تعليقات أصولية حديثية
على المرشد المعين على الضروري من علوم الدين
المشهور بـ" ابن عاشر "
جمع وترتيب:فرج حسن البوسيفي
بسم الله الرحمن الرحيم
رب سير وأعن
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله، اللهم عرفنا قدره، وعمِّر أوقاتنا وشرفها بالصلاة والسلام عليه.
وبعد: فهذه فوائد انتخبتها لكتابي "الدليل المباشر على متن ابن عاشر"، وهذه التعليقات التقطها من كتاب مفتاح الوصول، للشريف التلمساني، وكتاب انتصار الفقير السالك، لترجيح مذهب الإمام مالك، لشمس الدين محمد بن محمد الراعي الأندلسي رحمهما الله تعالى.وغيرها من الكتب، واعتمدت على الأول، وطريقتي في هذه الفوائد أن جمعت الأشباه والنظائر من المسائل المبعثرة ضمن قواعد شتى، وأدرجتها تحت الأبيات المعنية من النظم المذكور، أعني متن ابن عاشر رحمه الله.
والله يقبله بفضله آمين
كتاب الطهارة
فصل وتحصل الطهارة بما من التغير بشيء سلما
(قوله: من التغيير بشيء سلما) وأما قول ( في نبيذ التمر: ثمرة طيبة وماء طهور، فالجواب أنه من اللفظ المحتمل للتركيب، أي مجموع من ثمرة طيبة ومن ماء طهور، لا أنه بعد المزج والتركيب يصدق عليه أنه ثمرة طيبة، وأنه ماء طهور، ألا ترى أن الخمسة تركبت من زوج وفرد، أي من اثنين وثلاثة، ولا يصدق كل واحد منهما بانفراده على الخمسة، إذ لا يصدق على الخمسة أنها زوج، وكما تقول في المزّ، إنه حلو حامض، فإنه يصدق هذا الكلام على المز، ولا يصدق عليه أنه حلو وحده، ولا أنه حامض وحده، فثبت أن اللفظ قد يصدق حالة التركيب على معني لا يصدق عليه حالة التفصيل، فمن الجائز أن يكون قوله ( "ثمرة طيبة وماء طهور" مما يصدق مجموعاً ولا يصدق مفردا، ولا يتم الاستدلال به إلا إذا كان يصدق مفرداً.
والحنفية يردون علينا بأن النبي توضأ به، وأن الحديث المراد به التفصيل لا التركيب.(1/1)
ولو ولغ فيه الكلب، فقد سأل رسول ( أيتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال نعم: وبما أفضلت السبع، والكلب سبع، فانبح في عموم السباع، وهذا على قاعدة: إذا دخلت الألف واللام على الاسم أفادت فيه العموم، سواء كان مفرداً أو جمعا على خلاف في ذلك.
وغسل وجه غسله اليدين ومسح رأس غسله الرجلين
(قوله:ومسح رأس) أي كله.
قال محمد بن عبد الحكم:
قلت للشافعي (الإمام) لأي شئ أجزتم أنه إذا مسح الإنسان بعض رأسه في الوضوء وترك بعضا أنه يجزيه؟
قال: من سبب الباء الزائدة في قوله تعالى:(وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ( ولم يقل رؤوسكم.
قلت له: فما ترى في التيمم إذا مسح الإنسان بعض وجهه وترك بعضا؟
قال: لا يجزيه.
قلت: ولم قال الله: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ(.
فسكت، ولم يجد جوابا.
وقال القاضي عبد الوهاب في الممهد: لم يقل أحد من أهل اللغة والعربية أن الباء في كلام العرب للتبعيض. والنقل عن الكوفيين والفارسي لم يثبته الأئمة، وضعيف عند أهل اللغة والحكم إذا علق باسم وجب استيفاء ما يتناوله.
والباء في قوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم(تفيد التعميم لقوله تعالى في التيمم: (فامسحوا بوجوهكم(، وإذا لم تصلح الباء للمنع من التعميم وجب التعميم، ونقل عن العرب أنها للتأكيد، وقد وردت زيادتها كثيراً للتأكيد لقوله تعالى (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ( أي إلحاد، وكذلك قوله تعالى (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ( أي جذع النخلة، وحكي الفراء عن العرب: أنها تقول: هزّه وهزّ به، وأخذ الخطام وأخذ به، ومد يده ومد بيده، وتقول العرب: حسيت صدره وبصدره، ومسحت رأسه وبرأسه، ولما كانت في مسح التيمم تأكيداً بالاتفاق، وجب أن تكون ها هنا كذلك.
