الشرح على شرح جلال الدين المحلي للورقات
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فالشكر لله أولا ثم للقائمين على هذا المسجد، زادهم الله توفيقا في إقامة مثل هذه الدورات والندوات والمحاضرات المفيدة النافعة بإذن الله، ولا شك -أيها الإخوة- أن عقد مثل هذه الدورات ظاهرة طيبة -ولله الحمد- وسنة حميدة.
وهذه الدورات فيها فوائد كثيرة منها: إحياء لسنة طلب العلم في المساجد، وهذا هو الأصل في طلب العلم، وكم خرَّجت المساجد من علماء أجلاء أفادوا الأمة في نواحي شتى، ثم أن هذه الدورات بحكم أنها محددة المدة، معلومة الانتهاء، مقررة الابتداء، فيها تنشيط للنفوس، فالإنسان قد يكون وقته لا يسمح له بأن يحضر درسا مستمرا طوال العام، لكنه بإمكانه أن يفرغ نفسه أسبوعين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر منها مثلا لإدراك علم من العلوم وحضور متن من المتون، ففيها سد لحاجة بعض الطلاب، ثم أيضا بعض من يلقي الدروس من المشائخ والمدرسين، قد يكونوا وقتهم لا يسمح أيضا بدرس مستمر طوال العام فلهم أيضا مجال في هذه الدورات والدروس المستمرة طوال العام لها مجالها وفيها نفع كثير والدورات أيضا لها مجالها وفيها نفع كثير وفي كل خير إن شاء الله.(1/1)
أيها الإخوة في الله: موضوع هذا الدرس هو شرح جلال الدين المحلي على ورقات الإمام الجويني -رحمه الله -المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وسبعين هجرية، وقبل أن نبدأ بموضوع الدرس نتناول شيئا من أصول الفقه من حيث طبيعة هذا العلم ووصايا لطالب العلم أو لطالب علم الأصول بالذات وشيئا مما يتعلق بهذا العلم فنقول -مستعينين بالله سبحانه تعالى ومستمدين التوفيق منه-: إن علم الأصول هو علم يساعد طالب العلم على الاستنباط الشرعي الصحيح للأحكام فهو يضبط لطالب العلم ويضبط للفقيه كيف يستنبط الحكم استنباطا صحيحا، وبغير هذه القواعد قد يتمكن مثلا بحكم سليقته العربية قد يتمكن، لكن هذه القواعد ضرورية جدا حتى يكون استنباطه مظنة الإصابة، فهو يبحث في الأدلة -الأدلة الإجمالية- بمعنى أن الكتاب حجة والسنة حجة والإجماع حجة، ثم يبحث أيضا في ترتيب هذه الأدلة إذا اجتمعت، ثم يبحث أيضا علم الأصول في كيفية استنباط الحكم، يعني كيفية عمل هذا الدليل.
إذا قلنا بأن السنة حجة مثلا يأتي الدلالات اللفظية اللي هي الأمر والنهي والعام والخاص كيف يستفاد من هذه الدلالة اللفظية في فهم الحديث فهما صحيحا، ثم يبحث أيضا في حال المجتهد اللي هو المستفيد وحال المقلد اللي هو المتلقي، فيبحث في أحوال هؤلاء جميعا؛ لأن الكلام عن الأحكام الشرعية لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا من كان مؤهلا تأهيلا شرعيا.
ففي علم أصول الفقه حفظ للشريعة من أن تكون ألعوبة بيد إنسان غير مؤهل؛ فيحرم ما أحل الله ويحل ما حرم الله بدعوى مثلا إما التيسير أو المصلحة أو فتح باب الاجتهاد أو غيره، فهذا لا يمكن أبدا ؛ لأن الكلام في مثل هذه الأمور لا بد أن يكون مربوطا وموزونا بميزان الشرع ومنطلقا من القواعد الأصولية.(1/2)
ولهذا -أيها الإخوة الكلام- على الأحكام الشرعية وغيرها من علوم الشريعة، الكلام عليها من غير علم أمر خطير كما في قوله تعالى: { ( - ( - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم { - - رضي الله عنهم - مقدمة { - ( فهرس - - عليه السلام - - - (( مقدمة (- عليه السلام - قرآن كريم - (( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( - { - ( { ( تم بحمد الله - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - (- رضي الله عنه - - - المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد { - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (((- رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - رضي الله عنه -(( - ( - - - رضي الله عنهم -(( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - ((( - ( - - - ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - ( } - - رضي الله عنه - - ( - (( مقدمة ( - - - جل جلاله - - ( - (( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - (( - - (((( } (1) فنلاحظ أن الله -سبحانه وتعالى- قرن الشرك يعني قرن القول بغير علم، قرنه بالشرك وفي قوله تعالى: { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - (( - - ( المحتويات ( تمهيد ( - - - جل جلاله -( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - - ( - - - - - - (- رضي الله
__________
(1) - سورة الأعراف آية : 33.(1/3)
عنهم - - ( - ( فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - مقدمة } - - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -((- رضي الله عنه - - ( - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - - } (1) فدل على أن الكلام مثلا من غير علم وصدور الكلام من إنسان غير مؤهل معناها أنه قد يكون افتراء على الله سبحانه وتعالى.
ثم -أيها الإخوة- علم الأصول له فوائد أخرى جانبية غير الفائدة الأساسية اللي هي إدراك القواعد، من فوائده أولا أن الإنسان يحيط بأسباب الخلاف وإذا أحاط بأسباب الخلاف علم أو أدرك أن خلاف الأئمة -رحمهم الله- في المسائل الفقهية مرده إلى خلاف في مسائل أصولية؛ فيعذرهم في ذلك ويزداد تقديرا لهم، وقد أشار إلى كثير من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -في رسالته رفع الملام على الأئمة الأعلام.
__________
(1) - سورة النحل آية : 116.(1/4)
أيضا مما يفيده علم الأصول لطالب هذا العلم التروي والتثبت وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام، فليس كل ما من أول إلماحة يصدر الحكم لا، بل لا بد من التروي والتثبت والنظر في الأمور ثم بعد ذلك إذا تبين له وجه الحق بعد ذلك كله كان يعني -إن شاء الله- حكمه مظنة الصدق ومظنة الإصابة؛ ولهذا -أيها الإخوة- الإمام أحمد -رحمه الله -سئل عن مسألة بم تخرج المطلقة من عدتها أو بم تنقضي عدة المطلقة؟ معلوم أن عدة المطلقة ثلاث حيض، إذا طلقها في طهر فإن الحيضة الأولى ثم الحيضة الثانية ثم الحيضة الثالثة على قول الجمهور، إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، ليس بمجرد الطهر، إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، الإمام أحمد -رحمه الله -قال: إذا اغتسلت من الحيضة الثالثة خرجت من العدة، لكن لو أنه انقطع الدم عنها أو ظهر الطهر ولم تغتسل فهي ما زالت في العدة، فإذا اغتسلت خرجت من العدة ـ الحيضة الثالثة، فقيل للإمام أحمد إن ابن عباس يقول أنها إذا طهرت خرجت من العدة فقال الإمام أحمد: هذا جيد من حيث النظر، قيل ألا تقول به؟ قال: أتهيب أن أخالف فلانا وفلانا وفلانا من كبار الصحابة رضي الله عنهم.
فالإمام أحمد -رحمه الله -استحسنه من حيث النظر؛ لأن العدة ربطت بأمر لا تملكه المرأة، هذا كونه جيدا من حيث النظر ربطت بأمر لا تملكه المرأة لكن الاغتسال هو بيدها، لكن لما قيل له ألا تقول به؟ قال: أتهيب أن أخالف فلانا، وذكر جمعا من الصحابة رضي الله عنهم.
ثم أيضا إدراك القواعد الأصولية يربي الملكة الفقهية بحيث يميز الإنسان بين ما يصلح أن يكون دليلا وما لا يصلح أن يكون دليلا، يميزها طالب العلم، فليس كل ما أورد عليه ما يعني يمكن أن يكون دليلا أو يعني يظن أن يكون دليلا تبعه لا، التميز بين ما يصلح أن يكون دليلا وبين ما يصلح أن يكون دليلا هذا قد يستفيده الإنسان، قد يستفيده كثيرا من علم الأصول.(1/5)
يقال إن القاضي حسين شيخ الشافعية في عصره بلا منازع قاضي خراسان كان رجلا فقهيا أصوليا متمكنا، وله كتاب مشهور اسمه التعليقة في الفقه، وكان قاضي البلد ففي يوم الثلاثين من شعبان البارحة ما رئي في تلك اليوم ما رئي الهلال، فإذا ما رئي الهلال ليلة الثلاثين، ماذا يكون حكمه، يكونوا مفطرين ما يصوموا لأنه ما رئي الهلال، فكان وهو جالس في مجلس القضاء وحوله يعني بعض الجلساء فدخل إنسان عليه قال له: أيها القاضي أنا البارحة رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المنام يقول: إن اليوم واحد من رمضان، إن اليوم هو الأول من رمضان، وكان هذا الرجل الذي يقول هذا الكلام تظهر عليه علامات الفزع، كيف إنهم يعني مفطرين الآن واليوم الأول من رمضان، فقال له القاضي: أنت رأيته يعني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال نعم، قال له يا هذا إن الذي رأيته في المنام رآه الصحابة في اليقظة وهو يقول: - لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه - فأيما يقدم الرؤية المنامية ولا الرؤية اللي في اليقظة اللي في اليقظة، الشاهد من هذا أن يعني التمييز + الملكة الفقهية والتمييز بين ما يصلح أن يكون دليلا وما لا يصلح أن يكون دليلا؛ لأن هذا يعني نقول لعل هذا يستفاد من علم الأصول.
حرص الصحابة على اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -(1/6)
بقي الإشارة -أيها الإخوة- إلى أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا إذا أشكل عليهم أمر سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا نزلت بهم نازلة وأرادوا معرفة حكمها سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يسألونه عن كذا وعن كذا كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "يا رسول الله إنني امرأة استحاض فلا أطهر" فأجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حديث أبي ثعلبة الخشني، "قال يا رسول الله إن بأرضي قوم أهل كتاب أفنأكل من آنيتهم قالوا إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء -أي اغسلوها- وكلوا فيها" وفي حديث يعلى بن أبي أمية أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - "يا رسول الله ما ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - انتظارا للوحي، ثم جاءه الوحي بذلك فسأل عن الرجل فجيء به فقال: - أما الطيب الذي بك فاغسله وأما الجبة فاخلعها ثم اصنع في حجك ما كنت صانعا في عمرتك -قال الراوي- فخلعها من رأسه - وهذا فيه إشارة إلى أن خلع القميص وأن مروره على الرأس في أثناء الخلع لا يعتبر تغطية وإلا لوجبت عليه فدية في هذا.
بل إن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يحرصون على متابعة أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - وملاحظة تصرفاته ملاحظة دقيقة جدا لأنهم يستفيدون منها الأحكام.(1/7)
يقول ابن عباس -فيما رواه البخاري في صحيحه- واصفا حج النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من باب السلام فلما رأى البيت رفع يديه مكبرا قال: فسقط زمام ناقته فتناوله بشماله"، لاحظوا الوصف قال: "فسقط زمام ناقته فتناوله بشماله" قد يقول قائل مثلا: ما تفرق سواء يعني تناوله بشماله أو بيمينه، نقول: لا ـ قد يأتي إنسان ويستفيد من ذلك حكما، والصحابي الذي رأى هذه الواقعة ينقلها كما رآها، بل إن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أو أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يستنبطون الأحكام بفطرهم السليمة بحكم سليقتهم العربية، وبحكم مخالطتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا سمعوا آية أو سمعوا حديثا فهموه على مراد الشرع؛ ولهذا لما سمع عمر -رضي الله عنه-قول الله تعالى: { - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( - - ( - ( - ( صدق الله العظيم ( - (( - } ( - - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم -(( - قرآن كريم ( - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - فهرس - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -(- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم -(( - - - - عليه السلام -( - - - (((- رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( - ( - - - ( - - - ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - ((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - ( - ( - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - ( - - رضي الله عنهم - - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - تم بحمد الله (((( } (1)
__________
(1) - سورة المائدة آية : 91.(1/8)
رفع يديه وقال: انتهينا انتهينا فهم من هذه الصيغة { ( - - رضي الله عنهم - - - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - - تم بحمد الله (((( } (1) أن فيها التقريع والتوبيخ والذم والإنكار على من فعل هذا الشيء.
على أن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يدركون بعضا من القواعد الأصولية الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سئل عن مسألة، عن مسألة الجمع بين الأختين بملك اليمين، معلوم أن الجمع بين الأختين بعقد النكاح ما حكمه ؟ ما يجوز، فسئل عن الجمع بين الأختين بملك اليمين فنظر فيها الخليفة عثمان -رضي الله عنه-وقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، يشير إلى قول الله تعالى: أحلتهما آية: { (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد - - فهرس - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - (- جل جلاله -(- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (2) ويشير في قوله وحرمتهما آية: { تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - - - - (((- رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - - ( - الله } - - - صدق الله العظيم ( { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - رضي الله عنهم - - فهرس - - رضي الله عنهم - - } (3) فقال: حرمتهما آية وأحلتهما آية، ثم قال: والتحريم أحب إلينا، يشير إلى قاعدة فقهية مشهورة وهي أنه: إذا اجتمع حاظر ومبيح ما الذي يقدم ؟ يقدم الحاظر.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 91.
(2) - سورة النساء آية : 3.
(3) - سورة النساء آية : 23.(1/9)
أيضا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-في مسألة عدة المتوفى عنها زوجها الحامل، معلوم أن الجمهور يقولون: إن عدتها بوضع الحمل، وابن عباس - رضي الله عنه - نقل عنه أنه كان يقول: تعتد بماذا؟ بأبعد الأجلين: إما أربعة أشهر وعشرا وإما وضع الحمل، فابن مسعود -رضي الله عنه-يقول: أشهد بالله أن سورة النساء الصغرى نزلت بعد سورة النساء الكبرى، ما الذي يقصد بسورة النساء الصغرى، يقصد سورة الطلاق وسورة النساء الكبرى يقصد سورة البقرة، يشير إلى قول الله تعالى: { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم { (- عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) وفي سورة الطلاق اللي هي سماها سورة النساء الصغرى { ( تمهيد ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - عليه السلام - - ( قرآن كريم - } - - - صدق الله العظيم ( - ( - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم (( - (- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - فهرس - ( - - قرآن كريم } (2)
__________
(1) - سورة البقرة آية : 234.
(2) - سورة الطلاق آية : 4.(1/10)
فهو يشير إلى قاعدة فقهية قاعدة أصولية وهي: أن المتأخر ينسخ المتقدم أو يخصصه على خلاف بين الأصوليين في مسألة النسخ والتخصيص في مثل هذه الحالة.
أيضا الخليفة علي -رضي الله عنه-لما استشار ابن عمر -رضي الله عنه-والصحابة في حد شارب الخمر، فقال علي - رضي الله عنه - أرى أنه إذا شرب هذى، وإذا هذى افترى، وأرى أن يقام عليه حد الفرية، فهو أخذ بقاعدة أصولية وهي أن العبرة بمآل الشيء أو بما يؤول إليه.
كما أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يستخدمون القياس، ومن أوضح الأمثلة على استخدام الصحابة -رضي الله عنهم- للقياس قياس أبو بكر - رضي الله عنه - حيث قاس مانع الزكاة على ماذا؟ على تارك الصلاة، فقال: إنها فريضة الصلاة في كتاب الله؛ ولهذا -أيها الإخوة- هذه الحادثة أو هذه الواقعة -كما رواها البخاري في صحيحه- هي من أقوى الأدلة على حجية القياس، لماذا؟ لأنها إجماع الصحابة، أبو بكر -رضي الله عنه-قاس، وكان بعض الصحابة كأنه في أول الأمر ما تبين له الحكم فيها ثم وافق + أبا بكر - رضي الله عنه - وأجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على معاملة مانع الزكاة كمعاملة تارك الصلاة، فهذا حقيقة من أقوى الأدلة على مشروعية القياس.
أهمية علم أصول الفقه
بقي معنا الإشارة -أيها الإخوة- إلى أنه في أثناء دراسة طالب العلم للأصول يلاحظ عدة أمور، منها أولا: ما وقع في أذهان البعض أن هذا العلم علم صعب، وأن فيه شيئا من صعوبة العبارة.(1/11)
الحقيقة كل علم من العلوم ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى بذل جهد واستفراغ وسع حتى يحصل الإنسان منه ما يريد، وعلم الأصول قد يكون فيه شيء من الصعوبة، لكن هذه الصعوبة ليست بالصعوبة التي تحول بين طالب العلم وبين إدراك هذا العلم، يعني قد يكون فيه بعض التعاريف مثلا، قد يكون فيه بعض الاعتراضات شيء من هذا، لكنها يعني ما يظهر أنها صعوبة تحول يعني بين طالب العلم وبين إدراك هذا العلم، ابن السبكي تاج الدين، تقي الدين عبد الوهاب بن علي يصف كتاب برهان الجويني يقول: هو لغز الأمة، يسميه لغز الأمة لكن حقيقة إذا قرأ الإنسان كتاب برهان الجويني وجده سهل العبارة، ما وجد فيه يعني شيئا كثيرا من هذا الوصف.
أيضا بالمناسبة هناك كتاب من كتب الأصول اسمه مختصر ابن الحاجب، سماه مؤلفه منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل هذا الكتاب فيه شيء من الصعوبة من حيث ضغط العبارة، مختصر وكتب له ذيوع وانتشار؛ ولهذا ابن كثير -رحمه الله -كان يقول: هو كتاب الناس شرقا وغربا، وعليه حواشي ومتون كثيرة.
أذكر بالمناسبة كان هناك شخص أدركته أنا يدرس هذا الكلام لبعض التلاميذ، فدخل عليهم إنسان فسأل الشيخ، قال له: ماذا تفعلون، قالوا: والله نحن نقرأ مختصر ابن الحاجب، قال كيف أنتم ومختصر ابن الحاجب، قالوا: قال الشيخ نحن لا نخلو من ثلاثة حالات يعني قسمها على طريقة أهل الأصول في التقسيم، قال نحن لا نخلو من ثلاثة حالات، أحيانا أفهم أنا والطلاب لم يفهموا، وأحيانا يفهم الطلاب وأنا ما فهمت، وأحيانا لا نفهم جميعا.(1/12)
أيضا يلاحظ طالب العلم في دراسة علم الأصول اجتماع الفرق يعني يذكر فيه فرق كثيرة، بل يذكر فيه أيضا حتى يعني خلاف اليهود وخلاف السمنية، وهي فرقة من ملاحدة الهند ما يعني؛ ولهذا الشوكاني -رحمه الله -يعني لما ذكر مسألة النسخ وتعرض لكلام الأصوليين في خلاف اليهود في بالنسخ، قال الشوكاني -رحمه الله -: سبحان الله ليست هذه أول مسألة يخالفون فيها اليهود، اليهود خالفونا في مسائل كثيرة فلماذا يذكر خلافهم في هذه المسألة.
أيضا يلاحظ دارس علم الأصول دخول علم الكلام في علم الأصول، وعلم الكلام دخل في علم الأصول يمكن من المائة الثالثة أو المائة الرابعة، ودخل فيه علم المنطق وهناك مسائل أصولية بنوها على مسائل كلامية كمسألة التحسين والتقبيح العقلي، ومسألة الأمر بالشيء نهي عن ضده ومسألة التكليف بالمحال، هذه مسائل مشهورة مبنية على مسائل كلامية فدخل علم الكلام في علم الأصول، وإن كان هناك علماء أجلاء هذبوا ونقحوا علم الأصول من علم الكلام من أمثال الإمام أبي إسحاق الشيرازي وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام الشاطبي والإمام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -صاحب أضواء البيان-، فهؤلاء لهم جهود والإمام أبو مظفر السمعاني -صاحب القواطع- فهؤلاء لهم جهود مشكورة في تنقيح مسائل الأصول مما علق بها من مسائل الكلام.
الإمام الغزالي -أبو حامد- عاب على مؤلفي الأصول إدخال علم الكلام في الأصول، ثم لما ألف كتاب "المستصفى" هو وقع في شيء من ذلك، فوضع مقدمة منطقية وأدخل فيها شيئا من علم الكلام، ثم اعتذر عن ذلك وقال: حقيقة أنا انتقدت من أدخل علم الكلام لكنني وقعت في هذا؛ لأن الفطام عن المألوف شديد.(1/13)
أيضا يلاحظ دارس علم الأصول أن علم الأصول أو مؤلفات الأصول قواعد من غير أمثلة، الأصوليون يقررون القاعدة ويستدلون لها ويوردون الاعتراضات الواردة عليها ويدفعونها ولا يأتون بأمثلة عليها إلا من باب ضرب المثال فقط، يعني ما يأتون بفروع فقهية إلا من باب ضرب المثال الذي وضح القاعدة، وهذا حقيقة يعني قد يكون أكثر فائدة لو أنه وضعت القاعدة الأصولية ثم وضع ما ينبني عليها من مسائل فقهية؛ فيكون أسرع فهما للطالب وأكثر إفادة، لأن كون القاعدة الأصولية بمعزل والفروع الفقهية بمعزل يعني قد ما يحقق الفائدة الكبرى للطالب.
أيضا يلاحظ -أيها الإخوة- دارس علم الأصول أن أثر دراسة علم الأصول ليست سريعة، هذا ملاحظ يحتاج إلى سنوات حتى تظهر أثر هذه الدراسة بخلاف علم الفقه، علم الفقه الذي هو الغاية والثمرة دراسته أثرها سريع؛ ولهذا -أيها الإخوة- لو أن إنسانا مثلا قرأ مسألة من مسائل الفقه وضبطها، ثم جاء إنسان مثلا وسأله عن حكمها مثلا أمكنه أن يقول مثلا: والله لو يعني تبيانا لأنه راجح من أقوال العلم كذا وكذا، مثلا لو جاء إنسان وسأله عن مسألة مثلا زكاة الحلي المعد للاستعمال بعد أن يكون يعني عرف ترجيحات العلماء مثلا، أمكنه أن يقول مثلا: والله حقيقة الذي ظهر لي مثلا أن العلماء مثلا رجحوا مثلا وجوب الزكاة، أو رجحوا عدم وجوب الزكاة، على يعني ما ظهر له من الترجيح، لكن دراسة علم الأصول لأ تحتاج إلى وقت أولا يحتاج إلى أنه محيط مثلا بالكتاب، ثم إحاطة بالسنة ثم يطبق هذه القواعد الأصولية على الآيات والأحاديث فعند ذلك تظهر الثمرة.
علم الجدل وعلم الأصول(1/14)
بقي معنا الإشارة إلى أن علم الأصول أو علماء الأصول يدخلون أحيانا علم الجدل مع علم الأصول، وهذا واضح في عنوان كتاب الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة روضة الناظر، فهذا الكتاب الذي هو مقرر على جميع كليات الشريعة، وقل أن تجد طالبا شرعيا إلا وقد مر على هذا الكتاب، المؤلف -رحمه الله -سمى كتابه روضة الناظر وجُنة المُنَاظِر، ما معنى جنة، بمعنى وقاية ودلالة، فهو يعني وقاية ودرع لمن يعني يخوض غمار المناظرة.
ولا شك -أيها الإخوة- أن المناظرة والجدال مشروعة إذا كانت بالتي هي أحسن ففي قوله تعالى: { - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم ( - ( - ( { - ( تم بحمد الله - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - (- رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - - - صدق الله العظيم ( { (( - { - - - ( - { - ( - ( صدق الله العظيم - - ( مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - } (1) فالجدال والمناظرة نوعان: نوع مذموم ونوع مشروع، المذموم ما كان لا يقصد به إحقاق الحق، أما المقصود به المكابرة أو المقصود به فقط إظهار العلم مثلا أو شيء من الأغراض الأخرى، لكن إذا قصد به إظهار الحق وقصد به إقامة الحجة فهذا لا شك أنه مشروع في هذه الحالة، فكل واحد منهم ـ يبدي ما لديه من الحجة، وإذا يعني تبين أن حجة هذا أقوى لزم الآخر مثلا أن يتبعه ديانة، ولزم الآخر أيضا يعني أن يلزم مثلا يعني من كانت حجته أقوى مثلا يلزم الطرف الآخر أن يتبعه ويوافقه، ولا يحل له مثلا أنه بعد أن تبين له أن حجة فلان أقوى من حجته لا يحل له في هذه الحال مثلا أن يتمسك برأيه، لكن الجدال المذموم هو الذي لا يقصد به شيء من ذلك.
__________
(1) - سورة العنكبوت آية : 46.(1/15)
يقول يحيى من أكثم -قاضي أهل السنة في عهد المأمون- يقول: سألني المأمون ذات مرة قال: لمن تركت بالبصرة من العلماء، فذكرت له علماء أجلاء من ضمنهم سليمان بن حرب -شيخ البخاري- وهو المحدث الجليل، وذكرت للمأمون ما هو عليه من العقل والرزانة والديانة، فقال المأمون: أحب أن أراه، قال فكتبت إليه أن اقدم إلى أمير المؤمنين، قال: فجاء سليمان بن حرب، ودخل على المأمون يقول يحيى بن أكثم، وكان في المجلس أحمد بن أبي دؤاد وثمامة بن أشرس وهما من كبار المعتزلة، يقول يحيى بن أكثم: فكرهت أن يدخل مثله في حضرتهم، فدخل على المأمون وسلم عليه فأكرمه وأجلسه بجانبه، وكان في المجلس هذان الرجلان يقول: فلما انتهى السلام والترحيب قال أحمد بن أبي دؤاد للمأمون: يا أمير المؤمنين، نسأل الشيخ، فنظر المأمون نظرة تخيير له، يعني كأنه يقول: يعني أنت وشأنك يعني ما أحببت، تسأل أم لا؟
لا حرج في هذا، فلما تهيأ أحمد بن دؤاد للسؤال قال سليمان بن حرب: إذن لي يا أمير المؤمنين روينا عن فلان عن فلان عن فلان أن رجلا قال لإياس القاضي أسألك فقال: "إن كانت مسألتك لا تلحق الجليس ولا تزري بالمسؤول فسل"، وروينا عن فلان عن فلان أن رجلا قال أن ابن شبرمة كان يقول: "من المسائل لا ينبغي للمسؤول أن يسأل عنها ولا ينبغي للسائل أن يسأل عنها فإن كانت مسألتكم يا أمير المؤمنين ليست من هذا فليسألوا" قال يحيى بن أكثم: "فهابوه فوالله ما نطق أحد منهم بكلمة حتى قام" الشاهد من هذا يعني أن الجدال قد يكون يعني محمودا، وقد يكون مذموما بحسب الحالة، بحسب الواقعة.
بأيهما يبدأ طالب العلم بعلم الأصول أم بعلم الفقه(1/16)
بقي معنا الإشارة -أيها الإخوة- هل الأصول خاصة بالمجتهد يعني دراسة علم الأصول خاصة بالمجتهد أو يستفيد منها من هو طالب العلم مثلا، الحقيقة دراسة علم الأصول ليست خاصة بالمجتهد، بل يستفيد منها طالب العلم في الترجيح وإدراك القول الراجح بناء على ما عرف من قواعد أصولية فليست خاصة بالمجتهد.
أيضا فلا بد من الإشارة إلى مسألة وهي بأيهما يبدأ طالب العلم؟ هل يبدأ بالأصول بدراسة الأصول أم يبدأ بدراسة الفقه.
بعض العلماء قدموا هذا على هذا لكن التحقيق لهذه المسألة أولا نقول: إن ما كان من قبيل فرض العين وهو معرفة أحكام الطهارة ومعرفة أحكام الصلاة، وحفظ بعض القرآن التي تصح به الصلاة، ومعرفة أحكام الزكاة إذا كان ذا مال وجبت عليه الزكاة، وأحكام الصيام إذا كان وجب عليه، وأحكام الحج إذا كان وجب عليه، وأحكام المعاملات التجارية إذا كان صاحب تجارة ويحتاج إلى معرفتها، فإن هذا من قبيل فرض العين الذي لا يجوز تأخيرها.
أما ما عدا ذلك مما هو من فروض الكفايات كدقائق علم الفقه ومسائل الأصول وغيرها من العلوم التي هي من قبيل فرض الكفاية فهذا الذي يظهر -والله أعلم- أنها يعني ينظر فيها من حيث التقديم هل يقدم هذا على هذا؟ إلى ما يحقق الاستفادة، ما يحقق الاستفادة بالنسبة للطالب ينبغي أن يقدم؛ لأن ما يحقق الاستفادة فيه حفظ للوقت والمسلم مأمور بحفظ الوقت، فكل ما كان يحقق الاستفادة بشكل أكبر عندئذ نقول ينبغي أن يقدم، وقد يظهر -والله أعلم- أن دراسة علم الفقه أولا تحقق الاستفادة من علم الأصول أكثر، فإذا كان يعني هذا هو الواقع وهذه هي الحالة فبهذه الحال نقول: إن الإنسان يبدأ بعلم الفقه قبل علم الأصول، أما إذا كان أن دراسة علم الأصول أولا تحقق الاستفادة من الفقه أكثر أو تحقق الاستفادة من الأصول أكثر ففي هذه الحال يبدأ كما قلت يعني القاعدة في هذا أو الذي ينبغي أن يقال أن ما كان يحقق الاستفادة ينبغي أن يؤخذ به.(1/17)
وصايا لدارس علم الأصول
بقي معنا وصايا لدارس علم الأصول، أولا -أيها الإخوة- أي علم من العلوم لا بد فيه من التطبيق إذا طبق الإنسان -سبحان الله يعني- العلم الذي تعلمه سهل عليه فهمه وسهل عليه حفظه وصار نسيانه بطيئا، { ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - } - - صلى الله عليه وسلم - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -( - ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- رضي الله عنه -( قرآن كريم ( - (( مقدمة ( - - رضي الله عنه - تمت - - - - - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - ( - - - - { - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - - ( - ( - - - (((( } (1) فعلم النحو وعلم الطب وغيره من العلوم، إذا الإنسان يعني عرفها نظريا ثم لم يطبقها، قد يكون فيه فائدة لكن فائدته قليلة، إنسان ضبط أحكام الفاعل وأحكام المفعول وأحكام الظرف وأحكام الجار والمجرور، لكنه لم يطبقها في كلامه ففي هذه الحال تكون يعني فائدته قليلة جدا، أو إنسان عرف يعني أنواع العلل والأمراض، لكنه ما طبقها على من يصاب بها فأيضا يكون فائدته قليلة جدا فكذلك الشأن في علم الأصول لا بد فيه من التطبيق والتطبيق أن يعود الإنسان نفسه، يعود الإنسان نفسه أنه إذا سمع آية أو سمع حديث تأمله على ما عنده من قواعد أصولية، فإن كانت عامة بحث عن أداة العموم وإن كانت خاصة مثلا وأمكنه مثلا أن يدرك مثلا ما هو العام الذي اختص بها هذه الآية أو هذا الحديث، وإن كان مفهوم مثلا ذكر نوع هذا المفهوم، هل هو مفهوم صفة، هل هو مفهوم شرط، هل هو مفهوم غاية، هل هو مفهوم عدد، هل هو مفهوم من أنواع المفاهيم؟
__________
(1) - سورة النساء آية : 66.(1/18)
وإن كان مثلا يعني فيه علة ذكر يعني طرق إثبات العلة وقواعد الأصول كثيرة التي يمكن الاستفادة منها في التطبيق كما في قوله تعالى مثلا: { ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - ( مقدمة ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - } (1) يعلم أن هذه الآية عامة { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - جل جلاله - - (( - ( - ( - - - { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - { - (( } (2) يعلم أن هذه الآية عامة { - - رضي الله عنهم - - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - ( - ( - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - عليه السلام - - ( - ( - - - } (3) يعلم أن هذه عامة لأن أدوات الموصول من أدوات العموم { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - رضي الله عنه - - { - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - (( - { - - } صدق الله العظيم - رضي الله عنه - - ( - - - ((( } (4) يعلم أن هذه عامة أداتها ما هي؟ من الشرطية وهكذا، أيضا الآيات الأخرى مثلا التي فيها إثبات العلية { ( - ( - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - - ( - - - - - - - - عليه
__________
(1) - سورة آل عمران آية : 97.
(2) - سورة النور آية : 4.
(3) - سورة البقرة آية : 183.
(4) - سورة الطلاق آية : 2.(1/19)
السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم (( - (( - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) لاحظوا معي ترتيب الحكم على الوصف بالفاء أو ذكر الحكم عقيب وصفه بالفاء { ( - ( - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - - ( - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم (( - (( - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (2) فذكر الحكم القطع وذكر العلة ما هي ما قبل الفاء اللي هو ثبوت السرقة { ( { - عليه السلام - - ( الله أكبر - } - - - - - ( الله أكبر - } - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - ( } - ( - - - ( فهرس (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ( { ( } تم بحمد الله } (3) الحكم ما هو الجلد والعلة ما هي ثبوت الزنا - من بدل دينه فاقتلوه - العلة ما هي أن الحكم ما هو القتل، ما هي العلة ؟ تبديل الدين، - من أحيا أرضا ميتا فهي له - ما هي ما هو الحكم ثبوت الملكية وما هي العلة، الإحياء - ومن نام فليتوضأ - ما هو الحكم ثبوت الوضوء أو وجوب الوضوء، ما هي العلة ؟ حصول النوم وهكذا - من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد - - من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار - وكثيرا جدا جدا الآيات والأحاديث { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - } ( - - - ( مقدمة ( - ((- عليه السلام - - ( - - ( } (4) التي فيها يعني شيء من هذا القبيل.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 38.
(2) - سورة المائدة آية : 38.
(3) - سورة النور آية : 2.
(4) - سورة البقرة آية : 185.(1/20)
المقصود أن الإنسان يعود نفسه أنه إذا سمع مثل هذه الآيات، وهذه الأحاديث أن يتذكر القواعد الأصولية فهذا يفيد فائدة كبيرة جدا -أيها الإخوة-.
أيضا مما يحتاجه طالب الأصول التأكد من انطباق القاعدة على المسألة، فلا بد أن يتأكد أن هذه القاعدة الأصولية منطبقة على هذه المسألة المسئول عنها مثلا أو النازل أو المراد بحث حكمها، لا بد أن يتأكد منها فإن كان أمرا بحث عن صيغة الأمر، إن كان نهيا بحث عن صيغة النهي إن كان مثلا عاما بحث عن العموم، إن كان مفهوم يبحث إذا أراد أن يطبق القاعدة لا بد أن يتأكد من هذا، إن كان قياسا أراد أن يقيس فلا بد أن يتبين له مثلا الفرع والأصل والعلة، على سبيل المثال لو أردنا أن نقيس مثلا المغذي أو ما يسمى بالجلوكوز نقيسه على الأكل والشرب، ماذا نقول مثلا؟ اللي هو بالنسبة لحصول الإفطار يعني حصول الفطر به للصايم فنقول مثلا:الفرع ما هو؟ الجلوكوز المغذي، والأصل ما هو؟ الأكل والشرب الثابت بالنصوص أنه مفطر، ما هو العلة الجامع بينهما حصول التغذية بكل منهما حصول التغذية بكل منهما ما هو الحكم حصول الإفطار؟ حصول الإفطار بهما جميعا، يعني حصول الإفطار بهما نقول قياس لأ لأن ذلك ثبت بالنص ونقول حصول الإفطار بالجلوكوز.
أحيانا -أيها الإخوة- قد يحتج أحد مثلا بقاعدة ويكون احتاجه بها في غير محله ونذكر مثالين على هذا وهو يعني ذكرهما مما يفيد إن شاء الله.(1/21)
احتج بعض العلماء بقوله تعالى: { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - - - - الله أكبر ( - - - - - } (1) احتج بها على وجوب الزواج، طبعا قبل هذا نقول إنه فيه قاعدة أصولية مشهورة؛ وهي الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء أمر بضده، والصحيح أن نقول: إن النهي عن الشيء أمر بأحد أضاده إذا تكرر هذا وهو أن الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء أمر بأضاده.
فبعض العلماء أراد أن يستدل على وجوب الزواج بقوله تعالى: { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - - - - الله أكبر ( - - - - - } (2) فيقول في عرضه وجه استدلال، يقول: إن الله -سبحانه وتعالى- نهى عن الزنا، والنهي عن الشيء أمر بضده وهو الزواج طبعا، هناك أحاديث وردت في الحث على الزواج، "يا معشر الشباب" لكن من باب يعني الاستدلال من طريق آخر فهل هذا الاستدلال صحيح؟ لأ عند التحقيق غير صحيح لماذا؟ لأن النهي عن الشيء أمر بأحد أضاده فهو صحيح أن الآية نهي عن الزنا والنهي هنا أمر بأحد أضاده، فهو المكلف مأمور إما بالزواج وإما بالتعفف وإما بالتسري وإما إن كان هناك حالة أخرى تمنع من الزنا فهو أيضا يعني تكون حالة رابعة، لكن كون نقول: إن النهي عن الشيء أمر بهذا لا ما يعني.
__________
(1) - سورة الإسراء آية : 32.
(2) - سورة الإسراء آية : 32.(1/22)
أيضا مثال آخر هناك قاعدة عند الأصوليين أيضا مشهورة أيضا وهي أن الأمر بعد الاستئذان ما حكمه؟ أنه يفيد الإباحة مثال ذلك لو أن إنسان مثلا طرق عليك الباب فقلت له من قال أنا فلان، قلت ادخل، كلمة ادخل صيغة أمر، هل معناها أنه يجب عليه ولا معناها أنك أبحت له وأذنت له بالدخول، أذنت له ولو أن مثلا طالبا من الطلاب أو مدرس في الفصل استأذن فقال المدرس له أخرج فكلمة أخرج الصادرة من المدرس تدل على ماذا، الإباحة يعني أذنت لك بالخروج لكن لو جلس الطالب وما خرج لا حرج في هذا فالعلماء يقولون أن الأمر بعد الاستئذان يدل على الإباحة فبعض العلماء أتى أو أراد أن يطبقها على حديث جابر بن سمرة - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أنتوضأ من لحوم الإبل قال: نعم، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم، قال: لا، قال أنصلي في معاطن الإبل، قال لا قال أنصلي في مرابض الغنم، قال نعم - فقال: - أنتوضأ من لحوم الإبل - قال: أمر بعد استئذان فمعناه أنه يفيد الإباحة لكن عند التحقيق، هل هذا التطبيق صحيح لأ غير صحيح لماذا ؛ لأن السؤال يعني هل يجب علينا الوضوء؟ هل يجب علينا الوضوء من لحوم الإبل؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال نعم، والقاعدة الفقهية الأخرى أن السؤال معاد في الجواب، فكأنه قال نعم، يجب عليك الوضوء من لحوم الإبل، فإذًا التطبيق في هذه الحالة لا يستقيم.
التجديد في أصول الفقه
بقي معنا الإشارة -أيها الإخوة- إلى ما يسمى بالتجديد في أصول الفقه، نسمع أحيانا مثلا دعاوى بالتجديد أو بطرح التجديد في أصول الفقه، إما في المجلات أو في جرائد أو أحيانا يعني في بعض وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية وغيرها مثلا، أو مثلا في بعض رسائل صغيرة تؤلف فكأنهم يعني يلحون بالتجديد في أصول الفقه، فما الحكم في ذلك؟، اللي هو موضوع التجديد في أصول الفقه.(1/23)
قبل هذا نقول: لماذا يعني يقصد أصول الفقه بالذات بمطالبة التجديد؟ لماذا يعني علم الفقه قليلا، نسمع أنهم يقولون: جردوا علم الفقه أو علم مثلا العقيدة أو علم التفسير أو علم المصطلح أو علم لكن أصول الفقه بالذات يعني كثير لماذا أولا لأن يعني يظهر علم أن الذين يعني يقولون بالتجديد في أصول الفقه على ما يقصدونه هم وما يجدونه؛ لأن تجديد أصول الفقه هو مفتاح لتغيير الأحكام إذا يعني خفض من درجة الدليل أو قوي دليل آخر أو ألغي دليل فمعناها أن الأحكام التابعة لهذا الدليل قد تتغير، هذا اللي يظهر -والله أعلم- أن المطالبة بالتجديد إنها يعني سببها عند من يقولون بذلك ويقصدونه، يبدو أنه هذا وهذا باطل لكن نحن نقول أن التجديد أمر مجمل كلمة التجديد أمر مجمل، فلا بد أن يسأل الإنسان عن الأمور المجملة، نقول: ماذا تقصد؟ ما الذي تقصده بالتجديد؟
إن كان -والله- مراده بالتجديد يعني إحياء مثلا ما اندرس مثلا من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أمر طيب، هذا التجديد مطلوب إذا كان إحياء ما اندرس مثلا منها أو مثلا من الأحكام الشرعية اندرست الثابتة، اندرست والمطلوب مثلا إحياؤها، هذا أمر طيب؛ ولهذا شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -نسميه المجدد وإن كان المقصود مثلا بالتجديد تغيير طريقة التعليم مثل كونه نظما، نجعله متنا أو متنا، نجعله نظما أو تغييرا مثلا نقدم هذا على هذا أو نجعله على هيئة قواعد أو نمزج القواعد مثلا بالفروع الفقهية مما يحقق استفادة للطلاب مع المحافظة على المضمون لا بد من هذا، نقول: هذا أمر أيضا واسع ولا حرج فيها، لكن إذا كان التجديد المقصود به مثلا إلغاء بعض الأدلة أو مثلا تقوية دليل على حساب دليل آخر مثلا أو إلغاء شروط لدليل مثلا، اشترط علماء الأصول فيلغي مثلا بعضها بدون مستند فلا شك أن هذا لا يجوز، لا يجوز بأي حال من الأحوال ولا يوافق عليها مثال ذلك.(1/24)
مثلا نحن نعلم مثلا أن العرف يرجع إليه في بعض الأحيان ومن قواعد العلماء، العادة محكمة فلو جاء إنسان مثلا وأراد أن يرفع من درجة العرف ويقوي من حجية العرف ويجعله أقوى من النصوص ويقول مثلا قد يكون في بعض البلدان مثلا تعارفوا مثلا على شرب الخمر مثلا وكونها مثلا موجودة فيقول هذا عرف وينبغي والعرف محكم ويعمل بهذا فهل يعني يوافق علي هذا، نقول لا ما يجوز هذا الأمر ولو قال مثلا أن المرأة مثلا في بعض البلدان تتبرج وتسفر عن وجهها وهذا أمر مألوف وجرى العمل به عندهم والعرف يعني يعمل به والعادة محكمة فنقول لا هذا عرف يصادم نصا وبالتالي لا اعتبار له ولا قيمة له وكونه مثلا يقوي جانب العرف مثلا على حساب دليل آخر لا يجوز بأي حال إن كان مقصوده بالتجديد فنقول لا هذا لا يجوز ولا يوافق عليه.
الطريقة المثلى لدراسة علم الأصول
بقي الإشارة -أيها الإخوة- ما هي الطريقة المثلى لدراسة علم الأصول، نستصحب القاعدة، ذكرناها قبل قليل وهي أن كل شيء حقق الاستفادة أكثر ينبغي أن يعمل به، ينبغي يؤخذ به هذه قاعدة ينبغي الإنسان أن يستصحبها دائما في كل مكان لأنها مأخوذة من مقاصد الشريعة العامة وهي حفظ الوقت، فأنا ما يمكنني أن أضيع مثلا وقت طويل في أمر أستطيع أن أحصله بنفس الدرجة بوقت قصير، وإلا يعتبر هذا معنى إضاعة للوقت الذي هو إنسان مسئول عنه، فكل ما كان يعني يحقق الاستفادة المرجوة بسهولة ويسر ووقت قصير، هذا هو المطلوب.(1/25)
والذي يظهر -والله أعلم- أن الإنسان لو اقتصر مثلا على متن من متون الأصول، ثم كتاب آخر فيه تخريج، ثم كتاب آخر فيه توضيح يكتفي بهذا إلا إذا أراد أن يتعمق في هذا العلم تعمقا يعني كبيرا، هذا له بابه وله كتبه وله مجاله، لكن لو اقتصر على كتاب مثلا كتاب الشيخ محمد بن عثيمين -رحمة الله عليه- تيسير الأصول فإذا يعني أكمله أو كتاب شرح الورقات فإذا أكمله مثلا وضبطه ضبطا جيدا انتقل لكتاب آخر الذي هو مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول للشريف بن عبد الله التلمساني، هذا كتاب حقيقة تخريج، لكن كتاب جيد يعني عبارته متقنة وتخريجه يعني جيد، والعبارت والقواعد الأصولية التي يذكرها أيضا يعني جيدة، وأهم شيء أنه يذكر القاعدة ويذكر يعني خلافا فعليا، ما هو خلاف نظري أم خلاف لأ خلاف موجود، يعني بين الشافعية والحنفية -رحمهم الله- وبين الحنابلة والمالكية، وبين يعني بين الأئمة -رحمهم الله- ويذكر أنهم اختلفوا في هذه المسألة بناء على الخلاف في القاعدة الأصولية.
أيهما أولى دراسة المتن أم دراسة النظم
بقي معنا الإشارة مما يعني يناسب مسألة بأيهما يبدأ؟ أيهما أولى دراسة المتن أم دراسة النظم؟ وهذه المسألة يعني تنسحب على علوم شتى في النحو في المصطلح في الفقه في العقيدة في غيرها يعني، والأصوليون عندهم شرح الورقات وعندهم نظم الورقات وعندهم جمع الجوامع وفي نظم جمع الجوامع ففيه يعن فأيهما أولى النظم أم المتن؟.(1/26)
أيضا الذي يظهر يعني الجواب عن هذا التساؤل أنه إن كان والله الإنسان يقول: أنا والله النظم أسهل عليها هذا المتن لأ أستطيع فالنظم أسهل علي حمله، ففي هذه الحال نقول إذا يعني النظم أولى بالنسبة لك، لكن إنسان آخر يقول لأ أنا الحمد لله عندي من ملكة الحفظ ما يجعلني أحفظ المتن كما أحفظ النظم وهما عندي -ولله الحمد- في درجة واحدة، فنقول له: المتن، لماذا؟ لأن النظم قد لا يكون يعني دقيقا العبارة جد يحكمه الوزن والقافية فتكون عبارته أقل إتقانا من عبارة المتن لأ بالعبارة، أنا أقول يعني أخذ راحته صاحب المتن في ضبط العبارات فهو عنده يعني إمكانية في ضبط العبارات أكثر من الناظم.
هذا ما تيسر من حيث ما يتعلق بعلم الأصول ووصايا لدارس علم الأصول ولعلنا نأخذ قليلا من شرح الورقات عندنا وقت نأخذ ولا لأ يا شيخ نعم يا شيخ نعم يا شيخ ـ في أسئلة لعلنا نبدأ يعني نؤجل بداية الدرس إلى الغد -إن شاء الله- لكن سأذكر مسألة خطرت في بالي وأنا في الطريق، لها علاقة بتحية المسجد، وهي مسألة نطرحها الآن وإن كان ليس لها علاقة بالأصول، لكنها خطرت في بالي وأنا في الطريق إليكم، لو أن إنسان مثلا سيأتي للمسجد وقد يعني يضع في باله أنه قد لا يجد مكان يصلي فيه تحية المسجد مثلا أو مثلا ينشغل بأمر فقال أصلي تحية المسجد في البيت ثم أنوي بها تلك الركعتين في البيت، أنوي بها تحية المسجد التي سأدخل بعدها.(1/27)
ما الحكم في ذلك ها ـ نعم ـ أعد المسألة، أقول لو أن إنسان مثلا أراد أن يدخل يعني ومقرر أن يدخل المسجد بعد قليل مثلا أولى له شيء في المسجد أو له يعني حاجة فأراد أن قال أخشى أن أدخل المسجد أنشغل أو أني مثلا ما يكون في مكان فأنا أصلي تحية المسجد في البيت مثلا وأنوي بها عن تحية المسجد الذي سأدخله بعد قليل ـ ها ـ ما الحكم في ذلك الشيخ ـ طيب ـ الشيخ ـ ما أحد عنده جواب آخر، أي نعم طيب نسأل الشيخ نعم ـ سنة فات محلها ولا ما بعد أتى محلها ـ ويعني وسيصليها قبل فهذه سنة فات محلها لا سيصليها قبل وسيأتي كما صلى ركعتين وأنوي بهما لاحظوا معي أنوي بهما أن تكون عن تحية المسجد ـ نعم يا شيخ ـ والله يا شيخ يعني ما شاء الله نظرها تنظيرا جيدا الشيخ يعني يقول: هل تشبه هذه المسألة يعني من أراد أن يصوم يوم الأحد وينوي به صيام يوم الاثنين الذي هو أفضل يعني كلام الإخوة كلام طيب في هذا يعني نقول لعل نعم يا شيخ ـ وقتنا إيه يعني ـ إيه ـ لعل الأقرب في هذا، وأنا أقول لعل الأقرب في هذا أن نقول أنه لا يجوز لأن هناك قاعدة وهي أنه لا يجوز تقديم العبادة قبل سبب الوجوب أو قبل سبب المشروعية.(1/28)
فتقديم العبادة أو فعل العبادة قبل سبب المشروعية لا يجوز، ولكن فعل العبادة بعد سبب المشروعية وقبل شرط المشروعية جائز، فبعض العبادات لها سبب ولها شرط، ففعلها قبل السبب لا يجوز، وفعلها بعد السبب وقبل الشرط يجوز، فلا شك أن سبب مشروعية تحية المسجد ما هو؟ دخول المسجد، فبالتالي أن فعل تحية المسجد قبل السبب لا يشرع، لا يجوز في هذه الحالة، لكن لو يعني فعلها بعد السبب جائز مثل تعجيل زكاة، الزكاة بعد السبب يعني بعد بلوغ النصاب وقبل حولان الحول يجوز ولا ما يجوز؟ يجوز لأن هذا فعلها بعد السبب وقبل الشرط، كذلك مثلا تعجيل إخراج الكفارة أو التكفير في عقد اليمين في اليمين، يعني لو عقد اليمين الإنسان ثم كفر ثم حنث يجوز ولا ما يجوز؟ يجوز لأن سبب الكفارة ما هو؟ لأ ما هو الحنث؟ الحنث شرط عقد اليمين، إذا قال: والله ما أدخل بيت فلان مثلا، فهذا من عقد ـ نشوف نحن إن دخل هذا الشرط وجبت الكفارة، فتقديم العبادة قبل السبب لا يجوز، لكن بعد السبب يجوز قبل الشرط يجوز قبل الشرط.
هذه أيها الإخوة بعض الأسئلة التي وردت.
سائل يقول: هل هناك منظومة في أصول الفقه تنصحوا بحفظها وكتاب تنصح طالب الأصول بالارتباط به وفهمه؟
لعل يعني ما أشرنا إليه قبل قليل فيه يعني شيء من الفائدة وهو أن منظومة العامرية مختصرة وصغيرة الحجم، وفي منظومة المراقي وهي طويلة أطول من منظومة العامرية، أما المتن الذي أنصح طالب العلم به فهو كتاب الشيخ محمد بن العثيمين -رحمة الله عليه- كتاب متن صغير الحجم كبير الفائدة.
الأخ يسأل يقول: يعني أن أصول الفقه ما وضع إلا بعد الصحابة فكيف يكون بعض الصحابة يأخذون بعض الأدلة من قواعد وأصول الفقه؟(1/29)
يعني فرق بين أن نقول أن علم الأصول ما وضع إلا بعد الصحابة أو ما دون إلا بعد الصحابة لأ الصواب أن نقول: إنه لم يدون واللا القواعد موجودة -كما ذكرنا من أمثلة الخليفة عثمان - رضي الله عنه - والخليفة علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعا- فالمقصود أن علم الأصول لم يدون إلا بعد الصحابة، لكن أسسه كانت موجودة في عصر الصحابة -رضي الله عنهم- ولهذا يعني بعض القواعد الأصولية دليلها من الكتاب والسنة، فدل على أن القاعدة موجودة ودليلها من الكتاب والسنة.
الأخ يسأل يقول: هل اسم كتاب ابن قدامة روضة الناظر وجنة المناظر بفتح الميم جمع منظر ولا يعني وجنة بفتح بمعنى يريد جنة بمعنى روض وحديقة وبستان؟
لأ الصواب جُنة وليس جنة الصواب جُنة بمعنى وقاية وستر والمناظر من يخوض غمار المناظرة، هذا المقصود وهذا هو الصواب، والاجتنان في اللغة الاستتار ومنه سمي الجنين جنينا لاستتاره وسمي الجني جنيا لاستتاره وسمي القبر مجنا لأنه يستر صاحبه، وسميت الجنة جنة لأنها تستر الأرض بأوراقها، لكن الصواب أن ابن قدامة -رحمه الله -يعني ـ كتابة روضة الناظر وجُنة المُناظر هذا ما تيسر.
هذا أخ يسأل يقول: يعني هل يعتبر علم الأصول من العلوم التي انتهى الأصوليون من وضع قواعده أم يتم وضع أصول جديدة إذا احتاج الأمر إلى ذلك؟ وهل لا بد أن يكون الفقيه من الأصوليين أما يكتفي فقط يعني أن يكون دارسا لها؟ وهل كل دارس لعلم الأصول يستطيع أن يكون فقهيا أو يقوم بالفتوى، وجزاكم الله خيرا؟(1/30)
أولا بالنسبة للفقرة الأولى يعني هل علم الأصول انتهى؟ بمعنى أنه يعني ليس هناك قواعد أخرى، هو من حيث الظاهر انتهى + القواعد لكن لو فرضنا أن إنسان مثلا يعني أتى بقيد أو بشرط مثلا بشرط أن يكون له يعني ما يؤيده من الدليل، فهذا يعني ينظر فيه؛ لأنه لا يمكن نقول مثلا فيه يعني أمر، وهي مسألة الإجماع هذا أمر مهم -يا إخوان- لأن حينما يأتي إنسان مثلا بقيد أو بشرط لم يكن موجودا عند السابقين، فمعناها أن السابقين أجمعوا على عدم وجوب هذا الشرط، فهل يكون إيجاب هذا الشرط خرقا للإجماع السابق أم لا؟ يعني إذا كان مثلا السابقون جميع العلماء السابقون أجمعوا على أن هذا الدليل الإجمالي لا يشترط فيه هذا الشرط الذي وجد فبالتالي يعني إيجاده معناه خرق للإجماع السابق وللعلماء كلام في مسألة يعني خرق الإجماع أو ما يسمى بإحداث قول ثالث إن كان يؤدي إلى رفع الإجماع لا يجوز، وإن كان لا يؤدي إلى رفع الإجماع السابق فهو جائز، ولعل هذا يأتي معنا عند الكلام على الإجماع من شرح المحلي.
أما قول السائل وهل لا بد أن يكون الفقيه من الأصوليين يعني عالما بالأصول أم يكتفي فقط أن يكون دارسا لها؟ الفقيه بمعنى المجتهد إذا كان المقصود الفقيه بمعنى المجتهد فلا بد أن يكون المجتهد محيطا بقواعد الأصول، وعلماء الأصول إذ ما إذا تكلموا إذا يعني أطلقوا كلمة الفقيه، يقصدون بها المجتهد وسيأتي معنا -إن شاء الله- هذا، فالفقيه اللي هو المجتهد القادر على الاستنباط لا بد أن يكون محيطا بقواعد الأصول، ولا يكتفي أن يكون فقط أنه مر عليها مرورا، بل من شرط الاجتهاد أن يكون ملما بأدواته.(1/31)
ويقول أيضا: هل كل دارس لعلم الأصول يستطيع أن يكون فقيها أو يقوم بالفتوى؟ لأ لأن علم الأصول لا بد له من علم آخر يساعده لا بد وهو يعني حفظ كتاب الله واستيعاب سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أما مجرد الإحاطة بقواعد الأصول وحدها لأ ما تكفي؛ لأنه كيف يستطيع أن يستنبط الحكم لا بد أن يتأكد من صحة الحديث، ولا بد أن يتأكد من أن هذه الآية محكمة وليست منسوخة، وهذا من صميم علم التفسير، فإذًا معناها أن قواعد الأصول وحدها لا تكفي، فلا بد أن يكون محيطا حافظا لكتاب الله، ليس الحفظ المقصود به يعني الحفظ عن ظهر قلب لكنه محيط بآيات الأحكام كما ذكره علماء الأصول في شروط الاجتهاد، وأن يكون يعلم المحكم من المنسوخ، لا بد من أن يكون مدركا للمحكم والمنسوخ، ولا بد أيضا أن يكون عالما بصحيح الحديث وضعيفها؛ لأنه إذا كان الحديث يعني موضوع مثلا فلا يمكن أنه يطبق قاعدة أصولية على حديث موضوع، ما ينتج حكم صحيح في هذه الحالة، أكتفي بهذا وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
تعريف أصول الفقه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ العلامة محمد بن أحمد المحلي الشافعي -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
هذه ورقات قليلة تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه، ينتفع بها المبتدئ وغيره، وذلك أن لفظة أصول الفقه مؤلف من جزئين: أحدهما أصول والآخر الفقه، مفردين من الإفراد، مقابل التركيب لا التثنية والجمع، والمؤلف يعرف بمعرفة ما ألف منه.(1/32)
ابتدأ المؤلف -رحمه الله - بالحمدلة، وهناك إشارة إلى أمر قد يهم من يهتم بعلم التحقيق، تحقيق المخطوطات يعني أمر جانبي، وهو أنه لما ابتدأ المؤلف -رحمه الله -فقال: قال العالم العلامة جلال الدين المحلي، هذه يفهم منها من يهتمون بعلم التحقيق أن النسخة التي طبعت من هذا الكتاب ليست بخط المؤلف، إذا وجد مثل هذه الافتتاحية دائما، قال العالم العلامة المتفنن المتقن مثلا وغيرها من أوصاف الثناء على العالم، وإن شاء الله هو ثناء بما يستحقه، إن شاء الله في الغالب ولا نقول في الغالب نقول دائما، ليست نسخة المؤلف لأن المؤلف لا يمكن أن يبدأ بهذه الافتتاحية، لكن هذه دائما يكتبها نسخة تكون موجودة في نسخ التلاميذ، فيستفيد من هذا من يهتمون بعلم التحقيق.
ثم قال المؤلف -رحمه الله -: هذه ورقات قليلة تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه أولا قوله: تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه.
