الكبائر
تأليف
الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي
(673 - 748 هـ)
ويليه
منظومة في الكبائر
تأليف
أبي النجا موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي
و
جزء من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر
تأليف
الحافظ أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي
قرأه وقدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
مكتبة الفرقان
الطبعة الثانية
1424 هـ - 2003 م(/)
#87#
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن
قال الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي -غفر الله له-:
[مقدمة المصنف]
الحمد لله على الإيمان به وبكتبه، ورسله، وملائكته، وأقداره، وصلى الله على نبينا محمد وآله وأنصاره، صلاةً دائمةً تحلنا دار القرار في جواره.
هذا كتابٌ نافعٌ في معرفة الكبائر؛ إجمالاً وتفصيلاً، رزقنا الله اجتنابها برحمته.
قال الله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً}، فقد تكفل الله [سبحانه و] تعالى بهذا النص لمن اجتنب الكبائر؛ بأن يدخله الجنة.
[وقال تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} الآيات].(1/87)
#88#
وقال تعالى: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم [إن ربك واسع المغفرة]}.
1 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارةٌ لما بينهن؛ ما لم تغش الكبائر)).
فتعين علينا الفحص عن الكبائر ما هي؛ لكي يجتنبها المسلم، فوجدنا العلماء قد اختلفوا فيها: فقيل: هي سبع، واحتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام:
2 - ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر الشرك، والسحر، وقتل النفس، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات. متفق عليه.
3 - وجاء عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-، قال: ((هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع)).(1/88)
#89#
وصدق -والله- ابن عباس، والحديث فما فيه حصر الكبائر، والذي يتجه ويقوم عليه الدليل: أن من ارتكب حوباً من هذه العظائم: مما فيه حدٌ في الدنيا؛ كالقتل، والزنا، والسرقة، أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب وغضب وتهديد، أو لعن فاعله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن كبيرةٌ ولا بد، مع تسليم ذلك أن بعض الكبائر أكبر من بعضٍ، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام عد الشرك من الكبائر، مع أن مرتكبه مخلد في النار ولا يغفر له أبداً، قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك} وقال تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة}، ولا بد من الجمع بين النصوص.
4 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالها ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور. فما زال يكررها، حتى قلنا: ليته سكت)) متفق عليه.(1/89)
#90#
فبين عليه الصلاة والسلام أن قول الزور من أكبر الكبائر، وليس له ذكر في السبع الموبقات، [وكذلك العقوق].
فالكبيرة الأولى: الشرك بالله تعالى
وهو أن تجعل لله نداً [وهو خلقك]، وتعبد معه غيره من حجر أو بشر، أو شمس أو قمر، أو نبي، أو شيخ، أو جني، أو نجم، [أو ملك]، وغير ذلك.
قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
وقال [تعالى]: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار}.
وقال [تعالى]: {إن الشرك لظلمٌ عظيمٌ}، والآيات في ذلك كثيرة.
فمن أشرك بالله [تعالى]، ثم مات مشركاً فهو من أصحاب النار قطعاً،
#91#
كما أن من آمن بالله، ومات مؤمناً فهو من أصحاب الجنة، وإن عذب.
5 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله .. .. )) الحديث.
6 - وقال: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر منها الشرك.
7 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) [حديث] صحيح.(1/90)
#92##94#
الكبيرة الثانية: قتل النفس
قال الله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً}.
وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً. إلا من تاب وآمن}.
وقال تعالى: {من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً}.
وقال تعالى: {وإذا الموءودة سئلت. بأي ذنبٍ قتلت}.
8 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. ))، فذكر قتل النفس التي حرم الله.
#95#
9 - وقال عليه الصلاة والسلام وقد سئل: أي الذنب أعظم؟ - قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك حشية أن يطعم معك، قيل: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك)).
10 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله! هذا القاتل! فما بال المقتول؟! قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه)).
11 - وقال [صلى الله عليه وسلم]: ((لا يزال المرء في فسحةٍ من دينه ما لم يتند بدمٍ حرام)).
#96#
12 - وقال [صلى الله عليه وسلم]: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً؛ يضرب بعضكم رقاب بعضٍ)).
13 - وقال بشير بن مهاجر، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)).
#97#
14 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)) لفظ البخاري.
15 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((أول ما يقضى بين الناس في الدماء)).
16 - وقال فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين .. .. )).
17 - وقال حميد بن هلال، نبأنا نصر بن عاصم، نبأنا عقبة بن مالك، عن #98# النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أبى علي من قتل مؤمناً)) قالها ثلاثاً، وهذا على شرط مسلم.
18 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنه أول من سن القتل)) متفق عليه.
#99#
19 - وعن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) أخرجه البخاري والنسائي.
20 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا من قتل نفساً معاهدةً لها ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر ذمة الله، ولا يرح راحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفاً)) صححه الترمذي.
#100#
21 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أعان على قتل مؤمنٍ بشطر كلمةٍ، لقي الله مكتوبٌ بين عينيه: آيسٌ من رحمة الله)) رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وفي إسناده مقال.
22 - وعن معاوية [قال]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً)) أخرجه النسائي.(1/94)
#101#
الكبيرة الثالثة: السحر
لأن الساحر لا بد أن يكفر، قال الله تعالى: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}، وما للشيطان [الملعون] غرض في تعليمه الإنسان #102# السحر إلا ليشرك به.
وقال الله تعالى عن هاروت وماروت: {وما يعلمنا من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه .. .. } إلى أن قال: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق .. .. } الآيات، فترى خلقاً [كثيراً] من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراماً فقط، وما يشعرون أنه الكفر، فيدخلون في تعلم السيمياء وعملها، وهي محض السحر، وفي عقد المرء عن زوجته وهو سحر، وفي محبة الزوج لامرأته وفي بغضها وبغضه، وأشباه ذلك بكلماتٍ مجهولةٍ، أكثرها شركٌ وضلالٌ.
#103##104#
وحد الساحر القتل؛ لأنه كفر بالله، أو ضارع الكفر.
23 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر منها: السحر.
فليتق العبد ربه، ولا يدخل فيما يخسر به الدنيا والآخرة.
24 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حد الساحر ضربةٌ بالسيف)) والصحيح أنه من قول جندب.
#105##106#
25 - وقال بجالة بن عبدة: أتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنة: أن اقتلوا كل ساحرٍ وساحرةٍ.
26 - وعن أبي موسى -رضي الله تعالى عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مدمن خمرٍ، وقاطع رحمٍ، ومصدقٌ بالسحر)) رواه أحمد في ((مسنده)).
#107#
27 - وعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً: ((الرقى والتمائم والتولة شرك)) رواه أحمد وأبو داود.
#108##110#
التولة: نوع من السحر؛ وهو: تحبيب المرأة إلى الزوج.
والتميمة: خرزة ترد العين.
واعلم أن كثيراً من هذه الكبائر، بل عامتها إلا الأقل، يجهل خلقٌ [كثيرٌ] من الأمة تحريمه، وما بلغه الزجر فيه ولا الوعيد، فهذا الضرب فيهم تفصيل؛ فينبغي للعالم أن لا يستعجل على الجاهل، بل يرفق به، ويعلمه مما علمه الله، ولا سيما إذا كان قريب العهد بجاهليته، قد نشأ في بلاد الكفر البعيدة، وأسر وجلب إلى الأرض الإسلام، وهو تركي كافر أو كرجي مشرك لا يعرف بالعربي، فاشتراه أمير تركي لا علم عنده ولا #111# فهم، فبالجهد إن تلفظ بالشهادتين، فإن فهم بالعربي حتى يفقه معنى الشهادتين بعد أيام وليال فبها ونعمت، ثم قد يصلي وقد لا يصلي، وقد يلقن الفاتحة مع الطول إن كان أستاذه فيه دينٌ ما، فإن كان أستاذه شبيهاً به فمن أين لهذا المسكين أن يعرف شرائع الإسلام والكبائر واجتنابها، والواجبات وإتيانها؟! فإن عرف هذا موبقات الكبائر وحذر منها، وأركان الفرائض واعتقدها، فهو سعيد، وذلك نادر، فيبغي للعبد أن يحمد الله تعالى على العافية، فإن قيل: هو فرَّط لكونه ما سأل عما يجب عليه، قيل: هذا ما دار في رأسه، ولا استشعر أن سؤال من يعلمه يجب عليه، {ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نورٍ}، فلا يأثم أحدٌ إلا بعد العلم، وبعد قيام الحجة عليه، والله لطيف بعباده #112##113# رؤوف بهم، قال الله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}، وقد كان سادة الصحابة بالحبشة، وينزل الواجب والتحريم على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يبلغهم تحريمه إلا بعد أشهر، فهم في تلك الأشهر معذورون بالجهل حتى يبلغهم النص، فكذا يعذر #114# بالجهل كل من لم يعلم حتى يسمع النص، والله تعالى أعلم.(1/101)
الكبيرة الرابعة: ترك الصلاة
قال الله تعالى: {فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً. إلا من تاب .. .. } الآية.
وقال تعالى: {فويلٌ للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراءون، ويمنعون الماعون}.
وقال تعالى: {ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين .. .. } الآيات.
#115#
28 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)).
29 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من فاتته صلاة العصر حبط عمله)).
30 - وقال: ((بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة)).
31 - وعنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ((من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله)) قاله مكحول عن أبي ذر، ولم يدركه.
#116##117#
32 - وقال عمر رضي الله عنه: ((أما إنه لا حظ لأحدٍ في الإسلام أضاع الصلاة)).
#118#
33 - وقال إبراهيم النخعي: ((من ترك الصلاة فقد كفر)).
34 - وقال أيوب السختياني مثل ذلك.
35 - وروى الجريري عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. أخرجه الحاكم في ((المستدرك))، وأخرجه الترمذي دون ذكر #119# أبي هريرة، وقال ابن حزم: لا ذنب بعد الشرك أعظم من ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، وقتل مؤمنٍ بغير حق.
36 - وروى همام، نبأنا قتادة، عن الحسن، عن حريث بن قبيصة، قال: حدثني أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر)) حسنه الترمذي.
#120##124#
37 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)) متفق عليه.
38 - وعن أبي سعيد، أن رجلاً قال: يا رسول الله! اتق الله! فقال: ((ويلك ألست أحق أهل الأرض أن أتقي الله؟! فقال خالد بن الوليد -رضي الله تعالى عنه-: ألا أضرب عنقه يا رسول الله؟! فقال: لا، لعله أن يكون يصلي)) متفق عليه.
39 - وروى الإمام أحمد في ((مسنده)) من حديث عبد الله بن عمروٍ -رضي #125# الله تعالى عنهما-، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من لم يحافظ على الصلاة لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان [وأبي جهل] وأبي بن خلف)) ليس إسناده بذلك.
وهذه النصوص تشعر بكفر تارك الصلاة.
#126#
40 - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ((ما من عبدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) متفق عليه.
[فمؤخر الصلاة عن وقتها صاحب كبيرة، وتاركها بالكلية -أعني: الصلاة الواحدة- كمن زنى وسرق؛ لأن ترك كل صلاةٍ أو تفويتها كبيرةٌ، فإن فعل ذلك مراتٍ كان من أهل الكبائر إلا أن يتوب، فإن لازم ترك الصلاة فهو من الأخسرين الأشقياء المجرمين].(1/114)
الكبيرة الخامسة: منع الزكاة
قال الله تعالى: {وويلٌ للمشركين. الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون}.
وقال: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذابٍ أليمٍ. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}.
41 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي منها #127# زكاتها إلا بطح لها يوم القيامة بقاعٍ قرقرٍ تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها كلما نفدت عليه أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا مثل له كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع .. .. )) الحديث.
42 - وقد قاتل أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- مانعي الزكاة، وقال: ((والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم على منعها)).
