المأمول
من
لباب الأصول
أبوحسام الدين الطرفاوي
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
رقم الإيداع : 14598 / 2003
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)[آل عمران آية: (102)]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)[النساء آية: (1)]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)[الأحزاب آية: (71،70)]
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد ( وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .(1/1)
فقد حفزني ما رأيته من بعض الشباب من إقبال على حفظ مختصرات في العلوم الشرعية في أن أكتب هذا المختصر في أصول الفقه ، وحرصت على أن تكون عباراته مضبوطة قدر الإمكان ، وسهلة التناول ليكون فتحًا على طالب العلم لهذا العلم الذي هرب من أمامه الكثير ، مع أنه مفتاح الفقه ، وطريق الاتباع ونبذ التقليد الذي اكتفى به الناس ، كسلاً في تعلم الأحكام الشرعية وفق المنهج السلفي الصحيح ، والمختصرات التي ألفت في هذا الجانب إما أنها مذهبية تعني بمذهب واحد ، وإما فيها الكثير من القصور في العبارات والضوابط ، فجاء كتابنا هذا بعيدًا عن التعصب المذهبي مقتبسًا أحكامه من الكتاب والسنة ، وهو مختصر لعدة كتب في الأصول شرعنا في وضعها عبارة سهلة ميسرة ، وختامًا أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل صحيحًا وأن يجعله خالصًا لوجه وأن ينفع به كل من حفظه وفهمه إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلي الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم
أبوحسام الدين
سيف النصر علي عيسى
طرفا ـ سمالوط ـ المنيا
هاتف : 0867680213
saefnaser@hotmail.com
معني أصول الفقه
يعرف أولاً على حسب مفرديه فنقول :
الأصل في اللغة : ما يبنى عليه غيره ويتفرع منه
وفي الاصطلاح : يطلق على الدليل والراجح والمستصحب والقاعدة العامة
والفقه في اللغة : الفهم
وفي الاصطلاح : هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية
ويعرف ثانيًا باعتباره لقبًا فهو : أدلة الفقه الإجمالية التي يتوصل بها إلى العلم بالأحكام الشرعية العملية ، وكيفية الاستفادة منها ، وحال المستفيد
(فصل)
العلم وتوابعه
العلم ينقسم إلى قسمين :
علم يقينى وهو : إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا
وعلم ظني وهو : تغليب راجح مع احتمال ضد مرجوح
وضد العلم اليقيني : الجهل وهو قسمان :
جهل بسيط وهو : عدم العلم بالشيء كليةً
وجهل مركب وهو : إدراك الشيء على غير حقيقته واعتقاده ذلك حق(1/2)
وضد الظن : الوهم وهو : تغليب مرجوح مع وجود راجح
وبين الظن والوهم : الشك وهو : عدم تغليب أحد أمرين على الآخر
والعلم ينقسم إلي ضروري ، ونظري
فالضروري هو : ما لا يحتاج في إدراكه إلى نظر واستدلال ، مثل الشمس والقمر
والنظري هو : ما يحتاج في إدراكه إلى نظر واستدلال .
والنظر هو : الفكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى يقين أو ظن
والاستدلال هو : طلب الدليل . والدليل هو : المرشد إلى المطلوب ، وهو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري
(باب )
الحكم الشرعي
وهو : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع
وينقسم إلى قسمين :
الحكم التكليفي وهو خمسة أنواع :
الأول : الواجب :
ومعناه لغة : اللازم .
واصطلاحًا : ما أمر به الشارع على وجه الإلزام ،
وحكمه : ما يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه ،
والفرض والواجب مترادفان
الثاني : المندوب :
ومعناه لغة : المدعو ، واصطلاحًا : ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام ، وما ثبت من فعل النبي ( عبادة غير ما يخصه
وحكمه : ما يثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه
والثالث : المحرم :
ومعناه لغة : الممنوع والمحظور .
واصطلاحًا : ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام
وحكمه : ما يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله ، عدا الكفر فيعاقب فاعله .
والحرام ما حرمه الله ورسوله ، ولا محرم مع ضرورة
والرابع : المكروه
ومعناه لغة : المبغض .
