فهذا يعتمد نقله وفتواه فيما يحكيه من مسطورات مذهبه اهـ فلذا قال في نظمه لجاهل الاصول ان يفتي بما نقل مستوفى فقط وامما قوله وامما فعل امر أي اقتد به فيما نقل مستوفى قال وهذه الرتبة هي التي تلي رتبة المجتهدين الثلاثة والصحيح جواز تجزي الاجتهاد اختلف في جواز تجزي الاجتهاد بمعنى هل يصح ان يجتهد في بعض الفنون دون بعض وفي بعض المسائل دون بعض والصحيح جوازه وعليه الاكثر وان من عرف الفرائض مثلا فلا يضره قصوره عن علم النحوومن عرف القياس فله ان يفتي في مسئلة قياسية اذا علم عدم المعارض ولا يضره كونه غير عالم بالحديث قال شارح السعود وكذا يجوز ان يبلغ رتبة الاجتهاد في قضية أي مسئلة دون غيرها ووقع لابن القاسم وغيره في مسائل معدودة خالفوا فيها مالكا رحمه الله تعالى وبعضهم يقول ان المخالفة فيها باعتبار اصول لا انهم نظروا فيها نظرا مطلقا كما هو كثير من اللخمي وقيل لايجوز لارتباط العلوم والمسائل
بعضها ببعض لاحتمال ان يكون فيما لم يبلغ رتبة الاجتهاد فيه معارض لما بلغها فيه بخلاف من احاط بالكل ونظر فيه اهـ فلذا قال في نظمه يجوز الاجتهاد في فن فقط او في قضية وبعض قد ربط وقال ليس من نجزي الاجتهاد قول المجتهد في بعض المسائل لا ادري واجابته عن البعض كما ظنه بعضهم لانه متهئ لمعرفة ذلك اذا صرف النظر اليه كما تقدم في قولنا والعلم بالصلاح الخ أي في المقدمات وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال والمرتضى جواز تجزي الاجتهاد وافاد العلامة بن عاصم ان شرط الاجتهاد في أي فن كان اتقان المجتهد فيه من جهة المعرفة والفهم مع احضارما يحتاج اليه ذلك الفن من الادوات حيث قال وشرط الاجتهاد في فن ما احكامه معرفة وفهما مع الذي يحتاج ذاك الفن من ادوات فاتبع ما سنوا وجوار الاجتهاد للنبيء صلى الله عليه وسلم ووقوعه وثالثها في الاراء والحروب فقط والصواب ان اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يخطيء قال شارح السعود ان متاخري الاصوليين كابن الحاجب والسبكي والقرافي نقلوا عن متقدميهم الخلاف في جوائز اجتهاد النبيء صلى الله عيه وسلم فيما لا نص فيه وفي وقوعه بناء على جوازه فالصحيح وهومذهب الجمهور جوازه وعداه بعضهم الى سائر الانبياء لوقوعه كما في الادلة الاتية وقال بعض الشافعية والجباءي وابنه من المعتزلة بالمنع لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بان ينتظره والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد فيه اتفاقا ورد بان انزال الوحي ليس في قدرته وبعدم انحصار سبب اليقين في التلقي من الوحي لان الصواب في اجتهاده انه لايخطئ فيكون الاجتهاد ايضا سبب اليقين فلا يتم الدليل على منع الاجتهاد الا اذا كان هذا المانع من القائلين بان اجتهاده قد يخطيء اهـ فلذا قال في نظمه والخلف في جواز الاجتهاد او وقوعه من النبي قد رووا ثم قال وفي وقوعه مذاهب الوقوع وهو مختار الامدي وابن الحاجب والسبكى لقوله تعالى وشاورهم في الامر وداوود
وسليمان اذ يحكمان في الحرث الاية ما كان لنبيء ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض عفا الله عنك لم اذنت لهم عوتب على استبقاء اسرى بدر بالفداء وعلى الاذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك ولا يعاتب فيما صدر عن وحي فيكون عن اجتهاد وقال بعضهم بعدم الوقوع اهـ وثالث الاقوال الجواز والوقوع في الاراء والحروب فقط والمنع(3/87)
في غيرها جمعا بن الادلة السابقة والذي ذكره العلامة ابن عاصم انه قيل ان الوحي اغناه عن ان يجتهد فلم يتعبد بالاجتهاد وافاد ان المختار انه اجتهد فيما لم يرد به الوحي حيث قال واختلفوا هل الرسول قد حكم بالاجتهاد او الوحي ملتزم فقيل لم يكن به تعبدا فالوحي اغناه عن ان يجتهدا والاختيار انه قد اجتهد في غير ما الوحي بحكمه ورد وحكى الجلال السيوطي قولا رابعا زاده على المصنف حكاه في المحصول عن المحققين وهو القول بالوقف فلذا قال في النظم وجائز وواقع للهادي ثالثها في الحرب والارا فقد والرابع الوقف وللخطا فقد قوله ووللخطا فقد اشار به الى قول المصنف والصواب ان اجتهاده صلى اله عليه وسلم لا يخطيء أي تنزيها لمنصب النبوة عن الخطا في الاجتهاد قال شارح السعود وكونه لا يخطيء في اجتهاده هو الحق والمختار ومذهب المحققين فلذا قال في نظمه وواجب العصمة يمنع الجنف والجنف بالتحريك الميل والخطا وان الاجتهاد جائز في عصره وثالثها باذنه صريحا قيل او غير صريح ورابعها للبعيد وخامسها للولاة وانه وقع وثالثها لم يقع للحاضر ورابعها الوقف أي والاصح ان الاجتهاد جائز في عصره صلى الله عليه وسلم فلذا قال ناظم السعود وصحح الوقوع عصره السلف وقيل لا للقدرة على اليقين في الحكم بتلقيه منه واعترض بانه لو كان عنده وحي في ذلك لبلغه للناس وثالث الاقوال انه جائز باذنه صريحا قيل او غير صريح بان سكت عن من سال عنه او وقع منه فان لم ياذن فلا ورابع الاقوال انه جائز للبعيد عنه ولو دون مسافة القصر دون القريب لسهولة مراجعته
وخامس الاقوال انه جائز للولاة حفظا لمنصبهم عن استنقاص الرعية لهم لو لم يجز لهم بان يراجعوا النبيء صلى الله عليه وسلم فيما يقع لهم بخلاف غيرهم قال المحقق البناني فيه ان يقال أي استنقاص في مراجعته صلى الله عليه وسلم بل هي نهاية الكمال والشرف ثم قال اخيرا وبالجملة فهذه المقالة هفوة من قائلها وجل من لا يسهو اهـ واشار الناظم الى ذي الاقوال بقوله وعصره ثالثها باذنه مصرحا قيل ولو بضمنه وقيل للولاة قيل والبعيد والاصح على الجواز انه وقع وقيل لا وثالث الاقوال لم يقع للحاضر في قطره صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره وبعد ان ذكر العلامة ابن عاصم ان الاجتهاد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جائز في الافاق افاد انه جائز ايضا في عصره للغائب وان الخلاف في الحاضر حيث قال والاجتهاد جاز باتفاق بعد رسول الله في الافاق وجائز في عصره للغائب والخلف في الحاضر في المذاهب ورابع الاقوال الوقف عن القول بالوقوع وعدمه وذكر الناظم قولي الوقوع للبعيد والوقف حيث قال وفي الوقوع البعد والوقف مزيد واستدل على الوقوع بانه صلى الله عليه وسلم حكم سعد ابن معاذ في بنى قريظة فقال تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم فقال صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بما حكم الله تعالى به ويقول ابي بكر يوم حنين لا هالله اذن لا يعمد الى اسد من اسود الله تعالى يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال صلى الله عليه وسلم صدق فاعطاه اياه مسئلة المصيب في العقليات واحد ونافي الاسلام مخطيء ءاثم كافر وقال الجاحظ والعنبري لا ياثم المجتهد قيل مطلقا وقيل ان كان مسلما وقيل زاد العنبري كل مصيب أي المصيب من المختلفين(3/88)
في العقليات واحد وهو من صادف الحق فيها لتعينه في الواقع والعقليات هي ما لا يتوقف على سمع كحدوث العلم وثبوت الباري وصفاته وبعثة الرسل ومعنى كون المصيب واحدا انهم لا يصيبون جميعا بل اما ان يخطا جميعهم او يصيب واحد منهم فقط قال ناظم السعود ووجد
المصيب في العقلى قوله ونافي الخ أي ونافي الاسلام كله او بعضه مخطيء ءاثم كافر لانه لم يصادف الحق وعدم مصادفته الحق لا تكون عذرا في القطعيات قال الشيخ حلولو لاخفاء ان المصيب في العقليات واحد وحكى ولي الدين عن الامدي وغيره الاجماع على ذلك ثم ان المخطيء فيها ان اخطا فيما لا يمنع من معرفة الله تعالى ومعرفة رسوله كما في مسائل الرؤية وخلق الاعمال فهو ءاثم من حيث عدل عن الحق ومخطيء من حيث اخطا الحق ومبتدع من حديث قال قولا مخالفا لمذهب السلف الصالح وان اخطا فيما يرجع الى الايمان بالله ورسوله كنفات الاسلام من اليهود والنصارى فهم مخطئون اثمون كافرون وهذا مجمع عليه بين علماء الايمة وانه لا فرق في ذلك بين المجتهد وغيره اهـ فلذا قال الناظم واحد المصيب في احكام عقلية ومنكر الاسلام مخطىء اثيم كافر لم يعذر قال الشيخ حلولو ولا عبرة بمخالفة عمرو بن بحر الجاحظ وعبد الله بن حسن العنبري في قولهما ان المجتهد في العقليات لا ياثم فمن العلماء من نقل ذلك عنهما من غير تقييد ومنهم من قيده بشرة الاسلام وهو الاليق يهما اهـ فلذا قال الناظم وقد رءا الجاحظ ثم العنبري لا اثم في العقلي ثم المنتقي ان يك مسلما ثم مطلقا ولم يحك عنهما العلامة ابن عاصم الا القول بالاطلاق حين تعرض لذي المسئلة بقوله والاجتهاد في اصول الدين او في فروع الفقه بالتعيين فالاول المصيب فيه واحد ومن عداه ءاثم معاند والقول للجاحظ مثل العنبري كل مصيب أي من الاثم بري وقيل زاد العنبري على نفي الاثم كل من المجتهدين في العقليات مصيب فلذا قال الناظم دليل زاد العنبري كل مصيب وقد حكي الاجماع على خلاف قولهما قبل ظهولاهما في جميع الاعصار اما المسئلة التي لا قاطع فيها فقال الشيخ والقاضى وابو يوسف ومحمد وابن سريج كل مجتهد مصيب ثم قال الاولان حكم الله تابع لظن المجتهد وقال الثلاثة هناك ما لو حكم لكان به ومن ثم قالوا اصاب اجتهاد لا حكما وابتداء لا انتهاء
أي اما المسئلة التي لا قاطع فيها من مسائل الفقه فقال الشيخ ابو الحسن الاشعري والقاضي ابو بكر الباقلاني وابو يوسف ومحمد صاحبا ابي حنيفة وابن سريج كل مجتهد فيها مصيب وذكر العلامة ابن عاصم انه مروي عن مالك ايضا حيث قال وقيل بل يصيب كل مجتهد الحق والنعمان ذاك يعتمد ومثله القاضي والاشعري وذا كذا عن مالك مروي وتعرض الناظم لمن سماهم المصنف بقوله وفي التي لا قاطع فيها يصيب كل لذي صاحبي النعمان والباز والشيخ وباقلاني ذكر في الشرح ان المراد بالباز ابن سريج من الشافعية قال فانه كان يلقب بالباز الاشهب ثم قال الاولان أي الشيخ والقاضي حكم الله في المسئلة التي لا قاطع فيها تابع تعينه لظن المجتهد فما ظنه فيها من الحكم فهو حكم الله في حقه وحق مقلده فلذا قال الناظم مشيرا اليهما فذان قالا حكم الله تابع ظنه بلا اشتباه وقال الثلاثة الباقون هناك في المسئلة شيء لو حكم الله على التعيين لحكم بذلك الشيء لكن لم يقع(3/89)
منه تعالى حكم على التعيين جعل الحكم تابع لظن المجتهد قال المحقق البناني وايضاح هذا الكلام انه ما من مسئلة الا ولها مناسبة خاصة ببعض الاحكام بعينه بحيث لو اراد الله الحكم على التعيين لكان بذلك البعض بعينه اهـ ومن اجل قولهم المذكور قالوا ايضا في من لم يصادف ذلك الشئ اصاب اجتهادا حيث انه بذل وسعه واللازم في الاجتهاد بذل الوسع لانه المقدور لا حكما حيث انه لم يصادف ذلك الشيء الذي لو حكم الله حكما معينا لكان به واصاب ابتداء لانه بذل وسعه على الوجه المعتبر في الابتداء نعم تارة يؤديه ذلك الى المطلوب واخرى لا لا انتهاء حيث ان اجتهاده لم ينته الى مصادفة ذلك الشيء فصار حينئذ مخطئا حكما وانتهاء فلذا قال الناظم والاولون ثم امر لو حكم كان به لو لم يصادفه اتم اصاب لا حكما ولا انتهاء بل اجتهادا فيه وابتداء قال شارح السعود والخطا في الحكم عند الثلاثة غير الخطا فيه عند الجمهور لان الخطا هنا معناه عدم
مصادفة ما لو حكم الله لكان به وان كان لم يحكم به فعد مخطئا لعدم مصادفة ما له المناسبة الخاصة وان لم يحكم به والخطا عند الجمهور معناه عدم مصادفة ما حكم الله به بعينه في نفس الامر اهـ وتعرض في نظمه لما قرر بقوله ومن رءا كلا مصيبا يعتقد لانه يتبع ظن المجتهد او ثم ما لو عين الحكم حكم به لدرء او لجلب قد الم لذا يصوبون في ابتداء والاجتهاد دون الانتهاء والحجم والصحيح وفاقا للجمهور ان المصيب واحد ولله تعالى حكم قبل الاجتهاد قيل لا دليل عليه والصحيح انه عليه امارة وانه مكلف باصابته وان مخطئه لا ياثم بل يوجر أي والصحيح وفاقا للجمهور ان المصيب في المسالة التي لا قاطع فيها واحد ولله تعالى فيهاحكم معين قبل الاجتهاد فمن اصابه فهو المصيب ومن اخطاه فهو المخطيء قيل لا دليل عليه بل هو كدفين يصادفه من شاء الله والصحيح ان عليه امارة وان المجتهد مكلف باصابة الحكم لا مكانها وقيل لا لغموضه وافاد الناظم ذا الصحيح الذي هو المعتمد بقوله والاكثرون واحد وفيه لله حكم قبله عليه امارة وقيل لا والمعتمد كلف ان يصيبه من اجتهد والاصح ان مخطئه لا ياثم بل يوجر لبذله وسعه في طلبه فلذا قال الناظم وان من اخطاه لا ياثم بل اجره لقصده منحتم وتعرض شارح السعود لمذهب الامام مالك رضى الله عنه في المسالة قائلا ان الامام مالكا رحمه الله تعالى ذهب الى توحيد المصيب من المجتهدين المختلفين في الفرعيات أي مسائل الفقه التي لا قاطع فيها وهو الاصح من مذهبه وهو مذهب الجمهور حجة الجمهور انه تعالى شرع الشرائع لتحصيل المصالح الخالصة او الراجحة او لدرء المفاسد كذلك ويستحيل وجودها في النقيضين فيتحد الحكم وافاد ان حكم الله تعالى معين في الواقعة قبل حصول الاجتهاد فيها على مذهب مالك القائل بان المصيب واحد لكنه غير معلوم لنا فمن اصاب ذلك الحكم المعين فهو المصيب ومن اخطاه فهو المخطيء حسبما قرر ءانفا في مذهب الجمهور ولذلك الحكم المعين ما
يبينه أي يظهره للمجتهد من امارة كما مر ءانفا فلذا قال في نظمه ومالك رءاه في الفرعي فالحكم في مذهبه معين له على الصحيح ما يبين معين بصيغة اسم المفعول ويبين بالبناء للفاعل ثم قال ان المجتهد اذا اخطا ذلك الحكم المعين يثبت له الاجر لبذله وسعه في طلبه قال النبيء صلى الله عليه وسلم اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطا فله اجر واحد والاجر ثابت وان قلنا(3/90)
ان المجتهد واجب عليه اصابة ذلك الحكم لامكانها واحرى في ثبوت الاجر له اذا مشينا على القول بان المجتهد غير واجب عليه اصابة الحكم لغموضه اهـ فلذا قال في نظمه مخطئه وان عليه انحتما اصابة له الثواب ارتسما أي بفضله تعالى ان شاء اما الجزئية التي فيها قاطع فالمصيب فيها واحد وفاقا وقيل على الخلاف ولا ياثم المخطي على الاصح ومتى قصر مجتهد اثم وفاقا أي اما الجزئية التي فيها قاطع من نص او اجماع واختلف فيها لعدم الوقوف عليه فالمصيب فيها واحد وفاقا وهو من وافق ذلك القاطع وقيل على الخلاف أي النزاع المتقدم فيما لا قاطع فيه فلذا قال الناظم وفرد المصيب بالاجماع مع قاطع وقيل بالنزاع وهو بعيد قال شارح السعود ان المصيب واحد في المسالة الفرعية التي دليلها قاطع من نص او اجماع واختلف فيها المجتهدون لعدم علمهم بذلك القاطع ولا بد ان يكون قاطعا من جهة المتن والدلالة معا بان يكون صريحا متواترا فالمصيب فيما ذكر واحد اتفاقا وهو موافق ذلك القاطع وقيل على الخلاف في كون كل مجتهد مصيبا والمصيب واحد لا بعينه اهـ فلذا قال في نظمه وهو واحد متى عقل في الفرع قاطع ولكن قد جهل ولا ياثم المخطىء في المسالة التي فيها قاطع بناء على ان المصيب واحد على الاصح ومتى قصر مجتهد أي متصف بصفات الاجتهاد في اجتهاده اثم وفاقا لتركه الواجب عليه من بذله وسعه فيه فلذا قال ناظم السعود وهو ءاثم متى ما قصرا في نظر وفقا لدى من قد درى قال في الشرح وعبرنا بقولنا في نظر بدل قول
بعضهم في اجتهاده لان النظر المقصر فيه لا يسمى اجتهادا اذ الاجتهاد استفراغ الوسع ولا استفراغ مع التقصير اهـ وافاد الناظم ما افاده المصنف حيث قال ونفى اثم مخطيء ذو الانتقاء وان يقصر فعليه اتفقا مسالة لا ينقض الحكم في الاجتهاديات وفاقا فان خالف نصا او ظاهرا جليا ولو قياسا او حكم بخلاف اجتهاده او بخلاف نص امامه غير مقلد غيره حيث يجوز نقض أي ان حكم المجتهد في الاجتهاديات لا ينقض لامن الحاكم به ولا من غيره فيما اذا اختلف الاجتهاد وفاق اذ لو جازنقضه لجاز نقض النقض وهلم فتفوت حينئذ مصلحة نصب الحاكم من فصل الخصومات فلذا قال الناظم لا ينقض الحكم بالاجتهاد قطعا قال شارح السعود ان حكم المجتهد في الاجتهاديات يمتنع نقضه حيث ظهر له ان غيره اصوب منه كيف وقع المجتهد أي سواء كان مجتهدا مطلا او مقيدا بقسميه من مجتهد المذهب ومجتهد الترجيح وذلك الامتناع باتفاق الاصوليين اذا كان غير شاذ جدا وصار اليه من غير ترجيح اهـ فلذا قال في نظمه والحكم من مجتهد كيف وقع دون شذوذ نقضه قد امتنع قال ووقع الخلف فيه بين الفقهاء ومشهور مذهبنا نقضه من الحاكم به قال خليل ونقضه هو فقط ان ظهر غيره اصوب اهـ فان خالف الحكم نصا في معناه او ظاهرا جليا من لفظ كتاب او سنة او قياس جلي نقض لمخالفته للدليل المذكور ولا بد من بيان السبب وينقضه الحاكم به او غيره قال العلامة شيخنا خليل ونقض وبين السبب مطلقا ما خالف قاطعا او جلي قياس وقال الزقاق في لاميته وانقض خلاف قواعد ونص واجماع وقيس قد انجلى وكذا ينقض حكم الحاكم المجتهد اذا حكم بخلاف اجتهاده بان اداه اجتهاده الى شيء فلم يحكم به وقلد غيره ونقض لمخالفته لاجتهاده وامتناع تقليده غيره فيما اجتهد فيه وتعرض ناظم السعود للمذكورات المستثناة من(3/91)
عدم النقض فتنقض بقوله الااذا النص او الاجماع او قاعدة خالف فيها ما راوا اجتهاده او القيس الجلي على الاصح وكذا ينقض حكم الحاكم اذا حكم بخلاف
