وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ ، وَسِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ، وَلَهُ الْوَصْل بِتَشَهُّدٍ ، أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الثَّلاَثِ الأَْخِيرَةِ .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنْ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ فَالأَْفْضَل أَنْ يَسْرُدَهُنَّ سَرْدًا فَلاَ يَجْلِسُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لاَ يَجْلِسُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ فِى آخِرِهَا.(1).
وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " يُوتِرُ بِسَبْعٍ وَخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ ، وَلَا بِكَلَامٍ ".(2)
وَإِنْ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ فَالأَْفْضَل أَنْ يَسْرُدَ ثَمَانِيًا ، ثُمَّ يَجْلِسَ لِلتَّشَهُّدِ وَلاَ يُسَلِّمَ ، ثُمَّ يُصَلِّيَ التَّاسِعَةَ وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ ،وَيَجُوزُ فِي الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ وَالتِّسْعِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ .
وَإِنْ أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ فَالأَْفْضَل أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْرُدَ عَشْرًا ، ثُمَّ يَتَشَهَّدَ ، ثُمَّ يَقُومَ فَيَأْتِي بِالرَّكْعَةِ وَيُسَلِّمَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْرُدَ الإِْحْدَى عَشْرَةَ فَلاَ يَجْلِسُ وَلاَ يَتَشَهَّدُ إِلاَّ فِي آخِرِهَا(3).
__________
(1) - صحيح مسلم (1754 )
(2) - السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة (433) صحيح ونقل ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه أنه قال : هذا حديث منكر . كذا في علل الحديث ( 1 / 160 ) .!!
(3) نهاية المحتاج 2 / 108 ، 109 ، والإنصاف 2 / 168 ، 169 ، وكشاف القناع 1 / 417 .(2/222)
قلت : الصواب من القول صحة كل هذه الحالات ، لثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ولا يجوز النزاع في ذلك فسواء صليت موصولة أو مفصولة فالكلُّ صحيح ، والصلاة وراء المخالف صحيحة .
=================
الخامس
الرمي قبل الزوال
وهذا أيضا سبب حرجاً كبيرا للحجاج لكثرة الزحام ، وكثرة الوفيات ، فكان التيسير فيه لازماً .
الرَّمْيُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : وَهُمَا الْيَوْمَانِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ : يَجِبُ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلاَثِ عَلَى التَّرْتِيبِ : يَرْمِي أَوَّلاً الْجَمْرَةَ الصُّغْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ، ثُمَّ الْوُسْطَى ، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ، يَرْمِي كُل جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ .
1 - يَبْدَأُ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَال ، وَلاَ يَجُوزُ الرَّمْيُ فِيهِمَا قَبْل الزَّوَال عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ، وَمِنْهُمُ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ(1).
__________
(1) - بدائع الصنائع 2 / 137 - 138 والهداية وشرحها 2 / 183 ولم يذكرا غير هذه الرواية في اليوم الأول من أيام التشريق ، وقارن بشرح اللباب ص 158 - 159 ورد المحتار 2 / 253 - 254 ، وانظر الشرح الكبير 2 / 48 و50 ، وشرح الرسالة 1 / 480 ، والإيضاح ص 405 ، ونهاية المحتاج 2 / 433 ، ومغني المحتاج 1 / 507 ، والمغني 3 / 452 ، والفروع 3 / 518 .(2/223)
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الأَْفْضَل أَنْ يَرْمِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ - أَيْ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ - بَعْدَ الزَّوَال فَإِنْ رَمَى قَبْلَهُ جَازَ ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ(1).
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : إِنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يَتَعَجَّل فِي النَّفْرِ الأَْوَّل فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَرْمِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْل الزَّوَال ، وَإِنْ رَمَى بَعْدَهُ فَهُوَ أَفْضَل ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِهِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَرْمِيَ إِلاَّ بَعْدَ الزَّوَال ، وَذَلِكَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ ؛ لأَِنَّهُ إِذَا نَفَرَ بَعْدَ الزَّوَال لاَ يَصِل إِلَى مَكَّةَ إِلاَّ بِاللَّيْل فَيَحْرَجُ فِي تَحْصِيل مَوْضِعِ النُّزُول(2).
وَهَذَا رِوَايَةٌ أَيْضًا عَنْ أَحْمَدَ ، لَكِنَّهُ قَال : يَنْفِرُ بَعْدَ الزَّوَال(3).
اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِفِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ .
فَعَنِ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَتَى أَرْمِى الْجِمَارَ ؟ قَالَ : إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ . فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَيَّنُ ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا(4).
__________
(1) - الهداية وشرحها 2 / 184 ، والبدائع 2 / 137 - 138 ، وشرح اللباب ص 158 - 161 وفيه وفي التعليق عليه تحقيق مطول حول هذه الرواية ، وانظر النقل عن بعض الحنابلة في الفروع 3 / 518 .
(2) - المراجع السابقة في الفقه الحنفي .
(3) - الفروع 3 / 518 - 520 .
(4) - صحيح البخارى برقم (1746 )(2/224)
وَعَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - مَتَى أَرْمِى الْجِمَارَ ؟ قَالَ : إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ . فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ ، قَالَ كُنَّا نَتَحَيَّنُ ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا .(1).
وَهَذَا بَابٌ لاَ يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ ، بَل بِالتَّوْقِيتِ مِنَ الشَّارِعِ ، فَلاَ يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُ .
وَاسْتُدِل لِلرِّوَايَةِ بِجَوَازِ الرَّمْيِ قَبْل الزَّوَال بِقِيَاسِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ ؛ لأَِنَّ الْكُل أَيَّامُ نَحْرٍ ، وَيَكُونُ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُولاً عَلَى السُّنِّيَّةِ .
وَاسْتُدِل لِجَوَازِ الرَّمْيِ ثَانِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْل الزَّوَال لِمَنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ النَّفْرُ إِلَى مَكَّةَ بِمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ لِرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَصِل إِلاَّ بِاللَّيْل ، وَقَدْ قَوَّى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ .
وَالأَْخْذُ بِهَذَا مُنَاسِبٌ لِمَنْ خَشِيَ الزِّحَامَ وَدَعَتْهُ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ ، لاَ سِيَّمَا فِي زَمَنِنَا(2).
__________
(1) -صحيح البخارى برقم (1746 )
ومسلم برقم (3201 )عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَمَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ.
(2) - الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 23 / ص 158) وقال في البحر العميق : " فهو قول مختار يعمل به بلا ريب ، وعليه عمل الناس ، وبه جزم بعض الشافعية حتى زعم الأسنوي أنه المذهب " . كذا في إرشاد الساري إلى مناسك الملا علي قاري ص 161 .(2/225)
وقال الكاساني: .. وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ قَبْلَ الرَّمْيِ ، وَيَتْرُكَ الرَّمْيَ فِي هَذَا الْيَوْمِ رَأْسًا فَإِذَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الرَّمْيِ أَصْلًا فَلَأَنْ يَجُوزَ لَهُ الرَّمْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ."(1)
وفي فتاوى الأزهر - (ج 9 / ص 303) وهناك رأي لعطاء بن أبى رباح وطاووس بن كيسان بجواز الرمي قبل الزوال في الأيام كلها ، ويمكن الأخذ بهذا الرأي عند الحاجة ، كشدة الزحام "
وفي فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 60 / ص 58) وقد روي عن الإمام أحمد جواز الرمي قبل الزوال يوم النفر، كما ذكره في المغني والإنصاف و غيرهما، و لعل ذلك يجوز في هذه الأزمنة لأجل الزحام الشديد الذي قد أودى بحياة بشر كثير."
وفي كتاب حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال- (ج 3 / ص 117):"وقال أبو حنيفة إذا رمى منكسا أعاد فإن لم يفعل فلا شيء عليه، وقال: يجوز الرمي في اليوم الثالث قبل الزوال استحسانا ،وروى الحاكم أنه يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الأول والثاني أيضا والأول أشهر ".
وفي فتاوى الشبكة الإسلامية(2): " إن كان رمي الجمرات قبل الزوال خشية زحام شديد متيقن أو غالب الظن فلا مانع من ذلك للضرورة ،وإن لم يكن الزحام شديداً بل كان زحاماً يمكن تحمله، فلا يجزئ عنه ذلك الرمي، وعليه أن يرمي بعد الزوال ."(3)
قلت : وهذا الذي أفتى به علماء المملكة اليوم ، وهو الأرفق بالناس ، والله أعلم .
- - - - - - - - - - - - - - -
الفصل الثامن
__________
(1) - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - (ج 4 / ص 427)
(2) - وفي فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 6 / ص 384) : مذاهب العلماء في رمي الجمرات قبل الزوال رقم الفتوى:15820 و(ج 23 / ص 27) رقم الفتوى:34536 و(ج 39 / ص 382)
(3) - وانظر المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة - (ج 2 / ص 707) وتحفة المحتاج في شرح المنهاج - (ج 15 / ص 356) والإنصاف - (ج 6 / ص 412)(2/226)
أدب الحوار بين المختلفين(1)
الحوار جائز في الإسلام متى كانت المصلحة المتوقعة منه أعظم من المفسدة المترتبة عليه، ومتى ثبت أن نفعه أكثر من ضرره، وقد عني القرآن الكريم عناية بالغة بالحوار، وذلك أمر لا غرابة فيه أبدًا، فالحوار هو الطريق الأمثل للاقتناع الذي ينبع من أعماق صاحبه، والاقتناع هو أساس الإيمان الذي لا يمكن أن يُفرض فرضًا، وإنما ينبع من داخل الإنسان.(2)
المبحث الأول
إحسان الظن بالآخرين:
ومن المبادئ الأخلاقية المهمة في التعامل بين الإسلاميين مع بعضهم البعض: إحسان الظن بالآخرين، وخلع المنظار الأسود، عند النظر إلى أعمالهم ومواقفهم فلا ينبغي أن يكون سلوك المؤمن واتجاهه قائما على تزكية نفسه، واتهام غيره..
والله تعالى ينهانا أن نزكي أنفسنا، فيقول: { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (32) سورة النجم.
ويذم اليهود الذين زكوا أنفسهم وقالوا: إنهم أبناء الله وأحباؤه، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} (49) سورة النساء.
والمؤمن ـ كما قال بعض السلف ـ أشد حسابا لنفسه من سلطان غاشم، ومن شريك شحيح!
فهو أبدا متهم لنفسه لا يتسامح معها، ولا يسوغ لها خطأها، يغلب عليه شعور التفريط في جنب الله، والتقصير في حقوق عباد الله.
وهو يعمل الخير، ويجتهد في الطاعة، ويقول: أخشى أن لا يقبل مني. فإنما يتقبل الله من المتقين، وما يدريني أني منهم؟!
__________
(1) - الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم - (ج 1 / ص 126)
(2) - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - (ج 2 / ص 21886)(2/227)
وهو في الجانب المقابل يلتمس المعاذير لخلق الله، وخصوصا لإخوانه والعاملين معه لنصرة دين الله، فهو يقول ما قال بعض السلف الصالح: ألتمس لأخي من عذر إلى سبعين، ثم أقول: لعل له عذرا آخر لا أعرفه!
وإن من أعظم شعب الإيمان حسن الظن بالله، وحسن الظن بالناس، وفي مقابلهما: سوء الظن بالله، وسوء الظن بعباد الله.
إن سوء الظن من خصال الشر التي حذر منها القرآن والسُّنَّة، فالأصل حمل المسلم على الصلاح، وأن لا تظن به إلا خيرا، وأن تحمل ما يصدر منه على أحسن الوجوه، وإن بدا ضعفها، تغليبا لجانب الخير على جانب الشر.
والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (12) سورة الحجرات، والمراد به: ظن السوء الذي لم يقم عليه دليل حاسم.
وعَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: « إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا إِخْوَانًا »(1).
والمفروض في المسلم إذا سمع شرا عن أخيه أن يطرد عن نفسه تصور أي سوء عنه، وأن لا يظن به إلا خيرا، كما قال تعالى في سياق حديث الإفك: { لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} (12) سورة النور.
وما أصدق ما قاله الشاعر هنا:
تأن ولا تعجل بلومك صاحبا لعل له عذرا وأنت تلوم!
__________
(1) - صحيح البخارى(5143)(2/228)
ومن أجل هذا يعجب المرء غاية العجب، ويتألم كل الألم، إذا وجد بعض العاملين للإسلام يتهم بعضهم بالعمالة أو الخيانة، جريا وراء العلمانيين وأعداء الإسلام فيقول أحدهم عن الآخر: هذا عميل للغرب أو للشرق أو للنظام الفلاني، لمجرد أنه خالفه في رأي أو في موقف، أو في اتخاذ وسيلة للعمل مخالفة له، ومثل هذا لا يجوز بحال لمن فقه عن الله ورسوله.
المبحث الثاني
ترك الطعن والتجريح للمخالفين:
ومن أسباب التواصل والتقارب: ترك الطعن والتجريح للمخالف، والتماس العذر له، وإن كان مخطئا في ظنك.
وذلك لأنه قد يكون مصيبا وأنت المخطئ، إذ لا يقين في الاجتهادات بصواب أحد القولين، كل ما تملك في هذا المجال هو الترجيح، والترجيح لا يعني القطع واليقين.
