أسماء شيوخ مالك بن أنس
الأصبحي الإمام رضي الله عنه وأرضاه بمنه
تأليف
الشيخ الفقيه القاضي المحدث
أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن خلفون الأزدي الأونبي الأندلسي
(636 هـ)
تحقيق
أبي عبدالباري رضا بو شامة الجزائري
أضواء السلف
الطبعة الأولى
1425 هـ - 2004 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمدٍ وآله وسلم تسليماً عونك اللهم
الحمد لله أحكم في تدبيره، وأتقن في تصويره، وأنفذ الأمور بمشيئته وتقديره، وآثر هذه الأمة بنبيها محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي ابتعثه ضياءً وسراجاً، وأرسله بالملة البيضاء التي لم يجعل لها زيغاً ولا اعوجاجاً، فصلى الله عليه صلاةً تتعاقب عليه بالغدو والرواح، وتتكفل لنا في كل أمرٍ نحاوله بالظفر والنجاح، أما بعد:
رحمنا الله وإياكم، فإني ذكرت في كتابي هذا أسماء شيوخ مالك ابن أنسٍ الذين روى عنهم الآثار المذكورة في كتاب التلخيص المستخرجة من موطأ مالك بن أنسٍ -رواية يحيى بن يحيى الليثي القرطبي، وذكرت فيه أنسابهم وبلدانهم، وعمن رووا ومن روى عنهم مع مالك بن أنس، وابتدأت فيه بذكر مالك بن أنسٍ -رحمه الله- ونسبه ومبلغ سنه ووقت وفاته وثناء العلماء عليه، والله تعالى أسأله العون على ذلك، وأستغفره من الخطأ والزلل، وهو حسبي ونعم الوكيل.(1/87)
باب: ما جاء في نسب مالك بن أنس، ومولده، ووقت وفاته، وفضائله، وثناء العلماء عليه
هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن عثمان، أبو عبد الله الأصبحي المدني، من ذي أصبح من حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، حليفٌ لعثمان بن عبيد الله القرشي التيمي المدني، أخي طلحة بن عبيد الله التيمي.
وأمه العالية ابنة شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزدية.
يقال: إنه ولد في سنة أربع وتسعين، وقال الواقدي: ((توفي بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة)).
وقال البخاري: ((قال عبد الله بن أبي الأسود: مات مالكٌ سنة تسعٍ وسبعين ومائة)).(1/88)
وذكر الغلابي، عن أحمد بن حنبل مثله.
أخرج له البخاري ومسلمٌ في الصحيحين، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم الرازي، وغيرهم.
زاد أبو حاتم: ((إمام أهل الحجاز)).
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ((رأيت في كتاب علي بن المديني، قال يحيى بن سعيد: مالك بن أنس إمامٌ في الحديث)).(1/89)
وقال البخاري: ((قال يحيى بن سعيد: كان مالكٌ إماماً في الحديث)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: ((ما عندي أحد بعد التابعين أنبل من مالك بن أنس، ولا أجل منه، ولا أوثق ولا آمن على الحديث منه)).
وقال: ((كل من روى عنه مالك بن أنس فهو ثقة، ما خلا عمرو ابن أبي عمرو، وشريك بن أبي نمر، فإن في حديثهما شيئاً، ولا نعلمه روى عن أحد من المتروكين إلا عبد الكريم بن أبي المخارق البصري، وكنيته أبو أمية، وأحسبه غره منه فقهه وعربيته)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسمعت أبا(1/90)
بكر يقول -وقد سئل عن الأوزاعي وعن من كان في عصره-، فقال: قال أحمد: كان مالك بالمدينة، وكان سفيان بالكوفة، وكان الليث بمصر، وكان الأوزاعي بالشام)).
وقال أبو عيسى الترمذي: نا عمرو بن علي، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ((الأئمة أربعة: سفيان الثوري، ومالك ابن أنس، والأوزاعي، وحماد بن زيد)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: ((أمناء الله على علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ: شعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطان)).
وقال النسوي أيضاً: ((ما عندي أوثق ولا آمن على الحديث من مالك بن أنس، ثم إليه شعبة في الحديث، ثم يحيى بن سعيد القطان، وليس أحد بعد التابعين آمن على الحديث من هؤلاء الثلاثة، ولا أقل رواية عن الضعفاء من هؤلاء)).(1/91)
وقال يونس بن عبد الأعلى الصدفي: سمعت الشافعي يقول: ((مالك وابن عيينة القرينان، ولولا مالك وابن عيينة ذهب علم الحجاز)).
وقال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي: ((الحجة على المسلمين الذي ليس فيهم لبسٌ: سفيان الثوري، وشعبة، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد)).
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: قال محمد بن نصرٍ: ((ذاكرت يحيى -يعني القطان- مالكاً، فقال لي: نجم أهل الحديث المتوقف عن الضعفاء، الناقل عن أولاد المهاجرين والأنصار)).
وقال أبو جعفر: وسألت أبا عبد الله: ((من كان الحفاظ من أصحاب الزهري؟ فقال: مالك بن أنس، ومعمر، وسفيان بن عيينة)).
وقال ابن أبي حاتم: ذكره أبي عن إسحاق بن منصور، عن يحيى ابن معين أنه قال: ((مالك بن أنس ثقة، وهو أثبت في نافع من أيوب وعبيد الله بن عمر وليث بن سعد، وغيرهم)).(1/92)
وقال أيضاً: سمعت أبي يقول: ((مالك بن أنس ثقةٌ، إمام أهل الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهري، [وابن عيينة]، وإذا خالفوا مالكاً من أهل الحجاز حكم لمالك، ومالكٌ نقي الحديث، وهو أنقى حديثاً من الثوري والأوزاعي، و[أمر] في الزهري من ابن عيينة، وأقل خطأً منه، وأقوى من معمر وابن أبي ذئب)).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: ((أيما أثبت أصحاب الزهري؟ قال: مالكٌ أثبت في كل شيء)).
وقال عمرو بن علي الصيرفي: ((أثبت من روى عن الزهري ممن لا يختلف فيه: مالك بن أنس)).
وقال علي بن المديني: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ((كان وهيبٌ لا يعدل بمالكٍ أحداً)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين عن أصحاب الزهري: ((قلت له: معمر أحب إليك في الزهري أو مالك؟ فقال:(1/93)
مالك. قلت: فيونس وعقيل أحب إليك أم مالك؟ قال: مالك. قلت له: فمالكٌ أحب إليك عن نافع أو عبيد الله؟ فقال: كلاهما ولم يفضل)).
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: سمعت ابن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ((لما مات مالك بن أنس أخرجت كتبه، فأصيب فيها قنداق عن ابن عمر ليس في الموطأ منه إلا حديثان)).
قال أبو جعفر: وسئل يحيى: من الثبت في مالك في الحديث؟ فقال: ((القعنبي وهو عبد الله، ومعن بن عيسى القزاز أبو يحيى، كان يقول: حدثني مالك. فقيل له: كيف يقول: حدثني، وإنما كان يقرأ عليه؟ قال: كنت أستخرج الحديث في رقاعٍ ثم أقول له: يا أبا عبد الله: اقرأ هذا الحديث علي، فكان إذا فعل تركته أياماً ثم جئت برقعة أخرى، فمن ها هنا أقول: حدثني. قال يحيى: وعبد الله بن نافع ثبتٌ فيه)).
ونقل أبو نعيم -ممن عني بالحديث- قال: ((مالك بن أنس إمامٌ من أئمة المسلمين، وعلمٌ من أعلامهم، وفقيهٌ من فقهائهم، وهو(1/94)
عندهم ثقةٌ حجة في ما نقل وحمل من أثر في الدين)).
قال البخاري: ((عن علي بن المديني: له نحو ألف حديث)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسألت ابن معين قلت: يا أبا زكريا، مالك بن أنس قل حديثه؟ قال: لكثرة تمييزه)).
قال أبو جعفر: وقال محمد بن نصر: ((بلغني أن مالك بن أنس قال: أدركت أقواماً صالحين لهم فضل وعبادة مع سن، وما منعني أن أكتب عنهم إلا أنهم كانوا ذوي غفلة)).
وقال البرقي: أنا عمرو بن أبي سلمة، عن ابن كنانة، عن مالك بن أنس قال: ((ربما جلس إلينا الشيخ فتحدث جل نهاره، ما نأخذ عنه حديثاً واحداً، ما كنا نتهمه، ولكنه ليس من أصحاب الحديث)).(1/95)
وقال ابن أبي خيثمة: نا عبيد الله بن عمر، قال: ((كنا عند حماد بن زيد، فجاء نعي مالك بن أنس، فبكى حماد حتى جعل يمسح عينيه بخرقة كانت معه، ثم قال: يرحم الله أبا عبد الله، كان من الإسلام بمكان)).
وقال أيضاً ابن أبي خيثمة: نا أبو عبد الله محمد بن مصعب بن عبد الله: حدثني أبي، عن أبيه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام، قال: ((ذكر لعامر بن عبد الله بن الزبير: أبو مالك بن أنس وأعمامه وأهل بيته فقال: أما إنهم من اليمن، أما إنهم من العرب، ذووا قرابة بالنضر بن يريم)).
روى عن مالك بن أنس خلقٌ كثير من أهل الحجاز، وأهل العراق، وخراسان، واليمن، والشام، ومن أهل مصر، والمغرب، والأندلس، فممن روى عنه، سفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان ابن عيينة الهلالي، والليث بن سعد الفهمي ووهيب بن خالد البصري، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي البصري، ووكيع بن الجراح الكوفي، وعبد الله بن المبارك(1/96)
المروزي، وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، وأبو نعيم الفضل بن دكين الملائي، وروح ابن عبادة القيسي، وبشر بن عمر الزهراني، وأبو عاصم الضحاك، بن مخلد الشيباني النبيل، وعبد الله بن وهب المصري، وعبد الرحمن بن القاسم المصري، ومعن بن عيسى القزاز المدني، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويحيى بن يحيى الأندلسي القرطبي، ويحيى ابن عبد الله بن بكير المصري، وغيرهم.
وقد روى عنه من شيوخه جماعة، منهم: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، ويزيد بن عبد الله بن الهادي الليثي المدني، وزيد بن أبي أنيسة الجزري الرهاوي.
وروى سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يأتي على الناس زمان يضربوا أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة)).(1/97)
قال أبو عيسى الترمذي: ((وقد روي عن ابن عيينة أنه قال في هذا ((من عالم المدينة)): ((إنه مالك بن أنس))، قال: وسمعت يحيى بن موسى يقول: قال عبد الرزاق: ((هو مالك بن أنس)).
ويروى أن الفقيه أبا إبراهيم إسحاق بن إبراهيم التجيبي مولاهم الأندلسي الطليطلي دخل على أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله(1/98)
ابن عبد الرحمن الناصر فتذاكرا أبواباً من العلم وأخبار السلف، إلى أن وقع الحكم في رجل من أكابر أهل قرطبة، فتنقصه، فسكت عنه أبو إبراهيم ونكس رأسه، ولم يأخذ معه في شيء من ذكر الرجل، فوجم الحكم لذلك وعز عليه أن لم يتابعه في ذمه، ثم رجعا إلى ما كانا عليه من ذكر الصالحين، فانبعث معه أبو إبراهيم في ما استطرد من ذلك، ثم عدل إلى ذكر الرجل الذي كان وقع فيه، فسبه، وأطرق أبو إبراهيم عنه، وعاد إلى ما كان فعله أولاً من الإطراق والوجوم، فأقصر الحكم مضطراً وأعرض عن الإنكار على أبي إبراهيم، وراقه ملكه لنفسه وخزنه لسانه، وأنشد متمثلاً:
يأبى الجواب فما يراجع هيبةً ... والسائلون نواكس الأذقان
هدي العليم وعز سلطان التقى ... فهو المطاع وليس ذا سلطان(1/99)
ثم قال: فيمن قيل هذا يا إسحاق؟ فقال: في مالك بن أنس رضي الله عنه، قاله فيه عبد الله بن سالم الخياط بالمدينة، ثم قال له الحكم: هل تعرف لغيره في ذلك رحمه الله مثل هذا؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين. فقال: بل لأبر من ابن سالم وأتقى؛ عبد الله بن المبارك يقول فيه:
صموتٌ إذا ما الصمت زين أهله ... وفتاق أبكار الكلام المختم
وعى ما وعى القرآن من كل حكمةٍ ... وسيطت له الآداب باللحم والدم
فقال له أبو إبراهيم: لا زلنا نفاد من أمير المؤمنين الحكمة، ونزاد بإقباسه في المعرفة، فزاده الله من نعمه المتوالية)).
وروي عن بشر بن بكر التنيسي أنه قال: رأيت الأوزاعي في المنام مع جماعة من العلماء في الجنة، فقلت: وأين مالك بن أنس؟ فقال: رفع. فقلت: بماذا؟ قال: بصدقه)).
وروي عن عبد الله بن مصعب الزبيري أنه قال: ((كنت جالساً(1/100)
مع مالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: أيكم أبو عبد الله مالك؟ فقيل له: هذا، فجاء فسلم عليه، واعتنقه وقبل بين عينيه، وضمه إلى صدره، وقال: والله لقد رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في هذا الموضع فقال: علي بمالك، فأتي بك وأنت ترعد فرائصك، فقال لك: ليس بك بأس يا أبا عبد الله، وكناك، وقال لك: اجلس، فجلست، فقال: افتح حجرك، ففتحه، فملأه مسكاً منثوراً، وقال: ضمه إلى صدرك وبثه في أمتي، قال: فبكى مالك رحمه الله بكاءً طويلاً، وقال: الرؤيا بشرى، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني الله)).
وقد ذكر بعضهم أن مولد مالك سنة ثلاث وتسعين، وتوفي بالمدينة لعشر خلون من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، وغسله ابن كنانة، وسعيد بن داود، قال يحيى: ((وكنت أنا وابنه يحيى نصب الماء عليه))، وأنزله في قبره جماعةٌ.
وكان له أربعة من الولد: يحيى، ومحمد، وإبراهيم، وحماد، فأما يحيى وإبراهيم فلم يوص بهما إلى أحد، وأما محمد وحماد فأوصى بهما إلى إبراهيم بن حبيب، وأوصى أن يكفن في ثياب بيض، ويصلى عليه في موضع الجنائز، فصلى عليه محمد بن عبد العزيز العباسي من ولد عبد الله ابن عباس، وكان والياً على المدينة، وبلغ كفنه خمسة دنانير، ودفن بالبقيع، وله يوم مات خمس وثمانون سنة.(1/101)
وروي عن سحنون بن سعيدٍ أنه قال: ((توفي مالك وهو ابن سبع وثمانين سنة، وأقام بالمدينة مقيماً بين أظهرهم ستين سنة)).
وقيل: إن أمه حملته سنتين، وقيل: ثلاث سنين، كل ذلك أقام في بطن أمه)).
وكان -رحمه الله- أشقر، شديد البياض، كبير الرأس، أصلع، ولم يكن بالطويل، وقد ذكر بعضهم أنه كان طويلاً عظيم الهامة، يلبس الثياب العدنية الجياد، وكان لا يخرج إلى المسجد حتى يتوضأ ويتطيب بالطيب، وكان يجلس في منزلٍ له على ضجاعٍ، وله نمارق مطروحة يمنةً ويسرة.
قال أحمد بن خالد القرطبي: سمعت إبراهيم بن محمد بن باز(1/102)
يقول: ((والله الذي لا إله إلا هو ما رأيت أوقر من يحيى بن يحيى، ما رأيته يبزق ولا يسعل في مجلسه ولا يتحرك عن حاله، وكان أخذ برأي مالك بن أنس وسمته رحمهما الله)).(1/103)
حرف الألف
في أسماء شيوخ مالك بن أنس الأصبحي رحمه الله
من اسمه إبراهيم
1- إبراهيم بن عقبة بن أبي عياش المطرقي المدني:
مولى الزبير بن العوام الأسدي، وقيل: مولى أم مخلد بنت خالد ابن سعيد بن العاصي الأموي، والأول أكثر وأشهر، وهو أخو محمد وموسى ابني عقبة.
قال الواقدي: ((هو أكبر من موسى ومات قبله)).
روى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي، وعن سعيد ابن المسيب المخزومي، وعروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، وكريب مولى ابن عباس، وعامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وأبي عبد الله دينار القراظ، وغيرهم.
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، ومحمد بن إسحاق المطلبي، ومعمر بن راشد الأزدي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وحماد بن زيد(1/104)
ابن درهم الأزدي، وغيرهم.
وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل عنه أباه فقال: ((صالح لا بأس به، قال: قلت: يحتج بحديثه؟ قال: يكتب حديثه)).
أخرج عن إبراهيم بن عقبة هذا مسلم، وهو ثقةٌ، قاله أحمد بن حنبل، وابن معين، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((وهو حجةٌ عندهم فيما حمل ونقل، وهو أسنن من موسى ابن عقبة، ومحمد بن عقبة أسن منه، وأكثرهم حديثاً موسى، وكلهم ثقة)).
وذكر أبو داود السجستاني عن يحيى بن معين قال: ((موسى أكثرهم حديثاً، ومحمدٌ أكبرهم، قال: ومحمد وإبراهيم أثبت من موسى)).(1/105)
وخرج ابن الجارود عبدالله بن علي: نا ابن المقرئ قال: نا سفيان عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: (( أن امرأة رفعت صبياً من محفة، فقالت: يا رسول الله، هل لهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر)).
2- إبراهيم بن أبي عبلة:
-واسم أبي عبلة شمر- ابن يقظان بن المرتحل أبو إسماعيل، ويقال: أبو العباس، ويقال: أبو إسحاق العقيلي الشامي الدمشقي، وقيل: الرملي، وهو من بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وقيل: إنه تميميٌ، فالله أعلم.
يقال: إنه توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة.
رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وروى عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي أبيٍ عبد الله بن عمرو الأنصاري ابن أم حرام بنت ملحان -وكانت تحت عبادة بن الصامت الأنصاري-، وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وأبي الأسقع(1/106)
واثلة بن الأسقع الليثي، وأبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري.
وعن جماعة من التابعين، منهم: الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، وعقبة بن وساج البرساني، وطلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، وأم الدرداء هجيمة الوصابية الحميرية.
روى عنه يونس بن يزيد الأيلي، والليث بن سعد الفهمي المصري، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وبكر بن مضر القرشي، وعبد الله بن المبارك المروزي، وضمرة بن ربيعة الرملي، ومحمد بن حمير السليحي، وغيرهم.
وقال النسوي في التمييز: ((إبراهيم بن أبي عبلة ليس به بأس)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأبو حاتم الرازي، والدارقطني، وأبو عمر النمري، وغيرهم.(1/107)
زاد أبو حاتم: ((صدوق)).
وزاد النمري: ((وكان فاضلاً له أدبٌ ومعرفةٌ، وكان يقول الشعر الحسن، واختلف في سماعه من واثلة بن الأسقع)).
وقال ابن أبي خيثمة: نا أبو حذيفة بن مروان بن معاوية الفزاري قال: ((إبراهيم بن أبي عبلة التميمي، اسم أبي عبلة شمر.
نا الوليد بن شجاع، قال: سمعت ضمرة بن ربيعة قال: ((مات إبراهيم بن أبي عبلة سنة إحدى، أو اثنتين وخمسين ومائة.
نا أبو حذيفة عبد الله بن مروان الفزاري، قال: نا شداد بن عبد الرحمن الأنصاري -من ولد شداد بن أوس لقيه ببيت المقدس- قال: ((قال رجل لإبراهيم بن أبي عبلة: يا أبا إسحاق.
نا أبي رحمه الله: قال: نا الوليد بن مسلم، قال: ((رأيت ابن أبي عبلة غازياً في جبة محشوة مفرجة المقادم.
حدثنا هارون بن معروف، قال: نا ضمرة، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: تقوم الساعة على قومٍ أحلامهم أحلام العصافير.(1/108)
نا هارون، نا ضمرة، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: قلت للعلاء ابن رياد بن مطر العدوي: إني أجد وسوسةً في قلبي؟ فقال: ما أحب لو أنك مت عام أول، إنك العام خيرٌ منك عام أول)).
وقال أبو داود السجستاني: نا جعفر بن مسافر الهذلي، قال: نا يحيى بن حسان، قال: نا الوليد بن رباح، عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبي حفصة قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من مات على غير هذا فليس مني)).
كذا قال يحيى بن حسان: الوليد بن رباح، وصوابه: رباح بن الوليد.
وأبو حفصة هذا اسمه حبيش الحبشي الشامي، قال عنه ابن صالح: ((تابعي ثقة)).(1/109)
من اسمه إسماعيل
3- إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص:
واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، أبو محمد القرشي الزهري المدني، توفي بها سنة أربع وثلاثين ومائة، في خلافة أبي العباس السفاح، وكان والده محمد من أصحاب ابن الأشعث، قتله الحجاج صبراً.
روى إسماعيل هذا عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص، وحمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وصالح بن كيسان الغفاري، وعبد الله بن جعفر المسوري المخرمي، وعبد الواحد بن أبي عون الدوسي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وابنه محمد بن إسماعيل وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وأبو(1/110)
حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((أحد الجلة الأشراف، قرشيٌ زهريٌ، ثقةٌ حجةٌ فيما نقل وروى من أثرٍ في الدين)).
وقال أبو بكر البزار: نا محمد بن المثنى، قال: نا أبو عامر العقدي، قال: نا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر ابن سعد، عن أبيه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده)).
قال البزار: ((وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره. عن عبد الله بن مسعود، وعن عبد الله بن عمر، وعن عبد الله ابن زيد، وعن وائل بن حجر، وعن أبي حميد الساعدي عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعن طلق بن علي، وعن المغيرة بن شعبة، وعن عمار بن ياسر، وعن أبي رمثة، وعن البراء وغيرهم، وهذا الحديث قد روي عن سعد من غير وجه)).(1/111)
4- إسماعيل بن أبي حكيم القرشي مولاهم المدني:
يقال: إنه مولى عثمان بن عفان، وقيل: هو مولىً لبني عدي بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وقيل: هو مولى لآل الزبير ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فالله أعلم، وهو أخو إسحاق بن أبي حكيم، كان كاتباً لعمر بن عبد العزيز، وتوفي بالمدينة سنة ثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثنتين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
روى عن سعيد بن المسيب المخزومي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، وعبيدة بن سفيان الحضرمي وعطاء، وسليمان ابني يسار الهلالي، وسعيد بن عبد الله المعروف بابن مرجانة، وغيرهم.(1/112)
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبد الله بن سعيد ابن أبي هند، والضحاك بن عثمان الحزامي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عن إسماعيل بن أبي حكيم؟ فقال: يكتب حديثه، كان عاملاً لعمر بن عبد العزيز)).
أخرج لإسماعيل بن أبي حكيم مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي.
وقال أبو عمر النمري: ((إسماعيل بن أبي حكيم سكن المدينة، وكان فاضلاً ثقةً، وهو حجة فيما روى عند جماعة أهل العلم)).
روى مالكٌ، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عبيدة بن سفيان الحضرمي، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكل كل ذي ناب من السباع حرامٌ))، قال مالك ((وهذا الأمر عندنا)).
وخرج عبد الله بن علي بن الجارود: نا هناد بن الحسن بن عنبسة الوراق، قال: نا مكي -يعني ابن إبراهيم- قال: نا عبد الله بن سعيد(1/113)
ابن أبي هند، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن سعيد بن مرجانة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعتق رقبة مؤمنةً أعتق الله بكل إرب منها إرباً منه من النار، حتى إنه ليعتق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج))، فقال علي بن حسين: يا سعيد! أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال: نعم، فقال علي بن حسين عند ذلك لغلام له إمرة غلمانه: ((ادع لي مطرفاً، فلما قام بين يديه قال: اذهب فأنت حرٌ لوجه الله)).
[ .. .. .. ]
[6- أيوب بن أبي تميمة السختياني]
[ .. .. .. .. ] إبراهيم المعروف بابن علية، وغيرهم.
يقال: إنه توفي بطريق مكة راجعاً إلى البصرة في طاعون الجارف(1/114)
سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة.
وقال ابن أبي خيثمة: نا أحمد بن حنبل قال: قال يحيى يعني ابن سعيد: ((مات أيوب في الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة)).
وقال ابن أبي خيثمة أيضاً: سمعت محمد بن محبوب يقول: ((مات أيوب في آخر الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة)).
قال أبو جعفر البغدادي: وسمعت أبا بكر يقول: ((سئل أحمد عن أيوب؟ فقال: إمام أهل البصرة في عصره)).
وقال أبو القاسم الجوهري: ((كان من عباد الناس وخيارهم وأشدهم تثبتاً)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان أحد أئمة الجماعة في الحديث والإمامة والاستقامة، وكان من عباد العلماء وحفاظهم وخيارهم)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن معين، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
زاد ابن معين: ((وهو أثبت من ابن عون، وإذا اختلف أيوب وابن عون في الحديث فأيوب أثبت منه)).(1/115)
وزاد أبو حاتم: ((أحب إلي في كل شيء من خالد -يعني الحذاء- لا يسأل عن مثله، وهو أكبر من سليمان التيمي، ولا يبلغ التيمي منزلة أيوب)).
وروى أبو الوليد الطيالسي، عن شعبة، قال: ((نا أيوب السختياني، وكان سيد الفقهاء))، وفي موضع آخر عن شعبة: ((كان أيوب سيد المسلمين)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي أنه سأل يحيى بن معين قال: ((قلت: فمن أثبت عندك وأكثر: أيوب أو ابن عون؟ قال: أيوب عندهم أعلى، وابن عون ثقةٌ فيما روى، غير أني رأيت أهل النظر يقدمون أيوب)).
وذكر يحيى بن سعيد القطان قال: ((كنا عند مالك فحدثنا عن أيوب عن ابن سيرين، قال: فانبرى إليه المخزومي فقال له: يا أبا عبد الله كيف تخطيت من دار الهجرة إلى غيرها؟ فقال: أما إنكم لو رأيتم أيوب لعلمتم أنه يستحق أن يروى عنه، كان أيوب من العالمين العاملين الخاشعين)).(1/116)
وروى الحسن بن علي، عن أبي أسامة قال: قال مالك: ((ما حدثتكم عن رجل إلا وأيوب أفضل منه)).
وذكر موسى بن هارون أنه سمع العباس بن الوليد يقول: ((ما كان في زمن هؤلاء الأربعة مثلهم: أيوب، وابن عون، ويونس، والتيمي، وما كان في الزمن الذي قبلهم مثل هؤلاء الأربعة: الحسن، وابن سيرين، وبكر -يعني ابن عبد الله المزني-، ومطرف -يعني ابن عبد الله بن الشخير الجرشي-)).
وقال ابن قتيبة: حدثني سهل، قال: سمعت الأصمعي يقول: ((أعبد الأربعة سليمان -يعني التيمي-، وأفقههم أيوب، وأشدهم في الدرهم يونس، وأضبطهم للسانه ابن عون)).(1/117)
قال إسماعيل بن إسحاق القاضي: ((سمعت علي بن المديني يقول: ((أربعةٌ من أهل الأمصار يسكن القلب إليهم في الحديث: يحيى ابن سعيد بالمدينة، وعمرو بن دينار بمكة، وأيوب بالبصرة، ومنصور -يعني ابن المعتمر- بالكوفة)).
وقال إسماعيل بن أبي أويس قال: ((سئل مالك: متى سمعت من أيوب؟ فقال: حج حجتين فكنت أرمقه ولا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا عباس بن الوليد النرسي، قال: نا وهيب بن خالد، عن الجعد أبي عثمان قال: قال الحسن: أيوب سيد شباب أهل البصرة.(1/118)
حدثنا الصلت بن مسعود، قال: نا ابن عيينة، عن هشام بن عروة قال: ما رأيت بالبصرة مثل ذلك السختياني يعني أيوب.
نا المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري قال: نا أبي، قال: سمعت ابن عون يقول: لما مات محمد بن سيرين قلنا: من ثم؟ قلنا: أيوب.
نا أحمد بن حنبل، قال: نا عفان بن مسلم، قال: نا بشر بن المفضل، قال: نا ابن عون، قال: لما مات محمد بن سيرين قلنا: من ثم؟ ثم قلنا: أيوب.
سمعت يحيى بن أيوب يقول: سمعت عبد الوهاب الثقفي يقول: ما رأيت مثل أيوب.
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: نا خالد بن خداش، قال: نا حماد بن زيد، قال: حدثني أبو خشينة، قال: سألت محمد بن سيرين: من حدثك بحديث كذا وكذا؟ قال: حدثني به الثبت الثبت أيوب.(1/119)
نا أبو جعفر بن الطباع، قال: سمعت حماد بن زيد يقول: كان أيوب عندي أفضل من جالسته وأشدهم اتباعاً للسنة.
نا أحمد بن إبراهيم، قال: نا يحيى العبدي، قال: سمعت حماد بن زيد يقول: سمعت ابن عون يقول: لما مات محمد بن سيرين اغتممت عليه غماً شديداً، وقلت: من أجالس؟ فذكرت أيوب، فطابت نفسي.(1/120)
قال حماد: وكان ابن عونٍ يحدثني بالحديث، فأحدثه عن أيوب بخلافه، فيدع الحديث، فأقول له: يا ابن عون هات الحديث، قال: لا، أيوب كان أعلمنا بالحديث، فيدع الحديث فلا يحدثه.
رأيت في كتاب علي: قال يحيى بن سعيد: قال هشام بن عروة: ما رأيت أعجمياً أفضل من أيوب، قال يحيى: سمعت منه أو حدثت عنه.
نا عبيد الله بن عمر قال: سألت حماد بن زيد عن حديث، فقال: حدثناه أيوب بن أبي تميمة الذي كان يبيع الأدم في السوق، المأمون على ما يغيب.
نا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثني أبو داود، عن شعبة قال: لم أر قط مثل أيوب ويونس وابن عون.
نا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثني أبو داود، قال: سمعت أبا عوانة يقول: قد رأيت بالكوفة ورأيت الناس، فما رأيت مثل هؤلاء الثلاثة قط، يعني أيوب ويونس وابن عون.
نا أحمد بن حنبل، قال: نا حجاج بن محمد، قال: سمعت شعبة يقول: ربما ذهبت مع أيوب في الحاجة، فأريد أن أمشي معه فلا(1/121)
يدعني، ثم يخرج فيأخذ ها هنا وها هنا لكي لا يفطن له، قال شعبة: وقال أيوب: ذكرت وما أحب أن أذكر.
نا الوليد بن شجاع، قال: نا ضمرة، عن ابن شوذب قال: مر أيوب في بعض أزقة البصرة فجعل لا يمر بمجلسٍ إلا سلم عليهم، وردوا عليه ورحبوا به، فلما كثر ذلك عليه رجع، ثم قال: شهرنا في هذا المصر، لو خرجنا منه.
نا عبيد الله بن عمر، قال: نا حماد بن زيد، عن أيوب قال: دخلت على الزهري أنا والحكم بن عتيبة والحسن بن مسلم.
حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثني أسود، قال: سمعت حماد بن زيد يقول: قال أيوب: لا تحدثوا الناس بما لا يعلمون فتضروهم.
نا عفان، قال: نا حماد بن زيد، عن أيوب قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعاً لله.(1/122)
نا محمد بن الفضل عارم، قال: نا حماد بن زيد، قال: قال أيوب: لأن يسر الرجل زهده خيرٌ له من أن يظهره.
نا الصلت بن مسعود، قال: نا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: نا أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة: أن النبي عليه السلام قال: ((اختصمت الجنة والنار، فقالت النار: يدخلني الجبارون والمتكبرون، فقالت الجنة: يدخلني ضعفاء الناس وسقاطهم، فقال الله للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت رحمتي أصيب بك من أشاء، ولكل واحدةٍ منكما ملؤها، فإذا كان يوم القيامة لم يظلم الله أحداً شيئاً، وأنشأ للجنة من شاء وللنار من شاء، ويلقون في النار، وتقول: هل من مزيد، حتى يضع فيها قدمه، وينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قطٍ قطٍ))، قال محمد بن عبد الرحمن: قال أيوب حين ذكر هذا الحديث: يكذب بهذا الحديث ناسٌ، وسمعته من ابن(1/123)
سيرين، وسمعه ابن سيرين من أبي هريرة، وسمعه أبو هريرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كذبت على ابن سيرين، وما كذب ابن سيرين على أبي هريرة، وما كذب أبو هريرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال محمد ابن عبد الرحمن: وما كذبت على أيوب.