والدليل على أن المسح على جميع الرأس، أنه ( مسح بناصيته وعلى العمامة، فلو كفاه المسح على الناصية لا قتصر عليه، ولو كفاه المسح على العمامة لا قتصر عليه.(1/2)
وقول المخالف يحتمل أن يكون هذا في وضوء واحد، ويحتمل أن يكون في وضوءين: مسح بناصيته في وضوء، ومسح على العمامة في وضوء، ومع هذا لا دليل على المنع من الاقتصار على أحدهما.
وجواب أصحابنا: أن المغيرة راوي الحديث ذكر أنه وضوء واحد.
وكونه مرة واحدة لأنه من باب ما ثبت من فعله ( على سبيل الإجمال بقصد القربة إلى الله تعالى، وفعله صلى الله عليه وسلم بما روى عنه أنه توضأ ثلاثا فيه إجمال، لا يتناوله، لأن الوضوء مأخوذ من الوضاءة وهي النظافة، والنظافة مخصوصة بالغسل، فكأنه قال: غسل رسول الله ( ثلاثا فلم يدخل فيه المسح.
(قوله: وغسلُه الرجلين) لموافقة عمل الصحابة على قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ( بالنصب، فيكون معطوف على قوله (وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ(، وما نقل عنهم ولا عن التابعين رضوان الله عليهم إلا الغسل لا المسح.
مضمضة استنشاق استنثار……ترتيب فرضه وذا المختار
(قوله:ترتيب فرضه وذا المختار) لقوله (: ابدءوا بما بدأ به الله، وجعله المؤلف رحمه الله من السنن مع أنه أمر، لوروده عاماً على سبب مخصوص، والعام إذا ورد على سبب مخصوص وجب أن يقصر على سببه، وهو أن الصحابة رضوان الله عليهم سألوا رسول ( حيث نزلت (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ( فقال: بم نبدأ يا رسول الله؟ فقال: ابدءوا بما بدأ الله به.
وغائط نوم ثقيل مذي سكر وإغماء جنون ودي
(قوله: نوم ثقيل) لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن النوم المستغرق ينقض الوضوء، وأما مخالفة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، فالحجة مع الجماعة لأنه يبعد أن يكون ما تمسك به المخالف النادر أرجح مما تمسك به الجمهور الغالب.
إلطاف مرأة كذا مس الذكر… والشك في الحدث كفر من كفر(1/3)
(قوله: مس الذكر) فإن قيل إن نقض الوضوء بمس الذكر مما تعم به البلوى، والحديث إذا لم يكن متوتراً فيما تعم به البلوى لا يعتبر حجة عند الحنفية، وقد قال أبن معين ثلاثة لا يصح فيها عن النبي ( شئ: لا نكاح إلا بولي، ومن مسَّ ذكره فليتوضأ، وكل مسكر حرام.
والجواب: أن الحديث لا يرد إذا توفرتْ فيه شروط القبول، ولأن سبب الرد لم يبينه ابن معين، ولعل له فيه مذهب لا يُساعَد عليه.
وحديث: "من مس ذكره فليتوضأ"، مقدم على حديث طلق بن على: "وهل هو إلا بضعة منك"، وذلك أنه إذا علم تاريخ الحكم، وعلم تاريخ إسلام راوي الخبر المعارض له عن ذلك التاريخ، كما إذا احتج أصحاب أبي حنيفة: على أن مس الذكر لا ينقض الوضوء، لحديث أبي داود و الترمذي والنسائي، وصححه ابن حبان، عن طلق بن على قال: أتيت رسول الله ( وهو يؤسس مسجد المدنية، فسأله رجل عن مس الذكر: أينقض الوضوء؟ فقال: وهل هو إلا بضعة منك؟ فجواب أصحابنا أنه منسوخ بخبر أبي هريرة الذي أخرجه الأربعة وصححه الترمذي من قوله (: "من مس ذكره فليتوضأ"، وأبو هريرة أسلم بعد بناء المسجد بسنين، فقد قال رضي الله عنه: قدمتُ المدينة …بخيبر، وعلى المدينة سباع بن عرفطة.
(قوله: كفر من كفر) لقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ(، فقد ورد النص المطلق في حكم واحد، على سبب واحد، فبمجرد الردة انتقض الوضوء، ولو تاب هذا المرتد لزمه الوضوء، وإن لم يحدث، وهذا الرأي يجيب عنه المخالف بقوله: هذه الآية وإن وردت مطلقة، فإنه يجب أن تقيد بالوفاة على الكفر، لقوله تعالى (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( لأن المطلق يجب رده إلى المقيد.(1/4)
فجواب الأولين: أنه سبحانه قال في آخر الآية (وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( فرتب حكمين، وهما حبط العمل والخلود في النار على وصفين، وهما الردة والتوفي على الكفر، وإذا كان كذلك، فمن الجائز أن يكون الحكم الأول وهو حبط العمل مرتبا على الوصف الأول وهو الردة، ويكون الحكم الثاني وهو الخلود في النار مرتباً على الوصف الثاني وهو التوفي على الكفر.
