الجمهورية العربية السورية
نقابة المحامين
فرع حماه
إعادة الاعتبار ووقف الحكم النافذ
رسالة علمية لنيل الإجازة في الانتقال إلى جدول المحامين الأساتذة
أعدها
المحامي : أحمد رائد مصطفى ضبنية
للتواصل مع الكاتب هاتف
0096393260244
بإشراف
الأستاذ المدرب ... ... ... ... الأستاذ المشرف
المحامي أحمد محمد الداود ... ... المحامي علي العاشق
1430هـ - 2009 م
بسم الله الرحمن الرحيم
وقل رب زدني علماً
... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... ... ... أحمد رائد ضبنية
إهداء خاص
1- القاضي محمد سمير سريو .. المحامي العام الأول بحلب ..
2- القاضي محمد حاووط .. رئيس محكمة استئناف الجزاء الأولى بحلب ..
3- القاضي جلال طبارة .. مستشار في محكمة الاستئناف المدني بحلب ..
الذي كان لهم الفضل في مسيرة حياتي الوظيفية والنقابية
فهم رجال كالجبال الشامخة
صحبتهم شرف
ورفقتهم ضمان
والتواصل معهم حق
ونسيانهم محال
والدعاء لهم واجب
حفظهم الله وأدام عليهم الصحة والعافية
... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... ... ... أحمد رائد ضبنية
...
كلمة حق تقال .. وشكر خاص
للأستاذ : محمد منصور العباس " رئيس فرع نقابة المحامين بحماه "
... الأستاذ الذي لمست منه العلم والمعرفة وحسن التوجيه والمعاملة .. فهو قاسٍ أحياناً بتعامله مع المحاميين المتمرنين .. فعلمت فيما بعد أن هذه القسوة كقسوة الوالد على أولاده .. والهدف منه هو التوجيه الصحيح والعلم الزائد والوصول إلى أحسن المراتب فإن المعلومات التي استفدتها من خلال محاضرات التمرين التي كان يديرها وكنت مواظباً عليها خلال سنتين توازي المعلومات التي حصلت عليها خلال عشرين سنة أقضيتها في عدلية حلب كموظف ومفتش كتابي ورئيس لديوان محاكم استئناف الجزاء .
للأستاذ : أحمد حاج سليمان " رئيس فرع نقابة المحامين بحلب "
- الأستاذ المعلم الذي يقول كلمة الحق بصدق وقوة ..
- الرجل .. بكل ما تحوي هذه الكلمة من أقوال وأفعال ومعاني .(1/1)
وإن الذين ينقشون حبهم بطيب تعاملهم على جدران قلوب الناس فمن الصعب علينا أن ننساهم .
... ... ... ... ... وفقهم الله لكل ما يحبون وجعلهم
... ... ... ... ... نجوماً في العلم والمعرفة لينهل منهم كل ظمآن
وشكر وتقدير خاص للسيد رئيس مجلس الفرع والسادة أعضاء المجلس وأعضاء اللجنة الفاحصة لما بذلوه ويبذلونه في سبيل إغناء ذخيرة المحامي المتمرن القانونية .
... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... أحمد رائد ضبنية
شكر ومحبة وتقدير
للأستاذ أحمد محمد الداود: أستاذي الذي فتح لي مكتبه وكان نعم الأستاذ والأخ والصديق له حبي واحترامي .
للأستاذ علي العاشق: الذي منحني من وقته الغالي بإشرافه على رسالتي له تقديري واحترامي .
المحامي
... ... ... ... ... أحمد رائد ضبنية
كلمة الأستاذ المدرب
... الأستاذ أحمد رائد ضبنية قدم رسالته إعادة الاعتبار ووقف الحكم النافذ .
... وهي من المواضيع التي تهم جميع المحامين والأفراد .
... ولا شك بأنه أهل لنيل درجة الأستاذ في المحاماة ليصبح فرداً منا وأخاً لنا .
... وإني وجدت في الزميل الالتزام والاحترام وأتمنى له مستقبلاً جيداً في مهنته المحاماة وعلماً وعملاً مناصراً للحق والعروبة .
... ... ... ... ... ... مع تمنياتي بالتوفيق والنجاح الدائم
... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... ... ... أحمد محمد الداود
كلمة الأستاذ المشرف
سيادة رئيس فرع نقابة المحامين المحترم
تحية الحق والعروبة
قرأت رسالة الزميل أحمد رائد ضبنية حول موضوع إعادة الاعتبار ووقف الحكم النافذ .
وقد وجدتها غنية بالبحث العلمي الصحيح وأن هذه الرسالة جديرة بالطبع والتوزيع والمطالعة ويستحق صاحبها لقب الأستاذ وأتمنى له التوفيق .
... ... ... ... مع كل احترام وشكراً على ثقتكم الغالية
... ... ... ... المحامي المشرف
... ... ... ... ... علي العاشق
الإهداء
إلى المثل الذي بأخلاقه تأدبت ... ومن فكره اقتبست ومن علمه نهلت
... ... ... ... ... ... ... ... ... والدي ..
... إلى القدوة والحنان والحب والرقة والعطف
... إلى من أعطتني كل شيء
... ... ... ... ... ... ... والدتي وجدتي..
... إلى من وقفوا حولي في السراء والضراء ..(1/2)
... إلى من وجهوا إلى النصح والإرشاد ..
... إلى من لم يبخلوا علي في أي شيء كان ..
أخوتي..
... إلى أملي ومستقبلي ..
... إلى فلذات كبدي ونور دربي ..
زوجتي وأولادي..
... ... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... ... ... أحمد رائد ضبنية
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد :
... إن الفرد في هذا الوجود حقيقة اجتماعية تتجه إليه كافة النظم والقوانين لضمان حريته منسجمة مع حرية الآخرين لهذا تجد أن القوانين ترسم لسلوك الإنسان في ممارسته حريته قواعد معينة في نطاق وعيه وإدراكه واختياره وتساؤله إذا هو خرج عن هذه القواعد بأفعاله وقد رتب هذا القانون على هذه المساءلة عقاباً قائماً على العدل ، على أن هذا العقاب لم يكن مطلقاً دون قياس
إنما يراعى في فرضه درجة الحرية والاختيار القائمة لدى الفاعل عند اقترافه
الجريمة .
... ولئن كان البعض يرى أن العقوبة ليست غاية في ذاتها فإنه مهما يكن من أمر اختلاف النظريات فإن العقاب يرمي إلى حماية المجتمع من الجريمة وهذه الحماية تتحقق بالعقوبة وإن هذه العقوبة أيضاً تسجل في صحيفة السجل العدلي للفاعل عند اقترافه الجريمة .
... ويمكن لفاعل الجرم أن يقوم بإلغاء ما هو مسجل على صحيفته العدلية من جرائم أو سوابق بعد مرور فترة زمنية وفق ما جاء في قانون العقوبات السوري المتعلق في إعادة الاعتبار من المادة 158 – 159 – 160 من قانون العقوبات السوري .
