1 - حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رجل: يا رسول الله! ما نمت البارحة، قال صلى الله عليه وسلم: ((من أي شيءٍ؟))، قال: لدغتني عقربٌ، فقال: ((أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامة كلها من شر ما خلق، لم يضرك شيءٌ -إن شاء الله تعالى-)).(1/1)
2 - حدثنا إبراهيم بن يوسف الحضرمي الكوفي، قال: ثنا الأشجعي عبيد الله بن عبد الرحمن، عن سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لدغت عقربٌ رجلاً، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: ((أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامة كلها من شر ما خلق، لم يضرك شيءٌ حتى تصبح)).(1/2)
3 - حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ليث بن سعد، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن الحارث بن يعقوب، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حكيمٍ السلمية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق، لم يضره شيءٌ حتى يرتحل من منزله ذلك)).(1/3)
4 - حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنسٍ، بلغه عن يعقوب بن عبد الله [بن] الأشج، عن بسر بن سعيد مولى الحضرميين، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/4)
5 - حدثنا علي بن حجرٍ، ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمدٍ بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فزع أحدكم في النوم، فليقل: أعوذ بكلمة الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون؛ فإنها لن تضره))، فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده، ومن لم يبلغ، كتبها في صك، ثم علقها في عنقه.(1/5)
6 - حدثنا عقبة بن قبيصة بن عقبة السوائي، قال: حدثني أبي، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن المنهال بن عمروٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول: ((أعيذكما بكلمات الله التامة، من شر كل شيطانٍ وهامةٍ، ومن كل عينٍ لامةٍ))، ويقول: ((كان أبي إبراهيم يعوذ بهن إسماعيل وإسحاق)).(1/6)
وهو: ما روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن الله تعالى:
((إنما عطائي كلامٌ، وعذابي كلامٌ)).
7 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، أنبأنا عبد الحميد ابن بهرام الفزاري، عن شهر بن حوشبٍ، قال: حدثني ابن غنم، عن أبي ذر.(1/7)
8 - حدثنا بذلك محمد بن علي الشقيقي، ثنا محمد ابن أعين خادم عبد الله، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا عثمان ابن عطاء، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما.(1/8)
9 - حدثنا إبراهيم بن يوسف الحضرمي، ثنا عمران ابن عيينة، عن عبد العزيز بن أبي [روادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: ((لا يجلس الرجل إلى الرجلين إلا على إذنٍ منهما إذا كانا يتناجيان)).(1/9)
10 - حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبد الله العمري، عن نافعٍ وسعيدٍ المقبري، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/10)
11 - حدثنا بذلك الجارود، ثنا سليمان بن عمروٍ النخعي، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: ((من أمن الثقل، ثقل)).(1/11)
12 - حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا يونس بن بكير، ثنا أبو حنيفة، عن حماد، قال: ((من خاف أن يكون ثقيلاً، فليس بثقيلٍ)).(1/12)
13 - حدثنا عمر بن أبي عمر، ثنا الحسن بن ثابت، عن جرير، عن مغيرة، قال: نهانا الله عن التثقيل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم تلا قوله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديثٍ إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق}.(1/13)
14 - حدثنا عمر، ثنا إبراهيم بن موسى، عن أبي بشر بن المفضل، ثنا محمدٌ أبو سهل محمد بن شهاب صاحب الساج، عن إبراهيم بن أبي بكر، قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا استثقل رجلاً، قال: ((اللهم اغفر لنا وله، وأرحنا منه)).(1/14)
15 - حدثنا محمد بن حربٍ المروزي، قال: حدثني حفص بن حميد، عن عبد الله بن المبارك، قال: أخبرني حاتم بن عبد الله الأشجعي، قال: انتهيت مع سفيان الثوري إلى أبي عصمة اليمامي، فإذا هو جالس في تراب له، قال: فدنونا منه نسلم عليه، فقال له سفيان: (رحمك الله، تأذن فنجلس إليك؟ قال: لا، فرجعنا، فقال سفيان): إن الرجل ليس في كل حالاته يحب أن يجلس إليه.
قال حفص: ثم رأيت حاتماً الأجشعي في عقد محفوظ، فسألته يحدثني به.
قال حفص: ثم رأيت عبد الله في جنازة أبي عصمة، والدموع على خديه، فقال: يا حبذا تلك الخلوة؛ أن يخلو الرجل بنفسه، فيذكر إخوانه، فيقول: أين فلان، أين فلان، أين أبو عصمة؟ (1/15)
16 - حدثنا عمر بن أبي عمر، ثنا عتبة بن سعيد بن رخصٍ الحمصي، عن إسماعيل بن عياش، ثنا أبو بكرٍ الهذلي، عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني بوصية قصيرة فألزمها، قال: ((لا تغضب يا معاوية بن حيدة؛ إن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل)).(1/16)
17 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، ثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمروٍ، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الغضب ميسمٌ من نار جهنم يضعه الله تعالى على نياط أحدهم، ألا ترى أنه إذا غضب، احمرت عيناه، واربد وجهه، وانتفخت أوداجه؟)).(1/17)
18 - حدثنا إبراهيم بن هارون البلخي، ثنا زكريا ابن حازم الشيباني، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يقول الله تعالى: لي العظمة والكبرياء والفخر، والقدر سري، فمن نازعني في واحدةٍ منهن، كببته في النار)).(1/18)
19 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، ثنا فضيل ابن سليمان، ثنا موسى بن عقبة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتعل أحدكم، فليبدأ باليمين، فإذا نزع، فليبدأ بالشمال، وليكن اليمين أولهما يلبس، وآخرهما ينزع)).(1/19)
20 - حدثنا قتيبة، عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله سواء.(1/20)
21 - حدثنا بذلك محمد بن بشار الهجري، ثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، عن أبيه، عن مسروقٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/21)
22 - وحدثنا صالح بن عبد الله، ثنا أبو الأحوص، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروقٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنه كان يتيمن ما استطاع في طهوره إذا تطهر، وفي لباسه إذا لبس، وفي ترجله إذا ترجل، وفي تنعله إذا تنعل)).(1/22)
23 - حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة، ونحر نسكه، ناول رأسه الحلاق، فقال: ((ابدأ بالشق الأيمن))، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، ثم ناوله الأيسر فحلقه، فقال: ((أعطه الناس)).(1/23)
24 - حدثنا قتيبة، عن مالكٍ بن أنسٍ، عن ابن شهابٍ، عن أنس بن مالكٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبنٍ قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابيٌ، وعن يساره أبو بكر، فشرب، ثم أعطى الأعرابي، فقال: ((الأيمن فالأيمن)).(1/24)
25 - حدثنا قتيبة، عن مالكٍ، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/25)
26 - حدثنا قتيبة، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي بكر بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إذا أكل أحدكم، فليأكل بيمينه، وإذا شرب، فليشرب بيمينه)).(1/26)
27 - حدثنا عبد الجبار، ثنا سفيان، ثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يمين الله ملأى سحاء، لا يغيضها شيءٌ بالليل والنهار)).(1/27)
28 - حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أبي أنيسة: أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسارٍ الجهني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق آدم، فمسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذريةً، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره بيساره فاستخرج منه ذريةً، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون)).(1/28)
29 - حدثنا صالح بن عبد الله، ثنا درست بن زيادٍ، ثنا جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله الخلق، وقضى القضية، وكان عرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين باليمين، وأخذ أهل الشمال بالشمال)).(1/29)
30 - حدثنا الحسن بن مطيع، ثنا عبد الله بن بكرٍ السهمي، ثنا بشر بن نمير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بشماله، وكلتا يدي الرحمن يمينٌ، ثم قال: يا أصحاب اليمين! قالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، ثم قال: يا أصحاب الشمال! قالوا: لبيك وسعديك، قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، فخلط بعضهم ببعضٍ، فقال قائلٌ منهم: رب! لم خلطت بيننا، فقال: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون}، فقال قائلٌ: فما الأعمال؟ فقال: يعمل كل قومٍ لمنزلتهم)) فقال عمر رضي الله عنه: إذاً نجتهد.(1/30)
31 - حدثنا عبد الرحيم بن حبيبٍ، ثنا بقية بن الوليد، ثنا مبشر بن عبيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما خلق الله آدم عليه السلام، ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرواً كالذر، ثم قال: يا آدم! هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر، فأخرج ذرواً كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار)).(1/31)
32 - حدثنا بذلك عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري، ثنا أبي، ثنا بكر بن كليبٍ، حدثني جعفر بن كثير من آل أبي طالب، وهو يومئذٍ ابن ثمانين سنة، قال: حدثني أبي: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفريضة، تياسر، فصلى ما بدا له، ويأمر أصحابه أن يتياسروا، ولا يتيامنوا)).(1/32)
33 - حدثنا عمر بن أبي عمر، ثنا الربيع بن روح الحمصي، عن بقية، عن الوليد بن كاملٍ، عن حجر، أو ابن حجر المهلب، قال: حدثتني ضبيعة بنت المقداد بن معدي كرب، عن أبيها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفريضة إلى عمودٍ، أو خشبةٍ، أو شبه ذلك، لم يجعله نصب عينيه، ولكن يجعله على حاجبه الأيسر.(1/33)
34 - ما حدثنا به سهل بن العباس، ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميعٍ، عن أبي صالحٍ الحنفي، قال: كان عليٌ يسلم تسليمتي الصلاة إحداهما أخفض من الأخرى.
قال أبو معاوية: حدثني علي بن مسهرٍ، عن إسماعيل ابن سميعٍ، قال: قلت لأبي صالح: أيهما أخفض؟ قال: اليسرى.(1/34)
35 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني، قال: حدثني عمر بن نافعٍ، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)).
والقزع: أن يحلق رأس الصبي، ويترك بعضه. (1/35)
36 - حدثنا سفيان، ثنا عبدة، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)).(1/36)
37 - ما حدثنا به أبي رحمه الله، حدثنا الحماني، ثنا نصير ابن زيادٍ الطائي، عن صلتٍ الدهان، عن حامية بن رئابٍ، قال: سمعت سلمان، وسئل عن قوله تعالى: {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً}، قال: هم الرهبان الذين في الصوامع، قال سلمان رضي الله عنه: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً}، فأقرأني: {ذلك بأن منهم صديقين ورهباناً}.(1/37)
38 - حدثنا بذلك عبد الكريم بن عبد الله، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله، ثنا يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيب: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما بعث الجنود نحو الشام يريد يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فقال: أوصيكم بتقوى الله، وأمرهم بأمور، فكان فيما قال: إنكم ستجدون أقواماً حبسوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له، وستجدون آخرين اتخذ الشيطان في أوساط رؤوسهم أفحاصاً، فإذا وجدتم أولئك، فاضربوا أعناقهم.(1/38)
39 - فحدثنا عمر بن أبي عمر، قال: ثنا إبراهيم ابن أبي الليث ببغداد، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ورهبانيةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله}: فكانت ملوكٌ بعد عيسى بن مريم -صلوات الله عليه- بدلوا التوراة والإنجيل، فقال ناس لملوكهم: ما نجد شتماً أشد مما يشتمونا به أنهم يقرؤون: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، {فأولئك هم الفاسقون}. مع ما يعيبوننا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعهم فليقرؤوا بما نقرأ به، وليؤمنوا بما آمنا به، قال: فدعاهم فجمعهم، فعرض عليهم القتل، أو أن يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها، فقالوا:
وما تصنعون بقتلنا؟ دعونا، وابنوا لنا أساطيناً ادفعونا فيها، واتركوا لنا شيئاً يدلى فيه طعامنا، ولا نؤذيكم.
وقالت طائفة أخرى منهم: دعونا نهيم في الأرض، ونسيح ونأكل مما تأكل منه الوحوش، ونشرب مما تشرب منه الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم، فاقتلونا.
وقالت طائفة أخرى منهم: ابنوا لنا ديوراً في الفيافي، فنحتفر الآبار، ونحرث البقول، فلا نؤذيكم، ولا نمر بكم، وليس أحد في القبائل إلا له حميم فيهم، ففعلوا ذلك.(1/39)
40 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: نا عبد الرحمن [بن المبارك العيشي: ثنا الصعق بن حزن: أخبرني عقيل الجعدي، عن أبي إسحاق الهمداني]، عن سويد بن غفلة، عن عبد الله ابن مسعود، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله بن مسعودٍ!))، قلت: لبيك يا رسول الله -ثلاث مرات-، قال: ((هل تدري أي عرا الإيمان أوثق؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أوثق عرا الإيمان: الولاية في الله، والحب فيه، والبغض فيه، يا عبد الله بن مسعودٍ!))، قلت: لبيك يا رسول الله -ثلاث مرات-، قال: ((هل تدري أي الناس أفضل؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن أفضل الناس أفضلهم عملاً إذا تفقهوا في دينهم، يا عبد الله بن مسعودٍ!)) قلت: لبيك يا رسول الله -ثلاث مرات-، قال: ((هل تدري أي الناس أعلم؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس، وإن كان مقصراً في العمل، وإن كان يزحف على استه.
واختلف من كان قبلنا على اثنين وسبعين فرقةً، نجا منهم ثلاثٌ، وهلك سائرها: فرقةٌ أزت الملوك وقاتلتهم على دين الله، ودين عيسى بن مريم حتى قتلوا، وفرقةٌ لم يكن لهم بموازاة الملوك طاقةٌ، فأقاموا بين ظهراني) قومهم، فدعوهم إلى دين الله، ودين عيسى بن مريم، فأخذتهم الملوك فقتلتهم وقطعتهم بالمناشير، وفرقةٌ لم يكن لهم طاقةٌ بموازاة الملوك، ولا أن يقيموا بين ظهراني قومهم، يدعوهم إلى دين الله ودين عيسى بن مريم، فساحوا في الجبال، وترهبوا فيها، فهم الذين قال الله -تبارك وتعالى-: {ورهبانيةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثيرٌ منهم فاسقون}، فالمؤمنون: الذين آمنوا بي وصدقوني، والفاسقون: الذين كذبوني وجحدوني)).(1/40)
41 - حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر الثوري، قال: حدثنا عارم بن الفضل عن الصعق، بمثله.(1/41)
42 - حدثنا روح بن قرة اليشكري، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن هصان بن كاهلٍ، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: سمعت معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من نفسٍ تموت تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، يرجع ذلك إلى قلبٍ موقنٍ، إلا غفر الله له)).(1/42)
43 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد الكلابي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن حميد بن هلالٍ، عن هصان بن كاهلٍ، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن معاذ ابن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/43)
44 - حدثنا محمود بن المهدي أبو بشر، قال: حدثنا سهل بن أسلم، عن حميد بن هلال، عن هصان ابن كاهلٍ، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن معاذٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/44)
45 - حدثنا بذلك عبد الله بن إسحاق الجوهري مستملي أبي عاصم، قال: حدثنا أبو عاصمٍ النبيل، عن وبر ابن أبي دليلة، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: حدثني يعقوب بن عاصم، قال: حدثني رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قديرٌ مخلصاً بها روحه، مصدقاً بها لسانه وقلبه، إلا فتقت له السماء فتقاً حتى ينظر الرب -تبارك وتعالى- إلى قائلها من أهل الدنيا، وحق لعبدٍ إذا نظر الله إليه أن يعطيه سؤله)).(1/45)
46 - حدثنا عمر، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الهيثم بن جماز، عن أبي داود الدارمي، عن زيد ابن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله مخلصاً، دخل الجنة))، قيل: يا رسول الله! وما إخلاصها؟ قال: ((أن تحجزه عن المحارم)).(1/46)
47 - حدثنا عمر، قال: حدثنا عمر بن عمروٍ الربعي، عن عبيد الله الوصافي، عن أبي بكر الحنظلي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عهد إلي أن لا يأتيني أحدٌ من أمتي بلا إله إلا الله لا يخلط بها شيئاً، إلا وجبت له الجنة))، قال: يا رسول الله! وما الذي خلط بها؟ قال: ((حرصاً على الدنيا، وجمعاً لها، ومنعاً لها، يقول بقول الأنبياء، ويعمل بعمل الجبابرة)).(1/47)
48 - حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، رفعه إلى ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكر عن ربه: أنه قال: ((المؤمن مني يعرض كل خيرٍ، إني أنزع نفسه من بين جنبيه، وهو يحمدني)).(1/48)
49 - قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا جريرٌ، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله، بمثله.(1/49)
49/م- حدثني أبي، حدثنا محمد بن عاصم المصري، عن عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/50)
50 - حدثنا روح بن قرة اليشكري، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى الثقفي، عن سلام بن سليم، عن زيدٍ العمي، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الفاجر الراجي لرحمة الله أقرب منها من العابد المقنط).(1/51)
51 - حدثنا الفضل بن محمد، قال: حدثنا هشام بن خالد الدمشقي، قال: حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال: حدثني سليمان بن هرم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((خرج من عندي خليلي جبريل صلى الله عليه وسلم آنفاً، فقال لي: يا محمد! والذي بعثك بالحق! إن لله لعبداً من عباده عبد الله خمس مئة سنةٍ على رأس جبلٍ في البحر، عرضه وطوله ثلاثون ذراعاً في ثلاثين ذراعاً، والبحر محيطٌ به أربعة آلاف فرسخٍ من كل ناحيةٍ، وأخرج الله له عيناً عذبةً بعرض الأصبع تبض بماءٍ عذبٍ، فيستنقع في أسفل ذلك الجبل، وشجرة رمانة تخرج في كل ليلةٍ رمانةً، فتغذيه يوماً، فإذا أمسى، نزل، فأصاب من الوضوء، وأخذ تلك الرمانة فأكلها، ثم قام لصلاته، فسأل ربه عند وقت الأجل أن يقبضه ساجداً، وأن لا يجعل الأرض ولا لشيءٍ يفسده عليه سبيلاً حتى يبعثه الله ساجداً، ففعل، فنحن نمر به إذا هبطنا، وإذا عرجنا، ونجد في العلم أنه يبعث يوم القيامة، فيوقف بين يدي الله -تبارك اسمه- فيقول له الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: بل بعملي يا رب، فيقول: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: بل بعملي يا رب، فيقول للملائكة: قايسوا عبدي بنعمتي عليه، وبعمله، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادته خمس مئة سنة، وبقيت نعم الجسد فضلاً عليه، فيقول: أدخلوا عبدي النار، فينادي: رب! برحمتك أدخلني الجنة، فيقول: ردوه، فيوقف بين يديه، فيقول: يا عبدي! من خلقك ولم تك شيئاً؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: أفكان ذلك من قبلك أم برحمتي؟ فيقول: بل برحمتك، فيقول: من قواك لعبادة خمس مئة سنة؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: من أنزلك في جبل وسط اللجة، وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح، وأخرج لك كل ليلة رمانةً، وإنما تخرج الشجرة في السنة مرةً، وسألتني أن أقبضك ساجداً، ففعلت ذلك بك؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: ذلك برحمتي، وبرحمتي أدخلك الجنة، أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فنعم العبد كنت يا عبدي، [قال جبريل]: إنما الأشياء برحمة الله)).(1/52)
52 - حدثنا أحمد بن مرة، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني سليمان بن هرم في مجلس الليث ابن سعد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/53)
53 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس أحدٌ منكم ينجيه عمله))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمته)).(1/54)
54 - حدثنا الحسن بن محمدٍ الزعفراني، قال: حدثنا سعيد بن زكريا المدائني، عن سالمٍ أبي الفيضٍ، قال: حدثني نافعٌ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها، جعل في يده خيطاً؛ ليذكره أو يذكرها)).(1/55)
55 - حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفيض بن الفضل الكوفي، قال: حدثنا سالم بن عبد الأعلى الأودي، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
ولم يرفعه الأودي. (1/56)
56 - حدثنا علي بن خشرمٍ، قال: حدثنا سعيد بن محمدٍ الوراق، عن سالم بن عبد الأعلى الأودي، قال: حدثني نافعٌ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/57)
57 - حدثنا أبو الخطاب الحرشي، قال: حدثنا سهل بن حمادٍ، قال: حدثنا سالم بن عبد الأعلى، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/58)
58 - حدثنا الحسين بن علي العجلي، قال: حدثنا عمرو بن محمدٍ العنقزي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهتز العرش لموت سعد بن معاذٍ)).(1/59)
59 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرٍو، عن أبيه، عن جده، عن عائشة، عن أسيد بن حضيرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذٍ)).(1/60)
60 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن عطاء ابن السائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ذكر يوماً عنده حديث سعد: ((إن العرش اهتز لحب الله لقاء سعدٍ))، فقال ابن عمر: إن العرش ليس يهتز لموت أحد، ولكنه سريره الذي حمل عليه.(1/61)
61 - حدثنا بذلك الفضل بن محمد، قال: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، قال: حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب، قال: لقيني أبو هريرة رضي الله عنه، فحدثني بذلك، قال: وأخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/62)
62 - حدثنا محمد بن محمد بن حسين، قال: حدثنا إسحاق بن المنذر، قال: أخبرنا الفرات بن السائب، قال: حدثنا مكحولٌ، عن أبي هريرة، وأبي الدرداء رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بيوتات المؤمنين لمصابيح إلى العرش يعرفها مقربو الملائكة من السماوات السبع، يقولون: هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن)).(1/63)
63 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا ابن نمير، عن موسى الطحان، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، أو أخيه، عن النعمان بن بشيرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ما تذكرون من جلال الله في تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول العرش، لهن دويٌّ كدوي النحل به يذكرن لصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الرحمن شيءٌ لا يذكره به)).(1/64)
64 - حدثنا هارون بن حاتم الكوفي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ، لما مات سعدٌ، نزل جبريل فقال: يا محمد! رجلٌ من أمتك مات اهتز له العرش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فإذا امرأة في المسجد، فقالت: يا رسول الله! إن سعد بن معاذ قد مات، فشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازته، فجلس على القبر، فقال: ((لا إله إلا الله، سبحان الله -ثم قال-: هذا العبد الصالح لقد ضيق عليه قبره حتى خشيت أن لا يوسع عليه، ثم وسع عليه)).(1/65)
65 - حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: افتخر الحيان من الأنصار: الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة: حنظلة بن الراهب، ومنا من اهتز لموته عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنا من حمته الدبر: عاصم بن ثابت بن الأفلح، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة ابن ثابت، فقال الخزرج: منا أربعةٌ جمعوا القرآن لم يجمعه أحدٌ غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيدٍ، وأبي بن كعبٍ، ومعاذ بن جبل.(1/66)
66 - حدثنا نصر بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن يعلى السلمي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن بحر بن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الحسن البصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد ابن معاذٍ فرحاً به، فرحاً به، فرحاً به)).(1/67)
67 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا محمد بن حميدٍ، عن معمرٍ، عن أيوب، وكثير بن كثير بن المطلب، يزيد أحدهما على الآخر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم))، أو قال: ((لو لم تغترف الماء، لكانت زمزم عيناً معيناً)).(1/68)
68 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغدٍ)).(1/69)
69 - حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيمٍ الهلالي، قال: حدثي عمي أبو معمرٍ سعيد بن خثيمٍ، قال: حدثني محمد بن النضر الملائي، قال: كنت عند الحجاج، وعنده أنس بن مالك، فقال: كنت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فأهدي له طيران، فتعشى بأحدهما، وخبأت له أم أيمن الآخر، فلما أصبح، قال: ((يا أم أيمن! هل عندك من غداءٍ؟))، قالت: أحد الطيرين، قال: ((يا أم أيمن! أما علمت أن أخي عيسى لا يخبئ عشاءً لغداءٍ، ولا غداءً لعشاءٍ، يأكل من ورق الشجر، ويشرب من ماء المطر، ويلبس المسوح، ويبيت حيث يمسي، ويقول: يأتي كل يومٍ برزقه؟))، قالت: يا رسول الله! لا أخبأ لك شيئاً بعدها أبداً.(1/70)
70 - حدثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي، قال: حدثنا مفضل بن صالح، عن الأعمش، عن طلحة اليامي، عن مسروق، عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أطعمنا يا بلال))، قال: ما عندي إلا صبر من تمر قد خبأته لك، فقال: ((أما تخشى أن يخسف الله به في نار جهنم؟! أنفق بلالا، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً)).(1/71)
71 - حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو غسان، عن قيس، عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/72)
72 - حدثنا علي بن سعيدٍ المسروقي، وعلي بن حجر، قالـ[ا]: حدثنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريحٍ، عن بكر بن عمرٍو، عن عبد الله بن هبيرة، عن أبي تميمة الجيشاني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً)).(1/73)
وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سئل، فقيل: يا رسول الله! إني أصبت ديناراً، قال: ((أنفقه على نفسك))، قال: أصبت آخر؟ قال: فلم يزل يقول: أصبت آخر، وهو يأمره بصرفه في وجه حتى كان في السابعة، قال: أصبت آخر، قال: ((أنفقه في سبيل الله، وذلك أخسهن وأدناهن أجراً)).
رواه سعيدٌ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
73 - حدثنا بذلك صالح بن محمد، قال: حدثنا القاسم العمري، عن محمد بن حميدٍ مولى آل مخرمة، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/74)
وروي لنا أن أبا بكر رضي الله عنه تلا هذه الآية بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً}، فقال: ما أحسن هذا يا رسول الله! فقال: ((يا أبا بكرٍ! أما إن الملك سيقولها لك عند الموت)).
74 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا علي بن بحرٍ، عن سويد بن عبد العزيز، عن ثابت بن عجلان، عن سليم بن أبي عامر، قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: قرئت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فذكر الحديث إلى آخره، مثله.(1/75)
75 - حدثنا نصر بن علي الحداني، قال: أخبرني عكرمة بن خالد بن سلمة المخزومي، قال: سمعت أبي يقول: سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تضربوا الرقيق؛ فإنكم لا تدرون ما توافقون)).(1/76)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لأن يؤدب أحدكم ولده خيرٌ له من أن يتصدق كل يومٍ بنصف صاعٍ)).
76 - حدثنا بذلك صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن ناصحٍ المحلمي، عن سماكٍ، عن جابر بن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/77)
77 - وحدثنا نصر بن علي الحداني، ومحمد بن موسى الحرشي، قالا: حدثنا عامر بن أبي عامرٍ الخزاز، قال: حدثنا أيوب بن موسى الحرشي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما نحل والدٌ ولداً أفضل من أدبٍ حسنٍ)).(1/78)
وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضرب الرقيق إذا زنوا فقال:
((إذا زنت أمة أحدكم، فليجلدها، ثم إذا زنت، فليجلدها)).
78 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنسٍ، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وزيد بن خالد الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/79)
79 - حدثنا محمد بن مقاتل، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم القرشي، عن داود بن قيس المديني، عن زيد بن أسلم، قال: قال رجل: يا رسول الله! ما تقول في ضرب المماليك؟ قال: ((إن كان ذلك في كنهةٍ، وإلا، أقيد منكم يوم القيامة))، قيل: يا رسول الله! ما تقول في سبهم! قال: مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله! فإنا نعاقب أولادنا ونسبهم، قال: ((إنهم ليسوا مثل أولادكم، إنكم لا تتهمون على أولادكم)).(1/80)
80 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أصبغ بن الفرج، قال: أخبرني ابن وهب، عن مخرمة، أخبره، عن أبيه، عن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه، قال: قال رجل: يا رسول الله! كيف ترى في رقيقنا، أقوام مسلمون يصلون صلاتنا، ويصومون صيامنا، نضربهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوزن ذنبهم وعقوبتكم إياهم، فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنبهم، أخذوا منكم))، قال: أفرأيت سبنا إياهم؟ قال: ((يوزن ذنبهم وأذاكم إياهم، فإن كان أذاكم أكثر، أخذوا منكم))، قال الرجل: ما أسمع عدواً أقرب إلي منهم، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربك بصيراً}، فقال الرجل: أرأيت يا رسول الله ولدي، أضربهم؟ قال: ((إنك لا تتهم في ولدك، لا تطيب نفساً تشبع ويجوع، وتكتسي ويعرى)).(1/81)
81 - حدثنا صالح بن محمد، قال: حدثنا زافر بن سليمان، عن إسماعيل بن عياشٍ، عن عمر مولى غفرة، عن زياد بن أبي زيادٍ، قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله! إن لي مالاً، وإن لي خدماً، وإني أغضب، فأعزم وأشتم وأضرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((توزن ذنوبه بعقوبتك، فإن كانت سواءً، فلا لك ولا عليك، وإن كانت العقوبة أكثر، فإنما هو شيءٌ يؤخذ من حسناتك يوم القيامة))، فقال الرجل: أوه، أوه، يؤخذ من حسناتي؟ أشهدك يا رسول الله أن مماليكي أحرار، أنا لا أمسك شيئاً يأخذ من حسناتي، قال: ((فحسبت ماذا؟ ألم تسمع إلى قول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} الآية؟!)).(1/82)
82 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن عبد الملك بن رزينٍ، عن بلالٍ، قال: قال رجل: يا رسول الله! إن في حجري يتيماً، أفأضربه؟ قال: ((نعم، مما تضرب منه ولدك)).(1/83)
83 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن المؤذن، قال: حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيدٍ الأزدي، قال: حدثنا محمد بن زيادٍ الكلبي، عن بشر بن الحسين الهلالي، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعط الأجير أجره من قبل أن يجف عرقه)).(1/84)
84 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الله ابن أبي حسان القيسي، عن حسن بن علي بن حسينٍ، عن أبيه، عن حسين بن عليٍّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغي لعينٍ مؤمنةٍ ترى أن يعصى الله فلا تنكر عليه)).(1/85)
85 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمدٍ، قال: حدثني الحارث بن فضيلٍ، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم، عن عبد الرحمن بن مسور بن مخرمة، عن أبي رافعٍ مولى رسول الله، عن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما كان لله نبيٌّ إلا وله حواريون يهدون بهديه، ويستنون بسنته، ثم يكون من بعده خلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويعملون ما ينكرون، فمن جاهدهم بيده، فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبه، فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانه، فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك مثقال حبةٍ من إيمان)).(1/86)
86 - حدثنا محمد بن أبان الهلالي، قال: حدثنا أيوب بن سويدٍ الرملي، قال: حدثنا عتبة بن أبي حكيمٍ، قال: حدثني عمرٌو اللخمي، عن أبي أمية الشعباني، قال: سألت أبا ثعلبة الخشني عن هذه الآية: {يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}، فقال لي: لقد سألت فيها خبيراً، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا أبا ثعلبة! ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، وإذا رأيت دنيا مؤثرةً، وشحاً مطاعاً، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، فعليك نفسك؛ فإن من بعدكم أيام الصبر، المتمسك يومئذٍ بمثل الذي أنتم عليه له كأجر خمسين عاملاً))، قالوا: يا رسول الله! كأجر خمسين عاملاً منهم؟ قال: ((لا، بل منكم)).(1/87)
87 - حدثنا حميد بن عليٍّ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا جعفر بن محمدٍ الهمداني، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المتمسك بسنتي عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر)).(1/88)
88 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد بن وهبٍ الواسطي، عن الوليد بن مسلمٍ، عن أبي بكر بن أبي مريم، قال: حدثني حكيم بن عمير أبو الأحوص، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا عبيدة! لا تأمنن على أحدٍ بعدي)).(1/89)
89 - حدثنا بذلك: الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الحكم المصري -بالراء- المصري، قال: حدثنا شعيب بن يحيى، قال: حدثنا عبد الجبار بن عمر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت وراءه إذا مشى، وربما تعلق رداؤه بالشيء، أو بالشجرة، فلا يلتفت حتى يضعوه عليه؛ لأنهم كانوا يمزحون ويضحكون، فكانوا قد أمنوا التفاته.(1/90)
90 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا جميع بن عمر العجلي، قال: حدثنا رجلٌ من بني تميم من ولد أبي هالة، عن ابن لأبي هالة، عن الحسن بن عليٍّ، عن هند ابن أبي هالة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التفت، التفت جميعاً.(1/91)
91 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا المفضل بن فضالة، عن ربيعة بن سيفٍ المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرفنا معه، فلما حاذى بابه، وقف، وتوسط الطريق، فإذا هو بامرأة مقبلة، لا نظنه عرفها، فلما دنت، إذا هي فاطمة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟))، قالت: أتيت أهل هذا الميت، فرحمت إليهم ميتهم، أو عزيتهم -لا يحفظ ربيعة أي ذلك قال-، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فلعلك بلغت معهم الكداء؟))، قالت: معاذ الله! وقد سمعتك تذكر فيهم ما تذكر، قال: ((لو بلغت معهم الكداء، ما رأيت الجنة حتى يراها جدك أبو أبيك)).
قال قتيبة: الكداء: المقبرة. (1/92)
92 - فحدثنا الجارود، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة: أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة إلا تسع نسوة، منهن أم سليم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنعهن عن حضور الجنائز.(1/93)
93 - حدثنا أبو الحجاج النضر بن طاهرٍ البصري، قال: حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نسوة في جنازة، فقال لهن: ((ارجعن مأزوراتٍ غير مأجوراتٍ)).(1/94)
94 - حدثنا أبو الأشعث العجلي، وأبو الحجاج، قالا: حدثنا محمد بن حمران، عن الحارث بن زيادٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأى النسوة، فقال: ((أتحملنه؟))، قلن: لا، قال: ((أفتدفنه؟))، قلن: لا، قال: ((فارجعن مأزورات غير مأجوراتٍ)).(1/95)
95 - حدثنا سفيان، قال: حدثني أبي، عن شعبة، عن محمد بن جحادة، قال: سمعت أبا صالحٍ يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.(1/96)
96 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن نميرٍ عن زياد بن المنذر الهمداني، عن أبي جعفر، قال: كانت فاطمة -رضي الله عنها- تأتي قبر حمزة، فترمه، وتصلحه.(1/97)
97 - حدثنا محمد بن النعمان بن شبل بن النعمان الباهلي، قال: حدثنا محمد بن النعمان عم أبي، عن يحيى بن العلاء، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعةٍ مرةً، غفر له، وكتب له براءةٌ)).(1/98)
98 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا أبو مقاتل، عن عبد العزيز بن أبي روادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من زار قبر أبويه، أو أحدهما احتساباً، كان كعدل حجةٍ مبرورة، ومن كان زواراً لهما، زارت الملائكة قبره.(1/99)
99 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدثنا أبو صالح الحراني غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد، عن أبي سمية، قال: سألت جابر ابن عبد الله عن الورود، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الورود الدخول، لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلا دخلها، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم -صلوات الله عليه-، حتى إن للنار ضجيجاً من بردهم، {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا}.(1/100)
100 - حدثنا عبد الكريم بن عبد الله، عن منصور بن عمارٍ، عن بشير بن طلحة الجذامي، عن خالد بن دريكٍ، عن يعلى بن منية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تقول النار للمؤمن: جز يا مؤمن؛ فقد أطفأ نورك لهبي)).(1/101)
101 - حدثنا أبو عبد الله بن إسحاق المؤدب، ثنا يوسف بن سعيد، ثنا سليم بن منصور بن عمار، عن بشير بن طلحة الخشني، عن خالد بن دريكٍ، عن يعلى ابن منية، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((تقول النار للمؤمن: جز يا مؤمن؛ فقد أطفأ نورك لهبي)).(1/102)
102 - وبهذا الإسناد قال: ((ينشئ الله لأهل النار سحابةً، فإذا رأوها، ذكروا سحائب الدنيا، فتناديهم: يا أهل النار! ما تشتهون؟ فيقولون: نشتهي الماء البارد، قال: فتمطرهم أغلالاً تزداد في أغلالهم، وسلاسلاً تزداد في سلاسلهم)).(1/103)
103 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الله بن رجاءٍ، عن إسرائيل، عن السدي، قال: سألت مرة عن ذلك، فحدثني عن عبد الله: أنه حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يرد الناس النار، ثم يصدرون عنها بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه، ثم كحبوه)).(1/104)
104 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن وهبٍ الواسطي، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثنا أبو الدرداء الرهاوي، عن عبد الله ابن بسرٍ المازني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الدنيا، فوالذي نفسي بيده! إنها لأسحر من هاروت وماروت)).(1/105)
105 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمدٍ الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حبك الشيء يعمي ويصم)).(1/106)
106 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا سعيد بن شرحبيل، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن ثوبان، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن المؤمن ينضي شيطانه؛ كما ينضي أحدكم بعيره في السفر)).(1/107)
فروي عن أبي الجوزاء: أنه قال: ليس شيءٌ أطرد له من القلب من قول: لا إله إلا الله، ثم تلا: {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً}.
107 - حدثنا بذلك ابن أبي زياد، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن أبي الجوزاء.(1/108)
108 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن مالك، قال: قرأت في التوراة: إن سرك أن تحيا وتبلغ علم اليقين، فاحتل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا؛ فإنه من يغلب شهوات الدنيا، يفرق الشيطان من ظله.(1/109)
109 - حدثنا عبد الرحمن بن الفضل بن موفق الكوفي، قال: حدثنا أبي، عن الأوزاعي، عن سالمٍ، عن سديسة مولاة حفصة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما لقي الشيطان عمر رضي الله عنه قط إلا خر لوجهه)).(1/110)
110 - حدثنا سفيان، عن وكيع، قال: حدثنا عتبة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما لقي الشيطان عمر رضي الله عنه في فجٍّ، فسمع صوته، إلا أخذ في غيره)).(1/111)
111 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا معلى ابن هلالٍ، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع)).(1/112)
112 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الحسن ابن عليٍّ، عن يوسف بن خالدٍ السمتي، قال: أخبرنا مسلمة بن قعنبٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما عبد الله بشيءٍ أفضل من فقه في دينٍ)).(1/113)
113 - حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يزيد بن عياض، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما عبد الله بشيءٍ أفضل من فقهٍ في دينٍ، ولفقيهٌ واحدٌ أشد على الشيطان من ألف عابدٍ، ولكل شيءٍ عمادٌ، وعماد هذا الدين الفقه)).(1/114)
114 - حدثنا المهدي بن علي السمناني، قال: حدثنا أحمد بن صالح المصري، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عباد بن سالمٍ، عن سالمٍ بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، يفقهه)).(1/115)
115 - حدثنا محمد بن زنبورٍ المكي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفرٍ المدني، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هندٍ، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من يرد الله به خيراً، يفقهه في الدين)).(1/116)
116 - حدثنا نصر بن عليٍّ الحداني، قال: أخبرنا هارون بن مسلم، قال: أخبرنا عبيد الله بن الأخنس، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيثٍ مولى بني عبد الدار، عن يوسف بن ماهك، قال: كان معاوية قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلما قام خطيباً إلا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يرد الله به خيراً، يفقهه في الدين))، يا أيها الناس! تفقهوا.(1/117)
117 - حدثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهري، قال: أخبرنا محمد بن ربيعةً، عن كامل بن العلاء، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عمر أمتي من ستين سنةً إلى سبعين سنةً)).(1/118)
118 - حدثنا يحيى بن المغيرة المخزومي المدني، قال: أخبرنا ابن أبي فديك، عن إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين)).(1/119)
119 - حدثنا هارون بن حاتمٍ الكوفي، قال: حدثنا ابن أبي فديك، عن إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقل أمتي أبناء السبعين)).(1/120)
120 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو ضمرة، عن زيد بن أسلم، قال: لقد رأيت ضبعاً وأولادها رابضة في حجاج عين رجلٍ من العمالقة.(1/121)
121 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا حوشب، عن عبد الكريم، قال: حدثنا المبارك بن مجاهد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن كعب الأحبار، قال: بلغني أن نوحاً كان قاعداً، فجاءه شابٌّ صبيح، فنظر إليه نوح، فقال: يا هذا! كم أتى لك؟ قال: مئتا سنة، قال: احتلمت؟ قال: لا، ثم جاءه آخر أجمل من الأول، فقال له: كم أتى لك؟ قال: خمس مئة سنة، قال: احتلمت؟ قال: لا، فلم يزل الناس ينقصون في الخَلق والخُلُقِ والرزق والأجل.
روي ذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (1/122)
وذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصر أعمارهم، وجد من ذلك وجداً شديداً لحال العبودية، والأخذ بحظهم منها، فأعطوا ليلة القدر.
122 - كذلك حدثني به أبي، عن مطرف، عن مالك بن أنس رضي الله عنه.(1/123)
123 - حدثنا أبو سنان، قال: حدثنا عبد الله بن صالحٍ، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن أبي حلبسٍ يزيد بن ميسرة، قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، -وما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها- يقول: ((إن الله قال: يا عيسى! إني باعثٌ من بعدك أمةٌ إن أصابهم ما يحبون، حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون، صبروا واحتسبوا، ولا حلم ولا علم، قال: يا رب! كيف يكون هذا لهم، ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي ومن علمي)).(1/124)
124 - حدثنا حفص بن عمرٍو، قال: أخبرنا الحكم بن نافعٍ الحمصي، قال: حدثنا صفوان بن عمرٍو السكسكي، عن يزيد بن خميرٍ الرحبي، عن عبد الله بن بسرٍ المازني، قال: قيل: يا رسول الله! كيف تعرف أمتك يومئذ؟ قال: ((أرأيت لو كان لأحدكم خيلٌ دهمٌ، وفيها أغر محجل، أما كان يعرفه؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإن أمتي يومئذٍ غرٌّ من السجود، محجلون من آثار الوضوء)).(1/125)
125 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني أطمع أن أكون أعظم الأنبياء أجراً عند الله يوم القيامة، كلهم أوتي من الآيات ما الذي أوتيته بمثله اعتبر البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، ثم أنا أكثرهم تابعةً)).(1/126)
126 - فحدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((مثلكم ومثل اليهود والنصارى، كمثل رجلٍ استعمل عمالاً، فقال: من يعمل لي من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراطٍ قيراطٍ؟ ألا، فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ قيراطٍ؟ ألا فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من صلاة العصر إلى صلاة المغرب على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر عملاً، وأقل عطاءً، فقال: أظلمتكم من حقكم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: إنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء)).(1/127)
127 - حدثنا المؤمل بن هشامٍ اليشكري، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن غالبٍ القطان، عن بكر ابن عبد الله المزني، قال: لم يفضل أبو بكر الناس بكثرة صومٍ ولا صلاة، إنما فضلهم بشيء كان في قلبه.(1/128)
128 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: أخبرنا الحسن بن سوارٍ، عن المبارك، عن الحسن، قال: إنما غلب عمر الناس بالزهد واليقين.(1/129)
129 - حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله: أنتم اليوم أكثر صياماً وجهاداً وصلاةً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا خيراً منكم، فقال فبم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة.(1/130)
130 - حدثنا أحمد بن عبد الله المهلبي، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، قال: قال طلحة بن عبيد الله: ما كان عمر أولنا إسلاماً، ولا أقدمنا هجرةً، ولكن أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.(1/131)
131 - (حدثنا أحمد بن عبد الله المهلبي، قال: حدثنا شقيق بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازم).(1/132)
132 - حدثنا أحمد بن عبد الله الأزدي، قال: حدثنا يحيى بن معينٍ، عن هشام بن يوسف الصنعاني، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن عليٍّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).(1/133)
133 - حدثنا عبد الله بن الوضاح اللؤلئي، قال: أخبرنا يحيى بن يمانٍ، عن يوسف الصباغ، عن الحسن، قال: قال موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا رب! كيف شكرك آدم؟))، قال: علم أن ذلك مني، فكان ذلك شكره.(1/134)
134 - حدثنا بذلك الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام بن خالدٍ الدمشقي، عن خالدٍ القسري، عن الكلبي، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.(1/135)
135 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، ثنا الحجاج ابن منهالٍ، عن حماد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أبي طيبة، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: أجد في الكتب: أن هذه الأمة تحب ذكر الله كما تحب الحمامة وكرها، وهم أسرع إلى ذكر الله من الإبل إلى وردها يوم ظمئها.(1/136)
136 - حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى الزمن، ثنا معاذ بن هشامٍ، حدثني أبي، عن يونس، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: ((ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوانٍ قط، ولا في سكرجةٍ، ولا خبز له مرققٌ)).
قلت لأنسٍ: فعلى ماذا كانوا يأكلون؟ قال: على السفر.
قال أبو موسى: يونس هذا هو ابن أبي الفرات الإسكاف.(1/137)
137 - حدثنا بذلك عبد الجبار: قال: حدثنا سفيان، عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن عبد الله بن الحارث، عن صفوان بن أمية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((انهسوا اللحم نهساً؛ فإنه أشهى وأمرأ)).(1/138)
138 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، والجارود، قالا: حدثنا الحماني، عن مندلٍ، عن عبد الله بن يسارٍ مولى عائشة بنت طلحة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصلي الملائكة على الرجل ما دامت مائدته موضوعة)).(1/139)
139 - حدثنا زياد بن أيوب، أخبرنا هشيمٌ، حدثنا أبو بشرٍ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لو كان الضب حراماً، ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/140)
140 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا محمد بن سلام العطار، حدثني الحسن بن مهران الكرماني، قال: سمعت فرقداً صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت محمداً صلى الله عليه وسلم، وطعمت على مائدته الطعام.(1/141)
141 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا سهل بن تمام، حدثنا يحيى بن دينار البكري والد همام، عن الحسن، قال: الأكل على الخوان فعل الملوك، وعلى المنديل فعل العجم، وعلى السفرة فعل العرب، وهو سنةٌ.(1/142)
142 - حدثنا بذلك: عمر بن أبي عمر، حدثنا عمار ابن هارون الثقفي، عن زكريا بن حكيمٍ الحنظلي، عن علي ابن زيد بن جدعان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: لما سألت الحواريون عيسى بن مريم -صلوات الله عليه- المائدة، قال: فوضع لباس الصوف، ولبس ثياب المسوح، وهو سربال من مسوح أسود، ولحاف أسود، فقام فألزق القدم بالقدم، وألزق العقب بالعقب، والإبهام بالإبهام، ووضع يده اليمنى على اليسرى، ثم طأطأ رأسه خاشعاً لله، ثم أرسل عينيه يبكي، حتى جرى على لحيته، وجعل يقطر على صدره، ثم قال: {اللهم ربنا أنزل علينا مائدةً من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآيةً منك وارزقنا وأنت خير الرازقين}، قال الله: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين}.
فنزلت سفرةٌ حمراء مدورةٌ بين غمامتين، غمامة من فوقها، والأخرى من تحتها، والناس ينظرون إليها، فقال عيسى عليه السلام: اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها فتنة، إلهي أسألك من العجائب فتعطيني، فهبطت بين يدي عيسى عليه السلام، وعليها منديل مغطى، فخر عيسى ساجداً، والحواريون معه، وهم يجدون لها رائحة طيبة لم يكونوا يجدون قبل ذلك، فقال عيسى عليه السلام: أيكم أعبد لله عز وجل، وأجرأ على الله، وأوثق بالله، فليكشف عن هذه السفرة حتى نأكل منها، ونذكر اسم الله عليها، ونحمد الله عليها، فقال الحواريون: يا روح الله! أنت أحق بذلك، فقام عيسى -عليه الصلاة والسلام-، فكشف عنها، فإذا عليها سمكةٌ مشوية ليس فيها شوكٌ، يسيل سيلان الدسم، وقد نضد حولها من كل البقول ما خلا الكراث، وعند رأسها ملح وخلٌّ، وعند ذنبها خمسة أرغفة، على واحد منها خمس رمانات، وعلى الآخر تمرات، وعلى الآخر زيتون، فبلغ ذلك اليهود، فجاءوا غماً وكمداً ينظرون إليه، فرأوا عجباً، فقال شمعون، وهو رأس الحواريين: يا روح الله! أمن طعام الدنيا، أم من طعام الجنة؟!
فقال عيسى: أما افترقتم بعد عن هذه المسائل؟ ما أخوفني أن تعذبوا! قال شمعون: وإله إسرائيل! ما أردت بذلك سوءاً، فقالوا: يا روح الله! لو كان مع هذه الآية آية أخرى؟ فقال عيسى عليه السلام: يا سمكة! احيي بإذن الله، فاضطربت السمكة طرباً تبصبص عيناها، ففزع الحواريون، فقال عيسى: ما لي أراكم تسألون عن الشيء، فإذا أعطيتموه كرهتموه؟! ما أخوفني أن تعذبوا وقال: لقد نزلت من السماء، وما عليها طعامٌ من الدنيا، ولا طعامٌ من الجنة، ولكنه شيء ابتدعه الله عز وجل بالقدرة البالغة، فقال لها: كوني، فكانت.
فقال عيسى: يا سمكة! عودي كما كنت، فعادت مشوبةً كما كانت.
فقال الحواريون: يا روح الله! كن أول من يأكل منها.
فقال عيسى عليه السلام: معاذ الله! إنما يأكل منها من طلبها وسألها، فأبت الحواريون أن يأكلوا منها خشية أن تكون مثلةً وفتنةً، فلما رأى عيسى ذلك، دعا عليها الفقراء والمساكين، والمرضى والزمنى، والمجذومين والمقعدين والعميان، وأهل الماء الأصفر.
فقال: كلوا من رزق ربكم، ودعوة نبيكم، واحمدوا الله عليه، وقال: يكون المهنأ لكم، والعذاب على غيركم، فأكلوا حتى صدروا عن شبع ألف وثلاث مئة يتجشؤون، فبرئ كل سقيم أكل منه، واستغنى كل فقير حتى الممات، فلما رأى ذلك الناس، ازدحموا عليه، فلم يبق صغير ولا كبير، ولا شيخ ولا شاب، ولا غني ولا فقير، إلا جاؤوا يأكلون منه، فضغط بعضهم بعضاً.
فلما رأى ذلك عيسى عليه السلام، جعلها نوائب بينهم، فكانت تنزل عليهم يوماً، ولا تنزل يوماً؛ كناقة ثمود، ترعى يوماً، وتشرب يوماً، فنزلت أربعين يوماً، تنزل ضحى، فلا تزال هكذا حتى يفيء الفيء موضعه، فيأكل الناس منها حتى ترجع إلى السماء، والناس ينظرون إليها حتى توارى عنهم، فلما تم أربعون يوماً، أوحى الله إلى عيسى عليه السلام:
يا عيسى! اجعل مائدتي هذه للفقراء دون الأغنياء، فتمارى الأغنياء في ذلك، وعادوا الفقراء، وشكوا، وشككوا الناس.
فقال الله: يا عيسى! إني آخذ بشرطي، فأصبح منهم ثلاثة وثلاثون خنزيراً يأكلون العذرة، يطلبونها في الأكناف بعد ما كانوا يأكلون الطعام الطيب، وينامون على الفرش اللينة،
فلما رأى الناس ذلك، اجتمعوا حول عيسى عليه السلام، وجاءت الخنازير جثوا على ركبهم قدام عيسى، فجعلوا يبكون، والدموع تقطر منهم، فعرفهم عيسى، فجعل يقول:
ألست بفلان؟ فيومئ برأسه، ولا يستطيع الكلام، فلبثوا كذلك سبعة أيام، ومنهم من يقول: أربعة أيام، ثم دعا الله أن يقبض أرواحهم، فأصبحوا لا يدرى كيف ذهبوا، الأرض ابتلعتهم، أو ما صنعوا!؟.(1/143)
143 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا سعيد بن بشير، حدثنا قتادة، عن الحسن، قال: دخلنا على عاصم بن حدرة، فقال: ((ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بوابٌ قط، ولا مشي معه بوسادةٍ قط، ولا أكل على خوانٍ قط)).
قال العباس: عاصم بن حدرة رجلٌ من الأنصار.(1/144)
144 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا صفوان بن عيسى، أخبر [نا] زيادٌ أبو عمر، عن صالحٍ أبي الخليل، عن عائشة -رضي الله عنها-: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقطع المراجيح)).(1/145)
145 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا عبد المؤمن، عن داود بن أبي هندٍ، قال: رأيت الشعبي يترجح، فنظرت إليه، فقال: إنه نعت لي من وجع ظهري.(1/146)
146 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثني أبو ضمرة، قال: حدثني الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)).(1/147)
147 - حدثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم بن محمدٍ، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن أعطي حظه من الرفق، فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة)).(1/148)
148 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، حدثنا عامر ابن يساف العنزي، قال: سألت يحيى بن أبي كثير عن قوله تعالى: {في روضةٍ يحبرون}.(1/149)
149 - حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار، حدثني موسى بن سعيد الراسبي، وعبد الله بن عرادة الشيباني، قال: حدثنا القاسم العجلي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رجل: يا رسول الله! إني رجل حبب إلي الصوت الحسن، فهل في الجنة صوتٌ حسن؟ قال: ((إي والذي نفسي بيده! إن الله تعالى ليوحي إلى شجرةٍ في الجنة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير، فترفع بصوتٍ حسنٍ لم يسمع الخلائق بمثله من تسبيح الرب وتقديسه)).(1/150)
150 - حدثنا عبد الله، حدثنا سيار، حدثنا موسى، حدثنا أبان، عن الحسن، وأبي قلابة، قالا: قال رجلٌ: يا رسول الله! هل في الجنة من ليلٍ؟ قال: ((وما هيجك على هذا؟ قال: سمعت الله عز وجل يذكر في الكتاب: {ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياً}، فقلت: الليل من البكرة، والعشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس هناك ليلٌ، إنما هو ضوءٌ ونورٌ يرد الغدو على الرواح، والرواح على الغدو، ويأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة)).(1/151)
151 - حدثنا أبو الخطاب، حدثنا سهل بن حمادٍ -هو أبو عتاب-، حدثنا جرير بن أيوب البجلي، حدثنا الشعبي، عن نافع بن بردة، عن أبي مسعود الغفاري، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يصوم يوماً من رمضان إلا زوج زوجةً من الحور العين في خيمةٍ من درٍّ مجوفةٍ، بما نعت الله من: {حورٌ مقصوراتٌ في الخيام}، على كل امرأةٍ منهن سبعون حلةً ليست على لون الأخرى، وتعطى سبعين لوناً من الطيب ليس منهن ريح لونٍ على ريح الآخر، لكل امرأةٍ منهن سبعون سريراً من ياقوتةٍ حمراء موشحةٌ بالدر، على كل سريرٍ سبعون فراشاً، على كل فراشٍ أريكةٌ، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها، وسبعون ألف وصيفٍ، مع كل وصيفٍ صحفةٌ من ذهبٍ فيها لونٌ من طعامٍ يجد لآخر لقمةٍ منها لذةً لم يجدها لأوله، ويعطى زوجها مثل ذلك على سريرٍ من ياقوتٍ أحمر عليه سوارٌ من ذهبٍ موشحٌ بياقوتٍ أحمر، هذا لكل يومٍ صامه من رمضان، سوى ما عمل من الحسنات)).(1/152)
152 - حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا علي بن الحسن، أخبرنا عبد الله، أخبرنا ابن لهيعة، قال: أخبرني أبو يونس مولى أبي هريرة، سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا يوم الجمعة تتخذوه عيداً)).(1/153)
153 - وحدثنا عبد الله، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباسٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/154)
154 - حدثنا عمرو بن محمدٍ العثماني، حدثنا ابن أبي أويسٍ، قال: حدثني جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن علي بن حسينٍ، قال: أخبرني أبي، عن جدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي وسلموا حيث ما كنتم، فستبلغني صلاتكم وسلامكم)).(1/155)
155 - حدثنا بذلك محمد بن محمد بن حسينٍ، حدثنا يونس بن محمدٍ، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن مسعرٍ التميمي، عن عليٍّ رضي الله عنهما: أنه أتي بفالوذج، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم النيروز، قال: نورزوا كل يوم.(1/156)
156 - حدثنا الجارود، حدثنا النضر، عن عوفٍ، عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: من أتى بلاد العجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة.(1/157)
157 - حدثنا الجارود، حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن الحسن: أنه كان إذا سئل عن صوم يوم النيروز، قال: ما لكم وللنيروز؟! لم تعظمونه؟ دعوه، ولا تتلفتوا إليه، فإنما هو يوم الأعاجم.(1/158)
158 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن المؤذن، حدثنا صالح بن عبد الله، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي البختري، عن عبد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحشر أنا وأبو بكرٍ وعمر يوم القيامة هكذا))، وأخرج السبابة والوسطى والبنصر، وأراه قال: ((نحن مشرفون على الناس)).
قال صالح: قال أبو بكر: لم يكذب أبو البختري في هذا الحديث.(1/159)
159 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، حدثنا هشام بن خالدٍ الدمشقي، حدثنا بقية، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تأكلوا بهاتين))، وأشار بالإبهام والمشيرة، وقال: ((كلوا بثلاثٍ؛ لأنها سنةٌ، ولا تأكلوا بخمسٍ؛ لأنها أكلة الأعراب)).(1/160)
160 - حدثنا عتبة بن عبد الله اليحمدي، أخبرنا ابن المبارك، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: إن دين الله وضع دون الغلو، وفوق التقصير.(1/161)
161 - حدثنا صالح بن عبد الله، حدثنا ابن أبي زائدة، عن هشام بن عروة، قال: حدثني عبد الرحمن بن سعد، عن ابن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلاث، فإذا فرغ، لعقها)).(1/162)
162 - حدثنا الجارود، حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن سعدٍ، عن ابن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/163)
163 - حدثنا الشقيقي، أخبرنا أبي، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن سعدٍ، عن ابن كعبٍ، عن أبيه، قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الطعام، فلعق أصابعه)).(1/164)
164 - حدثنا محمد بن عليٍّ الشقيقي، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الله قراءةً على ابن جريج، أخبرنا هشام بن عروة: أن ابن كعب بن عجرة أخبره عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع -قال هشام: بالإبهام، والتي تليها، والوسطى-، ثم رأيته لعق أصابعه الثلاث حين أراد أن يمسحها، فعلق الوسطى، ثم التي تليها، ثم الإبهام)).(1/165)
165 - حدثنا الفضل بن محمدٍ الواسطي، أخبرنا عبد الرحمن بن خالدٍ القطان الرقي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن مقسمٍ الطائفي، حدثتني عمتي سارة بنت مقسم: أنها سمعت ميمونة بنت كردم، وقالت: ((خرجت في حجةٍ حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، وسأله أبي عن أشياء، فلقد رأيتني أتعجب وأنا جاريةٌ من طول أصبعه التي تلي الإبهام على سائر أصابعه)).
قال: فحدثني أبي، قال: ذكرت ذلك لعبد الله بن الحسن، فقال: نعم، كذلك كانت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله بن يزيد بن مقسمٍ الذي يقال له: ضبة، وعمته سارة.
166 - كذلك أخبرنا به أبي، عن الحسن الحلواني، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، والله أعلم.(1/166)
167 - حدثنا سليمان بن أبي هلالٍ الذهبي، أخبرنا عبد الحميد بن سليمان المدني، حدثنا أبو عمرٍو، عن عبد الله بن المثنى الأنصاري، عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنسٍ، سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم بالكتابة)).(1/167)
168 - حدثنا صالح بن محمدٍ، أخبرنا ابن واضحٍ، عن إسماعيل بن عياشٍ، عن ثعلبة بن مسلمٍ الخثعمي، عن عليٍّ بن أبي طلحة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنه قال لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! مم يذكر الرجل، ومم ينسى؟ فقال: إن على القلب طخاةً كطخاة القمر، فإذا تغشت القلب، نسي ابن آدم ما كان يذكر، وإذا انجلت، ذكر ما كان نسي.(1/168)
169 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، أخبرنا إبراهيم ابن هشام بن يحيى الغساني، حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول الرسل آدم، وآخرهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وأول من خط بالقلم إدريس، وأعطي آدم الخط، فصارت وراثةً في ولده، ثم علم نوحاً عليه السلام)).(1/169)
170 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، حدثنا محمد ابن الحسن الليثي، حدثنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه في الرجل يشهد على شهادة فينساها، قال: لا بأس أن يشهد إن وجد علامته في الصك، أو خط يده.
قال محمد: قال ابن المبارك: استحسنت هذا جداً.(1/170)
171 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا يحيى بن جهمٍ، أخبرنا الحارث بن نبهان، وأخبرنا موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد، كلاهما: عن عبيد الله بن الأخنس، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوء الحفظ، فقال: ((استعن بيمينك)).(1/171)
172 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا الحماني، عن ابن إدريس، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الله بن عمرٍو: أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيفة يكتب فيها ما يسمع منه، فأذن له.(1/172)
173 - حدثنا عمر، حدثنا يزيد بن عبد ربه، عن بقية، حدثني عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، حدثني أبو مدركٍ، حدثني عباية بن رفاعة بن رافعٍ، عن رافع بن خديجٍ، قال: قلت: يا رسول الله! إنا نسمع منك أشياء، أفنكتبها؟ قال: ((اكتبوا ولا حرج)).(1/173)
174 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا علي بن المديني، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ، حدثني أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عمرو بن شعيبٍ: أن سعيد ابن المسيب حدثه: أن مجاهداً أبا الحجاج حدثه: أن عبد الله ابن عمرٍو حدثهم: أنه قال: يا رسول الله! أكتب ما أسمع منك؟ قال: ((نعم)). قلت: عند الغضب والرضا؟ قال: ((نعم؛ فإنه لا ينبغي أن أقول إلا حقًّا)).(1/174)
175 - حدثنا الجارود، حدثنا الوليد بن مسلمٍ، حدثني الأوزاعي، حدثني الزهري، قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب حيث افتتح مكة، فقام رجلٌ من أهل اليمن يقال له: أبو شاهٍ، فقال: اكتب لي هذا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتبوا لأبي شاهٍ -يعني: تلك الخطبة-)).(1/175)
176 - حدثنا عمر بن أبي عمر، أخبرنا نعيم بن حمادٍ، عن الحسن بن حبيبٍ النكري، عن عمران بن مالكٍ الأنصاري، حدثنا عبد الله بن راشدٍ مولى عثمان، عن عثمان ابن عفان، قال: قيدوا العلم، قلنا: وما تقييده؟ قال: علموه وتعلموه، واستنسخوه؛ فإنه يوشك أن يذهب العلماء، ويبقى القراء، لا تجاوز قراءة أحدهم تراقيه.(1/176)
177 - حدثنا علي بن حجرٍ السعدي، حدثنا أبو الخطاب، قال: رأيت واثلة بن الأسقع يملي على قومٍ في الألواح، وهم يكتبون.(1/177)
178 - حدثنا عتبة بن عبد الله بن عتبة الأزدي، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: رأيت عتبان بن مالكٍ، فحدثني بحديثه في مالك بن الدخشم، فأعجبني، فقلت لابني: اكتبه، فكتبه.(1/178)
179 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدثنا حماد بن زيدٍ، قال: أتيت سلماً العلوي، فسألته عن شيء، فقال لي: عليك بأبان بن أبي عياشٍ؛ فإني رأيته عند أنس بن مالكٍ يكتبه في السراج بسبورجة.
قال قتيبة: السبورجة: الألواح. (1/179)
180 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، عن عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني هبيرة بن عبد الرحمن، قال: كنا إذا أكثرنا على أنس بن مالك، ألقى إلينا سجلاًّ، ثم قال: هذه أحاديث كتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرضتها عليه.(1/180)
181 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي المصري، حدثنا ابن وهبٍ، حدثني حييٌّ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرٍو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوماً فتاني القبر، فقال عمر رضي الله عنه: أترد إلينا عقولنا يا رسول الله؟ فقال: ((نعم، كهيئتكم اليوم)). فقال عمر: ففي فيه الحجر.(1/181)
182 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، حدثنا الحكم بن المبارك، أخبرنا بقية بن الوليد، عن بكرٍ بن حذلمٍ الأسدي، حدثني وهب بن أبان، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه خرج في سفر له، فإذا بجماعة على الطريق، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: أسدٌ قطع الطريق. قال: فنزل، فمشى إليه حتى قفده بيده، ونحاه عن الطريق، ثم قال: ما كذب عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما يسلط على ابن آدم من خافه ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يخف غير الله، لم يسلط الله عليه أحداً، وإنما وكل ابن آدم إلى من رجا ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله، لم يكله الله إلى غيره)).(1/182)
183 - حدثنا بذلك داود بن حمادٍ القيسي، حدثنا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن رافعٍ، عن محمد بن زيادٍ الأنصاري، عن محمد بن كعبٍ القرظي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر حديث الصور، وقال في آخر ذلك:
((يقول الله عز وجل لملك الموت: من بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي القيوم، الذي لا يموت، وبقي عبدك ملك الموت، فيقول: يا ملك الموت! أنت خلقٌ من خلقي، خلقتك لما ترى، فقد مات الخلق كلهم، فمت، ثم لا تحيا أبداً)).(1/183)
184 - فحدثنا به أبي رحمه الله: حدثنا علي بن محمدٍ المنجوري، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمارٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملك الموت يأتي الناس عياناً حتى أتى موسى -عليه الصلاة والسلام-، فلطمه، ففقأ عينه، فرجع ملك الموت إلى ربه، فقال: يا رب! إن عبدك موسى فعل بي ما ترى، ولولا كرامته عليك، لشققت عليه، قال: ارجع إلى عبدي موسى، فقل: فليضع يده على متن ثورٍ، فخيره بكل شعرةٍ توازي كفه أن يعيش سنةً، فرجع إلى موسى عليه السلام، فأخبره بذلك فقال موسى: يا ملك الموت! فما بعد ذلك؟ قال: الموت، قال: فمن الآن، فشمه شمةً، فقبض روحه، فرد عليه بصره، فكان يأتي الناس بعد ذلك في خفيةٍ)).(1/184)
185 - حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمدٍ، حدثنا جعفر ابن حيان، عن الحسن، قال: لما أتى ملك الموت موسى، فلطمه، ففقأ عينه.
186 - حدثنا علي، عن حماد بن سلمة، عن غير واحد، عن الحسن، بمثله.
قيل للحسن: هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/185)
وروي في الخبر: أنه قال: ((يا رب! أهكذا كلامك؟ قال: يا موسى! إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسانٍ، ولي قوة الألسنة كلها، ولو كلمتك بكنه كلامي، لم تك شيئاً)).
187 - حدثني أبي رحمه الله، عن ابن الأصبهاني، عن أبي أسامة، عن ابن المبارك، عن معمرٍ ويونس، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الله بن الحارث، قال: أخبرني جرز بن جابرٍ الخثعمي، قال: سمعت كعباً يقول ذلك.(1/186)
188 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، حدثنا الحماني، حدثنا العنزي، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتي أحدكم بهديةٍ، فجلساؤه شركاؤه فيها)).
قال يحيى: ولم يروه غير مندلٍ. (1/187)
189 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا أبو نعيم، [و] الحماني، عن مندلٍ، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/188)
190 - فحدثنا يوسف بن سلمان الباهلي البصري، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم في قوله تعالى: {والصاحب بالجنب}، قال: جليسك في الحضر، ورفيقك في السفر، وامرأتك التي تضاجعك.(1/189)
191 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن مالك بن دينارٍ، قال: يقول الله تعالى: ((إني لأهم بعذاب أهل الأرض، فإذا نظرت إلى جلساء القرآن، وعمار المساجد، وولدان الإسلام، سكن غضبي)).(1/190)
192 - حدثنا محمد بن زنبور المكي، حدثنا إسماعيل ابن جعفرٍ المدني، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجلٌ يمشي في الطريق إذ أبصر بغصن شوكٍ، فقال: والله! لأرفعن هذا؛ لا يصيب أحداً من المسلمين، فرفعه، فغفر له).(1/191)
ومما يحقق ذلك: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((بينما عبدٌ لم يعمل لله خيراً قط مر على بئرٍ، فشرب، فإذا هو بكلبٍ يلهث عطشاً، فغرف له بخفه، فسقاه، فشكر الله له ذلك، فغفر له)).
193 - حدثنا قتيبة، عن مالكٍ، عن سميٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك. (1/192)
((وبينما عبدٌ لم يعمل لله خيراً قط، فمر على غصن شوكٍ، فأماطه عن الطريق، فغفر الله له، وبينما عبدٌ لم يعمل خيراً قط، ففرق، فخرج هارباً، فجعل ينادي: يا أرض! اشفعي لي، ويا سماء! اشفعي لي، ويا كذا! اشفعي لي، حتى أصابه العطش، فوقع، فلما أفاق، قيل له: قم؛ فقد شفع لك من قبل فرقك من الله عز وجل)).
194 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، عن صالحٍ بن محمدٍ، عن أبي مقاتلٍ، عن أبي الحجاج، وهو خارجة، عن ابن عجلان، عن رجلٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/193)
195 - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا محمد بن خنيس المكي، قال: سمعت عبد العزيز بن أبي روادٍ يقول: لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم: {يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}، قال: فلما تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، خر فتًى مغشياً عليه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده، فإذا هو يتحرك، فقال: ((يا فتى! قل: لا إله إلا الله))، فأفاق الفتى وهو يقولها، فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فقال أصحابه: يا رسول الله! أمن بيننا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما سمعتم الله يقول: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيدٍ}.(1/194)
196 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي، عن عمر بن بلالٍ الفزاري، قال: سمعت عبد الله بن بسرٍ المازني يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قصوا أظافيركم، وادفنوا قلاماتكم، ونقوا براجمكم، ونظفوا لثاتكم من الطعام، وتسننوا، ولا تدخلوا علي قخراً بخراً)).(1/195)
197 - سمعت أبا داود المصاحفي يذكر عن النضر ابن شميلٍ، عن الخليل بن أحمد، قال: ينبغي أن يكون واحد الأظافير أظفوراً.
قال النضر: وسمعت أبا شهلة العتكي يقول: واحد الأظافير أظفور.(1/196)
198 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، أخبرنا موسى بن إسماعيل، حدثنا الهنيد بن القاسم بن عبد الرحمن بن ماعزٍ، قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير: أن أباه حدثه: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ، قال: ((يا عبد الله! اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحدٌ))، فلما برز عن رسول الله، عمد إلى الدم، فشربه، فلما رجع، قال: ((يا عبد الله! ما صنعت به؟))، قال: جعلته في أخفى مكانٍ ظننت أنه خافٍ عن الناس، قال: ((لعلك شربته؟))، قال: نعم، قال: ((لم شربت الدم؟! ويلٌ للناس منك، وويلٌ لك من الناس)).(1/197)
199 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثني مالك بن سليمان الهروي، قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن، عن هشامٍ ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان:
((الشعر، والظفر، والدم، والحيض، والسن، والقلفة، والمشيمة)).(1/198)
وروي في قوله تعالى: {ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ}.
قال: ((عند نابيه)).
200 - حدثنا بذلك محمد بن علي الشقيقي، قال: سمعت أبي يقول ذلك عن سفيان بن عيينة، وجاد ما قال.(1/199)
201 - وسمعت الجارود يذكر عن النضر، قال: الأقلح: الذي قد اصفرت أسنانه حتى بخرت من باطنها، ولا نعرف القخر والبخر إلا الذي نجد له رائحةً منكرةً لبشرته، يقال: رجلٌ أبخر، ورجالٌ بخرٌ.(1/200)
202 - حدثنا الجارود، أخبرنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي عليٍّ، عن جعفر بن تمام بن العباس، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استاكوا، ما لكم تدخلون علي قلحاً؟!))، والله أعلم.(1/201)
203 - حدثنا إسماعيل بن صالحٍ، حدثنا ابن وهبٍ، عن مالك بن خيرٍ الزيادي، عن أبي قبيلٍ المعافري، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)).(1/202)
204 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، أخبرنا سعيد بن شرحبيل، أخبرنا ابن لهيعة، عن الحارث بن ثوبان، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أردت سفراً، أو تخرج مكاناً، فقل لأهلك: أستودعكم الله الذي لا تخيب ودائعه)).(1/203)
205 - حدثنا عمرو بن محمدٍ العثماني، حدثنا ابن أبي السري، حدثنا رشدين، أخبرنا الحسن بن ثوبان، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/204)
206 - حدثنا سفيان، أخبرنا أبي، عن سفيان، عن نهشلٍ الضبي، عن قزعة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال لقمان: إن الله إذا استودع شيئاً، حفظه)).(1/205)
207 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا عبيد بن إسحاق العطار الكوفي، ثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: بينما عمر يعرض الناس، إذا هو برجل معه ابنه، فقال له عمر: ويحك! ما رأيت غراباً بغرابٍ أشبه من هذا منك، قال: أما والله يا أمير المؤمنين! ما ولدته أمه إلا ميتة، فاستوى له عمر، فقال له: ويحك! حدثني، قال: خرجت في غزاة وأمه حاملٌ به، فقالت: تخرج وتدعني على هذه الحالة حاملاً مثقلاً؟ قلت: أستودع الله ما في بطنك، قال: فغبت، ثم قدمت، فإذا بابي مغلقٌ، قلت: ما فعلت فلانة؟
قالوا: ماتت فذهبت إلى قبرها، فبكيت عنده، فلما كان من الليل، قعدت مع بني عمٍّ لي أتحدث، وليس يسترنا من البقيع شيءٌ، فرفعت لي نارٌ بين القبور، فقلت لبني عمي: ما هذه النار؟ فتفرقوا عني، فأتيت أقربهم مني، فسألته، فقال: نرى على قبر فلانة كل ليلة ناراً، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما والله! إن كانت لصوامةً، قوامةً، عفيفةً، مسلمةً، انطلقوا بنا، وأخذت فأساً، فإذا القبر منفرجٌ، وهي جالسةٌ، وهذا يدب حولها، وناداني منادٍ من السماء: أيها المستودع ربه! خذ وديعتك، أما لو استودعته وأمه، لوجدتها، فأخذته، وعاد القبر كما كان، فهو -والله- هذا يا أمير المؤمنين.
قال عبيد: فحدثت بهذا الحديث محمد بن إبراهيم العمري، فقال: والله! هذا حقٌّ، وقد سمعت عم أبي عاصم يذكره، فقال: رأيت هذا الرجل بالكوفة، فقال لي موالينا: هو هذا، والله أعلم.(1/206)
208 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا نعيم بن حمادٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن عجلان، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجاء بالعبد يوم القيامة، فتوضع حسناته في كفةٍ، وسيئاته في كفةٍ، فترجح السيئات، فتجيء بطاقةٌ، فتقع في كفة الحسنات، فترجح بها، فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة؟ فما من عملٍ عملته في ليلي ونهاري إلا وقد استقبلت به، قال: هذا ما قيل فيك، وأنت منه بريءٌ. قال: فينجو بذلك)).(1/207)
209 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الربيع ابن يحيى، عن المسعودي، قال: أنبأني المنهال بن عمروٍ، عن سويد بن غفلة، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: البهتان على البريء أثقل من السماوات.(1/208)
210 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن نبهان مولى أم سلمة: أنه حدثه: أن أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: بينما نحن عنده، إذ أقبل ابن أم مكتومٍ، فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتجبا منه))، فقلنا: يا رسول الله! أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!)).(1/209)
211 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما من مسلمٍ ينظر إلى محاسن امرأةٍ أول مرةٍ، ثم يغض بصره، إلا أحدث الله له عبادةً يجد حلاوتها)).(1/210)
212 - حدثنا به محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا المعلى بن أسدٍ، قال: حدثنا عمر بن مساورٍ العتكي، قال: حدثني أبو جمرة الضبعي، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: لا تطلبن إلى أعمى حاجةً، وإذا طلبت الحاجة، فاستقبل الرجل بوجهك، فإن الحياء في العينين، فلا تطلبها ليلاً، وباكر في حاجتك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).(1/211)
213 - حدثنا عمرو بن زيادٍ الحنظلي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك في مجلس حماد بن زيدٍ سنة ثلاثٍ وسبعين ومئة، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النظر إلى محاسن المرأة سهمٌ من سهام إبليس مسمومٌ، فمن صرف بصره عنها، أبدله الله عبادةً يجد حلاوتها)).(1/212)
214 - حدثنا محمد بن زنبورٍ المكي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفرٍ المدني، قال: حدثنا سعد بن سعيد ابن قيسٍ الأنصاري، عن عمر بن ثابت بن الحارث، عن أبي أيوب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوالٍ، فكأنما صام الدهر)).(1/213)
215 - حدثنا عباد بن بكر بن عباد بن كثيرٍ الثقفي، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني أبو زرعة عمرو بن جابرٍ الحضرمي، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صام رمضان، وستًّا من شوالٍ، فكأنما صام السنة كلها)).(1/214)
216 - حدثنا محمد بن عمرٍو السويقي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عمر بن ثابتٍ، عن أبي أيوب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله.(1/215)
217 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا حسان بن أبي حسان البصري، عن همام بن يحيى، قال: حدثنا المثنى بن الصباح، عن رجلٍ من رهط أبي هريرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/216)
218 - حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر الثوري، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، فقد صام الشهر كله)).(1/217)
219 - حدثنا يحيى بن المغيرة أبو سلمة المخزومي، قال: حدثنا ابن أبي فديكٍ، عن يزيد بن عياضٍ، سمع معن ابن محمدٍ الغفاري يحدث عن حنظلة بن عليٍّ الأسلمي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر)).(1/218)
220 - حدثنا يزيد بن عمرو بن يزيد بن البراء بن عبد الله بن البراء الغنوي، قال: حدثنا أحمد بن الحارث الغساني، قال: حدثتني ساكنة بنت الجعد، عن سرى بنت نبهان الغنوية، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقتلوا الحيات كبيرها، وصغيرها، وأسودها، وأبيضها؛ فإن من قتلها، كانت له فداءً من النار، ومن قتلته، كان شهيداً)).(1/219)
221 - حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن عمر بن عبد الرحمن، قال: سمعت وهب بن منبهٍ يقول:
لما أسكن الله آدم الجنة وزوجته، كانت الشجرة غصونها متشعبة، بعضها في بعض، وكان لها ثمر تأكله الملائكة يخلدهم، وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته، فلما أراد إبليس أن يستزلهما، دخل في جوف الحية، وكانت الحية لها أربع قوائم، كأنها بختيةٌ من أحسن دابةٍ خلقها الله، فلما دخلت الحية الجنة، خرج من جوفها إبليس، وأخذ من الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته عنها، فجاء بها إلى حوى، فقال لها: انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها! فأخذتها حوى فأكلتها، ثم ذهبت بها إلى آدم، فقالت: انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها! فأكل منها آدم، فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربه: أين أنت؟ قال: أنا هنا يا رب، قال: ألا تخرج؟ قال: استحي منك يا رب، قال: اهبط إلى الأرض التي خلقتك منها، قال: ملعونةٌ الأرض التي منها خلقت، لعنةً تتحول ثمارها شوكاً، ولم يكن في الأرض ولا في الجنة شجرتان أفضل من الطلح والسدر.
ثم قال: يا حوى! غررت عبدي، فإنك لا تحملين حملاً إلا حملتيه كرهاً، وإذا أردت أن تضعي ما في بطنك، أشرفت على الموت مراراً.
وقال للحية: أنت التي دخل الملعون في جوفك، حتى غر عبدي، ملعونةٌ أنت لعنةً تتحول قوائمك في بطنك، ولا يكون لك رزقٌ إلا التراب، أنت عدوة بني آدم، وهم أعداؤك، أينما لقيت أحداً منهم، أخذت بعقبه، وحيثما لقيك أحدٌ منهم، شدخ رأسك.
قال عمر بن عبد الرحمن: قيل لوهبٍ: وهل كانت الملائكة تأكل؟ قال: يفعل الله ما يشاء.
وفي رواية أخرى: كانت الشجرة تحتك الملائكة بثمرها تخلدهم.(1/220)
222 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثني عبد الرحيم بن زيدٍ العمي، عن أبيه، عن محمد بن كعبٍ القرظي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتلوا الحية والعقرب، وإن كنتم في الصلاة)).(1/221)
223 - حدثنا عبد الوهاب بن فليحٍ المكي، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا هشامٌ أبو المقدام، عن محمد بن كعبٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/222)
224 - حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث بن سعدٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((خمسٌ يقتلهن المحرم))، فذكر: ((الحية)) فيهن.(1/223)
225 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا نعيم بن حمادٍ، قال: حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعودٍ، عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنًى، فمرت حيةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتلوها))، فسبقتنا إلى جحرٍ فدخلته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هاتوا بسعفةٍ ونارٍ، فأضرموها عليها ناراً)).
قال نعيم: حدثت به ابن أبي شيبة، وابن إدريس حيٌّ، فجعل يتعجب، ولم يصبر أن قام حتى صار إليه وسمعه منه.(1/224)
226 - حدثنا ابن أبي ميسرة، قال: حدثنا يعقوب ابن محمدٍ الزهري، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمعٍ، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، قال: حدثني زيد بن الخطاب: ((أن رسول الله نهى عن قتل ذوات البيوت -يعني: الحيات-)).(1/225)
227 - حدثنا محمد بن أيوب السمناني، قال: حدثنا عبد الله بن صالحٍ، قال: حدثني معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفيرٍ، عن أبي ثعلبة الخشني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجن على ثلاثة أصنافٍ: صنفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون بها في الهواء، وصنفٌ حياتٌ وكلابٌ، وصنفٌ يرحلون ويظعنون)).
وزاد فيه غيره: عن أبي أسامة، عن أبي منيب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((خلق الله الجن ثلاثة أثلاثٍ: فثلثٌ كلابٌ وحياتٌ وخشاش الأرض، وثلثٌ ريحٌ هفافةٌ، وثلثٌ كبني آدم لهم الثواب، وعليهم العقاب.
وخلق الله تعالى الإنس ثلاثة أثلاثٍ: فثلثٌ لهم قلوبٌ لا يفقهون بها، وأعينٌ لا يبصرون بهان، وآذانٌ لا يسمعون بها {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً}. وثلثٌ أجسادهم أجساد بني آدم، وقلوبهم قلوب الشياطين، وثلثٌ في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)).(1/226)
228 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن عجلان، قال: حدثني صيفيٌّ، عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بالمدينة نفراً من الجن أسلموا، فمن رأى شيئاً من هذه العوامر، فليؤذنه ثلاثاً، فإن بدا له بعد ذلك، فليقتله؛ فإنه شيطانٌ)).(1/227)
229 - حدثنا الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سعد بن سعيدٍ المقبري، عن أخيه، عن جده، عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحدٍ، فخرج معه فتىً منا من بني خدرة، وهو حديث عهدٍ بعرسٍ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلع على أهله، فأذن له، وخرج الفتى وفي يده الرمح، حتى دخل الدار، فوجد زوجته بباب حجرته جالسةً، فأفزعه ذلك، فقال: ما أخرجك من بيتك؟ قالت: حيةٌ منطويةٌ على فراشك، هي التي ذعرتني، فدخل الفتى، فوكزها برمحه، وخرج بها إلى صحن الدار تضطرب فيه وماتت، ومات الفتى من ساعته، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لا تقتلوا شيئاً تجدوه في البيوت منهن، حتى تقدموا)).(1/228)
230 - حدثنا عبد الله بن سعيدٍ الأشج، قال: حدثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة، قال: قتلت عائشة -رضي الله عنها- جاناً، فأتيت في المنام، فقيل لها: أما والله! لقد قتلتيه مسلماً، فقالت: لو كان مسلماً، ما دخل على أمهات المؤمنين، فقيل: ما دخل عليك إلا وأنت مستترةٌ، فتصدقت، وأعتقت رقاباً.(1/229)
231 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن ثابت بن قطبة الثقفي، قال: جاء رجلٌ إلى عبد الله، فقال: إنا كنا في سفرٍ، فمررنا بحية مقتولة مشعرة في دمها، فواريناها، فلما نزلوا: أتاهم نسوةٌ، أو أناسٌ، فقالوا: أيكم صاحب عمرٍو؟ قالوا: من عمرٌو؟ قالوا: الحية التي دفنتموها أمس، أما إنه من النفر الذين أسلموا، واستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: ما شأنه؟ قال: كان جانٌّ من الجن، مسلمون ومشركون بينهم قتالٌ، فقتل.(1/230)
232 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثني يحيى بن واضحٍ، قال: حدثني الربيع بن بدرٍ، قال: الجان من الحيات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها، هي التي تمشي ولا تلتوي.(1/231)
233 - حدثنا نصر بن فضالة، عن محمد بن سلامٍ البيكندي، عن ابن المبارك، بمثله.(1/232)
234 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، عن سفيان، عن أبي قيسٍ الأودي، عن علقمة، قال: اقتلوا الحيات كلها، إلا الجان الذي كأنه ميلٌ؛ فإنه جنها، ولا يضر أحدكم، كافراً قتل أو مسلماً هو.(1/233)
235 - حدثنا محمد بن الحسن الليثي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعدٍ الزهري، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفرٍ، قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب)).(1/234)
236 - حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي، قال: حدثنا معاوية بن هشامٍ، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين البطيخ والرطب)).(1/235)
237 - حدثنا عبدة، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا جرير بن حازمٍ، عن حميدٍ الطويل، عن أنسٍ رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطيخ بالرطب)).(1/236)
238 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا علي بن عبد الحميد المعني، قال: حدثنا أبو النضر جرير بن حازمٍ الأزدي، عن أبي رجاءٍ العطاردي، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ألا أعلمك خصلاتٍ ينفعك الله بهن؟))، قلت: بلى يا نبي الله، قال: ((عليك بالعلم؛ فإن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمه، والرفق أبوه، واللين أخوه، والصبر أمير جنوده)).(1/237)
239 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن مخلدٍ التيسي الرعيني أبو أسلم، قال: حدثنا يعلى ابن الأشدق العقيلي، قال: حدثني عمي عبد الله بن جرادٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الأعمى من يعمى بصره، وإنما الأعمى من تعمى بصيرته)).(1/238)
240 - حدثنا رزق الله بن موسى الناجي، قال: حدثنا معنٌ القزاز، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة مولى الأسلميين، عن معاذ بن عبد الله بن خبيبٍ، عن أبيه، عن عمه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس بالغنى لمن اتقى الله، والصحة لمن اتقى خيرٌ من الغنى، وطيب النفس من النعم)).(1/239)
241 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أبو الخير المدني عبد المنعم بن بشيرٍ، قال: حدثنا أبو مودودٍ، عن محمد بن كعبٍ، قال: إن الغني إذا كان تقياً بالله، آتاه أجره مرتين، ثم تلا: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}.(1/240)
242 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا علي ابن عبد الحميد المعني من ولد معن بن زائدة، عن نوح بن ذكوان الغنوي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن جبيب بن الحارث، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إني رجلٌ مقرافٌ للذنوب، قال: ((يا جبيب بن الحارث! فكلما أذنبت، فتب إلى الله)). قلت: ثم أعود يا رسول الله. قال: ((ثم تب إلى الله)). قلت: ثم أعود يا رسول الله. قال: ((ثم تب إلى الله)). قلت: إذاً يكثر يا رسول الله؟! قال: ((عفو الله أكثر من ذنوبك يا جبيب)).(1/241)
243 - حدثنا محمد بن الوزير الواسطي، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن الأعمش، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخوارج كلاب أهل النار)).(1/242)
244 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا مطرٌ أبو عبد الرحمن، قال: سمعت أبا العالية يقول: ما أدري أي النعمتين أفضل: أن هداني للإسلام، أو لم يجعلني حروريًّا.(1/243)
245 - وعن صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يوسف ابن عطية، عن أبي غالبٍ، قال: كنت بدمشق، فجيء برؤوس خوارج من العراق، فنصبت على درج المسجد، فبينما أنا قائمٌ، إذا بشيخ على حمارٍ قصيرٍ، ينظر إليهم ويبكي، ويقول: كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار، فسألت عنه، فقالوا: هذا أبو أمامة الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدنوت منه، فقلت: يا أبا أمامة! أراك تبكي وتقول: كلاب النار؟! قال: رحمةً لهم؛ لأنهم قد صلوا، وصاموا، وحجوا، واعتمروا، ثم صاروا كلاب النار. قلت: هذا شيء تقوله، أم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرةً أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً حتى بلغ عشر مراتٍ، ما قلته. ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه سيكون من أمتي قومٌ يقرؤون القرآن، لا تجاوز قراءتهم تراقيهم، يعبدون الله عبادةً، يحتقرون عبادة الناس في عبادتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يعود فيه حتى يعود أعلاه فوقه، هم شر الخلق والخليقة، ثم شر قتلى تحت أديم السماء، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه)).(1/244)
246 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا حشرج بن نباتة، قال: حدثني سعيد بن جهمان، قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى، فسلمت عليه، قال: ما فعل والدك؟ قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة -ثلاثاً-، حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم كلاب أهل النار، قلت: الأزارقة وحدهم، أم الخوارج كلهم؟ قال: بل الخوارج كلهم، قلت: فإن السلطان يظلم ويفعل بهم ويفعل، قال: فتناول يدي، فغمزها غمزاً شديداً، وقال: ويحك يا بن جهمان! عليك بالسواد الأعظم؛ فإن كان السلطان يسمع منك، فأته فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فلست بأعلم منه.(1/245)
247 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباحٍ الأنصاري، عن كعبٍ، قال: للشهيد نوران، ولمن قتله الخوارج عشرة أنوار، ولجهنم سبعة أبواب، بابٌ منها للحرورية، ولقد خرجوا على داود عليه السلام في زمانه.(1/246)
248 - حدثنا ابن أبي زائدة الهمداني، قال: حدثنا عثمان بن عمر البصري، قال: حدثنا مالك بن مغولٍ، عن جنيدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لجهنم سبعة أبوابٍ: بابٌ منها لمن سل سيفه على أمتي))، أو قال: ((أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم)).(1/247)
249 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثني يحيى ابن واضحٍ، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن هود بن عطاءٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ يعجبنا تعبده واجتهاده، فذكرناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه، فلم يعرفه، ووصفناه بصفته، فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره، إذ طلع الرجل، فقلنا: هو هذا يا رسول الله! قال: ((إنكم لتخبروني عن رجلٍ على وجهه لسفعةٌ من الشيطان)). قال: فأقبل حتى وقف على المجلس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنشدك الله، هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في المجلس أحدٌ أفضل مني، أو خيرٌ مني؟)). قال: اللهم نعم، ثم دخل يصلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يقتل الرجل؟)). قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فدخل، فوجده يصلي، فقال: سبحان الله! أقتل رجلاً يصلي، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب عنق المصلين! فخرج. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مه؟))، قال: وجدته -بأبي أنت وأمي يا رسول الله- يصلي، وقد نهيتنا عن ضرب المصلي. قال: ((من يقتل الرجل؟)). قال عمر: أنا، فوجده ساجداً. قال: أأقتل رجلاً واضعاً وجهه لله، وقد رجع أبو بكر، وهو أفضل مني؟! فخرج إليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مه؟))، قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، صلى الله عليك وسلم، وجدته ساجداً، فكرهت أن أقتله واضعاً وجهه لله. قال: ((من يقتل الرجل؟)). قال عليٌّ: أنا، قال: ((أنت إن أدركته، قتلته)). فوجده عليٌّ قد خرج، فجاءه فقال: وجدته -بأبي أنت وأمي- قد خرج، قال: ((لو قتلته، ما اختلف من أمتي رجلان، كان أولهم وآخرهم واحداً)).