قال الله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو #128# خيراً لهم بل هو شرٌ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبيرٌ}.
43 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن منع الزكاة، قال: ((من منعها فإنا آخذوها وشطر إبله، عزمةٌ من عزمات ربنا)) أخرجه أبو داود والنسائي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.
44 - و [عن] يحيى بن [أبي] كثير، حدثني عامر العقيلي، أن أباه أخبره #129# أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ثلاثةٍ يدخلون النار: أمير مسلطٌ، وذو ثروةٍ لا يؤدي حق الله في ماله، وفقيرٌ فخورٌ)).
45 - وعن [شريك وغيره] عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن #130# عبد الله قال: أمرتم بالصلاة والزكاة، فمن لم يزك فلا صلاة له.(1/126)
الكبيرة السادسة: عقوق الوالدين
قال الله [-عز وجل-]: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً}.
وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسناً .. .. } الآية.
#131#
46 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ .. .. )) فذكر منها عقوق الوالدين. متفق عليه.
47 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد)) صحيح.
#132##134#
48 - وعنه [عليه الصلاة والسلام]: ((الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ، وإن شئت فضيع)) صححه الترمذي.
#135#
49 - وعنه عليه الصلاة والسلام، قال: ((الجنة تحت أقدام الأمهات)).
#136#
50 - [وقال عليه الصلاة والسلام وجاءه رجل يستأذنه في الجهاد معه، فقال: ((أحيٌ والداك؟)) قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد)).
51 - وقال: ((أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك)).
#137##138#
52 - وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة عاق، ولا منانٌ، ولا مدن خمرٍ، ولا مؤمنٌ بسحر)).
53 - وقال عبد الله بن عمرو [-رضي الله عنهما-]: جاء أعرابيٌ، فقال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: ((الإشراك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم عقوق الوالدين، قال: ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس)).
54 - وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة عاقٌ ولا مكذبٌ بالقدر)).
#139#
55 - وروى عيسى بن طلحة بن عبيد الله، [عن] عمرو بن مرة الجهني [-رضي الله تعالى عنه-]، أن رجلاً قال: يا رسول الله! أرأيت إن صليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، وأديت الزكاة، وحججت [البيت]، فماذا لي؟ قال: ((من فعل ذلك كان مع النبيين والصديقين والشهداء؛ إلا أن يعق والديه)).
#140#
56 - وعن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، قال: حدثنا أبي، عن أبي بكرة مرفوعاً: ((كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجل لصاحبه)).
#141#
57 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يجزي ولدٌ والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) رواه مسلم.
58 - وعنه عليه الصلاة والسلام بإسناد حسن، قال: ((لعن الله العاق لوالديه)).
#142#
59 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((الخالة بمنزلة الأم)) صححه الترمذي.
60 - وعن وهب بن منبه، قال: ((إن الله قال: [يا موسى!] وقر والديك؛ فإنه من وقر والديه مددت في عمره، ووهبت له ولداً يبره، ومن عق والديه، قصرت عمره، ووهبت له ولداً يعقه)).
61 - وقال كعب: ((والذي نفسي بيده، إن الله ليجعل حين العبد إذا كان عاقاً لوالديه ليجعل له العذاب، وإن الله ليزيد [في] عمر العبد إذا كان باراً بوالديه ليزيد براً وخيراً)).
#143#
62 - وقال أبو بكر بن أبي مريم: ((قرأت في التوراة: من يضرب أباه يُقتل)).
63 - وقال وهب: ((في التوراة: [على] من صك والده الرجم)).(1/130)
الكبيرة السابعة: أكل الربا
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم #144# مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله .. .. } الآية.
وقال [تعالى]: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس .. .. } [إلى قوله: {ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}].
فهذا وعيد عظيم بالخلود في النار كما ترى لمن عاد إلى الربا بعد الموعظة، فلا حول ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم].
#145#
64 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟! قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)).
65 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله آكل الربا وموكله)) رواه مسلم، والترمذي فزاد: ((وشاهديه وكاتبه)) وإسناده صحيح.
#146#
66 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((آكل الربا وموكله وكاتبه إذا علموا ذلك، ملعونون على لسان محمدٍ يوم القيامة)) أخرجه النسائي.(1/143)
#147##151#
الكبيرة الثامنة: أكل مال اليتيم ظلماً
قال الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}.
#152#
وقال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن .. .. }.
67 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر منها أكل مال اليتيم.
وكل ولي ليتيم كان فقيراً فأكل بالمعروف فلا بأس [عليه]، وما زاد على المعروف فسحتٌ حرام، والمعروف يرجع فيه إلى عرف الناس المؤمنين الخالين من الأغراض الخبيثة.(1/151)
#153#
الكبيرة التاسعة: [الكذب على النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم-]
الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم كفرٌ ينقل عن الملة، ولا ريب أن تعمد الكذب على الله ورسوله، في تحليل حرامٍ أو تحريم حلالٍ كفرٌ محض، وإنما الشأن في الكذب عليه في سوى ذلك.
#154#
68 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن كذباً علي ليس ككذبٍ على غيري، من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
69 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كذب علي بني له بيتٌ في جهنم)) صحيح.
70 - وقال: ((من يقل عني ما لم أقله، فليتبوأ مقعده من النار))].
#155#
71 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((يطبع المؤمن على كل شيء ٍإلا الخيانة والكذب)).
#156#
72 - وقال: ((من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذبٌ فهو أحد الكذابين)).
#157#
فلاح [لك] بهذا أن رواية الموضوع لا تحل.(1/153)
الكبيرة العاشرة: إفطار رمضان بلا عذر ولا رخصة
73 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذرٍ ولا رخصة، لم يقضيه صيام الدهر ولو صامه)) هذا لم يثبت.
#158#
74 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفاراتٌ لما بينهن؛ ما اجتنبت الكبائر)).
75 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)) متفق عليه.
76 - [وقال حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء]، عن ابن عباس، قال: ((عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثةٌ: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة، وصوم رمضان، فمن ترك واحدةً منهن فهو كافر، وتجده كثير المال ولم يحج ولم يزك ولا يحل دمه)) هذا خبر صحيح.
#159##160#
77 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل فلا حاجة لله بأن يدع الطعام والشراب)) صحيح.
78 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رغم أنف امرئٍ أدرك شهر رمضان فلم يغفر له)).
#161#
وعند المؤمنين مقرر [أن] من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض؛ أنه شر من الزاني، والمكاس، ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال.(1/157)
الكبيرة الحادية عشرة: الفرار من الزحف
قال الله تعالى: {ومن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحرفاً لقتالٍ أو متحيزاً إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ من الله ومأواه جهنم وبئس المصير}.
79 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر منها التولي يوم الزحف.(1/161)
#162#
الكبيرة الثانية عشرة: الزنا وبعضه أكبر إثماً من بعض
قال الله تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً}.
#163#
وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً} الآيات.
وقال تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}
وقال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرم ذلك على المؤمنين}.
80 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم -وسئل: أي الذنب أعظم؟ - قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تزاني حليلة جارك)).
81 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ)).
#164#
82 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة، فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان)).
هذا على شرط البخاري ومسلم.
83 - وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه)) إسناده جيد.
84 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذاب، وعائل مستكبرٌ)) رواه مسلم.
85 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، وما من رجلٍ يخلف رجلاً من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم #165# إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم؟)) رواه مسلم.
86 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((أربعةٌ يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر)) أخرجه النسائي، وإسناده صحيح.
وأعظم الزنا: الزنا بالأم والأخت وامرأة الأب وبالمحارم.
87 - [وقد] صحح الحاكم -والعهدة عليه-: ((من وقع على ذات محرمٍ فاقتلوه)).
#166##167#
88 - [وفي الباب أحاديث؛ منها: حديث البراء: أن خاله بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ عرس بامرأة أبيه أن يقتله ويخمس ماله].(1/162)
#168#
الكبيرة الثالثة عشرة: الإمام الغاش لرعيته، الظالم، الجبار
قال الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليمٌ}.
وقال تعالى: {كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.
89 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته .. .. )).
90 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((من غشنا فليس منا)).
#169#
91 - وقال: ((الظلم ظلماتٌ يوم القيامة)).
92 - وقال: ((أيما راعٍ غش رعيته فهو في النار)).
93 - وقال: ((من استرعاه الله رعية، [ثم] لم يحطها بنصحٍ إلا حرم الله عليه الجنة)).
وفي لفظ: ((يموت حين يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه
#170#
الجنة)) متفق عليه.
وفي لفظ: ((لم يجد رائحة الجنة)).
94 - وقال: ((ما من أمير عشرةٍ إلا يؤتى [به] مغلولة [يداه] إلى عنقه، أطلقه عدله أو أوبقه جوره)).
95 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر هذه الأمة شيئاً فرفق بها، فارفق به، ومن شق عليها فاشقق عليه)) رواه مسلم.
96 - وقال: ((سيكون أمراء فسقةٌ جورةٌ، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على #171# ظلمهم فليس مني ولست منه، ولن يرد علي الحوض)).
#172#
97 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم #173# أعز وأكثر ممن يعمله، ثم لم يغيروا إلا عمهم الله بعقابٍ)).
#174#
98 - وروى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد المسيء، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، #175# ثم يلعنكم كما لعنهم -يعني: بني إسرائيل- على لسان داود وعيسى ابن مريم)).
99 - و [عن] أغلب بن تميم، حدثنا المعلى بن زياد، عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: سلطانٌ ظلومٌ غشومٌ، وغالٍ في الدين، يشهد عليهم ويتبرأ منهم)) [أغلب ضعيف، وقد #176# رواه ابن المبارك، فقال: حدثنا منيع، حدثنا معاوية بن قرة بنحوه، ومنيع لا يدرى من
#177#
هو؟!].
100 - [وقال محمد بن جحادة، عن عطية]، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة إمامٌ جائر)).
#178#
101 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيها الناس: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا الله فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم، إن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، [لعنهم] الله على لسان أنبيائهم، ثم عمهم بالبلاء)).
#179#
102 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو ردٌ)).
103 - وقال: ((من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)).
#180#
104 - وقال عليه الصلاة والسلام ((من لا يَرحم لا يُرحم)).
105 - وقال: ((لا يَرحَمُ الله من لا يَرْحمِ الناس)).
106 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح لهم؛ إلا لم يدخل معهم الجنة)).
107 - وعنه -صلى الله تعالى عليه وسلم- قال: ((من ولاه [الله] شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة)) رواه أبو داود والترمذي.
#181#
108 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((الإمام العادل يظله الله في ظله)).
109 - وقال: ((المقسطون على منابر من نورٍ؛ الذين يعدلون في حكمهم #182# وأهليهم وما ولوا)).
110 - وقال: ((شرار أئمتكم: الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قالوا: يا رسول الله! أفلا ننابذهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)) رواهما مسلم.
111 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمةٌ إن أخذه أليم شديدٌ})) متفق عليه.
112 - وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: ((إياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ)) متفق عليه.
#183#
113 - وقال: ((إن شر الرعاء الحطمة)) متفق عليه.
114 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا يكلمهم الله .. .. )) فذكر منهم (الملك الكذاب).
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين}.
115 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تحرصون على الإمارة، وستكون ندامةً يوم القيامة)) رواه البخاري.
116 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنا -والله- لا نولي هذا العمل أحداً سأله، أو أحداً حرص عليه)) متفق عليه].
117 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((يا كعب بن عجرة! أعاذك الله من إمارة السفهاء؛ أمراء يكونون من بعدي، ولا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي))
#184#
صححه الحاكم.
118 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاث دعواتٍ مستجابات لا شك فيهن: [دعوة المظلوم]، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده)) سنده قوي.(1/168)
#185#
الكبيرة الرابعة عشرة: شرب الخمر وإن لم يسكر منه
قال الله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ .. .. } الآية.
وقال [تعال]: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه .. .. } الآيات.