... كما أن القانون السوري منح فاعل الجريمة والمتدخل فيها والمحرض عليها ما يعرف بوقف الحكم النافذ أي بعد أن يمضي مرتكب الجريمة سواء كان فاعلاً أو محرضاً أو متدخلاً .
... ثلاثة أرباع المدة المحكوم بها يحق له أن يتقدم بطلب منحه ربع المدة أي ((وقف الحكم النافذ)) .
... وذلك وفق ما جاء في قانون العقوبات السوري من المادة 172 إلى المادة 177 .
... وسنأتي فيما يلي بشرح مفصل عن إعادة الاعتبار ووقف الحكم النافذ .
الفصل الأول
إعادة الاعتبار
وقد وردت في قانون العقوبات السوري وفق المادة 158 – 159 – 160 .(1/3)
المادة 158 :
... كل محكوم عليه بعقوبة جنائية أو جنحية يمكن منحه إعادة الاعتبار بقرار قضائي إذا استوفى الشروط التالية :
1) أن يكون قد انقضى سبع سنوات في الجناية وثلاث سنوات في الجنحة على تنفيذ العقوبة فيه وما قد يلازمها من تدبير احترازي مانع للحرية أو على سقوطها عنه بالتقادم .
- وإذا كانت العقوبة المقضى بها هي التجريد المدني منذ اليوم الذي أصبح فيه القرار يوماً وعند الحكم بالحبس الإضافي منذ انقضاء أجل هذه العقوبة .
- إذا كانت العقوبة المقضى بها هي الغرامة تجري المدة منذ يوم الأداء أو انقضاء أجل الحبس المستبدل .
- إذا كانت المحكوم عليه مكرراً بالمعنى القانوني أو سبق له أن منح إعادة الاعتبار ضوعفت المدة المذكورة أعلاه .
2) ألا يكون صدر بحقه حكم لاحق بعقوبة جنائية أو جنحية .
(كل حكم لاحق بإحدى هاتين العقوبتين بقطع سريان المدة)
3) أن تكون الالزامات المدنية التي ينطوي عليها الحكم قد نفذت أو أسقطت أو جرى عليها التقادم أو أن يثبت المحكوم عليه أنه كان في حالة لم يتمكن معها من القيام بتلك الالزامات .
(على المفلس أن يثبت أنه قضى الدين أصلاً وفائدة ونفقات أو أنه أعفي
منه)
4) أن يتبين من سجلات السجن ومن التحقيق عن سيرة المحكوم عليه بعد الإفراج عنه أنه صلح فعلاً .
المادة 159 :
1- كل محكوم عليه بعقوبة جنحية مانعة أو مقيدة للحرية يعاد اعتباره حكماً إذا لم يقضى عليه في خلال سبع سنوات منذ انقضاء عقوبته بحكم آخر بالحبس أو بالإقامة الجبرية أو بعقوبة أشد .
2- كل محكوم عليه بالغرامة الجنحية يعاد اعتباره حكماً إذا لم يقضى عليه بحكم آخر بالغرامة الجنحية أو بعقوبة أشد من خلال خمس سنوات منذ الأداء أو انتهاء مدة الحبس المستبدل .
المادة 160 :
1- إعادة الاعتبار تبطل للمستقبل مفاعيل جميع الأحكام الصادرة وتسقط العقوبات الفرعية أو الإضافية والتدابير الاحترازية وما ينجم عنها من فقدان الأهلية .(1/4)
2- ولا يمكن أن تحسب الأحكام المذكورة فيما بعد للتكرار ولاعتياد الإجرام أو أن تحول دون وقف التنفيذ .
... وقد ورد أيضاً في كتاب أصول المحاكمات الجزائية من المادة 426 إلى المادة 433 كيفية القيام بهذه المعاملة ..
... فقد نصت المادة 426 أصول محاكمات جزائية بأنه تجري إعادة الاعتبار المنصوص عنها في المادتين 158و159من قانون العقوبات وفق الأصول التالية:
المادة 427 :
... يقدم المحكوم عليه طلب إعادة الاعتبار إلى قاضي الإحالة ويعين فيه أياً من المادتين المذكورتين في قانون العقوبات تنطبق حالته عليها .
المادة 428 :
يدرس قاضي الإحالة الطلب ويتحقق من استيفاء الطالب الشروط المقتضاة ثم يحيل الأوراق إلى المحامي العام لإبداء مطالبته .
المادة 429 :
1- إذا كانت إعادة الاعتبار مما تنطبق عليه أحكام المادة 159 من قانون العقوبات وكانت شروطها متوافرة كلها أصدر قاضي الإحالة قراره بقبول الطلب .
2- يرسل القاضي صورة مصدقة عن قراره إلى المحامي العام فيودعها المحكمة التي حكمت على المستدعي بالدرجة الأخيرة لتشرح الكيفية على هامش حكمها في سجل الأحكام .
المادة 430 :
1- إذا كانت إعادة الاعتبار مما تنطبق عليه أحكام المادة 158 من قانون العقوبات أبدى قاضي الإحالة رأيه في الطلب وأرسل الأوراق بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة التي حكمت على المستدعي بالدرجة الأخيرة .
2- ويعود لهذه المحكمة أمر إصدار القرار بقبول الطلب أو برفضه بعد أخذ مطالعة النيابة العامة .
المادة 431 :
... إذا قررت المحكمة قبول الطلب أمرت في القرار نفسه بشرح الكيفية على هامش الحكم الأول في سجل الأحكام .
المادة 432 :
... إذا رد طلب إعادة الاعتبار فلا يسوغ تجديده قبل مضي سنة عليه ابتداءً من تاريخ تبليغ قرار الرفض .
المادة 433 :
... على النيابة العامة بتبليغ القرار الصادر بإعادة الاعتبار إلى دائرة السجل العدلي لشطب الحكم من سجل المحكوم عليه .(1/5)
... وإعادة الاعتبار نوعان قضائية وقانونية أما القضائية فتمنح بقرار والقانونية تمنح حكماً عند توافر الشروط التي نص عليها القانون وتفصيلها كما يأتي :
أولاً : من استقراء نص المادة 158 عقوبات ترى أنها أعطت الحق بمنح إعادة الاعتبار لكل محكوم عليه بعقوبة جنائية أو جنحية مهما يكون نوعها .
... سواء كانت مانعة أم مقيدة للحرية أم مالية أو غير ذلك وسواء أكانت ماسة بالشرف أم غير ماسة به أو ترتب عليها فقد الأهلية أو الحرمان من الحقوق أم لم يترتب عليها شيء من ذلك فالنص جاء مطلقاً وهو يشملها جميعاً ولا يفرق بين جريمة وأخرى .