وجاز الاستجمار من بول ذكر كغائط لا ما كثير انتشر
(قوله: وجاز الاستجمار) ولم يحدد العدد، للحديث المجمل: من استجمر فليوتر، وذلك لأن اللفظ يحتمل معنيين، إن حمل على إحداهما أفاد فائدة واحدة، وإن حمل على المعنى الآخر أفاد فائدتين، فالوتر يحتمل أن يتعلق بالفعل نفسه، ويحتمل أن يتعلق بالجار، فإن تعلق بالفعل نفسه لم يقتض الوترية في الجمار، لاحتمال أن يستجمر بشفع من الجمار وتراً، وإن تعلق بالجمار تعين الوتر في الفعل.
تبدأ في الغسل بفرج ثم كف عن مسه ببطن أو جنب الأكف
(قوله: تبدأ في الغسل بفرج ثم كف عن مسه): فمن لم يلمسه ولم يحدث يجزأه الغسل عن الوضوء، دليلنا قوله تعالى (حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ( فإن مفهومه إن اغتسلتم فلكم أن تقربوا الصلاة، فلولا أن الغسل يجزيء عن الوضوء لم يكن للمغتسل أن يقرب الصلاة.
موجبه حيض نفاس انزال مغيب كمرة بفرج اسجال
(قوله: مغيب كمرة بفرج) انظر التعليق على قوله في أول كتاب الصلاة:( ونية بها ترام).
والأولان منعا الوطء إلى غسل والآخران قرآنا حلا
(قوله: والأولان منعا الوطء إلى غسل) لأن اسم الاستفهام يفيد العموم في كل ما يصلح له، ومنه حديث الرجل القائل: يا رسول الله "ما" يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال (: لتشدَّ عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها.
والكل مسجدا وسهو الاغتسال مثل وضوئك ولم تعد موال(1/5)
(قوله: والكل مسجداً) لقوله تعالى (لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ( والمراد: لا تقربوا مواضع الصلاة، فيقول المخالف هذا تقدير فيه إضمار والأصل عدمه، وجوابنا: أنه لما استثنى منه عابري السبيل، دل على أن المراد موضع الصلاة، لا نفس الصلاة، لاستحالة العبور في الصلاة نفسها، فإن قيل المراد بعابري السبيل المسافرون، قلنا: العبور إنما يكون في المسافة القصيرة، كما يقال عبرت القنطرة، ولا يقال عبرت ما بين طرابلس وبنغازي.
(فصل) لخوف ضر أو عدم ما… عوض من الطهارة التيمما
(قوله: لخوف ضر) حديث عمرو بن العاص احتلمت في ليلة باردة، والجواب على اعتراض الشافعية بأنه منقطع لأن راوية عبد الرحمن بن جبير لم يسمع من عمرو بن العاص والمنقطع لا يحتج به، فإنه متصل بواسطة أبي قبيس مولى عمرو بن العاص.
وصل فرضا واحدا وإن تصل… جنازة وسنة به يحل
(قوله: وصل فرضا واحداً) لكون الأمر يقتضي التكرار، وأما إجزاء الوضوء للصلوات الكثيرة فبدليل منفصل، وهو حديث يعلى بن أمية من أن النبي ( صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد.
ويرى فريق من الأصوليين أن الأمر يقتضي التكرار لحديث الأقرع بن حابس أو سراقة بن مالك لا أدرى أي الرجلين سأل رسول الله ( عام حجة الوداع فقال: يا رسول الله أحجنا لعامنا هذا أم للأبد -يعني هل يجزئنا حجنا عن عامنا هذا فقط- فنحتاج إلى تكرير حج في كل سنة أو يجزئنا للأبد؟ فقال رسول الله (: للأبد، فلولا أن الأمر المطلق يحتمل التكرار والمرة الواحدة لما حسن من السائل هذا السؤال.
ثم المولاة صعيد طهرا ووصلها به ووقت حضرا
(قوله: صعيد طهرا) بكل ما صعد على وجه الأرض، والأصل في الألفاظ التباين لا الترادف، وإن قال الشافعي الصعيد مرادف للتراب، والجوهري في الصحاح الصعيد التراب.
كتاب الصلاة
تكبيرة الإحرام والقيام … لها ونية بها ترام(1/6)
(قوله: تكبيرة الإحرام) لقوله (: تحريمها التكبير، وأما من لم يشترط التكبير وأجاز مطلق الدخول في الصلاة بأي ذكر كان، بقوله تعالى (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى( فهذا المطلق قيد بقوله ( تحريمها التكبير وخاصة إذا أتحدت صورة السبب والحكم، فلا خلاف أنه حينها يحمل المطلق على المقيد، ولا يحمل المطلق على المقيد إذا اختلف السبب والحكم لقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا( فاليد مطلقة، وقوله تعالى (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ( فاليد مقيدة لاختلاف السبب والحكم والصورة والأمثلة كثيرة وليست ضمن البحث.