هل الورقات تشتمل على المعرفة أو تشتمل على أصول الفقه ؟ المعرفة هذه من لازم القاعدة يعني صفة من صفات القاعدة وليست صفة من صفات الكتاب فلهذا قال بعض العلماء أنه لو قال يعني تشتمل على فصول من أصول الفقه أولى من أن تشتمل على معرفة يعني لا تشتمل على معرفة إنما تشتمل فصول من أصول الفقه ثم المؤلف -رحمه الله -بدأ يعرف أصول الفقه ثم قال لفظ أصول الفقه مؤلف من جزأين لأنه مركب إضافي وعادة حينما يعرف الشيء لا بد أن يعرف يعرف الجزءان فقط أولا ثم يعرف جملة فالجزأين الجزء الأول كلمة أصول والجزء الثاني كلمة فقه فسيعرف المؤلف الآن كلمة أصول ثم يعرف كلمة فقه ثم يعرفهما باعتبار أصبح مركب وأصبح علم على هذا على هذا العلم وهو كلمة أو يعني جملة أصول فقه نعم يا شيخ.
تعريف الأصل
فالأصل الذي هو مفرد الجزء الأول ما يبنى عليه غيره كأصل الجدار أي أساسه، وأصل الشجرة أي طرفها الثابت في الأرض والفرع....(1/33)
يعني هذا هو المقصود من كلمة الأصل هنا في أصول الفقه، قال ما يبنى عليه غيره، وإن كانت كلمة الأصل لها إطلاقات أخرى قد تطلق أحيانا بمعنى يعني القاعدة المستمرة، كما نقول مثلا يعني: أكل الميتة للمضطر نقول على خلاف الأصل، وجاء المقصود بالأصل في هذه الجملة يعني خلاف القاعدة المستمرة وهي تحريم أكل الميتة.
وقد يطلق الأصل على ما يقابل الفرع في القياس فنقول: الأصل اللي هو الحكم الثابت في النص والفرع، هو المسألة المراد إلحاقها لكن المقصود هنا في موضوعنا هنا الأصل هنا ما يبنى عليه غيره نعم نعم يا شيخ.
تعريف الفرع
والفرع الذي هو مقابل الأصل ما يبنى على غيره كفروع الشجرة لأصلها وفروع الفقه لأصوله.
ذكر المؤلف -رحمه الله - للفرع هنا زيادة إيضاح وإلا لا علاقة له بأصول الفقه، إنما المقصود هو ذكر كلمة أصول وكلمة فقه لكن الفرع ذكر المؤلف هنا من باب يعني لما ذكر الشيء ذكر ما يقابله، وإلا لا علاقة لها هنا لكن نقول من باب زيادة الإيضاح نعم يا شيخ.
التعريف اللغوي للفقه
والفقه الذي هو الجزء الثاني له معنى لغوي وهو الفهم، ومعنى شرعي وهو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
نعم لاحظوا معي هو الفقه الذي هو جزء الثاني له معنى لغوي وهو الفهم، هذه هنا للشارح المحلي الجويني -رحمه الله -قال: والفقه معرفة الأحكام الشرعية دخل في التعريف الاصطلاحي مباشرة، وما تكلم عن المعنى اللغوي، فعادة الشارح المحلي -رحمه الله -يستدرك من هذه الأشياء بعبارات صغيرة يعني يسد ما يعني يرى أنه مثلا نقص، فلما المؤلف اقتصر على التعريف الاصطلاحي هو أتى بالمعنى اللغوي فقال والفقه الذي هو جزء الثاني له معنى لغوي وهو الفهم، يقال فقه بمعنى فهم.(1/34)
ما الفرق بين فقه وفقه بالضم؟، نعم يا شيخ ـ أحسنت -بارك الله فيك- يعني فقه يقولون بالضم أي صار الفقه له سجية، فقه غير فقه بمعنى عرف لكن فقه فيها زيادة وهي أنه صار الفقه له سجية، يقال فلان فقه بمعنى أنه أصبح فقيها وصار الفقه له سجية، لكن نقول فلان فَقَه المسألة بمعنى أنه عرف هذه المسألة، ثم قال: "ومعنى شرعي وهو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد"، عادة الفقه أو من يوصف بالفقه في اصطلاح أهل الأصول كما مر معنا بالأمس يقصدون به المجتهد؛ ولهذا قال المؤلف: "معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد" يعني طريق تلك المعرفة فإن كان طريقها التقليد يكون لا يعتبر ـ بها طبعا هذه مسألة اصطلاحية ولا مشاحة في الاصطلاح في مصطلح الأصول على أن الفقيه إذا قال الفقيه هو القادر على استنباط الحكم بدليله وهذا هو المجتهد. نعم يا شيخ ومعنى شرعي.
التعريف الشرعي للفقه
ومعنى شرعي وهو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة وأن الوتر مندوب.
وتلاحظون الشارح سيذكر أمثلة كلها من المسائل الخلافية؛ لأنها هي التي طريقها الاجتهاد، ولا يذكر من الأشياء المجمع عليها كوجوب الصلاة ووجوب الزكاة، تحريم الزنا، تحريم الخمر لأ سيقتصر على يعني ضرب مثال للأحكام التي طريقها الاجتهاد بمسائل خلافية،نعم من أول كالعلم بأن النية.
الأعمال بالنيات
كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة نعم وأن الوتر مندوب وأن النية من الليل.(1/35)
طبعا على قول الجمهور -رحمهم الله- النية في الوضوء واجبة ولحديث إنما الأعمال بالنيات،فلا بد للإنسان أن ينوي إذا أراد أن يتوضأ، الحنفية -رحمهم الله- الخلاف للحنفية، الحنفية -رحمهم الله- يرون أن النية في الوضوء سنة، ويرون أن النية في التيمم واجبة، ويفرقون بينهما فيقولون: إن الوضوء بالماء الماء مطهر بطبعه ولما كان التيمم بالتراب فالتراب غير مطهر بطبعه فاحتاج التيمم إلى نية، ولم يحتاج الوضوء إلى نية، هذا تحقيق الحنفية -رحمهم الله- وقول الجمهور معروف في هذا، وهو الراجح -إن شاء الله- نعم يا شيخ.
مسائل الإجماع ليست من مسائل الخلاف
وأن النية من الليل شرط في صوم رمضان، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص ونحو ذلك من مسائل الخلاف.
لاحظوا معي "ونحو ذلك من مسائل الخلاف" ليست مسائل الإجماع من مسائل الخلاف يعني المسائل التي فيها خلاف بين العلماء فتكون تلك الأحكام هي التي طريقها الاجتهاد نعم.
العلم بالمسائل القطعية لا يسمى فقها
بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنا محرم، ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى فقها.
يعني لا يسمى العلم بذلك فقها، نعم وهي مسألة اصطلاحية.
المقصود بمعرفة الأحكام
فالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن.
المعرفة التي تقدمت معنا لما قال: "معرفة الأحكام المقصود بها" ولو قلنا إنه ما يشمل العلم والظن لكان أولى، نقول: المعرفة هناك ما يشمل العلم والظن لكان أولى، فيدخل فيها الأحكام القطعية، ويدخل فيها الأحكام الظنية، نعم يا شيخ.
أقسام الحكم الشرعي
أقسام الحكم الشرعي: والأحكام المرادة فيما ذكر سبعة: الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والباطل، فالفقه العلم بالواجب والمندوب إلى آخر السبعة.(1/36)
لاحظوا معي فالفقه العلم بالواجب العلم بهذا الواجب، يعني بالصلاة مثلا بالنية مثلا بستر العورة بغيرها من الواجبات، يقول: "فالفقه هو العلم الواجب"، لكن العلم بحقيقة هذا الواجب من أي علم، العلم بحقيقة الواجب ليس هذا الواجب، العلم بحقيقة الواجب يعني طبيعته وأقسامه وتفريعاته، هذا من علم الأصول، فالمؤلف -رحمه الله -قال: "الفقه العلم بالواجب" لكن العلم بحقيقة الواجب من علم الأصول نعم.
تعريف الواجب
فالفقه العلم بالواجب والمندوب إلى آخر السبعة، أي: بأن هذا هذا الفعل واجب وهذا مندوب وهذا مباح وهكذا إلى آخر جزئيات السبعة -نعم-، فالواجب من حيث وصفه بالوجوب ما يثاب على فعله، ويعاقب على تركه.
نعم، بدأ المؤلف -رحمه الله -بأول الأقسام اللي هو الواجب، ثم عرفه فقال: "ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه" وللواجب تعريفات كثيرة: الوجوب في اللغة بمعنى الثبوت هذا الوجوب في اللغة بمعنى الثبوت، الوجوب بمعنى الثبوت، هذا تعريفه لغة، أما تعريفه اصطلاحا أولا عادة أهل الأصول إذا أرادوا أن يعرفوا شيئا، إذا أراد أهل الأصول أن يعرفوا شيئا وقبل هذا نقول: ما المقصود بالتعريف ؟ المقصود بالتعريف هو إفادة خالي الذهن إنسان ما يعرف معنى الواجب، فيأتي فيسأل فيقول مثلا: ما هو الواجب؟ فتقرب له مثلا فتقول له: إما عن طريق ضرب المثال مثلا، أو عن طريق مثلا ذكر فائدة من فوائد الواجب أو بذكر مكوناته الأساسية، أو ما يسمونه مثلا بالماهية يعني بحقيقة الشيء ففي هذه الحال يعرف المواد، ويقول -الحمد لله- فهمت الآن، فلأهل الأصول طرق في التعريف مثلا اصطلحوا على تسميتها يسمونها الحد وبعضها يسمونها الرسم، وهذه التعريفات قد ترد معكم في كتب الأصول، وهي أصلها جاءت من المناطقة التعريف بالحد وتعريف بالرسم.(1/37)
ويقصدون بالتعريف بالحد التعريف بحقيقة الشيء، والتعريف بالرسم يقصدون به التعريف بأعراضه مثلا أو الفائدة أو الثمرة، وسنضرب مثال على هذا مثلا لو أن إنسان مثلا جاء وسأل وقال ما هو الكرسي، إنسان جاء من البادية ما سبق رأى الكرسي وسأل وقال مثلا: ما هو الكرسي فلك طريقان في تعريف الكرسي، قد تقول مثلا: الكرسي شيء يجلس عليه فيفهم المراد، فقولك شيء يجلس عليه عرفته بماذا؟ بالفائدة، فهذا يحصل بالمقصود وإذا فهم اكتفى أو تعرفه بمكوناته الأساسية تقول: الكرسي شيء من مادة صلبة، له أربعة أرجل مثلا ومسندة، تكون عرفته هو الآن بماذا؟ بالماهية، يعني بحقيقة الشيء، وكلا الأمرين يعني صائب التعريف، لكن يقولون أن التعريف بالحد أجود -إن أمكن-، وإذا ما أمكن التعريف بالحد اللي هو بمكوناته الأساسية يمكن تعريفه مثلا بالأعراض أو الأوصاف التي يفهم منها المراد.
فالمؤلف -رحمه الله -عرفه لما قال مثلا ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، عرفه عن طريق الحد أو عن طريق الرسم، ها الرسم عن طريق الرسم، ذكر يعني أثر أو صفة من صفاته.
لو أردنا أن نعرف الواجب عن طريق الحد ماذا نقول؟ الشيخ نعم، الشيخ يقول: ما أمر به الشارع أمرا -ها- لازما، هذا التعريف قريب أو نقول: ما طلبه الشارع الشارع طلبا جازما، ما طلبه الشارع طلبا جازما بمعنى عرفنا الواجب بحقيقته أو بماهيته، طيب لو قلنا: هو طلب الشارع الشيء طلبا جازما، لو قلنا -لاحظوا معي قبل أن تكتبون لو قلنا- يكون تعريف هل هو تعريف للواجب أو تعريف لشيء آخر، نعم يا شيخ، لو قلنا مثلا عندنا الآن فقط نقدم كلمة على كلمة، لو قلنا مثلا الواجب نقول هو ما طلبه الشارع طلبا جازما أو نقول هو طلب الشارع الشيء طلبا جازما، هل هناك فرق بين العبارتين، طلب الشارع الشيء طلبا جازما أو نقول ما طلبه الشارع طلبا جازم، هل هناك فرق بين العبارتين ؟ نعم الشيخ نعم.(1/38)
تعريف الوجوب أو تعريف للإيجاب، يقول: طلب الشارع الشيء طلبا جازما، هذا إيجاب، وما طلبه الشارع هذا هو الواجب، فإذًا الفرق بين الواجب وبين الإيجاب، الإيجاب هو نفس الدليل، نفس الطلب هذا هو الإيجاب والواجب هو متعلق الإيجاب يعني هو الشيء المطلوب؛ فلهذا نقول مثلا إن قول الله تعالى مثلا: { } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } (1) نقول هذا إيجاب، والصلاة نفسها ماذا نسميها؟ نسميها واجبا نعم يا شيخ، فالواجب.
أقسام الواجب
فالواجب من حيث وصفه بالوجوب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره.
هذه يعني كأنها جواب عن اعتراض لما عرف الواجب بما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، كأنه قال: طيب يعني الواجب قد يعني أن الله -سبحانه وتعالى- قد يغفر فهو تحت المشيئة { } تمت ( { { - - - - صدق الله العظيم ( - ((((- رضي الله عنه - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - - - عليه السلام - - ((( - (( مقدمة ( - ( - ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - ( - (( - - - رضي الله عنه -( - - } (2) فتارك الواجب قد يغفر له فقال لأ يعني المقصود مثلا: يكفي في صدق العقاب وجوده لواحد ولو عفي عن الباقين، لأنه يعني من شأنه ومن طبيعته أنه يعني يثاب على فعله ويعاقب على تركه، كونه تخلف العقاب في بعض الأفراد لا يقدح في صحة التعريف، هذا جواب، لكن كما مر معنا أن الأجود والأولى أن نقول: إن الواجب هو ما طلبه الشارع طلبا جازما، والإيجاب نقول: هو طلب الشارع الشيء طلبا جازما.
__________
(1) - سورة الأنعام آية : 72.
(2) - سورة النساء آية : 48.(1/39)
بقي معنا الإشارة إلى أن الواجب ينقسم إلى قسمين: مطلق ومقيد، أو ومؤقت مطلق ومؤقت، فالمطلق هذا هو الذي لم يحدد بوقت مثل الزكاة مثلا، زكاة المال وإن كانت هي على الفور، لكن الشارع ما حددها بوقت معين، ومثل الكفارات ومثل النذر المطلق، هذه يعني واجبة على الإنسان لكن ليس لها وقت محدد، هي تجب على الفور على القول الصحيح، لكن لو أخرها مثلا يومين ثلاثة أسبوع شهر يعتبر إذا أخرجها يعتبر إخراجه لها أداء، هذا بالنسبة للمطلق.
المؤقت أيضا نوعان: موسع ومضيق يعني الشارع حدد له وقتا محددا معينا، هذا موسع وحدد وقتا ضيقا لا يسع إلا هذا الفعل، هذا مضيق؛ ولهذا يعرفون العلماء الواجب الموسع يقولون: ما طلبه الشارع طلبا جازما في وقت يسعه ويسع غيره من جنسه، ما طلبه الشارع طلبا جازما في وقت يسعه ويسع غيره من جنسه كصلاة الظهر مثلا.
ولهذا يُعرفون العلماء الواجب الموسع يقولون: ما طلبه الشارع طلبا جازما في وقت يسعه ويسع غيره من جنسه، كصلاة الظهر مثلا، فإن الوقت -وقت صلاة الظهر- يتسع لصلاة الظهر ولغيرها مثلا من جنسها، يعني صلاة الظهر، نفرض أنها تأخذ مثلا في -الغالب مثلا- الصلاة عشرة دقائق مثلا، لكن وقت الظهر حوالي ثلاث ساعات مثلا أو أقل بقليل أو يزيد بقليل، فهو يتسع لها ولغيرها من جنسها.
الواجب المضيق ما طلبه الشارع طلبا جازما في وقت لا يسع غيره من جنسه، يعني أو نقول: يسعه ولا يسع غيره من جنسه، في وقت يسعه ولا يسع غيره من جنسه، مثل ماذا ؟ صوم رمضان، فإن الوقت من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لا يتسع إلا صيام واحد، فهذا هو الواجب المضيق.(1/40)
بقي معنا الإشارة، ما فائدة الخلاف؟ أو ما فائدة هذا التقسيم؟ يعني الواجب الموسع والواجب المضيق؟ يعني بعض العلماء فرّع على هذا التقسيم مسألة النية، بعض العلماء فرع على هذا التقسيم، منهم الحنفية -رحمهم الله- فرعوا على هذا التقسيم فقالوا: إن من شأن الواجب المضيق أنه لا تشترط له النية؛ ولهذا الحنفية -رحمهم الله- لا يشترط النية لصيام رمضان، بمجرد أن الإنسان إذا أمسك وأوقع الصيام في هذا الوقت المحدد الذي عينه الشرع ولا يتسع إلا له فقد صح صيامه ولو لم ينوِ.
لكن الواجب الموسع لما كان يسعه ويسع غيره من جنسه قالوا فيه بوجوب النية، كصلاة الظهر مثلا وصلاة العصر وغيرها من الصلوات، الواجب الموسع لا بد فيه من النية لأنه ما ندري، ما يُدرى، يعني لما كان الوقت واسع ويسع -يعني- عدة صلوات ما يُدرى أيها، فلا بد فيها من النية.
بقي معنا الإشارة إلى أن الواجب أيضا ينقسم إلى: واجب محدد، وواجب غير محدد. فالواجب المحدد: كالصلوات والقدر الواجب في الزكاة، هذا يسمى واجبا محددا يعني الشارع حددها وطلب شيئا محددا، أربع ركعات في الظهر، ثلاث ركعات في المغرب، الزكاة اثنان ونصف في المائة في المال، في أربعين من الغنم شاة، في خمسين من الإبل شاة، في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، في أربعين من البقر مسنة، وهكذا شيء محدد.
وهناك واجبات الشرع ما حددها، أطلقها كالنفقات، النفقة على الزوجة والنفقة على الأقارب، ومثل إذا وجب على الإنسان إطعام الجائع، إطعام الجائع فرض كفاية لكن لو تعين على إنسان معين مثلا ما فيه من يقدر على هذا إلا هو فيكون واجبا بعينه إطعام الجائع يكون واجبا بعينه، فيقولون: إن إطعام الجائع إذا وجب على الإنسان هو من قبيل أي الواجبات من المحدد أو من غير المحدد؟ غير المحدد.(1/41)
إذا تقرر هذا، وهو التقسيم يعني إلى محدد وغير محدد. ما فائدة هذا التقسيم ؟ يقول العلماء: فائدة هذا التقسيم أن الواجب المحدد يثبت في الذمة، بمعنى أنه لو فات الوقت مثلا أو تأخر الإنسان، ما أخرجه وما أدى هذا الشيء يثبت في الذمة لا بد أن يؤديه، فالزكاة مثلا أن الإنسان تأخر ما أخرجها مر يعني سنوات ما يخرج الزكاة، هل تسقط ؟ لا تسقط، تثبت في الذمة؛ لأنها واجب محدد حدده الشرع.
لكن لو أن إنسانا مثلا تعين عليه مثلا إطعام جائع تعين عليه، وهذه متصورة أن إنسانا، مثلا إنسان جائع يكاد يهلك من الجوع وعلم به شخص معين فهذا يتعين عليه أن يطعمه لا بد وجوبا شرعيا، فإذا تأخر وما أطعمه ثم انتهى الأمر مثلا. هل لا بد أن يخرج مقابل ما تعين في ذمته مثلا ؟ لا، ما يلزمه يقول: لأن هذا واجب لم يحدد.
وبني على هذا مسألة نفقة الزوجة والأقارب، هل هي من قبيل الواجب المحدد فتكون تثبت في الذمة لو أن إنسانا -وهذا يحصل الزوج مثلا- يمتنع عن الإنفاق على الزوجة سنة سنتين، وهو غائب عنها مثلا ولا يعيش في منطقة هي تعلم عنه وهو يعلم عنها لكن ما ينفق عليها، فبعد سنتين ثلاث سنوات رفعت قضية عليه، قالت: هذا ما كان ينفق علي. فإن قلنا: إن النفقة على الزوجة من الواجب المحدد. معناه يلزمه قضاء أن يدفع لها؛ لأنها ثبتت في الذمة، وإن قلنا: إنها من غير الواجب المحدد فهي تسقط لا تثبت في الذمة، ولكن لعل الراجح إن شاء الله أن النفقة على الزوجة والأقارب أنها إذا تعينت أنها من قبيل الواجب المحدد، فبالتالي لها المطالبة ولا تسقط ولو مضت المدة لا تسقط، فمسألة -يعني- سقوط النفقة بمضي المدة، نفقة الزوجة والأقارب تنبني على هل تعتبر من الواجب المحدد أو لا تعتبر من الواجب المحدد؟(1/42)
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- إلى أن الواجب ينقسم إلى قسمين: واجب عيني وواجب كفائي، فالواجب العيني هو ما طلب من كل شخص بعينه كالصلوات مثلا كالزكاة لو وجبت على الإنسان كصيام رمضان، والواجب الكفائي ما طلب من عموم المسلمين، أو تعريف ما إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ولاحظوا عبارة -يا إخوان- من يكفي، ترى في بعض التعاريف إذا قام به البعض لا قد يكون هذا البعض ما يكفي، ولهذا الأدق والأصوب أن نقول: إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
بقي معنا الإشارة في ما يتعلق بالواجب الكفائي، طبعا لما كان الخطاب غير الكفائي يتوجه لعموم الأمة وأمثلته كثيرة، الواجب الكفائي كطلب العلم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإطفاء الحريق مثلا إذا ما كان هناك جهة معينة تتولاها، وإطعام الجائع، وإنقاذ الغريق، وحفظ القرآن، و -كثيرة جدا- وتغسيل الميت، والصلاة عليه، وفروض الكفاية كثيرة جدا جدا.
بقي معنا الإشارة، هل يكفي سقوط فرض الكفاية الظن أم لا بد من اليقين؟ يعني الإنسان لكونه من عموم المسلمين تعلق به فرض الكفاية وخوطب به شرعا، ما الذي يسقطه عنه؟ ما الذي يسقط عنه فرض الكفاية؟ هل هو، هل لا بد فيه من اليقين أم يكفي الظن؟ الصواب أنه يكفي الظن إذا غلب على ظنك أن هذا الشيء فُعل، يكفي فلهذا مثلا لو مريت مثلا في الشارع مثلا من باب التمثيل وجدت شخص -لا سمح الله- حادث وفيه توفي شخص ما حكم تغسيل الميت؟ فرض كفاية. أنت رأيت هذا الشخص الآن، رأيت هذا الحادث فأنت يكفي يعني يغلب على ظنك أن -إن شاء الله- له أقارب وله ناس سيأتون وسيهتمون به لن يترك إن شاء الله، فيغلب على ظنك هذا، وبالتالي لك أن تنصرف وتمشي وتذهب إلى حال سبيلك؛ لأنك في أغلب ظنك أن هناك مثلا من يتولاه حتى لو لم يكن هناك فيه يعني مثلا من أهل الخير مثلا إن شاء الله من هم يعني يقومون بمثل هذا العمل أو غيرهم مثلا من الجهات.(1/43)
بقي معنا ما يتعلق بفرض الكفاية: أيهما أفضل، أو أيهما آكد فرض الكفاية أم فرض العين؟ طبعا لاحظوا معي يا إخوان طبعا كلا الأمرين من قبيل الواجب، كلاهما واجب، لكن هذا واجب -فرض العين- على كل إنسان بعينه، وذاك واجب على عموم الأمة فأيهما آكد؟
الشيخ -نعم- فرض الكفاية، الشيخ يقول: فرض الكفاية آكد. الشيخ: فرض العين. يعني قولان في المسألة!! هو من نظر -.. نعم يا شيخ؟ كلاهما على حسب. كلاهما على حسب. يعني هذا رأي وسط، ويلاحظ أيها الأخوة أن فرض الكفاية نفعه يتعدى وليس نفعه خاصا، نفعه يتعدى طلب العلم، تغسيل الميت، إطعام الجائع، إنقاذ الغريق، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، هذه كلها نفعها لعموم الأمة، والواجب العيني قد يكون نفعه خاص وقد يكون نفعه يتعدى، طبعا ليس الواجب العيني دائما نفعه خاص لأ، كالزكاة مثلا نفعها خاص ولّا نفعها يتعدى؟ نفعها يتعدى، الصيام نفعه خاص الصلاة نفعها خاص، لكن الواجب العيني قد يكون بعضه نفعه يتعدى وقد يكون بعضه نفعه خاص.
هي مسألة يعني مشهورة عند أهل الأصول وهما القولان في المسألة لكن لعل الصواب أن فرض العين آكد في نظر الشارع من فرض الكفاية، ويدل هذا الحديث الصحيح: - ما تقرب إلى عبدي بأحب إلي بأحب إلي من أداء ما افترضته عليه - فقوله: - ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي من أداء ما افترضته عليه - لاحظوا - ما افترضته عليه - فكلمة ما افترضته عليه هي الواجب العيني.
بقي معنا الإشارة أيها الأخوة: فرض الكفاية إذا أعيد، هل يكون ما يزال من قبيل فرض الكفاية ولا يكون نافلة؟ وهذه نضرب لها مثال: مسألة إعادة صلاة الجنازة: الصلاة على الميت في المرة الأولى، لا شك أنها فرض كفاية، فإذا صُلي عليه في المسجد وصلى عليه جمع من المسلمين فقد تأدى فرض الكفاية، فإذا نُقل إلى المقبرة أحيانا تعاد الصلاة عليه؛ فإعادة الصلاة عليه مرة ثانية، هل هي من قبيل فرض الكفاية أو من قبيل النافلة؟(1/44)
نعم يا شيخ من قبيل النافلة، إذا قلنا -الشيخ يقول: إنها من قبيل النافلة- إذا قلنا: إنها من قبيل النافلة ينبني على هذا: هل تصح إعادة صلاة الجنازة في وقت النهي أو لا تصح؟ واضحة المسألة ولا غير واضحة يا إخوان؟ متصورة؟ إذا قلنا: إنها من قبيل -يعني إعادة الصلاة- إذا قلنا: إنها من قبيل فرض الكفاية، هذه تُعمل يعني تُقام وتؤدى ولو كان وقت النهي، ولهذا نحن نصلي على الجنائز في المسجد بعد صلاة العصر بعد صلاة الفجر وهي أوقات نهي، فرض الكفاية يؤدى ولو كان وقت نهي، لكن إذا أعيدت في المقبرة مثلا أو في مكان آخر فإن قلنا: إنها نافلة فمعناها أنها نافلة صلاة النافلة فعلت في وقت النهي، وإن قلنا: إنها ما زالت فرض كفاية وإنها امتداد لصلاة سابقة ففي هذه الحال لا حرج في ذلك، وهي مسألة خلافية بين الحنابلة -رحمهم الله- هي مسألة إعادة صلاة الجنازة في وقت النهي.
بقي معنا ما يتعلق بفرض الكفاية، فرض الكفاية حقيقة باب مهم جدا يا أخوان وهي متى يتعين على الإنسان؟ أو المقصود منه يعني: يتعين على الإنسان إذا شَرَعَ في فرض الكفاية، إذا شرع الإنسان فرض كفاية، أو في حالات أخرى مثل كونه مثلا لا يحسن هذا الشيء إلا هو يتعين عليه، كما لو أن إنسان مثلا يعني هو المؤهل للقضاء يجب عليه يتعين عليه، ما يقول: والله أنا ما أستطيع. لا يتعين عليه أصبح الآن لا يحسن القضاء إلا أنت فلا بد أن تتولى القضاء، أو إنسانا مثلا جماعة المسجد أو القرية كلهم عوام وهو المتعلم الوحيد فيها، فلا بد أن يتولى الإمامة هو لا بد، يصبح في حقه واجبا عينيا، أو أن إنسانا مثلا غرق مثلا والناس جالسة على شاطئ البحر وإنسان يغرق مسلم يغرق مثلا ولا يحسن السباحة إلا هذا الشخص، يتعين عليه يجب عليه وجوبا شرعيا عينيا أن يذهب لإنقاذ هذا النفس.(1/45)
هذه المسائل التي يتحول فيها فرض الكفاية لفرض عيني، قالوا -العلماء-: أو بالشروع فيه إذا شرع الإنسان فرض الكفاية ولو لم يتعين عليه في الأول إذا شرع فيه ففي هذه الحال يصبح واجبا عينيا، فلو أن إنسانا مثلا أراد أن ينقذ غريق فقبل أن يصل له قال: هذا فرض كفاية. بعد أن بدأ قال: هذا فرض كفاية. قال ما في داعي فأرجع. لا، نقول: ما يجوز. أنت الآن أشبه بمن حضر القتال بين صفين ما يجوز لك أن تتراجع ولا يجوز؛ لأنه أصبح تعين في حقك وسقط بمباشرتك. -لاحظوا معي- سقط بمباشرتك المطالبة الشرعية عن عموم الأمة يعني سقط الإثم عن الباقين بمباشرتك فلا يحل لك، أصبح واجبا عينيا.
وينبني على هذا أيها الأخوة مسألة مهمة، وهي مسألة ما حكم؟ أولا طلب العلم ما حكمه؟ طلب العلم فرض كفاية، طيب إذا بدأ الإنسان في طلب العلم ثم تراجع ما حكمه في هذه الحالة؟ إما انشغل في أعمال تجارية مثلا أو انشغل بكذا وكان في هذه الحال يعني بعض العلماء -لاحظوا معي- بعض العلماء يقول: إنه أصبح بشروعه بطلب العلم أصبح واجبا عينيا عليه؛ لأنه أسقط الإثم عن عموم الأمة بمباشرته؛ ولهذا أيها الأخوة يقول الإمام أحمد: ما أشد ما ورد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه. حفظ القرآن ما حكمه؟ فرض كفاية. فإذا شرع فيه الإنسان ثم تراجع، الإمام أحمد -رحمه الله- يقول: ما أشد ما ورد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه؛ لأنه يعني أصبح واجبا عينيا عليه.
طبعا لا بد أن تقيد هذه المسألة بالقدرة، يعني إنسان مثلا كان قادرا على الاستمرار لكنه تراجع من غير عذر، أما إذا كان تراجع بالعذر مثلا إما لمرض أو انشغال بواجب آخر آكد مثلا، كمراعاة لوالديه مثلا المريضين أو كذا فهذا يعني الحال، فهذا قد يكون له عذر لكن إذا تراجع من غير عذر فيخشى -لاحظوا معي- فيخشى أن يدخل في هذه الدائرة يعني في دائرة من رجع عن فرض الكفاية.
المؤلف -رحمه الله- يقول: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.(1/46)
بقي معنا الإشارة مسألة الصحة والثواب، هل هناك تلازم بينهما، هل من لازم أن يكون العمل الصحيح أن يثاب عليه؟ لا، ما يلزم لكن قد يكون -إذا كان صحيحا- مجزئا ولا يلزمه القضاء، لكن الثواب فرع عن ماذا؟
يقول العلماء: إن الثواب فرع عن القبول فإذا قبل الله من الإنسان العبادة أثيب عليها، وإذا لم يقبلها لا يثاب عليها مع أنه لا يؤمر بالإعادة وتكون صلاته صحيحة ومجزئة وبرئت ذمته لكن لا ثواب فيها.
نعم يا شيخ.
استحقاق تارك الواجب للعقاب
ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره، ويجوز أن يريد ويترتب العقاب على تركه، كما عبر به غيره فلا ينافي العفو.
هذه على مسألة يعني ويعاقب تاركه قال: ويترتب العقاب فيكون خروجا من الاعتراض اللي ذكرناه، مسألة أنه يعني قد يعفى عن تارك الواجب، وبعضهم يقول: ويستحق تاركه العقاب. نعم.
تعريف المندوب
والمندوب من حيث وصفه بالندب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
نعم الندب في اللغة يعني الدعاء -هذا من حيث اللغة- الدعاء لأمر مهم، ومنه قول الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
والمندوب عرفه المؤلف، قال: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، يعني هو أقل درجة من الواجب، الواجب في تركه عقوبة وهذا ليس في تركه عقوبة، ولو أردنا أن نعرف المندوب بما عرفنا به الواجب لما قلنا: ما طلبه الشارع طلبا جازما، ماذا نقول هنا؟ نعم يا شيخ - نعم نقول: ما طلبه الشارع طلبا غير جازم. لو أردنا أن نعرف الندب ماذا نقول؟ هو طلب الشارع الشيء طلبا غير جازم نعم.
المندوبات كثيرة: قراءة القرآن والسنن الرواتب وركعتي الفجر والوتر وصلاة التراويح ومطلق الصدقة والإتيان بالحج والعمرة يعني بعد الفريضة وغيرها مندوبات كثيرة جدا.(1/47)
لكن بقي معنا الإشارة أيها الأخوة: هل يترك المندوب إذا أصبح شعارا للمبتدعة مثلا أو لا يترك؟ نفرض أن فرقة من فرقة المبتدعة صارت تلازم صيام عاشوراء، هل نتركه لذلك؟ بعض العلماء بعض الشافعية قال بذلك، لكن الصحيح أنه لا يترك، الصحيح أنه حتى لو أصبح ما دام المندوب يعني ثبت أنه مندوب بسبب صحيح أو بدليل صحيح فهذا كافٍ في مشروعيته، ولا يترك حتى ولو أصبح شعارا لبعض المبتدعة.
أيضا هل يترك المندوب خوفا من أن تعتقد العامة وجوبه؟ لا، أيضا ما يترك المندوب يعني بعض العلماء يقول مثلا: أنا أترك المندوب مثلا -وهذا نقل عن بعض أهل العلم- حتى لا تعتقد العامة وجوبه، لا قد يكون هذا في وقته - صلى الله عليه وسلم - نعم: أخشى أن تفرض عليكم كمن ترك صلاة التراويح لكن بعد استقرار الأحكام لا، الصحيح أنه ما يترك المندوب حتى لو خُشي أن العامة تعتقد وجوبه.
أيضا قال العلماء: يتأكد المندوب على من يُقتدى به، يكون في حقه آكد إذا كان قدوة للناس، ولهذا أيها الأخوة نقل عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه كان يقول: لا أحب المرة من العالِم، شو المقصود بالمرة؟ نعم يا شيخ يقول: لا أحب المرة من العالِم المقصود بالمرة اللي هو غسل الأعضاء في الوضوء مرة واحدة، وهي صحيحة بالإجماع يعني مجزئة، إذا أسبغ مجزئة، والصواب التثليث فيقول الإمام مالك: لا أحبها من العالِم. لماذا ؟ قال: لأن العامة تقتدي به فتترك التثليث اقتداء بهذا العالم وقد يأتي إنسان عامي لا يحسن الوضوء فيرى هذا غسل مرة مرة، والعالم يحسن الإسباغ وهو لا يحسن الإسباغ فيتوضأ مثله وهو لا يحسن الإسباغ فقد يؤدي هذا إلى بطلان وضوء هذا العامي؛ ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: لا أحب المرة من العالم.(1/48)
بقي معنا الإشارة إلى أن المفضول قد يصير فاضلا لمصلحة راجحة، والشارع راعى هذه الأمور كما في حديث: - يؤم القوم أقرأهم فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة ثواب فأقدمهم هجرة.... - إلى آخر الحديث - ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه - -فلاحظوا معي- - ولو كان أعلم منه - فالمفضول اللي هو صاحب البيت ترجّح على الفاضل اللي هو العالم ولكن لمصلحة الراجحة كونه هو صاحب البيت، فقال العلماء: إن المفضول قد يصبح فاضلا لمصلحة راجحة.
وكذلك في حديث عائشة رضي الله عنها: - لولا أن قومك حديث عهد بإسلام لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين - كما في الحديث. فوضعها في الوقت الحاضر مفضول ووضعها على ما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - فاضل. واضح أيها الأخوة، ولكنه تُرك هذا الفاضل ورجح عليه هذا المفضول لمصلحة راجحة. فقال العلماء: إنه يجوز يعني ترك الفاضل إلى المفضول لمصلحة راجحة أو نقول: إنه يترجح المفضول على الفاضل لمصلحة راجحة، نعم يا شيخ.
تعريف المباح
والمباح من حيث وصفه للإباحة ما لا يثاب على فعله وتركه ولا يعاقب على تركه وفعله، أي ما لا يتعلق بكل من فعله وتركه ثواب ولا عقاب.
نعم هذا تعريف المباح يعني ما لا يثاب على فعله وتركه ولا يعاقب على تركه، أو نقول: يعني لا يتعلق بفعله -من حيث فعله من حيث ذاته- لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، كسائر أنواع الأكل مثلا من حيث ذاتها من حيث وصفها لكن يتعلق بها شيء آخر أمر آخر قد تتحول إلى مكروه أو مندوب أو واجب أو حرام، لكن من حيث ذاتها فهي مباحة بمعنى أنه لا يتعلق بها لا طلب لا أمر ولا نهي ولا يتعلق بها لا ثواب ولا عقاب.(1/49)
بقي معنا أيها الأخوة أن المباح قد يكون مباحا من حيث الجزء ولكنه مطلوب من حيث الكل، بعض صور المباح يكون هو مباح من حيث الجزء مطلوب من حيث الكل، مثال ذلك الأكل فهو من حيث الجزء هو مباح، لكن لو أن إنسان ترك الأكل بالكلية ما حكمه؟ ما يجوز؛ لأنه يعني إهلاك للنفس ما يجوز.
أيضا قد يكون المباح مباحا من حيث الجزء مطلوب الترك من حيث الكل مطلوب الترك من حيث الكل، مثل التنزه مثلا كون الإنسان مثلا يذهب إلى بستان إلى مزرعة نقول هذا مباح، فإن نظرنا إليه على أنه تقوٍّ على عبادة صار مندوبا، إن تضمن أمرا آخر قد يكون مكروها، لكن هو حد ذاته يكون مباحا، هذا مطلوب من حيث الجزء، لكنه مطلوب الترك من حيث الكل، لو أن إنسانا قضى كل وقته يتنزه، هل هو يعني ما زال في حقه مباحا نقول: لا، المباح من حيث الجزء لكن كونه من حيث الكل لا، هو مطلوب الترك ليس مباحا، نعم يا شيخ.
تعريف المحظور
والمحظور من حيث وصفه بالحظر أي الحرمة ما يثاب على تركه امتثالا ويعاقب على فعله.
نعم المحظور أيضا -الحظر اللي هو المنع- ويسمى المحظور والحرام ويسمى المعصية ويسمى السيئة ويسمى الإثم ويسمى الذنب، هذا كلها تسميات والأصوليون يسمونها المحظور ويسمونه الحرام، وعرفه المؤلف -رحمه الله- قال: ما يثاب على تركه امتثالا ويعاقب على فعله، ولاحظوا كلمة امتثالا لماذا؟ كلمة امتثالا لماذا؟ نعم يا شيخ؟
-...
نعم أنه لا يثاب الإنسان على ترك الحرام إلا بالنية لا يثاب الإنسان على ترك الحرام إلا بالنية، إذا نوى مثلا بامتناعه التقرب والامتثال في هذه الحال يثاب. لكن إنسانا ترك الحرام لعدم قدرته عليه، أو ترك الحرام مثلا لأنه ما خطر على باله هذا ما يثاب عليه، لكن متى يثاب ؟ يثاب إذا تركه امتثالا، هذا هو القول الراجح والصحيح في المسألة.
طيب لو أردنا أن نعرف الحرام بالتعريف السابق، ماذا نقول؟ ها نعم يا شيخ؟
-...(1/50)
أو نقول ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، فيكون مقابل الواجب هناك طلب فعله وهنا طلب تركه.
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- إلى أن الحرام والمحظور ينقسم إلى قسمين: محرم لعينه أو لذاته، ومحرم لغيره، هذا التقسيم له فائدة، يقولون: ينقسم إلى قسمين: محرم لذاته أو لعينه، ومحرم لغيره؛ فمثل المحرم لذاته أو لعينه كالقتل والسرقة والزنا وشرب الخمر، هذه كلها حرمها الشارع لذاتها ولعينها، وما حرمه الشارع لغيره كالنظر للمرأة الأجنبية والسفر بها مثلا أو خلوة، هذه حرمها الشارع لغيرها، ليس معناها يعني أنها أقل لا هي وسائل ووسائل المحرم محرم، لكن هذا التقسيم.
فالمحرم لغيره كالنظر للمرأة الأجنبية والخلوة بها، فيقول العلماء: إن من شأن المحرم لعينه أنه لا يجوز إلا في حال الضرورة، مثل أكل الميتة لا يجوز إلا في حال الضرورة، أما المحرم لغيره فيجوز في حال الحاجة ؛ ولهذا النظر للمرأة الأجنبية في حال الخطبة مباح، بل بعضهم يقول: إنه سنة أخذا من حديث: - فإنه أحرى أن يؤدم بينكما - هذه الجملة الأخيرة في الحديث، ترفع الدرجة إلى السنية، وإن كان يعني لكن لما وجدت الحاجة النظر إليها أبيح، مع أنها قبل العقد هي أجنبية لكن لما أنه وجدت الحاجة ارتفع هذا المحرم هذا المحظور.
وكذلك مثلا ذهاب المرأة مثلا للطبيب ولو -لم يكن هناك يعني كونها مثلا- أو للقاضي مثلا تطالب بحقها تطالب القاضي مثلا حتى يتأكد منها مثلا يتأكد منها جائز للحاجة، فيقول العلماء: إنه ما كان محرما لغيره يجوز مخالفته للحاجة، وما كان محرما لذاته لا يجوز إلا في حال الضرورة. نعم يا شيخ.
تعريف المكروه
ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره، ويجوز أن يريد ويترتب العقاب على فعله، كما عبر به غيره فلا ينافي في العفو، والمكروه من حيث وصفه بالكراهة ما يثاب على تركه امتثالا، ولا يعاقب على فعله.(1/51)
أيضا المكروه اللي هو أقل درجة يعني قسيم المندوب يعني عندنا الأقسام: الواجب مقابله الحرام، المندوب مقابله المكروه؛ فهذا مطلوب الفعل الواجب، وهذا مطلوب الترك جزما وجزما، والمندوب مطلوب الفعل لا على سبيل الإلزام والجزم، والكراهة مطلوب الترك لا على سبيل الإلزام والجزم، ثم المباح ما استوى فيه الطرفان، هذا هو التقسيم. ولو أردنا أن نعرف الكراهة أو المكروه فنقول: ما طلب الشارع تركه طلبا غير جازم.
بقي معنا الإشارة: ما الفرق بين المكروه وخلاف الأولى؟ نعم الشيخ؟
-...
نعم الشيخ؟
-...
نعم
-...
أحسنت بارك الله فيك، الذين يفرقون بينهما يذكرون ما ذكره الشيخ، يقولون: إن المكروه ما ورد دليل يخصه يعني ما ورد دليل بالنهي يخصه، وخلاف الأولى ترك المندوب، فنقول مثلا أن يعني ترك التراويح نقول: خلاف الأولى، ترك مثلا سنن الرواتب نقول: خلاف الأولى. فنقول: إنه مكروه، الذين يفرقون بينهم يقولون: خلاف الأولى، فلهذا يفرقون بين المكروه يعني ما ورد دليل بالنهي عنه بالخصوص، والأوْلى ما أخذت الكراهة من كونه تركه أمرا حث الشارع عليه مثل ترك المندوب.
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- إلى أن الكراهة يقولون تزول بالحاجة، الكراهة من شأنها ومن طبيعتها أنها تزول بالحاجة؛ ولهذا قال العلماء: ويكره ذوق طعام بلا حاجة، فإن وجدت الحاجة ارتفعت الكراهة ومثلها أيضا تغميض العينين في الصلاة، العلماء ذكروا أنه مكروه تغميض في الصلاة، لكن لو أن إنسان قال: أنا ما أخشع إلا إذا غمضت عيني، فقال العلماء: إنه إذا كان تغميض العينين يعني يساعده على الخشوع يغمض عينيه. فالكراهة تزول للحاجة، نعم يا شيخ.
أقسام الحكم الوضعي
والصحيح من حيث وصفه بالصحة ما يتعلق به النفوذ ويُعتد به، بأن استجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة.(1/52)
المؤلف -رحمه الله- انتهى من أقسام الحكم التكليفي وبدأ بأقسام الحكم الوضعي، فذكر من ضمنها الصحيح ثم سيأتي ذكر الفاسد، قال: الصحيح ما يتعلق به النفوذ ويعتد به بأن استجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة، الصحيح من العبادات ما يعتد بها أو نقول: ما أسقط القضاء، الصحيح من العبادات ما أسقط القضاء، فإذا وقعت العبادة مثلا ولا يلزم منها قضاء مثلا ففي هذه الحال تكون العبادة صحيحة، وهي موافقةُ أمر الشارع، فإذا جاءت العبادة مكتملة الشروط خالية من الموانع موافقة لأمر الشارع؛ نقول: وقعت العبادة صحيحة ومجزئة؛ لأن من أداها لا يؤمر بالقضاء مرة ثانية؛ لأنه اعتُّدَّ بها شرعا، فالصحيح ما يعتد به شرعا.
أما في باب العبادات يكون الصحيح ما ينفذ، يعني ما يترتب عليه الأثر النفاذ اللي هو انتقال الملك، انتقال ملك المبيع للمشتري، وانتقال الثمن للبائع؛ فالنفوذ هذا في باب المعاملات، والاعتداد هذا في باب العبادات، نعم من أول يا شيخ والصحيح.
تعريف الصحيح
والصحيح من حيث وصفه بالصحة ما يتعلق به النفوذ ويعتد به، بأن استجمع ما يعتبر فيه شرعا عقدا كان أو عبادة، والباطل من حيث وصفه بالبطلان ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به، بأن لم يستجمع ما يعتبر فيه شرعا، عقدا كان أو عبادة، والعقد يتصف بالنفوذ والاعتداد، والعبادة تتصف بالاعتداد فقط اصطلاحا.
يعني العقد يوصف بأنه نافذ ومعتد به، والعبادة ما توصف بالنفاذ، توصف بأنها معتد بها شرعا، ثم قال المؤلف: وهذه تسمية اصطلاحية. نعم يا شيخ.
الفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم
والفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم؛ لصدق العلم بالنحو وغيره، وكل فقه علم.(1/53)
قال المؤلف -رحمه الله-: والفقه ثم جاء المحلي وقال بالمعنى الشرعي، لاحظوا هذا القيد، المحلي -رحمه الله- يأتي بزيادات في محلها؛ لأنه حتى لا يقال: إن الفقه بمعناه اللغوي. لا، الفقه معناه اللغوي قد يكون مرادف للعلم، لكن لما أن قالوا: والفقه أخص من العلم. قيدها المحلي، قال بالمعنى الشرعي. نعم من أول يا شيخ والفقه.
والفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم؛ لصدق العلم بالنحو وغيره، فكل فقه علم وليس كل علم فقها.
يقول: إن الفقه اللي هو يعني معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد، أو نقول: معرفة الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية كما عرفها ابن الحاجب وله تعريفات كثيرة يقول: هذه الفقه بهذا المصطلح أخص من العلم؛ لأن العلم يشمل علم النحو وعلم الطب وعلم الهندسة، وأي علم كله سماه علم يقول: فالفقه اللي هو علم الأحكام الشرعية أخص نعم، من أول يا شيخ والفقه.
تعريف العلم
والفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم؛ لصدق العلم بالنحو وغيره، فكل فقه علم وليس كل علم فقها، والعلم معرفة المعلوم أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما هو به في الواقع، كإدراك الإنسان بأنه حيوان ناطق.(1/54)
يقول المؤلف -رحمه الله-: والعلم معرفة المعلوم على ما هو به ثم جاء المحلي -رحمه الله- فقال: والعلم معرفة المعلوم أي إدراك ما من شأنه أن يُعلم، لاحظوا قيد المحلي قال: إدراك ما من شأنه أن يعلم، لما عرف..، أولا تعريف العلم العلماء -رحمهم الله-، علماء الأصول يعني اختلفوا كثيرا في تعريف العلم، ولهم كلام طويل جدا في تعريف العلم، وأذكر أن أبا حامد الغزالي -رحمه الله- عرف العلم بتعريفات، ثم كلما عرفه تعريفا انتقده هو ثم أورد تعريفا آخر ثم انتقده، ثم في الأخير قال: والعلم أشهر من أن يعرف وتركه ومضى، فهو يعني.. وقال بعض العلماء: إنه لا يحدُّ لعسره؛ لأنه لا بد أن تأتي بكلمة معلوم فيكون هذا يحسب بالدور بكلمة معلوم فيكون فيه دور اللي هو إدخال جزء من المعرف في التعريف.
فالمؤلف قال: والعلم معرفة المعلوم على ما هو به، أُعترض على هذه فقيل المعلوم هو ما وقع عليه العلم، لاحظوا معي يا إخوان المعلوم هو ما وقع عليه العلم، فإذا كان إدراك ما وقع عليه العلم يكون تحصيل حاصل، إذا قلنا: إن العلم إدراك المعلوم والمعلوم ما وقع عليه العلم يكون تحصيل حاصل، فلهذا المحلي احتار في هذا الأمر فقال: المعلوم أي إدراك ما من شأنه أن يعلم. ليس هو معلوم حقيقة لكن إدراك ما من شأنه أن يعلم فإدراكه هذا هو العلم.
وبعضهم يعرف العلم فيقول: العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع. اللي هو اليقين، ككون الواحد مثلا نصف الاثنين هذا علم كون السماء فوقنا هذا علم كون مثلا إذا رأيت السماء تمطر تقول السماء تمطر هذا علم، الاعتقاد الجازم المطابق للواقع نعم، وهي مسألة اصطلاحية نعم.
تعريف الجهل
كإدراك الإنسان بأنه حيوان ناطق، والجهل تصور الشيء أي إدراكه على خلاف ما هو به في الواقع.(1/55)
نعم ذكر المؤلف -رحمه الله- العلم يعني تعريف العلم قد يحتاجه طالب علم الأصول لكن تعريف الجهل ذكر المؤلف الجهل من باب المقابلة فقط، وإلا تعريف الجهل ليس له كبير علاقة بعلم الأصول لكن ذكره من باب المقابلة فقط.
لاحظوا المؤلف -رحمه الله- لما عرف العلم قال: العلم إدراك. ولما عرف الجهل قال: الجهل تصور. قالوا: هذه لها ملحظ، وهو أن الجهل ليس إدراكا، لكنه تصور اللي هو إدراك المفرد طبعا تقسيم من تقسيمات المناطقة - مسألة التصور والتصديق يعني من تقسيمات المناطقة، وترد كثيرا في كتب الأصول لكن لا مانع من الإشارة إليها، يقولون العلماء: الفرق بين التصور والتصديق: التصور إدراك المفرد لكونك عرفت مثلا يعني أن الأسد مثلا معناه كذا مثل أو أدركت هذا إدراك مفرد، التصديق إدراك النسبة إذا قلت مثلا يعني زيد مثلا حاذق أو زيد مجتهد هذا تصديق، السماء تمطر هذا تصديق لكن السماء كونها تعرف عنها - العلو المعروف أو الشيء الذي فوقنا، نقول: هذا تصور ليس تصديق. نعم يا شيخ والجهل.
والجهل تصور الشيء أي إدراكه على خلاف ما هو به في الواقع، كإدراك الفلاسفة أن العالَم -وهو ما سوى الله تعالى- قديم، وبعضهم وصف هذا الجهل بالمركب.
الفلاسفة المقصود بها الملاحدة فلاسفة الملاحدة يعني الذين نعم قولهم: إن العالم الموجود هذا قديم ليس محدث، هذا لا شك أنه يعني من كلام الفلاسفة الملاحدة نعم.
الجهل المركب
وبعضهم وصف هذا الجهل بالمركب وجعل البسيط عدم العلم بالشيء كعدم علمنا بما تحت الأرضين.(1/56)
نعم بعضهم يفرق يعني بين الجهل المركب والجهل البسيط يقول: الجهل البسيط إذا قال الإنسان: ما أدري ما أعلم. هذا جهل بسيط، إذا قال أتى بكلام غير صحيح يكون جهل مركب لأنه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فهذا يعني كأنه جاهل مرتين لكن لو قال ما أدري هذا يعني جاهل بسيط، ولهذا -أيها الأخوة- كون الإنسان إذا ما علم يكون يعني جاهلا بسيطا أحسن من أن يكون جاهلا مركبا إذا قال مثلا إذا كان لا يعلم شيئا فقال والله أنا ما أدري فهو يعني سنة حسنة، يعني الإنسان إذا ما علم عن شيء يقول والله ما أدري.
وهي طريقة العلماء المتقدمين -رحمهم الله-، عائشة رضي الله عنها -كما هو كما ورد في صحيح مسلم- أنها سئلت عن المسح على الخفين فقالت: سل عليا فإنه كان كثير السفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أجابت من عندها فأحالت إلى علي - رضي الله عنه - وفيه رد لما قيل إن بين علي وعائشة -رضي الله عنها- شيء من.. لا، غير صحيح؛ لأنها لما سئلت عن المسح على الخفين قالت سل عليا فإنه كان كثير السفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولهذا -أيها الأخوة- كان كثير من أهل العلم إذا سئلوا عن مسألة أجابوا عنها بلا أدري، الإمام مالك -رحمه الله- كان مشهورا بالتوقف في المسائل، وكان له تلميذ من أكبر التلاميذ اسمه أبو هشام المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي كان من وجهاء المدينة وكان من أكبر تلاميذ الإمام مالك، وكان -رحمه الله- الإمام مالك يجله ويقدره، فكان المغيرة بن عبد الرحمن يسأل الإمام مالك كباقي التلاميذ، والإمام مالك -رحمه الله- من شأنه ومن طبيعته أنه لا يحب السؤال في أثناء الدرس، يعني منهج ارتضاه لنفسه ورأى أن هذا هو أفضل ولا حرج في هذا يعني ما دام هو رأى أن هذا يعني أحفظ للدرس وأكمل.(1/57)
فكان المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي يسأل الإمام مالك أمام التلاميذ، يقول المغيرة: فصلى ذات مرة بجانب الإمام مالك، فلما أردت أن أقوم أخذ برجلي وقال لي يا أبا هشام، إنك تسألني أمام التلاميذ وإنني لا أحب ذلك، فإذا كان لديك أسئلة فاكتبها ثم ضع خاتمك عليها حتى أتأكد أنها منك ثم ابعثها إلي فإنني سأجيبك عليها بحول الله.
يقول المغيرة: وجمعت الأسئلة التي من عندي مع بعض أسئلة التلاميذ -وجدها فرصة- قال فكتبتها في طومار ما هو الطومار؟ الورق الطويل اللي يلف أحيانا، هذا مثل أوراق السكوك القديمة، أوراق السكوك الطويلة هذا يسمى الطومار، قال فكتبتها في طومار ما أخذ ورقة صغيرة كتبها في طومار، قال ثم بعثتها للإمام مالك فكتبتها ووضعت خاتمي عليها وبعثتها للإمام مالك، قال: فبقيت عنده ثلاثة أشهر ثم أعادها إلي وقد أجاب على ثلثها وقال في الثلثين لا أدري.
الإمام مالك -رحمه الله- له منهج متميز يعني في تعامله مع تلاميذه وينبغي حقيقة أن يفرد بالدراسة، وحبذا لو أن مثلا المهتمين بأمور التربية وغيره يعني أخذوا طريقة الإمام مالك منهجه في التدريس، منهجه في تربية التلاميذ يقولون: ما من أحد إلا وزجره مالك إلا ابن وهب، جميع تلاميذ ابن مالك كلهم نالهم شيء من اللوم والتقريع، الإمام مالك، يقول: ما من أحد إلا وزجره مالك إلا ابن وهب فإنه هو اللي سلم ما زجره الإمام مالك -رحمه الله- وهو منهج يعني العلماء -رحمهم الله- السابقين لهم مناهج في طريقة التعليم، منهم من يتميز بالليونة والسهولة ومنهم من يتميز بالشدة والحزم ويرى أن هذا أفضل للطلاب.(1/58)
الإمام تاج الدين بن السبكي عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي كان يذهب إلى شيخين عالمين الإمام المزي والإمام الذهبي يقول هو يحكي عن نفسه ابن السبكي يقول: كان الإمام المزي شديدا فكنت وأنا صبي ما أحب الذهاب إليه، وكان الإمام الذهبي لينا وسهلا مع التلاميذ فكنت أحب الذهاب للذهبي والذهاب إليه ولا أحب الذهاب للمزي؛ لأنه كان يعني شديدا مع التلاميذ، وهما رحمهما الله - من كان منهم شديدا ومن كان منهم سهلا كلهم يعني سار على طريقة ارتضاها لنفسه وغلب على ظنه أنها أنفع لتلاميذه نعم يا شيخ.
أقسام العلم
وبعضهم وصف هذا الجهل بالمركب وجعل البسيط عدم العلم بالشيء، كعدم علمنا بما تحت الأرضين وبما في بطون البحار. وعلى ما ذكره المصنِّف لا يسمى هذا جهلا، والعلم الضروري ما لم يقع عن نظر واستدلال كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس.
سيقسم الآن العلم إلى علم ضروري وعلم نظري أو علم مكتسب، فقال: علم ضروري لا يقع عن نظر واستدلال وسمي ضروريا، قالوا: لأن الإنسان يجد نفسه مضطرا للتصديق به، سمي ضروريا لأن الإنسان يجد نفسه مضطرا للتصديق فسمي ضروريا، قال كالعلم الواقع بأحد الحواس الخمسة إذا لمست سطحا وجدته ناعما فعلمت أن هذا ناعم، يقال هذا علم ضروري إذا يعني لمسته وجدته خشنا مثلا، فقالوا: العلم الحاصل لديك بأن هذا الجسم خشن مثلا قال هذا علم ضروري نعم.
العلم الضروري
كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس الظاهرة، وهي السمع والبصر واللمس والشم والذوق، فإنه يحصل بمجرد الإحساس بها من غير نظر واستدلال.
نعم من غير نظر وفكر وانتقال مثلا وبحث في وجه الدلالة لا ما يبحث الإنسان، مجرد يعني ما يحصل بالحواس الخمس يكون علما ضروريا نعم.
العلم المكتسب
وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال، كالعلم بأن العالم حادث فإنه موقوف على النظر في العالم وما نشاهده فيه من التغير فينتقل من تغيره إلى حدوثه.(1/59)
نعم كما لو قال: العالم متغير وكل متغير حادث. فالنتيجة أن العالم حادث، قال فهذا علم نظري مكتسب لأن الإنسان ينتقل من المقدمة الأولى إلى المقدمة الثانية ثم تحصل النتيجة.
من أول يا شيخ: وأما العلم المكتسب.
وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال، كالعلم بأن العالم حادث فإنه موقوف على النظر في العالم وما نشاهده فيه من التغير، فينتقل من تغيره إلى حدوثه والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى المطلوب.
نعم لما ذكر أن العلم المكتسب أنه موقوف على النظر والاستدلال لا بد أن يعرف النظر ثم يعرف الاستدلال، فقال: النظر هو الفكر يعني هو تنقل الفكر في حال المنظور فيه.
ليؤدي إلى المطلوب سواء كان المطلوب علما أو ظنا، يعني سواء كان يقينا أو ظنا نعم.
تعريف الاستدلال
والاستدلال طلب الدليل ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر والاستدلال واحد، فجمع المصنف بينهما في الإثبات والنفي تأكيدا.
والاستدلال طلب الدليل، الاستدلال صيغة الاستفعال دائما طلب، فالاستدلال طلب الدليل والاستفهام طلب الفهم والاستنصار طلب النصرة مثلا والاستعجال طلب العجلة مثلا والاستيضاح طلب الوضوح، فدائما يقول فالاستدلال هو طلب الدليل ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر والاستدلال واحد، نعم.
تعريف الدليل
والدليل هو المرشد إلى المطلوب لأنه علامة عليه.(1/60)
الدليل هو المرشد للمطلوب لأنه علامة عليه، المؤلف -رحمه الله- عليه اكتفى بالتعريف اللغوي فقال: الدليل هو المرشد للمطلوب لأنه علامة عليه. والأصوليون عرفوا الدليل فقالوا: هو ما يمكن ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري هذا هو الدليل، وسواء كان يعني، وكلمة المطلوب الخبري تشمل ما كان علما وما كان ظنا يعني ما أفاد اليقين والعلم، أو ما أفاد الظن كله يسمى دليل، المعتزلة لهم تقسيم فجعلوا ما أفاد اليقين يسمونه دليلا وما أفاد الظن يسمونه أمارة. ولكن التعريف الصحيح هو تعريف الجمهور: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري وأنه يعني والدليل يطلق على ما أفاد اليقين أو العلم وما أفاد الظن. نعم يا شيخ.
تعريف الظن
والظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوز.
نعم لما عرف اليقين اللي هو العلم انتقل إلى ما هو أقل درجة اللي هو الظن.
لاحظوا معي يا إخوان، المؤلف يقول: الظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوز، هل الظن هو تجويز ولا الظن هو الإدراك الراجح؟ يعني هل هو نفس التجويز هو ظن، مجرد أنه يعني يمكن هذا وهذا، هذا هو ظن؟ ولا الظن هو الجانب الراجح؟ فما هو الظن؟ نعم يا شيخ؟
-...
هو الجانب الراجح، فعبارة المؤلف -رحمه الله- فيها تسامح، ولهذا نقول: الظن هو الإدراك الراجح من تجويز أمرين فأكثر. نعم يا شيخ.
تعريف الشك
والشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر عند المجوز، فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء، شك.
هذا مثال قال: التردد في قيام زيد. نعم ونفيه نفي القيام على السواء شك. نعم.
العمل بالظن في الأحكام الفقهية
مع رجحان الثبوت أو لانتفاء الظن.
يعني ومع رجحان الثبوت ولانتفاء ظن إذا يعني ترجح لديك أنه قام هذا ظن، ترجح لديك أنه ما قام أيضا هو ما زال ظنا نعم لكن إذا تردد وما ترجح أحدهما يسمى شكا.(1/61)
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- في مسألة الظن إلى أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- له يعني قاعدة مستمرة في مسألة الظن وهي أنه يعمل به في الأحكام الفقهية، ولهذا يقول البعلي في القواعد الأصولية، قال: وطرد شيخ الإسلام أصله، وطرد يعني أن مطرد أصله في مسألة الظن، فلهذا كل المسائل الفقهية شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول يُكتفى فيها بالظن. في مسألة مثلا دخول الوقت ومسألة يعني الأسباب ومسألة مثلا ستر العورة ومسألة الإفطار بغروب الشمس وسقوط الحجر مثلا في الرمي، حِلّ الشيء مثلا يقول: يكفي فيها الظن. وهذه قاعدة مستمرة لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه يكفي فيها الظن. فمثلا دخول الوقت إذا يعني زالت الشمس إذا غلب على ظننا أو ظننا أن الشمس زالت، ففي هذه الحال يباح لنا أن نصلي الظهر ولا يلزم اليقين.
بقي معنا الإشارة إلى مسألة يا إخوان، هل -حين العمل بالظن- هل لا بد أن نعمل بالظن عند عدم القدرة على اليقين؟ لكن لو قدرنا على اليقين، هل نكتفي بالظن؟ إنسان يقدر يتيقن، هل يكتفي بالظن؟ يقول العلماء -رحمهم الله-: إنه يكتفي بالظن ولو قدر على اليقين.
مثال ذلك لو قال إنسان مثلا: أنا غلب على ظني أن الشمس زالت. يباح له الصلاة ولا ما يباح له الصلاة صلاة الظهر؟ يباح له على القول الصحيح، يباح له وتكون صلاته مجزئة وصحيحة، ولا نقول له مثلا: أخر نصف ساعة حتى تتيقن من زوال الشمس، ما نقول هذا الشيء، فإذا غلب على ظنه أن الشمس زالت في هذه الحال نقول: دخل وقت الظهر في حقه وأبيح له الصلاة.(1/62)
مثال آخر، ما هو الواجب في استقبال القبلة بالنسبة لمن كان في مكة؟ أو من كان، طبعا هو الواجب هو الأصل أن الإنسان يستقبل عين الكعبة لكن من كان بعيدا عنها يكفي الجهة، ولاّ الأصل أن الإنسان يستقبل عين الكعبة، لكن من كان بعيدا عنها يكفي الجهة فإذا الإنسان صلى في بعض أجزاء المسجد الحرام مثلا في السطح مثلا في الأخير واستقبل جهة الكعبة احتمال أنه يكون انحرف قليلا، احتمال إنه ما أصاب عين الكعبة، هل نقول لا تقدم ما دام أن ما في قدامك أحد تقدم حتى تطل على الكعبة وتشوفها، ولا يكفي أن يصلي مثلا في الأخير مع غلبة ظنه أنه جهة الكعبة؟ في هذه الحال نقول: إنه يكفي وإن كان قادرا على أن يذهب ويتقدم مثلا مع قدرته على ذلك ويشاهد عين الكعبة.
مثال آخر أيضا يا إخوان: يصلي الإنسان مثلا في ثوب مثلا لأنه يغلب على ظنه إن شاء الله الطهارة، ما نقول له لا خلي الثوب جديد، كل مرة اغسله مثلا حتى تكون صليت بيقين أن ثوبك طاهر قد يكون الإنسان في بيته، قد يحمل أولاده، قد يحمل كذا وكذا فهو معرض لكن الأصل الطهارة في الثوب ما دام أنه ما تبين له إنه نجس فيصلي فيه، ولو كان عنده ثوب جديد ما يلزمه في هذه الحال فإذا معناه أن نقول: إنه يكتفى بالظن ولو قدر على اليقين ولو قدر. نعم يا شيخ.
الطريقة التي اتبعها صاحب الورقات في التأليف
وأصول الفقه والذي وضع فيه هذه الورقات طرقه أي طرق الفقه على سبيل الإجمال، كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
نعم لو لاحظتم أيها الأخوة في التعريف، الجويني -رحمه الله- عرف الأصل ثم عرف الفقه ثم بدأ بالأحكام الخمسة ثم الصحيح والباطل ثم عرف أصول الفقه، يعني هذه من حيث صنعة التأليف لو أنه عرف الفقه ثم عرف أصول الفقه ثم انتقل إلى الأحكام التكليفية الخمسة والأحكام الوضعية لكان أولى، لكن المؤلف -رحمه الله- له يعني رأي في ذلك،
نعم يا شيخ، وأصول الفقه.
مطلق الأمر للوجوب(1/63)
كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والإجماع والقياس والاستصحاب، من حيث البحث عن أولها بأنه للوجوب.
من حيث البحث عن أولها أنه الوجوب اللي هو مطلق الأمر، نعم والثاني اللي هو النهي نعم للحرمة، والباقي اللي هو الفعل والإجماع والقياس أنها حجج. نعم.
تعريف أصول الفقه
والثاني بأنه للحرمة والباقي بأنها حجج وغير ذلك مما سيأتي مع ما يتعلق به بخلاف طرقه على سبيل التفصيل.
تعريف أصول الفقه لما عرفه المؤلف، قال هو أصول الفقه طرقه يعني طرق الفقه على سبيل الإجمال، أصول الفقه له تعريفات كثيرة جدا لكن لعل من أجودها أن نقول: هو معرفة أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد. فدخل معنا أدلة الفقه الإجمالية اللي هي كون الكتاب حجة وكون السنة حجة وكون الإجماع حجة وكون القياس حجة، وشروط كل واحد منهما شروط الاحتجاج بكل واحد منهما، ثم قال كيفية الاستفادة منها يعني ما العمل إذا يعني تعارض الكتاب مع السنة مع القياس، وأيضا يدخل فيها مباحث الأمر والنهي والعام والخاص والمطلق والمقيد، هذا كيفية الاستفادة منها، ثم قال: وحال المستفيد دخل فيه أحكام المجتهد. لأن الأصوليين يذكرونه عادة ودخل فيه أحكام المقلِّد فدخلت فيه كل هذه الأمور. نعم يا شيخ.
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- لما ذكر المؤلف في الأول لما قال كمطلق الأمر والنهي. ما الفرق بين مطلق الأمر وبين الأمر المطلق هي العبارتين مجرد قدمت إحداهما على الأخرى، ما الفرق بينهما بين مطلق الأمر وبين الأمر المطلق؟ نعم الشيخ؟
-...(1/64)
مطلق الأمر أعم، والأمر المطلق؟ أخص، كلام الأخ صحيح، مطلق الأمر يشمل أي أمر سواء فيه قرينة تحمله على الوجوب أو الندب أو ليس معه قرينة، يسمى مطلقا، أما الأمر المطلق فهذا هو الأمر الذي ليس معه قرينة، مثل لو قلنا مثلا: الماء المطلق ومطلق الماء، الماء المطلق هو الماء الذي لم يتغير ومطلق ماء هو الماء حتى ولو كان متغيرا؛ لأنه مطلق ماء فالذي يصح الوضوء ما هو؟ الماء المطلق، هو الماء المطلق وليس مطلق ماء؛ لأن مطلق الماء لا يلزم أن يكون يعني أن يكون طهورا. نعم يا شيخ، المؤلف -رحمه الله- قال يعني إن هذه أصول فقه ثم قال بخلاف طرقه على سبيل التفصيل نحو أقيموا الصلاة ولا تقربوا الزنا، ومثل يعني صلاته في الكعبة اللي هو الفعل، قال: هذه أدلة تفصيلية ليس المقصود من أصول الفقه إلا على سبيل ضرب المثال. نعم.
الأدلة التفصيلية ليست من أصول الفقه
بخلاف طرقه على سبيل التفصيل نحو وأقيموا الصلاة، ولا تقربوا الزنا، وصلاته - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة كما أخرجه الشيخان، والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب.
هذا مثال الإجماع نعم.
حيث لا عاصب لهما، وقياس الأرز على البر في امتناع بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل، يدا بيد.
هذا مثال القياس لمّا ذكر الآية ذكر أمرا ثم ذكر نهيا ثم ذكر فعلا ثم ذكر إجماعا ثم ذكر قياسا نعم.
إلا مثلا بمثل، يدا بيد كما رواه مسلم، واستصحاب الطهارة لمن شك في بقائها فليست من أصول الفقه وإن ذكر بعضها في كتبه تمثيلا.
نعم هذه أيضا فهذه الأمثلة أو الأدلة التفصيلية يقول هي ليست من أصول الفقه يعني على مسائل معينة كون الإجماع أن لبنت الابن السدس وكون يعني قياس الأرز على البر هذه ليست من الأصول؛ لأنها وإن كانت قياسا لكنه قياس تفصيلي يعني دليل تفصيلي يعتبر من قبيل الفقه ثم قال أيضا: استصحاب الطهارة لمن شك في بقائها. هذا من ضمن القواعد الفقهية ليس من أصول الفقه نعم.
موضوع أصول الفقه(1/65)
وكيفية الاستدلال بها أي بطرق الفقه من حيث تفصيلها عند تعارضها لكونها ظنية من تقديم الخاص على العام والمقيد على المطلق وغير ذلك، وكيفية الاستدلال بها تجرّ إلى صفات من يستدل بها وهو المجتهد، فهذه الثلاثة هي الفن المسمى بأصول الفقه لتوقف الفقه عليه.
نعم فإذًا معنى أصول الفقه يشمل الأدلة ويشمل ترتيب كيفية الاستفادة منها ويشمل أيضا حال المستدل أو المستفيد اللي هو المجتهد والمقلد وإن كان المؤلف -رحمه الله- ما ذكر المقلد.
بقي معنا الإشارة أيها الأخوة: ما هو موضوع أصول الفقه؟ أيُّ علم لا بد له من موضوع اللي هو مجال البحث، هو يعني الشيء الذي يدور حوله الأصول أو يدور حوله هذا العلم، فعلى سبيل المثال حتى يتضح الأمر يا إخوان لأن المثال يوضح كثيرا لو قلنا: ما هو موضوع علم الطب؟ ها ماذا نقول ؟ نعم.
النظر في بدن الإنسان.
أحسنت. الشيخ يقول: النظر في بدن الإنسان. صح، هذا موضوع علم الطب مسألة الأمراض مسألة العلاج هذا ليس هو الموضوع، هذا ثمرة العلاج هو الثمرة والأمراض هي المسائل لكن الذي مجاله يدور حوله بدن الإنسان، هذا موضوع علم الطب. فالأمور الأخرى إما أن تكون مسائل وإما أن تكون ثمرة.
ولو قلنا مثلا: ما موضوع مثلا علم الطب البيطري مثلا؟ نقول: الحيوان وبدن الحيوان. ولو قلنا: ما موضوع مثلا علم الزراعة مثلا؟ نقول: الأشجار كونها ما يعرض لها من علل وأمراض هذه مسائل كونها يزيد إنتاجها هذه ثمرة والفائدة المرجوة منها.
فإذًا نقول: ما موضوع علم الأصول؟ نعم يا شيخ، الشيخ يقول: موضوع علم الأصول هو استنباط الأحكام ها ما رأيكم؟
-...
ها نعم يا شيخ؟
-...
الشيخ يقول: موضوع علم الأصول استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية ها من الأدلة الإجمالية. طيب نعم الشيخ؟
-...
معرفة القواعد التي يستنبط بها.(1/66)
نجيب على أولا ما ذكره الأخ والأخ، أليست الاستنباط هي الثمرة؟ فإذا معناه ليست الموضوع هذه الثمرة والغاية، الشيخ يقول: القواعد معرفة القواعد، القواعد هذه المسائل فهي تشبه مسألة الأمراض والعلل في الطب إذًا ما هو الموضوع؟ نعم الشيخ
-...
نعم؟
-...
الأدلة إيش المقصود بالأدلة؟ ترى عندنا نوعان: أدلة إجمالية، ولا أدلة تفصيلية؟ الأدلة الإجمالية هذه مثل ما قال الشيخ هذه هي المسائل...... طيب الشيخ؟
-...
نعم؟
-...
مصادر الاستدلال نعم يا شيخ؟
-...
طرقه على الإجمال لا هذا التعريف، التعريف ترى غير الموضوع هذا غير الموضوع نعم الشيخ؟
- النظر في الدليل
النظر في الدليل لا ليس هذا هو الموضوع، هذا ما يقوم به يعني طالب الأصول أو ما يقوم به عالم الأصول لكن موضوعه؟ نعم يا شيخ؟ -
الموضوع -يا إخوان- هو موضوع الأصول هو الدليل الشرعي من حيث ثبوت الحكم به هذا موضوعه وهذا مهم يا إخوان، حقيقة يعني تحديد الموضوع مهم جدا لماذا؟ لأنه إذا ما حدد الموضوع قد يستخدم علم الأصول في غير ما وضع له في غير موضوعه كما لو أن إنسان مثلا استخدم علم الطب مثلا بعلاج النبات يصلح هذا ولا ما يصلح؟ ما يصلح، فكذلك لو استخدم قواعد الأصول في غيره يعني الدليل الشرعي مثلا ما يكون الاستخدام صحيحا.
وعلى هذا أيها الأخوة تأتي مسألة، هل يمكن مثلا تطبيق القواعد الأصولية على كلام المكلفين أو لا يمكن؟ هذه مسألة مهمة يا إخوان، يعني هل مثلا القواعد الأصولية هل تطبق على كلام المكلفين؟ لا ما تطبق على كلام المكلفين؛ لأنه ليست من موضوع علم الأصول، موضوع علم الأصول هو الدليل الشرعي، فهو ينظر في هذا الدليل هل ينتِج هذا الحكم أو لا ينتج هذا الحكم؟ يعني موضوعه الدليل الشرعي من حيث ثبوت الحكم به، هذا موضوعه لكن كونه يطبق على كلام المكلفين لا، لكن قد يقال مثلا: إنه تطبق قواعد اللغة ليست قواعد الأصول وقد يكون في اشتراك بينهما.(1/67)
لكن وعلى سبيل المثال مثلا مفهوم المخالفة حجة أو ليس بحجة؟ مفهوم المخالفة حجة على قول الجمهور، الشروط المعروفة في المخالفة لكن هل هو حجة في كلام الآدميين؟ لا ما يلزم، ولهذا يقولون: لازم المنهج ليس بلازم. فهو على كلام المكلفين ليس بحجة مفهوم المخالفة لكنه في الآيات والأحاديث هو حجة مفهوم المخالفة، لكن تطبيقه على كلام المكلفين لا.
وكذلك مثلا مسألة العام والخاص وغيرها على كلام المكلفين تطبيق قواعد العام والخاص ما يتأتى وما يستقيم؛ لأن هذه القواعد قواعد الأصول وضعت للحكم أو موضوعها أو مجالها هو الدليل الشرعي، فكلام المكلفين ليس هو من قبيل الدليل الشرعي، فاستخدام علم الأصول في كلام المكلفين يشبه استخدام مثلا علم الطب في علاج الأشجار من باب التمثيل من باب التوضيح فقط. نعم يا شيخ.
أبواب أصول الفقه
وأبواب أصول الفقه أقسام الكلام والأمر والنهي والعام والخاص، ويذكر فيه المطلق والمقيد والمجمل، والمبين والظاهر، وفي بعض النسخ والمؤول وسيأتي، والأفعال والناسخ والمنسوخ، والإجماع والأخبار والقياس، والحظر والإباحة، وترتيب الأدلة، وصفة المفتي والمستفتي، وأحكام المجتهدين.
هذه ذكرها المؤلف مجملة وستأتي إن شاء الله تباعا.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
تكلم المؤلف -رحمه الله- في اللقاء السابق عن تعريف الفقه وتعريف أصول الفقه والأحكام التكليفية التي تتناول أفعال المكلف، وبقي الكلام على مدخل من مداخل اللغة يذكره أهل الأصول عادة وهو أقسام الكلام وما يتعلق بها وتقسيمه إلى حقيقة شرعية وحقيقة عرفية ومجاز وغير ذلك مما يذكره أهل الأصول عادة. نعم يا شيخ.
أقسام الكلام(1/68)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
قال المحلي -رحمه الله- تعالى: فأما أقسام الكلام فأقل ما يتركب منه الكلام اثنان نحو: زيد قائم. أو اسم وفعل نحو: قام زيد. أو فعل وحرف نحو: ما قام. أثبته بعضهم ولم يعدَّ الضمير في قام الراجع إلى زيد مثلا؛ لعدم ظهوره والجمهور على عدِّه كلمة أو اسم وحرف وذلك في النداء نحو: يا زيد. وإن كان المعنى أدعو أو أنادي زيدا.
مؤلفات الأصول أو أهل الأصول يذكرون دائما شيئا مما يتعلق بعلم اللغة وهم يأخذون من علم اللغة ما يساعد على فهم النصوص فهما صحيحا فما يتعلق بالكلام وغيره يذكرونه عادة؛ لأنه يساعد على فهم النصوص واستنباط الأحكام منها استنباطا صحيحا.
وأهمية معرفة اللغة وإدراكها مهم جدا لطالب العلم؛ لأن القرآن نزل باللغة العربية الفصحى والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نطق باللغة العربية الفصحى، ففهم الآيات والأحاديث فهما صحيحا لا يتم إلا إذا كان طالب العلم مدركا لعلم اللغة، وكان العلماء السابقون -رحمهم الله- يهتمون بعلم اللغة كثيرا؛ لأنه يساعدهم على ما ذكرنا.
يقول أبو عمرو الجرمي أحد شراح سيبويه، وهو عالم جليل متمكن من علم اللغة يقول: أنا أفتي الناس منذ ثلاثين سنة من كتاب سيبويه، كتاب سيبويه ما الذي فيه؟ ليس فيه إلا قام زيد وجلس عمرو، لكن أبي عمرو الجرمي يقول: أنا أفتي الناس منذ ثلاثين سنة. فتوجيه هذا الكلام يقول: إن أبا عمرو الجرمي كان حافظا لكتاب الله، وملما بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيفهم الآيات والأحاديث فهما صحيحا على ما أدركه من قواعد اللغة.(1/69)
وهناك بعض المسائل التي أوردها العلماء تدل على أهمية علم اللغة مثل ما قيل في مسألة المصغَّر لا يصغَّر أن الكسائي -وتروى أيضا عن الفراء- أنه أن محمد بن حسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة -رحمه الله- سأل الأخفش فقال له: ما ترى في رجل سهى في سجود السهو؟
وأصل القصة أنهما تنازعا في أيهما أكثر فائدة: علم الفقه أم علم النحو؟ فبحكم أن الفراء يعني كأنه قال: إن علم النحو يعني قل من أمعن النظر فيه ودقق فيه إلا وسهل عليه باقي العلوم. فسأله محمد بن الحسن وقال له: وما تقول في رجل سهى في سجود السهو؟ فقال الفراء: أرى أن لا شيء عليه، قال لماذا؟ قال لأن عندنا معاشر النحاة أن المصغر لا يصغر، فإذا الإنسان سهى في سجود السهو فإن سجود السهو هو صلاة صغرى بالنسبة للصلاة المعروفة فلا يلزمه سجود آخر؛ لأن المصغر لا يصغر.
ما ذكره المؤلف -رحمه الله- من أقسام الكلام فقال: أقل ما يتركب منه الكلام اسمان نحو زيد قائم أو اسم وفعل نحو قام زيد أو فعل وحرف نحو ما قام، وهذه مسألة خلافية مسألة فعل وحرف ما قام هل تعتبر كلمة أو تعتبر كلاما يعني كلاما مفيدا؟ وهي مسألة اصطلاحية. أو مثلا يعني حرف واسم مثل يعني يا زيد أو يا الله، هذه يعني على أساس أن يا اللي هو حرف النداء قائم مقام أدعو وأنادي، فكأنه قال: أنادي زيدا فتكون في هذه الحال إذا قلنا بأنها أنادي زيدا تكون من قبيل أنها فعل واسم مثل قام زيد.
والكلام عرفه علماء اللغة هو ما تضمن كلمتين بالإسناد، وقالوا ما تضمن ولم يقولوا ما تألف لماذا؟ نعم الشيخ؟
-...(1/70)
ليشمل المضمر يعني كاستقم مثلا مما فاعله غير مسبوق به فقالوا: ما تضمن ولم يقولوا ما تألف، أما تعريف الكلمة فقالوا: هي لفظ استعمل في معنى المفرد مثل: زيد، عمرو، خالد، أسد، فرس، جمل، هكذا هذه هي الكلمة ولماذا قالوا: استعمل ولم يقولوا وضع؟ قالوا: حتى يشمل ما كان بأصل الوضع وما كان بالاستعمال كحقيقة العرفية وغيرها فإن الحقيقة العرفية لم توضع لكنها بالاستعمال فقالوا يعني إن الكلمة لفظ استعمل حتى يشمل ما كان بالوضع بأصل اللغة وما كان بالاستعمال كالحقائق العرفية. نعم يا شيخ.
الأمر والنهي والخبر والإنشاء
والكلام ينقسم إلى أمر ونهي نحو: قم ولا تقعد وخبر نحو جاء زيد واستخبار وهو الاستفهام نحو هل قام زيد؟ فيقال نعم أو لا وينقسم أيضا إلى تمنٍ.
هذا نوع من التقسيم أنه ينقسم إلى أمر ونهي أمر نحو قم ونهي نحو لا تقعد وخبر نحو جاء زيد أو السماء تمطر أو الجو حار مثلا أو الجو بارد مثلا، واستخبار اللي هو هل جاء زيد، هل قرأت اليوم، هل فعلت كذا اللي هو طلب يعني ويجاب، استفهام يجاب عنه بنعم أو بلا، وبعضهم يقسمه تقسيم آخر يقول: ينقسم إلى خبر وإنشاء، فالخبر ما كان له حقيقة في الخارج موجودا كزيد مثلا موجود أو حاضر مثلا أو قائم أو جالس، هذا له حقيقة في الخارج، والإنشاء الذي ليس له حقيقة في الخارج اللي هو الاستفهام والسؤال والطلب. نعم يا شيخ.
الفرق بين التمني والترجي
وينقسم أيضا إلى تمن نحو ليت الشباب يعود، وعرض نحو ألا تنزل عندنا، وقسم نحو والله لأفعلن كذا.
ما الفرق بين التمني والترجي؟ التمني ليت الشباب يعود، الترجي مثلا تقول مثلا: ليت فلان يقدم علينا مثلا أو فلان مثلا... نعم يا شيخ؟
-...(1/71)
الشيخ يقول: التمني لا يمكن حصوله والترجي يمكن حصوله، إذا قلت ليت فلان مثلا يأتي إلينا. هذا تمني المقصود تمني لكن يمكن حصوله، فلعل الفرق ما ذكره الأخ صحيح بس يحتاج إلى قيد، وأنا أقول الفرق بينهما أن التمني يكون في الممكن والمستحيل، والترجي لا يكون إلا في الممكن ولهذا قال المؤلف: ليت الشباب يعود، هذا من الممكن ولا من المستحيل؟ من المستحيل فهو تمنٍ نعم.
وعرض بإسكان الراء وعرض نحو ألا تنزل عندنا والعرض ما الفرق بين العرض والتحضيض أو الحض؟ ما الفرق بينهما؟ يعني بينهما التشابه نعم الشيخ الحث برفق بألا ألا تزورنا مثلا، ألا تجلس عندنا، والحض هو الحث بشدة وقوة مثلا، هلا فعلت كذا مثلا وهو المصدَّر بهلَّا، نعم يا شيخ.
الحقيقة والمجاز
ومن وجه آخر ينقسم إلى حقيقة ومجاز، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة.
بقي معنا الإشارة إلى مسألة يذكرها الأصوليون ودائما يسمونها يقولون هي مسألة يقولون طويلة الذيل قليلة النيل، وصفوها بهذا الوصف: مسألة طويلة الذيل قليلة النيل، وهي مسألة هل اللغات توقيفية أو ليست توقيفية يقول الثمرة قليلة جدا لكن المسألة لها يعني تشعيبات ولها اعتراضات ولها أدلة كثيرة ويصدرونها الأصوليون عادة في الدلالات اللفظية والمسألة فيها ثلاثة أقوال:(1/72)
القول الأول: إن اللغات توقيفية بمعنى أنها نزلت مع آدم عليه السلام، توقيفية والقول الآخر إنها اصطلاحية ليست توقيفية وأن الناس تعارفوا عليها، تعارفوا على أن يسمون الجبل جبلا والأسد أسدا مثلا، والشمس شمسا والقمر قمرا هكذا يعني اصطلحوا على هذا ومنهم من يقول لا، يتوسط في الأمر فيقول: إن أصول الأشياء أنها توقيفية الأصول، وإن باقي الأشياء الجزيئات الدقيقة هذه اصطلاحية، وإن الأشياء الأصول والأساسيات هذه توقيفية نزلت مع آدم عليه السلام. وفيما يروى عن ابن عباس - رضي الله عنه - على قوله تعالى: { - المحتويات ( - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -( - عليه السلام -( - - - (( - - } - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - } (1) ؛ قال علمه حتى القصعة والقصيعة.
بقي معنا الإشارة إلى أمر يذكره أهل الأصول عادة وهو يعني أخذوه من علم اللغة هل هناك ارتباط يعني بين الاسم والمسمى أو ليس هناك ارتباط؟ يعني هل هناك ارتباط بين الاسم وبين المعنى أو ليس هناك ارتباط؟ معنى مثلا الحجر، هل هناك ارتباط بين الاسم وبين كونه صلبا؟ وكلمة مثلا شمس بين الاسم وبين كون هذا الكوكب أو الجرم المضيء مثلا، هل هناك ارتباط؟ كثير من أهل العلم يقولون: ليس هناك ارتباط بين الاسم والمسمى ويحتجون لهذا بوجود الأضاد في اللغة وهي تسمية الشيء بضده.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 31.(1/73)
كثير من أهل العلم يقولون: ليس هناك ارتباط بين الاسم والمُسَمَّى، ويحتجون لهذا بوجود الأضداد في اللغة، وهي تسمية الشيء بضده، كالقُرء؛ فإن القُرء في اللغة يطلق إطلاقين كلاهما حقيقة، كلاهما حقيقة من باب الاشتراك اللفظي، يطلق على الطهر ويطلق على الحيض، والحيض مضاد للطهر، فلا يمكن أن يكون بينهما مناسبة؛ لأن هذا ضد هذا، أو هذا نقيض هذا، الحيض نقيض الطهر، فليس بينهما مناسبة، فهذا -يعني- دليل من يقول إنه ليس هناك ارتباط.
وكان بعض أهل اللغة، شخص اسمه عباد بن سليمان، كان -يعني- يدافع أو يرى أن هناك بينهما علاقة لا بد، فيقال أنه كان -وهو لا يحسن الفارسية- فسئل عن كلمة بالفارسية هي الإدراد، فقيل له: ما الإدراد إذا كنت تستطيع إنك ترى بينهما مناسبة؟ والإدراد في الفارسية هو الحجر فقال: أرى شيئا فيه صلابة وقسوة وأظنه الحجر، يعني هذا ما ذكره أهل اللغة في ذلك، ولكن الصواب أنه ليس بينهما علاقة.
نعم يا شيخ.. من الأول يا شيخ.. ومن وجه آخر..
تعريف الحقيقة
ومن وجه آخر ينقسم إلى حقيقة ومجاز، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، نعم، وقيل ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة، وإن لم يبق على موضوعه، كالصلاة في الهيئة المخصوصة.
يعني ذكر تعريفين للحقيقة، فقال: الحقيقة هي ما بقي في الاستعمال على موضوعه، والتعريف الثاني ما استُعمل فيما اصطُلح عليه من المخاطبة، طبعا بينهما فرق في التعريفين:
التعريف الأول دل على أنه في أصل الوضع اللغوي أنه باق، والثاني يتناول حتى لو لم يكن في أصل اللغة إنما استعمل استعمالا، بينهما فرق، وبعضهم يعرف الحقيقة يقول: هي اللفظ المستعمل فيما وُضع له في اللغة، هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة.
وإذا أطلقت كلمة الحقيقة انصرفت للحقيقة اللغوية، أو يقال الحقيقة الوضعية، أو الحقيقة اللغوية، أو الحقيقة، كلها بمعنى واحد، كلها من باب الترادف، نعم من أول يا شيخ، فالحقيقة..(1/74)
فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة، وإن لم يبق على موضوعه، كالصلاة في الهيئة المخصوصة، فإنه لم يبق على موضوعه اللغوي وهو الدعاء بالخير، أو وهو الدعاء بخير، والدابة لذات الأربع كالحمار، فإنه لم يبق على موضوعه، وهو كل ما يدب على الأرض.
يعني على التعريف الأول ليس هذا من باب الحقيقة اللغوية، وعلى التعريف الثاني؛ لأنه استعمل في المخاطبة هو من باب الحقيقة اللغوية، فعلى التعريف الأول يقول: الحقيقة فقط هي مثل كلمة الشمس، القمر، الفرس، أو الجدار، أو كل ما كان باقيا على أصل اللغة لم ينقل، فهو حقيقة لغوية، وعلى التعريف الثاني إذا استعمل استعمالا واشتهر ونُقِل واستعمل، وفي هذا الحال يكون أيضا حقيقة لغوية.
ثم ذكر الصلاة، قال: وهي الدعاء بخير، يعني: هل الصلاة في اللغة هي الدعاء مطلقا، وللا الدعاء بخير؟ قولان لأهل اللغة؛ منهم من يقول: إن الصلاة في أصل في اللغة هي الدعاء بالخير، وبعضهم يقول: لا، هي الدعاء مطلقا. نعم يا شيخ..
تعريف المجاز
والمجاز ما تُجُوِّز، أي تُعُدِّي به عن موضوعه، هذا على المعنى الأول للحقيقة، وعلى الثاني هو ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخاطبة.
المجاز، للعلماء كلام في المجاز، أولا نعرِّف المجاز، ثم نتكلم على الخلاف بينهم، ذكر المؤلف تعريفين للمجاز، فقال: المجاز هو ما تُجُوز أي تُعُدي به عن موضوعه، وهذا على التعريف الأول ـ الحقيقة، أما على الثاني: ما استُعمل في غير ما اصطلح عليه، ولعل الأدق من تعريفات المجاز أن نقول: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح. هذا لعله أقرب التعاريف للمجاز.(1/75)
لكن قبل هذا إشارة، لو قلنا: المجاز هو استعمال اللفظ في غير موضوعه، هل بينهما فرق؟ ومثله الحقيقة، لما قلنا: الحقيقة هي اللفظ المستعمل، لما عرفنا الحقيقة قلنا: هي اللفظ المستعمل في غير موضوعه، لو قلنا مثلا: بأن الحقيقة هي استعمال اللفظ في غير موضوعه، أيهما أولى؟ لاحظوا معي يا إخوان هنا، يقول: الحقيقة هي اللفظ المستعمل في غير موضوعه، أو نقول: هي استعمال اللفظ في غير موضوعه، أيهما أولى في هذين التعريفين؟ الكلمات هي هي، لكن فقط قدَّمنا كلمة على كلمة، هذا من باب التمرين على إدراك دلالات الألفاظ، استعمال أفضل، الشيخ يقول: استعمال أفضل، يعني تقول، كأنك تقول: الحقيقة هي استعمال اللفظ في غير موضوعه، هي استعمال اللفظ فيما وُضِع له أولا، هكذا، يعني تقول: إن الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له أولا، أو نقول: المجاز هو استعمال اللفظ في غير موضوعه على وجه يصح، كذا يا شيخ؟
إذا قلنا بأن الحقيقة هي استعمال اللفظ فيما وُضِعَ له أولا، فهل هذا التعريف تعريف للحقيقة، وللا تعريف لاستعمال الحقيقة؟ ها.. تعريف لاستعمال الحقيقة، استعمال الحقيقة يسمى تحقيقا، كما أن استخدام المجاز، ماذا يسمى؟ يسمى تَجَوُّزا، فإذن لو عرّفنا التجوز نقول: التجوز هو استعمال اللفظ في غير موضوعه على وجه يصح، ولو عرفنا المجاز نقول: المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، واضح يا إخوان أو غير واضح؟ فإذا قدمنا كلمة استعمال يكون تعريفا آخر، بمدلول آخر، وإذا أخرناها يكون أيضا تعريف بمدلول آخر، فيختلف مدلول التعريف بالتقديم والتأخير.
أما المجاز -أيها الأخوة- فللعلماء كلام -رحمهم الله- في وجود المجاز، فيه ثلاثة أقوال في المسألة:(1/76)
القول الأول: أنه لا مجاز لا في اللغة ولا في القرآن، لا مجاز لا في اللغة ولا في القرآن، وهذا هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ الأمير الشنقيطي -رحمة الله عليه- وكثير من العلماء المحققين.
والقول الثاني: وجود المجاز في اللغة دون القرآن، وجود المجاز في اللغة دون القرآن، وبه قال ابن حامد شيخ الحنابلة في عصره، أبي عبد الله حسن بن حامد شيخ القاضي أبي يعلى، وهو رواية عن الإمام أحمد.
القول الثالث: وجود المجاز في اللغة والقرآن، وهذا مشى عليه أكثر أهل اللغة وأكثر علماء البلاغة والمعاني وأكثر أهل الأصول.
أصحاب القول الأول الذين يقولون بأنه لا مجاز لا في اللغة والقرآن، يقولون: إن المجاز حادث، وإن أصل إنشاء المجاز أو أصل القول به إنما قال به أهل الكلام ليتوصلوا به إلى نفي الصفات، فإذا يعني قيل: إن لله يد فسروها بالقدرة، والرحمة فسروها بالإنعام وغيرها من التفسيرات، وقالوا: إن اليد يعني: القدرة من باب المجاز، { ( - - رضي الله عنه - - ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( تمت - - رضي الله عنه - - - ( قرآن كريم ( - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله } (1) قالوا: هذه يعني: القدرة، وكل ما ورد من الصفات ثابتة في الكتاب والسنة يؤولونها عن طريق المجاز.
وأيضا من أدلة من يقولون بنفي المجاز، يقولون: إن من شأن المجاز ومن طبيعته ومن خصائصه أنه يصح نفيه، من حقائق المجاز أنه يصح نفيه، فإذا قلت مثلا: فلان أسد، هذا حقيقة وللا مجاز؟ مجاز، يقول للسامع أن يقول: والله فلان ليس بأسد، فالمجاز من شأنه أنه يصح نفيه، فإذا فُتِح يعني أو قيل بالمجاز في القرآن، معناه أنه أصبح في القرآن شيء يصح نفيه، والقرآن منزه عن ذلك.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 64.(1/77)
ثم يقول هؤلاء -أصحاب القول الأول الذين يقولون بالمجاز- يقولون: ما الداعي لكل هذا مع أن هذه كلها -يعني- أسلوب من أساليب العرب، فكل ما أوردتم من الآيات على أنها من باب المجاز هي أسلوب تعرفه العرب، مثل { ( - - رضي الله عنه -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنه - - ( - - { ( - - - } (1) قالوا: هذا أسلوب من أساليب العرب؛ لأن القرية تطلق على الأهل وتطلق على المنازل والبيوت، تطلق على القرية نفسها، يعني أرضها ومكانها، وتطلق على الساكنين إطلاقا عربيا صحيحا ليس من باب المجاز.
{ - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم ( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ( - { - - رضي الله عنه - - } (2) قالوا: الجدار له -يعني- إرادة تخص بحسبه، نعم يا شيخ..
من أول يا شيخ، والمجاز..
الحقيقة الوضعية
والمجاز ما تجوز، أي تعدي به عن موضوعه، هذا على المعنى الأول للحقيقة، وعلى الثاني هو ما استعمل في غير ما اصطلح عليه من المخاطبة، والحقيقة إما لغوية بأن وضعها أهل اللغة.
نعم.. هذه الحقيقة الوضعية بأن وضعها أهل اللغة نعم.. ودائما يقول كلمة أهل اللغة ما يقصد بأهل اللغة علماء اللغة، لا، يقصد بأهل اللغة الأوائل، الذين على القول بأنهم اصطلاحيا اللي اصطلحوا عليه، هذا مقصوده نعم. والحقيقة إما لغوية..
الحقيقة اللغوية والعرفية
والحقيقة إما لغوية: بأن وضعها أهل اللغة كالأسد للحيوان المفترس، وإما شرعية: بأن وضعها الشارع كالصلاة للعبادة المخصوصة، وإما عرفية: بأن وضعها أهل العرف العام كالدابة لذات الأربع كالحمار، وهي لغة لكل ما يدب على الأرض أو الخاصة كالفاعل للاسم المرفوع عند النحاة، وهذا التقسيم ماشٍ على التعريف الثاني للحقيقة دون الأول القاصر على اللغوية.
__________
(1) - سورة يوسف آية : 82.
(2) - سورة الكهف آية : 77.(1/78)
قسّم المؤلف -رحمه الله- الحقيقة إلى لغوية وهي الوضعية التي وضعها -كما قلنا- أهل اللغة الأوائل على أنها اصطلاحية، أو إنها وجدت -يعني- نزلت مع آدم، هذه هي الحقيقة اللغوية الباقية على أصلها، أو الشرعية بمعنى أن الشارع أطلقها وإن كان لها معنى في اللغة، والشارع أطلق بعض الأسماء على بعض العبادات وبعض الأشياء الشرعية ولها أصل في اللغة، كالصلاة والزكاة والصيام والحج والوضوء والتيمم والنكاح وغيرها كثير، هذه الأمور كان لها أسماء في اللغة، ولهذا دائما إذا قرأت في كتب الفقه يقولون مثلا: الصيام في اللغة الإمساك، وفي الشرع: إمساك مخصوص من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، الحج في اللغة القصد والزيادة، وفي الاصطلاح، فدائما يقدمون المعنى اللغوي؛ لأنه مفتاح، ثم يذكرون المعنى الشرعي.
وأحيانا أيها الأخوة -وهذه مسألة غير مؤثرة- يكون المعنى قريبا، المعنى اللغوي قريب من المعنى الاصطلاحي وأحيانا يكون بعيدا، تأملوا معي مثلا ما تعريف الصيام في اللغة؟ الإمساك. ثم في الشرع: إمساك مخصوص.
ما تعريف الحج؟ القصد. ثم في الاصطلاح: قصد مخصوص.
لكن تعريف التيمم، التيمم في اللغة بمعنى القصد. وفي الاصطلاح: ضرب الصعيد باليدين ومسح الوجه بهما، ومسح إحداهما بالأخرى.(1/79)
فالعلاقة بعيدة، يعني بين القصد في التيمم وبين نفس المعنى الاصطلاحي، وإن كان التيمم يحتاج إلى نية لا شك في هذا، لكن ليس هذا هو المقصود، بدليل أن الوضوء يحتاج إلى نية ومع هذا ما سمي بالتيمم، فالوضوء يحتاج إلى نية، لكن التيمم جاء من قوله تعالى: { } - قرآن كريم ( - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه - - - ( - - جل جلاله - - - (( - ( - - جل جلاله - - ( - - - ( } (1) فأخذوا منه كلمة التيمم، ووضعوها على هذا المصطلح، نعم يا شيخ.. ثم قال المؤلف: وهذا التقسيم ماشٍ، ما معنى ماشٍ؟ أنا كنت أظن حقيقة أن كلمة ماشٍ أنها كلمة غير فصيحة، كنت أظن أنها كلمة غير فصيحة؛ لكن وجدت أكثر كتاب من كتب الأصول + للسبكي، وهنا أيضا أتى بكلمة ماشٍ، وعلى ما أذكر أن الذين شرحوا وعلقوا ما تكلموا على أنها ليست فصيحة، فاستخدامها هنا وإن كان استخدام الناس كثير لها يعني بالإجابة والموافقة، يقال: ماش مثلا، فكنت أظن أنها غير فصيحة، لكن يبدو أنها فصيحة.
وهناك كثير من الألفاظ قد -يعني- يتبادر لذهن الإنسان إنها غير فصيحة، كلمة إيش، هذه وردت عند الإمام أحمد -رحمه الله- أنه كان يقول مثلا إيش هذا مثلا؟، أي شيء تقول؟ فمعناها طبعا أي شيء تقول، لكن يقول مثلا إيش تقول؟ ورد عنه أن أبا عبد الله القطيعي دخل على الإمام أحمد -رحمه الله- فقال له: يا أبا عبد الله، ما تقول في الوضوء بماء الباقلاء؟ فقال الإمام أحمد -رحمه الله- كعادته في عدم -يعني- في التروي قال: لا أحب ذلك، قال: ما تقول في الوضوء بماء النورة؟ قال: لا أحب ذلك، قال أبو عبد الله القطيعي: فأردت أن أقوم، فأخذ بثوبي وقال: اجلس، فجلست فقال لي: إيش تقول إذا دخلت إلى المسجد؟ بهذا اللفظ، إيش تقول إذا دخلت إلى المسجد؟ قال: فسكت، ثم قال: إيش تقول إذا خرجت من المسجد؟ قال: فسكت، قال: اذهب وتعلم هذا.
نعم يا شيخ..
أقسام المجاز
__________
(1) - سورة النساء آية : 43.(1/80)
أقسام المجاز: والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان، أو نقل أو استعارة، فالمجاز بالزيادة مثل قوله تعالى: { { { ( - - - (( مقدمة ( - ( الله ( - - - ((( - - ( } (1) فالكاف زائدة، وإلا فهي بمعنى مثل، فيكون له تعالى مثل وهو محال، والقصد بهذا الكلام نفيه.
على قوله تعالى: { { { ( - - - (( مقدمة ( - ( الله ( - - - ((( - - ( } (2) فقالوا: إن على -يعني- رأي من يقول مثلا بالمجاز، يقول: الكاف زائدة هنا وإلا فهي بمعنى مثل، وإذا كانت بمعنى مثل -على ما يقول المؤلف- فمعناها أنه أثبت لله مثله، معناها: ليس مثل مثله، ليس كمثله، لأن الكاف تشبيه، فليس كمثله، طبعا الفرق إذا قلنا: ليس مثله شيء، ما المعنى؟ يعني لا أحد يشبهه، طيب إذا قلنا: ليس كمثله، يعني: لا أحد يشبه مثله، فكأن المؤلف -رحمه الله- يقول: إنه إذا قيل بأن الكاف ليست زائدة للتشبيه معناها يؤدي هذا إلى إثبات المثل، مع أن الآية جاءت بنفي المثل، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: لا، الكاف ليست زائدة هنا.
وإنما المثل -يعني- أسلوب من أساليب العرب، وهو أبلغ، يعني لو قال: ليس كهو، شيء -يعني- أبلغ منها أن يقال: ليس كمثله، يعني لو يقال مثلا في باب، يقال مثلا: مثلك لا يفعل هذا، أيهما أبلغ، يعني في التحذير؟ يقال: مثلك لا يفعل هذا، أو يقال: أنت لا تفعل هذا، يقول من أساليب العرب ولغتهم أن يقال: مثلك لا يفعل هذا أبلغ، فالشارع أو في القرآن جاء على البليغ من لغة العرب، فقال: ليس كمثله؛ لأن مثل أسلوب من أساليب العرب، يقال: مثلك لا يفعل هذا، فهي -يعني- ليست زائدة. نعم يا شيخ.. أحسن الله إليك..
والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى: { ( - - رضي الله عنه -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنه - - ( - - { ( - - - } (3) أي: أهل القرية.
__________
(1) - سورة الشورى آية : 11.
(2) - سورة الشورى آية : 11.
(3) - سورة يوسف آية : 82.(1/81)
قلنا: إن هذا يسمى بمجاز النقصان أو مجاز الحدث، يعني: واسأل القرية، المقصود واسأل أهل القرية هذا على رأي من يقول بالمجاز، وعلى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقولون: إن القرية في اللغة هي أصل لغة العرب، هي اسم للبيوت وللساكنين، تطلق عليهم جميعا، نعم..
وقُرب صدق تعريف المجاز على ما ذكر بأنه استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل، وسؤال القرية في سؤال أهلها..
لعلها يعني: وقُرِّب صدق تعريف المجاز، وقُرِّب قال في المبني للمجهول، وقرب صدق تعريف المجاز على ما ذكر.
وقُرب صدق تعريف المجاز على ما ذكر بأنه استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل، وسؤال القرية في سؤال أهلها..
لاحظوا معي.. يقول: إنه لما كان تعريف المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، يقول: كيف أصبحت هذه للمجاز { { { ( - - - (( مقدمة ( - ( الله ( - - - ((( - - ( } (1) يعني: هذا المثال هل يصدق عليه التعريف؟ يعني هذه الآية { ( - - رضي الله عنه -(( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - { - رضي الله عنه - - ( - - { ( - - - } (2) و { { { ( - - - (( مقدمة ( - ( الله ( - - - ((( - - ( } (3) هل هما داخلان في تعريف المجاز؟ يعني أن يصدق عليهم تعريف المجاز؟ قال: نعم يصدق، قال: وقرب صدق تعريف المجاز عليهما، يعني جعلناه قريبا لماذا؟ لأنه استعمل نفي المثل في نفي المثل، استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل، استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل، فهو استعمال في غير موضوعه، يعني الأصل نفي المثل، لكنه استخدم ماذا؟ استخدم نفي مثل المثل في نفي المثل، فكان من باب المجاز، واستخدم سؤال القرية في سؤال أهلها، فكان من باب المجاز.
__________
(1) - سورة الشورى آية : 11.
(2) - سورة يوسف آية : 82.
(3) - سورة الشورى آية : 11.(1/82)
فالعبارة معناها: أنه يعني: قُرِّب صدق تعريف المجاز على ما ذكر، يعني على الآيتين، يعني: أن التعريف أصبح صادقا عليهما، يعني: قرب صادقا بهذا التفسير نعم.. وقرب صدق..
وقُرب صدق تعريف المجاز على ما ذكر بأنه اسْتُعمل نفي مثل المثل في نفي المثل، وسؤال القرية في سؤال أهلها، نعم.. والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخرج من الإنسان، نقل إليه عن حقيقته، وهي المكان المطمئن من الأرض تُقْضَى فيه الحاجة بحيث لا يتبادر منه عرفا إلا الخارج.
نعم.. يقول: الغائط في أصل اللغة كان يطلق على ماذا؟ على المكان المطمئن يعني: المنخفض؛ لأن الناس كانوا يقصدون هذا المكان لقضاء حاجاتهم، ثم نقلت كلمة الغائط من المكان المطمئن إلى الفضلة المستقذرة، وأصبح كلمة الغائط، أصبح إطلاق الغائط على المكان المطمئن أصبحت مهملة ومنسية، وأصبح إذا أطلق كلمة الغائط عرفا يتبادر على ماذا؟
على الفضلة المستقذرة، فهذا -يعني- حقيقة عرفية، وهي في حقيقتها تعتبر مجازا، مجاز النقل، يعني كان يطلق على شيء ثم أصبح يطلق على شيء آخر، وهذا تعريف المجاز، لكنه -يعني- الفرق بين المجاز وبين الحقيقة العرفية، ما هو؟ أن الحقيقة العرفية مجاز غالب، الحقيقة العرفية هي مجاز غالب، هذا الفرق بينهما، وللا هي في أصلها مجاز؛ لأنها استعمال اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، نعم.. والمجاز بالنقل.. نعم
والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخرج من الإنسان، نُقِل إليه عن حقيقته وهي المكان المطمئن.
وتلاحظون كلمة (نقل إليه) كأنه -يعني- تُرك المعنى السابق.. نعم..
نُقِلَ إليه عن حقيقته، وهي المكان المطمئن من الأرض تُقْضَى فيه الحاجة بحيث لا يتبادر منه عُرْفًا إلا الخارج.(1/83)
والمجاز بالاستعارة كقوله تعالى: { - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم ( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ( - { - - رضي الله عنه - - } (1) أي يسقط، فشبه ميله إلى السقوط بإرادة السقوط، التي هي من صفات الحي دون الجماد.
{ - - جل جلاله - - - - رضي الله عنهم - - ( صدق الله العظيم ( - - ( - ( - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - ( - { - - رضي الله عنه - - } (2) يقول: شبه ميله إلى السقوط بإرادة السقوط، بجامع ماذا؟ + بجامع + ثم اشتق من الإرادة فعل يريد التي من صفات الحي، اشتق من الإرادة فعل يريد من صفات الحي ثم أطلقها عليه، فقال: يريد أن ينقض، وكل مجاز علاقته المشابهة هو استعارة، دائما كل مجاز علاقته المشابهة هو استعارة.. نعم..
الحقيقة العرفية
والمجاز المبني على التشبيه يسمى استعارة..
فإن كان ليس علاقته المشابهة كالـ+ مثلا أو غيرها ليست باستعارة، لكن إذا كان علاقته المشابهة فهو من باب الاستعارة.
بقي أن نشير إلى صفات الحقيقة العرفية أنها تنقسم إلى قسمين: حقيقة عرفية عامة، يعني أنها أصبحت مشتهرة لجميع الناس، مثل إطلاق الدابة لذوات الأربع، مثل مسألة الغائط، ومثل العذرة؛ لأن العذرة في أصل اللغة هي فناء الدار، ثم نقلت للفضلة المستقذرة، هذه حقيقة عرفية عامة.
__________
(1) - سورة الكهف آية : 77.
(2) - سورة الكهف آية : 77.(1/84)
حقيقة عرفية خاصة: ما تعارف عليه أهل يعني: أهل فن خاص أو فئة معينة، مثل تعارف النحاة على الجر والرفع والنصب والضم، والفاعل والمفعول والظرف وغيرها، هذا مصطلح النحاة، وتعارف أهل الأصول على العلة والمفهوم وغيرها والفرع والأصل، وتعارف أهل الفقه على مسألة اللزوم وعدم اللزوم، والجواز، العقد الجائز والعقد اللازم وغيرها، هذا تعارف أنهم اصطلحوا عليه، وتعارف المهندسين لهم مصطلحات والأطباء لهم مصطلحات، وأهل الحرف والصناعات لهم مصطلحات، وهذا كله من باب الحقيقة العرفية الخاصة. نعم يا شيخ..
مبحث الأمر
والأمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، فإن كان الاستدعاء من المُساوِي سُمي التماسا، ومن الأعلى سمي سؤالا، وإن لم يكن على سبيل الوجوب بأن جُوِّز الشرط فظاهره أنه ليس بأمر، أي في الحقيقة.
هذا مبحث الأمر، وفي مبحث الدلالات اللفظية يبدأ الأصوليون بمبحث الأمر والنهي، ثم العام والخاص والمطلق والمقيد هذا ترتيب معروف، فهم يقدمون الأمر والنهي لماذا؟ قالوا: لأنه يحصل بهما الابتلاء، ابتلاء المكلف يحصل بالأمر والنهي، فهو مطالب بفعل الأوامر ومطالب باجتناب النواهي، فلهذا قُدِّم، ثم لماذا قدموا الأمر على النهي؟ لماذا لم يقدموا النهي على الأمر؟ لكنهم دائما يقدمون الأمر على النهي، يعني لهم تعليل يقولون: إن الأمر إيجاد والنهي عدم، والإيجاد أفضل وأشرف من العدم، هذا تعليلهم في هذا.(1/85)
ثم عرف المؤلف -رحمه الله- الأمر فقال: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، استدعاء بمعنى طلب الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، هذا تعريف المؤلف -رحمه الله-، والأمر في اللغة يطلق على الطلب، ويطلق على الشأن، ويطلق على الفعل، على الفعل، فيطلق على الطلب مثل افعل، اشرب، يطلق عليه، هذا أمر، ويطلق على الفعل كما في قوله تعالى: { ( المحتويات ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( ( - ( - - } - - } (1) يعني في الفعل اللي أنت فيه أو في الحال الذي أنت فيها، ويطلق على الشأن والحال كما في قوله تعالى: { - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - (( - - - ( { - رضي الله عنه - - ( - (((( } (2) يعني: وما شأنه وما حاله بالحال الرشيدة، فتطلق ثلاثة إطلاقات.
المؤلف قال: استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب، استدعاء الفعل، لاحظوا معي كلمة الفعل، يقصد أن بها ما هو أعم من فعل الجوارح، فيتناول مثلا فعل الجوارح كالصلاة، ويتناول أيضا فعل اللسان كالذكر { } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - { - - - - - - - ( الله - - } (3) كلمة اذكروا الله كثيرا أمر، لكن هل هو طلب فعل وللا طلب قول؟ طلب قول، فيدخل فيها، ويطلب أيضا الأعمال القلبية، يدخل فيها الأعمال القلبية كالخشوع والمحبة والرحمة، هذه كلها يتناولها ويشملها كلمة الفعل.
__________
(1) - سورة آل عمران آية : 159.
(2) - سورة هود آية : 97.
(3) - سورة السجدة آية : 10.(1/86)
ثم قال المؤلف: على سبيل الوجوب، فكأن المؤلف يرى أن الأمر إذا كان يفيد الندب أنه لا ينبغي، لأنه حصر التعريف بأنه يكون على سبيل الوجوب، وهذا غير يعني: غير وجيه، والصواب أنه لا داعي لهذه الزيادة، وأنه حتى لو كان مثلا يفيد الندب فهو يسمى أمرا؛ لأن الأمر يتناوله، الندب مأمور به، المندوب مأمور به شرعا، فهو داخل معه، ولهذا لو قلنا: إن الأمر هو استدعاء الفعل بالقول مما هو دونه، صح، وما فيه داعي لكلمة: على سبيل الوجوب، فيتناول في هذه الحال يتناول التعريف الأمر، أمر الوجوب، ويتناول أيضا أمر الندب، نعم يا شيخ.. أحسن الله إليك..
الفرق بين العلو والاستعلاء
وصيغته الدالة عليه افعل، نحو اضرب..
بعض العلماء -رحمهم الله- يقيدون، يقولون: لا بد أن يكون على طريق العلو، وبعضهم يقولون: على سبيل العلو، وبعضهم يقول: على سبيل الاستعلاء، وبعضهم يقول: لا يحتاج يعني: لا يقال: على سبيل العلو، ولا على سبيل الاستعلاء.
ما الفرق بين العلو والاستعلاء؟ نعم.. نعم يا شيخ..
هو طلب العلو، يعني تكون صيغته صيغة استعلاء، يعني كقول مثلا التلميذ للمدرس: افعل كذا، هل نسميه علوا ولا نسميه استعلاء، نسميه استعلاء لكن قول المدرس للتلميذ: افعل كذا، نسميه على سبيل العلو، فيقولون: الاستعلاء هو ادعاء العلو، يعني سواء كان العلو حقيقة أو ادعاء، سواء كان العلو حقيقة أو ادعاء، أما إذا قلنا على سبيل العلو فمعناها لا بد أن يكون العلو حقيقة، فإذًا إذا قلنا على سبيل الاستعلاء يتناول ما كان حقيقة وما كان ادعاء، وإذا قلنا على سبيل العلو لا يتناول إلا ما كان حقيقة، وأكثر الأصوليين على أنه لا يحتاج في التعريف، فمجرد أنه جاء بصيغة الأمر ففي هذه الحال يسمى أمرا، ولا نحتاج إلى كلمة علو ولا كلمة استعلاء. نعم يا شيخ..