قال موسى: وأخبرني محمدٌ القرظي: أنه هو الذي قتله عليٌّ رضي الله عنه بعد يوم النهر: حرقوص ذو الثدية.(1/248)
250 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا يحيى بن واضحٍ، عن موسى بن عبيدة، عن عمران بن أبي أنسٍ، عن أبي سلمة، قال: وقف رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم تبراً، فقال: يا محمد! اعدل، فرفع بصره إليه، فقال: ((ويلك! إذا لم أعدل فمن يعدل؟! يوشك مثل هذا يظهرون، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، فإذا ظهروا، فاضربوا أعناقهم)).(1/249)
251 - حدثنا علقمة بن عمر [و] التميمي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجيء أقوامٌ في آخر الزمان سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، فمن لقيهم، فليقتلهم؛ فإن فيه أجراً لمن قتلهم.(1/250)
252 - حدثنا عمرو بن عبد الله بن حنشٍ الأودي، قال: حدثني أبي، عن سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: قال رسول الله: ((المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)).(1/251)
253 - (قال: حدثنا بذلك يحيى بن سليمان بن أبي فضالة الخزاعي المدني، قال: حدثنا) حزام بن هشامٍ الخزاعي، عن أبيه، عن جده، عن أم معبدٍ في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان أنظر الثلاثة منظراً.(1/252)
254 - ما حدثنا به صالح بن عبد الله، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي البختري، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحشر أنا وأبو بكرٍ وعمر هكذا، ونحن مشرفون على الناس))، وأرانا أبو بكر السبابة والوسطى والبنصر.(1/253)
255 - فحدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن خالدٍ الرقي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا عبد الله بن مقسمٍ الطائفي، قال: حدثتني عمتي سارة بنت مقسم: أنها سمعت ميمونة بنت كردم تقول: خرجت في حجة حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، ودنا إليه أبي فسأله، ولقد رأيتني أتعجب من طول إصبعه التي تلي الإبهام على سائر أصابعه، قالت: فحدثني أبي أنه قال: ذكرت ذلك لعبد الله بن الحسن، فقال: نعم، كذلك كانت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عبد الله: هو يزيد بن مقسم، وعمته سارة بنت مقسم، فنسب إلى جده.
256 - قال: كذلك أخبرنا به أبي، عن الحسن الحلواني، عن يزيد بن هارون، عن عبد الله بن يزيد بن مقسمٍ، عن عمته، عن ميمونة.(1/254)
257 - حدثنا عمرو بن عبد الله بن حنشٍ الأودي، قال: حدثنا إسماعيل بن محمدٍ الطلحي، عن داود بن عطاءٍ المدني، عن صالح بن كيسان، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي بن كعبٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول من يصافحه الحق: عمر، وأول من يسلم عليه، وأول من يأخذ بيده، فيدخله الجنة)).(1/255)
258 - حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن إسحاق بن محمد ابن عمران الطلحي المدني، قال: حدثني أبي عبيد الله بن إسحاق، قال: سمع أبي من عبد الله بن محمد بن عمران ابن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله، قال: حدثني أبي محمد بن عمران، عن القاسم بن محمد عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب، وأبي جهل بن هشامٍ، فأصبح عمر، وكانت الدعوة يوم الأربعاء، وهم تسعة وثلاثون رجلاً، فأسلم عمر يوم الخميس، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت تكبيرةً سمعت بأعلى مكة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مختفياً في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فأظهر الإسلام، وطاف بالبيت، وعمر متقلدٌ السيف حتى صلى الظهر معلناً.(1/256)
259 - ما حدثنا به حسين بن حسنٍ المروزي بمكة، قال: حدثنا إبراهيم بن رستم، عن يعقوب القمي، عن جعفر ابن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن جبريل جاء إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد! أقرئ عمر السلام، وأخبره: أن غضبه عزٌّ، ورضاه عدلٌ)).(1/257)
260 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا يوسف بن واقدٍ الرازي، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عمر! إن غضبك عزٌّ، ورضاك حكمٌ)).(1/258)
261 - فحدثنا بذلك محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا بذلك محمد بن عثمان التنوخي الدمشقي، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/259)
262 - فحدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن محمدٍ، عن منصور بن أبي الأسود، عن كثير بن إسماعيل، عن صفوان، عن قبيصة الأحمسي، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيدٍ الغفاري، قال: سمعت علياً على المنبر يقول: إن أبا بكرٍ أواهٌ منيب القلب، وإن عمر ناصح الله، فناصحه الله.(1/260)
263 - وعن مؤمل بن هشامٍ، قال: حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين: أن أبا بكرٍ كان إذا صلى، فقرأ، خفض صوته. وكان عمر إذا قرأ، جهر، فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، قيل: أحسنت. وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان. قيل: أحسنت، فلما نزلت: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً}، فقيل لأبي بكرٍ: ارفع شيئاً، وقيل لعمر: اخفض شيئاً.(1/261)
264 - حدثنا محمد بن علي الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الحسين بن واقدٍ، عن عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءت جاريةٌ سوداء، فقالت: يا نبي الله! كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف، فقال: ((إن كنت نذرت أن تضربي، وإلا فلا))، فدخل أبو بكر رضي الله عنه وهي تضرب، ثم دخل علي رضي الله عنه وهي تضرب، ثم دخل عثمان رضي الله عنه وهي تضرب، ثم دخل عمر رضي الله عنه، فألقت الدف تحتها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً، وهي تضرب، فدخل أبو بكرٍ، وهي تضرب، ثم دخل عليٌّ، وهي تضرب، ثم دخل عثمان، وهي تضرب، فلما دخلت أنت، ألقت الدف)).(1/262)
265 - حدثنا عبد الله بن سعيدٍ الأشج، قال: حدثنا ابن إدريس، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلالٍ، قال: قال أبو بكر لأصحابه ذات يومٍ: ما ترون في هاتين الآيتين: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، وقوله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانكم بظلمٍ}؟ قالوا: استقاموا، فلم يذنبوا، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم؛ أي: بذنب. قال: لقد حملتموها على غير المحمل. إن الذين قالوا ربنا الله، ثم استقاموا، فلم يلتفتوا إلى غيره، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم؛ أي: بشرك.(1/263)
266 - حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري: أن عمر تلا هذه الآية: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، قال: استقاموا -والله- لله بطاعته، ثم لم يروغوا روغان الثعالب.(1/264)
267 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا أيوب ابن مدركٍ، قال: سمعت مكحولاً -رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم-، قال: كان بين رجلٍ من المنافقين، ورجلٍ من المسلمين منازعةٌ في شيء ادعاه المنافق، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصا عليه قصتهما، فلما توجه القضاء على المنافق، قال المنافق: يا رسول الله! ارفعني وإياه إلى أبي بكرٍ، قال: ((انطلق معه إلى أبي بكرٍ)). فانطلق معه، فقصا قصتهما على أبي بكر، فقال: ما كنت لأقضي بين من رغب عن قضاء الله وقضاء رسوله، فرجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله! ادفعني وإياه إلى عمر، فقال: ((انطلق معه إلى عمر))، فقال: يا نبي الله! أنطلق مع رجل إلى عمر وقد رغب عن قضاء الله، وقضاء رسوله، فقال: ((انطلق معه))، فخرجا حتى أتيا عمر، فقصا عليه قصتهما، فقال عمر رضي الله عنه: لا تعجلا حتى أخرج إليكما، فدخل، فاشتمل على السيف، فخرج إليهما، فقال: أعيدا علي قصتكما، فأعادا، فلما تبين لعمر: أن المنافق قد رغب عن قضاء الله وقضاء رسوله، حمل السيف على ذؤابة المنافق حتى خالط كبده، ثم قال: هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء الله، وقضاء رسوله صلى الله عليه وسلم، فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! إن عمر قد قتل الرجل، وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر)).
فسمي الفاروق. (1/265)
268 - حدثنا الحسين بن علي العجلي الكوفي، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدثتم عني بحديثٍ تعرفونه ولا تنكرونه، قلته أو لم أقله، فصدقوا به؛ فإني أقول ما يعرف ولا ينكر، وإذا حدثتم عني بحديثٍ تنكرونه ولا تعرفونه، فكذبوا به؛ فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف)).(1/266)
269 - حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن أبيه، عن ربيع بن خثيم، قال: إن على الحق نوراً وضوءاً كضوء النهار تعرفه، وعلى الباطل ظلمةً كظلمة الليل تنكره.(1/267)
270 - حدثنا بذلك عبد الأعلى بن واصلٍ الأسدي، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، عن حمادٍ، عن محمد ابن عبد الله الأسدي، عن وابصة بن معبدٍ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جئت تسأل عن البر والإثم: استفت قلبك، البر: ما اطمأنت إليه النفس والقلب، والإثم: ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس)).(1/268)
271 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا زافر ابن سليمان، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه، قال: أتى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أفتنا بأشياء إن ابتلينا بالبقاء بعدك. فقال له: ((تفتيك نفسك)). فقال: وكيف تفتيني نفسي؟ قال: ((ضع يدك على صدرك، فإنه يسكن للحلال، ويضطرب من الحرام، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وإن أفتاك المفتون، إن المؤمن يذر الصغير مخافة أن يقع في الكبير)).(1/269)
272 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا إدريس، عن شعبة، عن بريد بن أبي مريم الكوفي، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: سمعت جدي صلى الله عليه وسلم يقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينةٌ، والكذب ريبةٌ)).(1/270)
273 - فحدثنا إبراهيم بن هارون البلخي، قال: حدثنا أبو عمرٍو زكريا بن حازمٍ الشيباني السورحاني، قال: سمعت قتادة، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، فقال: ((أيها الناس! كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذي نشيع من الموتى عن قليلٍ إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، نأكل تراثهم كأنا مخلدون من بعدهم، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيب غيره، طوبى لمن ذلت نفسه من غير منقصةٍ، وتواضع لله من غير مسكنةٍ، وأنفق مالاً جمعه من غير معصيةٍ، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن ذلت نفسه، وطاب كسبه، وصلحت سريرته، وحسنت خليقته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله)).(1/271)
274 - حدثنا علي بن حجرٍ السعدي، قال: حدثنا إسماعيل بن عياشٍ، وعيسى بن يونس، قالا: حدثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا غلام! ألا أعلمك كلماتٍ ينفعك الله بهن؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائنٌ، فلو جهد الخلق على أن ينفعوك بكلمةٍ لم يكتبه الله لك، لم يقدروا عليه، ولو جهد الخلق على أن يضروك بكلمةٍ لم يكتبها الله عليك، لم يقدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله بالرضا واليقين، فافعل، وإن لم تستطع، فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، واعلم: أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)).(1/272)
275 - (حدثنا عبد الوهاب بن فليحٍ المكي، حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، حدثني شهاب بن خراشٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/273)
276 - وحدثنا محمد بن أسلم، حدثنا مطرف بن عبد الله الأسلمي، عن محمد بن عبد الرحمن المليكي، عن المثنى ابن الصباح، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه).(1/274)
(2/ 50 - 53) وأما الحديث الذي ينكره المحققون:
فمثل حديث رووه عن الحسن البصري، عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن سليمان عليه السلام مر في موكبه برجلٍ يقال له: مر عبدي، وهو قائمٌ يصلي، فوقف عليه حتى فرغ، فلم يرفع به رأساً، فلما رأى ذلك منه، نزل إليه، فكلمه، فقال له مر عبدي: ألست بابن داود الخاطئ، حملت الدنيا فوق رأسك، وجعلت الآخرة تحت قدميك، فصرت محجوباً عن الدارين؟.
(حقاً أقول: والله! لو أن الله -تعالى اسمه- كشف الغطاء عنك، حتى تنظر إلى الله بمعرفته، وترغب إلى الله بالرغبة، وتشتاق إليه بالحب؛ لكنت زاهداً فيما معك، ولكن استروحت إلى الدنيا، وعرفت حلوها من حامضها، ولينها من خشنها، وحارها من باردها، فلها تغضب، ولها ترضى، وإليها
تستروح، وإياها تشتم.
قال سليمان: يا مر عبدي! كيف لي إن أنا سألت الله حتى يقبض عني جميع ما سخر لي؟ قال مر عبدي: هيهات هيهات، الدنيا أعظم في صدرك، وأنت إليها أشد ركوباً من أن تسأل ربك ذلك.
يا بن داود! لا يغرنك هذا البيت الذي مثل لك، والزين الذي أنت عليه، وما سخر لك من الشياطين، وأنت تقرأ فيما أنزل الله عز وجل على داود: أنه ليس أحدٌ أعطي نهمة من شهوات الدنيا إلا نقص في ميزانه.
يا بن داود! ما لك وللدنيا قد غرت من كان قبلك؟ ما لك والجمال والشهوات ونظر الناس إليك، وقد عرفت أنه ليس أحدٌ أحب إلى الله من مؤمنٍ خفي؟
ألا أن أولياء الله يخفون على أهل الأرض، ويعرفون في السماء، ولا يفقدون إذا غابوا، ولا يعرفون إذا شهدوا.
افهم يا بن داود أنك نبي تعظ الناس، وأنت مسموع منك، لا يغرنك ما أنت فيه، فيوشك أن تموت وتذوق مرارة الموت.
قال: يا مر عبدي! ما بال الناس ينظرون إلي، وأنت لا تنظر إلي، ويتمنون ما سخر الله لي، وأنت لا تتمنى؟!!
قال: يا بن داود! أنت صبي تتكلم على قدر صباك، ما أرى في يدك من الفضل والرغبة في الدين، فارغب فيه، يا بن داود! دع عنك الكبر والفخر، يا بن داود! مذ كم أنت في هذا الملك؟!!
قال: منذ ثمان عشرة سنة، قال: يا بن داود! هل تجد فيما مضى من ملكك إلا ما أنت فيه اليوم؟!!
قال سليمان: اللهم لا.
قال مر عبدي: وكذلك أنا أضرب بهذه المسحاة منذ ثلاثين سنة، لا أجد عناء تسع وعشرين سنة، وأحد عشر شهراً، وتسعة وعشرين يوماً، إلا عناء يومي هذا، فما فضلك علي؟ أين ما تنعمت به؟).
هذا في كلام له طويل، التقطت منه هذه الأحرف، فذكرته هاهنا، فهذا الحديث عامته كذبٌ، لا تقبله قلوب المحقين، وقد جعل الله الرسل أحباءه وأصفياءه ونجباءه، وحجته على خلقه، ورفع مراتبهم، فمن قال لرسولٍ من الرسل مثل هذا الذي روي في هذا الحديث، فقد عابه، ومن عابه، فقد كفر بالله، وقد جعل الله إيماننا به منظوماً بإيماننا بالرسل، لا يقبله منا حتى نؤمن بالرسل، كما آمنا به، وكيف يجوز أن يقال لرسول الله: ((جعلت الآخرة تحت قدمك، والدنيا فوق رأسك))؟!
فقائل هذا لرسول من رسول الله رادٌّ على الله، والله يقول في تنزيله: {ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين}.(1/275)
(2/ 56) ومن الحديث الذي تنكره قلوب المحققين: ما جاء به ابن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: ((أن قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- سألوا موسى أن يسأل ربه: وأن يسمعهم كلامه، فسمعوا صوتاً كصوت الشبور: إني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم، أخرجتكم من مصر بيدٍ رفيعة وذراعٍ شديدة)).(1/276)
(2/ 57 - 62) ومن الحديث الذي تنكره القلوب: حديثٌ رواه عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً. ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً}.
قال: مرض الحسن والحسين، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعادهما عمومة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن! لو نذرت على ولديك نذراً، وكل نذر ليس له وفاءٌ، فليس بشيءٍ، فقال عليٌّ: إن برأ ولداي، صمت لله ثلاثة أيامٍ شكراً، وقالت جارية لهم نوبية: إن برأ سيداي، صمت لله ثلاثة أيام
شكراً، (وقالت فاطمة -رضي الله عنها- مثل ذلك)، فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليلٌ، ولا كثيرٌ، فانطلق عليٌّ رضي الله عنه، إلى شمعون بن حاريا الخيبري، وكان يهودياً، فاقترض منه ثلاثة أصوعٍ من شعير، فجاء به، فوضعه ناحية البيت.
فقامت فاطمة -رضي الله عنها- إلى صاع، فطحنته واختبزته، وصلى عليٌّ مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم مسكينٌ، فوقف بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمدٍ، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة، فسمعه عليٌّ رضي الله عنه، فأنشأ يقول:
أفاطم ذات السداد واليقين ... يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين ... قد قام بالباب له حنين
يشكو إلى الله ويستكين ... يشكو إلينا جائعٌ حزين
كل امرئٍ بكسبه رهين ... من يفعل الخير يقم سمين
ويدخل الجنة أي حين ...
فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:
أمرك سمعٌ يا بن عم وطاعه ... ما بي من لؤمٍ ولا وضاعه
عنيت في الخبز له صناعه ... سأطعمه لا أنهنهم ساعه
أرجو إن أشبعت من مجاعه ... أن ألحق الأخيار والجماعه
فأدخل الجنة لي شفاعه ...
فأعطوه الطعام، ومكثوا يومهم وليلتهم، ولم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثاني، قامت إلى صاع وطحنته واختبزته، وصلى علي رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين أيديهم، فوقف بالباب يتيم، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمدٍ، يتيم من أولاد المهاجرين، استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة، فسمعه عليٌّ رضي الله عنه فأنشأ يقول:
أفاطم بنت السيد الكريم ... بنت نبيٍّ ليس بالزنيم
قد أتى الله بذا اليتيم ... من يرحم اليوم يكن رحيم
ويدخل الجنة أي سليم ... قد حرم الجنة اللئيم
ألا لا يجوز الصراط المستقيم ... يزل في النار إلى الجحيم
شرابه الصديد والحميم ...
فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:
سأطعمه الآن ولا أبالي ... وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعاً وهم أشبالي ... أصغرهما يقتل في القتال
بكربلاء يقتل باغتيال ... يا ويل للقاتل مع وبال
يهوي في النار إلى سفال ... وفي يديه غلٌّ من الأغلال
كبولة زادت على الأكبال ...
فأعطوه الطعام، ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثالث: قامت إلى الصاع الباقي، فطحنته، واختبزته، وصلى علي رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين يديه، إذا أتاهم أسير، فوقف بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، تأسروننا، وتشدوننا، ولا تطعموننا؟! أطعموني؛ فإني أسير محمدٍ، فسمع عليٌّ رضي الله عنه، فأنشأ يقول:
أفاطم بنت النبي أحمد ... بنت نبيٍّ سيدٍ مسود
سماه الله فهو محمد ... قد زانه ربي بجيدٍ أغيد
هذا أسير النبي المهتد ... مثقلٌ في غله مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تمدد ... من يطعم اليوم يجده من غد
عند العلي الواحد الموحد ... ما يزرع الزارع سوف يحصد
أعطيه لا تجعليه أنكد ...
فأنشأت فاطمة -رضي الله عنها- تقول:
لم يبق مما جئت غير صاع ... قد ذهبت كفي مع الذراع
ابني والله هما جياع ... يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع ... يصطنع المعروف بابتداع
عبل الذراعين شديد الباع ... وما على رأسي من قناع
إلا قناعاً نسجه أنساع ...
فأعطوه الطعام، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما أن كان في اليوم الرابع: وقد قضى الله النذر، أخذ عليٌّ رضي الله عنه بيده اليمنى الحسن، وبيده اليسرى الحسين، وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلما أبصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((يا أبا الحسن! ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم! انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة))، فانطلقوا إليها، وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها من شدة الجوع، فلما أن رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف المجاعة في وجهها، بكى، وقال: ((واغوثاه بالله! أهل بيت محمدٍ يموتون جوعاً، فهبط جبريل عليه السلام،
فقال: السلام يقرئك السلام يا محمد، خذ هنيئاً في أهل بيتك قال: وما آخذ يا جبريل؟ فأقرأه: {هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئًا مذكوراً} إلى قوله: {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً}.
هذا حديث مزوقٌ،(1/277)
(2/ 64) ومن الحديث الذي تنكره القلوب: حديثٌ رووه عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في سنة مئتين يكون كذا وكذا، وفي العشرين والمئتين كذا، وفي العشرين كذا، وفي الثلاثين كذا، وفي الأربعين كذا، وفي الخمسين كذا، وفي الستين كذا، وفي المئتين تعتكف الشمس ساعةً، فيموت نصف الجن والإنس)).
فهل كان هكذا، وقد مضت هذه المدة؟! (1/278)
277 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا خالد بن حيان أبو يزيد، عن فرات بن سلمان، عن ميمون بن مهران، قال: رفع إلى عمر رضي الله عنه، صكٌّ محله شعبان، قال عمر: أي شعبان؟ الذي هو آتٍ، أو هذا الذي نحن فيه؟ ثم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا للناس شيئاً يعرفونه، فقال بعضهم: على تاريخ الروم، فقيل: إنهم يكتبون من عهد ذي القرنين، فهذا يطول، وقال بعضهم: اكتبوا على تاريخ الفرس، فقال: إن الفرس كلما قام ملك، أرخ من قبله، فاجتمع رأيهم: على أن ينظروا كم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فوجدوه: عشر سنين، فكتب التاريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/279)
278 - حدثنا محمد بن عثمان الطائفي، قال: حدثنا أمية بن خالدٍ، قال: حدثنا قرة بن خالدٍ، عن ابن سيرين، قال: جاء رجلٌ من أهل اليمن إلى عمر رضي الله عنه، فقال: أرخوا، فقال: وما أرخوا؟! قال: اكتب: شهر كذا، وسنة كذا، قالوا: فبم نبدأ، قال: من موت النبي صلى الله عليه وسلم، قال: بل من مهاجره، فاتفق رأيهم على أن يبدأ من مهاجره، قيل: من أي شهر نبدأ؟ قالوا: من رمضان، قال: لا، بل من المحرم، فبدؤوا بالمحرم.(1/280)
(2/ 67) ومن الحديث الذي تنكره القلوب: حديثٌ رووه عن عوفٍ، عن أبي القموص، قال: شرب أبو بكرٍ الخمر، يعني: من قبل نزول تحريمها، فقعد ينوح على قتلى بدر، وهو ينشد ويقول:
تحيي بالسلامة أم بكرٍ ... وهل لك بعد رهطك من سلام
ذريني أصطبح يا أم بكرٍ ... رأيت الموت نقب عن هشام
فنقب عن أبيك وكان قوماً ... من الأقوام شراب المدام
وود بنو المغيرة لو فدوه ... بألفٍ من رجالٍ أو سوام
كأني بالطوي طوي بدرٍ ... من الشيزى تكلل بالسنام
كأني بالطوي طوي بدرٍ ... من القينات والخيل الكرام
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج يجر ثوبه من الفزع حتى أتاه، فرفع عليه شيئاً في يده، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله، فأنزلت: {يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر}.
وزاد فيه غيره في الأبيات:
يخبرنا الرسول بأن سنحيا ... فكيف حياة أصداءٍ وهام
قال: فهذا منكر من القول والفعل، وقد أعاذ الله الصديقين من فعل الخنا، وأقوال أهله، وإن كان قبل التحريم، وقد كان أبو بكر رضي الله عنه بمكة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر، وقد وسم بالصديقية، وسمي صديقاً، وكان) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء، فرجف بهم الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسكن حراء؛ فإنما عليك نبيٌّ وصديقٌ وشهيدان)).
وكان معه أبو بكر، وعمر، وعثمان.
وعائشة أعلم بأبيها من أبي القموص، فهي تنكر هذا، وتكذب أهله.(1/281)
279 - حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، قال: أخبرنا يعقوب أبو يوسف الزهري، قال: حدثنا عبد الله بن وهبٍ، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: ما قال أبو بكر ولا عثمان بيت شعرٍ في جاهلية ولا إسلام، ولا شربا خمراً في جاهلية ولا إسلام.
280 - قال يعقوب: وحدثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن ابن أخي ابن شهابٍ، عن عمه، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، بمثله.(1/282)
281 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمران ابن بكارٍ الحمصي، قال: حدثنا عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي، قال: حدثنا عبد الله بن سالمٍ الكلاعي، عن محمد ابن الوليد الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-: أنها كانت تدعو على من يقول: إن أبا بكرٍ قال هذه القصيدة:
تحيا بالسلامة أم بكرٍ ... وهل لي بعد قومي من سلام
يخبرنا الرسول بأن سنحيا ... وكيف حياة أصداءٍ وهام
ثم قالت عائشة -رضي الله عنها-: والله! ما قال أبو بكرٍ بيت شعرٍ في الجاهلية ولا في الإسلام، ولقد ترك أبو بكر وعثمان شرب الخمر في الجاهلية، وما ارتاب أبو بكر في الله منذ أسلم، ولكنه كان تزوج امرأة من بني كنانة، ثم من بني عوف، فلما هاجر أبو بكر رضي الله عنه، طلقها، فتزوج بها ابن عمتها هذا الشاعر، فقال هذه القصيدة يرثي بها كفار قريش الذين قتلوا ببدر، فحملها الناس أبا بكر من أجل امرأته أم بكر التي طلقها، وإنما هو أبو بكر بن شعوب الكناني.(1/283)
282 - حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأودي، قال: حدثنا بكر بن يونس بن بكيرٍ، قال: حدثنا موسى ابن علي بن رباحٍ، عن أبيه، عن عقبة بن عامرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكرهوا مرضاكم على الطعام؛ فإن الله يطعمهم ويسقيهم)).(1/284)
283 - حدثنا عبد الله بن عبد الله، بن أسدٍ الكلابي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: سمعت الأعمش، قال: سمعت إبراهيم التيمي يقول: لقد أتى علي شهرٌ وما أكلت طعاماً ولا شراباً إلا حبةً من عنب أكرهوني عليها، وما أنا بصائم، وإني لأقضي حوائجي.(1/285)
284 - حدثنا عبيد الله بن يوسف بن المغيرة بن جبير بن حية الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني، قال: حدثنا عبد الحميد بن يزيد، عن آمنة بنت عمر، عن ميمونة: أنها قالت: يا رسول الله! من أي شيء عذاب القبر؟ أفتنا عن عذاب القبر؟ قال: ((من أثر البول، فمن أصابه منه شيءٌ فليغسله بماءٍ، فإن لم يصبه أو يجده فليمسحه بترابٍ طيبٍ)).(1/286)
لأنه قد جاء في الخبر:
((إن أول ما يوضع الميت تبتدره أربع نيرانٍ، فتدفع عنه الصلاة واحدةً، والزكاة واحدةً، والصوم واحدةً، ويجيء الصبر فيطفئ الرابعة، ثم يقول: أما إني لو أدركتهن كلهن لأطفأتهن، ولكن أنا لك إمامك)).
285 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زيادٍ، حدثنا سيارٌ، عن جعفر بن سليمان، عن حجاجٍ، حدثنا معاوية بن قرة، عن أشياخٍ أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/287)
(2/ 81 - 82) فروى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني معاذ بن رفاعة بن رافع، قال: حدثني محمود بن عبد الرحمن ابن عمرو بن الجموح، عن جابر بن عبد الله، قال: لما توفي سعدٌ، ووضع في قبره، سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبح القوم، وكبر النبي، وكبر القوم معه، فقالوا: يا رسول الله! مم سبحت؟ قال: ((هذا العبد الصالح تضايق عليه قبره حتى فرج الله عنه))، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((كان يقصر في بعض الطهور من البول)).(1/288)
286 - حدثنا محمد بن الضحاك، حدثنا عبدة بن سليمان الكلابي، عن أبي رجاءٍ الجزري، عن الفرات بن سلمان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما صبر أهل بيتٍ على جهد ثلاثاً، إلا آتاهم الله برزقٍ)).(1/289)
287 - حدثنا محمد بن عليٍّ، قال: حدثنا حاتم بن بكرٍ الضبي، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، الحنفي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن عبد الملك ابن عمير، عن عمرو بن حريثٍ، عن سعيد بن حريث، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من باع داراً أو عقاراً، فليعلم أنه مالٌ قمنٌ أن لا يبارك، إلا أن يجعله في مثله)).
288 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عمرو بن حريثٍ، عن سعيد بن حريثٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/290)
289 - حدثنا موسى بن محمدٍ المسروقي، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: أخبرني فضالة بن الحصين، [قال أخبرني عبد الوارث بن أبي محمد، عن يعلى بن عبد الملك، قاضي البصرة، عن عمران بن الحصين] الخزاعي البدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من باع عقدةً، وهو يجد بداً من بيعها، إلا وكل بذلك المال من يتلفه)).(1/291)
290 - حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالدٍ ابن معدان، عن أبي الدرداء، قال: ملعونةٌ الدنيا، وملعونٌ أهلها إلا ذكر الله، وما آوى ذكر الله.(1/292)
291 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضربٍ قال: أتينا خباب بن الأرت، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يؤجر العبد على نفقته كلها، إلا ما كان في التراب))، أو قال: ((في هذا البناء)).(1/293)
292 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا عمرو بن الربيع، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله ابن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن خباب بن الأرت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل نفقةٍ ينفقها العبد يؤجر فيها، إلا ما كان من نفقةٍ في التراب)).(1/294)
293 - حدثنا محمد بن علي الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا ابن عيينة، قال: حدثنا الأحوص بن حكيمٍ، عن راشد بن الحارث، أو غيره، قال: بنى أبو الدرداء رضي الله عنه كنيفاً في منزله بحمص، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: لقد كان لك يا عويمر فيما بنت فارس والروم كفايةٌ عن تزين الدنيا، وقد أذن الله بخرابها، فإذا أتاك كتابي، فارتحل من حمص إلى دمشق.(1/295)
294 - حدثنا عيسى بن أحمد، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنفقت على نفسك، فهو صدقةٌ، وما أنفقت على زوجتك، فهو صدقةٌ)).(1/296)
295 - حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، قال: حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: ((أيها الناس! قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي)).(1/297)
296 - حدثنا نصرٌ، قال: حدثنا زيد بن الحسن، قال: حدثنا معروف بن خربوذٍ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيدٍ الغفاري، قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، خطب فقال: ((أيها الناس! إنه قد نبأني اللطيف الخبير: أنه لن يعمر نبيٌّ إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل، فإني أظن أن يوشك أني أدعى فأجيب، وإني فرطكم على الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفونني فيهما، الثقل الأكبر: كتاب الله سببٌ، طرفه بيد الله، وطرفٌ بأيديكم، فاستمسكوا به، ولا تضلوا، ولا تبدلوا، والثقل الآخر: عترتي، أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير: أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)).(1/298)
297 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أبو نعيمٍ، عن الحسن بن صالحٍ، عن عبد الله بن محمدٍ بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد الله: {وأولي الأمر منكم}. الفقهاء.(1/299)
298 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي قال: حدثنا يزيد بن حيان، قال: حدثني (عمر البزاز جليس حماد بن سلمة)، قال: حدثنا الحسن بن ذكوان، عن عبد الرحمن ابن قيسٍ، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأبدال ثلاثون رجلاً: قلوبهم على قلب إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، إذا مات رجلٌ منهم، أبدل الله مكانه آخر)).(1/300)
299 - حدثنا عمر بن يحيى بن نافع الأبلي، قال: حدثنا العلاء بن زيدلٍ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: البدلاء أربعون رجلاً: اثنان وعشرين بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات واحد، بدل آخر، فإذا كان عند القيامة، ماتوا كلهم.(1/301)
300 - حدثنا بذلك عبد الرحيم بن حبيب، قال: حدثنا داود بن محبرٍ، عن ميسرة، عن أبي عبد الله الشامي، عن مكحولٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: الأنبياء كانوا أوتاد الأرض، فلما انقطعت النبوة، أبدل الله مكانهم قوماً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقال لهم: الأبدال، لم يفضلوا الناس بكثرة صوم، ولا صلاة، ولا تسبيح، ولكن بحسن الخلق، وبصدق الورع، وبحسن النية، وسلامة قلوبهم لجميع المسلمين، والنصيحة لله ابتغاء مرضاة الله بصبر وحلم ولبٍّ وتواضع في غير مذلة، فهم خلفاء عن الأنبياء، قومٌ اصطفاهم الله لنفسه، واستخلصهم بعلمه لنفسه، وهم أربعون صديقاً، منهم ثلاثون رجلاً على مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن، بهم تدفع المكاره عن أهل الأرض، والبلايا عن الناس، وبهم يمطرون، وبهم يرزقون، لا يموت الرجل منهم أبداً حتى يكون الله قد أنشأ من يخلفه، لا يلعنون شيئاً، ولا يؤذون من تحتهم، ولا يتطاولون عليهم، ولا يحقرونهم، ولا يحسدون من فوقهم، ولا يحرصون على الدنيا، ليسوا بمتماوتين، ولا متكبرين، ولا متخشعين، أطيب الناس خبراً، وأورعهم أنفساً، وأسخاهم أنفساً، طبيعتهم السخاء، وصفتهم السلامة من دعوى الناس قبلهم، ليسوا بمتخشعين، ولا بمتماوتين، لا تتفرق صفتهم، ليسوا اليوم في حالة خشية، وغداً في حال غفلة، ولكن متداومين على حالهم، وهم فيما بينهم وبين ربهم، ولا يدركهم الريح العاصف، ولا الخيل المجراة، قلوبهم تصعد في السماء ارتياحاً إلى الله، واشتياقاً إليه، قدماً في اشتياقهم الخيرات، {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}.
قلت: يا أبا الدرداء! ما شيءٌ أثقل علي من هذه الصفة التي وصفتها، فكيف لي أن أدركها؟
قال: ليس بينك وبين أن تكون في أوسط ذلك، إلا أن تبغض الدنيا، فإنك إذا أبغضت الدنيا، أقبل عليك حب الآخرة، فبقدر ما تزهد في الدنيا تحب الآخرة، وبقدر ما تحب الآخرة تبصر ما ينفعك وما يضرك، فإذا علم الله صدق الطلب من عبده، أفرغ عليه السداد، واكتنفه بعصمته، وتصديق ذلك في كتاب الله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}.(1/302)
301 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا عبد العزيز ابن المغيرة البصري، قال: حدثنا صالحٌ المري، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صومٍ ولا صلاةٍ، ولكن دخلوها برحمة الله، وسلامة الصدور، وسخاوة الأنفس، والرحمة لجميع المسلمين)).(1/303)
302 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سليمان، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن محمود بن لبيدٍ، عن حذيفة بن اليمان، قال: الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلاً على منهاج إبراهيم، كلما مات رجل منهم، أبدل الله مكانه آخر، والعصب بالعراق أربعون رجلاً، كلما مات رجل منهم، أبدل الله مكانه آخر، عشرون منهم على اجتهاد عيسى بن مريم، وعشرون منهم قد أوتوا مزامير آل داود.(1/304)
303 - حدثنا محمد بن يحيى المقدمي بن أبي حزمٍ القطعي، قال: حدثنا عمر بن علي المقدمي، عن إسماعيل ابن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إذا كان أجل العبد بأرضٍ، أتيت له الحاجة إليها، حتى إذا بلغ أقصى أثره، فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة: رب! هذا عبدك ما استودعتني)).(1/305)
304 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم الجمحي، عن عبد العزيز بن محمدٍ الدراوردي، قال: حدثني أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ببعض نواحي المدينة، فإذا بقبرٍ يحفر، فأقبل حتى وقف عليه، فقال: ((لمن هذا؟))، قيل: لرجل من الحبشة، فقال: ((لا إله إلا الله! سيق من أرضه وسمائه حتى دفن في التربة التي منها خلق)).(1/306)
وروي في الخبر: أن الملك الموكل بالأرحام يأخذ النطفة من الرحم، فيضعها على كفه، فيقول: يا رب! مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال: مخلقة، قال: يا رب! ما الرزق؟ ما الأجل؟ ما الأثر؟ فيقول: انظر في أم الكتاب، فينظر في اللوح، فيجد فيه رزقه وأجله وأثره وعمله، ثم يأخذ التراب الذي يدفن في بقعته، فيعجن به نطفته. فذلك قوله: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم}.
305 - حدثنا بنحو من ذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا عمرٌو القناد، عن أسباط، عن السدي، عن أبي مالك وأبي صالحٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود رضي الله عنه.(1/307)
306 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيلٍ، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله، قال: إن النطفة إذا استقرت في الرحم، يأخذها الملك بكفه، فقال: أي ربّ أمخلقةٌ أم غير مخلقةٍ؟ فإن قال: غير مخلقة، لم تكن نسمة، وقذفتها الأرحام دماً، وإن قال: مخلقة، قال: أي رب! أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ ما الأجل، وما الأثر، وما الرزق، بأي أرضٍ تموت؟ فيقال له: اذهب إلى أم الكتاب، فإنك ستجد هذه النطفة، فيقال للنطفة: من ربك؟ فتقول: الله، فيقال: من رازقك؟ فتقول: الله، فتخلق، وتعيش في أجلها، وتأكل رزقها، وتطأ أثرها، فإذا جاء أجلها، ماتت، فدفنت في ذلك المكان.(1/308)
307 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا بركة ابن محمدٍ الحلبي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقبري، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي، قال: سمعت ابن سيرين يقول: لو حلفت، حلفت صادقاً بارًّا غير شاكٍّ ولا مستثنٍ: أن الله ما خلق نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا أبا بكر، ولا عمر، إلا من طينة واحدة، ثم ردهم إلى تلك الطينة.(1/309)
308 - حدثنا أبو رجاءٍ قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمنٌ)).(1/310)
309 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، وحفص بن عمرٍو، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر مثله.(1/311)
310 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جنيدٌ الحجام، عن زيدٍ أبو أسامة، عن عكرمة، عن ابن
#121#
عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/312)
311 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زيدٌ أبو أسامة، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/313)
312 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن فراسٍ، قال: سمعت مدرك بن عمارة يحدث، عن ابن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.(1/314)
313 - ما حدثنا به قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن ابن شهابٍ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالكٍ: أن أباه كعب بن مالكٍ كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إنما نسمة المؤمن طائرٌ يعلق في شجرة الجنة حتى يرجعه الله يوم القيامة إلى جسده، ثم يبعثه)).(1/315)
314 - حدثنا عيسى بن أحمد، قال: حدثنا بشر بن بكرٍ، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن بلال بن سعدٍ، عن أبي الدرداء، قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقيني، قال: اجلس يا عويمر فلنؤمن ساعة، فنجلس، فنذكر الله بما شاء، ثم يقول: يا عويمر! هذه مجالس الإيمان، إن مثل الإيمان ومثلك مثل قميصك، بينا أنت قد نزعته، إذ لبسته، وبينا أنت لبسته، إذ نزعته، يا عويمر! القلب أسرع تقلباً من غلي القدر إذا اجتمعت علينا.(1/316)
315 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان ابن سلمة الحمصي، قال: حدثنا (بقية بن الوليد، قال: حدثنا) عتبة بن عبد الله بن خالد بن معدان، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنما الإيمان بمنزلة القميص، مرةً تقمصه، ومرةً تنزعه)).(1/317)
316 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال:
لم يزن عبدٌ قط إلا نزع نور الإيمان منه، ثم إن شاء رده، وإن شاء منعه.(1/318)
317 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أسلم، قال: سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول:
ليأتين على الرجل أحايين، وما في جلده موضع إبرةٍ من النفاق، وليأتين عليه أحايين، وما في جلده موضع إبرةٍ من الإيمان.(1/319)
318 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو شهابٍ، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ))، قيل: يا رسول الله! وكيف يصنع إذا واقع شيئاً من ذلك؟ قال: ((إن راجع، راجعه الإيمان، وإن ثبت، لم يكن مؤمناً)).(1/320)
319 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن طلحة بن يزيد، عن عبد الله بن محرزٍ، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمنٌ، ولا يقتل وهو مؤمنٌ، فإذا فعل ذلك، نزع منه نور الإيمان كما ينزع منه قميصه، فإذا تاب، تاب الله عليه)).(1/321)
320 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن عفيرٍ المصري، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة، عن دراجٍ، عن أبي الهيثم سليمان بن عمروٍ العتواري، عن أبي سعيدٍ الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء: الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، والذين يأمنهم الناس على أنفسهم وأموالهم، والذين إذا أشرفوا على طمعٍ، تركوه لله)).(1/322)
321 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن شريكٍ الحمصي، قال: حدثنا بقية، عن بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن كثيرٍ بن مرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة -رضي الله عنها-: ((أطعمينا يا عائشة))، قالت: ليس عندنا طعام، قال: ((أطعمينا يا عائشة))، قالت: والله! ما عندنا من طعام، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! إن المرأة المؤمنة لا تحلف أنه ليس عندها طعام وهو عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما يدريك أنها مؤمنةٌ؟ إن المرأة المؤمنة من النساء كالغراب الأعصم في الغربان، وإن النار خلقت للسفهاء، وإن النساء من السفهاء، إلا صاحبة القسط والسراج)).(1/323)
322 - حدثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا محمد ابن مخلد الرعيني أبو أسلم التنيسي، عن غنم بن سالم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما شبهت خروج المؤمن من الدنيا إلا مثل خروج الصبي من بطن أمه من ذلك الغم والظلمة إلى روح الدنيا)).(1/324)
323 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا بشر بن عبيدٍ الدارسي، عن بكر بن خنيسٍ، عن يزيد بن أبي مالكٍ، عن مسلمٍ كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه، عن أبي الدرداء قال: ما لكم لا تحابون، وأنتم إخوان على الدين، ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم، ولو اجتمعتم في أمر، تحاببتم، ما هذا إلا من قلة الإيمان في صدوركم، ولو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها كما توقنون بأمر الدنيا، لكنتم للآخرة أطلب؛ لأنها أملك بأموركم، فبئس القوم أنتم إلا قليلاً منكم، ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فيكم، وما كفرتم فنتبرأ منكم، وعامتكم تركوا كثيراً من أمر دينهم، ثم لا يستبين ذلك في وجوههم، ولا يعتبر حالاتكم، ما هذا إلا شرٌّ حل بكم، وإني لأرى الله قد تخلى عنكم، فأنتم تخطئون، وتمنون الأماني، والله! إني أستعين على نفسي وعليكم.(1/325)
324 - حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا إسماعيل ابن جعفرٍ المدني، عن محمد بن أبي حرمة، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (({ولمن خاف مقام ربه جنتان})). قلت: يا رسول الله! وإن زنى وإن سرق؟ قال: (({ولمن خاف مقام ربه جنتان}))؛ قلت: يا رسول الله! وإن زنى وإن سرق؟ قال: (({ولمن خاف مقام ربه جنتان})). قلت: يا رسول الله! وإن زنى وإن سرق؟ [قال]: ((وإن زنى وإن سرق، وإن رغم أنف أبي الدرداء)).(1/326)
325 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا القاسم العمري، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/327)
326 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ليث بن سعدٍ، عن عقيلٍ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين)).(1/328)
327 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدثنا زمعة بن صالحٍ، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين)).
328 - حدثنا الخصيب بن سالم، قال: حدثنا شيخ من أهل المدينة، قال: حدثنا الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
329 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/329)
330 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: عثمان بن زفر، قال: حدثنا حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارقٍ، عن طارق ابن شهابٍ، قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بكر رضي الله عنه، فقال: كان كالخير كله من رجل، كان فيه حدةٌ، وسئل عن عمر رضي الله عنه فقال: كان كالطير الحذر الذي يرى أن له في كل طريق شبكةً تأخذه.(1/330)
331 - حدثنا محمد بن عبيد الله الربعي، عن مجاشع ابن عمرٍو، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: كان يوسف عليه السلام إذا جاءته امرأة تستفتيه، ألقى على وجهه ثوباً؛ مخافة أن تفتتن.(1/331)
332 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن مجالدٍ، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها حين جاءته بعد ما طلقها زوجها. فقال بيده على وجهه، فاستتر به، وذلك بعدما لقي من شأن زينب ما لقي.(1/332)
333 - حدثنا العباس بن أيوب الزبيري، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا صدقة بن موسى أبو المغيرة الدمشقي، قال: حدثنا مالك بن دينار، عن عبد الله بن غالبٍ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خصلتان لا تجتمعان في مؤمنٍ: البخل، وسوء الخلق)).(1/333)
334 - حدثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل وعارض، عن أبي هلالٍ الراسبي، قال: حدثنا بكر بن عبد الله المزني: أن الحواريين طلبوا عيسى بن مريم، فقيل لهم: توجه إلى البحر، فجاؤوه وهو يمشي على الماء، يرفعه الموج ويضعه، فقال أفضلهم: ألا أجيئك يا رسول الله! فأدخل رجله في الماء، ورفع الأخرى، فقال: أدركني فقد غرقت، قال: فقال: تعال يا قصير الإيمان، أو قال: هات يدك يا قصير الإيمان، لو أن لابن آدم مثقال حبة من خردل من اليقين، مشى على الماء.(1/334)
335 - حدثنا عمر، قال: حدثنا الحسين بن الربيع، عن ابن المبارك، عن عبد الله بن شوذبٍ، عن محمد بن جحادة، عن سلمة بن كهيلٍ، عن هذيلٍ بن شرحبيل، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض، لرجح إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض.(1/335)
336 - حدثنا عمر، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، عن بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، عن مريح بن مسروق، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: تزعمون أنكم مؤمنون، وفيكم مؤمنٌ جائع؟! (1/336)
337 - حدثنا عمر، قال: حدثنا يحيى بن جعفر الرازي، عن الحكم بن نافعٍ، عن عبد الرحمن المكي، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت وهب بن منبهٍ يقول: اسمع أي أخي إلى ما أصف لك من صفة المؤمن، وجدت في التوراة: المؤمن الذي إلى الإسلام هدي، وبالإقرار بدئ، ظاهر الإيمان بدنه، على الإيمان بني، وذلك: لأنه عالم بالعلم، ناطق بالحكم، صادق بالفهم، ورعٌ عن الحرام، بين الإعلام، كثير السلام، لين الخطاب، قريب المعروف، سريع الرضا، بعيد السخط، يعلم إذا أفهم، فإذا علّم علم، ويكف إذا شتم، إن صحبته تسلم، وإن شاركته تغنم، وإن فارقته تندم، وإن سمعت منه تتعلم، كثير الوقار، مكرم للجار، مطيعٌ للجبار، قلبه بمعرفة الله زاهرٌ، ولسانه بذكر الله غازر، وبدنه لطاعته ساهر، فهو من نفسه في تعبٍ، والناس منه في أربٍ، فمثله كمثل الماء؛ لأن الماء حياة الأشياء كلها، فكمال المؤمن، الرضا، وعمله، التقى، مبغض للدنيا، قليل المنى، فاني البناء، صادق اللسان، صابر البدن، قانع القلب، إن ائتمن أمانةً أداها، وإن ائتمن هو غيره لم يتهم، أبٌ لليتيم، وللأرملة رحيمٌ، وإلى الجنة مشتاقٌ، وبالوالدين غير عاق، له حلم يرضى، وعقل ينمى، كلامه منفعة، ومجاورته رفعة، إن استكتمته كتم، وإن استطعمته أطعم، جوادٌ لله بالعطاء، وللناس بحسن الخلق والرضا، إن استقرض أدى، وإن سئل أعطى، إن كان فوقك اتضع، وإن كان دونك اعتدل، فمثله كمثل شجرة ثبت أصلها، وجاد فرعها، وكثر ثمرها، فمن رآها، رغب فيها، لا يأخذ شيئاً -إن أخذه- رياءً، ولا يتركه -إن تركه- حياءً، بل أخذه لله سالماً، وتركه لله غانماً، محاسبٌ نفسه، ناظرٌ في عيوبه، مستقصٍ لعمله، إن كان محسناً، يخاف على نفسه أن لا يقبل منه، وإن كان مقصراً، يخشى أن لا يغفر له، وإن كان فاضلاً، كان شاكراً، لا يظلم، ولا يأثم، ولا يتكلف، بينٌ تدبيره، كثيرٌ عمله، قليل زلَله، سهلٌ أمره.(1/337)
338 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا حكامة بنت عثمان، قالت: حدثنا أبي، عن مالك ابن دينارٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الورع سيد العمل، من لم يكن له ورعٌ يرده عن معصية الله إذا خلا بها، لم يعبأ الله بسائر عمله شيئاً)) فذلك مخافة الله في السر والعلانية، والاقتصاد في الفقر والغنى، والصدق عند الرضا والسخط، ألا وإن المؤمن حاكمٌ على نفسه، يرضى للناس ما يرضى لنفسه، والمؤمن حسن الخلق، وأحب الخلق إلى الله أحسنهم خلقاً، ينال بحسن الخلق درجة الصائم القائم، وهو راقد على فراشه؛ لأنه قد رفع لقلبه علم، فهو يشهد مشاهد القيامة، يعد نفسه ضيفاً في بيته، وروحه عارية في بدنه، هو المؤمن حقاً، ليس بالمؤمن حقاً حملانه على نفسه، الناس منه في عفاءٍ، وهو من نفسه في عناءٍ، رحيمٌ في طاعة الله، بخيلٌ على دينه، حييٌّ مطواعٌ، وأول ما فات ابن آدم من دينه الحياء، خاشع القلب لله، متواضعٌ قد برئ من الكبر، قائم على قدمه، ينظر إلى الليل والنهار، يعلم أنهما في هدم عمره، لا يركن إلى الدنيا ركون الجاهل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا جرم أنه إذا خلف الدنيا خلف ظهره، خلف الهموم والأحزان، ولا حزن على المؤمن بعد الموت، بل فرحه وسروره مقيمٌ بعد الموت)). (1/338)
339 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن حفص الطلحي، عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثيرٍ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر، ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه لحماً، فقال: ((أوليس قد ظللتم من اللحم شباعاً؟))، فقالوا: (من أين؟ فوالله!) ما لنا باللحم عهدٌ منذ أيامٍ، قال: ((من لحم صاحبكم الذي ذكرتم))، فقالوا: يا نبي الله! إنما قلنا: والله! إنه لضعيفٌ، ما يعيننا على شيءٍ، قال: ((وذلك، فلا تقولوا)). فرجع الرجل إليهم، فأخبرهم بالذي قال، فجاء أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا نبي الله! طأ على صماخي، واستغفر لي، ففعل، وجاء عمر رضي الله عنه فقال: يا نبي الله! طأ على صماخي، واستغفر لي، ففعل.(1/339)
340 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصمٍ، عن زر بن حبيشٍ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من سرته حسنته، وساءته سيئته، فهو مؤمنٌ)).(1/340)
341 - حدثنا معبد بن مسرورٍ العبدي، قال: حدثنا الحكم بن سنان أبو عونٍ القربي، قال: حدثني زيادٌ النميري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن صلى عليه)).(1/341)
342 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا سعيدٌ القداحي، عن مروان بن سالمٍ، عن العرزمي، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: أول ما يجازى به العبد أن يغفر لمن صلى عليه.(1/342)
343 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يهرم ابن آدم، ويشب منه اثنتان: الحرص على المال، والحرص على العمر)).(1/343)
وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس)).
344 - حدثنا بذلك عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1/344)
345 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا المسعودي، عن أبي عمر، عن مكحولٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نفس ابن آدم شابةٌ ولو التقت ترقوتاه من الكبر، إلا من امتحن الله قلبه للتقوى، وقليلٌ ما هم)).(1/345)
346 - حدثنا موسى بن محمدٍ المسروقي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الإفريقي، عن عبد الله بن نافعٍ: أن أبا سعيدٍ الخدري حدثه: أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن لله -تبارك اسمه- ثلاث مئةٍ وخمسة عشر شريعةً، يقول الرحمن: وعزتي! لا يأتيني عبدٌ من عبادي لا يشرك بي شيئاً بواحدةٍ منهن، إلا أدخلته الجنة)).(1/346)
347 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابرٍ، قال: سمعت سليم بن عامرٍ يقول: سمعت أوسط البجلي على منبر حمص يقول: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه على المنبر وهو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر عام أول، والعهد قريبٌ: ((سلوا الله اليقين والعافية؛ فإن الناس لم يعطوا شيئاً خيراً من اليقين والعافية)).(1/347)
348 - حدثنا بشر بن هلالٍ الصواف، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن هارون الأعور، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيقٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: {فروحٌ وريحانٌ} -الراء مضمومة-.(1/348)
349 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المؤمن يأكل في معاءٍ واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ)).(1/349)
350 - حدثنا الحسين بن علي العجلي، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/350)
351 - حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا عبد الله بن نافعٍ الزبيري، قال: حدثنا ابن شيبة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للنار بابٌ لا يدخل منه إلا من شفا غيظه من سخط الله)).(1/351)
352 - حدثنا ابن أبي زائدة الهمداني، قال: حدثنا عثمان بن عمر البصري، قال: حدثنا مالك بن مغولٍ، عن جنيدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لجنهم سبعة أبوابٍ، منها بابٌ لمن سل سيفه على أمتي)).(1/352)
353 - ما حدثنا به عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا علي بن عاصمٍ، عن حصين بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو صالح السمان، قال: قدم ثلاثون راكباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم من غفارٍ، فيهم رجلٌ يقال له: أبو بصرة مثل البعير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((تبددوا القوم)). فجعل الرجل يقيم الرجل، والرجل يقيم الرجلين، على قدر ما عنده من الطعام، حتى تفرق القوم غير أبي بصرة، قال: وكل القوم يرى أن ليس عنده ما يشبعه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك، قام، فاستتبعه، فتبعه، فلما دخل، دعا له بطعامٍ، فوضعه بين يديه، فكأنما لحسه، ثم دعا له بقدحٍ، فحلب له فيه، فشربه، حتى حلب له في سبعة قداح، فشربها، فبات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه الإسلام، فتكلم بشيء منه، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى صلاة الغداة، استتبعه، فتبعه، فصلى معه الغداة، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقبل على الناس بوجهه، فقال: ((علموا أخاكم وبشروه))، فأقبل القوم بنصحٍ يعلمونه، فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوباً حين أسلم، ثم قام فاستتبعه، فتبعه، فلما دخل دعا له بطعامٍ، فوضع بين يديه، فلم يأكل إلا يسيراً حتى قال: شبعت، ثم دعا له بقدحٍ، فحلب فيه، فلم يشرب إلا يسيراً، حتى قال: رويت، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكبه، فقال: ((أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إنك كنت بالأمس كافراً، وإنك اليوم مؤمناً، وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ، وإن المؤمن يأكل في معاءٍ واحدٍ)).(1/353)
354 - حدثنا نصر بن علي الحداني، وقتيبة بن سعيدٍ، وصالح بن عبد الله، وابن أبي ميسرة، قالوا: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ، عن ابن أبي روادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لكل عبدٍ صائمٍ دعوةٌ مستجابةٌ عند إفطاره، أعطيها في الدنيا، أو ذخر له في الآخرة))، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول عند إفطاره: يا واسع المغفرة اغفر لي.(1/354)
355 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام ابن خالدٍ الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله المدني، قال: سمعت ابن أبي مليكة، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((للصائم عند فطره دعوةٌ لا ترد)).
قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول عند فطره: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي. (1/355)
356 - حدثنا محمد بن علي الحكيم -رحمة الله عليه-، قال: حدثنا أبو الحجاج النضر بن طاهرٍ البصري، قال: حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الأمر يسر به، خر لله ساجداً شكراً)).(1/356)
وكان من شأنه: ((إذا فرح، غض بصره)).
357 - حدثنا بذلك سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا جميع بن عمر العجلي، عن رجلٍ من ولد هند بن أبي هالة يكنى أبا عبد الله، عن الحسن بن علي، عن هند بن أبي هالة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/357)
358 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا إسحاق ابن سليمان الرازي، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن موسى بن وردان، عن عبد الرحمن ابن أبي بكرٍ رضي الله عنهما، قال: جئت أزور عائشة -رضي الله عنها-، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ثم سري عنه، فقال: ((يا عائشة: ناوليني ردائي، فناولته))، ثم أتى المسجد، فإذا مذكرٌ يذكر، فجلس حتى قضى المذكر تذكرته، افتتح: {حم. تنزيلٌ من الرحمن الرحيم}، فسجد، فطالت سجدته، حتى تسامع به -أظنه قال: من كان على ميلين-، وملئ عليه المسجد، وأرسلت عائشة في حاجتها، أن احضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد رأيت منه أمراً، ما رأيت منه منذ كنت معه، فرفع رأسه فقال: ((سجدت هذه السجدة شكراً لربي فيما أبلاني في أمتي))، فقال له: -أحسبه أبو بكر-: وماذا أبلاك في أمتك؟ قال: ((أعطاني سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة)). قال: يا رسول الله! إن أمتك كثير طيب، فازدد يا رسول الله. قال: ((قد فعلت، فأعطاني مع كل واحدٍ من السبعين ألفاً سبعين ألفاً))، قال: يا رسول الله! ازدد لأمتك، فقال بيديه، ثم مال بهما إلى صدره، أو إلى بعض جسده، فقال عمر رضي الله عنه، أو غيره: أوعيت يا رسول الله! أو كلمة نحوها.(1/358)
359 - حدثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان، قال: حدثنا عبد الله بن بكر بن وهبٍ السهمي، قال: حدثنا هشام ابن حسان، عن القاسم بن مهران، عن موسى بن وردان، عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أعطاني سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حسابٍ)). فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! فهل استزدته؟ قال: ((قد استزدته فأعطاني مع كل واحدٍ من السبعين ألفاً، سبعين ألفاً))، فقال عمر رضي الله عنه: فهلا استزدته يا رسول الله؟ قال: ((استزدته فأعطاني هكذا))، وفتح أبو وهب يديه.
قال أبو هب: قال هشام: هذا من الله لا يدرى ما عدده. (1/359)
360 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الربيع بن يحيى، [عن] المسعودي، عن بكير بن الأخنس، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن أبي بكرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حسابٍ، قلوبهم على قلب رجلٍ واحدٍ، فاستزدت، فزادني مع كل واحدٍ سبعين ألفاً)).(1/360)
361 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا سعد بن عاصمٍ، قال: حدثنا نافعٌ: أن أم قيس حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج آخذاً بيدها في سكةٍ من سكك المدينة، حتى انتهى بها إلى بقيع الغرقد، فقال:
((منها يبعث سبعون ألفاً يوم القيامة في صورة القمر ليلة البدر، يدخلون الجنة بغير حسابٍ)). فقام رجل فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، قال: ((أنت منهم))، فقام آخر فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، قال: ((سبقك بها عكاشة)).(1/361)
362 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا سلمة بن رجاءٍ، قال: حدثتنا شعثاء، قالت: رأيت عبد الله بن أبي أوفى، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتي برأس أبي جهلٍ، صلى ركعتين، وصلى بهم يوم الفتح ركعتين.
وسجد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ثلاث سجدات تباعاً حيث روى له أبو بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الذي قال: ((يجاء باليهودي والنصراني يوم القيامة، فيقال: هذا فداؤك يا مسلم من النار)).(1/362)
363 - حدثنا زريق بن السخت العدوي، قال: حدثنا جعفر بن عونٍ، قال: أخبرنا عمر بن راشدٍ اليمامي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بعثتم إلي رسولاً، فاجعلوه حسن الوجه، حسن الاسم)).(1/363)
364 - حدثنا أبو عمار الخزاعي، قال: حدثنا أوس ابن عبد الله بن بريدة، قال: حدثني أخي سهل بن عبد الله: أن أباه حدثه عن أبيه بريدة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير، ولكن يتفاءل، فكانت قريش جعلت مئة من الإبل فيمن يأخذ نبي الله فيرده عليهم حيث توجه إلى المدينة، فركب بريدة في سبعين راكباً من أهل بيته من بني سهم، فتلقاه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((من أنت؟))، قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر وقال:
((يا أبا بكرٍ! برد أمرنا، وصلح))، فقال: ((وممن؟))، قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: ((سلمنا)). قال: ((ثم ممن؟))، قال: من بني سهم، قال: ((خرج سهمك)).
فأسلم بريدة، وأسلم الناس معه جميعاً، فلما أن أصبح، قال بريدة لنبي الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل المدينة إلا ومعك لواءٌ، فحل عمامته، ثم شدها في رمحٍ، ثم مشى بين يديه، فقال: يا نبي الله! تنزل علي، فقال: ((إن ناقتي هذه مأمورةٌ))، فسارت حتى وقفت على باب أبي أيوب الأنصاري، فبركت، فقال بريدة: الحمد لله الذي أسلمت بنو سهمٍ طائعين غير مكرهين.(1/364)
365 - حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا فضيل بن سليمان، عن فائدٍ مولى عبيد الله بن علي، عن عبيد الله ابن علي، عن أبي رافعٍ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي مكتلٌ فيه شاة مشوية، فقال لي: ((يا أبا رافعٍ! ضع ما معك)). ثم قال: ((ناولني الذراع))، فناولته، فأكلها، ثم قال: ((ناولني الذراع))، فناولته، فأكلها، ثم قال: ((ناولني الذراع))، فقلت: وهل للشاة أكثر من ذراعين؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو سكت، لوجدتها)).(1/365)
366 - حدثنا علي بن حجرٍ، وأبو بشرٍ محمود بن المهدي، وصالح بن عبد الله، قالوا: حدثنا بشير بن ميمونٍ البرقاني أبو صيفي، قال: سمعت مجاهداً عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صدقةٍ بأفضل من صدقةٍ يصدقها على مملوكٍ عند مليك سوءٍ)).
قال صالح بن عبد الله: أبو صيفي الواسطي أظنه كان أصله برقانياً. (1/366)
367 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومالك بن أنسٍ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((كل مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تناتج الإبل من بهيمةٍ جمعاء، هل تحس من جدعاء))، قالوا: يا رسول الله! أفرأيت من يموت صغيراً؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).
368 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/367)
369 - حدثنا علقمة بن عمرٍو التميمي، قال: حدثنا أبو بكرٍ بن عياشٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن أبيه عوف بن مالكٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنيه أبو الزعراء عمرو بن عمرٍو، سمعه من عمه أبي الأحوص، عن أبيه، وهو عوف بن مالكٍ الجشمي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد فيّ البصر وصوبه، وقال: ((أرب إبلٍ أنت أم رب غنمٍ؟))، قلت: من كل المال قد آتاني الله، وأكثر وأطيب، قال: ((أفلست تنتجها وافيةً أعينها وآذانها؟))، قلت: بلى، قال: ((فتجدع آذانها فتقول: صرماء، وتشق من هذه فتقول: بحيرةٌ، فساعد الله أشد، وموساه أحد، لو شاء الله أن يأتيك بها صرماء، فعل)).(1/368)
370 - حدثنا أبو طالب الهروي، قال: حدثنا يوسف ابن عطية، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مولودٍ يولد من والدٍ كافرٍ أو مسلمٍ، فإنما يولدون على الفطرة، على الإسلام كلهم، ولكن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم، فهودتهم، ونصرتهم، ومجستهم، وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً)).(1/369)
371 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا عبدة، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، أو غيره، عن عياضٍ بن حمارٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال في خطبته: ((إن الله أمرني أن أعلمكم، وقال: إني خلقت عبادي حنفاء، فأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وأمرتهم أن يشركوا بي، وحرمت عليهم ما أحللت لهم)).(1/370)
372 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد، فتمسه النار إلا تحلة القسم)).(1/371)
373 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن يحيى الجابر، عن عبيد الله بن مسلمٍ، عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة أولادٍ لم يبلغوا الحنث إلا أدخل الله والديهم الجنة بفضل رحمته إياهم، والذي نفسي بيده! إن السقط ليجر أمه إلى الجنة بسروره إذا احتسبت)).(1/372)
374 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا عبد الواحد بن زيادٍ، عن عثمان بن حكيمٍ، عن عمرو بن عامرٍ، قال: سمعت أم سليمٍ تقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، ولم يذكر السقط.(1/373)
375 - حدثنا نصر بن علي الحداني، وأبو الخطاب الحرشي، قال: حدثنا عبد ربه بن بارقٍ الحنفي، سمع جده سماك بن الوليد الحنفي يحدث: أنه سمع ابن عباس يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا عائشة! من مات له فرطان من أمتي، أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)). قالت: يا رسول الله! فمن كان له فرط واحد؟ قال: ((ومن كان له فرطٌ واحدٌ يا موفقة)). قالت: فمن لم يكن له فرطٌ؟ قال: ((فأنا فرط أمتي، لم يصابوا بمثلي)).(1/374)
376 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، عن أبي عقيلٍ الحذاء، قال: حدثتني بهية مولاة أبي بكرٍ رضي الله عنه، قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المسلمين، أين هم يوم القيامة؟ قال: ((في الجنة يا عائشة))، وسألته عن أولاد المشركين، فقال: ((في النار يا عائشة))، قلت: لم يدركوا الأعمال يا رسول الله! ولم تجر عليهم الأقلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ربك أعلم بما كانوا عاملين)).(1/375)
377 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا مندل بن علي، عن الحسن بن الحكم، عن أسماء بنت عابسٍ، عن أبيها، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن السقط ليراغم ربه إذا أدخل أبويه النار، فيقال له: أيها السقط المراغم ربه! قد أدخل أبواك الجنة، فيقول: لا، حتى يجرهما بسرره)).(1/376)
378 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحكم بن المبارك، قال: حدثنا محمد بن حربٍ، قال: حدثنا محمد ابن زيادٍ، قال: حدثنا عبد الله بن [أبي] قيسٍ اللخمي، قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- عن أطفال المسلمين وأطفال المشركين، فقالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المؤمنين، فقال: ((مع آبائهم))، قلت: بلا عملٍ؟! قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين))، قلت: فأطفال المشركين؟ قال: ((مع آبائهم))، قلت: بلا عمل؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).(1/377)
379 - حدثنا بذلك إبراهيم بن عبد الحميد التمار الحلواني، قال: حدثنا محمد بن المبارك الصوري، قال: حدثنا عمرو بن واقدٍ، عن يونس بن حلبسٍ، عن أبي إدريس الخولاني، عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يؤتى يوم القيامة بالممسوخ عقلاً، وبالهالك في الفترة، وبالهالك صغيراً، فيقول الممسوخ عقلاً: يا رب! لو آتيتني عقلاً، ما كان من آتيته عقلاً بأسعد بعهدك مني، ويقول الهالك في الفترة: يا رب! لو أتاني منك عهدٌ، ما كان من أتاه منك عهدٌ بأسعد بعهدك مني، ويقول الهالك صغيراً: يا رب! لو آتيتني عمراً ما كان من آتيته عمراً، بأسعد بعمره مني، فيقول الرب -تبارك وتعالى-: فإني آمركم بأمرٍ، أفتطيعونني؟ فيقولون: نعم، وعزتك! فيقول لهم: اذهبوا فادخلوا جهنم، ولو دخلوها ما ضرتهم شيئاً، فيخرج عليهم قوابض من نارٍ يظنون أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيءٍ، فيرجعون سراعاً، ويقولون: يا ربنا! خرجنا -وعزتك- نريد دخولها، فخرجت علينا قوابض من نارٍ، ظننا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيءٍ، ثم يأمرهم ثانيةً، فيرجعون فيقولون كذلك، فيقول الرب -تبارك وتعالى-: خلقتكم على علمي، وإلى علمي تصيرون، ضميهم، فتأخذهم النار)).(1/378)
380 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا عليٌّ بن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، قال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد ابن كعبٍ القرظي، عن عبد الله بن شدادٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجلٌ، فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغاراً، فوضع رأسه ساعة ثم قال: ((أين السائل؟))، فقال: ها أنا ذا يا رسول الله! فقال: ((إن الله -تبارك وتعالى- إذا قضى بين أهل الجنة والنار، ولم يبق غيرهم، عجوا فقالوا: اللهم ربنا لم يأتنا رسولك، ولم نعلم شيئاً، فأرسل إليهم ملكاً، والله أعلم بما كانوا عاملين، فقال: إني رسول ربكم إليكم، فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار، فقال لهم: إن الله يأمركم، أن تقتحموا فيها، فاقتحمت طائفةٌ منهم، ثم أخرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم، فجعلوا في السابقين المقربين، ثم جاءهم الرسول فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار، فاقتحمت طائفةٌ أخرى، ثم أخرجوا من حيث لا يشعرون، فجعلوا في أصحاب اليمين، ثم جاء الرسول فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار، فقالوا: ربنا لا طاقة لنا بعذابك، فأمر بهم، فجمعت نواصيهم وأقدامهم، ثم ألقوا في النار)).(1/379)
381 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا المسيب ابن واضح، قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن برد بن سنان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني سألت ربي أولاد المشركين، فأعطانيهم خدماً لأهل الجنة؛ لأنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك، ولأنهم في الميثاق الأول)).(1/380)
382 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن الربيع بن صبيحٍ، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين؟ فقال: ((هم خدام أهل الجنة)).(1/381)
383 - حدثنا رزق الله بن موسى البلخي البصري، قال: حدثنا معن بن عيسى القزاز، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ، فمن أخذه بحقه، فلنعم المعونة هو)).(1/382)
وكان أبو بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي المال بغير عددٍ ولا تقديرٍ، يحثي له حثواً، ويعطي قبضاتٍ، فراوده عمر رضي الله عنه على أن يقدره، ويفضل المهاجرين؛ لفضلهم، ومن له قدمة في الإسلام، فيرد له ذلك بهذا المال، فأبى عليه، وقال: ((إن هذا المال بلاغٌ، وخير البلاغ أوسعه، وأجورهم على الله عز وجل)).
384 - حدثنا بذلك محمد بن علي الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفرٍ، عن إسماعيل ابن محمدٍ، عن أبي بكر رضي الله عنه بذلك.(1/383)
385 - حدثنا أبو الحجاج النضر بن طاهر البصري، قال: حدثنا زنفلٌ أبو عبد الله العرفي، كان ينزل عرفاتٍ، قال: أخبرنا ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن أبي بكر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمراً، قال: ((اللهم خر لي، واختر لي)).(1/384)
386 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عثمان ابن الهيثم، عن عبد الوهاب بن مجاهدٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال، وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك)).(1/385)
387 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا محمد بن بشرٍ العبدي، قال: حدثنا عبد الله بن الأسود الحارثي، عن حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهابٍ، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من غش العرب، لم يدخل في شفاعتي، ولم تنله مودتي)).(1/386)
388 - حدثنا إسماعيل بن نصرٍ، قال: حدثنا محمد ابن بشرٍ، قال: حدثنا عبد الله بن الأسود الحارثي، عن حصين ابن عمر، عن مخارق بن عبد الله بن جابرٍ -رجلٍ من الأحمس-، عن طارق بن شهاب، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/387)
389 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهابٍ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/388)
390 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني عن قيسٍ، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قسم الخلق نصفين، فجعلني في خيرهما قسماً، فذلك قوله: {وأصحاب اليمين}، {وأصحاب الشمال}، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين. ثم جعل القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرهم ثلثاً، فذلك قوله: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة. وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة. والسابقون السابقون}، فأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خير قبيلةٍ، فذلك قوله: {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فأنا أتقى ولد آدم، وأكرمهم على الله، ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتاً، فجعلني في خيرها بيتاً، فذلك قوله تعالى: {إنما يريد ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}.(1/389)
391 - حدثنا الحسن بن محمدٍ الزعفراني، قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي أبو وهب، قال: حدثنا يزيد بن عوانة، عن محمد بن عقبة بن ذكوان، قال أبو وهبٍ السهمي: لا أحسب محمداً إلا وقد حدثني به عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ مرت بنا امرأةٌ من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعض القوم: هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: إنما مثل محمد في بني هاشم كالريحانة بين النتن، فسمعت المرأة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرته له، فخرج ولا أراه إلا مغضباً، فصعد المنبر، فقال: ((ما بال أقوالٍ تبلغني عن أقوامٍ؟! إن الله خلق سبع سماوات، فاختار العليا فسكنها، وأسكن سماواته من شاء من خلقه، وخلق سبع أرضين، فاختار العليا، فأسكنها خلقه، ثم اختار خلقه، فاختار بني آدم، ثم اختار بني آدم، فاختار العرب، ثم اختار العرب، فاختار مضر، ثم اختار مضر، فاختار قريشاً، ثم اختار قريشاً، فاختار بني هاشم، ثم اختار بني هاشمٍ، فاختارني، فلم أزل خياراً من خيارٍ، ألا، فمن أحب العرب، فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب، فببغضي أبغضهم)).(1/390)
392 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا يزيد ابن سعيدٍ الإسكندراني، عن محمد بن عياض بن منذرٍ الأنصاري، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل فقال: يا محمد! إن الله بعثني، فطفت شرق الأرض وغربها، وسهلها وجبلها، فلم أجد حياً خيراً من العرب، ثم أمرني فطفت في العرب، فلم أجد حياً خيراً من مضر، ثم أمرني فطفت في مضر، فلم أجد حياً خيراً من كنانة، ثم أمرني فطفت في كنانة، فلم أجد حياً خيراً من قريشٍ، ثم أمرني فطفت في قريشٍ، فلم أجد حياً خيراً من بني هاشمٍ، ثم أمرني أن أختار من أنفسهم، فلم أجد فيهم نفساً خيراً من نفسك)).(1/391)
393 - حدثنا بذلك يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عوفٍ، عن قسامة بن زهيرٍ، قال: حدثنا الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر، والأسود، والأبيض، وبين ذلك، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب)).(1/392)
394 - حدثنا المعتمر بن سليمان، عن نهاس بن قهمٍ، عن مكحولٍ، قال: لما كثر بنو معدٍّ، أغار منهم أربعون فارساً عليهم أدراع الصوف، خاطمي خيلهم بالليف، معلني رماحهم ومعقبيها، فأغاروا على عسكر بني إسرائيل، فيهم موسى وهارون، قال: فملؤوا أيديهم من الغنيمة، ورجعوا بغنيمتهم، لم يستنقذ مما في أيديهم شيءٌ، فقالوا لموسى: أغار علينا بنو معدٍّ، وهم قليلٌ، فكيف لو كانوا كثيراً؟! وأنتم بيننا، فكيف لو لم تكونوا فينا؟! فادع الله عليهم، وكانت الأنبياء -صلوات الله عليهم- يفزعون إلى الصلاة، فصلى، فقال: اللهم إن بني معدٍّ أغاروا على قومي، ففعلوا، وفعلوا، وإن قومي أمروني أن أدعو عليهم، فقيل له: لا تدع عليهم؛ فإنهم عبادي، وإنهم ينتهون إلى أداء أمري، وإني أغفر لهم أول ما يستغفرونني، قال: يا رب! فاجعلهم من أمتي، قال: نبيهم منهم، قال: يا رب! فاجعلني منهم، قال: استقدمت واستأخروا.(1/393)
395 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: بينما رجلان جالسان، إذ قال أحدهما: لقد رأيت البارحة كل نبيٍّ في الأرض، قال الآخر: هات، قال: رأيت كل نبيٍّ معه أربعة مصابيح: مصباحٌ بين يديه، ومصباحٌ من خلفه، ومصباحٌ عن يمينه، ومصباحٌ عن يساره، ومع كل صاحبٍ له مصباحٌ، ثم رأيت رجلاً قام، أضاءت له الأرض، وكل شعرة في رأسه مصباحٌ، ومع كل صاحبٍ له أربعة مصابيح: مصباحٌ بين يديه، ومصباحٌ من خلفه، ومصباحٌ عن يمينه، ومصباحٌ عن يساره، فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبد الله، قال كعب: ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ قال: رؤيا رأيتها البارحة، وقال: والذي بعث محمداً بالحق نبياً! إنها لفي كتاب الله كما رأيت.(1/394)
وجاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن لله مئةً وسبعة عشر خلقاً، من أتاه بواحدٍ منها، دخل الجنة)).
396 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الواحد بن زيدٍ، قال: حدثنا عبد الله بن راشد، قال: حدثني مولاي عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
397 - حدثنا أبو قلابة بن محمد بن عبد الله الرقاشي، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الواحد بن زيد، عن عبد الله بن راشدٍ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
398 - حدثنا محمد بن مرزوقٍ البصري، قال: حدثنا شداد بن علي الهزاني، وكان قد صام ثمانين سنة متتابعة، عن عبد الواحد بن زيدٍ، عن عبد الله بن راشدٍ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/395)
399 - حدثنا بذلك بشر بن هلال الصواف قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابتٍ، عن أنسٍ: أنه قال: مات رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأثني عليه خيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبت))، ثم مات آخر، فأثني عليه شراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبت))، فقيل له: يا رسول الله! قلت لذلك: وجبت، وقلت لهذا: وجبت؟ قال: ((إنكم شهداء الله في الأرض)).
400 - حدثنا عمر بن أبي عمر بإسنادٍ له بمثله، وزاد فيه: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس}.(1/396)
فذلك قوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمةً من ربك}؛ يمن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ أي: لم تكن يا محمد
بجانب الطور إذ نادينا أمتك، ولكن رحمة عليهم من قبل أن أخلقهم.
401 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، قال: حدثنا حرملة بن قيس النخعي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جريرٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحو من ذلك.(1/397)
402 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، عن مروان الفزاري، عن ثابت بن عمارة، عن غنيم بن قيسٍ، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني دعوت للعرب، فقلت: اللهم من لقيك منهم مؤمناً موقناً بك، فاغفر له أيام حياته، وهي دعوة أبينا إبراهيم، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة، ومن أقرب الناس إلى لوائي يومئذٍ العرب)).(1/398)
403 - حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا عبد الله بن وهبٍ المصري، قال: أخبرني عبد الله بن كليبٍ، قال: بلغني أن سليمان بن داود -صلوات الله عليهما- أرسل الخيل من صنعاء إلى تدمر، فتقدم فرسان من الخيل، فقال المسبوق للسابق: لولا هجنةٌ في أدركتني من ثمانية عشرة جدةً، ما سبقتني.(1/399)
404 - حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر المديني، ونصر بن علي، قالا: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسرٍ، عن جدتها يسيرة، أخبرتها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يراعين الشمس بالتسبيح، والتقديس، والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولاتٌ ومستنطقاتٌ)).(1/400)
405 - حدثنا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب الأزدي، قال: حدثنا عبد الله بن داود، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسرٍ، عن جدتها يسيرة، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسبح بالتسبيح، فقال: ((ألقين -أو دعن- عنكن، وعليكن بالأنامل، فسبحن بها؛ فإنهن مسؤولاتٌ ومستنطقاتٌ)).(1/401)
406 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي جارٌ لوكيعٍ، قال: حدثنا هانئ بن عثمان، عن أمه حميضة بنت ياسرٍ، عن جدتها يسيرة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكن بالتسبيح والتقديس والتهليل، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولاتٌ ومستنطقاتٌ)).
407 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا فليح ابن سلومة، عن محمد بن ربيعة الكلابي، عن هانئ بن عثمان بإسناده، بمثله.(1/402)
408 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي المصري، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني حرملة، عن عبد الله بن أبي جعفرٍ {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا} أي: لفروجهم.(1/403)
409 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن سمي، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى على جنازةٍ، فله قيراطٌ، ومن تبعها حتى يفرغ من أمرها، فله قيراطان، أحدهما أو أصغرهما كأحدٍ)).(1/404)
410 - حدثنا الحسن بن قزعة، قال: حدثنا مسلمة ابن علقمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن عامرٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تبع جنازةً، وصلى عليها، ثم انصرف، فله قيراطٌ من الأجر، ومن تبعها، فصلى عليها، ثم قعد حتى يفرغ من دفنها، فله قيراطان، كل قيراطٍ أعظم من أحدٍ)).(1/405)
411 - حدثنا عبد القدوس، قال: حدثنا عمي صالح بن عبد الكبير، قال: حدثني عمي أبو بكر بن شعيب ابن الحبحاب، عن أبيه، عن كثيرٍ مولى أبي الصلت، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى على جنازةٍ، فله قيراطٌ، ومن تبعها إلى الحفرة، فله قيراطان، القيراط مثل أحدٍ)).(1/406)
412 - حدثنا عبد القدوس، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبان بن يزيد العطار، قال: حدثنا قتادة، عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مشى مع جنازةٍ فله قيراطٌ، ومن انتظر حتى يقضى دفنها، فله قيراطان، القيراط مثل أحدٍ)).(1/407)
413 - حدثنا محمد بن معمرٍ البصري، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا شعبة، عن عاصمٍ، عن زر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من صلى على جنازةٍ، فله قيراطٌ، ومن شهدها، فله قيراطان، أصغرهما مثل أحدٍ)).(1/408)
414 - حدثنا نصر بن علي الحداني، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن أشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفلٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تبع جنازةً حتى تدفن، فله قيراطان، ومن رجع قبل أن تدفن، فله قيراطٌ)).(1/409)
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن للمسلم على المسلم من الحق ست خصالٍ: يجيبه إذا دعاه، ويسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويصلي عليه إذا مات، وينصحه إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس)).
415 - حدثنا محمد بن زنبورٍ المكي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفرٍ، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك.(1/410)
416 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، عن ابن مباركٍ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، أن زياد بن أنعم أخبره: أنه سمع أبا أيوب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حق المسلم على المسلم ستٌّ))، فذكر مثله.(1/411)
417 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي الحارثي البصري، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشيرٍ، قال: سمعت طلحة بن خراشٍ يقول: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا جابر! ما لي أراك منكسراً؟))، قلت: يا رسول الله! استشهد أبي وعليه دين، وترك عيالاً وديناً، قال: ((أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟))، قلت: بلى يا رسول الله! قال: ((ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجابٍ، وإنه أحيا أباك، فكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي! تمن علي أعطيك، قال: يا ربّ أحييني فأقتل فيك، قال -تبارك وتعالى-: سبق مني أنهم لا يرجعون))، ونزلت: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون} الآية.(1/412)
418 - حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، قال: حدثنا بشر بن عمر الزهراني، قال: حدثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللعانون شهداء، ولا شفعاء)).(1/413)
419 - حدثنا أبي رحمه الله، عن محمد بن الحسن، عن ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن زيادٍ بن أنعم، عن حبان ابن أبي جبلة، قال: بلغني أنه ترفع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على كومٍ بين يدي الله؛ لتشهد للرسل على أممها بالبلاغ، فإنما يشهد منهم يومئذٍ من لم يكن في قلبه إحنةٌ على أخيه المسلم.(1/414)
420 - حدثنا أبو الأشعث العجلي، قال: حدثنا حزمٌ القطعي، قال: سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! لا يدخل الجنة إلا رحيمٌ))، قلنا: كلنا رحيمٌ يا رسول الله؟ قال: ((لا، حتى ترحم العامة)).(1/415)
421 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن عبيدة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/416)
422 - حدثنا محمد بن وزيرٍ الواسطي، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس ابن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله)).(1/417)
423 - حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر المديني، قال: حدثنا سفيان، عن عمرٍو، عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرٍو، عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء)).(1/418)
424 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح الحارثي، عن أبيه، عن جده، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وهو يلعن بعض رقيقه، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا أبا بكرٍ! لعانين وصديقين؟! كلا ورب الكعبة!))، فأعتق أبو بكر رضي الله عنه يومئذٍ بعض رقيقه، وجاء إليه فقال: ((لا أعود إليه يا رسول الله)).(1/419)
425 - حدثنا الحسن بن عمر بن شقيقٍ، وبشر بن هلال البصريان، قالا: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن سعيدٍ الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسيدي، وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لقيني أبو بكرٍ رضي الله عنه، قال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة يا أبا بكر، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نافق حنظلة يا أبا بكر، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قلت: نافق حنظلة، قال: مم ذاك؟ قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيذكرنا بالجنة والنار حتى كأننا رأي العين، أو كأنا نراهما، فإذا خرجنا من عنده، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، ففزع أبو بكر رضي الله عنه، وقال: والله! إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر رضي الله عنه حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((كيف أنت يا حنظلة؟))، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، قال: سبحان الله ما تقول؟ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، (قال: ((مم ذاك؟))، قلت: نكون عندك يا رسول الله)، فتذكرنا بالجنة والنار، حتى كأننا رأي العين، حتى إذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! أن لو تدومون على ما تكونون عندي في الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة! ساعةً وساعةً، ساعةً وساعةً)).(1/420)
426 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن حميدٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما انتهيت إلى السدرة، إذا ورقها مثل آذان الفيلة، وإذا نبقها أمثال القلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تحولت، فذكر ياقوتاً)).(1/421)
427 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إذ يغشى السدرة ما يغشى}، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيتها حتى إذا أنستها حال دونها فراشٌ من ذهبٍ)).(1/422)
428 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن منصورٍ، قال: حدثنا الحارث بن عبيد الإيادي، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت النور الأعظم، ولط دوني الحجاب، رفرفه الدر والياقوت، فأوحى الله إلي ما شاء أن يوحي)).(1/423)
وجاءنا عن معاذ رضي الله عنه: أنه قال لرجل من أصحابه: ((تعال حتى نؤمن ساعةً))، فذهب ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أوما نحن بمؤمنين؟ وذكر له قول معاذ رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع عنك معاذاً؛ فإن الله يباهي به الملائكة)).
429 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد الثقفي، عن أسامة بن زيدٍ، عن أبي حازمٍ، عن معاذٍ بن جبلٍ بذلك.(1/424)
ومثله قول أبي الدرداء: لمجلسٌ من مجالس الإيمان أفضل من عتق مئة رقبةٍ.
430 - حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياشٍ، رفعه.(1/425)
431 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن الحكيم الترمذي رحمه الله، قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا أيوب بن سويدٍ الرملي، قال: حدثنا أبو زرعة يحيى بن أبي عمرٍو السيباني، عن أبي بشرٍ عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن عمرٍو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس، سأل ربه حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، وأن لا يأتي أحدٌ هذا البيت لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما اثنتان، فقد أعطيهما، وأما الثالثة، فأرجو أن يكون قد أعطي)).(1/426)
432 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا المسيب ابن واضحٍ، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرٍو، وربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما فرغ سليمان من بناء مسجد بيت المقدس، سأل الله ثلاث خصالٍ: سأله حكماً يصادف حكمه، فأعطاه إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فأعطاه، وسأله أيما عبدٍ مسلمٍ خرج من بيته لا تنهزه إلا الصلاة في هذا المسجد إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فنرجو
#357#
أن يكون قد أعطاه إياها)).(1/427)
433 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أحمد ابن يونس، قال: حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا يزيد أبو خالدٍ الأسدي، قال: حدثني عون بن أبي جحيفة السوائي، عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي عقيلٍ، قال: انطلقت في وفدٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه، فقال قائل منا: يا رسول الله! ألا سألت ربك ملكاً كملك سليمان؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((فلعل لصاحبكم أفضل عند الله من ملك سليمان، إن الله لم يبعث نبياً إلا أعطاه دعوةً، فمنهم من اتخذ بها دنيا، ومنهم من دعا بها على قومه إن عصوه، فأهلكوا بها، وإن الله أعطاني دعوةً اختبأتها عند ربي شفاعةً لأمتي يوم القيامة)).(1/428)
434 - حدثنا عبد الكريم، عن نوفل بن سليمان، عن مالك بن أنسٍ، رفعه إلى أبي مسلمٍ الخولاني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله، فأحبه الله، فمن الله عليه بالحكمة، فنودي بالخلافة قبل داود، فقيل له: يا لقمان! هل لك أن يجعلك الله خليفةً في الأرض، تحكم بين الناس بالحق؟ قال لقمان: إن جبرني ربي، قبلت؛ فإني أعلم: أنه إن فعل ذلك بي، أعانني وعلمني، وعصمني، وإن خيرني، قبلت العافية، ولم أسأل البلاء. فقالت الملائكة بصوتٍ لا يراهم: يا لقمان! لم؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكانٍ، فيخذل، ويعان، فإن أصاب، فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ، أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً، خيرٌ من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة، فاتته الدنيا، ولا يصير إلى ملك الآخرة، فعجبت الملائكة لحسن منطقه، فنام نومةً، فغط بالحكمة غطاً، فانتبه، فتكلم بها، ثم نودي داود عليه السلام بعده بالخلافة، فقبلها، ولم يشترط شرط لقمان، فأهوى في الخطيئة، فصفح الله عنه، وتجاوز، وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته. فقال داود عليه السلام: طوبى لك يا لقمان، أوتيت الحكمة، فصرفت عنك البلية، وأوتي داود الخلافة، فابتلي بالذنب والفتنة)).(1/429)
435 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمود ابن خالدٍ الدمشقي، قال: حدثنا الفريابي، عن ابن ثوبان قال: حدثني حسان بن عطية، عن أبي منيبٍ الجرشي، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى بعثني بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة على من خالف أمري، ومن تشبه بقومٍ، فهو منهم)).(1/430)
436 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، عن ضمرة بن ربيعة، عن عثمان ابن عطاءٍ، عن أبيه، قال: كان داود عليه السلام يرتفع له كل يوم درعٌ، فيبيعه بستة آلاف، فينفق على بني إسرائيل أربعة آلاف، وعلى عياله ألفين.(1/431)
437 - حدثنا به أحمد بن مروان، عن يعقوب بن معبد، عن الحكم بن ظهيرٍ، عن السدي، عن أبي مالكٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قوله: {وتماثيل}، قال: اتخذ سليمان -صلوات الله عليه- تماثيل من نحاس، فقال: يا رب! انفخ فيها الروح؛ فإنها أقوى على الخدمة فنفخ الله فيها الروح، فكانت تخدمه، وكان اسفنديار من بقاياهم، فقيل لداود وسليمان عليهما السلام: {اعملوا آل داود شكراً وقليلٌ من عبادي الشكور}.(1/432)
438 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الربيع ابن روحٍ الحمصي، عن بقية، قال: حدثني أيوب بن عثمان الأزدي، قال: لما أراد داود عليه السلام أن يستخلف ابنه سليمان عليه السلام، قال له سليمان: ألحب الولد تفعل هذا، أم من شيء أمرك الله به؟ فقال داود: بل لحب الولد، فأبى سليمان عليه السلام أن يقبلها حتى أمره الله بذلك.(1/433)
439 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد بن وهبٍ الدمشقي، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثنا معاوية بن يحيى، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة)).(1/434)
وذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن إبراهيم ليرغب إلي يوم القيامة في تلك الدعوة، ويحتاج إليها)).