والدليل على أن تكبيرة الإحرام (بلفظ التكبير) فرض، خلافا لمن يرى عدم الالتزام باللفظ، الحجة في ذلك قوله ( للأعرابي: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، والأمر للوجوب وحجة المخالف في مسائل كثيرة من الفقه أن الأمر المطلق يقتضي الندب.
وقد ذهب أبو بكر الأبهري من أصحابنا إلى أن أوامر الله تعالى تقتضي الوجوب، وأوامر رسول الله ( تقتضي الندب، والمحققون يرون جميعها للوجوب،ويحتجون على ذلك بأن تارك المأمور به عاص، كما أن فاعله مطيع، وقد قال تعالى (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي( وقال (وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا( وقال (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ(، وإذا كان تارك المأمور به عاصيا، كان مستحقا للعقاب، سواء كان ذلك في أوامر الله أو أوامر رسول الله ( لقوله تعالى (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ(.
وقد قال تعالى في أمر رسول ( (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( وقد امتنع ( عن الأمر بالسواك لأجل المشقة، فقال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك"، مع أن السواك مندوب إليه، فلو كان أمره للندب لما امتنع منه.(1/7)
والقاعدة: الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده، فجمهور الأصوليين والفقهاء: على أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ومنهم من قال: ليس نهياً عن ضده.
وحجة الجهور أن ضد المأمور به إما أن يكون مأموراً به أو منهياً عنه أو مباحاً، ولا يصح أن يكون مأموراً به، لأنه لا يصح الأمر بالضدين، لاستحالة الجمع بينهما، ولا يصح أن يكون مباحاً، وإلا لجاز له فعل الضد..
(قوله: ونية بها ترام) ويدخل ضمنها توحد النية بين الإمام والمأموم، ولا تصح صلاة مفترض خلف متنقل، وأما ما روى أن معاذا كان يصلي العشاء مع رسول الله ( ، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي بهم فهي له تطوع ولهم فريضة، والحديث في الصحيحين، فالجواب عليه أنه ليس فيه قوة في الاستدلال، لاحتمال أن يكون لم يبلغه (، وقد جاء في الصحيحين في حق الإمام لا تختلفوا عليه، وتوجيهه أن النبي ( كان يعلم الأئمة الذين يصلون في قبائل المدينة، لا سيما وقد ورد في الخبر: أن أعرابيا شكى معاذا إلى النبي ( مما يطول في الصلاة فقال له النبي (: أفتان أنت يا معاذ والحديث متفق عليه ومما يقوي احتمال عدم علمه ( بما خفي على الصحابى، احتجاج بعضهم بأن التقاء الختانين من دون إنزال لا يوجب الغسل، ويستدل من يقول بهذا الرأي بقول الصحابة رضوان الله عليهم: كنا نكسل على عهد رسول الله ( ولا نغتسل، والجواب عليه أن الإجماع قد انعقد على وجوب الغسل بالتقاء الختانين، لحديث الأربعة إلا النسائي.
فاتحة مع القيام والركوع والرفع منه والسجود بالخضوع(1/8)
(قوله: فاتحة) لحديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وحديث كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، ولا يرد هذا الدليل القول بالقراءة المطلقة هي الواجبة لقوله تعالى: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ( بهذه الآية قراءة الفاتحة، لأن النص المطلق ليس ناسخاً (رافعاً للحكم الشرعي)، والنص المطلق في الآية لا ينافي القيد، وخاصة أنه معين هنا بالفاتحة، فإذا وجب القيد كان زيادة على وجوب الأصل لا رافعاً له، أي ليس من باب الناسخ والمنسوخ.
والاعتدال مطمئنا بالتزام تبع مأموم بإحرام سلام
(قوله:والاعتدال مطمئناً) وكونُ الطمأنينة فرض لأمره ( في حديث الأعرابي بقوله:" ثم اركع حتى تطمئن راكعاً"،ويقول المعترض (من الحنفية): الركوع المطلق هو الفرض، والطمأنينة زيادة، فلو وجبت هذه الزيادة لكانت نسخاً للمُطْلَقَاتِ الثابتة بالقرآن، والأخبار الموجبة لهذه الزيادات أخبار آحاد، وأخبار الآحاد لا تكون ناسخة للقرآن، لأن المظنون لا ينسخ المقطوع.
والجواب: الزيادة على النص المطلق ليست بنسخ، والعبادة المطلقة المأمور بها من حيث هي لا تنافي شيئاً من القيود فأجزأت، ولم يجب قيد معين، فإذا وجب فلا تكون الثانية ناسخة لحكم الأولى، وقس على هذا كلام الناظم في وجوب الطهارة للطواف من كتاب الحج ووجوب الفاتحة من مطلق القراءة، بما يغنينا عن التكرار.