ويجب لإعادة الاعتبار قضائياً توافر الشروط التالية :
1) تنفيذ العقوبة كاملة وما قد يلازمها من تدبير احترازي مانع للحرية أو صدور عفو عنها أو انقضاؤها بالتقادم فلا يجبر القانون إعادة اعتبار المحكوم عليه إلا إذا أوفى هذا جزاءه وأتم العقوبة المحكوم بها كاملة .
وإن كانت العقوبة غرامة وجب سدادها برمتها . وإن كانت حبساً أو أشغالاً شاقة فرضته لزم عليه قضاؤها كلها وإذا فسخ قرار وقف الحكم النافذ ينبغي أن يمضي المدة المتبقية من تلك العقوبة .
وعلى ما نصت عليه المادة 154 عقوبات العفو عن العقوبة يقوم مقام تنفيذها حكماً إذ لا يعقل أن محكوماً عليه شمله عفو من أعلى سلطة في الدولة هو رئيس الجمهورية ثم يحرم لهذا السبب عن إعادة اعتباره .
غير أن قانون العقوبات السوري بمادته 154/2 ذهب خلاف ذلك حيث نص بصراحة على أن (( يستمر مفعول العقوبة المسقطة أو المستبدلة لتطبيق الأحكام المتعلقة بإعادة الاعتبار ووقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ والتكرار واعتياد الإجرام ))
2) مضي مدة معينة على تنفيذ العقوبة .. أو سقوطها بالتقادم وقد حدد ذلك في المادة 158 من قانون العقوبات وهي سبع سنوات في الجناية وثلاث سنوات في الجنحة وتعد كافية لإثبات حسن سلوك المحكوم عليه وجدارته بإعادة اعتباره .(1/6)
أما إذا كان المحكوم عليه مكرراً أو سبق له أن منح إعادة الاعتبار ضوعفت هذه المدة لتصبح أربعة عشر سنة في الجناية وست سنوات في الجنحة وعليه فإن المضاعفة هي خطورة الجرم العائد وضرورة مضي مدة أطول للتحقق من صلاحية القاعدة / 2085 / .
والعبرة هي العقوبة المحكوم بها فهل هي عقوبة جنائية أم جنحية بصرف النظر عن وصف الجريمة التي فرضت تلك العقوبة من أجلها .
3) عدم صدور حكم جديد بعقوبة جنائية أو جنحية فإن صدر مثل هذا الحكم أدى ذلك إلى انقطاع سريان المدة الواجبة لإعادة الاعتبار لأن ذلك يؤكد بأن سلوك المحكوم عليه لم يتعدل نهائياً ولا يدعو إلى الثقة بإصلاحه القواعد / 2082 – 2083 – 2088 /(مجموعة قانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 112/1950 الجزء 2 الأستاذ أديب استانبولي)
4) الوفاء بالإلزامات المدنية الناشئة عن الجريمة .. أي يجب على المحكوم عليه قبل أن يسترد اعتباره أن يسدد كامل ما حكم عليه به من الحقوق الشخصية بسبب الجريمة ويشمل ذلك الرد والمصاريف والتعويض أو أن يثبت تلك الحقوق قد أسقطها أصحابها .. أو جرى عليها التقادم الذي يقوم مقام التنفيذ حكماً أو أنه كان في حالة لم يتمكن معها عن القيام بتلك الالتزامات وعلى من يكون قد حكم عليه في جريمة الإفلاس أن يثبت أنه أوفى الدين وفوائده ونفقات المحاكمة أو أنه قد أعفي من ذلك والحكمة في ذلك كله أن يثبت المحكوم عليه أنه قد برأ ذمته من جميع ما تعلق بها من آثار الجريمة وأنه باحترامه للحقوق الشخصية وإعادتها لأصحابها يصبح أهلاً بالعودة إلى مكانه الطبيعي السليم في المجتمع .(1/7)
5) حسن سلوك المدعي عليه وهذا الشرط هو أهم الشروط بإعادة الاعتبار جميعاً ولابد منه للدلالة على أن المحكوم عليه أهل للثقة وجدير بالمساعدة التي يرجوها فعلية أن يثبت استقامته واحترامه للقانون من تاريخ الإدانة حتى يوم الفصل في طلب إعادة الاعتبار وهذه المسألة تقديرية متروك أمرها لمحكمة الموضوع التي لها أن تبحث عن حقيقة ذلك بجميع الوسائل الممكنة وهذا ما سار عليه اجتهاد لمحكمة النقض بالقاعدة / 2079 / .
أما المحكمة المختصة بإعادة الاعتبار القضائية فهي التي أدانت المحكوم عليه بالدرجة الأخيرة ، ويجب أن يقدم طلب ذلك أولاً إلى قاضي الإحالة وأن يذكر فيه البيانات اللازمة ولا سيما تاريخ العقوبة وتوافر الشروط القانونية وبعد أن يبدي قاضي الإحالة رأيه حول الطلب ، يحيل الأوراق إلى المحامي العام وهذا يودعها بدوره إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بالدرجة الأخيرة مشفوعة بمطالعته ..
ولهذه المحكمة صلاحية الموافقة على إعادة الاعتبار أو رفضها فإذا وجدت الشروط مستكملة قررت قبول الطلب وإلا ردته وقرارها قطعي إلا أنه يجوز تجديد الطلب ثانية إذا رفض بعد مضي سنة من تاريخ تبلغ قرار الرفض .
وفي حالة قبول الطلب والموافقة عليه تقرر المحكمة إعادة اعتبار المحكوم عليه وتأمر في القرار ذاته بوجوب تبليغ دائرة السجل العدلي عن طريق النيابة العامة بشطب الحكم من سجل المحكوم عليه حتى يتخلص من آثاره ونتائجه في المستقبل .
ثانياً : إعادة الاعتبار القانونية .. ويقصد بها زوال حكم الإدانة بملء الحق عند توافر الشروط المنصوص عليها في القانون وذلك وفق نص المادة 159 من قانون العقوبات السوري ويتبين من نص هذه المادة أن المحكوم عليه يكتسب حتماً حق إعادة الاعتبار وبغير حاجته إلى طلب أو صدور حكم قضائي بمجرد توافر الشروط القانونية على العقوبة المحكوم بها عليه وهذه الشروط هي :(1/8)
1) إذا كانت العقوبة المحكوم بها جنحية مانعة أو مقيدة للحرية ، يشترط أن يكون قد مضى على تنفيذها .. أو على سقوطها بالتقادم سبع سنوات دون أن يصدر ضد المحكوم عليه في خلالها حكم جديد بالحبس أو بالإقامة الجبرية أو بعقوبة أشد .
2) وإذا كانت العقوبة المحكوم بها جنحية بالغرامة فقط فيلزم أن يكون قد مضى على أدائها .. أو على انتهاء الحبس المستبدل عنها أو على سقوطها بالتقادم خمس سنوات دون أن يصدر ضد المحكوم عليه في خلالها حكم جديد بالغرامة الجنحية .
