إرشاد المهتدين
إلى نصرة المجتهدين
تأليف
الإمام العالم العلامة خاتمة الحفاظ والمجتهدين
جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن ابي بكر
السيوطي الشافعي رحمه الله تعالى
تحقيق
أبي يعلى البيضاوي عفا الله عنه
بسم الله رحمن الرحيم
[وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ] (1)
الحمد لله وكفى
وسلام على عباده الدين اصطفى
وبعد فقد وقع الكلام الآن في ثلاثة مسائل متعلقة بالاجتهاد
أحدها : هل الاجتهاد موجود الآن, أو لا ؟
والثانية : هل المجتهد المطلق هو المجتهد المستقل؟ , أو بينهما فرق ؟
والثالثة هل المجتهد له أن يتولى المدارس الموقوفة على الشافعية مثلا, أو لا ؟
وكل من المسائل الثلاث جوابها منقول, ومنصوص للعلماء, بل ومجمع عليه, لا خلاف فيه صادق من عالم, و إنما فيه نزاع ومكابرة من غير العلماء الموثوق بهم ,
وقد كنت ألفت في العام الماضي كتابا سميته : ((الرد على من أخلد إلى الارض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض)) (2) , وهو كتاب جليل حافل , فيه نفائس متعلقة بالاجتهاد , و ألخص هنا منها ما يتعلق بهذه المسائل الثلاث فنقول:
أما المسألة الأولى
فالجواب عنها من وجهين :
__________
(1) - ليست في ( ب )
(2) - طبع في دار الكتب لعلمية 1403 هـ في مجلد بتحقيق (خليل الميس), وهو كتاب نفيس, فيه نقول ناذرة من كتب لم تصل إلينا(1/1)
أحدها : أن العلماء من جميع المذاهب متفقون على أن الاجتهاد فرض من فروض الكفايات في كل عصر , وواجب على أهل كل زمان أن يقوم به بعضهم , وأنه متى قصر فيه أهل عصر بحيث خلا العصر عن مجتهد أثموا كلهم , وعصوا بأسرهم , وممن أشار إلى ما ذكرناه الامام (الشافعي) رضي الله عنه , ثم صاحبه (المزني) (1) , وصنف أعني (المزني) كتابا في ذلك سماه : [ ((فساد التقليد)) , وممن نص على ما ذكرناه في الفرضية , وتأثيم ] (2) أهل العصر, بأسرهم عند خلو العصر عن مجتهد نصا صريحا :
1- (الماوردي) (3) في أول كتابه ((الحاوي)) (4)
__________
(1) - أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني , الفقيه ناصر المذهب,قال الشافعي : المزني ناصر مذهبي, توفى سنة 264هـ ,ترجمته في (طبقات الشيرازي)(97) و((طبقات السبكي))(2\93) و((سير الأعلام))(12\492) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\7)
(2) - ما بين المعقوفتين ساقط من نسخة ( ب )
(3) - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري القاضي الشافعي, من تصانيفه : ((الحاوي)) في الفقه, و((أدب الدين والدنيا)) و((الاحكام السلطانية)), توفي سنة 450هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(5\217) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\240), و((طبقات ابن الملقن))(ص91\229)
(4) - (1\15), ((الحاوي الكبير)) في الفروع , وهو كتاب عظيم , في عشر مجلدات , ويقال أنه ثلاثون مجلدا , لم يؤلف في المذهب مثله, طبع في دار الكتب العلمية 1414هـ في (18) مجلدا بتحقيق (علي محمد عوض) , و(عادل احمد عبد الموجود) , وفي دار الفكر بيروت 1410هـ في (20) مجلدا بتحقيق (محمود مطرجي)(1/2)
2- و(الروياني) (1) في أول ((البحر)) (2)
3- والقاضي (حسين) (3) في ((تعليقه)) (4)
4- و(الزبيري) (5) في كتاب ((المسكت)) (6)
__________
(1) - عبد الواحد بن إسماعيل, أبو المحاسن الروياني الطبري القاضي الروياني الشافعي, برع في المذهب حتى أنه كان يقول : لو احترقت كتب الشافعي كنت أميلها من حفظي, وله في المذهب مصنفات ما سبق إليها, منها : كتاب ((بحر المذهب)), وهو من أطول كتب الشافعية, وكتاب ((مناصيص الشافعي)), وصنف في الاصول والخلاف, قتل رحمه الله س 502هـ, ((طبقات السبكي))(7\193) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\318), و(طبقات الاسنوي))(11\565), و((طبقات ابن الملقن))(ص113\294)
(2) - انظر (الرد على من أخلد إلى الأرض)(ص68), وكتاب ((البحر)) ذكره في ((كشف الظنون))(1\226) وقال: هو بحر كاسمه
(3) - القاضي حسين بن محمد المروزي المعروف بالقاضي, له ((تلخيص التهذيب)) للبغوي, و((التعليق)) الكبير, توفي سنة 462هـ , ترجمته في (طبقات الاسنوي)(2\70), و(وفيات ابن خلكان)(1\82)
(4) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الأرض))(ص69)
(5) - أحمد بن سليمان الزبيري الشافعي, أبو عبد الله البصري, من أصحاب الوجوه, من تصانيفه ((الكافي)) في الفقه الشافعي, و((التنبيه)) توفي سنة 474 هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(3\295), و((طبقات ابن الملقن))(ص33\44)
(6) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الأرض))(ص69), وكتاب ((المسكت)) ذكره في ((كشف الظنون))(2 \1676) فقال : ((المسكت)) لأبي عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان الزبيري الشافعي, وهو : كتاب غريب كالالغاز, اختصره بعض الفضلاء(1/3)
5- و(ابن سراقة) (1) في كتاب (([ الأعداد ])) (2)
6- و(إمام الحرمين) (3) في [ كتاب ] (4) السير من ((النهاية)) (5)
__________
(1) - محمد بن محمد بن إبراهيم الانصاري الشاطبي المصري من كتبه : ((اعجاز القرآن)), و((الحيل الشرعية)), وكتاب ((الاعداد)), توفي سنة 662هـ , ترجمته في (الشذرات)(5\310)
(2) - في نسخة أ [ الاعتداد ] والمثبت من نسخة ( ب ), و((كشف الظنون))(2 \1394) وقال : كتاب ((الأعداد)) في مجلد, وهو تأليف غريب, يذكر فيه مراتب الأعداد, ويذكر ما ورد منها في القرآن, وما رتب عليها من الاحكام, أو وافقها في العدد