440 - حدثنا بذلك عبد الرحيم بن يوسف، قال: حدثنا يعلى، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عبد الله بن عيسى، عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعبٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
441 - وحدثنا الجارود، عن النضر، عن هشامٍ الدستوائي، عن حماد بن أبي سليمان، رووه بمثله.(1/435)
442 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا كثير بن هشامٍ، عن جعفر بن برقان، قال: حدثني صالح بن مسمارٍ، قال: بلغني أن الله تعالى أرسل إلى سليمان بعد موت أبيه داود عليه السلام ملكاً من الملائكة، فقال له الملك: إن ربي أرسلني إليك لتسأله حاجة، قال: أرسلك ربي لأسأله حاجتي؟ قال الملك: نعم، قال سليمان -صلوات الله عليه-: فإني أسأل أن يجعل قلبي يحبه، كما كان قلب أبي داود يحبه، وأسأل الله أن يجعل قلبي يخشاه، كما كان قلب أبي يخشاه، قال الرب -تبارك وتعالى-: أرسلت إلى عبدي ليسألني حاجة، فكانت حاجته إلي أن أجعل قلبه يحبني ويخشاني، وعزتي! لأكرمنه، فوهب له ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، ثم قال: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ. وإن له عندنا لزلفى وحسن مئابٍ}.(1/436)
443 - حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى الزمن، قال: حدثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل نبيٍّ دعوةٌ دعا بها في أمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة)).(1/437)
444 - حدثنا رزق الله بن موسى الناجي، قال: حدثنا معن بن عيسى القزاز، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ، فمن أخذه بحقه، فلنعم المعونة هو)).(1/438)
445 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عطية، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أعطي كل نبيٍّ عطيةً، فتعجلها، وإني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي)).(1/439)
446 - حدثنا هارون بن أبي زائدة، قال: حدثنا يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا بعض بني وهب بن منبهٍ، عن وهب بن منبهٍ في قوله تعالى: {وآخرين مقرنين في الأصفاد}، قال: عنقه إلى عضده وإلى فخذه، فإنما يعمل بشق واحد، وأمر الله الريح أن لا يتكلم أحدٌ من الخلائق بشيء إلا حملته فوضعته في أذن سليمان عليه السلام، فلذلك سمع كلام النملة.(1/440)
447 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبيد بن إسحاق العطار، عن يوسف بن عمر، عن سعد بن طريفٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كان لسليمان سبع مئة سريةٍ، وثلاث مئة امرأة، وكان في ظهره ثمان مئة رجل، فذلك قوله: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ}.(1/441)
448 - حدثنا محمد بن بشارٍ العبدي، قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن زيادٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عفريتاً من الجن تفلت البارحة؛ ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، حتى تنظروا إليه كلكم، حتى ذكرت دعوة أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي}، فرددته خاسئاً)).(1/442)
(2/ 387) وروى إسماعيل بن نصر، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: لما رجع إليه ملكه، جاء، وأخذ بناصية الشيطان، ثم قال عند ذلك: رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب.(1/443)
449 - حدثنا مهدي بن علي السمناني، قال: حدثنا عبد الله بن صالحٍ، عن الليث بن سعدٍ، عن عامر بن يحيى المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: ((سيصاح برجلٍ من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فينشر عليه تسعةٌ وتسعون سجلاًّ، كل سجلٍّ منها مد البصر، فيقول الله: يا عبدي! هل تنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: هل لك من حجةٍ؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى، لا ظلم عليك اليوم، فيخرج الله له بطاقةً، فيقول: هذه حجتك، فيقول: أي ربّ وما تغني هذه البطاقة من هذه السجلات؟ فيقول: يا عبدي! لا ظلم عليك اليوم، فيؤتى بالميزان، فتوضع السجلات في كفةٍ، والبطاقة في كفةٍ، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، وإذا فيها: شهادة أن لا إله إلا الله)).
450 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا الليث بن سعدٍ، عن عامر بن يحيى المعافري، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرٍو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
451 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عامر بن يحيى، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرٍو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
إلا أن حديث الليث أتم وأسبغ.(1/444)
452 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا بكار بن عبد الله الزبيري، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرنا يحيى بن شبل بن محمد بن جبيرٍ، أو أيوب بن خالدٍ، وسمعت من غير واحد من أصحابنا: أن العبد ليوقف على الميزان يوم القيامة، فينظر في الميزان، وينظر إلى صاحب الميزان، فيقول: صاحب الميزان: يا عبد الله! أتفقد من عملك شيئاً؟ فيقول: نعم، فيقول: ماذا؟ فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فيقول صاحب الميزان: هي أعظم من أن توضع في الميزان.
قال بكار: قال موسى: سمعت أنها تأتي يوم القيامة تجادل عمن كان يقولها في الدنيا جدال الخصم.(1/445)
453 - ما حدثنا به عبد الله بن إسحاق الجوهري، قال: حدثنا أبو عاصمٍ النبيل، عن وبر بن أبي دليلة، عن محمد بن عبد الله بن ميمونٍ، عن يعقوب بن عاصمٍ، قال: حدثني رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، مخلصاً بها روحه، مصدقاً بها لسانه وقلبه، إلا فتقت لها السماء فتقاً، حتى ينظر الرب إلى قائلها من أهل الدنيا، وحق لعبدٍ إذا نظر الله إليه أن يعطيه سؤله)).(1/446)
454 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا هانئ ابن يحيى، عن النضر بن معبدٍ -وهو أبو قحذمٍ-، عن أبي قلابة: أنه كان له ابن أخ ماجنٌ، فاشتد مرضه، فلم يعده في مرضه وقد أخذ، فلما أن كان في السوق، قال أبو قلابة: هو ابن أخي، وأمره إلى الله، وليس له متركٌ، فسهر عنده تلك الليلة، والمصباح يزهر، فلما ذهب هزيع من الليل، نعس أبو قلابة، فبينما هو كذلك، إذا هو بأسودين معهما عتلةٌ، فهبطا من سقف البيت، قال أبو قلابة: فأسمع أحدهما يقول لصاحبه: اذهب إلى هذا الرجل، هل تجد عنده شيئاً من الخير؟ فأقبل، فلما دنا من ابن أخي، شم رأسه، ثم شم بطنه، ثم شم قدميه، ثم ذهب إلى صاحبه، ثم أسمعه يقول: شممت رأسه، فلم أجد في رأسه شيئاً من القرآن، فشممت بطنه، فلم أجده صام يوماً، ثم شممت قدميه، فلم أجده قام لله ليلة، ثم جاء صاحبه، فشم رأسه، وشم كفيه، ثم شم بطنه، ثم شم قدميه، فأسمعه يقول: إن هذا للعجب، إن هذا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليس فيه من هذه الخصال خصلة، ثم أبصره فتح فمه، ثم أخذ بطرف لسانه، فعصره، ثم أسمعه يقول: الله أكبر، أجد له تكبيرةً كبرها بأنطاكية مرة مخلصاً، فنفح منه ريح المسك، فقبض روحه، ثم ذهب، فأسمعه يقول للأسودين وهما على باب البيت: ارجعا، فليس لكما إليه سبيل، فلما أصبح أبو قلابة، وصلى الغداة، وقام قائماً، فذكر ما رأى من أمر ابن أخيه، فقيل له: يا أبا قلابة! إنها بأنتاكية، فقال: لا والله الذي لا إله إلا هو! ما سمعتها من فم الملكين إلا بأنطاكية، فأسرع الناس إلى جنازة ابن أخيه.(1/447)
455 - حدثنا عبد الله بن [أبي] زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن مالك بن دينارٍ، قال: قرأت في التوراة: يا ابن آدم! لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكياً؛ فإني أنا الله اقتربت لقلبك، وبالغيب رأيت نوري.
قال جعفر: يعني: تلك الرقة التي تفتح له من قرب الله عز وجل. (1/448)
456 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا داود ابن عبد الرحمن المكي، قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، قال: قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما الوجل في قلب المؤمن إلا كضرمة السعفة، فإذا وجد [ه] أحدكم، فليدع عند ذلك.(1/449)
457 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان، عن ابن خثيم، عن شهر بن حوشبٍ، عن أم الدرداء، قالت: إنما الوجل في قلب المؤمن كاحتراق السعفة، أما تجد قشعريرة؟ قلت: بلى، قالت: فادع الله؛ فإن الدعاء عند ذلك يستجاب.(1/450)
458 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن ثابتٍ البناني، قال: قال فلانٌ: إني لأعلم متى يستجاب لي، فقالوا: من أين تعلم ذاك؟ قال: إذا اقشعر جلدي، ووجل قلبي، وفاضت عيناي، فذلك حين يستجاب لي.(1/451)
459 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا أبو عاصمٍ العباداني، قال: حدثنا الفضل الرقاشي، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال لي جبريل: يا محمد! إن الله يخاطبني يوم القيامة فيقول: يا جبريل! ما لي أرى فلان بن فلانٍ في صفوف أهل النار؟ فأقول: يا رب! إني لم أجد له حسنةً يعود عليه خيرها اليوم، قال: يقول الله تعالى: إني سمعته في دار الدنيا يقول: يا حنان يا منان! فائته فاسأله: (ماذا عني بقوله: يا حنان، يا منان! فآتيه فأسأله)، فيقول: وهل من حنانٍ ومنانٍ غير الله تعالى؟ فآخذ بيده من صفوف أهل النار، فأدخله في صفوف أهل الجنة)).(1/452)
460 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن الجراح بن مليحٍ الحمصي البهراني، قال: حدثنا بكر بن زرعة الخولاني، عن أبي عنبة الخولاني، وكان ممن صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً ليستعملهم بطاعته)).(1/453)
461 - حدثنا نصر بن علي الحداني، قال: حدثنا المعلى بن راشدٍ أبو اليمان الهذلي، قال: حدثتني جدتي أم عاصم، وكانت أم ولدٍ لسنانٍ بن سلمة، قالت: دخل علينا نبيشة الخير، ونحن نأكل في قصعة، فحدثنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل في قصعةٍ، ثم لحسها، استغفرت له القصعة)).(1/454)
462 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثتني حكامة بنت عثمان بن دينارٍ، قالت: حدثني عمي مالك بن دينار، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من أكل في قصعةٍ، ثم لحسها، استغفرت له القصعة، وصلت عليه)).(1/455)
463 - حدثنا محمد بن عمارة بن صبيحٍ الأسدي، قال: حدثنا سهل بن عامرٍ البجلي، قال: حدثنا يحيى ابن يعلى الأسلمي، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، قال: إذا جامع الرجل أهله، ولم يسم، انطوى الجان على إحليله، فجامع معه، فذلك قوله تعالى: {لم يطمثهن إنسٌ قبلهم ولا جانٌ}.(1/456)
464 - حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق البصري، قال: حدثنا سليمان بن طريفٍ، عن مكحولٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: ((إن الله أمرني أن أعلمكم مما علمني، وأن أؤدبكم، إذا قمتم على أبواب حجركم، فسلموا، يرجع الخبيث عن منازلكم، فإذا وضع بين يدي أحدكم طعامٌ، فليسم؛ كيلا يشارككم الخبيث في أرزاقكم، ومن اغتسل بالليل، فليحاذر على عورته، فإن لم يفعل، فأصابه لممٌ، فلا يلومن إلا نفسه، فإذا رفعتم المائدة، فاكنسوا ما تحتها؛ فإن الشياطين يلتقطون ما تحتها، فلا تجعلوا لهم نصيباً في طعامكم)).(1/457)
465 - حدثنا محمد بن علي الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا موسى الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: إذا وضعت يدك في الطعام، فنسيت أن تقول: باسم الله، فقل حين تذكر: باسم الله في أوله وآخره.(1/458)
466 - حدثنا بشر بن خالدٍ العسكري، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا الأعمش، عن زيد العمي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستر ما بين أعين الجن، وبين عورات بني آدم، إذا وضع أحدكم ثوبه: أن يقول: باسم الله)).(1/459)
467 - حدثنا روح بن قرة اليشكري، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن مطرٍ، عن سلام ابن سليمٍ، عن جعفرٍ العبدي، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/460)
468 - حدثنا موسى بن محمدٍ المسروقي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن مسعرٍ، عن زياد بن علاقة، عن عمه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم جنبني منكرات الأعمال، والأخلاق، والأهواء، والأدواء)).(1/461)
وبلغنا أن غضيف بن الحارث قال لعبد الله بن عائذ الثمالي حين حضرته الوفاة: إن استطعت أن تلقانا، فتخبرنا بما لقيت، فتوفي، فرئي في المنام، فقال: وجدنا ربنا خير ربٍّ، يقبل الحسنات، ويغفر السيئات، إلا ما كان من الأحراض، قيل: وما الأحراض؟ قال: الذي يشار إليه بالأصابع بالسوء في الشر.
469 - حدثنا بذلك حفص بن عمر [و]، قال: حدثنا الحكم بن نافعٍ، قال: حدثنا صفوان بن عمرٍو، عن محمد بن زيادٍ أبي سفيان الألهاني، عن غضيف بن الحارث.(1/462)
470 - حدثنا أبو الأشعث العجلي، قال: حدثنا حزمٌ القطعي، قال: سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بحسب امرئٍ من الشر أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا، إلا من عصم الله)).(1/463)
وقال علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: أقسم على ذلك، من غير أن أستثني، لا يستر الله على عبد فيفضحه غداً.
471 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا القعنبي، عن سلمة بن وردان، عن أبي سعيد بن أبي المعلى، عن علي رضي الله عنه.(1/464)
472 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا حماد بن زيدٍ، قال: حدثنا هشامٌ، عن محمدٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رآني في المنام، فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي)). فكان الرجل إذا قص عليه الرؤيا، يقول: كيف رأيته؟ فإن جاء بالرؤيا على وجهها، وإلا، قال: لم تره.(1/465)
473 - حدثنا بذلك أحمد بن أبي عبيد الله السلمي البصري، قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا ثلاثٌ: فرؤيا يحدث بها المرء نفسه، ورؤيا حقٌّ، ورؤيا تحزينٌ من الشيطان، فمن رأى ما يكره، فليقم فليصل)).
وكان يقول: ((من رآني، فإني أنا هو، ليس للشيطان أن يتمثل بي)).
وكان يقول: ((لا تقص الرؤيا إلا على عالمٍ أو ناصحٍ)). (1/466)
474 - حدثنا أبي، قال: حدثنا يوسف بن بهلولٍ، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي قتادة الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا على ثلاث منازل، فمنها ما يحدث به المرء نفسه، ليست بشيءٍ، ومنها ما يكون من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليبصق عن يساره، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فلن يضره بعد ذلك، ومنها بشرى من الله، ورؤيا الرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة، فإذا رأى أحدكم رؤيا، فليعرضها على ذي رأيٍ ناصحٍ، فليقل خيراً، أو ليتأول خيراً)).
فقال عوف بن مالك الأشجعي: والله يا رسول الله -صلى الله عليك وسلم-! لو كانت حصاةٌ من عدد الحصا، لكان كثيراً. (1/467)
475 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا هشامٌ، عن يعلى بن عطاءٍ، عن وكيع بن عدسٍ العقيلي، عن عمه أبي رزينٍ -وهو: لقيط بن عامر المنتفق-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا على رجل طائرٍ، ما لم تعبر، فإذا عبرت، وقعت)).
وأحسبه قال: فلا تقصها إلا على وادٍّ، أو ذي رأيٍ ناصحٍ)). (1/468)
476 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا للرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة)).(1/469)
477 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا يونس ابن بكير، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن الأعرج، عن سليمان بن عريبٍ، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رؤيا الرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة)).
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ((جزءٌ من خمسين جزءاً من النبوة))، فقال سليمان: سمعته من أبي هريرة قال: ابن عباس يقول: قال أبو هريرة، وأقول: قال العباس بن عبد المطلب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1/470)
478 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة)).(1/471)
479 - حدثنا المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلماً يكرهه، فلينفث عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شرها؛ فإنها لا تضره)).(1/472)
480 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان بن سحيمٍ، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبدٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة، والناس صفوفٌ خلف أبي بكر، فقال: ((أيها الناس! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له)).(1/473)
فمثل ما روي لنا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه لما رجع من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم معه برقيقٍ قد أصابه هناك، فقال له عمر رضي الله عنه: اذهب بها إلى أبي بكرٍ حتى يطيب لك، فأبى، وقال: إنما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجزيني فيما أصابني من الدين، فطيبت لي الهدية، فلما رجع إلى أهله، وبات، رأى تلك الليلة كأنه وقع في ماء غمره، فأتاه عمر رضي الله عنه، فأخذ بيده حتى أخرجه منه، فلما أصبح، غدا بالسبي على أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقص عليه قصته، فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثك ليجزيك، هم لك حلٌّ.
481 - حدثنا بذلك علي بن حجرٍ، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز السلمي، قال: حدثني عروة بن رويمٍ.(1/474)
ومثل ما جاء في فتح نهاوند: حيث حمل إلى عمر رضي الله عنه السفطين فيهما حليٌّ، وقد كان للنخيرجان كنز، فدله ذلك الرجل على الكنز، على أن له الأمان، ولأهل بيته، فحمله السائب بن الأقرع إلى عمر رضي الله عنه، فجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فختمه، ووضعه في خزانته، فرأى تلك الليلة كأن ملائكة جاءت بسفطين، فأوقدوا ما فيها جمراً يتوقد، فجعلت أنثني عنهما وأنكص، وأقدم إليهما، فكاد ابن الخطاب يحترق، فأتبعه بريداً إلى الكوفة، حتى جاء، فقال: ما لي ولك يا سائب؟ إني رأيت كذا، فاذهب بهما إلى الكوفة، فبعهما بأعطيات المقاتلة والذرية.
482 - حدثنا بذلك داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا حماد بن داود الثعلبي الكوفي، قال: حدثنا مضرس ابن عبد الله الوابشي، عن يونس، عن الحسن.(1/475)
483 - حدثنا به عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا حماد بن زيدٍ، عن يزيد بن حازمٍ، عن سليمان بن يسارٍ، قال: استيقظ أبو أسيدٍ الأنصاري ليلةً، وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فاتني وردي الليلة، وكان وردي البقرة، فقد رأيت في المنام كأن بقرةً تنطحني.(1/476)
484 - حدثنا سهل بن العباس، قال: حدثنا مروان الفزاري، عن سمير بن أبي واصلٍ، قال: يقال: إذا أراد الله بعبد خيراً، عاتبه في نومه.(1/477)
485 - ما حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا به أحمد ابن يونس، عن سعيد بن سالمٍ القداح، عن عبد الله بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: جاء رجلٌ إلى عمر، وهو عند أبي بكرٍ رضي الله عنهما، فقال: إني رأيت لك رؤيا، فقال عمر رضي الله عنه: لا حاجة لنا برؤياك، قال أبو بكر رضي الله عنه: هات، فقال: رأيت كأن الناس حشروا، وكأنك فزعت الناس بثلاث نشطاتٍ، قلت: بأي شيءٍ فزع الناس عمر بثلاث نشطاتٍ أو نحوه؟ قال: بأنه يكون خليفةً، وأنه لا يأخذه في الله لومة لائمٍ، وأنه يقتل شهيداً، فقال عمر رضي الله عنه: أضغاث أحلامٍ، لا حاجة لنا برؤياك، قال أبو بكرٍ رضي الله عنه: رأيت خيراً، وخيراً يكون، فلما أتى عمر الشام، بصر الرجل، فقال: علي بالرجل، أو دعا به، فقال: أنت صاحب الرؤيا؟ قال: وما تصنع برؤياي، ما زلت تنتهرني، حتى إني قد جئت بأمرٍ، قال: قصها، قال: رأيت كأن الناس يحشرون، فرأيتك فزعت الناس بثلاث نشطاتٍ، فقلت: بأي شيء فزع الناس عمر بثلاث نشطات؟ قال: بأنه يكون خليفةً، قال: فقد كانت، نسأل الله خيرها، ونعوذ بالله من شرها، قال: وبأنه لا تأخذه في الله لومة لائمٍ، قال: إني أرجو أن يكون كذلك، أو أن يعلم الله ذلك مني، قال: وبأن يقتل شهيداً، قال عمر رضي الله عنه: أما الشهادة، فأنى لعمر بالشهادة؟ ثم قال: بل يأتي الله بكافرٍ فينقرني نقر الديك، فيكرمني الله بهوانه، ويهينه بكرامتي.
قال: ويحك! أردت أن تقص رؤياك عند خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! (1/478)
486 - حدثنا رزق الله بن موسى الناجي، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، قال: حدثني سعيد بن جهمان، عن سفينة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح، أقبل على أصحابه، فقال: ((أيكم رأى الليلة رؤيا؟))، فقال ذات يومٍ ذلك، فقال رجلٌ: أنا يا رسول الله، رأيت كأن ميزاناً دلي من السماء، فوضعت في كفة الميزان، ووضع أبو بكرٍ في كفةٍ، فرجحت بأبي بكرٍ، ثم رفعت، وترك أبو بكرٍ، ثم جيء بعمر، فوضع في الكفة الأخرى، فرجح أبو بكرٍ بعمر، ثم رفع أبو بكرٍ، وترك عمر، ثم جيء بعثمان، فوضع في الكفة الأخرى، فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((خلافة النبوة ثلاثين عاماً، ثم تكون ملكاً)).
قال لي سفينة: أمسك سنتين أبو بكرٍ، وعشراً عمر، وثنتي عشرة عثمان، وستٍّ عليٌّ. (1/479)
487 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، قال: حدثنا حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جهمان، عن سفينة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الخلافة في أمتي ثلاثون عاماً)).
فذكره إلى آخره، ولم يذكر الرؤيا. (1/480)
488 - حدثنا الجارود بن معاذ، قال: حدثنا النضر عن عوفٍ، عن أبي رجاءٍ، عن سمرة بن جندبٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول لأصحابه: ((هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟))، فيقص عليه ما شاء الله أن يقص.(1/481)
489 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، حدثه: أن زياد بن نعيم حدثه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه كان يقول: إذا أصبح من رأى رؤيا صالحةً، فليحدثنا بها، لأن يرى لي رجلٌ مسلمٌ أسبغ وضوءه رؤيا صالحةً، أحب إلي من كذا وكذا.(1/482)
490 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا وكيعٌ، قال: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {لهم البشرى في الحياة الدنيا}، قال: ((هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له)).(1/483)
491 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: نزلت هذه الآية في ذلك.(1/484)
492 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن عطاء بن يسارٍ، عن رجل من أهل مصر، قال: سألت عنها أبا الدرداء، فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((ما سألني عنها أحدٌ قبلك، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له، وفي الآخرة الجنة)).(1/485)
493 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن رجلٍ كان يقضي بمصر، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/486)
494 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا نعيم ابن حمادٍ، قال: حدثنا عثمان بن كثير بن دينارٍ الحمصي، قال: حدثنا محمد بن مهاجرٍ أخو عمرٍو، عن جنيد بن ميمونٍ أبي عبد الحميد، عن حمزة بن الزبير، عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((رؤيا المؤمن كلامٌ يكلم به العبد ربه في المنام)).(1/487)
495 - حدثنا جارود بن معاذٍ، عن جريرٍ، عن رقبة بن مسقلة، قال: رأيت رب العزة في المنام، فقال: ((وعزتي! لأكرمن مثوى سليمان التيمي)).(1/488)
496 - حدثنا محمد بن الحسن الليثي، قال: حدثنا إبراهيم بن سعدٍ، عن أبيه، عن أبي سلمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما أنا نائمٌ، إذ أتيت بقدح لبنٍ، فشربت منه حتى إني لأرى اللبن يجري من أطرافي، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب))، فقال من حوله: ماذا أولت يا رسول الله؟ قال: ((العلم)).
قال: ((ورأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمصٌ، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ الركبة، ومر عمر رضي الله عنه، وعليه قميصٌ يجره))، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: ((الدين)).(1/489)
497 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، قال: حدثني حمزة بن عبد الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((رأيتني في المنام عرضت علي أمتي، فمنهم من كان قميصه إلى ركبتيه، ومنهم من كان قميصه إلى أنصاف ساقيه، فمر بي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجر قميصه))، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: على ما أولت هذا يا رسول الله؟ قال: ((على الإيمان)).(1/490)
498 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثني مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه كان عبدٌ من عباد الله آتاه الله مالاً وولداً، فكان لا يدين لله ديناً، فلبث حتى إذا ما ذهب عمرٌ، وبقي عمرٌ، ذكر، فعلم أنه لم يبتئر عند الله خيراً، دعا بنيه، فقال: أي أبٍ تعلموني؟ قالوا: خيراً يا أبانا، قال: فإني -والله- لا أدع عند رجلٍ منكم مالاً هو مني إلا أنا آخذه منه، أو لتفعلن بي ما آمركم، فأخذ منهم ميثاقاً وربي! قال: أما إني إذا مت، فخذوني، وألقوني في النار، حتى إذا كنت حمماً، فدقوني، ثم أذروني في الريح لعلي أضل الله، ففعلوا به ورب محمدٍ! حين مات، وجيء به أحسن ما كان قط، فعرض على ربه، فقال: ما حملك على هذا؟ قال: خشيتك يا رباه، قال: إني أسمعك راهباً، فتيب عليه)).(1/491)
499 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا معاوية بن هشامٍ، قال: حدثنا شيبان النحوي، قال: حدثنا فراسٌ، عن عطية عن أبي سعيدٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: ((لقد دخل رجلٌ الجنة ما عمل خيراً قط، قال لأهله حين حضره الموت: إذا أنا مت، فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم أذروا نصفي في البر، ونصفي في البحر، فأمر الله البر والبحر فجمعاه، قال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: مخافتك، فغفر له بذلك)).(1/492)
500 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن الأجلح، عن نعيم بن أبي هندٍ، عن ربعي بن حراشٍ، عن حذيفة، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/493)
501 - حدثنا أبو داود المصاحفي، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: حدثنا أبو نعامة العدوي، قال: حدثنا أبو هنيدة البراء بن نوفلٍ، عن والان العدوي، عن حذيفة، عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه. وزاد فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((فيقول الله تعالى: انظر إلى ملك أعظم ملكٍ في الدنيا، فإن لك مثله، وعشرة أمثاله، فيقول: لم تسخر بي وأنت الملك؟!)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فذاك الذي أضحكني)).(1/494)
502 - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلالٍ، عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه: أنه قال لأصحابه: ما تقولون في هاتين الآيتين: {الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، و {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}؟ فقالوا: استقاموا، فلم يذنبوا، ولم يلبسوا إيمانهم بخطيئة. فقال أبو بكر رضي الله عنه: لقد حملتموها على غير المحمل، {قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، فلم يلتفتوا إلى إله غيره، ولم يلبسوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون.(1/495)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((بينما عبدٌ لم يعمل لله خيراً قط، ففرق، فخرج هارباً، فجعل ينادي: يا أرض! اشفعي لي، ويا سماء! اشفعي لي، ويا كذا! اشفعي لي، فأصابه العطش، فوقع، فلما أفاق، قيل له: قم، فقد شفع لك من قبل فرقك من الله عز وجل)).
503 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا صالح بن محمدٍ، عن أبي مقاتلٍ، عن أبي الحجاج، وهو خارجة، عن ابن عجلان، رفعه إلى أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/496)
504 - حدثنا أبي، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن يزيد بن الهاد، عن محمد ابن إبراهيم التيمي، عن أم كلثومٍ بنت العباس، عن أبيها العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله، تحاتت عنه خطاياه كما تحات عن الشجرة البالية ورقها)).(1/497)
505 - حدثنا بذلك ابن أبي زيادٍ، عن سيارٍ، عن الحارث بن نبهان، عن موسى بن العلاء القيني، عن سعيد ابن عامر بن حذيمٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة سنةٍ، حتى إن الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم، فيؤخذ بيده، فيستخرج)).
قال سعيد: فأراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعلني ذلك الرجل، فما يسرني أني كنت ذلك الرجل، وأن لي الدنيا وما فيها، وذلك أنه بعث إليه بألف دينار، ففرقها في قوم غزاة. (1/498)
506 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا أبو عقيلٍ الثقفي، عن يزيد ابن سنان، قال: سمعت أبا يحيى الكلاعي يقول: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأعلم آخر رجلٍ من أمتي يجوز الصراط، يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه، تزل رجله مرةً، فتصيبها النار، وتزل يده مرةً، فتصيبها النار، فتقول الملائكة: أرأيت إن بعثك الله من مقامك هذا، فمشيت سوياً، أتخبرنا بكل عملٍ عملته؟! قال: إي وعزته! لا أكتمكم من عملي شيئاً، قال: يقولون: قم فامش سوياً، فيمشي حتى يجاوز الصراط، فيقولون: أخبرنا بكل عملٍ عملته، فيقول في نفسه: إن أخبرتهم، ردوني إلى مكاني، فيقول: لا وعزته! ما أذنبت ذنباً قط، فيقولون: إن لنا عليك بينةً، فيلتفت يميناً وشمالاً هل يرى من آدمي كان شهده في الدنيا؟ فلا يرى أحداً، فيقول: هاتوا بينتكم، فيختم الله على فمه، وينطق الله يديه ورجليه وجلده بعمله، فيقول: إي وعزتك! لقد عملتها، وإني عندي العظائم المضمرات، فيقول الله: أنا أعلم بها منك، اذهب، فقد غفرتها لك)).(1/499)
507 - حدثنا بذلك يحيى بن حبيب بن عربي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عوفٍ، عن الحسن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال الله -تبارك اسمه-: وعزتي! لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فمن خافني في الدنيا، أمنته في الآخرة)).(1/500)
508 - حدثنا أحمد بن عبد الله المهلبي، قال: حدثنا أنس بن عبد الحميد أخو جريرٍ، وجرير بن عبد الحميد يسمع، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أقفر بيتٌ فيه خلٌّ)).(1/501)
509 - حدثنا علقمة بن عمرٍو التميمي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن ثابتٍ الثمالي، عن الشعبي، عن أم هانئٍ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أقفر بيتٌ فيه خلٌّ من أدمٍ)).(1/502)
510 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الحسن ابن حمادٍ الضبي، عن يونس بن بكيرٍ، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، قالت: كانت عامة أدم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده الخل، ليقطع عنهن ذكر الرجال.(1/503)
511 - حدثنا إبراهيم بن سليمٍ الهجيمي، قال: حدثنا يزيد بن عطية السعدي، قال: حدثنا أبان، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم الإدام الخل، نعم الإدام الخل)).(1/504)
512 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا دعي أحدكم إلى طعامٍ، فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك)).(1/505)
513 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا جرير ابن حازمٍ، قال: حدثنا الزبير بن خريتٍ، عن عكرمة رضي الله عنه، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طعام المتباريين أن يؤكل)).
514 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا حماد بن زيدٍ، عن الزبير بن خريتٍ، عن عكرمة رضي الله عنه، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طعام المتباريين)).
ولم يذكر فيه الأكل(1/506)
515 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحسن بن عطية، قال: حدثنا موسى بن أبي حبيبٍ، عن الحكم ابن عميرٍ، وكان بدرياً، قال: أرسل رجلٌ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الطعام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفر الخندق وأصحابه، فجاء، فقال: ادخل يا نبي الله البيت، فدخل البيت، فرأى البيت منجداً مستتراً، فخرج، فقال: يا رسول الله! ما أخرجك؟ قال: ((أطعمنا بالفناء)). قال: فأطعمهم، حتى إذا شبع القوم، فلما تفرقوا، قال: يا رسول الله! لو كنت دخلت؛ فإن البيت كان أبرد وأطيب، قال: ((إنك نجدت بيتك وسترته، وهذا لا يحل، شبهته ببيت الله، ولو شئت، بسطت فيه، فطرحت فيه وسائد)).(1/507)
516 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا جريرٌ، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى لم ينزل داءً إلا أنزل له شفاءً، علمه من علمه، وجهله من جهله)).(1/508)
517 - حدثنا سعيد بن عبد الله التمار، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن قيس بن مسلمٍ، عن طارق بن شهابٍ، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/509)
518 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، قال: سمعت زياد بن علاقة يقول: سمعت أسامة ابن شريكٍ يقول: شهدت الأعراب يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علينا حرجٌ في كذا، هل علينا جناحٌ في كذا، هل علينا جناحٌ في أن نتداوى؟ قال: ((تداووا عباد الله؛ فإن الله لم ينزل داءً إلا وضع له شفاءً، إلا الهرم)).(1/510)
519 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك ولا تعجز، فإن غلبك أمرٌ، فقل: قدر الله، وما شاء الله، وإياك واللو؛ فإن اللو يفتح عمل الشيطان)).(1/511)
فقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يدخل سبعون ألفاً من أمتي الجنة بغير حسابٍ)). قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: ((الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون))، قال: نعم.
520 - حدثنا بذلك عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا عبثرٌ، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/512)
521 - حدثنا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاءٍ، قال: حدثنا هشامٌ، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصينٍ، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/513)
522 - حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا أبو الربيع السمان، عن عاصم بن عبيد الله، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب العبد محترفاً)).(1/514)
523 - حدثنا هارون بن حاتمٍ، قال: حدثنا يحيى ابن ميمون بن عطاءٍ التمار، قال: حدثنا عكرمة بن عمارٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب العبد المؤمن المحترف)).(1/515)
524 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا عون ابن موسى الليثي، قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: مر عمر رضي الله عنه بقومٍ، فقال: من أنتم؟ قالوا: المتوكلون، قال: أنتم المتأكلون، إنما المتوكل رجلٌ ألقى حبةً في بطن الأرض، وتوكل على ربه.(1/516)
525 - حدثنا قتيبة، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله: أن عمرو بن حزمٍ دعي لامرأة بالمدينة لدغتها حيةٌ ليرقيها، فأبى، فأخبر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاه، فقال: يا عمرو! إنك لتزجر عن الرقى، فقال: ((اقرأها))، فقرأها عليه، فقال: ((لا بأس بها، إنما هي مواثيق، فارق بها)).(1/517)
526 - حدثنا عبد الأعلى بن واصلٍ الأسدي، قال: حدثنا أبو نعيمٍ النخعي، عن فطر بن خليفة العزرمي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كان بالمدينة رجلٌ يكنى أبا مذكرٍ، يرقي من العقرب، ينفع الله بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا مذكرٍ! ما رقيتك هذه؟ اعرضها علي))، فقال أبو مذكر: شجةٌ قرنيةٌ، ملحة بحرٍ، قفطا، أو لفطا، نطفا، أو نفطا ثفقا لا محقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأس بها، إنما هي مواثيق أخذها سليمان بن داود -صلى الله عليهما- على الهوام)).
فهذه رقية ذكر لنا أنها بلغة حمير، لم ير بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأساً إذ كانت مواثيق.(1/518)
527 - (حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: ذكرت عائشة -رضي الله عنها- الرقى، فقلت: يا أم المؤمنين! لقد كنا في سفر، فقامت امرأة فقالت: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فقام ابن المرأة، فوتد وتداً، فرأى حيةً، فقتلها، قال: فأتي فلدغ، فقالت: إني أنشد بسيد هذا الوادي تاري، قال: فرفعت الحية على وتد، فقتلها، قال: وعلموها رقية: شجة قرنية ملحة بحر قفطا، قال: فلم تعبها عائشة -رضي الله عنها-.
528 - حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن مغيرة، عن سفيان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة -رضي الله عنها-، بنحوه، وقال: كلمات الحميرية.(1/519)
529 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا يحيى بن ضريس، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي روادٍ، قال: سمعت الضحاك يقول: إن سليمان بن داود -صلوات الله عليهما- أخذ على الحيات المواثيق، أن لا يظهرن، فإن ظهرن، حل قتلها.(1/520)
530 - حدثنا ابن أخي يحيى بن عيسى الرملي، عن عمه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ: أن آل عمرو بن حزم قالوا: يا رسول الله! إنك نهيت عن الرقى، وإنا نرقي في الحية، فقال: ((اعرضوها علي، فقال: هذه مواثيق لا بأس بها)).(1/521)
531 - حدثنا عبد الله بن عبد الله بن أبي أسيدٍ الكلابي، قال: حدثنا يوسف بن عطية الصفار، قال: سمعت ابن سيرين، وسأله رجلٌ، فقال: يا أبا بكرٍ! ما تقول في هذا الذي يقع في طعامنا وشرابنا فنقتله؟ فقال: حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن نبياً من الأنبياء كان في غزاةٍ له، فنزل تحت شجرةٍ، فلدغته نملةٌ، فأمر بتلك الشجرة فأحرقت، فأوحى الله إليه: ألا نملةً مكان نملةٍ؟!)).(1/522)
532 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيبٍ بن شهيدٍ الأزدي، قال: حدثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن حبيبٍ بن أبي ثابتٍ، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، قال: مر عليها سائلٌ، فأمرت له بكسرةٍ، ومر عليها رجلٌ ذو هيئةٍ، فأقعدته، فقيل لها، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ننزل الناس منازلهم.(1/523)
533 - حدثنا صابر بن سالمٍ البجلي، قال: حدثني أبي سالم بن حميدٍ، قال: حدثني أبي حميد بن يزيد، قال: حدثني أبي يزيد بن عبد الله بن ضمرة، قال: حدثتني أختي أم القصاب بنت عبد الله بن ضمرة، قالت: حدثني أبي عبد الله بن ضمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم كريم قومٍ، فأكرموه)).(1/524)
534 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان بن سلمة الخبائري، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة ابن هشام بن عبد الملك بن مروان، قال: حدثنا محمد ابن عجلان، قال: حدثنا نافعٌ، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أتاكم كريم قومٍ، فأكرموه)).(1/525)
535 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، قال: حدثنا أبو ضمرة، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب الرفق كله)).(1/526)
536 - حدثنا هارون بن حاتمٍ الكوفي، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم ابن محمدٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعطي حظه من الرفق، أعطي حظه من الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق، حرم حظه من الدنيا والآخرة)).(1/527)
537 - حدثنا هارون، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمدٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بأهل بيتٍ خيراً، أدخل عليهم باب الرفق)).(1/528)
538 - حدثنا محمد بن حميدٍ الرازي، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن هارون بن عنترة، عن وهب بن منبهٍ، قال: لما رفع عيسى بن مريم -صلوات الله عليه-، فاجتمع أصحابه، ليخرجوا دعاة في الأرض، فكان ممن خرج منهم إلى الروم سنطور، وصاحبان له، فأما صاحباه، فخرجا، وأما سنطور، فحبسته حاجة، فأوصاهما، فقال لهما: ارفقا، ولا تخرقا، ولا تستبطئاني في شيء، ولما قدما الكورة التي أرادها، قدما في عيد لهم، وقد برز ملكهم، ووضع له سريره، وبرز أهل مملكته له، وجاءه الرجلان صاحبا سنطور حتى قاما بين يديه، فقالا له: اتق الله، فإنكم تعملون بمعاصي الله، وتنتهكون حرم الله، مع ما شاء الله أن يقولا، فأسف الملك، وهم بقتلهما، فقام إليه نفر من أهل مملكته، فقالوا: هذا يوم لا نهريق فيه دماً، ولقد ظفرت بصاحبيك، فإن أحببت أن تحبسهما حتى يذهب عيدنا، ثم ترى فيهما رأيك، فحبسهما، وضرب على أذنه بالنسيان عنهما، حتى قدم سنطور، فسأل عنهما، فأخبروه بشأنهما، وأنهما محبوسان في السجن، فدخل عليهما، فقال لهما: ألم أقل لكما: ارفقا، ولا تخرقا، ولا تستبطئاني في شيء؟! وهل تدرون ما مثلكما؟ مثلكما مثل امرأة لم تصب ولداً حتى دخلت في السن، فأصابت بعدما دخلت في السن ولداً، فأحبت أن تعجل شبابه؛ لتنتفع به، فحملت على معدته ما لا يطيق، فقتلته.
ثم قال سنطور: لا تستبطئاني في شيء، فانطلق حتى أتى باب الملك، وكان الملك إذا جلس للناس وضع سريره، وجلس الناس بين يديه سماطين، وكانوا إذا ابتلوا بشيء من حلال أو حرام، رفعوه إلى الملك لينظر فيه، ويسأل عنه من يليه في مجلسه، ويسأل القوم بعضهم بعضاً، حتى تنتهي المسألة إلى أقصاهم، وجاء سنطور حتى جلس في أقصاهم.
فلما انتقلت المسألة إليه، وقد ردوا على الملك جواب من أجابه، وردوا عليه جواب سنطور، فسمع شيئاً عليه النور، وحلا في مسامعه، فقال: من صاحب هذا القول؟ فقال: الرجل الذي في أقصاهم، فقال: علي به، فأتي به فقال: أنت القائل كذا وكذا؟ قال: نعم، قال: فما كذا وكذا؟ قال: هو كذا وكذا، فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسره له، فقال: عندك هذا العلم، وتجلس في آخر القوم؟! ضعوا له إلى جنب سريري مجلساً، ثم قال له: إن أتاك نبي، فلا تقم له، ثم أقبل على سنطور، وترك الناس، وجعل لا يرد عليه شيء إلا سأله عنه، وأخذ به، فلما عرف سنطور أن منزلته قد ثبتت عنده، قال: لأختبرنه، قال: أيها الملك! رجل بعيد الدار، ضائع الضيعة، فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني، وتأذن لي، فأنصرف إلى أهلي؟ فقال الملك: يا سنطور! ما إلى ذلك سبيل؟ وإن أحببت أن تحمل أهلك إلينا، فلك المواساة، وإن أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك، فتبعث به إلى أهلك، فعلت، فسكت سنطور، ثم تخير يوماً مات لهم فيه ميت، فقال: أيها الملك! بلغني أن رجلين أتياك يسبان دينك، قال: فذكرهما، فقال: نعم، علي بالرجلين، فأتي بهما، فقال: يا سنطور! أنت حكمٌ فيما بيني وبينهما، ما قلت من شيء، رضيت به.
فقال: أيها الملك! هذا ميت قد مات في بني إسرائيل، فمرهما أن يدعوا ربهما أن يحييه لهما، ففي هذا آية بينة، فبعث إلى الميت، فوضع عنده، فقاما وصليا، ودعوا ربهما، فاستجاب لهما، فرد الله عليه روحه حتى تكلم، فقال: يا سنطور! أيها الملك إن هذه لآية، ولكن تأمرهما بغير هذا، تبعث إلى أهل مملكتك فتجمعهم، فتكلم آلهتك في هذين، فإن كانت آلهتنا تقدر أن تضرهما، فليس أمرهما بشيء، وإن كانت الآلهة لا تقدر أن تضرهما، وقدرا هما على أن يضرا الآلهة، فأمرهما قوي، فجمع أهل مملكته، ثم دخل القبة الذي فيه آلهته، فخر ساجداً ومن معه لآلهته، وخر سنطور ساجداً لله، وقال: اللهم إني أسجد لك، وأكيد هذه الآلهة أن لا تعبد من دونك، فقام الملك، فقال لآلهته: إن هذين يريدان أن يبدلا دينكم، ويدعوا إلى إله غيركم، فافقؤوا أعينهما، أو جذموهما، أو شلوهما، فلم ترد الآلهة عليهم شيئاً، وقد كان سنطور أمر صاحبيه أن يحملا معهما فأساً، فقال سنطور للملك: أيها الملك! قل لهذين: أتقدرا أن تضرا هذه الآلهة؟ فقال لهما الملك: أتقدرا أن تضرا هذه الآلهة؟ قالا: خلوا بيننا وبينهم، فأقبلا عليها فكسراها، فقال سنطور: أما أنا، فآمنت برب هذين، وقال الملك: وأنا آمنت برب هذين، وقال جميع الناس: آمنا برب هذين)).
قال وهب بن منبه لصاحبه: هذا الرفق الحسن.(1/529)
539 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا شريكٌ، عن المثنى بن سعيد الضبعي، عن قتادة، عن ابن بريدة، عن أبيه، وكان بخراسان، فدخل على ابن أخ له يعوده، فوجده في الموت، فإذا هو يعرق جبينه، فقال بريدة: الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المؤمن يموت بعرق جبينه)).(1/530)
540 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا حماد بن عمرٍو النصيبي، عن محمد بن سوقة، عن سعيد بن سوقة، قال: دخلنا على سلمان الفارسي نعوده، وهو مبطونٌ، فظننا أنا قد شققنا عليه، فقمنا، فأخذ بثوبي، فجلست، فقال: إني محدثك حديثاً لم أحدثه أحداً قبلك، ولا أحدث أحداً بعدك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ارقبوا الميت عند موته ثلاثاً: إن رشحت جبينه، وذرفت عيناه، وانتشر منخراه، فهي رحمةٌ من الله قد نزلت به، وإن غط غطيط البكر المخنوق، وخمد لونه، وأزبد شدقاه، فهو عذابٌ من الله قد حل به)). ثم قال لامرأته: ما فعل المسك الذي جئنا به من بلنجر؟ قالت: هو ذا، قال: فألقيه في الماء، ثم اضربي بعضه ببعض، ثم انضحي حوله فراشي؛ فإنه ليأتيني الآن قوم ليسوا بجن ولا إنسٍ، ففعلت، وقمنا من عنده، ثم رجعنا، فوجدناه قد قبض رحمه الله.(1/531)
541 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيعٍ، قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدثنا يونس، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: موت المؤمن بعرق الجبين، إن المؤمن من يبقى عليه خطايا من خطاياه، فيحارف بها عند الموت-؛ أي: يجازى-، فيعرق لذلك جبينه.(1/532)
542 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن يحيى الأسلمي، قال: حدثنا أبو سهل بن أبي أنسٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً قال: يا بني الله! أي المؤمنين أكيس؟ قال: ((أكثرهم ذكراً للموت، وأحسنهم له استعداداً، فإذا دخل النور في القلب، انفسح، واستوسع)). قالوا: فما آية ذلك يا نبي الله؟ قال: ((الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت)).(1/533)
543 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفرٍ عبد الله بن أبي المسور، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
وزاد فيه: ((ثم قرأ: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نورٍ من ربه}.(1/534)
544 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا بشر بن المفضل، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((قال ربكم: وعزتي وجلالي! لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فمن خافني في الدنيا، أمنته في الآخرة، ومن أمنني في الدنيا، أخفقته في الآخرة)).(1/535)
545 - حدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالك الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكر من مناجاة موسى عليه السلام: أنه قال: ((يا موسى! إنه لن يلقاني عبدٌ في حاضري القيامة إلا فتشته عما في يديه، إلا ما كان من الورعين، فإني أستحييهم، وأجلهم وأكرمهم، وأدخلهم الجنة بغير حسابٍ)).(1/536)
546 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا إسحاق بن محمدٍ الفروي، قال: حدثنا أبو يعلى سلمة بن وردان المديني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من الناس ناسٌ مفاتيح للخير مغاليق للشر، ومن الناس ناسٌ مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل مفتاح الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل مفتاح الشر على يديه)).(1/537)
547 - حدثنا النضر بن طاهرٍ، قال: حدثنا سويدٌ أبو حاتم، عن قتادة، عن أنسٍ، أن رجلاً لعن برغوثاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مه، لا تلعنه؛ فإنه نبه نبياً من الأنبياء)).(1/538)
548 - حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا سويدٌ، بمثله، وزاد فيه: لصلاة الغداة)).(1/539)
549 - حدثنا حيان بن البراء المازني، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت سليمان أبا سفيان المدني يحدث، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجمع الله أمتي أو هذه الأمة على ضلالةٍ أبداً، ويد الله على الجماعة هكذا، فاتبعوا السواد الأعظم؛ فإنه من شذ، شذ في النار)).(1/540)
550 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيسٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جنتان من فضةٍ آنيتهما، وما فيهما، وجنتان من ذهبٍ، آنيتهما، وما فيهما، وما بين القوم، وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدنٍ)).(1/541)
551 - قال نصرٌ: وأخبرني مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الحارث بن عبيدٍ، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيسٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه، وزاد فيه: ((وهذه الأنهار تشخب من جنة عدنٍ في جوبةٍ، ثم تصدع بعد أنهاراً)).(1/542)
552 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو غسان، عن الحارث بن عبيدٍ، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((جنات الفردوس أربعٌ: جنتان من فضةٍ آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهبٍ آنيتهما وما فيهما))، فذكر بمثله.(1/543)
وأخبرني في حديث آخر رواه أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حجابه النار، لو كشفها، لأحرقت سبحات وجهه كل شيءٍ أدركه بصره)).
553 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، عن المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/544)
ولهذا ما روي عن صاحب معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: صنف من أهل الجنة لا يستتر الرب منهم، ولا يحتجب.
554 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثنا أبو حمزة، عن أبي العفيف، وكان من أصحاب معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه.(1/545)
(3/ 42) تحقق ذلك مما رواه أبو مقاتل، عن صالح بن سعيد، عن أبي سهل، عن الحسن -رحمة الله عليه-، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربع عيونٍ في الجنة: عينان تجريان تحت العرش، إحداهما التي ذكر الله: {يفجرونها تفجيراً}، والأخرى: زنجبيلٌ، وعينان نضاختان من فوق العرش، إحداهما التي ذكر الله عز وجل: {سلسبيلاً}، والأخرى: التسنيم للمقربين.(1/546)
555 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا ابن نميرٍ، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبادٍ، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حليةً فيها خاتمٌ من ذهبٍ فيه فصٌّ حبشيٌّ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودٍ، أو ببعض أصابعه، وإنه لمعرضٌ عنه، ثم دعا ابنة ابنته أمامة بنت أبي العاص، فقال: ((تحلي بهذا يا بنية)).(1/547)
556 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا إسحاق ابن عيسى الطباع، عن شريكٍ، عن أبي عقيلٍ، عن الربيع بنت معوذٍ، قالت: أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قناعاً من رطبٍ، وأجرٍ زغبٍ، فناولني كفاً من ذهب، فقال: ((تحلي بهذا يا بنية)).(1/548)
557 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا شريكٌ، عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ، عن الربيع بنت معوذٍ، قالت: أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قناعاً من رطب، وأجرٍ من زغبٍ، فأعطاني ملء كفه ذهباً، أو قال: حلياً.(1/549)
558 - حدثنا داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا إشكابٌ البغدادي، عن شريكٍ، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قوله: {أحسن كل شيءٍ خلقه}، قال: أما إن است القرد ليست بحسنةٍ، ولكنه أحكم خلقه)).(1/550)
وروي: ((أنه لبس خاتماً من فضةٍ، وفصه حبشيٌّ)).
559 - حدثنا بذلك إسماعيل بن صالحٍ، قال: حدثنا ابن وهبٍ، عن يونس، عن الزهري، عن أنسٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/551)
560 - ما حدثنا به أحمد بن مدركٍ الهروي صاحب مظالم العباس بن هاشمٍ، قال: حدثنا عون بن جعفرٍ الكوفي، عن صالح بن مرداسٍ، عن مشرفٍ أبي معاذٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لما ارتقى موسى عليه السلام طور سيناء، رأى الجبار في إصبعه خاتماً، فقال: يا موسى! ما هذا؟ وهو أعلم به، قال: شيء من حلي الرجال يا رب، فقال: هل عليه شيء من أسمائي أو كلامي؟ قال: لا، قال: فاكتب عليه: لكل أجلٍ كتابٌ.(1/552)
561 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن العباس بن ذريحٍ، عن عبد الله عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: عثر أسامة بعتبة الباب، فشج في وجهه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أميطي عنه الأذى)). فكأنه قذرته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ويمجه، ويقول: ((لو كان أسامة جاريةً، لحليناه، وكسوناه، حتى ننفقه)).(1/553)
562 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا محمد بن مروان -وهو العقيلي-، قال: حدثنا يونس بن عبيدٍ، قال: بلغنا أنه كان رجل يجور على أهل مملكته، ويتعدى عليهم، فائتمروا لقتاله، فقالوا: نبي الله زكريا بين أظهرنا، فلو أتيناه، فأتوا منزله، فإذا فتاةٌ جميلةٌ رائعةٌ، قد أشرق البيت حسناً، قالوا: من أنت؟ قالت: أنا امرأة زكريا، قالوا فيما بينهم: كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا، فإذا هو قد اتخذ امرأةً جميلةً رائعةً، قالوا: فأين هو؟ قالت: في حائط آل فلان، يعمل لهم، فأتوه، فإذا هو يعمل لهم، حتى حضر الغداء قرب رغيفين، فأكل، ولم يدعهم، ثم قام فعمل بقية عمله، ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء، قال: حاجتكم؟ قالوا: جئنا لأمرٍ، ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له، قال: فهاتوا، قالوا: أتينا منزلك، فإذا امرأةٌ جميلةٌ رائعةٌ، وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا، فقال: إني إنما تزوجت امرأةً جميلةً رائعةً، لأكف بها بصري، وأحفظ بها فرجي، قال: فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم مما قالوا.
قالوا: ورأيناك قدمت رغيفين فأكلت، ولم تدعنا، قال: إن القوم استأجروني على عملٍ، فخشيت أن أضعف عن عملهم، ولو أكلتم معي، لم يكفكم، ولم يكفني، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم مما قالوا.
قالوا: ورأيناك وضعت خفيك على عنقك والمسحاة والكساء؟ قال: إن هذه الأرض جديدة، فكرهت أن أتفل تراب هذه في هذه، فخرج نبي الله مما قالوا.
قالوا: إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا، وقد ائتمرنا لقتاله، فقال: أي قوم! لا تفعلوا؛ فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل. (1/554)
563 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام ابن خالدٍ الدمشقي، عن الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثني زهير بن محمد، عن إسماعيل بن أمية، عن نافعٍ: أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم صاغت حلياً بثلاثين ألف درهمٍ، وجعلته حبساً على آل عمر، فلم تكن تؤدي زكاته.(1/555)
564 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم، قال: حدثنا عبد الله بن المنيب بن عبد الله ابن أبي أمامة بن ثعلبة، قال: حدثني أبي وجدي جميعاً، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب الناس، وتلا هذه الآية: {اعملوا آل داود شكراً وقليلٌ من عبادي الشكور}، ثم قال: ((ثلاث من أوتيهن، فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود))، فقيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: ((العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية)).(1/556)
565 - حدثنا الزبير بن بكارٍ الزبيري، قال: حدثنا سعد بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثٌ منجياتٌ، وثلاثٌ مهلكاتٌ: فأما المنجيات، فخشية الله تعالى في السر والعلانية، والحكم بالحق عند الغضب والرضا، والاقتصاد عند الفقر والغنى. وأما المهلكات: فشحٌّ مطاعٌ، وهوًى متبعٌ، وإعجاب المرء بنفسه)).(1/557)
566 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثا محمد ابن وهبٍ الواسطي، عن محمد بن شعيب بن شابور، قال: حدثنا الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه)).(1/558)
567 - حدثنا عتبة بن عبد الله، قال: حدثنا مالك ابن أنسٍ، قال: حدثني ابن شهابٍ، عن عليٍّ بن الحسين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه)).(1/559)
568 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا الحسن ابن الصباح البزار، قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عاصمٍ، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فقال: ((أعيذك بالأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحدٌ من شر ما تجد))، فرددها سبعاً، فلما أراد القيام، قال: ((تعوذ بها، ما تعوذ بخيرٍ منها يا عثمان، (فمن تعوذ بها، فإنما يتعوذ بما يعدل ثلث القرآن)، ومن تعوذ بها فقد تعوذ بنسبة الله التي رضيها لنفسه)).(1/560)
((فكان إذا أوى إلى فراشه كل ليلةٍ، قرأ بالمعوذتين، و {قل هو الله أحدٌ}، ثم يمسح بهما وجهه، وما أقبل من جسده، وما أدبر)).
569 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا المفضل بن فضالة، عن عقيلٍ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
570 - حدثنا يحيى بن الأحمر الطائي، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ بالرقة، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/561)
571 - حدثنا محمد بن يحيى بن عبد العزيز، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا ابن جريج، عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد.(1/562)
572 - حدثنا بذلك داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا يحيى بن حمادٍ البصري، قال: حدثنا عبيد بن واقدٍ، عن محمد بن شبيبٍ، قال: حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق ألف أمةٍ: ست مئةٍ منها في البحر، وأربع مئةٍ منها في البر، وإن أول هالكٍ من هذه الأمم: الجراد، فإذا هلك الجراد، تتابعت الأمم مثل نظام السلك إذا انقطع)).(1/563)
573 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربيٍّ الحارثي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عوفٍ، عن قسامة بن زهيرٍ، قال: حدثنا الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن الله تعالى خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب)).(1/564)
والفأرة: أبدت جوهرها، فعمدت إلى حبال سفينة نوح عليه السلام: فقطعتها.
574 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا الأسود ابن عامرٍ، عن سفيان.(1/565)
575 - حدثنا إسماعيل بن نصرٍ، قال: حدثنا الأسود بن عامرٍ، ومعاوية بن هشامٍ، وقبيصة، عن سفيان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أذى الفأر في السفينة.(1/566)
والغراب: أبدى جوهره حيث بعثه نبي الله نوح عليه السلام من السفينة؛ ليأتيه بخبر الأرض، فترك أمره، وأقبل على جيفة.
576 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا داود بن شبيبٍ القرشي، عن داود بن أبي الفرات، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.(1/567)
577 - حدثنا بذلك الحسين بن أبي كبشة اليحمدي، قال: حدثنا سلم بن قتيبة، قال: حدثنا عرفطة العبدي، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوطٍ، إلا الخنزير، والحمار.(1/568)
578 - حدثنا سليمان بن حميدٍ أبو الربيع الإيادي، قال: حدثنا عون بن عمارة، عن الحسن الجعفي، عن الزبير بن خريتٍ، عن عكرمة، قال: إنما صرف الله شر سليمان عليه السلام عن الهدهد؛ لأنه كان باراً بأبويه.(1/569)
579 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا ابن مهديٍّ، عن قرة بن خالدٍ، عن موسى بن أبي غليظٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: الصرد أول طيرٍ صام.(1/570)
580 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، عن البختري بن عبيدٍ بن سلمان الأغر، قال: حدثنا أبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((الذباب كلها في النار، فجعلها عذاباً لأهل النار إلا النحل)).(1/571)
581 - حدثنا عبد الرحمن بن يونس الرقي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن صالحٍ بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالدٍ الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الديك؛ فإنه يدعو إلى الصلاة)).(1/572)
582 - حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن حيان أبو زيدٍ، قال: سمعت أبي يذكر عن أبيه، قال: صحبت ابن عمر رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة، فقال لنافع: لا تمر بي على المصلوب -يعني: ابن الزبير-، قال: فما فجئه في جوف الليل أن صك محمله جذعه، فجلس يمسح عينيه، ثم قال: يرحمك الله أبا خبيبٍ، إن كنت، وإن كنت، ولقد سمعت أباك الزبير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يعمل سوءاً، يجز به في الدنيا، أو في الآخرة، فإن يك هذا بذاك، فهه فهه)).(1/573)
583 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: أخبرنا أبو نعيمٍ، قال: حدثنا محمد بن مسلمٍ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، قال: لما نزل قوله تعالى: {من يعمل سوءًا يجز به}، قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! ما هذه بمبقيةٍ منا، قال: ((يا أبا بكرٍ! إنما يجزى بها المؤمن في الدنيا، ويجزى بها الكافر يوم القيامة)).(1/574)
584 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا وكيعٌ، وأبو معاوية، وغيره، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي بكر بن أبي زهيرٍ الثقفي، قال: لما نزلت: {من يعمل سوءًا يجز به}، قال أبو بكر رضي الله عنه: كيف الفلاح يا رسول الله مع هذا؟ كل شيء عملنا جزينا به؟ فقال: ((غفر الله لك يا أبا بكرٍ، ألست تنصب؟ أليست تخزن؟ أليس يصيبك البلاء؟))، قال: بلى، قال: ((فذلك ما تجزى به)).(1/575)
585 - حدثنا محمد بن حميدٍ الرازي، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قحط الناس في زمان ملكٍ من ملوك بني إسرائيل ثلاث سنين، فقال الملك: ليرسل علينا السماء، أو لنؤذينه، قال له جلساؤه: وكيف تقدر أن تؤذيه أو تغيظه، وهو في السماوات، وأنت في الأرض؟ قال: أقتل أولياءه في الأرض، فيكون ذلك أذى له، فأرسل الله عليهم السماء.(1/576)
586 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أبو عمير بن النحاس الرملي، عن أيوب بن سويد الرملي، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ المصري، عن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: غار النيل على عهد فرعون، فأتاه أهل مملكته، فقالوا: أيها الملك! أجر لنا النيل، قال: إني لم أرض عنكم، فذهبوا، ثم أتوه فقالوا: أيها الملك! أجر لنا النيل، قال: إني لم أرض عنكم، فذهبوا فأتوه، فقالوا: أيها الملك! ماتت البهائم، وهلكت الأبكار، لئن لم تجر لنا النيل، لنتخذن إلهاً غيرك، قال: اخرجوا غداً إلى الصعيد، فخرجوا، فتنحى عنهم حيث لا يرونه ولا يسمعون كلامه، ثم ألصق خده بالأرض، وأشار بالسبابة، فقال: اللهم إني خرجت إليك مخرج العبد الذليل إلى سيده وإني أعلم أنك تعلم أني أعلم أنه لا يقدر على إجرائه غيرك، فأجره، فجرى النيل جرياً لم يجر قبله مثله، فأتاهم فقال: إني قد أجريت لكم النيل، فخروا له ساجدين، وعرض له جبريل عليه السلام، فقال: أيها الملك! إعرض على عبد لي؟ فقال: وما قصته.
فقال: عبد لي، خولته على عبيدي، وملكته مفاتيحي، فعاداني، فأحب من عاديته، وعادى من أحببت، فقال: بئس العبد عبدك هذا، لو كان لي عليه سبيل، لغرقته في بحر القلزم، فقال: أيها الملك! اكتبه، فدعا بدواة وكتبه فقال: ما جزاء العبد الذي يخالف سيده، فأحب من عاداه، وعادى من أحبه إلا أن يغرق في بحر القلزم، فقال: أيها الملك! اختمه، فختمه، ودفعه إليه، فلما كان يوم البحر، أتاه جبريل -صلوات الله عليه- بالكتاب، فقال: خذ هذا ما استكتبت به على نفسك، أو قال: حكمت به. (1/577)
587 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، بنحوه.(1/578)
588 - حدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: جاء يهوديٌّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صف لي ربك، من أي شيء هو؟ أم من لؤلؤ؟ فأرسل الله صاعقة، فأحرقته، وأنزل الله: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال}.(1/579)
589 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة، عن أشعث بن سوارٍ، قال: قلت للحسن: {من يعمل سوءاً يجز به}، قال: لا يجزى والله يوم القيامة مؤمنٌ بسوء عمله، ثم قرأ: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}.(1/580)
590 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ، عن الحسن في قوله تعالى: {من يعمل سوءًا يجز به}، قال: إنما ذاك لمن أراد الله هوانه، فأما من أراد الله كرامته، فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.(1/581)
591 - حدثنا سفيان، قال: حدثني أبي، عن أسامة ابن زيدٍ، عن محمد بن عمرو بن عطاءٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيءٍ يصيب المؤمن من حزنٍ، ولا نصبٍ، ولا وصبٍ، حتى الهم يهمه إلا أن الله يكفر عنه سيئاته)).(1/582)
591/م- حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصيب المؤمن شوكةٌ فما فوقها إلا رفعه الله بها درجةً، أو حط عنه بها خطيئةً)).(1/583)
592 - حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنسٍ، عن يزيد بن خصيفة، عن عروة بن الزبير، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يصيب المؤمن من مصيبة، حتى الشوكة، إلا قص بها عنه، أو كفر بها عنه من خطايا.(1/584)
593 - حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، قال: حدثنا عبد الله بن وهبٍ، قال: حدثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالباكورة من كل شيءٍ، قبلها، ووضعها على عينه اليمنى ثلاثاً، ثم على عينه اليسرى ثلاثاً، ثم يقول: ((اللهم كما بلغتنا أولها، فبلغنا آخرها))، ثم يعطيها أصغر الولدان.(1/585)
594 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا معاوية بن عمرٍو، عن جرير بن حازمٍ، عن يونس، عن الزهري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله، ولم يذكر أنساً.
595 - حدثنا إبراهيم بن المستمر، قال: حدثنا أبو عاصمٍ النبيل، عن جرير بن حازمٍ، عن يونس، عن الزهري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/586)
ألا ترى كيف قال في حديث خولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قبل الحسن، ثم قال: ((إنكم لتبخلون، وتجبنون، وتجهلون، وإنكم لمن ريحان الله)).
596 - حدثنا الجارود، وعبد الجبار، قالا: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن ابن أبي سويدٍ، عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، عن خولة بنت حكيمٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الجارود: ((من ريحان الله))، وقال عبد الجبار: من ريحان الجنة. (1/587)
597 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا محمد بن دينارٍ الطاحي، قال: حدثنا سعدٌ بن أوسٍ، عن مصدعٍ الأنصاري، عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يقبلها وهو صائم، ويمص لسانها)).(1/588)
598 - حدثنا محمد بن يحيى بن عبد العزيز، قال: أخبرنا عليٌّ، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن زيدٍ العمي، عن أبي إياسٍ، وهو معاوية بن قرة، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل أمةٍ رهبانيةٌ، ورهبانية أمتي: الجهاد في سبيل الله)).(1/589)
599 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمود ابن خالدٍ الدمشقي، قال: حدثنا الفريابي، عن ابن ثوبان، قال: حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيبٍ الجرشي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله بعثني بالسيف بين يدي الساعة؛ حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة على من خالف أمري، ومن تشبه بقومٍ، فهو منهم)).(1/590)
600 - حدثنا محمد بن علي الشقيقي، قال: حدثنا برزيٌّ أبو يزيد، واسمه محمد بن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاصٍ، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوةً، فشغله أعرابيٌّ، فلما قام، تبعته، فلما خفت أن يسبقني إلى بيته، ضربت بقدمي على الأرض، فالتفت، فقال: ((أبو إسحاق؟ مه؟))، قلت: يا رسول الله! دعوةٌ ذكرتها، فشغلك الأعرابي، قال: ((نعم، دعوة ذي النون في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، ما دعا بها مسلمٌ في شيءٍ إلا استجيب له)).(1/591)
601 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا يحيى الحماني، قال: حدثنا قيسٌ، عن يزيد بن أبي خالدٍ، عن عبد الرحمن ابن عبد الله مولى عليٍّ، عن أبي رافعٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يهدي الله على يديك رجلاً، خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس)).(1/592)
ولذلك قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ((ما من بضعةٍ أحب إلى الله من اللسان، وما من بعضةٍ أبغض إلى الله من اللسان، فأما التي يحبها الله، فلسان المؤمن، وأما التي يبغضها الله فلسان الكافر)).
602 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا الفضل ابن موسى، عن الفرج بن فضالة، عن أسد بن وداعة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.(1/593)
603 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن شميط بن عجلان، قال: قال الله تعالى: ((يا داود! إن استنقذت هالكاً من هلكته، سميتك عندي جهبذاً)).(1/594)
604 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا صالح بن محمد، عن أبي مقاتلٍ، عن عباد بن كثيرٍ، عن زيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أفضل ما أعطي العبد في الدنيا: العافية، ومن أفضل ما أعطي العبد في الآخرة: المغفرة، ومن أفضل من أعطي العبد من نفسه: موعظةٌ حسنةٌ صدر بها قومٌ عن خيرٍ)).(1/595)
605 - حدثنا الحسين بن حسنٍ المروزي، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال الله تعالى: أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي)).(1/596)
606 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ، عن أبي ثمامة، قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم -صلوات الله عليه-: ما الإخلاص لله؟ قال: أن يعمل الرجل العمل لا يحب أن يحمده عليه أحدٌ من الناس، قالوا: فمن الناصح لله؟ قال: الذي يبدأ بحق الله قبل حق الناس، ويؤثر حق الله على حق الناس، وإذا عرض أمران: أحدهما للدنيا، والآخر للآخرة، يبدأ بأمر الآخرة قبل أمر الدنيا.(1/597)
607 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن عامرٍ بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليمٍ الزرقي، عن أبي قتادة السلمي: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حاملٌ أمامة، فإذا سجد، وضعها، وإذا قام، رفعها)).(1/598)
608 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جرير بن حازمٍ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أبيه، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل أحد ابني ابنته: الحسن، أو الحسين، فتقدم فوضعه عند قدمه اليمنى، ثم صلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، قال أبي: فرفعت رأسي من بين الناس، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدٌ، وإذا الغلام على ظهره، فعدت، فسجدت، فلما قضى صلاته، قيل: يا رسول الله! لقد سجدت سجدةً ما كنت تسجدها، أفشيءٌ أمرت به، أم كان يوحى إليك؟ قال:
((كلٌّ لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)).(1/599)
609 - حدثنا الخصيب بن سلم، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن يحيى بن هانئٍ، قال: أخبرني أبو حذيفة، عن عبد الملك بن محمد بن بشير، عن عبد الرحمن ابن علقمة، قال: قدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعهم هديةٌ، فقبضها، ثم جلسوا، وشغلوه بالمسألة، فما صلى الظهر إلا عند العصر.(1/600)
610 - حدثنا يحيى بن موسى الحداني، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أنها قالت: يا رسول الله! إن ابني أبي سلمة في حجري، وليس لهم شيء إلا ما أنفقت عليهم، ولست بتاركتهم هكذا ولا هكذا، أفلي أجرٌ إن أنفقت عليهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنفقي عليهم، فإن لك أجر ما أنفقت عليهم)).(1/601)
611 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ الدمشقي، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن ابن كعب بن مالكٍ: أن أبا بكر أتي بسيوف ثلاثة، أحدها محلى من اليمن، فقال ابنه عبد الله بن أبي بكرٍ: مر لي بهذا السيف المحلى، فقال أبو بكر: هو لك، فقال عمر: بل إياي فأعطني، فقال أبو بكر: فأنت أحق به، فأخذه عمر، فانقلب بالسيف إلى منزله، فراح وقد جعل حلية السيف في ظبية والنصل معه، فقال عمر: يا أبا بكر! استعن بهذه الحلية على بعض ما يعوزك، ورمى بالنصل إلى عبد الله بن أبي بكر، قال: والله! ما صنعت هذا نفاسةً عليك يا أبا بكر، ولكن للنظر لك، فبكى أبو بكر، فقال: يرحمك الله، يرحمك الله.(1/602)
612 - حدثنا محمد بن عثمان بن عمرو الطائفي، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: كانت لعمر صحافٌ تسعٌ، فكان إذا كان طريفةٌ أو فاكهة، بعث فيها إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان نقصان، جعله في حظ حفصة.(1/603)
613 - حدثنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا روحٌ، قال: حدثنا مالكٌ، عن زيد بن أسلم، قال: قدم عبد الله وعبيد الله ابنا عمر على أبي موسى الأشعري من معزاً لهما، فقال أبو موسى: وددت أني قدرت على أن أنفعكما، قال: ثم قال: هاهنا من مال الله، فخذاه، فاشتريا به تجارة من تجارة المدينة، واضمناه، فإذا قدمتما، فأديا المال إلى أمير المؤمنين، وكتب إلى عمر رضي الله عنه أن اقبض منهما كذا وكذا، فلما قدما على عمر، قال لهما: أديا المال وربحه، فأما عبد الله، فسكت، وأما عبيد الله، فقال: يا أمير المؤمنين! أرأيت لو تلف هذا المال، أما كنت تأخذه منا؟ قال: بلى، قال: فلم تأخذ الربح؟ فقال رجل في مجلسه: يا أمير المؤمنين! لو جعلته قراضاً، قال: فقاسمهما الربح، وأخذ المال.(1/604)
(3/ 133) وروي لنا عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعائشة -رضي الله عنها-، وامرأةٌ تضرب بالدف، فقعد، ولم يزجرها؛ لما رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء عمر، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، كفها، عن ذلك، فلما خرجا، قالت عائشة: يا رسول الله! كان حلالاً، فلما دخل عمر صار حراماً؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة! ليس كل الناس مرخياً عليه)).(1/605)
614 - حدثنا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي، قال: حدثنا حجاج بن محمدٍ الأعور، قال: حدثنا يونس ابن [أبي] إسحاق، عن أبيه، عن أبي جحيفة، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصاب في الدنيا ذنباً، فعوقب به، فالله أعدل من أن يثني عليه عقوبته، ومن أذنب في الدنيا ذنباً، فستر الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شيءٍ قد عفي عنه)).(1/606)
615 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سلم ابن يحيى الطائي، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، قال: حدثنا نوح بن ذكوان، عن أخيه أيوب، عن الحسن -رحمة الله عليه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: لأنا أكرم وأعظم عفواً من أن أستر على عبدٍ لي مسلمٍ في الدنيا، ثم أفضحه بعد أن سترته، فلا أزال أغفر لعبدي ما استغفرني)).(1/607)
616 - قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله -تبارك وتعالى-: إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع يديه إلي، ثم أردهما، قالت الملائكة: إلهنا! ليس لذلك بأهلٍ، قال الله تعالى: لكني أهل التقوى، وأهل المغفرة، أشهدكم أني قد غفرت له)).
617 - قال: ويقول الله -جل ثناؤه-: ((إني لأستحي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام، ثم أعذبهما بعد ذلك في النار)).(1/608)
618 - حدثنا نصر بن عليٍّ الحداني، قال: حدثنا أبي، وبشر بن المفضل، قالا: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يدخل قومٌ النار، حتى إذا صاروا فحماً، أخرجوا، فأدخلوا الجنة، فيقول أهل الجنة: من هؤلاء؟ فيقال: الجهنميون)).(1/609)
619 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، وأبو نعيم، قالا: حدثنا يزيد بن أبي صالحٍ أبو حبيبٍ الدباغ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/610)
620 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا معلى ابن هلالٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي، ثم ماتوا عليها.
فهم في الباب الأول من جهنم، لا تسود وجوههم، ولا تزرق أعينهم، ولا يغلون بالأغلال، ولا يقرنون مع الشياطين، ولا يضربون بالمقامع، ولا يطرحون في الأدراك.
منهم من يمكث فيها ساعةً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها يوماً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها سنةً ثم يخرج، وأطولهم مكثاً فيها يمكث فيها مثل الدنيا يوم خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنةٍ، ثم إن الله إذا أراد أن يخرج الموحدين منها، قذف في قلوب أهل الأديان، فقالوا لهم: كنا نحن وأنتم جميعاً في الدنيا، فآمنتم وكفرنا، وصدقتم وكذبنا، وأقررتم وجحدنا، فما أغنى ذلك عنكم شيئاً، نحن وأنتم اليوم فيها جميعاً سواء، تعذبون كما نعذب، وتخلدون كما نخلد، فيغضب الله عند ذلك غضباً لم يغضبه في شيء فيما مضى، ولا يغضب في شيءٍ فيما بقي، فيخرج أهل التوحيد منها إلى عينٍ بين الجنة والصراط يقال لها: نهر الحياة، فيرش عليهم من الماء، فينبتون كما تنبت الحبة من حميل السيل، فما يلي الظل منها، فهو أخضر، وما يلي الشمس منها فهو أصفر، ثم يدخلون الجنة، فيكتب في جباههم: عتقاء الله من النار، إلا رجلاً واحداً، فإنه يمكث فيما بعدهم ألف سنةٍ، ثم ينادي: يا حنان يا منان! فيبعث الله إليه ملكاً ليخرجه، فيخوض في النار في طلبه سبعين عاماً لا يقدر عليه، ثم يرجع فيقول: يا رب! إنك أمرتني أن أخرج عبدك فلاناً من النار، وإني طلبته في سبعين سنةً فلم أقدر عليه، فيقول الله له: انطلق، فهو في وادي كذا وكذا تحت صخرةٍ، فأخرجه، فيذهب فيخرجه منها، فيدخله الجنة.
ثم إن الجهنميين يطلبون إلى الله أن يمحي ذلك عنهم، فيبعث الله إليهم ملكاً، فيمحاه عن جباههم، ثم إنه يقال لأهل الجنة ومن دخلها من الجهنميين: اطلعوا إلى النار، فيطلعون إليهم، فيرى الرجل أباه، ويرى أخاه، ويرى جاره، ويرى صديقه، ويرى العبد مولاه، ثم إن الله يعبث إليهم ملائكة بأطباقٍ من نارٍ، ومسامير من نارٍ، وعمدٍ من نارٍ، فيطبق عليهم بتلك الأطباق، ويسد بتلك المسامير، ويمد بتلك العمد، ولا يبقى فيها خللٌ يدخل فيه روح، ولا يخرج منه غمٌّ، وينساهم الجبار على عرشه، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم، ولا يستغيثون بعدها أبداً، وينقطع الكلام، فيكون كلامهم زفيراً وشهيقاً، فذلك قوله: {إنها عليهم مؤصدة. في عمدٍ ممددةٍ}، يقول: مطبقةٌ، في عمدٍ ممددةٍ)).(1/611)
621 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، وعلي بن حجرٍ، وصالح بن عبد الله، قالوا: حدثنا خلف بن خليفة الأشجعي، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المتحابين في الله لعلى عمودٍ من ياقوتةٍ حمراء، في أرس العمود سبعون ألف غرفةٍ، يضيء حسنهم أهل الجنة، كما تضيء الشمس أهل الدنيا، يقول بعضهم لبعضٍ: انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله، فإذا أشرفوا عليهم، أضاء حسنهم أهل الجنة، كما تضيء الشمس أهل الدنيا، عليهم ثيابٌ خضرٌ من سندسٍ، مكتوبٌ على جباههم: هؤلاء المتحابون في الله)).(1/612)
622 - حدثنا داود بن حماد القيسي، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن رافعٍ، عن محمد بن زيادٍ الأنصاري، عن محمد بن كعبٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكتب على جباههم: عتقاء الرحمن الجهنميون، فيسألون الله أن يمحو عنهم ذلك الاسم، فيمحوه عنهم)).(1/613)
623 - حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد التمار، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن سابقٍ، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قيل: يا رسول الله! من أولياء الله؟ قال: ((الذين إذا رؤوا، ذكر الله)).(1/614)
624 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا داود ابن عبد الرحمن المكي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن شهرٍ بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد، حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم أيها الناس بخياركم؟))، قالوا: بلى، قال: ((خياركم الذين إذا رؤوا، ذكر الله)).(1/615)
625 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أبو الخير، عبد المنعم بن بشيرٍ الأنصاري، عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت عبد الله ابن عمرٍو بن العاص رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خياركم من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، ورغبكم في الآخرة عمله)).(1/616)
626 - حدثنا عبد الأعلى بن واصلٍ الأسدي، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيحٍ، عن مبارك بن حسان، عن عطاء ابن أبي رباحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قيل: يا رسول الله! أي جلسائنا خيرٌ؟ قال: ((من ذكركم بالله رؤيته، وزاد في أعمالكم منطقه، وذكركم بالآخرة عمله)).(1/617)
وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جحيفة: ((سائل العلماء، وخالط الحكماء، وجالس الكبراء)).
627 - حدثنا بذلك صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن عليٍّ بن الأقمر، عن أبي جحيفة، ولم يرفعه.(1/618)
628 - وحدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، قال: حدثنا إسحاق بن الربيع العصفري، قال: حدثنا أبو مالك النخعي، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي جحيفة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.(1/619)
629 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة البغدادي، عن رشدين بن سعدٍ، عن عبد الله ابن الوليد التجيبي، عن أبي منصورٍ مولى الأنصار، عن عمرو بن الجموح: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((قال الله -تبارك وتعالى-: إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي: الذين يذكرون بذكري، وأذكر بذكرهم)).(1/620)
630 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا قطبة ابن العلاء الغنوي، قال: حدثنا مالك بن مغولٍ، عن الزبير ابن عدي، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قالوا يا رسول الله! أينا أفضل كي نتخذه جليساً معلماً؟ قال: ((الذي إذا رئي، ذكر الله لرؤيته)).(1/621)
631 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال موسى -صلوات الله عليه-: أي رب! أخبرني عن أهلك الذين هم أهلك، قال: ((هم المتحابون في الدين، إذا ذكرت، ذكروا بي، وإذا ذكروا، ذكرت بهم، هم الذين يعمرون مساجدي، ويستغفرونني بالأسحار، ويبيتون إلى طاعتي كما يبيت النسر إلى وكره، وإذا استحلت محارمي، غضبوا كما يغضب النمر إذا حرب)).(1/622)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال لعوف بن مالك الجشمي والد أبي الأحوص: ((أرأيت لو كان لك عبدان، أحدهما: يخونك ويكذبك، والآخر: يصدقك ولا يخونك، أيهما أحب إليك؟))، قال: الذي يصدقني ولا يخونني، قال: ((فكذلك أنتم عند ربكم)).
632 - حدثنا بذلك عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/623)
633 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثنا ثابتٌ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: أصابتنا السماء ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوب عن رأسه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه قريب عهدٍ بربه)).(1/624)
634 - فحدثنا محمد بن رزام بن عبد الملك الأبلي، قال: حدثنا أحمد بن عطاءٍ الهجيمي، عن محمد بن نصيرٍ الواسطي، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {أرني أنظر إليك}، قال: ((قال الله: يا موسى! لن تراني، إنه لن يراني حيٌّ إلا مات، ولا يابسٌ إلا تدهده، ولا رطب إلا تفرق، إنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم، ولا تبلى أجسامهم)).(1/625)
635 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، عن حماد بن زيدٍ، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عمار ابن ياسرٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: ((أسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك في خيرٍ، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين)).(1/626)
636 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن موسى الطرسوسي، عن بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء، عن زيد بن ثابتٍ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعل في دعائك: ارزقني لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك)).(1/627)
637 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الحسين بن عيسى الطائي، عن ابن أبي فديكٍ، عن محمد ابن عثمان عن أبيه، عن حارثة بن النعمان: أنه جعل خيطاً من مصلاه إلى باب حجرته، وكان قد ذهب بصره، فيضع عنده مكتلاً فيه تمرٌ، وغير ذلك، فكان إذا سلم المسكين، أخذ من المكتل، ثم أخذ بالخيط حتى ينتهي إلى باب الحجرة، فيناول المسكين، فكان أهله يقولون: نحن نكفيك، فيقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن مناولة المسكين تقي ميتة السوء)).(1/628)
ولهذا: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكل خصلتين إلى أحدٍ، فكان يمشي بالصدقة إلى المسكين، ويستقي لوضوء الماء، ولا يكله إلى أحد)).
638 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا عمر بن هارون، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينارٍ، عن العباس بن عبد الرحمن بن ميناء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/629)
639 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن أبي الحبحاب سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! ما من عبدٍ يتصدق بصدقةٍ حسنةٍ طيبةٍ، فيضعها في حقٍّ، إلا كانت تقع في يد الرحمن، فيربيها كما يربي أحدكم فصيله، أو فلوه، حتى إن التمرة واللقمة لتصير مثل الجبل العظيم، ثم قرأ: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.(1/630)
640 - حدثنا صالحٌ، قال: حدثنا يحيى بن واضحٍ، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينارٍ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو عدلها من الطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فتقع في يد الله، فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله، حتى تكون مثل الجبل العظيم))، ثم قرأ: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}.(1/631)
641 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن قتادة المحاربي، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: إن الصدقة لتقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، ثم قرأ عبد الله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}.(1/632)
642 - حدثنا إسماعيل بن نصرٍ، قال: حدثنا محمد ابن بشرٍ العبدي، قال: حدثنا أبو المنهال الطائي، عن علي ابن حسين: أنه كان إذا أعطى السائل شيئاً، قبله، ثم وضعه على يديه، فإنما قبله؛ لأنه علم من يأخذه.(1/633)
فوجدنا عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً}، قال: ((يشهد الله وملائكته، وذلك أنه يتنزل إلى السماء الدنيا في الساعة الآخرة من الليل، فيقول: هل من تائبٍ فأتوب عليه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ حتى ينفجر الصبح، فإذا انفجر الصبح، وصليت الفجر، شهدها الله وملائكته)).
643 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا يحيى بن بكيرٍ المصري، قال: حدثنا الليث بن سعدٍ، عن زياد ابن محمد الأنصاري، عن محمد بن كعبٍ القرظي، عن فضالة ابن عبيدٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/634)
644 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ الدمشقي، قال: حدثنا عمرو بن واقدٍ، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، ولكن الزهادة أن لا تكون بشيءٍ مما في يدك أوثق منك مما في يد الله، وأن يكون ثواب المصيبة أحب إليه من أن لو بقيت المصيبة عنده، ولكل حقٍّ حقيقةٌ، ولا يبلغ العبد حقيقة الإيمان، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، ولكل حقٍّ حقيقةٌ، ولا يبلغ العبد حقيقة الإخلاص، حتى لا يحب أن يحمد في كل شيءٍ يعمله لله)).(1/635)
645 - حدثنا عبد الله بن خلف بن موسى البلخي، عن الوليد بن مسلمٍ، عن خالد بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
ولم يذكر أبا ذر. (1/636)
646 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها، وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك)). قلت: أرأيت لو كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: ((إن استطعت أن لا ترينها أحداً، لا ترينها)). قلت: أرأيت لو كان أحدنا خالٍ؟ قال: ((فالله أحق أن يستحيا منه)).
647 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيعٍ البصري قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
648 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن بهزٍ، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/637)
وروي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه، ثم قال له: هذه أمانة قد خبأتها عندك.
649 - حدثنا بذلك صالح بن عبد الله، قال: حدثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرٍو رضي الله عنهما: أنه قال: أول ما خلق الله -تبارك وتعالى- من الإنسان فرجه.(1/638)
650 - حدثنا العلاء بن مسلمة الرواس، قال: حدثنا إبراهيم الطالقاني، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن عاصمٍ بن سليمان، عن حفصة بنت سيرين، عن أنس ابن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحسن إلى يتيمٍ، أو يتيمةٍ، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين))، وقرن بين أصبعيه.(1/639)
651 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن صفوان بن سليمٍ، عن أنيسة، عن أم سعيدٍ بنت مرة الفهرية، عن أبيها، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أنا وكافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى الله في الجنة كهاتين، أو كهذه من هذه)).(1/640)
652 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن طلحة، عن عطاءٍ، قال: قال موسى -صلوات الله عليه-: يا ربّ أتميت أبوي الصبي، ومن لا حيلة له، وتدعه هكذا؟ قال: يا موسى! أما ترضى بي كافلاً.(1/641)
653 - حدثنا إسماعيل بن نصر بن راشدٍ، قال: حدثنا محمد بن بشرٍ العبدي، قال: حدثنا أبو رجاءٍ الجزري، عن الحسن، قال: ينادي منادٍ يوم القيامة: ألا من كان له على الله أجرٌ، فليقم، فلا يقوم إلا من عفا.(1/642)
654 - حدثنا عمرو بن علي الصيرفي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، عن أبي عمران الجوني، عن ربيعة الأسلمي، قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ((يا ربيعة! ألا تزوج؟))، قلت: يا رسول الله! أريد ذاك، وما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني منك شيء، فتركني ما شاء الله، ثم قال: ((يا ربيعة! ألا تزوج؟))، فقلت له مثل قولي الأول، ثم قلت: والله! لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما يصلحني في أمر دنياي وآخرتي، والله! لئن قال لي: يا ربيعة! ألا تزوج؟ لأقولن: بلى يا رسول الله! مرني بما شئت؟ فقال لي: فقلت: بلى يا رسول الله، فقال: ((ائت بني فلانٍ -حياً من الأنصار-، فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوا ربيعة فلانة)).