نص امامه غير مقلد غيره من الايمة حيث يجوز لمقلد امام تقليد غيره من الايمة قال الجلال المحلي بان لم يقلد في حكمه احد الاستقلاله فيه برايه او قلد فيه غير امامه حيث يمتنع تقليده اهـ وافاد الناظم ما تعرض له المصنف بقوله فان خالف نصا باد او ظاهرا ولو قياسا لا خفي او حكمه بغير رايه يفي او بخلاف نص من قلده ينقض وكذ افاد شار ح السعود ان المقلد بكسر اللام غير المجتهد المقيد اذا حكم بغير المعتلي أي المشهور من مذهب امامه وقول اصحابه نقض حكمه لان محض المقلد لا يحكم ولا يفتي بغير المشهور قال الشارح ومحل نقض حكم الحاكم المقلد اذا حكم بغير مشهور مذهبه ما اذا لم يبلغ رتبة الترجيح واما ان بلغها بان كان مجتهدا مقيدا فلا ينقض حكمه لانه يجوز له الحكم والعمل والافتاء بالضعيف اذا ترجح عنده وهذا قليل في قضاء هذا الزمان في سائر اقطار الدنيا وانما يحكم كثير منهم بالتخيير والشك اهـ فلذا قال في نظمه عاطفا على ما ينقض او بغير المعتلى حكم في مذهبه وان وصل لرتبة الترجيح فالنقض انحظل ثم افاد انه يجب تقديم القول الضعيف فيما اذا عمل به على المشهور اذا تخالفا اذا ثبت العمل بشهادة العدول اذا كان العمل موافقا لقول وان كان شاذا لا كل عمل لكن يشترط في جريان العمل بالضعيف ان يكون لسبب اتصل أي وجد من حصول مصلحة او درء مفسدة فلذا قال في نظمه وقدم الضعيف ان جرى عمل به لاجل سبب قد اتصل ثم حكى انه اختلف اهل المذهب على ثلاثة اقوال في المقلد العارف لعلم الاصول اذا عدم في مسالة نص امامه فقيل يجوز القياس مع التزام ما لامامه من الاصول فلا يقيس على اصل الشافعي اذا كان مخالفا لاصول مالك ولا لغير الشافعي من المجتهدين كذلك وهذا طريق ابن رشد والمازوي والتونسي واكثر المالكية وقيل يجوز له ان يقيس مطلقا أي فلا يلزمه التعلق باصول امامه بل يقيس عليها وعلى اصول غيره مع وجودها أي وجود اصول امامه وهذا قول اللخمي وفعله ولذلك قال عياض
في المدارك له اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب وقيل يجوز له ذلك بشرط التعلق بنصوص امامه فلا يفتي ولا يحكم الا بشيء سمعه منه هو نص ابن العربي وظاهرنقل الباجي فلذا قال في نظمه وهل يقيس ذو الاصل ان عدم نص امامه الذي لزم مع التزام ما له او مطلقا وبعضهم بنصه تعلقا ولو تزوج بغير ولي ثم تغير اجتهاده فالاصح تحريمها عليه وكذا المقلد يتغير اجتهاد امامه أي اذا كان المجتهد ممن يرى جواز النكاح بلا ولي فيتزوج بغيره باجتهاد منه ثم تغير اجتهاده الى بطلانه فالاصح تحريمها عليه في المستقبل لظنه الان البطلان وقيل لا يحرم اذا حكم حاكم بالصحة وكذا المقلد يتغير اجتهاد امامه فيما ذكر في مساله تزوج المراة بغير ولي فانها تحرم ايضا بسبب تغير الاجتهاد ولو حكم بالصحة حاكم واشار الناظم الى الخلاف الذي ذكره المصنف بقوله وان ينكح من اشهاده ثم تغير اجتهاد منه او امامه في حظرها خلف حكوا ومن تغير اجتهاده اعلم المستفتى ليكف ولا ينقض معموله ولا يضمن المتلف ان تغير لا لقاطع أي ومن تغير اجتهاده بعد الافتاء اعلم المستفتى بتغيره(3/92)
ليكف عن العمل ان لم يكن عمل ولا ينقض معموله ان عمل اذ الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد لما تقدم من لزوم التسلسل وكذا لا يضمن المجتهد المتلف بافتائه باتلاف ان تغير اجتهاده الى عدم الاتلاف لا لقاطع معذور بخلاف ما اذا تغير اجتهاده لقاطع كالنص في معناه مع كونه متوترا كالكتاب ومثل النص الاجماع فانه يضمن لتقصيره فلذا قال الناظم ومن تغير اجتهاده وجب اعلام مستفت به كيفما وهب والفعل لا ينقض ولا يضمن ما يتلف فان لقاطع فالزما وافاد الضمان ناظم السعود ايضا بالتفصيل حيث قالولم يضمن ذو اجتهاد صيغا ان يك لا لقاطع قد رجعا ثم افاد ان غير المجتهد اذا تلف بفتواه او حكمه شيئا ولم يتول ذلك لفعل بنفسه بل انما امر بذلك فقط ففيه قولان بالضمان وعدمه فان تولى تنفيذ ذلك بنفسه ضمن باتفاق وذا في غير المنتصب واما اذا
كان منتصبا للفتوى او القضاء واتلف شيئا بواحد منهما ورجع فقال الذي يقتضيه النظر ذاك أي التضمين وفاقا عند من يحرر المسائل أي يحققها وهو الحطاب شارح خليل قال لان هذا يحكم بفتواه فهو كالشاهد يرجع عن شهادته اهـ فلذا قال في نظمه الا فهل يضمن ان لم يكن منه تول بين وان يكن منتصبا فالنظر ذاك وفاقا عند من يحرر قوله الا أي ان لا يكن المتلف مجتهدا فهل يضمن الخ والله أعلم مسالة يجوز ان يقال لنبيء او عالم احكم بما تشاء فهو صواب ويكون مدركا شرعيا ويسمى التفويض وتردد الشافعي قيل في الجواز وقيل في الوقوع وقال ابن السمعاني يجوز للنبيء دون العام ثم المختار لم يقع قال الشيخ حلولو هذه المسالة تسمى التفويض كما ذكر المصنف وتسمى العصمة كما ذكر القرافي اهـ أي يجوز ان يقال بالهام من الله تعالى او على لسان الملك لنبيء او عالم على لسان نبيء احكم بما تشاء في الرقاع من غير دليل فهو قول أي موافق لحكم بان يلهمه اياه اذ لا مانع من جواز هذا القول قال المحقق البناني وحاصل ذلك ان يجعل الله تعالى مشيئة المقول له ذلك دليلا على حكمه في الواقع بان لا يلهمه الا مشيئة ما هو حكمه في الواقع اهـ ويكون هذا القول مدركا شرعيا ويسمى التفويض لدلالته عليه فلذا قال الناظم يجوز ان يقال للنبيء الحكم بما تشاء او صلي فهو صواب ويكون مدركا شرعا وتفويضا يسمى ذلك وتردد الشافعي فيه قيل في الجواز وقيل في الوقوع ونسب تردد الشافعي في الوقوع الى الجمهور قال الجلال المحلي فحصل من ذلك خلاف في الجواز وفي الوقوع على تقدير الجواز اهـ وقال ابن السمعاني يجوز للنبيء دون العالم حيث ان رتبته لا تبلغ ان يقال له ذلك ثم المختار بعد جوازه كيف كان سواء كان لنبيء او عالم انه لم يقع فلذا قال الناظم ثالثها لعالم ولم يقع على الاقوى قال الجلال المحلي وجزم بوقوعه موسى بن عمران من المعتزلة واستند الى حديث الصحيحين لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل
صلاة أي لاوجبته عليهم والى حديث مسلم يايها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل اكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم والرجل هو الاقرع بن حابس كما في رواية ابي داوود وغيره واجيب بان ذلك لايدل على المدعى لجواز ان يكون خير فيه أي حير في ايجاب السواك وعدمه وتكرير الحج وعدمه ويكون ذلك(3/93)
المقول بوحي لا من تلقاء نفسه اهـ وافاد الناظم جزم موسى بقوله وموسى قد وقع وفي تعليق الامر باختيار المامور تردد هذه مسالة استطرادية هنا ومحلها مبحث الامر أي وفي تعليق الامر باختيار المامور أي بارادته نحو افعل كذا ان شئت أي فعله تردد قيل لا يجوز لما بين طلب الفعل والتخيير فيه من التنافي قال الجلال المحلي والظاهر الجواز والتخيير قرينة على ان الطلب غير جازم وقد روى البخاري انه صلى الله عليه وسلم قال صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء أي ركعتين قال المحقق البناني قوله لمن شاء مقول قال وهو خبر مبتدا محذوف أي وذلك لمن شاء واشار الناظم الى ذا الخلاف في ذا الاصل بقوله نظير هذا الخلف في اصل شهر تعليق امر باختيار من امر مسالة التقليد اخذ القول من غير معرفة دليله ويلزم غير المجتهد وقيل بشرط تبين صحة اجتهاده ومنع الاستاذ التقليد في القواطع لما فرغ المصنف رحمه الله من الكلام على الاجتهاد اتبعه بالتقليد لانه مقابله والتقليد قال القرافي هو ماخوذ من تقليده بالقلادة وجعلها في عنقه قال ابو الخطاب في التمهيد والمعنى جعل الفتيا قلادة في عنق السائل فالاخذ جنس والمراد به التلقى بالاعتقاد قال المحقق البنانى والمراد بالقول ما يشمل الفعل بل والتقرير ايضا لان القول شاع استعماله في الراي والاعتقاد المدلول عليه باللفظ تارة وبالفعل اخرى وبالتقرير المقترن بما يدل على الرضى تارة اخرى وعلي هذا جرى المولى سعد الدين فحمل القول في كلام العضد كابن الحاجب
على ما يعم الفعل والتقرير اهـ فالتقليد اخذ ما ذكر من غير معرفة دليله اذ الاخذ مع معرفة الدليل من قبيل الاجتهاد قال الجلال المحلي لان معرفة الدليل انما تكون للمجتهد لتوقفها على معرفة سلامته عن المعارض بناء على وجوب البحث عنه وهي متوقفة على استقراء الادلة كلها ولا يقدر على ذلك الا المجتهد اهـ وتعرض الناظم لحد التقليد بقوله الحد للتقليد اخذ القول من حيث دليله عليه ما زكن قال شارح السعود ان التقليد في عرف اهل الاصول هو التزام الاخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله الخاص وهو الذي تاصل أي صار اصلا ومستندا لمذهب ذلك الغير سواء عمل بمذهب الغير او لم يعمل به لفسق او غيره وسواء كان المذهب قولا او فعلا او تقريرا اهـ فلذا قال في نظمه معيدا الضمير عليه هو التزام مذهب الغير بلا علم دليله الذي تاصلا ويلزم التقليد غير المجتهد عاميا كان او غيره أي يلزمه التقليد للمجتهد لقوله تعالى فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وقال شارح السعود ان التقليد يلزم من ليس مجتهدا مطلقا وان كان غير المجتهد المطلق مجتهدا مقيدا بقسميه اذا عجز المجتهد المقيد عن الاجتهاد بناء على الراجح من جواز تجزي الاجتهاد فيقلد في بعض مسائل الفقه وبعض ابوابه كالفرائض اذا لم يقدر على الاجتهاد في ذلك فلذا قال في نظمه ويلزم غير ذي اجتهاد مطلق وان مقيدا اذا لم يطلق وقيل بشرط تبين صحة اجتهاده بان يتبين مستنده ليسلم من لزوم اتباعه في الخطا الجايز عليه فلذا قال الناظم ولازم كغير ذي اجتهاد وقيل ان بان انتفا الفساد وذكر العلامة ابن عاصم ان العالم اذا لم يبلغ درجة الاجتهاد يلزمه ان يكون منقادا للتقليد واما اذا بلغها فانه يمنع منه على الاظهر عند الاكثر حيث قال وعالم لم يبلغ اجتهادا من فوقه مقلد منقادا فان يكن بالغه فالاكثر يمنعه التقليد وهو الاظهر ومنع الاستاد ابو اسحاق الاسفرايني التقليد في(3/94)
القواطع كالعقائد وحكى العلامة ابن عاصم ان
منع التقليد في اصول الدين اجتباه الاكثرون من اهل الكلام مذهبا حيث قال معيدا الضمير على التقليد ففي اصول الدين منعه اجتبى اهل الكلام الاكثرون مذهبا وسياتي الكلام عليه عند الكلام على اصول الدين قال الجلال السيوطي وحكي في جمع الجوامع عن الاستاذ منع التقليد في القواطع حذفته لانه سياتي في اصول الدين اهـ وقيل لا يقلد عالم وان لم يكن مجتهدا اما ظان الحكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد لمخالفته وكذا المجتهد عند الاكثر وثالثها يجوز للقاضي ورابعها يجوز تقليد الاعلم وخامسها عند ضيق الوقت وسادسها فيما يخصه قوله وقيل الخ مقابل لقوله ويلزم غير المجتهد الشامل للعالم وغيره أي وقيل لا يقلد عالم والحال انه غير مجتهد لان له صلاحية اخذ الحكم من الدليل بخلاف العامى وحكى الجلال السيوطى زيادة على المصنف انه لا يجوز التقليد للعامي ايضا قال وعليه معتزله بغداد فاوجبوا عليه الوقوف على طريق الحكم قال وقالوا انما يرجع للعالم لينبهه على اصولها اهـ فلذا قال في النظم وقيل ما لعالم ان قلدا ولو يكون لم يصر مجتهدا قيل ولا العامي اما ظان الحكم باجتهاده فيحرم عليه التقليد لمخالفته به لوجوب اتباعه اجتهاده فلذا قال الناظم والمجتهد ان يجتهد وظن لا يقلد وكذا المجتهد أي من هو بصفات الاجتهاد بان كان متاهلا له يحرم عليه التقليد فيما يقع له عند الاكثر لتمكنه من الاجتهاد فيه الذي هو اصل للتقليد قال الجلال المحلي ولا يجوز العدول عن الاصل الممكن الى بدله كما في الوضوء والتيمم اهـ فلذا قال العلامة ابن عاصم ءانفا فان يكن بالغه فالاكثر يمنعه التقليد وهو الاظهر قال شارح السعود ان التقليد لا يجوز في الفروع لمن بلغ رتبة الاجتهاد لاجل ما عندهم من النظر الذي يسع جميع المسائل بالصلاحية فان حصل له ظن الحكم باجتهاده بالفعل حرم عليه التقليد اجماعا وان صلح لذلك الظن لا تصافه بصفات الاجتهاد حرم عليه ذلك عند مالك واكثر اهل السنة لتمكنه
من الاجتهاد فيه الذي هو اصل التقليد ولا يجوز العدول عن الاصل الممكن الى بدله اهـ فلذا قال في نظمه وهو للمجتهدين يمتنع لنظر قد رزقوه متسع وقيل يجوز له التقليد فيه لعدم علمه به الان وثالث الاقوال يجوز للقاضي لحاجته الى فصل الخصومات المطلوب تعجيله بخلاف غيره فلذا قال الناظم كذاك ان لم يجتهد على الاصح ثالثها الجواز للقاضي وضح فاشار بقوله كذاك الى ظان الحكم بالاجتهاد فشبه الصالح للاجتهاد ولم يجتهد بظان الحكم بالاجتهاد في عدم جواز التقليد لكل منهما ورابع الاقوال يجوز تقليد الاعلم منه لرجحانه عليه بخلاف المساوي والادنى وخامسها يجوز عند ضيق الوقت لما يسئل عنه كالصلاة الموقتة بخلاف ما اذا لم يضق وسادسها يجوز له فيما يخصه دون ما يفتي به غيره وكمل الناظم هذه الاقوال الثلاثة بقوله وقيل للضيق وقيل يرى اعلى وقيل في الذي له جرى مسئلة اذا تكررت الواقعة وتجدد ما يقتضي الرجوع ولم يكن ذاكرا للدليل الاول وجب عليه تجديد النظر قطعا وكذا ان لم يتجدد لا ان كان ذاكرا أي اذا تكررت الواقعة للمجتهد وتجدد له دليل يقتضي الرجوع عما ظنه فيها اولا ولم يكن ذاكرا للدليل الاول وجب عليه حينئذ تجديد النظر قطعا فيما تكرر فلذا قال العلامة ابن عاصم وان يكن قد نسى اجتهاده فيه وسئل ثانيا اعاده وكذا يجب على المجتهد تجديد النظر(3/95)
ان لم يتجدد ما يقتضى الرجوع ولم يكن ذاكرا للدليل وذلك انه حيث لم يذكر الدليل الزم بتجديد النظر نعم ذا دون ما قبله في الرتبة وان كان تجديد النظر فيه واجبا ايضا على المشهور بخلاف ما اذا كان ذاكرا للدليل فلا يجب عليه تجديد النظر في واحدة من الصورتين اذ لا حاجة اليه فلذا قال الناظم ان يتكرر حادث وقد طرى ما يقتضي الوقوع او مما ذكرا دليله الاول جدد النظر حتما على المشهور دون ما ذكر وافاد العلامة ابن عاصم الافتاء بموجب الدليل الاول عند تذكره فيما تكرر من النوازل بقوله ثم اجتهاده اذا ما ذكره في
نازل يفتي به من كرره وتعرض شارح السعود لهذه المسئلة قائلا ان ذا الراي أي الاجتهاد مطلقا كان لو مقيدا اذا وقعت له حادثة مرة اخرى يجب عليه تجديد النظر فيها لعله يظهر له خطا في الاولى لان الله تبارك وتعالى خالق على الدوام فيخلق له ادراك علم او مصلحة لم يكن عنده قبل واهمال ذلك تقصير والمجتهد لا يجوز له التقصير بل يجب عليه بذل وسعه لكن انما يجب عليه التجديد اذا لم يكن ذاكرا للنص أي الدليل الاول او تجدد له من غير أي دليل يقتضي الرجوع ولو احتمالا لاحتمال اقتضائه خلاف المظنون اولا لان الدليل الاول لعدم تذكره في حالة التجدد وغيره لا ثقة ببقاء الظن الحاصل منه اهـ ثم افاد انه اذا قعت الحادثة مرة اخري وكان ذاكرا للدليل الذي اعتمده في الاولى بالنسبة الى اصل الشرع ان كان مستقلا او الى مذهبه ان كان منتسبا لم يجب عليه تجديد النظر اذا لم يتجدد له ما يقتضي الرجوع لعدم احتمال تغير حاله الاولى اهـ فلذا قال في نظمه وواجب تجديد ذي الراي النظر اذا مماثل عرى وما ذكر للنص مثل ما اذا تجددا مغير الا فلن يجددا ببناء عرى بمعنى طرا وذكر للفاعل ونصب مثل على الحال وبناء يجدد للفاعل وكذا العامي يستفتي ولو مقلد ميت ثم تقع له تلك الحادثة هل يعيد السؤال قال شارح السعود ان العامي اذااستفتى مجتهدا مستقلا او منتسبا في حادثة ولو كان العالم المسئول مقلد ميت بناء على جواز تقليد الميت وافتاء المقلد ثم تقع له تلك الحادثة هل يعيد السؤال لمن افتاه او لا يجب عليه اعادته تردد فيه ابن القصار من المالكية وحكى ابن الصلاح فيه خلافا ثم قال الاصح لا يلزمه اهـ فلذا قال في نظمه وهل يكرر سؤال المجتهد سؤال المجتهد عم ان مماثل الفتوى بعد قوله من عم أي العامي فاعل يكرر ويعد مضموم العين من عاد يعود اذا رجع واشار الناظم الى ما اشار اليه المصنف بقوله وهكذا اعادة المستفتى سؤاله ولو تباع ميت قال الجلال المحلي فيجب عليه اعادة السؤال اذ
لو اخذ بجواب الاول من غير اعادة لكان ءاخذا بشيء من غير دليل وهو في حقه قول المفتي وقوله الاول لا ثقة ببقائه عليه لاحتمال مخالفته له باطلاعه على ما يخالفه من دليل ان كان مجتهدا او نص لامامه ان كان مقلدا اهـ واما شارح السعود فانه نقل عن القرافي ان ما ذكر يتجه اذا كان المفتي مجتهدا اما اذا كان المفتى بالنقل الصرف فان المستفتي اذا كان عالما بذلك فلا حاجة الى سؤاله ثانيا لعدم احتمال تغير ما عنده في تلك الحادثة فلذا قال في نظمه وثانيا ذا النقل صرفا اهمل قال في الشرح ثانيا منصوب على الظرفية أي ثانى مرة وذا مضاف للنقل مفعول اهمل امر من الاهمال والترك وصرفا بكسر الصاد حال من(3/96)
ذا والصرف الخالص من كل شيء والمراد هنا الخالص من الاجتهاد باقسامه الثلاثة اهـ ثم افاد ان العالم اذا استفتاه عامي وفي المسئلة اقوال مستوية فانه يخير العامي في العمل باي تلك الاقوال شاء اذا لم يكن بين قائليها تفاوت فلذا قال في نظمه وخيرن عند استواء السبل مسئلة تقليد المفضول ثالثها يجوز لمعتقده فاضلا او مساويا ومن ثم لم يجب البحث عن الارجح المختار أي تقليد المفضول من المجتهدين فيه اقوال احدها ورجحه ابن الحاجب يجوز لوقوعه في زمن الصحابة وغيرهم مشتهرا متكررا من غير انكار وهو المشهور وسواء ظنه المقلد فاضلا ام لا ثانيها لا يجوز لان اقوال المجتهدين في حق المقلد كالادلة في حق المجتهد وان اعتقده فاضلا فيجب البحث على هذا عن الراجح فكما يجب الاخذ بالراجح من الادلة يجب الاخذ بالراجح من الاقوال والراجح منها قول الفاضل وللعامي يعرفه بالتسامع وغيره ثالث لاقوال المختارالتقليد لمعتقد المقلد فاضلا غيره او مساويا بخلاف من اعتقده مفضولا كالواقع جمعا بين الدليلين بحمل الاول على من اعتقده فاضلا او مساويا والثاني على من اعتقده مفضولا وحينئذ لم يجب البحث عن الارجح من المجتهدين بل المدار على اعتقاد المقلد فاضلا او مساويا فلذا قال