(3) - هو ضياء الدين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني الشافعي, من كتبه : ((الورقات)) و((البرهان)) و((التلخيص)) في أصول لفقه, و((الارشاد)) في أصول الدين, و((النهاية)) في الفقه, وغير ذلك, توفي سنة 478هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي)(5\165), و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\275), و((طبقات ابن الملقن))(ص101\257)
(4) - في نسخة ( ب ) [ باب ]
(5) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الأرض))(ص71), وكتاب ((النهاية)) ذكره في ((كشف الظنون))(2\1990) وقال : ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) أوله : ( الحمد لله عزت قدرته حق حمده...الخ, جمعه بمكة المكرمة, وأتمه : بنيسابور, وقد مدحه ابن خلكان ,وقال :ما صنف في الاسلام مثله, قال ابن النجار, إنه يشتمل على : أربعين مجلدا, ثم لخصه, ولم يتم, واختصره أبو سعد عبد الله بن محمد اليمني المعروف بابن أبي عصرون المتوفى سنة 585هـ, وسماه : ((صفوة المذهب من نهاية المطلب)), وهو سبعة مجلدات(1/4)
7- و(الشهرستاني) (1) في ((الملل والنحل)) (2)
8- و(البغوي) (3) في أوائل ((التهذيب)) (4)
9- و(الغزالي) (5) في ((البسيط)) (6) , و((الوسيط)) (7)
10- و(ابن الصلاح) (8) في ((أدب الفتيا)) (9)
11- و(النووي) في ((شرح المهذب)) (10) , و((شرح مسلم))
__________
(1) - أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني الشافعي, متكلم على مذهب الاشعري, من تصانيفه ((نهاية الاقدام)), و((الملل والنحل)) وغير ذلك, توفي سنة 548 هـ , ترجمته في ((طبقات الاسنوي))(2\131), و((طبقات السبكي))(4\78)
(2) - (1\197), طبعة دار المعرفة بيروت 1404هـ تحقيق (محمد سيد كيلاني)
(3) - أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي المعروف بابن الفراء , من مؤلفاته : ((تفسير معالم التنزيل)), و((شرح السنة)), و((مصابيح السنة), توفي سنة 516هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(7\75), و((طبقات ابن قاضي شهبة))01\310)
(4) - (1\104), طبعة دار الكتب العلمية بيروت في (8) مجلدات بتحقيق (علي محمد عوض) و(عادل احمد عبد الموجود)
(5) - هو أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الشافعي, له نحو مائتي مصنف, منها ((إحياء علوم الدين)) و((تهافت الفلاسفة)) وغير ذلك, توفي سنة 505هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(6\191), و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\326)
(6) - ذكره في ((كشف الظنون))((1 \245قال (: وهو كالمختصر (( للنهاية))
(7) - طبع في دار الكتب العلمية في (4) مجلدات
(8) - الحافظ العلامة عثمان بن عبد الرحمن أبو عمرو الكردي الشهرورزي الشافعي , صاحب ((معرفة علوم الحديث)), المتوفى سنة 643هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(8\326), و((سير الأعلام))(23\140), و((شذرات الذهب))(5\221)
(9) - (1\25) طبعة مكتبة العلوم والحكم , عالم الكتب بيروت الطبعة الأولى 1407هـ تحقيق (د. موفق عبد الله عبد القادر)
(10) - ((شرح المهذب))(1\43) طبعة دار الفكر(1/5)
12- والشيخ (عز الدين بن عبد السلام) (1) في ((مختصر النهاية)) (2)
13- و(ابن الرفعة) (3) في ((المطلب)) (4)
__________
(1) - عبد العزيز بن عبد السلام عز الدين أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي, درس وأفتى, وصنف وبرع في المذهب, وبلغ رتبة الاجتهاد, وتخرج به أئمة , وكان أماراً بالمعروف, نهاء عن المنكر, لا يخاف في الله لومة لائم, ولي قضاء مصر, من كتبه : (( الغاية في اختصار النهاية)), و((القواعد الكبرى)) و((الصغرى)) غير ذلك, توفي سنة 660هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(8\209) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(2\137), و((طبقات ابن الملقن))(ص159\401)
(2) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص76)
(3) - بجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن الرفعة الأنصاري المصري الشافعي, من كتبه : ((الإيضاح والتبيان في المكيال والميزان)), و((كفاية النبيه في شرح التنبيه)) في الفروع, و((المطلب العالي)), و((النفائس في هدم الكنائس)) وغير ذلك , توفي سنة 710 هـ , ترجمته في ((طبقات الاسنوي))(ص199\556)
(4) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص78), وكتاب ((المطلب العالي في شرح الوسيط للغزالي)) في عشرين مجلدا, قال (الاسنوي) في وصفه : وهو أعجوبة في كثرة النصوص و[ المباحث ], ولم يكمله , بل بقي عليه من صلاة الجماعة إلى البيع, وهو نحو الثمن, وانظر ((هدية العارفين))(1\54)(1/6)
14- و(الزركشي) (1) في كتاب ((القواعد)) (2) , و((البحر)) (3)
وذكر (ابن الصلاح)) أن ظاهر كلام الاصحاب أن المجتهد المطلق هو الذي يتأدى به فرض الكفاية, وأما المجتهد المقيد فلا يتأدى به الفرض
فهؤلاء أئمة أصحابنا نصوا نصا صريحا على أن الاجتهاد في كل عصر فرض كفاية , و أن أهل العصر إذا قصروا فيه أثموا كلهم
__________
(1) - بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي, من كتبه : ((البحر المحيط)) في أصول الفقه, و((تشنيف المسامع في شرح جمع الجوامع))), و((البرهان في علوم القرآن)) وغير لك, توفي سنة 794هـ , ترجمته في ((الدرر الكامنة))(3\397), و((شذرات الذهب))(6\335)
(2) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص79)
(3) - ((البحر المحيط)) في أصول الفقه , طبع في دار الكتبي مصر 1414هـ بتحقيق لجنة من العلماء, وبدار الكتب العلمية بيروت 1421هـ في (4) مجلدات بتحقيق (محمد تامر)(1/7)
وممن نص على ذلك من أئمة المالكية القاضي (عبد الوهاب) (1) في ((المقدمات)) (2) , و(ابن القصار) (3) في كتابه في أصول الفقه (4) , ونقله عن مذهب (مالك) وجمهور العلماء , و(القرافي) (5) في ((التنقيح)) (6) , و(ابن عبد السلام) [ المالكي ] (7)