واصطلاحًا : ما نهى عنه الشارع من غير إلزام
وحكمه : ما يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله
والخامس : المباح
ومعناه لغة : المأذون فيه .
واصطلاحًا : ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته
وحكمه : ما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب لذاته .
والأصل في الأشياء الإباحة
والقسم الثاني من الحكم الشرعي هو الحكم الوضعي :
وهو : ما وضعه الشارع من علامات لصحة الفعل أو بطلانه ( نفوذه أو إلغائه )
وأنواعه(1/3)
السبب : وهو ما يلزم من وجود الوجود ويلزم من عدمه العدم
والشرط : وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته . ومثله الركن
والشرط خارج عن حقيقة الشيء ، والركن عكسه . والشرط ملزم إلا ما خالف الشرع .
والشرط منه عقلي ومنه جعلي ومنه شرعي
والمانع : وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم .
وينقسم إلى مانع للحكم ، ومانع للسبب
( فصل)
الصحيح
معناه لغة : هو السليم من المرض
واصطلاحًا : هو ما تعلق به النفوذ واعتد به عبادة كانت أو عقدًا ، وذلك لا يتم إلا إذا توفرت شروطه وأسبابه وانتفت موانعه
والباطل معناه لغة : هو الذاهب ضياعًا وخسرًا ،
واصطلاحًا : هو ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به . ولا يكون إلا بانتفاء شرط أو سبب أو وجود مانع ، والباطل والفاسد سواء
(باب )
الحاكم هو الله ، والمحكوم فيه هو الحكم الشرعي ، والمحكوم عليه هو المكلف .
والمكلف هو : المسلم البالغ العاقل ، ويسقط حق الله بالعجز عنه تفضلاً منه سبحانه ، ولا يسقط حق الآدمي . ولا تكليف إلا بمعلوم
(باب)
الأهلية
ومعناها لغة : الصلاحية
واصطلاحًا : هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه .
ومنها : أهلية وجوب ، وأهلية أداء
وأما عوارض الأهلية فمنها السماوي كالجهل والنسيان والمرض والجنون ، ومنها مكتسب : كالهزل والسفه ، ومنها ما هو إجباري : كالإكراه
(باب )
أدلة الأحكام
ويعمل بها بحسب عمل السلف الأولين
أولاً : القرآن
وهو : كلام الله سبحانه المنزل على نبيه محمد ( المتواتر لفظه ، العربي لغته ، المتعبد بتلاوته الموجود بين دفتي المصحف برسمه .
ويفسر القرآن بالقرآن والسنة ، ثم بأقوال السلف ، ثم بحسب اللغة العربية وقواعدها .
وهو أحكام ، وأخبار ، وعقيدة
والمحكم منه هو : اللفظ المعلوم المعنى والكيفية
والمتشابه هو : ما استأثر الله بعلمه .
ولا مجاز في القرآن ، ولا في السنة ، ولا في كلام العرب(1/4)
وآحاده يعمل به إن صح ، فيقيد مطلقه ، ويخصص عامه ، ويبين مجمله وغير ذلك ؛ غير أنه لا يتعبد به
ثانيًا : السنة
ومعناها لغة : الطريقة .
واصطلاحًا : هي ما أضيف إلى النبي ( من قول أو فعل أو تقرير أو صفة .
وتنقسم من حيث ورودها إلينا إلى متواتر وآحاد . فالمتواتر هو : ما رواه جمع عن جمع في كل طبقة من طبقات السند تحيل العادة تواطؤهم على الكذب وكان مستند خبرهم الحس . وهو يفيد العلم القطعي
والآحاد ما دون المتواتر وهو ثلاثة أنواع : غريب وعزيز ومشهور
فالغريب هو : ما رواه فرد في أي طبقة من طبقات السند
والعزيز هو : ما رواه اثنان في أي طبقة من طبقات السند
والمشهور هو : ما رواه ثلاثة في كل طبقة من طبقات السند ما لم يبلغ حد التواتر
وينقسم الآحاد من حيث قبوله إلى : مقبول ومردود
والمقبول ينقسم إلى معمول به وغير معمول به
وله نوعان : الصحيح ، والحسن
فالصحيح منه ما هو صحيح لذاته وهو : ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة .
وصحيح لغيره وهو : الحديث الحسن لذاته إذا اعتضد بغيره
والحسن منه ما هو حسن لذاته وهو : ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه من غير شذوذ ولا علة قادحة .
وحسن لغيره وهو : وهو الحديث الخفيف الضعف إذا اعتضد بغيره
وأما غير المعمول به فهو : الحديث المنسوخ ، والعام المخصوص ، والمطلق المقيد ، وما ترك العمل به ، والمتشابه .
وخبر الآحاد إن صح أفاد العلم القطعي على الصحيح ، وشروطه خمسة هي : اتصال السند ، وعدل الرواة ، وضبطهم ، والخلو من الشذوذ والعلة القادحة . ولا التفات لمن زاد على ذلك .
وفعل النبي ( منه ما هو خاص ومنه ما هو جبلي ومنه ما يُقتدى به
والمردود هو : ما لم يثبت عن النبي ( بحال ، ويكون إما بسبب سقط في السند ، أو بسبب طعن في الراوي . ولا تحل روايته إلا ببيانه ، ولا يجوز العمل به ، في فضائل أو غير ذلك , وشره الموضوع .
الثالث : الإجماع(1/5)
معناه في اللغة : الاتفاق .
وفي الاصطلاح : هو اتفاق مجتهدي الأمة بعد نبيها ( على حكم شرعي .
وهو ممكن في عصر الصحابة متعذر في غيرهم غالبًا ولا يدعى ذلك إجماعًا وليقل لا أعلم خلافًا .
والإجماع حجة إذا ثبت واشتهر ، وغيره يصار إليه عند فقد النص .
ومنه القطعي والظني
الرابع : قول الصحابي
وهو حجة ما لم يخالف نصًا ، أو صحابي آخر ، وهو مقدم على القياس
الخامس : القياس
ومعناه لغة : المساواة والتقدير .
واصطلاحًا : إلحاق حكم أصل بفرع لعلة جامعة بينهما . وهو حجة إن صح
وأركانه أربعة :
الأول : الأصل وهو المقيس عليه ، ويكون من الكتاب أو السنة أو الإجماع على الصحيح ،
وشروطه : أن يكون له علة تتحقق في الفرع ، وأن لا يكون فرعًا لأصل آخر
والثاني : الفرع وهو المقيس ، وهو المسألة المطلوب بناؤها على الأصل
وشروطه : أن لا يكون منصوصًا عليه فلا قياس مع النص ، وأن يشتمل على نفس علة الأصل ، وأن يكون متأخرًا عليه .
والثالث : حكم الأصل وهو : الحكم الشرعي الثابت بالكتاب أو السنة أو الإجماع
وشروطه : أن لا يكون تعبديًا ، ولا يشتمل على حكم الفرع ، ولا يكون مختصًا بالأصل ، ولا يكون منسوخًا ،
الرابع : العلة وهي : المعنى المشترك بين الأصل والفرع
وشروطها : أن تكون منضبطة ، وتكون وصفًا ظاهرًا غير طردي ، ومناسبًا للحكم ، ومتعديًا ، جالبًا للمصلحة ، وغير ملغي .
ومسالكها : الكتاب والسنة والإجماع والسبر والتقسيم ، ومنها تنقيح المناط وتحقيق المناط وتخريج المناط
والقياس منه الأولى ، والمساوي ، والأدنى
السادس : الاستصحاب
وهو : الرجوع إلى الأصل عند عدم الدليل الشرعي المثبت للحكم أو النافي له . فالأصل في الأشياء الإباحة والطهارة ، والأصل في البيوع الحل ، والأصل في المياه الطهارة ، والأصل بقاء ما كان على ما كان ، وغير ذلك . وهو ليس هو بدليل مستقل .
السابع : العرف
وهو : ما ألفه الناس من أمور الدنيا من غير حظر من الشرع .(1/6)
وهو حجة إذا كان في المسألة حكم شرعي معلق بلفظة لا ضابط لها شرعًا ، أو لغة . والعادة أعم منه ، والعادة محكِّمة .
