الظاء: وردت فى ثلاثة أسماء، وهى: {غِلْظَةً} [التوبة: 123]، {وَمَوْعِظَةً}
[البقرة: 66]، {حَفَظَةً} [الأنعام: 61].
الصاد: وردت فى ستة أسماء، وهى: {خََالِصَةً} [البقرة: 94]، {شََاخِصَةٌ}
[الأنبياء: 97]، {خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، {خَصََاصَةٌ} [الحشر: 9]، {مَخْمَصَةٍ}
[المائدة: 3]، {غُصَّةٍ} [المزمل: 13].
العين: وردت فى ثمانية وعشرين اسما، وهى: {سَعَةٍ} [الطلاق: 7]، {وَسَبْعَةٍ}
[البقرة: 196]، {صَنْعَةَ} [الأنبياء: 80]، {السََّاعَةُ} [الأنعام: 31]، {طََاعَةٌ}
[النساء: 81]، {شِرْعَةً} [المائدة: 48]، {تِسْعَةُ} [النمل: 48]، {شِيعَةٍ} [مريم:
69]، {بِقِيعَةٍ} [النور: 39]، {الْبُقْعَةِ} [القصص: 30]، {الْجُمُعَةِ} [الجمعة:
9]، {وََاسِعَةٍ} [الأنعام: 147]، {قََارِعَةٌ} [الرعد: 31]، {الْوََاقِعَةُ} [الواقعة: 1]، {رََافِعَةٌ} [الواقعة: 3]، {خََاشِعَةً} [فصلت: 39]، {قََاطِعَةً} [النمل: 32]، {مَقْطُوعَةٍ} [الواقعة: 33]، {مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33]، {مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34]، {مَوْضُوعَةٌ} [الغاشية: 14]، {الشَّفََاعَةَ} [مريم: 87]، {الرَّضََاعَةَ} [البقرة: 233]، {نَزََّاعَةً} [المعارج: 16]، {بِضََاعَةً} [يوسف: 19]، {شَرِيعَةٍ} [الجاثية: 18]، {مُرْضِعَةٍ} [الحج: 2]، {أَرْبَعَةِ} [البقرة: 226].
القاف: وردت فى تسعة عشر اسما: {طََاقَةَ} [البقرة: 249]، {نََاقَةُ}
[الأعراف: 73]، {الصََّاعِقَةُ} [البقرة: 55]، {فِرْقَةٍ} [التوبة: 122]، {الشُّقَّةُ}
[التوبة: 42]، {صَدَقَةٍ} [البقرة: 196]، {نَفَقَةٍ} [البقرة: 270]، {عَلَقَةٍ}
[الحج: 5]، {وَرَقَةٍ} [الأنعام: 59]، {صََاعِقَةً} [فصلت: 13]، {ذََائِقَةُ} [آل عمران: 185]، {وَالسََّارِقَةُ} [المائدة: 38]، {الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1]، {كَالْمُعَلَّقَةِ}
[النساء: 129]، {مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5]، {صِدِّيقَةٌ} [المائدة: 75]، {الطَّرِيقَةِ}
[الجن: 16]، {مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67]، {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3]،.
الخاء: وردت فى اسمين وهما:
{الصَّاخَّةُ} [عبس: 33]، {نَفْخَةٌ} [الحاقة: 13].
الطاء: وردت فى ثلاثة أسماء وهى {بَسْطَةً} [البقرة: 247]، {حِطَّةٌ} [البقرة:
58]، {لَمُحِيطَةٌ} [التوبة: 49].
ووجه اختيار الفتح مع هذه الأحرف العشرة:
أما أحرف الاستعلاء منها فاستعلاؤها ينافى الإمالة، وقد ثبت أنها تمنع إمالة الألف متقدمة ومتأخرة، فالمتقدمة نحو: قاعد وغائب وخامد وصاعد وطائف وظالم
وضامن، والمتأخرة نحو: ناقد، وعاطس، وعاصم، وعاضد، وعاطب، وناخل، قال سيبويه رحمه الله: «ولا نعلم أحدا يميل هذه الألف إلا من لا يؤخذ بلغته» فلما ثبت هذا مع الألف كانت الهاء أولى بالفتح، إذ إمالتها فرع إمالة الألف، وهذا مع اتصال أحرف الاستعلاء بالهاء، أما إذا حال بينهما حرف فإنهم يميلون للكسائى، ولا يراعون حرف الاستعلاء نحو: رقبة، والعقبة، والبطشة، والعصبة، وبغتة، والنخلة، وأما الحاء والعين فلقربهما من الخاء والغين فى المخرج حكم لهما بحكمهما، ومع هذا فإنهما إذا وقعا لاما أو عينا فى «فعل» المفتوح العين، فإن المضارع إذ ذاك تفتح عينه فصيحا مطردا، نحو جعل يجعل، وشرح يشرح وهذا تعليل المهدوى. وعلل الحافظ فى «الموضح» بأن الحاء والعين من حروف الحلق، فهما من حيز الألف، والفتح من الألف.(1/523)
أما أحرف الاستعلاء منها فاستعلاؤها ينافى الإمالة، وقد ثبت أنها تمنع إمالة الألف متقدمة ومتأخرة، فالمتقدمة نحو: قاعد وغائب وخامد وصاعد وطائف وظالم
وضامن، والمتأخرة نحو: ناقد، وعاطس، وعاصم، وعاضد، وعاطب، وناخل، قال سيبويه رحمه الله: «ولا نعلم أحدا يميل هذه الألف إلا من لا يؤخذ بلغته» فلما ثبت هذا مع الألف كانت الهاء أولى بالفتح، إذ إمالتها فرع إمالة الألف، وهذا مع اتصال أحرف الاستعلاء بالهاء، أما إذا حال بينهما حرف فإنهم يميلون للكسائى، ولا يراعون حرف الاستعلاء نحو: رقبة، والعقبة، والبطشة، والعصبة، وبغتة، والنخلة، وأما الحاء والعين فلقربهما من الخاء والغين فى المخرج حكم لهما بحكمهما، ومع هذا فإنهما إذا وقعا لاما أو عينا فى «فعل» المفتوح العين، فإن المضارع إذ ذاك تفتح عينه فصيحا مطردا، نحو جعل يجعل، وشرح يشرح وهذا تعليل المهدوى. وعلل الحافظ فى «الموضح» بأن الحاء والعين من حروف الحلق، فهما من حيز الألف، والفتح من الألف.
قال: «فلذلك لزم حروف الحلق، وكان أحق بها لتجانس الصوت».
فإن قيل: إن هذا التعليل، وتعليل المهدوى ينكران على أصل الباب لأن الهاء من حروف الحلق، ويأتى المضارع إذا كانت عينه أو لامه مفتوح الوسط كما تقدم فى الحاء والعين نحو: ذهل يذهل، ونقه ينقه، فكان ينبغى على هذا ألا تمال فى الوقف؟
فالجواب: أن الهاء إذا كانت عينا، أو لا ما فى «فعل» بفتح العين فلها قوة وتمكن، فتمكنها أنها تثبت وصلا ووقفا، وقوتها ملازمة الحركة لها، أما إذا كانت عينا فلا يلحقها السكون، وأما إذا كانت لاما: فلا تسكن أيضا إلا فى الوقف، أو عند اتصالها بضمير الرفع للمتكلم، أو للمخاطب، أو نون جماعة المؤنث، وكل هذا عارض.
وكذلك تلزمها الحركة فى المضارع ولا يلحقها السكون إلا إذا كانت لاما، فيعرض لها دخول الجازم أو اتصال نون جماعة المؤنث، وكلاهما عارض فقويت لهذا التمكن على أن فتحت فى المضارع وهى عين لما ذكر من قوتها وتمكنها، ولحصول الفتح قبلها فى حرف المضارعة إذ ليس بينهما حاجز إلا الفاء وليست بحاجز حصين لسكونها، فأرادوا (1) أن يكون العمل واحدا كما يميلون الفتحة والألف فى: عالم، وعابد بسبب الكسرة [ليحصل التناسب، ويقرب العمل ويكون من باب واحد، وفتح ما قبلها وهى لام] (2) ليحصل التناسب بينها وبين حركة ما
__________
(1) فى ب: فإن أدوا.
(2) سقط فى ب.(1/524)
قبلها إذ كانت الفتحة من الألف، والألف والهاء من مخرج واحد، واستقر هذا الاعتناء بها والاحترام لها حين ثبت لها من القوة والتمكن ما تقدم.
وأما الهاء التى تثبت فى الوقف بدلا من التاء فلا حظّ لها فى الحركة ولا ثبوت لها فى الوصل، ولا فرق بينها فى ذلك وبين هاء السكت، غير أن هاء السكت لم تجعل بدلا من شىء يثبت فى الوصل، وهذه الهاء جعلت تعاقب التاء كما تقدم.
فلما فقدت التمكن والقوة سلبت الاحترام، وأجريت مجرى الألف ألا ترى أن الإمالة أبدا سلطت على الألف وإن كانت من حروف الحلق إذ كانت ضعيفة لا تقبل الحركة فصارت لذلك طوع اليمين منفعلة لما يعرض لها من أسباب الإمالة.
فإن قيل: ما ثبت من استحسان فتح عين الفعل لأجل حرف الحلق إذا كان عينا أو لاما ينافر إمالة فاء الكلمة فى: عابد، وعالم لأنه حرف حلق متحرك بالفتح وفى محل يقل فيه التغيير أكثر ما يكون فى الأواخر وهو مع ذلك سابق على سبب الإمالة فكان الواجب أن يستوفى حقه من إخلاص الفتح إذ سبب الإمالة غير موجود وقت النطق بالفاء وإنما يوجد بعد؟
فالجواب: أنه لما كانت الفاء وسبب الإمالة قد اشتملت عليهما كلمة واحدة، ولم يكن للسان بد من الإتيان بجميع حروف الكلمة وحركاتها افتتح أول الكلمة على وجه يناسب آخرها لتخف الكلمة عليه، وهذه رائحة من معنى قول الشاعر: [من المتقارب] رأى الأمر يفضى إلى آخر ... فصير آخره أولا (1)
وينبغى للطالب أن يعلم متى حصل توجيه مسألة فى هذا العلم بوجه مناسب كفى، فإن اتفق مع ذلك اطراد التوجيه فى سائر النظائر واستمرار التعليل فحسن، وإن لم يطرد ذلك وحصل الاختلاف بين النظائر فلا اعتراض لأن القوانين فى علم العربية إنما هى أكثرية لا كلية لأن موضوع هذا العلم الألفاظ، وهو أمر وضعى، وإنما يلزم الاطراد، ويقدح الانكسار فى العلوم العقلية.
فإن قيل: قد ذكرت وجها من الشبه بين هذه الهاء وهاء السكت، فلم فتحت [ما قبل] هاء السكت فى قوله تعالى: {كِتََابِيَهْ} [الحاقة: 19] و {سُلْطََانِيَهْ} [الحاقة: 29]،
__________
(1) ينظر البيت فى: خزانة الأدب (8/ 109) والمقتصد فى شرح الإيضاح (1/ 169)، والخصائص (1/ 209)، (2/ 31، 170) وشرح المفصل (5/ 120)، والأشباه والنظائر (1/ 277).(1/525)
و {مََالِيَهْ} [الحاقة: 28]، و {وَمََا أَدْرََاكَ مََا هِيَهْ} [القارعة: 10]، وشبهه؟
فالجواب: أن هاء السكت [إنما دخلت] (1) فى هذه الأمثلة لبيان الفتحة خاصة، ولا شبه بينها وبين الألف الممالة فلم يكن لإمالتها وإمالة الفتحة وجه، والله جل جلاله أعلم وأحكم.
وأما الفتح مع الألف فعلله الحافظ بأن الألف فى «الصلاة»، و «الزكاة»، «والنجاة» منقلبة عن الواو، ففتحت فى الوقف دلالة على أصلها، وحملت البواقى عليها كما حمل بعض حروف المضارعة على بعض فى نحو «يعد»، و «أكرم»، ثم علل بما معناه أن هذه الألف لو أميلت لزم إمالة ما قبلها، ولم يمكن الاقتصار على إمالة الألف مع الهاء دون إمالة ما قبل الألف.
قال العبد: «وتمام هذا التعليل أن يقول: والأصل فى هذا الباب الاقتصار على إمالة الهاء والحرف الذى قبلها خاصة».
قال الحافظ: «وكذلك انعقد إجماع أهل الأداء على فتح الألف معها».
وبمثل هذا علل الشيخ.
واعلم أنه لا خلاف أن الكسائى يميل ألف «مرضاة»، و «مشكاة»، و «مزجاة»، و «تقاة»، و «التوراة»، ولا يلزم من ذلك إمالة الهاء فى الوقف على مذهب الشيخ لأن الإمالة عنده لا تكون فى الهاء كما تقدم، وإنما أميلت الألف فى هذه الكلمات لانقلابها عن الياء كما مر فى الباب قبله لا من أجل هاء التأنيث، فأما على مذهب الحافظ حيث يرى أن الإمالة تدخل الهاء، وقد نص فى المفردات على هذه الكلمات الخمس فقال:
«إن الألف وما قبلها هو الممال فى هذه الخمسة لا الهاء وما قبلها إذ لو كان ذلك لما جازت الإمالة فيها فى حال الوصل لانقلاب الهاء المشبهة بالألف فيه تاء».
فيبقى عليه إشكال، وهو أن يقال: القدر الذى يحصل فى صوت الهاء من التكيف الذى نسميه إمالة بعد الفتحة الممالة، حاصل أيضا بعد الألف الممالة فيلزمك أن تقول: إنها ممالة بعد الألف الممالة وإن لم تكن الإمالة بسبب الهاء، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
القسم الثالث: الذى فيه التفصيل: هو إذا كان قبل الهاء أحد أربعة أحرف، وهى:
__________
(1) سقط فى أ.(1/526)
الهمزة، والهاء، والكاف، والراء، والضابط أنه متى كان قبل واحد من هذه الأربعة ياء ساكنة، أو كسرة متصلة به، أو مفصول بينهما بحرف ساكن أميلت فى الوقف وإلا فلا.
أما الهمزة فوردت فى أحد عشر اسما:
فى اسمين منها بعد الياء وهما: {كَهَيْئَةِ} [آل عمران: 49] و {خَطِيئَةً} [النساء:
112].
وفى خمسة بعد الكسرة، وهى: {مِائَةَ} [البقرة: 259] و {فِئَةٍ} [البقرة: 249] و {نََاشِئَةَ} [المزمل: 6] و {سَيِّئَةٌ} [الروم: 36] و {خََاطِئَةٍ} [العلق: 16] الوقف على هذه السبعة بالإمالة.
ومنها أربعة سوى ما تقدم، وهى: {النَّشْأَةَ} [العنكبوت: 20] و {سَوْأَةَ}
[المائدة: 31] و {امْرَأَتُ} و {بَرََاءَةٌ} [التوبة: 1].
مذهب الحافظ فى «التيسير» الفتح فى الأربعة، وذكر فى غيره الخلاف فى {النَّشْأَةَ} و {سَوْأَةَ}، وأن الفتح أقيس.
وحاصل قول الشيخ والإمام فى هذه الأسماء موافق لقول الحافظ، إلا أن الشيخ ذكر أن إمالة {النَّشْأَةَ} و {سَوْأَةَ} هو مذهب أبى الطيب.
وأما الهاء فوردت فى أربعة أسماء:
فى ثلاثة منها بعد الكسرة وهى:
{آلِهَةً} [الأنعام: 19]، و {فََاكِهَةً} [عبس: 31] و {وِجْهَةٌ} (1) [البقرة: 148] الوقف على هذه الثلاثة بالإمالة.
ومنها واحد بعد الألف وهو {سَفََاهَةٍ} الوقف عليه بالفتح من الطرق الثلاثة.
وأما الكاف فوردت فى أحد عشر اسما:
فى واحد بعد الياء، وهو {الْأَيْكَةِ} [الحجر: 78] بالألف واللام، فأما «ليكة» دون الألف واللام فليس فى قراءة الكسائى (2).
__________
(1) هكذا فى المخطوط فليحرر.
(2) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر: (ليكة) بلام واحدة وفتح التاء، جعلوه اسما غير معرف ب (أل) مضافا إليها (أصحاب) هنا وفى (ص) خاصة، والباقون: (الأيكة) معرفا ب (أل) مضافا إليها (أصحاب) هنا وفى (ص) خاصة، والباقون: (الأيكة) معرفا ب (أل) موافقة لما أجمع عليه فى الحجر وفى (ق)، وقد اضطربت أقوال الناس فى القراءة الأولى، وتجرأ بعضهم على قارئها.(1/527)
__________
ووجهها على ما قال أبو عبيد: أن (ليكة) اسم للقرية التى كانوا فيها و (الأيكة): اسم للبلد كله. قال أبو عبيد: لا أحب مفارقة الخط فى شىء من القرآن إلا ما يخرج من كلام العرب، وهذا ليس بخارج من كلامها مع صحة المعنى فى هذه الحروف، وذلك أنا وجدنا فى بعض التفاسير الفرق بين (ليكة)، و (الأيكة)، فقيل: (ليكة): هو اسم للقرية التى كانوا فيها، والأيكة: البلاد كلها فصار الفرق بينهما شبيها بما بين (مكة، وبكة)، ورأيتهن مع هذا فى الذى يقال: إنه الإمام مصحف عثمان مفترقان، فوجدت التى فى (الحجر) والتى فى (ق): (الأيكة)، ووجدت التى فى (الشعراء) والتى فى (ص): (ليكة)، ثم اجتمعت عليها مصاحف الأمصار بعد، فلا نعلمها إذن اختلفت فيها، وقرأ أهل المدينة على هذا اللفظ الذى قصصنا، يعنى بغير ألف ولام، ولا إجراء. انتهى ما قاله أبو عبيد. قال أبو شامة بعد نقله كلام أبى عبيد: هذه عبارته، وليست سديدة فإن اللام موجودة فى (ليكة)، وصوابه: بغير ألف وهمزة. قال شهاب الدين: بل هى سديدة فإنه يعنى بغير ألف ولام معرّفة لا مطلق لام فى الجملة.
وقد تعقب قول أبى عبيد وأنكروا عليه، فقال أبو جعفر: أجمع القراء على خفض التى فى (الحجر) و (ق) فيجب أن يرد ما اختلف فيه إلى ما اتفق عليه إذ كان المعنى واحدا، فأما ما حكاه أبو عبيد من (ليكة): اسم القرية، وأن (الأيكة): اسم البلد كله فشىء لا يثبت ولا يعرف من قاله، ولو عرف لكان فيه نظر لأن أهل العلم جميعا من المفسرين والعالمين بكلام العرب على خلافه، ولا نعلم خلافا بين أهل اللغة أن (الأيكة): الشجر الملتف.
فأما احتجاج بعض من احتج لقراءة من قرأ فى هذين الموضعين بالفتح لأنه فى السواد:
(ليكة) فلا حجة فيه، والقول فيه: إن أصله: (الأيكة) ثم خففت الهمزة، فألقيت حركتها على اللام، فسقطت واستغنت عن ألف الوصل لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض، كما تقول: (مررت بالأحمر) على تحقيق الهمزة، ثم تخففها فتقول:
(بلحمر)، فإن شئت كتبته فى الخط على ما كتبته أولا، وإن شئت كتبته بالحذف، ولم يجز إلا الخفض فلذلك لا يجوز فى (الأيكة) إلا الخفض، قال سيبويه: واعلم أن كل ما لم يتصرف إذا دخلته الألف واللام أو أضفته انصرف. ولا نعلم أحدا خالف سيبويه فى هذا، وقال المبرد فى كتاب الخط: كتبوا فى بعض المواضع: (كذب أصحاب ليكة) بغير ألف، لأن الألف تذهب فى الوصل، ولذلك غلط القارئ بالفتح فتوهم أن (ليكة) اسم شىء، وأن اللام أصل فقرأ: (أصحاب ليكة).
وقال الفراء: نرى والله أعلم أنها كتبت فى هذين الموضعين بترك الهمز فسقطت الألف لتحريك اللام. قال مكى: تعقب ابن قتيبة على أبى عبيد فاختار (الأيكة) بالألف والهمزة والخفض، وقال: إنما كتبت بغير ألف على تخفيف الهمز، قال: وقد أجمع الناس على ذلك، يعنى: فى (الحجر) و (ق): فوجب أن يلحق ما فى (الشعراء) و (ص) بما أجمعوا عليه، فما أجمعوا عليه شاهد لما اختلفوا فيه. وقال أبو إسحاق:
القراءة بجر (ليكة) وأنت تريد (الأيكة)، أجود من أن تجعلها (ليكة) وتفتحها لأنها لا تتصرف لأن (ليكة) لا تعرف، وإنما هى (أيكة) للواحد، و (أيك) للجمع، مثل: أجمة وأجم. والأيك: الشجر الملتف، فأجود القراءة فيها الكسر وإسقاط الهمزة لموافقة(1/528)
وفى أربعة [بعد] الكسرة وهى {ضََاحِكَةٌ} [عبس: 39] و {مُشْرِكَةٍ}
[البقرة: 221] و {الْمَلََائِكَةِ} و {وَالْمُؤْتَفِكَةَ} [النجم: 53] الوقف على هذه الخمسة [بالإمالة].
__________
المصحف، ولا أعلمه إلا قد قرئ به.
وقال الفارسى: قول من قال: (ليكة) بفتح التاء مشكل لأنه فتح مع لحاق اللام الكلمة، وهذا فى الامتناع كقول من قال: مررت بلحمر. فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة، وإنما كتبت (ليكة) على تخفيف الهمز، والفتح لا يصح فى العربية لأنه فتح حرف الإعراب فى موضع الجر مع لام المعرفة، فهو على قياس قول من قال: مررت بلحمر، ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قال عنه ورش. يعنى أن ورشا نقل عن نافع نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها حيث وجد بشروط مذكورة، ومن جملة ذلك ما فى سورة (الحجر) و (ق) من لفظ (الأيكة)، فقرأ على قاعدته فى السورتين بنقل الحركة وطرح الهمز وخفض التاء: فكذلك ينبغى أن يكون الحكم فى هذين الموضعين أيضا.
وقال الزمخشرى: قرئ (أصحاب الأيكة) بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة، وهو الوجه، ومن قرأ بالنصب وزعم أن (ليكة) بوزن: (ليلة) اسم بلد فتوهّم قاد إليه خط المصحف وإنما كتبت على حكم لفظ اللافظ، كما يكتب أصحاب النحو: لان، ولاولى، على هذه الصورة لبيان لفظ المخفف. وقد كتبت فى سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة، على أن (ليكة) اسم لا يعرف، وروى أن (أصحاب الأيكة) كانوا أصحاب شجر ملتف، وكان شجرهم الدوم، وهو شجر المقل. يعنى أن مادة (ل ى ك) مفقودة فى لسان العرب. كذا قال الثقات ممن تتبع ذلك.
قال: وهذا كما نصوا على أن الخاء والذال المعجمتين لم يجامعا الجيم فى لغة العرب ولذلك لم يذكرها صاحب (الصحاح) مع ذكره التفرقة المتقدمة عن أبى عبيد، ولو كانت موجودة فى اللغة لذكرها مع ذكره التفرقة المتقدمة لشدة الاحتياج إليها. وقال الزجاج أيضا: أهل المدينة يفتحون على ما جاء فى التفسير أن اسم المدينة التى كان فيها شعيب: (ليكة).
قال أبو على: لو صح هذا فلم أجمع القراء على الهمز فى قوله: {وَإِنْ كََانَ أَصْحََابُ الْأَيْكَةِ} [الحجر: 78] فى (الحجر)، و (الأيكة) التى ذكرت هاهنا هى (الأيكة) التى ذكرت هناك، وقد قال ابن عباس: الأيكة: الغيضة. ولم يفسرها بالمدينة ولا البلد؟! قال شهاب الدين: وهؤلاء كلهم كأنهم زعموا أن هؤلاء الأئمة الأثبات إنما أخذوا هذه القراءة من خط المصاحف دون أفواه الرجال، وكيف يظن بمثل أسنّ القراء وأعلاهم إسنادا، والآخذ القرآن عن جملة من جلة الصحابة: أبى الدرداء وعثمان بن عفان وغيرهما، وبمثل إمام مكة شرفها الله تعالى وبمثل إمام المدينة، وكيف ينكر على أبى عبيد قوله أو يتهم فى نقله؟! ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والتواتر قطعى فلا يعارض بالظنى، وأما اختلاف القراءة مع اتحاد القصة، فلا يضر ذلك، عبر عنها تارة بالقرية خاصة وتارة بالمصر الجامع للقرى كلها، الشامل هو لها، وأما تفسير ابن عباس فلا ينافى ذلك لأنه عبر عنها بما كثر فيها.
ينظر اللباب (15/ 7470).(1/529)
وفى ستة سوى ما تقدم، وهى:
{مَكَّةَ} [الفتح: 24]، و {بِبَكَّةَ} [آل عمران: 96]، و {دَكَّةً} [الحاقة: 14]، و {الشَّوْكَةِ} [الأنفال: 7]، و {التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، و {مُبََارَكَةٍ} [النور:
35].
اختيار الحافظ والإمام الفتح، وذكر الشيخ عن أبى الطيب الإمالة، وأما الراء فوردت فى ثمانية وثمانين اسما:
فى ستة بعد الياء الساكنة وهى: {كَبِيرَةً} [التوبة: 121]، و {كَثِيرَةً} [البقرة:
245]، و {صَغِيرَةً} [التوبة: 121]، و {الظَّهِيرَةِ} [النور: 58]، و {بَحِيرَةٍ}
[المائدة: 103]، و {بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108].
وفى ثلاثين بعد الكسرة المتصلة، أو المفصولة بالساكن وهى: {فَنَظِرَةٌ}
[البقرة: 280]، و {بِالْآخِرَةِ} [البقرة: 4]، و {حََاضِرَةً} [البقرة: 282]، و {كََافِرَةٌ} [آل عمران: 13]، و {دََائِرَةٌ} [المائدة: 52]، و {وََازِرَةٌ} [الأنعام:
164]، و {ظََاهِرَةً} [لقمان: 20]، و {نََاضِرَةٌ} [القيامة: 22]، و {نََاظِرَةٌ}
[القيامة: 23]، و {بََاسِرَةٌ} [القيامة: 24]، و {فََاقِرَةٌ} [القيامة: 25]، و {الْحََافِرَةِ}
[النازعات: 10]، و {نَخِرَةً} [النازعات: 11]، و {خََاسِرَةٌ} [النازعات: 12]، و {بِالسََّاهِرَةِ} [النازعات: 14]، و {صََابِرَةٌ} [الأنفال: 66]، و {مَعْذِرَةً}
[الأعراف: 164]، و {الْمَغْفِرَةِ} [البقرة: 221]، و {مُنْكِرَةٌ} [النحل: 22]، و {مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12]، و {مُسْفِرَةٌ} [عبس: 38]، و {أَسََاوِرَ}
[الزخرف: 53]، و {تَبْصِرَةً} [ق: 8]، و {تَذْكِرَةً} [طه: 3]، و {مُسْتَنْفِرَةٌ}
[المدثر: 50]، و {مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 39]، و (عبرة) [آل عمران: 13]، و {فِطْرَتَ} [الروم: 30]، و {سِدْرَةِ} [النجم: 14]، و {قُرَّةَ} [الفرقان: 74].
الوقف على هذه الستة والثلاثين بالإمالة إلا {فِطْرَتَ} فإن الإمام استثناها فقال:
بالفتح، وذكر الشيخ الخلاف عن أصحاب ابن مجاهد، وكذلك ذكر الحافظ الخلاف فى غير «التيسير»، ومقتضى قوله فى «التيسير» إمالتها إذا لم يستثنها.
وفى اثنين وخمسين سوى ما تقدم، وهى: {جَهْرَةً} [البقرة: 55]، و {الْحَسْرَةِ}
[مريم: 39]، و {فَتْرَةٍ} [المائدة: 19]، و {زَهْرَةَ} [طه: 131]، و {صَخْرَةٍ}
[لقمان: 16]، و {زَجْرَةٌ} [الصافات: 19]، و {نَظْرَةً} [الصافات: 88]، و {عَشَرَةٌ}
[البقرة: 196]، و {سَكْرَةُ} [ق: 19]، و {كَثْرَةُ} [المائدة: 100]، و {غَمْرَةٍ}
[المؤمنون: 63]، و {نَضْرَةً} [الإنسان: 11]، و {عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13]، و {كِبْرَهُ} [النور: 11]، و {ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، و {قُرَّةَ} [الفرقان: 74]، و {صَرَّةٍ} [الذاريات: 29]، و {تََارَةً} [الإسراء: 69]، و {عُسْرَةٍ} [البقرة: 280]، و {حُفْرَةٍ} [آل عمران: 103]، و {الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117]، و {سُورَةٌ} [التوبة:(1/530)
وفى اثنين وخمسين سوى ما تقدم، وهى: {جَهْرَةً} [البقرة: 55]، و {الْحَسْرَةِ}
[مريم: 39]، و {فَتْرَةٍ} [المائدة: 19]، و {زَهْرَةَ} [طه: 131]، و {صَخْرَةٍ}
[لقمان: 16]، و {زَجْرَةٌ} [الصافات: 19]، و {نَظْرَةً} [الصافات: 88]، و {عَشَرَةٌ}
[البقرة: 196]، و {سَكْرَةُ} [ق: 19]، و {كَثْرَةُ} [المائدة: 100]، و {غَمْرَةٍ}
[المؤمنون: 63]، و {نَضْرَةً} [الإنسان: 11]، و {عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13]، و {كِبْرَهُ} [النور: 11]، و {ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، و {قُرَّةَ} [الفرقان: 74]، و {صَرَّةٍ} [الذاريات: 29]، و {تََارَةً} [الإسراء: 69]، و {عُسْرَةٍ} [البقرة: 280]، و {حُفْرَةٍ} [آل عمران: 103]، و {الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117]، و {سُورَةٌ} [التوبة:
64]، و {صُورَةٍ} [الانفطار: 8]، و {بُكْرَةً} [مريم: 11]، و {ثَمَرَةٍ} [البقرة:
25]، و {شَجَرَةِ} [طه: 120]، و {السَّحَرَةُ} [الأعراف: 113]، و {عَشَرَةٌ}
[البقرة: 196]، و {بَقَرَةً} [البقرة: 67]، و {سَفَرَةٍ} [عبس: 15]، و {بَرَرَةٍ} [عبس:
16]، و {غَبَرَةٌ} [عبس: 40]، و {قَتَرَةٌ} [عبس: 41]، و {الْكَفَرَةُ} [عبس: 42]، و {الْفَجَرَةُ} [عبس: 42]، و {الْخِيَرَةُ} [القصص: 68]، و {وَالْحِجََارَةُ} [البقرة: 24]، و {وَعِمََارَةَ} [التوبة: 19]، و {تِجََارَةً} [البقرة: 282]، و {السَّيََّارَةِ} [يوسف: 10]، {كَفََّارَةٌ} [المائدة: 45]، و {لَأَمََّارَةٌ} [يوسف: 53]، و {أَثََارَةٍ} [الأحقاف: 4]، و {مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، و {مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25]، و {مُنَشَّرَةً} [المدثر: 52]، و {الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: 14]، و {مَعَرَّةٌ} [الفتح: 25]، و {مُخْضَرَّةً} [الحج:
63]، و {قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51]، و {مَحْشُورَةً} [ص: 19].
الوقف على جميعها بالفتح من الطرق الثلاثة، والله جل جلاله وتقدست أسماؤه أعلم وأحكم.
فأما علة التفصيل فى هذه الأحرف الأربعة، فإنها لمّا لم تكن من حروف الاستعلاء لم تقو على الفتح قوة حروف الاستعلاء، ولما كان بينها وبين حروف الاستعلاء نوع من الشبه لم تضعف عن الفتح مطلقا فاعتبر لذلك ما قبلها فقويت على الفتح مع الفتح والضم، وضعفت مع الياء والكسر على ما تقدم:
فوجه شبه الهاء والهمزة لحروف الاستعلاء أنها من حروف الحلق كالحاء والعين، ويفتح معها عين المضارع من «فعل» المفتوح العين إذا كانا فى موضع العين، أو اللام، كما تقدم فى الحاء والعين، ومع ذلك فهما من مخرج الألف، والفتح من جنس الألف، وأما الكاف فإنها قريبة المخرج من القاف.
وأما الراء فلتكررها قويت، فإذا انفتح ما قبلها فكأنه قد اجتمع ثلاث فتحات، وفى هذا الأخير نظر، وسيأتى فى باب الراءات، والله عز وجل أعلم.
قال الحافظ: «وكذلك إن وقع قبل الهاء راء وانفتح ما قبل الراء أو انضم».(1/531)
وأما الراء فلتكررها قويت، فإذا انفتح ما قبلها فكأنه قد اجتمع ثلاث فتحات، وفى هذا الأخير نظر، وسيأتى فى باب الراءات، والله عز وجل أعلم.
قال الحافظ: «وكذلك إن وقع قبل الهاء راء وانفتح ما قبل الراء أو انضم».
وكان ينبغى أن يقول مع هذا: «أو سكن بعد فتحة أو ضمة» ألا تراه ذكر فى الأمثلة: {غَمْرَةٍ} [المؤمنون: 63] و {حُفْرَةٍ} و (سورة) و {وَعِمََارَةَ} [التوبة:
19].
وقوله: «أو همزة وانفتح ما قبلها أو كان ألفا» كان ينبغى أن يقول: «أو ساكنا بعد فتحة» بدل قوله: «أو كان ألفا» لأن أمثلته اشتملت على {النَّشْأَةَ} [العنكبوت: 20] و {سَوْأَةَ} [المائدة: 31].
قوله: «أو هاء وكان قبلها ألف» ليس فى القرآن منه إلا {سَفََاهَةٍ}
[الأعراف: 66].
وقوله: «أو كاف وانضم ما قبلها أو انفتح»، كان ينبغى أن يقول: «أو سكن بعد فتحة» لأن أمثلته اشتملت على {الشَّوْكَةِ} [الأنفال: 7]، وكذلك الكاف المشددة، كما تقدم فى الأمثلة.
قوله: «فإن ابن مجاهد وأصحابه كانوا لا يرون إمالة الهاء وما قبلها مع ذلك» يشير بذلك إلى جميع ما تقدم من قوله: «إلا أن يقع قبل الهاء أحد عشر حرفا» إلى هذا الموضع.
وذكر فى «الموضح» أن اختيار الفتح فى هذا كله هو مذهب ابن مجاهد، وأبى الحسين بن المنادى (1)، وأبى طاهر بن أبى هاشم، وأصحابهم، ونص أنها قراءته على أبى الحسن بن غلبون وذكر عن أبى مزاحم موسى بن عبيد الله (2)
__________
(1) أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله، أبو الحسين البغدادى، المعروف بابن المنادى، الإمام المشهور، حافظ ثقة متقن محقق ضابط، قرأ على الحسن بن العباس وعبيد الله بن محمد ابن أبى محمد اليزيدى وجامع البيان محمد بن سعيد بن يحيى البزورى وإدريس ابن عبد الكريم وسليمان بن يحيى الضبى والكفاية الكبرى الفضل بن مخلد والحسن ابن العباس بن أبى مهران الجمال، وروى الحروف عن جده محمد بن عبيد الله ومحمد ابن الفرج الغسانى، ووهم الهذلى فى قوله إنه قرأ على الدورى، قرأ عليه الكامل أحمد ابن نصر الشذائى وعبد الواحد بن أبى هاشم وأبو الحسن بن بلال وأحمد بن صالح بن عمر البغدادى والكفاية الكبرى عبد الله بن أحمد بن يعقوب وجامع البيان أحمد ابن عبد الرحمن وأبو الحسن على بن عمر الدارقطنى وعبيد الله بن إبراهيم العمرى، وروى القراءة عنه أبو الحسين الجبنى شيخ الأهوازى ومات قبله بزمان، توفى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة فى المحرم. ينظر غاية النهاية (1/ 44).
(2) فى ب: عبد الله.(1/532)
الخاقانى (1)، وأبى بكر بن الأنبارى، وجماعة من أهل الأداء إطلاق القياس بالإمالة فى الجميع من غير استثناء، وهى قراءته على أبى الفتح.
وقوله: «والأول أختار» يعنى مذهب ابن مجاهد.
وقوله: «إلا ما كان قبل الهاء فيه ألف فلا تجوز الإمالة فيه».
هذا الاستثناء يرجع إلى ما قبل قوله: «والأول أختار» والله تبارك وتعالى جده، ولا إله غيره أعلم وأحكم.
مسألة: أنبه بها المبتدئ وأختم بها الباب:
{آنِيَةٍ} فى الغاشية [5] يميل منها هشام فتحة الهمزة والألف خاصة، ويفتح الياء والهاء، والكسائى يعكس الأمر فيميل فتحة الياء والهاء فى الوقف، ويفتح الهمزة والألف فافهم.
والله تبارك وتعالى الموفق للصواب، والهادى إلى صراط المستقيم.
__________
(1) موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو مزاحم الخاقانى البغدادى، إمام مقرئ مجود محدث أصيل ثقة سنى، أخذ القراءة عرضا عن المبهج والكامل الحسن بن عبد الوهاب والكامل محمد بن الفرج، كلاهما عن الدورى عن الكسائى والكامل إدريس ابن عبد الكريم والكامل محمد بن يحيى الكسائى وعبد الوهاب بن محمد بن عيسى الخزاز، وسمع الحروف من المستنير أحمد بن يوسف التغلبى عن ابن ذكوان ومن المستنير محمد بن أحمد بن واصل عن أبيه، قرأ عليه الكامل أحمد بن نصر والمستنير محمد بن أحمد بن إبراهيم والمستنير أحمد بن الحسن بن شاذان والمبهج محمد بن أحمد الشنبوذى والكامل زيد بن على، قال الدانى: كان إماما فى قراءة الكسائى ضابطا لها مضطلعا بها، قرأ عليه غير واحد من الحذاق، منهم أحمد بن نصر الشذائى، ومحمد بن أحمد الشنبوذى وغيرهما، قال: وكان أبوه وجده وزيرين لبنى العباس، وكذلك أخوه أبو على محمد بن عبيد الله، وترك أبو مزاحم الدنيا وأعمل نفسه فى رواية الحديث، وأقرأ الناس وتمسك بالسنة، قال: وكان بصيرا بالعربية شاعرا مجودا، وقال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة، قال ابن الجزرى: هو أول من صنف فى التجويد فيما أعلم، وقصيدته الرائية مشهورة، وشرحها الحافظ أبو عمرو، وقد أخبرنى بها وبقصيدته الأخرى فى السنة أبو حفص عمر بن الحسن المراغى بقراءتى عليه عن على ابن أحمد المقدسى، أخبرنا ابن طبرزد بسنده، وقد حدث عنه أبو بكر الآجرى وأبو حفص ابن شاهين وجماعة، ومات فى ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
ينظر: غاية النهاية (2/ 321320).(1/533)
باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا
بنى الحافظ رحمه الله التبويب على مذهب ورش فيما خالف فيه غيره من القراء، فرقق من الراءات المتحركة بالفتح أو بالضم (1)، ويذكر فى أثناء الباب مذاهب سائر القراء، وما اتفق الكل على تفخيمه أو على ترقيقه.
__________
(1) ويمكن إجمال ما فصله المصنف بقول ابن غلبون فى التذكرة بقوله: اعلم أن ورشا كان يقرأ الراء المفتوحة بين اللفظين إذا وقع قبلها ياء ساكنة أو كسرة فقط:
فأما الياء الساكنة فإنها تلى الراء، وما قبل هذه الياء يقع على ضربين: مفتوحا ومكسورا لا غير.
فأما المفتوح فكقوله تعالى: {خَيْراً يُؤْتِكُمْ} [الأنفال: 70]، {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج:
77]، و {غَيْرَكُمْ} [التوبة: 39، وغيرها] و {حَيْرََانَ} [الأنعام: 71، وغيرها] و {فِيهِنَّ خَيْرََاتٌ} [الرحمن: 70]، و {غَيْرَهُ} [البقرة: 230، وغيرها] و {الْخَيْرََاتِ} [البقرة:
148، وغيرها] و {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] و {لََا ضَيْرَ إِنََّا} [الشعراء: 50] و {الْجِبََالُ سَيْراً} [الطور: 10] وما أشبه هذا حيث وقع.
وأما المكسور فكقوله تعالى: {وَلِلََّهِ مِيرََاثُ} [آل عمران 180، وغيرها]، و {وَعَشِيرَتُكُمْ} [التوبة: 24] و {فَالْمُغِيرََاتِ} [العاديات: 3] و {بَشِيراً وَنَذِيراً}
[البقرة: 119، وغيرها] و {قَدِيراً} [النساء: 133، وغيرها] و {بَصِيراً} [النساء 58 وغيرها] و {نَصِيراً} [النساء 45وغيرها] و {قَمْطَرِيراً} [الإنسان 10] و {مُسْتَطِيراً}
[الإنسان: 7] و {عَسِيراً} [الفرقان 26] و {يَسِيراً} [النساء: 30، وغيرها] و {قَوََارِيرَا}
[الإنسان: 15، 16] و {خَبِيراً} [النساء 35: وغيرها] وما أشبه هذا: فورش وحده يقرأ هذه الراء بين اللفظين مع هذه الياء حيث وقعت فى المنون والمضاف، وفيما كانت الراء فيه غير طرف فى الوصل والوقف جميعا لوجود حركة الراء فيهما، وما كانت الراء فيه طرفا فى الوصل فقط لسكون الراء منه فى الوقف.
وأما الكسرة التى تقع قبل هذه الراء فإنها تكون على ضربين:
أحدهما: أن تلا الراء. والآخر: أن يحول بينهما ساكن:
فأما ما وليتها فيه الكسرة فكقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ} [الفتح 2] و {فََاطِرَ السَّمََاوََاتِ} [يوسف: 101] و {خَسِرَ الدُّنْيََا} [الحج: 11] و {شَعََائِرَ اللََّهِ} [المائدة:
2، وغيرها] و {تَبْصِرَةً} [ق: 8] و {تَذْكِرَةً} [طه: 3، وغيرها] و {نََاضِرَةٌ. إِلى ََ رَبِّهََا نََاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] و {بََاسِرَةٌ} [القيامة: 24] و {فََاقِرَةٌ} [القيامة: 25] و {بِالسََّاهِرَةِ} [النازعات: 14] و {نَخِرَةً} [النازعات: 11] و {مِنْ قَطِرََانٍ} [إبراهيم:
50] و {قََاصِرََاتُ الطَّرْفِ} [الصافات: 48، وغيرها] و {فَالزََّاجِرََاتِ} [الصافات: 2] و {فَرْشاً} [البقرة: 22] و {سِرََاجاً} [الفرقان: 61، وغيرها] و {كِرََاماً} [الفرقان:
72، وغيرها] و {شََاكِراً} [النساء: 147، وغيرها] و {صََابِراً} [الكهف: 69، وغيرها] و {إِلََّا مُبَشِّراً} [الإسراء: 105، وغيرها] وما أشبه هذا.
وأما ما حال بينهما فيه الساكن فكقوله تعالى: {الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ} [النحل: 44، وغيرها]،(1/534)
__________
{وَمََا عَلَّمْنََاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69] و {وِزْرَ أُخْرى ََ} [الأنعام: 164، وغيرها] و {غَيْرَ إِخْرََاجٍ} [البقرة: 240] و {إِخْرََاجُهُمْ} [البقرة: 85] و {إِكْرََاهِهِنَّ} [النور: 33] و {الْمِحْرََابَ} [آل عمران: 37، وغيرها] {وَإِسْرََافَنََا} [آل عمران: 147] {وَالْإِشْرََاقِ} [ص: 18] و {عِبْرَةٌ} [يوسف: 111] و {سِدْرَةِ} [النجم: 14] و {سِرَّكُمْ} [الأنعام: 3] و {ذُو مِرَّةٍ} [النجم: 6]، و {إِسْرََافاً} [النساء: 6] و {صِهْراً} [الفرقان: 54] و {ذِكْراً} [البقرة: 200، وغيرها] وما أشبه هذا: فورش وحده يقرأ هذه الراء مع هذه الكسرة فى هذين الضربين بين اللفظين، حيث وقعا فى المنون والمضاف، وكانت الراء فيه غير طرف فى الوصل والوقف جميعا لوجود حركة الراء فيهما، وفيما كانت الراء فيه طرفا فى الوصل فقط لسكون الراء منه فى الوقف.
وقد خالف أصله مع هذه الكسرة فى الضربين جميعا فى مواضع محصورة:
فأما ما وليت الكسرة فيه الراء، فإنه خالف أصله فيه فى ثمانية أحرف، ففتح الراء فيها:
أحدها: أن يكون ذلك الحرف المكسور باء الجر، كقوله تعالى: {بِرََازِقِينَ} [الحجر:
20] و {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ} [النحل: 71] و {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1، وغيرها] و {بِرَأْسِ أَخِيهِ} [الأعراف: 150] و {بِرَسُولِهِ} [التوبة: 54، وغيرها] وما أشبه هذا.
والثانى: إذا كان ذلك الحرف المكسور لام الجر، كقوله تعالى: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}
[الأعراف: 154] و {أَلِرَبِّكَ الْبَنََاتُ} [الصافات: 149] و {وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
[المنافقون: 8] وما أشبه هذا.
والثالث: قوله تعالى: {الصِّرََاطَ} [الفاتحة: 6، وغيرها] و {صِرََاطَ} [الفاتحة: 7، وغيرها] حيث وقع فى حال النصب والجر والرفع.
والرابع: إذا وقع بعد هذه الراء المكسور ما قبلها ألف بعدها راء مفتوحة أو مضمومة، كقوله: {مَسْجِداً ضِرََاراً} [التوبة: 107] و {لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرََاراً} [الكهف:
18] و {إِنْ يُرِيدُونَ إِلََّا فِرََاراً} [الأحزاب: 13] و {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ} [الأحزاب:
16] وما أشبه هذا.
والخامس: إذا وقع بعد هذه الراء ألف، بعدها قاف مضمومة، كقوله تعالى: {هََذََا فِرََاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]، و {ظَنَّ أَنَّهُ الْفِرََاقُ} [القيامة: 28]، وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش فى هذا الموضع بين اللفظين، وقد قرأت بذلك على بعضهم، والفتح أجود.