الناظم ثالثها المختار في المفضول جاز تقليده ان يعتقد ساوى وماز بالبحث عن ارجحهم لا يلزم والذي ذكره شارح السعود بعد ان افاد الخلاف في جواز تقليد العامي للمجتهد المفضول في العلم والورع مع وجود الفاضل في ذلك وان الاكثرين على جواز ذلك ان الفهري منا معاشر المالكية صححه والجمهور ورجحه ابن الحاجب فلذا قال في نظمه وجائز تقليد ذي اجتهاد وهو مفضول بلا استبعاد ثم افاد ان كل مذهب من مذاهب المجتهدين وسيلة يتوصل بها الى دخول الجنة التي هي دار الحبور أي النعيم والقصور العالية لان كلا على هدى من ربهم وان تفاوتوا في العلم والورع حيث قال فكل مذهب وسيلة الى دار الحبور والقصور جعلا قال ولا يجوز لاحد التفضيل الذي يؤدي الى نقص في غير امامه قياسا على ما ورد في تفضيل الانبياء عليهم الصلاة السلام قاله الشعرانى في الميزان اهـ ثم ذكر القول الثاني وهو انه يجب على العامي البحث عن امام منتخب بفتح الخاء المعجمة أي راجح في العلم والدين حيث قال وموجب تقليد الارجح وجب لديه بحث عن امام منتخب ثم انه لما كان مذهبه مالكيا وهو مذهبنا ذكر بعضا من مزاياه قائلا اذا سمعت ايها تالطالب لعلم هذه المسئلة ووجوب تقليد الارجح من المجتهدين فاعلم ان الامام مالكا رحمه الله تعالى ثبت ان له الشاو أي السبق في العلوم والغاية التي لا يدركها مجتهد غيره من عصره التابعين فمن بعدهم فثبت له الفضل على غيره لاجل الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم يوشك ان يضرب الناس اكباد الابل في طلب العلم ولا يجدون عالما اعلم من عالم المدينة مع ما ثبت له من حسن النظر اي التصرف في كل فن من الفنون ككتاب الله العزيز وءاثاره صلى الله عليه وسلم أي احاديثه اهـ فلذا قال في نظمه اذا سمعت فالامام مالك صح له الشاو الذي لا يدرك للاثر الصحيح مع حسن النظر في كل فن كالكتاب والاثر فان اعتقد رجحان واحد منهم نعين والراجح علما فوق الراجح ورعا في الاصح أي فان
اعتقد العامي رجحان واحد من المجتهدين تعين لان يقلده وان كان مرجوحا في الواقع عملا باعتقاده المبني عليه التقليد فلذا(3/97)
قال الناظم او يعتقد رجحان فرد منهم فليتعين والذي حكاه العلامة ابن عاصم ان المقلد عند تعدد المجتهدين يوثر افضلهم وقيل بل له ان يختار من شاء منهم حيث قال وفي تعدد راوا ايثارا افضلهم بل ما اختارا وللراجح علما فوق الراجح ورعا في القول اصح اذ لزيادة العلم تاثير في الاجتهاد بخلاف زيادة الورع فلذا قال الناظم والذي علما رجح فوق الذي في ورع على الاصح قال شارح السعود اذا وقع التفاوت في العلم مع الاستواء في الدين والورع فان بعض العلماء يوجب الاخذ بقول الاعلم قال الامام الرازي وهو الاقرب ولذلك قدم في امامة الصلاة زائد الفقه لان المقدم في كل موطن من مواطن الشريعة من هو اقوم بمصالح ذلك الموطن نعم ان كان التفاوت في الدين والورع مع الاستواء في العلم تعين الاورع لان لزيادة الدين والورع تاثيرا في التثبت في الاجتهاد وغيره فلذا قال في نظمه وزائد في العلم بعض قدما وقدم الاورع كل القدما ويجوز تقليد الميت خلافا للامام وثالثها ان فقد الحي ورابعها قال الهندي ان نقله عنه مجتهد في مذهبه أي ويجوز تقليد الميت مطلقا فقد الحي ام لا نقله مجتهد ام لا لبقاء قوله قال الجلال المحلي كما قال الشافعي المذاهب لا تموت بموت اربابها خلافا للامام الرازي في منعه قال الجلال المحلي قال أي الامام الرازي لانه لا بقاء لقول الميت بدليل انعقاد الاجماع بعد موت المخالف قال وتصنيف الكتب في المذاهب مع موت اربابها لاستفادة طريق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث وكيفية بناء بعضها على بعض ولمعرفة المتفق عليه من المختلف فيه وعورض بحجية الاجماع بعد موت المجمعين اهـ وثالث الاقوال يجوز تقليده ان فقد الحي للحاجة بخلاف ما اذا لم يفقد واشار الناظم الى الاقوال الثلاثة بقوله وقلد الميت في القوي ثالثها بشرط فقد الحي ورابع
الاقوال قال الصفي الهندي يجوز تقليد الميت فيما نقل عنه ان نقله عنه مجتهد في مذهبه أي مذهب الميت وهو المعبر عنه فيما مر بمجتهد المذهب لانه لمعرفته مدارك المجتهد يميز بين ما استمر عليه وما لم يستمر عليه فلا ينقل لمن قلده الا ما ما استمر عليه بخلاف غيره وافاد شارح السعود انه حكى ابن عرفة ان الاجماع اليوم منعقد على جواز تقليد الميت لفقدان المجتهدين والا تعطلت الاحكام قال حلولو ولا خفاء في ثبوت الاجماع في ذلك اذ لم يرو عن احد من اهل العلم لا من مجتهد ولا من غيره بعد استقرار المذاهب المقتدي بها اظهار الانكار على الناس في تقليدهم مالكا او الشافعي مع استمرار الازمنة وانتشار ذلك في الاقطار والامصار قال الشارح ويجري عندي في هذه المسئلة الكلام في بيع كتب الفقه فان الخلاف الواقع فيها انما هوحيث كان المجتهدون موجودين واما اليوم فلا يختلف في بيعها كما صرح به اللخمي قال في تعليل ذلك والا ادى الى تعطيل الاحكام وهو جار على ما تقدم من انعقاد الاجماع اليوم على تقليد الميت اهـ فلذا قال في نظمه والخلف في تقليد من مات وفي بيع طروس الفقه الان قد نفي الطروس جمع طرس بالكسر وهو الكتاب كما تقدم في اول الكتاب ويجوز استفتاء من عرف بالاهلية او ظن باشتهاره بالعلم والعدالة وانتصابه والناس مستفتون ولو قاضيا وقيل لا يفتي قاض في المعاملات لا المجهول أي ويجوز استفتاء من عرف بالاهلية للافتاء بسبب اشتهاره بالعلم والعدالة او ظن اهلاله وانتصابه والناس مستفتون(3/98)
له ولو كان من ذكر قاضيا فانه يجوز افتاؤه كغيره وقيل لا يفتي قاض في المعاملات للاستغناء بقضائه فيها عن الافتاء وعن القاضي شريح انا اقضي ولا افتي قال العلامة ابن عاصم في تحفه الحكام ومنع الافتاء للحكام في كل ما يرجع للخصام واما المجهول علما او عدالة فلا يجوز استفتاؤه لان الاصل عدمهما اشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وجوز استفتاء من قد عرفا اهلا له او
ظن لا خفا بشهرة العلم والعدالة وانتصابه والاستفتاء له لا من جهلا وتعرض شارح السعود لذي المسئلة قائلا ان المفتي يحرم على غيره العمل بفتواه اذا لم تجتمع فيه ثلاثة امور الدين والعلم والورع لعدم الثقة بمن عدمت فيه خصلة من الثلاث ويعرف حصول تلك الامور بالاخبار المفيدة للعلم او الظن باشتهاره بها كانتصابه والناس يستفتونه والعالم هو المجتهد باقسامه الثلاثة اهـ فلذا قال في نظمه وليس في فتواه مفت يتبع ان لم يضف للدين والعلم الورع ثم قال لا يجوز لاحد ان يستفتي الا من قطع بكونه من اهل العلم والدين والورع او حصل له ظن ذلك لاشتهاره بتلك الامور اهـ فلذا قال من لم يكن بالعلم والعدل اشتهر او حصل القطع فالاستفتاء انحظر والاصح وجوب البحث عن علمه والاكتفاء بظاهر العدالة وبخبر الواحد وللعامي سؤاله عن ماخذه استرشادا ثم عليه بيان ان لم يكن خفيا أي والاصح وجوب البحث عن علم المفتي وذلك بان يسئل الناس عنه وقيل يكفي استفاضته بينه والاصح ايضا الاكتفاء بظاهر العدالة وقيل لابد من البحث عنها والاكتفاء بخبر الواحد عن عمله وعدالته بناء عن البحث عنهما قال العلامة ابن عاصم واشترطوا مع علمه عدالته ونقل واحد يبين حالته واشار الناظم الى ما ذكره المصنف بقوله وجوز بحث علمه والاكتفا بالستر والواحد في ذا المقتفى ويجوز للمستفتي العامي سؤال العالم عن ماخذه فيما افتاه به استرشادا أي طلبا لارشاد نفسه بسبب ان تذعن للقبول بسبب الماخذ لا تعنتا ثم على العالم ندبا بيان الماخذ لسائله المذكور تحصيلا لارشاده ان لم يكن خفيا عليه أي بان كان يسهل عادة ايصال مثله الى الذهن فان كان خفيا عليه فلا يبينه له صونا لنفسه عن التعب فيمالا يفيد ويعتذر له بخفاء المدرك عليه وافاد الناظم ما ذكره المصنف بقوله وجاز عن ماخذه ان يسئل مسترشدا وليبد ان كان جلي ووضح المقام ناظم السعود رحمه الله بقوله ولك ان تسئل للتثبت عن ماخذ المسئول لا التعنت ثم
عليه غاية البيان ان لم يكن عذرا بالاكتنان الاكتنان هو خفاء الماخذ كما تقدم ثم افاد ما ينبغي للمفتي ان يتصف به من الاوصاف الحميدة قائلا يستحب للمفتي ان يطرح النظر الى الدنيا بان يكتفي بما في يده عما في ايدي الناس ويجعل وطره أي حاجته التي له في الدنيا هو ما يرضي الله تعالى بهداية العوام الى ما يتطلبون الاسترشاد اليه ويستحب ايضا ان يكون محليا بالسكينة والوقار متجنبا لمجالس الاشرار أي السفهاء قال كما روي عن مالك انه لم يجالس سفيها ومتى تلتجيء المفتي ضرورة الى مجالسة السفهاء فلا باس حينئذ مع كفهم عما لا يليق بحضرته اهـ فلذا قال في نظمه ويندب للمفتي اطراحه النظر الى الحطام جاعل الرضى الوطر متصفا بحلية الوقارمحاشيا مجالس الاشرار مسئلة يجوز للقادر على التفريع والترجيح وان لم يكن مجتهدا الافتاء بمذهب مجتهد اطلع على ماخذه واعتقده وثالثها عند(3/99)
عدم المجتهد ورابعها وان لم يكن قادرا لانه ناقل أي يجوز للقادر على استنباط الاحكام من نصوص امامه والتخريج على قواعده وهوالمعبر عنه بمجتهد المذهب في حال كونه غير متصف بصفات المجتهد المطلق ويقدر على ما ذكر من استنباط الاحكام والتخريج على قواعد الامام الافتاء بمذهب مجتهد اطلع على ماخذه واعتقده لوقوع ذلك في الاعصار متكررا شائعا من غير انكار بخلاف غير القادر المذكور من مجتهد الفتوى فقد انكر عليه وقيل لا يجوز لانتفاء وصف الاجتهاد عنه لكن المعتمد الاول وهو الجواز فلذا قال الناظم يجوز للمجتهد المقيد بالمذهب الافتاء في المعتمد وثالث الاقوال يجوز للمجتهد المقيد ماذكر عند عدم المجتهد المطلق للحاجة الى المقيد حينئذ بخلاف ما اذا وجد المجتهد المطلق ورابع الاقوال يجوز للمقلد الافتاء وان لم يكن قادرا على التفريع والترجيح لانه ناقل لما يفتي به عن امامه وان لم يصرح بنقله عنه قال الجلال المحلي وهذا الواقع في الاعصار المتاخرة اهـ قال المحقق البناني هذا هو الراجح
فهو مقابل لمفهوم قوله أي المصنف يجوز للقادر الخ اهـ ثم قال نقلا عن ابن قاسم وكانه قال أي المصنف مسئلة يجوز للقادر دون غيره قيل يجوز للقادر ايضا وثالثها للقادر دون غيره يجوز عند عدم المجتهد ورابعها يجوز للقادر وغيره ولا يخفى انتظام هذا التقدير اهـ وكمل الناظم الكلام على الثالث والرابع بقوله ثالثها لفقده والرابع جاز لمن قلد وهو الواقع أي في الاعصار المتاخرة كما سلف انه الراجح وزاد الناظم على المصنف ان العامي مطلقا على القول الاقوى اذا عرف الحادثة بالدليل ولو بنص الكتاب او السنة فانه يمنع من الافتاء حيث قال والمنع للعامي مطلقا ولو دليلها نص على الاقوى راوا ويجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافا للحنابلة مطلقا ولابن دقيق العيد مالم يتداع الزمان بتزلزل القواعد والمختار لم يثبت وقوعه أي ويجوز ان يخلو الزمان عن مجتهد بان لا يبقى فيه مجتهد قال المحقق البناني انظر هل المراد لجواز عقلا او شرعا والظاهر ان كلا صحيح اهـ قال شارح السعود ان خلو الزمان من مجتهد قبل تزلزل القواعد جائز عقلا كما يدل عليه ظاهر استدلال ابن الحاجب والامدي وغيرهما ويحتمل ان يكون الجواز شرعيا كما قال سعد الدين التفتازاني وكلما جاز الشيء شرعا جاز عقلا ولا ينعكس الا جزئيا اهـ فلذا قال في نظمه وهو جائز بحكم العقل مع احتمال كونه بالنقل خلافا للحنابلة في منعهم الخلو عنه مطلقا تداعى الزمان بتزلزل القواعد ام لا فلذا قال الناظم جاز خلو العصر عن مجتهد ومطلقا يمنع قوم احمد أي قوم احمد ابن حنبل وخلافا لابن دقيق العيد في منعه الخلو عن الجتهد مدة كونه لم يتداع الزمان بتزلزل القواعد فان تداعى الزمان بها بان اتت اشراط الساعة الكبرى جاز الخلو عنه قال شارح السعود عند قوله في نظمه والارض لا عن قائم مجتهد تخلو الى تزلزل القواعد يعني انه لم يقع في الارض خلو الزمان عن مجتهد مطلق او مقيد كما لولي الدين قائم ذلك المجتهد لله بالحجة على خلقه
تفوض اليه الفتوى وينصر السنة بالتعليم والامر باتباعها وينكر البدعة ويحذر من ارتكابها سواء كان ذلك القائم مجددا او لا ما لم تتزلزل قواعد الزمان أي يختل انتظام الدنيا كطلوع الشمس من مغربها ويحتمل ان يراد بالقواعد قواعد الدين واحكام الشريعة وبتزلزلها تعطلها والاعراض عنها دليل عدم الوقوع حديث الصحيحين لا تزال(3/100)
طائفة من امتي ظاهرين على الحق حتى ياتي امر الله أي الساعة قال البخاري وهم اهل العلم فان تزلزلت القواعد أي اركان الدنيا اوالدين خلا الزمان من المجتهد المذكور لحديث الصحيحين ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا وفي مسلم ان بين يدي الساعة اياما يرفع الله فيها العلم وينزل فيها الجهل اهـ عند المصنف رحمه الله انه بعد جواز الخلو لم يثبت وقوعه أي للدليل المتقدم في حديث الصحيحين وهو معنى قول الناظم وابن دقيق العيد لا ان اتت اشراطها والمرتضي لم تثبت واذا عمل العامي بقول مجتهد فليس له الرجوع عنه وقيل يلزمه العمل بمجرد الافتاء وقيل بالشروع في العمل وقيل ان التزمه وقال السمعاني ان وقع في نفسه صحته وقال ابن الصلاح ان لم يوجد مفت ءاخر فان وجد تخير بينهما والاصح جوازه في حكم ءاخر أي واذا عمل العامي أي وهو من عدا المجتهد المطلق في حادثة بقول مجتهد فليس له الرجوع عنه الى غيره في مثلها حيث انه قد التزم ذلك القول بالعمل به بخلاف ما اذا لم يعمل به فلذا قال الناظم اذا بقول مفت العامي عمل ليس له الرجوع اجماعا نقل فحكى نقل الاجماع على عدم الرجوع قال شارح السعود ان العامي اذا عمل بقول مجتهد في مسئلة لا يجوز له اتفاقا الرجوع عنه الى قول غيره في مثلها لانه قد التزم ذلك القول بالفراغ من العمل به ونعني بهذا العامي الذي لم يلتزم مذهبا معينا اهـ فلذا قال في نظمه وان بقول ذي اجتهاد
قد عمل من عم فالرجوع عنه منحظل وقيل يلزمه العمل به بمجرد الافتاء فليس له الرجوع الى غيره فيما افتاه به قيل يلزمه العمل به بالشروع في العمل به بخلاف ما اذا لم يشرع وقيل يلزمه العمل به ان التزمه أي بان صمم على التمسك به بخلاف ما اذا لم يلتزمه فلذا قال الناظم وقيل بالافتاء يلزم العمل وقيل بالشروع قيل او حصل منه التزام وقال ناظم السعود الا فهل يلزم او لا يلزم الا الذي شرع او يلتزم أي ان لا يعمل العامي بقول المجتهد فهل يلزم الخ وهي الاقوال الاربعة المتقدمة وقال السمعاني يلزمه العمل به ان وقع في نفسه صحته والا فلا فلذا قال الناظم ورءا السمعاني ان مالت النفس للاطمئنان وقال ابن الصلاح يلزمه العمل به ان لم يوجد مفت ءاخر فان وجد تخير بينهما وزاد الناظم انه قال به النووي مع ابن الصلاح حيث قال وابن الصلاح والنواوي ان فقد سواه والتخيير جوز ان وجد والاصح جواز الرجوع الى غيره في حكم ءاخر أي غير مماثل للاول بان كان مخالفا له كالبيع بعد سؤاله في النكاح مثلا فلذا قال الناظم وصحح الجواز في حكم سواه قال شارح السعود ان العامي يجوز له عند الاكثر الرجوع الى قول غير المجتهد الذي استفتاه اولا في حكم ءاخر لاجماع الصحابة ضي الله عنهم على انه يسوغ للعامي السؤال لكل عالم ولان كل مسئلة لها حكم نفسها فكما لم يتعين الاول للاتباع في المسئلة الاولى الا بعد سؤاله فكذلك في المسئلة الاخرى قاله الحطاب شارح مختصر خليل قال القرافي انعقد الاجماع على ان من اسلم فله ان يقلد من شاء من العلماء من غير حجر اهـ وافاد ما تقدم في نظمه بقوله رجوعه لغيره في ءاخر يجوز للاجماع عند الاكثر وانه يجب التزام مذهب معين يعتقده ارجح او مساويا ثم ينبغي السعي في اعتقاده ارجح أي والاصح انه يجب على(3/101)
العامي وغيره ممن لم يبلغ درجة الاجتهاد التزام مذهب معين من مذاهب المجتهدين يعتقده ارجح من غيره او مساويا له وان كان في نفس الامر مرجوحا
فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد مخبرا بوجوب تقليد حبر من المجتهدين ومالك وسائر الايمة كذا ابو القاسم هداة الامه فواجب تقليد حبر منهم كذا حكى القوم بلفظ يفهم وافاد الناظم ما افاده المصنف بقوله ولالتزام بمعين رءاه ارجع او مساويا نعم في المساوي ينبغي السعي في اعتقاده ارجح ليتجه اختياره على غيره وختم شارح السعود سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي الشنجيطي كتابه بهذه المسئلة قائلا انه يجب التزام مذهب معين على من قصر باعه عن بلوغ رتبة الاجتهاد المطلق فلذا قال في نظمه:
ثم التزام مذهب قد ذكرا.... صحة فرضه على من قصرا
