّ اليقين لا يزول بالشك. والأولى الاغتسال؛ لإزالة الشك. وأوجبوا من ذلك الوضوء مرتبا.
ج - التخيير في اعتباره واحدا مما اشتبه فيه: وهو مشهور مذهب الشافعية، وذلك لاشتغال ذمته بطهارة غير معينة.
د - وللشافعية وجه آخر وهو لزوم مقتضى الجميع. أي الغسل والوضوء، للاحتياط.(2/136)
ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/15، درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا = = خسرو1/19، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/56، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 1/104، والتاج والإكليل لابن أبي قاسم العبدري 1/455، الأم للشافعي 1/53، و المجموع شرح المهذب للنووي 2/165، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/278، و المغني لابن قدامة 1/130، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/228.). تفاريع هذه المسألة تطلب من
94= كَقَوْلِهِمَا بِالنَّقْضِ بِالْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ
"مُلا مِسكِين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/58) مع ما علقناه/( ( )بداية 101/أ من النسخة (د).) عليه من بحث موجبات الغسل عند قول «الكَنزِ» احتلام بلا بلل( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق 1/64. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/17.).(2/137)
94= قوله: كَقَوْلِهِمَا( ( )في المسألة السابقة الشك في الخارج أمني أو مذي يتفق الإمام أبو حنيفة مع الإمام محمد بالحكم في وجوب الغسل احتياطاً، وهنا يشبه المصنف ابن نجيم مسألة نقض الوضوء بالمباشرة الفاحشة كقولي الإمام ومحمد وهي غير ذلك.) بِالنَّقْضِ بِالْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ( ( )(المباشرة الفاحشة دون الجماع): وتفسيرها، كما قال الكاساني من الحنفية: ((أن يباشر الرجل المرأة بشهوة وينتشر لها وليس بينهما ثوب ولم ير بللا)). وقال الحصكفي في الدر: ((أن تكون بتماس الفرجين ولو بين المرأتين أو الرجلين مع الانتشار ولو بلا بلل على المعتمد )). فهذه تنقض الوضوء عند جمهور الفقهاء - إلا محمدا من الحنفية – فإنه قال: لا ينتقض الوضوء إلا بخروج المذي، وهو القياس. ووجه الاستحسان: أن المباشرة الفاحشة لا تخلو عن خروج المذي غالبا، والغالب كالمتحقق. وفي مجمع الأنهر: قوله: ( أي محمد ): أقيس، وقولهما: أحوط. ولأن المباشرة على الصفة التي ذكرنا لا تخلو عن خروج المذي عادة إلا أنه يحتمل أن جف بحرارة البدن فلم يقف عليه أو غفل عن نفسه لغلبة الشبق فكانت سببا مفضيا إلى الخروج، وهو المتحقق في مقام وجوب الاحتياط. ينظر: المبسوط للسرخسي 1/68، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 1/29، و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/12، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد = = شيخي زاده 1/20،ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/146، والمنتقى شرح الموطأ للباجي 1/92، والتاج والإكليل للعبدري 1/429، والأم للإمام الشافعي 1/29،و المجموع شرح المهذب للنووي 2/26، والمغني لابن قدامة 1/125، والفروع لابن مفلح 1/181، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/211.). فيه أنَّ القائل بالنقض
.........................................................................................(2/138)
بذلك "أبو حَنِيفَةَ"( ( )أبو حنيفة، النعمان بن ثابت، التيمي الكوفي، فقيه أهل العراق، وإمام أصحاب الرأي، قال ابن معين: كان ثقة لا يحدث من الحديث إلا بما يحفظه، وقال ابن المبارك: ما رأيت في الفقه مثله، وقال الشَّافِعِي: ((الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة)). ولد سنة 80هـ، ومات سنة 150هـ، ينظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 1/80، تهذيب الكمال للحافظ المزي 29/417-444، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 13/323-384.) و"أبو يُوسُف" لا "أبو حَنيفةَ" و"مُحمدٌ" "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.).
والصحيح كما في «الحَقَائِقِ»/( ( )بداية 123/ب من النسخة(أ).) أنه لا نقض ما لم يظهر شيء( ( )تبيين الحقائق 1/12.). وفي «المُغنِي»( ( )«المغني»: «مغني المفتي عن جواب المستفتي» أو « الفتاوى العمادية الحامدية» لحامد العمادي بن ابراهيم بن عبد الرحيم بن عماد الدين بن محب الدين الدمشقي، الحنفي المعروف بالعمادي.المتوفى سنة 1171 هـ، نقحها ابن عابدين، وسماها: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية. ينظر: الأعلام للزركلي 2/162، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/261، معجم المؤلفين3/180. ): ((سواء كانت المباشرة الفاحشة من قبل القبل أو الدبر)).
قال " البِيرِي": والذي في المتون خلافه انتهى.
يعني لمشي أصحاب المتون على خلاف ما صححه في «الحَقائِقِ».
95= وَكَقَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ إذَا وُجِدَتْ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يَدْرِ مَتَى وَقَعَتْ.
هُنَا فُرُوعٌ لَمْ أَرَهَا الْآنَ: الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ
96= يَنْبَغِي لُزُومُ إخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ.
95= قوله: وَكَقَوْلِ "الْإِمَامِ" فِي الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ. فإنَّه يوجب إعادة ثلاثة أيام على من توضأ منها إذا كانت منتفخة وإلا فمذ يوم وليلة احتياطاً. وقالا: يحكم بنجاستها من(2/139)
وقت العلم بها مطلقاً وهو القياس، وقوله: استحسان( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 1/59،و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/30، والجوهرة النيرة للعبادي 1/19، وفتح القدير لابن الهمام 1/106، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/130، وبريقة محمودية للخادمي2/182، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/218.) وإذا علم وقت الوقوع فمن وقته. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.).
96= قوله/( ( )بداية 223 من النسخة (جـ).): يَنْبَغِي لُزُومُ إخْرَاجِ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ( ( )المراد بالقدر المتيقن - في هذه الحالة وما ماثلها - هو أكثر المبلغين: فإذا كان الشك دائرا بين عشرة وخمسة، فالمتيقن العشرة لدخول الخمسة فيها، وبهذا الاعتبار يكون الأكثر بالنسبة إلى الأقل متيقنا دائما رغم وقوع الشك فيهما. وذكر بعض الفقهاء: أن المدين في هذه الحالة عليه أن يرضي خصمه ولا يحلف خشية أن يقع في الحرام، وإن أصر خصمه على إحلافه حلف إن كان أكبر ظنِّه أنَّه مبطل، أما إذا ترجح عنده أن صاحب الدعوى محق فإنه لا يحلف. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/300، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/550.). أي ما غلب على ظنه وبقي ما إذا لم يقع يقينه على شيء، والذي يظهر في الخلاص أن يراجع الدائن في قدره ويعمل بما قاله
.........................................................................................
وهو الأحوط. وقد قال علماؤنا: لو تيقَّن الطَّلاق وشكَّ في العدد يؤمر بالاحتياط في جعله ثلاثاً، وإن كان لا يلزمه في الحكم إلا واحدة( ( )مسألة: (الشك في عدد الطلقات):(2/140)
الشك في عدد الطلقات - مع تحقق وقوعه - هل طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ؟لم تحل له - عند المالكية، والخرقي من الحنابلة وبعض الشافعية - إلا بعد زواج آخر لاحتمال كونه ثلاثاً. ويحكم بالأقل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد، فإذا راجعها حلت له على رأي هؤلاء. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 3/ 128،حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/401، 202، الفروق للقرافي 1/174، المدونة الكبرى للإمام مالك2/ 67، المجموع شرح المهذب للنووي 1/259، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني4/491،المغني لابن قدامة 7/379.) كما في «كِفَايةِ المُجِيبِ»( ( )«كفاية المجيب» لم أهتد إلى ترجمته.).
ثم رأيت في صلح «الذَّخِيرةِ»( ( )أي: باب الصلح في كتاب الذخيرة.) تفصيلاً؛ حيث قال: وإذا كان لرجلٍ على رجلٍ دراهم لا يعرفان وزنها، فصالحه المطلوب على ثوب أو حنطة فهو جائز، وأمَّا إذا صالحه على دراهمَ فالقياس أن لا يجوز. وفي الاستحسان يجوز/( ( )بداية 86/أ من النسخة( ب).)؛ لأنَّ هذا الصلح جائز من وجهين [هما أن يكون المصالح عنه أكثر من بدل الصلح أو مثله وُيفسد من وجه]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( أ).): وهو أن يكون المصالح عنه أقل، فرجح( ( )في( د) من ترجح جانب.) جانب الجواز [بخلاف ما إذا اشترى والمسألة بحالها حيث لا يجوز( ( )مسألة:(الصلح عن المجهول):(2/141)
من شروط المصالح عنه: أن يكون معلوما، وقد اختلف الفقهاء في اشتراطه أو في مداه على ثلاثة أقوال: الأول للشافعية: وهو عدم صحة الصلح عن المجهول. قال الإمام الشافعي في " الأم ": = = أصل الصلح أنه بمنزلة البيع، فما جاز في البيع جاز في الصلح، وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح، ثم يتشعب... ولا يجوز الصلح عندي إلا على أمر معروف، كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف، وقد روي عن عمر - رضي الله عنه -: " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً. ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول الذي لو كان بيعا كان حراما. هذا، وقد نص الشافعية على صحة الصلح عن المجمل عندهم، فلو ادعى عليه شيئا مجملا فأقر له به وصالحه عنه على عوض، صح الصلح.
والثاني للحنفية: وهو أنه يشترط كون المصالح عنه معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم، فإنه لما كان مطلوب التسليم اشترط كونه معلوما؛ لئلا يفضي إلى المنازعة.(2/142)
والثالث للمالكية والحنابلة: وهو التفريق بين ما إذا كان المصالح عنه مما يتعذر علمه. وبين ما إذا كان مما لا يتعذر. فإن كان مما يتعذر علمه، فقد نص المالكية والحنابلة على صحة الصلح عنه. قال الحنابلة: سواء أكان عينا أم دينا، وسواء جهلاه أو جهله من عليه الحق، وسواء أكان المصالح به حالا أو نسيئة لأنه إسقاط حق، فصح في المجهول كالطلاق للحاجة، ولأنه إذا صح الصلح مع العلم وإمكان أداء الحق بعينه فلأن يصح مع الجهل أولى. وذلك لأنه إذا كان معلوماً فلهما طريق إلى التخلص وبراءة أحدهما من صاحبه بدونه، ومع الجهل لا يمكن ذلك، فلو لم يجز الصلح، لأفضى ذلك إلى ضياع الحق، أو بقاء شغل الذمة على تقدير أن يكون بينهما مال لا يعرف كل واحد منهما قدر حقه منه. أما إذا كان مما لا يتعذر علمه، كتركة باقية، صالح الورثة الزوجة عن حصتها منها مع الجهل بها. فقال المالكية، وأحمد في قول له: لا يجوز الصلح إلا بعد المعرفة بذلك. وقال الحنابلة في المشهور عندهم: يصح لقطع النزاع. ينظر: المبسوط للسرخسي21/35، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/45، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/51، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/639، والمدونة للإمام مالك 3/393، وأنوار البروق للقرافي 4/8، والتاج والإكليل للعبدري 7/8، والأم للإمام الشافعي 3/226، والغرر البهية للشيخ زكريا الأنصاري3/131، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 4/391، والفروع لابن مفلح 4/267، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 5/242.)
.........................................................................................
...........................................................................................
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ إذَا
97= شَكَّ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ.(2/143)
"بِيرِي"]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في(أ) و(د ).)
وقوله بخلاف ما إذا اشترى الخ. أي اشترى من المديون شيئاً بماله عليه من الدراهم المجهولة الوزن، حيث لا يجوز للزوم جهالة الثمن.
وقول العلامة "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.) بعد قول "المُصنّفِ" ينبغي لزوم القدر المتيقن، قيل الظَّاهر أنَّه ليس على سبيل الوجوب وإنَّما هو تورع؛لأنَّ الأصل براءة الذمة( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.) انتهى. فيه نظر ظاهر؛ إذ فرض المسألة أنَّ شغلَ ذمته بالدين متيقنٌ وإنَّما الشَّكُّ في قدرِه.
97= قوله: شَكَّ فِيمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ. أي يجب كما في «المُلتقَطَاتِ»( ( )( الملتقطات في المسائل الواقعات ) للشيخ الإمام، أبي المعالي، مسعود بن شجاع بن محمد، الأموي الحنفي، المتوفى سنة 599هـ. قال: (( هو مختصر جامع لمسائل متفرقة في الكتب، تمس الحاجة إلى الوقوف عليها، والرجوع إليها لكثرة وجودها، وسرعة وقوعها ))، وهو كتاب مخطوط، توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( و7848 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1814،و هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/429،و معجم المؤلفين لعمر كحالة 12/227.) كذا ذكره " البِيرِي".
وإذا وجب إرضاء خصمه مع أنَّ الشَّكَّ وقعَ فيما يدعي عليه بأن/( ( )بداية 101/ب من النسخة (د).) شكَّ هل عليه شيء
98= وَلَا يَحْلِفُ احْتِرَازًا عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَإِنْ أَبَى خَصْمُهُ إلَّا حَلِفَهُ
99= إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ.(2/144)
للمدعي أم لا فكيف لا يجب دفع القدر المتيقن فيما/( ( )بداية 124/أ من النسخة (أ).) إذا تيقن الدين وشكَّ في قدره كما ذكر "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.) فيما سبق بل الوجوب فيه يكون بالأولى.
98= قوله: وَلَا يَحْلِفُ احْتِرَازًا عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ. وهو اليمين الكاذبة( ( )اليمين الكاذبة: وتسمى الغموس: وهي التي يحلفها الإنسان عالماً أن الأمر بخلاف ما حلف عليه، ليحق بها باطلا أو يبطل حقا، ولم يقصد بهذه التسمية ما عبر عنه الإمام البيري أنَّه يمين كاذب؛ لأن الأحناف قسموا اليمين بالله تعالى أو ما ألحق بها كتعليق الكفر من حيث الذنب وعدمه إلى ثلاثة أنواع وهي اليمين الغموس، واليمين اللغو، واليمين المعقودة، وقالوا عن اليمين اللغو إنها هي اليمين الكاذبة خطأ أو غلطا في الماضي أو في الحال ومن هذا النوع من الأيمان قصد البيري أنها كاذبة؛ لأنه في حلفه هذا يكون بناؤه على الظن وليس على العمد حتى تكون غموسا، يقول الكاساني في البدائع: (( أما يمين الغموس فهي الكاذبة قصدا في الماضي والحال على النفي أو على الإثبات وهي الخبر عن الماضي أو الحال فعلا أو تركا متعمدا للكذب في ذلك مقرونا بذكر اسم الله تعالى نحو أن يقول: والله ما فعلت كذا وهو يعلم أنه فعله، أو يقول: والله لقد فعلت كذا وهو يعلم أنه لم يفعله، أو يقول: والله ما لهذا علي دين وهو يعلم أن له عليه دينا فهذا تفسير يمين الغموس. وأما يمين اللغو فقد اختلف في تفسيرها، قال أصحابنا: هي اليمين الكاذبة خطأ أو غلطا في الماضي أو في الحال وهي أن يخبر عن الماضي أو عن الحال على الظن أن المخبر به كما أخبر وهو بخلافه في النفي أو في الإثبات)).ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 3/3 وينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/107، والجوهرة النيرة للعبادي 2/191، وفتح القدير لابن الهمام 5/60، والفتاوى(2/145)
الهندية للبلخي 2/51.) "بيري".
99= قوله: إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ لَا يَحْلِفُ( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/300،و البحرالرائق لابن نجيم 7/206.). هذا معلوم من
100= أَنَّهُ مُبْطِلٌ سَاغَ لَهُ الْحَلِفُ ( انْتَهَى )
الثَّانِي: لَهُ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ سَائِمَةٌ وَشَكَّ فِي أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ زَكَاةُ الْكُلِّ الثَّالِثُ شَكَّ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الصِّيَامِ الرَّابِعُ شَكَّتْ فِيمَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ هَلْ هِيَ عِدَّةُ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ
سابقه بالطريق الأولى ولو/( ( )بداية 224 من النسخة (جـ).) حذفه واقتصر على قوله: [وإن] ( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب).)[أبى]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) خصمه إلا حلفه وكان أكبر رأيه أن مبطل ساغ له الحلف لكان أولى.
100= قوله: أَنَّهُ مُبْطِلٌ. أي أكبر رأيه أنه ليس عليه حق وسعه ذلك اعتباراً للغالب أي غالب رأيه كما في « الْوَلْوَالِجيَّةِ( ( )«الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ »: للإمام أبي الفتح ظهير الدين عبد الرشيد بن أبي حنيفة بن عبد الرزاق الْوَلْوَالِجيَّ الحنفي، المتوفى سنة 540هـ. ينظر: الأعلام للزركلي 3/353، معجم المؤلفين لعمر كحالة 5/220.)»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 4/74.)"بيري".(2/146)
101= يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْأَكْثَرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الصَّائِمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ تَرَكَ صَلَاةً وَشَكَّ أَنَّهَا أَيَّةُ صَلَاةٍ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ.الْخَامِسُ شَكَّ فِي الْمَنْذُورِ هَلْ هُوَ صَلَاةٌ أَمْ صِيَامٌ، أَوْ عِتْقٌ، أَوْ صَدَقَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ; لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَنْذُورِ كَعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ
السَّادِسُ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِاَللَّهِ، أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِالْعَتَاقِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ بَاطِلًا،
101= قوله: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْأَكْثَرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الصَّائِمِ( ( )هذه المسألة الرابعة من الفروع التي ذكرها المصنف عند قوله: ((هنا فروع لم أرها الآن: الأول لو كان عليه دين وشك في قدره... الخ)). وفرض هذه المسألة: شك فيما عليه من الصيام وشكَّتْ فيما عليها من العدة أطلاق أو وفاة. ذهب المصنف إلى الأخذ بالأكثر قياسا على الشك في صلاة تركها فإنه يعيد يوماً وليلة احتياطاً بينما اُعترض عليه من قبل الإمام الحموي ووافقه الشارح أبو السعود على ذلك.) الخ. قيل عليه( ( )أي: الجواب عليه.) أن الشك في مسألة الصلاة في تعيين الفائتة مع الجزم بأنها واحدة فلا يخرج عن العهدة إلا بقضاء الخمس والشك في الصيام ليس على وزانه لأنه متردد فيما عليه من الأقل والأكثر، وقضية كلامهم في نظائره الأخذ بالأقل، لأنه المتيقن "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.).(2/147)
وأقول: قدَّمنا عن " البِيرِي" ما يقتضي أنَّه عند استواء الظَّنِّ يأخذ بالأكثر وعليه فما ذكره "المُصنِّفُ" من أنَّه ينبغي أن يلزم الأكثر عليها، وعلى الصائم( ( )في (أ) الصيام.) متجه( ( )ينظر: المنثور في القواعد للزركشي 2/286، الأشباه والنظائر للسيوطي /60/.). واعلم أنَّه استفيد من كلامهم أنَّ في البناء على الأقل والأخذ بالأكثر عند استواء الظَّنِّ/( ( )بداية 86/ب من النسخة (ب).) خلافاً.
102= ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَكِّ الْأَيْمَانِ: حَلَفَ وَنَسِيَ أَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِالْعَتَاقِ
102= قوله: ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةِ فِي «الْبَزَّازِيَّةِ»( ( )ينظر: الفتاوى البزازية4/264 كتاب الأيمان ( على هامش الفتاوى الهندية ).) الخ. أقول فيه أن في «الْبَزَّازِيَّةِ»حلف ونسي. والذي الكلام فيه: حلف وشكَّ. ولا شبهة أن في النسيان غير الشَّكِّ "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/211.).(2/148)
وفيه نظرٌ ظاهرٌ؛ لأنَّ الشَّكَّ يترتبُ على النسيان بل يستلزمه، ثم رأيت بخط "شَيخِنَا"( ( )هو الإمام علي بن علي إسكندر، السيد الشريف الحسيني، السيواسي الضرير، المتوفى سنة 1148هـ، والد أبي السعود ـ صاحب هذا المخطوط ـ وذلك لأن أبا السعود قال في مقدمته لهذا المخطوط: (( عمدة الناظر على الأشباه والنظائر )) ق1، وفي مقدمة كتابه: (( فتح المعين على شرح العلامة ملا مسكين )) 1/2 ما نصه: (( واعلم أني إذا عزوت شيئا من المسائل لشيخنا، فالمراد به شيخنا الوالد )) اهـ كلامه. قال عنه الجبرتي صاحب كتاب عجائب الآثار: (( إمام الأئمة، شيخ الشيوخ، وأستاذ الأساتذة، عمدة المحققين والمدققين، الحسيب النسيب، السيد علي بن علي إسكندر، الحنفي السيواسي الضرير، أخذ عن الشيخ أحمد الشوبري، والشرنبلالي، والشيخ عثمان بن عبد الله التحريري الحنفيين، وأخذ الحديث عن الشيخ البابلي، والشبراملسي، وغيرهم، وسبب تلقيبه بإسكندر أنه كان يقرأ دروسا بجامع إسكندر باشا بباب الخرق، وكان عجيبا في الحفظ، والذكاء، وحدة الفهم، وحسن الإلقاء )). ينظر: عجائب الآثار للجبرتي 1/232.) ما نصه: ((والنسيان وإن كان مغايراً إلَّا أنَّ الحكم في الشَّكِّ يكونُ معلوماً بالأولى، لأنَّ الناسي كان عالماً وذاكراً لما حلف به ولا كذلك الشَّاك، لأنَّه يصدق بما إذا لم يتقدم الشك علم)) فيسقط ما قاله "الحَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/211.).
103= فَحَلِفُهُ بَاطِلٌ ( انْتَهَى )،
103= قوله: فَحَلِفُهُ بَاطِلٌ. أي فلا شيء عليه، قيل: أما الطلاق والعتاق فإنَّهما لا يقعان بالشَّكِّ، وأمَّا الحلف بالله فلأنَّ الأصلَ براءةُ الذمةِ فلا تجبُ الكفارةُ بالشَّكِّ انتهى. وفيه تأمل "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/211.).(2/149)
وقال "البِيرِيُّ" - بعد قول "المصنِّفِ"-: فَحَلِفُهُ بَاطِلٌ( ( )في الفتاوى الهندية حلفه بالطلاق، وليس كما نقل البيري عن الذخيرة، وهذا نصه: (( في فتاوى ما وراء النهر سئل أبو نصر الدبوسي عمن حلف ونسي أنه حلف بالله أو بالصيام أو بالطلاق قال: حلفه بالطلاق إلا أن يذكره كذا في التتارخانية )) الفتاوى الهندية للبلخي 2/140و141.): إلَّا أن يتذكر كما في «الذَّخِيرَةِ» عن «فتاوى/( ( )بداية 102 ا من النسخة (د).) ما وراء النهر»( ( )«فتاوى ماوراء النهر»: لم أجد له ترجمة، وإنَّما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2/1229، فقال: ((فتاوى ماوراء النهر ذكرها في التتارخانية)).) عن "أبي نَصرٍ الدبُوسِي". وفي «الخِزانَةِ»: رجل يعلم أنَّه كان حلف/( ( )بداية 124ب من النسخة (أ).) بطلاق كلِّ امرأةٍ يتزوجها ولا يدري أنَّه كان بالغاً وقت اليمين أم لم يكن، فتزوج لا يحنث/( ( )بداية 225 من النسخة (جـ).)، لأنَّه شكَّ في صحة اليمين( ( )يشترط في صحة انعقاد اليمين وبقائه شرائط في الحالف. منها البلوغ: فلا خلاف بين الفقهاء بأن يمين الصغير لا ينعقد لأنه غير مكلف. ينظر: المبسوط للسرخسي 7/29، والمدونة للإمام مالك 4/56، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 6/181، والمغني لابن قدامة 9/385.) انتهى. وفي «الذَّخِيرةِ»: لا حنث عليه ما لم يعلم أنَّه مُدرِك( ( )ينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 1/419.) اهـ.
104= وَفِي الْيتيمَةِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ حَلَفَ مُعَلِّقًا بِالشَّرْطِ وَيَعْرِفُ الشَّرْطَ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ وَنَحْوُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْرِي إنْ كَانَ بِاَللَّهِ أَمْ كَانَ بِالطَّلَاقِ فَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ:
105= يُحْمَلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا،(2/150)
104= قوله: وَفِي «الْتتمَةِ»( ( )«التتمة»: هي «تتمة الفتاوى»: لأبي المعالي محمد بن أحمد برهان الدين صاحب المحيط المتوفى 616هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/343، لجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء/15/. )الخ. في بعض النسخ وفي «اليَتِيمَةِ»( ( )في متن الأشباه والنظائرالذي بين يدي (اليتيمة) كما أشار الشارح لهذه النسخ. واليتيمة اسمها «يتيمة الدهر في فتوى أهل العصر »: للإمام علاء الدين محمد بن محمود بن محمد الترجماني الحنفي المتوفى 645هـ أشار الزكلي إلى أنها مخطوط. ينظر: كشف الظنون 2/2049، وهدية العارفين 2/125، ومعجم المؤلفين 5/210، والأعلام للزركلي 7/86.) إذا كان يعرف أنَّه حلف معلقاً الخ.ذكره بطريق المقابلة لعبارة « البزَّازِيّةِ » لما بينهما من التنافي لأنَّ بطلان الحلف على ما ذكره في« البزَّازِيّةِ » صادق بما إذا كان الحلف معلقاً أو منجّزاً، ويمكن دفع التنافي بينهما بحمل كلام « البزَّازِيّةِ » على ما إذا لم يكن الحلف بالتعليق كذا بخط "شَيخِنا".(2/151)
105= قوله: يُحْمَلُ عَلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى( ( )الشك في اليمين: إمَّا أن يكون الشك في أصل اليمين هل وقعت أو لا: كشكه في وقوع الحلف أو الحلف والحنث، فلا شيء على الشاك في هذه الصورة؛ لأن الأصل براءة الذمة واليقين لا يزول بالشك. وإما أن يكون الشَّك في المحلوف به كما إذا حلف وحنث، وشكَّ هل حلف بطلاق أو عتق أو مشي إلى بيت الله تعالى، أو صدقة، فالواجب عليه في هذه الحالة وما ماثلها - عند المالكية - طلاق نسائه وعتق رقيقه والمشي إلى مكة والتصدق بثلث ماله، وهو مأمور بذلك كله على وجه الإفتاء لا على وجه القضاء إذ الحالف - في رأيهم - يؤمر بإنفاذ الأيمان المشكوك فيها من غير قضاء. ويرى الحنفية أنَّ الشَّاك في هذه الصورة لا شيء عليه؛ لأن الطلاق والعتاق لا يقعان بالشك؛ولأن = = الكفارة المترتبة على الحلف بالله لا تجب مع الشك أيضا إذ الأصل براءة الذمة. ويضيفون إلى هذا الحلف إذا كان معلقا بشرط معلوم مع الشك في القسم هل كان بالله إذا تحقق الشرط وكان الحالف مسلما ؛ لأن الحلف بالطلاق والعتاق غير مشروع فيجب حمل المسلم على الإتيان بالمشروع دون المحظور. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/305، والفتاوى الهندية للبلخي 2/64، أنوار البروق في أنواع الفروق للقرافي 2/163، والتاج والإكليل للعبدري 5/378، المنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/282، وفتاوى الرملي 3/324، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 9/139.). هذا هو الظَّاهر لأنَّ الحلف
106= قِيلَ لَهُ: كَمْ يَمِينًا عَلَيْك ؟ قَالَ: أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيَّ أَيْمَانًا كَثِيرَةً غَيْرَ أَنِّي لَا أَعْرِفُ عَدَدَهَا،
107= مَاذَا يَصْنَعُ ؟ قَالَ:
بالطَّلاق والعتاق غير مشروع، فيجب حمل المسلم على الإتيان بالمشروع دون المحظور "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/211.).(2/152)
ووجهه كون الحلف بالطَّلاق والعتاق غير مشروع. [هو]( ( )[هو] غير موجودة في نسخ المخطوط لكن الكلام يقتضي وجودها لصحة المعنى.) النهي عن الحلف بغير الله تعالى.
106= قوله: قِيلَ لَهُ. أي لصاحب «التتَمةِ» أي سُئِلَ صاحب «التتَمةِ» عمَّا إذا قال: أعلم أنّ علي أيماناً كثيرة الخ.
107= قوله: مَاذَا يَصْنَعُ. فيه /التفات( ( )الالتفات: هو من الأساليب العريقة في اللغة العربية. وذكر ابن المعتز تعريفه فقال:(( هو انصراف المتكلم عن المخاطبة إلى الإخبار، وعن الإخبار إلى المخاطبة)). ومن الالتفات الانصراف من معنى يكون فيه إلى معنى أخر.ينظر: خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي1/134، ذخيرة في = = محاسن أهل الجزيرة لأبي الحسن الشنتريني3/224، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها للدكتور أحمد مطلوب /173/. ) ووزان/.
108= يَحْمِلُ عَلَى الْأَقَلِّ حُكْمًا، وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَلَا نِهَايَةَ لَهُ ( انْتَهَى ).
قوله: أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيَّ أَيْمَانًا الخ. أن يقول ماذا أصنع.(2/153)
108= قوله: يَحْمِلُ عَلَى الْأَقَلِّ حُكْمًا الخ. في اختصار كتاب «حاطِبِ ليل وجَارفِ سِيل»( ( )لمحمد بن عبد الله بن محمد الحسيني المولوي المعروف بمحمد الكبريتي المتوفى سنة 1070هـ، أديب ولد بالمدينة، وقام برحلة إلى الروم وزار دمشق والقاهرة، وتوفي بالمدينة من آثاره: بسط المقال في القيل والقال، الجواهر المدينة في محاسن المدينة. ينظر: الأعلام للزركلي 6/240، معجم المؤلفين لعمر كحالة 10/240.) رجل حلف على شيء أن لا يفعله، ونسي اليمين المحلوف بها بأن لم يدرِ أطلاقٌ هي، أم عتاقٌ، أم حجٌ، أم صدقةٌ، وفعل المحلوف عليه ما حكم الله في/( ( )بداية 87/أ من النسخة (ب).) حقه. قيل: يلزمه على مذهب الإمام "مَالك"( ( )مالك:( 93 – 179 هـ ) هو مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الأنصاري إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. أخذ العلم عن نافع مولى ابن نافع مولى ابن عمر،والزهري، وربيعة الرأي، ونظرائهم. وكان مشهورا بالتثبت والتحري: يتحرى فيمن يأخذ عنه، ويتحرى فيما يرويه من الأحاديث، ويتحرى في الفتيا. اشتهر في فقهه باتِّباع الكتاب والسنة وعمل أهل المدينة. ميلاده ووفاته بالمدينة.من تصانيفه: الموطأ، وتفسير غريب القرآن، وجمع فقهه في المدونة، وله الرد على القدرية، والرسالة إلى الليث بن سعد.ينظر: تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني 10/5، وَفَيَات الأعيان لابن خلِّكان 1/439.) جميع الأيمان. وفيه حرج وضيق وعلى مذهب الإمام "الشَّافِعِيِّ" ( ( )الإمام الشَّافِعِي رضي الله تعالى عنه أبو عبد الله محمد بن إدريس القرشي المطلبي المكي، نزيل مصر، إمام الأئمة، وقدوة الأمة ، ولد بغزة سنة 150هـ ، وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، قال أحمد بن = = حنبل: إن الله تعالى يقيض للناس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله ? الكذب، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشَّافِعِي، مات في آخر(2/154)
رجب سنة 204هـ. ينظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 157، وسير أعلام النبلاء للذهبي 10/5-99، ووفيات الأعيان لابن خلِّكان 4/163-169، وصفة الصفوة لعبد الحمن أبو الفرج 2/248-259.) كفارة يمين.........................................................
.........................................................................................
انتهى "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/212.). وعندنا: لا شيء عليه كما سبق عن « البزَّازِيّةِ » حيث قال: حلف ونسي أنَّه بالله أو بالطَّلاق إلا أنَّه قال: فحلفه( ( )في (أ) فجعله.) باطل بقي أن يقال لا مناسبةَ لما نقله السيد "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/212.) عن [اختصار]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).) كتاب «حَاطِبِ لَيل» بما سئل عنه صاحب «التتَمةِ» للفرق الظَّاهر بينهما، ولهذا كان الحكم بالنسبة لما سئل عنه صاحب «التتَمةِ» الحمل على الأقل بخلاف ما ذكره في اختصار كتاب «حَاطِبُ لَيل» فإنَّ الحكمَ فيه عدمُ لزومِ شيء أصلاً قياساً على ما قدمه "المصنف" عن « البزَّازِيّةِ » من قوله: فحلفه باطل.
.........................................................................................
لا يقال تسميه الكتاب «بحَاطبِ لِيل»/( ( )بداية 102/ب من النسخة (د).) الخ. مشعرة بذمه؛لأنَّا نقول الغرض من التسمية/( ( )بداية 226 من النسخة (جـ).) بذلك/( ( )بداية 125/أ من النسخة (أ).) الإشارة إلى التتبع والاستيعاب وأنَّه لم يفته شيء مما( ( )في (أ)،(ب)، (جـ) بما.) اطلع عليه.
قوله: حُكْمًا. أي قضاءً أي ما ذكره من الحمل على الأقل إنما هو في الحكم أي القضاء بدليل ما بعده من قوله: وَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَلَا نِهَايَةَ لَهُ.
- - -
«الْأَصْلُ الْعَدَمُ»
109= قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ الْعَدَمُ(2/155)
« قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ الْعَدَمُ( ( )«الأصل العدم »: ليس الأصل العدم مطلقاً، وإنما هو في الصفات العارضة، وأما في الصفات الأصلية فالأصل الوجود، فلو اشتراه على أنه خباز أو كاتب وأنكر وجود ذلك الوصف، فالقول له؛ لأن الأصل عدمها، لكونهما من الصفات العارضة. ولو اشتراها على أنها بكر وأنكر قيام البكارة وادّعاه البائع، فالقول للبائع؛ لأن الأصل وجودها، لكونها صفة أصلية. ينظر: فتح القدير للكمال بن الهمام 6/ 334، نزهة النواظر على الأشباه والنظائر لابن عابدين /69/.)» قيل: يرد عليها( ( )هذه المسائل مما يستثنى من هذه القاعدة « الْأَصْلُ الْعَدَمُ ».):
لو قال: إن لم أدخل فأنت حرٌّ، وادَّعى العبد عدمَ الدخولِ؛ لتثبتَ الحريةُ. قالوا: القول للمولى مع أنَّ الأصلَ عدمُ الدخولِ.
أقول( ( )أي الحموي.): يزاد على ذلك ما ذكره "العمَادِيُّ"( ( )"العمادي":حامد بن إبراهيم بن عبد الرحيم، بن عماد الدين بن محب الدين، الدمشقي الحنفي، المعروف بالعمادي، المتوفى سنة 1171هـ ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/261، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة 3/180.) في الفصل الثالث فيمن يصلح خصماً لغيره: رجل وهب لعبد رجل[ آخر]( ( )ما بين المعقوفين ورد في (أ) فقط.) شيئاً، ثم أراد الرجوع ومولى العبد غائب، فإن كان العبد مأذوناً يُقضى له بالرجوع، وإن كان محجوراً لا يقضى له بالرجوع ما لم يحضر المولى، فإن قال العبد: أنا محجور، وقال الواهب: لا بل أنت مأذون، فالقولُ قولُ الواهبِ مع يمينه
.........................................................................................
استحساناً انتهى.
ويزاد أيضاً ما في «الخَانِيةِ»: إذا وهبَ رجل شيئاً،وأراد الرجوع، فادَّعى الموهوب له هلاك الموهوب فالقولُ قولُه ولا يمينَ عليه( ( )فتاوى قاضي خان 3/272 على هامش الفتاوى الهندية.) انتهى.(2/156)
و يزاد أيضاً ما ذكره "الفقيه"( ( )أبو الليث السمرقندي.) في «النَّوازِلِ»: قال السارق: [قد]( ( )ما بين معقوفتين لم يرد في (ب).) استهلكته، وقال صاحب المال:لم تستهلكه وهو عندك قائم. هل يحلف ؟ قال: يجب أن يكون القول قول السارق ولا يمين عليه ا هـ.
ويزاد أيضاً ما في «القِنيةِ»: رجل كان يتصرف في غلات( ( )في (أ)و (ب) غلة.) امرأته ثم ماتت، فادعى ورثتها أنَّ ذلك بغير إذنها [فعليك الضمان، وقال الزوج: بل بإذنها]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في ( أ).) فالقول له وقد نقله "المُصَنِّفُ" [ في الغصب( ( )لأنَّه ظاهر أن الزوج لا يتصرف في مثل هذا التصرف في مال امرأته إلا بإذنها، والظاهر يكفي للدفع.ينظر: مجمع الضمانات لغانم البغدادي /356/، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/181. ).
ويزاد أيضاً ما في «البَحرِ» "للمُصَنِّفِ": ((لو اختلفا في هبة المهر]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من أ.)، فقالت: وهبت لك بشرط أن لا تطلقني وأنكر الشرط، فالقول قولها))( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/162.) اهـ.
.........................................................................................
ويزاد أيضاً ما في «الحَافِظِية»( ( )«الحافظية»: ذكرها حاجي خليفة في كشف الظنون في باب ((علم الفتاوى)) عند ذكره لكتب الفتاوى فأدرجها معهم دون أن يعلق عليها شيء. كشف الظنون2/1222.): لو قال: إن شربت مسكراً بغير إذنك/( ( )بداية 87/ب من النسخة( ب).) فأنت كذا،وشربه ثم اختلفا في الإذن، فالقول قوله والبينة عليها.(2/157)
ويزاد أيضاً ما في «الصَّيرَفِية»( ( )«الفتاوى الصيرفية »: للإمام مجد الدين، أسعد بن يوسف بن علي، البخاري الصيرفي الحنفي، المعروف بآهو، المتوفى سنة 1088هـ، قال بعض تلامذته: إنه لما كتب أجوبة الأئمة الذين يعتمد على أجوبتهم القاضي وقت القضاء، فبعضها منصوص في كتب الأئمة، وبعضها مقيس على أجوبتهم، وانتخب من كتب المتقدمين والمتأخرين مسائل عجيبة، ولم يرتبها، ولم يجانسها، فرتبها وجنسها بعض طلبته، وزاد في بعضها بإجازته ما يجانسه من مسموعاته بلفظ: قلت، ووضع علامات. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1225، الأعلام للزركلي 1/302.): لو قال: إن ذهبتُ إلى بيت أبي بغير إذنك فأنتِ طالقٌ فادَّعى إذنها وأنكرت، فالقولُ له؛ لأنه منكر وقوع الطلاق انتهى "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/213.).(2/158)
وقوله( ( )الفقيه أبو الليث السمرقندي.): قال السارق: قد استهلكته/( ( )بداية 227 من النسخة (جـ)، وبداية 103/أ من النسخة (د).) الخ. يعني اختلف المالك والسارق بعد قطع يده في كون المسروق قائماً أو مستهلكاً؛ حيث يكون القول للسارق إنَّه استهلكه وينتفي عنه الضمان( ( )لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما، إلى من سرق منه، سواء كان السارق = = موسراً أو معسراً، وسواء أقيم عليه الحد أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده أو عند غيره، ولا خلاف بينهم كذلك في وجوب ضمان المسروق إذا تلف، ولم يقم الحد على السارق، لسبب يمنع القطع، كأخذ المال من غير حرز، أو كان دون النصاب، أو قامت شبهة تدرأ الحد، أو نحو ذلك، وحينئذٍ يجب على السارق أن يردَّ مثل المسروق - إن كان مثلياً - وقيمته إن كان قيمياً. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 7/89، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/213، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 8/426، والفواكه الدواني للنفراوي،والأم للإمام الشافعي 8/271، وتحفة الحبيب على شرح الخطيب 4/211،والمغني لابن قدامة المقدسي 9/113 والفروع لابن مفلح 6/128.).
109 = فِيهَا فُرُوعٌ
مِنْهَا: 110= الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِي الْوَطْءِ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ.
وقوله( ( )أي المصنف (ابن نجيم ) في البحر.): فالقول قولها، أي إنَّها وهبت المهر بشرط أن [لا]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) يطلقها، وقد طلَّق يعني فيلزمه دفع المهر لها.
109= [قوله: فِيهَا فُرُوعٌ. أي بعضها موافق للقاعدة وبعضها خارج عنها يدل على هذا ما بعده/( ( )بداية 125/ب من النسخة (أ).) من قوله: منها أخذاً من القاعدة الخ. أي من الفروع الموافقة للقاعدة قول "المُصَنِّف"]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) القول قول نافي الوطء.(2/159)
110= قوله: الْقَوْلُ قول نافِي الْوَطْءِ( ( )ينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 1/474، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/417.). قيل: ينتقض بما في « البزَّازِيّةِ »( ( )ينظر:الفتاوى البزازية4/147 كتاب النكاح ( على هامش الفتاوى الهندية ).) أخبرت
111= لَكِنْ قَالُوا فِي الْعِنِّينِ لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَأَنْكَرَتْ وَقُلْنَ: بِكْرٌ
112= خُيِّرَتْ
أنَّ الثاني جامعها، وأنكر الجماع حلت للأول( ( )شروط تحليل المطلقة ثلاثاً:
أ- أن تنكح زوجا غيره، فلو وطئها إنسان بالزنا أو بشبهة، لم تبح، لأنَّه ليس بزوج.
ب – أن يكون النكاح الثاني صحيحا.
ج – أن يطأها الزوج الثاني في الفرج، فلو وطئها دونه أو في الدبر لم يحلها لزوجها الأول. ينظر: المبسوط للسرخسي 6/9،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 3/187، 188،والمدونة للإمام مالك 2/208 وما بعدها، والفواكه الدواني للنفراوي 2/30، 31، والأم للإمام الشافعي 5/266 وما بعدها، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/299،300، والمغني لابن قدامة المقدسي7/398،399،وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/349،350.)، ولو على القلب( ( )في (جـ)، (د) الغلب.) لا( ( )أي لو أقر الزوج الثاني الجماع، وأنكرت لا تحل للأول، لأن القول قول نافي الوطء.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/213.). والظَّاهر( ( )في (ب) والظَّن.) أنَّ المستتر في (وأنكر الجماع): للثاني( ( )في (أ)، (جـ)، (د) الثاني.).
111= قوله: لَكِنْ قَالُوا الخ. الاستدراك بالنسبة لما سيأتي( ( )في (أ)، (د) لما سبق.) من قوله: وَإِنْ قُلْنَ: ثَيِّبٌ الخ.
112= قوله: خُيِّرَتْ. يفيد أنَّ الاختلاف بعد مضي الحول، وحاصله: أنَّ الأصلَ العدمُ(2/160)
113= وَإِنْ قُلْنَ: ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ لَهُ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا اسْتِحْقَاقَ الْفُرْقَةِ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُنَّةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ افْتَرَقَا وَقَالَتْ: افْتَرَقْنَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَالَ الزَّوْجُ قَبْلَهُ
ما لم يعارضه شيء آخر "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/213.).
وقوله: خيِّرت أي في مجلسها. « دُر»( ( )رد المحتار على الدر المختار 3/499.).
113= قوله: وَإِنْ قُلْنَ: ثَيِّبٌ( ( )الثيب من زالت عُذرتُها بجماع أو غيره. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/244، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/224،والغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 4/111،وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/46.) الخ. ظاهر قوله: وإن قلت إنه لا بدَّ من ثلاث، وليس كذلك فقد صرح "المُصَنِّفُ" في «البَحرِ»: ((بأن التقييد بالجماعة لبيان الأولى؛ إذ يكتفى بقوله: الواحدة والاثنان أحوط. وفي «البدائع»: أوثق( ( )لأن غلبة الظن بخبر العدد أقوى . بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 2/323.)، وفي "الإسِبيجَابي": أفضل، وفي «كَافِي الحَاكِم»( ( )«كَافِي الحَاكِم»: للحاكم الشهيد، محمد بن محمد الحنفي، المتوفى سنة 334هـ، جمع فيه كتب محمد بن الحسن، وهو كتاب معتمد في نقل المذهب، وشرحه جماعة من المشايخ منهم شمس الأئمة السرخسي، وهو المراد إذا أطلق المبسوط في شروح الهداية وغيرها، وهو كتاب مخطوط كما أشار الزركلي. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1378، وهدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/37، والأعلام للزركلي 7/19.):............................................................
.........................................................................................(2/161)
اشترط عدالتها( ( )مسألة: (شهادة النساء): اتفق الفقهاء على مشروعية القضاء بشهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال غالباً، كالولادة والاستهلال والرضاع، ولكنهم اختلفوا في العدد الذي تثبت به هذه الأمور من النساء. على خمسة أقوال:
الأول: ذهب الحسن البصري إلى أنَّه تقبل في الولادة شهادة القابلة وحدها، ولا تقبل شهادة غير القابلة إلا مع غيرها. وهو مروي عن ابن عباس، ورواية عن أحمد.
الثاني: ذهب أبو حنيفة إلى أنه تقبل في ذلك شهادة امرأة واحدة مسلمة حرة عدلة قابلة كانت أو غيرها، إلا ولادة المطلقة فلا تقبل فيها شهادة.
الثالث: ذهب مالك، والحكم، وابن شبرمة وابن أبي ليلى، وأحمد في إحدى روايتيه إلى أنَّه تقبل في ذلك شهادة امرأتين، ولا يشترط أكثر من ذلك ؛ لأنهن لما قمن في انفرادهن مقام الرجال، وجب أن يقمن في العدد مقام الرجال، وأكثر عدد الرجال اثنان، فاقتضى أن يكون أكثر عدد النساء اثنتين.
الرابع: هو ما حكي عن عثمان البتي أنّه تقبل ثلاث نسوة، ولا يقبل أقل منهن، وهو مروي عن أنس. واستدل لذلك بأن الله ضم شهادة المرأتين إلى الرجل في الموضع الذي لا ينفردن فيه فوجب أن يستبدل الرجل بالمرأة في الموضع الذي ينفردن فيه فيصرن ثلاثا.
الخامس: ذهب الشافعي وعطاء إلى أنه لا يقبل في ذلك أقل من أربع نسوة.
ينظر: المبسوط للسرخسي16/114، فتح القدير لابن الهمام 7/373، والمدونة للإمام مالك 4/22، وتبصرة الحكام لابن فرحون1/253، والأم للإمام الشافعي 7/50، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 10/250، والمغني لابن قدامة المقدسي 10/ 156، 157، والطرق الحكمية لابن قيم الجوزية /131/، والمحلى بالآثار لابن حزم الظاهري 8/482.) انتهى))( ( )البحر الرائق 4/136.).
وتحرير هذه المسألة لا بأسَ به تتميماً للفائدة.
.........................................................................................(2/162)
فأقول: إذا ادَّعت امرأة أنَّه لم يصل إليها فإن صدقها يؤجل سنة مطلقاً سواء كانت بكراً أو ثيباً، وإن أنكر، فإن كانت بكراً نظر إليها النساء فإن قلن: إنَّها بكر يؤجل سنة، ثم إذا تمت السنة، فإن ادَّعتْ عدم الوصول، فإن صدَّقها خيرت لثبوت حقها بالتصادق، وإن أنكر نظر إليها النساء فإن قلن: هي ثيب فالقول قوله مع يمينه؛ لأنَّ الثيابةَ تثبت بقولهن، وليس من ضرورة الثيابة الوصول إليها لاحتمال زوالها بشيء آخر، فيحلف بخلاف البكارة؛ لأنَّ ثبوتها ينفي الوصول إليها ضرورة فتخير بقولهن، ثم إذا حلف فهي امرأته، وإن نكل خيرت لأنَّ دعواها تأيدت بالنكول، وإن كانت ثيباً في الأصل فالقول قوله مع يمينه/( ( )بداية 103/ب من النسخة (د).)؛ لأنَّه ينكر استحقاق الفرقة عليه.
والأصلُ هو السلامة/( ( )بداية 228 من النسخة (جـ).) في الحَبَلَة( ( ) حَبَلُ المرأة وهو امتلاء رحمها.لسان العرب 11/139.)، فإذا حلف فلا حق لها، وإن نكل يؤجل سنة فإن تمت السنة، فإن ادَّعتْ عدمَ الوصولِ إليها, فإن صدَّقها خيرت لثبوتِ حقها بالتَّصادق وإن أنكر فالقول قوله مع يمينه/( ( )بداية 88/أ من النسخة (ب).) لما ذكرنا( ( )ينظر: بدائع الصنائع 2/323، وتبيين الحقائق 3/23 و24.).
فحاصله: أنَّها إن كانت ثيباً فالقولُ قولُه ابتداءً وانتهاءً مع يمينه، فإن نكل في الابتداء يؤجل سنة: وإن نكل في الانتهاء تخير، وإن كانت بكراً تثبت العنة فيه بقولهن فيؤجل أو يفرق كذا ذكره "الغَزّي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (43/ب).) معزياً "للزَّيلَعِي"( ( )تبيين الحقائق للزيلعي 3/24.) بقليل تصرف.
114= فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّهَا تُنْكِرُ سُقُوطَ نِصْفِ الْمَهْرِ ( انْتَهَى ).(2/163)
وَمِنْهَا 115= الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ أَنَّهُ لَمْ يَرْبَحْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ.
114= قوله: فَالْقَوْلُ /( ( )بداية 126/أ من النسخة (أ).) قَوْلُهَا ; لِأَنَّهَا تُنْكِرُ سُقُوطَ نِصْفِ الْمَهْرِ. في «خِزَانَةِ الأكمَلِ»: طلَّقها وأنكر الدخول [بها]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من النسخة(أ).) فله أن يراجعها إذا كانت حاملاً، وإلا فلا رجعة له اهـ.كذا ذكره "البِيرِي". وهو ظاهر لأنَّه بظهور الحمل صار مكذباً شرعاً.
115= قوله: الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ( ( )شركة العقد عرفها الحنفية: ((عقد بين المتشاركين في الأصل والربح))، وهي عندهم ست أنواع: شركة أعمال، وأموال، ووجوه، وكل من هذه الثلاثة إما مفاوضة وإما عنان. ينظر: المبسوط للسرخسي 12/152، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/313.) وَالْمُضَارِبِ( ( )المضاربة: أن يدفع المالك إلى العامل مالا؛ ليتجر به، ويكون الربح مشتركا بينهما بحسب ما شرطا.(2/164)
وهي جائزة عند الفقهاء جميعا. وأثبت ابن تيمية مشروعية المضاربة بالإجماع القائم على النص. ينظر: المبسوط للسرخسي 22/18، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/52، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 5/355، والفواكه الدواني للنفراوي 2/122،ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/398، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 5/219، والفتاوى الكبرى لابن تيمية 4/61، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/507.) الخ. قيل: وكذا الوصي( ( )الوصي في الجملة ثلاثة أنواع وهي: وصي الخليفة، ووصي المختار، ووصي القاضي. ووصي القاضي أو الحاكم هو: الذي يعينه القاضي للإشراف على شؤون القصر المالية. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/208، فتح القدير لابن الهمام 10/502.) إذا قال: لم أتجر في مال اليتيم، وهي واقعة الفتوى في زماننا. وانجر الكلام إلى أن الوصي هل
.........................................................................................
يجب عليه أن يتجر، ليربح من مال القاصر أم لا، لم نقف عليه، والظاهر عدم الوجوب( ( )ليس للوصي أن يتجر في مال اليتيم لنفسه فإن فعل تصدق بالربح في رأي أبي حنيفة ومحمد، ويجوز له أن يتجر في مال اليتيم لليتيم، ولا يجبر على تنمية مال اليتيم.
وأجاز الجمهور غير الحنفية التصرف في مال الصغير بحسب المصلحة للصغير أو الحاجة. ينظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 2/726، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/712، ومنح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 9/588، والفواكه الدواني للنفراوي 2/245، والأم للشافعي 4/128، والفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 4/8، والمغني لابن قدامة المقدسي6/143، والفتاوى الكبرى لابن تيمية 4/384.) اهـ.(2/165)
قلت: ما استظهره( ( )أي من عدم وجوب الاتجار في مال اليتيم.) صرح به في «مُعِين المفتِي( ( )في (أ) مغني المفتي وفي (د) معين الفتوى.)»( ( )«مُعِين المفتِي »: هو معين المفتي على الجواب المستفتي للإمام التمرتاشي المتوفى سنة 1004 هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1746.)"حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/213.).
وفي «التَّنوِيرِ»( ( )تنوير الأبصار وجامع البحار للشيخ شمس الدين، محمد بن عبد الله بن أحمد بن تمرتاش، الغزي الحنفي، المتوفى سنة 1004هـ، جمع فيه مسائل المتون المعتمدة عونا لمن ابتلي بالقضاء والفتوى. ينظر: كشف الظنون 1/501، معجم المؤلفين 10/197) وشَرحِه: (( ولا [يتَّجر]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) الوصي في مال اليتيم لنفسه، فإن فعل تصدق بالربح، وجاز لو اتجر في مال اليتيم لليتيم، وتمامه في «الدُرِ» ))( ( )الدر المختار 6/712 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين.) الخ.
116= وَفِي الْمَجْمَعِ مِنَ الْإِقْرَارِ: وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ لِلْمُضَارِبِ إذَا أَتَى بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ: هُمَا أَصْلٌ وَرِبْحٌ لَا لِرَبِّ الْمَالِ ( انْتَهَى )(2/166)
116= قوله: وَفِي «الْمَجْمَعِ»( ( )«الْمَجْمَعِ»: وهو( مجمع البحرين وملتقى النهرين): للإمام مظفر الدين أحمد بن علي بن ثعلب المعروف بابن الساعاتي البغدادي الحنفي، المتوفى سنة 694هـ،جمع فيه مسائل القدوري والمنظومة مع الزيادات، ورتبه فأحسن ترتيبه وأبدع في اختصاره، وهو كتاب مخطوط،كما أشار الزركلي. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1599 و1600، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/175.) مِنَ الْإِقْرَارِ: وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ لِلْمُضَارِبِ الخ. وقال "زفر"( ( )زفر بن الهذيل بن قيس، العنبري البصري، الإمام صاحب الإمام، وكان يفضله ويقول: هو أقيس أصحابي، قال ابن مقاتل: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: قال لي زفر: أخرج حديثك حتى أغربله لك، تولى قضاء البصرة ولد سنة 110هـ، وتوفي بالبصرة سنة 158هـ، وله 48 سنة. ينظر: والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 243، سير أعلام النبلاء للذهبي 8/38، طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي 141.): القول لربِّ المال في أنَّهما أصل( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 22/92، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/109.). لأنَّ المضارب يدعي لنفسه حقاً في المال وهو نصيبه من الربح وربُّ المال ينكر [ولنا أنَّ ربَّ المال يدعي أنَّ المقبوض منه ألفان والمضارب ينكر، كذا]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) بخط بعض "الأفاضِل" ِمعزياً "لابنِ [مَلكٍ"( ( )"ابن ملك"، عبد اللطيف بن عبد العزيز بن أمين الدين الرومي، الفقيه الحنفي، المعروف بابن ملك، المتوفى سنة 801هـ. من تصنيفاته: شرح مجمع البحرين لابن الساعاتي في الفروع، شرح المنار للنسفي في الأصول، شرح وقاية الرواية لبرهان الشريعة في الفروع. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/617، الأعلام للزركلي 4/59.)]( ( )[ مالك ] في (جـ)وهو خطأ.).(2/167)
117= ; لِأَنَّ الْأَصْلَ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّبْحِ لَكِنْ عَارَضَهُ أَصْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ.
، وَلَو ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ بَعْدَ فَرْضِهَا فَادَّعَى الْوُصُولَ إلَيْهَا وَأَنْكَرَتْ، فَالْقَوْلُ لَهَا كَالدَّائِنِ إذَا أَنْكَرَ وُصُولَ الدَّيْنِ
، وَلَو ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ بَعْدَ فَرْضِهَا وَادَّعَى الْأَبُ الْإِنْفَاقَ، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ خَرَجَتْ عَن الْقَاعِدَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وفي «التَّنوِيرِ وشَرحِه»: ((معه ألفان فقال للمالك: دفعت[ إلي ألفاً وربحت ألفاً وقال المالك]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).): دفعت ألفين. فالقول للمضارب، لأنَّ القول في مقدار المقبوض للقابض أميناً أو ضميناً، كما لو أنكره أصلاً، ولو كان الاختلاف مع ذلك في مقدار الربح فالقول لربِّ المال في الربح فقط لأنَّه يستفاد من جهته، وأيّهما أقام بينة تقبل، وإن أقاماها، فالبيِّنة بيِّنة/( ( )بداية 104/أ من النسخة (د).) ربِّ المال في دعواه الزيادة في رأس المال/( ( )بداية 229 من النسخة (جـ).)، وبيِّنة المضارب في دعواه الزيادة في الربح))( ( )الدر المختار شرح تنوير الأبصار 5/660، وينظر: المبسوط للسرخسي 22/92،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/109.) الخ.
وقوله: ولو كان الاختلاف مع ذلك في مقدار الربح. أي في مقدار ما اشترط للمضارب من الربح.
117= قوله: لِأَنَّ الْأَصْلَ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّبْحِ لَكِنْ عَارَضَهُ أَصْلٌ آخَرُ. جواب عمّا عساه يتوهم من أنَّ مسألةَ المضارب خارجةٌ عن الأصل المذكور، وحاصل ما أشار إليه من الجواب: أنَّه ليس الأصلُ العدمَ مطلقاً بل هو مقيدٌ بما إذا لم يعارضه أصل آخر.(2/168)
118= وَكَذَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ.
119= وَكَذَا فِي أَنَّهُ مَا نَهَاهُ عَنْ شِرَاءِ كَذَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ.
118= قوله: وَكَذَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ. قيل: هذا مقيد بما إذا قال أعطيتني. أمَّا إذا قال: أخذت بعد هلاك المال، فالقول لربِّ المال كما في «العتَابِيّةِ»( ( )( جامع جوامع الفقه ) المعروف: بالفتاوى العتابية، لأبي نصر، أحمد بن محمد بن عمر، العتابي البخاري الحنفي، المتوفى سنة 586هـ،ذكر الزركلي أنَّه يوجد منه أجزاء مخطوطة في إستانبول. ينظر: كشف الظنون الظنون لحاجي خليفة 1/567، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 114، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/87، الأعلام للزركلي 1/216، معجم المؤلفين لعمر كحالة 2/140.) و«الظّهِيرِيّةِ» وغيرهما /( ( )بداية 88 من النسخة (جـ).)"حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/214.).(2/169)
119= قوله: وَكَذَا فِي أَنَّهُ مَا نَهَاهُ عَنْ شِرَاءِ كَذَا الخ. ذكر/( ( )بداية 126/ب من النسخة( أ).) في «الدُّرِ المُختَارِ»( ( )«الدر المختار شرح تنوير الأبصار في الفروع»: لعلاء الدين، محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحيم، الحصكفي الحنفي، مفتي الشام، المتوفى سنة 1088هـ، كان فاضلا عالي الهمة عاكفاً على التدريس والإفادة، من كتبه: إفاضة الأنوار على أصول المنار، والدر المنتقى شرح ملتقى الأبحر. ينظر: الأعلام للزركلي 6/294، إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي 1/447، معجم المؤلفين لعمر كحالة 11/57.) ما نصه: ((ادَّعى المضاربُ العمومَ أو الإطلاقَ، وادَّعى المالكُ الخصوصَ، فالقول للمضارب لتمسكه بأصل، ولو ادَّعى كلٌ نوعاً فالقول للمالك والبينة للمضارب، فيقيمها على صحة تصرفه ويلزمها نفي الضمان، ولو وقتت البينتان قضى بالمتأخرة وإلا
.........................................................................................
فبينة المالك))( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/261، 262.) الخ.
تتمة: الأصلُ في الوكالةِ( ( )الوكالة: عند الحنفية: عبارة عن إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم.
عند المالكية: عرفها ابن عرفة: نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته.
عند الشافعية: تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته.(2/170)
عند الحنابلة: إذن في تصرف يملكه الآذن فيما تدخله النيابة. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/19، والفواكه الدواني للنفراوي 2/230، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/231،والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 5/353.) الخصوصُ( ( )اتفق الفقهاء على جواز الوكالة الخاصة وهو الأصل الغالب فيها وتصح الوكالة العامة عند الحنفية والمالكية، لأنها تجوز في كل ما يملكه الموكل وفي كل ما تصح فيه النيابة من التصرفات المالية وغيرها. وقال الشافعية والحنابلة: لا تصح الوكالة العامة لما فيها من عظيم الغرر. ينظر: المبسوط للسرخسي 19/6، وفتح القدير لابن الهمام 7/506، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/377،و منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 6/357، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهج للشربيني 3/239، وتحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي 5/308، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/85، والفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/399.)، وفي المضاربةِ العمومُ، وكذا في «التَّنوِيرِ»: من فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع من ترد شهادته له، وفي «الدُّرِ المُختَارِ»: ((متى عيّن الأمر شيئاً تعيَّن، إلَّا في بيعه بالنَّسيئة بألفٍ فباعه بالنَّقد بألفٍ جاز))( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/522.) الخ.
120= وَلَو ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا قَرْضٌ وَالْآخِذُ أَنَّهَا مُضَارَبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْآخِذِ ; لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ لَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ.(2/171)
أَقُولُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ: أَعْطَيْتُك الْمَالَ قَرْضًا وَقَالَ: بَلْ مُضَارَبَةً أَمَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَخَذْت الْمَالَ قَرْضًا فَقَالَ: بَلْ أَخَذْته مُضَارَبَةً لَا، وَكَذَا بَعْدَ هَلَاكِهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ قَرْضٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا ;.
120= قوله: وَلَو ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا قَرْضٌ وَالْآخِذُ أَنَّهَا مُضَارَبَةٌ الخ. أقول: هذا مقيد بما إذا قال: أعطيتني( ( )إذا قال رب المال أقرضتك وقال المضارب "الآخذ" دفعت إلي مضاربة، فالقول قول المضارب عند الجمهور، لأنهما اتفقا على أنَّ الأخذ كان بإذن ربِّ المال، وربُّ المال يدعي على المضارب الضمان وهو ينكر فكان القول له، قال المالكية: القول لربِّ المال بيمين، لرجحان جانبه بأن الأصل في وضع اليد على مال غيره هو الضمان كما هو مقتضى دعوى رب المال. ينظر: المبسوط للسرخسي 22/93،و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/83، والمدونة للإمام مالك 3/661، وشرح مختصر خليل للخرشي 6/203، والفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 3/109، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهج للشربيني 3/419، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/21، وإعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 3/159.)، أمَّا لو قال: أَخَذْتَ( ( )أي قال رب المال أخذت المال قرضا فقال بل أخذته مضاربة.) بعد هلاك المال فالقول لربِّ المال كما في «الظّهِيرِيَّة» و«العتَابيِة» وغيرها( ( )ينظر: الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 3/109.) "غَزي"،( ( )زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (44/أ ).) وسبق منَّا عزو ذلك "للحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/214.).
.........................................................................................(2/172)
وفي «التَّنوِيرِ وشَرحِهِ( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/660.)»: ((لو قال المضارب: هي قرض، وقال ربُّ المال: هي بضاعةٌ أو وديعةٌ أو مضاربةٌ، فالقول لربِّ المال، والبيِّنةُ بيِّنةُ المضاربِ؛ لأنَّه يدعي عليه التمليك، والمالك ينكر، وأمَّا لوِ ادَّعى المالكُ القرضَ والمضاربُ المضاربةَ فالقولُ للمضاربِ/( ( )بداية 230 من النسخة (جـ).)؛ لأنَّه لا ينكر الضمان، وأيّهما أقامَ البيِّنةَ قبلتْ وإن أقاما فبيِّنةُ ربِّ المال أولى؛ لأنَّها أكثرُ إثباتاً))( ( )إنِ اختلف المتعاقدان في صفة رأس المال فقال رب المال: دفعت إليك مضاربة أو وديعة، وقال العامل: بل أقرضتني والربح لي فالقول عند الحنفية والشافعية والحنابلة قول ربِّ المال، لأنَّ الشيء المدفوع ملكه، فالقول في صفة خروجه عن يده، ولأنَّ المضارب يدعي على ربِّ المال التمليك وهو منكر. وقال المالكية: القول للعامل بيمينه لرجحان جانب العامل بالعمل، ولأنَّه أمين. ينظر: المبسوط للسرخسي 22/93، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/110، والمدونة للإمام مالك 3/661، وشرح مختصر خليل للخرشي 6/203، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/419، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 5/243،و مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني 3/541،وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/524.) الخ.
تتمة:
اشترى بمالها متاعاً فقال: أنا أمسكه حتى أجدَ ربحاً كثيراً، وأرادَ المالك بيعه، فإنَّ في المال ربحاً/( ( )بداية 104/ب من النسخة(د).) أجبر على بيعه لعمله بأجر إلا أن يقول للمالك أعطيك رأس المال وحصَّتَكَ من الربح فيجبر المالك على قبول قول ذلك. «دُرُّ المُختارِ»( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/261.).
.........................................................................................(2/173)
قال: وفي « البزَّازِيّةِ »( ( )ينظر: الفتاوى البزازية6/84كتاب المضاربة و6/241 كتاب الهبة ( على هامش الفتاوى الهندية ).): ((دفع إليه ألفاً نصفها هبةً، ونصفها في المضاربة فهلكت، يضمن حصَّة الهبة))( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/661.) انتهى اهـ.
قلت: والمفتى به أنَّه لا ضمانَ مطلقاً لا( ( )في (د) إلا.) في المضاربةِ- لأنَّها أمانة-( ( )اتفق أئمة المذاهب على أن العامل المضارب أمين فيما في يده من رأس المال، وإذا خالف المضارب شرط رب المال، كأن اشترى شيئاً منع من شرائه صار بمنزلة الغاصب، ويصير المال مضمونا عليه، لأنه تعدى في ملك غيره. وإذا تلف في يده من غير تفريط لم يضمن، لأنه نائب عن رب المال في التصرف. ينظر: المبسوط للسرخسي 22/18، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/87، والمدونة للإمام مالك 3/632، ومنح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 7/338، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/398،ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 5/219،والمغني لابن قدامة المقدسي 5/29 وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/508.) ولا في الهبة؛ لأنَّها فاسدةٌ وهي تملك بالقبض على المعتمد( ( )اختلف الفقهاء في مدى اشتراط القبض للزوم الهبة:
فذهب الشافعية والحنفية: إلى أن القبض شرط للزوم الهبة حتى إنَّه لا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض.
وذهب المالكية: إلى أنَّه لا يشترط القبض لصحة الهبة ولا للزوم الهبة وإنَّما هو شرط لتمامها.(2/174)
وذهب الحنابلة في أرجح الرواتين عن أحمد: القبض شرط لصحة الهبة في المكيل والموزون، أمَّا غيرهما فتلزم بمجرد العقد، ويثبت الملك للموهوب قبل قبضه. ينظر: المبسوط للسرخسي 12/48، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/120، والمدونة للإمام مالك 4/404، = = ومنح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 8/180،والأم للإمام الشافعي 4/64، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/561، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/381، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 7/120.) [الخ.
121= وَلِذَا قَالَ فِي الْكَنْزِ: وَإِنْ قَالَ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً وَهَلَكَتْ، وَقَالَ: أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ ضَامِنٌ.
