أَدَبُ الْمُفْتِي
المؤلف: محمد عميم الإحسان المجددى البركتى
عدد الأجزاء: 1
دار النشر: الصدف ببلشرز
الكتاب موافق للمطبوع [ طبع بآخر"قواعد الفقه" للبركتي)
تصحيح: د. عصمت الله عنايت الله(/)
ص:563
أَدَبُ الْمُفْتِيْ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
[المقدمة]
اللهم ولك الحمد والمجد صل وسلم على سيدنا محمد شارع أحكام الإسلام ناهج الحلال والحرام وعلى آله وصحبه الكرام.
وبعد!
فيقول عبدُ ربِّهِ الوليِّ السيِّدُ محمد عميمُ الإحسان بن السيِّدِ عبدِ المنَّان المجدِّدي البركتي الحنفي المفتي بجامع ناخدابكلكته سابقًا ورئيس الأساتذة بالمدرسة العالية بدكة حالا:
هذا"مختصر في بيان آداب الإفتاء" جمعتها من كتب علمائنا وفقهائنا رحمهم الله تعالى لينفع من تصدى للإفتاء باللسان والبنان وسميته" أَدَبُ الْمُفْتِيْ".
والله تعالى المسؤول منه القبول بحرمة سيدنا ومولانا محمد الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.
علم الفتاوى:
علم تروى وتبين فيه الأحكام الصادرة عن الفقهاء في الوقائع الجزئية ليسهل الأمر على القاصرين من بعدهم.
وهو من فروع علم الفقه.
[حكم الإفتاء وتقليده]
والسلف لم يجوزوا الإجتراء على تقلد الفتيا بل كانوا يعدون السكوت والاستماع أفضل من الكلام، ولم يكن أحد منهم إلا ود أن أخاه كفاه الحديث والفتيا.
فالسنة أن لا يتقلد من طوع قلب وطيب نفس إلا أن يقلد.
ولا يَستعمِل من له الأمرُ من يطلب فَإِنَّ مَن طلَبه وُكلَ إلى نفسه.
وعلى ولي الأمر أن يبحث عمن يصلح للفتوى ويمنع من لا يصلح فمن كان أهلا له وقُلِّدَ لا يكره له الإفتاء فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفتون في الحوادث
---(1/563)
ص:564
وهكذا توارث المسلمون.
وقال تعالى:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل : 43}
وأما إذا لم يوجد أفضل منه وأكره عليه فيفترض عليه.
[من الآداب: لا يفتي إلا فيما يقع من المهمات]
فعلى المفتي أن لا يفتي إلا فيما يقع من المهمات الدينية دون الغوامض.
[إذا شك يقول:لا أدري، ويستشير أهل العلم]
وإن سئل عما يشك فيه يقول: لا أدري" حتى يراجع الكتب والعلماء ويشاورهم ونظر أحسن أقاويلهم ثم يفتي بما رآه صوابا لا بغيره؛ وكان عمر رضي الله عنه ربما يجمع أهل بدر كلهم في واقعة.
[يبتغي مرضاة الله في الإفتاء]
وينبغي أن لا يطلب بالفتيا سيادة ولا رئاسة ولا إقبال الناس عليه ولا سبي قلوبهم لجلب النفع منهم وكسب الجاه عنهم بل ينوي حسبة للثواب من الله عز وجل وابتغاء لمرضاته وإعلاء لكلمته ونصرة لدينه و أداء للأمانة عندهم إلى من يعقبهم من إخوان الدين فإن ذلك فرض عليه.
[عِظَمُ أمر الإفتاء]
ويعظم أمر الإفتاء فقد كان الإمام أبو يوسف إذا استفتى في مسألة استوى وارتدى وتعمم ثم أفتى تعظيما للإفتاء.
[شرائط الفتوى]
وأما شرائط الفتوى فقال الإمام محمد رحمه الله تعالى: إذا كان صوابه أكثر من خطئه يحل له أن يفتي برأيه.
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: لا يحل له أن يفتي حتى يعرف أحكام الكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ وأقاويل العلماء والمتشابه و وجوه الأحكام.
وقال الأمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لا يحل لأحد أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلنا؟.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى: لا ينبغي لأحد أن يفتي إلا أن يعرف أقاويل العلماء ويعلم من أين قالوا ويعرف معاملات الناس.
فإن عرف أقاويل العلماء ولم يعرف مذاهبهم فإن سئل عن مسألة يعلم أن العلماء الذين تنتحل مذاهبهم قد اتفقوا عليها فلا بأس بأن يقول: هذا جائز وهذا لا يجوز ويكون قوله على سبيل الحكاية.
وإن كانت مسألة قد اختلفوا فيها فلا بأس بأن يقول: هذا جائز في قول فلان ولا يجوز في قول فلان.ولا يجوز له أن يختار قولا فيجيب بقول بعضهم ما لم يعرف حجته.
[أهلية الإفتاء]
قال أبو بكر:
---(1/564)
ص:565
وإن حفظ جميع كتب أصحابنا فلا بد أن يتلمذ للفتوى حتى يهتدي إليه؛ فيجب أن يكون المفتى هو الماهر الذي أخذ العلم عن أهله و صارت له ملكة نفسانية ويميز الصحيح من غيره ويعلم المسائل وما يتعلق بها على الوجه المعتمد فهذا هو الذي يفتى الناس ويصلح أن يكون واسطة بينهم وبين الله.