__________
(1) - القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر أبو محمد البغدادي المالكي,.كان شيخ المالكية في عصره, وعالمهم, قال الخطيب : كتبت عنه وكان ثقة, لم ألق أفقه منه, ولي القضاء بباذاريا, وخرج في آخر عمره إلى مصر فمات بها سنة 422هـ, من كتبه : ((المعرفة في شرح الرسالة)),و((النصرة لمذهب مالك)), و((شرح المدونة)) وغير ذلك, ترجمته في ((الديباج))(ص261\343), و((شجرة النور))(ص103), و((شذرات الذهب))(3\223)
(2) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص81) , وكتاب ((المقدمات)) في أصول الفقه
(3) - أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه المالكي الشهير (بابن القصار), قال الحافظ أبو ذر : هو أفقه من رأيت من المالكيين, توفى سنة 397هـ, ترجمته في ((الديباج))(ص296\386), و((سير الأعلام))(11\23), و((الشذرات))(3\149)
(4) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص80), وكتاب (ابن القصار) طبع في دار الغرب الاسلامي في مجلد لطيف
(5) - أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن الصهاجي شهاب الدين أبو العباس القرافي, فقيه أصولي مالكي, من تصانيفه: ((الذخيرة)) في الفروع, و((الاستغناء في أحكام الاستثناء)), و((أنوار البروق في أنواع الفروق)) في القواعد الفقهية, و((تنقيح الفصول في الأصول)), وغير ذلك, توفي سنة 684 هـ , ترجمته في ((الديباج))(1\236), و((شجرة النور))(ص188)
(6) - (ص430) طبعة دار الفكر بيروت 1393 هـ تحقيق (طه عبد الرؤوف سعد)
(7) - زيادة من نسخة ( ب ), وابن عبد السلام هو الشيخ أبو عبد الله عز الدين أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بن إسحاق الأموي التونسي المالكي قاضي الجماعة المتوفى سنة 749هـ, ترجمته في ((الديباج))(ص418\583) ,((شجرة النور))(ص210)(1/8)
في ((شرح مختصر ابن الحاجب)) (1) , و(أبو محمد بن [ ستاري ]) (2) في ((المسائل المنثورة)) و(ابن عرفة) (3) في كتابه ((المبسوط)) (4) في الفقه
وقد سقنا عبارات هؤلاء بحروفها في كتاب ((الرد على من أخلد إلى الارض)) فليراجعه من أراد الوقوف عليه (5)
__________
(1) - كتاب في فروع المالكية , واسمه الكامل : ((تنبيه الطالب لفهم ألفاظ جامع الأمهات لابن الحاجب)), ذكره في ((كشف الظنون))(1\487)
(2) - في ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص92): (أبو محمد عبد الله بن علي بن ستاري) من اهل المغرب
(3) - محمد بن محمد الورغمي التونسي المالكي المعروف :( بابن عرفة) المتوفى سنة 803هـ, ترجمته في ((الديباج)(ص419\585) و((شجرة النور))(ص227) و((شذرات الذهب))(7\37)
(4) - ذكره في ((كشف الظنون))(2\1582) وقال: المبسوط في الفقه المالكي في : تسعة أسفار
(5) - انظر كتاب ((الرد على من أخلد إلى الارض)) من (ص68) إلى (ص96)(1/9)
الوجه الثاني : أن جمهور العلماء نصوا على أنه يستحيل عقلا خلو الزمان عن مجتهد , إلى أن تأتي أشراط الساعة الكبرى , وأنه متى خلا الزمان عن مجتهد تعطلت الشريعة , وزال التكليف , وسقطت الحجة , وصار الأمر كزمن الفترة , وممن نص على ذلك نصا صريحا الأستاذ (أبو إسحاق الاسفراييني) (1) , و(الزبيري) , و(إمام الحرمين) في ((البرهان)) (2) , و(الغزالي) في ((المنخول)) (3), ونقله (ابن برهان) (4) في ((الوجيز)) (5) , عن طائفة من الاصوليين
ورجحه (ابن دقيق العيد) (6) , و(ابن عبد السلام) من المالكية في شرح ((المختصر)) (7)
وجزم به القاضي (عبد الوهاب) في ((الملخص)) (8)
__________
(1) - هو أبو إسحاف ابراهيم بن محمد بن مهران الاسفراييني الفقيه الشافعي الاصولي من كتبه : ((الجامع في أصول الدين و الرد على الملحدين))توفي سنة 418هـ , ترجمته في ((سير الأعلام))(17\353) و((الشذرات))(3\209)
(2) - ((البرهان))(ص443) طبعة دار الوفاء مصر تحقيق ( عبد العظيم محمد الذيب)
(3) - ((المنخول))(ص313) طبعة دار الفكر دمشق 1410 تحقيق (محمد حسن هيتو)
(4) - أحمد بن علي بن محمد بن برهان بفتح الباء الموحدة وسكون الراء الوكيل أبو الفتح الفقيه الشافعي, تفقه في صباه على مذهب أحمد بن حنبل على ابن عقيل, ثم تمذهب للشافعي, وقرأ على أبي بكر الشاشي, والغزالي والكيا الطبري, ولي التدريس بالنظامية وعزل, ثم أعيد ثم عزل بعد يوم, توفي سنة518هـ , له : (( الوجيز)) في أصول الفقه, ترجمته في ((الوافي في الوفيات))(1\949(
(5) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص100) , و((الوجيز)) في الأصول, ذكره في ((كشف الظنون))(2\2001)
(6) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص97)
(7) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص91)
(8) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص102)(1/10)
وأشار إليه الشيخ (أبو إسحاق [ الشيرازي ]) (1) في ((اللمع)) (2)
وهو مذهب الحنابلة بأسرهم , نقله عنهم (ابن الحاجب) (3) في ((مختصره)) (4), و(ابن الساعاتي) (5) من الحنفية في ((البديع)) (6) , و(ابن السبكي) في ((جمع الجوامع)) (7)
__________
(1) - ما بين المعقوفتين زيادة من نسخة ب, وهو الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف جمال الدين الفيروزآبادي الشافعي, من كتبه : ((التبصرة)) في أصول الفقه,, و((التنبيه)) في الفروع , ((اللمع)) في الأصول, ثم شرحه, وغير ذلك وتوفي بها سنة 476 هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(4\215) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\251) و((طبقات ابن الملقن))(ص100\252)