ولو عللَّ بقوله: لأنَّها وإن كانت فاسدة إلَّا أنَّها تملك بالقبض على المعتمد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).)، لكانَ أولى لأنَّ فسادَها هو علةُ القولِ بالضمان.
121= قوله: وَلِذَا قَالَ فِي «الْكَنْزِ»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 7/254.) الخ. إيضاح لما قبله من التعليل بأنَّهما اتفقا على جواز التصرف له يعني إنَّما لزمه الضمان في مسألة «الكَنْزِ» لعدمِ اتفاقهما على جواز التَّصرف له،ولأنَّه قد أقرَّ بسبب الضَّمان وهو الأخذ ثمَّ ادَّعى البراءَة منه.
قوله: وَقَالَ:/( ( )بداية 127/أ من النسخة (أ).) أَخَذْتهَا غَصْبًا فَهُوَ /( ( )بداية 89/أ من النسخة (ب).) ضَامِنٌ( ( )للضمان أسباب عدة أوردها الفقهاء في أبواب الفقه المختلفة لذا لم تجمع في باب واحد. ومن ذلك:
1- إلزام الشارع بالضمان مباشرة بما يشغل ذمة المكلف المخاطب من النفقات بوجه عام أو من أموال الزكاة.
2- وقد يكون سببه العقد وهو ما يطلق عليه الفقهاء ضمان العقد.(2/175)
3- وذكروا من الأسباب: الإتلاف، والغصب، والتفويت، والتعييب والتغيير، والحيلولة بين المالك وماله، التسبب تعديا، ويمكن أن يجمعها معنى واحد هو الفعل الضار. ينظر: المبسوط للسرخسي = = 20/125، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 4/88، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 2/207، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام 2/155، والمنثور في القواعد الفقهية للزركشي 2/323، والقواعد لابن رجب الحنبلي /205/.). لا يقال: ينبغي أن يكون القول
122= وَلَوْ قَالَ: أَعْطَيْتنَيهَا وَدِيعَةً، وَقَالَ: غَصَبْتهَا لَا ( انْتَهَى )
للآخذ[ كما في الأولى( ( )أي اختلاف رب المال والمضارب في صفة رأس المال.) لأنَّا نقول: إنَّهما في الأولى اتفقا على جواز التَّصرف للآخذ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) بخلاف الثانية( ( )أي مسألة الكنز.) وهو الفرق "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/214و215.).
122= قوله: وَلَوْ قَالَ: أَعْطَيْتنَيهَا( ( )في (ب) أعطيتها.) وَدِيعَةً( ( )الوديعة: عند الحنفية: هي تسليط غيره على حفظ ماله صريحا أو دلالة.
وعرفها المالكية والشافعية بقولهم: توكيل في حفظ مملوك أو محترم مختص على وجه مخصوص.
وعرفها المرداوي في الإنصاف: عبارة عن توكيل لحفظ مال غيره تبرعا بغير تصرف. الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 6/316 وينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/76، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/419، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/125.). لا يخفى أنَّه لا فرقَ بينها وبين سابقتها إلَّا بقوله: في الأولى أخذتها وفي الثَّانية أعطيتنيها( ( )في (ب) أعطيتها.) مع زيادة دعوى الهلاك في الأولى، ولا يظهرُ لذلكَ تأثير في اختلاف الحكم "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/215.).(2/176)
.........................................................................................
وفيه نظر، لأنَّه( ( )في (ب) لأن.) في المسألة الأولى أقرَّ بالأخذ وهو سبب للضمان، وادَّعى على المالك البراءَة من الضَّمان فلمْ يصدق بقوله، وفي الثَّانية ما أقرَّ بالأخذ بل قال أعطيتنيها( ( )في (ب) أعطيتها.) وديعةً،فلهذا لم يضمن( ( )لأنَّ يد الوديع يد أمانة لا ضمان إلا بالتعدي أو بالتقصير واشتراط الضمان على الأمين باطل. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/76، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/419، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/125، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 6/316.).
تتمة:(2/177)
مات المضارب ولم يوجد مال المضاربة فيما خلّف عاد ديناً في تركته( ( )إذا مات رب المال أو المضارب بطلت المضاربة عند الجمهور، لأنَّ المضاربة تشتمل على الوكالة والوكالة تبطل بموت الموكل أو الوكيل. وقال المالكية: لا تنفسخ المضاربة بموت أحد المتعاقدين ولورثة العامل القيام بالمضاربة إن كانوا أمناء أو يأتوا بأمين. ينظر: المبسوط للسرخسي 22 /86، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 6/112،والمنتقى شرح الموطأ للباجي 5/174، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري7/462،وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 2/393، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/398،والمغني لابن قدامة المقدسي 5/38،وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/518.): «دُر»( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5 /261.) عن «شَرِحِ الوَهبَانِيَّةِ»( ( )«شرح الوهبانية» والتي تسمى بمنظومة ابن وهبان، شرحها قاضي القضاة عبد البر بن محمد، = = المعروف بابن الشحنة الحلبي، المتوفى سنة 921هـ، وهو شرح ذكر فيه أنَّه قد ألحق فيه فروعا غريبة غير ما عسر فهمه من بعض أبياته، وسماه: تفصيل عقد الفوائد بتكميل قيد الشرائد، والكتاب لا يزال مخطوطاً، توجد نسخة مخطوطة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( 15127 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1865، وإيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي 1/311، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة 5/77.).
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ 123= دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا، ثُمَّ اخْتَلَفَ فَقَالَ الدَّافِعُ: قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ: هَدِيَّةٌ.
124= فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ ( انْتَهَى )(2/178)
وظاهره: أنَّه لو كان على المضارب/( ( )بداية 231 من النسخة (جـ).) دينٌ آخرُ فربُّ المالِ يكون أسوةَ الغرماء وليس كذلك،فقد نقل "شَيخُنَا" عن «فَتَاوى قَاضِي خَان» ما نصه: ((مات المضارب وعليه دين، فربُّ المال أحقُّ برأس ماله وحصَّتِه من الربح إن كانت المضاربة معروفة))( ( )فتاوى قاضي خان 3/163 على هامش الفتاوى الهندية وينظر: المبسوط للسرخسي 22/140،والأم للإمام الشافعي 8/223، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/37.) اهـ.
123= قوله: دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا الخ. ليس المراد مطلق العين بل خصوص ما يجوز فيه القرض( ( )القرض: عند الحنفية: عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.
وعرفه الجمهور: إعطاء شخص مالا لآخر في نظير عوض يثبت له في ذمته.ينظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 2/82،وبلغة السالك لأقرب المسالك للصاوي 3/291،ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/29، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/207.) كالنقود( ( )شروط المال المقرض:(أو ما يصح فيه القرض ).).
124= قوله: فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ. أي مع يمينه "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/215، وينظر: مجمع الضمانات للبغدادي /357/، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين2/84.)/( ( )بداية 105/أ من النسخة (د).).
125= لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ يَدَّعِي الْإِبْرَاءَ عَنِ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَيْنِ مُتَقَوِّمَةً بِنَفْسِهَا،
وَمِنْهَا لَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ الرَّضِيعِ 126= وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا، يَحْرُمُ النِّكَاحُ
125= قوله: لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ( ( )الهبة: عرفها الفقهاء: عقد يفيد التمليك بلا عوض حال الحياة تطوعا.(2/179)
وعرفها الحنابلة: تمليك جائز التصرف مالا معلوما أو مجهولا تعذر علمه موجودا مقدورا على تسليمه غير واجب في الحياة بلا عوض بما يعد هبة عرفا من لفظ هبة وتمليك ونحوهما. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي5/91، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 5/3، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 2/477، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 4/298.): لعلَّه الهدية أو لعلَّ الأوَّل الهبة "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/215.).
وأقول: هذا بالنِّسبة للنُّسخة التي كتب عليها "المُحَشِّي"( ( )أي الحموي.) لأنَّ النُّسخ اختلفت فعلى ما وقع في بعضها من قوله: الآخر هدية يتجه ما ذكره "المُحَشِّي"، وأمَّا على ما في بعض النسخ من قوله: وقال الآخر هبة فلا شكَّ في استقامة ما ذكره من التعليل حينئذٍ.
126= قوله: وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا. ينبغي تقيده بما إذا لم يوجد من الرضيع مصٌّ، أمَّا إن وجد فلا ينبغي التوقف في دخوله حينئذٍ عملاً بالظاهر( ( )المقدار المحرم من الرضاع:
ذهب الشافعية والحنابلة: إلى أن المقدار المحرم من الرضاع خمس رضعات متفرقات فصاعدا، والمعتبر في الرضعة العرف، فلو انقطع الطفل عن الرضاع إعراضا عن الثدي تعدد الرضاع عملا بالعرف، ولو انقطع للتنفس أو للاستراحة وعاد في الحال فلا تعدد...............................=
= ذهب الحنفية والمالكية: إلى أن الرضاع المحرم يكون بالقليل والكثير ولو بالمصة الواحدة. ينظر: المبسوط للسرخسي 5 /134، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 4/7، والأم للإمام الشافعي5/33،وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/417، والمغني لابن قدامة المقدسي5/139، والفروع لابن مفلح 5/571.).(2/180)
127= لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ
128= وَمِنْهَا لَو اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ
127= قوله: لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا. أقول( ( )القائل هو الإمام الحموي.): هذا التَّعليل لا يناسب كونه من أفراد هذه القاعدة،والمناسب أن يقول: لأنَّ الأصلَ عدمُ دخولِ اللبنِ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/215.وينظر: الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 1/364. ).
128= قوله: اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ الخ. يعني اشترى شيئاً وهلك فاختلفا في كون الهلاك قبل القبض/( ( )بداية 127/ب من النسخة (أ).) أو بعده، فالمشتري يدعي الهلاك قبلَ القبضِ يعني فلا يلزمه الثمن، لأنَّه بالهلاكِ قبل القبض انفسخ البيع( ( )مسألة: (هلاك المبيع كله قبل القبض):
إذا هلك المبيع بآفة سماوية، أو بفعل المبيع نفسه، أو بفعل البائع ينفسخ عقد البيع.
وإذا هلك بفعل المشتري فلا ينفسخ البيع وعليه الثمن.
وإذا هلك بفعل أجنبي لا ينفسخ البيع ويكون المشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أمضاه ودفع الثمن، وطالب الأجنبي بالضمان. ينظر: المبسوط للسرخسي 3 /170، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 5/238،بلغة السالك لأقرب المسالك للباجي 3/190، والتاج= والإكليل لمختصر خليل للعبدري6/420، وتكملة المجموع للسبكي 12/629، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري2/78، والمغني لابن قدامة المقدسي4/89، والفروع لابن مفلح 4/137.).
129=، وَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ كَمَا فِي إجَارَةِ التَّهْذِيبِ.(2/181)
130= وَمِنْهَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى الْأَدَاءَ، أَو الْإِبْرَاءَ فَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَمِنْهَا لَو اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِهِ فَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ الْعَقْدِ.
وَمِنْهَا لَو اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فَقِيلَ: الْقَوْلُ لِمَنْ نَفَاهُ عَمَلًا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَقِيلَ: لِمَن ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ، وَقَدْ حَكَيْنَا الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
129= قوله: وَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ( ( )الإجارة: عرفها الحنفية: عقد على المنافع بعوض.
عرفها الشافعية: عقد على منفعة مقصودة معلومة مباحة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم.
عرفها المالكية والحنابلة: تمليك منافع شيء مباح مدة معلومة بعوض. ينظر: المبسوط للسرخسي 15/74، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 7/493، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/438،والمغني لابن قدامة المقدسي5/250.). يعني اختلف المؤجِّر والمستأجر بعد انقضاء مدة الإجارة في القبض وعدمه، أي قبض العين المؤجرة، يكون القول للمستأجر في إنكاره القبض،فلا يلزمه الأجرة/( ( )بداية 89/ب من النسخة (ب).) لأنَّ الأجرة إنَّما تلزم إذا كان متمكناً من استيفاء المنفعة، وذا إنَّما يكون بعد قبض العين المؤجرة وقد أنكره.
وَمِنْهَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْك أَلْفًا وَرَبِحْت فِيهَا عَشْرَةَ آلَافٍ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: بَلْ كُنْتُ أَمَرْتُك بِالتِّجَارَةِ بِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ كَمَا فِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ الْغَصْبِ.(2/182)
، وَمِنْهَا لَو اخْتَلَفَا فِي رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَ ;
130= قوله: وَمِنْهَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارٍ( ( )الإقرار: هو إخبار الشخص بحق عن نفسه للآخر. ويشترط أن يكون المقر بالغا، عاقلا، مختارا، جادا، وأن لا يكون المقر متهما في إقراره كإقرار المريض مرض الموت لوارثه بدين عليه فإنه متهم بالمحاباة عند جميع الفقهاء، وأن لا يكون المقر محجورا عليه بما يمنع نفاذ التصرفات التي أقر بها. اتفق الفقهاء على أن الإقرار يثبت به جميع الحقوق، وقد ذكر الفقهاء في كتبهم الضوابط التي تحدد الحالات التي تثبت بالإقرار كقولهم " كل شيء جازت المطالبة به جاز الإقرار به "، " كل ما يجوز الانتفاع به يصح الإقرار به ". ليس البلوغ شرطا لصحة الإقرار عند الحنفية، فيصح إقرار الصبي العاقل بالديون والأعيان، لأنه من ضرورات التجارة. ينظر: المبسوط للسرخسي 17/185، 186، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/2، وشرح حدود ابن عرفة /333/، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل للحطاب 5/217، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 2/288، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/268، والمغني لابن قدامة المقدسي 5/87،88، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 6/453،452.)، أَوْ بَيِّنَةٍ الخ. ذكر "المصَنِّفُ" من كتاب القضاء ما نصه( ( )الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى (غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر)2/252.): ((أقرَّ بالدين بعد الدعوى، ثمَّ ادَّعى إيفاءه لم يقبل منه للتناقض إلا إذا ادَّعى إيفاءه بعد الإقرار والتفرق عن المجلس،كذا في «جامع( ( )جامع الفصولين في الفروع للشيخ بدر الدين، محمود بن إسرائيل، الشهير بابن قاضي سماونه الحنفي، المتوفى قتيلا بسيروز سنة 823هـ، وهو كتاب مشهور متداول في أيدي الحكام والمفتين؛ لكونه في المعاملات خاصة، جمع فيه(2/183)
بين فصول العمادي وفصول الأسروشني فأحاط وأجاد، ذكر فيه أنه جمع بينهما ولم يترك شيئا من مسائلهما عمدا إلا ما تكرر منها، وترك فرائض = = العمادي لغنى عنه بالسراجي - يعني الفرائض لسراج الدين السجاوندي - وأوجز إليهما ما تيسر له من الخلاصة والكافي ولطائف الإشارات وغيرها، وأثبت ما سنح له من النكت والفوائد، وجعله أربعين فصلا، وله فيه أسئلة واعتراضات على الفقهاء أجاب عنها صاحب مشتمل الأحكام. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/566، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/410، الأعلام للزركلي 7/165، معجم المؤلفين لعمر كحالة 12/152.).....................
.........................................................................................
الفصولين»))( ( )جامع الفصولين لابن قاضي سماوه 1/ 189 ومابعدها.) انتهى.
وذكر "المُصَنِّفُ" من كتاب الإقرار ما نصه: ((ادَّعى المديون الإيفاء أو الإبراء، فجحد ربُّ الدين وحلف وقضي [به]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) له لم يصرِ الغريم مكذباً حتى لو وجد بينة تقبل( ( )الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى (غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر)3/49.))).
وذكر أيضًا ما نصه: ((أقرَّ بشيء ثم ادَّعى الخطأ لم يقبل( ( )في (ب) تقبل.)))( ( )الأشباه والنظائر لابن نجيم في أعلى (غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر ) 3/43 و44.)كما في «الخَانيَّةِ»( ( )فتاوى قاضي خان 3/123،124 على هامش الفتاوى الهندية.).
إلا إذا أقرَّ بالطلاقِ بناءً على ما أفتى به المفتي ثمَّ تبينَ عدمُ الوقوعِ فإنَّه لا يصح الخ.
وقوله: فإنَّه لا يصح أي: لا يعتبر إقراره بالطلاق.
131= وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ(2/184)
فرع: أقرَّ بالدين بعد الإبراء( ( )الإبراء: هو إسقاط شخص حقاً له في ذمة آخر أو قبله. والإبراء وإن تضمن معنى الإسقاط إلا أن فيه معنى آخر وهو التمليك فهو إسقاط من الدائن وتمليك للمدين، والحنفية رجحوا معنى الإسقاط مع بقاء معنى التمليك، والمالكية قالوا: الإبراء نقل للملك فيكون من قبيل الهبة، والشافعية قالوا: الإبراء تمليك المدين ما في ذمته، والحنابلة قالوا: الإبراء إسقاط لا تمليك. ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو4/79، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/101، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري2/239،والمغني لابن قدامة المقدسي 7/197.) منه لا يلزمه. ذكره "المُصنِّفُ" أيضاً/( ( )بداية 105/ب من النسخة (د).) قبيل كتاب الصلح( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر3/67.) [ووجه عدم اللزوم سقوطه بالإبراء( ( )لا يقبل من المبرأ الرجوع عن الإبراء ولا العدول عنه في رأي الحنفية والحنابلة والراجح عند الشافعية، كما لا يقبل الرجوع بالاتفاق إذا زال الملك عن الموهوب. وكذلك لا يجوز الرجوع عن الإبراء في مذهب المالكية بعد القبول، لأنهم يشترطون القبول في ظاهر المذهب. ينظر: المبسوط للسرخسي 18/165، ودرر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/281، وفتح العلي المالك لمحمد عليش 2/331، ومنح الجليل شرح مختصر خليل للخرشي 6/467، والأشباه والنظائر للسيوطي /524/، والفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 3/69، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 7/148، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/368.)]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).).
131= قوله: وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ الخ. هذا لو لمدة قريبة. وإن بعيدة،فالقول للمشتري عملاً بالظاهر.
132= بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ(2/185)
133= تَنْبِيهٌ: لَيْسَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ مُطْلَقًا
وفي «الظَّهيرِيِّة»: الشهر فما فوقه بعيد وفي «الفَتحِ»( ( )فتح القدير للكمال بن الهمام 6/253.): الشهر في مثل الدابة والمملوك قليل. «تَنوير وشَرحهُ»( ( )رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/602.).
132= وقوله: بَعْدَ رُؤْيَتِهِ( ( )أجاز الحنفية خيار الرؤية في شراء ما لم يره المشتري وله الخيار إذا رآه إن شاء أخذ المبيع بجميع الثمن وإن شاء رده،ولم يجز الحنفية خيار الرؤية للبائع إذا باع ما لم يره. وأجاز المالكية والحنابلة خيار الوصف للمشتري فقط. وأثبت الحنابلة خيار الرؤية للبائع إذا باع ما لم يره ووصفه للمشتري. وقال الشافعي في الجديد: لا ينعقد بيع الغائب أصلا سواء كان بالصفة، أم بغير الصفة. ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 5/292، فتح القدير لابن الهمام 6/336، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/24، ومنح الجليل شرح مختصر خليل للخرشي 4/434، والأم للإمام الشافعي 375، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 2/18، والمغني لابن قدامة المقدسي 4/16، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 4/295،296.). أي السابقة على عقد البيع أو على قبض المبيع بأن تأخر القبض عن عقد البيع.
133= قوله: تَنْبِيهٌ: لَيْسَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ مُطْلَقًا، قيل خرج عن هذا الأصل ما لو قال: إن لم تدخلي الدار اليوم فأنت طالق، فقالت:لم أدخلها، وقال الزوج: دخلتيها، فالقول له( ( )مسألة: ((الطلاق المعلق على الشرط)):
اتفق الجمهور على صحة الطلاق المعلق على شرط مطلقا، فإن حصل منه الفعل المعلق عليه ناسياً أو مكرهاً وقع الطلاق عند الجمهور، وعند الشافعية قولان أظهرهما أنه لم تطلق.
ويشترط لصحة التعليق أمور: ..................................................................=(2/186)
= الأول: أن يكون المعلق عليه أمراً معدوماً على خطر الوجود، أي متردداً بين أن يكون وأن لا يكون، فالتعليق على المحقق تنجيز، وعلى المستحيل لغو.
الثاني: أن يكون المعلق عليه أمراً يرجى الوقوف على وجوده، فتعليق التصرف على أمر غير معلوم لا يصح، فلو علق الطلاق مثلاً على مشيئة الله تعالى، بأن قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فإن الطلاق لا يقع اتفاقا ؛ لأنَّه علقه على شيء لا يرجى الوقوف على وجوده.
الثالث: أن لا يوجد فاصل بين الشرط والجزاء، أي بين المعلق والمعلق عليه، فلو قال لزوجته: أنت طالق، ثم قال بعد فترة من الزمن: إن خرجت من الدار دون إذن مني لم يكن تعليقا للطلاق، ويكون الطلاق منجزا بالجملة الأولى.
الرابع: أن يكون المعلق عليه أمرا مستقبلا بخلاف الماضي، فإنه لا مدخل له في التعليق، فالإقرار مثلا لا يصح تعليقه بالشرط ؛ لأنه إخبار عن ماض، والشرط إنما يتعلق بالأمور المستقبلة.
الخامس: أن لا يقصد بالتعليق المجازاة، فلو سبته بما يؤذيه فقال: إن كنت كما قلت فأنت طالق، تنجز سواء أكان الزوج كما قالت أو لم يكن ؛ لأن الزوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطلاق. فإن أراد التعليق يدين فيما بينه وبين الله عز وجل.(2/187)
السادس: أن يوجد رابط كالفاء وإذا الفجائية حيث كان الجزاء مؤخرا، وإلا يتنجز. السابع: أن يكون الذي يصدر منه التعليق مالكا للتنجيز أي قادرا على التنجيز ( بمعنى كون الزوجية قائمة حقيقة أو حكما ) وهذا الشرط فيه خلاف، فالحنفية والمالكية لا يشترطون ذلك في تعليق الطلاق، بل يكتفون فيه بمطلق الملك، سواء أكان محققا أم معلقا، حتى إن المالكية لم يفرقوا في هذا بين التعليق الصريح فيما لو قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت طالق، وبين التعليق الذي لم يصرح به، كما لو قال لأجنبية: هي طالق، ونوى عند تزوجه بها، فإن الطلاق يقع في الصورتين.ينظر:المبسوط للسرخسي 6/201، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 3/128، والمدونة للإمام مالك 2/60، والتاج والإكليل لمختصر خليل للعبدري 5/316، والأم للإمام الشافعي 5/199، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/292، والمغني لابن قدامة المقدسي7/356، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 6/238.)، وأمَّا لو قال لها: إن لم أجامعك في حيضتك فالقول له أنه جامعها مع أنَّه يدعي صفة
.........................................................................................
134= وَإِنَّمَا هُوَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ وَأَمَّا فِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَالْأَصْلُ الْوُجُودُ وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّه
عارضة، والأصل عدمها، وكان على "المُصنِّفِ" أن يذكرَ ما خرجَ عن هذا الأصلِ كما هو دأبه انتهى.
وقيل( ( )في (أ)، (ب) وقال.) عليه. يمكن أن يقال: إنَّ الزوج هنا يدعي صفة أصلية وهي/( ( )بداية 128/أ من النسخة (أ).) ملك النكاح الثابت له، وينكر وقوع الطلاق، والمرأة تدعي زوال الملك الثابت بيقين، والأصل في الصفات الأصلية الوجود "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/216.).(2/188)
وقوله: إن لم أجامعك في حيضتك. أي فأنت كذا فالجزاء محذوف( ( )أي أنت طالق هو الجزاء.) للعلم به.
وقوله: [فالقول له]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من( ب).) أنه جامعها أي في حيضتها.
134= قوله: وَإِنَّمَا هُوَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ، وَأَمَّا فِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَالْأَصْلُ الْوُجُودُ. ومن ذلك ما قاله في «شرح الجامع الكبير»( ( )«شرح الجامع الكبير»: له شروح كثيرة ولم أهتد إلى الشارح المقصود وربما يكون الزيلعي، أو الإسبيجابي.): كل شرط يوجد بوجود الأصل كالصحة والبكارة، فالقول قول البائع؛لأنَّه عرف ثبوته، وكل شرط لا يوجد بوجود الأصل كالخياطة ونحوها، فالقولُ قولُ المشتري لأنَّه عرف عدمه "بيري"/( ( )بداية 233 من النسخة (جـ).).
135= لَو اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ، أَوْ كَاتِبٌ وَأَنْكَرَ وُجُودَ ذَلِكَ الْوَصْفِ فَالْقَوْلُ لَهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا لِكَوْنِهِمَا مِن الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ.(2/189)
135= قوله: لَو/( ( )بداية 90/أ من النسخة (ب).) اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ، أَوْ كَاتِبٌ إلى قوله: فَالْقَوْلُ لَهُ. أي للمشتري، وشرط "الكَرخِي"( ( )"الكرخي": الشيخ الإمام الزاهد، مفتي العراق، شيخ الحنفية، أبو الحسن، عبيد الله بن الحسين بن دلال، البغدادي الكرخي الفقيه، انتهت إليه رئاسة المذهب، وانتشر تلامذته في البلاد، واشتهر اسمه وبعد صيته، وكان من العلماء العباد، قال الذهبي: ((وكان رأسا في الاعتزال الله يسامحه)). ينظر: سير أعلام النبلاء 15/425و426، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء / 337/.) يمين المشتري وهو الصحيح كما في «شَرحِ الزِّيادَات» ِ( ( )«الزيادات في فروع الحنفية»: للإمام محمد بن حسن الشيباني المتوفى سنة 189هـ، وهو كتاب مخطوط كما أشار إلى ذلك الزركلي، وشرحها جماعة كثيرون منهم الإمام شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي المتوفى سنة 490 هـ وقد أملاها وهو محبوس في السجن. ينظر: كشف الظنون 2/963، الأعلام للزركلي 6/80.)"للسَّرخَسِي"( ( )ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي 1/194.).
ومن ذلك ما في «خِزَانَةِ الأكمَلِ»: كلُّ جاريةٍ لي حرة إلا جاريةً خبازةً، ثمَّ قال: هذه خبازةٌ، لا يُصَدَّق إلا ببينة، وفي «الفَتَاوى العُتَابيَّة»: كلُّ جاريةٍ لي حرةٌ إلا أمَّ ولدٍ أو ثيباً أو خبازةً، ثم قال المولى: هذه أم ولد أو خبازة لا يصدق لأن هذه صفات عارضة/( ( )بداية 106/أ من النسخة (د).) فلا يصدق إلا بحجة، والحجة في الثيّب النساء( ( )أي شهادة النساء.) مع يمين المولى، وكون الولد في حجرها ليس
وَلَو اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ وَأَنْكَرَ قِيَامَ الْبَكَارَةِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ 136= فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُهَا لِكَوْنِهَا صِفَةً أَصْلِيَّةً، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ(2/190)
وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي خَبَّازٌ فَهُوَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ عَبْدٌ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى 137= فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ جَارِيَةٍ بِكْرٍ لِي فَهِيَ حُرَّةٌ، فَادَّعَتْ جَارِيَةٌ أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى 138= فَالْقَوْلُ لَهَا وَتَمَامُ تَفْرِيعِهِ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْكَنْزِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ: وَإِن اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ
بحجة( ( )ينظر: الفروق للكرابيسي1/244.) اهـ "بيري".
وقوله: والحجة في الثيب النساء مع يمين المولى. يعني إذا استثنى( ( )في (جـ) استثني.) الثيب من قوله: كل جارية لي حرة ثم ادعى أن هذه ثيب، وادعت هي البكارة، فإن قال النساء: هي ثيب، وحلف المولى لا تعتق.
136= قوله: فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. يعني ما لم يثبت المشتري ما ادعاه من عدم قيام البكارة بها، بأن نظر إليها النساء وقلْنَ إنها ثيبٌ.
137= قوله: فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى. يعني ما لم يثبت العبد ما ادعاه من أنه خباز، بأن كان يحسن من الخبز قدر ما ينطلق عليه وصف الخباز.
138= قوله: فَالْقَوْلُ لَهَا. لأن الأصل قيام بكارتها ما لم يثبت عدمها بقول النسوة إنها ثيب.
- - -
«الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ»( ( )هذه القاعد الفرعية تُكَوِّنُ المادة /11/ عند علي حيدر في درر الحكام في شرح غرر الأحكام 1/ 28.)
قَاعِدَةٌ:(2/191)
الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ الخ. قلت: وممن صرح بهذه القاعدة( ( )وقد صرح بها أئمة كثيرون غير المرغيناني مثل السرخسي في كتابه المبسوط 2/96، وكتابه شرح السير الكبير 1/357، والكاساني في كتابه البدائع 4/148، وغيرهم.) الإمام "ظهير الدين [المرغيناني"( ( )"المرغيناني": هو القاضي ظهير الدين، أبو بكر، محمد بن أحمد، البخاري الحنفي، المتوفى سنة 619هـ، له: (الفتاوى الظهيرية ) ذكر فيها: أنه جمع كتاباً من الواقعات والنوازل مما يشتد الافتقار إليه، وهو مخطوط. ينظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 20، وكشف الظنون لحاجي خليفة 2/1226، والأعلام للزركلي 5/320.) ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (ب)،( جـ)،( د).) في فتاواه من كتاب الحج ونصه: ((ولو أن رجلاً كان صالحاً ثم فسد بعد ذلك فحجر( ( )الحجر لغة: المنع. يقال: حجر عليه حجراً منعه من التصرف فهو محجور عليه. وسمي العقل حِجْراً لأنه يمنع من القبائح، قال تعالى: ? هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ? [ سورَةُ الفَجْرِ:5] أي لذي عقل.
وأما تعريفه في الاصطلاح فقد اختلفت فيه عبارات الفقهاء: فعرفه الشَّافِعِية والحنابلة بأنه المنع من التصرفات المالية، سواء أكان المنع قد شرع لمصلحة غيره كالحجر على المفلس للغرماء، وعلى = = الراهن في المرهون لمصلحة المرتهن، وعلى المريض مرض الموت لحق الورثة في ثلثي ماله وغيرها، أم شرع لمصلحة المحجور عليه كالحجر على المجنون، والصغير، والسفيه.
وعرفه الحنفية بأنه منع من نفاذ تصرف قولي - لا فعلي - فإن عقد المحجور ينعقد موقوفاً، فلا ينفذ إلا بإجازة من له الحق في الإجازة. وإنما كان الحجر عند الحنفية من التصرفات القولية لأن تلك التصرفات هي التي يتصور الحجر فيها بالمنع من نفاذها. أما التصرف الفعلي فلا يتصور الحجر فيه، لأن الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده، فلا يتصور الحجر عنه.(2/192)
وعرف المالكية الحجر بأنه صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته، أو من نفوذ تبرعه بزائد على ثلث ماله. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/191، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/143، ومواهب الجليل للحطاب 5/57، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير 3/380، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 5/159، وحاشية البجيرمي على المنهج 2/430، وحاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 2/373، والمغني لابن قدامة 4/295، والفروع لابن مفلح 4/311، وكشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/416.) عليه القاضي، .............................................................
وقد/( ( )بداية 128/ب من النسخة( أ).) كان إنسان اشترى منه شيئاً، فاختلف [المحجور عليه والمشتري، فقال المشتري: اشتريته منك حال صلاحك،وقال المحجور]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).): لا بل اشتريته مني في حالة الحجر، فالقول قول المحجور عليه؛ لأن الشراء حادث والحوادث يحال حدوثها إلى أقرب الأوقات، فإن أقاما البينة فالبينة بينة الذي يدعي الصحة.
ولو أطلق عنه القاضي فقال المشتري: اشتريته بعد ما أطلق عنك، وقال المحجور لا/( ( )بداية 234 من النسخة (جـ).) بل اشتريته حالة الحجر، فالقول قول المشتري لما قلناه)). اهـ كذا بخط بعض "الأفاضل" معزيا «لفتح القدير( ( )فتح القدير لابن الهمام 8/252.بتصرف، وينظر الفتاوى الهندية للبلخي 5/57.)».
139= قَاعِدَةٌ «الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ».
139= قوله: «الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ».
محل هذا الأصل:(2/193)
إذا لم يعارضه ظاهر( ( )الظاهر:لغة الواضح المنكشف، و اصطلاحاً: اسم لكلام ظهر المراد به للسامع بصيغته، ولا يحتاج إلى الطلب والتأمل بشرط أن يكون السامع من أهل اللسان مثل قوله سبحانه وتعالى: ? وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ? [سُورَةُ البَقَرَةِ: 275 ] وهذا ظاهر في إحلال البيع. ويقابل الظاهر الخفي وهو ما خفي المراد منه بعارض في غير الصيغة، لا ينال إلا بالطلب والتأمل كآية السرقة بالنسبة للطرار والنباش. ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 1/46، والبحر المحيط للزركشي 2/206،و التعريفات للجرجاني /926/، والحدود الأنيقة للشيخ زكريا الأنصاري/80/.) آخر، وعن هذا حكمنا بأنه إذا جاءت به لأكثر من سنتين تكون زوجة بالرجعة الكائنة بالوطء في العدة( ( )العّدة: لغة: الإحصاء، وجمع العدّة: عدد، كسدرة، وسدر.
اصطلاحا: هي اسم لمدّة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد، أو لتفجعها على زوجها.اتفق الفقهاء على مشروعية العدّة ووجوبها على المرأة عند وجود سببها. وسبب وجوب العدّة على المرأة: الفرقة بين الزوجين بعد الدخول بسبب الطلاق. أو الفسخ أو اللعان، كما تجب بالموت قبل الدخول وبعد عقد النكاح الصحيح. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 3/190 وما بعدها، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/26،والتاج والإكليل للعبدري 5/470، 471، وبلغة السالك لأقرب المسالك للصاوي 2/670، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/389، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 8/557، والمغني لابن قدامة 8/78، ومطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 5/557.) للمطلقة الرجعية، بخلاف/( ( )بداية 90/ب من النسخة (ب).) ما إذا جاءت به
.........................................................................................(2/194)
لأقل من سنتين( ( )ينظر: مسألة (( أكثر مدة الحمل ))ص/184/.)، لا تثبت رجعتها( ( )في (د) رجعتهما.)، فإن العلوق( ( )الْعُلُوقُ لُغَةً: مِنْ عَلِقَ بِالشَّيْءِ عَلَقًا وَعَلَقَةً: نَشِبَ فِيهِ، وَهُوَ عَالِقٌ بِهِ أَيْ: نَشِبَ فِيهِ، وَعَلِقَت الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ، وَكُلُّ أُنْثَى تَعْلَقُ: حَبِلَتْ، وَالْمَصْدَرُ الْعُلُوقُ وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ ( عُلُوقٌ ) عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.ينظر: لسان العرب لابن منظور 10/265، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي 2/425. والْعُلُوقُ في الفراش يوجب ثبوت النسب فمن تزوج امرأة وهو ممن يولد له ووطئها ولم يشاركه أحد في وطئها بشبهة ولا غيرها وأتت بولد في المدة المقررة للحمل التي حددها الفقهاء فإن نسب الولد يلحق بالزوج ; لأن الولد وجد من وطء على فراش الزوج، والعلوق في فراشه يوجب ثبوت النسب منه وهذا باتفاق.ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 3/211، وتحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 5/401.) يحتمل أنه كان في العصمة( ( )العِصْمَة في اللغة: مطلق المنع والحفظ، وعصمة الله لعبده: أن يمنعه ويحفظه مما يُوبِقُه. وتطلق العصمة على عقد النكاح. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي: عن المعنى اللغوي. لسان العرب لابن منظور 12/404، مختار الصحاح للرازي /183/. والعصمة وإن كانت في الأصل بمعنى المنع والحفظ ; إلا أنها تطلق مجازا على النكاح، قال تعالى: ? وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ?[ سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ:10 ] فالمراد بالعصمة هنا النكاح، أي لا تتمسكوا بزوجاتكم الكافرات فليس بينكم وبينهن عصمة ولا علاقة زوجية. وتنحل عصمة النكاح بفسخ أو طلاق، أما الفسخ فيكون لأسباب، كالردة، والعيب ونحوهما. وأما الطلاق فالأصل أن الزوج هو الذي يملك حل عقدة النكاح ; لأن الرجل هو الذي أسند إليه إيقاع الطلاق في قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا(2/195)
النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ? [ سُورَةُ الطَّلاَقِ: 1 ]. لكن الزوجة - استثناء من هذا الأصل - قد تملك حل عقدة النكاح وذلك في: تفويض الزوج زوجته في التطليق.ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/337، و المدونة الكبرى للإمام مالك 2/226، والأم للشافعي 5/49، والمغني لابن قدامة 7/307.) كما يحتمل أنه كان في العدة، وإحالة الحادث إلى أقرب الأوقات مقيد بما إذا لم يعارضه ظاهر آخر،
.........................................................................................
والظاهر الوطء في العصمة لا العدة، لأنه هو المعتاد، وما قضت به العادة أرجح من إضافة الحادث إلى الزمن القريب مع ما فيه من مخالفة السنة/( ( )بداية 106/ب من النسخة (د).) في الرجعة( ( )في (د) الرجعية.) ومخالفة العادة فيها أيضاً، إذ معتاد الناس في الرجعة أن يراجعوا باللفظ( ( )الرجعة باللفظ: اتفق الفقهاء على صحة الرجعة باللفظ الدال على ذلك، أو كان اللفظ كناية على اختلاف في بعض ألفاظ الكناية.(2/196)
أما الرجعة بالفعل: قال الحنفية: الجماع ومقدماته تصح بها الرجعة. وقيدوا القبلة والنظر إلى الفرج واللمس بالشهوة.وعند المالكية: يرون صحة الرجعة بالفعل كالوط ء ومقدماته بشرط أن ينوي الزوج بهذه الأفعال الرجعة. ولو قبّل أو لمس بشهوة ولا ينوي الرجعة، فلا تصح الرجعة.وعند الشافعية لا تصح بالفعل مطلقا. سواء كان بوط ء أو مقدماته. وسواء كان الفعل مصحوباً بنية الزوج في الرجعة أو لا.وفرق الحنابلة في صحة الرجعة بين الوط ء ومقدماته: الرجعة تصح بالوط ء مطلقا سواء نوى الزوج الرجعة أم لم ينوها.أما مقدمات الوط ء فالمشهور عن أحمد صحة الرجعة بالنظر إلى موضع الجماع واللمس ولو بشهوة. وفي رواية تصح، والأولى هي المعتمدة. ينظر: المبسوط للسرخسي 6/21، 22، وفتح القدير لابن الهمام 4/ 159، و المدونة الكبرى للإمام مالك 2/ 232، وشرح مختصر خليل للخرشي 4/80، 81، و الأم للشافعي 5/60، وتحفة الحبيب على شرح الخطيب للبجيرمي 3/ 525، والمغني لابن قدامة 7/404، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 9/156.).
ومحله( ( )أي محل الأصل - إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ.) أيضاً:
ما إذا لم يتضمن إبطال ما كان ثابتاً بالدليل أو ترك العمل بالمقتضى، أما إذا تضمن
.........................................................................................
فلا، كما في مسائل( ( )تنظر هذه المسائل الثلاث في: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/46، وفتح القدير لابن الهمام 4/365، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/177.):
الأولى: لو قال لامرأتيه إحداكما طالق ثلاثاً، ولم يبين حتى ولدت إحداهما لأكثر من ستة أشهر من وقت الإيجاب، ولأقل من سنتين منه، فالإيجاب على إبهامه، ولا تتعين ضرتها للطلاق( ( )أي ضرة الحامل.)، ذكره في «الزيادات».(2/197)
الثانية: لو قال لها: إذا حبلت فأنت طالق، فولدت لأقل من سنتين من وقت التعليق لا يقع الطلاق( ( )وذلك لاحتمال حملها قبل تعليق الطلاق.) وكذا لو كان هذا في تعليق العتاق بالحبل.
الثالثة: المطلقة الرجعية إذا جاءت به لأقل من سنتين من وقت الطلاق لا يصير مراجعاً، إذ لو كانت الحوادث تضاف إلى أقرب الأوقات لثبتت هذه الأحكام، أعني البيان والطلاق والرجعة، لكنها لم تضف( ( )في (أ) تنتفي.)؛ لأن في ثبوت الطلاق في الصورتين الأوليين، إبطال ما كان ثابتاً بيقين بلا يقين/( ( )بداية 129/أ من النسخة( أ).)، وفي الرجعة كذلك مع الحمل، بخلاف/( ( )بداية 235 من النسخة(جـ).) الدليل الدال على استكراه الرجعة بغير القول كذا بخط بعض "الأفاضل" معزياً «لفتح القدير»( ( )فتح القدير لابن الهمام 4/365.).
140= مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا لَوْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَقَدْ صَلَّى فِيهِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَتْهُ يُعِيدُهَا مِنْ آخِرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ،
وذكر "البيري" معزياً لدعوى «الْوَلْوَالِجيَّةِ»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 2/87.النص للبيري والكلام في الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ ما يقاربه.) ما نصه: ((الأصل في الحوادث أن يحكم بحدوثها لأقرب ما ظهر إذا لم يتضمن الحكم بحدوثها [للحال نقض ما هو ثابت لأن الحكم بحدوثها]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من( أ).) لأقرب ما ظهر ثابت باستصحاب الحال( ( )الاستصحاب. لغة: الملازمة.
واصطلاحاً: عبارة عن الحكم بثبوت أمر في الزمن الآتي،بناء على ثبوته في الزمن الأول. ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 3 /408، والبحر المحيط للزركشي 8/13، والتعريفات للجرجاني/34/.)، لا بدليل أوجب الحدوث للحال، والثابت باستصحاب الحال لا يصلح لنقض( ( )في (جـ) نقض.) ما هو ثابت)). اهـ.(2/198)
140= قوله: رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً إلى قوله: يُعِيدُهَا مِنْ آخِرِ حَدَثٍ. هذا مقيد بالنجاسة إذا كانت قذراً أما إذا كانت دماً، ففي «خزانة الأكمل» عن [الإمام]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)،( جـ)،( د).) أبي حنيفة: في ثوبه دم لا يدري متى أصابه وهو أكثر من قدر الدرهم، لا يجب عليه إعادة شيء من صلاته حتى يعلم أنه صلى وهو فيه/( ( )بداية 91/أ من النسخة( ب).)، وفي رواية "ابن المبارك" عنه يعيد( ( )في( د ) يعيده.) صلاة يوم
141= وَالْمَنِيُّ مِنْ آخِرِ رَقْدَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْغُسْلُ فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رحمهما الله، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا. وَفِي الْبَدَائِعِ يُعِيدُ مِنْ آخِرِ مَا احْتَلَمَ.
142= وَقِيلَ فِي الْبَوْلِ يَعْتَبِرُ مِنْ آخِرِ مَا بَالَ، وَفِي الدَّمِ مِنْ آخِرِ مَا رَعَفَ.
وَلَوْ فَتَقَ جُبَّةً فَوَجَدَ فِيهَا فَأْرَةً مَيِّتَةً وَلَمْ يَعْلَمْ مَتَى دَخَلَتْ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثُقْبٌ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مُذْ يَوْمِ وَضَعَ الْقُطْنَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثُقْبٌ(2/199)
وليلة. "بيري"، وفي «البحر» عن «المحيط»( ( )« المحيط الرضوي »: للإمام رضي الدين، محمد بن محمد السرخسي، المتوفى سنة 571هـ، وهو كتاب كبير في زهاء أربعين مجلدا، وهو مخطوط، وللمؤلف ثلاثة كتب أخرى باسم المحيط، أحدها: في عشر مجلدات، والثاني: في أربع، والثالث: في جزأين. ينظر: الأعلام للزركلي 7/24، وكشف الظنون لحاجي خليفة 2/1620.): (( من وجد في ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم ولو بمني لا يعيد شيئاً من صلاته وهو الصحيح( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/130.وينظر المبسوط للسرخسي 1/59، وبدائع الصنائع للكاساني 1/78،، وفتح القدير لابن الهمام 1/106، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/131، والفتاوى الهندية للبلخي 1/120، ورد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/ 218.))).
141= قوله: وَالْمَنِيُّ. أي لو رأى المني في ثوبه/( ( )بداية 107/أ من( د).) الخ.
142= وقوله: [وَقِيلَ فِي الْبَوْلِ يَعْتَبِرُ مِنْ آخِرِ مَا بَالَ. قيل: هو أخص من الأول لصدق الأول بما إذا كان]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من( أ).) آخر حدث أحدثه بالرعاف أو القيء( ( )القيء: هو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة. وفي حكم طهارته ونجاسته اختلف الفقهاء= = في ذلك . قال الحنفية: إن نجاسته مغلظة ولا خلاف عندهم، هذا إذا كان ملء الفم، أما ما دونه فظاهر على ما هو المختار من قول أبي يوسف.
وعند الشافعية: أنه نجس، وإن لم يتغير حيث وصل إلى المعدة ولو ماء وعاد حالا بلا تغير، لأن شأن المعدة الإحالة فهو طعام استحال في الجوف إلى النتن والفساد، فكان نجسا كالغائط.(2/200)
وعند الحنابلة: أنه نجس، لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد أشبه الغائط. وعند المالكية: النجس من القيء هو المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة ويجب غسله عن الثوب والجسد والمكان، فإن كان تغيره بصفراء أو بلغم ولم يتغير عن حال الطعام فظاهر. فإذا تغير بحموضة أو نحوها فهو نجس وإن لم يشابه أحد أوصاف العذرة. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 1/ 60، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/309، والتاج والإكليل للعبدري 1/133، مواهب الجليل للحطاب 1/94، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/570، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 1/241، والمغني لابن قدامة1/411، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/329.)، وكان المرئي في
143= يُعِيدُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
الثوب مثلاً بولاً فإنه يعيد من وقت الحدث بالقيء أو الرعاف، وعلى الثاني يعيد من آخر بول باله. "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/217.).
143= قوله: يُعِيدُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قد يقال: قضية القياس على مسألة البئر: إذا لم تنتفخ الفأرة ولم تتفسخ( ( )في (د) تنفسخ.) [وجبت]( ( )مابين المعقوفين لم يرد في نسخ المخطوط وهو موجود في غمز عيون البصائر للمحشي والكلام يقتضيه.) الإعادة( ( )في (د) العادة.) منذ يوم وليلة كما لا يخفى كما سيصرح به
144= وَقَدْ عَمِلَ الشَّيْخَانِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَحَكَمَا بِنَجَاسَةِ الْبِئْرِ إذَا وُجِدَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ شَيْءٍ ; لِأَنَّ وُقُوعَهَا حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ وَخَالَفَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رحمه الله فَاسْتَحْسَنَ إعَادَةَ صَلَاةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ كَانَتْ مُنْتَفِخَةً أَوْ مُنْفَسِخَةً، وَإِلَّا فَمُنْذُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ(2/201)
قريباً( ( )أي في المسألة التالية( مسألة البئر المتنجسة).). "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/217.).
144= قوله: وَقَدْ عَمِلَ "الشَّيْخَانِ"( ( )في مصطلحات المذهب الحنفي كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ص /169 / _ إذا أطلق ((الشيخان)) فهما الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف _ وهنا يقصد_ ابن نجيم _ أبا يوسفَ ومحمدٍ.) بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. و"قولهما" قياس( ( )وجه القياس: أن اليقين لا يزول بالشك ; لأنا نتيقن بطهارتها فيما مضى وقد شك في النجاسة لاحتمال أنها ماتت في غير البئر ثم ألقتها الرياح العاصفة أو بعض السفهاء أو الصبيان أو بعض الطيور فيها كما حكي عن أبي يوسف أنه كان يقول بقوله إلى أن رأى حدأة في منقارها فأرة ميتة فألقتها في البئر فرجع عن قوله إلى هذا القول، وقياساً على النجاسة إذا وجدها في ثوبه. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/131.)، وقول "الإمام" استحسان،( ( )وجه الاستحسان: أن الإحالة على السبب الظاهر واجب عند خفاء المسبب والكون في الماء قد تحقق، وهو سبب ظاهر للموت، والموت فيه في نفس الأمر قد خفي فيجب اعتباره مات فيه إحالة على السبب الظاهر عند خفاء المسبب دون الموهوم، وهو الموت بسبب آخر كمن جرح إنسانا ولم يزل مصاحب الفراش حتى مات يضاف موته إلى الجرح حتى يجب القصاص، وإن احتمل موته بسبب آخر. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/131.) وفي «تصحيح القدوري»( ( )«تصحيح القدوري»: لقاسم بن قطلوبغا: زينِ الدين، أبي العدل السودونيِّ الجماليِّ الحنفيِّ، المتوفى سنة 879هـ.ينظر: الأعلام للزركلي 5/180، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 8/111.) .......................................
.........................................................................................(2/202)
نقلاً عن «فتاوى العتابي»( ( )«فتاوى العتابي»: المسمى «بجوامع الفقه» المعروفة بالفتاوى العتابية، لأبي نصر أحمد بن محمد العتابي البخاري الحنفي المتوفى سنة 586هـ، وهو في أربع مجلدات. ومن كتبه شرح الجامع الصغير للشيباني في الفروع، وشرح الجامع الكبير للشيباني، شرح زيادة الزيادات للشيباني في الفقه. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/569، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/46.) المختار قولهما، وهو مخالف لعامة الكتب، فقد رجح دليله في كثير من كتب المذاهب وقالوا إنه الاحتياط فكان العمل به( ( )قال ابن نجيم في البحر الرائق 1/131: (( وما قاله أبو حنيفة احتياط في أمر العبادة، وما قالاه عمل باليقين ورفق بالناس )).).(2/203)
وذكر/( ( )بداية 236 من النسخة (جـ).) "الإسبيجابي" أن ما عجن بمائها قيل: يلقى للكلاب، وقيل: يعلف به المواشي( ( )ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 1/78، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/131، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/218.)، وقيل: يباع من شافعي المذهب( ( )قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار 1/218: ((لأنه يرى أن الماء لا ينجس إذا بلغ قلتين، لكن في الذخيرة: وعن أبي يوسف لا يطعم بني آدم. ا هـ. ولهذا عبر عنه الشارح بقيل وجزم بالأول كصاحب البدائع، ولعل وجهه أنه في اعتقاد الحنفي نجس، ولا ينظر إلى اعتقاد غيره، ولذا لو استفتاه عنه لا يفتيه إلا بما يعتقده )).)، أو داودي المذهب( ( )أي: "ظاهرياً" نسبة إلى الإمام داود الظاهري، وهو داود بن علي بن خلف الأصبهاني، أبو سليمان، المتوفى سنة 270هـ، أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام الملقب بالظاهري وذلك لأخذه بظاهر الكتاب والسنة وإعراضه عن التأويل والرأي والقياس، وله تصانيف أورد ابن النديم أسماءها في زهاء صفحتين. ينظر: الأعلام للزركلي 2/333، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/139.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/218.).
145= عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ دُونَ الْمَوْهُومِ، احْتِيَاطًا كَالْمَجْرُوحِ إذَا لَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ يُحَالُ بِهِ عَلَى الْجُرْحِ
( وَمِنْهَا ) لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَقَالَ رَجُلٌ: فَقَأْت عَيْنَهُ وَهُوَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: فَقَأْتهَا، وَهُوَ فِي مِلْكِي 146= فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ.
( وَمِنْهَا ): ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ وَصَارَ فَارًّا فَتَرِثُ، وَقَالَت الْوَرَثَةُ: أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ فَلَا تَرِثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فَتَرِثُ.(2/204)
145= قوله: عَمَلًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ. تعليل لقوله: وإلا منذ يوم وليلة "حَمَوِِي"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/218.).
وفيه نظر، بل هو تعليل له ولما قبله أيضاً من أنهما إذا كانت منتفخة أو متفسخة أعاد ثلاثة أيام.
146= قوله: فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ( ( )الأرش: من معاني الأرش لغة: الدّية والخدش، وما نقص العيب من الثوب، لأنه سبب للأرش.اصطلاحا: هو المال الواجب في الجناية على ما دون النفس، وقد يطلق على بدل النفس وهو الدّية. ينظر: لسان العرب لابن منظور 6/263، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/126، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي 2/186، التجريد لنفع العبيد للبجيرمي 4/160.). [ زاد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من( أ)، (جـ)،( د).) في «خزانة الأكمل»: ((رجل اشترى عبداً ثم جاء رجل فقال: قطعت يد/( ( )بداية 129/ب من النسخة (أ).) هذا العبد وهو عند البائع، فإنه لا يصدق والضمان للمشتري، وكذا الوصي لو قال بعدما كبر اليتيم: قد كنت بعت عبد اليتيم
147= وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنَ الْقَضَاءِ، وَإِنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ
وهلك ثمنه عندي، أو أنفقته عليه وهو نفقة مثله، فهو مصدق إن كان العبد هالكاً، أما لو كان قائماً وكذبه الورثة فلا يصدق ))( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/200، مجمع الضمانات للبغدادي/357/.). انتهى "بيري".
ولا يخفى ما في قوله: وكذبه الورثة من عدم ملاءمته لما سبق من قوله: بعدما كبر اليتيم والظاهر أن صواب العبارة بعدما مات اليتيم.(2/205)
147= قوله: وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةُ الْكَنْزِ الخ. قيل: التقييد بكون الزوج ذمياً( ( )الذمة. لغة: الأمان والعهد. فأهل الذمة أهل العهد.اصطلاحا: عند الفقهاء الذميون، والذمي نسبة إلى الذمة أي العهد من الإمام. أو ممن ينوب عنه بالأمن على نفسه. وماله نظير التزامه الجزية، ونفوذ أحكام الإسلام.ينظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي / 210/، المغرب لابن المطرزي / 176/.) إتفاقي لا احترازي فالحكم كذلك لو كان مسلماً وله امرأة نصرانية فجاءت بعد موته مسلمة وقالت/( ( )بداية 107/ب من النسخة(د).): أسلمت قبل موته. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/218.).
وسيصرح بها قريباً( ( )أي مسائل الكنز في القضاء 7/43. كما صرح بذلك ابن نجيم في المتن.).
وأقول: ما ذكره من كون التقييد بالذمي اتفاقياً، وإن كان يستقيم بالنسبة للحكم، وهو أن القول له في كل من المسألتين، لكن لا يستقيم بالنسبة لقول المصنف: وَخَرَجَ عَنْ
148= فَالْقَوْلُ لَهُمْ.
149= مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا.
150= وَبِهِ قَالَ زُفَرُ رحمه الله وَإِنَّمَا خَرَجُوا عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِيهَا لِأَجْلِ تَحْكِيمِ الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى الْأَصْلِ مَا فِي الْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهَا.
هَذَا الْأَصْلِ الخ؛ لأن مسألة ما إذا/( ( )بداية 91/ب من النسخة (ب).) كان الزوج مسلماً ليست خارجة عن الأصل المذكور، وستأتي من "المصنف" الإشارة إلى مابين المسألتين من الفرق من حيثية الخروج وعدمه حيث قال( ( )في (أ) يقول.): ((وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ..)) الخ.(2/206)
148= قوله: فَالْقَوْلُ لَهُمْ. لأن المرأة ادعت ما هو حادث من كل وجه [لأن الإسلام/( ( )بداية 237 من النسخة (جـ).) بعد الكفر حادث من كل وجه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) ، فكانت مدعية فلا يقبل قوله إلا بحجة كما في «المحيط البرهاني». "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/219.).
149= قوله: مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قولها. وهو «إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ ». "حَمَوِِيّ"( ( )المصدر السابق نفس الموضع.).
150= قوله: وَبِهِ قَالَ "زُفَرُ". لأن الإسلام حادث، والأصل في الحوادث أن تضاف
.........................................................................................
إلى أقرب أوقاتها كما تقدم وأقرب أوقاتها ما بعد الموت فيضاف إليه، وقال "المشايخ": سبب الحرمان ثابت في الحال فيثبت فيما مضى تحكيماً للحال كما في جري ماء الطاحونة، وهذا الظاهر يعتبر في الدفع ولا يصلح للاستحقاق( ( )وهذا لاستصحاب الحال، وقد ذهب الجمهور ( المالكية والحنابلة وأكثر الشافعية ) إلى أنه حجة سواء أكان في النفي أم الإثبات. وأما الحنفية فقد تعددت الآراء عندهم في حجيته بين الإطلاق والتقييد، فمنهم من منع حجيته، ومنهم من قال: إن الاستصحاب حجة للدفع وللنفي لا للإثبات، أي إنه يصلح لأن يدفع به من ادّعى تغير الحال، لإبقاء الأمر على ما كان. أي أن الاستصحاب لا يثبت به إلا الحقوق السلبية، فلا يثبت حكما جديدا، وإنما يستمر به حكم العقل بالإباحة الأصلية، أو البراءة، أو ببقاء حكم الشرع بشيء بناء على تحقق السبب الذي ربط به هذا الحكم. فبقاء الأمر على ما كان إنما يستند إلى موجب الحكم، لا إلى عدم المغير، ولهذا قالوا: إن الاستصحاب حجة لإبقاء ما كان على ما كان، لا لإثبات ما لم يكن.(2/207)
فالاستصحاب لبراءة ذمة ليس بحجة لبراءتها حقا، بل يصلح فقط لمدافعة الخصم الذي يدعي شغل هذه الذمة بدون دليل يثبت دعواه. ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 1/255و256، البحر المحيط للزركشي 8/15، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج1/290، شرح الكوكب المنير للفتوحي 590، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 2/388.) ولو مات مسلم وتحته نصرانية، فجاءت مسلمة بعد موته وقالت أسلمت قبل موته، وقال الورثة أسلمت بعده، فالقول للورثة أيضاً، ولا يحكم الحال، لأن الظاهر لا يصلح للاستحقاق ومقصودها ذلك وأما الورثة فمرادهم الدفع، ويشهد لهم ظاهر( ( )في (أ) و(ب) و(جـ) الظاهر.) الحدوث أيضاً( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/200، فتح القدير لابن الهمام 7/340.)، فحاصله/( ( )بداية 130/أ من النسخة (أ).) أن الظاهر لا .........................................................................................(2/208)
يصلح للاستحقاق وهي تدعي به الاستحقاق في المسألتين،[ويصلح للدفع وهم يدعون به الدفع، فكان القول قولهم في]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)،( ب).) المسألتين فإن قلت يرد على هذا مسائل ذكرت على سبيل النقض( ( )النقض في اللغة: إفساد ما أبرم من عقد أو بناء أو عهد، ويأتي بمعنى الهدم، يقال: نقض البناء أي هدمه. والنقض اصطلاحا: أن يوجد الوصف المدعى عليته ويتخلف الحكم عنه، ومثاله قولنا: من لم يبيت النية تعرَّى أول صومه عنها فلا يصح، لأن الصوم عبارة عن إمساك النهار جَميعه مع النية، فيجعل العراء عن النية في أول الصوم علة بطلانها، فيقول الْخَصم: ما ذكرت منقوض بصوم التطوع فإنه يصح من غير تبييت. ينظر: أصول السرخسي 2/208، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 2/169، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج3/263، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 2/340، المستصفى للغزالي 332، شرح الكوكب المنير للفتوحي493.).
فمنها: ما إذا كان في يد رجل عبد، فقال رجل: فقأت عينه وهو في ملك البائع، وقال المشتري فقأته وهو في ملكي، كان القول للمشتري، فيأخذ أرشه منه، وجه الإيراد أنه استحق بالظاهر( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/200، مجمع الضمانات للبغدادي/357/.).
ومنها: ما إذا اختلف المؤجر والمستأجر في جريان ماء الطاحونة، وحَكَّما الحالَ وكان/( ( )بداية 108/أ من النسخة (د).) جارياً في الحال يستحق الأجرة بهذا الظاهر.
ومنها أن المرأة إذا ادعت أن زوجها أبانها في المرض وصار فاراً، وقالت الورثة: أبانها في الصحة فلا ترث، كان القول قولها فترث.
.........................................................................................
فهذه المسائل ترد على قولكم الظاهر لا يصلح حجة للاستحقاق.
قلت: أَجيب عن/( ( )بداية 238 من النسخة (جـ).) ذلك:(2/209)
فالجواب عن المسألة الأولى أنها لا ترد لأنا نقول: [لا يجوز أن يكون العبد لرجل وإرثه لغيره فلهذا استحقه هو.
والجواب عن الثانية: أنها لا ترد لأنا نقول إنها] ( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).)لا يستحق بالظاهر إذا لم يكن سبب الاستحقاق موجوداً/( ( )بداية 92/أ من النسخة (ب).) في الحال، وأما إذا كان السبب موجوداً بيقين، فيستحق به، فهنا سبب الاستحقاق وهو عقد الإجارة موجود في الحال، وكذا في المسألة الأولى السبب وهو ملك الرقبة موجود في الحال بخلاف الزوجية في مسألة الميراث فإنها ليست بموجودة في الحال.
والجواب عن المسألة الثالثة: أنها لا ترد لأنا نقول: إنما ترث؛ لأنها تنكر المانع وهو الطلاق في الصحة والأصل عدمه فترث.كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (44/ب).).
وقوله: فالقول للورثة أيضاً ولا يحكم( ( )في (أ)،(جـ)،(د) تحكم.) الحال لأن الظاهر لا يصلح للاستحقاق الخ. يريد بالظاهر نفس تحكيم الحال بخلاف ما قبله من قوله: وهذا الظاهر يعتبر في الدفع الخ. فإن المراد به إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.
151= وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَقَرَّ فِي الصِّحَّةِ.
152= وَقَالَتِ الْوَرَثَةُ فِي مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ.(2/210)
151= قوله: وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ الخ.قيل: هذه المسألة تشكل على مسألة ((ما لو وهبت مهرها لزوجها وماتت))، فقال كانت في الصحة، والورثة كانت في المرض، فالقول للزوج كما في «الكنز»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/162.) وغيره( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/223، الفتاوى الهندية للبلخي 6/443، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/744.) ومقتضاه أن يكون في مسألة الإقرار الحكم كذلك أو بالعكس، لكن في «الخانية»( ( )فتاوى قاضي خان 3/147 على هامش الفتاوى الهندية.) التصريح بأن المعتمد أن القول قول الورثة لا الزوج، فيندفع الإشكال، ويصير الحكم فيها على منوال واحد "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/219و220.).
152= قوله: وَقَالَتِ الْوَرَثَةُ فِي مَرَضِهِ الخ. يستثنى من بطلان إقرار المريض لوارثه( ( )إقرار المريض لوارثه: إقرار المريض لوارث باطل إلا أن يصدقه الورثة أو يثبت ببينة عند الحنفية، والمذهب عند الحنابلة، وفي قول للشافعية.وعند المالكية: إن كان متهما في إقراره كأن يقر لوارث قريب مع وجود الأبعد أو المساوي كمن له بنت وابن عم فأقر لابنته لم يقبل، وإن أقر لابن عمه قبل، لأنه لا يتهم في أنه يُزري ابنته ويوصل المال إلى ابن عمه. وعلة منع الإقرار التهمة فاختص المنع بموضعها. ينظر: المبسوط للسرخسي18/31، بدائع الصنائع للكاساني 7/227، والتاج والإكليل للعبدري 7/220، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/399، و الأم للشافعي 8/211، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 5/82، والمغني لابن قدامة 5/124، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 12/135.) بمفرده/( ( )بداية 130/ب من النسخة (أ).) أو مع أجنبي بعين أو دين إلا أن يصدقه بقية الورثة ما إذا أقر له بوديعة(2/211)
153= وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَتَهُ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَهُمْ فَلَهُ ذَلِكَ.
وَمِمَّا فَرَّعْته عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُهُمْ: لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَحْتَهُ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَت الْوَرَثَةُ: أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ 154= فَالْقَوْلُ لَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى.
مستهلكة كما في «التنوير وشرحه»( ( )الدر المختار شرح تنوير الأبصار 5/614 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) معزياً «للجوهرة»( ( )الجوهرة النيرة للعبادي 1/257.).والعبرة لكونه وارثاً وقت الموت لا وقت الإقرار.
153= قوله: وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ. ولو أقاما( ( )في (د) أقام.) بينة/( ( )بدية 239 من النسخة (جـ).) فبينته أيضاً كما في «الخلاصة» وسيذكره في/( ( )بداية 108/ب من النسخة (د).) الإقرار "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/220.).
154= قوله: فَالْقَوْلُ لَهُمْ. كَمَا ذَكَرَهُ "الزَّيْلَعِيُّ "( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/199.). قال في «شرح الجامع الكبير»: ولا ميراث لها ولا تجعل الحال حكماً؛ لأن الحال ظاهر في دلالته على الماضي، فيصبح التمسك به في الدفع لا في الاستحقاق والورثة الدافعون. انتهى.
أقول: بخلاف ما إذا مات الرجل فقالت امرأته: قد كان طلقني ثلاثاً في مرض
.........................................................................................(2/212)
الموت( ( )حكم طلاق المريض مرض الموت: المقصود بمريض الموت: هو المرض الذي يعجز الرجل أو المرأة عن ممارسة أعمالهما المعتادة ويتصل به الموت قبل مضي سنة من بدئه، إذا لم يكن في حالة تزايد أو تغير، فإن كان يتزايد اعتبر مرض موت من تاريخ اشتداده أو تغيره ولو دام أكثر من سنة. ينظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 4/137.
اتفق الفقهاء على أن الرجل المريض إذا طلق زوجته، فطلاقه نافذ كالصحيح، فإن مات من ذلك المرض ورثته المطلقة مادامت في العدة من طلاق رجعي، كما ترثه فيها في طلاقها في حال الصحة،لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاق الزوج وظهاره وإيلاؤه، ويملك إمساكها بالرجعة ولو بغير رضاها، ولا ولي ولا شهود ولا صداق.أما إن طلقها في حال الصحة طلاقا بائنا أو رجعيا فبانت منه بانقضاء عدتها، فلم يتوارثا اجماعا.(2/213)
واتفق الفقهاء على أن الرجل المريض إذا طلق امرأته في مرض الموت ثم ماتت لم يرثها، وإن ماتت في العدة. واختلفوا في إرث الزوجة المطلقة طلاقاً بائناً إذا مات الزوج في أثناء العدة من هذا الطلاق فالجمهور: على أنها ترثه، وقال الشافعي في الجديد: لا ترثه. ينظر: المبسوط للسرخسي 6/155،156، و بدائع الصنائع للكاساني 3/100، و المدونة الكبرى للإمام مالك 2/86، 87، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/353، و الأم للشافعي 5/ 272، 273، ومغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني4/455، 456، والإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/419، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 5/ 314.)، ومات وأنا في العدة ولي الميراث، وقالت الورثة: طلقك في صحة ولا ميراث لك، فالقول قولها كما لو قالت: طلقني وهو نائمٌ وقال الورثة: طلقك في اليقظة، كان القول قولها كذا ذكره "البيري". ونقل عن «خزانة الأكمل» أنها لو كانت أمة وقالت أعتقت في حياته، لم تصدق( ( )في (أ) يصدق.)، ولم يقبل قول مولاها فيه، وكذلك لو كانت كافرة فادعت/( ( )بداية 92/ب من النسخة (ب).) الإسلام،
وَمِمَّا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ 155= لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَذْتهَا ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ، أَوْقَاتِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ.