كما أن المخطئ في هذه القضايا لا يجوز الطعن عليه بحال، لأنه معذور في خطئه، بل مأجور عليه بنص الحديث النبوي الشريف.
فكيف يجرح أن يطعن عليه في أمر هو مأجور عليه من الله تعالى، وإن كان أجرا واحدا غير مضاعف، ولكن يكفي أنه مثاب ومأجور غير مأزور؟
وهذا هو نهج السلف في اختلافهم في الاجتهاد، فلم يجرح بعضهم بعضا، بل أثنى بعضهم على بعض برغم ما اختلفوا فيه.
نموذج من أدب كبار العلماء مع مخالفيهم:(2/229)
ولعل من أفضل وأحسن أمثلة أدب الاختلاف: تلك الرسالة العلمية الرائعة، التي بعث بها فقيه مصر وإمامها وعالمها الليث بن سعد إلى الإمام مالك، يعرض عليه فيها وجهة نظره في أدب جم رفيع، حول كثير مما كان الإمام مالك يذهب إليه، ويخالفه فيه الليث بن سعد، ونظرا لطول الرسالة نقتطف منها ما يشير إلى ذلك الأدب الرفيع، الذي اختلف في ظله سلف هذه الأمة، وكرام علمائها، يقول الليث بن سعد: (... سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: عافانا الله وإياك، وأحسن لنا العاقبة في الدنيا والآخرة، قد بلغني كتابك تذكر فيه من صلاح حالكم الذي يسرني، فأدام الله ذلك لكم، وأتمه بالعون على شكره، والزيادة من إحسانه.. ثم يقول: وأنه بلغك أني أفتي الناس بأشياء مخالفة لما عليه الناس عندكم، وأني يحق علي الخوف على نفسي لاعتماد من قبلي على ما أفتيهم به، وأن الناس تبع لأهل المدينة التي كانت إليها الهجرة، وبها نزل القرآن، وقد أصبت بالذي كتبت به من ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ ووقع مني بالموقع الذي تحب، وما أجد أحدا ينسب إليه العلم أكره لشواذ الفتيا، ولا أشد تفضيلا لعلماء أهل المدينة الذين مضوا، ولا آخذ لفتياهم فيما اتفقوا عليه مني، والحمد لله رب العالمين لا شريك له).(2/230)
ثم يمضي الإمام الليث بن سعد في رسالته موردا أوجه الاختلاف بينه وبين الإمام مالك رحمهما الله تعالى حول حجية عمل أهل المدينة مبينا أن كثيرا من السابقين الأولين الذين تخرجوا في مدرسة النبوة حملوا إلى مشارق الأرض ومغاربها، وهم يجاهدون، ما تعلموه من كتاب الله وسنة نبيه، وبين أن التابعين قد اختلفوا في أشياء وكذلك من أتى بعدهم من أمثال: ربيعة بن أبي عبد الرحمن حيث يذكر بعض مآخذه عليه، ثم يقول: (ومع ذلك ـ بحمد الله ـ عند ربيعة خير كثير، وعقل أصيل، ولسان بليغ، وفضل مستبين، وطريقة حسنة في الإسلام ومودة صادقة لإخوانه عامة، ولنا خاصة، رحمه الله وغفر له وجزاه بأحسن ما عمله)، ثم يذكر من أمثلة الاختلاف بينه وبين الإمام مالك قضايا عديدة مثل: الجمع ليلة المطر ـ والقضاء بشاهد ويمين ـ ومؤخر الصداق لا يقبض إلا عند الفراق ـ وتقديم الصلاة على الخطبة في الاستسقاء.. وقضايا خلافية أخرى، ثم قال في نهاية الرسالة: (وقد تركت أشياء كثيرة من أشباه هذا، وأنا أحب توفيق الله إياك، وطول بقائك، لما أرجو للناس في ذلك من المنفعة، وما أخاف من الضيعة إذا ذهب مثلك، مع استئناسي بمكانك وإن نأت الدار، فهذه منزلتك عندي، ورأيي فيك، فاستيقنه، ولا تترك الكتاب إلي بخبرك وحالك وحال ولدك وأهلك، وحاجة إن كانت لك، أو لأحد يوصل بك، فإني أسر بذلك، كتبت إليك ونحن صالحون معافون والحمد لله، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر ما أولانا، وتمام ما أنعم به علينا، والسلام عليكم ورحمة الله)(1).
وإن من المؤسف اليوم أن نجد من بين المشتغلين بالدعوة إلى الإسلام من يشهر سيف الذم والتجريح لكل من يخالفه، متهما إياه بقلة الدين، أو باتباع الهوى أو بالابتداع والانحراف، أو بالنفاق، وربما بالكفر!
__________
(1) - إعلام الموقعين - (ج 3 / ص 88)(2/231)
وكثير من هؤلاء لا يقتصرون في الحكم على الظواهر، بل يتهمون النيات والسرائر، التي لا يعلم حقيقة ما فيها إلا الله سبحانه، كأنما شقوا عن قلوب العباد واطلعوا على دخائلها!
ولم يكد يسلم من ألسنة هؤلاء أحد من القدامى، أو المحدثين، أو المعاصرين ممن لا يقول بقولهم في قضايا معينة، حتى وجدنا من يسب بعض الأئمة الأربعة في الفقه، ومن يسب بعض أئمة السلوك والزهد.
وهذه من المزالق التي يتورط فيها كثير من المنتسبين إلى التيار الديني: الطعن والتجريح، فيمن يخالف وجهتهم، أو مذهبهم في الاعتقاد أو الفقه أو السلوك.
فتجد بعض المنتمين إلى مذهب يطعنون في المذهب الآخر وإمامه.
ومن ينتمون إلى الحديث أو السلف يطعنون في الفقهاء كالأئمة الأربعة وكبار أتباعهم ممن لا يشك أحد في علمهم واجتهادهم ودينهم وورعهم.
أو يطعنون في كبار الصوفية الذين أثنى عليهم الربانيون والعلماء المحققون من خيار الأمة، وربما طعنوا في الصوفية جميعا.
وكذلك قد يطعنون في كبار علماء الأشاعرة ويجرحونهم تجريحا منكرا، وهم من لهم منزلة وفضلا في الذب عن هذا الدين، وعن الكتاب والسُّنَّة.
وانظر إلى موقف الإمام ابن القيم من شيخ الإسلام الهروي الأنصاري صاحب كتاب (منازل السائرين إلى مقامات "إياك نعبد وإياك نستعين") الذي شرحه ابن القيم بكتابه (مدارج السالكين) فكثيرا ما خالف الشارح (صاحب المدارج) المؤلف (صاحب المنازل) وبين خطأه فيما ذهب إليه، وذلك حين لا يجد أي مجال لتأويل كلامه وحمله على أحسن الوجوه الممكنة، ومع ذلك يلتمس له العذر بعد العذر، ويثني عليه وعلى علمه وفضله ومنزلته.
خذ مثلا لذلك ما قاله الهروي في حقائق التوبة، حيث جعل منها (طلب أعذار الخليقة) على نحو ما يقوله كثير من الصوفية أن من نظر إلى الخلق بعين الحقيقة عذرهم، على حين أن من نظر إليهم بعين الشريعة لامهم.(2/232)
وقد بين ابن القيم أنه لا وجه لعذر العصاة بالقدر، وليس عذرهم من التوبة في شيء، فلا هم معذورون، ولا طلب عذرهم من حقائق التوبة.
قال: لا سيما أنه يدخل في هذا عذر عباد الأصنام والأوثان، وقتلة الأنبياء وفرعون وهامان، ونمرود بن كنعان، وأبي جهل وأصحابه، وكل كافر وظالم، ومتعد حدود الله، ومنتهك محارم الله، فإنهم كلهم تحت القدر، وهم من الخليقة أفيكون عذر هؤلاء من حقيقة التوبة؟
ثم يقول ابن القيم: ولا توجب هذه الزلة من شيخ الإسلام إهدار محاسنه وإساءة الظن به، فمحله من العلم والإمامة والمعرفة والتقدم في طريق السلوك المحل الذي لا يجهل. وكل أحد فمأخوذ من قوله ومترك إلا المعصوم، صلوات الله وسلامه عليه. والكامل من عد خطؤه. ولا سيما في مثل هذا المجال الضنك، والمعترك الصعب، الذي زلت فيه أقدام. وضلت فيه أفهام. وافترقت بالسالكين فيه الطرقات، وأشرفوا ـ إلا أقلهم ـ على أودية الهلكات.
ومن الخطأ الذي يقع فيه بعض المتدينين: أنهم لا يسمحون للشخص الذي يثقون بمنزلته في العلم أو في الدين، بأي زلة تزلها قدمه في الفكر أو في السلوك، وتراهم بمنزلة واحدة يهدمون جهاد إنسان وجهوده طوال عمره، ويهيلون التراب على تاريخه كله.
المبخث الثالث
البعد عن المراء واللدد في الخصومة :
وعامل آخر يقرب بين أصحاب الرأي المختلف، وهو: البعد عن المراء المذموم واللدد في الخصومة.
فالإسلام ـ وإن أمر بالجدال بالتي هي أحسن ـ ذم المراء، الذي يراد منه الغلبة على الخصم بأي طريق، دون التزام بمنطق ولا خضوع لميزان بين الطرفين.
وهذا ما ذم الله به الممارين من أهل الشرك والكفر، بمثل قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) [الحج/8-9]).(2/233)
ومن هنا جاء في الحديث ذم المراء، والترغيب في البعد عنه.
فعَن أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِى أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَن حَسَّنَ خُلُقَهُ »(1).
وعَن أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ ». ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الآيَةَ {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَل هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (58) سورة الزخرف(2).
وهذا أمر ملاحظ: أن القوم إذا حرموا التوفيق، تركوا العمل، وغرقوا في الجدل، وبخاصة أن هذا موافق لطبيعة الإنسان التي لم يهذبها الإيمان {ووَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (54) سورة الكهف.
ونحن نشاهد على الساحة الإسلامية أناسا لا هم لهم إلا الجدل في كل شيء وليس لديهم أدنى استعداد لأن يعدلوا عن أي رأي من آرائهم، وإنما يريدون للآخرين أن يتبعوهم فيما يقولون. فهم على حق دائما، وغيرهم على باطل أبدا. منهم من يجادل في كلمات أعطاها اصطلاحا خاصا، خالفه فيه غيره، ويريد أن يلزم الآخرين برأيه، مع أن علماءنا قالوا: لا مشاحة في الاصطلاح.
ومنهم من يذم التعصب للمذاهب، وهو يقيم مذهبا جديدا، يقاتل الآخرين عليه!
ومن يحرم التقليد ويطلب من الناس أن يقلدوه! أو يمنع تقليد القدامى وهو يقلد بعض المعاصرين!
المبحث الرابع
الحوار بالتي هي أحسن :
__________
(1) - سنن أبى داود(4802 ) صحيح لغيره -الربض : حوالى الجنة وأطرافها
(2) - سنن الترمذى(3562 ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ(2/234)
ومن الدعائم الأساسية في أدب الاختلاف: الحوار بالحسنى، وإذا استخدمنا التعبير القرآني قلنا: الجدال بالتي هي أحسن، وهو ما أمر الله تعالى به في كتابه حين قال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
وهنا نجد تفرقة في التعبير بين المطلوب في الموعظة والمطلوب في الجدال. ففي الموعظة اكتفى بأن تكون حسنة، أما في الجدال فلم يرض إلا أن يكون بالتي هي أحسن، بمعنى أنه إذا كان هناك أسلوبان، أو طريقتان إحداهما حسنة، والأخرى أحسن منها وأفضل، فالمأمور به أن نتبع التي هي أحسن.
وسر ذلك: أن الموعظة ترجع ـ عادة ـ إلى الموافقين الملتزمين بالمبدأ والفكرة، فهم لا يحتاجون إلا إلى موعظة تذكرهم، وترقق قلوبهم وتجلو صدأهم، وتقوي عزائمهم، على حين يوجه الجدال ـ عادة ـ إلى المخالفين، الذين قد يدفع الخلاف معهم إلى شيء من القسوة في التعبير، أو الخشونة في التعامل، أو العنف في الجدل، فكان من الحكمة أن يطلب القرآن اتخاذ أحسن الطرائق وأمثلها للجدال أو الحوار، حتى يؤتي أكله.
ومن هذه الطرائق أو الأساليب أن يختار المجادل أرق التعبيرات وألطفها في مخاطبة الطرف الآخر.
إن بعض المتحاورين في مسائل العلم والدين، يخيل إليك أنهم يتقاتلون لا أنهم يتجادلون، وإن الذي في إيمانهم ليس قلما يقطر مدادا أسود بل سيفا يقطر دما أحمر.
وكان الأولى أن يغلب الجو العلمي بهدوئه ورزانته على الجو الانفعالي بشدته وسخونته، وأن تهب الكلمات من الجانبين نسائم تنعش، لا أعاصير تدمر.