نا عبيد الله بن عمر، قال: نا حماد بن زيد، قال: سمعت أيوب يقول: من كذب بالشفاعة خليقٌ أن لا ينالها.
نا يحيى بن أيوب، قال: سمعت علي بن عبيد الله -شيخٌ بصري من العرب- قال: دعا أيوب السختياني ابن عون ويونس وأصحابه إلى طعام، فجاءت الخادم بقدرٍ تحملها، وفي البيت بنيةٌ لأيوب تدب، قال: فعثرت الجارية، فسقطت القدر من الجارية على الصبية فماتت، قال: فوثبوا إليها، قال: فجعل أيوب يسكتهم عنها ويقول: إنها لم تعمدها، طال ما رأيتها تقبلها.
نا سليمان بن حرب، قال: نا حماد بن زيد، قال: سمعت أيوب يقول: لو أني أعلم أن أهلي يحتاجون إلى دستجة بقل ما جلست معكم.(1/124)
نا عفان، قال: نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة أنه قال: الغنى من العافية.
نا عبيد الله بن عمر، قال: نا حماد بن زيد، قال: شهدت أيوب ويحيى بن عتيق وهشام بن حسان يتذاكرون حديث محمد بن سيرين، فاتفق يحيى وهشامٌ على حديثٍ، وخالفهما أيوب فيه، قال لهما: ليس هو هكذا، وخالفاه، فلم يقوموا حتى رجعوا إلى حفظ أيوب، فلما رأى أيوب أنهما قد رجعا إلى حفظه، فأحب أيوب أن يطأطئ منه قال أيوب: وأيشٍ الحفظ، هذا فلان -لرجلٍ كان يضحك منه- يحفظ.
رأيت في كتاب علي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: هشام بن حسان في ابن سيرين أحب إلي من عاصم وخالد في ابن سيرين، يعني عاصماً الأحول، وخالداً الحذاء)).(1/125)
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين قال: قلت: ((فهشام ابن حسان أحب إليك في ابن سيرين أو يزيد بن إبراهيم؟ فقال: كلاهما ثقتان)).
قال عثمان: ((سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: يزيد بن إبراهيم أثبت عندنا من هشام بن حسان.
قال عثمان: وسألته عن يحيى بن عتيق؟ فقال: ثقة. قلت: هو أحب إليك في ابن سيرين أو هشام بن حسان؟ فقال: ثقةٌ وثقةٌ. قال عثمان: يحيى خيرٌ)).
وقال ابن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي: سألت يحيى بن سعيد القطان قلت: من أثبت أصحاب نافع؟ قال: أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وابن جريج أثبت في نافع من مالك.
سمعت يحيى بن معين يقول: اختلف في حديث فيه أيوب وابن عون، فقال: ابن عون ثبت، وأيوب أثبت منه.
سمعت يحيى بن معين يقول: كان حماد ين زيد عالماً بأيوب)).(1/126)
وقال عثمان الدارمي: ((سألت يحيى بن معين عن أصحاب أيوب السختياني، قلت: حماد بن زيد أحب إليك أو ابن علية؟ فقال: حماد ابن زيد. قلت: فعبد الوارث؟ قال: هو مثل حماد. قلت: فالثقفي؟ قال: ثقة. قلت: هو أحب إليك في أيوب أو عبد الوارث؟ فقال: عبد الوارث)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس الدوري، عن يحيى بن معين أنه قال: ((إذا اختلف إسماعيل بن علية وحماد بن زيد في أيوب، كان القول قول حماد بن زيد. قيل ليحيى: فإن خالفه سفيان الثوري؟ قال: القول قول حماد بن زيد في أيوب، قال يحيى: ومن خالفه من الناس جمعياً في أيوب فالقول قوله)). وقال حماد: ((جالست أيوب عشرين سنة)).
وقال أبو جعفر البغدادي: ((وسألت أبا عبد الله عن حماد بن زيد وحماد بن سلمة أيهما أثبت في أيوب؟ قال: حماد بن زيد أثبت في أيوب، وحماد بن سلمة أسن.
قال: وسمعت يحيى يمس حماد بن سلمة ويذكر أشياء رواها)).(1/127)
أفراد
7- إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة:
واسم أبي طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، أبو يحيى، ويقال: أبو نجيح، ويقال: أبو محمد، والأول أكثر وأشهر، الأنصاري النجاري المدني، وهو أخو عبد الله، وإسماعيل، ويعقوب، وعمرو، وعمر بني عبد الله بن أبي طلحة.
روى عن أبيه، وعن عمه أنس بن مالك الأنصاري، والطفيل بن أبي بن كعب الأنصاري، وعبد الواحد بن أبي عمرة الأنصاري، ورافع بن إسحاق، وزفر بن صعصعة، وأبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب، وحميدة بنت عبيد بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن أبي كثير الطائي، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبيد الله بن عمر العمري، وهمام بن يحيى، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وغيرهم.(1/128)
وأم إسحاق هذا بثينة ابنة رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الزرقي الأنصاري.
توفي بالمدينة سنة ثنتين، وقيل: سنة أربع وثلاثين ومائة.
قال الواقدي: ((وكان مالكٌ لا يقدم عليه في الحديث أحداً)).
أخرج له البخاري ومسلم، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأبو زرعة، والنسوي، وغيرهم.
وقال أبو عمر النمري: ((ولإسحاق هذا إخوةٌ: عمرو، وعمر، وعبد الله، ويعقوب، وإسماعيل بنو عبد الله بن أبي طلحة، كلهم قد(1/129)
روي عنهم العلم، وإسحاق هذا أرفعهم وأعلمهم وأثبتهم روايةً، وهو ثقةٌ حجة فيما نقل وروى)).
مالكٌ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدهم))، يعني أهل المدينة.(1/130)
حرف الثاء
8- ثور بن زيد الديلي المدني.
روى عن أبي عبد الله عكرمة مولى ابن عباس، وأبي الغيث سالم مولى ابن مطيع، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وغيرهم.
روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وسليمان بن بلال المدني، وعبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، وأبو أويس عبد الله ابن عبد الله بن أويس الأصبحي، وغيرهم.
توفي بالمدينة سنة خمس وثلاثين ومائة.
ذكر البرقي في الطبقات له فقال: ((روي عن مالك بن أنس أنه سئل فقيل له: كيف رويت عن داود بن الحصين وثور بن زيد -وذكر غيرهم- وكانوا يرمون بالقدر؟ فقال: إنهم كانوا لأن يخروا من السماء إلى الأرض أسهل عليهم من أن يكذبوا كذبة)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((هو من أهل المدينة، صدوق، لم يتهمه أحدٌ بالكذب، وكان ينسب إلى رأي الخوارج، والقول بالقدر، ولم يكن يدعو إلى شيءٍ من ذلك)).
وقال أحمد بن حنبل: ((هو صالح الحديث)).(1/131)
أخرج له البخاري ومسلمٌ وهو ثقةٌ، قاله يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وغيرهم.
زاد يحيى في رواية عباس الدوري عنه: ((يروي عنه مالك ويرضاه)).
وروى الحسن بن علي الحلواني، عن علي بن المديني قال: ((كان يحيى بن سعيد يأبى إلا أن يوثق ثور بن زيد، وقال: إنما كان رأيه، وأما في الحديث فإنه ثقةٌ)).
وروى مالكٌ، عن ثور بن زيد الديلي، عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع، عن أبي هريرة أنه قال: ((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الأموال والثياب والمتاع، قال:(1/132)
فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً أسود يقال له: مدعم، فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى، حتى إذا كانوا بوادي القرى بينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهمٌ عائر فأصابه فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً، فلما سمع الناس ذلك جاء رجلٌ بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراكٌ أو شراكان من نار)).(1/133)
حرف الجيم
9- جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عليٍ بن أبي طالب، أبو عبد الله القرشي الهاشمي المدني.
المعروف بجعفر الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
روى عن أبيه أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، وأبي محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن المنكدر التيمي، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومسلم بن أبي مريم، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وابن جريج، وشعبة ابن الحجاج، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وحاتم بن إسماعيل، وسليمان بن بلال، وحفص بن غياث، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ويحيى بن سعيد القطان، وغيرهم.
وكان من سكان المدينة، فلما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة هرب جعفر بن محمد إلى ماله بالفرع، فلم يزل هناك مقيماً متنحياً عما كانوا فيه حتى قتل محمد، فلما قتل واطمأن الناس وأمنوا رجع إلى المدينة، فلم يزل بها حتى توفي سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر، وهو يومئذ ابن إحدى وسبعين سنة، وكان فاضلاً تقياً ورعاً، وتكذب عليه الشيعة كثيراً، وإليه تنسب الجعفرية، وكان أكثر كلامه حكمةً، وكان أوفر الناس عقلاً وأقلهم نسياناً لأمر(1/134)
آخرته، وهو القائل: ((أسرع الأشياء انقطاعاً مودة الفاسق)).
وذكر مصعب الزبيري، عن مالك رحمه الله أنه قال: ((اختلفت إلى جعفر بن محمد زماناً وما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلٍ، وإما صائمٍ، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، وكان لا يتكلم في ما لا يعنيه، وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله، ولقد حججت معه سنةً فلما أتى الشجرة أحرم، فكلما أراد أن يهل كاد يغشى عليه، فقلت له: لا بد لك من ذلك -وكان يكرمني وينبسط إلي- فقال: يا ابن أبي عامر، إني أخشى أن أقول: لبيك اللهم لبيك، فيقول: لا لبيك ولا سعديك.
قال مالك: ولقد أحرم جده علي بن حسين فلما أراد أن يقول: لبيك اللهم لبيك، أو قالها غشي عليه، وسقط من ناقته فهشم وجهه رضي الله عنهم أجمعين)).
وذكر أبو يحيى الساجي قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: نا المعيطي، قال: سمعت سفيان بن عيينة، قال: أربعةٌ من قريش لا يعتمد على حديثهم: عبد الله بن محمد بن عقيل، وعاصم بن عبيد الله، وجعفر بن محمد، وعلي بن زيد)).(1/135)
وقال البخاري: حدثني عبد الله بن أبي الأسود عن يحيى بن سعيد قال: ((كان جعفر إذا أخذت منه بالعفو لم يكن به بأسٌ، وإذا حملته حمل على نفسه)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((ورأيت في كتاب علي: قال يحيى بن سعيد: أملى علي جعفر بن محمد الحديث الطويل، يعني حديث جابر في الحج.
قلت ليحيى: مجالد بن سعيد وجعفر بن محمد؟ قال: مجالد أحب إلي من جعفر)).
وذكر سفيان بن عيينة أنه كان في حفظه شيء، يعني أنه لم يكن هنالك في الحفظ.
قال ابن أبي خيثمة: ((وسمعت مصعب بن عبد الله يقول: كان مالك ابن أنس لا يروي عنه، يعني عن جعفر حتى يضمه إلى آخر من أولئك الرفقاء، ثم يجعله بعده.(1/136)
وسمعت مصعب بن عبد الله يقول: سمعت الدراوردي يقول: لم يرو مالك عن جعفر بن محمد حتى ظهر أمر بني العباس)).
وقال الساجي: ((كان جعفر بن محمد بن علي بن الحسين صدوقاً مأموناً، إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم، وإذا حدث عنه من هو دونهم اضطرب حديثه)).
تكلم في حفظ جعفر بن محمد هذا، وقد أخرج له مسلم، وهو ثقةٌ، قاله الشافعي، وابن معين، وأبو حاتم الرازي، والنسوي، وغيرهم. زاد أبو حاتم: ((لا يسأل عن مثله)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سمعت أبا زرعة وسئل عن جعفر ابن محمد عن أبيه، وسهيل بن أبي صالح عن أبيه، والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، أيها أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء)).(1/137)
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: ((وسألت ابن حنبل من أثبت في جعفر بن محمد، مالكٌ أو شعبة؟ قال: ما فيهما إلا ثبت، ولمالكٍ عنه أشياء انفرد بها، ولشعبة أشياء خص بها. قلت: فمن أثبت عندك شعبة أم حفص بن غياث؟ قال: ما فيهما إلا ثبت، وحفص بن غياث أكثر رواية، والقليل من شعبة كثيرٌ)).
قال أبو جعفر: ((سألت أبا عبد الله عن حفصٍ بن غياث كم روى عن جعفر بن محمد؟ فقال لي: سبعين حديثاً. وسألت أبا عبد الله عن ابن شبرمة روى عن جعفر شيئاً؟ قال: روى عنه قصته مع أبي حنيفة، قلت: فما كان يسمى ابن شبرمة؟ قال: عبد الله)).
جعفر بن محمد هذا عندي ثقةٌ حجة فيما حمل ونقل من أثر في الدين.
قال ابن أبي حاتم: نا أحمد بن سلمة، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه يقول: قلت للشافعي: كيف جعفر بن محمد عندك؟ قال: ثقة، في مناظرةٍ جرت بينهما)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان ثقةً، مأموناً، عاقلاً، حكيماً، ورعاً، فاضلاً، وهو جعفر المعروف بالصادق، وتدعيه الشيعة الإمامية، وتكذب عليه الشيعة كثيراً، ولم يكن هنالك في الحفظ)).(1/138)
وخرج عبد الله بن علي بن الجارود، نا الحسن بن محمد الزعفراني قال: نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه ينذر جيشاً يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالةٌ، ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي)).
أخرجه مسلم عن محمد بن مثنى، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن جعفر بمثله.
وخرج ابن الجارود، نا أحمد بن يوسف، قال: نا خالد بن مخلد، قال: حدثني سليمان يعني ابن بلال، قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: ((كانت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته))، فذكر نحوه.
أخرجه مسلم عن عبد بن حميد، عن خالد بن مخلد، عن سليمان ابن بلال.(1/139)
حرف الحاء
من اسمه حميد
10- حميد الطويل.
وهو حميد بن أبي حميد أبو عبيدة الخزاعي مولاهم البصري، يقال: إنه مولى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، المعروف بطلحة الطلحات.
قال الأصمعي: ((رأيت حميداً ولم يكن بطويل، ولكن كان طويل اليدين)).
وقد اختلف في اسم أبي حميد هذا، فقيل: اسمه عبد الرحمن، وقيل: طرخان، وقيل: مهران، وقيل: اسمه داود، وقيل: زادويه، وقيل: تيرويه، ويقال: تير، وكان من سبي سجستان، وقيل: من سبي كابل.
ولد حميد سنة ثمان وستين، ومات سنة اثنتين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.(1/140)
سمع من أبي حمزة أنس بن مالك النجاري، ومن ثابت البناني عن أنس، ومن قتادة عن أنس.
وروى عن أبي عبد الله بكر بن عبد الله المزني، وأبي سعيد الحسن ابن أبي الحسن البصري.
روى عنه أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وأبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وأبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار الربعي البصري، وأبو عثمان خالد بن الحارث الهجيمي، وأبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ القطان، وابنه إبراهيم ابن حميد، وغيرهم.
وقال أبو جعفر العقيلي: نا أحمد بن علي الأبار، قال: نا عيسى بن عامر، عن أبي الطيب، عن أبي داود، عن شعبة قال: ((كل شيء سمع حميدٌ عن أنس خمسة أحاديث، قال أبو داود: وقال حماد بن(1/141)
سلمة: عامة ما يروي حميدٌ عن أنسٍ لم يسمعه منه، إنما سمعه من ثابتٍ)).
وقال أبو أحمد الحاكم: أنا أبو القاسم البغوي، قال: نا محمود بن غيلان، قال: نا مؤمل -يعني ابن إسماعيل-، قال: نا حماد بن سلمة قال: ((عامة ما يروي حميد عن أنس سمعه من ثابت)).
ورواه أبو بكر بن أبي خيثمة عن محمود بن غيلان، عن مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة بنحوه.
وقال ابن صالح الكوفي: حدثني يحيى بن معين، عن أبي عبيدة الحداد: قال شعبة: ((لم يسمع حميد من أنس إلا أربعةً وعشرين حديثاً)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس بن محمد الدوري قال: نا يحيى، قال: نا أبو عبيدة الحداد، عن شعبة قال: ((لم يسمع حميد من أنس إلا أربعةً وعشرين حديثاً، والباقي سمعها أو ثبته فيها ثابت)).(1/142)
وذكر أبو بكر البرديجي في كتابه: بيان الشيوخ الذين رووا عن أنس بن مالك، فقال: ((وأما حديث حميد فلا يحتج به إلا بما قال: نا أنس، إذا كان ذلك من حديث الثقات عنه، وأروى الناس عنه حماد بن سلمة)).
وقال أبو جعفر العقيلي: نا موسى بن عيسى، قال: نا صالح، قال: نا علي، قال: سمعت يحيى يقول: ((كان حميد الطويل إذا ذهبت توقفه عن بعض حديثه عن أنس شك فيه)).
وقال ابن أبي خيثمة: نا يحيى بن أيوب، قال: نا معاذ بن معاذ، قال: ((كنا عند حميدٍ الطويل، فجاء شعبة فقال: حديث كذا وكذا أيدخلك فيه شك؟ قال حميد: إن الشك ليعرض لي حتى ذكر له أحاديث يقول فيها هذا القول، فلما قام شعبة فمضى، قال حميد: ما أشك في شيء مما ذكر، ولكنه صلفٌ)).
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: وسألت أبا عبد الله عن ثابت وحميد أيهما أثبت في أنس؟ فقال: قال يحيى بن سعيد: ثابتٌ(1/143)
اختلط، وحميد أثبت في أنس من ثابت)).
أخرج لحميدٍ الطويل البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، والنمري، وغيرهم.
زاد أبو حاتم: ((لا بأس به)).
وذكر ابن أبي حاتم أنه سمع أباه يقول: ((أكبر أصحاب الحسن: قتادة ثم حميد)).
وقال عفان بن مسلم: ((كان حميد الطويل فقيهاً، وكان هو والبتي يفتيان، فأما البتي فكان يقضي، وأما حميد فكان يصلح، فقال حميدٌ للبتي: إذا جاءك الرجلان فلا تجبرهما بمر الحق، ولكن أصلح بينهما، احمل على هذا واحمل على هذا، فقال عثمان البتي: أنا لا(1/144)
أحسن سحرك، وكان حميدٌ رفيقاً)).
وقال يزيد بن زريع: تناول رجل حميداً الطويل عند يونس بن عبيد، فقال -يعني يونس-: كثر الله فينا أمثاله)).
وروى مالكٌ، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أنه قال: ((سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم)).
مالكٌ، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك: أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرةٍ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه تزوج [امرأةً من الأنصار]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم سقت إليها؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب))، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوْلِم ولو بشاة)).
مالكٌ، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟(1/145)
قال: حتى تحمر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه)).
مالكٌ، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر أتاها ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يغر حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمدٌ والله، محمدٌ والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين)).
11- حميد بن قيس بن عبد العزيز، أبو صفوان.
وقيل: أبو عبد الرحمن، القرشي الأموي مولاهم، المكي، الأعرج، قارئ أهل مكة، وهو أخو عمر بن قيس المكي، المعروف بسندل.
اختلف في ولائه، فقيل: إنه مولىً لبني أسد بن عبد العزى بن قصي، وقيل: هو مولىً لأم هاشم بنت سيار بن منظور بن سيار الفزاري، امرأة عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي.
وإلى حميد هذا يسند كثيرٌ من أهل مكة قراءتهم، وإلى عبد الله بن كثير أبي معبد الداري القارئ، وإلى عمر بن عبد الرحمن بن محيصن،(1/146)
وكل هؤلاء قرأ على مجاهد بن جبر، وقرأ مجاهدٌ على مولاه عبد الله ابن السائب المخزومي، وعلى عبد الله بن عباس.
وتوفي حميد بن قيس هذا في خلافة أبي العباس السفاح، قاله محمد بن سعد كاتب الواقدي.
روى عن أبي الحجاج مجاهد بن جبر المكي، وأبي عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني، وأبي عبد الله محمد بن المنكدر بن عبد الله ابن الهدير القرشي التيمي المدني، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وغيرهم.
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، ومعمر بن راشد الأزدي، وعبد الوارث بن سعيد العنبري، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وغيرهم.
يقال: إنه توفي في خلافة مروان بن محمد سنة اثنتين وأربعين ومائة.(1/147)
قال أبو الفتح الموصلي: نا الجرادي، قال: نا جعفر الراسي، قال: نا أبو داود المهري، قال: قال يحيى بن معين: ((حميد ابن قيس ليس بقويٍ، وقد احتمل)).
وحكى أبو حاتم البستي، عن ابن معين أنه قال عنه: ((ضعيف)).
وروي عن أحمد بن حنبل أنه قال: ((ليس بقوي الحديث)).
وروي عن أحمد أيضاً أنه قال عنه: ((ثقة)).
وقال النسوي في التمييز: ((حميد بن قيس الأعرج ليس به بأس)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: ((حميد بن قيس الأعرج ليس به بأس، وابن أبي نجيح أحب إلي منه)).
أخرج لحميد بن قيس هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله(1/148)
ابن حنبل، وابن صالح، وأبو زرعة الرازي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: ((حميد بن قيس الأعرج ثقة)).
وذكر ابن الأعرابي وغيره عن عباس الدوري قال: سمعت يحيى ابن معين يقول: ((حميد بن قيس الأعرج ثقة)).
وذكر الترمذي، عن البخاري أنه قال عنه: ((ثقةٌ)).(1/149)
وروى مالكٌ، عن حميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجاج، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لعلك آذاك هوامك قال: فقلت: نعم يا رسول الله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاةٍ)).
وفي الرواة أيضاً رجل آخر يقال له حميدٌ الأعرج، وهو حميد بن عطاء الأعرج القاص الكوفي، روى عن عبد الله بن الحارث الزبيدي المكتب القاص، روى عنه خلفٌ بن خليفة، وعيسى بن يونس، وعبد الله ابن نمير، وعبيد الله بن موسى، وغيرهم، وهو ضعيف الحديث جداً.(1/150)
حرف الخاء
12- خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف أبو محمد.
ويقال: أبو الحارث، الأنصاري الخزرجي المدني، خال عبيد الله بن عمر العمري، توفي في زمن مروان الجعدي.
روى عن أبيه، وعن عمته أنيسة، وعن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب، وعبد الرحمن بن مسعود بن نيار الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعمارة بن غزية الأنصاري، وعبيد الله بن عمر العمري، ومنصور بن زاذان الواسطي، وشعبة بن الحجاج العتكي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: ((خبيب بن عبد الرحمن صالح)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، والنمري، وغيرهم.(1/151)
وخرج أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود، نا محمد بن يحيى، قال: نا وهب بن جرير، عن شعبة، عن خبيب -يعني ابن عبد الرحمن-، عن عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، عن سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا، دعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)).(1/152)
حرف الدال
13- داود بن الحصين أبو سليمان القرشي الأموي مولاهم المدني.
يقال: إنه مولى عمرو بن عثمان بن عفان، وقيل: مولى ابنه عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان، مات بالمدينة سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو ابن ثنتين، وقيل: ثلاث وسبعين سنة.
وكان فصيحاً عالماً بالعربية، وكان يؤدب أولاد داود بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي.
روى عن أبي غطفان بن طريف المري، وأبي سفيان قزمان مولى ابن أبي أحمد، وأبي عبد الله عكرمة مولى ابن عباس، وأبي داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيرهم.
روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وغيرهما.
وقال علي بن المديني: سمعت سفيان بن عيينة يقول: ((كنا نتقي حديث داود بن الحصين)). قال علي: ((ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث، ومالكٌ روى عن داود بن الحصين عن غير عكرمة)).(1/153)
وسئل أبو زرعة الرازي عن داود بن الحصين فقال: ((هو لين)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي عن داود بن الحصين فقال: ((ليس بالقوي، ولولا أن مالكاً روى عنه لترك حديثه))، ثم قال: نا محمد ابن سعيد المقرئ قال: سئل عبد الرحمن بن الحكم عن داود بن الحصين قال: ((كانوا يضعفونه)).
وذكر البرقي في الطبقات قال: ((روي عن مالك بن أنس أنه سئل فقيل له: كيف رويت عن داود بن الحصين وثور بن زيد، -وذكر غيرهم- وكانوا يرمون بالقدر؟ فقال: إنهم كانوا لأن يخروا من السماء إلى الأرض أسهل عليهم أن يكذبوا كذبةً)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان يتهم بالقدر ورأي الخوارج، أخذ ذلك عن عكرمة فيما قال من ذكر ذلك عنهما، ولا يصح عن داود ولا عن عكرمة)).
وقال النسوي في التمييز: ((داود بن حصين ليس به بأس)).
أخرج لداود بن الحصين هذا البخاري ومسلم، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وغيره.(1/154)
وروى عباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: ((داود ابن الحصين ثقة)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((حدثني أبي، قال: نا يعقوب بن إبراهيم، قال: نا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني داود بن الحصين مولى عمرو بن عثمان، وكان ثقةً)).
وروى مالكٌ، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسقٍ، أو في خمسة أوسق)). شك داود، قال: ((خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق)).
مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي سعيد الخدري: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة، والمزابنة: اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل، والمحاقلة: كراء الأرض بالحنطة)).(1/155)
حرف الراء
14- ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
واسم أبي عبد الرحمن فروخ، وكان اسمه فرخاً فسمي فروخاً.
ويكنى ربيعة هذا بأبي عثمان، وقيل: أبو عبد الرحمن، والأول أصح، وهو القرشي التيمي مولاهم المدني، يقال: مولى المنكدر بن عبد الله بن الهدير، وقيل: مولى ربيعة بن عبد الله بن الهدير، يقال له: ربيعة الرأي، وكان أحد فقهاء المدينة الذين كانت الفتيا تدور عليهم بها.
توفي بالمدينة سنة ست وثلاثين ومائة في آخر خلافة أبي العباس السفاح، رحمه الله، وقيل: إنه توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة بمدينة أبي العباس بالأنبار.
روى عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري، وأبي يزيد السائب ابن يزيد الكندي.
وعن جماعة من التابعين، منهم: سعيد بن المسيب المخزومي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وحنظلة بن قيس الزرقي، وسليمان بن يسار الهلالي، ويزيد مولى المنبعث وغيرهم.
روى عنه سعيد بن أبي هلال الليثي، وعمرو بن الحارث الأنصاري، وعمارة بن غزية الأنصاري، وسفيان بن سعيد الثوري،(1/156)
وشعبة بن الحجاج العتكي، وسليمان بن بلال المدني، وعبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، وغيرهم.
وكان سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه؛ لأن كثيراً منه يوجد بخلاف المسند الصحيح؛ لأنه لم يتسع في الحديث، وقد فضحه فيه ابن شهاب، وكان أبو الزناد معادياً له، وكان أعلم منه، وكان ربيعة أورع من أبي الزناد، وكان مالكٌ يفضله ويرفع به ويثني عليه في الفقه والفضل، على أنه ممن اعتزل حلقته؛ لإغراقه في الرأي.
وقال أبو يحيى الساجي: ((بلغني أن أبا الزناد كان ممن سعى على ربيعة حتى حلقت نصف لحيته وأوذي)).
نا أحمد بن محمد، قال: نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثني محمد ابن فليح، عن أبيه قال: سمعت الزهري يقول: ((أخرجني من المدينة العبدان: ربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو الزناد)).
قال مصعب الزبيري: ((كان أبو الزناد وربيعة فقيهي أهل المدينة في زمانهما)).(1/157)
وذكر ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: ما يسرني أن أمي ولدت لي أخاً ممن ترون من أهل المدينة إلا ربيعة الرأي)).
وقال ابن أبي أويس: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: ((كانت أمي تلبسني الثياب وتعممني وأنا صبي، وتوجهني إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وتقول: يا بني إيت مجلس ربيعة فتعلم من سمته وأدبه قبل أن تتعلم من حديثه وفقهه)).
أخرج لربيعة هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: نا أبو بكر أحمد بن عمير قال: قال أبو بكر -يعني الحميدي-: ((كان ربيعة حافظاً)).(1/158)
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسألت يحيى قلت: من أكثر في سعيد، الزهري أم ربيعة؟ قال: الزهري في الحديث أكثر، وما ربيعة بالدون، والغالب على ربيعة الفقه، والغالب على الزهري الحديث، ولكل أحدٍ مقامٌ أقامه الله فيه)).
وقال ابن أبي خيثمة: أخبرني مصعب قال: ((ربيعة بن أبي عبد الرحمن: اسم أبي عبد الرحمن فروخ، وكان مولى آل الهدير من بني تيم بن مرة، وكان يقال له ربيعة الرأي، وكان قد أدرك بعض أصحاب النبي [صلى الله عليه وسلم] والأكابر من التابعين، وكان صاحب الفتوى بالمدينة، وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة، وكان يحصى في مجلسه أربعون معتماً)).
نا الوليد بن شجاع، قال: نا ضمرة، عن [رجاء بن أبي سلمة]، عن ابن عون قال: ((كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يجلس إلى القاسم ابن محمد، فكان من لا يعرفه يظن أنه صاحب المجلس يغلب على المجلس بالكلام)).(1/159)
وأخبرني مصعب قال: ((كان عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة يجلس إلى ربيعة يأخذ عنه، فحكي عن عبد العزيز أنه قال: لربيعة في مرضه الذي مات فيه: يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك، وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئاً، فترى أن رأينا خيرٌ من رأيه لنفسه فنفتيه؟ فقال ربيعة: اجلسوا بي، فجلس ثم قال: ويحك يا عبد العزيز، لأن تموت جاهلاً خيرٌ من أن تقول في شيء بغير علم، لا، لا، لا، ثلاث مرات)).
وقال ابن القاسم: سمعت مالكاً يقول: ((لما قدم ربيعة بن أبي عبد الرحمن على أبي العباس أمر له بجارية، فأبى أن يقبلها، فأعطاه خمسة آلاف درهم يشتري بها جارية فأبى أن يقبلها)).
قال مالك: ((إن ربيعة بكى، فقيل له: ما الذي أبكاك، أمصيبة نزلت بك؟ قال: لا، ولكن أبكاني أنه استفتي من لا علم له)).(1/160)
وروى مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس بن مالك: أنه سمعه يقول: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسبط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في لحيته ورأسه عشرون شعرةً بيضاء)).
مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس الزرقي: أنه سأل رافع بن خديج عن كراء المزارع، فقال رافعٌ: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها))، فقلت: بالذهب والورق؟ فقال رافع: أما بالذهب والورق فلا بأس به.
مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أم المؤمنين قالت: ((كان في بريرة ثلاث سنن، فكان إحدى السنن الثلاث: أنها أعتقت فخيرت في زوجها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لمن أعتق، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحمٍ، فقرب إليه خبزٌ وأدمٌ من أدم البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم أر برمةً فيها لحمٌ، فقيل: بلى يا رسول الله، ولكن ذلك لحمٌ تصدق به على بريرة،(1/161)
وأنت لا تأكل الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو عليها صدقةٌ، ولنا هديةٌ)).
مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: ((جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة، فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها، قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ قال: لك أو لأخيك أو للذئب. قال: فضالة الإبل؟ قال: ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها)).
مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز أنه قال: ((دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري، فجلست إليه فسألته عن العزل، فقال أبو سعيد الخدري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبياً من سبي العرب فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء، فأردنا أن نعزل فقلنا: نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله؟ فسألناه عن ذلك فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمةٍ كائنةٍ إلى يوم القيامة إلا وهي كائنةٌ)).(1/162)
حرف الزاء
من اسمه زيد
15- زيد بن أسلم، أبو خالد.
ويقال: أبو أسامة القرشي العدوي مولاهم، المدني، والد أسامة وعبد الرحمن وعبد الله بني زيد، وهو أخو خالد بن أسلم، وكان والده أسلم مولى عمر بن الخطاب من سبي عين التمر، ومن جلة الموالي بالمدينة علماً وديناً وثقة.
وروى زيد بن أسلم هذا عن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وجابر بن عبد الله الأنصاري السلمي، وأبي هريرة الدوسي، وأنس بن مالك الأنصاري النجاري، وربيعة بن عباد الدؤلي، وسلمة بن الأكوع الأسلمي.
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: أبوه أسلم، وسعيد بن المسيب المخزومي، وعياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وعطاء بن يسار(1/163)
الهلالي وبسر بن سعيد مولى ابن الحضرمي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعبد الرحمن ابن وعلة المصري، وأبو صالح ذكوان السمان، وبسر بن محجن الديلي، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وجرير بن حازم الأزدي، وعبيد الله بن عمر العمري، وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ومعمر بن راشد الأزدي، وسليمان بن بلال المدني، وأبو غسان محمد بن مطرف الليثي، وهشام بن سعد، وغيرهم.