بالذكر والقدرة في غي الأخير تفريع ناسيها وعاجز كثير
(قوله: بالذكر والقدرة في غير الأخير) ويترتب على هذا البيت أن الناسي والعاجز عن استقبال القبلة وستر العورة ورفع الخبث، صلاتهم صحيحة؛ لأن الأصوليين اختلفوا في المكلف إذا فعل ما أمر به، هل يلزم انقطاع التكليف عنه أم لا؟ بل يجوز دوام التكليف؟ قولان.(1/9)
فمن لم يجد ثوباً فصلى عرياً، ثم وجد ثوباً، فيه قولان هل يعيد أو لا يعيد، بناءا على الأصل وكذلك من التبست عليه القبلة، فصلى إلى جهة غلب على ظنه أنها القبلة، ثم تبين أن القبلة غيرها ..
والمحققون من الأصوليين: يرون أن الأمر يقتضى إلا جزاء، وانقطاع التكليف عند فعل المأمور به، لأن الأمر إما أن يكون متناولاً لزيادة على ما أتى به المكلف أولا يكون متناولا للزيادة، فإن كان متناولا للزيادة: لم يكن المكلف حينئذ آتيا بكل ما أمر به، والفرض أنه آت بكل ما أمر به، وأن كان الأمر غير متناول للزيادة على ما أتى به المكلف انقطع الأمر والتكليف حينئذ، فصح أن الأمر بالشيء يقتضى الأجزاء ولهذا لا تبطل صلاة من عجز أو نسى الثلاثة المذكورة في البيت بقوله: بالذكر والقدرة.
وكرهوا بسملة تعوذا في الفرض والسجود في الثوب كذا
(قوله: وكرهوا بسملة تعوذا في الفرض ) لإجماع أهل مدنية رسول ( على كراهة البسملة في صلاة الفرض، وأعني بالإجماع نقلُ الكافة عن الكافة، وعملت به عملاً لا يخفى، ونقله الجمهور عن الجمهور عن زمن النبي (، قولا وفعلا، ويدخل ضمن مسألة البسملة الصاع والمد وأنه كان ( يأخذ من أهل المدنية (بصاعهم ومدهم) صدقاتهم وفطرتهم، واستمرار الأذان في مسجده والإقامة على ما وجد عليه مالك أسلافه، وما نقلوه من تركه ( لأمور وأحكام لم يلزمهم إياها مع شهرتها لديهم وظهورها فيهم كتركه أخذ الزكاة من الخضر وات مع علمه ( بكونها عندهم كثيرة.
وهذه حجة يلزمُ المصير إليها ويترك ما خالفها من خبر واحد أو قياس، فإن هذا النقل محقق معلوم موجبٌ القطع، فلا يترك لما يوجب غلبة الظنون، وإلى هذا رجع أبو يوسف وغيره من المخالفين ممن ناظر مالكا وغيره من أهل المدينة في مسألة الأوقاف والمد والصاع، حين شاهد النقل وتحققه.(1/10)
والمخالف يرد علينا بقوله: الخبر المتواتر يلزم برجوع إليه من أي وجه، والحجة في النقل، لا في المدنية ولا الكوفة ولا البصرة ولا مكة وأهل الآفاق سواء.
والحجة عندنا أن شرط التواتر تساوي طرفيه ووسطه، وهذا موجود في عمل أهل المدنية ونقلهم الجماعة عن الجماعة عن النبي ( والعمل في عصره، وإنما ينقل أهل البلاد من غيرها عن جماعتهم حتى يرجعوا إلى الواحد أو الاثنين من الصحابة، فرجعت المسألة إلى خبر الواحد، ولا يُستدل علينا بتواتر النقل في صيغة الأذان في مكة بين يدي رسول الله (، مع معارضة أذان المدينة الذي مات عليه رسول الله ( وكان هذا آخر الفعلين، وقال مالك لمن ناظرة في مسألة (أعني أذان مكة): ما أدرى ما أذان يوم ولا ليلة، هذا مسجد رسول الله ( يؤذن فيه عهده، ولم يحفظ عن أحد إنكار على من يؤذن فيه.
ما يطلب فيه القطع، فلا يجوز إثباته بالقياس، لأن القياس لا يفيد القطع.
وحديث عبد الله بن مغفل.. أي بني إياك والحدث.. الحديث وهو نص في أنهم كانوا لم يكونوا يقرؤونها سراً ولا جهراً، لأنه نفىُ مطلقِ القراءة، لأنه قصد بذلك البيان والإنكار على ابنه وتعليمه، وأطلق على كراهتها حدثا في الإسلام، وهذا ظاهر في الكراهة أو فيما هو أشر منها، فلو كانوا يقرؤونها سراً لقال له: لا تجهرْ بها، ولم ينهه عن مطلق القراءة.