أما لو لم يعرف منها كفر ولا رق فادعت الورثة أنها كانت كذلك، وقالت هي: مازلت على حالتي هذه حرة مسلمة، فالقول قولها.(2/214)
وقوله: أعتقت في حياته. أي ادعت العتق قبل موت الزوج، وقالت الورثة: إنما عتقت بعد موته، لا تصدق ولا يقبل قول مولاها: إني أعتقتها قبل موت الزوج.
وقوله: وكذلك لو كانت كافرة فادعت الإسلام، أي ادعت أنها أسلمت قبل موته، وقالت الورثة إنما أسلمت بعد موته.
وقوله: أما لو لم يعرف منها كفر ولا رق، فادعت الورثة أنها كانت كذلك أي كانت وقت [موت]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) الزوج كافرة أو رقيقة.
155= قوله: لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك الخ؛ لأنه أسنده إلى حالة معهودة منافية للضمان فصار كما إذا قال: طلقت أو أعتقت وأنا مجنون، والجنون كان معهوداً منه.
وقال "شمس الأئمة السرخسي": إذا زعم المدعي أن القاضي فعل ذلك بعد العزل كان القول قول المدعي، لأن هذا الفعل حادث فيضاف إلى أقرب أوقاته/( ( )بداية 240 من النسخة (جـ).)، ومن ادعى
.........................................................................................
تاريخاً سابقاً لا يصدق إلا بحجة لأن الأصل متى وقعت المنازعة في الإسناد يحّكم الحال كما إذا اختلفا في جريان ماء الطاحونة وهو لو فعل/( ( )بداية 131/أ من النسخة (أ).) في هذه الحالة يجب عليه الضمان، فلا يصدق في الإسناد إلى حالة منافية إلا بحجة والصحيح هو الأول، وهو اختيار فخر الإسلام "علي البزدوي"( ( )علي البزدوي: علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم أبوالحسن. فخر الاسلام البزدوي، ولد عام400 هـ وتوفي عام 482 هـ فقيه أصولي، من سكان سمرقند، من أكابر الحنفية، له تصانيف منها /كنز الوصول/ في أصول الفقه يعرف بأصول البزدوي وغناء الفقهاء في الفقه، وتفسير القرآن، وشرح الجامع الكبير للشيباني. ينظر: الأعلام للزركلي 4/328، 329، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/192.) و"الصدر الشهيد" وله نظائر/( ( )بداية 109/أ من النسخة (د).).(2/215)
قلت: ومما خرج عن القاعدة وهو أن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته، ما في «جامع الفصولين»( ( )جامع الفصولين لابن قاضي سماوه 1/246.): ((هلك المستأجر على حفظه، فقال الأجير: هلك بعد تمام السنة فعليك أجر السنة، وقال المستأجر هلك بعد شهر واحد، فالقول للمستأجر، لأنه ينكر وجوب الأجر عليه فهذه قد خرجت عن قاعدة الأصل أن يضاف الحادث إلى أقرب الأوقات، فينبغي أن يصدق الأجير، يقال الأصل المذكور ظاهر يصلح للدفع لا للاستحقاق، وغرض الأجير أخذ الأجر فلا يصلح له)) كذا ذكره [الغزي]( ( )العبارة في (أ ) كذا ذكره القدسي.) ، وقوله: هلك المستأجَر على حفظه بفتح
156= وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ.
الجيم، يعني استأجر شخصاً( ( )في (ب) شخص.) لحفظ دابة مثلاً كل شهر بكذا، فهلكت الدابة بعد مضي مدة فاختلفا في قدرها.
قوله: فالصحيح أن القول للقاضي. أقول/( ( )بداية 93/أ من النسخة (ب).): فصل في «خزانة الأكمل»: بينما إذا كان المدفوع قائماً( ( )في (أ) قديما.) أو هالكاً ففي صورة ما إذا كان هالكاً القول للقاضي، وإذا كان قائماًَ يرد إلى المقضي عليه في قولهم جميعاً. "بيري"
156= قوله: وَكَذَلِكَ إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ. يعني وادعى القاضي أنه فعله حال قضائه كان القول قوله لأنه أسنده إلى حالة منافية للضمان، هذا تقرير كلامه، وفيه أن فعل القاضي حادث أضيف إلى أقرب أوقاته، فهو من أفراد القاعدة، لا مما خرج عنها وحينئذ يشكل التشبيه. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/220.).
جوابه: أن المشبه لا يعطى حكم المشبه به من كل وجه فالتشبيه في مجرد/( ( )بداية 241 من النسخة (جـ).) كون القول للقاضي في هذه أيضاً وإن كانت الأولى خارجة والثانية من أفرادها لم تخرج عنها كذا بخط شيخنا.(2/216)
وَخَرَجَ أَيْضًا عَنْهُ مَا لَوْ 157= قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك وَأَنَا عَبْدٌ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: بَلْ قَطَعْتَهَا وَأَنْتَ حُرٌّ
158= كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ وَقَدْ أَعْتَقَهُ: أَخَذْتُ مِنْك غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُعْتَقُ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى.(2/217)
157= قوله: قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك وَأَنَا عَبْدٌ. ذكر "الحَمَوِِيّ" عند قول: «الكنز»( ( )كنز الدقائق 8/348 ( من البحر الرائق ).): (( ولا قصاص في طرفي حر وعبد )) إن وجوب القصاص في الأطراف يعتبر فيه التساوي في الأرش بدلالة أن الصحيح لا يقطع بالأشل لاختلاف الأرش، وأرش طرفي الحر والعبد مختلف، فلا يجب القصاص بل يجب الأرش اهـ.( ( )يرى جمهور الفقهاء ( من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والحنفية في القول المقابل للمشهور، وإسحاق ): أن كل شخصين يجري بينهما القصاص في النفس يجري بينهما القصاص في الأطراف السليمة: كالرجلين، والرجل والمرأة، والحرين، والعبدين. وذهب الحنفية في المشهور، والثوري إلى أنه لا قصاص بين طرفي ذكر وأنثى، وحر وعبد، أو في طرفي عبدين في القطع والقتل ونحوهما، لانعدام المماثلة في الأطراف، لأنها يسلك بها مسلك الأموال فيثبت التفاوت بينهما في القيمة. ولا يجب القصاص في الأطراف إلا بما يوجب القود في النفس وهو العمد المحض فلا قود في شبه العمد ولا في الخطأ. ينظر: المبسوط للسرخسي 26/136، بدائع الصنائع للكاساني 7/110، التاج والإكليل للعبدري 8/313، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/241، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 8/402، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 5/253،المغني لابن قدامة 8/222، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 9/467.)
158= قوله: كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ. وكذا القول له بالإجماع إذا قال لسيده بعد عتقه: أخذت مالك أو قطعت يدك وأنا عبد، وقال السيد بل قطعت بعد العتق،كذا في "ملاّ
159= وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ.
مسكين" من باب جناية/( ( )بداية 131/ب من النسخة (أ)، بداية 109/ب من النسخة (د).) المملوك والجناية عليه( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/509.).(2/218)
وقوله: وكذا القول له بالإجماع( ( )الإجماع. لغة: يراد به العزم، وتارة يراد به الاتفاق. وعن الغزالي أنه مشترك لفظي.
اصطلاحا: اتفاق جميع المجتهدين من أمة محمد ? في عصر ما بعد عصره ? على أمر شرعي، والمراد بالأمر الشرعي مالا يدرك لولا خطاب الشارع، سواء أكان قولا، أم فعلا، أم اعتقادا، أم تقريرا. والإجماع حجة قطعية على الصحيح، وإنما يكون قطعيا حيث اتفق المعتبرون على أنه إجماع،لاحيث اختلفوا، كما في الإجماع السكوتي وما ندر مخالفه. ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 3/227، المستصفى للغزالي
/137/، شرح الكوكب المنير للفتوحي /225/.) إذا قال لسيده الخ. أي بالنسبة لعدم وجوب القصاص لا بالنسبة لوجوب الأرش؛ إذ لا يلزمه الأرش، ولا يضمن ما أخذه منه من المال، لأن السيد لا يستوجب على عبده مالاً كما سيأتي.
159= قوله: وَكَذَا الْوَكِيلُ. أي خرج عن الأصل على أحد التقريرين، لأنه إذا كان المبيع قائماً وكان القول قول الموكل لم يخرج حينئذٍ عن الأصل، وإنما يخرج عنه إذا كان مستهلكاً، ثم المراد بقول الموكل بعد العزل، أي بعد العلم بالعزل، لأن تصرف الوكيل بعد العزل( ( )حكم تصرف الوكيل بعد العزل قبل العلم به: من أسباب انتهاء الوكالة عزل الموكل وكيله، ويشترط عند الحنفية والمالكية، أن يعلم الوكيل بالعزل، لأن العزل فسخ للعقد، فلا يلزم حكمه إلا بعد العلم به كالفسخ، والعلم بالعزل يتم إما بحضور الوكيل، أو بالكتابة له، أو بإرسال رسول إليه، أو بإخبار رجلين أو رجل عدل. أو غير عدل وصدقه بالعزل. أما قبل العلم بالعزل فتكون تصرفات الوكيل كتصرفاته قبل العزل في جميع الأحكام.(2/219)
وقال الشافعي في الأصح عنده، وأحمد في الرواية الثانية عنه و هي الراجحة في مذهبه : لا يشترط = = هذا الشرط، فلو عزل الموكل وكيله في حضوره أو أثناء غيبته انعزل في الحال؛ لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضا صاحبه، فلا يحتاج إلى علمه كالطلاق.واتفقت المذاهب: على أنه في حال عزل الوكيل نفسه عن الوكالة يشترط إخبار الموكل بالأمر صيانة لحق الموكل، ومنعا من التغرير به. ينظر: المبسوط للسرخسي 19/15، بدائع الصنائع للكاساني 6/37، 38، التاج والإكليل للعبدري 7/213، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/396، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 2/279، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني3/257، المغني لابن قدامة 5/84،83، الفروع لابن مفلح 4/345.) .................................................................................
160= إذَا قَالَ: بِعْت وَسَلَّمْت قَبْلَ الْعَزْلِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: بَعْدَ الْعَزْلِ
161= كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ.
قبل العلم [به]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)، (د).) [نافذ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/221.).(2/220)
160= قوله: إذَا قَالَ: بِعْت وَسَلَّمْت الخ.أما لو قال الموكل للوكيل أخرجتك من الوكالة، فقال بعته أمس لا يصدق، قال في «الخلاصة»: الآمر إذا قال للوكيل: أخرجتك من الوكالة، فقال بعته أمس لا يصدق، ولو قال الوكيل أوّلا بعت من هذا وهو يدعيه/( ( )بداية 93/ب من النسخة (ب).)، فقال الموكل عزلتك لم يصدق الآمر ومثله في « البزَّازِيّةِ » ( ( )ينظر: الفتاوى البزازية5/464 كتاب الوكالة ( على هامش الفتاوى الهندية ).) "غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي " مخطوط " ورقة (46/أ ).).
161= قوله: كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ. لإنكاره الضمان في المستهلك/( ( )بداية 242 من النسخة (جـ).) وادعائه
162= وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَّةِ
الخروج عن الملك في القائم أي ملك الموكل، ومثله الغلة المستهلكة والقائمة "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/221.).
وقال "البيري" بعد قول المصنف: وكذا الوكيل بالبيع إذا قال: بعت الخ.ما نصه: (( الذي يتبادر من ظاهر العبارة أن مناط كون القول للوكيل هلاك العبد، وكونه للموكل عدم هلاكه، والذي تفيده «خزانة الأكمل» غير ذلك؛حيث قال: ولو أمر رجلا ببيع عبده، ثم قال له عزلتك، فقال الوكيل قد بعت وأخذت الثمن وهلك الثمن في يدي، ينظر إن كان العبد هالكا، فالقول قول الوكيل، وإن كان قائماً، فالقول قول الموكل ويسترد العبد أما لو قال الوكيل قد بعته وأخذت ثمنه وهلك في يدي، ثم قال الموكل:عزلتك فالقول قول الوكيل قائماً كان العبد أو هالكاً الخ.(2/221)
وأقول: ما ذكره في «الخزانة» لا ينافي ما ذكره "المصنف" لأنه إنما كان القول للوكيل قائماً كان المبيع أو هالكاً/( ( )بداية 110/ أ من النسخة (د).) لكون الوكيل أخبر بالبيع، وهلاك الثمن بعد قبضه قبل أن يعزله الموكل، بخلاف التفصيل الذي ذكره المصنف فإن سياقه يقتضي أنّ الوكيل بلغه خبر العزل قبل قوله: بعت وسلمت قبل العزل.
162= قوله: وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَّةِ( ( )الْغَلَّةُ. لغة: الدخل من كراء دار، وأجر حيوان، وفائدة أرض، والدخل الذي يحصل من الزرع والثمر واللّبن والإجارة والنّتاج ونحو ذلك، والجمع غلاّت، وغلال.ولايخرج المعنى الاصطلاحي عند الفقهاء عن المعنى اللغوي. ينظر: المغرب لابن المطرزي /344/ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي / 452/.
بداية 132/أ من النسخة (أ).) الخ.يعني أن السيد ادعى أنه أخذ منه هذه
163= لَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ الْقَائِمَةِ.
الغلة وهو عبد، وقال الُمعْتقْ أخذتها وأنا مُعْتَقٌ، فالقول له، لأنها/( ( )بداية 132/أ من النسخة (أ).) قائمة في يده، وما ذكره العلامة "الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/221.) من قوله: يعني أن السيد ادعى أن الغلة اكتسبها وهو عبد، وقال المعتق: اكتسبتها وأنا معتق غير مناسب، لأن الكلام في خصوص الغلة، وما ذكره يوهم أن الغلة [من الاكتساب مع أنها غيرها، كما سنوضحه فيما سيأتي قريباً في الكلام على قول "المصنف" وكذا في كل شيء أخذه منها، ولهذا قال "شيخنا": وليس المراد من الغلة الاكتساب، بل ما يضربه المولى على عبده كل شهر من الغلة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) ، وهي الضريبة، والمولى لا يضمن/( ( )بداية 243 من النسخة (جـ).) هذا، وإن أخذه من عبده المأذون، بخلاف الاكتساب، فإن المولى يضمنها إذا أخذها من المديون. اهـ.(2/222)
فإن قلت: مقتضى قوله: والمولى لا يضمن هذا وإن أخذه من عبده المأذون عدم الضمان مطلقاً بلا فرق بين القائم والمستهلك، فينافي ما سبق من أنه يضمن القائم بعينه، قلت: ما سبق مفروض فيما إذا ادعى العبد الأخذ منه/( ( )بداية 94/أ من النسخة (ب).) بعد العتق، فلهذا ألزم المولى الضمان القائم بعينه، بخلاف ما هنا، فإن المأذون لم يدع الأخذ منه بعد العتق، فلهذا انتفى الضمان عن المولى مطلقاً فتدبر.
163= قوله: لَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ الْقَائِمَةِ: أي السيد،فيكون الحاصل أن الخروج عن الأصل بسبب كون القول للسيد محله ما إذا كانت الغلة هالكة، وإلا كان على الأصل،
164= وَمِمَّا وَافَقَ الْأَصْلَ مَا فِي النِّهَايَةِ.
فهو تقييد للإطلاق السابق. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/221.).
164= قوله: وَمِمَّا وَافَقَ الْأَصْلَ مَا فِي «النِّهَايَةِ»( ( )النهاية شرح الهداية للإمام حسام الدين، حسين بن علي بن الحجاج بن علي، المعروف بالصغناقي الحنفي، المتوفى سنة 710هـ، وهو أول شرح للهداية، وقد أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2032، الأعلام للزركلي 2/247، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/28.) إلى قوله: قَطَعْت يَدَك الخ. قيد بالقطع: لأنه في الوطء، وأخذ الغلة لا يكون القول لها، بل للمولى كما في "ملاّ مسكين"، ونصه: ((قال المولى لمعتقته: وطئتك وأخذت منك كذا من الغلة وأنت أمتي، وقالت لا بل فعلت ذلك بعد العتق، فالقول للمولى ولا/( ( )بداية 110/ب من النسخة (د).) يضمن شيئاً بالاتفاق))( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/510.) انتهى.(2/223)
لأن الظاهر كونهما حال الرق «درر»( ( )درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/116.). فيكون الإسناد إلى حالة منافية للضمان؛ لأن السيد يملك وطء أمته المديونة، ولا يجب عليه العُقْر( ( )العقر: من معاني العقر لغة: المهر وهو للمغتصبة من الإماء كمهر المثل للحرة.والعقر: ماتعطاه المرأة على وطء الشبه،وأصله: أن واطئ البكر يعقرها إذا افتضها، فسمي ما تعطاه للعقر عقرا. ثم صار عامّا لها وللثيب واصطلاحا: نقل ابن عابدين عن الجوهرة أنّ العقر: في الحرائر مهر المثل، وفي الإماء عشر القيمة لو بكرا، ونصف العشر لو ثيبا. ينظر: المغرب لابن المطرزي /323/، التعريفات للجرجاني /196/، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/101.)، وكذا له الأخذ من غلتها بخلاف
.........................................................................................
القطع، فإنه لم يسنده إلى حالة منافية للضمان؛ لأنه إذا قطع يدها وهي مديونة ضمنها كذا بخط "شيخنا".
وقوله: بخلاف القطع الخ.أي [فإن]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) القول فيه لها كما سيصرح به المصنف، ويضمن المقر عندهما لأنه أقر بسبب الضمان ثم ادعى البراءة، وهي تنكر «درر»( ( )درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/116.) وقال "محمد": القول للمقر ولا يضمن إلا شيئاً قائماً بعينه غير مستهلك/( ( )بداية 232 /ب من النسخة (أ).)، فإنه يؤمر برده إلى المقر لها( ( )ينظر: شرح السير الكبير للسرخسي 5/193، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/231.)، والحاصل أن هذه/( ( )بداية 244 من النسخة (جـ).) المسائل على ثلاث أوجه:
- في وجه يكون القول قول المولى: وهو ما إذا أخذ الغلة أو وطئها.
- وفي وجه يكون القول قول الجارية: وهو ما إذا أقر المولى أنه أخذ منها مالاً وهو قائما بعينه في يده.(2/224)
- وفي وجه اختلفوا: وهو ما إذا استهلك مالها أو قطع يدها، وقد اتفقوا على أصلين: أحدهما أن الاستناد( ( )في (ب)، (جـ) الاسناد.) إلى حالة منافية للضمان يوجب سقوط المقر به، والآخر أن من أقرّ بسبب الضمان ثم ادعى ما يبرئه لا يسمع منه إلا بحجة.
فالوجه الأول مخرج على الأصل الأول بالاتفاق، والوجه الثاني مخرج على الأصل
.........................................................................................
الثاني بالاتفاق، والوجه الثالث خرجه "محمد" على الأول وهما على الثاني كذا بخط "شيخنا" عن « العناية( ( )«العناية»: للشيخ أكمل الدين محمد بن محمود البابرتي الحنفي المتوفى سنة 786 هـ، ذكر في أوله كتاب النهاية، وعسرة استحضارها في الدرس؛ لبعض إطناب فيه، وأنه اختصره على ما يحتاج إليه من حل ألفاظ الهداية، فجمع منه ومن غيره، واجتهد في تنقيحه وتهذيبه، وسماه: «العناية» لحصوله بعون الله سبحانه وتعالى. كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2035.)»( ( )العناية شرح الهداية للبابرتي10/351.).
واعلم أن معنى ما ذكره "ملاّ مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/510.) بقوله: (( ولا يضمن شيئاً بالاتفاق))، أي لا يضمن العُقْر ولا الغلة/( ( )بداية 94/ب من النسخة (ب).) [بالنسبة للغلة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) المستهلكة، والحاصل، أنه إذا حمل ما ذكره "ملاّ مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين3/510.) من أن المولى لا يضمن شيئاً بالاتفاق على المستهلك من الغلة، وحمل ما ذكره في «العناية» من كونهم اختلفوا في كون المستهلك من مالها هل يضمن أو لا على المستهلك من الاكتساب حصل التوفيق والتقييد/( ( )بداية 111/ أ من النسخة (د).) بالمستهلك للاحتراز عن القائم بعينه فإن المولى يلزمه رده اتفاقاً سواء كان من الغلة أو من الاكتساب، وسيأتي لهذا مزيد بيان.(2/225)
165= لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً، ثُمَّ قَالَ لَهَا: قَطَعْت يَدَك وَأَنْتِ أَمَتِي فَقَالَتْ هِيَ: قَطَعْتهَا وَأَنَا حُرَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا
166= وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا.
165= قوله: أَعْتَقَ أَمَةً، ثُمَّ قَالَ لَهَا: قَطَعْت يَدَك الخ. أما لو قال قطعت يدك ثم أعتقتك[ أو استهلكت مالك ثم أعتقتك أو أخذت مالك ثم أعتقتك ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) ولم يكن العتق ظاهراً قبله وإنما ظهر بهذا القول، فالقول قول المولى بلا خلاف كما في «خزانة الأكمل» "بيري".
166= قوله: وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا الخ.يحتاج للفرق بين غلة العبد القائمة، فإنه لا يقبل قول المولى بخلاف غلة الجارية، فإنَّ ظاهر قوله: وكذا في كل شيء/( ( )بداية 245 من النسخة (جـ).) أخذه منها أنه لا يقبل قوله لا في الغلة القائمة ولا في غيرها، والفرق من حيث إن المولى أقر بأخذ مالها، ثم ادعى التملك لنفسه، فيصدق في إقراره ولا يصدق في دعواه التمليك له "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/222.) بتصرف.
وأقول: صرح "الزيلعي" باستثناء الغلة ونصه/( ( )بداية 133/أ من النسخة (أ).): (( القول قولها في كل ما أخذه منها إلا الجماع والغلة استحساناً، وهذا عندهما، وقال "محمد" لا يضمن إلاّ شيئاً قائماً بعينه، يؤمر برده عليها الخ))( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/158.).
.........................................................................................(2/226)
ومنه يعلم أن الحكم في الأمة بالنسبة للغلة القائمة كالحكم في العبد بلا فرق بينهما خلافاً لما ذكره "المُحَشِّي"( ( )أي الحموي.) من التفرقة بينهما، وحينئذ يستغنى عن الفرق الذي ذكره، والحاصل أنه لا خلاف في أن المولى لا يضمن المستهلك من الغلة بخلاف المستهلك من الاكتساب، فإنه يضمنه عندهما لا عند "محمد"، كما لا خلاف أيضاً في أنه يضمن ما كان قائماً بعينه سواء كان من الغلة أو من الاكتساب، واعلم أن المراد بالغلة ما يستحقه العامل بمقابلة العمل، وهو( ( )في (ب) وهي.) المسمى بالأجرة، بخلاف الاكتساب فإنها هي التي طريق تحصيلها التجارة.
واعلم أن ما سبق عن «العناية» من قوله: ((وفي وجه اختلفوا، وهو ما إذا استهلك مالها أو قطع يدها))( ( )العناية شرح الهداية 10/351.) ، يعني فعندهما يضمن لا عند "محمد" ليس على إطلاقه بل بالنسبة لغير/( ( )بداية 95/أ من النسخة (ب).) المديون، وإلا فلا خلاف "لمحمد" في أن المولى يلزمه ضمان قطع يدها إذا كانت مديونة ولا خصوصية للأمة المديونة، بل العبد المديون كذلك حتى يلزم المولى الضمان بقطع يده لتعديه على محل تعلق به حق الغرماء، بخلاف/( ( )بداية 111/ب من النسخة (د).) العبد إذا قطع يد( ( )في (أ) يده.) سيده حيث لا يلزمه شيء؛ لأن السيد لا يستوجب على عبده مالاً بوجه، أما العبد فقد يستوجب على سيده مالاً إذا كان مديوناً نظراً لحق الغرماء، فظهر الفرق.
167= عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ رحمه الله ذَكَرَهُ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ.
168= وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا.
والحكم في الأمة إذا قطعت يد سيدها كالحكم في العبد، وبهذا التقرير يحصل الجمع في كلامهم ويندفع عنه التنافي.(2/227)
167= قوله: عِنْدَ "أَبِي حَنِيفَةَ"، وَ"أَبِي يُوسُفَ". مع أنه منكر للضمان بإسناد الفعل إلى حالة منافية للضمان "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/222.).
168= قوله: وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ. قيل/( ( )بداية 246 من النسخة (جـ).): صرح "المصنف" في الشرح بما يجاب به عن ذلك حيث قال: (( اعلم أن المقر [إذا أسند( ( )في (أ)، (ب) أستند.) إقراره إلى حالة منافية للضمان من كل وجه فإنه لا يلزمه شيء مما ذكرناه ))( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 8/427.) اهـ.
ورد بأن العبد يقال فيه ذلك أيضاً بأن يقال: كونه عبده لا ينفي عنه الضمان من كل وجه لأنه لا يضمن قيمته فيما]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) إذا كان مأذوناً مديوناً، ويضمن لو أتلف العبد المرهون كما هو معلوم في المتون.
وكذا مسألة القاضي فإن/( ( )بداية 133/ب من النسخة (أ).) كونه قاضياً لا ينفي عنه الضمان من كل وجه، لأنه لو
وَفِي الْمَجْمَعِ مِن الْإِقْرَارِ:
169= وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ، بِأَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ، أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتَقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْنَادِ، أُفْتِيَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ ( انْتَهَى ). وَقَالَا: يَضْمَنُ
تعمد القضاء بالجور كان ضامناً كما صرحوا به.( ( )إذا قصر الحاكم في النظر في مستند حكمه، كأن يحكم بجلد إنسان أو قطعه أو قتله بشهادة شهود، فجلد أو قتل أو قطع، أن الشهود غير أهل للشهادة: كأن بانوا كافرين، أو فاسقين، أو صبية، ضمن الحاكم إذا ثبت أنه لم يبحث حالة الشهود، أو قصر في البحث، لأنه متسبب في التلف، وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية والحنابلة.(2/228)
وذهب الحنفية إلى أن الحاكم لا يضمن ما تلف بحكمه، وإن كان القضاء بالجور عن عمد وأقر به، فالضمان في ماله في الوجوه كلها بالجناية والإتلاف، ويعزر القاضي ويعزل عن القضاء. ينظر: المبسوط للسرخسي 9/80، بدائع الصنائع للكاساني 7/16، التاج والإكليل للعبدري 8/244، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/155، أسنى المطالب شرح روض الطالب 4/382، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/390، المغني لابن قدامة 10/231، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 6/360.)
ومما يدل على أن "المصنف" لم يرتض ما ذكره في «البحر» أنه لم يذكره هنا، وقال: تحتاج هذه المسائل إلى نظر دقيق، وتصنيف هذا الكتاب متأخر عن تصنيف «البحر» كما يدل على ذلك إحالته على «البحر» هنا كثيراً. "حَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/222.) و"غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي مخطوط" ورقة (46/ب)).
169= قوله: وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ الخ. أي أقر حربي أسلم بأخذ مال من مسلم أو ذمي قبل الإسلام، أي إسلام المقر، أو بإتلاف خمر كافر بعده، أي بعد إسلام المقر له، أو مسلم،
.........................................................................................(2/229)
أي لو أقر مسلم بمال حربي أي بأخذ ماله في الحرب أي في دار الحرب( ( )دار الحرب: هي بقعة تكون أحكام الكفر فيها ظاهرة. ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/295، الأحكام السلطانية للماوردي /175/، الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح 1/190.) أو بقطع، أي لو أقر المولى بقطع يد معتقه قبل العتق فكذبوه في الإسناد أي في إسناد الأفعال إلى ما ذكر من الزمان بأن قال: أخذت مالي بعد إسلامي، [وقال الآخر: أتلفت خمري قبل إسلامي، وقال الآخر أخذت مالي بعد إسلامي ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).) ، وقال المعتق: قطعت يدي بعد العتق. أفتى "محمد" بعدم الضمان في الكل، أي في كل هذه الأقادير المذكورة، وقال لا يضمن( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 18/170.).
لمحمد أنه أسند الفعل إلى حالة منافية للضمان فلا يؤاخذ به،كما لو أقر بالقذف مسند إلى حالة الصبا/( ( )بداية 95/ب من النسخة (ب).)، ولهما أنه أقر بسبب الضمان وهو الأخذ والقطع وأسنده إلى حالة لا ينافيها الضمان بالكلية بل قد يجامعها؛لأن إتلاف مال الحربي يكون/( ( )بداية 112/أ من النسخة (د).) سبباً للضمان في الجملة، كما إذا كان مستأمنا وأودع ماله عند مسلم،وعاد فأتلفه المسلم يضمن، وقطع المولى يد عبده قد يكون مضموناً إذا كان مديوناً أو مرهوناً، ولا كذلك حالة الصبا؛ لأنها منافية للإقرار قيد بالضمان لأن المأخوذ لو كان/( ( )بداية 247 من النسخة (جـ).) قائماً في يد المقر يؤمر بالرد إلى المقر له اتفاقاً لأنه
وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ لَو اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ; لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ فَلَا يُضَافُ إلَى السَّابِقِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.(2/230)
وَلَيْسَ مِنْ فُرُوعِهَا مَا لَوْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ الشِّرَاءِ، أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدَنَا فِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَادِثٌ أُضِيفَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ
170= لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ مَلَكَهَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ عِنْدَنا
أقّر أنه ماله ويدعي تملكه عليه، وهو ينكر والقول قول المنكر كذا بخط "خليل أفندي"( ( )لم أجد من ترجمه.) تلميذ "حَمَوِِيّ" معزياً "لابن ملك" في «شرح المجمع»( ( )«شرح المجمع»: هو كتاب المستجمع شرح المجمع ( مجمع البحرين وملتقى النهرين لابن الساعاتي ) للإمام بدر الدين، محمود بن أحمد العيني، المتوفى سنة 855هـ، وهو كتاب مخطوط، توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( م ف / م / 2945 ت 3 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1599 و1600، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/421.).
170= قوله: لِأَنَّهَا( ( )في (أ)لأنه.) لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ مَلَكَهَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ عِنْدَنا. لأن السبب هو الجزئية، والجزئية إنما تثبت بينهما بنسبة الولد منهما كمالاً، وقد ثبت النسب فتثبت الجزئية بهذه الواسطة، وقد كان المانع حين الولادة ملك الغير فزال، [ولو قال المصنف ثم ملكها أو بعضها لكان أولى لأن الحكم كذلك]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) قال "المصنف" في «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/296.)
.........................................................................................(2/231)
ناقلاً عن «المحيط»: وإذا ولدت الأمة المنكوحة من الزوج ثم اشتراها هو وآخر، تصير أم ولد [ للزوج لما قلنا، ويلزمه قيمة نصيب/( ( )بداية 134/أ من النسخة (أ).) شريكه؛ لأنه بالشراء صارت أم ولد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) له وانتقل نصيب الشريك إليه بالضمان. "غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي مخطوط" ورقة (46/ب).).
وأما الولد فهو باقٍ على ملك البائع؛ إذ فرض المسألة أنه إنما باع أمه فقط حتى لو باعه مع أمه منهما عتق على أبيه ولزمه ضمان حصة الشريك، وبهذا التقرير تعلم أن ثبوت أمومية الولد لأمه بواسطة لا تنافي بقاء الرق فيه.
- - -
«هَلْ الْأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ ؟»
171= قَاعِدَةٌ هَل الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الْإِبَاحَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، أَوْ التَّحْرِيمُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَنَسَبَهُ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله(2/232)
171= قوله: قَاعِدَةٌ هَل الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ( ( )هذه المسألة مما اختلف فيه الفقهاء: فذهب أكثر الحنفية والشافعية إلى أن الأصل الحل، وعند بعض الحنفية أن الأصل التوقف، وينسب لأبي حنيفة هذا القول، وهو أيضاً قول بعض أصحاب الحديث أن الأصل الحرمة. وسبب اختلافهم بذلك هو: اختلافهم في حد الحلال: فعند الشافعي ما لا دليل على تحريمه، وعند أبي حنيفة ما دل دليل على حله. دليل قول الجمهور:قوله تعالى: ?قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ? [ سُورَةُ الأَنْعَامِ: 145 ] وقوله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ? [ سُورَةُ البَقَرَةِ: 29 ].ومن الأحاديث: قوله ?: { ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن نسيا }رواه البيهقي (19508) باب: ما لم يذكر تحريمه ولاكان في معنى ما ذكر تحريمه مما يؤكل أو يشرب، والدارقطني باب: الحث على إخراج الصدقة وبيان قسمتها 2/137، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/55 رواه البزار ورجاله ثقات. وقوله ?: {إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها }.أخرجه الحاكم (7114) في المستدرك كتاب: الاطعمة 4/129، والدارقطني في السنن في كتاب: الرضاع 4/184، وقال النووي في آخر رياض الصالحين /416/ حديث حسن رواه الدارقطني. ودليل قول بعض أصحاب الحديث وما نسب لأبي حنيفة: أن التصرف في ملك غيره بغير إذنه لا يجوز، فيبقى الأصل على الحرمة حتى يرد دليل الحل. ودليل من قال = = بالتوقف: أن طريق ثبوت الأحكام سمعي وعقلي، والأول غير موجود، وكذا الثاني، فلا يقطع بأحد الحكمين وهذا يوجب التوقف.(2/233)
ويظهر أثر الخلاف في الكثير من الفروع الفقهية منها: الحيوان المشكل أمره كالزرافة، والنبات المجهول تسميته، ومنها ما إذا لم يعرف حال النهر هل هو مباح أو مملوك، ومنها ما لو دخل برجه حمام وشك هل هو مباح أو مملوك. وكذلك لو شك في كبر الضبة من الذهب أو الفضة. ينظر: المنثور في القواعد للزركشي 1/186، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج2/101، الأشباه والنظائر للسيوطي /60/، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 2/394.) ؟
.........................................................................................
اعلم أن الأشياء في الأصل( ( )في (د) اعلم أن الأصل في الأشياء الإباحة.) على الإباحة عند جمهور "المعتزلة"( ( )"المعتزلة":ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية والعدلية، وهم فرق كثيرة يجمعها كلها في بدعتها أمور منها: نفيها كلها عن الله عز وجل صفاته الأزلية وقولها بأنه ليس لله عز وجل علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا صفة أزلية وزادوا على هذا بقولهم إن الله تعالى لم يكن له في الأزل اسم ولا صفة، ومنها: قولهم باستحالة رؤية الله عز وجل بالأبصار وكلهم يزعمون أن كلام الله عز وجل حادث وأكثرهم اليوم يسمون كلامه مخلوقا ومنها: قولهم جميعا بأن الله تعالى غير خالق لأكساب الناس، ومنها: اتفاقهم على دعواهم في الفاسق من أمة الإسلام بالمنزلة بين المنزلتين وهي أنه فاسق لا مؤمن ولا كافر ولأجل هذا سماهم المسلمون معتزلة لاعتزالهم قول الأمة بأسرها. ينظر: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري1/155، الملل والنحل للشهرستاني 1/43، الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي1/93.)، وطائفة من الفقهاء "الشَّافِعِيَّة" و"الحنفية"، منهم "الكرخي" حتى يرد الشرع الشريف بالتقرير أو بالتغير إلى غيره.(2/234)
وقال بعض أصحاب الحديث، ومعتزلة بغداد( ( )يختلف معتزلة بغداد عن معتزلة البصرة في أن شيوخ البصريين يميلون إلى الروافض، ومنهم من يميل إلى الخوارج. ينظر: الملل والنحل للشهرستاني 1/84.):(( الأصل الحظر حتى يرد الشرع
.........................................................................................
الشريف مقراً أو مغيرّاً)).
وقال أصحابنا وعامة أصحاب الحديث: الأصل فيها التوقف، وهو قول "الأشعري"( ( )"الأشعري": علي بن إسماعيل بن إسحاق أبو الحسن، من نسل الصحابي أبي موسى الأشعري، مؤسس مذهب الأشاعرة المتوفى حوالي سنة 330هـ، تلقى مذهب المعتزلة ثم رجع وجاهر بخلافهم قيل بلغت مصنفاته 300 كتاب منها: مقالات الإسلاميين، الإبانة عن أصول الديانة، اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع. ينظر: الأعلام للزركلي 4/263، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/35.)، غير أن أصحابنا يقولون: لابد أن يكون [حكمه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).): إما الحرمة بالتحريم الأزلي، أو الإباحة، ولكنا لا نقف على ذلك بالعقل، فنتوقف في الجواب لا على/( ( )بداية 112/ب من النسخة (د).) معنى أننا نخلوه عن الحكم، بل لعدم دليل الوقوف وعندهم لا حكم فيها/( ( )بداية 96/أ من النسخة (ب).) أصلاً لعدم دليل الثبوت وهو الخبر عن الله تعالى( ( )في( ب) عز وجل.) على لسان صاحب الشرع، فكان/( ( )بداية 248 من النسخة (جـ).) الخلاف بيننا وبينهم في كيفية التوقف وما كان فيه ضرر بنفسه أو بغيره خارج عن موضع الخلاف [كذا ذكره]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب)، (جـ).) "الغزي"( ( )زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(47/أ )..) [ببعض تصرف]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).).
.........................................................................................(2/235)
ونقل "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/223.) عن بعض تعاليق( ( )في (ب) تأليف.) الشيخ "قاسم بن قطلوبغا"( ( )"قاسم بن قطلوبغا": زين الدين، أبو العدل السودوني الجمالي الحنفي، المتوفى سنة 879هـ، قال السخاوي: إمام علامة، طلق اللسان، قادر على المناظرة، مغرم بالانتقاد ولو لمشايخه، مع شائبة دعوى ومساحجة. من كتبه: تاج التراجم في علماء الأحناف، والفتاوى، وشرح مختصر المنار، وتصحيح القدوري، وغير ذلك. ينظر: الأعلام للزركلي 5/180، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 8/111.) ما نصه:(( المختار أن الأصل الإباحة عند جمهور أصحابنا، وقيده "فخر الإسلام" بزمن الفترة فقال: إن الناس لم يتركوا سدى في شيء من الزمان، إنما هذا بالنسبة لزمن الفترة لاختلاف الشرائع ووقوع التحريفات، فلم يبق الاعتقاد والوقوف على شيء من الشرائع، فظهرت الإباحة بمعنى عدم العقاب بما لم يوجد له محرم ولا مبيح ))انتهى.
ودليل هذا القول يعني الإباحة قوله سبحانه وتعالى: ? خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ? [ سُورَةُ البَقَرَةِ: 29 ] أخبر بأنهّ خلقه لنا على وجه المنة علينا وأبلغ، وجوه المنة إطلاق الانتفاع، فتثبت الإباحة.
وقال تعالى: ? قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ?[ سُورَةُ الأَعْرَافِ: 32 ] ولأن الانتفاع بها خال عن المفسدة؛ إذ الكلام فيه ولا ضرر فيه على المالك، فتثبت الإباحة للانتفاع كالاستظلال بحائط/( ( )بداية 134/ب من النسخة (أ).) الغير، والنظر في مرآته، ووجه الحظر أنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، فلا يجوز، ووجه التوقف أن طريق ثبوت الأحكام سمعي وعقلي، والأول
.........................................................................................(2/236)
غير موجود، وكذا الثاني فلا نقطع بأحد الحكمين، فإن من قال بالإباحة عقلا يجوز ورود الشرع الشريف في ذلك بعينه بالحظر،فينقله من الحظر إلى الإباحة، وما دل العقل عليه لا يجوز تغييره كشكر المنعم( ( )في (د) المنع.) ونحوه كذا في حاشية "الغزي" وتبعه "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/223.) معزياً «لتحفة الوصول»( ( )«تحفة الوصول إلى علم الأصول » أو«الوصول إلى قواعد الأصول» للغزي الأول: شمسُ الدينِ محمدٌ بنُ عبد الله،التمرتاشي الغزي،الحنفي،توفي عام1004 هـ، فقيهٌ، أصوليٌ، متكلمٌ، ولد بغزةَ وتوفي بها. من تصانيفه:« تنوير الأبصار وجامع البحار» وشرحه وسماه «منح الغفار»،،« الفوائد المرضية في شرح القصيدة اللامية في العقائد».ينظر: الأعلام للزركلي6/ 239،معجم المؤلفين لعمر كحالة10/197، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/262.). وهذه المسألة متفرعة على أن القبح والحسن ذاتي أو شرعي.
واعلم أن العلماء ذكروا أن الحسن والقبح يطلقان( ( )في (أ) مطلقان، وفي (جـ)، (د) يطلقان.) على ثلاث معان ٍ( ( )ينظر: المستصفى للغزالي 1/45-49، إدرار الشروق على أنواء الفروق لابن الشاط 2/212، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 1/184، البحر المحيط للزركشي 1/176، شرح الكوكب المنير للفتوحي 95و96، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 1/80و81.):
الأول: كون الشيء ملائما للطبع أو منافراً له.
والثاني: كون الشيء/( ( )بداية 113/أ من السخة (د).) متعلق المدح عاجلاً والثواب آجلاً.
أو كونه متعلق الذم عاجلاً والعقاب آجلاً.
.........................................................................................(2/237)
فلا خلاف بين العلماء أنهما بالتفسيرين الأولين عقليان، وأما بالتفسير الثالث فقد اختلف فيه فعند "الأشعري" لا يثبتان/( ( )بداية 249 من النسخة (جـ).) بالعقل بل بالشرع، وعندنا الحاكم بالحسن والقبح هو الله سبحانه وتعالى.
فإن قلت: هذا مذهب "الأشاعرة"( ( )"الأشاعرة": نسبة إلى أبي الحسن الأشعري، ويمتاز مذهب الأشاعرة بأن الله خالق كل شيء وليس للطبيعة فعلا ما بخلاف الإنسان الذي يستطيع أن يفعل أفعالاً يخلقها الله فيه فينسبها الإنسان إلى نفسه ويزعمها من كسبه، وفرقوا بين كلام الله القائم بذاته وهو قديم وبين الكتاب الذي هو القرآن والذي أنزل في زمن معين، وعولوا على الوحي الذي هو عندهم الأصل الوحيد لمعرفة الله في حين أن العقل آلة للإدراك فقط ولكنه يستطيع إدراك وجود الله.ينظر: العقيدة الأصفهانية 107-108، إيثار الحق على الخلق في رد الاختلافات 101و297، التحفة المدنية في العقيدة السلفية 119.) بعينه قلت: ماهو ذلك، وليس الأمر/( ( )بداية 96/ب من النسخة (ب).) كذلك.(2/238)
فإن قلت: فما الفرق بينهما حينئذ، قلت: الفرق هو أن الحسن والقبح عند "الأشاعرة" لا يعرفان إلا بعد كتاب أو نبي، وعلى مذهب "الماتريدية"( ( )الماتريدية: نسبة إلى الإمام محمد بن محمود أبي منصور الماتريدي، وقد كان إلى جانب إمامته في أصول الدين وعلم الكلام أحد فقهاء الحنفية، وبرع في علم الحجاج والمنطق والفنون العقلية والنقلية. ومنهجه يختلف عن منهج أبي الحسن الأشعري في بعض الجوانب، ويتلخص الفرق بينهما في ذلك، في أن الأشعري كان لايقيم لسلطان العقل الاجتهادي وزناً أمام النصوص، حتى وإن كانت واردة عن طريق الآحاد ولم ترق إلى درجة التواتر، أما الماتردي فقد كان يقيم لأحكام العقل وزناً أكثر، بمعنى أنه يسعى إلى التوفيق بينه وبين المنقول إذا أمكنه ذلك دون تكلف أو تمحل. غير أن هذا = = الاختلاف اليسير في المنهج لم يتسبب عنه أي خلاف جوهري في النتائج والمعتقدات الأساسية. – وقد عني كثير العلماء بجمع نثار هذه المسائل الجزئية التي وقع فيها الخلاف بين الأشعرية والماتردية فحصرها بعضهم في عشر مسائل، والباقي لفظي، وتلك ست المعنوية لاتقتضي مخالفتهم لنا ولا مخالفتنا لهم تكفيراً ولا تبديعاً صرح بذلك أبو منصور البغدادي وغيره من أئمتنا وأئمتهم )). ينظر: طبقات الشافعية لابن السبكي 3/378. المذاهب الإسلامية لمحمد أبي زهرة/292/.) فقد يعرفهما العقل بخلق الله
.........................................................................................(2/239)
سبحانه وتعالى العلم الضروري بهما إما بلا كسب كحسن تصديق النبي ?، وقبح الكذب الضار، وإما مع كسب كالحسن والقبح المستفادين من النظر في الأدلة وترتيب المقدمات، وقد لا يعرفان إلا بالكتاب والنبي [كأكثر]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) أحكام الشرع الشريف [كذا ذكره]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ)، (د).) "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(47/أ ).) معزياً «للتلويح»( ( )شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/332.) و«شرح المسايرة»( ( )«شرح المسايرة»: المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة للشيخ الإمام كمال الدين محمد بن همام الدين عبد الواحد الشهير بابن الهمام المتوفى سنة 861هـ، شرع أولا في اختصار الرسالة القدسية للإمام الغزالي ثم عرض لخاطره الشريف استحسان زيادات على ما فيها فلم يزل يزيد حتى خرج التأليف عن القصد الأول فصار تأليفا مستقلا غير أنه سايره في تراجمه وزاد عليها خاتمة بعدها ومقدمة في صدر الركن الأول، وينحصر الكتاب بعد المقدمة في أربعة أركان الأول: في ذات الله سبحانه وتعالى، الثاني: في صفاته الثالث: في أفعاله،الرابع: في صدق الرسول ? في كل منها عشرة أصول، والمقدمة في تعريف الفن والخاتمة في الإيمان والإسلام وشرحه الشيخ كمال الدين محمد بن محمد المعروف بابن أبى شريف القدسي الشافعي وسماه المسامرة في شرح المسايرة وتوفى سنة 905هـ، وسعد الدين الديرى الحنفي المتوفى سنة 867هـ وشرحه الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي المتوفى سنة 879هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1666.)، وتقييد قبح الكذب بالضار يشير إلى
.........................................................................................(2/240)
المواضع المستثناة من تحريم الكذب وهي( ( )في (أ) وهو.) الكذب على الزوجة والصغير، والموضع الثالث[ الكذب]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) لإزالة ما بين المتباغضين( ( )الأصل في الكذب أنه حرام بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو من أقبح الذنوب وفواحش العيوب، قال تعالى: ? وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ? [ سُورَةُ النَّحْلِ: 116 ]. وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً )) [ رواه البخاري ( 6094 ) في كتاب الأدب باب قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، ومسلم ( 2607 ) في كتاب الصلة والآداب باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله ]. وإجماع الأمة منعقد على تحريمه مع النصوص المتظاهرة على ذلك. وقد يكون الكذب مباحاً أو واجباً، فالكلام وسيلة إلى المقاصد، وكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب فيه، ثم إن كان تحصيل ذلك القصد مباحاً كان الكذب مباحاً وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، كما أن عصمة دم المسلم واجبة، فإذا كان في الصدق سفك دم امرئ مسلم قد اختفى من ظالم فالكذب فيه واجب، ومحل الوجوب ما لم يخش التبين ويعلم أنه(2/241)
يترتب عليه ضرر شديد لا يحتمل. وإذا كان لا يتم مقصود الحرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجني عليه إلا بكذب فالكذب فيه مباح، إلا أنه ينبغي أن يحترز منه ما أمكن ; لأنه إذا فتح باب الكذب على نفسه فيخشى أن يتداعى إلى ما يستغنى عنه، وإلى ما لا يقتصر على حد الضرورة، فيكون الكذب حراماً إلا لضرورة، والذي يدل على هذا الاستثناء ما ورد عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسولَ اللهِ ? يَقُولُ: (( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً )) [ رواه البخاري ( 2692 ) في كتاب الصلح باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، ومسلم ( 2605 ) في كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الكذب وبيان المباح منه ]. وورد عنها رضي الله عنها قالت: (( لَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا )) [ رواه الإمام أحمد في المسند ( 27743 )، ومسلم ( 2605 ) في كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الكذب وبيان المباح منه ]، فهذه الثلاث ورد فيها صريح الاستثناء، وفي معناها ما عداها إذا ارتبط به مقصود صحيح له، أو لغيره. فأما ما هو صحيح له: فمثل أن يأخذه ظالم، ويسأله عن ماله، فله أن ينكره، أو يأخذه سلطان فيسأله عن فاحشة بينه وبين الله تعالى ارتكبها فله أن ينكر ذلك، فيقول ما زنيت، ما سرقت، وقال رسول الله ?: (( أَيُّهَا النَّاسُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئاً فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ )) [ رواه الإمام مالك في الموطأ ( 1562 ) كتاب الحدود باب ماجاء فيمن اعترف على نفسه(2/242)
بالزنا، قال أبو عمر ابن عبد البر في الاستذكار 7/497: (( لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث، ولا أعلمه يستند بهذا اللفظ من وجه من الوجوه )). قال ابن حجر العسقلاني في التلخيص الحبير 4/57: (( ومراده بذلك من حديث مالك )) ثم قال: (( وصححه ابن السكن، وذكره الدارقطني في العلل وقال: روي عن عبد الله بن دينار مسندا ومرسلا، والمرسل أشبه )) ]، وذلك أن إظهار الفاحشة فاحشة أخرى، فللرجل أن يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلما وعرضه بلسانه وإن كان كاذباً. وأما عرض غيره فبأن يسأل عن سر أخيه فله أن ينكره، ونحو ذلك، ولكن الحد فيه أن الكذب محذور، ولو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور، فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر، ويزن بالميزان القسط، فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعاً في الشرع من الكذب فله أن يكذب، وإن كان المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق، وقد يتقابل الأمران بحيث يتردد فيهما، وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى ; لأن الكذب يباح لضرورة أو حاجة مهمة، فإن شك في كون الحاجة مهمة، فالأصل التحريم، فيرجع إليه. ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي أن يحترز الإنسان من الكذب ما أمكنه، وكذلك مهما كانت الحاجة له فيستحب له أن يترك أغراضه ويهجر الكذب، فأما إذا تعلق الغرض بغيره فلا تجوز المسامحة لحق غيره والإضرار به. وقالت طائفة من العلماء: لا يجوز الكذب في شيء = = مطلقاً، وحملوا الكذب المراد في حديث أم كلثوم بنت عقبة على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم دعوت لك أمس، وهو يريد قوله: اللهم اغفر للمسلمين، ويعد امرأته بعطية شيء، ويريد إن قدر الله ذلك. واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقا عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها. ينظر: مشكل الآثار للطحاوي 4/356-371، أدب الدنيا والدين للماوردي 265، المحلى لابن حزم الظاهري 9/229، المنتقى شرح الموطأ للباجي 7/313، المبسوط(2/243)
للسرخسي 30/211-215، قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام 1/112و113، الفروع لابن مفلح 6/563، الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح 1/19-22، طرح التثريب للعراقي 7/214، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 5/278، بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية للخادمي 3/178و179، غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب 1/134-142،حاشية الصاوي على الشرح الصغير 4/744و745، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني 7/302و303.)، ..........................................
.........................................................................................
ثم رأيت فيما علقته على "ملاّ مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/386.) من كتاب الكراهية قبل فصل الأكل والشرب ما نصه: الكذب محظور إلا في الحرب للخدعة وفي الصلح بين اثنين وفي إرضاء الأهل يعني الزوجة وفي دفع الظالم عن الظلم، ويكره التعريض به إلا لحاجة، ولا غيبة للظالم ولا إثم في السعي به ولا غيبة إلا لمعلومين، فإن اغتاب أهل قرية فليس بغيبة كذا في «شرح التسهيل»( ( )«شرح التسهيل»: وهو« لطائف الإشارات في الفروع» للشيخ بدر الدين، محمود بن إسرائيل، الشهير بابن قاضي سماونة الحنفي، المتوفى قتيلاً بسيروز سنة 823هـ، ثم شرحه بكتاب التسهيل وهو في السجن، قال الزركلي: هو مخطوط موجود في الصادقية بتونس. ينظر: الأعلام للزركلي 7/165.) "لابن القاضي سماونة"/( ( )بداية 135/أ من النسخة (أ).)، وقوله: إلا في الحرب للخدعة ليس على إطلاقه بل مقيد بما إذا لم يتضمن غَدراً بفتح المعجمة أو نقض صلح، ثم رأيت بخط شيخنا ما محصله أن ما في
.........................................................................................(2/244)
«القنية» وعَدَهُ أن يأتيه فلم يأته لم يأثم محمول على ما إذا كان من نيته الوفاء ثم طرأ المانع أما إذا وعد ومن نيته الخلف فحرام وهو من صفات( ( )في (جـ) صفة.) المنافقين، بقي أن يقال: قولهم لا يلزم الوفاء بالوعد ليس على إطلاقه بل هو بالنسبة للوعد المجرد/( ( )بداية 113/ب من النسخة (د).) أما الوعد المعلق على شيء يظهر منه معنى الالتزام كما في قوله: إن شفيت أحج فشفي/( ( )بداية 250 من النسخة (جـ).) يلزمه ولو قال أحج لم يلزمه بمجرده كذا بخط "شيخنا" معزيا "للمصنف"( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/320.) و"الحَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر 3/237.).
تتمّة:(2/245)
سبق التصريح بإباحة الاستظلال بحائط الغير( ( )تنظر هذه المسألة ص / 318 /.)، وأما الاستنجاء به فلا يجوز( ( )قال الحطاب في مواهب الجليل 1/286: ((وأما الجدار فلا يستجمر به مطلقا سواء كان لمسجد لحرمته أو مملوكا للغير أو في وقف ; لأنه تصرف في ملك الغير، قال في المدخل: وهذا حرام باتفاق، وكثيرا ما يتساهل اليوم في هذه الأشياء سيما ما سبل للوضوء فتجد الحيطان في غاية ما يكون من القذر لأجل استجمارهم فيها وذلك لا يجوز ويكره أن يستجمر في حائط ملكه ; لأنه قد ينزل المطر عليه أو يصيبه بلل ويلتصق هو أو غيره إليه فتصيبه النجاسة فيصلي بها، ووجه آخر أن يكون في الحائط حيوان فيتأذى به وقد رأيت عيانا بعض الناس استجمر في حائط فلسعته عقرب كانت هناك على رأس ذكره ورأى في ذلك شدة عظيمة، وقد أخبرني بعض من حضر قراءة هذا المحل بالمدينة = = الشريفة في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة أنه وقع له ذلك نسأل الله العفو والعافية. وقال ابن رشد في شرح ابن الحاجب قال القاضي عياض: وتسامح الناس بالتمسح بالحيطان وذلك مما ينبغي أن يجتنب; لأن الناس ينضمون إليها لا سيما عند نزول المطر وبلل الثياب قال: ولا ينبغي ذلك في حيطان المراحيض لذلك ولأنها تصير نجسة من تكرر ذلك عليها فيكون قد استجمر بنجس )).)، وما
.........................................................................................(2/246)
نقل عن مولى عمر( ( )وهو يسار بن نمير.كما بينه البيهقي في السنن الكبرى 1/111.) حيث قال: (( كان عمر إذا بال قال ناولني شيئاً أستنجي به فيناوله العود أو الحجر، أو يأتي به حائطاً يتمسح به الخ))( ( )رواه البيهقي في السنن الكبرى ( 539 ) في كتاب: الطهارة، باب: ما ورد في الاستنجاء بالتراب، وقال: هذا أصح ما روي في هذا الباب.).محمول على جدار نفسه، إذ لا يجوز التمسح بجدار غيره، كالوقوف ونحوه كذا فيما علقته على "ملاّ مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/133.) في الكلام على الاستنجاء معزياً/( ( )بداية 97/أ من النسخة (ب).) "لعلي قاري"( ( )في (أ) لعلي القاري.) في «شرح النقاية»( ( )«شرح النقاية»: وهو فتح باب العناية لشرح كتاب النقاية لنور الدين على بن سلطان محمد القارى الهروي المتوفى سنة 1014هـ ذكر فيه أن علماء الحنفية أكثر اتباعا للسنة من غيرهم وذلك أنهم اتبعوا السلف في قبول المرسل معتقدين أنه كالمسند مع الإجماع على قبول مسانيد الصحابة ولم يأت عن أحد منهم إنكاره إلى رأس المائتين في زمن الشافعي رضي الله عنه فمن نسب أصحابنا إلى مخالفة السنة واختيار الرأي والمقايسة فقد أخطأ، وفرغ منه عام 1003هـ بمكة المكرمة. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1972.)، لكن ذكر في «البحر»( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 7/304.) جوازه
.........................................................................................(2/247)
بالجدار مطلقاً، وذكر في باب ما يجوز من الإجارة، وما يكون خلافاً فيها، معزياً إلى «الخلاصة» أن له الوضوء، والاغتسال،وغسل الثياب، وكسر الحطب المعتاد، والاستنجاء بحائطه، ثم قال: وفي «القنية» لمستأجر الدار المسبلة إلقاء ما جمع من كنس الدار من التراب، وله أن يَتِدَّ وَتَداً أو يستنجي بجداره( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 8/11، الفتاوى الهندية للبلخي 4/471.) الخ.
قال "شيخنا": وتزول المخالفة بأن يقال( ( )في (د) يقول.) معنى ما ذكره "علي القاري" من عدم جواز الاستنجاء بجدار غيره أي إذا لم يكن مستأجراً أخذاً من تمثيله بالوقف ونحوه انتهى.
واعلم أن الاستنجاء مسح موضع النجو بنحو حجر منق وهو سُنّة( ( )حكم الاستنجاء - من حيث الجملة - للفقهاء رأيان:
الأول: أنه واجب إذا وجد سببه، وهو الخارج، وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.
الرأي الثاني: أنه مسنون وليس بواجب. وهو قول الحنفية، ورواية عن مالك. وهو قول المزني من أصحاب الشافعي. ونقل صاحب المغني من قول ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج، قال: لا أعلم به بأساً. قال الموفق: يحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 1/18، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/65، مواهب الجليل للحطاب 1/281، شرح مختصر خليل للخرشي 1/149، المجموع شرح المهذب للنووي 1/111، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 1/47، المغني لابن قدامة 1/102، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/113.)، وما سُنّ فيه عدد فلا يقدر [بالمرات إلا أن تكون موسوساً فيقدر بالثلاث أو السبع]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) في حقه، وغسله
.........................................................................................(2/248)
بالماء بلا كشف أحب وأفضل، ويجب أن يفرض الغسل إذا جاوز النجس المخرج،ويعتبر القدر المانع وهو أكثر من الدرهم وراء موضع الاستنجاء فلو كانت أقل بحيث لو ضم هذا إلى موضع الاستنجاء يصير أكثر من قدر الدرهم يكفيه/( ( )بداية 135/ب من النسخة (أ).) الاستنجاء "عندهما"، وعند "محمد" يفرض غسله كذا في «الكنز» وشرحه لملاّ مسكين( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين1/134.)، واعلم أن ظاهر كلامهم يفيد المنع من الكشف للاستنجاء مطلقاً سيما/( ( )بداية 251 من النسخة (جـ).) ما ذكره في «البحر»( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/232.) عن « البزَّازِيّةِ » ( ( )ينظر: الفتاوى البزازية4/12 كتاب الطهارة ( على هامش الفتاوى الهندية )، وذكرت هذه المسألة في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/65، وبريقة محمودية في شرح طريقة محمدية للخادمي 4/214.) من التعليل بأن النهي راجح على الأمر خلافاً لما في «الشرنبلالية»( ( )حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 1 /149.) من التقيد بعدم مجاوزة المخرج، ثم رأيت في «حاشية نوح أفندي» ما نصه: المستنجي لا يكشف عورته عند/( ( )بداية 114/أ من النسخة (د).) أحد للاستنجاء فإن كشفها صار فاسقاً، لأن كشف العورة حرام، ومرتكب الحرام فاسق سواء كان النجس مجاوزاً للمخرج أو لم يكن مجاوزاً، سواء كان المجاوز أكثر من قدر الدرهم أو أقل، ومن فهم من العبارة غير هذا [فإنه ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).) قد( ( )في (أ)، (ب) فقد.) سها، قال في
.........................................................................................(2/249)
«منية المصلي»( ( )«منية المصلي»: هو منية المصلي وغنية المبتدي: للشيخ الإمام سديد الدين الكاشغري محمد، المتوفى سنة705 هـ وهو كتاب معروف متداول بين الحنفية، وقد شرحه ابن أمير الحاج وسماه((حلية المجتلي وبغية المهتدي في شرح منية المصلي)). شرحه إبراهيم بن محمد الحلبي وسماه((غنية المتملي)). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1886، الأعلام للزركلي7/32، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/250.): الاستنجاء بالماء أفضل إن أمكنه من غير كشف، فإن لم يمكنه يكفيه الاستنجاء بالأحجار إذا لم تكن النجاسة أكثر من قدر الدرهم، قال الشارح الفاضل: لا ينبغي أن يعمل بمفهومه( ( )هناك نوعان من المعاني أحدهما نابع من الألفاظ المنطوقة التي يتألف منها الكلام فهو ثمرة مباشره لها. ثانيهما معان تنجر إلى الكلام تبعاً لمدلولاته المباشرة المأخوذة من الألفاظ. – فالطائفة الأولى من المعاني تسمى منطوقاً ويعرفونه بأنه:كل ما دل عليه اللفظ ضمن دائرة المنطق. مثاله:فهم حرمة أكل مال اليتيم، بالمعنى المعروف للأكل، من قوله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ? [ سُورَةُ النِّسَاءِ: 10 ]. – والطائفة الثانية من المعاني تسمى((مفهوماً)) ويعرفونه بأنه(( كل ما دل عليه اللفظ خارج دائرة المنطق)) مثاله:فهم حرمة إتلاف مال اليتيم، أو حرقة، أو تضييعه، من الآيه السابقة ذاتها. ينظر: المستصفى للغزالي/225/، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/253،254، شرح الكوكب المنير للفتوحي/446/.) وهو أنه إن( ( )في (أ) إذا.) كانت أكثر من قدر الدرهم يجوز الكشف بل لا يجوز الكشف أصلاً( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/232.) الخ.
بقي أن يقال: إذا استنجى بالماء [لابد من مجاوزة النجاسة المخرج غالباً، فيشكل( ( )في (أ) يشكل.)(2/250)
172= وَفِي الْبَدِائعِ الْمُخْتَار أَنْ لَا حُكْمَ لِلْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ
بقوله في «الكنز»: وغسله بالماء]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) أحب( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/254.)، فإما أن يقال الحكم بالاستحباب مقيد بعدم المجاوزة بقرينة قوله: ويجب إن جاوز النجس المخرج الخ. إذ هو شامل/( ( )بداية 97/ب من النسخة (ب).) لما لو كانت المجاوزة بسبب غسلها بالماء.
أو يقال الحكم بالاستحباب بالنسبة للاستنجاء الذي هو غسل موضع النجو فقط، وأما غسل المجاوز( ( )في (د) المتجاوز.) فليس هو من مفهوم الاستنجاء على أن افتراض الغسل وجد ضمن حصول المستحب، وبه لا يصير المستحب فرضاً كالغسل الواجب من النجاسة فإنه لا بد فيه من الشيوع المفضي لفرضية الغسل مع أنهم لم يجعلوه باعتبار طرء الشيوع فرضاً،
172= قوله: وَفِي «الْبَدائعِ»: الْمُخْتَارُ أَنْ لَا حُكْمَ لِلْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ( ( )في (د) الشروع.) الخ. فإن قلت الشرع الشريف أمر الله سبحانه وتعالى ونهيه، وهما قديمان فكيف صح( ( )في (د) يصح.) أن يقال قبل الشرع.
قلت: حيث أن الشرع أمر/( ( )بداية 252 من النسخة (جـ).) الله تعالى ونهيه لا يقال ذلك إلا بتقدير قبلية الورود لا قبلية الوجود كذا ذكره بعض المحققين "غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(47/ب ).).
173= وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا عَدَمُ تَعَلُّقِهِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الشَّرْعِ فَانْتَفَى التَّعَلُّقُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ ( انْتَهَى ). وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْمُصَنِّفِ: الْأَشْيَاءُ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْإِبَاحَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمُ الْكَرْخِيُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: الْأَصْلُ فِيهَا الْحَظْرُ(2/251)
173= قوله: وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ أَزَلِيًّا الخ.أي ثابتاً قبل الشرع،فكيف يصح قولكم بأنه لا حكم قبل الشرع وتقرير الجواب أن نفس الحكم/( ( )بداية 136/أ من النسخة (أ).) وإن كان أزلياً [الخ أي ثابتا قبل الشرع ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) عندنا لكن تعلقه التنجيزي بأفعال المكلفين ليس بأزلي والمراد هنا عدم تعلق الحكم التنجيزي بالفعل لا عدم تعلقه العلمي فإنه أزلي عندنا وإنما كان التعلق التنجيزي منفياً قبل الشرع لعدم الفائدة، لأنه لو تعلق فتعلقه إما لفائدة الأداء وهو غير ممكن قبل الشرع؛ لأنه عبارة عن الإتيان يعني ما أمره به في وقته، وذلك موقوف على العلم به وكيفيته، ولا علم بشيء من ذلك قبل الشرع [وإما لفائدة ترتب العقاب على الترك وهو منتفٍ أيضاً]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) قبل الشرع لقوله تعالى: ? وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 15 ] ووقع في حاشية السيد "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/224.) ذكر الاستدلال بقوله تعالى: ? وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 15 ] مقدماً على قوله: وإما لفائدة ترتب العقاب الخ. والمناسب تأخيره.
واعلم أنه قد وقع خلاف طويل في أنه هل يجب الإيمان بالله سبحانه وتعالى قبل البعثة أو لا وقدمنا الكلام على ذلك وذكر "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(47/ب ).) هنا أن "المعتزلة" والأستاذ "
.........................................................................................(2/252)
أبا منصور"( ( )الإمام محمد بن محمود أبي منصور الماتريدي، وقد كان إلى جانب إمامته في أصول الدين وعلم الكلام أحد فقهاء الحنفية، وبرع في علم الحجاج والمنطق والفنون العقلية والنقلية.توفي سنة 333هـ، ومن كتبه: التوحيد وأوهام المعتزلة، والرد على القرامطة، وغيرها. ينظر: الأعلام للزركلي 7/19، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/300، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 2/18.) وأتباعه وعامة مشايخ سمرقند قالوا: بوجوب الإيمان، وأئمة بخارى من الحنفية وكذلك "الأشاعرة" قالوا: بعدم وجوب الإيمان قبل البعثة، واستدل الأولون بأدلة مذكورة في المطولات/( ( )بداية 98/أ من النسخة (ب).) وروى "الحاكم الشهيد"( ( )"الحاكم الشهيد": محمد بن محمد بن أحمد بن الحاكم، الشهير بالحاكم، المروزي، السلمي الحنفي، الوزير الشهيد، أبو الفضل البلخي، العالم الكبير، سمع منه أئمة خراسان وحفاظها قاطبة، منهم: الحاكم أبو عبد الله، وصنف الكثير، وجمع فأحسن، قتل شهيدا سنة 334هـ. ينظر: والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 1/112و113، الأعلام للزركلي 7/17، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/37.) في «المنتقى»( ( )«المنتقى»: المنتقى للحاكم الشهيد، قال مؤلفه نظرت في ثلاثمائة جزء مؤلف مثل الأمالي، والنوادر، حتى انتقيت كتاب المنتقى. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1851، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/37.) عن "أبي حنيفة" [رضي الله عنه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)،(جـ)، (د).) أنه قال: لا عذر لأحد في الجهل بخالقه لما( ( )في (ب)، (جـ) ما.) يرى من خلق السموات والأرض، وعن "أبي حنيفة"( ( )في (ب) عن الإمام رضي الله عنه.) أيضاً لو لم يبعث الله رسولاً لوجب على الخلق معرفته بعقولهم.
