نزول ابن مريم
عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها . ثم يقول أبو هريرة : و إقرأوا إن شئتم " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً " "النساء 159"رواه البخارى ومسلم (1)
ليوشكن : ليقربن سريعاً .
حكماً : حاكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
يكسر الصليب : يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب ، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمة .
ويقتل الخنزير : ويستفاد منه تحريم اقتنائه وأكله وأنه نجس وفى رواية : ويقتل الخنزير والقردة .
ويضع الجزية : لا يقبلها وفى رواية : الحرب : أى أن الدين يصير واحداً فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدى الجزية استغناءاً عنها ، فلا يقبل عيسى عليه السلام إلا الإسلام ، وليس عيسى هو الناسخ لحكم الجزية بل نبينا هو المبين للنسخ بقوله هذا . أى أن عيسى لا يقبل من الكفار الإ الإسلام أو القتل : ولا حاجة إلى المال حينئذ لكثرته فى أيدى الناس .
يفيض المال : يكثر بسبب العدل وعدم الظلم ، وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات فى اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة .
حتى تكون السجدة : أى أنهم حينئذ لا يتقربون إلى الله إلا بالعبادة ، لا بالتصدق بالمال ، وقيل أن معناه أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها .
ثم تلا أبو هريرة الآية إشارة إلى مناسبتها لقوله وحتى تكون السجدة ..." فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة إيمانهم واقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا .
__________
(1) فتح البارى 3448 - مسلم 155(1/1)
2- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً ، فليكسرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ، ولتتركن القِلاص فلا يُسعى عليها . ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وَلَيَدْعُوَن إلى المال فلا يقبله أحد . رواه مسلم (1)
حكماً : حاكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم
لتُتْرَكَن القلاص : الإبل أى أن يزهد فيها ولا يرغب فى اقتنائها لكثرة الأموال .
والقلاص : الناقة الشابة .
3-عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد . رواه البخارى (2)
4- عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم . رواه البخارى مسلم (3)
إمامكم منكم : أى المهدى .
5- عن جابر قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم : يقول لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا . إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة . رواه مسلم (4)
6- عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين ــ لا أدرى : أربعين يوماً ، أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً ــ فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشأم فلا يبقى على وجه الأرض أحد فى قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل فى كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه . رواه مسلم (5)
__________
(1) مسلم 155 .
(2) فتح البارى 2476
(3) فتح البارى 3449 - مسلم 155
(4) مسلم 156
(5) مسلم 2940(1/2)
أربعين يوماً هو المعتمد لحديث تميم الدارى .
عروة بن مسعود : كان مشهوراً بجمال الطلعة والنظافة وحسن الهيئة .
7- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال ليس بينى وبين عيسى علية السلام نبى وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويهلك الله فى زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك المسيح الدجال ، ثم الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسد مع الإبل والنمار مع البقر ، والذئاب مع
الغنم وتلعب الصبيبان بالحيات فيمكث عيسى فى الأرض أربعين سنة ، ثم يتوفى فيصلى عليه المسلمون . رواه أبو داود (1)
ممصرتين : ملونتين بالصفرة .
أربعين سنة : أى أنه عاش 33 سنة قبل الرفع وسينزل ويعيش سبع سنين ، وقيل أربعين سنة .
بعد النزول ، وذكر ابن كثير أنه يدفن مع النبى صلى الله عليه وسلم .
8- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنيهما . رواه مسلم (2)
فج الروحاء : هو بين مكة والمدينة . ليثنيهما : يقرن بيننهما .
9- عن مجمع بن جارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتل ابن مريم الدجال بباب لد . رواه الترمذى (3)
10-عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ،حتى يختبىء اليهودى من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر ، يا عبد الله هذا يهودى خلفى فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود . رواه البخارى **ومسلم** (4)
__________
(1) أبو داود 4324 ( الصحيحة 21820)
(2) مسلم 1252
(3) الترمذى 2244 ( الصحيحة 2457 )
(4) فتح البارى 2926 مسلم 2922(1/3)
قتال المسلمين لليهود يكون فى آخر الزمان حين يجتمع اليهود مع الدجال وهم سبعون ألفاً ، فيجىء ابن مريم فيقتل الدجال فينهزم اليهود ويسلط الله عليهم المسلمين ، فيتكلم الحجر والشجر والدواب مخبراً بمكان اليهود .
11- عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لعيش بعد المسيح طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء فى القطر ، **ويؤذن** للأرض فى النبات ، حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت ولا تَشَاح ولا تحاسد ولا تباغض ، وحتى يمر الرجل على الأسد ولا يضره ، ويطأ على الحية فلا تضره ولاتَشَاح ولا تحاسد ولا تباغض . رواه أبو بكر الأنبارى والديلمى (1)
المسيح : أى بعد نزوله وقتله الدجال . القطر : المطر .
الصفا : الصخرة الملساء . لاتشاح : لا معاداة .
__________
(1) ابو بكر الأنبارى 1/6/1 - الديلمى 2/161 (صحيح الجامع 3919 - الصحيحة 1926 )(1/4)
12- عن عبد الله ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : لقيت ليلة أسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى قال : فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال : لا علم لى بها فردوا الأمر إلى موسى فقال : لا علم لى بها . فردوا الأمر إلى عيسى فقال : أما وَجْبَتُها فلا يعلمها أحد إلا الله ، ذلك وفيما عَهِد إلى ربى عز وجل أن الدجال خارج . قال ومعى قضيبان فإذا رآنى ذاب كما يذوب الرصاص ، قال : فيهلكه الله حتى إن الحجر والشجر ليقول : يا مسلم إن تحتى كافراً فتعال فاقتله . قال : فيهلكهم الله ، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم قال : فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيطأون بلادهم لا يأتون على شىء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ، ثم يرجع الناس إلىَّ فيشكونهم فأدعوا الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم قال : فينزل الله عز وجل المطر فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم فى البحر . قال : ففيما عهد إلى ربى عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة كالحامل المتم التى لا يدرى أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلاً أو نهاراً . رواه أحمد (1)
تجوى : تنتن . وجبتها : وقوعها بغتة .
آيات الرفع
1-(ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) " آل عمران 54 "
قال الطبرى : ومكروا بنى اسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر بمواطأة بعضهم بعضاً على الفتك بعيسى وقتله ، ومكر الله بهم فألقى شبه عيسى على بعض اتباعه حتى قتله الماكرون بعيسى وهم يحسبونه عيسى ، وقد رفعه الله قبل ذلك .
2- (إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا)
" آل عمران 55 "
__________
(1) المسند 1/375 (صحيح المسند 3556)(1/5)
قال الطبرى : بعد أن ذكر أقوالاً فى تأويل هذه الآية : وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال معنى ذلك : إنى قابضك من الأرض ورافعك إلى ، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدجال ...الحديث
3- وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة آل عمران 55 "
قال الطبرى : أى جاعل الذين اتبعوك على منهاجك وملتك من الإسلام فوق الذين جحدوا نبوتك فكذبوا بما جئت به ، والذين اتبعوه هم أهل الإسلام ، وهم لا يزالون ظاهرين إلى يوم القيامة .