ثم افاد انه وقع الاجماع اليوم على وجوب تقليد المذاهب الاربعة اعني مذهب مالك ومذهب ابي حنيفة ومذهب الشافعي ومذهب احمد وعلى منع جميع العلماء قفو أي اتباع مذهب مجتهد غيرهم من القرن الثامن الذي انقرض فيه مذهب داوود الى هذا القرن فلذا قال في نظمه والمجمع عليه الاربعه وقفو غيره الجميع منعه قال وانما وقع الاجماع عليها قال الحطاب في شرح خليل لانها انتشرت حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وخصيص عامها وشروط فروعها فاذا اطلقوا حكما في موضع وجد مكملا في موضع ءاخر واما غيرهم فتنقل عنهم الفتاوى مجردة فلعل لها مكملا او مقيدا او مخصصا لو انضبط كلام قائله لظهر فيصير في تقليده على غيره ثقة انتهى ومن دون مذهبه كداوود فقد انقرض وصار كان لم يدون قال ومنع تقليد غير الاربعة مستمر الى ما اشار اليه بقوله حتى يجيء القاطعي المجدد دين الهدى لانه مجتهد قال اذا جاء الفاطمي وهو المهدى المنتظر لا يلزم تقليد الاربعة بل يجوز لمن تذهب بمذهب من الاربعة ان ينتقل لمذهبه لانه مجتهد مجدد ما عفى من رسم الدين وهو ءاخر المجتهدين يملا الأرض عدلا وقد وجدها ممتلئة جورا وهو من ولد فاطمة وامه من ولد العباس رضي الله تعالى عن الجميع اسمه محمد بن عبد الله وكنيته ابو القاسم ولقبه المهدي والصحيح انه يشبه النبيء صلى الله عليه وسلم في الخلق
بالضم لا في الخلق بالفتح ويقال انه على خده الايمن شامة وعيناه كانهما كوكبان دريان اهـ ثم في خروجه عنه ثالثها لا يجوز في بعض المسائل أي ثم في خروج من التزم مذهبا معينا عنه اقوال احدهما لا يجوز لانه التزمه وان لم يجب التزامه ابتداء ثانيها يجوز والتزام ما لا يلزم غير ملزم ثالث الاقوال لا يجوز في بعض المسائل ويجوز في بعض توسطا بين القولين والجواز في غير ما عمل به وعدم الجواز فيما عمل به اخذا من مفهوم ما تقدم وهو انه لا يجوز الرجوع فيما عمل به وافاد الناظم ما تعرض له المصنف بقوله وان له خروجه عنه ولو في مسئلة ثالثها لا البعض وافاد ناظم السعود ان ذا القول الثالث اعني المفصل هو الاصح حيث قال وذو التزام مذهب هل ينتقل اولا وتفصيل اصح ما نقل ثم افاد ايضا ان من اجاز خروج العامي من مذهب الى مذهب ءاخر قيد الجواز بثلاثة شروط احدهما انه لابد ان يعتقد فضل المنتقل هو الى مذهبه ولو بوصول اخباره ولا يقلده في عماية والشرط الثاني ان لا يبتدع المنتقل بمخالفته للاجماع كان يجمع بين مذهبين على وجه يخالف الاجماع كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود فان هذه الصورة لم يقل بجوازها(3/102)
احد فان انتفى واحد من الشرطين امتنع الخروج فلذا قال في نظمه ومن اجاز للخروج قيدا بانه لا بد ان يعتقدا فضلا له وانه لم يبتدع بخلف الاجماع والا يمتنع الشرط الثالث عدم تقليد المذهب المنتقل اليه فيمما ينقض فيه حكم الحاكم قال وهو اربعة جمعها قوله اذا قضى حاكم يوما باربعة فالحكم منتقض من بعد ابرام خلاف نص واجماع وقاعدة كذا قياس جلي دون ايهام اهـ فلذا قال في نظمه وعدم التقليد فيما لو حكم قاض به بالنقض حكمه يؤم نعم افاد ان المذهب بغير المذهب الاول الذي كان عليه بان يصير مثلا شافعيا بعد ان كان مالكيا وبالعكس جائز لانه فعله كثير من العلماء المبجلين عند الناس أي المعظمين لان المذاهب كلها طرق الى الجنة والكل على هدى من ربهم كحجة
الاسلام ابي حامد الغزالي فانه انتقل ءاخر عمره الى مذهب الامام مالك لانه رءاه اكثر احتياطا وقد كان شافعيا وكذلك ابو جعفر الطحاوي فانه انتقل من مذهب الشافعي الى مذهب ابي حنيفة وانتقل ابن دقيق العيد من مذهب مالك الى مذهب الشافعي وكان يفتي في المذهبين فلذا قال في نظمه اما التمذهب بغير الاول فصنع غير واحد مبجل كحجة الاسلام والطحاوي وابن دقيق العيد ذي الفتاوي ثم ذكر انه انما يجوز انتقاله من مذهبه الملازم له الى مذهب ءاخر يلازمه اذا كان الانتقال لغرض صحيح أي شرعي ككون المذهب المنتقل اليه سهلا والمنتقل منه صعبا فيرجو سرعة التفقه فيه قال ومن الغرض الصحيح الانتقال لرجحان المذهب المنتقل اليه عنده لما رءاه من وضوح ادلته وقوتها اهـ واما من قصد بانتقاله الدنيا كاخذه من احباس على اهل المذهب المنتقل اليه وهو غير مضطر اليها فانه مذموم بالقيس على مهاجر ام قيس وهو الرجل الذي هاجر من مكة الى المدينة لاجل التزوج بامراة تسمى ام قيس فسمي مهاجر ام قيس واذا تجرد انتقال العامي عن غرض ديني مذموم او دنيوي كذلك فانه يباح له ما قصده من الانتقال وهومعنى قوله في نظمه ان ينتقل لغرض صحيح ككونه سهلا او الترجيح وذم من نوى الدنا بالقيس على مهاجر لام قيس وان على القصدين قد يجرد تجردا من عم فلتبح له ما قصدا قوله ان ينتقل الخ شرط في قوله قبل اما التمذهب البيتين وانه يمتنع تتبع الرخص وخالف ابو اسحاق المروزي أي والاصح انه يمتنع تتبع الرخص في المذاهب قال الجلال المحلي بان ياخذ من كل منها ما هو الاهون فيما يقع من المسائل اهـ قال المحقق البناني وانما امتنع ذلك لان التتبع المذكور يحل رباط التكليف لانه انما تبع حينئذ ما تشتهيه نفسه فلذا قال الناظم والتتبع لرخص على الصحيح يمنع قول المصنف وخالف ابو اسحاق المروزي أي فجوز تتبع الرخص وذكر الجلال المحلي ان هذا النقل عن ابي اسحاق سهو لما في الروضة واصلها عن حكاية الجناطي
وغيره عن ابي اسحاق انه يفسق بذلك وعن ابي هريرة انه لا يفسق به فهو مبني على انه لا يجب التزام مذهب معين وامتناع تتبع الرخص شامل للملتزم وغيره ويؤخذ من شموله لهما تقييد جواز الرجوع السابق فيهما أي في الملتزم وغيره بما لم يؤد الى تتبع الرخص والله اءعلم بغيبه واحكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم انتهى بفضله سبحانه وتعالى فى اصول الفقه واعانني سبحانه وتعالى على اكماله مصحوبا بالكتب التي التزمتها من(3/103)
جميع ما نظمه الحافظ جلال الدين السيوطي في الكوكب الساطع وجميع ما نظمه العلامة الشيخ سيدي عبد الله بن ابراهيم العلوي الشنجيطي في مراقي السعود الى مراتب الصعود وما نظمه العلامة الشيخ سيدي ابو بكر بن عاصم في مهيع الوصول في علم الاصول مما وافق فيه اصل كتابنا متن جمع الجوامع واسئله سبحانه وتعالى بفضله ان يعينني على الكلام فيما ختم به الكتاب من اصول الدين انه ذو فضل عظيم مسئلة اختلف في التقليد في اصول الدين شروع من المصنف رحمه الله تعالى في الكلام على اصول الدين بعد ان فرغ من الكلام على اصول الفقه حيث قال في خطبه الكتاب البالغ من الاحاطة بالاصلين مبلغ ذوي الجد والتشمير وكان قريبا قدم الكلام على التقليد في اصول الفقه لانه تابع للاجتهاد والان افاد انه اختلف في التقليد في اصول الدين أي مسائل الاعتقاد مما يجب في حقه تعالى من الصفات وما يستحيل وما يجوز ومن الواجب والمستحيل والجائز في حق الانبياء عليهم الصلاة والسلام ومن مسائل اخر ستاتي ايضا كالمبدا والمعاد واثابة العاصي وتعذيب المطيع وغير ذلك والتقليد هنا مقابل النظر وتفصيل الاختلاف في التقليد ان الذي رجحه الامام الرازي والامدي لا يجوز بل يجب فيه النظر لوجوب المعرفة المتوقفة عليه لان المطلوب في اصول الدين اليقين قال الله تعالى لنبيه فاعلم انه لا اله الا الله وقد علم ذلك وتقدم للمصنف في التقليد في الفروع حيث قال ومنع الاستاذ
التقليد في القواطع فلذا ذكره الناظم هنا مع الفخر والامدي حيث قال يمتنع التقليد في العقائد للفخر والاستاذ ثم الامدي وقال العنبري وغيره يجوز التقليد في اصول الدين ولا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم لانه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي في الايمان من الاعراب بالتلفظ بكلمتي الشهادة المنبيء عن العقد الجازم لحصول التصديق بمضون كلمتي الشهادة وحكى الناظم هذا القول بقوله والعنبري جوزه وقيل النظر فيه حرام وعن الاشعري لا يصح ايمان المقلد وقال القشيري مكذوب عليه هذا مقابل للقولين المتقدمين أي وقيل ان النظر في اصول الدين حرام لانه مظنة الوقوع في الشبه والضلال لاختلاف الاذهان والانظار بخلاف التقليد وهو جزم المكلف عقده بما ياتي به الشرع من العقائد وحكى الناظم ان عليه الاسلاف كالشافعي حيث قال وقد حظر اسلافنا كالشافعي فيها النظر قال المحقق البناني فيه ان النظر الذي هو مظنة ما ذكر هو التفصيلي الجاري على طريق المتكلمين لا الاجمالي الذي هو على طريق العامة فليس مظنة لذلك والمعتبر هو النظر الاجمالي لا التفصيلي الذي نهى الشافعي وغيره من السلف رضي الله عنهم عن الاشتغال به لان الاجمالي يقدر عليه العموم من العامة كما اجاب الاعرابي الاصمعي عن سؤاله بم عرفت ربك فقال البعرة تدل البعيرواثر الاقدام تدل على المسير فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج الا تدل على اللطيف الخبير قال الجلال المحلي وعلى كل من الاقوال الثلاثة تصح عقائد المقلد وان كان ءاثما بترك النظر على الاول فلذا قال الناظم ثم على الاول ان يقلد فهو من عاص على المعتمد وعن الاشعري انه لا يصح ايمان المقلد قال الجلال المحلي وشنع اقوام عليه بانه يلزمه تكفير العوام وهم غالب المومنين قال المحقق البناني رد التشنيع المذكور بان المعتبر النظر على طريق العامة كما مر قال التفتازاني في(3/104)
شرح المقاصد ليس الخلاف في من يسكن دار الاسلام من الامصار والقرى والصحاري
فانهم يتفكرون في خلق السموت والارض بل في من نشا في شاهق جبل واخبره مخبر بوجوب الايمان فئامن من غير تفكر هذا حاصل كلامه والحاصل ان العوام ليسوا مقلدين بل ناظرون نظرا شرعيا كما تقدم في كلام الاعرابي فلا يلزم تكفيرهم اهـ وقال الاستاذ ابو القاسم القشيري في دفع التشنيع هذا مكذوب عليه واما ابو هاشم من المعتزلة فانه لم يعتبر ايمان المقلد كما سياتي فلذا قال الناظم:
لكن ابو هاشم لم يعتبر ايمانه وقد عزي للاشعري وقال القشيري عليه مفترى قال المصنف رحمه الله والتحقيق ان كان اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم فلا يكفي وان كان جزما فيكفي خلافا لابي هاشم أي والتحقيق في المسئلة الدافع للتشنيع انه ان كان التقليد اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم بان لا يجزم به فلا يكفي ايمان المقلد قطعا لانه لا ايمان مع ادنى تردد فيه وان كان التقليد اخذا لقول الغير بغير حجة لكن جزما وهذا هو المعتمد فيكفي ايمان المقلد حينئذ عند الاشعري وغيره وذا التحقيق المعتد ذكره الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد بعد ان ذكر انه وقع خلاف في ايمان المقلد حيث قال اذ كل من قلد في التوحيد ايمانه لم يخل من ترديد ففيه بعض القوم يحكي الخلفا وبعضهم حقق فيه الكشفا فقال ان يحزم بقول الغير كفى والا لم يزل في الضمير خلافا لابي هاشم في قوله لا يكفي التقليد كما مر ءانفا في النظم بل لابد في صحة الايمان عنده من النظر على طريق المتكلمين فالنظر عنده شرط صحة في الايمان ينتفي الايمان بانتفائه وافاد الناظم المذهب الحق على ما حققه المصنف فقال والحق ان ياخذ بقول من عري بغير حجة بادنى وهم لم يكفه ويكتفي بالجزم وحيث انه يكتفي على القول الحق بالتقليد الجازم في الايمان قال المصنف فليجزم عقده بان العالم محدث وله صانع وهو الله الواحد والواحد الشيء الذي لا ينقسم ولا يشبه بوجه) أي فليجزم المكلف عقده بان العالم وهو ما سوى الله
تعالى محدث أي موجد بعد العدم وله صانع ضرورة ان المحدث لابد له من محدث لاحتياجه الى الصانع كما في المرشد المعين في قوله وجود مولانا له دليل قاطع حاجة كل محدث للصانع واستدل على احتياج المحدث الى الصانع بقوله لو حدثت لنفسها الاكوان لا جتمع التساوي والرجحان وذا محال واستدل على حدوث العالم بقوله وحدوث العالم من حدث الاعراض مع تلازم وصانع الحادث هو الله الواحد كما قال الناظم:
فليجزم العقد ولا تناكث بانما العالم حقا حادث صانعه الذي توحدا والواحد الشيء الذي لا ينقسم بوجه ولا يشبه بفتح الباء المشددة بوجه أي لا يكون بينه وبين غيره شبه فلذا قال الناظم
والواحد الشيءالذي لا ينقسم ... ولا يشبه بوجه قد وسم (والله تعالى قديم لا ابتداء لوجوده) أي والله تعالى قديم لا ابتداء لوجوده كما قال الناظم: قديم أي ما لوجوده ابتداء اذ لو كان حادثا لاحتاج الى محدث تعالى عن ذلك ويتحتم بذلك عليه الدور والتسلسل المحالان كما قال في المرشد المعين لو لم يك القدم وصفه لزم حدوثه دور تسلسل حتم وكل ما جاز عليه العدم استحال عليه القدم لاحتياجه حينئذ الى محدث رجح وجوده على عدمه السابق وهو الله تعالى القديم قال في جوهرة(3/105)
التوحيد وكل ما جاز عليه العدم عليه قطعا يستحيل القدم وما ثبت له القدم لا يشاب برائحة العدم اللاحق وهو الله تعالى الباقي كما قال كذا بقاء لا يشاب بالعدم وكما قال في المرشد المعين لو امكن الفناء لا انتفى القدم فثبوت القدم له سبحانه دال على ثبوت بقائه لان ما ثبت قدمه استحال عدمه حقيقته مخالفة لسائر الحقائق قال المحققون ليست معلومة الان واختلفوا هل يمكن علمها في الاخرة قال الناظم وذاته كل الذوات نافت وعلمها للخلق غير ثابت واختلفوا هل علمها في الاخره يمكننا قولان للاشاعرة ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض لانه تعالى منزه عن الحدوث لانه واجب الوجود لذاته وهذه حادثة ضرورة انها اقسام العالم الحادث اذ هو اما قائم
بنفسه او بغيره والثاني العرض كاللون والطعم والاول ويسمى بالعين وهو محل الثاني المقوم له أي الذي يتوقف وجوده على وجوده اما مركب وهو الجسم او غير مركب وهو الجوهر قال الناظم:
ليس بجوهربجسم او عرض كاللون او كالطعم لم يزل وحده ولا مكان ولا زمان ولا قطر ولا اوان هذا من عطف الخاص على العام اذ القطر مكان مخصوص كالبلد والاوان زمان مخصوص كزمان الزرع والداعي الى العطف الخطابة في تنزيهه تعالى أي هو موجود وحده سبحانه قبل المكان والزمان فهو منزه عنهما قال الناظم:
ولم يزل سبحانه ولا مكان منفردا في ذاته ولا زمان ثم احدث هذا العالم من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث أي ثم احدث هذا العالم المشاهد ولو لغيرنا كالجن والملئكة من السموت والارض بما فيهما من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه فهو فاعل سبحانه بالاختيار فلذا قال الناظم:
واحدث العالم لا لمنفعه يرومها ولويشا ما اخترعه لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث كالتعب والنصب الذي قالته اليهود لعنهم الله انه ابتدا الخلق يوم الاحد ثم استراح يوم السبت تعالى سبحانه عما يعتري الحوادث قال سبحانه [ولم يعي بخلقهن] {فعال لما يريد} {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فقوله فعال لما يريد قال المحقق البناني استدلال على قوله ثم احدث العالم من غير احتياج اليه ولو شاء ما اخترعه وقوله ليس كمثله شيء استدلال على قوله لم يحدث بابتداعه في ذاته حادث وعلى التنزيهات السابقة في قوله ليس بجسم الخ فلذا قال الناظم:
فهو لما يريد فعال ولا ... يلزمه شيء تعالى وعلا
(وليس شيء مثله القدر خيره وشره منه علمه شامل لكل معلوم جزءيات وكليات وقدرته لكل مقدور ما علم انه يكون اراده وما لا فلا) أي القدر وهو ما يقع من العبد المقدر في الازل خيره وشره كائن منه تعالى فلذا قال الناظم ثم القدر منه الذي يحدث من خير وشر ثم نبه ايضا على انه يجب ان ينزه صفاء الاعتقاد عن كدر اعتقاد الحلول
والاتحاد لما نص عليه الغزالي في الاحياء من ان من اعتقد هذا فهو فاسد الاعتقاد حيث قال وواجب تنزيه الاعتقاد عن الحلول وعن الاتحاد ونص في احيائه الغزالي من قال هذا فاسد الخيال علمه تعالى شامل لكل معلوم فيعم الممكن ويعم ايضا الواجب والمتنع لانه سبحانه بكل شيء عليم لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء من كلي اوجزيء او جليل او حقير ويعلم السر واخفى اذ هو خالق كل شيء وقدرته تعالى شاملة لكل مقدور لتعلقها بجميع الممكنات كما قال في جوهرة(3/106)
التوحيد فقدرة بممكن تعلقت بلا تناهي ما به تعلقت ما علم سبحانه انه يكون أي يوجد اراده أي اراد وجوده وما علم انه لا يوجد فلا يريد وجوده فالارادة تابعة للعلم عند الاشاعرة وغايرت العلم بمعنى انها ليست عينه ولا مستلزم له كما انها غايرت الامر والرضى كما قال ناظم جوهرة التوحيد وقدرة ارادة وغايرت امرا وعلما والرضى كما ثبت بقاؤه سبحانه أي وجوده لان وصف البقاء سياتي غير مستفتح ولا متناه أي لا اول له ولا آخر واشار الناظم الى ما ذكره المصنف فقال:
قدرته لكل ما لم يستحل ... وعلمه لكل معلوم شمل
لكل كلي وجزئي يكون ... يريد ما يعلم أنه يكون
لم يزل باسمائه وصفات ذاته ما دل عليها فعله من قدرة وعلم وحياة وارادة او التنزيه عن نقص من سمع وبصر وكلام وبقاء أي لم يزل سبحانه موجودا باسمائه وهي ما دل على الذات باعتبار صفة كالعالم والخالق وصفات ذاته وهي ما دل عليها فعله لتوقفه عليها من قدرة وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به وعلم وهو صفة ازلية تتعلق بالشيء على وجه الاحاطة به على ما هو عليه دون سبق خفاء وارادة وهي صفة تخصص احد طرفي الشيء من الفعل والترك أي وجود الشيء وعدمه بالوقوع اودل عليها التنزيه له تعالى عن النقص من سمع وبصر وهما صفتان يزيد الانكشاف بهما على الانكشاف بالعلم فحقيقة الانكشاف بهما غير حقيقة الانكشاف بالعلم وكلام وهو