صيغة الأمر(1/87)
وصيغته الدالة عليه (افعل) نحو اضرب وأكرم واشرب، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة الصارفة عن طلب الفعل تُحمَل عليه، أي على الوجوب، نحو { } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } (1) إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة، فيحمل عليه، أي على الندب أو الإباحة.
هذا الكلام على صيغة الأمر، وهو أمر مهم، تحديد صيغة الأمر، صيغة الأمر الأساسية المشهورة هي كلمة (افعل)، أقم الصلاة، أدِ الزكاة، صم رمضان، حج بيت الله، اخشع، اصدق، هذه صيغة الأمر الأساسية، وأيضا المضارع المقرون بلام الأمر، المؤلف ما ذكرها المؤلف، وهي أساسية، المضارع المقرون بلام الأمر { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - } ( - - - ( مقدمة ( - ((- عليه السلام - - ( - - ( } (2) { - بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ((( { - عليه السلام - - ( - ( المحتويات ( - - الله - ( - - } - قرآن كريم (( قرآن كريم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( الله أكبر } - قرآن كريم (( { قرآن كريم { (- عليه السلام - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( - ( - - ( - - رضي الله عنهم -(( - - - (((( } (3) كلها مضارع مقرون بلام الأمر، - من مس ذكره فليتوضأ - من نام فليتوضأ، كلها مضارع مقرون بلام الأمر، وهي كثيرة جدا في الآيات والأحاديث، فتفيد الأمر.
__________
(1) - سورة الأنعام آية : 72.
(2) - سورة البقرة آية : 185.
(3) - سورة الحج آية : 29.(1/88)
أيضا المصدر النائب عن فعل الأمر مثل { - - ( - - ( - ( ( - - - - ( - - - - - } (1) وأيضا اسم المصدر مثل صه أو عليك نفسك، أو عليك نفسك، أو عليك بمعنى الزم، وصه بمعنى اسكت، فهذه صيغ الأمر الأربعة، أما ما يذكره البعض مثلا من أن صيغ الأمر كلمة حكم وأوجب وفرض، وحتى صيغة أمر لا تدخل معنا، ما فهي داخلة معنا، وإن كانت تفيد الوجوب، تفيد الوجوب، لكن كلامنا في صيغ الأمر، وما يشتركان -يعني- كل ما يفيد الوجوب.
(إن الله فرض عليكم الصيام)، يفيد الوجوب لكن هل هي صيغة أمر معروفة؟ لا ليست صيغة أمر، صيغة الأمر هي افعل وليفعل، وهذا مهم جدا يا إخوان، لماذا؟ لأنه حينما يأتي معنا في المسألة الأمر بعد الحظر، يقول العلماء: الأمر بعد الحظر فيها خلاف، وعلى قول الجمهور أنه يفيد الإباحة مثل: { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ((( - فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ((( - - - ( } (2) لو قال الشارع: وإذا حللتم فيجب عليكم الاصطياد، يختلف الحكم وللا ما يختلف؟ يختلف الحكم، يختلف كثيرا، ولو قال: وإذا حللتم فقد فرضت عليكم الاصطياد، يختلف الحكم.
إذًا معناها أن مقصود أهل الأصول حينما يقولون صيغة الأمر يقصدون بها فقط افعل أو ليفعل، أو الصيغتين الأخريين اللي هما صه وكلمة فضرب الرقاب، أما صيغة حَكَم وأوجب وفرض وإن كانت تفيد الوجوب لا شك في هذا، لكن يقولون: ليست هي المقصودة حينما نقول صيغة الأمر؛ لأننا سنفرع عليها مسائل خلاف قد لا تأتي معنا، قد لا ينطبق عليها الخلاف. نعم يا شيخ.. وصيغته..
صرف الأمر عن الوجوب إلى الندب
__________
(1) - سورة محمد آية : 4.
(2) - سورة المائدة آية : 2.(1/89)
وصيغته الدالة عليه افعل نحو اضرب وأكرم واشرب، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة الصارفة عن طلب الفعل تُحمل عليه، أي على الوجوب نحو: { } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } (1) إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب أو الإباحة، فيحمل عليه، أي على الندب أو الإباحة، مثال الندب: { ( المحتويات ( - قرآن كريم ( - ( - - - - - ( ( تمت ( { ( المحتويات ( - ( - ( - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - - (( - - - ( - - رضي الله عنهم - - } (2) ومثال الإباحة: { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ((( - فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ((( - - - ( } (3) وقد أجمعوا على عدم وجوب الكتابة والاصطياد.
نعم.. هذه أمثلة لما قُصد بالأمر الوجوب وما قصد به الندب، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، هذا قُصد به الوجوب، لكن صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، ثم قال: لمن شاء، هذا ندب، من قبيل الاستحباب، { ( المحتويات ( - قرآن كريم ( - ( - - - - - ( ( تمت ( { ( المحتويات ( - ( - ( - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - - (( - - - ( - - رضي الله عنهم - - } (4) قالوا: هذا للندب؛ لأن القرينة أن الإنسان حر في التبرع بماله، وأجمعوا على أنها لا تجب المكاتبة، المكاتبة هي العقد بين الرقيق وبين سيده.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 43.
(2) - سورة النور آية : 33.
(3) - سورة المائدة آية : 2.
(4) - سورة النور آية : 33.(1/90)
وقوله تعالى: { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ((( - فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ((( - - - ( } (1) أيضا بالإجماع أنه يقصد الإباحة، نعم.. وكما ذكر المؤلف القول الصحيح على أن صيغة الأمر إذا جاءت مطلقة فإنها تحمل على الوجوب، صيغة الأمر إذا جاءت مطلقة تحمل على الوجوب، وهناك من يقول: تحمل على الندب، لكن لا، الصحيح أنها تحمل على الوجوب.. نعم يا شيخ.. أحسن الله إليك …
ولا يقتضي التكرار على الصحيح؛ لأن ما قصد به من تحصيل المأمور به يتحقق في المرة الواحدة، والأصل براءة الذمة مما زاد عليها إلا إذا دلّ الدليل على قصد التكرار، فيعمل به، كالأمر بالصلوات الخمس، والأمر بصوم رمضان، ومقابل ….
هذه مسألة مشهورة، الأمر يقتضي التكرار أو لا، وخلاصة هذه المسألة هم يصوغونها دائما تضبط دائما في الأمر المطلق الذي لم يُقيد بشيء، الأمر المطلق تضبط فيه المسألة هذه، أما مسألة الصلوات الخمس فهذا أمر ضبط بسبب، الصلوات الخمس أو شهر رمضان يقول: هذه غير داخلة معنا في موضع النزاع، إنما كلامنا إذا جاء من الشارع أمر مطلق هل يقتضي التكرار؟ بمعنى أن المكلف لا بد أن يكرر هذا العمل حتى يأتيه أمر من الشارع يقول توقف أو يكتفي بالفعل مرة واحدة؟ فلو قال: الشارع مثلا، لو -يعني- على سبيل المثال لو قال: تصدق، جاء المكلف وقال له: تصدق، ما الذي تبرأ به ذمته؟ يتصدق مرة واحدة وللا يظل يتصدق ويتصدق؟
__________
(1) - سورة المائدة آية : 2.(1/91)
كما سبق وقلنا لكم: المسألة مقرونة في الأمر المطلق، أما المربوط بسبب كالصلوات الخمس وشهر رمضان لا، يقول هذه تتكرر، لكن كلامنا إذا جاء أمر مطلق، فعلى رأي المؤلف يقول لا + التكرار يقول: لأن كلمة تصدق المقصود بها إيجاد الصدقة، ويقولون: المقصود بها إيجاد المعية، وهذه تؤدى مرة واحدة، إذا أدى مرة واحد فقد -يعني- أوجب الشيء المطلوب منه، فبرئت ذمته، ولا يلزمه أن يكرر؛ لأنه تبرأ ذمته بمرة واحدة، بل إن بعض الأصوليين يقولون: إن المرة الواحدة ليست من لازم الأمر، بل هي من ضروراته، ليست من مدلول الأمر، بل هي من ضروراته، ليست من مدلول الأمر، بل هي من ضروراته، يقولون: إن الشارع أمر بالصدقة، ولما كانت الصدقة ما تتحقق بأقل من مرة أصبحت المرة من ضروراته، نعم، ومقابل الصحيح.. ومقابل الصحيح..
ومقابل الصحيح أنه يقتضي التكرار، فيستوعب المأمور..
لاحظوا معي، ومقابل الصحيح أنه يقتضي التكرار، إذا كان هذا التكرار ماذا يلزم المكلف؟ قال: لا بد أن يستوعب المأمور المطلوب طول عمره ما أمكنه.. نعم..
أمد المأمور به
ومقابل الصحيح أنه يقتضي التكرار، ويستوعب المأمور بالمطلوب، فيستوعب المأمور بالمطلوب ما يمكنه من تمام العمر، نعم، حيث لا بيان لأمد المأمور به؛ لانتفاء مرجح بعضه على بعض.
نعم، يقول: إن الشارع إذا قال مثلا على القول الثاني أنه في التكرار أنه إذا قال مثلا: تصدق أو صلي، يقول: لا بد أن يستوعب -يعني- زمان العمر ما أمكنه، فيخرج أوقات الراحة وأوقات النوم، يعني ذكره المؤلف، قال: ما أمكنه حتى يقول: فلا تبرأ ذمته إلا بهذا.(1/92)
هذه المسألة حقيقة يا إخوان من أفضل مسائل الأمر، لكنها ليس لها ثمرة، يعني ليس لها ثمرة تذكر؛ لأن أغلب الأوامر مقيدة كالصلوات الخمس، الحج فرض مرة واحدة، فما هنا أمر مطلق هكذا، لم يطلق بسبب ولم يقيد بوقت، ما هنا، أذكر أنا أن بعضهم فرض مسألة إجابة المؤذن، - إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول - هل يكرر الإنسان إذا سمع مؤذنا آخر؟ يعني قال: إن هذه المسألة تنبني على هذا، لكن عند التحقيق ما تنبني هذه المسألة؛ لأنها ضبطت إذا سمعت مؤذنا آخر وأمكنك أن تجيبه تجيبه، فليست داخلة في يعني: في ليس هذا أمر مطلق، بل هذا أمر مكرر، يعني إذا سمعت المؤذن فقل مثلما يقول، فإذا انتهى وسمعت مؤذنا آخر أيضا أنت صدق عليك، وتحقق أنك تسمع مؤذنا آخر الآن فلا بد أن تجيب، يعني يشرع لك أن تجيب.. نعم يا شيخ..
هل الأمر يقتضي الفورية
ولا يقتضي الفور؛ لأن الغرض منه إيجاد الفعل من غير اختصاص بالزمان الأول دون الزمان الثاني..
ولو لاحظتم -أيها الإخوة- يعني المسألة هذه والتي قبلها الجويني -رحمه الله- كأنه -يعني- يقول: إن المقصود من الأمر هو إيجاد المعية، وإيجاد هذا الشيء، هذا المقصود منه، ما زاد عليه من كونه مثلا على الفور، أو كونه على التكرار، هذا أمر آخر لا يؤخذ منه مطلق الأمر، هذا أمر آخر لا يفهم من مطلق الأمر، لا بد من دليل آخر، فإذا ما أتى دليل أمر مطلق يقتصر على ما دل عليه الأمر، الأمر قال لك: افعل هذا الشيء، الشارع قال: افعل هذا الشيء معناه ما يلزمك أن تكون فورا، على الفور؛ لأنه كونه على الفور معناه زيادة على مدلول الأمر، هذا رأي الجويني -رحمه الله- وإن كان الصواب أنه على الفور، نعم.. نعم من أول يا شيخ.. ولا يقتضي الفور..
ولا يقتضي الفور؛ لأن الغرض منه إيجاد الفعل..
لاحظوا التعليل، قال: لأن الغرض منه، يعني من الأمر نعم..
لأن الغرض منه إيجاد الفعل من غير اختصاص بالزمان الأول دون الزمان الثاني..(1/93)
نعم المقصود من الزمان الأول الذي عقب الأمر، والزمان الثاني ما بعده، نعم يا شيخ..
وقيل: يقتضي الفور، وعلى ذلك بُني قول من قال: يقتضي التكرار..
نعم.. هذا هو الراجح القول الثاني على أنه يقتضي الفور، هذا هو الراجح، والأدلة والأحاديث كثيرة كما في قوله تعالى: { - } - ( قرآن كريم ((( - - - رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - ( { - - - رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - تم بحمد الله صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( تمهيد ( فهرس - { - } (1) { } - قرآن كريم ( { ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - ( ( المحتويات (- عليه السلام - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - } (2) وفي أيضا صلح الحديبية: - لما غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال لأصحابه: حلوا من إحرامكم، فما قام أحد، فدخل على أم سلمة -رضي الله عنها- وهو غضبان، فقالت: وما الذي أغضبك، أغضبه الله؟ قال: وما لي لا أغضب، وأنا آمر بالأمر ولا أُتّبع - فكأنه يعني: أنه كان ينبغي على الصحابة يجب عليهم -رضي الله عنهم- أنهم إذا أمرهم على الفور، أما لو كان على التراخي مثلا لكان يعني الأمر واضح، فدل على أن مدلول الأمر ومقتضاه أنه على الفور.
ثم أيضا دليل آخر، وهو أن الإنسان لا يأمن على نفسه من سلامة العاقبة، يعني: لا يأمن على نفسه أن تكون عاقبته سليمة، قد يكون الآن صحيحا معافى لكن لا يأمن أنه فيما بعد يكون صحيحا معافى قادر على امتثال الأوامر الشرعية، فالمبادرة هي الواجبة المتعينة، ولهذا الراجح أنه على الفور، نعم، وقيل: يقتضي الفور..
وقيل: يقتضي الفور، وعلى ذلك بُني قول من قال: يقتضي التكرار..
__________
(1) - سورة آل عمران آية : 133.
(2) - سورة البقرة آية : 148.(1/94)
يعني هذه إشارة إلى أن يلزم على القول بالتكرار يلزم عليه الفور، يعني: من قال بالتكرار فلازم قوله أنه يقول بالفورية، أما من يقول بالفورية فلا يلزم، يقول التكرار، نعم..
هل الأمر يقتضي التراخي
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم..
الشافعية -رحمهم الله- المشهور عندهم على أن الفور الأمر المطلق يقتضي، يعني لا يقتضي الفور، بل هو عندهم يجوز فيه التراخي، وهذا لا بد من التنبيه على أمر يا إخوان، بعض أهل الأصول يعنونون لهذه المسألة يقولون: هل يقتضي الفور، أو يقتضي التراخي، هل يقتضي الفور، أو يقتضي التراخي؟ هل العنوان صحيح؟ غير صحيح، لماذا؟ لأن ما أحد يقول: إنه يقتضي التراخي، إذا قلنا: بأنه يقتضي التراخي معناه أنه يجب التراخي، معناه لو فعلته في الأول ما صح، خالفت مقتضى الأمر، لا، بل العبارة الأسلم أن نقول: هل يقتضي الفور أو يجوز فيه التراخي؟ هذه هي العبارة الصحيحة.
الشافعية -رحمهم الله- المشهور عندهم على أنه يجوز فيه التراخي، وبنوا عليه مسألة جواز تأخير الحج، فيقولون: إن الحج ليس على الفور، بل هو على التراخي، فرض في العمر كله، لكن الصحيح أن الحج على الفور.
فيقولون: إن الحج ليس على الفور، بل هو على التراخي، فرض في العمر كله، لكن الصحيح أن الحج على الفور، أخذ بناءً على هذه القاعدة.
الحنفية أيضا -رحمهم الله- المشهور عندهم على أن مطلق الأمر، أو أن الأمر المطلق أنه يقتضي أنه يجوز فيه التراخي، لكن في مسألة الزكاة قالوا: لا، في مسألة الزكاة لا بد من إخراجها فورا، قالوا: لماذا؟ قالوا: لأن حاجة الفقير ناجزة، وإن كان الأصل عندنا -يقول الحنفية رحمهم الله-: والأصل عندنا على أن الزكاة إخراجها على التراخي، ليست زكاة الفطر، بل زكاة المال، إخراجها على التراخي، لكن لما كانت حاجة الفقير ناجزة خالفنا هذا الأصل، فقلنا: إنها على الفور، نعم يا شيخ..
مسألة مقدمة الواجب(1/95)
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم الفعل إلا به، كالأمر بالصلاة أمر بالطهارة المؤدية إليها؛ فإن الصلاة لا تصح بدون الطهارة.
هذه مسألة مشهورة عند الأصوليين، وهي مسألة يسمونها مقدمة الواجب، أو ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وتحقيق القول فيها نقول: ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وفرق بين العبارتين، ما لا يتم الوجوب إلا به كحضور الأربعين، على من يقول باشتراط الأربعين في صلاة الجمعة، وكزوال الشمس وكبلوغ النصاب وما إلى ذلك؛ لأنه ما تم الوجوب، ما لا يتم الوجوب إلا به ليس بواجب.
لكن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كغسل جزء من الرأس في الوضوء، وإمساك جزء من الليل، وأيضا السعي لصلاة الجمعة ولصلاة الجماعة، إنك تمشي؛ لأنه قد يقول الإنسان مثلا: أنا ما يلزمني أنا ما أمرت بالمشي، أنا أمرت بالصلاة، هكذا يصلون عندي وللا لا؟ نقول: لا، ما يجوز لك هذا الكلام، لأن الأمر بصلاة الجمعة أمر بالسعي إليها؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، نعم يا شيخ..
مقتضى فعل المأمور به
وإذا فُعِل بالبناء للمفعول، أي المأمور به، يخرج المأمور عن العهدة، أي عهدة الأمر، ويتصف الفعل بالإجزاء.
يقول: إن المكلف إذا فعل -يعني- ما أمره به الشارع على وفق ما أمر به الشارع فإنه تبرأ ذمته، وقد +، قالوا: وإذا فُعِل بالبناء للمفعول يعني: أي المأمور به كالصلاة أو الزكاة أو الصيام، في هذه الحال يعني: يخرج المأمور عن العهدة لمجرد فعله، وتبرأ ذمته بهذا ويكون أدى ما عليه، أما إذا -يعني- أداها على غير ما طلبه الشارع، فلا تبرأ ذمته بهذا.
نعم يا شيخ.
دخول الساهي والصبي والمجنون في الخطاب الشرعي(1/96)
الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل، هذه ترجمة، يدخل في خطاب الله -تعالى- المؤمنون، وسيأتي الكلام في الكفار، نعم، والساهي والصبي والمجنون، فهم داخلين في الخطاب؛ لانتفاء التكليف عنهم.
فهم غير داخلين، غير داخلين، الصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب، عندك داخلون؟ داخلين، غير داخلين، والصبي والمجنون غير داخلين..
أمر الساهي بعد ذهاب السهو عنه بجبر خلل السهو
والساهي والصبي والمجنون فهم غير داخلين في الخطاب؛ لانتفاء التكليف عنهم، ويؤمر الساهي بعد ذهاب السهو عنه بجبر خلل السهو، كقضاء ما فاته من الصلاة، وضمان ما أتلفه من المال.
هذا الكلام على التكليف، والتكليف في اللغة: هو إلزام ما فيه كلفة، التكليف في اللغة: إلزام ما فيه كلفة، وفي اصطلاح الاصطلاح هو الخطاب بأمر أو نهي، هو الخطاب بأمر أو نهي، هذا هو التكليف، فقال: من يدخل في خطاب التكليف ومن لا يدخل؟ فقال: يدخل المكلف المسلم البالغ العاقل، هذا يدخل في خطاب التكليف قطعا، سواء كان رجلا أو امرأة، فهو مكلف، وشرط التكليف، ما هو شرط التكليف؟ العقل وفهم الخطاب، العقل وفهم الخطاب، هذا هو شرط التكليف، فإذا كان عاقلا ويفهم الخطاب، قالوا العقل حتى -يعني- يخرج المجنون، وفهم الخطاب الصبي المميز، هو يفهم الخطاب، لكن ليس عاقلا، فلا بد من العقل وفهم الخطاب، فهذا شرط التكليف.
ثم قال المؤلف -رحمه الله-: الساهي والصبي والمجنون أنهم غير مكلفين، فالساهي في حال سهوه، لكنه إذا انتهى سهوه يطالب بما ترك في حال السهو، لكن في حال السهو فهو غير مكلف، فهو مرفوع عنه الإثم في حال السهو، نعم.. ويؤمر الساهي..
ويؤمر الساهي بعد ذهاب السهو عنه بجبر خلل السهو، كقضاء ما فاته من الصلاة، وضمان ما أتلفه من المال..
نعم، طيب وجوب الزكاة وضمان المتلفات في الصبي والمجنون، ما علة ذلك؟ يعني: الصبي والمجنون تجب في مالهم الزكاة، مع أننا نقول: إنهم غير مكلفين.(1/97)
نعم يا شيخ.. نعم. أحسنت بارك الله فيك، لأن ذلك من باب خطاب الوضع، يعني: وجوب الزكاة وضمان الإتلافات من باب خطاب الوضع، ليس من باب خطاب التكليف وللا هو غير مكلف، فلما كان من خطاب الوضع لزمهم إخراج الزكاة، ولزمهم ضمان ما أتلفوه.
بقي معنا الإشارة، ما الفرق بين الناسي والساهي؟
قالوا: الفرق بين الناسي والساهي: أن الناسي يتذكر إذا ذكرته، والساهي لا يتذكر، يقول الناسي: إذا ذكرته يتذكر، والساهي إذا ذكّرته لا يتذكر، هذا الفرق بينهما.
بقي معنا الإشارة إلى قاعدة ذكرها العلماء في مسألة النسيان، وهي أن النسيان عذر في المنهيات دون المأمورات, النسيان عذر في المنهيات دون المأمورات، فلو أن إنسانا مثلا غطى رأسه وهو محرم ناسيا، هذا مأمور به وللا منهي عنه؟ منهي عنه. هل يعذر؟ نعم يعذر. إنسان مثلا تطيب ناسيا وهو محرم، فيعذر، لكن إنسان ترك غسل يده أو رجله مثلا في الوضوء؟ يعيده، ما ينفع، إنسان ترك ركعة في الصلاة ما ينفع، يعيده فيقولون: إن النسيان عذر في المنهيات دون المأمورات، فإذا ارتكب الناس منهيا عنه نسيانا يعذر، إذا ارتكب، إذا ترك مأمورا نسيانا لا يعذر.
لكن بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- إلى مسألة الصيام، جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - - من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه -
الصيام حقيقته، هل هو فعل مأمور أو ترك منهي؟(1/98)
حقيقة الصيام، هل هو فعل مأمور وإلا ترك منهي؟ نعم يا شيخ.. ترك منهي، يعني ترك الأكل والشرب وشهوة الفرج، يعني لو قلت، يعني تريد أن تقول: إن ما دام إنه ترك منهي فهنا متفق مع القاعدة، ويكون النسيان عذر في المنهيات، ها.. ما رأينا.. بعيد أنت يا شيخ، لكن نسمع ما ـ نعم ـ الصيام فعل مأمور: { - - رضي الله عنهم - - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - ( - ( - ( المحتويات ( تمهيد ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - عليه السلام - - ( - ( - - - } (1) يعني: أنه طُلب من المكلف الصيام، يعني أمر بالصيام، وفي الحديث الآخر: - يدع طعامه وشرابه من أجلي - فالحديث: - يدع طعامه - يعني: يترك، فكأن الحديث يفهم منه أنه ترك منهي، والآية يفهم منها أنه فعل مأمور، واضح يا إخوان؟
فإذا إذا قلنا بأن الصيام أنه ترك منهي معناه متفق مع القاعدة، أن النسيان عذر في المنهيات دون المأمورات، لكن يشكل على هذا أمر آخر أيها الأخوة، وهو أن كل ما كان من باب المنهيات وترك المنهيات لا يشترط معه النية، ولهذا يقول العلماء: قاعدة التروك لا تُشرَط لها النية، فإذا قلنا بأن الصيام أنه من باب ترك المنهي لازم هذا القول أنه لا تُشترط له النية، مع أن الحديث صحيح: - لا صيام لمن لم... - الحديث واضح: - لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل -
__________
(1) - سورة البقرة آية : 183.(1/99)
فكل ما تشترط له النية فهو مأمور به، وكل ما لا تشترط له النية فهو منهي عنه، كإزالة النجاسة، إزالة النجاسة تشترط لها النية؟ لا، ترك منهي، إذا كيف نقول في هذا؟ لعل الصواب والأقرب أن نقول: إن الصيام حقيقته أنه فعل مأمور، الصيام حقيقته فعل مأمور بدليل اشتراط النية له، بل كونه يعذر فيه الناس نقول: نعم، يعذر فيه الناس، هذا استثناء من القاعدة لحديث أبي هريرة؛ لأن جاء الحديث النص: - من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه - فنأخذ به، والحديث هو فعل مأمور، يعني مقتضى القاعدة أن الصائم ما يعذر، مقتضى القاعدة، وبهذا أخذ المالكية رحمهم الله، الإمام مالك -رحمه الله- يرى أن من أكل أو شرب ناسيا فإنه يقضي، يرى أنه يقضي، ولا يأخذ بحديث أبي هريرة في هذا الموضوع، ويفسرون - فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه - لرفع الإثم، يقولون: هذا لرفع الإثم، فليتم صومه رفع الإثم، لكن لا بد من القضاء، لكن جاء في رواية الدارقطني: - ولا قضاء عليه - والرواية صحيحة، ولا قضاء عليه.
فإذًا يعني خلاصة القول في هذا أن الصيام من باب المأمورات، وأن الناسي يعذر فيه، ولا يلزمه قضاء أخذا بحديث أبي هريرة، وأن القاعدة هذه المسألة مستثناة من القاعدة المشهورة.
بقي معنا الإشارة أيها الأخوة إلى ما يتعلق بالصبي، إلى أذان الصبي، ما حكم أذان الصبي؟ هل يصح؟ يعني يجزئ أذانه، وللا لا يجزئ؟ وللا لا بد أن يكون المؤذن بالغا عاقلا؟(1/100)
في المسألة خلاف بين أهل العلم، وهل الأذان من باب الشهادة، أو ليس من باب الشهادة؟ يعني الشهادة بدخول الوقت، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- توسط في الأمر فقال: إن كان القرية أو عبارته "المصر" ليس فيها إلا مسجد واحد، هو الذي تقتدي به القرية، فهذا لا يجوز يباشره إلا بالغ، وإن كان المصر فيه مؤذنون، وهذا مؤذن يعني ليس الذي يتأذن بفرض كفاية، إذا أداه غيره سقط بغيره، فهذا يجوز أن يباشره الصبي. نعم يا شيخ … أحسن الله إليك..
الكفار مخاطبون بفروع الشرائع
والكفار مخاطبون بفروع الشرائع وبما لا تصح إلا به، وهو الإسلام؛ لقوله تعالى حكاية عن الكفار: { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - تمهيد فهرس - - رضي الله عنهم - - - (( - رضي الله عنه - - - { - رضي الله عنهم - - (((( } - قرآن كريم ( - - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - (( تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - ( - - - (( - ( - - - (((( } (1) - نعم -.. وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها؛ إذ لا تصح منهم حال الكفر؛ لتوقفها على النية المتوقفة على الإسلام، ولا يؤاخذون بها بعد الإسلام ترغيبا فيه.
نعم، هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، مسألة هل الكفار يخاطبون بفروع الشريعة؟ طبعا الكفار مخاطبون بأصل الإيمان، لا شك فيها، بأصول الإيمان أنهم مخاطبون بلا شك، فهم -يعني- مطالب منهم الإيمان ومطلوب منهم الإيمان، والدخول في الإسلام، هذا ما فيه شك في هذا، لكن هل هم أيضا في حال كفرهم مطالبون بالصلاة والزكاة والصيام واجتناب الزنا والسرقة والقتل وشرب الخمر، يعني فروع الشريعة أو غير مطالبين بها؟ مسألة خلافية فيها ثلاثة أقوال في المسألة:
القول الأول: أنهم مطالبون بها.
القول الثاني: أنهم غير مطالبين بها.
القول الثالث: مطالبون بالنواهي دون الأوامر.
__________
(1) - سورة المدثر آية : 42-43.(1/101)
فيجب عليهم الامتناع عن السرقة وشرب الخمر؛ لأن لا تشترط لها النية، لكن لا يجب عليهم الأوامر التي هو الصلاة والزكاة؛ لأنها لا بد فيها من النية وهي لا تصح منهم.
إذًا فيه ثلاثة أقوال في المسألة، وابن الحاجب -رحمه الله- لما صاغ المسألة قال: وفي تكليف الكفار بفروع الشريعة ثالثها في النواهي دون الأوامر، ثالثها في النواهي دون الأوامر، يعني: القول الأول: غير مكلفين مطلقا، القول الثاني: مكلفون مطلقا، القول الثالث بالتقسيم: مكلفون بالنواهي؛ لأن لا تشترط فيها النية دون الأوامر التي تشترط فيها النية، ولكن لعل الصحيح أنهم مخاطبون بها بدليل قوله تعالى: { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - تمهيد فهرس - - رضي الله عنهم - - - (( - رضي الله عنه - - - { - رضي الله عنهم - - (((( } - قرآن كريم ( - - - - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - (( تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - ( - - - (( - ( - - - (((( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - رضي الله عنه - الله أكبر ( المحتويات ((((( الله أكبر - رضي الله عنه -((( - ( - ( - ( - - - (((( - } - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -(((((( - - - - ( - - - (((( - } - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - - - ( الله أكبر ( الله ( قرآن كريم - عليه السلام - - ( - (((( - - - - - (((( - ( } - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - جل جلاله - - - - - صلى الله عليه وسلم - - (((( { - عليه السلام - - ( - - - (((( } (1)
__________
(1) - سورة المدثر آية : 42-47.(1/102)
فجعلوا من ضمن -يعني- أسباب دخولهم النار تركهم الصلاة، وعدم إطعام الطعام، يعني: عدم إخراج الزكاة؛ لأنهم لم يكونوا يطعمون المسكين، فجعلوها من أسباب دخولهم النار وهي من الفروع، فهذا دليل أنهم مخاطبون بفروع الشريعة.
لكن بقي معنا ما فائدة -يعني- هذا الخلاف؟ قال العلماء -رحمهم الله-: ليس له فائدة إلا أن الكافر يُضاعف له العذاب يوم القيامة، فيُعذّب على الكفر، ويعذب على ترك الصلاة وعلى ترك الزكاة، ويعذب على ارتكاب المنهيات، يضاعف العذاب عليه، ولهذا قال المؤلف -رحمه الله- هنا: وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها؛ إذ لا تصح منهم في حال الكفر لتوقفها، يعني توقف صحة الفروع، على النية المتوقفة على الإسلام، وهي غير موجودة لديهم في الإسلام، لكن بعض العلماء ذكر فرعا فقهيا، وهي مسألة إذا قلنا بأنهم مخاطبون بفروع الشريعة، هل يجوز بيع الطعام عليهم مثلا إذا غلب على ظنك أنهم + في رمضان؟ إذا قلنا بأنه مخاطب بفروع الشريعة فمعنى أنه يجب عليه الصيام، وطبعا لا يصح منه الصيام، فمعناها أنك إذا بعت عليه شيء معناه بعت عليه شيء أن لا يجوز له استعماله، بعض العلماء أو تبيع عليه مثلا شيء يمكن أن يستخدم في محرم، كأن تبيع عليه عنب ويغلب على ظنك أنه سيستخدمه خمرا، فما تقول الخمر حلال عليه؟ لا، على القول بأنه مخاطب بفروع الشريعة أنه لا يجوز هذا، نعم يا شيخ..
الأمر بالشيء نهي عن ضده
والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، نعم، فإذا قال له: اسكن، كان ناهيا له عن التحرك، أو لا تتحرك، كان آمرا له بالسكون.(1/103)
هذه أيضا مسألة، مسألة الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، والصحيح على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، طبعا هناك من يقول بأن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده، هذا القول لا يصح، فاسد، أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده، فكلمة قُمْ معناها هي عين لا تقعد، وكلمة صم هي عين لا تفطر، طبعا هذا القول مبني على ماذا؟ مبني على أن الكلام هو الكلام النفسي، إذا قلنا بأنها عين؛ لأنها فقط هي طلب شيء معبر عنه بقُمْ أو معبر عنه بلا تقعد، فأصله إذا قلنا بأنها عين أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده معناها بناءً على الكلام النفسي، لكن الصحيح على أن الأمر بالشيء أنه نهي عن ضده من حيث المعنى، لا من حيث الصيغة، أو نقول هو يستلزم النهي عن ضده، والأصح أيضا أن نقول: يستلزم النهي عن أضداده، الأمر بالشيء يستلزم النهي عن أضداده، والنهي عن الشيء أمر يستلزم الأمر بأحد أضداده، يستلزم الأمر بأحد أضداده.
بعض العلماء ذكر فرعا على هذه القاعدة، قال: لو قال إنسان لزوجته مثلا: إن خالفت نهيي فأنت طالق، ثم أمرها فلم تفعل، قال لها: إن خالفت نهيي فأنت طالق، ثم أمرها فلم تفعل، فإذا قلنا بأن الأمر نهي عن أحد أضداده معناها أنها -يعني- خالفت النهي، لكن كما مرّ معنا بالأمس على أن قواعد الأصول هي موضوعها الدليل الشرعي من حيث ثبوت الحكم به، فلا تطبق على كلام المكلفين، لكن يطبق عليهم ما كان من قواعد الأصول له علاقة باللغة، هذا يطبّق عليهم، لكن قواعد الأصول في جملتها لا تطبق على كلام المكلفين، نعم يا شيخ..
تعريف النهي
والنهي استدعاء أي طلب الترك، طلب الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب على وزان ما تقدم في حد الأمر.(1/104)
نعم عرف النهي فقال: النهي هو استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه، وقوله على سبيل الوجوب كما قلنا في الأمر أنه لا داعي لها، هنا أيضا لا داعي لها، فالنهي سواء إن كان يراد به التحريم أو يراد به الكراهة، هو يسمى نهيا، وله صيغة واحدة وهي لا تفعل، له صيغة واحدة وهي لا تفعل، يقول علماء الأصول: كل مسألة في الأوامر لها وزانها في النواهي، يقول كل مسألة في الأوامر لها وزانها في النواهي.
ما المقصود في ذلك؟ يقولون: المقصود بذلك على أن الأمر له صيغة والنهي له صيغة، الأمر يفيد الوجوب مع احتمال الندب، النهي يفيد التحريم مع احتمال الكراهة، أيضا النهي يدل على التكرار ويدل على الفور، والأمر أيضا فيه الخلاف أنه هل يدل على التكرار، وهل يدل على الفور؟ وأيضا الأمر يخرج المأمور بفعل المأمور به، والنهي يخرج المنهي بترك المنهي عنه، فكل مسألة من الأوامر يقولون لها وزانها من النواهي، نعم يا شيخ..
اقتضاء النهي المطلق فساد المنهي عنه
ويدل النهي المطلق شرعا على فساد المنهي عنه في العبادات، سواء نهي عنها لعينها كصلاة الحائض وصومها، أو لأمر لازم لها كصوم يوم النحر والصلاة في الأوقات المكروهة.(1/105)
نعم لاحظوا المؤلف -رحمه الله- يعني جعل، قال: إن النهي يدل أن ويدل النهي المطلق، والمراد بالنهي المطلق الذي لم يقيد بما يدل على فساد المنهي عنه، لم يقيد بهذا، إنما نهيا مطلقا قد يدل على فساد المنهي عنه سواء كان في العبادات، سواء كان النهي لعينها كصيام، كصلاة الحائض وصيام الحائض، فإنه منهي عنه لعينها فلا تصح منها، أو لأمر لازم لها كصيام يوم العيد، يوم النحر أو عيد الفطر؛ فإن النهي عنه لأمر لازم، لما فيه من الأعراض عن ضيافة الله، وأيضا أمر آخر يعني صيام الحائض عين، يعني: هذا الصيام منهي عنه، لكن صيام يوم العيد صيام مكلف وقع في شيء منهي عنه، فلهذا أمر لازم له، صيام مكلف يعني: الشخص الذي -يعني- الذي طرأ عليه ما هو كونه في يوم العيد، وهناك اللي طرأ عليه هو كونه من الحائض، فلهذا كان يعني النهي هناك لعينها وهنا لوصف ملازم، نعم يا شيخ.. أحسن الله إليك..
وفي المعاملات إن رجع إلى نفس العقد كما في بيع الحصاة، أو لأمر داخل فيه كبيع الملاقيح أو..
الأصل المعاملات إن رجع إلى نفس العقد كما في بيع الحصاة، طبعا بيع الحصاة للعلماء عدة تفاسير فيه هو يعني إذا قال مثلا أي يعني ثوب رميت عليه الحصاة فوقعت عليه فهو يعني عليك بكذا مثلا، أو مثلا لي بكذا، هذا بيع الحصاة، أو مثلا أنه يعني يرمي مثلا حصاة بدون حيثما + الحصاة فقد بعتك هذه الأرض مثلا، بعضهم فسرها بهذا التفسير، وبعضهم قال: بيع الحصاة، أنني إذا رميت الحصاة وأصابت الثوب فمعناها أنني بعتك هذا الثوب، فيكون رمي الحصاة قائما مقام الصيغة، قائم مقام الصيغة، وفي الأول لا ليس قائم مقام الصيغة، أنني إذا رميت الثوب في عند الثياب مطروحة أو عند الحصاة + مطروحة، أي ثوب وقعت عليه الحصاة فهو عليك بكذا بخمسين ريال أو مائة ريال، لكن في تفسير ثان: إذا رميت الحصاة وأصابت الثوب فقد وقع البيع، يعني عقد البيع.(1/106)
فتلاحظون أن في المعاملات إن رجع إلى نفس العقد كما في بيع الحصاة، يعني النهي إلى نفس العقد بيع الحصاة، إذا قال مثلا لأنه قائم مقام الصيغة على التفسير الثالث، قائم مقام الصيغة إذا -يعني- رميت الحصاة فمعناه أنني بعته، فنفس العقد هو المنهي عنه، أما في الثاني بيع الملاقيح وهي بيع الحمل، يعني في بطون أمهاتها، هذا المعنى هو المقصود بالملاقيح بيع الحمل بطون أمهاتها، يقول: لأمر داخل فيه، داخل في ليس العقد العقد هو الإيجاب والقبول، ومن شروط العقد المتضمن الثمن والمبيع، وهذه ضمن العقد، هذه هي ضمن العقد، العقد اللي هو الإيجاب والقبول تام، لكن هذه ضمن العقد؛ لأن من من ضمن العقد أربعة أركان: العاقدان، والعوض، والمعوض.
فبيع الملاقيح يكون جاء النهي؛ لأنه داخل في العقد، نعم يا شيخ، وفي المعاملات..
وفي المعاملات إن رجع إلى نفس العقد كما في بيع الحصاة، أو لأمر داخل فيه كبيع الملاقيح، أو لأمر خارج عنه، لازم له كما في بيع درهم بدرهمين، نعم، فإن كان غير لازم له.
أو لأمر خارج عنه لازم له كما في بيع درهم بدرهمين، اللي هو الربا، يقول: العاقدان موجودان، والصيغة موجودة سليمة، والعاقدان أيضا موجودان، والثمن والمثمن، إنما جاء الخلل من ماذا؟ من الزيادة، جاء الخلل من الزيادة، يقول: ولهذا يوصف بأن هذا أمر خارج لازم له، فجاء الخلل من الزيادة، بعكس خلاف بيع الملاقيح، لا ليس من الزيادة، بل هو من ضمن يعني الخلل في ركن من أركان العقد، وبيع الحصاة، الخلل في نفس العقد، نعم، أو لأمر خارج عنه..
أو لأمر خارج عنه، لازم له كما في بيع درهم بدرهمين، نعم، فإن كان غير لازم له كالوضوء بالماء المغصوب مثلا، نعم، أو كالبيع وقت نداء الجمعة، لم يدل على الفساد خلافا لما يفهمه كلام المصنف.(1/107)
فإن كان غير لازم له كالوضوء بالماء المغصوب مثلا، الفرق بين مثلا بيع درهم بدرهمين وبين الوضوء بماء مغصوب، أن هناك لازم له ملازم له اللي هو الزيادة، وهنا غير ملازم؛ لأن العلة كونه أتلف ماء الغير، فالإتلاف قد يكون بالوضوء وقد يكون بالإراقة، إذا أراق الماء أتلفه، فالإتلاف حاصل سواء كان بالوضوء أو بالإراقة أو بغيرها من أنواع الإتلاف، يقول: فهنا الوضوء يعني: الإتلاف ليس ملازما للوضوء، بل قد يحصل بالوضوء وبغيره، وفي أيضا البيع وقت النداء، وقت آذان الجمعة يعني: بعد النداء، يقول: فهذا لما فيه من الإخلال بالسعي للجمعة، والإخلال بالسعي قد يكون بالبيع وقد يكون بغير البيع، لو تشاغل مثلا وجلس في بيته وما أتى، فهو أخل بالسعي للجمعة، فمعناها أن الإخلال بالسعي هل هو ملازم للبيع؟ لا غير ملازم؛ لأنه قد يحصل الإخلال بغيره، قد يحصل بغيره.
فكما أن إتلاف الماء، إتلاف الماء المحرم يعني: قد يحصل بالوضوء، وقد يحصل بغير الوضوء، فلهذا صار غير ملازم.
هذه المسألة، مسألة النهي يقتضي الفساد أو غيره، خلاصة القول فيها: أنه إن عاد النهي إلى ذات إلى العين فإنه يكون فاسدا وباطلا لا يصح، كصيام يوم النحر وصيام الحائض وبيع الخمر وبيع الخنزير؛ لأن النهي عاد إلى نفس العين، فلا يجوز.
أما إن عاد إلى وصف، إن عاد أيضا إلى وصف ملازم أيضا يكون باطلا، إن عاد إلى وصف ملازم يكون باطلا، هذا قاعدة الحنابلة في هذا، كما مثلا ستر عورته بثوب حرير، فإن الصلاة كانت صحيحة، والحنفية -رحمهم الله- يقول: لا، الصلاة صحيحة، والحنابلة يقولون: أنها غير صحيحة، من ستر عورته بثوب حرير.
أما إذا عاد النهي إلى وصف غير ملازم كالوضوء بالماء المغصوب، فهو صحيح مع الإثم، أو من صلى وعليه عمامة حرير، فأيضا صلاته صحيحة مع الإثم؛ لأن ستر الرأس ليس شرطا في الصلاة، ستر الرأس.(1/108)
فإذن خلاصة القول في المسألة: أنه إن عاد النهي إلى عين الشيء يكون باطلا، كبيع الخمر والخنزير وصيام يوم العيد وصيام الحائض وغيرها، وإن عاد إلى وصف ملازم فالحنابلة أيضا يقولون: إنه لا يصح كمن ستر عورته بثوب حرير، وإن عاد إلى وصف غير ملازم فيصح مع الإثم، كالصلاة في الدار المغصوبة والوضوء بالماء المغصوب، نعم، والغش في المعاملة، هذا وصف غير ملازم، نعم يا شيخ..
المعاني المختلفة لصيغة الأمر
وترد أي توجد صيغة الأمر والمراد به أي بالأمر الإباحة كما تقدم، أو التهديد نحو: { } - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - (( - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد ( - ( } ( { } (1) نعم، أو التسوية نحو: { } - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - - ( (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - (( - - } (2) نعم، أو التكوين نحو: { } - قرآن كريم ( الله أكبر قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( - } (3).
هذه من معاني صيغة الأمر، وهي -يعني- ليس لها تعلق كبير بعلم الأصول، إنما الأصوليون -رحمهم الله- يرددونها استطرادا، وقد أورد الغزالي -رحمه الله- لمعاني الأمر خمسة عشر معنى، ثم أورد ابن السبكي ستا وعشرين معنى لصيغ الأمر، ثم أورد ابن النجار الفتوحي -صاحب شرح الكوكب المنير- ستا خمس وثلاثين معنى لصيغ الأمر.
الغزالي -رحمه الله- لما أورد خمسة عشر، قال: إن أغلبها -يعني- متكلف، وإنما ذكروها لولع أهل الأصول بالتقسيم، فهي ليس لها يعني كبير فائدة وتعلق بعلم الأصول، نعم يا شيخ..
مبحث العام والخاص
وأما العام فهو ما عم شيئين فصاعدا من غير حصر.
__________
(1) - سورة فصلت آية : 40.
(2) - سورة الطور آية : 16.
(3) - سورة البقرة آية : 65.(1/109)
هذا مبحث العام والخاص، وهو حقيقة من أهم مباحث علم الأصول العام والخاص؛ لأنه ما من آية أو حديث إلا ويتطرق إليها إما عموم أو خصوص، ونستأنف -إن شاء الله- من الغد -إن شاء الله- مبحث العام والخاص.
الفرق بين العام والعموم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المحلي -رحمه الله تعالى-: وأما العام فهو ما عمَّ شيئين فصاعدا من غير حصر، من قوله: عممت زيدا وعمرا بالعطاء، وعممت جميع الناس بالعطاء، أي شملتهم به، ففي العام الشمول.
مبحث العام والخاص من أهم مباحث علم أصول الفقه، والسبب في هذا -أيها الإخوة- أنه في الغالب ما من آية أو حديث إلا ويتطرق إليها عموم أو خصوص، وإدراك هذه هذا المبحث -مبحث العام والخاص- مما يساعد كثيرا على استنباط الأحكام استنباطا صحيحا.
عرَّف المؤلف -رحمه الله- العام فقال: العام هو ما عم شيئين فصاعدا من غير حصر، المحلي زاد من غير حصر، أولا العام في اللغة بمعنى الشامل، والعموم بمعنى الشمول، وتعريف العام اصطلاحا له عدة تعريفات من ضمنها: هو اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله، قال الطوفي: هذا أجود التعاريف، اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله، وقيل: هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بلفظ واحد. وذكر المؤلف قال: ما عم شيئين فصاعدا من غير حصر.
بقي معنا الإشارة إلى الفرق بين العام والعموم، الفرق بين العام والعموم، العام هو اللفظ المستغرق، والعموم هو استغراق اللفظ، فإذا قلنا مثلا: ما هو العام، نقول: العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بلفظ واحد مثلا، ما هو العموم؟ العموم هو استغراق اللفظ، فيكون العام وصف للفظ، والعموم وصف لاستغراق اللفظ.(1/110)
أيضا ينبغي التنبيه عليه يا إخوان أن العموم أمر نسبي، وهذا أمر مهم، العموم أمر نسبي، بمعنى أنه قد يكون الشيء عام، يعني توافرت فيه أدوات العموم وتحته أيضا عام، لكن عام أقل منه، فهذا هو عام وهذا يسمى خاص، وإن كان هو في حقيقته عام، مثال ذلك مثلا: لو قلنا مثلا العبادة، ماذا تتناول كلمة العبادة؟ تتناول الصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها من أنواع العبادات، إذا قلنا: الصلاة، الصلاة من حيث العدد وللا من حيث النوع، أقل من العبادة وللا أوسع منها؟ أقل من العبادة، الصلاة أيضا تشمل الصلوات المفروضة، وتشمل صلاة التطوع، فالصلاة بالنسبة للعبادة هي خاص، وبالنسبة للصلاة المفروضة هي عام، ولو نزلنا أيضا قلنا الصلوات المفروضة منها ما هي صلاة الظهر، وصلاة الفجر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب فنقول: الصلوات المفروضة هي بالنسبة لصلاة الظهر عام وبالنسبة للصلاة خاص، وهكذا دائما العام هو خاص بالنسبة لما فوقه، عام بالنسبة لما تحته، هذه قاعدة عامة.
العام هو خاص بالنسبة لما فوقه، عام بالنسبة لما تحته، وهذا يساعد فيما يأتي من الأمثلة، نعم يا شيخ..
ألفاظ العموم
وألفاظه الموضوعة له أربعة: الاسم الواحد المعرف بالألف واللام نحو: { } تمت ( { - صدق الله العظيم ( - - - تمهيد { - - - ( - - - - - ( - ( - ((( - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( } (1) واسم الجمع المعرف باللام.
__________
(1) - سورة العصر آية : 2-3.(1/111)
نعم، فالإنسان كلمة لأنها مفرد معرف بـ (ألـ)، بـ (ألـ) الاستغراقية، ويسمى أحيانا في اللغة: ال الجنسية للدلالة على الجنس، فهذه عامة ودليل العموم في هذه الآية ما هو الاستثناء؛ لأن العلماء يقولون: الاستثناء معيار العموم، فإذا جاء استثناء دل على أن ما قبله عام، نعم، واسم الجمع، قال المؤلف: الجمع لكان أولى؛ لأنه ذكر مثال جمع ما ذكر مثال لاسم الجمع؛ لأن المشركين هي جمع، وليس اسم جمع، نعم..
من ألفاظ العموم: اسم الجمع المعرف باللام
واسم الجمع المعرف باللام نحو: { } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - ( - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - } (1).
نعم، { } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - ( - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - } (2) أكرم الطلاب، أكرم المسلمين، كل ما كان جمعا معرفا بالألف واللام يفيد العموم، نعم يا شيخ..
من ألفاظ العموم: الأسماء المبهمة
والأسماء المبهمة كمن فيمن يعقل، فمن دخل داري فهو آمن، وما فيما لا يعقل، نحو: ما جاءني منك أخذته.
__________
(1) - سورة التوبة آية : 5.
(2) - سورة التوبة آية : 5.(1/112)
نعم، من فيمن يعقل طبعا إطلاق من على العاقل، هذا في الغالب، وإنها ورد إطلاقها على غير العاقل، { المحتويات ( - ( { ( تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم } تم بحمد الله (((( - - رضي الله عنه - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( - (- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) ورد إطلاقها لكن في الغالب، فتطلق على العاقل كما فمثل المؤلف: كمن دخل داري فهو آمن، وأيضا مثال آخر: { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - رضي الله عنه - - { - - - - - رضي الله عنهم -(( - - - (( - { - - } صدق الله العظيم - رضي الله عنه - - ( - - - ((( } (2) نعم، وما فيهما نحو: ما جاءني منك أخذته، نعم. أحسن الله إليك.
من ألفاظ العموم: أي الاستفهامية أو الشرطية أو الموصولة
وأي استفهامية أو شرطية أو موصولة في الجميع، أي من يعقل ومن لا يعقل نعم، نحو: أي عبيدي جاءك أحسن إليه، وأي الأشياء أردت أعطيتكه.
نعم في الجميع المقصود في الجميع معناها للعاقل ولغير العاقل، نعم.
أي من يعقل ومن لا يعقل نعم، نحو: أي عبيدي جاءك أحسن إليه.
نعم، هذه شرطية نعم.
وأي الأشياء أردت أعطيتكه.
نعم، هذه موصولة.
من ألفاظ العموم: أين
وأين في المكان نحو: أينما تكن، أكن معك.
نعم، ودائما -يعني- أراد الإنسان يدرك أن هذا اللفظ عام يأتي بكلمة يعني: أي مثلا حينما قال مثلا يعني: من دخل داري فهو آمن، يقول مثلا: أي رجل دخل هل يعني يطابق المعنى؟ نقول: أي رجل دخل داري فهو آمن؟ إذا كان المعنى لو بدلناها بأي كان المعنى صحيحا، معناها أنها تفيد العموم.
من ألفاظ العموم: متى
ومتى في الزمان، نحو: متى شئت جئتك.
نعم، متى شئت جئتك؛ لأنها بمعنى: أي وقت شئت أجيئك نعم.
من ألفاظ العموم: ما الاستفهامية
__________
(1) - سورة النور آية : 45.
(2) - سورة الطلاق آية : 2.(1/113)
وما في الاستفهام، نحو: ما عندك.
نعم أي شيء عندك.
من ألفاظ العموم: ما الجزائية
والجزاء، نحو ما تعمل تجز به.
أي شيء تعمل تجز به.
من ألفاظ العموم: ما الخبرية
وفي نسخة والخبر بدل من الجزاء نحو: علمت ما عملت.
نعم، علمتُ ما عملتَ، هذا جواب لمن قال مثلا: ما عملت؟ فتقول: عملتُ ما عملتَ، نعم..
من ألفاظ العموم: الخبر والجزاء
وغيره كالخبر على النسخة الأولى، والجزاء على الثانية.
نعم، يعني في نسخة قدمت الخبر، وفي نسخة قدمت الجزاء. نعم.
من ألفاظ العموم: لا في النكرات
ولا في النكرات، نحو: لا رجل في الدار.
نعم، وهذه يقولون: هي نص في العموم، وغيرها ظاهر إلا رجل في الدار، لا إله إلا الله، وهذه كلها من أدوات العموم، النكرة في سياق النفي تفيد العموم.
بقي من أدوات العموم ما ذكرها المؤلف: (كل وجميع)، وأيضا المفرد المضاف إلى معرفة، تقول مثلا: رأيت مثلا أولاد -يعني- مثلا تقول: جاءني مثلا + معرفة مثل أمر الله، التزم أمر الله مثلا، فإنه أمر مفرد أضيف إلى معرفة وهي الضمير، التزم أمر الله معناها: أي أمر من أوامر الله التزمه، كما في قوله تعالى: { ( - - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - - - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ((( فهرس ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) ما هو أمر معين أمر معين - أمر واحد، لا، بل جميع أوامر الله سبحانه وتعالى.
__________
(1) - سورة النور آية : 63.(1/114)
وكذلك كل وجميع، وكل مما يتعلق بها ما يسميها الأصول بسلب العموم وعموم السلب، هذه ترد على كل ترد على جميع، عموم السلب وسلب العموم، هذه لا بد لها من التوضيح -أيها الأخوة- لو قال إنسان مثلا: ما حضر كل إخوتك، ما حضر كل إخوتك، فهذا يسمونه سلب العموم، فمعناها لا تفيد العموم؛ لأنك سلبت العموم، نفيته ورفعته، ما حضر كل إخوتك، يعني كأنك تقول: بل حضر بعضهم، لكن لو قلت: كل إخوتك لم يحضروا، ماذا يكون المعنى؟ هذا يسمونه عموم السلب، فإذًا معناها سلب العموم، إذا تقدم النفي على كل، وعموم السلب إذا تأخر النفي بعد كل: كل إخوتك لم يحضرون.
تأملوا معي -أيها الأخوة- في حديث ذي اليدين: - لما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرباعية ثم انصرف وجلس وشبك بين أصابعه، فقال ذو اليدين: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ - -لاحظوا معي- - أنسيت أم قصرت الصلاة؟ - ماذا كان جوابه -صلى الله عليه وسلم-؟ - قال: كل ذلك لم يكن - كل ذلك لم يكن، النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الفصيح، أجاب بما يسميه الأصوليون: عموم السلب أو سلب العموم، عموم السلب؟ عموم السلب، قال: كل ذلك لم يكن، يعني: أنا لا أنا نسيت ولا قصرت الصلاة، حسب ظنه - صلى الله عليه وسلم - لكن لو قال: لم يكن كل ذلك، كان يمكن -يعني- وجود بعضه، فكل ذلك لم يكن، من قبيل عموم السلب، وهو الذي يفيد العموم، أما سلب العموم فلا يفيد العموم؛ لأنه رفع للعموم، نعم يا شيخ..
العموم من صفات النطق
والعموم من صفات النطق، ولا يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه، كما في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين في السفر، رواه البخاري.(1/115)
لاحظوا معي، يا إخوان، يقول المؤلف: والعموم من صفات النطق، معناها: إن العموم من عوام الألفاظ، يعني يوصف به اللفظ فيقال: هذا اللفظ عام وهذا اللفظ ليس بعام، يعني: ليس من عموم المعاني، وإن كان بعضهم يقول: يطلق على المعاني، لكن الذي يهمنا أنه من عموم اللفظ معناها أنه إذا عُرِضَ عليك مثلا نص فقيل: هل هو عام، تأكد من الأداة؛ لأنه -يعني- مما يعرض للفظ، من عوارض الألفاظ، ولهذا قال: والعموم من صفات النطق، فلو قال إنسان مثلا بعموم مثلا كذا وكذا، نقول: طيب هات النص، هات الحديث، هات الآية مثلا لنتأكد ونشوف، هل هي فيها أداة + ذكرها أهل اللغة وأهل الأصول وللا ما فيها؟ لأن دعاوى العموم لا بد أن يكون في أداة، ما يمكن لا بد الإنسان يتأكد، ولهذا لماذا وضع العلماء مثل هذه الأدوات، قالوا: إذا وجدت مثل هذه الأدوات فاعلم أن اللفظ عام.
فلو قال إنسان مثلا: لعموم مثلا كذا وكذا، نقول: طيب هات النص، هات الحديث، هات الآية مثلا، نتأكد ونشوف، هل هي فيها أداة من أدوات العموم التي ذكرها أهل الأصول وللا ما فيها؟ لأن دعاوى العموم لا بد أن يكون فيها أداة، ما يمكن، لا بد للإنسان أن يتأكد؛ ولهذا لماذا وضع العلماء مثل هذه الأدوات؟ قالوا: إذا وجدت مثل هذه الأدوات فاعلم أن اللفظ عام.
والعموم من صفات النطق، ولا يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري مجراه كما في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين في السفر، رواه البخاري، فإنه لا يعمّ السفر الطويل والقصير، فإنه إنما يقع في واحد منهما.(1/116)
طيب، الفعل، يقول العلماء -رحمهم الله-: فرق بين الفعل في حال الإثبات وبين الفعل في حال النفي، الفعل المثبت: ما يدل على العموم، يدل على أن الشيء حصل مرة واحدة مثلا، أنه يعني يدل على أنه وجد هذا الشيء، لكن ما يدل على المرتبة، مثلا النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني حمل أمامة بنت زينب في صلاته، هذا فعل، حَمَلَ فعل ماض، أنه حمل، نقول صحيح هو حمل، لكن لا يدل على أنه حملها في كل صلاته، يعني في جميع الصلوات أنه يحملها، لا، يدل على أنه حملها يعني هذا اللفظ نقول يصدق بمرة واحدة، قد يكون حملها أكثر، قد يكون، لكن لا يلزم من هذا اللفظ إنه حملها أكثر، إنما الفعل المثبت يدل على أنه يحصل مرة واحدة.
لما نقول مثلا: محمد مثلا جاء للمسجد، وللا محمد مثلا جاء إلى الديار مثلا، ما يدل على أنه دائما يأتي، لكنك تقول أخبرت أنه جاء هذه المرة. فمدلول هذا الفعل المثبت أنه حصل هذا الشيء مرة وقد يكون حصل مرات، لكن لا يلزم من هذا.