فأتيتهم، فقالوا: مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله! لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحاجته، فرحبوا بي، وأكرموني، وألطفوا بي، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزيناً، فقال لي: ((يا ربيعة! ما لك حزيناً؟))، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أتيت أكرم قوم، فرحبوا بي، وأكرموني، وألطفوا بي، من أين لي الصداق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا بريدة! اجمعوا له وزن نواةٍ من ذهبٍ))، فجمعوا لي وزن نواة من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب بها إليهم، وقل: هذا صداقها))، فذهبت بها إليهم، وقلت: هذا صداقها، فقبلوا ورضوا، وقالوا: كثير طيب، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزيناً، فقال: ((ما لك يا ربيعة حزيناً؟))، قلت: يا رسول الله! أتيت أكرم قوم، فقبلوا ورضوا، وقالوا: كثير طيب، من أين لي الوليمة يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجمعوا له في ثمن شاةٍ))، فجمعوا له، فاشتروا لي كبشاً سميناً ضخماً، وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اذهب إلى عائشة، فقل لها تبعث بما كان عندها من طعامٍ))، فانطلقت إلى عائشة -رضي الله عنها-، فقلت لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إليك تبعثين بما كان عندك من طعام، فقالت لي: خذ ذاك المكتل، فيه تسعة آصع من شعير، والله! ما أصبح في بيتنا طعامٌ غيره، فأخذته، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اذهب به إليهم، وقل: ليصبح هذا عندكم خبزاً))، قال: فانطلقت به وبالكبش، فأخذوا الطعام، وقالوا: اكفنا أنت الكبش، قال: فجاء معي ناس من أسلم، فاجتمعنا على الكبش، فذبحناه وسلخناه وطبخناه، فأصبح عندنا خبز ولحم، فأصبحت عروساً، فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أعطاني أرضاً، وأعطى أبا بكر أرضاً، وجاءت الدنيا حتى اختلفت أنا وأبو بكر في نخلة بيننا، فقلت: هي من أرضي، فقال أبو بكر: هي من أرضي، فقال لي أبو بكر كلمة كرهها بعد ذلك، فقال لي: رحمك الله، رد علي مثلها، حتى تكون قصاصاً، قلت: لا أرد عليك، قال لي: رحمك الله رد علي مثلها، حتى تكون قصاصاً، قلت: لا، قال: لأستأذنن عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلقت أتبعه، وجاء ناس من قومي معي، فقالوا: هو الذي قال لك: ففيما يستأذن عليك، قلت: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا، قلت: هذا أبو بكر الصديق، وهذا ثاني اثنين، ارجعوا لا يلتفت فيراكم معي تنصروني عليه، فيغضب، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره، فيغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لغضبه، فيغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهلك ربيعة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلي، فقال: ((يا ربيعة! ما لك والصديق؟))، فقلت: يا رسول الله! كان بيني وبينه اختلاف في نخلة، فقال لي كلمة كرهها بعد ذلك، فقال لي: ردها علي حتى تكون قصاصاً، فقلت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تردها عليه، ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكرٍ))، قلت: غفر الله لك يا أبا بكر، فولى أبو بكر رضي الله عنه يبكي)).(1/643)
655 - حدثنا العلاء بن مسلمة الرواس، قال: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن عكرمة بن عمارٍ، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لي حوضاً ما بين عدنٍ وعمان، آنيته عدد نجوم السماء، له ميزبان: أحدهما: من ورقٍ، والآخر: من ذهبٍ، يمدانه من الجنة، لا يرد عليه من كذب به)).(1/644)
656 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا سلمة بن عثمان، عن أبيه، قال: حدثني عدي بن ثابتٍ الأنصاري، قال: حدثني زر بن حبيشٍ، قال: حدثني أبي ابن كعبٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول من يدعى يوم القيامة أنا، فأقوم فألبي، ثم يؤذن لي في السجود، فأسجد له سجدةً يرضى بها عني، ثم يأذن لي، فأرفع، فأدعو بدعاءٍ يرضى به عني))، فقلنا: يا رسول الله! وكيف تعرف أمتك يوم القيامة؟ قال: ((يقومون غراً محجلين من آثار الوضوء، فيردون على الحوض ما بين بصرى إلى صنعاء، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحاً من المسك، فيه، من الآنية عدد نجوم السماء، من ورده، فشرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ومن صرف عنه، لا يروى بعده أبداً، ثم يعرض الناس على الصراط، فيمر أوائلهم كالبرق، ثم يمرون كالريح، ثم يمرون كالطرف، ثم يمرون كأجاود الخيل والركاب، وهي على كل حالٍ، وهي الأعمال، والملائكة جانبي الصراط يقولون: رب سلم سلم، فسالمٌ ناجٍ، ومخدوشٌ ناجٍ، ومرسلٌ في النار، وجهنم تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العالمين ما شاء أن يضع، فتزوى وتنقبض، وتغرغر كما تغرغر المزادة الجديدة إذا ملئت، وتقول: قط قط، قط)).(1/645)
657 - حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي، قال: حدثنا أبو شيبة، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: لما قبض إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدرجوه في أكفانه حتى أنظر إليه))، فأتاه، فانكب عليه وبكى.(1/646)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج وهو محتضنٌ أحد ابني ابنته، فقال:
((إنكم لتجهلون، وتجبنون، وتبخلون، وإنكم لمن ريحان الله)).
658 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا سفيان ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن ابن أبي سويدٍ، عن عمر بن عبد العزيز، عن خولة بنت حكيم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/647)
659 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا خلف بن خليفة أبو أحمد الأشجعي -وكان قد رأى عمرو بن حريث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم-، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد الله ابن الحارث، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً}، قال أبو الدحداح الأنصاري: أو إن الله ليريد منا القرض؟ قال: ((نعم يا أبا الدحداح))، قال: أرني يدك يا رسول الله -بأبي أنت وأمي-، قال: فناوله يده، قال: فإن أقرضت ربي حائطاً فيه ست مئة نخلةٍ، قال: فجاء إليه، ونادى، وهو خارجٌ من الحائط: يا أم الدحداح! مرتين، قالت: لبيك، قال: اخرجي، فقد أقرضته ربي.(1/648)
ومما يدل على ما قلنا: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم أهل اليمن ألين قلوباً، وأرق أفئدةٍ)).
660 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/649)
661 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمدٍ الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حبك الشيء يعمي ويصم)).(1/650)
662 - حدثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ، عن عبد العزيز بن أبي روادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا أعجبه الشيء، أخرج منه إلى الله، وكانت له سريةٌ، وكان بها معجباً، فأعتقها، وزوجها بعض مواليه، فولدت له غلاماً، فكان ابن عمر رضي الله عنه يضم ولدها إلى نفسه، ثم يقبله، ثم يقول: واهاً! إني أجد منك ريح فلانةٍ -يعني: جاريته-، وكان راكباً بعيراً له، فأعنق، فأعجبه سيره، فقال: إخ إخ، فنزل، ثم قال: يا نافع! جلله، وألحقه بالبدن.(1/651)
663 - حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، قال: حدثنا موسى بن هلالٍ العبدي، عن عبد الله العمري، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من زار قبري، وجبت له شفاعتي)).(1/652)
664 - حدثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صل الصلاة لوقتها، فإن أتيت الناس، وقد صلوا، كنت قد أحرزت، وإن لم يكونوا صلوا، كانت تلك لك نافلةً)).
665 - حدثنا أبو الأشعث العجلي، قال: حدثنا حماد ابن زيدٍ، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/653)
666 - حدثنا محمد بن عليِّ الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو حمزة اليشكري، قال: سألني عطاء بن السائب عن أبي مسلمٍ، فأخبرته، فقال: أين يقع هذا من الحجاج؟ كان يخطبنا الحجاج يوم الجمعة، فلم يزل يخطب، حتى غربت الشمس، ثم نزل، فصلى الظهر، والعصر، والمغرب.(1/654)
667 - حدثنا مؤمل بن هشامٍ اليشكري، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن سوار بن عبد الله، عن عبد الواحد ابن صبرة، قال: قال سالمٌ وهو يحدث القاسم بن محمد: لما قدم علينا الوليد بن عبد الملك، جاءت الجمعة، فجمع بنا، فما زال يخطب حتى مضى وقت الجمعة، ولم يصل، فقال القاسم: فما قمت فصليت؟ قال: لا، والله! خشيت أن يقال: رجل من آل عمر، ثم قال: ثم ما زال يخطب حتى زال وقت العصر ولم يصل، قال: فقال القاسم: فما قمت فصليت؟ قال: لا، قال: فما صليت قاعداً؟ قال: لا، قال: فما أومأت؟ قال: لا.(1/655)
668 - حدثنا بذلك علي بن خشرمٍ، قال: أخبرنا أبو بكر بن عياشٍ، عن عاصمٍ، عن زر بن حبيشٍ، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنكم لعلكم ستدركون أقواماً يصلون الصلاة لغير وقتها، فإن أدركتموهم، فصلوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، ثم صلوا معهم، واجعلوها سبحةً)).(1/656)
669 - حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أسامة بن زيدٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استن، فأعطى أكبر القوم، قال: ((أمرني جبريل أن أكبر)).(1/657)
670 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا الحكم ابن ظهيرٍ، عن زيد بن رفيعٍ، قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل، وميكائيل، وهو يستاك، فناول رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل السواك، فقال جبريل لمحمد عليه السلام: كبر -أي: ناول ميكائيل-؛ فإنه أكبر.(1/658)
671 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، وابن لهيعة، قال: حدثنا ابن الهاد، عن عبد الله بن كعبٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استن، أعطى السواك الأكبر، وإذا شرب، أعطى الذي عن يمينه.(1/659)
672 - حدثنا بذلك عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن أبي توبة النميري، قال: حدثني خليد بن دعلجٍ الموصلي، عن قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ادهن أحدكم، فليبدأ بحاجبيه؛ فإنه يذهب بالصداع))، أو قال: ((ينفع من الصداع)).(1/660)
673 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن وهبٍ، عن بقية، عن أبي توبة النميري، عن خليد بن دعلجٍ، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أدهن أحدكم، فليبدأ بحاجبيه، فإنه يذهب بالصداع)).(1/661)
674 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا نعيم بن حمادٍ، عن الوليد بن مسلمٍ، عن ابن المبارك، عن خالدٍ الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقي، قال: ((ابدأ بالأكابر؛ فإن البركة مع أكابركم)).
قال نعيم: كان ابن المبارك يحدثنا به، عن خالد، عن عكرمة، ولا يذكر ابن عباس. (1/662)
فهذا إذا سقى، بدأ بالأكابر، فأما إذا كان في إناء كبير يديره عليهم، فالحق للأيمن فالأيمن، كذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
675 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/663)
676 - حدثنا سليمان بن أبي هلالٍ، وصالح ابن عبد الله، قالا: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي، فقال: ((كن في الدنيا كأنك غريبٌ، أو عابر سبيلٍ، وعد نفسك من أهل القبور)).(1/664)
677 - حدثنا الحسن بن قزعة البصري، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: حدثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: ((كن في الدنيا كأنك غريبٌ، أو كأنك عابر سبيلٍ)).(1/665)
678 - حدثنا يحيى بن حسان النخعي، قال: حدثنا مالك بن سعيرٍ بن الخمس، قال: حدثنا الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله، مثل حديث ابن المبارك بتمامه.(1/666)
679 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم الجمحي، قال: حدثنا مسلمة بن عليٍّ الخشني، قال: حدثني زيد بن واقدٍ، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً نجياً، واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي وجلالي! لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي)).(1/667)
680 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي رحمه الله، قال:
حدثنا عمر بن [أبي] عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم الجمحي، قال: حدثنا أبو غسان محمد بن مطرفٍ، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما عندي شيءٌ، ولكن ابتع علي، فإذا جاء شيءٌ، قضينا)). فقال له عمر رضي الله عنه: هذا أعطيت إذا كان عندك، فما كلفك الله ما لا تقدر، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قول عمر، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أنفق، ولا تخف من ذي العرش إقلالاً، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف السرور في وجهه لقول الأنصاري، ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بذلك أمرت)).(1/668)
681 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان: قال: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال الله تعالى: سبقت رحمتي غضبي، يا بن آدم! أنفق أُنفق عليك، يمين الله ملأى سحاء، لا يغيضها شيءٌ بالليل والنهار)).(1/669)
682 - حدثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي، قال: حدثنا مفضل بن صالحٍ، عن الأعمش، عن طلحة اليامي، عن مسروقٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أطعمنا يا بلال))، قال: ما عندي إلا صبر من تمرٍ قد خبأته لك، قال: ((أما تخشى أن يخسف الله به نار جهنم؟ أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً)).(1/670)
683 - حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا أبو غسان، عن قيسٍ، عن أبي حصينٍ، عن يحيى بن وثابٍ، عن مسروقٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/671)
684 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي، عن عيسى بن يونس، عن وائل بن داود، عن النخعي، عن الزبير بن العوام، قال: جئت حتى جلست بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بطرف عمامتي من ورائي، ثم قال: ((يا زبير! إني رسول الله إليك خاصةً، وإلى الناس عامةً، أتدرون ماذا قال ربكم؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال:
((قال ربكم حين استوى على عرشه، ونظر إلى خلقه: عبادي! أنتم خلقي، وأنا ربكم، أرزاقكم بيدي، فلا تتعبوا فيما تكفلت لكم، فاطلبوا مني أرزاقكم، وإلي فارفعوا حوائجكم، انصبوا إلي أنفسكم، أصب عليكم أرزاقكم، أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال الله -تبارك وتعالى-: عبدي! أنفق أنفق، وأوسع أوسع عليك، ولا تضيق فأضيق عليك، ولا تصر، فأصر عليك، ولا تخزن، فأخزن عليك، إن باب الرزق مفتوحٌ من فوق سبع سماوات، متواصلٌ إلى العرش، لا يغلق في ليلٍ ولا نهارٍ، ينزل الله منه الرزق على كل امرئٍ بقدر نيته، وعطيته، وصدقته، ونفقته، من أكثر، أكثر له، ومن أقل، أقل له، ومن أمسك، أمسك عليه.
يا زبير! فكل وأطعم، ولا توك فيوكى عليك، ولا تحص فيحصى عليك، ولا تقتر فيقتر عليك، ولا تعسر فيعسر عليك.
يا زبير! إن الله يحب الإنفاق، ويبغض الإقتار، وإن السخاء من اليقين، والبخل من الشك، فلا يدخل النار من أيقن، ولا يدخل الجنة من شك.
يا زبير! إن الله يحب السخاء ولو بفلق تمرةٍ، والشجاعة ولو بقتل عقربٍ أو حيةٍ.
يا زبير! إن الله يحب الصبر عند زلزلة الزلازل، واليقين النافذ عند مجيء الشهوات، والعقل الكامل عند نزول الشبهات، والورع الصادق عند الحرام والخبيثات.
يا زبير! عظم الأخوان، وجلل الأبرار، ووقر الأخيار، وصل الجار، ولا تماش من الفجار والأشرار، وادخل الجنة بغير حسابٍ ولا عذابٍ، هذه وصية الله إلي، ووصيتي إليك يا زبير بن العوام)).(1/672)
685 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان ابن شرحبيل الدمشقي، قال: حدثنا بشر بن عونٍ، قال: حدثنا بكار بن تميمٍ القرشي، عن مكحولٍ، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يبعث الله عبداً يوم القيامة لا ذنب له، فيقول له: أي الأمرين أحب إليك: أجزيك بعملك، أم بنعمتي عليك؟ قال: رب! أنت تعلم أني لم أعصك، قال: خذوا عبدي بنعمةٍ من نعمي، فما بقي له حسنةٌ إلا استفرغتها تلك النعمة، فيقول: رب! بنعمتك ورحمتك، قال: يقول: بنعمتي ورحمتي، ويؤتى بعبدٍ محسنٍ في نفسه، لا يرى أن له سيئةً، فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب! كنت من الناس سلماً، قال: هل كنت تعادي أعدائي؟ قال: يا رب! لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحدٍ شيءٌ، قال: يقول الله -تبارك وتعالى-: وعزتي! لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي، ويعاد أعدائي)).(1/673)
686 - حدثنا عمر، قال: حدثنا محمد بن حميدٍ الرازي، قال: حدثنا علي بن أبي بكرٍ، قال: حدثنا جراحٌ الكندي، عن أبي شيبة، عن ابن عكيمٍ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((قل: اللهم اجعل علانيتي صالحةً، واجعل سريرتي خيراً من علانيتي، اللهم إني أسالك من صالح ما تؤتي الناس من المال والولد غير الضال ولا المضل)).(1/674)
687 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن عمرٍو السويقي، عن خالد بن عبد الله بن سعيد ابن العاص، قال: حدثنا بشر بن عبد الله، عن عمر بن عبد العزيز، عن بشر بن حيان، عن مكحولٍ، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بادر العاطس بالحمد، لم يضره شيءٌ من داء البطن)).(1/675)
688 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا يوسف الصفار، قال: حدثنا محمد بن طلحة التيمي، عن إسحاق بن يحيى، عن عمه موسى بن طلحة، قال: أوحى الله -تبارك وتعالى- إلى سليمان عليه السلام: إن عطس عاطسٌ من وراء سبعة أبحرٍ، فاذكرني.(1/676)
689 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام ابن عبد الملك الحمصي، قال: حدثنا بقية بن الوليد، قال: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ ابن جبلٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا، لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا، لم يخونوا، وإذا وعدوا، لم يخلفوا، وإذا اشتروا، لم يذموا، وإذا باعوا، لم يطروا، وإذا كان عليهم، لم يمطلوا، وإذا كان لهم، لم يعسروا)).(1/677)
690 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمود ابن خالدٍ الدمشقي، قال: حدثنا مروان بن محمدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا الحارث بن يزيد، عن علي ابن رباحٍ، عن جنادة بن أبي أمية، قال: سمعت عبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله رجل: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيله))، قال: يا رسول الله! أريد أيسر من ذلك؟ قال: ((السماحة والصبر))، قال: يا رسول الله! أريد أيسر من ذلك؟ قال: ((لا تتهم الله في شيءٍ قضى به لك)).(1/678)
691 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحسن بن سوارٍ البغوي، قال: حدثنا موسى بن علي بن رباحٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/679)
692 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا محمد ابن الحسن القرشي، عن خصيب بن جحدرٍ، عن أبي غالبٍ، قال: سمعت أبا أمامة الصدي بن عجلان يقول: إذا سلم التاجر من أكل الحرام، والربا، والرين، والحلف، والكذب، والمدحة، وكتمان العيب، فهو التاجر الصدوق، فليشتر، وليبع.(1/680)
693 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: حدثني إبراهيم ابن بشارٍ الرمادي، قال: حدثني يعلى بن شبيبٍ المكي، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال: سمعت قيلة أخت بني أنمار، قالت: كنت امرأة أشتري وأبيع في السوق، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، فأتيته وهو عند المروة، فقلت: يا رسول الله! إني امرأة أشتري وأبيع في السوق، فيأتيني الرجل يريد أن يشتري مني الشيء، فأستام عليه بأكثر مما أريد أن أبيعه، فلا أزال، أنقص وأنقص، حتى أبيعه بالذي أريد، وكذلك في الشراء، قال: ((فلا تفعلي هكذا يا قيلة، إذا أردت أن تبيعي شيئاً، فاستامي به الذي تريدين أن تبيعيه، أعطيت، أو منعت، وإذا أردت أن تشتري شيئاً، فسومي بالذي تريدين أن تشتريه به، أعطيت أو منعت)).(1/681)
694 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس عن محمد بن طلحة بن مصرفٍ، عن محمد بن جحادة، قال: كان زاذان يبيع الكرابيس، وكان يسوم سومة واحدة، فكان إذا جاءه المشتري، ناوله شر الطرفين.(1/682)
695 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا عبد المجيد بن عبيدٍ، عن حماد بن عمرٍو، عن زيد بن رفيعٍ، عن سهلٍ من ولد أبي موسى، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استمع إلى صوت غناءٍ، لم يؤذن له أن يستمع الروحانيين في الجنة))، فقيل: وما الروحانيون يا رسول الله؟ قال: ((قراء أهل الجنة)).(1/683)
696 - فحدثنا الفضل، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أهل القرآن عرفاء أهل الجنة)).(1/684)
697 - حدثنا بذلك حفص بن عمرو، قال: حدثنا محمد ابن بشرٍ العبدي، قال: حدثنا عمر بن راشدٍ اليمامي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيروا، سبق المفردون))، قالوا: يا رسول الله! من المفردون؟ قال: ((الذين أهتروا في ذكر الله، يأتون يوم القيامة خفافاً، يضع الذكر أثقالهم)).(1/685)
698 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن مالكٍ، قال: قرأت في الكتب: أيها الصديقون! تنعموا بذكري؛ فإنه لكم في الدنيا نعيم، وفي الآخرة جزاء.
وزاد فيه غيره: رضيتم بي بدلاً من خلقي، وآثرتموني على شهواتكم، فبي فافرحوا، وبذكري فتنعموا، فوعزتي! ما خلقت الجنان إلا من أجلكم، فعما قليل لأخلين الدنيا من الفجار. (1/686)
699 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ قال: حدثنا رياحٌ القيسي، قال: حدثنا ثور بن يزيد، قال: بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة، فيقولون: يا أولياء الله! انطلقوا، فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة، فيقولون: إنكم لتذهبون بنا إلى غير بغيتنا، فيقال لهم: وما بغيتكم؟ فيقولون: المقعد الصدق مع الحبيب، وهو قوله -جل ذكره-: {إن المتقين في جناتٍ ونهرٍ. في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر}.(1/687)
700 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا إبراهيم ابن حمزة الرملي، عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعبٍ في قوله تعالى: {في جناتٍ ونهرٍ}، قال: في نور وضياء.(1/688)
701 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن سنان العوقي، عن إبراهيم بن طهمان، عن صالحٍ بن حيان، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إن المتقين في جناتٍ ونهرٍ. في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر}، قال: إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يومٍ مرتين، فيقرأ عليهم القرآن، وقد جلس كل امرئٍ منهم مجلسه الذي يجلسه على منابر الدر، والياقوت، والزمرد، والذهب، والفضة بالأعمال، فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك، ولم يسمعوا شيئاً أعظم منه، ولا أحسن منه، ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرةً أعينهم، ناعمين إلى مثلها من الغد)).(1/689)
702 - حدثنا الحسن بن عمر بن شقيقٍ البصري، قال: حدثنا سليمان بن طريفٍ، عن مكحولٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير أمتي أولها وآخرها، وفي وسطها الكدر)).(1/690)
703 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا عيسى ابن ميمون البصري، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خيرٌ أو آخره)).(1/691)
704 - حدثنا صالحٌ، قال: حدثنا حماد الأبح، عن يزيد الرقاشي، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/692)
705 - حدثنا الفضل بن محمدٍ الواسطي، قال: حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الدمشقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الملك بن عقبة الإفريقي، عن أبي يونس مولى أبي هريرة رضي الله عنه، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: بعثني خالد بن الوليد بشيراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة، فلما دخلت عليه، قلت: يا رسول الله! فقال: ((على رسلك يا عبد الرحمن، أخذ اللواء زيد بن حارثة، فقاتل زيدٌ حتى قتل، رحم الله زيداً، ثم أخذ اللواء (جعفرٌ، فقاتل جعفرٌ، فقتل، رحم الله جعفراً، ثم أخذ اللواء) عبد الله بن رواحة، فقاتل، فقتل رحمه الله، ثم أخذ اللواء خالدٌ، ففتح الله لخالدٍ، فخالدٌ سيفٌ من سيوف الله)).
فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم حوله، فقال: ((وما يبكيكم؟))، قالوا: وما لنا لا نبكي، وقد قتل خيارنا، وأشرافنا، وأهل الفضل منا؟
فقال: ((لا تبكوا؛ فإنما مثل أمتي مثل حديقةٍ، قام عليها صاحبها، فاجتث رواكيها، وهيأ مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاماً فوجاً، ثم عاماً فوجاً، ثم عاماً فوجاً، فلعل آخرها طعماً يكون أجودها قنواناً، وأطولها شمراخاً، والذي بعثني بالحق! ليجدن ابن مريم في أمتي خلفاً من حواريه)).(1/693)
706 - حدثنا علي بن سعيد بن مسروقٍ الكندي، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرٍو السكسكي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفيرٍ الحضرمي، قال: لما اشتد جزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أصيب مع زيد ابن حارثة يوم مؤتة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليدركن المسيح من هذه الأمة أقواماً: إنهم لمثلكم، أو خيرٌ منكم، ثلاث مراتٍ، ولن يخزي الله أمة أنا أولها، والمسيح آخرها)).(1/694)
707 - حدثنا محمد بن عبدة بن سليمان الكلابي، قال: أخبرني ابن إدريس، قال: أخبرنا مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من أغبط أوليائي عندي: مؤمنٌ خفيف الحاذ، ذو حظٍّ من صلاة، أحسن عبادة ربه، وكان غامضاً في الناس، وكان رزقه كفافاً، فصبر عليه، فعجلت منيته، وقل تراثه، وقلت بواكيه))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، ونقر بإصبعه هكذا.
708 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، عن مطرح بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، يرفعه، بمثله.
ولم يذكر عبيد الله، ولا القاسم، وقال في حديثه: ((وكان غامصاً في الناس)) -بالصاد-.
709 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا يحيى الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله ابن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
قال: ((وكان غامصاً)) -بالصاد المهملة-.(1/695)
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: لا ينال الرجل ولاية الله، وإن كثرت صلاته، وإن كثر صيامه، حتى يحب في الله، ويبغض في الله، ويوالي في الله، ويعادي في الله)).
710 - حدثنا بذلك صالح بن عبد الله، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، بنحوه.(1/696)
فذكر في الخبر: ((أنه لما عرضت على آدم ذريته، رأى نوراً ساطعاً في واحد من ذريته، فقال: يا رب! من هذا؟ قال: ابنك داود، قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة، قال: ربّ هب له من عمري أربعين سنة)).
711 - حدثنا بذلك محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا قتيبة، عن ليث بن سعدٍ، عن ابن عجلان، عن سعيدٍ المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن سلام.(1/697)
712 - حدثنا أبي، عن عمرو القناد، عن أسباطٍ عن السدي، عن أبي صالحٍ وأبي مالكٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، ومرة الهمداني، عن ابن مسعودٍ، بمثله.(1/698)
713 - فحدثنا عمر بن أبي عمر، عن أحمد بن أبي الحسين الخزاعي، عن عبد الرزاق، عن معمرٍ، عن همام ابن منبهٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان مما خفف على داود قراءة الزبور، وإنه كان يأمر بدوابه أن تسرج، فقبل أن يفرغ كان يأتي على قراءته.(1/699)
714 - حدثنا بذلك داود بن حماد القيسي، قال: حدثنا صالح بن عبد الله، عن عبد المجيد بن أبي روادٍ، عن مروان بن سالمٍ، عن عيسى بن بشيرٍ، عن يحيى بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقال: ((يدخل من هذا الباب رجلٌ من أهل الجنة))، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة.
قال أبو الدرداء: فخرجت من ذلك الباب، فمضيت، فنظرت، هل أرى أحداً، فلم أر أحداً، فدخلت منه، فقعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أما إنك لست به يا أبا الدرداء))، ثم جاء رجل حبشي، فدخل من ذلك الباب، وعليه جبة صوفٍ فيها رقاعٌ من أدمٍ، رامٍ بطرفه نحو السماء، حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه، فقال: ((كيف أنت يا هلال؟))، قال: بخيرٍ يا رسول الله، جعلك الله بخيرٍ. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ادع لنا يا هلال، واستغفر لنا))، فقال: رضي الله عنك يا رسول الله، وغفر لك.
فقال أبو الدرداء: استغفر لي يا هلال، فأعرض عني، ثم عاودته الثانية، فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أراضٍ أنت عنه يا رسول الله؟ قال: ((نعم))، قال: رضي الله عنك، وغفر لك، ثم خرج رامياً بطرفه إلى السماء، (فقال أبو الدرداء: لقد رأيت عجباً يا رسول الله، لقد أقبل وهو رامٍ بطرفه إلى السماء)، ما يقلع، ثم خرج وهو على ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لئن قلت ذاك، إن قلبه لمعلقٌ بالعرش، أما إنه لم يبق فيكم أكثر من ثلاثة أيامٍ))، فأحصيت الأيام، فلما كان في اليوم الثالث، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، خرج من المسجد، ونحن معه، فخرج يؤم دار المغيرة بن شعبة، فلقي المغيرة خارجاً من داره، فقال: ((آجرك الله يا مغيرة)) فقال: يا رسول الله! ما مات في دارنا أحدٌ الليلة، قال: ((بلى، توفي هلالٌ))، قال: فالتمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده في ناحية الدار في إصطبل لهم، خاراً على وجهه ساجداً، ميتاً، فأمر أصحابه فاحتملوه، فولي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، حتى دفن، ثم أقبل على أبي الدرداء، فقال: ((يا أبا الدرداء! أما إنه أحد السبعة الذين بهم كانت تقوم الأرض، وبهم كنتم تسقون المطر، بل هو خيرهم)).(1/700)
715 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضحاك في قوله: {فيتبعون أحسنه}، قال: ما أمر الله النبيين من الطاعة، فالمحسن هو الذي يتبع حسن الأمور.(1/701)
716 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا أحمد بن السرح المصري، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم العتقي، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن عبد الأعلى ابن الحجاج في قوله: {فاصبر صبراً جميلاً}، قال: يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو.(1/702)
717 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغدٍ.(1/703)
718 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عمر ابن عمرو الربعي، عن محمد بن جابرٍ، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن حذيفة، قال: كنا في جنازةٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انتهينا إلى القبر، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفيره، وجعل ينظر، ثم قال: ((يضغط المؤمن في هذا ضغطةً تزول منها حمائله، ويملأ على الكافر ناراً)).(1/704)
719 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أبو صالح الحراني، عن عبد الله بن لهيعة، عن دراجٍ، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن المؤمن في قبره في روضةٍ خضراء، يرحب له قبره سبعين ذراعاً، وينور له قبره كليلة البدر، أتدرون فيمن نزلت هذه الآية: {فإن له معيشةً ضنكا}؟ قال: عذاب القبر. والذي نفسي بيده! إنه ليسلط عليه تسعةٌ وتسعون تنيناً. أتدرون ما التنين؟ تسعةٌ وتسعون حيةً، لكل حيةٍ منها تسعة رؤوسٍ، ينفخن في جسمه، ويلسعنه، ويخدشنه إلى يوم يبعثون)).(1/705)
720 - حدثنا هارون بن حاتمٍ الكوفي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياشٍ، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، قال: لما مات سعدٌ، نزل جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد! رجلٌ من أمتك مات اهتز له العرش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فإذا امرأةٌ، فقالت: يا رسول الله! إن سعد بن معاذ مات، فشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازته، فجلس على القبر، فقال: ((لا إله إلا الله، سبحان الله! هذا العبد الصالح لقد ضيق عليه في قبره حتى خشيت أن لا يوسع عليه، ثم وسع عليه)).(1/706)
721 - حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا ابن فضيلٍ، قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره، فاحتبس، فقالوا: ما حبسك يا رسول الله! قال: ((ضم سعدٌ في القبر ضمةً، فدعوت الله أن يكشف عنه)).(1/707)
722 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة، عن مجالدٍ، عن محمد بن المنتشر، عن ربعي بن حراشٍ، عن حذيفة، قال: في القبر حسابٌ، وفي الآخرة حسابٌ، فمن حوسب في القبر، لم يعذب في الآخرة.(1/708)
723 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان ابن شرحبيل، قال: حدثنا بشر بن عونٍ، قال: حدثنا بكار بن تميم القرشي، عن مكحولٍ، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا البول؛ فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر)).(1/709)
724 - وحدثنا الجارود، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، قال: لما توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازتها. قال: فكأنما نسف على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماد، فلما دفنت، ذهب عنه بعض ذلك، فقالوا: يا رسول الله! ما نزال نرى في وجهك ما نكرهه، قال: ((إني ذكرت ضعفها، وضغطة القبر، فعفي لي عنها، ولقد ضغطت ضغطةً سمع [صوتها] كل شيء إلا الثقلين)).(1/710)
725 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن زيادٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أفلت أحدٌ من فتنة القبر، أو ضمه، لنجا سعدٌ، ولقد ضم ضمة، ثم رخي عنه)).(1/711)
726 - حدثنا بذلك محمد بن الحسين، قال: حدثنا إسحاق بن المنذر، قال: أخبرنا سليمان بن أبي معاوية الكوفي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اتقى الله، أهاب الله منه كل شيءٍ، ومن لم يتق الله، أهابه الله من كل شيءٍ)).(1/712)
ومثله ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لو عرفتم الله حق معرفته، لزالت بدعائكم الجبال)).
727 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، قال: حدثنا أبي، عن الحجاج، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد الرحمن بن غنمٍ، عن معاذ بن جبلٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/713)
728 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا القعنبي، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن حنشٍ، عن ابن مسعودٍ: أنه قرأ: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} الآية، فبرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قرأها موقنٌ على جبلٍ، لزال)).(1/714)
وروي عن عيسى بن مريم -صلوات الله عليه- أنه أتي بامرأة مصابة، فصك في صدرها، فخرج منها تسعة من الشياطين، فتعجبوا من ذلك، فقال عيسى عليه السلام: أتعجبون من ذلك؟! لو أن مؤمناً مستكمل الإيمان مستحقه نهر جبلاً، لزال ذلك الجبل من مكانه.
729 - حدثنا بذلك الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا القاسم الجوعي الدمشقي، عن الفريابي.(1/715)
730 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبيد الله العمري عن نافعٍ، قال: خرجت عنق نار من حرة النار، لا تمر على شيء إلا أحرقته. فأتي عمر، فأخبر بها، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: أيها الناس! أطفئوها بالصدقة. فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف دينارٍ. فقال عمر: ماذا صنعت، حصرت الناس، فتصدق الناس، فأتى عمر، فقالوا له: لقد طفئت. فقال: لو لم تفعلوا، لذهبت حتى أنزل عليها.
قال: وزلزلت المدينة على عهد عمر رضي الله عنه حتى اصطفقت السرر، فقام عمر بن الخطاب على المنبر، فقال: أيها الناس! ما هذا؟ ما أسرع ما أحدثتم؟ قال: فسكنت، فقال: لئن عادت، لا أساكنكم فيها. (1/716)
731 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن يزيد بن الهاد، عن محمد ابن إبراهيم التيمي، عن أم كلثومٍ بنت العباس، عن أبيها العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله، تحاتت عنه خطاياه كما تحاتت عن الشجرة البالية ورقها)).(1/717)
732 - حدثنا إبراهيم بن يوسف الحضرمي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن الربيع بن أنسٍ، عن أبي داود، عن أبي بن كعبٍ، قال: ليس من عبدٍ على سبيلٍ وسنةٍ ذكر الرحمن، فاقشعر جلده من مخافة الله، إلا كان مثله كمثل شجرة يبس ورقها، فهي كذلك، فأصابتها ريحٌ، فتحات عنها ورقها، إلا تحاتت عنه خطاياه، كما تحاتت عنها ورقها.
قال: وليس من عبد على سبيل وسنة، ذكر الرحمن، ففاضت عيناه من خشية الله أن تمسه النار أبداً. (1/718)
733 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن عبد الصمد بن معقلٍ، قال: سمعت وهب بن منبهٍ يقول: قرأت في آخر زبور داود ثلاثين سطراً: يا داود! هل تدري أي المؤمنين أحب إلي أن أطيل حياته؟ الذي إذا قال: لا إله إلا الله، اقشعر جلده، فإني أكره لذلك الموت كما تكره الوالدة لولدها، ولابد له منه، إني أريد أن أسره في دار سوى هذه الدار؛ فإن نعيمها بلاء، ورخاءها شدة، فيها عدو لا يألوهم خبالاً، يجري منهم مجرى الدم، من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة، لولا ذلك، ما مات آدم وولده حتى ينفخ في الصور.(1/719)
734 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد ابن المصفى، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبد الله النجراني، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن إذا مات تجملت المقابر لموته، فليس منها بقعةٌ إلا وهي تتمنى أن يدفن فيها، فإذا دفن في البقعة التي قضى الله أن يدفن فيها، دخل عليه ملكا الرحمة، فأجلساه، ثم سألاه، فقال أحدهما للآخر: ارفق بولي الله؛ فإنه نجا من هولٍ شديدٍ، ثم سأله عن الرب، فعظم إجلاله، وأخبره بعظمته، ثم سأله عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه، وأثنى عليه، وإن الأرض تزينت له، فقالت: رب! مني خلقته، وفي أعدته، ومني تبعثه للحساب، فائذن لي حتى أدخل على عبدك فلانٍ، فأمر الله الأرض، فتزينت في صورةٍ لم تر الأعين مثلها، ودخلت على من هو أحسن منها، فقالت له حين دخلت عليه: ما أحسن وجهك! وأطول نعيمك! وأفسح مضجعك! فقال لها: ومن رآك في هذه الصورة، فليحسن وجهه، وليطل نعيمه، وينفسح مضجعه. فقالت له: أنت مني خلقت، وإلي أعدت، وفي أكرمت، ثم خرجت من عنده، فيقول: كان ابن آدم ناعماً، حتى يبعث أولياء الله، لم يذق عذاب القبر، ويبعث (ببياض الوجه حتى يدخل في الجنة، فتلقاه الملائكة، فيقولون: سلامٌ عليك، هذا بشراك الذي كنت توعد، وكذلك يبعث أولياء الله)).(1/720)
735 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، قال: حدثني بقية، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن الهيثم بن مالكٍ الطائي، عن عبد الرحمن بن عائذٍ الأزدي، عن أبي الحجاج الثمالي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول القبر للميت حين يوضع فيه: ويحك يا ابن آدم! ما غرك بي؟ ألم تعلم أني بيت الظلمة، وبيت الفتنة، وبيت الوحدة، وبيت الدود، وما غرك بي إذ كنت تمر بي فداداً؟ قال: فإن كان مصلحاً، أجاب عنه مجيب القبر، فيقول: أرأيت إن كان ممن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر؟ قال: فيقول: إني إذاً أعود عليه خضراً، ويعود جسده عليه نوراً، وتصعد روحه إلى رب العالمين)).(1/721)
736 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا العمري، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاصٍ الزهري، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاؤه بقضاء الله، ومن شقاوته تركه استخارة الله، ومن شقاوته سخطه لقضاء الله)).(1/722)
737 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الوهاب بن نافعٍ، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال الله -تبارك وتعالى-: ((يا داود! تريد وأريد، ويكون ما أريد، فإن أردت ما أريد، كفيتك ما تريد، ويكون ما أريد، وإن أردت غير ما أريد، غيبتك فيما تريد، ويكون ما أريد)).(1/723)
738 - ما حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: ((إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني، ودنياي، ومعاشي، ومعادي، وعاقبة أمري. أو قال: عاجل أمري، وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ودنياي، ومعاشي، ومعادي، وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ورضني به، وتسمي حاجتك باسمها)).(1/724)
739 - حدثنا حاتم بن بكرٍ الضبي، قال: حدثنا أبو عاصمٍ النبيل، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد الكريم: أن زياد بن أبي مريم أخبره: أن عبد الله ابن معقلٍ أخبره: أن أباه أخبره: أن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أخبره: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الندم توبةٌ)).(1/725)
740 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا عبيد الله ابن عمرٍو الرقي أبو وهبٍ الأسدي، قال: حدثنا عبد الكريم، عن زياد بن الجراح، عن عبد الله بن معقلٍ، قال: دخلت مع أبي على ابن مسعودٍ، فسمعت أبي يسأل ابن مسعودٍ: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الندم توبةٌ))؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الندم توبةٌ)).(1/726)
741 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا المسيب ابن واضحٍ السلمي، قال: حدثنا يوسف بن أسباط، عن مالك ابن مغولٍ، عن منصور، عن خيثمة، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الندم توبةٌ)).(1/727)
742 - حدثنا محمد بن أيوب السمناني، قال: حدثنا عثمان بن صالحٍ السهمي، قال: أخبرني ابن وهبٍ، عن يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميدٌ الطويل، قال: قلت لأنس بن مالكٍ: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الندم توبةٌ))؟ قال: نعم.(1/728)
743 - حدثنا علي بن حجرٍ السعدي، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفرٍ، عن أبان بن صالحٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء مخ العبادة)).(1/729)
744 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن موسى الراسبي، قال: حدثنا هلالٌ أبو جبلة، عن أبي عبد السلام، عن أبيه، عن كعبٍ، قال: قال الله -تبارك وتعالى- لموسى: ((يا موسى! قل للمؤمنين: لا يستعجلوني إذا دعوني، فلا يبخلوني، أليس يعلمون: أني أبغض البخل؟ فكيف أكون بخيلاً؟ يا موسى! لا تخف مني بخلاً أن تسألني عظيماً، ولا تستحي أن تسألني صغيراً، اطلب إلي الدقة، واطلب إلي العلف لشاتك. يا موسى! أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها، وأني لم أخلق شيئاً إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليه؟ فمن سألني مسألة، ثم أعطيته، كان أشد عليه عند الحساب، ثم إذا أعطيته، ولم يشكرني، عذبته عند الحساب)).(1/730)
745 - حدثنا محمد بن عثمان بن عمرو الطائفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال عروة بن الزبير: إني لأسأل الله حوائجي في صلاتي، حتى أسأله الملح لأهلي.(1/731)
746 - حدثنا عبد العزيز بن المنيب، قال حدثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي، عن رشدين، عن زهرة بن معبدٍ، قال: سمعت محمد بن المنكدر يدعو، يقول: اللهم قو ذكري؛ فإن فيه منفعةً لأهلي.(1/732)
747 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الغفار ابن داود الحراني، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن دراجٍ أبي السمح، عن عيسى بن هلالٍ، عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن أرواح المؤمنين لتتلاقى على مسيرة يومٍ، وما رأى صاحبه قط)).(1/733)
748 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشبٍ، قال: حدثني عبد الرحمن بن غنمٍ، عن الحارث بن عميرة الحارثي: أنه أتى باب سلمان، فخرج إليه فقال: أما تعرفني يا أبا عبد الله؟ قال: نعم، عرف روحي روحك قبل أن أعرفك.(1/734)
749 - حدثنا هارون بن حاتمٍ الكوفي، حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالمٍ، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل أمةٍ أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)).(1/735)
750 - حدثنا نصر بن علي الحداني، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، عن خالدٍ الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/736)
751 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عيسى التمار، قال: حدثني يحيى بن [أبي] زكريا الغساني، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله: أنه سمع خالد بن الوليد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لكل أمةٍ أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح)).(1/737)
752 - ما حدثنا به أبو داود المصاحفي، قال: حدثنا النضر، قال: حدثنا الأشعث، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحدٍ من أصحابي إلا لو شئت عبت عليه في خلقه، غير أبي عبيدة بن الجراح)).(1/738)
753 - حدثنا محمد بن عبدة بن سليمان العامري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم البيت يدخله الرجل المسلم بيت الحمام، وذلك لأنه إذا دخله، سأل الله الجنة، واستعاذ به من النار، وبئس البيت يدخله الرجل المسلم بيت العروس، وذلك لأنه يرغبه في الدنيا، وينسيه الآخرة)).(1/739)
754 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا يحيى بن عثمان التيمي، قال: حدثنا عبد الله بن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا بيتاً يقال له: الحمام))، قيل: يا رسول الله! إنه يذهب الوسخ، ويذكر النار. فقال: ((إن كنتم لابد فاعلين، فادخلوه مستترين)).(1/740)
755 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيعٍ، قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدثنا بهز بن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو مما ملكت يمينك)). قال: يا رسول الله! فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: ((فالله أحق أن يستحيا منه)).
756 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/741)
757 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا شريكٌ، عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناعٍ من رطبٍ، وأجر زغبٍ، فأعطاني ملء كفه حلياً أو ذهباً.(1/742)
758 - حدثنا يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا إسحاق ابن عيسى الطباع، قال: حدثنا شريكٌ، عن عبد الله بن محمد ابن عقيلٍ، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من رطبٍ وأجرٍ زغبٍ، فأعطاني ملء كفه ذهباً، فقال: ((تحلي بهذا يا بنية)).(1/743)
759 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سهل بن خاقان، عن عبد الوهاب بن همامٍ الحميري، قال: سمعت وهباً يقول: ترك المكافأة من التطفيف.(1/744)
760 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: ناول شابٌّ الليث بن سعدٍ أترنج باكورة، فأمر أن يعطى ديناراً، وقال: كان الأسخياء يفعلون مثل ذلك.(1/745)
761 - حدثنا عمر، قال: حدثنا محمد بن معاوية، قال: كنت عند الليث بن سعدٍ، فجاءته عجوزٌ، فقالت: يا أبا الحارث! مر وكيلك أن يعطيني رطلاً من عسل؛ فإن ابني مريض يشتهيه. فقال لوكيله: أعطها مطراً من عسلٍ. قال له: إنما سألتك رطلاً. قال: هي سألت على قدرها، ونحن نعطيها على قدرنا.(1/746)
762 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن سنان العوقي، قال: حدثنا موسى بن علي بن رباحٍ اللخمي، قال: سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الهدية رزقٌ من الله طيبٌ، فإذا أهدي إلى أحدكم، فليقبلها، وليعط خيراً منها)).(1/747)
763 - حدثنا عبد الله بن عبد الله الربعي البصري، قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي، قال: حدثنا همام ابن مسلمٍ الزاهد، قال: حدثنا مقاتل بن حيان أبو بسطام البلخي، عن الضحاك بن مزاحمٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ولي من أمر أمتي شيئاً، فحسنت سريرته، رزق الهيبة من قلوبهم، وإذا بسط يده لهم بالمعروف، رزق المحبة منهم، وإذا وفر عليهم أموالهم، وفر الله عليه ماله، وإذا أنصف الضعيف من القوي، قوى الله سلطانه، وإذا عدل، مد الله في عمره)).(1/748)
764 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا هارون الراسبي، عن جعفرٍ، عن أبي رجاء في قوله تعالى: {وألقيت عليك محبةً مني} قال: الملاحة والحلاوة.(1/749)
765 - حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا بشر بن بكرٍ، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، [قال]: ((فإذا أعطي أحدٌ سلطاناً، أرعب القلوب)).(1/750)
766 - حدثنا إسماعيل بن نصر بن راشدٍ، قال: حدثنا مسددٌ، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عمر مولى غفرة، قال: سمعت أيوب بن خالد بن صفوان يذكر عن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أيها الناس! من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله، فلينظر كيف منزلة الله عنده؛ فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه، وإن لله سرايا من الملائكة تحل، وتقف على مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله في الأرض، ألا فارتعوا في رياض الجنة)). قالوا: وأين رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: ((مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله، واذكروه بأنفسكم)).(1/751)
ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عرج به إلى السدرة: ((فإذا النور الأكبر قد تدلى، فالتفت إلى جبريل، فإذا هو ميتٌ من الفرق، كالحلس الملقى من خشية الله، قال: فعرفت فضل علمه بالله على علمي)).
767 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن أبي عمران الجوني.(1/752)
768 - حدثنا عبد الله بن عبد الله الربعي، قال: حدثنا عبد الله بن وهبٍ المصري، قال: حدثنا معاوية بن صالحٍ، عن عيسى بن عاصمٍ، عن زر بن حبيشٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فصنع شيئاً لم نره صنع في غيره، مد يده، ثم أخرها، فقلنا له: يا رسول الله! لقد صنعت في صلاتك شيئاً لم نرك صنعت في غيرها؟ قال: ((إني رأيت الجنة، فرأيت فيها داليةً قطوفها دانيةٌ، حبها كالدباء، فأردت أن أتناول منها، فأوحى الله إليها: أن استأخري، ثم رأيت النار فيما بيني وبينكم، حتى رأيت ظلي وظلكم، فأومأت إليكم: أن استأخروا، فقيل لي: أقرهم، فإنك أسلمت وأسلموا، وهاجرت وهاجروا، وجاهدت وجاهدوا، فلم أر لي عليكم فضلاً إلا بالنبوة)).(1/753)
769 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الله ابن أبي حسان، قال: إسحاق بن حازمٍ المدني، عن صالحٍ بن مسمارٍ مولى سعد بن أبي وقاصٍ، عن عامر بن سعدٍ، عن أبيه، قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً في جوف الليل، وهو يقول: يا غوثاه من النار! يرددها كذلك ليلاً طويلاً، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أنت القائل الليلة: يا غوثاه من النار؟))، فقال: نعم يا رسول الله، قال: ((لقد أبكيت الليلة أعيان ملأٍ من الملائكة كثيرةٍ)).(1/754)
770 - حدثنا عبد الوهاب بن فليح بن رباحٍ المكي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا زياد بن المنذر، قال: حدثنا أبو بردة بن [أبي] موسى، قال: حدثنا الأغر المزني، قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو رافعٌ يديه، وهو يقول: ((يا أيها الناس! استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، فوالله! إني لأستغفر في اليوم مئة مرةٍ)).(1/755)
771 - حدثنا أبو العالية إسماعيل بن الهيثم العبدي، قال: حدثنا حماد بن واقدٍ البصري، عن ثابتٍ البناني، عن أبي بردة، عن الأغر المزني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرةٍ)).(1/756)
772 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمرو ابن عثمان بن سعيد بن كثيرٍ الحمصي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عبد الله ابن بسرٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طوبى لمن وجد في كتابه استغفارٌ كثيرٌ)).(1/757)
773 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن الوليد بن سلمة الدمشقي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا النضر بن محرزٍ، عن محمد بن المنكدر، عن أنس ابن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للقلوب صدأً كصدأ الحديد، وجلاؤها الاستغفار)).(1/758)
774 - حدثنا بشر بن هلالٍ الصواف، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أضاء كل شيء منها، فلما كان في اليوم الذي مات فيه، أظلم كل شيء منها، وما نفضنا الأيدي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا لفي دفنه، حتى أنكرنا قلوبنا.(1/759)
775 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا موسى ابن سليمان القرشي الصوفي، عن بقية بن الوليد، قال: كتب إلي عبد الملك بن مهران، قال: حدثني أبو أمية بن يعلى الثقفي، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نظر الرجل إلى أخيه على شوقٍ خيرٌ من اعتكاف سنةٍ في مسجدي هذا)).(1/760)
ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل أعطى المؤمن ثلاثاً: المقة، والملاحة، والمودة، والمحبة في صدور المؤمنين)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً}.
776 - حدثنا بذلك أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالك الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/761)
777 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا موسى بن سليمان القرشي، عن ابن وهبٍ، عن حيوة بن شريحٍ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من نظر إلى أخيه نظر ودٍّ، غفر الله له)).(1/762)
778 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمرو ابن عثمان بن سعيد بن كثيرٍ الحمصي القرشي، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني شعبة، قال: حدثني يزيد بن خميرٍ، قال: حدثني عبد الله بن بسرٍ، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطعم، ثم أتي بسويقٍ، فشرب، وأعطى الذي عن يمينه، وكان إذا أكل التمر، وضع النواة على ظهر إصبعيه الوسطى والمشيرة، ثم ألقاها.
وأشار شعبة بإصبعيه، وأشار بقية بهما، وأشار عمرٌو بهما. (1/763)
779 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن وهبٍ الدمشقي، عن بقية، عن خليد بن دعلجٍ، عن قتادة، عن أنسٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نجمع بين التمر والنوى، وبين الرطب والنوى على الطبق.(1/764)
780 - حدثنا عمر، قال: حدثنا الحارث بن عبد الله، عن أبي معشرٍ، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بطبقٍ من رطبٍ، فأكل منه شيئاً، ثم جعل يلقي النوى من فمه بشماله، فمرت به داجنةٌ، فناولها إياه، فأكلت)).(1/765)
781 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الهيثم بن أيوب، عن مروان الفزاري، عن عيسى بن أبي عيسى، قال: سمعت أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيد إدامكم الملح)).(1/766)
782 - حدثنا محمد بن بشارٍ الهجري، قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، قال: حدثنا شعبة، عن مسلمٍ الأعور، عن حبة العرني، عن علي -كرم الله وجهه-، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: متى الساعة؟ فقال: ((ما أعددت لها؟))، قال: حب الله، وحب رسوله، قال: ((فأنت مع من أحببت)).(1/767)
783 - حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى، قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/768)
784 - حدثنا المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/769)
785 - ما حدثنا به أبي رحمه الله، قال: حدثنا يحيى الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمدٍ الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حبك الشيء يعمي ويصم)).(1/770)
786 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقدٍ العطار، قال: حدثنا هشام بن سلمان، قال: سمعت ثابتاً البناني يقول: لا تسخروا من أحد، ولا تستهزئوا من أحدٍ؛ فإن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه حدثنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبقيع، فإذا هو بأعرابيٍّ أعمش العينين، حمش الذراعين، دقيق الساقين، عليه شملتان، وهو على قعودٍ، ومعه عكة سمنٍ يبيعها، فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هذا زاهرٌ، هذا يحب الله، والله يحبه، فدنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا زاهر!))، قال: لبيك يا رسول الله، قال: ((من يشتري زاهراً؟))، فقال: يا رسول الله! إذاً تجدني كاسداً، فقال: ((يا زاهر! إن تكن عند الناس كاسداً، فإنك عند الله لست بكاسدٍ، إذا قدمت المدينة، فانزل علي، وإذا أنا بدوت، نزلت عليك)).(1/771)
787 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا ابن أبي أويسٍ، قال: حدثنا سليمان بن بلالٍ، عن محمد بن عجلان، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قيل: يا رسول الله! أي النساء خير؟ قال: ((التي تسره إذا نظر، ولا تعصيه إذا أمر، ولا تخالفه لما يكره في نفسها ومالها)).(1/772)
788 - حدثنا بذلك عبد الله بن [أبي] زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا محمد بن مروان العقيلي -أظنه- قال: حدثنا يونس بن عبيدٍ: أن رجلاً كان يعتدي على أهل مملكته، ويجور عليهم، فائتمروا لقتاله، فقالوا: نبي الله زكريا بين أظهرنا -صلوات الله عليه-، فلو أتيناه، فأتوا منزله، فإذا فتاة جميلة رائعة، قد أشرق البيت لها حسناً، فقالوا: من أنت؟ قالت: أنا امرأة زكريا، قالوا بينهم: كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا، فإذا هو قد اتخذ امرأة جميلة رائعة. قالوا: فأين هو؟ قالت: في حائط آل فلانٍ يعمل لهم، فأتوه، فإذا هو يعمل، حتى إذا حضر غداؤه، قرب رغيفين، فأكل، ولم يدعهم، ثم قام فعمل بقية عمله، ثم علق خفيه على عنقه، والمسحاة والكساء، ثم قال: حاجتكم؟ قالوا: جئنا لأمر، ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له، قال: فهاتوا، قالوا: جئنا منزلك، فإذا امرأة جميلة رائعة، وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا.
فقال: إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة؛ لأكف بها بصري، وأحفظ بها فرجي، فخرج نبي الله مما قالوا.
قالوا: ورأيناك قربت رغيفين، فأكلت ولم تدعنا؟! قال: إن القوم استأجروني على عمل، فخشيت أن أضعف عن عملي، ولو أكلتم معي، لم يكفني، ولم يكفكم، فخرج نبي الله -صلوات الله عليه- مما قالوا.
قالوا: ((ورأيناك وضعت خفيك على عنقك، والمسحاة والكساء؟! قال: إن هذه الأرض جديدة، فكرهت أن أنقل تراب هذه إلى هذه، فخرج نبي الله مما قالوا.
قالوا: إن هذا الملك يجور علينا، ويظلمنا، وقد ائتمرنا لقتاله، قال: أي قوم! لا تفعلوا؛ فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل. (1/773)
789 - حدثنا عمر، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، عن ابن وهبٍ، قال: حدثنا معاوية، عن أزهر بن سعيدٍ، عن أبي كبشة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت بنا امرأةٌ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل منزله، ثم خرج إلينا وقد اغتسل، فقلنا: نرى أن قد كان شيءٌ يا رسول الله؟! فقال: ((مرت بي فلانة، فوقعت في نفسي شهوة النساء، فقمت إلى بعض أهلي، فوضعت شهوتي فيها، وكذلك فافعلوا؛ فإنه من أماثل أعمالكم)).(1/774)
790 - حدثنا إبراهيم بن سالم بن رشيدٍ الهجيمي، قال: حدثني يوسف بن عطية الصريمي، قال: حدثنا ثابتٌ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! صلى الله عليك، إن زوجي غزا في سبيل الله، وإنه أمرني أن لا أخرج من البيت، وإن أبي اشتكى، قال: ((اذهبي فالزمي بيتك، وأطيعي زوجك))، ثم جاءت فقالت: إن أبي مات، فقام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب وصلى عليه، فلما أن فرغ، قال: ((يا هذه! اعلمي أن الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك)).(1/775)
791 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يوسف ابن عطية، عن ثابتٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه: أن رجلاً انطلق غازياً، وأوصى امرأته أن لا تنزل من فوق البيت، وكان والدها في أسفل البيت، فاشتكى أبوها، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره وتستأمره، فأرسل إليها: ((اتقي الله، وأطيعي زوجك))، ثم إن والدها توفي، فأرسلت إليه تستأمره، فأرسل إليها مثل ذلك، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه، وأرسل إليها: ((إن الله قد غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك)).(1/776)
792 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيار ابن حاتمٍ العنزي، قال: حدثنا سالم أبو سلمة مولى أم هانئٍ، قال: سمعت شيخاً يقول: سمعت عثمان بن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله -جل ذكره-: إذا بلغ عبدي أربعين سنةً، عافيته من البلايا الثلاث: من الجنون، والبرص، والجذام، فإذا بلغ خمسين سنةً، حاسبته حساباً يسيراً، وإذا بلغ ستين سنةً، حببت إليه الإنابة، وإذا بلغ سبعين سنةً، أحبته الملائكة، وإذا بلغ ثمانين سنةً، كتبت حسناته، وألقيت سيئاته، وإذا بلغ تسعين سنةً، قالت الملائكة: أسير الله في أرضه، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويشفع في أهله)).(1/777)
793 - حدثنا يزيد بن هلالٍ، قال: حدثنا الفضيل ابن عياضٍ، عن يوسف بن أبي ذرة، عن جعفر ابن عمرو بن أمية، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من معمرٍ يعمر في الإسلام أربعين سنةً، إلا صرف الله عنه ثلاثة أنواعٍ من البلاء: الجنون، والجذام، والبرص، فإذا بلغ خمسين سنةً، لين الله حسابه، فإذا بلغ ستين سنةً، رزقه الله الإنابة إليه بما يحبه، أو كما قال: فإذا بلغ سبعين سنةً، تقبل حسناته، وتجاوز عن سيئاته، وإذا بلغ ثمانين سنةً، أحبه الله، وأحبه أهل السماء، وإذا بلغ تسعين سنةً، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وتسميه: أسير الله في الأرض، ويشفع في أهل بيته)).(1/778)
794 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا الفرج ابن فضالة، عن محمد بن عامرٍ، عن محمد بن عبد الله، عن جعفر بن عمرٍو الضمري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، بنحوه، ولم يرفعه.(1/779)
795 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا خالد الزيات، عن داود أبي سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن معمر بن حزمٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، ورفع الحديث، قال: ((المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنةٍ كتبت لوالديه، أو لوالده، فإن عمل سيئةً، لم تكتب عليه، ولا على والده، وإذا بلغ الحنث، وجرى عليه القلم، أمر الملكان اللذيان معه: أن يحفظا، ويسددا، فإذا بلغ أربعين سنةً في الإسلام، أمنه الله من البلايا الثلاث: من الجذام، والبرص، والجنون، فإذا بلغ الخمسين، خفف الله حسابه، فإذا بلغ الستين، رزقه الله الإنابة إليه فيما يحبه، فإذا بلغ السبعين، أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين، كتب الله حسناته، وتجاوز عن سيئاته، وإذا بلغ التسعين، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفعه في أهل بيته، وكان اسمه عند الله في السماء: أسير الله في أرضه، فإذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعمل من بعد علمٍ شيئاً، كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير، فإن عمل سيئةً، لم تكتب عليه)).
796 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان بن عمرٍو، عن ابن حزمٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/780)
797 - حدثنا داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا اليقظان بن عمار بن ياسرٍ، قال: حدثنا ابن شهابٍ الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا بلغ أربعين سنةً، -وهو العمر-، أمنه الله من الخصال الثلاث: من الجنون، والجذام، والبرص، وإذا بلغ خمسين سنةً، -وهو الدهر- خفف الله عنه الحساب، فإذا بلغ ستين سنةً، -وهو في إدبارٍ من قوته-، رزقه الله الإنابة إليه فيما يحب، فإذا بلغ سبعين سنةً، -وهو الحقب-، أحبه أهل السماء، وإذا بلغ ثمانين سنة، -وهو الخرف-، أثبتت حسناته، ومحيت سيئاته، وإذا بلغ تسعين سنة، -وهو الفناء-، وقد ذهب العقل، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفع في أهل بيته؛ (لأن اسمه عند الله في السماء): أسير الله في أرضه، وإذا بلغ مئة سنةٍ، سمي: حبيس الله في الأرض، وحقٌّ على الله أن لا يعذب حبيسه في الأرض)).(1/781)
798 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا عثمان بن زفر، قال: حدثنا مزاحم بن زفر، عن ليث بن سعدٍ، عن أبي عمر الصنعاني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. نحو حديث فضيل بن عياض. (1/782)
799 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم البصري، قال: حدثني الهيثم بن الأشعث، عن الهيثم بن محمدٍ السلمي، عن محمد بن عمارٍ الخطمي، عن جهم بن عثمان بن أبي جهيمة السلمي، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الله بن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بلغ المرء المسلم أربعين سنةً، صرف الله عنه ثلاثة أنواعٍ من البلاء: الجنون، والجذام، والبرص)).(1/783)
800 - حدثنا يحيى بن المغيرة المخزومي، قال: حدثنا ابن أبي فديكٍ، عن إبراهيم بن الفضل، عن ابن أبي حسينٍ المكي، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم القيامة، نودي أبناء الستين، وهو العمر الذي قال الله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر}.(1/784)
801 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا عثمان بن زفر، عن محمد بن كناسة، رفعه إلى أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقل أمتي أبناء السبعين)).(1/785)
802 - حدثنا يحيى بن المغيرة بن سلمة المخزومي أبو سلمة، قال: حدثنا ابن أبي فديكٍ، عن إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين)).(1/786)
803 - حدثنا محمد بن يزيد النيسابوري، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا أبي، عن وهب بن منبهٍ، قال: مكتوبٌ في التوراة: شوقناكم، فلم تشتاقوا، ونحنا لكم، فلم تبكوا، ألا وإن لله ملكاً في السماء ينادي كل ليلة: بشر القتالين بأن لهم عند الله سيفاً لا ينام، وهو نار جهنم، أبناء الأربعين زرعٌ قد دنا حصاده، أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب، أبناء الستين ماذا قدمتم؟ وماذا أخرتم؟ أبناء السبعين ماذا تنتظرون؟ ألا ليت الخلائق لم يخلقوا، فإذا خلقوا، علموا لما خلقوا، ألا أتتكم الساعة، فخذوا حذركم.(1/787)
804 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا عثمان بن زفر الكوفي، قال: حدثنا جابر بن نوحٍ، عن عمرٍو الملائي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بلغ الرجل من أمتي ثمانين سنةً، حرم الله جلده على النار)).(1/788)
805 - فحدثنا صالح بن محمدٍ، عن سليمان، عن ابن حزمٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {فلهم أجرٌ غير ممنونٍ} قال: ((غير ممنونٍ ما يكتب لهم صاحب اليمين، فإن عمل خيراً، كتب صاحب اليمين، وإن ضعف عن ذلك، كتب له صاحب اليمين، وأمسك صاحب الشمال، فلم يكتب سيئةً، ومن قرأ القرآن، لم يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً)).(1/789)
806 - حدثنا سعيد بن عبد الله التمار، وإسماعيل بن نصر، وحفص بن عمرٍو، قالوا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أزهر بن سنان القرشي، عن محمد بن واسعٍ، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دخل سوقاً من أسواق المسلمين، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، كتب الله له ألف ألف حسنةٍ، وحطت عنه ألف ألف خطيئةٍ، ورفعت له ألف ألف درجةٍ)).
قال محمد بن واسع: فقدمت خراسان، فلقيت قتيبة بن مسلم، فقلت له: قد جئتك بهدية، فحدثته به، فكان يركب في موكبه إلى السوق، فيقولها، ثم يرجع. (1/790)
807 - حدثنا حفص بن عمرٍو، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أزهر بن سنان القرشي، قال: حدثنا محمد بن واسعٍ، قال: قدمت مكة، فلقيت بها سالم بن عبد الله، فحدثني عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.(1/791)
808 - حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثني عمرو بن دينارٍ مولى آل الزبير، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/792)
809 - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن معمرٍ، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((تجدون الناس كالإبل المئة ليس فيها راحلةٌ، أو ليس فيها إلا راحلةٌ)).(1/793)
810 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا محمد ابن حميدٍ المعمري، عن معمرٍ، عن الزهري، عن سالمٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما الناس كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلةً)).(1/794)
811 - حدثنا سهل بن العباس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن معراء أبو زهيرٍ، عن عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم، عن أبي عبد الرحمن المعافري، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أضن بعبده المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه)).(1/795)
812 - حدثنا أحمد بن مصرفٍ، قال: حدثنا محمد ابن بشرٍ، عن عباد بن كثيرٍ، عن حوشبٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يضن بهم عن الأمراض والأسقام في الدنيا، يحييهم في عافيةٍ، ويميتهم في عافيةٍ، ويدخلهم الجنة في عافيةٍ)).(1/796)
813 - حدثنا بذلك محمد بن يحيى بن أبي حزمٍ القطعي، قال: حدثنا بشر بن عمر الزهراني، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمدٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((طوبى للسابقين إلى ظل الله))، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((الذين إذا أعطوا الحق، قبلوه، وإذا سئلوا، بذلوه، والذين يحكمون للناس بحكمهم لأنفسهم)).(1/797)
814 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا صالحٌ المري، عن حبيبٍ -وهو العجمي-، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه: إن الله يقول: ((يا جبريل! انسخ من قلب عبدي المؤمن الحلاوة التي كان يجدها لي، قال: فيصير العبد المؤمن والهاً، طالباً للذي كان يعهد من نفسه، نزلت به مصيبةٌ لم ينزل به مثلها قط، فإذا نظر الله إليه على تلك الحال، قال: يا جبريل! رد إلى قلب عبدي ما نسخت منه، فقد ابتليته، فوجدته صادقاً وسأمده من قبلي بزيادةٍ)).(1/798)
815 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا معمرٌ، عن الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: بينما نحن جلوسٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة)). فاطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماءً من وضوءه، معلقٌ نعليه في يده الشمال، فلما كان من الغد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة))، فاطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى، فلما كان من الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فاطلع ذلك الرجل، فلما قام ذلك الرجل، اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى يحل يميني، فعلت، فقال: نعم.
قال أنس رضي الله عنه: فكان عبد الله بن عمر يحدث أنه بات معه ليلة، فلم يره يقوم من الليل بشيء، غير أنه كان إذا انقلب على فراشه، وذكر الله، وكبره حتى يقوم لصلاة الفجر، فيسبغ الوضوء، غير أني لا أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الليالي الثلاث، فكدت أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله! إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات في ثلاثة مجالس: ((يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة))، فاطلعت أنت تلك المرات الثلاث، فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك، فقال: ما هو إلا ما قد رأيت، فانصرفت عنه، فلما وليت، دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي غلاً لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه، فقال له عبد الله بن عمرو: وهذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق. (1/799)
816 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا بشرٌ بن منصورٍ، قال: حدثنا عبد العزيز ابن أبي روادٍ، قال: بلغنا أن رجلاً صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا الرجل من أهل الجنة))، فقال عبد الله بن عمرٍو: فأتيته، فقلت: يا عماه! الضيافة، فقال: نعم، فإذا له خيمة ونخل وشاة، فلما أمسى، خرج من خيمته، فاحتلب العنز، واجتنى لي رطباً، ثم وضعه فأكلت معه، فبات نائماً، وبت قائماً، وأصبح مفطراً، وأصبحت صائماً، ففعل ذلك ثلاث ليال، فقلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيك: إنك من أهل الجنة، فأخبرني ما عملك، قال: فأت الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ائته، فمره فليخبرك))، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تخبرني، قال: أما الآن، فنعم، لو كانت الدنيا لي، فأخذت مني، لم أحزن عليها، ولو أعطيتها، لم أفرح بها، وأبيت وليس في قلبي غلٌّ على أحد.
قال عبد الله: لكني -والله- أقوم الليل، وأصوم النهار، ولو وهبت لي شاة، لفرحت بها، ولو ذهبت، لحزنت عليها، والله! لقد فضلك الله علينا فضلاً بيناً. (1/800)
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنه قيل له: أي المؤمنين أفضل؟ قال: ((كل مؤمنٍ مخموم القلب، صدوق اللسان))، قالوا: يا رسول الله! ما مخموم القلب؟ قال: ((التقي النقي، الذي لا إثم عليه ولا بغي، ولا غلٍّ، ولا حسد))، قالوا: ما نعرف هذا فينا يا رسول الله، فمن يليه؟ قال: ((الذين نسوا الدنيا وأحبوا الآخرة))، قالوا: وما نعرف هذا يا رسول الله إلا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن يليه؟ قال: ((مؤمنٌ في خلقٍ حسنٍ)).
قال محمد بن علي الحكيم رحمه الله:
817 - حدثنا بذلك إبراهيم بن عبد الحميد التمار، قال: حدثنا محمد بن المبارك الصنعاني، قال: حدثنا يحيى ابن حمزة، قال: حدثني زيد بن واقدٍ، عن مغيث بن سمي الأوزاعي، عن عبد الله بن عمرٍو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/801)
818 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا ليث بن سعدٍ، عن محمد بن عجلان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((في كل قرنٍ من أمتي سابقون)).
819 - حدثنا أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلمة القعنبي بإسناده مثله.(1/802)
820 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: قلت لإسرائيل أبي موسى: إنما كان بين أظهركم رجلٌ يرحلكم؟ فقال: إنه بدأ بنفسه، فرحلها، ثم كان يرحلنا -يعني: الحسن-.(1/803)
821 - حدثنا بذلك الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الإسكندراني، قال: حدثنا أبو أيوب بن شرحبيل، عن زيد بن واقدٍ، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ((خلقه أن يرضى برضاه، ويسخط بسخطه)).(1/804)
822 - حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد الحلواني قال: حدثنا محمد بن المبارك الصنعاني، قال: حدثنا معاوية بن يحيى أبو مطيعٍ، قال: حدثنا الحكم بن عبد الله، وهو الأيلي، عن القاسم بن محمدٍ، عن أسماء بنت أبي بكرٍ، عن أم رومان والدة عائشة -رضي الله عنها-، قالت: رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي- فزجرني زجرة كدت أنصرف عن صلاتي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا قام أحدكم في الصلاة، فليسكن أطرافه، لا يتميل تميل اليهود؛ فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة)).(1/805)
823 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن الحارث بن عبيدٍ الإيادي، قال: حدثنا مسلم بن شقير اليشكري، عن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم بن مالك بن أوسٍ، قال: خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من خشوع النفاق))، قالوا: يا رسول الله! وما خشوع النفاق؟ قال: ((خشوع البدن، ونفاق القلب)).(1/806)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو خشع قلبه، خشعت جوارحه)).
824 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان بن عمرٍو، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/807)
وبلغنا: أنه أوحي إليه: إن هذه التوراة صارت في حجور بني إسرائيل، فلا تكاد تعظمها، فحلها بالذهب، واجعلها ذهباً لم تمسسه أيدي الآدميين، فأنزلت عليه الكيمياء، فعلمها، فعمد إلى أسماء تلك الأدوية والعقاقير، ففرقها ثلاثة أجزاء، فأعطى جزءاً منها هارون، وجزءاً منها يوشع، وجزءاً منها قارون؛ ليأتوا بها من الجبال كيلا يجتمع عند أحد علمها فيعمل بها.
فذهب قارون، فقعد على طريق هارون ويوشع حين رجعا من الجبل، فاستدرجهما مختدعاً لهما، فقال لكل واحد منهما: بم أمرك موسى؟ فأخبره كل واحد منهما بالذي أمره، فأثبتها عنده، فضم علم الجزأين إلى جزئه الذي عند، ثم عمد إلى الصفر، فأذابه، فألقى عليه، فأخذ يعمل ذلك، وتركه موسى وأمره، فكان دهره وشهره في طبخ الذهب حتى اتخذ بيوت أموال، فكانت تحمل مفاتيح كنوزه سبعون بغلاً أغر محجلاً، قال الله -تبارك اسمه-: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة}.
وضرب حيطان قصره من خارج بصفائح الذهب، ونافق، فوعظ، وقيل له: {وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض}،
#11#
قال: إنما أوتيته على علم عندي؛ أي: إني طبخت الذهب، وجمعت هذه الكنوز بما كان عندي من علمه، فخسف الله به وبداره الأرض.
825 - بلغنا ذاك: عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما.(1/808)
وروي عنه أيضاً: أنه قال: ((صلوا في نعالكم، ولا تتشبهوا باليهود)).
826 - حدثنا أبو عمارٍ الحسين بن حريثٍ الخزاعي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن هلال بن ميمونٍ الرملي، عن يعلى بن شداد بن أوسٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.(1/809)
827 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك الحمصي، قال: حدثني بقية بن الوليد، قال: حدثني ابن أبي روادٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبدؤوا بالكلام قبل السلام، ومن بدأكم بالكلام قبل السلام، فلا تجيبوه)).(1/810)
828 - حدثنا بذلك سفيان، قال: حدثنا العلاء ابن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من آدميٍّ إلا وقد أخطأ، أو هم بخطيئةٍ، غير يحيى بن زكريا -صلوات الله عليهما-)).(1/811)
829 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبي،، قال: حدثنا زربيٌّ مؤذن مسجد هشام بن حسان، قال: حدثنا أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أعطى أمتي ثلاثاً لم يعط أحدٌ قبلهن: السلام، وهي تحية أهل الجنة، وصفوف الملائكة، وآمين، إلا ما كان من موسى وهارون)).(1/812)
830 - حدثنا بذلك الشقيقي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله، عن إسماعيل بن عياشٍ، قال: حدثنا أبو سلمة الحمصي، عن يحيى بن جابرٍ: أن أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال: ((السلام أمان الله في الأرض)).(1/813)
831 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بدأ بالسلام، فهو أولى بالله ورسوله)).(1/814)
832 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا يحيى ابن سليمان الجعفي، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني حيوة بن شريحٍ، قال: أخبرني أبو صخرٍ المديني، عن يزيد الرقاشي سمع أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن داود النبي -صلوات الله عليه- حين نظر إلى المرأة، فهم بها، قطع على بني إسرائيل بعثاً، وأوصى صاحب البعث، فقال: إذا حضر العدو، فقرب فلاناً، وسماه، قال: قربه بين يدي التابوت، وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، فمن قدم بين يدي التابوت، لم يرجع حتى يقتل، أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله، فقدم، فقتل زوج المرأة، فنزل الملكان على داود، فقصا عليه القصة، ففزع منهم .. .. إلى آخر القصة، ففطن داود، فسجد، فمكث أربعين ليلةً ساجداً حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، وأكلت الأرض جبينه، يقول في سجوده: رب! زل داود زلةً أبعد مما بين المشرق والمغرب، رب! إن لم ترحم ضعف داود، وتغفر ذنبه، جعلت ذنبه حديثاً في المخلوق من بعده. قال: فجاء جبريل بعد أربعين ليلةً، فقال: يا داود! إن الله قد غفر لك الهم الذي هممت به، فقال له داود: قد علمت أن الله قادرٌ على أن يغفر لي الذنب الذي هممت، وقد عرفت أن الله عدلٌ لا يميل، فكيف لي إذا جاء يوم القيامة، فقال: يا رب! دمي الذي عند داود؟ قال: جبريل: ما سألت ربك عن ذلك، ولئن شئت، لأفعلن، قال: نعم، فعرج جبريل إلى السماء، وسجد داود، فمكث ما شاء الله، ثم نزل فقال: سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني إليه، فقال: قل لداود: إن الله يجمعكما يوم القيامة، ثم يقول له: هب لي دمك الذي عند داود، فيقول: هو لك يا رب، فيقول له: فإن لك قصراً في الجنة)).(1/815)
833 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، وإسماعيل بن نصرٍ، قالا: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ المكي، عن عبد العزيز ابن أبي روادٍ، قال: بلغني أن قاضياً كان في زمن بني إسرائيل بلغ من اجتهاده أن طلب إلى ربه أن يجعل بينه وبينه علماً، إذا هو قضى بالحق، عرف ذلك، وإذا هو قصر عن الحق، فقضى به، عرف ذلك، فقيل له: ادخل منزلك، ثم مد يدك في جدارك، ثم انظر حيث تبلغ أصابعك من الجدار، فاخطط عندها خطاً، فإذا أنت قمت من مجلس القضاء، فارجع إلى ذلك الخط، فامدد يدك إليه، فإنك متى قضيت على الحق، فإنك ستبلغه، وإن لم تقض على الحق، قصر بك.
فكان يغدو إلى القضاء وهو مجتهد، فكان لا يقضي إلا بحق، وإذا قام من مجلسه، وفرغ، لم يذق طعاماً ولا شراباً، ولم يفض إلى أهله بشيء من الأمور حتى يأتي ذلك الخط، فإذا بلغه، حمد الله، وأفضى إلى
كل ما أحل الله له من أهل أو مطعم أو مشرب، فلما كان ذات يوم وهو في مجلس القضاء، أقبل إليه رجلان يريدانه، فوقع في نفسه أنهما يريدان أن يختصما إليه، وكان أحدهما له صديقاً وخدناً، فتحرك قلبه عليه محبة أن يكون الحق له، فيقضي له به، فلما أن تكلما، دار الحق على صاحبه، فقضى عليه، فلما قام من مجلسه، ذهب إلى خطه كما كان يذهب كل يوم، فمد يده إلى الخط، فإذا الخط قد ذهب، وتشمر إلى السقف، وإذا هو لا يبلغه، فخر ساجداً وهو يقول: يا رب! شيئاً لم أتعمده، ولم أرده، فبينه لي، فقيل له: أتحسبن أن الله لم يطلع على جور قلبك؛ حيث أحببت أن يكون الحق لصديقك، فتقضي له به، قد أردته وأحببته، ولكن الله قد رد الحق إلى أهله، وأنت لذلك كاره. (1/816)
834 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، قال: تقدم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خصمان، فأقامهما، ثم عادا، فأقامهما، ثم عادا، ففصل بينهما، فقيل له في ذلك، فقال: تقدما إلي، فوجدت لأحدهما ما لم أجد لصاحبه، فكرهت أن أفصل بينهما على ذلك، ثم عادا، فوجدت بعض ذلك، فكرهت، ثم عادا وقد ذهب ذلك، ففصلت بينهما.(1/817)
835 - حدثنا الجارود، والحسين بن جنيدٍ الدامغاني، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: اختصم إلى سليمان عليه السلام خصمان، أحدهما من أهل جرادة امرأةٍ لسليمان كان يحبها، فهوي أن يقع القضاء له، ثم قضى بينهما بالحق، فأصابه الذي أصابه عقوبة لذلك الهوى.(1/818)
(4/ 28 - 29) وروى محمد بن عمرو السويقي، عن عبد الرحمن بن ميمون الرقي، عن سالم مولى أبي جعفر، قال: خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس، فلما دخل دمشق، بعث إلى الأوزاعي، فأتاه، فقال: يا أمير المؤمنين! حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: فقال: {يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}.
قال: إن ارتفع إليك الخصمان، فكان لك في أحدهما هوى، لا تشته في نفسك الحق له، فيفلح على صاحبه، فأمحو اسمك من نبوتي، ثم لا تكون خليفتي، ولا أهل كرامة.
يا أمير المؤمنين! حدثني حسان بن عطية عن جدك، قال: من كره الحق، فقد كره الله؛ لأن الله هو الحق.
يا أمير المؤمنين! حدثني حسان بن عطية عن جدك في قوله تعالى: {لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها}، قال: الصغيرة: التبسم، والكبيرة: الضحك، فكيف بما جنته الأيدي؟ (1/819)
836 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عصامٌ ابن المثنى بن وائلٍ الحمصي، عن أبيه، عن وهب بن منبهٍ، قال: أصابت امرأة العزيز حاجةٌ، فقيل ها: لو أتيت يوسف بن يعقوب فسألتيه؟ فاستشارت الناس في ذلك، فقالوا: لا تفعلي؛ فإنا نخاف عليك، قالت: كلا، إني لا أخاف ممن يخاف الله، قال: فدخلت عليه، فرأته في ملكه، فقالت: الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته، ثم نظرت إلى نفسها، فقالت: الحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيته، قال: فقضى لها جميع حوائجها، ثم تزوجها، فوجدها بكراً، فقال لها: أليس هذا أجمل مما أردت؟ قالت: يا نبي الله! إني ابتليت فيك بأربع: كنت أجمل الناس كلهم، وكنت أنا أجمل أهل زماني، وكنت بكراً، وكان زوجي عنيناً.(1/820)
وأما داود -صلوات الله عليه-:
ففتح من المحراب باب الكوة، واطلع على تلك المرأة، فوقع في نفسه شأنها وفتنتها، فلم يملك نفسه حتى وجه إليها من يومه فيما روي لنا؛ ليضمها في الكون إلى نسائه كي يسكن الهائج من نفسه انتظاراً لما يكون، فأبت المرأة، فمشى إلى بابها، فمر بملكين يناجي أحدهما صاحبه وهو يقول: لقد أكرم الله إبراهيم وإسحاق عن هذا الممشى، ومضى، ولم يقتحم حتى وقف ببابها، فاستفتح، فقالت: من ذا؟ فأخبرها، فقالت: لقد أعاذ الله داود من أن يمشي هذا الممشى، فانصرف، وكتب إلى صاحب بعث كان زوجها فيه، وأمره أن يقدم زوجها في مئتي رجل من بني إسرائيل مع تابوت السكينة، وكان من قدم معها، لم يرجع حتى يفتح عليه، أو يقتل، فقدمه، فقتل، وقتل من قدم معه.
837 - حدثنا بهذه القصة الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الملك بن الأصبغ، قال: حدثنا الوليد ابن مسلمٍ، عن ابن جابرٍ، عن عطاءٍ الخراساني.
وقال سعيد: قال قتادة: كتب إلى زوجها، وذلك في حصار عمان مدينة بلقاء أن تأخذوا بحلقة الباب، وفيه الموت الأحمر، فتقدم فقتل.
ثم رجع إلى حديث عطاء، قال: فلما انقضت عدتها، خطبها، فتزوجها، فلبث بذلك ما شاء الله، فلم يرعه إلا وقد تسور الخصمان عليه المحراب، ففزع، فقصا القصة، ثم عرجا، فانكشف الغطاء عن داود، وخر ساجداً لله أربعين صباحاً، حتى نبت المرعى حول وجهه، وغمر رأسه، فنودي: أجائع فتطعم؟ أو عارٍ فتكسى؟ فنحب نحبةً هاج المرعى من حر جوفه، فغفر له، وستر بها، فقال: يا رب! هذا ذنبي فيما بين وبينك قد غفرته، فكيف بفلان وكذا وكذا رجلاً من بني إسرائيل تركت أولادهم أيتاماً ونساءهم أرامل؟.
قال: ولا يجاوزني يوم القيامة ظلم، أمكنه منك، ثم أستوهبك منه بثواب الجنة، قال: يا رب! هكذا تكون المغفرة الهنية، ثم قيل: يا داود! ارفع رأسك، فذهب ليرفع، فإذا به قد نشب في الأرض، فأتاه جبريل عليه السلام، فاقتلعه عن وجه الأرض كما يقتلع عن الشجرة صمغها، حتى سأل ربه بعد ذلك أن ينقش خطيئته في كفه؛ لئلا ينساها. (1/821)
838 - فحدثني الجارود، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، عن ابن جابرٍ، عن عطاءٍ الخراساني: أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه؛ لئلا ينساها، فكان إذا رآها، اضطرب، أو قال: اضطربت يده.(1/822)
839 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الملك ابن الأصبغ، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، قال: سأل داود ربه، فقال: رب! اجعل خطيئتي في كفي، فكان لا يبسط كفه لطعام ولا لشراب إلا رآها، فأبكته، فيؤتى بالقدح، فيشرب، فإذا أبصر النقش على الكف، فاض دمعه.(1/823)
840 - قال الوليد: وحدثني أبو عمروٍ الأوزاعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل عيني داود مثل القربتين ينطفان الماء، ولقد خدد الدموع في وجه داود تخديد الماء في الأرض)).(1/824)
841 - قال: وحدثنا الوليد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمدٍ الفزاري، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن مجاهدٍ، قال: يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته منقوشةٌ في كفه، فإذا رأى أهاويل القيامة، لم يجد منها محرزاً إلا أن يلجأ إلى رحمة الله، قال: ثم يرى فيقلق، فيقال له: هاهنا، ثم يرى فيقلق، فيقال له: هاهنا، ثم يرى فيقلق، فيقال له: هاهنا، فذلك قوله: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مئابٍ}.(1/825)
842 - قال: وحدثني الوليد، قال: حدثنا عثمان ابن أبي العاتكة: أنه كان في قول داود إذ هو خلوٌ من الخطيئة شدةٌ من الخطائين أن كان يقول: اللهم لا تغفر للخطائين، ثم صار إلى أن يقول: اللهم اغفر للخطائين؛ لكي تغفر لداود معهم، سبحان خالق النور، إلهي! خرجت أسأل أطباء عبادك أن يداووا لي خطيئتي، فكلهم عليك يدلني، إلهي! أخطأت خطيئة قد خفت أن تجعل حصادها عذابك يوم القيامة إن لم تغفرها، سبحان خالق النور، إلهي! إذا ذكرت خطيئتي، ضاقت الأرض برحبها علي، وإذا ذكرت رحمتك، ارتد إلي روحي.(1/826)
843 - حدثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن جدعان، وسمعناه منه عوداً وبدءاً، قال: سألني علي بن الحسين، قال: ما كان يقول الحسن في قوله: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه}؟ قلت: كان يقول: إن زينب، فذكر كلمة ذهبت علي، فأمره أن يمسكها، وأراه قال: أعجبها، قال: لا، ليس هو هكذا، ولكن أعلم الله نبيه أنها ستكون من أزواجه، فلما جاء زيد يشكوها، قال: ((اتق الله وأمسك عليك زوجك)).(1/827)
وروي لنا: أنها كانت تسامي عائشة -رضي الله عنها- في الوسامة والحظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت زينب: أنا التي نزل تزويجي من السماء، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: أنا التي نزل عذري من السماء في كتابه حين حملني ابن المعطل على الراحلة، فقالت لها زينب: ما قلت حين ركبتيها؟ قالت: قلت: حسبي الله ونعم الوكيل، قالت: قلت كلمة المؤمنين.
844 - حدثنا بذلك عبد الكريم، عن جعفر بن عونٍ، عن المعلى بن عرفان، عن محمد بن جحشٍ، قال: تفاخرت زينب وعائشة رضي الله عنها، فذكر الحديث.(1/828)
845 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينارٍ يقول: قال الله لداود: قم عند ساق العرش فمجدني كما كنت تمجدني في دار الدنيا بذلك الصوت الحسن الرخيم، فيقول: كيف يا رب وقد سلبتنيه؟ فيقول: فإني سأرده عليك، فيدفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان، فذلك قوله: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مئابٍ}.(1/829)
846 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: أخبرني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوفٍ، قال: أخبرني الحسن بن عبد الرحمن ابن عوفٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثٌ تحت العرش: القرآن له ظهرٌ وبطنٌ يحاج العباد، والرحم تنادي: صل من وصلني، واقطع من قطعني، والأمانة)).
قلت لكثير: منذ كم سمعت هذا الحديث؟ قال: منذ ستين سنة.
قلت: كم أتى عليك؟ قال: تسعون سنة. (1/830)
847 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن معاوية بن أبي مزردٍ مولى بني هاشمٍ، قال: حدثني أبو الحباب سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم، (قامت) الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال: مه، قالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك)).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}، {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها}.(1/831)
848 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمران بن بكارٍ الحمصي، قال: حدثنا علي بن عياشٍ، عن محمد ابن زيادٍ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله -تبارك وتعالى- للرحم: خلقتك بيدي، وشققت لك من اسمي، وقربت مكانك مني، وعزتي وجلالي! لأصلن من وصلك، ولأقطعن من قطعك، ولا أرضى حتى ترضين.(1/832)
849 - ما حدثنا به عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا شباب بن خليفة، قال: حدثنا أنيس بن سوارٍ الجرمي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا مالك بن الحويرث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إذا أراد الله أن يخلق النسمة، فغشي الرجل المرأة، أحضر كل رحمٍ له، ثم قرأ: {في أي صورةٍ ما شاء ركبك})).(1/833)
850 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا علي بن الحسن ابن شقيقٍ، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا مغيرة بن مسلمٍ، عن عبد الله بن بريدة: أن رجلاً من الأنصار ولدت له امرأته غلاماً حبشياً أسود، فأخذ بيد امرأته، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: والذي بعثك بالحق! لقد تزوجني بكراً، وما أقعدت مقعده أحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صدقت، إن لك تسعةً وتسعين عرقاً، ولها مثل ذلك)).(1/834)
851 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن قابوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: ((الرحم معلقةٌ بالعرش، فإذا أتاها الواصل، انتشبت به، وكلمته، إذا أتاها القاطع، احتجبت منه)).(1/835)
852 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو خالدٍ الأحمر، قال: حدثنا فطرٌ، عن مجاهدٍ، عن عبد الله ابن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرحم معلقةٌ بالعرش)).(1/836)
853 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الحجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله -تبارك وتعالى-: أنا الرحمن، وهي الرحم، جعلت لها شجنةً مني، فمن وصلها، وصلته، ومن قطعها، بتته، لها يوم القيامة لسانٌ ذلقٌ، تقول فيما شاءت)).(1/837)
854 - حدثنا أبي رحمه الله، وقتيبة بن سعيدٍ، وصالح ابن عبد الله، ونصر بن عليٍّ الجهضمي، ويوسف بن موسى القطان، وإسماعيل بن نصر، وابن أبي ميسرة المكي، وعبد الصمد بن سليمان، ومحمد بن أيوب السمناني، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد بن خنيسٍ المكي، قال: دخلنا على سفيان الثوري بمكة نعوده، فدخل عليه سعيد بن حسان القرشي، فقال له سفيان: أعد علي الحديث الذي حدثتنيه، فقال: نعم، حدثتني أم صالحٍ، عن صفية بنت شيبة، عن أم حبيبة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكرٍ، أو ذكر الله)).(1/838)
855 - حدثنا بذلك الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك الحمصي، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني عتبة بن أبي حكيمٍ، عن طلحة بن نافعٍ، عن كعبٍ، قال: أتيت عائشة -رضي الله عنها-، فقلت: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإنسان، وانظري هل يوافق نعتي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: انعت، قال: عيناه هاد، وأذناه قمع، ولسانه ترجمان، ورجلاه بريد، وكبده رحمة -أو قال- رأفة، ورئتاه نفس، وطحاله ضحك، وكلوتاه مكر، والقلب ملك، فإذا طاب الملك، طاب جنوده، وإذا فسد الملك، فسد جنوده، قالت: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت.(1/839)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن الله تعالى عند لسان كل قائلٍ، فاتقى الله امرؤٌ علم ما يقول)).
856 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا قطبة بن العلاء، عن عمر بن ذرٍّ، عن أبيه، عن سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/840)
857 - قال: حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل ابن دكينٍ، عن عمر بن ذرٍّ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله.(1/841)
858 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا هشام ابن خالدٍ الدمشقي، عن إسماعيل بن عياشٍ، عن ليثٍ، عن ابن سابطٍ، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون في أمتي فزعةٌ، فيصير الناس إلى علمائهم، فإذا هم قردةٌ وخنازير)).(1/842)
والخنازير: إنما خلقت لعذرة سفينة نوح، ولم تكن قبل ذلك كذلك.