ويقدم طلب إعادة الاعتبار القانونية إلى قاضي الإحالة الذي يكون دوره مقتصراً على دراسة الطلب والوقوف على ما إذا كانت الشروط متوافرة فيه فيحيل الأوراق إلى المحامي العام لبيان رأيه . وإذا تحقق قاضي الإحالة من استيفاء الشروط اللازمة كلها أصدر قراره بقبول الطلب ويرسل صورة مصدقة عن قراره للمحامي العام فيودعها المحكمة التي حكمت على المحكوم عليه بالدرجة الأخيرة لتشرح الكيفية على هامش حكمها في سجل الأحكام .
... ولابد لنا من الإشارة إلى أن صلاحية قاضي التحقيق العسكري في معاملة إعادة الاعتبار القائمة على المادة 430 أصول جزائية والمادة 158 العقوبات تقتصر على إبداء الرأي وهذا الرأي أوّلي خاضع للمناقشة والتمحيص من قبل المحكمة مصدرة الحكم وصاحبة القرار النهائي (( القاعدة 2076 – 2078 )) وقد بحث ذلك بموجب أحكام محكمة النقض ومنها :
2079 : رأي قاضي التحقيق العسكري شأن رأي قاضي الإحالة بالنسبة لإعادة الاعتبار وفق المادة 158 عقوبات وهو رأي أولي .
2080 : العقوبة المنفذة فعلاً تعد منطلقاً لحساب المدة المحددة في المادة 158 عقوبات جناية أساس 1023/1968 .
2081 : إعادة الاعتبار من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم في الدعوى الجنائية ولو فرضت عقوبة جنحية للتخفيف وليست من اختصاص قاضي التحقيق العسكري بوصفه قاضي إحالة لأن تبديل العقوبة لا يغير وصف الجرم .(1/9)
... ... ... ... ... ... جنحة عسكرية 88/1974
2082 : إن المادة 158 ق.ع أوجبت على المحكمة أن تطلب صورة عن سجلات السجن المتعلقة بالمحكوم عليه طالب الاعتبار للاطلاع عليها وأن تطلب من
الجهات المعنية إجراء التحقيق عن سيرة المحكوم عليه بعد الإفراج عنه أو تطلب الإطلاع على مثل هذه التحقيقات في حال وجودها للتأكد من أن طالب إعادة الاعتبار قد صلح فعلاً وذلك لأن إدارة السجن لا تعطي صاحب العلاقة مثل هذه الصور عن سجلاتها لها كما أنه لا يستطيع أن يطلب من الجهات المعنية التحقيق عن سيرته بعد الإفراج عنه لإثبات أنه صلح فعلاً .
... ... ... ... ... ... جنحة عسكرية أساس 1083/1982
2083 : يجوز منح المحكوم عليه بعقوبة جنحية إعادة الاعتبار بعد انقضاء ثلاثة سنوات على تنفيذ العقوبة .
... ... ... ... ... ... جنحة عسكرية 749/1980
2084 : تؤخذ العقوبة المنفذة فعلاً لحساب بدء سريان المدد في إعادة الاعتبار ولا عبرة للجزء المشمول بالعفو العام أو الذي أوقف تنفيذه .
... ... ... ... ... ... جناية أساس 1141/1968
2085 : الحكم اللاحق الذي يقطع المدة المحددة في المادة 158 عقوبات هو الحكم الذي يصدر قبل انتهائها .
... ... ... ... ... ... جناية 378/1963
2086 : الحكم اللاحق الذي يقطع المدة المحددة في المادة 159 عقوبات هو الحكم الذي يصدر قبل انتهائها .
... ... ... ... ... ... جنحة أساس 887/1968
2087 : لا تمنح إعادة الاعتبار في الجنحة إلا بعد مرور ثلاث سنوات على تنفيذ الحكم .
... وقف التنفيذ يبقى الحكم معلقاً في مدة التجربة ويلغى بعدها وتبدأ المدة بالنسبة لإعادة الاعتبار بعد انقضاء مدة التجربة .
... ... ... ... ... ... جنحة أساس 3600/1968
2088 : إذا تأخر صدور الحكم الثاني فلا يعد المحكوم عليه مكرراً في معرض تطبيق أحكام إعادة الاعتبار .
... ... ... ... ... ... جناية أساس 1115/1965
2089 : تحديد المقصود بمضاعفة المدة لمن سبق منحهم إعادة الاعتبار .
2090 : تحديد بدء سريان المدة الوارد ذكرها في المادة 159 عقوبات .
... ... ... ... ... ... جنحة 3348/1966(1/10)
2091 : يجوز منح المحكوم عليه بعقوبة جنحية إعادة الاعتبار بعد انقضاء ثلاث سنوات على تنفيذ العقوبة ومضاعفة هذه المدة إذا كان المحكوم عليه مكرراً وإن كل حكم لاحق بعقوبة جنائية أو جنحية يقطع سريان المدة .
... ... ... ... ... ... جنحة عسكرية 440/1981
... وبذلك يكون قد انتهى الفصل الأول المتعلق بإعادة الاعتبار .
... وسننتقل إلى الفصل الثاني المتعلق بوقف الحكم النافذ .
الفصل الثاني
وقف الحكم النافذ
... نصت المادة 172 من قانون العقوبات على أن للقاضي أن بفرج عن كل محكوم عليه بعقوبة مانعة أو مقيدة للحرية جنائية كانت أو جنحية بعد ان ينفذ ثلاثة أرباع عقوبته إذا ثبت أنه صلح فعلاً .
... على أن العقوبة المنفذة لا يمكن أن تنقص عن تسعة أشهر .
... وإذا كان الحكم مؤبداً أمكن الإفراج عن المحكوم عليه بعد سجنه عشرين سنة .
... ومن الإمعان في هذا النص نجد أن الشارع قد منح القاضي الحق في الإفراج عن المحكوم عليه ، سواء كانت عقوبته جنائية أو جنحية ، بعد أن يكون قد أمضى جزءاً منها في محل تنفيذها القانوني ، شريطة أن يكون أصلح نفسه وشريطة ألا يكون ثمة تدبير احترازي مانع للحرية ( كالحجز في مأوى احترازي والعزلة والحجز في دار للتشغيل ) يجب تنفيذه بعد انقضاء العقوبة . والحكمة في ذلك وجود التدبير الاحترازي دليل على أن المحكوم عليه لا يصلح للحياة الحرة فلا يصح إذن إطلاق حريته نظراً لوجود الخطر على المجتمع وعلى نفسه . وهذه المؤسسة في جوهرها تنبع من نفس الينبوع الذي نبعت منه مؤسسة وقف التنفيذ . فهما موضوعتان لتشجيع حسن السلوك . وهما من اختصاص القاضي وحده . وهما لا تمحوان العقوبة ولا تزيلان آثارها . وكل ما في الأمر أنهما تؤخران التنفيذ إلى أن يثبت أن المستفيد منهما لا يستحق الرحمة فتبطلان .(1/11)
... والفرق بينهما أن في وقف التنفيذ لا يدخل المحكوم عليه السجن لأن التأجيل يشمل العقوبة كلها ، في حين أن وقف الحكم النافذ يشترط تنفيذ جانب من العقوبة ولا يؤجل إلا جانب منها فقط . فوقف التنفيذ أوسع رقعة وأبعد مدى غير أنه لا يمنح في الأحكام الجنائية في حين أن وقف الحكم النافذ لا يفرق بين الأحكام الجنائية أو الجنحية . كذلك فإن وقف التنفيذ يشمل العقوبات التكديرية في حين أن وقف الحكم النافذ لا يشملها بالطبع . وعلى هذا تكون المؤسستان متكاملتين ، تتعاونان اجتماعياً لحفظ النظام العام . ويعتبر وقف الحكم النافذ المرحلة الأخيرة لنظام الحبس التقدمي .