119 - وثبت عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر مشى الصحابة بعضهم إلى بعض، وقالوا: حرمت الخمر وجعلت عدلاً للشرك.
وذهب عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- إلى [أن] الخمر أكبر الكبائر.
#186#
وهي بلا ريب أم الخبائث، وقد لعن شاربها في غير ما حديث.
#187#
120 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من شرب الخمر فاجلدوه، [فإن عاد فاجلدوه]، فإن شربها فاجلدوه، فإن شربها الرابعة فاقتلوه)) صحيح.
#188#
121 - [وقال عمرو بن الحارث: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه]، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ترك الصلاة سكراً مرةً [واحدةً فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها، ومن ترك الصلاة أربع مرات سكراً] كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل جهنم)) سنده صحيح.
#189#
122 - وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو قال: عصارة أهل النار)) أخرجه مسلم.
123 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((من شرب الخمر في الدنيا حرمها في الآخرة)) متفق عليه.
124 - وعنه عليه الصلاة والسلام قال: ((مدمن الخمر إن مات لقي الله #190# كعابد وثن)) رواه أحمد في ((مسنده)).(1/185)
#191##192#
الكبيرة الخامسة عشرة: الكبر والفخر والخيلاء والعجب والتيه
قال الله تعالى: {وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبرٍ لا يؤمن بيوم الحساب}.
وقال تعالى: {إنه لا يحب المستكبرين}.
وقال تعالى: {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطانٍ أتاهم إن في صدورهم إلا كبرٌ ما هم ببالغيه فاستعذ بالله}.
125 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة أحدٌ في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر))
#193#
رواه مسلم.
126 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجلٌ يتبختر في برديه، إذ خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)).
127 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر، يطؤهم الناس)).
#194#
وقال بعض السلف: أول ذنب عصي الله به الكبر، قال الله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}، فمن استكبر على الحق كما فعل إبليس لم ينفعه إيمانه.
128 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الكبر: سفه الحق، وغمص الناس)).
وفي لفظ لمسلم: ((الكبر: بطر الحق وغمط الناس)).
وقال تعالى: {إن الله لا يحب كل مختالٍ فخور}.
129 - وقال صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: ((العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني فيهما ألقيته في النار)) رواه مسلم.
#195#
المنازعة: المجاذبة.
130 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((اختصمت الجنة والنار إلى ربهما، فقالت الجنة: يا رب! ما لي يدخلني ضعفاء الناس وسقاطهم؟! وقالت النار: أوثرت بالجبارين والمتكبرين .. .. )) الحديث.
قال اللهتعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً}.
وقال تعالى: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ}؛ أي: لا تميل خدك للناس معرضاً متكبراً، والمرح: التبختر.
131 - وقال سلمة بن الأكوع: أكل رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: ((كل بيمينك))، قال: لا أستطيع -ما منعه إلا الكبر-، قال: ((لا استطعت))، فما رفعها إلى فيه بعد. رواه مسلم.
#196#
132 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأهل النار: كل عتلٍ جواظٍ مستكبر)) متفق عليه.
133 - [وقال عمر بن يونس اليمامي، نبأنا أبي، عن عكرمة بن خالد، أنه لقي] ابن عمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من رجلٍ يختال في مشيته، ويتعاظم في نفسه؛ إلا لقي الله وهو عليه غضبان)) هذا على شرط مسلم.
#197#
134 - وصح من حديث أبي هريرة: ((أول ثلاثةٍ يدخلون النار: أميرٌ متسلط، وغنيٌ لا يؤدي الزكاة، وفقيرٌ فخور)).
[قلت: وأشر الكبر: من تكبر على العباد بعلمه، وتعاظم في نفسه بفضيلته، فإن هذا لم ينفعه علمه، فإن من طلب العلم للآخرة كسره علمه، وخشع قلبه، واستكانت نفسه، وكان على نفسه بالمرصاد، فلم يفتر عنها، بل يحاسبها كل وقت ويثقفها؛ فإن غفل عنها جمحت عن الطريق المستقيم وأهلكته، ومن طلب العلم للفخر والرياسة، ونظر إلى المسلمين شزراً، وتحامق عليهم، وازدرى بهم؛ فهذا من أكبر الكبر، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر، فلا حول ولا قوة إلا بالله].(1/192)
الكبيرة السادسة عشرة: شهادة الزور
قال الله -تعالى-: {والذين لا يشهدون الزور}.
135 - وفي الآثار: ((عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله، قال الله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور})).
#198#
136 - وفي الحديث [الثابت]: ((لا تزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتى تجب له النار)).
#199##200#
قلت: شاهد الزور قد ارتكب عظائم:
أحدها: الكذب والافتراء، والله تعالى يقول: {إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذابٌ}.
137 - وفي الحديث: ((يطبع المؤمن على كل شيءٍ ليس الخيانة والكذب)).
وثانيها: أنه ظلم الذي شهد عليه حتى أخذ بشهادته ماله وعرضه وروحه.
وثالثها: أنه ظلم الذي شهد له؛ بأن ساق إليه المال الحرام، فأخذه بشهادته ووجبت له النار.
138 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قضيت له من مال أخيه بغير حقٍ؛ لا يأخذه، فإنما أقطع له قطعةً من النار)).
#201#
ورابعها: أنه أباح ما حرم الله وعصمه من المال والدم والعرض.
139 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((كل المسلم على المسلم حرامٌ: ماله ودمه وعرضه)).
140 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)) متفق عليه.(1/197)
الكبيرة السابعة عشرة: اللواط
قد قص الله علينا قصة قوم لوط في غير ما موضع من [كتابه العزيز]، وأنه أهلكهم بفعلهم الخبيث، وأجمع المسلمون من أهل الملل: أن التلوط من الكبائر، قال الله [تعالى]: {أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون}.
واللواط أفحش من الزنا وأقبح.
#202#
141 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقتلوا الفاعل والمفعول به)) إسناده حسن.
142 - وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله من عَمِلَ عملَ قوم لوطٍ)) إسناده حسن.
#203#
143 - وقال ابن عباس: ينظر أعلى بناء في القرية فيلقى منه، ثم يتبع بالحجارة.
#204#
144 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سحاق النساء زناً بينهن)).
#205##207#
[وهذا] إسناده لينٌ.
ومذهب الشافعي -رحمه الله-: أن حد اللوطي حد الزنا سواء، وأجمعت
#208#
الأمة على من فعل بمملوكه فهو لوطي مجرم.(1/201)
الكبيرة الثامنة عشرة: قذف المحصنات
قال الله تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ}.
وقال [تعالى]: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء #209# فاجلدوهم ثمانين جلدةً} الآيتان.
145 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((اجتنبوا السبع الموبقات .. .. )) فذكر منها قذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
146 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))].
147 - وقال صلى الله عليه وسلم [معاذ]: ((ثكلتك أمك! وهل يكب الناس على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم .. .. )).
#210#
وقال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.
148 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة؛ إلا أن يكون كما قال)) متفق عليه.
أما من قذف أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بعد نزول براءتها من السماء فهو كافر مكذب للقرآن فيقتل.(1/208)
#211#
الكبيرة التاسعة عشرة: الغلول من الغنيمة ومن بيت المال والزكاة
قال الله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}.
#212#
149 - قال أبو حميد الساعدي: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد -يقال له: ابن اللتبية- على الصدقة، فلما قدم، قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم، فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي! أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً، والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقٌ إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن رجلاً منكم [لقي الله] يحمل بعيراً له رغاءٌ، أو بقرةً لها خوارٌ، أو شاةً تيعر)) ثم رفع يديه، فقال: ((اللهم هل بلغت)).
150 - وقال أبو هريرة رضي الله عنه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فلم نغنم ذهباً ,ولا ورقاً، غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدٌ له، وهبه له رجلٌ من جذام، فلما نزلنا قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله، فرمي بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله! فقال: ((كلا، والذي نفس محمدٍ بيده! إن الشملة لتلتهب عليه ناراً، أخذها من الغنائم يوم خيبر، لم تصبها المقاسم)).
[قال]: ففزع الناس، فجاء رجلٌ بشراكٍ أو شراكين، فقال: ((شراكٌ أو #213# شراكان من نار)) متفق عليه.
#214#
151 - وأخرج أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه.
#215#
152 - وقال عبد الله بن عمرو: كان على ثقل رسول الله رجلٌ يقال له: كركرة، فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو في النار))، فذهبوا ينظرون إليه، فوجدوا عباءةً قد غلها.
وفي الباب أحاديث كثيرة، ويأتي بعضها في باب الظلم.
والظلم على ثلاثة أقسام:
أحدها: أكل المال بالباطل.
وثانيها: ظلم العباد بالقتل والضرب والكسر والجراح.
#216#
وثالثها: ظلم العباد بالشتم واللعن والسب والقذف.
153 - وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس بمنى، فقال: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) متفق عليه.
154 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاةً بغير طهور، ولا صدقةً من غلول)).
155 - وقال زيد بن خالد الجهني: إن رجلاً غل في غزوة خيبر، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه، وقال: ((إن صاحبكم غل في سبيل الله))، ففتشنا متاعه، فوجدنا فيه خرزاً ما يساوي درهمين. خرجه أبو داود والنسائي.
#217#
وقال الإمام أحمد: ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحدٍ إلا على الغال، وقاتل نفسه.(1/211)
#218#
الكبيرة العشرون: الظلم بأخذ أموال الناس بالباطل
قال الله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام .. .. } الآية.
#219#
وقال [تعالى]: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليمٌ}.
وقال تعالى: {والظالمون ما لهم من وليٍ ولا نصيرٍ}.
156 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((الظلم ظلماتٌ يوم القيامة)).
157 - [وقال: ((من ظلم شبراً من الأرض طوقه إلى سبع أرضين يوم القيامة))].
وقال تعالى: {إن الله لا يظلم مثقال ذرةٍ}.
158 - وفي الحديث: (( .. .. ، وديوان لا يترك الله منه شيئاً وهو ظلم العباد)).
#220##222#
159 - وقال عليه الصلاة والسلام: ((مطل الغني ظلمٌ)). ومن أكبر الظلم اليمين الفاجرة على حق عليه.
160 - وقال [رسول الله] صلى الله عليه وسلم: ((من اقتطع حق امرئٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار))، قيل: يا رسول الله! وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)) رواه مسلم.
161 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من استعملناه على عملٍ فكتمنا مخيطاً فما فوقه، كان غلولاً يأتي به يوم القيامة)) رواه مسلم.
162 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه ناراً))، فقام رجلٌ فجاء بشراك؟ ٍ كان أخذه لم تصبه المقاسم، فقال: ((شراكٌ من نار)).
163 - وقال رجل: يا رسول الله! إن قتلت صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، أتكفر عني خطاياي؟ قال: ((نعم؛ إلا الدين)) رواه مسلم.
164 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حقٍ؛ فلهم النار يوم #223# القيامة)) رواه البخاري.
165 - وعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: ((لا يدخل الجنة لحمٌ نبت من سحتٍ، النار أولى به)) صحيح على شرط الشيخين.
166 - وقال عبد الواحد بن زيد: عن أسلم الكوفي، عن مرة الهمداني، عن زيد بن أرقم، عن أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة جسدٌ غذي بحرام)).
#224#
ويدخل في هذا الباب: المكاس، وقاطع الطريق، والسارق، والبطاط،
#225#
والخائن، والزغلي، ومن استعار شيئاً فجحده، ومن طفف [في] الوزن والكيل، ومن التقط مالاً فلم يعرفه، ومن باع شيئاً فيه عيبٌ فغطاه، والمقامر، ومخبر المشتري بالزائد.(1/218)
الكبيرة الحادية والعشرون: السرقة
قال الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً #226# من الله والله عزيزٌ حكيمٌ}.
167 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده)).
168 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو أن فاطمة [بنت محمد] سرقت لقطعت يدها)).