4- (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) " النساء 157 "
لما أحاطت اليهود بأصحابه أحاطوا بهم وهم لا يثبتون معرفة عيسى بعينه وذلك أنهم جميعاً حولوا فى صورة عيسى فأشكل على الذين كانوا يريدون قتل عيسى ، وخرج إليه بعض من كان فى البيت مع عيسى فقتلوه وهم يحسبونه عيسى .
وقيل : سأل عيسى من كان معه فى البيت أن يلقى على بعضهم شبهه ، فانتدب منهم رجل فالقى عليه شبهه فقتل ذلك الرجل ، ورفع عيسى بن مريم عليه السلام .
5- (بل رفعه الله إليه ) النساء 58 "قال الطبرى : بل رفع الله المسيح إليه ، فلم يقتلوه ولم يصلبوه .
آيتا النزول
1- قال الله تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) "النساء 159 "
قال الطبرى 310هـ : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موته ، يعنى قبل موت عيسى "6/12"
قال أبو الليث السمرقندى : يعنى بعيسى (170 )
قال البغوى 516 هـ : أى وما من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى عليه السلام ، وهذا قول أكثر المفسرين وأهل العلم (1/514 )
قال الزمخشرى 528 : وما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن به قبل موت عيسى ، وبأنه عبد الله ورسوله ، يعنى إذا عاين قبل أن تزهق روحه حين لا ينفعه إيمانه لانقطاع وقت التكليف (1/455 )(1/6)
قال الطبرسى 548هـ : ثم أخبر تعالى أنه لا يبقى أحد منهم إلا ويؤمن به وذكر الأقوال (5/282 ) .
قال الرازى 606هـ : ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به (3/342)
قال البيضاوى 697هـ : ما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن بأن عيسى عبد الله ورسوله قبل أن يموت ولوحين أن تزهق روحه ولا ينفعه إيمانه (2/127
قال النسفى 701 هـ: وما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن قبل موته بعيسى عليه السلام وبأنه عبد الله ورسوله (1/375)
قال الخازن 741 هـ : وما من واحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به يعنى بعيسى عليه السلام وأنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته (1/515 )
قال ابن كثير 774 هـ : يعنى قبل موت عيسى عليه السلام ، يوجه ذلك إلى جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة . وهى ملة الإسلام دين إبراهيم عليه السلام .
قال الجمل 1204 هـ : وإن " ما " من أهل الكتاب "أحد إلا ليؤمنن به" بعيسى "قبل موته " أى الكتابى حين يعاين ملائكة الموت ، فلا ينفعه إيمان ، أو قبل موت عيسى لما ينزل قرب الساعة (16/445)
قال الشربينى 977 هـ : أى وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به أى بعيسى عليه الصلاة والسلام هذا قول أكثر المفسرين وأهل العلم " قبل موته : أى الكتابى وقيل عيسى عليه السلام ) "1/282 "
قال أبو السعود 982 هـ وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى عليه السلام قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ( 6/396 )
قال الألوسى 1270 هـ : وما أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به (6/10)
قال محمد نووى 1316هـ : وما من اليهود والنصارى أحد إلاليؤمنن بعيسى قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ، فلا ينفعه إيمانه لا نقطاع وقت التكليف (1/172)
قال القاسمى : ما من أحد من أهل الكتاب يدرك نزول عيسى عليه السلام فى آخر الزمان ، إلا ليؤمنن به قبل موته أى موت عيسى عليه السلام .(1/7)
قال المراغى : وإن كل أحد من أهل الكتاب عندما يدركه الموت ينكشف له الحق فى أمر عيسى فيؤمن به فاليهودى يعلم أنه رسول صادق والنصرانى يعلم أنه عبد الله ورسوله وليس بإله وليس هو ابن الله وبه قال محمد عبده .
موته : الضمير عائد على عيسى عند : الطبرى . السمرقندى . البغوى .
وقيل عائد على الكتابى عند : الزمخشرى . الطبرسى . الرازى . البيضاوى . النسفى
2- (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها ) الزخرف 61
عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن ( وإنه لعلم للساعة) قال : هو خروج عيسى بن مريم ، قبل يوم القيامة . رواه أحمد (1)
قال الطبرى : قال بعضهم معنى الكلام : أن عيسى ظهوره علم يعلم به مجىء الساعة لأن ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا واقبال الآخرة (25/48).
قال أبو الليث السمرقندى 373 هـ : يعنى نزول عيسى علامة لقيام الساعة (48)
قال القشيرى 465هـ : يعنى عيسى عليه السلام إذا أنزله من السماء فهو علامة للساعة ، فلا تمترن بنزوله بين يدى الساعة (5/372)
قال البغوى 516هـ : وأنه يعنى عيسى عليه السلام لَعِلْم للساعة يعنى نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (6/116 )
قال الزمخشرى 528هـ وإن عيسى عليه السلام لعلم للساعة أى شرط من أشراطها تُعلم به (4/206)
قال الطبرسى 548هـ : نزول عيسى عليه السلام من أشراط الساعة يُعلم بها قربُها (25/95)
قال الرازى 606هـ : وأن عيسى لعلم للساعة أى شرط من أشراطها تُعلم به (7/434)
قال البيضاوى 697هـ : وإن عيسى عليه السلام لعلم للساعة لأنه حدوثه أو نزوله من أشراط الساعة يعلم به دنوها (5/62) .
قال النسفى 701هـ : وإن عيسى مما يعلم به مجىء الساعة (3/319)
قال الخازن 741هـ : وإنه يعنى عيسى لعلم للساعة يعنى نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (6/116)
__________
(1) المسند 1/318 (صحيح المسند 2921)(1/8)
قال القمى النيسابورى 850 هـ : " وأنه " يعنىعيسى عليه السلام " لعلم للساعة " لعلامة من علامات القيامة (25/63)
قال الشربينى 977 هـ : (وأنه )أى عيسى عليه السلام ( لعلم للساعة )أى نزوله سبب للعلم بقرب الساعة التى هى تعم الخلائق كلهم بالموت فنزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (3/462)
قال أبو السعود 982هـ : وإن عيسى لعلم للساعة أى أنه بنزوله شرط من أشراطها (5/48)
قال محمد نووى 1316هـ : وإن عيسى لشرط من أشراط الساعة ، والمعنى أن نزول عيسى من السماء علامة على قرب الساعة (2/280)
قال القاسمى : الضمير إما للقرآن أى وإن القرآن يُعلِم بالساعة ويخبر عنها وعن أهوالها ، والعلم بمعنى العلامة ، وإما لعيسى عليه السلام ، أى إن ظهوره من أشراط الساعة ونزوله فى الأرض آخر الزمان دليل على فناء الدنيا .