859 - حدثنا الجارود، عن الأسود بن عامرٍ، عن سفيان، عن عليٍّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ: فغذاؤها العذرة.(1/843)
860 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا سلام بن واقدٍ، قال: حدثنا أبو حمزة السكوني، عن أبي إسحاق الهمداني، عن جرير بن عبد الله، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قارئٌ عليكم سورة {ألهاكم التكاثر}، فمن بكى، فله الجنة))، فقرأها، فمنا من بكى، ومنا من لم يبك، فقال الذين لم يبكوا: قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي، فلم نقدر عليه، فقال: ((إني قارئها عليكم الثانية، فمن بكى، فله الجنة، ومن لم يقدر أن يبكي، فليتباك)).(1/844)
861 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن مالك بن دينارٍ، قال: قرأت في التوراة: يا بن آدم! لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكياً؛ فإني أنا الله الذي اقتربت لقلبك، وبالغيب رأيت نوري.(1/845)
862 - وحدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالكٍ الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال فيما يذكر عن ربه -تبارك وتعالى-: أنه قال لموسى -صلوات الله عليه-: ((أما البكاؤون من خشيتي، فلهم الرفيق الأعلى، لا يشركهم فيه أحدٌ)).(1/846)
(4/ 83) وروي عن عبد الوهاب بن عطاء عن عبيدة بن حسان، عن النضر ابن سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن عبداً بكى في أمةٍ من الأمم، لأنجى الله تلك الأمة من النار ببركة ذلك العبد، وما من عملٍ إلا وله وزنٌ وثوابٌ، إلا الدمعة، فإنها تطفئ بحوراً من النار، وما اغرورقت عينٌ بمائها من خشية الله، إلا حرم الله جسدها على النار، وإن فاضت على خده، لم يرهق وجهه قترٌ ولا ذلةٌ)).(1/847)
863 - حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيدٍ الأزدي، قال: حدثنا محمد بن زيادٍ الكلبي، عن بشر بن الحسين الهلالي، عن الزبير بن عديٍّ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من نعمةٍ، وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد بالحمد، إلا جدد الله له ثوابها، وما من مصيبةٍ، وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد بالاسترجاع، إلا جدد الله له ثوابها، وأجرها)).(1/848)
864 - حدثنا بذلك محمد بن ميمونٍ المكي، قال: حدثنا صدقة بن موسى، قال: حدثنا محمد بن واسعٍ، عن ابن نهارٍ العبدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جددوا إيمانكم))، قالوا: بماذا يا رسول الله؟ قال: ((بلا إله إلا الله)) (1/849)
865 - حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمرٍ، عن قتادة، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبدٌ لا يحمده)).(1/850)
866 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري، عن ثور بن يزيد، عن مكحولٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار، فافعلوا؛ فإنه ليس شيءٌ أنجح عند الله، ولا أحب إليه منه)).(1/851)
867 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن عمرٍو بن دينارٍ، عن وهب بن منبهٍ رضي الله عنه في قوله: {ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما}، قال: جعل على عورة كل واحد منهما نوراً، فلا يرى واحد منهما عورة الآخر.(1/852)
868 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيحٍ اليشكري، قال: حدثنا صباح بن واقدٍ الأنصاري، قال: حدثنا سعد بن طريفٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أوحى الله -تبارك وتعالى- إلى داود عليه السلام: أن سائل ابنك سليمان عن سبع كلمٍ، فإن أخبرك، فورثه العلم والنبوة، فقال له داود عليه السلام: إن الله أوحى إلي أن أسألك عن سبع كلم، فإن أخبرتني، ورثتك العلم والنبوة، قال سليمان: سلني عما شئت، قال: أخبرني ما أحلى من العسل؟ وما أبرد من الثلج؟ وما ألين مسًّا من الخز؟ وما يرى أثره في الصفاء، وما لا يرى أثره في الماء؟ وما لا يرى أثره في السماء؟ ومن يسمن في الخصب والجدب؟.
قال: أما ما أحلى من العسل، فروح الله للمتحابين في الله، وما أبرد من الثلج، فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله، وأما ما ألين مساً من الخز، فحكمة الله إذا نشرها أولياء الله بينهم، وأما ما لا يرى أثره في الماء، فالفلك تمر فلا يرى أثرها، وأما ما لا يرى أثره في الصفاء، فالنملة تمر على الحجر، فلا يرى أثرها، وأما ما لا يرى أثره في السماء، فالطير يمر، ويطير، فلا يرى أثره، وأما من يسمن في الخصب والجدب، فهو المؤمن، إن أعطاه الله، شكر، وإن ابتلاه، صبر، فقلبه أجرد أزهر.
قال: انظر إلى ابنك نوبة، فاسأله عن أربع عشرة كلمة، فإن أخبرك، فورثه العلم والنبوة، فسأله، فقال: ما لي بشيء من ذي علم، قال داود لسليمان عليه السلام: أخبرنا يا بني أين موضع العقل منك؟ قال: الدماغ، قال: أين موضع الحق؟ قال: العينان، قال: أين موضع الباطل منك؟ قال: الأذنان، قال: أين باب الخطيئة منك؟ قال: اللسان، قال: أين طريق الروح منك؟ قال: المنخران، قال: أين موضع الأربة والبيان؟ قال: الكلوتان، قال: أين باب الفظاظة والغلظة منك؟ قال: الكبد، قال: أين بيت الريح منك؟ قال: الرئة، قال: أين باب الفرح منك؟ قال: الطحال، قال: أين باب الكسب منك؟ قال: اليدان، قال: أين باب النصب منك؟ قال: الرجلان، قال: أين باب الشهوة منك؟ قال: الفرج، قال: أين باب الذرية منك؟ قال: الصلب، قال: أين باب العلم والفهم والحكمة؟ قال: القلب، وإذا صلح القلب، صلح ذلك كله، وإذا فسد القلب، فسد ذلك كله.(1/853)
869 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: ((أول ما خلق الله من الإنسان فرجه، فقال: هذه أمانةٌ خبأتها عندك، فلا تبسل منها شيئاً إلا بحقها، قال: فالفرج أمانةٌ، والسمع والبصر أمانةٌ، واللسان أمانةٌ، والقلب أمانةٌ، لا إيمان لمن لا أمانة له)).(1/854)
870 - وحدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالكٍ الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أعطى المؤمن المقة، والحلاوة، والمحبة في صدور الصالحين، والملائكة المقربين، ثم تلا: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًّا})).(1/855)
871 - حدثنا عبد الله، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا عبد القدوس بن الحجاج أبو المغيرة الحمصي، قال: حدثنا سعيد بن سنان الكندي، قال: حدثني أبو الزاهرية حدير بن كريبٍ، عن جبير بن نفيرٍ، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بالناس صلاة الصبح، فلما فرغ، أقبل بوجهه على الناس رافعاً صوته حتى كاد يسمع من في الخدور، وهو يقول: ((يا معشر الذين أسلموا بألسنتهم ولم يدخل الإيمان في قلوبهم! لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عثراتهم؛ فإنه من يتبع عثرة أخيه المسلم، يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته، يفضحه وهو في قعر بيته))، فقال له قائلٌ: يا رسول الله! وهل على المؤمن سترٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستور الله على المؤمن أكثر من أن تحصى، إن المؤمن ليعمل بالذنوب، فتهتك عنه ستراً ستراً، حتى لا يبقى عليه منه شيءٌ، فيقول الله للملائكة: استروا على عبدي من الناس؛ فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، فتحف عليه الملائكة بأجنحتها، يسترونه من الناس، قال: فإن تاب، قبل الله منه، ورد عليه ستوره، ومع كل سترٍ تسعة أستارٍ، فإن تتابع في الذنوب، قالت الملائكة: ربنا! إنه قد غلبنا، وأقذرنا، فيقول الله للملائكة: استروا عبدي من الناس؛ فإن الناس، يعيرون، ولا يغيرون، فتحف الملائكة بأجنحتها، يسترونه من الناس، فإن تاب، قبل منه، ورد عليه ستوره، ومع كل سترٍ تسعة أستارٍ، فإن تتابع في الذنوب، قالت الملائكة: يا ربنا! إنه قد غلبنا وأقذرنا، فيقول الله تعالى: استروا عبدي من الناس؛ فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، فتحف الملائكة بأجنحتها، يسترونه من الناس، فإن تاب، قبل الله منه، وإن عاد، قالت الملائكة: يا ربنا! قد غلبنا وأقذرنا، فيقول الله للملائكة: تخلوا عنه، فلو عمل ذنباً في بيتٍ مظلمٍ، في ليلةٍ مظلمةٍ، في حجرٍ، أبدى الله عنه، وعن عورته)).(1/856)
872 - حدثنا عبد الله، عن موسى بن محمد بن عطاءٍ مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو الصلت، عن عبد الله بن راشدٍ، عن الحسن البصري، عن سلمان الفارسي، قال: المؤمن في سبعين حجاباٍ من نور، فإذا عمل خطيئةً، ثم تناساها حتى يعمل أخرى، هتك عنه حجابٌ من تلك الحجب، فلا يزال كلما عمل خطيئة، ثم تناساها حتى يعمل أخرى، هتك عنه حجابٌ من تلك الحجب، فإذا عمل كبيرة من الكبائر، هتك عنه تلك الحجب كلها إلا حجاب الحياء، وهو أعظمها حجاباً، فإن تاب، تاب الله عليه، ورد تلك الحجب كلها، فإن عمل خطيئة بعد الكبائر، ثم تناساها حتى يعمل أخرى قبل أن يتوب، هتك عنه حجاب الحياء، فلم تلقه إلا مقيتاً ممقوتاً ممقتاً، فإذا كان مقيتاً ممقتاً، نزعت منه الأمانة، (فإذا نزعت منه الأمانة)، لم تلقه إلا خائناً مخوناً، فإذا كان خائناً مخوناً، نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة، لم تلقه إلا فظًّا غليظاً، فإذا كان فظًّا غليظاً، نزعت منه رقبة الإيمان، فإذا نزعت ربقة الإيمان من عنقه، لم تلقه إلا لعيناً ملعناً شيطاناً رجيماً.(1/857)
873 - حدثنا الجارود، عن النضر، عن عوفٍ، عن معبدٍ الجهني في قوله: {ولباس التقوى}، قال: الحياء.(1/858)
(4/ 100) وروى خارجة بن مصعب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: دخلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم، فرآني حزيناً، فقال: ((ما لي أراك حزيناً يا أبا هريرة))، قلت: كان بيني وبين أهلي شيء، فعجلت إليهم، فقال: ((أين أنت ثكلتك أمك، أين أنت عن الاستغفار، فوالذي بعثني بالحق! إني لأستغفر في اليوم والليلة مئتي مرةٍ، فأكثر من الاستغفار؛ فإن في الأرض أمانين يوشك أن تفقدوا أحدهما عن قريبٍ، وهو موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون})).(1/859)
874 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن وهب بن عطية الدمشقي، عن الوليد بن مسلمٍ، عن الحكم بن مصعبٍ المخزومي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباسٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدمن الاستغفار، جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب)).(1/860)
875 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زياد، عن عمرو بن سلمة الهمداني، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: ما من رجلين مسلمين إلا بينهما ستراً، فإذا قال أحدهما لصاحبه هجراً، هتك ستر الله.(1/861)
876 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا الحسين الجعفي، عن زائدة، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن عمرو بن سلمة، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/862)
877 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا علي بن حمادٍ البصري، وهو الذي يقال له: ابن أبي طالب، عن خليفة بن عبد الله الشامي، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من أعطيهن لم يمنع من الله أربعاً: من أعطي الدعاء، لم يمنع الإجابة، قال الله -تعالى جده-: {ادعوني أستجب لكم}، ومن أعطي الاستغفار، لم يمنع المغفرة، قال الله تعالى: {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً}، ومن أعطي الشكر، لم يمنع الزيادة، قال الله تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم}، ومن أعطي التوبة، لم يمنع القبول، قال الله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات})).(1/863)
878 - حدثنا محمد بن معمرٍ البصري، قال: حدثنا حبان بن هلالٍ، قال: حدثنا الهيثم البكاء، قال: حدثني أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فتح الله على عبدٍ الدعاء، فليدع؛ فإن الله مستجيبٌ له)).(1/864)
879 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم، قال: أخبرنا عبد الله بن عقبة، عن دراجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، جعل غناه في نفسه، وتقاه في قلبه)).(1/865)
880 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الحسن ابن الربيع البجلي، قال: حدثنا عمرو بن أبي هرمز، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الدمشقي، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، قال:
((اتبعوني على البر والتقوى، والتواضع، وذلة النفس)).(1/866)
881 - حدثنا أبو الحارث عبيد الله بن الحارث، قال: حدثنا بكر بن محمد بن حبيبٍ المازني، عن الحكم بن ظهيرٍ، عن السدي، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أبيت اللعن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبحان الله! إنما يقال هذا للملك، ولست أنا ملكاً، أنا محمد بن عبد الله))، قالوا: فإنا لا ندعوك باسمك، قال: ((فأنا أبو القاسم))، فقالوا: يا أبا القاسم! إنا قد خبأنا لك خبيئةً، فقال: ((سبحان الله! إنما يفعل هذا بالكاهن، فالكاهن والمتكهن، والكهانة في النار))، فقال له أحدهم: فمن يشهد لك أنك رسول الله؟ قال: فضرب بيده إلى حفنة حصى فأخذها فقال: ((هذا يشهد أني رسول الله))، قال: فسبحن في يده، وقلن: نشهد أنك رسول الله، فقالوا له: أسمعنا بعض ما أنزل عليك؟ فقرأ: {والصافات صفًّا}، حتى انتهى إلى قوله: {فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ}، وإنه لساكنٌ، ما نبض منه عرق، وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته، فقالوا له: إنا نراك تبكي، أمن خوف الذي بعثك تبكي؟ قال: ((بلى من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريقٍ مثل حد السيف، إن زغت عنه، هلكت، ثم قرأ: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً})).(1/867)
فاجتمع نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاضوا في الذكر، فرقوا، ثم ذكروا نعم الله عليهم بالإسلام والقرآن، وإحسانه، فطرت نفوسهم، فقالوا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله فنعملها، فجاءت المحبة من الله، فأنزل الله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنهم بنيانٌ مرصوصٌ}.
استقصاه عليهم في كنه الأمر؛ ليظهر صدق ما نطقوا به، فخرجوا إلى القتال، فلم يكن من بعضهم الذي قال، فأنزل الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.
فقال عبد الله بن رواحة: ((لا أزال حبيساً في سبيل الله)).
882 - حدثنا بذلك علي بن خشرمٍ، قال: حدثنا أيوب ابن النجار اليمامي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ.
ثم قالوا: إنا لنحب ربنا، فامتحنوا، فأنزل الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.(1/868)
883 - حدثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا عمر بن عمرو الربعي، قال: حدثنا يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((الحياء زينةٌ، والتقى كرمٌ، وخير المركب: الصبر، وانتظار الفرج من الله عبادةٌ)).(1/869)
884 - حدثنا محمد بن مقاتلٍ، قال: حدثنا معنٌ القزاز، قال: حدثنا عبد الله بن المؤمل المخزومي، عن أبي الزبير، عن جابرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زمزم لما شربت له)).(1/870)
885 - حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيدٍ الأموي، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ الأنصاري، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل البيت كأحدكم، يخيط ثوبه، ويعمل كأحدكم.(1/871)
886 - حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: حدثنا الحكم بن الريان اليشكري، قال: حدثني ليث بن سعدٍ، قال: حدثني يزيد بن حوشبٍ الفهري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو كان جريجٌ الراهب فقيهاً عالماً، لعلم أن إجابة أمه من عبادة ربه)).(1/872)
887 - حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأودي، قال: حدثنا أبي، عن شريكٍ، عن محمد بن سعدٍ، عن أبي ظبية، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المقة من الله، والصيت في السماء، فإذا أحب الله عبداً، نادى جبريل في السماء: إن الله يحب فلاناً، فأحبوه، فتنزل المقة في الأرض)).(1/873)
888 - حدثنا عمر، قال: حدثنا هارون الراسبي، عن جعفر بن حبان، عن أبي رجاءٍ في قوله: {وألقيت عليك محبةً مني}، قال: الملاحة والحلاوة.(1/874)
889 - حدثنا عمر، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم، عن عوفٍ، عن معبدٍ الجهني في قوله: {وحناناً من لدنا}، قال: الحنان: المحبة.(1/875)
890 - حدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالكٍ الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {سيجعل لهم الرحمن ودًّا} ما هو يا رسول الله؟ قال: ((المحبة يا علي في صدور المؤمنين، والملائكة المقربين، يا علي! إن الله أعطى المؤمن ثلاثاً: المقة، والمحبة، والحلاوة، والمهابة في صدور الصالحين)).(1/876)
891 - حدثنا إبراهيم بن المستمر، قال: حدثنا محمد بن بكارٍ العقيلي، قال: حدثنا سعيد بن بشيرٍ، عن الأعمش، عن ذكوان أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل عبدٍ صيتٌ، فإن كان صالحاً، رفع في الأرض، وإن كان سيئاً، وضع في الأرض)).(1/877)
892 - حدثنا محمد بن الحسن الليثي، قال: حدثنا الفرج بن فضالة، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن مولى أم معبدٍ، عن أم معبدٍ، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم طهر قلبي من النفاق، وعملي من الرياء، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة؛ فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)).(1/878)
893 - حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن غياث بن خالدٍ، عن حنظلة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاءني جبريل إلا وأمرني بهاتين الدعوتين، قال: يقول: اللهم ارزقني طيباً، واستعملني صالحاً)).(1/879)
894 - حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، قال: أخبرنا أبو عامرٍ العقدي، قال: حدثنا كثير بن زيدٍ الأسلمي، عن المطلب بن عبد الله بن حنطبٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: كنا نوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطرقه أمرٌ، أو يأمر بشيء، قال: فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلةً، حتى كنا أبداً نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ما هذه النجوى؟! ألم تنهوا عن النجوى؟!))، فقلنا: تبنا إلى الله، إنا كنا في ذكر المسيح؛ نتخوف منه، فقال: ((ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من ذكر المسيح؟))، قالوا: بلى، قال: ((الشرك الخفي: رجلٌ يعمل لمكان رجلٍ)).(1/880)
895 - حدثنا حاتم بن نعيمٍ التميمي، قال: حدثنا أبو روحٍ، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، قال: حدثنا ابنٌ لكنانة بن عباس بن مرداسٍ، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة، وأكثر الدعاء، فأجابه: إني قد فعلت، إلا ظلم بعضهم بعضاً، فأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم، فقد غفرتها، قال: ((يا رب! إنك قادرٌ أن تثيب هذا المظلوم خيراً من مظلمته، وتغفر لهذا الظالم))، فلم يجبه تلك العشية، فلما كان الغداة، غداة المزدلفة، اجتهد في الدعاء، فأجابه: ((إني قد غفرت لهم))، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسول الله! تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها؟ فقال: ((تبسمت من عدو الله إبليس، إنه لما علم أن الله استجاب لي في أمتي، أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثي على رأسه، ويفر)).(1/881)
896 - حدثنا داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا عمر بن سعيدٍ الدمشقي، قال: حدثنا صدقة بن عبد الله، قال: حدثني عبد الكريم الجزري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن الله -تبارك وتعالى-: أنه قال: ((من أهان لي وليًّا، فقد بارزني بالمحاربة، وإني لأسرع شيءٍ إلى نصرة أوليائي، إني لأغضب لهم كما يغضب الليث الحرب، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن وهو يكره الموت، وأكره مساءته، ولا بد له منه، وما تعبد لي عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا، ولا تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت له سمعاً، وبصراً، ويداً، ومؤيداً، إن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبت له، وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة، ولو أعطيته إياه، لدخله العجب، فأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته، لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته، لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الصحة، ولو أسقمته، لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم، ولو صححته، لأفسده ذلك، إني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم، إني عليمٌ خبيرٌ)).
قال صدقة: سمعت أبان بن عياش يحدث هذا عن أنس رضي الله عنه، ثم يقول أنس رضي الله عنه، اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى، فلا تفقرني. (1/882)
897 - حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: حدثنا أبو عامرٍ العقدي، قال: حدثنا عبد الواحد بن ميمونٍ مولى عروة بن الزبير، عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله -تبارك وتعالى-: أنه قال: ((من أهان لي وليًّا، فقد بارزني بالمحاربة، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن، إنه يكره الموت، وأكره مساءته، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، وإن عبدي ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت بصره الذي به يبصر، ولسانه الذي به ينطق، وأذنه الذي به يسمع، وفؤاده الذي به يعقل، ويده التي بها يبطش، ورجله التي بها يمشي)).
898 - حدثنا إسماعيل بن نصرٍ، قال: حدثنا أبو المنذر القطيعي، قال: حدثنا عبد الواحد أبو حمزة مولى عروة، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله -تبارك وتعالى-، بمثله.(1/883)
899 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا الحسن بن أيوب الدمشقي، قال: قرأت على عبد الله بن صالحٍ المصري، قال: حدثني سليمان بن عبد الله الأيلي، قال: حدثني ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: ليقم أهل الله! فيقوم أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه، وعمر الفاروق، وعثمان بن عفان ذو النورين، وعلي بن أبي طالبٍ -رضوان الله عليهم-، فيقال لأبي بكرٍ: قم على باب الجنة، فأدخل فيها من شئت برحمة الله، ورد منها من شئت بقدرة الله، ويقال لعمر: قم عند الميزان، فثقل ميزان من شئت برحمة الله، وأخف ميزان من شئت بقدرة الله، ويقال لعثمان: خذ هذه العصا، فذد بها الناس عن الحوض، ويقال لعلي: البس هذه الحلة؛ فإني قد خبأتها لك منذ يوم خلقت السماوات والأرض إلى اليوم)).(1/884)
900 - حدثنا داود بن حمادٍ القيسي، قال: حدثنا عمر عمر بن سعيدٍ الدمشقي،، قال: حدثنا مكرمٌ البجلي، عن هشام ابن الغاز، عن أبيه الغاز بن ربيعة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياك ونار المؤمن لا تحرقك، وإن عثر كل يومٍ سبع مراتٍ؛ فإن يمينه بيد الله، إذا شاء أن ينعشه نعشه)).(1/885)
901 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمرو ابن عثمان القرشي، قال: حدثنا محمد بن حربٍ، قال: حدثني أبو سلمة سليمان بن سليمٍ، عن يحيى بن جابرٍ الطائي، عن يزيد بن ميسرة، قال: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: ((ابن آدم! لا تحرقك نار المؤمن؛ فإن يمينه في كف الرحمن ينعشه، وإن عثر في كل يومٍ سبع مراتٍ)).(1/886)
902 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا موسى ابن عامرٍ الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثني أبو غنيمٍ الكلاعي، عن أبان، عن الحسن، قال: بني الإسلام على عشرة أركان: الإخلاص لله، وهي الفطرة، والصلاة، وهي الملة، والزكاة، وهي الطهرة، والصيام، وهي الجنة، والحج، وهو الشريعة، والجهاد، وهو العزة، والأمر بالمعروف، وهو الحجة، والنهي عن المنكر، وهو الواقية، والطاعة، وهي العصمة، والجماعة، وهي الألفة.(1/887)
903 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ الدمشقي، عن محمد بن شعيبٍ، قال: أخبرني النعمان، عن مكحولٍ: إن الفطرة معرفة الله.(1/888)
904 - حدثنا بذلك سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: سمعت النعمان بن بشيرٍ يقول على منبرنا هذا: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مثل القائم على حدود الله، والمداهن في حدود الله، والراكب حدود الله، كمثل قومٍ ركبوا سفينةً، فاقترعوا منازلها، فصار مكان النز ومهراق الماء ومختلف القوم لأحدهم، فصبح فأخذ القدوم، فنقر في السفينة، فقال أحدهم لآخر: إنه يريد أن يغرقنا، ويخرق سفينتكم، فقال الآخر: دعه؛ فإنما يخرق مكانه)).(1/889)
905 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا زكرياء بن أبي زائدة، قال: سمعت عامر [اً] الشعبي يقول: سمعت النعمان بن بشرٍ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، وزاد فيه، قال: ((فإن تركوه، هلك، وهكلوا، وإن أخذوا على يديه، نجا ونجوا)).(1/890)
906 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، عن محمد بن المصفى، عن بقية بن الوليد، عن شعبة بن الحجاج، عن المجالد بن سعيدٍ، عن الشعبي، عن شريحٍ، عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عائشة! {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً} من هم؟))، قالت: الله ورسوله أعلم؟ قال: ((هم أصحاب البدع، وأصحاب الأهواء، وأصحاب الضلالة من هذه الأمة. يا عائشة! إن لكل ذنبٍ توبةً، ما خلا أصحاب الأهواء والبدع، ليس لهم توبةٌ، أنا بريءٌ منهم، وهم براءٌ مني)).(1/891)
907 - حدثنا هارون بن حاتمٍ الكوفي، قال: حدثنا علي بن حمزة الكسائي، عن عباد بن كثيرٍ، عن ليثٍ، عن طاوس، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (({إن الذين فرقوا دينهم})) الحديث.(1/892)
908 - حدثنا بذلك الفضل بن محمد، قال: حدثنا كثير بن عبيدٍ الحمصي، قال: حدثنا محمد بن حميرٍ، قال: حدثني مسلمة بن عليٍّ، عن عمر بن ذرٍّ، عن أبي قلابة الجرمي، عن أبي مسلمٍ الخولاني، عن أبي عبيدة بن الجراح، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيتي، فقال: ((إنا لله وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل آنفاً، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قلت: أجل، إنا لله وإنا إليه راجعون، فمم ذلك يا جبريل؟ فقال: إن أمتك مفتتنةٌ بعدك بقليلٍ من الدهر غير كثيرٍ، فقلت: فتنة كفرٍ أو فتنة ضلالةٍ؟ فقال: كل ذلك سيكون، قلت: ومن أين ذلك، وأنا تاركٌ فيهم كتاب الله؟ قال: فبكتاب الله يضلون، وأول ذلك: من قبل قرائهم، وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم، فلا يعطوها، فيقتتلوا، ويتبع القراء أهواء الأمراء، ويمدونهم في الغي، ثم لا يقصرون، قلت: يا جبريل؟ فبم يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبر، إن أعطوا الذي لهم، أخذوه، وإن منعوا، تركوه)).(1/893)
909 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا شباب ابن خليفة، عن يوسف بن خالدٍ السمتي، عن سالم بن بشير بن جحلٍ، سمع حبيبـ[اً] المزني يحدث: أنه سمع أفلح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((أخوف ما أخاف على أمتي ثلاثٌ: ضلالة الأهواء، واتباع الشهوات في البطن والفرج، والعجب)).(1/894)
910 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد ابن داود الإسكندراني، قال: أخبرني زياد بن يونس، قال: حدثني عطاف بن خالدٍ، قال: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى: {ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا}، صاح إبليس بجنوده، وحثى على رأسه التراب، ودعا بالويل والثبور، حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، فقالوا: ما لك يا سيدنا؟ قال: إنه نزلت في كتاب الله [آية] لا يضر بعدها أبداً من بني آدم ذنبٌ، فقالوا: وما هي؟ فأخبرهم، فقالوا: نفتح لهم باب الأهواء، فلا يتوبون، ولا يستغفرون، ولا يرون إلا أنهم على الحق، فرضي منهم بذلك.(1/895)
911 - حدثنا عبد الواحد بن مسلمٍ البصري، عن محمد ابن السماك، عن الهيثم بن جمازٍ، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صوتٍ أحب إلى الله من صوت عبدٍ لهفان))، قالوا: يا رسول الله! وما اللهفان؟ قال: ((عبدٌ أصاب ذنباً، كلما ذكر ذنبه، امتلأ قلبه فرقاً من الله، فقال: يا رباه)).(1/896)
912 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد ابن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ: أن داود النبي -صلوات الله عليه- كان يعوده الناس، ما يظنون إلا أنه مريض، وما به إلا شدة الفرق من الله عز وجل.(1/897)
913 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا أحمد ابن عمرو بن السرح المصري، قال: حدثنا ابن أبي فديكٍ، قال: حدثني عمر بن محمدٍ الأسلمي، عن مليح بن عبد الله الخطمي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمسٌ من سنن المرسلين: الحياء، والحلم، والحجامة، والسواك، والتعطر)).(1/898)
914 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا حفص ابن غياثٍ، عن حجاج، عن مكحولٍ، عن أبي الشمال، عن أبي أيوب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من سنن المرسلين: التعطر، والحياء، والنكاح، والسواك)).(1/899)
وروي عن سعيد بن المسيب: أن النبيين -عليهم السلام- يفضلون بالجماع على الناس، وذلك لما فيه من اللذة.
915 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم الجمحي، عن يحيى بن أيوب، وابن لهيعة، قالا: حدثنا ابن الهاد، عن سعيدٍ بن المسيب.(1/900)
916 - وعن ابن الهاد، عن حمزة بن عبد الله بن عمر: أنه سمع ابن عمر رضي الله عنه يقول: ما أعطي أحدٌ من الجماع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطيت.(1/901)
917 - حدثنا سعيد بن عبد الرحمن العامري القشيري مولى الجارود بن يزيد، قال: حدثني الجارود بن يزيد القشيري، قال: لقيت بهز بن حكيمٍ في الطواف، فحدثني، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أترعون عن ذكر الفاجر؟ متى يعرفه الناس؟ اذكروا الفاجر بما فيه تحذره الناس)).(1/902)
918 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا يحيى ابن العيزار الرملي، قال: حدثنا يحيى بن صالحٍ الوحاظي، قال: حدثنا أبو إسماعيل -شيخٌ من السكون-، قال: سمعت مالك بن أديٍّ يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب، تمور في جوها، فالله الله في إخوانكم من أهل القبور؛ فإن أعمالكم تعرض عليهم)).(1/903)
919 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا أبو معشرٍ نجيحٌ مولى بني هاشمٍ، عن محمد بن كعبٍ القرظي، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن سلمان.
920 - وحدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن عليٍّ بن زيدٍ ويحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، قال: إن أرواح المؤمنين تذهب في برزخٍ من الأرض حيث شاءت بين السماء والأرض، حتى يردها الله إلى أجسادها.(1/904)
921 - حدثنا محمد بن كرامة الكوفي الوراق، قال: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن عبد الملك، عن ورادٍ، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شخص أحب إليه العذر من الله عز وجل، ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين، ولا شخص أحب إليه المدح من الله، ولذلك وعد الجنة)).(1/905)
922 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/906)
923 - حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن أبان بن أبي عياشٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الموتى، فإن كان خيراً، استبشروا به، وإن كان غير ذلك، قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا)).(1/907)
924 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله البصري، عن كثير بن هشامٍ، قال: حدثني عيسى بن إبراهيم الهاشمي، قال: حدثني عبد الغفور بن عبد العزيز، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على الله، وتعرض على الأنبياء، وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم، وتزداد وجوههم بياضاً، وتشرقةً، فاتقوا الله، ولا تؤذوا أمواتكم)).(1/908)
925 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا أبو عاصمٍ العباداني، قال: حدثنا الفضل ابن عيسى، عن الحسن، قال: خطبنا أبو هريرة رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يعتذر إلى آدم يوم القيامة بثلاثة معاذير: يقول الله -تبارك وتعالى-: يا آدم! لولا أني لعنت الكذابين، وأبغض الكذاب، والحلف، وأعذب عليه، لرحمت اليوم ذريتك أجمعين من شدة ما أعددت لهم من العذاب، ولكن حق القول مني لمن كذب رسلي، وعصى أمري، ولأملأن جهنم منهم أجمعين. ويقول الله: يا آدم! إني لا أدخل أحداً من ذريتك النار، ولا أعذب أحداً منهم بالنار، إلا من قد علمت في سابق علمي: أني لو رددته إلى الدنيا، لعاد إلى شرٍّ مما كان فيه، لم يراجع، ولم يعتب. ويقول الله: يا آدم! قد جعلتك اليوم حكماً بيني وبين ذريتك، قم عند الميزان، فانظر ما يرفع إليك من أعماله، فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرةٍ فله الجنة، حتى تعلم أني لا أدخل النار اليوم منهم إلا ظالماً)).(1/909)
926 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرازي، عن محمد بن مسلمٍ، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عبيد بن سعدٍ، قال: خرج أبو أيوب الأنصاري غازياً في سبيل الله إلى أرض الروم، فقص قاصٌّ، فقال: ليس أحدٌ في الدنيا من بني آدم يعمل عملاً أول النهار إلا عرض على معارفه من أهل الآخرة في آخر النهار، ولا عمل عملاً في آخر النهار إلا عرض على معارفه من أول النهار من الغد.
فقال أبو أيوب: أيها القائل! انظر ما تقول، قال له: والله! إن ذاك كذلك، قال أبو أيوب: اللهم لا تفضحني عند سعد بن عبادة، ولا عند عبادة بن الصامت بما عملت بعدها، فقال القائل: والله الذي لا إله إلا هو! ما كتب الله لعبد ولايته إلا ستر عورته، وأثنى عليه بأحسن عمله. (1/910)
927 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا الوليد بن محمدٍ الموقري، قال: حدثنا الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المريض إذا برأ وصح من مرضه، كمثل البردة تقع من السماء في صفائها ولونها)).(1/911)
928 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا الموقري، قال: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى كسرةً ملقاةً، فمشى إليها، فمسحها، وقال: ((يا عائشة! أحسني جوار نعم الله؛ فإنها قلما نفرت عن أهل بيتٍ، فكادت ترجع إليهم)).(1/912)
929 - حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيدٍ الأزدي، قال: حدثنا محمد بن زيادٍ الكلبي، قال: حدثنا بشر ابن الحسين الهلالي، عن الزبير بن عديٍّ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، ثم قال: ((هل تدرون ما يقول ربكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن ربكم يقول: هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة)).(1/913)
930 - حدثنا موسى بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن زيادٍ، قال: حدثنا بشر بن الحسين الهلالي، عن الزبير بن عديٍّ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يدي رجلٍ من أمتي، ثم قال: الحمد لله، لكان الحمد لله أفضل من ذلك)).(1/914)
931 - حدثنا موسى بن عبد الله، قال: حدثنا محمد ابن زيادٍ، عن بشر بن حسينٍ، عن الزبير بن عديٍّ، عن أنس ابن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما محق الإسلام محق البخل شيءٌ قط)).(1/915)
932 - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حفظ لسانه، ستر الله عورته، ومن كف غضبه، كف الله عنه عذابه، ومن اعتذر إلى الله في الدنيا، قبل الله معذرته)).(1/916)
933 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد ابن المتوكل، عن البختري بن عبيد بن سلمان الأغر، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عظمت أمتي الدنيا، نزعت منها هيبة الإسلام، وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حرمت بركة الوحي، وإذا تسابت أمتي، سقطت من عين الله)).(1/917)
934 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن ابن أنعم، عن عتبة بن حميدٍ، عن عبادة بن نسيٍّ، عن عبد الرحمن بن غنمٍ، قال: سمعت أبا عامرٍ الأشعري يقول: قلت: يا رسول الله! ما تمام البر؟ قال: ((تعمل في السر عمل العلانية)).(1/918)
935 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الله ابن أبي أمية الفزاري، عن أبي علي بن الرماح عمر بن ميمونٍ، قال: حدثني مقاتل بن حيان، عن الأسود بن هلالٍ، عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في دبر الصلاة بعد ما سلم هؤلاء الكلمات، كتبها ملكٌ في رقٍّ، فختم بخاتمٍ، ثم رفعها إلى يوم القيامة، فإذا بعث الله العبد من قبره، جاء الملك ومعه الكتاب ينادي: أين أهل العهود؟ حتى يدفع إليه، والكلمات أن يقول: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، إني أعهد إليك (في هذه الحياة الدنيا أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي)، فإنك إن تكلني إلى نفسي، تقربني من الشر، وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل رحمتك عهداً لي عندك تؤديه إليّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد)).(1/919)
936 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا أبو إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن طاوسٍ: أنه أمر بهذه الكلمات، فكتبت في كفنه.(1/920)
937 - حدثنا عمر، قال: حدثنا نعيم بن حمادٍ، عن عبد المؤمن بن خالدٍ الحنفي، قال: حدثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال عشر كلماتٍ عند دبر كل صلاة غداةٍ، وجد الله عندهن مكفيًّا، مجزيًّا، خمسٌ للدنيا، وخمسٌ للآخرة: حسبي الله لديني، حسبي الله لدنياي، حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن بغى علي، حسبي الله لمن حسدني، حسبي الله لمن كادني بسوءٍ، حسبي الله عند الموت، حسبي الله عند المساءلة في القبر، حسبي الله عند الميزان، حسبي الله عند الصراط، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب)).(1/921)
938 - حدثنا إبراهيم بن زيدٍ الجرجاني، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثنا زهير بن محمدٍ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر ابن عبد الله، قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الرحمن. علم القرآن.} حتى ختمها، فقال: ((ما لي أراكم سكوتاً؟! الجن كانوا أحسن منكم ردًّا، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرةٍ: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إلا قالوا: ولا بشيءٍ من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد)).(1/922)
939 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا أبو عامرٍ العقدي، قال: حدثنا كثير بن زيدٍ، عن إسحاق ابن عبد الله بن جعفرٍ، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع وربع العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين))، قالوا: يا رسول الله! فكيف هي للحي؟ قال: ((أجود، وأجود)).(1/923)
940 - حدثنا عمر بن يحيى بن نافعٍ الأبلي، قال: حدثنا حكيم بن حزامٍ، عن العلاء بن كثيرٍ، عن مكحولٍ: كلمة الفرج: ((لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).(1/924)
941 - حدثنا أحمد بن شدادٍ، قال: حدثنا علي بن قادمٍ الكوفي، قال: حدثنا علي بن صالحٍ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلماتٍ إذا أنت قلتهن، غفرت لك ذنوبك، مع أنه مغفورٌ لك: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).(1/925)
942 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، وعبيد بن الصباح الكوفي، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليٍّ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ، فذكر مثله.(1/926)
943 - حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأودي، قال: حدثنا شريح بن مسلمة التنوخي، ثنا إبراهيم بن يوسف ابن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلماتٍ إذا أنت قلتهن، وعليك مثل عدد الذر من الخطايا، غفر لك، على أنه مغفورٌ لك؟ تقول: لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).(1/927)
944 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت على باب الجنة مكتوباً: القرض بثمانية عشر، والصدقة بعشرٍ، (فقلت: يا جبريل! ما بال القرض بثمانية عشر، والصدقة بعشرٍ؟ قال): لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاجٌ، وربما وضعت الصدقة في غنيٍّ)).(1/928)
945 - حدثنا عتبة بن عبد الله بن عتبة الأزدي، قال: حدثنا محمد بن عيسى أبو مالكٍ، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت على باب الجنة مكتوباً: القرض بثمانية عشر، والصدقة عشراً، فقلت: يا جبريل! ما بال القرض أعظم أجراً؟ قال: لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا محتاجاً، وربما وقعت الصدقة في غير أهلها)).(1/929)
946 - حدثنا محمد بن أبي تميلة المروزي، قال: حدثنا الحسن بن محمدٍ الأعمش، قال: حدثنا بشر بن نميرٍ القشيري، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت مكتوباً على باب الجنة: الصدقة بعشرٍ، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل! ما هذا؟ قال: إن الصدقة ربما وقعت في يد غنيٍّ، وصاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاجٌ)).(1/930)
947 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا هشام بن عمارٍ، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالكٍ، عن أبيه، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ليلة أسري بي مكتوباً على باب الجنة: الصدقة بعشرٍ، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل! ما هذا؟ قال: الصدقة بعشرٍ، والقرض بثمانية عشر، قال: لأن المتصدق عليه يعطى وعنده، والمستقرض لا يأتيك إلا من حاجةٍ.(1/931)
948 - حدثنا خالد بن عقبة بن خالدٍ السكوني، قال: حدثنا حسينٌ الجعفي، عن زائدة، عن عاصمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه: أنه قام يخطب، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول كقيامي فيكم، ثم بكى، ثم أعادها، ثم بكى، ثم أعادها، ثم بكى، فقال: ((إن الناس لم يعطوا شيئاً أفضل من العفو والعافية، فسلوهما الله)).(1/932)
949 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا كثير بن عبيدٍ الحمصي، قال: حدثنا بقية، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يحب الملحين في الدعاء)).(1/933)
فروي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن الله -تبارك وتعالى- يقول: يا جبريل! قد قضيت حاجته، وأجبت دعوته، ولكن احبسها عنه؛ فإني أحب صوته))
950 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا قاسمٌ العمري، عن محمد بن المنكدر، عن رجلٍ من الأنصار، قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. (1/934)
951 - حدثنا بذلك عبد الله بن سعيدٍ الأشج، قال: حدثنا أبو يحيى التيمي، عن ليثٍ، عن محمدٍ، عن وهب بن منبهٍ، قال: نجد فيما أنزل الله في بعض الكتب: أن الله تعالى يقول: ((أنزل البلاء أستخرج به الدعاء)).(1/935)
952 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا دحيمٌ الدمشقي -واسمه عبد الرحمن بن إبراهيم-، قال: حدثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: ((قال داود -صلوات الله عليه-: سبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، سبحان مستخرج الشكر بالرخاء)). (1/936)
وروي عن كعب، قال: ((قال الله تعالى لموسى عليه السلام: يا موسى! اطلب إلي العلف والدقة لشاتك، ولا تستحي أن تسألني صغيراً، ولا تخف مني بخلاً أن تسألني عظيماً، يا موسى! أما تعلم أني خلقت الخردلة فما فوقها، وأني لم أخلق شيئاً إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليها؟ فمن سألني مسألةً، وهو يعلم أني قادرٌ، أعطي وأمنع، أعطيته مسألته مع المغفرة، فإن حمدني حين أعطيه، وحين أمنعه، أسكنته دار الحمادين، وأيما عبدٍ لم يسألني مسألةً، ثم أعطيته، كان أشد عليه عند الحساب، ثم إذا أعطيته ولم يشكرني، عذبته عند الحساب)).
953 - حدثنا بذلك عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا موسى بن سعيدٍ الراسبي، قال: حدثنا هلالٌ أبو جبلة، عن أبي عبد السلام، عن أبيه، عن كعب.(1/937)
قال الله عز وجل لموسى: {قد أجيبت دعوتكما}.
954 - حدثنا عمر، قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: بعد أربعين سنةً.(1/938)
955 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الله الأنطاكي، قال: حدثني أبو الفيض، قال: قال سفيان الثوري: أتيت أبا حبيبٍ البدوي أسلم عليه، وما كنت رأيته قط، فقال: أنت سفيان الثوري الذي يقال؟ قلت: نعم، نسأل الله بركة ما يقال، ثم قال لي: يا سفيان! ما رأينا خيراً قط إلا من ربنا، قلت: أجل، قال: فما لنا نكره لقاء من لا نرى خيراً قط إلا منه؟! ثم قال لي: يا سفيان! منع الله إياك عطاءٌ منه لك، وذلك أنه لم يمنعك من بخلٍ، ولا عدمٍ، وإنما منعه نظراً واختياراً، يا سفيان! إن فيك لأنساً، ومعك شغلاً، سلامٌ عليك، ثم أقبل على غنيمته، وتركني.(1/939)
956 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا محمد ابن يزيد بن خنيسٍ، قال: كان من دعاء سفيان الثوري: يا من يحب أن يسأل، ويغضب على من لا يسأله، ويا من أحب عباده إليه من سأله، فأكثر سؤاله، وليس أحدٌ كذلك غيرك يا كريم، ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله، ولم يطلب إليه، وليس أحدٌ كذلك غيرك يا كريم، ويا من أحب عباده إليه من سأله العظيم، ولم يعظم عليك -وعزتك- عظيمٌ يا عظيم.(1/940)
957 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: حدثنا المسيب بن واضحٍ السلمي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمرٍ، عن سماك بن الفضل، عن وهب بن منبهٍ، عن عبد الله بن عمرٍو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ القرآن في أربعين ليلةً، فاستزاده حتى رجع إلى سبعٍ.(1/941)
958 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد ابن إبراهيم بن الخطاب الليثي، قال: حدثني أبي، عن إسحاق بن خليفة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! من قرأ القرآن في سبعٍ؟ قال: ((فذلك عمل المقربين)). قالوا: يا رسول الله! فمن قرأه في خمسٍ؟ قال: ((ذلك عمل الصديقين)). قال: يا رسول الله! فمن قرأه في ثلاثٍ؟ قال: ((ذلك عمل النبيين، وذلك الجهد، ولا أراكم تطيقونه، إلا أن تصبروا على مكابدة الليل، أو يبدأ أحدكم بالسورة، وهمه في آخرها)). قالوا: يا رسول الله! ففي أقل من ثلاثٍ؟ قال: ((لا، ومن وجد منكم نشاطاً، فليجعله في حسن تلاوتها)).
قال محمد بن إبراهيم: سألني يحيى بن معين عن هذا الحديث. (1/942)
959 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا أبو نعيمٍ الفضل بن دكينٍ، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعبٍ الثقفي، قال: حدثني عثمان بن عبد الله بن أوسٍ، عن أبيه، عن جده، قال: احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فقلنا له؟ فقال: ((إنه طرأ علي حزبٌ من القرآن، فأحببت أن لا أخرج من المسجد حتى أقضيه))، فقلنا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنه طرأ عليه حزبٌ من القرآن فكيف تحزبون؟ قالوا: ثلاث سورٍ، وخمس سورٍ، وسبع سورٍ، وتسع سورٍ، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة سورةً، وحزب المفصل: ما بين قافٍ فأسفل.(1/943)
960 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا زائدة بن قدامة أبو الجهم الأسدي الكوفي، قال: حدثني أبي قدامة، عن زائدة، عن الأعمش، عن زرٍّ، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فدعا الناس بيده هكذا، قال: ((اجلسوا))، فأقبل الناس، فقال بيده هكذا: ((اجلسوا))، ثم قال: ((إني رأيتكم تطلبون معايشكم، هذا رسول رب العالمين جبريل نفث في روعي: أن لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء شيءٍ من الرزق أن تأخذوه بمعصيةٍ؛ فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته)).(1/944)
961 - حدثنا عبد الرحيم بن يوسف، قال: حدثنا يعلى، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن زبيدٍ اليامي، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/945)
962 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان ابن سلمة بن عبد الجبار الحمصي، قال: حدثنا يعقوب بن الجهم، قال: حدثني عمرو بن جريرٍ، عن عبد العزيز، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله -تبارك اسمه-: إذا وجهت إلى عبدٍ من عبيدي مصيبةً في بدنه، أو في ولده، أو في ماله، فاستقبلها بصبرٍ جميلٍ، استحييت يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً، أو أنشر له ديواناً.(1/946)
963 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الحميد ابن بهرام الفزاري، قال: حدثنا شهر بن حوشبٍ، قال: حدثني عبد الرحمن بن غنمٍ، قال: سمعت الحارث بن عميرة الحارثي يحدث: أن معاذاً اشتد به النزع في الطاعون، فنزع نزعاً لم ينزعه أحد، فكان كلما أفاق من غمرة، فتح طرفه، ثم قال: اخنقني خنقك رب، فوعزتك ربي! إنك لتعلم أن قلبي يحبك.(1/947)
964 - حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيلٍ، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة قال: أخذ معاذ بن جبلٍ طاعون في حلقه، قال: يا رب! إنك لتخنقني، وإنك لتعلم أني أحبك.(1/948)
965 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ المكي، عن سفيان الثوري، قال: كان الربيع بن خثيمٍ ربما خرج في مرضه ذاك، فيجده إخوانه صريعاً في الطريق، فيرشون عليه الماء حتى يفيق، فيقول: يا رب غط ما شئت أن تغط، فوعزتك! لا تزداد بذلك عندي إلا حباً، فيقال له: إنك لفي سعة أن لا تكلف نفسك هذا، فيقول: فكيف بهذا الذي ينادي: حي على الصلاة، لا أقدر إلا أن أجيبه.(1/949)
966 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد ابن مصفى الحمصي، قال: حدثنا بقية، عن إسماعيل بن عياشٍ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبي عمران، عن أبي سلامٍ، عن ابن غنمٍ الأشعري، عن أبي موسى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الصبر رضاءٌ)).(1/950)
967 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن إسرائيل، عن رجلٍ، عن الشعبي، قال: إني لأرجو أن مؤمني هذه الأمة يدخلون مداخل الأنبياء الجنة.(1/951)
968 - ما حدثنا به رزق الله بن موسى الناجي، قال: حدثنا معن بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغائر في الأفق من المشرق أو المغرب؛ لتفاضل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء، فلا يبلغها إلا هم؟ قال: ((بلى، والذي نفسي بيده! رجالٌ آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين)).(1/952)
969 - حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد الحلواني، قال: حدثنا عمرو بن الربيع المصري، قال: حدثنا يحيى ابن أيوب، عن عيسى بن موسى بن إياس بن بكيرٍ: أن صفوان بن سليمٍ حدثه عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله؛ فإن لله نفحاتٍ من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، واسألوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم)).(1/953)
970 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيدٍ الأنطاكي، عن يعقوب بن كعبٍ، عن نائل ابن نجيح البصري، عن عائذ بن حبيبٍ، عن محمد بن سعيد الأنصاري، قال: وجد في قائم سيف محمد بن مسلمة كتابٌ فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لربكم في بقية دهركم نفحاتٍ، فتعرضوا لها؛ لعل دعوةً أن توافق رحمةً، فيسعد بها صاحبها، ثم لا يشقى بعدها أبداً)).(1/954)
971 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا المعلى بن راشدٍ، عن معتمرٍ، قال: سمعت أبي يحدث: أن لقمان قال لابنه: يا بني! عود لسانك أن تقول: اللهم اغفر لي؛ فإن لله ساعاتٍ لا ترد.(1/955)
972 - حدثنا محمدٌ، قال: حدثنا المعلى، عن معتمرٍ، قال: سمعت أبا سعيدٍ يقول: سمعت الحسن يقول: أكثروا الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم لا تدرون أي حينٍ تنزل المغفرة.(1/956)
973 - حدثنا قتيبة، وسفيان بن وكيعٍ، قالا: حدثنا عبد الله بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حليم إلا ذو عثرةٍ، ولا حكيم إلا ذو تجربةٍ)).(1/957)
974 - حدثنا أحمد بن عبد الرحيم بن خالد بن زيادٍ الحراني، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، قال: سمعت الحسن يقول: ما سمعت الله نحل عباده شيئاً أقل من الحلم؛ فإنه قال: {إن إبراهيم لحليمٌ}، وقال: {فبشرناه بغلامٍ حليمٍ}.(1/958)
975 - حدثنا عمر، قال: حدثنا محمد بن الطفيل، عن يعقوب بن الوليد المديني، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جده، عن حسين بن عليٍّ، قال: قال لي عليٌّ: يا بني! ما العلم: خشية الرب، واعتزال الحب، قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ، وملاك النفس.(1/959)
976 - حدثنا عمر، قال: حدثنا ابن رجاء، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبزى، قال: قال داود نبي الله: كان أيوب أحلم الناس، وأصبر الناس، وأكظمهم للغيظ.(1/960)
977 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدثنا محمد ابن بشرٍ، عن علي بن صالحٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، قال: قالوا: يا رسول الله! نراك قد شبت؟ قال: ((شيبتني سورة هودٍ وأخواتها)).(1/961)
وروي لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الفرق فلذ كبده))؛ أي: قطعه.
978 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا محمد بن مطرفٍ، رفعه.(1/962)
وروي عن علي بن الحسين رضي الله عنهما: أنه كتب إلى الحجاج جواب كتابه الذي كان قد توعده فيه: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله في كل يومٍ ثلاث مئةٍ وستين لحظةً يلحظ بها إلى أهل الأرض، فمن أدركته تلك اللحظة، صرف الله عنه شر الدنيا، وشر الآخرة، وأعطاه خير الدنيا، وخير الآخرة))، وأرجو من الله عز وجل أن يدركني بعض لحظاته، فيصرف عني شرك، ويرزقني ما وعدنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأعجب بذلك الحجاج، وكتب به الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، وكتب به عبد الملك إلى هرقل ملك الروم، فأرسل هرقل إلى عبد الملك بن مروان رسولاً يطلب ممن خرج هذا الكلام؟ حتى رجع الأمر إلى علي بن الحسين رضي الله عنه، فلما صار إليه، فأخبره، فقال له: ممن أنت؟ قال: أنا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن عمه، قال: نعم؛ هذا الكلام لا يخرج إلا من أهل بيت نبوة.
979 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا صالح بن محمدٍ، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عبادٍ -وهو ابن كثيرٍ-، قال: حدثني عبيد الله بن العيزار، قال: حدثني محمد ابن عليٍّ، عن أبيه علي بن الحسين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/963)
980 - فأما حديث ابن الحنفية: فحدثنا به محمد بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن زيد بن عبد الرحمن، عن محمد بن الحنفية، بذلك.
[[قال المصنف قبل صفحة: وروي عن محمد بن الحنفية: أنه قال: لله ثلاث مئة وستون لحظة يلحظ بها إلى كل عبد من عباده في كل صباح، فإن أخذ، أخذ بقدرته، وإن عفا، عفا بحلمه]] (1/964)
981 - حدثنا ابن أبي ميسرة المكي، قال: حدثنا يعقوب بن حميدٍ، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الله الأموي، قال: حدثني الحسن بن الحر: أنه سمع يعقوب بن عتبة يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اعتز بالعبيد، أذله الله)).(1/965)
982 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن بكر بن خنيسٍ، عن هشام بن الغاز، عن الزهري، قال: أوحى الله تعالى إلى داود: ((ما من عبدٍ يعتصم بي دون خلقي، فتكيده السماوات والأرض، إلا جعلت له من ذلك مخرجاً، وما من عبدٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني، إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه، وأسخطت الأرض من تحت قدميه)).(1/966)
983 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا حيوة بن شريحٍ، عن بقية، عن صفوان بن عمرٍو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفيرٍ، وشريح بن عبيدٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله -تبارك وتعالى-: إني والجن والإنس في نبإٍ عظيمٍ، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري)).(1/967)
984 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا إبراهيم ابن العلاء الزبيدي الحمصي، قال: حدثني عمر بن الحارث، عن عبد الله بن سالمٍ الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن يحيى بن جابرٍ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفيرٍ، حدثه: أن أباه حدثه: أن عبد الله بن معاوية الغاضري أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من فعلهن، طعم طعم الإيمان: من عَبَدَ الله وحده بأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبةً بها نفسه، ولم يعط الجربة، لا الدرة، ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكم؛ فإن الله لم يأمركم بخيره، ولم يأمركم بشره، فزكى نفسه))، فقال رجل: ما تزكية نفسه؟ قال: ((أن يعلم أن الله معه حيث كان)).(1/968)
985 - حدثنا بذلك حفص بن عمرو العابد، قال: حدثنا الفضيل بن عياضٍ، عن هشامٍ، عن الحسن رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العلم علمان: فعلمٌ في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذلك حجة الله تعالى على ابن آدم)).(1/969)
986 - حدثنا محمد بن الفضل البخاري، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: {وويلٌ للمشركين. الذين لا يؤتون الزكاة}، قال: الذين لا يقولون: لا إله إلا الله.(1/970)
روي عن ابن عمر رضي الله عنه: أنه كلمه عروة بن الزبير في الطواف بشيء من خطبة ابنته، فلم يرجع جواباً، فلما لقيه بعد ذلك، قال: إنا كنا نتراءى الله بين أعيننا في الطواف، فذلك الذي منعني من جوابك.
987 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، وإسماعيل ابن نصرٍ، قالا: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي رواد، قال: أخبرني نافعٌ، عن ابن عمر رضي الله عنه.(1/971)
988 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا نعيم ابن حمادٍ، عن عثمان بن كثير بن دينارٍ، عن محمد بن مهاجرٍ، قال: أخبرني عروة بن رويمٍ اللخمي، عن بد الرحمن بن غنمٍ، عن عبادة بن الصامتٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الفضل إيمان العبد أن يعلم العبد أن الله معه حيثما كان)).(1/972)
989 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا سهل بن تمامٍ البصري، عن عباد بن منصورٍ، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الأرض لتنادي كل يومٍ سبعين مرةً: يا بني آدم! كلوا ما شئتم واشتهيتم، فوالله! لأكلن لحومكم وجلودكم)).(1/973)
990 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدثنا أبو صالحٍ الحراني غالب ابن سليمان، عن كثير بن زيادٍ، عن أبي سمية، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الورود، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الورود: الدخول، لا يبقى برٌّ ولا فاجرٌ إلا دخلها، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم -صلوات الله عليه-، حتى إن للنار -أو قال-: لجهنم ضجيجاً من بردهم، {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا})).(1/974)
991 - حدثنا عمر، قال: حدثنا ابن رجاءٍ، عن إسرائيل، عن السدي، قال: سألت مرة عن ذلك، فحدثني عن عبد الله: أنه حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يرد الناس النار، ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمح البصر، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كشد الرحل، ثم كمشيه، ثم كحبوه)).(1/975)
992 - حدثنا عمر، قال: حدثنا مسلم، عن شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، قال: يردونها جميعاً، ويصدرون عنها بأعمالهم.(1/976)
993 - حدثنا عبد العزيز بن مسلمٍ، عن منصور بن عمارٍ، عن بشير بن طلحة الجذامي، عن خالد بن دريكٍ، عن يعلى بن منية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تقول النار للمؤمن: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي)).(1/977)
994 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، قال: حدثنا بشر بن منصورٍ، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال: إذا جاز المؤمنون الصراط، نادى بعضهم بعضاً: ألم يعدنا ربنا أن نمر على جسر النار؟ فيقولون: بلى، ولكنا مررنا عليها وهي خامدة لممرنا.(1/978)
995 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابرٍ، قال: لما أراد معاوية أن يجري العين إلى جنب أحدٍ عند قبور الشهداء، أمر منادياً فنادى فيهم: من كان له قتيلٌ، فليخرج إليه. قال جابر: فخرجنا إليهم، فوجدناهم رطاباً يتثنون، فأصابت المسحاة إصبع رجل منهم، فبدرت إصبعه، فانفطرت دماً.
قال أبو سعيد: لا ينكر بعد هذا منكر أبداً. (1/979)
996 - حدثنا سليمان بن أبي هلالٍ الذهبي، قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد المكي أخو وهيبٍ، عن أبي الزبير محمد بن مسلمٍ، عن جابرٍ، بمثله، إلا أنه قال: فرأيتهم ينثنون على رقاب الرجال، كأنهم رجالٌ نوم، حتى أصابت المسحاة قدم حمزة بن عبد المطلب، فانبعث دماً.(1/980)
997 - حدثنا محمد بن عليٍّ الحكيم الترمذي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل بن محمدٍ الواسطي، حدثنا أيوب بن محمدٍ الرقي، قال: حدثنا الوليد بن الوليد أبو العباس الدمشقي، عن ثابت بن يزيد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مكارم الأخلاق عشرٌ تكون في الرجل، ولا تكون في ابنه، وتكون في الابن، ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد، ولا تكون في سيده، يقسمها الله تعالى لمن أراد به السعادة: صدق الحديث، وصدق البأس، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وحفظ الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء)).(1/981)
998 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن الإفريقي، عن يزيد بن أبي منصورٍ، عن عائشة، بمثله، لم يرفعه.(1/982)
999 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن معن بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله: نجد الرجل فظًّا، فإذا بحثته، وجدت سريرته الإيمان، ونجده حلو الخلائق، فإذا بحثته، لم تجد فيه من الإيمان شيئاً، ومن شاء الله، جمع له حلاوة الدين، وحلاوة الخلق.(1/983)
1000 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عبد الحميد بن صالحٍ البرجمي، عن زكريا بن عبد الله ن يزيد الصهباني، عن أبيه، عن كميل بن زيادٍ النخعي، عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: سبحان الله! ما أزهد الناس في الخير! عجبت لرجل يجيئه أخوه المسلم في حاجة، لا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كنا لا نرجو جنة، ولا نخشى ناراً، ولا ثواباً، ولا عقاباً؛ لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق؛ فإنها مما تدل على سبيل النجاح، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وما هو خيرٌ منه، لما أتانا سبايا طيئٍ، وقعت لي جاريةٌ حماء، حواء، لعساء، لمياء، عيطاء، مسنونة الخدين، صلتة الجبين، مقرونة الحاجبين، صغيرة الأذنين، شماء الأنف، مقبوضة الهامة، درماء الكعبين، خدلج الساقين، لفاء الفخذين، خميصة الخصرين، ممكورة الكشحين، مصقولة المتنين، فلما رأيتها، أعجبت بها، وقلت: لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها من فيئي، فلما تكلمت، نسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد! إن رأيت أن تخلي عني، ولا تشمت بي أحياء العرب، وإني ابنة سرة قومي، كان أبي يفك العاني، ويحمي الديار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجةٍ قط، وأنا بنت حاتم طيٍّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا جارية! هذه صفة المؤمن حقًّا، لو كان أبوك إسلاميًّا، لترحمنا عليه، خلوا عنها؛ فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق))، فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله! آلله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: ((يا أبا بردة! لا يدخل الجنة أحدٌ إلا بحسن الخلق)).(1/984)
1001 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا محمد بن شعيبٍ الأزدي، قال: حدثنا موسى بن عليٍّ بن رباحٍ، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن عمرٍو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربع خلالٍ إذا أعطي العبد، فلا يضره ما عزل عنه من الدنيا: حسن خليقةٍ، وعفاف طعمةٍ، وصدق حديثٍ، وحفظ أمانةٍ)).(1/985)
1002 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس من الصلوات صلاةٌ أفضل من صلاة الغداة يوم الجمعة في جماعةٍ، وما أحسبه شهدها أحدٌ منكم إلا مغفورٌ له)).(1/986)
1003 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا نصر بن صالحٍ، قال: حدثنا صالحٌ المري، عن ثابتٍ البناني، ويزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من صلى صلاة الصبح، فهو في ذمة الله عز وجل)).(1/987)
1004 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم المصري، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، وابن حجيرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه مر ببلالٍ وهو يقرأ من هذه السورة، وهذه السورة، وقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ السورة على نحوها))، ثم قال: ((مثل بلالٍ كمثل نحلةٍ غدت تأكل من الحلو والمر، ثم تمسي حلواً كله)).(1/988)
1005 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ليث ابن سعدٍ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرٍو، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله! علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني؛ فإنك أنت الغفور الرحيم)).(1/989)
1006 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا زيد بن حبابٍ، قال: حدثنا سهيل بن عبد الله أخو القطعي، عن ثابتٍ البناني، عن أنس ابن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة}، قال: ((قال ربكم: إني أنا أهلٌ أن أتقى، ولا يجعل معي إلهٌ، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً، كان أهلاً أن أغفر له)).(1/990)
1007 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هدبة ابن خالدٍ الأزدي، قال: حدثنا سهيل بن عبد الله أخو خزمٍ القطعي، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة}، قال: ((فقال ربكم: أنا أهلٌ أن أتقى ولا يجعل معي إلهٌ، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً، فأنا أهلٌ أن أغفر له)).(1/991)
1008 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سلمة بن حيان الطائي، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، قال: حدثني نوح بن ذكوان، عن أخيه أيوب، عن الحسن -رحمة الله عليه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع إلي يديه، ثم أردهما، قالت الملائكة: إلهنا! ليس بأهلٍ لذلك، قال الله تعالى: لكني أهل التقوى وأهل المغفرة، أشهدكم أني غفرت له)).(1/992)
1009 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا حوشب ابن عبد الكريم البلخي، قال: حدثنا حماد بن زيدٍ، عن أبان، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان ديدان القراء، فمن أدرك ذلك الزمان، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومنهم، وهم الأنتنون، ثم يظهر قلانس للبرود، فلا يستحيا يومئذٍ من الربا، والمتمسك يومئذٍ بدينه كالقابض على جمرةٍ، والمتمسك يومئذٍ بدينه أجره كأجر خمسين))، قالوا: أمنا، أو منهم؟ قال: ((بل منكم)).(1/993)
1010 - حدثنا حميد بن عليٍّ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا جعفر بن محمد الهمداني، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمانٌ المتمسك فيه بسنتي عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر)).(1/994)
1011 - بل حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدثنا أبي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه.(1/995)
1012 - وحدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا حماد ابن زيدٍ، عن ابن عونٍ، عن محمدٍ، قال: قلت لعبيدة: افتراش الحرير كلبسه؟ قال: نعم.
1013 - حدثنا سفيان عن ابن عونٍ، عن محمد، عن عبيدة، بمثله.(1/996)
1014 - قال: حدثنا علي بن حجرٍ، عن شريكٍ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن بعجة: أن علياً أتي بدابة عليها سرج حرير، فنزع صفنه، ثم ركب.(1/997)
1015 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، حدثنا عمرٌو، قال: سمعت صفوان بن عبد الله بن صفوان يقول: قال سعد بن أبي وقاصٍ: لأن أجلس على جمر الغضى أحب إلي من أن أجلس على مرافق حرير.(1/998)
1016 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفر بن سليمان، عن الصلت بن طريفٍ، قال: حدثنا شيخٌ من أهل المدائن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((أنتم اليوم على بينةٍ من ربكم، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في سبيل الله، ثم يظهر فيكم السكرتان: سكرة العيش، وسكرة الجهل، وستحولون إلى غير ذلك، يفشو فيكم حب الدنيا، فإذا كنتم كذلك، لم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر، ولم تجاهدوا في سبيل الله، والقائمون يومئذٍ بالكتاب والسنة في السر والعلانية، السابقون الأولون)).(1/999)
1017 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا الوليد ابن محمدٍ الموقري، قال: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى كسرةً ملقاةً، فمشى إليها، فمسحها، وقال: ((يا عائشة! أحسني جوار نعم الله؛ فإنها قلما نفرت عن أهل بيتٍ فكادت ترجع إليهم)).(1/1000)
1018 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا عبد المجيد ابن أبي روادٍ، قال: حدثنا مروان بن سالمٍ، عن إسماعيل بن فلان ابن الحجاج، عن الحجاج بن علاطٍ السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكرموا الخبز؛ فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض)).(1/1001)
1019 - حدثنا علي بن حجرٍ، قال: حدثنا الوليد بن محمدٍ الموقري، قال: حدثنا الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المريض إذا برأ وصح من مرضه كمثل البردة تقع من السماء في صفائها ولونها)).(1/1002)
1020 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا عاصم بن محمدٍ العمري، عن عبد الله ابن سعيدٍ، عن جده، رفعه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أبتلي عبدي المسلم، فإن لم يشكني إلى عواده، أطلقته من إساري، ثم أبدلته لحماً هو خيرٌ من لحمه، ودماً هو خيرٌ من دمه، ثم ليأتنف العمل)).(1/1003)
1021 - حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا مالك بن سليمان الهروي، حدثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: أنه وضع يده على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه حمى، فوجدها من فوق اللحاف، فقال: يا رسول الله! ما أشدها عليك؟ فقال: ((إنا كذلك يشتد علينا البلاء، ويضاعف لنا الأجر))، فقلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء))، قلت: ثم من؟ قال: ((ثم الصالحون، إن كان الرجل ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها، وإن كان الرجل ليبتلى بالقمل حتى يقتله، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء)).(1/1004)
1022 - حدثنا حفص بن عمرٍو، قال: حدثنا زيد ابن حبابٍ، قال: حدثني موسى بن عبيدة، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله، إلا أنه: ((وإن كان النبي من الأنبياء ليبتلى، وإن كان النبي ليفرح بالبلاء)).(1/1005)
1023 - حدثنا العباس بن أيوب الزبيري، قال: حدثنا قيس بن محمدٍ الكندي، قال: حدثنا طلحة بن كاملٍ، قال: حدثنا محمد بن هشامٍ المدني، قال: بايعت عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم، فماكسني، فقلت: أتماكسني يا ابن رسول الله؟ فقال: نعم.
حدثني أبي عن جدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المغبون لا محمودٌ، ولا مأجورٌ)). (1/1006)
1024 - حدثنا زيد بن أخزمٍ الطائي، قال: حدثنا أبو عامرٍ العقدي، عن سليمان بن سفيان، عن بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال، قال: ((اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله)).(1/1007)
1025 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن الفرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا رأى الهلال، قال: ((إلهنا وإلهك، وربنا وربك الله، الحمد لله الذي سخرك لنا)).(1/1008)
1026 - حدثنا أبو العاج أحمد بن سالم بن العلاء ابن نوفل بن ناجية الربعي، قال: حدثنا مالك بن يحيى بن عمرو ابن مالكٍ النكري، عن أبيه يحيى بن عمرٍو، عن جده عمرو ابن مالكٍ النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لم أر شيئاً أحسن طلباً، ولا أسرع إدراكاً من حسنةٍ حديثةٍ لذنبٍ قديمٍ، {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين})).(1/1009)
1027 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا إبراهيم ابن حمزة الرملي، عن محمد بن سلمة الحراني، عن أبي واصلٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن عمرو بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرامة الصبي في صغره زيادةٌ في عقله في كبره)).(1/1010)
1028 - حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا يزيد بن عبد الله الحمصي، عن بقية بن الوليد، عن عيسى بن إبراهيم، عن الزهري، عن أبي سليمان مولى أبي رافعٍ، عن أبي رافعٍ، قال: قلت: يا رسول الله! للولد حقٌّ علينا كحقنا عليهم؟ قال: ((نعم، حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة، السباحة، والرماية، وأن لا يرزقه إلا طيباً)).(1/1011)
1029 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا موسى ابن سهلٍ، عن ابن أبي فديكٍ، قال: حدثني يحيى ابن أبي خالدٍ، عن [ابن] أبي سعيدٍ الأنصاري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والندم توبةٌ)).(1/1012)
ومن هاهنا قال الشعبي: إذا أحب الله عبداً، لم يضره ذنبه.
1030 - حدثنا بذلك عبد الله بن الوضاح النخعي قال: حدثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن الشعبي.(1/1013)
1031 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عمرو ابن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينارٍ الحمصي، قال: حدثنا محمد بن حربٍ، عن أبي المهدي، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((الالتفاع لبسة أهل الإيمان، والتردي لبسة العرب)).(1/1014)
1032 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد المجيد ابن أبي روادٍ، عن مروان بن سالمٍ، عن صفوان بن عمرٍو، عن شريحٍ بن عبيدٍ الحضرمي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن رجلٍ شدة عبادةٍ، سأل: كيف عقله؟ [فإذا قالوا: حسنٌ، قال: ((أرجوه))] فإن قالوا غير ذلك، قال: ((لن يبلغ))، فذكر له عن رجل من أصحابه شدة عبادةٍ واجتهاد، فقال: ((كيف عقله؟))، قالوا: ليس بشيء، قال: ((لن يبلغ صاحبكم حيث تظنون)).(1/1015)
1033 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا جندل بن والقٍ الكوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرٍو الرقي، عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي فروة، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يعجبكم إسلام رجلٍ حتى تعلموا ما عقده عقله)).(1/1016)
فروي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لما خلق الله تعالى العقل، قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال له: اقعد، فقعد، ثم قال له: انطق، فنطق، ثم قال له: اصمت، فصمت، فقال: وعزتي وجلالي، وعظمتي وكبريائي وسلطاني وجبروتي! ما خلقت خلقاً أحب إلي منك، ولا أكرم علي منك، بك أعرف، وبك أحمد، وبك أطاع، وبك آخذ، وبك أعطي، وإياك أعاتب، ولك الثواب، وعليك العقاب)).
1034 - حدثنا بذلك عبد الرحيم بن حبيبٍ، قال: حدثنا داود بن محبر بن قحذمٍ البصري، قال: حدثنا الحسن بن دينارٍ، قال: سمعت الحسن يقول: حدثني عدةٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ذلك.(1/1017)
1035 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام بن خالدٍ، عن بقية، عن الأوزاعي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بمثله.
وزاد فيه: قال: ((لك الثواب، وعليك العقاب، وما أكرمتك بشيءٍ أفضل من الصبر)).(1/1018)
1036 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا هشام ابن خالدٍ الدمشقي، قال: حدثنا يحيى -وهو عندي يحيى الغساني- قال: حدثنا أبو عبد الله مولى بني أمية، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول شيءٍ خلق الله القلم، ثم خلق النون، وهي الدواة، ثم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: ما كان، وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة؛ من عملٍ، أو أثرٍ، أو رزقٍ، أو أجلٍ، فكتب ما يكون، وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، وذلك قوله عز وجل: {ن والقلم وما يسطرون}، ثم ختم على في القلم، فلم ينطق، ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق العقل، فقال: وعزتي! لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك فيمن أبغضت)).(1/1019)
1037 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا حكامة بنت عثمان بن دينارٍ البصرية، قالت: حدثنا أبي، عن مالك بن دينارٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الورع سيد العمل، من لم يكن له ورعٌ يرده عن معصية الله إذا خلا بها، لم يعبأ الله بسائر عمله شيئاً)).(1/1020)
1038 - حدثنا الحسين بن أبي كبشة البصري، قال: حدثنا أبو عامرٍ العقدي، عن عباد بن راشدٍ، عن داود ابن أبي هندٍ، عن أبي نضرة، قال: سمعت أبا سعيدٍ الخدري رضي الله عنه يقول: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق عندكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.(1/1021)
1039 - حدثنا روح بن قرة اليشكري، ونصر بن علي الحداني، ومحمود بن المهدي، قالوا: حدثنا سهل بن أسلم، عن حميد بن هلالٍ، عن عبادة بن قرطٍ، قال: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات.(1/1022)
1040 - حدثنا ابن أبي كبشة، قال: حدثنا عبد الملك ابن عمرٍو أبو عامرٍ، عن سعيد بن مسلمٍ، قال: سمعت عامر ابن عبد الله بن الزبير يقول: حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة! إياك والمحقرات؛ فإن لها من الله طالباً)).(1/1023)
1041 - حدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالكٍ الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله -تبارك وتعالى- ناجى موسى عليه السلام، فكان فيما ناجى قال: يا موسى! إنه لم يتقرب المتقربون إلي بمثل الورع عما حرمت عليهم؛ فإنه ليس من عبدٍ يلقاني يوم القيامة إلا ناقشته الحساب، وفتشته عما كان في يديه، إلا ما كان من الورعين، فإني أجلهم، وأكرمهم، وأدخلهم الجنة بغير حسابٍ)).
وزاد فيه غيره عن وهب بن منبه، قال: ((أجلهم، وأكرمهم، وأستحييهم)).(1/1024)
1042 - حدثنا عمر، قال: حدثنا نعيم بن حمادٍ، عن عبد المؤمن بن خالدٍ، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثٌ من لم يأت بهن يوم القيامة، فلا شيء له: ورعٌ يحجزه عن محارم الله، وخلقٌ يداري به الناس، وحلمٌ يرد به جهل السفيه)).(1/1025)
1043 - حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا أبي، عن هاشم بن القاسم، عن ميسرة، عن عباد بن كثيرٍ، عن محمد بن زيدٍ، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله! بأي شيء يتفاضل الناس؟ قال: ((بالعقل في الدنيا والآخرة))، قلت: أليس يجزى الناس بأعمالهم؟ قال: ((يا عائشة! وهل يعمل بطاعة الله إلا من قد عقل؟ فبقدر عقولهم يعملون، فعلى قدر ما يعملون يجزون)).(1/1026)
1044 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن حكيمٍ المهلبي، قال: حدثنا بكار بن عبد الله الربذي، قال: حدثنا عمي موسى بن عبيدة الربذي، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي حميدٍ الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل لينطلق إلى المسجد فيصلي، فصلاته لا تعدل جناح بعوضةٍ، وإن الرجل ليأتي المسجد فيصلي، صلاته تعدل جبل أحدٍ إذا كان أحسنهما عقلاً)).
قال أبو حميد: وكيف يكون ذلك يا رسول الله أحسنهما عقلاً؟ قال: ((أورعهما عن محارم الله، وأحرصهما على أسباب الخير، وإن كان دونه في العمل والتطوع)).(1/1027)
1045 - حدثنا مهدي بن عامرٍ، قال: حدثنا الحسن ابن حازمٍ، عن عبد ربه، عن عباد بن كثيرٍ، عن غالبٍ الخدري، عن طاوسٍ، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مهاجريٍّ وأنصاريٍّ، فقال المهاجري: يا رسول الله! حقي ثابتٌ، وما قضاني شيئاً، فقال الأنصاري: صدق يا رسول الله، إن حقه لثابتٌ، وما قضيته شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فأده إليه))، قال: أما دعواه، فقد أديته، وأما حق ثواب معروفه، فإنه علي أكافئه، فقال المهاجري: صدق يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تبارك الذي قسم العقل بين عباده أشتاتاً، إن الرجلين ليستوي عملهما وبرهما وصومهما وصلاتهما،، ولكنهما يتفاوتان في العقل، كالذرة في جنب أحدٍ، وما قسم الله لخلقه حظًّا هو أفضل من العقل، واليقين)).(1/1028)
1046 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن الحسن -رحمة الله عليه-، قال:
كان عقل آدم عليه السلام مثل عقل جميع ولده.(1/1029)
1047 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن بن حازمٍ، عن عبد ربه، عن عباد بن كثيرٍ، عن إدريس، عن جده وهب ابن منبهٍ، قال: أجد في سبعين كتاباً: أن جميع ما أعطي الناس من بدو الدنيا إلى انقطاعها من العقل في جنب عقل محمدٍ صلى الله عليه وسلم كحبة رملٍ وقعت من بين جميع رمال الدنيا.
قال وهب: إن الشيطان لم يكابد شيئاً أشد عليه من المؤمن العاقل، إنه ليكابد مئة ألف جاهل، فيسخرهم، ويكابد المؤمن العقل، فيضعف عنه، وزوال الجبال صخرةً صخرة أهون عليه من مكابدة المؤمن العاقل، وما من شيء أحب إليه من فتنة العاقل، وفتنة العاقل أحب إليه من غواية ألف جاهل، فإنه ليكابد العاقل، فإذا كان ذا بصيرة ويقين، كان كامل العقل، فإذا هو أثقل عليه من صخور الجبال، وأصلب من الحديد، فإذا لم يقدر عليه يقول: يا ويله ماله؟! ولهذا لا حاجة لي فيه، ولا طاقة لي به، فيتحول عنه إلى الجاهل، فيتسخره حتى يركب عنقه، ويغويه حتى يستأثره، ويسلمه إلى المهالك.(1/1030)
1048 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن عبد ربه، عن موسى بن جابان، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنما يقرب الناس للزلف على قدر عقولهم)).(1/1031)
1049 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن الربذي، عن الزهري، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قيل: يا رسول الله! رجلٌ يكون قليل العمل، كثير الذنوب؟ قال: ((إن لكل آدمي خطأً، فمن كانت له سجية عقلٍ، وغريزة يقينٍ، لم تضره ذنوبه شيئاً))، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: ((كلما أخطأ، لم يلبث أن يتوب، فتمحى ذنوبه، ويبقى فضلٌ يدخله الجنة)).(1/1032)
1050 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن ثابت بن زيادٍ، عن سيارٍ أبي الحكم، قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: ومن أعقل ممن خاف ذنوبه، واستحقر عمله؟.(1/1033)
1051 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن موسى بن جابان، عن لقمان بن عامرٍ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عويمر! ازدد عقلاً، تزدد من ربك قرباً))، قلت: يا رسول الله! من لي بالعقل؟ قال: ((اجتنب مساخط الله، وأد فرائضه، تكن عاقلاً، ثم تنفل بالصالحات من الأعمال، تزدد في الدنيا عقلاً، ومن ربك قرباً، وعليه عزًّا)).(1/1034)
1052 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن عمر، عن مكحولٍ، عن كعبٍ، قال: تجد الرجل يستكثر من أنواع البر، ويحتاط في صنائع المعروف، ويكابد سهر الليل، وشدة ظمأ الهواجر، وهو في ذلك لا يساوي عند الله جيفة حمار، قالوا: وكيف ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: ذلك من قلة عقله، وسوء دعته، ولعلك تجد الرجل العاقل نائماً بالليل، مفطراً بالنهار، لا يظهر لك بره، ولا ينسبه إلى صنائع المعروف، وبينهما كما بين المشرق والمغرب، قيل: وكيف ذاك يا أبا إسحاق؟ قال: لأن ربنا افترض على عباده أن يعرفوه، وأن يطيعوه، وأن يعبدوه، وإنما يطيعه ويعرفه ويعبده من يعقل، فأما الجاهل، فإنه لا يعرفه، ولا يطيعه، ولا يعبده.(1/1035)
1053 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن موسى بن جابان، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق العقل أكثر من عدد الرمل، فمن الناس من أعطي حبةً من ذلك، ومنهم من أعطي حبتين، ومنهم من أعطي مدًّا، ومنهم من أعطي صاعاً، ومنهم من أعطي فرقاً، وبعضهم وسقاً))، فقال ابن سلامٍ: من هم يا رسول الله؟ قال: ((العمال بطاعة الله على قدر عقولهم، ويقينهم، وجدهم، والنور الذي في قلوبهم)).(1/1036)
1054 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن ابن حاجبٍ، عن زيد بن وهبٍ، قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعنده ابن مسعودٍ، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، فقال أبو موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((رب رجلٍ يعمل بطاعة الله، فلعل الخوف الواجد من تسبيحه وتحميده وسره أثقل من أحدٍ، ثم على قدر ذلك يتفاضل عمله)).
فقال ابن مسعود رضي الله عنه: إن من المؤمنين من يكون عمله يوماً واحداً أثقل من السماوات والأرض، قال عمر رضي الله عنه: وكيف ذاك يا بن أم عبد؟ قال: إن الله -جل ثناؤه- قسم الأشياء بين عباده على قدر ما أحب أن يقسم، وإنه لما خلق العقل، أقسم بعزته أنه أحب خلقه إليه، وأعزهم عليه، وأفضلهم عنده، وأرجح عباده أحسنهم عقلاً، وأحسنهم عقلاً من كانت فيه ثلاث خصال: صدق الورع، وصدق اليقين، وصدق الحرص على البر والتقوى، فبكى عمر رضي الله عنه عند ذلك بكاء نشج منه. (1/1037)
1055 - حدثنا مهديٌّ، قال: حدثنا الحسن، عن منصورٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قسم الله العقل ثلاثة أجزاء، فمن كان فيه، فهو العاقل: حسن المعرفة لله، وحسن الطاعة لله، وحسن الصبر لله)).(1/1038)
1056 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا داود ابن عبد الرحمن المكي، عن ابن جريجٍ، عن أبيه، عن أم حميدة بنت عبد الرحمن، عن عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن فيكم المغربين))، قلت: يا رسول الله! وما المغربون؟ قال: ((الذي يشرك فيهم الجن)).(1/1039)
1057 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازمٍ، عن خليل بن أحمد، عن عثمان بن حاضرٍ، قال: كانت أم بلقيس من الجن، يقال لها: بلمقة بنت شيصبان.(1/1040)
1058 - حدثنا محمد بن عمارة بن صبيحٍ الأسدي، قال: حدثنا سهل بن عامرٍ البجلي، عن يحيى بن يعلى، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، قال: إذا جامع الرجل ولم يسم، انطوى الجان على إحليله، فجامع معه، فذلك قوله عز وجل: {لم يطمثهن إنسٌ قبلهم ولا جانٌ}.(1/1041)
1059 - حدثنا حفص بن عمرٍو، قال: حدثنا محمد ابن عبد العزيز الواسطي، عن بقية، عن معاوية بن يحيى، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حدث بحديثٍ، فعطس عنده، فهو حقٌّ)).(1/1042)
1060 - حدثنا حفص بن عمرٍو، قال: حدثنا آدم ابن أبي إياسٍ العسقلاني، قال: حدثنا ابن أبي ذئبٍ، قال: حدثنا سعيدٌ المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم، فحمد الله، فحق على كل مسلمٍ سمعه أن يشمته، والتثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم، فليرده ما استطاع؛ فإن أحدكم إذا قال: ها، ضحك الشيطان منه)).(1/1043)
1061 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عمر بن عمرٍو الربعي، عن عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه، قال: العطسة الواحدة شاهد عدلٍ، والعطستان شاهدان، وما زاد فبحسابٍ.(1/1044)
1062 - حدثنا عمر، قال: حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير، عن أبي رهمٍ السماعي، قال: إن مما يسعد به: العطاس عند الدعاء.(1/1045)
1063 - حدثنا محمد بن عمر، عن أبي قتادة الليثي، عن يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: لعطسةٌ واحدةٌ عند حديثٍ أحب إلي من شاهدٍ عدلٍ.(1/1046)
1064 - حدثنا محمدٌ، عن بقية، عن رجلٍ سماه، قال: حدثني الرويهب السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الفأل مرسلٌ، والعطاس شاهد عدلٍ)).(1/1047)
ومثل قوله حيث استقبله بريدة في طريق الهجرة، فقال: ((ما اسمك؟))، قال: بريدة، فالتفت إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: ((برد أمرنا))، قال: ممن؟ قال: من أسلم، قال: ((سلمنا يا أبا بكرٍ)).
1065 - حدثنا بذلك أبو عمارٌ، قال: حدثنا أوس ابن عبد الله بن بريدة، عن أخيه، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1048)
1066 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان ابن سلمة بن عبد الجبار الحمصي، قال: حدثنا يعقوب بن الجهم الخراساني، قال: حدثنا عمرو بن جريرٍ، عن عبد العزيز، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: عطس عثمان بن عفان رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عطساتٍ متوالياتٍ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أبشرك؟ هذا جبريل يخبرني عن الله تعالى: أنه ما من مؤمنٍ يعطس ثلاث عطساتٍ متوالياتٍ، إلا كان الإيمان في قلبه ثابتاً)).(1/1049)
1067 - حدثنا أبو عمارٍ الخزاعي، ومحمد بن ميمونٍ، قالا: ثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد ابن جابرٍ، قال: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي، قال: حدثني واثلة بن الأسقع الليثي، عن أبي مرثدٍ الغنوي، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)).(1/1050)
1068 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، ثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة الدمشقي، قال: حدثني أبي، ثنا يزيد بن قيسٍ الكندي، قال: أخبرني عبادة بن نسيٍّ، عن ابن غنمٍ، عن معاذ بن جبلٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يطأ القبور؛ إعظاماً للمسلمين، وإكراماً لهم.(1/1051)
1069 - حدثنا الجارود، ثنا المعلى بن منصورٍ، ثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيمٍ الحضرمي، عن عمرو بن حزمٍ، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً جالساً على قبر، فقال: ((انزل عن القبر؛ لا تؤذي صاحبك، ولا يؤذيك)).(1/1052)
1070 - حدثنا أبي رحمه الله، عن الحماني، ثنا وكيعٌ، عن الأسود بن شيبان، عن خالد بن سميرٍ، عن بشيرٍ بن نهيكٍ، عن بشير بن الخصاصية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي بين القبور في نعلين، فقال: ((يا صاحب السبتيتين! اخلع)).(1/1053)
1071 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا الأسود ابن شيبان، عن خالد بن سميرٍ، عن بشير بن نهيكٍ الدوسي، قال: حدثني بشيرٌ، قال: بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى على قبور المشركين، فقال: ((قد سبق هؤلاء خيراً كثيراً)) ثلاث مرات، وأتى على قبور المسلمين، فقال: ((قد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً)) ثلاث مرات، ثم رأى صاحب السبتيتين، فقال: ((ويحك! ألق سبتيتك))، فنظر، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلع نعليه، فرماهما.(1/1054)
1072 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابرٍ: أن بسر بن عبيد الله أخبره: أن أبا إدريس الخولاني أخبره: أن واثلة بن الأسقع أخبره: أن أبا مرثدٍ الغنوي أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى إلى القبور، أو يجلس عليها.(1/1055)
1073 - وقال: حدثنا صالح بن عبد الله، حدثنا يحيى بن زكريا، عن مجالدٍ، عن محمد بن المنتشر، عن ربعي بن حراشٍ، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: في القبر حسابٌ، وفي الآخرة حسابٌ، فمن حوسب في القبر، نجا، ومن حوسب في القيامة، عذب.(1/1056)
1074 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا سليمان بن بلالٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمرو بن العاص، قال: ما نيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نيل منه ذات يوم يطوف بالبيت، فدخلوا عليه، فقطعوا عليه الطواف، وأخذوا بتلبيبه، وقالوا: أنت الذي تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ قال: ((هو ذاك))، وأبو بكر رضي الله عنه ملتزمه من خلفه، وهو يقول: {أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم} وعيناه تهملان، فخلوا سبيله.(1/1057)
1075 - حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب البغدادي، قال: حدثنا كثير بن هشام، عن الحكم بن هشامٍ ابن أبي عقيلٍ، قال: عاتب الله هذه الأمة، إلا أبا بكر رضي الله عنه، فقال: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار}.(1/1058)
1076 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا عبيدٌ الرملي، عن إبراهيم بن بكرٍ الشيباني، قال: حدثنا مبارك ابن فضالة، عن الحسن، قال: لقد عاتب الله جميع أهل الأرض غير أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقال: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين} يقول: لما ذكره أخرجه من خطاب المعاتبة كأنه لم يخاطبه بالمعاتبة.(1/1059)
1077 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن نعيمٍ أراه، [عن نبيط بن شريطٍ]، عن سالم بن عبيدٍ -وكان من أهل الصفة-، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت الأنصار: منا أميرٌ، ومنكم أمير، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سيفان في غمدٍ واحدٍ لا يصلحان، ثم أخذ بيد أبي بكر رضي الله عنه، فقال: من له هذه الثلاثة: {ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول} من صاحبه {لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} مع من قال؟ ثم بايعه، فبايع الناس أحسن بيعة وأجملها.(1/1060)
1078 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا العلاء ابن مسلمة، عن محمد بن مجيبٍ الثقفي، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: اجتمعت قريشٌ بعد وفاة أبي طالب بثلاث، فأرادوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل هذا يجؤه، وهذا يتلتله، فاستغاث النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ، فلم يغثه يومئذ أحدٌ إلا أبو بكر رضي الله عنه، وله ضفيرتان، فأقبل يجأ ذا، ويتلتل ذا، ويقول بأعلى صوته: ويلكم! أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ والله! إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقطعت إحدى ضفيرتي أبي بكر رضي الله عنه يومئذ، فقال علي رضي الله عنه: والله! ليوم أبي بكر خيرٌ من مؤمن آل فرعون، إن ذلك رجل يكتم إيمانه، فأثنى عليه في كتابه، وهذا أبو بكر رضي الله عنه أظهر إيمانه، وبذل ماله ودمه لله.(1/1061)
1079 - حدثنا عمر، قال: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الوليد بن كثيرٍ، عن ابن تدرس مولى حكيم بن حزامٍ، عن أسماء بنت أبي بكرٍ: أنهم قالوا لها: ما أشد شيء رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان المشركون قعوداً في المسجد الحرام، ويتذاكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقول في آلهتهم، فبينا هم كذلك، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاموا إليه بأجمعهم، فكانوا إذا سألوه عن شيء، صدقهم، فقالوا له: ألست تقول كذا في آلهتنا؟ قال: بلى، قال: فتشبثوا به بأجمعهم، فأتى الصريخ إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال له: أدرك صاحبك، فخرج من عندنا وإن له غدائر، فدخل المسجد وهو يقول: ويلكم! {أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}، فكفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا على أبي بكر رضي الله عنه، فرجع إلينا أبو بكر، فجعل لا يمس شيئاً من غدائره إلا جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام إكرام إكرام.(1/1062)
1080 - حدثنا ابن أبي ميسرة، قال: حدثنا إسماعيل ابن سويدٍ، قال: حدثنا عبيد الله بن الحسن قاضي البصرة، قال: حدثني سعيد بن إياسٍ الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا التقى المسلمان، كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشراً لصاحبه، فإذا تصافحا، أنزل الله عليهما مئة رحمةٍ، تسعون منها للذي بدأ بالمصافحة، وعشرٌ للذي صوفح)).(1/1063)
1081 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا صالح بن محمدٍ، عن أبي الحسن العسقلاني، عن زيد بن أسلم، قال: كان يحيى بن زكريا -صلوات الله عليهما- إذا لقي عيسى بن مريم عليه السلام، بدأ فسلم عليه، وكان لا يلقى يحيى إلا باشًّا متبسماً، ولا يلقى عيسى إلا محزوناً شبه الباكي، فلقيه يحيى، فبش في وجهه، وتبسم، وسلم عليه، فقال له عيسى: إنك تبسم تبسم رجل، وتضحك كأنك آمنٌ، فقال له يحيى: إنك لتعبس تعبس رجلٍ، وتبكي كأنك آيسٌ، فأوحى الله إلى عيسى عليه السلام: إن أحبكما إلي أكثركما تبسماً.(1/1064)
1082 - حدثنا نصر بن فضالة، وعبد الكريم بن عبد الله اليشكري، قالا: حدثنا عبد الله بن نافعٍ الصائغ المدني، قال: حدثنا أيوب بن سليمان بن مينا، عمن حدثه عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وسع على أهله في يوم عاشوراء وسع الله عليه في سنته كلها)).(1/1065)
1083 - حدثنا عبد الجبار، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا جعفرٌ الأحمر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، قال: بلغني أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته.