.........................................................................................(2/253)
قال الفريق الثاني: ما روي عن [الإمام]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)، (د).) "أبي حنيفة" محمول على ما بعد البعثة وفي حملهم ما روي عنه ثانياً على أنه بعد البعثة نظر ظاهر، واستدلوا/( ( )بداية 253 من النسخة (جـ).) على ما قالوا بعد قولهم لا دليل على الحكم للأفعال إلا السمع بقوله تعالى: ? وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 15 ].
وجه الاستدلال: أنه سبحانه وتعالى نفى العذاب مطلقاً في الدنيا والآخرة، وانتفاء اللوازم يقتضي انتفاء الملزوم وقالوا: حمله على عذاب الدنيا خلاف ما يقتضيه مطلقاً مطلق النظم الشريف ولا موجب لحمله على ما ذكروا( ( )في (أ)،(ب)،(جـ) ذكر.) وقالوا: قال سبحانه وتعالى في شأن الكفرة: ? كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ? [ سُورَةُ الْمُلْكِ: 8 ]. وفي آية أخرى? أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ? [ سُورَةُ الأَنْعَامِ: 130 ] فإن كلاً من الآيتين ونحوهما يرشد إلى أن الأمر الذي قامت به الحجة عليهم فاستحقوا/( ( )بداية 136/ب من النسخة (أ).) عذاب الأخرة عصيانهم بعد إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام( ( )ينظر: جامع البيان للطبري29/7، تفسير ابن كثير4/423، تفسير القرطبي7/58.)، قال بعض المحققين: فإن قيل من طرق الأولين ليس تخصيص العذاب في الآية الشريفة/( ( )بداية 115/أ من النسخة (د).) بعذاب الدنيا خلاف مقتضى الإطلاق، بلا( ( )في (ب) بل.) موجب كما قلتم بل له موجب عقلي، وهو: أن أول الواجبات النظر المؤدي إلى الإيمان
.........................................................................................(2/254)
بوجود الباري سبحانه وتعالى ووحدانيته، فلو لم يكن عقلياً لزم إقحام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإذا وجب النظر المؤدي إلى الإيمان عقلاً وجب الإيمان عقلاً، لأن العلم بوجوبه لازم للنظر الصحيح، وجه الملازمة الأولى( ( )في(أ) الأول.) أنه لو لم يجب النظر إلا بالشرع لقال المكلف للنبي ? الذي دعاه إلى النظر في معجزاته: لا يجب علي النظر بالعقل، وأما الشرع فلا يثبت في حقي إلا بالنظر، ولا أنظر، لزم إقحام النبي ?. ( ( )في (أ) الشيء.)
قلت: هذا القول المفروض( ( )في (د) المفهوم) صدوره من المكلف لنبيه ساقط عن الاعتبار إذ ليس مثله ممن( ( )في (أ)، (ب) مما.) يصدر عن عاقل، فلا يكون عذراً لقائله( ( )في أ عذر القائل.) في ترك النظر فإنه كقول قائل لواقف بمكان وراءك سبع فإن لم تنزعج عن( ( )في (أ) من.) مكانك قتلك، فإن نظرت وراءك/( ( )بداية 254 من النسخة (جـ).) عرفت صدق قولي/( ( )بداية 98/ب من النسخة( ب).)، فيقول الواقف [له]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).): لا يثبت صدق قولك ما لم ألتفت وأنظر، ولا ألتفت ولا أنظر ما لم يثبت صدقك، فيدل هذا على حماقته ونَصْبَهُ نفسه هدفاً للهلاك ولا ضرر فيه على
.........................................................................................
المرشد، فكذا النبي ? يقول: وراءكم الموت والنيران إن لم تصدقوني بالالتفات إلى معجزاتي،فمن التفت عرف صدقي، ومن لا هلك، وتمام تحرير هذا المقام في المطولات.(2/255)
وثمرة هذا الاختلاف تظهر فيمن لم تبلغه دعوة رسول فلم يؤمن حتى مات فهو مخلد في النار على قول المعتزلة، وقول الفريق الأول من الحنفية "كأبي منصور" وأتباعه وعامة مشايخ سمرقند لا على قول الفريق الثاني من الحنفية وهم أئمة بخارى وكذا "الأشاعرة" فإن عندهم لا يجب إيمان قبل البعثة، فمن مات ولم تبلغه دعوة رسول ليس من أهل النار كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(48/ب ).)، [وتمام]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) تحرير هذا المقام في «شرح المسايرة» "لابن الهمام" في الأصل الخامس في بحث الحسن والقبح الخ.
ثم الصبي العاقل إذا كان بحال يمكنه الاستدلال هل يجب عليه معرفة الله أم لا، قال الشيخ "أبو منصور"/( ( )بداية 115/ب من النسخة (د).) وكثير من مشايخ العراق: يجب وقال بعضهم لا يجب عليه شيء قبل البلوغ، وأما إذا أسلم قبل البلوغ يكون إسلامه( ( )تراجع في النسخة (أ).) صحيحاً وارتداده يكون/( ( )بداية 137/أ من النسخة (أ).) إرتداداً كذا( ( )في (جـ) كذلك.) في «شرح ملاّ علي القاري»( ( )في (ب)،(جـ)،(د) قاري.) على بدء الأمالي وإذا صحت ردته يجبر على العود إلى
.........................................................................................
الإسلام بالحبس أو التهديد لا بالقتل كما في «الكنز وشرحه لملاّ مسكين»( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/468.).(2/256)
ثم إني رأيت في «شرح المرشدة»( ( )« شرح المرشدة»: لأبي الليث، نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، السمرقندي الحنفي، الملقب بإمام الهدى، المتوفى سنة 373هـ، والكتاب هو «نور الأفئدة في شرح المرشدة»: للشيخ عبد الغني النابلسي ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 16/322، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1220، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/490، الأعلام للزركلي 8/27، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/91) "لأبي الليث السمرقندي" في «علم التوحيد» للشيخ "عبد الغني النابلسي"( ( )"عبد الغني النابلسي" (1143 هـ) هو: عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي. من علماء الحنفية. ولد في دمشق. رحل إلى عدة بلدان، واستقر بدمشق إلى أن توفي. كان فقيهاً متبحراً، مشاركاً في أنواع العلوم ومكثراً من التصنيف، اشتهر بتآليفه في التصوف. من تصانيفه: (( رشحات الأقلام في شرح كفاية الغلام )) في فقه الحنفية؛ ورسالة (( كشف الستر عن فرضية الوتر ))،و(( ذخائر المواريث في الدلالة على موضع الحديث ))،(( نور الأفئدة في شرح المرشدة)) .ينظر: معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/271، و الأعلام للزركلي 4/158.) أنه قبل ورود الشرع لا يجب معرفة الله [تعالى]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)، (د).) بل بعد ورود الشرع، وهل يشترط وصول الدعوة ؟ قال "الأشعري": يشترط حتى/( ( )بداية 255 من النسخة (جـ).) عذر من نشأ في شاهق جبل ولم يحكم بعقابه إذا مات ولم يعتقد إيماناً ولا كفراً وأوجب غيره الاستدلال والمعرفة ولم يعذره( ( )في (د) يقدره.) بسبب وجود العقل فإن العقل كاف في ذلك كما وقع
.........................................................................................
لأصحاب الكهف؛ حيث قالوا: ? رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ? [ سُورَةُ الكَّهْفِ: 14 ].(2/257)
وقوله: وأوجب غيره الخ.أي "المعتزلة" و"الماتريدية" وتقييده التكليف بالعقل بما بعد ورود الشرع صريح في أن أهل الفترة من الناجين( ( )أهل الفترة: هم الذين لم يبعث فيهم نبي قبل مبعث سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. ينظر تفصيل المسألة: شرح العقيدة الطحاوية للسقاف/82/.)، لكن ما ذكره من هذا التقييد غير متفق عليه بدليل اختلافهم في أهل الفترة، ومما يدل عليه التكلم الواقع في حق/( ( )بداية 99/أ من النسخة (ب).) أبوي "المصطفى" عليه السلام وإلا لم يكن للجواب بما ورد في الحديث( ( )الحديث: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: { حَجَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ ? حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَمَرَّ بِي عَلَى عَقَبَةِ الْحَجُونِ وَهُوَ بَاكٍ حَزِينٌ مُغْتَمٌّ فَبَكَيْت لِبُكَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّهُ طَعَنَ فَنَزَلَ فَقَالَ يَا حُمَيْرَاءُ اسْتَمْسِكِي فَاسْتَنَدْت إلَى جَنْبِ الْبَعِيرِ فَمَكَثَ عَنِّي طَوِيلًا مَلِيًّا ثُمَّ إنَّهُ عَادَ إلَيَّ وَهُوَ فَرِحٌ مُبْتَسِمٌ فَقُلْت لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ نَزَلْت مِنْ عِنْدِي، وَأَنْتَ بَاكٍ حَزِينٌ مُغْتَمٌّ فَبَكَيْت لِبُكَائِك يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ إنَّك عُدْت إلَيَّ، وَأَنْتَ فَرِحٌ تَبْتَسِمُ فَعَمَّ ذَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ ذَهَبْتُ لِقَبْرِ أُمِّي آمِنَةَ فَسَأَلْت اللهَ رَبِّي أَنْ يُحْيِيَهَا فَأَحْيَاهَا فَآمَنَتْ بِي أَوْ قَالَ فَآمَنَتْ وَرَدَّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ } قال العجلوني في كشف الخفاء /61/:أخرجه ابن شاهين والخطيب البغدادي والدارقطني وابن عساكر بسند ضعيف، وهذا الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ بل قيل إنه موضوع لكن الصواب ضعفه وأورده السهيلي في روضه بسند فيه مجهولون عن عائشة بلفظ ((أن الرسول ? سأل ربه أن يحيي أبويه فأحياهما له ثم آمنا به ثم أماتهما )).وكيف يحتج بحديث ضعيف(2/258)
أو موضوع.) من أن الله تعالى أحياهما وآمنا به حاجة حينئذ، واعلم أن "الماتريدية" وإن وافقوا "المعتزلة" على وجوب المعرفة
174= وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَصْلُ فِيهَا التَّوَقُّفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ حُكْمٍ لَكِنَّا لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ ( انْتَهَى ). وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ فَصْلِ الْحِدَادِ: إنَّ الْإِبَاحَةَ أَصْلٌ ( انْتَهَى )
بالعقل لكن الفرق ظاهر ألا ترى إلى ما قدمناه عن "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(48/ب ).) في الكلام على الحسن والقبح حيث ذكر أن الحاكم بالحسن والقبح عندنا أي "الماتريدية" هو الله سبحانه وتعالى، فإنه يفيد الفرق بينهما وكذا ما ذكره بعد ذلك معزياً "للماتريدية" حيث ذكر ما محصله أن الاستدلال على معرفة القبح والحسن وإن كان بالعقل لكن بخلق الله سبحانه وتعالى العلم الضروري بهما الخ.صريح في الفرق أيضاً بين "الماتريدية" و"المعتزلة".(2/259)
174= قوله: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْأَصْلُ فِيهَا التَّوَقُّفُ، قال "ابن الضياء"( ( )ابن الضياء: هو محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد ابن محمد العمري الصاغاني،المكي،الحنفي، المعروف بابن الضياء، فقيه، أصولي،مفسر،ولد بمكة عام 789 هجري، 1387م وتوفي عام 854هجري،1450م. وتوفي بها،من تصانيفه ((المشرع في شرح المجمع (أي مجمع البحرين)).في فروع الفقه الحنفي في أربع مجلدات،والبحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى البيت العتيق،تفسير القرآن وشرح على أصول البزدوي. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1601، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 9/16،15. الأعلام للزركلي 5/332.) في «المشرع»( ( )في (أ) الشرع.) ناقلاً عن "المصنف"/( ( )116/أ من النسخة (د).) بنص: والصحيح من مذهب أهل السنة في الأشياء التوقف حتى يرد الشرع كذا ذكره "البيري" وهو موافق لما نقله "خليل أفندي" عن «فتح القدير»( ( )ينظر: في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/17، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/ 161.) من كتاب السير حيث صرح بأن الصحيح من مذهب أهل السنة أن الأصل في
وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَا أَشْكَلَ حَالُهُ فَمِنْهَا الْحَيَوَانُ الْمُشْكِلُ أَمْرُهُ
175= وَالنَّبَاتُ الْمَجْهُولُ اسْمُهُ ( وَمِنْهَا ) إذَا لَمْ يَعْرِفْ حَالَ النَّهْرِ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ، أَوْ مَمْلُوكٌ ( وَمِنْهَا ) لَوْ دَخَلَ بُرْجَهُ حَمَامٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ، أَوْ مَمْلُوكٌ
الأشياء التوقف، والإباحة رأي "المعتزلة" اهـ.(2/260)
ونقل عن «التجنيس والمزيد»( ( )«التجنيس والمزيد وهو لأهل الفتوى خير عتيد»: للإمام برهان الدين، علي بن أبي بكر، المرغيناني الحنفي، المتوفى سنة 593هـ، ذكر فيه أن الصدر الأجل حسام الدين أورد المسائل مهذبة في تصنيف، وذكر لها الدلائل، ورتب الكتب دون المسائل، ولم يتيسر له الختام، فشرع في إتمامه، وتحسين نظامه، قال: وهذا الكتاب لبيان ما استنبطه المتأخرون، ولم ينص عليه المتقدمون، إلا ما شذ عنهم في الرواية. والكتاب لا يزال مخطوطا توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية برقم ( 7717 ). ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/352، الأعلام للزركلي 4/266، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/45.) آخر فصل في الضيافة والوليمة أن الأصل/( ( )بداية 256 من النسخة (جـ).) في الأشياء الإباحة ما لم يتبين/( ( )بداية 136/ ب من النسخة (أ).) دليل الحرمة اهـ.
175= قوله: وَالنَّبَاتُ الْمَجْهُولُ تسْمُيتهُ [يعلم منه حل الدخان( ( )منذ ظهور الدخان - وهو الاسم المشهور للتبغ - والفقهاء يختلفون في حكم استعماله، بسبب الاختلاف في تحقق الضرر من استعماله، وفي الأدلة التي تنطبق عليه، قياساً على غيره، إذ لا نص في شأنه. فقال بعضهم: إنه حرام، وقال آخرون: إنه مباح، وقال غيرهم: إنه مكروه. وبكل حكم من هذه الأحكام أفتى فريق من كل مذهب، وبيان ذلك فيما يلي: ................................... =(2/261)
= القائلون بتحريمه: ذهب إلى القول بتحريم شرب الدخان من الحنفية: الشيخ الشرنبلالي، والمسيري، وصاحب الدر المنتقى، واستظهر ابن عابدين أنه مكروه تحريماً عند الشيخ عبد الرحمن العمادي. وقال بتحريمه من المالكية: سالم السنهوري، وإبراهيم اللقاني، ومحمد بن عبد الكريم الفكون، وخالد بن أحمد، وابن حمدون وغيرهم. ومن الشافعية: نجم الدين الغزي، والقليوبي، وابن علان، وغيرهم. ومن الحنابلة الشيخ أحمد البهوتي، وبعض العلماء النجديين. ومن هؤلاء جميعا من ألف في تحريمه كاللقاني والقليوبي ومحمد بن عبد الكريم الفكون، وابن علان.
القائلون بإباحته: ذهب إلى القول بإباحة شرب الدخان من الحنفية: الشيخ عبد الغني النابلسي، وقد ألف في إباحته رسالة سماها ( الصلح بين الإخوان في إباحة شرب الدخان ) ومنهم صاحب الدر المختار، وابن عابدين، والشيخ محمد العباسي المهدي صاحب الفتاوى المهدية، والحموي شارح الأشباه والنظائر. ومن المالكية: علي الأجهوري، وله رسالة في إباحته سماها ( غاية البيان لحل شرب ما لا يغيب العقل من الدخان ) ونقل فيها الإفتاء بحله عمن يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة، وتابعه على الحل أكثر المتأخرين من المالكية، ومنهم: الدسوقي، والصاوي، والأمير، وصاحب تهذيب الفروق. ومن الشافعية: الحفني، والحلبي، والرشيدي، والشبراملسي، والبابلي، وعبد القادر بن محمد بن يحيى الحسيني الطبري المكي، وله رسالة سماها ( رفع الاشتباك عن تناول التنباك ). ومن الحنابلة: الكرمي صاحب دليل الطالب، وله رسالة في ذلك سماها ( البرهان في شأن شرب الدخان ). كذلك قال الشوكاني بإباحته.(2/262)
القائلون بالكراهة: ذهب إلى القول بكراهة شرب الدخان من الحنفية: ابن عابدين، وأبو السعود، واللكنوي. ومن المالكية: الشيخ يوسف الصفتي. ومن الشافعية: الشرواني. ومن الحنابلة: البهوتي، والرحيباني، وأحمد بن محمد المنقور التميمي.ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/460، العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين 2/331، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/217، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لمحمد عليش 1/118، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 1/79، تحفة الحبيب على شرح الخطيب للبجيرمي 4/327، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني 6/217.) ...............
.................................................................................................
.................................................................................................
176= وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله الْقَائِلِ بِالْإِبَاحَةِ " الْحِلُّ فِي الْكُلِّ "، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ حِلُّ أَكْلِهَا وَقَالَ السُّيُوطِيّ: وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ فِي الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ
"حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/224.)]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).). وقوله: المجهول تسميته يعني: المفقود منه العلامة الدالة على الحل أو الحرمه، فالتسمية( ( )في (جـ) فسيمته، في (د) قالسمة.) بمعنى العلامة.
ووجد في بعض النسخ مضبوطاً بالقلم سُمَّيته بضم السين، وكسر الميم المشدده وهذا لا يصح.(2/263)
176= قوله: وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ الزَّرَافَةِ: بفتح الزاي وضمها( ( )العبارة في (أ) - بفتح الزاي وضمها [معه لا يصح] حكاهما "الجوهري- والعبارة ركيكة.) حكاهما "الجوهري( ( )"الجوهري": إسماعيل بن حماد الجوهري، الإمام أبو نصر الفارابي اللغوي من أبناء الترك سكن نيسابور، وتوفي بها سنة 393 له إصلاح خلل الصحاح، الصحاح في اللغة مجلدات مطبوع، شرح أدب الكاتب، كتاب بيان الأعراب، كتاب العروض، مقدمة في النحو. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/209 الأعلام للزركلي 1/313.)"( ( )ينظر الصحاح للجوهري مادة (زرف) /114/.)، حيوان طويل اليدين قصير الرجلين على العكس من اليربوع، وفي كتاب «عجائب المخلوقات»( ( )«عجائب المخلوقات والحيوانات وغرائب الموجودات»: لزكريا بن محمد بن محمود القزويني(1208 – 1283). مؤرخ جغرافي من القضاة ولد في قزوين،ورحل إلى الشام = = والعراق، وولي قضاء واسط والحلّة. ينظر:الأعلام للزركلي 4/183، كشف الظنون لحاجي خليفة:2/1127.) لما كانت الزرافة ترعى الشجر وتقتات به جعل يديها أطول من
177= وَقَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِي حِلَّهَا وَاَللهُ أَعْلَمُ.(2/264)
رجليها ليمكنها ذلك بسهوله، وذكر بعضهم أن الزرافة متولدة من الناقة والضبع فتجيئ بولد خلقة الناقة والضبع [وقيل]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) غير ذلك [لكن]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) "الجاحظ"( ( )"الجاحظ": عمرو بن بحر بن محبوب الكناني أبو عثمان البصري الإمام اللغوي المعروف بالجاحظ تلميذ النظام البلخي كان من المعتزلة ولد سنة 150 وتوفي سنة 255 خمس وخمسين ومائتين. له من التصانيف:البيان والتبيين. كتاب البخلاء. كتاب الحيوان. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/802، الأعلام للزركلي 5/74.) لم يرتض شيئاً مما ذكروه من تركيب خلق الزرافة ورده رداً بليغاً( ( )ينظر: كتاب الحيوان للجاحظ 1/142، صبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي 2/42،المستطرف للأبشيهي2/247.، مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية1/241.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/225 و226.).
177= قوله: وَقَوَاعِدُهُمْ تَقْتَضِي حِلَّهَا. مخالف لما نقل عن صاحب «المغرب»( ( )«المغرب» في اللغة: للإمام أبي الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي، المتوفى سنة 610 هـ. تكلم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب. قال ابن الشحنة: وله المعرب بالمهملة أيضا، وهو مطول المغرب بالمعجمة، وفيه فوائد جليلة. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1747، أبجد العلوم لصديق حسن خان القنوجي 3/11.) حيث نص على أنها من السباع، [والسباع]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) عندنا حرام أكلها "بيري".
.........................................................................................(2/265)
وأقول: المصرح/( ( )بداية 99/ب من النسخة (ب).) به أن الولد يتبع الأم في الحل والحرمة فإذا كانت أم الزرافة ناقة وأبوها ضبع فإنها تحل مطلقاً عند العامة خلافاً "للخيزاخزي"( ( )"الخيزاخزي": محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الفضل أبو بكر الخيزاخزي الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 518 هـ صنف آمالي ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/84، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/185.) فإنه يعتبر المشابهة، قال العلامة "ملاّ مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/382.) في كتاب الأضحية: [نزا كلب على شاة فولدت، قال عامة العلماء لا يجوز أي في الأضحية]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).).
وقال الإمام "الخيزاخزي": إن كان يشبه الأم يجوز، ولو نزا شاة على ظبي قال الإمام "الخيزاخزي": العبرة للمشابهة اهـ.
فتحصل أن القول بحل الزرافة موافق لما عليه العامة سواء غلب عليها شبه الضبع أو لا وما سبق عن «المغرب» حيث نص على أنها من السباع يحمل على ما إذا غلب شبه الضبع، فيوافق ما ذكره "الخيزاخزي" والظاهر/( ( )بداية 116/ب من النسخة (د).) أن الخلاف في حل الزرافة يتأتى أيضاً [حتى]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) على القول بعدم تركيب خلقتها كما قدمناه عن "الجاحظ" ورأيت بخط "خليل
.........................................................................................(2/266)
أفندي" تلميذ "المحشى"/( ( )بداية 257 من النسخة (جـ).) أن العلامة "المقدسي" سئل عن الزرافة والهدهد المعروف فأجاب بقوله: قواعدنا تقتضي بحل الزرافة كذا نقل "السبكي"( ( )السبكي: هو عبدالوهاب بن عبدالكافي السبكي، من كبار فقهاء الشافعية ولد بالقاهرة 727 هـ وتوفي 771 هـ، تفقه على أبيه وعلى الذهبي، درَّس بمصر والشام، وولي القضاء بالشام، كان شديد الرأي، قوي البحث، من تصانيفه((طبقات الشافعية الكبرى)) و((جمع الجوامع)) في أصول الفقه، ينظر: شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي6/22، الأعلام للزركلي 4/325.) وجمع من الملأ.
قوله: وأجاب في الكراهة في الهدهد( ( )الهدهد: طائر ذو دم سائل، وليس له مخلب صائدٌ، وليس أغلب أكله الجيف. فهو كالدجاج والبط والإوز. ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي 2/194، درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/281.، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3/132، التاج والإكليل للعبدري 4/347، والمجموع شرح المهذب للنووي 7/337، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني6/153، المغني لابن قدامة9/329، الفروع6/298.) معللاً بورود النهي عنه( ( )النهي في الحديث: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم { نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ}.رواه الأمام أحمد في المسند /3075/، وأبو داود /5267/، في كتاب الأدب باب قتل الزر، وابن ماجة /3224/، في الصيد باب ما ينهى عن قتله من حديث ابن عباس، ورواه ابن ماجة ايضاً /3223/، في الصيد باب ما ينهى عن قتله من حديث أبي هريرة.) ?.
- - -
«الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ»
قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ ; وَلِذَا قَالَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ فَخْرِ الْإِسْلَام(2/267)
ِ178= الْأَصْلُ فِي النِّكَاحِ الْحَظْرُ وَأُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ ( انْتَهَى ). فَإِذَا تَقَابَلَ فِي الْمَرْأَةِ حِلٌّ وَحُرْمَةٌ غَلَبَتِ الْحُرْمَةُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ.
179= وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مِنْ بَابِ التَّحَرِّي: لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ أَرْبَعُ جَوَارٍ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ نَسِيَهَا فَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُنَّ أَعْتَقَ
178= قوله: الْأَصْلُ فِي النِّكَاحِ الْحَظْرُ وَأُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ /( ( )بداية 137/ب من النسخة (أ).) أن سبب مشروعيته: تعلق بقاء العالم به المقدر في العلم الأزلي على الوجه الأكمل الأحسن، وإلا فبقاء هذا النوع الإنساني ممكن بالوطء على غير هذا الوجه المشروع ["غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(49/ب).)]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ).) [لكن هذا مستلزم لمفاسد بخلافه على الوجه المشروع]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من، (جـ)، (د).). "غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(50/أ).).
179= قوله: وَفِي «كَافِي الْحَاكِمِ» الخ. في «شرح الزيلعي»( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/3.) في الإقرار( ( )أي كتاب الإقرار.): لو
180= لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ وَلَا لِلْبَيْعِ وَلَا يَسَعُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ حَتَّى تُبَيَّنَ الْمُعْتَقَةُ مِنْ غَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ نَسِيَهَا
181= وَكَذَلِكَ إنْ مَيَّزَ كُلَّهُنَّ
182= إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ وَكَذَلِكَ يَمْنَعُهُ الْقَاضِي عَنْهَا حَتَّى يُخْبِرَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ(2/268)
أعتق [أحد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) عبديه ثم نسيه لا يجبر على البيان "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/226.).
180= قوله: لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوَطْءِ وَلَا لِلْبَيْعِ. وإن كانت الغلبة للحلال؛ لأن نسيان المعتقة لا يقع في الغالب، فقولنا بالحرمة احتياطاً لا يؤدي إلى الحرج كما في «الْوَلْوَالِجيَّةِ»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 2/357.) "بيري" وقوله: وإن كانت الغلبة للحلال؛ لأن الحل ثابت في ثلاث منهن.
181= قوله: وَكَذَلِكَ إنْ مَيَّزَ كُلَّهُنَّ الخ.ليس المراد بالتمييز ما يترتب( ( )في (جـ) يتوقف.) عليه العلم بالمطلقة بل المراد منه التمييز في المسكن ونحوه، فلا يشكل بقوله:لم يسعه أن يقربها الخ.
182= قوله: إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ بيقين لجواز أن تكون هذه هي المطلقة كما في «الْوَلْوَالِجيَّةِ»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 2/357.). "بيري".
183= فَإِذَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحْلَفَهُ أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ حَلَفَ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا فَلَا يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فَإِنْ بَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَلَاثًا مِن َالْجَوَارِي فَحَكَمَ الْحَاكِمُ فَإِنْ أَجَازَ بَيْعَهُنَّ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ وَجَعَلَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمُعْتَقَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْضُ مَا بَاعَ بِشِرَاءِ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ(2/269)
184= لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلَا يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَطَأَ شَيْئًا مِنْهُنَّ بِالْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ ; لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، أَوْ أَمَتُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْفُرُوجِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ.
185= وَالْفُرُوجُ لَا تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ.
183= قوله: فَإِذَا ( ( )في (ب) فإن.) أَخْبَرَ بِذَلِكَ اسْتَحْلَفَهُ الخ.قال في «الْوَلْوَالِجيَّةِ»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 3/357.): وُجدت/( ( )بداية 100/13 من النسخة (ب).) الدعوى من المرأة [أو]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) لم توجد حقاً لله تعالى. "بيري".
184= قوله: لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا الخ. لأن القاضي لم يقض له بعلم بل برأي كما في «خزانة الأكمل»، وزاد في «الْوَلْوَالِجيَّةِ»( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 2/358.): ولا ينفذ قضاؤه الخ."بيري".
185= قوله: وَالْفُرُوجُ لَا تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ. أقول: هذا مخالف لما تقدم قريباً عن « كَشْفِ الْأَسْرَارِ »( ( )عندما قال في المتن ((قَاعِدَةٌ الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ ; وَلِذَا قَالَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ الْأَصْلُ فِي النِّكَاحِ الْحَظْرُ وَأُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ)).ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 1/48.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/227.).
ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً مِنْ رَقِيقِهِ، ثُمَّ نَسِيَهَا وَمَاتَ لَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي التَّحَرِّي وَلَا بِقَوْلِهِ لِلْوَرَثَةِ: أَعْتِقُوا أَيَّتَهُنَّ شِئْتُمْ، أَوْ أَعْتِقُوا الَّتِي أَكْبَرُ ظَنِّكُمْ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَلَكِنَّهُ يَسْأَلُهُمْ، فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا(2/270)
186= أَعْتَقَهَا وَاسْتَحْلَفَهُمْ عَلَى عَمَلِهِمْ فِي الْبَاقِيَاتِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَعْتَقَهُنَّ كُلَّهُنَّ
187= وَأَسْقَطَ عَنْهُنَّ قِيمَةَ إحْدَاهُنَّ وَسَعَيْنَ فِيمَا بَقِيَ
وأقول: ليس المراد الضرورة مطلقاً بل ما سوى ضرورة النكاح؛ لأجل/( ( )بداية 258 من النسخة (جـ).) بقاء النسل فلا مخالفة؛ لأن ما في « كَشْفِ الْأَسْرَارِ »: بالنظر إلى الأصل يعني أن حل النكاح على خلاف القياس لضرورة التوالد/( ( )بداية 117/أ من النسخة (د).) والتناسل، والضرورة في كلام «الكافي» بمعنى الاضرار والاحتياج ومعناه: أن النكاح لا يحل مع الاضطرار إليه؛ حيث كان فيه جهة حرمة كذا لبعض "الأفاضل".
186= قوله: أَعْتَقَهَا وَاسْتَحْلَفَهُمْ. أي حكم بعتقها "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/227.).
187= قوله: وَأَسْقَطَ عَنْهُنَّ [قِيمَةَ إحْدَاهُنَّ. قيل عليه: لا يخفى ما فيه وينبغي أن يقال: أسقط عنهن ربع]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) قيمتهن؛ لأن القيمة تختلف، ولا يجوز تعيين( ( )في (جـ) تمييز.) قيمة إحداهن بعينها اهـ.
وَخَرَجَ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا قَوْمٌ 188= وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ.
أقول( ( )أي: الحموي): فيه أنه إنما يتم ما ذكره أن لو كان الرقيق/( ( )بداية 137/ب من النسخة (أ).) أربعة، وأما إذا كان أزيد من ذلك أو أنقص فلا، و"المصنف" لم يفرض المسألة في الأربعة بل فيما [هو]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) أعم من ذلك "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/227.).(2/271)
وأقول: معنى قوله( ( )أي الحَمَوِِيّ.) أسقط عنهن ربع قيمتهن أي: إذا كانوا أربعة مثلاً فهو لمجرد التمثيل ويقاس عليه ما إذا كانوا خمسة، أو ستة، أو أكثر، أو كانوا أقل من ذلك كما لو كانوا ثلاثة مثلاً، ففي الخمسة يسقط عنهن خُمسُ قيمتهن، وفي الستة يسقط السدس، وفي الثلاثة يسقط الثلث، وهكذا هذا هو المراد؛ إذ لا يصح اعتبار قيمة واحدة منهن معينة أو غير معينة، أما عدم الصحة بالنسبة لواحدة معينة؛ فلعدم العلم بعين المعتقة، وأما بالنسبة لواحدة لا بعينها؛ فلأنه لا يمكن لاختلاف القيمة.
188= قوله: وَلَمْ يَعْرِفُوا الْمُعْتَقَةَ.فيه نظر؛ إذ فرض المسألة: أن لكل منهم جارية ومن المعلوم معرفةُ كلٍّ جاريته، فما معنى قوله: ولم يعرفوا المعتقة؟ انتهى. وفيه تأمل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/227.).
وجه التأمل: أن عدم معرفة المعتقة نشأ من عدم العلم بعين الشخص الذي صدر منه العتق.
189= فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا الْمُعْتَقَةُ بِعَيْنِهَا،
190= وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَرُبَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَرَامًا وَلَو اشْتَرَاهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ الْمُعْتَقَةَ. وَلَو اشْتَرَاهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً حَلَّ لَهُ وَطْؤُهُنَّ فَإِنْ فَعَلَ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَاقِيَةَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْءُ شَيْءٍ مِنْهُنَّ وَلَا بَيْعُهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُعْتَقَةَ مِنْهُنَّ،(2/272)
189= [قوله: فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ؛ لأن الذي صدر/( ( )بداية 100/ب من النسخة (ب).) منه العتق]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) لم يُعلم شخْصُهُ لأن المعتقَ واحدٌ منهم لا بعينه، فإذا جاز لكل واحد منهم أن يطأ جاريته لما ذكرنا، فكذا يجوز لكل شخص من أزواج تلك النسوة اللاتي اختلطت بالرضيعة التزوج بها يعني لعدم العلم في حق كل واحدة منهن بأنها هي التي أرضعتها، فإذا حملنا كلامه على خصوص هذا يستقيم ويتجه/( ( )بداية 259 من النسخة (جـ).) [حينئذ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) قياس الرضاع على العتق.
190= قوله: وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ/( ( )بداية 117/ب من النسخة (د).) هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ الخ.فيه نظر ظاهر للتصريح بأن أكبر الرأي يعمل [به]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) عمل اليقين( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 1/85، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/26، فتح القدير لابن الهمام 2/375.) وحينئذ يكون( ( )في (ب) و(جـ) و(د) فيكون.) القربان حراماً خلافاً لقوله: ولو قرب لم يكن حراماً.
191= ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ سَبَبٌ مُحَقَّقٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ ; وَلِذَا قَالُوا: لَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ وَلِذَا قَالُوا:(2/273)
192= لَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعَةٍ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِهَا لَمْ تَحْرُمْ ; لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ: امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِيَ لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيِي وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: صَغِيرٌ وَصَغِيرَةٌ بَيْنَهُمَا شُبْهَةُ الرَّضَاعِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ حَقِيقَةً قَالُوا: لَا بَأْسَ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا هَذَا إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ أَحَدٌ
وقوله: فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ ذَلِكَ، أي: حتى يستيقن العتق جعل تيقن العتق غاية ينتهي بها جواز القربان المستفاد من قوله: فأحب إلي الخ.بناء على ما أشار إليه من أنه إذا كان أكبر رأيه أنه هو الذي أعتق لم يكن ذلك مؤثراً في الحرمة وإن المؤثر في الحرمة تيقن العتق فقط وليس كذلك؛ إذ حرمة القربان لا تتوقف على تيقن العتق بل تثبت/( ( )بداية 138/أ من النسخة (أ).) أيضاً عند غلبة الظن للتصريح بأن أكبر الرأي وغالب الظن بمنزلة اليقين، وممن صرح بذلك "المصنف" في مواضع متعددة( ( )ينظر البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/119، 2/314، 8/227.).
191= قوله: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الخ.أي قاعدة «الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ».
192=قوله: لَوْ أَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا إلى قوله: لَمْ تَحْرُمْ. مقيد بما إذا لم
.........................................................................................(2/274)
يوجد من الرضيعة مص، فإن وجد المص حرمت( ( )لا خلاف بين الفقهاء في أن خمس رضعات فصاعدا يحرمن. واختلفوا فيما دونها. فذهب الجمهور ( الحنفية والمالكية وأحمد في رواية عنه ) وكثير من الصحابة والتابعين إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم وإن كان مصة واحدة، فالشرط في التحريم أن يصل اللبن إلى جوف الطفل مهما كان قدره. واحتجوا بقوله تعالى: ? وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ?[سُورَةُ النِّسَاءِ:23]. وقالوا: إن الله سبحانه وتعالى علق التحريم باسم الرضاع، فحيث وجد وجد حكمه، وورد الحديث موافقا للآية: { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ} رواه البخاري /2645/ في الشهادات باب الشهادة على الإنسان والرضاع المستفيض والموت، ومسلم /1447/ في الرضاع باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. حيث أطلق الرضاع ولم يذكر عددا، ولم يستفصل في عدد الرضعات. وذهب الشافعية والحنابلة في القول الصحيح عندهم إلى أن ما دون خمس رضعات لا يؤثر في التحريم. وروي هذا عن عائشة، وابن مسعود وابن الزبير رضي الله عنهم وبه قال عطاء وطاوس، واستدلوا بما ورد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ? وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ) رواه مسلم /1452/ في الرضاع باب التحريم لخمس رضعات، والترمذي /1150/ في الرضاع باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، والنسائي /3307/ في النكاح باب القدر الذي يحرم من الرضاعة، وأبو داود /2062/ في النكاح باب هل يحرم مادون خمس رضعات، وابن ماجه /1942/في النكاح باب لا تحرم المصة ولا المصتان. والمعنى والله أعلم: أن نسخ تلاوة ذلك تأخر جدا حتى أنه توفي رسول الله ? وبعض الناس لم يبلغه نسخ تلاوته، فلما بلغهم نسخ تلاوته تركوه(2/275)
وأجمعوا على أنه لا يتلى مع بقاء حكمه، وهو من نسخ التلاوة دون الحكم، وهو أحد أنواع النسخ.
ولا يشترط اتفاق صفات اللبن وطرق وصوله إلى المعدة. فإن مصه من الثدي مرة، وشرب من إناء مرة، وَأُوْجِرَ في حلقه مرة، وأكله جبناً مرة بحيث تم له خمس مرات أَثَّرَ في التحريم. ويشترط أن تكون الرضعات متفرقات عند من يرى اشتراط تعدد الرضعات. والمعتمد في التعدد والتفرق هو العرف إذ لا ضابط له في اللغة، ولا في الشرع. والرجوع في الرضعة والرضعات إلى العرف، وما = = تنزل عليه الأيمان في ذلك، ومتى تخلل فصل طويل تعدد. ولو ارتضع ثم قطع إعراضا، واشتغل بشيء آخر، ثم عاد وارتضع، فهما رضعتان، ولو قطعت المرضعة، ثم عادت إلى الإرضاع، فهما رضعتان على الأصح عند الشافعية، والراجح عند الحنابلة أنها رضعة واحدة، ولا يحصل التعدد بأن يلفظ الثدي، ثم يعود إلى التقامه في الحال، ولا بأن يتحول من ثدي إلى ثدي، أو تحوله لنفاد ما في الأول، ولا بأن يلهو عن الامتصاص، والثدي في فمه، ولا بأن يقطع التنفس، ولا بأن يتخلل النومة الخفيفة، ولا بأن تقوم وتشتغل بشغل خفيف، ثم تعود إلى الإرضاع، فكل ذلك رضعة واحدة. ينظر: المبسوط للسرخسي 5/134، بدائع الصنائع للكاساني 4/7، المنتقى شرح الموطأ للباجي 4/152، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي 2/54، الأم للشافعي 5/28، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/417، المغني لابن قدامة 8/138، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/159.)، بخلاف ما بعده من مسألة «القنية»
193= فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلٌ ثِقَةٌ
حيث لا يصح تقييدها بعدم المص لتصريح المرأة بقولها: لم يكن في ثديي لبن.(2/276)
193= قوله: فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلٌ ثِقَةٌ. قيل: يشكل على قوله: لا يثبت الرضاع إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين( ( )مسألة: ((نصاب الشهادة على الرضاع)): اختلف الفقهاء في نصاب الشهادة على الرضاع: فذهب الحنفية إلى أنه يثبت بشهادة العدول رجلين أو رجل وامرأتين، ولا يقبل أقل من ذلك، ولا شهادة النساء بانفرادهن.
وقال المالكية: يثبت الرضاع بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين مطلقاً. وقال الشافعية: يثبت الرضاع بشهادة رجلين، وبرجلٍ وامرأتين، وبأربع نسوة، لأنه مما لايطلع عليه الرجال إلا نادراً، ولا يثبت بدون أربعة نسوة.
وقال الحنابلة: يثبت بشهادة المرأة الواحدة المرضَّية. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/247، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/224، المدونة الكبرى للإمام مالك 2/300، التاج والإكليل للعبدري 5/111، الأم للشافعي 5/36،37، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 5/148، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/456، المغني لابن قدامة 8/152،153.) لكنه يلائم قولهم : يقبل خبر ...............
.........................................................................................
العدل( ( )العدل: لغة: القصد في الأمور، وهو عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط. والعدل في اصطلاح الفقهاء من تكون حسناته غالبة على سيئاته، وهو ذو المروءة غيرُ المتهم. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/268، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 6/346، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/146، المغني لابن قدامة 10/16، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي /397/.)[الواحد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) في الديانات إلا أنه مخالف لما مشى عليه أصحاب المتون "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/228.).(2/277)
وما ذكره من قبول خبر العدل في الديانات يحمل على ما إذا كان في ضمن المعاملات كما سيأتي عن "الزيلعي".
وما ذكره من قوله: يشكل على قولهم لا يثبت الرضاع( ( )أي لا يثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين.) الخ.جوابه أنه لا إشكال؛ لأن الكلام هنا ليس في الثبوت، وإنما هو في حرمة الإقدام، وخبر العدل مقبول فيه؛ لأنه من الديانات وكلام المتون في ثبوت الحرمة بعد النكاح لينشأ عنها التفريق، أو قبل النكاح ليمنعه القاضي من الإقدام عليه كذا لبعض الأفاضل.
لكن يعكر عليه ما/( ( )بداية 101/أ من النسخة (ب).) ذكره الغزي( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(50/أ ).): من أن الحكم عندنا أنه لا يثبت إلا برجلين أو رجل وامرأتين كما في المتون والشروح وبه جزم/( ( )بداية 260 من النسخة (جـ)، وبداية 118/أ من النسخة (د).) في «الهداية»( ( )ينظر: الهداية 3/461. أعلى صفحة فتح القدير.)، و«الكنز»( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/187.)،...
.........................................................................................(2/278)
و«التنوير»( ( )ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/224.)، و«الدرر»( ( )درر الحكام شرح غرر الحكام لمنلا خسرو 1/358.)، و« الْمُجْتَبَى »، وكثير من المتون المعتبرة وفي «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/249.) "للمصنف": أفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد رجلا أو امرأة وهو بإطلاقه يتناول الإخبار قبل العقد وبعده وبه صرح في «الكافي»، و«النهاية»( ( )«النهاية شرح الهداية»: للإمام حسام الدين، حسين بن علي بن الحجاج بن علي، المعروف بالصغناقي الحنفي، المتوفى سنة 710هـ، وهو أول شرح للهداية، وقد أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2032، الأعلام للزركلي 2/247، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/28.)، وفي «الخانية»( ( )فتاوى قاضي خان 1/421 على هامش الفتاوى الهندية.) من الرضاع وكما لا يفرق بينهما بعد النكاح فلا تثبت الحرمة بشهادتهن، فكذا قبل النكاح إذا شهدت امرأة أنها أرضعتهما كان في سعة من تكذيبها كما لو شهدت بعد النكاح؛ لأن ثبوت الحرمة لا يقبل الفصل عن زوال الملك، وإبطال الملك لا يثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، لكن نقل بعد ذلك عن "الزيلعي" ما نصه: ((إن خبر الواحد مقبول في الرضاع الطارئ)). ومعناه أن يكون تحته صغيرة فشهدت واحدة أنها أرضعت أمه، أو أخته، أو امرأته بعد العقد، ووجهه: أن إقدامها على النكاح دليل على صحته فمن/( ( )بداية 138/ب من النسخة (أ).) شهد بالرضاع المتقدم على العقد صار منازعا لهما؛ لأنه يدعي فساد العقد ابتداء، وأما من شهد بالرضاع المتأخر فقد سلم صحة العقد ولا نزاع فيه وإنما يدعي حدوث المفسد بعد ذلك( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/187.) الخ.(2/279)
194= يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَهُمَا كَبِيرَانِ، فَالْأَحْوَط أَنْ يُفَارِقَهَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبُضْعَ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرَ يُقْبَلُ فِي حِلِّهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ.
قَالُوا لَو اشْتَرَى أَمَةَ زَيْدٍ وَقَالَ بَكْرٌ: وَكَّلَنِي زَيْدٌ بِبَيْعِهَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا، وَكَذَا لَوْ جَاءَتْ أَمَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ مَوْلَايَ بَعَثَنِي إلَيْك هَدِيَّةً 195= وَظَنَّ صِدْقَهَا حَلَّ وَطْؤُهَا.
واعلم أن مرجع الضمائر في قوله: أرضعت أمه أو أخته أو امرأته هو للزوج.
194= قوله: يُؤْخَذُ بِقوله. وفق بعضهم بالحمل على الروايتين كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(50/أ ).).
ومحصل ما أشار إليه من التوفيق: أن في كون الرضاع يثبت بخبر الواحد العدل روايتان في رواية لا يثبت وهي التي مشى عليها أصحاب المتون، وفي الرواية الثانية يثبت.
وأقول: يمكن التوفيق من وجه آخر بأن يقال: اشتراط الثبوت بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين بالنسبة للقضاء به، فلا ينافي رواية الاكتفاء بخبر الواحد؛ لأنه بالنسبة للتنزه أو نقول مجمل الرواية الاكتفاء بخبر الواحد على أنه بالنسبة للرضاع الطارئ فيوافقه ما ذكره "الزيلعي"( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/187.) معزيا «للمغني».
195= قوله: وَظَنَّ صِدْقَهَا. قيل عليه: فيه أن الهدية إما إباحة أو تمليك ولا إباحة في الأبضاع، والتمليك يفتقر إلى إيجاب [وقبول]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) ولم يوجد فكيف يحل/( ( )بداية 261 من النسخة (جـ).) الوطء؟ "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/229.).(2/280)
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا وَكَّلَ شَخْصًا فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ وَوَصَفَهَا، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ جَارِيَةً بِالصِّفَةِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمُوَكِّلِ، 196= فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ حُرْمَتُهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْجَارِيَةَ بِالصِّفَاتِ الْمُعَيَّنَةِ ظَاهِرًا فِي الْحِلِّ وَلَكِنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ الْوَارِثِ ; لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْفِقْهِ. وَلَمَّا كَانَ الْأَوْلَى الِاحْتِيَاطُ فِي الْفُرُوجِ
ويجاب بما علقناه على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/388.) من كتاب الكراهية معزيا "للزيلعي" ونص عبارة "الزيلعي"/( ( )بداية 118/ب من النسخة (د).):)) قالت جارية لرجل: بعثني/( ( )بداية 101/ب من النسخة (ب).) إليك مولاي هدية، وسعه أخذها وحل له وطؤها بذلك الخبر؛ لأن الحل والحرمة وإن كانتا من الديانات صارتا تبعا للمعاملات فيثبتان بثبوت المعاملات، ولأن كل معاملة لا تخلو عن ديانة فلو لم تقبل في ضمن المعاملات لأدى إلى الحرج))( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/179.) الخ. أو نقول: وُجد الإيجاب والقبول ضمناً أما الإيجاب فلأنه وُجد ضمن نقلها عبارة المولى وكذا القبول وُجد أيضا ضمن قبضها كذا ذكره "شيخنا".
وقول "الزيلعي" فلو لم يقبل في ضمن المعاملات الخ.أي فلو لم يقبل خبر الواحد في الديانات إذا كان في ضمن المعاملات لأدى إلى الحرج.(2/281)
196= [قوله: فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ حُرْمَتُهَا. تعقبه الشيخ "العقدي"( ( )"العقدي": الشيخ علي العقدي الحنفي ولد سنة 1057هـ أدرك الشمس البابلي وشملته اجازته، = = وأخذ الفقه عن السيد الحموي، وشاهين الأرمناوي، وعثمان النحراوي، واجتهد وبرع واتقن وتفنن واشتهر بالعلم والفضائل، وقصدته الطلبة من الأقطار وانتفعوا به وكان كثير التلاوة للقرآن وبالجملة فكان من حسنات الدهر ونادرة من نوادر العصر توفي في شهر ربيع الآخر سنة اربع وثلاثين ومائة والف عن ست وسبعين سنة وأشهر ينظر: عجائب الأثر 1/126 و127.) بقوله:
197= قَالَ فِي الْمُضْمَرَاتِ:
بل]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) قوله: مقتضى القاعدة حلها لما قرره "المصنف" قريباً يعني به ما قدمه المصنف؛ حيث قال:)) ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ سَبَبٌ مُحَقَّقٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ كَانَ فِي الْحُرْمَةِ شَكٌّ لَمْ يُعْتَبَرْ))( ( )ينظر ص/351/.) اهـ.
وفيه نظر؛ إذ سبب الحرمة المحقق قد وجد وهو ما ذكره "المصنف": من أن الوكيل بشراء غير المعين له أن يشتريه لنفسه.
قوله:[ لأن الوكيل بشراء غير المعين له أن يشتري لنفسه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من(أ).) إلا أن ينوي للموكل أو يشتريه بماله/( ( )بداية 139/أ من النسخة (أ).) أي أضاف العقد إلى مال الموكل سواء نقد الثمن من ماله أو من مال غيره كذا في «الكنز وشرحه لملا مسكين»( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/100.) من باب الوكالة بالبيع والشراء، ومنه يعلم أن المصنف قد أطلق في محل التقييد.(2/282)
197= قوله: قَالَ فِي «الْمُضْمَرَاتِ»( ( )«جامع المضمرات والمشكلات»: ليوسف بن عمر بن يوسف الصوفي الكادوري البزار، المعروف = = عند الترك بنبيرة شيخ عمر، المتوفى سنة 832هـ، والكتاب شرح لمختصر القدوري، قال اللكنوي: طالعته، وهو جامع للتفاريع الكثيرة، حاو على المسائل الغزيرة، وقد أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1632، الأعلام للزركلي 8/244، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/320.) الخ. .....................................
.........................................................................................
قال في « البزَّازِيّةِ » ( ( )الفتاوى البزازية4/520( على هامش الفتاوى الهندية ).) في متفرقات كتاب البيوع: اشترى جارية يتزوجها احتياطاً إن أراد وطأها؛ لأنها إن حرة ارتفعت الحرمة، وإن أمة فالنكاح لا يضر؛ لأن عادة الأتراك بيع الأولاد والزوجات، وهم وإن كانوا كفرة فالبيع في دار الإسلام( ( )«دار الإسلام» هي: كل بقعة تكون فيها أحكام الإسلام ظاهرة. ويراد بظهور أحكام الإسلام: كل حكم من أحكامه غير نحو العبادات كتحريم الزنى والسرقة - أو يسكنها المسلمون وإن كان معهم فيها أهل ذمة، أو فتحها المسلمون، وأقروها بيد الكفار، أو كانوا يسكنونها، ثم أجلاهم الكفار عنها. ينظر:درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو1/295، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 9/269، الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح 1/190.) والذمي والحربي لا يملك بيع ولده في دار الاسلام، وإذا باع في دار الحرب إن أخرجه/( ( )بداية 262 من النسخة (جـ).) المشتري منها كرها يتملكه، وإن خرج باختياره لا فالاحتياط النكاح وسيأتي في السير( ( )أي كتاب السير في الفتاوى البزازية 6/308( على هامش الفتاوى الهندية ).) تفاصيل المسألة "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/230.). بتصرف.(2/283)
.........................................................................................
وفي/( ( )بداية 119/أ من النسخة (د).) «النهر»( ( )«النهر الفائق بشرح كنز الدقائق»: للإمام سراج الدين، عمر بن إبراهيم بن محمد، المصري الحنفي، المعروف بابن نجيم، وهو أخو زين الدين ابن نجيم، توفي سنة 1005هـ، ذكر فيه: أن الكنز جمع غرر هذا الفن وقواعده، فشرحه، وأودع فيه حقائق لباب آراء المتقدمين، وفوائد أفكار المتأخرين، قال: لا سيما شيخنا الأخ زين الدين ختام المتأخرين، وهو كتاب مخطوط كما أشار الزركلي، من مؤلفاته: إجابة السائل باختصار أنفع الوسائل، وعقد الجوهر في الكلام على سورة الكوثر. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1516، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/796، الأعلام للزركلي5/39، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/271.) عن «منية المفتي»( ( )«منية المفتي»: ليوسف بن أحمد السجستاني المتوفى بعد 638هـ، فقيه حنفي، سكن سيواس بتركيا واشتهر بكتابه هذا، وله غنية الفقهاء، وغنية المفتي.ينظر: الأعلام للزركلي 8/214، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/270، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1887.): إذا باع الحربي ولده من مسلم في دار الحرب عن "الإمام": أنه يجوز ولا يجبر على الرد، وعن "أبي يوسف": [أنه يجبر]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) إذا خاصم الحربي، ولو دخل دارنا بأمان مع ولده فباع الولد لا يجوز في الروايات كلها اهـ. لأن الولد دخل دارنا بالأمان وفي إجازة بيعه نقض الأمان "حَمَوِِيّ" عن "الْوَلْوَالِجيَّ"( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 2/308.) /( ( )بداية 102/ أ من النسخة (ب).).(2/284)
وما وقع في عبارة بعضهم معزيا إلى «منية المفتي» من قوله: عن "الإمام" أنه لا يجوز ولا يجبر على الرد، صواب العبارة يجوز بحذف لا النافية( ( )نقل ابن عابدين في حاشيته العبارة عن النهر وعن منية المفتي كما هي بعدم حذف ( لا) النافية. رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/160.) كما هو بخط "شيخنا" والسيد
198= إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ مُنَزَّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ أَوْ مَحْلُوفًا عَلَيْهَا بِعِتْقِهَا وَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَا سِيَّمَا إذَا تَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي،
"الحَمَوِِيّ" والدليل عليه قوله: ولا يجبر أي المسلم على الرد إذ لو كان غير جائز لأجبر عليه ويدل عليه أيضا ما قدمناه عن "الْوَلْوَالِجيَّ" من التعليل. كذا فيما علقناه على "ملا مسكين".(2/285)
198= قوله: إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ مُنَزَّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا الخ.فيه أن المصرح به حرمة التزوج بأمته كما في متن «الكنز» من فصل المحرمات( ( )ينظر: الكنز في أعلى البحر الرائق 3/98.)؛ لأن ملك المنفعة ثابت للمولى قبل النكاح فيلزم إثبات الثابت، ويجاب بما علقناه على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/19.) من أنه: ليس المراد من حرمة التزوج بأمته استحقاق العقوبة بل المراد في أحكام النكاح من ثبوت المهر في ذمة المولى وبقاء النكاح بعد الاعتاق ووقوع الطلاق عليها وغير ذلك «بحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/109.). كوجوب القسم لها وعدها عليه خامسة [وثبوت نسب ولدها بدون دعواه ولا يخفى ما في عدم عدها عليه خامسة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) ونحوه في عدم الاحتياط «شرنبلالية( ( )حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 1/333.)»( ( )«الشرنبلالية »: للإمام حسن بن عمار بن علي، الشرنبلالي الوفائي الحنفي، توفي سنة 1069هـ، من مصنفاته الكثيرة: نور الإيضاح، وشرح منظومة ابن وهبان، وحاشية على درر الحكام، وهي التي تسمى بالشرنبلالية، واسمها: ( غنية ذوي الأحكام في بغية درر الحكام )، وغيرها. ينظر: الأعلام للزركلي 2/208، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/265، معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/1117.).
.........................................................................................(2/286)
وقوله/( ( )بداية 138/ب من النسخة (أ).): في «البحر» بل المراد في أحكام النكاح أي أنه لا يترتب ما يترتب على النكاح من الأحكام التي تقدمت كما في "القهستاني"( ( )"القهستاني": الإمام شمس الدين، محمد بن حسام الدين الخرساني القهستاني الحنفي، المتوفى سنة 962هـ. من تصنيفاته: جامع الرموز في شرح النقاية، جامع المباني في شرح فقه الكيداني، وشرح مقدمة الصلاة.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/1802، الأعلام للزركلي 7/233، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 9/179.).
واعلم أن ما سبق من تعليل حرمة التزوج بأمته بأن ملك المنفعة( ( )في (أ)، (د) المتعة.) ثابت للمولى قبل النكاح فيلزم إثبات الثابت لا يتجه إلا إذا كانت كلها/( ( )بداية 263 من النسخة (جـ).) له مع أنه لا فرق في الحرمة بين ما لو كانت كلها له أو بعضها فما في «النهر» من قوله: وحرم( ( )في (أ) وحرام.) أيضاً أمته ولو كان [له]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ).) فيها جزء للإجماع على بطلانه أحسن.
قوله: إذَا عَقَدَ عَلَى أَمَتِهِ مُنَزَّهًا عَنْ وَطْئِهَا حَرَامًا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ. فهو حسن الخ.فيه أنهم مصرحون بحرمة نكاح أمته للإجماع على بطلانه،لا يقال فعلى هذا الاحتياط في/( ( )بداية 119/ب من النسخة (د).) عدم تزوج مشتريته لظهور الملك، فيشكل بقولهم لو اشترى أمة يتزوجها
.........................................................................................(2/287)
احتياطا( ( )في (أ) للاحتياط.)؛ لأنا نقول: لو صح الملك في صورة التزوج لكان الحرام الذي ارتكبه فعل التزوج له عذر وهو التحرز عن الزنا، ولو لم يصح الملك في صورة عدم التزوج لكان الحرام الذي ارتكبه الزنا ولا عذر له؛ إذ على تقدير أن يكون تركه إياه لحرمته فحرمة الزنا أشد منها، فالاحتياط في التزوج لا في تركه كذا بخط "خليل أفندي" تلميذ "المُحَشِّي" معزيا "لابن كمال باشا"( ( )"ابن كمال باشا": هو أحمد بن سليمان بن كمال باشا، شمس الدين. قاض من العلماء بالحديث ورجاله.قال التاجي: قلما يوجد فن من الفنون وليس لابن كمال باشا مصنف فيه. تركي الأصل، مستعرب. تعلم في أدرنة،، ثم صار مفتيا بالأستانة إلى أن مات سنة 940هـ. من تصانيفه: (( إيضاح الإصلاح ))،في فقه الحنفية، و(( تغيير التنقيح )) في أصول الفقه، ومجموعة رسائل تشتمل على 36 رسالة،و(( طبقات الفقهاء )). ينظر: الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي /21/، والشقائق النعمانية 1/226، الكواكب السائرة 2/107، و الأعلام للزركلي 1/133.) في «الإيضاح والإصلاح»( ( )«الإيضاح والإصلاح»: وهو «إصلاح الوقاية في الفروع» للمولى شمس الدين أحمد بن سليمان الشهير: بابن كمال باشا المتوفى سنة 940هـ، غيَّر متن ( الوقاية ) ثم شرحه وسماه: ( الإيضاح ) ذكر فيه: أن ( الوقاية ) لما كان كتاباً حاوياً لمنتخب كل مزيد إلا أن فيه نبذاً من مواضع سهو وزلل وخبط و خلل أراد تصحيحه وتنقيحه بنوع تغير في أصل التعبير وتكميله ببعض حذف، وإثبات وتبديل. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/109، الأعلام للزركلي 1/133.)/( ( )بداية 102/ب من النسخة(ب).).
وأقول في قوله( ( )الضمير في قوله يعود لخليل أفندي.): لا يقال الخ. نظر ظاهر لما قدمناه من أنه ليس المراد بالحرمة: الحرمة التي يترتب عليها استحقاق العقوبة، فلا ورود لهذا الإشكال من أصله، فتدبر.(2/288)
فَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ وَطْءَ السَّرَارِي اللَّاتِي يُجْلَبْنَ الْيَوْمَ مِن الرُّومِ، وَالْهِنْدِ وَالتُّرْكِ حَرَامٌ، إلَّا أَنْ يَنْتَصِبَ فِي الْمَغَانِمِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ مَنْ يُحْسِنُ قِسْمَتَهَا فَيَقْسِمُهَا مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا ظُلْمٍ، أَوْ تَحْصُلَ قِسْمَةٌ مِنْ مُحْكِمٍ 199= أَوْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ الْمُعْتِقِ،
199= قوله: أَوْ يَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْعِتْقِ بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ الْمُعْتِقِ. وقع في بعض النسخ تزوج بلفظ الفعل المبني للمجهول فيكون معطوفا على يحصل، فهو من عطف الفعل على الفاعل، وأما ما في بعض النسخ من قوله: أو تزويج بلفظ المصدر فيكون معطوفا على قسمة( ( )في (أ) قسمه.) من قوله: أو يحصل قسمة، فهو من عطف المصدر على المصدر.
وقوله: بِإِذْنِ الْقَاضِي، أَوْ الْمُعْتِقِ. وجه اشتراط إذنهما معا احتمال كونها في الأصل رقيقة تثبت حريتها بالعتق، ويحتمل أن تكون حريتها ثابتة قبل العتق، فبالنظر للاحتمال الأول اشترط إذن المعتق، وبالنظر إلى الاحتمال الثاني اشترط إذن القاضي لعدم وجود ولي لها وظاهر إطلاقه أن اشتراط إذن القاضي والمعتق شامل/( ( )بداية 139/ا من النسخة (أ).) لما إذا كانت بالغة وهذا بالنسبة لمذهبهم( ( )أي عند الشافعية.)، وأما عندنا: فينبغي الاكتفاء بإذنها؛ حيث كانت بالغة، فإن كانت قاصرة فلا بد من إذنهما معا لما ذكرناه من الاحتمال.
فإن قيل: إذا كان المراد من قوله/( ( )بداية 264 من النسخة (جـ).): أو تزوج تزويجها من نفس المعتق كما يدل عليه السياق فلا معنى لاشتراط إذن المعتق بل ينبغي الاكتفاء بمباشرته العقد حتى لو قال: اشهدوا أني زوجتها من نفسي. ينبغي أن يصح قياسا على ما صرحوا به من أن لابن العم أن
.........................................................................................(2/289)
يزوج( ( )في (أ) يتزوج.) بنت عمه من نفسه وهذا بالنسبة لمذهبنا ظاهر، وأما بالنسبة لمذهبهم/( ( )بداية 120/أ من النسخة (د).) فلا بد منه( ( )مسألة(( تولي شخص طرفي العقد في النكاح)): يجوز عند جمهور الفقهاء أن يتولى شخصٌ طرفي العقد في النكاح، على التفصيل التالي: قال الحنفية: يجوز أن يتولى طرفي عقد النكاح واحد بإيجاب يقوم مقام القبول في خمس صور: كأن كان ولياً، أو وكيلاً من الجانبين، أو أصيلاً من جانب ووكيلاً، أو ولياً من آخر، أو ولياً من جانب وكيلاً من آخر.
وقال المالكية: يجوز لابن عم المرأة إذا وكلته على تزويجها، وعين نفسه لموكلته ورضيت به، أن يزوجها من نفسه بقوله تزوجتك بكذا من المهر ولا يحتاج لقبول بعد هذا ; لتولي ابن العم الإيجاب والقبول، على أن ترضى الزوجة بالمهر الذي سماه ويشهد عدلان على تزويجها لنفسه، ومثل ابن العم الحاكم والوصي والكافل وولي الإسلام.
وقال الشافعية: للجد تولي طرفي عقد تزويج بنت ابنه بابن ابنه الآخر، ويصح النكاح في الأصح لقوة ولاية الجد، والثاني: لا يصح لأن خطاب الإنسان مع نفسه لا ينتظم. ولا يجوز لواحد من الأولياء غير الجد تولي الطرفين في عقد النكاح، فلا يزوج واحد من الأولياء موليته لنفسه بتوليه الطرفين بل يزوجه بها نظيره في درجته ويقبل هو لنفسه فلا ولاية به حينئذ، فإن لم يوجد من هو في درجته زوجها له القاضي.(2/290)
وقال الحنابلة: ولي المرأة التي يحل له نكاحها وهو ابن العم، أو المولى، أو الحاكم، أو السلطان إذا أذنت له أن يتزوجها فله ذلك، وفي توليه طرفي العقد روايتان: إحداهما: له ذلك ; لما روى البخاري تعليقا أن عبد الرحمن بن عوف قال لأم حكيم: أتجعلين أمرك إلي ؟ قالت: نعم، قال: قد تزوجتك، ولأنه يملك الإيجاب والقبول فجاز أن يتولاهما. الثانية: لا يجوز أن يتولى طرفي العقد ولكن يوكل رجلا يزوجه إياها بإذنها. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/231، تبيين الحقائق شرح كنز = = الدقائق للزيلعي 2/132، مواهب الجليل للحطاب 3/432، شرح مختصر خليل للخرشي 3/190، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/134، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 3/233، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/96، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 5/315.)، ومعناه أن يأمر شخصا ليعقد له عليها حتى لو باشر العقد بنفسه لم يصح مطلقا، وإن
.........................................................................................(2/291)
كان بحضرة الشهود يدل على هذا ما ذكره "شيخ الإسلام زكريا"( ( )"زكريا الأنصاري" ( 823 – 962 هـ ) هو: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، أبو يحيي. فقيه شافعي محدث مفسر قاض. من أهل مصر. لقب بشيخ الإسلام. كان فقيراً معدما، ثم طلب العلم فنبغ. ولي قضاء قضاة مصر. مكثر من التصنيف.من مؤلفاته: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية خمسة مجلدات، ومنهج الطلاب،و أسنى المطالب شرح لب الأصول في أصول الفقه. وله تآليف في المنطق والتفسير والحديث وغيرها.ينظر: الأعلام للزركلي 3/80، والكواكب السائرة 1/196، ومعجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/483.) في «التحرير»( ( )« التحرير»:هو تحرير تنقيح اللباب في الفقه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، ضم إليه الفوائد وبدل غير المعتمد بالمعتمد، وحذف منه الخلاف وما عنه غنى، ثم شرحه وسماه تحفة الطلاب بشرح تنقيح اللباب. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1542، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/374، معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/485.) من أنه: ليس له تولي طرفي العقد إلا إذا زوج بنت ابنه من ابن ابنه الآخر( ( )ينظر: تحرير تنقيح اللباب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري/81/، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/134، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 3/6.) الخ. وأما إن حمل اشتراط إذنه على أنه بالنسبة لتزويجها من غيره، وإن كان بعيداً عما يفيده السياق فلا بد من إذنه عندنا أيضا كما يستفاد من عبارة «الدرر» حيث قال من كتاب الولاء( ( )درر الحكام شرح غرر الحكام لمنلا خسرو 2/36.): ويثبت به أي
وَالِاحْتِيَاطُ اجْتِنَابُهُنَّ 200= مَمْلُوكَاتِ وَحَرَائِرَ(2/292)
بالولاء العقل وهو من العاقلة وولاية/( ( )بداية 103/أ من النسخة (ب).) النكاح، وهذا وإن أطلقه محمول على الصغيرة؛ لأن الأب إذا لم يكن له ولاية إجبار على بنته البالغة فالمعتق بالأولى، وكما أن ولاية النكاح على العتيقة تثبت للمعتق وعصبته فكذا على أولاد العتيق مالم تكن أمهم حرة الأصل كما في «الدرر»( ( )درر الحكام شرح غرر الحكام لمنلا خسرو 2/36.) وعليه فتكون ولاية الإنكاح للأم دونه كذا بخط "شيخنا".