أما غيره إذا تسور هذا المصنف يلزم التعزير البليغ والزجر الشديد.
والفاسق لا يصلح مفتيا على الأصح.
وينبغي أن يكون المفتى عدلا موثوقا به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه عالما بالكتاب والسنة والآثار ووجوه الفقه واجتهاد الرأي الا أن يفتى بشيء قد سمعه أو علمه من كتاب فإنه يجوز.
وإن لم يكن عالما بما ذكرنا من الأدلة لأنه حاكٍ بما سمع وعلم من غيره فهو بمنزلة الراوي في باب الحديث فيشترط العقل والضبط والعدالة والفهم ولا اختلاف في اشتراط الإسلام وشرط بعضهم تيقظه.
نعم لا يشترط أن يكون حرا ولا ذكرا ولا ناطقا فيصح إفتاء الأخرس حيث فهمت إشارته بل الناطق إن قيل له أيجوز هذا فحرك رأسه أي نعم جاز أن يعمل بإشارته.
وينبغى أن يكون منزها عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف.
وفي اشتراط الحساب لتصحيح مسائله وجهان.
ويشترط أن يحفظ مذهب إمامه ويعرف قواعده وأساليبه.
وليس للأصولي الماهر، وكذا الباحث في الخلاف بين الأئمة،وفحول المناظرين أن يفتى في الفروع.
ويجوز للشاب الفتوى إذا كان حافظا للروايات واقفا على الدرايات محافظا على الطاعات مجانبا عن الشهوات والشبهات
---(1/565)
ص:566
والعالم كبير وإن كان صغيرا والجاهل صغير وإن كان كبيرا.
وينبغي أن يكون المفتى بابه مفتوحا ومستفتيه غير مردود.
ويستعمل الرفق والحلم والتواضع ولا يكون جبارا عنيدا ولا فظا غليظا. فائدة:[شرط الاجتهاد للمفتي]
المفتى عند الأصوليين هو المجتهد وتكلموا فيه؛ قال بعضهم: من سئل عن عشر مسائل مثلا فيصيب في الثمانية ويخطئ في البقية فهو مجتهد.
وقال بعضهم: لابد للاجتهاد من حفظ المبسوط ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمحكم والمؤول والعلم بعادات الناس وعرفهم. والله أعلم.
[من يفتي بحفظ أقوال المجتهدين فهو ناقل وليس بمفتٍ حقيقةً]
وأما من يحفظ أقوال المجتهدين فليس بمفتٍ وفتواه ليست حقيقية بل هو نقل كلام والإطلاق عليه مجاز ولكن حل له الإفتاء إن كان صوابه أكثر من خطئه وإن لم يكن من أهل الاجتهاد، نعم لا يفتى إلابطريق النقل والحكاية فيحكي ما يحفظ من أقوال الفقهاء وطريق، من كتاب معروف وتداولته الأيدي.
والثاني هو المختار في عصرنا.
[الإفتاء من الكتب المتداولة]
قال أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى: فأما ما يوجد من كلام رجل ومذهبه في كتاب معروف به وقد تداولت النسخ يجوز لمن نظر فيه أن يقول: قال فلان كذا وفلان كذا وإن لم يسمعه من أحد نحو كتب محمد رحمه الله تعالى والموطأ لمالك رحمه الله تعالى ونحو هما من الكتب المصنفة في أصناف العلم لأن وجودها على هذا الوصف بمنزلة الخبر المتواتر والمستفيض ولا يحتاج مثله إلى إسناد. والله أعلم.
---(1/566)
ص:567
فائدة:[معرفة حال من يفتي بقوله]
لابد للمفتى أن يعلم حال من يفتي بقوله ولا يكفيه معرفته باسمه ونسبه بل لابد من معرفة درجته في الرواية والدراية بأن يعرف أنه من أي طبقة الفقهاء ليكون على بصيرة في التمييز بين القائلين المتخالفين وعلى قدرة كافية في الترجيح بين القولين المتعارضين.
[طبقات المجتهدين](1)
فليعلم أنهم على سبع طبقات:
الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى (؟-150هـ) والإمام مالك رحمه الله تعالى(؟-179هـ) والإمام الشافعي رحمه الله تعالى (؟-204هـ) والإمام أحمد رحمه الله تعالى (؟-241هـ) رضي الله تعالى عنهم.
الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب كالإمام أبي يوسف(؟-182هـ) والإمام محمد بن الحسن (؟-189هـ) والإمام زفر (؟-158هـ) والإمام حسن بن زياد(؟-204هـ) والإمام حماد بن الإمام الأعظم(؟-176هـ) وبقية أصحاب أبي حنيفة القادرين على استخراج الأحكام من الأدلة على مقتضى القواعد التي قررها أستاذهم الإمام الأعظم في الأحكام وإن خالفوه في بعض أحكام الفروع، لكن يقلدونه في قواعد الأصول غالبا وبه يمتازون عن المعارضين في المذهب كالإمام الشافعي وغيره.
الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل التي لا نص فيها عن صاحب المذهب كالخصاف(؟_261هـ)والطحاوى(؟-321هـ)والكرخي(؟-340هـ) وشمس الأئمة الحلوني(؟-454هـ ) وشمس الأئمة السرخسي(؟-490هـ) وفخر الإسلام البزدوي(؟-484هـ) وبرهان الدين محمود بن الصدر صاحب الذخيرة والمحيط والشيخ طاهر بن أحمد صاحب خلاصة الفتاوى(؟-542هـ) وفخر الدين قاضي خان(؟-592هـ) وابن الهمام صاحب التحرير وفتح القدير(؟-861هـ) وأمثالهم فإنهم
__________
(1)كتب المؤلف في هذه الفقرة فما بعدها تاريخ الوفيات مثلا: الطحاوي المتوفى321" فجعلناه هكذا:(؟-321هـ)(1/567)
ص:568
لا يقدرون على شيء من المخالفة لا في الأصول ولا في الفروع لكنهم يستنبطون الأحكام في المسائل التي لا نص فيها على حسب الأصول والقواعد.
الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كأبي بكر الجصاص الرازي(؟-370هـ) والجرجاني(؟-398هـ) والقدوري(؟-428هـ) والدبوسي(؟-430هـ) وأضرابهم فإنهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمأخذ يقدرون على تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكمٍ مبهم محتمل لأمرين منقول عن صاحب المذهب أو واحد من أصحابه برأيهم و نظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونطائره من الفروع؛ فقول صاحب الهداية: كذا في تخريج الرازي من هذا القبيل.
الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين كصاحب الهداية برهان الدين(؟-593هـ) والإسبيجابي(؟-535هـ) وابن كمال باشا(؟-940هـ) والأوزجندي وأبي السعود وأمثالهم، وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض كقولهم: هذا أولى وهذا أصح رواية، وهذا أرفق للناس.
السادسة: طبقة المقلدين القادرين على التميز بين الأقوى والضعيف والمذهب والرواية النادرة كأصاحب المتون الأربعة من المتأخرين صاحب الكنز النسفي(؟-710هـ) وصاحب المختار مجد الدين(؟-683هـ) وصاحب الوقاية تاج الشريعة(؟-673هـ) وصاحب المجمع مظفر الدين(؟-694هـ) وأمثالهم، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.
السابعة: طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على ما ذكر ولا يفرقون بين الغث والثمين.
---(1/568)
ص:569
الفائدة:[طبقات المسائل عند الأحناف]
فقهاؤنا رحمهم الله تعالى قسموا المسائل أيضا على درجات ليختار المفتي عند التعارض ما هو من الدرجة العليا ولا يرجح الدنيا.
فليعلم أن مسائل مذهبنا على ثلاث طبقات:
الأولى: مسائل الأصول وهي مسائل ظاهر الرواية التي هي مروية عن أصاحب المذهب وهم الإمام أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ويقال لهم العلماء الثلاثة. وكتب ظاهر الرواية كتب محمد الستة: المبسوط والجامع الصغير والكبير والسير الكبير والصغير والزيادات كلها تأليف محمد بن الحسن. ومن مسائل ظاهر الرواية كتاب الكافي للحاكم الشهيد(؟-344هـ) وهو كتاب معتمد في نقل المذهب، وشرحه جماعة منهم الإمام السرخسي وهو المشهور بمبسوط السرخسي وطبع بمصر. قال الطرسوسي: لا يعمل بما يخالفه ولا يركن إلا إليه ولا يفتى إلا به ولا يعول إلا عليه.
ومن كتب المذهب أيضا المنتقى للحاكم الشهيد.
والطبقة الثانية: هي مسائل غير ظاهر الرواية التي رويت عن الأئمة في غير كتب الأصول أما في كتب أخر لمحمد كالكيانيات جمعها لرجل يسمى كيان والجرجانيات جمعها بجرجان والهارونيات جمعها لهارون والرقيات جمعها حين كان قاضيا بالرقة أو في غير كتب محمد كالمجرد للحسن بن زياد ومنها كتب الأمالى ومنها الروايات المتفرقة كرواية ابن سماعة وغيره من مسائل مخالفة للأصول فإنها تعد من النوادر يقال نوادر ابن سماعة ونوادر هشام ونوادر ابن رستم وغيره.
والطبقة الثالثة: الفتاوي وتسمى الواقعات وهي مسائل استنبطها المتأخرون من أصحاب أبي يوسف ومحمد وأصحاب أصحابهما ونحوهم، وهلم جرا في الواقعات التي لم توجد فيها رواية عن الأئمة الثلاثة.
[من هم المتأخرون؟]
وهم كثيرون فمن أصحابهما مثل عصام ابن يوسف وابن رستم و
---(1/569)
ص:570
محمد بن سماعة وأبي حفص البخاري ومن بعدهم مثل محمد بن سلمة ومحمد بن مقاتل ونصير بن يحيى وأبي النصر ابن سلام وقد يتفق لهم أن يخالفوا أصحاب المذهب لدلائل وأسباب ظهرت لهم.
[كتب ومؤلفات في الفتاوي]
وأول كتاب جمع في فتاواهم كتاب النوازل لأبي الليث ثم جمع المشايخ بعده كتبا أخر كمجموع النوازل والواقعات للناطفي والصدر الشهيد ثم ذكر المتأخرون هذه المسائل مختلطة كما في فتاوى قاضيخان والخلاصة وميز بعضهم كما في محيط السرخسي فإنه ذكر أولا مسائل الأصول ثم النوادر ثم الفتاوى.
وقد تقسم بوجه آخر وهو أنها على أربعة أقسام:
قسم تقرر في ظاهر المذهب وحكمه أنهم يقبلونه في كل حال وافقت الأصول أوخالفت .