... ولا ريب في أن هذه المؤسسة ذات فوائد جلى من الناحية العملية والاجتماعية ، شريطة أن يحسن استعمالها . فهي تقصر إقامة المحكوم عليه في شرور السجن ، وتحمله على أن يحسن سلوكه ليظفر بتخفيف للعقوبة ، وتساعد السلطات الإدارية في السجن على ضبط النظام بإعطائها علامات للسلوك لها تأثير كبير على إطالة الإقامة في السجن أو تقصيرها . كما أنها تحمله على الاستمرار في تحسين سلوكه بعد الإفراج عنه ، خشية أن يعاد حبسه إذا ساء سلوكه .
... ولكنها ليست بمؤسسة تتأكد فيها فكرة العدالة المطلقة التي تريد أن ينال الفاعل جزاءه كاملاً غير منقوص .(1/12)
... على أن المهم فيها هو حسن التطبيق . ونريد بحسن التطبيق أن يكون منحها نتيجة لدراسة دقيقة ، لا تنظر إلى اعتبارات أخرى غير اعتبارات المصلحة العامة ، ومصلحة الفاعل نفسه باعتباره عضواً في المجتمع . فلا تمنح مثلاً لأن السجناء أصبحوا من الكثرة بحيث لم يعد يتسع لهم السجن فيصار إلى التخفيف من عددهم ، أو لأن الميزانية المرصودة لإطعامهم لم تعد تحتمل عدداً جديداً . وبتعبير آخر يجب ألا تلجأ السلطات المختصة إلى تدبير وقف الحكم للتخفيف عن الإدارة أو الخزينة ، لأن من واجب القاضي أن يدرك جيداً أن الاستخفاف بتطبيق هذه المؤسسة يتكشف عن كارثة اجتماعية مخيفة .
... وقد أحسن قانوننا بجعله أمر البت في هذه المنحة من اختصاص القاضي ، لا من اختصاص السلطات الإدارية أو وزارة العدل كما كانت عليه الحال في فرنسا مثلاً ، لأن القاضي بما له من حصانة يستطيع مقاومة الأهواء والاعتبارات السياسية والشخصية ، باعتباره الصخرة القوية التي يركن إليها المواطنون في ساعات حياتهم العصيبة ، ليستظلوا يعدله وتجرده . وهو حر في المنح أو المنع لأن منح وقف الحكم النافذ منحة من القاضي وليس حقاً مكتسباً . ويشترط القانون لمنح وقف الحكم النافذ شرطين اثنين هما :
1- تنفيذ ثلاثة أرباع المدة :
... فيجب على كل محكوم أن يقضي في السجن ثلاثة أرباع مدة عقوبته المانعة للحرية على الأقل حتى يحق له أن يطلب الإفراج عنه . فالذي يحكم عليه بالأشغال الشاقة 5 سنوات مثلاً ، يستطيع أن يتقدم بطلب وقف الحكم النافذ بعد أن يمضي من عقوبته ثلاث سنوات وتسعة أشهر .
... وتعتبر العقوبة التي قررتها المحكمة في الحكم ، هي الأساس الذي يجري عليه الحساب .
... فلو استفاد الفاعل أصلاً من تخفيفين قانونيين ، وأجرت المحكمة حساب التخفيف الأول ، ثم أنزلت مقدار التخفيف الثاني فإن حساب ثلاثة أرباع المدة يجري على أساس العقوبة النهائية التي يجب تنفيذها .(1/13)
... والشيء نفسه يطبق على العقوبة النهائية التي قررتها المحكمة في حال ارتكاب الفاعل لعدة جرائم .
... وإذا استفاد المحكوم عليه من عفو عام ، حسبت العقوبة بعد تنزيل الجزء الذي سقط بالعفو العام . ولكن إذا استفاد المحكوم عليه من عفو خاص ، فإن حساب المدة يجب أن يتم على حساب المدة الأصلية للعقوبة .
... ونشير إلى أن التشريع الفرنسي يكتفي بقضاء نصف المدة ، وثلثيها للمحكوم العائد ( المادة 729 أصول المحاكمات الجزائية ) .
... غير أن منح هذا الإفراج يتوقف بالنسبة لبعض ( المجرمين الخطرين )
( قانون 1978 ) خلال ( فترة أمن ) . وهذه الفترة من الأمن تقرر إما بموجب نص قانوني أو من قبل المحكمة التي تقررها في الحكم ، بشرط ألا تزيد المدة عن ثلثي مدة العقوبة المحكوم بها .
... وقد جاء فيه : ( أن العقوبة المقررة في نتيجة الحكم هي التي تعتبر في حساب المدة الباقية بعد تطبيق قانون العفو العام تعتبر أساساً في هذا الحساب ).
... لذلك فإن القرار الصادر عن محكمة النقض السورية برقم 216 تاريخ 16-5-1599 بعدم الاعتداد بالعفو العام مخالف لقرار الهيئة العامة ، والقرارات الأخرى الصادرة عن الغرفة الجنائية .
... وإذا كان الحكم صادراً بعقوبة مؤبدة ( أشغال شاقة مؤبدة ، اعتقال مؤبد ) فإن على المحكوم عليه أن يقضي في السجن 20 سنة قبل تقديم الطلب بالإفراج عنه ( المادة 172 ف3 ) .
... ويطبق وقف الحكم النافذ على العقوبات الجنائية والجنحية سواء أكانت مانعة للحرية أو مقيدة لها ، لصراحة المادة 172 ف2 .
... ومن أمثلة العقوبات المقيدة للحرية الإقامة الجبرية .
2- صلاح المحكوم عليه فعلاً :
... ولكن من الذي يقدر هذا الصلاح ( فعلاً ) كما يشترط القانون ؟
... والجواب إنها المحكمة التي أصدرت الحكم .
... ونحن ولا نخفي تخوفنا من واقع الحال عندنا .(1/14)
... فالسجون تابعة لوزارة الداخلية . وحراس السجون وموظفوها من الإدارة التنفيذية لهذه الوزارة . وهؤلاء هم الذين يعدون التقارير ويرفعونها عندما يسألهم القضاء رأيهم في سلوك السجين الذي يطلب الإفراج عنه ...