200= قوله: مَمْلُوكَاتِ وَحَرَائِرَ. أي مملوكات في احتمال، وحرائر في احتمال آخر.كذا في بعض النسخ بزيادة فإنهن، ويتعين حذفها والاقتصار [على قوله: وَالِاحْتِيَاطُ اجْتِنَابُهُنَّ مَمْلُوكَاتِ وَحَرَائِرَ كما في بعض النسخ، والمعنى: أن اجْتِنَابُهُنَّ هو الاحتياط مطلقاً سواء كنا في نفس الأمر مملوكات أو حرائر ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ).) أما بالنسبة لاحتمال كونهن حرائر فظاهر كأن يكنَّ قد أسلمن قبل الاستيلاء عليهن مثلا؛ إذ المسلم لا يسترق ابتداء بخلاف ما إذا أسلم فيما بعد؛ حيث لا ينافي بقاء الرق فيه، وأما بالنسبة لاحتمال كونهن مملوكات في نفس الأمر فلعدم القسمة/( ( )بداية 265 من النسخة (جـ).) التي لا حيف فيها ولا ظلم.
واعلم أن الرق/( ( )بداية 139/ب من النسخة (أ).). يثبت فيهن بمجرد الاستيلاء لكن لا يثبت الملك فيهن إلا بعد الإحراز بدار الإسلام، ومن هنا يعلم أن الملك أخص من الرق فكل مملوك رقيق من غير عكس.
201= ورعٌ لَا حُكْمٌ لَازِمٌ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَجْهُولَةَ الْحَالِ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الْيَدِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً.
202= وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَإِنْ عُلِمَ حَالُهَا فَلَا إشْكَالَ(2/293)
تَنْبِيهٌ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إنَّ أَصْحَابَنَا رحمهم الله احْتَاطُوا فِي أَمْرِ الْفُرُوجِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ: لَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْ شَرِيكِهِ وَطَلَبَ أَنْ تُوضَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا حِشْمَةً لِلْمِلِكِ ( انْتَهَى ).
201= قوله: ورعٌ لَا حُكْمٌ لَازِمٌ. تعقبه "خليل أفندي" تلميذ "المُحَشِّي" بأنه من أين له ذلك؛ إذ يحتمل( ( )في (أ) يحمل.) أن يكون حكماً لازماً عندهم( ( )أي الشافعية.)، وأقول: القرينة الدالة على ما ذكره "المصنف"/( ( )بداية 120/ب من النسخة (د).) من أنه ورعٌ لَا حُكْمٌ لَازِمٌ ما ذكره "المصنف" من قوله: وَالِاحْتِيَاطُ اجْتِنَابُهُنَّ؛ إذ هو من تتمة حكاية كلامهم ولا ينافيه ما قبله من التصريح بأن وطأهن حرام؛ إذ لا يصح إبقاؤه على ظاهره ولا يلزم التنافي بل يتعين حمله على أن المراد حرمة وطئهن من حيث الاحتياط فقط، وأما من حيثية ثبوت الملك لذي اليد فظاهر؛ حيث لم يتحقق ما ينافيه لا يحرم الوطء حينئذ.
202= قوله: وَإِلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً. قال بعض "الفضلاء": ينبغي عدم التعويل على قولها لغلبة الجهل وعدم المعرفة لأن الفروج يحتاط فيها اهـ. وفيه تأمل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/230.).
.........................................................................................
وفي قوله: وفيه تأمل. تأييد لما ذكره "المصنف"؛ حيث حمل ما نقل عن بعض "الشَّافِعِيَّة" من أن وطء السراري التي يجلبن الآن حرام الخ. على أنه ورع لا حكم لازم، وفيه أيضا تزييف لما ذكره "خليل أفندي"؛ حيث تعقب "المصنف" بقوله: من أين له ذلك الخ.فتدبر.
- - -(2/294)
«الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ»
203= قَاعِدَةٌ: «الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ» وَعَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ:
203= قوله: قَاعِدَةٌ «الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ»( ( )قاعدة «الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ»: هذه القاعدة من القواعد التي تتفرع عن القاعدة الكلية: «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ » وهي تكون المادة الثانية عشر عند علي حيدر في كتابه « درر الحكام في شرح مجلة الأحكام » 1/30، والمراد بهذه القاعدة أنه إذا كان للفظ معنيان معنى حقيقي ومعنى مجازي، وتساوى استعمالهما مع عدم ورود مرجح يرجح أحد المعنيين على الآخر، فيحمل اللفظ حينئذٍ على المعنى الحقيقي؛ لأن المجاز ليس هو الأصل، وإنما الأصل في الكلام الحقيقة، والمجاز فرع عنه وخُلْفٌ له.). أي الأصل فيه أن يكون/( ( )بداية 103/ب من النسخة (ب).) مستعملاً في حقيقته إلا إذا تعذرت الحقيقة( ( )الحقيقة: هي اللفظ المستعمل في المعنى الذي وضع له. والمجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما. واتفق الأصوليون على أن الحقيقة إذا تعذرت، أو هجرت يصار إلى المجاز، وتعذر الحقيقة: إما بعدم إمكانها أصلا؛ لعدم وجود فرد لها من الخارج، كما لو وقف على أولاده، وليس له إلا أحفاد، فيصار إلى المجاز - وهو الصرف إلى الأحفاد - لتعذر الحقيقة، أو بعدم إمكانها شرعاً: كالوكالة بالخصومة، فإن حملها على الحقيقة - وهي التنازع - محظور شرعاً، قال تعالى: ? وَلاَ تَنَازَعُوا ? [ سُورَةُ الأَنْفَالِ: 46 ]، ولذا تحمل على المجاز، وهو رفع الدعوى والإقرار والإنكار. وبمثابة التعذر ما لو حلف لا يأكل من هذا القدر، أو من هذه الشجرة، أو هذا البر، فإن الحقيقة، وهي الأكل من عينها ممكنة لكن بمشقة، فيصار في الأمثلة الثلاثة إلى المجاز، وهو الأكل مما في القدر. ومثل تعذر الحقيقة هجرها، إذ المهجور شرعاً أو عرفاً كالمتعذر، كما لو حلف لا(2/295)
يضع قدمه في هذه = = الدار، فإن الحقيقة فيه ممكنة، لكنها مهجورة، والمراد من ذلك في العرف الدخول، فلو وضع قدمه فيها بدون دخول لا يحنث، ولو دخلها راكباً حنث.
وإن تعذرت الحقيقة والمجاز أهمل الكلام؛ لعدم الإمكان. فإذا تعذر إعمال الكلام، بأن كان لا يمكن حمله على معنى حقيقي له ممكن؛ لتعذر الحقيقة بوجه من الوجوه المتقدمة، أو لتزاحم المتنافيين من الحقائق تحتها، ولا مرجح، ولا على معنى مجازي مستعمل، أو كان يكذبه الظاهر من حس، أو ما في حكمه من نحو العادة، فإنه يهمل حينئذ، أي يلغى ولا يعمل به.
أما تزاحم المتنافيين: فكما لو كفل ولم يعلم أنها كفالة نفس أو مال، فإنها لا تصح.
وأما تعذر الحقيقة، وعدم إمكان الحمل على المعنى المجازي لكونه غير مستعمل، فكما لو قال لمعروف النسب: هذا ابني، فإنه كما لا يصح إرادة الحقيقة منه؛ لثبوت نسبه من الغير، لا يصح أيضا إرادة المجاز، وهو الإيصاء له بإحلاله محل الابن في أخذ مثل نصيبه من التركة؛ لأن ذلك المجاز غير مستعمل، والحقيقة إذا لم تكن مستعملة لا يصار إليها، فالمجاز أولى. وكذا لو قال لامرأته المعروفة لأبيها: هذه بنتي، لم تحرم بذلك أبداً. وأما تكذيب الحس: فكدعوى قتل المورث وهو حي، أو قطع العضو وهو قائم، وكدعوى الدخول بالزوجة وهو مجبوب. وأما ما في حكم الحس: فكدعوى البلوغ ممن لا يحتمله سنه أو جسمه، فإن كل ذلك يلغى، ولا يعتبر ولا يعمل به، وإن أقيمت عليه بينة. ينظر: الفصول في الأصول للجصاص 1/46، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 1/62و2/87، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/177، المستصفى للغزالي /186/، البحر المحيط للزركشي 3/107، شرح الكوكب المنير للفتوحي/63و93و598/.) يحمل على المجاز الممكن إذا كان لا
.........................................................................................(2/296)
يصح إلا بالحمل عليه كما في "الزيلعي"( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/138.) من الصرف( ( )في (أ) العرف.).
قلت: سواء كان المتكلم يعرف ذلك أم لا كما هو ظاهر كلام علمائنا. "بيري".
.........................................................................................
اعلم أن اللفظ إن استعمل فيما وضع له( ( )الوضع: هو تعيين لفظ بذاته بإزاء معنى معينٍ، وربط هذا بذاك. كتعيين لفظ/شجر/ بإزاء مسماه المعروف. ينظر: اللمع للشيرازي /10/، إحكام الأحكام للآمدي 2/53.) وضعاً لغوياً، أو شرعياً، أو عرفياً، أو اصطلاحياً كما في «شرح التنقيح»( ( )«شرح التنقيح»: اسم الكتاب «تنقيح الأصول» لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود المحبوبي البخاري الحنفي، يشرح التنقيح عبد الله بن محمد الحسيني المعروف بنقره كار توفي 750 هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/498.) فاللفظ حقيقة، وإن استعمل في غيره لعلاقة بينهما/( ( )بداية 266 من النسخة (جـ).) فمجاز أو لا لعلاقة فَمُرْتَجَلٌ وهو حقيقة أيضاً للوضع الجديد.
ولا بد من تقييد الاستعمال بالصحيح للاحتراز عن الغلط كاستعمال لفظ الأرض في السماء من غير مصدر إلى وضع جديد، والمراد وضع اللفظ بعينه للمعنى بحيث/( ( )بداية 140/أ من النسخة (أ).) يدل عليه من غير قرينة أي يكون العلم بالتعيين كافياً في ذلك، فإن كان ذلك التعيين من جهة واضع اللغة فوضع لغوي، وإلا فإن كان من الشارع فوضع شرعي، وإلا فإن كان من قوم مخصوصين كأهل الصناعات من العلماء وغيرهم فوضع عرفي خاص ويسمى اصطلاحياً، وإلا فوضع عرفي عام وقد غلب العرف عند الإطلاق/( ( )بداية 121/أ من النسخة (د).) على العرف العام( ( )العرف العام: هو ما تعارفه عامة الناس كمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان، فهو في العرف العام بمعنى الدخول، سواء دخلها ماشياً أو راكباً.(2/297)
والعرف الخاص: هو مالم يتعارفه عامة الناس بل بعضهم، كالألفاظ المصطلح عليها في عرف = = الشرع أو عرف التخاطب، أو في عرف طائفة خاصة، ومن ذلك اصطلاح الرفع عند النحاة، واشترط الحنفية في العرف العام استمرار العمل به بين الناس. ينظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/131، درر الحكام في شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 3/45، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/187، البحر المحيط للزركشي 2/231. ) فالمعتبر في
.........................................................................................
الحقيقة هو الوضع بشيء من الأوضاع المذكورة، وفي المجاز عدم الوضع في الجملة، ولا يشترط في الحقيقة أن يكون موضوعاً لذلك المعنى في جميع الأوضاع، ولا في المجاز أن يكون موضوعاً لمعناه في شيء من الأوضاع. كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(51/ب ).) معزياً «للتلويح( ( )التلويح على شرح التنقيح»: لسعد الدين التفتازاني. ينظر: الأعلام للزركلي 7/219، كشف الظنون لحاجي خليفة 1/498.)»( ( )شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/131.)، قال( ( )أي: الغزي.): وتمام تحرير هذا المقام فيه.
فإن قلت: الْمُرْتَجِل: على ما عرف في علم العربية هو:(( الذي لم يتقدم له سبق الاستعمال))( ( )ينظر: التعريفات للجرجاني 1/268، لسان العرب لابن منظور 10/184، تاج العروس للجوهري7/338.).
قلت: ذلك بالنسبة لاصطلاح أهل اللغة العربية.
وما ذكره "الغزي" هنا بالنسبة لاصطلاح الأصوليين فلا منافاة.
والحاصل: أن مدار الفرق بين المنقول والمرتجل في اصطلاح الأصوليين على وجود العلاقة وعدمها، وفي اصطلاح النحويين على سبق الاستعمال وعدمه.
.........................................................................................(2/298)
فالمنقول منهم: ما سبق له استعمال قبل العَلَميّة ((كفضل)) فإنه في الأصل مصدر ونقل إلى العَلَميّة، والمرتجل: هو الذي استعمل من أول الأمر علماً ((كسعاد))، وسيأتي من هذا مزيد بيان.
ونقل عن "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(51/ب ).) عن «شرح المنار» "لابن الملك": أن اللفظ موضوع للمعنى المجازي بالنوع.
قلت: ويشكل بما صرح به "السيد" في «حاشية المطول»( ( )لعلي بن محمد الحنفي الشريف الجرجاني.) من أن المجاز ليس له وضع شخصي ولا نوعي/( ( )بداية 267من النسخة (جـ).) وإن وجد فيه علاقة معتبرة بحسب نوعها انتهى.
وفي «المطول( ( )«المطول»: كتاب للإمام العلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة 792هـ، شرح فيه تلخيص المفتاح، وعليه حواشي كثيرة أهمها حاشيته للعلامة السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة 816هـ، قال حاجي خليفة: وفيها اعتراضات على الشارح وتحقيقات لطيفة ترتاح إليها آذان الأذهان. كشف الظنون لحاجي خليفة 1/474.)»: أن العلاقة لابد فيها من الوضع النوعي/( ( )بداية 104/أ من النسخة (ب).) قال: وهو معنى قولهم: ((المجاز موضوع بالنوع))( ( )ينظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/164، شرح مختصر خليل للخرشي 1/63.).
فإن قلت: الصواب ما ذكره "السيد" في «حاشية المطول» من أن المجاز غير موضوع ألبته لعدم صدق حد الوضع عليه.
.........................................................................................(2/299)
قلت: قال العلامة "أحمد بن قاسم العبادي"( ( )"أحمد بن القاسم العبادي": من أهل مصر،شافعي المذهب، له حاشية على شرح جمع الجوامع في أصول الفقه سماها«الآيات البينات» وشرح الورقات لإمام الحرمين، مات بمكة 992 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي 1/198، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/48.) ما في «حاشية المطول» معارض بما قاله "السيد" في «حاشية العضد( ( )«حاشية العضد»:وهو كتاب المواقف في علم الكلام للعلامة عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الايجي القاضي المتوفى سنة 756،ألفه لغياث الدين وزير خدابنده، وهو كتاب جليل القدر رفيع الشأن اعتنى به الفضلاء، فشرحه السيد الشريف على بن محمد الجرجاني المتوفى سنة 816هـ. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/15، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1891، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/216.)» فإنه صرح: ((بأن الخلاف في أن المجاز موضوع أو لا، لفظيُّ منشؤه أنَّ وضع اللفظ للمعنى فُسر بوجهين:
الأول: تعيين اللفظ بنفسه للمعنى/( ( )بداية 140/ب من النسخة (أ).) فعلى هذا لا وضع في المجاز أصلاً لا شخصياً ولا نوعياً؛ لأن الواضع لم يعلق اللفظ بنفسه للمعنى المجازي بل بالقرينة الشخصية، أو النوعية، فاستعماله فيه بالمناسبة لا بوضع.
والثاني: تعيين اللفظ بإزاء المعنى، وعلى هذا ففي المجاز وضع نوعي قطعاً؛ إذ لا بد من العلاقة/( ( )بداية 121/ب من النسخة (د).) المعتبرة نوعها)) ( ( )ينظر: حاشية العلامة التفتازاني وحاشية الشريف الجرجاني على مختصر المنتهى الأصولي 1/ 139 و140.)"غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة (52/آ).) بتصرف( ( )ينظر: مختصر المعاني للتفتازاني /244/، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/79و80، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 1/68 و2/5، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 1/394.).(2/300)
204= مِنْهَا النِّكَاحُ لِلْوَطْءِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قوله تعالى { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِن النِّسَاءِ } فَحُرِّمَتْ مَزْنِيَّةُ الْأَبِ كَحَلِيلَتِهِ،
204= قوله: مِنْهَا النِّكَاحُ لِلْوَطْءِ( ( )اختلف الفقهاء في حقيقة النكاح إلى ثلاثة أراء:
الرأي الأول: أن النكاح حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وهو ما ذهب إليه الحنفية في الصحيح والشافعية في وجه وبعض الحنابلة.
الرأي الثاني: أن النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء،وهو ماذهب إليه المالكية والشافعية في الأصح، والحنابلة على الصحيح.
الرأي الثالث: أنه حقيقة في كل من العقد والوطء، وهو رأي عند الحنفية على أنه مشترك لفظي فيهما أو مشترك معنوي فيهما. ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي 2/3، فتح القدير لابن الهمام 3/187، شرح مختصر خليل للخرشي 3/164، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي 2/17، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/98، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 7/183، المغني لابن قدامة 7/3، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/4.) وَعَلَيْهِ حُمِلَ قوله: تعالى { وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ}. [سورة النساء:22].
أقول( ( )أي: الحموي.): هذا مختار صاحب «المنار»( ( )«منار الأنوار في أصول الفقه»: لأبي البركات حافظ الدين عبدالله النسفي، فقيه حنفي كان إماماً كاملاً، مدققاً، رأساً في الفقه والأصول، عدّه ابن كمال باشا من طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين القوي والضعيف، وعده غيره من المجتهدين في المذهب. من تصانيفه: كنز الدقائق، الوافي في الفروع، الكافي في شرح الوافي، المتوفى 710 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي 4/192، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/464.) تبعاً "لفخر الإسلام" لكن عامة المشايخ(2/301)
وَكَذَا لَوْ قَضَى شَافِعِيٌّ بِحِلِّهَا 205= لَمْ يَنْفُذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْكِتَابَ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ بِحِلِّ مَمْسُوسَتِهِ
206= وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِي ظِهَارِ شَرْحِنَا.
وجمهور المفسرين( ( )ينظر: تفسير القرطبي 5/99، تفسير ابن كثير 1/617،تفسير الآلوسي 2/246.) على أن النكاح المذكور في الآية هو: العقد، وجوز "الزيلعي"( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/106.) أن يكون ذلك مفهوماً من الآية على القول: ((بجواز الجمع بين الحقيقة والمجاز في سياق النفي))، وأقول: ليس في الآية نفي بل نهي. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/231.).
وأقول: يراد بالنفي المنع فيصدق بالنهي.
205= قوله: لَمْ يَنْفُذْ لِمُخَالَفَتِهِ الْكِتَابَ. أقول: فيه أن هذه المخالفة مبنية على ما ذهبوا إليه من كونه حقيقة في الوطء وهو غير متعين، فليس مخالفاً للكتاب من كل وجه، وجوابه( ( )أي:المصنف ـ ابن نجيم ـ بعدم جواز نكاح مزنية الأب.): أنه مخالف له بالنسبة إلى الحنفي بخصوصه( ( )أي للإمام النسفي صاحب المنار والإمام البزدوي كما أشار إلى ذلك الحموي.). "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/231.).(2/302)
206= قوله: وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِي ظِهَارِ شَرْحِنَا/( ( )بداية 268 من النسخة (جـ).). وهو: أن حرمة الوطء منصوص عليها فلم ينفذ قضاء الشَّافِعِيَّ بحل أصل المزنية( ( )يرى الحنفيّة أنّ من زنى بامرأة أو لمسها، أو قبّلها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة حرم عليه = = أصولها، وفروعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: { مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةِ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا} أخرجه:أبن أبي شيبة في المصنف (16235) في كتاب النكاح باب الرجل يكون تحت الأمة المملوكة، وقال البيهقي في سننه الكبرى 7/170:(رواه الحجاج بن أبي أرطأة عن أبي هانئ أو أم هانئ عن النبي ? وهذا منقطع ومجهول وضعيف، الحجاج بن أرطأة لا يحتج فيما يسنده فكيف بما يرسله عمن لا يعرف). وتحرّم المرأة على أصوله وفروعه، لأنّ حرمة المصاهرة تثبت عندهم بالزّنا ومقدّماته، ولا تحرّم أصولها ولا فروعها على ابن الزّاني وأبيه.
وتعتبر الشّهوة عندهم عند المسّ والنّظر، حتّى لو وجدا بغير شهوةٍ ثمّ اشتهى بعد التّرك لا تتعلّق به الحرمة.
وحد الشّهوة في الرّجل أن تنتشر آلته أو تزداد انتشاراً إن كانت منتشرةً.
وجاء في الفتاوى الهنديّة نقلاً عن التّبيين: وجود الشّهوة من أحدهما يكفي عند المسّ أو النّظر، وشرطه أن لا ينزل، حتّى لو أنزل عند المسّ أو النّظر لم تثبت به حرمة المصاهرة، قال الصّدر الشّهيد: وعليه الفتوى.
وعند الحنابلة يكون التّحريم بالزّنا دون المقدّمات.
ومناط التّحريم عند الحنفيّة والحنابلة الوطء، حلالاً كان أو حراماً، فلو زنى رجل بأمّ زوجته أو بنتها حرمت عليه زوجته حرمةً مؤبّدةً، ويجب عليهما أن يفترقا من تلقاء نفسيهما، وإلا فرّق القاضي بينهما.(2/303)
قال الحنفيّة: لو أيقظ الزّوج زوجته ليجامعها، فوصلت يده إلى ابنةٍ منها، فقرصها بشهوة، وهي ممّن تشتهى يظن أنّها أمها، حرمت عليه الأم حرمةً مؤبّدةً. ولم يفرّق الحنفيّة والحنابلة بين حصول الزّنا قبل الزّواج أو بعده في ثبوت حرمة المصاهرة، وذهب مالك في قوله الرّاجح، والشّافعي إلى أنّ الزّنا لا تثبت به حرمة المصاهرة، فلا تحرّم بالزّنا عندهما أصول المزنيّ بها، ولا فروعها على من زنى بها، كما لا تحرّم المزني بها على أصول الزّاني، ولا على فروعه، فلو زنى رجل بأمّ زوجته أو ابنتها لا تحرّم عليه زوجته، لما روي: مِنْ حَدِيث عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ ? سُئِلَ عَنْ الرَّجُل يَتْبَع الْمَرْأَة حَرَامًا ثُمَّ يَنْكِح اِبْنَتهَا أَوْ الْبِنْت ثُمَّ يَنْكِح أُمّهَا، قَالَ:{ لَا يُحَرِّم الْحَرَام الْحَلَال إِنَّمَا يُحَرِّم مَا كَانَ بِنِكَاحٍ حَلَال }،أخرجه:البيهقي في السنن الكبرى (13744) في كتاب: النكاح باب: الزنا لا يحرم الحلال، والدارقطني(88) في كتاب: النكاح باب: المهر، والطبراني في الأوسط (4803)5/105، وقال الهيثمي في مجمع = = الزوائد4/268:( وفيه عثمان بن عبدالرحمن الزهري وهو متروك). وأنّ حرمة المصاهرة نعمة، لأنّها تلحق الأجانب بالأقارب، والزّنا محظور، فلا يصلح أن يكون سبباً للنّعمة، لعدم الملائمة بينهما، ولهذا قال الشّافعي في مناظرته لمحمّد بن الحسن: وطء حمدت به وأحصنت، ووطء رجمت به، أحدهما نعمة، وجعله اللّه نسباً وصهراً، وأوجب به حقوقاً، والآخر نقمة، فكيف يشتبهان؟.(2/304)
وروى ابن القاسم عن مالكٍ مثل قول الحنفيّة: إنّه يحرّم، وقال سحنون: أصحاب مالكٍ يخالفون ابن القاسم فيما رواه، ويذهبون إلى ما في الموطّأ من أنّ الزّنا لا تثبت به حرمة المصاهرة.ينظر: المبسوط للسرخسي 4/207، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/207، الفتاوى الهندية للبلخي 1/275، المدونة الكبرى للإمام مالك 2/197، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/252، الأم للشافعي 8/270، التجريد لنفع العبيد للبجيرمي 3/363، المغني لابن قدامة7/93، إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 3/191.) وفروعها بخلاف
.........................................................................................
التقبيل( ( )التقبيل في اللغة: مصدر قبل، والاسم منه القبلة وهي اللثمة، والجمع القبل.
وذكر بعض الفقهاء أن التقبيل على خمسة أوجه: قبلة المودة للولد على الخد، وقبلة الرحمة لوالديه على الرأس، وقبلة الشفقة لأخيه على الجبهة، وقبلة الشهوة لامرأته أو أمته على الفم، وقبلة التحية للمؤمنين على اليد. وزاد بعضهم قبلة الديانة للحجر الأسود.ينظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي 4/34، تاج العروس للجوهري 8/70، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/384.) اهـ.
وفيه أن الفرق المطلوب هنا بين الوطء والمس لا بين الوطء والتقبيل( ( )أثر التقبيل في حرمة المصاهرة: التقبيل إذا لم يكن بشهوة لا يؤثر في حرمة المصاهرة، فمن قبل امرأة بغير شهوة فله أن يتزوج ببنتها أو أمها، ويجوز لها الزواج بأصوله أو فروعه، وكذلك من قبل أم امرأته بغير شهوة لا تحرم عليه امرأته. وهذا متفق عليه، إلا إذا كانت القبلة على الفم، فخالف في ذلك الحنفية، وألحق بعضهم الخد بالفم.(2/305)
أما التقبيل أو المس بشهوة فاختلفوا في انتشار الحرمة بهما، فقال جمهور الفقهاء: ( المالكية = = والشافعية والحنابلة ) المباشرة في غير الفرج والتقبيل ولو بشهوة لا يحرم على المقبل أصول من يقبلها ولا فروعها، زوجة كانت أم أجنبية، لعموم قوله تعالى: ? وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ? [ سُورَةُ النِّسَاءِ: 24]وصرح الحنفية بأن التقبيل واللمس بشهوة يوجب حرمة المصاهرة، فمن مس أو قبل امرأة بشهوة لا تحل له أصولها ولا فروعها، وحرمت عليها أصوله وفروعه. ومن قبل أم امرأته بشهوة حرمت عليه امرأته. وإذا أقر بالتقبيل وأنكر الشهوة، قيل: لا يصدق؛ لأنه لا يكون إلا عن شهوة، فلا يقبل إنكاره إلا أن يظهر خلافه. وقيل: يصدق، وقيل: بالتفصيل بين كونه على الرأس والجبهة والخد؛ فيصدق، أو على الفم فلا، وهذا هو الأرجح. واستدل الحنفية على انتشار الحرمة بالمس والتقبيل بشهوة بقوله تعالى: ? وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ ? [سورة النساء:22].قالوا: المراد من النكاح الوطء، والتقبيل بشهوة داع إلى الوطء، فيقام مقامه احتياطا للحرمة. وَبِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ?: { مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةِ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا } أخرجه:أبن أبي شيبة في المصنف (16235) في كتاب النكاح باب الرجل يكون تحت الأمة المملوكة، وقال البيهقي في سننه الكبرى 7/170:(رواه الحجاج بن أبي أرطأة عن أبي هانئ أو أم هانئ عن النبي ? وهذا منقطع ومجهول وضعيف، الحجاج بن أرطأة لا يحتج فيما يسنده فكيف بما يرسله عمن لا يعرف). هذا ولا تنتشر الحرمة بالتقبيل ولو بشهوة بين الإخوة والأخوات، فلو قبل أخت امرأته ولو بشهوة لا تحرم عليه امرأته اتفاقاً. ينظر: المبسوط للسرخسي 4/207، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/207، الفتاوى الهندية للبلخي 1/275، الجوهرة النيرة للعبادي 2/5،(2/306)
درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/230، المدونة الكبرى للإمام مالك 2/197، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/252، الأم للشافعي 8/270، التجريد لنفع العبيد للبجيرمي 3/363، المغني لابن قدامة7/93، إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 3/191.) إلا أن يقال
.........................................................................................
يلزم من وجود التقبيل وجود المس حَمَوِِيّ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/231.).
207= وَحُرمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِلَا وَطْءٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ، أَوْ مَنْكُوحَتِهِ: إنْ نَكَحْتُك فَعَلَيَّ وَطْءٌ فَلَوْ عَقَدَ عَلَى الْأَمَةِ بَعْدَ إعْتَاقِهَا، أَوْ عَلَى الزَّوْجَةِ بَعْدَ إبَانَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ
208= وَمِنْهَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ
207= قوله: وَحُرمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِلَا وَطْءٍ بِالْإِجْمَاعِ. جواب سؤال مقدر كأنه قيل: إذا حملتم النكاح على الوطء فلم حرمت زوجة الأب بالعقد؟ والجواب ما ذكره وهو: الإجماع( ( )ينظر: أحكام القرآن للجصاص 2/174، بدائع الصنائع للكاساني 2/261، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/102، المدونة الكبرى للإمام مالك 2/197، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3/309و310، الأم للشافعي 5/26، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/149، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/289، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/452، المغني لابن قدامة 7/89، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/5.).(2/307)
208= قوله: لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ( ( )( إذا وقف على أولاده): لا يدخل فيه ولد ولده إن كان له ولد لصلبه عند الحنفيّة، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ورواية عند الحنابلة، فإن لم يكن له ولد لصلبه استحقّ ولد الابن عند الحنفيّة، لأنّ اسم الولد حقيقة في ولد الصّلب، فإذا أمكن حمله على الحقيقة فبها وإلاّ يصار إلى المجاز.
وعند المالكيّة - وهو قول عند الحنابلة - يدخل فيه ابن الابن، وعند الشّافعيّة يدخل ولد الولد مطلقاً حملاً على الجمع بين الحقيقة والمجاز. ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي 1/235، التاج والإكليل للعبدري 7/664، مواهب الجليل للحطاب 6/44، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لمحمد عليش 2/266، فتاوى السبكي 1/494، البحر المحيط للزركشي 2/400، المغني لابن قدامة 5/358، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 7/79.) الخ. أي لا يدخل ولد ولد الواقف بالنسبة
.........................................................................................
لمسألة/( ( )بداية 104/ب من النسخة (ب).) الوقف( ( )الوقف: عرفه الصاحبان والشافعية والحنابلة بقولهم: حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع رقبته من الواقف وغيره، على مصرف مباح موجود – أو بصرف ريعه على جهة بر وخير. تقرباً إلى الله تعالى.(2/308)
وعرفه المالكية: بقولهم: جعل المالك منفعة مملوكة، ولو كان مملوكاً بأجرة، أو جعل غلته كدراهم لمستحق، بصيغةٍ مدة ما يراه المحبِّس. فلا يشترط التأبيد. فالوقف عندهم لا يقطع حق الملكية في العين الموقوفة، وإنما بقطع حق التصرف فيها. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/324،325، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 8/109، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 2/458، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 4/241.) ولا ولد ولد زيد بالنسبة لمسألة الوصية؛ لأن اسم الولد عند الإطلاق يتناول ولد الصلب( ( )المعنى الحقيقيّ للابن هو الصّلبيّ، ولا يطلق على ابن الابن إلاّ تجوّزاً. والمراد بالصّلبيّ المباشر، سواء كان لظهر أو لبطن. وإطلاق الابن على الابن من الرّضاعة مجاز أيضاً، لكنّه إذا أطلق ينصرف للابن النّسبيّ المباشر، ولا يطلق إلاّ على الذّكر. بخلاف " الولد " فإنّه يشمل الذّكر والأنثى. ومؤنّث الابن ابنة، وفي لغة: بنت.
وولد الابن: وهو أعمّ من ابن الابن إذ يشمل أيضاً بنت الابن.
وابن البنت إمّا أن يكون نسباً أو رضاعاً، فابن البنت النّسبيّ هو الولد الذّكر النّسبيّ للبنت النّسبيّة. اتّفق الفقهاء على عدم دخول ابن البنت في لفظ أولادي كقول الواقف: وقفت هذه الدّار على أولادي. واختلفوا في دخوله في ألفاظ أولاد أولادي، ونسلي، وعقبي، وذرّيّتي، وسيرد بيان تفصيل ذلك في المسائل القادمة.) ولا يتناول ولد ولد الولد؛ لأن المطلق من الأسامي يتناول المطلق من المسميات( ( )ينظر: شرح الكوكب المنير للفتوحي /426/.)، وولد الإنسان مطلق ولده لصلبه لأنه تولد منه بلا واسطة، بخلاف ولد الولد
209= فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ(2/309)
لأنه مقيد والمقيد لا يدخل تحت المطلق إلا بدليل( ( )مسألة (حمل المطلق على المقيّد): إذا ورد الخطاب مطلقاً لا مُقيّدَ له حُمل على إطلاقه، أو مقيّداً لا مطلق له أُجري على تقييده، وإن ورد في موضعٍ مقيّداً وفي آخر مطلقاً ففيه هذا التّفصيل:
المطلق والمقيّد إمّا أن يختلفا في السّبب والحكم، وإمّا أن يتّفقا فيهما، وإمّا أن يختلفا في السّبب دون الحكم، فإن كان الأوّل فلا حمل اتّفاقاً، كتقييد الشّهادة بالعدالة وإطلاق الرّقبة في كفّارة الظّهار.
وإن كان الثّاني فيحمل المطلق على المقيّد اتّفاقاً، كما في قوله تعالى كفّارة اليمين: ? فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ?[ سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 89 ]مع قراءة ابن مسعود الشاذة " فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ متتابعات".(2/310)
وإن كان الثّالث وهو: الاختلاف في السّبب دون الحكم فهو محلّ الخلاف. فذهب الجمهور إلى جواز ((حمل المطلق على المقيّد))، وذهب الحنفيّة وأكثر المالكيّة إلى عدم الجواز، ومثاله: قوله تعالى في كفّارة الظّهار: ? فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ? [ سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ: 3 ] وفي القتل: ? فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ? [ سُورَةُ النِّسَاءِ: 92 ]. هذا والتّقييد عند الأصوليّين كالتّخصيص في الجملة، فما جاز تخصيص العامّ به يجوز تقييد المطلق به وما لا فلا. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 5/110، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/291، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/123، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/190، المستصفى للغزالي /262/، البحر المحيط للزركشي 5/14، شرح الكوكب المنير/421/، تفسير ابن كثير2/92.)، فإذا لم يكن له ولد لصلبه وجد الدليل وهو صيانة تصرفه لأنه إذا [لم يكن له ولد لصلبه ولم يحمل على ولد الابن يلغو تصرفه ومثل هذا الدليل لم يوجد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).) فيما/( ( )بداية 141/أ من النسخة (أ).) إذا كان له ولد لصلبه "بيري" عن «الفتاوى».
209= قوله: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ. أي إن لم يوجد أما إذا وجد ثم لم يبق واحد من ذلك، فإن الغلة تصرف إلى الفقراء/( ( )بداية 122/أ من النسخة (د).) لا إلى ولد الولد كما في « الذخيرة».
210= وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ. فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَصُحِّحَ فَإِذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ رَجَعَ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ(2/311)
ثم قوله: اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ. أي: لا يشاركه من دونه من البطون، وجعل الحال في حق ما بين البطن الثاني ومن دونه من البطون كالحال في حق ما بين [البطن]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (د).) الأول والثاني ولو عدم البطن الأول والثاني، ووجد البطن الثالث والرابع ومن دونه، اشترك البطن الثالث ومن دونه من البطون، وإن كثرت؛ لأن البطن الثالث قد فحش بعده كالبطن الرابع والخامس، ألا ترى أنك إذا نسبته إلى الأب/( ( )بداية 269من النسخة (جـ).) الأصلي تذكر الوسائط فتقول ولد ولد فلان فتذكر ثلاثة آباء (والثلاثة )( ( )في(أ) الثالثة.) جمع صحيح، والبعد إذا فحش تعلق الحكم بنفس الانتساب( ( )ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو2/141.). اهـ "بيري".
210= قوله: وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ. اعلم أن مسألة دخول أولاد البنات وعدم دخولهم مسألة دائرة بين الناس، مشهورة بين العلماء الأكياس( ( )(مسألة: دخول أولاد البنات في الوقف): إذا وقف الواقف على قوم وأولادهم أو عاقبتهم أو نسلهم دخل في الوقف أولاد البنين بغير خلاف.
أمّا أولاد البنات فقد اختلف الفقهاء في دخولهم:
فذهب الحنفيّة والشّافعيّة وأبو بكر وابن حامد من الحنابلة إلى أنّه يدخل أولاد البنات في الوقف على الذّرّيّة أو النّسل أو العقب أو أولاد الأولاد، لأنّ البنات أولاده، وأولادهنّ أولاد حقيقة، = = فيدخلون في الوقف لتناول اللّفظ لهم.(2/312)
وقد دلّ على صحّة هذا قول اللّه تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ } وعيسى عليه السلام من ولد البنت، فجعله من ذرّيّته، وكذلك ذكر اللّه تعالى قصّة عيسى وإبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس. ثمّ قال: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ } وعيسى معهم. وقال النّبيّ ? في الحسن:{ إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ } أخرجه:البخاري (2704) في كتاب الصلح باب:قول النبي ? للحسين بن علي إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ سَيُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، الترمذي (3773) في كتاب: المناقب باب: مناقب الحسن والحسين، النسائي (1410) كتاب: الجمعة باب: مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر، وأبو داود (4662) كتاب: السنة باب: مايد على ترك اللام في الفتنة. وهو ولد بنته، ولمّا قال اللّه تعالى: ? وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ?[ سُورَةُ النِّسَاءِ: 23 ] دخل في التّحريم حلائل أبناء البنات، ولمّا حرّم اللّه تعالى البنات دخل في التّحريم بناتهنّ.(2/313)
ويرى المالكيّة والحنابلة: أنّ أولاد البنات لا يدخلون في الوقف الّذي على أولاده وأولاد أولاده، وهكذا إذا قال على ذرّيّته ونسله.ينظر: الجوهرة النيرة للعبادي 1/235، درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/140 و141، التاج والإكليل للعبدري 7/664، مواهب الجليل للحطاب 6/44، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لمحمد عليش 2/266، فتاوى السبكي 1/494، المنثور في القواعد للزركشي 1/183، البحر المحيط للزركشي 2/400، المغني لابن قدامة 5/358، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 4/292، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 7/79.)، وقد ألف المتأخرون فيها
.........................................................................................
رسائل منهم العلامة "ابن كمال باشا"، والعلامة "الطرسوسي"( ( )"الطرسوسي": إبراهيم بن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن عبد المنعم الطرسوسي قاضي القضاة نجم الدين الحنفي توفي بدمشق سنة 758 هـ. صنف الاختلافات الواقعة في المصنفات. الإشارات في ضبط المشكلات.الفتاوى الطرسوسية، ذخيرة الناظر في الأشباه والنظائر.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/16 الأعلام للزركلي 1/51.)، و"المصنف"( ( )«الرسائل الزينية»: في مذهب الحنفية وهي أربعون رسالة في الفقه. ينظر: الأعلام للزركلي 3/64.) أيضاً.
.........................................................................................
وحاصل ما ذكره "ابن كمال باشا": أن المسألة على وجهين أحدهما: ما يذكر فيه الموقوف عليه بصيغة المفرد( ( )( ولدي)، (أولادي): منفرداً في اللفظ مع عدم جمعها مع الأحفاد كما في الصورة الأولى والثانية.)، وثانيهما ما يذكر فيه الموقوف عليه بصيغة الجمع.
الصورة الأولى: وقفت على ولدي.
الصورة الثانية: وقفت على أولادي.
الصورة الثالثة: وقفت على/( ( )بداية 105/أ من النسخة (ب).) ولدي وولد ولدي.(2/314)
الصورة الرابعة: وقفت على أولادي وأولاد أولادي.
فأثبت الخلاف في الصور الثلاث، وذكر تصحيح عدم الدخول في الصورة الأولى، وتصحيح الدخول في الصورة الثالثة الذي هو قول "هلال"( ( )"هلال":هو هلال بن يحيى بن مسلم، المعروف بهلال الرأي، البصري الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 245هـ، صحب الإمامين: أبا يوسف وزفر، له من الكتب أحكام الوقف، تفسير القرآن، كتاب الحدود، كتاب الشروط، كتاب المحاورة. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/21، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/510، الأعلام للزركلي 8/92، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13/152.) نقلاً عن "قاضي خان"( ( )فتاوى قاضي خان 3/320 على هامش الفتاوى الهندية.).
وأما الصورة الرابعة فقال: لا خلاف في الدخول، فإذا وقف على أولاد أولاد فلان دخل في الوقف أولاد البنات رواية واحدة، ومما يدل على عدم الخلاف في المسألة الرابعة أن "قاضي خان" ذكر الصور الثلاث/( ( )بداية 141/ب من النسخة (أ).) وذكر فيها الخلاف، وذكر الصورة الرابعة ولم يذكر فيها خلاف.
.........................................................................................
أقول: هذا لا يصلح أن يكون دليلاً لنفي الخلاف؛ لأنه لا يمكن أن يكون "قاضي خان" إنما لم يذكر الخلاف في هذه المسألة؛ لأنه ترجح عنده الدخول فالقول المقابل لضعفه عنده/( ( )بداية 270 من النسخة (جـ).) بمنزلة العدم.(2/315)
ورأيت "للمصنف" رسالة معتبرة ذكر/( ( )بداية 122/ب من النسخة (د).) فيها نقولاً كثيرة، ثم قال: والحاصل أن "الخصاف"( ( )"الخصاف": العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر أحمد بن عمرو بن مهير الشيباني، الفقيه الحنفي المحدث، صنف للمهتدي كتاب الخراج، فلما قتل المهتدي نهبت دار الخصاف، وذهبت بعض كتبه، صنف كتاب الحيل، وكتاب الشروط الكبير، ثم اختصره، والرضاع، وأدب القاضي، والعصير وأحكامه، وأحكام الوقف، وذرع الكعبة والمسجد والقبر، ويذكر عنه زهد وورع، وأنه كان يأكل من صنعته رحمه الله، وكان قد قارب الثمانين مات بغداد سنة 261هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 13/123-124، الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 87، طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي/ 146/.) أدخل ولد البنت في الوقف سواء ذكر بلفظ ولدي، أو أولادي وسواء ذكر البطن الثاني بأن قال: على ولدي وولد ولدي، أو قال: على أولادي وأولاد أولادي أو اقتصر على البطن الأول.
وأما "علي الرازي( ( )"علي الرازي":لم أجده؟.)": فلا يقول بالدخول إلا إذا ذكر البطنين بلفظ الجمع كما إذا قال: على أولادي وأولادهم، وأما غيرهما ففرق بين أن يذكر البطن الثاني، فيدخل أولاد البنات أو يقتصر على البطن الأول، فلا يدخلون في الوقف وهذا الفرق هو الصحيح كما في «الخانية»( ( )فتاوى قاضي خان 3/320 على هامش الفتاوى الهندية.) و«الظهيرية».
.........................................................................................(2/316)
وأما الإمام "الطرسوسي" فقال في «أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ»( ( )«أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ»:أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل للقاضي برهان الدين إبراهيم بن علي الطرطوسي الحنفي المتوفى 758 هـ، جمع فيه المسائل المهمة، ورتبها على ترتيب كتب الفقه، ثم لخصه محمد بن محمد الزهري الحنفي وسماه(( كفاية السائل عن أنفع الوسائل)) وربما زاد عليه أشياء. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/183، الأعلام للزركلي 1/51.): بعد ذِكْرِ نقولٍ كثيرة كما هو عادته: فتحرر لنا من ذلك كله أن أولاد البنات، هل يدخلون في لفظ الأولاد وأولاد الأولاد؟ في رواية "الخصاف" و"هلال": يدخلون، وفي ظاهر الرواية: لا يدخلون وعليه الفتوى. إلى أن قال: ورأيت بعض الناس يقول: إنه إذا قال: على أولادي وأولاد أولاد أولادي إن أولاد البنات يدخلون حينئذ من غير أن يقول في المسألة روايتان وليس كذلك، فإن تعليل أصحابنا يرد ذلك ولو ذكر عشر بطون على ظاهر الرواية، فإن تعليل ظاهر الرواية فيما نقلناه عن «المحيط» هو: أنه جعل المانع من دخولهم كونهم منسوبين إلى آبائهم دون أمهاتهم فعلى هذا [لو ذكر خمس بطون أو أكثر لا يدخلون على ظاهر الرواية/( ( )بداية 105/ب من النسخة (ب).) للمعنى الذي ذكرناه وكذا]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) لو كان مكان الوقف وصية.
وقد قال "المُحَشِّي"( ( )أي: الحموي.) هنا: وظاهر إطلاقه أي إطلاق "المصنف" أنه لا فرق بين أن يذكر بلفظ الإفراد أو الجمع مقتصراً على الطبقة الأولى أو غير مقتصر، وكأنه يشير إلى أن "المصنف" أطلق/( ( )بداية 271 من النسخة (جـ).) في محل التقييد [لأنه أثبت الخلاف في الصور كلها وليس كذلك؛ إذ
.........................................................................................(2/317)
ليس في كلام "المصنف" إطلاق في محل التقيد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) لأن "المصنف" إنما ذكر صورة واحدة وهي: صورة لفظ الإفراد والاقتصار على الطبقة الأولى، ثم قال: وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ أي في هذه الصورة لأن كلامه في ذلك.( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/231.) كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(52/أ ).) ملخصاً.
ومنه يستفاد/( ( )بداية 123/أ من النسخة (د).) تقييد/( ( )بداية 142/أ من النسخة (أ).) الخلاف في دخول ولد البنت بما إذا كان الولد أو الأولاد مضافاً إلى ضمير الواقف، كما إذا وقف على ولده أو أولاده لما علم من أنه لا فرق فيه بين المفرد والجمع، أما إذا وجدت الإضافة إلى ضمير الأولاد كقوله: ثم على أولادهم ونحوه فلا خلاف في دخول أولاد البنات حينئذ( ( )ينظر: فتاوى قاضي خان 3/320 على هامش الفتاوى الهندية، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/461.) كما في «الفتاوى الخيرية»( ( )«الفتاوى الخيرية لنفع البرية»: للإمام خير الدين بن أحمد بن علي، الأيوبي العليمي، الفاروقي الحنفي، الرملي، المتوفى سنة 1081هـ، من أهل الرملة بفلسطين، ولد ومات فيها، جمعها ولده محيي الدين سنة 1071هـ، ووصل في جمعها إلى باب المهر، ثم توفي فأتمها الشيخ إبراهيم بن سليمان الحنفي الجينيني. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/358، الأعلام للزركلي 2/327، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/132.).
قوله: وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ. فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَصُحِّحَ ويكون ولد البنت عند عدم ولد الصلب بمنزلة ولد الصلب.
.........................................................................................(2/318)
ولا يدخل فيه ولد البنت في ظاهر الرواية؛ لأن أولاد البنات ينسبون إلى آبائهم لا إلى أمهاتهم بخلاف ولد الابن هـ.
واختلف أيضاً فيما لو قال: أرضي هذه صدقة موقوفة على ولدي وولد ولدي ولم يزد على هذا. يدخل فيه ولده لصلبه وأولاد أولاد بنيه يشتركون في الغلة، وهل يدخل فيه ولد البنت؟ قال "هلال": يدخل، وقال "علي الرازي": لا( ( )ينظر: فتاوى قاضي خان 3/320 على هامش الفتاوى الهندية.).
وكذا لو كان الوقف بصيغة: (وقف على أولاده وأولاد أولاده) لا يدخل أولاد البنات على ظاهر الرواية؛ لأن أولاد البنات ليسوا بأولاد أولاده؛ لأنهم ينسبون إلى الأب لا إلى الأم كما في « الْوَلْوَالِجيَّةِ »( ( )الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ 3/93)، وفي «منية المفتي» وبه يفتى.
وفي «المحيط»: ولا يدخلون في ظاهر الرواية وعليه الفتوى؛ لأن أولاد البنات ليسوا بأولاد أولاده مطلقاً؛ لأنهم ينسبون إلى الأب لا إلى الأم انتهى.
واعتمد في «التجنيس»: على عدم/( ( )بداية 172 من النسخة (جـ).) الدخول، وجعله ظاهر الرواية أيضاً، واعتمده المتأخر الشيخ "قاسم"( ( )أي الشيخ قاسم بن قطلوبغا.) وقال: هو الذي يفتى به، وفي "التمرتاشي"( ( )ظهير الدين، أبو محمد، أحمد بن إسماعيل التمرتاشي الخوارزمي الحنفي، توفي سنة 610هـ، مفتي خوارزم. من مؤلفاته: شرح الجامع الصغير، وكتاب التراويح. ينظر: والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 61، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 1/167.) وفي
.........................................................................................(2/319)
«الواقعات»( ( )«الواقعات»:وهو« الملتقطات في المسائل الواقعات»: للشيخ الإمام، أبي المعالي، مسعود بن شجاع بن محمد، الأموي الحنفي، المتوفى سنة 599هـ. قال: (( هو مختصر جامع لمسائل متفرقة في الكتب، تمس الحاجة إلى الوقوف عليها، والرجوع إليها لكثرة وجودها، وسرعة وقوعها ))، وهو كتاب مخطوط، توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( و 7848 ). انظر كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1814، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/429، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 12/227.): لا يدخلون، في ظاهر الرواية.(2/320)
وفيه أيضا: قذف/( ( )بداية 106/أ من النسخة (ب).) محصناً: فللوالدين والمولودين علَوْا أو سفلوا أن يخاصموا، وعن "محمد" لا خصومة لأولاد البنات؛ لأنهم منسوبون إلى أبيهم وهو رواية "الحسن"( ( )"الحسن": العلامة، الحسن بن زياد فقيه العراق، أبو علي الأنصاري، مولاهم الكوفي اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة، نزل بغداد، وصنف وتصدر للفقه، كان أحد الأذكياء البارعين في الرأي، ولي القضاء بعد حفص بن غياث، ثم عزل نفسه، قال محمد بن سماعة، سمعته يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديثاً كلها يحتاج إليها الفقيه، توفي سنة 204هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 9/543، طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي /143/، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء /193/.) عن الإمام "أبي حنيفة"( ( )قال الكاساني في البدائع: (ولا خلاف في أن الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات لا يملكون الخصومة؛ لأن العار لا يلحقهم؛ لانعدام الجزئية والبعضية فالقذف لا يتناولهم لا صورة ولا معنى، وكذا ليس لمولى العتاقة ولاية الخصومة؛ لأن القذف لم يتناوله صورة ومعنى بإلحاق العار به، واختلف أصحابنا رضي الله عنهم في أولاد البنات أنهم هل يملكون = = الخصومة ؟ عندهما يملكون، وعند محمد لا يملكون). بدائع الصنائع للكاساني 7/55، وينظر: فتح القدير لابن الهمام 5/323، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 9/289.).
.........................................................................................(2/321)
وأما ما قال "ابن كمال باشا" والشيخ "عبد البر بن الشِّحْنَة" فهو: بحث منهما، ولا يعول عليه عند المقابلة لما قاله نقلة[ المذهب بل ولا يسوغ لأحد الأخذ به لأن المقرر( ( )المقري في (ب).) عن المشايخ أن العبرة لما قاله]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) الأكثر، والأكثرون/( ( )بداية 123/ب من النسخة (د).) على عدم الدخول( ( )ما بين المعقوفين [أولاد البنات] ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) إلا عند انقراض أولاد الأولاد فَيُفْتَى بدخول أولاد البنات كما في «خزانة الأكمل» وَوَقْفِ "هلال"( ( )ينظر: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية لابن عابدين 1/167،168.).
وما قاله "الخصاف": من الدخول يرده ظاهر الرواية؛ لأن ما قاله رواية ولا عمل عليها مع ظاهر الرواية كما يعرف ذلك أهل الدراية وإلا لما ساغ للأكثر مخالفة الإمام "الخصاف" كما هو دأبهم معه، وقولهم في حقه إمام كبير.
أقول:/( ( )بداية 142/ب من النسخة (أ).) يعلم من هذا حكم من كانت أمه شريفة.
وقال في «البدائع»( ( )بدائع الصنائع للكاساني 7/345.): ((إن ولد البنت وإن كان ينسب إليه بواسطتها حتى يثبت جميع أحكام الأولاد في حقه كما تثبت في أولاد البنين إلا أن النسبة إلى الأمهات مهجورة عادة
.........................................................................................(2/322)
فلا ينسب إلى أولاد البنات إلى آباء الأمهات بواسطتهن، وأولاد "فاطمة"( ( )"فاطمة الزهراء" ( 18ق هـ - 11 هـ )هي فاطمة بنت محمد رسول الله ? الهاشمية القرشية، وأمها خديجة بنت خويلد. من نابهات قريش. تزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب. وعاشت بعد أبيها ستة أشهر. وهي أول من جعل له النعش في الإسلام. ولفاطمة 18 حديثاً.وللسيوطي: (( الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة ))، ولعمر أبي النصر (( فاطمة بنت محمد ))ينظر: و الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني 4 / 377، و الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 4/1839، و الأعلام للزركلي 5/329.) رضي الله [تعالى]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)، (د).) عنها لم تهجر نسبتهم إليها فينسبون إلى رسول الله ? بواسطتها وقيل: إنهم خصوا بالنسبة إلى النبي ? تشريفاً وإكراماً لهم.(2/323)
وَقَدْ رَوَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ( ( )"الْحَلْوَانِيِّ ":عبد العزيز بن أحمد بن نصر الحلواني الحنفي المتوفى سنة 449هـ، من كتبه: الفتاوى، شرح الجامع الكبير، شرح الحيل الشرعية للخصاف، شرح أدب القاضي لأبي يوسف. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1224، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/577.) - رحمه الله - فِي هَذَا حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ? أَنَّهُ قَالَ: { كُلُّ بَنِي بِنْتٍ بَنُو أَبِيهِمْ إلَّا أَوْلَادَ، فَاطِمَةَ رضي الله تعالى عنها فَإِنَّهُمْ أَوْلَادِي }( ( )لم أجده في كتب السنة،بلفظه وإنما أخرجه الطبراني عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " كُلُّ بني أُنْثَى فَإِنَّ عَصَبَتَهُمْ لأَبِيهِمْ ، مَا خَلا وَلَدَ فَاطِمَةَ فَإِنِّي أَنَا عَصَبَتَهُمْ ، وَأَنَا أَبُوهُمْ ".المعجم الكبير للطبراني 3/44.) اهـ)).
وفي/( ( )بداية 273 من النسخة (جـ).) «خزانة الأكمل»: اختلف العلماء في أنهم يقال لهم أبناء رسول الله ? توسعاً وضيقاً.
.........................................................................................
قال بعض أصحاب المحققين: هما أبناء رسول الله ? كما ورد به النصوص نحو: {أولادنا أكبادنا( ( )الحديث:{ أوْلادُنَا أكْبَادُنَا } ذكر الإمام العجلوني نص هذا الحديث في كشف الخفاء وقال: (( قال ابن كمال باشا في أربعينه: قاله عليه الصلاة والسلام حين أخذ الحسن والحسين، وأيده محمد بن الحسن الشيباني بدخول أولاد البنات في الأمان إذا قالوا أمنونا على أولادنا، قال ذكره شمس الأئمة السرخسي في شرح السير الكبير)).ينظر: كشف الخفاء /207/. والباقي من النص-تمشي على الأرض- إنما هوجزء بيت من الشعر (من البحر السريع) لحطاء بن المعلى يقول فيه:(2/324)
وإنّما أولادُنا بيْنَنا
أكبادُنا تمْشي على الأرضِ
ينظر: ديوان الحماسة 1/102.) تمشي على الأرض} قال ذلك فيهما فكانا مخصوصين بذلك فلا يقاس على ذلك أولاد بنات الأمة؛ لأن ذلك عرفناه بالنص وبه اندفع ما قاله في «أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ»: من اسم الولد لأولاد البنات مجاز وهو الأظهر.
وفي «الظهيرية» الذرية( ( )الذرية: معناها في اللّغة: قيل: نسل الثّقلين، وقيل: هي ولد الرّجل، وقيل: من أسماء الأضداد تجيء تارةً بمعنى الأبناء قال تعالى في قصّة نوحٍ: ? وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ? [ سُورَةُ الصَّافَّآتِ: 77 ].وتجيء تارةً بمعنى الآباء، والأجداد. كما في قوله تعالى: ? وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ? [ سُورَةُ يس: 41 ].والاصطلاح الشّرعيّ لا يخرج عن المعنى اللّغويّ.
ذهب جمهور الفقهاء " الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة " إلى أنّ الذّرّيّة تتناول البنين، والبنات، فإذا وقف على ذرّيّته دخل فيه أولاد البنات، لأنّ البنات ذرّيّته، وأولادهنّ ذرّيّة له حقيقةً، فيجب أن يدخلوا في الوقف.(2/325)
وقال الخرقيّ: لا يدخل أولاد البنات في الوقف على الذّرّيّة، واستدلّ بأنّ اللهَ تعالى قال في كتابه العزيز: ? يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ? [ سُورَةُ النِّسَاءِ: 11 ] فدخل فيه أولاد البنين دون أولاد البنات وهكذا كلّ موضوعٍ ذكر فيه الولد في الإرث، والحجب يدخل ولد = = البنين دون ولد البنات، والذّرّيّة والنّسل في حكم الأولاد. ينظر: لسان العرب لابن منظور 4/304، مختار الصحاح للرازي /122/، القاموس المحيط للفيروز آبادي 1/15، الجوهرة النيرة للعبادي 1/335، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/463، المنتقى شرح الموطأ للباجي 6/124، التاج والإكليل للعبدري 7/664و665، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 3/387، فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب للشيخ سليمان الجمل 3/586، التجريد لنفع العبيد للبجيرمي 3/208، المغني لابن قدامة 5/358، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 4/281، الفروع 4/608.): الفرع المتولد من الأصل، والأب والأم أصلان للولد،
.........................................................................................
ومعنى الأصالة/( ( )بداية 106/ب من النسخة (ب).) في جانب الأم أبين؛ لأن ماء الفحل مستهلك في أرحام الأمهات.(2/326)
وفي المسألة حكاية "يحيى بن يَعمر"( ( )يحيى بن يعمر" (129 هـ ): هو يحيى بن يعمر، أبو سليمان، الليثي البصري. كان من علماء التابعين عارفاً بالحديث والفقه ولغات العرب، روى عن عثمان وعلي وعمار وأبي ذر وأبي هريرة وغيرهم. وعنه يحيى بن عقيل وعطاء وقتادة وعكرمة وغيرهم. وهو أول من نقط المصاحف. وولاه الحجاج قضاء مرو، وكان يقضي بالشاهد واليمن.ينظر: تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني 11/305، و الأعلام للزركلي 9/225.) بالفتح فإن "الحجاج" ( ( )"الحجاج":هو بن يوسف بن الحكم الثقفي أبو محمد داهية سفاك خطيب أمره عبد الملك بقتال ابن الزبير ثم ولاه مكة والمدينة والطائف ثم أضاف إليه العراق توفي سنة 95هـ ينظر: الأعلام للزركلي 1/168.) أمر به ذات يوم وهمَّ بقتله فقال [له]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).) لتقرأنّ عليّ آيةً( ( )في (د) آية عليَّ.) من كتاب الله تعالى على أن "العلوية" من ذرية رسول الله
211= وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ.
? أو لأقتلنك، ولا أريد قوله: ? نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ? [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ:61 ] فتلا عليه قوله تعالى: ? وَمِن/( ( )بداية 124/أ من النسخة (د).)ْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ? [ سُورَةُ الأَنْعَامِ: 84 ] إلى أن قال: ? وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَىَ ? [ سُورَةُ الأَنْعَامِ: 85 ] و[عيسى]( ( )في نسخ المخطوط (ويحيى) وهذا خطأ بين.) من ذرية نوح من قبل الأم فبهت "الحجاج"، ورده بجميل( ( )ينظر: شرح السير الكبير للسرخسي1/328، تفسير الطبري 5/257، تفسير ابن كثير 2/208، تفسير الآلوسي 7/213.) اهـ.(2/327)
وتحصلّ مما ذكرناه: أن أولاد البنات لا يتشرفون بشرف أمهم؛ لأن الحسب خاص بالأب، غاية الأمر أنه( ( )في (د) أنَ.) يقال لهم: إنهم من النسل والذرية في رواية "هلال" و"الخصاف" وهي إحدى الروايتين، والذي عليه غالب "المشايخ": أن الذرية والنسل خاص بأولاد الولد دون أولاد البنات وعليه الفتوى كذا ذكره "البيري".
واستفيد منه أن الحسب هو الشرف.
211= قوله: وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ الخ.قيل: يجوز أن يكون دخول/( ( )بداية 143/أ من النسخة (أ).) الولد في صورة الذكر بلفظ الجمع [مبنياً]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) على ما ذهب إليه البعض من جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز إذا كان اللفظ مجموعاً كما أشار إليه "ابن الهمام" في أصوله؛ حيث قال: (( والحق أن هذا من
212= وَأَمَّا إذَا وَقَفَ، أَوْلَادَهُ، دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ لَفْظَ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا، أَوْ جَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي الصُّلْبِ.
مواضع جواز الجمع عندنا؛ لأن الأبناء والآباء جمع))( () )هذا الكلام لم أجده عند ابن الهمام مع كثرة بحث، ووجدته في التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج 2/26.؟). "حَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/232. ) /( ( )بداية 274 من النسخة (جـ).).(2/328)
212= قوله: وَأَمَّا إذَا وَقَفَ، أَوْلَادَهُ، دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ الخ. قيل عليه: لكنه يحتاج إلى تحرير فإن في « البزَّازِيّةِ » ( ( )الفتاوى البزازية6/272 ( على هامش الفتاوى الهندية ).) ما يخالفه ظاهراً، وفي «الاختيار»( ( )«الاختيار شرح المختار»: للموصلي(599هـ) عبدالله بن محمود بن مودود، أبو الفضل مجد الدين من أهل الموصل، من كبار الحنفية، وهو شرح لكتابه المختار في فروع الحنفية، ذكر فيه أنه جمع في شبابه مختصراً سماه/المختار للفتوى / واختار فيه قول الإمام أبي حنيفة، فتداولته الأيدي فطلبوا منه شرحاً، فشرحه شرحاً أشار فيه إلى علل المسائل ومعانيها، وذكر فروعاً يحتاج إليها ويعتمد في النقل عليها. ينظر: الأعلام للزركلي 4/279، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1622.) فيه تفصيل ولفظه: ((تدخل البطون كلها لعموم اسم الأولاد لكن يقدم الأول فإن انقرض فالثاني ثم يشترك فيه جميع البطون على السواء قريبهم وبعيدهم))( ( )الاختيار لتعليل المختار للموصلي 3/61.) "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/232.).
.........................................................................................
وقوله( ( )أي: الموصلي صاحب «الاختيار».): ولكن يقدم الأول الخ. ليس على إطلاقه، بل يحمل على ما إذا كان الحجب في عبارة الواقف عاماً بأن اقتصر على قوله: بطناً( ( )في (أ)،(ب)،(جـ) بطن.) بعد بطن أو طبقة بعد طبقة، فإن زاد عليه ما يخصصه كقوله: الطبقة العليا تحجب السفلى في( ( )في (د) من.) نفسها دون غيرها لا يكون الأعلى مقدماً على الأسفل مطلقاً، بل بالنسبة للابن مع الأب حيث يشترط لاستحقاقه زوال الحجب عنه بموت أبيه بخلاف ابن أخيه فإنه يستحق ولو مع وجود عمه.(2/329)
وقال "البيري" بعد قول "المصنف": ((وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ وَأَمَّا إذَا وَقَفَ، أَوْلَادَهُ، دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ لَفْظَ الْوَلَدِ)) ما نصه: أي يصرف إلى/( ( )بداية 107/أ من النسخة (ب).) أولاده وأولاد أولاده أبداً ما تناسلوا ولا يصرف إلى الفقراء ما دام واحد منهم وإن سفل( ( )في (جـ) سفلوا.)؛ لأن اسم الأولاد يتناول/( ( ) بداية 124/ب من النسخة (د).) الكل ثم قوله: كذلك الطبقات بلفظ الولد أي بأن قال: على ولدي وولد ولدي وولد ولد ولدي، فالقياس أن تختص( () )في (جـ)، (د) يختص.) به البطون كلها وإن سفلوا لما ذكرنا أن البعد إذا فحش يعتبر مجرد التسمية ويسقط اعتبار الأقرب كما في «الفتاوى»( ( )ربما الفتاوى الخيرية لأنها أقرب فتاوى ذكرت قبل هذه المسألة والله أعلم.).
213= وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي، أَوْ لَا يُؤَجِّرُ، أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ،
وفي "الخصاف": ولو وقف على أولاده، ولم يكن له إلا ولد واحد فله النصف من الغلة وكذا( ( )في (جـ)، (د) وكذلك.) لو كان له أولاد، فماتوا إلا واحد كان له النصف من الغلة والنصف للمساكين انتهى "بيري".
213= قوله: وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ، أَوْ لَا يَشْتَرِي الخ.حتى لو حلف لا يبيع أولا يشتري، أو نحوهما فوكل من فعل ذلك لم يحنث( ( )لو حلف لا يبيع، أو لا يشتري، أو لا يؤجّر أو لا يضرب ولده يحنث بالمباشرة اتّفاقًا، وإذا وكّل غيره بهذه الأعمال فباشرها الوكيل لا يحنث عند جمهور الفقهاء " الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة " حملاً للّفظ على حقيقته، إلاّ أن يكون مثله لا يباشر ذلك الفعل، كالسّلطان والقاضي مثلاً، فيحنث بالمباشرة والتّوكيل كليهما.(2/330)
وعند الحنابلة يحنث ولو فعله بالتّوكيل إلاّ أن ينوي مباشرته بنفسه؛ لأنّ الفعل ينسب إلى الموكّل فيه والآمر به، كما لو كان ممّن لا يتولّاه بنفسه.ينظر: المبسوط للسرخسي 9/9، بدائع الصنائع للكاساني 3/82، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/148، الجوهرة النيرة للعبادي 2/204، التاج والإكليل للعبدري 4/437، مواهب الجليل للحطاب 5/198، وأسنى المطالب شرح روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري 4/261، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 4/287، المغني لابن قدامة 9/419، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/103.)؛ لأن الفعل وجد من العاقد حقيقة وحكماً، ولهذا رجعت/( ( )بداية 275 من النسخة (جـ).) الحقوق/( ( )بداية 143/ب من النسخة (أ).) إليه حتى لو كان العاقد حالفاً( ( )في حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/333. حتى لو كان العاقد بالغاً عاقلاً.) يحنث [في يمينه إلا
.........................................................................................
أن ينوي أن لا يأمر( ( )إلا أن يأمر في (ب).)، فحينئذ شدد الأمر على نفسه، أو يكون الحالف ممن لا يباشر هذه العقود بنفسه فحينئذ يحنث]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) بالتفويض كذا ذكره "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/333.).
وفي «النهاية»( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/147، فتح القدير لابن الهمام 5/173، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/375.) في باب اليمين في البيع والشراء والتزويج: ذكر أن الضابط في هذه التصرفات فيما يحنث بفعل المأمور به، وفيما لا يحنث شيئان:
- أحدهما: أن كل فعل ترجع الحقوق فيه إلى المباشر، فالحالف لا يحنث بمباشرة المأمور، وإن كانت الحقوق ترجع فيه إلى من وقع حكم العقد له يحنث.(2/331)
- والثاني: إن كل فعل يحتمل حكمه الانتقال إلى غيره فالحالف لا يحنث بمباشرة المأمور، وإن كان لا يحتمل الانتقال يحنث، وقيل: كل ما يستغني المأمور في مباشرته عن إضافته إلى الآمر فالآمر لا يحنث بمباشرة المأمور، وإن كان لا يستغني عن هذه الإضافة يحنث والفقه في ذلك أن العقد متى رجعت حقوقه إلى من وقع العقد له فمقصود الحالف من الحلف التوقي عن حكم العقد وعن حقوقه، وكلاهما يرجعان إليه فيحنث، ومتى رجعت حقوقه إلى العاقد لا إلى من وقع حكم العقد له فمقصوده من الحلف التوقي من رجوع الحقوق إليه، وهي لا ترجع إليه فلا يحنث كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة( 55/أ ).).