(فصل)
المصلحة
معناها في لغة : ضد المفسدة .
واصطلاحًا : هي المسألة النافعة للناس ، الضرورية لهم . وهي إما اعتبرها الشارع فتسمى بالمعتبرة ، أو ألغاها فتسمى بالملغاة ، أو لم يعتبرها ولم يلغها فتسمى بالمرسلة . ودرأ المفاسد مقدم على جلب المصالح
(فصل)
الاستحسان
ومعناه لغة : هو عد الشيء حسنًا .
واصطلاحًا : عبر عنه البعض بأنه العدول عن الدليل لدليل أقوى منه ، أو العدول عن قياس جلي إلى قياس خفي .
والصحيح هو إن كان الاستحسان بدليل فهو تكرار لا فائدة فيه ، وإن كان بغير دليل فهو باطل .
(فصل)
شرع من قبلنا
وهو : ما شرعه الله لأنبيائه السابقين وأممهم .
فما لم يرد إلينا من طريق الكتاب والسنة الصحيحة فليس بحجة ، وما ورد فإن كان منسوخًا فليس بحجة ، وإن كان أقره شرعنا فهو حجة ، وإن كان مسكوتًا عنه فهو حجة على الأصح
(باب)
الكلام
معناه لغة هو : اللفظ الموضوع لمعنى .
واصطلاحًا هو : اللفظ المركب المفيد بالوضع .
وأقسامه ثلاثة هي : ما دل على معنى في نفسه من غير إشعار بزمن هو الاسم ، والثاني : ما دل على معنى في نفسه مع إشعار بزمن ؛ وهو الفعل ، والثالث : ما دل على معنى في غيره فهو الحرف .
(فصل)
وينقسم الكلام باعتبار مدلوله إلى خبر وإنشاء ، فالخبر ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، والإنشاء ما لا يحتمل الصدق والكذب وهو أمر ونهي وطلب
(فصل )
وينقسم الكلام باعتبار استعماله إلى حقيقة ومجاز ، فالمجاز باطل وزور ، والحقيقة هي : استعمال اللفظ فيما وضع له شرعًا ، أو لغة ، أو عرفًا .
(باب )
الأمر
وهو : قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء .
وصيغه : فعل الأمر ، والاسم الدال على فعل الأمر ، والمصدر النائب عن فعل الأمر ، والمضارع المقرون بلام الأمر .(1/7)
وصيغة الأمر عند الإطلاق تفيد الوجوب ، وما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به .
والأمر يقتضي الفور إلا ما دل الدليل على غيره . ولا يقتضي التكرار إلا بدليل . والأمر بالشيء نهي عن ضده من جهة المعنى لا من جهة اللفظ .
والأمر بعد النهي يرجع إلى ما كان عليه قبل النهي . ولا يتعلق الأمر الموقت بوقت موسع ببعض معين من الوقت . والأمر إذا كان يسقط بفعل بعض المكلفين فإنه يتعلق بالجميع ابتداءً .
(باب)
النهي
وهو : قول يتضمن طلب ترك الفعل على وجه الاستعلاء .
وصيغته هي : الفعل المضارع المقرون بلا الناهية .
وتقتضي صيغة النهي عند الإطلاق التحريم . وفساد المنهي عنه إذا تعلق بذاته أو شرطه أو أمر خارج عنه ولا ينفك عنه .
والنهي عن شيء أمر بضده من جهة المعنى لا اللفظ
(باب)
العام
ومعناه لغةً : الشامل .
واصطلاحًا هو : اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد دفعة بلا حصر.
ومن صيغه : الاسم المعرف بالألف واللام ، والمعرف بالإضافة ، والأسماء الموصولة ـ كالذي والتي وغيرهما ـ ، وأسماء الشرط ـ كمن ، وما ، وأي ، وأين وغيرها ـ ، وأسماء الاستفهام ـ كما ، وأين ، وماذا وغيره ـ ، والنكرات ، وما دل على العموم بمادته ـ ككل ، وجميع ، وكافة ، وغيرها ـ . ومعظمها ظاهرة في العموم . وأقل الجمع ثلاثة .