(2) - ((اللمع)) في أصول الفقه (ص90) طبعة دار الكتب العلمية
(3) - هو أبو عمرو جمال الدين عثمان بن عمر المالكي المصري, له تصانيف كثيرة في النحو والفقه والاصول, منها ((مختصره الفرعي), و((المختصر الاصولي)) المشهور سماه : ((منتهى السول والامل في علمي الاصول والجدل)), ثم اختصر هذا ((المختصر)) وهو المعروف ((بمختصر المنتهي)), وعليه شرح (لعضد الدين الإيجي) توفي (ابن الحاجب) سنة 646هـ , ترجمته في ((الديباج))(ص289\377), و((شجرة النور))(ص167), و((سير الأعلام))(23\264)
(4) - ((شرح العضد على مختصر ابن الحاجب))(ص391) طبعة دار الكتب العلمية 1421هـ
(5) - هو الشيخ أحمد بن علي بن تغلب بن أبي الضياء الحنفي المعروف (بابن الساعاتي) المتوفى سنة 694هـ , ترجمته في ((الجواهر المضية في طبقات الحنفية))(1\208\147) و((تاج التراجم))(ص95) و((الفوائد البهية))(ص26)
(6) - ((نهاية الوصول إلى علم الاصول)) المعروف بـ : ((بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والاحكام))(ص283) طبع بدار الكتب العلمية 1425هـ بتحقيق (حسن إسبر) في مجلد
(7) - ((جمع الجوامع))(ص122) طبعة دار الكتب العلمية 121هـ(1/11)
وقال (ابن عرفة) المالكي في كتابه في الفقه : قد قال (الفخر الرازي) (1) في ((المحصول)) (2) , وتبعه (السراج) (3) في ((تحصيله)) (4) , و(التاج) (5) في ((حاصله)) (6) ما نصه :
ولو بقي من المجتهدين - والعياذ بالله- واحد كان قوله حجة , قال : فاستعاذتهم تدل على بقاء الاجتهاد في عصرهم
قال: و(الفخر) توفي سنة ست وستمائة , هذا كلام (ابن عرفة)
__________
(1) - هو فخر الدين محمد بن عمر الرازري المتكلم الاشعري المشهور, وصاحب ((المحصول)) في اصول الفقه وغيرها من التصانيف , توفي سنة 606 هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(8\81) و((شذرات الذهب))(5\18)
(2) - طبع في جامعة الإمام ابن سعود الرياض 1399هـ بتحقيق (طه جابر فياض العلواني), وكذا في دار الكتب العلمية بيروت في مجلدين
(3) - سراج الدين أبو الثناء محمود بن أبي بكر الأرموي المتوفى : سنة 682 هـ
(4) - هو كتاب: ((التحصيل في اختصار المحصول للرازي)) في اصول الفقه, ذكره في ((كشف لظنون))(2\1615) وقال :وهو : مشهور متداول, هو طبع في مؤسسة الرسالة 1408هـ بتحقيق (عبد الحميد علي بن ابي زنيد)
(5) - هو القاضي تاج الدين محمد بن حسين الأرموي الشافعي المتوفى سنة 656 هـ
(6) - هو كتاب ((الحاصل من المحصول)), ذكره في ((كشف الظنون))(1\1650), اختصر فيه كتاب ((المحصول)) للرازي اختصارا من جهة اللفظ دون المعنى ولم يحذف من مسائل الكتاب إلا ما تكررت مباحثها وقلت الحاجة إليها حتى لا يكاد يبلغ عشره, أتمه في ذي الحجة سنة 614 هـ, طبع في جامعة قريانوس ليبيا 1994هـ بتحقيق (عبد السلام محمود أبو ناجي)(1/12)
وقد وجدت ما هو أبلغ من ذلك, فذكر (التبريزي) (1) في ((تنقيح المحصول)) (2) ما نصه : لا يعتبر في المجمعين عدد التواتر , فلو انتهوا والعياذ بالله إلى ثلاثة , كان إجماعهم حجة , ولو لم يبق منهم إلا واحد كان قوله حجة , لأنه كل الأمة , وإن كان ينبو عنه لفظ الاجماع
وقال (الزركشي) في ((البحر)) (3): قال الأستاذ (أبو إسحاق) : يجوز أن لا يبقى في الدهر إلا مجتهد واحد , ولو اتفق ذلك فقوله حجة , كالاجماع , ويجوز أن يقال للواحد أمة , كما قال تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً } (النحل: من الاية : 120)
__________
(1) - هو الشيخ (أمين الدين مظفر بن أبي محمد التبريزي) الشافعي, صاحب المختصر المشهور في الفقه المتوفى سنة 621 هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(8\373) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(2\115) و(طبقات ابن الملقن))(ص153\394)
(2) - قال (ابن الملقن): المختصر المشهور فرغ منه سنة 611هـ بعد وفاة صاحب ((المحصول))بخمس سنين , وزاد من عنده فوائد وتغيير ما لم يرضه , حتى قال : إنه على الحقيقة , وإن سمي تنقيحا تضمن تهذيبا وتوشيحا, وذكره في ((كشف الظنون))(1\1615)
(3) - ((البحر المحيط))(3\558) فرع إذا لم يبق إلا مجتهد واحد فهل قوله حجة كالإجماع ؟(1/13)
ونقله (الصفي الهندي) (1) عن الاكثرين , وبه جزم (ابن سريج) (2) في كتاب ((الودائع) فقال :
وحقيقة الاجماع هو القول بالحق, فإذا حصل القول بالحق من واحد فهو إجماع
وقال (الكيا الهراسي) (3): اختلفوا هل يتصور قلة المجتهدين, بحيث لا يبقى في العصر إلا مجتهد واحد, والصحيح تصوره
وأما المسألة الثانية :
وهي هل المجتهد المطلق مرادف للمجتهد المستقل , أو بينهما فرق ؟
والجواب : أنهما ليسا مترادفين , بل بينهما فرق, وقد نص على ذلك (ابن الصلاح) في ((أدب الفتيا)) , و(النووي) في ((شرح المهذب)) , وذكر هو وغيره أنه من دهر طويل فقد المجتهد المستقل , ولم يبق إلا المجتهدون المنتسبون إلى المذاهب
وقرروا أن المجتهدين أصناف :
مجتهد مطلق مستقل
ومجتهد مطلق منتسب إلى إمام من الأئمة [ الأربعة ] (4)
ومجتهد مقيد
__________
(1) - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم صفي الدين الهندي الشافعي, الفقيه الأصولي , من كتبه : ((الفائق)) و((الزبدة)), ((نهاية الوصول في علم الاصول)) , توفي سنة 715هـ , ترجمته في ((الدرر الكامنة))(3\132) , و((شذرات الذهب))(6\37)
(2) - أحمد بن عمر بن سريج القاضي أبو العباس البغداذي, إمام أصحاب الشافعي, صنف التصانيف, ورد على مخالفي النصوص, قال أبو إسحاق: كان يقال له الباز الاشهب, ولي القضاء بشيراز, وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني, توفي سنة 306 هـ ترجمته في ((طبقات السبكي))(3\21), و((طبقات ابن الملقن))(ص30\39), ((سير الاعلام))(14\201)