وقسم هو رواية شاذة عن أبي حنيفة و صاحبيه و حكمه أنهم لا يقبلونه إلا إذا وافق الأصول.
وقسم هو تخريج المتأخرين اتفق عليه جمهور الأصحاب وحكمه أنهم يفتون به على(؟؟) وحكمه أن يعرض المفتي على الأصول والنظائر من كلام السلف فإن وجده موافقا لها أخذ به و إلا تركه.
مسألة:[إذا لم يجد الجواب في الكتب استنبط]
الحادثة إذا وقعت ولم يجد المفتي جوابا ولا نظيرا في كتب أصحابنا، يستنبط من غيرها أما من الكتاب أو من السنة أو غيرهما مما هو الأقوى فالأقوى فالمفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاد.
فائدة :[الرجوع إلى الكتب المعتمدة]
ينبغي للمفتي أن يجتهد في الرجوع إلى الكتب المعتمد عليها ولا يعتمد على كل كتاب ما لم يعلم حال مؤلفه وجلالة قدره
---(1/570)
ص:571
فإن وجد مسألة في كتاب لم يوجد لها أثر في الكتب المعتمد عليها ينبغي أن يتصفح ذلك فيها فإن وجد فيها وإلا لايجترىء على الإفتاء بها.
[ الكتب المعتمدة عند الأحناف]
فمن الكتب المعتبرة المعتمد عليها:
كتب ظاهر الرواية
والنوادر
والأمالي
والرقيات
والكيانيات
والهارونيات
والجرجانيات
وكتاب الحجج ،كلها لمحمد.
والأمالي
والنوادر
والخراج، لأبي يوسف.
والمبسوط للسرخسي
والهداية
والتجنيس والمزيد
ومناسك الحج، للمرغيناني.
والمحيط للسرخسي
والمبسوط للحلواني
وبدائع الصنائع للكاساني(؟-587هـ)
والأحكام لأبي بكر الرازي
وشرح الطحاوي
ومختصر الطحاوي
و شرحه للجصاص،
والذخيرة لأبي بكر خواهر زاده(؟-473هـ)
وأدب القاضي
وكتاب الوقف
وشرح الواقعات للخصاف(؟-261هـ)
وشرح أدب القاضي للحسام الشهيد(؟-483هـ)
وعيون المسائل
والواقعات
والنوازل
وخزانة الأكمل للفقيه أبي الليث(؟-393هـ)
وخلاصة الفتاوى
والواقعات للشيخ طاهر
وتتمة الفتاوى لأبي المعالي
وفتاوى قاضي خان
والفتاوى الكبرى للخاصي
وفتاوى ظهير الدين(؟-619هـ)
والقنية للزاهدي(؟-658هـ) وقيل: لا.
والبغية للقونوي(؟-770هـ)
ومنية المفتي للسجستاني
والأجناس
والروضة للناطفي(؟-446هـ)
و مختصر القدوري
وشرحه الجوهرة النيرة للحدادي
والأسرار لأبي زيد
والمختار
وشرحه الاختيار لأبي الفضل الموصلي(؟-683هـ)
والكنز الوافي
وشرحه لأبي البركات النسفي(؟-710هـ)
وتبيين الحقائق للزيلعي(؟-743هـ)
ومجمع البحرين لابن الساعاتي(؟-694هـ)
ودرر البحار للرهاوي
والوقاية لتاج الشريعة
ومختصره النقاية لصدر الشريعة
والشروح السبعة للجامع الصغير:
- لأبي الليث
-ولقاضي خان
-وللحسامي
-وللبرهان
-وللصدر الشهيد
---(1/571)
ص:572
-وللعتابي
-وللتمرتاشي،
والكافي
والمنتقى للحاكم الشهيد(؟-334هـ)
والمنافع لقاسم بن يوسف
والملتقط شرح الزيادات
ومواهب الرحمن
وشرحه البرهان لإبراهيم الطرابلسي(؟-922هـ)
والواقعات للصدر الشهيد
وغنية الفقهاء
وعمدة المفتي
والتجريد
والروضة
ومختار الفتاوى
وفتاوى الرازي
والسراجية
وكتاب المنظومة في الخلافيات لأبي حفص النسفي
ومختارات النوازل
وفتح القدير لابن الهمام
والكفاية للكرلاني
ونهاية الكفاية لتاج الشريعة
والعناية للبابرتي
والبناية للعيني
وفتاوي الرستغفنى
وفتاوي الإسبيجابي(؟-535هـ)
وفتاوي حسام الدين الرازي(؟-593هـ)
وفتاوي الحلواني
وفتاوي الكرماني(؟-543هـ)
والفتاوي البزازية للكردري(؟-827هـ)
والتتارخانية للعلائي(؟-686هـ)
والفتاوي الهندية
ودرر البحار للقونوي(؟-788هـ)
والدر المختار للحصكفي(؟-1088هـ)
وحاشية الدر للطحطاوي
ورد المحتار لابن عابدين
وحاشيته التحرير المختار
والدرر شرح الغرر لملا خسرو(؟-885هـ)
والدر المنتقى
ومجمع الأنهر
والأشباه والنظائر
والبحر الرائق
وتنقيح الحامدية
والفتاوي الخيرية
والإمداد
ومختصرات مراقي الفلاح للشرنبلالي(؟-1069هـ)
وشرح الوقاية
ونظم ابن وهبان
وفتح باب العناية
وعمدة الحكام
ونور الإيضاح
ومجلة الأحكام العدلية
ومنية المصلي
وغنية المستملي
والفتاوي العمادية
وجامع الفصولين
والسراجي
والشريفي في الفرائض
وشرح المناسك للقاري
وغير ذلك من الكتب المبسوطة والموجزة.