والعام أقسام : عام باقي على عمومه فيعمل به ، وعام ورد على سبب خاص ؛ فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وعام مخصوص ، وعام المراد به الخصوص فيعمل بالخاص .
ويدخل النبي ( في عموم خطاب الأمة ، والخطاب الموجه للنبي ( خطاب للأمة إلا ما أخرجه الدليل . ويدخل الجن في خطاب الإنس ، والنساء في جمع المذكر السالم غالبًا
(باب )
الخاص
ومعناه لغة : ضد العام .
واصطلاحًا هو : قصر العام على بعض أوصافه بدليل .
وهو نوعان : الأول : مخصص متصل ، وأنواعه هي :
1ـ الاستثناء : وهو إخراج بعض ما يتناوله العام بإلاَّ أو إحدى أخواتها(1/8)
وهي : غير ، سوى ، سُوى ، سواء ، حاشا ، خلا ، عدا ، ليس ،
لا يكون .
2 ـ الشرط : وهو إخراج بعض أفراد العام بـ(أنْ )الشرطية أو إحدى أخواتها . وهي : " من " للعاقل ، " ما " لغير العاقل ، " أي " للجميع ، " متى ، أيان " للزمان ، " أين " للمكان ، وغيرها
3 ـ الصفة : وهي : الوصف الذي يقصر العام على بعض أفراده .
4 ـ الغاية : وهي : إخراج ما تناوله اللفظ العام بحرف من حروف الغاية . وهي : " حتى ، إلى "
النوع الثاني : المخصص المنفصل : وأنواعه
الكتاب والسنة والإجماع والقياس ومفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ، فيخصص الكتاب بالكتاب ، والكتاب بالسنة ، والكتاب بالإجماع ، والكتاب بالقياس وهكذا . وكذلك السنة
(باب)
المطلق والمقيد
المطلق : معناه لغة : المرسل .
واصطلاحًا : ما دل على الحقيقة بلا قيد
ولا يكون إلا نكرة في سياق الإثبات . ويجب العمل به ما لم يقيد بقيد
والمقيد : معناه لغة : ما وضع فيه قيد ،
واصطلاحًا : هو ما دل على الحقيقة بقيد
ويحمل المطلق على المقيد إذا اتحد الحكمان سواء اتحد السببان أو اختلفا ، ولا يحمل المطلق على المقيد إذا اختلف الحكمان سواء اتحد السببان أو اختلفا .
(باب)
المنطوق والمفهوم
المنطوق معناه لغة : الكلام
واصطلاحًا : هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق به .
والمفهوم معناه لغة : من فهمه أي علمه .
واصطلاحًا : هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق به . وله دلالات ثلاث وهي :
دلالة اقتضاء وهي : ما توقف صحة الخبر أو صدقه على إثبات مضمر
ودلالة إشارة وهي : المعنى اللازم والمصاحب للحكم المستفاد من اللفظ
ودلالة إيماء وتنبيه وهي : إضافة الحكم إلى وصف مناسب تنبيهًا على أنه هو العلة .
وينقسم المفهوم إلى قسمين : مفهوم الموافقة ، ومفهوم المخالفة .
أما مفهوم الموافقة فهو : المعنى المسكوت عنه والموافق لحكم المنطوق(1/9)
وهو نوعان : الأول : فحوى الخطاب وهو: ما كان المعنى المسكوت عنه فيه أولى من المنطوق به .
والنوع الثاني : لحن الخطاب وهو: ما كان المعنى المسكوت عنه فيه مساوٍ للمنطوق به .
وأما مفهوم المخالفة فهو : المعنى المستفاد من اللفظ ، والمخالف للمنطوق به . ويسمى بدليل الخطاب
وشروط العمل به هي : أن لا يعارضه ما هو أرجح منه ، أن لا يعود على أصله الذي هو المنطوق بالإبطال ، أن لا يكون قد خرج مخرج الغالب ، أن لا يكون المنطوق قصد به الامتنان ، أن لا يكون المنطوق قصد به التفخيم وتأكيد الحال ، أن يذكر مستقلاً ، أن لا يكون المنطوق خرج جوابًا عن سؤال متعلق بحكم خاص .