إن الكلمة العنيفة لا لزوم لها، ولا ثمرة تجتني من ورائها، إلا أنها تجرح المشاعر، وتغير مودة القلوب، وإن قال شوقي: اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.(2/235)
ولكن هذا إنما يكون في الاختلاف الملتزم بآداب الحوار وموضوعيته، والبعد عن الإثارة والتهييج، أما الحوار الذي يصحبه العنف والاتهام والتجريح فالأغلب أنه يفسد الود، ويعكر صفاء الأنفس بل قد يخشى إذا ذهب الود أن لا يعود مرة أخرى، على نحو ما قال الشاعر:
إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر!
إن حسن اختيار بعض الجمل أو العبارات المناسبة في بعض الأحيان يحل مشكلات، ويفض اشتباكات.
وعَن أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا »(1).
- - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفصل التاسع
أهم شروط تغيير المنكر(2)
بسبب هذه الاختلافات الشديدة بين الناس ، نرى بعض المتشددين ، ينكر على المقلِّدين تقليدهم للأئمة ، وتعصبهم ، فيقع في منكر أشدَّ مما أراد ، والآخرون يردون عليه بأشد من قوله كذلك .
وفاتهم أن لتغيير المنكر شروطاً لا بد من توفرها ، وإلا منع .
والذي يهمنا هنا ثلاثة شروط :
الشَّرْطُ الأَْوَّل : أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا فِي الشَّرْعِ .
__________
(1) - صحيح البخاري(69)
(2) - انظر الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 17 / ص 251) فما بعدها وانظر كتاب الحسبة لابن تيمية بتحقيقي-مبحث ضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(2/236)
وَقَال الْغَزَالِيُّ : الْمُنْكَرُ أَعَمُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، إِذْ مَن رَأَى صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرِيقَ خَمْرَهُ وَيَمْنَعَهُ ، وَكَذَا إِنْ رَأَى مَجْنُونًا يَزْنِي بِمَجْنُونَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنهُ ، وَهَذَا لاَ يُسَمَّى مَعْصِيَةً فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ ، إِذْ مَعْصِيَةٌ لاَ عَاصِيَ بِهَا مُحَالٌ ، وَلِهَذَا قَال صَاحِبَا الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ : لاَ يُشْتَرَطُ فِي الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنهِيُّ عَاصِيَيْنِ ، بَل يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُلاَبِسًا لِمَفْسَدَةٍ وَاجِبَةِ الدَّفْعِ وَالآْخَرُ تَارِكًا لِمَصْلَحَةٍ وَاجِبَةِ التَّحْصِيل ، وَسَاقَا جُمْلَةَ أَمْثِلَةٍ لِلْمُنْكَرِ الَّذِي يَجِبُ تَغْيِيرُهُ مِمَن يَمْلِكُ ذَلِكَ .
أَحَدُهَا : أَمْرُ الْجَاهِل بِمَعْرُوفٍ لاَ يَعْرِفُ وُجُوبَهُ ، وَنَهْيُهُ عَن مُنْكَرٍ لاَ يَعْرِفُ تَحْرِيمَهُ كَنَهْيِ الأَْنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ أُمَمَهُمْ أَوَّل بَعْثِهِمْ .
الثَّانِي : قِتَال الْبُغَاةِ مَعَ أَنَّهُ لاَ إِثْمَ عَلَيْهِمْ فِي بَغْيِهِمْ لِتَأَوُّلِهِمْ .
الثَّالِثُ : ضَرْبُ الصِّبْيَانِ عَلَى مُلاَبَسَةِ الْفَوَاحِشِ وَتَرْكِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ .
الرَّابِعُ : قَتْل الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ إِذَا صَالُوا عَلَى الدِّمَاءِ وَالأَْبْضَاعِ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُمْ إِلاَّ بِقَتْلِهِمْ .(2/237)
الْخَامِسُ : إِذَا وَكَّل وَكِيلاً فِي الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيل أَوْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ بِالْعَفْوِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَأَرَادَ الاِقْتِصَاصَ ، فَلِلْفَاسِقِ أَنْ يَدْفَعَهُ بِالْقَتْل إِذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إِلاَّ بِهِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْقَتْل مِن غَيْرِ حَقٍّ.
السَّادِسُ : ضَرْبُ الْبَهَائِمِ فِي التَّعْلِيمِ وَالرِّيَاضَةِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الشِّرَاسِ وَالْجِمَاحِ ، وَكَذَلِكَ ضَرْبُهَا حَمْلاً عَلَى الإِِْسْرَاعِ لِمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ وَالْقِتَال(1)
الثاني- أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مَعْلُومًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ(2):
فَكُل مَا هُوَ مَحَلٌّ لِلاِجْتِهَادِ فَلاَ حِسْبَةَ فِيهِ(3)وَعَبَّرَ صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي عَن هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ : أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ ، أَوْ يَكُونَ مُدْرَكُ عَدَمِ التَّحْرِيمِ فِيهِ ضَعِيفًا(4)وَبَيَانُ ذَلِكَ : أَنَّ الأَْحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : مَا كَانَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ، أَوْ مِنَ . الْمُحَرَّمَاتِ الْمَشْهُورَةِ كَالزِّنَى ، وَالْقَتْل ، وَالسَّرِقَةِ ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ ، وَالْغَصْبِ ، وَالرِّبَا ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَكُل مُسْلِمٍ يَعْلَمُ بِهَا وَلاَ يَخْتَصُّ الاِحْتِسَابُ بِفَرِيقٍ دُونَ فَرِيقٍ .
__________
(1) - الإحياء 2 / 414 .
(2) - انظر الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 17 / ص 257)
(3) - الإحياء 2 / 416 .
(4) - الفواكه الدواني 2 / 394 .(2/238)
وَالثَّانِي : مَا كَانَ فِي دَقَائِقِ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال مِمَّا لاَ يَقِفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ سِوَى الْعُلَمَاءِ ، مِثْل فُرُوعِ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ ، وَهَذَا الضَّرْبُ عَلَى نَوْعَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْل الْعِلْمِ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِي تَعَلُّقِ الْحِسْبَةِ فِيهِ لأَِهْل الْعِلْمِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ .
وَالثَّانِي : مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْل الْعِلْمِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالاِجْتِهَادِ ، فَكُل مَا هُوَ مَحَل الاِجْتِهَادِ فَلاَ حِسْبَةَ فِيهِ(1).
وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْل لَيْسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ بَل الْمُرَادُ بِهِ الْخِلاَفُ الَّذِي لَهُ دَلِيلٌ ، أَمَّا مَا لاَ دَلِيل لَهُ فَلاَ يُعْتَدُّ بِهِ(2)وَيُقَرِّرُ هَذَا الإِِْمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِأَنَّ الإِِْنْكَارَ إِمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ إِِلَى الْقَوْل وَالْفَتْوَى ، أَوِ الْعَمَل .
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 2 / 23 ، كتاب الفقيه والمتفقه 2 / 67 ، 68 ، إحياء علوم الدين 2 / 415 ، الآداب الشرعية 1 / 186 ، 187 ، تحفة الناظر وغنية الذاكر 4 ، 7 ، الزواجر 2 / 169 .
(2) - حاشية رد المحتار 5 / 403 .(2/239)
أَمَّا الأَْوَّل فَإِِذَا كَانَ الْقَوْل يُخَالِفُ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا شَائِعًا وَجَبَ إِنْكَارُهُ اتِّفَاقًا ، وَإِِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِِنَّ بَيَانَ ضَعْفِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِلدَّلِيل إِنْكَارُ مِثْلِهِ ، وَأَمَّا الْعَمَل فَإِِذَا كَانَ عَلَى خِلاَفِ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَجَبَ إِنْكَارُهُ بِحَسَبِ دَرَجَاتِ الإِِْنْكَارِ ، وَكَيْفَ يَقُول فَقِيهٌ لاَ إِنْكَارَ فِي الْمَسَائِل الْمُخْتَلَفِ فِيهَا ، وَالْفُقَهَاءُ مِن سَائِرِ الطَّوَائِفِ قَدْ صَرَّحُوا بِنَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ إِذَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً ، وَإِِنْ كَانَ قَدْ وَافَقَ فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ . وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ وَلِلاِجْتِهَادِ فِيهَا مَسَاغٌ لَمْ تُنْكَرْ عَلَى مَن عَمِل بِهَا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا(1)، وَقَال الإِِْمَامُ النَّوَوِيُّ : وَلاَ يُنْكِرُ مُحْتَسِبٌ وَلاَ غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالُوا : لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلاَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَن خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا . وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ ، فَإِِنَّ الْحُكْمَ يَنْقُصُ إِذَا خَالَفَ الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ أَوِ الإِِْجْمَاعَ أَوِ الْقِيَاسَ(2).
__________
(1) - أعلام الموقعين 3 / 300 ، الآداب الشرعية 1 - 189 - 191 .
(2) - شرح النووي على مسلم 2 / 24 ، الفروق 4 / 40 ، 41 وتهذيب الفروق 4 / 80 . الفواكه الدواني 2 / 394 ، حاشية رد المحتار 5 / 292 ، 400 - 402 ، 685 ، تيسير التحرير 4 / 34 ، كتاب الفقيه والمتفقه 2 / 65 ، غاية الوصول شرح لب الأصول 149 ، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك 149 ، 150 .(2/240)
الثالث – ألا يؤدي لمنكر أشد : قال الفقهاء : "َيَكُونُ الاِحْتِسَابُ حَرَامًا فِي حَالَتَيْنِ(1):
الأُْولَى : فِي حَقِّ الْجَاهِل بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ الَّذِي لاَ يُمَيِّزُ مَوْضُوعَ أَحَدِهِمَا مِنَ الآْخَرِ فَهَذَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ ، لأَِنَّهُ قَدْ يَأْمُرُ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنْ يُؤَدِّيَ إِنْكَارُ الْمُنْكَرِ إِِلَى مُنْكَرٍ أَعْظَم مِنهُ مِثْل أَنْ يَنْهَى عَن شُرْبِ الْخَمْرِ فَيُؤَدِّي نَهْيُهُ عَن ذَلِكَ إِِلَى قَتْل النَّفْسِ فَهَذَا يَحْرُمُ فِي حَقِّهِ(2).
وَيَكُونُ الاِحْتِسَابُ مَكْرُوهًا إِذَا أَدَّى إِِلَى الْوُقُوعِ فِي الْمَكْرُوهِ(3).
وَيَكُونُ الاِحْتِسَابُ مَندُوبًا فِي حَالَتَيْنِ :
الأُْولَى : إِذَا تَرَكَ الْمَندُوبَ أَوْ فَعَل الْمَكْرُوهَ فَإِِنَّ الاِحْتِسَابَ فِيهِمَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَندُوبٌ إِلَيْهِ وَاسْتُثْنِيَ مِن هَذِهِ الْحَالَةِ وُجُوبُ الأَْمْرِ بِصَلاَةِ الْعِيدِ وَإِِنْ كَانَتْ سُنَّةً ، لأَِنَّهَا مِنَ الشِّعَارِ الظَّاهِرِ فَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ الأَْمْرُ بِهَا وَإِِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً(4).
__________
(1) - الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 17 / ص 230) فما بعدها
(2) - الناظر وغنية الذاكر 4 ، 6 ، والفروق 4 / 257 ، وانظر أيضا أدرار الشروق ، إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين 7 / 27 ، والآداب الشرعية 1 / 185 ، وغذاء الألباب 1 / 191 .
(3) - الإحياء 2 / 428 ، وشرح الإحياء المسمى إتحاف السادة المتقين 7 / 52 ، 53 .
(4) - الزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 168 ، والآداب الشرعية 1 / 194 ، والفواكه الدواني 2 / 394 .(2/241)
وَحَمَلُوا كَوْنَ الأَْمْرِ فِي الْمُسْتَحَبِّ مُسْتَحَبًّا عَلَى غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ ، وَقَالُوا : إِنَّ الإِِْمَامَ إِذَا أَمَرَ بِنَحْوِ صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ أَوْ صَوْمِهِ صَارَ وَاجِبًا ، وَلَوْ أَمَرَ بِهِ بَعْضُ الآْحَادِ لَمْ يَصِرْ وَاجِبًا(1).
وَالثَّانِيَةُ : إِذَا سَقَطَ وُجُوبُ الاِحْتِسَابِ ، كَمَا إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَئِسَ مِنَ السَّلاَمَةِ وَأَدَّى الإِِْنْكَارُ إِِلَى تَلَفِهَا(2).
وَيَكُونُ حُكْمُ الاِحْتِسَابِ التَّوَقُّفَ إِذَا تَسَاوَتِ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَفْسَدَةُ ، لأَِنَّ تَحْقِيقَ الْمَصْلَحَةِ وَدَرْءَ الْمَفْسَدَةِ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ ، فَإِِذَا اجْتَمَعَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ ، فَإِِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيل الْمَصَالِحِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ فُعِل ذَلِكَ امْتِثَالاً لأَِمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (16) سورة التغابن. وَإِِنْ تَعَذَّرَ الدَّرْءُ دُرِئَتِ الْمَفْسَدَةُ وَلَوْ فَاتَتِ الْمَصْلَحَةُ قَال تَعَالَى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} (219) سورة البقرة .
__________
(1) - الزواجر 2 / 168 ، وحاشية رد المحتار 2 / 172 ، والآداب الشرعية 1 / 182 ، 183 .