والمتأخرون قد اعتمدوا على المتون الأربعة:
الوقاية
والكنز
والمختار
ومجمع البحرين
---(1/572)
ص:573
وقالوا: العبرة لما فيها عند تعارض ما فيها وفي غيرها، لما عرفوا من جلالة قدر مؤلفيها والتزامهم إيراد مسائل ظاهر الرواية والمسائل التي اعتمد عليها المشايخ.
[كتب لا ينبغي الإفتاء منها]
ولا ينبغي الإفتاء من الكتب المختصرة كالنهر وشرح الكنز للعيني والدر المختار والأشباه وأشباهها وإن كانت معتبرة ما لم يستعن بالحواشي والشروح أو بعد نظر غائر وفكر دائر حتى لا يقع في الغلط، وكذا ما عز وندر وجوده من الكتب كأنه مفقود لكن يختلف هذا بحسب الأزمان والأعصار.
[الكتب غير المعتمدة]
ولا يجوز الإفتاء على:
شرح الكنز للملا مسكين
وشرح النقاية للقهستاني لعدم الإطلاع على حال مؤلفيهما
وكذا على القنية
والحاوي
والسراج لنقل الأقوال الضعيفة إلا إذا علم المنقول عنه من الكتب المعتبرة.
وكذا لا يعتمد على مشتمل الأحكام
وكنز العباد
ومطالب المؤمنين
وخزانة الروايات
وشرعة الإسلام وقيل: معتبر،
والفتاوى الصوفية
والفتاوى الطوري
وفتاوى إبراهيم شاهي
وفتاوى ابن نجيم
وشرح الكنز لأبي المكارم
وخلاصة الكيداني.
والحكم في هذه الكتب الغير المعتبرة أن لا يؤخذ منها ما كان مخالفا لكتب الطبقة العليا ويتوقف في ما وجد فيها من المسائل ولم يوجد في غيرها ما لم يدخل ذلك في أصل شرعي. والله أعلم.
فائدة:[مصطلحات في المذهب الحنفي]
كلمة "عند" تدل على المذهب؛
و"عن" تستعمل في الرواية.
و"قالوا" عامة فيما فيه اختلاف.
ولا يجزم بالضعيف بصيغة التمريض كـ"قيل" و"يقال" إلا بقرينة السياق أو التزام قائله كمؤلف الملتقى.
و"الكراهة" إذا أطلقت فالمراد بها التحريم؛ وقد يراد بها التنزيه.
والسنة إذا أطلقت فهي المؤكدة وقد يراد بها المستحب؛ كعكسه
والفرض
---(1/573)
ص:574
قد يطلق على ما لا يصح بدونه وإن لم يكن ركنا، وقد يطلق على ما ليس بفرض ولا شرط.
والجائز قد يطلق ويراد به ما لم يمتنع شرعا فيعم المباح والمكروه والمندوب والواجب.
و"لا بأس" وإن كان غالب استعماله فيما تركه أولى لكنه قد يستعمل في المندوب.
و"ينبغي" يستعمل للندب وقد يجيء للوجوب.
و"لا ينبغي" لخلاف أولى وقد يجيء للحرمة، وكل ذلك بسياق الكلام أو بالنص.
فالمفتي يجب أن يكون متيقظا ومجدا في فهم عبارات الفقهاء ولا يفتي إلا بعد نظر وفكر في كلامهم كيلا يقع في الغلط ويتحمل أثقال الناس.
مسألة:[اتباع الراجح والإفتاء به وكيف يعرف الراجح]
يجب اتباع ما علم ترجيحه عن أهله أو ما كان ظاهرا ولم يرجحوا خلافه فالمفتي إذا استفتى في مسألة إن كانت المسألة مروية عن أصحابنا في ظاهر الرواية لا خلاف بينهم يفتي بقولهم ولا يخالفهم برأيه وإن كان مجتهدا متقنا وإن كانت المسألة المروية عنهم مختلف فيها فالفتوى مطلقا بقول الإمام الأعظم ثم بقول أبي يوسف وهو المراد بالثاني في عباراتهم ثم بقول محمد ثم بقول زفر ثم بقول الحسن بن زياد.
وقيل: إن خالف الإمامَ صاحباه فالخيار للمفتي المجتهد.
وقيل: الترجيح بقوة الدليل.
وقيل: إن كان اختلافهم اختلاف عصر وزمان فبقول صاحبيه والأول أصح.
وهذا فيما لم يوجد الترجيح من المرجحين فإذا وجد فذاك.
وقد رجحوا قول الإمام زفر في سبع عشرة مسألة.
وذلك في غير موضع الضرورة أما في موضع الضرورة فيجوز العمل بالضعيف وسيأتي.
وإن كانت المسألة في غير ظاهر الرواية فإن كانت توافق أصول أصحابنا يعمل بها؛ وإن لم يوجد لها رواية عن أصحابنا واتفق فيها المتأخرون على شيء يعمل به.