قال سفيان: جربناه منذ أربعين سنة، فلم نر إلا خيراً. (1/1066)
1084 - حدثنا نصر بن فضالة، قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي أسنده إلى يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: من اكتحل يوم عاشوراء بكحل إثمدٍ فيه شيءٌ من مسك، لم تنجع عينه تلك السنة، وعوفي من الرمد.(1/1067)
فإنه جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: من خير أكحالكم الإثمد؛ فإنه ينبت الشعر، ويجلو البصر))
1085 - حدثنا بذلك عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق، ثنا يحيى بن سليمٍ الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1068)
1086 - حدثنا الجارود بن معاذٍ، قال: حدثنا الفضل ابن موسى، عن شريكٍ، عن ليثٍ، عن بشير بن نهيكٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون} قال: ((عن لا إله إلا الله)).(1/1069)
1087 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الهيثم بن جمازٍ، عن أبي داود الدارمي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله مخلصاً، دخل الجنة))، قيل: يا رسول الله! وما إخلاصها؟ قال: ((أن تحجزه عن محارم الله عز وجل)).(1/1070)
1088 - حدثنا عمر، قال حدثنا عمر بن عمرٍو الربعي، قال: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن أبي بكرٍ الحنظلي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عهد إلي أن لا يأتيني أحدٌ من أمتي بلا إله إلا الله، لا يخلط بها شيئاً، إلا أوجبت له الجنة))، قالوا: يا رسول الله! وما الذي يخلط بلا إله إلا الله؟ قال: ((حرصاً على الدنيا، وجمعاً لها، ومنعاً لها، يقولون قول الأنبياء، ويعملون أعمال الجبابرة)).(1/1071)
1089 - حدثنا بذلك علي بن عيسى بن يزيد البغدادي، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشةٌ في القبور، ولا في النشور، وكأني أنظر إليهم وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم وهم يقولون: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفورٌ شكورٌ}.(1/1072)
وروى أبو أسامة، قال: حدثنا عمر بن حمزة العمري، عن نافع ابن مالك أبي سهيل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله، ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم، فإذا آثروا صفقة دنياهم على دينهم، ثم قالوا: لا إله إلا الله، ردت عليهم، وقال الله تعالى: كذبتم)).
ومما يحقق ذلك أيضاً: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الموحدين ليسوا من أهل النار، وأن أهل النار هم الأعداء.(1/1073)
1090 - حدثنا علي بن أحمد العسقلاني، قال: حدثنا عبد الأعلى بن سليمان العبدي، قال: حدثنا أبان بن أبي عياشٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال قول لا إله إلا الله يدفع سخط الله عن العباد، حتى إذا نزلوا بالمنزل الذي لا يبالون ما نقص من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم، فقالوا عند ذلك، قال الله تعالى لهم: كذبتم كذبتم)).(1/1074)
1091 - حدثنا بذلك عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثني أبي، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: {فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى}، قال: ((أما الذين هم أهلها، فإن لهم جهنم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا من أهلها، فإن النار تميتهم إماتةً، ثم يجعلون ضبائر، ويقوم الشفعاء)).(1/1075)
1092 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا موسى ابن إسماعيل أبو سلمة، عن سعيد بن زربي، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد أوتي أبو موسى مزماراً من مزامير آل داود)).
فبلغ ذلك أبا موسى، فقال: يا رسول الله! لو علمت أنك تستمع لقراءتي، لحبرته لك تحبيراً. (1/1076)
1093 - حدثنا عمر، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله ابن بكيرٍ المصري، قال: حدثني الليث بن سعدٍ، عن خالد ابن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن زيد بن أسلم: أن الأشعريين: أبا موسى، وأبا مالك، وأبا عامر في نفر منهم لما هاجروا، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في فلك، وقد أرملوا من الزاد، فأرسلوا رجلاً منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، فلما انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعه يقرأ هذه الآية: {وما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ}، فقال الرجل: ما الأشعريين بأهون الدواب على الله؟ فرجع ولم يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأصحابه: أبشروا، أتاكم الغوث، ولا تظنوا إلا أنه قد كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه، فوعده، فبينما هم كذلك، إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينهما مملوءة خبزاً ولحماً، فأكلوا منها ما شاؤوا.
ثم قال بعضهم لبعض: لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي به حاجته، فقالوا للرجلين: اذهبا بهذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا قد قضينا حاجتنا، ثم إنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! ما رأينا طعاماً أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به، قال: ((ما أرسلت إليكم شيئاً))، فأخبروه بأنهم أرسلوا صاحبهم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره ما صنع، وما قال لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذلك شيءٌ رزقكموه الله)).(1/1077)
1094 - وحدثنا إسماعيل بن نصرٍ، عن النضر، عن شعبة، عن سماك بن حربٍ، قال: سمعت عياضاً -رجلاً من الأشعريين-، قال: لما نزل قوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه}، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هم قوم هذا)) -وأشار إلى أبي موسى الأشعري-.(1/1078)
1095 - حدثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن حميدٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقدم عليكم قومٌ هم أرق أفئدةً منكم))، فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى، فجعلوا يرتجزون ويقولون:
غداً نلقى الأحبة ... محمداً وحزبه(1/1079)
1096 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا فرج ابن فضالة، قال: حدثنا أبو هريرة الدمشقي، عن صدقة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كان داود عليه السلام يقرأ الزبور سبعين صوتاً يلون فيها، وكان يقرؤه قراءة يطرب منها المحموم، وكان إذا أراد أن يبكي نفسه، لم تبق دابة في برٍّ ولا بحرٍ إلا استمعن لصوته.(1/1080)
1097 - حدثنا نصر بن فضالة، قال: حدثنا عمرو ابن الحسن الجزري، قال: حدثنا أبو عاصمٍ النبيل، عن ابن جريجٍ، قال: سألت عطاءً عن القراءة على ألحان المغنى، فقال: حدثني عبيد بن عميرٍ: أن داود عليه السلام كان يأخذ المعزفة، فيضرب بها عند قراءة الزبور، يريد أن يبكي ويبكي.(1/1081)
1098 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا عمر ابن هارون، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاءٌ، قال: سمعت عبيد بن عميرٍ يقول: كان داود عليه السلام يأخذ المعزفة فيضرب بها، ويبكي.(1/1082)
1099 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا الحسن ابن علي الخلال الحلواني، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا هاشم بن سعيدٍ الكوفي، قال: حدثنا زيدٌ الخثعمي، عن أسماء بنت عميسٍ، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بئس العبد عبدٌ تجبر واعتدى، ونسي الجبار الأعلى، بئس العبد عبدٌ سها ولها، ونسي المبتدأ والمنتهى، بئس العبد عبدٌ بغى وعتا، ونسي المقابر والبلى، بئس العبد عبدٌ يختال بالدين الدنيا، بئس العبد عبدٌ يختال الدنيا بالشبهات، بئس العبد عبدٌ يذله الرعب عن الحق، بئس العبد عبدٌ طمعٌ يقوده، بئس العبد عبدٌ هوى يضله)).(1/1083)
1100 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا أبو همامٍ الدلال، عن إبراهيم بن طهمان، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيشٍ، عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أتاه جبريل عليه السلام، فبينا هو عنده، إذ أقبل أبو ذرٍّ رضي الله عنه، فنظر إليه جبريل عليه السلام، فقال: هو أبو ذرٍّ. قال: فقلت: يا أمين الله! وتعرفون أنتم أبا ذرٍّ؟ قال: نعم، والذي بعثك بالحق! إن أبا ذرٍّ أعرف في أهل السماء منه في أهل الأرض، وإنما ذلك لدعاءٍ يدعو به كل يومٍ مرتين، وقد تعجبت الملائكة منه، فادع به، فسله عن دعائه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذرٍّ! دعاءٌ تدعو به كل يومٍ مرتين؟))، قال: نعم فداك أبي وأمي، ما سمعته من بشر، فإنما هو عشرة أحرف ألهمني ربي إلهاماً، وأنا أدعو به كل يومٍ مرتين: أستقبل القبلة، فأسبح الله ملياً، وأهلله ملياً، وأحمده ملياً، وأكبره ملياً، ثم أدعو بتلك العشر كلمات: اللهم إني أسألك إيماناً دائماً، وأسألك قلباً خاشعاً، وأسألك علماً نافعاً، وأسألك يقيناً صادقاً، وأسألك ديناً قيماً، وأسألك العافية من كل بليةٍ، وأسألك تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس.
قال جبريل عليه السلام: والذي بعثك بالحق! لا يدعو أحدٌ من أمتك هذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه، وإن كان أكثر من زبد البحر، وعدد تراب الأرض، ولا يلقى الله أحدٌ من أمتك وفي قلبه هذا الدعاء إلا اشتاقت إليه الجنان، واستغفر له الملكان، وفتحت له أبواب الجنة، ونادت الملائكة: يا ولي الله! ادخل من أي بابٍ شئت.(1/1084)
وقال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: ليأتين على الرجل أحايين وما على جلده موضع إبرة من النفاق، وليأتين عليه أحايين وما على جلده موضع إبرة من الإيمان.
1101 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن لهيعة.(1/1085)
1102 - حدثنا محمد بن أيوب السمناني، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا وهيبٌ، قال: حدثنا ابن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العين حقٌّ، ولو كان شيءٌ سابقاً للقدر، لسبقته العين، وإذا استغسلتم، فاغسلوا)).(1/1086)
1103 - حدثنا محمد بن أبان الهلالي، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرازي، قال: حدثنا طالب بن حبيبٍ المدني الأنصاري، عن عبد الرحمن بن جابرٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثر من يموت من أمتي بالنفس بعد كتاب الله وقضائه يعني العين)).(1/1087)
1104 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي، قال: حدثنا يوسف بن السفر، قال: حدثني مالك بن أنسٍ رضي الله عنه، قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيمٌ مريضٌ، فسأل عنه يوماً، فقالوا: إنه لمثبت يا رسول الله، قال: ((أفلا استرقيتم له؛ فإن ثلث منايا أمتي من العين)).(1/1088)
1105 - حدثنا أبي رحمه الله تعالى، قال: حدثنا عبد الله بن عاصمٍ الحماني، قال: حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استعاذ بالله، فأعيذوه، ومن سأل بالله، فأعطوه، ومن استجار بالله، فأجيروه، ومن أتى إليكم معروفاً، فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه)).(1/1089)
1106 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان ابن عمرو، عن سالمٍ الأفطس، عن الحسن، وسعيد بن جبيرٍ، عن علي رضي الله عنه: أن رجلاً سأله، فلم يعطه شيئاً، فقال: أسألك بوجه الله تعالى، فقال له عليٌّ: كذبت، ليس بوجه الله سألتني، إنما وجه الله الحق ألا ترى إلى قوله: {كل شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} ما أريد به وجهه، ولكن سألتني بوجهك الخلق.(1/1090)
1107 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا إبراهيم ابن الوليد بن سلمة الدمشقي، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يزيد بن قيسٍ الكندي، قال: أخبرني عبادة بن نسيٍّ، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عنمٍ الأشعري، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سألكم بالله، فأعطوه، وإن شئتم، فدعوه)).
قال معاذ رضي الله عنه: وذلك أن يعرف أنه غير مستحق، فإن عرفتم أنه مستحق وسأل فلم تعطوه، فأنتم ظلمة. (1/1091)
1108 - حدثنا حميد بن علي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا جعفر بن محمدٍ الهمداني، قال: حدثنا ابن مباركٍ، عن حماد بن سلمة، عن الزبير بن عبد السلام، عن أيوب بن عبد الله الفهري، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مر لقمان على جاريةٍ في الكتاب، فقال: لمن يصقل هذا السيف؟)).(1/1092)
1109 - ما حدثنا به عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا عصام بن المثنى الحمصي، عن أبيه، عن وهب بن منبهٍ، قال: أصابت امرأة العزيز حاجةٌ، فقيل لها: لو أتيت يوسف ابن يعقوب، فسألتيه، فاستشارت الناس في ذلك، فقالوا لها: لا تفعلي؛ فإنا نخاف عليك، قالت: كلا، إني لا أخاف ممن يخاف الله تعالى، قال: فدخلت عليه، فرأته في ملكه، فقالت: الحمد لله رب العالمين الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته، ثم نظرت إلى نفسها؛ فقالت: الحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيته، قال: فقضى لها جميع حوائجها، ثم تزوجها، فوجدها بكراً، فقال لها: أليس هذا أجمل مما أردت؟ قالت: يا نبي الله! إني ابتليت فيك بأربعٍ: كنت أجمل الناس كلهم، وكنت أنا أجمل أهل زماني، وكنت بكراً، وكان زوجي عنيناً.
قال: وكتب يعقوب إلى يوسف عليه السلام وهو لا يعلم أنه يوسف: من يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز آل فرعون،
#54#
سلام عليك: فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:
فإنا أهل بيت مولعٌ بنا أسباب البلاء، كان جدي إبراهيم خليل الله في حداثة سنه ألقي في النار، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وأمر الله جدي إبراهيم أن يذبح له ابنه إسحاق، ففداه الله بما فداه، وكان لي ابن من أحب الناس إلي كلهم، ففعل به ما أذهب حزني عليه بصري، وألصق جلدي بعظمي، وكان له أخ لأمه، وكنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري، فأذهب بعض وجدي، وهو المحبوس عندك في السرقة، وإني أخبرك أنه لم يسرق قط؛ لأني لم أكن سارقاً، ولم ألد سارقاً قط.
فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب، بكى وصاح، وقال: اذهبوا بقميصي هذا، فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً. (1/1093)
1110 - حدثنا عبد الوهاب بن فليح بن رباحٍ المكي، قال: حدثنا جدي اليسع بن طلحة، عن عطاء بن أبي رباحٍ، قال: طالت السجدة من داود عليه السلام، واحتال الخضرة على رأسه من دموع عينيه، وبدا العظم شكا إلى ربه، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا داود! ارفع رأسك، فقد غفر لك، قال: يا جبريل! فكيف بالرجل؟ قال: فإن الله قد أعاضه الجنة، وقد غفر لك، فارفع رأسك.(1/1094)
1111 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى زينب حين انقضت عدتها، فخطبها، فقالت: حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن بتزويجها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليها بغير إذن.(1/1095)
1112 - حدثنا سفيان، قال: حدثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشعبي، عن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجسد مضغةٌ إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).(1/1096)
1113 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1097)
1114 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيسٍ، قال: سمعت وهيب بن الورد يقول: بلغني: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ما به من الضر، قال: ((ما بلغ بك ما أرى؟))، قال: بأبي أنت وأمي، السقم والحاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أعلمك كلماتٍ إذا أنت قلتهن، أذهب الله عنك كل ما بك؟))، قال: بأبي أنت وأمي، ما أحب أن لي بما ترى بي وقيعة بدر وأحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أخا الأنصار! وأين تقع وقيعة بدرٍ وأحدٍ من موقع الفقير القانع؟!)).(1/1098)
1115 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثني سيارٌ، قال: حدثنا بشر بن منصور، عن عبد العزيز بن أبي روادٍ، رفعه: أن رجلاً شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فلم ير له صوم ولا صلاة، فقيل له في ذلك، فقال: ((إني أبيت وليس لأحدٍ في قلبي غلٌّ، ولو أعطيت الدنيا، ما فرحت بها، ولو أخذت مني، لم أحزن عليها)).(1/1099)
1116 - حدثنا أبي رحمه الله تعالى، قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن ابن المبارك، عن معمرٍ، عن الزهري، عن أنسٍ -رضي الله تعالى عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.(1/1100)
1117 - حدثنا مؤمل بن هشامٍ، قال: حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، عن غالبٍ القطان، عن بكر بن عبد الله المزني: أن أبا بكرٍ الصديق -رضي الله تعالى عنه- لم يفضل الناس بكثرة صلاةٍ ولا صوم، وإنما فضلهم بشيء كان في قلبه.(1/1101)
1118 - حدثنا أبي رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا الحسن بن سوارٍ، قال: حدثنا المبارك، عن الحسن، قال: إن عمر رضي الله عنه لم يغلب الناس بالأعمال، إنما غلبهم بالصبر واليقين والزهد.(1/1102)
1119 - حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة السوائي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله: أنتم اليوم أكثر صلاةً وصياماً وجهاداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا خيراً منكم، قالوا: بما ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة.(1/1103)
1120 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا عون بن موسى الليثي، قال: تذكروا عند الحسن: أي الأعمال أفضل؟ فكلهم اتفقوا على قيام الليل، فقال معاوية بن قرة: ترك المحارم، فقال الحسن رحمه الله: أصبت.(1/1104)
1121 - قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيدٍ، وعلي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب: أن عبد الله بن سلامٍ رأى سلمان في المنام بعد موته، فقال: كيف أنت يا أبا عبد الله؟ قال: بخير، أبشر، فإني وجدت الأعمال فلم أر شيئاً أفضل من التوكل.(1/1105)
1122 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا أبو معشرٍ، عن محمد بن كعبٍ القرظي، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلامٍ، بمثله، قال له: وجدت التوكل شيئاً عجيباً.(1/1106)
1123 - حدثنا أبو بكر بن سابقٍ الأموي، قال: حدثنا أبو مالكٍ الجنبي، عن جويبرٍ، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه -تبارك وتعالى- أنه قال: ((يا موسى! لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرب المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم، ولم يتعبد العابدون بمثل البكاء من خشيتي. فأما الزاهدون، فأمنحهم الجنة حتى يصيبوا منها حيث شاؤوا، وأما الورعون عما حرمت عليهم، فإنه ليس عبدٌ يلقاني يوم القيامة إلا أناقشه الحساب، وفتشته عما في يديه، إلا ما كان من الورعين، فإني أجلهم، وأكرمهم، فأدخلهم الجنة بغير حسابٍ، وأما البكاؤون من خشيتي، فلهم الرفيق الأعلى لا يشركون فيه)).(1/1107)
1124 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا حكامة بنت عثمان بن دينارٍ، قالت: حدثنا أبي، عن مالك بن دينارٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الورع سيد العمل من لم يكن له ورعٌ يرده عن معصية الله تعالى إذا خلا بها، لم يعبأ الله بسائر عمله شيئاً، فذلك مخافة الله في السر والعلانية، والاقتصاد في الفقر والغنى، والصدق عند الرضا والسخط، ألا وإن المؤمن حاكمٌ على نفسه، يرضى للناس ما يرضى لنفسه)).(1/1108)
1125 - حدثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدثنا خالد بن مخلدٍ القطواني، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن الأعمش، عن مصعب بن سعدٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع)).(1/1109)
قال أبو الدرداء: ((ما أعرف من أمر أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أنه يصلون جميعاً)).
1126 - حدثنا بذلك عمر بن أبي عمر، عن ابن نميرٍ، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن أم الدرداء -رضي الله عنها-، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.(1/1110)
1127 - حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيلٍ، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن سلمة ابن كهيلٍ، قال: لقيني أبو جحيفة السوائي، فقال: يا سلمة! ما نعرف اليوم شيئاً إلا أنهم يتوجهون إلى الصلاة.(1/1111)
1128 - حدثنا عتبة بن عبد الله اليحمدي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرني عيسى بن عمر، قال: حدثني سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيفٍ، قال: قال أبي لأنس بن مالكٍ رضي الله عنه: يا خال! ليسوا بالناس الذين كنت تعهدهم، إنما هم الذئاب عليهم الثياب، فاحذرهم، قال: أما والله! لئن قلت ذاك، لقد رأيتني منهم هنيهة، إني أحدثهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولوا أنت سمعت هذا بأذنيك.(1/1112)
1129 - حدثنا محمد بن محمد بن حسينٍ، قال: حدثنا علي بن الجعد، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، قال: ما أعرف اليوم فيكم شيئاً عهدته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس قولكم: لا إله إلا الله.(1/1113)
وروي عن عيسى عليه السلام: أنه قال: ((بالقلوب الصالحة يعمر الله الأرض، وبها يخرب الأرض، إذا كانت على غير ذلك)).
1130 - حدثنا بذلك أبو سنان، قال: حدثنا الحكم ابن نافعٍ، عن صفوان بن عمروٍ، عن شريح بن عبيدٍ، عن يزيد ين ميسرة.(1/1114)
1131 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يوسف ابن عطية، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجدون في صدورهم من الوسوسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنتم وربكم؟))، قالوا: لا نشك في ربنا، ولأن يقع أحدنا من السماء، فيتقطع أحب إليه من أن يتكلم بما يجد في صدره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر! ذاك محض الإيمان)).
وكان ثابت يقول: ((اللهم أكثر لنا منه)).
وقال عطاء السلمي: اللهم اذهب به عني؛ فإني أخاف أن أكون قد هلكت، فقال لي عطاء: ليتك سألت ثابتاً: لم يقول هذا؟ فانتهيت إلى ثابت وهو يقول: ألا أقول لشيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هو محض الإيمان)) أن يزيدنا الله منه.(1/1115)
1132 - حدثنا أبي رحمه الله تعالى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا ابن نميرٍ، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة ابن الأكوع، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأمتي)).(1/1116)
1133 - حدثنا الجارود، ثنا يحيى بن الحكم، ثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}، قال: المخاطبة في الحلال والحرام.(1/1117)
1134 - حدثنا عمر بن يحيى بن نافعٍ الأبلي، ثنا العلاء بن زيدلٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: الأبدال أربعون رجلاً، كلما مات واحد، بدل آخر، فإذا كان عند القيامة، ماتوا كلهم، اثنان وعشرون منهم بالشام، وثمانية عشر بالعراق.(1/1118)
1135 - حدثنا حميد بن الربيع اللخمي، ثنا يزيد بن حيان، حدثني عمر البزاز جليس حماد بن سلمة، ثنا الحسن بن ذكوان، عن عبد الواحد بن قيسٍ، عن عبادة ابن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأبدال ثلاثون رجلاً، قلوبهم على قلب إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، إذا مات رجلٌ منهم، أبدل الله مكانه آخر)).(1/1119)
1136 - حدثنا بذلك عبد الرحيم بن حبيبٍ الفاريابي، ثنا داود بن محبرٍ، عن ميسرة، عن أبي عبد الله الشامي، عن مكحولٍ، عن أبي الدرداء، قال: إن الأنبياء كانوا أوتاد الأرض، فلما انقطعت النبوة، أبدل الله مكانهم قوماً من أمة أحمد يقال لهم: الأبدال، لم يفضلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة، ولكن بحسن الخلق، وصدق الورع، وحسن النية، وسلامة القلوب لجميع المسلمين، والنصيحة لهم ابتغاء مرضاة الله، بصبر وحلم ولب، وتواضع في غير مذلة، فهم خلفاء عن الأنبياء، قوم اصطفاهم الله لنفسه، واستخلصهم بعلمه لنفسه، وهم أربعون صديقاً، منهم ثلاثون رجلاً على مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن، بهم يدفع المكاره عن أهل الأرض، والبلايا عن الناس، فبهم يمطرون، ويرزقون، لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد أنشأ من خلقه من يخلفه.(1/1120)
1137 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا عبد العزيز بن المغيرة البصري، ثنا صالح المري، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صومٍ ولا صلاةٍ، ولكن دخلوها برحمة الله، وسلامة الصدور، وسخاوة الأنفس، والرحمة لجميع المسلمين)).(1/1121)
1138 - حدثنا علي بن حجرٍ، ثنا إسماعيل بن عياشٍ، قال: حدثني صفوان بن عمرٍو، عن شريح بن عبيدٍ الحضرمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلاً، كلما مات منهم رجلٌ، أبدل الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الأرض بهم البلاء)).(1/1122)
1139 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا أبو صيفي الواسطي، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة -رضي الله عنها-، وعندها صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني عبد مناف! يا بني عبد المطلب! يا فاطمة بنت محمدٍ عليه السلام! يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم! اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم، واعلموا: أن أولى الناس بي يوم القيامة: المتقون، فإن يكونوا أنتم مع قرابتكم، فذاك، لا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتوني بالدنيا تحملونها على أعناقكم، فتقولون: يا محمد! فأقول هكذا، ثم تقولون: يا محمد! فأقول هكذا، أعرض بوجهي عنكم، فتقولون: يا محمد! أنا فلان بن فلانٍ، فأقول: أما النسب، فأعرف، وأما العمل، فلا أعرف، نبذتم الكتاب، فارجعوا، فلا قرابة بيني وبينكم)).(1/1123)
1140 - حدثنا الفضل بن محمدٍ، قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، قال: حدثنا يحيى بن معينٍ، قال: حدثنا محمد بن جعفرٍ، قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن عمرو ابن العاص رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهاراً غير سر: ((ألا إن أوليائي منكم ليسوا ببني فلانٍ، ولكن أوليائي منكم المتقون، من كانوا، أو حيث كانوا)).(1/1124)
1141 - حدثنا أبو بكر الواسطي، ويعقوب بن إسحاق القشيري، ومحمد بن أبان، عن أبي خالدٍ الأحمر، عن ابن سوقة، عن علي بن [أبي] طلحة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النجوم أمانٌ لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمانٌ لأصحابي، فإذا ذهبت، أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمانٌ لأمتي، فإذا ذهبوا أتى أمتي ما يوعدون)).(1/1125)
1142 - حدثنا أبو عبد الله الحسن بن حامدٍ، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عفان الجررجائي، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن عبد الحميد العمري، عن خليد بن دعلجٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمان أهل الأرض من الغرق القوس، وأمان أهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريشٍ، إذا صير الناس قريشاً قبيلةً من العرب، صاروا حزب إبليس)).(1/1126)
(5/ 145) وروى ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((اللهم ارحم خلفائي))، قلنا: من خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: ((الذين يأتون بعدي يروون أحاديثي وسنتي يعلمونها للناس)).(1/1127)
1143 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن عامرٍ البراجاني، قال: حدثنا أخي الليث، قال: حدثنا أبو القاسم بن المختار الزبيدي ببغداد، قال: حدثنا الفضل بن جبيرٍ الوراق، قال: حدثنا أبو هاني الأوقص، عن هشام بن حسان، عن عمران بن حصينٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم لا تجعل الخلافة في ولد عليٍّ)).(1/1128)
وإنما هذا شيء جرى في الأخبار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية، دخل عليه علي، وفاطمة، والحسن، والحسين رضي الله عنهم، فعمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى كساء، فلفه عليهم، ثم ألوى بيده إلى السماء، فقال: ((هؤلاء أهلي، اللهم أذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً)).
وهذه دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بعد نزول الآية، أحب أن يدخلهم في الآية التي خوطب بها الأزواج، فذهب المفتون، فصيرها لهم خاصة، وهي في الأصل دعوة لهم خارجة من التنزيل.
1144 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثنا شهر بن حوشبٍ، قال: سمعت أم سلمة تذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1129)
1145 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سهل ابن تمامٍ البصري، عن سوار أبي حمزة، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتمع القوم في سفرٍ، فليجمعوا نفقاتهم عند أحدهم؛ فإنه أطيب لنفوسهم، وأحسن لأخلاقهم)).(1/1130)
وروي عن أبي أمامة في قوله تعالى: {إن الإنسان لربه لكنود}، قال: ((الكنود: الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده)).
1146 - حدثنا بذلك الجارود، قال: حدثنا أبو قطنٍ عمرو بن الهيثم، قال: حدثنا حريز بن عثمان، عن حمزة بن هانئٍ، قال: سمعت أبا أمامة يذكر نحوه.(1/1131)
1147 - حدثنا عبد الوهاب بن فليحٍ، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا هشامٌ أبو المقدام، عن محمد بن كعبٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بشراركم؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((من أكل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده)).(1/1132)
1148 - حدثنا أبو هشامٍ الرفاعي، قال: حدثنا ابن يمانٍ، قال: حدثنا عمار بن عمر، عن الحسن، قال: إن الرجل ليدخل يده في كيس أخيه، فما يسأله: كم أخذت؟ (1/1133)
1149 - حدثنا أبو هشامٍ الرفاعي، قال: حدثنا ابن يمانٍ، قال: حدثنا شيخٌ، قال: قال لنا أبو جعفرٍ: أيدخل أحدكم يده في كيس أخيه؟ قلنا: لا، قال: لستم بإخوة.(1/1134)
1150 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا ثابت بن محمدٍ الزاهد، قال: حدثنا ابن إدريس، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفرٍ، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ليس لي ثوبٌ أتوارى به، قال: ((فما لك جيرانٌ؟))، قال: بلى، فقال: ((فهل منهم أحدٌ له ثوبان؟))، قال: نعم، قال: ((فيعلم أن لا ثوب لك؟))، قال: نعم، قال: ((فلا يعود عليك بأحد ثوبيه؟))، قال: لا، قال: ((فما ذلك بأخٍ)).(1/1135)
1151 - وحدثنا الجارود، قال: حدثنا جريرٌ، عن مغيرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في مال أبي بكر كما يعمل في مال نفسه.(1/1136)
1152 - حدثنا بذلك أبي، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا سليمان بن بلالٍ، عن سهيلٍ بن أبي صالحٍ، عن عبد الرحمن بن سعيدٍ، عن أبي حميد الساعدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لا يحل لامرئٍ أن يأخذ من عطاء أخيه إلا بطيب نفسه، وذلك لشدة ما حرم الله من مال المسلم على أخيه المسلم)).(1/1137)
1153 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا المنكدر بن محمدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ، قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط، فقال: لا.(1/1138)
1154 - حدثنا قتيبة بن سعيدٍ، عن مالك بن أنسٍ، عن ابن شهابٍ، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تصبر، يصبره الله، ومن يستعفف، يعفه الله، ومن يستغن، يغنه الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً هو خيرٌ وأوسع من الصبر)).(1/1139)
1155 - حدثنا ابن أبي زيادٍ، قال: حدثنا سيارٌ، عن جعفرٍ، عن ثابتٍ، قال: حبس ابن أخٍ لصفوان بن محرزٍ، فلم يبق بالبصرة رجلٌ له وجهٌ عند الأمير إلا تجمل به عليه، فلم يزده إلا شدةً، فبات ليلةً، فقيل له في منامه: يا صفوان! اطلب الأمر من وجهه، فقام فتوضأ، وصلى ركعتين، وسأل ربه، ثم عاد إلى مضجعه، فنودي بالباب: يا صفوان! إن هذا ابن أخيك قد جئنا به، فصار إلى الباب، فإذا ابن أخيه، فقال له: نبه الأمير في جوف الليل حتى بعث إلى السجون، فنودي: أين ابن أخي صفوان؟ فطلب حتى جيء به، فها هو ذا.(1/1140)
1156 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الحكم بن المبارك، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني بكر بن حذلمٍ الأسدي، قال: حدثني وهب بن أبان، عن عبد الله بن عمر: أنه خرج في سفرٍ له، فإذا بجماعة على طريق، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: أسدٌ قطع الطريق، قال: فنزل، فمشى إليه حتى قفده بيده، ونحاه عن الطريق، ثم قال: ما كذب عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما يسلط على ابن آدم من يخافه ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يخف غير الله، لم يسلط الله عليه غيره، وإنما وكل ابن آدم لمن رجا ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله، لم يكله الله إلى غيره)).(1/1141)
1157 - حدثنا حميد بن عليٍّ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا جعفر بن محمدٍ الهمداني، قال: حدثنا ابن مباركٍ، عن حماد بن سلمة، عن الزبير أبي عبد السلام، عن أيوب بن عبد الله الفهري، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسكنوا النساء الغرف، ولا تعلموهن الكتابة)).(1/1142)
1158 - حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسن بن عمارة، عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة، عن أبيه، عن عبد الله ابن مسعودٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأس الحكمة مخافة الله)).(1/1143)
1159 - حدثنا إبراهيم ابن عبد الحميد الحلواني، قال: حدثنا عبد الله بن صالحٍ كاتب الليث، قال: حدثنا معاوية بن صالحٍ، عن راشد بن سعدٍ، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله تعالى)).(1/1144)
1160 - حدثنا بذلك يعقوب بن شيبة، حدثنا بشر ابن موسى، قال: حدثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدثنا شعبة، قال: أنبأني عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: دخلنا على عمر -معاشر وفد مذحج-، وكنت من أقربهم منه مجلساً، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر، ويصوب ببصره، فقال لي: أمنكم هذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين! هذا مالك بن الحارث، قال: ما له قاتله الله! كفى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم شره!، والله إني لأحسب أن للمسلمين منه يوماً عصيباً.(1/1145)
1161 - حدثنا الجارود، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: ما حذر عمر رضي الله عنه شيئاً قط، فتكلم به، إلا كان.(1/1146)
1162 - حدثنا عبد الأعلى بن واصلٍ، قال: حدثنا سعيد بن محمدٍ المخزومي، قال: حدثنا عبد الواحد بن واصلٍ، قال: حدثنا أبو البشر المزلق، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)).(1/1147)
1163 - حدثنا صالحٌ، قال: حدثنا محمد بن مروان، عن عمرو بن قيسٍ الملائي، عن عطية، عن أبي سعيدٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {إن في ذلك لآياتٍ للمتوسمين}، قال: ((للمتفرسين)).(1/1148)
1164 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا ابن الأصبهاني، قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، قال: قلنا: يا رسول الله! هذا السلام، فما الاستئناس؟ قال: ((يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة، أو يتنحنح، فيؤذن أهل البيت)).(1/1149)
1165 - حدثنا سليمان بن منصورٍ، قال: حدثنا بقية، عن معان بن رفاعة السلامي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)).(1/1150)
1166 - حدثنا رزق الله بن موسى الناجي، قال: حدثنا معن بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنسٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب؛ لتفاضل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء فلا يبلغها إلا هم؟ قال: ((بلى، والذي نفسي بيده! رجالٌ آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين)).(1/1151)
1167 - حدثنا صالح بن محمدٍ، قال: حدثنا سليمان بن عمرٍو، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا}، وقوله: {وهم في الغرفات آمنون} قال:
((الغرفة من ياقوتةٍ حمراء، وزبرجدةٍ خضراء، ودرةٍ بيضاء، ليس فيها فصمٌ ولا وصمٌ، فإن أهل الجنة ليتراءون الغرفة منها، كما تتراءون الكوكب الدري الشرقي، أو الغربي في أفق السماء، وإن أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما منهم وأنعما.(1/1152)
1168 - حدثنا صالح بن عبد الله، وقتيبة بن سعيدٍ، وعلي بن حجرٍ، قالوا: حدثنا خلف بن خليفة، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المتحابين في الله تعالى على عمودٍ من ياقوتة حمراء، في رأس العمود سبعون ألف غرفةٍ، يضيء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا، يقول أهل الجنة بعضهم لبعضٍ: انطلقوا بنا حتى ننظر إلى المتحابين في الله، فإذا أشرفوا عليهم، أضاء حسنهم أهل الجنة كما تضيء الشمس أهل الدنيا، عليهم ثيابٌ خضرٌ [من] سندسٍ، مكتوبٌ على جباههم: هؤلاء المتحابون في الله)).(1/1153)
1169 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا الفضل بن دكينٍ، قال: حدثنا سلمة بن وردان الكناني الجندعي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ترك الكذب وهو باطلٌ، بني له في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محقٌّ، بني له في وسط الجنة، ومن حسن خلقه، بني له في أعلاها)).(1/1154)
1170 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، قال: حدثنا أبو أمية بن يعلى، عن سعيد بن أبي سعيدٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام: أن يا إبراهيم خليلي! حسن خلقك ولو مع الكفار، تدخل مداخل الأبرار، فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي، وأن أسكنه حظيرة قدسي، وأن أدنيه من جواري)).(1/1155)
1171 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا هشام بن الغاز، عن حيان أبي النضر حدثه، قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله -تبارك وتعالى-: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)).(1/1156)
وروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إن الله تعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، باسطٌ يده لمسيء النهار أن يتوب، ولمسيء الليل أن يتوب، بيده الميزان، يرفع أقواماً، ويخفض أقواماً، حجابه النار، ولو كشفها، لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره)).
1172 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1157)
ولذلك قال عبد الله بن مسعود: ((والله الذي لا إله إلا هو! ما أعطي عبدٌ عطاءً هو خيرٌ من حسن الظن بالله تعالى)).
1173 - حدثنا بذلك إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا عبد الواحد بن زيادٍ، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عبد الله.(1/1158)
1174 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يوسف بن عطية، عن ثابتٍ، عن أنسٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً: ((هل تدرون من المؤمن؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((المؤمن من لا يموت حتى يملأ الله مسامعه مما يحب، ولو أن عبداً اتقى الله في جوف بيتٍ إلى سبعين بيتاً، على كل بيتٍ بابٌ من حديدٍ، ألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث الناس به، ويزيدون))، قالوا: وكيف يزيدون يا رسول الله؟ قال: ((إن التقي لو يستطيع أن يزيد في بره، لزاد، وكذلك الفاجر يتحدث الناس بفجوره، ويزيدون؛ لأنه لو يستطيع أن يزيد في فجوره، لزاد)).
وكان ثابت إذا حدث بهذا الحديث يقول: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((نية المؤمن أبلغ من عمله)). (1/1159)
1175 - حدثنا عمر بن أبي عمر، عن نعيم بن حمادٍ، عن عبد الوهاب بن همامٍ الحميري، قال: سمعت أبي يقول: سمعت وهباً يحدث، عن ابن عباس: أن رجلاً قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! ما أفضل العمل؟ قال: ((النية الصادقة)).(1/1160)
1176 - حدثنا عمر،، عن عمر بن عمرٍو الربعي، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: ما نية المؤمن خيرٌ من عمله؟ قال: لأن النية لا يكون فيها رياء فيهدرها.(1/1161)
1177 - حدثنا عمر، عن فهد بن سلامٍ، عن يزيد، عن مالك بن دينارٍ، قال: رأيت رجلاً بمكة يقول: اللهم كما قبلت حجاتي الأربع، فاقبل هذه الحجة، فتعجبت منه، وقلت: كيف علمت أن الله قبلها منك؟ قال: أربع سنين كنت أنوي كل سنة أن أحج، وعلم من نيتي، وحججت من عامي، فأنا خائفٌ أن لا يقبل مني، قال مالك: فيومئذ علمت أن النية أفضل من العمل.(1/1162)
1178 - حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا يوسف بن عطية، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابه الرمد، أو أحداً من أهله، أو من أصحابه، دعا بهؤلاء الدعوات: ((اللهم أمتعني ببصري، واجعله الوارث مني، وأرني ثأري فيه، وانصرني على من ظلمني)).(1/1163)
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه دخل عليه الأشتر في زمانه من قبل أن يظهر منه ما ظهر يوم الجمل وصفين، قدم على عمر في وفد اليمن، فصعد فيه البصر وصوبه، فقال: أيكم هذا؟ قالوا: هذا مالك بن الحارث، فقال عمر: ما له قاتله الله؟! كفى الله أمة محمد شره، إني لأحسب أن للمسلمين منه يوماً عصيباً.
1179 - حدثنا بذلك يعقوب بن شيبة، ثنا بشر بن موسى، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن شعبة، قال: أنبأني عمرو ابن مرة عن عبد الله بن سلمة، قال: دخلنا على عمر رضي الله عنه.(1/1164)
ولهذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله)).
1180 - حدثنا بذلك إبراهيم بن عبد الحميد الحلواني، ثنا عبد الله بن صالحٍ المصري، ثنا معاوية بن صالحٍ، عن راشد ابن سعدٍ، عن أبي أمامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1165)
1181 - حدثنا صالح بن محمدٍ، ثنا محمد بن مروان، عن عمرو بن قيسٍ الملائي، عن عطية، عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((للمتفرسين)).(1/1166)
1182 - وحدثنا عبد الأعلى بن واصلٍ الكوفي، ثنا سعيد بن محمدٍ الجرمي، ثنا عبد الواحد بن واصلٍ، ثنا أبو بشرٍ المزلق، عن ثابتٍ البناني، عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)).(1/1167)
وروي عن جندب بن عبد الله البجلي: أنه أتى على رجل يقرأ القرآن، فوقف فقال: من سمع، سمع الله به، ومن راءى، راءى الله به، فقلنا له: كأنك عرضت بهذا الرجل؟ فقال: إن هذا يقرأ عليك القرآن اليوم، ويخرج غداً حرورياً، فكان رأس الحرورية، واسمه: مرداس.
1183 - حدثنا بذلك صالح بن محمدٍ، ثنا الربيع بن بدرٍ، عن الجريري، عن أبي تميمة، وسيار بن سلامة، عن خالدٍ الأحدب ابن أخي صفوان بن محرزٍ، عن جندبٍ البجلي.(1/1168)
1184 - حدثنا عبد الجبار، ثنا سفيان، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الروح إذا فارق الجسد، تبعه البصر، ألا ترى إلى شخوص عينيه)).(1/1169)
1185 - حدثنا صالح بن محمدٍ، ثنا داود بن عبد الرحمن المكي، عن ابن أبي ذئبٍ، عن ابن شهابٍ، عن قبيصة بن ذؤيبٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الروح إذا عرج به، يشخص البصر)).(1/1170)
1186 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، ثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، ثنا أبي، عن الحجاج بن أرطأة، عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد الرحمن بن غنمٍ، عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو خفتم الله حق خيفته، لعلمتم العلم الذي لا جهل معه، ولو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال)).(1/1171)
1187 - حدثنا يحيى بن المغيرة بن سلمة المخزومي، ثنا ابن أبي فديكٍ، عن يزيد بن عياضٍ، سمع معن بن محمدٍ الغفاري، عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر)).(1/1172)
1188 - حدثنا عمرو بن علي الصيرفي، ثنا عمر بن علي بن مقدم، ثنا معن بن محمدٍ الغفاري، قال: سمعت حنظلة بن علي الأسلمي يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بهذا الوادي يقول: ((الطاعم الشاكر كالصائم الصابر)).(1/1173)
1189 - حدثنا نصر بن يحيى، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا أبو عقيلٍ، ثنا عمر بن محمد بن زيدٍ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأعمال عند الله سبعةٌ: عملان موجبان، وعملان بأمثالهما، وعملٌ بعشرة أمثالهما، وعملٌ بسبع مئة ضعفٍ، وعملٌ لا يعلم ثواب عامله إلا الله، فأما الموجبان: فمن لقي الله يعبده مخلصاً، لا يشرك به شيئاً، وجبت له الجنة، ومن لقي الله قد أشرك به، وجبت له النار، ومن عمل سيئةً، جزي بمثلها، ومن أراد أن يعمل حسنةً، ولم يعملها، جزي بمثلها، ومن عمل حسنةً، جزي عشراً، ومن أنفق ماله في سبيل الله، ضعفت بسبع مئةٍ، فالدرهم بسبع مئةٍ، والدينار بسبع مئةٍ، والصيام الذي لا يعلم ثواب عامله إلا الله)).(1/1174)
1190 - حدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، ثنا الحارث ابن عبد الله، عن أبي معشرٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شربتم، فاشربوا بثلاثة أنفاسٍ، فالأول: شكرٌ لشرابه، والثاني: شفاءٌ في جوفه، والثالث: مطردةٌ للشيطان، وإذا شربتم، فمصوه مصاً؛ فإنه أجدر أن يجري مجراه، وإنه أهنأ وأمرأ)).(1/1175)
1191 - حدثنا بذلك علقمة بن عمرٍو التميمي، ثنا أبو بكر بن عياشٍ،
((وأنا رحمةٌ مهداةٌ)) بإسناد له. (1/1176)
فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرضى عن العبد بالشربة الواحدة، وبالأكلة الواحدة، يشربها، أو يأكلها، فيحمد الله عليها)).
1192 - حدثنا بذلك الجارود بن معاذٍ، ثنا إسماعيل ابن أبان الأكبر، عن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثني سعيد ابن أبي بردة، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1177)
1193 - وحدثنا الجارود، ثنا وكيعٌ، عن يوسف أبي خزيمة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنعم الله على عبدٍ من نعمةٍ صغيرةٍ ولا كبيرةٍ، فحمد الله عليها، إلا كان قد أعطي خيراً مما أخذ)).(1/1178)
1194 - قال الجارود: قال وكيعٌ: كان يقال: الحمد لله شكر لا إله إلا الله.(1/1179)
1195 - حدثنا عمر، ثنا سليمان بن شرحبيل، عن البختري بن عبيدٍ، ثنا أبي، ثنا أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من شرب ماءً بثلاثة أنفاسٍ، بدأ فسمى في كل مرةٍ، وحمد بعد كل مرةٍ، سبح ذلك الماء في جوفه حتى يشرب ماءً غيره)).(1/1180)
1196 - نا يعقوب بن شيبة، قال: نا موسى بن إسماعيل، قال: نا عبد العزيز الدراوردي، عن إسماعيل بن رافعٍ، عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان، عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من الرغب)).
قال: وكانت له ابنةٌ رغيبةٌ، فدعا الله عليها، فماتت.(1/1181)
1197 - نا بذلك صالح بن عبد الله، قال: نا ابن إدريس، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة، قال: قيل: يا رسول الله! ما أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: ((تقوى الله، وحسن الخلق)). قيل: ما أكثر ما يدخل الناس النار؟ قال عليه السلام: ((الأجوفان: البطن، والفرج)).(1/1182)
1198 - نا أبي رحمه الله، قال: نا أبو نعيمٍ، قال: نا موسى بن علي بن رباحٍ اللخمي، عن أبيه، عن عبد العزيز بن مروان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشر ما في الإنسان: شحٌّ هالعٌ، وجبنٌ خالعٌ)) (1/1183)
1199 - نا الجارود، قال: نا عمر بن هارون، عن صالحٍ المري، عن أبان، عن وهب بن منبهٍ، قال: وجدت في الحكمة مكتوباً: بني الكفر على أربعة أركانٍ: على الرغبة، والرهبة، والشهوة، والغضب)).(1/1184)
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنٍ، بحسب ابن آدم لقيماتٌ يقمن صلبه، فإن كان لابد، فثلث طعامٌ، وثلثٌ شرابٌ، وثلثٌ نفسٌ)).
1200 - نا بذلك علي بن حجرٍ، قال: نا إسماعيل ابن عياشٍ، قال: حدثني سليمان بن سليمٍ، وحبيب بن صالحٍ، عن يحيى بن جابرٍ، عن المقدام بن معدي كرب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.(1/1185)
1201 - نا محمد بن عليٍّ، قال: نا صالح بن محمدٍ، قال: نا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن نبيٌّ قبلي، ولا أفخر: بعثت إلى الأحمر والأسود، وكان النبي قبلي يبعث إلى قومه، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، ونصرت بالرعب أمامي مسيرة شهرٍ، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحدٍ قبلي، وأعطيت الشفاعة، فأخرتها لأمتي، فهي نائلةٌ -إن شاء الله- لمن لا يشرك بالله شيئاً)).(1/1186)
1202 - نا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة ابن كهيلٍ، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله، ولم يذكر ابن عباس.(1/1187)
1203 - نا به قتيبة بن سعيدٍ، قال: نا عبد الوهاب، قال: نا أيوب، عن أبي قلابة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((أعطيت السبع -يعني: الطول- مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل، وأعطيت المئين مكان الزبور، وفضلت بالمفصل)).(1/1188)
جاء جبريل عليه السلام فقال: ((يا محمدّ أقرئ عمر السلام، وأخبره: أن غضبه عزٌّ، ورضاه حكمٌ)).
1204 - نا بذلك حسين بن الحسن المروزي بمكة، قال: نا إبراهيم بن رستم، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1189)
1205 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا يوسف بن واقدٍ، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم يذكر فيه أنساً.(1/1190)
1206 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا إسماعيل بن جعفرٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، قال: ((آخر صلاةٍ صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلف أبي بكرٍ رضي الله عنه)).(1/1191)
1207 - نا محمد بن الفضل السمسار، قال: نا محمد بن عمر الواقدي، قال: نا الضحاك بن عثمان، عن حبيبٍ مولى عروة، عن أسماء بنت أبي بكرٍ، قالت: سمعت أبي يقول: ((آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفي في ثوبٍ واحدٍ)).(1/1192)
1208 - ما نا به الجارود، عن عمر بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((أتاني جبريل عليه السلام، فقال: إنه حبب إليك الصلاة، فخذ منها ما شئت)).(1/1193)
1209 - نا بذلك إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيلٍ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي الزعراء، عن عبد الله بن مسعودٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكرٍ، وعمر)).(1/1194)
1210 - نا زياد بن الخزاعي البصري، عن سفيان، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن ربعي بن حراشٍ، عن حذيفة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكرٍ وعمر)).(1/1195)
1211 - نا أبي رحمه الله، قال: نا يحيى بن يعلى المحاربي، قال: نا زائدة بن قدامة الثقفي، قال: نا عاصم بن أبي النجود الأسدي، عن زر، عن عبد الله، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت الأنصار: منا أميرٌ، ومنكم أميرٌ، فبلغ ذلك عمر، فأتاهم، فقال: يا معشر الأنصار! ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس))؟
فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.(1/1196)
1212 - نا إبراهيم البغدادي قال: نا حسينٌ الجعفي، عن زائدة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد الله، عن رسول الله، بمثله.(1/1197)
1213 - نا أبي رحمه الله، قال: نا أحمد بن يونس، عن زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، قال: دخلت على عائشة، فحدثتني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنه لما ثقل، أرسل إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، قال عبيد الله: فدخلت على ابن عباسٍ، فعرضت عليه حديثها، فما أنكر منه شيئاً، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يومٍ، وأبو بكر في الصلاة، فذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي عليه السلام أن لا يتأخر، وقال للعباس ولرجلٍ آخر: ((أجلساني إلى جنبه))، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، فجعل أبو بكر يصلي وهو قائمٌ بصلاة النبي عليه السلام، والنبي قاعدٌ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر.(1/1198)
1214 - نا سفيان بن وكيعٍ، قال: نا أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه، جاءه بلالٌ يؤذنه بالصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس))، فقلت: إن أبا بكر رجلٌ أسيفٌ، ومتى ما يقوم مقامك يبكي، فلا يستطيع، فلو أمرت عمر يصلي بالناس، قال: ((مروا أبا بكرٍ يصلي بالناس؛ فإنكن صواحبات يوسف)). قالت: فأرسلنا إلى أبي بكر، فخرج فصلى بالناس، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفةً، فخرج وهو يهادى بين رجلين: ورجلاه تخطان بالأرض، فلما أحس أبو بكر، ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي عليه السلام: أن مكانك، فجاء النبي حتى جلس إلى جنبه، فكان أبو بكر يأتم بالنبي، والناس يأتمون بأبي بكرٍ.(1/1199)
1215 - نا قتيبة بن سعيدٍ، قال: نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن نعيمٍ، أراه عن نبيطٍ، عن سالم بن عبيدٍ، وكان من أهل الصفة، قال: أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، فأفاق، وقال: ((حضرت الصلاة؟)). قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: ((مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكرٍ فليصل بالناس)). قالت عائشة: إن أبي رجل أسيفٌ، فقال: ((إنكن صواحبات يوسف، مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس)). ففعلوا، فلما أقيمت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادع لي إنساناً أعتمد عليه)). فجاءت بريرة، وآخر معها، فاعتمد عليهما، وإن رجليه لتخطان بالأرض، وأبو بكر يصلي بالناس، فجلس إلى جنبه، فذهب أبو بكر ليتأخر فحبسه حتى فرغ من الصلاة، ثم توفي صلى الله عليه وسلم.(1/1200)
1216 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا إسماعيل بن جعفرٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، قال: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبٍ واحدٍ، وقعد متوشحاً خلف أبي بكر رضي الله عنه.(1/1201)
1217 - ما نا به محمد بن الفضل السمسار، قال: نا محمد بن عمر الواقدي، قال: نا الضحاك بن عثمان، عن حبيب مولى عروة، سمع أسماء بنت أبي بكر تقول: رأيت أبي يصلي في ثوب واحد، وثيابه موضوعة، فقلت له في ذلك، فقال: آخر صلاة صلاها رسول الله خلفي في ثوب واحد.(1/1202)
1218 - نا عبد الله بن أبي زيادٍ القطواني، قال: نا يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ، قال: نا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الملك بن أبي بكرٍ، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب، قال: لما استقر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده في نفر من المسلمين، وبلال يؤذنه بالصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مروا من يصلي بالناس))، فخرجت، فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت: يا عمر! صل بالناس، فقام، فلما كبر، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، وكان عمر رجلاً مجهراً، فقال: ((هذا صوت ابن الخطاب، فأين أبو بكرٍ؟ يأبى الله ذلك، والمسلمون))، فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فقال عمر: ويحك يا ابن زمعة! ماذا صنعت بي؟ ما ظننت إذ قلت لي إلا أن رسول الله أمرك بذلك، ولولا ذلك، ما صليت بالناس، فقال: والله! ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم أر أبا بكرٍ، فرأيتك أحق من حضر بالصلاة.(1/1203)
1219 - ما نا به أبي رحمه الله، قال: نا الحماني، قال: نا أبو بكر بن عياشٍ، قال: نا أبو المهلب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني رأتني أدخلت الجنة، فلما خرجت منها، أتيت بكفةٍ، فوضعت فيها، ووضعت أمتي في الكفة الأخرى، فرجحت بأمتي، ثم رفعت، ثم جيء بأبي بكرٍ، فوضع في كفة الميزان، وجيء بأمتي، فوضعت في الكفة الأخرى، فرجح بأمتي، ثم رفع أبو بكرٍ، وجيء بعمر، فوضع في كفة الميزان، وجيء بأمتي، فوضعت في الكفة الأخرى، فرجح بها، ثم رفع الميزان إلى السماء)).(1/1204)
1220 - نا رزق الله بن موسى الناجي البصري، قال: نا مؤمل بن إسماعيل، قال: نا حماد بن سلمة، قال: نا سعيد بن جمهان، عن سفينة مولى أم سلمة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح، أقبل على أصحابه، فقال: ((أيكم رأى الليلة رؤيا؟))، قال: فصلى ذات يوم، ثم أقبل على أصحابه فقال: ((أيكم رأى الليلة رؤيا؟))، فقال رجل: أنا يا رسول الله، رأيت كأن ميزاناً أدلي من السماء، فوضعت في كفة الميزان، ووضع أبو بكر في كفةٍ أخرى، فرجحت أنت بأبي بكر، فرفعت، وترك أبو بكر، فجيء بعمر، فوضع في الكفة الأخرى، فوزن بأبي بكر، فرجح أبو بكر بعمر، ورفع أبو بكر، وترك عمر مكانه، فجيء بعثمان، فوضع في الكفة الأخرى، فرجح عمر بعثمان، ورفع عمر، وترك عثمان مكانه، فجيء بعليٍّ، فوضع في الكفة الأخرى، فرجح عثمان بعليٍّ، ورفع الميزان. فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((خلافة نبوة ثلاثين عاماً، ثم يكون ملكاً)).
فقال لي سفينة: أمسك سنتي أبي بكر، وعشر عمر، وثنتي عشر عثمان، وست علي.(1/1205)
وقد تقدم القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقال: أنه قال: ((ما من أمةٍ إلا وفيها محدثٌ، فإن يكن في أمتي، فعمر منهم)).
1221 - نا بذلك عبد الجبار، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن أبي سلمة، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1206)
1222 - ونا أحمد بن أبي بكرٍ العمري، قال: نا ابن أبي أويسٍ، عن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيمٍ المقرئ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)).(1/1207)
1223 - نا أبي رحمه الله، قال: نا أبو نعيمٍ الطحان، قال: نا معن بن عيسى القزاز، عن الحارث بن عبد الملك، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيطٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عباسٍ، عن أخيه الفضل بن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم في شكواه الذي توفي فيه، فقال في خطبته: ((الحق بعدي مع عمر حيث كان)).(1/1208)
1224 - نا بذلك سليمان بن نصير، قال: نا المقرئ، عن حيوة بن شريحٍ، عن بكر بن عمرٍو المعافري، عن مشرح ابن هاعان، عن عقبة بن عامرٍ الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لو كان بعدي نبيٌّ، لكان عمر بن الخطاب)).(1/1209)
1225 - نا أحمد بن الحنظلي، قال: نا شبابة بن سوارٍ المدائني، قال: نا فضيل بن مرزوقٍ، قال: سألت عمر ابن علي، فقلت: هل فيكم إنسانٌ مفترضةٌ طاعته، ومن لم يعرفه، ومات، مات ميتة الجاهلية؟ قال: لا، والله! ما هذا فينا، من قال فينا، فهو كذاب، قلت لعمر: رحمك الله! إن ناساً يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إلى عليٍّ، وإن علياً أوصى إلى الحسن، وإن الحسن أوصى إلى حسين، وإن الحسين أوصى إلى علي بن الحسين، قال: والله! لقد مات أبي، وما أوصى بحرفين، والله! إن هؤلاء لمتأكلين بنا.(1/1210)
1226 - قال الفضيل: وسمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجلٍ ممن يغلو فيهم: ويحكم! أحبونا في الله، فإن أطعنا الله، فأحبونا، وإن عصينا الله، فأبغضونا، قال الرجل: إنكم لذو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والله! لو كان الله نافعاً بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنفع بذلك من هو أقرب منه: أباه، وأمه، والله! إني لأخاف أن يضاعف العاصي منا العذاب ضعفين، وإني لأرجو الله أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين، ولو كان الأمر على ما تقولون؛ أن رسول الله أوصى إلى علي، وأمره بقيام الناس، ثم ترك عليٌّ ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان علي في ذلك أعظم الناس خطيئة وجرماً؛ إذ ترك ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله: ((من كنت مولاه، فعليٌّ مولاه))؟ فقال: والله! لو عناه الإمرة والسلطان، لأفصح لهم كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة، ولقال لهم: يا أيها الناس! هذا عليٌّ أميركم بعدي، فما كان من وراء هذا، فإن أنصح الناس للناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1211)
1227 - نا صالح بن محمدٍ، قال: نا المعلى بن هلالٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض: أبو بكرٍ، وعمر)).(1/1212)
1228 - نا بشر بن خالدٍ، قال: نا سعيد بن مسلمة، عن إسماعيل بن أمية، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم، ويمينه على أبي بكر، وشماله على عمر، فقال: ((هكذا نبعث يوم القيامة)).(1/1213)
1229 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا أبو بكر بن عياشٍ، عن أبي البختري، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحشر أنا وأبو بكر وعمر ونحن مشرفون على الناس هكذا -وأشار بأصابعه الثلاث: السبابة، والوسطى، والبنصر-)).(1/1214)
1230 - نا أحمد بن مصعبٍ الحنظلي، قال: نا عمر ابن إبراهيم بن خالد بن مهران البصري، قال: نا إسماعيل ابن عياشٍ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن أسيد بن صفوان، وكان أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لما قبض أبو بكر الصديق، ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسجوه، وجاءه عليٌّ -كرم الله وجهه- باكياً مسرعاً مسترجعاً، وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر مسجًّى، فقال:
رحمك الله أبا بكر! كنت إلف رسول الله وأنيسه، ومستراحه، وثقته، وموضع سره، ومشاورته، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم عناءً في دين الله، وأحوطهم على رسول الله، وأحدبهم على الإسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقباً، وأفضلهم سوابقاً، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسوله هدياً، وسمتاً، ورحمةً، وفضلاً، وخلقاً، أشرفهم منزلةً، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن الإسلام، وعن رسوله وعن المسلمين خيراً، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله حين كذبه الناس، فسماك الله في تنزيله صديقاً، فقال: {والذي جاء بالصدق}: محمد، {وصدق به}: أبو بكر.
واسيته حين تخلوا، وقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا، وصحبته في الشدة أحسن صحبة؛ ثاني اثنين، وصاحبه في الغار، والمنزل عليه السكينة، ورفيقه في الهجرة، خلفته في دين الله وأمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس، وقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبيٍّ، نهضت حين وهن أصحابك، وبرزت حين استكانوا، وقويت حين ضعفوا، ولزمت منهاج رسول الله إذ هموا، كنت خليفته حقاً، لم تنازع، ولم تصدع برغم المنافقين، وكبت الكافرين، وكره الحاسدين، وصغر الفاسقين، وغيظ الباغين، قمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، مضيت بنور إذ وقفوا، فاتبعوك، فهدوا، كنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم فرقاً، أقلهم كلاماً، وأصوبهم منطقاً، أطولهم صمتاً، وأبلغهم قولاً، أكثرهم رأياً، وأشجعهم نفساً، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم عملاً.
كنت والله! للدين يعسوباً أولاً حين نفر الناس عنه، وآخراً حين قبلوا، كنت للمؤمنين أباً رحيماً إذ صاروا عليك عيالاً، فحملت أثقال ما ضعفوا، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا لعلمك ما جهلوا، شمرت إذ ضيعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، فأدركت أوتار ما طلبوا، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا.
كنت على الكافرين عذاباً صباً ونهباً، وللمؤمنين رحمة وأنساً وخصباً، فظفرت والله! بعنانها، وفزت بخبائها، وذهبت بفضائلها، وأدركت سوابقها، لم تغلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، ولم يزغ قلبك ولم تخن، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمن الناس عليه في صحبتك، وذات يدك.
وكما قال، ضعيفاً في بدنك، قوياً في أمر الله، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، جليلاً في أعين المؤمنين، كبيراً في أنفسهم، لم يكن لأحد فيك مغمز، ولا لقائل مهمز، ولا لأحد مطمع، ولا لمخلوق عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، أقرب الناس إليك أطوعهم لله، وأتقاهم له، شأنك الحق، والرفق، والصدق، قولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم.
فأقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، واعتدل بك الدين، وقوي الإيمان، وثبت الإسلام والمسلمون، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون، فجليت عنهم فأبصروا، فسبقت والله! سبقاً بعيداً، وأتعبت من بعدك إتعاباً شديداً، وفزت بالخير فوزاً مبيناً، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء.
وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا له أمره، فوالله! لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبداً.
كنت للدين عزاً وحرزاً وكهفاً، وللمؤمنين فيئة وغيثاً وحصناً، وعلى المنافقين غلظةً وكظماً وغيظاً، فألحقك الله بنبيه، وجمع بينه وبينك، ولا حرمنا الله أجرك، ولا أضلنا بعدك، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: وسكت القوم حتى انقضى كلامه، فبكى أصحاب رسول الله حتى علت أصواتهم، وقالوا: صدقت يا ختن رسول الله.(1/1215)
1231 - نا مسلم بن حاتمٍ الأنصاري، قال: نا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن علي بن زيدٍ، عن سعيد بن المسيب، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني! إن استطعت أن لا تزال على الوضوء، فافعل؛ فإن من أتاه الموت وهو على وضوءٍ، أعطي الشهادة)).(1/1216)
1232 - نا إبراهيم بن عبد الله العبسي، قال: نا وكيعٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس! إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ)).(1/1217)
1233 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا سعيد بن أبي مريم، قال: نا مسلمة بن علي، قال: حدثني زيد بن واقدٍ، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وموسى نجياً، واتخذني حبيباً، ثم قال: وعزتي! لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي)).(1/1218)
1234 - نا بذلك علقمة بن عمرٍو التميمي قال: نا أبو بكر بن عياشٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا نبي التوبة، ونبي الملحمة)).(1/1219)
ولذلك قال علي رضي الله عنه: أنا أشرت على عمر رضي الله عنه في أن يقيم للناس إماماً في شهر رمضان، ليصلي بهم صلاة التراويح، وأعلمته أن لله ملائكة في حظيرة القدس يقال لهم: الروح، فإذا كانت ليلة القدر، استأذنوا ربهم في النزول إلى الأرض.
1235 - نا بذلك عبد الأعلى بن واصلٍ الأسدي، قال: نا عبيد بن إسحاق العطار، قال: نا سيف بن عمر التميمي، عن سعد بن طريفٍ، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي، ((فإنما استأذنته ملائكة الروح في النزول إلى الأرض؛ طمعاً أن ينالوا ما لم يكن عندهم في مقامهم)).(1/1220)
1236 - نا بذلك عبد الرحيم بن يوسف، قال: نا يعلى بن عبيدٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عبد الله بن عيسى، عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعبٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لما أتاني جبريل عليه السلام بهذه الدعوة، قلت: إني ادخرتها لأمتي، فيحتاج الخلق كلهم إلي في هذه الدعوة، حتى إبراهيم خليل الله)).(1/1221)
1237 - نا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة ابن كهيلٍ، قال: حدثني أبي، [عن أبيه]، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن نبيٌّ قبلي، بعثت إلى الناس كافةً الأحمر والأسود، وإنما كان النبي يبعث إلى قومه، ونصرت بالرعب، يرعب مني عدوي على مسيرة شهرٍ، وأطعمت المغنم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الشفاعة، فادخرتها لأمتي إلى يوم القيامة)).(1/1222)
1238 - نا صالح بن محمدٍ، والجارود بن معاذٍ، قالا: نا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن نبيٌّ قبلي، ولا فخر)).
فذكر مثل حديث سلمة، عن مجاهد، عن ابن عمر. (1/1223)
1239 - ونا قتيبة بن سعيدٍ، قال: نا بكر بن مضر، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي، فاجتمع وراءه رجالٌ من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى، وانصرف إليهم، فقال لهم: ((لقد أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحدٌ كان قبلي، أما أنا، فأرسلت إلى الناس كلهم، وكان من كان قبلي يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب، ولو كان مسيرة شهرٍ بيني وبينهم لملئ مني رعباً، وأحلت لي المغانم كلها، وكان من كان قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة، تمسحت، وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم، والخامسة هي ما هي؟ قيل لي: سل؛ فإن كل نبيٍّ سأل، فادخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله)).(1/1224)
1240 - نا بذلك محمد بن عبد الله بن يزيد القرشي، قال: نا أبي، قال: نا ابن لهيعة، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عمر بن أبي أنسٍ، عن عبد الرحمن بن جبيرٍ، عن عمرو بن العاص، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل، فاحتلمت في ليلة باردةٍ شديدة البرد، فخشيت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرت ذلك له، وقلت: يا رسول الله! أشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فذكرت قول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}، فتيممت، ثم صليت بأصحابي فضحك رسول الله.(1/1225)
1241 - نا قتيبة بن سعيدٍ، قال: نا الليث بن سعدٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن رسول الله، بنحوه.
وقال: ((ما أحب أنك تركت شيئاً مما فعلت)). (1/1226)
1242 - نا محمد بن عبدة بن سليمان، قال: نا أبو بكر بن عياشٍ، عن محمد بن أبي سهلٍ، عن مكحولٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة تموت في السفر مع رجالٍ ليس معهم امرأةٌ، وفي الرجل يموت في السفر ومعه نساءٌ ليس معهن رجلٌ، فقال: ((ييممان بالصعيد)).
قال محمد بن عبدة: سمعته من أبي بكر بن عياش مع أبي، ووكيع، ويحيى بن آدم. (1/1227)
1243 - نا أحمد بن مصرفٍ المامي، قال: نا أبو يحيى الحماني، عن أبي سعيدٍ، عن مكحولٍ، عن رسول الله بمثله.(1/1228)
1244 - نا محمد بن أبي مذعورٍ، قال: نا ابن نميرٍ، قال: نا إسماعيل بن مسلمٍ، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر: أنه أتي بجنازة، وهو على غير وضوء، فتيمم، وصلى عليها.(1/1229)
1245 - نا إسحاق بن إبراهيم بن الشهيد، قال: نا عمر بن أيوب الموصلي، عن المغيرة بن زيادٍ، عن عطاء ابن أبي رباحٍ، قال: مرت بابن عباسٍ جنازةٌ، وهو على غير طهر، فتيمم بالصعيد، وصلى عليها.(1/1230)
1246 - حدثني به أبي رحمه الله، قال: نا محمد بن الحسن، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن عبد الله ابن هبيرة، عن حنشٍ، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج، فيهريق الماء، فيتمسح بالتراب، فأقول: يا رسول الله! الماء منك قريبٌ، فيقول: ((ما أدري، لعلي لا أبلغه)).(1/1231)
1247 - حدثني أبي، قال: نا الفضل بن دكينٍ، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: إن كان أحدهم ليبول، ثم يمسح بالتراب؛ مخافة أن تقوم الساعة.(1/1232)
1248 - ونا محمد بن موسى الحرشي، قال: نا محمد بن ثابتٍ العبدي، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: سلم رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليه حتى دنا إلى حائط، فضرب بيده ضربةً، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين، ثم رد عليه السلام.(1/1233)
1249 - نا محمد بن بشار العبدي قال: نا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب: أن رجلاً سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بال، فلم يرد عليه حتى أتى حائطاً، فقال بيده على الحائط؛ يعني: أنه تيمم.(1/1234)
1250 - نا سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه، عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاري، عن سليمان بن يسارٍ، عن رسول الله، بنحوه.(1/1235)
1251 - نا عبد الكريم بن عبد الله اليشكري، قال: نا أبو معاذٍ النحوي، قال: نا أبو عصمة، عن موسى بن علقمة، عن الأعرج، عن أبي جحيفة، قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جملٍ، إما من غائطٍ، أو بولٍ، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى ضرب الحائط بيده، فمسح بهما وجهه، ثم ضرب أخرى، فمسح ذراعيه إلى المرفقين ثم رد علي السلام.(1/1236)
1252 - نا الجارود بن معاذٍ، قال: نا جريرٌ، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشامٍ، عن أبيه، قال: أتى ابن الحمامة السلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني أثنيت على ربي، ومدحتك، فقال: ((أمسك عليك))، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج به من المسجد، فقال: ((أما ما أثنيته على ربك فهاته، وأما ما مدحتني به، فدعه عنك))، فأنشده، حتى إذا فرغ، دعا بلالاً، فأمره أن يعطيه شيئاً، ثم أقبل رسول الله على المسجد، فوضع يده على حائط المسجد، فمسح به وجهه وذراعيه، ثم دخل.(1/1237)
1253 - نا سفيان بن وكيعٍ، قال: نا زيد بن حبابٍ، عن مسور بن الصلت، عن محمد بن المنكدر، عن جابر ابن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه شاعرٌ، فأمر له بشيء، ثم قال: ((ما وقى به المرء عرضه، فهو له صدقةٌ)).(1/1238)
1254 - نا بذلك عبيد الله بن يوسف الجبيري، قال: نا عثمان بن عبد الرحمن الحراني، قال: نا عبد الحميد ابن يزيد، عن آمنة بنت عمر، عن ميمونة، أنها قالت: يا رسول الله! أفتنا عن عذاب القبر، قال صلى الله عليه وسلم: ((أثر البول، فمن أصابه منه شيءٌ، فليغسله، ومن لم يجد، فليمسح بترابٍ طيبٍ)).(1/1239)
1255 - نا نصر بن عليٍّ، قال: أخبرني عويد بن أبي عمران الجوني، قال: حدثني أبي، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني! أسبغ الوضوء يزد في عمرك)).(1/1240)
ولذلك قال: ((إن الله أعطاني خصالاً لم يعط أحداً قبلي: سميت أحمد، ونصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم)).
1256 - نا بذلك الفضل بن محمدٍ، قال: نا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، عن عاصم بن علي بن عاصمٍ، عن قيس بن الربيع، عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ، عن الطفيل بن أبي بن كعبٍ، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1241)
1257 - نا عبد الرحيم بن حبيبٍ الفاريابي، قال: نا بقية بن الوليد، قال: نا عيسى بن إبراهيم القرشي، قال: ثنا سليمان أبو عمر القرشي، قال: سمعت مسلمة بن عبد الله الجهني يحدث عن عمه، عن أبي الدرداء، قال: تذاكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها، زيادة العمر ذريةٌ صالحةٌ يرزقها الله العبد، يدعون له بعد موته، يلحقه دعاؤهم، فذلك الزيادة في العمر)).(1/1242)
1258 - نا عمرو بن محمد العثماني، قال: نا ابن أبي أويسٍ، عن سليمان بن بلالٍ، عن يونس، عن الزهري، عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يريد أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)).(1/1243)
1259 - نا أبي رحمه الله، قال: نا عصمة بن حميمٍ أبو أمية، قال أبو هلال الراسبي: عن قتادة، عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)).(1/1244)
1260 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا جريرٌ، عن ليثٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: أول ما خلق الله من الإنسان فرجه، ثم قال: هذه أمانة خبأتها عندك، فلا تبسل منها شيئاً إلا بحقها، فالسمع أمانة، والبصر أمانة، والفرج أمانة، والبطن أمانة، واللسان أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة.(1/1245)
1261 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الحماني، قال: نا زيد ابن حبابٍ، قال: أخبرني كثير بن عبد الله، قال: أخبرني الحسن بن عبد الرحمن بن عوفٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ تحت العرش: القرآن له ظهرٌ وبطنٌ يحاج العباد، والرحم تنادي: صل من وصلني، واقطع من قطعني، والأمانة)).(1/1246)
1262 - نا الحسين بن علي بن الأسود العجلي، قال: نا محمد بن فضيلٍ الضبي، قال: نا أبي، ورقبة بن مسقلة العبدي، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((انطلق ثلاثة نفرٍ، فدخلوا غاراً، فأرسل الله صخرةً، فأطبقت الغار عليهم، فقال بعضهم لبعضٍ: قد ترون ما نحن فيه، وما قد ابتلينا به، فلينظر كل رجلٍ منكم أفضل عملٍ عمله فيما بينه وبين ربه، فليذكره، ثم يدعو الله تعالى؛ لعل الله يفرج عنا ما نحن فيه، ويلقي عنا هذه الصخرة.
فقال رجلٌ منهم: اللهم إنك تعلم أنه كانت لي بنت عمٍّ وكانت من أحب الناس إلي، فطلبت منها نفسها، فأبت علي إلا أن أعطيها مئة دينار، فجمعتها من حسي وبسي حتى جئتها بها، فدفعتها إليها، فلما قعدت منه مقعد الرجل من امرأته، ارتعدت وبكت، وقالت: يا عبد الله! اتق الله، ولا تفتح هذا الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، وتركت الدنانير لها، اللهم إن كنت تعلم أني إنما تركتها، وتركت الدنانير لها من مخافتك، فافرج لنا من هذه الصخرة فرجةً نرى منها السماء، ففرج الله عنهم فرجةً، فنظروا منها إلى السماء.
وقال الثاني: اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان، وكانت لي صبيةٌ صغارٌ، وكنت أرعى على أبوين، فكنت أجيء بالحلاب، فأبدأ بأبوي، فأسقيهما، ثم أجيء بفضلهما إلى الصبية فأسقيهم، وإني جئت ذات ليلةٍ بالحلاب، فوجدت أبوي نائمين، والصبية يتضاغون من الجوع، فلم أزل بهم حتى ناموا، ثم قمت بالحلاب على أبوي ليلتي حتى قاما وشربا، ثم جئت بفضلهما إلى الصبية، فأسقيتهم، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك من مخافتك، فافرج عنا منها فرجةً، ففرج الله عنهم منها فرجةً.
وقال الآخر: اللهم إنك تعلم أنه كان لي أجيرٌ يعمل عندي، فأعطيته أجره، فغمصه، وذهب وتركه، فعملت له بأجره حتى صار له بقراً وغنماً، ثم أتاني بعد حينٍ يطلب أجره، فقلت له: دونك هذا البقر والغنم وراعيها، فخذها، فهي لك، فانطلق فأخذها، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك من مخافتك، فألقها عنا، فألقى الله عنهم، فخرجوا يمشون)).(1/1247)
(5/ 394 - 400) وروي عن إسماعيل بن جعفر، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، قال: كان رجل من بني إسرائيل له مكان من الملوك، ليس منهم ملك يموت فيخلفه ملك إلا أنزله منه بمنزلته من الملك الأول، فبعث على بني إسرائيل ملك صالح، فدعا الناس إلى أداء الحقوق والمظالم، فارتحلت الأحياء إليه، حيٌّ حيٌّ، حتى ليس منهم أحد إلا وهو ينظر في شأنه، ومن كانت له مظلمة، رد عليه مظلمته، ومن كان له حق، أنصفه من حقه، ومن كانت له حاجة، قضى له حاجته، حتى ارتحل حي الفتى، وارتحل فيهم، وهم يظنون أن الملك سينزله منه منزلته من الملوك قبله، فدخل على الملك بعض قومه، فقضى حوائجهم، ورد عليهم مظالمهم، حتى دخل الفتى، فكلمه بمثل ما كان يكلم به الملوك قبله، فيعجبهم ويقربونه.
فقال له الملك: أولا تتقي الله، وتؤدي الأمانة؟ قال: أية أمانة؟ فأخذ رجل من خدمه بيده، فأخرجه، فانصرف إلى قومه، فقال: لعل بعضكم سبقني عند الملك، فحلفوا له، فصدقهم، فانصرف إلى أهله، فمات ذلك الملك، وبعث عليهم ملك صالح، فدعا الناس إلى ما دعاهم إليه الملك قبله، فارتحل الناس إليه، وارتحل الفتى مع حيه، فلما دخلوا عليه، كلمه الفتى بالكلام الذي يكلم به الملوك قبله فيقربونه، فقال له الملك: أولا تتقي الله، وتؤدي حق الأمانة؟ فقال: أية أمانة؟ فأخذ بيده فأخرج، فانصرف إلى قومه، فقال: لعل بعضكم سبقني عند الملك، فحلفوا له، فصدقهم، فانصرفوا، وانصرف الفتى إلى أهله، فقال: لا أحسب هذا إلا لما كنت أصيب مما لا يصلح لي، فوضع يده اليمنى على اليسرى، ثم قال: اللهم إني أبايعك على أن لا أسأل أحداً شيئاً أبداً.
فمكث بذلك، ثم قال: لا حاجة لي بقرب الناس ومخالطتهم، فانطلق إلى برية، فتعبد فيها، فتخرقت عنه ثيابه، وصار كهيئة المسمار المحترق، وجعل يأكل من نبات الأرض، فبينما هو على ذلك، إذا هو بشيخين بين أيديهما طعام يأكلانه، فتعرض لهما، فرفعا رؤوسهما، فنظرا إليه، حتى إذا علما أنه قد علم أنهما قد نظرا إليه، أكبا على طعامهما، ثم رفعا رؤوسهما، فدعواه، فأقبل، فإذا هما يأكلان خبز شعير، فنظرا إليه، ثم أكبا على طعامهما، ثم قالا: اجلس، فجلس، ثم مد يده إلى كسرة، فأمسكها، فنظرا إليه، ثم أكبا على طعامهما، ثم قالا: كل، فكبر، فأمسكا بيده، وقالا: لم كبرت على طعامنا؟ قال: إني كنت حلفت أن لا أسأل أحداً شيئاً، ولولا أنكما قلتما لي: كل، لم أتناول طعامكما، قالا: أولا تتقي الله، وتؤدي الأمانة؟ قال: وأية أمانة؟ فوالله! ما أخرجني من بين الناس إلا هذه الكلمة، ولا لقيت ما تريان إلا لها، قالا: أشرف [على] هذا الشرف، فانظر ما ترى وراءه، ثم ارجع إلينا.
فأشرف، ثم رجع إليهما، فقال: رأيت خمس مئة ضائنة، أو ست مئة لم أر مثلها حسناً، قالا: ألا تأخذها بأمانة الله على أن تردها إلينا إذا نحن سألناكها صحاحاً شق الشعرة شطرين؟ قال: نعم، فدفعا إليه الغنم، وانطلقا، فنمت، وبارك الله فيها، فنزل قرية من القرى، وباع منها، فاشترى رعاءً، فجعلت ترعى جناب القرية، وتأوي إليها، فكثرت، ونمت، وبارك الله فيها، وجعل لا يبيع منها، فيتخذ صنفاً من أصناف الأموال إلا بارك الله فيها ونما، فتزوج النساء، واتخذ السراري، وكثر له من الولد، وكان في ذلك: رجلاً صالحاً، يقري الضيف، وينزل ابن السبيل، ويعطي السائل، فبينما هو على ذلك، وقد أتى على ذلك سنون، إذا هو بشيخين يقرعان عليه باب داره، فنادى غلامه، فقال: انظر من يقرع باب الدار؟ فخرج غلامه، فإذا هو بشيخين، قال: ما حاجتكما؟ قالا: حاجتنا إلى سيدك، فرجع إلى سيده فأخبره، فقال: انطلق بهما، ففرغ لهما بيتاً في ناحية الدار، ثم أفرشهما، وأتحفهما، وأطعمهما، واسقهما، فيبيتا بخير، ثم يغدوا على حاجتهما، وهو يحسب أنه كان كمن كان يضيف، فرجع إليه الغلام، قال: إن سيدي أمرني أن أفرغ لكما بيتاً، وأن أفرش لكما، وأتحفكما وأطعمكما وأسقيكما، فتبيتا بخير، ثم تغدوا على حاجتكما، فقالا: هذا مكاننا، أو تأذن لنا عليه؟ قال: وهي ليلة قرة باردة، شديدة البرد، فرجع إلى سيده فأخبره، فقال له: قل لهما: إني وضعت ثيابي، وخلوت بأهلي، فبيتا، ثم اغدوا على حاجتكما، فرجع الغلام إليهما فأخبرهما، قالا: هذا مكاننا، أو يأذنا لنا؟ فغضب العبد، فأغلق الباب دونهما، وانصرف إلى مضجعه، فلما أصبح، دعا غلامه، فقال: ويحك! ما فعل ضيفاي؟ قال: عرضت عليهما ما أمرتني به، فأبيا، فأغلقت الباب، وانصرفت، فقال: ويحك! تركت ضيفي في صقيعٍ بغير عشاء! لا جرم لأفعلن بك ولأفعلن، ائذن لهما، فدخلا عليه، فجعل يعتذر إليهما: أتيتماني في ساعة لا يدخل علي فيها، فأمرت الغلام بقراكما، فغمصتما ذلك، فذكر لي أنه أغلق الباب دونكما، لا جرم لأفعلن به، ولأفعلن، قالا: إن لنا حاجة، فأخلنا لحاجتنا، فأمر من حوله فارتفع، حتى إذا خلوا به، قالا: هل تعرفنا؟ قال: لا.
قالا: أتذكر شيخين أتيتهما ببرية كذا وكذا، وبين أيديهما خبز شعير يأكلانه، وأنت كالمسمار المحترق؟ قال: أذكر، قالا: فما فعلت الغنم؟ قال: فعلت خيراً، ونمت وكثرت، واتخذت أصناف الأموال، قالا: ألست قد عرفت شرطنا عليك؟ قال: بلى، صحاحاً شطرين، قالا: فادع لنا بمالنا، قال: فدعا بدواوينه، وإذا الأموال أكثر من أن تحصى إلا بكتاب، فدعا بالغنم، فقسمت شطرين، ثم دعا بالإبل والبقر وسائر الأموال، فقسمت شطرين، فقال: قد فعلت، ووفيت لكما بالشرط، قالا: ائتنا بأمهات أولادك، قال: وما لكما ولأمهات أولادي نساء قد ولدن وعتقن؟.
قالا: إن أثمانهن من مالنا، قال: لا أفعل، قالا: اتق الله، وأد الأمانة، تعلم أنا لسنا نأخذك بسلطان، وليس لنا عليك بينة، وإنك إن تجحد، يصدقك الناس، ويكذبونا، قال: فبات على فراشه يتسلق: أيتها النفس! اصبري، واذكري الحال الذي كنت عليه صدقاً، لعمري! إن أمهات أولادي، والنفقة عليهن لمن مالهما.
فلما أصبح، قال: ادعوا بأمهات أولادي، فدعا بهن، فقسمهن شطرين، فجعل يبكي بعضهن إلى بعض، قال: قد فعلت، قالا: ائتنا بنسائك، قال: وما شأن نسائي؟ بنات قوم أحرار، فأما أمهات أولادي، فكن من مالكما، قالا: إن صدقاتهن، والنفقة عليهن من مالنا، قال: لا أفعل، قالا: اتق الله، وأد الأمانة، تعلم أنا لسنا نأخذك بسلطان، وليست لنا عليك بينة، وإنك إن تجحد، يصدقك الناس، ويكذبونا، قال: يا نفس! اذكري الحال الذي أتيتهما عليه، صدقاتهن، والنفقة عليهن من مالهما، ائتوني بنسائي، فأتي بهن، فقسمن شطرين، قال: قد فعلت، قالا: ائتنا بولدك؟ قال: وما شأن ولدي؟ أما أمهات أولادي، فالثمن والنفقة من مالكما، وأما نسائي، فالصدقة والنفقة من مالكما، وأما ولدي، فخرجوا من صلبي، فلم أكن لأفعل، قالا: اتق الله، وأد الأمانة، تعلم أنا لسنا نأخذك بسلطان، وليست لنا عليك بينة، وإنك إن تجحد، يصدقك الناس، ويكذبونا، قال: أيتها النفس! اصبري، واذكري الحال الذي أتيتها عليه، أرأيت كسوة الولد والنفقة عليهم، أليست من مالهما؟ ائتوني ببني، فأتي بهم، فقسموا شطرين، وإذا منهم غلام لا يعدل به أحداً من الولد، قال: قد قسمت ولدي، وهذا غلام، فإن أحببتما أن تقوما قيمته، ثم أرد عليكما الشطر، فعلت، قالا: ما نريد أن تشتري منا شيئاً، قال: فهبا لي نصيبكما منه، قالا: ما نريد أن نعطي أحداً من حقنا شيئاً، قال: فأنا واهب لكما نصيبي، قالا: ما نريد أن تكون لك عندنا منةٌ، قال: فماذا؟ قالا: قد عرفت شرطنا عليك صحاحاً كشق الشعرة، قال: أفأشقه؟ قالا: أنت أعلم، قال: والله! لا أفعل هذا أبداً.
قالا: اتق الله، وأد الأمانة، تعلم أنا لسنا نأخذك بسلطان، وليست لنا عليك بينة، وإنك إن تجحد، يصدقك الناس، ويكذبونا، قال: يا نفس! اصبري، واذكري الحال الذي أتيتهما عليه، قربوا المنشار، فأتي بالمنشار، فقال: خذا بناحية وآخذ بناحية، قالا: نعم، ذاك لك، قال: فأخذا بناحية المنشار، وأخذ بناحيته، ثم أدركته رقة الولد، فقال: ابدءا فأشعراه به، فقالا: أنت أحق من بدأ، قال: إني أجد له ما لا تجدان، فأشعراه لي، قالا: أنت أحق من بدأ، فتقاعس في المنشار لينشره، فرفعاه، قالا: إن كنت لفاعلاً؟ قال: نعم، والله! حتى أوفي لله بما جعلت له، وأؤدي الأمانة، قالا: اذهب، فلك أهلك، وبارك الله لك، ولسنا من البشر، كان هذا بلاء قضاه الله عليك، فبررت، وأوفيت، ونحن منعنا ملكي بني إسرائيل أن يعطياك شيئاً؛ لما قضاه الله عليك من الابتلاء، فاطمأنن في مالك.