وقرىء وإنه لَعَلَم للساعة : أى أنه كالجبل الذى يهتدى به إلى معرفة الطريق ونحوه
قصة المهدى والدجال وابن مريم(1/9)
أخبر النبى صلى الله عليه وسلم : بخروج رجل صالح فى أمته يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت جوراً وظلماً واسمه محمد بن عبد الله من قريش ومن ولد فاطمة ، يمكث فى الأرض سبع سنين ، يلوذ بالبيت هرباً من الناس ثم تبايعه طائفة قليلة بين الركن والمقام ، ثم يغزو جيش يمر بالمدينة فيخسف بهم ببيداء المدينة ، ثم يحصل غدر النصارى بالمسلمين فيقتتلون ، ويخرج إليهم هذا الرجل من مكة ويمر بالمدينة بمن معه ، فإذا رأوا النصارى قالوا له : خل بيننا وبين هؤلاء المسلمين ( الذين كانوا قد سالموهم ) فيمتنع هو ومن معه ويقول لهم : والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا فينضم لأخوانه ويصطفون للقتال ، وعدد النصارى مليون إلا أربعين ألفاً ، فإذا رأى المسلمون كثرتهم انهزم ثلثهم لا يتوب الله عليهم أبداً ويُقتل ثلثهم الثانى وهم خير الشهداء ثم يفتح الله على الثلث الباقى حتى يفتحوا القسطنطينية بالتكبير ، فإذا تم ذلك صاح فيهم الشيطان أن الدجال خلفكم فى أهليكم وهو كاذب ، فيرسل المهدى عشرة فرسان يستطلعون حقيقة الأمر ، فيخرج الله الدجال حقيقة فيذهب المهدى بمن معه إلى بيت المقدس ينتظرون قدوم الدجال إليهم ليقاتلوه فينزل عيسى بن مريم عند الصبح وقد اصطف المسلمون للصلاة يؤمهم المهدى ، ويصلى عيسى عليه السلام خلفه .(1/10)
والدجال أعور العين اليمنى شاب جعد الشعر مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرأه كل مسلم قارىء ، وغير قارىء ، وسرعته فى الأرض كغيث استدبرته الريح ويتبعه الذهب كيعاسيب النحل ومعه سبعون ألفاً من يهود أصبهان ، أسلحتهم محلاة بالذهب ومعه جنة ونار ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت ويمكث فى الأرض أربعين يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه الأخرى كأيامنا ، من عصاه أجدبت أرضه وهلكت أمواله ومن أطاعه تخضب أرضه ( لأن قبل خروجه بثلاث سنوات تمسك السماء فى السنة الأولى ثلث مطرها ، وفى السنة الثانية ثلثى مطرها ، وفى السنة الثالثة لا تمطر السماء ولا تنبت الأرض) فيخرج الدجال والناس فى أشد الحاجة ويطأ كل بلد إلا مكة والمدينة ، وينزل بسبخة المدينة عند الجرف (فى منتهى جسر العيون من جهة الغرب)فترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة ثم يخرج إليه شاب من الذين أنعم الله عليهم بنعمة العلم والإيمان فيحاول جنود الدجال أن يصدوه عنه ، فيقول أيها الناس : إن هذا الدجال فيضربه الدجال فلا يتراجع ، ثم يقول الدجال للناس : إن قسمته قسمين ثم أعدته تؤمنون أنى ربكم ، فيقولون نعم ، فيقسمه قسمين ثم يعيده ويقول : أو ما تؤمن بى ؟ فيقول الشاب ما ازددت فيك إلا بصيرة ، فيعزم الدجال على قتله مرة أخرى فلا **يستطيع**، ثم تصرفه الملائكة إلى الشام ، فيأتى بيت المقدس يريد المهدى ومن معه فينزل عيسى عليه السلام بدمشق عند المنارة البيضاء الموجودة الآن بالمسجد الأموى وقت صلاة الصبح ينزل واضعاً كفين على أجنحة ملكين ، فلا يجد ريح نفسه كافر إلا مات ، ونفسه ينتهى حتى ينتهى طرفه فيأتى المسجد وقد أقيمت صلاة الفجر وسويت الصفوف ، ويصلى خلف المهدى، ويخبر من فى المسجد بدرجاتهم فى الجنة ، ويأمر بفتح باب المسجد فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح فى الماء ويولى هارباً فيلحقه عيسى فيدركه عند باب لد فيقتله ويرى(1/11)
المسلمون دمه فى حربته ( ويكون عيسى قد كسر الصليب وقتل الخنزير ورفع الجزية .... ويمكث فى الأرض أربعين سنة ) ثم يوحى الله إلى عيسى بخروج يأجوج ومأجوج ، فيدعوا عيسى ربه أن يهلكهم فيهلكون .
وفى عهده يتحدْ الدين فلا يعبد إلا الله ، ويترك الزكاة لعدم من يقبلها ، ولا يرغب فى اقتناء المال للعلم بقرب الساعة ويكون مقرراً للشريعة المحمدية ، وتظهر الكنوز فى زمنه ، ويرفع الشحناء والتباغض ، وينزع الله سم كل ذى سم حتى تلعب الأولاد بالحيات والعقارب فلا تضرهم ، ويملأ الأرض سلماً ، وينعدم القتال ، وتنبت الأرض نبتها .
انتشار الأمن
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق ) . رواه أحمد (1)
وهذا قد وقع فى زمن الصحابة رضى الله عنهم ، وذلك حينما عم الإسلام والعدل فى البلاد التى فتحها المسلمون . وسيكون ذلك زمن المهدى وعيسى عليه السلام حينما يعم العدل مكان الجور والظلم .
ويؤيده حديث عدى حين قال له النبى صلى الله عليه وسلم : يا عدى هل رأيت الحيرة؟ قلت : لم أرها ، وقد أنبئت عنها: قال : فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف أحداً إلا الله ) . رواه البخارى (2)
الظعينة : المرأة المسافرة فى الهودج .
الحيرة : كانت بلد ملوك العرب الذين تحت حكم آل فارس ( أخر باب أو ساعة 8 )
يأجوج ومأجوج
قال ابن كثير ( فى مختصر تفسير ابن كثير . محمد كريم راجح )
__________
(1) المسند 2/371(صحيح المسند 8807)
(2) فتح البارى 3595(1/12)
{وَيَسْئَلُونَكَ عَن ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأتلُواْ عَلَيْكُم مِنْهُ ذِكْراً} يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { يسئلونك } يا محمد { عن ذى القرنين } أى عن خبره . وقد بعث كفار مكة إلى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا : سلوه عن رجل طواف فى الأرض ، وعن فتية ما يدرى ما صنعوا ، وعن الروح فنزلت سورة الكهف .
وكان ذو القرنين فى زمن الخليل وأنه طاف بالبيت وكان وزيره الخفر. وليس الاسكندر المقدونى .
قلت وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم تيمية فى الرد على المنطقيين - حيث قال : وكان ارسطو مشركاً ، وذو القرنين موحداً مؤمنا بالله وسمى ذو القرنين لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها وهو قول ابن عباس والزجاج والأزهرى وقيل غير ذلك .