(3) - علي بن محمد بن علي عماد الدين أبو الحسن إلْكِيا (أي الكبير بالفارسية), تفقَّه على إمام الحرمين , وولي تدريس النظامية ببغداذ إلى مات سنة 504هـ, من كتبه : ((احكام القرآن\ط)) في مجلدين, و((مباحث المجتهدين)), و((الرد على الإمام أحمد)), ترجمته في ((طبقات السبكي))(7\231), و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\319) و((طبقات ابن الملقن))(ص114\296)
(4) - ليست في نسخة ( ب )(1/14)
وأن الصنف الأول فقد من القرن الرابع , ولم يبق إلا الصنفان الآخران : المطلق المنتسب , والمقيد
وممن نص على ذلك من أصحابنا أيضا (ابن برهان) في ((الوجيز)) , ومن المالكية (ابن المنير) (1) , وقد سقت عباراتهم , وعبارات غيرهم في كتاب ((الرد على من أخلد على الارض)) فلينظر منه (2)
وأما المسألة الثالثة :
وهي : هل للمجتهد أن يلي وظائف الشافعية مثلا ؟
فالجواب :
أن المجتهد المطلق المنتسب والمجتهد المقيد كلاهما يستحقان ولايتها شرعا , بلا خلاف بين المسلمين , لأن هذين الصنفين من جملة الشافعية المنتسبين إلى الإمام (الشافعي) , لم يخرجوا بالاجتهاد عن الانتساب إليه , ولهذا اعتمد على تصانيفهم وفتاويهم , ونسبت إلى مذهب (الشافعي) , وما زالوا يولون تدريس الشافعية قديما وحديثا , كما سنبينه
وأما المجتهد المستقل غير المنتسب فذاك هو الذي لا يولاها إذا كان الوقف ليس مأخذه من بيت المال , ولهذا امتنع (السبكي) من دعوى الاجتهاد المستقل , مع كونه أهلا للاستقلال , واقتصر على دعوى الاجتهاد المطلق المنتسب
ولا أعرف أحدا من أصحابنا ادعى الاجتهاد [ المستقل ] (3) سوى (ابن جرير) (4)خاصة , وأما بقية الاصحاب الدين ادعوا الاجتهاد فاقتصروا على دعوى الاجتهاد المطلق المنتسب, ولهذا عدوا في الاصحاب , وذكرت تراجمهم في طبقات الفقهاء الشافعية
__________
(1) - أحمد بن محمد بن منصور الجذامي الاسكندري المالكي, من تصانيفه : ((البحر الكبير في نخب التفسير)) , و((مختصر التهذيب)), توفى سنة 683 هـ, ترجمته في ((الديباج))(ص132\129), و((شجرة النور))(ص188), و((شذؤات الذهب))(5\381)
(2) - ((الرد على من أخلد على الارض))(ص113)
(3) - في نسخة ( ب ) [ المنتسب ] وهو خلاف المعنى
(4) - العلامة المجتهد الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري, صاحب التفسير المشهور, توفي سنة 310هـ , ترجمته في ((وفيات الاعيان))(3\332) , و((شذرات الذهب))(2\260)(1/15)
وحذف منها (ابن جرير) فلم يترجم فيها له , فكل من ترجمه العلماء في طبقات الشافعية فمن ادعى الاجتهاد فهو مطلق منتسب , لا مستقل , وهو مستحق لأوقاف الشافعية
وقد قال (النووي) في ((الروضة)) (1) , و((الرافعي) (2) في ((الشرح)) (3) : المنتسبون إلى مذهب (الشافعي) , و(أبي حنيفة) , و(مالك) ثلاثة أصناف :
أحدها : العوام
الثاني : البالغون رتبة الاجتهاد , وقد ذكرنا أن المجتهد لا يقلد مجتهدا , وإنما نسب هؤلاء للشافعي لأنهم جروا على طريقته في الاجتهاد , واستعمال الادلة , وترتيب بعضها على بعض , ووافق اجتهادهم اجتهاده , وإذا خالف أحيانا لن يبالوا [ بالمخالفة ](4)
والصنف الثالث : المتوسطون وهم الذين لا يبلغون رتبة الاجتهاد في أصل الشرع, [ لكنهم ] (5) لأنهم وقفوا على أصول الإمام في الأبواب , وتمكنوا من قياس [ ما ] (6) لم يجدوه منصوصا له على ما ينص عليه
__________
(1) - هو كتاب ((روضة الطالبين وعمدة المتقين)) المشهور : ((بالروضة)) متن في فقه الشافعية , اختصره من ((شرح الوجيز للرافعي)) , وقد اعتنى به جماعة من الشافعية فشرحوه, انظره في (( كشف الظنون))(1\929), وهو مطبوع متداول
(2) - هو عبد الكريم بن محمد الامام العلامة إمام الدين أبو القاسم الرافعي القزويني صاحب ((الشرح الكبير)), ذكره ابن الصلاح وقال : أظن أني لم أر في بلاد العجم مثله, وكان ذا فنون حسن السيرة, صنف ((شرح الوجيز)) في بضعة عشر مجلداً ؛ لم يشرح ((الوجيز)) بمثله, وكان زاهداً ورعاً متواضعاً, توفي سنة 623هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(8\281) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(2\94), و((طبقات الاسنوي))(1\374)
(3) - هو كتاب ((العزيز شرح الوجيز)), طبع بهامش شرح النووي ((للمهذب)), ثم طبع مفردا في دار الكتب العلمية في(14) مجلدا
(4) - في نسخة ( أ ) [ بالمطابقة ] والمثبت من نسخة ( ب ) وهو أولى عندي والله اعلم
(5) - في نسخة ( ب ) : [ لانهم ]
(6) - سقطت من نسخة ( أ )(1/16)
[ كذا ] (1) كلام (الرافعي) , و(النووي) في ((الروضة))
فانظر كيف قسما أتباع الائمة إلى ثلاثة أصناف , وجعلا من جملتهم من بلغ رتبة الاجتهاد, ولم [ يخرجاه ] (2) ببلوغه الاجتهاد عن انتسابه إلى مذهب (الشافعي)
وقد نص على [ ذلك ] (3) أيضا (إمام الحرمين) , فقال في كتابه الذي ألفه في ترجيح مذهب (الشافعي) (4) ما نصه: فإن قيل : (فابن سريج) , و(المزني) , ومن بعده (كالقفال) (5) , و(الشاسي) (6) , وغير هؤلاء كان لهم منصب الاجتهاد
__________
(1) - في نسخة ( ب ) [ هذا ]
(2) - في نسخة ( أ ) [ يخرجه ] والمثبت من نسخة ( ب )
(3) - في نسخة ( ب ) [ هذا ]
(4) - هو كتاب ((مغيث الخلق في ترجيح القول الأحق)), طبع في المطبعة المصرية 1352هـ , ذكر فيه أدلته على أفضلية تقليد المذهب الشافعي على غيره من المذاهب, لا سيما الحنفي, ولذلك تصدى له علماء الحنفية بالرد, فألف الشيخ (علي بن سلطان محمد القاري الهروي) المتوفى سنة 1014 هـ كتابه ((تشييع فقهاء الحنفية في تشنيع سفهاء الشافعية )), والشيخ (نوح بن مصطفى القونوي) المفتي الحنفي المتوفى سنة 1070هـ كتاب ((الكلمات الشريفة في تنويه الإمام أبي حنيفة عن الترهات السخيفة)), و(الكوثري) في كتابه ((إحقاق الحق بإبطال الباطل في مغيث الحق)) حشاه تعصبا وتجنيا كعادته , وكتاب الأخير مطبوع