توفي في عشر ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وفي هذه السنة استخلف أبو جعفر المنصور، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين ومائة.
ذكر ابن الأعرابي، عن عباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين قال: ((قد سمع زيد بن أسلم من ابن عمر، ولم يسمع زيدٌ من جابر بن عبد الله، ولم يسمع من أبي هريرة)).
قد روى زيد بن أسلم هذا عن ابني جابر، عن جابر بن عبد الله، وروى عن عطاء بن يسار وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وبسر بن سعيد وأبي صالح ذكوان السمان، عن أبي هريرة.(1/164)
وروى ابن الطباع، عن حماد بن زيد قال: ((قدمنا المدينة وزيد بن أسلم حيٌ، فسألت عبيد الله بن عمر عنه، فقلت: إن الناس يتكلمون فيه، فقال: ما أعلم به بأساً، إلا أنه يفسر القرآن برأيه)).
وقال أبو يحيى الساجي: نا أحمد بن محمد، قال: نا المعيطي قال: قال ابن عيينة: كان زيد بن أسلم من علماء أهل المدينة ووجوههم، وكان قد عمل للسلطان على معادن القبلية)).(1/165)
أخرج عن زيد بن أسلم هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((زيد بن أسلم أحد ثقات أهل المدينة، وكان من العلماء العباد الفضلاء، وزعموا أنه كان أعلم أهل المدينة بتأويل القرآن بعد محمد بن كعب القرظي، قال: وقد كان زيد ابن أسلم يشاور في زمن القاسم وسالم)).
وروي عن أسامة بن زيد بن أسلم: ((أنه كان جالساً عند أبيه، إذ أتاه رجل من البصرة وكان أميراً لهم، فقال: إن الأمير يقول لك: كم عدة الأمة تحت الحر؟ وكم طلاقه إياها؟ وكم عدة الحرة تحت العبد؟ وكم طلاقه؟ قال أبي: عدة الأمة المطلقة حيضتان، وطلاق الحر للأمة ثلاث، وطلاق العبد للحرة تطليقتان، وعدتها ثلاث(1/166)
حيض، ثم قام الرسول فقال: إلى أين تذهب؟ قال: أمرني أن آتي القاسم وسالم بن عبد الله فأسألهما، فقال أبي: أقسمت إلا ما رجعت إلي فأخبرتني بما يقولان لك. قال: فذهب ثم رجع فأخبره أنهما قالا كما قال: وقال الرسول: قالا: قل له: ليس في كتاب الله ولا سنةٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عمل به المسلمون)).
وروي عن مالك بن أنس أنه قال: ((كان زيد بن أسلم من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله، وكان ينبسط إلي ويقول لي: يا ابن أبي عامر ما انبسطت إلى أحد كانبساطي إليك)).
وكان يقول: ((يا ابن آدم اتق الله يحبك الناس وإن كرهوا)).
وروي: ((أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يدني زيد بن أسلم ويجالسه، وحجب الأحوص الشاعر يوماً فقال:
خليلي أبا حفصٍ هل أنت مخبري ... أفي الحق أن أقصى ويدنى ابن أسلما
فقال عمر: ذلك الحق)).(1/167)
وروى الربيع بن سليمان المؤذن، عن الخصيب بن ناصح، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الرحمن بن أردك قال: سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول لعلي بن حسين: ((غفر الله لك أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس إليه أو معه -يعني زيد بن أسلم- فقال علي بن حسين: إنه ينبغي للعلم أن يتبع حيث كان)).
وروي: ((أنه لما وضع مالك الموطأ جعل أحاديث زيد بن أسلم في آخر الأبواب، فقيل له: أخرت أحاديث زيد بن أسلم، جعلتها في آخر الأبواب؟ قال: إنها كالسرج تضيء لما قبلها)).
وروي أيضاً: ((أن مالك بن أنس كان إذا ذكر أحاديث زيد بن أسلم قال: ذلك الشذر، الخرز المنظوم، يعني من حسنها)).
وروى مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قال: سمعت عمر ابن الخطاب وهو يقول: حملت على فرس عتيق في سبيل الله،(1/168)
وكان الرجل الذي هو عنده قد أضاعه، فأردت أن أشتريه وظننت أنه بائعه برخصٍ، فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً فجاءته إبلٌ من إبل الصدقة، قال أبو رافع: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة المصري، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ايما إهابٍ دبغ فقد طهر)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع(1/169)
أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن ابن بجيد الأنصاري ثم الحارثي، عن جدته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ردوا السائل ولو بظلفٍ محرق)).
مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن معاذٍ الأشهلي عن جدته أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن لجارتها ولو كراع شاة محرقاً)).
16- زيد بن رباح الفهري المدني.
يقال: إنه مولى أدرم بن غالب بن فهر، وأنه قتل سنة إحدى وثلاثين ومائة.
روى عن أبي عبد الله سلمان الأغر المدني.
روى عنه مالك بن أنس، وغيره.(1/170)
أخرج له البخاري وغيره، وهو ثقةٌ، قاله أبو الحسن الدارقطني، وأبو عمر النمري.
[زاد النمري]: ((مأمونٌ على ما حمل وروى)).
مالك، عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة في ما سواه، إلا المسجد الحرام)).
17- زيد بن أبي أنيسة، أبو سعيد.
ويقال: أبو أسامة الغنوي مولاهم الجزري الرهاوي، أصله من الكوفة، سكن الرها من عمل الجزيرة، وذكر بعضهم أنه مولى زيد بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، وهو أخو يحيى بن أبي أنيسة، وكان يحيى ضعيفاً في الحديث على ما ذكروا، ويقال: اسم أبي أنيسة زيدٌ أيضاً.(1/171)
روى زيدٌ هذا عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، وعطاء بن أبي رباح الفهري مولاهم المكي، وعدي بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وطلحة بن مصرف بن كعب بن عمرو الإيامي الكوفي، والحكم بن عتيبة الكندي وقيس ابن مسلم الجدلي، وأبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعمرو بن مرة الجملي الكوفي، والمنهال بن عمرو الأسدي، وعاصم ابن أبي النجود القارئ، ويحيى بن الحصين الأحمسي، ويزيد بن أبي حبيب التجيبي المصري، وغيرهم.
روى عنه جعفر بن برقان الجزري، وأبو سلمة مسعر بن كدام الهلالي، وأبو أيوب عبد الله بن علي الإفريقي، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وأبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد الحراني، وغيرهم.
قال البخاري: ((مات سنة أربع وعشرين ومائة، وهو ابن ست وثلاثين، قاله لنا الناقد، عن عمرو بن عثمان الرقي)).
وقال الواقدي: ((مات سنة خمس وعشرين ومائة)).
وقال محمد بن سعد: ((سمعت رجلاً من حران يقول: مات سنة تسع عشرة ومائة)). أو يقال: إنه توفي وهو ابن بضع وأربعين سنة.
قال النسائي في التمييز: ((زيد بن أبي أنيسة ليس به بأس)).(1/172)
وذكر بعضهم عن أحمد بن حنبل أنه قال: ((زيد بن أبي أنيسة حديثه حسن، وإن فيها بعض النكارة)).
كان زيد بن أبي أنيسة هذا رجلاً صالحاً، وكان فقيهاً، وهو مفتي أهل الرها في زمانه، وكان سفيان الثوري يثني عليه ويدعو له كثيراً بعد موته بالرحمة.
أخرج له مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، والبرقي، وغيرهم.(1/173)
وقال ابن أبي حاتم الرازي: نا عمرو بن عبد الله الأودي، قال: نا وكيع بن الجراح، عن جعفر بن برقان، عن زيد بن أبي أنيسة، وكان ثقةً.
وذكر ابن أبي خيثمة قال: ((وسئل يحيى -يعني ابن معين- عن حديث مالكٍ، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني: أن عمر سئل عن هذه الآية: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم}، فكتب على مسلم بن يسار: لا يعرف)).(1/174)
من اسمه زياد
18- زياد بن أبي زياد، واسم أبي زياد ميسرة.
أبو جعفر، ويقال: أبو زياد القرشي المخزومي المدني، هو مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي.
روى عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي، وطلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي، وأبو بحرية عبد الله بن قيس السكوني.
روى عنه عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، وعبد الله ابن سعيد بن أبي هند، وداود بن بكر بن أبي الفرات، ومعاوية بن أبي مزرد المدني، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيرهم.
أخرج له مسلم، وقال النسوي في التمييز: ((زياد بن أبي زياد ثقةٌ، روى عنه مالك بن أنس)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان زيادٌ هذا أحد العباد الثقات من أهل المدينة، يقال: إنه لم يكن في عصره بالمدينة مولىً أفضل منه ومن أبي جعفر القاري، وكان ولاؤهما واحداً)).(1/175)
وقال أبو القاسم الجوهري: ((توفي زياد سنة خمس وثلاثين ومائة، وكان من أفضل أهل زمانه، ويقال: إنه كان من الأبدال)).
وقال ابن القاسم: قال مالكٌ: ((كان زياد مولى ابن عياش يمر بي وأنا جالسٌ، فربما أفزعني حسه من خلفي، فيضع يده بين كتفي فيقول: عليك بالحذر، فإن كان ما يقول أصحابك هؤلاء من الرخص حقاً لم يضرك، وإن كان الأمر على غير ذلك كنت أخذت بالحذر، يريد ما يقول ربيعة وزيد بن أسلم.
وقال مالك: كان زياد قد أعانه الناس في فكاك رقبته، وأسرع الناس في ذلك، وفضل ما قوطع عليه مالٌ كثيرٌ فرده إلى من أعطاه بالحصص، وكتبهم زيادٌ عنده، فلم يزل يدعو لهم حتى مات)).
وقال البخاري: قال لنا الأويسي، عن مالك: ((كان عمر بن عبد العزيز يكرم زياداً، فدخل عليه ذات يوم، وذلك حين يقول الشاعر:(1/176)
يا أيها القارئ المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد خلا زمني
الشاعر هو جرير بن الخطفى، ويقال: إنما قاله لعون بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود الهذلي، وبعد هذا البيت:
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أنا لدى الباب محبوسون في قرن
قال البخاري: وقال لي محمد بن عبيد، نا ابن وهب، سمع مالكاً: ((قال لي زيادٌ وكان عابداً وأنا يومئذ حديث السن: أراك تجلس مع ربيعة، عليك بالحذر!)).
وقال ابن أبي أويس: حدثني مالك: ((أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش كان يلبس الصوف، ويكون وحده، ولا يكاد يجالس أحداً، وفيه لكنة)).
وقال أبو عيسى الترمذي: نا الحسين بن حريث، نا الفضل بن(1/177)
موسى، عن عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند، عن زياد مولى ابن عياش، عن أبي بحرية، عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله، وقال معاذ بن جبل: ما شيءٌ أنجى من عذاب الله من ذكر الله)).
19- زياد بن سعد بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الخراساني البلخي.
سكن مكة زماناً، ثم تحول منها إلى اليمن، فسكن عك، وكان شريك ابن جريج.
قال ابن عيينة: ((هو من العرب))، وقيل: من بجيلة، وصحب الزهري إلى أرضه.
روى عن أبي محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي، وأبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعامر بن عبد الله بن الزبير ابن العوام الأسدي، وثابت بن عياض الأحنف الأعرج مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وقيل: مولى عمر بن عبد الرحمن بن(1/178)
زيد بن الخطاب القرشي العدوي، وزيد بن أبي عتاب، وهلال بن أبي ميمونة، و عمرو بن مسلم الجندي، وغيرهم.
روى عنه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي المكي، وفضيل بن عياض بن مسعود أبو علي التميمي الزاهد، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو عندهم ثقةٌ، قاله مالكٌ، وابن عيينة، وأحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وغيرهم.
زاد النسوي في التمييز: ((ثبتٌ)).(1/179)
وقال ابن عيينة: ((كان عالماً بحديث الزهري)).
قال: ((وقال لي زياد بن سعد: أنا لا أحفظ حفظك، أنت أحفظ مني، أنا بطيء الحفظ، فإذا حفظت شيئاً كنت أحفظ منك)).
قال ابن عيينة: وقال أيوب لزياد بن سعد: ((متى سمعت من هلال بن أبي ميمونة ويحيى بن أبي كثير؟ فقال: سمعت منهما بالمدينة)).
وذكر ابن أبي حازم، عن مالك قال: حدثني زياد بن سعد، وكان ثقةً من أهل خراسان، سكن مكة وقدم علينا بالمدينة، وله هيبةٌ وصلاح)).
وروى مالكٌ، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس اليماني أنه قال: ((أدركت ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيءٍ بقدر))، وقال طاوس: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل شيء بقدرٍ حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز)).
هكذا روى يحيى بن يحيى الأندلسي هذا الحديث عن مالك على الشك في تقديم إحدى اللفظتين، وتابعه يحيى بن بكير وغيره،(1/180)
وروته طائفةٌ عن مالك على القطع بلا شكٌ.
وروى ابن عيينة وغيره عن زياد بن سعد، عن هلال بن أبي ميمونة، عن أبي ميمونة -رجل من أهل المدينة اسمه سليمٍ، ويقال: سلمى- عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير غلاماً بين أبيه وأمه)).(1/181)
حرف الطاء
20- طلحة بن عبد الملك الأيلي.
بالياء المعجمة باثنتين من تحتها، من أهل أيلة لعمل مصر.
روى عن أبي محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ورزيق بن حكيم الفزاري مولاهم الأيلي، عامل أيلة لعمر بن عبد العزيز.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبيد الله بن عمر ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، ومحمد ابن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: ((طلحة بن عبد الملك لا بأس به)).
أخرج لطلحة بن عبد الملك هذا البخاري، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، والدراقطني، وغيرهم.(1/182)
وذكره أبو عمر النمري فقال عنه: ((ثقةٌ، مرضيٌ، حجةٌ في ما نقل وحمل)).
وروى مالكٌ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أم المؤمنين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)).
وهذا الحديث سقط من موطأ يحيى بن يحيى الأندلسي، وهو عند سائر رواة الموطأ.(1/183)
قال أبو عيسى الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)).(1/184)
حرف الميم
من اسمه محمد
21- محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن الحارث.
ويقال: ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، أبو بكر القرشي الزهري المدني، أخو أبي محمد عبد الله بن مسلم الزهري، وكان محمدٌ أصغر من أخيه عبد الله، ولد محمدٌ سنة ثمان وخمسين، وهي السنة التي توفيت فيها عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو هريرة الدوسي.
وقيل: ولد سنة إحدى وخمسين، وتوفي سنة أربع وعشرين ومائة في شهر رمضان ليلة سبع عشرة منه، وكانت وفاته بضيعة له بشغب، وبداً، مرض هنالك فأوصى أن يدفن على الطريق، فدفن بموضع يقال له أدامى، وهي خلف شغب وبداً، وهي أول عمل فلسطين، وآخر عمل الحجاز على قارعة الطريق. وكانت أمه من بني الديل، وقيل: توفي سنة خمس وعشرين ومائة، وهو ابن ثنتين وسبعين سنة.(1/185)
روى عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أنس بن مالك الأنصاري، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أزهر الزهري، وسنين أبو جميلة السلمي.
وعن جماعة كثيرة ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، والسائب بن يزيد الكندي، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي.
وروى عن جماعة كثيرة من التابعين، منهم: عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وسعيد ابن المسيب المخزومي، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعبيد الله بن عبد الله بن ثعلبة الأنصاري، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور النوفلي، ومالك بن أوس بن الحدثان النصري، وأبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، وعامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، ومحمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب الهاشمي، وأبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، ومحمد بن جبير بن مطعم القرشي، وعلي بن حسين ابن علي الهاشمي، وعباد بن تميم المازني، وسالم وحمزة وعبيد الله بنو(1/186)
عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وعبد الله والحسن ابنا محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك السلمي، وعطاء بن يزيد الليثي الجندعي، وسليمان بن يسار الهلالي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعطاء بن أبي رباح المكي، وأبو عبيد مولى ابن أزهر، وعباد ابن زياد بن أبي سفيان، وأمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة العدوي المدني، وعبيد بن السباق العبدري، وصفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي، وأبو بكر ابن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وعثمان بن إسحاق بن خرشة القرشي العامري، وحرام بن سعد بن محيصه بن مسعود الأنصاري، وأبو محمد نافع الأقرع المدني مولى أبي قتادة الأنصاري السلمي، وعمرة ابنة عبد الرحمن الأنصارية.
روى عنه أخوه عبد الله بن مسلم، وعراك بن مالك الغفاري، وعمرو بن دينار المكي، وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي السهمي، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وبكير بن عبد الله ابن الأشج، وصالح بن كيسان الغفاري، وسليمان ابن موسى الأشدق، ومنصور بن المعتمر السلمي، وعقيل بن خالد الأيلي، ويونس بن يزيد الأيلي، ومعمر بن راشد الأزدي، وشعيب ابن أبي حمزة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.(1/187)
كان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلامهم، وفقيهاً من فقهائهم، أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ حجةٌ في ما نقل وحمل من أثرٍ في الدين.
قال البخاري: عن علي بن المديني: ((له نحو ألفي حديث)).
وروى جعفر بن برقان، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن عبد العزيز قال: ((ما رأيت أحداً أحسن سوقاً للحديث إذا حدث من الزهري.
وقال أحمد بن حنبل: نا عبد الرحمن بن مهدي، عن وهيب، قال: سمعت أيوب يقول: ((ما رأيت أحداً أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحداً أعلم من الزهري)).(1/188)
وروى سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: ((جالست جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وابن الزبير فلم أر أحداً أنسق للحديث من الزهري)).
وقال ابن عيينة أيضاً: قال الذهلي -يعني أبا بكر-: ((جالست الحسن وابن سيرين، فما رأيت مثله، يعني الزهري)).(1/189)
وروى حماد بن زيد، عن برد بن سنان، عن مكحول الدمشقي قال: ((ما بقي اليوم أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري)).
وقال ابن أبي خيثمة: نا موسى بن إسماعيل، قال: ((شهدت وهيباً ومبشر بن بكير وبشر بن المفضل في آخرين ذكروا الزهري فقالوا: بمن تقيسونه؟ فما وجدوا أحداً يقيسونه إلا الشعبي)).
وروى عبد الرزاق، عن معمر قال: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: هل تأتون ابن شهاب؟ قالوا: إنا لنفعل. قال: فأتوه؛ فإنه لم يبق أحدٌ أعلم بسنةٍ ماضيةٍ منه، قال معمر: وإن الحسن وضرباءه لأحياء يومئذ)).(1/190)
وروي عن الأوزاعي أنه قال: ((ما داهن ابن شهاب ملكاً من الملوك قط إذا دخل عليه، ولا أدركت خلافة هشامٍ أحداً من التابعين أفقه منه)).
وروي عن الليث بن سعد أنه قال: ((ما رأيت عالماً قط أجمع من ابن شهاب ولا أكثر علماً، ولو سمعت ابن شهاب يحدث بالترغيب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن العرب والأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه)).(1/191)
وروي عن جعفر بن ربيعة أنه قال: قلت لعراك بن مالك: ((من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقهاً، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس فسعيد بن المسيب، وأما أغزرهم حديثاً فعروة بن الزبير، ولا تشاء أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحراً إلا فجرته، قال عراك: وأعلمهم عندي ابن شهاب؛ لأنه جمع علمهم جميعاً إلى علمه)).
وروى سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى أنه كان يقول: ((إن جاءنا العلم من الحجاز عن الزهري قبلناه، وإن جاءنا من العراق عن الحسن قبلناه، وإن جاءنا من الجزيرة عن ميمون بن مهران قبلناه، وإن جاءنا من الشام عن مكحول قبلناه، قال سعيدٌ: فكان هؤلاء علماء الناس في خلافة هشام، يعني ابن عبد الملك بن مروان)).
وقال علي بن المديني: ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وأبي الزناد، وبكير بن عبد الله(1/192)
ابن الأشج)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: وسمعت محمد ابن المتوكل يقول: قال عبد الرزاق: قال معمر: ((ما سمعت متفوهاً بالحديث أحسن من الزهري تفوهاً)).
قال أبو جعفر: قلت لابن معين: من كان أحفظ الزهري أو قتادة؟ قال يحيى: حكي عن الزهري أنه قال: إني لأمر بالمغنية وهي تتغنى فأسد سمعي، قيل له: ولم؟ قال: لأنه ما وصل إلى قلبي شيءٌ ثم خرج منه، قال لي يحيى: الحفظ نحلةٌ من الله، كان قتادة منحولاً، وأما الزهري فإنه حكي عنه أنه قال: كنت أسمع الحديث وأنا حدثٌ، فكان يخطر ببالي أن لو حفظت كلما سمعت، فرأيت في المنام اشرب ماء زمزم، فإنه لما شرب له، فقمت فأسبغت الوضوء وصليت أربع ركعاتٍ ثم شربته للحفظ فحفظت، فما سمعت شيئاً فأنسيته)).
قال أبو جعفر: سمعت ابن معين يقول: ((الحفاظ المعروفون بالحفظ: الزهري بالمدينة، وقتادة بالبصرة، وسليمان بن مهران بالكوفة)).
قال أبو جعفر: وسمعت أبا داود يقول: سمعت يحيى يقول: كان قتادة بالبصرة، وسليمان بن مهران بالكوفة، ومحمد بن مسلم الزهري بالمدينة، كل واحدٍ منهم إمامٌ في نفسه، ضابطٌ لما هو فيه من الحفظ ومعرفة تصريف الأخبار)).(1/193)
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: ((الزهري أحب إلي من الأعمش، يحتج بحديثه، وأثبت أصحاب أنسٍ الزهري)).
سئل أبو زرعة عن الزهري وعمرو بن دينار؟ فقال: ((الزهري أحفظ الرجلين)).
وروي أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أهل المدينة كتاباً يعاتبهم، فوصل كتابه فقرئ على الناس على المنبر، فلما فرغ من قراءته وافترق الناس اجتمع إلى سعيد بن المسيب جلساؤه، فقال لهم سعيدٌ: ما كان في كتابكم فإني مودٍ أن نعرف ما فيه؟ فقال الرجل منهم: يقول فيه كذا، وقال الآخر: يقول فيه كذا أيضاً، فلم يشتف سعيدٌ في ما سأل عنه، فقال ابن شهاب: أتحب يا أبا محمد أن تسمع كل ما فيه؟ قال: نعم، قال: فأمسك، فهذه والله عليه هذا كأنما هو في يده يقرؤه حتى أتى على آخره)).
وروي عن ابن شهاب أنه قال: ((ما استودعت قلبي شيئاً فنسيته)).(1/194)
وقال يونس بن يزيد: ((كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام، وكان ابن شهاب أكرم الناس)).
وروي عن عمرو بن دينار أنه قال: ((ما رأيت أنص للحديث من ابن شهاب، ولا رأيت أجود منه، ما كانت الدنانير والدراهم عنده إلا بمنزلة البعر)).
وكان نقش خاتم الزهري: محمدٌ يسأل الله العافية.
ومما ينشد لابن شهاب الزهري يخاطب أخاه عبد الله، وقيل: قالها لعبد الله بن عبد الله بن مروان:
أقول لعبد الله يوم لقيته ... وقد شد أحلاس المطي مشرقاً
تتبع خبايا الأرض وادع مليكها ... لعلك يوماً أن تجاب فترزقا(1/195)
وقال ابن أبي خيثمة: نا أبي، قال: نا جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، قال: ((سأل هشام بن عبد الملك الزهري فقال: حدثنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ((من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، وإن زنى وإن سرق)) قال الزهري: أين يذهب بك يا أمير المؤمنين، كان هذا قبل الأمر والنهي.
حدثنا هارون بن معروف، قال: نا ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن أبي رزين، قال: سمعت الزهري يقول: ((أعيا الفقهاء أو أعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم من منسوخه.
وأخبرني مصعب بن عبد الله قال: ((كان سبب مجالسة الزهري عبد الملك بن مروان النسب، كان أعلم الناس بالنسب، كان تعلمه من عبد الله بن ثعلبة بن صعير، وكان حليف بني زهرة)).
لم يكن بالمدينة في زمن ابن شهاب أجل منه، ولا أحفظ ولا أعلم بالآثار منه، وهو أثبت الناس في سعيد بن المسيب، وفي عروة بن الزبير، وفي أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وفي القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، وكان رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب ويقال: إنه سمع منه.(1/196)
وأصحابه الذين أخذوا عنه العلم وحملوا عنه الآثار على طبقاتٍ شتى ومراتب مختلفة، ولكل طبقةٍ منها مزيةٌ على التي تليها وتفاوتٌ، فمن كان في الطبقة الأولى فهو في الغاية في الصحة، والطبقة الثانية شاركت الأولى في العدالة غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان، وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يزامله في السفر ويلازمه في الحضر.
فأما أهل الطبقة الأولى:
فمالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، وصالح بن كيسان، وعقيل بن خالد الأيلي، ويونس بن يزيد الأيلي، وشعيب بن أبي حمزة الدمشقي، وجماعة سواهم، لكن المقدم من هؤلاء في الزهري عند أكثر العلماء: مالكٌ، ثم سفيان بن عيينة الهلالي، ثم معمر بن راشد.
قال أبو عبد الرحمن النسوي في مصنفه: ((قال ابن المبارك: الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثةٌ: مالكٌ، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان على قولٍ أخذنا به وتركنا قول الآخر)).
وأهل الطبقة الثانية:
محمد بن الوليد الزبيدي الشامي، وقد ذكره بعضهم في الطبقة الأولى، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي الشامي، وزياد بن سعد(1/197)
الخراساني، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، والليث بن سعد الفهمي، ونظراؤهم، وهؤلاء كلهم ثقاتٌ مشهورون.
وأهل الطبقة الثالثة
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري الفقيه، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون الفقيه، وعبد الواحد بن أبي عون الدوسي، وأشباههم، ومن العلماء من جعل في هذه الطبقة محمد بن عبد الله بن مسلم، وهو ابن أخي الزهري، وقد أخرج له البخاري وغيره، وقد ذكرته في كتاب رفع التماري في أسماء من تكلم فيه من رجال البخاري.
وأهل الطبقة الرابعة:
سليمان بن موسى الأشدق الفقيه، صاحب مكحول الدمشقي، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي مولاهم المدني نزيل البصرة المعروف بعباد بن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن إسحاق ابن يسار المطلبي صاحب المغازي، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل المصري المعروف بابن كاسد المد، وفليح بن سليمان بن أبي المغيرة الأسلمي المدني، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي المدني، وأمثالهم.(1/198)
وأهل الطبقة الخامسة:
أبو سلمة محمد بن أبي حفصة -واسم أبي حفصة: ميسرة- البصري، وسفيان بن حسين الواسطي، وأبو عبد الله جعفر بن برقان الرقي، وسليمان بن كثير العبدي البصري، وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي، وإسحاق بن راشد الجزري، ومرزوق بن أبي الهذيل الدمشقي، والنعمان بن راشد الرقي، وإسحاق بن يحيى الكلبي، وغيرهم ممن هو في طبقتهم.
وأهل الطبقة السادسة:
صالح بن أبي الأخضر المكي، وزمعة بن صالح المكي، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر العمري، وأبو فروة يزيد بن سنان الرهاوي، ومعاوية بن يحيى الصدفي، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة الفروي المدني، وإبراهيم بن يزيد الخوزي المكي، وجماعةٌ سواهم.
وأهل الطبقة السابعة:
الوليد بن محمد الموقري، وياسين بن معاذ الزيات، ويحيى بن أبي أنيسة الجزري، وروح بن غطيف الجزري، وعبد الرزاق بن عمر، ويزيد بن أبي زياد الدمشقي، والحكم بن عبد الله الأيلي، والعلاء بن سليمان الرقي، وعبد القدوس بن حبيب الدمشقي، وأبو العطوف الجراح بن منهال العامري مولاهم الجزري نزيل حران، وبحر بن كنيز(1/199)
السقا، ونظراؤهم، وهؤلاء هم المتروكون.
وذكر أبو عبد الله البرقي أنه قال: ((قلت ليحيى بن معين: من أثبت الناس في الزهري؟ قال: أثبتهم مالك بن أنس، ثم معمر، ثم عقيل.
وقال يحيى القطان: مالكٌ أحب إلي من معمر، وابن عيينة أحب إلي من معمر.
قال: وقال علي بن المديني: أثبت رواة الزهري ابن عيينة، ثم عقيل، واحتج في ابن عيينة بأنه سمع سماعاً، وأن مالكاً عرض، قال علي: سمعت ابن عيينة يقول: قلت لزياد بن سعد: صف لي عقيلاً، قال: لو رأيته لعلمت أنه صاحب حديثٍ أو يحفظ، ويقال: إنه كان رسول هشام إلى الزهري في أن يملي عليه، فأملى عليه الزهري.
فأما معمر فإنه حفظت عليه أغلاطٌ كثيرة عن الزهري، منها حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه: ((أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسك أربعاً))، ورواه عقيل والحفاظ عن الزهري: أنه بلغه عن عثمان بن محمد بن أبي سويد.(1/200)
ثم من بعد هؤلاء يونس بن يزيد الأيلي، قال ابن مهدي: وكان ابن المبارك يقول في يونس كتابه، وأنا أقول كتابه، أي صحيحٌ.
ثم الزبيدي محمد بن الوليد، وشعيب بن أبي حمزة، قال يحيى بن معين: كان سماعه مع الولاة إملاءً من الزهري عليهم.
وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر صحيح الكتاب، والأوزاعي، والليث بن سعد، وإبراهيم بن سعد، وابن أبي حبيب، قلت ليحيى ابن معين: إنهم يقولون: في روايته عن الزهري شيءٌ؟ قال: لا، إنما يقولون: إنه عرضٌ، والعرض عند أهل المدينة جائزٌ.
وإسحاق بن راشد الجزري، وجعفر بن برقان الجزري في روايته عن الزهري أغلاطٌ، وروايته عن غيره صحيحة، وأسامة بن زيد الليثي، وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي شامي)). هذا آخر كلام البرقي.
وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: ((وسألت أبا عبد الله: من كان الحفاظ من أصحاب الزهري؟ فقال: مالك بن أنس، ومعمر، وسفيان بن عيينة. قلت: فإنهم اعتلوا فقالوا: إن سفيان سمع من الزهري وهو ابن أربع عشرة سنة، قال أحمد: سفيان عندنا ثقة، وهو ضابطٌ لسماعه.(1/201)
وسألت أبا داود قلت: ما كان يحيى يقول في سماع سفيان من الزهري، وقد ذكر أنه سمع وهو ابن أربع عشرة؟ قال يحيى: لسنا ننظر إلى الصغر والكبر، إنما ننظر إلى الفهم والضبط، ألا ترى إلى قول سفيان: حدثني الزهري وثبتني معمر، فأبان بالفهم ما احتاج فيه إلى غيره من التثبيت له.
قال: وسألت أبا داود، قلت: من كان أثبت في الزهري: يونس بن يزيد أم عقيل؟ قال: سألت يحيى فقال لي: يونس بن يزيد أثبت من عقيل، وعقيل قد روى عن الزهري، ولسنا ننظر إلى كثرة الرواية، إنما ننظر إلى الضبط وحسن التأدية)).
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن جميل: سمعت أبا عبد الرحمن يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: ((سألت أبي: من أثبت في الزهري؟ فقال: كل رجل منهم له علةٌ، مالك وابن عيينة، وبعد ابن عيينة معمر، قلت: فإن علياً يقول: ابن عيينة ومالك؟ فقال: قد اجتمعت أنا وهو فذكرنا هذا، فقال علي: سفيان بن عيينة، وقلت أنا: مالك بن أنس، قال: فأحصيت ما أخطأ فيه ابن عيينة فإذا هي ثمانية عشر حديثاً، قال: وذكرنا مالكاً فكان حديثاً أو حديثين، وله من يوافقه، قال أبي: فرحت إلى البيت فنظرت فيها فإذا ابن عيينة يخطئ في نيف وعشرين، أو كما قال.
قال أبو عبد الرحمن وهو أشبع كلاماً من هذا، قال أبي: ويونس وعقيل يؤديان الألفاظ، قلت: شعيب بن أبي حمزة؟ قال: هو بعد(1/202)
هؤلاء، وشعيب قليلٌ، يعني قليل الحديث)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((سمعت يحيى بن معين يقول: أثبت أصحاب الزهري: مالك، ومعمر ويونس كانوا عالمين به.
وسمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدث معمر عن العراقيين فخفه إلا عن الزهري وابن طاوس.
وسمعت يحيى بن معين يقول: مالك أحب إلي من ابن عيينة ويونس ومعمر وعقيل، يعني في الزهري، وقد كان يونس وعقيل عالمين به.
وسمعت يحيى بن معين يقول: معمرٌ أثبت في الزهري من ابن عيينة.
نا إبراهيم بن المنذر، قال: سمعت ابن عيينة يقول: أخذ مالكٌ ومعمر عرضاً وأخذت سماعاً. فقال يحيى بن معين: لو أخذا كتاباً لكانا أثبت منه، يعني ابن عيينة)).(1/203)
وقال عثمان الدارمي: ((سألت يحيى بن معين عن أصحاب الزهري قلت له: معمر أحب إليك في الزهري أو مالك؟ فقال: مالك، قلت: فيونس وعقيل أحب إليك أم مالك؟ قال: مالك، قلت: فابن عيينة أحب إليك أم معمر؟ قال: معمر، قلت: فشعيب؟ قال: ثقة، هو مثل يونس وعقيل، قلت: والزبيدي؟ قال: هو مثلهم، قلت: فإبراهيم بن سعد أحب إليك أو ليث؟ فقال: كلاهما ثقتان، قلت: فمعمر أحب إليك أو صالح بن كيسان؟ قال: معمر أحب إلي، وصالح ثقة، قلت: فمعمر أحب إليك أو يونس؟ قال: معمر، قلت: فيونس أحب إليك أو عقيل؟ قال: يونس ثقة، وعقيل ثقةٌ نبيل الحديث عن الزهري، وسألته عن الأوزاعي ما حاله في الزهري؟ فقال: ثقة، قلت له: أين يقع من يونس؟ قال: يونس أسند عن الزهري، والأوزاعي [ثقةٌ] ما أقل ما روى الأوزاعي عن الزهري، [إنما كان يروي عنه الرأي، وإنما أخذ كتاب محمد بن الوليد الزبيدي]، قلت ليحيى: إن بعض الناس يقولون: سفيان بن عيينة أثبت الناس في الزهري؟ فقال: إنما يقول ذلك من سمع منه، وأي شيء كان سفيان، إنما كان غليماً. قال عثمان: يعني أيام الزهري)).(1/204)
وسمعته يقول: ((قال مالك في حديث الزهري ما أقل ما فيها عرض)).
وقال ابن أبي حاتم: ((نا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: نا علي ابن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان بن عيينة أحب إلي في الزهري من معمر.
أنا حرب بن إسماعيل في ما كتب إلي قال: قال أحمد بن حنبل: شعيب بن أبي حمزة أصح حديثاً عن الزهري من يونس)).
وقال أيضاً ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يسأل عن صالح بن كيسان أحب إليك أو عقيل؟ فقال: صالح أحب إلي؛ لأنه حجازي، وهو أسن، وقد رأى ابن عمر، وهو ثقةٌ يعد في التابعين.
سألت أبي عن عقيل بن خالد أحب إليك أم يونس بن يزيد؟ فقال: عقيل أحب إلي من يونس. قال: وسئل أبي عن عقيل ومعمر أيهما أثبت؟ فقال: عقيل.
سألت أبي عن عبد الواحد بن أبي عون؟ فقال: من ثقات أصحاب الزهري ممن يجمع حديثه)).(1/205)
وحكى أبو يحيى الساجي قال: ((قال يحيى بن معين: عمرو بن الحارث ثقة، ويونس بن يزيد أقوى في الزهري من عمرو بن الحارث وابن سمعان)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين قال: ((قلت: فالماجشون أعني عبد العزيز؟ قال: ليس به بأس، قلت: فزياد بن سعد ما حاله في الزهري؟ فقال: ثقة، قلت: فما حال سليمان بن موسى في الزهري؟ قال: ثقة، قلت: فأسامة بن زيد كيف هو في الزهري؟ فقال: ليس به بأس، قلت: فمحمد بن أبي حفصة؟ قال: صويلح ليس بالقوي، قلت: فابن جريج؟ قال: ليس بشيء في الزهري، قلت: فصالح بن أبي الأخضر؟ قال: ليس بشيء في الزهري، قلت: فجعفر ابن برقان؟ قال: ضعيف في الزهري، قلت: فمحمد بن إسحاق؟ قال: ليس به بأس، وهو ضعيف الحديث عن الزهري، قلت له: عبد الرحمن ابن إسحاق الذي يروي عن الزهري؟ فقال: صالح، وسألته عن سفيان بن حسين؟ فقال: ثقة، وهو ضعيف الحديث عن الزهري، وسألته عن أخي الزهري كيف حديثه؟ فقال: هو ثقة، قلت: فابن أخي الزهري؟ فقال: ضعيف.
وسألته عن يزيد الشامي، عن الزهري، من هو؟ يروي عنه مروان(1/206)
ابن معاوية؟ فقال: هو يزيد بن سنان أبو فروة ليس بشيء.
قلت: فالصدفي أعني معاوية بن يحيى؟ فقال: ليس بشيء)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس الدوري، عن يحيى بن معين قال: ((ابن أبي ذئب عن الزهري مناولة.
قال يحيى: الأوزاعي يقال: إنه أخذ الكتاب من الزبيدي كتاب الزهري وسمعه من الزهري. قلت ليحيى: فصالح بن كيسان؟ قال: ليس به بأس في الزهري، قلت: فإبراهيم بن سعد؟ قال: ليس به بأس، قلت: فسفيان بن حسين؟ قال: ليس بن بأس، وليس هو من أكابر أصحاب الزهري، إنما المعتمد على معمر وشعيب وعقيل ويونس ومالك، وربما قال: وابن عيينة.
قال يحيى: محمد بن أبي حفصة أحب إلي من صالح يعني ابن أبي الأخضر.
وقال: محمد بن أخي الزهري أحب إلي من ابن إسحاق في الزهري، وهو أمثل من أبي أويس.(1/207)
قال يحيى: زمعة لم يكن بالقوي، وهو أصلح حديثاً من صالح بن أبي الأخضر)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((حدثني أبي، قال: سمعت عبد الرحمن ابن إبراهيم دحيماً يقول: عبد الرحمن بن نمر صحيح الحديث عن الزهري، ما أعلم أحداً روى عنه غير الوليد بن مسلم.
سألت أبي عن ابن نمر فقال: ليس بقوي، لا أعلم روى عنه غير الوليد بن مسلم، وسفيان بن حسين وسليمان بن كثير أحب إلي من ابن نمر، وابن نمر أحب إلي من مرزوق بن أبي الهذيل.
ثنا أبو زرعة، قال: حدثني بعض أصحابنا عن قريش بن أنس، عن ابن جريج، قال: ما سمعت من الزهري شيئاً، إنما أعطاني الزهري جزءاً فكتبته وأجازه إلي)).
روى مالكٌ، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تباغضوا، ولا تنابزوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ)).
وهذا الحديث يقال: إن الزهري انفرد به عن أنس.(1/208)
وروى أيضاً مالكٌ، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجلٌ فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه)).
وهذا الحديث يقال: إن مالكاً انفرد به.
وروى مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبنٍ قد شيب بماءٍ، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي، وقال: الأيمن فالأيمن)).
22- محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير القرشي مولاهم المكي.
يقال: إنه مولى حكيم بن حزام بن خويلد القرشي الأسدي، ويقال: إنه مولى محمد بن طلحة، والأول أصح، والله أعلم.
يقال: إنه مات قبل عمرو بن دينار المكي بسنة، ومات عمرو بن دينار سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: إن أبا الزبير هذا توفي سنة(1/209)
ثمان وعشرين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة.
روى عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، وأبي العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، وأبي خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، وأبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي الكناني.
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني، وأبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام الوالبي، وأبو محمد عطاء بن أبي رباح المكي.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وهشام بن عروة بن الزبير الأسدي، وسلمة بن كهيل الحضرمي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن عون بن أرطبان المدني، وداود بن أبي هند القشيري، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبيد الله بن عمر العمري، وسفيان بن سعيد الثوري، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وشعبة بن الحجاج العتكي، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وعمرو بن الحارث الأنصاري المصري، والليث بن سعد الفهمي المصري، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي المكي، وغيرهم.(1/210)
وذكره أبو عبد الله الحاكم في المدخل فقال: ((وقد غمزه أيوب السختياني والليث بن سعد، وأفحش القول فيه شعبة، ولم يحتج به البخاري وأبو عبد الرحمن النسائي، قال: وليس عند شعبة في ما يقوله حجة أكثر من أنه لبس السواد وسفه بحضرته على رجلٍ من أهل العلم، وقال علي بن المديني: سمعت عبد الرزاق يقول، عن أبيه قال: شيخان ضعفهما الناس للحاجة إلى الناس: أبو الزبير ومحمد بن عباد ابن جعفر المخزومي، ولسنا نرضى لأبي الزبير هذا القول، فإنه في الصدق والإتقان فوق محمد بن عبادٍ بدرجات)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سألت أبي عن أبي الزبير فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من أبي سفيان طلحة بن نافع.
سألت أبا زرعة عن أبي الزبير فقال: روى عنه الناس، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: إنما يحتج بالثقات.
حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة، نا أبو داود الطيالسي، قال: قال أبو عوانة: كنا عند عمرو بن دينار جلوساً ومعنا أيوب، فحدث أبو الزبير بحديث، فقلت لأيوب: ما هذا؟ فقال: هو لا يدري ما حدث، أدري أنا!؟(1/211)
حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة، نا أبو داود الطيالسي، أنا رجلٌ من أهل مكة قال: قال ابن جريج: ما كنت أرى أن أعيش حتى أرى حديث أبي الزبير يروى.
حدثنا أبو حامد الإسفراييني، نا سليمان بن معبد، نا عبد الرزاق، عن معمر قال: كان أيوب إذا قعد إلى أبي الزبير قنع رأسه.
نا علي بن الحسن، نا هشام بن عمار، نا سويد بن عبد العزيز، قال: قال لي شعبة: تأخذ عن أبي الزبير وهو لا يحسن أن يصلي.
نا علي بن الحسن الهسنجاني، نا نعيم بن حماد، قال: سمعت هشيماً يقول: سمعت من أبي الزبير فأخذ شعبة كتابي فمزقته.
أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: قال أبي: كان أيوب السختياني يقول: نا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قال: قلت لأبي: كأنه يضعفه؟ قال: نعم.
نا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسألت يحيى عن أبي الزبير كم له سماعٌ من جابر بن عبد الله؟ قال: قال يحيى ابن سعيد: كلما قال أبو الزبير سمعت جابراً فهو سماعٌ، وكلما قال: عن جابر فبينهما فيافٍ.
قال: وسألت يحيى عمن كان يدلس؟ فقال: أبو الزبير، وهو مكي،(1/212)
فإذا قال سمعت جابراً فهو سماعٌ، وكان يقول: عن جابر، فيدلس، فإذا حرر عليه وقف)).
أبو الزبير هذا ثقةٌ مشهورٌ، أخرج له مسلم وغيره، وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال: ((قد احتمله الناس، وأبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان طلحة بن نافع، وأبو الزبير ليس به بأسٌ)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل عنه يحيى بن معين قال: ((قلت: محمد بن المنكدر أحب إليك عن جابر أو أبو الزبير؟ فقال: ثقتان)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الزبير صاحب جابرٍ ثقة)).
وقال أبو أحمد بن عدي: نا علان، قال: نا ابن أبي مريم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ((أبو الزبير ثقة)).
وقال ابن صالح: ((أبو الزبير المكي تابعيٌ ثقة)).
وقال النسوي في التمييز: ((محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير المكي ثقةٌ)).(1/213)
وقال أبو أحمد بن عدي: ((أبو الزبير يروي أحاديث صالحة، ولم يختلف عنه أحدٌ، وهو صدوقٌ ثقةٌ لا بأس به)).
قال أبو عمر النمري: ((كان أبو الزبير ثقةً حافظاً)).
وقال أبو يحيى الساجي: ((أبو الزبير صدوقٌ، وهو حجةٌ في الأحكام، وقد روى عنه أهل النقل، وقبله أهل النقل واحتجوا بحديثه)).
وقال: قال يحيى بن معين: أبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان، يعني طلحة بن نافع)).
وقال أبو عيسى الترمذي: ((نا أحمد بن منيع، نا هشيم، نا حجاج وابن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنا إذا خرجنا من عند جابر بن عبد الله تذاكرنا حديثه، وكان أبو الزبير أحفظنا للحديث.
نا ابن أبي عمر، نا سفيان قال: سمعت أيوب السختياني يقول: حدثني أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قال سفيان بيده يقبضها.
قال الترمذي: إنما يعني به الإتقان والحفظ)).
وقال أبو جعفر العقيلي: ((نا أحمد بن داود، قال: نا محمد بن يحيى بن أبي عمر، قال: نا سفيان، قال: ما نازع أبو الزبير عمرو ابن دينار في حديث قط عن جابر إلا زاد عليه أبو الزبير.(1/214)
نا إبراهيم بن محمد، قال: نا هشام بن عبد الملك، قال: سأل رجلٌ معتمراً -يعني ابن سليمان التيمي- وأنا عنده فقال: لِم لَم تحمل عن أبي الزبير؟ فقال: خدعني شعبة، فقال: لا تحمل عنه فإني رأيته يسيء صلاته، ليتني لم أكن رأيت شعبة)).
روى مالكٌ، عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس أنه قال: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوفٍ ولا سفر)) قال مالك: ((أرى ذلك كان في مطر)).
وروى مالك، عن أبي الزبير المكي، عن طاوس اليماني، عن عبد الله بن عباس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حقٌ، والجنة حقٌ، والنار حقٌ، والساعة حقٌ، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت)).(1/215)
وبهذا الإسناد: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)).
23- محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير أبو عبد الله.
ويقال: أبو بكر القرشي التيمي المدني، أخو أبي بكر وعمر ابني المنكدر.
مات سنة ثلاثين ومائة، قاله البرقي، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقال عمرو بن علي: ((مات في ولاية مروان بن محمد)).
وقال البخاري: قال علي، عن ابن عيينة: ((بلغ سنه نيفاً وسبعين، جالسناه إن شاء الله سنة ثلاث وعشرين عام الزهري)).
روى عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وعبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، وأنس بن مالك الأنصاري، وأبي رافع أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي عبد الرحمن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وأميمة بنت رقيقة.
ومن التابعين: ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي، وعروة بن(1/216)
الزبير بن العوام الأسدي، وعامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وسعيد بن جبير ابن هشام الوالبي، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعمرو بن دينار المكي، وهشام بن عروة بن الزبير الأسدي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وسليمان بن طرخان التيمي، وحسان بن عطية الشامي، وأبو حازم سلمة بن دينار الزاهد، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف الزهري، وعبيد الله بن عمر العمري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وسفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وعبد الرحمن بن أبي الموالي المدني، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، ومعمر بن راشد الأزدي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وشعيب بن أبي حمزة الدمشقي، وأبو عوانة وضاح اليشكري، وغيرهم، وهؤلاء كلهم ثقاتٌ مشهورون، حديثهم مخرج في الصحيح.
وأخرج لمحمد بن المنكدر البخاري ومسلم، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
قال أبو عمر النمري: ((كان من فضلاء هذه الأمة وعبادها وفقهائها وخيارها، كان أهل المدينة يقولون: إنه كان مجاب الدعوة، وكان مقلاً، وكان مع ذلك جواداً)).(1/217)
وقال أبو جعفر الطبري: ((كان محمد بن المنكدر ثقةً، كثير الحديث، أميناًُ على ما روى ونقل من أثرٍ في الدين)).
وذكر الأويسي، عن مالكٍ قال: ((كان محمد بن المنكدر سيد القراء، وكان كثير البكاء عند الحديث، وكنت إذا وجدت من نفسي قسوةً أتيته فأنظر إليه، فأتعظ به وأنتفع بنفسي أياماً، وكان كثير الصلاة بالليل)).
وقال ابن أبي حاتم: نا عمر بن شبة بن عبيدة النميري البصري، نا هارون، يعني ابن معروف، نا سفيان، يعني ابن عيينة قال: ((محمد ابن المنكدر من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون)).
وذكر ابن أبي خيثمة، عن مصعب الزبيري قال: ((محمد، وأبو بكر، وعمر بنو المنكدر بن عبد الله بن الهدير، وكان المنكدر خال عائشة، قال: فشكا إليها الحاجة، فقالت له: أول شيءٍ يأتيني أبعث به إليك، فجاءتها عشرة آلاف درهم، فبعثت بها إليه.
وفي آل المنكدر صلاحٌ وعلمٌ، ومحمد وأبو بكر وعمر بنو المنكدر كلهم يذكر بالصلاح والعبادة، وهم لأم ولدٍ، اشترى المنكدر جاريةً من العشرة آلاف فولدت له محمداً وأخويه)).(1/218)
وقال ابن أبي خيثمة: ((حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: نا ابن عيينة، عن محمد بن المنكدر قال: قالت لي أمي: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: ((ابن المنكدر اسمه محمد، وله ثلاثة بنون: عمر بن محمد بن المنكدر، والمنكدر بن محمد بن المنكدر، ويوسف بن محمد بن المنكدر، فعمر بن محمد بن المنكدر ثقةٌ، والمنكدر ابن محمد بن المنكدر ليس بالقوي، في حفظه سوء، ويوسف بن محمد ابن المنكدر ليس بشيءٍ في الحديث)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسألت أبا داود قلت: من الثبت في محمد بن المنكدر؟ قال: سفيان ونظراؤه)).
وروى مالكٌ، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن رجل عنده رضىً أنه أخبره: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من امرئٍ تكون له صلاةٌ بليل يغلبه عليها نومٌ إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة)).
الرجل الرضي الذي [في] هذا الحديث هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقةٌ رضي.(1/219)
24- محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ بن عمرو بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ابن فهر، القرشي التيمي الجدعاني المدني.
رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأخذ من معاوية عطائين، وروى عن جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، وعمير مولى آبي اللحم الغفاري.
وروى عن جماعة من التابعين وممن رأى النبي عليه السلام، منهم: عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي، ومن التابعين: طلحة بن عبد الله ابن عوف القرشي التيمي، وعامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، والنعمان بن أبي عياش الأنصاري الزرقي، وغيرهم.
روى عنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، وعبد الرحمن بن عبد الله ابن دينار، وبكر بن مضر، وبشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، وغيرهم.
قال البرقي: ((كان قد بلغ نحواً من مائة سنة في ما ذكر لنا عن خالد بن حميد)).(1/220)
أخرج له مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، والبخاري، وأبو زرعة الرازي، وغيرهم.
وروى مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ، عن أمه: ((أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟، فقالت: تصلي في الخمار والدرع السابغ إذا غيب ظهور قدميها)).
وقال أبو داود السجستاني: نا مجاهد بن موسى، قال: نا عثمان بن عمر، قال: نا عبد الرحمن بن عبد الله -يعني ابن دينار- عن محمد بن زيد بهذا الحديث قال: عن أم سلمة: ((أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)).(1/221)
قال أبو داود: ((روى هذا الحديث مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحدٌ منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قصروا به على أم سلمة)).(1/222)
25- محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، أبو عبد الله.
ويقال: أبو عبد الرحمن الأنصاري المازني النجاري المدني، أخو عبد الرحمن بن عبد الله.
روى عن أبيه، وعن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، وعباد ابن تميم المازني، وأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني.
روى عنه أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، والوليد بن كثير المخزومي مولاهم المدني، وغيرهما.
أخرج له البخاري، وهو ثقةٌ، قاله النمري، وغيره.
توفي سنة تسع وثلاثين ومائة.
وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، -وهما من بني مازن بن النجار وكانا ثقتين-، عن يحيى بن عمارة بن أبي حسن وعباد بن تميم، وهما من رهطهما، وكانا ثقتين، عن أبي سعيد الخدري سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس في ما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس في ما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس في ما دون خمسٍ من الإبل صدقة)).(1/223)
وروى مالكٌ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال]: ((ليس في ما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، [وليس في ما دون خمس أواق من الورق صدقة]، وليس في ما دون خمس ذودٍ من الإبل صدقة)).
روى مالكٌ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه قال: سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يصب منه)).(1/224)
26- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل بن خويلد ابن أسد بن عبد العزى بن قصي، أبو الأسود القرشي الأسدي المدني.
انتقل إلى مصر، يقال له: يتيم عروة بن الزبير؛ لأنه كان يتيماً في حجره.
روى عن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، والنعمان بن أبي عياش الأنصاري الزرقي، وأبي عبد الله عكرمة مولى ابن عباس، وأبي عبد الله سالم المعروف بسبلان مولى شداد، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وهشام بن عروة بن الزبير الأسدي، وعبيد الله بن أبي جعفر القرشي الأموي مولاهم المصري، وسعيد بن أبي هلال الليثي، وعمرو بن الحارث المصري، ويحيى بن أيوب الغافقي المصري، وحيوة بن شريح التجيبي المصري، وسعيد بن أبي أيوب الخزاعي المصري، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيرهم.
انتقل إلى مصر، ومات بها في آخر سلطان بني أمية، وكان الأسود ابن نوفل من مهاجرة الحبشة.
أخرج عن محمد بن عبد الرحمن هذا البخاري ومسلمٌ.(1/225)
وقال النسوي في التمييز: ((محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود ثقة)).
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل فقال: ثقةٌ يتيم عروة. قيل له: يقوم مقام الزهري وهشام بن عروة؟ فقال: ثقة)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((سكن المدينة ثم سكن مصر في آخر أيام بني أمية، وهو من جلة المحدثين بها، ثقةٌ حجة في ما نقل، قال يحيى بن معين: هو أحب إلي من هشام بن عروة)).
وقال أبو جعفر العقيلي: ((وأبو الأسود يتيم عروة أوثق من هشام ابن عروة)).
وروي عن مالك بن أنس أنه قال: ((كان أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن صاحب عزلة وحجٍ وغزو)).
وروى مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين، عن جدامة بنت وهب الأسدية: أنها أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لقد(1/226)
هممت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم)).
27- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان أبو الرجال، الأنصاري النجاري المدني.
من بني مالك بن النجار، يكنى أبا عبد الرحمن، وإنما قيل له أبو الرجال لولده كانوا عشرةً رجالاً، منهم: عبد الرحمن، وحارثة، ومالك.
وأم محمد هذا عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس ابن عبيد الله بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار الأنصارية النجارية.
روى عن أمه عمرة، وكانت تابعيةً ثقةً حجة، وروى أيضاً عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وسعيد بن أبي هلال الليثي، ويعقوب بن محمد بن طحلاء، وسفيان بن سعيد الثوري، والضحاك بن عثمان الحزامي، ومحمد بن إسحاق بن يسار(1/227)
المطلبي، وسفيان ابن عيينة الهلالي، وغيرهم.
توفي سنة أربعٍ وعشرين ومائة.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وأبو حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
28- محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، من أنفسهم المدني.
وقال ابن إسحاق: ((الدؤلي)).
قال البخاري: ((الديل من حنيفة، والدؤل من كنانة)).(1/228)
قال الواقدي: ((كان هيباً مرياً لزوماً للمسجد)).
روى عن عطاء بن يسار الهلالي، ومعبد بن كعب بن مالك السلمي، ومحمد بن عمرو بن عطاء العامري، ومحمد بن عمران الأنصاري، وحميد بن مالك بن خثم الديلي، ووهب بن كيسان الأسدي، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وغيرهم.
روى عنه يزيد بن أبي حبيب التجيبي المصري، وسعيد بن أبي هلال أبو العلاء الليثي المدني، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند المدني، والوليد بن كثير المخزومي، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وزهير ابن محمد العنبري، ويزيد بن محمد القرشي، وسليمان بن بلال المدني، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد ابن عبيد الدراوردي، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.(1/229)
29- محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص أبو عبد الله.
وقيل: أبو الحسن الليثي من أنفسهم المدني، وبها كانت وفاته سنة أربع، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر المنصور.
روى عن أبيه، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، وعبيدة بن سفيان الحضرمي، ومليح بن عبد الله السعدي، وأبي عبد الله السعدي، وأبي عبد الله سلمان الأغر الجهني، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وغيرهم.
روى عنه موسى بن عقبة المطرقي، وسفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن عيينة الهلالي، ووهيب بن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وعبدة بن سليمان الكلابي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الرحمن بن سليمان الرازي، ويحيى بن سعيد بن فروخ القطان، والنضر بن شميل المازني، ويزيد ابن هارون السلمي، وغيرهم، وهؤلاء كلهم ثقاتٌ مشهورون، وحديثهم مخرجٌ في الصحيح.
وقال أبو الفتح الموصلي: ((حديث محمد بن عمرو حديث محبوبٌ إلى أهل الحديث، وليس بالقوي، حمل عنه الناس)).
وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالحافظ عندهم)).(1/230)
وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن محمد بن عمرو بن علقمة؟ فقال: صالح الحديث، يكتب حديثه، وهو شيخٌ)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((سمعت يحيى بن معين يقول: ما زال الناس يتقون حديث محمد بن عمرو، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان محمد بن عمرو يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة)).
وقال أبو أحمد الحاكم: ((أنا أحمد بن عمير، قال: نا عثمان بن خرزاذ، نا أبو هبيرة محمد بن الوليد، قال: سمعت أبا مسهر يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: أكثر محمد بن عمرو)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس الدوري قال: ((سئل يحيى عن حديث سهيل والعلاء وابن عقيل وعاصم بن عبيد الله؟ فقال: عاصم وابن عقيل أضعف الأربعة، والعلاء وسهيل قريبٌ من السواء، وليس حديثهم بالحجج -أو قريبٌ من هذا تكلم به يحيى- قال: ومحمد بن عمرو أكثر من هؤلاء)).
وقال: ((محمد بن عمرو أحب إلي من محمد بن إسحاق)).
وقال ابن أبي حاتم: ((ذكره أبي، عن إسحاق بن منصور، عن(1/231)
يحيى بن معين أنه سئل عن محمد بن عمرو ومحمد بن إسحاق أيهما يقدم؟ قال: محمد بن عمرو)).
أخرج عن محمد بن عمرو هذا مسلم في المتابعات، وأخرج له البخاري في كتاب الاعتكاف.
وهو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، وقد قدمه جماعةٌ من المحدثين على سهيل بن أبي صالح، وعلى العلاء بن عبد الرحمن، وعلى عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، وربما يخالف في أحاديث من حديثه، فإذا خالفه في أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، أو يحيى بن أبي كثير الطائي فالقول قول من خالفه منهما عن أبي سلمة عند أهل العلم بالحديث.
قال أبو عبد الرحمن النسوي في التمييز: ((محمد بن عمرو بن علقمة ليس به بأس)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن عمرو ثقة. قال: وسئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة؟ قال: ثقة)).(1/232)
وقال أبو عبد الله الحاكم: ((ومحمد بن عمرو رحمه الله غمزه مالك ابن أنس، وبعده يحيى بن سعيد، وقد وثقه يحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلي فالله أعلم)).
وذكر ابن أبي مريم، عن خاله موسى بن سلمة قال: ((أتيت عبد الله بن يزيد بن هرمز فسألته أن يحدثني فقال: ليس ذلك عندي، ولكن إن أردت الحديث فعليك بمحمد بن عمرو بن علقمة)).
وروى يزيد بن هارون، عن شعبة أنه قال: ((محمد بن عمرو أحب إلي من يحيى بن سعيد الأنصاري في الحديث)).
قال أبو عمر النمري: ((حسبك بهذا، ويحيى بن سعيد أحد الأئمة الجلة)).
وروى مالك، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن مليح بن عبد الله السعدي، عن أبي هريرة أنه قال: ((الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد الشيطان)).
هكذا هذا الحديث موقوفٌ في الموطأ، ورواه [عن] محمد بن عمرو ابن عيينة والدراوردي مرفوعاً.(1/233)
30- محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري الحزمي المدني.
روى عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث القرشي التيمي، وعبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، وأبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه حاتم بن إسماعيل المدني، وعبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي، وصفوان بن عيسى القرشي البصري، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عن محمد بن عمارة الذي يحدث عنه مالك؟ فقال: هو صالح الحديث، ليس بذاك القوي)).
أخرج له أبو داود والترمذي، وروى إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: ((محمد بن عمارة الحزمي ثقة)).
وخرج عبد الله بن علي بن الجارود، نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: نا عبد الله بن إدريس، قال: نا محمد بن عمارة، عن محمد بن الحارث، عن أم ولدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالت: ((كنت أطيل ذيلي، فأمر بالمكان القذر والمكان النظيف، فدخلت على أم سلمة فسألتها عن ذلك فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يطهره ما بعده)).(1/234)
31- محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف بن واهب بن عكيم، الأنصاري الأوسي المدني، أبو سهل ابن أبي أمامة.
روى عن أبيه أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري.
روى عنه أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيره.
وهو ثقةٌ، قاله يحيى بن معين، وغيره.
وروى مالك، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول: ((اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار، فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر، قال: وكان سهلٌ رجلاً أبيض حسن الجلد، قال: فقال له عامر بن ربيعة: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء، فوعك مكانه واشتد وعكه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلاً وعك، وأنه غير رائح معك يا رسول الله، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره سهل بالذي كان من شأن عامر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت! إن العين حقٌ، توضأ، فتوضأ له عامرٌ، فراح سهلٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس)).(1/235)
32- محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أبو عبد الملك الأنصاري المدني قاضيها.
أخو عبد الله بن أبي بكر، وكان أكبر من أخيه عبد الله، أمه فاطمة ابنة عمارة بن عمرو بن حزم.
قال الواقدي: ((مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو ابن ثنتين وسبعين سنة)).
قال الواقدي: أنا ابن أبي الزناد، قال: ((أدركني أبو بكر بن حزم وأنا واقفٌ على باب دار زيد بن ثابت، فقال لي: يا بني أو يا عبد الرحمن، ولد لك؟ قال: قلت نعم، قال: بارك الله لك، ابن كم أنت؟ قلت: ابن سبع عشرة، قال: هكذا بيني وبين محمد بن أبي بكر)).
روى محمد بن أبي بكر هذا عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، وكان أبوه أبو بكر قاضياً على المدينة، ثم صار أميراً عليها لعمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما، وروى أيضاً محمدٌ هذا عن عباد ابن تميم المازني، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام المخزومي، وغيرهم.(1/236)
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وأبو بكر بن نافع العدوي مولاهم، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعبد الملك بن زيد بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، والنسوي، وغيرهما.
روى عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الملك بن زيد المدني، عن محمد ابن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود)).
33- محمد بن أبي بكر بن عوف بن رباح، أبو بكر الثقفي الحجازي المدني.
روى عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري.
روى عنه ابنه عبد الله بن محمد، وموسى بن عقبة المطرقي، وعثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، وغيرهم.(1/237)
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، والنسوي، وأبو عمر النمري.
وروى مالكٌ، عن محمد بن أبي بكر الثقفي: ((أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يهل المل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه)).
34- محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ بن عمرو بن مالك، أبو عبد الله الأنصاري النجاري المازني المدني، من بني مازن بن النجار.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، وعمه واسع بن حبان الأنصاري، وعبد الله بن محيريز القرشي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وربيعة بن أبي(1/238)
عبد الرحمن الفقيه، وإسماعيل بن أمية القرشي، ومحمد بن عجلان المدني، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وعبيد الله بن عمر العمري، والليث بن سعد الفهمي، وغيرهم.
كانت له حلقةٌ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يفتي، وكان مالكٌ يجله ويذكره بكل فضلٍ من العبادة والفقه والعلم.
قال الواقدي: ((توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، والنمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((مأمونٌ على ما جاء به، حجةٌ في ما نقل)).
وخرج عبد الله بن علي بن الجارود، نا محمد بن يحيى، قال: نا محمد بن يوسف قال: نا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري، قال:(1/239)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس في ما دون خمسة أوسقٍ صدقة من حب ولا تمر)).
وروى مالك، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه)).
وبهذا الإسناد: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين، يوم الفطر ويوم الأضحى)).
وبه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)).(1/240)
من اسمه موسى
35- موسى بن عقبة بن أبي عياش، أبو محمد القرشي الأسدي مولاهم المدني.
يقال: إنه مولى الزبير بن العوام الأسدي، وقيل: هو مولى أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي القرشي الأموي، زوج الزبير بن العوام، وهو أخو محمد وإبراهيم ابني عقبة.