لكن الفعل في حال النفي هذا يدل على العموم، إذا قلت مثلا: والله لا آكل، آكل فعل مضارع، إذا قلت: والله لا آكل، ما الذي يعني يلزمك في هذه الحالة؟ الامتناع عن جميع أنواع الأكل، إذا قلت ما أكلت معناها أيضا فعل منفي، معناها أنك يعني لم يحصل منك شيء من الأكل.
في حديث أبي أيوب: - لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول - لاحظوا معي، فعل منفي، لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، قال العلماء: هذا الحديث عام؛ لأنه فعل منفي، فيشمل جميع أنواع الاستقبال، سواء كان داخل البنيان أو خارج البنيان.
جاء حديث ابن عمر - رضي الله عنه - عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- على أحد الأقوال، والمسألة يعني مشهورة خلافية، هل هو مخصص أو ناسخ أو غيرها؟ للعلماء كلام في ذلك.(1/117)
أيضا مثلا: - لا يبولن أحدكم في الماء الدائم - فعل منفي، معناها أي نوع من أنواع البول منهي عنه، أي نوع من البول سواء كان وهو جالس، في المساء، في الصباح، في الليل، أي حالة من أحوال البول منهي عنها الإنسان؛ لأنه فعل منفي.
نعم يا شيخ..
أحسن الله إليك.
وكما في قضائه - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة للجار، رواه النسائي عن الحسن مرسلا، فإنه لا يعم كل جار؛ لاحتمال خصوصية في ذلك الجار.
هذا مثل لك أهل الأصول فيما إذا قال الصحابي - رضي الله عنه - مثلا، نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، نهى عن بيع الغرر أو قال: قضى بالجوار، أو قال: قضى بالشفعة للجار، الحديث بهذه الصيغة عزاه للنسائي، وبهذه الصيغة لم يثبت، بهذه الصيغة، وإن كان وردت بأحاديث مقاربة له، لكن بهذه الصيغة لم يثبت.
فَنَهَى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم، فالذي ساق هذه العبارة، الذي قال نهى من هو؟ صحابي - رضي الله عنه - يحكي حالة صدرت منه - صلى الله عليه وسلم - يحكي حالة صدرت فيقول أنه نهى عن الغرر، فيقول المؤلف أنها لا تفقد العموم لاحتمال أن يكون في حالة خاصة؛ لأن الذي صاغ بصيغة العموم هو الصحابي، لكن القول الصحيح أنه يفيد العموم، وأن الصحابي فاهم مدرك لدلالات اللغة، هو عربي فصيح ومدرك لدلالات اللغة، وبالتالي إذا حكى الصحابي فعلا بصيغة العموم فدل على أنه فهم العموم، وفهم الصحابي مُقَدَّم، لكن المؤلف -رحمه الله- مشى على القول الآخر أنه لا يفيد العموم، لكن القول الصحيح كما قلنا أنه إذا قال قضى بالشفعة للجار حكم مثلا أرخص في السلم، وضع الجوائح، نهى عن الغرر، وغيرها مما يحكيه الصحابي، يحكي فعلا صدر منه - صلى الله عليه وسلم - فإنه يفيد العموم على القول الصحيح. نعم.
أحسن الله إليك.
الخاص يقابل العام(1/118)
والخاص يقابل العام فيقال فيه: ما لا يتناول شيئين فصاعدا من غير حصر، نحو رجل ورجلين وثلاثة رجال، والتخصيص تمييز بعض الجملة، أي إخراجه كإخراج المعاهدين من قوله تعالى: { } - قرآن كريم ( - ( - ( - - - - ( - رضي الله عنه -((( - ( - ((( - ( - - - } (1).
نعم، الخاص والتخصيص، المؤلف -رحمه الله- عرّف الخاص فقال: ما لا يتناول شيئين فصاعدا من غير حصر، نحو رجل ورجلين وثلاثة، تعريف الخاص الذي يقصده أهل الأصول فيما يقابل العام ليس هو -يعني- لا ينطبق عليه هذا التعريف؛ لأن المقصود هنا بالخاص ما كان مقابل العام؛ وإن كان هو في حقيقته عام؛ وإن كان في حقيقته عام؛ ولهذا -كما قلنا قبل قليل- إنه أمر نسبي، فكل فإذا تقابل عامان أحدهما أقل من الآخر، نسمي هذا عاما ونسمي هذا خاصا وإن كان هذا هو عام، يعني متوفر فيه أدوات العموم، فبالتالي قول المؤلف إن الخاص ما لا يتناول شيئين فصاعدا، لا يستقيم، نحو رجل ورجلين وثلاثة.
__________
(1) - سورة التوبة آية : 5.(1/119)
ولهذا أكثر علماء الأصول حينما يعرّفون الخاص يعرّفون التخصيص، ما يعرّفون الخاص، يعرفون التخصيص فيقولون: هو قصر العام على بعض أفراده، يقولون: الخاص التخصيص هو قصر العام على بعض أفراده، أو نقول: هو إخراج بعض ما تناوله اللفظ العام، إخراج بعض ما تناوله اللفظ العام، فمثلا قول الله تعالى: { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم { (- عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) هذه الآية عامة، ما أداة العموم فيها؟ اسم الموصول، فإنه عام. في سورة الطلاق { ( تمهيد ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - عليه السلام - - ( قرآن كريم - } - - - صدق الله العظيم ( - ( - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم (( - (- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - فهرس - ( - - قرآن كريم } (2) هذه خاصة مع أن فيها اسم موصول، مع إن فيها اسم موصول، لكن قالوا: هذه أقل من تلك، فتكون تلك عامة وهذه خاصة.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 234.
(2) - سورة الطلاق آية : 4.(1/120)
لو قلت الآن مثلا: أُكْرِم مثلا طلاب جامعة كذا مثلا، فإن طلاب جامعة كذا تفيد العموم، ما أداة العموم؟ الجمع المضاف، مثل: { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - (( قرآن كريم ( - ( - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } (1) جمع أضيف يفيد العموم، لو قلت مثلا: لا تُكْرِم طلاب القسم الفلاني، لاحظوا معي، لا تكرم طلاب القسم الفلاني، فهذا أيضا عام؛ لأنه جمع من غير معرفة، لكن نسميه خاصا لأنه في مقابل ما هو أكبر منه، وهكذا.
طيب، بقي معنا، هل يجوز تخصيص العام حتى لو أُكِّد؟ يعني العام يجوز تخصيصه إنما بدليل فهو هكذا +، إنما إذا ورد دليل يخصص عملنا به، فهل يجوز تخصيص العام حتى لو أُكِّد؟ لو قلت مثلا: أَكْرِم الطلاب كلهم أجمعين، ثم قلت: إلا فلان وفلان، هل يجوز؟ فأنا الآن الطلاب فيها عموم، جمع اقترن بـ (ال)، ثم أُكِّد بـ(كلهم)، ثم أُكِّد بـ(أجمعين)، ثم جاء التخصيص والاستدلال، هل يجوز أو لا يجوز؟ نعم يا شيخ، يجوز؟ نعم؟ أحسنت، بارك الله فيك، الشيخ يقول: يجوز نعم، صحيح يجوز حتى ولو كان مؤكدا كما في قوله تعالى: { - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - - - ( ( { - - (((( فهرس - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( المحتويات ( - - - ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((- عليه السلام - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - صدق الله العظيم ( { { { - ( - ( - ( { } (2) على القول بأنه ليس من الملائكة وإن كان الصحيح أنه ليس من الملائكة إبليس، لكن على القول بأنه، وإلا فيكون الاستثناء منقطعا هنا، إذا قلنا بأنه ليس من الملائكة فالاستثناء منقطع.
__________
(1) - سورة النساء آية : 11.
(2) - سورة الحجر آية : 30-31.(1/121)
وأيضا في صحيح مسلم قال: فأحرموا كلهم إلا أبا قتادة، يقصد الصحابة -رضي الله عنهم- فأحرموا كلهم إلا أبا قتادة، فهو استثنى، يعني خصّ أبا قتادة من (فأحرموا كلهم) الذي هو عام الأول، الضمير عاد على الصحابة وإلا فهو يفيد العموم؛ لأنه جمع اقترن بـ(ألـ) ثم أُكِّد بكلهم، فأحرموا كلهم إلا أبا قتادة.
نعم يا شيخ..
الفرق بين النسخ والتخصيص
وينقسم إلى متصل ومنفصل.
بقي معنا الإشارة، ما الفرق بين النسخ والتخصيص؟ ترى أحيانا يعني يلتبس هذا بهذا، النسخ والتخصيص، الفرق بينهما أن التخصيص يرد على البعض، والنسخ يرد على البعض ويرد على الكل، أيضا فرق آخر أن النسخ لا بد فيه من التراخي، ولهذا يقولون: هو رفع الحكم السابق بخطاب متقدم بخطاب متراخٍ عنه، لكن التخصيص هل يشترط فيه التراخي؟ لا ما يشترط فيه التراخي، { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - جل جلاله - - (( - ( - ( - - - { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - { - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - ( - رضي الله عنه -((( - (- عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ( المحتويات ( - مقدمة - ( - - رضي الله عنهم - - ( { - - رضي الله عنهم -( - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - -(1/122)
عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - ( - (( - - - ((( - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - - - } (1) في نفس الآية استثناء، احرصوا، احرصوا على الأفراد.
فإذا التخصيص لا يشترط فيه، قد يكون متراخيا كما في قوله تعالى: { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - (( قرآن كريم ( - ( - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } (2) ثم في حديث: - ليس لقاتلٍ ميراثُ شيء - هذا متراخٍ، فالتخصيص قد يكون متراخيا وقد يكون غير متراخٍ، لكن النسخ من لازمه أن يكون متراخيا.
نعم يا شيخ..
الشرط من المخصصات المتصلة
وينقسم إلى متصل ومنفصل، فالمتصل الاستثناء، وسيأتي مثاله، والشرط، نحو: أكرم بني تميم إن جاءوك، أي الجائين منهم، والتقييد بالصفة، نحو: أكرم بني تميم الفقهاء.
نعم، فهذه كلها أمثلة للمخصص المتصل، الشرط يعني أكرم بني تميم إن جاءوك، فدل على أن مَنْ لَم يأتِ منهم خرج، وأكرم بني تميم الفقهاء، دل على أن من ليس بفقيه أيضا خرج من اللفظ العام.
نعم يا شيخ..
الاستثناء من المخصصات المتصلة
والاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام، نحو: جاء القوم إلا زيدا.
نعم، الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام، هذا التعريف عام، فيه عموم، يشمل الاستثناء ويشمل الصفة؛ لأن الصفة من شأنها أنها إخراج ما لولاها لدخل في الكلام، فإذًا لا بد أن يزاد قيد إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها، لا بد أن يزاد بإلا أو إحدى أخواتها، فيكون التعريف خاص بالاستثناء، لكن التعريف بهذه الصورة يتناول الاستثناء وغيره.
نعم يا شيخ..
وإنما يصح الاستثناء بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء، نحو: له عليّ عشرة إلا تسعة، فلو قال: إلا عشرة، لم يصح، وتلزمه العشرة.
__________
(1) - سورة النور آية : 4-5.
(2) - سورة النساء آية : 11.(1/123)
هذا + الاستثناء المستغرق، يسميه الأصوليون الاستثناء المستغرق، يعني ما إذا استثنى استثناءً يستغرق ما قبله، له علي عشرة إلا عشرة، ما يجوز، له علي مائة إلا مائة، ما يجوز، لكن له علي مائة إلا تسعين جائز، فلا بد أن يبقى في المستثنى منه شيء، لكن إذا استثناه بالكامل ما يجوز، يكون الاستثناء لاغيا وتلزمه العشرة بالكامل، يكون الاستثناء ملغيا وتلزمه العشرة.
نعم يا شيخ..
من شرط الاستثناء أن يكون متصلا بالكلام
ومن شرطه أن يكون متصلا بالكلام، فلو قال: جاء الفقهاء، ثم قال: بعد يوم إلا زيدا، لم يصح.
أيضا لا بد من اتصاله بالكلام، لكن لا يضر بفاصل، يعني كعطاس مثلا أو سعال أو غيرها، لا يضر، لكن لو فرضنا فاصلا غير طبيعي فإنه لا يصح الاستثناء في هذه الحالة، بل لا بد أن يكون متصلا.
نعم يا شيخ..
تقديم المستثنى على المستثنى منه
ويجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، نحو: ما قام إلا زيدًا أحدٌ.
نعم، فـ(زيدًا) هي المستثنى، و (أحدٌ) هو المستثنى منه، فيجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه، وإن كان الأصل في الاستثناء عدم التقديم.
الاستثناء من الجنس
ويجوز الاستثناء من الجنس كما تقدم - نعم - ومن غيره، نحو: جاء القوم إلا الحمير.
نعم، تقول: قام القوم إلا فرسا مثلا، يسمى استثناء ماذا؟ استثناءً منقطعا، قام القوم إلا زيدا، استثناء متصل.
نعم..
الاستثناء من الاستثناء
والشرط المخصص والشرط..(1/124)
بقي معنا يا إخوان الاستثناء من الاستثناء، هذه ما ذكرها المؤلف، الاستثناء من الاستثناء، لو قال إنسان مثلا: له عليّ عشرة، أو له علي عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا اثنان، فكم يلزمه في هذه الحالة؟ له عليّ عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا اثنان، كم يلزمه؟ الشيخ.. لا، لا بد يلزمه شيء، الطريقة في هذا يا إخوان، الطريقة في هذا الاستثناء من الاستثناء أننا نحسب الأخير نقول: اثنان من أربعة، الأخير يبقى اثنان، اثنان من ستة؟ يبقى أربعة، أربعة من عشرين؟ يبقى ستة عشر، فيلزمه ستة عشر في هذه الحالة، واضح وللا غير واضح؟ إذا قال له علي مثلا عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا أربعة، نبدأ من الأربعة، نقول: أربعة من ستة؟ يبقى اثنان، اثنان من ثمانية؟ يبقى ستة، ستة من عشرين؟ يبقى أربعة عشر، وكل ما تغيرت الأرقام تغير العدد، قبل قليل كانوا ستة عشر والآن صار أربعة عشر؛ لأن غيرنا الأرقام.
واضح وللا غير واضح؟ الذي ما اتضح له يقول ما اتضح لي، نعم يا شيخ، نعم، إذا قلنا سواء قلنا الاثنين أو الأربعة، يعني كل شيء بحسابه، إذا قلنا له عليّ عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا أربعة، فيكون أربعة من ستة، كم الباقي؟ اثنان. اثنان من ثمانية، كم الباقي؟ ستة. ستة من عشرين، كم الباقي؟ أربعة عشر. فيكون يلزمه في ذمته أربعة عشر.(1/125)
هذا هو القول الصحيح في المسألة، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: { - رضي الله عنه - - - - - - - رضي الله عنهم - - - ( ( المحتويات ( - ( تمهيد ((- رضي الله عنهم - - - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - (((( } - ( قرآن كريم ( - - - - - - ( الله أكبر ( { - - - - جل جلاله -( - ( - ( - ( - - - فهرس - ( { - الله ( قرآن كريم - - - ((( تم بحمد الله ( - ( - - - (((( - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ( قرآن كريم ( - - ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - قرآن كريم - - - - جل جلاله -( - - - - ((((- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - - ( تم بحمد الله - - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - { - } - ( { - صدق الله العظيم ( - - - - ((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - (((( } (1) فلاحظوا هذا الاستثناء من استثناء، إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين، قال: { - رضي الله عنه - - - - - - - رضي الله عنهم - - - ( ( المحتويات ( - ( تمهيد ((- رضي الله عنهم - - - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - - (((( } - ( قرآن كريم ( - - - - - - ( الله أكبر ( { - - - - جل جلاله -( - ( - ( - ( - - - فهرس - ( { - الله ( قرآن كريم - - - ((( تم بحمد الله ( - ( - - - (((( - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( - ( قرآن كريم ( - - ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - قرآن كريم - - - - جل جلاله -( - - - - ((((- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - (((( - صدق الله العظيم ( { (( مقدمة - - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله
__________
(1) - سورة الحجر آية : 57-60.(1/126)
عنه - - ( تم بحمد الله - - - - - رضي الله عنه - الله أكبر ( - - - - - - { - } - ( { - صدق الله العظيم ( - - - - ((( - ( - (- رضي الله عنه -(( - - - (((( } (1)
فنقول آل لوط، نقول: القوم المجرمون إلا آل لوط إلا امرأته، المعنى بهذا الشكل القوم المجرمون، سيهلك القوم المجرمون إلا آل لوط إلا امرأته، فإلا امرأته، امرأته مستثناة من ماذا؟ من آل لوط، من آل لوط، ما استثناها من القوم المجرمين؛ لأنه لو استثناها من القوم المجرمين ماذا يكون حكمها؟ تكون ناجية وهي هالكة، فامرأة لوط مستثناة من قوم لوط، وقوم لوط مستثنون من ماذا؟ من المجرمين، من القوم المجرمين، مثل لما قلنا: له علي عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا أربعة، كل واحد مستثنى من الذي قبله، واضح وللا غير واضح؟ الدليل يا إخوان.
__________
(1) - سورة الحجر آية : 57-60.(1/127)
بقي معنا أيضا الاستثناء من الجمل، الاستثناء من الجمل، هل يعود على الجميع وللا يعود على الأخير كما في قوله تعالى: { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - ( تمهيد ( - - جل جلاله - - (( - ( - ( - - - { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم ( بسم الله الرحمن الرحيم - - } - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - عليه السلام -( - - - رضي الله عنهم - - { - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - - ( - رضي الله عنه -((( - (- عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - - - رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - } (1) هذه الجملة الأولى. { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ( { - - ( المحتويات ( - مقدمة - ( - - رضي الله عنهم - - ( { - - رضي الله عنهم -( - - جل جلاله - - - رضي الله عنه - - - صلى الله عليه وسلم - - } (2) هذه الجملة الثانية. { - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( { ( - ( - (( - - - ((( } (3) هذه الجملة الثالثة. يعني الجملة الأولى آمرة بجلدهم، الجملة الثانية ناهية عن قبول شهادتهم، الجملة الثالثة مخبرة بفسقهم، ثم قال: { - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - - - } (4) فإن الذين تابوا يعود على الجميع وللا يعود على الأخيرة؟ الصحيح أنه يعود على الجميع إلا إذا منع
__________
(1) - سورة النور آية : 4.
(2) - سورة النور آية : 4.
(3) - سورة النور آية : 4.
(4) - سورة النور آية : 5.(1/128)
مانع، الصحيح أنه يعود على الجميع إلا إذا منع مانع، فبالتالي ما يعود على مسألة، ما يعود الأمر بالجلد؛ لأنه حتى لو تاب القاذف فإنه لا يسقط عنه الحد؛ لأن الحد لغيره، الحد حق لغيره ليس له، وبالتالي حتى لو تاب القاذف كما في الجملة الأولى هذا بالإجماع لا يسقط عنه الحد، بل يسقط بالتوبة.
بقي مسألة قبول التوبة، مسألة الوصف بالفسق يعود الاستثناء عليهم جميعا، فبالتالي إذا تاب القاذف على القول الصحيح فإنه تقبل شهادته، وينتفي عنه وصف الفسق.
نعم يا شيخ..
تقدم الشرط المخصص على المشروط
والشرط المخصص يجوز أن يتقدم على المشروط، نحو: إن جاءك بنو تميم فأكرمهم.
لاحظوا معي يا أيها الأخوة، الشرط المقصود به هنا في باب التخصيص ليس الشرط المقصود به في الحكم الوضعي هنا، المقصود بها الشرط اللغوي أو الشرط اللفظي الذي هو المصدّر بإن مثلا أو ما قام مقامها، لكن هناك لا كاشتراط الطهارة واشتراط مثلا الحول في الزكاة الذي هو ما يلزم من وجوده، ما يلزم من وجوده الوجود ولا يلزم من عدمه العدم، ما يلزم من الشرط، ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، نعم، ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود، هذا الشرط، لكن الشرط هنا لا. المقصود بالشرط هنا التخصيص هو تعليق شيء بشيء بإن الشرطية أو إحدى أخواتها، تعليق شيء بشيء، وليس الشرط المقصود به الشرط اللغوي في الحكم الوضعي.
فإذا قلت مثلا: أكرم الطلاب إن اجتهدوا، فكان اللفظ الأول أكرم الطلاب يتناول جميع الطلاب المجتهدين وغيرهم، لما قلت إن اجتهدوا ما الذي خرج؟ غير المجتهدين، خرج غير المجتهدين، نعم.
نعم يا شيخ..
الفرق بين العام والمطلق
والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع كما في كفارة القتل وأطلقت..(1/129)
المؤلف -رحمه الله- أدخل باب المطلق والمقيد ضمن باب العام، وهما موضوعان مستقلان، موضوع العموم والخصوص وموضوع انطلاق التقييد، كل منهم مستقل بذاته، وقبل هذا يشير إلى مسألة، وهي ما الفرق بين العام والمطلق؟ ما الفرق بين العام والمطلق؟ نعم الشيخ.. يكون استغراقا أما المطلق يكون بدليا، بارك الله فيك.
الفرق بينهما أن الاستغراق في العام عموم استغراقي وعموم شمولي، أما الاستغراق أو العموم في المطلق هو عموم بدلي، ويتضح ذلك بالمثال، لو قلت مثلا: أَكْرِمْ الطلاب، فهذا لفظ عام معناه: يلزمك أن تكرم جميع من يسمى طالب، هذا عام، لكن لو قلت أكرم طلابا، أكرمت ثلاثة أربعة يكفي، فذاك من باب العام، وهذا من باب المطلق، إذا قلت: فتحرير رقبة في قوله تعالى: { ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( - { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - } (1) معناها أي رقبة تكفي، مطلقة، لكن وردت تقييدها في آيات أخرى، لكن من حيث الإطلاق مطلقة في هذه الآية، لكن لو قيل: فتحرير الرقاب، هل تبرئ ذمتك بتحرير رقبة واحدة؟ لا، ما تبرأ.
فإذًا معناها أن العام استغراقي، والمطلق عمومه بدلي، معناه يعني تمتثل في هذا وتترك الآخر، يعني تعتق مثلا زيد، الرقيق مثلا زيد ولكنك تترك مثلا الرقيق عمرو وصالح وأحمد وغيرهم.
نعم يا شيخ، من أول والمقيد بالصفة..
التخصيص بالصفة
والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة، قيدت بالإيمان في بعض المواضع كما في كفارة القتل - نعم - وأطلقت في بعض المواضع كما في كفارة الظهار، - نعم - فيحمل المطلق على المقيد احتياطا.
__________
(1) - سورة النساء آية : 92.(1/130)
نعم، بقي معنا الصفة التي هي من المخصصات، لما قال مثل المؤلف أكرم بني تميم الفقهاء، هل هي الصفة المقصود بها عند النحاة ما يسمى بالنعت؟ لا، المقصود بها هو ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام، الصفة المقصود بها ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام، ولهذا يدخل فيها النعت، ويدخل فيها البدل، ويدخل فيها الحال، كله يسمى تخصيصا بالصفة { ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - ( مقدمة ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - - - ( مقدمة ( - - - ( { الله - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - } (1) بدل، فدل على أن من لم يستطع غير مخاطب، فهذا ليس صفة ليس نعتا، ولكنه بدل، ومع هذا العلماء يسمونه كله من باب التخصيص بالصفة، فإذا معناها الصفة التخصيص بالصفة بمعناها الواسع وهو كل ما أشعر بصفة أو ميز بعض أفراد العام، أو ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام.
نعم يا شيخ..
__________
(1) - سورة آل عمران آية : 97.(1/131)
ذكر المؤلف مسألة الإطلاق والتقييد وقال إنه يحمل يعني في هذه الحالة كما في كفارة القتل { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - - - - - (- جل جلاله -( تم بحمد الله ( - ( تم بحمد الله - - ( - (- رضي الله عنهم - - ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( - { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - - { - - جل جلاله -( تم بحمد الله ( - - تم بحمد الله ( { - رضي الله عنه - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - رضي الله عنهم - - ( - - - - تم بحمد الله - - فهرس - ( { ((( - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) هنا قيدت بالإيمان، وفي آية الظهار: { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - (( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - (( - - - - ( { - { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - ( - } - قرآن كريم ( - - - - ( - - ( - ( - - رضي الله عنه - - - ( - { - رضي الله عنه - - - - - عليه السلام - - } (2) فقالوا: يحمل المطلق على المقيد، طبعا هذا العلماء -رحمهم الله- قالوا إن هذا من باب اختلاف السبب واتحاد الحكم، فالحكم واحد وهو ماذا؟ التحرير، والسبب مختلف، ذاك في القتل وهذا في الظهار.
__________
(1) - سورة النساء آية : 92.
(2) - سورة المجادلة آية : 3.(1/132)
طيب عكسه، إذا كان الحكم مختلفا والسبب واحدا ها يحمل وللا ما يحمل؟ لا يحمل، كما في آية الوضوء وآية التيمم؛ فإن السبب واحد وهو إرادة الصلاة، والحكم مختلف، ذاك حكمه الغسل وهذا حكمه المسح، حكمه المسح، فإذا كان اتحد السبب والحكم هذا يحدث كما في حديث - لا نكاح إلا بولي وشاهدين - وفي رواية: - وشاهدي عدل - هذا السبب واحد والحكم واحد، طيب إذا اختلف السبب واختلف الحكم، ما الحكم؟ كما في آية الوضوء وآية السرقة { ( - ( - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( { - - ( - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم (( - (( - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) وهناك في آية الوضوء { - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - ((( - { - - - } - ( قرآن كريم (- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - - ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - فهرس - ( { ( - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } - قرآن كريم ( - ( - (( - - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - ( { ( - (( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - } (2) فالسبب هناك الصلاة، والسبب هنا السرقة، والحكم هناك الغسل، والحكم هنا القطع.
نعم يا شيخ..
تخصيص الكتاب بالكتاب
__________
(1) - سورة المائدة آية : 38.
(2) - سورة المائدة آية : 6.(1/133)
ويجوز تخصيص الكتاب بالكتاب نحو قوله تعالى: { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - ( - - - - ( تمهيد ( - - ( - ((( - ( - - - } (1) خص بقوله تعالى: { ( تمهيد ( - - جل جلاله - - (( - ( الله أكبر ( الله - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - - - (- رضي الله عنه - - ( - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( - ( تمهيد - - } (2) - نعم - أي حل لكم.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 221.
(2) - سورة المائدة آية : 5.(1/134)
نعم ومثله أيضا { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت ( قرآن كريم { (- عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( - - ( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) مخصوصة بقوله تعالى: { ( تمهيد ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - عليه السلام - - ( قرآن كريم - } - - - صدق الله العظيم ( - ( - - رضي الله عنهم - - - صلى الله عليه وسلم - - تمت - صلى الله عليه وسلم - - - صدق الله العظيم (( - (- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - فهرس - ( - - قرآن كريم } (2)
تخصيص الكتاب بالسنة
وتخصيص الكتاب بالسنة كتخصيص قوله تعالى: { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - (( قرآن كريم ( - ( - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } (3) -نعم- إلى آخر الآية الشامل للولد الكافر بحديث الصحيحين: - لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم - .
يعني الشامل الكافر مخصوص بحديث الصحيحين، يعني هذه الآية مخصوصة بحديث الصحيحين، - لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم -
نعم..
__________
(1) - سورة البقرة آية : 234.
(2) - سورة الطلاق آية : 4.
(3) - سورة النساء آية : 11.(1/135)
تخصيص السنة بالكتاب
وتخصيص السنة بالكتاب كتخصيص حديث الصحيحين: - لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ - بقوله تعالى: { تمت ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((- جل جلاله -( - - (- رضي الله عنهم -(( - - - } (1) إلى قوله: { ( المحتويات فهرس - - ( } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - - صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله } ( - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( - - - - عليه السلام - - - رضي الله عنه - - - ( } (2) - نعم - وإن وردت السنة بالتيمم أيضا بعد نزول الآية.
يعني ما يؤثر كونه متأخر، ما يؤثر كون المخصص متأخر، ما يؤثر في هذا.
نعم..
تخصيص السنة بالسنة
وتخصيص السنة بالسنة كتخصيص حديث الصحيحين - فيما سقت السماء العشر - بحديثهما - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة - .
نعم، هذه كلها من ألفاظ العموم التي ورد عليها التخصيص، والأمثلة واضحة.
نعم..
تخصيص الكتاب والسنة بالقياس
وتخصيص النطق بالقياس، ونعني بالنطق قول الله -تعالى- وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن القياس يستند إلى نص من كتاب أو سنة، فكأنه المخصص.
نعم، يقول: إن التخصيص بالقياس قال به الجمهور، وهو صحيح إذا كان القياس صحيحا، فيخص به عام الكتاب وعام السنة، كما في قوله تعالى: { } - - رضي الله عنهم - مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - - - } (3) فإن هذه الآية عامة، ما أداة العموم فيها؟ مفرد محلى بـ(ال) مثل: { } تمت ( { - صدق الله العظيم ( - - - تمهيد { - - - ( - - - - - ( - ( - ((( } (4) مفرد محلى بـ(ال)، هذه أداة العموم فيها، فإنها تتناول كل بيع ما لم يرد نهي عنه.
__________
(1) - سورة النساء آية : 43.
(2) - سورة النساء آية : 43.
(3) - سورة البقرة آية : 275.
(4) - سورة العصر آية : 2.(1/136)
وقد ورد النهي في بعض صور البيع، بيع الأرز بالأرز متفاضلا، يجوز وللا ما يجوز؟ ما يجوز، طيب الأرز بالأرز مقيس على ماذا؟ مقيس على البر، مقيس + لا تبيعوا البر بالبر إلى آخره، يقول: فحكم بيع الأرز بالأرز متفاضلا ثابت بالقياس مع أنه داخل في الآية { } - - رضي الله عنهم - مقدمة - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - - - } (1) ولكنه أًخْرِج منها بالقياس.
نعم، وتخصيص النطق بالقياس..
المجمل
تعريف المجمل
وتخصيص النطق بالقياس، ونعني بالنطق قول الله تعالى وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن القياس يستند إلى نص من كتاب أو سنة، فكأنه المخصص. والمجمل: ما يفتقر إلى البيان، نحو ثلاثة قروء، فإنه يحتمل الأطهار والحيض؛ لاشتراك القرء بين الحيض والطهر.
نعم، المجمل عرّفه العلماء ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى معين، ما لا يفهم عند الإطلاق معنى معين، مثل القرء، فإنه يقع بالاشتراك بين الحيض وبين الطهر، ثم جاءت بعض الأحاديث وبينت المراد، وفي حديث - دعي الصلاة أيام أقرائك - والذي تترك فيه الصلاة أيام الحيض وللا أيام الطهر؟ أيام الحيض، فدل على أن القرء المراد به الحيض، وليس المراد به الطهر، والمسألة خلافية، الحنفية والحنابلة -رحمهم الله- يقولون: أن المراد به الحيض، والشافعية والمالكية -رحمهم الله- يقولون: المراد بها الطهر.
نعم..
أسباب الإجمال
والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، أي الاتضاح، والمبين هو النص.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 275.(1/137)
أحيانا الإجمال له يعني أقسام أو أسباب، فنقول من أسباب الإجمال أولا: عدم معرفة المراد كما في القرء، وقد يكون من أسباب الإجمال عدم معرفة الصفة، كما في قوله تعالى: { } - قرآن كريم ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } (1) فإن الصلاة جاءت في القرآن مجملة، ثم بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله، وبيّن هيئتها وكيفيتها بفعله وقوله، فهذا إجمال بعدم معرفة الصفة.
وقد يكون إجمال بعدم معرفة المقدار، مثل الأمر بالزكاة، { } - قرآن كريم ( - - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم - - } - - - - } (2) فإنها جاءت مجملة مقاديرها في القرآن ثم بينتها السنة، - في كل أربعين شاة شاة. -
نعم..
تعريف النص
والنص ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، كزيد في: رأيت زيدًا، نعم، وقيل ما تأويله تنزيله، نحو: { ( بسم الله الرحمن الرحيم - - عليه السلام - - (( - ( ( { - الله ( فهرس - - صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم - الله - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (3) فإنه بمجرد ما نزل يفهم معناه، وهو مشتق من منصة العروس، وهو الكرسي؛ لارتفاعه على غيره في فهم معناه.
__________
(1) - سورة الأنعام آية : 72.
(2) - سورة البقرة آية : 43.
(3) - سورة البقرة آية : 196.(1/138)
دخل المؤلف إلى درجات المعنى والنص والظاهر والمؤول وغيرها، فقال: النص تعريفه ما لا يحتمل إلا معنى واحد، كزيد في رأيت زيد في قوله تعالى: { - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - عليه السلام - - - (- رضي الله عنه -( ( - - - ( تم بحمد الله - - - } (1) ما بها احتمال إنها تسعة ولا احتمال إنها إحدى عشرة، نص، وعرّفه تعريفا آخر، قال: ما تأويله تنزيله، مراده بتنزيله يعني أنه يفهم بمجرد سماعه، يفهم بمجرد سماعه، لكن هذا التعريف الثاني يدخل معه الظاهر؛ لأن الظاهر يسبق إلى الفهم للمعنى، الظاهر يسبق إلى الفهم للمعنى، فالتعريف الثاني فيه إشكال، لكن التعريف الأول أصوب، وعرفه ابن قدامة -رحمه الله-: ما يفيد بنفسه من غير احتمال، ما يفيد بنفسه من غير احتمال.
نعم يا شيخ..
أحسن الله إليك
تعريف الظاهر
والظاهر ما احتمل أمرين: أحدهما أظهر من الآخر، كالأسد في: رأيت اليوم أسدا، فإنه ظاهر في الحيوان المفترس؛ لأن المعنى الحقيقي محتمل للرجل الشجاع.
الظاهر في اللغة خلاف الباطن، وعرفه المؤلف فقال: ما احتمل أمرين لا بد أن نزيد فأكثر؛ لأنه قد يحتمل أكثر من معنى، لكن هو ظاهر في أحدها فهو ليس محصور فيها في أمرين، لا، بل يكون أكثر منها ما احتمل أمرين فأكثر أحدهما أظهر من الآخر، والتعريف الأجود أن نقول: ما يُفْهَم منه عند الإطلاق معنى مع تجويز غيره، ما يُفْهَم منه عند الإطلاق معنى مع تجويز غيره، فإذا كان يفهم منه معنى لكنه لا يجوز غيره ماذا يكون؟ يكون نصا، فإذا جوزنا غير يكون ظاهرا، فإذا قوينا هذا الغير الضعيف، قويناه أو قوي بدليل صحيح، ماذا يكون؟ يكون مؤولا. نعم.
من أول يا شيخ، والظاهر..
__________
(1) - سورة البقرة آية : 196.(1/139)
والظاهر ما احتمل أمرين: أحدهما أظهر من الآخر، نعم، كالأسد في: رأيت اليوم أسدا، فإنه ظاهر في الحيوان المفترس؛ لأن المعنى الحقيقي محتمل للرجل الشجاع بدله، فإن حمل اللفظ على المعنى الآخر سمي مؤولا، وإنما يؤول بالدليل كما قال: ويؤول الظاهر بالدليل، ويسمى ظاهرا بالدليل، أي كما يسمى مؤولا، ومنه قوله تعالى: { - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - } (1) ظاهره جمع يد، وذلك محال في حق الله تعالى، فصُرف إلى معنى القوة بالدليل العقلي القاطع.
ما ذكره المؤلف من قوله أن إطلاق اليد على الله تعالى محال، هذا غير صحيح، بل وردت الآيات ووردت السنة بإطلاقها، لكن في هذه الآية نعم نقول: إنها بقدرة، لكن في آية أخرى قوله يعني أن إطلاق اليد محال + غير صحيح، بل نحن نثبت لله يدا، أهل السنة قديما وحديثا يثبتون لله يدا تليق بجلاله، { ( - - رضي الله عنه - - ( فهرس - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( تمت - - رضي الله عنه - - - ( قرآن كريم ( - ( تمهيد - رضي الله عنه - تم بحمد الله } (2) { ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - - ( قرآن كريم - ( ( المحتويات ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (3) لكن في هذه الآية قال العلماء وردت في القدرة، لكن كلام المؤلف أن إثبات اليد لله محال غير صحيح.
__________
(1) - سورة الذاريات آية : 47.
(2) - سورة المائدة آية : 64.
(3) - سورة الفتح آية : 10.(1/140)
الشيخ الإمام الشنقيطي -رحمه الله تعالى- قال على هذه الآية { - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - } (1) قال: أيد هنا ليست جمع يد؛ لأن أيدي التي جمع يد أفعل أيدي، وهنا بأيد بمعنى صيغة فعل أيد، يقول: أيد غير أيد؛ لأن أيد تأتي في اللغة بمعنى القدرة، فهي كما في قوله تعالى: { ( مقدمة (- رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( } ( - ( { ( - - - } (2) وأيدناه: يعني وقويناه، فيقول الشيخ الإمام الشنقيطي في أضواء البيان يقول: إن أيد هنا ليست أيدي اللي هي على وزن أفعل، بل هي أيد على وزن فعل، الهمزة مقابل الفاء، والياء مقابل العين، والدال مقابل اللام، وأنها تأتي في اللغة أيد بمعنى قوة.
نعم، من أول يا شيخ.. فإن حُمل اللفظ على المعنى الآخر سمي مؤولا...
تعريف المؤول
فإن حمل اللفظ على المعنى الآخر سمي مؤولا، وإنما يؤول بالدليل، كما قال: ويؤول الظاهر بالدليل، ويسمى ظاهرا بالدليل، أي كما يسمى مؤولا، ومنه قوله تعالى: { - عليه السلام -( - - - عليه السلام - - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - } (3) ظاهره جمع يد، وذلك محال في حق الله تعالى، فصرف إلى معنى القوة بالدليل العقلي القاطع.
__________
(1) - سورة الذاريات آية : 47.
(2) - سورة البقرة آية : 87.
(3) - سورة الذاريات آية : 47.(1/141)
مثال الظاهر كما في حديث - أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. - فعندنا الوضوء قد يطلق على غسل اليدين اللي هو النظافة، وقد يطلق على الوضوء الشرعي المعروف، فهو ظاهر في كونه المراد به الوضوء الشرعي المعروف مع احتمال أن يكون المراد به النظافة، لكن هذا احتمال ضعيف، وما جاء شيء يقويه، فيبقى على الظاهر، يبقى على الظاهر، والمراد به الوضوء الشرعي المعروف مثال التأويل الصحيح قول الله تعالى: { - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - ((( - { - - - } - ( قرآن كريم (- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - - ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - ( - - فهرس - ( { ( - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } - قرآن كريم ( - ( - (( - - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - ( { ( - (( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - } (1) ما معنى إذا قمتم؟ إذا أردتم، ما يمكن لإنسان إذا دخل في الصلاة يتوضأ، فلا بد أن نقول: المعنى إذا قمتم، بمعنى إذا أردتم.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 6.(1/142)
أيضا من التأويل الصحيح، حرمت عليكم الميتة، فإن الميتة اسم للحم والجلد، يطلق عليه، يقال هذه ميتة، ويشار إليها، فيتناول اللحم والجلد، هذا ظاهرها مع احتمال أن يكون الجلد غير مراد؛ لأنه غير مقصود بالأكل، هذا احتمال أن يكون الجلد غير مراد؛ لأنه غير مقصود بالأكل، هذا الاحتمال قوّاه حديث - أيما إهاب دبغ فقد طهر - وإن كان الظاهر أن التحريم ينصب على اللحم والجلد؛ لأن الميتة اسم لمجموعهما، مجموع اللحم والجلد مع احتمال أن يكون الجلد غير مراد؛ لأن المقصود الجلد لا يؤكل، أو لا يقصد بالأكل، هذا الاحتمال قوّاه حديث - أيما إهاب دبغ فقد طهر - فأصبح أرجح من الذي كان ظاهرا، وأصبح هو الظاهر.
نعم يا شيخ..
دلالة أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -
الأفعال هذه ترجمة فعل صاحب الشريعة، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو إما أن يكون على وجه القربة والطاعة أو لا يكون، فإن كان على وجه القربة والطاعة فإن دل دليل على الاختصاص به يحمل على الاختصاص كزيادته - صلى الله عليه وسلم - في النكاح على أربع نسوة.(1/143)
لاحظوا معي يا إخوان، دلالة الأفعال، أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، لكن ما تعريف الفعل حتى يميز بين الفعل والقول؟ ليس الفعل مثلا هو الحركات والأفعال مثلا الذي يقوم به - صلى الله عليه وسلم - بل هو أعم من ذلك، بل يتناول حتى القوي إذا كان غير موجه لأحد، إذا كان القول غير موجه لأحد، فبهذا يكون من قبيل الأفعال كتسبيحه - صلى الله عليه وسلم - وذكره وتلبيته إذا سمع صحابيا كيف يلبي، فهذا ليس فعلا وقولا، لكنه داخل في أنه فعل، فيؤخذ منه الحكم على أنه من باب الأفعال، ويطبق عليه قاعدة الأفعال، ما يطبق عليه قاعدة الأقوال، إنما القول إذا كان موجه لأحد هذا هو القول، أما مثلا طريقته في التسبيح مثلا وطريقته في الذكر هذه كلها من باب الأفعال، وإن كانت هي قول، فإذا أردنا أن نعرف الفعل المقصود به هنا نقول: هو ما صدر منه - صلى الله عليه وسلم - من فعل أو من قول غير موجه لأحد، ما صدر منه - صلى الله عليه وسلم - من فعل أو من قول غير موجه لأحد؛ لأنه كان موجه لأحد لا ما يكون فعل، يكون خطاب، لكن طريقته في التسبيح وطريقته في الذكر هذه من باب الأفعال.
طيب، ما معنى التأسي؟ { ( - - { { - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - - - - (( ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ( - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( { - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - مقدمة } (1) ما معنى التأسي؟ نعم يا شيخ، نعم، التأسي الاقتداء، يعني الاقتداء، لو كان أضيق من عموم الاقتداء، ها، نعم يا شيخ، نعم، نعم، نعم، أحسنت، بارك الله فيك، التأسي أن تفعل مثل الذي فعل - صلى الله عليه وسلم - على الوجه الذي فعل لأنه فعل، أما إذا فعلته مصادفة هكذا ما يعتبر تأسي، بل لا بد أن يكون فيه نية الاقتداء، أن تفعل مثل الذي فعل على الوجه الذي فعل لأنه فعل - صلى الله عليه وسلم - هذا هو التأسي المطلوب.
__________
(1) - سورة الأحزاب آية : 21.(1/144)
حكم فعل - صلى الله عليه وسلم - المؤلف ذكر قال: فإن دل دليل على الاختصاص يحمل على الاختصاص يعني ما كان إذا قام دليل على أنه خاص به - صلى الله عليه وسلم - ففي هذه الحال لا تشاركه أمته معه، كإباحة الزواج بأكثر من أربعة - صلى الله عليه وسلم - أو الجمع بين أكثر من أربعة نسوة، فإن هذا خاص به - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فيه أحد من أمته، أما إذا لم يقم دليل على الاختصاص فهذا فيه تفصيل إن كان على وجه القربة والعبادة، فمن العلماء من يقول أنه يفيد الوجوب، ويحتجون بحديث خلع النعال - أنه - صلى الله عليه وسلم - خلع نعليه في الصلاة، فخلعوا نعالهم، فلما انصرف من صلاته قال: ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعته فخلعناه. - فما أنكر عليهم ذلك، لكن أخبر لهم بسبب العذر، قال: إني رأيت فيهما قذرا أو أذى، إني وجدت، أخبرني جبريل أن فيهما أذى أو قذرا، فهذا من أدلة من يقول: يفيد الوجوب.(1/145)
والقول الآخر أنه يفيد الندب، أنه ما يفيد الوجوب إذا كان على وجه القربة، وأن الوجوب ما يأتي إلا بدليل، لا يكفي مجرد الفعل أنه يفيد الوجوب إلا إذا كان بيان لمجمل، إذا كان بيان لمجمل، كحركاته في الصلاة؛ لأنه يقول: - صلوا كما رأيتموني أصلي - وطريقته في الوضوء، وطريقته في الحج أو فعله بالحج، فإن هذا بيان لمجمل، فبالتالي يأخذ حكم المجمل اللي هو الوجوب، وكذلك لما قطع يد السارق من المفصل بيان لقوله تعالى: { } - ( قرآن كريم (( - (( - - - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنه - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) يقول: يجب قطعها من هذا المكان، أما إذا لم يكن بيانا لمجمل وظهر فيه أصل القربة، فلعل الأرجح أنه يكون يفيد الندب كما في، ولهذا حديث البخاري - كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في العشر الأواخر - فعل، فالاعتكاف سنة، كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه، رفع اليدين سنة في الصلاة، دلالة فعل.
أيضا حديث ابن عمر - كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ إذا مر بآية سجدة تلاوة سجد - فنقول: سجدة التلاوة سنة؛ لأنها دلالة فعل، فلعل الأرجح والأقرب أنه إذا كان على طريق القربى وليس بيانا لمجمل وليس خاص به - صلى الله عليه وسلم - أنه يفيد الندب.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 38.(1/146)
بقي معنا الإشارة ما مُنع، بعض الأصوليين يذكر قاعدة فيقول: ما مُنع منه النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فعله، هل يكون واجبا؟ إذا كان ممنوعا ثم فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل يكون واجبا؟ كسجود السهو مثلا، سجود السهو هو زيادة في الصلاة، فهو ممنوع في الصلاة، فإذا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل نقول سجود السهو واجب؟ وكل ما كان ممنوعا فإذا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع العبادات نقول فعله عاد الوجوب؛ لأن الواجب، القاعدة أن الواجب لا يُترك إلا لواجب، الواجب لا يترك إلا لواجب، هذه ذكرها بعض الأصوليين، هذه القاعدة، لكن الصحيح أنها يعني ما تنتظم هذه القاعدة، ما تستقيم، ليست منتظمة، وليست قاعدة عامة يؤخذ بها بدليل مثلا الجمع في مزدلفة، يعني جمع الصلاة مثلا هو ممنوع في الأصل، فلما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مقتضى القاعدة أن يكون واجبا مع أن الجمع ليس بواجب، أي جمع في السفر مثلا ليس بواجب، أو القصر مثلا في السفر ليس بواجب، أو الفطر في نهار رمضان، مثلا للمسافر كان ممنوعا، فإذا فعله - صلى الله عليه وسلم - هل يكون واجبا؟ بناء على القاعدة يكون واجبا، لكن الصحيح أنه ليس بواجب، وإن كان هو سنة، والأفضل لكن ليس بواجب.
بقي معنا الإشارة، هل للفعل مفهوم؟ يعني هل له مفهوم؟ طبعا المنطوق اللفظي له مفهوم، لكن هل الفعل له مفهوم؟ قالوا: نعم، له مفهوم، كما في حديث - النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مسجد فرأى نخامة فحكها - فمفهومه أن ما كان أعلى، يعني أشد قذرا من النخامة أنه يزال، مفهوم موافقة، فما كان مثل النخامة وما كان أعلى من النخامة من باب أولى، هذا مفهوم واضح.(1/147)
طيب، مفهوم المخالفة هل له مفهوم مخالفة؟ نقول إذا كان دل على الإباحة فليس له مفهوم مخالفة، أما إذا كان بيانا لمجمل فيكون له مفهوم مخالفة إذا كان بيان لمجمل؛ لأن مفهوم المخالفة إنما يأتي من ماذا؟ من تخصيص الحكم بتلك الحالة، إذا خصصنا الحكم بتلك الحالة لازم يأتي مفهوم المخالفة، فنقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن في قطع يد السارق قطع يد السارق من المفصل، هذا فعل، بيان لمجمل، فمفهومه أنه لا يجوز من غير هذا الموضع، واضح وللا غير واضح؟ يعني مفهومه أنه لا يجوز من غير هذا الموضع؛ لأنه هو فعل، لكن له مفهوم؛ لأن هذا الفعل هو بيانا لمجمل.
وكذلك أيضا إذا كان أخذ حكم الندب فعله، فمفهومه يكون خلاف الأولى كما مر معنا، مفهومه بخلاف الأولى على القول بمشروعية تخليل الأصابع في الوضوء، على القول بفتح الأصابع في الوضوء، فإذا قلنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخلل بين أصابعه في الوضوء وأنه سنة التخليل، فيكون تركه مفهومه تركه خلاف الأولى، فإذا معناها أن ما كان للإباحة ليس له مفهوم، فإذا قلنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل اللحم على طريق الإباحة، لا يُفهم منه أنه غير الأكل، أن غير اللحم لا يجوز أكله، لا، ما يفهم هذا.
فإذا خلاصة الكلام في هذا المفهوم أنه مفهوم الموافقة نعم، إذا اشتركا مثلا في العلة يكون مفهوم موافقة، نعم، مفهوم المخالفة، إن كان بيانا لمجمل فله مفهوم مخالفة، إن أخذ حكم الندب أيضا له مفهوم مخالفة، إن كان مباحا ليس له مفهوم مخالفة، هذا تفصيل الكلام في هذه المسألة.
نعم يا شيخ..(1/148)
فإن دلّ على الاختصاص به يُحْمَل على الاختصاص، كزيادته - صلى الله عليه وسلم - في النكاح على أربع نسوة، وإن لم يدل لا يختص به؛ لأن الله تعالى قال: { ( - - { { - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - - - - (( ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - ( - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - ( { - عليه السلام - - - - - رضي الله عنهم - مقدمة } (1) فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا في حقه وحقنا؛ لأنه الأحوط، ومن بعض أصحابنا من قال: يحمل على الندب؛ لأنه المتحقق بعد الطلب، ومنهم من قال: يتوقف فيه لتعارض الأدلة فيه -نعم- وإن كان على وجه غير وجه القربة والطاعة فيحمل على الإباحة - نعم - في حقه وحقنا.
يعني إذا كان على غير وجه القربة والطاعة يحمل على الإباحة كما مر في حديث عبد الله بن حنين، غسل المحرم رأسه، هذا على الإباحة، وكونه يعني أكل بعض المأكولات، هذا على الإباحة.
نعم يا شيخ..
إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -
وإقرار صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم - ـ على القول من أحد هو قول صاحب الشريعة، أي كقوله - صلى الله عليه وسلم - وإقراره على الفعل من أحد كفعله؛ لأنه معصوم عن أن يقر أحدا على منكر، مثال ذلك إقراره - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على قوله: بإعطاء سلب القتيل لقاتله.
__________
(1) - سورة الأحزاب آية : 21.(1/149)
هذا مسألة الإقرار أو التقرير، تعريف الإقرار اصطلاحا سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إنكار قول قيل بين يديه أو في عصره، أو عن إنكار فِعْل فُعِلَ بين يديه أو في عصره، فسكوته - صلى الله عليه وسلم - يدل على جواز مثل هذا الفعل، يدل على الإباحة، ومن الأمثلة المشهورة على هذا قصة أكل الضب على مائدته - صلى الله عليه وسلم - لما أكله خالد بن الوليد - رضي الله عنه - والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر، فدل على جواز أكل الضب، هذا من باب الإقرار، والإقرار على قول سيرد مثاله.
نعم يا شيخ.. وإقراره على الفعل..
وإقراره على الفعل من أحد كفعله؛ لأنه معصوم عن أن يقر أحدا على منكر، مثال ذلك إقراره - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على قوله: بإعطاء سلب القتيل لقاتله.
نعم، هذه في حديث طويل - أن أبا قتادة - رضي الله عنه - في غزوة حنين قتل مشركا من المشركين، ثم جلس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وكل ذلك أبو قتادة يقول: ويقول من يشهد لي أنني قتلت ذلك المشرك؟ وفي الثالثة قام رجل فقال: يا رسول الله، قال صدق أبو قتادة، وسلبه عندي، لكن أعطه وأرضه -يريد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرضي أبا قتادة وهو يأخذ السلب، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - لاها الله، يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فلا يعطيه حقه، أفلا يأخذ سلبه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - صدق أبو بكر، أقره على ذلك، وقال للرجل: أعط أبا قتادة حقه. -
نعم يا شيخ..
صور من إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -
وإقراره خالد بن الوليد على أكل الضب، متفق عليه -نعم - وما فُعِلَ في وقته - صلى الله عليه وسلم - في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره، فحكمه حكم ما فعل في مجلسه.(1/150)
نعم، يعني أنه لا يشترط أن يفعل بين يديه أنه إذا علم سيأتي الكلام في + العلم إذا علم به،فإن إقراره يكون حجة نعم كإقراره - صلى الله عليه وسلم - معاذ، أنه يصلي بقومه متنفلا وهم يصلون خلفه فريضة، النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على ذلك، وهو لم يفعل بحضرته، لكنه علم به - صلى الله عليه وسلم - وأقره على ذلك ودل على جواز أن يكون الإمام متنفلا ومن خلفه يصلون الفريضة.
نعم يا شيخ.. وما فعل في وقته..
شروط الإقرار
وما فعل في وقته - صلى الله عليه وسلم - في غير مجلسه وعلم به ولم ينكره فحكمه حكم ما فعل في مجلسه، كعلمه بحلف أبي بكر - رضي الله عنه - أنه لا يأكل الطعام في وقت غيظه، ثم أكل لما رأى الأكل خيرا، كما يؤخذ من حديث مسلم في الأطعمة.
نعم حديث أبي بكر - رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم حديث طويل، لكن خلاصته أن أضيافا نزلوا على أبي بكر - رضي الله عنه - ثم أمر بقراهم، والقرى هو الطعام الذي يقدم للضيف، فقال له: كلوا، فقالوا: والله لا نأكل حتى تطعم معنا، فقال لهم - رضي الله عنه - والله لا أطعم الليلة ولا آكل، يقول عبد الرحمن بن أبي بكر راوي الحديث: لم أر شرا كتلك الليلة، حلف - رضي الله عنه - من الغيظ أنه لا يأكل، فقالوا: إذا لم تطعم والله لا نطعم نحن، فأمر أبو بكر - رضي الله عنه - أن يسترجع فأكل، أكل معهم، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره فقال: يا رسول الله، بروا وحنثت، يعني هم بروا بكلامهم وحنثت أنا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت أبرهم وأخيرهم، فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه أكل وأنه خالف يمينه ولم يأمره بالكفارة؛ لأنه قالوا لأنه قاله عن غيظ، قال: ولم تبلغني في الحديث ولم تبلغني كفارة.(1/151)
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- ما يتعلق بالإقرار، هل يشترط العلم؟ لا بد أن نقول أنه، لا بد أن يعلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا يشترط؟ الجمهور على أنه لا بد أن يشترط العلم، الجمهور على أنه يشترط العلم، فإذا لم يثبت أنه علم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يكون حجة، لكن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وابن القيم يقولان: لا يشترط العلم، فإذا ثبت أن أحد الصحابة أو بعض الصحابة فعلوا فعلا في وقت التنزيل فإن فعلهم يكون حجة؛ لأنه لو كان مخالفا لنزل الوحي بذلك، فلما لم ينزل الوحي دل على أن فعلهم حجة، ويقولون إذا كان الوحي نزل بإخباره بالأذى في نعليه فكون بعض الصحابة يعمل، يفعل فعلا مخالفا ويثبت عنه وينقل عنه أنه كان يفعل كذا، فدل على جوازه؛ لأنه لو كان محرما أو ممنوعا منه أو محذورا لنزل الوحي بذلك.
ويحتجون أيضا، شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم بما ورد في صحيح مسلم - كنا نعزل والقرآن ينزل - فدل على أنهم فهموا أن مجرد فعلهم هذا دل على جوازه؛ لأنه لو كان شيء ينهى لنهى عنه القرآن، ولعل هذا هو الأقرب، أنه إذا ثبت أن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- فعلوا شيئا ونُقِلَ عنهم في وقت التنزيل فإن فعلهم يكون حجة؛ لأنه لو لم يكن حجة لو كان غير صحيح أو ممنوعا أو محذورا لنزل الوحي بذلك، فلما لم ينزل الوحي دل على جوازه.(1/152)
بقي معنا الإشارة هل الترك يسمى فعلا؟ ترك، ترك الشيء هل نسميه فعلا؟ قال العلماء: نعم يسمى فعلا { } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - صدق الله العظيم - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - تمهيد - جل جلاله - - تم بحمد الله ( فهرس قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -( - ( - } ( } ( تمهيد - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(((- رضي الله عنه - - (((( } (1) فسمى عدم تنهاهيم سماه فعلا { } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - صدق الله العظيم - - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - - - رضي الله عنه - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - تمهيد - جل جلاله - - تم بحمد الله ( فهرس قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -( - ( - } ( } ( تمهيد - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله } - قرآن كريم ( الله أكبر - - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنهم -(((- رضي الله عنه - - (((( } (2) وفي البيت المشهور:
لئن قعدنا والنبي يعمل
?
?
فذاك منا العمل المضلل
فسمى -بيت الشعر- سمى القعود وعدم العمل سماه عملا.
لئن قعدنا والنبي يعمل
?
?
فذاك منا العمل المضلل
بقي معنا الإشارة -أيها الأخوة- إلى مسألة وهي الشيء إذا توافرت الدواعي على فعله ثم لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعله أصحابه، هل يدل ذلك على عدم المشروعية، وهي قاعدة مشهورة، فلها وصفان أو شرطان:
الشرط الأول أن الدواعي متوفرة تستدعي هذا الشيء.
الثاني أنهم فهموا ما فعلوه مع قدرتهم على ذلك.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 79.
(2) - سورة المائدة آية : 79.(1/153)
فإذا كانت الدواعي متوفرة، والصحابة -رضي الله عنهم- والنبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة ما فعلوا هذا الشيء فإنه يدل على عدم المشروعية، مثال ذلك الاحتفال بالمولد، فنقول: إن الدواعي متوفرة، وهي حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه متوفرة الدواعي، فلما لم يفعله الصحابة دل على عدم المشروعية.
أيضا الآذان لصلاة العيد، ولهذا معاوية - رضي الله عنه - أحدث نداءً لصلاة العيد فأنكر عليه الصحابة -رضي الله عنهم-، نقول الآذان لصلاة العيد، نقول الدواعي متوفرة. ما هي الدواعي؟ اللي هو دعوة الناس لصلاة العيد، الدواعي متوفرة، دعوة الناس لصلاة العيد، فلما لم يفعل دل على أنه غير مشروع، وهكذا كل ما كانت الدواعي متوفرة والأسباب موجودة تقتضي هذا الشيء، ثم لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعله أصحابه فإنه يدل على عدم مشروعيته.