(5) -هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله القفال المروزي , أشهر شيوخ الشافعية بخراسان, له ((شرح)) فروع ابن الحداد, توفي سنة 417 هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(3\71), و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\124)
(6) - أبو الحسن القاسم بن أبي بكر محمد بن علي القفال الشاشي الشافعي المتوفى في حدود سنة 400 , له ((التقريب)) شرح مختصر المزني في الفروع, ترجمته في ((طبقات السبكي))(3\472) و((طبقات ابن قاضي شهبة))(1\182)(1/17)
فالجواب : إن هؤلاء كثرث تصرفاتهم في المذهب (الشافعي) , والذب عن طريقته , ونصرته , وشمروا عن ساق الجد في تصويبه , وتقريره , وتصرفوا فيه استنباطا , وتخريجا , وقلت اختياراتهم الخارجة عن مذهبه , وكانوا معترفين بأنهم من متبعي (الشافعي) , ومقتفي آثاره , ومقتبسي أنواره , هذا كلام (إمام الحرمين) (1)
ونص على مثل ذلك أيضا (ابن الصلاح) قال في ((طبقاته)) (2) : في ترجمة (محمد بن نصر) ما نصه :
ربما تذرع [متذرع ] بكثرة اختياراته المخالفة لمذهب (الشافعي) إلى [ الانكار ] (3) على الجماعة العادين له في أصحابنا , وليس الأمر كذلك , لأنه من هذا بمنزلة (ابن خزيمة) , و(المزني) , و(أبي ثور) وغيرهم , ولقد كثرت اختياراتهم المخالفة لمذهب (الشافعي), ثم لم يخرجهم هذا عن أن يكونوا في قبيل أصحاب (الشافعي) معدودين, وبوصف الاعتزاء إليه [ موصوفين ] (4) , هذا كلام (ابن الصلاح)
__________
(1) - النقل عن ((مغيث الخلق)) مخالف لما في المطبوع ففيه (ص48) : فان قيل ما قولكم في (ابن شريح) و(المزني), ومن بعده (كالقفال الشاسي) وغيره, فهم لم يكن لهم منصب الاجتهاد, ونحلوا مذهب الشافعي وعلموا المذاهب بأسرها وأجمعها, واختاروا أصحها, والشافعي نحل مذاهب من تقدمه , وهؤلاء نحلوا مذهبه , فمنتحل المنتحل أفضل وأجمل من المنحل وحده, والجواب قلنا : كثرث تصرفاتهم في مذهب الشافعي والذب عن طريقته و ونصرته , وشمروا عن ساق الجد في تصويبه وتقريره, وتصرفوا فيه استنباطا وتخريجا, وقلت اختياراتهم ثم لم يستمدوا من علم الاصول, ولم يدعوا لانفسهم أهلية هذا المذهب, بل كانوا معترفين بأنهم مقلدو الشافعي وتابعوه, واقتفوا آثاره, ومقتبسو أنواره اهـ
(2) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص189)
(3) - في نسخة ( ب ) [ إنكار ]
(4) - سقطت من نسخة ( أ )(1/18)
إن نصوص العلماء مطبقة على أن المجتهدين من أتباع الائمة , غير خارجين عن الانتساب إليهم , والعداد في جماعة أصحابهم , والاعتزاء إليهم , فيقال لهم : الشافعية, والمالكية, والحنفية, [ و ] (1) يدخلون في الوقف على هذه الطوائف
وقد استقرينا أمر المدارس منذ بنيت فلم [ نجد ] (2) تولاها في قديم الزمان إلا المجتهدون , فكيف يحرمها المجتهدون في آخر الزمان , و [ يُقَدَّم ] (3) عليهم المقلدون
بيان ما قلناه : أن أول من بنى المدارس للشافعية فيما نص عليه جماعة [ الوزير ] (4) (نظام الملك) (5) , وأول مدرسة بناها النظامية التي ببغداد , وبناها في سنة سبع وخمسين وأربعمائة , ووقفها على الشافعية
__________
(1) - سقطت من ( أ )
(2) - في (ب ) : [ تجده ]
(3) - في ( ب ) : ] نقدم ]
(4) - زيادة من ( ب )
(5) - الوزير نظام الملك الحسن بن علي أبو علي نظام الملك قوام الدين الطوسي, كان مجلسه عامراً بالفقهاء والقراء, أمر ببناء المدارس في الأمصار, وسمع الحديث, وأملى في البلاد, وحضر مجلسه الحفاظ, وزر للسلطان ألب أرسلان وكان يدبر أمره, وجرى على يديه من الرسوم المستحسنة, ونفي الظلم, ثم وزر بعده لملكشاه بن ألب أرسلان, وهو أول من بنى المدارس في الإسلام بني نظامية بغداد ونظامية نيسابور, ونظامية طوس, ونظامية إصبهان, وغير ذلك من الربط وأنواع البر, قتل رحمه الله سنة485 هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(4\309), و((طبقات ابن الملقن))(ص269\964), و((سير الاعلام))(19\49)(1/19)
وأول من تولى تدريسها بتقرير الواقف (أبو نصر بن الصباغ) (1) صاحب ((الشامل)) (2), وهو موصوف بالاجتهاد المطلق , كما ذكره (ابن السبكي) في ترجمته في ((الطبقات)) (3), ثم بني (نطام الملك)) أيضا مدرسته بنيسابور تسمى : النظامية , وشرطها للشافعية أيضا , وأول من وليها بتقريره (إمام الحرمين) , وهو موصوف بالاجتهاد المطلق , وصفه به بذلك جماعة , حتى قال (ابن السبكي) في ترجمته في ((الطبقات الكبرى)) (4) : إمام الحرمين لا يتقيد (بالاشعري) , بل ولا (بالشافعي) , وإنما يتكلم على حسب [ ما أدى إليه ] (5) نظره , واجتهاده
وقال الحافظ (سراج الدين القزويني) في ((فهرسته)) في وصف (إمام الحرمين): هو المجتهد بن المجتهد
وقال غيره في ترجمته : بلغ الاجتهاد , وسارت مصنفاته في البلاد
__________
(1) - هو عبد السيد بن محمد أبو نصر بن الصباغ الشافعي ,قال أبو الوفاء ابن عقيل : كملت فيه شرائط الاجتهاد المطلق, من كتبه ((الشامل)), و((الكامل)), و((الطريق السالم)) وغيرها , توفي سنة 469هـ, ترجمته في ((طبقات السبكي))(5\122), و((طبقات الاسنوي))(2\130), و((طبقات ابن الملقن))(ص101\256)
(2) - ذكره في ((كشف الظنون))(2\1025) فقال : ((لشامل)) في فروع الشافعية لأبي نصر عبد السيد بن محمد المعروف بابن الصباغ, قال ابن خلكان : هو من أجود كتب الشافعية وأصحها نقلا, وله شروح وتعليقات منها :: ((شرح)) للإمام أبي بكر محمد بن أحمد البغدادي الشاشي المتوفى سنة 507 هـ, في عشرين مجلدا, سماه : ((الشافي)), و((شرح)) لعثمان بن عبد الملك الكردي المتوفى سنة 738 هـ, و((شرح)) لابن خطيب الجبريني فخر الدين عثمان بن علي الحلبي المتوفى سنة 739 هـ