وإن اختلفوا فالقول ما قال الطحاوي وأبو حفص
---(1/574)
ص:575
الكبير وأبو الليث وغيرهم من أصحاب الترجيح ومن فوقهم.
فإن لم يوجد فيجتهد ويفتي بما هو صواب عنده.
وإن كان المفتي مقلدا غير مجتهد يأخذ بقول من هو أفقه الناس عنده ويضيف الجواب إليه؛
وإن كان أفقه الناس عنده في مصر آخر يرجع إليه بالكتاب ولا يجازف خوفا من الافتراء على الله تعالى بتحريم الحلال وضده.
مسألة:[الفتوى في العبادات على قول أبي حنيفة]
الفتوى على قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى في العبادات مطلقا ما
لم تصح رواية غيره وله رواية فيه مثله.
مسألة:[الفتوى في القضاء ومسائل ذوي الأرحام]
الفتوى على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء
والفتوى على قول محمد في مسائل ذوي الأرحام
مسألة:[إذاكان في المسألة قياس واستحسان]
إذا كان في مسألة قياس واستحسان يرجح الاستحسان إلا في إحدى عشرة مسألة ذكره ابن نجيم وذكر النسفي اثنتين و عشرين مسألة.
مسألة:[الحكم والفتوى بالمرجوح]
ما خرج عن ظاهر الرواية فهو مرجوح ولا يجوز الحكم بالمرجوح فلا يفتي بما خرج عن ظاهر الرواية
وكذا بما رجع عنه المجتهد
وكذا ببعض الأقوال المهجورة
وكذا بالرواية الشاذة إلا أن ينصوا ما عليه الفتوى.
مسألة:[الإفتاء والعمل بالمرجوح وتقليد غير إمامه عند الضرورة]
لا يجوز العمل والإفتاء بالضعيف والمرجوح إلا عن ضرورة فلو أفتى في مواضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا.
وكذا يجوز الإفتاء والعمل بالمرجوح للمجتهد في المذهب إذا رجح باجتهاده ذلك الضعيف كما اختار ابن الهمام مسائل خارجة عن المذهب وقد نصوا أنه لا بأس بتقليد غير إمامه عند الضرورة لكن الملفق باطل بالإجماع ولهذا أفتوا ببعض أقوال الإمام مالك رحمه الله تعالى ضرورة كما
---(1/575)
ص:576
في المفقود.
وعلى هذا إذا حكم الحنفي بما ذهب إليه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لم يكن حاكما بخلاف مذهبه.
مسألة:[لا ينبغي أن يعدل عن الدراية إذا وافقها رواية ]
لا ينبغي أن يعدل عن الدراية إذا وافقها رواية كتعديل الأركان.
مسألة:[عِظَمُ أمر التكفير والاحتياط فيه]
الكفر شيء عظيم لا يفتي بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة.
مسألة:[تقديم المتون على الشروح والفتاوي]
المتون متقدمة على الشروح عند التعارض
والشروح متقدمة على الفتاوي إذا تعارضت
مسألة:[كيف الترجيح في فتاوى قاضيخان و ملتقى الأبحر]
أول الأقوال مرجح في فتاوي قاضي خان وكذا في ملتقى الأبحر وفيما عداهما يرجح فيه آخر الأقوال فالراجح هو الأول أو الآخر لا الأوسط.
مسألة:[ترجيح المعلل من القولين]
لو ذكروا قولين وعللوا لأحدهما كان ترجيحا له على غير المعلل.
مسألة:[ مصطلحات لمعرفة الراجح للإفتاء]
علامات للإفتاء هذه:
-وعليه الفتوى
-وبه يفتي
-و به نأخذ
-وعليه الاعتماد
-وعليه العمل اليوم
-وعليه عمل الأمة
-و هو الصحيح
-وهو الأصح
-وهو الأظهر
-وهو المختار في زماننا
-وفتوى مشائخنا
-وهو الأشبه
-وهو الأوجه
وغيرها.
وبعض هذه ألفاظ آكد من بعض فلفظ الفتوى آكد من الصحيح والأصح والأشبه والمختار وبه يفتي آكد من لفظ الفتوى عليه والأصح آكد من الصحيح والأحوط آكد من الاحتياط وعند البعض الصحيح آكد من الأصح فعند التعارض يختار الآكد لا المرجوح.
---(1/576)
ص:577
مسألة:[الفتوى بما هو أنفع للوقوف]
يفتي بما هو أنفع للوقوف فيما اختلف العلماء في التصحيح.
مسألة:[الترجيح بقوة الدليل]
الترجيح بقوة الدليل فحيث وجد تصحيحان ورأي من كان له أهلية النظر في أن دليل أحدهما أقوى فالعمل به أولى.
مسألة:[الأوفق للعرف أولى بالاعتماد]
إذا كان أحدهما أوفق لأهل الزمان وتعارض التصحيحان فما كان أوفق لعرفهم أو أسهل عليهم فهو أولى باعتماد.
مسألة:[تخصيص الشيء بالذكر هل يدل على نفي ماسواه؟]
تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه في خطابات الشارع أما في متفاهم الناس وعرفهم حتى في أقوال الصحابة التي تدرك بالرأي وفي المعاملات والعقليات فيدل عليه. وعليه المتأخرون.
وهذا إذا لم يخالف الصريح فإن الصريح مقدم على المفهوم.