والسادس: إذا وقع بعد هذه الراء ألف، بعدها عين مفتوحة، كقوله تعالى: {عَنْهُمْ سِرََاعاً} [ق: 44] و {مِنَ الْأَجْدََاثِ سِرََاعاً} [المعارج: 43] و {سَبْعُونَ ذِرََاعاً}
[الحاقة: 32]، وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش فى هذا الموضع بين اللفظين، وقد قرأت بذلك على بعضهم، والفتح أجود.
والسابع: إذا وقع بعد هذه الراء ألف، بعدها همزة مفتوحة، كقوله تعالى:
{إِلََّا مِرََاءً} [الكهف: 22] و {افْتِرََاءً عَلَيْهِ} [الأنعام: 138] و {افْتِرََاءً عَلَى اللََّهِ}
[الأنعام: 140] وما أشبه هذا.
والثامن: إذا وقع بعد هذه الراء ألف تدل على الاثنين، سواء كانت تلك الألف اسما أو حرفا: فالاسم كقوله: {أَنْ طَهِّرََا بَيْتِيَ} [البقرة: 125] و {فَلََا تَنْتَصِرََانِ}(1/535)
وقوله: «مجملا».
يريد أنه إنما يذكر فى هذا الباب قوانين جامعة، ويبينها بأمثلة تشعر بما تشتمل عليه تلك القوانين الكلية من آحاد الألفاظ، ولا ينزل إلى تعيين كل لفظة على التفصيل.
واعلم أنه يستعمل فى هذا الباب تفخيم الراء وفتحها وتغليظها بمعنى واحد، ويستعمل أيضا ترقيقها وإمالتها وبين اللفظين بمعنى واحد، لكن هذا فيما كان من الراءات متحركا بالفتح، فأما الراء المكسورة، فلا يستعمل فيها إلا لفظ الترقيق خاصة، وكذلك الراء المضمومة التى يرققها ورش، ينبغى أن يعبر عنها بلفظ الترقيق دون لفظ الإمالة.
واعلم أن القراء يقولون [إن] (1) الأصل فى الراءات التغليظ، فإنما ترقق لعارض، واحتج لهذا الشيخ فقال ما: نصه: «إن كل راء غير مكسورة فتغليظها جائز، وليس كل راء يجوز فيها الترقيق ألا ترى أنك لو قلت: رغد، أو رقد، ونحوه بالترقيق لغيرت لفظ الراء إلى الإمالة، وهذا مما لا يمال، ولا علة فيه توجب الإمالة» انتهى.
__________
[الرحمن: 35]. والحرف كقوله: {سِحْرََانِ} [القصص: 48].
وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش فى هذا الموضع والموضع الذى قبله بين اللفظين، وقد قرأت بذلك على بعضهم، والفتح أجود فيهما.
وأما ما خالف أصله فيه مما قد حال بين الكسرة وبين الراء ساكن ففتح الراء فيه، فهو سبعة مواضع:
أحدها: {إِعْرََاضاً} [النساء: 128] و {كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرََاضُهُمْ} [الأنعام: 35].
والثانى: الأسماء الأعجمية وهى: {إِبْرََاهِيمَ} [البقرة: 124، وغيرها] و {إِسْرََائِيلَ}
[البقرة: 40، وغيرها] و {عِمْرََانَ} [آل عمران: 33، وغيرها] حيث وقعت.
والثالث: إذا وقع بعد هذه الراء ألف بعدها راء مفتوحة، كقوله تعالى: {لَهُمْ إِسْرََاراً}
[نوح: 9] و {عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً} [هود: 52، وغيرها].
والرابع: قوله تعالى: (مصر) منونا وغير منون، وجملته خمسة مواضع [البقرة: 61، يونس: 87، يوسف: 21، 99، الزخرف: 51].
والخامس: قوله تعالى فى البقرة [286]: {إِصْراً كَمََا}، وفى الأعراف [157]:
{إِصْرَهُمْ}.
والسادس: قوله تعالى فى الكهف [96]: {قِطْراً}.
والسابع: قوله تعالى فى الروم [30]: {فِطْرَتَ اللََّهِ}.
ينظر التذكرة فى القراءات الثمانى (1/ 225219).
(1) سقط فى أ.(1/536)
وهذا القدر الذى ذكره لا يستقل دليلا إذ لو قال قائل: الراء فى نفسها عرية من وصفى الترقيق والتغليظ، وإنما يعرض لها أحد الوصفين بحسب حركتها فترقق بعد (1) الكسرة لتسفلها، وتغلظ مع الفتحة والضمة لتصعدها، فإذا سكنت جرت على حكم المجاور لها.
وأيضا فقد وجدناها ترقق مفتوحة ومضمومة إذا تقدمها كسرة أو ياء ساكنة، فلو كانت فى نفسها مستحقة للتغليظ لبعد أن يبطل ما تستحقه بنفسها لسبب خارج عنها كما كان ذلك فى حروف الاستعلاء.
واحتج غيره على أن أصل الراء التغليظ بكونها متمكنة فى ظهر اللسان، فقربت بذلك من الحنك الأعلى الذى به تتعلق حروف الإطباق، وتمكنت منزلتها لما عرض لها من التكرار حتى حكموا للفتحة فيها بأنها فى تقدير فتحتين، كما حكموا للكسرة فيها بأنها فى قوة كسرتين.
واعلم أن التكرار متحقق فى الراء الساكنة، سواء كانت مدغمة أو غير مدغمة، أما حصول التكرار فى الراء المتحركة الخفيفة فغير بيّن لكن الذى يصح فيها أنها فى التغليظ والترقيق بحسب ما يستعمله المتكلم، وذلك أنها تخرج من ظهر اللسان ويتصور مع ذلك أن يعتمد الناطق بها على طرف اللسان فترقق إذ ذاك، أو يمكنها فى ظهر اللسان فتغلظ ولا يمكن خلاف هذا، فلو نطقت بها مفتوحة أو مضمومة من طرف اللسان وأردت تغليظها لم يمكن نحو {الْآخِرَةُ} [البقرة: 94] و {وَيَشْتَرُونَ} [البقرة: 174].
فإذا مكنتها إلى ظهر اللسان وبعدت عن الطرف استحكم تغليظها، وكذلك المكسورة إن مكنتها إلى ظهر اللسان غلظت ولم يمكن ترقيقها، ولا يقوى الكسر على سلب التغليظ عنها إذا تمكنت من ظهر اللسان إلا أن تغليظها فى حال الكسر قبيح فى النطق ولذلك لا يستعمله معتبر، ولا يوجد إلا فى ألفاظ العوام، وإنما كلام العرب على تمكينها من الطرف إذا انكسرت فيحصل الترقيق المستحسن فيها إذ ذاك، وعلى تمكينها إلى ظهر اللسان إذا انفتحت أو انضمت، فيحصل لها التغليظ الذى يناسب الفتحة أو الضمة، وقد تستعمل مع الفتحة والضمة من الطرف فترقق إذا عرض لها سبب، كما يتبين فى هذا الباب فى قراءة ورش، ولا يمكن إذا انكسرت
__________
(1) فى أ: مع.(1/537)
إلى ظهر اللسان لئلا يحصل التغليظ المنافر للكسرة فحصل من هذا أنه لا دليل فيما ذكروا على أن أصل الراء المتحركة التغليظ.
وأما الراء الساكنة فوجدناها ترقق بعد الكسرة اللازمة بشرط ألا يقع بعدها حرف استعلاء نحو {الْفِرْدَوْسِ}، وتغلظ فيما سوى ذلك، فأمكن أن يدعى أن تغليظها وترقيقها مرتبط بأسباب كالمتحركة، ولم يثبت فى ذلك دلالة على حكمها فى نفسها.
فأما تغليظها بعد الكسرة العارضة فى نحو {أَمِ ارْتََابُوا} [النور: 50] فيحتمل أن يكون ذلك لأن أصلها التغليظ كما قالوا، ويحتمل أن يكون تغليظها إذ ذاك بالحمل على المضارع، إذا قلت: «يرتاب» بناء على مذهب الكوفيين فى أن صيغة الأمر (1)
مقتطعة من المضارع، أو بناء على مذهب البصريين فى أن الأمر يشبهه المقتطع من المضارع فلم يعتد بما عرض لها من الكسرة فى حال الأمر، وعند ظهور هذا الاحتمال، ضعف القول بأن أصلها التغليظ.
أما إن ثبت بالنقل عن العرب أنها ينطق بها ساكنة مغلظة بعد همزة الوصل فى حكاية لفظ الحرف فتقول: «ار» كما تقول «اب» «ات» فحينئذ يمكن أن يحتج بذلك إن ثبت على أن أصلها التغليظ، وكذلك إن ثبت أن الوقف على الأمر من «سرى» فى كلام العرب بتغليظ الراء فى قولك: «اسر» إذا لم ترم الكسرة.
وإذا تقرر هذا فأقول: من زعم أن أصل الراء التغليظ، إن كان يريد إثبات هذا الوصف للراء مطلقا من حيث إنها راء فلا دليل عليه لما تقدم.
وإن كان يريد بذلك الراء المتحركة بالفتح أو بالضم، وأنها لما عرض لها التحريك بإحدى الحركتين قويت بذلك على الفتح فلزمته فلا يجوز ترقيقها إذ ذاك، إلا إن وجد سبب وحينئذ يتصور فيها رعى السبب فترقق، ورفضه، فتبقى على ما استحقته من الفتح بسبب حركتها فهذا كلام حسن مناسب، والله تبارك وتعالى أعلم بالحقائق.
فإذا تقرر هذا: فاعلم أن الراءات فى مذهب القراء ثلاثة أقسام:
قسم اتفقوا على تفخيمه.
وقسم اتفقوا على ترقيقه.
وقسم اختلفوا فيه: فرققه ورش وحده، وفخمه الباقون.
__________
(1) كذا، ولا يتفق تعليله هذا مع المثال لأنه ماض.(1/538)
واعلم أن هذا التقسيم إنما يرد على الراءات التى لم يجر لها ذكر فى باب الإمالة فأما ما ذكر هناك نحو: (ذكرى) و {بُشْرى ََ} و {الْأَبْرََارِ}، فلا خلاف أن من قرأها بالإمالة أو بين اللفظين يرققها، ومن قرأها بالفتح يفخمها.
وأذكر كل واحد من الأقسام الثلاثة حسب ما رتبه الحافظ رحمه الله فى هذا الباب.
قال الحافظ رحمه الله: «اعلم أن ورشا كان يميل فتحة الراء قليلا بين اللفظين إذا وليها» كذا.
قد تقدم أن الإمالة هى تقريب الألف من الياء وتقريب الفتحة من الكسرة، ولما كانت الراء المكسورة يلزمها الترقيق فى كلام العرب كما تقدم، حسن أن يعبر عن فتحة الراء المرققة بأنها ممالة، للشبه الحاصل بين الراء المفتوحة والراء المكسورة فى الترقيق، ولوجود سبب الإمالة إذ لا ترقق الراء المفتوحة إلا مع الكسرة أو الياء الساكنة، وعند حصول السبب وترقيق الراء، فلا بد أن يسرى للفتحة شىء من شبه الكسرة فصح استعمال لفظ الإمالة فى الفتحة لذلك.
واعلم أن الكسرة التى تكون قبل الراء على ضربين: لازمة، وغير لازمة.
فاللازمة هى التى تكون مع الراء فى كلمة واحدة نحو {كِرََامٍ} [عبس: 16].
ألا ترى أن الكاف لا تنفصل من الراء لأنهما فى كلمة واحدة ولو فصلتها، لفسد نظم الكلمة، وبطلت دلالتها على المعنى الذى كانت تدل عليه قبل ذلك فحصل من هذا لزوم الكسرة للراء.
وأما الكسرة غير اللازمة: فهى التى تكون قبل الراء، ولا تكون فى حرف من نفس الكلمة التى فيها الراء، وإنما يكون ذلك إذا كانت الراء أول الكلمة.
ثم هذه الكسرة على ضربين: منفصلة، وعارضة، ونعنى بالمنفصلة: أن تكون الكسرة فى آخر حرف من الكلمة مستقلة بنفسها لا تفتقر إلى الاتصال بما بعدها فى الخط نحو: {بِآيََاتِ رَبِّهِمْ} [الجاثية: 11] فهذه الراء مفتوحة وهى أول الكلمة، وقبلها كسرة فى التاء من {آيََاتٌ} [آل عمران: 7] وهما كلمتان مستقلتان، لا تفتقر الأولى إلى الثانية من حيث البنية.
ونعنى بالكسرة العارضة: الكسرة التى فى لام الجر، وباء الجر فى نحو {لِرَبِّكِ}
[آل عمران: 43] و {بِرَبِّكَ} [الإسراء: 17].
ألا ترى أن اللام والباء، لما كان كل واحد منهما حرفا واحدا من حروف التهجى، لزم اتصاله بما بعده فى اللفظ والخط لعدم استقلاله، على ما تقدم بيانه فى باب نقل الحركة.(1/539)
ونعنى بالكسرة العارضة: الكسرة التى فى لام الجر، وباء الجر فى نحو {لِرَبِّكِ}
[آل عمران: 43] و {بِرَبِّكَ} [الإسراء: 17].
ألا ترى أن اللام والباء، لما كان كل واحد منهما حرفا واحدا من حروف التهجى، لزم اتصاله بما بعده فى اللفظ والخط لعدم استقلاله، على ما تقدم بيانه فى باب نقل الحركة.
وقد حصل من كلام الحافظ أن الكسرة اللازمة قبل الراء تكون على ضربين:
متصلة بالراء، ومفصول بينهما بحرف ساكن.
ويريد أن هذا الفاصل يكون حرفا صحيحا غير الصاد، والطاء، والقاف لأنه متى كان الفاصل واحدا من هذه الأحرف الثلاثة، فورش يفخم الراء إذ ذاك، على ما يأتى بحول الله عز وجل.
وإنما قلت: إنه أراد حرفا صحيحا لأنه قد ذكر أن الياء الساكنة على حدتها.
ثم إن الياء تكون (1) أيضا قبل الراء على ضربين لأنها إن كانت بعد كسرة فهى حرف مد، نحو {فَالْمُغِيرََاتِ} [العاديات: 3]، وإن كانت بعد فتحة، فهى حرف لين نحو {الْخَيْرََاتِ} [البقرة: 148].
قال: «وسواء لحق الراء تنوين أو لم يلحقها».
يريد أنه يرققها فى جميع ذلك، أما الراء التى لم يلحقها تنوين، وهى التى تكون فى وسط الكلمة، أو فى آخر الفعل، أو فى آخر بعض الأسماء فالترقيق مطرد فيها، إلا فى ألفاظ قليلة وهى: {الصِّرََاطَ} [الفاتحة: 6] وما يذكر معه بعد، وكذلك التى لحقها التنوين سيستثنى منها أحرفا ستة، وهى {سِتْراً} [الكهف: 90] وما يذكر معها إن شاء الله.
واعلم أن مجموع الراءات التى يشتمل عليها هذا القسم، فإنى الآن بحول الله عز وجل أذكرها، وأحصرها فى فصلين:
أحدهما: اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام فيه على الترقيق لورش.
والثانى: اختلفوا فيه.
وأقدم المختلف فيه مستعينا بالله الرب الكريم، البر الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
__________
(1) فى ب: يكون.(1/540)
الفصل الأول
فيما اختلفوا فيه من الراءات، ويشتمل على ثمانية أقسام:
القسم الأول: {سِرََاعاً} [ق: 44] و {ذِرََاعاً} [الحاقة: 32] تفرد الإمام فيهما بالتفخيم.
الثانى: {كَبِّرْهُ} و {لَعِبْرَةً} و {وِزْرَ أُخْرى ََ} حيث وقع. تفرد الشيخ فيها بالتغليظ.
الثالث: {حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] اتفق الشيخ والإمام على تغليظه.
الرابع: {وَعَشِيرَتُكُمْ} فى التوبة [الآية: 24]، و {إِجْرََامِي} [هود: 35] و {حَيْرََانَ}
[الأنعام: 71]، ذكر (1) الشيخ والإمام عن ورش التغليظ، والترقيق، وقال الإمام فى {إِجْرََامِي}: «إن بين اللفظين أكثر».
الخامس: {عِشْرُونَ} [الأنفال: 65]، و {كِبْرٌ مََا هُمْ بِبََالِغِيهِ} [غافر: 56]، و {وِزْرَكَ}، و {ذِكْرَكَ} [الانشراح: 2، 4]، و {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90]، مذهب الشيخ التغليظ، وعن الإمام الوجهان وقال: «إن التفخيم فى «وزرك» و «ذكرك» أكثر، ولا خلاف فى ترقيق «حصرت» فى الوقف.
السادس: «المرء» فى قوله تعالى {بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} و {بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، ذكر الشيخ، والإمام عن ورش التغليظ والترقيق، وقال الشيخ: «والمشهور عن ورش: الترقيق». وقال: «التفخيم أكثر وأحسن».
السابع: كل راء منصوبة منونة بعد كسرة أو ياء ساكنة:
فالذى بعد الكسرة من ذلك عشرون حرفا وهى {شََاكِراً} [النساء: 174]، و {سََامِراً} [المؤمنون: 67]، و {صََابِراً} [الكهف: 69]، و {نََاصِراً} [الجن: 24]، و {حََاضِراً} [الكهف: 49]، و {ظََاهِراً} [الكهف: 22]، و {عََاقِراً} [مريم: 5]، و {طََائِرٍ} (2) [الأنعام: 38]، و {فََاجِراً} [نوح: 27]، و {مُدْبِراً} [النمل: 10]، و {مُبْصِراً} [يونس: 67]، و {مُهََاجِراً} [النساء: 100]، و {مُغَيِّراً} [الأنفال: 53]، و {مُبَشِّراً} [الإسراء: 105]، و {مُنْتَصِراً} [الكهف: 43]، و {مُقْتَدِراً} [الكهف: 45]، و {مُسْتَقِرًّا} [النمل: 40]، و {مُسْتَكْبِراً} [لقمان: 7]، و {حََاضِراً} [الكهف: 49]، و {سِرًّا} [البقرة: 235]، والذى بعد الياء الساكنة على ضربين:
__________
(1) فى أ: وذكر.
(2) هكذا فى الأصل.(1/541)
أحدهما: أن تكون الياء حرف لين، وذلك ثلاثة ألفاظ، وهى: {خَيْراً} [البقرة:
158] و {طَيْراً} [الفيل: 3] و {سَيْراً} [الطور: 10].
الثانى: أن تكون الياء حرف مد، وهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون وزنه «فعيلا»، وجملته اثنان وعشرون حرفا، وهى:
{قَدِيراً}، و {خَبِيراً}، و {بَصِيراً}، و {كَبِيراً}، و {كَثِيراً}، و {بَشِيراً}، و {نَذِيراً}، و {صَغِيراً}، و {فَقِيراً}، و {نَقِيراً} و {نَفِيراً}، و {سَعِيراً}، و {يَسِيراً}، و {نَصِيراً}، و {مَصِيراً}، و {وَزَفِيراً}، و {حَصِيراً}، و {ظَهِيراً}، و {وَزِيراً}، و {عَسِيراً}، و {وَحَرِيراً}، و {أَسِيراً}.
والثاني: أن تكون على غير ذلك الوزن، وجملته ثلاثة عشر حرفا، وهي: {تَقْدِيراً}، و {تَطْهِيراً}، و {تَكْبِيراً}، و {تَفْجِيراً}، و {تَبْذِيراً}، و {تَدْمِيراً}، و {تَتْبِيراً}، و {قَوََارِيرَا} (1)، و {قَمْطَرِيراً}، و {زَمْهَرِيراً}، و {مُنِيراً}، و {مُسْتَطِيراً}.
ذكر الإمام فى جميع ذلك عن ورش فى الوصل التغليظ والترقيق، وفي الوقف الترقيق لا غير، ووافقه الشيخ على ما كان وزنه (فعيلا) وقال: «إن التفخيم فيه فى الوصل مذهب أبى الطيب، وما ليس وزنه (فعيلا) أخذ فيه بالترقيق فى الحالين» ومذهب الحافظ الترقيق فى جميع ما تقدم فى هذا الفصل.
الثامن: كل راء منصوبة منونة قبلها حرف ساكن صحيح غير حرف استعلاء، وقبل ذلك الساكن كسرة، وجملته فى القرآن ستة أحرف، وهى:
{ذِكْراً}، و {سِتْراً}، و {وِزْراً}، و {أَمْراً}، و {حِجْراً}، و {وَصِهْراً}.
مذهب الحافظ والشيخ التفخيم فى الستة، قال الشيخ: إلا {وَصِهْراً} فإنه بالوجهين لورش.
وأما الإمام فنقل فى هذه الستة التغليظ لورش، ثم قال: «إلا {وَصِهْراً} فى الفرقان فإنه بين اللفظين فى الحالين». ثم قال: «وقد قرأت له هذا الفصل كله بين اللفظين» فحصل من هذا التفخيم فى {وَصِهْراً} للحافظ، والترقيق للإمام والوجهان للشيخ، وأن باقى الفصل بالتفخيم من الطرق الثلاثة، وزاد الإمام بين اللفظين، والله جل وعلا، وتبارك وتعالى أعلم وأحكم.
__________
(1) لعله يريد «قواريرا» فى الموضعين عند من نوّنهما.(1/542)
الفصل الثانى
فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء.
اعلم أن هذه الراءات التى فى هذا الفصل نوعان: متوسطة فى الكلمة، ومتطرفة، وكل واحدة منها إما أن تكون فى اسم أو فعل فالحاصل أربعة أنواع، وكل واحد من الأربعة إما أن يكون متحركا بالفتح، أو بالضم فالجميع ثمانية أنواع: النوع الأول: الراء المفتوحة متوسطة فى الاسم، وهى أربعة أضرب:
الضرب الأول: الراء المفتوحة فى وسط الاسم بعد كسرة لازمة، والوارد منه فى القرآن سبعة وأربعون موضعا وهى: {فَرْشاً} [البقرة: 22]، {سِرََاجاً} [الفرقان:
61]، {مِرََاءً} [الكهف: 22]، {كِرََاماً} [الفرقان: 72]، {دِرََاسَتِهِمْ} [الأنعام:
156]، {ذِرََاعَيْهِ} [الكهف: 18]، {قِرَدَةً} [البقرة: 65]، {آخِرَهُ} [آل عمران:
72]، {طََائِرَهُ} [الإسراء: 13]، {طَهِّرََا} [البقرة: 125]، {قَطِرََانٍ} [إبراهيم:
50]، {لَسََاحِرََانِ} [طه: 63]، {افْتِرََاءً} [الأنعام: 138]، وكذلك: {الْآخِرَةُ}
[البقرة: 94]، {الْحََافِرَةِ} [النازعات: 10]، {بِالسََّاهِرَةِ} [النازعات: 14]، {حََاضِرَةً} [البقرة: 282]، {كََافِرَةٌ} [آل عمران: 13]، {دََائِرَةٌ} [المائدة:
52]، {وََازِرَةٌ} [الإسراء: 15]، {صََابِرَةٌ} [الأنفال: 66]، {ظََاهِرَةً}
[لقمان: 20]، {نََاضِرَةٌ} [القيامة: 22]، {نََاظِرَةٌ} [القيامة: 23]، {بََاسِرَةٌ}
[القيامة: 24]، {فََاقِرَةٌ} [القيامة: 25]، {خََاسِرَةٌ} [النازعات: 12]، {أَسََاوِرَ}
[الزخرف: 53]، {تَبْصِرَةً} [ق: 8]، {مَعْذِرَةً} [الأعراف: 164]، {مُنْكِرَةٌ}
[النحل: 22]، {مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12]، {نَخِرَةً} [النازعات: 11]، {مُسْفِرَةٌ}
[عبس: 38]، {مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 39]، {بِالْمَغْفِرَةِ} [البقرة: 175]، {التَّذْكِرَةِ}
[المدثر: 49] بالألف واللام فيهما، ودون الألف واللام، وكذلك: {وَالذََّاكِرََاتِ}
[الأحزاب: 35]، {وَالصََّابِرََاتِ} [الأحزاب: 35]، {فَالزََّاجِرََاتِ} [الصافات: 2]، {وَالنََّاشِرََاتِ} [المرسلات: 3]، {الْمُعْصِرََاتِ} [النبأ: 14]، {فَالْمُدَبِّرََاتِ} [النازعات:
5]، {قََاصِرََاتُ} [الصافات: 48]، {مُهََاجِرََاتٍ} [الممتحنة: 10]، {مُتَجََاوِرََاتٌ}
[الرعد: 4]، {مُبَشِّرََاتٍ} [الروم: 46].
وقد تقدم {سِرََاعاً} [ق: 44]، و {ذِرََاعاً} [الحاقة: 23] فى الفصل الأول.
الضرب الثانى: أن يفصل بين الراء والكسرة حرف ساكن صحيح غير الصاد
والطاء والقاف، وجملته فى القرآن عشرة احرف، وهى: {وَإِخْرََاجُ} [البقرة: 217]، {إِكْرََاهَ} [البقرة: 256]، {وَالْإِشْرََاقِ} [ص: 18]، {حِذْرَهُمْ} [النساء: 102]، {وَالْإِكْرََامِ} [الرحمن: 27]، {الْمِحْرََابَ} [آل عمران: 37]، {السِّدْرَةَ} [النجم:(1/543)
الضرب الثانى: أن يفصل بين الراء والكسرة حرف ساكن صحيح غير الصاد
والطاء والقاف، وجملته فى القرآن عشرة احرف، وهى: {وَإِخْرََاجُ} [البقرة: 217]، {إِكْرََاهَ} [البقرة: 256]، {وَالْإِشْرََاقِ} [ص: 18]، {حِذْرَهُمْ} [النساء: 102]، {وَالْإِكْرََامِ} [الرحمن: 27]، {الْمِحْرََابَ} [آل عمران: 37]، {السِّدْرَةَ} [النجم:
16] بالألف واللام ودونهما.
ومنه {سِرَّكُمْ} [الأنعام: 3]، و {ذُو مِرَّةٍ} [النجم: 6] وقدم تقدم {إِجْرََامِي}
[هود: 35] و {حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] و {كِبْرَهُ} [النور: 11] و {لَعِبْرَةً} [آل عمران: 13] و {وِزْرَكَ} [الشرح: 2] و {ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] فى الفصل الأول.
الضرب الثالث: أن يفصل بين الراء والكسرة ياء ساكنة، وجملته فى القرآن ثلاثة عشر موضعا وهى:
{كَبِيرَةً} [التوبة: 121]، و {كَثِيرَةً} [البقرة: 245]، {بَحِيرَةٍ} [المائدة:
103]، {بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108]، {صَغِيرَةً} [التوبة: 121]، {الظَّهِيرَةِ} [النور:
58]، {مَصِيرَكُمْ} [إبراهيم: 30]، {عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22] فى غير سورة براءة، {مَعََاذِيرَهُ} [القيامة: 15]، وكذلك {فَالْمُغِيرََاتِ}، و {مِيرََاثُ} [آل عمران: 180]، و {سِيرَتَهَا} [طه: 21] وقدم تقدم {وَعَشِيرَتُكُمْ} الذى فى براءة [24] فى الفصل الأول.
الضرب الرابع: أن يكون قبل الراء ياء ساكنة بعد فتحة، وجملته فى القرآن خمسة مواضع، وهى {الْخَيْرََاتِ} [البقرة: 148] بالألف واللام ودونهما، و {غَيْرَكُمْ}
[التوبة: 39]، وقدم تقدم ذكر {حَيْرََانَ} [الأنعام: 71] وأخواته فى الفصل الأول.
النوع الثانى: الراء المفتوحة المتوسطة فى الفعل، وجملته فى القرآن ثمانية وعشرون، والراء فى جميعه تلى الكسرة إلا فى موضع واحد فإنه فصلت بينهما ياء ساكنة، وهى: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ} [الممتحنة: 4]، {لَأُكَفِّرَنَّ} [آل عمران: 195]، {لَنُكَفِّرَنَّ} [العنكبوت: 7]، {وَلَنَصْبِرَنَّ} [إبراهيم: 12]، {وَلََا يُشْعِرَنَّ} [الكهف:
19]، {لَنُحْضِرَنَّهُمْ} [مريم: 68].
وكذلك {بَطِرَتْ} [القصص: 58]، {أُمْطِرَتْ} [الفرقان: 40]، {سُكِّرَتْ}
[الحجر: 15]، {سُيِّرَتْ} [الرعد: 31]، {كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]، {حُشِرَتْ}
[التكوير: 5]، {سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]، {نُشِرَتْ} [التكوير: 10]، {سُعِّرَتْ}
[التكوير: 12]، {فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3]، {بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4]، وكذلك {تَنْتَصِرََانِ} [الرحمن: 35]، {طَهِّرََا} [البقرة: 125]، {نَكِرَهُمْ} [هود: 70]،
{يَتِرَكُمْ} [محمد: 35]، {وَيُؤَخِّرَكُمْ} [إبراهيم: 10]، {لِأُنْذِرَكُمْ} [الأنعام: 19]، {لِيُنْذِرَكُمْ} [الأعراف: 63]، {لِيُظْهِرَهُ} [التوبة: 33]، {لَنْ نُؤْثِرَكَ} [طه: 72]، {لَنْ يُجِيرَنِي} [الجن: 22].(1/544)
وكذلك {بَطِرَتْ} [القصص: 58]، {أُمْطِرَتْ} [الفرقان: 40]، {سُكِّرَتْ}
[الحجر: 15]، {سُيِّرَتْ} [الرعد: 31]، {كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]، {حُشِرَتْ}
[التكوير: 5]، {سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]، {نُشِرَتْ} [التكوير: 10]، {سُعِّرَتْ}
[التكوير: 12]، {فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3]، {بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4]، وكذلك {تَنْتَصِرََانِ} [الرحمن: 35]، {طَهِّرََا} [البقرة: 125]، {نَكِرَهُمْ} [هود: 70]،
{يَتِرَكُمْ} [محمد: 35]، {وَيُؤَخِّرَكُمْ} [إبراهيم: 10]، {لِأُنْذِرَكُمْ} [الأنعام: 19]، {لِيُنْذِرَكُمْ} [الأعراف: 63]، {لِيُظْهِرَهُ} [التوبة: 33]، {لَنْ نُؤْثِرَكَ} [طه: 72]، {لَنْ يُجِيرَنِي} [الجن: 22].
وقد تقدم {حَصِرَتْ} [النساء: 90] فى الفصل الأول.
النوع الثالث: الراء المفتوحة فى آخر الاسم، ولا تكون منونة لأن الراء المنصوبة المنونة قد تقدمت فى الفصل الأول، والوارد منه فى القرآن من هذا النوع أربعة أضرب:
الضرب الأول: الراء المفتوحة بعد الكسرة، وجملته فى القرآن أربعة عشر موضعا وهى:
{كَبََائِرَ} [النساء: 31]، {بَصََائِرَ} [الإسراء: 102]، {شَعََائِرَ}
[المائدة: 2]، {الدَّوََائِرَ} [التوبة: 98]، {أَكََابِرَ} [الأنعام: 123]، {مَوََاخِرَ}
[النحل: 14]، {أَسََاوِرَ} [الكهف: 31]، {الْحَنََاجِرَ} [الأحزاب: 10]، {الْمَقََابِرَ} [التكاثر: 2]، وكذلك {فََاطِرَ} [يوسف: 101]، {ظَهَرَ} [الأنعام:
120]، {دََابِرَ} [الأعراف: 72]، {فَلََا نََاصِرَ} [محمد: 13]، {الْآخِرَ}
[العنكبوت: 36].
الضرب الثانى: أن يفصل بينها وبين الكسرة ساكن صحيح، وجملته فى القرآن ستة مواضع، وهى:
{السِّحْرَ} [البقرة: 102]، {الذِّكْرَ} [الحجر: 9]، {الشِّعْرَ} [يس: 69]، ومنه {السِّرَّ} [طه: 7]، {الْبِرَّ} [البقرة: 177].
وقد تقدم {وِزْرَ أُخْرى ََ} [الأنعام: 164] فى الفصل الأول.
الضرب الثالث: أن يفصل بينها وبين الكسرة ياء ساكنة، وجملته خمسة مواضع وهى:
{الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، {وَالْعِيرَ} [يوسف: 82]، {وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8]، {وَالْخَنََازِيرَ} [المائدة: 60]، {قَوََارِيرَا} [الإنسان: 15].
الضرب الرابع: أن يقع قبلها ياء ساكنة بعد فتحة، وجملته ثلاثة مواضع وهى:
{الْخَيْرَ} [الحج: 77]، {السَّيْرَ} [سبأ: 18]، {لََا ضَيْرَ} [الشعراء: 50].
النوع الرابع: الراء المفتوحة فى آخر الفعل، وجملته فى القرآن أربعة وعشرون موضعا، وهى كلها ضرب واحد لأنها كلها تلى الكسرة وهى:
{سَخِرَ} [التوبة: 79]، {خَسِرَ} [النساء: 119]، وكذلك {لِيَغْفِرَ} [الفتح:(1/545)
النوع الرابع: الراء المفتوحة فى آخر الفعل، وجملته فى القرآن أربعة وعشرون موضعا، وهى كلها ضرب واحد لأنها كلها تلى الكسرة وهى:
{سَخِرَ} [التوبة: 79]، {خَسِرَ} [النساء: 119]، وكذلك {لِيَغْفِرَ} [الفتح:
2]، و {وَتُنْذِرَ} [مريم: 97]، و {وَيُبَشِّرَ} [الكهف: 2] بالياء والتاء فيهن.
وكذلك {يُظْهِرَ} [غافر: 26]، {يُصْدِرَ} [القصص: 23]، {يُطَهِّرَ}
[المائدة: 41]، {يُؤَخِّرَ} [المنافقون: 11]، {وَيُكَفِّرَ} [الفتح: 5].
كل ذلك بالياء المعجمة من أسفل.
وكذلك {فَتُفَجِّرَ} [الإسراء: 91]، {فَتُذَكِّرَ} [البقرة: 282] بالتاء المعجمة من فوق فيهما، و {نَصْبِرَ} [البقرة: 61] بالنون، {نَقْدِرَ} [الأنبياء: 87] بالنون وبالياء المعجمة من أسفل.
وكذلك {عُثِرَ} [المائدة: 107]، {نُقِرَ} [المدثر: 8]، {قُدِرَ} [القمر: 12]، {كُفِرَ} [القمر: 14]، {وَحُشِرَ} [النمل: 17]، {بُعْثِرَ} [العاديات: 9]، {أُنْذِرَ}
[يس: 6]، {وَازْدُجِرَ} [القمر: 9]، {بُشِّرَ} [النحل: 58]، {ذُكِرَ} [الأنعام:
118] بتخفيف الكاف وتشديدها أيضا.
وذكر الحافظ رحمه الله بعض هذه الأمثلة، ثم قال: «ونقض مذهبه مع الكسر فى الضربين».
يعنى بالضربين الراء التى تلا الكسرة، والراء التى تلا حرفا صحيحا ساكنا بعد الكسرة، ولا يمكن أن يريد بأحد الضربين الراء التى تلا الساكنة إذ ليس فى جميع ما ذكر من الأمثلة التى نقض فيها مذهبه راء بعد ياء ساكنة.
واعلم أن الألفاظ التى ذكر هنا أن ورشا نقض مذهبه فيها تنحصر فى أربعة أضرب:
الضرب الأول: أن يقع مع الراء حرف استعلاء فى كلمة واحدة، وذلك نوعان:
أحدهما: أن يتأخر حرف الاستعلاء عن الراء ويفصل بينهما ألف والوارد من ذلك فى القرآن أربعة ألفاظ:
أحدها: {الصِّرََاطَ} حيث وقع مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، منونا وغير منون، كقوله تعالى: {هََذََا صِرََاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41] و {وَهََذََا صِرََاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} [الأنعام: 126] و {وَيَهْدِيَكَ صِرََاطاً مُسْتَقِيماً} [الفتح: 2] و {اهْدِنَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] و {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرََاطِ اللََّهِ} [الشورى:
52، 53].
اللفظ الثانى: {فِرََاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} فى الكهف [78] و {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرََاقُ} فى القيامة
[الآية: 28].(1/546)
اللفظ الثانى: {فِرََاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} فى الكهف [78] و {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرََاقُ} فى القيامة
[الآية: 28].
اللفظ الثالث: {وَالْإِشْرََاقِ} فى ص [الآية: 18].
اللفظ الرابع: {إِعْرََاضاً} فى النساء [الآية: 128] و {إِعْرََاضُهُمْ} فى الأنعام [الآية: 35].
النوع الثانى: أن يكون حرف الاستعلاء ساكنا فاصلا بين الراء (1) والكسرة، والمعتبر من ذلك ثلاثة أحرف:
أحدها: الصاد فى قوله تعالى: {إِصْراً} فى البقرة [الآية: 286]، و {إِصْرَهُمْ} فى الأعراف [157] و {مِصْراً} منونا فى البقرة [البقرة: 61]، وغير منون فى سورة يونس عليه السلام موضع [الآية: 87]، وفى سورة يوسف عليه السلام موضعان [الآيتان: 21، 99]، وفى الزخرف موضع رابع [الآية: 51].
الحرف الثانى: الطاء فى قوله تعالى: {قِطْراً} فى الكهف [الآية: 96]، و {فِطْرَتَ اللََّهِ} فى الروم [الآية: 30].
الحرف الثالث: القاف فى قوله تعالى: {وِقْراً} فى الذاريات [الآية: 2].
فأما الخاء فى {إِخْرََاجُ} حيث وقع فقد ذكره الحافظ فى «التلخيص» وفى «إيجاز البيان» وفى غيرهما من تآليفه، فيما يرققه ورش من الراءات، وقد تقدم ذكره فيما اتفق عليه الحافظ، والشيخ، والإمام، وإن كان لم يقع له ذكر فى كتاب «التيسير» اتكالا على دخوله فيما حال بين الراء والكسرة ساكن صحيح، وإنما فخمت الراء فى هذا الضرب اعتبارا بحرف الاستعلاء ليتناسب اللفظ.
الضرب الثانى: أن تكرر الراء فى الكلمة بالفتح أو بالضم، والوارد منه فى القرآن: {مِدْرََاراً} [الأنعام: 6] و {ضِرََاراً} [البقرة: 231] و {إِسْرََاراً} [نوح: 9] و {فِرََاراً} [الكهف: 18] و {الْفِرََارُ} [الأحزاب: 16] وإنما فخمت الراء الأولى فى هذه الكلمات للتناسب بينها وبين الثانية فى اللفظ إذ لا موجب لترقيق الثانية، فلو رققت الأولى لتشتت اللفظ.
الضرب الثالث: أن تكون الكلمة أعجمية، والوارد منه فى القرآن {إِبْرََاهِيمَ}
[البقرة: 124] و {إِسْرََائِيلَ} [البقرة: 40] و {عِمْرََانَ} [آل عمران: 33] و {إِرَمَ}
__________
(1) فى ب: الياء.(1/547)
[الفجر: 7]، لم ترقق الراء فى هذا الضرب لأن الترقيق نوع من التصرف، ففخمت الراء فيها إذ كانت متحركة بالفتح، ولم ترقق كما لم تصرف إشعارا بكونها دخيلة فى كلام العرب.
ويزاد فى تعليل {إِرَمَ} أنه لما كان حقه أن يوصل بما قبله، وألا يبتدأ به، لزم نقل الكسرة من الهمزة إلى التنوين قبلها على قراءة ورش فصارت الكسرة منفصلة من الراء فلم تقو على الترقيق.
فأما ما حكى عن ابن ذكوان من إمالة (عمرن) فشذوذ.
قال الحافظ: «و (عمرن) الذى أمالته العرب عربى فهو غير {عِمْرََانَ} الذى ورد فى القرآن، وإن كان اللفظ متفقا».
قال العبد: ونظير هذا إسحاق ويعقوب، اسما النبيين عليهما السلام لفظهما أعجمى، وقد (1) وافقا فى اللفظ «إسحاق» مصدر: أسحقه الله بمعنى: أبعده، ويعقوب اسم ذكر الحجل، وهما عربيان، والله عز جلاله وجل كماله أعلم.
الضرب الرابع: أن تكون الراء منصوبة منونة، وقد فصل بينها وبين الكسرة حرف صحيح غير مدغم، والوارد منه فى القرآن: {ذِكْراً} وأخواته، وقد تقدم ذلك فى الفصل الأول، ونص عليها الحافظ هنا.
واعلم أن قياس هذا الضرب الرابع فى قراءة ورش: الترقيق.
وقد تقدم أن الإمام قرأ به، وقد حكاه الحافظ عن شيخه أبى الحسين (2)، إلا أن الحافظ لم يأخذ فيه إلا بالتغليظ، وعلله بأنه جمع بين اللغتين.
يعنى: من حيث رقق بعض المنون كما تقدم فى الفصل الأول، وفخم بعضا كما ذكر هنا، وإنما شرط فى هذا الضرب أن يكون الساكن غير مدغم لأن قوله تعالى: {سِرًّا} [الرعد: 22] و {مُسْتَقِرًّا} [النمل: 40]، نص الحافظ أن لا خلاف بين أصحابه فى إمالته بين اللفظين، يعنى الترقيق.
فأما قول الحافظ فى آخر هذا الكلام: «وما كان نحو هذا» فقد يظن الناظر فى كلامه أنه يحرز به لفظا زائدا على ما ذكر هنا من هذه الكلمات، وليس كذلك، وإنما
__________
(1) فى ب: وافقا.
(2) فى أ: الحسن.(1/548)
جرى فى ذلك على عادته فى عبارته حيث يقول: «وما أشبه ذلك» فإنه كثيرا ما يستعمل هذه العبارة حيث لا يبقى شىء يشبه ما ذكر، وقد مرت من ذلك مواضع فى هذا الكتاب ونبهت عليها، وتقدم الاعتذار عنه فى استعمال هذه العبارة فى باب الإدغام الكبير، والله جل وعلا أعلم.
وقوله: «من أجل أحرف (1) الاستعلاء والعجمة وتكرير الراء مفتوحة ومضمومة».
هذه علل التفخيم فى الأضرب الثلاثة، وقد تقدم توجيهها، ولم يذكر هنا علة الضرب الرابع وهو المنصوب المنون، وقد ذكره فى غير هذا الكتاب وهو الجمع بين اللغتين، كما تقدم.
قال رحمه الله: «وحكم الراء المضمومة بعد الكسرة والياء حكم المفتوحة سواء».
يريد أن ورشا يرققها كما يرقق المفتوحة، وقد تقدم أنها باعتبار كونها فى الاسم، أو فى الفعل وسطا، أو طرفا أربعة أنواع كالمفتوحة:
النوع الأول: الراء المضمومة بعد الكسر فى وسط الاسم، وجملته فى القرآن سبعة وعشرون موضعا وهى:
{الصََّابِرُونَ} [القصص: 80]، {الْقََادِرُونَ} [المرسلات: 23]، {الْخََاسِرُونَ}
[البقرة: 27]، {وَالْكََافِرُونَ} [البقرة: 254] بالألف واللام فى الأربعة، ودونهما، {الْآمِرُونَ} [التوبة: 112]، {الْمُعَذِّرُونَ} [التوبة: 90]، {السََّاحِرُونَ} [يونس:
77]، {الْمُصَيْطِرُونَ} [الطور: 37]، {قََاهِرُونَ} [الأعراف: 127]، {صََاغِرُونَ}
[التوبة: 29]، {مُنْكِرُونَ} [يوسف: 58]، {مُسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 22]، {دََاخِرُونَ}
[النحل: 48]، {شََاكِرُونَ} [الأنبياء: 80]، {مُنْذِرُونَ} [الشعراء: 208]، {حََاذِرُونَ} [الشعراء: 56]، {مُقْتَدِرُونَ} [الزخرف: 42]، {مُبْصِرُونَ}
[الأعراف: 201]، {مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: 158]، وكذلك {مُمْطِرُنََا} [الأحقاف:
24]، و {وَظََاهِرُهُ} [الحديد: 13]، و {وَمُطَهِّرُكَ} [آل عمران: 55]، و {طََائِرُكُمْ}
[النمل: 47]، [و] {طََائِرُهُمْ} [الأعراف: 131] بالهاء والميم، والكاف والميم.
وجاءت مفصولة عن الكسرة بالساكن الصحيح فى قوله تعالى:
__________
(1) فى ب: حرف.(1/549)
{ذِكْرُكُمْ} [الأنبياء: 10].
وبعد حرف المد فى قوله تعالى {كَبِيرُهُمْ} [يوسف: 80]، {لَكَبِيرُكُمُ} [طه:
71].
وبعد حرف اللين فى قوله تعالى: {غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] وقد تقدم {عِشْرُونَ}
[الأنفال: 65] فى الفصل الأول.
النوع الثانى: الراء المضمومة فى وسط الفعل، والوارد منه فى القرآن تسعة وثمانون موضعا، وهى:
{تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3]، {وَيُؤْثِرُونَ} [الحشر: 9]، «ينذرون»، {تُنْكِرُونَ}
[غافر: 81]، {يُخْسِرُونَ} [المطففين: 3]، {تُسِرُّونَ} [النحل: 19]، {تُبْصِرُونَ}
[الأنبياء: 3]، {تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93]، {تَسْتَأْخِرُونَ} [سبأ: 30]، {تَسْتَغْفِرُونَ} [النمل: 46]، {يَقْدِرُونَ} [البقرة: 264]، {يَغْفِرُونَ} [الشورى:
37]، {تَفِرُّونَ} [الجمعة: 8]، {فَتُهََاجِرُوا} [النساء: 97]، {تَنْفِرُوا} [التوبة:
39]، {يَعْتَذِرُونَ} [التوبة: 94] كلّ بالياء والتاء.