صفة ازلية قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت منزهة عن التقدم والتاخر والاعراب والبناء منزه عما يشبه كلام المخلوقات وبقاء وهو استمرار الوجود وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال:
أو لا فلا يريد والبقاء ... ليس له بدء ولا انتهاء
لم يزل الباري بأسماه العلي ... وبصفات ذاته وهي الالي
دل عليها الفعل من إرادة ... علم حياة قدرة مشاءة
أو كونه منزها عن الغير ... سمع كلام والبقا والبصر
(وما صح في الكتاب والسنة من الصفات نعتقد ظاهر المعنى وننزه عن سماع المشكل ثم اختلف ايمتنا ايؤول ام نفوض منزهين مع اتفاقهم على ان جهلنا بتفصيله لا يقدح) أي وما ثبت في الكتاب والسنة نعتقد وجوبا الواضح الذي لا اشكال فيه وننزه عن سماع المشكل منه كما في قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} وقوله {ويبقى وجه ربك} وقوله صلى الله عليه وسلم ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ثم بعد الاتفاق على التنزيه عن الظاهر اختلف ايمتنا انؤول المشكل ام نفوض معناه المراد اليه تعالى منزهين عن ظاهره واشار في جوهرة التوحيد الى المذهبين بقوله:
وكل نص اوهم التشبيها ... اوله او فوض ورم تنزيها
واتفقوا على ان جهلنا بتفصيل المراد من المشكل أي بتعيين المراد منه لا يقدح في اعتقادنا المراد منه مجملا والتفيض مذهب السلف وهو اسلم والتاويل مذهب الخلف فيؤولون الاستواء بالاستيلاء والوجه بالذات والمراد من بسط اليد في الحديث قبول التوبة وافاد الناظم ما تقدم فقال وما اتى به الهدى والسنن من الصفات المشكلات نومن بها كما جاءت منزهينا مفوضين او مؤولين والجهل بالتفصيل ليس يقدح بالاتفاق والسكوت اصلح القرءان كلامه غير مخلوق على الحقيقة لا المجاز مكتوب في مصاحفنا محفوظ في صدورنا مقروء بالسنتنا أي القرءان العظيم وهو كلامه تعالى القائم بذاته غير مخلوق وهو مكتوب في مصاحفنا باشكال الكتابة وصور(3/107)
الحروف الدالة عليه محفوظ في صدورنا مقروء بالسنتنا بحروفه الملفوظة
المسموعة فالذي هو مكتوب في المصاحف ومقروء بالالسنة ومحفوظ في الصدور يطلق على القرءان اطلاقا حقيقيا لا مجازا فقوله على الحقيقة لا المجاز مرتبط بالثلاثة قال تعالى انه لقراءن كريم في كتاب مكنون وقال بل هو ءايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وقال الذين ءاتينهم اكتاب يتلونه حق تلوته وحيث انه تعالى تفضل به على سيدنا محمد وامته فقال وانه لذكر لك ولقومك يسر تحصيله لهم فقال ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر والا فلا طاقة للعبد حيث كان ضعيفا على الوصول اليه قال تعالى لو انزلنا هذا القرءان على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون فله الحمد تعالى على فضله العظيم بتيسير القراءن العظيم للذكر فهو كلامه القديم المنزه عن الحدوث كما قال ناظم جوهرة التوحيد ونزه القرءان أي كلامه عن الحدوث واحذر انتقامه ورحم الله الناظم حيث افاد ما افاده المصنف فقال كلامه القرءان ليس يخلق وهو بلا تجوز ما تنطق السنتنا به وفي المصاحف خط ومحفوظ بصدر العارف يثيب على الطاعة ويعاقب الا ان يغفر غير الشرك على المعصية أي يثيب الله تعالى عباده المكلفين على الطاعة بفضله ويعاقبهم على المعصية بعدله الا ان يغفر ما شاء مغفرته من الذنوب غير الشرك فانه لا يغفر قال تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد اذ جائز غفران غير الكفر وتعرض الناظم لما ذكره المصنف فقال يثيب بالطوع وبالعصيان عاقب او ينعم بالغفران لما عدا الشرك وله اثابة العاصي وتعذيب المطيع وايلام الدواب والاطفال ويستحيل وصفه بالظلم أي وله سبحانه اثابة العاصي وتعذيب المطيعاذلا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية فله ان يعاقب من اطاع ويثيب من عصى لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون وقولهم ان الصلاح واجب عليه زور ما عليه واجب وله سبحانه ايلام الاطفال والبهائم وان لم يوجد ذنب اذ لا مانع له سبحانه
من اماتة ما ذكر على ما اقتضته حكمته فضلا عن احداث الم له فقط فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد رادا على قول المعتزلة الزور بمراعاة الصلاح الم يروا ايلامه الاطفالا وشبهها فحاذر المجالا وحيث انه سبحانه مالك الامور على الاطلاق وانه يفعل ما يشاء للحكم التي استاثر بعلمها فلا ظلم في كامل تصرفاته المطلقة في عبيده وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال: وللباري البديع اثابة العاصي وتعذيب المطيع وضر اطفال الورى والعجم ويستحيل وصفه بالظلم وحيث ان الناظم كالمصنف ذكر الاطفال زاد عليه الناظم مسئلة الاولاد وهي مهمة فافاد انه اختلف في اولاد الكفار على اقوال فقيل انهم في الجنة قال النووي وهو المذهب الصحيح الذي صار اليه المحققون لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا واذا كان لم يعذب العاقل الذي لم تبلغه الدعوة فلان لا يعذب غير العاقل من باب اولى وللحديث الصحيح كل مولود يولد على الفطرة وفي لفظ كل بني ءادم فابواه يهودانه او ينصرانه الثاني انهم خدم اهل الجنة الثالث انهم في النار الرابع انهم يكونون في برزخ بين الجنة والنار لانهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنة ولا سيئات يدخلون بها النار الخامس انهم يمتحنون في الاخرة بان يدفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما(3/108)
ومن ابى عذب السابع انهم في مشيئة الله واما اولاد المسلمين فالاجماع على انهم في الجنة قال الله تعالى والذين ءامنوا واتبعهتم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذرياتهم فالحمد لله تعالى على عظيم فضله على عباده لمؤمنين وحكى الناظم الاقوال في النظم فقال:
والخلف في ذرية الكفار قيل بجنة وقيل النار وقيل بالبرزخ والمصير تربا والامتحان عن كثير وقيل بالوقف وولد المسلم في جنة الخلد باجماع نمي يراه المومنون يوم القيمة واختلف هل تجوز الرؤية في الدنيا وفي المنام أي يراه سبحانه المومنون يوم القيمة قبل دخول الجنة وبعده لقوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة
الى ربها ناظرة ولما روي في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان الناس قالوا يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون في القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فانه ترونه كذلك وقوله تضارون بضم التاء والراء مشددة من الضرار أي فهل يحصل لكم بذلك ما يشوش عليكم الرؤية بحيث تشكون فيها كما يحصل في غير ذلك وبجمال النظر اليه تعالى يحصل للناظرين اليه من عباده المومنين يوم القيمة السرور المفرط المدهش للالباب فيعجزون عن كيفه وحصره فلولا كمال تاييده تعالى لهم في تلك الدار اعتناء بهم ومحبة فيهم لصاروا دكا من هيبته فلما تجلى ربنا في هذه الدار للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا واما المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم فانه لكمال تاييده له سبحانه في هذه الدار ولعظيم شوقه اليه تعالى في صميم فؤاده عجل له بمنحة اختصاصه فيها بالرؤية قال الشيخ سيدي ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد معيدا الضمير على الجائز ومنه ان ينظر بالابصار لكن بلا كيف ولا انحصار للمومنين اذ بجائز علقت هذا وللمختار دنيا ثبتت وتعرض الناظم لما ذكره المصنف فقال يراه في الموقف ذو الايمان وحسب المقام في الجنان والخلف في الجواز في الدنيا وفي نوم وفي الوقوع للهادي اقتفي السعيد من كتبه في الازل سعيدا والشقي عكسه ثم لا يتبدلان ومن علم الله موته مومنا فليس بشقي أي السعيد من علم الله في الازل انه سعيد والشقي من كتبه في الازل شقيا ثم لا يتبدلان المكتوبان في الازل بخلاف المكتوب في اللوح المحفوظ فانه يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت لانه قد يطلع عليه بعض الخواص من عباده واما اصله وهو ما لا يطلع عليه المخلوقات وهو ما استاثر به الملك القدوس سبحانه في خزائن غيبه مما لا يطلع عليه أي مخلوق كان المسمى بام الكتاب فليس فيه الا ما سبق به علمه القديم مما لا يتبدل
كتبنا الله فيه من الفائزين في الدنيا والاخرة بفضله ومنته انه ذو فضل عظيم امين فمن علم الله موته مومنا فليس بشقي بل هو سعيد وان تقدم منه كفر ومن علم موته كافرا وليعاذ بالله فشقي وان تقدم منه ايمان قال ناظم جوهرة التوحيد فوز السعيد عنده في الازل كذا الشقي ثم لم ينتقل وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال من كتب الله سعيدا في الازل فهو السعيد ثم بعد لا بدل وهكذا الشقي والذي علم بان يموت مسلما منهم سلم وابو بكر ما زال بعين الرضى منه والرضى والمحبة غير المشيئة والارادة فلا يرضى لعباده الكفر ولو شاء ربك ما فعلوه أي وابو بكر رضي الله عنه ما زال قرير العين بالرضى أي مسرور به منه تعالى لما سبق في علمه بانه يؤول امر الصديق الى الصداقة الخاصة في وقت(3/109)
كمال احتياجه صلى الله عليه وسلم اليها وصحبته له المقبولة عنده تعانى وهي التي ذكرها في قوله سبحانه اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا وجازاه الله على ذلك فاختاره سبحانه خليفة بعد لمصطفى المختار على الامة المختارة من بين الامم والرضى والمحبة من الله غير المشيئة والارادة منه والارادة كما انها تغاير الرضى تغاير العلم بمعنى انها ليست عينه ولا مستلزمة له وتغاير الاسر ايضا كذلك فلذا قال في جوهرة التوحيد ناظمها معيدا الضمير على الادارة وغايرت امرا وعلما والرضى كما ثبت فلا يرضى سبحانه لعباده الكفر مع وقوعه من بعضهم بمشيئته وارادته لقوله تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه فلذا قال الناظم مفيدا ما افاده المصنف ولم يزل عين الرضى منه على شيخ التقى الصديق زاده علا ثم الرضى منه مع المحبة غير المشيئة مع الارادة فليس يرضى الكفر للعباد وفعله منهم على المراد هو الرزاق والرزق ما ينتفع به ولو حراما أي الله سبحانه هو الرزاق فلا رازق غيره قال سبحانه وتعالى ان الله هو الرزاق والرزق أي المرزوق ما ينتفع به في التغذي وغيره ولو كان حراما قال في جوهرة التوحيد والرزق عند
القوم ما به انتفع وقيل لا بل ما ملك وما اتبع فيرزق الله الحلال فاعلما ويرزق المكروه والمحرما وقال الناظم هو الذي يرزق ثم الرزق ما يحصل منه النفع لو محرما بيده الهداية والاضلال خلق الضلال والاهتداء وهو الايمان أي بيده تعالى لا بيد غيره الهداية والاضلال وهما خلق الضلال وهو الكفر وخلق الاهتداء وهو الايمان قال في جوهرة التوحيد وجائز عليه خلق الشر والخير كالاسلام وجهل الكفر وقال الناظم بيده الهدى مع الاضلال أي خلق الاهتداء والضلال والاهتداء الايمان والتوفيق خلق القدرة والداعية الى الطاعة والخذلان ضده أي ضد التوفيق وقال الناظم والتوفيق فيما هو الاشهر والتحقيق الخلق للقدرة والداعية لطاعة وقيل خلق الطاعة فضده الخذلان وقال ناظم جوهرة التوحيد فخالق لعبده وما عمل موفق لمن اراد ان يصل وخاذل لمن اراد بعده ومنجز لمن اراد وعده واللطف ما يقع عنده صلاح العبد اخرة بوزن درجة أي في ءاخرته بان يقع منه الطاعة والايمان دون المعصية كما قال الناظم واللطف الذي به صلاح العبد خذي والختم والطبع والاكنة خلق الضلالة في القلب أي والختم والطبع والاكنة الواردة في القرءان نحو ختم الله على قلوبهم وطبع الله عليها بكفرهم وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه المعنى فيها واحد وهو خلق الضلالة في القلب كالاضلال ولعياذ بالله وافاده الناظم ايضا فقال والختم والطبع مع الاكنة الخلق في القلوب للضلالة والماهيات مجعولة وثالثها ان كانت مركبة أي والماهيات أي الحقائق للممكنات مجعولة أي مخلوقة لله تعالى او جدها بعد ان لم تكن قال العلامة عبد الحكيم اما الماهيات الممتنعة فليست متقررة اتفاقا أي ليست موجودة كشريك الباري جل وعلا وهي أي الحقائق للممكنات مجعولة سواء كانت بسيطة او مركبة وقيل انها ليست مجعولة مطلقا بمعنى انها في حد ذاتها لا يتعلق بها جعل جاعل ولا تاثير مؤثر قال في شرح المواقف فانك اذا لاحظت ماهية السواد ولم تلاحظ معها
مفهوما سواها لم يعقل هناك جعل اذ لا مغابرة بين الماهية ونفسها حتى يتصور توسط جعل بينهما ثم قال وكذا لا يتصور تاثير الفاعل في الوجود بمعنى جعل الوجود وجودا بل(3/110)
تاثيره في الماهيات باعتبار الموجود بمعنى انه يجعلها متصفة بالوجود لا بمعنى انه يجعل اتصافها موجودا محققا في الخارج فان الصباغ اذا صبغ ثوبا لا يجعل الثوب ثوبا ولا الصبغ صبغا بل يجعل الثوب متصفا بالصبغ في الخارج وان لم يجعل اتصافه به موجودا ثابتا في الخارج فليست الماهيات في انفسها مجعولة ولا وجوداتها في انفسها ايضا مجعولة بل الماهيات في كونها موجودة مجعولة يعني انها بالنظر الى اتصافها بالوجود مجعولة قال وبالجملة فلا تنافي بين القولين لعدم تواردهما على محل واحد وحينئذ فلا فرق بين البسيطة والمركبة اذ المجعولية بمعنى الاحتياج الى الفاعل في الوجود الخارجي ثابتة لهما معا وبمعنى جعل الماهيات تلك الماهية منتفية عنهما معا نعم ان اراد الفارق بين المركبات والبسائط ان المركبات بعد اشتراكها مع البسائط في الافتقار في الوجود الى الموجد متفقرة في ذواتها الى ضم بعض اجزائها الى بعض بخلاف البسائط كان للفرق وجه وجيه اهـ وذكر الشيخ الشربيني ان الجعل اما التاثير في نفس الماهية او في نفس الاتصاف بالوجود دون الماهية او هو الاحتياج الى الفاعل قال والاول مذهب عبد الحكيم وعليه الشارح أي الجلال المحلي والثاني مذهب السيد والثالث مذهب العضد اما الجعل بمعنى التركيب فداخل في مختار العضد ارسل الرب تعالى رسله بالمعجزات الباهرات وخص محمدا صلى الله عليه وسلم بانه خاتم النبيين المبعوث الى الخلق اجمعين المفضل على جميع العالمين اي ارسل الرب تعالى رسله مؤيدين منه بالمعجزات الباهرات اي الغالبات تكرما منه سبحانه عليهم كما قال ناظم جوهرة التوحيد بالمعجزات ايدوا تكرما وخص محمدا صلى الله عليه وسلم منهم بانه خاتم النبيين المبعوث الى الخلق اجمعين كما في حديث
مسلم ارسلت الى الناس كافة المفضل على جميع العالمين من الانبياء والملئكة وغيرهم فلا يشركه غيره من الانبياء فيما ذكر كما قال في جوهرة التوحيد افضل الخلق على الاطلاق بينا فمل عن الشقاق وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال ارسل للانام رسلا وافره بالمعجزات الظاهرات الباهره وخص بينهم محمدا بانه خاتمهم والمبتدا وبعثة للثقلين اجمعين وفضله على جميع العالمين وقال في الجوهرة وخص خير الخلق ان قد تمما به الجميع ربنا وعمما بعثته وبعده الانبياء ثم الملئكة عليهم السلام أي وبعد محمد صلى الله عليه وسلم الانبياء ثم الملئكة عليهم السلام وقد فصل الناظم رحمه الله من زياداته على المصنف من يلي المصطفى صلى الله عليه وسلم من الانبياء فمن بعدهم فقال يليه ابراهيم ثم موسى ونوح والروح الكريم عيسى وهم اولو العزم فمرسلو الانام فالانبياء فالملائك الكرام ثم تعرض لمن وقع فيه الاختلاف قيل انه نبي وقيل انه ولي وراي المعظم من العلماء على الولاية حيث قال واختلفت في حضر اهل النقول قيل ولي ونبي ورسول لقمان ذي القرنين حوى مريم والمنع في الجميع راي المعظم وتعرض ايضا لمن يلي المصطفى صلى الله عليه ولم في جوهرة التوحيد بقوله والانبياء يلونه في الفضل وبعدهم ملائكة ذي الفضل هذا وقوم فصلوا اذ فضلوا وبعض كل بعضه قد يفضل قوله وقوم فصلوا الخ هذا راي قوم والحق انا نحن معاشر بني ءادم نحمده تعالى ولا نحصي ثناء عليه بما تفضل به علينا في قوله لجميع ملائكته اسجدوا لادم بعد ان قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها(3/111)
ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم مالا تعلمون فقدمنا عليهم سبحانه يوم المناظرة بينا وبينهم في استحقاق وظيف الخلافة في الارض بان علم ابانا الاسماء كلها وعجزهم عهنا فبان به كمال اعتنائه سبحانه بنا بفضله ومنته بان فتح علينا بما لم يفتح عليهم به مع تقصيرنا في طاعته فله الحمد تعالى على عظيم فضله علينا حيث اهلنا