(2) - قواعد الأحكام 1 / 110 ، 111 ، الفروق 4 / 257 ، 258 ، نصاب الاحتساب 190 ، تحفة الناظر 6 ، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 2 / 317 .(2/242)
حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ لأَِنَّ مَفْسَدَتَهُمَا أَكْبَرُ مِن نَفْعِهِمَا(1). وَإِِذَا اجْتَمَعَتِ الْمَفَاسِدُ الْمَحْضَةُ ، فَإِِنْ أَمْكَنَ دَرْؤُهَا دُرِئَتْ ، وَإِِنْ تَعَذَّرَ دَرْءُ الْجَمِيعِ دُرِئَ الأَْفْسَدُ فَالأَْفْسَدُ ، وَالأَْرْذَل فَالأَْرْذَل ، وَإِِنْ تَسَاوَتْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ ، وَقَدْ يَتَخَيَّرُ ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ التَّسَاوِي وَالتَّفَاوُتُ(2).
__________
(1) - قواعد الأحكام 1 / 98 .
(2) - قواعد الأحكام 1 / 93 .(2/243)
وَيَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ : " وَجِمَاعُ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ فِيمَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ ، وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ ، أَوْ تَزَاحَمَتْ ، فَإِِنَّهُ يَجِبُ تَرْجِيحُ الرَّاجِحِ مِنهَا فِيمَا إِذَا ازْدَحَمَتِ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ ، فَإِِنَّ الأَْمْرَ وَالنَّهْيَ وَإِِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِتَحْصِيل مَصْلَحَةٍ وَدَفْعِ مَفْسَدَةٍ ، فَيُنْظَرُ فِي الْمُعَارِضِ لَهُ ، فَإِِنْ كَانَ الَّذِي يَفُوتُ مِنَ الْمَصَالِحِ أَوْ يَحْصُل مِنَ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ ، بَل يَكُونُ مُحَرَّمًا إِذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَكْثَرَ مِن مَصْلَحَتِهِ ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ فَمَتَى قُدِّرَ لإِِِنْسَانٍ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِل عَنهَا ، وَإِِلاَّ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ لِمَعْرِفَةِ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ، وَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الشَّخْصُ أَوِ الطَّائِفَةُ جَامِعِينَ بَيْنَ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ بِحَيْثُ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا ، بَل إِمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا ، أَوْ يَتْرُكُوهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوفٍ وَلاَ أَنْ يُنْهَوْا عَن مُنْكَرٍ ، بَل يُنْظَرُ ، فَإِِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ أُمِرَ بِهِ ، وَإِِنِ اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ الْمُنْكَرِ وَلَمْ يُنْهَ عَن مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنهُ ، بَل يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِن بَابِ الصَّدِّ عَن سَبِيل اللَّهِ وَالسَّعْيِ فِي زَوَال طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَزَوَال فِعْل الْحَسَنَاتِ ، وَإِِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ نُهِيَ عَنهُ وَإِِنِ اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنَ(2/244)
الْمَعْرُوفِ ، وَيَكُونُ الأَْمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكَرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَمْرًا بِمُنْكَرٍ وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَإِِنْ تَكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلاَزِمَانِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا وَلَمْ يُنْهَ عَنهُمَا . فَتَارَةً يَصْلُحُ الأَْمْرُ ، وَتَارَةً يَصْلُحُ النَّهْيُ ، وَتَارَةً لاَ يَصْلُحُ لاَ أَمْرٌ وَلاَ نَهْيٌ . وَإِِذَا اشْتَبَهَ الأَْمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ ، فَلاَ يُقْدِمُ عَلَى الطَّاعَةِ إِلاَّ بِعِلْمٍ وَنِيَّةٍ ، وَإِِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا ، فَتَرْكُ الأَْمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ ، وَفِعْل مَا نُهِيَ عَنهُ مِنَ الأَْمْرِ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ.
وَمِن هَذَا الْبَابِ إقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِن أَئِمَّةِ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ لِمَا لَهُمْ مِن أَعْوَانٍ فَإِزَالَةُ مُنْكَرِهِ بِنَوْعِ مِن عِقَابِهِ مُسْتَلْزِمَةٌ إزَالَةَ مَعْرُوفٍ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ بِغَضَبِ قَوْمِهِ وَحَمِيَّتِهِمْ ؛ وَبِنُفُورِ النَّاسِ إذَا سَمِعُوا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ؛"(1)
درجات تغيير المنكر عند ابن القيم :
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : " فَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ أَرْبَعُ دَرَجَاتٍ :
الْأُولَى : أَنْ يَزُولَ وَيَخْلُفَهُ ضِدُّهُ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَقِلَّ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِجُمْلَتِهِ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَخْلُفَهُ مَا هُوَ مِثْلُهُ .
__________
(1) - مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 129-131)(2/245)
الرَّابِعَةُ : أَنْ يَخْلُفَهُ مَا هُوَ شَرٌّ مِنهُ ؛ فَالدَّرَجَتَانِ الْأُولَيَانِ مَشْرُوعَتَانِ ، وَالثَّالِثَةُ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ ، وَالرَّابِعَةُ مُحَرَّمَةٌ ؛ فَإِذَا رَأَيْت أَهْلَ الْفُجُورِ وَالْفُسُوقِ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ كَانَ إنْكَارُك عَلَيْهِمْ مِن عَدَمِ الْفِقْهِ وَالْبَصِيرَةِ إلَّا إذَا نَقَلْتَهُمْ مِنهُ إلَى مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَرَمْيِ النُّشَّاب وَسِبَاقِ الْخَيْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَإِذَا رَأَيْت الْفُسَّاقَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى لَهْوٍ وَلَعِبٍ أَوْ سَمَاعِ مُكَاء وَتَصْدِيَةٍ فَإِنْ نَقَلْتَهُمْ عَنهُ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمُرَادُ ، وَإِلَّا كَانَ تَرْكُهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَيْرًا مِن أَنْ تُفْرِغَهُمْ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِن ذَلِكَ فَكَانَ مَا هُمْ فِيهِ شَاغِلًا لَهُمْ عَن ذَلِكَ ، وَكَمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُشْتَغِلًا بِكُتُبِ الْمُجُونِ وَنَحْوِهَا وَخِفْت مِن نَقْلِهِ عَنهَا انْتِقَالَهُ إلَى كُتُبِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالسِّحْرِ فَدَعْهُ وَكُتُبَهُ الْأُولَى ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ ؛ وَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ يَقُولُ : مَرَرْت أَنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِي فِي زَمَنِ التَّتَارِ بِقَوْمٍ مِنهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَن كَانَ مَعِي ، فَأَنْكَرْت عَلَيْهِ ، وَقُلْت لَهُ : إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تَصُدُّ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ، وَهَؤُلَاءِ يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ عَن قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ فَدَعْهُمْ ."(1)
__________
(1) - إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 151)(2/246)
ومنه النَّهْيُ عَن قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ ، فعَن بُسْرِ بْنِ أبي أَرْطَاةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« لاَ تُقْطَعُ الأَيْدِى فِى الْغَزْوِ »(1).
فَهَذَا حَدٌّ مِن حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ نَهَى عَن إقَامَتِهِ فِي الْغَزْوِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ مِن تَعْطِيلِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ مِن لُحُوقِ صَاحِبِهِ بِالْمُشْرِكِينَ حَمِيَّةً وَغَضَبًا ،كَمَا قَالَهُ عُمَرُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةُ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِن عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ لَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ ، وَذَكَرَهَا أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَقَالَ : لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ ، وَقَدْ رويَ عَن جُنَادَةَ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ قَالَ كُنَّا مَعَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ فِى الْبَحْرِ فَأُتِىَ بِسَارِقٍ يُقَالُ لَهُ مِصْدَرٌ قَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً فَقَالَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تُقْطَعُ الأَيْدِى فِى السَّفَرِ ». وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَقَطَعْتُهُ. ،
__________
(1) - سنن الترمذى (1521 ) وهو صحيح لغيره(2/247)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد(1)، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ : وَهُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ(2)، رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَن أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى النَّاسِ : " أَنْ لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا لِئَلَّا تَحْمِلَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ ".(3)
وعَن عَلْقَمَةَ ، قَالَ : غَزَوْنَا أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَنا حُذَيْفَةُ ، وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ ، فَشَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحُدَّهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَتَحُدُّونَ أَمِيرَكُمْ ، وَقَدْ دَنَوْتُمْ مِن عَدُوِّكُمْ ، فَيَطْمَعُونَ فِيكُمْ ؟ فَقَالَ: لأَشْرَبَنَّهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً ، وَلأَشْرَبَنَّهَا عَلَى رَغْمِ مَن رَغِمَ.(4)
وعَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَن أَبِيهِ ، قَالَ : أُتِيَ سَعْدٌ بِأَبِي مِحْجَنٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْقَيْدِ ، وَكَانَتْ بِسَعْدٍ جِرَاحَةٌ فَلَمْ يَخْرُجْ يَوْمَئِذٍ إِلَى النَّاسِ قَالَ : وَصَعِدُوا بِهِ فَوْقَ الْعُذَيْبِ لَيَنْظُرَ إِلَى النَّاسِ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ ، قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ :
__________
(1) - سنن أبى داود(4410 ) صحيح -البختية : الناقة طويلة العنق ذات السنامين
(2) - المغني - (ج 21 / ص 148)
(3) - سُنَنُ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ (2323 ) ومصنف ابن أبي شيبة (ج 10 / ص 102)(29464) وفيه انقطاع
(4) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 10 / ص 103) (29466) صحيح ، وانظر إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 151) فما بعدها(2/248)
كَفَى حَزَنًا أَنْ تُطْرَدَ الْخَيْلُ بِالْقَنَا وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وِثَاقِيَا
فَقَالَ لِابْنَةِ حَصْفَةَ امْرَأَةِ سَعْدٍ : أَطْلِقِينِي وَلَكِ اللَّهُ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ أَنْ أَرْجِعَ حَتَّى أَضَعَ رِجْلِي فِي الْقَيْدِ ، وَإِنْ قُتِلْتُ اسْتَرَحْتُمْ مِنِّي ، قَالَ : فَحَلَّتْهُ - حِينَ الْتَقَى النَّاسُ عَلَيَّ فَوَثَبَ عَلَى فَرَسٍ لِسَعْدٍ يُقَالُ لَهَا الْبَلْقَاءُ ، ثُمَّ أَخَذَ رُمْحًا ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَجَعَلَ لَا يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْعَدُوِّ إِلَّا هَزَمَهُمْ ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا مَلَكٌ لِمَا يَرَوْنَهُ يَصْنَعُ ، وَجَعَلَ سَعْدٌ يَقُولُ : " الضَّبْرُ ضَبْرُ الْبَلْقَاءِ ، وَالطَّعْنُ طَعْنُ أَبِي مِحْجَنٍ ، وَأَبُو مِحْجَنٍ فِي الْقَيْدِ " فَلَمَّا هُزِمَ الْعَدُوُّ ، رَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ حَتَّى وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْقَيْدِ ، وَأَخْبَرَتِ ابْنَةُ حَصْفَةَ سَعْدًا بِمَا كَانَ مِن أَمْرِهِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : " لَا وَاللَّهِ : لَا أَضْرِبُ بَعْدَ الْيَوْمِ رَجُلًا أَبْلَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى يَدَيْهِ مَا أَبْلَاهُمْ " فَخَلَّى سَبِيلَهُ ، فَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ : قَدْ كُنْتُ أَشْرَبُهَا إِذْ يُقَامُ عَلَيَّ الْحَدُّ ، وَأَطْهُرُ مِنهَا ، فَأَمَّا إِذَا بَهْرَجْتَنِي فَلَا وَاللَّهِ لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا ".(1)
وَقَوْلُهُ : " إذْ بَهْرَجْتَنِي " أَيْ أَهْدَرْتَنِي بِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنِّي ، وَمِنهُ " بَهْرَجَ دَمَ ابْنِ الْحَارِثِ " أَيْ أَبْطَلَهُ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُخَالِفُ نَصًّا وَلَا قِيَاسًا وَلَا قَاعِدَةً مِن قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَلَا إجْمَاعًا ، بَلْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ كَانَ أَصْوَبَ .
__________
(1) - سُنَنُ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ (2325 ) صحيح(2/249)
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي : وَهَذَا اتِّفَاقٌ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ(1).
قُلْتُ : وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ تَأْخِيرُ الْحَدِّ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ إمَّا مِن حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ أَوْ مِن خَوْفِ ارْتِدَادِهِ وَلُحُوقِهِ بِالْكُفَّارِ ، وَتَأْخِيرُ الْحَدِّ لِعَارِضٍ أَمْرٌ وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ ، كَمَا يُؤَخَّرُ عَن الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَعَن وَقْتِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ ؛ فَهَذَا تَأْخِيرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْدُودِ ؛ فَتَأْخِيرُهُ لِمَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى .
فَإِنْ قِيلَ : فَمَا تَصْنَعُونَ بِقَوْلِ سَعْدٍ : " وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ الْيَوْمَ رَجُلًا أَبْلَى لِلْمُسْلِمِينَ مَا أَبْلَاهُمْ " فَأَسْقَطَ عَنهُ الْحَدَّ ؟
__________
(1) - المغني - (ج 21 / ص 149)(2/250)
قِيلَ : قَدْ يَتَمَسَّكُ بِهَذَا مَن يَقُولُ : لَا حَدَّ عَلَى مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ " كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمهُ اللهُ ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ(1)، وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى تَأْثِيرَ أَبِي مِحْجَنٍ فِي الدِّينِ وَجِهَادِهِ وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ لِلَّهِ مَا رَأَى دَرَأَ عَنهُ الْحَدَّ ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِن الْحَسَنَاتِ غَمَرَتْ هَذِهِ السَّيِّئَةَ الْوَاحِدَةَ وَجَعَلَتْهَا كَقَطْرَةٍ نجاسةٍ وَقَعَتْ فِي بَحْرٍ ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ شَامَ مِنهُ مَخَايِلَ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَقْتَ الْقِتَالِ ؛ إذْ لَا يَظُنُّ مُسْلِمٌ إصْرَارَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ يَرَى الْمَوْتَ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَوَضْعِ رِجْلِهِ فِي الْقَيْدِ اخْتِيَارًا قَدِ اسْتَحَقَّ أَنْ يُوهَبَ لَهُ حَدُّهُ ،كما رويَ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، قَالَ : وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنهُ ، قَالَ : وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاَةَ ، قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ ، قَالَ : " أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ ، أَوْ قَالَ :
__________
(1) - انظر الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 20 / ص 209) فما بعدها(2/251)
حَدَّكَ "(1)وَظَهَرَتْ بَرَكَةُ هَذَا الْعَفْوِ وَالْإِسْقَاطِ فِي صِدْقِ تَوْبَتِهِ ، فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا ، وَقَدْ بَرِئَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ رضي الله عنه بِبَنِي جَذِيمَةَ ، وعَن سَالِمٍ ، عَن أَبِيهِ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا : أَسْلَمْنَا ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : صَبَأْنَا صَبَأْنَا ، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنهُمْ وَيَأْسِرُ ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي ، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِن أَصْحَابِي أَسِيرَهُ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ "(2)
وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِهِ لِحُسْنِ بَلَائِهِ وَنَصْرِهِ لِلْإِسْلَامِ ، ولاجتهاده في ذلك(3).
- - - - - - - - - - - - - - -
الخاتمة
? الاختلاف بين الناس أمر طبيعي وذلك لاختلاف مداركهم واستعداداتهم المادية والمعنوية .
? الاختلاف من طبيعة البشر والنصوص والحياة.
? الاختلاف بين الفقهاء هو أمر طبيعي ، وسببه إما اختلاف مداركهم أو بيئاتهم أو الدلالة الظنية للنصوص أو عدم ثبوت النص أو الاختلاف في فهمه .
? ليس اختلاف الفقهاء قائما على الهوى والتشهي .
__________
(1) - صحيح البخارى(6823) ومسلم (7182)
(2) - صحيح البخارى (4339 )
(3) - انظر إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 155)(2/252)
? الاختلاف المذموم ما كان قائما على اتباع الهوى أو البغي أو الحسد
? الاختلاف بين الأئمة رحمة بالناس .
? ارْتِفَاعُ الْخِلاَفِ بِتَصَرُّفِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ
? تجوز الصَّلاَةُ خَلْفَ الْمُخَالِفِ فِي أَحْكَامِهَا ، وما نراه اليوم الصلاة ورواء المخالف هو مخالف لجميع الأئمة السابقين ، ومفرِّقٌ لصفوف المسلمين .
? مُرَاعَاةُ الإِْمَامِ لِلْمُصَلِّينَ خَلْفَهُ إِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَهُ فِي أَحْكَامِ الصَّلاَةِ
? لا يمكن إزالة أسباب الاختلاف بين الفقهاء لكونها تعود إلى طبيعة النصوص والحياة .
? صحة الحديث لا تزيل الخلاف بين الفقهاء لاختلاف دلالته أو معارضته لأدلة أخرى ، بل ولا توجب العمل به .
? كل الفقهاء قالوا إذا صح الحديث فهو مذهبي ، أي إذا صح وفق القواعد والضوابط التي وضعها الإمام لقبول الأخبار ، ولم يوجد ما يعارضها ، وعمل بالخبر إمام آخر فنأخذ بالحديث عندئذ .
? الإمام أبو حنيفة رحمه الله إمام هدى وليس بضاعته في الحديث مزجاة كما يزعم بعض الناس
? لا يمكن الاستغناء بالقرآن الكريم عن السنة النبوية .
? السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع ، وهي إما مؤكدة للقرآن أو مبينة لمجمله أو مفصلة لموجزه أو زائدة عليه .
? مدرسة أهل الحديث ومدرسة أهل الرأي وجهان لعملة واحدة لا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الأخر .
? هناك أسباب كثيرة حول ترك الفقيه للعمل بحديث ما كعدم بلوغه إياه أو عدم ثبوته أو مخالفته للشروط التي وضعها لقبول الخبر أو لنسيانه أو ظنه أنه لا دلالة فيه أو لمعارضته لأدلة أخرى أو نسخه
? هناك انفكاك بين الوعد والوعيد ، فالوعد لا يتخلف ، والوعيد قد يتخلف
? مخالفة الفقيه لحديث من أحاديث الوعيد لا تجعله مشمولا بذاك الوعيد ، فهو مأجور على الحالتين .
? من أسباب تخلف الوعيد التوبة الماحية ، الحسنات ،...(2/253)
? الاختلاف في العبادات جائز لا حرج فيه ،وهو من اختلاف التنوع ، الذي لا حرج علينا فعله ،ولكن التعصب لهذا القول أو ذاك ، وردُّ ما سواه ليس من الدِّين في شيء.
? لتغيير المنكر شروط لا بد من توفرها ، منها أن يكون متفقاً عليه ، فلا إنكار في مسائل الخلاف .
? لا يجوز تغيير المنكر إذا أدى إلى منكر أشد، فما يفعله بعض المتشددين ممن يمنع التقليد ونحوه أدى إلى مفاسد أكثر من المصالح من المعتبرة .
? الذين يثيرون فقه الاختلاف ، ويبدِّعون ويفسقِّون من خالفهم في الرأي هم مخالفون للقرآن والسنَّة وإجماع المسلمين ، وإن ادعوا أنهم حماة السنَّة !!!
? المنهج الذي سار عليه السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية والعمل بها ، ليس حكرا على قوم بعينهم ، بل الكلُّ مقتدٍ بهم ومترسمٌ خطاهم ،فاتهام من خالفنا في الرأي بأنه مخالف لهدي السلف الصالح هو سلاح البطالين، ودعوى عريةٌَّّ عن الدليل.
? الفقه الإسلامي يعتبر أفضل وأهم ثروة فقهية في العالم تستند على الوحي .
? يجب على المسلمين أخذ الأحكام والقوانين من دينهم وفقههم وليس من الغرب أو الشرق .
? ينبغي التحلي بآداب الإسلام وقيمه الرفيعة أثناء الحوار ، ومنها إحسان الظن بالآخرين ،وترك الطعن والتجريح للمخالفين و البعد عن المراء واللدد في الخصومة والحوار بالتي هي أحسن.
? وجوب الدعوة إلى الائتلاف والوحدة والتحابب بين المسلمين ، لأنها أساس قوتهم وسعادتهم في الدارين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
- - - - - - - - - - - - - - - -
أهم المصادر والمراجع
1. ... تفسير الطبري(جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ) الشاملة 2 + موقع التفاسير
2. ... تفسير ابن كثير الشاملة 2 + موقع التفاسير
3. ... الجامع لأحكام القرآن للقرطبي الشاملة 2 + موقع التفاسير
4. ... تفسير الألوسي الشاملة 2 + موقع التفاسير
5. ... الوسيط للواحدي الشاملة 2 + موقع التفاسير(2/254)
6. ... أيسر التفاسير لأسعد حومد الشاملة 2 + موقع التفاسير
7. ... أضواء البيان للشنقيطي الشاملة 2
8. ... التفسير الميسر الشاملة 2 + موقع التفاسير
9. ... تفسير السعدي الشاملة 2 + موقع التفاسير
10. ... تفسير ابن أبي حاتم الشاملة 2 + موقع التفاسير
11. ... في ظلال القرآن الشاملة 2 + موقع التفاسير
12. ... الوسيط لسيد طنطاوي الشاملة 2 + موقع التفاسير
13. ... اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ابن تيمية الشاملة 2 = دار عالم الكتب
14. ... اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث الشاملة 2
15. ... شروح الطحاوية الشاملة 2
16. ... مجمل اعتقاد أئمة السلف ابن تيمية الشاملة 2
17. ... الملل والنحل للشهرستاني
18. ... منهاج السنة النبوية ابن تيمية= الشاملة 2 = محمد رشاد سالم
19. ... درء التعارض بين العقل والنقل ابن تيمية= الشاملة 2= دار الكنوز الأدبية الرياض
20. ... المنتقى - شرح الموطأ للباجي الشاملة 2+ موقع الإسلام
21. ... موطأ مالك المكنز
22. ... صحيح البخارى المكنز
23. ... صحيح مسلم المكنز
24. ... مختصر صحيح المسلم للمنذري الشاملة 3 + ت الألباني
25. ... سنن أبى داود المطنز
26. ... سنن الترمذى المكنز
27. ... سنن النسائى المكنز
28. ... سنن ابن ماجه الكننز
29. ... مصنف عبد الرزاق المكتب الإسلامي + الشاملة 2
30. ... مصنف ابن أبي شيبة عوامة + الشاملة 2
31. ... مسند أحمد الكنز
32. ... مسند الشاشي جامع الحديث النبوي
33. ... مسند أحمد بن حنبل ( بأحكام شعيب الأرنؤوط) دار صادر
34. ... أخبار مكة للأزرقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
35. ... الإبانة الكبرى لابن بطة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
36. ... الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
37. ... الترغيب والترهيب للمنذري الشاملة 2
38. ... السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة +الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
39. ... سنن سعيد بن منصور الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
40. ... المستدرك للحاكم دار المعرفة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/255)
41. ... المعجم الكبير للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
42. ... المعجم الأوسط للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
43. ... المعجم الصغير للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
44. ... تفسير ابن أبي حاتم الشمالة 2 + موقع التفاسير + جامع الحديث النبوي
45. ... تهذيب الآثار للطبري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
46. ... مُعْجَمُ الشُّيُوخِ لِابْنِ جُمَيْعٍ الصَّيْدَاوِيِّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
47. ... دلائل النبوة للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
48. ... السنن الكبرى للبيهقي المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
49. ... شعب الإيمان للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
50. ... سنن الدارمى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
51. ... علل الترمذي الشاملة 2
52. ... شرح علل الترمذي لابن رجب الشاملة 2
53. ... مسند أبي عوانة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
54. ... مسند إسحاق بن راهويه الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
55. ... مسند البزار 1-14كاملا الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
56. ... مسند أبي يعلى الموصلي ت حسين الأسد دار المأمون + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
57. ... مسند الحميدى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
58. ... مسند الروياني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
59. ... مسند السراج الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
60. ... سنن الدارقطنى المكنز + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
61. ... صحيح ابن حبان مؤسسة الرسالة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
62. ... موارد الظمآن في زوائد ابن حبان الهيثمي الشاملة 2
63. ... صحيح ابن خزيمة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
64. ... مسند الشاميين للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
65. ... مسند الشهاب القضاعي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
66. ... مسند الطيالسي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
67. ... مسند عبد الله بن المبارك الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
68. ... مسند عبد بن حميد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/256)
69. ... مسند الشافعي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
70. ... شرح معاني الآثار الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي+ موقع الإسلام
71. ... مشكل الآثار للطحاوي ، مؤسسة الرسالة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
72. ... معرفة السنن والآثار للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
73. ... السنن الصغرى للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
74. ... المنتقى من السنن المسندة لابن الجارود الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
75. ... معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
76. ... موسوعة السنة النبوية – للمؤلف مخطوط
77. ... الأحاديث المختارة للضياء +الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
78. ... الْأَرْبَعُونَ حَدِيثًا لِلْآجُرِّيّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
79. ... شرح السنة ـ للإمام البغوى متنا وشرحا مؤسسة الرسالة + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
80. ... مجمع الزوائد + دار المعرفة + الشاملة 2
81. ... اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