(5/ 400 - 406) وعنه: عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، قال: لما أعتق لقمان، أعطاه مولاه مالاً، فبارك الله للقمان في ذلك المال، فكثر ونما، وجعل لا يأتيه أحد يستقرضه قرضاً إلا أقرضه، ولا يأخذ عليه حميلاً ولا رهناً، إلا أنه إذا أراد أن يدفع إليه المال، قال: تأخذه بأمانة الله؛ لتؤديه إلي عاماً قابلاً، فإذا قال: نعم، دفعه إليه، فجعل الناس يأخذون ويؤدون، فذكر فعل لقمان لرجل يسكن ساحل البحر، تجارته في البحر، لصٌّ ملطٌ فاجرٌ، فقال: والله! إن رأيت مالاً أضيع من هذا، ما يأخذ مني رهناً، ولا حميلاً، والله! لآتين هذا الرجل، فلأقتطعن من ماله مالاً عظيماً، فأقبل إليه، فقال: يا لقمان! ذكر لي معروفك، وأنا رجل أسكن كذا وكذا من ساحل البحر، وتجارتي فيه، فإن رأيت أن تقرضني قرضاً أصبت فيه ثم أؤديه إليك، فعلت، قال: نعم، وكم تريد؟
قال: فسمى له، فأكثر، قال: نعم، أما إني لست أسألك حميلاً، ولا آخذ منك رهناً، أتأخذه بأمانة الله أن تؤديه إلي عاماً قابلاً في هذا اليوم؟ قال: نعم، فدفع إليه ما سمى، وكتب عنده اسمه، واسم أبيه، ومنزله الذي سمى، فذهب بالمال، فوضع يده فيه، وخلطه بماله، وأجمع على أن لا يؤديه إليه، وأدرك للقمان ابنٌ له، فقال: يا أبت! إني أريد أرض كذا وكذا، فإن رأيت أن تأذن لي، فعلت، قال: نعم يا بني، اذهب فاحمل على دوابك، وشد عليك ثيابك، ثم ائتني أوصيك بوصيتي، قال: نعم، ففعل ذلك ابنه، ثم أتاه، فقال: قد فعلت يا أبت، قد حملت على ظهري، وشددت علي ثيابي، فأوصني، قال: نعم، يا بني! إن في طريقك مفازة، فأبكر فيها الدلجة، فإنه ستعرض لك شجرة واسعة الظل تحتها عين، فلا أعلمن ما قربت الشجرة، ولا نزلت تحتها، يا بني! إني أرجو أن يخرجك الله منها سالماً، فتأتي حي بني فلان، وهم لنا صديق، وقد أعلم أنهم سيكرمونك، وفيهم امرأة شابة كريمة الحسب، كثيرة المال، وقد أعلم أنهم سيعرضونها عليك، فلا أعلمن ما نكحتها، ولا طمعت في شيء من أمرها.
يا بني! إني أرجو أن يسلمك الله منها، وإن رجلاً يسكن ساحل البحر بكذا وكذا، وقد أتاني منذ حينٍ، فاقتطع من مالي كذا وكذا، وهذا اسمه واسم أبيه ومنزله، فائته، فاقبض ما عليه، ولا تبت عنده ليلة، ويا بني! انظر الذي أوصيتك به، فافعله، قال الفتى: نعم.
قال: يا بني! إن من أفضل ما أوصيك به: إن صحبك في طريقك هذا رجل هو أكبر منك عقلاً، فلا تعصه حتى ترجع إلي، قال: أفعل.
فسار ابن لقمان، حتى إذا انتهى إلى المفازة، فأبكر فيها الدلجة، فإذا هو أبعد من ذلك وأسحق، فقام قائم الظهيرة، واشتد الحر، وهو في وسط منها، فبينا هو يسير، إذ عرضت له الشجرة، فلما نظر إليها، عرفها بنعت أبيه، وإذا تحتها شيخ جالس، فعدل عنها، فقال له الشيخ: ما الذي تريد يا فتى؟ قال: أريد أن أسير، قال: لا تفعل، فقد قام قائم الظهيرة، وتوقد الحر، ولكن انزل واستظل في ظل هذه الشجرة، وضع عن دوابك، واشرب من الماء، فإذا أبردت، فارتحل.
فقال الفتى في نفسه: هذه الشجرة التي نهاني عنها أبي، ما أريد أن أفعل، قال: أقسمت عليك لتنزلن، قال: ووافق ذلك منه هوى، وذكر أن أباه قال: إن صحبك رجل هو أكبر منك، فلا تعصه، فنزل الفتى، ووضع عن دوابه، فاستظل، وأكل، وشرب، ثم رقد، وأبى الشيخ أن ينام، فلما استثقل ابن لقمان، انحطت حية من رأس الشجرة، فلما نظر إليها الشيخ، رماها فقتلها، ثم قطع رأسها، فجعله في قرابه، وغيب الحية، حتى إذا برد النهار أيقظ ابن لقمان، فقام، فلم يستنكر من نفسه شيئاً، فحمل على دوابه.
وقال له الشيخ: أين تريد؟ قال: أريد أرض كذا وكذا، قال: وأنا أريدها، فهل لك في صحابتي، فقال ابن لقمان: أنت أحب صاحب، فلما نزلوا بالحي الذي سماهم له لقمان، قالوا: ابن لقمان، فأنزلوه وأكرموه، فبينما هم يأكلون عنده ويشربون، إذ قال له رجل منهم: يا ابن لقمان! هل لك في امرأة شابة، كريمة الحسب، كثيرة المال تنكحها؟
قال ابن لقمان في نفسه: هذه التي منعنيها أبي، ما لي حاجة بالنكاح، قال الشيخ: ما تعرضون عليه؟ قالوا: نعرض عليه امرأة شابة، حسناء جميلة، كريمة الحسب، كثيرة المال، قال الشيخ: أشباب وجمال ومال؟ ما يترك هذا أحد، انكحها يا بني، قال ابن لقمان: ما أريد النكاح يا عم، وإني لعلى وجلٍ، قال: أقسمت عليك لتفعلن، فوافق ذلك منه هوى، وذكر الذي عوفي في الشجرة، وأن أباه قال: إن صحبت رجلاً هو أكبر منك، فلا تعصه، فنكحها، فلما ملك عصمتها، أتى بعض صديق أبيه فقال: ما صنعت؟ هذه امرأة قد نكحت قبلك تسعة، ليس منهم رجل إلا يصبح ميتاً على فراشها، وأنت العاشر، فدخل الشيخ على ابن لقمان وهو مهموم حزين، فقال: ما يحزنك؟ قال: المرأة التي أمرتني أن أنكحها، نكحت قبلي تسعة، ليس منهم رجل إلا يصبح ميتاً على فراشها، وأنا الشاعر، وأنا أكره الموت.
قال: انظر الذي آمرك به فافعله، إذا دخلت عليك، فلا تقربها حتى تأتيني، فأقبلوا بها إليه حتى أدخلوها عليه، وكان من خلق أهلها وغلمانها: أنهم إذا أدخلوها على الزوج، حفوا بالبيت، فإذا صاح، كان علامة موته، فدخلوا، فاحتملوا صاحبتهم وما معها، وتركوه، فحفوا بالبيت كما كانوا يصنعون، فقال ابن لقمان للمرأة: إن لي حاجة، فخرج إلى الشيخ فقال: المرأة في البيت، وأنا عندك، قال: ائتني بمجمرة فيها جمرة، فأتاه بها ابن لقمان، فعمد إلى رأس الحية التي قتل عند الشجرة، فجعلها على الجمرة، ثم قال: انطلق بهذا، فاجعله تحت المرأة، فإذا برد، فائتني به، ففعل بها ابن لقمان، فقال: اجعلي هذا تحتك، ففعلت، فلما طفئت الجمرة، أخرجها، فذهب بها إلى الشيخ، فإذا شبه الدودة محترقة في المجمرة، فقال: اذهب إلى أهلك، فلا بأس عليك، فإن هذه التي كانت تقتل الرجال، فانطلق إلى أهله، فأصبح قرير العين، وأصبحت المرأة فرحة، وتفرق الذين كانوا حفوا بالبيت.
فلما أراد ابن لقمان أن يرتحل، قال له الشيخ: أين تريد؟ قال: غريماً لنا في ساحل كذا وكذا، أريد أن آتيه، فأقبض حقنا قبله، قال: فهل لك في صحابتي؟ قال: أحب صاحب، فانطلق معه، حتى إذا قدما الساحل، سألا عن غريمهما، فقال أهل البلد: ذاك لص ملط فاجر، وكان قد عمد إلى قصر فبناه على ساحل البحر، يمد البحر حين يمد، فلا يترك حول القصر شيئاً إلا احتمله، لا يخلص إلى القصر، ولا إلى من فيه، فأتاه ابن لقمان فقال: أنا ابن لقمان، وأحقنا عليك، قال: مرحباً، بيتا الليلة، ثم اغدوا على مالكما، قال ابن لقمان في نفسه: هذا الذي منعني منه أبي، ما أريد أن أبيت الليلة.
قال الشيخ: ما تعرض عليه؟ قال: أعرض عليكما أن تبيتا الليلة، ثم تغدوا على مالكما، قال: افعل يا بني، قال: ما أريد ذلك، قال: أقسمت عليك لتفعلن، قد أنسأته أطول من ليلة، أفلا تنسئه ليلة، فوافق ابن لقمان هوى، وذكر الذي عوفي في سبب الشيخ من الشجرة والمرأة، فباتا، فلما فرغ من عشائهما، عمد إلى وطاء تحت القصر، ففرش لهما فيه على سريرين، وقد علم: أن الماء إذا جاء، احتملهما، وعمد إلى ابن له، فأضجعه على سرير فوقهما في مكان قد علم أن الماء لا يبلغه، فرقد ابن لقمان، وأبى الشيخ أن ينام، فلما كان في جوف الليل: أقبل البحر، فلما رآه الشيخ، أيقظ ابن لقمان، فاحتملا سريرهما، فجعلاه في مكان سرير الغلام، وحملا سرير الغلام وهو نائم، فوضعاه موضع سريرهما، وأقبل البحر، فاحتمل الغلام بسريره، فذهب به، ولم يخلص إليهما، فلما أصبحا، اطلع صاحب القصر ينظر ما فعل غريماه، فإذا هما نائمان، وإذا ابنه قد ذهب، فناداهما فقال: إني مكرت بكما، وحاق بي المكر، فاغدوا على مالكما، فغدوا على مالهما، فانتقداه، ثم انصرفا إلى المرأة، فأمرها ابن لقمان بالرحيل، فارتحلت، فإذا أكثر مال قدمها لها مما كانت تصيب من الأزواج، فارتحلت بمال عظيم من أصناف الأموال.
وأقبل معه الشيخ، حتى إذا شارفا منزل لقمان، قال الشيخ لابن لقمان: أي صاحب وجدتني في سفرك؟ قال: خير صاحب، كف الله بك ورزق، قال: أفما لي فيما أصبت نصيب؟ قال: بلى، نصفه طيبةً لك به نفسي، قال: فإما أن تقسم وتخيرني، وأما أن أقسم وأخيرك.
قال ابن لقمان: لا، بل اقسم وخيرني، فعرف الشيخ هوى ابن لقمان في المرأة، فعمد إليها، وإلى شيء يسير من مالهما، فعزله، وعمد إلى عظيم المال فتركه، ثم قال لابن لقمان: اختر، قال ابن لقمان: أما إنك عدلت وأنصفت حين خيرت، وإن كنت فعلت ما فعلت، أختار المرأة وما معها، فارتحل ابن لقمان بالمرأة وما معها، وقام الشيخ في عظيم المال، فلما سار ابن لقمان، وكاد يتغيب عن الشيخ، أدركه فقال: أعطيتني مالك، فبم ذلك؟ لعلك تخوفت مني شيئاً؟
قال له ابن لقمان: وما عسيت أن أتخوف منك؟ ولكن لا يذكر صاحب من صاحب أفضل مما أذكر منك، وسألتني. قال: أتعطيني ذلك طيبة به نفسك؟ قال: نعم، قال: فاذهب، فلك أهلك، ومالك، فبارك الله لك، لست من البشر، أنا أمانة أبيك التي كان يأتمن بها الناس، بعثني الله تعالى لأصحبك في طريقك، ثم أردك إلى أبيك سالماً صالحاً، فاطمأنن في مالك مباركاً فيه.(1/1248)
1263 - نا أبي رحمه الله، عن صالح بن محمدٍ، عن القاسم العمري، عن عمرو بن أبي عمرٍو، عن خارجة بن زيد بن ثابتٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة، ورب مصلٍّ لا خلاق له عند الله)).(1/1249)
1264 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا عصام بن المثنى ابن وائلٍ الحمصي، عن أبيه، عن وهب بن منبهٍ، قال: أتي داود عليه السلام بصحيفة مختومة بالذهب من السماء، فيها عشر مسائل، وأمر أن يسأل ولده عنها، فمن أجابه بما فيها، فهو الخليفة، فدعا سليمان عليه السلام من بين ولده، فسأله: أي شيء أقل في الأرض؟ قال: اليقين، قال: وأي شيء أكثر في الأرض؟ قال: الشك، قال: فأي شيء آنس؟ قال: الروح في الجسد، قال: فأي شيء أوحش؟ قال: الجسد إذا خرج منه الروح، قال: فأي شيء أحسن؟ قال: الإيمان بعد الكفر، قال: فأي شيء أقبح؟ قال: الكفر بعد الإيمان، قال: فأي شيء أمر؟ قال: الفقر، قال: فأي شيء أقرب؟ قال: الآخرة إذ هي آت، قال: فأي شيء أبعد؟ قال: الدنيا إذا زالت عنك، قال: فأي شيء أشر؟ قال: المرأة السوء، قال: ففك داود خاتم الصحيفة، فنظر فيه، فإذا هو تفسيرها في الكتاب، لم يغادر منه حرفاً فاستخلفه.(1/1250)
1265 - نا ابن أبي ميسرة، قال: نا عبد الله بن يزيد المقرئ قال: نا علي بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته: ((خير ما ألقي في القلب اليقين)).(1/1251)
1266 - نا أبي رحمه الله، قال: نا عبد الله بن نافعٍ الزبيري، عن عبد الله بن مصعب بن زيد بن خالدٍ الجهني، عن أبيه، عن جده، قال: استلقفت هذه الخطبة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، مثله: ((خير ما ألقي في القلب اليقين)).(1/1252)
1267 - نا صالح بن محمدٍ، قال: نا زافر بن سليمان، رفعه إلى رسول الله: ((أن عيسى بن مريم عليه السلام كان يمشي على الماء -ثم قال-: ولو ازداد يقيناً، لمشى في الهواء)).(1/1253)
1268 - ونا عمر بن أبي عمر، قال: نا عبد الغفار بن داود، عن ابن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن سعد بن مسعودٍ التجيبي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما أعطي أحدٌ من اليقين ما أعطيت أمتي)).
قال: ((وكان عيسى بن مريم يقول: ما أنزل في الأرض شيءٌ أقل وأجل من اليقين)).(1/1254)
1269 - نا مؤمل بن هشامٍ اليشكري، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن غالبٍ القطان، عن بكر بن عبد الله المزني: قال: إن أبا بكر لم يفضل الناس بكثرة صومٍ ولا صلاةٍ، وإنما فضلهم بشيء كان في قلبه.(1/1255)
1270 - نا عبد الجبار بن العلاء، قال: نا الوليد بن مسلمٍ: قال: نا عبد الرحمن بن يزيد بن جابرٍ، قال: سمعت ابن عامر يقول: سمعت أوسط البجلي يقول: سمعت أبا بكر الصديق على المنبر وهو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر يقول عام أول، والعهد قريبٌ: ((سلوا الله اليقين والعافية؛ فإن الناس لم يعطوا شيئاً خيراً من اليقين والعافية)).(1/1256)
1271 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا القعنبي، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن حنشٍ، عن ابن مسعودٍ، أنه مر بمصابٍ، فقرأ عليه، فبرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما قرأت؟))، قال: قرأت: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قرأها موقنٌ على جبلٍ، لزال)).(1/1257)
1272 - نا محمد بن علي الشقيقي، قال: نا عبد الله ابن عثمان، قال: أنا عبد الله بن المبارك، قال: أنا معمرٌ، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، قال: لما استخلف عثمان، سار عبد الرحمن بن عوف حاجاً، ومرض عثمان، فكتب بالبيعة لعبد الرحمن بن عوفٍ، ولم يطلع على ذلك أحداً غير مولاه حمران، فلما قدم عبد الرحمن، وصح عثمان من مرضه، قبض ذلك الكتاب من حمران، فجاء حمران إلى عبد الرحمن، فأخبره أن عثمان قد جعل البيعة لك، فقال عبد الرحمن: ما أراك إلا وقد خنته، وما أدري هل يسعني ألا أخبره بذلك -أي: إنه صاحب سره، فأفشاه عليه-.
فقال حمران: فإن فعلت فخذ لي منه -أي: أن لا يعاقبه-، قال: فذهب عبد الرحمن إلى عثمان، فأخذ لحمران منه، وأخبره بصنيعه، فقال: لقد خان، ثم وجهه إلى البصرة؛ أي: كأنه يقول: نفاه إليها.(1/1258)
1273 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا سعيد بن عفيرٍ المصري: قال: نا عبد الله بن عقبة، وهو ابن لهيعة، عن دراجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاءٍ: {الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله}، ثم الذي يأمنه الناس على أموالهم، ثم الذي إذا أشرف على طمعٍ، تركه لله)).(1/1259)
1274 - أنا الفضل بن محمدٍ، قال: نا علي بن سهلٍ الرملي، قال: نا حجاج بن محمدٍ الأعور، قال: نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنسٍ، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة، أو غيره، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنه لما صعد إلى السماء السابعة، إذا هو برجلٍ أشمط جالسٍ على كرسيٍّ عند باب الجنة، وعنده قومٌ جلوسٌ، بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقومٌ في ألوانهم شيءٌ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيءٌ، ثم دخلوا نهراً آخر، فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم، فصارت مثل ألوانهم، فجاؤوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقلت: يا جبريل! من هذا الأشمط؟ ومن هؤلاء، وما هذه الأنهار التي دخلوها؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، أول من شمط على الأرض، وأما هؤلاء البيض الوجوه، فقومٌ لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيءٌ، فقوم خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً، فتابوا، فتاب الله عليهم، وأما الأنهار، فأدناها: رحمة الله، والثاني: نعمة الله، والثالث: {وسقاهم ربهم شراباً طهوراً}.(1/1260)
1275 - نا عمرو بن زيادٍ الحنظلي، قال: أنا عبد الله ابن المبارك في مجلس حماد بن زيدٍ سنة سبعين ومئة، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نظر إلى محاسن امرأةٍ، فغض طرفه في أول نظرةٍ، رزقه الله عبادةً يجد حلاوتها في قلبه)).(1/1261)
ولذلك ما روي في الخبر: ((ما ترك عبدٌ شيئاً من الدنيا لله، إلا آتاه الله خيراً منه وأفضل)).
1276 - نا بذلك إبراهيم بن يوسف الحضرمي، قال: أنا ابن مباركٍ، عن الربيع بن أنسٍ، عن أبي بن كعبٍ.(1/1262)
1277 - فحدثنا صالح بن محمدٍ، عن محمد ابن مروان، عن جويبرٍ، عن الضحاك، قال: أخرجت لسليمان خيلٌ من البحر منقوشةٌ ذوات أجنحة، وهي التي عرضت عليه.(1/1263)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((أحب العيون إلى الله عينان: عينٌ غضت عن محارم الله، وعينٌ حرست في سبيل الله)).
1278 - نا بذلك أبي رحمه الله.(1/1264)
1279 - نا إبراهيم بن عبد الله الخلال، قال: أنا عبد الله بن المبارك، قال: نا يونس بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن نبهان مولى أم سلمة: أنه حدثه: أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته: أنها كانت عند رسول الله وميمونة، قالت: فبينما نحن عنده، أقبل ابن أم مكتومٍ، فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب، فقال رسول الله: ((احتجبا منه)) فقلنا: يا رسول الله! أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!)).(1/1265)
1280 - نا قتيبة بن سعيدٍ، قال: نا ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العين تزني، واليد تزني، والرجل تزني، والسمع يزني، واللسان يزني، ويصدق ذلك كله ويكذبه الفرج)).(1/1266)
1281 - نا إبراهيم بن عبد الله، قال: أنا عبد الله، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، قال: لا تتبعن النظرة النظرة، فربما نظر العبد نظرةً ينغل منها قلبه كما ينغل الأديم في الدباغ، فلا ينتفع به.(1/1267)
1282 - نا أبي رحمه الله، قال: نا محمد بن حميدٍ الأصباغي، قال: نا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الحسن المدائني، عن عليٍّ بن أبي طالبٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النظر إلى محاسن المرأة سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس، فمن صرف بصره عنها، رزقه الله عبادةً يجد حلاوتها)).(1/1268)
1283 - حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: أنا سعيد بن أبي مريم المصري، قال: نا نافع بن يزيد، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن عمار بن سعدٍ، قال: لقي يحيى بن زكريا عيسى بن مريم -صلوات الله عليهم-، قال يحيى لعيسى: يا روح الله وكلمته! حدثني، قال عيسى: بل أنت فحدثني، أنت خيرٌ مني، جعلك الله سيداً وحصوراً، ونبياً من الصالحين.
قال يحيى: أنت خير مني، أنت روح الله وكلمته، فحدثني: ما يبعد من غضب الله؟ قال له عيسى: لا تغضب، قال: يا روح الله! ما يبدئ الغضب وينشئه؟ قال: التعزز والفخر، والحمية والعظمة، قال: يا روح الله! هؤلاء شداد كلهن، فكيف لي بهن؟ قال: سكن الروح، واكظم الغيظ. ثم قال له: وإياك واللهو، فيسخط الله عليك، وإياك والزنا؛ فإنه من غضب الرب، قال: يا روح الله! ما يبدئ الزنا ويثيره ويثنيه ويعيده؟ قال: النظر والشهوة، وإتباعهما، لا تكونن حديد النظر إلى ما ليس لك؛ فإنه لن يزني فرجك ما حفظت عينك، فإن استطعت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك، فافعل، ولن تستطيع ذلك إلا بالله.(1/1269)
1284 - نا محمد بن علي الشقيقي، قال: نا أبو مالكٍ سعيد بن هبيرة، قال: نا حماد بن سلمة، قال: نا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن سلمة ابن أبي الطفيل، عن عليٍّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لك في الجنة كنزاً، وإنك ذو قرنيها، فلا تتبعن النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الأخرى)).(1/1270)
وكان قد هم أن يتزوج على فاطمة، حتى خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: ((إن بني المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من عليٍّ، وإن فاطمة بضعةٌ مني، يؤذيني ما آذاها، ألا فإني لا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن)).
1285 - نا بذلك سليمان بن منصورٍ الذهبي، قال: أنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1271)
1286 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الحسن بن سوارٍ البغوي، وأحمد بن يونس، عن ليث بن سعدٍ، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، عن رسول الله، بمثله.(1/1272)
1287 - نا عبد الجبار، عن سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن أبي جعفرٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن علياً يريد أن يخطب العوراء بنت أبي جهلٍ، وما كان لعليٍّ أن يجمع بين بنت نبي الله، وبنت عدو الله؛ فإن فاطمة بضعةٌ مني يغضبني ما أغضبها)).(1/1273)
1288 - ونا عبد الجبار، عن سفيان، عن عمرٍو، عن أبي جعفرٍ، قال: دخلت أم أيمن على فاطمة، فرأت في وجهها شيئاً، فأنكرته، فسألتها، فأبت أن تخبرها، فقالت: أما إن أباك لا يكتمني شيئاً، فقالت: جاريةٌ وهبها أبو بكر لعليٍّ، فخرجت أم أيمن، فنادت: أما لرسول الله حقٌّ أن يحفظ في أهله؟ فقال عليٌّ: ما هذا؟ قالوا: أم أيمن تقول كذا، فقال عليٌّ: الجارية لفاطمة.(1/1274)
1289 - نا نصر بن علي بن نصر بن علي بن صهبان الجهضمي، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن النضر بن شيبان: أنه لقي أبا سلمة بن عبد الرحمن، فقال: حدثني بأفضل شيء سمعته يذكر -يعني: أباه- في رمضان؟ فقال: نا عبد الرحمن بن عوفٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن شهر رمضان شهرٌ فرض الله على المسلمين صيامه، وسننت لهم قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه)).(1/1275)
1290 - نا سعيد بن عبد الله التمار، قال: نا الفضل ابن دكينٍ، قال: نا نصر بن عليٍّ بن صهبان، عن النضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن أبيه، عن رسول الله، بمثله.(1/1276)
1291 - نا قتيبة بن سعيدٍ، وصالح بن عبد الله، قالا: نا نوح بن قيسٍ الحداني، عن نصر بن عليٍّ، عن النضر بن شيبان، قال: قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمن: ألا تحدثني بشيء سمعته من أبيك سمعه أبوك من رسول الله؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.
ونصر هذا هو جد نصر بن علي الذي لقيناه بالبصرة.(1/1277)
1292 - نا الجاورد، قال: نا النضر بن شميلٍ، قال: نا القاسم بن الفضل الحداني، قال: نا النضر بن شيبان، قال: لقيت أبا سلمة، فقلت له: حدثني حديثاً سمعته من أبيك عن رسول الله، ليس بينك وبينه أحدٌ، فقال: سمعت أبي، أو أخبرنا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.(1/1278)
1293 - نا سليمان بن منصورٍ الذهبي، قال: نا عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن سعيدٍ، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاصٍ، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأعمال بالنيات، وإنما لامرئٍ ما نوى)).(1/1279)
1294 - نا بشر بن هلالٍ الصواف، قال: نا عبد الوارث ابن سعيد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن عبد الدينار، لعن عبد الدرهم)).
وزاد غيره في حديثه: ((ولعن صاحب الخميصة، وتعس وشيك، فلا انتقش، حبذا عبد الله، وعبيد الله)).(1/1280)
1295 - نا الفضل بن محمدٍ، قال: نا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، قال: نا عمرو بن بكرٍ، قال: نا أبو بكر محمد بن عبد الواحد الأفطس، عن أبيه عبد الواحد بن قيسٍ، قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما لامرئٍ ما احتسب، وعليه ما اكتسب، والمرء مع من أحب، ومن مات على ذنابى طريقٍ، فهو من أهله)).(1/1281)
1296 - نا صالح بن محمد، قال: نا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: سمعت أبا هريرة يقول: ((أوصاني حبيبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، وأن لا أنام إلا على وترٍ، وركعتي الضحى)).(1/1282)
1297 - نا عمر بن أبي عمر قال: نا إسحاق بن إبراهيم بن يزيد القرشي، قال: نا خالد بن يزيد المري، قال: حدثني العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن كثير، قال أبو عبد الله رحمه الله: وهو ابن مرة عندي-، عن أبي الدرداء، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عويمر، حافظ على أن لا تبيت إلا على وترٍ، وركعتي الضحى، مقيماً أو مسافراً، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، تستكمل الزمان كله -أو قال-: تستكمل الدهر كله)).(1/1283)
وروي عن رسول الله: أنه قال: ((أمرني جبريل عليه السلام، ولقاني عند فراغي من فاتحة الكتاب: آمين، وعند الدعاء، وقال: إنه كالطابع على الكتاب)).
1298 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا عبد الملك ابن مسلمة القرشي، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك.(1/1284)
1299 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا أبو عمير بن النحاس الرملي، عن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثني صبيح بن محرز الحمصي، قال: حدثني أبو مصبح المقرائي، قال: كنا نجلس إلى أبي زهير النميري، وكان من الصحابة، فيتحدث بأحسن الحديث، فإذا دعا رجل منا بدعاء، قال: اختموا بآمين؛ فإن آمين في الدعاء مثل الطابع على الصحيفة.
قال أبو زهير: وأحدثكم عن ذلك: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة نمشي، فأتينا على رجل في الخيمة قد ألحف في المسألة، فوقف رسول الله يستمع منه، فقال: ((إن ختم، فقد أوجب))، فقال له رجل: بأي شيء يختم؟ فقال: ((بآمين؛ فإنه من ختم بآمين، فقد أوجب))، فانصرف الرجل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى الرجل وقال: يا فلان! اختم بآمين وأبشر.(1/1285)
1300 - نا بذلك أبي رحمه الله، عن صالح بن محمد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عباد بن كثير، عن ليث، عن شهر ابن حوشب، عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((أعطيت هذه الأمة ما لم يعط أحدٌ: قوله: {ادعوني أستجب لكم}، وإنما كان يقال هذا للأنبياء -عليهم السلام-، وقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ}، وإنما كان يقال هذا للأنبياء، وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس}، وإنما كان يقال هذا للنبي: أنت شهيدٌ على قومك)).(1/1286)
1301 - نا الفضل بن محمد، قال: نا سلم بن يحيى الطائي، عن الحسن بن ذكوان، عن أخيه أيوب، عن الحسن، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليقول: يا رب! اغفر لي، وقد أذنب، فتقول الملائكة: يا رب! إنه ليس لذلك بأهلٍ، قال الله تعالى: لكني أهلٌ أن أغفر له)).(1/1287)
1302 - نا الفضل بن محمد، قال: نا هشام بن خالد الدمشقي، قال: نا بقية، قال: نا محمد بن سعيد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: بينا نحن جلوساً يوماً عند معاذ بن جبل، إذ دعا بدعاء لم أسمع أحداً يدعو بمثل دعائه، فقلت له: رحمك الله يا أبا عبد الرحمن! لو علمتني بعض ما تدعو به، فقال: لو كنت أعلم لك فيه خيراً، كنت علمتك، قال: سبحان الله! لم لا تعلم لي فيه خيراً؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بالدعاء الكثير، الحسن الجميل، الذي لا يستطيع أحد أن يقول مثله، فقلت له يوماً: يا رسول الله! لو علمتني بعض ما تدعو به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أعلم لك فيه خيراً، لعلمتك))، قلت: سبحان الله يا رسول الله! لم لا تعلم لي فيه خيراً؟ قال: ((لأن أفضل الدعاء ما خرج من القلب بجدٍّ واجتهادٍ، فذلك الذي يسمع ويستجاب، وإن قل)).(1/1288)
1303 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن جابر، عن أبي معمر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، قال: وجب القنوت في الوتر على كل مسلم.(1/1289)
1304 - نا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا مسلم ابن إبراهيم، عن الحارث بن عبيد الإيادي، قال: نا مسلم ابن شقير اليشكري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن مالك بن أوس، قال: خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من خشوع النفاق))، قيل: يا رسول الله! وما خشوع النفاق؟ قال: ((خشوع البدن، ونفاق القلب)).(1/1290)
1305 - نا صالح بن محمد، قال: نا سليمان بن عمرو، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لو خشع قلبه، لخشعت جوارحه)).(1/1291)
1306 - نا محمد بن بشار، قال: نا معاذ بن معاذ، وسهل بن يوسف، وابن أبي عدي، قالوا: حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله ابن نافع بن العمياء، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن أبي وداعة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الصلاة مثنى مثنى، وتشهد في كل ركعتين، وتبؤسٌ، وتمسكنٌ، وتقنعٌ بيديك، وتقول: اللهم، اللهم، فمن لم يفعل ذلك، فهو خداجٌ)).(1/1292)
1307 - نا محمد بن حسين، قال: نا نعمان بن بشير، عن ابن المبارك، قالا: نا الليث بن سعد، قال: أخبرني عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن العباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة مثنى مثنى، تشهدٌ في كل ركعتين، وتضرعٌ، وتخشعٌ، وتمسكنٌ، ثم تقنعٌ بيديك يقول: ترفعها إلى ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقوك: يا رب يا رب! فمن لم يفعل ذلك، فهو خداجٌ)).(1/1293)
1308 - نا قتيبة بن سعيد، قال: نا المفضل بن فضالة المصري، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: {قل هو الله أحدٌ}، , {قل أعوذ برب الفلق}، و {قل أعوذ برب الناس}، ويمسح بهما ما استطاع من جسده، ويبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.(1/1294)
1309 - نا قتيبة، عن مالك بن أنس، وحدثنا يحيى بن الأحمر الطائي، قال: أملى علينا مالك بالرقة مع ولد المهدي، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا اشتكى، نفث على رأسه بالمعوذات، فمسح بيديه، فلما اشتكى وجعه الذي قبض، طفقت أنفث عليه المعوذات، وأمسح عليه بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رجاء بركتها.(1/1295)
1310 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا الحماني، ثنا سليمان ابن بلال، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه، نفث في كفيه بـ: {قل هو الله أحدٌ}، والمعوذتين، ثم يمسح بهما وجهه وعضده وصدره حيث بلغت من جسده، فلما اشتكى، أمرني أن أفعل ذلك، فكنت أقول: أعطني كفيك أمسح بهما؛ رجاء بركتهما.
قال يونس: فكنت أرى ابن شهاب يفعل ذلك إذا أوى إلى فراشه.(1/1296)
1311 - حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد: أن ابن شهاب حدثه عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-: أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى، نفث على نفسه بالمعوذات، فمسح بيديه، فلما اشتكى وجعه الذي قبض فيه، طفقت أنفث عليه بالمعوذات، وأمسح عليه بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1297)
1312 - نا قتيبة بن سعيد، قال: نا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو، قال: تعرج الأرواح إلى الله في منامها، فما كان طاهراً، سجد تحت العرش، ما لم يكن طاهراً، سجد قاصياً.(1/1298)
1313 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا عبد الغفار بن داود، عن ابن لهيعة، عن عثمان بن نعيم، عن أبي عثمان الأصبحي، عن أبي الدرداء، قال: إن النفوس تعرج إلى الله في منامها، فما كان طاهراً، سجد تحت العرش، وما كان غير طاهر، تباعد في سجوده، وما كان جنباً، لم يؤذن لها في السجود.(1/1299)
1314 - نا سليمان بن منصور الذهبي، قال: نا أبو حفص العبدي، عن أبان، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة)).(1/1300)
1315 - نا به أبي رحمه الله، قال: نا أبو نعيم، قال: نا سلمة بن وردان الكناني، قال: سمعت أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ترك الكذب، وهو باطلٌ، بنى الله له في ربض الجنة، ومن ترك المراء وهو محقٌّ، بني له في وسطها، ومن حسن خلقه، بني له في أعلاها)).(1/1301)
1316 - نا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، ثنا إسماعيل بن إبراهيم الصائغ، ثنا أبو سفيان، عن سالم، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مرض ليلةً، فصبر ورضي بها عن الله: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).(1/1302)
1317 - نا الجارود بن معاذ، قال: نا وكيع، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -أظنه رفعه-، قال: ((يقول الله تعالى: يا أهل الجنة! بقي لكم شيءٌ لم تنالوه؟ فيقولون: وما هو يا ربنا؟ فيقول: رضواني)).(1/1303)
1318 - نا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا إبراهيم بن موسى الفراء، عن هشام بن يوسف قاضي صنعاء، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ البربري مولى عثمان بن عفان، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دفن ميتاً، وقف وسأل له التثبيت، وكان يقول: ((ما يستقبل المؤمن من هول الآخرة إلا والقبر أفظع منه)).(1/1304)
1319 - ما نا به صالح بن محمد، عن حماد بن عبد الرحمن، قال: نا إدريس بن صبيح الأودي، عن سعيد بن المسيب، قال: حضرت عبد الله بن عمر في جنازة، فلما وضعها في اللحد، قال: ((باسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله)). فلما أخذ في تسوية اللحد، قال: ((اللهم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر، ومن عذاب النار)). فلما سوى الكثيب، قام جانب القبر، ثم قال: ((اللهم جاف الأرض عن جنبها، وصعد روحها، ولقها منك رضواناً)). فقلت لابن عمر: أشيئاً سمعته من رسول الله، أم شيئاً قلته من رأيك؟ قال: إني إذاً لقادرٌ على القول، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1305)
1320 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، قال: كانوا يستحبون إذا وضع الميت في اللحد أن يقولوا: اللهم أعذه من الشيطان الرحيم.(1/1306)
1321 - نا محمد بن زنبور المكي، قال: نا أبو بكر ابن عياش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذه الأمة تبتلى في قبورها)).(1/1307)
1322 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا يحيى بن زكريا ابن [أبي] زائدة، عن مجالد، عن محمد بن المنتشر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: في القبر حساب، وفي الآخرة حساب، فمن حوسب في القبر، نجا، ومن حوسب في القيامة، عذب.(1/1308)
وكذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أهل التوحيد الذين تأخذهم النار، يميتهم الله إماتةً، حتى تحرق النار منهم ما تحرق، ثم يحييهم فينجيهم)).
1323 - نا عبد الوارث بن عبد الصمد، عن أبيه، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك.(1/1309)
1324 - نا أبي رحمه الله، قال: نا عبد الله بن نافع، قال: حدثني ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة، فقال: ((إني رأيت البارحة عجباً، رأيت رجلاً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه، فرده عنه)).(1/1310)
1325 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القضاء إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)).
((ورأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك)).(1/1311)
1326 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا إبراهيم بن موسى الرازي، عن هشام بن يوسف قاضي صنعاء، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ البربري مولى عثمان بن عفان، قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دفن ميتاً، وقف عليه، وسأل له التثبيت، وكان يقول: ((ما يستقبل المؤمن من هول الآخرة إلا والقبر أفظع منه)).(1/1312)
1327 - نا محمد بن علي رحمه الله، قال: نا صالح ابن عبد الله، قال: نا يحيى بن زكريا، عن مجالد، عن محمد بن المنتشر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: في القبر حساب، وفي الآخرة حساب، فمن حوسب في القبر، نجا، ومن حوسب في الآخرة، عذب.(1/1313)
1328 - نا عبيد الله بن يوسف الجبيري، قال: نا عثمان بن عبد الرحمن الحراني، قال: نا عبد الحميد ابن يزيد، عن آمنة بنت عمر، عن ميمونة: أنها قالت: يا رسول الله! أفتنا عن عذاب القبر، قال: ((من أثر البول، فمن أصابه منه شيءٌ، فليغسله بماءٍ، فإن لم يصبه، أو لم يجده، فليمسحه بترابٍ طيبٍ)).(1/1314)
(6/ 38) وما روي عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني معاذ بن رفاعة بن رافع، قال: حدثني محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر بن عبد الله، قال: لما توفي سعد بن معاذ، ووضع في حفرته، سبح رسول الله، وسبح القوم، ثم كبر، وكبر القوم معه، فقالوا: يا رسول الله! لم سبحت؟ قال عليه السلام: ((هذا العبد الصالح تضايق عليه قبره حتى فرجه الله عنه))، فسئل رسول الله عن ذلك، فقال: ((كان يقصر في بعض الطهور من البول)).(1/1315)
1329 - نا يحيى بن حبيب بن عدي، قال: نا بشر ابن المفضل، عن عوف، عن الحسن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال ربكم تعالى: لن أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، من أخفته في الدنيا، أمنته في الآخرة)).(1/1316)
1330 - نا علي بن سعيد بن مسروق الكندي، قال: نا عيسى بن يونس، عن عمر مولى غفرة، قال: حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى، تقلع كأنما يمشي في صببٍ)).(1/1317)
1331 - نا سفيان بن وكيع، قال: أنا جميع بن عمر العجلي، قال: نا رجل من بني تميم من ولد أبي هالة، عن ابنٍ لأبي هالة، عن الحسن بن علي، عن خاله هند بن أبي هالة، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطو إذا مشى كأنما ينحط من صببٍ)).(1/1318)
1332 - نا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة ابن كهيل، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأشربة من خمسٍ: من الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والعسل، فما خمر، فهو خمرٌ)).(1/1319)
1333 - أنا أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم رحمه الله، قال: نا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً، فأمر عليهم أميراً منهم هو أصغرهم، فلم يسيروا، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً منهم، فقال: ((يا فلان! ما لك؟ أما انطلقتم؟))، فقال: يا رسول الله! أميرنا يشتكي رجله، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعث إليه، فقال: ((باسم الله وبالله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما فيها، سبع مرارٍ))، فبرأ الرجل، فقالوا: يا رسول الله! أتؤمره علينا وهو أصغرنا؟!
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم قراءته للقرآن، فقال: يا رسول الله! لولا أني أخاف أن لا أقوم به.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن القرآن مثله كجرابٍ فيه مسكٌ قد ربطت فاه، فإن فتحته، فاح ريح المسك، وإن تركته، كان مسكاً موضوعاً مثل القرآن إن قرأته، وإلا، فهو في صدرك)).(1/1320)
1334 - نا محمد بن ميمون المكي، قال: نا شعيب ابن حرب، قال: حدثني حريز بن عثمان، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة، إن الله لا يعذب قلباً وعى القرآن)).(1/1321)
1335 - نا قتيبة بن سعيد، قال: نا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان القرآن في إهابٍ، ما مسته النار)).(1/1322)
1336 - وحدثنا الجارود، عن عمر بن هارون، عن سلمة، قال: كان أبو العالية إذا قرأ، اعتم، ولبس، وارتدى، واستقبل القبلة.(1/1323)
(6/ 74) وروي عن شعبة، عن أبي حمزة، عن ابن عباس: أنه كان يكون بين يديه تور، إذا تنخع، مضمض، ثم أخذ في الذكر، وكان كلما تنخع، مضمض.(1/1324)
1337 - نا عبد الأعلى بن واصل الأسدي، قال: نا أحمد بن عاصم بن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي، عن زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا أعينكم حظها من العبادة))، قالوا: يا رسول الله! وما حظها من العبادة؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه)).(1/1325)
1338 - نا عبد الأعلى، قال: نا أحمد بن عاصم، عن حفص بن عمر بن ميمون، عن محمد بن سعيد، عن مكحول، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن نظراً)).(1/1326)
1339 - حدثنا عمرو بن زياد الحنظلي، قال: نا هشيم بن بشير، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: كان يكره أن يتأول شيء من القرآن عندما يعرض له شيء من أمر الدنيا.(1/1327)
1340 - حدثنا سليمان بن أبي هلال الذهبي، قال: نا بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك، قال: سمعت شيخاً يكنى: أبا محمد، وكان قديماً يحدث، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين؛ فإنه سيجيء من بعدي قومٌ يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء، والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم)).(1/1328)
1341 - ونا محمد بن يحيى البصري، قال: نا ابن إدريس، عن الأعمش، قال: قرأ غورك اللهبي عند أنس.(1/1329)
1342 - حدثنا محمد بن علي الشقيقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المبارك، قال: أنا عبد الملك بن شداد الضبعي، قال: أخبرني عبد الله بن سليمان العبدي، عن أبي حكيمة: أنه كان يكتب المصاحف بالكوفة، فمر عليٌّ -كرم الله وجهه-، فنظر إلى كتابه، فقال له: أجل قلمك، فأخذت القلم، فقططت من طرفه قطاً، ثم كتبت وعليٌّ قائم ينظر إلى كتابتي، فقال: هكذا نوره كما نوره الله.
1343 - وأخبرني علي بن المبارك عن أبي حكمية، عن علي، بنحوه.(1/1330)
1344 - نا محمد بن علي الشقيقي، عن أبيه، عن عبد الله، عن ابن شقيق، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علي رضي الله عنه، قال: لا تصغر المصحف.(1/1331)
1345 - نا محمد بن علي الشقيقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن إبراهيم: أنه كان يكره أن يحلى المصحف، أو يكتب بالذهب، أو يعلم عند رؤوس الآي، أو يصغر.(1/1332)
1346 - نا سهل بن العباس، قال: نا عبد الرحمن المحاربي، عن إسماعيل بن عياش، عن صخر بن صدقة، عن رجل من أهل دمشق، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زخرفتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليهم)).(1/1333)
1347 - نا سهل، قال: نا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن عباس: أنه رأى مصحفاً قد زين بفضة، قال: يغرون به السارق، وزينته في جوفه.(1/1334)
1348 - نا محمد بن علي الشقيقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن محمد بن الزبير، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يحدث، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب في أرض، فقال لشاب من هذيل: ما هذا؟ قال: من كتاب الله، كتبه يهودي، قال: ((لعن الله من فعل هذا، لا تضعوا كتاب الله إلا موضعه)).
قال محمد بن الزبير: رأى عمر بن عبد العزيز ابناً له يكتب القرآن على حائط، فضربه.(1/1335)
1349 - نا محمد بن عمارة، قال: نا زيد بن حباب، قال: نا صالح المري، قال: نا قتادة، عن زرارة ابن أوفى العامري، عن ابن عباس، قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالحال المرتحل))، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب من أوله حتى يبلغ آخره، ثم يضرب من أوله، كلما حل ارتحل)).(1/1336)
1350 - نا عبد الأعلى، قال: نا محمد بن الصلت، عن عمرو بن ثابت، عن محمد بن مروان، عن أبي جعفر، قال: من وجد في قلبه قسوة، فليكتب {يس} في جام بزعفران، ثم يشربه.(1/1337)
1351 - نا عبد الأعلى، قال: أنا عبيد الله بن موسى، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد، قال: لا بأس أن يكتب القرآن، ثم يسقيه المريض.(1/1338)
1352 - نا أبي رحمه الله، ونا عبد الأعلى، قالا: نا ابن أبي أويس، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني، عن سليمان بن مرقاع الجندي، عن هلال بن الصلت: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سورة يس تدعى في التوراة: المعمة))، قيل: وما المعمة؟ قال: ((تعم صاحبها خير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا، وتدفع عنه أهاويل الآخرة، وتدعى: الدافعة والقاضية، تدفع عن صاحبها كل سوءٍ، وتقضي له كل حاجةٍ، ومن قرأها، عدلت له عشرين حجةٍ، ومن سمعها، عدلت له ألف دينارٍ في سبيل الله، ومن كتبها، ثم شربها، أدخلت جوفه ألف دواءٍ، وألف نورٍ، وألف يقينٍ، وألف بركةٍ، وألف رحمةٍ، ونزع منه كل غلٍّ وداءٍ)).(1/1339)
1353 - نا قتيبة بن سعيد، وسفيان بن وكيع، وأبو طالب الهروي، عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن هارون أبي محمد، عن مقاتل بن حيان، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل شيءٍ قلبٌ، وقلب القرآن {يس}، ومن قرأها، فكأنما قرأ القرآن عشر مراتٍ)).(1/1340)
1354 - ونا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال: نا شهاب بن عباد العبدي، قال: نا [محمد بن] الحسن ابن أبي يزيد الهمداني، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: ((من شغله ذكري وقراءة القرآن عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على جميع خلقه)).(1/1341)
1355 - نا يحيى بن الأحمر الطائي، قال: نا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، قال: أدركت سبعين رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يقولون: الله الخالق، وما سواه مخلوق، غير الكلام؛ فإنه منه خرج، وإليه يعود.(1/1342)
1356 - وسمعت الجارود بن معاذ يقول: سمعت وكيعاً يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: سمعنا: أن قراءة القرآن أفضل من الذكر.(1/1343)
1357 - أنا أبي رحمه الله، قال: نا أصرم بن حوشب، عن بقية بن الوليد، عن المعتمر بن أشرف، عن محمد بن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القرآن أفضل من كل شيءٍ دون الله، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، ومن وقر القرآن، فقد وقر الله، ومن لم يوقر القرآن، لم يوقر الله، وحرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده، القرآن شافعٌ ومشفعٌ، وماحلٌ مصدقٌ، فمن شفع له القرآن، شفع، ومن محل به القرآن، صدق، ومن جعله أمامه، قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه، ساقه إلى النار، حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلمون كلام الله، من والاهم، فقد والى الله، ومن عاداهم، فقد عادى الله.
يقول الله تعالى: يا حملة القرآن! استجيبوا لربكم بتوقير كتابه، يزدكم حباً، ويحببكم إلى عباده، يدفع عن مستمع القرآن بلوى الدنيا، ويدفع عن تالي القرآن شر الآخرة، ومن استمع آيةً من كتاب الله، كان له خيراً من ثبيرٍ ذهباً. ومن قرأ آية من كتاب الله، كان أفضل مما تحت العرش إلى التخوم، وإن في كتاب الله لسورةً تدعى: القريرة، يدعى صاحبها: الشريف يوم القيامة، تشفع لصاحبها أكثر من ربيعة ومضر، وهي سورة {يس})).(1/1344)
1358 - نا الحسن بن قزعة البصري، قال: أنا سفيان بن حبيب، قال: نا شعبة، عن ثوير، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (({وألزمهم كلمة التقوى}: لا إله إلا الله)).(1/1345)
1359 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا أصبغ بن الفرج المصري، قال: نا ابن وهب، عن عمرو بن
الحارث، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قال موسى عليه السلام: يا رب! علمني شيئاً أذكرك به، قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله، قال: يا رب! كل عبادك يقول هكذا قال: قل: لا إله إلا الله، قال إنما أريد شيئاً تخصني به، قال: يا موسى! لو أن السماوات السبع وعمارهن والأرضين السبع في كفةٍ، ولا إله إلا الله في كفةٍ، لمالت بهن لا إله إلا الله)).(1/1346)
1360 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا عبد الأعلى ابن عبد الأعلى، عن الجريري، عن أبي السليل، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبا المنذر: أية آيةٍ معك من كتاب الله أعظم؟))، قلت: الله ورسوله أعلم؟ قال: ((أبا المنذر! أية آيةٍ معك من كتاب الله أعظم؟))، قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}، قال: فضرب في صدري، وقال: ((ليهنك العلم أبا المنذر، فوالذي نفس محمدٍ بيده! إن لهذه الآية لساناً وشفتين تقدس الله عند ساق العرش)).(1/1347)
وروي لنا عن نوف البكالي: أنه قال: آية الكرسي تدعى في التوراة: ولية الله، ويدعى قارئها في ملكوت السماوات: عزيزاً.
1361 - نا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: نا فهد ابن سلام، عن جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، عن نوف البكالي.(1/1348)
1362 - نا عتيق بن محمد، قال: نا ابن أبي فديك، عن أبي سليم، عن الحوشبي، عن أبان، عن أنس -رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم-، قال: ((أوحى الله تعالى إلى موسى -عليه الصلاة والسلام-: من داوم على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاةٍ، أعطيته قلوب الشاكرين، وأجر النبيين، وأعمال الصديقين، وبسطت عليه يميني بالرحمة، ولم يمنعه من أن أدخله الجنة إلا أن يأتيه ملك الموت.
قال موسى: يا رب! من سمع بهذا لا يداوم عليه؟ قال: إني لا أعطيه من عبادي إلا نبيٌّ أو صديقٌ، أو رجلٌ أحبه، أو رجلٌ أريد قتله في سبيلي)).(1/1349)
1363 - نا عبد الوهاب بن فليح قال: حدثني جدي اليسع بن طلحة قال: أنا طاوس قال: قال الله تعالى: وذكر نحوه.(1/1350)
1364 - نا الجارود، قال: نا زيد المروزي، رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاةٍ، كان الذي يلي قبض روحه ذو الجلال والإكرام، وكان كمن قاتل عن أنبياء الله ورسله حتى يستشهد)).(1/1351)
1365 - نا محمد بن إسحاق بن إبراهيم العامري، قال: نا زكريا بن حازم، قال: أنا الربيع بن أنس، عن أبي بن كعب، قال: قال الله تعالى: ((يا موسى! من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاةٍ، أعطيته ثواب الأنبياء)).(1/1352)
1366 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا مسلم بن إبراهيم، عن حرب بن ميمون، عن عبد الكريم الصفار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن موسى ابن عمران لقي جبريل -عليهما الصلاة والسلام-، فقال له: ما لمن قرأ آية الكرسي كذا وكذا مرة؟ فذكر نوعاً من الأجر لم يقو عليه موسى -عليه الصلاة والسلام-، فسأل بربه أن لا يضعفه عن ذلك، ثم أتاه جبريل مرة أخرى، فقال -عليه الصلاة والسلام-: إن ربك يقول: ((من قال في دبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ مرةً واحدةً: اللهم إني أقدم إليك بين يدي كل نفسٍ ولمحةٍ وطرفةٍ يطرف بها أهل السماوات وأهل الأرض، وكل شيءٍ هو في علمك كائنٌ، أو قد كان، أقدم إليك بين يدي ذلك كله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} إلى قوله: {وهو العلي العظيم}؛ فإن الليل والنهار أربعةٌ وعشرون ساعةً، ليس منها ساعةٌ إلا يصعد إلي فيها سبعون ألف ألف حسنةٍ، حتى ينفخ في الصور، وتشتغل الملائكة)).(1/1353)
1367 - نا محمد بن مقاتل، قال: نا معن القزاز، قال: نا عبد الله بن المؤمل المخزومي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زمزم لما شرب له)).(1/1354)
1368 - نا حميد بن الربيع اللخمي الخزاز، قال: نا محمد بن حميد المعمري، عن معمر، عن أيوب، وكثير ابن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، يزيد أحدهما على الآخر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم))، أو قال: ((لو لم تغرف الماء؛ لكان زمزم عيناً معيناً)).(1/1355)
1369 - نا عبد الجبار، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: ماء زمزم لما شرب له، إن شربته لشبع، أشبعك الله، وإن شربته لظمأ، أرواك الله، وإن شربته لشفاء، شفاك الله، وزمزم هزمة جبريل عليه السلام بعقبه، وهي سقيا الله إسماعيل، وزمزم اشتقت من الهزمة.(1/1356)
1370 - نا هارون بن أبي زياد البجلي، قال: نا يونس بن بكير، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن عبد الله بن زرير الغافقي، قال: سمعت علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- يحدث بحديث زمزم، قال: بينما عبد المطلب نائماً في الحجر، أتي فقيل له: احفر برة، قال: وما برة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغد، عاد لمضجعه ذلك، فأتي فقيل له: احفر المضنونة، قال: وما مضنونة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغد، فنام في مضجعه، فأتي فقيل له: احفر طيبة، فقال: وما طيبة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغد، عاد لمضجعه فنام فيه، فأتي فقيل له: احفر زمزم، قال: وما زمزم؟ قال: لا تنزف، ولا ترم، ثم نعت له موضعها، فقام يحفر حيث نعت له، فقالت قريش: ما هذا يا عبد المطلب؟ قال: أمرت بحفر زمزم، فلما كشف عنه، أبصر الطوي، قالوا: يا عبد المطلب! إن لنا حقاً فيها معك، إنها بئر أبينا إسماعيل عليه السلام، قال: ما هي لكم، لقد خصصت بها دونكم، فحفرها.(1/1357)
وروي في الخبر أيضاً: أن السحابة تحدق على رؤوسهم، فتنظر ما يشتهون، فتمطر عليهم ما يشتهون.
حتى قال يزيد بن مرثد في حديثه: لئن أشهدنا الله ذلك، لأقولن لها: أمطرينا جوارياً مزينات.
1371 - نا بذلك عبد الرحيم بن حبيب.(1/1358)
1372 - نا سلمة بن شبيب، قال: نا إبراهيم بن الحكم ابن أبان العدني، قال: نا أبي، عن وهب بن منبه، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لولا ما ضيع من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها، وأيدي الظلمة والأثمة، لاستشفي به من كل عاهةٍ، ولألفاه اليوم كهيئته يوم خلقه الله، وإنما غيره الله بالسواد؛ لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، وإنها لياقوتةٌ بيضاء من ياقوت الجنة، وضعه الله لآدم حين أنزله في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، والأرض يومئذٍ طاهرةٌ، لم يعمل فيها شيءٌ من المعاصي، وليس لها أهلٌ ينجسونها، ووضع لها صفاً من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من جان الأرض، وسكانها يومئذٍ الجن، وليس ينبغي لهم أن ينظروا إليه؛ لأنه شيءٌ من الجنة، ومن نظر إلى الجنة، دخلها وهم على أطراف الحرم حيث أعلامه اليوم يحدقون به من كل جانبٍ، فلذلك حرم، وسمي الحرم)).(1/1359)
1373 - نا سلمة، قال: نا محمد بن يحيى، عن ابن أبي إلياس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: كان الركن كرسياً لآدم يجلس عليه.(1/1360)
1374 - نا الحسين بن جنيد الدامغاني، قال: نا أبو أسامة، عن سفيان بن سعيد، عن أبي الوليد القرشي، قال: سمعت فاطمة بنت الحسين تقول: لما أخذ الله ميثاق العباد، جعله في الحجر، فمن الوفاء لله بالعهد استلام الحجر.(1/1361)
1375 - نا الجارود بن معاذ، قال: نا النضر بن شميل، قال: نا يونس بن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: كانت سارة بنت ملك، فتزوجها إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، فلما كان من أمر الجبار ما كان، وحال الله بينه وبينها، فأعطاها هاجر، فوهبتها لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- على أن لا تسوءني فيها، فولدت له إسماعيل، وولدت سارة بعد ذلك إسحاق عليه السلام، فلما أيفع الغلامان، وتحركا، أمرهما إبراهيم، فاستبقا، وهو جالس بفناء بيته، فسبقه إسماعيل، فكان أشد الغلامين، فأخذه إبراهيم فاحتضنه، ثم جاء إسحاق فأخذه، فوضعه على فخذه، فخرجت سارة غيرى، فقالت: احتضنت ابن الأمة، وأخذت ابني فأجلسته على فخذك، وقد شرطتني أن لا تسوءني فيها؟ قال: أجل، قالت: فاعزلهما عني، فانطلق بهما إلى وادي مكة، ومعها قربة لها شنة فيها ماء، ونفد الماء، وبلغ الغلام العطش، فقالت له أمه: يا أشمويل! اذهب هاهنا في أعلى الوادي؛ فإني لا أطيق أن أراك إذا مت، فأمرته، فانطلق الغلام ينحب، وجاء جبريل -عليه الصلاة والسلام- فقال: من أنت؟ قالت: أنا جارية إبراهيم، قال لها: فمن معك هاهنا؟ قالت: معي ابنه إسماعيل، قال: أين هو؟ قالت بلغه الجهد، فلم أستطع أن أراه إذا مات، فأمرته فذهب هاهنا في أعلى الوادي، أو أسفله، قال لها: إلى من وكلكما؟ قالت: قلت له حين ولى: إلى من تكلنا؟ قال: أكلكما إلى الله، قال: جبريل: قد وكلكما إلى كهف، ادعيه، ثم قال لزمزم، فنقبها، ثم قالت بالسريانية: يا أشمويل! ثلاث مرات، فلما سمع الغلام الصوت، أقبل يجد؛ أي: يتمايل من العطش، وقامت هي بقربتها تنضخ عليها الماء.
فقال لها: اقربيها؛ فإنها رياء، ولو قضي أنك لم تكوني وضعت يدك فيها، لجرت، فجاء إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، قالت: جاءنا خير الناس، قال إبراهيم: ذاك جبريل، ثم إن إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- تزوج، فقال إبراهيم لسارة: أتأذنين لي فآتي إسماعيل فأزوره؟ فقالت: نعم، على أن لا تنزل، فانطلق حتى أتى منزله، فسلم واستأنس، قال: كيف أنتم؟ فتجهمت امرأته، ولم تقتف به -قال النضر: أي: لم تكرمه، ولم تلطف به-، فقال لها: أين إسماعيل؟ قالت: هو في غنمه، قال: أقرئيه السلام إذا جاء، وقولي له: غير أسكفة بابك؛ فإني لا أرضاها لك، فلما جاء إسماعيل، وجد الريح، فقال: قد جاءكم خير، قالت: جاءنا شيخ هاهنا، قال: فما قال لكم؟ قالت: سألنا عنك، ثم قال: أقرئيه السلام، وقولي له: فليحول أسكفة بابه؛ فإني لا أرضاها له، قال: أنت هي، فخلى سبيلها، وتزوج بعد ذلك امرأة، فقال إبراهيم لسارة: أتأذنين لي في أن آتي إسماعيل فأسلم عليه؟ قالت: نعم، على أن لا تنزل، فانطلق حتى أتى منزله، وسلم واستأنس، قال: كيف أنتم؟ فقالت: بخير، وبشت به، ورحبت به، قال: فأين إسماعيل؟ قالت: هو في غنمه، فأخرجت له غسلاً، وقربت الحجر، فوضع قدمه عليه، فأخذت أحد جانبي رأسه فغسلته، ثم حولته من الجانب الآخر، فوضع قدمه عليه، فغسلت رأسه، ودهنته.
فقال لها: إذا جاء إسماعيل، فقولي له: قد جاء والدك هاهنا، وأمرك بأسكفة بابك خيراً، فلما جاء، وجد الريح، قال: قد جاءكم الخير اليوم؟ قالت: نعم، قد جاءنا والدك، فسألنا، فأخبرناه أنك في الغنم، فقال: أقرئيه السلام، وقولي له: أمرك بأسفكة بابك خيراً؛ فإني قد رضيتها لك، قال: فأنت أسكفة بابي، ثم أنزلت السكينة كأنها قطعة ضبابة فيها رأس يتكلم.(1/1362)
1376 - نا قتيبة بن سعيد، قال: نا هشيم بن أبي ساسان الصيرفي، قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إنما الرقى والدعاء بالنية.(1/1363)
1377 - حدثني أبي رحمه الله، قال: أخذني البول في ليلة ظلماء في الطواف حتى شغلني، وكرهت الخروج مخافة أن أطأ عذرات الناس، وذلك في أيام الموسم، فذكرت هذا الحديث: ((إن ماء زمزم لما شرب له)) فملت إليها، فشربت منها شربة تضلعت منها، فانقطع عني البول إلى الصباح.(1/1364)
1378 - نا محمد بن أبان مستملي وكيع، قال: أنا أبو همام الأهوازي، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي زهير الأنماري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه، قال: ((اللهم اغفر لي ذنبي، وأخسئ شيطاني، وفك رهاني، وثقل ميزان، واجعلني في الندي الأعلى)).(1/1365)
1379 - نا أبي رحمه الله، قال: نا محمد بن الحسن، قال: نا عبد الله بن المبارك، قال: أنا معمر، عمن سمع محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب يحدث عن بشر بن شغاف، قال: سمعت عبد الله بن سلام يقول: أكرم خليقة الله على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قلت: لا يكون ملكاً مقرباً، فنظر وقال: تدرون كيف خلق الملائكة؟ إنما خلق الملائكة كخلق السماء والأرض، وكخلق الجبال والسحاب، وإن أكرم خليقة الله على الله تعالى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فإذا كان يوم القيامة، وضرب الجسر على جهنم، نادى مناد: أين محمد وأمته؟ فيقول نبي الله، وأمته تتبعه، فيمضي النبي والصالحون حتى ينتهي إلى ربه، فيوضع له كرسي عن يمين الرحمن -تعالى وتقدس-.(1/1366)
1380 - نا أبي رحمه الله، قال: نا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: نا عنبسة بن سعيد أخو أبي الربيع السمان، عن مهاجر [بن] أبي المنيب الهذلي، عن أبي المليح، عن أبيه: أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أدخل في صلاتي، فما أدري أعلى شفع أنفتل أم على وتر؛ من وسوسة أجدها في صدري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وجدت ذلك، فاطعن إصبعك هذه -يعني: السبابة- في فخذك اليسرى، وقل: بسم الله؛ فإنها سكين الشيطان، أو مدية الشيطان)).(1/1367)
1381 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن الجريري، عن عثمان بن أبي العاص: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسواس، فقال: ((ذاك شيطانٌ يقال له: خنزب، فإذا أحسست بشيءٍ منه، فاتفل عن شمالك ثلاثاً، وتعوذ بالله منه)).(1/1368)
1382 - نا صالح، عن عمرو بن محمد العنقزي، عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، عن أبي ثعلبة الخشني، قال: سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم، فرأيته يداه في يديه، ورجلاه في رجليه متشاعبة في جسده، غير أن له خطماً كخطم الكلب، فإذا ذكر الله، خنس ونكص، وإذا سكت عن ذكر الله، أخذ بقلبه.(1/1369)
1383 - نا الجارود، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة: أنه قال: يقول الشيطان: كيف ينجو مني ابن آدم، وأنا في صدره، فإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه؟! (1/1370)
1384 - نا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا عصام ابن المثنى بن وائل الحمصي، قال: حدثني أبي، عن وهب ابن منبه: أن إبليس وضع ابناً له بين يدي حواء، وقال: اكفليه، فجاء آدم فقال: ما هذا يا حواء؟ قالت: جاء عدونا بهذا، وقال لي: اكفليه، فقال: ألم أقل لك: لا تطيعيه في شيء؛ هو الذي غرنا حتى وقعنا في المعصية، وعمد إلى الولد فقطعه أربعة أرباع، وعلق كل ربع على شجرة؛ غيظاً له، فجاء إبليس وقال: يا حواء! أين ابني؟ فأخبرته بما صنع آدم، فقال: يا خناس! فحيي، فأجابه، فجاء به إلى حواء، قال اكفليه، فجاء آدم، فحرقه بالنار، وذر رماده في البحر، فجاء إبليس فقال: يا حواء! أين ابني؟ فأخبرته بفعل آدم إياه، فذهب إلى البحر فقال: يا خناس! فحيي، فأجابه، فجاء به إلى حواء الثالثة، فقال: اكفليه، فنظر إليه آدم، فذبحه، وشواه، وأكلاه جميعاً، فجاء إبليس فسألها، فأخبرته حواء فقال: يا خناس! فحيي، فأجابه من جوف آدم وحواء، فقال إبليس: هذا الذي أردت، وهذا مسكنك في صدور ولد آدم.(1/1371)
1385 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا عبد الله ابن عبد الوهاب الحجبي، عن عدي بن أبي عمارة، قال: حدثني زياد النميري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشيطان ملتقمٌ قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله، خنس عنه، وإذا نسي الله، التقم قلبه)).(1/1372)
1386 - نا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: نا شبابة، قال: نا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحمٍ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).(1/1373)
1387 - نا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا محمد ابن مخلد أبو أسلم الرعيني، قال: نا يعلى بن الأشدق الطائفي، قال: سمعت عمي عبد الله بن جراد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس الأعمى من يعمى بصره، وإنما الأعمى من تعمى بصيرته)).(1/1374)
1388 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا الحسن بن الربيع البجلي، قال: نا عمرو بن أبي هرمز، قال: نا أبو عبد الرحمن الدمشقي، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، قال: ((على البر والتقوى، والتواضع، وذلة النفس)).(1/1375)
1389 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا محمد بن الطفيل، عن أيوب بن سيار الزهري، قال: نا محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه ثياب بيض، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، فقال: يا رسول الله! ما الجمال؟ قال: ((صواب القول بالحق))، قال: فما الكمال؟ قال: ((حسن الفعال بالصدق)).(1/1376)
1390 - نا عمر، قال: نا فهد بن سلام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله، غير أنه زاد فيه: فرآه تبسم، فقال: ما يضحكك يا رسول الله أضحك الله سنك؟ قال: ((يضحكني جمالك))، قال: وما الجمال يا رسول الله؟ فذكر بقية الحديث.(1/1377)
1391 - نا أبي رحمه الله، قال: نا مكي بن إبراهيم، قال: نا عبد الواحد بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن راشد، قال: حدثني مولاي عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله مئةً وسبعة عشر خلقاً، من أتاه بواحدةٍ منهن، دخل الجنة)).
1392 - نا محمد بن مرزوق البصري، قال: نا شداد بن علي الهزاني، وكان صام ثمانين سنة متتابعة فيما ذكر، ونا عبد الواحد بن زيد، عن عبد الله بن راشد مولى عثمان بن عفان، بمثله.(1/1378)
1393 - نا علي بن الحسين النيسابوري، عن عبد الرحيم ابن يحيى بن الأسود، عن عثمان بن عمارة، عن إبراهيم بن أدهم، عن رجل من أهل بلخ، عن أبيه، قال: سمعت مروان بن الحكم يقول: سمعت عثمان بن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن لله مئةً وسبعة عشر خلقاً، من جاء بخلقٍ منها، دخل الجنة بغير حسابٍ))، فقلنا: بينها لنا؟ قال: ((كظم الغيظ، والعفو عند المقدرة، والصلة عند القطيعة، والحلم عند السفه، والوقار عند الطيش، ووفاء الحق عند الجحود، والإطعام عند الجوع، والعطية عند المنع، والإصلاح عند الفساد، والتجاوز عن المسيء، والعطف على الظالم، وقبول المعذرة، والإنارة للحق، والتجافي عن دار الغرور، وترك التمادي في الباطل، ألا وليس في أخلاق الله شيءٌ أحب إليه من الجود والكرم، وإذا أراد الله بعبدٍ خيراً، وفقه لأخلاقه، فتخلق بها، وإذا أراد الله بعبدٍ سوءاً، خلى بينه وبين أخلاق إبليس؛ فإن من أخلاق إبليس: أن يغضب فلا يرضى، وأن يسمع فيحقد، وشراهة النفس ونهمتها، وأخذ ما ليس لها، ونزقها إلى اللهو والباطل، ألا وإن إبليس ليس هو على أحدٍ أشد منه على القراء الذين هم عند أنفسهم قراءٌ، لا يزال فيما بينهم يذهب ويجيء حتى يورث بينهم العداوة والبغضاء، فلو قلت: حقاً حقاً، ما أقل من يجتمع منهم غداً في الآخرة، إلا قومٌ عطف بعضهم على بعضٍ، وتركوا الحقد والغضب، وألحوا في الطلبة إلى الله أن يقبلهم، ويقبل معذرتهم)).(1/1379)
1394 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الحماني، عن إسماعيل ابن عياش، عن عمارة بن غزية، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى أربعين ليلةً في جماعةٍ لا تفوته الركعة الأولى، كتب له عتقٌ من النار)).(1/1380)
1395 - نا بذلك عمر بن أبي عمر، قال: نا محمد ابن عبد الله الدمشقي، عن ثابت بن عجلان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخلق وعاء الدين)).(1/1381)
1396 - نا علي بن خشرم، قال: نا عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل دينٍ خلقاً، وخلق الإسلام: الحياء)).(1/1382)
1397 - نا أبي رحمه الله، عن صالح بن عبد الله، عن محمد بن الحسن القرشي، عن خصيب بن جحدر، عن راشد بن سعد، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: إن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وبين يديه شيء من حبوب يأكله متكئاً، فجلس يتصبب عرقاً، فقمت إليه، فجعلت أمسح العرق عن وجهه، وأقول: بأبي وأمي يا رسول الله! ما لك؟ قال: ((إن جبريل أتاني وأنا آكل متكئاً، فقال: يسرك أن تكون ملكاً؟ فهالني قوله))، قالت عائشة: فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أكل شيئاً متكئاً بعد ذلك حتى فارق الدنيا.(1/1383)
1398 - فحدثنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا أصبغ بن الفرج الأموي، عن ابن وهب، عن عبد الرحمن ابن شريح الإسكندراني، عن العلاء بن كثير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن محاسن الأخلاق مخزونةٌ عند الله، فإذا أحب الله عبداً، منحه منها خلقاً حسناً، أو خلقاً صالحاً)).(1/1384)
1399 - نا محمد بن صدران بن سليم بن ميسرة الأزدي، قال: نا طالب بن حجير البصري، قال: نا هود العبدي العصري، عن جده، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه، إذ قال لهم: ((إنه سيطلع عليكم من هذا الوجه ركبٌ هم من خير أهل المشرق))، فقام عمر بن الخطاب، فتوجه في ذلك الوجه، فلقي ثلاثة عشر راكباً، فرحب وقرب، وقال: من القوم؟ قالوا: نفر من عبد القيس، قال: فما أقدمكم هذه البلاد، لتجارة؟ قالوا: لا، قال: فتبيعون سيوفكم هذه؟ قالوا: لا، قال: فلعلكم إنما قدمتم في طلب هذا الرجل؟ قالوا: أجل، فمشى معهم يحدثهم، حتى إذا نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هذا صاحبكم الذي تطلبونه، فرمى القوم بأنفسهم عن رحالهم، فمنهم من سعى، ومنهم من هرول، ومنهم من مشى حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذوا بيده فقبلوها، وقعدوا إليه، وبقي الأشج، وهو أصغر القوم، فأناخ الإبل وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تؤدة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيده فقبلها، فقال له النبي عليه السلام: ((فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله))، قال: وما هما يا نبي الله؟ قال: ((الأناة والتؤدة))،
قال: يا نبي الله! أجبلاً جبلت عليه، أم تخلقاً مني؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((بل جبلاً جبلت عليه))، فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله، وأقبل القوم قبل تميرات يأكلونها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بها، يسمي لهم: ((هذا كذا، وهذا كذا))، قالوا: أجل يا نبي الله، ما نحن بأعلم بأسمائها منك، قال: أجل، فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية القوس الذي بقي من نوطك، -والقوس قطعة تمر-، فأتاهم بالبرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا البرني، أما إنه من خير تمركم لكم، أما إنه دواءٌ لا داء فيه)).(1/1385)
1400 - نا الجارود، قال: نا سليمان بن عمرو النخعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قلة الحياء كفرٌ)).(1/1386)
ولذلك قال سفيان بن عيينة: ((الحياء أخو التقوى، ولا يخاف العبد أبداً حتى يستحي، وهل دخل أهل التقوى في التقوى، وفي أمر الله تعالى إلا من الحياء؟!)).
1401 - نا بذلك الجارود بن معاذ، عن مغلس ابن شداد، عن سفيان بن عيينة.(1/1387)
1402 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا حرملة بن يحيى، قال: أنا ابن وهب، عن إسماعيل بن رافع، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من كن فيه حرمه الله على النار، وحفظ من الشيطان: من ملك نفسه حين يرغب، وحين يرهب، وحين يغضب، وحين يشتهي، وأربعٌ من كن فيه نشر الله عليه رحمته، وأدخله في محبته: من آوى مسكيناً، ورحم الضعيف، ورفق بالمملوك، وأنفق على الوالدين)).(1/1388)
1403 - نا سفيان بن وكيع، نا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن في الجسد مضغةً إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد [كله]، ألا وهي القلب)).(1/1389)
1404 - ما حدثنا به أبو بكر بن سابق الأموي، قال: نا عمر بن عبيد، رفعه إلى علي -كرم الله وجهه-: أنه مر برجل وهو مقاوم امرأة، فأصغى إليه سمعه، فأنكر ما سمع منه، فشجه، فجاء الرجل إلى عمر رضي الله عنه والدم يسيل، فقال: ويحك! من فعل بك؟ فقال: علي، فقال عمر: ما هذا يا أبا الحسن؟ فقص عليه، فقال عمر: أصابتك عين من عيون الله، إن لله في الأرض عيوناً، وإن علياً من عيون الله.(1/1390)
1405 - نا عبد الجبار بن العلاء، قال: نا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، سمعه من قيس، قال: عرض أبو بكر رضي الله عنه فرساً له، فقال غلام من الأنصار: احملني عليها يا خليفة رسول الله، فقال: لأن أحمل عليها غلاماً قد ركب الخيل بغرلته، أحب إلي من أن أحملك عليها، فقال: لم؟ فوالله! لأنا خير منك فارساً ومن أبيك، قال مغيرة: فما ملكت نفسي أن أخذت برأسه فركبته، فأقبل منخراه كأنهما عزلا مزادة، فبلغ أبا بكر أن أناساً من الأنصار يتوعدونه، قال أبو بكر: بلغني أن ناساً من الأنصار يتوعدون المغيرة بن شعبة، والله! لأن يخرجوا من ديارهم أسرع من أن أقيدهم بوزعة الله تعالى.(1/1391)
1406 - أنا محمد بن علي الترمذي، قال: نا صالح بن محمد، قال: نا معلى بن هلال، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع)).(1/1392)
1407 - نا عيسى بن أحمد العسقلاني، نا يزيد بن هارون، عن يزيد بن عياض، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما عبد الله بشيءٍ أفضل من فقهٍ في الدين، ولفقيهٌ واحدٌ أشد على الشيطان من ألف عابدٍ، ولكل شيءٍ عمادٌ، وعماد هذا الدين الفقه)).(1/1393)
1408 - نا محمد بن زنبور المكي، قال: نا إسماعيل ابن جعفر، قال: نا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).(1/1394)
1409 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، قال: سمعت أبي، قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء، قال: ((غفرانك)).(1/1395)
1410 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا حيوة بن شريح الحمصي، عن محمد بن شعيب بن شابور، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله آدم من ترابٍ، وعجنه بماءٍ من ماء الجنة)).(1/1396)
1411 - نا محمد بن علي الشقيقي، قال: نا أبي، قال: نا عبد الله، قال: أنا أبو بكر بن أبي مريم، عن حبيب ابن صالح: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المرفق؛ لبس حذاءه، وغطى رأسه)).(1/1397)
1412 - نا صالح بن محمد، قال: نا الربيع بن بدر، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء، قال: ((اللهم أذهب عني الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم))، فإذا خرج من الخلاء، قال: ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)).(1/1398)
1413 - نا أبي، عن صالح بن محمد، عن ابن مقاتل، قال: كان ابن سيرين إذا خرج من الكنيف، فلم يره أحد، ولم ير أحداً، خر ساجداً باكياً؛ لما أنعم عليه أن سهل له خروج الأذى.(1/1399)
1414 - حدثني إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: نا محمد بن بكار العقيلي، قال: نا سعيد بن بشير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ذكوان أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رجل: يا رسول الله! إني كنت أصلي في بيتي، فأسره، فاطلع على رجل، فأعجبني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لك أجران: أجر السر، وأجر العلانية)).(1/1400)
1415 - نا أبي، قال: نا أبو نعيم، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح -ولم يذكر أبا هريرة-، قال: قال رجل: يا رسول الله! إني أسر العمل، فإذا اطلع عليه، أعجبني، قال صلى الله عليه وسلم: ((لك أجران: أجر السر، وأجر العلانية)).(1/1401)
وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير أعمالكم التي تحبون أن يعلم بها)).
قال زيد: والرجل يكتمها ليسلم.
1416 - نا بذلك صالح بن محمد، قال: نا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1402)
1417 - نا الفضل بن محمد الواسطي، قال: نا محمد بن مصفى الحمصي، قال: نا بقية، قال: نا عبد الملك ابن مهران، عن عثمان بن زائدة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((السر أفضل من العلانية، والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء)).(1/1403)
وروي عن ابن عمر: أنه لحقه عروة بن الزبير في الطواف، فخطب إليه ابنته، فلم يكلمه ابن عمر، فلما قدما المدينة، ولقيه عروة، قال له ابن عمر: إنك كلمتني في الطواف، فما كلمتك، وإنا كنا نتراءى الله بين أعيننا، فهل لك فيما سألت؟ قال: نعم، فزوجه بعد ذلك.
1418 - نا قتيبة بن سعيد، وإسماعيل بن نصر، عن محمد بن يزيد الخنيسي، قال: نا عبد العزيز بن أبي رواد، قال: نا نافع، عن ابن عمر، قال:(1/1404)
1419 - نا عبد الرحيم بن يوسف، قال: نا يعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جده عبد الرحمن، عن أبي ابن كعب، قال: كنا جلوساً في المسجد، فدخل رجل، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم جاء آخر، فقرأ سوى قراءة صاحبه، فلما انصرفا، دخلنا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسنتما أو أصبتما))، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حسن شأنهما، سقط في نفسي، وودت أني كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله ما غشيني، ضرب بيده في صدري، ففضت عرقاً، وكأني أنظر إلى الله فرقاً، فقال: ((يا أبي! إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرفٍ، فرددت إليه: أي رب! هون على أمتي، فرد إلي الثانية أن أقرأ على حرفين، فقلت: يا رب! هون على أمتي، فرد إلي الثالثة أن اقرأه على سبعة أحرفٍ، ولك بكل ردةٍ رددتها مسألةٌ تسألينها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، مرتين، وأخرت الثالثة إلى يومٍ يرغب إلي فيه الخلق، حتى إبراهيم)).(1/1405)
1420 - نا أبي، قال: نا محمد بن يزيد الخنيسي، عن عبد العزيز بن أبي رواد، رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة حارثة؛ حيث قال له: ((كيف أصبحت يا حارثة؟))، قال: مؤمناً حقاً، قال عليه السلام: ((وما حقيقة إيمانك؟))، قال: كأني أنظر إلى الله فوق عرشه.
هذا في رواية عبد العزيز.(1/1406)
1421 - نا عبد الجبار بن العلاء، قال: نا يوسف ابن عطية، عن ثابت، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال في حديثه: كأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً.(1/1407)
1422 - نا سهل بن العباس، قال: نا الفضيل بن عياض، عن منصور، عن هلال بن يساف، قال: قال عيسى صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم صوم أحدكم، فليدهن شفتيه، وإذا تصدق، فليخف يمينه من شماله، وإذا صلى، فليدل على بابه سترةً؛ فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق.(1/1408)
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن الدين النصيحة -ثلاث مراتٍ-))، قيل: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
1423 - نا بذلك أبي، قال: نا أبو نعيم، عن سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال:(1/1409)
((خيار عباد الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون العباد إلى الله، ويمشون له في الأرض نصحاء)).
1424 - نا بذلك أبو الأشعث العجلي، عن حزم، عن الحسن. (1/1410)
1425 - نا حفص بن عمر [و]، قال: نا يزيد بن هارون، قال: نا العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لما خلق الله الأرض، جعلت تميل، فخلق الله الجبال، فألقاها عليها، فاستقرت، فتعجبت الملائكة من شدة الجبال، فقالت: يا رب! هل من خلقك شيءٌ أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد، فقالت: يا رب! هل من خلقك شيءٌ أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار، فقالت: يا ب! هل من خلقك شيءٌ أشد من النار؟ قال: نعم، الماء؟ فقالت: يا ربّ هل من خلقك شيءٌ أشد من الماء؟ قال: نعم، الريح، فقالت: يا رب! هل من خلقك شيءٌ أشد من الريح؟ قال: نعم، الإنسان، يتصدق بيمينه يخفيها من شماله)).(1/1411)
1426 - فحدثنا به الجارود بن معاذ، قال: نا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن علي -كرم الله وجهه-: أنه قال -عندما بلغ ذكر خلق الإنسان في هذا الحديث- قال: ثم خلق الإنسان يغلب الريح يتقيها بيده، ثم خلق النوم يغلب الإنسان، ثم خلق الهم يغلب النوم، فأشد خلق ربك الهم)).(1/1412)
1427 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا هارون الراسبي، عن جعفر بن حيان، عن أبي رجاء في قوله تعالى: {وألقيت عليك محبةً مني ولتصنع على عيني}، قال: الحلاوة والملاحة.(1/1413)
1428 - نا عمر، قال: نا إسحاق بن عبد الله الأنطاكي، عن محمد بن الحسين، عن عقيل، عن الزهري، قال: يعطى الصادق ثلاثة: الحلاوة، والملاحة، والمهابة.(1/1414)
1429 - نا أبو بكر بن سابق الأموي، قال: نا أبو مالك الجنبي، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {سيجعل لهم الرحمن وداً}، قال: ((إن الله تعالى أعطى المؤمن المحبة والمقة والمهابة في صدور الصالحين)).(1/1415)
1430 - نا بذلك صالح بن محمد، قال: نا عبد الحميد ابن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((اعقلوا، واعلموا أن لله عباداً ليسوا بأنبياء، ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء؛ لمكانهم وقربتهم من الله تعالى))، فقام أعرابي، وقال: يا رسول الله! من هم؟ حلهم لنا، فسر وجه رسول الله، وقال: ((هم قومٌ لم تصل بينهم أرحامٌ متقاربةٌ، من أفناء الناس، ونوازع القبائل، تحابوا في جلال الله، وتصافوا فيه، وتزاوروا فيه، وتباذلوا فيه، يضع الله لهم منابر من نورٍ، فيجلسون عليها، وإن ثيابهم لنورٌ، ووجوههم نورٌ، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يفزعون إذا فزع الناس، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)).(1/1416)
1431 - نا عبد الرحيم بن حبيب، قال: نا بقية، عن هقل بن زياد السكسكي، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله إذا أحب عبداً، أثنى عليه من الخير مثل عمله سبع مراتٍ، وإذا أبغض عبداً، أثنى عليه مثل عمله من الشر سبع مراتٍ)).(1/1417)
1432 - نا العباس بن أيوب الزبيري، قال: نا أبو عاصم النبيل، قال: نا حيوة بن شريح، عن سالم بن غيلان، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا أحب عبداً، أثنى عليه سبعة أصنافٍ من الخير لم يعمله، وإذا أبغض عبداً، أثنى عليه بسبعة أصنافٍ من الشر لم يعمله)).(1/1418)
1433 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تدرون من المؤمن؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((المؤمن: من لا يموت حتى يملأ الله مسامعه مما يحب، ولو أن عبداً اتقى الله في بيتٍ، أو في جوف بيتٍ إلى سبعين بيتاً، على كل بيتٍ بابٌ من حديدٍ، ألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث به الناس، ويزيدون، والكلام مثل ذلك في فجوره))، قيل: وكيف يزيدون يا رسول الله؟ قال: ((إن التقي لو يستطيع أن يزيد في بره، لزاد، والفاجر لو يستطيع أن يزيد في فجوره، لزاد)).
قال ثابت: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن نية المؤمن خيرٌ من عمله)).(1/1419)
1434 - نا بذلك نصر بن يحيى، قال: نا أبو إسماعيل ببغداد، رفع الحديث، قال: ((يقول الله لعبده يوم القيامة: عبدي عبدتني، أكرمك الناس، ووضعوك على رؤوسهم، زهدت في الدنيا راحةً تعجلتها، فهل واليت في ولياً، وعاديت لي عدواً؟)).(1/1420)
1435 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا سليمان بن شرحبيل الدمشقي، قال: نا بشر بن عون الدمشقي، عن بكار ابن تميم القرشي، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((يؤتى يوم القيامة بعبدٍ محسنٍ في نفسه، لا يرى أن له سيئةً، فيقال له: هل كنت توالي أوليائي؟ قال: يا رب! كنت من الناس سلماً، قال: فهل كنت تعادي أعدائي؟ قال: يا رب! إني لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحدٍ شيءٌ، فيقول الرب تعالى: وعزتي! لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي، ولم يعاد أعدائي)).(1/1421)
1436 - نا أبي، قال: نا أبو نعيم، عن سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ألا إن الدين نصيحةٌ -ثلاثاً-))، قيل: لمن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين)).(1/1422)
1437 - نا أبو الأشعث العجلي، نا حزم القطعي، قال: نا الحسن البصري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((خيار عباد الله الذي يحببون الله إلى عباده، ويحببون العباد إلى ربهم، ويمشون لله في الأرض نصحاً)).(1/1423)
1438 - نا أبي، قال: نا أبو نعيم، عن هشام بن سعد، قال: حدثني قيس بن بشر التغلبي، قال: أخبرني أبي، قال: كنت جالساً عند أبي الدرداء، فمر بنا ابن الحنظلية -رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وكان رجلاً متوحداً قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة، فإذا انصرف، فإنما هو تسبيح وتكبير وتهليل حتى يأتي أهله، فمر بنا يوماً، فقال أبو الدرداء: كلمنا كلمة تنفعنا ولا تضرك؟ فقال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فقدمت، فقال رجل: لو رأيتنا حين لقينا العدو، فطعن فلان فلاناً، قال: خذها وأنا الغلام الغفاري، ورجل إلى جنبه، فقال: كيف ترى؟ فقال: ما أراه إلا وقد أبطل أجره، قال الآخر: لا أرى بذلك بأساً، فتنازعوا في ذلك حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((سبحان [الله]! لا بأس أن يؤجر ويحمد)).
فسر بذلك أبو الدرداء، فقال: أنت سمعت هذا؟ فجعل يقول: نعم.(1/1424)
(6/ 256) وروى يزيد بن هارون، عن عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، ولا أعلمه إلا عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال: قال رجل: يا رسول الله! إني أحب [أن] أحمد، كأنه يخاف على نفسه، فقال: ((وما يمنعك أن تعيش حميداً، وتموت فقيداً؟ وإنما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق)).(1/1425)
(6/ 257) وروى ابن المبارك، عن أفلح بن سعيد، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: إن ملوك بني إسرائيل لما بدلوا حكم الله، خافوا من الرعية أن تغير عليهم، فابتغوا من يحمد أمرهم عند العامة، فدعوا علماءهم، فأكرموهم، وأعطوهم، فقبلت العامة منهم، فأنزل الله هذه الآية يعظهم بها: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}؛ أي: كتموا الحق، وقبلوا من الملوك، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فوعدهم بالعذاب.(1/1426)
1439 - نا عبد الله بن خلف بن موسى البلخي، عن الوليد بن مسلم، عن خالد بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1440 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا هشام بن عمار الدمشقي، عن عمرو بن واقد، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة: أن لا تكون بشيءٍ مما في يدك أوثق منك بما في يد الله، وأن يكون ثواب المصيبة أحب إليك من أن لو بقيت عندك المصيبة، ولكل حقٍّ حقيقةٌ، ولا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم تكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ولا يبلغ العبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شيءٍ عمله لله)).(1/1427)
1441 - نا بشر بن هلال الصواف، قال: نا جعفر ابن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس، قال: مات رجل على عهد رسول الله، فأثني عليه خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: ((وجبت))، ثم مات آخر، فأثني عليه شراً، فقال: ((وجبت))، فسئل، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أنتم شهداء الله في الأرض)).(1/1428)
1442 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا محمد بن سلام، عن مخلد بن يزيد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي الفضل المدني، عن أبي هريرة، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة، فصلى عليها، فقال الناس: نعم الرجل، قال: ((وجبت))، ثم أتي بجنازة، قال الناس: بئس الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: ((وجبت))، قال أبي بن كعب: {لتكونوا شهداء على الناس}.(1/1429)
1443 - نا صالح بن عبد الله، قال: نا يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم، إذ مرت به جنازة، فسأل عنها، فأثنوا خيراً، فقال عليه السلام: ((وجبت))، ثم مرت أخرى، فأثنوا عليه شراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وجبت))، فقلنا: يا رسول الله! قلت: ((وجبت))، قال: ((إن المؤمنين شهداء الله في أرضه، إذا شهدوا لعبدٍ بخيرٍ، أوجب الله له الجنة، وإن شهدوا لعبدٍ بشرٍّ، أوجب الله له النار، وما من عبدٍ شهد له أمةٌ، إلا قبل الله شهادته، والأمة: الواحد إلى ما فوقه)).(1/1430)
1444 - نا صالح بن محمد، قال: نا سليمان بن عمرو، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ يوضع في قبره، فيثني عليه ثلاثة أهل أبياتٍ من جيرانه خيراً، إلا قال الله لملائكته: قبلت شهادة عبادي لعبدي هذا فيما ظهر لهم، وغفرت له ما لا يعلمون)).(1/1431)
(6/ 262) ووجدنا في حديث عبد الله بن وهب المصري، عن بكر بن مضر، عن مولى لآل معاوية: أن رجلاً كان في بني إسرائيل أوحى الله إلى موسى أنه مراءٍ، فلما توفي الرجل، وكان حسن الحال فيما يرى الناس، طفقت بنو إسرائيل تثني عليه خيراً، ويذكرون من فضله، فلما ذهبوا به يدفنونه، ترك موسى شهوده، وأبى أن يشهده، فأوحى الله تعالى إلى موسى: ما منعك أن تشهده؟ قال: يا رب! إنه كان مرائياً، قال: فإني قد غفرت له فيما كان بيني وبينه، وقبلت شهادة عبادي له.(1/1432)
1445 - فحدثنا أبو سنان البلخي، قال: نا عبد الله بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي}، قال: جعل الله صدقة السر من التطوع يفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها بأفضل من سرها بخمسٍ وعشرين ضعفاً، وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها.(1/1433)
1446 - نا محمد بن عبد الله بن بزيع البصري، قال: نا معتمر بن سليمان، قال: سمعت سفيان الثوري يحدث عن أبي سلمة، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الرجل في الجماعة تفضل على صلاته وحده خمساً وعشرين صلاةً)).(1/1434)
1447 - نا الحسن بن قزعة البصري، قال: نا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((صلاة الرجل في الجماعة تفضل على صلاته وحده خمساً وعشرين درجةً)).(1/1435)
1448 - نا أبو هشام الرفاعي، قال: نا محمد بن فضيل، قال: نا عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده بضعاً وعشرين درجةً)).(1/1436)
1449 - نا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: نا يحيى بن صالح الوحاظي، عن جابر بن غانم، عن ابن صهيب، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1437)
1450 - نا عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن محمد بن شعيب بن الحبحاب، قال: حدثني عمي صالح ابن عبد الكبير، عن عمه عبد السلام بن شعيب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((صلاة الجماعة تزيد على صلاة الرجل خمساً وعشرين ضعفاً)).(1/1438)
1451 - نا عبد الكريم، أنا علي بن الحسن، أنا عبد الله، أنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1439)
1452 - نا يحيى بن حبيب بن عربي، نا حماد بن زيد، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، والشعبي، عن أبي هريرة، بمثله.(1/1440)
1453 - نا أبي، عن الفضل بن دكين، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((تفضل صلاة الجماعة بسبعٍ أو خمسٍ وعشرين درجةً)).(1/1441)
1454 - نا الحسن بن عمر بن شقيق البصري، عن عبد الوارث بن سعيد، عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة في الجمع تفضل على صلاة الرجل وحده أربعاً وعشرين درجةً، وهي الخامسة)).(1/1442)
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تصدق عن تمرٍ قدر مد قبضةً قبضةً، والتمر بمكانه على هيئته، فقيل: يا رسول الله! أراك تعطي ولا ينقص؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تقرأ القرآن؟ {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه}، ولكنكم لا ترون الخلف من قلة اليقين)).