وأنواعه كثيرة منها : مفهوم الصفة : وهو تعليق الحكم بوصف ما . ومنها : مفهوم العلة : وهو تعليق الحكم بالعلة . ومنها : مفهوم الشرط : وهو تعليق الحكم على شئ بأداة من أدوات الشرط . ومنها : مفهوم الغاية : وهو مد الحكم بـ (إلى) أو (حتى) . ومنها : مفهوم العدد : وهو تعليق الحكم بعدد مخصوص . ومنها مفهوم الحصر : وهو حصر الحكم بأداة من أدوات الحصر كإنما وما يقوم مقامها . ومنها مفهوم اللقب : وهو تعليق الحكم بالاسم العلم
(باب)
المجمل والمبين
المجمل معناه لغة : المبهم .
واصطلاحًا : هو اللفظ الذي يحتمل أكثر من معنى ولا مرجح إلا بدليل .
وله أسباب منها : الاشتراك في نفس اللفظ ، ومنها : التصريف ، ومنها : اللواحق من النقط والشكل ، ومنها : اشتراك التأليف ، ومنها : تفصيل المركب .
ودخول النفي على الحقائق الشرعية فيها إجمال
والمبين : معناه لغة : المظهر .
واصطلاحًا : هو اللفظ الذي دل على معنى معين بأصل الوضع أو بعد التبيين .
ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ويجوز تأخيره عن وقت الخطاب .
(باب)
الظاهر والمؤول
الظاهر معناه لغة : الواضح .
واصطلاحًا : هو المعنى الراجح من لفظ يحتمل أكثر من معنى(1/10)
ويجب العمل به متى تحقق ، ويقبل النسخ والتأويل والتخصيص . والفرق بين الظاهر والنص : أن النص لا يحتمل إلا معنًا واحدًا ولا يقبل التأويل ، ويقبل النسخ والتخصيص
والمؤول معناه لغة : من الرجوع .
واصطلاحًا : هو المعنى المرجوح من لفظ يحتمل أكثر من معنى .
ويرجح هذا المعنى بشروط هي : احتمال اللفظ للمعنى الذي يصرف إليه ، وأن يكون المعنى مقصودًا بدليل ، رجحان الدليل على الأصل المقتضى للظاهر . وأقسام التأويل ثلاثة : تأويل صحيح وهو ما ذكرنا شروطه ، تأويل فاسد : وهو التأويل بدليل يظنه المؤول دليلاً وليس بدليل . تأويل بلا دليل : وهو ما يلجأ إليه صاحب الهوى تصحيحًا لمذهبه الباطل .
(باب)
النسخ
معناه لغة : الإزالة
واصطلاحًا : رفع نص شرعي متقدم بنص شرعي متأخر. وهو جائز عقلاً وشرعًا . ويمنع النسخ في الأخبار والأحكام التي هي مصلحة في كل زمان ومكان . وأقسامه باعتبار النص ثلاثة : ما نسخ حكمه وبقي لفظه ، وما نسخ لفظه وبقي حكمه ، وما نسخ حكمه ولفظه .
وباعتبار الناسخ أربعة : نسخ القرآن بالقرآن ، ونسخ القرآن بالسنة ، ونسخ السنة بالقرآن ، ونسخ السنة بالسنة .
(باب)
مقاصد الشريعة
وهي : تحقيق مصالح العباد بالإيجاد لها وحفظها .
وهي ثلاثة أقسام : الضرورات وهي : المصالح التي تتوقف عليها حياة الناس وقيام المجتمع واستقراره . وهي الدين والنفس والعقل والمال والنسل .
ثم الحاجيات وهي : الأمور التي يحتاج إليها الناس لرفع الحرج والمشقة عنهم .
ثم التحسينيات وهو : وهي الأمور التي تجعل أحوال الناس تجري على مقتضى الآداب العالية والخلق القويم .
ولكل من الثلاثة مكملات .
(باب)
التعارض
التعارض معناه لغة : التقابل والتمانع .