82. ... المسند الجامع مؤسسة الرسالة + الشاملة 2
83. ... جامع الأصول لابن الأثير ت – عبد القادر الأرناؤوط + الشاملة 2
84. ... عمل اليوم والليلة للنسائي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
85. ... عمل اليوم والليلة لابن السني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
86. ... مصباح الزجاجة في زائد ابن ماجة البوصيري الشاملة 2
87. ... المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
88. ... حديث خيثمة الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
89. ... أخبار أصبهان الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
90. ... أخلاق النبي لأبي الشيخ الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
91. ... أمالي ابن بشران الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
92. ... أمالي المحاملي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
93. ... أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
94. ... اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/257)
95. ... الآداب للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
96. ... الأدب المفرد للبخاري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
97. ... الأسماء والصفات للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
98. ... الأمثال للرامهرمزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
99. ... الأموال للقاسم بن سلام الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
100. ... الأموال لابن زنجويه الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
101. ... الاعتقاد للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
102. ... شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
103. ... الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
104. ... مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم الشاملة 2
105. ... حقيقة البدعة وأحكامها للدكتور/ سعيد الغامدي
106. ... منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد
107. ... التوحيد لابن خزيمة الشاملة 2
108. ... الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
109. ... الدعاء للطبراني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
110. ... الدعوات الكبير للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
111. ... الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
112. ... الزهد الكبير للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
113. ... الزهد لهناد بن السري الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
114. ... الزهد والرقائق لابن المبارك الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
115. ... السنة لأبي بكر بن الخلال الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
116. ... السنة لابن أبي عاصم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
117. ... السنة لعبد الله بن أحمد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
118. ... السنة لمحمد بن نصر المروزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
119. ... السنن الواردة في الفتن للداني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
120. ... الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي(2/258)
121. ... الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
122. ... الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
123. ... المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
124. ... المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
125. ... المدخل إلى الصحيح للحاكم + الشاملة 2
126. ... الناسخ والمنسوخ لابن شاهين الشاملة 2
127. ... بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخيار للكلاباذي الشاملة2
128. ... تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
129. ... جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
130. ... خَلْقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لِلْبُخَارِيِّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
131. ... طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
132. ... طبقات الحنابلة لأبي يعلى+ الشاملة 2
133. ... فضائل الأوقات للبيهقي الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
134. ... فضائل الصحابة لأحمد الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
135. ... فضائل القرآن للقاسم بن سلام الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
136. ... فضائل القرآن لمحمد بن الضريس الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
137. ... فوائد تمام الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
138. ... قرة العين في ضبط رجال الصحيحين + الشاملة 2
139. ... مسند المقلين لتمام الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
140. ... معجم الصحابة لابن قانع الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
141. ... قصر الأمل لابن أبي الدنيا الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
142. ... القول المسدد في الذب عن مسند أحمد الشاملة 2
143. ... المقاصد الحسنة للسخاوي الشاملة 2
144. ... كشف الخفاء للعجلوني الشاملة 2
145. ... نظم المتناثر للكتاني الشاملة 2
146. ... نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي الشاملة 2 + موقع الإسلام
147. ... الدراية في تخريج أحأديث الهداية لابن حجر الشاملة 2(2/259)
148. ... التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر الشاملة 2 + موقع الإسلام
149. ... روضة المحدثين الشاملة 2
150. ... تخريج أحاديث الإحياء للعراقي الشاملة 2
151. ... صيانة صحيح مسلم الشاملة 2
152. ... هدي الساري (مقدمة الفتح ) لابن حجر الشاملة 2
153. ... تغليق التعليق لابن حجر الشاملة 2 + المطبوع
154. ... إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني الشاملة 2
155. ... إتحاف السادة المتقين للزبيدي دار الفكر
156. ... الحطة في ذكر الصحاح الستة الشاملة 2
157. ... تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق لابن عبد الهادي الشاملة 2
158. ... تراجعات العلامة الألباني في التصحيح والتضعيف الشاملة 2
159. ... علل الحديث لابن أبي حاتم الشاملة 2
160. ... الضُّعَفَاءُ الْكَبِيرِ لِلْعُقَيْلِيِّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
161. ... جرح الرواة وتعديلهم محمود عيدان أحمد الدليمي الشاملة 2
162. ... تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي الشاملة 2
163. ... تحفة الطالب دار حراء - مكة المكرمة
164. ... تحفة المحتاج في تخريج أحاديث المنهاج لابن الملقن + الشاملة 2
165. ... البدر المنير لابن الملقن + الشاملة 2
166. ... خلاصة البدر المنير لابن الملقن الشاملة 2 + مكتبة الرشد الرياض
167. ... خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام للإمام النووي + الشاملة 2
168. ... تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج + الشاملة 2
169. ... السلسلة الضعيفة للألباني + الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
170. ... السلسلة الصحيحة للألباني+ الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
171. ... صحيح الترغيب والترهيب + الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
172. ... صحيح وضعيف سنن أبي داود الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
173. ... صحيح وضعيف سنن الترمذي الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
174. ... صحيح وضعيف سنن النسائي الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
175. ... صحيح وضعيف سنن ابن ماجة الشاملة 2 + المكتب الإسلامي
176. ... صحيح وضعيف الجامع الصغير الشاملة 2 + المكتب الإسلامي(2/260)
177. ... التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر الشاملة 2
178. ... فتح الباري لابن حجر الشاملة 2 + موقع الإسلام
179. ... فتح الباري لابن رجب الشاملة 2
180. ... عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني الشاملة 2
181. ... شرح البخاري ابن بطال الشاملة 2
182. ... شرح النووي على مسلم الشاملة 2 + موقع الإسلام
183. ... عون المعبود للآبادي الشاملة 2 + موقع الإسلام
184. ... تحفة الأحوذي المباركفوي الشاملة 2 + موقع الإسلام
185. ... تأويل مختلف الحديث ابن قتيبة الشاملة 2
186. ... الشَّرِيعَةُ لِلْآجُرِّيِّ الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
187. ... إرشاد الساري للقسطلاني
188. ... شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية الشاملة 2
189. ... فيض القدير،شرح الجامع الصغير الشاملة 2
190. ... جامع العلوم والحكم الشاملة 2 + تحقيق الفحل
191. ... حاشية ابن القيم على سنن أبي داود الشاملة 2+ موقع الإسلام
192. ... تيسير العلام شرح عمدة الحكام- للبسام الشاملة 2
193. ... مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح الشاملة 2
194. ... فيض الباري شرح صحيح البخاري الشاملة 2 + موقع الإسلام
195. ... بلوغ المرام من أدلة الأحكام الشاملة 2
196. ... مختصر منهاج القاصدين نشر دار البيان
197. ... كشف المشكل من حديث الصحيحين الشاملة 2
198. ... إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الشاملة 2
199. ... التحفة الربانية شرح الأربعين النووية الشاملة 2
200. ... شرح رياض الصالحين لابن عثيمين الشاملة 2
201. ... فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين الشاملة 2
202. ... مجموع فتاوى ابن تيمية الشاملة 2 + دار الباز
203. ... الفتاوى الكبرى لابن تيمية الشاملة 2 + موقع الإسلام
204. ... جواهر الإكليل شرح مختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
205. ... حاشية الجمل الشاملة 2 + موقع الإسلام
206. ... القوانين الفقهية لابن جزي الشاملة 2
207. ... فتاوى الأزهر الشاملة 2
208. ... الموسوعة الفقهية الكويتية الشاملة 2 + موقع الإسلام + دار السلاسل(2/261)
209. ... موسوعة الفقه الإسلامي الشاملة 2 + موقع الأزهر
210. ... فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشاملة 2
211. ... مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين الشاملة 2
212. ... أبحاث هيئة كبار العلماء الرئاسة العام للبحوث + الشاملة 2
213. ... فتاوى السبكي الشاملة 2
214. ... فتاوى الرملي الشاملة 2
215. ... المنتقى من فتاوى الفوزان الشاملة 2
216. ... الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشاملة 2 + موقع الإسلام
217. ... لقاءات الباب المفتوح الشاملة 2
218. ... دروس وفتاوى الحرم المدني الشاملة 2
219. ... فتاوى من موقع الإسلام اليوم الشاملة 2
220. ... فتاوى الإسلام سؤال وجواب الشاملة 2
221. ... فتاوى يسألونك الشاملة 2
222. ... الفتوى - د. يوسف القرضاوي
223. ... تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون+ الشاملة 2
224. ... مجموع فتاوى ومقالات ابن باز الشاملة 2
225. ... مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية الشاملة 2
226. ... فتاوى الإسلام سؤال وجواب الشاملة 2
227. ... فتاوى واستشارات الإسلام اليوم الشاملة 2
228. ... فتاوى الشبكة الإسلامية الشاملة 2
229. ... الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي الشاملة 2
230. ... الفقه الإسلامي وأدلته الزحيلي الشاملة 2 + دار الفكر
231. ... الدرر السنية في الأجوبة النجدية –الشاملة 2
232. ... مجلة مجمع الفقه الإسلامي الشاملة 2
233. ... إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الشاملة 2
234. ... طرح التثريب الشاملة 2 + موقع الإسلام
235. ... الفتوحات الربانية على الأذكار النووية لابن علان دار الفكر
236. ... نيل الأوطار الشاملة 2 + موقع افسلام
237. ... السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار – الرقمية الشاملة 2
238. ... إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام الشاملة 2
239. ... فتاوى الرملي الشاملة 2
240. ... فتاوى ابن عليش الشاملة 2 =جامع الفقه الإسلامي
241. ... البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار – زيدية الشاملة 2 + موقع الإسلام
242. ... الروضة الندية الشاملة 2(2/262)
243. ... المحلى لابن حزم الشاملة 2
244. ... شرح النيل وشفاء العليل – إباضية الشاملة 2
245. ... حاشية رد المحتار الشاملة 2 + موقع الإسلام
246. ... تكملة حاشية رد المحتار الشاملة 2 + موقع الإسلام
247. ... المبسوط للسخسي الشاملة 2 + موقع الإسلام
248. ... الهداية للمرغياني الشاملة 2
249. ... بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع الشاملة 2 + موقع الإسلام
250. ... تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق الشاملة 2 + موقع الإسلام
251. ... فتح القدير لابن الهمام الشاملة 2 + موقع الإسلام
252. ... البحر الرائق شرح كنز الدقائق الشاملة 2 + موقع الإسلام
253. ... مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه الشاملة 2
254. ... رد المحتار على الدر المختار الشاملة 2
255. ... المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة الشاملة 2
256. ... حاشية الطحاوي على المراقي الشاملة 2