214= أَوْ لَا يُصَالِحُ عَنْ مَالٍ، أَوْ لَا يُقَاسِمُ
وذكر العلامة "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/332.) ما نصه: ((والأصل أن كل/( ( )بداية 125/أ من النسخة (د).) فعل ترجع حقوقه إلى المباشر لا يحنث الحالف بمباشرة المأمور؛ لوجوده منه حقيقة وحكماً وإلا فيحنث ويصير العاقد سفيراً و الآمر فاعلاً)) اهـ.
وقوله: والآمر فاعلاً أي حكماً/( ( )بداية 107/ب من النسخة (ب).) كأنه هو الذي فعل.
214= قوله: أَوْ لَا يُصَالِحُ عَنْ مَالٍ. مقيد بكونه عن إقرار؛ لأنه عن إنكار فداء في حق المدعى عليه( ( )(الصّلح مع إنكار المدّعى عليه):وذلك كما إذا ادّعى شخص على آخر شيئاً، فأنكره المدّعى عليه، ثمّ صالح عنه. وقد اختلف الفقهاء في جوازه على قولين:
أحدهما لجمهور الفقهاء - من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة -: وهو جواز الصّلح على الإنكار. بشرط أن يكون المدّعي معتقداً أنّ ما ادّعاه حقّ، والمدّعى عليه يعتقد أن لا حقّ عليه. فيتصالحان قطعاً للخصومة والنّزاع. أمّا إذا كان أحدهما عالماً بكذب نفسه، فالصّلح باطل في حقّه، وما أخذه العالم بكذب نفسه حرام عليه؛ لأنّه من أكل المال بالباطل.(2/332)
والثّاني للشّافعيّة وابن أبي ليلى: وهو أنّ الصّلح على الإنكار باطل.ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/40، الجوهرة النيرة للعبادي 1/318، التاج والإكليل للعبدري 7/8، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/309، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/166و167، نهاية المحتاج 4/387، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 5/234و235، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 3/342.)، فيكون من الثاني كالصلح عن عمد( ( )( العفو عن القصاص على مال في القتل العمد ): قال الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة: الصّلح على مال = = في القتل العمد جائز؛ لأنّ القصاص حقّ للوليّ، ولصاحب الحقّ أن يتصرّف في حقّه استيفاءً وإسقاطاً إذا كان من أهل الإسقاط والمحلّ قابلاً لسقوط، ولهذا يتملّك فيملك الصّلح، ولأنّ المقصود من استيفاء القصاص - وهو الحياة - يحصل به، لأنّ الظّاهر عند أخذ المال عن صلح وتراض تسكن الفتنة فلا يقصد الوليّ قتل القاتل فلا يقصد القاتل قتله، فيحصل المقصود من استيفاء القصاص بدونه، وسواء كان بدل الصّلح قليلاً أو كثيراً من جنس الدّية أو من خلاف جنسها، حالاً أو مؤجّلاً بأجل معلوم أو مجهول جهالةً متفاوتةً.(2/333)
وقال الشّافعيّة: لو عفا أو صالح عن القصاص على مال قبل أن يعفو عن الدّية، فإن كان المصالح عليه من غير جنس الدّية جاز، سواء كانت قيمته بقدر الدّية أم أقلّ أو أكثر، وإن كان من جنسه بأن صالح على مئتين من الإبل فإن قلنا: الواجب أحد الأمرين لم يصحّ كالصّلح من ألف على ألفين، وإن قلنا: الواجب القود بعينه صحّ على الأصحّ وثبت المصالح عليه، ومقابل الأصحّ يقول: الدّية خلفةً فلا يزاد عليها.ينظر: الفروق للكرابيسي 2/258، بدائع الصنائع للكاساني 6/42، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 5/36، المدونة الكبرى للإمام مالك 4/651، التاج والإكليل للعبدري 7/12، الأم للشافعي 3/226، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 4/45، المغني لابن قدامة 8/226، الفروع لابن المفلح 5/668.)، وما في «المحيط»: من أنه يحنث
215= أَوْ لَا يُخَاصِمُ
بالتوكيل/( ( )بداية 276 من النسخة (جـ).) في الصلح حمله في «النهر» على ما إذا كان عن إنكار الخ. ما علقناه في «حاشية ملا مسكين»( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/177.) ولولا حمل كل من عبارة "المصنف" و«المحيط» على ما ذكرناه لوقع التنافي بينهما.
215=قوله: (أَوْ لَا يُخَاصِمُ)( ( )أو يخاصم في (أ).).ذِكْرُ الخصومة في هذا القسم( ( )أي القسم الأول وهو: عدم الحنث إلا بالمباشرة ولا يحنث بالتوكيل، والقسم الثاني هو من يحنث بالتوكيل.) هو المفتى به كما في
216= أَوْ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهَا الْحَقِيقَةُ، وَهُوَ مَجَازٌ. إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَالْقَاضِي وَالْأَمِيرِ(2/334)
«النهر» عن « البزَّازِيّةِ » ( ( )ينظر: الفتاوى البزازية4/337 كتاب الأيمان ( على هامش الفتاوى الهندية ).) قال: وقد اختلف فيها كلام صاحب «المحيط»، فذكر أولاً أنها من القسم الثاني، وثانياً( ( )في (أ)، (ب) ثانيها.) ذكر أنها من القسم الأول.
216= قوله: أَوْ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ. أي الكبير ذكراً كان أو [أنثى]( ( )مابين المعقوفين لم يرد في (جـ).) "حَمَوِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/333.).
أما الصغير فيملك ضربه فيملك التفويض فيحنث بوكيله/( ( )بداية 144/أ من النسخة (أ).) كالقاضي «در»( ( )الدر المختار للحصكفي 3/814 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).)، و«نهر» عن «الخانية»( ( )فتاوى قاضي خان 2/111 على هامش الفتاوى الهندية.)، وهو ظاهر في أن الأب ليس له تأديب ولده الكبير حتى لو فعل ما يوجب الحد، أو التعزير لا يتولى الأب ذلك بنفسه بل يرفعه إلى القاضي إلا إذا كان حاله المباشر للنهي عن المنكر، ويؤيده ما صرحوا به من أنه إذا طلب الانفراد بالسكنى لم يملك الأب منعه إلا إذا كان صبيح الوجه دفعاً للعار عن نفسه، وانظر هل حكم ولد الولد كالولد؟ قال السيد "الحَمَوِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/335.): وظاهر تعليل المسألة وقولهم ضرب الحر كالولد يقتضي إلحاقه به. انتهى.
217= فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِهِمَا
والمراد بالمنفعة التي وقع الفرق بها بين الولد والعبد وهو أن المقصود راجع إلى المولى في ضرب العبد بخلاف ضرب الولد معظمها [راجع إلى الولد كما]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) في "الزيلعي"( ( )ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/148.) فقط ما عساه يقال أن منفعة الضرب تعود على كل من الضارب والمضروب في كل من المسألتين.(2/335)
217= قوله: فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ بِهِمَا( ( )أي: بالمسائل التي عددها المصنف( حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي، أَوْ لَا يُؤَجِّرُ، أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ،أَوْ لَا يُصَالِحُ عَنْ مَالٍ، أَوْ لَا يُقَاسِمُ أَوْ لَا يُخَاصِمُ أَوْ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ).) الخ.نظم السيد "الحَمَوِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين2/335.) المسائل التي لا يحنث فيها بفعل الوكيل لأنها الأقل، مشيراً إلى أنه يحنث فيما عداها فقال:
شراء وبيع قسمة وإجارة
وضرب لفرع ثم صلحك بالمال/( ( )بداية 125/ ب من النسخة (د).)
خصومة واستئجار مسك ختامها
وذا النظم زهر( ( )في (جـ) زهو.) من فرائده لآلِ( ( )البيت من البحر الطويل.)
إلا أن يكون مثله لا يباشر قيل فإنه يكون حينئذ قرينة/( ( )بداية 277من النسخة (جـ).) صارفة للكلام إلى المجاز.
218= وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ مَرَّةً وَيُوَكِّلُ فِيهِ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ
قَالَ فِي الْكَنْزِ بَعْدَهُ: مَا يَحْنَثُ بِهِ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ، وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ،
219= وَالْكِتَابَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْقَرْضُ وَالِاسْتِقْرَاضُ(2/336)
218= قوله: وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ مَرَّةً الخ. جزم بهذا "ملا مسكين" ( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/333.)ولم يملك غيره واعتمده "قاضي خان"( ( )فتاوى قاضي خان2/111 على هامش الفتاوى الهندية.) وغيره "كالبزَّازِيّ"( ( )الفتاوى البزازية 4/339 ( على هامش الفتاوى الهندية ).) وصاحب «وسيط المحيط( ( )في (جـ) وسيط الوسيط.)» ( ( )لم أجد له ترجمة، وربما يكون للسرخسي رضي الدين، له ثلاثة كتب اسمها المحيط كبير ووسط وصغير. ينظر: الأعلام للزركلي 7/24.) كما/( ( )بداية 108/ أ من النسخة (ب).) ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة (55/ب ))
قال( ( )أي: الحموي.في غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/233.): وقيل تعتبر العين المبيعة إن كانت مما يشتريها بنفسه لشرفها لا يحنث بفعل وكيله إلا أن يقصد أن لا يفعل ذلك بنفسه، ولا بوكيله فإنه يحنث، وإن كانت العين مما لا يشتريها بنفسه لخستها، أو لغير ذلك يحنث بشراء الوكيل كما في «الكافي».
219= قوله: وَالْكِتَابَةُ. في «مجمع الفتاوى»( ( )« مجمع الفتاوى »: لأحمد بن محمد بن أبي بكر الحنفي، المتوفى سنة 522هـ ، جمع فيه من كتب = = العلماء العظام أولها الفتاوى الكبرى والصغرى للصدر وفتاوى أبى بكر محمد بن الفضل البخاري وفتاوى الشيخ محمد بن الوليد السمرقندي وفتاوى أبى الحسن الرستغفني وفتاوى عطاء بن حمزة والناطفي وغريب الرواة والمنتقى والشرح المنتسب بالجصاص وملتقط أبي القاسم وتحفة الفقهاء والعلائي وبديع الدين وجامع ظهير الدين، اختصره في كتابه: ( خزانة الفتاوى ) جمع فيه من المجمع غرائب المسائل خاليا من التطويل، وقد أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. انظر كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1603، الأعلام للزركلي 1/215.): حلف لا يكتب فأمر غيره فكتب(2/337)
220= وَضَرْبُ الْعَبْدِ وَالذَّبْحُ، وَالْبِنَاءُ، وَالْخِيَاطَةُ، وَالْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ، وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ، وَالْكِسْوَةُ، وَالْحَمْلُ،
والحالف سلطان لا يكتب بنفسه يحنث، وإن كان يكتب بنفسه لا يحنث، وهو مشكل؛ لأنها من المسائل التي يحنث فيها بفعل المأمور إلا أن/( ( )بداية 144/ب من النسخة (أ). ) يحمل على أنه نوى المباشرة بنفسه( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 9/23، بدائع الصنائع للكاساني 3/55، فتح القدير لابن الهمام 5/144.) "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة( (55/ب ).).
220= قوله: وَضَرْبُ الْعَبْدِ. وكذا الأمة "حَمَوِِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين2/334.). وجه الحنث بالأمر في ضرب العبد أن المقصود راجع إليه بخلاف ضرب الولد والزوجة. قيل: نظير العبد، وقيل: نظير الولد.
قال في «البحر»: ((وينبغي ترجيح الثاني لما مر في الولد ورجح "ابن وهبان"( ( )"ابن وهبان": هو عبد الرحمن بن أحمد بن وهبان أبو محمد الدمشقي الحنفي،فقيه،مقرئ، فاضل،أديب قال ابن حجر في الدرر الكامنة:تمهر وتميز في الفقه والعربية والقراءات والأدب، = = ودرس وأفتى وولى قضاة حماه،من تصانيفه: ((منظومة قيد الشرائد ونظم الفرائد)) و((عقد القلائد في حل قيد الشرائد )) في فروع الفقه الحنفي ((ونهاية الاختصار في أوزان الأشعار)). ينظر:الدرر الكامنة لابن حجر 4/423، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 6/221.)
.........................................................................................(2/338)
الأول؛ لأن النفع عائد إليه لطاعتها له، وقيل: إن حنث فنظير العبد وإلا فنظير الولد. قال "بديع الدين"( ( )"بديع الدين": أحمد بن أبي بكر بن عبد الوهاب القُزَيني ( بضم القاف وفتح الزاي ) فخر الأئمة الحنفي أستاذ مختار الزاهدي المتوفى سنة 794هـ كان مقيما بسيواس، صنف البحر المحيط المسمى بمنية الفقهاء.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/116.): ولو فصَّل هذا في الولد لكان حسناً «نهر » عن «القنية»))( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/378.). وأقره "الحَمَوِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/334.).
وأقول: فيه نظر ظاهر؛ إذ ضرب الولد بدون الجناية لا يجوز بكونه حينئذ محض ظلم، بخلاف ضرب الزوجة؛ لتصريحهم بأن له ضربها على ترك الزينة( ( )للزّوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية، لأنّ اللّه تعالى أمر بتأديب النّساء بالهجر والضّرب عند عدم طاعتهنّ،ويجب في ضرب الزّوجة للنّشوز أو لغيره: أن يكون الضّرب غير مبرّح، ولا مُدْمٍ، وأن يتوقّى الوجه، والأماكن المخيفة، ولا يضربها إلاّ لما يتعلّق بحقّه كالنّشوز، فلا يضربها لحقّ اللّه عند جمهور الفقهاء، كترك الصّلاة. وقد ذكر الحنفيّة أربعة مواضع يجوز فيها للزّوج تأديب زوجته بالضّرب، منها:ترك الزّينة إذا أراد الزّينة، ومنها: ترك الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة،ومنها: ترك الصّلاة، ومنها: الخروج من البيت بغير إذنه.ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/163، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 1/611، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/77، المنتقى شرح الموطأ للباجي 7/79، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 3/239، فتاوى الرملي 3/199، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/378، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/210.) مع أن ترك الزينة(2/339)
.........................................................................................
ليس من الجناية في شيء، فان قلت: الولد يضرب أيضاً وإن لم يجن ألا ترى إلى ما صرحوا به من أنه يضرب على ترك الصلاة إذا بلغ عشراً( ( )لا خلاف بين الفقهاء في أنّ البلوغ شرط من شروط وجوب الصّلاة، فلا تجب الصّلاة على الصّبيّ حتّى يبلغ، للخبر الآتي، ولأنّها عبادة بدنيّة، فلم تلزمه كالحجّ، لكن على وليّه أن يأمره بالصّلاة إذا بلغ سبع سنوات، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنوات، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، أنّ النّبيّ ? قال: { مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ }. أخرجه الترمذي (407) في الصلاة باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة، وأبو داود (494) في الصلاة باب متى يؤمر الغلام بالصلاة من حديث سبرة بن معبد الجهني،وأبو داود (495) في الصلاة باب متى يؤمر الغلام بالصلاة من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص.
وقد حمل جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - الأمر في الحديث على الوجوب، وحمله المالكيّة على النّدب.
وقد صرّح الحنفيّة بأنّ الضّرب يكون باليد لا بغيرها كالعصا والسّوط، وأن لا يجاوز الثّلاث.
ويفهم من كلام المالكيّة جوازه بغير اليد، قال الشّيخ الدّسوقيّ: ((ولا يحدّ بعدد كثلاثة أسواط بل يختلف باختلاف حال الصّبيان)).والضرب عندهم يكون مؤلماً غير مبرّح إن ظنّ إفادته وإلاّ فلا.
وقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ وجوب الأمر بها يكون بعد استكمال السّبع والأمر بالضّرب يكون بعد العشر بأن يكون الأمر في أوّل الثّامنة وبالضّرب في أوّل الحادية عشرة. وقال المالكيّة: يكون الأمر عند الدّخول في السّبع والضّرب عند الدّخول في العشر.(2/340)
وقال الشّافعيّة: يضرب في أثناء العشر، ولو عقب استكمال التّسع. قال الشّربينيّ الخطيب: ((وصحّحه الإسنويّ، وجزم به ابن المقري، وينبغي اعتماده؛ لأنّ ذلك مظنّة البلوغ)). وأمّا الأمر بها فلا يكون إلاّ بعد تمام السّبع. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 7/310، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 4/78، المدونة الكبرى للإمام مالك 1/191، التاج والإكليل للعبدري 2/57، والمجموع شرح المهذب للنووي 3/12، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 1/313، المغني لابن قدامة 1/357، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/9.)؟! قلت: هذا إنما يتم أن لو كان المراد بالولد ما يعم الصغير وليس الكلام إلا في خصوص الكبير.
........................................................................................
تتمة:
من هذا النوع: الهدم، والقطع، والقتل، والشركة [كما]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) في «منظومة ابن/( ( )بداية 278 من النسخة (جـ).) وهبان»( ( )«منظومة ابن وهبان»: للإمام عبد الرحمن بن أحمد بن وهبان أبو محمد الدمشقي الحنفي،فقيه،مقرئ، فاضل،أديب،المتوفى 762هـ. شرحها قاضي القضاة عبد البر بن محمد، المعروف بابن الشحنة الحلبي، المتوفى سنة 921هـ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1865، إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي 1/311، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/77، الدرر الكامنة لابن حجر 4/423، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 6/221.) والولد الصغير في رأي "قاضي خان" وتسليم الشفعة( ( )أي: لو حلف لا يسلم الشفعة فسكت ولم يخاصم حتى بطلت الشفعة لا يحنث في يمينه. ينظر: فتاوى قاضي خان 2/38 على هامش الفتاوى الهندية.(2/341)
والشُفْعة: بضم الشين وسكون الفاء اسم مصدر بمعنى التملك، وتأتي أيضاً اسماً للملك المشفوع كما قال الفيومي. وهي من الشفع الذي هو ضد الوتر، لما فيه من ضم عدد إلى عدد أو شيء إلى شيء، يقال: شفع الرجل الرجل شفعاً إذا كان فرداً فصار له ثانياً، وشفع الشيء شفعاً ضم مثله إليه وجعله زوجاً. وفي الاصطلاح عرفها الفقهاء بأنها: " تمليك البقعة جبراً على المشتري بما قام عليه. أو هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض.ينظر: تكملة فتح القدير لابن الهمام 9/369، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لمحمد شيخي زاده 2/471، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/216، التاج والإكليل للعبدري 7/367، مواهب الجليل للحطاب 5/310 حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني 2/250، مغني المحتاج 3/372، نهاية المحتاج 5/194، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 3/44، المغني لابن قدامة 5/178، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 6/250.) والإذن( ( )أي: لو حلف أن لا يأذن لعبده في التجارة فرآه يبيع ويشتري فسكت لا يحنث. ينظر: فتاوى قاضي خان 2/38 على هامش الفتاوى الهندية.) كما في:
.........................................................................................
«الخانية»( ( )المرجع السابق.)، والنفقة كما في: "الإسبيجابي"، والوقف والأضحية والحبس والتعزير( ( )التَّعْزِيرُ لُغَةً: مَصْدَرُ عَزَّرَ مِن الْعَزْرِ، وَهُوَ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ، وَيُقَالُ: عَزَّرَ أَخَاهُ بِمَعْنَى: نَصَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ عَدُوَّهُ مِنْ أَنْ يُؤْذِيَهُ.(2/342)
اصطلاحاً:عقوبة غير مقدرة شرعاً،تجب حقاً لله، أو آدمي، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارةَ غالباً. ينظر: لسان العرب لابن منظور 4/561، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/208، تبصرة الحكام لابن فرحون 2/288، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 5/522، المغني لابن قدامة 9/149.) بالنسبة إلى القاضي والسلطان، وينبغي أن يقال في الحج كذلك كما في «شرح منظومة ابن وهبان»( ( )«شرح منظومة ابن وهبان»: شرحها قاضي القضاة عبد البر بن محمد، المعروف بابن الشحنة الحلبي، المتوفى سنة 921هـ، وهو شرح ذكر فيه أنه قد ألحق فيه فروعاً غريبة غير ما عسر فهمه من بعض أبياته، وسماه: تفصيل عقد الفوائد بتكميل قيد الشرائد، والكتاب ما يزال مخطوطا، توجد نسخة مخطوطة منه في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم: ( 15127 ). ينظر: الأعلام للزركلي 3/273، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1865، إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي 1/311، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/77.) "لابن الشِّحْنَة"، ومنه الوصية كما في «الفتح»( ( )فتح القدير لابن الهمام 5/205.) وينبغي أن يكون منه الحوالة( ( )الحوالة: لغة: من حال الشيء حولاً وحَؤُولاً: تحول. وتحول من مكانه انتقل عنه.اصطلاحاً: نقل الدين من ذمة إلى ذمة. ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/340، التاج والإكليل للعبدري 7/21، شرح حدود ابن عرفة /316 /، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 3/189، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 3/324، الصحاح للجوهري 4/ 1679.)،
.........................................................................................
والكفالة( ( )الكفالة: لغة: من كَفَلَ المال: ضمنه.(2/343)
اصطلاحاً: اختلف الفقهاء في تعريفها.عرفها جمهور الحنفية بأنها: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة بنفس أو دين أو عين. – ويرى المالكية والشافعية في المشهور والحنابلة أن الكفالة هي: أن يلتزم الرشيد بإحضار بدن من يلزم حضوره في مجلس الحاكم. ينظر: الصحاح للجوهري 5/1811، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/281، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/329، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 2/235، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 5/189.)، والقضاء( ( )القضاء: من معاني القضاء في اللغة الحكم، وأصله القطع والفصل، ويأتي في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه. فمن ذلك يطلق على الخَلْقِ والعمل، والإبلاغ وغيرها.
اصطلاحاً: عرفه الحنفية: فصل الخصومات وقطع المنازعات. وعرفه المالكية بأنه:الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام.
وعرفه الشافعية بأنه: إلزام من له إلزام بحكم الشرع.
وعرفه الحنابلة بأنه: تبيين الحكم الشرعي والإلزام به وفصل الخصومات. ينظر: الصحاح للجوهري 6/2463، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 5/351، مواهب الجليل للحطاب 6/86، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 10/101، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 6/437.)، والشهادة، والإقرار( ( )من معاني الإقرار في اللّغة: الاعتراف. يقال: أقرّ بالحقّ إذا اعترف به. وأقرّ الشّيء أو الشّخص في المكان: أثبته وجعله يستقرّ فيه.
وفي اصطلاح الفقهاء، الإقرار: هو الإخبار عن ثبوت حقٍّ للغير على المخبر، وهذا تعريف الجمهور. وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه إنشاء، وذهب آخرون منهم إلى أنّه إخبار من وجهٍ، وإنشاء من وجهٍ.(2/344)
والإقرار عند المحدّثين والأصوليّين هو: عدم الإنكار من النّبيّ ? على قولٍ أو فعلٍ صدر أمامه. ينظر: لسان العرب لابن منظور 5/88، الفتاوى الهندية للبلخي 4/156، رد المحتار على الدر = = المختار لابن عابدين 5/588، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 4/99، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 2/287، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/581.)، ..........................................
.........................................................................................
وفي «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 5/253.): أن منه التولية( ( )التّولية لغة مصدر: ولّى، يقال: ولّيت فلاناً الأمر جعلته واليا عليه، ويقال: ولّيته البلد، وعلى البلد. وولّيت على الصّبيّ والمرأة أي جعلت واليا عليهما.
وفي الاصطلاح تطلق التّولية بإطلاقين: أحدهما: موافق للمعنى اللّغويّ.وثانيهما: تطلق على التّولية في البيع وهي: أن يشتري الرّجل سلعة بثمن معلوم، ثمّ يبيع تلك السّلعة لرجل آخر بالثّمن الّذي اشتراها به فإن قال: ولّيتك إيّاها لم يجز أن يبيعه إيّاها بأكثر ممّا اشتراها أو بأقلّ، لأنّ لفظ التّولية يقتضي دفعها إليه بمثل ما اشتراها به. وعرّفها الشّيخ عميرة من الشّافعيّة: بأنّها نقل جميع المبيع إلى المولى بمثل الثّمن المثليّ أو عين المتقوّم ( القيميّ ) بلفظ ولّيتك أو ما يقوم مقامه.ينظر: لسان العرب لابن منظور 15/411، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 4/73، التاج والإكليل للعبدري 6/427، الأم للشافعي 3/33، المغني لابن قدامة 4/134.) فلو حلف لا يولي شخصاً ففوض إلى من يفعل ذلك حنث «نهر».
تَنْبِيهٌ:(2/345)
مِنْ حَلِفِ /( ( )بداية 108/ب من النسخة (ب).) الْقَوْلِ: لَا أَدَعُهُ يَدْخُلُ الْبَلَدَ. يبر فيه بالمنع قولاً أطاعه أو عصاه «شرنبلالية» قال: ولنا فيه رسالة. انتهى( ( )حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 2/61.).
ومحصلها: أنه إذا حلف على غيره أن لا يفعل كذا، كما لو حلف عليه أن لا يدخل هذه
.........................................................................................
الدار، فإن كانت الدار ملك [الحالف فبره]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ).) بالقول وبالفعل حتى لو نهاه عن الدخول فدخل يحنث إلا إذا لم يقدر على منعه لظلمه، أو كانت الدار في إجارته.
وإن لم تكن/( ( )بداية 145/أ من النسخة (أ).) في ملكه فبره بالقول فقط، حتى لو قال له: لا تدخل فدخل لا يحنث اهـ.
ومنه يعلم جواب حادثة سئلت عنها وهي: أن شخصاً حلف بالحرام على أخته أن لا تتكلم قبل خروجه من الدار، ثم أنها تكلمت قبل خروجه، فهل يقع عليه الطلاق ويكون بائناً؟ وهل إذا طلقها ثلاثا بعده يلحقها أم لا ؟ فأجبت: بأنها حيث تكلمت قبل خروجه وقبل نهيه إياها عن الكلام فإنه يقع الطلاق؛ لأنه: حلف على ما لا يملك فبره بمجرد النهي، فإذا وجد المحلوف عليه قبل البر فإنه يحنث، ويكون طلقة بائنة، وإذا طلقها ثلاثا وهي في العدة فإنه يلحقها؛ لأن الطلاق الثلاث من قسم الصريح ذكره في «الدر»( ( )الدر المختار للحصكفي 3/398 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) تفريعاً على ما ذكره في «الفتح»( ( )فتح القدير لابن الهمام 4/1.) من أن الصريح ما لا يحتاج إلى نية وإن كان الواقع/( ( )بداية 279 من النسخة (جـ).) به بائناً.
فتحصل: أن ما اشتهر من أن الحلف على ما لا يملك لا ينعقد( ( )في (د) ينفذ.) لا أصل له بل ينعقد ولكن إذا وجد المحلوف عليه بعد النهي عن الفعل لا يحنث، وهذا إذا كانت اليمين على(2/346)
221= وَالْأَفْعَالُ، وَالْعُقُودُ فِي الْأَيْمَانِ: هَلْ تَخْتَصُّ بِالصَّحِيحِ، أَوْ تَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ فَقَالُوا:
222= الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ وَالتَّوْكِيلُ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَالْيَمِينُ عَلَى النِّكَاحِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْمَاضِي تَتَنَاوَلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَا.
النفي. فإن كانت على الفعل أي فعل ما لا يملك يعني في وقت معين ومضى الوقت، ولم يفعل فقياس ما سبق من أنه يشترط لبره نهيه عن الفعل أن يقال هنا: إن مضى الوقت ولم يفعل بعد أمره بالفعل لا يحنث أيضاً.
221= قوله: وَالْأَفْعَالُ، وَالْعُقُودُ الخ. أراد بالأفعال: ما قابل العقود، كالصلاة والصوم والحج فاللَّف والنَّشر( ( )اللف والنشر: هو ذكر متعدد على جهة التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر لكل واحد من غير تعيين؛ ثقة بأن السامع يريده إليه. ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني /333/.) في كلام "المصنف" مشوَّش؛ إذ قوله: وَالْيَمِينُ عَلَى الصَّلَاةِ إلى قوله: وَالصَّوْمِ بيان للأفعال وما قبله من قوله: الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ الخ.بيان للعقود، وإنما قلنا المراد بالأفعال ما قابل العقود؛ لئلا يراد الصوم؛ لأنه ليس بفعل بل هو كفٌّ عن الفعل.
222= قوله: الْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ الخ. اعلم أن الإذن للعبد بالنكاح يتناول الفاسد كما يتناول الصحيح( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 5/127، فتح القدير لابن الهمام 3/394، درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/350.)، وهذا عند الإمام "أبي حنيفة" رضي الله عنه و"قالا": لا يتناول إلا الصحيح؛ لأن المقصود من النكاح في
.........................................................................................(2/347)
المستقبل العفاف والتحصين، وذلك بالجائز، وله/( ( )بداية 109/أ من النسخة (ب).) أن اللفظ مطلق فيجري/( ( )بداية 145/من النسخة (أ).) على إطلاقه وبعض المقاصد من النكاح حاصل في الفاسد كالنسب.
وفائدة الخلاف: تظهر في حق لزوم المهور في حق انتهاء الإذن بالعقد فينتهي به عنده، وعندهما: لا ينتهي، ولا ينتهي بالموقوف اتفاقاً( ( )ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/163، فتح القدير لابن الهمام 3/394، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/209.).
والفرق بين الإذن للعبد بالنكاح وبين التوكيل بالنكاح، فإن التوكيل بالنكاح لا يتناول الفاسد ولا ينتهي به اتفاقاً أن مطلوب الآمر فيه ثبوت الحل والإعفاف وهو بالصحيح، وأما إذا حلف أنه ما تزوج في الماضي، فإنه يتناول الصحيح والفاسد، وأما التوكيل بالبيع فيتناول/( ( )بداية 280من النسخة (جـ).) الفاسد؛ لأن الفاسد فيه أي في البيع يفيد الملك بالقبض، وأطلق "المصنف" هنا الإذن فشمل ما إذا أذن له في نكاح حرة أو أمة، وما إذا كانت معينة أو غير معينة، وما في «الهداية» من التقييد بالأمة والمعينة اتّفاقيّ( ( )الهداية 3/394. في أعلى صفحة فتح القدير.) اهـ. "غزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(55/ب ).) ببعض تصرف.
وليس المراد بالمهر في قوله( ( )أي: الغزي.): وفائدة الخلاف تظهر في حق لزوم المهر هو المسمى،
.........................................................................................
بل مهر المثل( ( )((مهر المثل)):
- حدده الحنفية:بأنه مهر امرأة تماثل الزوجة وقت العقد من جهة أبيها، لا أمها إن لم تكن من قوم أبيها كأختها وعمتها، في بلدها وعصرها.(2/348)
– وحدده المالكية والشافعية: بأنه ما يرغب به مثله – أي الزوج – في مثلها – أي الزوجة – عادة ويعتبر مهر المثل عند الشافعية بمهر نساء العصبات، وعند المالكية: بأقارب الزوجة وحالها في حسبها ومالها، وجمالها.
-وحدده الحنابلة: بأنه معتبر بمن يساويها من جميع أقاربها من جهة أبيها وأمها. ويجب مهر المثل في الأحوال التالية:
1 – نكاح التفويض: أن يكون العقد صحيحاً ولكن بدون تسمية للمهر، تفوض الزوجة تقدير المهر للزوج.
2 – الاتفاق على عدم المهر: كأن يتزوج رجل امرأة على أن لا مهر لها فتقبل. فيجب لها مهر المثل بالدخول أو بالموت عند الجمهور غير المالكية.(2/349)
3 – التسمية غير الصحيحة للمهر: بأن يكون المسمى غير مال أصلاً كالميتة. ينظر: المبسوط للسرخسي 5/62، بدائع الصنائع للكاساني 2/274، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 3/467، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/250، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 4/384، فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب للشيخ سليمان الجمل 4/250، الفروع لابن مفلح 5/290، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 8/304.) إن وجد الوطء وإلا فلا؛ لتصريحهم بأنه في النكاح الفاسد لا يجب مهر المثل إلا بالوطء( ( )المهر يسقط في النّكاح الفاسد - سواء اتّفق على فساده أم لا - إذا حصل التّفريق قبل الدّخول عند جمهور الفقهاء، وقبل الخلوة فيما اختلف فيه عند الحنابلة. ويتّفق الفقهاء على وجوب المهر في النّكاح الفاسد بالدّخول،واختلف الفقهاء في الواجب من المهر، هل هو المسمّى أو مهر المثل أو الأقلّ = = منهما؟ فعند الشّافعيّة وزفر من الحنفيّة لها مهر المثل.وعند الحنفيّة - غير زفر - لها الأقلّ من مهر مثلها ومن المسمّى. وعند المالكيّة لها المسمّى، وإن لم يكن مسمّىً كنكاح الشّغار فلها مهر المثل. وعند الحنابلة لها المسمّى في الفاسد - وهو ما اختلف فيه - ولها مهر المثل في الباطل - وهو ما اتّفق على فساده -.ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/335، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/152، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 3/440، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية للشيخ زكريا الأنصاري 4/109، المغني لابن قدامة 7/207، الفروع5/292.)، فالمسمى لا يلزم إلا في النكاح الصحيح لكن لا يتأكد لزومه إلا بالوطء
223= وَالْيَمِينُ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْيَمِينِ عَلَى النِّكَاحِ،
224= وَكَذَا عَلَى الْحَجِّ وَالصَّوْمِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.(2/350)
والخلوة حتى لو طلق قبل ذلك، فإنه يتنصف بخلاف ما إذا مات أحدهما قبل الوطء؛ حيث لا يسقط منه شيء كما هو مصرح به؛ معللاً بأن النكاح به أي بالموت ينتهي.
223= قوله: وَالْيَمِينُ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْيَمِينِ عَلَى [النِّكَاحِ أي فيما سبق من التفصيل، وهو أنه إن كانت يمينه على]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) الماضي يحنث بالفاسد/( ( )بداية 126/أ من النسخة (د).) أيضاً كالصحيح، وإن كانت على المستقبل لم يحنث إلا بالصحيح.
224= قوله: وَكَذَا عَلَى الْحَجِّ وَالصَّوْمِ. أي إذا عقد يمينه على أن لا يحج، أو لا يصوم، أو على أنه لم يحج، أو لم يصم كان على ما سبق من التفصيل، وهو الحنث بالفاسد أيضاً بالنسبة للماضي بخلاف المستقبل، ولا يحنث حتى يقف بعرفة. رواه "ابن سماعة"( ( )"محمد بن سماعة": ابن عبيد الله بن هلال البغدادي القاضي أبو عبد الله التميمي الحنفي المتوفى سنة 233 هـ، حافظ للحديث، ثقة، تجاوز المئة وهو كامل القوة، ولي القضاء لهارون الرشيد ببغداد، وضعف بصره فعزله المعتصم، من تصنيفاته: أدب القاضي، كتاب المحاضر والسجلات، مختصر = = الاكتساب في الرزق المستطاب للشيباني. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/12، الأعلام للزركلي 6/153.)
.........................................................................................(2/351)
عن "محمد" وروى "بشر"( ( )"بشر الكندي": بشر بن الوليد بن خالد الكندي القاضي البغدادي الحنفي صاحب أبي يوسف توفي سنة 238 من كبار أصحاب الرأي وكان مسناً عفيفاً، ووليَّ القضاء للمأمون. صنف جوامع أبي يوسف في الفروع،ولأبي يوسف إملاء رواه بشر بن الوليد القاضي يحتوي على ستة وثلاثين كتاباً مما فرعه أبو يوسف. ينظر: الفهرست لابن النديم 1/286، كشف الظنون لحاجي خليفة 1/609، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/124.) عن "أبي يوسف" [رحمه الله]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب)، (د).): أنه لا يحنث حتى يطوف أكثر طواف الزيارة( ( )طواف الزيارة:ويسمى طواف الإفاضة، أو طواف الركن. وسمي طواف الإفاضة: لأنه يؤتى به عند الإفاضة من منى إلى مكة، وسمي طواف الزيارة؛ لأن الحاج يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم، وإنما يبيت بمنى وسمي طواف الركن؛ لأن الفقهاء اتفقوا على ركنيته ولا يتم الحج إلا به. ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/34، مواهب الجليل للحطاب 3/139، والمجموع شرح المهذب للنووي 8/197، المغني لابن قدامة 3/226.) ولو حلف لا يعتمر لا( ( )في (جـ)لم.) يحنث حتى يحرم [بالعمرة( ( )العمرة: لغة:الزيارة. وهي بضم العين وسكون الميم.
اصطلاحاً: عرفها الجمهور: بأنها الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة بإحرام.وعرفها الشافعي قصد البت للنسك ينظر: لسان العرب لابن منظور 4/604، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/472، مواهب الجليل للحطاب 2/469، والمجموع شرح المهذب للنووي 7/7، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 2/376.)]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في (أ).)ويطوف أربعة
وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْيَوْمَ
225= لَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ قِيَاسًا وَيَتَقَيَّدُ بِهِ اسْتِحْسَانًا
226= وَمِثْلُهُ لَا يَتَزَوَّجُ الْيَوْمَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.(2/352)
وَمِنْهَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ كَانَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ 227= حَتَّى لَو ادَّعَى أَنَّهَا مَسْكَنُهُ لَمْ تُقْبَلْ،
أشواط( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/390.) الخ. ما ذكره/( ( )بداية 146/أ من النسخة (أ).) "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/340.).
225= قوله: لَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ قِيَاسًا. مع أن حلفه لا يصلي اليوم من قبيل المستقبل.
226= قوله: وَمِثْلُهُ الخ. أي في عدم التقييد بالصحيح قياساً.
227= قوله: حَتَّى لَوِ ادَّعَى أَنَّهَا مَسْكَنُهُ لَمْ تُقْبَلْ. لا يقال: اللام للاختصاص( ( )اللام من حروف الإضافة،أي يربط معنى الفعل بالاسم،بالإضافة إلى ما تستقل بهِ من الدلالة على معان مختلفة حسب القرائن والأحوال.ومن معان اللام:
1- الاستحقاق:وهي التي تقع بين معنى وذات،إذ تدل حينئذ على استحقاق الذات لذلك المعنى نحو: الحمد لله.
2- الاختصاص: وهي التي تقع بين ذاتين،كقوله تعالى:? إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ? [ سُورَةُ يُوسُفَ: 78 ].
3- الملكية: مثاله:? لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ? [ سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 2 ] فإن القرينة قائمة على أن ما في السماوات والأرض مملوك لله عز وجل ملماً حقيقياً.........................................=
= 4- التعليل: كقوله تعالى? وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ? [ سُورَةُ النَّحْلِ: 44 ] أي من أجل أن تبين للناس.
5- الظرفية: كقوله تعالى: ? أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ? [ سُورَةُ الإِسْرَاءِ: 78 ] أي عند دلوك الشمس أو بعدها.(2/353)
6- الصيرورة أو العاقبة: وهي التي تدل على أن أمراً أعقب شيئاً آخر دون أن تكون العلية مقصودة بينهما مثل قوله تعالى: ? فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ? [ سُورَةُ القَصَصِ: 8 ] فإن المعنى: كان عاقبة التقاط آل فرعون أن أصبح لهم عدواً وحزناً دون أن تخطر في بالهم هذه السببية. ينظر:حروف المعاني للزجاج 1/40، مغنى اللبيب لابن هشام 1/275، البحر المحيط للزركشي3/165،164.)
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ: فُلَانٌ سَاكِنٌ هَذِهِ الدَّارَ له 228= إقْرَارٌ مِنْهُ بِكَوْنِهَا لَهُ بِخِلَافِ زَرْعِ فُلَانٍ، أَوْ غَرْسٍ، أَوْ بِنَاءٍ وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْأَجْرِ فَهِيَ لِلْمُقِرِّ
وهو/( ( )بداية 109/ب من النسخة (ب).) يعم الملك/( ( )بداية 281 من النسخة (جـ).) والسكنى لأنا نقول: وهو كذلك غير أن المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل وهو اختصاص الملك، فلا تسمع دعوى غيره، ولعل "المصنف" بناه على أن اللام للملك حقيقة كما يفيده جعل المسألة من جزئيات قاعدة أن «الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ» اهـ. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/234.).
228= قوله: إقْرَارٌ [مِنْهُ]( ( )ما بين المعقوفين لم يرد في نسخ المخطوط وهو موجود في المتن.) بِكَوْنِهَا لَهُ. لاحقاً أن الإضافة فيه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله وكان إفادة الملك بطريق أن الفرد الكامل سكنى الملك فانصرف المطلق إليه. "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/234.).
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ حَنِثَ بِلَحْمِهَا؛ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ دُونَ لَبَنِهَا وَنِتَاجِهَا. 229= بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَنِثَ بِثَمَرِهَا وَطَلْعِهَا(2/354)
وليس المراد بالإضافة [الإضافة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) المصطلح عليها، بل المراد إضافة السكنى إليه فلا يتعين حذف التنوين من ساكن في قوله: فلان ساكن هذه الدار حتى لو قُرِىء بالتنوين لا يختلف الحكم.
229= قوله: بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ الخ.اعلم أنه إنما حنث بأكل ثمرها وطلعها؛ لتعذر الحقيقة هنا.
وإذا كانت الحقيقة متعذرة: وهي مالا يصار إليه إلا بمشقة.
أو مهجورة: وهي ما( ( )في (ب) مما.) يمكن الوصول إليه إلا أن الناس هجروه، وتركوه صير إلى المجاز بالإجماع( ( )ينظر: الفصول في الأصول للجصاص 1/46، وشرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/1312130، شرح الكوكب المنير للفتوحي /47/.).
فمثال المتعذر: لو حلف لا يأكل من هذه النخلة، والمجاز فيه أن يأكل من ثمرها( ( )في (أ) غيرها.)، وإن لم يكن لها ثمر فثمنها، ولو تكلف وأكل من عينها لا يحنث على الصحيح.
ومثال المهجورة: لو حلف لا يضع قدمه في دار فلان، فإن حقيقته وهو وضع القدم حافياً يمكن لكن الناس هجروه، والمجاز فيه الدخول كذا ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة(56/أ ).).
.........................................................................................
وقوله( ( )أي: الغزي.): وإن لم يكن لها ثمر فثمنها. أي فإنه/( ( )بداية 126/ب من النسخة (د).) يحنث بأكل ما يشتريه من ثمنها.
واعلم أنه إذا كانت الحقيقة مستعملة، والمجاز متعارفاً، فالحقيقة/( ( )بداية 146/ب من النسخة (أ).) أولى عند الإمام "أبي حنيفة"، و"عندهما" المجاز المتعارف أولى( ( )ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/56،55، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج2/37.) بدلالة العرف( ( )العرف:لغة: كل ماتعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه، وهو ضد النّكُرِ.(2/355)
اصطلاحاً: ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول. واستدل الفقهاء على أن العرف حجة في التشريع بقوله تعالى ? خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ? [ سُورَةُ الأَعْرَافِ: 199 ] وعلى أساسهِ اعتبر الفقهاء وخاصة الحنفية والمالكية العرف دليلاً شرعياً وأصلاً من أصول الاستنباط وقالوا العادة محكمة، والثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي.
وقال الفقهاء أيضاً كل ما ورد به الشرع مطلقاً ولا ضابط له فيه، ولا في اللغة يُرْجع فيه إلى العرف كالحرز في السرقة، وإحياء الموات. والعرف المقبول بالاتفاق هو العرف الصحيح العام المطرد من عهد الصحابة، ومن بعدهم الذي لم يخالف نصاً شرعياً ولا قاعدة أساسية. ينظر: الصحاح للجوهري 4/140، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 1/172 وما بعدها، الأشباه والنظائر للسيوطي /98/، المنثور في القواعد للزركشي 2/391،392، شرح الكوكب المنير للفتوحي / 599-600/.)، وهذا الاختلاف ينبني على أصل آخر مختلف فيه، وهو أن الخلفية( ( )في (جـ) الحقيقة.) أي كون المجاز خلفاً عن الحقيقة في التكلم عنده، وعندهما: الخلفية في الحكم.
.........................................................................................(2/356)
وتظهر الثمرة في قول الإنسان لعبده والعبد أكبر سناً/( ( )بداية 282 من النسخة (جـ).) منه: هذا ابني، فعنده يعتق؛ لأن شرط الخلفية تصور الحقيقة والحقيقة متصورة( ( )في (أ)، (ب) مقصورة.) من حيث التكلم؛ لأن قوله: هذا ابني من حيث التكلم صحيح؛ لأنه مبتدأ وخبر، ولما تعذر موجبه الحقيقي تعين المجاز من ذكر الملزوم وإرادة اللازم وهو الحرية، وعندهما: لا يعتق؛ لأنه لا بد أن يكون الأصل صحيحاً موجباً للحكم، وهذا الكلام غير منعقد لإيجاب الحكم أصلاً فيلغو/( ( )بداية 110/أ من النسخة(ب).) كالغموس( ( )اليمين الغموس: عرفها الحنفية والمالكية بأنها: اليمين الكاذبة قصداً في الماضي أو في الحال. مثل قول الحالف) والله لقد دخلت هذه الدار) وهو يعلم أنه ما دخلها. – وحكمها عند الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على الراجح عندهم: أنه يأثم فيها صاحبها ويجب عليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه بالمال.
وقال الشافعية: تجب الكفارة أي تسقط الكفارة الإثم فيها. ينظر: المبسوط للسرخسي 8/129، بدائع الصنائع للكاساني 3/3، التاج والإكليل للعبدري 4/406-407، مواهب الجليل للحطاب 3/260، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 4/241، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 6/188، المغني لابن قدامة 9/392، الفروع 6/343.) لما لم ينعقد الحكم الأصلي وهو البر لاستحالته لم ينعقد الحكم الخلفي وهو الكفارة.
ولقائل أن يقول: بنقض هذا الأصل على قول "أبي يوسف" بمسألة الكوز( ( )ينظر: المبسوط للسرخسي 9/7، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/135.) وهي: ما إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه، فإنه قال: بانعقاد اليمين ثمة ليظهر أثره في حق الخلف( ( )في (جـ) الحلف.) وهو الكفارة مع أن الأصل وهو البر مستحيل.(2/357)
230= لَا بِمَا اتَّصَلَ بِهِ صَنْعَةٌ حَادِثَةٌ كَالدِّبْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَمَرٌ حَنِثَ بِمَا أَكَلَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِهَا
فحاصل الخلاف أنه إذا استعمل لفظ وأريد به المعنى المجازي هل يشترط إمكان البر الحقيقي لهذا اللفظ أم لا ؟ فعندهما: يشترط؛ فحيث امتنع المعنى الحقيقي لا يصح المجازي، وعنده: لا بل يكفي صحة اللفظ من حيث القرينة( ( )ينظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/155، البحر المحيط للزركشي 3/105.).
وجه بناء ما سبق على هذا الأصل: أن الخلفية لما كان في التكلم عنده اعتبر لفظ الحقيقة؛ لأن المجاز لا يزاحم الحقيقة، فالحقيقة المستعملة صارت أولى من المجاز المتعارف، وعندهما: لما كانت الخلفية في الحكم/( ( )بداية 147/أ من النسخة(أ).) وجب الترجيح باعتبار الحكم وحكم المجاز المتعارف راجح؛ لأنه أكثر استعمالاً( ( )ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/77، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/155.) الخ.ما ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة ( 56/ب).).
230= قوله: لَا بِمَا اتَّصَلَ بِهِ صَنْعَةٌ حَادِثَةٌ أنه لا يحنث بالثمر الذي اتصل به صفة حادثة فصار حقيقة أخرى فيكون قوله: كَالدِّبْسِ بيانا للحقيقة الأخرى الحاصلة باتصال الصفة الحادثة بالثمر فيصير المعنى لا يحنث بما يحصل سبب اتصال صفة حادثة بالثمر "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/235.). موضحاً.
وَمِنْهَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا لِلْإِمْكَانِ 231= فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهَا:(2/358)
231= قوله: فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِهَا وعند "أبي يوسف"/( ( )بداية 127/أ من النسخة (د).) يحنث إذا أكل خبزها، ولا يحنث بسويقه، وعند "محمد" يحنث بخبزه وسويقه وإن قضمه( ( )الْقَضْمُ: الْأَكْلُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ مِنْ بَابِ لَبِسَ ( وَمِنْهُ ) فَإِنْ قَضِمَ حِنْطَةً، فَأَكَلَهَا أَيْ مَضَغَهَا وَكَسَرَهَا. ينظر: المغرب لابن المطرزي /387/، الصحاح للجوهري 5/2013، لسان العرب لابن منظور 12/487.) أي البر يحنث/( ( )بداية 283 من النسخة (جـ).) عندهم كذا في "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/318.).
وجه الفرق بين الخبز والسويق عند "أبي يوسف" أن الحنطة إذا ذكرت مقرونة بالأكل يراد بها الخبز دون السويق، و"محمد" اعتبر عموم المجاز كما في «البدائع»( ( )بدائع الصنائع للكاساني 3/60.وينظر: المبسوط للسرخسي 8/181، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/129.).
وظاهر قوله: في «البحر»( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/347.) ولا يخفى أنه إذا نوى أكل الخبز فإنه يصدَّق؛ لأنه شدد الأمر على نفسه.
أن عدم حنثه بأكل خبزها عند "الإمام" مقيد بما إذا لم يكن له نية ووجه قصر "الإمام" الحنث على أكل عينها أنه متعارف والحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف وعندهما: بالعكس.
وَمِنْهَا حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ 232= حَنِثَ بِالْكَرْعِ لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ وَلَا يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ بِيَدِهِ، أَوْ بِإِنَاءٍ
وفي «النهر» عن «الذخيرة» الصحيح قول "الإمام" ثم ما سبق عن "الملا مسكين" من أنه يحنث بقضمها عندهم هو الصحيح؛ لعموم المجاز كما في «الهداية»( ( )ينظر: الهداية 5/124.في أعلى صفحة فتح القدير) وصحح في «الذخيرة» عدم الحنث عندهما بأكل عينها.(2/359)
واعلم أن الحنث بأكل عينها مقيد بأن لا تكون نيئة، وإلا لم يحنث وظاهر قوله: مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ/( ( )بداية 110/ب من النسخة (ب).) أن تعيينها قيد حتى لو حلف لا يأكل حنطة ينبغي أن يكون جواب "الإمام" كجوابهما ذكره "شيخ الإسلام"( ( ) لم يترجح لي من هو.) لكن في «الشرنبلالية»( ( )حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 2/273.) عن "الكمال"( ( )فتح القدير لابن الهمام 5/126.) أن تحكم والدليل المذكور المتفق على إيراده في جميع الكتب يعم المعينة والمنكرة/( ( )بداية 147/ب من النسخة (أ).) وما في الكلام على هذه المسألة يطلب مما علقناه على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/318.).
232= قوله: حَنِثَ بِالْكَرْعِ. الكرع: تناول الماء بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفه أو بإناء وبابه خضع وفيه لغة أخرى من باب فهم. كذا في............................
233= بِخِلَافِ مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ. وَمِنْهَا، أَوْصَى لِمَوَالِيهِ، وَلَهُ عُتَقَاءُ، وَلَهُمْ عُتَقَاءُ اخْتَصَّتْ بِالْأَوَّلِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَوَالِيهِ حَقِيقَةً، وَالْآخَرُونَ مَجَازًا بِالتَّسَبُّبِ.
«مختار الصحاح( ( ). مختار الصحاح: لعبدالقادر الرازي المتوفى بعد/666/ اختصر الصحاح للجوهري، واقتصر فيه على ما لابد فيه في الاستعمال، وضم إليه كثيراً من تهذيب الأزهري، وصدر فوائده بقلت. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1073، الأعلام للزركلي 6/55)»( ( )مختار الصحاح للرازي /291/. وينظر: لسان العرب لابن منظور 8/308، تاج العروس للجوهري 5/492.)"حَمَوِِيّ".( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/235 و236.)(2/360)
233= قوله: بِخِلَافِ مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ فإنه يحنث بأي وجه شرب اتفاقاً( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4/356، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/786.) "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/332.)؛ لأن الشرط شرب ماء منسوب إلى دجلة والفرق( ( )في (أ)، (د) فالفرق.) لا يقطع النسبة. "عيني"( ( )بدر الدين، أبو محمد، محمود بن أحمد بن الحسين، العيني ثم المصري الحنفي، ولد في عينتاب سنة 762هـ، وتوفي بالقاهرة سنة 855هـ، صنف من الكتب: البناية في شرح الهداية، عمدة القاري شرح البخاري، تاريخ البدر في أوصاف أهل العصر، درر البحار الزاهرة في نظم البحار الزاخرة وشرحها، رمز الحقائق في شرح كنز الدقائق. انظر هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/420، الأعلام للزركلي 7/163، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 12/150.)
وَمِنْهَا: أَوْصَى لِأَبْنَاءِ زَيْدٍ وَلَهُ صُلْبِيُّونَ 234= وَحَفَدَةٌ فَالْوَصِيَّةُ لِلصُّلْبِيَّيْنِ
235= وَنُقِضَ عَلَيْنَا الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ بِالْمُسْتَأْمِنِ عَلَى أَبْنَائِهِ لِدُخُولِ الْحَفَدَةِ،
234= قوله: وَحَفَدَةٌ. الحفدة( ( )أصل الحفد في اللّغة: الخدمة، والعمل، والحفدة: الأعوان والخدم، وواحدهم " حافد ". وفي الاصطلاح: الحفيد هو ولد الولد.ينظر: مختار الصحاح للرازي /60/، لسان العرب لابن منظور 3/154، المغرب لابن المطرزي /121/، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/687، أحكام القرآن لابن العربي3/142، المغني لابن قدامة 1/449.) والنافلة( ( )النّافلة في اللّغة الزّيادة، قال اللّه تعالى: ? وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ? [ سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ: 72 ] أي زيادة لأنّه دعا في إسحاق، وزيد يعقوب من غير دعاء فكان ذلك نافلة، أي زيادة على ما سأل، ويقال: لولد الولد نافلة، لأنّه زيادة على الولد.(2/361)
والنَّافِلَةُ في الاصطلاح: هِيَ أَوْلَادُ الِابْنِ وَأَوْلَادُ الْبِنْتِ ذكراً كان أو أنثى.ينظر:مختار الصحاح للرازي/281/، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/183، تفسير القرطبي11/305.): ولد الولد. "بيري" عن "الخلاطي"( ( )الخلاطي هو أبو عبد الله، صدر الدين، محمد بن عباد بن ملك داود بن حسين بن داود، الخلاطي الحنفي، المتوفى سنة 652هـ، له تعليق على صحيح مسلم، وتلخيص الجامع الكبير للشيباني، ومختصر مسند أبي حنيفة النعمان. ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/125، الأعلام للزركلي 6/182، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 10/118.).
قوله: فَالْوَصِيَّةُ( ( )في (ب) والوصية.) لِلصُّلْبِيَّيْنِ أقول مقتضى ما مرَّ عن «الفتح»( ( )فتح القدير لابن الهمام 6/243.) من أنه إذا وقف على أولاده يدخل النسل كله دخوله هنا أيضاً إذ لا فرق بين جمع وجمع كذا بخط بعض "الأفاضل".
235= قوله: وَنُقِضَ عَلَيْنَا: الأصل المذكور وهو أن الأصل/( ( )بداية 284 من النسخة (جـ).) في الكلام بحقيقة
وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ زَيْدٍ 236= حَنِثَ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا، وَبِمَنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ لَيْلًا عَتَقَ، وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارَ زَيْدٍ عَمَّت النِّسْبَةُ لِلْمِلْكِ وَغَيْرِهِ(2/362)
"حَمَوِيّ".( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/236.) وجه النقض: استحالة اجتماع الحقيقة والمجاز مرادين بلفظ واحد( ( )هل يجوز أن تستعمل الكلمة بمعناها الحقيقي والمجازي بآن واحد؟. ذهب طائفة من الأصوليين منهم المالكية والشافعية إلى جواز ذلك إذا كان ذلك ممكناً من حيث سلامة المعنى شرعاً، وإمكانه عقلاً. وخالف آخرون، ومنهم الحنفية، فمنعوا ذلك مطلقاً. ينظر: الفصول في الأصول للجصاص 1/46، المستصفى للغزالي/190/ شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/165.)، ووجه/( ( )بداية 127/ب من النسخة (د).) الاستحالة: أن الحقيقة استعمال اللفظ في موضعه والمجاز استعماله في غير موضعه فمحال أن يرادا جميعاً في حالة واحدة.
يوضحه أنَّ المستعمِل للمجاز قاصد للعدول عن الموضوع له الأصلي، والمستعمل للحقيقة ليس بقاصد للعدول، وبين السلب والإيجاب منافاة فلا يجتمعان، وإجماع أهل اللغة يدل على هذا. كذا بخط بعض الفضلاء معزياً "للأتقاني"( ( )"الأتقاني": أمير كاتب الأتقاني: لطف الله بن أمير عمر بن أمير غازي الفارابي العميدي قوام الدين أبي حنيفة الشهير بأمير كاتب الأتقاني، الفقيه، الحنفي، المتوفى بالقاهرة في شوال سنة 758هـ من تصانيفه:التبيين في شرح المنتخب في الأصول، رسالة في الجمعة وعدم جواز الصلاة في مواضع متعددة، غاية البيان ونادرة الأقران في شرح الهداية للمرغيناني أشار الزركلي إلى أنه مخطوط.ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/839، الأعلام للزركلي 2/14.).
236= قوله: حَنِثَ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا قال في «الدرر»( ( )درر الحكام شرح غرر الحكام لمنلا خسرو 2/48.) أي سواء كان راكباً أو(2/363)
237= وَبِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّداً رحمهما الله قَالَا فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ نَاوِيًا لِلْيَمِينِ أَنَّهُ نَذَرَ يَمِيناً وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمَانَ لِحَقْنِ الدَّمِ الْمُحْتَاطِ فِيهِ فَانْتَهَضَ الْإِطْلَاقُ شُبْهَةً تَقُومُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ فِيهِ، وَوَضْعُ الْقَدَمِ مَجَازٌ عَنْ الدُّخُولِ بِهِ فَعَمَّ.
238= وَالْيَوْمُ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ كَانَ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ لقوله تعالى: { وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}
ماشياً أو حافياً أو منتعلاً؛ لأن المعنى الحقيقي مهجور، وفي حاشيتها( ( )ينظر: حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 2/48. ) لو وضع إحدى رجليه فيها لا يحنث على جواب ظاهر الرواية، فما في «مختصر الظّهِيِريّةِ » من الحنث خلاف ظاهر الرواية. كذا بخط بعض "الأفاضل".
237= قوله: وَبِأَنَّ "أَبَا حَنِيفَةَ" و"َمُحَمَّداً" رحمهما الله قَالَا الخ.عطف على قوله: بالمستأمن "حَمَوِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/236.).
238= قوله: وَالْيَوْمُ إذَا قُرِنَ الخ.قال "الأتقاني": والضابط في إرادة النهار، أو مطلق الوقت: أن كل موضع يقبل التوقيت، وضرب المدة بأن كان الفعل ممتداً كقولك: لبثت يوماً، أو مكثت يوماً أو صمت يوماً يراد به النهار، وكل موضع لا يقبل التوقيت، ولا ضرب المدة كالدخول والخروج/( ( )بداية 148/أ من النسخة (أ).) يراد/( ( )بداية 111/أ من النسخة (ب).) به مطلق الوقت، والقدوم مما لا يمتد، فكان مطلق الوقت انتهى. كذا بخط بعض "الفضلاء"( ( )ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/271.).
239= وَالنَّهَارُ إذَا امْتَدَّ لِكَوْنِهِ مِعْيَارًا، وَالْقُدُومُ غَيْرُ مُمْتَدٍّ، فَاعْتُبِرَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، وَإِضَافَةُ الدَّارِ نِسْبَةٌ لِلسُّكْنَى، وَهِيَ عَامَّةٌ(2/364)
240= وَالنَّذْرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الصِّيغَةِ.
239= قوله: وَالنَّهَارُ الخ.أي ويراد باليوم النهار إذا قرن بفعل يمتد.
240= قوله: وَالنَّذْرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الصِّيغَةِ الخ.حاصله أن النذر( ( )النذر:لغة: الوعد بخير أو بشر.) إنما صار مراداً من الصيغة( ( )للنذر عند الحنفية ركن واحد وهو: الصيغة الدالة عليه. وعند الجمهور أركان النذر ثلاثة وهي: الناذر والمنذر وصيغة النذر. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 5/81، التاج والإكليل للعبدري 4/489، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 6/232 الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 11/117.)، واليمين( ( )اليمين:لغة: يطلق على ثلاثة معان أولها: القوة ومنه قوله تعالى ? لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ? [ سُورَةُ الْحَآقَّةِ: 45 ] أي بالقوة. ثانيها: اليد اليمنى.ثالثها:القسم أو الحلف.
واصطلاحاً: كما عرفه الحنفية: عبارة عن عقد قوي به عزم الحالف على الفعل أو الترك. ينظر: الصحاح للجوهري 6/2221،2220، فتح القدير لابن الهمام 50/59، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/702.) إنما صارت مرادة بالنظر إلى موجب الصيغة لا بنفس الصيغة فلا اجتماع حينئذ.
بيانه: أن كلمة لله أو كلمة عليّ في مثل هذا الكلام للنذر حقيقة، وحكمه الإيجاب، ثم الإيجاب يصلح أن يراد به اليمين مجازاً؛ لأن إيجاب المباح يمين، أو نقول النذر يثبت بلفظ
عليّ، واليمين تثبت بلفظ لله؛ لأن اللام تحتمل إرادة الباء فإذا نوى اليمين يجعل مستعاراً
241= وَالْيَمِينُ مِنَ الْمُوجِبِ
242= فَإِنَّ إيجَابَ الْمُبَاحِ يَمِينٌ كَتَحْرِيمِهِ بِالنَّصِّ(2/365)
للباء/( ( )بداية 285 من النسخة (جـ).) فلا يلزم حينئذ اجتماع الحقيقة والمجاز في لفظ واحد. كذا بخط بعض "الأفاضل" معزياً "للأتقاني" في شرحه على «المنتخب»( ( )المنتخب في أصول المذهب: لحسام الدين محمد بن محمد بن عمر الأَخْسِيكَثي الفقيه الحنفي من بلاد فرغانة المتوفى سنة 644هـ.).
241= قوله: وَالْيَمِينُ مِنَ الْمُوجِبِ؛ لأن النذر إيجاب المباح، فيستدعي تحريم ضده، وأنه يمينٌ فكان نذراً بصيغته يميناً بموجبه/( ( )بداية 128/أ من النسخة (د).)،كشراء القريب: تملكٌ بصيغته تحريرٌ بموجبه. "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/237.).
242= قوله: فَإِنَّ إيجَابَ الْمُبَاحِ يَمِينٌ. إنما كان إيجاب المباح يميناً؛ لأنه يستلزم تحريم المباح؛ لأنه قبل نذر الصوم كان له ولاية الترك والتحصيل، وبعد النذر صار حراماً تركه واجباً مباشرته، وكذا تحريم المباح. كذا بخط بعض "الأفاضل"، وهو صريح في أن كلاً من إيجاب المباح وتحريمه يمين، وكذا قول "المصنف": فَإِنَّ إيجَابَ الْمُبَاحِ يَمِينٌ كَتَحْرِيمِهِ يفيد ذلك أيضاً؛ إذ معنى قوله: كَتَحْرِيمِه أي: كما في تحريم المباح يمين أيضاً، ومن هنا يعلم أن بالنص يتعلق بكل منهما.
243= وَمَعَ الِاخْتِلَافِ لَا جَمْعَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ: لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَإِنَّهُ 244= لَا يَحْنَثُ إلَّا بِرَكْعَتَيْنِ ; لِأَنَّهَا الْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ لَا يُصَلِّي؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُقَيِّدَهَا بِسَجْدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ آتِيًا بِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ،(2/366)
وما ذكره "الحَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/237.) من أنه: متعلق بيمين لا بتحريم. فيه نظرٌ ظاهر مع أن جعل بالنص متعلقاً بتحريم المباح أظهر لكون الآية_ أعني قوله تعالى: ?لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ ? [ سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 1 ]- صريحة فيه بخلاف إيجاب المباح فإنه إنما كان يميناً؛ لكونه يستلزم تحريم المباح. ألا ترى أن الوطء كان قبل الحلف مباحاً؟ وبعده صار حراماً، فظهر، واتضح أن قول"المصنف" بِالنَّصِّ: يتعلق بكل منهما.
243= قوله: وَمَعَ الِاخْتِلَافِ لَا جَمْعَ. أي: لا جمع بين الحقيقة والمجاز؛ لأن النذر من الصيغة، واليمين من الموجب فجمع بينهما باعتبارين مختلفين وإلا فالجمع بينهما لا يجوز عندنا. "حَمَوِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/238.). بقليل زيادة إيضاح.
244= قوله: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِرَكْعَتَيْنِ، وهل يتوقف حنثه/( ( )بداية 111/ب من النسخة (ب).) على قعوده قدر التشهد بعد الركعتين؟ اختلفوا والأظهر أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل وهو إذا حلف لا يصلي صلاة لا يحنث قبل القعدة، وإن عقدها على الفرض/( ( )بداية 148/ب من النسخة (أ).) وهو من ذوات المثنى فكذلك لا يحنث حتى يقعد، وإن كان من ذوات الأربع يحنث، ولو حلف لا يصلي الظهر
.........................................................................................
لا يحنث حتى/( ( )بداية 286 من النسخة (جـ).) يتشهد بعد الأربع اهـ «بحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 4 /389.) عن «الظهرية».(2/367)
ويخالفه ما في «النهر» عن «الفتح»( ( )فتح القدير لابن الهمام 5/188.وينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/154، درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 2/55، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/829.) حيث قال: الأظهر أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل كيلا يصلي( ( )في (ب)و(د) كلا أصلي، في (جـ) كان يصلي.) صلاة يحنث قبل القعدة وإن عقدها على الفرض كصلاة الصبح وركعتي الفجر ينبغي أن لا يحنث حتى يقعد. اهـ
فإن قلت: يحتمل أن يكون "لا" من قوله في «البحر» لا يحنث قبل القعدة زائدة من الناسخ! والصواب حذفها[وعليه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)و(ب).) فلا تخالف.
قلت: يأبى ذلك قوله: وإن عقدها/( ( )بداية 128/ب من النسخة (د).) على الفرض، وهو من ذوات المثنى، فكذلك لا يحنث حتى يقعد، ثم إني رأيت السيد "الحَمَوِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/340.) بعد أن نقل ما نقله في «النهر» عن «الفتح» استشكله بم قدمناه عن «الظهيرية» ولم يجب.
ثم ظهر لي أن "لا" سقطت( ( )في( د )سقط.) من عبارة «النهر» وصواب العبارة أن يقال:لا يحنث قبل القعدة بدليل قوله: في «البحر» فكذلك لا يحنث حتى يقعد، وعليه فلا إشكال.