إنصات مقتد بجهر ثم رد…… على الإمام واليسار وأحد
(قوله: إنصات مقتد بجهر) لقوله تعالى (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(، وأما قوله (: إذا كنتم خلفي فلا تقرءوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن.
وهذا الدليل ورد عليه الاحتمال، فإن "إلا" ترد بمعنى الواو، فكأنه قال: ولا تقرءوا ولا بأم القرآن، فإن "لا" قد وردت بمعنى الواو، كما في قوله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ(، وكقول الشاعر:
وكلُ أخ مفارقه أخوه… لعمر أبيك إلا الفرقدان(1/11)
أي ولا الذين ظلموا منهم، ولا الفرقدان. وإذا كان كذلك كان الحديث محتملا.
وهذا التأويل يرده الشافعية بأنه بعيد يصيَّر الحديث كاللغز، وينفيه قوله بعد ذلك فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن.
وجاء في الحديث: من كان خلف الإمام فقراءة الإمام له قراءة، وعند الدار قطنى: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، عن عبد الله بن شداد مرفوعاً، وقد قال البخاري في جزء القراءة: هذا خبر لم يثبت عند أهل الحديث، وقول الشافعية: راويه مقدوح في دينه، جابر الجعفي يقول بالرجعة، وهذا الطعن يسلم لهم لو اتحد مخرج الحديث، وسادتنا المالكية يروونه من غير طريق جابر الجعفي، إنما يروونه عن طريق أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله ابن شداد عن جابر بن عبد الله.
وقول ربنا لك الحمد عدا… من أم والقنوت في الصبح بدا
(قوله: والقنوت في الصبح) لقول ابن مسعود رضي الله عنه: القنوت في الصبح سنة ماضية، والمخالف يقول يحتمل أن يكون سنة من سنن النبي ( ويحتمل أن يكون سنة من بعده. والجواب: أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أصل السنن، فكانت أولى عند الإطلاق أن يحمل كلام الراوي عليها.
.....................................رفع اليدين عند الاحرام خذا
رفع اليدين عند إلا حرام فقط لحديث كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود، وهو ما احتج به المالكية المغاربة من رواية ابن القاسم من أن رفع اليدين في الصلاة ليس إلا عند افتتاحها فقط، فيجيب الشافعية وأصحابنا المشارقة بقولهم: هذا يرويه يزيد بن زياد، وقد ساء حفظه، واختلط في أخر عمره ذهنه، وقد روى عن سفيان بن عيينة بمكة أن رسول الله ( كان يرفع يديه عند الركوع، قال سفيان: فلما قدمتُ الكوفة سمعته يقول: كان النبي ( يرفع يديه عند افتتاح الصلاة ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه.
بجامع على مقيم ما انعذر حر قريب بكفرسخ ذكر(1/12)
(قوله:حر) قال ابن القاسم: إن الواجب في حق العبد غير معين، لأنه مخير بين الجمعة والظهر، فالواجب عليه إحداهما لا بعينها، فالعبد مُفْتَرِض في مطلق الصلاة التي هي إحداهما، ومتنفل في خصوصية الجمعة، فإذا اقتدى به المأموم في خصوصية الجمعة التي هي فرض عليه، كان اقتداؤه اقتداء مفترض بمتنقل وذلك لا يصح.
وأشهب يرى صحتها، لأن خصوصية الجمعة واجبة على العبد، بناءا على أن الأمر بواحد من أشياء يقتضي وجوب الجميع.
ودليلهما رحمهما الله هو: هل الأمر بواحد من الأشياء، يقتضي جميعها أو يقتضي منها واحداً لا بعينه، والجمهور أن الأمر يتعلق بواحد لا بعينه وحجتهم في ذلك: أن من ترك الجميع إنما يعاقب عقوبة من ترك واجبا واحداً، لا عقوبة من ترك واجبات كثيرة إجماعاً، فدل على أنه لا يجب عليه جميعها.
وأجزأت غيرا نعم قد تندب عند الندا السعي إليها يجب
(قوله: عند النداء السعي إليها يجب) لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ(، وهل البيع عندها فاسد أم لا؟ والقاعدة: هل النهي يدل على فساد المنهى عنه أم لا؟ والمذهب أن النهي عن الشيء إن كان لحق الله تعالى فإنه يفسد المنهى عنه، وإن كان لحق العبد فلا يفسد النهى عنه، ألا ترى أن النبي ( ينهى عن التعدية فقال: لا تصدوا الإبل والغنم فمن اتبعها فهو بخير النظرين: إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر. فلم يحكم ( بفسخ البيع، ولو كان مفسوخا لم يجعل للمشتري خيارا في الإمساك، فلما جعل له الخيار في الإمساك دل على أنه لم يفسخ، وذلك لأن الحق فيه للعبد لا لله تعالى.