أدرك عبد الله بن عمر، ورأى سهل بن سعد الساعدي، وسمع أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي الأموي، وروى عن جماعة من التابعين، منهم: عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعلقمة بن وقاص الليثي، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبو رشدين كريب بن أبي مسلم مولى ابن عباس.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وشعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ووهيب بن خالد بن عجلان أبو بكر البصري، وأبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي، وفضيل بن سليمان النميري، وعبد العزيز بن المختار الأنصاري المصري، وحاتم بن إسماعيل المدني، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك الحنظلي المروزي، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني، وغيرهم.(1/241)
قال البخاري، عن علي بن المديني: ((له نحو مائة وخمسين حديثاً)).
كان موسى بن عقبة هذا رجلاً صالحاً، أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله مالك بن أنس، وأحمد بن محمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي، وغيرهم.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: (نا يحيى بن عبد الحميد، قال: نا سليمان بن بلال وابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، قال: حدثتني أم خالد، قالت: ((سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: استعيذوا بالله من عذاب القبر، فإن عذاب القبر حق)). قال موسى: ولم أسمع أحداً يقول: قال النبي [عليه السلام] إلا أم خالد.
نا الوليد بن شجاع، قال: نا مخلد بن حسين، قال: سمعت موسى(1/242)
ابن عقبة وقيل له: رأيت أحداً من أصحاب النبي [عليه السلام]؟ قال: حججت وابن عمر بمكة عام حج نجدة الحروري، ورأيت سهل بن سعد يتخطى حتى توكأ على المنبر فسار الإمام بشيء)).
توفي موسى بن عقبة سنة إحدى وأربعين ومائة، قاله عمرو بن علي، وغيره.
وقال الواقدي: ((مات قبل خروج محمد بن عبد الله)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((موسى بن عقبة وأخويه إبراهيم ومحمداً، أنا مصعب قال: روى عنهم مالك بن أنس، وكانت لهم هيئةٌ وعلمٌ)).
قد تقدم ذكر إبراهيم بن عقبة في حرف الألف من هذا الكتاب.
36- وأخوهما محمد بن عقبة.
روى عن جماعة من التابعين، منهم: أبو عبد الرحمن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأبو رشدين كريب بن أبي مسلم مولى ابن عباس.
روى عنه مالك بن أنس الأصبحي المدني، وعبد الملك بن(1/243)
عبد العزيز بن جريج القرشي، المكي، وسفيان بن سعيد الثوري الكوفي، وغيرهم.
أخرج له مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وغيرهما.
37- موسى بن ميسرة أبو عروة الديلي مولاهم، المدني.
يقال: إنه خال ثور بن زيد الديلي.
روى عن أبي عبد الله عكرمة مولى ابن عباس، وأبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب الهاشمي، وسعيد بن أبي هند الفزاري مولاهم المدني، وغيرهم.
روى عنه الضحاك بن عثمان الحزامي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، وأبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة العامري الحجازي الفقيه، وغيرهم.
يقال: إنه توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة، ولم يدرك بني العباس.
قال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عن موسى بن ميسرة؟ فقال: لا بأس به)).(1/244)
كان موسى بن ميسرة هذا رجلاً صالحاً فاضلاً من فضلاء أهل المدينة، وكان مالك بن أنس يثني عليه ويصفه بالفضل.
أخرج له أبو داود وغيره، وهو ثقةٌ، قاله يحيى بن معين، وغيره.
روى مالكٌ، عن موسى بن ميسرة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله)).
38- موسى بن أبي تميم المدني.
روى عن أبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني.
روى عنه سليمان بن بلال المدني.
أخرج له مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أبو حاتم الرازي، وأبو عمر النمري.(1/245)
زاد أبو حاتم: ((ليس به بأس)).
وروى مالكٌ، عن موسى بن أبي تميم، عن أبي الحباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما)).(1/246)
أفراد الميم
39- مسلم بن أبي مريم، واسم أبي مريم يسار السلمي مولاهم المدني.
يقال: إنهم ثلاثة إخوة: مسلم، ومحمد، وعبد الله بنو أبي مريم، ومسلم أعلاهم، وقد قيل: إنه ليس بأخيهما، فالله أعلم.
وكان مسلمٌ هذا رجلاً صالحاً فاضلاً.
روى عن عبد الله بن سرجس المزني، وعن جماعة من التابعين، منهم: علي بن عبد الرحمن الأنصاري المعاوي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الرحمن بن جابر بن عبد الله الأنصاري السلمي، وأبو صالح ذكوان السمان الزيات، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة الهلالي، ووهيب ابن خالد البصري، وفضيل بن سليمان النميري، وغيرهم.
يقال: إنه توفي في زمن أبي جعفر المنصور.
وكان مالك بن أنس يثني عليه، ويقول: ((كان رجلاً صالحاً وكان(1/247)
يهاب أن يرفع الأحاديث)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
وروى مالكٌ، عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة أنه قال: ((تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين، يوم الإثنين، ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمنٍ إلا عبدٌ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين أو اركوا هذين حتى يفيئا)).
هذا الحديث موقوفٌ في الموطأ، ورواه ابن وهب عن مالك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.(1/248)
وروى مالكٌ، عن مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أنه قال: ((نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائلاتٌ مميلاتٌ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وريحها يوجد من مسيرة خمس مائة سنة)).
وهذا الحديث أيضاً موقوفٌ في الموطأ على أبي هريرة، ورواه ابن نافع عن مالك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
40- المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي المدني.
ابن أخي ثعلبة بن أبي مالك، يقال: إنهم من كندة، قدم أبو مالك على دين يهود فتزوج امرأةً من قريظة.
وتوفي المسور هذا سنة ثمان وثلاثين ومائة.
روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، والزبير بن عبد الرحمن بن الزبير القرظي الزبيري -بفتح الزاي-.
روى عنه أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وأبو العلاء سعيد بن أبي هلال الليثي المدني نزيل مصر، وإبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وغيرهم.(1/249)
41- مخرمة بن سليمان الأسدي أسد خزيمة الوالبي المدني.
يقال: إنه قتل بقديد سنة ثلاثين ومائة، وهو ابن سبعين سنة.
روى عن أبي رشدين كريب بن مسلم مولى ابن عباس، وإبراهيم ابن محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني.
روى عنه عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، والضحاك بن عثمان القرشي الحزامي المدني، وسعيد بن أبي هلال، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سمعت أبي يقول: مخرمة بن سليمان مدني، يروي عن كريب، صالح الحديث)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وغيره.
وخرج عبد الله بن علي بن الجارود، نا أبو سعيد الأشج، نا أبو خالد يعني الأحمر، عن الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر الله إلى رجلٍ أتى رجلاً أو امرأةً في الدبر)).(1/250)
حرف النون
من اسمه نافع
42- نافع أبو عبد الله القرشي العدوي مولاهم المدني.
وهو نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، يقال: إنه كان ديلمياً، وقيل: كان من أهل المغرب، وقيل: كان من سبي كابل.
وقال خالد بن زياد الترمذي: ((قلت لنافع مولى ابن عمر: من أي بلادٍ أنت؟ قال: من جبال برار بندة من جبال الطالقان)).
وقيل: إن ابن عمر أصابه في غزاته.
وتوفي بالمدينة في خلافة هشام بن عبد الملك سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: مات سنة عشرين ومائة، والأول أكثر وأشهر.
روى عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي، وأبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري، وأبي لبابة بشير بن عبد المنذر الأنصاري، ورافع بن خديج بن رافع بن عدي(1/251)
الأنصاري الأوسي، وأبي هريرة الدوسي، وعائشة أم المؤمنين.
وجماعةٍ من التابعين، منهم: صفية ابنة أبي عبيد بن مسعود الثقفي زوج عبد الله بن عمر، والقاسم [بن] محمد بن أبي بكر الصديق، وزيد وسالم وعبيد الله بنو عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وسليمان بن يسار الهلالي، ونبيه بن وهب بن عامر بن عكرمة العبدري، وغيرهم.
روى عنه صالح بن كيسان، ويحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وموسى بن عقبة، وأيوب ابن أبي تميمة السختياني، وعبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري، وعبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، والليث بن سعد الفهمي، وابنه عمر بن نافع، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، والنسوي، وغيرهم.
زاد أحمد: مأمون))، وزاد النسوي في مصنفه: ((حافظ)).(1/252)
وقال أبو عمر النمري: ((كان ثقةً حافظاً ثبتاً في ما نقل [وحمل من أثر في الدين])).
وقال مالكٌ: ((نشر نافعٌ عن ابن عمر علماً جماً)).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ((قال أبي: قال ابن عيينة: أي حديث أوثق من حديث نافع!)).
وقال البخاري: ((قال عبد الله بن محمد الجعفي: نا بشر بن عمر: سمعت مالك بن أنس يقول: كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي ألا أسمعه من غيره)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا قتيبة بن سعيد، قال: نا مالك، قال: رأيت نافعاً وسعيد بن أبي هند وموسى بن ميسرة يقعدون في المسجد حتى يرتفع النهار، ويقومون، لا يكلم أحدٌ منهم صاحبه.
نا يحيى بن أيوب، قال: نا معاذ بن معاذ، عن ابن عون قال: كانت في نافع لكنةٌ.(1/253)
نا أحمد بن حنبل، قال: نا سفيان، قال: نا إسماعيل يعني ابن أمية قال: كنا نرد نافعاً على اللحن، فيأبى. قال سفيان: أي حديث أوثق من حديث نافع)).
وروي عن محمد بن علي بن شافع أنه قال: ((شهدت القاسم وسالماً وحضرت الصلاة، فقال كل واحدٍ منهما لصاحبه: تقدم أنت أسن، فتدافعا حتى قدما نافعاً)).
وروي أن عمر بن عبد العزيز بعث نافعاً إلى أهل مصر يعلمهم السنن.
كان نافع هذا ثقةً حافظاً حجةً في ما حمل ونقل من أثرٍ في الدين، وأصحابه الذين أخذوا عنه الآثار على طبقاتٍ شتى، ولكل طبقةٍ منها مزيةٌ على التي تليها:(1/254)
فالطبقة الأولى:
منهم: أيوب بن أبي تميمة السختياني البصري، وهو أيوب بن كيسان، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، ومالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، وابنه عمر بن نافع.
قال علي بن المديني: ((هؤلاء أثبت أصحاب نافع، وأثبتهم عندي أيوب، وسمعت يحيى بن سعيد -يعني القطان- يقول: أصحاب نافع: أيوب وعبيد الله بن عمر ومالك، قال يحيى: وليس ابن جريج بدونهم في ما سمع من نافع)).
والطبقة الثانية:
صالح بن كيسان، وعبد الله بن عون بن أرطبان المزني مولاهم البصري، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي.
والطبقة الثالثة:
أيوب بن موسى القرشي، وإسماعيل بن أمية القرشي، وموسى ابن عقبة المطرقي المدني، وكثير بن فرقد الفقيه نزيل مصر،(1/255)
وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وذكر بعضهم في هذه الطبقة أبا أيوب سليمان بن موسى الأشدق الدمشقي.
والطبقة الرابعة:
الليث بن سعد الفهمي إمام أهل مصر، وأبو أسماء جويرية بن أسماء الضبعي البصري، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة المطرقي، ويونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وداود بن الحصين القرشي الأموي مولاهم المدني.
وذكر بعضهم في هذه الطبقة موسى بن عقبة المطرقي، وقد تقدم ذكره في الطبقة الثالثة، وهو الأولى فيه عندي.(1/256)
والطبقة الخامسة:
محمد بن عجلان القرشي مولاهم المدني، وقد قدمه بعضهم على ابن إسحاق، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري المدني الفقيه، والضحاك بن عثمان القرشي الحزامي، وحنظلة بن أبي سفيان القرشي الجمحي المكي، ومحمد بن عبد الرحمن بن غنج المدني نزيل مصر، وأسامة بن زيد الليثي، ومالك بن مغول البجلي الكوفي، وهو من ثقات الكوفيين.(1/257)
والطبقة السادسة:
سليمان بن موسى الأشدق، وقد تقدم ذكره في الطبقة الثالثة، وأبو العلاء برد بن سنان الدمشقي، وأبو العباس هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي، وعبد العزيز بن أبي رواد الأزدي العتكي مولاهم العابد، وسليمان بن مساحق.
وقد ذكر بعضهم في هذه الطبقة الليث بن سعد الفهمي، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة المطرقي، وقد تقدم ذكرهما في الطبقة الرابعة، وهو الأشبه عندي بهما.(1/258)
والطبقة السابعة:
عبد الرحمن بن السراج البصري، وسلمة بن علقمة، وعبيد الله بن الأخنس البصري، وأبو الوليد بن أبي هشام القرشي الأموي مولاهم البصري، وعلي بن الحكم البناني، وسعيد بن عبد الله بن جرو.
والطبقة الثامنة:
عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وصخر بن جويرية النميري، وهمام بن يحيى بن دينار أبو عبد الله العوذي مولاهم البصري، وأبو عباد هشام بن سعد الهاشمي مولاهم المدني، وخلفية بن غالب أبو غالب الليثي البصري، وأبو علقمة عبد الله بن محمد الفروي، وابنه أبو بكر بن نافع، وثور بن يزيد الرحبي الشامي، ومحمد بن ثابت العبدري البصري، وعطاف(1/259)
ابن خالد المخزومي، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبو محمد حجاج بن أرطأة النخعي، وأشعث بن سوار التابوتي الكوفي، وموسى بن يزيد.
وقد ذكر بعضهم في هذه الطبقة محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي صاحب المغازي والسير، وقد تقدم ذكره في الطبقة الرابعة، وهو الأولى عندي به.
وكذلك جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي، ذكره بعضهم في هذه الطبقة، وقد تقدم ذكره في الطبقة الرابعة.
وعبد العزيز بن أبي رواد العتكي، ذكره بعضهم في هذه الطبقة، وقد تقدم ذكره في الطبقة السادسة.(1/260)
والطبقة التاسعة: وهم الضعفاء والمتروكون:
أبو أمية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري، وأبو كريب ليث بن أبي سليم الكوفي ضعيفٌ في نافع، صدوق في غيره من الكوفيين، وأبو محمد حجاج بن أرطأة النخعي، صدوق وليس بالقوي، وقد تقدم ذكره في الطبقة الثامنة، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر العمري، وقد تقدم ذكره أيضاً في الطبقة الثامنة، وأشعث بن سوار التابوتي الأفرق القاضي الكوفي، وقد تقدم ذكره في الطبقة الثامنة، وابنه عبد الله بن نافع، وعمر بن قيس المكي المعروف بسندل أخو حميد بن قيس المكي، وعثمان بن مقسم البري، وأبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي البصري، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة المدني، وأبو معشر نجيح المخزومي مولاهم المدني، ومحمد بن عبد الرحمن بن المحبر العدوي، وعبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب، وجماعةٌ سواهم.
وقال عثمان الدارمي: ((قلت ليحيى يعني ابن معين: أيوب أحب إليك عن نافع أو عبيد الله؟ فقال: كلاهما ولم يفضل. قلت له: فمالك أحب إليك عن نافع أو عبيد الله؟ فقال: كلاهما ولم يفضل)).
وقال أبو زرعة الدمشقي: ((سمعت أحمد بن حنبل يسأل: من(1/261)
أثبت الناس في نافع عبيد الله أو مالك أو أيوب؟ فقدم عبيد الله بن عمر وفضله بلقاء سالم والقاسم. قلت له: فمالكٌ بعده؟ قال: إن مالكاً لثبتٌ. قلت: فإذا اختلف مالك وأيوب؟ فتوقف، وقال: من يجترئ على أيوب، ثم عاد في ذكر عبيد الله ففضله)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((حدثني أبي قال: سألت أحمد بن حنبل عن مالك وعبيد الله بن عمر وأيوب أيهم أثبت في نافع؟ فقال: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية.
نا علي بن [الحسن] الهسنجاني، قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: عبيد الله بن عمر أحب إلي من مالك في حديث نافع)).
43- نافع بن مالك بن أبي عامر، أبو سهيل الأصبحي المدني.
حليف عثمان بن عبيد الله القرشي التيمي، أخي طلحة بن عبيد الله، يقال له نافع بن أبي أنس، وأبو سهيل بن أبي أنس، وهو عم مالك بن أنس، وأخو الربيع وأنس وأويس بني مالك بن أبي عامر.
روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وسهل بن سعد(1/262)
الساعدي، وأنس بن مالك الأنصاري.
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: والده مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث أبو أنس الأصبحي، وأبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي، وعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعلي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وإسماعيل ومحمد ابنا جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، ويعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاري نزيل الإسكندرية، وعبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار الزاهد، وغيرهم.
كان أحد الفقهاء بالمدينة، وكان رجلاً جليلاً فاضلاً.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو حاتم، والنسوي، والنمري، وغيرهم.(1/263)
وروى حرملة بن يحيى، عن ابن وهب قال: ((سئل مالك فقيل له: ما تقول في أبيك؟ قال: كان عمي أبو سهيل نافع بن مالك ثقة)).(1/264)
أفراد النون
44- نعيم بن عبد الله أبو عبد الله المجمر.
مولى عمر بن الخطاب القرشي العدوي.
قال أبو عبد الله البرقي: ((كان أبوه يجمر المسجد إذا قعد عمر على المنبر فيما أنا ابن بكير)).
روى عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبي هريرة الدوسي، وأبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري النجاري.
ويقال: إنه جالس أبا هريرة عشرين سنة.
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بن ثعلبة الأنصاري، وعلي بن يحيى بن خلاد الأنصاري.
روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج، وأبو جعفر محمد بن علي ابن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، وزيد بن أبي أنيسة الجزري، وعمارة بن غزية الأنصاري، ومحمد بن عجلان القرشي المدني، وسعيد بن أبي هلال الليثي، وغيرهم.(1/265)
وكان من خيار التابعين بالمدينة، أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وقال أبو عمر النمري: ((ونعيمٌ أحد ثقات أهل المدينة، وأحد خيار التابعين بها، قال: وكان نعيم يوقف كثيراً من حديث أبي هريرة مما يرفعه غيره من الثقات)).
وروى مالكٌ، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن محمد بن عبد الله ابن زيد الأنصاري أنه أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: ((أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال: قولوا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ، والسلام كما قد علمتم)).(1/266)
حرف الصاد
أفراد
45- صفوان بن سليم أبو عبد الله.
ويقال: أبو الحارث القرشي الزهري مولاهم المدني، يقال: إنه مولىً لحميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وإنه كان أسود، وكان من عباد أهل المدينة، وفضلائهم، وخيارهم.
مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: مات سنة أربع وعشرين ومائة.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: أبو سلمة عبد الله وحميد ابنا عبد الرحمن بن عوف الزهري، ونافع بن جبير بن مطعم بن عدي القرشي، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وعطاء بن يسار الهلالي، وسعيد بن سلمة الأزرقي.
روى عنه زياد بن سعد الخراساني، وموسى بن عقبة بن أبي عياش المطرقي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقة، قاله سفيان بن عيينة بن(1/267)
أبي عمران الهلالي، وأحمد، [و] ابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
زاد أحمد: ((من خيار عباد الله الصالحين وفضلاء المسلمين)).
وزاد ابن صالح: ((رجلٌ صالحٌ، وكان أسود)).
قال أبو عمر النمري: ((كان صفوان بن سليم من أفضل أهل المدينة وأتقاهم لله، وكان ناسكاً كثير الصدقة بما وجد من قليلٍ وكثيرٍ، كثير العمل، خائفاً لله، [ولو قيل له: إن الساعة غداً ما كان عنده مزيدٌ])).(1/268)
وقال البخاري: ((قال ابن عيينة: كنت إذا رأيته علمت أنه يخشى الله)).
وقال أبو داود السجستاني: ((ذكر أحمد بن حنبل صفوان بن سليم فقال: يستنزل بذكره القطر)).
وقال مصعب بن عبد الله: ((كان مالك بن أنس يقول: لقد كنت آتي صفوان بن سليم، وكان من المتعبدين المتهجدين، يصلي الليل أجمع منذ ثلاثين سنة، وكان يصوم النهار، ويقوم الليل ولا يخالط أحداً، ولا يكلم أحداً، ولا يخوض في شيءٍ من أمر الدنيا، وما همته إلا ما هو فيه من أمر الآخرة، ولقد سمعته يوماً وهو يدعو في سجوده يقول: اللهم لا تؤاخذني في تقصيري عن عبادتك، اللهم لا تؤاخذني فهذا جهدي وطاقتي، وأنت تعلم أني لا أقدر على أكثر من هذا. قال مالك: وكان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه)).
وقال علي بن المديني: ((سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: صفوان بن سليم أحب إلي من زيد بن أسلم)).(1/269)
46- صالح بن كيسان أبو محمد.
وقيل: أبو الحارث، الغفاري مولاهم المدني، وقيل: هو مولىً لبني عامر، وقيل: هو مولىً لخزاعة، وقيل: مولىً لأصبح.
وقال الواقدي: ((أخبرني عبد الله بن جعفر قال: دخلت على صالحٍ وهو يوصي فقال لي: اشهد أن ولائي لامرأةٍ مولاةٍ لآل معيقيب بن أبي فاطمة من دوس.
قال الواقدي: ومات بعد الأربعين والمائة، وقيل خروج محمد ابن عبد الله)).
وقال غيره: توفي سنة ست وأربعين ومائة.
قال محمدٌ: كان صالح بن كيسان مع عمر بن عبد العزيز وهو أميرٌ على المدينة، وكان مؤدب ولده، ثم بعث إليه الوليد بن عبد الملك ابن مروان فضمه إلى ابنه عبد العزيز بن الوليد، وكان صالحٌ مسناً.
أدرك عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وسمع منهما، ثم روى عن جماعة من التابعين، منهم: أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وأبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبو عبد الله عروة بن الزبير(1/270)
ابن العوام الأسدي، وأبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبو محمد نافع الأقرع مولى أبي قتادة الأنصاري، وأبو عبد الله نافع مولى ابن عمر، وأبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.
روى عنه أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي، وأبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي مولاهم المدني الفقيه، وأبو عبد الله محمد بن عجلان القرشي مولاهم المدني، وأبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي مولاهم المكي، وأبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي مولاهم المدني، وأبو أيوب سليمان بن بلال القرشي التيمي مولاهم المدني، وأبو إسحاق إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وغيرهم، وهؤلاء كلهم ثقاتٌ مشهورون.
وأخرج لصالح بن كيسان البخاري ومسلم، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وقال أبو عمر النمري: ((كان صالح بن كيسان هذا من أهل(1/271)
العلم والحفظ والفهم، وكان كثير الحديث ثقةً حجةً في ما حمل، وهو القائل: إن الله تعالى جوادٌ إذا أشار بشيءٍ من الخير إلى أحدٍ أتمه ولم ينقص منه شيئاً. في كلام قاله لصديقه عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وكان صديقاً له يشاوره)).
وروى يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: ((كنت أخرج مع صالح بن كيسان إلى الحج والعمرة، فكان ربما ختم القرآن مرتين في ليلةٍ بين شعبتي رحله)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((أخبرني مصعب قال: صالح بن كيسان مولى امرأةٍ من دوس، وكان عالماً ضمه عمر بن عبد العزيز إلى نفسه، وهو أميرٌ فكان يأخذ عنه، ثم بعث إليه الوليد بن عبد الملك فضمه إلى ابن عبد العزيز بن الوليد وكان يأخذ عنه، وكان صالح بن كيسان جامعاً بين الحديث والفقه والمروءة)).
وقال أيضاً ابن أبي خيثمة: ((نا أحمد بن حنبل، قال: نا عبد الرزاق، قال: نا معمر، قال: أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم، فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي عليه السلام، ثم قلنا: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة،(1/272)
قال: قلت: إنه ليس بسنة فلا تكتبه، قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت.
حدثنا حامد بن يحيى، قال: نا سفيان بن عيينة، قال: كان عمرو ابن دينار يحدثنا هذا الحديث عن صالح بن كيسان، فلما قدم صالحٌ قال لنا: اذهبوا فاسمعوه منه، فحدثنا صالح بن كيسان أنه سمع سليمان بن يسار يقول: أخبرني أبو رافع، وكان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يأمرني رسول الله أن أنزل الأبطح، ولكن أنا جئت فضربت قبته فجاء فنزل)).
47- صدقة بن يسار المازني.
من مازن الأنصار، ويقال: إنه كان من الأبناء، أصله من خراسان من الجزيرة، نزل مكة.
أدرك ابن عمر وسمع منه، وروى أيضاً عن رجلٍ عن ابن عمر، وروى عن جماعة من التابعين، منهم: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وطاوس بن كيسان اليماني، والمغيرة بن حكيم الصنعاني.
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وشعبة بن الحجاج العتكي، والضحاك بن عثمان بن عبد الله الحزامي، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وغيرهم.(1/273)
تكلم في مذهبه ونسب إلى القدر، وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سمعت أبي يقول: صدقة بن يسار صالحٌ)).
أخرج له مسلم، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، والنسوي، وغيرهم.
وقال أبو عمر النمري: ((صدقة بن يسار هذا يعد في أهل مكة، وكان من ساكنيها، وأصله الجزيرة، يقال: صدقة بن يسار الجزري، ويقال: صدقة بن يسار المكي، وهو ثقةٌ سمع ابن عمر، وله عنه أحاديث صالحةٌ، فهو من التابعين الثقات، وقد روى عن رجل عن ابن عمر، وروى عن الزهري أيضاً)).
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ((حدثني أبي، قال: نا سفيان، قال: قلت لصدقة بن يسار: إن ناساً يزعمون أنكم خوارج؟ قال: كنت منهم ثم إن الله عفاني، قال سفيان: وكان من أهل الجزيرة)).(1/274)
48- صيفي بن زياد أبو زياد.
ويقال: أبو سعيد مولى أفلح، ويقال: مولى ابن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، وهو رجل من أهل المدينة.
روى عن أبي اليسر كعب بن عمرو الأنصاري السلمي، ومن التابعين: أبو السائب الفارسي مولى هشام بن زهرة بن عثمان بن عمرو بن كعب القرشي التيمي المدني.
روى عنه أبو بكر عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري مولاهم المدني، وأبو عبد الله محمد بن عجلان القرشي مولاهم المدني، وأبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري المدني الفقيه، وأبو العلاء سعيد بن أبي هلال الليثي، وغيرهم.
أخرج له مسلمٌ، وغيره.
قال النسوي: ((صيفي مولى ابن أفلح ليس به بأس)).
وقال في موضع آخر: ((صيفي يروى عنه ابن عجلان ثقة)).(1/275)
وقال أبو داود السجستاني: ((نا عبيد الله بن عمر، قال: حدثني مكي ابن إبراهيم، قال: حدثني عبد الله بن سعيد، عن صيفي مولى أفلح مولىً لأبي أيوب، عن أبي اليسر: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من الهدم، وأعوذ بك من التردي، ومن الغرق والحرق والهرم، وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً)).
نا إبراهيم بن موسى الرازي، قال: نا عيسى، عن عبد الله ابن سعيد، قال: حدثني مولى أبي أيوب، عن أبي اليسر، زاد فيه: ((والغم)).
وقد رواه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند: أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي فقال فيه: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: اللهم إني أعوذ بك من الغرم، والهرم، والتردي، والغم، والغرق، والحريق، وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأن أقتل في سبيلك مدبراً، وأن أموت لديغاً)).(1/276)
حرف الضاد
49- ضمرة بن سعيد بن أبي حبة بن غزية بن عمرو الأنصاري المازني المدني. من بني مازن بن النجار من الأنصار.
روى عن أبي سعيد الخدري، وأبي بشير الأنصاري، وعبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأنس بن مالك الأنصاري، والحجاج بن عمرو بن غزية الأنصاري. ومن التابعين: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وأبو سعيد أبان بن عثمان بن عفان القرشي الأموي.
روى عنه زياد بن سعد الخراساني، والضحاك بن عثمان الحزامي، وفليح بن سليمان المدني، وسفيان بن عيينة الهلالي المكي، وسليمان ابن بلال المدني، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي المدني، وغيرهم.
أخرج له مسلم، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، والنمري، وغيرهم.(1/277)
حرف العين
من اسمه عبد الله
50- عبد الله بن دينار أبو عبد الرحمن، القرشي العدوي مولاهم المدني.
مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، توفي سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: مات عبد الله بن دينار هذا وعبد الله بن أبي نجيح المكي سنة إحدى وثلاثين ومائة، وقيل: توفي سنة ثنتين وثلاثين ومائة.
روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأنس بن مالك الأنصاري.
ومن التابعين: سليمان بن يسار الهلالي، وأبو صالح ذكوان السمان الزيات المدني.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وسهيل بن أبي صالح السمان، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وموسى بن عقبة، ومحمد ابن عجلان، وعبيد الله بن عمر العمري، وسفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وسليمان بن بلال المدني، وابنه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وغيرهم.(1/278)
وحكى الساجي عن أحمد بن حنبل: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: ((نافعٌ أكثر منه، وهو ثبتٌ في نفسه، لكن نافعٌ أقوى منه)).
أخرج لعبد الله بن دينار هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسوي، والنمري، وغيرهم.
وروى يحيى بن بكير، عن الليث، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: ((حدثني عبد الله بن دينار، وكان من صالحي التابعين صدوقاً ديناً)).(1/279)
51- عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان أبو محمد
ويقال: أبو بكر الأنصاري النجاري المدني، من بني مالك بن النجار.
قال الهيثم بن عدي: ((توفي سنة ثلاثين ومائة)).
وقيل: توفي سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين ومائة، قاله ابن مسعود، وابن نمير، وغيرهما.
زاد الغير: ((وهو ابن سبعين سنة)).
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي بن كعب، وعروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعباد بن تميم المازني، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام المخزومي، وعبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة التيمي، وحميد بن نافع المدني، وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وأبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وسفيان بن سعيد الثوري، وحماد بن سلمة بن دينار البصري، ومعمر بن راشد الأزدي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وفليح بن سليمان المدني، وغيرهم.(1/280)
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
زاد النسوي في التمييز: ((ثبتٌ)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان من أهل العلم، ثقةً، فقيهاً، محدثاً، مأموناً، حافظاً، وهو حجةٌ في ما نقل وحمل، وكان أبوه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم من جلة أهل المدينة وأشرافهم، وكان له بها قدرٌ وجلالةٌ، ولي القضاء لعمر بن عبد العزيز أيام إمرته على المدينة، ثم لما ولي الخلافة ولاه المدينة، وكان لأبي بكر بنون، منهم: محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن أبي بكر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وكلهم قد روي عنهم العلم، وأجلهم عبد الله هذا، وكانت له ابنةٌ تسمى أمة الرحمن ابنة أبي بكر، واسم أبي بكر كنيته)).
وذكر ابن القاسم، عن مالك قال: ((كان عبد الله بن أبي بكر من(1/281)
عباد الناس وأهل العلم والفضل)).
وروى أشهب، عن مالك قال: أخبرني ابن غزية: ((ان ابن شهابٍ سأله: من بالمدينة يفتي؟ فأجابه. قال: ما فيهم مثل عبد الله بن أبي بكر، وما يمنعه أن يرتفع إلا مكان أبيه أنه حيٌ)).
52- عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم بن زيد بن لوذان، أبو طوالة الأنصاري النجاري المدني القاضي.
من بني مالك بن النجار، قاله الواقدي وغيره.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعطاء بن يسار الهلالي مولاهم المدني، وأبو الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني، وأبو يونس مولى عائشة أم المؤمنين.(1/282)
روى عنه أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، وأبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي، وورقاء بن عمر، وسفيان الثوري، وسليمان بن بلال المدني، وإسماعيل ومحمد ابنا جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن الحارث الفزاري، وزهير بن معاوية الجعفي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم، وكلهم ثقاتٌ مشهورون.
وقد أخرج لعبد الله بن عبد الرحمن هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، والنسوي، وغيرهم.
وروى أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب قال: حدثني مالكٌ قال: ((كان عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر رجلاً صالحاً، وكان قاضياً في خلافة سليمان وعمر بن عبد العزيز، وكان يسرد الصيام، وكان يحدث حديثاً حسناً، وكان يدخل على الوالي فينصحه في المشورة ولا يرفق به، ويكلمه في الأمر كله من الحق، قال مالك: وغيره من الناس يفرق أن يضرب)).(1/283)
وقال محمد بن سعد: ((قال الهيثم بن عدي: توفي في وسطٍ من خلافة أبي جعفر، وشهدته.