و {يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202]، {يُنْشِرُونَ} [الأنبياء: 21]، {يُجََاوِرُونَكَ}
[الأحزاب: 60]، {يُبَشِّرُهُمْ} [التوبة: 21]، {فَلَيُغَيِّرُنَّ} [النساء: 119]، {يُشْعِرُكُمْ} [الأنعام: 109]، {يُصِرُّونَ} [الواقعة: 46]، {يُغَيِّرُوا} [الأنفال: 53]، {يَظْهَرُونَ} [المجادلة: 2]، {وَلِيُنْذِرُوا} [التوبة: 122]، (يؤخّره) [هود: 104]، {يُحََاوِرُهُ} [الكهف: 34]، {يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] على قراءة نافع ومن وافقه.
{يُسَيِّرُكُمْ} [يونس: 22]، {يُصَوِّرُكُمْ} [آل عمران: 6]، {وَيُحَذِّرُكُمُ} [آل عمران:
28]، {وَلِيُتَبِّرُوا} [الإسراء: 7]، {يُفَجِّرُونَهََا} [الإنسان: 6]، {يَزِرُونَ} [الأنعام:
31]، {يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]، {يَخِرُّونَ} [الإسراء: 107]، {يَأْتَمِرُونَ}
[القصص: 20]، {يَنْتَظِرُونَ} [يونس: 102]، {يَسِيرُوا} [يوسف: 109]، {وَيَسْتَبْشِرُونَ} [آل عمران: 170]، {يَنْتَصِرُونَ} [الشعراء: 93]، {يَسْتَسْخِرُونَ}
[الصافات: 14]، {يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19] كل ذلك بالياء المعجمة من أسفل.
{تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] على قراءة نافع، {تُظْهِرُونَ} [الروم: 18]، {تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20]، {تُدِيرُونَهََا} [البقرة: 282]، {تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:
187]، {وَلِتُكَبِّرُوا} [البقرة: 185]، {تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54]، {وَتُعَزِّرُوهُ}
[الفتح: 9]، {وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9]، {تُنْظِرُونِ} [الأعراف: 195]، {تُطَهِّرُهُمْ}
[التوبة: 103]، {تَدَّخِرُونَ} [آل عمران: 49]، {وَتَأْسِرُونَ} [الأحزاب: 26]، {تَسْتَتِرُونَ} [فصلت: 22]، {تَفِرُّونَ} [الجمعة: 8].(1/550)
187]، {وَلِتُكَبِّرُوا} [البقرة: 185]، {تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54]، {وَتُعَزِّرُوهُ}
[الفتح: 9]، {وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9]، {تُنْظِرُونِ} [الأعراف: 195]، {تُطَهِّرُهُمْ}
[التوبة: 103]، {تَدَّخِرُونَ} [آل عمران: 49]، {وَتَأْسِرُونَ} [الأحزاب: 26]، {تَسْتَتِرُونَ} [فصلت: 22]، {تَفِرُّونَ} [الجمعة: 8].
كل ذلك بالتاء المعجمة من فوق.
{نُبَشِّرُكَ} [الحجر: 53]، {وَنُيَسِّرُكَ} [الأعلى: 8]، {نُنْشِزُهََا} [البقرة: 259] بالنون فى الثلاثة.
و {نُؤَخِّرُهُ} [هود: 104] بالنون، والياء المعجمة من أسفل، {أُنْذِرُكُمْ}
[الأنبياء: 45].
وكذلك {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]، {وَعََاشِرُوهُنَّ} [النساء: 19]، {اصْبِرُوا} [آل عمران: 200]، {وَصََابِرُوا} [آل عمران: 200]، {وَاسْتَغْفِرُوا} [البقرة: 199]، {فَاسْتَبْشِرُوا} [التوبة: 111]، {فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10]، {فَاعْتَبِرُوا}
[الحشر: 2]، {انْفِرُوا} [النساء: 71]، {انْتَظِرُوا} [الأنعام: 158]، {وَأْتَمِرُوا}
[الطلاق: 6]، {وَأَبْشِرُوا} [فصلت: 30]، {أَنْذِرُوا} [النحل: 2]، {وَأَسِرُّوا}
[الملك: 13]، {سِيرُوا} [الأنعام: 11]، {يَغْفِرُوا} [الجاثية: 14]، {نَكِّرُوا}
[النمل: 41]، وكذلك {أُحْصِرُوا} [البقرة: 273]، و {أُنْذِرُوا} [الكهف: 56]، و {أُمِرُوا} [البينة: 5]، و {ذُكِّرُوا} [المائدة: 13]، وكذلك {سَخِرُوا} [الأنعام: 10]، {خَسِرُوا} [الأنعام: 12].
النوع الثالث: الراء المضمومة فى آخر الاسم، وهى على ضربين: منونة، وغير منونة، فالذى فى القرآن من المنونة سبعة وثلاثون موضعا وهى:
{قَدِيرٌ} [البقرة: 20]، و {كَبِيرٌ} [البقرة: 217]، {كَثِيرٌ} [البقرة: 109]، و {خَبِيرٌ} [البقرة: 234]، و {بَصِيرٌ} [البقرة: 96]، و {بَشِيرٍ} [المائدة: 19]، و {وَنَذِيرٌ} [المائدة: 19]، و {ظَهِيرٌ} (1) [التحريم: 4]، و {حَسِيرٌ} [الملك: 4]، و {زَفِيرٌ} [هود: 106]، و {حَرِيرٌ} [الحج: 23]، و {عَسِيرٌ} [المدثر: 9]، و {يَسِيرٌ} [يوسف: 65]، وكذلك {خَيْرٌ} [البقرة: 54]، وكذلك {عَسِرٌ} [القمر:
8]، و {أَشِرٌ} [القمر: 25]، وكذلك {بِكْرٌ} [البقرة: 68]، و {ذِكْرٌ} [يوسف:
__________
(1) زاد فى المخطوط: {نَقِيراً}.(1/551)
104]، و {سِحْرٌ} [المائدة: 110]، و {حِجْرٌ} [الأنعام: 138]، و {صَبَرَ} (1)
[الشورى: 43]، وكذلك {شََاكِرٌ} [البقرة: 158]، و {كََافِرٍ} [البقرة: 41]، و {غََافِرِ} [غافر: 3]، و {قََادِرٌ} [الأنعام: 37]، و {جََائِرٌ} [النحل: 9]، و {سََاحِرٌ} [ص: 4]، و {شََاعِرٌ} [الأنبياء: 5]، و {مُهََاجِرٌ} [العنكبوت: 26]، وكذلك {مُنْفَطِرٌ} [المزمل: 18]، و {مُنْتَصِرٌ} [القمر: 44]، {مُنْتَشِرٌ} [القمر:
7]، و {مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2]، و {مُسْتَقِرٌّ} [القمر: 3]، و {مُنْذِرٌ} [الرعد: 7]، و {مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 21].
وقد تقدم {كِبْرٌ} [غافر: 56] فى الفصل الأول، والذى ورد فى القرآن غير منون سبعة وثلاثون موضعا وهى:
{وَتَحْرِيرُ} [النساء: 92]، و {تَقْدِيرُ} [الأنعام: 96]، و {الْعِيرُ} [يوسف: 70]، و {الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]، و {الْبَصِيرُ} [الأنعام: 50]، و {وَالْحَمِيرَ} [النحل:
8]، و {الْكَبِيرُ} [الرعد: 9]، و {الْبَشِيرُ} [يوسف: 96]، و {النَّذِيرُ} [الحجر:
89]، و {الْعَشِيرُ} [الحج: 13]، و {الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، و {النَّصِيرُ} [الأنفال:
40]، و {أَسََاطِيرُ} [الأنعام: 25]، وكذلك {الْقََادِرُ} [الأنعام: 65]، و {الْقََاهِرُ}
[الأنعام: 18]، و {وَالْآخِرُ} [الحديد: 3]، و {وَالظََّاهِرُ} [الحديد: 3]، و {الْكََافِرُ}
[الفرقان: 55]، و {السََّاحِرُ} [طه: 69]، و {الْأَشِرُ} [القمر: 26]، و {السَّرََائِرُ}
[الطارق: 9]، و {بَصََائِرُ} [الأنعام: 104]، و {الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]، و {الْمُتَكَبِّرُ}
[الحشر: 23]، و {الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24]، و {وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90]، و {فََاطِرُ}
[الشورى: 11]، و {وَآخِرُ} [يونس: 10]، و {دََابِرُ} [الأنعام: 45]، و {مُنْذِرُ}
[النازعات: 45]، و {ذِكْرُ} [مريم: 2]، و {الذِّكْرُ} [الحجر: 6]، و {السِّحْرُ}
[يونس: 81]، و {الْبِرُّ} [البقرة: 189]، وكذلك {الْخَيْرُ} [آل عمران: 26]، و {الطَّيْرُ} [يوسف: 36]، و {عُزَيْرٌ} [التوبة: 30].
النوع الرابع: الراء المضمومة فى آخر الفعل، والوارد منه فى القرآن اثنان وثلاثون موضعا وهى:
{يَغْفِرُ} [آل عمران: 129]، و {وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26]، و {يَفِرُّ} [عبس:
34]، و {يَنْظُرُ} [آل عمران: 77]، و {يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]، و {يَنْظُرُ}
__________
(1) هكذا بالمخطوط فليحرر.(1/552)
[الإسراء: 9]، و «ينذر»، و {نَذِيرٍ} [المائدة: 19]، و {يُغَيِّرُ} [الرعد: 11]، و {يُكَوِّرُ} [الزمر: 5]، و {وَيُكَفِّرُ} [البقرة: 271]، و {يُغََادِرُ} [الكهف: 49]، و {يُبْصِرُ} [مريم: 42]، و {يُظْهِرَ} [الجن: 26]، و {يُصِرُّ} [الجاثية: 8]، و {يُجِيرُ} [المؤمنون: 88] كل ذلك بالياء المعجمة من أسفل.
و {تَصِيرُ} [الشورى: 53]، و {وَتَسِيرُ} [الطور: 10]، و {تَصْبِرُ} [الكهف:
68]، و {تَقْشَعِرُّ} [الزمر: 23]، و {تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، و {وَتَخِرُّ} [مريم:
90]، و {تَزِرُ} [الأنعام: 164]، و {تُدَمِّرُ} [الأحقاف: 25]، و {لِتُنْذِرَ} [فاطر:
18]، و {فَسَتُبْصِرُ} [القلم: 5]، و {تُثِيرُ} [البقرة: 71]، كل ذلك بالتاء المعجمة من فوق.
و {وَنَمِيرُ} [يوسف: 65]، و {نُسَيِّرُ} [الكهف: 47]، و {وَنُقِرُّ} [الحج: 5]، بالنون فى الثلاثة.
وكذلك {أَعْصِرُ} [يوسف: 36]، و {اسْتَغْفِرْ} [يوسف: 98].
قال الحافظ رحمه الله: «ولا خلاف عنه فى إخلاص فتحة الراء إذا كانت الكسرة غير لازمة».
وقد تقدم تفسير الكسرة اللازمة، والعارضة، والمنفصلة، والذى فى القرآن من الراء المفتوحة بعد الكسرة العارضة:
{بِرَحْمَةٍ} [الأعراف: 72]، و {بِرَسُولٍ} [الصف: 6]، و {بِرَبِّ} [طه: 70]، و {بِرَشِيدٍ} [هود: 97]، و {بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]، و {بِرَادِّي} [النحل: 71]، و {بِرَأْسِ} [الأعراف: 150]، و {بِرََازِقِينَ} [الحجر: 20]، و {لِرَجُلٍ} [الأحزاب:
4]، و {لِرَبِّ} [المطففين: 6]، و {لِرَسُولٍ} [الرعد: 38].
ومن المضمومة: {بِرُؤُسِكُمْ} [المائدة: 6]، و {بِرَبْوَةٍ} [البقرة: 265]، و {بِرُوحِ} [المائدة: 110]، و {بِرُكْنِهِ} [الذاريات: 39]، و {بِرُسُلِي} [المائدة:
12]، و {لِرُسُلِهِمْ} [إبراهيم: 13]، و {لِرُقِيِّكَ} [الإسراء: 93].
ومثالها بعد الكسرة العارضة:
{لِلََّهِ رَبِّ} [يونس: 10]، و {إِلَيْهِ رََاجِعُونَ} [البقرة: 156]، و {مِنْ عِنْدِ رَبِّنََا} [آل عمران: 7]، و {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الأعراف: 77]، و {بِلِقََاءِ رَبِّهِمْ} [السجدة: 10]،
و {فِي الْأَرْضِ رَوََاسِيَ} [النحل: 15]، وكذلك {مِنَ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 2]، و {مِنْ رَوْحِ اللََّهِ} [يوسف: 87]، و {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، و {وَقُدُورٍ رََاسِيََاتٍ} [سبأ: 13]، و {بِالرَّحْمََنِ} (1) [الزخرف: 33]، و {هَدََانِي رَبِّي} [الأنعام:(1/553)
{لِلََّهِ رَبِّ} [يونس: 10]، و {إِلَيْهِ رََاجِعُونَ} [البقرة: 156]، و {مِنْ عِنْدِ رَبِّنََا} [آل عمران: 7]، و {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الأعراف: 77]، و {بِلِقََاءِ رَبِّهِمْ} [السجدة: 10]،
و {فِي الْأَرْضِ رَوََاسِيَ} [النحل: 15]، وكذلك {مِنَ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: 2]، و {مِنْ رَوْحِ اللََّهِ} [يوسف: 87]، و {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، و {وَقُدُورٍ رََاسِيََاتٍ} [سبأ: 13]، و {بِالرَّحْمََنِ} (1) [الزخرف: 33]، و {هَدََانِي رَبِّي} [الأنعام:
161]، و {يُوحِي رَبُّكَ} [الأنفال: 12]، و {إِنِّي رَأَيْتُ} [يوسف: 4]، و {فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70].
قال رحمه الله: «وأمال فتحة الراء فى {بِشَرَرٍ} [المرسلات: 32].
هذا متفق عليه من الطرق الثلاثة، ولم يمل فتحة الراء من أجل كسرة بعدها غير هذه، إلا ما كان فى لفظ «الفرار» و «الأبرار» و «الأشرار» على ما تقدم فى باب الإمالة. قال:
«وأخلص فتحها فى {الضَّرَرِ} [النساء: 95] لأجل الضاد» يريد: من أجل حرف الاستعلاء، هذا سبب الفرق بين الكلمتين، ولولا ذلك لكان القياس فيهما واحدا.
قال: «وقرأ الباقون بإخلاص الفتح للراء فى جميع ما تقدم».
يعنى من أول الباب إلى هذا الموضع.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وكل راء وليتها فتحه أو ضمة» الفصل.
هنا تكلم فى القسم المتفق على تفخيمه من الراءات سوى ما تقدم، أعنى سوى الكلمات التى نقض فيها ورش مذهبه، وسوى الراء التى قبلها كسرة عارضة، أو منفصلة.
ثم اعلم أن هذا القسم ينحصر فى نوعين: نوع الراء فيه متحركة، ونوع الراء فيه ساكنة، ثم المتحركة تكون مفتوحة، ومضمومة، وكل واحدة منهما إما فى أول الكلمة، وإما فى وسطها، وإما فى آخرها.
أما المفتوحة فمثالها فى أول الكلمة، قوله تعالى: {لََا رَيْبَ} [البقرة: 2]، و {وَرَزَقَكُمْ} [الأنفال: 26]، و {وَقََالَ رَبُّكُمُ} [غافر: 60]، و {فَمََا رَبِحَتْ}
[البقرة: 16]، و {رََاعِنََا} [البقرة: 104]، و {وَلََا رَطْبٍ} [الأنعام: 59]، و {إِلََّا رَمْزاً} [آل عمران: 41]، و {الرََّاجِفَةُ} [النازعات: 6]، و {وَالرَّكْبُ} [الأنفال:
42]، و {بَلْ رََانَ} [المطففين: 14]، و {عَلى ََ رَجْعِهِ} [الطارق: 8] ونحو ذلك.
__________
(1) زاد فى المخطوط: و {إِذََا رَأَيْتَهُمْ}.(1/554)
ومثالها فى وسط الكلمة: {عَرَضَهُمْ} [البقرة: 31]، و {فَرَقْنََا} [البقرة: 50]، و {عَرَفُوا} [البقرة: 89]، و {جَرَحْتُمْ} [الأنعام: 60]، [و] {بَرَزُوا} [البقرة:
250]، و {قَرَّبََا} [المائدة: 27]، و {مََا فَرَّطْنََا} [الأنعام: 31]، و {شَرَحَ} [النحل:
106]، و {ظَهْرَكَ} [الشرح: 3]، [و] {لََا جَرَمَ} [هود: 22]، و {عَنْ تَرََاضٍ}
[البقرة: 233]، و {غُرََاباً} [المائدة: 31]، و {فُرََاتاً} [المرسلات: 27]، و {سُرََادِقُهََا} [الكهف: 29]، و {كَبُرَتْ} [الكهف: 5]، و {فُرََادى ََ} [الأنعام:
94]، [و] {شُرَّعاً} [الأعراف: 163]، وكذلك {وَلََا تَقْرَبََا} [البقرة: 35]، و {فَأَغْرَيْنََا} [المائدة: 14]، و {أَجْرَمُوا} [الروم: 47]، و {زَهْرَةَ} [طه: 131]، و {أَشْرََاطُهََا} [محمد: 18]، و {وَالْحِجََارَةُ} [البقرة: 24]، و {مُبََارَكَةٍ} [النور:
35]، و {سُورَةٌ} [التوبة: 64]، و {صُورَةٍ} [الانفطار: 8]، {يُورَثُ} [النساء:
12]، و {وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196]، و {حُفْرَةٍ} [آل عمران: 103]، و {غُفْرََانَكَ}
[البقرة: 285]، و {يُهْرَعُونَ} [هود: 78]، وكذلك {وَسَفَراً} [التوبة: 42]، و {بُشْراً} [هود: 27]، و {مُحْضَراً} [آل عمران: 30]، و {نَفَراً} [الكهف: 34]، و {أَجْراً} [النساء: 40]، و {وَبِدََاراً} [النساء: 6]، و {غَفُوراً} [النساء: 23]، و {وَحَصُوراً} [آل عمران: 39]، و {قُصُوراً} [الأعراف: 74]، و {نَشْراً} [المرسلات:
3]، و {وَسُرُراً} [الزخرف: 34]، و {نُذْراً} [المرسلات: 6] وما أشبهه.
ومثالها فى آخر الكلمة: {الْبَقَرَ} [البقرة: 70]، و {الْحَجَرَ} [البقرة: 60]، و {الْقَمَرَ} [الأنعام: 77]، و {لََا وَزَرَ} [القيامة: 11]، و {فَمَا اسْتَيْسَرَ} [البقرة:
196]، و {وَخَرَّ} [الأعراف: 143]، و {وَفََارَ} [هود: 40]، و {وَاخْتََارَ}
[الأعراف: 155]، وكذلك {كَبُرَ} [الأنعام: 35]، و {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة:
173] وما أشبهه.
وأما الراء المضمومة، فمثالها فى أول الكلمة: {رُبَمََا} [الحجر: 2]، و {رُدُّوهََا}
[النساء: 86]، و (رجت) [الواقعة: 4]، و {رُكْبََاناً} [البقرة: 239]، و {وَرُمََّانٌ}
[الرحمن: 68]، و {رُقُودٌ} [الكهف: 18]، و {رُوَيْداً} [الطارق: 17]، و {الرُّجْعى ََ}
[العلق: 8]، و {الرُّؤْيَا} [الإسراء: 60]، و {رُوحاً} [الشورى: 52].
ومثالها فى وسط الكلمة: {اصْبِرُوا} [آل عمران: 200]، و {أُمِرُوا} [النساء:
60]، و {فَنَرُدَّهََا} [النساء: 47]، و {وَإِذََا مَرُّوا} [الفرقان: 72]، و {فَعَقَرُوهََا}
[هود: 65]، و {تَضَرُّعاً} [الأنعام: 63]، و {يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221]، وكذلك {يَعْرُجُ} [السجدة: 5]، و {يَفْرُطَ} [طه: 45]، و {سَنَفْرُغُ} [الرحمن: 31]، و {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]، وكذلك {يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243]، و {فَاذْكُرُوا}
[الحج: 36]، و {يَجُرُّهُ} [الأعراف: 150]، و {وَالْحُرُمََاتُ} [البقرة: 194]، و {الْبُرُوجِ} [البروج: 1]، و {قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، و {فُرُطاً} [الكهف: 28].(1/555)
60]، و {فَنَرُدَّهََا} [النساء: 47]، و {وَإِذََا مَرُّوا} [الفرقان: 72]، و {فَعَقَرُوهََا}
[هود: 65]، و {تَضَرُّعاً} [الأنعام: 63]، و {يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221]، وكذلك {يَعْرُجُ} [السجدة: 5]، و {يَفْرُطَ} [طه: 45]، و {سَنَفْرُغُ} [الرحمن: 31]، و {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]، وكذلك {يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243]، و {فَاذْكُرُوا}
[الحج: 36]، و {يَجُرُّهُ} [الأعراف: 150]، و {وَالْحُرُمََاتُ} [البقرة: 194]، و {الْبُرُوجِ} [البروج: 1]، و {قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، و {فُرُطاً} [الكهف: 28].
وكذلك {وَزُخْرُفاً} [الزخرف: 35]، و {نُورُهُمْ} [الحديد: 12].
ومثالها فى آخر الكلمة: {وَالشَّجَرُ} [الرحمن: 6]، و {الْقَمَرَ} [القمر: 1]، و {الْبَحْرَ} [الكهف: 109]، و {الشَّهْرَ} [البقرة: 194]، و {الْحُرُّ} [البقرة: 178]، و {الْغُرُورِ} [لقمان: 33]، و {الْحَرُورُ} [فاطر: 21]، وكذلك {بَشِّرِ} [آل عمران:
47]، و {نَفَرَ} [الجن: 1]، و {أَجْرُ} [آل عمران: 172]، و {نَصْرُ} [العنكبوت:
10]، و {لَغَفََّارٌ} [طه: 82]، و {خُوََارٌ} [الأعراف: 148]، و {حُمْرٌ} [المدثر:
50]، و {سُرُرٍ} [الغاشية: 13]، و {وَحُمْرٌ} [فاطر: 27]، و {صُفْرٌ}
[المرسلات: 33]، و {حُورٌ} [الرحمن: 72] وما أشبه ذلك.
وأما الراء الساكنة: فتكون أيضا فى أول الكلمة، وفى وسطها، وفى آخرها:
فمثال التى فى أولها قوله تعالى: {وَارْزُقْنََا} [المائدة: 114] لا بد أن تكون قبل هذه الراء، إما فتحة واو العطف، وإما ضمة ألف الوصل.
وأما قوله تعالى: {يََا بُنَيَّ ارْكَبْ} [هود: 42]، و {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة:
106]، و {أَمِ ارْتََابُوا} [النور: 50]، و {رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99]، و {الَّذِي ارْتَضى ََ} [النور: 55]، و {رَبِّ ارْحَمْهُمََا} [الإسراء: 24]، و {لِمَنِ ارْتَضى ََ} [الأنبياء:
28] فكل هذا إن بدأت به، وقعت الراء بعد كسرة همزة الوصل، وهى عارضة، وإن وصلتها وقعت بعد كسرة آخر ما قبلها، وهى منفصلة.
فأما قوله تعالى: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} [النور: 28]، و {يََا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي} [الفجر: 2827]، و {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج:
77]، و {الَّذِينَ ارْتَدُّوا} [محمد: 25]، و {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: 3]، و {وَإِلى ََ رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]، و {تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 3736] فلا تقع الكسرة قبل الراء فى هذه الأمثلة، وما أشبهها إلا فى الابتداء.
وأما قوله تعالى فى «ص»: {وَعَذََابٍ ارْكُضْ} [4241]. فتقع الضمة فى الابتداء
قبل الراء فى همزة الوصل على قراءة الجماعة، وكذلك فى الوصل أيضا، فتقع الضمة فى التنوين قبل الراء على قراءة الحرميين، والكسائى وهشام.(1/556)
وأما قوله تعالى فى «ص»: {وَعَذََابٍ ارْكُضْ} [4241]. فتقع الضمة فى الابتداء
قبل الراء فى همزة الوصل على قراءة الجماعة، وكذلك فى الوصل أيضا، فتقع الضمة فى التنوين قبل الراء على قراءة الحرميين، والكسائى وهشام.
وأما على قراءة أبى عمرو، وابن ذكوان، وعاصم، وحمزة، فإنهم يكسرون التنوين فى هذا ونحوه.
وأما الراء الساكنة المتوسطة، فتكون قبلها فتحة، وضمة، وكسرة، لكن لا يجوز تغليظها بعد الكسرة، إلا إذا كان بعدها حرف استعلاء، والذى ورد منها فى القرآن بعد الكسرة وبعدها حرف استعلاء:
{قِرْطََاسٍ} فى الأنعام [7]، {وَإِرْصََاداً} و {فِرْقَةٍ} فى التوبة [107، 122]، و {مِرْصََاداً} فى النبأ [21]، {لَبِالْمِرْصََادِ} فى الفجر [14].
ومثالها بعد الفتحة: {الْأَرْضِ} [البقرة: 61]، و {الْأَرْحََامِ} [آل عمران: 6]، و {الْبَرْقُ} [البقرة: 20]، و {الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]، و {السَّرْدِ} [سبأ: 11]، و {وَالْمَرْجََانُ} [الرحمن: 22]، و {الْمَرْعى ََ} [الأعلى: 4]، و {خَرْدَلٍ} [الأنبياء:
47]، و {وَرْدَةً} [الرحمن: 37]، و {الْغَرْبِيِّ} [القصص: 44]، و {سَرْمَداً}
[القصص: 71]، و {صَرْعى ََ} [الحاقة: 7]، و {فَرْقاً} [المرسلات: 4] ونحوه.
ومثالها بعد الضمة: {الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204]، و {وَالْفُرْقََانَ} [البقرة: 53]، و {الْغُرْفَةَ} [الفرقان: 75]، و {بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199]، و {كُرْسِيُّهُ}
[البقرة: 255]، و {كَالْعُرْجُونِ} [يس: 39]، و {بِالْعُرْوَةِ} [لقمان: 22]، و {الْخُرْطُومِ} [القلم: 16]، و {تُرْجِي} [الأحزاب: 51]، و {سَأُرْهِقُهُ} [المدثر:
17]، و {زُرْتُمُ} [التكاثر: 2] ونحوه.
وأما الراء الساكنة طرفا فنحو: {يُغْفَرْ} [الأنفال: 38]، و {انْظُرْ} [الأعراف:
143]، و {لَمْ يَتَغَيَّرْ} [محمد: 15]، و {لََا يَسْخَرْ} [الحجرات: 11]، و {لََا تَذَرْ}
[نوح: 26]، و {فَلََا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، و {فَلََا تَنْهَرْ} [الضحى: 10] وما أشبهه.
لا خلاف بين القراء فى تغليظ جميع ما ذكر فى هذا الفصل وما أشبهه، فأما الراء من {مَرْيَمَ} [آل عمران: 36]، و {قَرْيَةٍ} [البقرة: 259] فمذهب الحافظ تغليظهما للجماعة، ومذهب الشيخ والإمام ترقيقهما للجماعة، وقد تقدم ذكر {الْمَرْءِ} فى موضعين [الأنفال: 24، والنبأ: 40]، والله عز وجل أعلم وأحكم.
قال الحافظ رحمه الله: «فإن كانت الكسرة التى تليها لازمة ولم يقع بعدها حرف استعلاء». هنا تكلم فى القسم المتفق على ترقيقه وهو منحصر فى نوعين:(1/557)
لا خلاف بين القراء فى تغليظ جميع ما ذكر فى هذا الفصل وما أشبهه، فأما الراء من {مَرْيَمَ} [آل عمران: 36]، و {قَرْيَةٍ} [البقرة: 259] فمذهب الحافظ تغليظهما للجماعة، ومذهب الشيخ والإمام ترقيقهما للجماعة، وقد تقدم ذكر {الْمَرْءِ} فى موضعين [الأنفال: 24، والنبأ: 40]، والله عز وجل أعلم وأحكم.
قال الحافظ رحمه الله: «فإن كانت الكسرة التى تليها لازمة ولم يقع بعدها حرف استعلاء». هنا تكلم فى القسم المتفق على ترقيقه وهو منحصر فى نوعين:
النوع الأول: كل راء مكسورة سواء عرضت كسرتها، أو لزمت، وسواء كانت الراء أول الكلمة، أو وسطها أو آخرها.
فمثالها أولا: {وَرِزْقٌ} [الأنفال: 4]، و {رِجْزَ} [الأنفال: 11]، و {رِجْسٌ}
[المائدة: 90]، و {رَحْلِهِ} [قريش: 2]، و {رِيحٍ} [آل عمران: 117]، و {رِيعٍ}
[الشعراء: 128]، و {الرِّفْدُ} [هود: 99]، و {رِيبَةً} [التوبة: 110]، و {وَرِيشاً}
[الأعراف: 26]، و {وَرِءْياً} [مريم: 74]، و {رِكْزاً} [مريم: 98]، و {رِجََالٌ}
[الأعراف: 46]، و {الرِّقََابِ} [البقرة: 177]، و {رِكََابٍ} [الحشر: 6]، و {رِبََاطِ} [الأنفال: 60]، و {رِباً} [الروم: 39]، و {رِحََالِهِمْ} [يوسف: 62]، و {وَرِمََاحُكُمْ} [المائدة: 94]، و {وَرِسََالََاتِهِ} [الجن: 23]، و {الرِّعََاءُ} [القصص:
23]، و {رِعََايَتِهََا} [الحديد: 27]، و {وَرِضْوََانٌ} [آل عمران: 15]، و {رِبِّيُّونَ}
[آل عمران: 146].
ومثالها وسطا: {بََارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، و {فََارِضٌ} (1) [البقرة: 68]، و {بََارِدٌ}
[ص: 42]، و {عََارِضاً} [الأحقاف: 24]، و {صََارِمِينَ} [القلم: 22]، و {كََارِهِينَ}
[الأعراف: 88]، و {وَالطََّارِقِ} [الطارق: 1]، و {الْوََارِثِ} [البقرة: 233]، و {الْقََارِعَةُ} [القارعة: 1]، و {جََارِيَةٌ} [الغاشية: 12]، و {إِلى ََ حِمََارِكَ}
[البقرة: 259]، و {أَنْصََارِي} [آل عمران: 52]، و {الْحَوََارِيُّونَ} [آل عمران:
52]، و {الْجَوََارِحِ} [المائدة: 4]، و {الْمَعََارِجِ} [المعارج: 3]، و {الْمَشْرِقُ}
[الصافات: 5]، و {وَالْمَغْرِبُ} [المعارج: 40]، و {مَحََارِيبَ} [سبأ: 13]، و {نَمََارِقُ}
[الغاشية: 15]، و {وَالسََّارِقُ} [المائدة: 38]، و {فَالْفََارِقََاتِ} [المرسلات: 4]، و {أَبْصََارِهِمْ} [البقرة: 7]، و {آثََارِهِمْ} [الكهف: 6]، و {جَبََّارِينَ} [المائدة: 22]، و {وَأَبََارِيقَ} [الواقعة: 18]، و {وَسََارِعُوا} [آل عمران: 133]، و {وَيُسََارِعُونَ} [آل عمران: 114]، و {يُحََارِبُونَ} [المائدة: 33]، و {يُوََارِي} [المائدة: 31]، و {فََارِقُوهُنَّ} [الطلاق: 2]، و {الْكََافِرِينَ} [البقرة: 34]، و {الْخََاسِرِينَ} [البقرة:
__________
(1) زاد فى المخطوط: و (رهين).(1/558)
64]، و {الصََّابِرِينَ} [البقرة: 153]، و {الْمََاكِرِينَ} [آل عمران: 54]، و {الشََّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، و {الصََّاغِرِينَ} [الأعراف: 13]، و {النََّاظِرِينَ} [البقرة: 69]، و {الْآخَرِينَ} [الشعراء: 84]، و {خََاسِرِينَ} [آل عمران: 149]، و {نََاصِرِينَ} [آل عمران: 22]، و {ظََاهِرِينَ} [غافر: 29]، و {قََادِرِينَ} [القلم: 25]، و {حََاضِرِي} [البقرة: 196]، و {عََابِرِي} [النساء: 43]، و {مُبَشِّرِينَ} [البقرة: 213]، و {وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213]، و {الْمُتَطَهِّرِينَ}
[البقرة: 222]، و {وَجِبْرِيلَ} [البقرة: 98]، و {إِدْرِيسَ} [مريم: 56]، و {الْكِبْرِيََاءُ}
[يونس: 78]، و {عِفْرِيتٌ} [النمل: 39]، و {إِصْرِي} [آل عمران: 81]، و {عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101]، و {سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110]، و {وَأُخْرِجُوا} [آل عمران:
195]، و {تَجْرِي} [البقرة: 25]، و {يَضْرِبَ} [البقرة: 26]، و {يَعْرِفُونَهُ} [البقرة:
146]، و {يَشْرِي} [البقرة: 207]، و {يَسْرِ} [الفجر: 4]، و {تُقْرِضُوا} [التغابن:
17]، و {لََا تَدْرِي} [الطلاق: 1]، و {تَصْرِفْ} [يوسف: 33]، و {يَعْرِشُونَ}
[الأعراف: 137]، و {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} [الأعراف: 182]، و {سَأَصْرِفُ} [الأعراف:
146]، و {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]، و {وَمََا أَدْرِي} [الأحقاف: 9]، و {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ} [المائدة: 8]، و {لَيَصْرِمُنَّهََا} [القلم: 17]، و {أَفْرِغْ} [البقرة: 250]، و {أَعْرِضْ} [المائدة: 42]، و {وَأَقْرِضُوا} [المزمل: 20]، و {الْمَشْرِقُ} [البقرة:
115]، و {وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 115]، و {وَتَصْرِيفِ} [البقرة: 164]، و {تَسْرِيحٌ}
[البقرة: 229]، و {لََا تَثْرِيبَ} [يوسف: 92]، و {وَتَحْرِيرُ} [النساء: 92]، و {أَمْرِي} [الكهف: 73]، و {مِنْ فَوْرِهِمْ} [آل عمران: 125]، و {حَقَّ قَدْرِهِ}
[الأنعام: 91]، و {قَرِيبٌ} [البقرة: 186]، و {سَرِيعُ} [البقرة: 202]، و {كَرِيمٌ} [الأنفال: 4]، و {بَرِيءٌ} [الأنعام: 19]، و {صَرِيخَ} [يس: 43]، و {كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]، و {فَرِيقٌ} [البقرة: 75]، و {ضَرِيعٍ} [الغاشية: 6]، و {الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6]، و {شَرِيعَةٍ} [الجاثية: 18]، و {قَرِينُهُ} [ق: 23]، و {الْعَرِمِ} [سبأ: 16]، و {فَرِيًّا} [مريم: 27]، و {الْحَرِيقِ} [آل عمران: 181]، و {فَرِيضَةً} [البقرة: 236]، و {مَرِيضاً} [البقرة: 184]، و {زَكَرِيََّا} [آل عمران:
37]، و {فَرِحِينَ} [آل عمران: 170]، و {طَرِيقَةً} [طه: 104]، و {أَثَرِي} [طه:
84]، و {وَعَبْقَرِيٍّ} [الرحمن: 76]، و {بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19]، و {مُتَحَرِّفاً}
149]، و {الْمُنْظَرِينَ} [الأعراف: 15]، و {الْمُنْذَرِينَ} [النمل: 92]، و {الْمُمْتَرِينَ}
[البقرة: 147]، و {مُقَرَّنِينَ} [الزخرف: 13]، و {لََا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 163]، و {حَرِّقُوهُ} [الأنبياء: 68]، و {سَرِّحُوهُنَّ} [البقرة: 231]، و {فَشَرِبُوا} [البقرة:(1/559)
84]، و {وَعَبْقَرِيٍّ} [الرحمن: 76]، و {بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19]، و {مُتَحَرِّفاً}
149]، و {الْمُنْظَرِينَ} [الأعراف: 15]، و {الْمُنْذَرِينَ} [النمل: 92]، و {الْمُمْتَرِينَ}
[البقرة: 147]، و {مُقَرَّنِينَ} [الزخرف: 13]، و {لََا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 163]، و {حَرِّقُوهُ} [الأنبياء: 68]، و {سَرِّحُوهُنَّ} [البقرة: 231]، و {فَشَرِبُوا} [البقرة:
249]، و {وَوَرِثَ} [النمل: 16]، و {وَيَرِثُ} [مريم: 6]، و {كَرَّةً} [الأنفال: 8]، و {وَحَرِّضِ} [النساء: 84]، و {لََا تُحَرِّمُوا} [المائدة: 87]، و {تَصْرِفْ} [يوسف:
33]، و {لََا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61]، و {وَلِيَقْتَرِفُوا} [الأنعام: 113]، و {لِيُقَرِّبُونََا}
[الزمر: 3]، و {فَرِحُوا} [الأنعام: 44]، و {لََا تُحَرِّكْ} [القيامة: 16]، و {يَفْتَرِينَهُ}
[الممتحنة: 12]، و {ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124]، و {أَدْرِي} [الأنبياء: 109]، و {مُرِيبٍ} [هود: 62]، و {وَبُرِّزَتِ} [الشعراء: 91]، و {فُرِجَتْ} [المرسلات: 9]، و {وَضُرِبَتْ} [البقرة: 61]، و {ضُرِبَ} [الحج: 73]، و {حُرِّمَ} [آل عمران: 50]، و {يُرِيدُ} [الأحزاب: 33]، و {وَيُرِيكُمْ} [البقرة: 73]، و {تُرِيحُونَ} [النحل: 6]، و {أُورِثْتُمُوهََا} [الأعراف: 43]، و {بُورِكَ} [النمل: 8]، و {وُورِيَ} [الأعراف: 20]، و {فَالْمُورِيََاتِ} [العاديات: 2]، و {بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]، و {مِنْ ظُهُورِهِمْ}
[الأعراف: 172]، و {فِي صُدُورِهِمْ} [غافر: 56]، و {فِي حُجُورِكُمْ} [النساء:
23]، و {مُخْرِجٌ} [البقرة: 72]، و {مُشْرِكٍ} [البقرة: 221]، و {مُعْرِضُونَ} [البقرة:
83]، و {مُسْرِفُونَ} [الأعراف: 81]، و {الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 8]، و {مُبْرِمُونَ}
[الزخرف: 79]، و {بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 46]، و {بِمُصْرِخِكُمْ} [إبراهيم: 22]، و {يُخْرِجْ} [البقرة: 61]، و {وَاشْرَبُوا} [البقرة: 93]، و {أُبْرِئُ} [يوسف: 53]، و {لََا تُشْرِكْ} [الحج: 26]، و {تُسْرِفُوا} [الأنعام: 141]، و {تُعْرِضُوا} [النساء:
135]، و {أُتْرِفْتُمْ} [الأنبياء: 13]، و {لَنُغْرِيَنَّكَ} [الأحزاب: 60]، و {تَكْرَهُوا}
[النور: 33]، و {مُسْرِفُونَ} [الأعراف: 81]، و {أُغْرِقُوا} [نوح: 25]، و {سَنُقْرِئُكَ}
[الأعلى: 6]، وما أشبهه.
ومثالها طرفا: {إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، و {مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1]، و {بِالزُّبُرِ} [فاطر: 25]، و {عَلَى الْكِبَرِ} [إبراهيم: 39]، و {بِشَرَرٍ}
[المرسلات: 32]، و {وَالطُّورِ} [الطور: 1]، و {الْمَعْمُورِ} [الطور: 4]، و {الْمَسْجُورِ} [الطور: 6]، و {إِلَى الطَّيْرِ} [الملك: 19]، و {كَالْقَصْرِ}
[المرسلات: 32]، و {بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]، و {وَمِنَ الْبَقَرِ} [الأنعام:
144]، و {فِي الْحَرِّ} [التوبة: 81]، و {فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 91]، و {الْخِنْزِيرِ}
[المائدة: 3]، و {وَالْقَنََاطِيرِ} [آل عمران: 14] وما أشبهه من المجرورات بالإضافة، أو بالحروف، أو بالتبعية، والكسرة فيه كله عارضة لأنها حركة إعراب، وكذلك ما كسر لالتقاء الساكنين فى الوصل، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ} [النور: 63]، {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسََانُ} [الطارق: 5]، و {وَبَشِّرِ الَّذِينَ} [البقرة: 25]، و {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} [المزمل:(1/560)
ومثالها طرفا: {إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، و {مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1]، و {بِالزُّبُرِ} [فاطر: 25]، و {عَلَى الْكِبَرِ} [إبراهيم: 39]، و {بِشَرَرٍ}
[المرسلات: 32]، و {وَالطُّورِ} [الطور: 1]، و {الْمَعْمُورِ} [الطور: 4]، و {الْمَسْجُورِ} [الطور: 6]، و {إِلَى الطَّيْرِ} [الملك: 19]، و {كَالْقَصْرِ}
[المرسلات: 32]، و {بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]، و {وَمِنَ الْبَقَرِ} [الأنعام:
144]، و {فِي الْحَرِّ} [التوبة: 81]، و {فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 91]، و {الْخِنْزِيرِ}
[المائدة: 3]، و {وَالْقَنََاطِيرِ} [آل عمران: 14] وما أشبهه من المجرورات بالإضافة، أو بالحروف، أو بالتبعية، والكسرة فيه كله عارضة لأنها حركة إعراب، وكذلك ما كسر لالتقاء الساكنين فى الوصل، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ} [النور: 63]، {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسََانُ} [الطارق: 5]، و {وَبَشِّرِ الَّذِينَ} [البقرة: 25]، و {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} [المزمل:
8]، و {مِمََّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللََّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، و {وَأَنْذِرِ النََّاسَ} [إبراهيم: 44].
وكذلك ما تحرك بحركة النقل على قراءة ورش كقوله تعالى: {وَانْحَرْ إِنَّ شََانِئَكَ} [الكوثر: 32]، {وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ} [السجدة: 30]، و {فَلْيَكْفُرْ إِنََّا}
[الكهف: 29]، {وَانْظُرْ إِلى ََ} [البقرة: 259] وما أشبهه.
ولا خلاف فى ترقيق هذه الراءات المتطرفات فى الوصل، كما أنه لا خلاف فى ترقيق ما ذكر قبلها، فأما الوقف عليها فعلى ما يأتى بعد، بحول الله العلى العظيم وقوته.
النوع الثانى: كل راء ساكنة بعد كسرة لازمة لم يتصل بها حرف استعلاء، ولا تكون الراء هكذا أولا، وإنما تكون هكذا: إما وسطا، وإما طرفا:
فمثالها وسطا: {شِرْعَةً} [المائدة: 48]، و {شَرِبَ} [الشعراء: 155]، و {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]، و {الشِّرْكَ} [لقمان: 13]، و {فِرْعَوْنَ} [البقرة:
49]، و {مِرْيَةٍ} [هود: 17]، و {الْوِرْدُ} [هود: 98]، و {الْفِرْدَوْسِ} [الكهف:
107]، و {الْإِرْبَةِ} [النور: 31]، و {فِرْقٍ} [الشعراء: 63]، و {مِرفَقاً} [الكهف:
16]، و {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6]، و {أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196]، و {فَصُرْهُنَّ}
[البقرة: 260]، و {فَبَشِّرْهُمْ} [آل عمران: 21]، و {لََا يَضُرُّكُمْ} [آل عمران:
120]، و {وَشََاوِرْهُمْ} [آل عمران: 159]، و {أَنْظِرْنِي} [الأعراف: 14]، و {أَخَّرْنََا} [إبراهيم: 44]، و {وَأَبْصََارِهِمْ} [الصافات: 175]، و {ذُكِّرْتُمْ}
[يس: 19]، و {نُعَمِّرْهُ} [يس: 68]، و {وَقَرْنَ} [الأحزاب: 33]، و {اسْتَأْجِرْهُ}
[القصص: 26]، و {وَأُمِرْتُ} [يونس: 72]، و {يَتَفَطَّرْنَ} [مريم: 90]، و {وَيُؤَخِّرَكُمْ} [نوح: 4] وما أشبهه.
ومثالها طرفا: {وَاسْتَغْفِرْ} [آل عمران: 159]، و {وَيَغْفِرْ} [آل عمران: 31]، و {وَأَبْصِرْ} [الصافات: 179]، و {وَلََا تُبَذِّرْ} [الإسراء: 26]، و {وَقَدِّرْ} [سبأ:
11]، و {فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2]، و {فَكَبِّرْ} [المدثر: 3]، و {فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، و {وَاصْبِرْ} [يونس: 109]، و {وَاصْطَبِرْ} [مريم: 65]، و {وَبَشِّرِ} [البقرة: 25]، و {فَانْتَصِرْ} [القمر: 10]، و {وَيَسِّرْ} [طه: 26]، و {وَلََا تُصَعِّرْ} [لقمان: 18]، و {وَيَسْتَكْبِرْ} [النساء: 172]، و {فَأَمْطِرْ} [الأنفال: 32].(1/561)
ومثالها طرفا: {وَاسْتَغْفِرْ} [آل عمران: 159]، و {وَيَغْفِرْ} [آل عمران: 31]، و {وَأَبْصِرْ} [الصافات: 179]، و {وَلََا تُبَذِّرْ} [الإسراء: 26]، و {وَقَدِّرْ} [سبأ:
11]، و {فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2]، و {فَكَبِّرْ} [المدثر: 3]، و {فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]، و {وَاصْبِرْ} [يونس: 109]، و {وَاصْطَبِرْ} [مريم: 65]، و {وَبَشِّرِ} [البقرة: 25]، و {فَانْتَصِرْ} [القمر: 10]، و {وَيَسِّرْ} [طه: 26]، و {وَلََا تُصَعِّرْ} [لقمان: 18]، و {وَيَسْتَكْبِرْ} [النساء: 172]، و {فَأَمْطِرْ} [الأنفال: 32].
لا خلاف أيضا فى ترقيق هذه الراءات كلها، إلا ما ذكر الإمام أن كثيرا من القراء يفخم الراء الساكنة إذا كان قبلها الميم الزائدة المكسورة نحو {مِرفَقاً}، ولم يرجح هذا القول، ولأضعفه، والظاهر من كلامه أنه يأخذ فيه بالترقيق، والله تعالى أعلم.