للجلوس على عرش الخلافة في الارض وامرهم بالسجود لا بينا فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين والمعجزة امر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة والتحدي الدعوى أي والمعجزة المؤيد بها الرسل امر مخالف للعادة بان يظهر على خلافها كاحياء ميت واعدام جبل وانفجار الماء مقرون بالتحدي الذي هو دعوى الرسالة وفيه تنبيه على الاكتفاء بها عن طلب الاتيان بالمثل مع عدم المعارضة من المرسل اليهم بان لا يظهر منهم مثل ذلك الخارق قال المحقق البناني نقلا عن شيخ الاسلام واصل التحدي لغة المباراة والمعارضة ومعناه ان النبيءصلى الله عليه وسلم طلب منهم مباراتهم ومعارضتهم له اهـ قال الناظم معجزة الرسول امر خارق لعادة مع ادعا موافق ولم يكن عورض والايمان تصديق القلب ولا يعتبر الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر وهل التلفظ شرط او شطر تردد أي والايمان تصديق القلب بما علم مجيء الرسول به من عند الله ضرورة ومعنى تصديق القلب الاذعان والقبول ولا يعتبر التصديق المذكور في الخروج به عن عهدة التكليف بالايمان الا مع التلفظ بالشهادتين من القادر عليه الذي جعله الشارع علامة لنا على التصديق الخفي عنا وهل التلفظ المذكور شطر للايمان او شطر منه فيه تردد العلماء وجمهور المحققين على الاول وعليه فالمراد انه شرط لاجراء احكام المومنين في الدنيا على القادر على التلفظ بالشهادتين من توارث ومناكحة وغيرهما واشار ناظم الجوهرة الى ما ذكره المصنف فقال وفسر الايمان بالتصديق والنطق فيه الخلف بالتحقيق فقيل شرط كالعمل وقيل بل شطر وقال الناظم والايمان تصديق القلب أي الاطمئنان وانما النطق ممن قد قدر بكلمة الشهادتين يعتبر والنطق شرط فيه عند الخلف ومنه شطر عند جل السلف ثم قال والمرتضى عن علماء الشان قبوله للزيد والنقصان كما قال في الجوهرة ورجحت زيادة الايمان بما تزيد طاعة الانسان ونقصه بنقصا والاسلام اعمال الجوارح ولا تعتبر الا مع
الايمان قال في جوهرة التوحيد والاسلام اشرحن بالعمل مثال هذا الحج والصلاة كذا الصيام فادر والزكاة وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال وعمل الجوارح الاسلام وشرطه الايمان والاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فبعد حصول الايمان والاسلام التمام هو الاحسان فلذا قال الناظم مشيرا الى الايمان والاسلام والتمام بعد حصول ذين الاحسان ان تعبد الله على العيان وبين صاحب المرشد المعين ايضا الاحسان فقال واما الاحسان فقال من دراه ان تعبد الله كانك تراه ان لم تكن تراه انه يراك والفسق لا يزيل الايمان والميت مومنا فاسقا تحت المشيئة اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح بمجرد فضل الله او مع الشفاعة أي والفسق بان ترتكب الكبيرة لا يزيل الايمان والميت مومنا فاسقا بان لم يتب تحت المشيئة اما ن يعاقب بادخاله النار ثم يدخل الجنة لموته على الايمان واما ان(3/112)
يسامح بان لا يدخل النار بمجرد فضل الله او بفضله مع الشفاعة أي وهي من فضله وقال في جوهرة التوحيد ومن يمت ولم يتب من ذنبه فامره مفوض لربه فالفاسق وان قدر عليه بدخول النار الا انه لا يخلد فيها تعظيما لكلمة التوحيد فلذا قال في الجوهرة ثم الخلود مجتنب وقال الناظم والفسق لا يزيل الايمان ولا يخلد الفاسق فيها للملا واول شافع واولاه حبيب الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم انا اول شافع واول مشفع قال الناظم اول شافع ومن يشفع نبينا وهو المقام الارفع وغيره صلى الله عليه وسلم من مرتضى الاخيار يشفع ايضا كما قال في الجوهرة وواجب شفاعة المشفع محمد مقدما لا تمنع وغيره من مرتضى الاخيار يشفع كما قد جاء في الاخبار ولا يموت احد الا باجله والنفس باقية بعد موت البدن وفي فنائها عند القيامة تردد قال الشيخ الامام والاظهر لا تفنى ابدا وفي عجب الذنب قولان قال المزني والصحيح يبلى وتاول الحديث أي ولا يموت احد الا في اجله وهو الوقت
الذي كتب الله في الازل موته فيه بقتل اوغيره وزعم كثير من المعتزلة ان القاتل قطع بقتله اجل المقتول وانه لو لم يقتله لعاش اكثر من ذلك لكنه قول باطل فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون فلذا قال في جوهرة التوحيد وميت بعمره من يقتل وغير هذا باطل لا يقبل كما قال الناظم ولا يموت المرء الا بالاجل والنفس أي الروح باقية بعد موت البدن منعمة او معذبة وفي فنائها عند القيامة تردد قيل تفنى عند النفخة الاولى كغيرها قال الشيخ الامام والد المصنف والاظهر انها لا تفنى ابدا لان اصل في بقائها بعد الموت استمراره فلذا قال في الجوهرة وفي فنا النفس لدى النفخ اختلف واستظهر السبكى بقاها اللذ عرف وقال الناظم والنفس بعد الموت تبقى للملل وفي فناها قبل بعث حصلا تردد وصحح السبكي لا وفي عجب الذنب قولان قال المزني والصحيح يبلى وتاويل انه لا يبلى لحديث الصحيحين ليس من الانسان شيء الا يبلى الا عظما واحدا وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم الخلق يوم القيامة وفي رواية لمسلم كل ابن اءدم ياكله التراب الا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب وفي رواية لاحمد وابن حبان قيل وما هويا رسول الله قال مثل حبة خردل منه تنشئون وهو في اسفل الصلب عند راس العصعص يشبه في المحل محل اصل الذنب من ذوات الاربع قال المزني والصحيح انه يبلى كغيره قال تعالى كل شيء هالك الا وجهه وتاول الحديث المذكور بانه لا يبلى بالتراب بل بلا تراب كما يميت الله ملك الموت بلا ملك الموت وقوله تعالى كل شيء هالك خصص ارباب القول الاول عمومه بما ورد في الحديث بعدم فنائه فلذا قال في الجوهرة عجب الذنب كالروح لكن صححا المزني للبلى ووضحا وكل شيء هالك قد خصصوا عمومه فاطلب لما قد لخصوا وقال الناظم وشهروا بقاء عجب الذنب والمزني يبلى واول تصب وحقيقة الروح لم يتكلم عليها محمد صلى الله عليه وسلم فنمسك عنها اذ الواجب على العبد الوقوف عند الحد لقوله تعالى قل الروح من امر
ربي اذ هناك من الاشياء ما يتوصل الى ادراكه وهناك منها ما يكون فوق اداكه وعليه فلا يلزمه ان يحاول التصعد اليه لعجزه سيما اذا اوقفه الخالق في حده عن بعض الاشياء التي اوجدها فلذا قال الناظم والروح عنها امسك النبي مع سؤاله فلا تخض فيها ودع وقال ناظم(3/113)
جوهرة التوحيد ولا تخض في الروح اذ ما وردا نص عن الشارع وكرامات الاولياء حق قال القشيري ولا ينتهون الى نحو ولد دون والد قال الجلال المحلي قال المصنف وهذا أي قول القشيري حق يخصص قول غيره ما جازان بكون معجزة لنبي يجوز ان يكون كرامة لولي ومن نفى الكرامة عن الاولياء يطرح كلامه كما قال في الجوهرة واثبتن للاوليا الكرامه ومن نفاها انبذن كلامه وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال حق كرامات للاولياء قال القشيري بلا انتهاء لولد بدون والد وما اشبهه قيل وهذا المعتمى ولا نكفر احدا من اهل القبلة اذ لا نكفر مؤمنا بالوزر ولا يجوز الخروج على السلطان فلذا قال في الجوهرة معيدا الضمير عليه فلا تزغ عن امره المبين الا بكفر فانبذن عهده فالله يكفينا اذاه وحده وقال الناظم ولا نرى تكفير اهل القبله ولا الخروج أي على الايمه ونعتقد ان عذاب القبر وسؤال الملكين والحشر والصراط والميزان حق للنصوص الواردة في ذلك قال في الجوهرة واليوم الاخر ثم هول الموقف حق فخفف يا رحيم واسعف وواجب اخذ العباد الصحفا كما من القرءان نصا عرفا ومثل هذا الوزن والميزان فتوزن الكتب او الاعيان كذا الصراط فالعباد مختلف مرورهم فسالم ومنتلف وقال الناظم حق عذاب القبر كالسؤال لمن عدا الشهيد والاطفال والحشر مع معادنا الجسماني والحوض والصراط والميزان والجنة والنار مخلوقتان اليوم يعني قبل يوم الجزاء للنصوص الدالة على ذلك قال ناظم الجوهرة والنار اوجدت كالجنة فلا تمل لجاحد ذي جنه وتبرع الناظم بزيادة ذكر اشراط الساعة ذات الشان وهي الكبرى حيث قال والنار والجنة مخلوقتان اليوم والاشراط ذات الشان طلوع
شمسها ومعها القمر بعد ثلاث تنظر ويخرج الدجال ثم ينزل عيسى وفي رملة اذ يقتل والخسف والدابة والدخان وبعد هذا يرفع القرءان قوله بعد ثلاث قال في الشرح عن عبد الله بن عمر مما اخرجه البيهقي قال ان الشمس تغرب فتخر ساجدة فتسلم وتستاذن فلا يوذن لها حتى اذا كان قدر ليلتين او ثلاثا قيل لها اطلعي من حيث جئت وافاد في الشرح اخيرا عن ابن حجر في شرح البخاري ان الذي يترجح من مجموع الاخبار ان اول الايات العظام الموذنة بتغيير الاحوال العامة في معظم الارض خروج الدجال ثم نزول عيسى وخروج ياجوج وماجوج في حياته وكل ذلك سابق على طلوع الشمس من مغربها ولعل خروج الدابة في ذلك اليوم او قريب منه ثم قال وانما اول اشتراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق الى المغرب وافاد اولا انه روى مسلم عن حذيفة قال طلع رسول الله عليه وسلم من غرفة ونحن تتذاكر الساعة فقال لا تقوم الساعة حتى يكون عشر ءايات طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان والدابة وياجوج وماجوج وخروج عيسى ابن مريم وثلاث خسوفات خسف وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس الى المحشر تبيت معهم ان باتوا وتقيل معهم اذا قالوا ويجب على الناس نصب امام ولو مفضولا أي ويجب على الناس نصب امام يقوم بمصالحهم كسد الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وغير ذلك لاجماع الصحابة بعد النبيء صلى الله عليه وسلم على نصبه حتى جعلوه اهم الواجبات وقدموه على دفنه(3/114)
صلى الله عليه وسلم ولو كان من ينصب مفضولا فان نصبه يكفي في الخروج عن عهدة النصب قال في الجوهرة وواجب نصب امام عدل بالشرع فاعلم لا بحكم العقل فليس ركنا يعتقد في الدين وقال الناظم من الفروض النصب للامام ولو لمفضول على الانام ولا يجب على الرب سبحانه شيء لانه خالق الخلق فكيف يجب لهم عليه شيء وهو المتفضل عليهم بالابراز من العدم الى الوجود والذين قالوا بالوجوب فقولهم زور ورحم
الله ناظم جوهرة التوحيد حيث قال:
وقولهم ان الصلاح واجب عليه زور ما عليه واجب (والمعاد الجسماني بعد الاعدام حق) أي وعود الجسم بعد الاعدام باجزائه وعوارضه كما كان حق قال تعالى وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده كما بدانا اول خلق نعيده كما بداكم تعودون وقوله بعد الاعدام هو الصحيح وقيل لا يعدم الجسم وانما تفرق اجزاؤه وحكى في الجوهرة ذين القولين فقال وقل يعاد الجسم بالتحقيق عن عدم وقيل عن تفريق محضين لكن ذا الخلاف قيد العلماء اطلاقه بسبب اخراج الانبياء منه فان الارض لا تاكل اجسادهم ولا تبلى ابدانهم اتفاقا وكذا من نص الشارع على ان الارض لا تاكل اجسامهم كالشهداء فلذا قال لكن ذا الخلاف خصا بالانبياء ومن عليهم نصا واختلفوا في اعادة العرض على قولين فقيل انه يعاد حين اعادة الجسم لا فرق في ذلك بين العرض الذي يطول بقاؤه كالبياض وبين غيره كالصوت وقيل بامتناع اعادته مطلقا فيوجد الجسم بعرض ءاخر ورجح جماعة من العلماء اعادة الاعراض باعيانها أي باشخاصها وانفسها وفي اعادة الزمن قولان احدهما وهو الارجح انه يعاد جميع ازمنة الاجسام التي مرت عليها في الدنيا لتشهد للانسان وعليه بما وقع فيها من الطاعات والاثام وثانيها امتناع اعادته فلذا قال:
وفي اعادة العرض قولان ... ورجحت اعادة الاعيان
وفي الزمن قولان ونعتقد ان خير الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ابو بكر خليفته فعمر فعثمان فعلي امراء المومنين رضي الله عنهم اجمعين لاطباق السلف على خيرتهم عند الله على هذا الترتيب فالستة تمام العشرة فاهل بدر فاهل احد فالذين بايعوا النبيء صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فلذا قال في الجوهرة معيدا الضمير على الصحابة رضي الله عنهم وخيرهم من ولي الخلافه وامرهم في الفضل كالخلافه يليهم قوم كرام يرره عدتهم ست تمام العشرة فاهل بدر العظيم الشان فاهل احد فبيعة الرضوان وقال الناظم:
وافضل الامة صديق يلي ... فعمر فالاموي فعلي
فسائر العشرة فالبدريه ... فاحد فالبيعة الزكية.
وبراءة عائشة من كل ماقذفت به لنزول القرءان ببراءتها قال الله تعالى ان الذين جاءو بالافك فلذا قال في الجوهرة وبرئن لعائشة مما رموا وقال الناظم:
ومابه عائشة قد رميت ... فانها بغير شك برئت
وهي رضي الله عنها مع خديجة افضل ازواج النبيء صلى الله عليه وسلم والتفضيل بينهما قيل وقيل والثالث الوقف فلذا قال:
وافضل الازواج بالتحقيق ... خديجة مع ابنة الصديق
وفيهما ثالثها الوقف.
ووقع خلاف في التفضيل بين ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبين عائشة والمرتضى انها مفضلة على عائشة بل وعلى مريم بنت عمران قال الناظم: وفي عائشة وابنته الخلف قفي. والمرتضى تقدم الزهراء بل وعلى مريم الغراء ونمسك عما جرى بين الصحابة ونرى الكل ماجورين فلذا قال(3/115)
الناظم:
ثم الذي بين الصحابة شجر ... تمسك عنه ونرى الكل ائتجر
وقال في الجوهرة واول التشاجر الذي ورد ان خضت فيه وان الشافعي ومالكا وابا حنيفة والسفيانين أي الثوري وابن عيينة واحمد ابن حنبل والاوزاعي واسحاق بن راهويه وداوود الظاهري وسائر ايمة المسلمين على هدى من ربهم في العقائد وغيرها قال الناظم:
والشافعي ومالك والحنظلي ... اسحاق والنعمان وابن حنبل
وابن عيينة مع الثوري وابن جرير مع الاوزاعي والظاهري وسائر الايمة على هدى من ربهم ورحمة والحنظلي هو اسحاق بن راهويه والطبري هو ابن جرير وان ابا الحسن الاشعري امام في السنة أي الطريقة المعتقدة مقدم فيها على غيره كابي منصور الماتريدي وان طريق الشيخ الجنيد المكنى بابي القاسم سيد الصوفية علما وعملا وصحبه طريق مقوم اي مستقيم لا اعوجاج فيه فهو من هداة الامة قال في الجوهرة ومالك وسائر الايمه كذا ابو القاسم هداة الامه وافاد الناظم ما ذكره المصنف فقال:
والاشعري الحجة المعظم ... امامنا في السنة المقدم
وان ما كان الجنيد يلزم وصحبه فهو طريق قيم ومما لا يضر جهله وتنفع معرفته الاصح ان وجود الشيء عينه وقال كثير منا غيره فعلى الاصح المعدوم
ليس بشيء ولا ذات ولا ثابت وكذا على الاصح عند اكثرهم اي ومما لا يضر جهله في العقيدة بخلاف ما قبله أي في الجملة فان المفاضلة بين الخلفاء الاربعة فيما تقدم لا يضر الجهل فيها وكذا نحوها وتنفع معرفته باعتبار معرفة اصطلاح القوم الذي يئول امره لى العقيدة ولا يضر لو لم يعرف وهو ما يذ…كر الى الخاتمة قوله الاصح ان وجود الخ أي الاصح الذي هو قول الاشعري وغيره ان وجود الشيء في الخارج واجبا كان وهو الله تعالى وممكنا وهو الخلق عينه ليس زائدا عليه وقال كثير من المتكلمين غيره أي زائد عليه بان يقوم الوجود بالشيء من حيث هو أي من غير اعتبار الوجود والعدم قال الجلال المحلي واشار أي المصنف بقوله منا الى قول الحكماء انه عينه في الواجب وغيره في الممكن اهـ فعلى الاصح المعدوم الممكن الوجود ليس في الخارج بشيء ولا ذات ولا ثابت أي لا حقيقة له في الخارج وانما يتحقق فيه بوجوده فيه وكذا على الاخر عند اكثر القائلين به (وان الاسم المسمى) أي والاصح ان الاسم عين المسمى وقيل غيره كما هو المتبادر فلفظ النار مثلا غيرها بلا شك والمراد بالاول المنقول عن الاشعري في اسم الله خاصة ان مدلوله الذات من حيث هي فالمراد هو المسمى بخلاف غيره كالعالم فمدلوله الذات باعتبار الصفة كما قال لا يفهم من اسم الله سواه بخلاف غيره من الصفات فيفهم منها زيادة على الذات من علم وغيره (وان اسماء الله توقيفية) أي والاصح ان اسماء الله توقيفية لا يطلق عليه اسم الا بتوقيف من الشرع قال ناظم الجوهرة واختير ان اسماه توقيفيه أي لا يطلق عليه اسم الا بتوقيف من الشرع وان المرء يقول انا مومن ان شاء الله تعالى خوفا من سوء الخاتمة ولعياذ بالله لا شكا في الحال أي في الايمان فانه في الحال متحقق له جازم باستمراره عليه الى الخاتمة التي يرجو حسنها ومنع ابو حنيفة وغيره ان يقول ذلك لايهامه الشك في الحال في الايمان قال الناظم:
وجاز ان يقول اني مومن ان شاء ربي خشية
ان يفتن بل هو اولى عند جل السلف وانكر القول بهذا الحنفي (وان ملاذ الكافر استدراج) أي والاصح ان ملاذ(3/116)
الكافر أي ما الذه الله به من متاع الدنيا استدراج من الله له لتقوى عليه حجة العقاب بكفران المنعم بها سبحانه اذ الواجب على المنعم عليه ان يشكر المنعم قال تعالى يبني اسراءيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العلمين وان المشار اليه بانا الهيكل المخصوص المشتمل على النفس وقال اكثر المعتزلة وغيرهم هو النفس لانها المدبرة وان الجوهر وهو الجزء الذي لا يتجزا ثابت في الخارج وان لم يرعادة الا بانضمامه الى غيره ونفى الحكماء ذلك وانه لا حال أي لا واسطة بين الموجود والمعدوم خلافا للقاضي ابي بكر الباقلاني وامام الحرمين في الشامل والا فقد رجع عنه في المدارك كما نقله عنه الامدي وغيره في قولهما أي القاضي والامام كبعض المعتزلة بثبوت الواسطة كالعالمية واللونية للسواد مثلا وعلى الاول ذلك ونحوه من المعدوم لانه امر اعتباري وان النسب والاضافات امور اعتبارية لا وجودية أي والاصح ان النسب والاضافات امور اعتبارية يعتبرها العقل لا وجودية بالوجود الخارجي قال الجلال المحلي وقال الحكماء الاعراض النسبية موجودة في الخارج وهي سبعة أي من جملة المقولات العشر والثلاثة الباقية هي الجوهر والكم والكيف الاتي تعريفها قريبا في نظم المقولات والسبعة هى الاين وهو حصول الجسم في المكان والمتى وهو حصول الجسم في الزمان والوضع وهو هيئة تعرض للجسم باعتبار نسبة اجزائه بعضها الى بعض ونسبتها الى الامور الخارجة عنه كالقيام والاتتكاس والملك وهو هيئة تعرض للجسم باعتبار ما يحيط به وتنتقل بانتقاله كالتقميص والتعميم وان يفعل وهو تاثير الشيء في غيره ما دام يؤثر وان ينفعل وهو تاثر الشيء عن غيره ما دام يتاثر كحال المسخن ما دام يسخنوالمتسخن ما دام يتسخن والاضافة وهي نسبة تعرض للشيء بالقياس الى نسبة اخرى كالابوة والبنوة اهـ