(3) - ((طبقات السبكي)(5\122)
(4) - ((طبقات السبكي))( )
(5) - في (ب ) : [ ما انه ] والمثبت من ( أ )(1/20)
وقال (ابن المنير) في أول ((تفسيره)) (1) : إمام الحرمين له علو همة [ إلى ] (2) مساوقة المجتهدين
وهاتان المدرستان أول المدارس التي وقفت على الشافعية , وأول من وليها من هو موصوف بالاجتهاد
وممن ولي تدريس الشافعية من المجتهدين حجة الاسلام (الغزالي) , فقد ادعى هو الاجتهاد في كتابه ((المنقذ من الضلال)) (3) , وأشار فيه إلى أنه العالم المبعوث على رأس المائة الخامسة , فيجدد لهذه الأمة أمر دينها , كما وعد به الحديث الشريف (4)
وقد ذكر (ابن السبكي) في ((الطبقات)) أنه ولي تدريس النظامية التي ببغداد , [ ثم ولي تدريس النظامية ] (5) التي بنيسابور , فولى لمدرستين معا
__________
(1) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص191)
(2) - زيادة من نسخة ( ب )
(3) - ((المنقذ من الضلال))(ص158) فصل نشر العلم بعد الاعراض عنه , قال : فشاورت في ذلك (أي العزلة) جماعة من أرباب القلوب والمشاهدات , فاتفقوا على الاشارة بترك العزلة , والخروج من الزاوية , وانضاف إلى ذلك منامات الصالحين , كثيرة متواترة تشهد بأن هذه الحركة مبدأ خير ورشد قدرها الله سبحانه على راس هذه المائة , فاستحكم الرجاء , وغلب حسن الظن بسبب هذه الشهادات , وقد وعد الله سبحانه بإحياء دينه على رأس كل مائة ...اهـ
(4) -يقصد الحديث الذي أخرجه ( أبو داود)(4291) , و(الحاكم) في ((مستدركه))(4\567) من حديث أبي هريرة. بلفظ : (( إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينه )) قال العلامة الالباني: (صحيح) ((صحيح الجامع))(1874)
- فائدة : ذكر (الذهبي) في ((سير الأعلام)) من طرق عن الإمام أحمد قال : إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكذب , قال : فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز , وفي رأس المائتين الشافعي اهـ
(5) - زيادة من نسخة ( ب )(1/21)
ومنهم سلطان العلماء (عز الدين بن عبد السلام) , فقد أشار هو إلى دعوى الاجتهاد في ((قواعده الكبرى)) , ووصفه بالاجتهاد المطلق (ابن الرفعة) , و(ابن دقيق العيد) , و(السبكي) في ((فتاويه)) , وولده في ((الطبقات)), و(الذهبي) في ((العبر)) , و(ابن كثير) في ((تاريخه)) , و(الاذرعي)
وقال (الزركشي) في ((شرح المنهاج)) (1) : لم يختلف اثنان أنه بلغ رتبة الاجتهاد , وكان من الورع والزهد بالمحل الاعلى , ومع ذلك فقد ولي عدة [ مدارس ] (2) شرطها للشافعية , منها بدمشق تدريس ((الغزالية)) وغيرها , والخطابة , والامامة بالجامع الاموي
وقال (أبو شامة) : وكان أحق الناس بذلك , ومنها بمصر تدريس الشافعية ((بالصالحية)) وغيرها
ومنهم قاضي القضاة (تقي الدين بن دقيق العيد) فقد ادعى هو الاجتهاد في كثير من كتبه
ونقل (الصلاح الصفدي) في ترجمته من ((تاريخه)) (3) عنه : أنه قال [ ما ] (4) وافق اجتهادي اجتهاد (الشافعي) إلا في مسألتين,
وممن وصفه بالاجتهاد المطلق (ابن الرفعة) , و(أبو حيان) مع ما كان بينه وبينه من الوقفة الظاهرة , و(ابن رشيد) في ((رحلته)) , و(السبكي) في ((الطبقات)) , و(لسان الدين بن الخطيب) في ((تاريخ غرناطة)) , والنسخة بخط المصنف في خزانة سعيد السعد , و(الكمال الادفوي) في ((الطالع السعيد)), والامام (ركن الدين بن [ القوبع ] (5) المالكي) في ضمن قصيدة مدحه بها , قال فيها :
إلى صدر الأئمة باتفاق *** وقدوة كل حبر ألمعي
__________
(1) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص193)
(2) - في نسخة ( ب ) : [ وظائف ] والمثبت من نسخة ( أ )
(3) - هو كتاب ((الوافي في الوفيات))(1\518 (
(4) - ليسن في نسخة ( ب )
(5) - في نسخة ( ب ) [ الرفيع ] وهو خطأ , وهو محمد بن محمد بن عبد الرحمن التونسي ركن الدين أبو عبد الله الجعفري المالكي المتوفى سنة 738هـ, ترجمته في ((الديباج))(ص414\573) و((شذرات الذهب))(5\313)(1/22)
ومن بالاجتهاد غدا فريدا *** وحاز الفضل بالقدم العلي
صبا للعلم صبا في صباه *** فأعل بهمة الصب الصبي
فأتقن والشباب له لباس *** أدلة مالك والشافعي
وقد وصفه بالاجتهاد المطلق جماعة أخر , آخرهم قاضي القضاة حافظ العصر (شهاب الدين بن حجر) في خطبة كتابه ((تغليق التعليق)) , وقد ولي عدة مدارس للشافعية , منها المدرسة المجاورة لضريح الامام الشافعي رضي الله عنه , و((الفاضلية)) وغير ذلك
ومنهم الامام (كمال الدين ابن الزملكاني) (1) , وصفه بالاجتهاد (الذهبي) في ((معجمه)) (2) , والسبكي , و(الاسنوي) في ((الطبقات)) (3) , وقد ولي عدة مدارس للشافعية , بدمشق, منها [ الشامية ] (4) , والظاهرية , والرواحية
ومنهم الشيخ (تقي الدين السبكي) (5)
والشيخ (سراج الدين البلقيني) (6) لم يختلف اثنان في أنهما بلغا رتبة الاجتهاد , وقد وليا من مدراس الشافعية ما هو معروف , وغير من سمينا ممن يطول ذكرهم , وفيمن سمينا كفاية عمن تركنا
__________
(1) - هو محمد بن علي بن عبد الواحد كمال الدين بن الزملكاني المتوفى سنة 727هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(9\190) و((الدرر الكامنة))(4\192) و((الشذرات))(6\78)
(2) - ((معجم الشيوخ)) الذهبي))(ص540\799) وقال : كان ذكيا مجتهدا من أئمة السنة
(3) - ((طبقات الاسنوي))(ص209\586)
(4) - غير واضحة في النسختين , والمثبت من ((طبقات ابن لملقن))(ص421)
(5) - هو تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي الشافعي المتوفى سنة 756هـ , ترجمته في ((طبقات السبكي))(10\139) و((شذرات الذهب))(6\180), و((الدرر الكامنة))(3\134)