... وهنا تظهر المشكلة لأن هؤلاء الموظفين – حتى في حالة افتراض سلامة مقاصدهم – غير مؤهلين التأهيل المطلوب للقيام بأعباء هذه المهمة الخطيرة . ولم يجر عندنا أي إصلاح جدي للجهاز الإداري منذ أن قرر المؤتمر الأول لمكافحة الجريمة الذي دعت إليه هيئة الأمم عام 1955 في جنيف ضرورة إصلاح جهاز العاملين في السجن .
... وقد انتهى إلى إقرار تقرير الأمين العام الخاص ( بتوظيف وتكوين الجهاز العامل في السجون ) . ومن جملة المقررات التشديد في حسن اختيار هؤلاء الموظفين ، من جهة ثقافتهم وشهاداتهم العلمية وأخلاقياتهم وإنسانيتهم .. ونقرأ في الصحف ، ونسمع في الأخبار الكثير عن سوء سلوك هؤلاء الموظفين في بعض سجون البلاد الأجنبية المتقدمة .. وتورطهم في قضايا مخدرات ورشاوى .. وغيرها .
... وقد أحسنت بعض الدول بإيجاد قاض مختص هو قاضي تنفيذ العقوبات ، أنيط به الإشراف على حسن تطبيق السياسة العقابية .
...
ومن الدول ما قصرت دوره على الأحداث ( كمصر ) ومنها من منحته اختصاصاً عاماً للإشراف على السجون التي تنفذ فيها العقوبات الجزائية ( إيطاليا المادة 27 من قانون السلطة القضائية ) ..
... والقانون الفرنسي يسميه ( قاضي تطبيق العقوبات ) ( وليس قاضي تنفيذ العقوبات كما كان يسمى قبلاً ) . ويدخل في اختصاصه حسن تنفيذ العقوبات وتدبير الاحتراز أثناء تنفيذ العقوبات أو بعد وقفها ، وبشرط عدم المساس بطبيعتها القانونية . وهو ملزم بزيارة كل سجين في دائرة اختصاصه مرة كل شهر . ولكن مسألة الحراسة والأمن تظل من اختصاص الجهاز الإداري . وإلى جانب هذا القاضي لجنة إشراف على تطبيق العقوبات ، وهو رئيسها . وهو ملزم باستشارتها ما عدا الحالات المستعجلة .(1/15)
... ويعود حق منح الإفراج الشرطي إلى وزير العدل إذا كانت العقوبة الأصلية أكثر من ثلاث سنوات ، وإلى قاضي تطبيق العقوبات في الحالات الأخرى ... ويعود إلى محكمة الموضوع حق تقرير حقيقة صلاح الفاعل . وتقول محكمة النقض : ( إن منحه من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يجوز مناقشتها فيما ذهبت إليه أمام محكمة النقض لأنه من الأمور الموضوعية ) . وبما أنه من اختصاص محكمة الموضوع ، فلا يجوز أن يقدم الطلب إلا إليها ، حتى ولو كانت القضية ترى أمام الغرفة الجزائية في محكمة النقض .
ولمحكمة الموضوع أن ترفض طلب المحكوم عليه في منحه الإفراج المسبق إذا لم تقتنع بصلاحه . وليس للمحكوم عليه أن يطعن في قرارها هذا لأنه من إطلاقاتها . ولكن له أن يجدد الطلب ( مرة بعد أخرى ولا يحول الرفض الأول من تقديم طلب جديد ) .
وطالما أن وقف الحكم النافذ مسألة سياسية عقابية وإصلاحية ، فإنه لا يحق للمدعي الشخصي أن يطعن في قرار المنح ، لذلك لا حاجة إلى تبليغه إياه .
وليس من ضرورة لمنحه أن يكون المحكوم عليه محبوساً . فيكفي أن
يكون قد أمضى ثلاثة أرباع مدة العقوبة حتى ولو كان أفرج عنه قبل صدور الحكم لسبب أو لآخر . إذ المطلوب أن يكون قد أمضى في السجن ثلاثة أرباع العقوبة .
وقد أجاز القانون للقاضي إخضاع المحكوم عليه لحرية المراقبة طوال مدة التجربة ( المادة 175 ) ، أو إلزامه بتقديم كفالة احتياطية ( المادة 101 عقوبات ) أو بإخضاعه للرعاية ، إذا لم يكن الحكم الأصلي قد قضى بهذا التدبير تنفيذاً لنص القانون ، أو باشتراطه دفع التعويض المدني للمتضرر خلال مدة معينة أقصاها في الجناية ثلاثة سنوات . ولكن لا يجوز أن يتأخر الدفع إلى ما بعد نهاية العقوبة أو التنفيذ ، أي القسم الذي علق بالإفراج عن المحكوم عليه .
والقاعدة في وقف الحكم النافذ أن المفرج عنه يعتبر كأنه نفذ كل عقوبته(1/16)
إذا لم ينقض قرار المنح خلال مدة التجربة . ولكن لا تمحى العقوبة من السجل العدلي كما في حالة وقف التنفيذ بل تبقى فيه ، وتبقى معها كل نتائجها القانونية .
فإذا أرتكب جرماً جديداً عد عائداً وشددت عقوبته وكذلك فإن العقوبات
الفرعية والإضافية تنفذ فيه كلها ، لأن وقف الحكم النافذ لا يؤثر فيها.
وإذا كان المستفيد من هذه المؤسسة محكوماً عليه بالأشغال الشاقة أو الاعتقال فإنه يبقى في حالة الحجر القانوني المنصوص عليه في المادة 50 إلا إذا وثق القاضي به وقرر خلاف ذلك أما إذا نقض القاضي القرار لارتكاب المستفيد
جناية أو جنحة ، أو ثبت بحكم قضائي أنه خرق الواجبات المفروضة عليه ، فإنه يعاد إلى السجن لتنفيذ القسم الذي أجل من عقوبته كاملاً . والعبرة لوقت ارتكاب الجريمة الجديدة لا الحكم بها . فيكتفي إذاً أن تبدأ الملاحقة أثناء فترة العقوبة المعلقة ولا بأس أن يصدر الحكم بعد ذلك . ولكن إذا ارتكب المستفيد الجريمة أو أخل بالواجب المفروض عليه أو خالف تنفيذ الحرية المراقبة أثناء هذه الفترة ولكن لم تقم عليه الدعوى العامة خلالها ، فلا يجوز للقاضي أن يقضي بعدها بإعادة تنفيذ القسم المعلق من العقوبة أو العودة إلى تطبيق التدبير المعلق ، لأن التقصير وقع من ممثلي المجتمع الذين لم يتحركوا في الوقت المناسب .