واصطلاحًا : مخالفة دليلين أحدهما الآخر . وأقسامه أربعة : أن يكون بين دليلين عامين ، أن يكون بين دليلين خاصين ، أن يكون بين عام وخاص ، أن يكون بين نصيين أحدهما أعم من وجه أخص من وجه .
(فصل)(1/11)
الجمع والترجيح
الجمع معناه لغة : الضم .
واصطلاحًا : إعمال كل من الدليلين المتعارضين بعد التوفيق بينهما
والترجيح معناه لغة : من الإمالة .
واصطلاحًا هو : تغليب أحد الدليلين المتعارضين على الأخر بدليل بعد تعذر الجمع . ويكون على النحو التالي:
أن علم تاريخ المتقدم من المتأخر كان المتأخر ناسخًا ، وإن لم يعلم التاريخ عمل بالراجح إن كان هناك مرجح ، وإن لم يكن مرجح وجب التوقف ، وإن كان بين عام وخاص عمل بالخاص إن لم يكن عمل بالعام ، ويقدم النص على الظاهر ، والظاهر على المؤول ، والمنطوق على المفهوم ، والمثبت على النافي ، والناقل عن الأصل على المبقي عليه ؛ لأن مع الناقل زيادة علم ، والعام المحفوظ على غير المحفوظ ، والحاظر على المبيح ، والنهي على الأمر ، وفهم صاحب القصة على غيره ، والقياس الجلي على القياس الخفي ، وغير ذلك
(باب)
الاجتهاد والتقليد
الاجتهاد معناه لغة : بذل الجهد واستفراغ الوسع .
واصطلاحًا : استفراغ الفقيه الوسع للوصول إلى حكم شرعي عملي ظني .
وشروط المجتهد : التكليف ، والعدالة ، وقوة الحفظ وصفاء الذهن ، وقدرة فطرية على النظر والاستدلال ، والعلم بآلات الاجتهاد وهى : اللغة والنحو ، وأصول الفقه وقواعده ، وأصول الحديث ، وأصول التفسير ، والناسخ والمنسوخ من القرآن والحديث ، ومواقع الإجماع ، حفظ الكثير من أحاديث الأحكام ، حفظ آيات الأحكام .
والاجتهاد : منه المطلق ، ومنه الجزئي . ولا اجتهاد إلا بعد وفاة النبي ( .
وفي حياته إقرار وتصحيح . وكل مجتهد في الفقه مأجور . والاجتهاد باقٍ ما بقي القرآن . ولا يجوز لمجتهد إلزام الناس باجتهاده . ولا ينقض الاجتهاد الاجتهاد .
والتقليد معناه لغة : مأخوذ من القلادة في العنق .(1/12)
واصطلاحًا : العمل بقول غير قول النبي ( ، وغير قول الصحابي ـ الذي لم يخالف نصًا أو يخالفه صحابي آخر ـ بغير دليل . ولا يجوز التقليد إلا إذا كان المسلم لا يعرف الدليل ولا يفهمه ، أو لم يسعفه الوقت في البحث ، أو عجز عن معرفة الدليل بعد البحث . ولا يقَلد إلا من اشتهر بين الناس بالعلم .
(باب)
الإفتاء
الفتوى معناها لغة : من الإجابة .
واصطلاحًا : إجابة السائل عن حكم شرعي . ولابد من التفريق بين الفتوى والحكم الشرعي ؛ إذ الحكم ثابت ، والفتوى تتغير بحسب الحال والزمان والمكان
والاستفتاء : طلب الفتوى ، والمستفتي : هو السائل ، والمفتي : هو المجيب . ولا تحل الفتوى بغير علم . ويفتي المفتي بلفظ النص ما أمكن . ويوطئ للحكم المستغرب قبله لتألفه النفوس . ولابد للمفتي من تصور السؤال ومعرفة حال السائل ، ومراعاة درء المفسدة وجلب المصلحة ؛ فيفصِّل في موضع التفصيل ، ويجمل في موضع الإجمال . وللمقلد نقل فتوى من قلده من غير إلزام . ومن أفُتي بغير علم فإثمه على من أفتاه . ولا يفتي المفتي قبل حدوث الواقعة إلا إذا علم أن المستفتي غلب على ظنه الوقوع في الحادثة . ولا يأخذ أجرة على إفتائه ، والهدية على التفصيل ، ومن ملك كتاب فقه جامع أو كتاب حديث فله أن يفتي منه مع الإشارة إليه . والمستفتي لا يسأل متعنتًا ، ولا مختبرًا ، ولا يسأل إلا من يشتهر بالعلم ، وإذا لم يطمئن لفتوى من أفتاه أنتقل إلى غيره ، وإذا تضاربت الأقوال بين الحل والحرمة ولم يميز استفتى قلبه إن كان باغيًا للحق . والله الموفق إلى سبيل الرشاد .