مسألة:[اعتبار الأعراف والعادات]
ينبغي لكل مفتٍ أن ينظر إلى عادة أهل بلده فيما لا يخالف الشريعة فإن للعرف اعتبارا في الشرع فللمفتي اتباع العرف الحادث في الألفاظ العرفية وكذا في الأحكام التي بناها المجتهد على ما كان في زمانه وتغير عرفه إلى عرف آخر بعد أن يكون المفتي ممن له رأي ونظر صحيح ومعرفة بقواعد الشرع وإن لم يكن مجتهدا، حتى يميز بين العرف الذي يجوز بناء الأحكام عليه وبين غيره.
مسألة:[لا يفتي من لا يعرف اصطلاح أهل البلد]
لكل أهل بلد اصطلاح في اللفظ فلا يجوز أن يفتي أهل بلد بما يتعلق باللفظ من لا يعرف اصطلاحهم فالمفتي لا بد له من ضرب من معرفة أحوال الناس واصطلاحاتهم.
---(1/577)
ص:578
مسألة:[المفتي مكلف بالإفتاء بالنظر إلى الديانة والقاضي يحكم بالظاهر]
المفتي يفتي بالديانة يعني أنه يحكم على حسب إظهار المكلف سواء كان موافقا للظاهر أو مخالفا، ويختار ما هو الأحوط في حقه تنزها وتورعا و يفوض أمره إلى الله فإن كان صادقا في إظهاره يجازى على حسب إظهاره وإن كان كاذبا لا ينفعه حكم المفتي.
وعندي عفا الله عني: إذا علم المفتي حقيقة الأمر لا ينبغي له أن يكتب للسائل لئلا يكون معينا على الباطل و إن كتب لا يكتب على ما يعلمه بل على ما في السؤال إلا أن يقول إن كان كذا فحكمه كذا.
وأما القاضي فيجب عليه الحكم بظاهر حال المكلف ويلزم بما ثبت عنده بالإقرار والشهادة.
مسألة:[ لايصر المفتي على الخطأ ويرجع عنه إذاظهر]
إذا أخطأ المفتي في جوابه رجع ولا يأنف ولا يصر على الخطأ ولا يستكبر عن قبول الحق وإن كان ممن دونه ويجب الإعلام إن ظهر خطأه بيقين وإن تحول رأيه إلى رأي آخر في المجتهد فيه فلا.
مسألة:[متى يعذر المفتي في ترك الجواب]
رأي المفتي جواب فتوى و في زعمه أنه خطأ لأن المنصوص عليه عنده خلافه يعذر في ترك الجواب، ورده إن كان مجتهدا فيه وإن كان منصوصا بكتاب الله تعالى فلا يعذر إذا علم أنه يعمل به.
مسألة:[ماذا يفعل العامي عند اختلاف المفتين في الفتوى]
إذا استفتى مفتيين في حادثة فأفتى أحدهما بالصحة والآخر بالفساد أو بالحل والآخر بالحرمة يأخذ العامي بقول من أفتاه بالفساد في العبادات وبالصحة في المعاملات وهذا إذا استويا وعليه أن يستفتي غيرهما في بلدته وإن لم يجد يكتب إلى بلدة
---(1/578)
ص:579
أخرى كما كانت الصحابة والتابعون رضي الله تعالى عنهم يفعلونه، و إن لم يستويا فليأخذ بقول أفقهما وأورعهما؛ وإن كان المستفتي مجتهدا يأخذ بقول من ترجح عنده بدليل.
مسألة:[التساهل في الفتوى واتباع الحيل و التعنت في السؤال]
يحرم التساهل في الفتوى و اتباع الحيل إن فسدت الأغراض وسؤال من عرف بذلك.
وينبغي أن لا يجيب متعنتا في السؤال ولا من يلقي إليه من الأغلوطات والعويصات،
ويحرم على السائل إلقاء ذلك على العلماء بل لا يجب على المفتي أن يجيب بكل ما يسألونه فإن من المسائل ما لا يحل للسائل أن يسأل ولا للمجيب أن يجيب عنها.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن الذي يفتي بكل ما يسألونه لمجنون.
وكذا لا يجب الإفتاء فيما لم يقع ولا ينبغي أن يحتاج إلى الفتوى إذا لم يسأل عنه.
وينبغي للمفتي أن لا ينازع أحدا ولا يخاصمه ولا يضيع أوقاته وعليه أن يشتغل بمصالح نفسه لا بقهر عدوه.
مسألة:[يتجنب الترخيص للأمراء ولا يغلظ عليهم]
يجب على المفتي أن يجتنب عن الرخص للأمراء وتخصيصهم بذلك من بين العوام مثل أن يقول لعب الشطرنج حلال عند الشافعي رحمه الله تعالى والمجاوزة عن الحدود في التعزيرات جائزة عند مالك رحمه الله تعالى
وبيع الوقف إذا خرب وتعطلت منفعته ولم يكن له ما يعمر به جائز عند أحمد رحمه الله تعالى، وتتبع الرخص وإن كان جائزا على ضعف لكن ذلك للضعفة بسبب عدم الاستطاعة أما تخصيص الأمراء بذلك وتخصيص المفتي من يشاء بذلك من غير اعتقاده بالصحة وإلا لأفتى على العموم من غير تخصيص بالبعض فمن علامات الاستهانة بدين الله وما هذا المفتي إلا ضال خارق لحجاب
---(1/579)
ص:580
الهيبة مسقط لأبهة الشرع مفسد لنظام الدين.