1455 - نا بذلك الحسن بن عمر بن شقيق البصري، قال: نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن سعيد الجريري، رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1443)
1456 - نا الجارود بن معاذ، قال: نا جرير، عن القاسم، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: أن ملك الموت أتى إبراهيم عليهما السلام، فأخبره أن لله في الأرض خليلاً، فقال: يا ملك الموت! من هو حتى أكون له خادماً؟ قال: فإنك أنت هو، قال: بماذا؟ قال: بأنك تحب أن تعطي، ولا تحب أن تأخذ.(1/1444)
وقوله تعالى: {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي}، وإنما سماه خيراً؛ لأن الله أعطاه ذلك الخيل المعروض عليه بالعشي تلك الصافنات الجياد، فكانت تلك عطية الله.
وروي لنا عن الضحاك:
1457 - نا بذلك صالح بن محمد، قال: نا محمد بن مروان، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هي خيل منقوشة أخرجت لسليمان من البحر.(1/1445)
1458 - نا سفيان بن وكيع، نا ابن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قتل أبي يوم أحد، دعاني النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أتحب الدراهم؟))، قلت: نعم، قال: ((لو قد جاءتني دراهم، أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا))، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يعطيني، فلما استخلف أبو بكر، أتاه مال من البحرين، فدعاني، وقال: خذ كما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بكفي جميعاً، ثم أخذت الثانية أقل منه، فقلت: عدوا هذا، فأعطوني مثله مرتين، فعد، فوجد سبع مئة وخمسين، فأعطوني مثله مرتين.(1/1446)
1459 - نا حفص بن عمرو، وهارون بن منصور بن سعيد النيسابوري، قالا: نا كثير بن هشام، عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي، قال: نا معاوية بن عبد الله، قال: سمعت كعباً يقول: أول من ضرب الدينار والدرهم: آدم، وقال: لا تصلح المعيشة إلا بهما.(1/1447)
1460 - نا ابن أبي هريرة، قال: نا ابن المبارك الصنعاني، قال: نا مرداس أبو عبيد [ة] يقول: سمعت أبا رفيق يقول: سمعت وهب بن منبه يقول: الدنانير والدراهم خواتيم رب العالمين، وضعها الله معايش لبني آدم، ولا تؤكل، ولا تشرب، من جاء بخاتم رب العالمين، قضيت حاجته.(1/1448)
1461 - نا أبي، عن قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم وأحسابكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).(1/1449)
1462 - نا علي بن حجر، قال: نا يحيى بن حمزة الدمشقي، عن أبي معيد، عن حيان أو حبان بن حجر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمانٌ القرآن في وادٍ، وهم في وادٍ غيره)).(1/1450)
وروي عن أبي جعفر محمد بن علي: أنه قال: من أصبح ساخطاً على الدنيا، أصبح ساخطاً على ربه.
1463 - نا أبي، قال: نا عمرو بن خالد الأعشى، عن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر، بذلك.(1/1451)
1464 - نا عبد الله بن أبي زياد، قال: نا سيار، قال: نا جعفر بن سليمان، قال: سمعت فرقد السبخي يقول: قرأت في التوراة: من أصبح حزيناً على الدنيا، أصبح ساخطاً على ربه، ومن تضعضع لغنيٍّ، ذهب ثلثا دينه، ومن نزلت به مصيبة، فشكاها إلى الناس، فإنما يشكو ربه.(1/1452)
1465 - نا صالح بن محمد، قال: نا سليمان بن عمرو، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله في الأرض أواني، ألا وهي القلوب، فأحبها إلى الله: أرقها وأصفاها، وأصلبها: أرقها للإخوان، وأصفاها من الذنوب، وأصلبها في ذات الله)).(1/1453)
1466 - نا حفص بن عمرو، قال: نا محمد بن القاسم الأسدي، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/1454)
1467 - نا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: نا المؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، قال: نا عباد بن عبد الصمد، عن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أي الأعمال أفضل؟ قال: ((العلم بالله))، ثم أتاه فسأله، فقال مثل ذلك، فقال: يا رسول الله! إنما أسألك عن العمل؟ قال: ((إن العلم ينفعك معه قليل العمل وكثيره، وإن الجهل لا ينفعك معه قليل العمل ولا كثيره)).(1/1455)
1468 - نا بذلك عمر بن أبي عمر العبدي، قال: نا سليمان بن شرحبيل الدمشقي، عن يزيد بن يحيى الصباغ، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس يتحسر أهل الجنة على شيءٍ، إلا على ساعةٍ مرت بهم لم يذكروا الله فيها)).(1/1456)
1469 - نا حفص بن عمرو، قال: نا محمد بن بشر العبدي، عن عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيروا سبق المفردون)) قالوا: يا رسول الله وما المفردون؟ قال: ((الذين اهتروا في ذكر الله يأتون يوم القيامة خفافاً يضع الذكر أثقالهم)).(1/1457)
1470 - نا الجارود، قال: نا أبو خالد الأحمر، عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشد الأعمال ثلاثةٌ: ذكر الله على كل حالٍ، ومواساة الأخ في مالك، والإنصاف من نفسك)).(1/1458)
1471 - نا صالح بن محمد، قال: نا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا أيها الناس! اعقلوا، واعلموا أن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء؛ بمكانتهم وقربتهم من الله تعالى))، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله! حلهم لنا، فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الأعرابي، فقال: ((هم قومٌ من أفناء الناس، ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحامٌ متقاربةٌ، تحابوا في جلال الله، وتصافوا فيه، وتزاوروا فيه، وتباذلوا فيه، يضع الله لهم منابر من نورٍ، فيجلسون عليها، وإن ثيابهم لنورٌ، وإن وجوههم نورٌ، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يفزعون إذا فزع الناس، أولئك أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)).(1/1459)
1472 - نا الجارود بن معاذ، قال: نا جرير، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، باسطٌ يده لمسيء النهار أن يتوب بالليل، ولمسيء الليل أن يتوب بالنهار، حجابه النار، لو كشفت، لأحرقت سبحات وجهه كل شيءٍ أدركه بصره)).(1/1460)
1473 - نا عبد الله بن أبي زياد القطواني، قال: نا سيار، قال: نا جعفر بن سليمان، قال: نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله، لأبره)).(1/1461)
فلما خرجوا من صلب آدم، خرجوا سوداً عمياً عن الله، فأقروا به كرهاً على وجه التقية، وذلك قوله تعالى: {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً}.
1474 - نا أبي، قال: نا عمرو بن طلحة القناد، عن أسباط، عن السدي، عن أبي صالح، وأبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، بذلك.(1/1462)
1475 - نا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى إذا أحب عبداً، قال: يا جبريل! إني أحب فلاناً، فأحبه، فيحبه جبريل، ثم يضع له القبول في الأرض)).(1/1463)
1476 - نا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: نا عمرو ابن ثابت، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن مسعود، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نضر الله امرأً سمع منا حديثاً، فبلغه كما سمع منا؛ فإنه رب مبلغٍ هو أوعى له من سامعٍ)).(1/1464)
1477 - نا محمد بن بشار بندار، قال: نا أبو داود، قال: نا شعبة، عن عمر بن سليمان، قال: سمعت عبد الرحمن ابن أبان يحدث، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((نضر الله امرأً سمع منا حديثاً، فبلغه غيره، فرب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقهٍ غير فقيهٍ)).(1/1465)
1478 - نا أبي، قال: نا صالح بن عبد الله، عن أبي يوسف، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيف من منى، قال: ((نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقهٍ لا فقه له، ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه)).(1/1466)
1479 - نا بذلك نصر بن فضالة، نا عمرو بن الحسن الجزري، عن عباد بن عباد المهلبي، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يحدث بالحديث، فيقدم ويؤخر، ويزيد وينقص؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصاب المعنى، فلا بأس)).(1/1467)
1480 - نا الحسين بن سيار العسقلاني، قال: نا الوليد بن سلمة قاضي الأردن، قال: نا إسحاق بن يعقوب بن عبد الله بن أكيمة، عن أبيه، عن جده، قال: قلنا يا رسول الله! إنا نسمع الحديث، فلا نؤديه كما سمعنا، قال عليه السلام: ((ما لم تحرموا حلالاً، أو تحللوا حراماً، وأصبتم المعنى، فلا بأس)).(1/1468)
1481 - نا أبي رحمه الله، قال: نا أبو نعيم النخعي، عن العلاء بن كثير، عن مكحول، قال: خرجنا إلى واثلة بن الأسقع، فقلنا: يا بن الأسقع! حدثنا بحديث غض لا تقدم فيه ولا تؤخر، حتى كأنا نسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الشيخ، وكان شيخاً كبيراً، فقال: أجلسوني، فأجلس، فقال: أما منكم أحد قام في ليلته بشيء من القرآن؟ قلنا: ما منا إلا من قد قام بما رزق، قال: فكان أحدكم حالفاً بالله ما قدم حرفاً من كتاب الله ولا أخره، إنا كنا قد أمسكنا عن الأحاديث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعناه يقول: ((لا بأس بالحديث قدمت أو أخرت إذا أصبت معناه)).(1/1469)
1482 - نا أبي رحمه الله، قال: نا صالح بن عبد الله، عن الضحاك بن ميمون، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/1470)
1483 - نا عتبة بن عبد الله بن عتبة الأزدي، قال: نا عبد الله بن المبارك، عن مالك بن أنس، قال عتبة: وقرأت على مالك بن أنس، فأقر به عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: نصفها لي، ونصفها لعبدي، يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين} يقول الله تعالى: حمدني عبدي. يقول العبد: {الرحمن الرحيم} يقول الله: أثنى علي عبدي. يقول العبد: {مالك يوم الدين} يقول الله: مجدني عبدي. يقول العبد: {إياك نعبد وإياك نستعين} يقول الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: {اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} يقول الله: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل.(1/1471)
1484 - نا عبد الجبار بن العلاء، قال: نا سفيان، قال: نا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم}، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: فوض إلي عبدي، وإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين}، قال: هذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم}، ثم قال إلى آخرها)).(1/1472)
1485 - نا صالح بن محمد، قال: نا العمري، قال: نا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله -تبارك وتعالى- قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، يقول: {الحمد لله رب العالمين} يقول الله: حمدني عبدي، يقول العبد: {الرحمن الرحيم}، يقول الله: أثنى علي عبدي، يقول: {مالك يوم الدين}، يقول الله: مجدني عبدي، يقول: {إياك نعبد وإياك نستعين}، يقول: هذه الآية بيني وبين عبدي، وآخر السورة لعبدي، ولعبدي ما سأل)).(1/1473)
1486 - نا مؤمل بن هشام البصري، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن جريج، قال: حدثني العلاء ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، عن عبد الله ابن السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1474)
1487 - نا عبد الله بن الوضاح النخعي، قال: أنا سليمان بن عمرو، عن نعيم بن عبد الله مجمر الكعبة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/1475)
1488 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا زيد بن الحباب، عن عنبسة بن سعيد قاضي الري، عن مطرف بن طريف، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرحمن الرحيم}، قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} إلى آخرها، قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل)).(1/1476)
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((أعطيت أمتي ثلاثاً لم يعط إلا الأنبياء: كان الله سبحانه إذا بعث النبي، قال: ادعني أستجب لك، وقال لهذه الأمة: {ادعوني أستجب لكم}، وكان الله إذا بعث النبي، قال له: ما جعل الله عليك في الدين من حرجٍ، وقال لهذه الأمة: {وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ}، وكان الله إذا بعث النبي، جعله شهيداً على قومه، وجعل هذه الأمة شهداء على الناس)).
1489 - نا بذلك أبي، قال: نا صالح بن محمد، قال: نا محمد بن عبد الرحمن، عن عباد بن كثير، قال: نا أبان، وليث، عن شهر بن حوشب، عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله يقول.(1/1477)
وروي عن ابن عباس: أنه قال: الآية السابعة: بسم الله الرحمن الرحيم.
1490 - نا سليمان بن العباس الهاشمي، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بذلك.(1/1478)
1491 - فحدثنا أبي، قال: نا الحماني، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان المشركون يحضرون المسجد، فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بسم الله الرحمن الرحيم))، قالوا: هذا محمد يذكر رحمان اليمامة -يعنون: مسيلمة-، فأمر أن يخافت ببسم الله الرحمن الرحيم، ونزلت: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.(1/1479)
1492 - نا أحمد بن مخلد، قال: نا عمرو بن مرزوق، عن عمران القطان، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن -وهو أخو يحيى البصري-، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء)).(1/1480)
1493 - نا أبو سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، قال: نا ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن أبي مليكة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن مكحول، عن شهر بن حوشب، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن ينفع حذرٌ من قدرٍ؛ فإن الدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، فعليكم -عباد الله- بالدعاء)).(1/1481)
1494 - نا أبي، قال: نا أبو نعيم، عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)).(1/1482)
1495 - نا ابن أبي ميسرة، قال: نا يعقوب بن حميد، قال: نا عبد الله بن عبد الله الأموي، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اعتز بالعبيد، أذله الله)).(1/1483)
1496 - نا محمد بن وزير الواسطي، قال: نا معتمر ابن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله)).(1/1484)
1497 - نا الجارود، قال: نا جرير، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن جرير بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1485)
1498 - نا الجارود قال: نا أبو معاوية، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي، فقبله، فقال رجل: أتقبل هذا؟ ما قبلت صبياً لي قط، فقال رسول الله: ((وما أملك إن كان الله نزع من قلبك الرحمة؟!)).(1/1486)
1499 - نا الجارود، قال: نا جرير، عن منصور، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: قال خليلي وصفيي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ((ما نزعت الرحمة إلا من شقيٍّ)).(1/1487)
1500 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا عبد الله بن نمير، عن معاوية النصري، عن نهشل، عن الضحاك، عن الأسود ابن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ((من جعل الهموم هماً واحداً، كفاه الله هم دنياه وآخرته، ومن تشعبت به الهموم وأحوال الدنيا، لم يبال الله في أي أوديتها وقع)).(1/1488)
1501 - نا محمد بن سفيان النيسابوري، قال: نا إبراهيم بن الأشعث، عن فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من انقطع إلى الله، كفاه الله مؤنته، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا، وكله الله إليها)).(1/1489)
1502 - نا عبد الله بن أبي زياد، نا سيار، عن رياح القيسي، قال: نا الحسن بن ذكوان، عن عبد الواحد بن قيس، عن مسلم بن جبير، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة موكلين بأرزاق بني آدم، ثم قال لهم: أيما عبدٍ وجدتموه جعل الهم هماً واحداً، فضمنوا رزقه السماوات والأرض، وبني آدم، وأيما عبدٍ وجدتموه طلبه، فإن تحرى العدل، فطيبوا له ويسروا، وإن تعدى إلى غير ذلك، فخلوا بينه وبين ما يريد، ثم لا ينال فوق الدرجة التي كتبتها له)).(1/1490)
1503 - نا عمرو بن علي الصيرفي، قال: نا بشر بن المفضل، قال: نا عبد الرحمن بن حرملة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقص إلا أميرٌ، أو مأمورٌ، أو مراءٍ)).(1/1491)
1504 - نا محمد بن أيوب السمناني، قال: نا حسان ابن عباد البصري، قال: نا أبي، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، وعكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا)).(1/1492)
1505 - نا أبي رحمه الله، قال: نا الحماني، قال: نا جرير، عن ليث، عن شيخ، عن معقل بن يسار، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه، وشهد به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ذكر رسول الله الشرك، فقال: ((هو فيكم أخفى من دبيب النمل، وسأدلك على شيءٍ إذا فعلته، أذهب عنك صغار الشرك وكباره، تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، تقولها ثلاث مراتٍ)).(1/1493)
1506 - نا أبي، قال: نا أحمد بن يونس، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن ابن جريج، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: ((يا أبا بكرٍ! الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل))، فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا ما عبد من دون الله؟ قال: ((يا أبا بكرٍ! الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل، إن من الشرك أن يقول الرجل: ما شاء الله وشئت، ومن الند أن يقول الرجل: لولا فلانٌ، لقتلني فلانٌ، أفلا أدلك على ما يذهب الله عنك صغار الشرك وكباره؟))، قال: بلى يا رسول الله، قال: ((تقول كل يومٍ ثلاث مراتٍ: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)).(1/1494)
1507 - نا عبد الجبار، قال: نا سفيان، عن عبد الملك ابن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد كنت أكره لكم أن تقولوا: ما شاء الله، وما شاء محمدٌ، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمدٌ)).(1/1495)
1508 - نا معروف بن الهيثم الكرخي، قال: نا عبيد الله بن موسى، قال: نا عبد الأعلى بن أعين، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله: ((الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه: أن تحب على شيءٍ من الجور، أو تبغض على شيءٍ من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله، والبغض في الله، قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله})).(1/1496)
1509 - نا أبي، قال: نا الحكم بن المبارك، قال: أنا بقية، عن بكر بن حذلم الأسدي، قال: نا وهب ابن أبان، عن عبد الله بن عمر، قال: خرج عبد الله بن عمر في سفر له، فإذا بجماعة على الطريق، قال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: أسدٌ قطع الطريق، فنزل فمشى إليه حتى قفده بيده، ونحاه عن الطريق، ثم قال: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما يسلط على ابن آدم من خافه ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يخف غير الله، لم يسلط الله عليه غيره، وإنما وكل ابن آدم من رجاه ابن آدم، ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله، لم يكله الله إلى غيره)).(1/1497)
1510 - ونا سهل بن العباس، قال: نا سفيان، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم واللو؛ فإن اللو يفتح عمل الشيطان)).(1/1498)
1511 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا أبي، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: جاء رجل، فقال: يا رسول الله! أي الذنب أعظم؟ قال عليه السلام: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك)).(1/1499)
1512 - نا عبد الجبار، قال: نا سفيان، عن عبد الملك ابن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد كنت أكره لكم أن تقولوا: ما شاء الله، وشاء محمدٌ، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم ما شاء محمدٌ)).(1/1500)
1513 - نا أبي، قال: نا مكي بن إبراهيم، قال: نا عبد الواحد بن زيد، عن عبادة بن نسي، قال: أتيت شداد ابن أوس في مصلاه وهو يبكي، فقلت: ما الذي أبكاك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، قلت: ما هو؟ قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ رأيت يوماً بوجهه أمراً ساءني، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله! ما الذي أرى بوجهك؟ قال: ((أمراً أتخوفه على أمتي من بعدي))، قلت: وما هو؟ قال: ((الشرك والشهوة الخفية))، قلت: يا رسول الله! وتشرك أمتك من بعدك؟ قال: ((يا شداد! أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا حجراً ولا وثناً، ولكنهم يراؤون بأعمالهم))، قلت: يا رسول الله! والرياء شرك هو؟ قال: ((نعم))، قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: ((أن يصبح أحدهم صائماً، فتعرض له شهوةٌ من شهوات الدنيا، فيفطر)).
قال عبد الواحد: فلقيت الحسن، فقلت: يا أبا سعيد! أخبرني عن الرياء، أشرك هو؟ قال: نعم، أما تقرأ: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً}.(1/1501)
1514 - نا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: نا بشر ابن بكر التنيسي، قال: نا سعيد، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه كل مظلومٍ من عباده، فإذا عدل، كان له الأجر، وعلى الرعية الشكر، وإذا جار، كان عليه الإثم، وعلى الرعية الصبر، فإذا جار الولاة، قحطت السماء، وإذا منعت الزكاة، هلكت المواشي، وإذا ظهر الزنا، ظهر الفقر والمسكنة، وإذا أخفرت أهل الذمة، أديل الكفار)).(1/1502)
1515 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا محمد بن وهب الواسطي، عن الوليد بن مسلم، قال: نا ثوبان، عن [أبي] عبد السلام، عن ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لتتداعن عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها))، قلت: يا رسول الله! ومن قلة بنا يومئذ؟ قال: ((لا، بل أنتم كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن))، قلت: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا، وكراهة الموت)).(1/1503)
1516 - نا علي بن حجر السعدي، قال: نا خلف ابن خليفة الواسطي، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد، قال: ((سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، هذا ما جنيت على نفسي، فاغفر لي؛ إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت)).(1/1504)
1517 - نا مؤمل بن هشام اليشكري، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد الحذاء، عن أبي العالية، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل مراراً: ((سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته)).(1/1505)
1518 - وحدثني محمد بن محمد بن الحسين، قال: نا الحجاج بن نصير، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن نصر بن حزن النصري، وكان قد رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قرأ سجد سجدة، وقرأ في سجوده: ((اللهم إنا نستعينك ونستغفرك))، وكان يسجد في حم.(1/1506)
1519 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم ابن محمد، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: ((اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقيقه وجليله، أوله وآخره، سره وعلانيته)).(1/1507)
1520 - نا إسماعيل بن نصر، قال: نا شبابة، قال: نا هشام بن الغاز، عن سليمان بن موسى، ويزيد بن جابر، كلاهما عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: ((أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جل وجهك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك يا عظيم))، فقلت: يا رسول الله! لقد سمعتك تقول في سجودك شيئاً ما سمعتك تذكره؟ قال: ((وقد علمت ذلك؟))، قلت: نعم، قال: ((تعلميهن، وعلميهن؛ فإن جبريل عليه السلام أمرني أن أكررهن في السجود)).(1/1508)
1521 - نا عبد الكريم، قال: نا علي، قال: نا عبد الله بن المبارك، قال: نا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عائشة، عن رسول الله، بنحوه.(1/1509)
1522 - نا قتيبة بن سعيد، وإسماعيل بن نصر، قالا: نا محمد بن خنيس المكي، قال: نا حسن بن محمد ابن أبي يزيد، قال: قال لي ابن جريج: يا حسن! حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد: أنه سمع ابن عباس يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! رأيتني هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، ورأيت كأني قرأت السجدة، فسجدت، فرأيت الشجرة كأنها سجدت لسجودي، فسمعتها وهي تقول: ((اللهم اكتب لي بهذا عندك أجراً، وضع عني وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود)).
قال ابن جريج: قال لي جدك: قال لي ابن عباس: فقرأ رسول الله السجدة، فسجد، فسمعته يقول كما قال الرجل عن قول الشجرة.(1/1510)
(6/ 431) وزاد عبد الوهاب، عن أبان بن أبي عياش، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي موسى الأشعري: أنه غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيت الليلة في المنام كأني تحت شجرة أكتب سورة {ص}، فلما أتيت على السجدة، بدر القلم من يدي، فسجد، وسجدت الشجرة، وسجدت الصحيفة، وسجدت الدواة، فسمعت كل واحدة منهن تقول: اللهم اغفر لي ذنبي، وحط بها وزراً، وأحدث بها شكراً، فلما رأيت ذلك، سجدت، فقال رسول الله: ((صدقت، وصدقت رؤياك، توبة نبيٍّ ترقب بها مغفرةً، واسجد تترقب عندها ما ترقب)).(1/1511)
1523 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا يحيى بن سليمان الجعفي المصري، قال: نا ابن وهب، قال: حدثني حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله ابن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوماً فتاني القبر، فقال عمر: أترد علينا عقولنا يا رسول الله! فقال: ((نعم، كهيئتكم اليوم)). فقال عمر: ففي فيه الحجر.(1/1512)
1524 - نا به محمد بن زنبور المكي، قال: نا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذه الأمة تبتلى في قبورها)).(1/1513)
1525 - نا بذلك محمد بن يحيى المروزي، قال: نا علي بن الحسن، قال: نا عبد الله بن المبارك، قال: نا إبراهيم بن محمد الفزاري، قال: نا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، قال: قال رجل: يا رسول الله! ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهداء؟ فقال عليه السلام: ((كفى ببارقة السيف على رأسه فتنةً)).(1/1514)
1526 - نا بذلك أبو قلابة الرقاشي، قال: نا بشر بن عمر، قال: نا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف الإسكندراني، عن عياض بن عقبة الفهري، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، وقاه الله فتنة القبر)).(1/1515)
1527 - نا محمد بن يحيى المروزي، قال: نا علي ابن الحسن، قال: نا عبد الله بن المبارك، قال: نا هشام بن الغاز، قال: نا مكحول، عن سلمان الفارسي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من مات مرابطاً في سبيل الله، أجير من فتنة القبر، وجرى عليه صالح عمله الذي كان يعمل إلى يوم القيامة)).
وروى هشام بن عمار قال: نا يحيى بن حمزة، قال: نا عروة بن رويم اللخمي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: زارنا سلمان، فحدثنا، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله.(1/1516)
1528 - نا بذلك صالح بن محمد، عن حماد بن عبد الرحمن، قال: نا إدريس بن صبيح الأودي، عن سعيد ابن المسيب، قال: حضرت عبد الله بن عمر في جنازة، فلما وضعها في اللحد، قال: ((باسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله))، فلما أخذ في تسوية اللبن على اللحد، قال: ((اللهم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر، ومن عذاب النار))، فلما سوى الكثيب عليها، قام جانب القبر، وقال: ((اللهم جاف الأرض عن جنبيها، وصعد روحها، ولقها منك رضواناً))، فقلت لابن عمر: أشيئاً سمعته من رسول الله، أم شيئاً قلته من رأيك؟ قال: إني إذاً لقادر على القول، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1517)
(6/ 450) وروى محمد بن مقاتل، عن ابن أبي فديك، عن زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، عن عبد الله بن محمد: أن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم توفي، فأخرج، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمام سريره، ثم دخل قبره، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع في القبر، فاضت عيناه، فلما رأى ذلك أصحابه، بكوا حتى ارتفعت أصواتهم، ثم أقبل أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله! تبكي، وأنت تنهانا عن البكاء؟ فقال عليه السلام: ((يا أبا بكرٍ! تدمع العين، ويتوجع القلب، ولا نقول ما يسخط الرب تعالى))، ثم دفن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحدٍ يأتينا بماءٍ نطهر به قبر الصبي))، فأتي بماءٍ، فأمر به فرش على قبر إبراهيم، ثم وضع يده اليمنى على قبره من عند رأسه، وقال: ((ختمت عليك بالله من الشيطان الرجيم)).(1/1518)
1529 - نا أبي، قال: نا أبو نعيم، عن سفيان، قال: نا عمرو بن مرة، عن خيثمة، قال: كانوا يستحبون إذا دفنوا الميت أن يقولوا: ((بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، اللهم أجره من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن شر الشيطان الرجيم)).(1/1519)
1530 - حدثني عمر بن أبي عمر، قال: نا نعيم بن حماد، عن عبد الوهاب الثقفي، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن عقبة بن أوس السدوسي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن يؤمن عبدٌ حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)).(1/1520)
1531 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا روح بن عبادة، عن شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى، قال: كنت أصلي، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته، فقال عليه السلام: ((ما منعك أن تأتيني ألم يقل الله: {يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} -ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج؟))، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج، فذكرته، فقال: ((الحمد لله رب العالمين، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته)).(1/1521)
1532 - نا صالح بن محمد، وصالح بن عبد الله، قالا: نا القاسم العمري، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي ابن كعب وهو يصلي، فسلم النبي عليه السلام، فالتفت أبي ولم يجبه، ثم صلى أبي وخفف، ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، صلى الله عليك، فقال رسول الله: ((ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك))، فقال: يا رسول الله! كنت في الصلاة، قال: ((ألم تجد فيما أوحي إلي أن {استجيبوا لله وللرسول إلى دعاكم}؟)) قال: بلى يا رسول الله، لا أعود إن شاء الله، قال صلى الله عليه وسلم: ((تحب أن أعلمك سورة لم ينزل الله، في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها؟))، قال: نعم يا رسول الله، قال: ((إني لأرجو أن لا تخرج من هذا الباب حتى تعلمها))، فأخذ النبي عليه السلام يحدثني، وأنا أتبطأ به مخافة أن يبلغ الباب قبل أن يحدثني، قلت: يا رسول الله! صلى الله عليك، ما السورة التي وعدتني؟ قال: ((كيف تقرأ في الصلاة؟))، فقرأت أم القرآن، فقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها، إنها السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيت)).(1/1522)
1533 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما في التوراة، ولا في الإنجيل مثل أم الكتاب، وهي السبع المثاني، وهي مقسومةٌ بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل)).(1/1523)
(6/ 458 - 459) وروى ابن المبارك، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة، عن أبيه: أنه كان قاعداً مع أبي موسى الأشعري، فأتاه رجل، فقال: إن أخذت سيفي، فجاهدت أبتغي به وجه الله حتى أقتل، أين أنا؟ قال: في الجنة، قال حذيفة: استفهم الرجل ما يقول، وأفهمه ما تقول له، قال: ما قلت؟ قال: أرأيت إن أنا أخذت سيفي، فجاهدت أبتغي به وجه الله حتى أقتل، أين أنا؟ قال: في الجنة، قال حذيفة، استفهم الرجل ما يقول وأفهمه.
قال أبو موسى -وضرب بيده-: ما تزال تأتينا بشيء ما ندري ما هو، ثم قال للرجل: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن أنا أخذت سيفي، فجاهدت به أبتغي وجه الله حتى أقتل، أين أنا؟ قال أبو موسى الأشعري: والله! ما أدري ما أقول لك غير ذلك، فقال حذيفة: والله! ليدخلن النار أكثر من كذا وكذا، كلهم يقول ما قال هذا، ولكن إن أخذت سيفك، فجاهدت تبتغي به وجه الله، فأصبت الحق، فقتلت وأنت عليه، فأنت في الجنة، ومن أخطأ الحق، فلم يوفقه الله للخير، قال أبو موسى الأشعري: صدق.(1/1524)
1534 - نا صالح بن محمد، والجارود بن معاذ، وأبو طالب الهروي، قالوا: نا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن مروان بن سالم، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد الحضرمي، عن أبي الدرداء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن رجل شدة عبادة، سأل: كيف عقله؟ [فإذا قالوا حسن، قال: أرجوه] فإن قالوا غير ذلك، قال: لن يبلغ، وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من أصحابه شدة عبادة واجتهاد، قال: ((كيف عقله؟))، قالوا: ليس بشيءٍ، قال عليه السلام: ((لن يبلغ صاحبكم حيث تظنون)).(1/1525)
1535 - نا أبي، قال: نا جندل بن والق الكوفي، قال: نا عبيد الله بن عمرو الرقي، [عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يعجبكم إسلام رجلٍ حتى تعلموا ما عقدة عقله)).(1/1526)
1536 - نا عبد الوهاب بن فليح المكي، قال: نا مروان ابن معاوية، عن الحسن بن عمرو، قال: نا عبد الرحمن بن سعد بن ذئاب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن جريج الراهب كان متعبداً في صومعته. الخبر إلى آخره.
قال مجاهد: فكان المولود أحد الثلاثة الذين تكلموا في المهد.(1/1527)
1537 - نا إبراهيم بن المستمر الهذلي، قال: نا الحكم بن الريان اليشكري، قال: حدثني ليث بن سعد، قال: نا يزيد بن حوشب الفهري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو كان جريج الراهب فقيهاً عالماً، لعلم أن إجابته أمه من عبادة ربه)).(1/1528)
1538 - نا أبي، قال: نا يحيى الحماني، قال: نا زيد بن الحباب، أخبرني: كثير بن عبد الله، قال: أخبرني الحسن بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ تحت العرش: القرآن له ظهرٌ وبطنٌ يحاج العباد، والرحم تنادي: صل من وصلني، واقطع من قطعني، والأمانة)).
قلت لكثير: مذ كم سنة سمعت هذا الحديث؟ قال: مذ ستين سنة، قلت: كم أتى عليك؟ قال: تسعون سنة.(1/1529)
1539 - أنا عمر بن أبي عمر العبدي، قال: أنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا رشدين بن سعد، قال: نا زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول: ((ألا أخبركم عن وصية نوحٍ ابنه حين حضره الموت؟ قال: إني واهبٌ لك أربع كلماتٍ هن قيام السماوات والأرض، وهن أول كلماتٍ دخولاً على الله، وآخر كلماتٍ خروجاً من عنده، ولو وزن بهن أعمال بني آدم، لوزنتهن، فاعمل بهن، واستمسك حتى تلقاني: أن تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والذي نفس نوحٍ بيده! لو أن السماوات والأرضين وما فيهن وما تحتهن وزن بهؤلاء الكلمات، لوزنتهن)).(1/1530)
1540 - أنا أبي، عن أحمد بن يونس، عن إسماعيل ابن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد نوح ثلاثة: سام، وحام، ويافث، قال فولد سام: العرب، وفارس والروم، وفي هؤلاء خير، وولد حام: السودان والبربر والقبط، وولد يافث: الترك والسقالبة، ويأجوج ومأجوج، أراه قال: وليس في هؤلاء خير.(1/1531)
1541 - حدثنا علي بن حجر السعدي، قال: أنا الوليد بن محمد الموقري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى في البيت كسرة ملقاة، فمشى إليها، فرفعها ومسحها، وقال: ((يا عائشة! أحسني مجاورة نعم الله، فقلما نفرت من قومٍ فكادت ترجع إليهم)).(1/1532)
1542 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: أنا الحماني، قال: أنا حبان بن علي، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا طنت أذن أحدكم، فليصل علي)).(1/1533)
1543 - أنا [أنا عمر بن أبي عمر، أنا] إبراهيم بن موسى الفراء، عن هشام ابن يوسف الصنعاني، عن عبيد الله ابن المغيرة، قال: كنا مع المغيرة بن حكيم، فضرب أذن رجلٍ من القوم، فقال المغيرة: إنه كان يقال: إذا ضرب أذن العبد، فإن الله يذكره، فليذكر الله، أو فليحسن ذكر الله.(1/1534)
1544 - أنا بذلك صالح بن محمد، قال: ثنا زافر ابن سليمان، عن بكر بن خنيس، عن عباد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني لكم بمكان صدقٍ، حياتي، وإذا مت))، فقال عمر: يا رسول الله -صلى الله عليك- إذا مت؟ قال: ((لا أزال أنادي في قبري: رب! أمتي أمتي، حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى، ثم لا تزال لي دعوةٌ مجابةٌ حتى ينفخ في الصور النفخة الثانية)).(1/1535)
1545 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: أنا الخنيسي، قال: أنا وهيب، عن عطاء بن قرة السلولي، عن عبد الله بن ضمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله، أو معلماً، أو متعلماً)).(1/1536)
1546 - أنا صالح بن محمد، قال: أنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن رجل، عن عطاء بن قرة السلولي، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
فلم يذكر قتيبة أبا هريرة في حديثه.(1/1537)
1547 - أنا أحمد بن مصرف اليامي، قال: أنا محمد ابن بشر العبدي، عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فما أقبل عبدٌ بقلبه إلى الله تعالى إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله بكل خيرٍ إليه أسرع)).(1/1538)
1548 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا سعيد بن أبي مريم الجمحي، عن ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان عمرو بن العاص ينظر إلى مكة وهو بمكة، فيقول: لعنك الله، لا أعني ما حرم الله منك، ذهب الناس بخير الدنيا والآخرة، واغتررنا بك.(1/1539)
1549 - أنا قتيبة بن سعيد، عن ابن وهب، عن عمرو ابن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل حرفٍ ذكر الله في القرآن [من] القنوت، فهي الطاعة)).(1/1540)
1550 - نا إبراهيم بن يوسف، قال: أنا حماد ابن زيد، عن ليث، عن مجاهد في قوله تعالى: {وقوموا لله قانتين}، قال: القنوت: الركوع والخشوع.(1/1541)
1551 - أنا قتيبة بن سعيد، قال: أنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حليم إلا ذو عثرةٍ، ولا حكيم إلا ذو تجربةٍ)).(1/1542)
1552 - أنا الحسن بن قزعة البصري، قال: أنا سفيان بن حبيب التمار، قال: أنا شعبة، عن ثوير، عن أبيه، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها}، قال: لا إله إلا الله)).(1/1543)
1553 - أنا سليمان بن نصير، قال: أنا عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة، وابن لهيعة، عن أبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، قال: سمعت أبا عبد الرحمن الحبلي، يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنةٍ)).(1/1544)
1554 - أنا الفضل بن محمد، قال: أنا إبراهيم بن موسى، قال: أنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقبلوا البشرى يا بني تميمٍ))، قالوا: قد بشرتنا، فأعطنا، قال: ((اقبلوا البشرى يا أهل اليمن))، قالوا: قد بشرتنا، فأخبرنا، قال: ((كان الله ولا شيء، ثم خلق العرش، فجعله على الماء، وكتب في الذكر كل شيءٍ)).(1/1545)
1555 - أنا نصر بن محمد الغنوي، قال: أنا أبو عمير بن النحاس الرملي، قال: نا ضمرة بن ربيعة، قال: أنا يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن ابن الديلمي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى خلق الخلق في ظلمةٍ، ثم رش عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور، اهتدى، ومن أخطأه، ضل)).(1/1546)
1556 - أنا أبي، قال: أنا الحماني، قال: أنا ابن المبارك، قال: أنا الأوزاعي، قال: أخبرني ربيعة بن يزيد، قال: حدثني عبد الله بن الديلمي، قال: دخلت على عبد الله ابن عمرو بالطائف، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق الخلق في ظلمةٍ، ثم ألقى عليهم نوراً من نوره، فمن أصابه من ذلك النور، اهتدى، ومن أخطأه، ضل، فلذلك أقول: جف القلم على علم الله)).(1/1547)
1557 - أخبرني الجارود، قال: أنا معن القزاز، قال: أنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، قال: سمعت ابن الديلمي يقول: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق الناس في ظلمةٍ، فأخذ نوراً من نوره، فألقاه عليهم، فأصاب من شاء، وأخطأ من شاء، فقد عرف من يخطئه ممن يصيبه، فمن أصابه من نوره، اهتدى، ومن أخطأه، ضل)).(1/1548)
1558 - أنا علي بن حجر، قال: أنا عثمان بن حصين بن علاق، قال: أنا عروة بن رويم، عن ابن الديلمي، قال: قلت لعبد الله بن عمرو: بلغنا أنك تقول: جف القلم بما هو كائن؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق خلقه، ثم جعلهم في ظلمةٍ، ثم أخذ من نوره ما شاء، فألقاه عليهم، فأصاب النور من شاء الله أن يصيبه، وأخطأ من شاء الله أن يخطئه، فمن أصابه النور يومئذٍ، اهتدى، ومن أخطأه، ضل))، فلذلك ما أقول: ((جف القلم بما هو كائنٌ)).(1/1549)
1559 - أنا عمر بن أبي عمر، قال: أنا عبد الله بن يزيد القرشي، عن خالد بن يزيد المري، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله تعالى خلق آدم، فضرب بيمينه على كتف آدم اليمنى، فأخرج ذريةً بيضاء كالفضة، ومن اليسرى سوداً كالحممة، ثم قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي)).(1/1550)
1560 - أنا عبد الرحيم بن حبيب، قال: أنا بقية ابن الوليد، قال: أنا مبشر بن عبيد، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما خلق الله تعالى آدم، ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرواً كالذر، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر، فأخرج ذرواً كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار)).(1/1551)
1561 - أنا الجارود، قال: أنا معن بن عيسى، قال: أنا معاوية بن صالح، عن راشد الحمصي، عن عبد الرحمن ابن قتادة السلمي -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-، قال: سمعت رسول الله يقول: ((إن الله خلق آدم، وأخذ الخلق من ظهره، فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي))، فقال رجل: يا رسول الله! صلى الله عليك، فعلى ماذا إذاً نعمل؟ قال: ((على مواقع القدر)).(1/1552)
1562 - أنا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أبي أنيسة: أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، عن مسلم بن يسار الجهني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه سئل عن هذه الآية: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم}، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى خلق آدم، فمسح بيمينه ظهره، فاستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذريةً، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون))، فقال رجل: يا رسول الله! ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا خلق العبد للجنة، استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل أهل الجنة، فيدخله به الجنة، وإذا خلقه للنار، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت وهو على عمل أهل النار، فيدخله به النار)).(1/1553)
1563 - أنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، قال: أنا عبد الله بن مسعود، قال: نا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، قال: ((إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلةً نطفةً، ثم علقةً مثل ذلك، ثم مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله الملك بأربع كلماتٍ، فيقول له: اكتب أجله، وعمله، ورزقه، وشقيٌّ أو سعيدٌ؛ فإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيغلب عليه كتابه الذي سبق، فيختم له بعمل أهل النار، فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراعٌ، فيغلب عليه الكتاب الذي سبق، فيختم له بعمل أهل الجنة، فيدخله الله الجنة)).
1564 - أنا سفيان بن وكيع، قال: أنا أبي، قال: أنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.
1565 - نا علي بن حجر، عن شريك، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1554)
1566 - نا الجارود، قال: نا جرير، ووكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، شق ذلك على المسلمين، فقالوا: وأينا لم يظلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس بذلك، ألم تسمعوا إلى قول لقمان: {إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ}؟)).(1/1555)
1567 - نا أبو سعيد الأشج، قال: نا ابن إدريس، قال: نا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلال، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه سأل أصحابه عن هاتين الآيتين: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}، وقوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، فقالوا: استقاموا ولم يذنبوا، ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ؛ أي: بذنب، فقال: لقد حملتموها على غير المحمل، إنما هو: استقاموا، فلم يشركوا، {ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ}؛ أي: بشركٍ.(1/1556)
1568 - نا صالح بن محمد، قال: نا أبان بن البختري، عن عباد بن العوام، عن زياد بن ميمون، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، فقال: ((أمتي ورب الكعبة! مرتين أو ثلاثاً))، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! ما ذكرك هذه الآية؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن اليهود قالوا: ربنا الله، فلم يستقيموا، فقالوا في عزيرٍ ما قالوا، وإن النصارى قالوا: ربنا الله، ثم لم يستقيموا، فقالوا في المسيح ما قالوا، وإن أمتي قالت: ربنا الله، ثم استقاموا، فلم يشركوا)).(1/1557)
1569 - فحدثنا يوسف بن موسى القطان الكوفي، قال: نا مهران بن أبي عمر الرازي، قال: نا علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ ساره، إذ عرض له أعرابي على بكرة له، فدنا يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاه المهاجرون والأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلوا عنه))، فقال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! لقد جئتك من بلادي وتلادي ومالي؛ لأهتدي بهداك، وآخذ من قولك، فما بلغتك حتى ما لي طعام إلا من خضر الأرض، فاعرض علي، فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل، فازدحمنا عليه، فدخل خف بكرته في بيت جرذان، فتردى الأعرابي، فانكسرت عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق والذي بعثني بالحق! لقد خرج من بلاده وتلاده وماله؛ ليهتدي بهداي، ويأخذ من قولي، فما بلغني حتى ما له طعامٌ إلا من خضر الأرض، كما قال، أسمعتم بالذي عمل قليلاً، وجزي كثيراً؟ هذا منهم، أسمعتم بـ {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}؟ فإن هذا منهم، والذي بعثني بالحق! ما بلغ الأرض قط حتى ملئ شدقه من ثمر الجنة، اغسلوا أخاكم، وكفنوه، وصلوا عليه))، قالوا: يا رسول الله! أنشق أم نلحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللحد لنا، والشق لغيرنا)).(1/1558)
1570 - نا عبد الكريم، عن محمد بن مهران الرازي، قال: نا محمد بن المعلى، عن زياد بن خيثمة، عن أبي داود، عن عبد الله بن سخبرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعطي فشكر، وابتلي فصبر، وظُلم فغفر، وظَلم فاستغفر))، ثم سكت، فقيل: ما له يا رسول الله؟ قال: (({أولئك لهم الأمن وهم مهتدون})).(1/1559)
1571 - نا سفيان بن وكيع، قال: نا ابن نمير، عن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة: أن ابن كعب بن مالك حدثه عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما ذئبان جائعان أرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)).(1/1560)
1572 - نا محمد بن مقاتل، قال: نا أبو زهير، عن الحسن بن دينار، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استعجل، أخطأ)).(1/1561)
1573 - نا أبي، قال: نا عمرو بن خالد الأعشى، عن زياد بن منذر، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: أصبت أربعة أسطر، وأربعة أسطر تتبعها:
فأما الأول: فمن لا يستشر يندم، وكما تدين تدان، ومن يملك شيئاً يستأثر، والفقر الموت الأكبر.
وأربعة أسطر تتبعها: من أصبح على الدنيا ساخطاً فإنما يسخط على ربه، ومن نزلت به مصيبة فشكاها، فإنما يشكو ربه، ومن جالس غنياً، فتضعضع له؛ ليصيب من عرض دنياه، ذهب الله بثلثي دينه، ومن قرأ القرآن، ثم مات فدخل النار، فلم يكن يقرأ القرآن، إنما كان يتخذ آيات الله هزواً.(1/1562)
1574 - نا الفضل بن محمد، عن مسلم بن إبراهيم، عن قرة بن خالد، عن الحسن في قوله تعالى: {كأنهم إلى نصبٍ يوفضون}، قال: يبتدرون إلى آلهتهم أيهم أسرع .. (1/1563)
1575 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا عبد الوهاب بن نافع، عن ابن المبارك، عن الحسن، قال: قال الله تعالى: ((يا داود! تريد وأريد، ويكون ما أريد، فإن أردت ما أريد، كفيتك ما تريد، وإن أردت غير ما أريد، غيبتك فيما تريد، ويكون ما أريد)).(1/1564)
1576 - نا بهذه القصة: أبي، قال: نا صالح بن عبد الله، قال: نا عبد الوهاب الثقفي، قال: نا المهاجر، عن أبي العالية، أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه، فقال: إن ربي يخيرك بين أن تعيش ما شئت، وتعطى نهمتك من الدنيا، وأنت عبده، ورسوله، أو الرفيق الأعلى؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم له: ((فأنت رسولي إلى ربي، فليختر لي))، فخرج جبريل، فرأى ملك الموت على باب الحجرة، فقال له جبريل: لا تدخل الحجرة، ولا تنزعن محمداً صلى الله عليه وسلم حتى آتيك، فحدث رسول الله أصحابه، فقال: ((إن ربي أرسل إلي يعرض علي كذا وكذا))، فقال له أصحابه: يا نبي الله! وما كان عليك أن تختار أن تعيش، فتعطى نهمتك من الدنيا، وأنت عبد الله ورسوله، ويأتيك خبر السماء غدوةً وعشية؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((كلا، خيرة ربي))، فلبث جبريل ساعةً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أراني إلا مقبوضاً))، فجاء جبريل بعد ذلك، فقال: إن ربي أرسلني إليك يخيرك زيادةً أن تعيش ما شئت، فتعطى نهمتك من الدنيا، وأنت عبد الله ورسوله، أو الرفيق الأعلى؟ قال: فإن الله خار لك أن تلقاه، فخرج جبريل، ودخل ملك الموت، فما زال نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لقاء ربي)) حتى قبض -صلوات الله عليه-.(1/1565)
1577 - نا قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث ابن عتيك: أنه أخبره: أن جابر بن عتيك أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((قد غلبنا عليك يا أبا الربيع))، فصاح النسوة، وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعهن، فإذا وجب، فلا تبكين باكيةٌ))، قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات))، قالت ابنته: والله! إني كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك قد كنت قضيت جهادك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته))
-ثم قال-: ((ما تعدون الشهادة فيكم؟)) قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشهادة سبعٌ سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيدٌ، والغريق شهيدٌ، وصاحب ذات الجنب شهيدٌ، والمبطون شهيدٌ، وصاحب الحريق شهيدٌ، والذي يموت تحت الهدم شهيدٌ، والمرأة تموت بجمعٍ شهيد)).(1/1566)
حيث سأل عمر: من أشعر شعرائكم؟ قال: النابغة، وأنشده هذا البيت:
أتيتك عارياً خلقاً ثيابي ... على خوفٍ تظن به الظنونا
1578 - نا بذلك الجارود، قال: نا أبو أسامة، عن مجالد، عن عامر، عن ربعي بن حراش، عن عمر رضي الله عنه.(1/1567)
1579 - نا عبد الله بن أبي زياد، قال: نا سيار، قال: نا جعفر، قال: نا حمزة بن نجيح، قال: حدثني مسلمة، عن محمد بن عليٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسى في الأنصار بقباء عشية خميس، وأمسى صائماً، فأتاه أوس بن خولة -رجل من الأنصار- لما أمسى بقدح، فذاقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما شرابك؟))، قال: ماء وعسل، ولبن وعسل، قال: فوضعه وعافه، وقال: ((أما إني لا أحرمه، ولكن أتركه تواضعاً لله؛ فإنه من تواضع لله، رفعه الله، ومن اقتصد، أغناه الله، ومن بذرن أفقره الله)).(1/1568)
1580 - نا عبد المنعم، عن أبيه، عن جده وهب بن منبه، قال: بينما الخضر قاعد على شاطئ البحر، إذ أتاه سائل، فوقف عليه، فقال له: أيها القاعد! أسألك بوجه الله أن تعطف علي بخير، فغشي على الخضر ساعةً من مقال السائل بوجه الله، فأفاق، ثم قال: أيها السائل! سألتني بوجه الله، لا أدري ما أكافئك به، وليس من الأشياء شيء أكرم علي من نفسي، فقد بذلت لك نفسي لعزة وجه الله، فدونك نفسي فبعها، وانتفع بثمنها، فذهب به السائل، فعرضه على البيع، فباعه من رجل غني يقال له: ساحم بن أرقم، فذهب به إلى منزله، وله بستان صغير في داره، بجنبه جبل كبير، فدفع المسحاة إليه، وأمره أن ينحت شيئاً من ذلك الجبل الذي في البستان، قدر ما يغرس فيه شيئاً، وغاب ساحم إلى حاجته، فأقبل الخضر على النحت من ذلك الجبل، وأبطأ مولاه في حاجته، وجاء ممسياً، فقال لمن في البيت: أطعمتم هذا الغلام؟ قالوا: أيما غلام؟ قال: الذي اشتريته اليوم وجعلته في البستان، قالوا: لا علم لنا به، فاسترجع، وأخذ الطعام، ودخل عليه، فإذا قد فرغ من ذلك الجبل وهده، وذلك الجبل فرسخ في فرسخ، قد سواه في ذلك البستان، وأصلحه، وفرغ منه، وقام إلى الصلاة، فنظر ساحم إلى أمر عظيم، ففزع من ذلك وتعجب، وكاد أن يغشى عليه، فدنا منه وقال: من أنت؟ قال: أنا عبدك، قال: نعم، فما قصتك؟ وما جنسك؟ وممن أنت؟.
فقال: أما القصة: فعبد بيع، وآخر اشتراه، وأما الجنس: فمن آدم، وآدم من تراب، قال: فمن أين لك هذه القوة التي أرى؟ قال: من الله، قال: فأسألك بوجه الله لما صدقتني من أنت؟ فغشي على الخضر، وسقط ساعة مغشياً عليه، فلما أفاق، قال: أنا الخضر المذنب، فغشي على ساحم ساعة علم أنه الخضر، فأفاق، ثم غشي عليه، ثم أفاق وهو يقول:
سبحان خالق النور! أعتقت عبدك، ووليك، وحبيبك، وصفيك خضراً لوجهك، وأسألك التوبة مما كان من استعمالي إياه، فسجد خضر سجدة وهو يقول: يا رب! لوجهك بذلت نفسي، ولوجهك أقررت بالرق، ولوجهك بعت رقبتي، ولوجهك رددت نفسي، فمن الذي رجاك فخيبته؟ ومن الذي خافك فلم تؤمنه؟ ومن الذي دعاك فلم تجبه؟ يا رب! أدعوك دعاء الخاطئين، يا رب! أعتقني ساحم، فمن يعتقني من ذنوبي الموبقة؟ خلصني ساحم من عبودته، فمن يخلصني من سيئاتي ووقوفي عند ذي العرش؟.
فقال له ساحم: أقسمت عليك بعزة الله أن تخبرني سببك كيف صرت عبداً؟ ومن الذي صيرك إلى أن بعت نفسك؟.
قال: الوجه الذي أعتقتني لوجهه، قال: ثم قص عليه القصة، قال: وقد عظمت علينا منتك يا ساحم، فإن رأيت أن أقيم فأؤدي بعض ما يجب علي من حقك، أقمت، وإن أذنت لي بالرجوع بعد إذ أعتقتني، فأنت المأجور فيه، فقال ساحم: قد أذنت لك يا ولي الله، فارجع بسلام، واذكرني في دعائك، فقال: اللهم اغفر لساحم، وارحمه رحمةً لا عذاب بعدها أبداً، قال: فنودي: قد أجبت يا خضر.
قال: ومضى حتى أتى البحر، فإذا هو برجل قائم على وجه الماء، شاخص ببصره إلى السماء يدعو وهو يقول: يا من قامت السماوات بأمره، ولا يسقط بعضها على بعض! يا من دحا الأرض ومن فيها، وأحصى عدد ما فيها من مثاقيل رملها، وحصبائها! يا من عاقب الخضر بذنبه! تب عليه توبة مقبولة بوجهك يا أكرم الوجوه.
فدنا منه الخضر فقال: السلام عليك يا عبد الله، من أنت الذي تسأل التوبة للخضر؟ قال: أنا الذي آمنت بجلال ربي، واشتغلت بأدائي شكر إيمان ربي، وإن الخضر لم يزل معصوماً حتى رغب إلى الدنيا، وأدخل في قلبه حبها، فابتلي، فرحمته، وأخلصت له دعائي، فقال له: أنا الخضر، فقال: إليك إليك أيها المذنب، لا تخالطني أيها الميال إلى الميالة، والذيال إلى الذيالة، والمغرور إلى المغرورة، أنسيت نعيم الآخرة، فجرك النسيان إلى طلب نعيم الدنيا؟ أوَقد نسيت شدة الآخرة وبؤسها، فطلبت راحة الدنيا وسرورها؟ أليس الله ابتلاك بما ابتلاك عقوبة منه عليك؟ فلو قد نجوت مما قد رأيت لربحت يا خضر الخاطئ، تبوأت لنفسك مكاناً كأنك مخلد فيها، وغرست لراحتك ظلاً كأنك باق فيها، أوَما علمت أن أمكنتها مبدلة؟ وأن أغراسها مقلعة؟ وأن عمرانها مخربة؟ وأن نعيمها زائل بمن فيها؟.
يا خضر الخاطئ! أين كان قلبك ساعة غرسها؛ حتى فرغت قلبك لغرسها؟ أين كانت فكرتك عن الآخرة؟ أليس قد خلا قلبك عن ذكر الآخرة بذكر الدنيا ساعة؛ فإن الساعة في ذكر الآخرة لبلاغاً للعاقلين، يا خضر الخاطئ! قد أشغلتني، وقد ابتليت بالدعاء لك من عبودة الرحمن.
قال: وذلك أن الخضر كان له موضع معلوم على بعض شاطئ البحر، فإذا خرج إلى البر، عبد الله فيه.
قال: فغرس في ذلك الموضع شجرة يعبد الله في ظل أغصانها، إذا اشتهى العبادة فيها، استتر بها في عبادته، فعلم الله منه حب الدنيا بقدر ما اشتهى من تنزهه بها، وإن كان ذلك في طاعته، فعاقبه الله بذلك السائل، حتى صارت عبادته في عبودة عبدٍ من عباد الله، ولم يدر الخضر أنه ابتلي بذنب حتى سمع ما سمع من العابد القائم على ظهر الماء، وكان اسمه سادون بن آشى، فلما سمع الخضر بذلك، خر ساجداً وهو يقول: يا رب! ما طلبت بذلك إلا وجهك ورضاك.
فنودي: يا خضر! آثرت الدنيا على الآخرة، وفرغت قلبك لحبها دون حب الآخرة، ثم تمتن علي بها؟! وعزتي! مالي في حبها رضاً، ولا أكرم من أحبها، ولو كان لي في حبها رضاً؛ لخصصت بها أوليائي، ولكن أزويها عنهم؛ لهوانها علي، وكرامتهم لدي.
يا خضر! وعزتي! لو كانت طاعتي وطلب مرضاتي بها، لأفنيتها، ولخلقت خلقاً تكون به طاعتي ومرضاتي، اذهب، فلا حاجة لي فيمن احتاج إلى الدنيا، وأمكنها من قلبه، فلولا ما أدركك دعاء سادون، لأنزلت عليك بوائقي، ولتابعت عليك عقوباتي.
قال: وذلك أن الخضر طلبه سادون في مكانه الذي كان يراه فيه، فلم يره في مقعده، ولم يجده، فدعا الله أن يدله على الخضر، ويعلمه مكانه، وكان يعرف الخضر، والخضر لا يعرفه.
قال فأري أن الخضر أحب الدنيا وزهرتها، عوقب بعقوبة كذا وكذا، فوقف بين يدي الله قائماً على الماء، شاخصاً بصره إلى السماء، وهو يقول: يا رب! إن أنت أهنت عبدك الخضر بعد كرامتك، فمن يكرمه؟ يا رب! ارتكب عظيماً، وحمل ثقيلاً، وخان نفسه، ونسي العهد، يا من لا ينسى كل ما كان ويكون من أمر عباده! اذكر عند ذنوب الخضر ما مننت عليه من أنواع طاعتك، وعظيم عبادته إياك، يا من ناصية الخضر بيده! ليس له حراك نفسٍ، ولا عصمتها، ولا طرفة عين إلا بأمرك وبمشيئتك، وقدرتك، يا رب! فاغفر له ما قدَّرت عليه من معصيتك، فقدر عليه طاعتك؛ فإنها تذهب معصيتك، يا مقدر الذنوب يا رب! فاستجاب الله له، وخلص الخضر مما كان ابتلي به من العقوبة.
قال: فرفع الخضر رأسه، وأتى من ساعته سادون وهو يقول: يا سادون الممنون علي به بمنة الله وجلاله! كيف عرفتني ولم أعرفك يا أخي؟.
فقال له سادون: يا خضر! إن قلوب أولياء الله زاهرة نائرة، لها شعاع كشعاع الشمس، تطلع على قلوب أولياء الله.
ألا ترى إلى الشمس ما أصغر قدرها، وأكبر ضوءها، فلو غشيتها الظلمة القليلة، لذهبت بأكثر ضوئها، وكذلك قلب ولي الله، صافٍ طاهر، فلو غشيه حب الدنيا بقدر ذرة، لكدر ضوءه، ولأضعف شعاعه، فإذا خلص القلب من حب الدنيا، تراه ينظر إلى أولياء الله في مظانهم، وقد عرفك قلبي، فوالله! لو كان قلبك للدنيا مثل قلبي، لعرفني قلبك كما عرفك قلبي.
فقال له الخضر: وكيف قلبك للدنيا يا سادون؟
قال: قد بلغ من بغض الدنيا في قلبي ما لو أن الله عرض علي الدنيا والجنة، لأبيت قبولهما، ولست أريد الجنة مع ما أبغضها الله، وذلك أني أوثر رضا الله تعالى على رضائي، فإن رضا الله ترك الدنيا، ورضائي؛ دخول الجنة، ولو أن الله خيرني بين أن أبقى في الدنيا ونعيمها خالداً مخلداً أبداً لا أموت فيها، وبين أن يقبضني ويدخلني النار الساعة، لاخترت أن يقبضني ويدخلني النار الساعة، وذلك أني أوثر سخط الله على سخطي، وإن حب الدنيا يسخط الله، ودخول النار يسخطني، أفتجد ذلك في قلبك يا خضر؟ قال: لا.
قال: لو كان ذلك في قلبك، لكان يراني قلبك، اذهب، فليكن أكثر عبادتك بغض ما يبغضه الله، وهي الدنيا، ليس حب الدنيا بجمع أموالها وشهواتها وزهواتها، ولكن حب الدنيا أن تشغل قلبك عن حب الآخرة ولو طرفة عين، أبغضها بغضاً لا يكون شيء أبغض إليك منها، فإنك لا تطيق أن تحب الآخرة إلا على قدر ما تبغض الدنيا.
فقال: يا سادون! ادع الله أن يتوب علي مما ارتكبت؛ فإني أستحي من ربي أن أدعوه، وقد حاربته مع عدوه.
فقال سادون: يا رب! قدَّرت على عبدك الذنب، إن ارتكب من الذنب ما ارتكب، وكان أهلاً لذلك، وهو عدل منك، يا رب! ثم قدرت عليه الخلاص من عقوبتك، يا رب! ثم قدرت عليه وألهمته طلب التوبة من ذنوبه، يا رب! فتب عليه؛ فقد عرف ذنبه، توبة مصرٍّ غير عائد، يا رب! إن الخضر سألني أن أدعوك، فقد دعوتك مدلاً عليك بما وعدتني من حسن إجابتك في أوليائك.
فنودي: مر الخضر أن يزهد في الدنيا، فإذا زهد في الدنيا، اشتاق إلي، ومن اشتاق إلي، اشتقت إليه، ولا أشتاق إلى من لا أريد مغفرته، ولم أرض عنه، فأخبره سادون، فزهد بعد ذلك الخضر زهداً لم يزهد أحد مثله.
وكان سادون رجلاً ملاحاً، فكان ذات ليلة نائماً على شط البحر، إذ خرجت سمكتان، فوقفتا حذاءه، فسكت عنهما سادون رجاء أن تخرجا إلى البر فيأخذهما، فنادته إحداهما: يا سادون! أبلغ من حبك الدنيا حتى تطمع في برها وبحرها، والله! إنك طمعت أن تصطاد من هو أعبد لله منك، فنادتها صاحبتها فقالت: يا هذه! أتمنين على سادون بعبادتك ربك، ولم تؤدي شكر نعمةٍ أنعمها الله عليك؟!.
قال: فقلت: من أنتما فقالت الأخيرة: أما التي نادتك بالكلام الأول، فمنت على الله، فمسخها الله الآن، فها هي ذي ممسوخة خرساء، وأما أنا، فإني من جنس السمكة التي كان يونس بن متى في بطنها.
فقال سادون: كيف خصها الله بيونس من بين دواب البحر؟ قالت: كانت تعبد الله في البحر بزهدها، قال: فكيف كان زهدها؟ قالت: كانت لا تبرح، فإن أوتيت صيداً عفواً، أكلته، وإلا، صبرت، فكانت دواب البحر تسميها: السمكة الزاهدة، فأكرمها الله تعالى بنبيه عليه السلام إكراماً لها بزهدها، فزهد سادون من مكانه زهداً، وأخلص لله عبادته، فقام من ساعته، فمر على الماء، فلما توسط البحر، وقف، فلم يزل إلى أن صار إلى الخضر في مكان واحد يعبد الله ويدعوه.(1/1569)
1581 - نا عبد العزيز بن منيب، قال: نا محمد بن كثير العبدي، وابن أبي شيبة، والهيثم بن أيوب، قالوا: نا أبو المنذر هذيل بن الحكم الأزدي، قال: نا عبد العزيز بن أبي رواد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((موت الغريب شهادةٌ)).(1/1570)
1582 - نا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، قال: نا بشر بن عمر، قال: نا هشام بن سعد، عن سعيد ابن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف الإسكندراني، عن عياض ابن عقبة الفهري، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، وقاه الله فتنة القبر)).(1/1571)
1583 - نا الجارود، قال: نا حفص بن عبد الله السلمي، قال: نا عبد القدوس، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله، وزاد فيه: ((وغدي وريح عليه من الجنة)).(1/1572)
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشهداء أمناء الله؛ قتلوا أو ماتوا على فرشهم)).
1584 - نا بذلك محمد بن يحيى، عن علي بن الحسن، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، عن راشد بن سعد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1573)
1585 - نا عبد الكريم بن عبد الله، عن محمد بن معاوية، عن ليث بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن شهاب، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الشهداء، فقال: ((إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش، ورب قتيلٍ بين الصفين الله أعلم بنيته)).(1/1574)
1586 - نا عبد الكريم، عن خالد بن صبيح أبو أنس المدائني، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس من أحدٍ إلا وله كرائم من ماله يأبى بهن الذبح، وإن لله خلقاً من خلقه يأبى بهم الذبح، أقوامٌ يجعل موتهم على فرشهم، ويقسم لهم أجور الشهداء)).(1/1575)
1587 - نا سهل بن العباس، قال: نا عبد الرحمن ابن مغراء، عن عبد الرحمن بن زياد، عن أبي عبد الرحمن المعافري، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أضن بدم عبده المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه)).(1/1576)
1588 - نا أحمد بن مصرف اليامي، قال: نا محمد ابن بشر العبدي، عن عباد بن كثير، عن حوشب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يضن بهم عن الأمراض والأسقام، يحييهم في عافيةٍ، ويميتهم في عافيةٍ، ويدخلهم الجنة في عافيةٍ)). (1/1577)
1589 - نا عمر بن أبي عمر، قال: نا الربيع بن روح الحمصي، عن إسماعيل بن عياش، عن مسلم بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن لله ضنائن من خلقه يغذوهم برحمته، محياهم في عافيةٍ، ومماتهم إذا توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم، وهم منها في عافيةٍ)).(1/1578)
1590 - نا محمد بن علي الشقيقي، قال: نا أبي، قال: نا عبد الله، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: نا أبو سلام، قال: نا خالد بن يزيد، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس من اللهو ثلاثةٌ: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه ونبله)).(1/1579)
1591 - نا صالح بن محمد، قال: نا نصر بن عبد الكريم، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن عبد الله بن زيد، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل لهوٍ للمؤمن باطلٌ إلا ثلاثةً؛ فإنهن حقٌّ: رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله)).(1/1580)
1592 - حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد التمار: ثنا عثمان بن صالح المقرئ، قال: حدثني ابن لهيعة، قال: حدثني عبد الرحمن بن جساس، عن عمرو بن حريث، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النائم الطاهر كالصائم القائم)).(1/1581)
1593 - حدثنا بذلك قتيبة بن سعيد: ثنا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو، قال: تعرج الأرواح إلى الله في منامها، فما كان منها طاهراً، سجد تحت العرش، وما كان غير طاهر، سجد قاصياً.
فلذلك: يستحب ألا ينام الرجل إلا وهو طاهر.
قال قتيبة: سألني جرير عن هذا الحديث، فحدثته به، فقال لابنه إسماعيل: اكتب هذا الحديث. (1/1582)
1594 - حدثنا عمر بن أبي عمر، ثنا عبد الغفار بن داود، عن ابن لهيعة، عن عثمان بن نعيم، عن أبي عثمان الأصبحي، عن أبي الدرداء، قال: إذا نام الإنسان، عرج بنفسه حتى يؤتى بها تحت العرش، فإن كان طاهراً، أذن لها في السجود، وإن كان جنباً، لم يؤذن لها في السجود.(1/1583)
1595 - حدثنا محمد بن الحسن الليثي: ثنا إبراهيم ابن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: ((ما ألفاه السحر عندي إلا نائماً)) -تعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم-.(1/1584)
1596 - حدثنا محمد بن سعيد بن سويد الحكمي: حدثني أبي سعيد بن سويد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أبطأ عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر حتى كادت الشمس تدركنا، ثم خرج فصلى بنا، فخفف في صلاته، ثم انصرف، فأقبل علينا بوجهه، فقال: ((على مكانكم، أخبركم ما بطأني عنكم اليوم في هذه الصلاة: إني صليت في ليلتي هذه ما شاء الله، ثم ملكتني عيني فنمت، فرأيت ربي تعالى في أحسن صورةٍ وأجملها، فقال: يا محمد! قلت: لبيك يا رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب، ثم قال: يا محمد! قلت: لبيك يا رب قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب، قال: فوضع كفه بين كتفي، فوجدت برد أنامله بين ثديي، فعلمت من كل شيءٍ، وبصرته، ثم قال: يا محمد! قلت: لبيك يا رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: وما هن؟ قلت: في المشي على الأقدام إلى الجماعات، وفي إسباغ الوضوء في السبرات، وفي القعود في المساجد بعد الصلوات، قال: ثم فيم؟ قال: قلت: وفي إطعام الطعام، وفي إفشاء السلام، ولين الكلام، والصلاة بالليل والناس نيامٌ، قال: سل، قال: قلت: اللهم إني أسألك حب الحسنات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنةً بين خلقك، فنجني منها غير مفتونٍ، اللهم وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عملٍ يقرب إلى حبك))، ثم أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((تعلموهن، وادرسوهن؛ فإنهن حقٌّ)).(1/1585)
1597 - حدثنا الجارود بن معاذ: ثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني خالد بن اللجلاج، قال: حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.(1/1586)
1598 - حدثنا أبو سنان البلخي: ثنا عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، عن أبي يزيد، عن أبي سلام الأسود، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/1587)
1599 - حدثنا أبي رحمه الله، عن رجاء بن نوح، عن سعيد بن سالم، قال: حدثني عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي مليح بن أسامة، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه.(1/1588)
1600 - حدثنا الفضل بن محمد الواسطي: ثنا إبراهيم بن موسى الطرسوسي: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن سعيد بن زيد، قال: حدثني أبو سلمة [بن] عبد الرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وكل بالنفوس شيطانٌ يقال له: اللهو، فهو يخيل إليها، ويتراءى إلى أن تنتهي إذا عرج بها، فإذا انتهت إلى السماء، فما رأت، فهو الرؤيا التي تصدق)).(1/1589)
1601 - حدثنا أبي رحمه الله: ثنا محمد بن حفص البلخي: ثنا العلاء بن الحكم، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن: أنه قال: من لم يحفظ هذا الحديث، كان نقصان في مروءته وعقله، قلنا: وما ذاك يا أبا سعيد؟ قال: فبكى، وأنشأ يحدثنا، فقال: لو أن رجلاً من المهاجرين الأولين اطلع من باب مسجدكم هذا، ما أدرك شيئاً مما كانوا عليه إلا قبلتكم هذه، ثم قال:
هلاك الناس ثلاثٌ: قولٌ ولا فعلٌ، ومعرفةٌ ولا صبرٌ، ويقينٌ ولا صدقٌ، مالي أراكم رجالاً، ولا أرى عقولاً، وأرى أجساماً، ولا أرى قلوباً، دخلوا في الدين ثم خرجوا، وحرموا ثم استحلوا، وعرفوا ثم أنكروا، إنما دين أحدهم على لسانه، ولئن سألته: هل يؤمن بيوم الحساب؟ قال: نعم، وكذب ومالك يوم الدين!
((إن من أخلاق المؤمن: قوةً في دين، وحزماً في لينٍ، وإيماناً في يقينٍ، وحرصاً في علمٍ، وشفقةً في معةٍ، وحلماً في علمٍ، وقصداً في غنًى، وتجملاً في فاقةٍ، وتحرجاً عن طمعٍ، وكسباً من حلالٍ، وبرًّا في استقامةٍ، ونشاطاً في هدًى، ونهياً عن شهوةٍ، ورحمةً للمجهود، وإن المؤمن -عياذاً لله- لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يضيع ما استودع، ولا يحسد، ولا يطعن، ولا يلعن، ويعترف بالحق، وإن لم يشهد عليه، ولا يتنابز بالألقاب، في الصلاة متخشعاً، إلى الزكاة مسرعاً، في الزلازل وقوراً، في الرخاء شكوراً، قانعاً بالذي له، لا يدعي ما ليس له، ولا يجمع في القيظ، ولا يغلبه الشح عن معروفٍ يريده، يخالط الناس كي يعلم، ويناطق الناس كي يفهم، وإن ظلم وبغي عليه، صبر، حتى يكون الرحمن هو الذي ينتصر له)).
ثم قال الحسن: وعظني بهذا الحديث: جندب بن عبد الله، وقال جندب: وعظني بهذا الحديث: رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1/1590)
ولذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((ما رزق عبدٌ شيئاً أفضل من إيمان صلبٍ)).
1602 - حدثنا أبي رحمه الله: ثنا صالح بن محمد، عن النضر بن شميل، عن عوف، عن أبي السليل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1591)
1603 - حدثنا صالح بن محمد: ثنا سليمان بن عمرو، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله في الأرض أواني، ألا وهي القلوب، وأحبها إلى الله: أرقها، وأصفاها، وأصلبها: أرقها للإخوان، وأصفاها من الذنوب، وأصلبها في ذات الله. (1/1592)
1604 - فحدثنا عبد الوهاب بن فليح المكي: ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن الحسن بن عمرو، ثنا عبد الرحمن بن سعد بن ذئاب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((عن جريجٍ الراهب: أنه كان متعبداً في صومعةٍ زمان بني إسرائيل، وكانت له أمٌّ، فتأتيه فتناديه، فتقول: يا جريج! فيقطع صلاته، ويكلمها، فأتته يوماً، فجعلت تناديه: يا جريج! فجعل لا يكلمها، ولا يقطع صلاته، ويقول: يا رب! أمي وصلاتك، فلا يكلمها، فلما رأت العجوز ذلك، جزعت، وقالت: اللهم إن كان جريج يسمع كلامي ولا يكلمني، فلا تمته حتى ينظر في أعين المومسات، وكانت راعيةٌ وراعٍ يأويان إلى ديره، فوقع بها الراعي، فحملت، وكان أهل القرية يعظمون الزنا إعظاماً شديداً، فلما ولدت، أخذها أهل القرية فقالوا: ممن ولدت؟ قالت: من جريجٍ الراهب، نزل فوقع بي، فحملت، فأتاه قومه فنادوه: يا جريج! فجعل يقول: يا رب! قومي وصلاتك، وجعل لا يكلمهم، فلما رأوا ذلك، ضربوا صومعته بالفؤوس، فلما رأى ذلك، نزل إليهم، قال: ما لكم؟
قالوا: ذكرت هذه أنها ولدت منك، فضحك، ثم صلى ركعتين، ثم وضع يده على رأس المولود، فقال: من أبوك؟ فقال: الراعي الذي كانت تأوي معه إلى ديرك، فلما رأى ذلك قومه، جزعوا بما صنعوا به، وقالوا له: دعنا نبني صومعتك، ونعيدها لك من ذهبٍ، قال: لا، أعيدوها على ما كانت، فقال له قومه: لم ضحكت ونحن نريد ما نريد من القتل والشتم؟ قال: ذكرت دعوة والدتي: لا أموت حتى أنظر في أعين المومسات))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! لو دعت الله أن يخزيه، لأخزاه، ولكنها دعت أن ينظر، فنظر)).
فقال مجاهد: فكان المولود أحد الثلاثة الذين تكلموا في المهد. (1/1593)
1605 - حدثنا إبراهيم بن المستمر الهذلي: أنبأنا الحكم بن الريان اليشكري، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: حدثني يزيد بن حوشب الفهري، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو كان جريج الراهب فقيهاً عالماً؛ لعلم أن إجابته أمه من عبادة ربه)).(1/1594)
1606 - حدثنا صالح بن محمد: ثنا القاسم بن عبد الله العمري، عن عمه عبيد الله بن عمر، عن علي بن زيد ابن جدعان القرشي، عن سعيد ابن المسيب، قال: جاء عثمان بن مظعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! غلبني حديث النفس، فلم أر أن أحدث شيئاً حتى أذكر ذلك لك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما تحدثك به نفسك يا عثمان؟))، قال: تحدثني نفسي بأن أختصي؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن خصاء أمتي الصيام))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني بأن أترهب في رؤوس الجبال؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن ترهب أمتي في الجلوس في المساجد انتظاراً للصلاة))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني أن أسيح في الأرض؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن سياحة أمتي الغزو في سبيل الله، والحج والعمرة))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني بأن أخرج من مالي كله؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن صدقتك يوماً بيومٍ، وتكف نفسك وعيالك، وترحم المسكين واليتيم، فتطعمه، أفضل من ذلك))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني بأن أطلق خولة امرأتي؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن الهجرة في أمتي من هجر ما حرم الله عليه، أو هاجر إلي في حياتي، أو زار قبري بعد مماتي، وإن مات وله امرأتان، أو ثلاثٌ، أو أربعٌ)).
قال: يا رسول الله! فإن نهيتني أن أطلقها، فإن نفسي تحدثني بأن لا أغشاها؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن الرجل المسلم إذا غشي أهله، أو ما ملكت يمينه، فلم يكن من وقعته تلك ولد، كان له وصيفٌ في الجنة، وإن كان من وقعته تلك ولدٌ، فمات قبله؛ كان له فرطاً وشفيعاً يوم القيامة، وإن مات بعده؛ كان له نوراً يوم القيامة))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني بأن لا آكل اللحم؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإني أحب اللحم وآكله إذا وجدته، ولو سألت ربي أن يطعمنيه في كل يومٍ، لأطعمنيه))، قال: يا رسول الله! فإن نفسي تحدثني بأن لا أمس الطيب؟ قال: ((مهلاً يا عثمان؛ فإن جبريل أتاني بالطيب من الجنة غبًّا، وقال: يوم الجمعة لا تتركه، يا عثمان! لا ترغب عن سنتي، فمن رغب عن سنتي، ثم مات قبل أن يتوب، ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة)).(1/1595)
1607 - حدثنا أبي رحمه الله: أنبأنا أحمد بن يونس، عن عباد بن كثير، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه، وزاد فيه: أنه قال: يا رسول الله! إن نفسي تحدثني أن أخرج من جميع ما أملك؟ قال: ((مهلاً يا عثمان، صدقةٌ على اليتيم والمسكين والأرملة، فكذلك حتى يأتيك الموت)).(1/1596)
1608 - فحدثنا إسماعيل بن نصر: ثنا الحسن بن قتيبة المدائني، عن جامع بن شداد، قال: أتيت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بمكة، فقلت: يرحمك الله! إنا خرجنا، فأكل بعضنا الجبن، وتركه بعضنا كراهية له، فكيف ترى؟ فقال: يا أيها الناس! لا تغلوا في دينكم -مرتين- حدثني أبو هريرة: أن عيسى بن مريم -صلاة الرحمن عليه- ندب قومه لخبز ولحم وشراب، ثم أرسل إليهم، فدعاهم، فأقبلوا يمسحون أيديهم بملاء الكتان باغين، فقالوا: لا نأكل من هذا اللحم؛ لأن كبشه رضع من كلبة، ولا نأكل من هذا الخبز؛ لأن سنبله نبت في مزبلة، ولا نشرب من هذا الشراب؛ لأن حبلته نبتت في مقبرة، قال: فلم يرموا بخبز حتى حبب إليهم اللحم، حتى إنهم ليأكلون الخصي؛ من حبهم اللحم، وإن الفويسقة تقع في إناء أحدهم، فيخرجها، ويشرب من حبه الشراب، وإنه لا يصلح شيء إلا بمزبلة، ثم التفت إلى مولى له، فقال: أو لم يكن من أحب زادنا إلينا الخبز؟.(1/1597)
1609 - حدثنا هارون بن حاتم الكوفي: أنبأنا عبيدة الحذاء، عن الأعمش، عن جرير بن حازم، عن أبي قلابة، قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم: أن ناساً من أصحابه احتموا النساء واللحم، فأوعد النبي صلى الله عليه وسلم فيه وعداً شديداً، حتى ذكر القتل، فقال: ((لو كنت تقدمت فيه، لقتلت))، ثم قال: ((إني لم أرسل بالرهبانية، إن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة، وإنما هلك من قبلكم من أهل الكتاب بالتشديد يشدد على أنفسهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار، اعبدوا لله، ولا تشركوا به شيئاً، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا، واعتمروا، واستقيموا، يستقم بكم)).(1/1598)
1610 - حدثنا أحمد بن عبد الرحيم الحراني، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن، قال: ما سمعت الله نحل عباده شيئاً أقل من الحلم، قال: {إن إبراهيم لحليمٌ}، وقال: {فبشرناه بغلامٍ حليمٍ}.(1/1599)
وكان إذا أراد أن يخرج إلى الناس، نظر في ركوةٍ فيها ماء، فيسوي من لحيته، وشعر رأسه، ويقول: ((إن الله جميلٌ يحب الجمال)).
1611 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله: ثنا أبو نعيم النخعي، عن العلاء بن كثير، عن مكحول، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1600)
1612 - حدثنا الجارود بن معاذ: ثنا عبد العزيز بن أبان، عن مالك بن مغول، عن أبي معشر، عن إبراهيم: أنه يستحب أن يسوي الرجل بين ولده، حتى في القبلة.(1/1601)
1613 - حدثنا سفيان بن وكيع: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اعدلوا بين أولادكم في النحلة كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف)).(1/1602)
1614 - حدثنا سفيان، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن النعمان بن بشير: أن أباه نحله غلاماً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده، فقال: ((كل ولدك نحلته؟))، قال: لا، قال: ((فاردده)).(1/1603)
1615 - حدثنا سفيان، نا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: حدثني النعمان بن بشير، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثله.(1/1604)
وروي: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت)).
1616 - حدثنا بذلك حفص بن عمرو.(1/1605)
1617 - حدثنا محمد بن عيسى، عن موسى بن محمد ابن عطاء مولى عثمان بن عفان، عن عبيد الله بن راشد، عن الحسن البصري، عن سلمان، قال: المؤمن في سبعين حجاباً من نور، فإذا عمل خطيئة، ثم تناساها حتى يعمل أخرى، هتك عنه حجاباً من تلك الحجب، فلا يزال كلما عمل خطيئة، ثم تناساها حتى يعمل أخرى، هتك عنه حجاباً، فإذا عمل كبيرة، هتك عنه تلك الحجب كلها، إلا حجاب الحياء، وهو أعظمها حجاباً، فإن تاب تاب الله عليه، ورد تلك الحجب كلها، فإن عمل خطيئة بعد الكبائر، ثم تناساها حتى يعمل أخرى قبل أن يتوب، هتك عنه حجاب الحياء، فلم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً، فإذا كان مقيتاً ممقتاً؛ نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة، لم تلقه إلا خائناً مخوناً، فإذا كان خائناً مخوناً، نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة، لم تلقه إلا فظاً غليظاً، فإذا كان فظاً غليظاً، نزعت منه ربقة الإيمان، فإذا نزعت منه ربقة الإيمان، لم تلقه إلا لعيناً ملعناً شيطاناً رجيماً.(1/1606)
1618 - حدثنا الجارود: ثنا: حدثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن عمرو بن أسامة الهمداني، عن ابن مسعود، قال: ما من رجلين مسلمين إلا بينهما من الله ستر، فإذا قال أحدهما لصاحبه: هجراً، هتك ستر الله.(1/1607)
1619 - حدثنا محمد بن يحيى القطعي: ثنا بشر بن عمر الزهراني، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمد، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((هل تدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: ((الذين إذا أعطوا الحق، قبلوه، وإذا سئلوا، بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم)).(1/1608)
1620 - حدثنا صالح بن محمد: أنبأنا سليمان بن عمرو، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يعبث بلحيته في صلاته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو خشع قلبه، خشعت جوارحه)).(1/1609)
1621 - حدثنا الفضل بن محمد الواسطي: ثنا أحمد ابن أبي الحواري: ثنا مروان بن محمد بن الفضل الكندي، عن خالد بن يزيد بن صبيح، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، قال: قال داود عليه السلام: إلهي! دلني على عمل إذا أنا عملته، نلت به وقارك، فأوحى الله إليه: يا داود! أحبب المؤمنين من أجلي، ولا يزال لسانك رطباً من ذكري، واعمل لي حتى كأنك تراني.(1/1610)
1622 - حدثنا بذلك صالح بن محمد: ثنا سليمان بن عمرو، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عن وهب بن منبه في قوله: {فلنحيينه حياةً طيبةً}، قال: القناعة.(1/1611)
1623 - حدثني أبي رحمه الله: ثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري: ثنا صباح بن واقد الأنصاري، عن إسماعيل بن رافع المديني، عن دويد بن نافع المديني، رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((إن الله أنزل في بعض ما أنزل الله من الكتب قسماً يقسمه، يقول: وعزتي وجلالي، وجمالي وعلوي ودنوي وارتفاع مكاني! لمن آثر هواي على هواه، لأجمعن له شمله، ولأكفينه ما أهمه، ولأجعلن غناه في نفسه، ولأضمنن السماوات والأرض رزقه، ولأتجرن له من رواء تجارة كل تاجرٍ، ولمن آثر هواه على هواي، لأشتتن -أو قال: لأشككن- عليه أمره، ولأجعلن فقره بين عينيه، ولأحضرنه همومه، الحاضر منها والغائب، والقديم منها والحديث، حتى لا يدري من أين تجيئه، ومن أين تأخذه، فإذا ملأ قلبه غنًى، قنع)).(1/1612)
1624 - حدثنا بذلك صالح بن محمد: ثنا سليمان ابن عمرو، عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن كيسٌ فطنٌ حذرٌ، وقافٌ متثبتٌ، لا يعجل، عالمٌ ورعٌ، والمنافق همزةٌ لمزةٌ حطمةٌ كحاطب ليلٍ، لا يبالي من أين اكتسب، وفيما أنفق)).(1/1613)
1625 - حدثنا أبي رحمه الله: ثنا عثمان بن زفر الكوفي: ثنا حصين بن عمر الأحمسي، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، قال: سئل ابن عباس عن أبي بكر الصديق، قال: كان كالخير كله من رجل كان فيه حدة، وسئل عن عمر، فقال: كان كالطير الحذر الذي يرى أن له في كل طريق شركاً يأخذه.(1/1614)
كذلك جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من طلب الدنيا حلالاً، واستعفافاً عن المسألة، وسعياً على عياله، وتعطفاً على جاره، جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالاً، مفاخراً مكاثراً مرائياً، لقي الله وهو عليه غضبان)).
1626 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله: ثنا ثابت بن محمد الزاهد: ثنا سفيان الثوري، عن حجاج بن فرافصة، عن مكحول، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/1615)
1627 - حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا حبيب بن غالب اليشكري، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، قال: الشح: منع حقوق الله في ماله، والبخل: منع المعروف.(1/1616)
1628 - حدثتني أم عائشة بنت سهل، عن أبيها سهل ابن سالم، عن خلاد بن محمد، عن أبي حمزة السكري، عن زكريا بن حكيم، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على عشرة: بشيراً، ونذيراً، وناسخاً، ومنسوخاً، ومحكماً، ومتشابهاً، وعظةً، ومثلاً، وحراماً، وحلالاً، فمن ابتشر ببشيره، وانتذر بنذيره، وعمل بناسخه، وآمن بمنسوخه، واقتصر على محكمه، ورد أمر متشابهه إلى عالمه، واتعظ بعظته، واعتبر بمثله، وأحل حلاله، وحرم حرامه؛ فأولئك هم المؤمنون حقًّا، لهم الدرجات العلا مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وهو وارثي، ووارث الأنبياء قبلي.
ولولا قسم أنه لا نبي بعدي؛ لكان نبياً من أنبياء الله، ولا يزال في ضمان الله وكنفه، وحيثما تلا القرآن، غشيته الرحمة، وتنزلت عليه السكينة، وكان بعين الله منوراً له قلبه إلى يوم القيامة، ويحشر يوم القيامة في زمرتي، وتحت لوائي، ولوائي أبيض العود، أخضر الرقعة، أفيح الريح، وله لسانان: لسان يرى بالمشرق، ولسان يرى بالمغرب، يظل حملة القرآن، والمتحابين في الله، فمن ضيع واحدة منهن؛ فقد ضيع كلهن، ويلقى الله تعالى غداً ظمآن، محول الخد، نادم القلب، مرتعد الفؤاد، حاسر القدم، مستحيياً من الرب -جل وعز-، مغفوراً له، أو معذباً)).(1/1617)
1629 - حدثنا محمد بن رزام الأبلي: ثنا أحمد ابن عطاء الهجيمي، قال: حدثني محمد بن نصير، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {قال رب أرني أنظر إليك}، فقال: ((يا موسى! إنه لا يراني حيٌّ إلا مات، ولا يابسٌ إلا تدهده، ولا رطبٌ إلا تفرق، إنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم، ولا تبلى أجسادهم)).(1/1618)
1630 - حدثنا الجارود: ثنا يونس بن محمد، عن شيبان، عن قتادة، قال: كان ابن عباس يكتم تفسير آيات من القرآن؛ مثل قوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معادٍ}، ومثل قوله: {ويسألونك عن الروح}،ومثل قوله: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}.(1/1619)
1631 - حدثنا صالح بن عبد الله بن ذكوان، عن محمد بن بكر، عن هشام، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من القرآن آيةٌ إلا ولها ظهرٌ وبطنٌ، وما من حرفٍ إلا وله حدٌّ، ولكل حدٍّ مطلعٌ)).
وزاد فيه عمر بن عبيد: قال: قلت للحسن: ما ظهرٌ وما بطنٌ؟ قال: سرٌّ وعلانية.
قال: فما المطلع؟ قال: منتهى ينتهي إليه.(1/1620)