وكان نبيا وهو قول : ابن عمر والضحاك ، وقيل كان عبدا صالحا قاله على رضى الله عنه ووهب ، وأنه كان بعد ثمود وهود وهو قول الحسن وقيل غير ذلك .(1/13)
{ إنا مكنا له فى الأرض وءاتينه من كل شئ سببا } { إنا مكنا له فى الأرض } أى أعطيناه ملكاً عظيما ًممكناً فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ، ودانت له البلاد ،وخضعت له ملوك البلاد ،وخدمته الأمم من العرب والعجم ، ولهذا ذكر بعضهم أنه سمى ذا القرنين لأنه بلغ طرفى الشمس : مشرقها ومغربها . { وآتيناه من كل شئ سببا } يعنى علماً ، أو منازل الأرض وأعلامها . { فأتبع سببا } يعنى بالسب المنزل ، أو منزلاً وطريقاً ما بين المشرق والمغرب ، أو طرفى الأرض .{ حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا } {حتى إذا بلغ مغرب الشمس } أى فسلك طريقاً حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض {وجدها تغرب فى عين حمئة } أى رأى الشمس فى منظره تغرب فى البحر المحيط ، وهذا شأن كل من **انتهى** إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه . والحمأة الطين الأسود .{ووجد عندها قوماً} أى أمة من الأمم .{قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب ..} معنى هذا أن الله مكنه منهم وحكمه فيهم وأظفره بهم وخيَّره إن شاء قتل وسبى ، وإن شاء منَّ أو فدى .
{ قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً } أى استمر على كفره وشركه بربه فسوف نعذبه بالقتل ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً أى شديداً بليغاً وجيعاً أليماً ، وفى هذا اثبات المعاد والجزاء
{ وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا } أى تابعنا على ما ندعوه إليه من عباد الله وحده لا شريك له فله جزاء الحسنى } فى الدار الآخرة عند الله عز وجل وسنقول له من أمرنا معروفاً .(1/14)
{ ثم أتبع سببا } { حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا } يقول تعالى : ثم سلك طريقاً فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها ، وكان كلما مر بأمة غلبهم وقهرهم ، ودعاهم إلى الله عز وجل فإن أطاعوه وإلا أذلهم ، وأرغم آنافهم ، واستباح أموالهم ، وأمتعتهم ،واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الاقليم المتاخم لهم. ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض وجدها تطلع على أمة ليس لهم بناء يكنهم، ولا أشجار تظلهم ، وتسترهم من حر الشمس ،وقيل : هم الزنج . {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا } أى علما ، أى نحن مطلعون على جميع أحواله ، وأحوال جيشه ، لا يخفى علينا منها شئ ، إن تفرقت أممهم ،وتقطعت بهم الأرض ، فإنه تعالى {لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء } . {ثم أتبع سببا } . أى سلك طريقاً من مشارق الأرض .{حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولاً} حتى بلغ بين السدين ، وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة ، يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فساداً، ويهلكون الحرث والنسل . ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليه السلام كما ثبت فى الصحيحين " إن الله تعالى يقول : يا آدم فيقول لبيك وسعديك، ابعث بعث النار ، فيقول وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فقال : إن فيكم أمتين ، ما كانتا فى شئ إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج وقوله { وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً } أى لاستعجام كلامهم ، وبعدهم عن الناس . قال بعض العلماء هؤلاء من نسل يافث أبى الترك : قلت قال الضحاك هم جيل الترك ، وقال البعض يأجزج هم الترك ومأجوج هم المغول وأصلهما من أب واحد من أولاد يافث وبلادهم من التبت والصين إلى المحيط الشمالى وغرباً إلى التركستان .(1/15)
{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سداً } فهل نجعل لك أجراً عظيما ، يعنى أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سداً .{قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما} قال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير أى أن الذى أعطانى الله من الملك والتمكين خير لى من الذى تجمعونه ، كما قال سليمان بن داود { أتمدونن بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم } وهكذا قال ذو القرنين : الذى أنا فيه خير من الذى تبذلونه ، ولكن ساعدونى بقوة أى بعملكم وآلات البناء أجعل بينكم وبينهم ردما(1/16)
{ ءاتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال إنفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتونى أفرغ عليه قطرا } والزبر جمع زبرة ، وهى القطعة منه ، وهى كاللبنة .{ حتى إذا أى وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رؤوس الجبلين طولاً وعرضاً قال إنفخوا } أى أجج عليه النار ، حتى صار كله ناراً { وقال آتونى أفرغ عليه قطرا } هو النحاس ، زاد بعضهم المذاب ، ويستشهد بقوله تعالى { وأسلنا له عين القطر } . { فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا } يقول تعالى مخبراً عن يأجوج ومأجوج أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد ، ولا قدروا على نقبه من أسفله ، وفى الحديث " فتح اليوم من روم يأجوج ومأجوج مثل هذا " وعقد التسعين . أخرجه البخارى ومسلم . {قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله ذكاء وكان وعد ربى حقا } أى لما بناه ذو القرنين قال هذا رحمة بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلاً يمنعهم من العبث فى الأرض والفساد أى اقترب الوعد الحق أى مساوياً للأرض . كائناً لا محاله . {وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج فى بعض ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا } أى الناس يومئذ ، أى يوم يدك هذا السد ، ويخرج هؤلاء فيموجون فى الناس ، ويفسدون على الناس أموالهم ، ويتلفون أشياءهم ، وذلك كله قبل يوم القيامة ، وبعد الدجال .{ ونفخ فى الصور } على أثر ذلك . والصور كما جاء فى الحديث قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام .وفى الحديث " كيف أنعم وصاحب القرن قد إلتقم القرن وحنى جبهته ، واستمع متى يؤمر ؟ "قالوا :كيف نقول ؟ قال :" قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا "
قوله { فجمعناهم جمعا } أى أحضرنا الجميع للحساب { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا } .
رجل يصف السد للنبى صلى الله عليه وسلم(1/17)
أخرج البخارى تعليقا مجزوما به قال : قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم : رأيت السد! ، قال : " وكيف رأيته ؟ " قال: مثل البرد المحبر ، قال : " قد رأيته " .
رواه البخارى (1)
البرد : كساء معروف . المحبر : المزين المحسن .
وقد ذكر أن الخليفة الواثق بعث أمرائه وجهز معهم جيشا وكتب لهم كتبا (2) إلى الملوك يوصلونها من بلاد إلى بلاد حتى ينتهوا إلى السد فيكشفوا عن خبره وينظروا كيف بناه ذو القرنين على أى صفة ! وينعتوه له إذا رجعوا ، فتوصلوا من بلاد إلى بلاد ، ومن ملك إلى ملك ، حتى وصلوا إليه ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ، وذكروا أن ، فيه بابا عظيما وعليه أقفال عظيمة ، وأنه بناء محكم شاهق منيف جدا ، ورأوا بقية اللبن والآلات والعمل فى برج هناك ، وأن عنده حرسا لتلك الملوك المتاخمة لتلك البلاد ، وأنه عال منيف شاهق لا يستطاع ولا ما حوله من الجبال ومحلته فى شرق الأرض فى جهة الشمال فى زاوية الأرض الشرقية الشمالية ، ثم رجعوا إلى بلادهم وكانت غيبتهم أكثر من سنتين وشاهدوا أهوالا وعجائب ( البداية والنهاية 2/111 .