والمفهوم من كلامه يعطى أن فى القرآن نظائر لقوله: {مِرفَقاً}، وليس فيه إلا {لَبِالْمِرْصََادِ} خاصة، ولا خلاف فى تفخيم رائه من أجل حرف الاستعلاء بعدها، فأما {مِرْيَةٍ}، و {ذُو مِرَّةٍ} فالميم فيهما أصلية.
وكذلك ذكر الحافظ فى غير «التيسير»: أن من الناس من يفخم الراء [فى] {فِرْقٍ} [الشعراء: 63] من أجل حرف الاستعلاء، والمأخوذ به الترقيق لأن حرف الاستعلاء قد انكسرت صولته لتحركه بالكسر، ومذهب الشيخ الترقيق فى جميع ما تقدم، والله جلت قدرته وعمت رحمته أعلم وأحكم.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «فأما الوقف على الراء».
اعلم أن الراء إن كانت فى الوصل ساكنة نحو {وَاذْكُرْ رَبَّكَ} [آل عمران: 41]، و {فَلََا تَنْهَرْ} [الضحى: 10]، و {أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1]، أو كانت مفتوحة نحو {أَمَرَ} [البقرة: 27]، و {لِيَفْجُرَ} [القيامة: 5]، و {لَنْ نَصْبِرَ} [البقرة: 61]، {السِّحْرَ} [البقرة: 102]، و {الْخَيْرُ} [الحج: 77] و {وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8] أو كانت مكسورة لالتقاء الساكنين نحو {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} [المزمل: 8]، و {وَأَنْذِرِ النََّاسَ} [إبراهيم: 44]، أو كانت كسرتها منقولة نحو {وَانْحَرْ إِنَّ شََانِئَكَ}
[الكوثر: 32]، و {انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} [الأعراف: 143]، و {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللََّهِ حَقٌّ} [الروم: 60] فإن الوقف على جميع ذلك بالسكون لا غير.
وإن كانت مجرورة والكسرة فيها للإعراب نحو {نَجََّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ} [الإسراء: 67]، و {فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 59]، و {إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104]، و {لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ} [لقمان: 19]، أو كانت كسرتها للإضافة إلى ياء المتكلم نحو {نَكِيرِ}
[الملك: 18] و {وَنَذَرَ} [القمر: 16]، أو كانت الكسرة فى عين الكلمة نحو:(1/562)
وإن كانت مجرورة والكسرة فيها للإعراب نحو {نَجََّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ} [الإسراء: 67]، و {فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 59]، و {إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104]، و {لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ} [لقمان: 19]، أو كانت كسرتها للإضافة إلى ياء المتكلم نحو {نَكِيرِ}
[الملك: 18] و {وَنَذَرَ} [القمر: 16]، أو كانت الكسرة فى عين الكلمة نحو:
{يَسْرِ} فى الفجر [الآية: 4] و {الْجَوََارِ} فى الشورى [الآية: 32] و {هََارٍ} فى التوبة [الآية: 109] على ما فيه من القلب، أعنى فى {هََارٍ}، ونحو ذلك مما ليست الكسرة فيه منقولة، ولا لالتقاء الساكنين جاز فى الوقف عليها الروم والسكون.
فإن كانت مرفوعة، نحو {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] و {الْكِبَرُ}
[البقرة: 266] و {الْأُمُورُ} [البقرة: 210] و {النُّذُرُ} [القمر: 41] و {الْأَشِرُ}
[القمر: 26] و {الْخَيْرُ} [المعارج: 21] و {الْعِيرُ} [يوسف: 70] جاز الوقف فى جميع ذلك بالروم، والإشمام، والسكون.
فإذا تقرر هذا فاعلم أنك متى وقفت على الراء بالسكون أو بالإشمام نظرت إلى ما قبلها: فإن كانت قبلها كسرة أو ساكن بعد كسرة أو ياء ساكنة أو فتحة ممالة نحو {بُعْثِرَ} [العاديات: 9] و {الشِّعْرَ} [يس: 69] و {وَالْخَنََازِيرَ} [المائدة: 60] و {لََا ضَيْرَ} [الشعراء: 50] و {يُدَبِّرُ} [يونس: 3] و {بِكْرٌ} [البقرة: 68] و {الْعِيرُ} و {الْخَيْرُ} و {بِالْبِرِّ} [البقرة: 44] و {الْقَنََاطِيرِ} [آل عمران: 14] و {إِلَى الطَّيْرِ} [الملك: 19] و (فى الدار) و {كِتََابَ الْأَبْرََارِ} [المطففين: 18] و {بِشَرَرٍ}
[المرسلات: 32] رققت الراء.
قال الإمام: إلا أن يكون الساكن حرف استعلاء فإنهم يفخمون نحو «مصر».
وإن كان قبلها غير ذلك فخّمتها، ومتى وقفت عليها بالروم اعتبرت حركتها: فإن كانت كسرة رققتها للكل، وإن كانت ضمة نظرت إلى ما قبلها، فإن كان قبلها: كسرة أو ساكن بعد كسرة أو ياء ساكنة رققتها لورش وحده وفخمتها للباقين، وإن لم يكن قبلها شىء من ذلك فخمتها للكل.
فحصل من هذا أن الراء المتطرفة إذا سكنت فى الوقف جرت مجرى الراء الساكنة فى وسط الكلمة، تفخم بعد الفتحة والضمة نحو {الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] و {كُرْسِيُّهُ} [البقرة: 255] وترقق (1) بعد الكسرة نحو {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]
__________
(1) فى ب: ويرقق.(1/563)
وأجريت الياء الساكنة والفتحة الممالة قبل الراء المتطرفة إذا سكنت مجرى الكسرة، وأجرى الإشمام فى المرفوعة مجرى السكون، وإذا وقف عليه بالروم جرت مجراها فى الوصل، والله عز جلاله وجل كماله أعلم وأحكم.
واعلم أن ما ذكرت لك فى هذا الفصل من ترقيق الراء فى نحو: {الدََّارُ} [الأنعام: 135] و {الْأَبْرََارِ} هو مذهب الحافظ لأنه ذكر فى «التيسير» ترقيق الراء فى الوقف بالسكون بعد الفتحة الممالة، ومثل بقوله: {بِشَرَرٍ}
[المرسلات: 32]، وقال فى «الموضح» فى الراء المكسورة إذا وقفت عليها بالسكون ما نصه: «وكذلك إن كانت الفتحة التى قبلها ممالة نحو قوله: {مَعَ الْأَبْرََارِ} [آل عمران: 193] و {الْأَشْرََارِ} [ص: 62] و {فِي قَرََارٍ} [المؤمنون: 13] وما أشبهه فى مذهب من أمال ذلك إمالة خالصة أو بين بين، وكذا قوله: {بِشَرَرٍ}
فى مذهب ورش، فهى أيضا مرققة اتباعا للفتحة الممالة.
وأما الشيخ فذكر فى آخر باب الإمالة ما نصه: «فأما من وقف لأبى عمرو بالإسكان فالإمالة عندى ثابتة لأن الوقف عارض والكسرة منوية».
وقال فى الوقف لورش بعد أن ذكر أنه يختار له الروم، ثم قال ما نصه: «فإذا وقفت له بالإسكان وتركت الاختيار وجب أن تغلظ الراء لأنها تصير ساكنة قبلها فتحة، ويجوز أن تقف بالترقيق كالوصل لأن الوقف عارض والكسر منوى».
وقال فى آخر باب الراءات ما نصه: «فأما {النََّارَ} فى موضع الخفض فى قراءة ورش، فتقف إذا سكنت بالتغليظ، والاختيار: أن تروم الحركة فترقق إذا وقفت».
وأما الإمام فلم أقف له على شىء بين فى هذه المسألة، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
واعلم أن الحافظ رحمه الله اختصر الكلام فى هذا الفصل حتى عرض فيه إشكال، وذلك أنه جعل الراء المفتوحة والمضمومة والساكنة قسما واحدا، وجعل الوقف عليها كالوصل، فما رقق منها فى الوصل رقق فى الوقف، وما فخم فى الوصل فخم فى الوقف، ثم شرط فى هذا الوقف الموافق للوصل: ألا تلا الراء كسرة ولا ياء ساكنة فحدث الإشكال من جهة أن الراء المفتوحة والمضمومة والساكنة إذا لم تلها كسرة ولا ياء ساكنة لم يجز ترقيقها لأحد من القراء لا فى الوصل
ولا فى الوقف، فكيف [يقول: «إن رققت فبالترقيق] (1)»؟! فإذا تقرر هذا الإشكال فاعلم أن الراءات التى ذكر باعتبار القراء والأحكام تنقسم ثلاثة أقسام:(1/564)
واعلم أن الحافظ رحمه الله اختصر الكلام فى هذا الفصل حتى عرض فيه إشكال، وذلك أنه جعل الراء المفتوحة والمضمومة والساكنة قسما واحدا، وجعل الوقف عليها كالوصل، فما رقق منها فى الوصل رقق فى الوقف، وما فخم فى الوصل فخم فى الوقف، ثم شرط فى هذا الوقف الموافق للوصل: ألا تلا الراء كسرة ولا ياء ساكنة فحدث الإشكال من جهة أن الراء المفتوحة والمضمومة والساكنة إذا لم تلها كسرة ولا ياء ساكنة لم يجز ترقيقها لأحد من القراء لا فى الوصل
ولا فى الوقف، فكيف [يقول: «إن رققت فبالترقيق] (1)»؟! فإذا تقرر هذا الإشكال فاعلم أن الراءات التى ذكر باعتبار القراء والأحكام تنقسم ثلاثة أقسام:
قسم يرقق فى الوصل والوقف: وهو ما كان من هذه الراءات التى ذكر مفتوحا أو مضموما بعد كسرة أو ياء ساكنة على قراءة ورش خاصة، وما كان منها ساكنا بعد كسرة على قراءة الجماعة نحو: {سَخِرَ} [التوبة: 79] و {وَالْحَمِيرَ} [النحل: 8] و {لََا ضَيْرَ} [الشعراء: 50] و {الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 74] و {تُثِيرُ} [البقرة: 71] و {الْخَيْرُ} [آل عمران: 26] و {وَاصْبِرْ} [يونس: 109].
وقسم يفخم فى الوصل والوقف على قراءة الجماعة: وهو ما كان من هذه الراءات المتحركة بالفتح أو الضم أو السواكن ليس قبله كسرة ولا ياء ساكنة نحو {حَضَرَ} [البقرة: 133] و {كَبُرَ} [الأنعام: 35] و {يُصْهَرُ} [الحج: 20] و {يَنْظُرُ} [النبأ: 40] و {فَلََا تَنْهَرْ} [الضحى: 10] و {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5].
وقسم يفخم فى الوصل ويرقق فى الوقف: وهو الراء المفتوحة والمضمومة من القسم الأول بعينه على قراءة غير ورش بشرط ألا يوقف لهم على المضمومة بالروم.
فإذا تقرر هذا: فاعلم أن قوله: «ما لم تلها كسرة ولا ياء ساكنة»، قيد خاص بالتفخيم دون الترقيق، فأراد بقوله: «إن رققت (2) فبالترقيق»، القسم الذى ذكرته أولا على قراءة ورش فى المضمومة والمفتوحة، وعلى قراءة الجميع فى الساكنة.
وأراد بقوله: «وإن فخمت فبالتفخيم»، القسم الثانى المتفق على تفخيمه، لكن لما كان قوله: «وإن فخمت» يعنى به فى الوصل، وكان يقع فيه الاشتراك مع القسم الثالث الذى يفخمه غير ورش فى الوصل أتى بذلك الشرط ليفصل بين القسمين، فكأنه قال: وإن فخمت فى الوصل فبالتفخيم فى الوقف إلا فيما استثنيته من ذلك وهو ما وليت الراء فيه كسرة أو ياء ساكنة.
وقوله: «وسواء أشير إلى حركة المضمومة بروم أو إشمام أو لم يشر».
يريد أنها يوقف عليها بالتفخيم فى الروم والإشمام كما يوقف عليها كذلك فى
__________
(1) فى أ: تقول إن وقفت بالترقيق.
(2) فى أ: وقفت.(1/565)
السكون، وهذا كله خاص بالقسم الثانى على ما قررته.
وقوله: «فإن الوقف عليها مع الروم خاصة فى غير مذهب ورش بالتفخيم».
فى هذا الكلام حذف تقديره: فإن وليتها كسرة أو ياء ساكنة، فإن الوقف عليها مع الروم خاصة فى غير مذهب ورش بالتفخيم، وإنما حذفه إيثارا للاختصار واتكالا على فهم السامع.
ولم يذكر مذهب ورش هنا لأنه حاصل من القسم الأول وكلامه بعد بيّن.
وقوله آخرا: «فإنك ترققها فى الحالين».
يعنى فى حال الوقف بالإسكان، وبالروم إذا كانت مكسورة وقبلها كسرة أو ياء ساكنة أو فتحة ممالة، والله تعالى جده وتوالى مجده أعلم وأحكم.(1/566)
يعنى فى حال الوقف بالإسكان، وبالروم إذا كانت مكسورة وقبلها كسرة أو ياء ساكنة أو فتحة ممالة، والله تعالى جده وتوالى مجده أعلم وأحكم.
باب ذكر اللامات
القراء يقولون: الأصل فى اللام الترقيق (1)، ولا تغلظ (2) إلا لسبب، وهو مجاورتها حرف الاستعلاء، وليس تغليظها إذ ذاك بلازم، وترقيقها إذا لم تجاور حرف الاستعلاء لازم، وكلامهم هنا أبين من كلامهم فى الراءات.
وشرط الحافظ رحمه الله فى تغليظ اللام ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون مفتوحة.
والثانى: أن يكون قبلها صاد، أو طاء، أو ظاء.
والثالث: أن يكون كل واحد من هذه الأحرف الثلاثة، إما ساكنا، وإما مفتوحا.
أما الصاد الساكنة، فالوارد منها فى القرآن {تَصْلى ََ} [الغاشية: 4] و {سَيَصْلى ََ}
[المسد: 3] و {يَصْلََاهََا} [الإسراء: 18] و {وَسَيَصْلَوْنَ} [النساء: 10] و {يَصْلَوْنَهََا}
[الانفطار: 15] و {اصْلَوْهَا} [يس: 64] و {فَيُصْلَبُ} [يوسف: 41] و {مِنْ أَصْلََابِكُمْ} [النساء: 23] و {وَأَصْلَحَ} [المائدة: 39] و {وَأَصْلَحُوا} [البقرة: 160] و {أَصْلَحََا} [البقرة: 228].
و {الْإِصْلََاحَ} [هود: 88]، و {وَفَصْلَ الْخِطََابِ} [ص: 20].
وأما الصاد المفتوحة فتكون اللام بعدها خفيفة، وشديدة، فالوارد من الخفيفة فى القرآن {الصَّلََاةَ} [البينة: 5]، و {صَلَوََاتٌ} [البقرة: 157]، و {صَلََاتَكَ} [التوبة:
103]، و {صَلََاتِهِمْ} [المؤمنون: 2]، و {صَلَحَ} [الرعد: 23]، و {فَصَلَتِ}
[يوسف: 94]، و {يُوصَلَ} [الرعد: 21]، و {فَصَلَ طََالُوتُ} [البقرة: 249]، و {فَصَّلَ} [الأنعام: 119]، و {مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114]، و {مُفَصَّلََاتٍ} [الأعراف:
__________
(1) الترقيق من الرقة وهو ضد السمن. فهو عبارة عن إنحاف ذات الحرف ونحوله. والتفخيم من الفخامة وهى العظمة والكثرة، فهى عبارة عن ربو الحرف وتسمينه، فهو والتغليظ واحد إلا أن المستعمل فى الراء فى ضد الترقيق هو التفخيم، وفى اللام التغليظ، وقد عبر قوم عن الترقيق فى الراء بالإمالة بين اللفظين كما فعل الدانى وبعض المغاربة، وهو تجوز إذ الإمالة أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة وبالألف إلى الياء. والترقيق: إنحاف صوت الحرف، فيمكن اللفظ بالراء مرققة غير ممالة، ومفخمة ممالة، وذلك واضح فى الحس والعيان، وإن كان لا يجوز رواية مع الإمالة إلا الترقيق، ولو كان الترقيق إمالة لم يدخل على المضموم والساكن ولكانت الراء المكسورة ممالة، وذلك خلاف إجماعهم.
ينظر النشر فى القراءات العشر (2/ 90، 91).
(2) فى ب: تغليظ.(1/567)
133]، و {وَمََا صَلَبُوهُ} [النساء: 157].
والوارد من الشديدة: {فَصَلََّى} [الأعلى: 15]، و {وَيَصْلى ََ} [الانشقاق: 12]، و {مُصَلًّى} [البقرة: 125]، و {يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33]، وجاءت مفصولا بينها وبين الصاد بألف فى {صََالِحاً} [القصص: 80]، و {فِصََالًا} [البقرة: 233].
وأما الطاء الساكنة، فالوارد منها فى القرآن موضع واحد، وهو {مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
[القدر: 5] خاصة.
وأما المفتوحة، فتكون اللام بعدها خفيفة وشديدة، فالذى ورد فى القرآن من الخفيفة:
{الطَّلََاقُ} [البقرة: 229]، و {وَانْطَلَقَ} [ص: 6]، و {انْطَلِقُوا} [المرسلات:
29]، و {أَطَّلَعَ} [مريم: 78]، و {فَاطَّلَعَ} [الصافات: 55]، و {وَبَطَلَ} [الأعراف:
118]، و {مُعَطَّلَةٍ} [الحج: 45]، و {طَلَباً} [الكهف: 41].
والذى ورد من الشديدة: {وَالْمُطَلَّقََاتُ} [البقرة: 228]، و {طَلَّقْتُمُ} [البقرة:
231]، و {طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: 5]، و {طَلَّقَهََا} [البقرة: 230].
وجاءت مفصولا بينها وبين اللام فى {طََالَ} [الأنبياء: 44].
وأما الظاء الساكنة، فالوارد منها فى القرآن: {فَيَظْلَلْنَ} [الشورى: 33] و {وَلََا يُظْلَمُونَ} [النساء: 49] و {وَمَنْ أَظْلَمُ} [البقرة: 114] و {وَإِذََا أَظْلَمَ}
[البقرة: 20].
وأما المفتوحة فتكون اللام بعدها خفيفة وشديدة، فالوارد من الخفيفة: {ظَلَمَ}
[البقرة: 231] و {ظَلَمُوا} [هود: 101] و {وَمََا ظَلَمْنََاهُمْ} [هود: 101].
والوارد من الشديدة: {بِظَلََّامٍ} [آل عمران: 182] و {وَظَلَّلْنََا} [الأعراف:
160] و {ظَلَّ} [النحل: 58] و {فَظَلَّتْ} [الشعراء: 4].
اعلم أن هذه اللامات على رأى الحافظ فى قراءة ورش تنقسم قسمين:
قسم يلزم فيه تغليظ اللام.
وقسم يجوز فيه التغليظ، والترقيق.
ثم هذا القسم الثانى منه ما يترجح فيه الترقيق، ومنه ما يترجح فيه التغليظ.
فالذى يترجح فيه الترقيق، قوله تعالى: {فَلََا صَدَّقَ وَلََا صَلََّى} فى سورة القيامة [الآية: 31]، و {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى} فى سورة سبح [الأعلى: 15]، و {إِذََا صَلََّى}
فى سورة العلق [الآية: 10].(1/568)
فالذى يترجح فيه الترقيق، قوله تعالى: {فَلََا صَدَّقَ وَلََا صَلََّى} فى سورة القيامة [الآية: 31]، و {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى} فى سورة سبح [الأعلى: 15]، و {إِذََا صَلََّى}
فى سورة العلق [الآية: 10].
فوجه تغليظ اللام فى هذه المواضع الثلاثة، ولايتها مفتوحة للصاد المفتوحة.
ووجه الترقيق المختار عنده: أن يتمكن من إمالة فتحة اللام فتتبعها الألف إذ هى رأس آية، فيحصل التناسب بينها وبين ما يليها من رءوس الآى، والذى يترجح فيه التغليظ ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: اللام بعد الصاد إذا وقعت بعدها ألف منقلبة عن ياء، ولم تكن رأس آية وجملته فى القرآن {يَصْلََاهََا} فى الإسراء [الآية: 18]، والليل [الآية: 15] و {وَيَصْلى ََ} فى الانشقاق [الآية: 12]، و {تَصْلى ََ} فى الغاشية [الآية: 4]، و {سَيَصْلى ََ} فى المسد [الآية: 3]، وكذلك {مُصَلًّى} فى البقرة [الآية: 125] فى الوقف.
قال العبد: ويلحق به الوقف على {يَصْلَى} فى سبح [الأعلى: 12].
فوجه التغليظ: ولاية اللام لحرف الاستعلاء.
ووجه الترقيق: التمكن من الإمالة، لكن لما لم تكن هذه المواضع من رءوس الآى التى يطلب فيها التناسب فى تحصيل الإمالة ضعف الترقيق وقوى التغليظ.
الضرب الثانى: اللام المفصولة بالألف، وذلك {طََالَ} [الأنبياء: 44] و {يُصْلِحََا} [النساء: 128] و {فِصََالًا} [البقرة: 233].
فوجه الترقيق حصول الفصل.
ووجه التغليظ: أن الألف حاجز غير حصين فلم يعتد به.
الضرب الثالث: ما وقع من هذه اللامات طرفا، وذلك قوله تعالى: {أَنْ يُوصَلَ} فى البقرة [الآية: 27] والرعد [الآية: 25] و {فَلَمََّا فَصَلَ} فى البقرة [الآية:
249]، و {وَقَدْ فَصَّلَ} فى الأنعام [الآية: 119]، و {وَبَطَلَ} فى الأعراف [الآية:
118] وإذا سكنت هذه اللامات فى الوقف احتملت الترقيق لسكونها والتغليظ حملا على الوصل إذ لا تكون فى الوصل إلا مغلظة، والسكون فى الوقف عارض لا يعتد به.
وأما القسم الذى يلزم تغليظه فهو خارج عن هذه المواضع المذكورة من جملة اللامات التى تقدم حصرها، والله الموفق للصواب.
وأما (1) ما خرج عن هذه اللامات المذكورة فى هذا الباب مما لم تكمل فيه الشروط الثلاثة:(1/569)
وأما القسم الذى يلزم تغليظه فهو خارج عن هذه المواضع المذكورة من جملة اللامات التى تقدم حصرها، والله الموفق للصواب.
وأما (1) ما خرج عن هذه اللامات المذكورة فى هذا الباب مما لم تكمل فيه الشروط الثلاثة:
فمذهب الحافظ ترقيقه لورش، ولا خلاف عن سائر القراء أنهم يرققون جميع هذه اللامات التى تقدم أن ورشا يغلظها.
واعلم أن للشيخ والإمام فى هذا الباب خلافا مع الحافظ ينحصر الغرض منه فى ثمانى مسائل:
المسألة الأولى: اللام المفتوحة بعد الطاء المفتوحة، أو الساكنة نحو: {طَلَّقْتُمُ}
و {أَطَّلَعَ} و {مَطْلِعَ}، وقد تقدم أن مذهب الحافظ تغليظها لورش، وعن الشيخ والإمام: فيها الوجهان: التغليظ، والترقيق.
ويظهر أن التغليظ أشهر عند الإمام، وبه قرأ الشيخ على غير أبى الطيب، ثم نص الشيخ عن نفسه أنه يأخذ فيه بالوجهين.
المسألة الثانية: اللام المفتوحة بعد الظاء المفتوحة، أو الساكنة نحو {ظَلَمُوا}
و {ظَلْتَ} و {أَظْلَمَ}، مذهب الحافظ التغليظ.
وافقه الشيخ فيما لامه مخففة، وقال فى المشددة: «إنه لم يقرأه على شيخه أبى الطيب إلا بالترقيق».
وقال الشيخ: «وقياس نص كتابه يدل على تغليظها بعد الظاء، وإن كانت مشددة لأنه [لا] يشترط فى المفتوحة تشديدا ولا غيره».
ووافق الإمام الحافظ على التغليظ بعد الظاء الساكنة، وذكر فيما بعد المفتوحة وجهين: التغليظ، وبين اللفظين، وكان بين اللفظين أشهر عنده.
المسألة الثالثة: اللام المشددة بعد الصاد نحو: {مُصَلًّى} و {يُصَلَّبُوا} ما لم تكن رأس آية فى السور الثلاث.
اتفق الحافظ والشيخ فيها على التغليظ.
ونقل الإمام الوجهين، وقال: «إن التفخيم أشهر».
المسألة الرابعة: {فِصََالًا} و (يصّالحا) و {طََالَ}.
وذكر الحافظ فى غير «التيسير» فيها الوجهين، ورجح التغليظ كما تقدم، ووافقه
__________
(1) فى ب: فأما.(1/570)
الإمام فيما بعد الصاد، ولم يتعرض لما بعد الظاء، غير أنه قال فى آخر هذا الباب:
«وكل لام ليس لها فى هذا الباب [أصل] (1)، ولا مثال فلم يختلف فيها أنها بين اللفظين» فظهر أنه يرقق اللام فى {طََالَ}.
وكذلك الشيخ لم يتعرض لهذه اللام المفصولة بالألف بعد الطاء، ولا التى بعد الصاد، وقال فى آخر الباب: «فكل ما كان بخلاف ما ذكرت لك فهو غير مغلظ لورش».
فظهر أنه يرقق اللام فى الكلمات الثلاث.
المسألة الخامسة: الوقف على {فَصَلَ} و {وَبَطَلَ} و {يُوصَلَ}، فقد تقدم أن الحافظ يرجح فيها التغليظ.
وقال الإمام: «بين اللفظين».
وأجاز الشيخ الوجهين فى كتاب «الكشف».
المسألة السادسة: اللام المضمومة إذا وقع قبلها صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء كقوله تعالى: {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق: 13] و {أَصْلُهََا ثََابِتٌ} [إبراهيم: 24] و {فَضْلُ اللََّهِ} [البقرة: 64] و {الْفَضْلُ} [النمل: 16] و {يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} [الأعراف: 54] و {تَطْلُعُ عَلى ََ قَوْمٍ} [الكهف: 90] و {وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] و {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً}
[الإسراء: 33].
وكذلك اللام المفتوحة بعد الضاد الساكنة نحو {فَضْلًا مِنَ اللََّهِ} و {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ} [الفرقان: 17] نقل الإمام التغليظ عن ورش فى جميع ذلك، وقال أيضا:
«إنه قرأ بعد الطاء المهملة والضاد المعجمة بين اللفظين»، وكأن التغليظ عنده أشهر.
ومذهب الحافظ والشيخ الترقيق فى جميع ذلك.
المسألة السابعة: اللام فى قوله تعالى: {وَأَخْلَصُوا} [النساء: 146] و {الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] و {وَلْيَتَلَطَّفْ} [الكهف: 19] و {اخْتَلَطَ} [الأنعام:
146] و {خَلَطُوا} [التوبة: 102] و {وَاغْلُظْ} [التحريم: 9].
ذكر الإمام فيها الوجهين عن ورش، وأن التفخيم أكثر، ومذهب الحافظ والشيخ الترقيق.
__________
(1) سقط فى أ.(1/571)
تنبيه
لما ذكر الحافظ هذه الألفاظ قال فى آخرها: «وشبه ذلك».
فانظر قوله: «وشبه ذلك» ما يعنى به فإن قوله تعالى: {خَلَصُوا نَجِيًّا}
[يوسف: 80] و {الْخُلَطََاءِ} [ص: 24] و {فَاسْتَغْلَظَ} [الفتح: 29] و {مَلََائِكَةٌ غِلََاظٌ}
[التحريم: 6] و {خَلَقَ} [البقرة: 29] و {يَخْلُقُ} و {الْخَلََّاقُ} [يس: 81] {خَلََاقٍ} [البقرة: 102] {مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] و {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوََابَ} [يوسف: 23] كل هذا يشبه ما ذكر.
المسألة الثامنة: اللام الأولى فى {صَلْصََالٍ}، مذهب الحافظ ترقيقها ومذهب الإمام تفخيمها، وأخذ الشيخ فيها بالوجهين، وما عدا هذه المسائل الثمانية فلا خلاف بين الشيخ، والإمام، والحافظ فيما يرقق من ذلك وما يغلظ.
فأما تغليظ اللام من الاسم العلى الأعظم وهو قولنا: «الله» فأمر متفق عليه قصد به التعظيم، وهذا بشرط أن يكون مبدوءا به، أو يكون موصولا بحرف متحرك بالفتح أو بالضم، فإن اتصل بحرف متحرك بالكسر، فلا خلاف فى ترقيقه، ولا يمكن أن تكون الكسرة قبله إلا عارضة أو منفصلة، ورأيت الحافظ رحمه الله قد فرض سؤالا، وهو أن يقال: لم كانت الكسرة غير اللازمة توجب ترقيق اللام، ولا توجب ترقيق الراء؟ ثم أجاب عن ذلك بما ظهر له.
قال العبد: والذى أرتضيه من الجواب أن اللام لما كان أصلها الترقيق، وكان التغليظ عارضا لها، لم يستعملوه فيها إلا بشرط ألا يجاورها مناف للتغليظ، وهو الكسر، فإذا جاورتها الكسرة ردتها إلى أصلها.
وأما الراء المتحركة بالفتح أو بالضم فإنها لما استحقت التغليظ بعد ثبوت حركتها لم تقو الكسرة غير اللازمة على ترقيقها، واستصحبوا فيها حكم التغليظ الذى استحقته بسبب حركتها، فإذا كانت الكسرة لازمة أثرت فى لغة دون أخرى فرققت الراء لذلك وغلظت (1)، وكلام الحافظ رحمه الله فى هذا الباب بين.
__________
(1) وقيل: الفرق: أن المراد من ترقيق الراء إمالتها، وذلك يستدعى سببا قويا للإمالة. وأما ترقيق اللام فهو الإتيان بها على ماهيتها وسجيتها من غير زيادة شىء فيها، وإنما التغليظ هو الزيادة فيها، ولا تكون الحركة قبل لام اسم (الله) إلا مفصولة لفظا أو تقديرا. وأما الحركة قبل الراء فتكون مفصولة وموصولة فأمكن اعتبار ذلك فيها، بخلاف اللام.
ينظر: النشر فى القراءات العشر (2/ 119).(1/572)
وقوله فى آخر الباب: «وعلى ترقيقها مع الكسرة فى الوصل».
إنما قيد هنا بالوصل لأنك لو فصلت اسم الله تعالى وبدأت به غلظت كقوله تعالى فى سورة الأنعام: {قُلِ اللََّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] إذا وصلت رققت اللام فإن بدأت قلت: {اللََّهُ شَهِيدٌ} بتغليظها، وكذلك {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ}
[آل عمران: 26] ترقق إذا وصلت، فإذا بدأت قلت: {اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ} بتغليظ اللام، والله سبحانه وتعالى أعلم، وأحكم، وهو حسبى ونعم الوكيل.(1/573)
إنما قيد هنا بالوصل لأنك لو فصلت اسم الله تعالى وبدأت به غلظت كقوله تعالى فى سورة الأنعام: {قُلِ اللََّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] إذا وصلت رققت اللام فإن بدأت قلت: {اللََّهُ شَهِيدٌ} بتغليظها، وكذلك {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ}
[آل عمران: 26] ترقق إذا وصلت، فإذا بدأت قلت: {اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ} بتغليظ اللام، والله سبحانه وتعالى أعلم، وأحكم، وهو حسبى ونعم الوكيل.
باب الوقف على أواخر الكلم
اعلم أن الوقف (1) فى كلام العرب على أوجه متعددة، والمستعمل منها عند
__________
(1) ذكر ابن الجزرى فى باب الوقف على أواخر الكلم: أن للوقف حالتين: الأولى: ما يوقف عليه، والثانية: ما يوقف به، ثم ذكر أن للوقف فى كلام العرب أوجها متعددة، والمستعمل منها عند أئمة القراءة تسعة، وهو: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والنقل، والإدغام، والحذف، والإثبات، والإلحاق:
(فالإلحاق): لما يلحق آخر الكلم من هاءات السكت.
(والإثبات): لما يثبت من الياءات المحذوفات وصلا.
(والحذف): لما يحذف من الياءات الثوابت وصلا كما سيأتى.
(والإدغام): لما يدغم من الياءات والواوات فى الهمز بعد إبداله.
(والنقل): لنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وقفا.
(والبدل): يكون فى ثلاثة أنواع:
أحدها: الاسم المنصوب المنون يوقف عليه بالألف بدلا من التنوين.
الثانى: الاسم المؤنث بالتاء فى الوصل يوقف عليه بالهاء بدلا من التاء إذا كان الاسم مفردا.
الثالث: إبدال حرف المد من الهمزة المتطرفة بعد الحركة وبعد الألف.
ثم قال: وهذا الباب لم يقصد فيه شىء من هذه الأوجه الستة، وإنما قصد فيه بيان ما يجوز الوقف عليه بالسكون وبالروم وبالإشمام خاصة:
(فأما السكون) فهو الأصل فى الوقف على الكلم المتحركة وصلا لأن معنى الوقف الترك والقطع، من قولهم: وقفت عن كلام فلان، أى: تركته وقطعته.
ولأن الوقف أيضا ضد الابتداء، فكما يختص الابتداء بالحركة كذلك يختص الوقف بالسكون فهو عبارة عن تفريغ الحرف من الحركات الثلاث، وذلك لغة أكثر العرب، وهو اختيار جماعة من النحاة وكثير من القراء.
(وأما الروم) فهو عند القراء عبارة عن النطق ببعض الحركة. وقال بعضهم: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها. وكلا القولين واحد، وهو عند النحاة عبارة عن النطق بالحركة بصوت خفى. وقال الجوهرى فى صحاحه: روم الحركة الذى ذكره سيبويه: هو حركة مختلسة مخفاة بضرب من التخفيف، قال: وهى أكثر من الإشمام لأنها تسمع وهى بزنة الحركة وإن كانت مختلسة، مثل همزة بين بين. انتهى. والفرق بين العبارتين سيأتى وفائدة الخلاف بين الفريقين ستظهر.
(وأما الإشمام) فهو عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت، وقال بعضهم: أن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بالضمة. وكلاهما واحد، ولا تكون الإشارة إلا بعد سكون الحرف. وهذا مما لا يختلف فيه. نعم، حكى عن الكوفيين أنهم يسمون الإشمام روما والروم إشماما.
قال مكى: وقد روى عن الكسائى الإشمام فى المخفوض. قال: وأراه يريد به الروم لأن الكوفيين يجعلون ما سميناه روما إشماما وما سميناه إشماما روما. وذكر نصر بن على(1/574)
القراء ثمانية أوجه، وهى: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والنقل، والحذف، وإثبات ما حذف فى الوصل من آخر الاسم المنقوص، وإلحاق هاء السكت.
__________
الشيرازى فى كتابه الموضح أن الكوفيين ومن تابعهم ذهبوا إلى أن الإشمام هو الصوت وهو الذى يسمع لأنه عندهم بعض حركة. والروم: هو الذى لا يسمع لأنه روم الحركة من غير تفوه به، قال: والأول هو المشهور عند أهل العربية. انتهى.
ولا مشاحة فى التسمية إذا عرفت الحقائق. وأما قول الجوهرى فى الصحاح: إشمام الحرف: أن تشمه الضمة أو الكسرة وهو أقل من روم الحركة لأنه لا يسمع، وإنما يتبين بحركة الشفة العليا ولا يعتد بها حركة لضعفها، والحرف الذى فيه الإشمام ساكن أو كالساكن انتهى فهو خلاف ما يقوله الناس فى حقيقة الإشمام وفى محله فلم يوافق مذهبا من المذهبين. وقد ورد النص فى الوقف إشارتى الروم والإشمام عن أبى عمرو وحمزة والكسائى وخلف بإجماع أهل النقل، واختلف فى ذلك عن عاصم:
فرواه عنه نصا الحافظ أبو عمرو الدانى وغيره. وكذلك حكاه عنه ابن شيطا عن أئمة العراقيين، وهو الصحيح عنه، وكذلك رواه الشطوى نصا عن أصحابه عن أبى جعفر.
وأما غير هؤلاء فلم يأت عنهم فى ذلك نص، إلا أن أئمة أهل الأداء ومشايخ الإقراء اختاروا الأخذ بذلك لجميع الأئمة، فصار الأخذ بالروم والإشمام إجماعا منهم سائغا لجميع القراء بشروط مخصوصة فى مواضع معروفة، وباعتبار ذلك انقسم الوقف على أواخر الكلم ثلاثة أقسام:
قسم لا يوقف عليه عند أئمة القراءة إلا بالسكون، ولا يجوز فيه روم ولا إشمام، وهو خمسة أصناف:
(أولها): ما كان ساكنا فى الوصل نحو (فلا تنهر، ولا تمنن، ومن يعتصم، ومن يهاجر، ومن يقاتل فيقتل أو يغلب).
(ثانيها): ما كان فى الوصل متحركا بالفتح غير منون، ولم تكن حركته منقولة، نحو (لا ريب، وإن الله، ويؤمنون، وآمن، وضرب).
(ثالثها): الهاء التى تلحق الأسماء فى الوقف بدلا من تاء التأنيث، نحو: (الجنة، والملائكة، والقبلة، ولعبرة، ومرّة).
(رابعها): ميم الجمع فى قراءة من حركه فى الوصل ووصله، وفى قراءة من لم يحركه ولم يصله نحو: (عليهم آنذرتهم أم لم تنذرهم، وفيهم، ومنهم، وبهم، وأنهم، وعلى قلوبهم، وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم).
وشذ مكى، فأجاز الروم والإشمام فى ميم الجمع لمن وصلها قياسا على هاء الضمير، وانتصر لذلك وقواه. وهو قياس غير صحيح لأن هاء الضمير كانت متحركة قبل الصلة، بخلاف الميم بدليل قراءة الجماعة، فعوملت حركة الهاء فى الوقف معاملة سائر الحركات، ولم يكن للميم حركة فعوملت بالسكون فهى كالذى تحرك لالتقاء الساكنين.
(خامسها): المتحرك فى الوصل بحركة عارضة، إما للنقل نحو: (وانحر إن، ومن إستبرق، فقد أوتى، وقل أوحى، وخلوا إلى، وذواتى أكل)، وإما لالتقاء الساكنين فى(1/575)
__________
الوصل نحو: (قم الليل، وأنذر الناس. ولقد استهزئ، ولم يكن الذين، ومن يشأ الله، واشتروا الضلالة، وعصوا الرسول)، ومنه: (يومئذ، وحينئذ) لأن كسرة الذال إنما عرضت عند لحاق التنوين، فإذا زال التنوين فى الوقف رجعت الذال إلى أصلها من السكون، وهذا بخلاف كسرة (هؤلاء) وضمة (من قبل، ومن بعد)، فإن هذه الحركة وإن كانت لالتقاء الساكنين، لكن لا يذهب ذلك الساكن فى الوقف لأنه من نفس الكلمة.
(القسم الثانى): ما يجوز فيه الوقف بالسكون وبالروم ولا يجوز بالإشمام، وهو ما كان فى الوصل متحركا بالكسر، سواء كانت الكسرة للإعراب أو للبناء، نحو: (بسم الله الرحمن الرحيم، ومالك يوم الدين، وفى الدار، ومن الناس، فارهبون، وارجعون، وأف، وهؤلاء، وسبع سماوات، وعتل، وزنيم)، وكذلك ما كانت الكسرة فيه منقولة من حرف حذف من نفس الكلمة كما فى وقف حمزة فى نحو: (بين المرء، ومن شىء، وظن السوء، ومن سوء) وما لم تكن الكسرة فيه منقولة من حرف فى كلمة أخرى نحو: (ارجع إليهم) أو لالتقاء الساكنين مع كون الساكن من كلمة أخرى نحو:
(وقالت اخرج) فى قراءة من كسر التاء، (وإذا رجت الأرض) فى قراءة الجميع، أو مع كون الساكن الثانى عارضا للكلمة الأولى كالتنوين فى (حينئذ) فإن هذا كله لا يوقف عليه إلا بالسكون كما تقدم.
(القسم الثالث): ما يجوز الوقف عليه بالسكون وبالروم وبالإشمام، وهو ما كان فى الوصل متحركا بالضم ما لم تكن الضمة منقولة من كلمة أخرى أو لالتقاء الساكنين.
وهذا يستوعب حركة الإعراب وحركة البناء والحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة. فمثال حركة الإعراب (الله الصمد، ويخلق، وعذاب عظيم)، ومثال حركة البناء: (من قبل، ومن بعد، ويا صالح)، ومثال: الحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة: (دفء، والمرء)، ومثال الحركة المنقولة من كلمة أخرى ضمة اللام فى (قل أوحى)، وضمة النون فى: (من أوتى)، ومثال حركة التقاء الساكنين: ضمة التاء فى (وقالت اخرج)، وضمة الدال فى (ولقد استهزئ) فى قراءة من ضم، وكذلك الميم من (عليهم القتال، وبهم الأسباب) عند من ضمها، وكذلك نحو: (ومنهم الذين، وأنتم الأعلون)، وهو المقدم فى الصنف الخامس مما لا يجوز فيه وقفا سوى السكون.
(وأما هاء الضمير) فاختلفوا فى الإشارة فيها بالروم والإشمام: فذهب كثير من أهل الأداء إلى الإشارة فيها مطلقا، وهو الذى فى التيسير والتجريد والتلخيص والإرشاد والكفاية وغيرها، واختيار أبى بكر بن مجاهد. وذهب آخرون إلى منع الإشارة فيها مطلقا من حيث إن حركتها عارضة، وهو ظاهر كلام الشاطبى.
والوجهان حكاهما الدانى فى غير التيسير، وقال: الوجهان جيدان. وقال فى جامع البيان: إن الإشارة إليها كسائر المبنى اللازم من الضمير، وغيره أقيس. انتهى.
وذهب جماعة من المحققين إلى التفصيل: فمنعوا الإشارة بالروم والإشمام فيها إذا كان قبلها ضم أو واو ساكنة أو كسرة أو ياء ساكنة نحو: (يعلمه، وأمره، وخذوه، وليرضوه)، ونحو: (به، وبربه، وفيه، وإليه، وعليه) طلبا للخفة لئلا يخرجوا من ضم أو واو إلى ضمة أو إشارة إليها، ومن كسر أو ياء إلى كسرة، وأجازوا الإشارة إذا لم يكن قبلها(1/576)
أما إلحاق هاء السكت فيأتى فى الباب بعد هذا.
وأما إثبات ما حذف فى الوصل من المنقوص، فنعنى به [ما] جاء عن ابن كثير من الوقف على {هََادٍ} و {وََالٍ} و {وََاقٍ} بإثبات الياء.
وأما الحذف: فنعنى به وقف من يثبت شيئا من الياءات الزوائد فى الوصل ويحذفها فى الوقف، كما يأتى بعد بحول الله العلى العظيم.
وأما النقل فنعنى به ما تقدم فى مذهب حمزة وهشام من نقل حركة الهمزة المتطرفة إلى الساكن قبلها نحو (دف) و (شى).
وأما الإبدال فيكون فى ثلاثة أنواع:
أحدها: الاسم المنصوب المنون يوقف عليه بالألف بدلا من التنوين.
الثانى: الاسم المؤنث فى الوصل يوقف عليه بالهاء بدلا من التاء إذا كان الاسم مفردا، كما تقدم فى باب مذهب الكسائى.
الثالث: إبدال حرف المد من الهمزة المتطرفة بعد الحركة كما تقدم فى باب الوقف لحمزة وهشام.
وهذا الباب لم يقصد فيه شىء من هذه الأوجه الخمسة، وإنما قصد فيه بيان ما يجوز الوقف عليه بالسكون، والروم، وبالإشمام خاصة.
فأما السكون فهو عبارة عن تفريغ الحرف من الحركات الثلاث، وسمى جزما لأن الجزم هو القطع والحرف المجزوم مقطوع عن الحركة.
وكذلك سمى: وقفا، بمعنى أنك لما انتهيت إلى الحرف نطقت به، ثم وقفت
__________
ذلك نحو: (منه، وعنه، واجتباه، وهداه، وأن يعلمه، ولن تخلفه، وأرجئه) لابن كثير وأبى عمرو وابن عامر ويعقوب، (ويتقه) لحفص محافظة على بيان الحركة حيث لم يكن ثقل، وهو الذى قطع به أبو محمد مكى وأبو عبد الله بن شريح والحافظ أبو العلاء الهمدانى، وأبو الحسن الحصرى وغيرهم. وإليه أشار الحصرى بقوله:
واشمم ورم ما لم تقف بعد ضمة ... ولا كسرة أو بعد أمّيهما فادر
وأشار إليه أيضا أبو القاسم الشاطبى والدانى فى جامعه، وهو أعدل المذاهب عندى، والله أعلم. وأما سبط الخياط فقال: اتفق الكل على روم الحركة فى هاء ضمير المفرد الساكن ما قبلها نحو: (منه، وعصاه، وإليه، وأخيه، واضربوه) ونحوه. قال: واتفقوا على إسكانها إذا تحرك ما قبلها نحو: (ليفجر أمامه، فهو يخلفه) ونحو ذلك فانفرد فى هذا المذهب فيما أعلم، والله أعلم.
ينظر النشر فى القراءات العشر (2/ 125120).(1/577)
عن تحريكه.
وأما الروم: فهو عبارة عن النطق ببعض الحركة، وإن شئت قلت: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها كما قال الحافظ.
وأما الإشمام: فهو عبارة عن الإشارة إلى الحركة بالشفتين بإثر انقطاع الصوت على الحرف ساكنا.
هذا على اصطلاح البصريين، وحكى عن الكوفيين أنهم يسمون الإشارة بالشفتين روما لأنك تقول: رمت فعل كذا إذا تعرضت له ولم تفعله، فكذلك إذا أشرت بشفتيك من غير نطق.
ويسمون النطق ببعض الحركة إشماما، كما تقول: شممت رائحة كذا إذا أدركت رائحته، فكأنك أدركت جزءا منه، فكذلك إذا جعلت فى الحرف شيئا يسيرا من لفظ الحركة.
واصطلاح البصريين يتوجه على أنك حين نطقت ببعض الحركة كأنك رمت إتمامها فلم تفعل، وعلى أنك جعلت القدر الحاصل من الإشارة بالشفتين إشماما لأنه كاف فى الإشعار بحركة الوصل، والأمر فى هذا قريب.