169 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولكن التوبة معروضةٌ بعد)) صحيح.
170 - وعن منصور، [عن] هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إنما هن أربعٌ: أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا)).
#227#
قلت: ولا تنفع السارق توبته إلا بأن يرد ما سرقه، فإن كان مفلساً تحلل من [صاحب المال].(1/225)
الكبيرة الثانية والعشرون: قطع الطريق
قال الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ}.
#228#
فمجرد إخافته السبيل هو مرتكبٌ الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال؟! وكيف إذا جرح أو قتل أو فعل عدة كبائر؟! مع ما غالبهم عليه من ترك الصلاة، وإنفاق ما يأخذونه في الخمر والزنا؟!.(1/227)
الكبيرة الثالثة والعشرون: اليمين الغموس
171 - قال عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس)) رواه البخاري.
واليمين الغموس: التي يتعمد فيها الكذب؛ [سميت غموساً] لأنها تغمس الحالف في الإثم.
172 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال رجل: والله لا يغفر [الله] لفلان، فقال الله [تعالى]: من ذا الذي يتألى علي: أني لا أغفر لفلان! قد غفرت له، وأحبطت عملك)).
#229#
173 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).
174 - [وعن الحسن بن عبيد الله النخعي، عن سعيد بن عبيدة]، عن ابن عمر [-رضي الله عنهما-]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر)).
وفي لفظ: ((فقد أشرك)) إسناده على شرط مسلم.
#230##231#
175 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من حلف على يمينٍ؛ ليقتطع بها مال امرئٍ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان))، قيل: وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: ((وإن كان قضيباً من أراك)).
176 - وصح تغليظ إثم الحالف كاذباً بعد العصر، وعند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
177 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من حلف، فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله متفق عليه.
#232#
وكان من الصحابة [-رضي الله عنهم-] من هو حديث عهدٍ [بالحلف] بها، فربما سبقه لسانه إلى الحلف بها، فليبادر، بقول: لا إله إلا الله.
178 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحلف عبدٌ هذا المنبر على يمين آثمة، ولو على سواك رطب؛ إلا وجبت له النار)) رواه أحمد في ((مسنده)).(1/228)
#233#
الكبيرة الرابعة والعشرون: الكذاب في غالب أقواله
قال الله تعالى: {إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذابٌ}.
#234#
وقال الله تعالى: {قتل الخراصون}.
وقال تعالى: {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}.
179 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) متفق عليه.
180 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)).
181 - وقال: ((أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) متفق عليه.
182 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من تحلم بحلمٍ لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين يوم القيامة، ولن يفعل)) رواه البخاري -أيضاً-.
#235#
183 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا)) رواه البخاري -أيضاً-].
184 - وأخرج حديث سمرة بن جندب بطوله في منام النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: ((أما الرجل الذي رأيته يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق)).
185 - وعنه صلى الله عليه وسلم: ((يطبع المؤمن على كل شيءٍ ليس الخيانة والكذب)) روي بإسنادين ضعيفين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
186 - وعنه صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن في المعاريض #236# لمندوحةٌ عن الكذب)).
#237#
187 - وقال: ((كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع)) رواه مسلم.
#238##239#
188 - وقال: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زورٍ)) رواه مسلم.
189 - وقال: ((إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث)) متفق عليه.
190 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله .. .. )) الحديث، وفيه: ((ملكٌ كذاب)) رواه مسلم.(1/233)
#240#
الكبيرة الخامسة والعشرون: قاتل نفسه، وهي من أعظم الكبائر
قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً. ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً. إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً}.
وقال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق .. .. } الآيات.
191 - وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ممن كان قبلكم رجلٌ به جرحٌ فجزع، فأخذ سكنياً فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه؛ حرمت عليه الجنة)) متفق عليه.
192 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قتل نفسه بحديدةٍ فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)) متفق عليه.
#241#
193 - وفي الحديث الصحيح: الذي ألمته الجراح فاستعجل الموت فقتل نفسه بذباب سيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو من أهل النار)).
194 - عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن ثابت بن الضحاك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:0 ((لعن المؤمن كقتله، ومن قذف مؤمناً بكفرٍ فهو كقاتله، ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله به يوم القيامة)) [حديث] صحيح.(1/240)
#242#
الكبيرة السادسة والعشرون: القاضي السوء
قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون}.
وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}.
195 - وقد روى الحاكم في ((صحيحه)) بإسناد لا أرضاه أنا، عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقبل الله صلاة إمامٍ حكم بغير ما أنزل الله)).
#243##244#
196 - وصحح الحاكم -أيضاً- والعهدة عليه- من حديث بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار، قاضٍ عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، وقاضٍ عرف الحق فجار متعمداً فهو في النار، وقاضٍ قضى بغير علم فهو في النار)).
#245#
قلت: فكل من قضى بغير علم ولا بينةٍ من الله ورسوله على ما يقضي به؛ فهو داخلٌ في هذا الوعيد.
197 - وروى شريك، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة .. .. )) وذكر الحديث، قالوا: فما ذنب الذي يجهل؟ قال: ((ذنبه أن لا يكون قاضياً حتى يعلم)) إسناده قوي.
#246#
198 - وأقوى منه حديث معقل بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحدٍ يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلا يعدل فيهم؛ إلا كبه الله في النار)).
#247#
199 - وروى عثمان بن محمد الأخنسي -وهو صدوق- عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جعل قاضياً بين الناس فكأنما ذبح بغير سكين)) [جيد].
#248#
أما إذا اجتهد الحاكم وقضى بما قام به الدليل على صحته، ولم يحكم برأي فقيه، وقد لاح ضعف ذلك القول؛ فهو مأجور ولا بد:
200 - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر)) متفق عليه.
فرتب النبي صلى الله عليه وسلم الأجر إذا اجتهد في الحكم، فيما إذا كان مقلداً فيما يقضي به #249# فلم يدخل في الخبر.
ويحرم على القاضي أن يحكم، وهو غضبان، لا سيما من الخصم.
وإذا اجتمع في القاضي قلة علم، وسوء قصدٍ، وأخلاقٌ زعرة، وقلة ورعٍ؛ فقد تمت خسارته، ووجب عليه أن يعزل نفسه، ويبادر بالخلاص من النار.
201 - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعنه الله على الراشي والمرتشي)) صححه الترمذي.(1/242)
#250#
الكبيرة السابعة والعشرون: القواد المستحسن على أهله
قال الله تعالى: {والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرم ذلك على المؤمنين}.
202 - وعن سليمان بن بلال، عن عبد الله بن يسار الأعرج، حدثنا سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: العاق والديه، #251# والديوث، ورجلة النساء)) إسناده صحيح، لكن بعضهم يقول: عن أبيه عن عمر #252# مرفوعاً.
فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبةٍ فيها، [أو لأن لها عليه دين وهو عاجز، أو صداقٌ ثقيلٌ، أو له أطفالٌ صغار، ترفعه إلى القاضي وتطلبه بفرضهم]؛ فهو دون من يعرس عليها، ولا خير فيمن لا غيرة له.(1/250)
الكبيرة الثامنة والعشرون: الرجلة من النساء والمخنث من الرجال
قال الله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش}.
#253#
203 - قال ابن عباس [-رضي الله عنهما-]: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء)) صحيح.
204 - [وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله الرجلة من النساء)) إسناده حسن].
205 - وقال أبو هريرة: [رضي الله عنه]: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل)) إسناده صحيح [رواه أبو داود].
#254##255#
206 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلاتٌ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة؛ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا)) أخرجه مسلم.
207 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا هلك الرجال حين أطاعوا النساء)).
#256#
فمن الأفعال التي تلعن عليها المرأة: إظهار [الزينة] والذهب واللؤلؤ من تحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر ونحو ذلك، ولبسها الصباغات والمداس إلى ما أشبه ذلك من الفضائح.(1/252)
#257##263#
الكبيرة التاسعة والعشرون: المحلل والمحلل له
208 - صح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له)) رواه النسائي والترمذي.
#264##265#
209 - وبإسناد جيد عن علي رضي الله عنه، [عن] النبي صلى الله عليه وسلم مثله. رواه أهل ((السنن)) إلا النسائي.
#266#
ولكن فاعل هذه القاذورة مقلدٌ عاملٌ برخص المذاهب لم يبلغه النهي، فلعل الله يعذره ويسامحه.(1/263)
#267#
الكبيرة الثلاثون: أكل الميتة والدم ولحم الخنزير
قال الله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزيرٍ فإنه رجسٌ} الآية.
فمن تعمد أكل ذلك لغير ضرورة فهو من المجرمين، وما أحسب أن مسلماً يتعمد أكل لحم الخنزير، وربما يفعل ذلك زنادقة الجبلية والتيامنة الخارجين من #268# الإسلام، وفي نفوس #269# المؤمنين أن أكل لحم الخنزير أعظم [إثماً] من شرب الخمر.
210 - وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة لحم نبت من سحتٍ، النار أولى به)).
211 - وقد أجمع المسلمون على تحريم اللعب بالنرد، ويكفيك من #270##272# حججهم على تحريمه قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي ثبت عنه: ((من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه)).
وبلا ريب أن غمس المسلم يده في لحم الخنزير ودمه أعظم من لعب النرد، فما الظن بأكل لحمه وشرب دمه!! أجارنا الله من ذلك [منه وكرمه].(1/267)
الكبيرة الحادية والثلاثون: عدم التنزه من البول، وهو شعار النصارى
قال الله تعالى: {وثيابك فطهر}.
212 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم، ومر بقبرين: ((إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما
#273#
أحدهما: فكان لا يستنزه من بوله، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة)) متفق عليه.
ولكن أكثر الطرق التي في ((الصحيحين)) لهذا الحديث: ((فكان لا يستتر من بوله)).
213 - وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه)) رواه الدارقطني.
#274##275#
ثم إن من لم يحترز من البول في بدنه وثيابه فصلاته غير مقبولة.(1/273)
الكبيرة الثانية والثلاثون: المكاس
وهو داخل في قوله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليمٌ}.
#276#
214 - وفي الحديث؛ في الزانية التي طهرت نفسها بالرجم: ((لقد تابت توبةً لو تابها صاحب مكسٍ لغفر له، أو لقبلت منه)).
والمكاس فيه شبهٌ من قاطع الطريق، وهو شرٌ من اللص، فإن من عسف الناس وجدد عليهم ضرائب؛ فهو أظلم وأغشم ممن أنصف في مكسه، ورفق برعيته، وجابي المكس وكاتبه، وآخذه من جندي وشيخٍ وصاحب زاويةٍ شركاء في الوزر، أكالون للسحت.
[فنسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، بمنه وكرمه إنه على كل شيء قدير].(1/275)
الكبيرة الثالثة والثلاثون: الرياء، وهو [من] النفاق
قال الله تعالى: {يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً}.
وقال تعالى: {كالذي ينفق ماله رئاء الناس}.
#277#
215 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أول الناس يقضى عليه يوم القيامة: رجلٌ استشهد، فأتي به، فعرفه الله نعمته، فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال: جريءٌ، فقد قيل، قم، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه الله نعمه، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: عالمٌ، وقرأت القرآن ليقال: قارئٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجلٌ وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به، فعرفه نعمه، فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جوادٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)) رواه مسلم.
216 - وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن ناساً قالوا له: إنا ندخل على أمرائنا، فنقول لهم بخلاف ما نتكلم به إذا خرجنا من عندهم، قال ابن عمر: كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
#278#
217 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به)) متفق عليه.
218 - وعن معاذ [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اليسير من الرياء شركٌ)) صححه الحاكم.(1/276)
#279##280#
الكبيرة الرابعة والثلاثون: الخيانة
قال الله تعالى: {لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}.
وقال [تعالى]: {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين}.
219 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)).