أما ما ورد فى السنة فى شأن يأجوج ومأجوج :
1- عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يفتح الردم ، ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وعقد وهيب تسعين) رواه البخارى ومسلم (3)
2- عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ النبى صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول لا اله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد سفيان تسعين أو مائة - قيل أنَهْلِك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخَبَث . رواه البخارى ومسلم (4)
الردم : هو السد الذى بناه ذو القرنين بزبر الحديد وهى القطعة منه .
__________
(1) فتح البارى 2/439
(2) فتح البارى كتاب الأنبياء باب قصة يأجوج ومأجوج فتح البارى
(3) فتح البارى 7136 - مسلم 2881
(4) فتح البارى 7135،7136 مسلم 2880(1/18)
وفى رواية مسلم : وعقد سفيان بيده عشرة ، وفى رواية له : وحلق بإصبعيه الإبهام والتى تليها .
وفى ثالثة : وعقد وهيب بيده تسعين . الخبث : الفسوق والفجور .
قال المباركفورى فى التحفه 2187 : والمراد أنه لم يكن فى ذلك الردم ثقبه إلى اليوم
وقد انفتحت فيه ، إذا انفتاحها من علامات قرب الساعة ، فإذا اتسعت خرجوا
عقد التسعين : أى يجعل طرف السبابة اليمنى فى أصلها ويضمها ضماً محمكاً بحيث تنطوى عقدتاها حتى تصير مثل الحية المطوقة .
وعقد المائة : مثل عقد التسعين لكن بالخنصر اليسرى ، وعلى هذا فالتسعون والمائة متقاربان ، ولذلك وقع فيها الشك .
العقد عشرة : أن يجعل طرف السبابة اليمنى فى باطن عقدة الإبهام العليا .
وللجمع بين الروايتين قال عياض : لعل حديث أبى هريرة متقدم فزاد الفتح بعده القدر المذكور فى حديث زينب .
عقد الثلاثين : أن يضم طرف الإبهام إلى طرف السبابة مثل من يمسك شيئاً لطيفاً كالإبرة وكذلك البرغوث .
عقد السبعين : أن يجعل طرف ظفر الإبهام بين عقدتى السبابة من باطنها ويلوى طرف
السبابة عليها مثل: ناقد الدينار عند النقد .
رب برغوث ليلة بت منه وفؤادى فى قبضة التسعين
أسرته يد الثلاثين حتى ذاق طعم الحمام فى السبعين(1/19)
3- عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذى عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً ، فيعيده الله أشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم ، وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله ، واستثنوا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون على الناس فَيَنْشِفُون الماء ، ويتحصن الناس منهم فى حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع عليها كهيئة الدم الذى اجْفَظَّ . فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفاً فى أقفائهم فيقتلُهم بها ، والذى نفسى بيده إن دواب الأرض لَتَسْمَن وتَشْكَر شَكَراً من لحومهم . رواه ابن ماجه وابن حبان وأحمد والحاكم (1)
يأجوج ومأجوج : من بنى يافث أبو الترك . قال الذى عليهم : أميرهم .
بلغت مدتهم : حان وقت خروجهم . واستثنوا : يقول إن شاء الله .
فينشفون الماء : يشربونه .
اجفظ : انتفخ : أى ملأها يعنى ترجع السهام عليهم
نغفاً : هو دود يكون فى أنوف الإبل والغنم .
تَشْكَر : تسمن وتمتلىء شحماً ويمتلىء ضرعها لبناً.
قال ابن العربى : فى هذا الحديث ثلاث آيات :
الأولى : أن الله منعهم أن يوالو هذا الحفر ليلا ونهاراً .
والثانية : منعهم أن يحاولوا الرقى على السد بسلم أو آله .
الثالثة : صدهم عن أن يقولوا (إن شاء الله)حتى يجئ الوقت المحدود .
قال ابن حجر أو أن فيهم أهل صناعة ، وأهل ولاية وسلطة ورعية تطيع من فوقها ، وأن فيهم من يعرف الله ويقر بقدرته ومشيئته ، ويحتمل أن تكون تلك الكلمة (إن شاء الله ) تجرى على لسان ذلك الوالى من غير أن يعرف معناها ، فيحصل المقصود ببركتها (فتح البارى 13/116 )
__________
(1) ابن ماجه 4080 ابن حبان 1908،المسند2/510 المستدرك 4/488 (الجامع 2276-الصحيحة 1735)(1/20)
4- عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تفتح يأجوج ومأجوج ، فيخرجون على الناس كما قال الله عز وجل : " وهم من كل حدب ينسلون " فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ، ويشربون مياه الأرض ، حتى إن بعضهم ليمرون بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يبساً ، حتى إن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان ههنا ماء مرة ، حتى إذا لم يبق من الناس أحداً إلا أحد فى حصن أو مدينة ، قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم ، بقى أهل السماء ، ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمى بها إلى السماء فترجع إليه مختضبه دماً للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عز وجل دوداً فى أعناقهم كنغف الجراد الذى يخرج فى أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس ، فيقول المسلمون : ألا رجل يشرى لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسباً نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض ، فينادى يا معشر المسلمين ، ألا أبشروا إن الله عز وجل ، قد كفاكم عدوكم ، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ، ويسرحون مواشيهم ، فما يكون لهم مرعى إلا لحومهم ، فتَشْكَر عنه كأحسن ما شَكَرت من نبات أصابته قط . رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وأحمد (1)
حدب : الحدب ما ارتفع من الأرض . يغشون الناس : يحيطون بهم .
ينحاز : يلجأ . مدائنهم : مدنهم .
مختضبة : ملطخة . كنغف : كدودة .
يشرى : يبيع فيتجرد : فيقوم مستعداً لذلك .
أوطنها : مَهَّدَها ورضَّاها . فتشكر : تسمن وتمتلىء شحماً
5-عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيوقد المسلمون من قسى يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين . رواه ابن ماجه (2)
نشابهم : سهامهم .
__________
(1) ابن ماجه 4079 ابن حبان1909 المستدرك 2/240 المسند 3/77 ( الجامع 2973 الصحيحة 179 )
(2) ابن ماجه 4076(1/21)
6-عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : يقول الله تعالى : يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير فى يديك. فيقول : أخرج بعث النار قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسمعائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ، قالوا : يا رسول الله : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : ابشروا فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألف . ثم قال : والذى نفسى بيده إنى أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا . فقال أرجوا أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا . فقال : أرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة . فكبرنا . فقال : ما أنتم فى الناس إلا كالشعرة السوداء فى جلد ثور أبيض ، أو كشعرة بيضاء فى جلد ثور أسود . رواه البخارى ومسلم (1)
بعث النار : ميز أهل النار من غيرهم .
طلوع الشمس من مغربها
قال الله تعالى : ( يوم يأتى بعض آيات ربك ، لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت فى إيمانها خيراً ) الأنعام158
عن صفوان بن عسال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال: إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحاً للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً .رواه أحمد والترمذى وابن ماجه (2)
باب : باب التوبة .