واعلم أن الكلم الموقوف عليها تنقسم ثلاثة أقسام:
[الأول]: قسم لا يوقف عليه عند القراء إلا بالسكون ولا يجوز فيه روم ولا إشمام وهو خمسة أصناف:
الأول: ما كان ساكنا فى الوصل نحو {فَلََا تَنْهَرْ} [الضحى: 10] و {وَلََا تَمْنُنْ}
[المدثر: 6] و {وَمَنْ يَعْتَصِمْ} [آل عمران: 101].
الثانى: ما كان فى الوصل متحركا بالفتح غير منون ولم تكن حركته منقولة نحو:
{آمَنَ} [البقرة: 13] و {وَصَدَّقَ} [الليل: 6] و {إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ} [المائدة: 28].
الثالث: ميم الجمع فى قراءة من حركه فى الوصل ووصله، وفى قراءة من لم يصله ولم يحركه نحو: {سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6].
الرابع: المتحرك فى الوصل بحركة عارضة، إما للنقل نحو {وَانْحَرْ إِنَّ}
[الكوثر: 32] و {مَنْ آمَنَ} [البقرة: 62] و {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] و {ذَوََاتَيْ أُكُلٍ} [سبأ: 16].
وإما لالتقاء الساكنين فى الوصل نحو {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] و {أَنْذِرِ النََّاسَ}
[يونس: 2] و {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ} [الأنعام: 10] ومنه {يَوْمَئِذٍ} و {حِينَئِذٍ} فإن كسرة الذال إنما عرضت عند لحاق التنوين، فإذا زال التنوين فى الوقف رجعت الذال إلى أصلها من السكون، وهذا بخلاف كسرة {هََؤُلََاءِ} وضمة {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}
[الروم: 4] فإن هذه الحركة وإن كانت لالتقاء الساكنين لكن لا تذهب إلى الساكن فى الوقف لأنه من نفس الكلمة.(1/578)
وإما لالتقاء الساكنين فى الوصل نحو {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] و {أَنْذِرِ النََّاسَ}
[يونس: 2] و {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ} [الأنعام: 10] ومنه {يَوْمَئِذٍ} و {حِينَئِذٍ} فإن كسرة الذال إنما عرضت عند لحاق التنوين، فإذا زال التنوين فى الوقف رجعت الذال إلى أصلها من السكون، وهذا بخلاف كسرة {هََؤُلََاءِ} وضمة {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}
[الروم: 4] فإن هذه الحركة وإن كانت لالتقاء الساكنين لكن لا تذهب إلى الساكن فى الوقف لأنه من نفس الكلمة.
الخامس: الهاء التى تلحق الأسماء فى الوقف بدلا من تاء التأنيث نحو {الْجَنَّةَ}
و {الْمَلََائِكَةِ}، فأما ضمير المذكر المفرد إذا كان قبله ضمة أو واو ساكنة أو كسرة أو ياء ساكنة كقوله تعالى: {وَاللََّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] و {وَشَرَوْهُ} [يوسف: 20] و {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} [عبس: 3534] و {بَيْنَ يَدَيْهِ} [البقرة: 97] فذكر الحافظ فى غير «التيسير» خلافا بين أهل الأداء: هل يقتصر فيه على السكون أو يجوز فيه استعمال الروم والإشمام؟
ثم قال: «والوجهان جيدان».
ومذهب الشيخ والإمام فيه الإسكان لا غير.
قال الشيخ: وقد ذكر النحاس (1) جواز الروم والإشمام فى هذا.
ثم قال: «وليس هو مذهب القراء».
واعلم أن الشيخ رحمه الله أجاز الروم والإشمام فى ميم الجمع، وقال بعد ما أطال الكلام فيها ما نصه: «وليس قول من يمنع ذلك لأجل أن الميم من الشفتين
__________
(1) إسماعيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن عبد الله التجيبى، أبو الحسن النحاس شيخ مصر، محقق ثقة كبير جليل، قرأ على التيسير والمستنير الأزرق صاحب ورش، وهو أجل أصحابه وعلى الكامل عبد الصمد بن عبد الرحمن، يقال إلى سورة طه، وعلى الكامل عبد القوى بن كمونة وعمرو بن بشار بن سنان كلهم عن ورش، قرأ عليه جامع البيان إبراهيم بن حمدان وأحمد بن عبد الله بن هلال وهو أجل أصحابه والتيسير أحمد بن أسامة التجيبى وجامع البيان أحمد بن محمد بن أبى الرجا وجامع البيان حمدان بن عون بن حكيم ومحمد بن أحمد بن شنبوذ، فيما ذكره أبو العزيل على بن هلال عنه وجامع البيان ابن أبى رصاصة ومحمد بن خيرون الأندلسى ومحمد بن إبراهيم الأهناسى وأبو على وصيف الحمراوى وسلامة بن الحسن الموصلى وجامع البيان أحمد بن محمد القباب أبو العباس وأبو بكر محمد بن حميد بن أبى بشر القباب وأحمد ابن محمد بن هيثم الشعرانى، قال الذهبى: توفى سنة بضع وثمانين ومائتين وقال القاضى أسد: سنة نيف وثمانين ومائتين.
ينظر غاية النهاية (1/ 165).(1/579)
بشيء لإجماع الجميع على الإشمام والروم فى الميم التى فى آخر الأفعال والأسماء التى ليست للجميع، ولو تم له منع الإشمام بقياس ميم الجمع لمن ضمها».
وهو يريد بالضم أصلها، أى يقف عليها كغيرها من المتحركات، والإسكان حسن فيها، فأما من حركها لالتقاء الساكنين فالوقف بالسكون لا غير.
ومذهب الإمام فى ميم الجمع: الوقف بالسكون لا غير، كمذهب الحافظ.
القسم الثانى: يجوز فيه الوقف بالسكون وبالروم، ولا يجوز الإشمام، وهو ما كان فى الوصل متحركا بالكسر، سواء كانت الكسرة للإعراب أو للبناء ما لم تكن منقولة من حرف كلمة أخرى نحو {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37] و {وَانْحَرْ إِنَّ شََانِئَكَ} أو لالتقاء الساكنين مع كون الساكن الثانى من كلمة أخرى نحو {وَقََالَتِ اخْرُجْ} [يوسف: 31] فى قراءة من كسر التاء و {إِذََا رُجَّتِ الْأَرْضُ} [الواقعة: 4] فى قراءة الجميع، ومع كون الساكن الثانى عارضا للكلمة الأولى كالتنوين فى {حِينَئِذٍ}
فإن هذا كله لا يوقف عليه إلا بالسكون كما تقدم.
وإنما مقصود هذا القسم نحو (فى الدار) و {مِنَ النََّاسِ} و {هََؤُلََاءِ} و {أُفٍّ}، وكذلك ما كانت الكسرة فيه منقولة من حرف حذف من نفس الكلمة فى الوقف، نحو {بَيْنَ الْمَرْءِ} [البقرة: 102].
و {مِنْ شَيْءٍ} و {ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 6] على قراءة حمزة وهشام.
القسم الثالث: يجوز الوقف عليه بالسكون وبالروم والإشمام، وهو ما كان فى الوصل متحركا بالضم ما لم تكن الضمة منقولة من كلمة أخرى، أو لالتقاء الساكنين، وهذا يستوعب حركة الإعراب، وحركة البناء، والحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة.
فمثال حركة الإعراب: {يَخْلُقُ} [آل عمران: 47] و {اللََّهُ الصَّمَدُ}
[الإخلاص: 2] ومثال حركة البناء: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4]، و {يُصْلِحُ} [الأعراف:
77] [الأعراف: 77].
ومثال الحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة (دف) و {المر} على
ما تقدم من وقف حمزة وهشام.(1/580)
ومثال الحركة المنقولة من حرف حذف من نفس الكلمة (دف) و {المر} على
ما تقدم من وقف حمزة وهشام.
ومثال الحركة المنقولة من كلمة أخرى ضمة اللام فى: {قُلْ أُوحِيَ} وضمة النون فى: {مَنْ أُوتِيَ} [الحاقة: 19] على قراءة ورش.
ومثال حركة التقاء الساكنين ضمة التاء فى: {وَقََالَتِ اخْرُجْ} وضمة الدال فى {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ} فى قراءة من ضم.
وإنما قال الحافظ رحمه الله فى الوقف بالسكون: «إنه الأصل»، وقاله الشيخ لأنه يطرد فى كل نوع من المتحركات، ولأنه تحصل به مخالفة الابتداء إذ لا يبتدأ إلا بمتحرك، فأرادا أن يكون الوقف بخلافه فجعلاه بالسكون، ولأن الوقف موضع استراحة، فناسبه حذف الحركة ولهذا لا يجوز الوقف بالتحريك التام الممكن وأقصى ما يستعمل فيه الروم، وهو النطق ببعض الحركة.
وقوله: «والباقون لم يأت عنهم شىء».
يعنى الحرميين وابن عامر، فإنه ذكر أن الرواية وردت عن الكوفيين وأبى عمرو، أعنى بالروم والإشمام، ونقل الشيخ والإمام أن الرواية وردت عن حمزة والكسائى، وعن أبى عمرو من طريق البغداديين.
وقوله: «واستحباب أكثر شيوخنا أن يوقف فى مذاهبهم بالإشارة».
يريد: فى مذهب الحرميين وابن عامر، كما يوقف فى مذهب من روى عنه ذلك.
وقوله: «لما فى ذلك من البيان».
يعنى لما فى الوقف بالروم والإشمام من بيان الحركة التى تثبت فى الوصل للحرف الموقوف عليه، وهذا التعليل يقتضى استحسان الوقف بالروم والإشمام، إذا كان القارئ بحضرته من يسمع قراءته، أما إذا لم يكن بحضرته أحد يسمع تلاوته فلا يتأكد الوقف إذ ذاك بالروم والإشمام لأنه غير محتاج إلى أن يبين لنفسه، وعند حضور الغير يتأكد ذلك ليحصل البيان للسامع: فإن كان السامع عالما بذلك علم صحة عمل القارئ، وإن كان غير عالم كان فى ذلك تنبيه له ليعلم حكم ذلك الحرف الموقوف عليه كيف هو فى الوصل؟ وإن كان القارئ متعلما ظهر عليه بين يدى المعلم هل أصاب فيقره، أو أخطأ فيعلمه.
قال العبد: وكثيرا ما يعرض لى مع المتعلم فى مواضع من القرآن يكون القارئ قد اعتاد الوقف عليها ولم ينبه على وصلها، كقوله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ
عَلِيمٌ} [يوسف: 76] و {إِنِّي لِمََا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24] فيقف القارئ على {عَلِيمٌ} و {فَقِيرٌ} بالسكون على عادته، فأشعر بأنه لا يحسن الوصل فآمره بوصلها، فيقرأ: {عَلِيمٌ} و {فَقِيرٌ} بالخفض.(1/581)
قال العبد: وكثيرا ما يعرض لى مع المتعلم فى مواضع من القرآن يكون القارئ قد اعتاد الوقف عليها ولم ينبه على وصلها، كقوله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ
عَلِيمٌ} [يوسف: 76] و {إِنِّي لِمََا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24] فيقف القارئ على {عَلِيمٌ} و {فَقِيرٌ} بالسكون على عادته، فأشعر بأنه لا يحسن الوصل فآمره بوصلها، فيقرأ: {عَلِيمٌ} و {فَقِيرٌ} بالخفض.
وكذلك أجدهم قد اعتادوا الوقف على قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطََانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100] فأشعر أنه لا يدرى كيف يصل فآمره بالوصل، فلا يدرى هل يفتح الياء أو يسكنها، وكثيرا ما يسبق إليهم فتحها فى قراءة، قالون فأنبه إذ ذاك على أنه لا يفتحها إلا ورش.
وكذلك يقفون فى سورة الرحمن عز جلاله على رءوس الآى فأشعر بأنهم لا يحسنون الوصل، فآمر القارئ بالوصل فكثيرا ما يصل: {وَلِمَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ جَنَّتََانِ} و {مُدْهََامَّتََانِ} بتنوين النون إلى غير ذلك مما يحتاج المعلم أن يتفقد فيه حال المبتدئ، والله سبحانه الموفق المعين.
وقول الحافظ رحمه الله فى الروم: «إنه تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك معظم صوتها».
أشار بذلك إلى تضعيف الصوت، ووقع فى هذا الكلام «الصوت» بالألف واللام، ثم كرره مضافا إلى ضمير الحركة، وهما فى الحقيقة شىء واحد، ولو قال:
حتى يذهب معظمه، ويعيد الضمير على الصوت لكان صحيحا.
وقوله: «يدركه الأعمى».
ليس يريد أن البصير لا يدركه، وإنما يريد أنه يدرك ذلك الصوت بحاسة السمع، ولا يتوقف على البصر، فخص الأعمى بالذكر ليدل على أنه لا حاجة للبصر فى إدراك الروم بل يدركه المبصر، سواء فتح عينيه أو أغمضهما، وفى الليل المظلم، ومن وراء حائل، ومع هذا فإن كان الروم فى الكسرة، فلا مشاركة فى إدراكه للبصر، وإن كان فى الضمة فيصح أن تدرك بالبصر الإشارة بالشفتين التى تصحب النطق بصوت الضمة، وهاهنا يدرك الأصم إذا كان مبصرا الإشارة الحاصلة للشفتين، وإن لم يدرك الصوت فيستوى عنده الروم والإشمام، لكن لما كان الروم عند الحافظ رحمه الله عبارة عن الإشارة الحاصلة للشفتين، وإنما هو عبارة عن الصوت الضعيف الباقى من الحركة صح أن يقال: لا حظ للبصر فى إدراك الروم إذ البصر لا يدرك الصوت.
قوله: «وأما حقيقة الإشمام فهو ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا».(1/582)
ليس يريد أن البصير لا يدركه، وإنما يريد أنه يدرك ذلك الصوت بحاسة السمع، ولا يتوقف على البصر، فخص الأعمى بالذكر ليدل على أنه لا حاجة للبصر فى إدراك الروم بل يدركه المبصر، سواء فتح عينيه أو أغمضهما، وفى الليل المظلم، ومن وراء حائل، ومع هذا فإن كان الروم فى الكسرة، فلا مشاركة فى إدراكه للبصر، وإن كان فى الضمة فيصح أن تدرك بالبصر الإشارة بالشفتين التى تصحب النطق بصوت الضمة، وهاهنا يدرك الأصم إذا كان مبصرا الإشارة الحاصلة للشفتين، وإن لم يدرك الصوت فيستوى عنده الروم والإشمام، لكن لما كان الروم عند الحافظ رحمه الله عبارة عن الإشارة الحاصلة للشفتين، وإنما هو عبارة عن الصوت الضعيف الباقى من الحركة صح أن يقال: لا حظ للبصر فى إدراك الروم إذ البصر لا يدرك الصوت.
قوله: «وأما حقيقة الإشمام فهو ضمك شفتيك بعد سكون الحرف أصلا».
يريد: بعد قطع الصوت على الحرف ساكنا فلا تكون تلك الإشارة إلا مصاحبة للسكون وبعد انصراف الصوت، وخص الإشمام بضم الشفتين لأنه لا يكون إلا فى المرفوع، وسبب ذلك أن الإشمام لما كان عبارة عن الإشارة بالعضو إلى الحركة من غير نطق لم يكن ذلك إلا فيما كان من الحركات من الشفتين وهى الضمة لأنها من الواو، فأما الكسرة فهى من مخرج الياء، وذلك وسط اللسان، وهو فى داخل الفم.
فلو أشار القارئ بوسط اللسان إلى الكسرة بعد انقطاع الصوت على السكون لم يفد لأنها إشارة بعضو غائب عن البصر، وكذلك الفتحة لما كانت من مخرج الألف وأصلها من الحلق لم يتصور فيها الإشمام لأن موضع الحركة غائب بخلاف الضمة التى هى من الشفتين، فالإشارة بها ظاهرة فكان إعمالها يفيد البيان كما يفيده الروم.
وقوله: «ولا يدرك ذلك الأعمى».
يريد أن إدراك الإشمام موقوف على البصر، ولا تعلق للسمع به ولهذا لا يدركه المبصر إذا أغمض (1) عينيه أو كان فى ليل مظلم، أو كان بينه وبين القارئ حائل يمنعه إبصار شفتيه.
وقوله: «إذ هو إيماء بالعضو إلى الحركة».
تعليل لكون الأعمى لا يدركه، ولا يغنى فيه السمع، كما لم يغن البصر فى إدراك الصوت فى الروم.
وقوله: «ولا يستعملونه فى النصب أو الفتح لخفتها».
اعلم أنه لا يمتنع الروم فى الوقف على المفتوح عند النحويين، لكن جرت عادة القراء بتركه ولهذا قال الحافظ: «لا يستعملونه» ولم يقل: لا يجوز، وقد حكاه اليزيدى عن أبى عمرو فى قوله تعالى: {أَمَّنْ لََا يَهِدِّي} فى سورة يونس عليه السلام [الآية: 35] فقال: «وكان يشم الهاء شيئا من الفتح» يعنى ينطق ببعض الفتحة.
__________
(1) فى ب: غمض.(1/583)
وقد نص سيبويه على جواز الروم فى المنصوب، ومثله بقولك: «رأيت الحارث».
وقول الحافظ: «لخفتها» تعليل لترك روم الفتحة.
فإن قيل: هذا تعليل غير بين لأن العادة فى لسان العرب ترك الثقيل واستعمال الخفيف، فكيف استعمل القراء الروم فى الضمة والكسرة مع ثقلهما، وتركوا روم الفتحة لكونها خفيفة؟
فالجواب: أن مراده أن الفتحة لخفتها، سهلت على من أراد النطق بها فيخاف أن يريد القارئ النطق ببعضها، فيحصل النطق بكلها فرفضوا رومها محافظة واحتياطا لألفاظ القرآن، ووقفوا بالسكون الذى هو أكثر استعمالا كما نص عليه سيبويه، وأما الضمة والكسرة، فقد يقصد القارئ النطق بكل واحدة منهما على التمام فيحصل النطق ببعضها، وذلك لثقلهما، فإذا قصد النطق ببعضهما كان ذلك أبعد من حصول تمامهما (1)، والله تبارك وتعالى أعلم.
قوله: «وأما الإشمام فيكون فى الرفع والضم».
ليس يريد أنه مختص بالرفع والضم على مذاهب القراء، ولكنه كذلك (2) فى كلام العرب لما تقدم من كون مخرج الفتحة والكسرة غائب فى داخل الفم، وكذا حاصل قول سيبويه فإنه لما ذكر النصب والجر، وما يجوز فيهما من الروم والسكون والتضعيف، كما كان فى المرفوع، قال بإثره: «فأما الإشمام فليس إليه سبيل».
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «فأما الحركة العارضة» إلى تمام الباب.
قد تقدم أن الحركة العارضة، إن كانت منقولة فى الوقف جاز الروم والإشمام نحو (دف) و (مل) فى الوقف لحمزة وهشام.
فإن قيل: ليست تلك الحركة عارضة لأنها فى الأصل مستحقة لحرف من نفس الكلمة؟
__________
(1) فى أ: تمامها.
(2) فى ب: هو.(1/584)
فالجواب: أنها عارضة للحرف الموقوف عليه فصح أن يطلق عليها أنها عارضة.
وقوله: «وحركة ميم الجمع فى مذهب من ضمها على الأصل».
يريد [على] (1) قراءة ابن كثير باتفاق، وعلى قراءة قالون على أحد الوجهين، وترك مذهب من كسرها وهى قراءة أبى عمرو على الشرط المذكور فى سورة أم القرآن لأن تلك الكسرة عارضة ليست على الأصل فاكتفى عن ذكرها بقوله أولا:
«فأما الحركة العارضة».
فإن قيل: ما الدليل على أن الضم هو الأصل فى تحريك ميم الجمع؟
فالجواب: أن يقال: اعلم أن ميم الجمع إنما تلحق ضمير المخاطب، وضمير الغائب متصلين كانا أو منفصلين، فأبين حكم ضمير المخاطب والغائب أولا فأقول:
اعلم أن ضمير المخاطب المفرد المتصل إذا كان فى موضع الرفع [هو] التاء نحو: «فعلت» وفى النصب والجر الكاف نحو «إنك» و «لك»، وضمير الغائب المفرد فى موضع النصب والجر [الهاء] نحو «إنه» و «له» إلا أنهم يفتحون التاء والكاف إذا أرادوا المذكر ويكسرونهما إذا أرادوا المؤنث كل هذا فى الوصل، ولا يصلون الحركة، فإذا وقفوا أسكنوا ويفتحون الهاء ويصلونها بألف إذا أرادوا المؤنث فى الحالين، فإن أرادوا المذكر أسكنوها فى الوقف وكسروها فى الوصل بعد الكسرة أو الياء الساكنة وضموها فيما عدا ذلك، ويصلون الحركة بحرف من جنسها إذا تحرك ما قبلها فى كل اللغات، فإن سكن ما قبلها تركوا الصلة فى أشهر اللغتين.
وإنما خصوا (2) الهاء بالصلة دون التاء والكاف لأنها حرف [ضعيف] (3) قد بلغ فى الضعف غاية ليست لغيره من الحروف، فأرادوا تقوية حركتها بالصلة ليكون ذلك كالجابر لقوة الحرف وكأنه بمنزلة العوض مما نقص من بيان الهاء.
وأما من حذف صلتها من العرب فى الوصل إذا سكن ما قبلها، فإنه رأى أن الهاء
__________
(1) سقط فى أ.
(2) فى ب: حصلوا.
(3) فى أ: مهتوت.(1/585)
لما حل بها من الضعف فى حكم العدم، فلو وصلها لكان كأنه قد جمع بين ساكنين إذ الهاء بينهما حاجز غير حصين، فإذا أرادوا إضمار الاثنين حركوا التاء والكاف والهاء بالضم، وألحقوا كل واحدة منها زيادتين، كما ألحقوا الاسم الظاهر حين ثنوه، وكانت إحدى الزيادتين ألفا لأنها قد استقرت لإضمار الاثنين فى «فعلا» و «يفعلان».
ولأنها أيضا قد قرئت فى الظاهر، لإفادة معنى التثنية.
وكانت الزيادة الأخرى ميما، وقدمت على الألف ليفرق بين حال المضمر والظاهر فى التثنية كما فرقوا فى التصغير بين الأسماء المبهمة وغيرها، إلا أنهم يكسرون الهاء إذا تقدمتها كسرة أو ياء ساكنة نحو: «بهما» و «إليهما» وذلك لضعفها.
ولم يفعلوا ذلك بالتاء والكاف لأنهما أقوى من الهاء، فلم تقو [الياء والكسرة] (1) على تغييرهما، فإذا أرادوا الجمع استحقت التاء والكاف والهاء عندهم أن يلحقوها زيادتين كما فعلوا حين أرادوا إضمار الاثنين، وكما فعلوا ذلك حين جمعوا الاسم الظاهر الجمع الذى على حد التثنية، فجعلوا للمذكر الميم والواو، وللمؤنث النون المضاعفة، وعند هذا ظهر لزوم تحريك الميم بالضم من أجل الواو، كما لزم تحريكها بالفتح من أجل الألف فلهذا قالوا: إن الأصل فى ميم الجمع أن تحرك بالضم، ثم إن هذه الصيغة التى للجميع إن اتصل بها ضمير ثبتت ضمة الميم وصلتها بالواو كقوله تعالى: {أُورِثْتُمُوهََا} [الأعراف: 43] و {أَشْرَكْتُمُونِ}
[إبراهيم: 22].
وتقول: «الدرهم أعطاكموه زيد» و «الزيدون» و «هند أعطاهموها عمرو».
وقال سيبويه فى باب ما ترده علامة الإضمار إلى أصله بعد أن ذكر كسر لام الجر مع الظاهر خيفة الالتباس بلام الابتداء أو فتحها مع المضمر لزوال اللبس.
يريد: فرجعت اللام إلى أصلها من الفتح الذى هو أخف الحركات، ثم قال ما نصه: «وقد شبهوا به قولهم: أعطيتكموه فى قول من قال: «أعطيتكم ذلك» فيجزم، ردوه إلى أصله كما ردوه بالألف واللام حين قال: أعطيتكم اليوم».
__________
(1) فى ب: الكسرة والياء.(1/586)
يريد أنهم ردوا ميم الجمع إلى الأصل عند اتصال المضمر به، فحركوه بالضم وأثبتوا الواو فى لغة من يسكنها ويحذف الواو فى الوصل إذا لم يتصل به الضمير، كما أنهم أيضا حركوها بالضم عند لقيها الساكن فى قولهم: أعطيتكم اليوم، وهذا الكلام نص من سيبويه فى أن الأصل عنده فى هذه الميم التحريك بالضم، وأن المضمر يردها إلى أصلها كما يرد لام الجر إلى أصله من الفتح، وأن ضمها عند لقيها الساكن هو حركة الأصل، ثم حكى عن يونس (1) أنه يقول: «أعطيتكمه» يريد أنه يسكن الميم ويحذف الواو مع اتصال المضمر به ولا يرده إلى أصله، ثم قال سيبويه: «والأول أكثر وأعرف»، يعنى ما تقدم من رد الميم إلى أصلها مع المضمر.
واقتضى قوله: «والأول أكثر وأعرف» أن ما حكى عن يونس إنما هو لغة مسموعة إلا أنها غير شهيرة، وقد حصل فى أثناء هذا الكلام أن هذه الميم إذا استعملت فى الوصل ولم يتصل بها مضمر أنها تسكن وتحذف صلتها، وعليه أكثر القراء إذ قد أمنوا التباسه بالمفرد لثبوت الميم، وأمنوا التباسه بالاثنين لعدم الألف.
ومنهم من يضم الميم ويثبت الواو إبقاء لحكم الأصل، وعليه قراءة ابن كثير ومن وافقه، وهى أقل اللغتين، والله أعلم.
فأما فى الوقف فلا بد من حذف الصلة، وقد تقدم أن مذهب الحافظ والإمام:
منع الروم والإشمام عند الوقف على ميم الجمع والتزام إسكانها، وأن الشيخ يجيز فيها الروم والإشمام.
واعلم أن كسر الهاء فى قولك: «بهم» و «عليهم» ونحوهما تغيير لحق الهاء لضعفها، كما تقدم فى قولك: «بهما» و «إليهما» والأصل تحريكها بالضم عند لحاق
__________
(1) هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبى مولاهم البصرى، إمام العربية.
أخذ عن أبى عمرو بن العلاء، وحماد بن سلمة. وعنه: الكسائى، وسيبويه، والفراء، وآخرون. وعاش ثلاثا وثمانين سنة. أرخ خليفة بن خياط موته فى سنة ثلاث وثمانين ومائة. وقد لقى عبد الله بن أبى إسحاق فسأله عن لفظة، وكان ليونس حلقة ينتابها الطلبة والأدباء. وفصحاء الأعراب.
وذكره ثعلب، فقال: جاوز المائة. وقيل: إنه لم يتزوج، ولا تسرّى.
وله تواليف فى القرآن واللغات.
ينظر: سير أعلام النبلاء (8/ 191، 192)، ومعجم الأدباء (20/ 64)، وبغية الوعاة (2/ 365)، تهذيب التهذيب (5/ 346).(1/587)
علامة الاثنين والجمع، كما هو كذلك إذا لم يتقدمها كسرة ولا ياء ساكنة، وكما هو كذلك فى أختيها أعنى: التاء والكاف فى «فعلتم» و «بكم» و «إليكم»، ويدل عليه أيضا قراءة الكسائى فى مثل قوله تعالى: {بِهِمُ الْأَسْبََابُ} [البقرة: 166] و {يَهْدِيهِمُ اللََّهُ} [النحل: 104] وبابه بضم الهاء بعد الكسرة والياء، فلولا أن الضم أصل فيها لم يجز استعماله بعد الكسرة والياء لأجل الثقل، والله عز وجل أعلم.
وذكر الحافظ هاء التأنيث وقال: «لا حظ لها فى الحركة».
يريد: لأنها لم تثبت قط إلا فى الوقف، وإنما تثبت الحركة فى الوصل فى التاء.
فهذه ثلاثة أصناف، وقد تقدم أن الفتح لا يكون فيه روم عند القراء، ولا إشمام فى لسان العرب، ولم يحتج إلى ذكر الساكن إذ لا أصل له فى الحركة، وقد تقدم ذكر الضمير المفرد المذكر، ولم يذكره (1) الحافظ هنا، لجواز الروم والإشمام فيه عنده، والله تعالى أعلم وأحكم.
__________
(1) فى أ: يذكر.(1/588)
باب الوقف على مرسوم الخط
اعلم أن الخط له قوانين وأصول يحتاج إلى معرفتها، وذلك بحسب ما يثبت من الحروف وما لا يثبت، وبحسب ما يكتب موصولا أو مفصولا، وبيان ذلك مستوفى فى أبواب الهجاء من كتب النحو.
واعلم أن أكثر خط المصحف موافق لتلك القوانين، وقد جاء فيه أشياء خارجة عن ذلك يلزم اتباعها ولا نتعدى، منها ما عرفنا سببه، ومنها ما غاب عنا، وليس المقصود هنا بيان ما ورد من ذلك، بل يكفى هذا القدر من التنبيه، والمقصود من هذا الباب: أن الأصل أن يثبت القارئ فى لفظه من حروف الكلمة إذا وقف عليها ما يوافق خط المصحف ولا يخالفه إلا إذا وردت رواية عن أحد [من] (1) الأئمة تخالف ذلك فيتبع الرواية، كما يذكر فى هذا الباب، وذكر الحافظ رحمه الله أن الرواية تثبت عن نافع، وأبى عمرو والكوفيين باتباع المرسوم فى الوقف، وأنه لم يرد فى ذلك شىء عن ابن كثير وابن عامر.
ثم ذكر فى هذا الباب مخالفة المرسوم فى مواضع مختلفة عن جماعة القراء، إلا عن نافع فلم يذكر عنه فيه شيئا.
وذكر فى كتاب «التحبير» ورود الرواية عن نافع وأبى عمرو وحمزة والكسائى، وعن عاصم بتأويل، ثم ذكر الطرق متصلة الأسانيد إلى الأئمة الأربعة أنهم كانوا يقفون على الكتاب، وذكر السند إلى عاصم من طريق أبى بكر أنه كان يقرأ {الصِّرََاطَ} [الفاتحة: 6] بالصاد من أجل الكتاب.
قال الحافظ: «فدل قوله «من أجل الكتاب» أنه يتبع مرسوم الخط».
قال العبد: وهذا قصد الحافظ بقوله: «وعن عاصم بتأويل».
ثم ذكر سندا آخر إلى أبى بكر، ثم عاصم أنه كان يتبع فى قراءته المصحف.
قال الحافظ: «يعنى فى الوصل والوقف».
فإن قيل: لم يذكر فى هذا الباب عن نافع رواية تخالف المرسوم مع أن نافعا يخالف المرسوم فى مواضع كثيرة، منها ما خالف فيه المرسوم فى الوصل دون الوقف، فمن ذلك ما ورد فى القرآن من لفظ: {شَيْءٍ} [البقرة: 20] و {دِفْءٌ}
__________
(1) سقط فى أ.(1/589)
[النحل: 5] و {الْخَبْءَ} [النمل: 25] ونحوه مما يقرؤه بالهمز فى الوصل والوقف، وليس فى المرسوم صورة للهمزة، ومن ذلك الياءات الزوائد التى أثبتها فى الوصل على ما يأتى بحول الله تعالى العلى العظيم وليست فى الخط.
ومن ذلك ما يثبت (1) من الحروف فى الرسم ولا يقرؤه أحد: كالألف بعد «لام ألف» فى قوله تعالى فى سورة النمل (أولا أذبحنّه) [الآية: 21] وفى سورة التوبة: (ولا أوضعوا) [الآية: 47] وكذلك الواو بعد الألف فى قوله تعالى:
(سأوريكم دار الفاسقين) [الأعراف: 145]، والياء التى تثبت فى الخط فى قوله تعالى: (من نبإى المرسلين) [الأنعام: 34] إلى غير ذلك مما هو مذكور فى كتاب «المقنع» فى رسم المصاحف للحافظ أبى عمرو.
وإذا اعتبرت هذا (2) وجدت كل واحد من القراء قد خالف المرسوم فى مواضع كثيرة من القرآن وصلا ووقفا، فيقول السائل عند ذلك: فما وجه اختصاص هذا الباب بهذه الألفاظ المعينة التى ذكر وهى قليلة بالنسبة إلى ما وقعت فيه التلاوة مخالفة للرسم بالزيادة أو بالنقص من القراء أو باختلاف؟.
فالجواب: أن المقصود من هذا الباب بيان ما وردت فيه رواية تخالف المرسوم فى الوقف حيث لا ينبغى أن يتعمد الوقف من جهة أن معنى الكلام يقتضى الاتصال بما بعده، وإنما يوقف عليه لسبب يعرض من نسيان أو انقطاع نفس أو للإعلام بأن تلك المواضع لو كانت مما (3) يختار الوقف عليها كيف كان يكون.
ويحصل الشذوذ فى الوقف على ما ذكر فى هذا الباب من وجهين:
أحدهما: مخالفة الخط.
والثانى: كون المعنى يستدعى الاتصال بما بعده.
قال الحافظ رحمه الله: «فمن ذلك كل هاء تأنيث رسمت فى المصاحف تاء على الأصل نحو: نعمت».
اعلم أن مجموع الحروف التى رسمت فى المصحف بالتاء الممدودة تنقسم
__________
(1) فى ب: ثبت.
(2) فى ب: ذلك.
(3) فى أ: بما.(1/590)
[إلى] (1) ثلاثة أقسام:
قسم يقرأ بالجمع باتفاق من القراء، وقسم يقرأ بالإفراد باتفاق القراء، وقسم فيه خلاف، وحصر ما اشتمل عليه القسم الثانى والثالث ضرورى إذ لا يمكن الوقوف على معرفته بقياس، وبحصر القسمين يتعين القسم الأول المتفق على قراءته بالجمع نحو {السَّمََاوََاتِ} [البقرة: 33]، و {وَالذََّارِيََاتِ} [الذاريات: 1]، و {الْمُعْصِرََاتِ} [النبأ: 14].
أما القسم الثانى المتفق على قراءته بالإفراد، وهو مكتوب بالتاء الممدودة فجملته فى القرآن تسع عشرة لفظة تكرر بعضها دون بعض:
فغير المتكرر فيها تسعة ألفاظ وهى {كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ} فى الأعراف [137]، و {بَقِيَّتُ اللََّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} فى سورة هود عليه السلام [86]، و {قُرَّتُ عَيْنٍ} فى القصص [9]، و {فِطْرَتَ} فى الروم [30]، و {وَلََاتَ حِينَ} فى «ص» [3]، و (شجرت الزّقوم) فى الدخان [43]، و {أَفَرَأَيْتُمُ اللََّاتَ} فى النجم [19]، و {جَنََّاتِ النَّعِيمِ} فى الواقعة [12]، و {ابْنَتَ عِمْرََانَ} فى التحريم [12]،.
والمتكرر عشرة ألفاظ:
أحدها {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ} فى المؤمنين [36].
والثانى: (ومعصيت الرّسول) فى موضعين من المجادلة [8، 9].
والثالث: «لعنت» فى موضعين: أحدهما {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ} فى آل عمران [61]، و {أَنَّ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَيْهِ} فى النور [7].
والرابع: «مرضات» فى أربعة مواضع:
منها فى البقرة {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} [207]، و {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} [265]. وفى النساء {وَمَنْ يَفْعَلْ ذََلِكَ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ} [114]. وفى التحريم {تَبْتَغِي مَرْضََاتَ أَزْوََاجِكَ} [1].
والخامس: «سنت» فى خمسة مواضع:
منها فى الأنفال {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} [38]. وفى فاطر {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلََّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللََّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللََّهِ تَحْوِيلًا} [43]. وفى غافر {سُنَّتَ اللََّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبََادِهِ} [85].
__________
(1) سقط فى ب.(1/591)
السادس: «رحمت» فى سبعة مواضع:
منها فى البقرة {أُولََئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللََّهِ} [218]. وفى الأعراف {إِنَّ رَحْمَتَ اللََّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [56]. وفى سورة هود عليه السلام {رَحْمَتُ اللََّهِ وَبَرَكََاتُهُ عَلَيْكُمْ} [73]. وفى سورة مريم عليها السلام {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيََّا} [2].
وفى سورة الروم {فَانْظُرْ إِلى ََ آثََارِ رَحْمَتِ اللََّهِ} [50]. وفى الزخرف {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [32]، و {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمََّا يَجْمَعُونَ} [32].
والسابع: «امرأت» فى سبعة مواضع:
منها فى آل عمران {إِذْ قََالَتِ امْرَأَتُ عِمْرََانَ} [35]. وفى سورة يوسف عليه السلام (قالت امرأت العزيز) فى موضعين [30، 51]. وفى القصص {وَقََالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [9]. وفى التحريم {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} [10]. و {امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ}
[11].
والثامن «يا أبت» فى ثمانية مواضع:
منها فى سورة يوسف عليه السلام موضعان [4، 100].
وفى سورة مريم عليها السلام أربعة مواضع [4542]، وفى القصص موضع [26]، وفى الصافات موضع [102].
والتاسع «نعمت» فى أحد عشر موضعا:
منها فى البقرة [231]، وفى آل عمران [103]، وفى العقود [المائدة: 7]، وفى فاطر [3] {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ}.
وفى سورة إبراهيم عليه السلام {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً} [28] {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} [34].
وفى النحل {وَبِنِعْمَتِ اللََّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [72]، و {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللََّهِ} [83]، و {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ} [114].
وفى لقمان {تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللََّهِ} [31].
وفى الطور (فما أنت بنعمت ربّك بكاهن) [29].
العاشر «ذات» فى تسعة وعشرين موضعا منها {بِذََاتِ الصُّدُورِ} فى موضعين من آل عمران [119، 154].
وفى موضع موضع من المائدة [7]، والأنفال [43] وسورة هود عليه السلام
[5]، ولقمان [23]، وفاطر [38]، والزمر [7]، والشورى [24]، والحديد [6]، والتغابن [4]، والملك [13].(1/592)
وفى موضع موضع من المائدة [7]، والأنفال [43] وسورة هود عليه السلام
[5]، ولقمان [23]، وفاطر [38]، والزمر [7]، والشورى [24]، والحديد [6]، والتغابن [4]، والملك [13].
ومنها فى الأنفال {ذََاتَ بَيْنِكُمْ} [1]، و {ذََاتِ الشَّوْكَةِ} [الأنفال: 7]، وفى الكهف {وَنُقَلِّبُهُمْ ذََاتَ الْيَمِينِ وَذََاتَ الشِّمََالِ} [18]، و {تَتَزََاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذََاتَ الْيَمِينِ} [17]، و {تَقْرِضُهُمْ ذََاتَ الشِّمََالِ} [17]. وفى الحج {كُلُّ ذََاتِ حَمْلٍ}
[2]. وفى المؤمنين {ذََاتِ قَرََارٍ} [50]. وفى النمل {ذََاتَ بَهْجَةٍ} [60]. وفى الذاريات {ذََاتِ الْحُبُكِ} [7]. وفى القمر {ذََاتِ أَلْوََاحٍ} [13]. وفى الرحمن {ذََاتُ الْأَكْمََامِ} [11]. وفى البروج {ذََاتِ الْبُرُوجِ} [1]، و {ذََاتِ الْوَقُودِ} [5]. وفى الطارق {ذََاتِ الرَّجْعِ} [11]، و {ذََاتِ الصَّدْعِ} [12]. وفى الفجر {ذََاتِ الْعِمََادِ} [7]. وفى المسد {ذََاتَ لَهَبٍ} [3].
القسم الثالث: الذى قرئ بالإفراد وبالجمع، وجملته فى القرآن اثنا عشر موضعا:
منها فى الأنعام {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا} [115].
وفى سورة يونس عليه السلام {كَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [33]، و {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ} [96]. وفى سورة يوسف صلى الله عليه وسلم {آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} [7]، و {غَيََابَتِ الْجُبِّ} فى الموضعين [10، 15].
وفى العنكبوت {وَقََالُوا لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيََاتٌ مِنْ رَبِّهِ} [50]. وفى سبأ {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} [37]. وفى فاطر {عَلى ََ بَيِّنَةٍ مِنْهُ} [40]. وفى غافر {وَكَذََلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [6]. وفى فصلت {وَمََا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا} [47].
وفى المرسلات {جِمََالَتٌ صُفْرٌ} [33].
ذكر الحافظ فى «التحبير» أنها كلها كتبت بالتاء إلا الحرف الثانى من سورة يونس عليه السلام قال: تأملته فى مصاحف أهل العراق فرأيته مرسوما بالهاء، وكذلك ذكر بسنده إلى أبى عبيد القاسم بن سلام (1) أنه قال: أنه رأى فى الإمام مصحف
__________
(1) الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون، أبو عبيد، القاسم بن سلام بن عبد الله.
كان أبو سلام مملوكا روميا لرجل هروى. يروى أنه خرج يوما وولده أبو عبيد مع ابن أستاذه فى المكتب، فقال للمعلم: علّمى القاسم فإنها كيسة.
مولد أبى عبيد سنة سبع وخمسين ومائة.(1/593)
عثمان رضى الله عنه {آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} [يوسف: 7] بألف قبل التاء، وكذلك ذكر فى قوله تعالى: (على بينات منه) [فاطر: 40] بألف قبل التاء، ولم يقل فى مصحف عثمان، ثم ذكر بسنده إلى قالون: أن الحرفين فى الكتاب بغير ألف.
وكذلك ذكر بسنده إلى القاسم بن سلام أنه رأى فى مصحف عثمان رضى الله عنه (ولاتحين مناص) [ولات] متصلة ب (حين) فى الخط.
وذكر الحافظ قبل هذا أن فى سائر المصاحف مفصولة، يعنى من الحاء.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن القسم الأول المتفق على قراءته بالجمع: كتب بالتاء الممدودة ليوافق اللفظ الخط، فلا إشكال فيه، ولا سؤال يعتريه (1).
وأما القسم الثانى المتفق على قراءته بالإفراد فإنما يكتب بالتاء الممدودة رعيا لحال الوصل، فإن أكثر تلك الكلمات مضافة إلى ما بعدها، وحق المضافين ألا يفصل بينهما لأن الثانى منهما قد حل من الأول محل التنوين فصارت التاء فى المضاف الأول كأنها فى وسط الاسم.
وأما {وَلََاتَ حِينَ} [ص: 3] و {اللََّاتَ وَالْعُزََّى} [النجم: 19] و {مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا} [فصلت: 47] و {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ لِمََا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] فإنها وإن لم تكن فيها إضافة لكنها لا يستقل الكلام بالوقف عليها، بل لا بد من وصلها بما
__________
وسمع: إسماعيل بن جعفر وشريك بن عبد الله، وهشيما، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأبا بكر بن عياش، وخلقا كثيرا.
وقرأ القرآن على أبى الحسن الكسائى، وإسماعيل بن جعفر، وشجاع ابن أبى نصر البلخى، وسمع الحروف من طائفة.
وأخذ اللغة عن أبى عبيدة، وأبى زيد، وجماعة.
وصنف التصانيف المونقة التى سارت بها الركبان، له كتاب (الأموال). وكتاب (الغريب) وفضائل القرآن، وكتاب الطهور، وغير ذلك، وله بضعة وعشرون كتابا.
حدث عنه: نصر بن داود، وأبو بكر الصاغانى، وأحمد بن يوسف التغلبى، والحسن ابن مكرم، وأبو بكر بن أبى الدنيا.
قال البخارى وغيره: مات سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة.
قال الخطيب: وبلغنى أنه بلغ سبعا وستين سنة، رحمه الله.
ينظر سير أعلام النبلاء (10/ 509490)، وتهذيب التهذيب (8/ 315)، وغاية النهاية (2/ 17)، وطبقات المفسرين (2/ 3732)، وبغية الوعاة (2/ 253)، ومعجم الأدباء (16/ 254).
(1) فى أ: يعتبر به.(1/594)
بعدها فأشبهت لذلك المضاف فكتبت بالتاء الممدودة على قصد الوصل، ولا ينبغى لأحد أن يتعمد الوقف على شىء منها لهذا السبب، ومن وردت عنه رواية بالوقف على شىء منها فليس ذلك على معنى أنه يختار الوقف ويتعمده، ولكن معناه أنه يقف إن عرض له انقطاع نفس أو نسيان، أو ليرى كيف حكمه فى الوقف لو كان مما يختار [الوقف] عليه، والله [تعالى جلاله وتوالى كماله] (1) أعلم.
وأما القسم الثالث المختلف فى قراءته: فكتب بالتاء الممدودة رعيا لمذهب من يقرؤه بالجمع، ورجحت هذه القراءة فى الرعى على قراءة من أفرد لأن التاء هى الأصل، كما تقدم فى باب الوقف للكسائى.
قال الحافظ رحمه الله: «فكان الكسائى وأبو عمرو يقفان على ذلك بالهاء».
هذا مطرد فى القسم المتفق على أنه يقرأ بالإفراد إلا ما يستثنى بعد بحول الله تعالى وهذا الوقف مخالف للسواد.
فأما القسم المختلف فيه: فقرأ الكسائى وأبو عمرو مع من وافقهما (كلمت ربك) فى الموضعين من سورة يونس عليه السلام [الآية: 33، 96] وفى سورة غافر [الآية: 6]، و {غَيََابَتِ الْجُبِّ} فى الموضعين [الآيتان: 1510] و {مِنْ ثَمَرََاتِ} فى فصلت [الآية: 47] بالإفراد.
وقرأ الكسائى مع من وافقه دون أبى عمرو فى الأنعام والعنكبوت والمرسلات بالإفراد.
وقرأ أبو عمرو مع من وافقه دون الكسائى فى فاطر بالإفراد، وكلهم جمع {آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} [الآية: 7] إلا ابن كثير، وكلهم جمع {فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] إلا حمزة.
[فإذا تقرر هذا فاعلم] (2) أن كل من قرأ شيئا منها بالجمع فلا يجوز الوقف إلا بالتاء، وهذا منصوص من كلام الحافظ فى «التحبير».