وغير ذي فسق ولحن واقتدا في جمعة حر مقيم عددا
(قوله:وغير ذي فسق) ومن أجاز الصلاة خلف الفاسق، قوله ( صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، والموصولات تفيد العموم.
إن سلم الإمام قام قاضيا أقواله وفي الفعال بانيا(1/13)
(قوله:إن سلم الإمام قام قاضيا) لحديث ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا، وهذا مندرج تحت: أسماء الشروط تفيد العموم في كل ما تصلح له.
كتاب الزكاة
خمسة أوسق نصاب فيهما… ففي فضة قل مائتان درهما
إن قيل أن لفظ خمسة أوسق زيادة لم تثبت في الحديث، فإن الجماعة الذين رووا هذا الحديث كلهم لم يذكروها، فأوجب ريبة في راويها، فالجواب: ما انفرد به العدل من الزيادة، ولم تقطع الجماعة بعدمها لم تتعارض رواتيهم ورواية من زاد، وإنما يمكن القطع إذا اتحد المجلس، وكانوا جميعا بحيث لا يغيب عنهم شئ يمكن أن يسمعه غيرهم، وعلى هذا لا ريبة في الحديث.
وعسل فاكهة مع الخضر ……إذ هيَّ في المقتات مما يدخر
(قوله: مع الخُضَر) لأن المُؤل في تخصيص العام دلالته ضعيفة لمن استدل وهو أبو حنيفة في وجوب الزكاة في الخضروات بقوله (: فيما سقت السماء العشر، وفي سقى بالنضح نصف العشر، وبيان ضعف عمومه أن الحديث إنما سبق لبيان القدر المخرج لا لبيان المخرج منه، فلما صار ذكر المخرج منه غير مقصود ضعفت دلالته على العموم.
كتاب الصيام
فرض الصيام نية بليله وترك وطء شربه وأكله
(قوله: فرض الصيام نية بليله) لقوله (: لا صيام لمن لم يبيت من الليل، وهذا يدخل فيه صوم التطوع، لأن النفي إذا دخل على نكرة أفاد العموم.
وعمده في النفل دون ضر محرم وليقض لا في الغير
(قوله: وعمده في النفل دون ضر محرم) لقوله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ( والنفل عمل، والقاعدة: من دخل في النافلة التي يرتبط أولها بآخرها كالصلاة والصيام لا يجوز قطعها.
وكفرن بصوم شهرين وِلا… أو عتق مملوك بلاسلام حلا
وفضلوا إطعام ستين فقير مدا لمسكين من العيش الكثير
(قوله:وكفرن بصوم شهرين.. الكثير) البيان انظر شرح البيت من فصل الجمعة عند قوله: حر مقيم عدداً.
وجوب القضاء على من أفطر ناسيا في صوم الفرض(1/14)
لا يلزم من تركه ( بيان الحكم لمن نسى في رمضان فأكل وشرب، فقال له النبي (: الله أطعمك وسقاك، لم يلزم منه بيان أن الوقت وقت بيان، وعدم بيانه على الفور لا يسقط حكم القضاء، لأن القضاء والكفارة غير واجبين على الفور.
كتاب الحج
الحج فرض مرة في العمر أركانه إن تركت لم تجبر
(قوله: الحج فرض مرة العمر) واختلف العلماء في كون الحج على الفور فَمَنْ أخره وهو متمكن من أدائه كان عاصياً وهو مذهب أبي حنيفة، أو على التراخي فمن أخره لا يكون عاصياً وهو مذهب الشافعي وفي مذهبنا قولان، والسبب في هذا الاختلاف هل الأمر بالشيء يقتضي المبادرة إليه أو لا يقتضيها، والمحققون من الأصوليين يرون أن الأمر المطلق لا يقتضي فوراً ولا تراخياً، لأنه تارة يتقيد بالفور، وتارة يتقيد بالتراخي للاحتمالهما معاً، ووقوع الاحتمال لا يرجح واحداً منهما بعينه.
وانظر: فصل التيمم عند قوله: "وصل فرضا واحداً"، ففيه زيادة بحث تغني عن التكرار.
ويجب الطهران والستر على من طاف ندبها بسعيي اجتلى
(قوله: ويجب الطهران) وجوب الطهارة في الطواف لترجيحات: منها أن الله أمر بالطواف بقوله: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ( وطاف رسول الله ( كما في الصحيحين عن عائشة أن أول شئ بدأ به النبي ( حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت، وإذا كان من هديه ( وسنته العملية ذلك يؤكده قوله: ( خذوا عني مناسككم.