عن أبى أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول الآيات : طلوع الشمس من مغربها .رواه الطبرانى (3)
عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة . ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه أبو داود (4)
__________
(1) فتح البارى 3348 مسلم 222
(2) المسند 4/240، الترمذى 3530 ابن ماجه 4070 (صحيح شرح السنة 1305 )
(3) الطبرانى (صحيح الجامع 2560
(4) أبو داود 1479(1/22)
عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت طبع الله على كل قلب بما فيه وكف الناس عن العمل . رواه أحمد (1)
عن صفوان بن عسال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إن الله عز وجل جعل بالمغرب باباً مسيرة عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله . وذلك قول الله عز وجل (يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) . رواه أحمد والترمذى وابن ماجه (2)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث إذا خرجن(لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض . رواه مسلم (3)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين " لا ينفع نفساً إيمانها " ثم قرأ الآية . رواه البخارى ومسلم (4)
عن أبى ذر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حين غربت الشمس : أتدرى أين تذهب قلت : الله ورسوله أعلم ، قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها : أرجعى من حيث جئت ، فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) قال : مستقرها تحت العرش يعنى انقطاع مدة بقاء العالم . رواه البخارى ومسلم (5)
__________
(1) المسند 1/192 (صحيح المسند 6171)
(2) المسند 4/240 الترمذى 3530 ابن ماجه 4070 (صحيح شرح السنة 1305)
(3) مسلم 158
(4) فتح البارى 4636 مسلم 157
(5) فتح البارى 3199 -4802 مسلم 159(1/23)
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على إثرها قريباً . رواه مسلم (1)
قيل إن الشمس تخرج من مغربها بعد 120 سنة من المهدى ويبقى الناس 120سنة بعدها حتى ينفخ فى الصور ولكنها تمر سريعاً .
وطلوع الشمس من المغرب يكون فى يوم ثم تطلع من الشرق كعادتها ، وإذا طلعت من المغرب غربت فى المشرق وحينئذ يغلق باب التوبة إلى يوم القيامة بالنسبة لمن طلعت عليهم وهم بالغون .
الدابة
(وإذ وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )النمل 82
القول : هو العذاب وقيل الغضب وقيل الحجة .
وذلك لأنهم لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يرج صلاحهم .
والدابة : جاءت آثار كثيرة فى وصفها والله أعلم بوصفها .وتخرج من الصفا، وقيل من شعب أجياد وقيل من أودية تهامة وقيل من بحر سدوم وقيل من بين الصفا والمروة .
قال البيضاوى : هى الجساسة
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ، ثم يعمرون فيكم ، حتى يشترى الرجل الدابة ، فيقال : ممن اشتريت ؟ فيقول : من الرجل المخطم . رواه أحمد (2)
تسم : تعلمهم خراطيمهم : أنوفهم المخطم : المعلم أنفه
قال السخاوى وغيره : تخرج الدابة ثلاث خرجات : الأولى من أقصى البادية ولا يدخل ذكرها مكة ، ثم يمكث زمناً طويلاً .
ثم تخرج ثانية من بادية قريبة ، فيدخل ذكرها مكة .
الثالثة خروجها العام من مكة فتسم المؤمن فيبيض وجهه ، ويكتب بين عينيه مؤمن ، وتسم الكافر ويكتب بين عينيه كافر فيسود وجهه ، وتطوف الأرض كلها .
__________
(1) مسلم 2941
(2) المسند 5/268 (صحيح الجامع 2927 - الصحيحة 322)(1/24)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تخرج الدابة ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان عليه السلام ، فتخطم الكافر .
قال عفان : " أحد الرواة " : أنف الكافر بالخاتم وتجلوا وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوانهم فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا يا كافر .رواه أحمد (1)
قال فى التذكرة :
فإذا قتل الله يأجوج ومأجوج بالنغف وقبض عيسى ذهب معظم دين الإسلام وظهر الكفر ، يخرج الله دابة تميز المسلم من الكافر ثم تغيب ويمهل الناس ، فإذا أصروا على طغيانهم ظهرت الشمس من المغرب وحينئذ لم يقبل الله بعد ذلك توبة من كافر أو عاصى ، وأزيل الخطاب والتكليف ثم كان قيام الساعة . اهـ
والظاهر أن خروجها يكون فى زمن طلوع الشمس من مغربها كما فى فتح البارى لابن حجر .
قال ابن كثير هذه الدابة تخرج فى آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الحق وحين تخرج تكلم الناس وتخبرهم بما هم عليه من إيمان وكفر ومن صلاح وفسق وبخروجها ينقطع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لعدم فائدة ذلك ، فإن التوبة لا تقبل بالنسبة لمن رآها أو علم بها وهو مكلف .
نفى المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان
حث النبى صلى الله عليه وسلم : على سكنى المدينة ، ورغب في ذلك ، وأخبر أنه لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله فيها من هو خير منه ، وأخبر أن من علامات الساعة نفى المدينة لخبثها ، وهم شرار الناس كما ينفى الكير خبث الحديد .
__________
(1) المسند 2/294 (صحيح المسند 7924 )(1/25)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يأتى على الناس زمان يدعوا الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء ، هلم إلى الرخاء ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذى نفسى بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها ، إلا أخلف الله فيها خيراً منه ، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخَبَث ، لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خَبَث الحديد ) .رواه مسلم (1)
الكير : هو منفخ الحداد الذى ينفخ نه النار ...خبث الحديد : وسخ الحديد الذى تخرجه النار منه .
قال النووى : أن خراب المدينة يكون زمن الدجال .
فخروج الناس بالكلية من المدينة ، فذلك فى آخر الزمان ، قرب قيام الساعة ففى الحديث ....
عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يتركون المدينة على خير ما كانت ، لا يغشاها إلا العواف ــ يريد عوافى السباع والطيرـ وآخر من يحشر راعيان من مُزَيْنة ، يريدان المدينة ، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحوشا ، حتى إذا بلغاَ ثنية الوداع ، خرَّا على وجوههما ) .رواه البخارى (2)
على خير ما كانت : من العمارة وكثرة الثمار وحسن المنظر ... يغشاها : يسكنها ويأتى إليها ...
العواف : هى التى تطلب القوت والرزق من الدواب ... ينعقان : يصيحان ...
وحوشا : خالية ليس فيها أحد ... خرا على وجوههما : سقطا ميتين.