بقي معنا الإشارة، هل الترك يخصص العام؟ نقول: نعم، الترك يخصص العام، مثال ذلك أن المسلم يجب تغسيله وتكفينه، كل مسلم إذا توفي يجب تغسيله وتكفينه ودفنه، كل مسلم، فلما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - تغسيل شهداء أحد دل على أنه مخصص لهم، جاء في الحديث: - زملوهم في ثيابهم - لكن حتى ولو لم يأتِ هذا الحديث تركه لغسل شهداء أحد، دل على أنهم مخرجون من العام، مخرجون من العموم فلا يتناولهم اللفظ العام.
بقي معنا المسألة الأخيرة، وهي ترك بيان الحكم، هل يدل على عدم الوجوب؟ ترك بيان الحكم، هل يدل على عدم الوجوب؟ إذا صحابي أحد الصحابة -رضي الله عنهم- سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء، ثم أجابه ولم يبين له أمراً آخر مما هو متعلق بهذا، فهل نقول هذا الشيء الذي لم يبينه له يدل على أنه غير واجب؟ هل يقال ذلك؟(1/154)
للعلماء كلام في هذه المسألة، لكن نقول: أقوى ما يكون، أقوى ما يكون إذا كان السائل لا يعلم الحكم، لا يعلم الحكم أصل المسألة، فبالتالي يكون عدم بيان الحكم يدل على عدم الوجوب، مثال ذلك حديث يعلى بن أمية في الرجل الذي جاء يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما أحرم في جبة متضمخًا بطيب، فقال: - يا رسول الله، ما ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب؟ فتركه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءه الوحي ثم قال: أين الرجل؟ فجيء به، فقال: - فهذا الرجل واضح أنه لا يعلم الحكم؛ لأنه لابس المخيط، ما يعلم الحكم أبدا، - فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله، وأما الجبة التي عليك فاخلعها، ثم اصنع في عمرتك ما كنت صانعا في حجك. - هو محرم، ودخل في النية، دخل في النسك، لكنه لابس المخيط ومتطيبا.
قال العلماء: فلم يوجب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - كفارة، أي الفدية، فدل على أنها لا تجب عليه؛ لأنه جاهل بالحكم، لا تجب عليه؛ لأن هذا ما كان يعلم الحكم أصلا، حتى أصل الحكم ما يعلمه، فهذا أقوى ما يكون أن عدم بيان الحكم يدل على عدم وجوب الكفارة.(1/155)
النوع الثاني إذا كان عنده شيء، عنده معرفة بأصل الحكم، مثال ذلك: - الرجل الذي جاء يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: هلكت وأهلكت، فقال: ما صنعت، قال: وقعت على أهلي وأنا صائم، فقال: أعتق رقبة، قال: لا أستطيع، قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع، قال: أطعم ستين مسكينا - إلى آخر الحديث، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث ما أوجب على زوجته، فهل يدل عدم إيجاب الكفارة على الزوجة على أنها لا تلزمها ولا تجب عليها؟ هذا يختلف، هذا الحديث عن حديث يعلى بن أمية في الحديث السابق، حديث يعلى بن أمية -يعني- أقوى في الدلالة؛ لأنه -يعني- لا يعلم الحكم أصلا، أما هذا فعنده معرفة أن هذا حرام عنده، معرفة أن هذا حرام، ولهذا جاء فزعا ويقول: هلكت، وهو يعلم لكنه لا يعلم، ما الذي يجب عليه.
فعدم إيجاب الكفارة على الزوجة في حديث وقاع الأعرابي، يعني عدم الإيجاب أقل قوة من عدم الإيجاب في حديث يعلى بن أمية.
نكتفي بهذا أيها الأخوة، نقف على باب النسخ إن شاء الله.
باب النسخ
معنى النسخ في اللغة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
قال المؤلف -رحمه الله- باب النسخ.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى: وأما النسخ فمعناه لغة الإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته ورفعته بانبساطها، وقيل: معناه النقل، من قولهم: نسخت ما في هذا الكتاب إذا نقلته بأشكال كتابته.(1/156)
هذا باب النسخ، وبدأه المؤلف -رحمه الله- بالتعريف اللغوي ثم ذكر تعريفين لغويين، أحدهما أن يكون بمعنى الإزالة وإما أن يكون بمعنى النقل، وكلاهما يتأتى مع المراد، معنى الإزالة معنى أنه أزيل الحكم السابق وجاء -يعني- حكم آخر محله، أو نقل الحكم السابق وحل محله حكم آخر.
نعم يا شيخ..
حد الناسخ شرعا
وحده شرعا الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه، هذا حد للناسخ.
تعريف النسخ عرّفه بالناسخ، فنبه عليه الشارح، قال: هذا التعريف ليس للنسخ، ولكنه للناسخ؛ لأن الجويني -رحمه الله- قال وحده شرعا الخطاب الدال على رفع الحكم، الخطاب الدال على رفع الحكم، فجاء الشارح وقال: الخطاب هو الناسخ يعني فرق بين الخطاب الدال على الحكم وبين رفع الحكم، رفع الحكم ماذا نسميه؟ نسميه نسخا، ونفس الخطاب الذي رفع الحكم نسميه ناسخا.
نعم..
حد النسخ
ويؤخذ منه حد النسخ بأنه رفع الحكم المذكور بخطاب إلى آخره.
الشارح قال: يعني هذا التعريف وإن كان للناسخ لكن يفهم منه تعريف النسخ، قال: ويؤخذ منه حد النسخ.
ويؤخذ منه حد النسخ بأنه رفع الحكم المذكور بخطاب إلى آخره، أي رفع تعلقه بالفعل، وخرج بقوله الثابت بالخطاب رفع الحكم الثابت بالبراءة الأصلية.
تعلقه بالفعل يعني بفعل المكلف، فأصبح الخطاب السابق -يعني- غير متعلق بفعل المكلف.
نعم..
فخرج بقوله الثابت بالخطاب رفع الحكم الثابت بالبراءة الأصلية، أي عدم التكليف بشيء.
نعم، فإن فرض الأحكام ابتداءً هو رفع للبراءة الأصلية، فلا يعتبر -يعني- ما شرع من الأحكام ابتداء ناسخا للبراءة الأصلية، بل النسخ إنما يكون رفعا لحكم شرعي، يكون النسخ رفعا لحكم شرعي، لكن رفع البراءة الأصلية لا يعتبر نسخا.
نعم يا شيخ..
وبقولنا بخطاب المأخوذ من كلامه الرفع بالموت والجنون.(1/157)
نعم، ولما قال أنه لا بد أن يكون الرافع خطابا، الذي أُخِذَ من كلام الجويني قال: يفهم من هذا أنه لو ارتفع الحكم بالجنون فلا يعتبر نسخا؛ فإن المجنون يرتفع حكم التكليف عنه، فلا يعتبر رفع الحكم عن المجنون نسخا.
نعم..
وبقوله على وجه إلى آخره ما لو كان الخطاب الأول مُغَيًّا بغاية أو معللا بمعنى مصرح، وصرح الخطاب الثاني بمقتضى ذلك.
نعم، يقول: لو كان مثلا محددا إلى غاية، ثم انتهت الغاية، فلا يعتبر انتهاء هذه الغاية نسخا، نعم، وسيذكر المؤلف مثالا على ذلك.
نعم..
هل الإجماع يحصل به النسخ(1/158)
فإنه لا يسمى ناسخا للأول، مثاله قوله تعالى: { - - - ( { - - ( - قرآن كريم ( الله أكبر ( - - قرآن كريم فهرس - - ( - ( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( الله ( قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( { - رضي الله عنهم -(( - ( - ( - - - } - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم -(( - - - - ( - - فهرس - ( { ( - ( - ( - ( - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم -(( - - رضي الله عنه - - ( - - - } (1) فتحريم البيع مغيا بانقضاء الجمعة، فلا يقال إن قوله تعالى: { - - - ( - - ( ( تمهيد - عليه السلام - - ((( - ( - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنه - - الله أكبر - - - ( - (( ((( - - } - - } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - (( - ( ( - - - } (2) ناسخ للأول بل بين غاية للتحريم بل بين غاية التحريم. -نعم، المثال الثاني، ثم ذكر مثالا آخر، نعم- وكذلك قوله تعالى: { - رضي الله عنه - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( مقدمة - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - ( - - ( ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( تم بحمد الله ( - - - جل جلاله - تم بحمد الله ( - ( مقدمة } (3) لا يقال نسخه قوله تعالى: { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ((( - فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة } - - صلى الله عليه وسلم -( - - - ((( - - - ( } (4) لأن التحريم للإحرام قد زال وخرج بقوله مع تراخيه عنه ما اتصل بالخطاب من صفة أو شرط أو استثناء.
__________
(1) - سورة الجمعة آية : 9.
(2) - سورة الجمعة آية : 10.
(3) - سورة المائدة آية : 96.
(4) - سورة المائدة آية : 2.(1/159)
نعم، ما اتصل بالخطاب من صفة أو شرط أو استثناء فإنه ما يعتبر نسخا، وإنما يعتبر ماذا؟ مخصصا، يعتبر تخصيصا، نعم، كما في قوله تعالى: { ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( } - } - - - - - - ( مقدمة ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - رضي الله عنه -( - - (- رضي الله عنه - - ( - - - ( مقدمة ( - - - ( { الله - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - } (1) وفيه أيضا آية القذف: { - صدق الله العظيم ( { - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - } - قرآن كريم ( - فهرس - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (2) فإن هذا الاستثناء متصل، فلا يعتبر، فلا يعتبر نسخا، بل يعتبر تخصيصا.
أيضا هناك تعريف للنسخ قد يكون أدق من هذا التعريف، وهو أن النسخ هو بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخٍ عنه، بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي متراخٍ عنه، فقوله: (بيان انتهاء حكم شرعي) يفيد البراءة الأصلية، وقوله أيضا: (بطريق شرعي) يفيد أيضا ما كان من طريق ما يصيب المكلف من جنون وغيره، وقوله (متراخٍ عنه) يفيد التخصيص.
بقي معنا الإشارة، هل الإجماع ينسخ أو يحصل به النسخ؟ قال العلماء: لا، الإجماع لا ينسخ، ولا يحصل به النسخ، لماذا؟ قالوا: لأن الإجماع إنما يكون بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - وأن النسخ إنما يكون في حال وفاته، الإجماع إنما يكون بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - الإجماع إنما يكون بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - والنسخ إنما يكون في حال حياته، فبالتالي الإجماع لا ينسخ ولا يحصل به النسخ.
__________
(1) - سورة آل عمران آية : 97.
(2) - سورة آل عمران آية : 89.(1/160)
بقي معنا أيضا القياس، هل يحصل به النسخ، قال العلماء: لا، لا يحصل النسخ بالقياس؛ لأن هناك قاعدة مهمة، وهي أنه لا قياس مع النص لما كان النسخ يتجه إلى النصوص إلى الآيات والأحاديث، فإذا كانت الحادثة أو المسألة منصوص عليها لا يمكن يأتي القياس وإن سقط؛ لأنه إذا تعارض نص وقياس يقدم النص القاعدة المشهورة، وهي أنه لا قياس مع النص، فدل هذا على أن القياس لا يحصل به النسخ، يعني لا ينسخ به.
نعم يا شيخ..
نسخ الرسم وبقاء الحكم
ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم، نحو: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، قال عمر - رضي الله عنه - فإن قد قرأناها، رواه الشافعي وغيره، - وقد رجم - صلى الله عليه وسلم - المحصنين - متفق عليه وهما المراد بالشيخ والشيخة.
ستلاحظون أن الأقسام في النسخ كثيرة، نسخ الحكم والرسم، ونسخ الحكم مع بقاء الرسم، ونسخ الرسم مع بقاء الحكم، والنسخ إلى بدل، والنسخ إلى أثقل، والنسخ إلى أخف، لكن يقول العلماء: كل هذه التقسيمات لا أثر لها، لا ينبني عليها شيء، لكنها فقط من باب التسهيل على القارئ وطالب العلم من جهة أن يحفظها، لكن هل ينبني عليها حكم؟
لا، لا ينبني عليها حكم، كونه مثلا نسخ، بقاء نسخ الرسم وبقاء الحكم أو عكسه، أو نسخ الرسم والحكم جميعا، أو ما أشبه ذلك من أنواع التقسيمات، يقول العلماء: لا أثر لها في الحكم، إنما هي فقط من باب التسهيل على طالب العلم حتى يسهل حفظه للأشياء؛ لأن القاعدة أنه دائما بالتقسيم يسهل الحكم، والشيء إذا -يعني- أخذه الإنسان يعني جملة من دون تقسيم صعب حفظه وسهل نسيانه، لكن ما دام أنه قسم سهل حفظه وبطؤ نسيانه.
نعم يا شيخ..(1/161)
ونسخ الحكم وبقاء الرسم نحو { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( قرآن كريم { (- عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( تمهيد - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - - { { - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - } - (((- رضي الله عنه - - } تم بحمد الله - فهرس - ( { ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم -(( - - - } (1) نُسِخ بآية: { - صدق الله العظيم ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (2).
نعم، قوله: يجوز نسخ الرسم في الأول وبقاء الحكم، قالوا: ونسخ الحكم وبقاء يعني ويجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم، ويجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم.
نعم..
__________
(1) - سورة البقرة آية : 240.
(2) - سورة البقرة آية : 234.(1/162)
ونسخ الحكم وبقاء الرسم نحو { - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( قرآن كريم { (- عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنه - - ( - ( المحتويات ( تمهيد - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - } صدق الله العظيم (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - صلى الله عليه وسلم - - - { { - ((- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -( - - } - (((- رضي الله عنه - - } تم بحمد الله - فهرس - ( { ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنهم -(( - - - } (1) نُسِخ بآية: { - صدق الله العظيم ((( - - عليه السلام - - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى -- رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( - - { - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - - - ((- رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (2).
نعم، فإن الآية الأولى موجودة في المصحف، تقرأ وتتلى وتصح بها الصلاة، لكن وإنما حكمها هو الذي نسخ.
نسخ الرسم والحكم
ونسخ الأمرين معا -ونسخ الأمرين معا، اللي هما الرسم والحكم، نعم- ونسخ الأمرين معا نحو حديث مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- - كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات يحرمن - .
نعم، فالعشر رضعات معلومات نسخ رسمها وحكمها.
نعم..
أقسام النسخ
__________
(1) - سورة البقرة آية : 240.
(2) - سورة البقرة آية : 234.(1/163)
وينقسم النسخ إلى بدل وإلى غير بدل، الأول كما في نسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وسيأتي، والثاني كما في نسخ قوله تعالى: { - - - ( { ( - ((( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - } - قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - - { - ( - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - { - - - رضي الله عنهم - - - ( } (1).
فإن نسخ استقبال القبلة من استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة، نسخ إلى بدل، وهو نسخ أيضا نسخ مساوٍ، يعني هذا بدل، هذا ليس هذا أثقل وليس هذا أضعف، فالمكلف لا يثقل عليه -يعني- أحدهما، إنما مساوٍ.
والثاني كما في نسخ قوله تعالى: { - - - ( { ( - ((( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - } - قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - - { - ( - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - { - - - رضي الله عنهم - - - ( } (2).
__________
(1) - سورة المجادلة آية : 12.
(2) - سورة المجادلة آية : 12.(1/164)
والثاني المقصود به ماذا؟ النسخ إلى غير بدل. نعم، { - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - ( قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( - - - ( { ( - ((( - - رضي الله عنهم - - (- رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - } - قرآن كريم ( تم بحمد الله ( - - - { - ( - رضي الله عنه -(((- رضي الله عنه - - ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - عليه السلام - قرآن كريم ( - صدق الله العظيم - عز وجل - - { - - - رضي الله عنهم - - - ( } (1)
نعم يا شيخ..
وإلى ما هو أغلظ، كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية إلى تعيين الصوم، قال الله تعالى: { - فهرس - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - (( مقدمة - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( { - ((( - } (2) فدية إلى قوله: { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - } ( - - - ( مقدمة ( - ((- عليه السلام - - ( - - ( } (3).
__________
(1) - سورة المجادلة آية : 12.
(2) - سورة البقرة آية : 184.
(3) - سورة البقرة آية : 185.(1/165)
نعم، كما قال سلمة بن الأكوع فيما رواه البخاري ومسلم: لما نزلت هذه الآية: { - فهرس - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - { - - - (( مقدمة - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ( { - ((( - ( { - رضي الله عنه - - ( - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنهم -( - ( - ((( - ( - ( تم بحمد الله } (1) كان من شاء أفطر وأطعم، ومن شاء صام، وكان المسلمون في أول الأمر بالخيار، ثم نزل قول الله تعالى: { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - } ( - - - ( مقدمة ( - ((- عليه السلام - - ( - - ( } (2) فأصبح الصيام واجبا عينيا، ونسخ بالتخيير، فهذا نسخ إلى أثقل { صدق الله العظيم - رضي الله عنهم - - - ( - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم -( ( المحتويات ( - - جل جلاله -( تم بحمد الله - رضي الله عنه - - ( - } ( - - - ( مقدمة ( - ((- عليه السلام - - ( - - ( } (3) ما صيغة الأمر هنا؟ ها.. نعم، المضارع المقرون بلام الأمر.
نعم..
__________
(1) - سورة البقرة آية : 184.
(2) - سورة البقرة آية : 185.
(3) - سورة البقرة آية : 185.(1/166)
وإلى ما هو أخف، كنسخ قوله تعالى: { تمت ( - - ( صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنه - - المحتويات ( تمهيد - ( } تم بحمد الله ( { - - } - ( } تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - ( - - - ( } - قرآن كريم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - - - - } - ( تم بحمد الله } (1) بقوله تعالى: { تمت ( { صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنه - - ( المحتويات ( - - ( } تم بحمد الله - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (((( - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - ( } - قرآن كريم ( - ( - ((- رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - - - - } - ( تم بحمد الله } (2).
نعم، هذا نسخ إلى أخف، وهي مشهورة بآية المصابرة.
نعم..
نسخ الكتاب والسنة بالكتاب
ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب كما تقدم في آية العدة وآية المصابرة، ونسخ السنة بالكتاب كما تقدم في نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة الفعلية، كما في حديث الصحيحين بقوله تعالى: { (- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - قرآن كريم - ( - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - (( - { ( - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( الله - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - ( - - - } (3).
__________
(1) - سورة الأنفال آية : 66.
(2) - سورة الأنفال آية : 65.
(3) - سورة البقرة آية : 144.(1/167)
نعم، فإن استقبال بيت المقدس كان ثابتا بالسنة الفعلية، فعله - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - استقبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا كما في صحيح البخاري من رواية البراء بن عازب، ثم كان يحب أن يوجه إلى الكعبة، ثم صدر، نزلت الآية، وجاء التوجيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( - } - قرآن كريم - - - عليه السلام - قرآن كريم - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - قرآن كريم ( - (- صلى الله عليه وسلم - } (1)
نعم..
نسخ السنة بالسنة
وبالسنة نحو حديث مسلم - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها - .
يعني هذا نسخ سنة بسنة.
حديث - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها - الحديث في مسلم: - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها - أين الأمر هنا؟ فزوروها، فزوروها، لما كان منهيا عنه ماذا يكون على الأمر؟ أمر بعد حظر، فعلى القول الصحيح أنه يرد الشيء إلى سابق حكمه، فيكون زيارة القبور قبل النهي كانت مباحة، ثم لما جاء النهي حظرت ومنعت، ثم لما نسخ النهي وأزيل رجع الحكم إلى الإباحة، لكن لماذا قيل بالاستحباب؟ كان مقتضى القاعدة الأصولية أن تكون الزيارة مباحة، لكن لماذا قيل بالاستحباب؟
نعم الشيخ، نعم، يعني لما قيل إنها تذكر الآخرة لما ورد في بعض الروايات أنها تذكر الآخرة، فيكون هذا هو -يعني- الذي رفع درجة الخطاب من الإباحة إلى استحباب الندب، كما في رواية المخطوبة، - انظر إليها - "انظر إليها" أمر، والأصل أن نظر الرجل للمرأة الأجنبية لا يجوز، فانظر إليها أمر جاء بعد حظر، كان مقتضى هذا الإباحة، لكن لما جاء في الحديث: - فإنه أحرى أن يؤدم بينكما - بعض العلماء قالوا: إنه يستحب أخذا من هذه الزيادة، فإنه أحرى؛ لأن استمرار الحياة الزوجية مقصد من مقاصد الشارع، لما قال فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
نعم يا شيخ..
نسخ الكتاب بالسنة
__________
(1) - سورة البقرة آية : 144.(1/168)
وسكت عن نسخ الكتاب بالسنة، وقد قيل بجوازه، مُثِّل له بقوله تعالى: { - - ( - ( - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - - ( { - عليه السلام - - - (- رضي الله عنهم - مقدمة ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - فهرس - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ( - - - تمت ( { - - - رضي الله عنه - - - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( { { - ((- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنه - - ( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) مع حديث الترمذي وغيره: - لا وصية لوارث - .
نعم، على قول بعض العلماء على أن هذا من باب نسخ الكتاب بالسنة، فإن حديث - إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث - نسخ آية الوصية للوالدين، { - - ( - ( - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( - - - ( { - عليه السلام - - - (- رضي الله عنهم - مقدمة ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه - فهرس - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( قرآن كريم - رضي الله عنهم - - ( - - - تمت ( { - - - رضي الله عنه - - - - - ( - ( - - رضي الله عنهم - - ( { { - ((- عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ( صدق الله العظيم ( - - رضي الله عنهم - - ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - رضي الله عنه -((( - - رضي الله عنه - - ( - - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - صلى الله عليه وسلم -( - ((- رضي الله عنهم - - ( - - - ( - - درهم { - رضي الله عنهم - مقدمة - فهرس - - رضي الله عنه -( - رضي الله عنه -((( { ( - ( - ( - - - ((((( } (2) فقالوا: إن الحديث هو الذي نسخ الآية.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 180.
(2) - سورة البقرة آية : 180.(1/169)
وهناك من يقول: لا، إن هذه الآية منسوخة، إن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وأن هذا الحديث يكون بيانا للناس وليس هو الناسخ، بدليل قوله - إن الله أعطى كل ذي حق حقه - فهو بيان للناس. وعلى كل هي من باب المثال.
نعم..
واعترض بأنه خبر واحد، وسيأتي أنه لا ينسخ المتواتر بالآحاد، وفي نسخة ولا يجوز نسخ الكتاب بالسنة.
نعم، يعني نسخ الشرح، نسخ الورقات منها ما سكتت عن نسخ الكتاب بالسنة، ومنها ما قالت نصمت على أنه لا يجوز، وإن كان هذا قول الجمهور، وإن كان الراجح أنه جواز نسخ الكتاب بالسنة، والراجح جوازه.
نعم يا شيخ..
تخصيص الكتاب ونسخه بالسنة
أي بخلاف تخصيصه بها كما تقدم؛ لأن التخصيص هو من النسخ.
نعم، فإن تخصيص الكتاب بالسنة جائز على رأي المؤلف الشارح، ولكن نسخ الكتاب بالسنة لا يجوز، وكما أوضحنا كما أن التخصيص نسخ الكتاب بالسنة جائز فكذلك نسخ الكتاب بالسنة جائز، نعم.
لكن لماذا قال المؤلف بأن التخصيص أهون من النسخ؟ ما وجه كونه أهون؟ نعم الشيخ، نعم الشيخ، أي نعم، الإخوان اتفقا على أن التخصيص رفع البعض، والنسخ رفع الكل، ثم أيضا أمر آخر يعني أن دلالة العام، طبعا فيها خلاف مسألة دلالة العام على -يعني- على بعض أفراده على كل المعنى قطعية، وعلى بعض أفراده ظنية، فلما كانت أفراده ظنية أمكن أن يخص بخبر الآحاد، والمسألة فيها خلاف، مسألة دلالة العام.
نعم يا شيخ..
هل الفعل ينسخ القول
ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر، ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر كالقرآن بالآحاد؛ لأنه دونه في القوة، والراجح جواز ذلك؛ لأن محل النسخ هو الحكم والدلالة، هو الحكم، والدلالة عليه بالمتواتر ظنية كالآحاد.
نعم، لمَّا كان -يعني- محل النسخ ليس يعني هو الحكم يقول: فإنه يجوز في هذه الحال نسخ المتواتر بالآحاد.
بقي معنا الإشارة أيها الإخوة إلى أن هل الفعل ينسخ القول؟(1/170)
قال العلماء: نعم، فإنه إذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرا على خلاف دليل شرعي، فإنه في هذه الحالة يكون فعله ناسخا لهذا الأمر.
ومثال ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أنه رجم ماعز ولم يجلده، دل على أن حكم الرجم بالنسبة للزاني المحصن منسوخ، هذا على قول بعض أهل العلم، النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزا ولم يجلده، فدل على أن حكم الجلد في حق الزاني المحصن منسوخ.
بقي معنا هل يثبت حكم النسخ قبل البلاغ أم لا يثبت؟
قال العلماء: لا يثبت حكم النسخ إلا بالبلاغ. إذا بلغهم الحكم في هذه الحال يثبت في حقهم النسخ؛ ولهذا أهل قباء لم يؤمروا بإعادة الصلاة التي صلوها، أو صلوا جزءًا منها مستقبلين بيت المقدس، لم يؤمروا، فلما لم يؤمروا بالإعادة، دل على أن ما ثبت الحكم في حقهم إلا بعد أن بلغهم. لما بلغهم استداروا، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى جهة إلى جهة الجنوب، جهة الكعبة (القبلة)، وأتموا صلاتهم، فجزء من الصلاة التي صلوها كان إلى بيت المقدس، وجزء من الصلاة التي بلغ بعدما بلغهم النسخ اتجهوا إلى الكعبة.
نعم يا شيخ.
فصل في التعارض
فصل في التعارض: إذا تعارض نصان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين.
مبحث التعارض يهتم به علماء الأصول كثيرًا؛ ولهذا أيها الأخوة يضعه دائمًا علماء الأصول في آخر الكتب، يعني في آخر المباحث، مباحث الكتاب يضعون في آخرها التعارض، والسبب في هذا أنه لا ينبغي أن يقرأ هذا... يعني كأنهم يقولون: إنه يفترض أن الذي يقرأ مبحث التعارض يكون قد ألم بمسائل الأصول التي قبلها، فيجعلونه في الآخر، فإذا عرف دلالة الكتاب ودلالة السنة ودلالة الإجماع، وبقية أنواع الدلالات، وعرف الأمر والنهي، وعرف ترتيب هذه الأدلة، عندئذ يأتي مبحث التعارض، إذا تعارضت هذه النصوص ماذا يفعل طالب العلم؟ وماذا يفعل الفقيه في هذا؟(1/171)
وينبغي أن يقال أو يؤكد على أن التعارض ليس في الحقيقة، ولكنه في نظر المجتهد، أو في نظر طالب العلم، ليس هناك تعارض حقيقي، ولكنه تعارض فيما ظهر للناظر اللي هو طالب العلم أو المجتهد. نعم يا شيخ.
محل التعارض
إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاما والآخر...
التعارض في اللغة بمعنى التمانع، يقال: سرت فعرض لي جبل أو نهر. بمعنى: منعني من المسير.
أما في الاصطلاح فالتعارض هو: تقابل الدليلين على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى الآخر.
بقي معنا الإشارة إلى أنه لا بد أن يكون التعارض أيها الأخوة على محل واحد، ما يكون على محلين، إذا كان على محلين ما يكون تعارضا، هذا له حكم وهذا له حكم، لكن لا بد أن يكون على محل واحد، مثال ذلك مثلا: عقد النكاح أو عقد الزواج، يفيد حلا ويفيد حرمة، وهو عقد واحد أفاد حلا "حل الزوجة"، وأفاد حرمة "حرمة أمها"، لكن هل هذه الحل والحرمة اجتمعا على محل واحد؟
لا، لم يجتمعا على محل واحد، بل اجتمعا... بل كانا على محلين مختلفين، أيضا لا بد في التعارض أن يكون النصان متقاربين في الحجية، فليس تعارض مثلا بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف مثلا، أو الحديث الموضوع، لا بل لا بد أن يكون النصان متقاربي الحجية. نعم يا شيخ.
أنواع التعارض
إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين، أو أحدهما عاما والآخر خاصا، أو كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه.
هذه أجملها، ثم سيفصل المؤلف الآن، يعني ذكر أنواع التعارض ثم سيفصلها بالأمثلة.
فإن كانا عامين، فإن أمكن الجمع بينهما جمعا، بحمل كل منهما على حال، مثاله حديث: - شر الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد - وحديث: - خير الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد - فحمل الأول على ما إذا كان من له الشهادة عالما بها، والثاني على إذا ما لم يكن عالما بها.(1/172)
والثاني رواه مسلم بلفظ: - ألا أخبركم بخير الشهود؟ الذي يأتي بشهادتها قبل أن يسألها - والأول متفق على معناه في حديث: - خيركم قرني، ثم الذي يلونهم - إلى قوله: - ثم يكون بعدهم قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا - وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ.
نعم، هو يعني الجمع بين الحديثين، فحديث مدلوله ذم من شهد قبل أن يستشهد، وحديث آخر مدلوله مدح من شهد قبل أن يستشهد، فكلا الحديثين تعارضا في الظاهر على محل واحد، فيجمع بينهما، فيقال: إن حديث المدح فيما إذا كان صاحب الحق لا يعلم أن عند فلان شهادة. هذا حديث المدح، وحديث الذم فيما إذا كان صاحب الحق يعلم أن عندك شهادة، لكنه ما استدعاك، ففي هذه الحال لا ينبغي لك أن تتقدم، ما دام أنه يعلم أن عندك شهادة وما استدعاك، فبهذا يعني يجمع بين الحديثين.
بقي معنا الإشارة إلى تعريف الجمع اصطلاحا: هو بيان التوافق بين الأدلة الشرعية. الجمع: هو بيان التوافق بين الأدلة الشرعية بتأويل الطرفين أو أحدهما. بيان التوافق بين الأدلة الشرعية بتأويل الطرفين أو أحدهما. نعم يا شيخ.
والثاني رواه مسلم بلفظ: - ألا أخبركم بخير الشهود؟ الذي يأتي بشهادتها قبل أن يسألها - والأول متفق على معناه في حديث: - خيركم قرني، ثم الذي يلونهم - إلى قوله: - ثم يكون بعدهم قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا - وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ.(1/173)
نعم إذا كان النصان عامين، ففي هذه الحال وكان على محل واحد، ففي هذه الحال يتوقف فيهما، يعني: ما أمكن الجمع بينهما، لم يمكن الجمع بينهما، فيتوقف فيهما، ولا بد من الرجوع إلى مرجح آخر، لكنه كونه يعلق الحكم... لا الحكم ما يعلق، أو ما يتعلق الحكم، لا بد من وجود مرجح، فلا بد أن هناك حكما في هذه المسألة، ولهذا يقول الشافعي -رحمه الله- في كتاب "الرسالة": "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة، إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها".
فكونه مثلا يتعارض نصان ويتوقف، وليس هناك مرجح، لا، لا بد أن هناك مرجحا.
نعم يا شيخ، وإن لم يكن الجمع بينهما...
تعارض نصان ولم يمكن الجمع بينهما
وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، أي إلى أن يظهر مرجح أحدهما، مثاله قوله -تعالى-: { (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد - - فهرس - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( { (- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) وقوله -تعالى-: { تمت - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ((- رضي الله عنهم - - ( - - - - (((- رضي الله عنه - - ((((- رضي الله عنه - - ( - الله } - - } (2) فالأول يجوز جمع الأختين بملك اليمين، والثاني يحرم ذلك، فرجح التحريم لأنه أحوط.
نعم، وهذا سبق أن أشرنا إليها، وهي لما سئل عنها عثمان - رضي الله عنه - عن الجمع بين الأختين بملك اليمين، فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية. ثم قال: والتحريم أحب إلينا لأنه أحوط. فهنا تعارض النصان لكن هناك مرجح، اللي هو جانب الحرمة. نعم يا شيخ.
فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر، كما في آيتي عدة الوفاة وآيتي المصابرة، وقد تقدمت الأربع.
__________
(1) - سورة المؤمنون آية : 6.
(2) - سورة النساء آية : 23.(1/174)
سورة المؤمنون: { (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد - - فهرس - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( { (- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) النساء: { (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( تمهيد - - فهرس - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( المحتويات ( - (- جل جلاله -(- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (2)
فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر، كما في آيتي عدة الوفاة وآيتي المصابرة، وقد تقدمت الأربع.
نعم، إذا علم التاريخ بينهما ولم يمكن الجمع بينهما، في هذه الحال يعتبر أحدهما ناسخا للآخر، كما مر معنا في آية المصابرة وفي عدة الوفاة.
تعارض نصان خاصان وأمكن الجمع بينهما
وكذا إن كانا خاصين أي فإن أمكن الجمع بينهما جمع كما في حديث: - أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ وغسل رجليه - وهذا مشروع في الصحيحين.
لاحظوا المثال، طبعا في الأمثلة السابقة عموم، وهنا لما جاء الفعل... وكما قلنا لكم: إن الفعل ليس... الفعل المثبت ليس عاما، إنما هو خاص، يدل على حصول حالة معينة، فقالوا: وإن كان بين خاصين. فضرب المثال بشيء من فعله - صلى الله عليه وسلم -.
نعم، وكذا إن كانا خاصين...
وكذا إن كانا خاصين، فإن أمكن الجمع بينهما جمع، كما في حديث: - أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ وغسل رجليه - وهذا مشروع في الصحيحين وغيرهما، وحديث: - أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ورش الماء على قدميه وهما في النعلين - رواه النسائي والبيهقي وغيرهما، فجمع بينهما بأن الرش في حال التجديد، لما في بعض الطرق أن هذا وضوء من لم يحدث، وإن لم يمكن الجمع...
__________
(1) - سورة المؤمنون آية : 6.
(2) - سورة النساء آية : 3.(1/175)
طبعا جاء التعارض من ماذا يا إخوان؟ جاء التعارض من ماذا. أن توضأ وغسل رجليه هو بيان لمجمل (لمجمل الآية، آية المائدة)، فلما كان بيانا لمجمل، يأخذ حكم الآية نفسها فيكون واجبا، فدل على أن الغسل واجب، فإذا كان واجبًا فكيف -يعني- يكون الغسل واجبا ومع هذا يثبت الرش؟
أما لو كان ليس واجبًا، لقيل: هذا يجوز في حال، وهذا يجوز في حال. لكن لما كان توضأ وغسل رجليه هو بيان لمجمل الآية، أخذ حكم الوجوب، نعم من هنا جاء التعارض أو جاء ما ظاهره التعارض.
فجمع بينهما بأن الرش في حال التجديد، لما في بعض الطرق أن هذا وضوء من لم يحدث، وإن لم يمكن الجمع...
في حالة تجديد الوضوء يجوز الرش، ووردت هذه الرواية في صحيح ابن حبان، والإمام ابن القيم جمع بينهما في عدة طرق، وذكر من ضمنها هذه الصورة (صورة الجمع). نعم يا شيخ.
التوقف في الترجيح بين المتعارضين إلى أن يظهر المرجح
وإن لم يمكن الجمع بينهما ولم يعلم التاريخ، يتوقف فيهما إلى ظهور مرجح لأحدهما، مثاله ما جاء: - أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال: ما فوق الإزار - رواه أبو داود.
وجاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: - اصنعوا كل شيء إلا النكاح - أي: الوطء. رواه مسلم.
ومن جملته الوطء فيما فوق الإزار فتعارضا فيه: فرجح بعضهم التحريم احتياطا، وبعضهم الحل؛ لأنه الأصل في المنكوحة.
على رأي المؤلف (الشارح) على رأي الشارح: "ما فوق الإزار"، فهذا يقتضي جواز الوطء فوق الإزار، جواز الوطء فوق الإزار. نعم.
وجاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: - اصنعوا كل شيء إلا النكاح - أي: الوطء. رواه مسلم.
فهذا يقتضي أيضا أن الوطء فوق الإزار لا يجوز، نعم فسر على رأي الشارح هنا، فسر على أن النكاح بمعنى الوطء. نعم.
ومن جملته الوطء فيما فوق الإزار...
ومن جملته يعني: من الحديث الثاني لما قال: - اصنعوا كل شيء إلا النكاح - ومن جملته الوطء فوق الإزار. نعم.(1/176)
فتعارضا فيه...
فتعارضا فيه، تعارضا في محل واحد وهو الوطء فوق الإزار، فالحديث الأول أجازه، والحديث الثاني منعه. نعم.
فتعارضا فيه: فرجح بعضهم التحريم احتياطا، وبعضهم الحل؛ لأنه الأصل في المنكوحة.
نعم، في هذه الحال لما تعارضا على محل واحد عمل بالمرجح، فبعضهم رجح التحريم احتياطا، وبعضهم رجح الحل لأنه الأصل في الزوجة. نعم.
وإن علم التاريخ نسخ المتقدم بالمتأخر، كما تقدم في حديث زيارة القبور.
في هذين الحديثين... بعضهم يرى أن التعارض إنما هو في المباشرة فيما دون الإزار، هذا الخلاف عند الشارح، يرى أن التعارض إنما هو في المباشرة فيما دون الإزار، فيقول: المباشرة فيما دون الإزار لا تجوز على الحديث الأول، اللي هو: لك ما فوق الإزار، أما دون الإزار لا تجوز المباشرة. والحديث الثاني: - اصنعوا كل شيء إلا النكاح - دل على أن المباشرة جائزة. نعم.
وإن علم التاريخ نسخ المتقدم والمتأخر، كما تقدم في حديث زيارة القبور.
لأن أول الحديث دل على معرفة المتقدم بالمتأخر: - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها - نعم، فالأمر "فزوروها" هو المتأخر، ومثال آخر أيضا قد يكون أوضح من مثاله: مسألة ما يحل للرجل من زوجته الحائض، وهو حديث بسرة، وحديث طلق بن علي، حديث بسرة: - من مس ذكره فليتوضأ - وحديث طلق بن علي: - لما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل الذي مس ذكره، فقال: إنما هو بضعة منك - فتعارضا، أحدهما يعتبره ناقضًا والآخر لا يعتبره ناقضًا، بعض العلماء رجح حديث بسرة بمرجحات: منها أنه أصح طرقا، ومنها أيضا أنه ناقل من البراءة الأصلية، وأن حديث طلق بن علي على البراءة الأصلية، والناقل من البراءة الأصلية مرجح، ومنها أن العمل به أحوط.
نعم يا شيخ.
التعارض بين نصين أحدهما عام والآخر خاص(1/177)
وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا فيخص العام بالخاص كتخصيص حديث الصحيحين: - فيما سقت السماء العشر - بحديثهما: - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة - كما تقدم.
كتخصيص حديث الصحيحين: - فيما سقت السماء العشر - بحديثهما، نعم يعني: بحديث الصحيحين: - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة -
كتخصيص حديث الصحيحين: - فيما سقت السماء العشر - بحديثهما: فيما دون... -ليس، ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة- - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة - كما تقدم.
إذا كان أحدهما عاما والآخر خاصا، في هذه الحالة تطبق قاعدة التخصيص: فيقدم الخاص ويحكم بالخاص على العام، أو يحمل العام على الخاص، في هذه الحالة... لكن لا بد من إدراك... في هذه الحالة أن يكون العام والخاص أن يدل... لا بد من تحقق التعارض، وتحقق التعارض بين العام والخاص كما قال العلماء: أن يدل الخاص على غير ما دل عليه العام.
فإذا دل على وفقه، هل نحتاج إلى التخصيص؟ ما نحتاج. إذا دل على وفقه، كما لو قلت مثلا: أكرم الطلاب، ثم قلت: أكرم الطالب زيد. فاللفظ الثاني هل دل على غير ما دل عليه العام ولا دل على وفقه؟
دل على وفقه، ما نعتبره دل على غير ما دل عليه العام، إذن نحتاج إلى قاعدة التخصيص، إذا كان اللفظ العام يدل على غير ما دل عليه الخاص، عندئذ وقع التعارض بينهما، فنحتاج إلى التخصيص، ففي هذه الحال يقدم الخاص.
نعم يا شيخ: وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا...
وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا فيخص العام بالخاص كتخصيص حديث الصحيحين: - فيما سقت السماء العشر - بحديثهما: - ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة - كما تقدم.(1/178)
ومثل آية الميراث: { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - (( قرآن كريم ( - ( - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } (1) فإن "أولادكم" عام؛ لأنه جمع أضيف إلى معرفة الذي هو الضمير، فيتناول كل ولد، سواء كان قاتلا أو مرتدا أو رقيقا من حيث التناول، ثم جاء بالعموم، ثم جاء الحديث وأخرج بعض أفراده: - ليس للقاتل من الميراث شيء - - لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم - فخرج الكافر وخرج القاتل، وإن كان متناولا باللفظ؛ لأنه داخل هو مسمى ولد، داخل في كونه ولدا. نعم يا شيخ.
التعارض بين نصين كل واحد منهما عام من وجه وخاص من وجه
وإن كان كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، بأن يمكن ذلك، مثاله حديث أبي داود وغيره: - إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا ينجس - مع حديث ابن ماجه وغيره: - الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه - .
فالأول خاص بالقلتين، عام في المتغير وغيره، والثاني خاص في المتغير، عام في القلتين وما دونهما، فخص عموم الأول بخصوص الثاني؛ حتى يحكم بأن ماء القلتين ينجس بالتغير، وخص عموم الثاني بخصوص الأول؛ حتى يحكم بأن ما دون القلتين ينجس وإن لم يتغير.
نعم، هذا يسمى عند العلماء العموم والخصوص الوجهي، طبعا إذا كان بينهما عموم وخصوص يسمى عموم الخصوص مطلقا، مثل: آية الميراث مع حديث: - ليس للقاتل من الميراث شيء - يسمى عموم الخصوص مطلقا، لكن إذا كان بينهما عموم وخصوص وجهي، فهذا هو الذي -يعني- يحتاج إلى بحث، مثال لعموم الخصوص الوجهي أنهما يشتركان في صورة ويختلفان في صورة، كما لو قلت مثلا: إناء وزجاج أيهما أوسع من الآخر؟ إناء وزجاج، إناء أوسع من زجاج؟ لا الزجاج.
__________
(1) - سورة النساء آية : 11.(1/179)
لا قد نقول: الإناء قد يكون من زجاج، وقد لا يكون من زجاج، والزجاج قد يكون إناء، وقد لا يكون إناء، هذا بينهما عموم وخصوص وجهي، لكن لو قلت مثلا: نبات ونخلة. هذا ماذا نسميه؟ عموم وخصوص مطلق، نبات ونخلة عموم وخصوص مطلق؛ لأن النخلة لا بد أن تكون نباتا.
إذا قلت: حبوب وقمح. طبعا المسألة تحتاج إلى توضيح؛ لأن فيها شيئا من الدقة "مسألة العموم والخصوص الوجهي".
إذا قلت: حبوب وقمح، ها من أي الأنواع؟ نعم يا شيخ. عموم وخصوص مطلق، طيب إذا قلت: خشب وكرسي؟ الشيخ، نعم عموم وخصوص وجهي؛ لأن خشب قد يكون كرسيا، وقد لا يكون كرسيا، والكرسي قد يكون من خشب، وقد يكون من حديد أو من بلاستيك.
طيب، إذا قلت مثلا: قمح ورغيف؟ وجهي، ها قمح ورغيف؟ الشيخ، عموم وخصوص وجهي؛ لأن القمح قد يكون رغيفا وقد لا يكون رغيفا، والرغيف قد يكون من قمح وقد يكون من ذرة مثلا، أو من غيرها من أنواع الحبوب.
طيب، إذا قلت مثلا: صوف وقميص؟ الشيخ، عموم مطلق ولا وجهي؟ صوف وقميص عموم وجهي؛ لأن الصوف قد يكون قميصا وقد لا يكون، قد يكون عمامة، قد يكون جوارب، والقميص قد يكون من صوف، وقد يكون من قطن، وقد يكون من غيره.
إذا قلت معدَن أو معدِن وحديد؟ الشيخ، مطلق؛ لأن الحديد نوع من المعادن. إذا قلت: فاكهة وبرتقال؟ مطلق. إذا قلت مثلا: ذهب وخاتم؟ وجهي؛ لأن الذهب قد يكون خاتما، وقد لا يكون خاتما، والخاتم قد يكون ذهبا وقد لا يكون، إذا تقرر هذا أيها الأخوة... نقرأ المثال الآن نعم، وإن كان كل واحد منهما...
وإن كان كل واحد منهما عاما من وجه، وخاصا من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر بأن يمكن ذلك، مثاله حديث أبي داود وغيره: - إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا ينجس - مع حديث ابن ماجه...
وفي بعض الروايات: - إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث - نعم، والحديث صححه كثير من المحققين من أهل الحديث. نعم.(1/180)
مع حديث ابن ماجه وغيره: - الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه - -نعم- فالأول خاص بالقلتين.
هذا الآن سيطبق عليه مسألة، مثل قولنا: خشب وكرسي. ومثل مسألة -يعني- صوف وقميص، بينهما عموم وخصوص وجهي، تأملوا معنا.
فالأول خاص بالقلتين، عام في المتغير وغيره.
نعم، فالأول: - إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث - خاص بالقلتين، عام في المتغير وغيره. والثاني الذي هو: - الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه - أو - الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه أو طعمه أو لونه - نعم.
والثاني خاص في المتغير، عام في القلتين وما دونهما.
نعم، فالأول خاص بالقلتين لكنه عام، سواء كان متغيرا أو غير متغير، إذا بلغ الماء قلتين يعني: ما كان فوق القلتين، سواء كان متغيرا أو غير متغير، لكنه خاص بكونه فوق قلتين، واضح ولا غير واضح؟ هذا الأول.
والثاني خاص بكونه متغيرا، لكن هل فيه إشارة إلى كونه أقل من قلتين أو أكثر؟ ما فيه إشارة، فهو عام فيما كان دون القلتين وما كان أكثر من قلتين. نعم، من أول يا شيخ.
فالأول خاص بالقلتين...
وإن كان كل واحد منهما عام من وجه، وإن كان كل واحد عاما من وجه... نعم.
وإن كان كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر، بأن يمكن ذلك، مثاله حديث أبي داود وغيره: - إذا بلغ الماء قلتين فإنه لا ينجس - مع حديث ابن ماجه وغيره: - الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه - فالأول خاص بالقلتين، عام في المتغير وغيره، والثاني خاص في المتغير...
طبعا مراده خاص بالقلتين، يعني: قلتين وما زاد عليه؛ لأنه إذا بلغ الماء قلتين فقلتين وما زاد عليه.
فالأول خاص...(1/181)
فالأول خاص بالقلتين، عام في المتغير وغيره، والثاني خاص في المتغير، عام في القلتين وما دونهما، فخص عموم الأول بخصوص الثاني؛ حتى يحكم بأن ماء القلتين ينجس بالتغير، وخص عموم الثاني بخصوص الأول؛ حتى يحكم بأن ما دون القلتين ينجس وإن لم يتغير.
نعم، بهذا -يعني- خص عموم الأول بالخاص الثاني، وعموم الثاني بالخاص الأول، فقيل: إذا كان أكثر من قلتين أنه ينجس إذا تغير، وإذا كان أقل من قلتين فإنه ينجس ولو لم يتغير. نعم يا شيخ.
كيفية تحقيق العموم والخصوص الوجهي
فإن لم يمكن تخصيص عموم كل منهما بخصوص الآخر، احتيج إلى الترجيح بينهما فيما تعارضا فيه، مثاله حديث البخاري: - من بدل دينه فاقتلوه - وحديث الصحيحين: - أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء - .
فالأول عام في الرجال والنساء خاص بأهل الردة.
والثاني خاص بالنساء، عام في الحربيات والمرتدات. فتعارضا في المرتدة: هل تقتل أم لا؟ والراجح أنها تقتل.
يعني يوضح الشارح كيفية تحقيق العموم والخصوص الوجهي.
نعم، الأول... نعم.
فالأول عام في الرجال والنساء خاص في أهل الردة...
نعم، لأنه - من بدل دينه فاقتلوه - فيشمل، سواء إن كان المبدل امرأة أو رجلا، لكنه خاص في حال ارتداده.
نعم، والثاني...
والثاني خاص بالنساء، عام في الحربيات والمرتدات.
نعم خاص بالنساء، عام في الحربيات والمرتدات، نعم.
فتعارضا في المرتدة: هل تقتل أم لا؟
تعارضا في ماذا؟ في المرأة المرتدة، في المرأة المرتدة: هل تقتل أو لا تقتل؟ مذهب الجمهور على أنها تقتل، ومذهب الحنفية أنها لا تقتل. نعم يا شيخ.
هل تقتل أم لا؟ والراجح أنها تقتل...(1/182)
أيضا من أمثلة التعارض الذي بينهما عام من وجه وخاص من وجه، حديث: - إذا دخل أحدكما المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين - مع حديث: - لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس - فنقول: حديث التحية إلى المسجد هو خاص بتحية المسجد، عام في الأوقات؛ لأنه قال: "إذا"، أي وقت، وحديث: - لا صلاة بعد صلاة العصر - نقول: خاص في الأوقات، عام في الصلوات؛ لأنه محصور.
لا صلاة بعد صلاة العصر خاص في الأوقات، عام في الصلوات، سواء إن كان تحية مسجد، أو نافلة مطلقة أو غيرها، عام فيها، فإذا تعارض ماذا يُفعل؟
بعض العلماء أخذ بحديث النهي، الحنابلة -رحمهم الله- ما يجيزون، ما يرون مشروعية تحية المسجد في وقت النهي، والشافعية -رحمهم الله- أخذوا بعموم حديث تحية المسجد، وقالوا: إن عمومه أقوى. رجحوه، عمومه أقوى لماذا؟ قالوا: لأن النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر خولف، خص منه، كقضاء الفائتة وصلاة الجنازة وغيرها، فلما أنه أخرج بعض أفراده ضعف عمومه، وحديث تحية المسجد باق على عمومه لم يخص منه شيء، والقاعدة على أن: "كل شيء باق على عمومه، أقوى من الذي أخرج بعض أفراده".
حديث تحية المسجد لم يخص منه شيء، وحديث: - لا صلاة بعد صلاة العصر - خص بقضاء الفائتة، وخص بصلاة الجنازة، وخص بأمور كثيرة، وبركعتي الطواف، خص منها، فيقول: لما أنه خص حديث: - لا صلاة بعد صلاة العصر - ضعف عمومه؛ لأنه دائما القاعدة على أن العام يضعف بكثرة المخرج منه، فلما أنه ضعف عمومه، أصبح عموم "إذا دخل أحدكم المسجد" أقوى منه فرُجح.(1/183)
بقي معنا الإشارة إلى أنه أحيانا يتعارض بعض المقاصد أو بعض الأحكام، مثل: التعارض مثلا بين القرب مع الإمام وبين إدراك الركعة، أحيانا تدخل المسجد، المسجد كبير جدا مثلا، وفيه صفوف كما يحصل مثلا في الحرم: فيه صفوف عند الباب، فيه صفوف في الرواق، فيه صفوف في الصحن، فإن أنت مثلا مشيت والإمام يقرأ، دخل في الصلاة والإمام يقرأ، ومشيت، قد تصل الصحن اللي هو أقرب للإمام مثلا والإمام قد ركع، ففاتتك قراءة الفاتحة، وقد يكون فاتتك تكبيرة الإحرام، وإن صليت في المكان الذي يليك، التي تجوز فيه الصلاة، يعني مع أول صف تجوز به الصلاة، فأنت أدركت جزءا كبيرا مع الإمام، لكنه فاتتك القربة، فأيهما يقدم؟
هذا من باب التعارض، يعني تعارض ما بين أحكام أو بين مقاصد؟ ها، ما الذي يقدم في هذه الحالة؟ تستمر ماشيا حتى تدرك، تكون قريبا مع الإمام؟ ولّا تصلي في المكان الذي يليك جنب الباب مثلا، كما يحصل في المساجد الكبيرة: كالحرم المكي، أو المسجد النبوي؟ ها.. الشيخ، عندك شيء؟
يتقدم ويستفيد، ولو فاته جزء من الصلاة مع الإمام، طيب يتقدم لكنه -يعني- يؤدي الذي عليه، يعني قد لا ينغلق الصف، قد يكون... لكن يؤدي الذي عليه، يؤدي الذي عليه من حيث... وإن بقي الصف محفوظا. الشيخ يقول -يعني-: الآن القرب من الإمام وسد الصفوف "سد الفجوات"، وهناك سيستفيد أو سيحصل له جزء كبير من الصلاة مع الإمام.
فيه قاعدة ذكرها العلماء في هذا، وهو أن: "ما كان من داخل الصلاة مقدّم على ما كان من خارج الصلاة". ما كان من داخل العبادة مقدم على ما كان من خارج العبادة، فالقرب من الإمام أو سد الفجوة، هل هو من داخل الصلاة ولّا من خارج؟(1/184)
من خارج، وإدراك جزء من الصلاة مع الإمام، هل هو من خارج الصلاة ولّا من داخل؟ من داخل. ففي هذه الحال، بناءًا على هذه القاعدة نقول: الأولى له أن يصلي في المكان الذي يليه؛ لأنه سيحصل له إدراك أكبر جزء مع الإمام وهو من داخل الصلاة، أما القرب فهو من خارج الصلاة.
بقي معنا الإشارة إلى مسألة التعارض، أحيانا في القواعد "تعارض القواعد"، فمن القواعد الفقهية المعروفة: الأصل براءة الذمة، اليقين لا يزول بالشك، والأمور بمقاصدها، العادة محكمة، الضرر يُزال، الاجتهاد لا يرفع بالاجتهاد، الدفع أولى من الرفع، الميسور لا يسقط بالمعسور... وغير هذه القواعد، لكن لو أن إنسانا مثلا دهس بسيارته ملفوفا، ما يدري ما هو فدهسه، ثم تبين له أنه رجل، أي إنه إنسان، فجاء أهل الميت هذا وقالوا: أنت تسببت في موت قريبنا؟ فهنا فيه قاعدة بالنسبة للسائق: "الأصل براءة الذمة"، أو نقول: "العبرة في كل حادث تقديره بأقرب زمن"، أو "الأصل بقاء الحياة"، الأصل بقاء الحياة يعني: يفترض أنه مثلا ما كان ميتا، أنه كان حيا؛ لأنه كان حيا فيما مضى، هذا الأصل، الأصل أنه حي، ما نحكم بأنه ميت، الأصل بقاء الحياة، فإذا قلنا عملنا بالأصل بقاء الحياة، يكون يلزم السائق. وإذا عملنا بقاعدة: "الأصل براءة الذمة"، عندئذ ما يلزم السائق شيء، فإذا تعارضت قاعدتان، يعمد إلى مرجح آخر.
أيضا لو أن إنسانا مثلا طلق زوجته ثلاث تطليقات، قال لها (قال لزوجته): أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. على المذهب عند الحنابلة ماذا يكون؟ كم طلقة؟ ثلاث تطليقات على المذهب الحنابلة، غير شيخ الإسلام. على مذهب الحنابلة يكون ثلاث طلقات، فإذا إذا نوى بها التأكيد (إذا نوى بالطلقتين الأخيرتين التأكيد)، ماذا يكون حكمها؟(1/185)
يكون طلقة واحدة. طيب إذا شك هو، قال: والله أنا ما أدري هل نويت كذا أو ما نويت كذا، أنا خرجت مني الطلقات، لكني لا أدري هل قصدت طلاق التأكيد أو لا؟ ماذا نفعل؟ نعم يا شيخ، طلقة واحدة، اليقين لا يزول بالشك، طيب لو أخذنا بقاعدة أخرى، الشيخ يقول: طلقة واحدة؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.
طبعًا هناك قاعدة وهي: "أن التأسيس أولى من التأكيد"، أو قاعدة أخرى مشابهة لها، وهي: "إعمال الكلام أولى من إهماله". ولا شك أن جعلها توكيدا هي أقرب للإهمال، فقاعدة إعمال الكلام أولى من إهماله، أو التأسيس أولى من التأكيد يجعلها كم طلقة؟ ثلاث طلقات. وقاعدة: "الأصل بقاء النكاح"، فلا نرفع هذا النكاح الثابت بيقين إلا بيقين، وما هناك شيء يقين، واضح يا إخوان؟ ففي هذه الحال تعارضت القاعدتان، ففي هذه الحال يرجع إلى مرجح آخر، إما مثلا العمل بمقاصد الشريعة، نقول مثلا: من مقاصد الشريعة كما في حديث: - إنه أحرى أن يؤدم بينكما - يعني: إن الشريعة حرصت على دوام استمرار الحياة الزوجية واستقرار الأسرة، وهو مقصد من مقاصد الشريعة، فإذا تعارضت قاعدتان، قد يعني يرجح بهذا، قد يرجح بمقاصد الشريعة، نعم يا شيخ.
مبحث الإجماع
تعريف الإجماع
وأما الإجماع: فهو اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة، فلا يعتبر وفاق العوام لهم. ونعني بالعلماء الفقهاء، فلا يعتبر موافقة الأصوليين لهم. ونعني بالحادثة الحادثة الشرعية.
المقصود بالعلماء: الفقهاء، المقصود بهم المجتهدين، يعني أن دائما اصطلح لفظ الفقيه في كتب الأصول فالمقصود المجتهد، هو المقصود بهم. نعم.
ونعني بالحادثة... -ونعني بالعلماء الفقهاء- ونعني بالعلماء الفقهاء، فلا يعتبر موافقة الأصوليين لهم.
إلا إذا كانوا مجتهدين، دخلوا بكونهم مجتهدين لا بكونهم من علماء الأصول. نعم.
المجمع عليه
ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية؛ لأنها محل نظر الفقهاء بخلاف اللغوية مثلا، فإنها يُجمِع فيها علماء اللغة.(1/186)
هذا مبحث الإجماع، وهو دليل شرعي وحجة قاطعة، متى ما ثبت وتحقق، وتعريف الإجماع كما ذكر المؤلف: اتفاق علماء أهل العصر على حكم الحادثة. وبعض العلماء عرفها بقوله: اتفاق مجتهدي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في عصر من العصور على أمر شرعي.