#281##282#
220 - وقال: ((آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)).
والخيانة في كل شيء قبيحةٌ، وبعضها شرٌ من بعض، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم.(1/280)
#283#
الكبيرة الخامسة والثلاثون: التعلم للدنيا وكتمان العلم
قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
#284#
وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}.
وقال تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب}.
وقال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم .. .. } الآية.
221 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))؛ يعني: ريحها. رواه
#285#
أبو داود بإسناد صحيح.
222 - وقد مر [عن] أبي هريرة رضي الله عنه في الثلاثة الذين يسحبون إلى النار، أحدهم الذي يقال له: ((إنما تعلمت ليقال: عالمٌ، وقد قيل)).
223 - وعن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً، قال: ((لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء، أو تماروا به السفهاء، ولتحيزوا به المجالس؛ فمن فعل ذلك فالنار النار)) رواه ابن وهب عن ابن جريج #286# فأرسله.
224 - وروى إسحاق بن يحيى [بن طلحة]، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ابتغى العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو تقبل أفئدة الناس إليه فإلى النار)).
وفي لفظ: ((أدخله الله النار)) أخرجه الترمذي، لكن إسحاق واهٍ.
#287#
225 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سئل عن علمٍ فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجامٍ من نار)) إسناده صحيح، رواه عطاء عن أبي هريرة.
#288#
226 - [وقال عبد الله بن عياش القتباني، عن أبيه، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كتم علماً ألجمه الله يوم القيامة بلجامٍ من نار)) قال الحاكم: على شرطهما، ولا أعلم له علة].
#289#
227 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع)).
#290#
228 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تعلم علماً لغير الله -أو أراد به غير الله- فليتبوأ مقعده من النار)) حسنه الترمذي.
229 - وعن ابن مسعود [رضي الله عنه]، قال: من تعلم علماً لم يعمل به لم يزده العلم إلا كبراً.
230 - وروي عن أبي أمامة [الباهلي] رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجاء بالعالم السوء يوم القيامة، فيقذف في جهنم، فيدور بقصبه كما يدور الحمار بالرحى، فيقال: [يا ويله!] بم لقيت هذا وإنما اهتدينا بك؟! فيقول: كنت أخالفكم [إلى] ما أنهاكم عنه)).
#291#
وقال هلال بن العلاء: ((طلب العلم شديدٌ، وحفظه أشد من طلبه، والعمل به أشد من حفظه، والسلامة منه أشد من العمل به)).
[اللهم ألهمنا رشدنا، بمنك وكرمك].(1/283)
الكبيرة السادسة والثلاثون: المنان
قال الله تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}.
#292#
231 - وفي الحديث الصحيح: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).
232 - [عمر بن يزيد الشامي، عن أبي سلامٍ]، عن أبي أمامة [الباهلي رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً: عاقٌ، ومنان، ومكذبٌ بالقدر)) [عمر: صويلح].(1/291)
#293#
الكبيرة السابعة والثلاثون: المكذب بالقدر
قال تعالى: {إنا كل شيءٍ خلقناه بقدرٍ}.
وقال تعالى: {والله خلقكم وما تعملون}.
وقال تعالى: {ومن يضلل الله فلا هادي له}.
وقال: {وأضله الله على علمٍ}.
وقال: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}.
وقال: {فألهمها فجورها وتقواها}.
والنصوص في ذلك كثيرة.
233 - وفي ((الصحيحين)) حديث جبريل -عليه السلام- قال: ((يا رسول الله! ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره)).
#294#
234 - وقال عبد الرحمن بن أبي الموالي: حدثنا عبيد الله [بن موهب، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن] عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستةٌ لعنتهم، ولعنهم الله، وكل نبيٍ مجابٌ: المكذب بقدر، والزائد في كتاب الله، والمتسلط بالجبروت، والمستحل لحرم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي)) إسناده صحيح.
#295#
235 - [سليمان بن عتبة الدمشقي، حدثنا يونس بن ميسرة، عن أبي #296# إدريس]، عن أبي الدرداء [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة عاقٌ، ولا مكذبٌ بقدرٍ، ولا مدمن خمرٍ)) [سليمان ضعف، رواه عنه جماعة].
236 - قال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن ابن عمر [-رضي الله عنهما-]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((القدرية مجوس هذه الأمة، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم)) رواته ثقات [لكنه منقطع].
#297##298#
237 - وقال ابن عمر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون في أمتي أقوامٌ يكذبون بالقدر)) وهذا على شرط مسلم.
238 - وصحح الترمذي من حديث أبي صخر، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنه جاءه رجلٌ، فقال: إن فلاناً يقرأ عليك السلام، فقال: إنه بلغني أنه قد أحدث، فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ، أو قذفٌ في أهل القدر)).
#299#
239 - [عن] منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن عبدٌ حتى يؤمن بأربعٍ: يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويؤمن بالبعث، ويؤمن بالقدر)) أخرجه الترمذي وسنده جيد.
#300##302#
[وبعضهم يقول: عن ربعي عن رجلٍ عن علي].
240 - [وعن] بقية، حدثنا الأوزاعي، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم، وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم)) رواه أبو بكر بن أبي عاصم في ((السنة)).
[وفي الباب عدة أحاديث فيها مقال أوردها ابن أبي عاصم].
#303##306#
241 - بقية، عن أبي العلاء الدمشقي، عن محمد بن جحادة، عن يزيد بن حصين، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بعث الله نبياً قط إلا وفي أمته قدرية ومرجئةٌ، إن الله لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبياً)).
#307#
242 - [بقية، عن أرطأة بن المنذر، عن أبي بسر، عن أبي مسعود، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم: المكذب بالقدر، والمدمن في الخمر، والمتبرئ من ولده)).
#308#
243 - سفيان الثوري، عن عمر مولى غفرة، عن رجل، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل أمة مجوسٌ، ومجوس هذه الأمة الذين يزعمون أن لا قدر)).
244 - وعن الحسن، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((القدرية مجوس هذه الأمة)).
وهذه الأحاديث لا تثبت لضعف رواتها.
#309#
245 - المعافى بن عمران وغير واحد، عن نزار بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: ((صنفان من أمتي ليس لهم في الإسلام نصيبٌ: القدرية والمرجئة)).
#310##311#
نزار: تكلم فيه ابن حبان، وقد تابعه غيره من الضعفاء، قال محمد بن بشر العبدي: حدثنا سلام بن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً نحوه.
246 - أبو عاصم النبيل ومحمد بن مصعب القرقساني، عن عنبسة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أخر كلامٌ في القدر لشرار هذه الأمة)).
#312##314#
247 - أبو مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله كل صانعٍ وصنعته))].(1/293)
#315#
الكبيرة الثامنة والثلاثون: المتسمع على الناس ما يسرونه
ولعلها ليست بكبيرةٍ.
#316#
قال الله تعالى: {ولا تجسسوا}.
248 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورةً عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخٍ)) رواه البخاري.
[الآنك: الرصاص المذاب].(1/315)
[الكبيرة] التاسعة والثلاثون: اللعان
249 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن المؤمن كقتله)) متفق عليه.
250 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ)).
#317#
251 - [وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضب الله، ولا بالنار)) صححه الترمذي].
252 - وقال: ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) رواه مسلم.
#318#
253 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً)).
254 - وعنه قال: ((ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)) حسنه الترمذي.
255 - [وعنه صلى الله عليه وسلم قال]: ((إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن إن كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها)) رواه أبو داود.
#319#
256 - وقد عاقب النبي صلى الله عليه وسلم التي لعنت ناقتها بأن سلبها إياها، فقال عمران ابن حصين وأبو برزة، والحديث لعمران، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأةٌ من الأنصار على ناقةٍ، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((خذوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونةٌ)).
قال عمران: فكأني أنظر إليها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحدٌ. رواه مسلم.
#320##321#
257 - [ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن يحيى بن النضر]، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم)).(1/316)
#322##323#
الكبيرة الأربعون: الغادر بأميره، وغير ذلك
قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً}.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.
وقال [تعالى]: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} الآيات.
258 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من كن فيه كان منافقاً حقاً: من إذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) متفق عليه.
259 - [وقال: ((لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة عند استه، يقال: هذه غدرة فلان، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامةٍ)) رواه مسلم.
#324#
260 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة: رجلٌ أعطى بي ثم غدر، ورجلٌ باع بي حراً فأكل ثمنه، ورجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)) رواه البخاري].
261 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من خلع يداً من طاعةٍ لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعةٌ مات ميتةً جاهليةً)) رواه مسلم.
262 - [وقال: ((من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماماً، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر))
#325#
رواه مسلم].
263 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)) متفق عليه.
264 - وقال: ((من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتةً جاهليةً)) متفق عليه.
265 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من الجماعة قيد شبرٍ فقد خلع #326##327# ربقة الإسلام من عنقه)) وهذا صحيح من وجوهٍ عدة صحاح.
وأي جرم أعظم من أن تبايع رجلاً، ثم تنزع يدك من طاعته، وتنكث الصفقة وتقاتله بسيفك، أو تخذله حتى يقتل؟!
266 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من حمل [علينا] السلاح فليس منا)) صحيح.(1/323)
#328#
[الكبيرة] الحادية والأربعون: تصديق الكاهن والمنجم
قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}.
#329#
وقال تعالى: {إن بعض الظن إثمٌ}.
وقال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً. إلا من ارتضى من رسولٍ} الآية.
267 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) إسناده صحيح، رواه عوفٌ، عن ابن سيرين، عن أبي #330##335# هريرة [عن النبي صلى الله عليه وسلم].
#336#
268 - وقال صلى الله عليه وسلم صبيحة ليلةٍ مطيرةٍ: ((يقول الله [تعالى]: أصبح من عبادي مؤمنٌ، وكافرٌ، فمن قال: مطرنا بفضل الله، فذلك مؤمنٌ بي، كافرٌ بالكوكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا، فذلك كافرٌ بي، مؤمنٌ بالكوكب)) رواه البخاري #337# ومسلم.
269 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيءٍ فصدقه؛ لم تقبل له صلاةٌ أربعين يوماً)) رواه مسلم.
270 - [وقال صلى الله عليه وسلم]: ((من اقتبس شعبةً من النجوم اقتبس شعبةً من السحر)) رواه أبو داود بسند صحيح.(1/328)
#338##339#
الكبيرة الثانية والأربعون: نشوز المرأة
قال الله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً .. .. } الآية.
271 - وقال [النبي] صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)) متفق عليه.
272 - وفي لفظ في ((الصحيحين)): إذا باتت المرأة هاجرةً فراش زوجها [لعنتها الملائكة)).
#340#
273 - وفي لفظ قال: ((والذي نفسي بيده ما من رجلٍ يدعو امرأته إلى فراشها]، فتأبى عليه؛ إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها، حتى يرضى عنها زوجها)).
273 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأةٍ أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)) رواه البخاري.
274 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)) صححه الترمذي.
#341#
275 - وقالت عمة ابن محصن، وذكرت زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((انظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك)) رواه النسائي.
276 - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر الله إلى امرأةٍ لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه)) إسناده صحيح [أخرجه #342##343# النسائي].
277 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من خرجت من بيت زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع أو تتوب)).
وفي الباب أحاديث كثيرة.(1/339)
الكبيرة الثالثة والأربعون: قاطع الرحم
قال الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}.
#344#
وقال تعالى: {فهل عسيتم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}.
278 - [وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة قاطعٌ))].
279 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)) متفق عليه.
280 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى)) متفق عليه.
281 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)) متفق عليه.
#345#
282 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((الرحم معلقةٌ بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله)).
وفي لفظ: ((يقول الله: من وصلها وصلته، ومن قطعها بتته)).
وقال الله تعالى: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما #346# أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار}.