وكما لا يرخص لأرباب الظلم في الأمور الشرعية كذلك لا يغلظ عليهم بحيث يؤدي إلى نفورهم عن انقياد الشرع. والله المعين.
مسألة:[يراعي المفتي في الرخص والتشديد حال السائل]
على المفتي أن ينظر إلى خصوص الوقائع إذا سئل عنها ويراعي في الرخص والتشديد حال السائل.
يروى أن ابن عباس رضي الله عنه سئل هل للقاتل توبة؟ فقال: لا. وسأل آخر، فقال: له توبة. فسئل ابن عباس عن ذلك فقال: رأيت في عيني الأول إرادة القتل فمنعته وأما الثاني فقد جاء مستكنا قد قتل فلم أقنطه ومن ثم قال الصيمري: من سأله سائل إن قتلت عبدي فهل علي قصاص؟ يسعه أن يقول: إن قتلته فقتلناك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل عبده قتلناه" ولأن القتل له معان وهذا إذا لم يترتب علي إطلاقه مفسدة.
مسألة:[ حكم الفتوى إذا استفتي في حادثة]
الفتوى والتعليم فرض كفاية فإذا استفتى في حادثة وعلم أنه لا يجيب غيره يلزمه الجواب أما إذا علم أنه يجيب غيره لا يلزمه.
فائدة:[لأن يخطئ الرجل عن فهمٍ خير من أن يصيب بغير فهم]
كان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ربما لا يجيب عن مسألة سنة وقال: لأن يخطئ الرجل عن فهمٍ خير من أن يصيب بغير فهم كذا في نوازل أبي الليث.
وكان المستفتي إذا ألح على أبي نصر وقال: جئت من مكان بعيد. يقول:
فلا نحن ناديناك من حيث جئنا**ولا نحن عمينا عليك المذاهبا
مسألة:
يجب على المفتي بيان الحكم الشرعي للسائل أما دفع الرقعة فلا يجب عليه ولا أن يفهمه ما يشق عليه ويحفظه ما يصعب عليه.
وكذا لا يؤاخذ بسوء حفظ السائل وقلة فهمه.
---(1/580)
ص:581
مسألة:[موقع دار الإفتاء]
المفتي يفتي في المسجد ويختار مسجدا في وسط البلد أو في داره بإذنٍ عموما.
مسألة:[ حكم الهدية للمفتي والواعظ والقاضي]
يجوز للإمام والمفتي والواعظ قبول الهدية و الدعوة الخاصة بخلاف القاضي.
مسألة: [أجرة المفتي ورزقه]
لا يجوز للمفتي أن يأخذ الأجرة على بيان الحكم الشرعي أما على كتابة الجواب فيجوز الأجرة على قدر الكتابة والأولى أن يتبرع بالفتوى ولا يأخذ أجرة عمن يستفتي، فإن جعل له أهل البلد رزقا جاز وإن استؤجر جاز والأولى كونها بأجرة مثل كتبه. وعلى الإمام و ولي الأمر أن يفرض للمدرس والمفتي كفايتهما.
مسألة: [يحفظ المفتي الترتيب والعدل بين المستفتين]
من آداب الفتوى كون المفتي حافظا للترتيب و العدل بين المستفتين ولا يميل إلى الأغنياء و الأمراء بل يكتب جواب من سبق غنيا كان أو فقيرا حتى يكون أبعد من الميل.
[ تعظيم الكاغذ لحرمة اسم الله]
ومن الأدب أن لا يرمي بالكاغذ كما اعتاده بعض الناس لأن فيه اسم الله فالتعظيم واجب وكان بعضهم لا يأخذ الرقعة من يد امرأة ولا صبي وكان له تلميذ يأخذ منهم ويجمعها ويرفعها فيكتبها تعظيما للعلم والأحسن أخذ المفتي من كل واحد تواضعا.
[لا يفتي بشيء حتى يفهم السؤال]
ومن الأدب أن يأخذ الورقة بالحرمة ويقرأ المسألة بالبصيرة مرة بعد أخرى حتى يتضح له السؤال ثم يجيب ولا يفتي بشيء لم يفهمه وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أفتى بفتيا من غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه.
مسألة:[ يجب على المفتي المبالغة في إيضاح الجواب لغلبة الجهل]
الواجب على المفتي في هذا الزمان المبالغة في إيضاح الجواب لغلبة الجهل فلا يجيب على الإطلاق والإرسال و
---(1/581)
ص:582
كذا يجتنب عن الألغاز لكن ينظر ويتفكر فإن كان من جنس ما يفصل من جوابها فليفعل وليجب حرفا حرفا.
مسألة:[ ينبغي أن يكتب:والله الموفق" أو:بالله التوفيق]
في المسائل الدينية التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة ينبغي أن يكتب: والله الموفق أو بالله التوفيق أو بالله العصمة.
مسألة:[ينبغي أن يكتب عقب الجواب: والله أعلم]
إذا أجاب المفتي ينبغي أن يكتب عقب الجواب: والله أعلم، أو نحو ذلك.
قال المؤلف عفا الله تعالى جرائمه وقبل حسناته:
هذا آخر الرسالة كنت أتممتها في يوم الأحد السادس عشر من شهر رجب سنة 1355 هـ حين كنت مفتيا بجامع ناخدا بكلكته.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وبارك وسلم.
---(1/582)