وارمل ثلاثا وامش بعد أربعة خلف المقام ركعتين أوقعة
(قوله: وارمل ثلاثا) لحديث أنه ( أمر بالرَّمل في الطواف، إظهاراً لجلد الإسلام، حين قالت كفار قريش في عمرة القضاء: إن أصحاب محمد قد نهكتهم حمَّى يثرب.
فإن قال قائل: إن السبب الذي من أجله شرع الحكم قد زال، فهل يزال الحكم؟ فالجواب: أن الحكم إذا شرع لسبب فلا يلزم رفعه، لارتفاع ذلك السبب، ففي الصحيحين عن ابن عباس: رَمَل رسول الله ( في حجة الوداع، ورمل أصحابه، ولم يكن بمكة إذ ذاك مشرك.(1/15)
ومنع الإحرام صيد البر في قتله الجزاء لا كالفأر
وعقرب مع الحدا كلب عقور وحية مع الغراب إذ تجور
(قوله: في قتله الجزاء لا كالفأر.. البيتان) والشارع لم يذكر حداً محصوراً للقياس عليه، لا للمخالفة بينه وبين غيره، فتحديد العدد في الحديث: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: العقرب، والفأرة، والحدأة، والغراب، والكلب العقور، لينظر إلى إذايتهن، فيلحق بهن ما في معناهن، وهذا كقوله (: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم بالباطل، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فإنه ( لم يقصد حصر الكبائر فيهن، وإنما ذكرهن ليلحق بهن ما في معناهن. ولم يتقيد المؤلف بالخمسة حتى زاد عليها والعدد في النص لا يدل على منع الزيادة، لأن العدد متعلق بالحكم، فما كانت من الفواسق غير الخمسة تدخل في حكمه.
تم بحمد وتوفيقه
بنغازي- حي الزيتون
الثلاثاء, 25 شوال, 1425هـ،
الموافق 07 / 12 / 2004 م
الساعة: 10:04:52 م
فهرس رسالة "تعليقات أصولية حديثية
على المرشد المعين على الضروري من علوم الدين
المشهور بابن عاشر "
الموضوع : رقم الصفحة :
المقدمة.....................................................................................5
قوله من كتاب الطهارة،: من التغيير بشيء سلما.............................................6
قوله:ومسح رأس: أي كله.................................................................7
قوله: وغسلُه الرجلين......................................................................9
قوله:ترتيب فرضه وذا المختار...............................................................9
قوله: نوم ثقيل...........................................................................10(1/16)
قوله: مس الذكر.........................................................................10
قوله: كفر من كفر.......................................................................11
قوله: وجاز الاستجمار...................................................................12
قوله: تبدأ في الغسل بفرج ثم كف عن مسه ...........................................13
قوله: مغيب كمرة بفرج..................................................................13
قوله: والأولان منعا الوطء إلى غسل......................................................13
قوله: والكل مسجداً.....................................................................13
قوله: لخوف ضر.........................................................................14
قوله: وصل فرضا واحداً.................................................................14
قوله: صعيد طهرا............................................................15
قوله من كتاب الصلاة: تكبيرة الإحرام.................................................15
قوله: ونية بها ترام........................................................................17
قوله: فاتحة...............................................................................18
قوله:والاعتدال مطمئناً...................................................................18
قوله: بالذكر والقدرة في غير الأخير.......................................................19
قوله: وكرهوا بسملة تعوذا في الفرض.................................................... 20
قوله: إنصات مقتد بجهر..................................................................22(1/17)
قوله: والقنوت في الصبح.................................................................23
قوله: رفع اليدين عند الاحرام خذا........................................................23
قوله:حر(في إمام الجمعة)..................................................................23
قوله: عند النداء السعي إليها يجب........................................................23
قوله:وغير ذي فسق (يعني الإمام).........................................................25
قوله:إن سلم الإمام قام قاضيا (يعني المسبوق)..............................................25
قوله من كتاب الزكاة: خمسة أوسق نصاب فيهما.........................................26
قوله: مع الخُضَر(عدم الزكاة في الخضر)...................................................26
قوله :من كتاب الصيام فرض الصيام نية بليله.............................................27
قوله: وعمده في النفل دون ضر محرم (يعني الفطر).........................................27
قوله:وكفرن بصوم شهرين.. وجوب القضاء على من أفطر ناسيا في صوم الفرض...........27
قوله: من كتاب الحج: الحج فرض مرة العمر(الاختلف العلماء في كون الحج على الفور أو على التراخي)................................................................................28
قوله: ويجب الطهران (يعني في الطواف)...................................................28
قوله: وارمل ثلاثا........................................................................29
قوله: ومنع الإحرام صيد البر في قتله الجزاء لا كالفأر وعقرب مع الحدا كلب عقور وحية مع الغراب إذ تجور ........................................................................28(1/18)
الفهرس..................................................................................32
??
??
??
??
23(1/19)