.........................................................................................
بقي أن ما سبق عن «البحر» من قوله: وإن كان من ذوات الأربع.... الخ.أي أن كان الفرض من ذوات الأربع يحنث ولو قبل القعدة كما يفهم من سياق كلامه، فيشكل بما بعده من قوله: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ الخ. فليحرر.
ثم ظهر أن المراد من قوله: وإن عقدها أي عقد يمينه على الفرض أنه نوى بحلفه لا يصلي صلاة خصوص الفرض أو صرح به في يمينه بأن قال: لا أصلي صلاة مفروضة، فلهذا يحنث إذا صلى من ذوات الأربع ولو قبل القعود بخلاف ما لو حلف لا يصلي الظهر فوضح الفرق.(2/368)
قوله: لِأَنَّهَا الْحَقِيقَةُ. اعلم أن الحقيقة/( ( )بداية 149/أ من النسخة (أ).) على ثلاثة أنواع: لغوية وعرفية وشرعية( ( )ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 1/59، شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني 1/130، أنوار البروق في أنواء الفروق 1/187، البحر المحيط للزركشي 2/230 و231، شرح الكوكب المنير/75/.).
فاللغوية: ما استعمل في الموضوع له الأصلي.
والشرعية: ما نقله الشرع إلى معنى آخر بحيث يصير المعنى الأصلي مهجوراً كالصلاة: فإنها في الأصل اسم للدعاء.
والعرفية: ما نقله العرف إلى معنى آخر بحيث يصير الموضوع الأصلي مهجوراً كالدابة فإنها في الأصل اسم لكل ما يدب، ثم أريد الفرس والحمار. كذا بخط بعض "الأفاضل"/( ( )بداية 287 من النسخة (جـ).) عن «شرح المنتخب»./( ( )بداية 112/أ من النسخة (ب).)
وَهَلْ يَحْنَثُ بِوَضْعِ الْجِبهَةِ، أَوْ بِالرَّفْعِ ؟
245= قَوْلَانِ هُنَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي كَمَا رَجَّحُوهُ فِي الصَّلَاةِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْأَرْبَعِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيه جَمَاعَةً لَمْ يَحْنَثْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ وَاخْتُلِفَ 246= فِيمَا إذَا أَتَى بِالْأَكْثَرِ.
قوله: لِأَنَّهُ يَكُونُ آتِيًا بِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ: جواب عن سؤال مقدر تقديره ينبغي أن يحنث بمجرد الاستفتاح أي الشروع في الصلاة اعتباراً بالشروع في الصوم، وهو القياس، وجه الاستحسان: أن الصلاة عبارة عن الأركان المختلفة فما لم يأتِ بجميعها لا تسمى صلاة بخلاف الصوم؛ لأن ركنه واحد وهو الإمساك. الخ.ما علقناه على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 2/339.).
245= قوله: قَوْلَانِ هُنَا الخ. ومنشأ الخلاف أنَّ "محمداً" لم يذكر متى يحنث "زيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/154.).(2/369)
246= قوله: فِيمَا إذَا أَتَى بِالْأَكْثَرِ هذا صادق بما إذا أدرك ثلاث ركعات وهو ظاهر الجواب، واختار "السرخسي"( ( )المبسوط للسرخسي 9/31.) حنثه؛ لأن للأكثر حكم الكل.
.........................................................................................
قال في «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/81.)/( ( )بداية 129/أ من النسخة (د).): ومما يضعف قول "السرخسي" ما اتفقوا عليه فيما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف فإنه لا يحنث إلا بأكله كله( ( )ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 3/62، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 3/125، الجوهرة النيرة للعبادي 2/197، فتح القدير لابن الهمام 5/88.).
وفي «الخلاصة»: حلف لا يقرأ سورة، فقرأها إلا حرفاً حنث، ولو قرأها إلا آيةً طويلة لا حنث عليه( ( )ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو 1/123، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/81 الفتاوى الهندية للبلخي 2/104.). كذا بخط بعض "الأفاضل".
- - -
خَاتِمَةٌ فِيهَا فَوَائِدُ فِي تِلْكَ الْقَاعِدَةِ أَعْنِي: الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ.
247= الْفَائِدَةُ الْأُولَى: تُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسَائِلُ:
248= الْأُولَى الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ
247= قوله: الْفَائِدَةُ الْأُولَى تُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسَائِلُ( ( )لم أبحث معظم هذه المسائل بشكل تفصيلي في هذا الفصل – خَاتِمَةٌ فِيهَا فَوَائِدُ- ؛ لأنه قد تمّ بحثها مسبقاً في فصول سابقة من القواعد المتفرعة عن القاعدة الأساسية – «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ»– وإنما اكتفيت بالإشارة إلى نسبتها إلى القواعد الفرعية التي استثنيت منها.): أي: يستثنى من القاعدة( ( )أي: «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ».) لا من الفائدة.(2/370)
قال "البيري": أقول هذا الاستثناء لم يقع في كلام من سبق، وإنما هو من صنيع المؤلف لما رأى الحكم في هذه المسائل ينافي قولهم/( ( )بداية 149/ب من النسخة (أ).): «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ» جعل ذلك مستثنى من القاعدة جمعاً بين الكلامين، والحق أن القواعد أغلبية( ( )ينظر ماسبق من الكلام على هذه المسألة ص/ 151/.) فلا تحتاج إلى الاستثناء انتهى.
248= قوله: الْأُولَى: الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةُ( ( )المرأة إذا نسيت عادة حيضها، واشتبه عليها الأمر بالنّسبة للحيض والطّهر، بأن لم تعلم عدد أيّام حيضها المعتادة، ولا مكان هذه الأيّام من الشّهر فإنّها تتحرّى، فإن وقع تحرّيها على طهرٍ تعطى حكم الطّاهرات، وإن كان على حيضٍ أعطيت حكمه؛ لأنّ غلبة الظّنّ من الأدلّة الشّرعيّة...............=
= وإن تردّدت ولم يغلب على ظنّها شيءٌ فهي المحيِّرة، وتوصف بالمحيِّرة بصيغة اسم الفاعل، لأنّها تحيِّر المفتي، وبصيغة اسم المفعول؛ لأنّها حُيِّرت بسبب نسيانها، وتسمّى المضلّلة، ولا يحكم لها بشيءٍ من الطّهر أو الحيض على التّعيين، بل تأخذ بالأحوط في حقّ الأحكام، لاحتمال كلّ زمانٍ يمرّ عليها من الحيض والطّهر والانقطاع، ولا يمكن جعلها حائضاً دائماً لقيام الإجماع على بطلانه، ولا طاهراً دائماً لقيام وجود الدّم، ولا التّبعيض لأنّه تحكّمٌ، فوجب الأخذ بالأحوط في حقّ الأحكام للضّرورة.(2/371)
وذكر الفقهاء: أن مسائل المحيّرة من أصعب مسائل الحيض وأدقّها، ولها صورٌ كثيرةٌ وفروعٌ دقيقةٌ، ولهذا يجب على المرأة حفظ عادتها في الزّمان والعدد. وجميع الأحكام في هذه المسألة تبنى على الاحتياط.ينظر: المبسوط للسرخسي 3/193، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/220، المنتقى شرح الموطأ للباجي 1/122، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/458 و459،، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 1/107، المغني لابن قدامة 1/196، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/370.) يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ الخ. وجه
.........................................................................................
الاستثناء أن القاعدة تقتضي عدم لزوم الاغتسال( ( )نصّ الحنفيّة والشّافعيّة: على أنّ المتحيّرة تصلّي الفرائض أبداً وجوباً لاحتمال طهرها، ولها فعل النّفل مطلقاً.
أما لغسل والوضوء في حقها فهو على الشكل التالي: قال الحنفية: إنَّ المتحيرةَ تتوضأ لكل صلاةٍ كلما ترددتْ بينَ الطهرِ ودخولِ الحيض، وتغتسلُ لكلِّ صلاة إن ترددتْ بين الطهر والخروج من الحيض، ففي الأولِ يكون طهرها بالوضوء وفي الثاني بالغسل.
وذهب الشافعيةُ إلى القول: أنها تغتسلُ وجوباً لكلِ فرض إن جهلت وقت انقطاع الدم ولم يكن دمها متقطعاً، ويكون الغسل بعد دخول وقته؛ لأنها طهارةٌ ضروريةٌ كالتيممِ، فإن علمت وقت الانقطاع كعند الغروب لم يلزمها الغسل في كلِّ يوم ٍوليلةٍ إلا عقبَ الغروبِ.
وذاتُ التقطعِ لا يلزمها الغسلُ زمنَ النقاءِ؛ لأنَّ الغسلَ سببُهُ الانقطاعُ، والدم منقطعٌ، ولا يلزمها المبادرةُ إلى الصلاةِ إذا اغتسلَتْ على الأصحِّ، لكنْ لو أخرت لزمها الوضوء. ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/286، المنتقى شرح الموطأ للباجي 1/122، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/459، 460، المغني لابن قدامة 1/196.) لكل صلاة؛ لعدم التيقن بكون المرئي حيضاً.(2/372)
الثَّانِيَةُ: إذَا 249= وَجَدَ بَلَلًا وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مَنِيٌّ، أَوْ مَذْيٌ قَدَّمْنَا إيجَابَ الْغُسْلِ مَعَ وُجُودِ الشَّكِّ.
249= قوله: وَجَدَ بَلَلًا وَلَا يَدْرِي( ( )هذه المسألة هي: الاستثناء الثاني من القاعدة – «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ»- ووجه الاستثناء أن القاعدة تقتضي عدم وجوب الغسل مع وجود الشك.) الخ.عبارة "ملا مسكين": ((استيقظ فوجد في فراشه أو فخذه بللاً وهو يتذكر الاحتلام وتيقن أنه مني أو مذي أو شك عليه الغسل، أما إذا لم يتذكر الاحتلام وتيقن أنه مني أو شك فكذلك، وإن تيقن أنه مذي فلا غسل عليه( ( )تنظر هذه المسألة- ( الشك في الخارج أمني أو مذي )- فيما سبق من بحث القاعدة الفرعية [3]: «مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ»ص / 228/.)، وإذا استيقظ فوجد في إحليله بللا ولم يتذكر حلماً إن كان ذكره/( ( )بداية 288 من النسخة (جـ).) منتشراً قبل النوم فلا غسل عليه، وإن كان ساكناً فعليه الغسل، هذا إذا نام قاعداً أو قائماً( ( )في (جـ) إذا نام قائماً أو قاعداً.) أما إذا نام مضطجعاً أو تيقن أنه مني فعليه الغسل)) ( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/58 و59.)
واعلم أن هذه المسألة قسمها في «البحر»( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/196.) إلى اثنى عشر وجهاً؛ لأنه إما أن يعلم أنه مني أو مذي أو ودي أو يتردد بين الأول والثاني أو بين الأول والثالث أو بين الثاني والثالث وعلى كلٍ إما أن يتذكر/( ( )بداية 112/ب من النسخة (ب).) الاحتلام أو لا!
فيجب الغسل اتفاقاً: فيما إذا علم أنه مني وإن لم يتذكر احتلاماً، أو علم أنه مذي أو شك في كونه واحداً من الثلاثة، أو من الأخيرين وقد تذكر احتلاماً.
.........................................................................................(2/373)
ولا يجب اتفاقاً: فيما إذا علم أنه ودي مطلقاً يعني تذكر الاحتلام أو لا، أو مذي ولم يتذكر، أو شك في أنه مذي أو ودي يعني ولم يتذكر، أما لو شك في أنه واحد منهما ولم يتذكر وجب/( ( )بداية 150/أ من النسخة (أ).) "عندهما" لا عند "الثاني"( ( )أي أبو يوسف رحمه الله.).
وقوله في «النهر»: أما لو شك في أنه واحد/( ( )بداية 129/ب من النسخة (د).) منهما بأن شك في كونه منياً أو مذياً أو في كونه [منياً أو]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) ودياً( ( )في (أ) مذيا.) كذا ذكره "شيخنا" فيجب اتفاقاً في ستة:
الأولى: علم أنه مني مطلقاً يعني وإن لم يتذكر.
الثانية: علم أنه مذي وتذكر.
الثالثة: شك في كونه منياً أومذياً وتذكر.
الرابعة: شك في كونه منياً أو ودياً وتذكر.
الخامسة: شك في كونه مذياً أو ودياً وتذكر، فالشك في هذه الصور الثلاث التي هي الثالثة والرابعة والخامسة حصل في كونه واحد من الثلاثة.
وأما قوله: أو من الأخيرين يعني، أو شك في كونه واحد من الأخيرين، وعلم أنه ليس بمني ليغاير ما قبله من المسألة الخامسة؛ إذ هي المسألة الخامسة مطلقة عن هذا القيد فصورته وهي:
السادسة: التي يجب فيها الغسل اتفاقاً إن شك في كونه مذياً أو ودياً وتذكر.
.........................................................................................
[وأما صور ما لا يجب فيها الغسل اتفاقاً فأربع:
الأولى: علم أنه ودي]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) وتذكر.
الثانية: علم أنه ودي ولم يتذكر.
الثالثة: علم أنه مذي ولم يتذكر.
الرابعة: شك أنه مذي أو ودي ولم يتذكر.
بقي أن يقال: تقييده الخلاف في/( ( )بداية 289 من النسخة (جـ).) المسألتين المختلف فيهما بقوله: (( والمسألة بحالها أي: ولم يتذكر)) يفيد أنه إن تذكر وجب عند "أبي يوسف" أيضاً، والفرق "لأبي يوسف" بين تذكر الاحتلام وعدمه أنه إذا تذكر الاحتلام يترجح كونه منياً؛ لكون الاحتلام سبب خروجه.(2/374)
قلت: نقل الفرق ووجهه عن « مبسوط( ( )في (أ)، (ب) المبسوط.) خواهر زاده( ( )في (جـ) جوهر زاده.)»( ( )«مبسوط خواهر زاده»: للإمام شيخ الإسلام: محمد بن حسين البخاري الحنفي المتوفى سنة 483هـ، ويعرف "المبسوط" ببكر خواهر زاده ويقع في خمسة عشر مجلدا،ويقال له مبسوطان. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1580، الأعلام للزركلي 6/100.)، و«المحيط» و«الخانية»( ( )فتاوى قاضي خان 1/44 على هامش الفتاوى الهندية.)،
250= الثَّالِثَةُ: وَجَدَ فَأْرَةً مَيِّتَةً وَلَمْ يَدْرِ مَتَى وَقَعَتْ وَكَانَ قَدْ تَوَضَّأَ مِنْهَا، قَدَّمْنَا وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا مَعَ الشَّكِّ.
فعلى هذا المسألة مع تذكر الاحتلام مجمع عليها، وذكر في «الحصر»، و«المختلف»( ( )ربما هذان الكتابان هما شرح قصيدة للإمامِ النسفي رحمه الله في الاختلاف حيث ألَّف قصيدةً في مسائل الخلاف في المذهب الحنفي رتبها على عشرة أبواب وعدد أبياتها/2966/.ولها شروح منها «حصر المسائل وقصر الدلائل»لعلاء الدين السمرقندي. و«المختلف» أيضاً له.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1867، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/92.)، و«العون»( ( )«العون»:لم أجده ؟)، و«فتاوى العتابي»،و«الظهيرية» لا يجب الغسل عند "أبي يوسف"/( ( )بداية 150/ب من النسخة (أ).) [تذكر الاحتلام أو لم يتذكر.
قلت: فيحتمل أن [يكون]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) عن "أبي يوسف" روايتان]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) كذا بخط "شيخنا" معزياً "لنوح أفندي" عن "الشيخ قاسم".(2/375)
250= قوله: الثَّالِثَةُ: وَجَدَ فَأْرَةً( ( )تنظر هذه المسألة- ( وجد فأرة ميتة في بئر ولم يدر متى وقعت )- فيما سبق من بحث القاعدة الفرعية [3]: «مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ»ص /284 -286 /.) الخ.وجه الاستثناء أن وجوب الإعادة خلاف ما تقتضيه القاعدة، وهذا بالنسبة لمذهب "الإمام" القائل بالاستثناء( ( )الاستناد في (أ).)، وأما على/( ( )بداية 113/أ من النسخة (ب).) مذهب
251= الرَّابِعَةُ: قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ، أَوْ لَا، أَوْ أَحْدَثَ أَوْ لَا، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، أَوْ لَا وَكَانَ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ اسْتَقْبَلَ.
252= الْخَامِسَةُ: أَصَابَتْ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ وَلَا يَدْرِي أَيَّ مَوْضِعٍ أَصَابَتْهُ، غَسَلَ الْكُلَّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ.
"الصاحبين" القائلين [بأنه إنما يحكم بالنجاسة من وقت وجود الفأرة فقط فلا تجِبُ الإعادة( ( )قال الإمام الحموي:(( فإنه يوجب إعادة ثلاثة أيام على من توضأ منها إذا كانت منتفخة وإلا فمذ يوم وليلة احتياطاً، وقالا: يحكم بنجاستها من وقت العلم بها مطلقاً وهو القياس، وقوله: استحسان وإذا علم وقت الوقوع فمن وقته)). غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/210.وينظر: المبسوط للسرخسي 1/59، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/30، والجوهرة النيرة للعبادي 1/19، فتح القدير لابن الهمام 1/106، و البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/130، و رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/218.).(2/376)
251= قوله: الرَّابِعَةُ: قَدَّمْنَا إلى قوله: اسْتَقْبَلَ( ( )أي وجب عليه الإعادة لهذه الأفعال- هَلْ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ، أَوْ لَا، أَوْ أَحْدَثَ أَوْ لَا، أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، أَوْ لَا- مع أن القاعدة تقتضي البناء على ما أداه.). وجه الاستثناء ظاهر؛ لأن القاعدة تقتضي البناء على ما أداه فالقول]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) بأنه يستقبل لأجل الشك خروج عن القاعدة.
252= قوله: الْخَامِسَةُ الخ.وجه الاستثناء أنّ القاعدة تقتضي عدم/( ( )بداية 130/أ من النسخة (د).) لزوم غسل [كل]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) الثوب( ( )تنظر هذه المسألة- (الثوب النجس بعضه مع وقوع الاشتباه في جميع أجزائه )- فيما سبق من المسائل المتفرعة عن القاعدة الأساسية «الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ» ص /135 /.)؛ لكون الطهارة بالنسبة لما عدا الموضع المتنجس منه متيقنة، فالقول بلزوم غسله كله لحصول الشك في تعيين الطرف المتنجس خروج عن مقتضى القاعدة.
السَّادِسَةُ: رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ، ثُمَّ تَغَيَّبَ عَنْ بَصَرِهِ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَا يَدْرِي سَبَبَ مَوْتِهِ يَحْرُمُ مَعَ وُجُودِ الشَّكِّ لَكِنْ شَرَطَ فِي "الْكَنْزِ "لِحُرْمَتِهِ أَنْ يَقْعُدَ عَنْ طَلَبِهِ، وَشَرَطَ "قَاضِي خَانْ" أَنْ يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ مَا فِي "الْهِدَايَةِ"، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.(2/377)
السَّابِعَةُ: لَوْ أَكَلَت الْهِرَّةُ فَأْرَةً قَالُوا: إنْ شَرِبَتْ عَلَى فَوْرِهَا الْمَاءَ يَتَنَجَّسُ كَشَارِبِ الْخَمْرِ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ عَلَى فَوْرِهِ وَلَوْ مَكَثَتْ سَاعَةً، ثُمَّ شَرِبَتْ لَا يَتَنَجَّسُ عِنْدَ "أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله" لِاحْتِمَالِ غَسْلِهَا فَمَهَا بِلُعَابِهَا، وَعِنْدَ "مُحَمَّدٍ" رحمه الله يَتَنَجَّسُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَزُولُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ كَالْحُكْمِيَّةِ:
هذا محصل ما أشار إليه "المصنف" من أن في غسله كله عملاً بمقتضى الشك، وفيه نظر يعلم مما علقناه على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/124.) ونصه: ((ومما يرد نقضاً على القاعدة ما لو تيقن نجاسة طرف من الثوب، وجهل محلها حيث يطهر بغسل أي طرف منه [لكن]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) قال "شيخنا": الصحيح أنه لا يطهر إلا بغسله كله انتهى.
فأشار بالتصحيح الذي ذكره إلى أن في غسله كله عملاً باليقين، فهي في الحقيقة من أفراد( ( )في (جـ) أفرادها.) القاعدة/( ( )بداية 290 من النسخة (جـ).) لا مما خرج عنها.
قوله: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. أي: أنه إذا لم يقعد عن طلبه( ( )هذا شرط «الكنز» في حل هذا الصيد إذا لم يقعد عن طلبه. ) يحل بشرط أن لا يوجد به
.........................................................................................(2/378)
جراحة سوى جراحة سهمه( ( )اشترط جمهور الفقهاء في المصيد: أن لا يغيب عن الصائد مدة طويلة وهو قاعد عن طلبه، فإن توارى الصيد عنه، وقعد عن طلبه لم يؤكل أما إذا لم يتوار، أو توارى ولم يقعد عن طلبه أكل، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، في الجملة، وإن اختلفت عباراتهم وآراؤهم في بعض الفروع. والغرض من اشتراط هذا الشرط هو حصول التيقن أو الظن، أي الاعتقاد الراجح، بأن ما وجده قبل الغياب، أو بعده مع استمرار الطلب هو صيده، وما أرسله من السهم أو الكلب أو نحوهما من الآلة هو الذي أصابه وأماته دون غيره.
فإن شك في صيده، هل هو أو غيره ؟ أو شك في الآلة التي أرسلها هل هي قتلته ؟ أو غيرها فلا يؤكل.(2/379)
وقد فرع الفقهاء على هذا الشرط فروعاً منها: إن أرسل سهما أو كلبا إلى الصيد وغاب عنه، فقعد عن طلبه غير متحامل على المشي، ثم وجده ميتاً لا يحل ما لم يعلم جرحه بسهمه يقيناً، كما صرح به الحنفية. ولم يذكر المالكية والشافعية قيد القعود عن الطلب، فقد نص الشافعية على أنه: لو غاب عنه الكلب والصيد قبل أن يجرحه الكلب، ثم وجده ميتاً حرم على الصحيح، لاحتمال موته بسبب آخر، وكذلك إن جرحه الكلب، أو أصابه بسهم وغاب، ثم وجده ميتاً حرم في الأظهر، قال الرملي: وهو المذهب المعتمد، وقيل: يؤكل، وقيل يكره. أما الحنابلة فقد نصوا على أن من رمى صيداً، ولو ليلاً، فجرحه ولو جرحاً غير مسرع به إلى الموت, فغاب عن عينه، ثم وجده ميتاً، بعد موته الذي رماه فيه وسهمه فقط فيه، أو أثر السهم ولا أثر به غيره حل ذلك. قال ابن قدامة: وهذا هو المشهور عن أحمد. وعنه إن غاب نهاراً فلا بأس، وإن غاب ليلاً لم يأكله، وعن أحمد ما يدل على أنه إن غاب مدة طويلة لم يبح، وإن كانت يسيرة أبيح له، لأنه قيل له: إن غاب يوماً ؟ قال: يوم كثير.ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/58، الجوهرة النيرة للعبادي 2/179، فتح القدير لابن الهمام 10/127، المدونة الكبرى للإمام مالك 1/532 و533، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3/123، والمجموع شرح المهذب للنووي 9/137، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 1/577، المغني لابن قدامة 9/302، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 10/425.). "زيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/58.).
.........................................................................................(2/380)
فإن قلت: روي أنه "عليه الصلاة والسلام" ((كَرِهَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ بَصَرِهِ))( ( )الحديث:{ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَرِهَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ الرَّامِي وَقَالَ لَعَلَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ قَتَلَتْهُ }رواه الطبراني في الكبرى(15817)، والبيهقي (18679) في الصيد والذبائح باب: الإرسال على الصيد يتوارى عنك ثم تجده مقتولاً.).
قلت: هو محمول ما إذا قعد عن طلبه توفيقاً بينه وبين ما ورد عنه "عليه الصلاة والسلام" من قوله: { إذَا رَمَيْت سَهْمَك فَغَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فأَدْرَكْته فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ}( ( )الحديث: { إذَا رَمَيْت سَهْمَك فَغَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَدْرَكْته فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ }رواه الإمام مسلم (3568)في الصيد باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده، وأبو داود (24207) في الصيد باب في اتباع الصيد.) كما/( ( )بداية 151/أ من النسخة (أ).) في "الزيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6/85.) وكما يحمل أكله حيث لم يقعد عن طلبه، فكذا لو أمر غيره بالطلب "حَمَوِِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/430.) عن « البزَّازِيّةِ ». ( ( )الفتاوى البزازية6/296 و304( على هامش الفتاوى الهندية ).)
تتمة:
البندقة: إذا كان لها حد يجرح يؤكل كذا في «الجوهرة»( ( )الجوهرة النيرة للعبادي 2/179.) وقال "قاضي خان"( ( )فتاوى قاضي خان 3/360 على هامش الفتاوى الهندية.): ((لا
.........................................................................................(2/381)
يحل صيد البندقة( ( )مسألة (صيد البندقة): يطلق البندق على معان، منها: ما يؤكل، ومنها: ما يصنع من طينة مدورة أو رصاصة يرمى بها الصيد. والواحدة: بندقة، والجمع: بنادق. والمراد به هنا: ما يرمى به الصيد. أما ما يصنع من الطين، فقد اتفق الفقهاء على أن ما قتل ببندقة الطين الثقيلة لا يحل أكله؛ لأنها تقتل بالثقل لا بالحد.وهذا ماصرح به الحنفية عندما نقل ابن عابدين نص قاضي خان في فتاويه بعدم حل صيد البندقة، والحجر والمعراض....
وذهب المالكية: إلى أنه لا يحل ما صيد ببندق الطين؛ لأنه لا يجرح، وإنما يرض ويكسر. وقال النووي في المنهاج: فلو قتله بمثقل، أو ثقل محدد، كبندقة وسوط... حرم أي: الأكل منه. وقيده بعضهم بما إذا كان الصيد لا يموت فيه غالبا، كالإوز، فإن مات كالعصافير فيحرم، فلو أصابته البندقة فذبحته بقوتها، أو قطعت رقبته حرم، وهذا التفصيل هو المعتمد.(2/382)
وهذا كله في البندق المصنوع من الطين أو الرصاص من غير نار، أما ما صنع من الحديد ويرمى بالنار، فاختلف الفقهاء في ذلك: فصرح الحنفية والشافعية بالحرمة، قال ابن عابدين: ((ولا يخفى أن الجرح بالرصاص إنما هو بالإحراق والثقل بواسطة اندفاعه العنيف، إذ ليس له حد، وبه أفتى ابن نجيم)). وقال النووي: ((أما ما يصنع من الحديد ويرمى بالنار فحرام مطلقا))، وصرح الدردير من المالكية بالجواز حيث قال: ((وأما الرصاص فيؤكل به لأنه أقوى من السلاح، كذا اعتمده بعضهم)). ثم فصل الدسوقي فقال: ((الحاصل أن الصيد ببندق الرصاص لم يوجد فيه نص للمتقدمين، لحدوث الرمي به بحدوث البارود في وسط المائة الثامنة. واختلف فيه المتأخرون، فمنهم من قال بالمنع، قياساً على بندق الطين، ومنهم من قال بالجواز.... لما فيه من الإنهار والإجهاز بسرعة الذي شرعت الذكاة لأجله)).ينظر: لسان العرب لابن منظور 10/29، مختار الصحاح للرازي /26/، المبسوط للسرخسي 11/253، فتح القدير لابن الهمام 10/130، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/471، المدونة الكبرى للإمام مالك 1/539، المنتقى شرح الموطأ للباجي 3/121، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/103، الأم للشافعي 2/259، والمجموع شرح المهذب للنووي 9/127، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 6/108، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 9/329، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 1/555، المغني لابن قدامة 9/313، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 10/472،) والحجر والمعراض( ( )المعراض: في القاموس المحيط:معراض كمحراب سهم بلا ريش، دقيق الطرفين غليظ الوسط = = يصيبُ بعرضه دونَ حدِّه، وجاء في لسان العرب:))و المعراض بالكسر سهم يرمى به بلا ريش ولا نصل يمضي عرضا فيصيب بعرض العود لا بحده))، وفي مختار الصحاح )):و المعراض السهم الذي لا ريش عليه)).ينظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي 2/336،(2/383)
لسان العرب لابن منظور 7/180، مختار الصحاح للرازي /178/.) والعصا وان جرح إلا أن يكون شيء من ذلك قد
.........................................................................................
حددوه( ( )في (جـ) حدوه.) وطولوه كالسهم وأمكن إن يرمى به، فإن كان كذلك وخزقه بحده حل أكله، فأما الجرح الذي يدق في الباطن ولا يخزق في الظاهر فلا يحل؛ لأنه لا يحصل به إنهار الدم)). «شرنبلالية».( ( )حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام 1/274.)
والحاصل: أنه إن كان القتل بالثقل لا يحل، وإن وجد الإدماء كما أشار إليه في «الدر»( ( )ينظر: الدر المختار للحصكفي 6/471 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).)،وهو محمل ما أجاب به الشيخ "زين"( ( )هو الشيخ زين الدين ابن نجيم) حين سئل عمّن يصطاد الطيور بالبندق أو الرصاص أو الطين هل يحل أكلها أم لا ؟ أجاب: لا يحل أكلها( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 8/26 و261.). انتهى
وأما إذا كان القتل بالجرح للخفة بأن كان لها حد فيحل ويشترط في الجرح الإدماء وقيل [لا يشترط «در»( ( )الدر المختار للحصكفي 6/272 و271 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) عن «الملتقى»( ( )«الملتقى» أي: ملتقى الأبحر: للشيخ إبراهيمَ بن محمدٍ الحلبي المتوفى:956هـ.جعله مشتملاً على مسائل القدوري والمختار والكنز،والوقاية بعبارة سهلة،وأضافَ إليه بعضَ ما يحتاجُ إليه من مسائل المجمع ونبذة من الهداية،وقدَّم من أقاويلهم ما هو الأرجحُ وأخر غيره،واجتهد في التنبيه على الأصح والأقوى، وفي عدم ترك شيء من مسائل الكتب الأربعة، وله شروح منها شرح = = تلميذه الحاجِ عليٍ الحلبي المتوفى: 967هـ.وشرحه المولى محمد النيروي المتوفى سنة 1016هـ وغيرها. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1814، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/27.).(2/384)
.........................................................................................
ومقتضى/( ( )بداية 113/ب من النسخة (ب).) قوله:]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) وقيل: إنه ضعيف وليس كذلك ففي «حاشية الشلبي( ( )«حاشية الشلبي »: للإمام أحمد بن محمد بن شيخ الإسلام أحمد بن يونس بن الشلبي، المتوفى سنة 1021هـ، فقيه حنفي مصري، من مؤلفاته: إتحاف الرواة بمسلسل الرواة، ومجمع الفتاوى، ومناسك الحج، وتجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق . ينظر الأعلام للزركلي 1/236، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/78.)» أن "الأتقاني" رجح عدم الاشتراط( ( )تجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق للشلبي6/59 ( على هامش تبيين الحقائق ).).
واعلم أن خزق ويخزق بالزاي قال في/( ( )بداية 130/ب من النسخة (د).) «حاشية الشلبي»: ((يقال: خزق المعراض بالزاي نفذ وبالراء المهملة في الثوب))( ( )تجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق للشلبي 6/58 ( على هامش تبيين الحقائق ).) انتهى( ( )ينظر: الصحاح للجوهري 4/1469، لسان العرب لابن منظور 10/79، القاموس المحيط للفيروز آبادي 3/227.).
والمعراض: سهم طويل له أربع قذذ إذا رمى به اعترض، والقذذ جمع قذة وهو ريش عيني( ( )القذذ: هي ريش السهم. ينظر: الصحاح للجوهري 2/568، لسان العرب لابن منظور 6/309، القاموس المحيط للفيروز آبادي 1/357.) وفيه مخالفة لما ذكره "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 3/431.) حيث قال: ((المعراض سهم بلا ريش يجري عرضاً غالباً)). انتهى
وَهُنَا مَسَائِلُ تَحْتَاجُ إلَى الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ أَرَهَا الْآنَ: مِنْهَا شَكَّ مُسَافِرٌ أَوَصَلَ بَلَدَهُ، أَوْ لَا ؟، وَمِنْهَا:(2/385)
253= شَكَّ مُسَافِرٌ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ التَّرَخُّصُ بِالشَّكِّ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ أَمُقِيمٌ، أَوْ مُسَافِرٌ صَلَّى أَرْبَعًا وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا فَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ فِي نِيَّةِ الْإِقَامَةِ.
253= قوله: شَكَّ مُسَافِرٌ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ الخ.أقول: الظاهر أنه يبقى مسافراً( ( )مسألة (تحول المقيم إلى مسافر وعكسه):) حتى يتحقق أنه نوى الإقامة؛ لأن سفره ثابت بيقين فلا يزول إلا بمثله، كما في الذي قبله( ( )أي: في المسافر شك هل وصل بلده أم لا؟.) وما استند إليه "المصنف" من فرع «التتارخانية» فليس/( ( )بداية 151/ب من النسخة (أ).) فيه ما/( ( )بداية 291 من النسخة (جـ).) يدل على ما ادعاه؛ لأنه لم يتيقن بحاله والأصل الإقامة فلهذا حمل عليها، ولو استحضر "المصنف" القاعدة المذكورة من أن «الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ» لجزم بما قلناه واعرض عما قال الخ. ما ذكره "الغزي الأول( ( )"الغزي الأول": شمسُ الدينِ محمدٌ بنُ عبد الله،التمرتاشي الغزي،الحنفي،ولد عام 939هـ وتوفي عام1004 هـ، فقيهٌ، أصوليٌ، متكلمٌ، ولد بغزةَ وتوفي بها. من تصانيفه:« تنوير الأبصار وجامع البحار» وشرحه وسماه «منح الغفار»،«الوصول إلى قواعد الأصول»،« الفوائد المرضية في شرح القصيدة اللامية في العقائد».ينظر: الأعلام للزركلي6/ 239،معجم المؤلفين لعمر كحالة10/197، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 2/262.)".
.........................................................................................(2/386)
وتعقبه "الغزي الثاني"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة( 57/أ ).) بقوله: كيف لا يدل على ما ادعاه وهو صريح فيه لتصريحه بأنه يصلي أربعاً ولا يترخص قال: وكان "الفاضل" "المُحَشِّي"( ( )أي:الغزي الأول.) اعتقد أن "المصنف" استدل على ما ادعاه بأول عبارة «التتارخانية» وهو قوله: ولو شك في الصلاة أمقيم أم مسافر يدل عليه قوله: [ لأنه لم يتيقن بحالة وهذه العبارة في الحقيقة لا تدل "للمصنف" بل إنما يدل له قوله ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (د).) بعد ذلك: وكذا لو شك المسافر في نية الإقامة.... الخ. [إذ معناه وكذا لا يترخص ويصلي أربعاً لو شك المسافر في نية الإقامة الخ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).).
قوله: لو شك في الصلاة أمقيم أم مسافر؟ إن قيل: كيف يتصور شكه قي ذلك؟ أجيب: بأنه ممكن كأحد الجند إذا لم يدر هل نوى أميره الإقامة أم لا؟ لأنه تابع "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/239.).(2/387)
والحاصل: أن ما ذكره "المصنف" وصاحب «التتارخانية» من أنه يصلي أربعاً، ولا يترخص يحمل على أن المراد بالمسافر شخص لم يتحقق سفره بأن كان من الأتباع( ( )مسألة: (نية السفر بين الأصل والتبع): ذهب الحنفية والحنابلة: إلى أن المعتبر في نية السفر الشرعي نية الأصل دون التابع، فمن كان سفره تابعاً لغيره فإنه يصير مسافراً بنية ذلك الغير، وذلك كالزوجة التابعة لزوجها ; فإنها تصير مسافرة بنية زوجها، وكذلك من لزمه طاعة غيره كالسلطان وأمير الجيش، فإنه يصير مسافراً بنية من لزمته طاعته ; لأن حكم التبع حكم الأصل. وقال المالكية = = والشافعية: لو تبعت الزوجة زوجها، أو الجندي قائده في السفر، ولا يعرف كل واحد منهم مقصده فلا قصر لهم ; لأن الشرط - وهو قصد موضع معين - لم يتحقق، وهذا قبل بلوغهم مسافة القصر، فإن قطعوها قصروا. فلو نوت الزوجة دون زوجها، أو الجندي دون قائده مسافة القصر، أو جهلا الحال قصر الجندي غير المثبت في الديوان، دون الزوجة ; لأن الجندي حينئذ ليس تحت يد الأمير وقهره، بخلاف الزوجة، فنيتها كالعدم. أما الجندي المثبت في الديوان فلا يقصر ; لأنه تحت يد الأمير، ومثله الجيش، إذ لو قيل: بأنه ليس تحت يد الأمير وقهره كالآحاد لعظم الفساد.ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 1/101، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/216، الفتاوى الهندية للبلخي 1/141، المنتقى شرح الموطأ للباجي 1/265، مواهب الجليل للحطاب 2/147، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 1/237، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 2/383 و384، الفروع لابن مفلح 2/56، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 2/316.)، ولم
.........................................................................................(2/388)
يعلم بحال متبوعه هل نوى السفر أم لا ؟ وهل _ على فرض نية السفر _ نوى الإقامة أم لا؟ فكان كل من نية السفر والإقامة مشكوكاً فيه، فسقط ما عساه يقال: الشك في نية الإقامة فرع تحقق السفر.
ويشترط لكون الجندي تبعاً: أن يرتزق من الأمير على ما في "الزيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/216،وينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 1/141.)، أو من بيت المال على ما في «النهر».
ومن الاتباع: العبد فإنه تبع للمولى، والمرأة فإنها/( ( )بداية 114/ أ من النسخة (ب).) تبع للزوج إذا أوفاها المعجل وإلا فلا تكون تبعاً له قبل الدخول؛ لأنه لا يتمكن من المسافرة/( ( )بداية 152/أ من النسخة (أ).) بها، وكذا بعد الدخول
.........................................................................................(2/389)
عند "أبي حنيفة" [رضي الله عنه]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)،(د).) ؛ لأن لها أن تمنع نفسها عنده( ( )قال النسفي في الكنز)): ولها منعه من الوطء والإخراج للمهر، وإن وطئها أي: لها أن تمنع نفسها إذا أراد الزوج أن يسافر بها أو يطأها حتى تأخذ مهرها منه ولو سلمت نفسها ووطئها برضاها لتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج في المبدل وصار كالبيع، وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله حتى يوفيها مهرها ; لأن حق الحبس لاستيفاء المستحق، وليس له حق الاستيفاء قبل الإيفاء، والخلوة برضاها في هذا كالوطء، سوى المصنف رحمه الله بينهما أعني قبل الدخول وبعده، وهذا عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد إذا دخل بها برضاها أو خلا بها ليس لها أن تمنع نفسها، ويترتب عليه استحقاق النفقة لهما أن المعقود عليه قد صار مسلماً إليه بالوطأة أو بالخلوة ولهذا يتأكد جميع المهر فلم يبق لها حق الحبس كالبائع إذا سلم المبيع بخلاف ما إذا كانت مكرهة أو صغيرة أو مجنونة وله أنها منعت منه ما قابل البدل ; لأن كل وطأة تصرف في البضع المحترم فلا تخلو عن العوض إبانة لخطره)). تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 2/155، ينظر: فتح القدير لابن الهمام 3/270، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 3/192، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3/146.). "زيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/216.).(2/390)
ولا فرق في العبد بين المدبر وأم الولد، وأما/( ( )بداية 131/أ من النسخة (د).) المكاتب ففي «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 2/150.): ينبغي أن لا يكون تبعاً؛ لأن له السفر بغير إذن المولى، واختلفوا في المشترك إذا سافر معهما ثم نوى أحدهما الإقامة، ومحل الاختلاف ما إذا لم يكن بينهما مهايأة فإن كان( ( )أي:كان بينهما مهايأة.):قصر في/( ( )بداية 292 من النسخة (جـ).) نوبة المسافر وأتم في نوبة المقيم اهـ. «نهر» عن "الرازي". لكن ظاهر كلام "الزيلعي" ثبوت
.........................................................................................
الاختلاف فيه وإن كان بينهما مهايأة ولو نوى المولى الإقامة ولم يعلم العبد حتى قصر أياماً ثم علم يلزمه القضاء على ما ذكره "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/310.)، وهو ظاهر الرواية كما في «النهر» عن «الخلاصة»( ( )«خلاصة الفتاوى»: للإمام طاهر بن أحمد بن عبد الرشيد، البخاري الحنفي المتوفى سنة 542هـ، وهو خلاصة جامعة للرواية، خالية عن الزوائد، مع بيان مواضع المسائل، وفهرست الفصول والأجناس على رأس كل كتاب، ليكون عونا لمن ابتلي بالفتوى، وهو كتاب مخطوط توجد نسخة منه بمكتبة الأسد الوطنية برقم ( 13844 ). ينظر كشف الظنون لحاجي خليفة 1/718، الأعلام للزركلي 3/320، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 5/33.)، وقيل: لا بد من علمه. قال في «المحيط»: وهو الأصح دفعاً للضرر عنه، والفرق بينه وبين عزل الوكيل الحكمي أنه غير ملجأ إلى البيع بخلاف التبع؛ لأنه مأمور بالقصر منهي عن الإتمام فلو صار فرضه أربعاً لمجرد( ( )في (ب)، (جـ) بمجرد) نية المولى الإقامة وإن لم يعلم يلحقه الضرر.(2/391)
واختلفوا في المسافر إذا تزوج في بلد هل يصير مقيماً؟ ظاهر كلام "الزيلعي" ترجيح أن( ( )في (ب) أنه.) لا يصير مقيماً؛ لأنه حكى القول المقابل( ( )في (أ) قول المقال.) بقيل، لكن في «الدر»( ( )الدر المختار للحصكفي 2/132 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) يصير مقيماً على الأوجه( ( )يقول ابن عابدين: ( قوله صار مقيماً على الأوجه ): أي بنفس التزوج وإن لم يتخذه وطناً أو لم ينو الإقامة خمسة عشر يوماً، وأما المسافرة فإنها تصير مقيمة بنفس التزوج اتفاقاً. ينظر: رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 2/135.)، أما المسافرة تصير مقيمة بالتزوج اتفاقاً كما في «القنية»( ( )في (أ) الفقيه.).
254= وَمِنْهَا: صَاحِبُ الْعُذْرِ إذَا شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ
ومن الاتباع: الأجير مع المستأجر، والتلميذ مع أستاذه، والمكره على السفر والأسير.
254= قوله: إذَا شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ الخ.يعني ولم يستوعب الانقطاع وقتاً كاملاً قال الشارح "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/121.): لو انقطع وقتاً كاملاً ثم لم يكن صاحب عذر من حيث الانقطاع.... الخ.
واعلم أن شرط ثبوت العذر( ( )ذكر الحنفية للمستحاضة ولغيرها من المعذورين ثلاثة شروط:
الأول: شرط الثبوت: حيث لا يصير من ابتلي بالعذر معذورا، ولا تسري عليه أحكام المعذورين، حتى يستوعبه العذر وقتا كاملا لصلاة مفروضة ولو حكما، وليس فيه انقطاع - في جميع ذلك الوقت- زمناً بقدر الطهارة والصلاة، وهذا شرط متفق عليه بين الفقهاء.
الثاني: شرط الدوام، وهو أن يوجد العذر في كل وقت آخر، سوى الوقت الأول الذي ثبت به العذر ولو مرة واحدة.(2/392)
الثالث: شرط الانقطاع، وبه يخرج صاحبه عن كونه معذورا، وذلك بأن يستمر الانقطاع وقتا كاملا فيثبت له حينئذ حكم الأصحاء من وقت الانقطاع.ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/65، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/228، الفتاوى الهندية للبلخي 1/40، والمجموع شرح المهذب للنووي 1/545، المنثور في القواعد للزركشي 2/43، مطالب أولي النهى في شرح المنتهى للرحيباني 1/265.): أن لا يجد في وقت صلاته زمناً يتوضأ ويصلي فيه خالياً عنه كما في "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/121) وغيره «كالكافي»، وعليه فاستيعاب العذر للوقت ليس/( ( )بداية 152/ب من النسخة (أ).) بشرط، ويخالفه ما في عامة الكتب مما يفيد اشتراط الاستيعاب...........
.........................................................................................
"زيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/65.)، وأجاب في «الفتح»( ( )فتح القدير لابن الهمام 1/184.) بأن ما ذكره في «الكافي» تفسير لما في عامة الكتب إذ قل ما يستمر كمال وقت بحيث لا ينقطع لحظة فيؤدي إلى نفي تحققه «نهر».
واعلم أن للعذر شرط ثبوت وقدمناه، وشرط زوال وتقدم أيضاً وهو: أن يدوم الانقطاع وقتاً كاملاً والشرط الثالث شرط بقاء العذر، وقد ذكره في «الكنز»( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/64.) بقوله: وهذا أي حكم المعذورين( ( )في (أ) المذور.) إذا لم يمض عليهم وقت فرض إلا وذلك الحدث يوجد فيه.
تتمة:(2/393)
يجب ردّ عذره أو تقليله ما أمكن( ( )جاء في «الكنز»: ( فروع ): وينبغي لصاحب الجرح أن يربطه تقليلاً للنجاسة ولو سال على ثوبه فعليه أن يغسله إذا كان مفيداً بأن لا يصيبه مرة أخرى، وإن كان يصيبه المرة بعد الأخرى أجزأه ولا يجب غسله ما دام العذر قائماً، وقيل لا يجب غسله أصلاً، واختار الأول السرخسي، والمختار ما في النوازل: إن كان لو غسله تنجس ثانياً قبل الفراغ من الصلاة جاز أن لا يغسله وإلا فلا، ومتى قدر المعذور على رد السيلان برباط أو حشو أو كان لو جلس لا يسيل، ولو قام سال وجب رده وخرج برده عن أن يكون صاحب عذر بخلاف الحائض إذا منعت الدرور فإنها حائض.ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/227.) ولو/( ( )بداية 114/ب من النسخة (ب).) بصلاته مومئاً/( ( )بداية 131/ب من النسخة (د).) وبرده لا يبقى/( ( )بداية 293 من النسخة (جـ).) ذا عذر
.........................................................................................
بخلاف الحائض «در»( ( )الدر المختار للحصكفي 1/307 و308 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) وقوله: ولو بصلاته مومئاً: بأن كان لو جلس لا يسيل ولو قام سال «بحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/227.).
وقوله: بخلاف الحائض؛ لأن اتصافها بالحيض لا ينفك عنها ما بقيت مدته، وإن انقطع في بعض الأوقات حقيقة بدليل قوله في «الكنز»( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/65.): والطهر المتخلل. الخ.(2/394)
وهل إذا طرأ العذر في خلال الوقت قبل صلاة فرضه وخاف خروج الوقت يؤدي الصلاة مع وجود العذر_ مع أنه لم يثبت كونه معذوراً، أو يترك الصلاة، وإن خرج وقتها، ولا يؤديها إلا بعد ثبوت العذر؟ لم أره، ثم رأيت فيما علقته على "ملا مسكين"( ( )حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/122.) معزياً «للبحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/226.) عن «الظهيرية»: أنه ينتظر إلى أخر الوقت فإذا لم ينقطع صلى قبل خروج الوقت فإذا دخل الوقت الثاني وانقطع ودام الانقطاع[ إلى وقت صلاة آخرى توضأ وأعاد الصلاة يعني؛ لأنه بدوام الانقطاع]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) تبين أنه صحيح صلى صلاة المعذورين، وإن لم ينقطع في وقت/( ( )بداية 153/أ من النسخة(أ).) الصلاة الثانية( ( )في (أ) الثالثة.) حتى خرج الوقت جازت. انتهى.
.........................................................................................
فهذا يقتضي أنه إذا ثبت العذر باستيعابه الوقت، ولوحكماً يثبت مستنداً إلى أول ما أصابه؛ إذ لولا الاستناد في ثبوت العذر لوجبت( ( )في (أ) فوجبت.) الإعادة مطلقاً،فهذه ترد نقضاً على ما ذكره في «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/227.) من أن العذر يثبت مقتصراً لا مستنداً.
تنبيه:(2/395)
ذكر في «شرح الوقاية»( ( )«شرح الوقاية»: واسمُ الكتابِ «وقايةُ الرواية في مسائلِ الهداية»: للإمامِ برهان الشريعة محمودٍ بن صدر الشريعة الأول عبيد الله المحبوبي الحنفي، المتوفى عام 747هـ، وقد غلب نعته على شرحه حتى صار اسماً لشرحه، وصاحب الوقاية هو جدهُ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2020، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/346 و2/406.) "لصدر الشريعة" أن الإنسان إذا عصر قرحة، فتجاوز المخرج( ( )أي: تجاوز الخارج من القرحة - القيح أو الصديد- مكانه.)، وكان بحال لو لم يعصر لم يتجاوز لم ينتقض وضوءه( ( )مسألة( القيح والصديد وانتقاض الوضوء بهما ): اتفق الفقهاء على أن القيح والصديد إذا خرجا من بدن الإنسان فهما نجسان ; لأنهما من الخبائث، والطباع السليمة تستخبثهما ; ولأنهما متولدان من الدم والدم نجس. )،وبه صرح ( ( )في (أ) زيادة في.) "الزيلعي"( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/8.) وغيره( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/31.) معللاً بأنه مخرج لا خارج بنفسه ومقتضاه أن لو مصه بنفسه لم ينتقض فإنه كالعصر في أنه مخرج لا خارج بنفسه.
.........................................................................................
لكن في «المحيط»: لو مصت العلقة عضو إنسان حتى امتلأت من دمه انتقض( ( )ينظر: فتح القدير لابن الهمام 1/39، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/35، الفتاوى الهندية للبلخي 1/11.)؛ لأنه مجاوز.
وقد أشكل وجه الفرق بين العصر والمص؛ لأن العلة في عدم الانتقاض [في العصر]( ( )في (أ) بالعصر.) [وبالانتقاض في المص]( ( )مابين المعقوفين لم يرد في (ب)، (جـ)، (د).) [موجودة في صورة المص فإن العلة كما سبق أنه لم يخرج الدم بنفسه بل أخرج، وهذا محقق في صورة المص/( ( )بداية 294 من النسخة (جـ).).(2/396)
فإن قال قائل بعدم الانتقاض في العصر وفي الانتقاض في المص]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) موافقاً لما في «المحيط» وغيره، فعليه بالفرق الصحيح، وإن/( ( )بداية 115/أ من النسخة (ب).) لم يقل به، فعليه بالنقل المعتمد الصريح. "حَمَوِِيّ"( ( )من حاشية أبي السعود على مُلَّا مِسْكين 1/42.) عن بعض "الفضلاء".
وأقول: لا إشكال؛ لأن ما ذكره شارح «الوقاية» وصرح به "الزيلعي" وغيره مبني على الفرق بين الخارج والمخرج، وما في «المحيط» مبني على أنه لا فرق بينهما في النقض/( ( )بداية 132/أ من النسخة (د).)
.........................................................................................
وهو الصحيح، وفي «الدر»( ( )الدر المختار للحصكفي 1/137 ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ).) عن « البزَّازِيّةِ » ( ( )الفتاوى البزازية4/12 ( على هامش الفتاوى الهندية ).) أنه المختار؛ لأن في الإخراج خروجاً، فصار كالفصد( ( )الفصد: لغةً:شق العرق.
اصطلاحاً: هو قطع العرقِ لاستخراجِ الدم الذي يؤذي الجسد. ينظر: الصحاح للجوهري 2/519،رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين6/752.)، وفي «الفتح» عن «الكافي» أنه الأصح( ( )فتح القدير لابن الهمام 1/54.)، واعتمده "القهستاني"، وفي «القنية» و«جامع الفتاوى»( ( )«جامع الفتاوى»:للسيد الإمام ناصرِ الدين بن القاسم محمدٍ بن يوسف السمرقندي الحنفي المتوفى عام 556هـ،فقيه عالم بالتفسير والحديث والوعظ. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/565،الأعلام للزركلي6/239.) أنه الأشبه أي: الأشبه بالنصوص رواية والراجح دراية، فتكون الفتوى عليه.(2/397)
والحاصل: أن القائل بعدم النقض في العصر/( ( )بداية 153/ب من النسخة (أ).) يقول بعدمه في المص( ( )في (أ) المصنف.)، والقائل بالنقض في المص يقول به أيضاً في العصر، والإشكال إنما يتحقق أن لو قال شخص بالنقض في أحدهما وبعدمه في الآخر حتى( ( )في (أ) متى.) يطلب منه وجه الفرق ولم يقل ذلك أحد، وإذا كان كذلك فماء الحِمَّصَة( ( )نوع من العلاج كان يستخدم من قبل أهل دمشق ويسمونه «كيَّ الحِمَّصة»: وكيفيته أن يكوى محل الألم ثم يعفن مدة بمخ الغنم ثم يجعل فيه حمصة توضع يوماً وليلة ثم تلقى منه.وقال الفقهاء: = = إن صاحب كي الحمصة لا يكون صاحب عذر بل ينظر إلى ذلك الخارج إن كان فيه قوة السيلان بنفسه يكون نجساً ناقضا للوضوء، ويلزمه غسله، ولا تجوز الصلاة حال سيلانه، ولو استوعب وقتاً كاملاً وإلا فلا ينقض،بل هو طاهر ولو أصاب مائعاً.ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/227، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 1/139، نهاية المحتاج 2/23، فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب للشيخ سليمان الجمل 1/417.) ناقض على ما هو الصحيح من عدم الفرق بين الخارج والمخرج
.........................................................................................
وعلى مقابله لا ينقض؛ لأن الخارج من بدن الإنسان إما خارج بنفسه أو مخرج بواسطة شيء وليس ثم شيء آخر يتفرع عليه.(2/398)
وما ذكره العلامة "الشرنبلالي"( ( )"الشرنبلالي": ولد عام994هـ هو الحسن بن عمار بن علي الشرنبلالي،فقيهٌ حنفيٌ،مكثرٌ من التصانيف،ونسبته إلى المنوفية،جاء به والدهُ إلى القاهرةِ وعمرُه ستُ سنواتٍ،فنشأ بها ودرس بالأزهر، وأصبح المعولَ عليه في الفتا، توفي بالقاهرة عام1117هـ، من كتبه:« نور الإيضاح في الفقه»،«شرح مراقي الفلاح »، «حاشية على درر الحكام لمنلا خسرو»، «التحقيقات القدسية» وتعرف برسائل الشرنبلالي وعدتها /48/ رسالة.ينظر: الأعلام للزركلي 2/208، معجم المطبوعات العربية لإليان سركيس 1/117.) في رسالته( ( )وهي «غاية التحقيق في أحكام كي الحمصة». ينظر: هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/297.) من عدم النقض بما يخرج منها مدعياً أنه مجرد رشح وما أورده من المنقول لا يستفاد منها ما ذكره.
ثم راجعت الرسالة المذكورة فرأيته ذكر آخراً تفصيلاً محصله: أنه إن لم يسل بقوة نفسه فهو طاهر لا ينقض الوضوء ولا ينجس الثوب/( ( )بداية 295 من النسخة (جـ).) [وإن كان له قوة السيلان بنفسه يكون نجساً ناقضاً للوضوء، ويلزم غسل ما أصابه من الثوب]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ)، (د).) ، ولا يكون لصاحبه
.........................................................................................
الصلاة حال سيلانه؛ فإنه ناقض للوضوء نجس، ولا يصير به صاحب عذر( ( )في (أ) العذر.)؛ لأن صاحب العذر: هو الذي لا يقدر على رد عذره ولو بالربط والحشو الذي يمنع خروج النجس الخ.
وقوله: إن كان الخارج له قوة السيلان بنفسه نقض وإن لم يسل بقوة نفسه لا ينقض ظاهر على القول بالفرق بين الخارج والمخرج.(2/399)
ثم إني رأيت [العلامة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) الشيخ "عبد الغني النابلسي" [ قدس الله سره ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، (جـ)، (د).) نقل عن «الينابيع»( ( )«الينابيع في معرفة الأصول والتفاريع»: من شرح مختصر القدوري لابن رمضان رشيد الدين أبي عبد الله محمود بن رمضان الرومي الحنفي المتوفى سنة 768هـ.ينظر كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1631، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي 1/665.) شرح "القدوري": أن الماء الصافي الخارج من النفطة( ( )جاء في لسان العرب: ((النفطة بثرة تخرج من اليد من العمل ملأى ماء))، وجاء في البحرالرائق)) وَالنَّفِطَةُ هِيَ الْقُرْحَة التي امتلأت وحان قشرها، وهي من قولهم انتفط فلان إذا امتلأ غضباً قال في الجمهرة: تنفطت يد الرجل إذا رق جلدها من العمل وصار فيها كالماء والكف نفيطة ومنفوطة كذا في غاية البيان)).
وقال الفقهاء: النفطة تحت الجلد لا يحكم عليها بنجاسة ولا نقض للوضوء. أما إذا خرج ماؤها فقد أجمعوا على نجاسته، ويعفى عما يعتبر منه قليلاً تبعاً لكل مذهب في ضابط القلة والكثرة في المعفوات. أما نقض الوضوء بخروجه: فهو مذهب الحنفية إن سال عن مكانه، والحنابلة إن كان فاحشاً، خلافاً للمالكية والشافعية فهو غير ناقض عندهم، كما يستفاد من عدم ذكرهم له بين نواقض الوضوء. = = ينظر: لسان العرب لابن منظور 7/417، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/34، التاج والإكليل للعبدري 1/228، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/576،الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 1/239.) .......................
.........................................................................................(2/400)
لا/( ( )بداية 115/ب من النسخة (ب).) ينقض، ثم ذكر أن "الحسن"( ( )" الحسن بن زياد": العلامة فقيه العراق، الحسن بن زياد، أبو علي الأنصاري، مولاهم الكوفي اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة، نزل بغداد، وصنف وتصدر للفقه، كان أحد الأذكياء البارعين في الرأي، ولي القضاء بعد حفص بن غياث، ثم عزل نفسه، قال محمد بن سماعة، سمعته يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلها يحتاج إليها الفقيه، توفي سنة 204هـ. ينظر سير أعلام النبلاء للذهبي 9/543، طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي 143، والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء 193.) روى عن [الإمام]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ)، (د).) "أبي/( ( )بداية 154/أ من النسخة (أ).) حنيفة" أنه إذا خرج ماء صاف لا ينقض، وعزى «لخزانة الفتاوى»( ( )« خزانة الفتاوى »: للإمام أحمد بن محمد بن أبي بكر، الحنفي، المتوفى سنة 522هـ، صاحب كتاب « مجمع الفتاوى »، والذي اختصره وسماه خزانة الفتاوى، وهو مجلد ذكر فيه أنه جمعه من الفتاوى، وأورد فيها غرائب المسائل. أشار الزركلي أنه كتاب مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/702، الأعلام للزركلي 1/215، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 2/85.) أنه لو سال من النفطة ماء لا ينقض، ونقل عن "شمس الأئمة الحلواني" أن في هذا القول سعة لمن كان به جدري أو جرب فسال منه، ونقل عن "والده"( ( )أحمد بن نصر الحلواني.) في شرحه على شرح «الدرر»( ( )في (أ)، (جـ) الدر.) أنه حكى خلافاً في ماء النفطة/( ( )بداية 132/ب من النسخة (د).) ثم
.........................................................................................(2/401)
قال: والحاصل أن مسألة النفطة مختلف فيها، وعدم النقض رواية كما ذكرناه( ( )في (جـ) ذكرنا.) وينبغي أن يحكم بهذه الرواية في كيِّ الحِمَّصَة( ( )في (أ) حمصة الكي.) وأنَّ ما يخرج منها لا ينقض، وإن تجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير إذا كان ماء صافياً وعزي «للكافي» أن النفطة بفتح النون وكسرها الجدري، أما غير الصافي بأن كان مخلوطاً بدم أو قيح أو صديد فإنه ناقض إذا وجد السيلان بأن تجاوز العصابة، وإلا لم ينقض( ( )في (أ)، (د) ينتقض.) ما دامت الحمصة والورقة في موضع الكي معصبة بالعصابة، وإن امتلأت دماً أو قيحاً مالم يسل من حول العصابة أو ينفذ منها دم أو قيح سائل، وأما ظهوره من غير أن يتجاوزها( ( )في (د) يتجاوز.) فكظهور( ( )في (أ) كظهور، في (د) فلظهور.) ذلك من الجرح نفسه( ( )في (أ) بنفسه.) وهو غير ناقض الخ ما ذكره، وذكر أيضاً ما نصه: ((لو حل العصابة وأخرج الورقة والخرقة فوجد دماً/( ( )بداية 296من النسخة (جـ).) أو قيحاً لولا الربط لسال في غالب ظنه انتقض وضوءه في الحال لا قبل ذلك؛ لكون النجاسة انفصلت عن موضعها، أما قبل حلها فالنجاسة في موضعها لم تنفصل، وهل يصير صاحب عذر؟ ينبغي أن يصير معذوراً إذا كان وضعه للحمصة ضرورياً بأن كان تركها يضره)).
.........................................................................................(2/402)
وهذا( ( )في (د)وهكذا.) وإن أطلقه يحمل على ما إذا [لم]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) يمكنه قطع السيلان حقيقة أو حكماً ولو بالربط والقرينة على ذلك تصريحه في رسالته الأخرى بأنه متى أمكن قطع السيلان يخرجه( ( )في (ب)،(جـ)،(د) يخرج.)/( ( )بداية 154/ب من النسخة (أ).)من أن يكون معذوراً سواء كان المانع من السيلان ربطاً أو حشواً حتى أوجبوا ذلك عليه واستدل بما في «جامع الفتاوى» من أن المستحاضة إذا أمكنها حبس الدم لزمها وتكون كالأصحاء بخلاف الحائض الخ.[أي]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) حيث لا يزول عنها وصف كونها حائضاً وإن أمكنها حبس الدم، وبهذا التقرير تعلم ما على العلامة "الشرنبلالي" من المؤاخذة لجزمه بعدم النقض وعدم ذكره الخلاف مع أن عدم النقض مجرد رواية بشرط أن يكون الخارج ماء صافياً.
بقي أن يقال: ليس النقض بالفصادة والحجامة ومص العلقة( ( )في (أ) العلق.) من/( ( )بداية 116/أ من النسخة(ب).) قبيل( ( )في (أ) قبل.) ما يتفرع على التفرقة بين الخارج والمخرج؛ لأن النقض بها متفق عليه بقيد وجود السيلان بعد سقوط العلقة( ( )في (أ) العلق.) فإن/( ( )بداية 134/أمن النسخة (د).) سقطت ولم يسل شيء ففي النقض وعدمه الخلاف المعروف المفرع
.........................................................................................
على التفرقة بين الخارج والمخرج كذا يستفاد من «حاشية نوح أفندي»( ( )وهي:حاشية على درر الحكام شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو.).(2/403)
ومنه يعلم ما ذكرناه في الجواب عما سبق من الإشكال؛ حيث قلنا: إن القائل بعدم النقض في العصر يقول بعدمه أيضاً في المص( ( )في (أ) المصنف.) محمول على ما إذا كان بحال لو سقطت العلقة لا يوجد السيلان قلت: وإذا علم النقض بالاتفاق فيما إذا وجد السيلان بعد/( ( )بداية 297 من النسخة (جـ).) [سقوط العلقة فكذا ينتقض بالاتفاق فيما إذا وجد السيلان بعد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) ترك العصر في القرحة.
وأما ما يخرج من الأذن من الصديد ففيه تفصيل قال "الزيلعي": ((القيح والصديد الخارج من الأذن مع الوجع ناقض لا دونه)) ( ( )تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/9.)وفيه نظر «البحر»( ( )البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/34.) بأنهما لا يخرجان إلا عن علة، فالظاهر/( ( )بداية 155/ أ من النسخة (أ).) النقض مطلقاً.
نعم هذا التفصيل في الماء حسن، وتعقبه في «النهر» بجواز أن يكون القيح الخارج من الأذن من جرح برأ( ( )في ( أ ) يرى.) وعلامته عدم التألم، فالحصر ممنوع وقد جزم "الحدادي"( ( )"الحدادي": أبو بكر بن علي بن محمد الحداد العبادي اليمني، الفقيه الحنفي،من تصانيفه الجوهر المنير مختصر السراج الوهاج، والرحيق المختوم شرح قيد الأوابد في الفقه، المتوفى سنة 800هـ.ينظر: هدية العارفين 1/235 و236.) بما في الشرح انتهى.
255= فَصَلَّى بِطَهَارَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ.
وَمِنْهَا: جَاءَ مِنْ قُدَّامِ الْإِمَامِ وَشَكَّ أَمُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَمِنْهَا: شَكَّ هَلْ سَبَقَ الْإِمَامَ بِالتَّكْبِيرِ، أَوْ لَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا لَمْ يَعْلَم الْمَأْمُومُ هَلْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّكْبِيرِ، أَوْ لَا 256= فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ.(2/404)
ومثله ماء السرة والثدي( ( )ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 1/34، الدر المختار للحصكفي 1/147.)، واختلفوا في عَرَق مدمن الخمر( ( )ذهب جمهورالفقهاء إلى طهارة عرق الإنسان مطلقاً، لا فرق في ذلك بين المسلم والكافر، الصاحي والسكران، والطاهر والحائض والجنب.ولم أجد للفقهاء خلافاً لذلك إلا ماجاء في رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 6/231 أنه قال: ((عرق مدمن الخمر خارج نجس)). ينظر: المبسوط للسرخسي 15/،126و127، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 8/210، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد عليش 1/47، الأم للشافعي 1/19، المغني لابن قدامة 1/44.).
255= قوله: فَصَلَّى بِطَهَارَتِهِ الخ.أي طهارة المعذور بأن كان توضأ قبل انقطاعه، ومعنى كونه شك في انقطاعه أي شك أن انقطاعه هل يستمر وقتاً كاملاً أم لا، وقوله: وينبغي أن لا يصح أي أن لا يحكم( ( )في (د) يحكمه.) على صلاته بالصحة ما لم يعاوده العذر وإلا بأن استمر انقطاعه وقتاً كاملاً لم تجز صلاته؛ لأنه بدوام الانقطاع تبين زوال عذره( ( )في (أ) عنده.)، وقد صلى صلاة المعذورين، فيلزمه الإعادة [بخلاف ما لو توضأ وصلى حال انقطاعه؛ حيث لا يلزمه الإعادة]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) مطلقاً سواء تبين أن عذره باق لم يزل أم لا.
256= قوله: فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ بَعْدَهُ إلى قوله: لَمْ يُجْزِهِ. فإن قلت:
257= وَإِن اشْتَرَكَ الظَّنَّانِ أَجْزَأَ ; لِأَنَّ أَمْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَظْهَرَ الْخَطَأُ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ الشَّكُّ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَمِنْهَا: مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَشَكَّ فِي قَضَائِهَا فَهِيَ سِتٌّ.(2/405)
هذه المسألة من أفراد القاعدة لا مما خرج عنها، فلا وجه لذكرها في سياق الكلام على المسائل المستثنيات. قلت: ذكرها في هذا المقام إنما يتجه بالنسبة لقوله: وإن اشترك الظنان أجزأه/( ( )بداية 116/ب من النسخة (ب).) لا مطلقاً فتدبر.