ولزم عليه أن يكون نافع قد خالف المرسوم فى الحرف الأخير من سورة يونس عليه السلام لأن الحافظ نص على أنه فى مصاحف أهل العراق مرسوم بالهاء،
__________
(1) سقط فى ب.
(2) سقط فى أ.(1/595)
ونص على أنه لا يجوز الوقف عليه على قراءة نافع وابن عامر إلا بالتاء.
وأما الذين قرءوا بالإفراد فنص الحافظ فى كتاب «التحبير» على أن الوقف لأبى عمرو والكسائى بالهاء قياسا على ما ورد عنهما فيما تقدم، وأن الكسائى يميل مع ذلك الهاء وما قبلها، وذكر أن الوقف لابن كثير فى الحرفين من سورة يونس عليه السلام وفى العنكبوت، وسبأ، وفاطر، وغافر، وفصلت بالهاء قياسا على ما رواه ابن الحباب عن البزى، عن أصحابه عن ابن كثير أنه وقف على {يََا أَبَتِ}
[يوسف: 4]، و {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ} [المؤمنون: 36] و {وَمََا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرََاتٍ}
[فصلت: 47] بالهاء.
ولما ذكر قوله تعالى: {آيََاتٌ لِلسََّائِلِينَ} [يوسف: 7] قال: «وقرأه ابن كثير وحده بالتوحيد فيجوز أن يقف على ذلك بالهاء قياسا على ما رواه ابن الحباب عن البزى».
ثم قال: «ويجوز أن يقف بالتاء لأن النص إنما ورد عنه فى مواضع مخصوصة من غير إطلاق للقياس فى نظائره».
ثم ذكر {غَيََابَتِ الْجُبِّ} قال: «فقياس قول أبى عمرو والكسائى الوقف على ذلك بالهاء، وقياس قول غيرهما ممن وحّد الوقف بالتاء اتباعا لرسم ذلك»، وهذا الذى قاله هنا يقتضى أن يكون قياس قراءة ابن كثير الوقف بالتاء، وهو مخالف لما نص عليه من قياس قراءته فى سائر المواضع.
وذكر [عن] (1) ابن عامر أن الوقف له بالتاء فى جميعها، ويكون على هذا قد خالف المرسوم فى الحرف الثانى من سورة يونس عليه السلام كما تقدم فى قراءة نافع.
ولم يقرأ ابن عامر من هذه المواضع الاثنى عشر بالإفراد إلا {غَيََابَتِ الْجُبِّ} فى الموضعين [10، 15]، وذكر عن عاصم وحمزة أن قياس قراءتهما الوقف بالتاء فى الجميع، إلا فى الحرف الثانى من سورة يونس عليه السلام لكونه مرسوما بالهاء، كما ذكر عن مصاحف أهل العراق، وهما ممن يقرؤه بالإفراد، فالوقف لهما عليه بالهاء.
__________
(1) سقط فى أ.(1/596)
وكذا نص فى قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] حيث أفرده حمزة أن قياس قوله يوجب أن يوقف بالتاء، ثم قال: «ويجوز [الوقف] (1) على قراءته بالهاء».
قال العبد: «لا أدرى لم أجاز هنا الوقف بالهاء» (2)، وهو يرى أن لا يخالف خط المصحف إلا بعد ثبوت رواية كما روى عن ابن كثير فى الكلمات الثلاث، أو بقياس على رواية كسائر المواضع التى قاسها لابن كثير على الكلمات الثلاث، ولم يسند عن حمزة مخالفة الخط فى شىء مما تقدم فتأمله، والله تعالى جده وتبارك مجده أعلم.
وإذا تقرر هذا: فاعلم أنه يستثنى لأبى عمرو من جميع ما ذكر فى القسم الثانى ستة ألفاظ، وهى: {مَرْضََاتِ} فى المواضع الأربعة: [البقرة: 207، 265، النساء: 114، التحريم: 1] و {هَيْهََاتَ} فى الموضعين [المؤمنون: 26]، و {ذََاتَ} حيث وقعت، و {وَلََاتَ} فى ص [الآية: 3]، و {اللََّاتَ} فى النجم، و {يََا أَبَتِ} فى المواضع الثمانية: [يوسف: 4، 100، مريم: 42، 43، 44، 45، والقصص: 26، والصافات: 102]، فيقف عليها بالتاء.
وكذلك يستثنى للكسائى {يََا أَبَتِ} [يوسف: 4، 100] فيقف عليه بالتاء.
وافق الإمام الحافظ فيما ذكر عن الكسائى وأبى عمرو.
واعلم أن استثناء هذه الألفاظ الستة لا يخرج من كلام الحافظ إلا بكلفة، وبيان ذلك أنه قال أولا: «فمن ذلك كل هاء تأنيث رسمت فى المصاحف تاء على الأصل نحو كذا وشبهه»، ثم قال: «فكان الكسائى وأبو عمرو يقفان على ذلك بالهاء».
فهذا الكلام يقتضى تعميم الوقف لهما بالهاء فى جميع ما رسم بالتاء حسب ما تقدم فى القسم الثانى، والثالث.
ثم قال: «ووقف الكسائى على {مَرْضََاتِ اللََّهِ} حيث وقعت، وعلى {اللََّاتَ وَالْعُزََّى} و {ذََاتَ بَهْجَةٍ} و {وَلََاتَ حِينَ} و {هَيْهََاتَ هَيْهََاتَ} بالهاء.
وهذا الكلام إنما يعطى بظاهره تكرار مذهب الكسائى فى هذه الألفاظ الخمسة فى الوقف عليها بالهاء إذ قد كان حصل ذلك من الكلام الأول، وليس مراده
__________
(1) سقط فى أ.
(2) فى أ: بالتاء.(1/597)
التكرار، وإنما مراده أن الكسائى وقف عليها بالهاء وحده دون أبى عمرو فيحصل منه أن أبا عمرو وقف على هذه الألفاظ المعينة بالتاء، فوافق (1) فيها خط المصحف، وكان الأولى أن يقول بدل هذه العبارة: واستثنى أبو عمرو من ذلك {مَرْضََاتِ اللََّهِ}
حيث وقعت، وكذا وكذا إلى آخرها.
وكذلك قوله بإثر هذا: «ووقف ابن كثير وابن عامر على {يََا أَبَتِ} بالهاء حيث وقع»، حصل منه استثناء هذه الكلمة للكسائى وأبى عمرو وإن لم يلفظ بصيغة الاستثناء، لكنه عقد البيان عن الجميع بقوله بإثر هذا: «ووقف الباقون على هذه المواضع كلها بالتاء اتباعا لخط المصحف».
وسنقف فى باب ياءات الإضافة على مواضع من كلامه مثل هذا الموضع، مما قصد به الاستثناء وليس فيه صيغة استثناء، وقد مر مثلها أيضا فيما تقدم.
واعلم أنه ذكر فى «المفردات» أن الكسائى يقف بالتاء على الألفاظ الخمسة التى ذكر هنا أن الكسائى يقف عليها بالهاء، والله سبحانه وحده لا شريك له أعلم وأحكم.
وقال الحافظ: «وهو قياس مذهب ابن كثير».
واستدل [بسؤال] (2) ابن الحباب على الوقف على {مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا}
[فصلت: 47] فقال البزى: بالهاء، وقد تقدم كلام الحافظ فى هذا فى كتاب «التحبير»، وحاصل قول الإمام: أن كل من قرأ {مِنْ ثَمَرََاتِ} بالإفراد وقف عليه بالهاء، وهم: ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر، وحمزة، والكسائى.
ومن قرأه بالجمع وقف بالتاء، وهم: نافع وابن عامر وحفص.
فحصل من هذا ثبوت الخلاف بين الحافظ والإمام فى الوقف على هذه الكلمة لأبى بكر وحمزة.
وأما الألفاظ الستة فنص الحافظ على أن الكسائى يقف على الخمسة الأول منها بالهاء إلا أنه لم يذكر من «ذات» إلا {ذََاتَ بَهْجَةٍ} خاصة.
ووافقه الإمام على ذلك إلا أنه قال فى {وَلََاتَ حِينَ}: «بخلاف». ولما ذكر {ذََاتَ بَهْجَةٍ} قال: «وبذات الصدور، وشبهه».
وقوله: «وشبهه» يستوعب ما ورد منها فى القرآن، وقد تقدم ذكرها.
__________
(1) فى ب: فيوافق.
(2) سقط فى أ.(1/598)
ولما ذكر الإمام {مَرْضََاتِ} قال: «إلا المضافة إلى المتكلم». يعنى الحرف الذى فى «الممتحنة»، وهو قوله تعالى: {وَابْتِغََاءَ مَرْضََاتِي}، وهذا الاستثناء صحيح ليس فيه مخالفة لقول الحافظ.
ثم قال الإمام: «وكان ابن مجاهد يأخذ لحمزة بالتاء وللباقين بالهاء».
قال العبد: ذكر الحافظ فى «التحبير» الوقف عن حمزة بالهاء والتاء مسندا، وصحح الوقف بالتاء محتجا بأن الروايتين «لما اختلفتا عنه كان أولاهما بالصواب ما وافق مذهبه فى اتباع المرسوم» انتهى.
وذكر الحافظ فى «التيسير» أن البزى وافق الكسائى فى الوقف على {هَيْهََاتَ} فى الموضعين بالهاء، وكذا قال الإمام، وزاد ذلك عن قنبل، ثم قال: «وقد اختلف عن قنبل وعن الكسائى فيهما، وعن البزى فى الأول، ثم قال: «وما ذكرته أولا أكثر وأشهر».
يعنى اتفاق ابن كثير والكسائى على الوقف عليهما بالهاء، وقد ذكر الحافظ فى «التحبير» بسنده إلى الزينبى (1) عن قنبل قال: «الوقف: (هيهاه)، بالهاء».
قال الحافظ: «ولا أعلم أحدا روى ذلك عن قنبل غير (2) الزينبى وهو مطلع بقراءة
__________
(1) محمد بن موسى بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن أبى محمد بن إبراهيم بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أبو بكر الزينبى الهاشمى البغدادى، قال الأهوازى: وسمى الزينبى لأن جدته كانت زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله ابن عباس، وهو مقرئ محقق ضابط لقراءة ابن كثير، أخذ القراءة عرضا وسماعا عن أبى ربيعة وسعدان بن كثير الجدى ومحمد بن شريح العلاف والغاية إسحاق بن محمد الخزاعى والحسن بن محمد الحداد وعن المستنير، والغاية، والمبهج، الكامل قنبل، قال الدانى: وأهل مكة لا يثبتون قراءته على قنبل وهو إمام فى قراءة المكيين. قال ابن الجزرى:
صحت قراءته من غير وجه على قنبل، وروى القراءة عنه عرضا وسماعا الكامل أحمد ابن عبد العزيز بن بدهن والمبهج على بن محمد بن خشنام والمستنير أحمد ابن عبد الرحمن بن الفضل والمبهج أحمد بن محمد بن بشر والمبهج، والكامل أحمد بن نصر الشذائى والغاية محمد بن أحمد الشنبوذى والكامل أبو على محمد ابن أحمد بن حامد الصفار والكامل محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى قتادة، وذكر الهذلى أن أبا عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله العجلى قرأ عليه فوهم فى ذلك.
والصواب: أنه قرأ على الشذائى عنه، وسمع منه الحروف عبد الواحد بن أبى هاشم، توفى سنة ثمانى عشرة وثلاثمائة. ينظر غاية النهاية (2/ 268267).
(2) فى ب: عن.(1/599)
المكيين».
ثم قال: «والذى وقفت به من طريق ابن مجاهد وأبى ربيعة (1) وابن عبد الرزاق، عن قنبل بالتاء».
وأما الشيخ فذكر الخلاف عن الكسائى فى الوقف على {وَلََاتَ} و {اللََّاتَ}
و {ذََاتَ بَهْجَةٍ} ونظائرها، وأن المشهور عنه الوقف بالتاء اتباعا للمصحف.
وقال فى {مَرْضََاتِ}: وقف حمزة عليها بالتاء، والباقون بالهاء، هذا مذهب أبى الطيب، وابن مجاهد، وقد قيل: إن الكسائى يقف بالهاء والباقون بالتاء، وهذا مذهب غيره».
يعنى غير أبى الطيب.
وقال فى {هَيْهََاتَ}: «إن البزى يقف على الثانى بالهاء» كذا قال فى «التبصرة» وفى كتاب «التذكرة»، وقال فى «المفردات»: «وروى عن الكسائى أنه وقف على {هَيْهََاتَ} بالهاء فيهما، ومذهب أبى الطيب الوقف عليهما له بالتاء».
وأما {يََا أَبَتِ} فذكر الحافظ أن ابن كثير وابن عامر وقفا عليها بالهاء، والباقون بالتاء، وكذلك قال الشيخ والإمام.
قال الحافظ: «وقف أبو عمرو على (كأين) فى جميع القرآن على الياء وافقه الشيخ والإمام فى ذلك ووقف الباقون على النون».
__________
(1) محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين بن سنان، أبو ربيعة الربعى المكى المؤدب، مؤذن المسجد الحرام، مقرئ جليل ضابط، أخذ القراءة عرضا عن الجماعة البزى والكامل قنبل، قال الدانى: وضبط عنهما روايتهما وصنف ذلك فى كتاب أخذه الناس عنه وسمعوه منه، وهو من كبار أصحابهما وقدمائهم، من أهل الضبط والإتقان والثقة والعدالة، وأقرأ الناس فى حياتهما، قلت ابن الجزرى: وطريقه عن البزى هى التى فى الشاطبية والتيسير من طريق النقاش عنه، روى القراءة عنه عرضا جامع البيان محمد بن الصباح ومحمد ابن عيسى بن بندار والمبهج عبد الله بن أحمد البلخى والمبهج، وجامع البيان، والكامل محمد بن موسى الهاشمى العباسى والكامل محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله والكامل إبراهيم بن عبد الرزاق والتيسير، والمستنير، والغاية، والمبهج محمد بن الحسن النقاش والكفاية الكبرى، الكامل هبة الله بن جعفر وعمر ابن محمد بن عبد الصمد بن بنان وأحمد بن محمد بن هارون والكامل محمد بن أحمد الداجونى والكامل يوسف بن يعقوب فيما ذكره الهذلى فيهما، والله أعلم. مات فى رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين.
ينظر غاية النهاية (2/ 99).(1/600)
قال الشيخ: «وقد روى عن الكسائى مثل أبى عمرو».
قال: «والمختار فى قراءتهما، وقراءة غيرهما: أن يقف القارئ على النون اتباعا للمصحف».
وقال الحافظ: «وقف الكسائى على {وَيْكَأَنَّ} [القصص: 82] و {وَيْكَأَنَّهُ}
[القصص: 82] على الياء منفصلة، وروى عن أبى عمرو أنه وقف على الكاف، ووقف الباقون على الكلمة بأسرها».
وذكر الشيخ والإمام الخلاف فى رواية أبى عمرو والكسائى هنا، قال الشيخ:
«والمشهور عنهما مثل الجماعة».
قال الحافظ: «وقف أبو عمرو على: {فَمََا لِهََؤُلََاءِ الْقَوْمِ} [النساء: 78] وأخواته على «ما» وذكر الخلاف عن الكسائى، ومثله ذكر الإمام».
قال الحافظ: «ووقف الباقون على اللام وكذلك الإمام».
ثم قال: «ولم يأت ذلك إلا عن خلف عن حمزة».
قال الحافظ: «وقف حمزة والكسائى على قوله تعالى: {أَيًّا مََا تَدْعُوا} [الإسراء:
110] على (أى)».
وذكر الإمام فى ذلك خلافا عنهما.
وقال الحافظ فى «التحبير»: «إن حمزة والكسائى جعلا «ما» اسما تاما بدلا من (أى) فلذلك فصلاها، والباقون جعلوا «ما» حرفا، صلة ل «أى» فلذلك لم يفصلوا بينهما».
قال الحافظ: «وقف أبو عمرو والكسائى على {أَيُّهَا} فى المواضع الثلاثة بالألف».
وافقه الشيخ والإمام.
وذكر الحافظ فى «التحبير» خلافا عن ابن كثير من طريق قنبل.
قال الحافظ: «وقف الكسائى» على {وََادِ النَّمْلِ} [النمل: 18] خاصة بالياء.
وافقه الإمام، وزاد أنه وقف كذلك فى: طه [12]، والقصص [130]، والنازعات [16].
وذكر عنه الشيخ الوجهين فى: طه والنمل، وقال: «والمشهور عنه الحذف، وبه قرأت».
قال الحافظ: «وقد بقى من هذا الباب حروف تأتى فى مواضعها».(1/601)
وذكر عنه الشيخ الوجهين فى: طه والنمل، وقال: «والمشهور عنه الحذف، وبه قرأت».
قال الحافظ: «وقد بقى من هذا الباب حروف تأتى فى مواضعها».
اعلم أن مجموع الحروف التى تذكر بعد ستة عشر حرفا:
الحرف الأول {ثَمُودَ} المنصوب ذكره فى سورة هود عليه السلام [68]، وفى (1) «والنجم» [51].
الحرف الثانى والثالث والرابع، والخامس: {هََادٍ} و {وََالٍ} و {بََاقٍ}
[النحل: 96] و {وََاقٍ} ذكرها فى الرعد [7، 11، 34].
الحرف السادس والسابع والثامن: {أَلََّا يَسْجُدُوا} و {فَمََا آتََانِيَ اللََّهُ} و {بِهََادِ الْعُمْيِ} ذكرها فى النمل [25، 36، 81].
الحرف التاسع، والعاشر، والحادى عشر: {الظُّنُونَا} و {الرَّسُولَا} و {السَّبِيلَا}
ذكرها فى الأحزاب [10، 66، 67].
الحرف الثانى عشر: {فَبَشِّرْ عِبََادِ} ذكره فى الزمر [17].
الحرف الثالث عشر: {يََا عِبََادِ لََا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} ذكره فى الزخرف [68].
الحرف الرابع عشر: {يَوْمَ يُنََادِ} ذكره فى «ق» [41].
الحرف الخامس عشر والسادس عشر: (سلسلا) و {قَوََارِيرَا} ذكرهما فى الإنسان [4، 15].
والله الولى المستعان.
فصل
قال الحافظ رحمه الله «وتفرد البزى بزيادة هاء السكت» إلى آخره.
ذكر فى «التحبير» أنه قرأ بها على أبى الحسن عن قراءته.
ثم قال: «وسألت عن ذلك فارس بن أحمد عند قراءتى فلم يعرفه فى مذهب ابن كثير».
وافقه الشيخ على إثبات هاء السكت عند الوقف للبزى، والله تبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره أعلم وأحكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________
(1) فى أ: حرف.(1/602)
باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة
قال الحافظ رحمه الله «اعلم أن حمزة من رواية خلف كان يسكت على الساكن» إلى آخر كلامه.
شرط فى الساكن ألا يكون حرف مد، فأما حرف اللين والتنوين فكغيرهما من الحروف السواكن.
وافق الإمام الحافظ فى هذه المسألة.
وأما الشيخ فيأخذ له بالدرج مثل خلاد.
قال الحافظ رحمه الله: «وكذلك {الْآخِرَةِ} و {الْأَرْضِ} و {الْآزِفَةِ}
و (آلئن) وشبهه لأن ذلك بمنزلة ما كان من كلمتين».
[يريد أنه يسكت أيضا على لام التعريف إذا كان قبل الهمزة، كما يسكت على غيره من السواكن، واحتاج إلى التعليل بقوله: «لأن ذلك بمنزلة ما كان من كلمتين»] (1) لأن لام التعريف قد اتصلت بما بعدها والتحمت به فى الخط واللفظ والمعنى لدلالتها على تعريف ما دخلت عليه فصارت مع ما بعدها فى حكم الكلمة الواحدة فاحتاج أن يبين أنها مع هذا الالتحام بمنزلة الكلمتين المنفصلتين، وذكر أنه لم يسكت على الساكن إذا كان مع الهمزة فى كلمة واحدة إلا فى لفظ {شَيْءٍ}
خاصة، يريد: سواء كان مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا.
ثم أخبر أنه قرأ على أبى الحسن فى الروايتين بالسكوت على لام التعريف ولفظ {شَيْءٍ} حيث وقعا، يعنى: فى رواية خلف، ورواية خلاد.
واعلم أن الشيخ والإمام يوافقانه فى السكت لخلف على لام التعريف.
فأما خلاد فنقل عنه الإمام الوقف مثل خلف، ونقل عنه الشيخ ترك الوقف، وحصل من قول الحافظ الوجهان.
وأما لفظ {شَيْءٍ} حيث وقع، فيأخذ فيه الشيخ بالمد لحمزة من طريقيه مثل ورش.
وقال الإمام: «إنه قرأ لحمزة من طريقيه بالسكت وبالمد».
وحصل من كلام الحافظ أنه قرأ لحمزة بالسكت من الطريقين أيضا، وزاد من
__________
(1) ما بين المعقوفين سقط فى أ.(1/603)
طريق خلاد الدرج، والله تعالى أعلم.
فحصل من جميع ما تقدم انحصار هذا الباب فى ثلاث مسائل:
إحداها لام التعريف نحو {الْأَرْضِ}:
لا خلاف عن خلف أنه يقف عليه من الطرق الثلاث، وأما خلاد فنقل عنه الإمام الوقف، ونقل عنه الشيخ ترك الوقف ونقل عنه الحافظ الوجهين.
المسألة الثانية لفظ {شَيْءٍ}:
أخذ فيه الشيخ بالمد لحمزة من طريقيه، وأخذ فيه الحافظ بالسكت من الطريقين، وزاد عن خلاد الدرج، وذكر الإمام أنه قرأ بالسكت، وبالمد من الطريقين.
المسألة الثالثة سائر السواكن سوى حرف المد:
نقل الحافظ والإمام السكت عليه فى رواية خلف والشيخ بالدرج، ولم يختلفوا فى رواية خلاد أنها بالدرج كسائر القراء، والله عز وجل أحكم وأعلم.(1/604)
نقل الحافظ والإمام السكت عليه فى رواية خلف والشيخ بالدرج، ولم يختلفوا فى رواية خلاد أنها بالدرج كسائر القراء، والله عز وجل أحكم وأعلم.
باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة
ذكر الحافظ رحمه الله الياءات المختلف فيها فى بابين:
الباب الأول: فى ياءات الإضافة، والباب الثانى: فى الياءات الزوائد.
والفرق بين البابين: أن ياءات الإضافة لا تكون إلا ضمير المتكلم، ولا تكون إلا ثانية فى السواد، والخلف دائر فيها بين الفتح والإسكان، وهذا فى حال الوصل، ولا يحذف منها شىء فى الوصل إلا إن عرض أن يقع بعد شىء منها حرف ساكن فتحذف إذ ذاك على قراءة من سكنها كقراءة من قرأ: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ} و {أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: 3130] و {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] بإسكان الياء، وأما فى الوقف فلا بد من إثباتها لثبوتها فى السواد.
وأما الياءات الزوائد، فمنها ما هو ضمير المتكلم كالياء فى {نَذِيرٍ} و {نَكِيرِ}
و {وَعِيدِ} و {دَعََانِ}، ومنها ما هو لام الكلمة من الاسم كالياء فى قوله تعالى:
{بِالْوََادِ} و {الدََّاعِ} و {الْمُتَعََالِ}، ومنها ما هو لام الكلمة من الفعل كالياء فى قوله تعالى: {يَسْرِ} و {يَأْتِ} و {نَبْغِ}، وليس منها شىء ثابت فى السواد، والخلاف (1) دائر فيها بين الحذف والإثبات، ولا يحرك منها شىء فى الوصل إلا أن يعرض لها ساكن بعدها فيحركها من أثبتها، وذلك فى قوله تعالى: (آتين الله) فى «النمل» [الآية: 36].
وسميت هذه الياءات: زوائد لأنها فى قراءة من أثبتها زائدة على خط المصحف.
وقسم الحافظ رحمه الله ياءات الإضافة تقسيما حسنا منحصرا فى ستة فصول، وذلك أن الياء لا يخلو أن يقع بعدها همزة أو لا، فالتى لا همزة بعدها قسم واحد، وجملته ثلاثون ياء، والتى بعدها همزة تنقسم باعتبار أقسام الهمزة خمسة أقسام، ووجه ذلك: أن الهمزة إما أن تكون همزة قطع أو همزة وصل، فإن كانت همزة قطع فلا بد أن تكون متحركة بالفتح أو بالكسر أو بالضم فهذه ثلاثة أقسام، وإن كانت همزة وصل فلا يخلو أن يكون بعدها لام التعريف أو لا يكون، فهذان قسمان فيبلغ الجميع خمسة أقسام.
__________
(1) فى ب: الخلف.(1/605)
قال الحافظ رحمه الله «اعلم أن كل ياء بعدها همزة مفتوحة نحو {إِنِّي أَعْلَمُ} فالحرميّان وأبو عمرو يفتحونها حيث وقعت» إلى آخر الفصل.
اعلم أن مجموع ما فى القرآن من هذه الياءات التى قبلها كسرة وبعدها همزة مفتوحة مائة ياء وثلاث ياءات، منها أربع اتفق القراء على إسكانهن وهن: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} فى الأعراف [الآية: 143]، {وَلََا تَفْتِنِّي أَلََا} فى التوبة [الآية:
49]، {وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ} فى سورة هود عليه السلام [الآية: 47]، و {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ} فى سورة مريم، عليها السلام [الآية: 43].
وكان ينبغى للحافظ رحمه الله أن ينبه على هذا فإن إطلاق قوله:
«يفتحونها حيث وقعت» يقتضى أنهم يفتحون هذه الياءات الأربع، وإنما يفتحون ما عدا هذه الأربع، وهو باقى العدد، وهو (1) تسعة وتسعون، على ما يذكر الآن من التفصيل والخلاف.
فاعلم أن باقى العدد اختلف القراء فيه: ففتحه بعضهم، وأسكنه الباقون، فمن ذلك: {مَعِيَ أَبَداً} فى التوبة [الآية: 83]، و {مَعِيَ أَوْ رَحِمَنََا} فى «الملك» [الآية: 28]، اتفق الحرميان وأبو عمرو وابن عامر وحفص على فتحهما، وأسكنهما الباقون.
وتفرد الحرميان وأبو عمرو وابن عامر بفتح {لَعَلِّي} فى ستة مواضع وهى:
{لَعَلِّي أَرْجِعُ} فى سورة يوسف عليه السلام [الآية: 46] و {لَعَلِّي آتِيكُمْ} فى طه [10]، و {لَعَلِّي أَعْمَلُ} فى «المؤمنين» [الآية: 100]، و {لَعَلِّي أَطَّلِعُ}
و {لَعَلِّي آتِيكُمْ} فى القصص الآية [38، 29]، و {لَعَلِّي أَبْلُغُ} فى غافر [الآية:
36]، وأسكنهن الباقون.
وتفرد الحرميان وأبو عمرو وهشام بفتح {مََا لِي أَدْعُوكُمْ} فى غافر [الآية: 41]، وتفرد الحرميان، وأبو عمرو وابن ذكوان بفتح {أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ} فى سورة هود عليه السلام وتفرد الحرميان بفتح أربع وهن {لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا} فى سورة يوسف عليه السلام [الآية: 13] و {حَشَرْتَنِي أَعْمى ََ} فى طه [125] و {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} فى الزمر [الآية: 64]، و {أَتَعِدََانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} فى الأحقاف [الآية: 17].
وتفرد نافع وأبو عمرو بفتح ثمانى ياءات، وهن: {إِنِّي أَرََانِي} {إِنِّي أَرََانِي}
__________
(1) فى ب: وهى.(1/606)
أعنى الياء من «إنى» فى الموضعين [يوسف: 36]، و {حَتََّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} أعنى الياء من «لى» فى سورة يوسف عليه السلام [الآية: 80] و {مِنْ دُونِي أَوْلِيََاءَ} فى الكهف [الآية: 102]، و {اجْعَلْ لِي آيَةً} فى سورة آل عمران [الآية: 41] وفى سورة مريم عليها السلام [الآية: 10] و {ضَيْفِي أَلَيْسَ} فى سورة هود عليه السلام [الآية: 78]، و {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} فى «طه» [26].
واتفقا مع البزى على فتح أربع ياءات وهن:
{وَلََكِنِّي أَرََاكُمْ} فى سورة هود عليه السلام [29]، و {مِنْ تَحْتِي أَفَلََا} فى الزخرف [51]، و {وَلََكِنِّي أَرََاكُمْ} فى الأحقاف [23].
وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات وهن:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} فى البقرة [152]، و {ذَرُونِي أَقْتُلْ}، و {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ} فى غافر [26، 60].
وتفرد نافع بفتح اثنتين وهما:
{سَبِيلِي أَدْعُوا} فى سورة يوسف عليه السلام [108]، و {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} فى النمل [40].
واتفق مع البزى على فتح {فَطَرَنِي أَفَلََا} فى سورة هود عليه السلام [51].
وتفرد ورش والبزى بفتح {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ} فى النمل [19] والأحقاف [15].
فهذه أربع وثلاثون ياء، وأما باقى العدد وهو خمس وستون ياء فاتفق الحرميان وأبو عمرو على فتحها، والباقون على إسكانها:
منها فى البقرة {إِنِّي أَعْلَمُ} فى موضعين [30، 33]، وفى آل عمران {أَنِّي أَخْلُقُ}
[49]، وفى المائدة {إِنِّي أَخََافُ} [28]، و {لِي أَنْ أَقُولَ} [116]. وفى الأنعام {إِنِّي أَخََافُ} [15]، و {إِنِّي أَرََاكَ} [74]. وفى الأعراف {إِنِّي أَخََافُ} [59]، و {مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ} [150]. وفى الأنفال {إِنِّي أَرى ََ} [48]، و {إِنِّي أَخََافُ} [48]. وفى سورة يونس عليه السلام {لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ} [15]، و {إِنِّي أَخََافُ} [15]. وفى سورة هود عليه السلام {إِنِّي أَخََافُ} فى ثلاثة مواضع (1) [26، 84]، و {إِنِّي أَعِظُكَ}
[46]، و {إِنِّي أَعُوذُ بِكَ} [47]، و {شِقََاقِي أَنْ} [89]. وفى سورة يوسف عليه السلام {رَبِّي أَحْسَنَ} [23]، و {أَرََانِي أَعْصِرُ} [36]، و {أَرََانِي أَحْمِلُ} [36]،
__________
(1) كذا، ولعل الثالث: {إِنِّي أَرََاكُمْ} فى الآية الثانية [84] نفسها.(1/607)
و {إِنِّي أَرى ََ سَبْعَ} [43]، و {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ} [69]، و {أَبِي أَوْ يَحْكُمَ} [80]، و {إِنِّي أَعْلَمُ} [96].
وفى سورة إبراهيم عليه السلام {إِنِّي أَسْكَنْتُ} [37]. وفى الحجر {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا} [49]، أعنى الياء من «عبادى» ومن «إنى»، و {إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ} [89]. وفى الكهف {بِرَبِّي أَحَداً} فى موضعين [38، 42]، و {رَبِّي أَعْلَمُ} [22]، و {رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ} [40]. وفى سورة مريم عليها السلام {إِنِّي أَعُوذُ} [18]، و {إِنِّي أَخََافُ}
[45]. وفى طه {إِنِّي آنَسْتُ} [10]، و {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [12]، و {إِنَّنِي أَنَا اللََّهُ}
[14]. وفى الشعراء {إِنِّي أَخََافُ} فى موضعين [112، 135]، و {رَبِّي أَعْلَمُ}
[188]. وفى النمل {إِنِّي آنَسْتُ} [7]. وفى القصص {رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي} [22]، و {إِنِّي آنَسْتُ} [10] و {إِنِّي أَنَا اللََّهُ} [30]، و {إِنِّي أَخََافُ} [34]، و {رَبِّي أَعْلَمُ}
فى موضعين [35، 85]، و {عِنْدِي أَوَلَمْ} [78]. وفى «يس» {إِنِّي آمَنْتُ}
[25]. وفى «والصافات» {إِنِّي أَرى ََ} [102]، و {أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102].
وفى «ص» {إِنِّي أَحْبَبْتُ} [32]. وفى الزمر {إِنِّي أَخََافُ} [13].
وفى غافر {إِنِّي أَخََافُ} فى ثلاثة مواضع [26، 30، 32]. وفى الدخان {إِنِّي آتِيكُمْ} [19]. وفى الأحقاف {إِنِّي أَخََافُ} [21]. وفى الحشر {إِنِّي أَخََافُ} [16].
وفى سورة نوح عليه السلام {إِنِّي أَعْلَنْتُ} [9]. وفى سورة الجن {رَبِّي أَمَداً} [25].
وفى الفجر {رَبِّي أَكْرَمَنِ} [15]، و {رَبِّي أَهََانَنِ} [16].
والشيخ والإمام يوافقان على جميع ما تقدم إلا أن الحافظ ذكر عن ابن كثير فى قوله تعالى: {عِنْدِي أَوَلَمْ} فى القصص خلافا فى الإسكان، ولم يذكر الشيخ والإمام عنه إلا الفتح خاصة.
وقول الحافظ رحمه الله: «وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات» متصلا بقوله:
«فالحرميان وأبو عمرو يفتحونها حيث وقعت» كلام جرى على حاله، وأولى منه أن لو قال بعد قوله: «حيث وقعت»: إلا ما يستثنى من ذلك. ثم يقول: وخالف نافع وأبو عمرو معا أصلهما فى ثلاث ياءات، بدل قوله: «وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات».
وقوله: «ونقض أصله فى كذا» عبارة حسنة.
وقوله: «وتفرد نافع بفتح ياءين»، كقوله: «وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات، وأولى منه أن لو قال: ونقض ابن كثير وأبو عمرو معا أصلهما فى ياءين، والله أعلم.(1/608)
وقوله: «ونقض أصله فى كذا» عبارة حسنة.
وقوله: «وتفرد نافع بفتح ياءين»، كقوله: «وتفرد ابن كثير بفتح ثلاث ياءات، وأولى منه أن لو قال: ونقض ابن كثير وأبو عمرو معا أصلهما فى ياءين، والله أعلم.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وكل ياء بعدها همزة مكسورة نحو قوله تعالى:
{مِنِّي إِلََّا} [البقرة: 249]» إلى آخر الفصل.
اعلم أن مجموع ما فى القرآن من هذه الياءات التى قبلها كسرة وبعدها همزة مكسورة، ستون ياء منها ثمانى ياءات اتفق القراء على إسكانهن، وهن: {أَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} فى الأعراف الآية [14]، والحجر [الآية: 36] وص [الآية: 79] و {يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} فى سورة يوسف عليه السلام [الآية: 33] و {يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخََافُ}
فى القصص [الآية: 34] و {تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} فى غافر [الآية: 43]، و {فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} فى الأحقاف [الآية: 15] و {لَوْلََا أَخَّرْتَنِي إِلى ََ أَجَلٍ قَرِيبٍ} فى «المنافقين» [الآية: 10].
وكان ينبغى للحافظ أن ينبه على هذا كما ذكرت فى الفصل الأول.
وباقى العدد وهو اثنتان وخمسون ياء اختلف القراء فيه:
فاتفق الحرميان وأبو عمرو وابن عامر على فتح الياء فى قوله تعالى: {آبََائِي إِبْرََاهِيمَ} فى سورة يوسف عليه السلام [الآية: 38] و {دُعََائِي إِلََّا} فى سورة نوح عليه السلام [الآية: 6].
واتفق نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص على الفتح فى قوله تعالى: {وَأُمِّي إِلََهَيْنِ} فى المائدة [الآية: 116] و {إِنْ أَجْرِيَ إِلََّا} فى المواضع التسعة، منها موضع فى سورة يونس صلى الله عليه وسلم [الآية: 72] وموضعان فى سورة هود صلى الله عليه وسلم [الآيتان: 29، 51] وخمسة مواضع فى «الشعراء» [الآيتان: 109، 127، 145، 164، 180]، وموضع فى سبأ [الآية: 47].
وتفرد نافع وأبو عمرو وابن عامر بفتح {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ} فى سورة هود صلى الله عليه وسلم و {وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ} فى سورة يوسف صلى الله عليه وسلم [الآية: 86] وتفرد نافع وأبو عمرو وحفص بفتح {يَدِيَ إِلَيْكَ} فى المائدة [الآية: 28].
وتفرد نافع وابن عامر بفتح {وَرُسُلِي إِنَّ اللََّهَ} فى المجادلة [21].(1/609)
وتفرد نافع وأبو عمرو وابن عامر بفتح {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ} فى سورة هود صلى الله عليه وسلم و {وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ} فى سورة يوسف صلى الله عليه وسلم [الآية: 86] وتفرد نافع وأبو عمرو وحفص بفتح {يَدِيَ إِلَيْكَ} فى المائدة [الآية: 28].
وتفرد نافع وابن عامر بفتح {وَرُسُلِي إِنَّ اللََّهَ} فى المجادلة [21].
وتفرد نافع بفتح ثمانى آيات، وهن: {مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ} فى آل عمران [19] والصف [14]، و {بَنََاتِي إِنْ كُنْتُمْ} فى الحجر [71]، و {سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ}
فى الكهف [69] والقصص [27] والصافات [102]، و {بِعِبََادِي إِنَّكُمْ} فى الشعراء [52]، و {لَعْنَتِي إِلى ََ} فى «ص» [78].
وتفرد ورش بفتح {وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي} فى سورة يوسف، صلى الله عليه وسلم [100].
فهذه خمس وعشرون ياء، وأما باقى العدد وهو سبع وعشرون ياء، فاتفق نافع وأبو عمرو على فتحها، والباقون على إسكانها:
منها فى البقرة: {مِنِّي إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ} [249]. وفى آل عمران: {فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ} [35]. وفى الأنعام: {رَبِّي إِلى ََ صِرََاطٍ} [161]. وفى سورة يونس صلى الله عليه وسلم:
{نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ} [15]، و {وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [53]. وفى سورة هود صلى الله عليه وسلم: {عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ} [10]، و {نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ} [34]، و {إِنِّي إِذاً لَمِنَ} [31]. وفى سورة يوسف صلى الله عليه وسلم: {رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ} [37]، و {وَمََا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ} [53]، و {رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [53]، و {بِي إِذْ أَخْرَجَنِي}
[100]. وفى الإسراء: {رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ} [100]. وفى سورة مريم عليها السلام: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ} [47]. وفى طه: {لِذِكْرِي إِنَّ السََّاعَةَ}
[1514]، و {عَلى ََ عَيْنِي إِذْ} [4039] و {وَلََا بِرَأْسِي إِنِّي} [94]. وفى سورة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلََهٌ} [29]. وفى الشعراء: {لِي إِلََّا رَبَّ الْعََالَمِينَ} [77]، و {لِأَبِي إِنَّهُ} [86]. وفى العنكبوت {إِلى ََ رَبِّي إِنَّهُ} [26]. وفى سبأ: {رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ} [50]. وفى «يس»: {إِنِّي إِذاً}
[24]. وفى «ص» {مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ} [35]. وفى غافر: {أَمْرِي إِلَى اللََّهِ} [44].
وفى فصلت: {إِلى ََ رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ} [50].
وذكر الحافظ خلافا عن قالون فى هذه الياء الأخيرة، والشيخ والإمام يوافقان على الفتح فى جميع ما تقدم.
وقوله رحمه الله: «وتفرد نافع دونه بفتح كذا».
يعنى: دون أبى عمرو، وأولى من ذلك أن يقول: خالف أبو عمرو أصله فى
ثمانية مواضع.(1/610)
يعنى: دون أبى عمرو، وأولى من ذلك أن يقول: خالف أبو عمرو أصله فى
ثمانية مواضع.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وكل ياء بعدها همزة مضمومة».
اعلم أن مجموع ما فى القرآن من هذه الياءات التى قبلها كسرة وبعدها همزة مضمومة [اثنتا عشرة] (1) ياء، منها اثنتان اتفق القراء على إسكانهما، وهما قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} فى البقرة [40]، و {آتُونِي أُفْرِغْ} فى الكهف [96]. وكان ينبغى للحافظ أن ينبه على ذلك.
وأما العشر البواقى، ففتحها نافع وحده وأسكنها الباقون، منها فى آل عمران:
{وَإِنِّي أُعِيذُهََا} [36]، وفى المائدة: {إِنِّي أُرِيدُ} [29]، و {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ} [115]، وفى الأنعام: {إِنِّي أُمِرْتُ} [14]، وفى الأعراف: {عَذََابِي أُصِيبُ بِهِ} [156] وفى سورة هود صلى الله عليه وسلم: {إِنِّي أُشْهِدُ} [54]، وفى سورة يوسف صلى الله عليه وسلم: {أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ} [59] وفى النمل: {إِنِّي أُلْقِيَ} [29]، وفى القصص: {إِنِّي أُرِيدُ} [27]، وفى الزمر: {إِنِّي أُمِرْتُ} [11].
وافق الشيخ [و] الإمام على جميع ذلك.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وكل ياء بعدها ألف ولام».
قسم الحافظ رحمه الله فى هذا الفصل ما جاء من هذه الياءات وبعده الألف واللام قسمين:
القسم الأول: المختلف، فيه وهى عنده ست عشرة ياء، منها فى البقرة: {عَهْدِي الظََّالِمِينَ} [الآية: 124] و {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي}، وفى الأعراف: {حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوََاحِشَ}
[33] و {عَنْ آيََاتِيَ الَّذِينَ} [146]، وفى سورة إبراهيم عليه السلام {قُلْ لِعِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} [31] وفى سورة مريم الصديقة عليها السلام: {آتََانِيَ الْكِتََابَ}
[30]، وفى سورة الأنبياء عليهم السلام: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [83] و {عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ} [105]، وفى العنكبوت: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} [56]، وفى سبأ: {مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} [13]، وفى «ص»: {مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ} [41]، وفى الزمر: {إِنْ}
__________
(1) فى أ: اثنا عشر.(1/611)
{أَرََادَنِيَ اللََّهُ} [38] و {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [53] وفى الملك: {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللََّهُ}
[28]، فهذه أربع عشرة ياء أسكنها كلها حمزة، وذكر الحافظ من وافقه من القراء على بعضها، ثم ذكر تفرّد أبى شعيب بياء فى الزمر [17]، وهى الخامسة عشرة وهى: (فبشّر عبادى)، وذكر (فما آتين الله) فى النمل وهى السادسة عشرة، إلا أنه ذكرهما فى فرش الحروف فى الزوائد لا فى ياءات الإضافة، وكذلك ينبغى أن تكونا لأنهما لم تثبتا فى الخط.
وافق الشيخ والإمام على كل ما تقدم إلا الياء التى أثبت أبو شعيب فى الزمر.
القسم الثانى: المتفق على فتحه، وقد حصره الحافظ فى ثلاثة أصول وتسعة أحرف:
الأصل الأول {نِعْمَتِيَ الَّتِي}، وجملته فى القرآن ثلاثة مواضع فى البقرة [40، 74، 122].
الأصل الثانى: {حَسْبِيَ اللََّهُ}، وجملته موضعان: الأول فى آخر براءة [129]، والثانى فى الزمر [38].
والأصل الثالث: (شركائى الّذين) وجملته فى القرآن أربعة مواضع:
أحدها: فى النحل [17].
والثانى: فى الكهف [52].
والثالث والرابع: فى القصص [62، 74].
والحروف المفترقة: {بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} فى آل عمران [40]، و {فَلََا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدََاءَ} و {وَمََا مَسَّنِيَ السُّوءُ} و {إِنَّ وَلِيِّيَ اللََّهُ} فى الأعراف [150، 188، 196]، و {مَسَّنِيَ الْكِبَرُ} فى الحجر [54]، و {أَرُونِيَ الَّذِينَ} فى سبأ [27]، و {رَبِّيَ اللََّهُ} و {لَمََّا جََاءَنِي الْبَيِّنََاتُ} فى غافر [28، 66]، و {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ} فى التحريم [3].
ولو قال الحافظ: وكلهم فتح الياء فى اثنى عشر حرفا حيث وقعت، بدل قوله:
«فى ثلاثة أصول مطردة وتسعة أحرف مفترقة» (1) لكان صحيحا، لكنه أراد أن يفرق بين ما تكرر من هذه الكلمات وما لم يتكرر، فسمى المتكرر: أصولا، وغير
__________
(1) فى أ: متفرقة.(1/612)
المتكرر: حروفا.
وقوله فى أول الفصل: «فحمزة يسكنها حيث وقعت» يقتضى بظاهره إسكان الجميع، فجاء قوله هنا: «وكلهم فتح الياء فى ثلاثة أصول وتسعة أحرف» نائبا مناب الاستثناء، وبه حصل انفصال القسمين.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وكل ياء بعدها ألف منفردة».
يريد ألف وصل، وقوله: «منفردة» يريد: ليس بعدها لام التعريف.
ومجموع ما فى القرآن من هذا النوع سبع ياءات، منها فى الأعراف: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} [144] وفى طه: {أَخِي اشْدُدْ} [30، 31] على قراءة غير ابن عامر، و {لِنَفْسِي اذْهَبْ} [4241] و {فِي ذِكْرِي اذْهَبََا} [4342]، وفى الفرقان:
{يََا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} [27] و {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا} [30]، وفى الصف: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [6].
فتحها كلها أبو عمرو ووافقه ابن كثير فى جميعها إلا فى {يََا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ}
خاصة من طريقيه، وإلا فى {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا} من طريق قنبل، ووافقه نافع إلا فى {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} و {أَخِي اشْدُدْ} و {يََا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} ووافقه أبو بكر فى {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} خاصة، وأسكن الباقون.
فصل
قال الحافظ رحمه الله: «وأما مجىء الياء عند باقى حروف المعجم».
يعنى بباقى حروف المعجم: ما عدا همزة القطع وهمزة الوصل.
واعلم أن الذى ورد من ذلك فى القرآن كثير، فاقتصر الحافظ منه على ذكر مواضع الخلاف وهى ثلاثون:
انفرد حفص منها بفتح إحدى عشرة ياء، وهى: {وَمََا كََانَ لِي عَلَيْكُمْ} فى سورة إبراهيم عليه السلام [22] و {وَلِيَ نَعْجَةٌ} و {مََا كََانَ لِي مِنْ عِلْمٍ} فى «ص» [23، 69].