والإجماع -على القول الراجح- إذا تحقق ولو لحظة، إذا ثبت للمجتهد أنهم أحصوا، يعني: ضبطوا من حيث أعدادهم وأعيانهم، ثم يعني اتفقوا ولو لحظة، فقد انعقد الإجماع الذي لا تجوز مخالفته. ولاحظوا كلام المؤلف -رحمه الله- لما قال: "اتفاق". ما قال: "قول"، ولا قال: "نُطق" لماذا؟ حتى يشمل السكوت، حتى يشمل الإجماع السكوت. نعم.
بقي معنا الإشارة: هل يمكن الإجماع، أو غير ممكن؟ ها.. هل هو يعني ممكن؟ من حيث العلماء يفرقون بين كونه متصورا، وبين كونه يوجد، العلماء من حيث المتصوّر متصور، والإمكان أيضا، يعني نقول: ممكن، لكن وإن كان، يبعد خاصة في الوقت الحاضر مثلا يبعد؛ أولا: لتفرق المجتهدين، وثانيا: عدم تحديد من هو المجتهد ومن هو غير المجتهد، وثالثا: قد يكون يعني صحة النقل مثلا عنهم، فهذا يعني... قد ما نقول إنه يستحيل، نقول: إنه يبعد تحقق الإجماع. ولهذا... هذا الذي عناه الإمام أحمد -رحمه الله- لما قال: من ادعى الإجماع... هه؟ من ادعى الإجماع فهو كاذب. هذا هو اللي يقصده، يقصد الإجماع من كان بعد عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، فإنه يعني يصعب تحققه لتفرق المجتهدين، لكن ما نقول: مستحيل، كما يذكره بعض... تقول بعض الآراء: إنه يستحيل. لا، نقول: إنه -يعني- ممكن، لكنه يصعب تحققه، فإن تحقق فالحمد لله فهو حجة قاطعة إن تحقق وثبت، لكن إذا يعني لم يتحقق، فنقول: هذا يعني أنه وارد أنه لا يتحقق الإجماع. نعم يا شيخ.
ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية؛ لأنها محل نظر...(1/187)
يلاحظ مسألة أن الإجماع لا بد أن يكون... الإجماع الذي لا يجوز مخالفته، لا بد بأن يكون على أمر شرعي، لو أجمعوا على مسألة نحوية، هل تأخذ حكم المسألة الشرعية؟ لا، لو أجمعوا على مسألة نحوية ثم رجعوا عن إجماعهم، جاز. ولهذا أحيانا بعض العلماء يستدلون مثلا على مسألة ليست شرعية، كما ذكر الإسنوي وغيره، قالوا بالإجماع على أن الشافعي -رحمه الله- هو أول من دوّن علم الأصول، أنها بالإجماع على أن الشافعي -رحمه الله- هو أول من دوّن علم الأصول، كونه أول من دون علم الأصول، ليست أمرًا شرعيا، كونه أول من دون ليست أمرا شرعيا؛ فبالتالي ما يحتاج إلى الإجماع في مثل هذه الحالة، لو تبينت من بعد أن فلانا مثلا غيره -يعني دون علم الأصول- وسبقه، أمكن الرجوع إليه، فهو ليس من الإجماع الذي لا تجوز مخالفته، إنما الذي لا تجوز مخالفته إذا كان إجماعا، على أمر شرعي. نعم.
حجية الإجماع
ونعني بالحادثة: الحادثة الشرعية؛ لأنها محل نظر الفقهاء، بخلاف اللغوية مثلا، فإنما يجمع فيها علماء اللغة، وإجماع هذه الأمة حجة دون غيرها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - - لا تجتمع أمتي على ضلالة - رواه الترمذي وغيره.
الحديث فيه كلام كثير لأهل المحدثين، والشيخ محمد الألباني -رحمة الله عليه- حسّن هذا الحديث. نعم.
الإجماع حجة على العصر الثاني ومن بعده
والشرع ورد بعصمة هذه الأمة لهذا الحديث ونحوه، والإجماع حجة على العصر الثاني ومن بعده، وفي أي عصر كان...
هذا على القول الصحيح: أنه في أي عصر كان، في أي عصر ثبت وتحقق الإجماع، فهو حجة ملزمة. نعم.
دعوى الإجماع
والإجماع حجة على العصر الثاني ومن بعده، وفي أي عصر كان من عصر الصحابة ومن بعدهم. ولا يشترط في حجيته انقراض العصر.(1/188)
طبعا الإجماعات كثيرة، يعني الإجماعات أو دعاوى الإجماع كثيرة، لكن بعضها لا يثبت دعوى الإجماع. أبو إسحاق الإسفراييني -رحمة الله عليه- يسميه دائمًا علماء الأصوليون يسمونه "الأستاذ"، وإذا أطلق كلمة "الأستاذ" انصرفت إلى أبي إسحاق الإسفراييني، في كتب الأصول أحيانًا لا يذكرون الاسم، يقولون: اختاره الأستاذ. أبو إسحاق الإسفراييني أوصل مسائل الإجماع إلى عشرين ألف مسألة، لكن هذا بعيد، بعيد جدا أن يكون مسائل الإجماع عشرين ألف مسألة. نعم يا شيخ.
إنما الإجماع الصحيح المنضبط هو إجماع الصحابة -رضي الله عنهم-، فهو إجماع صحيح منضبط، وقد أجمعوا على مسائل كثيرة، يعني مثلا من ضمنها: عدد الصلوات وهيئتها وكيفيتها، وكثير من الأمور -يعني- أجمعوا عليها، فيكون إجماعًا قطعيا، الأمة تتوارثها توارثا منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الآن. نعم يا شيخ.
لا يشترط في حجية الإجماع انقراض العصر
ولا يشترط في حجيته انقراض العصر بأن يموت أهله على الصحيح؛ لسكوت أدلة الحجية عنه. وقيل: يشترط لجواز أن يطرأ لبعضهم ما يخالف اجتهاده فيرجع عنه، وأجيب بأنه لا يجوز له الرجوع عنه لإجماعهم عليه.
نعم، على القول الصحيح أنه لا يشترط انقراض العصر، بل متى -يعني- حصل الإجماع وتحقق وثبت ولو لحظة، ففي هذه الحال انعقد الإجماع الذي لا تجوز مخالفته.
فإن قلنا: انقراض العصر شرط، فيعتبر في انعقاد الإجماع قول مَن وُلد في حياتهم وتفقه وصار من أهل الاجتهاد، ولهم على هذا القول أن يرجعوا عن ذلك الحكم الذي أدى اجتهادهم إليه.(1/189)
يعني على قول انقراض العصر يحتاجون مثلا إلى يمكن ثمانين سنة حتى ينقرض أهل العصر، يعني المجتهدين ومن ولد -يعني- وقت إجماعهم مثلا، من ولد يعد حتى يكبر، فإن كان من أهل الاجتهاد عندئذ نقول: ما انعقد الإجماع. فإذا توفي هذا الذي ولد، نقول: انعقد الإجماع. يعني هذا... يعني القول بهذا القول يعني باشتراطه يضعف من حجية الإجماع ويجعله أيضا أكثر صعوبة، يعني أكثر صعوبة في التحقق.
الإجماع يصح بالقول والفعل
والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم.
بقي معنا الإشارة إلى مسألة إحداث قول ثالث في المسألة، إحداث قول ثالث في المسألة. إذا اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- على قولين، هل يجوز إحداث قول ثالث، أو لا يجوز؟
المسألة فيها تفصيل: نقول: إن كان... أولا الظاهرية -رحمهم الله- يجيزون هذا، يجيزون إحداث قول ثالث، يقولون: لأن اختلافهم دل على جواز الاختلاف على أن الاختلاف شائع، لكن الصحيح التفصيل في هذه المسألة، أنه إن كان إحداث القول الثالث يرفع حكم الإجماع، فهو لا يجوز. إذا كان إحداث قول ثالث يرفع حكم الإجماع، فهو لا يجوز.
مثال ذلك مثلا: مسألة الجد مع الأخوة، فيه قولان في المسألة: قول بأنه كالأب يرث المال ويسقط الإخوة، وقول بأنه يقاسمهم، يشاركهم. قولان، فلو جاء إنسان وقال: يسقط الجد بإسقاط الجد مثلا وتوريث الأخوة، قلنا: لا؛ لأن هذا يرفع حكمًا مجمعا عليه.(1/190)
أيضا مسألة النية، قيل: شرط في الطهارات كلها. وقيل: شرط في التيمم فقط. فلو جاء إنسان وقال: ليس شرطًا في جميع الطهارات، قلنا: لا، ما يجوز؛ لأن هذا يرفع حكما مجمعا عليه. أما النوع الآخر الذي لا يرفع حكما مجمعا عليه فهذا يجوز، فلو أن إنسانا مثلا... لو أن الخلاف في مسألة القطرة والكحل للصائم مثلا، فقال: اختلفوا على قولين، مثلا اختلفوا على قولين، هذا من باب التمثيل، فقال قوم بأنهما يفطران (القطرة والكحول)، وقال آخرون بأنهما لا يفطران، على قولين، هذا من باب التمثيل، فقال قوم بأنهما يفطران (القطرة والكحول)، وقال آخرون بأنهما لا يفطران، فلو جاء شخص ثالث وقال بأن القطرة تفطر دون الكحول، ففي هذه الحال لا يكون قوله رفعًا للإجماع.
يعني مسألة القطرة والكحل مثلا فيها... لو فرضنا أن فيها قولان: قول مثلا بأنهما يفطران جميعا، وقول بأنهما لا يفطران جميعا، فلو جاء مجتهد ثالث واختار بعد ذلك مثلا... واختار مثلا على أن القطرة تفطر دون الكحول، فنقول في هذه الحال: هو أخذ من كل قول مثلا بطرف، فلا يكون اجتهاده رافعا لحكم الإجماع.
وقد نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله- ما يشير إلى التفصيل في مسألة قراءة الجنب، فقال: إن بعض الصحابة قال: لا يقرأ الجنب ولا حرفا من القرآن. وبعضهم قال: يقرأ ما شاء. الإمام أحمد -رحمه الله- قال: يقرأ الجنب بعض آية. فهو توسط، يقرأ بعض آية. نعم يا شيخ.
الإجماع السكوتي
والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم كأن يقولوا بجواز شيء، أو يفعلوه فيدل فعلهم له على جوازه لعصمتهم كما تقدم، وبقول البعض وفعل البعض، وانتشار ذلك القول أو الفعل وسكوت الباقين عليه، ويسمى ذلك بالإجماع السكوتي.(1/191)
نعم الإجماع السكوتي وهو أن يصدر من مجتهد قول أو فعل، وينتشر عنه، ويسكت بقية المجتهدين. هذا هو الإجماع السكوتي، والمسألة خلافية، وفيها ثلاثة عشر قولا، ثلاثة عشر قولا للأصوليين في هذه المسألة، ولكن القول الراجح أن الإجماع السكوتي حجة إنما بالشروط:
أولا: أن يكون في مسائل التكليف. الشرط الأول أن يكون من مسائل التكليف، فلو قال مثلا أحد الصحابة مثلا، أو قال أحد التابعين: عمار أفضل من حذيفة. فلا يلزم مثلا ما يقال مثلا: أن فلان سكت، سمعه وسكت، دل على أن هذا الإجماع، نقول: لا، هذه ليست مسألة تكليف. ولو قال مثلا: إن عثمان - رضي الله عنه - أفضل من علي، أو علي - رضي الله عنه - أفضل من عثمان. والمسألة خلافية بين السلف، فما يلزم مثلا أن السامع مثلا إذا سمعوا مثلا سكتوا، أن يقولوا بالإجماع، لا؛ لأنه ليس في مسائل التكليف.
الأمر الثاني: أن يُعلم أنه بلغ المجتهدين جميعا.
الثالث: ألا يظهر عليهم أمارات الكراهة والسخط، فإن ظهر عليهم أمارات الكراهة والسخط، في هذه الحالة لا يكون إجماعا سكوتيا.(1/192)
الشرط الرابع: أن يكون قبل استقرار المذاهب، فإنه لما استقرت المذاهب وأصبح لها مؤلفات، ولا -يعني- أناس يفتون بموجب المذهب الذي ينقسمون إليه، في هذه الحال ما يعتبر مثلا إذا أفتى مثلا مجتهد من مذهب الحنفية، أو مذهب المالكية ومذهب الشافعية والحنابلة، لا يعتبر سكوت الآخر أنه موافق له، فلو أن مثلا: أن بعض العلماء جالسين مثلا، وجاء شخص مثلا واستفتى إنسان مثلا، فأفتاه بمذهبه مثلا، فلا يعتبر سكوتا مثلا؛ لأن يكون هذا أفتاه بما ترجح لديه من مذهب إمامه، فلا يعتبر يعني سكوت الآخر مثلا أنه موافق له، لا، إذن معناها إجماع السكوت، لو أن نازلة مثلا جديدة مثلا، نازلة جديدة أفتى مثلا شخص معين، وانتشر هذا القول عنه وبلغ جميع المجتهدين، وما سمعنا أن أحدا أنكر، ولا سمعنا أن... وتأكدنا أنه بلغ جميع المجتهدين، أو الذين يظن أنهم وصلوا درجة الاجتهاد، ففي هذه الحال يكون الإجماع السكوتي حجة.
بقي معنا الإشارة إلى إجماع أهل المدينة، إجماع أهل المدينة الذي ينسب إلى الإمام مالك -رحمه الله-، الإمام مالك يقول: إنه فقط في عصر الصحابة والتابعين فقط، لكن من دونهم لا، وهو نوعان: نقلي واجتهادي، والكلام في إجماع المدينة نقلي، هذا يقول ابن القيم أنه على الرأس والعين، النقلي، إجماع المدينة النقلي إذا كان في العصور الأولى، فهو على الرأس والعين، مثل طريقة الأذان، كونه يؤذن على مكان مرتفع، وكونه مثلا تغيير المقدار الصاع والمد يتوارثونه توارثا، فهذا حجة، اللي هو النقلي، وإذا كونهم يعني اعتادوا على أن يخرجوا الزكاة في نوع معين مثلا، وتوارثوه توارثا من عصر الصحابة وعصر التابعين، فهذا في هذه الحال يكون حجة، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم يقولون بهذا، اللي هو عمل أهل المدينة النقلي في العصور الأولى، لكن عملهم الاجتهادي لا الصحيح، هو ليس بحجة، يعني عملهم الاجتهادي الصحيح هو ليس بحجة.(1/193)
بعضهم توسع في المسألة جدا، بل جعل يعني عمل أهل البصرة أنه حجة، وعمل أهل الكوفة أنه حجة. وبعضهم قال: عمل أهل فاس. وبعضهم قال: عمل أهل قرطبة أنه حجة. لا، لا شك أن هذا يعني لا يستقيم أبدا ولا يقر. نعم يا شيخ.
حجية قول الصحابي
وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة على غيره على القول الجديد. وفي القديم حجة لحديث: - أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم. - .
هذه مسألة حجية "قول الصحابي"، وهي مسألة خلافية، أولا: تعريف الصحابي من هو؟ هو من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة حيا. يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - حيا مسلما، ولو ارتد ثم أسلم ومات مسلما، من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة حيا مسلما، ولو ارتد ثم أسلم ومات مسلما، فهذا يعتبر من الصحابة، وهذا هو تعريف الإمام أحمد وتعريف البخاري، وعليه أهل الحديث، يعرفون الصحابي بهذا التعريف، واشترطوا كلمة "حيا"، عبارة أو جملة "حيا"؛ لأن أبا ذؤيب الهزلي لما بلغه مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى لزيارته أو لعبادته، فدخل المدينة وقت وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فحضر الصلاة عليه، فما عُد من الصحابة؛ لأنه ما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما لقاه، إنما لقاه ميتا بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فما اعتبر من الصحابة.(1/194)
الصحابة -رضي الله عنهم- عدول بتعديل الله لهم، ولا يجوز انتقاص قدرهم بأي حال من الأحوال، { - ( - - { { - - - ((- عليه السلام - - ( - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - ((( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( - ( { - درهم - رضي الله عنه - الله أكبر قرآن كريم ((( - - - رضي الله عنه - - ( - - تمهيد (- رضي الله عنه -- صلى الله عليه وسلم - تم بحمد الله ( - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - } ( - - - } (1) { ( - - - { - رضي الله عنه - - - ( - قرآن كريم ( - { - ( - - - - رضي الله عنه -((( - { - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ((( مقدمة - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - تم بحمد الله (( - - - - ( { - صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( - - } (( - ( - - - (( - - - عليه السلام - - - قرآن كريم ( - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - ( - - رضي الله عنه - - } (2) وفي الحديث: - لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه -
والقدح في الصحابة -رضي الله عنهم- من علامات أهل البدع، ومذهب أهل السنة الترضي عنهم جميعا، والكف عما شجر بينهم من خلاف، والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجمعنا بهم وأن يرزقنا الاقتفاء بهم والهدى بسنتهم.
بقي الإشارة إلى حجية قول الصحابي، أولا: لا بد من تحديد محل النزاع في المسألة، وتحديد محل النزاع في أي قضية يا إخوان هو من أهم الأمور، لا بد أن يحدد محل النزاع.
يقول العلماء: تحديد محل النزاع فائدته حتى يتوارد النفي والإثبات على محل واحد؛ لأنه إذا ما حدد محل النزاع ينتشر القول، هذا يذهب إلى جهة وهذا يذهب إلى جهة، فلا بد من تحديد محل النزاع، أنا أريد بهذا الشيء كذا، والآخر يقول: أنا أريد بهذا الشيء الذي تقصده أنت.
__________
(1) - سورة الفتح آية : 18.
(2) - سورة الفتح آية : 29.(1/195)
مثال ذلك مثلا فيما إذا لم يحدد محل النزاع: لو أن إنسانا مثلا سأل عن حكم زكاة الحلي "مسألة خلافية"، فلا بد من تحديد محل النزاع فيها، كيف نحدد محل النزاع؟ نقول: الحلي المعد للاستعمال، لكن الحلي المعد للتجارة، هل هو يعني يدخل معنا في هذه المسألة؟ لا، هذا خلاف في باب آخر، إذن معناها تحديد محل النزاع في وجوب زكاة الحلي أو عدم وجوبه، هو في الحلي المعد للاستعمال، ولا نقول الحلي المستعمل، قد يكون جديدا لكن في نيتهم أن يستعملونه أيضا، فلا يفيد على القول بوجوبه، على القول بوجوب الحلي، تجب فيه، فلا بد من تحديد محل النزاع، فتحديد محل النزاع نقول: هو ما إذا صدر من الصحابي قول أو فعل ولم ينتشر بين الصحابة، ولم ينقل خلاف بينهم، فهل يكون هذا القول حجة على من بعد الصحابة؟ ونعلم أنه ليس حجة على صحابي آخر، لكن هل يكون حجة على من بعد الصحابة أو ليس بحجة؟ وقلنا إنه لم ينتشر بينهم، لو انتشر بينهم مثلا وما نقل خلاف، يكون من أي باب؟ يكون من باب الإجماع، فلا بد من تحديد محل النزاع.
إذا نقل عن الصحابي قول أو فعل، ولم ينتشر ولم ينقل عن أحد من الصحابة، خلاف لو نقل عن بعض الصحابة خلاف هذا القول، ماذا يكون حكم من بعدهم؟ الترجيح، الترجيح بين أقوال الصحابة، فإذن هذا تحديد محل النزاع. والمسألة خلافية بين العلماء، والراجح أنه حجة وهو قول الإمام أحمد، ونُسب لمالك وهو مذهب الشافعي في القديم، وإن كان الشافعية يقولون: إن مذهب الإمام الشافعي الجديد: إنه لا يحتج بقول الصحابة.(1/196)
لا، ابن القيم -رحمه الله- يقول: حتى مذهب الشافعي في الجديد: أنه يحتج بقول الصحابي. وإنما توهم ذلك توهما أن الشافعي -رحمه الله- لا يحتج بقول الصحابي، لما رأوه إذا ذكر قول الصحابة عضده بأقيسة، فظنوا لما عضده بأقيسة أنه لا يحتج، هذا ما يلزم، يعني لا يلزم من كون المجتهد مثلا يأتي بأدلة أخرى مثلا، أن الدليل الذي أورده مثلا لا يعتبر دليلا، لا، بل من الزيادة في الاستدلال.
بعض الأصوليين يقول بالاستقراء: أنه إذا انفرد ابن عباس وزيد... متى اتفق علي وزيد وابن عباس وابن مسعود، إذا اتفق هؤلاء فإن الأمة تجمع دائمًا على قولهم، لا يخرج عن عن قولهم إلا مبتدع، إذا اتفق علي وزيد وابن عباس وابن مسعود على مسألة معينة، فإن الأمة مجمعة على هذا، وأيضا بالاستقراء يقولون: إذا انفرد زيد بن ثابت بقول، ففي الغالب أن الشافعي يوافق زيدا، وإذا نُقل أو انفرد ابن مسعود في قول في مسألة، وفي الغالب أن إبراهيم النخعي وعلقمة يوافقون ابن مسعود في هذا القول، وإذا انفرد الإمام علي - رضي الله عنه - بقول، ففي الغالب أن عبيدة السلماني يوافق عليا - رضي الله عنه -.
نكتفي بهذا أيها الأخوة.
سائل يسأل يقول: هل حديث مسلم - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها - ينسخ - لعن الله زائرات القبور أو زوارات القبور - ؟
ج: لا ليس نسخا، لكن يعمل بقاعدة التخصيص، فنقول: "فزوروها" أنه للرجال، و - لعن الله زوارات القبور - بالنسبة للنساء، والنساء فرد من أفراد العام، ولا شك أن العمل مثلا بقاعدة التخصيص أولى من العمل بقاعدة النسخ؛ لأن النسخ معناها طرح للنص بالكلية، لكن العمل بالتخصيص عمل بكل واحد منهما فيما دل عليه.
هذا يقول: كيف نوفق بين أن "الفعل ينسخ القول"، وزواجه - صلى الله عليه وسلم - بتسع من النساء، وغير ذلك من خصوصياته؟(1/197)
ج: هذه ثبت أنها خاصة به ثبت، أنها خاصته، وإلا إذا صدر منه - صلى الله عليه وسلم - يعني فعلا ولم يثبت أنه من خصوصياته، فإنه يكون ناسخا.
النسخ إلى بدل. يقول: هل يعارض الآية: { - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله ( - - - - جل جلاله -- رضي الله عنه - الله أكبر ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - - - - عليه السلام -( (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - ( - - جل جلاله -( الله أكبر ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - الله أكبر - - ( - - - ( - - - { - ( { ( } تم بحمد الله } (1) ؟
ج: لا، لا يعارضها، هذا فإن النسخ إلى بدل قد يكون الحكم الذي يعني الناسخ، أو الحكم الذي هو ناسخ قد يكون في علم الله أفضل من الحكم الذي منسوخ بالنسبة للمكلف. نعم يا شيخ، نعم؟ أي النسخ إلى غير بدل، نعم أحسنت، النسخ إلى غير بدل، لا أيضا لا تعارض بين حتى كون النسخ إلى غير بدل، فإن يعني عدم... يعني كون الحكم على الإباحة مثلا هو حكم هو بدل، يعني كونه مثلا كان يجب عليهم شيء، وأصبح لا يجب عليهم، هذا بدل من حيث الحكم، وإن كان ليس بدلا من حيث الوجوب، لكن من حيث الحكم هو بدل، فكان حكمه الوجوب فأصبح حكمه الإباحة، فيعتبر من حيث الأحكام هو بدل.
يقول: هل المسائل المجمع عليها في الشريعة أكثر، أم المسائل التي فيها الخلاف؟
ج: من حيث يعني الحكم بأن هذا أكثر يحتاج إلى استقراء أو تتبع، لكن من حيث الفروع "الفروع الفقهية"، فمسائل الخلاف فيها كثيرة، مسائل الخلاف من حيث الفروع الفقهية... مسائل الخلاف يعني كثيرة.
هذا أخ يسأل يقول: ما معنى البراءة الأصلية؟
__________
(1) - سورة البقرة آية : 106.(1/198)
ج: البراءة الأصلية هي ما قبل الحكم، يعني: ما قبل الحكم الشرعي، فإن المسلمين أول ما جاء الإسلام لم تجب عليهم الصلاة، ثم نزل إيجاب الصلاة، ولم يجب عليهم الصيام، ثم نزل الصيام في السنة الثانية من الهجرة، ثم نزلت الزكاة، ثم نزل الحج في السنة الثامنة من الهجرة... وهكذا، فقبل مثلا وجوب الحج كان على البراءة الأصلية، فلما جاء الحج يعتبر يعني ناقلا عن البراءة الأصلية.
هذا أخ يسأل يقول: هل عيسى -عليه السلام-، عليه الصلاة والسلام، يكون صحابيا لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعراج؟
ج: ما أدري والله.
هل هناك فرق بين القاعدة المجمع عليها، وغير المجمع عليها في الترجيح؟
ج: نعم هناك فرق، يعني القاعدة التي يعني مصدرها من النصوص الشرعية، سواء من أي صحابي، أقوى من القواعد التي مصدرها الاستقراء والتتبع؛ لأن مصدر القاعدة التي مصدرها من الأحاديث والآيات يكون -يعني- من قوة الحديث والآية التي دلت عليها، فالقواعد تختلف من حيث القوة والضعف، فقاعدة مثلا "الأمور بمقاصدها" أقوى من قاعدة مثلا "الدفع أولى من الرفع" إذا ثبتت بالاستقراء.
هذا أخ يسأل يقول: ما الفرق بين عبارة: "الأمر بالشيء نهي عن ضده"، وبين "الأمر بالشيء نهي عن أضداده"؟ ألا يمكن في العبارة الأولى أن تكون عامة لجميع الأضداد لأنها مفرد مضاف؟(1/199)
ج: نعم يمكن، لكن من باب الإيضاح؛ حتى لا يفهم إنسان أن المقصود بالضد يعني واحد، هذا من باب الإيضاح، ولو أخذنا بقاعدة أدوات العموم، نعم عن ضده؛ لأنه -ضده- مفرد مضاف إلى معرفة، فيفيد العموم مثل: { ( - - - ( - - عليه السلام - - ( - - ( - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - - - - ( - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ((( فهرس ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } (1) أي أمر، لكن من باب الإيضاح، وحتى لا يفهم مثلا أن المقصود بها المفرد، حتى لا يُفهم قيل أضداده.
يقولون: ما المقصود بالوصف الملازم وغير الملازم؟
ج: الملازم: الذي لا ينفك، وغير الملازم: الذي ينفك. مثل مسألة يعني الوضوء بالماء المغصوب مثلا، فإنه وصف غير ملازم؛ لأن الإنسان منع منه؛ لأنه إتلاف ماء الغير، وإتلافه قد يكون بالوضوء وقد يكون بغير الوضوء، فهو وصف غير ملازم، لكن مسألة صيام يوم العيد مثلا وصف ملازم، مسألة مثلا بيع درهم بدرهمين وصف ملازم؛ لأن الزيادة ما تنفك عنه.
هل هناك كتاب وصفي لكتب الأصول والقواعد الفقهية؟
ج: كتب الأصول كثيرة لكن سبق أن أشرت إلى أن لعل من أفضلها كتاب "شرح الورقات"، وإما كتاب الشيخ محمد بن العثيمين -رحمة الله عليه- وهو "تيسير الوصول إلى علم الأصول"، ثم بعدهما "مفتاح الوصول" لابن التلمساني، عبارته متقنة وجيدة وتخريجه + على الأصول جيد، ثم بعده الشاطبي وكتاب "القواطع" للسمعاني جيد، وفيه اهتمام بالأحاديث وترجيحاته جيدة، رحمة الله عليه.
ما الكتاب الذي تنصحون به في القواعد الفقهية؟
__________
(1) - سورة النور آية : 63.(1/200)
ج: من حيث القواعد الفقهية هي أيضا درجات ومراتب، كتاب "الأشباه والنظائر" للسيوطي، "الأشباه والنظائر" لابن زيد، هذه فروعه مبسطة، لكن من أراد التعمق في القواعد الفقهية ففروق القرافي أدق عبارة، ويغوص على المعاني غوصا دقيقا، اللي هو المشهور بفروق القرافي، فهو كتاب من أجود الكتب، لكن ينبغي لمن يقرأ هذا الكتاب أن يسبقه بقراءة كتب القواعد.
نكتفي بهذا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
مبحث الأخبار
تعريف السنة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
نعم يا شيخ.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف -رحمه الله- تعالى: تعريف الخبر وأقسامه.
وأما الأخبار، فالخبر ما يدخله الصدق والكذب لاحتماله لهما، من حيث إنه خبر. كقولك: قام زيد. يحتمل أن يكون صدقا وأن يكون كذبا، ويقطع بصدقه وكذبه لأمر خارجي، الأول كخبر..(1/201)
هذا مبحث الأخبار، وأحيانا يسميه أهل الأصول "مبحث السنة"، والسنة هي الدليل الثاني من أدلة الأحكام بعد كتاب الله -سبحانه وتعالى-، والسنة جاءت مبينة لمجمل القرآن ومكملة له، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - - ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه - فكثير من الأحكام الشرعية جاءت مجملة في القرآن، وجاء بيانها وتفسيرها وكيفيتها في السنة، وأمر الله -سبحانه وتعالى- باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله -تعالى-: { تمت ( - - ( ( - ((((- رضي الله عنه - - (- عليه السلام - - - - - (( - ((( - ( ( فهرس - صلى الله عليه وسلم - - - ( - - ( - فهرس - ( { ( - - - ( - قرآن كريم ( - { - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم - - عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي - ولا يجادل في حجية السنة إلا أهل البدع، وعموم المسلمين جميعا يحتجون بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
بقي معنا الإشارة، ما تعريف السنة؟ السنة لها تعريف عند المحدثين -رحمهم الله- وعند أهل الأصول -رحمهم الله-، فتعريفه عند أهل الأصول يقولون: "ما صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - غير القرآن". فيشمل القول، ويشمل الفعل، ويشمل الإشارة، ويشمل الكتابة، ويشمل التقرير، ويشمل الهمس، كل هذا يسمونه سنة؛ لأنه تؤخذ منه الأحكام.
أما عند المحدثين فهو -كما معروف لديكم-: ما صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خَلْقية أو خُلقية. فالتعريف عند الأصوليين يشمل أيضا الكتابة والإشارة، ويشمل أيضا الهم، فكل هذا من قبيل السنة عند أهل الأصول.
__________
(1) - سورة النساء آية : 59.(1/202)
بقي معنا كون السنة تسمى بالأخبار، ثم قالوا: إن الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب لذاته. بمعنى أنه يقال لقائله: صدقت أو كذبت. ويقسمون الكلام إلى خبر وإنشاء، ويقولون: الخبر -كما ذكرنا- ما يحتمل الصدق أو الكذب لذاته، والإنشاء: ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته. مثل: الأوامر والنواهي والاستفهام، لكن الذي... السؤال الذي ينبغي أن يطرح: إذا كانت السنة هي من باب الأخبار، والخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، فكيف نقول إنها أخبار وهي مشتملة على أوامر ونواهي، مع أن الأمر والنهي من باب الإنشاء لا من باب الخبر؟ ما الجواب عن ذلك؟
أليس قسموا الكلام إلى خبر وإنشاء، الإنشاء ما هو؟ الأمر والنهي، طيب السنة ليس فيها أوامر ولا نواهي؟ بل غالبها أوامر ونواهي، فكيف تكون من الأخبار وهي أوامر ونواهي؟ نعم يا شيخ، نعم يا شيخ؟ يعني من حيث السند ولّا من حيث المتن؟ يعني نعم يا شيخ. إيه نعم أحسنت، بارك الله فيك.
يعني حتى لو كان أمرًا مثلا هو في حقيقته خبر؛ لأنه يقول مثلا: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، فهذا خبر لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا، مثلا: - من نام فليتوضأ - أمر، - من نام فليتوضأ - أمر، لكنه هو بمجمله خبر لأنه الراوي يقول: أخبر بأنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام وهذا خبر؛ لأنه يحتمل الكذب والصدق لذاته، هو خبر في ذاته. نعم يا شيخ.
أقسام الخبر
والخبر ينقسم إلى قسمين: أحاد، ومتواتر. فالمتواتر: ما يوجب العلم...
بقي قوله الأول خبر الله تعالى، فإنه يعني... فإنه صادق، وخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخبار العدول الثقات كلها من باب الخبر الصادق، وغيره اللي هو يحتمل الكذب، كأخبار مثلا المكذوبة مثلا، أو مثلا إنسان مثلا أخبر خبرا مكذوبا فقال مثلا: إن الضدين يجتمعان مثلا. هذا نقول كذب هذا.(1/203)
بقي معنا الإشارة، ما الفرق بين الضد والنقيض؟ ما الفرق بين الضد والنقيض؟ يقول: الضدان يجتمعان، الفرق بين الضد والنقيض، الشيخ. نعم أحسنت، والنقيضان؟ نعم، لا يجتمعان ولا يرتفعان.
فالنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان كالحياة والموت، فإما أن يكون حيا وإما أن يكون ميتا، وكالليل والنهار لا يجتمعان ولا يرتفعان، لكن الضدين كالسواد والبياض، نقول: ضدان. السواد ضد البياض، لاحتمال أنه يكون أحمر أو يكون أصفر، لون آخر.
نعم يا شيخ: والخبر ينقسم...
الخبر المتواتر
والخبر ينقسم إلى قسمين: آحاد، ومتواتر. فالمتواتر: ما يوجب العلم، وهو أن يروي جماعة لا يقع التواطؤ عن الكذب عن مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبَر عنه، فيكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع، لا عن اجتهاد، كالإخبار عن مشاهدة مكة، وسماع خبر الله تعالى من النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الإخبار عن مجتهَد فيه، كإخبار الفلاسفة بقدم العالم.
فأولا المؤلف -رحمه الله- قال: "المتواتر: هو أن يروي جماعة". قوله: أن يروي جماعة، هذا تعريف للمتواتر ولّا تعريف للتواتر؟ التواتر للتواتر ليس المتواتر؟ إذن نقول: المتواتر: هو ما رواه جماعة تحيل العادة تواطؤهم عن الكذب عن مثلهم، من أول السند إلى منتهاه، وأسندوه إلى شيء محسوس. وأسندوه إلى شيء محسوس بمعنى أن رأينا أو سمعنا أو لمسنا، فكل ما يعني كان منتهاه مسند إلى شيء محسوس، فمعناه أيضا أنه من شروط التواتر، أن يرويه جماعة تحيل العادة تواطؤهم عن الكذب عن مثلهم، بمعنى أنه من أول السند إلى منتهاه.(1/204)
وأيضا الشرط الثالث: أن يكون مستندا إلى الحس لا إلى الاجتهاد، فلو قيل مثلا يعني أن حاتمًا كريم بالتواتر. نقول: لا، الكرم ما يُشاهَد الكرم. مثلا كرم حاتم مثلا ما يشاهد؛ ليس محسوسا، لكن تسرد قصة مثلا من القصص التي تروى، القصة التي شاهدتها مثل اللي رواها جماعة عن جماعة بتحقق شروط التواتر، نقول في هذه الحالة هي من المتواتر، بقي معنا ما الذي يفيده التواتر؟ التواتر يفيد العلم اليقيني الجازم، يفيد العلم اليقيني. نعم يا شيخ.
خبر الآحاد
والآحاد وهو مقابل التواتر، هو الذي يوجب العمل، ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه.
نعم، الآحاد جمع أحد بمعنى واحد، مثل: أسد وآساد، أحد وآحاد، وخبر الآحاد هو ما عدا المتواتر، وأخروا الكلام عن خبر الآحاد؛ لأنه به يعني بالمتواتر يعرف الآحاد، فقدموا التواتر حتى إذا ضبطت تعريفه عندئذ يقال ما عدا المتواتر فهو آحاد. نعم.
وينقسم إلى قسمين: مرسل ومسند...
بقي معنا الإشارة، ما الذي يفيده؟ أولا خبر الآحاد حجة يجب العمل بها، وكثير من السنة النبوية ثبتت بأخبار الآحاد، ويجب العمل بالخبر الواحد، ومن أقوى الأدلة على وجوب العمل بالخبر الواحد قصة أهل قباء، لما أنها نسخ الكعبة فجاء استقبال القبلة، فجاء أحد الصحابة - رضي الله عنه - وقال وهم يصلون، قيل صلاة الصبح، وقيل صلاة الظهر، وقال على أن الكعبة قد حولت فاستداروا، هو خبر واحد، فدل على يعني وجوب قبول خبر الواحد والعمل به. وأيضا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرسل السعاة، ويرسل الرسل إلى شتى المناطق وهم آحاد، ويلزم الذين بلغهم خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - العمل به وقبول خبره، لكن ما الذي يفيده خبر الآحاد؟(1/205)
طبعًا هما مسألتان منفصلتان، ما الذي يفيده ومسألة وجوب العمل؟ وجوب العمل بالإجماع أنه يجب العمل به، لكن ما الذي يفيده خبر الآحاد؟ هل يفيد الظن أو يفيد اليقين؟ الجمهور على أنه يفيد الظن، قالوا: لأنه احتمال الخطأ فيه وارد فلهذا يفيد الظن وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: إنه يفيد العلم أي اليقين إذا احتفت به القرائن، فإنه يفيد كعمل الأمة أو كونه من رواية الشيخين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ففي هذه الحال أنه يفيد اليقين. نعم يا شيخ.
الحديث المسند
وينقسم إلى قسمين: مرسل، ومسند.
فالمسند: ما اتصل إسناده بأن صُرح برواته كلهم. والمرسل: ما لم يتصل إسناده...
هو أن يجوز يعني بأن صرح برواته كلهم، ويجوز بأن صرح برواته كلهم، يعني: كلهم صرحوا بالرواة يجوز، يعني... ثم أصحاب الحواشي نصوا على جواز العبارتين. نعم.
الحديث المرسل
والمرسل ما لم يتصل إسناده بأن أُسقط بعض رواته...
نعم، هذا المرسل عند أهل الأصول: كل ما لم يتصل إسناده فهو مرسل، أما عند المحدّثين -رحمهم الله-، فالمرسل هو مرسل منه الصحابي سقط، يعني: ما سقط -يعني- رواية التابعي مباشرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - يعني ما سقط فهو مرسل عند المحدثين، لكن عند أهل الأصول: كل ما يعني لم يتصل سنده فهو مرسل، فيدخل فيه مرسل الصحابي، ويدخل فيه المنقطع، ويدخل فيه المعضل. نعم.
مراسيل غير الصحابة
فإن كان من مراسيل غير الصحابة -رضي الله عنهم- فليس بحجة؛ لاحتمال أن يكون الساقط مجروحا، إلا مراسيل سعيد بن المسيِّب من التابعين، أسقط الصحابي وعزاها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهي حجة.
نعم، ومثل: مراسيل ابن سيرين كما ذكر ابن عبد البر، ومراسيل إبراهيم النخعي؛ فإنها فتش عنها فوجد أنها كلها صحيحة، نعم.
فإنها فتشت، أي: فتش عنها فوجدت مسانيد أي رواها له الصحابي الذي أسقطه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/206)
قوله: ليس بحجة، هذا مذهب المحدثين -رحمهم الله-، أنه ليس بحجة، لكن مذهب أهل الأصول أنه حجة، وهو مذهب الحنفية ومالك وأحمد على قبوله مطلق المرسل، والشافعي -رحمه الله- يقبل المرسل، ولكن يشترط شروطا لا بد أنه يعني أن يعتضد بأحد الأمور منها أولا: أن يكون من رواة سعيد بن المسيب وغيره كبار التابعين، أو أن يعتضد مثلا بقول صحابي، أو أن تعمل به الأمة، أو أن أيضا أن يوافقه مسند آخر. فهذه شروط ما نقول شروطا، لكن هو شرط واحد شرط الشافعي -رحمه الله- بالخيار، يعني إما أن كذا، وإما أن كذا، وإما أن كذا. نعم.
مراسيل الصحابة
أي رواها له الصحابي الذي أسقطه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الغالب صهره أبو زوجته أبو هريرة - رضي الله عنه -. أما مراسيل الصحابة، بأن يروي صحابي عن صحابي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسقط الثاني فحُجة؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
نعم، لا يضر الجهل بالصحابة؛ لأنهم عدول كلهم بتعديل الله -سبحانه وتعالى- لهم، وهذا بالإجماع، مرسل التابعي إذا أسقط الصحابي فإنه حجة بالإجماع.
الحديث المعنعن
والعنعنة بأن يقال: حدثنا فلان عن فلان إلى آخره، تدخل على الإسناد، أي: على حكمه فيكون الحديث المروي بها في حكم المسند لا المرسل؛ لاتصال سنده في الظاهر.
وعلى هذا جمهور المحدثين وجمهور أيضا أهل الأصول، لكن يشترط شرطين: ألا يعرف الراوي بالتدليس، وأيضا إن كانوا لقاء بعضهم ببعض، يشترط هذين الشرطين لجعل الحديث المعنعن متصلا يأخذ حكم المسند نعم يا شيخ.
قراءة الشيخ على التلميذ والتلميذ على الشيخ
وإذا قرأ الشيخ وغيره يسمعه يجوز للراوي أن يقول: حدثني وأخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ يقول: أخبرني ولا يقول: حدثني؛ لأنه لم يحدثه، ومنهم من أجاز حدثني.(1/207)
نعم الأصل هو قراءة الشيخ على التلميذ، هذا الأصل فيها، وهو بهذه الصورة -إذا قرأ الشيخ على التلميذ- للتلميذ أن يقول: حدثني، أو أن يقول: أخبرني، والصورة الثانية: صورة العرض أن يقرأ التلميذ والشيخ يسمع، نعم وإن قرأ هو...
وإن قرأ هو على الشيخ يقول: أخبرني ولا يقول: حدثني.
والشيخ يقول مثلا: يسكت يسمع ويسكت، أو يقول: نعم مثلا، كالاستمرار وغير الاستمرار كلها من باب عرض التلميذ ما عنده على الشيخ، نعم.
لأنه لم يحدثه، ومنهم من أجاز حدثني.
نعم، بعض المحدثين يقولون: إنه لا يحل له أن يقول: حدثني، بل يقول: أخبرني وعلى هذا الإمام مسلم والنسائي والحاكم، وبعضهم يقول: يجوز أن يقول: أخبرني وحدثني، وعلى هذا الإمام البخاري وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، نعم وإن قرأ هو على الشيخ...
الأصل في طلب العلم الشرعي التلقي
وإن قرأ هو على الشيخ يقول: أخبرني، ولا يقول: حدثني؛ لأنه لم يحدثه، ومنهم من أجاز حدثني، وعليه عُرْف أهل الحديث؛ لأن القصد الإعلام بالرواية عن الشيخ، وإن أجازه الشيخ من غير قراءة فيقول: أجازني أو أخبرني إجازة.
حدثني إجازة لا يحل عن طريق الإجازة يقول: أخبرني أو حدثني لما فيها من الإيهام والتلبيس، بل لا بد أن يبينه يقول: أخبرني أو حدثني إجازة، أيضا إذا قال: يعني حدثني قراءة عليه ما في إشكال إذا قيدها، قال: حدثني قراءة عليه ما في إشكال.
والأصل في طلب العلم الشرعي أيها الأخوة هو التلقي، وإلصاق الركب بالركب، هذا هو الأصل في طلب العلم وكما في الحديث: - يحمل هذا العلم من كل خلف عدول - وفي الحديث الآخر: - نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلَّغ أوعى من سامع -(1/208)
وللتلقي له فوائد كثيرة، ولعل اللي ذكر شيئا من هذا بعضكم، لكن التلقي عدا الفائدة العلمية هو يستفيد من الحديث والسنة والطريقة، وجميع أحوال الشيخ يستفيد منها التلميذ، ولهذا كان كبار العلماء -على جلالة قدرهم- يحضرون، يستفيدون -يعني- غير الفائدة العلمية الهدي والسمع، كما نقل عن عبد الله بن المبارك أنه كان يقول: أذهب إلى ابن عوف -أحد فقهاء البصرة ومحدثيها- آخذ من أخلاقه وآخذ من آدابه، ويقول الأعمش: كانوا يأخذون من الفقيه حتى لباسه ونعليه، حتى طريقة كيف يلبس يعني لباسه، أو كيف يلبس -يعني- نعليه، يأخذونها بالتلقي، وقد يكون هذا على سبيل المبالغة، لكن الشاهد منها أنهم لا يتركون شيئا مما يمكن الاستفادة منه من الشيخ إلا ويأخذونها، نعم يا شيخ.
مبحث القياس
تعريف القياس
تعريف القياس: وأما القياس فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم، كقياس الأرز على البر في الربا بجامع الطعم.
ستأخذونه إن شاء الله في الأسبوع الثالث، مفصلا إن شاء الله في الأسبوع الثالث في التذكرة، نعم يا شيخ.
وأما القياس فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم، كقياس الأرز على البر في الربا بجامع الطعم.
نعم القياس هو أصل من أصول الشريعة، ويحتاج إليه الفقيه، ويحتاج إليه طالب العلم لمعرفة حكم ما يجدّ من مسائل، وما ينزل من نوازل، والسبب في هذا أن النصوص محصورة، الآيات محصورة والنصوص النبوية أيضا محصورة، يقولون: الحوادث والنوازل لا تتناهى، معنى لا تتناهى: أنها لا تنقطع، ونحن نعلم أنه ما من نازلة وما من قضية إلا ولله حكم فيها، ما يخلو -يعني- فعل من أفعال المكلَّف ولا ما يعرض للمكلف إلا ولله حكم فيها.(1/209)
الأحكام والتكليفات خمسة: إما محرم، وإما مباح، وإما واجب، وإما مندوب، وإما مكروه، لا يخلو شيء من هذا، حتى حركات الإنسان وسكناته، وأي شيء -يعني- يفعله الإنسان هو داخل في هذه الأحكام الخمسة، لكن المهم كيف يوجد الفقيه وطالب العلم حكما لهذه النازلة وهذه المسألة؟
فباب القياس استعانوا به كثيرا في معرفة أحكام الله -سبحانه وتعالى- في النوازل والقضايا، ولهذا بعض الذين خالفوا في حجية القياس كانوا في مجلس قاضي البصرة، قاضي بغداد، القاضي إسماعيل بن حماد، وهو شيخ المالكية في عصره، وكان من أهل العلم والفضل، فنازع أحد في مجلسه في حجة القياس، فأمر بأن يسحب من رجله، وقال: إذا أغلقنا باب القياس، كيف نفعل في النوازل والحوادث وكما في البيت المشهور:
إذا أعيا الفقيه وجود نص ... تمسك لا محالة بالقياس
نعم يا شيخ.
وأما القياس فهو رد الفرع إلى الأصل بعلة تجمعهما في الحكم، كقياس الأرز على البر في الربا بجامع الطعم.
نعم القياس في اللغة: التقدير والمساواة، فأخذ التعريف الاصطلاحي من التعريف اللغوي؛ لأن القياس فيه مساواة، وأيضا فيه تقدير، تقدر بهذا تلحق هذا بهذا، أو تقول هذا يساوي هذا، فكلاهما مأخوذ من المعنى اللغوي، لكن تعريف القياس عند أهل الأصول: هو إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة بينهما.
هذا هو القياس، مثل المؤلف -رحمه الله- فقال: كقياس الأرز على البر بجامع الطعم في مسألة جريان الربا، ونقيس النبيذ على عصير العنب المسْكر؛ لأن أصل العنب هو الثابت فيه النص فنقيس عليه النبيذ ونقول: النبيذ ملحق بعصير العنب بعلة الإسكار فيحرم لهذا نعم. أحسن الله إليك.
حجية القياس
وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس علة وقياس دلالة وقياس شبه.(1/210)
بقي معنا أن الناس في القياس: طرفان، ووسط؛ طرف نفوا القياس، وهذا لا شك أنه لا ينبغي، نفوا القياس تماما، وتمسكوا بظاهر النصوص فقط، فأداهم هذا القول إلى أن كثيرا من الأحكام التي يمكن إدخالها ضمن النصوص الشرعية أخرجوها. وطائفة أخرى غالت في إثبات القياس والعمل به، حتى ردوا كثيرا من النصوص الشرعية.
والقول الوسط في هذا: أن القياس حجة، وأنه يعمل به، ولكن وفق الضوابط الشرعية التي قررها أهل العلم، ومن هذه الضوابط مثلا: أن تكون المسألة غير منصوص عليها؛ لأنه معروف أنه لا قياس مع النص، إذا كانت المسألة منصوص عليها انتهى الأمر منصوص عليها؛ لأنه لا قياس مع النص.
الأمر الثاني: أن يصدر القياس من عالم مؤهل، فليس كل إنسان يستطيع القياس؛ لأنه يحتاج إلى تأمل ونظر، ونظر في العلة ومدى انطباقها، واستخراج العلة أيضا ليس بالأمر السهل، فإذا توفرت هذه الأمور كلها، وأتى بها عندئذ له إن شاء الله أن يقيس، وهو إن أصاب فله أجران وإن أخطأ بعد اجتهاده واستفراغ وسعه فله أجر، نعم يا شيخ.
قياس العلة
وينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس علة وقياس دلالة وقياس شبه، فقياس العلة ما كانت العلة فيه موجبة للحكم، بحيث لا يحسن عقلا تخلفه عنها، كقياس الضرب على التأفيف للوالدين في التحريم بعلة الإيذاء.
وقياس الدلالة، وهو الاستدلال بأحد النظرين على الآخر - بأحد النظيرين- وقياس الدلالة وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم، كقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة فيه بجامع أنه مال نامٍ.(1/211)
المؤلف -رحمه الله- يقول: قياس العلة ما كانت فيه موجبة للحكم، ويقول فيما بعد، بعد قليل سيقول: قياس الدلالة ما كانت العلة غير موجبة، هذا نوع بعض، وهذا تعريف لقياس العلة، لكن لعل الصواب أن تعريف العلة -يعني- ما ذكرت فيه العلة صراحة، ليس قياس ما يدل على العلة، لا، قياس العلة ما ذكرت العلة فيه صراحة، فنقول: نقيس النبيذ على الخمر لعلة الإسكار، نقيس الأرز على البر في جريان الربا بعلة الطعم أو علة الكيل أو خلافهما، فإذا ذكرت في القياس العلة يقال قياس علة، وإذا ذكرت ما يدل على العلة نقول قياس الدلالة.
والعلة أيها الأخوة يقول العلماء: لها من اسمها نصيب، ومعنى لها من اسمها نصيب أنها فيها شيء من الغموض، شروطها وأحكامها وكيفية استخراجها وما يعرض لها، وهي من أدق -كما يقول أهل الأصول- من أدق وأغمض مباحث علم الأصول، فيقولون: لها من اسمها نصيب والشاعر يقول:
وقل إن أبصرَتْ عيناك ذا لقب ... إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
وهي التي العلة استخراج العلة هي التي ينبغي أن يهتم بها الفقيه في استخراجها؛ لأنه إذا توصل إلى العلة -علة حكم- سهل عليه الباقي؛ ولهذا يقول العلماء: إنه ينبغي على الفقيه المجتهد البحث في العلة، وليس البحث في الحكمة، الحكمة ليست بكبير، نقول: ليست بكبير أثر في الأحكام، لكن الذي يؤثر في الأحكام العلة، ولهذا يقولون: إن البحث للحكم الشرعية من ملح العلم، يعني: مما من الملح، لكن البحث في العلة الشرعية من الأساسيات.
العلة ما هي قالوا: هي الوصف الظاهر المنضبط، علينا أن نقول: الباعث على الحكم أو المعرف للحكم على خلاف بين أهل الأصول؛ فبعض أهل الأصول يقولون: إن العلة باعثة، وبعض أهل الأصول يقولون: إن العلة معرفة، والفرق بين القولين يقولون: إن العلة باعثة بمعنى أن هي السبب في الحكم، فيقولون: إن الإسكار هو السبب في كونه حرام، باعثة ومستدعية -يسمونها- ومقتضية وجالبة، هذه العبارات.(1/212)
والطرف الآخر يقولون: لا، هي معرفة وهي علامة، وهي أمارة بمعنى أنها كأن شرط أن إذا رأيتم الإسكار فاعلموا أن هذا حرام، تكون علامة على الحكم، والقول الأول اللي ذكرناه لكم يقول: إذا رأيتم الإسكار فاعلموا أنه هو السبب في التحريم، هو الجالب وهو الباعث وهو المستدعي وهو المقتضي وهو الباعث، هذه كلها.
وبالأول قال المعتزلة، وبالثاني قال الأشاعرة، الأشاعرة يقولون: معرفة، وجاء هذا من مسألة السبب عندهم يقولون: إن السبب عندهم ما يحصل الحكم عنده لا به، فيقولون: يحصل التحريم عنده، لكن ليس بسببه، فيحصل التحريم عند الإسكار لكن ليس بسببه.
لكن مذهب أهل السنة وسط بين الأمرين فيقولون: هي باعثة صحيح، وهي مستدعية صحيح، وهي جالبة صحيح، وهي في نفس الوقت علامة وأمارة، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول كلا الأمرين يقول يطلق عليها بأنها باعثة ومستدعية وجالبة وعلامة وأمارة كلاها صحيح، لكن من قال: إنها باعثة فقط وليست علامة يخطأ، ومن قال: إنها علامة وليست باعثة أيضا يخطأ، من اقتصر على قول فقط، نعم. أحسن الله إليك.
بقي معنا -أيها الأخوة- حينما قلنا العلة وصف ظاهر منضبط لا بد أن تكون وصفا ظاهرا، بقي معنا الإشارة، هل يجوز التعليل بالعلة الغيبية؟ هي -تعليل الأحكام- تعلل بعلة ظاهرة، لكن هل يجوز التعليل بالعلة الغيبية أم لا يجوز؟ خلاف بين أهل العلم، وبنوا عليه مسألة: ماذا يُفعل بالمحرِم إذا مات، إذا توفي؟ في الحديث: - أن أعرابيا وقصته راحلته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - غسلوه وجنبوه السدر والطيب، ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا - لاحظوا معي السياق: - فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا - عبارة: - فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا - هذه تعليل؛ لأن ما جاء بعد إن يكون علة لما قبله مثل: - إنها من الطوافين عليكم والطوافات - - إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم - هذه كل ما بعدها علة.(1/213)
فهذه العلة لا تدرك إلا بوحي، يقول: هذه علة غيبية لا تدرك إلا بوحي، فالمالكية يقولون ما يصح التعليل علة غيبية، ولهذا يقولون: إن هذه الحالة هي خاصة بالأعرابي، ولا يشترك معه من مات وهو محرم؛ لأن هذه خاصة بالأعرابي والتعليل إنما يكون بعلة ظاهرة وهذه علة غيبية.
ومثل أيضا كراهية الصلاة في الوادي: - إن هذا وادٍ به شيطان - بنص الحديث فقالوا: لها تعليل غيبي، ليس كل وادٍ به شيطان من قال: إنه -يعني- لا يجوز التعليل بالعلة الغيبية، ومن قال: إنها يجوز التعليل بها طرد الحكم، يعني: استمر على الحكم، فقال: كل وادٍ يكره الصلاة فيه، نعم يا شيخ. أحسن الله إليك.
وقياس الدلالة، وهو الاستدلال بأحد النظرين على الآخر - بأحد النظيرين- وقياس الدلالة وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم، كقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة فيه بجامع أنه مال نامٍ.
في مسألة كون العلة أو باعثة، لو لاحظتم ابن قدامة -رحمه الله- في مبحث القياس أحيانا تأتي عبارات على أن العلة موجبة، وتأتي عبارات تدل على أن العلة علامة وأمارة، فكأنه -رحمه الله- يرى أنه لا حرج إطلاقا، لكن أحيانا عند المتأمل والمدقق في عبارة ابن قدامة -رحمه الله- يلاحظ فيه أنه أحيانا يقول: باعثة، وأحيانا يقول: علامة وأمارة، نعم يا شيخ وقياس الدلالة...
قياس الدلالة
وقياس الدلالة وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة للحكم، كقياس مال الصبي على مال البالغ في موجب الزكاة فيه، بجامع أنه مال نامٍ، ويجوز أن يقال: لا تجب في مال الصبي كما قال به أبو حنيفة.(1/214)
يعني كأن المؤلف يرى أن قياس الدلالة يعني ما كانت العلة فيه محل نظر، يعني: ليست من موجبات، يقول: محل نظر، وذكر مثال مسألة قياس مال الصبي على مال البالغ، فالمؤلف يقول: الذي جعله قياس دلالة هو ما خالف فيها أبو حنيفة -رحمه الله-، يعني دلالة على أنها ليست موجودة، أما لو كان ما فيها خلاف مثال قياس العلة على رأي الفقهاء، ويرى أن قياس العلة مثل قياس الضرب على التأفيف؛ لأنه ما فيها خلاف، ما فيها إشكال أبدا على أن الضرب حكمه وجود التأفيف وزيادة قياس أولوي، على رأي أنه من باب القياس. ومنهم من يقول من باب الموافقة.
لكن لعل الصواب في تعريف قياس الدلالة: هو الجمع بين الأصل والفرع بما يدل على العلة، ليست بالعلة نفسها، إن جمع بينهما بالعلة نقول: قياس علة، كما إذا جمعنا بين النبيذ والخمر بعلة الإسكار، وإذا جمعناه بما يدل على العلة نقول: قياس دلالة، كما لو قسنا النبيذ على الخمر بعلة الرائحة الخاصة بالإسكار، فالرائحة المميزة هي دليل على العلة، ليست هي العلة، دليل على العلة فنقيس النبيذ على الخمر بما يدل على العلة، ففي هذه الحال يكون قياس دلالة، نعم يا شيخ. أحسن الله إليك.
قياس الشبه
وقياس الشبه وهو الفرع المتردد بين أصلين فيُلْحَق بأكثرهما شبها، كما في العبد إذا أتلف فإنه متردد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث إنه آدمي وبين البهيمة من حيث إنه مال، وهو في المال أكثر شبها من الحر، بدليل أنه يباع ويورث ويوقف، وتؤمن أجزاؤه إذا نقص من قيمته.(1/215)
هذا قياس الشبه، يعني: تردد الفرع يعني بين أصلين، فهل يلحق بهذا أو يلحق بهذا؟ مثل مسألة النبيذ ما فيها.. تلحق بالخمر ما فيه إشكال، مسألة الأرز تلحق بالبر، لكن لو أنه تردد بين أمرين هل يلحق بهذا أو بهذا؟ هذا يسمى قياس شبه ففي هذه الحالة ماذا يفعل المجتهد أو الفقيه أو طالب العلم يلحقهما بأكثرهما شبها فهو حجة؛ لأنه يثير غلبة الظن عند المجتهد، ففي هذه الحال يعمل بها.