قال النووى : المختار أن هذا الترك يكون فى آخر الزمان عند قيام الساعة (فتح البارى)
قال القرطبى تبعا لعياض : وقد وجد ذلك حيث صارت معدن الخلافة ومقصد الناس وملجأهم وحمت إليها خيرات الأرض وصارت من أعمر البلاد ، فلما انتقلت الخلافة عنها إلى الشام ثم إلى العراق وتغلبت عليها الأعراب تعاورتها الفتن وخلت من أهلها فقصدتها عوافى الطير والسباع (فتح البارى )
__________
(1) مسلم 1381
(2) فتح البارى 1874(1/26)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لتتركن المدينة على أحسن ما كانت ، حتى يدخل الكلب أو الذئب فَيُغَذِّى على بعض سوارى المسجد ، أو على المنبر فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان ؟ قال : للعوافى : الطير والسباع ) . رواه مالك (1)
فيغذى : أى يبول دفعة بعد دفعة ... سوارى المسجد : أعمدته
قال ابن كثير : والمقصود أن المدينة تكون باقية عامرة أيام الدجال ، ثم تكون كذلك فى زمان عيسى بن مريم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تكون وفاته بها ، ودفنه بها ، ثم تخرب بعد ذلك (النهاية /الفتن والملاحم 1/158 )
عن جابر قال أخبرنى عمر بن الخطاب ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول (ليسيرن الراكب فى جنبات المدينة ، ثم ليقول : لقد كان فى هذا حاضرٌ من المؤمنين كثير ) . رواه أحمد (2)
قال ابن حجر :
وهذا لم يقطع قطعاً ، فدل على أن خروج الناس من المدينة بالكلية يكون فى آخر الزمان بعد خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، ويحتمل أن يكون ذلك عند خروج النار التى تحشر الناس ، وهى آخر أشراط الساعة ، وأول العلامات الدالة على قيام الساعة فليس بعدها الإ الساعة ويؤيد ذلك كون آخر من يحشر يكون منها ، كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه (وآخر من يحشر راعيان من مزينة ، يريدان المدينة ، ينعقان بغنهما فيجدانها وحوشاً ) . رواه البخارى (3)
أى خالية من الناس ، أو أن الوحوش قد سكنتها ، والله أعلم .
كلام السباع والجمادات للإنس
ومن أشراط الساعة كلام السباع ، وكلامُ الجمادات للإنسان ، وإخبارهما بما حدث فى غيابه ، وتَكَلُّم بعض أجزاء الإنسان ، كالفخذ يخبر الرجل بما أحدث أهله بعده .
__________
(1) الموطأ 888
(2) المسند 1/20 (صحيح المسند 124 )
(3) فتح البارى 1874(1/27)
عن أبى هريرة قال : جاء ذئب إلى راعى الغنم ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعى حتى انتزعها منه ، قال : فصعد الذئب على تل ، فأقعى واستذفر فقال : عمدتَ إلى رزق رزقنيه الله عز وجل انتزعته منى ؟ فقال الرجل : تالله إن رأيتُ كاليوم ذئباً يتكلمُ قال الذئب : أعجبُ من هذا رجل فى النخلات بين الحرتين ، يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم ، وكان الرجل يهودياً، فجاء الرجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم : فأسلم وخبره فصدقه النبى صلى الله عليه وسلم : ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم : (إنها أمارة من أمارات بين يدى الساعة ، قد أوشك الرجل أن يخرج ، فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهلُه بعدَه ) رواه أحمد (1)
وفى رواية عن أبى سعيد الخدرى (فذكر القصة إلى أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق والذى نفسى بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده ) رواه أحمد (2)
عذبة سوطه : طرفه . شراك نعله : أحد سيور النعل .
الدخان
قال الله تعالى (فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين ) الدخان يدخل فى أسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن كالزكام
قال ابن مسعود : إن الدخان كان لقريش ، وهو قول : الطبرى ، عزيز السجستانى ، أبو حيان فى النهر الماد ، أبو السعود ، الجلالين ، المراغى ، مخلوف ،
قال ابن عباس : أن الدخان من علامات الساعة ، وهو قول : ابن كثير ،
__________
(1) المسند 2/306(صحيح المسند 8049 )
(2) المسند 3/83 (صحيح - الصحيحة 122 )(1/28)
عن مسروق قال : بينما رجل يحدث فى كِنْدة ، فقال : يجىء دُخَان يومَ القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارِهم ، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئاً فغضب فجلس ، فقال : من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لايعلم : لا أعلم ، فإن الله قال لنبيه (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المُتَكلِّفين )وإن قريشاً أبطأوا عن الإسلام فدعا عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها ، وأكلوا الميتة والعظام ، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان فقال :
يا محمد جئت تأمرنا بصلة الرحم ، وإن قومك قد هلكوا فأدع الله فقرأ(فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين -إلى قوله عائدون) أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثم عادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى (يوم نبطش البطشة الكبرى ) يوم بدر . ولزاما يوم بدر .رواه البخارى (1)
عن عبد الله ابن مسعود قال : مضى خمس الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام . رواه البخارى (2)
لزاماً : فسوف يكون تكذيبكم لزاماً لكم يعنى مقتضياً لعذابكم وهلاككم ودماركم فى الدنيا والآخرة
كنده : باب الكوفة ، قال محمد فؤاد عبد الباقى : ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار .
8- الريح الطيبة
عن أبى هريرة و ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير ، فلا تدع أحداً فى قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته .
رواه مسلم (3)
عن عياش أبى ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تجىء ريح بين يدى الساعة ، تقبضن فيها أرواح كل مؤمن. رواه أحمد والحاكم (4)
__________
(1) فتح البارى 4774
(2) فتح البارى 4767
(3) مسلم 117 -(صحيح الجامع 1873 - الصحيحة 1659 )
(4) المسند 3/420 المستدرك 4/489- (صحيح الجامع 2918- الصحيحة 1780)(1/29)
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة ، فَتَوَفى كلَّ من فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم .رواه مسلم (1)
حبة خردل : نبات يضرب بحبوبة المثل فى الصغر .
لا يذهب الليل والنهار : لا ينقطع الزمان ، ولا تأتى القيامة .
فتوفى : أى تتوفى يعنى تأخذ الأنفس وافية تامة .
تقبض روح كل مؤمن فى قلبه مثقال حبة من إيمان ، ويبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم وتأتى من قبل اليمن ، ثم يبقى شرار الناس حتى لا يقال فى الأرض (لا إله إلا الله) وعليهم تقوم الساعة .وقيل : يمكث الناس بعدها مائة عام .
9- هدم الكعبة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة . رواه أبو داود وأحمد والحاكم (2)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة .رواه البخارى مسلم (3)
ذو السويقتين : أى له ساقان دقيقتان .
الأصح أنه يستخرج كنز الكعبة المهدى ثم يتركه فى الكعبة حتى يستخرجه ذو السويقتين .
استحل الكعبة من قبل جيش يزيد . ثم الحجاج زمن عبد الملك . ثم القرامطة
وهدم الكعبة زمن عيسى . وقيل بعد يأجوج ومأجوج .
والصحيح أن هدم الكعبة بعد الريح . والله أعلم .
10-رفع القرآن ونسيان الإيمان
عن رفيع بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تذهبون الخَيِّر فالخَيِّر ، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا -وأشار إلى نواة - وما لا خير فيه .
رواه ابن حبان والحاكم (4)
__________
(1) مسلم 2907 (صحيح الجامع 7683 - الصحيحة 1)
(2) أبو داود 4309 - المسند 5/371 المستدرك 4/453 (صحيح - الصحيحة 772)
(3) فتح البارى 1591 - مسلم 2909
(4) ابن حبان 1832 - المستدرك 4/434(1/30)
عن مرداس الأسلمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يذهب الصالحون ، الأول فالأول ، ويبقى حفالة كحفالة الشعير ، أو التمر ، لا يباليهم الله تعالى باله .