قال ناظم المقولات العشر:
ان المقولات لديهم تحصر ... في العشر وهي عرض وجوهر
فاول له وجود قاما ... بالغير والثاني لنفس داما
مايقبل القسمة في الذات فكم ... والكيف غير قابل ارتسم
اين حصول الجسم في المكان ... متى حصول خص بالازمان
ونسبة تكررت اضافه ... نحو ابوة اخا لطافه
وضع عروض هيئة بنسبة لجزءه وخارج فاثبت
وهيئة بما احاط وانتقل ... ملك كثوب او اهاب اشتمل
ان يفعل التاثير ان ينفعلا ... تائر ما دام كل كملا (وان العرض لا يقوم بالعرض ولا يبقى زمانين ولا يحل محلين) أي والاصح ان العرض لا يقوم بالعرض وانما يقوم بالجوهر الفرد او المركب أي الجسم قال الجلال المحلي: وجوز الحكماء قيام العرض بالعرض الا انه بالاخرة تنتهي سلسلة الاعراض الى جوهر أي جوزوا اختصاص العرض بالعرض اختصاص النعت بالمنعوت أي لا بمعنى ان احد هما حال والاخر محل كالسرعة والبطء للحركة وعلى الاول هما عارضان للجسم أي انه يعرض له عدم تخلل الحركة او تخللها والاصح ان العرض لا يبقى زمانين بل ينقضي ويتجدد مثله بارادة الله تعالى في الزمن الثاني وهكذا على التوالي فيتوهم في الذهن انه مستمر والاصح انه لا يحل محلين فسواد احد المحلين مثلا غير سواد الاخر وان تشاركا في النوعية وان المثلين لا يجتمعان كالضدين بخلاف الخلافين اما النقيضان فلا يجتمعان ولا يرتفعان أي والاصح ان العرضين المثلين بان يكونا من نوع لا يجتمعان في محل واحد وجوزت المعتزلة اجتماعها محتجين بان الجسم المغموس في الصبغ ليسود(3/117)
يعرض له سواد ثم ءاخر وءاخر الى ان يبلغ غاية السواد بالمكث واجيب بان عروض السوادات له ليس على وجه الاجتماع بل البدل فيزول الاول ويخلفه الثاني وهكذا بناء على ان العرض لا يبقى زمانين كما تقدم ءانفا واما الجوهران المثلان فانهما لايجتمعان في محل واحد بلا خلاف وكذا الضدان كالسواد البياض فانهما لا يجتمعان لانهما امران وجوديان بينهما غاية الخلاف بخلاف الخلافين وهما اعم من الضدين فانهما
يجتمعان من حيث الاعمية كالسواد والحلاوة وفي كل من الاقسام الثلاثة أي من المثلين والضدين والخلافين يجوزارتفاع الشيئين اما النقيضان وهما عبارة عن ايجاب الشيء وسلبه كالقيام وعدمه فلا يجتمعان ولا يرتفعان وان احد طرفي الممكن ليس اولى به من الاخر وان الباقي محتاج الى السبب وينبني على ان علة احتياج الاثر الى المؤثر الامكان او الحدوث او هما جزءا علة او الامكان بشرط الحدوث وهي اقوال أي ان احد طرفي الممكن وهما الوجود والعدم ليس اولى به من الاخر بل هما باالنظر الى ذاته جوهرا كان اوعرضا على السواء وقيل العدم اولى به لانه اسهل وقوعا في الثبوت وقيل الوجود اولى به والاصح ان الممكن الباقي محتاج في بقائه الى السبب أي المؤثر وقيل لا وينبني هذا الخلاف على ان علة احتياج الاثر أي الممكن في وجوده الامكان أي استواء الطرفين بالنظر الى الذات او الحدوث أي الخروج من العدم الى الوجود او هما على انهما جزءا علة او الامكان بشرط الحدوث وهي اقوال قال الجلال المحلي فعلى اولها يحتاج الممكن في بقائه الى المؤثر لان الامكان لا ينفك عنه وعلى جميع باقيها لا يحتاج اليه لان المؤثر انما يحتاج اليه على ذلك في الخروج من العدم الى الوجود لا في البقاء والمكان قيل السطح الباطن للحاوي الماس للسطح الظاهر من المحوي وقيل بعد موجود ينفذ فيه الجسم وقيل بعد مفروض وهو الخلاء والخلاء جائز والمراد منه كون الجسمين لا يتماسان ولا بينهما ما يماسهما أي المكان الذي لاخفاء في ان الجسم ينتقل عنه واليه ويسكن فيه فيلاقيه اختلف في ماهيته فقيل هو السطح وهو ما ينقسم طولا وعرضا فقط الباطن للحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي كالسطح الباطن للكوز المماس للسطح الظاهر من الماء الكائن فيه وقيل هو بعد موجود أي امتداد طولا وعرضا وعمقا ينفذ فيه الجسم بنفوذ بعده القائم به في ذلك البعد بحيث ينطبق بعد المكان على بعد الجسم وقيل هو بعد مفروض أي موهم في
الذهن لانه لا اثر له في الخارج يفرض فيه ما ذكر من نفوذ بعد الجسم فيه والبعد المفروض الخلاء والخلاء جائز والمراد منه كون الجسمين لا يتماسان ولا يكون ما بينهما ما يماسهما فيكون الخلاء هوما بين الجسمين وذا البعد المفروض هو قول المتكلمين والقولان قبله للحكماء والزمان قيل جوهر ليس بجسم ولا جسماني وقيل فلك معدل النهار وقيل عرض فقيل حركة معدل النهار وقيل مقدار الحركة والمختار مقارنة متجدد موهوم لمتجدد معلوم ازالة للايهام أي والزمان قيل هو جوهر فهو قائم بنفسه ليس بجسم أي ليس بمركب ولا جسماني أي ولا داخل في الجسم مجرد عن المادة وقيل فلك حركة معدل النهار أي والليل ففيه اكتفاء على حد قوله تعالى سرابيل تقيكم الحر وهو جسم سميت دائرته أي منطقة البروج منه بمعدل النهار لتعادل الليل والنهار في كل البقاع عند كون الشمس عليها وقيل عرض فقيل حركة معدل النهار أي حركة فلك معدل النهار والليل وقيل مقدار الحركة(3/118)
المذكورة والمختار ان الزمان مقارنة متجدد موهوم أي مجهول لمتجدد معلوم ازالة للابهام من الاول بمقارنته الثاني المعلوم كما في ءاتيك عند طلوع الشمس وهذا قول المتكلمين والاقوال قبله للحكماء واصحها عندهم الاخير منها ويمتنع تداخل الاجسام وخلو الجوهر عن جميع الاعراض أي يمتنع دخول الاجسام بعضها في بعض على وجه النفوذ يه والملاقاة له باسره من غير زيادة في الحجم وامتناع ذلك لما فيه من مساواة الكل للجزء في العظم أي وكذا الجواهر الفردة فانه يمتنع تداخلها كما انه يمتنع خلو الجوهر مفردا كان او مركبا أي وهو الجسم عن جميع الاعراض بان لا يقوم به واحد منها بل يجب ان يقوم به عند وجوده شيء منها الا انه لا يوجد بدون التشخص والتشخص انما هو بالاعراض والجوهر غير مركب من الاعراض والابعاد متناهية أي والجوهر أي لها حدود تنتهي اليها والمعلول قال الاكثر يقارن علته زمانا والمختار وفاقا للشيخ الامام يعقبها مطلقا وثالثها
ان كانت وضعية لا عقلية اما الترتيب رتبة فوفاق أي والمعلول قال الاكثر يقارن علته زمانا عقلية كانت كحركة الاصبع علة لحركة الخاتم او وضعية بوضع الشرع كعلة الاسكار لحرمة الخمر والمختار وفاقا للشيخ الامام والد المصنف يعقبها مطلقا عقلية كانت او وضعية ضرورة توقف وجوده على وجودها اذ لو تقارنا لما كان وجودها اصلا له وثالث الاقوال يعقب المعلول العلة ان كانت وضعية لا عقلية فيقارنها نعم ترتيب المعلول على العلة رتبة متفق عليه واللذة حصرها الامام والشيخ الامام في المعارف وقال ابن زكريا هي الخلاص من الالم وقيل ادراك الملائم والحق ان الادراك ملزومها ويقابلها الالم أي واللذة الدنيوية أي العقلية لا الحسية والخيالية اذ كل منهما دفع الم حصرها الامام الرازي والشيخ الامام والد المصنف فيما يعرف أي يدرك قالا وما يتوهم أي يقع في الوهم أي الذهن من لذة حسية كقضاء شهوني البطن والفرج او خيالية كحب الاستعلاء والرياسة فهو دفع الالم فلذة الاكل والشرب والجماع دفع الم الجوع والعطش ودغدغة المني لاوعيته ولذة الاستعلاء والرياسة دفع الم القهر والغلبة وقال ابن زكريا الطيب هي الخلاص من الالم بدفعه حسبما مر ورد بان التعريف غير جامع اذ قد يلتذ بشيء من غير سبق الم بضده كمن وقف على مسالة علم او كنز مال فجاة من غير خطورهما بالبال والم التشوق اليهما وقيل هي ادراك ملاءمة الملائم والملائم هو المناسب للطبع الموافق له قال المصنف والحق ان الادراك ملزومها أي لا هي ويقابلها على الاقوال الثلاثة الالم فهو على الاخير ادراك غير الملائم وما تصوره العقل اما واجب او ممتنع او ممكن لان ذاته أي المتصور اما ان تقتضي وجود في الخارج او عدمه او لا تقتضي شيئا من وجوده او عدمه والاول الواجب والثاني الممتنع والثالث الممكن وهي اقسام ما اقتضاه الحكم العقلي بالحصر كما قال في المرشد المعين اقسام مقتضاه بالحر تماز وهي الوجوب الاستحالة الجواز
فواجب لا يقبل النفي بحال وما ابى الثبوت عقلا المحال وجائز ما قبل الامرين سم(3/119)
خاتمة ختم الله لنا بالرضى منه ءامين هذه الخاتمة ذكر فيها المصنف رحمه الله تعالى مسائل مهمة من التصوف المصفي للقلوب رجاء ان يكون الختام معرفة الله تعالى على ما ينبغي للعبد ان يكون عارفا به من تحقق نقصان نفسه وكمال الله تعالى لانه اذا تحقق باوصاف النقصان امده الله باوصاف الكمال والعرفان قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه تحقق باوصافك يمدك باوصافه وحيث ان اول ما يجب معرفته معرفة وجود الله تعالى وما يجب له وما يمتنع عليه قال المصنف اول الواجبات المعرفة وقال الاستاذ النظر المؤدي اليها والقاضي اول النظر وابن فورك وامام الحرمين القصد الى النظر أي اول مايجب معرفته معرفة الله تعالى لانها مبنى سائر الواجبات اذ الاتيان بالمامور به امتثالا والانكفاف عنه انزجارا لا يمكن الابعد معرفة الامر والناهي فاول ما يجب ابتداء معرفة الامر سبحانه وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني اول ما يجب النظر المؤدي الى معرفته لانه مقدمتها اذ لا يتوصل لها الا بالنظر وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وقال القاضي ابو بكر الباقلاني الواجب اولا اول النظر وقال ابن فورك وامام الحرمين القصد الى النظر فلذا قال الناظم حاكيا هذه الاقوال اول واجب على المكلف معرفة الله وقيل الفكر في دليله وقيل اول النظر وقيل قصده اليه المعتبر وذو النفس الابية يربا عن سفاف الامور ويجنح الى معاليها أي وذو النفس الابية أي التي تابى أي تمتنع من كل شيء الا العلو الاخروي يربا بها أي يرفعها بالمجاهدة عن سفاف الامور أي دنيها من الاخلاق المذمومة ويجنح بها اي الى معاليها الى الاخلاق المحمودة فلذا قال الناظم ومن تكون نفسه ابيه يجنح للمراتب العليه وذلك بان يحفظ جوارحه السبعة كلا عما لا يليق به اذ من شكر من انعم بها ان تستعمل في طاعته فيغض بصره عما لا
يحل النظر اليه مما هو محرم ويكف سمعه عما ياثم بسماعه كالغيبة والنميمة والزور والكذب وكف اللسان عما ذكر احرى في الوجوب من كف السماع عن ذلك ويحفظ البطن من الحرام كالطعام المسروق ونحو ذلك قال في المرشد المعين يغض عينه عن المحارم يكف سمعه عن المئاثم كغيبة نميمة زور كذب لسانه احرى بترك ما جلب يحفظ بطنه من الحرام ومن المراتب العلية الذي النفس الابية ترك الامور التي فيها شبهة مع انقطع بكونها حلالا مخافة الوقوع في المحرم ويكون ذلك باهتمام وعزيمة كما قال يترك ما شبه باهتمام كما انه يكون حافظا فرجه من الزنى ويده من البطش بها لما هو ممنوع يريده ايضا كما قال يحفظ فرجه ويتقي الشهيد في البطش والسعي لممنوع يريد كما انه ايضا يكون متوقفا في الاقدام على امر حتى يعلم حكم الله فيه كما قال ويوقف الامور حتى يعلما ما الله فيهن به قد حكما واعظم امر ينبغي له ان يعتنى به تطهير القلب من امراضه كالرياء والحسد والعجب وغيرهما ممن الادواء القلبية كما قال يطهر القلب من الرياء وحسد عجب وكل داء واصل هذه الافات وهي الامراض التي في القلب المتقدمة التي يتطلب الانسان تطهيره منها انما هو حب الرياسة في الدنيا الذي قيل انه ءاخر ما ينزع من قلوب الصديقين وطرح أي نسيان ما هو ءات في الدار الاخرة كما قال واعلم بان(3/120)
اصل ذي الافات حب الرياسة وطرح الاتي وما ذاك الا لتمكن حب الدنيا في القلب لقوله صلى الله عليه وسلم حب الدنيا راس كل خطيئة وليس دواء هذه الادواء القلبية لسالك الطريق الا في الاضطرار اليه سبحانه قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه ما طلب لك شيء مثل الاضطرار له ولابد لمداواة هذه الامراض القلبيه من طبيب ماهر من اطباء القلوب عارف بامراضها وما يحصل به مداواتها حيث انه كان بصدد معالجة امراض قلبه فعولجت بالاواء في مستشفى المريدين الى ان طهرت بالبرء من تلك الامراض فصارت مستنيرة بانوار الانابة
الى الله ليصح اتباع سبيله لقوله تعالى واتبع سبيل من اناب الي فبانوار الانابة المشرقة في قلبه بازالة ظلمات الامراض منه يقي مريده السالك المهالك التي تكون في طريقه وبنظره اليه يتذكر الله تعالى لما البسه اياه من انوار المعارف فان من اسر سريرة البسه الله رداءها وان خالها تخفى على الناس تعلم فلذا قال في مرشد السالك يصحب شيخا عارف المسالك يقيه في طريقه المهالك يذكره الله اذا رءاه ويوصل العبد الى مولاه ومن عرف ربه تصور تبعيده وتقريبه فخاف ورجا فاصغى الى الامر والنهي فارتكب واجتنب فاحبه مولاه فكان سمعه وبصره ويده التى يبطش بها واتخذه وليا ان ساله اعطاه وان استعاذ به اعاذه أي ومن عرف ربه بما يعرف به من صفاته تصور تبعيده باضلاله وتقريبه له بهدايته فخاف عقابه ورجا ثوابه فاصغى الى الامر والنهي منه فارتكب ماموره في الظاهر والباطن واجتنب منهيه كذلك فتعظم حينئذ منة الله عليه قال تاج العافين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه متى جعلك في الظاهر ممتثلا لامره ورزقك في الباطن الاستسلام لقهره فقد اعظم المنة عليك اهـ وذلك لان حاصل تقوى الله اجتناب المنهي عنه ظاهرا وباطنا وامتثال المامور به كذلك وبما ذكر تنال التقوى ومرجع الباطن للنية فصارت الاقسام اربعة وهى سبل المنفعة لسالك طريق الله فلذا قال في المرشد المعين وحاصل التقوى اجتناب وامتثال في ظاهر وباطن بذا تنال فجاءت الاقسام حقا اربعه وهي للسالك سبل النفعه وبالتقوى يتحبب العبد الى المولى سبحانه واعظم ما يتقرب به اليه المحافظة على ما افترضه عليه من الفرائض وهي راس مال الانسان وينتظر الربح الاخروي من قبلها والمحافظة على النوافل بعد الفرائض ربح بعد حصول راس المال من المفروض كما قال ويحفظ المفروض راس المال والنفل ربحه به يوال والاكثار من ذكر الله بصفاء لب واخلاص قلب مفتاح باب حضرة الله قال الشيخ سيدي عبد الرحمن الاخضري في الجوهر كقولنا لعالم ذي
غفله الذكر مفتاح لباب الحضره ويستعين على ما ذكر لحصول المقصود بعون الله تعالى كما قال في المرشد ويكثر الذكر يصفو لبه والعون في جميع ذا بربه ولا ينبغي ان يترك المريد الذكر لعدم حضور قلبه مع الله فيه قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لان غفلتك عن وجود ذكره اشد من غفلتك في وجود ذكره فعسى ان يرفعك من ذكر مع وجود غفلة الى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة الى ذكر مع(3/121)
وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور الى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور وما ذلك على الله بعزيز اهـ وينبغي ان تكون مجاهدته نفسه فيما يرضي رب العالمين بالاخلاص له مع تحليه مع ذلك بمقامات اليقين وهي الاتصاف بالخوف من الله ورجاء رحمته والشكر على النعم والصبر على النقم والتوبة كما سياتي والزهد في الدنيا والتوكل على الله تعالى في جميع الامور والرضى بما قسم الله وقدره والاعتكاف على محبة الله تعالى اذ بمحبته يحصل الرضى بكل ما يصدر منه قال في المرشد يجاهد النفس لرب العالمين ويتحلى بمقامات اليقين خوف رجا شكر وصبر توبه زهد توكل رضى محبه وجميع معاملة العبد في طاعة ربه الرقيب الشهيد الذي يعلم السر واخفى ينبغي ان يكون بصدق بان يقصد بها وجهه الكريم فاذا اتصف بما ذكر فانه يكون عارفا بربه حرا لخلو قلبه عن محبة غيره لاقباله عليه بكليته فلذا قال يصدق شاهده في المعامله يرضى بما قدره الالاه له يصير عند ذاك عارفا به حرا وغيره خلا من قلبه فاذا اتصف بحسن المعاملة متحببا اليه تعالى يعامله بالمحبة فيصطفيه لحضرة قدسه ويجتبيه لها كما قال فحبه الالاه واصطفاه لحضرة القدس واجتباه ففي البخاري وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وان سالني اعطيته وان استعاذني لاعيذنه قال الجلال المحلي
والمراد ان الله تعالى يتولى محبوبه في جميع احواله فحركاته وسكناته به تعالى اهـ واذا تفضل عليه تعالى بهذا القرب اتخذه وليا ان ساله اعطاه وان استعاذ به اعاده وافاده الناظم ما افاده المصنف فقال ومن يكون عارفا بربه مصورا لبعده او قربه رجا فخاف فاصاغ فارتكب ماموره وما نهي عنه اجتنب احبه الله فكان عقله وسمعه ويده ورجله واعتده من اولياء اذ دعا اجابه او استعاذه اعا أي اعاذه ودني الهمة لا يبالي فيجهل فوق جهل الجاهلين ويدخل تحت ربقة المارقين فدونك صلاحا او فسادا او رضى او سخطا او قربا او بعدا او سعادة او شقاوة ونعيما او جحيما افاد بدونك الاغراء بالنسبة الى الصلاح وما يناسبه والتحذير بالنسبة الى الفساد وما يناسبه أي بعد ان عرفت حال علو الهمة ودناءتها فدونك صلاحا الخ كما قال الناظم اما الذي همته دنيه فلا مبالاة له سنيه ففوق جهل الجاهلين يجهل وتحت سبل المارقين يدخل فخذ صلاحا بعد او فسادا وشقوة تريك اوسعادا وقربا او بعدا او سخطا او رضى وجنة الفردوس او نارا لظى واذا خطر لك امر فزته بالشرع فان كان مامورا فبادر فانه من الرحمن فان خشيت وقوعه لا ايقاعه على صفة منهية فلا عليك أي بخلاف ما اذا اوقعته على صفة منهية قاصدا لها فعليك اثم ذلك قال الناظم وزن بشرع كل امر خاطر فان يكن يومر به فبادر فان تخف وقوعه على صفه منهية فما عليك من سفه وامر في المرشد بمحاسبة النفس على اللحظات العمرية وبوزن الخواطر بالموازين الشرعية فقال يحاسب النفس على الانفاس ويزن الخاطر بالقسطاس واحتياج استغفارنا الى استغفار لا يوجب ترك الاستفغار ومن ثم قال السهروردي اعمل وان خفت العجب مستغفرا منه فلذا قال الناظم فحاجة استغفارنا اليه لا توجب تركه بل الذكر على من ثم قال السهروري اعمل وان خشيت عجبا ثم(3/122)