257= قوله: وَإِن اشْتَرَكَ الظَّنَّانِ. أي: استوى الاحتمالان. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/239.). وفي بعض النسخ وإن استوى الظنان.
قوله: لِأَنَّ أَمْرَهُ ( ( )في (جـ)،(د) لأمره.) مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَظْهَرَ الْخَطَأُ. زاد في «الذخيرة»: ((وقد علم في الابتداء أن/( ( )بداية 298 من النسخة (جـ).) قصده الشروع في صلاة الإمام فهو على/( ( )بداية 132/ب من النسخة (د).) الصواب حتى يظهر الخطأ))، وفيها عن «فتاوى أهل سمرقند»( ( )«فتاوى أهل سمرقند»: لم أجده كعنوان كتاب !.):(( شك في وضوء إمامه هل هو تام أم لا؟ جازت صلاته ما لم يتيقن( ( )في (أ)، (ب) يستيقن.) أنه ترك بعض أعضائه سهواً أو عمداً؛ لأن الظاهر/( ( )بداية 155/ب من النسخة (أ).) أنه لم يترك)). "بيري".
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: رَجُلٌ لَا يَدْرِي هَلْ فِي ذِمَّتِهِ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ أَمْ لَا258= يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَوَائِتَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يَدْرِ الرَّجُلُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَائِتِ، أَوْ لَا
ولا يخفى أن كلام «الذخيرة» يفيد: أن الحكم بالإجزاء ليس باعتبار مجرد استواء الظنين بل باعتبار العمل بالظاهر، ومنه يعلم أن ذكر "المصنف" لهذه المسألة في سياق الاستثناء لا وجه له.
قوله: فَهِيَ سِتٌّ. أي: المسائل التي ذكرها بقوله( ( )أي: المصنف.) سابقاً: وَهُنَا ( ( )في (أ)،(ب)،(د) ومنها.) مَسَائِلُ تَحْتَاجُ( ( )في (د) يحتاج.) إلَى الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ أَرَهَا الْآنَ سِتٌ.
الأولى: شك مسافر أوصل أم لا؟.(2/406)
الثانية: شك مسافر هل نوى الإقامة أم لا؟.
الثالثة: صاحب العذر إذا شك في انقطاعه.
الرابعة: جاء من قدام الإمام.... الخ.
الخامسة: شك هل سبق الإمام بالتكبير أم لا؟.
السادسة: من عليه فائتة وشك في قضائها.
258= قوله: يُكْرَهُ [لَهُ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من( أ).) أَنْ يَنْوِيَ الْفَوَائِتَ. وجه الكراهة: عدم تحقق كونه مشغول الذمة بشيء من الفوائت، والأصل عدم شغلها بخلاف ما بعده من قوله: وَإِذَا لَمْ يَدْرِ الرَّجُلُ أَنَّهُ بَقِيَ الخ؛ لوجود سبق التيقن بشغلها ثم وقع الشك في فراغها فظهر( ( )في (أ) فظهر [من] الفرق ومن زائدة.) الفرق بين المسألتين اللتين ذكرهما "التترخاني".
259= الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِي الْأَرْبَعِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ انْتَهَى.(2/407)
وبهذا [التقرير: ظهر أن غرض "المصنف" من إيراد عبارة «التتارخانية»]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) الإشارة إلى عدم كراهة القضاء في المسألة التي ذكرها هو بقوله: وَمِنْهَا: مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ الخ.بل الظاهر وجوب القضاء كما هو مقتضى القاعدة [و]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) هي أن «الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ»، ولا ينافي الوجوب قول "التتارخاني": الأفضل... الخ؛ لأن التعبير به بالنسبة لقراءة الفاتحة والسورة في كل الركعات لاحتمال وقوعها عن السنة لا يقال: ينافي القول بوجوب القضاء/( ( )بداية 299من النسخة (جـ).) ما سبق من قول "المصنف": شك في صلاة هل صلاها أعاد في الوقت/( ( )بداية 156/أ من النسخة (أ).) إذ تقييده بقوله: في الوقت يفيد أنه إذا كان بعد خروج الوقت لا يلزمه الإعادة، وبه صرح "البيري" معزياً «للذخيرة» معللاً: بأن سبب الوجوب قد فات بخلاف ما/( ( )بداية 117/أ من النسخة (ب).) إذا كان في الوقت فإن سبب الوجوب قائم، لأنا نقول:لا تنافي بين ما سبق وما هنا لوجود سبق تحقق شغل ذمته و الشك( ( )في(جـ)، (د) في الشك.) حصل في فراغها بخلاف ما سبق إذ لم يوجد فيه سبق تحقق/( ( )بداية 133/أ من النسخة (د).) شغل ذمته فظهر الفرق.
259= قوله: الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ الخ.يعني لاحتمال أن [لا]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ب).).....
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الشَّكُّ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ 260= وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَهُوَ تَرْجِيحُ جِهَةِ الصَّوَابِ، وَالْوَهْمُ رُجْحَانُ جِهَةِ الْخَطَأِ
يكون بقي عليه شي من الفوائت فتقع عن السنن الرواتب، فيقرأ فيها الفاتحة والسورة.
وبهذا التقرير سقط ما قيل: لعله أن يقرأ في الظهر وما بعده بحذف لفظ سنة؛ لأن السنة ذات الأربع يجب أن يقرأ في كل ركعة الفاتحة والسورة.(2/408)
بقي أن يقال: ظاهر كلام "المصنف" أنه يشرع فيها بنية السنة وليس كذلك؛ إذ الفريضة لا تتأدى( ( )في (جـ)، (د) تتأتى.) بنية السنة بل ينوي الفريضة مع القراءة في الكل "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/240.) بتصرف.
فالمراد من قول "المصنف": الأفضل أن يقرأ في سنة الظهر إلخ أي: أن يقرأ في هذه الفروض الفاتحة والسورة في جميع الركعات؛ لاحتمال وقوعها عن السنن بأن لم يبق عليه شيء من الفوائت.
260= قوله: وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ( ( )ينظر: التحقيق في تعريفات المصطلاحات – الظن، اليقين، الخ – في المبحث الأول لهذه القاعدة. ص/117-120 /.). قيل: كأنه أراد بجهة الصواب مطابقة( ( )في (ب) موافقة.) القواعد، وبجهة الخطأ عدمها، فالظن حينئذ: الطرف الراجح المطابق، كما أن الوهم: الطرف الراجح غير المطابق، وسكت عن الطرف المرجوح المطابق وغير المطابق، والمعروف أن الوهم: الطرف المرجوح مطلقاً. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/240.).
وَأَمَّا أَكْبَرُ الرَّأْيِ وَغَالِبُ الظَّنِّ 261= فَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إذَا أَخَذَ بِهِ الْقَلْبُ، وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّامِشِيُّ فِي أُصُولِهِ.
262= وَحَاصِلُهُ
263= أَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ ; لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ التَّرَدُّدَ بَيْنَ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ(2/409)
قوله/( ( )بداية 156/ب من النسخة (ب).): فَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إذَا أَخَذَ بِهِ الْقَلْبُ [وفي بعض النسخ فهو الطرف الراجح]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) قيل: إن أراد بأخذ القلب: الجزم، فهو/( ( )بداية 300 من النسخة (جـ).) ينافي كونه راجحاً، والفرض أنه كذلك وإن أراد: أقصى مراتب الظن؛ بحيث يقرب من مرتبة الجزم فلا بأس به "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/240.).
262= قوله: وَحَاصِلُهُ الخ.أي حاصل ما ذكره "اللامشي" في أصوله( ( )«أصول اللامشي»: لبدر الدين محمودٍ بن زيد الحنفي. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/81.) وفيه نظر؛ إذ لا يفهم ذلك مما ذكره "اللامشي". "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/240.).
263= قوله: أَنَّ الظَّنَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ. قيل عليه: ينبغي أن يقال: الظن يطلق عند الفقهاء على أحد شقّي التردد؛ لأنه قد يترجح بوجه ما ثم يزول الترجيح بمعارض له، فسموه ظناً باعتبار ذلك الحال وبنوا عليه الحكم في الحال( ( )في (أ)، (د) المال.) فيحصل
264= سَوَاءٌ اسْتَوَيَا، أَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا، وَكَذَا قَالُوا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْف دِرْهَمٍ فِي ظَنِّي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ; لِأَنَّهُ لِلشَّكِّ ( انْتَهَى ). وَغَالِبُ الظَّنِّ عِنْدَهُمْ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ، وَهُوَ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَهُمْ فِي الْأَبْوَابِ، صَرَّحُوا فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُتَحَقِّقِ، وَصَرَّحُوا فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْوُقُوعَ لَمْ يَقَعْ، وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَقَعَ(2/410)
بذلك التوفيق بين كلامهم في الأصول وكلامهم في الفروع، ولا ينبغي الجزم بأنه عند الفقهاء مطلقاً من قبيل الشك؛ لئلا يتوهم تركهم استعماله بمعنى الطرف الراجح أصلاً "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/241.).
264= قوله: سَوَاءٌ اسْتَوَيَا الخ.أقول: قد/( ( )بداية 117/ب من النسخة (ب).) وقع التصريح بذلك في الأصل قال في «الذخيرة»: ومعنى الشك: استواء الظنين، هكذا ذكره "محمد" في الأصل، وفي بعض الشروح المعتبرة ناقلاً عن «المحيط» ما نصه: وأما إذا شك في غروب الشمس فأفطر ثم تبين أنها لم تغرب لزمه/( ( )بداية 133/ب من النسخة (د).) الكفارة كذا قال الفقية "أبو جعفر".
وفي «السراج»( ( )«السراج»: وهو «السراج الوهاج الموضح لكل طالب محتاج»: للإمام أبي بكر المعروف بالحدادي العبادي،وهو شرح لمختصر القدوري، شرحه في ثلاث مجلدات،وعده المولى المعروف ببركلي من جملة الكتب المتداولة الضعيفة غير المعتبرة،ثم اختصر هذا الشرح وسماه الجوهرة النيرة، وجرد السراج الوهاج الشيخُ الفقيهُ أحمدٌ بن محمد إقبال،وسماه: «البحر الزاخر».ينظر كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1631،هدية العارفين1/126.): شك المقتدي هل كبر قبل الإمام أو بعده؟ يحكم بأكبر رأيه، فإن
.........................................................................................
استوى الظنان يجزيه حملاً لأمره على الصواب. كذا في «الفتاوى».( ( )الفتاوى الهندية للبلخي 1/69.)
وبه ظهر أن ما قاله "الأتقاني" في شرحه «للهداية»( ( )واسم شرحه: «غاية البيان ونادرة الأقران».ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/2022،هدية العارفين1/445.): الشك: تساوي الطرفين، والظن: عبارة عن رحجان الطرفين اصطلاح أصولي لا اصطلاح فقهي.
[مطلب: سوء الظن]( ( )ما بين المعقوفين ورد في (جـ). فقط.)(2/411)
تكميل: قال في «الروضة»( ( )«الروضة في فروع الحنفية»: للناطفي أحمد بن محمد بن عمر أبي العباس الناطفي الطبري الفقيه الحنفي من أهل الري، توفي عام 446هـ،تلميذ الجرجاني، وكتابه هذا صغير الحجم مثير الفائدة وفيه فروع غريبة.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 1/931،الأعلام للزكلي1/213.): سوء الظن مباح/( ( )بداية 157/أ من النسخة (أ).) عند ظهور علامة السوء، ويحرم عند ظهور علامة حسنة الخ. "البيري".
قوله: غَالِبُ الظَّنِّ عِنْدَهُمْ( ( )غلبة الظن: بحث الفقهاء أحكام غلبة الظن في باب الطهارة في تمييز الطاهر من الأواني والملابس والمياه والأماكن إذا اختلط بنجس مشابه له، وتمييز أيام الحيض من أيام الطهر بالنسبة لمن نسيت عدد أيام حيضها واشتبه عليها الأمر بسبب الاستحاضة، وفي معرفة جهة القبلة لمن اشتبهت عليه إذا اجتهد وغلب على ظنه أن القبلة في جهة، وفي دخول وقت الصلاة لمن اشتبه عليه ولم يهتد إليه لكونه محبوسا، أو لوجود غيم ونحوه، وفي من شك في الصلاة كم ركعة صلاها، وفي تمييز الفقير وغيره = = من أصناف الزكاة عن غيره، وفي معرفة دخول شهر رمضان وطلوع الفجر، وغروب الشمس للصائم إذا اشتبه عليه ذلك بحبس ونحوه، وفي الحج إذا شك الحاج هل أحرم بالإفراد أو بالتمتع أو بالقران، وفي من التبست عليه المذكاة بالميتة أو وجد شاة مذبوحة ببلد فيه من تحل ذبيحته من المسلمين وأهل الكتاب ومن لا تحل ذبيحته، ووقع الشك في ذابحها، وفي الدماء دماء اللوث في باب القسامة. وتفصيل كل هذه المسائل في أبوابها الفقهية في أمهات الكتب الفقهية عند جمهور الفقهاء.) مُلْحَقٌ ................................................
....................................................................................(2/412)
بِالْيَقِينِ( ( )في (أ) بالتعين.) الخ. قال في«غاية البيان»( ( )« غاية البيان ونادرة الأقران في آخر الزمان»: لأمير كاتب، قوام الدين، الفارابي الأتقاني، الحنفي، المتوفى سنة 758هـ، ذكر فيه: أنه لما نوى أن يشرح الهداية، سمع به تاج الشريعة - وهو من أكابر عصره - فقال: لا يليق بشأنه، فرجع عما نواه، وشرع في أن يصنف كتابا مثل الهداية، فألف الوافي على أسلوب الهداية، ثم شرحه وسماه بالكافي، فكأنه شرح الهداية. أشار الزركلي إلى أنه مخطوط. ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1997، الأعلام للزركلي 2/14، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/4.): غلبة الظن: قائمة مقام العلم في العبادات. انتهى.
وفي «المستصفى»( ( )«المستصفى شرح النافع المستوفى»: للإمام عبد الله بن أحمد بن محمود، حافظ الدين، أبي البركات، النسفي الحنفي، المتوفى سنة 710هـ، وأصل الكتاب هو شرح لمنظومة النسفي - المتوفى سنة 537هـ - في الخلاف، وعدد أبياتها 2669 بيتاً، ثم اختصر المستصفى بكتاب سماه المصفى وهو كتاب مخطوط كما أشار الزركلي. ينظر كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1867، هدية العارفين 1/464 الأعلام للزركلي 4/67، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 6/32.): غلبة الظن: أقيمت مقام العلم في مواضع، كما في المهاجرة والشهادة والتحري وغير/( ( )بداية 301 من النسخة (جـ).) ذلك. انتهى.
.........................................................................................
وفي «النهاية»: وغالب الرأي كالتحقيق في وجوب العمل بأخبار الآحاد والآي المأولة( ( )في (أ) التوله، وفي (د) المولة.) والمخصوصة( ( )في(أ) و(جـ) و(د) المخصوص.) والبينات( ( )في (أ) والبيان.). "بيري".(2/413)
وقال "الغزي": ومما بني على ذلك أي: على غالب الظن ملحق باليقين مسألة التحري قالوا: لو اختلط المساليخ المذكاة بالمساليخ الميتة وليس هناك علامة تميز: يتحرى إن كانت الغلبة للمذكاة، وإن كانت الغلبة للميتة، أو استويا لا يتحرى إلا عند المخمصة.
وإذا اختلطت الثياب الطاهرة بالثياب النجسة في السفر: إن كان له ثوب طاهر صلى فيه وإن لم يكن يتحرى بكل حال.
وإذا اشتبهت الأواني البعض طاهر والبعض نجس( ( )مسألة: (اختلاط الأواني): إذا اختلطت الأواني التي فيها ماء طاهر بالأواني التي فيها ماء نجس، واشتبه الأمر، ولم يكن معه ماء طاهر سوى ذلك، ولا يعرف الطاهر من النجس: فإن كانت الغلبة للأواني الطاهرة، يتحرى عند الحنفية وبعض الحنابلة؛ لأن الحكم للغالب، وباعتبار الغالب لزمه استعمال الماء الطاهر، وإصابته بتحريه مأمولة، ولأن جهة الإباحة قد ترجحت. وإن كانت الغلبة للأواني النجسة أو كانا متساويين، فليس له أن يتحرى إلا للشرب حال الضرورة، إذ لا بديل له، بخلاف الوضوء فإن له بديلا. وظاهر كلام أحمد وأكثر أصحابه عدم جواز التحري، وإن كثر عدد الأواني الطاهرة.
وعند الشافعية يجوز التحري في الحالين، فيتوضأ بالأغلب؛ لأنه شرط للصلاة، فجاز التحري من أجله كالقبلة................................................................................... =(2/414)
= وذهب المالكية إلى أنه إذا كان عنده ثلاث أوان نجسة أو متنجسة واثنتان طهوران، واشتبهت هذه بهذه، فإنه يتوضأ ثلاثة وضوآت من ثلاث أوان عدد الأواني النجسة، ويتوضأ وضوءاً رابعاً من إناء رابع، ويصلي بكل وضوء صلاة. وحكى ابن الماجشون من المالكية قولاً آخر، وهو أنه يتوضأ من كل واحد من الأواني وضوءاً ويصلي به.ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 4/164، فتح القدير لابن الهمام 2/276، أنوار البروق في أنواء الفروق للقرافي 2/101، مواهب الجليل للحطاب 1/170، قواعد الأحكام في مصالح الأنام للإمام العز بن عبد السلام 2/22 و57، والمجموع شرح المهذب للنووي 3/ 78، المغني لابن قدامة 1/49، القواعد لابن رجب /241/.): إن كانت الغلبة للطاهر
.........................................................................................
يتحرى، فيريق الذي في أكبر رأيه أنه نجس ويستعمل الطاهر، وإن كانت الغلبة للنجس أو استويا لا يتحرى، هذا في حال( ( )في (ب) حالة.) الاختيار أما في حالة الاضطرار: يتحرى للشرب بالإجماع ولا يتحرى للوضوء عندنا ويتيمم، والأفضل أن يصب ذلك الماء أو يخلط( ( )في (أ)، (د) يخلطه.) بعضه ببعض، فيصير كعادم الماء حتى يكون أبعد من الخلاف؛ لأن من الناس من يقول يتحرى وهو قول "الإمام الشَّافِعِيَّ " [رضي الله عنه( ( )ينظر: الأم الشافعي8/111، والمجموع شرح المهذب للنووي 1/238.)]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)،(د).).
وعلى هذا الحكم المائعات كالدهن والخل واللبن والشراب/( ( )بداية 156/ب من النسخة (أ).).
ومن فروع ذلك: أنهم أجازوا قتل المسلم بغلبة الظن فيما/( ( )بداية 118/أ من النسخة (ب).) إذا دخل عليه/( ( )بداية 135/أ من النسخة (د).) بيته
.........................................................................................(2/415)
شخص وغلب( ( )في (ب) وغلبت) [ على ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (جـ)، (ب).) ظنه أنه سارق( ( )مسألة: (دفع الصائل على المال): ذهب الحنفية - وهو الأصح عند المالكية - إلى وجوب دفع الصائل على المال وإن كان قليلاً لم يبلغ نصاباً، فإذا لم يتمكن من دفع الصائل على ماله إلا بالقتل فلا شيء عليه، ولم يفرقوا بين ماله ومال غيره. إلا أن المالكية: اشترطوا للوجوب أن يترتب على أخذه هلاك، أو شدة أذى، وإلا فلا يجب الدفع اتفاقاً.
وذهب الشافعية: إلى أنه لا يجب الدفع عن المال؛ لأنه يجوز إباحته للغير، إلا إذا كان ذا روح أو تعلق به حق غيره، كرهن وإجارة فيجب الدفاع عنه، وهذا كله إذا لم يخش على نفس، أو على بضع، ويستثنى عندهم من جواز الدفاع عن المال صورتان: إحداهما: لو قصد مضطر طعام غيره، فلا يجوز لمالكه دفعه عنه، إن لم يكن مضطراً مثله، فإن قتل المالك الصائل المضطر إلى الطعام وجب فيه القصاص. والأخرى: إذا كان الصائل مكرهاً على إتلاف مال غيره، فلا يجوز دفعه عنه، بل يلزم المالك أن يقي روحه بماله، كما يتناول المضطر طعامه، ولكل منهما دفع المكره.
وذهب الحنابلة إلى أنه: لا يلزمه الدفاع عن ماله على الصحيح، ولا مال غيره، ولا حفظه من الضياع والهلاك؛ لأنه يجوز بذله لمن أراده منه ظلماً، وترك القتال على ماله أفضل من القتال عليه. وقيل: يجب عليه الدفاع عن ماله. أما دفع الإنسان عن مال غيره فيجوز ما لم يفض إلى الجناية على نفس الطالب، أو شيء من أعضائه.(2/416)
وقال جماعة من الحنابلة: يلزمه الدفاع عن مال غيره مع ظن سلامة الدافع والصائل، وإلا حرم الدفاع. قالوا: ويجب عليه معونة غيره في الدفاع عن ماله مع ظن السلامة، ولأنه لولا التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم، لأن قطاع الطريق إذا انفردوا بأخذ مال إنسان - ولم يعنه غيره - فإنهم يأخذون أموال الكل، واحداً واحداً.ينظر: فتح القدير لابن الهمام 5/434، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم 5/75، الأم للشافعي 4/235، وأسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري 4/168، شرح مختصر خليل للخرشي 8/112، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/357، المغني لابن قدامة 9/152، الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 10/203.).
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الِاسْتِصْحَابِ، وَهُوَ 265= كَمَا فِي التَّحْرِيرِ: الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَمْ يُظَنَّ عَدَمُهُ
ومنها: لو جامعها زوجها ثم اغتسلت، فخرج منها مني الزوج لا يجب عليها الغسل؛ لعدم غلبة ظنها أنه منيها( ( )ينظر: الفتاوى الهندية للبلخي 1/14، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/172.) اهـ.
والذي يظهر [أن]( ( )مابين المعقوفين ساقط من (جـ)، (د).) جواز قتله مشروط بما إذا لم يمكن دفعه إلا بقتله.(2/417)
265= قوله: وَهُوَ( ( )أي: الاستصحاب وقد تم تعريفه في الأبحاث السابقة عند الكلام على القاعدة[الفرعية الخامسة ] «الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ» ص/ /.) كَمَا فِي «التَّحْرِيرِ» الخ.وقال غيره: هو الحكم [بثبوت أمر في وقت آخر))، وهذا يشمل( ( )في (أ) شمل.) نوعيه( ( )في (أ) نوعين.) وهما( ( )الاستصحاب - عند من يقول به - نوع من الأدلة التي تثبت بها الإباحة وغيرها من الأحكام. و للاستصحاب أنواع ثلاثة متفق عليها، هي: أ - استصحاب العدم الأصلي، كنفي وجوب صلاة سادسة، ونفي وجوب صوم شوال. ب - استصحاب العموم إلى أن يرد المخصص، كاستصحاب النص إلى أن يرد ناسخ، كوجوب جلد كل قاذف زوجا أو غيره، إلى أن ورد الناسخ الجزئي، بالنسبة للزوج دون غيره. ج- استصحاب حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه، كالملك عند جريان العقد الذي يفيد التمليك، وكشغل الذمة عند جريان إتلاف أو إلزام، فيبقى الملك والدين إلى أن يثبت زوالهما بسبب مشروع. ينظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي /408، والبحر المحيط للزركشي 8/13.): جعل الحكم]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).) الثابت في الماضي مصاحباً للحال، أو جعل الحال مصاحباً لذلك الحكم. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/241.).
وَاخْتُلِفَ فِي حُجِّيَّتِهِ فَقِيلَ حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَنَفَاهُ كَثِيرٌ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ الْفُحُولُ الثَّلَاثَةُ أَبُو زَيْدٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ 266= حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا
267= ; لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ(2/418)
266= قوله: حُجَّةٌ( ( )حجيته: اختلف الأصوليون في حجية الاستصحاب على أقوال أشهرها: أ - قال المالكية، وأكثر الشافعية، والحنابلة بحجيته مطلقاً، أي في النفي والإثبات. ب - وقال أكثر الحنفية، والمتكلمين بعدم حجيته مطلقاً. ج - ومنهم من قال بحجيته في النفي دون الإثبات، وهم أكثر المتأخرين من الحنفية.ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 1/255و256، البحر المحيط للزركشي 8/15، التقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير حاج1/290، شرح الكوكب المنير للفتوحي 590، حاشية العطار على شرح الجلال المحلي 2/388.) لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ. أي: لدفع إلزام الغير لا لإلزام الغير "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/242.).
267= قوله: لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الخ.تعليل( ( )في (أ) بقليل.) لكون/( ( )بداية 302 من النسخة (جـ).) الاستصحاب ليس حجة مطلقاً لا في الدفع ولا في الإثبات فقوله: لِأَنَّ الدَّفْعَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ: تعليل لعدم حجيته في الدفع، وقوله: لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ لَيْسَ مُوجِبَ بَقَائِهِ: تعليل( ( )في (أ) تعليلا.) لعدم حجيته في الإثبات "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/242.).
268= ; لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ لَيْسَ مُوجِبَ بَقَائِهِ فَالْحُكْمُ بِبَقَائِهِ بِلَا دَلِيلٍ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ
269= وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ الشِّقْصُ إذَا بِيعَ مِنْ الدَّارِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي مِلْكَ الطَّالِبِ فِيمَا فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمِنْهَا: الْمَفْقُودُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا وَلَا يُورَثُ وَقَدَّمْنَا فُرُوعًا مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ فِي قَاعِدَةِ أَنَّ الْحَادِثَ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ.(2/419)
268= قوله: لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُجُودِ( ( )في (أ) الوجوب.) الخ. أي: المثبت لحكم في الشرع( ( )في (أ) المشروع.) لا يوجب( ( )في (أ) و(جـ) و(د) موجب.) بقاءَه؛ لأن حكمه الإثبات، والبقاء [غير الثبوت فلا يثبت به البقاء كالإيجاد لا يوجب البقاء]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) ؛ لأن حكمه الوجود لا غير يعني: لما كان الإيجاد علة للوجود لا للبقاء لم يثبت [به البقاء حتى صرح بالإفناء بعد( ( )في (أ) بعدم.) الإيجاد]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) ولو كان الإيجاد موجب للبقاء كما هو كان موجباً للوجود لما تصور الإفناء بعد الإيجاد؛ لاستحالة الفناء مع البقاء، وما( ( )في (د) ما.) صح الإفناء علم أن الإيجاد لا يوجب البقاء "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/242.).
269= قوله: وَمِمَّا فُرِّعَ عَلَيْهِ. أي: على أنه حجة في الدفع لا في الاستحقاق ......
270= وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ: صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ الضَّمَانَ فَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فِيهَا فَالْقَوْلُ لِلصَّابِّ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ.
[بدليل قوله]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).): وَقَدَّمْنَا فُرُوعًا مَبْنِيَّةً الخ.إذ ما قدمه صريح/( ( )بداية 158/أ من النسخة (أ).) في أنه حجة في الدفع لا في الاستحقاق خلافاً لما يظهر من سياق كلامه؛ لاقتضائه أنه تفريع على ما ذكره في «التحرير» من عدم حجيته أصلاً.
270 = قوله: صَبَّ دُهْنًا الخ.أقول: ظاهر هذا الكلام أنه لا يضمن[ الدهن وهو مشكل؛ إذ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) الدهن المتنجس مال بدليل جواز بيعه( ( )مسألة (بيع الدهن المتنجس):(2/420)
يرى جمهورُ الفقهاء المالكيةِ والشافعيةِ والحنابلةِ على المشهور والأصحِ من مذاهبهم عدم صحة بيع الدهن المتنجس؛لأن أكله حرامٌ بلا خلاف،ولأنه نجس،فلم يجز بيعه قياساً على شحم الميتة.
وذهب الحنفيةُ والمالكيةُ على مقابل المشهور عندهم والشافعيةُ في وجه: إلى صحة بيع الدهن المتنجس؛ لأن تنجيسه بسقوط النجاسة فيه لا يسقط مِلْكَ صاحبه عنه،ولا يُذهِبُ جملة المنافع منه،ولا يجوز أن يتلف عليه فجاز له أن يبيعه ممن يصرفه فيما كان له هو أن يصرفه.وروي عن الإمام أحمد جواز بيع الدهن المتنجس لكافر يعلم نجاسته.ينظر: المبسوط للسرخسي10/197،بدائع الصنائع للكاساني1/66، التاج والإكليل للعبدري 6/57،58، مواهب الجليل للحطاب 4/258، والمجموع شرح المهذب للنووي 4/335، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربيني 2/341،الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي 4/281، كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 3/156.) فهو قابل للتمليك والتملك فيكون مالاً معصوماً.
.........................................................................................
قلت: ونقل في « البزَّازِيّةِ » ( ( )الفتاوى البزازية6/196( على هامش الفتاوى الهندية ).وينظر الفتاوى الهندية للبلخي 5/128،و مجمع الضمانات للبغدادي /457/.) في موضع آخر الضمان؛ حيث قال: أراق زيت مسلم أو سمنه وقد وقعت فيه فأرة يضمن قيمته.
وأنت ترى أن هذا( ( )في (ب) هذي.) الكلام بحسب الظاهر متناقض،قلت: الذي يظهر/( ( )بداية 118/ب من النسخة (ب).) أنه لا تناقض في كلامه؛ لوجوب حمل الضمان المنفي على ضمان المثل/( ( )بداية 135/ب من النسخة (د).)؛ لأنه غير واجب في الصورة المذكورة، وحمل الضمان المثبت على ضمان القيمة، فيرتفع التناقض.(2/421)
قلت: ويؤخذ من هذا تقييد حسن لقولهم( ( )في (ب) ويؤخذ من هذا تقييد حسن بقولهم.) المثلي ماحصره( ( )في (أ) حصله.) كيل أو وزن أي: وكان على الصفة الأصلية من الطهارة فإن خرج عنها بالتنجس صار قيمياً الخ ما ذكره "الغزي"( ( )ينظر: زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر للغزي "مخطوط" ورقة( 57/ب ).).
ووجه ما ذكره من وجوب حمل/( ( )بداية 303 من النسخة (جـ).) الضمان المنفي على ضمان المثل أنه المتبادر في المثليات عند الإطلاق "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/243.).
271= وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَدَمِ النَّجَاسَةِ
ولو ذكر "البزازي" لفظ إنسان بدل مسلم [فيما سبق من قوله: أراق زيت مسلم]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (أ).) الخ.كان أولى.
والجواب أنه أراد بالمسلم المعصوم فشمل الذمي.
قوله: لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ. الظاهر أن المسألة من فروع العمل بالاستصحاب؛ لأن الأصل عدم الضمان فيدفع[ به]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (ب).) دعوى المالك. "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/243.).
والمراد بالضمان في قوله( ( )في (أ) قول المصنف.): لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ وفي قول "المُحَشِّي"( ( )أي: الحموي.)؛ لأن الأصل عدم الضمان: ضمان المثل، وترك التنبيه على ذلك اكتفاء بما سبق.
271= قوله: وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ الخ.كأنه جواب عن سؤال يتوهم وروده وهو/( ( )بداية 159/ب من النسخة (أ).): أن الظاهر أن الضمان يكون مستنداً إلى شهادة الشهود، فدفع بذلك؛ لأن الشهادة بعدم النجاسة شهادة على النفي "حَمَوِِيّ"( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/243.).
272= وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ طَوَّافٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ(2/422)
273= وَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذَكِيٌّ بِحُكْمِ الْحَالِ.
274= قَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَهِيَ: أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا فَلَمَّا طُلِبَ مِنْهُ الْقِصَاصَ قَالَ: كَانَ ارْتَدَّ، أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا، أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا يُسْمَعُ، فَأَجَابَ وَقَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ: كَانَ الْقَتْلُ كَذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى حُكِمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ
272= قوله: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ طَوَّافٍ الخ.قال "المقدسي": يحتاج للفرق بين الدهن واللحم اهـ.
أقول: في «حاشية الغزي» ما يفيد الفرق، ونصه: ((وإن أتلف زيت غيره أو سمنه أو خله فقال: أتلفته لكونه نجساً؛ لأنه مات فيه فأرة، فالقول قوله؛ لأن النجس قد يباع في السوق. [وإن أتلف لحم القصاب في السوق [فقال]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (جـ)، (د).): أتلفته لكونه ميتة ضمن؛ لأن الميتة لا تباع في السوق)) اهـ]( ( )ما بين المعقوفين ساقط من (د).).
وأقول: يمكن الفرق أيضاً بأن ترك الذكاة الشرعية منسوب إلى المكلف ولا يحمل حاله عليه بخلاف وقوع الفأر. كذا بخط بعض "الأفاضل".
273= قوله: وَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذَكِيٌّ الخ.أي: يسعهم أداء هذه الشهادة، وإن لم تكن الشهادة شرطاً في تضمينه، بخلاف الشهادة على عدم تنجس الدهن؛ حيث لا يسعهم ذلك لما أشار إليه "المُحَشِّي" من كونها شهادة على النفي.
274= قوله: قَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ. فالقاضي ممن يقول بما ذكره في «التحرير» من عدم حجيته أصلاً.
275= وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ، أَوْ يَحْلِفَ.(2/423)
276= وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمَالِ
قوله: وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ. معطوف على قوله: فِي الْمَالِ وحينئذ فالصواب/( ( )بداية 119/أ من النسخة (ب).) أن/( ( )بداية 136/أ من النسخة (د).) يقال: وفي الدم بالحبس أي: لا بالنكول قال "ابن الديري"( ( )"ابن الديري": أبو السعادات، سعد الدين بن محمد بن عبد الله، القاضي النابلسي، ثم الدمشقي الحنفي، المعروف بابن الديري، المتوفى سنة 867هـ، من تصنيفاته: تكملة الغاية في شرح الهداية للسروجي: ( من أول كتاب الأيمان إلى أثناء المرتد ). ينظر: معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 4/213، هدية العارفين 1/385، الأعلام للزركلي 3/87.) في «تكملته لشرح الهداية»: وظاهر عباراتهم أنه/( ( )بداية 304 من النسخة (جـ).) في حبسه لا يطعم ولا يسقى ليأتي بما وجب عليه من الإقرار أو اليمين وفي «البيانية»( ( )«البيانية»: لم أجده.) مثله أو أصرح "حَمَوِِيّ" ( ( )غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر 1/244.) عن «رمزالمقدسي»( ( )«رمز المقدسي» وهو كتاب «أوضح رمز في شرح نظم الكنز» أي: كنز الدقائق في فروع الفقه الحنفي،للأمام علي بن محمد بن خليل بن محمد ابن محمد بن إبراهيم بن موسى المعروف بابن غانم المقدسي نور الدين الحنفي نزيل القاهرة ولد سنة 920هـ وتوفي سنة 1004هـ.ينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1516، هدية العارفين 1/750، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 7/195.).
276= قوله: وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ /( ( )بداية 160 /أ من النسخة (أ).)أي في المال.
277= وَبِخَمْسِينَ يَمِينًا فِي الدَّمِ ( انْتَهَى ).
277= قوله: وَبِخَمْسِينَ يَمِينًا الخ.هذا إذا كان موجب القتل القسامة( ( )القسامة في اللغة: الأيمان تقسم على أولياء القتيل إذا ادعوا الدم. ومن معانيها الهدنة: تكون بين العدو والمسلمين. ومن معانيها: الحسن.(2/424)
والقسامة في الاصطلاح عند الحنفية: هي أن يقول خمسون من أهل المحلة إذا وجد قتيل فيها: بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا.
وقال المالكية - كما ذكر ابن عرفة - إن القسامة هي حلف خمسين يمينا أو جزءا منها على إثبات الدم.
وهي عند الشافعية: اسم للأيمان التي تقسم على أولياء الدم. وعند الحنابلة: هي الأيمان المكررة في دعوى القتيل.ينظر: مختار الصحاح للرازي /223/، لسان العرب لابن منظور 12/481، بدائع الصنائع للكاساني 7/286، الفتاوى الهندية للبلخي 6/77، شرح حدود ابن عرفة/484/، مواهب الجليل للحطاب 6/269، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفراوي 2/178، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج 4/164، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي 9/50، المغني لابن قدامة8/382،الإنصاف في مسائل الخلاف للمرداوي10/139.)، أما إذا كان القاتل معلوماً فيكفي يمين واحدة. كذا بخط بعض "الأفاضل".
وفيه نظر؛ إذ لا يعلم القاتل إلا بعد الإثبات عليه بالبينة ولا وجه لطلب اليمين بعد الثبوت؛ لأنه إنما تطلب يمينه أي: يمين المدعى عليه عند عجز المدعي عن الإثبات بالبينة، فالظاهر أن المراد من كونه معلوماً أي: بحسب دعوى الولي لكن دعوى القتل على واحد معين لا ينافي وجود( ( )في (د) وجوب.) القسامة لتصريحهم بأنه إذا ادعى القتل على واحد من أهل المحلة التي وجد القتيل بها لا يسقط القسامة عنهم اللهم إلا أن يحمل كلامه على ما إذا ادعى القتل على واحد من أهل المحلة؛ لسقوط القسامة عنهم اللهم إلا أن يحمل كلامه على ما إذا ادعى القتل على واحد لا من أهل المحلة لسقوط القسامة عنهم حينئذ.
والحمد لله رب العالمين
الخاتمة
أبان البحث أنَّ الفقه الإسلامي من أجل العلوم الشرعية قدراً وأعظمِها نفعاً فهو نظام شامل للحياة ووسيلة للسعادة في الدارين.(2/425)
أظهر البحث أنَّ علم القواعد الفقهية من أجل وأفضل العلوم المنبثقة عن الفقه الإسلامي .
انتهى البحث إلى أنَّ القواعد الفقهية أصل فقهي يتضمن أحكاماً تشريعية عامة متعددة في القضايا التي تدخل تحت موضوعه.
أثبت البحث أن القواعد الفقهية أعم معنىً وأكثر اتساعاً للفروع من الضوابط .
وضح البحث أن الفرق الأساسي بين قواعد أصول الفقه وقواعد الفقه يكمن في أن القاعدة الأصولية تمثل الوسط بين الأدلة والأحكام حيث يستنبط بواسطتها الحكم من الدليل التفصيلي وموضوعها الدليل والحكم ، في حين أن القاعدة الفقهية قضية كلية جزئيتها بعض مسائل الفقه وموضوعها فعل المكلف .
بيّن البحث أن للقواعد الفقهية دوراً بارزاً في تيسير الفقه الإسلامي ولمِّ شتاته عن طريق نظم الفروع المبددة المتناثرة في إطار واحد .
أوضح البحث أن القواعد الفقهية كثيراً ما تكون محل اتفاق بين الفقهاء من حث عمومية لفظها لا من حيث ما يندرج تحتها من الفروع .
أثبت البحث أننا إذا تأملنا في كثيرٍ من القواعد الفقهية وجدناها مبنية على رفع الحرج والتيسير في هذا الدين .
كشف البحث على أن هذه القواعد وليدة الأدلة الشرعية والحجج الفقهية خصوصاً القواعد الأساسية الخمس فإنها مستوحات من النصوص المتكاثرة .
أكد البحث على أن علم القواعد الفقهية اليوم من العلوم الهامة التي نستطيع أن نخرِّج عليها ونتعرف من خلالها على أحكام النوازل والمستجدات الراهنة.
نوه البحث على أن أبا السعود حنفي المذهب واسع الإطلاع على آراء المذاهب الأخرى.
أظهر البحث أن أبا السعود أخذ عن غيره الكثير متوخياً الدقة واضعاً الأمانة العلمية نصب عينيه فتراه يشير إلى كل نقل قد أخذ منه.
كشف البحث أنّ قاعدة «اليقينِ لا يزول بالشك» تعد من أوسع القواعد الكلية تطبقاً وأكثرها امتداداً في أبواب الفقه وأن ثلاثة أرباع مسائل الفقه مخرجة عليها.(2/426)
أعطى البحث خلاصة مفادها: أن لقاعدة «اليقين لا يزول بالشك» مزية خاصة تقتضي أن يكون لها حكم تتميز به عن كثير من القواعد فالذي يترجح عندنا أنها صالحة لتكون من قواعد الاستنباط عند عدم وجود نص يتناول المسألة المجهول حكمها.
انتهى البحث إلى أن عالمنا أبا السعود رحمه الله تجشم عناء الكتابة والتأليف والجمع لهذه الفروع المتناثرة من قرابة ثلاثين كتاباً قد ذكر أغلبها في مخطوطنا وعن عشرين علماً تقريباً من أعلام الأمة الإسلامية ، فجزاه الله عنا وعن الأمة الإسلامية كل خير والحمد لله رب العالمين
***************************
{ الفهرس العام للمقدمة والدراسة والتحقيق }
الفصل
العنوان
الصفحة
الإهداء
..............................................
2
المقدّمة
...............................................
3
خطة البحث
أولاً:المقدمةتتضمن مبحثين:
ثانياً: التمهيد ويتضمن أربعة مباحث:
ثالثاً: القسم الأول: الدراسة
وتتضمن فصلين هما:
الفصل الأول: القواعد الفقهية.
ويتضمن سبعة مباحث هي:
الفصل الثاني:
التعريف بالمؤلف ومخطوه.
ويتضمن مبحثين:
المبحث الأول: المؤلِّف
(محمد أبو السعود).
المبحث الثاني: المؤلَّف (المخطوط).
رابعاً:القسم الثاني: التحقيق
ويتضمن مايلي:
الفهرس العام لقاعدة اليقين لا يزول بالشك
خامساً: الخاتمة:
وتتضمن أهم النتائج
الفهارس العامة
................................................
المبحث الأول: أهمية هذا المخطوط. ........................
المبحث الثاني: الباعث على تحقيقه...........................
المبحث الأول: التعريف بعلم الفقه وأصول الفقه............
المبحث الثاني: أهمية الفقه وأصوله وصلتهما بالحياة...........
المبحث الثالث: تطورهما واعتناء العلماء بهما..................
المبحث الرابع: لمحة عن أئمة الفقه ومدارسهم ..............
المبحث الأول: تعريف القواعد الفقهية......................(2/427)
المبحث الثاني: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية...
المبحث الثالث: الفرق بين القاعدة والضابط.................
المبحث الرابع: أهمية القواعد الفقهية وفوائدها...............
المبحث الخامس: مناهج المؤلفين في القواعد الفقهية..........
المبحث السادس: كتب القواعد الفقهية......................
المبحث السابع: التعريف بكتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم وشروحه......................................................
اسمه، نسبته، كنيته............................................
مولده، نشأته، وفاته...........................................
أسرته..........................................................
حياته العلمية والثقافية.........................................
شيوخه وتلاميذه...............................................
كتبه وآثاره.....................................................
عصره من النواحي السياسية –الاجتماعية –الاقتصادية........
عنوان المخطوط ونسبته إلى مؤلفه...............................
وصف نسخه..................................................
أهميته وقيمته العلمية...........................................
أقوال العلماء فيه...............................................
منهج المؤلَّف..................................................
مصادره.......................................................
تقويم المخطوط...............................................
المآخذ على المخطوط...........................................
مصطلحات المخطوط.........................................
منهج التحقيق................................................
نماذج من صور المخطوط.......................................
النص المحقق..................................................(2/428)
معنى القاعدة وشرح مفرداتها..................................
دليل القاعدة...................................................
قاعدة [فرعية (1) ] «الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ» رقم المتن 22......................................................
[قَاعِدَةٌ فرعية (2)]«الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ» رقم المتن 51..........
[قَاعِدَةٌ فرعية (3)]«مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَمْ لَا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ» رقم المتن54............................................
[قَاعِدَةٌ فرعية (4 )] «الْأَصْلُ الْعَدَمُ» رقم المتن 109........
قاعدة[فرعية (5) ] «الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ» رقم المتن 139................................................
[قاعدة فرعية(6)]«هل الأصل في الأشياء الإباحة»؟. رقم المتن 171.....................................................
[قَاعِدَةٌ فرعية (7)] « الْأَصْلُ فِي الْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ » رقم المتن 178.........................................................
[قَاعِدَةٌ فرعية (8)]«الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ» رقم المتن 203...
[خَاتِمَةٌ فِيهَا فَوَائِدُ] رقم المتن 247..............................
الخاتمة........................................................
فهرس موضوعات قاعدة: «اليقين لا يزول بالشك »............
5
10
11
14
19
23
26
33
37
39
41
43
45
56
65
66
66
68
68
70
71
85
86
91
91
92
92
94
95
96
98
104
117
117
130
153
186
190
245
277
315
345
370
338
489
491
فهرست: ثبت المراجع والمصادر حسب الترتيب الأبجدي
أولاً: القرآن الكريم
أبجد العلوم: لصديق حسن خان القنوجي المتوفى سنة 1307هـ طبعة: دار الكتب العلمية بيروت 1978، تحقيق:عبد الجبار زكار.(2/429)
أبحاث حول الفقه الإسلامي وتاريخه وتطوره: د. مصطفى الخن الطبعة الأولى 2000. دار الكلم الطيب دمشق.
إحكام الأحكام: لعلي بن محمد الآمدي المتوفى سنة 631هـ طبعة:. دار الكتاب العربي بيروت طبعة:1404 الطبعة الأولى تحقيق د. سيد الجميلي .
أحكام القرآن: لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المتوفى سنة 543هـ طبعة: دار الفكر للطباعة بيروت تحقبق محمد عبد القادر عطا .
إحياء علوم الدين: للغزالي تقديم ومراجعة صدقي محمد جميل العطار . طبعة دار الفكر بيروت 1995.
الاختيار لتعليل المختار: للموصلي. تحقيق: علي عبد الحميد أبو الخير و محمد وهبي سليمان دار الخير.
الآداب الشرعية والمنح المرعية: لابن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 673هـ طبعة: مؤسسة قرطبة .
إدرار الشروق على أنواء الفروق: لابن الشاط. طبعة: عالم الكتب بيروت .
الاستيعاب في معرفة الأصحاب: لابن عبد البر الأندلسي المتوفى سنة 463هـ طبعة: دار الجيل الطبعة الأولى سنة 1412هـ تحقيق: علي محمد البجاوي.
الأشباه والنظائر: لابن نجيم في أعلى حاشية الحموي ( غمز عيون البصائر على الأشباه والنظائر ) طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
الأشباه والنظائر: للسيوطي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1403هـ .
الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني طبعة: دار الجيل بيروت الطبعة الأولى 1412هـ تحقيق علي محمد البجاوي .
أصول السرخسي: للإمام محمد أبي بكر السرخسي طبعة: دار المعرفة بيروت .
إعانة الطالبين في حل ألفاظ فتح المعين: للسيد البكري طبعة: دار الفكر بيروت.
إعلام الموقعين عن رب العالمين: لابن قيم الجوزية طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
الأعلام: للزركلي طبعة: دار العلم للملايين بيروت الطبعة الخامسة .
الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: للشربيني طبعة: دار الفكر بيروت 1415 تحقيق: مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر .(2/430)
إكمال شرح المجلة: لمحمد طاهر الأتاسي، الطبعة: الأولى مطبعة: حمص 1930م .
الأم: للشافعي طبعة: دار المعرفة بيروت 1393 الطبعة: الثانية .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: للمرداوي طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي .
أوضح الإرشادات فيمن تولى مصر والقاهرة من الوزراء والباشاوات: لأحمد شلبي الحنفي المتوفى 1150هـ تحقيق د. عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم القاهرة عام 1978 توزيع مكتبة الخانجي بمصر.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون: لإسماعيل باشا البغدادي، طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت.
الإيضاح في علوم البلاغة: للخطيب القزويني، تحقيق الشيخ: بهيج غزاوي دار: إحياء العلوم بيروت الطبعة الرابعة عام 1998.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق: لابن نجيم طبعة: دار الكتاب الإسلامي.
البحر المحيط في أصول الفقه: للزركشي طبعة: دار الكتبي .
بدائع الفوائد: لابن قيم الجوزي تحقيق: سيد عمران وعامر صلاح، دار الحديث القاهرة عام 2002.
بداية المجتهد: لابن رشد القرطبي طبعة: دار الفكر بيروت .
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية: للخادمي الحنفي طبعة: دار إحياء الكتب العربية.
بلغة السالك لأقرب المسالك:للصاوي المالكي ( حاشية الصاوي على الشرح الصغير ) طبعة: دار المعارف بمصر .
تاج العروس:من جواهر القاموس: للمرتضى الزبيدي، منشورات مكتبة الحياة بيروت .
التاج والإكليل لمختصر خليل: لأبي عبد الله محمد بن يوسف العبدري المالكي الشهير بالمواق المتوفى سنة 897هـ طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
تاريخ الأقطار العربية الحديثة: للوتسكي. ترجمة:عفيفة البستاني دار القدم موسكو.
تاريخ العرب الحديث والمعاصر( مصر والسودان): ليوسف نعيسة. مطبعة الدوادي طبعة:2 دمشق عام 2000.
تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .(2/431)
تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام: لابن فرحون اليعمري المالكي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت.
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: للزيلعي الحنفي المتوفى سنة 743هـ طبعة: دار الكتاب الإسلامي القاهرة 1313هـ .
تجريد الفوائد الرقائق في شرح كنز الدقائق: للشلبي ( على هامش تبيين الحقائق ) طبعة: دار الكتاب الإسلامي القاهرة 1313هـ .
التجريد لنفع العبيد: ( حاشية البجيرمي على شرح منهج الطلاب ): للبجيرمي الشافعي طبعة: دار الفكر العربي.
تحرير تنقيح اللباب: لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري/81/:مطبعة مصطفى البابي الحلبي طبعة: 1 عام 1958.
تحفة الحبيب على شرح الخطيب: للبجيرمي ( حاشية البجيرمي على الخطيب ) طبعة: دار الفكر بيروت .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج: لابن حجر الهيتمي طبعة: دار إحياء التراث العربي .
التعريفات: للجرجاني طبعة: دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الأولى 1405 تحقيق إبراهيم الأبياري .
تفسير البيضاوي: طبعة: دار الفكر بيروت.
تفسير الطبري: طبعة: دار الفكر بيروت 1405هـ .
تفسير القرآن العظيم: للحافظ ابن كثير الدمشقي الشافعي طبعة: دار الفكر بيروت 1401هـ .
تفسير القرطبي( الجامح لأحكام القرآن): طبعة: دار الشعب القاهرة .
تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلاني طبعة: دار الرشيد دمشق سوريا الطبعة الأولى 1406هـ - 1986 تحقيق محمد عوامة .
التقرير والتحبير في شرح التحرير: لابن أمير حاج طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
تكملة المجموع شرح المهذب: للسبكي طبعة: دار الفكر بيروت .
التلويح على التوضيح: للتفتازاني طبعة: مكتبة صبيح بمصر .
التمهيد: لابن عبد البر طبعة: وزارة عموم الأوقاف في المغرب 1387هـ تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري .
تنوير البصائر على الأشباه والنظائر : لشرف الدين الغزي بن عبدالقادر ، (مخطوط) توجد نسخة من في مكتبة الأسد الوطنية برقم (13728).(2/432)
تهذيب الأسماء واللغات: للنووي طبعة: دار الفكر بيروت الطبعة الأولى 1996م تحقيق مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر .
تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني طبعة: دار الفكر بيروت الطبعة الأولى 1404هـ 1984م .
تهذيب الكمال: للحافظ المزي طبعة: مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الأولى 1400هـ 1980م تحقيق د. بشار عواد معروف .
جامع الفصولين: لابن قاضي سماوه المتوفى /823هـ/ طبعة 1 بالطبعة الأزهرية سنة 1300هـ. قديمة من مكتبة الأسد برقم /و3276/.
الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية: لعبد القادر بن أبي الوفاء طبعة: مير محمد كتب خانة في كراتشي باكستان .
الجوهر النقي: لابن التركماني المارديني الحنفي تحقيق: محمد عبد القادر عطى، دار: الباز مكة عكرمة عام 1994.
الجوهرة النيرة: للعبادي الحنفي طبعة: المطبعة الخيرية .
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: طبعة: دار الفكر بيروت تعليق محمد عليش.
حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام (على هامش درر الحكام ) طبعة: دار إحياء الكتب العربية .
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح: طبعة: المطبعة الكبرى بمصر الطبعة الثالثة 1318هـ .
حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني: طبعة: دار الفكر بيروت .
حاشية العطار على شرح الجلال المحلي: لحسن بن محمد بين محمود العطار الشافعي . دار الكتب العلمية بيروت.
حاشية العلامة التفتازاني وحاشية الشريف الجرجاني على مختصر المنتهى الأصولي: دار الكتب العلمية بيروت لبنان طبعة:2 عام 1983.
حاشية ملا مسكين أو فتح الله المعين على شرح الكنز: للعلامة محمد منلا مسكين. مطبعة: ابراهيم المويلحي القاهرة 3 أجزاء توجد في مكتبة الأسد في القسم النوادر تحت رقم /و4618ن/.
حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج طبعة: دار إحياء الكتب العربية .
الحدود الأنيقة: للشيخ زكريا الأنصاري طبعة: دار الفكر المعاصر بيروت الطبعة الأولى 1411 تحقيق د . مازن مبارك .(2/433)
حروف المعاني:لأبي القاسم الزجاج، تحقيق:علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة بيروت 1984 الطبعة الأولى.
حواشي الشرواني: لعبد الحميد الشرواني، دار الفكر بيروت.
خزانة الأدب وغاية الأرب : لتقي الدين ابن حجة الحموي طبعة: دار ومكتبة هلال بيروت 1987م الطبعة الأولى تحقيق عصام شقيو .
الخزانة التيبمورية: مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة.
خلاصة الأثر: للمحبي ، دار صادر بيروت.
الدر المختار للحصكفي ( في أعلى صفحة حاشية ابن عابدين ) طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
درر الحكام شرح غرر الأحكام: لمنلا خسرو طبعة: دار إحياء الكتب العربية.
درر الحكام شرح مجلة الأحكام: لعلي حيدر طبعة: دار الجيل بيروت .
الدرر الكامنةفي أعيان المائة الثامنة: للحافظ شهاب الدين أبي الفضل العسقلاني ، مراقبة محمد عبد المعين ضان، نشر مجلس دائرة المعارف حيدر أباد الطبعة الثانية عام 1972.
الدولة العثمانية تاريخ ووثائق: لمحمود علي عامر. دار: الرحاب طبعة الأولى دمشق 2001.
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: لأبي الحسن علي بن بسام الشنتريني المتوفى سنة 542هـ طبعة: دار الثقافة بيروت سنة 1417هـ 1997م تحقيق إحسان عباس .
الذخيرة: لشهاب الدين القرافي ، تحقيق محمد حجي ، دار الغرب بيروت عام 1994.
رد المحتار على الدر المختار: لابن عابدين طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
روح المعاني: للآلوسي طبعة: دار إحياء التراث بيروت .
روضة الطالبين وعمدة المفتين: للنووي طبعة: المكتب الإسلامي بيروت الطبعة الثانية 1405هـ .
روضة الناظر وجنة المناظر:لابن قدامة المقدسي . تحقيق د. عبد الكريم نملة . دار العصمة الطبعة السادسة 1998.
روضة الناظر: لابن قدامة المقدسي الحنبلي طبعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الرياض الطبعة الثانية 1399 تحقيق د. عبد العزيز عبد الرحمن السعيد .(2/434)
زواهر الجواهر النضائر على الأشباه والنظائر: لصالح بن محمد بن عبد الله الخطيب التمرتاشي الغزي، (مخطوط) توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية برقم ( 5193).
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر: لمحمد خليل المرادي تحقيق : أكرم حسن العلبي دار صادر بيروت الطبعة الأولى عام 2001.
سنن ابن ماجه: للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني المتوفى سنة 275هـ طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي .
سنن أبي داود: للإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة 275هـ تحقيق وترقيم محمد محيي الدين عبد الحميد.
سنن الترمذي: للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى سنة 279 طبعة: دار الكتب العلمية ترقيم أحمد شاكر .
سنن الدارقطني: طبعة: دار المعرفة بيروت 1386هـ 1966م تحقيق السيد عبد الله هاشم يماني المدني .
السنن الكبرى: للإمام البيهقي المتوفى سنة 458هـ طبعة: مكتبة دار الباز في مكة المكرمة 1414 1994 تحقيق محمد عبد القادر عطا .
سنن النسائي: طبعة: مكتب التربية لدول الخليج العربي ترقيم عبد الفتاح أبو غدة .
سير أعلام النبلاء: للذهبي طبعة: مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة التاسعة 1413 تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي .
شذرات الذهب:لابن العماد الحنبلي ، تحقيق عبد القادر الأرناؤط ومحمود الأرناؤوط دار ابن كثير دمشق الطبعة الأولى.
شرح القواعد الفقهية:للشيخ مصطفى الزرقا . بقلم مصطفى أحمد الزرقا (ابن المؤلف) بتنسيق د. عبد الستار أبو غدة دار القلم الطبعة السابعة مطبعة: جامعة دمشق 1983م .
شرح حدود ابن عرفة ( أو الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية ) طبعة: المكتبة العلمية.
شرح مختصر خليل: للخرشي المالكي طبعة: دار الفكر بيروت .
شرح مختصر خليل: للخرشي طبعة: دار الفكر بيروت .(2/435)
الشقائق النعمانية:لطاشكبري زادة، دار الكتاب العربي بيروت عام 1975.
صبح الأعشى: للقلقشندي الفزاري المتوفى سنة 821هـ طبعة: وزارة الثقافة دمشق 1981م تحقيق عبد القادر زكار .
الصحاح ( تاج اللغة وصحاح العربية ) : لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد بن عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين بيروت .
صحيح البخاري: للإمام البخاري طبعة: دار الريان القاهرة ( مع فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ) ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي .
صحيح مسلم: للإمام مسلم بن الحجاج النيسابري طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت ( مع شرح النووي ) ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي .
صفوة الصفوة: لابن الجوزي أو صفة الصفوة لأبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ طبعة: دار المعرفة بيروت 1399هـ - 1979م الطبعة الثانية تحقيق محمود فاخوري – د.محمد رواس قلعه جي .
الضوء اللامع: لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي ، منشورات دار مكتبة بيروت.
طبقات الحفاظ : للسيوطي المتوفى سنة 911هـ طبعة: دار الكتب العلمية بيروت 1403 الطبعة الأولى .
طبقات الفقهاء: لأبي إسحاق الشيرازي المتوفى سنة 476هـ طبعة: دار القلم بيروت تحقيق خليل الميس .
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ طبعة: مطبعة المدني في القاهرة تحقيق د. محمد جميل غازي .
عجائب الآثار في التراجم والأخبار:لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي ، مطبعة دار الكتب المصرية في القاهرة عن طبعة بولاق عام 1998.
العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية: لابن عابدين طبعة: دار المعرفة بيروت .
عمدة ذوي البصائر لحل مهمات الأشباه والنظائر : لأبراهيم بن حسين بيري زادة (مخطوط) توجد نسخة منه في مكتبة الأسد الوطنية برقم (6504).
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية: للشيخ زكريا الأنصاري طبعة: المطبعة الميمنية .
غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر: للحموي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت.(2/436)
فتاوى ابن نجيم: لابن نجيم. تحقيق:عثمان محمد ناعورة مكتبة الفجر طبعة: 1 عام 2002 م.
الفتاوى البزازية:لحافظ الدين المعروف بابن البزاز الكردري على هامش الفتاوى الهندية طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة 1980.
الفتاوى الخانية: لقاضي خان على هامش الفتاوى الهندية طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة 1980.
فتاوى الرملي: الشافعي المتوفى سنة 957هـ طبعة: المكتبة الإسلامية.
الفتاوى الفقهية الكبرى: لابن حجر الهيتمي الشافعي طبعة: المكتبة الإسلامية .
الفتاوى الكبرى: لابن تيمية المتوفى سنة 728هـ طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
الفتاوى الهندية: للبلخي وجماعة من علماء الهند الأعلام طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة 1980.
الفتاوى الْوَلْوَالِجيَّةِ:لأبي الفتح ظهير الدين ابن عبد الرزاق الولواجي تحقيق مقداد بن موسى فريوي. دار الكتب العلمية ط1.
فتح الباري: لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب دار المعرفة بيروت.
فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: لمحمد عليش طبعة: دار المعرفة بيروت .
فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب: للشيخ سليمان الجمل طبعة: دار الفكر بيروت .
الفروع: لابن مفلح المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 763هـ طبعة: عالم الكتب بيروت .
الفروق في اللغة: لأبي هلال العسكري مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقمسنة 1412هـ.
الفروق: للقرافي ( أو أنوار البروق في أنواع الفروق ) طبعة: عالم الكتب بيروت .
الفروق:للكرابيسي طبعة: وزارة الأوقاف الكويتية .
الفصول في الأصول:للجصاص طبعة: وزارة الأوقاف الكويتية الطبعة الثانية .
الفقه الإسلامي وأصوله: د. وهبة الزحيلي دار الفكر دمشق الطبعة الثالثة 1989.
فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت:للشيخ الأنصاري بهامش المستصفى للغزالي ، طبعة بولاق.(2/437)
الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: للنفراوي المالكي طبعة: دار الفكر بيروت .
القاموس المحيط: للفيروز آبادي طبعة: مؤسسة الرسالة بيروت .
قواعد الأحكام في مصالح الأنام: للإمام العز بن عبد السلام الشافعي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت.
القواعد الفقهية:لعلي أحمد الندوي دار القلم دمشق الطبعة الخامسة 2000.
القواعد: لابن رجب الحنبلي طبعة: دار الفكر بيروت.
كتاب الحيوان: للجاحظ ، تحقيق : عبد السلام محمد هارون دار الجيل بيروت عام 1996.
كشاف القناع عن متن الإقناع: للبهوتي الحنبلي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
كشف الأسرار شرح أصول البزدوي: للبخاري طبعة: دار الكتاب الإسلامي .
كشف الظنون: لحاجي خليفة طبعة: دار الكتب العلمية بيروت 1413هـ 1992م .
الكليات: لأبي البقاء الكوفي فهرسة د. عدنان درويش ومحمد المصري طبعة: مصر.
لسان العرب:لابن منظور طبعة: دار صادر بيروت الطبعة: الأولى .
اللمع: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ، دار الكتب العلمية بيروت عام 1985.
المبسوط: للسرخسي الحنفي طبعة: دار المعرفة بيروت .
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: لمحمد شيخي زاده طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت .
مجمع الضمانات:للبغدادي الحنفي طبعة: دار الكتاب الإسلامي.
المجموع شرح المهذب: للنووي طبعة: المطبعة المنيرية .
المحصول: للرازي طبعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض الطبعة الأولى 1400هـ تحقيق طه جابر فياض العلواني .
المحلى: لابن حزم الظاهري طبعة: دار الفكر بيروت .
مختار الصحاح: للرازي طبعة: مكتبة لبنان بيروت 1415هـ 1995م تحقيق محمود خاطر .
مختصر المعاني: للتفتازاني طبعة: دار الفكر قم مؤسسة آل البيت مطبعة قدس / قم الطبعة الأولى 1411هـ.
المختصر في تاريخ مصر من أقدم العصور حتى الاحتلال البريطاني: لعلي عبد المنعم شعيب. دار ابن زيدون للطباعة بيروت لبنان الطبعة الأولى.(2/438)
المدخل إلى تاريخ مصر الحديث من الفتح العثماني إلى الاحتلال البريطاني: لرجب حراز. مطبعة: دار النهضة العربية القاهرة .
المدونة الكبرى: للإمام مالك طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
مسالك الأبصار في ممالك الأمصار: للعمري: شهاب الدين أحمد بن يحيى . تحقيق المركز الإسلامي للبحوث بيروت الطبعة الأولى .
المستصفى: للغزالي، تحقيق محمد عبد السلام الشافي، دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى.
المستطرف في كل فن مستظرف: للأبشيهي طبعة: دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الثانية 1406هـ - 1986م تحقيق مفيد محمد قميحة .
المسند: للإمام أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى سنة 241هـ طبعة: مؤسسة التاريخ العربي ودار إحياء التراث العربي بيروت سنة الطبع 1991م .
المشرق العربي في العهد العثماني: لعبد الكريم رافق .طبعة: جامعة دمشق 2002.
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: للفيومي طبعة: المكتبة العلمية بيروت.
المصنف: لابن أبي شيبة طبعة: دار الفكر بيروت .
مطالب أولي النهى في شرح المنتهى: للرحيباني طبعة: المكتب الإسلامي بيروت .
المطلع على أبواب المقنع: لأبي الفتح البعلي طبعة: المكتب الإسلامي بيروت 1401هـ - 1981م تحقيق محمد بشير الإدلبي .
معجم الصحابة: لعبد الباقي البغدادي طبعة: مكتبة الغرباء الأثرية المدينة المنورة الطبعة الأولى 1418 تحقيق صلاح بن سالم المصراتي .
معجم الطبراني الكبير: للطبراني المتوفى سنة 360هـ طبعة: مكتبة العلوم والحكم في الموصل العراق طبع سنة 1404هـ 1983م الطبعة الثانية تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي.
معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت مكتبة المثنى بيروت .
معجم المطبوعات العربية: ليوسف إليان سركيس طبعة: بهمن قم 1410 طبعة: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي .
المعجم الوسيط:لمجموعة من العلماء طبعة: دار إحياء التراث العربي .(2/439)
المعيار المعرب والجامع المعرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب:للونشريسي. دار العرب الإسلامي بيروت التحقيق: بإشراف د. محمد صبحي.
المغرب: للمطرزي طبعة: دار الكتاب العربي .
مغنى اللبيب: لجمال الدين بن هشام الأنصاري ، تحقيق : د. مازن المبارك و محمد علي حمد الله ، دار الفكر دمشق الطبعة: السادسة عام 1985.
مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: للشربيني طبعة: دار الكتب العلمية بيروت .
المغني: لابن قدامة المقدسي الحنبلي طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت.
مفتاح دار السعادة ومنشور ولية العلم والإرادة : لابن قيم الجوزية ،دار الكتب العلمية بيروت .
مقدمة ابن خلدون: الطبعة الرابعة لبنان. دار: إحياء التراث العربي .
المنتقى شرح الموطأ:للباجي طبعة: دار الكتاب الإسلامي .
المنثور في القواعد الفقهية: للزركشي طبعة: وزارة الأوقاف الكويتية.
منح الجليل شرح مختصر خليل: للعليش طبعة: دار الفكر بيروت.
الموافقات:للشاطبي. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد . مصر، مطبعة محمد علي صبيح .
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: للحطاب طبعة: دار الفكر بيروت .
نزهة النواظر على الأشباه والنظائر: لابن عابدين، على هامش الأشباه والنظائر لابن نجيم ، تحقيق: محمد مطيع الحافظ دارالفكر دمشق الطبعة الأولى عام 1983.
نهاية السول في شرح منهاج الأصول: للأسنوي: دار ابن حزم ط1 تحقيق د.شعبان محمد اسماعيل.
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج:للرملي طبعة: دار الفكر بيروت .
النهاية في غريب الحديث والأثر: لابن الأثير الجزري طبعة: المكتبة العلمية بيروت 1399هـ تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي .
هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين:لإسماعيل باشا البغدادي طبعة: دار إحياء التراث العربي بيروت .
وَفَيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لابن خلِّكان طبعة: دار الثقافة لبنان تحقيق إحسان عباس .
*********************(2/440)