وياء {مَعِيَ} فى ثمانية مواضع، وهى: {مَعِيَ بَنِي إِسْرََائِيلَ} فى الأعراف [105]، و {مَعِيَ عَدُوًّا} فى التوبة [83]، و {مَعِيَ صَبْراً} فى ثلاثة مواضع من الكهف [67، 72، 75]، و {مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} فى سورة الأنبياء عليهم السلام [24]
و {إِنَّ مَعِي رَبِّي} فى الشعراء [62]، و {مَعِي رِدْءاً} فى القصص [34].(1/613)
وياء {مَعِيَ} فى ثمانية مواضع، وهى: {مَعِيَ بَنِي إِسْرََائِيلَ} فى الأعراف [105]، و {مَعِيَ عَدُوًّا} فى التوبة [83]، و {مَعِيَ صَبْراً} فى ثلاثة مواضع من الكهف [67، 72، 75]، و {مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} فى سورة الأنبياء عليهم السلام [24]
و {إِنَّ مَعِي رَبِّي} فى الشعراء [62]، و {مَعِي رِدْءاً} فى القصص [34].
وانفرد ابن عامر بفتح {صِرََاطِي مُسْتَقِيماً} فى الأنعام [153]، و {إِنَّ أَرْضِي وََاسِعَةٌ} فى العنكبوت [56].
وانفرد ابن كثير بفتح {وَرََائِي وَكََانَتِ} فى سورة مريم الصديقة عليها السلام [5] و {أَيْنَ شُرَكََائِي قََالُوا} فى فصلت [47].
وانفرد نافع بفتح {مَمََاتِي لِلََّهِ} فى الأنعام [162].
وانفرد ورش بفتح {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ} فى البقرة [186]، و {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} فى الدخان [21].
وانفرد أبو بكر بفتح (يا عبادى لا خوف عليكم) فى الزخرف [68].
وحذف هذه الياء فى الحالين ابن كثير وحفص وحمزة والكسائى، وأثبتها الباقون ساكنة فى الحالين.
واتفق ورش وحفص على فتح {وَلِيَ فِيهََا مَآرِبُ} فى طه [18]، {وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فى الشعراء [118].
واتفق حفص وهشام على فتح {بَيْتِيَ مُؤْمِناً} فى سورة نوح عليه السلام [28] واتفق نافع وحفص وهشام على فتح {بَيْتِيَ لِلطََّائِفِينَ} فى البقرة [125] [«و» الحج] (1) [26] و {وَلِيَ دِينِ} فى «الكافرين» [6].
واتفق نافع وابن عامر وحفص على فتح {وَجْهِيَ لِلََّهِ} فى آل عمران [20]، و {وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ} فى الأنعام [79].
وكلهم فتح {وَمََا لِيَ لََا أَعْبُدُ} فى «يس» [22] إلا حمزة، و {وَمَحْيََايَ} فى الأنعام [162] إلا نافعا، وكان ورش يختار الفتح فى {وَمَحْيََايَ} وروايته عن نافع إنما هى الإسكان مثل قالون.
واتفق الشيخ والإمام فى كل ما ذكر إلا أنهما ذكرا أنهما قرءا فى الأنعام {وَمَحْيََايَ}
لورش بالوجهين، و {وَلِيَ دِينِ} فى «الكافرين» عن البزى أيضا بالوجهين، واختار الحافظ فيهما الإسكان كما هو مذكور فى فرش الحروف، والله سبحانه الموفق للصواب وهو الكريم الوهاب.
__________
(1) سقط فى ب.(1/614)
باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم
قال الحافظ رحمه الله: «اعلم أن جملة المختلف فيه من ذلك إحدى وستون ياء».
اعلم أن الحافظ ذكر من هذه الزوائد فى الربع الأول من القرآن سبعا.
منها فى البقرة {الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} [186]، [و] {فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ وَاتَّقُونِ}
[197]. وفى آل عمران {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [20]، و {وَخََافُونِ} [175]. وفى المائدة {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ} [44]. وفى الأنعام {وَقَدْ هَدََانِ} [80].
وذكر فى الربع الثانى عشرين:
منها فى الأعراف {ثُمَّ كِيدُونِ} [195]. وفى سورة هود عليه السلام {فَلََا تَسْئَلْنِ}
[46]، و {وَلََا تُخْزُونِ} [78]، و {يَوْمَ يَأْتِ} [105]. وفى سورة يوسف عليه السلام {يَرْتَعْ} [12]، و {حَتََّى تُؤْتُونِ} [66]، و {مَنْ يَتَّقِ} [90]. وفى الرعد {الْمُتَعََالِ}
[9]. وفى سورة إبراهيم عليه السلام {بِمََا أَشْرَكْتُمُونِ} [22]، و {وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ}
[40]. وفى الإسراء {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} [62]، و {الْمُهْتَدِ} [97]. وفى الكهف {الْمُهْتَدِ} [17]، و {يَهْدِيَنِ} [24]، و {يُؤْتِيَنِ} [40]، و {إِنْ تَرَنِ} [39]، و {نَبْغِ} [64]. و {فَلََا تَسْئَلْنِي} [70].
وذكر فى الربع الثالث إحدى عشرة:
منها فى طه {أَلََّا تَتَّبِعَنِ} [93]. وفى الحج {وَالْبََادِ} [25]. و {نَكِيرِ} [44]، وفى النمل {أَتُمِدُّونَنِ} [36]، (فما آتين) [36]، وفى القصص {أَنْ يُكَذِّبُونِ}
[34]، وفى سبأ {كَالْجَوََابِ} [13]. و {نَكِيرِ} [45]، وفى فاطر {نَكِيرِ} [26].
وفى يس {يُنْقِذُونِ} [23]. وفى الصافات {لَتُرْدِينِ} [56].
وذكر فى الربع الرابع خمسا وعشرين، منها فى غافر: {التَّلََاقِ} [15] و {التَّنََادِ}
[32] و {اتَّبِعُونِ} [38]. وفى الشورى: {الْجَوََارِ} [32]. وفى الزخرف:
{وَاتَّبِعُونِ} [61]. وفى الدخان: {تَرْجُمُونِ} [20] و {فَاعْتَزِلُونِ} [21]. وفى «ق»:
{وَعِيدِ} [14]، و {وَعِيدِ} [35] {يُنََادِ الْمُنََادِ} [41]. وفى القمر: {يَدْعُ الدََّاعِ} [6]، {إِلَى الدََّاعِ} [8] {وَنُذُرِ} فى ستة مواضع [16، 18، 21، 30، 37، 39].
وفى الملك: {نَذِيرِ} [17] {نَكِيرِ} [18]. وفى «والفجر» {يَسْرِ} {بِالْوََادِ}
{أَكْرَمَنِ} {أَهََانَنِ}.(1/615)
وفى الملك: {نَذِيرِ} [17] {نَكِيرِ} [18]. وفى «والفجر» {يَسْرِ} {بِالْوََادِ}
{أَكْرَمَنِ} {أَهََانَنِ}.
فهذه ثلاث وستون ياء بزيادة اثنتين على ما ذكر فى أول هذا الباب، وهما: الياء فى (نرتع) فى سورة يوسف عليه السلام بدليل أنه قال فى آخرها: وفيها محذوفتان، فذكر {تُؤْتُونِ} و {وَمَنْ يَتَّقِ} ثم ذكر (نرتع)، والثانية الياء فى {يُنََادِ}
فى سورة «ق»، بدليل أنه قال فى آخرها: «فيها ثلاث محذوفات» فذكر {وَعِيدِ} فى الموضعين، و {الْمُنََادِ}، ثم ذكر {يُنََادِ}، وذكر الحافظ فى هذا الباب {فَلََا تَسْئَلْنِي}
فى الكهف [الآية: 70] وكان حقه ألا يذكرها لأن الياء ثابتة فى السواد، وحق هذا الباب أن يختص بما لم يثبت فى السواد ولذلك سميت زوائد لأنها زائدة على خط المصحف.
وذكر فى هذا الباب {يََا عِبََادِ} فى الزخرف [الآية: 68] وذكرها فى السورة (1) فى ياءات الإضافة، وقد اختلفت المصاحف فى هذه الياء، وحكى الحافظ فى التحبير أنها ثابتة فى مصاحف أهل المدينة والحجاز وأهل الشام، وليست فى مصاحف أهل العراق، وروى أن أبا عمرو قرأها بالياء، وقال لأنى رأيتها بالياء فى مصاحف أهل المدينة والحجاز.
وذكر فى هذا الباب: (فما آتين الله)، وقد ذكرها فى الباب قبل هذا مع ياءات الإضافة، وحقها أن تكون من هذا الباب لاتفاق المصاحف على حذفها فى الرسم نص الحافظ على ذلك فى «التحبير».
واعلم أن المثبتين لهذه الزوائد هم: الحرميان، وأبو عمرو تارة على الاتفاق وتارة على الاختلاف، فأما الكوفيون وابن عامر فلم يرد عنهم إثبات الزوائد إلا قليلا، فأبدأ أولا بما أثبت الحرميان وأبو عمرو، ثم أتبع بما ورد من ذلك عن الباقين.
واعلم أن كل ياء أثبتها ابن كثير من هذه الزوائد فإنه يثبتها فى الوصل والوقف إلا واحدة وهى: {بِالْوََادِ} فى والفجر [، ذكر الحافظ] (2) فى سورة «والفجر» الخلاف فيها فى الوقف عن قنبل، وذكر فى المفردات أنه قرأ على أبى الحسن بإثباتها فى
__________
(1) فى ب: السور.
(2) سقط فى أ.(1/616)
الوصل خاصة، وقرأ على أبى الفتح بإثباتها فى الحالين.
فأما قوله فى هذا الباب: «وأثبت قنبل بخلاف عنه {بِالْوََادِ} فى الوصل فقط»، فيظهر أنه وهم، وصوابه أن يكون: بخلاف عنه فى الوقف، بدل قوله: «فى الوصل»، أو يسقط ذكر الخلاف.
وقال الشيخ والإمام: «أثبتها فى الوصل خاصة»، وكل ما أثبت نافع وأبو عمرو، فإنما يثبتانها فى الوصل خاصة إلا واحدة وهى (فما آتين الله) فى النمل [الآية: 36]، اختلف فيها فى الوقف عن قالون وأبى عمرو.
واعلم أن ورشا تفرد دون غيره بإثبات تسع عشرة ياء من هذه الزوائد، وهى:
{وَعِيدِ} فى المواضع الثلاثة، و {نَكِيرِ} فى المواضع الأربعة، و {وَنَذَرَ} فى المواضع الستة، و {يُكَذِّبُونِ} فى القصص [34]، و {يُنْقِذُونِ} فى «يس» [الآية: 23]، و {لَتُرْدِينِ} فى «والصافات» [الآية: 56]، و {تَرْجُمُونِ} و {فَاعْتَزِلُونِ} فى الدخان [الآية: 21]، و {نَذِيرِ} فى الملك [الآية: 17].
وتفرد أبو عمرو دون الحرميين بثمانى ياءات، وهن: {وَاتَّقُونِ} فى البقرة، و {وَخََافُونِ} فى آل عمران، و {وَاخْشَوْنِ} فى المائدة، و (وقد هدين) فى الأنعام، و {كِيدُونِ} فى الأعراف، و {وَلََا تُخْزُونِ} فى سورة هود عليه السلام و {أَشْرَكْتُمُونِ} فى سورة إبراهيم عليه السلام و {وَاتَّبِعُونِ} فى الزخرف.
وتفرد ابن كثير بواحدة وهى: {الْمُتَعََالِ} فى الرعد، وتفرد قنبل بواحدة وهى:
{مَنْ يَتَّقِ} فى سورة يوسف عليه السلام وزاد عنه الحافظ [وحده]: (نرتع) بخلاف.
واتفق ورش وأبو عمرو دون غيرهما على إثبات ثلاث ياءات، وهن: {الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} فى البقرة، و {فَلََا تَسْئَلْنِ} فى سورة هود، عليه السلام.
واتفق ورش وابن كثير على إثبات ثلاث ياءات، وهن {التَّلََاقِ} و {التَّنََادِ} فى غافر، و {بِالْوََادِ} فى الفجر.
وذكر الحافظ خلافا عن قالون فى {التَّلََاقِ}، و {التَّنََادِ} وخلافا عن قنبل فى الوقف على (الواد) فى الفجر.
واتفق نافع والبزى وأبو عمرو على إثبات ياءين وهما: {أَكْرَمَنِ}، و {أَهََانَنِ} فى الفجر، واتفق ورش والبزى وأبو عمرو على إثبات ياءين وهما: {دُعََاءِ} فى سورة
إبراهيم عليه السلام و {يَدْعُ الدََّاعِ} فى القمر.(1/617)
واتفق نافع والبزى وأبو عمرو على إثبات ياءين وهما: {أَكْرَمَنِ}، و {أَهََانَنِ} فى الفجر، واتفق ورش والبزى وأبو عمرو على إثبات ياءين وهما: {دُعََاءِ} فى سورة
إبراهيم عليه السلام و {يَدْعُ الدََّاعِ} فى القمر.
واتفق نافع وأبو عمرو على إثبات أربع ياءات، وهن: {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} فى آل عمران و {الْمُهْتَدِ} فى الإسراء والكهف، و {آتِينَ} فى النمل.
واتفق ابن كثير وأبو عمرو دون غيرهما على إثبات الياء فى {تُؤْتُونِ} فى سورة يوسف، عليه السلام.
واتفق مع ورش على إثباتها فى {وَالْبََادِ} فى الحج، و {كَالْجَوََابِ} فى سبأ، واتفقا مع قالون على إثباتها فى {إِنْ تَرَنِ} فى الكهف و {اتَّبِعُونِ} فى غافر.
واتفق الحرميان وأبو عمرو على إثباتها فى اثنى عشر موضعا، وهى: {يَوْمَ يَأْتِ} فى سورة هود عليه السلام و {أَخَّرْتَنِ} فى الإسراء و {يَهْدِيَنِ} و {أَنْ يُؤْتِيَنِ} و {أَنْ تُعَلِّمَنِ} و {نَبْغِ} فى الكهف و {تَتَّبِعَنِ} فى طه، و {أَتُمِدُّونَنِ} فى النمل، و {الْجَوََارِ}
فى الشورى، و {الْمُنََادِ} فى «ق»، و {إِلَى الدََّاعِ} فى القمر، و {يَسْرِ} فى الفجر.
وقد تقدم فى الباب قبل (1) هذا ما حكاه الحافظ عن أبى شعيب فى قوله تعالى:
{فَبَشِّرْ عِبََادِ} فى إثبات ياء مفتوحة فى الوصل ساكنة فى الوقف، وذكر هذا القول فى سورة الزمر، ثم حكى أيضا عن اليزيدى حذفها فى الوقف، وذكر هذا القول فى سورة الزمر، ثم حكى أيضا عن اليزيدى حذفها فى الوقف، فأما غير الحرميين وأبى عمرو، فإن الكسائى منهم أثبت الياء فى الوصل خاصة فى موضعين:
الأول: {يَوْمَ يَأْتِ} فى سورة هود عليه السلام.
والثانى: {نَبْغِ} فى الكهف.
وأما حمزة فأثبتها فى الوصل فى {دُعََاءِ} فى سورة إبراهيم عليه السلام وأثبتها فى الحالين فى {أَتُمِدُّونَنِ} فى النمل.
وأما عاصم فأثبتها عنه حفص فى {آتِينَ} فى النمل فى الوصل، واختلف عنه فى الوقف.
وقد ذكر الحافظ فى هذا الباب اختلاف أبى بكر وحفص فى {يََا عِبََادِ} فى الزخرف.
وأما ابن عامر فأثبت هشام عنه الياء فى {كِيدُونِ} فى الأعراف فى الحالين، وذكر الحافظ فى السورة الخلاف عنه فى ذلك، وذكر عن ابن ذكوان حذف الياء فى
__________
(1) فى ب: مثل.(1/618)
{فَلََا تَسْئَلْنِي} فى الكهف، بخلاف عنه من طريق الأخفش، وحذفها خلاف الرسم، والله تبارك اسمه وتعالى جده أعلم وأحكم.
وافق الشيخ والإمام على كل ما فى الباب إلا أنهما لم يذكرا الياء فى (نرتع) ولا الياء فى {يُنََادِ} فى «ق»، ولا {التَّلََاقِ} و {التَّنََادِ} عن قالون، ولا إثبات الياء فى الوقف على قوله تعالى: {بِالْوََادِ} فى الفجر عن قنبل، وإنما يثبتها فى قولهما فى الوصل خاصة، ولم يذكرا عن هشام إلا إثبات الياء فى {كِيدُونِ}، وزاد الشيخ: أن الأشهر عن ابن ذكوان حذفها، وأنه قد روى عنه إثباتها فى الوصل، وقال:
«وبالحذف قرأت له» والله جل ذكره وعز أمره أعلم وأحكم.
وقول الحافظ رحمه الله: «فأثبت نافع فى رواية ورش منهن سبعا وأربعين».
[قد ذكرت] (1) جملتها، وأنه انفرد منها بتسع عشرة، واتفق نافع مع غيره على سائر العدد.
وقوله: «وأثبت منهن فى رواية قالون كذا» قد تقدم ذلك أيضا، ولم ينفرد منها بشيء.
وقوله: «وأثبت ابن كثير منهن فى روايته فى الوصل والوقف إحدى وعشرين».
هذا العدد إنما يتم بالياء فى قوله تعالى: {بِالْوََادِ} فى و «الفجر»، وإن كان قنبل قد اختلف عنه فى إثباتها وحذفها فى الوقف على ما ذكر فى سورة «والفجر»، وليست الياء فى {يُنََادِ} فى آخر سورة «ق» داخلة فى العدد لكونه إنما ذكرها بعد تمام ذكر الزوائد الثلاث التى فى السورة، كما تقدم التنبيه عليه.
وقد تقدم أن ابن كثير انفرد بواحدة، وهى {الْمُتَعََالِ} فى الرعد، واتفق مع غيره على سائر العدد حسبما تقدم.
وقوله: «واختلف قنبل والبزى فى ست».
فذكر فيها {بِالْوََادِ}، ولا خلاف بين قنبل والبزى فى إثباتها فى الوصل، وإنما يحصل الخلاف بينهما فى الوقف على رواية من روى أن قنبلا يحذفها فى الوقف، وذكر أن الياء فى قوله تعالى: (فما آتين الله) فى سورة النمل يفتحها حفص فى الوصل، وأثبتها ساكنة فى الوقف، وكلامه فى آخر سورة النمل يقتضى الخلاف عن
__________
(1) فى أ: فذكر.(1/619)
حفص فى إثباتها وحذفها فى الوقف، وكذلك ذكر فى المفردات الخلاف عنه فى الوقف فقال: «فروى لى محمد بن أحمد (1) عن ابن مجاهد إثباتها فيه» يعنى فى الوقف، قال: «وكذلك روى لى أبو الحسن عن قراءته، وكذلك روى لى عبد العزيز ابن أبى غسان (2) [عن] (3) أبى طاهر عن أحمد بن موسى عن الأشناني، وروى لى فارس بن أحمد عن قراءته أيضا حذفها فيه، [و] الوجهان [صحيحان] (4)».
__________
(1) محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون، أبو الفرج الشنبوذى الشطوى البغدادى، أستاذ من أئمة هذا الشأن، رحل ولقى الشيوخ وأكثر وتبحر فى التفسير، ولد سنة ثلاثمائة، أخذ القراءة عرضا عن المستنير والمبهج، والكفاية الكبرى ابن مجاهد والمبهج أبى بكر النقاش والمبهج والكامل أبى بكر أحمد بن حماد المنقى والمبهج أبى الحسن بن الأخرم والمبهج إبراهيم بن محمد الماوردى، والمبهج محمد بن جعفر الحربى والكفاية الكبرى أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمى ومحمد ابن هارون التمار والمستنير المبهج الكافية الكبرى الكامل أبى الحسن بن شنبوذ وإليه نسب لكثرة ملازمته له والغاية محمد بن موسى الزينبى والمستنير والمبهج موسى ابن عبيد الله الخاقانى والغاية والكامل الحسن بن على بن بشار وأحمد بن عبد الله، كذا وقع فى المبهج.
وقال التنوخى: مات أبو الفرج الشنبوذى فى صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
ينظر غاية النهاية (2/ 5150).
(2) الشيخ الإمام المعمر المقرئ، مسند الأندلس، أبو القاسم، عبد العزيز بن جعفر بن محمد ابن إسحاق بن محمد بن خواستى، الفارسى، ثم البغدادى النحوى.
ولد فى رجب سنة عشرين وثلاثمائة، وكان يذكر وفاة ابن مجاهد.
وسمع من: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبى بكر النجاد، وأبى بكر بن داسة البصرى، وأبى عمر الزاهد، وأبى بكر بن زياد النقاش المقرئ، وهو من تلامذته فى القراءات. وتلا أيضا على عبد الواحد بن أبى هاشم.
ودخل الأندلس، ففرحوا بعلو أسانيده، وأخذوا عنه.
تلا عليه أبو عمرو بثلاث روايات، وأسندها عنه فى (تيسيره).
وروى عنه: هو وأبو الوليد بن الفرضى، وقال: لقيته بمدينة التراب.
قال: وكان خيرا فاضلا، صدوقا ضابطا، وكان يعرف بابن أبى غسان، قال لى: أذكر اليوم الذى مات فيه ابن مجاهد، وقرأت القرآن فى حدود سنة أربعين على النقاش ولازمته مدة، وكان أسخى الناس، وسمعت (سنن) أبى داود من ابن داسة سنة ثمان وثلاثين، واختلفت إلى أبى سعيد السيرافى، فقرأت عليه عدة كتب. قال الدانى: توفى فى ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
ينظر: سير أعلام النبلاء (17/ 352351)، ومعرفة القراء (1/ 301)، وغاية النهاية (1/ 392)، وشذرات الذهب (3/ 198).
(3) سقط فى أ.
(4) سقط فى أ.(1/620)
وذكر هنا عن أبى بكر أنه فتح الياء فى (يا عبادى) فى الزخرف فى الوصل، وأسكنها فى الوقف، ولم يذكر فى سورة الزخرف أنه يسكنها فى الوقف فحصل من مجموع ما تقدم فى هذا الكلام أنه أهمل فى هذا الباب من حكم الوقف على الياء فى {آتِينَ} ما بين فى سورة النمل، وهو حذفها الذى روى عن فارس، كما تقدم.
وبين فى هذا الباب من حكم الوقف على الياء فى (يا عبادى) ما أهمله فى سورة الزخرف وهو إثباتها ساكنة.
وذكر عن هشام فى هذا الباب إثبات الياء فى الحالين فى قوله تعالى: {ثُمَّ كِيدُونِ} فى الأعراف [الآية: 195]، وذكر عنه فى آخر سورة الأعراف الخلاف فى إثباتها وحذفها فى الحالين.
وإنما يرتكب الحافظ رحمه الله هذا المنزع اتكالا منه على أن الناظر فى كتابه يحكم ويبيّن (1) من كلامه على المهمل، ولا يمكن هذا إلا إذا كان الناظر فى كلامه قد تدرب وفهم مقاصده، فأما المبتدئ فلا إشكال فى أن يعرض له الإشكال.
وقوله: «وسيأتى جميع ما روى من ذلك بالاختلاف فيه فى أواخر السور» ضامن لبيان ما أشكل مما أهمل فى هذا الباب، والله العزيز الوهاب ولى الهدى الموفق للصواب.
__________
(1) فى أ: بحكم البين.(1/621)
فصل فى تهذيب ترتيب التبويب
قال العبد: أما تقديم الخطبة والصدر فغنى عن إبداء التعليل، فأما تقديم ذكر أسماء القراء والناقلين فلأن مجموع ما اشتمل عليه الكتاب منسوب إليهم، ثم أتبعه بذكر [اتصال] (1) قراءتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لولا ذلك لم يصح الاعتماد عليهم.
ولزم تقديم هذا الباب على باب اتصال قراءته بالأئمة لأمرين:
الأول: التبرك بتقديم ما يوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثانى: أن يكون اتصال قراءته مربوطا بأمر قد ثبت واستقر.
ثم بعد الفراغ من هذا كله فلا إشكال فى تقديم الاستفتاح على سائر ما بعده، ولا فى تقديم التعوذ على التسمية لأنه ترتيب جار على ما يستعمله القارئ أول أول، ثم بإثر الاستفتاح يشرع القارئ فى تلاوة أم القرآن، فذكر ما فيها من الخلاف، وعرض فيها ميم الجمع (2) فأكمل أحكامه، ثم أعقبه بباب الإدغام الكبير لأنه أول ما عرض له من التلاوة مما يستحق أن يعقد له باب، وذلك فى قوله تعالى: {الرَّحِيمِ مََالِكِ}، ثم أعقبه بباب هاء الكناية لأنه عرض له فى قوله تعالى: {لََا رَيْبَ فِيهِ}، ثم أعقبه بباب المد لأنه عرض له فى قوله تعالى: {بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4].
ولو قدم باب المد على هاء الكناية لكان وجها حسنا لأن المد قد سبق فى قوله تعالى {وَلَا الضََّالِّينَ} [الفاتحة: 7] وفى {الم}، لكن المد فى هذين الموضعين وجب لالتقاء الساكنين، وإنما تعرض لما وجب بسبب الهمزة، وكان حقه أن يذكر المد للساكن، كما فعل فى سائر تواليفه.
ثم أعقب باب المد بباب الهمز لما عرض التقاء الهمزتين فى قوله تعالى:
{أَأَنْذَرْتَهُمْ}، وقدم الكلام فى الهمزتين على الكلام فى الهمزة المفردة لأن التسهيل عند التقاء الهمزتين ألزم منه فى المفردة، وأيضا فتسهيل الهمزة المفردة يخص قراءة ورش فى نوع من الهمزات وقراءة أبى عمرو فى نوع آخر، وأما التسهيل عند التقاء الهمزتين فيشترك فيه الحرميان وأبو عمرو، فقدم الكلام فيما هو أعم، وقدم ما يسهل ورش من الهمزة المفردة على ما يسهل أبو عمرو جريا على ترتيب
__________
(1) سقط فى أ.
(2) فى ب: الجميع.(1/622)
القراء فى أول الكتاب، وورش من أصحاب نافع، ونافع مقدم إجلالا لكونه قارئ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخر مذهب حمزة وهشام لأنه مختص بالوقف، وتسهيل ورش وأبى عمرو لازم فى الوصل والوقف.
فإن قيل: قد عرض له قبل باب المد بحسب التلاوة ما يوجب تقديم ثلاثة أبواب:
أحدها: باب تسهيل الهمزة المفردة لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}
[البقرة: 3].
والثانى: باب اللامات لقوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلََاةَ} [البقرة: 3].
والثالث: باب الراءات لقوله تعالى: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4].
وقد أخر هذه الأبواب الثلاثة فأين مراعاة الترتيب؟
فالجواب: أنه ألحق باب الراءات بباب الإمالة وجعله علاوة عليه، وألحق باب اللامات بباب الراءات لاشتمالهما على الترقيق والتغليظ فلذلك أخرهما حتى يحضر باب الإمالة بحضور سببه.
وأما تسهيل الهمزة المفردة فقد تقدم ما يقتضى كونه نائبا عن باب الهمزتين، فأراد أن يجعل أبواب الهمز كلها لحمة واحدة، ويفصله إلى تلك الأبواب ويقدم الأوكد فالأوكد، ولو قدم تسهيل الهمزة المفردة على المد، ثم ذكر بعد ذلك تسهيل الهمزتين لانعكس الغرض، ولو قدم باب الهمزتين على المد بسبب ما عرض من موجب تسهيل الهمزة المفردة لم يكن فى القوة، كما إذا ذكره عند حضور موجبه.
ثم بعد فراغه من الهمز عرض له باب الإظهار والإدغام، وباب الفتح والإمالة، والإدغام والإمالة من أنواع تسهيل اللفظ فأشبها من هذا الوجه باب الهمز بجامع التسهيل.
وقدم باب الإدغام لأنه أقل شعبا من باب الإمالة ألا ترى أن الإمالة تنتهى بعلائقها إلى آخر باب اللامات على ما تقدم.
ثم إن الإدغام من حيث إنه دفن الحرف الأول فى الثانى أشبه بباب التسهيل عند التقاء الهمزتين.
وبعد فراغه من باب اللامات ذكر أحكام الوقف، وقدم باب الوقف بالروم والإشمام على باب الوقف على المرسوم لأنه أعم، ولأنه ليس فيه مخالفة لخط
المصحف، ولأنه مستحسن عند العلماء، ويجوز استعماله فى قراءة من روى عنه ومن لم يرو عنه، وليس كذلك باب الوقف بمخالفة مرسوم الخط.(1/623)
وبعد فراغه من باب اللامات ذكر أحكام الوقف، وقدم باب الوقف بالروم والإشمام على باب الوقف على المرسوم لأنه أعم، ولأنه ليس فيه مخالفة لخط
المصحف، ولأنه مستحسن عند العلماء، ويجوز استعماله فى قراءة من روى عنه ومن لم يرو عنه، وليس كذلك باب الوقف بمخالفة مرسوم الخط.
وعند الفراغ من البابين لم يبق عليه مما يرجع إلى أحكام الأصول إلا الياءات، وسكت حمزة على الساكن، فقدم الكلام فى السكت ليسارته، ثم شرع فى الياءات، واستحقت الياءات التأخير لاشتمالها على الزوائد التى هى خارجة عن خط المصحف، فلم يذكرها إلا بعد الفراغ من كل ما اشتمل عليه خط المصحف.
وبتمام الكلام فى الياءات كملت أحكام الأصول، فشرع بعد ذلك فى ذكر فرش الحروف بحسب ترتيب سور القرآن من أوله إلى آخره، والله سبحانه وتعالى هو أعلم وأحكم.(1/624)
وبتمام الكلام فى الياءات كملت أحكام الأصول، فشرع بعد ذلك فى ذكر فرش الحروف بحسب ترتيب سور القرآن من أوله إلى آخره، والله سبحانه وتعالى هو أعلم وأحكم.
باب ذكر فرش الحروف
سورة البقرة
قال الحافظ رحمه الله: «{قِيلَ} و {وَغِيضَ} و (وجاى) بإشمام الضم الأول (1)».
اعلم أن حقيقة هذا الإشمام: أن تضم شفتيك حال النطق بكسرة القاف من {قِيلَ} والغين من {وَغِيضَ} والجيم من (وجاى) فيخرج صوت الكسرة مشوبا بشيء من لفظ الضمة من غير أن ينتهى إلى الضم الخالص، ويصحب الياء التى بعد هذه الكسرة شىء من صوت الواو [من] (2) غير أن ينتهى إلى الواو الخالصة، بل لا بد أن يكون الغالب فى النطق لفظ الكسرة ولفظ الياء، ونظير ذلك الإمالة: فإنك إذا أملت الفتحة والألف سرى مع الفتحة شوب من لفظ الكسرة، ومع الألف شوب من صوت الياء من غير انتهاء إلى الكسر الخالص والياء الخالصة.
وإذا تقرر هذا: لزم أن هذا النوع من الإشمام يدرك بحاسة السمع لأنك تفرق بسمعك بين الكسرة الخالصة فى {قِيلَ}، والكسرة المشمة، كما تفرق بسمعك بين الفتحة الممالة والفتحة الخالصة.
فإذا تقرر هذا: ظهر أن إطلاق لفظ الإشمام عليه وعلى الإشمام المستعمل فى الوقف، ليس على حد واحد ولا بمعنى واحد فإن المستعمل فى الوقف ليس إلا مجرد الإشارة بالشفتين بعد انقطاع الصوت على السكون، ولا حظ فيه للسمع، وإنما هو لرأى العين، كما تقدم، ولو سمى هذا الإشمام فى {قِيلَ} ونحوه «روما» لكان أنسب على رأى البصريين لأنه مسموع، وتسميته إشماما على رأى الكوفيين أنسب، وهذا على ما تقدم من كون هذا الإشمام مصاحبا للنطق، أما من يرى أنه يكون قبل النطق بالحرف فحينئذ قد يتكلف صاحب هذا القول الإشارة بالشفتين قبل النطق بالقاف من {قِيلَ} ونحوه، ثم ينطق بالقاف خالصة الكسر فحينئذ يكون إطلاق اسم الإشمام عليه مساويا لإطلاقه على الإشارة فى الوقف، وهذا إنما يمكن تكلفه إذا كان الحرف المشم مبدوءا به، كما إذا بدأت بقوله تعالى: {قِيلَ يََا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلََامٍ}
__________
(1) فى ب: لأول ذلك.
(2) سقط فى أ.(1/625)
[هود: 48]، أما إذا وصلته بما قبله مثل: {وَقِيلَ يََا أَرْضُ ابْلَعِي} [هود: 44] و {وَغِيضَ الْمََاءُ} [هود: 44] فيبعد تصور ذلك، بل لا بد أن تكون تلك الإشارة مصاحبة للصوت فيحصل الشوب فى اللفظ فيلحق بما تقدم، وقد ذكر الحافظ هذا القول فى بعض تواليفه، وردّه.
وذكر الشيخ أنه قرأ بالوجهين، ورجح القول الأول، وانظر كلامه فى كتاب «التنبيه».
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] أبو عمرو: {بََارِئِكُمْ} فى الحرفين [البقرة: 54] و {يَأْمُرُكُمْ} [البقرة: 67] و {يَأْمُرُهُمْ} [الأعراف: 157] و {يَنْصُرْكُمُ}
[آل عمران: 160] و {يُشْعِرُكُمْ} باختلاس الحركة من طريق البغداديين»، يعنى به رواية الدورى، وذكر فى «المفردات» أنها قراءته على شيخه أبى الحسن.
وهو اختيار سيبويه يعنى الاختلاس فى نحو هذه الكلمات لمن قصد التخفيف لما طالت الكلمة عند اتصال هذه الضمائر بها.
ثم قال: «ومن طريق الرقّيين وغيرهم بالإسكان».
يعنى بطريق الرقيين: رواية أبى شعيب، قال: «وهو المروى عن أبى عمرو دون غيره».
يريد أن عبارة الرواة وردت بالإسكان ولم ترد بالاختلاس، وإن كان الاختلاس أحسن، وأجرى على قوانين العربية لما فيه من إبقاء الحركة وإن كانت مختلسة، فأما الإسكان فيضعف لما فيه من صورة الجزم بغير موجب، قال: «وبذلك قرأتها على الفارسى، عن قراءته على أبى طاهر».
ذكر فى «المفردات» أنه قرأ بها على الفارسى، وعلى فارس بن أحمد، قال فى «المفردات»: «وزعم يعنى شيخه أبا الحسن أن اليزيدى أساء السمع، ولم يضبط عن أبى عمرو مذهبه فى ذلك.
قال الحافظ: «ورواية أبى عمرو عن العرب أنها تجتزئ بإحدى الحركتين عن الأخرى، وجعله عنده ذلك دليلا على قراءته فى ذلك من أبين شاهد على أن مذهبه الإسكان لا غير لأن الاختلاس حركة، ورواية اليزيدى عنه أيضا الاختلاس فى {يَهْدِي} [يونس: 35] و {يَخِصِّمُونَ} من أدل دليل على حذقه وتمييزه، وأنه لم يسئ السمع إذ قد روى ما ادعى عليه أنه لم يضبطه فيما لا يتبعض من الحركات وهو
الفتح فاتضح بذلك [صحة] (1) ما رواه من الإسكان هاهنا وبذلك آخذ». انتهى قول الحافظ فى «المفردات»، وأراد بقوله: «فيما لا يتبعض من الحركات وهو الفتح» ما تقدم فى باب الوقف على أواخر الكلم من أن المتحرك بالفتح لا يوقف عليه عند القراء بالروم لخفة الفتحة، وقد تقدم تفسيره (2) بأن الفتحة إذا أردت أن تلفظ ببعضها سبقتك لخفتها فحصلت بكلها.(1/626)
قال الحافظ: «ورواية أبى عمرو عن العرب أنها تجتزئ بإحدى الحركتين عن الأخرى، وجعله عنده ذلك دليلا على قراءته فى ذلك من أبين شاهد على أن مذهبه الإسكان لا غير لأن الاختلاس حركة، ورواية اليزيدى عنه أيضا الاختلاس فى {يَهْدِي} [يونس: 35] و {يَخِصِّمُونَ} من أدل دليل على حذقه وتمييزه، وأنه لم يسئ السمع إذ قد روى ما ادعى عليه أنه لم يضبطه فيما لا يتبعض من الحركات وهو
الفتح فاتضح بذلك [صحة] (1) ما رواه من الإسكان هاهنا وبذلك آخذ». انتهى قول الحافظ فى «المفردات»، وأراد بقوله: «فيما لا يتبعض من الحركات وهو الفتح» ما تقدم فى باب الوقف على أواخر الكلم من أن المتحرك بالفتح لا يوقف عليه عند القراء بالروم لخفة الفتحة، وقد تقدم تفسيره (2) بأن الفتحة إذا أردت أن تلفظ ببعضها سبقتك لخفتها فحصلت بكلها.
واعلم أن الشيخ والإمام لم يذكرا عن الدورى إلا الاختلاس خاصة، قال الشيخ:
«وكان اليزيدى يختار من نفسه إشباع الحركة».
قال الحافظ رحمه الله: «وترك قالون الهمزة فى قوله تعالى فى الأحزاب:
{لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرََادَ} [الأحزاب: 50] و {بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] إلا أن فى الموضعين فى الوصل خاصة على أصله فى الهمزتين المكسورتين».
قد تقدم فى باب الهمزتين من كلمتين: أن مذهب قالون تحقيق (3) الهمزة الثانية، وتسهيل الأولى بين بين، وإنما أبدلها فى هذين الموضعين لوقوعها بعد ياء زائدة للمد، فأبدل وأدغم على قياس ما تقدم فى (برى) و (النبى) فى باب الوقف لحمزة وهشام.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {هُزُواً} [البقرة: 67] و {كُفُواً}
[الإخلاص: 4] «فإذا وقف أبدل الهمزة واوا اتباعا للخط».
اعلم أن القياس هنا أن ينقل الفتحة من الهمزة إلى الزاى والفاء فيقول: «هزا» و «كفا»، وإنما عدل عن هذا لثبوت الواو فى الخط فى الكلمتين، وقد تقدم أن مذهبه فى التسهيل مربوط بمراعاة الخط، قال: «وتقدير (4) الضمة الحرف المسكن قبلها».
يريد: أنه لما كان أصل {هُزُواً} و {كُفُّوا} ضم الزاى والفاء على قراءة الجماعة، وأن التسكين من باب التخفيف كما قالوا فى «عنق»: «عنق» فسكنوا النون فكأن حمزة لما لم ينقل فتحة الهمزة إلى الزاى والفاء قدّر أن الضمة باقية
__________
(1) سقط فى أ.
(2) فى أ: تعبيره.
(3) فى أ: يحقق.
(4) فى ن: وتقرير.(1/627)
فيهما، فأبقى على الزاى والفاء حرمة الحركة إذ التسكين فيهما عارض لقصد التخفيف فلم يعتد به، فمراده: وتقدير الضمة الحرف الساكن قبلها موجودة فى ذلك الحرف المسكن.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] ابن كثير وأبو عمرو {يُنَزِّلَ} و {تُنَزَّلَ}
و {نُنَزِّلُ} إذا كان مستقبلا مضموم الأول بالتخفيف حيث وقع».
هذه الأمثلة التى ذكر الظاهر أنها بصيغ المبنى للفاعل، وكذا وقع التمثيل فى لفظ الشيخ، ولفظ الإمام، ولا فرق فى الحكم بين ما بنى من ذلك للفاعل، أو للمفعول كقوله تعالى: {مََا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ}
[البقرة: 105] وكقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرََاةُ} [آل عمران: 93]، كل ذلك وما أشبهه إنما قرأه بالتخفيف. وقوله: «إذا كان مستقبلا مضموم الأول» يستوعب ما ذكرت لك.
قال الحافظ رحمه الله: «واستثنى ابن ذكوان من ذلك التنوين، فكسر حاشا حرفين» إلى آخره.
حاصل قوله: إثبات روايتين عن ابن ذكوان فى كسر التنوين، وضمه فى قوله تعالى: {بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا} فى الأعراف [الآية: 49] و {خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ} فى سورة إبراهيم، عليه السلام [الآية: 26]، ووافقه الإمام على ذلك، ولم يذكر الشيخ فى هذين الموضعين عن ابن ذكوان إلا الضم خاصة.
قال الحافظ رحمه الله: «البزى من رواية أبى ربيعة عنه: {لَأَعْنَتَكُمْ}
[الآية: 220] بتليين الهمزة».
تقييده هذه القراءة برواية أبى ربيعة، يقتضى أنه قرأ أيضا بتحقيق الهمزة من طريق غير أبى ربيعة، وقد نص فى «المفردات» على أن الخزاعى (1) وابن هارون رويا
__________
(1) الإمام المقرئ المحدث، أبو محمد، إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعى المكى، شيخ الحرم، جود القرآن على البزى، وعبد الوهاب بن فليح.
وحدث عن: ابن أبى عمر العدنى بمسنده، وعن محمد بن زنبور، وأبى الوليد الأزرقى.
وكان متقنا، ثقة، ذكر أنه تلا على ابن فليح مائة وعشرين ختمة. وله مصنفات فى القراءات.
قرأ عليه ابن شنبوذ والمطوعى، ومحمد بن موسى الزينبى، وعدة.(1/628)
عنه التحقيق، ولم يذكر الشيخ والإمام هنا إلا التحقيق.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] قنبل وحفص وهشام وأبو عمرو وحمزة بخلاف عن خلاد: {يَبْسُطُ} هنا [البقرة: 245] {بَسْطَةً} فى الأعراف [الآية: 69] بالسين».
ثم قال: «وروى النقاش عن الأخفش».
يريد: عن ابن ذكوان هنا بالسين، وفى الأعراف بالصاد.
وذكر الشيخ والإمام عن حمزة بالسين فى السورتين، وعن ابن ذكوان بالصاد، وعن حفص بالوجهين، ولا خلاف عن قنبل وأبى عمرو وهشام أنهم قرءوا بالسين، ولا خلاف عن الباقين أنهم قرءوا بالصاد.
قال الحافظ رحمه الله: «وروى أبو نشيط عن قالون بإثباتها مع الهمزة المكسورة فى قوله تعالى: {إِنْ أَنَا إِلََّا} و {مََا أَنَا إِلََّا}».
جميع ما فى القرآن من ذلك ثلاثة مواضع، فى الأعراف: {إِنْ أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [الآية: 188]، وفى الشعراء: {وَمََا أَنَا بِطََارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الآية: 115114] وفى الأحقاف: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلََّا مََا يُوحى ََ إِلَيَّ وَمََا أَنَا إِلََّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الآية: 9]، وذكر الشيخ هذه الرواية عن قالون ثم قال: «والمشهور عنه الحذف وبه قرأت» ولم يذكر الإمام هذه الرواية.
قال الحافظ رحمه الله: «وزادنى أبو الفرج النجاد (1) {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ}
[آل عمران: 143]، و: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: 65]».
لم يذكر الشيخ والإمام هذين الموضعين فى تاءات البزى، على (2) أن الشيخ قال
__________
وحدث عنه: ابن المقرئ، وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكى، وآخرون.
مات بمكة فى ثامن رمضان سنة ثمان وثلاثمائة.
ينظر: سير أعلام النبلاء (14/ 289)، طبقات القراء للذهبى (1/ 185184)، العبر (2/ 137136)، الوافى بالوفيات (8/ 403)، البداية والنهاية (11/ 131)، العقد الثمين (3/ 290)، طبقات القراء للجزرى (1/ 156)، شذرات الذهب (2/ 252).
(1) محمد بن عبد الله، أبو الفرج النجاد، مقرئ ضابط متصدر ثقة، أخذ القراءة عرضا عن أحمد بن عبد العزيز بن بدهن، روى الحروف عنه الحافظ أبو عمرو الدانى، وعليه اعتمد فى إلحاق تشديد حرفى {كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ} [آل عمران: 143] {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة:
65] للبزى لم يرو ذلك غيره، مات فيما أحسب بعيد الأربعمائة.
ينظر غاية النهاية (2/ 188).
(2) فى ب: عن.(1/629)
لما ذكر تاءات البزى: «وقد روى عنه أنه شدد هذا وما كان مثله فى جميع القرآن».
ثم قال: «والمعول عليه هذه المواضع بنفسها لا يقاس عليها».
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (نعما): «وقالون وأبو بكر وأبو عمرو بكسر النون وإخفاء حركة العين».
ثم قال: «ويجوز إسكانها، وبذلك ورد النص عنهم».
يعنى: عن قالون وأبى بكر وأبى عمرو، ثم قال: «والأول أقيس».
يعنى: الإخفاء.
[و] ذكر الإمام أنه قرأ أيضا لقالون بالسكون.
وقال الشيخ: «وقد ذكر عنهم الإسكان، وليس بالجائز».
ثم قال: «وروى عنهم الاختلاس، وهو حسن قريب من الإخفاء».
[و] إنما منع الشيخ الإسكان لأنه يؤدى إلى التقاء الساكنين لأن النون مشددة، ولا شك أن المشدد فى التقدير من حرفين: الأول ساكن مدغم فى الثانى، والتقاء الساكنين فى مثل هذا قبيح، كما تقدم فى باب الإدغام الكبير، إلا أن الشيخ حيث أنكر هذا فحقه أن ينكر قراءة حمزة فى آخر الكهف: {فَمَا اسْطََاعُوا} بتشديد الطاء إذ فيه التقاء الساكنين، وقد دار هذا الكلام على إخفاء الحركة واختلاسها، فلا بد من معرفة الفرق بينهما إذ ليسا مترادفين، بل هما متقاربان.
واعلم أن الحرف إما أن يكون للحركة به تعلق أو لا يكون، فإن لم يكن للحركة به تعلق فهو الساكن، وإن تعلقت به الحركة، فإما أن يتعلق به بعضها أو كلها:
فإن تعلق به [بعض] (1) الحركة فهو الذى يسمى إخفاء الحركة، وهو (2) القدر المنطوق به فى الروم عند الوقف.