283 - [وقال محمد بن عمرو: عن أبي سلمة]، عن أبي هريرة [رضي الله عنه]، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ((أنا الرحمن وهي الرحم، من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته)).
#347#
فنقول: من قطع رحمه الفقراء وهو غنيٌ فهو مراد ولا بد، وكذا من قطعهم بالجفاء والإهمال والحمق.
284 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بلوا أرحامكم ولو بالسلام)).(1/343)
#348##349#
الكبيرة الرابعة والأربعون: المصور في الثياب والحيطان [ونحو ذلك]
285 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صور صورةً كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخٍ)).
286 - وقال [النبي صلى الله عليه وسلم]: ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون، يقال لهم: أحيوا ما #350# خلقتم)) متفق عليه.
287 - وقالت عائشة -رضي الله عنها-: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفرٍ وقد سترت سهوةً لي بقرامٍ فيه تماثيل، فهتكه وتلون وجهه، وقال: ((أشد الناس عذاباً عند الله الذين يضاهون خلق الله)) متفق عليه.
السهوة: كالمجلس والصفة في البيت. والقرام: الستر الرقيق.
288 - وفي ((السنن)) بإسناد جيد: ((يخرج عنقٌ من النار، فيقول: إني وكلت بكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبكل جبارٍ عنيد، وبالمصورين))
#351##352#
صححه الترمذي.
289 - [وقال صلى الله عليه وسلم]: ((الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)) متفق عليه.
290 - قال ابن عباس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل مصور في النار يجعل له بكل صورةٍ صورها نفسٌ، فيعذبه في جهنم)) متفق عليه.
#353#
291 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله [-عز وجل-]: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي، فليخلقوا حبةً، أو ليخلقوا شعيرةً، أو ليخلقوا ذرةً)) متفق عليه.
وصح أنه صلى الله عليه وسلم لعن المصورين.(1/349)
#354##355#
الكبيرة الخامسة والأربعون: النمام
قال الله تعالى: {ولا تطع كل حلافٍ مهينٍ: همازٍ مشاءٍ #356# بنميمٍ}.
[وقال تعالى: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً}].
293 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة نمام)) متفق عليه.
294 - ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما: فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله)) متفق عليه.
295 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تجد من شرار الناس ذا الوجهين؛ هو: الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ وهؤلاء بوجهٍ)).
#357#
وفي لفظ: ((تجد شرار الناس ذا الوجهين)) وهو متفق عليه.
296 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبلغني أحدٌ عن أصحابي شيئاً؛ فإني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر)) رواه أبو داود [وغيره].
297 - وعن كعب، قال: ((اتقوا النميمة؛ فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر)).
#358#
298 - وروى منصور عن مجاهد: {حمالة الحطب}، قال: كانت تمشي بالنميمة.(1/355)
الكبيرة السادسة والأربعون: النياحة [واللطم]
299 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان هما بالناس كفرٌ: الطعن في النسب، والنياحة على الميت)) رواه مسلم.
300 - وفي الحديث الصحيح لمسلم: ((النائحة إذا لم تتب؛ ألبست درعاً من جربٍ، وسربالاً من قطرانٍ يوم القيامة)).
#359#
301 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)).
302 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه)).
303 - وبرئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة والشاقة. اتفقا على الأحاديث الثلاثة.(1/358)
#360#
[الكبيرة] السابعة والأربعون: الطعن في الأنساب
[قد صح أن ذلك كفرٌ.
304 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان هما بالناس كفرٌ: الطعن في النسب، والنياحة على الميت))].(1/360)
#361#
[الكبيرة] الثامنة والأربعون: البغي
قال الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليمٌ}.
305 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (([إن الله] أوحى إلي أن تواضعوا؛ حتى لا يبغي أحدٌ على أحدٍ، [ولا يفخر أحدٌ على أحدٍ])) رواه مسلم.
306 - وفي بعض الآثار: ((لو بغى جبلٌ على جبلٍ لجعل الله الباغي منهما دكاً)).
#362#
307 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر الله له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)).
308 - وقال ابن عون، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: قال ابن مسعود: قال مالك الرهاوي: يا رسول الله! قد أعطيت من الجمال ما ترى، وما أحب أن أحداً يفوقني بشراكي، أفذاك من البغي؟ قال: ((ليس ذلك من البغي، ولكن البغي: بطر الحق -أو قال- سفه الحق وغمط الناس)) إسناده قوي.
#363#
وقد خسف الله بقارون لبغيه وعتوه.
309 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عذبت امرأةٌ في هرةٍ سجنتها حتى ماتت؛ فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)) متفق عليه. [والخشاش: الحشرات].
310 - وقال ابن عمر [-رضي الله عنهما-]: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً)) [متفق #364# عليه].
311 - وقال أبو مسعود: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من
#365#
خلفي: ((اعلم أبا مسعود))، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو يقول: ((إن الله أقدر [عليك] منك عليه)).
فقلت: لا أضرب لي مملوكاً بعده.
وفي لفظ: فسقط السوط من يدي من هيبته.
وفي رواية: فقلت: يا رسول الله! هو حرٌ لوجه الله، فقال: ((أما إنك لو لم تفعل؛ للفحتك النار)) أخرجه مسلم.
312 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((من ضرب غلاماً له حداً لم يأته، أو لطمه؛ فإن كفارته أن يعتقه)) رواه مسلم].
313 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)) رواه مسلم.
314 - ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمارٍ قد وسم في وجهه، فقال: ((لعن الله من وسمه)) إسناده صحيح.
#366#
315 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قتل نفساً معاهدةً بغير حقها لم يجد رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمس مئة عامٍ)) وهذا على شرط مسلم.(1/361)
#367##369#
الكبيرة التاسعة والأربعون: الخروج بالسيف والتكفير بالكبائر
قال الله تعالى: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}.
وقال تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً}.
316 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لأخيه المسلم: يا كافر! فقد باء بها أحدهما)).
وقد ورد في صفة الخوارج آثارٌ كثيرةٌ، واختلف الناس في تكفيرهم؛ لأن #370# النبي صلى الله عليه وسلم قال فيهم: ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم)).
318 - وقال فيهم: ((شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه)).
#371#
فالخوارج مبتدعة مستحلون الدماء والتكفير، يكفرون عثمان وعلياً وجماعة #372##373# من سادة الصحابة [-رضي الله عنهم-].
319 - إسحاق الأزرق، عن الأعمش، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الخوارج #374# كلاب النار)).
#375#
320 - حشرج بن نباتة، حدثني سعيد بن جمهان، قال: دخلت على ابن أبي أوفى وهو مكفوفٌ، فقال: من أنت؟ قلت: سعيد بن جمهان، قال: ما فعل والدك؟ قلت: قتله الأزارقة، فقال: قتل الله الأزارقة، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم #376##377# كلاب النار، قلت: الأزارقة [وحدهم؟ قال]: الخوارج كلها.
#378#
321 - حماد بن سلمة، حدثنا أبو حفص، أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى وهم يقاتلون الخوارج يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((طوبى لمن قتلهم وقتلوه)).(1/369)
الكبيرة الخمسون: أذية المسلمين وشتمهم
قال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.
وقال الله [تعالى]: {ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً .. .. } الآية.
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم} الآية.
#379#
وقال تعالى: {ويلٌ لكل همزةٍ لمزة}.
322 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن شر الناس [منزلةً] عند الله من ودعه الناس اتقاء فحشه)).
323 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبغض الفاحش البذيء))].
#380#
324 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((عباد الله! إن الله وضع الحرج، إلا من اقترض عرض أخيه؛ فذاك الذي حرج أو هلك)).
#381#
325 - وقال [صلى الله عليه وسلم: ((كل] المسلم على المسلم حرام: عرضه وماله ودمه، التقوى ها هنا، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) أخرجه الترمذي وحسنه.
326 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) أخرجه مسلم.
وقال الله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة}.
#382#
327 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوقٌ، وقتاله كفرٌ)).
328 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) لفظ مسلم.
329 - وفي ((الصحيحين)): ((والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه)).
#383#
330 - وفي لفظ على شرط ((الصحيحين)): ((لا يدخل الجنة عبدٌ لا يأمن جاره بوائقه)).
331 - [وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ #384# جاره)) متفق عليه].
وفي لفظ لمسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره)).
332 - [وعن] الأعمش عن أبي يحيى مولى جعدة، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قيل: يا رسول الله! إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيءٌ يؤذي جيرانها، سليطةً، فقال: ((لا خير فيها هي في النار))
#385#
صححه الحاكم.
333 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساوئهم)) صححه الحاكم].
334 - وعن أبي ذر رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك؛ إلا رجع عليه)) متفق عليه.
#386#
335 - صفوان بن عمرو، عن راشد [بن سعدٍ وابن جبير]، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما عرج بي، مررت بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ، يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم)).
336 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)) متفق عليه.
وفي لفظ: ((إن من أكبر الكبائر: أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله! فكيف
#387#
يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)).
337 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق أو الكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)) رواه البخاري.
338 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)) رواه البخاري.(1/378)
الكبيرة الحادية والخمسون: أذية أولياء الله تعالى [ومعاداتهم]
قال الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً}.
339 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)).
#388#
وفي لفظ: ((فقد بارزني بالمحاربة)) أخرجه البخاري.
340 - وفي الحديث: ((يا أبا بكرٍ! إن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك))؛ يعني: فقراء المهاجرين.(1/387)
الكبيرة الثانية والخمسون: إسبال الإزار تعززاً ونحوه
قال الله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحاً}.
341 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)).
#389#
342 - وقال: ((لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً)).
343 - وقال: ((ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)).
344 - وقال: ((بينما رجلٌ يمشي في حلةٍ تعجبه نفسه، مرجلٌ رأسه، يختال في مشيته؛ إذ خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)) متفق عليه.
345 - وعن عبد الله بن عمر [-رضي الله عنهما-]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر [منها] شيئاً خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) رواه أبو داود
#390##391#
والنسائي بإسناد صحيح.
346 - وقال جابر بن سليم: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياك وإسبال الإزار؛ فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة)) صححه الترمذي.
#392#
347 - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: بينما رجلٌ يصلي مسبلاً إزاره، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب فتوضأ))، [فذهب فتوضأ]، ثم جاء، فقال: ((اذهب فتوضأ))، فقال له الرجل: يا رسول الله! ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: ((إنه كان يصلي وهو مسبلٌ إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجلٍ مسبلٍ إزاره)) رواه أبو داود، وهو على شرط مسلم -إن شاء الله تعالى-.
#393##395#
348 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة))، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال: ((إنك لست ممن يفعله خيلاء)) رواه البخاري.
#396##397#
349 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه)).
350 - وقال [أبو] سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إزرة المسلم إلى نصف
#398#
الساق، ولا حرج [أو لا جناح] فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، [من جر إزاره بطراً] لم ينظر الله إليه)) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
351 - وقال ابن عمر [-رضي الله عنهما-]: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاءٌ، فقال: ((يا عبد الله! ارفع إزارك))، فرفعته، ثم قال: ((زد))، فزدت، فما زلت أتحراها بعد. رواه مسلم.
وكل من اتخذ فرجية تكاد أن تمس الأرض، أو جبة، أو سراويل #399# خفاجية، فهو داخل في الوعيد المذكور [نسأل الله العافية].(1/388)
#400#
الكبيرة الثالثة والخمسون: لباس الحرير والذهب للرجل
[قال الله تعالى: {ولباس التقوى ذلك خير}.
352 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) متفق عليه].
353 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما يلبس الحرير [في الدنيا] من لا خلاق له في الآخرة)) رواه البخاري.
الخلاق: النصيب.
354 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((حرم لباس الذهب والحرير على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم)) صححه الترمذي.
#401#
355 - وقال حذيفة: ((نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه)) رواه البخاري.
356 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من شرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) متفق عليه.