(6) - الإمام العلامة سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان الكناني البلقيني الشافعي المتوفى سنة 805 هـ , من كتبه ((محاسن الاصطلاح وتضمين ابن الصلاح/ط)) و ((شرح البخاري)) وغير ذلك, ترجمته في ((شذرات الذهب))(7/51), و((الضوء اللامع)(6/85), و((البدر الطالع))(1/506)(1/23)
وقد ذكر (ابن قيم الجوزية) في كتابه في (( ذم التقليد )) (1) ما نصه :
وقد أنكر بعد المقلدين على شيخ الإسلام (2) في تدريسه بمدرسة ابن الحنبلي , وهي وقف على الحنابلة , والمجتهد ليس منهم , فقال: إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب (أحمد) , لا على تقليدي له (3)
قال : ومن المحال أن يكون هؤلاء المتأخرين على مذهب الأئمة دون أصحابهم الدين لم يكونوا يقلدونهم , فأتبع الناس (لمالك) (ابن وهب) , وطبقته, ممن يحكم الحجة , وينقاد للدليل أين كان
وكذلك (أبو يوسف) , و(محمد) أتبع (لأبي حنيفة) من المقلدين له , مع كثرة مخالفتهما له
وكذلك (البخاري) , و(مسلم) , و(أبو داود) , و(الأثرم) وهذه الطبقة من أصحاب (أحمد) أتبع له من المقلدين المحض المنتسبين إليه , وعلى هذا فالوقف على أتباع الأئمة أهل لحجة والعلم أحق به من المقلدين في نفس الأمر
هذا كلامه بحروفه (4)
ونحتم الكتاب بثلاث نكت :
النكتة الأولى :
قال (النقشواني) : ما رأيت أعجب من رجل قال : أجمع أهل زماننا على أنه ليس في الزمان مجتهد
__________
(1) - انظر ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص166)
(2) - هو شيخ الإسلام حقا وإمام الهدى صدقا أبو لعباس تقي الدين أحمد بن عبد السلام بن تيمية النميري الحراني الدمشقي رحمه الله ورضي عنه, وقد ألفت مؤلفات في سيرته العطرة , وطريقة دعوته , ونصرته لعقيدة السلف لصالح فجزاه الله عن الاسلام خيرا
(3) - ويمثله أجاب (العز بن عبد السلام) , فقد ذكر (ابن الملقن) في ((طبقاته))(ص162): أنه سئل الشيخ رضي الله عنه عن الرجل بماذا يستحق الجامكية في مذهب الشافعي , أعلى اعتقاده المذهب , أن على معرفته به ؟
فأجاب : بأنه يستحق ذلك على معرفته له , ونشره إياه , وإن كان لا يعتقد بعض المسائل , أو كما قال اهـ
(4) - تعقبه في ((الرد على من أخلد إلى الارض))(ص167) بقوله : وقد كنت أجبت بمثل هذا الجواب قبل أن اقف عليه , لما قيل لي مثل ذلك في العام الماضي(1/24)
قال: فيقال له : يا عجيب الحال , كلامك يناقض بعضه بعضا , لأنه إذا لم يكن في الزمان مجتهد فكيف ينعقد الاجماع , [ لأن الاجماع إنما هو اتفاق المجتهدين , فإذا فقد المجتهدون فقد الاجماع ] (1) , لان المجتهد, هو الذي يعتبر قوله في الاجماع والخلاف
النكتة الثانية :
مثلي ومثل كثير من أهل العصر مثل شافعي بحث مع حنفي في طهارة المني , فقال الشافعي : ما رأيت أعجب من هذا , لأني ساع في طهارة أصله , وهو ساع في نجاسة أصله , وكذلك أنا سعيت في رفع الإثم عن هم بأسرهم , ورفعت عنهم الحرج بقيامي عنهم بهذا الواجب , وهم فريقان :
فريق يمنع الاجتهاد من أصله , فهو ساع في إثمه , وإثم الناس معه
وفريق يسلمه , ويسعى في عدم استحقاقي , وما هذا جزائي منه , فإن لم أكن أستحق زيادة على الناس لما قمت به, مما قصروا فيه , فلا أقل من أكون كواحد منهم
وهل زيادة الاجتهاد أورثتني نقصا عما كنت عليه من المعرفة بالمذهب قبل بلوغه !؟
النكتة الثالثة:
ذكر (ابن المنير) في كتابه ((المقتفى)) ما نصه: إذا قيل أي عبادة يتحقق صاحبه أنه انفرد بها ذلك في وقته دون العالم بأسره ؟
قلنا: الطائف بالكعبة [ وحده ] (2)
__________
(1) - تكررت هذه الجملة مرتين في نسخة ( ب )
(2) - فائدة : ذكر في ترجمة الشيخ الزاهد (عبد القادر الجيلاني) الحنبلي رحمه الله من ((ذيل طبقات الحنابلة))(4\247) للحافظ (ابن رجب) نقلا عن كتاب ((بهجة الاسرار)) للشطنوفي, من طريق نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر عن أبيه , قال :
جاءت فتيا من بلاد العجم على بغداد بعد أن عرضت على علماء العراقيين , فلم يتضح لأحد فيها جواب شاف, وصورتها : ما يقول السادة العلماء في رجل حلف بالطلاق الثلاث أنه لا بد أن يعبد الله عز وجل عبادة ينفر د بها دون جميع الناس في وقت تلبسه بها , فما يفعل من العبادات ؟ , قال : فأتي بها إلى والدي , فكتب عليها على الفور : يأتي مكة , ويخلى له المطاف , ويطوف أسبوعا وحده , وتنحل يمينه , قال : فما بات المستفتي ببغداد اهـ(1/25)
, والقائم بالامامة العظمى , فيتعذر فيها الانفراد
قلت: وقد من الله علي بانفرادي بالقيام بفرض الاجتهاد في هذا الوقت وحدي على الانفراد
فلله الحمد والمنة
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم , كمل هذا التأليف بخط الفقير عبد القادر
بن عبد الرحمن الصديقي الشافعي , لطف الله به وختم له بخير , ورضي عنه وعن والديه
وعن المسلمين , آمين , آمين , آمين , في ثالث عشرين جمادى
الثاني سنة اثنين وأربعين وألف ختمها الله
تعالى بالعفو والخير
آمين (1)
تم الفراغ من نسخ الرسالة ومقابلتها بالنسخة الثانية , والتعليق عليها في يوم تاسع جمادى
الأولى وذلك على يد أبي يعلى البيضاوي عفا الله عنه , وأسأل الله أن ينفع بها
طلبة العلم الشريف , وعباده المؤمنين وصلى الله وسلم
وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه ,و سلم
تسليما كثيرا
تمت
__________
(1) - خاتمة النسخة ب: وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه, وسلم , وحسبنا الله ونعم الوكيل , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , وأفاض علينا بفيصه العميم , إنه جواد كريم , ووافق الفراغ من تعليق هذين الرسالتين في يوم الثلاثاء المبارك تاسع عشر شهر جمادى الاولى , من شهور ستنة أربعين وألف , من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام(1/26)