قال ابن سعد: وأنكر الواقدي أن يكون أدرك أبا جعفر، وقال: مات قبل ذلك بسنتين، وقضى لأبي بكر بن حزم في ولايته على المدينة في خلافة عمر بن عبد العزيز)).
53- عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي المدني.
هكذا نسبه بعضهم، وقيل: عبد الله بن الفضل بن عبد الرحمن بن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ونافع بن جبير بن مطعم القرشي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وسليمان بن يسار الهلالي الفقيه، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وموسى بن عقبة(1/284)
المطرقي، وزياد بن سعد الخراساني، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون الفقيه، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي المدني، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
54- عبد الله بن ذكوان أبو الزناد القرشي الأموي مولاهم المدني.
كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو الزناد لقبٌ غلب عليه وعرف به، وكان والده ذكوان مولى رملة ابنة شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكانت رملة هذه تحت عثمان بن عفان، وقيل: إنه مولى عائشة بنت عثمان، وقيل: ذكوان هذا هو أخو أبي لؤلؤة فيروز علج المغيرة بن شعبة قاتل عمر بن الخطاب بولادة العجم.(1/285)
روى أبو الزناد هذا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وسعيد بن المسيب المخزومي، وعروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعلي ابن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، وخارجة ابن زيد بن ثابت الأنصاري، وأبي داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني، وغيرهم.
روى عنه عبد الله بن أبي مليكة التيمي، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن خزم الأنصاري، وهشام بن عروة بن الزبير الأسدي، وموسى بن عقبة بن أبي عياش المطرقي، وأبو محمد سليمان ابن مهران الكاهلي الأعمش الكوفي، وأبو إسحاق سليمان بن فيروز، ويقال: ابن خاقان الشيباني الكوفي، وشعيب بن أبي حمزة الدمشقي، وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وأبو الصلت زيد بن قدامة الثقفي الكوفي، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وابنه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو يحيى(1/286)
الساجي، وغيرهم.
وقال أبو جعفر الطبري: ((كان أبو الزناد ثقةً كثير الحديث، فصيحاً بصيراً بالعربية، كاتباً حاسباً، فقيهاً عالماً عاقلاً، وقد ولي خراج المدينة)).
وقال أبو زرعة الدمشقي: ((سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو الزناد أعلم من ربيعة، قلت لأحمد: حديث ربيعة كيف هو؟ قال: ثقة، وأبو الزناد أعلم منه)).
قال مصعب: ((وكان أبو الزناد معادياً لربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال: وكان أبو الزناد وربيعة فقيهي أهل المدينة في زمانهما، وكان يعقوب الماجشون يعين ربيعة على أبي الزناد)).
وقال أبو أحمد ابن عدي الجرجاني: ((نا علان، قال: نا ابن أبي مريم، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الزناد ثقةٌ حجةٌ)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عن أبي الزناد؟ فقال: ثقةٌ فقيهٌ صاحب سنةٍ، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عنه الثقات)).(1/287)
كان أبو الزناد هذا أحد علماء أهل المدينة وفقهائهم المفتين بها، أدرك الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة، وأخذ عنهم، وكان حوى علوماً، وكان عند الأمراء مكيناً.
قال علي بن المديني: ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي الزناد، وبكير بن عبد الله بن الأشج)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((أنا حرب بن إسماعيل في ما كتب إلي، قال: قال أبو عبد الله -يعني أحمد بن حنبل-: كان سفيان الثوري يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث. قال أحمد: وهو فوق العلاء ابن عبد الرحمن، وفوق سهيل بن أبي صالح، وفوق محمد بن عمرو.
ثنا علي بن الحسن الهسنجاني، قال: نا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، قال: أنا الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعيد قال: رأيت أبا الزناد دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان، فمن بين سائل عن فريضة، ومن سائل عن الحساب [ومن سائل عن الشعرٍ]، ومن سائل عن الحديث، ومن سائل عن معضلة)).(1/288)
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي: ((ذكر ابن أبي مريم، عن الليث، عن عبد ربه بن سعيد قال: كنت أرى أبا الزناد يدخل المسجد وإن معه من الأتباع من سائل يسأله عن فريضة، أو عن مسألة، أو عن شعرٍ، أو فن من فنون العلم، وكان على ديوان المدينة، ثم كتب لعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب على الكوفة حين ولاه عمر بن عبد العزيز عليها، قال: ولا نعلم لأبي الزناد روايةً عن أحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس بن مالك، قال: وتوفي أبو الزناد سنة ثلاثين ومائة، وقد قيل: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة)).
وقال الواقدي: مات بالمدينة فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة، وهو ابن ستٍ وستين سنة)).
وروي: ((أن أبا الزناد قدم على هشام بن عبد الملك بحساب ديوان المدينة، فجالس هشاماً مع ابن شهاب، فسأل هشامٌ ابن شهاب: في أي شهرٍ كان عثمان يخرج العطاء فيه لأهل المدينة؟ فقال: لا أدري، فقال هشامٌ: كنا نرى أن ابن شهاب لا يسأل عن شيءٍ إلا وجد عنده علمه، قال أبو الزناد: فسألني هشام فقلت: في المحرم، قال هشامٌ لابن شهاب: هذا علمٌ قد أفدته اليوم، قال ابن شهاب: مجلس أمير المؤمنين أهلٌ أن يفاد منه العلم)).(1/289)
ولما ولى خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم أبا الزناد المدينة قال علي بن الجون:
رأيت الخير عاش لنا فعشنا ... وأحياني مكان أبي الزناد
وسار بسيرة العمرين فينا ... بعدلٍ في الحكومة واقتصاد
قال أبو يحيى الساجي: ((روى مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلاً كان يسوق بدنة، فقال: اركبها)) وأوهم مالك بن أنس، إنما هو أبو الزناد عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، كذلك رواه الثوري، وابن عيينة، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وغيرهم. قال أبو يحيى: لا يعرى أحدٌ من الخطأ)).
قد تابع مالكاً على روايته جماعةٌ.(1/290)
55- عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك الأنصاري المعاوي المدني.
روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأنس بن مالك الأنصاري، وعتيك بن الحارث بن عتيك الأنصاري المدني.
روى عنه مسعر بن كدام الهلالي الكوفي، وعبيد الله بن عمر العمري، وشعبة بن الحجاج العتكي.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
56- عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث بن عامر ابن نوفل بن عبد مناف،القرشي النوفلي المكي.
روى عن نافع بن جبير بن مطعم بن عدي القرشي، وطاوس بن كيسان اليماني، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح الفهري، وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي، ونوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة القرشي.(1/291)
روى عنه أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن مسروق الثوري، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وشعيب بن أبي حمزة الدمشقي، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وإبراهيم بن نشيط الوعلاني، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح الكوفي، وأبو زرعة الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد أبو عمر: ((فقيهٌ، عالمٌ بالمناسك، وهو ثقةٌ عند الجميع، كان أحمد بن حنبل يثني عليه، وروى عنه من الكبار: أبو إسحاق السبيعي الكوفي حديث: ((تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك)).
وقال البخاري في تاريخه: ((حدثني يحيى بن سليمان، حدثني(1/292)
ابن وهب، حدثني إبراهيم بن نشيط، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حفر ماءً لم يشرب منه كبدٌ حرى من جنٍ ولا إنس ولا سبع ولا طائر إلا أجره الله يوم القيامة، ومن بنى مسجداً ولو كمفحص قطاة أو أصغر منه إلا بنى الله له بيتاً في الجنة)).
57- عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان المخزومي:
وقيل: مولى الأسود بن عبد الأسد، وقيل: مولى آل سفيان بن عبد الأسد، وهذه الأقوال يقرب بعضها من بعض؛ لأن الأسود بن سفيان هو الأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان لعبد الأسد بن هلال ثلاثة بنين: أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد زوج أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومي رضي الله عنها، والأسود ابن عبد الأسد قتل يوم بدر كافراً، وسفيان بن عبد الأسد، وكان له قدرٌ، ولسيفان هذا ابنٌ يسمى الأسود بن سفيان، وكان له بنون لهم قدرٌ.
وكان عبد الله بن يزيد هذا أعور، وهو من سكان المدينة، ويكنى في ما ذكر أبا بكر، وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة.(1/293)
روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، ويقال: الزهري مولاهم المدني، وأبي عياش زيد بن عياش الزرقي، ويقال المخزومي المدني.
روى عنه أبو نصر يحيى بن أبي كثير الطائي، وأبو زيد أسامة بن زيد الليثي المدني، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي مولاهم المدني، وأبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة الفهمي مولاهم المصري، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((حجةٌ في ما نقل)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان؟ فقال: ثقةٌ، قيل له: حجة؟ قال: إذا روى عنه يحيى بن أبي كثير ومالك بن أنس وأسامة بن زيد فهو حجة)).(1/294)
من اسمه عبيد الله
58- عبيد الله بن [أبي] عبد الله.
واسم أبي عبد الله سلمان الأغر الجهني مولاهم، المدني، وأصلهم من أصبهان.
روى عنه أبيه أبي عبد الله الأغر المدني.
روى عنه موسى بن عقبة بن أبي عياش المطرقي، وأبو عبد الله محمد ابن عجلان القرشي، وسليمان بن بلال المدني، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عنه؟ فقال: لا بأس به)).
أخرج له البخاري وغيره، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وغيرهما.
وقال أبو عمر النمري: ((عبيد الله هذا أحد ثقات أهل المدينة، روى عنه مالك، وموسى بن عقبة، وغيرهما، وأبوه أبو عبد الله الأغر(1/295)
اسمه سلمان مولى جهينة، وهو من ثقات تابعي أهل المدينة، يروي عن أبي هريرة وأبي سعيد، روى عنه ابن شهاب، وغيره)).
59- عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب بن عمير المدني.
روى عن أبي داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبي عبد الله عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب.
روى عنه مالك بن أنس الأصبحي.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل عنه أبي فقال: شيخٌ، وحديثه مستقيمٌ)).
أخرج له الترمذي.
وقال عنه أبو عمر النمري: ((مدنيٌ ثقةٌ)).
وروى مالك، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: ((أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلاً يقرأ {قل هو الله أحدٌ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت. فسألته: ماذا يا رسول الله؟ فقال: الجنة،(1/296)
قال أبو هريرة: فأردت أن أذهب إليه فأبشره، ففرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآثرت الغداء، ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب)).
قال أبو عيسى الترمذي: ((هذا حديثٌ حسنٌ غريب، لا نعرفه إلا من حديث مالك بن أنس)).(1/297)
من اسمه عبد الرحمن
60- عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري المازني المدني.
وهو أخو محمد بن عبد الرحمن.
روى عن أبيه، وعن عطاء وسليمان ابني يسار الهلالي مولاهم المدني.
روى عنه يزيد بن خصيفة، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.
يقال: إنه توفي سنة تسع وثلاثين ومائة.
أخرج له البخاري، وغيره، وهو ثقةٌ، قاله أبو حاتم الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
وروى مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري أنه(1/298)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)).
وبه: عن أبي سعيد الخدري: ((أنه سمع رجلاً يقرأ {قل هو الله أحدٌ} يرددها، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إنها(1/299)
لتعدل ثلث القرآن)).
مالكٌ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني، عن أبيه: أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: ((إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنسٌ ولا شيءٌ إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
61- عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو أبو حرملة الأسلمي المدني.
ويقال: إنه من بني مالك بن أفصى أخوه أسلم.
روى عن أبي محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي، وأبي إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي بن وائل السهمي، وعبد الله بن نيارٍ بن مكرم الأسلمي المدني، وغيرهم.
روى عنه أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري، وأبو بسطام شعبة ابن الحجاج بن الورد العتكي، وأبو غسان محمد بن مطرف الليثي،(1/300)
وأبو عبد الله سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وأبو إسماعيل حاتم بن إسماعيل المدني، وأبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ القطان، وغيرهم.
وذكره أبو أحمد الحافظ فقال: ((ليس بالمتين عندهم)).
وقال علي بن المديني: ((سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة. قلت: ما رأيت من ابن حرملة؟ فقال: لو شئت أن ألقنه أشياء. قلت ليحيى: كان يتلقن؟ قال: نعم)).
وقال أبو بكر بن خلاد: ((سمعت يحيى بن سعيد وسئل عن ابن حرملة فضعفه ولم يرفعه)).
وقال البرقي: ((ذكر لنا عن يحيى القطان، عن ابن حرملة قال: كنت سيء الحفظ، فأذن لي سعيد بن المسيب في الكتاب)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا يحيى بن معين: قال: نا يحيى بن سعيد، عن ابن حرملة قال: كنت سيء الحفظ، فسألت سعيد بن المسيب(1/301)
فرخص لي في الكتاب)).
وقال أبو يحيى الساجي: ((حدثني أحمد بن محمد، قال: نا المعيطي، قال: سمعت أنس بن عياض يقول: كان عبد الرحمن بن حرملة رديء الحفظ مختلف الألفاظ)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((ورأيت في كتاب علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: طارق بن عبد الرحمن ليس بأقوى عندي من ابن حرملة، قلت ليحيى بن سعيد: ما رأيت من ابن حرملة؟ قال: لوشئت أن ألقنه أشياء، قلتُ: كان يلقن؟ قال: نعم. فرددته في ابن حرملة قال: ليس هو عندي مثل يحيى بن سعيد)).
أخرج عن ابن حرملة هذا الترمذي، وهو عندي في الطبقة الرابعة من المحدثين، توفي في خلافة أبي العباس السفاح.
وقال الواقدي: ((قد رأيته، مات ليالي خرج محمد بن عبد الله))، وخرج محمدٌ سنة خمس وأربعين ومائة.
ذكره أبو عمر النمري فقال: ((مدنيٌ صالح الحديث، ليس به(1/302)
بأس، روى عنه مالك، وابن عيينة، وغيرهما من الأئمة، ولم يكن بالحافظ)).
وقال النسوي في التمييز: ((عبد الرحمن بن حرملة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب)).
62- عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أبو محمد القرشي التيمي المدني.
يقال: إن أمه قريبة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وقيل: أمه أسماء ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
روى عن أبيه، وعن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، ومحمد بن جعفر بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي الأسدي، ونافع مولى ابن عمر، وغيرهم.(1/303)
روى عنه سماك بن حرب الذهلي الكوفي، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وموسى بن عقبة المطرقي، وهشام بن عروة بن الزبير الأسدي، وعبيد الله بن عمر ابن حفص العدوي، وأبو نافع صخر بن جويرية النميري مولاهم البصري، وسفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وعمرو بن الحارث الأنصاري، وفليح بن سليمان المدني، وعبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
زاد النسوي في التمييز: ((ثبتٌ)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان من خيار المسلمين، وكان فقيهاً جليلاً معظماً بالمدينة، ثقةً حجةً في ما نقل)).(1/304)
وقال مصعب بن عبد الله: ((كان مالك بن أنس يقول: لقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أو يذكر له النبي صلى الله عليه وسلم، فننظر إلى وجهه كأنه نزف منه الدم، وكأنه قد جف لسانه وفيه هيبةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وقال البخاري: ((نا علي بن عبد الله -يعني ابن المديني- نا سفيان -يعني ابن عيينة- نا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، وكان أفضل أهل زمانه، أنه سمع أباه، وكان أفضل أهل زمانه)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((نا صالح بن أحمد بن حنبل في ما كتب إلي: نا علي -يعني ابن المديني- قال: سمعت سفيان -يعني ابن عيينة- يقول: لم يكن بالمدينة رجلٌ أرضى من عبد الرحمن بن القاسم)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا خالد بن خداش، قال: نا حماد بن زيد، قال: كتب أيوب إلى عبد الرحمن بن القاسم فبدأ بعبد الرحمن.
قال: أنا مصعب قال: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر كان من خيار المسلمين، أمه قريبة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر)).
وقال أبو أحمد الحاكم: ((أمه أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي(1/305)
بكر))، ثم قال: ((يقال: كان أفضل أهل زمانه، عداده في التابعين، روي عنه عن أبي محمد عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي، ويقال: سمع أسلم أبا خالد العدوي مولى عمر بن الخطاب، ويقال: بلغه عنه)).
وقال عمرو بن علي الصيرفي: ((مات في ولاية مروان بن محمد)).
وقال الواقدي: ((مات بالفدين من أرض الشام حين بعث إليه الوليد بن يزيد سنة عشرين ومائة، وكان بعث إليه وإلى أبي الزناد ومحمد بن المنكدر وربيعة -يعني ابن عبد الرحمن- فمات فشهدوه)).
وقال أبو عمر النمري: ((توفي بعد الزهري في عامٍ واحدٍ سنة أربع وعشرين، قال: وقيل: سنة ستٍ وعشرين، وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومائة، وكان لعبد الرحمن بن القاسم ابن يسمى عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم، ولي قضاء المدينة أيام حسن بن زيد، وابنه محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم ولي قضاء المدينة للمأمون، والمأمون بخراسان)).(1/306)
63- عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري المدني.
قال أبو عمر النمري: ((هكذا قال فيه مالكٌ: عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، ينسبه إلى جده، وهو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري، مدني ثقةٌ، يروي عن القاسم بن محمد، وعن عمه عبد الرحمن بن أبي عمرة، وله روايةٌ عن أبي سعيد الخدري، وما أظنه سمع منه ولا أدركه، وإنما روى عن عمه، عنه، يروي عنه مالكٌ، وعبد الله بن خالد أخو عطاف بن خالد، وابن أبي الموالي وغيرهم.
وأما عمه عبد الرحمن بن أبي عمرة فمن كبار التابعين بالمدينة، يروي عن عثمان بن عفان، وأبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، وغيرهم.
روى عنه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ومحمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي، وعبد الله بن عمرو بن عثمان، وغيرهم.
ولأبيه أبي عمرة صحبة)).
أخرج عن عبد الرحمن بن أبي عمرة هذا أعني شيخ مالكٍ أبو(1/307)
داود، والترمذي.
فقال أبو داود: نا القعنبي، قال: نا [عبد الرحمن بن أبي الموال، عن] عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، عن أبي سعيد الخدري(1/308)
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خير المجالس أوسعها)).
قال أبو داود: ((هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري)).
وقال أبو عيسى الترمذي: نا ابن أبي عمر، نا سفيان، عن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن جدته كبشة قالت: ((دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من قربةٍ معلقةٍ، فقمت إلى فيها فقطعته)).
قال أبو عيسى: ((هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ)).(1/309)
من اسمه عبد الكريم
64- عبد الكريم بن مالك أبو سعيد القرشي الأموي مولاهم الجزري.
كان أصله من اصطخر، تحول إلى حران من عمل الجزيرة، يقال: إنه مولى محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية، وقيل: مولىً لعثمان أو لمعاوية بن أبي سفيان، وقيل: هو مولىً لقيس بن غيلان، والأول أصح، والله أعلم.
رأى أبا حمزة أنس بن مالك الأنصاري يطوف بالبيت وعليه ثوب خزٍ.
وروى عن سعيد بن المسيب المخزومي، وسعيد بن جبير الوالبي، وطاوس بن أبي حنيفة اليماني، وعكرمة مولى ابن عباس، وأبي الحجاج مجاهد بن جبر المكي، وأبي القاسم مقسم بن بجرة مولى ابن عباس، ومحمد بن المنكدر التيمي القرشي المدني، وزياد بن الجراح التيمي مولى بني تيم الله الجزري، وغيرهم.
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ومعمر بن راشد الأزدي، ومحمد بن مسلم بن أبي(1/310)
الوضاح أبو سعيد المؤدب البصري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وعبيد الله بن عمرو بن أبي وهب الأسدي الرقي، وغيرهم.
قال البخاري: ((عن علي بن المديني: له نحو ستين حديثاً)).
وذكره أبو أحمد الحافظ فقال: ((ليس بالحافظ عندهم)).
وذكر الساجي أن يحيى بن معين قال: ((هو ضعيف)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله سفيان بن عيينة، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن صالح الكوفي، وعلي بن المديني، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عيسى الترمذي،(1/311)
وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد سفيان: ((رضىً)).
وزاد أحمد: ((ثبتٌ، وهو أثبت من خصيف في الحديث)).
وزاد أبو حاتم: ((وهو أحب إلي من خصيف ومن خصاف أخي خصيف)).
وزاد النمري: ((مأموناً، محدثاً، كثير الحديث)).
وروى علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة أنه قال: ((لم أر مثل عبد الكريم الجزري، إن شئت قلت عراقي، إنما يقول: سمعت وسألت)).
ذكر بعضهم أن عبد الكريم هذا هو ابن عم خصيف وخصاف(1/312)
ابني عبد الحق لحا، توفي سنة سبع وعشرين ومائة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ((سألت أبي عن سالم بن أبي حفصة وعبد الكريم الجزري؟ فقال: عبد الكريم صاحب سنة، وسالم مرجئٌ)).
65- عبد الكريم بن أبي المخارق، واسم أبي المخارق قيس، ويقال: طارق، أبو أمية المعلم البصري نزيل مكة.
روى عن طاوس بن كيسان اليماني، وسعيد بن جبير الوالبي، ومجاهد بن جبر المكي، وعطاء بن أبي رباح المكي، والحسن بن أبي الحسن البصري، وحسان بن بلال المدني، وإبراهيم بن يزيد النخعي، وأبي عبد الله مكحول الدمشقي، وغيرهم.
روى عنه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأبو النضر سعيد ابن أبي عروبة اليشكري، وسفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن(1/313)
الحجاج العتكي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.
قال البخاري: ((قال لي عليٌ عن ابن عيينة: هلك سنة سبع وعشرين))، يعني ومائة.
عبد الكريم هذا ضعيفٌ عندهم، لا يختلف أهل العلم بالحديث في ضعفه، وعند بعضهم متروك، وقبله بعضهم في غير الأحكام خاصة، ولا يحتج به على حالٍ، تكلم فيه أبو العالية، وأيوب السختياني، وشعبة، ويحيى القطان، وأحمد بن(1/314)
حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبرقي، والنسوي، وغيرهم.
قال البرقي: ((كان ضعيفاً في روايته، ينسب إلى رأي)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: ((كل من روى عنه مالك بن أنس(1/315)
فهو ثقةٌ، ما خلا عمرو بن أبي عمرو، وشريك بن أبي نمر، فإن في حديثهما شيئاً، ولا نعلمه روى عن أحدٍ من المتروكين إلا عبد الكريم ابن أبي المخارق البصري، وكنيته أبو أمية، وأحسبه غره منه فقهه وعربيته)).
وقال معمر: ((قلت لأيوب: كيف لم تسمع من طاوس؟، قال: أتيته، فإذا قد اكتنفه ثقيلان: ليث بن أبي سليم وعبد الكريم بن أبي المخارق، فتركته)).(1/316)
الأفراد
66- عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف أبو عبد الرحمن. وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو وهب، القرشي الزهري المدني.
روى عن أبيه، وعن سعيد بن المسيب، وعثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله القرشي التيمي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وغيرهم.
روى عنه أبو أيوب سليمان بن بلال المدني، وأبو محمد عبد العزيز ابن محمد بن عبيد الدراوردي، وأبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، وأبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة العامري، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل ابي عن عبد المجيد بن سهيل فقال: صالح الحديث)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وغيرهما.(1/317)
وقد قال بعضهم فيه: عبد الحميد، والصواب فيه: عبد المجيد، والله أعلم.
67- عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة الأنصاري النجاري المدني.
أخو يحيى وسعد ابني سعيد.
روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وأبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، وأبي إبراهيم عمرو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي السهمي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، ونافع مولى ابن عمر، والمنهال بن عمرو الأسدي، وعمران بن أبي أنس القرشي العامري نزيل مصر، وعبد الله بن كعب الحميري، وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه عطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وعمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.(1/318)
قال الواقدي وابن نمير وعمرو بن علي: ((مات سنة تسع وثلاثين ومائة))، قالوا: ومات أخوه سعد بن سعيد سنة إحدى وأربعين ومائة)).
أخرج لعبد ربه بن سعيد هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد يحيى والنمري: ((مأمونٌ)).(1/319)
من اسمه عمرو
68- عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله أبو أمية الأنصاري الساعدي مولاهم المصري المؤدب.
يقال: إنه مولىً لقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري.
روى عن أبي الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وأبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وأبي المنذر هشام بن عروة ابن الزبير بن العوام الأسدي، وأبي عمر سليمان بن عبد الرحمن الأسدي مولاهم الدمشقي، وأبي شرحبيل جعفر بن ربيعة بن شرحبيل الكندي، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، وبكير بن عبد الله ابن الأشج، وزيد بن أبي أنيسة الجزري، وعبيد الله بن أبي جعفر القرشي الأموي مولاهم المصري الفقيه، وبكر بن سوادة الجذامي المصري، وأبي علي ثمامة بن شفي الأصبحي المصري، وعمارة بن غزية الأنصاري، ويزيد بن أبي حبيب التجيبي، وغيرهم.
روى عنه أسامة بن زيد الليثي، والليث بن سعد الفهمي، وبكر ابن مضر القرشي، وعبد الله بن وهب المصري، وموسى بن أعين الجزري، وغيرهم.
روى عنه من شيوخه: قتادة بن دعامة، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وصالح بن كيسان.(1/320)
قال البخاري: ((قال مصعب: أحرجه صالح بن علي من المدينة إلى مصر مؤدباً لبنيه)).
ولد سنة اثنتين وتسعين، وتوفي سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائة، وقيل: إنه توفي سنة تسع وأربعين ومائة، وهو ابن بضع وخمسين سنة.
قال أبو يحيى الساجي: ((اختلفوا فيه، كان أحمد بن حنبل يحمل عليه حملاً شديداً، ويقول: يروي عن قتادة أحاديث مضطربة ويخطئ، عنده مناكير، وليث بن سعد أحسن حديثاً عن بكير بن الأشج من عمرو وابن لهيعة. قال أبو يحيى: روى عن قتادة أحادث لم يتابع عليها)).(1/321)
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((وسئل يحيى عن عمرو بن الحارث؟ قال: مصري مسكنه بها، ولا بأس بحديثه)).
وكان لعمرو بن الحارث هذا معرفةٌ بالفقه والحديث والكتابة والأدب والأشعار، وكان من أحسن الناس خطاً.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو زرعة، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عن عمرو بن الحارث؟ فقال: كان أحفظ الناس في زمانه، ولم يكن له نظيرٌ في الحفظ في زمانه)).(1/322)
وقال أبو يحيى الساجي: أنا روح بن الفرج في ما كتب إلي، قال: نا هارون بن سعيد الأيلي، قال: سمعت ابن وهب يقول: ((كان ها هنا بمصر عمرو بن الحارث مثل أبي الزناد بالمدينة يجلس إليه أهل الفقه، وأهل الحديث، وأهل العربية، والرسائل، والخط، والبلاغة، والشعر، وأشباه ذلك)).
وروي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: ((لن يزال بذلك المغرب فقهٌ ما كان فيه ذلك القصير، يعني عمرو بن الحارث)).
أخرج له مالك في الموطأ حديثاً واحداً مقطوع السند، أسقط منه رجلاً واحداً، وصوابه ما حدثني به محمد بن سعيد الأنصاري في ما كتب إلي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، نا أبي، نا أبو عثمان سعيد بن رشيق الزاهد، نا سهل بن إبراهيم، نا محمد بن فطيس، نا يحيى بن(1/323)
إبراهيم ابن مزين، نا أصبغ بن الفرج، قال: نا عبد الله بن وهب، قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن عبيد بن فيروز، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتقى من الضحايا أربعٌ -وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، قال: وكان البراء يشير بيده ويقول: ويدي أقصر من يد رسول الله-: العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي)).
قال البراء بن عازب: ((فإن كنت لأدخل الغنم، فأشير إلى عين الشاة، فإن أطرفت ذبحتها)).(1/324)
قال يحيى: قال أصبغ: ((وليس ينظر في الشاة التي في عينها بياضٌ إلى فعل البراء بن عازب وإشارته إلى عينها، وإنما وجه ذلك أن ينظر، فإن كان البياض على إنسان عينها فهي عوراء بينة العور، ولا يضحي بها وإن أطرفت إذا أشير إليها، وإن كان البياض زائلاً عن إنسان عينها فليست بعوراء، فليضح بها)).
69- عمرو بن أبي عمرو، واسم أبي عمرو: ميسرة، أبو عثمان المدني مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب القرشي المخزومي.
روى عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري، ومن التابعين: عن عكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير الوالبي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، والمطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، وغيرهم.
روى عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد، وسليمان بن بلال المدني، وإسماعيل ومحمد ابنا جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ويعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري الإسكندراني، وغيرهم.
مات في أول خلافة أبي جعفر المنصور، وزياد بن عبد الله على المدينة، قاله الواقدي.(1/325)
قال النسوي: ((عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ليس بالقوي)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((سئل يحيى بن معين عن عمرو بن أبي عمرو؟ قال: ضعيف الحديث)).
وذكر عثمان الدارمي: أنه سمع يحيى بن معين يقول: ((عمرو بن أبي عمرو الذي يروي عن عكرمة ليس بالقوي)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين قال: ((عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ليس به بأس، وليس بالقوي))، وقال في موضع آخر: ((ليس بحجة))، وفي موضع آخر: ((في حديثه ضعفٌ، وعلقمة بن أبي علقمة أوثق منه)).
وقال أبو الفتح الموصلي: ((عمرو بن أبي عمرو صدوقٌ إلا أنه يهم)).(1/326)
وقال البخاري: ((صدوقٌ، ولكن روى عن عكرمة فأكثر، ولم يذكر في شيءٍ من حديثه أنه سمع من عكرمة)).
وقال البخاري في موضع آخر: ((يروي عمروٌ عن عكرمة في قصة البهيمة، فلا أدري سمع منه أم لا)).
عمرو بن أبي عمرو هذا عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، إلا أن في حديثه عن عكرمة بعض الإنكار، وسماعه من أنس صحيحٌ، وقد قال أبو جعفر الطحاوي: ((تكلم في روايته بغير إسقاطٍ لها)).
سئل عنه أبو زرعة الرازي فقال: ((مدني ثقة)).
وسئل عنه ابن حنبل فقال: ((ليس به بأسٌ، روى عنه مالك)).
وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: ((لا بأس به، روى عنه مالك)).
وذكره أبو عمرو النمري فقال: ((مدني ليس به بأس)).
أخرج له البخاري وغيره.(1/327)
70- عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن -واسم أبي حسن تميم- بن عبد عمرو الأنصاري المازني المدني.
روى عن أبيه يحيى بن عمارة بن أبي حسن، وعن عباد بن تميم المازني، وعباس بن سهل بن سعد الساعدي، وعبد الله بن أبي سليط الأنصاري، وأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني، ومحمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير الطائي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبيد الله بن عمر بن حفص العمري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة الهلالي، وسليمان بن بلال المدني، وخالد بن عبد الله الطحان الواسطي، ووهيب بن خالد بن عجلان أبو بكر البصري، وإسماعيل بن جعفر ابن أبي كثير الأنصاري، وغيرهم.(1/328)
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين فقال: ((وسألته عن عمرو بن يحيى المازني؟ فقال: صويلحٌ، وليس بالقوي)).
وقال ابن أبي حاتم: ((ذكره أبي عن إسحاق بن منصور، عن يحيى ابن معين أنه قال: عمرو بن يحيى بن عمارة صالح)).
عمرو بن يحيى هذا عندي في الطبقة الثانية من المحدثين، أخرج له البخاري ومسلم، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وأبو حاتم الرازي، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
قال النمري: ((وأبوه يحيى بن عمارة تابعيٌ ثقةٌ، روى عنه محمد بن يحيى بن حبان، وغيره، وتوفي عمرو بن يحيى سنة أربعين ومائة)).(1/329)
أفراد العين
71- عثمان بن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن خلدة الأنصاري الزرقي المدني.
روى عن أبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وأبي محمد إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري.
روى عنه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي المدني، نزيل البصرة المعروف بعباد ابن إسحاق، ومحمد بن مسلم بن جماز المدني، وغيرهم.
وهو ثقةٌ، قاله أبو عمر النمري.
وقال البخاري: ((في إسناده نظر)).
وقال أبو عمر: ((وبنو خلدة معروفون في المدينة، لهم أحوالٌ وشرفٌ وجلالةٌ في الفقه وحمل العلم)).(1/330)
72- عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي أبو الحارث القرشي الأسدي المدني.
روى عن أبيه، وعن أنس بن مالك الأنصاري.
ومن التابعين: عن عمرو بن سليم الأنصاري الزرقي.
روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وعثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم القرشي المكي، ومحمد بن عجلان القرشي، وجامع بن شداد المحاربي الكوفي، وزياد ابن سعد الخراساني، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وفليح بن سليمان المدني، وأخوه عمر بن عبد الله بن الزبير، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان فاضلاً، ناسكاً، من العباد المنقطعين)).(1/331)
كان عامر بن عبد الله بن الزبير هذا رجلاً فاضلاً، زاهداً، كريماً جواداً، روي عنه أنه كان إذا شهد جنازةً وقف على القبر فقال: ((ألا أراك ضيقاً، ألا أراك مظلماً، لأتأهبن لك أهبتك، وكان رقيقه يتعرضون له عند انصرافه من الجنازة ليعتقهم)).
وقال مصعب بن عبد الله: ((كان مالك بن أنس يقول: لقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا تبقى في عينيه دموعٌ، ولقد كنت أراه إذا مشى كأنه ليس هو من أهل الدنيا، ولقد رأيته يوماً يصلي على جنازة وعليه قطيفةٌ، فسقطت القطيفة منه وهو لا يشعر؛ لاشتغال قلبه بذكر الله عز وجل)).
وروي أنه دفع إلى رجل ثلاثين ألف درهم وقال: ((اقسمها في بيوتات الأنصار، ولا تعط يتيماً حارثاً منها، فإني سمعت الله يقول: إنهم قالوا: {بيوتنا عورةٌ وما هي بعورةٍ إن يريدون إلا فراراً}، وهم الذين أدخلوا على قومي يوم الحرة)).(1/332)
وروي: ((أن رجلاً أودع محمد بن المنكدر خمسمائة دينار، فاستنفقها محمد بن المنكدر، فقدم الرجل فجعل محمد بن المنكدر يدعو ويقول: اللهم إنك تعلم أن فلاناً أودعني خمسمائة دينار واستنفقتها وقد قدم وليست عندي، اللهم فاقضها عني ولا تفضحني، فسمع عامر بن عبد الله بن الزبير دعاءه، فانصرف إلى منزله فصر خمسمائة دينار فوضعها بين يدي محمد بن المنكدر، ومحمدٌ مشغولٌ بالصلاة والدعاء لا يشعر، فانصرف محمد من صلاته فرآها بين يديه، فأخذها وحمد الله، قال عامر: فخشيت أن يفتتن، فذكرت له أني وضعتها، وأخبرته بما خفت عليه من الفتنة)).
وروي عن مالك بن أنس أنه قال: ((لم أر مثل عامر بن عبد الله ابن الزبير في زمانه، ولقد شهدت ابن ذي الزوائد السعدي ينشده في المسجد، فأعطاه عن كل بيتٍ ديناراً)).
وروي عن محمد بن علي أنه قال: ((ما رأيت أحداً أعبد من عامر ابن عبد الله بن الزبير، قال: كان أكثر كلامه: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه)).(1/333)
وقال مصعب، عن مالك: ((كان عامر بن عبد الله بن الزبير يواصل الصيام ثلاثة أيام)).
وحكى محمد بن مسلمة، عن مالك: ((أن عامر بن عبد الله بن الزبير كان يواصل في رمضان ثلاثاً، فقيل له: ثلاثة أيام؟ قال: لا من يقوى على ثلاثة أيام، بل ثلاثاً من الدهر يومين وليلة)).
وقال الواقدي: ((مات قبيل موت هشام أو بعده بقليل، ومات هشام سنة أربع وعشرين ومائة)).
وقيل: إنه مات بالشام سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائة.
وقال الزبير: حدثني عمي مصعب قال: ((سمع عامر بن عبد الله ابن الزبير المؤذن وهو يجود بنفسه، ومنزله قريبٌ من المسجد فقال: خذوا بيدي، فقيل له: أنت عليلٌ، فقال: أسمع داعي الله فلا أجيبه!(1/334)
فأخذوا بيده، فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعةً ثم مات رحمه الله)).
73- عفيف بن عمرو بن المسيب السهمي المدني.
روى عن أبي محمد عطاء بن يسار الهلالي، وغيره.
روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج.
أخرج له أبو داود.
وقال النسوي في التمييز: ((عفيف بن عمرو ثقةٌ، روى عنه بكير ابن الأشج، ومالك بن أنس)).
74- علقمة بن أبي علقمة.
واسم أبي علقمة بلال مولى عائشة أم المؤمنين، وقيل: مولى مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، وقيل: إنه من بني سليم، وهو مدنيٌ.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن أبيه بلال، وعن أمه مرجانة مولاة عائشة أم المؤمنين، وعن أبي داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيرهم.(1/335)
روى عنه سليمان بن بلال المدني، وحمزة بن عبد الواحد المكي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وغيرهم.
قال الواقدي: ((مات في أول خلافة أبي جعفر)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سألت أبي عن علقمة بن أبي علقمة؟ فقال: صالح الحديث، لا بأس به)).
روي عن مصعب الزبيري أنه قال: ((تعلمت النحو في كتاب علقمة بن أبي علقمة مولى عائشة، وكان نحوياً)).
قال محمد: أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد أبو عمر: ((مأموناً)).(1/336)
75- عطاء بن أبي مسلم، وهو ابن ميسرة الخراساني.
وقيل: ابن عبد الله أبو أيوب، ويقال: أبو عثمان، ويقال: أبو صالح، ويقال: أبو محمد الخراساني البلخي، سكن بيت المقدس من الشام، وهو مولى المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وقيل: هو مولى الهذيل، والأول أكثر وأشهر.
رأى ابن عمر وسمع منه، وروى عن أنس بن مالك، ورأى ابن عباس، وقيل: لم يره.
وروى عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، وعبد الرحمن ابن أبي ليلى الأنصاري، وعبد الله بن محيريز القرشي، وسعيد بن المسيب المخزومي، وسعيد بن جبير الوالبي، وعكرمة مولى ابن عباس، وعامر بن شراحيل الشعبي، ويحيى بن يعمر أبي سليمان العدواني البصري قاضي مرو، وغيرهم.
روى عنه إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي، وداود بن أبي هند القشيري البصري، وشعبة بن الحجاج العتكي، ومعمر بن راشد(1/337)
الأزدي، وحماد ابن سلمة بن دينار الربعي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد بن جابر التميمي الزاهد، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وابنه عثمان بن عطاء، وغيرهم.
ولد سنة خمسين من التاريخ، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة، ودفن ببيت المقدس، وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين ومائة.
قال أبو حاتم البستي: ((عطاء بن أبي مسلم الخراساني، واسم أبيه: عبد الله، وقيل: ميسرة، كان من خيار عباد الله إلا أنه كان رديء الحفظ)).
وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي عندهم)).
وذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: ((قلت لأبي عبد الله: فما تقول في عطاء الخراساني وقد روى عن ابن عباس؟ قال: اعتدوا عليه بكلمةٍ قالها، قلت: وما هي؟ قال: حكي عنه أنه قال: إن أصحابنا كانوا يدخلون عند ابن عباس ونحن قعودٌ عند الباب، فيخرجون من عنده فنأخذ ما سمعوا.(1/338)
قال: وسألت أبا بكر عن عطاء؟ قال: سألت عنه أحمد فقال: ثبتٌ، وليس بمتروك الحديث)).
وقال أبو داود السجستاني: ((عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ولا رآه)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((وسمعت إبراهيم بن عبد الله يقول: ابن جريج لم يسمع من عطاء بن ميسرة شيئاً، إنما ناوله ابنه كتاباً.
قال ابن أبي خيثمة: ورأيت في كتاب علي بن المديني: سألت يحيى ابن سعيد عن حديث ابن جريج، عن عطاء الخراساني قال: ضعيف. قلت ليحيى: إنه يقول: أخبرني؟ قال: لا شيء، كله ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه.
قال: وسئل يحيى بن معين عن حديث يحيى بن يعمر، عن عمار ابن ياسر روى عنه عطاء الخراساني؟ قال: مرسل)).
وقال البخاري: ((قال لي سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد، نا أيوب: أخبرني القاسم بن عاصم، قال: قلت لسعيد بن المسيب: إن عطاء الخراساني حدثني عنك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي واقع في رمضان بكفارة الظهار؟ فقال: كذب، ما حدثته، إنما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: تصدق تصدق)).
قال أبو عمر النمري: ((أدخله البخاري في كتاب الضعفاء من(1/339)
أجل هذه الحكاية، وليس القاسم بن عاصم ممن يجرح بقوله ولا بروايته مثل عطاء الخراساني، وعطاء الخراساني أحد العلماء الفضلاء، وربما كان في حفظه شيءٌ، وله أخبارٌ طيبةٌ عجيبة في فضائله)).
وقال النسوي في التمييز: ((عطاء بن ميسرة، ويقال: عطاء بن عبد الله، ليس به بأس)).
أخرج عن عطاء الخراساني هذا مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم الرازي.
زاد أبو حاتم: ((لا بأس به صدوق، قيل له: يحتج بحديثه؟ قال نعم)).(1/340)
وروى الوليد بن مسلم الدمشقي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: ((كنا نعود عطاء الخراساني، وكان يصلي من الليل، فإذا ذهب من الليل ثلثه أو نصفه نادانا ويقول: يا يزيد بن يزيد بن جابر، ويا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويا هشام بن الغاز قوموا فتوضؤوا وصلوا؛ فإن قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أهون من شرب الصديد ومقطعات الحديد، النجاء النجاء! الوحا الوحا!، ثم يقبل على صلاته فيصلي)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا هارون بن معروف، قال: نا ضمرة، عن ابن أبي سلمة، قال: كان عطاء الخراساني إذا دخل بيته لم يضع ثيابه حتى يأتي مسجد بيته فيصلي ركعتين.
حدثنا هارون، قال: نا ضمرة، قال: إبراهيم بن أبي عبلة حدثنا به قال: كنا نجلس إلى عطاء الخراساني فكان يدعو بعد الصبح بدعواتٍ(1/341)
فغاب، فتكلم رجل من المؤمنين فأنكر رجاء -يعني ابن حيوة- صوته قال: من هذا؟ قال: أنا يا أبا المقدام، قال: أنا! اسكت إنا نكره نسمع الخير إلا من أهله، قال: فسكت.
حدثنا هارون بن معروف، قال: نا ضمرة، عن ابن عطاء، عن أبيه قال: أضعف العلم علم النظر؛ أن يقول: رأيت فلاناً يصنع كذا وكذا، ولعله صنعه ساهياً أو جاهلاً)).
76- عمارة بن عبد الله بن صياد أبو أيوب المدني حليفٌ لبني مالك بن النجار.
قال الواقدي: ((كان مالك لا يقدم عليه أحداً في الفضل، مات في زمن مروان بن محمد)).
روى عن أبي محمد سعيد بن المسيب المخزومي، وأبي محمد عطاء ابن يسار الهلالي مولاهم المدني، ونافع بن جبير بن مطعم القرشي، وغيرهم.(1/342)
روى عنه الضحاك بن عثمان القرشي الأسدي الحزامي.
وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن عمارة بن عبد الله بن صياد فقال: هو صالح الحديث)).
هو ثقة، قاله يحيى بن معين، وأبو عبد الرحمن النسوي.
وروى مالكٌ، عن عمارة بن صياد، عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول في الباقيات الصالحات: ((إنها قول العبد: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)).
77- العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أبو شبل الحرقي مولاهم المدني.
والحرقة فخذٌ من جهينة.
روى عن ابن عمر، وابن عباس، وسمع أبا حمزة أنس بن مالك الأنصاري.(1/343)
وروى عن جماعة من التابعين منهم: أبوه عبد الرحمن، وأبو السائب الفارسي المدني مولى هشام بن زهرة القرشي، وأبو سعيد مولى عامر بن كريز القرشي، وأبو عبد الله إسحاق مولى زائدة، ومعبد ابن كعب بن مالك الأنصاري السلمي.
روى عنه محمد بن عجلان، وسفيان الثوري، وابن جريج، وشعبة، وابن إسحاق، والحسن بن الحر النخعي الكوفي، والوليد بن كثير المخزومي، وعبيد الله بن عمر العمري، وسليمان بن بلال المدني، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومحمد وإسماعيل ابنا جعفر ابن أبي كثير الأنصاري، وسفيان بن عيينة الهلالي، وابنه أبو المفضل شبل بن العلاء، وغيرهم.
قال الواقدي: ((كانت له سنٌ وبقي إلى خلافة أبي جعفر)).
وقال البخاري: ((قال علي: أراه مات سنة ثنتين وثلاثين ومائة)).
وقيل: سنة سبع وثلاثين ومائة.
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس الدوري قال: ((سئل يحيى -يعني ابن معين- عن حديث سهيل والعلاء وابن عقيل وعاصم بن عبيد الله؟ فقال: عاصمٌ وابن عقيل أضعف الأربعة، وليس حديثهم(1/344)
بالحجة، -أو قريباً من هذا الكلام تكلم به يحيى-، ومحمد بن عمرو أكبر من هؤلاء الأربعة، وليس حديثهم بحجة)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين قال: ((وسألته عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه كيف حديثهما؟ فقال: ليس به بأسٌ، قلت: هو أحب إليك أو سعيد المقبري؟ فقال: سعيد أوثق، العلاء ضعيفٌ)).
وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن العلاء بن عبد الرحمن؟ فقال: صالح)).
وقال النسوي في التمييز: ((العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ليس به بأسٌ، روى عنه مالكٌ)).
أخرج عن العلاء بن عبد الرحمن هذا مسلمٌ وغيره.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: ((العلاء بن(1/345)
عبد الرحمن ثقةٌ، لم نسمع أحداً ذكر العلاء بسوءٍ، قال عبد الله: وسألت أبي عن العلاء وسهيل؟ فقال: العلاء فوق سهيل)).
وقال حرب بن إسماعيل الكرماني: قال أحمد بن حنبل: ((العلاء ابن عبد الرحمن عندي فوق سهيل وفوق محمد بن عمرو)).
وقال أبو عيسى الترمذي: ((والعلاء بن عبد الرحمن هو ابن يعقوب الجهني، وهو ثقةٌ عند أهل الحديث)).(1/346)
حرف الفاء
78- فضيل بن أبي عبد الله المدني مولى المهري.
روى عن عبد الله بن نيار الأسلمي المدني، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة الفقيه، وغيره.
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عنه فقال: لا بأس به)).
أخرج له مسلمٌ.
روى عنه مالك حديثاً مرفوعاً في الموطأ من رواية معن بن عيسى القزاز، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وسعيد بن كثير بن عفير المصري، عن مالك.(1/347)
حرف القاف
79- قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع أبو الحسن الخزاعي.
وقيل: الليثي، أحد بني سعد بن ليث المدني.
روى عن عمه، وعن أبي موسى يحنس مولى الزبير بن العوام الأسدي.
روى عنه عبيد الله بن عمر العمري، والضحاك بن عثمان الحزامي.
وذكر أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي في الطبقات له في باب: ((من لم يشهر بالرواية من أهل المدينة واحتملت روايته لرواية الثقات عنه ولم يعمر))، فذكر طبقةً روى عنهم الزهري، ثم طبقة ثانيةً روى عنهم مالكٌ وابن أبي ذئب ونحوهما، ثم طبقةً روى عنهم ابن أبي ذئب، ثم قال: ((ومن دون هؤلاء في السن أيضاً ممن روى عنه مالك: طلحة بن عبد الملك الأيلي، وعمر بن عبد الرحمن بن دلاف المدني، وهلال بن أسامة، ومخرمة بن سليمان الوالبي، قتل يوم قديد، وعروة بن أذينة الفقيه الشاعر، ومحمد بن عقبة وأيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص، ويونس بن يوسف، ويوسف بن يونس بن حماس، وأبو بكر بن عثمان، ومحمد بن أبي حرملة مولى آل أبي سفيان بن حويطب، وقطن بن وهب بن عويمر ابن الأجدع، وجميل بن عبد الرحمن المؤذن، وزيد بن رباح، وزريق ابن الحكيم، وسلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي)).(1/348)
هؤلاء كلهم ثقات، وقد أخرج عن قطن بن وهبٍ هذا مسلمٌ.
وقال النسوي في التمييز: ((قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع ليس به بأس، روى عنه مالك)).
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عنه فقال: صالح الحديث)).
وقال أبو عمر النمري: ((هو مدنيٌ ثقةٌ)).(1/349)
حرف السين
من اسمه سعيد
80- سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني.
روى عن أبيه.
روى عن عمارة بن غزية الأنصاري، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وعبد العزيز بن المطلب المخزومي المدني، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، وغيرهم.
وهو ثقةٌ، قاله النسوي، وأبو يحيى الساجي، وأبو عمر النمري.
زاد النمري: ((عدلٌ في ما نقل)).
81- سعيد بن أبي سعيد المقبري -واسم أبي سعيد كيسان- أبو سعد الليثي مولاهم المدني.
هو مولى لبني جندع من بني ليث بن بكر بن عبد مناة.
كان سعيدٌ من سكان المدينة، وبها كانت وفاته في خلافة هشام بن عبد الملك سنة ثلاثٍ وعشرين ومائة، وقيل: توفي سنة خمس(1/350)
وعشرين، وقيل: سنة ستٍ وعشرين ومائة، وتوفي أبوه أبو سعيد في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: في خلافة الوليد بن عبد الملك.
وكان يقال له المقبري؛ لأنه كان يسكن على المقبرة، وفي المقبرة لغتان: مقبرة، مقبرة، بفتح الباء وبضمها.
روى سعيدٌ هذا عن أبي شريح الخزاعي الكعبي، وعبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبي هريرة الدوسي، وروى عن أبيه، عن أبي هريرة أيضاً.
وروى عن جماعة من التابعين، منهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعبيد بن جريج التيمي مولاهم المدني، وعبد الله بن أبي قتادة الأنصاري السلمي، وعطاء بن ميناء مولى ابن أبي ذباب المدني، وعياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وأبو الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر الليثي المدني.
روى عنه عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله بن عمر العمري،(1/351)
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري، ومحمد بن عجلان المدني، والليث بن سعد الفهمي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وغيرهم.
يقال: إنه اختلط قبل وفاته بأربع سنين، وسمع ابن أبي ذئب منه قبل الاختلاط، وكذلك مالكٌ.
قال ابن سعد: ((كان قد كبر حتى اختلط قبل موته بأربع سنين ثم مات في أول خلافة هشام بن عبد الملك)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((ويقال: إنهما قد سمعا من سعد ابن أبي وقاص -يعني سعيد بن أبي سعيد وأباه- وسماعهما واحد ممن سمعا منه أو قريبٌ بعضه من بعض، وكانا ثقتين، وسعيدٌ في الرواية أشهر من أبيه)).
أخرج عن سعيد المقبري البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو زرعة، والنسوي، وغيرهم.(1/352)
وهو عندهم فوق العلاء بن عبد الرحمن.
وقال أبو يحيى الساجي: حدثني أحمد بن محمد قال: ((قلت ليحيى ابن معين: من أثبت الناس في سعيد المقبري؟ قال: ابن أبي ذئب، قال: قلت: أثبت من مالكٍ؟ قال: نعم)).(1/353)
من اسمه سلمة
82- سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج الزاهد القاص المدني.
مولى لبني مخزوم من قريش، وقيل: هو مولىً لبني أشجع من بني ليث.
كان يقص بعد الفجر وبعد العصر، وكانت أمه روميةً، وكان أشقر أفزر أحول.
روى عن أبي العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الساعدي، وعن جماعة من التابعين، منهم: أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، وسعيد بن المسيب المخزومي، وعبد الله بن أبي قتادة السلمي، ويزيد بن رومان.
روى عنه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعبيد الله بن عمر العمري، وفليح بن سليمان المدني، وحماد بن سلمة البصري، وحماد ابن زيد البصري، وسليمان بن بلال المدني، وابنه عبد العزيز بن أبي حازم وغيرهم.
مات سنة ثلاث وقيل: خمس وثلاثين ومائة، وقيل: مات في خلافة أبي جعفر المنصور سنة أربعين ومائة.(1/354)
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان أبو حازم هذا أحد الفضلاء الحكماء العلماء الثقات الأثبات من التابعين، وله حكمٌ وزهدياتٌ ومواعظ ورقائق ومقطعات)).
83- سلمة بن صفوان بن سلمة الأنصاري الزرقي المدني.
روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ويزيد بن طلحة بن ركانة بن عبد يزيد القرشي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وأبو يحيى فليح بن سليمان المدني، وغيرهما.
وهو ثقةٌ، قاله أبو عبد الرحمن النسوي، وأبو عمر النمري.(1/355)
وقال البخاري في التاريخ: ((قال لنا محمد بن سنان: نا فليح بن سليمان، نا سلمة بن صفوان، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات)).(1/356)
الأفراد
84- سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة الأنصاري السالمي المدني.
يقال: إنه من بلي بن عمرو بن حلوان بن إلحاق بن قضاعة، وهو حليفٌ لبني سالمٍ من الأنصار.
روى عن أبيه، وعن عمته زينب بنت كعب بن عجرة، وسليط بن سعد السالمي الأنصاري.
روى عنه ابن شهاب الزهري، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن محمد القرشي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب العامري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ومحمد بن إسحاق، وسفيان ابن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج، وروح بن القاسم، ومعمر بن راشد الأزدي، وزهير بن معاوية الجعفي، وحماد بن زيد الأزدي، ومروان بن معاوية الفزاري، ووهيب بن خالد البصري، وغيرهم.
وقال بعضهم فيه: سعيد، بزيادة ياءٍ، على زنة فعيل، والصواب: سعد.(1/357)
توفي سنة أربعين ومائة، أبو بعدها بقليلٍ، وقبل خروج محمد بن عبد الله غمزه بعض الناس.
وقد أخرج له أبو داود وغيره، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((لا يختلف في ثقته وعدالته)).
85- سالم بن أمية أبو النضر القرشي التيمي مولاهم المدني.
مولى عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي وكاتبه.
رأى عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وسمع منه، وروى عن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي، وأبي حمزة أنس بن(1/358)
مالك الأنصاري، وأبي يزيد السائب يزيد الكندي.
وعن جماعة من التابعين، منهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وسعيد بن المسيب المخزومي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وسليمان بن يسار الهلالي، وبسر بن سعيد الحضرمي، وعبيد بن حنين المدني، وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب، وأبو محمد نافع مولى أبي قتادة الأنصاري، وعمير مولى ابن عباس.
روى عنه موسى بن عقبة، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعبيد الله بن عمر، وسفيان الثوري، وعمرو بن الحارث المصري، وسفيان بن عيينة، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وغيرهم.
قال الواقدي: ((توفي في زمن مروان بن محمد)).
قال غيره: ((في سنة ثلاثين ومائة))، وقيل: مات في سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائة)).
وكان مالك بن أنس يصفه بالفضل والعقل والعبادة، وقال: ((كان الناس يحبون الخلوة والانفراد، ولقد كان أبو النضر يفعل ذلك)).(1/359)
وقال البخاري: ((عن علي بن المديني: له نحو خمسين حديثاً)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن عيينة، وأحمد، ويحيى، وابن صالح، والنسوي، وغيرهم.
زاد ابن صالح: ((رجلٌ صالحٌ)).
وقال أبو عمر النمري: ((هو أحد الثقات الأثبات من أهل المدينة)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سمعت أبي يقول: سالم أبو النضر رجلٌ صالح)).
وقال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد القطان: سالم أبو النضر عندك فوق سمي؟ قال: نعم)).(1/360)
86- سهيل بن أبي صالح السمان.
واسم أبي صالح ذكوان، يقال له السمان، ويقال: له الزيات؛ لأنه كان يبيع السمن والزيت، ويختلف بهما من العراق وإلى الحجاز، وهو مولى جويرية بنت الحارث الغطفانية، وقيل: الخزاعية.
روى عن أبيه أبي صالح ذكوان السمان، وعن أبي يزيد عطاء بن يزيد الليثي الجندعي، وأبي سلمة النعمان بن أبي عياش الزرقي المدني، وأبي عبيد حيي المذحجي مولى سليمان بن عبد الملك بن مروان، وغيرهم.
روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن المدني، وموسى بن عقبة المطرقي، وروح بن القاسم التميمي العنبري البصري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وسفيان بن سعيد الثوري، وزهير بن معاوية بن خديج الجعفي، وزهير بن محمد التميمي العنبري، وسفيان بن عيينة الهلالي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ووهيب بن خالد بن عجلان البصري، وجرير بن عبد الحميد الضبي، وغيرهم.
قال الواقدي: ((مات في زمن أبي جعفر)).
قال غيره: ((في أول خلافة أبي جعفر المنصور)).
قال ابن أبي خيثمة: ((وسمعت يحيى بن معين يقول: أصحاب(1/361)
الحديث يتقون حديث سهيل بن أبي صالح، قال: وسئل يحيى بن معين مرة أخرى عن سهيل بن أبي صالح قال: ليس بذاك، قال: وسئل يحيى مرة أخرى عن حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري: ((إذا اتبعتم جنازةً فلا تجلسوا حتى توضع))؟ قال: سهيل ضعيفٌ)).
وذكر أبو الفتح محمد بن الحسين الموصلي عبد الله بن أبي صالح أخا سهيل بن أبي صالح فقال: ((كان أخوه سهيل صدوقاً، روى عنه الثوري وشعبة ومالك ويحيى القطان، إلا أنه أصابه برسام في آخر عمره فذهب بعض حديثه، قال يحيى بن معين: محمد بن عمرو أحب إلي من سهيل، قال يحيى القطان: سألت مالكاً؟ فقال: محمدٌ أثبت، قال يحيى بن معين: سميٌ عن أبي صالح خيرٌ من سهيل)).
وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن سهيل بن أبي صالح فقال: يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من محمد بن عمرو، وأحب إلي من العلاء عن أبيه))، ثم قال ابن أبي حاتم: ((سألت أبا زرعة عن سهيل بن أبي صالح، قلت: هو أحب إليك أو العلاء بن عبد الرحمن؟ فقال: سهيل أشبه وأشهر، وأبوه أشهر قليلاً)).(1/362)
وقال النسوي في التمييز: ((سهيل بن ذكوان أبي صالح ليس به بأس)).
أخرج له مسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وأبو عمر النمري.
وذكر ابن الأعرابي وغيره عن عباس بن محمد الدوري قال: ((سمعت يحيى -يعني ابن معين- يقول: كان أبو صالح السمان له ثلاثة بنون: سهيل ابن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح، وصالح بن أبي صالح، وكلهم ثقةٌ)).
وقال أبو القاسم الجوهري: نا محمد بن عبد الله النيسابوري، قال:(1/363)
قال أبو عبد الرحمن النسائي: ((سهيل بن أبي صالح ثقةٌ)).
وقال أبو عيسى الترمذي: نا الحسن بن علي الخلال، نا علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة قال: ((كنا نعد سهيل بن أبي صالح ثبتاً في الحديث)).
وقال أبو طالب أحمد بن حميد: ((سألت أحمد بن حنبل عن سهيل ابن أبي صالح ومحمد بن عمرو قال: قال يحيى بن سعيد القطان: محمدٌ أحب إلينا، قال أحمد بن حنبل: ما صنع شيئاً، سهيل أثبت عندهم من محمد بن عمرو)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: نا يعقوب بن إبراهيم، قال: نا الدراوردي، قال: أخبرني ربيعة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد)).(1/364)
87- سميٌ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي المدني.
روى عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي صالح ذكوان السمان، وأبي محمد سعيد بن المسيب المخزومي، والنعمان بن أبي عياش الزرقي.
روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وسهيل بن أبي صالح السمان، وعبيد الله بن عمر العمري، وعمر بن محمد بن المنكدر التيمي، ومحمد بن عجلان المدني، وسفيان بن سعيد الثوري، وورقاء ابن عمر بن كليب أبو بشر اليشكري الخورازمي نزيل المدائن، وسفيان ابن عيينة الهلالي، وغيرهم.
قال البخاري: ((قال لي عبد الرحمن بن شيبة: قتل سنة ثلاثين ومائة، قال ابن عينية: قتله الحرورية يوم قديد، وكان رجلاً جميلاً)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، وأبو(1/365)
حاتم، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((ثبتٌ، قال: ولا يختلفون في عدالته وإمامته، إلا أن علي بن المديني قال: قلت ليحيى بن سعيد: أسميٌ أثبت عندك أو القعقاع بن حكيم؟ قال: القعقاع أحب إلي منه)).
سميٌ هذا ثقةٌ حجةٌ، وهو عندي فوق سهيل بن أبي صالح والعلاء بن عبد الرحمن وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي ومحمد بن عمرو بن علقمة وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب وشريك بن أبي نمر، وأحب إلي في الحديث منهم.
روى مالك، عن سميٍ هذا عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((السفر قطعةٌ من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله)).
وهذا الحديث انفرد به مالكٌ، لم يروه عن سميٍ غيره، والله أعلم.(1/366)
حرف الشين
88- شريك بن عبد الله بن أبي نمر أبو عبد الله القرشي.
وقيل: الليثي من أنفسهم المدني.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعةٍ من التابعين، منهم: سعيد بن المسيب المخزومي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعطاء بن يسار الهلالي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وكريب مولى ابن عباس.
روى عنه سعيد بن أبي سعيد المقبري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وسفيان الثوري، وسليمان ابن بلال المدني، ومحمد وإسماعيل ابنا جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، وغيرهم.
يقال: إنه توفي سنة أربعٍ وأربعين ومائة، قبل خروج محمد بن عبد الله.
وقال أبو الفتح الموصلي: ((شريك بن أبي نمر ليس بالقوي، قال يحيى: كان يرى القدر)).
وقال ابن الأعرابي: نا عباس، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ((شريك بن عبد الله بن أبي نمر ليس بالقوي)).(1/367)
وفي موضع آخر: ((ليس به بأس)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين قال: ((قلت: فشريك بن أبي نمر كيف حديثه؟ فقال: ليس به بأس)).
وقال النسوي في التمييز: ((شريك بن عبد الله بن أبي نمر ليس به بأس)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان صالح الحديث، وهو في عداد الشيوخ، وليس به بأس)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح.(1/368)
حرف الهاء
أفراد
89- هلال بن أسامة، وهو هلال بن عليٍ بن أسامة بن أبي ميمونة القرشي العامري مولاهم.
وقيل: الفهري مولاهم المدني، يقال فيه: هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال، وهلال بن علي، وهلال بن أسامة.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعن جماعة من التابعين، منهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وعطاء بن يسار الهلالي، وأبو ميمونة الأبار.
روى عنه يحيى بن أبي كثير الطائي، وسعيد بن أبي هلال الليثي، وزياد بن سعد الخراساني، وفليح بن سليمان المدني، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وغيرهم.
قال الواقدي: ((مات في آخر خلافة هشام بن عبد الملك)).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: ((سئل أبي عنه فقال: يكتب حديثه،(1/369)
وهو شيخٌ)).
وقال النسوي في التمييز: ((هلال بن أسامة ليس به بأس)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى بن سعيد، والدارقطني، ومسلمة بن قاسم، وغيرهم.
90- هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص القرشي الزهري المدني.
وعتبة بن أبي وقاص هو أخو سعد بن أبي وقاص.
وقال بعضهم: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.(1/370)
روى عن سعيد بن المسيب، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن نسطاس المدني مولى آل كثير ابن الصلت، وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وغيرهم.
روى عنه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومروان بن معاوية الفزاري، وعبد الله بن نمير الهمداني، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي، ومكي بن إبراهيم البلخي، وأبو بدر شجاع بن الوليد السكوني، وغيرهم.
وقال البخاري: ((قال مكي بن إبراهيم: سمعت من هاشم سنة أربع وأربعين ومائة)).
وروى عنه غير البخاري أنه سمع منه سنة سبع وأربعين ومائة.
وروى صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه أنه قال: ((هاشم بن هاشم بن عتبة ليس به بأس)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، والنسوي، وغيرهم.(1/371)
91- هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي أبو المنذر، وقيل: أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر القرشي الأسدي المدني.
أمه أم ولد.
رأى ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الله بن الزبير.