357 - وثبت أنه صلى الله عليه وسلم رخص في الحرير للحكة، وفي مقدار أربع #402# أصابع، وفي سن الذهب ونحوه، فمن لبس خلعة الحرير أو كلوتة #403# الزركش، أو طرز الذهب، أو حوائص الذهب؛ فقد دخل في الوعيد المذكور وفسق بذلك.(1/400)
#404#
الكبيرة الرابعة والخمسون: العبد الآبق ونحوه
358 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أبق العبد لم تقبل له صلاةٌ)).
359 - وقال: ((أيما عبدٍ أبق فقد برئت منه الذمة)) رواهما مسلم.
360 - وروى ابن خزيمة في ((صحيحه))، من حديث جابر [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يقبل الله لهم صلاةً، ولا تصعد لهم حسنةٌ: العبد الآبق حتى يرجع إلى #405# مواليه، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو)).
361 - وفي ((المستدرك)) للحاكم من حديث علي [رضي الله عنه] مرفوعاً: ((لعن الله من تولى غير مواليه)).
362 - وفي ((المستدرك)) على شرط الشيخين من حديث فضالة بن عبيد مرفوعاً: ((ثلاثةٌ لا تسأل عنهم: رجلٌ فارق #406# الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً، وعبدٌ أبق [فمات]، وامرأةٌ غاب عنها زوجها [وقد] كفاها المؤونة فتبرجت)).(1/404)
#407#
الكبيرة الخامسة والخمسون: من ذبح لغير الله [تعالى]
مثل أن يقول: باسم سيدي الشيخ.
قال الله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق .. .. } الآية.
363 - العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن هانئ مولى علي، أن علياً رضي الله عنه قال: يا هانئ! ماذا يقول الناس؟ قال: يدعون أن عندك علماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظهره، فاستخرج صحيفةً من سيفه فيها: هذا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من ذبح لغير الله، ومن تولى غير مواليه، ولعن الله العاق لوالديه، ولعن الله منتقص [منار] الأرض)) أخرجه الحاكم في ((صحيحه)).
#408#
364 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من ذبح لغير الله)) بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما].(1/407)
الكبيرة السادسة والخمسون: من غير منار الأرض
365 - لعن في حديث علي رضي الله عنه [عن] النبي صلى الله عليه وسلم.
366 - [وروي عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس [رضي الله عنهما]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من غير تخوم #409# الأرض، لعن الله من كمه الأعمى عن السبيل، لعن الله من سب والديه، لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط)).
رواه عبد العزيز الدراوردي عن عمرو، وزاد فيه: ((لعن الله من وقع على بهيمةٍ)).(1/408)
#410#
الكبيرة السابعة والخمسون: سب أكابر الصحابة [رضي الله تعالى عنهم أجمعين]
367 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله -عز وجل- قال: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)) رواه البخاري.
368 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفس محمدٍ بيده لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) متفق عليه.
#411#
369 - وقالت عائشة رضي الله عنها: أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسبوهم. رواه هشام، عن أبيه، عن عائشة.
370 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم [أنه قال]: ((من سب أصحابي فعليه لعنة الله)).
#412#
#413#
371 - وقال عليٌ رضي الله عنه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي إلي: (([أن] لا يحبني إلا مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافقً)) رواه عدي بن ثابت عن زر عنه.
فإذا كان هذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حق علي؛ فالصديق بالأولى والأحرى؛ لأنه أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومذهب عمر وعلي رضي الله عنهما أن من فضل على الصديق أحداً؛ فإنه يجلد حد المفتري.
فروى شعبة، عن حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن الجارود بن المعلى العبدي قال: أبو بكر خيرٌ من عمر، فقال آخر: عمر خيرٌ من أبي بكر، فبلغ ذلك عمر، فضربه بالدرة حتى #414# شغر برجليه، وقال: إن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أخير الناس في كذا وكذا، من قال غير ذلك وجب عليه حد المفتري.
وروى حجاج بن دينار، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: بلغني أن قوماً يفضلوني على أبي بكر وعمر، من قال شيئاً من هذا فهو مفترٍ، عليه ما على المفتري.
#415#
وعن أبي عبيدة [بن الحكم، عن الحكم] بن جحل، أن علياً رضي الله عنه قال: لا أوتى برجلٍ فضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
372 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما)).
#416#
فأقول: من قال لأبي بكر ودونه: يا كافر! فقد باء القائل بالكفر هنا قطعاً؛ لأن الله تعالى قد رضي عن السابقين [الأولين]، قال الله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}، ومن سب هؤلاء فقد بارز الله [تعالى] بالمحاربة، بل من سب المسلمين وآذاهم وازدراهم فقد قدمنا أن ذلك من الكبائر، فما الظن بمن سب أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لكنه لا يخلد بذلك في النار، إلا أن يعتقد نبوة علي رضي الله عنه، أو أنه إله، فهذا ملعون كافر.(1/410)
#417##418#
[الكبيرة] الثامنة والخمسون: سب الأنصار [رضي الله عنهم] في الجملة
373 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((آية الإيمان: حب الأنصار، وآية النفاق: بغض الأنصار)).
#419#
374 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحبهم إلا مؤمنٌ، ولا يبغضهم إلا منافقٌ)).(1/418)
الكبيرة التاسعة والخمسون: من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة
375 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى ضلالة؛ كان عليه من الإثم مثل آثام من #420# تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)).
376 - وقال [صلى الله عليه وسلم]: ((من سن سنةً سيئةً؛ كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً)) رواهما مسلم.
377 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((كل بدعةٍ ضلالةٌ)).
#421#
وفي بعض الألفاظ: ((وكل ضلالةٍ في النار)).(1/419)
الكبيرة الستون: الواصلة في شعرها والمتفلجة والواشمة
378 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، #422# والنامصة والمتنمصة، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله)) متفق عليه.
379 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثمن الكلب والدم حرامٌ، وكسب البغي، ولعن الواشمة [والمستوشمة]، وآكل الربا وموكله، ولعن المصورين)) متفق عليه.(1/421)
#423#
[الكبيرة] الحادية والستون: من أشار إلى أخيه بحديدة
380 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أشار إلى أخيه بحديدةٍ، فإن الملائكة تلعنه، وإن كان أخاه من أمه وأبيه)) رواه مسلم.(1/423)
#424#
الكبيرة الثانية والستون: من ادعى إلى غير أبيه
381 - عن سعد [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرامٌ)) متفق عليه.
382 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفرٌ)) أخرجاه أيضاً.
383 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله)) متفق عليه.
384 - وعن يزيد بن شريك، قال: رأيت علياً رضي الله عنه يخطب على المنبر، فسمعته يقول: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات، وفيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المدينة حرامٌ #425# ما بين عيرٍ إلى ثورٍ، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً [ذمة المسلمين واحدةٌ يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً))] متفق عليه.
#426#
385 - وعن أبي ذر رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه)) متفق عليه، واللفظ لمسلم، [ومعنى ((حار)): رجع].(1/424)
[الكبيرة] الثالثة والستون: الطيرة
ويحتمل أن لا تكون كبيرة.
#427#
386 - وعن سلمة بن كهيل، عن عيسى بن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطيرة شركٌ وما منا [إلا]، ولكن الله يذهبه بالتوكل)) صححه الترمذي.
قال سليمان بن حرب: ((وما منا [إلا])) هو من قول ابن مسعود.
#428#
387 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى ولا طيرة، وأحب الفأل))، قيل: يا رسول الله! وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الطيبة)) صحيح.(1/426)
[الكبيرة] الرابعة والستون: الشرب في الذهب والفضة
388 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة)) متفق عليه.
389 - وقال [رسول الله] صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب #429# والفضة إنما يجرجر في [بطنه] نار جهنم)).
390 - وقال: ((من شرب في الفضة لم يشرب فيها في الآخرة)).
أخرجهما مسلم.(1/428)
[الكبيرة] الخامسة والستون: الجدال والمراء واللدد، ووكلاء القضاة
#430#
قال الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل} الآيات.
وقال تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون}.
وقال تعالى: {عن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطانٍ أتاهم إن في صدورهم إلا كبرٌ ما هم ببالغيه}.
وقال تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}.
#431#
391 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم)).
392 - وروى رجاء -أبو يحيى صاحب السقط، وهو لين- عن يحيى بن [أبي] كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جادل في خصومةٍ بغير علمٍ لم يزل في سخط الله حتى ينزع)).
393 - [وروى] حجاج بن دينار -وهو صدوق- عن أبي غالب، عن أبي #432# أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما ضل قومٌ بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدل، ثم تلا: {ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون})).
394 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي: زلة عالم، وجدال منافقٍ بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم)) [رواه يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، #433# عن ابن عمر].
395 - وقال [النبي] صلى الله عليه وسلم: ((المراء في القرآن كفر)).
#434##439#
396 - وعن ابن عمر [-رضي الله عنهما-]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من خاصم في باطل -وهو يعلم- لم يزل في سخط الله [حتى ينزع)).
#440#
وفي لفظ: ((فقد باء بغضب من الله))] [أخرجه أبو داود].
397 - [ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أخوف ما أخاف على أمتي كل منافقٍ عليم اللسان))].
#441#
398 - وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ((الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق)).(1/429)
#442#
[الكبيرة] السادسة والستون: فيمن خصى عبده أو جدعه أو عذبه ظلماً وبغياً
قال الله تعالى مخبراً عن إبليس: {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
قال بعض المفسرين: هو الخصاء.
399 - روي [عن] الحسن، عن سمرة [رضي الله عنه]، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه)) هذا خبر صحيح.
#443#
400 - [وروى قتادة] عن الحسن، عن سمرة مرفوعاً، قال: ((من أخصى عبده أخصيناه)).
#444#
401 - وصحح الحاكم -فأخطأ- حديثاً في الحدود، متنه: ((من مثل بعبده فهو حرٌ)).
#445##446#
402 - وفي ((الصحيحين)): ((من قذف مملوكه [بالزنا] أقيم عليه الحد يوم القيامة)).
403 - وآخر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة الصلاة [وما ملكت أيمانكم]! اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)).
#447##448#
404 - وفي ((مسند أحمد)) من حديث ابن عمر رضي الله عنه: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إخصاء الخيل والبهائم)).(1/442)
#449#
[الكبيرة] السابعة والستون: المطفف في وزنه وكيله
قال الله تعالى: {ويلٌ للمطففين. الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون. ليومٍ عظيمٍ. يوم #450# يقوم الناس لرب العالمين}.
وذلك ضربٌ من السرقة والخيانة، وأكل المال بالباطل.(1/449)
[الكبيرة] الثامنة والستون: الأمن من مكر الله [تعالى]
قال الله تعالى: {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}.
وقال [تعالى]: {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً}.
وقال تعالى: {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها #451# والذين هم عن آياتنا غافلون. أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون}.(1/450)
[الكبيرة] التاسعة والستون: الإياس من روح الله [تعالى] والقنوط
قال الله تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
وقال تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}.
وقال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من #452# رحمة الله}.
405 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى)).(1/451)
الكبيرة السبعون: كفران نعمة المحسن
قال الله تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك .. .. }.
406 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)).
#453#
وقال بعض السلف: كفران النعمة من الكبائر، وشكرها بالمجازاة أو بالدعاء.(1/452)
الكبيرة الحادية والسبعون: منع فضل الماء
قال الله تعالى: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ معينٍ}.
407 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به [فضل] الكلأ))
#454#
متفق عليه.
408 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تبيعوا فضل الماء)) أخرجه البخاري.
409 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من منع فضل مائه، أو فضل كلئه، منعه الله فضله يوم القيامة)) أخرجه أحمد في ((مسنده)).
#455##457#
410 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم الله، [ولا ينظر إليهم] يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ على فضل ماء بالفلاة يمنعه ابن السيل، ورجلٌ بايع الإمام لا يبايعه إلا لدنيا؛ فإن أعطاه منه وفى له، وإن لم يعطه منها لم يف له، ورجلٌ باع رجلاً سلعةً بعد العصر، فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه، وهو على غير ذلك)) متفق عليه.