وضرب المثال على ذلك كما في العبد إذا أتُلف يعني إذا قُتل العبد بما يكون ضمانه بما أتلف، فهو متردد في الضمان بين أن يلحق مثلا بالحر بحكم أنه مكلف، وبحكم أنه يملك التمليك أيضا، وبحكم أنه عاقل ويفهم الخطاب، ملحق به وملحق بالبهيمة بحكم أنه يملك ويوقف ويورث ويباع ويشترى، والشافعي -رحمه الله- يعني قال: إنه يضمن بقيمته وليس بالدية، والحنفية -رحمهم الله- قالوا: يضمن بالدية ملحق بالحر، نعم.
من شرط الفرع أن يكون مناسبا للأصل
ومن شرط الفرع أن يكون مناسبا للأصل فيما يجمع به بينهما للحكم، أي: أن يجمع بينهما بمناسب للحكم.
يقول: من شرط الفرع أن يكون مناسبا للأصل، لا بد أن يكون فيه مناسبة بين الأصل، يشترط أن يكون مناسبا للأصل فيما يجمع بينهما للحكم، فيكون للمناسبة الواقعة بينهما، فكما أن القطع -السرقة يناسبها القطع، وأيضا شرب الخمر يناسبه إقامة الحد، أو الإسكار يناسبه الحد، وتبديل الدِّين يناسبه، القتل فلا بد أن يكون في مناسبة تجمع بين الأصل والفرع. ومن شرط الفرع...
من شرط الأصل أن يكون ثابتا بدليل متفق عليه
ومن شرط الفرع أن يكون مناسبا للأصل فيما يجمع به بينهما للحكم، أي:أن يجمع بينهما بمناسب للحكم، ومن شرط الأصل أن يكون ثابتا بدليل متفق عليه بين الخصمين؛ ليكون القياس حجة على الخصم، فإن لم يكن خصم.(1/216)
يقول لا بد أن يكون الأصل ثابت بدليل، لكن لو ثبت الأصل بالقياس يصح القياس على ما ثبت بالقياس؟ ما يصح؛ لأنك تقيس على نفس الأصل الأول، يعني تقول مثلا نقيس مثلا النبيذ نقيسه على المسكر مثلا من شراب العسل، ونقيس المسكر من شراب العسل على المسكر من عصير العنب، هذا معناه تطويل، لكن نقيس النبيذ فقط مباشرة على المسكر من عصير العنب، فلا يقاس على ما ثبت بالقياس، بل يقاس على ما ثبت بالأصل بشرط الأصل أن يكون ثابتا بالنص، نعم ومن شرط الأصل...
ومن شرط الأصل أن يكون ثابتا بدليل متفق عليه بين الخصمين؛ ليكون القياس حجة على الخصم.
نعم، هذا في حال المناظرة، يقول: بدليل متفق عليه بين الخصمين في حال المناظرة، وكما سبق أن أشرنا لكم على أن أحيانا يكون علم المناظرة علم الجدل يدخلون في علم الأصول، حتى في العناوين، كما في عنوان الحاجب منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل، والسبب في هذا -يعني إدخال أو جعل علم الأصول أنه له علاقة بعلم الجدل- أنه دائما ينتقل الخلاف بالمسألة الفرعية إلى الخلاف في المسألة الأصولية.
فمثلا لو -يعني- اختلف مثلا فقيهان في مسألة نقض الوضوء بمس الذكر، هذا يحتج بحديث بسرة وهذا يحتج بحديث طلق بن علي، فحين إذن ينتقل الخلاف إلى مسألة قبول خبر الواحد + ينتقل الخلاف فيه، في هذه الحال يتناظران في مسألة قبول خبر الواحد + وينتقل الخلاف من مسألة النقل إلى مسألة أصولية، نعم يا شيخ.
فإن لم يكن خصم فالشرط ثبوت حكم الأصل بدليلٍ يقول به قياس.
لا، يقول به القائس، إذا ما كان هناك خصم فأهم شيء أن يكون القائس الذي يعني يريد القياس يكون هذا الأصل ثابت بدليل معتبر عنده هو، فإن لم يكن خصم فالشرط ثبوت حكم الأصل بدليل يقول به القائس، يعني: بدليل معتبر عنده.
من شرط العلة أن تكون مطَّردة في معلولاتها(1/217)
فإن لم يكن خصم فالشرط ثبوت حكم الأصل بدليل يقول به القائس، ومن شرط العلة أن تطَّرد في معلولاتها، ولا تنتقض لفظا ولا معنى، فمتى انتقضت لفظا بأن صدقت الأوصاف المعبر بها عنها في صورة بدون الحكم، أو معنى بأن وجد المعنى المعلل به في صورة بدون الحكم فسد القياس:
الأول كأن يقال في القتل بمثقل: إنه قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص، كالقتل بالمحدد فينتقض ذلك بقتل الوالد ولده؛ فإنه لا يجب به القصاص -نعم-.
والثاني كأن يقال تجب الزكاة في المواشي لدفع حاجة الفقير، فيقال: ينتقض ذلك بوجوده في الجواهر، ولا زكاة فيها.
هذا يسمونه بالنقض، والنقض هل يقدح في العلة أو لا يقدح؟ ومعنى النقض اللي هو تخلف الحكم عن العلة، فهل يعتبر -يعني- مبطلا للعلة وناقضا لها؟ مثلا لوجدنا مثلا من باب التمثيل مثلا، نقول: إن الخمر محرم بعلة الإسكار، فلو فرضنا من باب التمثيل وجدنا شرابا مسكرا أباحه الشرع، نص الشرع على إباحته، فهنا وجدت العلة وتخلف الحكم، هل يعتبر هذه الصورة ناقضة للعلة، هذا هو النقض.
هذا المقصود والنقض تعريفه: تخلف الحكم عن العلة، أي توجد العلة ولا يوجد الحكم، نعم من أول يا شيخ... والصحيح أنه -يعني- يعتبر ناقضا إلا -كما ذكر المؤلف- إلا إذا تخلف لوجود مانع أو لفقد شرط، نعم يا شيخ، ومن شرط العلة...
ومن شرط العلة أن تطرد في معلولاتها.
تطرد، ما معنى الاطراد ؟ معناه: الاستمرار، وهو أنه كل ما وجدت العلة وجد الحكم، هذا الاطراد، كل ما وجدت العلة وجد الحكم، نعم ومن شرط العلة...
ومن شرط العلة أن تطرد في معلولاتها، ولا تنتقض لفظا ولا معنى، فمتى انتقضت لفظا بأن صدقت الأوصاف المعبر بها عنها في صورة بدون الحكم، أو معنى بأن وجد المعنى المعلل به في صورة بدون الحكم فسد القياس، الأول كأن يقال في القتل بمثقل: إنه قتل عمد عدوانا، فيجب به القصاص كالقتل بالمحدد.(1/218)
كالقتل بالمحدد يعني قياسه القتل بالمثقل، وهو ما يقتل بثقل كالقتل بالمحدد، بجامع ماذا؟ أن كلا منهما عمد وعدوان، الأصل ما هو؟ القتل بالمحدد، والفرع ما هو؟ القتل بالمثقل، والجامع ما هو؟ أن كلا منهما عمد عدوان، والحكم ما هو؟ ثبوت القصاص، الحكم ثبوت القصاص، فيقول المؤلف: إنه يعني وجدنا أن الأب لا يقتل بابنه فانتقض الحكم وانتقضت العلة، وجدنا أن الأب لو قتل ابنه عمدا عدوانا فإنه لا يقاد به، فهل يعتبر هذه الصورة صورة يعني انتفاء الحكم في حق الأب، نقض لتلك العلة، ولا ليست نقضا؟
المؤلف اعتبرها أنها نقض وفسد القياس، لكن الصحيح لا؛ لأنه هذا لوجود مانع، ما هو المانع؟ الأبوة فالنقض هنا غير مؤثر لوجود المانع. نعم من أول يا شيخ الأول كأن يقال...
الأول كأن يقال في القتل بمثقل: إنه قتل عمد عدوان، فيجب به القصاص، كالقتل بالمحدد فينتقض ذلك بقتل الوالد ولده، فإنه لا يجب به القصاص -نعم- والثاني كأن يقال تجب الزكاة في المواشي لدفع حاجة الفقير، فيقال: ينتقض ذلك بوجوده في الجواهر، ولا زكاة فيها.
يعني لو قيل مثلا العلة مثلا في زكاة المواشي دفع حاجة الفقير، طيب الجواهر تدفع به حاجة الفقير، هل تجب فيها الزكاة؟ تقول: كأنها نقض لتلك العلة، يعني: نقض لكون العلة هي دفع حاجة الفقير، لكن دفع حاجة الفقير هي ليست الحقيقة ليست علة، هي حكمة، لكن العلة في وجود النواصب فيه هو النص أو النماء، النماء هو العلة فيها، لكن دفع حاجة الفقير هذه حكمة، والحكم لا يعلل بها، نعم يا شيخ.
من شرط الحكم أن يكون تابعا للعلة في النفي والإثبات
ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، أي: تابعا لها في ذلك، إن وجدت وجد.(1/219)
ومثل أيضا لفقد شرط كما لو قلنا مثلا: إن علة مثلا علة ثبوت الرجم في حق الزاني وجود الزنا، فوجدنا المحصن لا يرجم، فتخلف الحكم في غير المحصن هل يعتبر نقضا أو لا؟ يعني: لفقد شرط وهو الإحصان، فتخلف الحكم في هذه الصورة لا يعتبر نقضا؛ لكون علة الرجم هي الزنا. نعم.
تعليل الحكم بعلتين
ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، أي: تابعا لها في ذلك إن وجدت، وإن انتفت انتفى، والعلة هي الجالبة.
هذا بناء على أنه ما يجوز تعليل الحكم إلا بعلة واحد، لكن الصحيح أنه يجوز الحكم بعلتين، المؤلف هنا يقول: ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، يعني: إن وجدت العلة وجد الحكم، وإن انتفت العلة انتفى الحكم، الطرف الأول صحيح: إن وجدت العلة وجد الحكم، لكن إن انتفت انتفى الحكم، لا، قد تنتفي العلة ويوجد الحكم كما إذا كان معللا بعلتين، والحكم قد يعلل بعلتين، مثلا لمس الزوجة والبول مثلا كلاهما ناقض للوضوء، فمن مثلا لمس زوجته على القول بأن لمس الزوجة ناقض على القول به، من لمس زوجته وبال انتقض وضوءه بعلتين في آن واحد، انتقض وضوءه بعلتين: بالبول وبلمس زوجته على القول بأنه ناقض.
فلا نقول مثلا هنا: إنه إذا انتفى انتفى، إذا انتفت العلة انتفى النقض، لا، يحدث النقض نقض الوضوء بعلة أخرى؛ لأنه كما قلنا: إنه يجوز عليه الحكم بأكثر من علة، لكن بناء على أنه ما يجوز تعليل الحكم إلا بعلة واحدة صحيح يكون كلامه، أنه إن وجدت العلة وجد الحكم وإن انتفت انتفى الحكم، فالمؤلف مشى على أنه لا يجوز تعليل الحكم إلا بعلة واحدة، مع أنه الصحيح يجوز تعليل الحكم بأكثر من علة، نعم يا شيخ، ومن شرط الحكم...
العلة هي الجالبة للحكم بمناسبتها له
ومن شرط الحكم أن يكون مثل العلة في النفي والإثبات، أي تابعا لها في ذلك، إن وجدت وجد وإن انتفت انتفى، والعلة هي الجالبة للحكم بمناسبتها له، والحكم هو المجلوب للعلة لما ذُكر.(1/220)
المؤلف أعاد قال: العلة هي: الجالبة للحكم بمناسبتها له، وكما ذكرنا لكم أن الاقتصار على كونها جالبة غير صحيح، كما أن الاقتصار على كونها علامة غير صحيح، بل نقول: هي جالبة وعلامة في نفس الوقت، نعم.
الأمور التي تثبت بها العلة
وأما الحظر والإباحة فمن الناس من يقول: إن الأشياء بعد البعثة على الحظر أي على...
العلة تثبت بأمور كثيرة كما ذكر أهل الأصول، تثبت بالنص وتثبت بالإجماع، والنص قد يكون صريحا، وإيماء للعلة وغيرها مما يعني في كتب المطولات تثبت أيضا بالدوران، وتثبت أيضا بالسبر والتقسيم، والدوران هو ما يسمى بالطرد والعكس، وتثبت بالسبر والتقسيم، ونتكلم على السبر والتقسيم. السبر والتقسيم يعني: حصر الأوصاف الممكنة في الشيء ثم إبطالها واحدا واحدا، فلا يبقى إلا واحد فيكون الواحد هو الصحيح، هذا السبر والتقسيم، وهو أطال علماء الأصول في توضيح السبر والتقسيم.
وأغلب الناس يستخدمون السبر والتقسيم في حياتهم، وأكثر من يستخدمه الأطباء السبر والتقسيم، وهم لا يعلمون أنه دليل من أدلة الأصول، فأنت تأتي مثلا للطبيب وتقول: والله أنا أشعر مثلا بارتفاع في الحرارة، فالطبيب يقسِّم يقول: إما عندك مثلا التهاب في الحلق، وإما أن تكون مثلا عندك التهاب في الزائدة، وإما أن يكون عندك كذا، وإما أن يكون كذا أو كذا، ويحصرها في خمسة أشياء مثلا، ويقول: لا سادس لها، ثم يبدأ يبطل يشوف الحلق مثلا يقول: والله لا، حلقك ما فيه شيء بطل هذا يسألك مثلا عن أشياء، هل أكلت شيئا ولا كذا؟ يقول: ما عندك التهاب في الأمعاء، ويسأل كذا ويبدأ يبطل يبطل يستقر على رأي شيء واحد، ويقول: عندك مثلا التهاب الزائدة الدودية، وهكذا كل أمور الأطباء هي من قبيل السبر والتقسيم.(1/221)
فالتقسيم هو حصر الأوصاف الممكنة، والسبر هو إبطالها من جميع النواحي، إذا كان هذا هو فلماذا العلماء يقدمون... أولا في الاستخدام أيهما يقدم: السبر أو التقسيم عند التطبيق؟ التقسيم هو الذي يقدم، لكن دائما إذا قالوا، يقولون: السبر والتقسيم لماذا يقدمون السبر مع أنه مؤخر؟ لماذا؟ نعم يا شيخ
-.......
هو ما ينتهي إليه الأمر أو يقول؛ لأنه -يعني- أهم يعني التقسيم يقولون: كلُ يحسن التقسيم في الغالب، كل ما معناه أنه سهل لا، لكنه أسهل من السبر، التقسيم أسهل من السبر، السبر أصعب اللي هو إبطال الأوصاف المحتملة أو الصور الممكنة إبطالها هذا صعب، يحتاج إلى بذلك جهد أكثر من التقسيم، أما حصر الأوصاف فسهل حصرها، نعم يا شيخ.
الأصل في الأشياء الإباحة
وأما الحظر والإباحة، فمن الناس من يقول: إن الأشياء بعد البعثة على الحظر، أي: على صفة هي الحظر إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة يُتمسك بالأصل وهو الحظر، ومن الناس من يقول بضده، وهو أن الأصل في الأشياء بعد البعثة أنها على الإباحة إلا ما حظره الشرع.
ويحتجون للقول الثاني على أنها على الإباحة بقوله تعالى: { - - جل جلاله - فهرس - - رضي الله عنهم - } المحتويات ( - - - - } تم بحمد الله - (( ((( - - } - - - - جل جلاله -( - ( - - رضي الله عنهم - - } (1) فكل -يعني- ما هو في الأرض فهو مخلوق لبني آدم لهم الانتفاع به، ويحتجون أيضا بحديث: - إن من أعظم الناس جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته - فدل على أنه قبل أن يحرم ماذا حكمه؟ الإباحة، وأن التحريم طارئ، التحريم جاء طارئا بعد، وأن الأصل أنه لم يحرم، هذا دليل من يقول بأنه على الإباحة، وهو قول قوي نعم.
المضار على التحريم والمنافع على الحل
والصحيح التفصيل، وهو أن المضار على التحريم والمنافع على الحل، أما قبل البعثة فلا حكم يتعلق بأحد.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 29.(1/222)
لكن التفصيل وهو -طبعا هذا كلام بعد البعثة- أن المضار على التحريم والمنافع على الحل هذا جيد، إذا يعني إذا أدرك أن هذا من باب المضار، وهذا من باب المنافع، لكن أحيانا ما يدرك فيبقى أنه على أصل الإباحة، وإلا إذا أدرك أنه من باب المضار وأدرك أنه من باب المنافع المصالح، فالشرع نقول نعلم أنه جاء بدفع المضار وجاء بجلب المصالح، لكن أحيانا لا يدرك، والسؤال هو: إذا لم يدرك لم يمكن إدراكها لا بنص شرعي مثلا بآية أو حديث، ولا + القواعد، وفي هذه الحال يبقى على أصل الإباحة.
أما ما قبل البعثة فهل -يعني- قبل بعثة الرسل سواء أن كان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أو من قبله، يعني: ما حكم أفعال المكلفين؟ وما حكم الانتفاع بالأشياء؟ فيقول المؤلف: لا حكم يتعلق بها؛ لانتفاء الرسول الموصول إلينا. من أول يا شيخ أما قبل البعثة...
الكلام في الأحكام قبل البعثة
أما قبل البعثة فلا حكم يتعلق بأحد؛ لانتفاء الرسول الموصل إليه.
لانتفاء الرسول الموصل إليه الموصل إلى الحكم، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- طبعا هذه المسألة -يعني- ليس فيها فائدة، يعني الكلام في الأحكام قبل البعثة، الحمد لله بعث الرسل ونزلت معهم الأحكام، فالكلام على مسألة قبل أن يبعث الرسل ليس فيها فائدة بحثها، شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: يتوقف فيها شيخ الإسلام -رحمه الله-، يقول: يتوقف، يعني المسألة، نعم.
الاستصحاب
الاستصحاب ومعنى استصحاب الحال الذي يحتج به -كما سيأتي-: أن يستصحب الأصل أي العدم الأصلي عند عدم الدليل الشرعي، بأن لم يجده المجتهد بعد البحث عنه بقدر الطاقة، كأن لم يجد دليلا على وجوب صوم رجب، فيقول: لا يجب باستصحاب الحال، أي: العدم الأصلي، وهو حجة جزما.(1/223)
يعني: النفي الأصلي أو البراءة الأصلية باستصحاب العدم، عدم الدليل هو حجة فنقول: نحن لا يجب الصيام شهر مثلا رجب، ولا شهر جمادى، ولا شهر شعبان، لا يجب صيامه لماذا؟ للبراءة الأصلية، عدم ورود الدليل، فيكون عدم ورود الدليل حجة في نفي الحكم، يعني: عدم الصيام، نعم.
تعريف الاستصحاب
أما الاستصحاب المشهور الذي هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الأول، فحجة عندنا دون الحنفية، فلا زكاة عندنا في عشرين دينارا ناقصة، تروج رواج الكاملة بالاستصحاب.
هذا هو تعريف الاستصحاب المشهور، هذا تعريف الاستصحاب اللي هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول، هذا تعريف الاستصحاب، نعم وأما الاستصحاب.
أما الاستصحاب المشهور الذي هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الأول، فحجة عندنا دون الحنفية.
نعم وهو حجة الاستصحاب من عدم تعريف ثبوته، فنحتج مثلا باستمرار حكم الدليل حتى يأتي ناسخ، ما دام إنه ثبت الدليل مثلا، ما نقول: إنه -يعني- نحتج بالدليل حتى يأتي ناسخ، ونحتج بالنص العام حتى يأتي المخصص، ونحتج أيضا مثلا -حتى ليس مثلا في النصوص من حيث كون الدليل قويا، حتى في الأحكام، نحتج مثلا بثبوت الملكية حتى يأتي ناقض، نقول: هذا مثلا ثبت لدينا أن فلان السيارة سيارته، فلو ادعى إنسان مثلا بأنه هذه السيارة سيارته نقول له: لا الأصل مع فلان حتى يأتي ما ينقض، أيضا بقاء الزوجية مثلا، من ثبت عقد الزوجية ففلانة هي زوجة فلان فتبقى زوجته إلا إذا ثبت طلاق مثلا، أو ثبت خلع مثلا، أو ثبتت فرقة من الفرق المعروف مثلا، هذا من باب الاستصحاب، نعم أما الاستصحاب...
أما الاستصحاب المشهور الذي هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الأول، فحجة عندنا دون الحنفية، فلا زكاة عندنا في عشرين دينارا ناقصة، تروج رواج الكاملة بالاستصحاب.(1/224)
نعم يعني إذا نقضت مثلا العشرين دينار اللي هو النصاب نقصت مثلا، ولو كانت قيمتها أكثر مثلا، إذا نقصت مثلا فلا زكاة فيه عندنا بالاستصحاب، الاستصحاب اللي هو عدم وجوب الزكاة يستصحب هذا الأمر، ولا يعني ننتقل عنه إلا بيقين، فدائما يقولون: الاستصحاب -يعني- يكون، وهو قاعدة اليقين، لا يزول بالشك هي من قواعد الاستصحاب، نستصحب مثلا الطهارة، نستصحب الحدث، نستصحب مثلا صحة الصلاة، نستصحب يعني - باب الفراغ مثلا - أن الأصل صحة العبادة، لا يؤخذ الشك بعد الفراغ، وكثيرا من الأمور من باب استصحاب الأصل.
بقي معنا الإشارة إلى قاعدة ذكرها العلماء وهي يقولون: النية ترد إلى الأصل، ولكنها لا تنقل عنه، مثال ذلك مثلا في مسألة زكاة العقارات، نقول مثلا على قاعدة الحنابلة -رحمهم الله- في مسألة زكاة العقار: لا بد أن يشتريه بفعله بنية التجارة، في هذه الحال تجب فيه الزكاة، فإذا اشتراها بفعله بنية التجارة، ثم نواها فيما بعد للزكاة يقول لك: لا، لو فيما بعد مثلا بعد -ما اشترى الأرض بعدما اشتراها بنية القنية، ثم بعد ذلك قلب النية نواها على أنها تكون للتجارة، تجب فيها الزكاة أو لا تجب؟
- لا تجب.
واضحة الصورة يعني: لو أن إنسانا اشترى أرضا بنية القنية والسكنى، لا تجب فيها الزكاة بهذه النية، ثم بعد فترة قال: والله عدلت سأنوي بها التجارة، لو جاني فيها مبلغ طيب بعتها، نوى بها التجارة، تجب فيها الزكاة ولا تجب؟ لا قالوا الحنابلة: لا تجب، لا تجب في هذه الحال، يعني: لو نوى بها التجارة ما تجب؛ لأن النية ما تنقل عن الأصل، الأصل عدم وجوب الزكاة.(1/225)
لكن لو أن إنسانا مثلا نوى بها التجارة، عكس المسألة الثانية، نوى بها التجارة ففي هذه الحال تجب الزكاة ولا ما تجب عليه؟ تجب عليه، ثم بعد ذلك قال: لا والله أنا عدلت عن التجارة سأبني بيتا فيها وأسكن، تستمر وجوب الزكاة ولا تسقط الزكاة؟ لا ما تجوز، مجرد النية ما تجوز، فالنية ترد إلى الأصل، لكنها لا تنقل عنه، يعني: هو نواها مثلا -نواها للتجارة في هذه الحال، ثم بعد ذلك قلب نيته إلى السكنى، نعم ما تجب الزكاة؛ لأنها ترد إلى الأصل النية اللي هو عدم وجوب الزكاة، لكن عكسها لو أنه نوى بها القنية، ثم نواها للتجارة لم تصل لها، لم تصل للتجارة؛ لأن النية لا تنقل عن الأصل، ولكنها ترد إليه، فالشاهد أن النية ترد إلى الأصل، لكن كونها تنقل عن الأصل لا.
يا إخوان الصورة واضحة، ولا غير واضحة؟
-...
إيه؟ الأصل عدم وجوب الزكاة، يعني: لو أن إنسانا مثلا، نعيد مرة ثانية، لو أن إنسانا مثلا اشترى أرضا، واشتراها بنية القنية اللي هو السكنى، في هذه الحال تجب الزكاة ولا ما تجب؟ لا تجب ثم بعد فترة قال والله أنا عدلت، نويت بها التجارة، قال العلماء لا تجب فيها الزكاة؛ لأن النية ما تنقل عن الأصل، والأصل عدم وجوب الزكاة ما تنقل عنها، واضح هذه الصورة.
طيب الصورة الثانية، لو أن إنسانا نوى بها التجارة تجب فيها الزكاة ولا ما تجب؟ تجب فيها الزكاة، بعد أن استمر سنة، سنتين وهو يخرج الزكاة بنية التجارة عدل عن هذا، قال: أنا نويت السكنى، بمجرد النية لا تجب الزكاة؛ لأن النية ترد إلى الأصل، اللي هو عدم وجوب الزكاة، واضح ولا غير واضح؟.(1/226)
مثاله أيضا في مسألة السفر والإقامة في قصر الصلاة، طبعا هذه من قواعد الحنابلة، لو أن إنسانا مثلا سافر، وفي أثناء الطريق أعجبته مدينة -مثلا شقرا أو مكة مثلا ولا عتيق- أعجبته، قال: الآن سأسكن هنا، يلزمه الإتمام ولا يباح له القصر بمجرد النية، ما صار له بيت ولا العفش مجرد النية قالوا: بمجرد نيته السكنى يلزمه الإتمام؛ لأن النية ترد إلى الأصل.
لكن إنسانا -مثلا- أراد إن يسافر + عزم على السفر، حمّل العفش وربط العفش ويمشي، يصلي ثم أذن قبل أن يسافر، قبل أن يباشر سفره بالفعل، هل يصلي أربعا أو اثنتين على قاعدة الحنابلة يصلي أربعا؛ لأنه مجرد نية السفر لا تكفي النية ما تنقل عن الأصل، الأصل الإتمام في الصلاة، فإذًا القاعدة على أن النية ترد إلى الأصل، ولكنها لا تنقل عنه، نعم يا شيخ.
ترتيب الأدلة والترجيح بينها
ترتيب الأدلة والترجيح بينها، وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، وذلك كالظاهر والمؤوَّل، فيقدم اللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي.
بقي معنا الإشارة إلى أن في الاستصحاب يقول العلماء: الاستصحاب آخر مدار الفتوى؛ لأنه دائما إذا الفقيه أو طالب العلم أو القاضي إذا ما وجد شيئا حكم بالأصل بالاستصحاب، إذا ما وجد بينة ولا وجد دليلا ولا وجد شيئا، حكم بالأصل فيقولون: إن الاستصحاب هو آخر مدار الفتوى، هو الذي يعني أخر شيء يلجأ إليه طالب العلم أو الفقيه أو القاضي في حكمه الاستصحاب، نعم.
وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، وذلك كالظاهر والمؤوَّل، فيقدم اللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي.
نعم يقدم الجلي المقصود بالجلي النص، يقدم النص على الظاهر، والظاهر يقدم يعني على الاحتمال، نعم بل يقدم النص حتى على المؤول؛ لأن المؤول؛ لأن المؤول إذا قوي أصبح ظاهرا، نعم.
المتواتر يقدم على الآحاد(1/227)
والموجب للعلم على الموجب للظن، وذلك كالمتواتر والآحاد، فيقدم الأول إلا أن يكون عاما فيخص بالثاني كما تقدم من تخصيص الكتاب بالسنة.
نعم، فالمتواتر يقدم على الآحاد إذا تعارضا؛ لأن هذا يوجب العلم، وهذا يوجب الظن على قول أكثر أهل الأصول، نعم.
فيقدم الأول إلا أن يكون عاما فيخصَّ بالثاني.
نعم إذا تعارضا، وكان ما يفيد العلم عاما، وما يفيد الظن خاصا، فقال: يعمل بالخاص، يقدم الخاص، كما مر معنا في مسألة التخصيص، نعم.
فيخص بالثاني كما تقدم من تخصيص الكتاب بالسنة.
نعم من تخصيص: { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - (( قرآن كريم ( - ( - - - ( - (( ( المحتويات ( - ( - ( - - (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - } (1) في مسألة عدم توريث القاتل لحديث: - لا يرث القاتل من الميراث شيء -
النص يقدم على القياس
والنطق من كتاب وسنة على القياس إلا...
إذا تعارض قياس مع نص يقدم النص؛ لأنه لا قياس مع النص، نعم.
إلا أن يكون النطق عاما فيخص بالقياس كما تقدم.
إلا إذا كان الآية والحديث من باب العموم والقياس، فإنه يخص بالقياس، نعم.
القياس الجلي يقدم على القياس الخفي
والقياس الجلي على الخفي، وذلك كقياس العلة على قياس الشبه.
نعم، قياس العلة أقوى من قياس الشبه.
إذا وجد في الكتاب والسنة ما يغير الأصل عمل به وإلا استصحب الأصل
فإن وجد في النطق من كتاب أو سنة ما يغير الأصل، أي: العدم الأصلي الذي يعبر عن استصحابه باستصحاب الحال، فواضح أنه يعمل بالنطق، وإلا أي: وإن لم يوجد ذلك، فيستصحب الحال، أي: العدم الأصلي أي يعمل به.
__________
(1) - سورة النساء آية : 11.(1/228)
يعني: إن وجد حديث أو آية مثلا يثبت حكما نعمل به، إذا لم يوجد ما يثبت الحكم نعمل بالأصل اللي هو عدم الدليل، ولهذا يقول: يعني فإن وجد في النطق من كتاب أو سنة ما يغير الأصل، أي العدم الأصلي الذي يعبر عنه باستصحاب الحال، فواضح أنه يعمل بالنطق، وإلا أي لم يجد مثلا دليلا شرعيا، ففي هذه الحال يستصحب الحال اللي هو العدم، عدم الدليل. نعم يا شيخ.
شروط المفتي
شروط المفتي أو المجتهد: ومن شرط المفتي وهو المجتهد: أن يكون عالما بالفقه أصلا وفرعا خلافا ومذهبا.
نعم، المفتي تعريفه: هو المخبر بحكم شرعي، المفتي هو المخبر بحكم شرعي، هذا المفتي، والاجتهاد تعريفه: هو بذل الفقيه الوسع لإدراك حكم شرعي، هذا الاجتهاد، بذل الفقيه الوسع لإدراك حكم شرعي، نعم يا شيخ، ومن شروط المفتي...
ومن شرط المفتي وهو المجتهد: أن يكون عالما بالفقه أصلا وفرعا.
وتلاحظون هنا، كأنه يعني يقول المؤلف: إنه لا يتولى الإفتاء يعني ما ينبغي أن يفتي بمسألة إلا مجتهد، هذا ما يتولى ما يفتي إلا مجتهد، فهل يجوز مثلا لغير المجتهد أن يفتي؟ الصحيح نعم يجوز، الصحيح يجوز أنه إذا الإنسان -يعني- تأكد مثلا من الحكم وعرفه، وكان هناك أيضا حاجة -لا بد أن يقيد بالحاجة- في هذه الحال جاز للعامي أن يستفتي غير مجتهد مثلا، ويقول له: الذي مثلا غلب على ظني أو سمعت من كلام أهل العلم كذا وكذا، حينئذ أيضا يلزم المقلد قبول هذا القول، فإذًا كلام المؤلف أنه ما يفتي إلا مجتهد، هذا هو الأصل، لكن لو أفتى مثلا من هو ليس مجتهدا للحاجة جاز ذلك، نعم، ومن شرط المفتي...
من شروط المفتي أن يكون عالما بالفقه وقواعده وفروعه
ومن شرط المفتي وهو المجتهد أن يكون عالما بالفقه أصلا وفرعا، خلافا ومذهبا، أي: بمسائل الفقه وقواعده وفروعه، وبما فيها من الخلاف ليذهب إلى قولا منه ولا يخالفه.(1/229)
قالوا أصلا: المقصود به أصلا أصول الفقه وفرعا الفروع الفقهية، خلافا ومذهبا، لا بد أن يعرف مسائل الخلاف ومسائل الوفاق، وقالوا: إنه لا بد يعرف مسائل الخلاف ومسائل الوفاق حتى لا يخالف حكما مجمعا عليه، يعني لا بد أن يعلم مسائل الخلاف حتى لا يخالف المجتهد حكما مجمعا عليه؛ لأنه بإدراك مسائل الخلاف يعرف مسائل الإجماع، نعم، طبعا المجتهد وضعوا له شروط منها:
أن يكون العلم بالأدلة الشرعية، ومنها أيضا العلم بصحيح الحديث، أحاديث الأحكام لا بد أن يكون عالما بصحيحها وضعيفها، أحاديث الأحكام؛ لأنه كيف يتمكن من استنباط الحكم الشرعي إذا كان لا يدرك الصحيح من الضعيف؟ وأيضا أن يكون عالما بالناسخ والمنسوخ، وأيضا أن يكون عالما أو مدركا للمسائل المجمع عليها، حتى لا يقع في مخالفة الإجماع، هذه أفضل الشروط التي اشترطوها في المجتهد.
وقالوا أيضا: حتى لا يلزمه أن يكون حافظا لكتاب الله، بل يكفي أن يكون مدركا لآيات الأحكام التي يستنبط منها الأحكام، نعم، بل حتى أحاديث الأحكام، قالوا: لا يشترط حفظها، بل إدراكها ومعرفتها، نعم يا شيخ.
من شروط المفتي أن يكون كامل الآلة في الاجتهاد
أي بمسائل الفقه وقواعده وفروعه، وبما فيها من الخلاف ليذهب إلى قول منه ولا يخالفه بأن يحدث قولا آخر؛ لاستلزام اتفاق من قبله بعدم ذهابهم إليه على نفيه، وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، عارفا بما يحتاج إليه في انبساط الأحكام، من النحو واللغة ومعرفة الرجال الراويين للأخبار؛ ليأخذ برواية المقبول منهم دون المجروح، وتفسير الآيات الواردة في الأحكام، والأخبار الواردة فيها؛ ليوافق ذلك في اجتهاده ولا يخالفه، وما ذكره من قوله عارفا إلى آخره من جملة آلة المجتهد، ومنها معرفته بقواعد الأصول وغير ذلك.(1/230)
من قوله: عارفا إلى آخره من آلات الاجتهاد، أي: شروط الاجتهاد، يعني: ما ذكره من قوله: عارفا إلى آخر الجملة هي معناها يعني شروط الاجتهاد، ومنها أيضا معرفته بقواعد الأصول، وغير ذلك.
بقي معنا مسألة تجزؤ الاجتهاد، هل يكون هناك، هل -يعني- يقبل الاجتهاد الجزئي أو لا يقبل؟ الصحيح أنه -يعني- يقبل الاجتهاد الجزئي، بمعنى لو أن إنسانا مثلا تعمق في مسألة فقهية معينة مثلا، كزكاة الحلي مثلا وجوبها، فبحثها بحثا دقيقا ممحصا، وضبط الأصول وفروعها، والأحاديث الواردة وصححها، وحكم عليها من باب الصحة ومن باب الضعف... وتوصل إلى رأي معين، ففي هذه الحال نقول: هو مجتهد في هذه المسألة، وغيرها من المسائل، إذا الإنسان -يعني- سبر وسعه، وبذل جهده في الوصول إلى الحق في مسألة معينة، وكان عنده آلة الاجتهاد في هذه الحال يكون مجتهدا، الاجتهاد العام، الاجتهاد الكاملة، في هذه الحال نقول: إنه مجتهد في هذه المسألة.
بقي معنا من يسأل المستفتي، إذا تعدد المفتون؟ من يسأل المستفتي؟ نعم يا شيخ
-....
من يغلب على ظنه أنه أورع وأعلم، في هذه الحال هو الذي يسأله المستفتي، وفي هذه الحال يلزمه قبول فتواه، ولا يحل له أن يسأل فلانا؛ لأنه حسبه -يعني ما غلب على ظنه- على ورع، ثم يذهب إلى مفتي آخر، لا، بل يلزمه قبول ما قاله هذا المفتي؛ لقوله تعالى: { } - ( قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - تمت ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - جل جلاله -( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - (( - - (((( } (1)
طيب هل يكرر السؤال؟ هل يشرع تكرار السؤال مثلا بالنسبة لغيره؟ لا بد من التفصيل في هذا تكرار السؤال:
__________
(1) - سورة النحل آية : 43.(1/231)
إن كان والله على سبيل طلب العلم فهذا جائز، إن كان في طلب العلم، يعني: إنسان مثلا قابل بعض أهل العلم فسأله عن مسألة، ثم أتيح له أن يقابل شخصا آخر مثلا من أهل العلم فسأله عن نفس المسألة، هذا جائز، ولو سأل مثلا عشرة عشرين مثلا من أهل العلم؛ لأجل أن يستفيد منهم مثلا، ليعرف رأي فلان ودليله، ليعرف رأي فلان ودليله يستفيد علما، هذا لا حرج فيه إن شاء الله.
لكن إذا كان من باب الفتيا، يعني: لواقعة أو نازلة واقع فيها ليعرف حكمها ويعمل به، لا، يسأل واحد ما يغلب على ظنه أنه أعلم وأورع، يسأله ويكتفي به ويلزمه قبول قوله.
طيب، هل يكره السؤال مثلا عن الشيء الذي لم يقع من الأحكام التكليفية مثلا، الشيء الذي لم يقع؟ معروف أن العلماء -رحمهم الله- أحيانا يفرضون مسائل قد تكن لم تقع، يفرضونها فرضا يعني، فما حكم مثلا السؤال عن الشيء الذي لم يقع؟ قال نعم، تقول شيء يا شيخ؟
-....
إذا كان يطلب العلم جائز، إذا كان مستفتي طيب المستفتي ما يعني المستفتي، لا بد أن يسأل عن نازلة واقع فيها، هذا المستفتي، فما يرد معنا المستفتي معناه يسأل عن نازلة واقع فيها، لكن طالب العلم هل يسأل عن شيء لم يقع مثلا؟ ما بعد وقع، هل يسأل عنه؟ قال العلماء: إنه إن كان الشيء محقق الوقوع، أنه سيقع في المستقبل، وإن كان لم يقع الآن، لكن محقق الوقوع فهذا يشرع السؤال عنه، وإن كان لا والله غير محقق الوقوع فهذا لا ينبغي السؤال عنه، بل يدخل في حديث النهي عن كثرة السؤال: - نهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. -(1/232)
فالأحاديث والآثار الناهية عن كثرة السؤال، معنى السؤال عن الشيء الذي لم يقع، لكن إذا كان الشيء محقق الوقوع، ففي هذه الحال يشرع للإنسان، كما في صحيح مسلم في قصة الدجال لما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - - إنه له -يعني- يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا - اللي هو أربعون يوما، - فقال الصحابة -رضي الله عنهم-: يا رسول الله اليوم الذي كسنة أتجزئنا فيه صلاة يوم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اقدروا له قدره. -
فهذا سؤال عن شيء لم يقع في وقتهم، لكنه محقق الوقوع، ففهم العلماء منها -يعني- قاعدة على أن الشيء إذا كان محقق الوقوع يشرع السؤال، وإذا كان غير محقق الوقوع لا ما ينبغي السؤال عنه، نعم يا شيخ.
شروط المستفتي
من شروط المستفتي أن يكون من أهل التقليد
ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد، فيقلد المفتي في الفتيا، فإن لم يكن الشخص من أهل التقليد، بأن كان من أهل الاجتهاد فليس له أن يستفتي كما قال.
المستفتي هو السائل عن حكم شرعي، نعم يا شيخ.
فيقلد المفتي في الفتيا، فإن لم يكن الشخص من أهل التقليد، بأن كان من أهل الاجتهاد فليس له أن يستفتي كما قال.(1/233)
يعني المستفتي لا بد أن يكون من أهل التقليد ليس مجتهدا؛ لأن المجتهد يعني: فرضه أن يستنبط الحكم بنفسه، فالتقليد إنما أجيز في حال الحاجة: { } - ( قرآن كريم ( - - رضي الله عنه -(( - - ( - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - } (1) مقيد: { تمت ( { ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - جل جلاله -( - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - - - (( - - (((( } (2) فدل على أن الإنسان إذا علم الحكم، إذا استطاع أن يعرف الحكم من نفسه هذا هو الواجب عليه، فإذا كان مجتهدا قادرا على الوصول للحكم بنفسه لا يشرع له التقليد، نعم، فإن لم يكن الشخص...
فإن لم يكن الشخص من أهل التقليد بأن كان من أهل الاجتهاد، فليس له أن يستفتي كما قال، وليس للعالِم -أي المجتهد- أن يقلد لتمكنه من الاجتهاد.
نعم، فما دام أنه متمكن من الاجتهاد ليس له أن يقلد عالما آخر، لكن لو ضاق الوقت بالنسبة للمجتهد، يعني: ضاق الوقت وهو في نازلة لا يستطيع فيها معرفة الحكم في الحاضر، والوقت ضيق بالنسبة إليه، يقولون: يجوز له ولو كان مجتهدا، يجوز له في هذه الحال أن يقلد مجتهدا آخر يسأله، ويكون في هذه الحال مستفتيا ويستفتي، وإن كان مجتهدا، لكن لضيق الوقت مثلا والنازلة لا تحتمل التأجيل، جاز له أن يستفتي مجتهدا آخر، نعم يا شيخ.
تعريف التقليد
والتقليد قبول قول القائل بلا حجة يذكرها، فعلى هذا قبول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يذكره من الأحكام يسمى تقليدا، ومنهم من قال: التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله، أي: لا تعلم مأخذه في ذلك، فإن قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بالقياس بأن يجتهد، فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليدا؛ لاحتمال أن يكون عن اجتهاد.
__________
(1) - سورة النحل آية : 43.
(2) - سورة النحل آية : 43.(1/234)
التعريف الثاني حتى لا يشمل النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يكون الترتيب على نظير التقليد، فأتى بالتعريف الثاني، أو نقول: هو اتباع قول الغير، التقليد: اتباع قول الغير من غير معرفة دليله، نعم، ومنهم من قال..
ومنهم من قال: التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله، أي: لا تعلم مأخذه في ذلك، فإن قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بالقياس بأن يجتهد، فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليدا؛ لاحتمال أن يكون عن اجتهاد.
يعني يدخل في القول حتى على التعريف الثاني، يعني: ما اجتهد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاله، على التعريف الثاني يكون قبول قوله تقليدا على التعريف الثاني، فيقول: فإن إن قلنا النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بالقياس.. نعم يا شيخ.
فإن قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بالقياس بأن يجتهد، فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليدا؛ لاحتمال أن يكون عن اجتهاد، وإن قلنا: إنه لا يجتهد، وإنما يقول عن وحي: { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - عليه السلام - قرآن كريم - - ( - - - ((( ( تمت ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صدق الله العظيم ( { (((- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - قرآن كريم ( - ((( } (1).
__________
(1) - سورة النجم آية : 3-4.(1/235)
وبعضهم عرف التقليد بقوله: اتباع من ليس قوله حجة حتى يخرج اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباع من ليس قوله حجة، فإن المجتهدين ليس قولهم حجة، لكنه يعني بناء على ما يعني على ما عنده من أدلة، لكن قولهم في حد ذاته ليس حجة، فإن التعريف الأولى اتباع من ليس قوله حجة؛ لأنه لا ينبغي حقيقة أن يسمى اتباع النبي، يعتبر القول يسمى تقليدا، بل لا بد من التفريق -يعني- التقليد قبول قول المجتهد، وقبول قوله - صلى الله عليه وسلم - تصديق بالنبوة أو تأسٍّ مثلا، نعم.
الاجتهاد
تعريف الاجتهاد
وإن قلنا: إنه لا يجتهد، وإنما يكون عن وحي: { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - (( - - رضي الله عنه - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - عليه السلام - قرآن كريم - - ( - - - ((( ( تمت ( { - عليه السلام - قرآن كريم ( - - صدق الله العظيم ( { (((- صلى الله عليه وسلم -- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (- رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - قرآن كريم ( - ((( } (1) فلا يسمى قبول قوله تقليدا؛ لاستناده إلى الوحي، وأما الاجتهاد: بذل الوسع في بلوغ الغرض والمقصود من العلم ليحصل له.
نعم، كأنه تعريف لغوي، الاجتهاد: بذل الوسع في بلوغ الغرض، لكن إذا عرفنا الاجتهاد المقصود به شرعا نقول: هو بذل الوسع في النظر في الأدلة الشرعية، باستنباط الأحكام منها، أو نقول مثلا: الاجتهاد بذل الفقيه الوسع؛ لإدراك حكم شرعي، كلا الأمرين صحيح.
أجر المجتهد
وأما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض المقصود من العلم؛ ليحصل له، والمجتهد وإن كان كامل الآلة في الاجتهاد -كما تقدم- فإن اجتهد في الفروع وأصاب فله أجران على اجتهاده وإصابته، وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده، وسيأتي دليل ذلك، ومنهم من قال: كل مجتهد...
__________
(1) - سورة النجم آية : 3-4.(1/236)
إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد، لكن أهم شيء أن يكون -يعني- بذل وسعه بذل وجهده واستفرغ وسعه في الوصول للحق.
ومنهم من قال: كل مجتهد...
ولاحظوا القيد: والمجتهد إن كان كامل الآلة في الاجتهاد، أنه إذا توفر له أدوات الاجتهاد عندئذ، لكن إذا كان غير متوفر له فاجتهد، فهذا قد -يعني- قد يدخل في دائرة الإثم إذا أراد أن يجتهد وهو غير مؤهل.
هل الحق واحد أم متعدد
وإن اجتهد فيها وأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده، وسيأتي دليل ذلك، ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، بناء على أن حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده ما أدى إليه اجتهاده.
لا، هذا غير صحيح، الصواب أن الحق واحد، وليس كل مجتهد مصيبا، لا، الحق واحد، وحديث: - إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران - الدلالة على أنها نسبة الإصابة للمجتهد كما أنه ينسب إليه الخطأ، فدل على أنه يخطئ ويصيب، لكن على القول أن كل مجتهد مصيب، لا، وهذا دليل على مسألة: هل الحق -يعني- واحد أو متعدد؟ لا، الحق واحد ليس متعددا الحق، نعم، ومنهم من قال...
الاجتهاد في الأصول الكلامية
ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، بناء على أن حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده ما أدى إليه اجتهاده، ولا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية أي: العقائد مصيب.
نعم هذا لا يجوز أبدا بأي حال من الأحوال، هذا بإجماع المسلمين، نعم.
ما يترتب على القول بأن كل مجتهد مصيب
لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى في قولهم بالتثليث، والمجوس في قولهم بالأصلين للعالم.
إذا قلنا: كل مجتهد مصيب، دخل الكفار، ويقولون: نحن مجتهدون، لا، هذا ما يجوز بأي حال، هذا بإجماع المسلمين أن هذا لا يصح، نعم.
والمجوس في قولهم بالأصلين للعالم: النور والظلمة، والكفار..
المجوس يقولون الظلمة إله الشر، والنور إله الخير، وجعلوا للوجود خالقين: الظلمة والنور، وفي ذلك يقول الشاعر المتنبي:(1/237)
وكم لظلام الليل عندك من يدٍ ... تحدث أن المانوية تكذب
والمانوية هم مجوس، نعم.
والكفار في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل والمعاد في الآخرة، والملحدين في نفيهم صفاته تعالى كالكلام وخلقه أفعال العباد، وكونه مرئيا في الآخرة وغير ذلك.
هذا كلام المؤلف، وهذا غير صحيح في كلامه، يعني: جعل أن من الإلحاد إثبات الله.. يعني نفي صفات الله، القول بخلقه أفعال العباد، ونفي الرؤية، لا، ما يجوز هذا، نعم لا شك أن نفي صفة الكلام من الإلحاد في صفات الله، نفي صفة الكلام، نحن نثبت لله -سبحانه وتعالى- كلاما، أهل السنة خلفا وسلفا يثبتون لله -سبحانه وتعالى- الكلام، وأنه يتكلم كما يليق بجلاله -سبحانه وتعالى- ولا يقولون كما يقول المعتزلة: إن الكلام مخلوق، ولا كما يقول الأشاعرة: إنه معنى قائما في النفس لا، بل يثبتون الكلام حقيقة، وأنه يتكلم حقيقة، لكن بكلام يليق بجلاله -سبحانه وتعالى-.
ومسألة -يعني- خلق أفعال العباد، هذه بدع الجبرية والقدرية، الجبرية يقولون: إن العباد مجبرون -يعني- على أفعالهم، وإنهم -يعني- كالسعفة في مهب الريح، وكالورقة في الهواء، ليس لهم -يعني- إرادة ولا مشيئة، هذا قول المجبرة، وهذا غير صحيح، والقدرية يقولون: بأن العباد يخلفون أفعالهم، وهذا غير صحيح، ولكن أهل السنة خلفا وسلفا يقولون: إن العباد فاعلين لأفعالهم حقيقة، وإنه بها يحصل الثواب والعقاب، وإن كانت هي داخلة تحت مشيئة الله وقدرته وخلقه للعباد ولأفعالهم، لكن الأفعال تنسب للعباد حقيقة، وبها يحصل الثواب والعقاب.(1/238)
فأهل السنة يأخذون من كل فرقة من المجبرة والقدرية، يأخذون منهم ما صح من قولهم، فقول مثلا المجبرة بأن العباد ليس لهم المشيئة لله -سبحانه وتعالى-، هذا صحيح، وأن الله خلق الكون كله بما فيه العباد، هذا صحيح، يؤخذ منهم هذا، وقول القدرية مثلا: إن العباد يخلقون إن ما أضيف إليهم.. إن العباد يخلقون... إن الأفعال هي فعل العباد حقيقة، هذا صحيح، فما عند هؤلاء من أدلة وما عند هؤلاء من أدلة يجمعان ويقال: إن العباد الأفعال تنسب إليهم حقيقة، وأنهم هم الفاعلون لها حقيقة، وأنه يحصل لها الثواب والعقاب، وإن كانت داخلة تحت مشيئة الله -سبحانه وتعالى-.
أما القدرية الذين يقولون مثلا بأن العباد يخلقون أفعالهم، ولهذا جاء وصف القدرية بأنهم مجوس هذه الأمة؛ لأنهم كأنهم أثبتوا خالقا غير الله -سبحانه وتعالى-، فكما أن المجوس عندهم -يعني- خالقان، المجوس عندهم خالقان، كذلك القدرية كأنهم -يعني- عندهم كأن عندهم خالقين.
نعم يا شيخ، أما مسألة الرؤية فهي ثابتة بالأحاديث الصحيحة، ورواها ثلاثون صحابيا، الرؤية -رؤية الله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة، وخالف في ذلك بعض المبتدعة، المعتزلة والأشاعرة.
نعم الشيخ
-...
نعم يا شيخ؟
-...
نعم يا شيخ؟
-...
لا
-...
يقصد يعني: أن مثل هؤلاء لا يوافق على كلامهم يقول: هو يقول مثلا: إن -يعني- من يرى الرؤية من يقول بالرؤية، ومن يقول بنفي خلق أفعال العباد، ومن ينفي صفة الكلام -هذه أوافق عليها- أن من ينفيها لا شك أنه مخطئ، من ينفي صفة الكلام، لكن مسألة خلق أفعال العباد ومسألة الرؤية يقول: إن من خالف فيها لا يوافق عليه فهو يرى -المؤلف هو- أن العباد لا يخلقون أفعالهم، ويرى عدم إثبات الرؤية، هذا رأيه، نعم من الأول يا شيخ.(1/239)
ولا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية، أي: العقائد، مصيب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى في قولهم بالتثليث، والمجوس في قولهم بالأصلين للعالم: النور والظلمة، والكفار في نفيهم التوحيد وبعثة الرسل والمعاد في الآخرة، والملحدين في نفيهم صفاته تعالى، كالكلام وخلقه أفعال العباد، وكونه مرئيا في الآخرة، وغير ذلك، ودليل من قال: ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا قوله - صلى الله عليه وسلم - - من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد - وجه الدليل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطّأ المجتهد تارة، وصوبه أخرى، والحديث رواه الشيخان ولفظ البخاري: - إذا اجتهد الحاكم فحكم فأصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجر - .
فدل على أن في الفروع يحصل الإصابة، ويحصل الخطأ، وأنه ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا.
خاتمة
تم الكتاب والحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، اللهم اغفر لنا وللمسلمين، وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة يوم الاثنين المبارك، التاسع شهر صفر الحرام من شهور سنة ألف ومائة وعشرين، من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
-...
نعم يا شيخ؟
-...
نعم يا شيخ؟
-...
والله ما ظهر لي يا شيخ هذه
-... إيه
-...
إيه
-...
-إذا كان هكذا فالحمد لله، إذا كان هكذا الحمد لله، إذا كان، إذا كان فالحمد لله -يعني- على.. لكن أنا يعني ظهر لي أنه مشى على طريقه الأشاعرة في نفي الرؤية، ومشى على في أيضا في كونهم مجبرين على أفعالهم، لكن إذا كان بهذا الشكل فالحمد لله، ويعني حمل الشيء على المحمل الطيب أحسن وأولى، نعم يا شيخ.
س: هذا أخ يسأل يقول: الرجاء توضيح الاستصحاب، الذي هو ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول.(1/240)
ج: نقول: الاستصحاب ثبوت أمر في الزمن الثاني لثبوته في الزمن الأول، فنقول مثلا: إن الدليل الشرعي مثلا جاء مثلا بحكم معين فنستصحب هذا الحكم، فيثبت هذا الحكم مثلا في الزمن الثاني بناء على ثبوته في الزمن الأول، ولا ننتقل عنه مثلا إلا بدليل إما مخصص، وإما ناسخ، وكذلك مثلا ثبوت الحكم مثلا، كثبوت الملك مثلا لفلان، في هذه الحال مثلا نقول: إن السيارة مثلا أو الشيء مثلا لفلان ولا ينتقل عنها عن ثبوت الملك له إلا مثلا بناقل، إما مثلا بيع أو هبة إذا ثبت ذلك، فإن لم يثبت فالأصل أنها باقية في ملكه.
س: هذا أخ يسأل يقول: لو فسرتم لنا شروط القياس، ومن هم الذين يقيسون؟ وهل أي أحد باستطاعته القياس إذا علم الأصول؟
ج: نقول: ليس لكل أحد باستطاعته القياس، بل القياس ما ينبغي للإنسان أنه يقيس إلا إذا كان مؤهلا، وكما قلنا من شروط القياس: أن يصدر من عالم مؤهل، فإذا لم يصدر من عالم مؤهل ففي هذه الحال يكون قياسه في غير محله، وشروط القياس: أولا تكون مسألة غير منصوص عليها، ولا بد من وجود الأركان، الأصل والفرع والعلة والجامع بينهما، ولكل -يعني- ركن من الأركان له شروط خاصة به.
س: يقول هذا السائل يقول: هل يجوز لي أن أسأل من لا أثق بعلمه، ولا تقنع النفس بفتواه، وإنما أريد أن أعرف رأيه في المسألة، ثم أوجه إلى ما أعلم من فتوى أهل العلم في هذه المسألة؟
ج: كونك مثلا تسأله من باب -يعني- إثارة موضوع المسألة، وعندك علم، وليس من باب الأخذ بفتواه؛ لأن قولك مثلا لا أثق بعمله، ولا تقنع النفس بفتواه، لا، أنت لا تسأله لا تسأله شيئا تعمل به، إذا كان مثلا بهذه الصفة لا تثق بعلمه ولا تقنع بفتواه، لكن إذا كنت تريد أن تعرف رأيه مثلا لتوجيه الوجهة المناسبة مثلا وبيان الحق له لا حرج في هذا.
س: الأخ يقول: ما الفرق بين العلة والحكمة؟(1/241)
ج: الحكمة قد يقال: هي -يعني- ما يرتب عليها الأمر، أو نقول هي الغرض الذي قصده الشارع مثلا من هذا الأمر، وهي تتلمس تلمسا الحكمة لم ينص الشارع عليها، لكن تلمس تلمسا الحكمة، مثلا، ويتضح هذا بالمثال فنقول مثلا: قصر المسافر في السفر، نقول: قصره مثلا العلة فيه السفر، والحكمة فيه المشقة.
س: هذا أخ يقول: هناك بعض الطلبة يستعجلون في إنزال الأحكام على بعض المسائل؛ اعتمادا على دراسته للأصول والقواعد الفقهية دراسة مختصرة دون النظر في بقية الأدلة وقواعد الشريعة؟
ج: لا ينبغي الاستعجال ولا يجوز الاستعجال؛ لكون الإنسان من أول إلماحة يقول الحكم الشرعي كذا وكذا، كما ورد التحذير عنه: { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( { - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - (( - - ( المحتويات ( تمهيد ( - - - جل جلاله -( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - ( - - - ( - - - - - - (- رضي الله عنهم - - ( - ( فهرس - - رضي الله عنهم - مقدمة - - - (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - مقدمة } (1) ما يجوز في هذه الحالة، بل لا بد من التروي والتثبت واستكمال آلة النظر في الأحكام الشرعية، لكن مباشرة من أول إلماحة يقول الحكم الشرعي، لا، ما يجوز في هذه الحالة.
س: يقول: ما السبيل إلى معرفة مجتهدي الأمة؟ وهل تسمون لنا بعض المجتهدين في العالم الإسلامي اليوم؟ وهل صحيح قول من قال: إنه لا وجود لهم في هذا العصر؟
__________
(1) - سورة النحل آية : 116.(1/242)
ج: والله التسمية -يعني- قد ما تبين للإنسان شيء لكن.. وأيضا كون الإنسان ما تبين له شيء لا يدل على أنهم غير موجودين، وعلم الإنسان محدود، لكن قد يوجد مثلا مجتهدين لا يُعلم عنهم مثلا، فهذا لا ينفي أنهم غير موجودين، وعلم الإنسان محدود: { - - ( قرآن كريم - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - ( - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - (( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ( - - رضي الله عنه -( (((( } (1).
س: هذا أخ يقول مثلا: هل مثلا ما دام أنك رددت أمثلة المؤلف في النقض وتخلف الحكم عن العلة، فهل تعطينا من أمثلة؟
ج: لا + مثال، لكن من التمثيل، لو قلنا مثلا بأن -كما ذكرت مثال: مسألة النبيذ والخمر، لوجدنا أن لو قلنا: إن العلة الإسكار فوجدنا الإسكار مثلا في شراب مثلا مسكر، وقد أباحه الشرع فيعتبر إباحة هذا الشراب المسكر نقضا لهذه العلة.
أكتفي بهذا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
__________
(1) - سورة يوسف آية : 76.(1/243)