ويحسن أن يفرض القاضي دوماً الحرية المراقبة على المحكوم عليه وإن كان ذلك اختيارياً ، لأنها تشجع الفاعل على إصلاح نفسه ، ولا يستطيع ذلك إذا لم يجد عملاً أو إذا لم يكن بقربه من يرشده . فوضعه تحت المراقبة والاهتمام به وتسديد خطواته من شأنه أن يعطي لهذه المؤسسة معناها الصحيح ... وإلا فإن المحكوم عليه سيعود في الغالب إلى السجن ، أو أنه يتصرف بذكاء ، فيقوم بارتكاب جريمة جديدة إلى ما بعد انتهاء مدة التجربة ، حتى يسقط عنه نهائياً القسم المؤجل .(1/17)
وقد أغلق قانوننا باب جدل طويل فيما يخص التدابير الاحترازية لأنه نص في المادة 174 عقوبات على جواز وقف تنفيذ عدد منها ذكرها حصراً . ولذلك لا يجوز التوسع فيها .
والتدابير التي أجاز قانوننا وقف تنفيذها هي : العزلة والوضع في دار للتشغيل ( من التدبير المانعة للحرية ) ، والمنع من الإقامة والحرية المراقبة
( من التدابير المقيدة للحرية ) ( إذا بدت على المحكوم عليه دلائل أكيدة على ائتلافه مع المجتمع ) . ولكن الشارع اشترط أن يعلق التدابير بعد أن يكون المحكوم عليه قد جرب مدة تعادل نصف المدة كما هي محددة في القانون . فإذا كانت مدة التدبير سنتين فلا يجوز وقفه قبل تجربة سنة واحدة . ولكن لا يجوز في أي حال أن تكون مدة التجربة أقل من الحد المعين قانوناً للتدبير . وهذا الحد الأدنى في العزلة ثلاثة سنوات ، وفي الحجز في دار للتشغيل ثلاثة أشهر وفي منع الإقامة سنة وفي الحرية المراقبة سنة .
ولكن لا يجوز وقف تنفيذ تدبير الحجز في مأوى احترازي لأن القانون منع ذلك صراحة . وهو على حق في ذلك فلا توجد مصلحة لتعليق عقوبة شخص أصيب بالجنون ووضع في مأوى احترازي . وخير له أن يستمر فيه حتى يستكمل علاجه ولا يؤذي المجتمع .
وسأورد بعض القرارات الصادرة عن محكمة النقض بهذا الشأن :
القضية : 1745 أساس لعام 2001 .
قرار : 1839 لعام 2001 .
تاريخ 24 / 12 / 2001 .
محكمة النقض – الدائرة الجزائية – الغرفة العسكرية .
السادة : كمال عويدات – إبراهيم أحمد – جورج طحان .
62- المبدأ : أصول – حكم نافذ – وقف – وقف الحكم النافذ من إطلاقات
... محكمة الموضوع لكنه مرهون بحسن التعليل .
ملخص الطعن :
إن الطاعن نفذ أكثر من ثلاثة أرباع محكوميته وأصلح نفسه كما هو
ثابت بكتاب إدارة السجن المدني بحماه ... مما يجعل القرار برد الطلب قاصراً للتعليل .
النظر في الطعن :(1/18)
لما كان وقف الحكم النافذ هو من إطلاقات محكمة الموضوع إلا أنه مرهون بحسن التعليل . ولما كان الطاعن قد أمضى أكثر من ثلاثة أرباع محكوميته وأصلح نفسه خلال فترة تنفيذ العقوبة كما هو ثابت بكتاب السجن ، مما يجعل قرار المحكمة للمرة الثانية الذي يؤيده .
حيث أن المحكمة لم تبين الأسباب التي اعتمدت عليها رغم وجود مشروحات عن حسن سلوكه وإصلاح نفسه . مما يستدعي نقضه .
وحيث أن الطعن للمرة الثانية وعلى محكمتنا التصدي للموضوع .
وحيث أن الطاعن قد أصلح نفسه وأمضى ثلاثة أرباع العقوبة .
وحيث أن الطاعن لم يعوض على الجهة المدعية مما يقتضي تعليق
وقف الحكم النافذ على شرط التعويض لجهة المدعية عملاً بأحكام المادة 175 ع عام بدلالة المادة 169 ع عام . على أن يتم التعويض خلال المدة المتبقية من العقوبة .
ولذلك تقرر بالمداولة وبالإجماع ما يلي :
1- قبول الطعن شكلاً .
2- قبوله موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه ومنح الطاعن وقف الحكم النافذ وتعليقه على شرط التعويض على الجهة المدعية ويتم ذلك خلال المدة المتبقية من العقوبة .
( ورد في مجلة المحامون السورية لعام 2003 ، قضاء المحاكم ص 945 )
القضية : 1333 أساس لعام 2002 .
القرار : 148 لعام 2002 .
تاريخ : 3 / 2 / 2002 .
محكمة النقض – الغرفة الجنائية .
السادة غسان القاضي – بدر بولاد – أحمد لطف .
63- المبدأ : أصول – وقف الحكم النافذ – وقف الحكم النافذ يكون للمحكوم
... الذي أمضى ثلاثة أرباع مدة العقوبة وسدد الحقوق الشخصية ، وإن عدم
... دفع هذه الحقوق ينتقص من إتمام المحكوم عليه عناصر صلاح نفسه .
في أسباب طعن المحكوم :
... إن الإدعاء الشخصي في الدعوى محدد ومحصور بالمدعين الشخصيين الذين تقدموا بإسقاط حق شخصي .
في المناقشة والرد على أسباب الطعن :
... من حيث أنه لم يتوفر في ملف الدعوى بأن ورثة كل من المغدور شهاب والمغدورة أمينة قد أسقطوا حقهم الشخصي عن المتهم .(1/19)
... وحيث أن المتهم لم يسدد الحقوق الشخصية المترتبة نتيجة الحكم .
... وحيث إن منح وقف الحكم النافذ يكون للمحكوم الذي أمضى ثلاثة أرباع المدة وسدد الحقوق الشخصية وإن عدم دفع هذه الحقوق ينتقص من إتمام المحكوم لإصلاح نفسه مما يجعل القرار المطعون فيه قد جاء في محله .
...
لذلك تقرر بالإجماع :
... رفض الطعن موضوعاً .
( ورد في مجلة المحامون السورية لعام 2004 ، قضاء المحاكم ص 926 )
... القضية : 1868 أساس لعام 2002 .
... قرار : 761 لعام 2002 .
... تاريخ : 15 / 4 / 2002 .
... محكمة النقض – الغرفة الجنائية .
... السادة : محمد حيدر – سعيد الحكيم – لطيفة عبيد .
64- المبدأ : أصول – حكم نافذ – وقف – وقف الحكم النافذ لا علاقة له
... بالعقوبة المفروضة إلا إن ذلك من صلاحيات المحكمة والبت بالطلب سلباً
... أو إيجاباً متروك لوجدان القاضي من خلال أوراق الملف .
أسباب الطعن :
... لماهية الجرم وللأثر السلبي الذي يتركه في المجتمع وكون الجرم ثابت بحقه .