ورواه البخاري وزاد: ((ورجلٌ منع فضل ماءٍ، فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك)).(1/453)
#458#
[الكبيرة] الثانية والسبعون: من وسم [دابة] في الوجه
411 - عن جابر [رضي الله عنه]، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمار قد وسم في وجهه، فقال: ((لعن الله الذي وسمه)) أخرجه مسلم.
412 - وعند أبي داود، فقال: ((أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها، أو ضربها في وجهها، ونهى عن ذلك)).
فقوله صلى الله عليه وسلم: ((أما بلغكم أني لعنت)) يفهم منه: أن من لم يبلغه الزجر غير آثمٍ، وأن [من] بلغه وعرف فهو داخل في اللعنة، وكذا نقول في عامة هذه الكبائر إلا #459# ما علم منها بالاضطرار من الدين.(1/458)
[الكبيرة] الثالثة والسبعون: القمار
قال الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}.
وأنزل الله تعالى غير آيةٍ في مقت أكل أموال الناس بالباطل.
413 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال لصحابه: تعال أقامرك فليتصدق)) متفق عليه.
فإذا كان مجرد القول معصيةً موجبةً للصدقة المكفرة، فما ظنك بالفعل؟! وهو داخل في أكل المال بالباطل.(1/459)
#460#
[الكبيرة] الرابعة والسبعون: الإلحاد في الحرم
قال الله تعالى: {والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ}.
414 - قال يحيى بن أبي كثير: عن عبد الحميد بن سنان -وقد وثقه ابن حبان-، عن عبيد بن عمير، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع:
#461#
((إلا إن أولياء الله المصلون؛ من يقيم الصلاة، ويصوم رمضان، ويعطي زكاة ماله يحتسبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها)).
ثم إن رجلاً سأله، فقال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال:
((هن تسعٌ: الشرك بالله، وقتل مؤمنٍ بغير حق، [والسحر]، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين [المسلمين]، واستحلال البيت الحرام قبلتكم، ما من رجلٍ يموت لم يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة؛ إلا كان مع النبي في دارٍ أبوابها مصاريع من ذهبٍ سنده صحيح.
#462##463#
415 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الجاهلية)) رواه أحمد في ((مسنده)).(1/460)
#464##465#
[الكبيرة] الخامسة والسبعون: تارك الجمعة ليصلي وحده
416 - عن ابن مسعود [رضي الله عنه]، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقومٍ يتخلفون عن الجمعة: ((لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجالٍ يتخلفون عن الجمعة بيوتهم)) أخرجه مسلم.
417 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) أخرجه مسلم.
418 - عن أبي الجعد الضمري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ترك ثلاث جمعٍ تهاوناً؛ طبع الله على قلبه)) إسناده قوي [أخرجه #466# أبو داود].
419 - وعن حفصة [رضي الله عنها]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رواح الجمعة واجبٌ على كل محتلم)) [رواه النسائي].(1/465)
[الكبيرة] السادسة والسبعون: من جس على المسلمين، ودل على عوراتهم
420 - في الباب حديث حاطب بن أبي بلتعة، وأن عمر رضي الله عنه أراد قتله بما فعل، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من قتله لكونه شهد بدراً.
#467#
فإن ترتب على جسه وهنٌ على الإسلام وأهله، وقتل مسلمين، وسبيٌ وأسرٌ ونهبٌ، أو شيء من ذلك؛ فهذا ممن يسعى في الأرض فساداً، وأهلك الحرث والنسل، وتعين قتله، وحق عليه العذاب، نسأل الله العافية.
وبالضرورة يدري كل ذي جسٍ: أن النميمة إذا كانت من الكبائر، فنميمة الجاسوس أكبر وأعظم بكثير.(1/466)
#468#
فصل جامع لما يحتمل أنه من الكبائر
421 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) متفق عليه.
422 - وقال: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وولده ونفسه والناس أجمعين)) [صحيح].
423 - وقال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)) إسناده صحيح.
#469#
424 - وقال: ((والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)).
425 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان)) رواه مسلم.
426 - وفي حديث لمسلم في الظلمة: ((فمن جاهدهم بيده فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)).
وفيه دليل على أن من لم ينكر المعاصي بقلبه، ولا يود زوالها، فإنه عديم الإيمان، ومن جهاد القلب التوجه إلى الله تعالى في أن يمحق الباطل وأهله، أو أن يصلحهم.(1/468)
#470#
427 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع))، قيل: أفلا نقاتلهم؟ قال: ((لا ما أقاموا فيكم الصلاة)) رواه مسلم.
428 - وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذبان، [فقال: إنهما ليعذبان] وما يعذبان في كبير! بلى إنه كبيرٌ: أما أحدهما: فكان لا [يستنزه -وفي لفظ:] لا يستتر- من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)).
429 - ومن حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أعان على خصومةٍ بغير حقٍ كان في سخط الله حتى ينزع)) صحيح.
430 - وقال: ((المكر والخديعة في النار)) إسناده قوي.
#471#
431 - وقال: ((لعن الله المحلل والمحلل له)) جاء ذلك من وجهين جيدين عنه صلى الله عليه وسلم.
#472#
432 - وعنه صلى الله عليه وسلم قال: ((من خبب على امرئٍ زوجته أو مملوكه فليس منا)) رواه أبو داود.
433 - [وقال صلى الله عليه وسلم: ((العي والحياء شعبتان من الإيمان، والبذاء والجفاء شعبتان من النفاق)) هذا صحيح].
434 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار)) [رواه هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن #473# أبي بكرة، ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وكلاهما صحيح].
435 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من مات وليس عليه إمام جماعةٍ؛ فإن موتته موتةٌ جاهليةٌ .. .. )) إسناده صحيح.(1/470)
#474#
436 - وقال سليمان بن موسى: نبأنا وقاص بن ربيعة، عن المستورد بن شداد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أكل بمسلمٍ أكلةً؛ أطعمه الله بها أكلةً من نار يوم القيامة، ومن أقام بمسلمٍ مقام سمعةٍ؛ أقامه الله يوم القيامة مقام رياءٍ وسمعةٍ، ومن اكتسى بمسلمٍ ثوباً كساه الله ثوباً من نارٍ يوم القيامة)) صححه الحاكم.
#475##476#
437 - وصحح من [حديث] أبي خراش السلمي؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من هجر أخاه سنةً فهو كسفك دمه)).
#477#
438 - وعن ابن عمر [رضي الله عنهما]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حالت شفاعته دون حدٍ من حدود الله؛ فقد ضاد الله في أمره)) إسناده جيد.
#478#
439 - وقال [النبي] صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً؛ يهوي بها في جهنم)) أخرجه البخاري.
440 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن #479# تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب [الله] له بها سخطه إلى يوم يلقاه)) صححه الترمذي.(1/474)
#480##481#
441 - وعن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا للمنافق: يا سيد، فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل)) صحيح، رواه أبو داود.
#482#
442 - وقال [النبي] صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)) متفق عليه.
فأما الكذب والخيانة فقد مرا، وأما خلف الوعد فهو المقصود بالذكر هنا، وقد قال تعالى: {ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}.
443 - [وعن] زيد بن أرقم مرفوعاً، قال: ((من لم يأخذ [من] شاربه فليس منا)) صححه الترمذي وغيره.
#483#
444 - وعن ابن عمر [رضي الله عنهما]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خالفوا المجوس؛ وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب)) متفق عليه.
445 - وقال الحسن البصري: قال عمر رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث [رجالاً] إلى هذه الأمصار، فينظروا [كل] من لم يحج، [فمن كانت له #484# جدة ولم يحج] فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين [ما هم بمسلمين]
#485#
رواه سعيد بن منصور في ((سننه)).
446 - وعن أبي أيوب الأنصاري [رضي الله عنه]، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من فرق بين والدةٍ وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)) رواه #486# [الإمام] أحمد والترمذي.(1/481)
#487#
447 - ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم [أنه] قال: ((من فر من ميراث وارثه، قطع الله ميراثه من الجنة)) في سنده مقال.
448 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنةً، ثم يحضره الموت فيضار في الوصية؛ فتجب له النار، ثم قرأ أبو هريرة [رضي الله عنه]: {غير مضارٍ وصيةً من الله والله عليمٌ حليمٌ .. .. } الآيات)) رواه أبو داود والترمذي.
#488#
449 - وعن عمرو بن خارجة: [أن] النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته، فسمعته يقول: ((إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقه، فلا وصية لوارثٍ)) صححه الترمذي.(1/487)
#489#
450 - [وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يبغض الفاحش البذيء))].
451 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: رجلٌ يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)) أخرجه مسلم.
452 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قٌال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ملعونٌ من أتى امرأة في دبرها)).
#490##495#
رواه [أحمد] وأبو داود.
453 - وفي لفظ: ((لا ينظر الله إلى رجلٍ جامع امرأةً في دبرها)).
#496#
454 - وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى حائضاً، أو امرأةً في دبرها، أو كاهناً فصدقه، فقد كفر -أو قال: برئ- مما أنزل على محمدٍ [صلى الله عليه وسلم)) رواه أبو داود #497##499# والترمذي، وليس إسناده بالقائم].
455 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أن رجلاً اطلع عليك بغير إذنٍ فحذفته بحصاةٍ؛ ففقأت عينه؛ ما كان عليك جناحٌ)) متفق عليه.
456 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((من اطلع في بيت قومٍ بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه)) أخرجه مسلم.
457 - [زياد بن الحصين، عن أبي العالية]، عن ابن عباس [رضي الله عنهما]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والغلو؛ فإنما هلك من كان قبلكم #500# بالغلو)) [رواه أبو داود والترمذي وليس إسناده بالقوي].
#501#
وقال الله تعالى: {قل يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل}.
وقد عد ابن حزم الغلو في الدين من الكبائر.
458 - وعن ابن عمر [رضي الله عنهما]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض [بالله] فليس من الله)) رواه ابن ماجه.
#502#
459 - وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: [قال النبي صلى الله عليه وسلم]: ((لا يدخل الجنة خبٌ، ولا منانٌ، ولا بخيلٌ)) أخرجه الترمذي بسند ضعيف.
460 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)).(1/489)
#503#
461 - وقال: ((كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع)).
قال الله تعالى: {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد}.
وقال تعالى: {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}.
وقال تعالى: {ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء}.
وقال تعالى: {وأما من بخل واستغنى. وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى. وما يغني عنه ماله إذا تردى}.
وقال تعالى: {ما أغنى عني ماليه}.
وقال تعالى: {ما أغني عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون}.
#504#
[وقال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}].
462 - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم)) أخرجه مسلم.
463 - وقال [النبي] صلى الله عليه وسلم: ((وأي داءٍ أدوى من البخل)).
464 - وفي الحديث: ((ثلاثٌ مهلكاتٍ: شحٌ مطاعٌ، وهوىً متبعٌ، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه)).(1/503)
#505##508#
465 - وصحح الترمذي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الجالس وسط الحلقة.
#509#
466 - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: [قال] رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)) أخرجه أبو داود.
#510##511#
467 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه؟ لكان أن يقف أربعين خيراً له)).
468 - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدكم إلى ما يستره من الناس، فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفعه في نحره؛ فإن أبى فليقاتله؛ فإنما معه شيطان)).
469 - وفي لفظ [لمسلم]: ((فإن أبى فليقاتله؛ فإن معه القرين)).
470 - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة [حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا] حتى تحابوا، أوَ لا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).
#512#
آخر الكتاب، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
نقلت من ثاني نسخة قرئت على المصنف، وعليها خطه، قال: صح ذلك، وكتبه مؤلفه محمد بن أحمد الشافعي.(1/508)