تم الفراغ من هذا المختصر في 7 من شهر صفر عام 1423 هـ ، 20 من شهر إبريل عام 2002 م
مراجع الكتاب
استخرجت هذا المختصر اللطيف من كثير من مراجع الأصول واللغة ومن أهمها :
1 ـ البحر المحيط للزركشي
2 ـ إرشاد الفحول للشوكاني
3 ـ أعلام الموقعين لابن القيم
4 ـ تقريب الوصول إلى علم الأصول لابن جزي الغرناطي(1/13)
5 ـ مفتاح الوصول في علم الأصول للشريف التلمساني
6 ـ شرح الورقات لمحمد عبد رب الرسول همام
7 ـ شرح الورقات لعبد الله الفوزان
8 ـ الأصول من علم الأصول لابن عثيميين
9 ـ الوجيز في أصول الفقه لعبد الكريم زيدان
10 ـ التأسيس في أصول الفقه لمصطفى بن سلامة
11 ـ اللمع للشيرازي
12 ـ المدخل لابن بدران
13 ـ المذكرة للشنقيطي
14 ـ إحكام الأحكام لابن حزم
15 ـ الإحكام للآمدي
16 ـ قواعد الفقه للبركتي
17 ـ الموافقات للشاطبي
18 ـ محاضرات في أصول الفقه د. حسن سنوسي ، د. منتصر محمد
19 ـ لسان العرب لابن منظور
20 ـ مختار الصحاح للرازي
21 ـ النكت على نزهة النظر لعلي الحلبي
22 ـ التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح للعراقي
23 ـ أفعال الرسول د. محمد سليمان الأشقر
وغيرها من المراجع
فهرس
مقدمة 000000000000000000000000000000000000 3
معنى أصول الفقه 0000000000000000000000000000 5
فصل : العلم 00000000000000000000000000000000 5
باب : الحكم الشرعي 00000000000000000000000000 6
فصل : الصحيح 00000000000000000000000000000 8
باب : الحاكم والمحكوم 0000000000000000000000000 8
باب : الأهلية 0000000000000000000000000000000 9
باب : أدلة الأحكام 0000000000000000000000000000 9
فصل : المصلحة 0000000000000000000000000000 13
فصل : الاستحسان 000000000000000000000000000 13
فصل : شرع من قبلنا 0000000000000000000000000 13
باب : الكلام 0000000000000000000000000000000 14
فصل : أقسام الكلام 00000000000000000000000000 14
باب : الأمر 0000000000000000000000000000000 15
باب : النهي 0000000000000000000000000000000 15
باب : العام 0000000000000000000000000000000 16
باب : الخاص 000000000000000000000000000000 16
باب : المطلق والمقيد 0000000000000000000000000 17
باب : المنطوق والمفهوم 00000000000000000000000 18(1/14)
باب : المجمل والمبين 0000000000000000000000000 19
باب : الظاهر والمؤول 000000000000000000000000 20
باب : النسخ 000000000000000000000000000000 21
باب : مقاصد 000000000000000000000000000000 21
باب : التعارض 0000000000000000000000000000 22
فصل : الجمع والترجيح 000000000000000000000000 22
باب : الاجتهاد والتقليد 0000000000000000000000000 23
باب : الإفتاء 000000000000000000000000000000 24
مراجع الكتاب 000000000000000000000000 00000 25
??
??
??
??
(17)(1/15)