النظر في الطعن :
... حيث تبين من أوراق الدعوى أن المطعون ضده عمر محكوم بالأشغال الشاقة مدة ست سنوات بعد التخفيف ... الخ ... بجناية إجراء الفعل المنافي للحشمة بالمجني عليه عبد الكريم لمرتين متتاليتين بالعنف والتهديد والإكراه .
...
وحيث أن محكمة جنايات حماة قررت بتاريخ 14 / 2 / 2002 وقف الحكم النافذ بحق المحكوم عليه المطعون ضده وطعنت النيابة العامة بحماه بالقرار المذكور في هذه القضية للأسباب المذكورة آنفاً .
... وحيث أنه تبين من الأوراق أنه سبق للمحكمة أن ردت طلب منح المطعون ضده وقف الحكم النافذ بتاريخ 17 / 1 / 2002 وعللت ذلك بعدم قناعتها أن المحكوم عليه قد أصلح نفسه .
... وبتاريخ 14 / 2 / 2002 صدر عن نفس المحكمة القرار بمنح المحكوم عليه وقف الحكم النافذ لقناعتها أنه قد أصلح نفسه فعلاً . وقد طعنت النيابة العامة بهذا القرار .(1/20)
... ولما كان تبين أن المدة الفاصلة بين القرارين أقل من شهر وكيف تسنى للمحكمة تبديل قناعتها وما هي الأسس التي بنت عليها تلك القناعة . هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المادة 172 من قانون العقوبات وبفقرتها الأولى نصت على ( للقاضي أن يفرج ... ) وهو نص جوازي وليس وجوبي ، وقد ترك المشرع هذا الأمر للقاضي ولو كان قصده الوجوب لم يعد للقاضي دور في ذلك . وكان أمر النظر في وقف الحكم النافذ أمر روتيني .
... وحيث أنه ولئن كان موضوع وقف الحكم النافذ لا علاقة له بالعقوبة المفروضة إلا أن ذلك يبقي من صلاحيات المحكمة والبت بالطلب سلباً أو إيجاباً متروك لوجدان القاضي وضميره من خلال أوراق الملف والأمور الأخرى التي تضعها المحكمة في اعتبارها . واستطراداً فإن ماهية الجرم وبشاعته والكيفية التي تم بها وآثارها التي تهدد المجتمع والأخلاق العامة تجعل الأسباب الواردة في الطعن تنال منه ويتعين نقضه .
لذلك تقرر :
... قبول الطعن موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه .
( ورد في مجلة المحامون السورية لعام 2004 ، قضاء المحاكم ص 1096 )
... القضية : 3903 أساس لعام 2005 .
... قرار : 1310 لعام 2005 .
... تاريخ : 26 / 7 / 2005 .
... محكمة النقض – الغرفة الجنائية الأولى .
... السادة : محمد يحيى حيدر – محمد أنيس سليمان – فارس صطوف .
65- المبدأ : أصول – حكم نافذ – وقفه – منح وقف الحكم النافذ من عدمه
... متروك لتقدير المحكمة في ضوء أوراق الملف .
... القرار المطعون فيه الصادر عن جنايات ريف دمشق برقم متفرقة 41 وتاريخ 20 / 6 / 2005 .
... المتضمن : وقف القرار الطعين .
... وعلى كافة أوراق الدعوى وعلى مطالبة النيابة العامة المؤرخة في
30 / 6 / 2005 رقم 1609 المتضمنة طلب قبول الطعن موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه وبالمداولة أتخذ القرار الآتي :
أسباب الطعن :
... لماهية الجرم ولعدم تحقيق الردع من جراء العقوبة .
النظر بالطعن :(1/21)
... حيث أن منح وقف الحكم النافذ من عدمه متروك لتقدير المحكمة في ضوء أوراق الملف وإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قد أصدرت قرارها بمنح المحكوم عليه المطعون ضده وقف الحكم النافذ بحقه وليس من مانع قانوني يحول دون ذلك فيكون قرارها في محله ويتعين تصديقه .
لذلك تقرر بالإجماع :
... رد الطعن موضوعاً .
... إطلاق سراح المطعون ضده ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر .
( ورد في مجلة المحامون السورية لعام 2006 ، قضاء المحاكم ص 134 )
... ومن الاجتهادات القضائية الواردة في هذا الصدد ما يلي :
66- إن المشرع لم يعلق وقف الحكم النافذ على نوع الجريمة وموضوعها
... وأسبابها وظروفها ، إنما يوقف ذلك على ظروف وعناصر تنشأ بعد
... صدور الحكم وأثناء تنفيذ العقوبة .
... ... ... ... ( جناية أساس 1216 قرار 891 تاريخ 10/5/1987 )
67- أنه لجهة اشتراط وقف الحكم النافذ يدفع الحقوق الشخصية المقضي بها
... لجهة الإدعاء الشخصي ، فإن هذا الشرط لا يؤخر وقف الحكم النافذ ،
... وإنما يجب تحديد المدة التي يتوجب خلالها أداء هذه الحقوق حتى إذا أخل
... المحكوم عليه بهذا الشرط صار إلى التنفيذ مجدداً .
... ... ... ... ( نقض سوري – جناية 619 قرار 54 تاريخ 7/2/1984 )
68- إن عدم دفع الحقوق الشخصية ليس من شأنه أن يحول دون منح وقف
... الحكم النافذ وإنما يجب تحديد المدة التي يتوجب خلالها أداء هذه الحقوق
... حتى إذا أخل المحكوم عليه بهذا الشرط يصار إلى التنفيذ مجدداً .
... ( نقض سوري – جناية 619 قرار 45 تاريخ 27/2/1984 – قرار مماثل 418 – لعام 1981 )
69- إن وقف الحكم النافذ مشروط منحه بانقضاء ثلاثة أرباع العقوبة وبصلاح
... المحكوم عليه فعلاً وتقدير ذلك مسألة واقع لا مسألة قانون ولا يدخل
... تحت تمحيص محكمة النقض .
( نقض سوري – جناية 1031 قرار 493 تاريخ 5/6/1984 – قرار مماثل 162 – أمن اقتصادي لعام 1983 )
}}المراجع القانونية المعتمدة في كتابة الرسالة{{(1/22)
1- قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148/1949 مع التعديلات الطارئة على بعض أحكامه .
2- قانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 112 لعام 2005 . للأستاذ ممدوح عطري .
3- مجموعة قانون أصول المحاكمات الجزائية للأستاذ أديب استانبولي .
4- الحكم الجزائي للأستاذ عبد الوهاب بدرة .
5- طلب الشفقة والرحمة في ظل قانون أصول المحاكمات الجزائية للأستاذ محمود زكي شمس .
6- كتاب قاضي الإحالة للأستاذ دركزللي .
7- مجلة المحامون .
انتهى بعونه تعالى
... ... ... ... ... ... ... ... المحامي
... ... ... ... ... ... ... أحمد رائد مصطفى ضبنية(1/23)