رواه البخارى (1)
حفالة : بقية رديئة والمراد هنا أسوأهم .
لا يباليهم : لا يقيم لهم وزناً .
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يُدرس الإسلام كما يدرس وشْىُ الثوب ، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ، ولَيُسْرَى على كتاب الله عز وجل فى ليلة ، فلا يبقى فى الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس ، والشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة : (لا إله إلا الله) ، فنحن نقولها ، فقال له صلة : ما تغنى عنهم : لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ، ثم ردَّها عليه ثلاثاً ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه فى الثالثة فقال : يا صلة ، تنجيهم من النار . ثلاثاً . رواه ابن ماجه والحاكم (2)
يدرس : يهلك وشى : نقشه . يسرى : يذهب به ويرفع .
عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس . رواه مسلم (3)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض : الله الله رواه مسلم (4)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذى الخلصة . رواه البخارى مسلم (5)
دوس : قبيلة من اليمن تضطرب : تتحرك . أليات : لحم المقعدة .
ذى الخلصة : بيت من أصنام لهم .
__________
(1) فتح البارى 4156 - 6434
(2) ابن ماجه 4049- المستدرك 4/473 (صحيح 8077 - الصحيحة 87)
(3) مسلم 2949
(4) مسلم 148
(5) فتح البارى 7116 - مسلم 2906(1/31)
إن بنى دوس سيرتدون ويرجعون إلى عبادة الأصنام فترمل نساؤهم بالطواف حول ذى الخلصة فتتحرك ألياتهن . و هذا آخر الزمان بعد موت جميع من فى قلبه مثقال حبة من إيمان . " التذكرة "
11-نار تخرج من عدن
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب . رواه البخارى (1)
أى تخرج من جهة شروق الشمس فتحشرهم جهة غروبها .
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال أول شىء يحشر الناس نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب . رواه الطيالسى (2)
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستخرج نار من حضرموت أو من نحو بحر حضرموت قبل يوم القيامة ، تحشر الناس . قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا ؟ فقال : عليكم بالشام . رواه أحمد و الترمذى (3)
تخرج أولا من برهوت ويقال له وادى النار ، وهى فى قعر عدن ، وتمر بحيس سيل بالقرب من المدينة ، وتدور الدنيا كلها فى ثمانية أيام ، ويحشر الناس أحياء إلى الشام .
قال ابن حجر : ابتداء خروجها من عدن فإذا خرجت انتشرت فى الأرض كلها .
النار ناران : أحدهما تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ولعلها أول الآيات
والثانية : تخرج من اليمن ولعلها آخر الآيات .
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين ، واثنان على بعير ثلاثة على بعير أربعة على بعير عشرة على بعير ، وتحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا . وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسى معهم حيث أمسوا .رواه البخارى مسلم (4)
قال الخطابى : هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة ، تحشر الناس أحياء إلى الشام .
قبل الساعة
__________
(1) فتح البارى 3329
(2) الطاليسى 2050(صحيح الجامع 2568)
(3) المسند 2/53- الترمذى 2314 (صحيح المسند 5146- صحيح الجامع 3609)
(4) فتح البارى 6522- مسلم 2861(1/32)
عن حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ، فذكر : الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب . وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم . رواه مسلم (1)
قال القرطبى : هذا الحديث متقن فى ترتيب العلامات وقد وقع بعضها وهى الخسوفات وفى رواية : نار تخرج من قعره عدن ترحل الناس . رواه مسلم (2)
وفى ثالثة ريح تلقى الناس فى البحر . رواه مسلم (3)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال بادرو بالأعمال ستاً الدخان والدجال ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخويصة أحدكم . رواه مسلم (4)
سابقوا بالأعمال الصالحة قبل وقوع وحلول هذه العلامات الست .
خويصة : حادثة الموت التى تخص كل إنسان ، وصغرها لاحتقارها فى جانب ما بعدها من البعث والعرض والحساب وغير ذلك .
أمر العامة : قبل أن يتوجه إليكم أمر العامة والرياسة فيشغلكم عن صالح الأعمال
وقيل : القيامة .
الحشر حشران : حشر اليهود إلى الشام - وحشر النار من المشرق إلى المغرب
وابتداء حشرها من اليمن ثم تنشر فلا تعارض .
عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ، ومَن يتخذ القبورَ مساجد . روا أحمد (5)
12-النفختان
__________
(1) مسلم 2901
(2) مسلم2901
(3) مسلم 2901
(4) مسلم2947
(5) المسند 1/405 (صحيح المسند 3843)(1/33)
عن أبى هريرة قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم : ما بين النفختين أربعون قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوماً ؟ قال : أبيت، قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت قالوا : أربعون سنة ؟ قال أبيت . ثم يُنزل الله من السماء ماء فينبُتُون كما ينبت البقل -وقال عليه السلام : وليس من الإنسان شىء إلا يَبلى إلا عظما واحداً وهو عجْب الذَّنَب ومنه يُركب الخلق يوم القيامة . رواه البخارى و مسلم (1)
أبيت : امتنعت عن القول بتعيين ذلك لأنه ليس عندى فى ذلك توفيق .
عجب الذنب : هو عظم لطيف فى أصل الصلب وهو رأس العصعص بين الألتين"العسيب"
ينبتون : الأموات . إلا يبلى : الأنبياء .
عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه وأصغى سمعه وحنى جبهته ، ينتظر متى يؤمر بالنفخ . فقالوا : يا رسول الله ، وما تأمرنا ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل . رواه أحمد و الترمذى والحاكم (2)
النخفة الأولى : (ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض ) الزمر68
النفخة الثانية : (ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) يس36
__________
(1) فتح البارى 4935 مسلم 2955
(2) المسند 3/73 - الترمذى 2431 - المستدرك 4/559 (صحيح شرح السنة 4299)(1/34)
عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين (لا أدرى : أربعين يوماً أو أربعين شهراً ، أو أربعين عاماً)فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عدواة ، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشأم فلا يبقى على وجه الأرض أحداً فى قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل فى كبد جبل لدخلته عليه ، حتى تقبضه فيبقى شرار الناس فى خفة الطير وأحلام السباع . لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان . وهم فى ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم . ثم ينفخ فى الصور فلا يسمعه أحداً إلا أصغى ليتاً ورفع ليتا قال : وأول من يسمعه رجل يَلُوطُ حوض إبله . قال : فيصعق ، ويصعق الناس . ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس. ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناس هلم إلى ربكم . وقفوهم إنهم مسئولون . قال: ثم يقال: اخرجوا بعث النار فيقال : من كم ؟ فيقال من كل ألف ، تسعمائة وتسعة وتسعين، قال : فذاك يوم يجعل الولدان شيباً وذلك يوم يكشف عن ساق . رواه مسلم (1)
كبد جبل : وسطه وداخله . فى خفة الطير : فى سرعتهم إلى الشرور .
أحلام السباع : أخلاق السباع .
اصغى ليتا : آمال والليت صفحة العنق وهى جانبه .
يلوط : يطين ويصلح . يكشف عن ساق : يكشف ربنا عن ساقه .
__________
(1) مسلم 2940(1/35)