257. ... الشرح الكبير للشيخ الدردير الشاملة 2 + موقع الإسلام
258. ... الشرح الصغير الشاملة 2
259. ... التاج والإكليل لمختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
260. ... مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
261. ... شرح الزرقاني على مختصر خليل الشاملة 2
262. ... الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني الشاملة 2 + موقع الإسلام
263. ... منح الجليل شرح مختصر خليل الشاملة 2 + موقع الإسلام
264. ... التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة القرطبي الشاملة 2
265. ... بداية المجتهد ونهاية المقتصد الشاملة 2
266. ... الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام للقرافي = حلب مكتبة المطبوعات الإسلامية
267. ... روضة الطالبين وعمدة المفتين الشاملة 2+ موقع الوراق
268. ... جزيل المواهب في اختلاف المذاهب للسيوطي الشاملة 2
269. ... المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي الشاملة 2
270. ... المجموع شرح المهذب للنووي الشاملة 2 + موقع الإسلام
271. ... أسنى المطالب بشرح روض الطالب الشاملة 2 + موقع الإسلام
272. ... شرح البهجة الوردية الشاملة 2 + موقع الإسلام(2/263)
273. ... حاشيتا قليوبي – وعميرة الشاملة 2 + موقع الإسلام
274. ... تحفة المحتاج في شرح المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
275. ... مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
276. ... نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
277. ... حاشية البجيرمي على الخطيب الشاملة 2 + موقع الإسلام
278. ... حاشية البجيرمي على المنهج الشاملة 2 + موقع الإسلام
279. ... الأم للشافعي الشاملة 2 + موقع الإسلام
280. ... الرسالة للشافعي الشاملة 2
281. ... إبطال الاستحسان" للشافعي
282. ... الحاوي في فقه الشافعي – الماوردي الشاملة 2
283. ... دليل المحتاج شرح المنهاج للإمام النووي الشاملة 2
284. ... الشرح الكبير لابن قدامة الشاملة 2
285. ... الفروع لابن مفلح الشاملة 2 + موقع الإسلام
286. ... الإنصاف في الراجح من الخلاف الشاملة 2 + موقع الإسلام
287. ... شرح منتهى الإرادات الشاملة 2 + موقع الإسلام
288. ... كشاف القناع عن متن الإقناع الشاملة 2 + موقع الإسلام
289. ... مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى الشاملة 2 + موقع الإسلام
290. ... المغني لابن قدامة الشاملة 2 + موقع الإسلام
291. ... المغني لابن قدامة الحنبلي مع الشرح الكبير، الطبعة الثالثة بدار المنارة بالقاهرة
292. ... المبدع شرح المقنع الشاملة 2
293. ... صفة الفتوى والمستفتى لابن حمدان
294. ... الروض المربع بحاشية العنقري على زاد المستنقع الشاملة 2
295. ... زاد المستقنع في اختصار المقنع الشاملة 2
296. ... منار السبيل شرح الدليل الشاملة 2
297. ... شرح زاد المستقنع لابن عثيمين الشاملة 2
298. ... الشرح الممتع على زاد المستقنع الشاملة 2
299. ... أصول السرخسي الشاملة 2
300. ... الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم الشاملة 2
301. ... الإحكام في أصول الأحكام للآمدي الشاملة 2
302. ... المحصول للرازي الشاملة 2
303. ... المستصفى للغزالي الشاملة 2 + موقع الإسلام
304. ... المنخول للغزالي الشاملة 2
305. ... شرح العضد على مختصر ابن الحاجب(2/264)
306. ... تهذيب الفروق والقواعد السنية فى الأسرار الفقهية الشاملة 2
307. ... الفروق للقرافي الشاملة 2
308. ... أنوار البروق في أنواع الفروق الشاملة 2 + موقع الإسلام
309. ... كشف الأسرار للبزدوي الشاملة 2
310. ... غاية الوصول شرح لب الأصول زكريا الأنصاري الشاملة 2
311. ... إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم الشاملة 2 + موقع الإسلام
312. ... البحر المحيط للزركشي الشاملة 2 + موقع الإسلام
313. ... المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران الشاملة 2 =دار الكتب العلمية
314. ... التحبير شرح التحرير في أصول الفقه للمرداوي الشاملة 2 + مكتبة الرشد
315. ... شرح الكوكب المنير للفتوحي الشاملة 2 + موقع الإسلام
316. ... إيقاظ همم أولي الأبصار الشاملة 2
317. ... حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع الشاملة 2 + موقع الإسلام
318. ... شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه التفتنازي =الشاملة 2+ دار الكتب العلمية
319. ... التقليد والإفتاء والاستفتاء الشاملة 2
320. ... قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام الشاملة 2+موقع الإسلام
321. ... مراقي السعود وشرحها ، طبعة المدني
322. ... شرح الورقات في أصول الفقه الددو الشاملة 2
323. ... المختصر في أصول الفقه للبعلي = مكة المكرمة + الشاملة 2
324. ... جمع الجوامع وشرحه لجلال الدين المحلي
325. ... تيسير التحرير لابن أمير شاه = دار الفكر = الشاملة 2
326. ... الفصول في الأصول للرازي الشاملة 2 + موقع الإسلام
327. ... قواطع الأدلة فى الأصول / للسمعانى الشاملة 2
328. ... التلخيص فى أصول الفقه / لإمام الحرمين الشاملة 2
329. ... مذكرة أصول الفقه الشاملة 2
330. ... مسلم الثبوت ط بولاق
331. ... مذكرة في أصول الفقه الشنقيطي
332. ... روضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة –مؤسسة الريان + الشاملة 2
333. ... فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت
334. ... من أصول الفقه على منهج أهل الحديث – الرقمية الشاملة 2
335. ... الأصول من علم الأصول – الرقمية الشاملة 2(2/265)
336. ... البرهان في أصول الفقه الجويني – الرقمية الشاملة 2
337. ... الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي + الشاملة 2
338. ... عقود رسم المفتي لابن عابدين ضمن رسائله
339. ... الإمام مالك لأبي زهرة
340. ... أحمد بن حنبل لأبي زهرة
341. ... الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية
342. ... صفة الفتوى والمفتي والمستفتي لأحمد بن حمدا
343. ... تلقيح الافهام العلية بشرح القواعد الفقهية الشاملة 2
344. ... حجة الله البالغة للدهلوي الشاملة 2
345. ... الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف للدهلوي = الشاملة + ت عبد الفتاح أبو غدة
346. ... بحوث في علم أصول الفقه الشاملة 2 الكردي
347. ... التبصرة في أصول الفقه الشيرازي دار الفكر = الشاملة 2
348. ... القول المفيد في الاجتهاد والتقليد للشوكاني الشاملة 2
349. ... القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد المكي دار الدعوة+الشاملة2
350. ... الموافقات للشاطبي الشاملة 2 + دار عفان
351. ... إرشاد الفحول لتحقيق الحق من علم الأصول الشاملة 2
352. ... الإبهاج في شرح المنهاج الشاملة 2
353. ... فتاوى ابن الصلاح الشاملة 2
354. ... الأصول من علم الأصول الشاملة 2 + موقع الإسلام
355. ... التقرير والتحبير الشاملة 2 + موقع الإسلام
356. ... المسودة في أصول الفقه الشاملة 2
357. ... معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة الشاملة 2
358. ... نهاية السول شرح منهاج الوصول الشاملة 2
359. ... إحياء علوم الدين دار الفكر + الشاملة 2
360. ... حلية الأولياء لأبي نعيم الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
361. ... أدب الدنيا والدين الماوردي الشاملة 2 + موقع الإسلام
362. ... المدخل لابن الحاج الشاملة 2 + موقع الإسلام
363. ... الآداب الشرعية لابن مفلح الشاملة 2 + موقع الإسلام
364. ... الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر المكي الشاملة 2 + موقع الإسلام
365. ... بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية الشاملة 2 + موقع الإسلام
366. ... غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب السفاريني الشاملة 2 + موقع الإسلام(2/266)
367. ... رياض الصالحين للنووي –ت الألباني – الفحل
368. ... لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية للشعراني الشاملة 2
369. ... مدارج السالكين لابن القيم الشاملة 2
370. ... مقدمة ابن الصلاح الشاملة 2
371. ... معرفة علوم الحديث للحاكم الشاملة 2+ جامع الحديث النبوي
372. ... الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث الشاملة 2
373. ... قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث الشاملة 2
374. ... الكفاية في علم الرواية الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
375. ... فتح المغيث بشرح ألفية الحديث السخاوي + الشاملة 2
376. ... المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل فاروق حمادة
377. ... الاقتراح في فن الاصطلاح للحافظ ابن دقيق العيد الشاملة 2
378. ... توضيح الأفكار للصنعاني + الشاملة 2
379. ... المخزون في علم الحديث لأبي الفتح الأزدي + الشاملة 2
380. ... قواعد في علوم الحديث للتهانوي ت أبو غدة
381. ... منهج النقد في علوم الحديث - دار الفكر – العتر + الشاملة 2
382. ... تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي + الشاملة 2
383. ... نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر + الشاملة 2
384. ... التعليقات البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر الشاملة 2
385. ... تحرير علوم الحديث لعبدالله الجديع + الشاملة 2
386. ... شرح شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر + الشاملة 2
387. ... النكت على ابن الصلاح لابن حجر + الشاملة 2
388. ... شرح الموقطة للذهبي الشاملة 2
389. ... الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح العراقي + الشاملة 2
390. ... شرح التبصرة والتذكرة العراقي + الشاملة 2 ت الفحل
391. ... التذكرة في علوم الحديث لابن الملقن الشاملة 2
392. ... توجيه النظر إلى أصول الأثر الجزائري+ الشاملة 2 + تحقيق أبو غدة
393. ... نظرات جديدة في علوم الحديث حمزة الميباري + الشاملة 2
394. ... المنهج الحديث في علوم الحديث للشيخ السماحي
395. ... التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النووي + الشاملة 2(2/267)
396. ... الرفع والتكميل في الجرح والتعديل للكنوي + الشاملة 2 أبو غدة
397. ... قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر القنوجي الشاملة 2
398. ... الغاية فى شرح الهداية فى علم الرواية + الشاملة 2
399. ... زاد المعاد لابن القيم + الشاملة 2+ موقع الإسلام
400. ... سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي+ الشاملة 2
401. ... الإصابة في معرفة الصحابة للحافظ ابن حجر + الشاملة 2
402. ... التاريخ الكبير البخاري + الشاملة 2
403. ... الطبقات الكبرى لابن سعد + الشاملة 2 + جامع الحديث النبوي
404. ... ميزان الاعتدال للذهبي + الشاملة 2 دار المعرفة
405. ... تاريخ دمشق لابن عساكر + الشاملة 2 دار الفكر
406. ... طبقات الشافعية للسبكي + الشاملة 2
407. ... الجرح والتعديل لابن أبي حاتم + الشاملة 2
408. ... الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي + الشاملة 2
409. ... غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر الشاملة 2
410. ... الأشباه والنظائر للسيوطي الشاملة 2 +دار الكتب العلمية
411. ... قواعد الفقه أصول الكرخي كراتشي+ الشاملة 2
412. ... ضعفاء العقيلي + الشاملة 2
413. ... تهذيب الكمال للمزي+ الشاملة 2 ت عواد بشار مؤسسة الرسالة
414. ... الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة + الشاملة 2 ت عوامة
415. ... تقريب التهذيب لابن حجر + الشاملة 2
416. ... تهذيب التهذيب لابن حجر + الشاملة 2
417. ... تعجيل المنفعة لابن حجر + الشاملة 2
418. ... لسان الميزان للحافظ ابن حجر + الشاملة 2
419. ... سير أعلام النبلاء مؤسسة الرسالة + الشاملة 2
420. ... تاريخ بغداد للخطيب البغدادي + الشاملة 2
421. ... البداية والنهاية لابن كثير + الشاملة 2
422. ... أبجد العلوم صديق حسن خان القنوحي الشاملة 2
423. ... الخلاصة في أحكام الحديث الضعيف للمؤلف
424. ... تاريخ الإسلام للذهبي + الشاملة 2 ت التدمري
425. ... الفصل في الملل والنحل لابن حزم مكتبة الخانجي - القاهرة
426. ... النهاية في غريب الأثر + الشاملة 2
427. ... تاج العروس للزبيدي + الشاملة 2(2/268)
428. ... معجم لسان المحدثين خلف الشاملة 2
429. ... لسان العرب لابن منظور + الشاملة 2
430. ... المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية + الشاملة 2
431. ... معجم المؤلفين كحالة + الشاملة 2
432. ... وفيات الأعيان لابن خلكان الشاملة2 =دار صادر بيروت
433. ... شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي= برنامج المحدث
434. ... تيسير العلام شرح عمدة الحكام لابن بسام + الشاملة 2
435. ... المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي + الشاملة 2
436. ... الحافظ ابن حجر ومنهجه في تقريب التهذيب ، للمؤلف
437. ... منهج دراسة الأسانيد والحكم عليها للعاني – الأردن
438. ... كشاف اصطلاحات الفنون ط كلكتا
439. ... الْفَوَائِدِ الشَّهِيرُ بِالْغَيْلَانِيَّاتِ لِأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ الشاملة 2
440. ... زاد المعاد لابن القيم الشاملة 2 + موقع الإسلام
الفهرس العام
الفصل الأول ... 6
أسباب اختلاف الفقهاء العامة ... 6
1-تعريفُ الاختلاف: ... 6
2- الْخِلاَفُ : ... 6
3- الْفُرْقَةُ ، وَالتَّفَرُّقُ : ... 6
4-حَقِيقَةُ الاِخْتِلاَفِ وَأَنْوَاعُهُ : ... 7
5-الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلاِخْتِلاَفِ بِحَسَبِ أَنْوَاعِهِ : ... 10