روى عن أبيه أبي عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعن ابن عمه عباد بن عبد الله بن الزبير، وعن امرأته فاطمة بنت المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك السلمي، ومحمد بن المنكدر التيمي، وعن أبي نعيم وهب بن كيسان الأسدي مولاهم المدني، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبيد الله بن عمر العمري، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، ومحمد ابن عجلان، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، وزهير بن معاوية، ووهيب بن خالد، وعلي بن مسهر القرشي، وحفص بن غياث النخعي، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وجرير ابن عبد الحميد الرازي، وأبو محمد عبدة بن سليمان الكلابي الكوفي، وأبو هاشم عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي، وأبو أسامة حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي، وغيرهم.(1/372)
وقال أبو يحيى الساجي: حدثني أحمد بن محمد، قال: ((سمعت المعيطي يقول لخلف المخرمي ويحيى بن معين وأبي خيثمة وهم قعودٌ: كان مالك بن أنس -الكذا الفاعل، يسبه- يتكلم في سعد بن إبراهيم سيدٌ من سادات قريش، ويروي عن داود بن حصين وثور بن زيدٍ الديلي وكانا خارجيين خبيثين، فما تكلم أحدٌ منهم بشيء.
قال أبو يحيى: وكان مالك بن أنس يطلق لسانه في الثقات، من ذلك ما حدثني أحمد بن محمد البغدادي، قال: نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: نا محمد بن فليح، قال: قال لي مالك بن أنس: هشام ابن عروة كذاب. قال أحمد: فسألت يحيى بن معين، فقال: عسى أراد في الكلام، فأما في الحديث فهو ثقة، وهو من الرواة عنه)).(1/373)
وقال أبو جعفر العقيلي: نا روح بن الفرج، نا عمرو بن حسان ابن لهيعة، قال: ((كان أبو الأسود يعجب من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، وربما مكث سنة لا يكلمه.
قال أبو جعفر: وأبو الأسود يتيم عروة أوثق من هشام بن عروة)).
وروى علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد القطان قال: ((رأيت مالك بن أنس في النوم، فسألته عن هشام بن عروة؟ فقال: أما ما حدث به وهو عندنا -أي كأنه يصححه- وأما [ما] حدث به بعد ما خرج من عندنا -فكأنه يوهنه- وسألته عن عبيد الله بن عمر فقال شيئاً لا أحفظه)).
أخرج عن هشام بن عروة البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم الرازي، وغيرهم.
زاد أبو حاتم: ((إمامٌ في الحديث)).(1/374)
وقال ابن أبي خيثمة: ((رأيت في كتاب علي: وسمعت يحيى بن سعيد وقيل له: إن هشام بن عروة حدث عن عبد الرحمن بن القاسم؟ فقال: مليٌ عن مليٍ)).
وقال عثمان الدارمي: ((قلت ليحيى بن معين: هشام بن عروة أحب إليك عن أبيه أو الزهري عنه؟ فقال: كلاهما ولم يفضل. قلت: فموسى بن عقبة؟ قال: ثقة)).
وقال أبو حفص عمرو بن علي الصيرفي: ((وأصحاب عروة بن الزبير أرواهم للمسند وأثبت من روى عن عروة بن الزبير وأكثر: الزهري وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد ثلاثة، والناس بعد الزهري وهشام الذين رووا عن عروة بعد شيوخٌ)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: نا يحيى ابن الزبير قال: أخرج إلي هشام بن عروة دفتراً فيه أحاديث، فقال لي: هذه أحاديث [أبي] سمعتها منه فخذها عني هكذا، ولا تقل كما يقول هؤلاء: لا آخذها عنك حتى أعرضها عليك، فخذها عني قد صححتها وعرضتها)).
وروي عن المنذر بن عبد الله قال: ((رويت الشعر ثلاث عشرة(1/375)
سنة قبل أن أروي الحديث، فلقي أبي هشام بن عروة فقال له: بلغني أن ابنك يروي الشعر؟ قال: نعم، قال: فأرسله إلي، فقال لي أبي: اغد إلى هشام بن عروة فإنه قد استزارك وهو بالعقيق، فأخذت حماراً ونهضت إليه فسلمت وجلست، فقال: بلغني أنك تروي الشعر، فلأي العرب أنت أروى؟ قلت: لبني سليم، قال: فتروي لفلان كذا، ولفلان كذا -فجعل ينشدني لشعراء من بني سليم لم أكن سمعت بهم- ثم قال: يا ابن أخي اطلب الحديث، فمن ذلك اليوم رويت الحديث)).
قال المنذر بن عبد الله: ما سمعت من هشام بن عروة رفثاً قط، إلا يوماً واحداً، فإن رجلاً من أهل البصرة كان يلزمه، فقال له: يا أبا المنذر، نافع مولى ابن عمر كان يفضل أباك على أخيه عبد الله؟ فقال: كذب والله، نافعٌ عاض بظر أمه، عبد الله والله خيرٌ وأفضل من عروة)).
وذكر الزبير قال: ((أخبرني عثمان بن عبد الرحمن، قال: قال أمير المؤمنين المنصور لهشام بن عروة حين دخل عليه هشام: يا أبا المنذر تذكر يوماً دخلت عليك أنا وإخوتي مع أبي الخلائف، وأنت(1/376)
تشرب سويقاً بقصبة يراع، فلما خرجنا من عندك قال لنا أبونا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه، فإنه لا تزال فيكم بقيةٌ ما بقي؟ فقال هشام: لا أذكر ذلك يا أمير المؤمنين، فلما خرج قيل له: يذكرك أمير المؤمنين ما تمت به إليه فتقول: لا أذكره؟! فقال: لم أكن أذكره، لم يعودني الله في الصدق إلا خيراً)).
كان هشام بن عروة من ساكني المدينة، وقدم بغداد في آخر عمره فمات بها سنة ستٍ وأربعين ومائة، ودفن في مقبرة الخيزران، وصلى عليه أبو جعفر المنصور، وكان قد بلغ خمساً وثمانين سنة، وقيل: عاش ستة وتسعين سنة، وقد قيل: إنه توفي بالكوفة، والأول أشهر.
قال ابن أبي خيثمة: ((وسمعت يحيى بن معين يقول: يقال: إن عمر بن عبد العزيز وهشام بن عروة والأعمش ولدوا في سنة إحدى وستين)).
وقيل: ولد سنة خمسين.
قال البخار: ((قال أبو نعيم: مات سنة خمس وأربعين ومائة)).(1/377)
وقال خليفة بن خياط: ((مات ببغداد سنة ستٍ وأربعين ومائة)).
وقال البرقي: ((توفي ببغداد سنة ست وأربعين ومائة)).
وقال الهيثم بن عدي: ((وذكر أبو داود أن هشام بن عروة قال: كانت فاطمة بنت المنذر -وهي امرأته- أكبر مني بثلاث عشرة سنة)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا مصعب بن عبد الله قال: يحيى ومحمد وعثمان بنو عروة أمهم أم يحيى بنت الحكم عمة عبد الملك بن مروان، وليحيى عقب، وقد روى هشام عن عثمان، وهشام بن عروة أسن من عثمان، ومات عثمان قبل هشام.
قال: وأخبرني مصعب بن عبد الله قال: أم هشام بن عروة خراسانيةٌ، اسمها صافية)).
وذكر ابن الأعرابي، عن عباس بن محمد الدوري، عن ابن معين قال: ((حماد بن أسامة أبو أسامة أروى عن هشام بن عروة من حماد ابن سلمة، يروي عن هشام بن عروة ست مائة حديثٍ)).(1/378)
حرف الواو
أفراد
92- الوليد بن عبد الله بن صياد.
أخو عمارة بن عبد الله بن صياد، مدني، يقال: إنهم حلفاء لبني مالك بن النجار.
ذكر الواقدي عمارة بن عبد الله بن صياد فقال: ((لا يدرى ممن هو، وهو الذي يقال: إنه الدجال، وكانوا يقولون: نحن بنو أشيهب بن النجار، فدفعتهم بنو النجار عن ذلك، وحلف منهم تسعةٌ وأربعون رجلاً ورجلٌ من بني ساعدة ما هم منهم فطرحوا منهم، فقالوا: نحن حلفاء بني مالك ابن النجار)).
روى الوليد بن عبد الله بن صياد هذا عن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، والمطلب هذا ثقةٌ مشهور.
روى مالكٌ، عن الوليد بن عبد الله بن صياد: أن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أخبره: ((أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع. قال: يا رسول الله وإن كان حقاً؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(1/379)
إذا قلت باطلاً فذلك البهتان)).
هذا الحديث مرسلٌ في الموطأ.
وقد روى العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)).
أخرج هذا الحديث مسلمٌ، وأبو داود، والترمذي.
رواه عن العلاء جماعةٌ، منهم: شعبة بن الحجاج، وإسماعيل ابن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي.
وقال أبو عيسى الترمذي: ((هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)).(1/380)
93- وهب بن كيسان أبو نعيم القرشي الأسدي الحجازي المدني.
يقال: إنه مولى الزبير بن العوام، ويقال: مولى عبد الله بن الزبير.
روى عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله السلمي، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبي بكر ويقال: أبو خبيب عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، وأبي حفص عمر ابن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وعن طائفة من التابعين، منهم: محمد بن عمرو بن عطاء العامري.
روى عنه هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، والحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بحسين الأصغر، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبيد الله وعبد الله ابنا عمر بن حفص ابن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي، ومحمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، ومحمد بن عجلان المدني، والوليد بن كثير المخزومي، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيرهم.
مات سنة سبع وعشرين ومائة، قاله الواقدي.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، والنسوي، وغيرهم.(1/381)
وكان يقال له: وهب بن أبي مغيث، واسم أبي مغيث كيسان.
روي عن أبي نعيم هذا أنه قال: ((رأيت سعد بن مالك -يعني سعد بن أبي وقاص- وأبا هريرة وجابراً وأنس بن مالك يلبسون الخز)).
وأدرك ابن عمر وأبا سعيد الخدري، ولم يكن صاحب فتوى.
وذكر أشهب وغيره عن مالك أنه قال: ((كان وهب بن كيسان يقعد إلينا ولا يقوم أبداً حتى يقول لنا: اعلموا أنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله. قلت: يريد ماذا؟ قال: يريد في رأيي الإسلام، أو قال: يريد التقى)).(1/382)
حرف الياء
من اسمه يزيد
94- يزيد بن خصيفة، ويقال: يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن يزيد بن عبد الله الكندي المدني.
ويقال: إنه ابن أخي السائب بن يزيد الكندي.
روى عن عمه أبي يزيد السائب بن يزيد الكندي، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وبسر بن سعيد الحضرمي، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، وعمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي، وأبي عبد الله يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي، وغيرهم.
روى عنه جعيد بن عبد الرحمن بن أوس الكندي، ويقال: التيمي المدني، وسفيان الثوري، وابن جريج، وابن عيينة، وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى،(1/383)
وأبو حاتم، والنسوي، وغيرهم.
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان ثقةً مأموناً محدثاً محسناً)).
95- يزيد بن رومان أبو روح القرشي الأسدي مولاهم المدني.
يقال: إنه مولى الزبير بن العوام الأسدي، كان أحد قراء أهل المدينة، وكان عالماً بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي بالمدينة سنة ثلاثين ومائة.
روى عن أنس بن مالك الأنصاري، وعبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي.
وروى عن جماعةٍ من التابعين، منهم: عروة بن الزبير بن العوام، وصالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري، وسالم وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، ونافع بن جبير بن مطعم ابن عدي القرشي، وغيرهم.
روى عنه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وأبو حازم بن دينار الزاهد، وهشام بن عروة، وداود بن الحصين، وزيد بن أبي أنيسة، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن إسحاق، ومعاوية بن أبي مزرد -واسم(1/384)
أبي مزرد: عبد الرحمن- بن يسار الهاشمي مولاهم المدني، وخارجة ابن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت الأنصاري، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، والنسوي، وأبو عمر النمري، وغيرهم.
96- يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد أبو عبد الله الليثي من أنفسهم المدني.
كان أعرج، يجمع من رجليه، قدم مصر، وهو حفيد أخي عبد الله ابن شداد بن الهاد، مات بالمدينة سنة ثمان، وقيل: سنة تسع وثلاثين، وقيل: إنه توفي بالإسكندرية سنة سبع وثلاثين ومائة، فالله أعلم.
روى عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، وعبد الله بن خباب الأنصاري مولاهم المدني، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، وأبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم الأنصاري، وأبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب(1/385)
الزهري، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، وغيرهم.
روى عنه يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، وعبيد الله بن عمر العمري، وحيوة بن شريح التجيبي، والليث بن سعد الفهمي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وبكر بن مضر بن محمد بن حكيم بن سلمان أبو عبد الملك القرشي مولاهم، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي المدني، وعبد العزيز بن أبي حازم الزاهد، وغيرهم.
وقال أبو بكر الأثرم: ((قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: كيف ابن الهاد؟ قال: لا أعلم به بأساً)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله يحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، والنسوي، والترمذي، وغيرهم.(1/386)
وقال ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يقول: ابن الهاد أحب إلي من عبد الرحمن بن الحارث، وأحب إلي من محمد بن عمرو بن علقمة، وهو وابن عجلان متساويان، وهو ثقةٌ في نفسه)).
97- يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسامة بن عمير أبو عبد الله الليثي المدني.
روى عن أبي هريرة الدوسي، وعبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن جماعةٍ من التابعين، منهم: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، وسعيد بن المسيب المخزومي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعروة بن الزبير بن العوام الأسدي، وعطاء بن يسار الهلالي مولاهم المدني، وعبيد بن جريج التيمي مولاهم المدني.
روى عنه يزيد بن خصيفة الكندي، وأبو صخر حميد بن زياد الخراط المدني، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب القرشي العامري، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، وغيرهم.
مات بالمدينة سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقيل: مات سنة اثنتين وعشرين ومائة، قاله الواقدي، وعمرو بن علي، وابن نمير، وغيرهم.(1/387)
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا أحمد بن شبويه، قال: نا عبد الرزاق، قال: سألت مالك بن أنس قلت: إن سفيان الثوري حدثنا عنك، عن يزيد بن قسيط، عن سعيد بن المسيب: أن عمر وعثمان قضيا في الملطاء بنصف الواضحة، فقال مالك: سفيان ثقةٌ، لو حدثت أحداً حدثتك، إن العمل ببلدنا ليس عليه، وليس صاحبه عندنا بذاك)).
وقال ابن أبي حاتم: ((نا علي بن الحسين بن الجنيد، نا إسماعيل ابن يحيى بن كيسان، نا عبد الرزاق قال: قلت لمالك: ما شأنك لا تحدثني بحديث يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن ابن المسيب، عن عمر وعثمان في الملطاء؟ قال: العمل عندنا على غير هذا، والرجل ليس هناك عندنا، يزيد بن قسيط)).
قال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عن يزيد بن عبد الله بن قسط فقال: ليس بقويٍ)).(1/388)
وذكره أبو عبد الله البرقي فقال: ((له رواية عن أبي هريرة من رواية أبي صخرٍ عن ابن قسيط، وليس ذلك عند أهل العلم بالحديث بالقوي)).
وذكر عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين فقال: ((وسألته عن يزيد بن قسيط ما حاله؟ فقال: صالح)).
وقال ابن أبي حاتم: ((ذكره أبي عن إسحاق بن منصور، عن يحيى ابن معين قال: يزيد بن عبد الله بن قسيط صالحٌ ليس به بأس)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وقال النسوي في التمييز: ((يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقةٌ)).
و[قال] أبو القاسم الجوهري: أنا الذهلي، قال: نا جعفرٌ -يعني الفريابي- قال: سمعت علي بن المديني يقول: ((يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقة، ولو لم يكن ثقةً لم يرو عنه مالك بن أنس)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان من سكان المدينة، ومعدوداً في علمائها وثقاتها وفقهائها)).(1/389)
98- يزيد بن زياد القرظي المدني.
روى عن أبي حمزة محمد بن كعب بن سليم بن عمرو بن إياس ابن حيان القرظي المدني، وأبي رافع عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
روى عنه عمرو بن الحارث المصري، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي.
وقال ابن أبي حاتم: ((سئل أبي عنه فقال: ليس به بأس)).
وقال النسوي في التمييز: ((يزيد بن زياد ثقة، روى عنه مالك)).(1/390)
أفراد الياء
99- يعقوب بن زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة -واسم أبي مليكة: زهير- بن عبد الله بن جدعان أبو عرفة، وقيل: أبو يوسف القاص القرشي التيمي المدني.
روى عن أبيه، وعن أبي سعد سعيد بن أبي سعيد المقبري، وأبي أسامة زيد بن أسلم العدوي، وغيرهم.
روى عنه أبو عباد هشام بن سعد القرشي مولاهم المدني، ومحمد ابن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، وسفيان بن عيينة الهلالي، وإبراهيم ابن طهمان الهروي، وغيرهم.
قال الواقدي: ((مات في خلافة أبي جعفر)).
وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن يعقوب بن زيد بن طلحة؟ فقال: يروى عنه، ليس به بأس، شيخٌ لا يحتج بحديثه)).
هو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، أخرج له [ ]، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وأبو زرعة الرازي، والنسوي،(1/391)
والنمري، وغيرهم.
زاد النمري: ((مأموناً)).
100- يوسف بن يونس بن حماس المدني.
روى عن عمه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتركن المدينة على أحسن ما كانت .. .. ))، الحديث.
وقد اختلف في اسم ابن حماسٍ هذا، فقال البخاري: ((قال لي الأويسي: حدثني مالك، عن يوسف بن يونس بن حماس، عن عمه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لتتركن المدينة)).
وقال ابن القاسم: حدثني مالكٌ، عن يوسف بن يونس بن حماس، عن عمه، عن أبي هريرة.
وكذلك قال ابن وهب وابن بكير وابن نافع وجماعةٌ سواه: مالك، عن يوسف بن يونس بن حماس.(1/392)
وقال أبو مصعب المدني: عن مالكٍ، عن يونس بن يوسف بن حماس، عن عمه، عن أبي هريرة.
وتابعه عن مالك: معن بن عيسى القزاز، وعبد الله بن يوسف التنيسي.
وقال النسوي في التمييز: ((يوسف بن يونس بن حماس ثقةٌ، روى عنه مالك بن أنس)).
وقال ابن صالح الكوفي: ((يوسف بن يونس بن حماس مدنيٌ ثقةٌ، روى عن عمه، عن أبي هريرة، وعمه ثقة)).
وقال أبو عمر النمري: ((كان ابن حماس هذا رجلاً صالحاً مجاب الدعوة)).
روي عن مالك بن أنس: ((أن ابن حماس كان من عباد الناس، فراح إلى المسجد ذات يومٍ فلقيته امرأةٌ فوقع في نفسه منها شيءٌ، فقال: اللهم إنك خلقت لي بصري نعمة، وقد خشيت أن يكون علي(1/393)
نقمةً، فاقبضه إليك، فكان يروح إلى المسجد يقوده ابن أخٍ له، فإذا استقبل به الأسطوانة اشتغل الصبي يلعب مع الصبيان فإن نابته حاجةٌ حصبه، فأقبل إليه، فبينا هو يصلي ذات يومٍ ضحوةً إذ أحس في بطنه شيئاً، فحصب ابن أخيه فاشتغل مع الصبيان يلعب ولم يأته، فلما خاف على نفسه قال: اللهم إنك خلقت لي بصري نعمة، وخشيت أن يكون علي نقمةً، وسألتك فقبضته، اللهم إني قد خشيت الفضيحة، قال: فانصرف إلى منزله وهو يبصر، قال مالكٌ: فرأيته أعمى، ورأيته بصيراً)).
101- يونس بن يوسف الأفطس المدني.
روى عن سعيد بن المسيب المخزومي، وعطاء وسليمان ابني يسار.
روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج، وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج المكي، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي مولاهم المدني نزيل البصرة المعروف بعباد بن إسحاق، وعبد العزيز بن محمد(1/394)
الدراوردي، وغيرهم.
أخرج له مسلمٌ، وقال النسوي في التمييز: ((يونس بن يوسف بن حماس ثقةٌ، روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج)).
لم يختلف الرواة عن مالك في اسم هذا الشيخ، وقيل: إنه ابن حماس، وإنه يونس بن يوسف بن حماس، وقيل: هو رجلٌ آخر.(1/395)
وقد قال ابن صالح: ((يونس بن يوسف بن حماس مدنيٌ ثقةٌ)).
وقال النسوي: أنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود المصري، عن ابن وهبٍ، قال: أخبرني مخرمة، عن أبيه قال: سمعت يونس، عن ابن المسيب، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يومٍ أكثر أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم الملائكة، ويقول: ما أراد هؤلاء)).
قال أبو عبد الرحمن النسوي: ((يشبه أن يكون يونس بن يوسف الذي روى عنه مالك)).
102- يحيى بن سعيد بن قيس بن قهد.
هكذا نسبه بعضهم، والصحيح في نسبته عند الأكثر أنه: يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار أبو سعيد الأنصاري المدني.
كان قاضياً بالمدينة زمن بني أمية، ثم استقضاه أبو العباس السفاح على بعض مدن العراق وهي الهاشمية من الكوفة.(1/396)
وقال الواقدي: ((توفي بالهاشمية سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة، وكان قاضياً بها لأبي جعفر.
قال: وأخوه عبد ربه بن سعيد بن قيس توفي سنة تسع وثلاثين ومائة.
قال: وأخوهما سعد بن سعيد بن قيس توفي سنة إحدى وأربعين ومائة)).
روى يحيى بن سعيد هذا عن أنس بن مالك الأنصاري، وعبد الله ابن عامر بن ربيعة العنزي حليفٌ لبني عدي بن كعب، والسائب بن يزيد الكندي، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسليمان بن يسار الهلالي، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، وأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم المدني، وبشير بن يسار مولى بني حارثة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعدي بن ثابت الأنصاري، وعباد ابن تميم المازني، وأبي صالح ذكوان السمان، وعمر بن كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأشهلي، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، ومحمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، والنعمان بن مرة الزرقي، وعبد الله بن(1/397)
المغيرة بن أبي بردة الكناني، وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وعمرو بن شعيب السهمي، وأبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وسعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وموسى بن عقبة بن أبي عياش المطرقي، وغيرهم.
روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وشعبة بن الحجاج العتكي، وسفيان بن عيينة الهلالي، والليث بن سعد الفهمي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وحماد بن زيد الأزدي، وسليمان بن بلال المدني، وجرير بن عبد الحميد الضبي الرازي، وعبد الله بن المبارك المروزي، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون السلمي، وغيرهم.
وهؤلاء كلهم ثقاتٌ مخرجٌ حديثهم في الصحيح.
وأخرج ليحيى بن سعيدٍ هذا البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله أحمد، ويحيى، وابن صالح، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسوي، وغيرهم.(1/398)
زاد النسوي في التمييز: ((ثبتٌ)).
وذكره أبو عمر النمري فقال: ((وكان فقيهاً عالماً محدثاً حافظاً ثقةً مأموناً عدلاً مرضياً، وكان كريماً جواداً حين أدرك الغنى بعد ولايته القضاء، وكان نزه النفس، وكان في أول أمره مقلاً قد ركبه الدين، ثم أثرى بعد)).
وقال أبو عبد الرحمن النسوي: ((عبد ربه بن سعيد، ويحيى بن سعيد، وسعد بن سعيد بنو قيس بن قهد الأنصاري، وهم ثلاثة إخوة، فيحيى أجلهم وأنبلهم، وهو أحد الأئمة، وليس بالمدينة بعد الزهري في عصره أجل منه، وعبد ربه ثقة، وسعدٌ ضعيف)).
وذكر ابن أبي حاتم الرازي: أن أباه سئل عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ويحيى بن سعيد؟ فقال: ((يحيى يوازي الزهري)).
وروى أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي المعروف بعارم، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة قال: ((حدثني العدل الرضى الأمين على ما يغيب عليه يحيى بن سعيد، عن أبي)).(1/399)
وقال عبد الرحمن بن مهدي: عن حماد بن زيد: ((سأل رجلٌ هشام ابن عروة عن حديث؟ فقال: لم أسمعه من أبي، ولكن حدثني الثقة المأمون على ما يغيب عليه يحيى بن سعيد)).
وقال سليمان بن حرب: نا حماد بن زيد، قال: ((قدم علينا أيوب مرة فقلنا: من خلفت بالمدينة؟ فقال: ما خلفت بها أحداً أفقه من يحيى ابن سعيد الأنصاري)).
وقال عبد الرحمن بن الحكم بن بشير: نا نوفل -يعني ابن مطهر- عن ابن المبارك، عن سفيان الثوري قال: ((يحيى بن سعيد الأنصاري من حفاظ الناس)).
وقال أبو غسان الرازي: سمعت جريراً يقول: ((ما رأيت عالماً أنبل من يحيى بن سعيد)).(1/400)
وقال ابن أبي حاتم الرازي: نا أبي، نا يحيى بن المغيرة، قال: سمعت جريراً يقول: ((لم أر من المحدثين إنساناً كان أنبل عندي من يحيى بن سعيد الأنصاري)).
وقال الوليد بن شجاع: سمعت علي بن مسهر يقول: ((أربعةٌ من الحفاظ: يحيى بن سعيد، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم الأحول، وعبد الملك بن أبي سليمان)).
وقال علي بن المديني: سمعت عبد الرحمن، أخبرني وهيبٌ: ((أنه قدم المدينة قال: فلم أر أحداً إلا أنت تعرف وتنكر غير يحيى بن سعيد ومالك ابن أنس)).
وقال إسماعيل القاضي: سمعت علي بن المديني يقول: ((أربعةٌ من أهل الأمصار يسكن القلب إليهم في الحديث: يحيى بن سعيد بالمدينة، وعمرو ابن دينار بمكة، وأيوب بالبصرة، ومنصور بالكوفة)).
وذكر أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة قال: ((محدثوا الحجاز: ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وابن جريج، يجيئون بالحديث على وجهه)).(1/401)
وقال علي بن المديني: ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي الزناد، وبكير بن عبد الله بن الأشج)).
وقال ابن أبي خيثمة: ((نا ابن سلام، قال: نا محمد بن القاسم الهاشمي قال: كان يحيى بن سعيد خفيف الحال، فاستقضاه أبو جعفر، وارتفع شأنه، فلم تتغير حاله، فقيل له في ذلك، فقال: من كانت نفسه واحدةً لم يغيره المال.
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: نا يحيى بن محمد، قال: حدثني سليمان بن بلال قال: لما خرج يحيى بن سعيد إلى العراق خرجت أشيعه، فكان أول ما استقبلته جنازةٌ، فتغير وجهي لذلك، فالتفت إلي فقال لي: يا أبا محمد، كأنك تطيرت؟ فقلت: اللهم لا طير إلا طيرك، قال: فقال: لا عليك، والله لئن صدق لينعشن الله أمري، قال: فمضى، والله ما أقام إلا شهرين حتى بعث بقضاء دينه ونفقة أهله وأصاب خيراً.
نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: نا يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: حدثني سليمان بن بلال قال: كان يحيى بن سعيد قد ساءت حاله وأصابه ضيقٌ شديدٌ وركبه الدين، فبينما هو على ذلك إذ جاءه كتاب أبي العباس(1/402)
يستقضيه، قال سليمان: فوكلني يحيى بأهله، وقال لي: والله ما خرجت وأنا أجهل شيئاً، فلما قدم العراق كتب إلي: إني كنت قلت لك حين خرجت: قد خرجت وأنا ما أجهل شيئاً، إنه والله لأول خصمين جلسا بين يدي فاقتضيا شيئاً، والله ما سمعته قط، فإذا جاءك كتابي هذا فسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن، واكتب إلي بما يقول، ولا يعلم أني كتبت إليك بذلك أبداً.
نا إبراهيم بن المنذر، قال: نا ابن وهب، قال: نا مالكٌ، قال: قال لي يحيى بن سعيد: اكتب لي أحاديث من أحاديث ابن شهاب في الأقضية، قال: فكتبت ذلك له في صحيفةٍ، كأني أنظر إليها صفراء، فقيل لمالك: يا أبا عبد الله، أعرض عليك؟ قال: هو كان أفقه من ذلك)).
وروي عن سليمان بن بلال أنه قال: ((خرج يحيى بن سعيد إلى إفريقية لميراثٍ وجب له هناك، وطلب له ربيعة بن أبي عبد الرحمن البريد فركبه إلى إفريقية، فقدم بذلك الميراث وهو خمس مائة دينار، قال: فأتاه الناس يسلمون عليه، وأتاه ربيعة فسلم عليه، فلما أراد ربيعة أن يقوم حبسه، فلما ذهب الناس أمر بالباب فأغلق، ثم دعا بمنطقته فصبها بين يدي ربيعة، وقال: يا أبا عثمان والله الذي لا إله إلا هو ما غيبت منها ديناراً إلا شيئاً أنفقته في الطريق، ثم عد خمسين(1/403)
ومائتي دينار فدفعها إلى ربيعة وأخذ خمسين ومائتي دينار لنفسه قاسمها إياها)).
وروى البخاري عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن عمر ابن الخطاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الأعمال بالنية، ولكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).(1/404)
أصحاب الكنى
103- أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي المدني.
روى عن أبي عمرو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعباد بن تميم الأنصاري المازني، وأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي مولاهم، وأبي عبد الله نافع مولى ابن عمر، وغيرهم.
روى عنه عبيد الله بن عمر العمري، وعاصم بن عمر بن عاصم العدوي، وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي المدني، وأبو سعيد إبراهيم بن طهمان الخراساني الهروي، وإسحاق بن أبي شداد مولى زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المعروف بإسحاق شرفا، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يقول: لا يسمى، وسألته عنه فقال: لا بأس به)).
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وليس به بأس.(1/405)
خرج أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري: نا محمد ابن يحيى، قال: نا عبد الله بن رجاء، قال: نا سعيد -يعني ابن سلمة- قال: حدثني أبو بكر هو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن نافع، عن عبد الله بن عمر: ((أن رجلاً مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهريق الماء فسلم عليه الرجل، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إذا رأيتني هكذا فلا تسلم علي، فإنك إن تفعل لا أرد عليك السلام)).
104- أبو بكر بن نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني.
أخو عمر وعبد الله ابن نافع.
روى عن أخيه أبي عبد الله، ونافع مولى ابن عمر، وعن أبي عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، وصفية بنت أبي عبيد الثقفية.
روى عنه جرير بن حازم بن زيد الأزدي وعبد العزيز بن محمد ابن عبيد الدراوردي، وغيرهما.
يقال: إنه توفي سنة ثلاثٍ وسبعين ومائة.
وقال عباس بن محمد الدوري: ((سئل يحيى بن معين عن أبي بكر ابن نافع؟ قال: ليس به بأس)).(1/406)
أخرج له مسلمٌ.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن أبي بكر بن نافع مولى ابن عمر؟ قال: هو أوثق ولد نافع)).
وقال أبو عيسى الترمذي: ((أبو بكر بن نافع هو مولى ابن عمر ثقة، وعمر بن نافع ثقةٌ، وعبد الله بن نافع مولى ابن عمر يضعف)).
105- أبو عبيد المذحجي الشامي.
حاجب سليمان بن عبد الملك بن مروان ومولاه، اختلف في اسمه، فقيل: اسمه حي، وقيل: حيي، وقيل: حوي بن أبي عمرو.
روى عن أبي يزيد عطاء بن يزيد الليثي الجندعي، وأبي حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان القرشي الأموي، وأبي عبد الله خالد ابن معدان بن أبي كربٍ الكلاعي الشامي الحمصي، وأبي المقدام رجاء بن حيوة بن جندل بن الأحنف بن السمط الكندي، وأبي عمر عباد بن نسي الكندي الشامي، وعقبة بن وساج الأزدي البرساني البصري نزيل الشام، وأبي عبد الله نافع مولى ابن عمر، وغيرهم.(1/407)
روى عنه أبو المقدام رجاء بن أبي سلمة الشامي، وسهيل بن أبي صالح السمان، وأبو عبد الله محمد بن عجلان المدني، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وغيرهم.
أخرج له البخاري ومسلمٌ، وهو ثقةٌ، قاله ابن صالح، وأبو زرعة الرازي، وغيرهما.
106- أبو ليلى الأنصاري الحارثي.
قيل: اسمه عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، وقيل: اسمه عبد الرحمن بن عبد الله، وقيل: داود بن عبد الله، وهو مدني.
روى عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري، وجابر بن عبد الله السلمي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي.
أخرج له البخاري ومسلمٌ.(1/408)
وسئل عنه أبو زرعة الرازي فقال: ((مدنيٌ أنصاريٌ ثقةٌ)).
وقال ابن إسحاق: حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري أخو بني حارثة: أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكان من أحرز حصون المدينة .. .. ))، وذكر الحديث.
تم الكتاب بحمد الله تعالى وحسن عونه وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.(1/409)