داوه وزن وذلك لان ترك العمل خوفا من العجب من مكائدالشيطان وان كان منهيا فاياك فانه من الشيطان فان ملت فاستغفر أي وان كان
الخاطر الذي القي في القلب منهيا عنه شرعا فاياك ان تفعله فانه من الشيطان فان ملت الى فعله فاستغفر الله تعالى من هذا الميل كما قال الناظم وان يكن مما نهي عنه احذر فان تمل لفعله استغفر وحديث النفس ما لم يتكلم او يعمل والهم مغفوران أي وحديث النفس أي ترددها بين فعل الخاطر المذكوروتركه وكذلك القول ما لم يتكلم بذلك الخاطر ان كان معصية قولية او يعمل به ان كان معصية فعلية كان يكون الخاطر قذفا فيقذف او شرب خمر فيشرب وكذا الهم من النفس بالفعل او القول ما لم تتكلم او تعمل مغفوران فلذا قال الناظم والهم والحديث مغفوران ما لم يك يعمل او به تكلما قال صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل تجاوز لامتي عما حدثت به انفسها ما لم تعمل او تتكلم به رواه الشيخان وقال صلى الله عليه وسلم ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب أي عليه رواه مسلم وفي رواية له كتبها الله عنده حسنة كاملة وان لم تطعك الامارة فجاهدها أي وان لم تطعك النفس الامارة بالسوء على اجتناب فعل الخاطر المذكور لحبها بالطبع للمنهي عنه من الشهوات فلا تبدو لها شهوة الا اتبعتها فجاهدها وجوبا لتطيعك في الاجتناب كما تجاهد من يقصد اغتيالك بل اعظم لانها تقصد بك الهلاك الابدي باستدراجها لك من معصية الى اخرى حتى توقعك فيما يؤدي الى ذلك وباقتحام مخالفتها يتحقق سير السائرين الى الله قال تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في حكمه لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين اذ لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك ولا قطعة بينك وبينه حتى تمحوها وصتك اهـ وامر الناظم رحمه الله بشن الغارة على النفس وذلك بانواع المجاهدات حتى تنهزم فقال ان لم تطع في تركها الاماره فجاهدنها وشن الغاره فان فعلت فتب فان لم تقلع لاستلذاذ او كسل فتذكر هادم اللذات وفجئة الفوات او لقنوط فخف مقت ربك واذكر سعة رحمته واعرض التوبة ومحاسنها أي فان فعلت الخاطر المذكور لغلبة الامارة عليك فتب
على الفور وجوبا ليرتفع عنك اثم فعله بالتوية التي وعد الله بقبولها فضلا منه ومما تتحقق به الاقلاع كما سياتي فان لم تقلع عن فعل الخاطر المذكور لاستلذاذ به او كسل عن الخروج منه فتذكر هادم اللذات الذي هو الموت وفجئته المفوتة للتوبة وغيرها من الطاعات فان تذكر ذلك باعث شديد على الاقلاع عما تستلذ به او تكسل عن الخروج منه واما ان لم تقلع عن فعل الخاطر المذكور لاجل قنوط من رحمه الله وعفوه عما فعلت لشدته فخف مقت ربك أي شدة عقابه حيث اضفت الى الذنب الياس من العفو عنه وقد قال تعالى انه لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون واستحصر سعة رحمته التي لا يحيط بها الا هو لترجع عن قنوطك وكيف تقنط وقد قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان يغفر الذنوب جميعا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم رواه مسلم قال تاج العارفين الوارث النور الاوفر من الامام المرسلين صلى الله عليه وسلم لا يعظم الذنب عند عظمة تصدك عن حسن الظن بالله تعالى فان(3/123)
من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه لا صغيرة اذا قابلك عدله ولا كبيرة اذا واجهك فضله اهـ قوله واعرض الخ أي واعرض على نفسك التوبة ومحاسنها أي ما تتحقق به من المحاسن حيث ذكرت سعة رحمته تعالى لتتوب عما فعلت فتقبل ويعفى عنك فضلا منه تعالى وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال فان فعلت تب فان لم تقلع للذة او كل موسع فليتذكر هادم اللذات وفجئة الممات والفوات او لقنوط فاحش مقت ربكا واذكر عظيم عفوه يسهل بكا واعرض على نفسك توبة تؤم وما حوت من حسن وهي الندم وتتحقق بالاقلاع وعزم ان لا يعود وتدارك ممكن التدارك وتصح ولو بعد نقضها عن ذنب ولو صغيرا مع الاصرار على ءاخر ولو كبيرا عند الجمهور اي والتوبة هي الندم على المعصية من حيث
انها معصية فالندم على شرب الخمر مثلا لا ضراره بالبدن ليس بتوبة وتتحقق أي تعتبر بالاقلاع عن المعصية وعدم الاقلاع عنها بتمكن حلاوتها في القلب وهو الداء العضال قال تاج العارفين بالله تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال لا يخرج الشهوة من القلب الا خوف مزعج او شوق مقلق اهـ ومن لوازم الندم العزم على ان لا يعود الى المعصية ويتدارك التائب ما يمكن تداركه من الحق الناشيء عن المعصية كرد المظالم وتمكين نفسه من المجني عليه او من اوليائه كانت الجناية نفسا او جرحا او قذفا او مالا او غير ذلك قال في المرشد وتوبة من كل ذنب يجترم تجب فورا مطلقا وهي الندم بشرط الاقلاع ونفى الاضرار وليتلاف ممكنا ذا استغفار قوله ذا استغفار حال من فاعل وليتلاف وهو التائب واستغفاره شرط كمال لا شرط صحة وتصح التوبة ولو بعد نقضها فمن تاب من ذنب ثم عاد اليه فلا يكون العود اليه مبطلا للتوبة السابقة منه والمسئلة خلافية قيل القبول وقيل عدمه رايان مختلفان كما قال ناظم جوهرة التوحيد ثم الذنوب عندنا قسمان صغيرة كبيرة فالثانى منه المتاب واجب في الحال ولا انتفاض ان يعد للحال لكن يجدد توبة لما اقترف وفي القبول رايهم قد اختلف وتصح التوبة عن بعض الذنوب مع الاصرار على غيره وان كان ما تاب منه صغيرا وما اصر عليه كبيرا عند الجمهور وافاد الناظم ما افاده المصنف معيدا الضمير على التوبة قائلا وهى الندم وشرطها الاقلاع والعزم السني ان لا يعود وادراك الممكن وصحة التوبة قال الاكثر ولو يكون بعد نقض يكثر عن أي ذنب كان لو صغيرا مع فعله ءاخر لو كبيرا وان شككت امامور ام منهي فامسك ومن ثم قال الجويني في المتوضي يشك ايغسل ثالثة ام رابعة لا يغسل هذا القسم الثالث من اقسام الامر الخاطر أي وان شككت في الخاطر امامور به ام منهي عنه فامسك عنه حذرا في الوقوع في المنهي ومن اجل ذلك قال الشيخ ابو محمد الجويني في المتوضى يشك ايغسل غسلة ثالثة فيكون
مامورا بها ام رابعة فيكون منها عنها لا يغسل خوف الوقوع في المنهي عنه وغيره قال يغسل قال الناظم:
وان شككت فقف فترك طاعة اولى من الوقوع في مفسدة من ثم قال بعضهم من شك هل ثلث او ينقض عنه ما غسل نعم وكل واقع بقدرة الله وارادته هو خالق كسب العبد قدر له قدرة هي استطاعته تصلح للكسب لا للابداع فالله خالق غير مكتسب والعبد مكتسب غير خالق أي وكل ماعرض له الوقوع بعد ان لم يكن واقعا سواء كان خاطرا او غيره بقدرة الله تعالى وارادته(3/124)
فالله هو خالق كسب العبد أي الفعل الذي هو كاسبه لا ان العبد خالقه قال ناظم الجوهرة وعندنا للعبد كسب كلفا به ولكن لم يؤثر فاعرفا فقدر للعبد سبحانه قدرة هي استطاعته تصلح للكسب لا للابداع أي لا للتاثير ففي قول المصنف قدر له قدرة رد على الجبرية وفي قوله تصلح للكسب لا للابداع رد على القدرية فالله سبحانه وتعالى هو الخالق وخلق لعبد كسبا فصار متصفا به لا بالخالقية كما مر ءانفا قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون فيثاب العبد على مكتسبه الذي يخلقه الله عقب قصده له بفضله ويعاقب عليه بعدله فمذهبنا معاشر اهل السنة توسط بين قول المعتزلة ان العبد خالق لفعله وبين قول الجبرية انه لا فعل للعبد اصلا وهو ءالة محضة كالسكين في يد القاطع وافاد الناظم ما افاده المصنف فقال وكل امر واقع باذنه سبحانه خالق كسب عبده قدر فيه قدرة للكسب لا ابداعه تصلح فالله علا خالق لا مكتسب مايصنع وعبده مكتسب لا مبدع ومن ثم الصحيح ان القدرة لا تصلح للضدين وان العجز صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين لا العدم والمللكة أي ومن اجل ان العبد مكتسب لا خالق الصحيح ان القدرة من العبد لا تصلح للضدين أي للتعلق بهما لا معا ولا على سبيل البدل لما تقدم من ان العرض لا يبقى زمانين ولا شك انها عرض مقارن للفعل اهـ بناني والصحيح ايضا ان العجز من العبد صفة وجودية تقابل القدرة تقابل الضدين لا تقابل العدم والملكة حتى
يكون هو عدم القدرة عما من شانه القدرة وذلك على القول بان العبد يخلق افعال نفسه وهو قول المعتزلة عافانا الله مما ابتلاهم به (ورجح قوم التوكل وءاخرون الاكتساب وثالث الاختلاف باختلاف الناس وهو المختار) أي ورجح قوم التوكل أي ترك الاكتساب وءاخرون الاكتساب على التوكل والقول الثالث الاختلاف باختلاف الناس وهو المختار حسبما هو معروف في كتب القوم كالاحياء للغزالي والرسالة للقشيري فمن يكون في توكله لا يتسخط عند ضيق الزورق عليه (ولا تستشرف نفسه) أي تتطلع لسؤال احد من الخلق فالتوكل في حقه ارجح لما فيه من الصبر والمجاهدة للنفس ومن يكون في توكله بخلاف ما ذكر فالاكتساب في حقه ارجح حذرا من التسخط والاستشراف فلذا قال ناظم جوهرة التوحيد في الاكتساب والتوكل اختلف والراجح التفصيل حسبما عرف ومن ثم قيل ارادة التجريد مع داعية الاسباب شهوة خفية وسلوك الاسباب مع داعية التجريد انحطاط عن الذروة العلية أي ومن اجل ان القول الثالث المفصل هو المختار قيل قولا مقبولا وهو ارادة التجريد عما يشغل عن الله تعالى مع داعية الاسباب من الله في مريد ذلك شهوة خفية من المريد اما كونها شهوة فلعدم وقوف المريد مع مراد الله تعالى حيث اراد لنفسه خلاف ذلك واما كونها خفية فلانه لم يقصد بذلك نيل حظ عاجل بل قصد التقرب الى الله ليكون اعلى بزعمه وسلوك الاسباب الشاغلة عن الله تعال مع داعية التجريد من الله في سالك ذلك انحطاط عن الذروة العلية وذروة كل شيء اعلاه واصل هذه الحكمة العلية لتاج العارفين بالله سيدي احمد بن عطاء الله في حكمه حيث قال ارادتك التجريد مع اقامة الله اياك في الاسباب من الشهوة الخفية وارادتك الاسباب مع اقامة الله ياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية اهـ وقد ياتي الشيطان باطراح جائبالله تعالى في صورة الاسباب او(3/125)
بالكسل والتماهن في صورة التوكل والموفق يبحث عن هذين ويعلم انه لا يكون الا ما يريد أي وقد ياتي الشيطان
للانسان المتجرد بان يسول له ترك جانب الله تعالى في صورة تحسين الاسباب كان يقول لسالك التجريد الذي سلوكه له اصلح من تركه له الى متى تترك الاسباب لم تعلم ن تركها يطمع القلوب لما في ايدي الناس فاسلكها لنسلم من ذلك وينتظر غيرك منك ماكنت تنتظره من غيرك ويقول لسالك الاسباب الذي سلوكه لها اصلح من تركه لها لو تركتها وسلكت التجريد فتتوكل على الله لصفا قلبك واشرق لك النور واتاك ما يكفيك من عندالله فاتركها ليحصل لك ذلك وكلتا الوسوستين الاولى والثانية غرور منه والذي وفقه الله تعالى يحفظه من كيد الشيطان لعنه الله في الامرين فيفهم ما اراد له الحق سبحانه اقامته فيه قال طبيب القلوب تاج العارفين بالله سيدي احمد ابن عطاء الله في الحكم من علامة اقامة الحق لك في الشيء اقامته اياك فيه مع حصول النتائج اهـ فيتحقق بالعلامة ما اراد له الحق سبحانه اقامته فيه فيقيم فيه فتحصل النتائج بفضله سبحانه ولا ينفعنا علمنا بذلك الا ان يريد الله سبحانه وتعالى أي ولا ينفعنا مجرد علمنا بانه لا يكون الا ما يريد سبحانه الا ان يريد سبحانه توفيقنا للعمل بمقتضى العلم فننتفع حينئذ به بفضله لقوله سبحانه والعمل الصالح يرفعه اللهم تقبل منا بفضلك وقد تم جمع الجوامع علما المسمع كلامه ءاذانا صما الاتي من احاسن المحاسن بما ينظره الاعمى مجموعا جموعا وموضوعا لا مقطوعا فضله ولا ممنوعا ومرفوعا عن همم الزمان مدفوعا فعليك بحفظ عباراته لا سيما ما خالف فيها غيره أي وقد تم هذا الكتاب من حيث العلم أي المسائل المقصود جمعها فيه وهو الكتاب الذي تضرع الى الله في ابتدائه بان يمنع عنه الموانع في اكماله حيث قال في خطبته ونضرع اليك في منع الموانع عن اكمال جمع الجوامع الاتي من فني الاصول بالقواعد القواطع قوله المسمع الخ شروع في مدح ذا الكتاب بما اشتمل عليه من المحاسن أي انه لعذوبة لفظه القليل وحسن معناه الكثير يشتهر بين الناس حتى يتحققه الاصم
فكانه يسمعه والاعمى فكانه ينظره لكمال الشهرة قال الجلال المحلي وهذا كما قال المصنف منتزع من قول ابي الطيب انا الذي نظر الاعمى الى ادبي واسمعت كلامي من به صمم قوله مجموعا جموعا أي كثير الجمع ومجعولا ذا فضل لا مقطوعا فضله ولا ممنوعا عمن يقصده لسهولته ومرفوعا عن همم اهل زمانه مدفوعا عنها فلا ياتي احد من اهل زمانه بمثله فعليك حينئذ ايها الطالب بحفظ عباراته لا سيما ما خالف فيها غيره كالمختصر والمنهاج واياك ان تبادر بانكار شيء قبل التامل والفكره او ان تظن امكان اختصاره ففي كل ذرة درة فربما ذكرنا الادلة في بعض الاحايين اما لكونها مقررة في مشاهير الكتب على وجه لا يبين او لغرابة او غير ذلك مما يستخرجه النظر المتين حذر رحمه الله من المبادرة بانكار شيء من جمع الجوامع قبل كمال التامل فيه والفكرة في رقائق معانيه ومن ان يظن المطلع عليه انه يمكن اختصاره كلا اذ في كل ذرة منه بفتح الذال أي حرف درة بضم الدال المهملة أي فائدة نفيسة كالجوهرة الثمينة وذكره لبعض الادلة في بعض الاحايين اما لكونها مقررة في مشاهير الكتب على وجه لا يبين أي لا يظهر كما تقدم في مبحث الخبر في قوله ومدلول الخبر الحكم بالنسبة لا ثبوتها والا لم يكن شيء من الخبر كذبا واما لغرابة(3/126)
الادلة كما مر في مبحث عدم التاثير في قوله الجمعة صلاة مفروضة فلا تحتاج الى ل اذن الامام كالظهر فزاد مفروضة لان الفرض بالفرض اشبه فليست الزيادة حشوا واما لغير ذلك كما في مسالة قول الصحابي لارتفاع الثقة بمذهبه اذ لم يدون وقوله مما يستخرجه النظر المتين أي القوي من المدارك الخفية وربما افصحنا بذكر ارباب الاقوال فحسبه الغبي بالباء الموحدة أي ضعيف الفهم لا الالمعي الذي يظن بك الظن كان قد راى وقد سمعا تطويلا يؤدي الى الملال الذي تكل الهمم منه وما درى انا انما فعلنا ذلك لغرض تحرك أي تتحرك وما بتاءين ابتدي قد يقتصر فيه على تا كتبين العبر فربما لم يكن
القول مشهورا عمن ذكرناه فلولا نسبته لقائله لم يدر انه قوله كما في نقل فضيلة فرض الكفاية عن فرض العين عن الاستاذ والجويني مع ولده المشهور ذلك عنه فقط او كان من ذكرنا عنه قولا قد عزى اليه على الوهم أي الغلط سواه كما ذكره القاضي الباقلاني من المانعين لثبوت اللغة بالقياس وقد ذكره الامدي من المجوزين او غير ذلك مما يظهره التامل لمن استعمل قواه كما في ذكره غير الدقاق معه في مفهوم اللقب تقوية له وكل ذلك تقدم وفعلنا ذلك بحيث انا جازمون بان اختصار هذا الكتاب متعذر وروم النقصان منه متعسر اللهم الا ان ياتي رجل مبدر أي ينقل شيئا من مكانه الى غيره مبتر أي ياتي بالالفاظ بترااي نواقض كن يحذف منها اسماء اصحاب الاقوال فانه لا يتعسر عليه روم النقصان لكنه اذا فعل ذلك لا يفى بمقصودنا فدونك ايها الطالب لما تضمنه مختصرنا مختصرا لنا بانواع المحامد حقيقا واصناف المحاسن خليقا هو بمعنى حقيقا عدل اليه تفننا فالمختصر مشتمل على ما يقتضي ان يثنى عليه بما ذكر جعلنا الله به لما املناه من كثرة الانتفاع به مع الذين انعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وقد تم والحمد لله رب العالمين شرح جمع الجوامع مصحوبا بالكتب التي التزمت ذكرها معه وزيادات من فضله سبحانه فاعانني سبحانه على ذلك بمنع الموانع وسهل لي ما كان صعبا وصيرلي ما كان بعدا قربا فاشكره سبحانه على ذلك واشكر من كان سببا في سلوكي ذي المسالك حتى غرست في الفؤاد بواسطته الاصول التي اجتنيت ثمارها ولكمال مناسبتها لبعضها وعظيم افادتها الفت بينها الا وهو استاذي سيدي والدي الحاج عمر بن عبد الله بن عمر رحمه الله وجعل الفردوس ماواه ءامين واساله سبحانه ان يجعل ما صنعته عملا مبرورا وسعيا مشكورا وان يجازي عني احسن الجزاء في هذه الدار وفي دار الجزاء من نظر الى ذا الشرح بعين الرضى والقبول من اعلامنا النحارير الابرار ساداتنا العظماء
الاخيار والخاصة والعامة ما تعاقبت الاعصار ويديم عمران جامعنا الاعظم جامع الزيونة بتلاوة الكتاب العزيز ودراسة العلم الشريف ويغفر لنا ولوالدينا ومشائخنا ومحبينا والمسلمين اجمعين انه هو الغفور الرحيم ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم فلله الشكر على ما انعم والمنة والطول على ما تفضل به وتمم بسم الله حسبي الله توكلت على الله اعتصمت بالله فوضت امري الى الله ما شاء الله لاقوة الا بالله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم وكان الفراغ منه في الرابع والعشرين من ربيع الثاني سنة 1347 سبعة واربعين وثلاثمائة والف وءاخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين(3/127)