6-أَدِلَّةُ جَوَازِ الاِخْتِلاَفِ فِي الْمَسَائِل الْفَرْعِيَّةِ : ... 11
7-الاِخْتِلاَفُ فِيمَا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ : ... 11
8-الاِخْتِلاَفُ الْجَائِزُ هَل هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْوِفَاقِ : ... 12
9-الاِخْتِلاَفُ الْفِقْهِيُّ هَل هُوَ رَحْمَةٌ؟ : ... 13
10-أَسْبَابُ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ : ... 15
11-أَسْبَابُ الْخِلاَفِ الرَّاجِعِ إِلَى الدَّلِيل : ... 15
12-أَسْبَابُ الْخِلاَفِ الرَّاجِعِ إِلَى الْقَوَاعِدِ الأُْصُولِيَّةِ : ... 16
أَوَّلاً : الإِْنْكَارُ فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ : ... 16
ثَانِيًا : مُرَاعَاةُ الْخِلاَفِ : ... 16
حُكْمُ مُرَاعَاةِ الْخِلاَفِ : ... 17
شُرُوطُ الْخُرُوجِ مِن الْخِلاَفِ : ... 17
أَمْثِلَةٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ : ... 18(2/269)
مُرَاعَاةُ الْخِلاَفِ فِيمَا بَعْدَ وُقُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ : ... 18
13-الْعَمَل فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ: ... 19
الْمُقَلِّدُ بَيْنَ التَّخَيُّرِ وَالتَّحَرِّي : ... 19
مَا يَصْنَعُ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي فِي الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةِ : ... 20
ارْتِفَاعُ الْخِلاَفِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ : ... 22
ارْتِفَاعُ الْخِلاَفِ بِتَصَرُّفِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ : ... 23
14-الصَّلاَةُ خَلْفَ الْمُخَالِفِ فِي أَحْكَامِهَا : ... 27
15-مُرَاعَاةُ الإِْمَامِ لِلْمُصَلِّينَ خَلْفَهُ إِنْ كَانُوا يُخَالِفُونَهُ فِي أَحْكَامِ الصَّلاَةِ : ... 27
16-الاِخْتِلاَفُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ : ... 28
17-اخْتِلَافُ الْحَدِيثِ وَسَائِرِ الْأَدِلَّةِ : ... 28
18- أسبابُ اختلافِ الصحابة وفقهاء المذاهب في تفسير النصوص الشرعية ... 28
19- وراءَ تباينِ أنظار العلماء حكمٌ لا حصرَ لها ... 29
20-الاختلافُ في الأحكام الشرعية... حكمتُه..وأسبابه ... 31
21-الاختلافُ المحمود والاختلافُ المذموم ... 32
22- الاختلاف المذموم والمحمود ... 34
23- بيانُ أسباب اختلاف مذاهب الفقهاء ... 37
الفصل الثاني ... 42
فلسفة الاختلاف بين الفقهاء ... 42
1-أهميةُ معرفة الاختلاف الفقهي: ... 42
2-الاختلاف الحقيقي أو المعنوي، والخلاف اللفظي: ... 43
3-الفرق بين الخلاف والاختلاف: ... 43
4-الخلاف الزمني، والخلاف البلداني: ... 44
5-أسباب الاختلافات الفقهية: ... 44
6-المعيار النسبي للمسائل الخلافية: ... 47
7-مجال المقارنة وحياديتها: ... 49
8-منهجية المحدثين في قبول أو رد رواية المخالفين: ... 49
9-علاقة الخلاف الفقهي بأصول الفقه: ... 51
10-نتائج المقارنات الفقهية: ... 53
11- ترجيح العمل بالحديث المخالف للمذهب: ... 54
12-التلفيق بين المذاهب الفقهية: ... 54
13-دواعي العمل بالمذاهب الأربعة وجواز العمل بغيرها: ... 55
14-موقف الأئمة من التقليد ومعارضتهم للتعصب لهم: ... 57
15-سبل تضييق مساحة الخلاف: ... 58
مراعاة الخلاف قبل العمل: ... 58
شروط مراعاة الخلاف: ... 58(2/270)
حالات تعذر الخروج من الخلاف: ... 60
مراعاة الخلاف بعد وقوع المختلف فيه: ... 60
16-الخلاف في الاستحباب وعدمه، وأمثلته، والعمل بالجواز: ... 60
اختلاف التنوع والعمل به كله: ... 61
17-ارتفاع الخلاف بحكم الحاكم أو بتصرف الإمام: ... 63
18-الجمع بين المذاهب في العلم والعمل: ... 64
19-هل كل مجتهد مصيب؟ أو المصيب واحد غير معين؟ ... 64
20-التقارب بين المذاهب الفقهية: ... 65
21-إنصاف الأئمة المجتهدين: ... 66
22-التثبت من نسبة الاختلاف: ... 67
23-أدب الاختلاف وأخلاقيات نقله ودراسته: ... 67
24-لا إنكار في المختلف فيه: ... 68
25-الاقتداء بالمخالف في الفروع: ... 69
الفصل الثالث ... 70
شبهات حول أسباب الاختلاف ... 70
المبحث الأول ... 70
أقوال العلماء في حديث "اختلافُ أمتي رحمةٌ" ... 70
الرد على الشبكة الإسلامية وابن حزم ... 72
رأي الألباني رحمه الله حول هذا الحديث ومناقشته ... 76
المبحث الثاني ... 80
الردُّ على ابن حزم بقوله :" لو كانَ الاختلافُ رحمةً لكانَ الاتفاقُ سخطاً " ... 80
المبحث الثالث ... 86
اختلافُ أقوال العلماء في المسائل الفرعية عن فقه وعلم لا عن جهل وهوى ... 86
المبحث الرابع ... 88
شبهات حول أسباب الفقهاء ومناقشتها ... 88
المبحث الخامس ... 93
هل صحة الحديث تزيل الخلاف بين الفقهاء ؟ ... 93
المبحث السادس ... 94
الخلاصة في شرح قاعدة ( إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي ) ... 94
المبحث السابع ... 103
هل الحنفية بضاعتهم في الحديث مزجاة ؟ ... 103
المبحث الثامن ... 108
هل يمكن الاستغناء بالقرآن عن السنة ؟ ... 108
الشبهة الأولى - شبهة الاكتفاء بالقرآن ... 108
الردُّ على شبهة الاكتفاء بالقرآن ... 109
1. الدفع الأول : اثبتوا دعواكم من القرآن الكريم ... 109
2. الدفع الثاني: القرآن والسُّنَّة من مشكاة واحدة ... 109
3. الدفع الثالث: السنَّة ثابتة في حق جميع الأنبياء وتلقوها من ربهم? ... 110
4. الدفع الرابع : قوله تعالى: { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ } ، فما الداعي للسنَّة؟ ... 112
5. الدفع الخامس: كفاية القرآن الكريم : ... 113(2/271)
الدفع السادس: عرض الحديث على القرآن ... 115
الدفع السابع : السنَّة تحذرنا منكم ومن مزاعمكم : ... 120
الفصل الرابع ... 124
قضايا منوعة حول أسباب اختلاف الفقهاء ... 124
المبحث الأول ... 124
بيان الفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي ... 124
المبحث الثاني ... 132
تمهيد الفقه على قاعدة التخريج : ... 132
المبحث الثالث ... 133
المجتهدون في المذهب : ... 133
المبحث الرابع ... 133
الأفضل الجمع بين التخريج على كلام الفقهاء وتتبع لفظ الحديث : ... 133
المبحث الخامس ... 134
ينبغي للمحدِّث أن لا يرد الحديثَ لأدنى شائبةٍ : ... 134
المبحث السادس ... 135
ينبغي للمخرِّج أن لا يخرِّجَ قولاً لا يفيده نفسُ كلام أصحابه : ... 135
المبحث السابع ... 136
رعايةُ الحديث أوجبُ : ... 136
المبحث الثامن ... 137
تتبعُ الكتاب والآثار لمعرفة الأحكام الشرعية : ... 137
المبحث التاسع ... 137
الإمعانُ في الروايات : ... 137
المبحث العاشر ... 137
معرفةُ القرآن والسنن تمكِّنُ من معرفة مسائل الفقه : ... 137
المبحث الحادي عشر ... 139
أهمية الفقه الإسلامي ومذاهبه ... 139
المبحث الثاني عشر ... 142
شرعُ اللهِ واحدٌ لا اختلاف فيه ولا افتراق ... 143
المبحث الثالث عشر ... 144
الاختلافُ رحمةٌ في المسائل التي يمكنُ فيها الاجتهاد ... 144
المبحث الرابع عشر ... 145
الفرقُ بين اختلاف التنوُّع واختلاف التضادِّ ... 145
المبحث الخامس عشر ... 147
هل يعتدُّ بخلاف الظاهرية لغيرهم ؟ ... 147
الفصل الخامس ... 149
حال الناس منذ عهد الصحابة حتى تقليد الأئمة الأربعة ... 149
المبحث الأول ... 149
بيانُ حال الناس في الصدر الأول وبعده ... 149
" كان الناسُ غير مجمعين على التقليد الخالص : ... 149
كان العامة من المسلمين يقلدون صاحب الشرع : ... 149
كان الخاصةُ من أهل الحديث يشتغلون به : ... 150
كان الخاصةُ من أهل التخريج يخرِّجون ما لا يجدونه مصرحاً : ... 150
بعد القرن الرابع حدثتْ أمورٌ : ... 150
المبحث الثاني ... 155
إجماعُ الأمَّة على جواز تقليد الأئمة الأربعة ... 155
((2/272)
1)- أنَّ هذه المذاهب الأربعة المدونة قد اجتمعتِ الأمةُ أو من يعتدُّ به منها على جواز تقليدها إلى بومنا هذا . ... 155
(2)- ومنها أنَّ تتبعَ الكتابُ والآثارُ لمعرفةِ الأحكامِ الشرعيةِ على مراتبَ: ... 158
(3) – كثير من مسائل الخلاف بين الفقهاء هو في الترجيح بين الأقوال ... 162
المبحث الرابع ... 167
رأي اللجنة الدائمة بالأئمة الأربعة ... 167
الفصل السادس ... 169
أسباب ترك بعض الفقهاء الاحتجاج بالحديث ... 169
أولا ... 169
ذكر الأسباب مفصلة ... 169
السَّبَبُ الْأَوَّلُ ... 170
عدم بلوغ الحديث للفقيه ... 170
السَّبَبُ الثَّانِي ... 182
عدم ثبوت الحديث عند الفقيه ... 182
تنحصرُ أسباب الضعف والقدح في الرواة في فئتين: ... 194
السَّبَبُ الثَّالِثُ ... 198
اعْتِقَادُه ضَعْفِ الْحَدِيثِ ... 198
1-مِنهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ يَعْتَقِدُهُ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا ؛ وَيَعْتَقِدُهُ الْآخَرُ ثِقَةً ... 198
2- قَدْ يَكُونُ الْمُصِيبُ مَن يَعْتَقِدُ ضَعْفَهُ ؛ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى سَبَبٍ جَارِحٍ . ... 201
3- وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ الْآخَرِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ السَّبَبَ غَيْرُ جَارِحٍ ؛ إمَّا لِأَنَّ جِنْسَهُ غَيْرُ جَارِحٍ ؛ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْجَرْحَ . ... 202
4-وَمِنهَا : أَلَّا يَعْتَقِدَ أَنَّ الْمُحَدِّثَ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِمَن حَدَّثَ عَنهُ، فيكون الحديث منقطعا، لأنه روى عمَّن لم يره أولم يلقه ،وَغَيْرُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَمِعَهُ لِأَسْبَابِ تُوجِبُ ذَلِكَ مَعْرُوفَةٍ. ... 203
5-وَمِنهَا : أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَدِّثِ حَالَانِ :حَالُ اسْتِقَامَةٍ وَحَالُ اضْطِرَابٍ : ... 204
6- وَمِنهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ قَدْ نَسِيَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ: ... 206
حكمُ رواية من حَدَّثَ ونَسِيَ : ... 206(2/273)
7-وَمِنهَا : أَنَّ كَثِيرًا مِن الْحِجَازِيِّينَ يَرَوْنَ أَلَّا يُحْتَجَّ بِحَدِيثِ عِرَاقِيٍّ أَوْ شَامِيٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ بِالْحِجَازِ . ... 210
السَّبَبُ الرَّابِعُ ... 213
اشْتِرَاطُهُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْحَافِظِ شُرُوطًاً يُخَالِفُهُ فِيهَا غَيْرُهُ ... 213
السَّبَبُ الْخَامِسُ ... 219
أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ قَدْ بَلَغَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ لَكِنْ نَسِيَهُ ... 219
السَّبَبُ السَّادِسُ ... 224
عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ ... 224
السَّبَبُ السَّابِعُ ... 234
اعْتِقَادُهُ أَنْ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ ... 234
السَّبَبُ الثَّامِنُ ... 236
اعْتِقَادُهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّلَالَةَ قَدْ عَارَضَهَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُرَادَةً ... 236
السَّبَبُ التَّاسِعُ ... 241
اعْتِقَادُهُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ نَسْخِهِ... ... 241
السَّبَبُ الْعَاشِرُ ... 246
مُعَارَضَتُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ أَوْ نَسْخِهِ أَوْ تَأْوِيلِهِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ غَيْرُهُ ... 246
ثانيا ... 273
مَن تَرَكَ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ ما فَلَا يَخْلُو مِن ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ... 273
1-من خالف أحاديث الوعيد من الفقهاء هل هو معذور؟ ... 274
2-َذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ مِن الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ السَّلَفِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ حُجَّةٌ فِي جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِن الْوَعِيدِ . ... 275
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَظْهَرُ بِأَمْثِلَةِ: ... 277
المثال الأول- حول ربا الفضل وربا الأجل : ... 277
المثال الثالث – حول تحريم الخمر: ... 281
المثال الرابع- حول لعن الواصلة والموصولة : ... 283
المثال الخامس – حول آنية الفضة: ... 284
المثال السادس – النهي عن قتال المسلم لأخيه : ... 287
المثال السابع – الأمر بالجماعة والنهي عن الاختلاف: ... 292
المثال الثامن – ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: ... 294(2/274)
الفصل السابع ... 298
أثر التنازع بين الفقهاء في العبادات الظاهرة ... 298
أولا ... 310
صلاة الظهر بعد الجمعة ... 310
ثانياً ... 316
اختلاف المطالع ... 316
الثالث ... 320
التراويح في رمضان ... 320
الرابع ... 338
صلاة الوتر في رمضان جماعة ... 338
الخامس ... 345
الرمي قبل الزوال ... 345
الفصل الثامن ... 347
أدب الحوار بين المختلفين ... 347
المبحث الأول ... 347
إحسان الظن بالآخرين: ... 347
المبحث الثاني ... 348
ترك الطعن والتجريح للمخالفين: ... 348
المبخث الثالث ... 351
البعد عن المراء واللدد في الخصومة : ... 351
المبحث الرابع ... 352
الحوار بالتي هي أحسن : ... 352
الفصل التاسع ... 354
أهم شروط تغيير المنكر ... 354
الشَّرْطُ الأَْوَّل : أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا فِي الشَّرْعِ . ... 354
الثاني- أَنْ يَكُونَ الْمُنْكَرُ مَعْلُومًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ: ... 354
الثالث – ألا يؤدي لمنكر أشد : قال الفقهاء : "َيَكُونُ الاِحْتِسَابُ حَرَامًا فِي حَالَتَيْنِ : ... 356
درجات تغيير المنكر عند ابن القيم : ... 357
الخاتمة ... 361
الفهرس العام ... 379(2/275)