وفى باب الإدغام [الكبير] (3)، وفى {تَأْمَنََّا} [يوسف: 11] على اختيار الحافظ.
وإن تعلقت الحركة كلها بالحرف، فإما أن تكون ممططة أو غير ممططة، [والمططة] (4) هى الممكنة المشبعة كالتى تستعمل فى قراءة ورش [وحمزة] (5)، وغير
__________
(1) سقط فى ب.
(2) فى أ: وهذا.
(3) سقط فى ب.
(4) سقط فى أ.
(5) سقط فى أ.(1/630)
الممططة هى المختلسة أى: الحركة السريعة، وقد يقال فى الحركة: مشبعة، بمعنى:
أنها موصولة بحرف من جنسها كالضمة فى ميم الجمع على قراءة ابن كثير، ويقال فيها:
مختلسة، بمعنى: أنها غير موصولة بحركة الهاء فى (عنه) و (منه) على قراءة غير ابن كثير فحصل من هذا أن النطق ببعض الحركة هو إخفاء الحركة، والنطق بها غير ممططة هو اختلاسها، وأن الاختلاس أمكن من الإخفاء، والتمطيط هو الإشباع، وهو أمكن من الاختلاس، وليس بعده إلا إثبات الصلة زائدة على التمطيط كما أنه ليس دون إخفاء الحركة إلا الإسكان، والله الحليم القدير أعلم بحقائق التقدير.
قال الحافظ رحمه الله: «{رُسُلُنََا} [المائدة: 32] و {رُسُلُكُمْ}
[غافر: 50] و {رُسُلُهُمْ} [الأعراف: 101] و {سُبُلَنََا} [إبراهيم: 12] إذا كان بعد اللام حرفان».
يعنى فى الخط، وهما: النون والألف فى {رُسُلَنََا} و {سُبُلَنََا}، والكاف والميم فى {رُسُلُكُمْ}، والهاء والميم فى {رُسُلُهُمْ}.
وإنما قيدته بقولى: «يعنى فى الخط» لأنه قوله تعالى: {وَرُسُلِهِ} إذا وصل حصل بعد اللام حرفان فى اللفظ وهما الهاء وصلة حركتها، وهى واو بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وليس فى الخط إلا حرف واحد وهو الهاء، ولم يقل أحد عن أبى عمرو: إنه يسكن اللام فى هذا.
واعلم أن ذكر هذه الترجمة هنا لا وجه له (1)، وإنما موضع ذكرها عند قوله تعالى فى سورة العقود: {وَلَقَدْ جََاءَتْهُمْ رُسُلُنََا بِالْبَيِّنََاتِ} [المائدة: 32]، والله جل جلاله أعلم وأحكم.
سورة آل عمران
قال الحافظ رحمه الله: فى ترجمة {التَّوْرََاةَ} [3]: «وقد قرأت لقالون كذلك».
يعنى أنه قرأ له بالفتح.
وذكر فى «المفردات» أنه قرأ بالفتح على شيخه أبى الفتح، وقرأ بين اللفظين على شيخه أبى الحسن، وعبارته فى «التمهيد» أنه قرأ على أبى الحسن بفتح غير مسرف،
__________
(1) فى ب: لها.(1/631)
وعلى أبى الفتح بالفتح، ولم يذكر الشيخ والإمام عن قالون فى «التوراة» إلا بين اللفظين.
قال الحافظ رحمه الله: «{الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [الآية: 27] و {الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الآية: 27] و {لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} (1) [الأعراف: 57] إذا كان قد مات».
تحرز بهذا القيد عن قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} فى الزمر [الآية: 30] إذ لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم وقت نزول الآية ميتا، وكذلك قوله تعالى: {وَمََا هُوَ بِمَيِّتٍ}
فى سورة إبراهيم عليه السلام [الآية: 17].
وهذا القيد لا يفيده حصرا حتى يقول: ولا كان وصفا لمؤنث تحرزا من قوله تعالى {بَلْدَةً مَيْتاً} [الفرقان: 49]، فأما قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً} [الأنعام:
139] و {الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة: 173] فقد لا يلزمه الاعتراض بهما لكون تاء التأنيث فيهما إذ له أن يقول: ما تكلمت أنا إلا فيما لا تاء فيه.
فالحاصل إذا أن الخلاف الذى ذكر هنا مخصوص بما ذكر من الأمثلة خاصة، وأن قوله: «وشبهه» لا يحرز شيئا، وإنما جرى فيه على عادته.
قال الحافظ رحمه الله: «نافع وأبو عمرو {هََا أَنْتُمْ} حيث وقع بالمد من غير همز».
يريد: من غير همز محقق، أما قالون وأبو عمرو فيلفظان بألف ساكنة بعد الهاء وبعد الألف همزة ملينة بين بين، وأما ورش فيترك الألف الساكنة ويلفظ بالهمزة الملينة بإثر الهاء.
وقوله «وورش أقل مدا» يعنى: أقل مدا من قالون وأبى عمرو، وسبب ذلك أنه ليس فى قراءة ورش إلا همزة بين بين خاصة.
والحافظ يسمى همزة بين بين: مدا، مسامحة لما فيها من شبه الألف، وكذلك فعل غيره.
وأما قالون وأبو عمرو فقراءتهما (2) الألف الساكنة وهمزة بين بين فهما حرفان، والحافظ سماهما معا مدا، ولا شك أن النطق بحرفين أطول من النطق بحرف واحد، ولا سيما وأحد الحرفين حرف مد، وهو الألف الساكنة فلهذا كان ورش أقل مدا.
__________
(1) فى ب: {إِلى ََ بَلَدٍ}.
(2) فى ب: ففي قراءتهما.(1/632)
وقوله: «وقنبل بالهمز من غير مد بعد الهاء».
يعنى بالهمز: المحقق، فيقول: (هأنتم) مثل (سألتم).
وقوله: «والباقون بالمد والهمز».
يعنى أنهم يلفظون بعد الهاء بألف، وبعد الألف بهمزة محققة، وهم: البزى، وابن عامر والكوفيون.
وقوله: «والبزى يقصر المد على أصله».
يعنى أن أصله إذا كانت الهمزة أول كلمة وحرف المد قبلها آخر كلمة لم يزد فى تمكين حرف المد على المقدار الذى تتوفر به حقيقته ولا يوصل إليه إلا به.
وقوله: «فالهاء على مذهب أبى عمرو وقالون وهشام يحتمل أن تكون للتنبيه، ويحتمل أن تكون مبدلة من همزة».
أما تقديرها للتنبيه على مذهب هشام فبين لا خفاء به لأنه يمد الهاء ثم يحقق الهمزة، كما يصنع فى قوله تعالى: {إِذََا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] و {مََا أَنْتُمْ إِلََّا بَشَرٌ} [يس: 15] و {يََا آدَمُ} وما أشبهه.
وأما على مذهب قالون وأبى عمرو فكان يلزم إذا جعلت هاء التنبيه أن يحقق الهمزة كما فعل هشام، وليست قراءتهما إلا بتليين الهمزة كما تقدم، فإنما يتم هذا التقدير على مذهبهما بأن يقال: خالفا أصلهما فى هذه الكلمة فيسهلا همزتها (1).
وأما تقدير الهاء مبدلة من همزة على مذهب هشام فحسن أيضا لأنه يكون الأصل «أأنتم» مثل قوله تعالى فى البقرة: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللََّهُ} [الآية: 140] وفى الواقعة {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} [الآية: 69] ونحوهما، وعادة هشام فى مثل هذا تحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية بين بين، وجعل ألف (2) بينهما، كما تقدم فى {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ونحوه، وقد روى عنه فى غير «التيسير» أنه يحقق الهمزتين معا ويفصل بينهما بالألف (3)، فلما أبدل من الهمزة الأولى هاء فى هذه الكلمة على ما تفعله العرب فى قولهم: «إياك» و «هياك» و «إيا زيد» و «هيا زيد» و «أرقت الماء» و «هرقته» (4)، فأبدلوا من الهمزة هاء كما ترى، زال بذلك استثقال اجتماع الهمزتين
__________
(1) فى ب: همزتهما.
(2) فى ب: الألف.
(3) فى ب: بألف.
(4) فى ب: أهرقته.(1/633)
فى اللفظ فلزم تحقيق الهمزة الثانية، وأثبت الألف قبلها كما كان يثبتها قبل البدل.
وأما على مذهب قالون وأبى عمرو فحسن أيضا فإن أصلهما فى الهمزتين المفتوحتين فى {أَأَنْذَرْتَهُمْ} وبابه مثل أصل هشام: يحققان الأولى ويسهلان الثانية، ويجعلان بينهما ألفا كما تقدم، فيقدر أنهما أبدلا الهمزة الأولى فى هذه الكلمة هاء، كما تقدم، وسهلا الثانية، وفصلا بالألف كما كانا يفعلان قبل البدل، وكأنهما لم يعتدا بالبدل لأنه عارض، وهشام اعتد به ولذلك حقق الهمزة الثانية.
وقوله: «وعلى مذهب قنبل وورش لا تكون إلا مبدلة لا غير».
إنما التزم على مذهب قنبل أن تكون الهاء مبدلة لأن مذهبه فى الهمزتين نحو:
{أَأَنْذَرْتَهُمْ} أن يحقق الأولى ويلين الثانية بين بين.
وقول الحافظ: لما أبدل قنبل من الهمزة الأولى هاء لم يحتج إلى تليين الثانية لأنه إنما كان يلينها فى مثل {أَأَنْذَرْتَهُمْ} هربا من اجتماع همزتين فى اللفظ لأنه يحقق الأولى، فلما بطل لفظ الأولى بالبدل زال اجتماع همزتين فزال الثقل فلم يبال بتحقيق الثانية، وهذا مبنى على أنه اعتد بالعارض كما فعل هشام فيما تقدم، ولو جعلها على مذهبه للتنبيه للزم إثبات ألف بين الهاء والهمزة لأن هاء التنبيه حرف مركب من «هاء» و «ألف» ساكنة مثل: «ما» و «لا».
وأما مذهب ورش فقريب من هذا لأن عادته فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} أن يحقق الأولى ويبدل الثانية ألفا فى رواية المصريين، ويجعلها بين بين فى رواية البغداديين، وهو الأحسن فى العربية، فلما أبدل الأولى هاء سهل الثانية بين بين على القياس، ولو جعلها للتنبيه للزم إثبات الألف بعد الهاء كما تقدم، ومن الناس من يأخذ لورش هنا بإبدال هذه الهمزة ألفا فيكون اللفظ بألف بعد الهاء، وبعد الألف النون الساكنة من {أَنْتُمْ} فيجب تمكين المد، وهى قراءة ضعيفة، لما فيها من التقاء الساكنين وهما الألف والنون، دون كمال الشرطين المعتبرين فى جواز التقاء الساكنين، كما تقدم فى باب الهمزتين.
وقوله: «وعلى مذهب الكوفيين والبزى وابن ذكوان لا تكون إلا للتنبيه».
يعنى من حيث إنهم حققوا الهمزة وأثبتوا قبلها الألف، أما الكوفيون وابن ذكوان فأصلهم فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} تحقيق الهمزتين من غير فصل، ولم يبالوا بثقل اجتماع الهمزتين فى اللفظ، وإن كان ذلك غير فصيح فى العربية، فإذا كانوا
يتحملون ثقل اجتماع الهمزتين المحققتين من غير فصل لم يسغ أن يدعى كون الهاء مبدلة على مذهبهم من همزة إذ لو كان ذلك لم يكن للفصل بالألف وجه، ولم يعارض فى جعلها للتنبيه على مذهبهم شىء فيكون (هأنتم) بمنزلة {إِذْ أَنْتُمْ}
و {مََا أَنْتُمْ} كما تقدم، وكذلك البزى: لما أثبت الألف فى {«هََا أَنْتُمْ»} لم يحسن أن يتأول عليه كون الهاء مبدلة من همزة لأنه فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} يحقق الأولى ويسهل الثانية من غير فصل، بل يكتفى بتسهيل الثانية فى (1) اندفاع ثقل اجتماع الهمزتين، فلو قدر أنه جعل الهاء بدلا من همزة لم يحتج إلى الفصل بالألف، فأما إذا قدر أنه جعلها للتنبيه، فيندفع هذا التشعب، ولا يحتاج إثبات الألف وتحقيق الهمزة بعدها إلى تعليل.(1/634)
يعنى من حيث إنهم حققوا الهمزة وأثبتوا قبلها الألف، أما الكوفيون وابن ذكوان فأصلهم فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} تحقيق الهمزتين من غير فصل، ولم يبالوا بثقل اجتماع الهمزتين فى اللفظ، وإن كان ذلك غير فصيح فى العربية، فإذا كانوا
يتحملون ثقل اجتماع الهمزتين المحققتين من غير فصل لم يسغ أن يدعى كون الهاء مبدلة على مذهبهم من همزة إذ لو كان ذلك لم يكن للفصل بالألف وجه، ولم يعارض فى جعلها للتنبيه على مذهبهم شىء فيكون (هأنتم) بمنزلة {إِذْ أَنْتُمْ}
و {مََا أَنْتُمْ} كما تقدم، وكذلك البزى: لما أثبت الألف فى {«هََا أَنْتُمْ»} لم يحسن أن يتأول عليه كون الهاء مبدلة من همزة لأنه فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} يحقق الأولى ويسهل الثانية من غير فصل، بل يكتفى بتسهيل الثانية فى (1) اندفاع ثقل اجتماع الهمزتين، فلو قدر أنه جعل الهاء بدلا من همزة لم يحتج إلى الفصل بالألف، فأما إذا قدر أنه جعلها للتنبيه، فيندفع هذا التشعب، ولا يحتاج إثبات الألف وتحقيق الهمزة بعدها إلى تعليل.
وقوله: «فمن جعلها للتنبيه وميز بين المتصل والمنفصل فى حروف المد لم يزد فى تمكين الألف، سواء حقق الهمزة بعدها أو سهلها».
يعنى بقوله: «ميز بين المتصل والمنفصل»: فرق بينهما، فزاد فى المتصل نحو {جََاءَ} ولم يزد فى المنفصل نحو {بِمََا أُنْزِلَ}، فمن كان مذهبه هكذا لم يزد فى تمكين الألف فى (هأنتم) إذا جعلها للتنبيه لأنها تكون من قبيل حرف المد المنفصل. وقوله: «سواء حقق الهمزة» يعنى به البزى، وقوله: «أو سهلها»، يعنى به السوسى لأنه يقصر المنفصل، وكذلك قالون على الخلاف المذكور فى باب المد.
ومن هذا الموضع يظهر [لك] (2) ما قدمته أولا من كون قالون وأبى عمرو يقرءان بهمزة ملينة بعد الألف، وأن الحافظ عبر بالمد عن مجموع الحرفين، أعنى الألف والهمزة الملينة، وهى عبارة مستعملة عندهم، أعنى التعبير بالمد عن الهمزة الملينة، ومن طالع كتابه المسمى ب «الإيضاح» الذى أفرده لبيان أحكام الهمزتين، وجد كل ما قلته فى هذا الفصل.
وقوله: «ومن جعلها مبدلة وكان ممن يفصل بالألف زاد فى التمكين، سواء أيضا حقق الهمزة أو لينها».
يعنى بقوله: «من جعلها مبدلة»، أى: من جعل الهاء مبدلة من همزة كما تقدم.
[وقوله]: «وكان ممن يفصل بالألف»، يعنى فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ}.
__________
(1) فى أ: من.
(2) سقط فى أ.(1/635)
وقوله: «زاد فى التمكين» يعنى زاد فى مد الألف وذلك لأنه يحكم للهمزتين فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} بحكم الهمزتين فى كلمة واحدة فيكون دخول الألف بينهما من قبيل المد المتصل، ولا خلاف بينهم فى التزام زيادة التمكين لحرف المد المتصل.
وقوله: «سواء أيضا حقق الهمزة» يعنى به هشاما، «أو لينها» يعنى قالون وأبا عمرو.
وقوله: «وهذا كله مبنى على أصولهم ومحصل من مذاهبهم».
يعنى مذاهبهم وأصولهم فى باب المد وباب {أَأَنْذَرْتَهُمْ}.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] ابن كثير (آن يؤتى) [73] بالمد على الاستفهام».
يعنى أنه يقرأ بهمزة محققة بعدها همزة ملينة على مذهبه فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ}، فسمى الهمزة المسهلة مدا كما ذكرت لك.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {يَؤُدُهُ} [75]: «وكذا روى الحلوانى عن هشام فى الباب كله».
يعنى: روى الاختلاس مثل قالون، وتقييده هذه الرواية للحلوانى يفهم أنه روى عن هشام غير ذلك، وهو أن يقرأ بإشباع المد كالباقين.
وذكر فى المفردات هذه الألفاظ التى ذكر هنا، وذكر معها {يَأْتِهِ} [طه: 75] و {وَيَتَّقْهِ} [النور: 52] و {فَأَلْقِهْ} [النمل: 28] وشبهه، وهذا عنى بقوله فى «التيسير» «فى الباب كله».
ثم قال فى «المفردات»: «إنه قرأ على أبى الفتح عن قراءته على عبد الله ابن الحسين باختلاس الكسرة فى حال الوصل».
قال: «وكذا رواه الحلوانى عنه منصوصا»، ثم قال: «وقرأت له ذلك على أبى الحسن عن قراءته بإشباع الكسرة كابن ذكوان».
قال العبد: «وإسناد قراءته برواية هشام فى «التيسير» إنما هى عن أبى الفتح عن عبد الله بن الحسين.
ولم يذكر الشيخ والإمام عن هشام إلا إشباع الحركة.
قوله تعالى: (وما تفعلوا من خير فلن تكفروه) قرأهما أبو عمرو بالتاء معجمة من فوق، وقال الشيخ عن أبى عمرو: إنه خير بين التاء والياء، وأن المشهور عنه التاء المعجمة من فوق.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] هشام من قراءتى على أبى الفتح: (ولا يحسبن الذين قتلوا) [آل عمران: 169] بالياء».(1/636)
قوله تعالى: (وما تفعلوا من خير فلن تكفروه) قرأهما أبو عمرو بالتاء معجمة من فوق، وقال الشيخ عن أبى عمرو: إنه خير بين التاء والياء، وأن المشهور عنه التاء المعجمة من فوق.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] هشام من قراءتى على أبى الفتح: (ولا يحسبن الذين قتلوا) [آل عمران: 169] بالياء».
تقييده هذه الرواية بقراءته على أبى الفتح يقتضى أنه قرأ على غيره بالتاء المعجمة من فوق مثل الجماعة، وكذلك ذكر فى «المفردات» أنه قرأ بالياء المعجمة من أسفل على أبى الفتح عن قراءته على عبد الباقى وأبى طاهر الأنطاكى (1)، ثم قال: «وقرأت على أبى الحسن وأبى الفتح من طريق عبد الله بالتاء المعجمة من فوق».
تنبيه
أسند الحافظ فى «التيسير» قراءته برواية هشام عن أبى الفتح عن عبد الله بن الحسين، وهذا يوهم الناظر أنه قرأ على عبد الله هذا الحرف بالياء المعجمة من أسفل لقوله حين ذكر الحرف: «إنه قرأه على أبى الفتح بالياء» والله سبحانه أعلم.
وليس عن الشيخ والإمام فى هذا الحرف عن هشام إلا التاء المعجمة من فوق كالجماعة، والله سبحانه تبارك اسمه وتعالى الموفق، ولا حول ولا قوة إلا به.
سورة الأنعام
ذكر الشيخ فى ترجمة {أَرَأَيْتَكُمْ} [40]: وقد قيل عن ورش: إنه يبدلها ألفا، وهو أحرى فى الرواية لأن النقل والمشافهة إنما هو بالمد عنه، وتمكين المد إنما يكون مع البدل، وجعلها بين بين أقيس على أصول العربية. وذكر فى كتاب التنبيه أنه قرأ بالوجهين لورش (2)، ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنما هو بين بين كقالون لا غير.
__________
(1) محمد بن الحسن بن على، أبو طاهر الأنطاكى، إمام كبير مقرئ شهير، نزل مصر، أخذ القراءة عرضا عن جامع البيان والكامل إبراهيم بن عبد الرزاق، وهو من جلة أصحابه وأثبت الناس عن عتيق بن عبد الرحمن، روى القراءة عنه عرضا على بن داود الدارانى وسماعا أبو الطيب بن غلبون وجامع البيان فارس بن أحمد وعبيد الله بن مسلمة المكتب، وعرض عليه أيضا أبو العباس بن نفيس والكفاية الكبرى أبو على الرهاوى، وروى عنه على بن محمد الجنانى، قال الدانى: خرج من مصر إلى الشام فتوفى فى منصرفه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة.
قلت ابن الجزرى: وانقلب على أبى العز فسماه الحسن بن محمد.
ينظر غاية النهاية (2/ 118).
(2) يجوز نقل حركة همزة الاستفهام إلى لام (قل)، وتحذف الهمزة تخفيفا، وهى قراءة ورش، وهو تسهيل مطرد. و (أرأيتكم) هذه بمعنى: أخبرونى، ولها أحكام تختص بها، اضطربت أقوال الناس فيها وانتشر خلافهم فلا بد من التعرض لذلك فأقول: (أرأيت) إن كانت(1/637)
__________
البصرية، أو العلمية الباقية على معناها، أو التى لإصابة الرئة، كقولهم: رأيت الطائر، أى:
أصبت رئته لم يجز فيها تخفيف الهمزة التى هى عينها، بل تحقق ليس إلا، أو تسهل بين بين من غير إبدال ولا حذف، ولا يجوز أن يلحقها كاف على أنها حرف خطاب، بل إن لحقتها كاف كانت ضميرا مفعولا أول، ويكون مطابقا لما يراد به من تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع، وإذا اتصلت بها تاء خطاب لزم مطابقتها لما يراد بها مما ذكر، وتكون ضميرا فاعلا نحو: أرأيتم، أرأيتما، ويدخلها التعليق والإلغاء. وإن كانت العلمية التى ضمنت معنى: أخبرنى، اختصت بأحكام أخر، منها: أنه يجوز تسهيل همزتها بإبدالها ألفا، وهى مروية عن نافع من طريق ورش، والنحاة يستضعفون إبدال هذه الهمزة ألفا، بل المشهور عندهم تسهيلها بين بين، وهى الرواية المشهورة عن نافع، لكنه قد نقل الإبدال المحض قطرب وغيره من اللغويين. قال بعضهم: هذا غلط عليه، أى: على نافع، وسبب ذلك أنه يؤدى إلى الجمع بين ساكنين فإن الياء بعدها ساكنة. ونقل أبو عبيد القاسم بن سلام عن أبى جعفر ونافع وغيرهما من أهل المدينة أنهم يسقطون الهمزة، ويدعون أن الألف خلف منها.
قلت: وهذه العبارة تشعر أن هذه الألف ليست بدلا عن الهمزة، بل جىء بها عوضا عن الهمزة الساقطة. وقال مكى بن أبى طالب: (وقد روى عن ورش إبدال الهمزة ألفا لأن الرواية عنه أن يمد الثانية، والمد لا يتمكن إلا مع البدل، وحسّن جواز البدل فى الهمزة، وبعدها ساكن: أن الأول حرف مد ولين فالمد الذى يحدث مع السكون يقوم مقام حركة يتوصل بها إلى النطق بالساكن).
ومنها أن تحذف الهمزة التى هى عين الكلمة، وبها قرأ الكسائى، وهى فاشية نظما ونثرا، فمن النظم قوله:
أريت أن جاءت به أملودا ... مرجلا ويلبس المرودا
أقائلن أحضروا الشهودا وقال آخر:
أريتك إذ هنّا عليك ألم تخف ... رقيبا، وحولى من عدوك حضّر
وأنشد الكسائى لأبى الأسود:
أريت امرأ كنت لم أبله ... أتانى فقال: اتخذنى خليلا
وزعم الفراء أن هذه اللغة لغة أكثر العرب، قال: فى «أرأيت» لغتان ومعنيان، أحدهما:
أن تسأل الرجل: أرأيت زيدا، أى: أعلمت، فهذه مهموزة، وثانيها: أن تقول: أرأيت، بمعنى: أخبرنى، فهاهنا تترك الهمزة إن شئت، وهذا أكثر كلام العرب يومئ إلى ترك الهمزة للفرق بين المعنيين. انتهى. وفى كيفية حذف هذه الهمزة ثلاثة أوجه:
أحدها وهو الظاهر: أنه استثقل الجمع بين همزتين فى فعل اتصل به ضمير، فخففه بإسقاط إحدى الهمزتين، وكانت الثانية أولى لأنها حصل بها الثقل، ولأن حذفها ثابت فى مضارع هذا الفعل، نحو: أرى، ونرى، ويرى، ولأن حذف الأولى يخل بالتفاهم إذ هى للاستفهام.(1/638)
__________
والثانى: أنه أبدل الهمزة ألفا، كما فعل نافع فى رواية ورش، فالتقى ساكنان، فحذف أولهما وهو الألف.
والثالث: أنه أبدلها ياء، ثم سكنها، ثم حذفها لالتقاء الساكنين، قاله أبو البقاء، وفيه بعد. ثم قال: وقرب ذلك فيها حذفها فى مستقبل هذا الفعل. يعنى فى (ترى) وبابه.
ورجح بعضهم مذهب الكسائى بأن الهمزة قد اجترئ عليها بالحذف وأنشد:
إن لم أقاتل فالبسونى برقعا وأنشد لأبى الأسود:
يا با المغيرة، رب أمر معضل ... فرجته بالمكر عنى، والدّها
وقولهم: ويلمه، وقوله:
ويلمها خلة قد سيط من دمها ... فجع وولع وإخلاف وتبديل
وأنشد أيضا قول الآخر:
ومن را مثل مقداد بن سعد ... إذا ما النسع طال على المطية
أى: ومن رأى.
ومنها: ألا يدخلها تعليق ولا إلغاء لأنها بمعنى: أخبرنى، و «أخبرنى» لا تعلق عند الجمهور، قال سيبويه: (وتقول: أرأيتك «زيدا» أبو من هو، لا يحسن فيه إلا النصب فى زيد. ألا ترى أنك لو قلت: أرأيت أبو من أنت، لم يحسن لأن فيه معنى «أخبرنى» عن زيد، وصار الاستفهام فى موضع المفعول الثانى؟!) وقد خالف سيبويه غيره من النحويين، وقالوا: كثيرا ما تعلق (أرأيت)، وفى القرآن من ذلك كثير، واستدلوا بهذه الآية التى نحن فيها، وبقوله: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلََّى، أَلَمْ يَعْلَمْ}
[العلق: 13، 14] وبقوله:
أريت إن جاءت به أملودا؟
وهذا لا يرد على سيبويه، وسيأتى تأويل ذلك قريبا.
ومنها: أنها تلحقها التاء، فيلتزم إفرادها وتذكيرها، ويستغنى عن لحاق علامة الفروع بها بلحاقها بالكاف، بخلاف التى لم تضمن معنى: أخبرنى، فإنها تطابق فيها كما تقدم ما يراد بها.
ومنها: أنه يلحقها كاف هى حرف خطاب يطابق ما يراد بها من إفراد وتذكير وضديهما.
وهل هذه التاء فاعل، والكاف حرف خطاب يبين أحوال التاء، كما بينته؟ إذا كانت ضميرا أو التاء حرف خطاب، والكاف هى الفاعل، واستعير ضمير النصب فى مكان ضمير الرفع؟
أو التاء فاعل أيضا، والكاف ضمير فى موضع المفعول الأول؟ ثلاثة مذاهب مشهورة الأول: قول البصريين، والثانى: قول الفراء، والثالث: قول الكسائى، ولنقتصر على بعض أدلة كل فريق، قال أبو على: قولهم: أرأيتك زيدا ما فعل، بفتح التاء فى جميع الأحوال، فالكاف لا يخلو أن يكون للخطاب مجردا، ومعنى الاسمية مخلوع منه، أو يكون دالا على الاسم مع دلالته على الخطاب، ولو كان اسما لوجب أن يكون الاسم الذى بعده هو هو لأن هذه الأفعال مفعولها الثانى هو الأول فى المعنى، لكنه ليس به فتعين أن يكون مخلوعا منه الاسمية، وإذا ثبت أنه للخطاب معرّى من الاسمية،(1/639)
__________
ثبت أن التاء لا تكون لمجرد الخطاب ألا ترى أنه لا ينبغى أن تلحق الكلمة علامتا خطاب كما لا يلحقها علامتا تأنيث، ولا علامتا استفهام؟! فلما لم يجز ذلك أفردت التاء فى جميع الأحوال لما كان الفعل لا بدّ له من فاعل، وجعل فى جميع الأحوال على لفظ واحد استغناء بما يلحق الكاف، ولو لحق التاء علامة الفروع لاجتمع علامتان للخطاب مما كان يلحق التاء، ومما كان يلحق الكاف فلما كان ذلك يؤدى إلى ما لا نظير له رفض، وأجرى على ما عليه سائر كلامهم.
وقال الزجاج بعد حكايته مذهب الفراء: وهذا القول لم يقله النحويون القدماء، وهو خطأ لأن قولك: «أرأيت زيدا ما شأنه» لو تعدت الرؤية إلى الكاف وإلى زيد، لصار المعنى: أرأيت نفسك زيدا ما شأنه، وهذا محال. ثم ذكر مذهب البصريين. وقال مكى ابن أبى طالب بعد حكايته مذهب الفراء: وهذا محال لأن التاء فى الكاف فى (أرأيتكم) فكان يجب أن تظهر علامة جمع التاء، وكان يجب أن يكون فاعلان لفعل واحد، وهما لشىء واحد، ويجب أن يكون معنى قولك: أرأيتك زيدا ما صنع، أرأيت نفسك زيدا ما صنع لأن الكاف هو المخاطب، وهذا محال فى المعنى، ومتناقض فى الإعراب والمعنى لأنك تستفهم عن نفسه فى صدر السؤال ثم ترد السؤال إلى غيره فى آخره، وتخاطبه أولا، ثم تأتى بغائب آخر، أو لأنه يصير ثلاثة مفعولين ل (رأيت)، وهذا كله لا يجوز. ولو قلت: أرأيتك عالما بزيد، لكان كلاما صحيحا، وقد تعدى (رأى) إلى مفعولين. وقال أبو البقاء بعد ما حكى مذهب البصريين: والدليل على ذلك أنها أى: الكاف لو كانت اسما لكانت إما مجرورة، وهو باطل إذ لا جار هنا، وإما مرفوعة، وهو باطل أيضا لأمرين:
أحدهما: أن الكاف ليست من ضمائر الرفع.
والثانى: أنها لا رافع لها إذ ليست فاعلا لأن التاء فاعل، ولا يكون لفعل واحد فاعلان، وإما أن تكون منصوبة وذلك باطل لثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين، كقولك: أرأيت زيدا ما فعل، فلو جعلت الكاف مفعولا لكان ثالثا.
والثانى: أنه لو كان مفعولا لكان هو الفاعل فى المعنى، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض: أرأيت نفسك، بل أرأيت غيرك ولذلك قلت: أرأيتك زيدا، وزيد غير المخاطب، ولا هو بدل منه.
والثالث: أنه لو كان منصوبا على أنه مفعول، لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث فى التاء، فكنت تقول: أرأيتماكما، أرأيتموكم، أرأيتكن. ثم ذكر مذهب الفراء، ثم قال: وفيما ذكرنا إبطال لمذهبه.
وقد انتصر أبو بكر ابن الأنبارى لمذهب الفراء، بأن قال: لو كانت الكاف توكيدا لوقعت التثنية والجمع بالتاء، كما يقعان بها عند عدم الكاف فلما فتحت التاء فى خطاب الجمع، ووقع ميم الجمع لغيرها، كان ذلك دليلا على أن الكاف غير توكيد ألا ترى أن الكاف لو سقطت لم يصلح أن يقال لجماعة: أريت؟! فوضح بهذا انصراف الفعل إلى الكاف، وأنها واجبة لازمة مفتقر إليها. وهذا الذى قاله ابن الأنبارى باطل بالكاف اللاحقة لاسم الإشارة(1/640)
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {رَأى ََ كَوْكَباً} [الآية: 76]: «واستثنى
__________
فإنها يقع عليها ميم الجمع، ومع ذلك هى حرف. وقال الفراء: موضع الكاف نصب، وتأويلها رفع لأن الفعل يتحول عن التاء إليها، وهى بمنزلة الكاف فى (دونك) إذا أغرى بها، كما تقول: دونك زيدا، فتجد الكاف فى اللفظ خفضا، وفى المعنى رفعا لأنها مأمورة فكذلك هذه الكاف موضعها نصب، وتأويلها رفع.
قلت: وهذه الشبهة باطلة بما تقدم، والخلاف فى: دونك، وإليك، وبابهما مشهور.
وقال الفراء أيضا كلاما حسنا رأيت أن أذكره فإنه متين نافع، قال: للعرب فى (أرأيت) لغتان، ومعنيان:
أحدهما: رؤية العين، فإذا أردت هذا عديت الرؤية بالضمير إلى المخاطب، ويتصرف تصرف سائر الأفعال، تقول للرجل: أرأيتك على غير هذه الحال؟ تريد: هل رأيت نفسك، ثم تثنى وتجمع، فتقول: أرأيتكما، أرأيتكم، أرأيتكن.
والمعنى الآخر: أن تقول: أرأيتك، وأنت تريد معنى: أخبرنى، كقولك: أرأيتك إن فعلت كذا ماذا تفعل؟ أى: أخبرنى، وتترك التاء إذا أردت هذا المعنى موحدة على كل حال، تقول: أرأيتكما، أرأيتكم، أرأيتكن، وإنما تركت العرب التاء واحدة لأنهم لم يريدوا أن يكون الفعل واقعا من المخاطب على نفسه فاكتفوا من علامة المخاطب بذكره فى الكاف، وتركوا التاء على التذكير والتوحيد، إذا لم يكن الفعل واقعا.
قال: والرؤية من الأفعال الناقصة التى يعدّيها المخاطب إلى نفسه بالمكنى مثل:
ظننتنى، ورأيتنى، ولا يقولون ذلك فى الأفعال التامة، لا يقولون للرجل: قتلتك، بمعنى: قتلت نفسك، ولا أحسنت إليك، كما يقولون: متى تظنك خارجا، وذلك أنهم أرادوا الفصل بين الفعل الذى قد يلغى، وبين الفعل الذى لا يجوز إلغاؤه ألا ترى أنك تقول: أنا أظن خارج، فتخلى (أظن)، وقال الله تعالى: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ََ}
[العلق: 7] ولم يقل: رأى نفسه، وقد جاء فى ضرورة الشعر إجراء الأفعال التامة مجرى النواقص، قال جران العود:
لقد كان لى عن ضرتين عدمتنى ... وعما ألاقى منهما متزحزح
والعرب تقول: عدمتنى، ووجدتنى، وفقدتنى، وليس بوجه الكلام انتهى.
واعلم أن الناس اختلفوا فى الجملة الاستفهامية الواقعة بعد المنصوب ب (أرأيتك) نحو:
أرأيتك زيدا ما صنع، فالجمهور على أن (زيدا) مفعول أول، والجملة بعده فى محل نصب سادة مسد المفعول الثانى. وقد تقدم أنه لا يجوز التعليق فى هذه، وإن جاز فى غيرها، من أخواتها، نحو: علمت زيدا أبو من هو.
وقال ابن كيسان: إن الجملة الاستفهامية فى: أرأيتك زيدا ما صنع، بدل من (أرأيتك).
وقال الأخفش: إنه لا بد بعد (أرأيت) التى بمعنى: أخبرنى، من الاسم المستخبر عنه، ويلزم الجملة التى بعده الاستفهام لأن «أخبرنى» موافق لمعنى الاستفهام، وزعم أيضا أنها تخرج عن بابها فتكون بمعنى: أما أو تنبه، وحينئذ لا يكون لها مفعولان، ولا مفعول واحد، وجعل من ذلك: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنََا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}
[الكهف: 63]، وهذا ينبغى ألا يجوز لأنه إخراج للفظة عن موضوعها من غير داع إلى ذلك. ينظر: الدر المصون (3/ 5855).(1/641)
النقاش» إلى آخره.
هذا الاستثناء لم يذكره الشيخ ولا الإمام».
قال الحافظ رحمه الله: «وقد روى عن أبى شعيب مثل حمزة».
يعنى إمالة فتحة الراء والهمزة، ولم يذكر الشيخ والإمام هذه الرواية عن أبى شعيب.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {رَأَى الْقَمَرَ} [الآية: 77]: «وقد روى خلف عن يحيى» إلى قوله: «وكلّ صحيح معمول به».
لم يذكر الشيخ والإمام شيئا من هذا كله.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة: {أَتُحََاجُّونِّي} [80]: «بخلاف عن هشام»، وذكر فى «المفردات» أنه قرأ بالتشديد على فارس، وبالتخفيف على أبى الحسن، وقال: «وبه آخذ».
ولم يذكر الشيخ والإمام التشديد هنا عن هشام، والله القدوس السلام هو الحكيم العلام.
سورة الأعراف
قال الحافظ رحمه الله «قنبل: {قََالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ} (1) [الآية: 123] يبدل
__________
(1) اختلف القراء فى هذا الحرف هنا، وفى «طه»، وفى الشعراء: فبعضهم جرى على منوال واحد، وبعضهم قرأ فى موضع بشيء لم يقرأ به فى غيره. فأقول: إن القراء فى ذلك على أربع مراتب:
الأولى: قراءة الأخوين وأبى بكر عن عاصم، وهى بتحقيق الهمزتين فى السور الثلاث من غير إدخال ألف بينهما، وهو استفهام إنكار، وأما الألف الثالثة فالكل يقرءونها كذلك لأنها هى فاء الكلمة، أبدلت لسكونها بعد همزة مفتوحة وذلك أن أصل هذه الكلمة:
أأأمنتم، بثلاث همزات: الأولى للاستفهام، والثانية همزة «أفعل»، والثالثة فاء الكلمة، فالثالثة يجب قلبها ألفا لما عرفته أول هذا الموضوع، وأما الأولى فمخففة ليس إلا، وأما الثانية فهى التى فيها الخلاف بالنسبة إلى التحقيق والتسهيل.
الثانية: قراءة حفص، وهى: (آمنتم) بهمزة واحدة، بعدها الألف المشار إليها فى جميع القرآن. وهذه القراءة تحتمل الخبر المحض المتضمن للتوبيخ، وتحتمل الاستفهام المشار إليه، ولكنه حذف لفهم المعنى، ولقراءة الباقين.
الثالثة: قراءة نافع وأبى عمرو وابن عامر والبزى عن ابن كثير، وهى تحقيق الأولى، وتسهيل الثانية بين بين والألف المذكورة، وهو استفهام إنكار، كما تقدم.
الرابعة: قراءة قنبل عن ابن كثير، وهى التفرقة بين السور الثلاث، وذلك أنه قرأ فى هذه(1/642)
فى حال الوصل من همزة الاستفهام واوا مفتوحة».
إنما فعل هذا من أجل ضمة النون، وهكذا هو أصل التسهيل فى الهمزة المفتوحة بعد الضمة.
وقوله: «ويمد بعدها مدة فى تقدير ألفين».
يعنى أنه يلفظ بعد الواو بهمزة ملينة، وبعد الهمزة الملينة ألف ساكنة، فسمى مجموع الحرفين مدة على ما تقدم فى (هأنتم)، وكذا قوله: «والباقون على الاستفهام بهمزة ومدة مطولة بعدها فى تقدير ألفين» يعنى بالباقين: نافعا والبزى وأبا عمرو وابن عامر، كلهم حققوا همزة الاستفهام وسهلوا الهمزة التى بعدها وأثبتوا الألف ساكنة بعد الهمزة الملينة، فعبر عن الهمزة الملينة والألف بمدة فى تقدير ألفين.
وقوله: «ولم يدخل أحد منهم ألفا بين الهمزة المحققة والملينة».
يعنى: لم يدخل قالون وأبو عمرو وهشام بين همزة الاستفهام والهمزة المسهلة ألفا فى هذه المواضع، يعنى هنا وفى «طه» وفى الشعراء، بخلاف ما فعلوا فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} لأنهم أرادوا فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ} بإدخال الألف بين الهمزة المحققة والملينة: أن يزيلوا ثقل اجتماع الهمزتين وإن كانت إحداهما مسهلة، وامتنعوا هنا من ذلك لما عرض لهم من ثبوت الألف بعد الهمزة الملينة، فلو أدخلوا ألفا لوقعت الهمزة الملينة بين ألفين ساكنتين وهى مشبهة للألف فكأن ذلك يشبه اجتماع ثلاث ألفات بعد الهمزة المحققة، وذلك يشبه اجتماع أربع ألفات، والله جل ذكره وعز أمره أعلم وأحكم.
__________
السورة حال الابتداء ب (أآمنتم) بهمزتين، أولاهما محققة، والثانية مسهلة بين بين، وألف بعدها، كقراءة رفيقه البزى. وحال الوصل يقرأ: (قال فرعون وآمنتم) بإبدال الأولى واوا، وتسهيل الثانية بين بين وألف بعدها وذلك أن الهمزة إذا كانت مفتوحة بعد ضمة جاز إبدالها واوا، سواء كانت الضمة والهمزة فى كلمة واحدة، نحو: جؤن و (يؤاخذكم) و (مؤجلا)، أم فى كلمتين، كهذه الآية، وقد فعل مثل ذلك أيضا فى سورة الملك فى قوله: {إِلَيْهِ النُّشُورُ} و {أَأَمِنْتُمْ} [الملك: 15، 16]، فأبدل الهمزة الأولى واوا لانضمام ما قبلها حال الوصل. وأما فى الابتداء فيخففها لزوال الموجب لقلبها، إلا أنه ليس فى سورة الملك ثلاث همزات.
ينظر الدر المصون (3/ 324323).(1/643)
سورة براءة
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {أَئِمَّةَ} [الآية: 12]: «وأدخل هشام من قراءتى على أبى الفتح بينهما ألفا (1)».
__________
(1) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: (أئمة) بهمزتين ثانيتهما مسهلة بين بين ولا ألف بينهما.
والكوفيون وابن ذكوان عن ابن عامر بتخفيفهما من غير إدخال ألف بينهما، وهشام كذلك إلا أنه أدخل بينهما ألفا. هذا هو المشهور بين القراء السبعة، ونقل الشيخ عن نافع ومن معه، أنهم يبدلون الثانية ياء صريحة، وأنه قد نقل عن نافع المد بينهما، أى: بين الهمزة والياء.
فأما قراءة التحقيق وبين بين، فقد ضعفها جماعة من النحويين كأبى على الفارسى وتابعيه، ومن القراء أيضا من ضعف التحقيق مع روايته له، وقراءته به لأصحابه. ومنهم من أنكر التسهيل بين بين فلم يقرأ به لأصحاب التخفيف، وقرءوا بياء خفيفة الكسر، نصوا على ذلك فى كتبهم.
وأما القراءة بالياء فهى التى ارتضاها الفارسى وهؤلاء الجماعة لأن النطق بالهمزتين فى كلمة واحدة ثقيل، وهمزة بين بين بزنة المخففة. والزمخشرى جعل القراءة بصريح الياء لحنا، وتحقيق الهمزتين غير مقبول عند البصريين، قال: (فإن قلت: كيف لفظ (أئمة)؟، قلت: بهمزة بعدها همزة بين بين، أى: بين مخرج الهمزة والياء، وتحقيق الهمزتين قراءة مشهورة، وإن لم تكن مقبولة عند البصريين. وأما التصريح بالياء فلا يجوز أن تكون، ومن قرأ بها فهو لاحن محرف) قال الشيخ: (وذلك دأبه فى تلحين المقرئين، وكيف تكون لحنا، وقد قرأ بها رأس النحاة البصريين: أبو عمرو بن العلاء، وقارئ أهل مكة ابن كثير، وقارئ أهل المدينة نافع؟!).
قلت: لا ينقم على الزمخشرى شىء فإنه إنما قال: إنها غير مقبولة عند البصريين، ولا يلزم من ذلك أنه لا يقبلها، غاية ما فى الباب أنه نقل على غيره. وأما التصريح بالياء، فإنه معذور فيه لأنه كما قدمت لك إنما اشتهر بين القراء التسهيل بين بين لا الإبدال المحض، حتى إن الشاطبى جعل ذلك مذهبا للنحويين لا للقراء، فالزمخشرى إنما اختار مذهب القراء لا مذهب النحاة فى هذه اللفظة.
وقد رد أبو البقاء قراءة التسهيل بين بين، فقال: (ولا يجوز هنا أن تجعل بين بين، كما جعلت همزة (أئذا) لأن الكسرة هنا منقولة وهناك أصلية، ولو خففت الهمزة الثانية هنا على القياس لقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها، ولكن ترك ذلك لتتحرك بحركة الميم فى الأصل). قلت: قوله: (منقولة) لا يفيد لأن النقل هنا لازم، فهو كالأصل. وقوله:
(ولو خففت على القياس إلى آخره) لا يفيد أيضا لأن الاعتبار بالإدغام سابق على الاعتبار بتخفيف الهمزة. ولذلك موضع يضيق هذا الموضع عنه.
ووزن أئمة: أفعلة لأنها جمع «إمام»، كحمار وأحمرة، والأصل: أأممة، فالتقى ميمان، فأريد إدغامهما، فنقلت حركة الميم الأولى للساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية فأدى ذلك إلى اجتماع همزتين ثانيتهما مكسورة: فالنحويون البصريون يوجبون إبدال الثانية ياء، وغيرهم يحقق أو يسهل بين بين. ومن أدخل الألف فللخفة حتى يفرق بين الهمزتين، والأحسن حينئذ أن يكون ذلك فى التحقيق كما قرأ هشام. وأما ما رواه(1/644)
هذه قراءة الحافظ على شيخه أبى الفتح فارس بن أحمد عن قراءته على عبد الباقى بن الحسن، وذكر فى المفردات فى باب الهمزتين أنه قرأ على شيخه أبى الحسن، وعلى أبى الفتح أيضا عن قراءته على عبد الله بن الحسين (1) البغدادى بغير ألف.
ولم يذكر الشيخ والإمام عن هشام إدخال الألف فى {أَئِمَّةَ} ولا فى باب الهمزتين إلا فى المواضع السبعة خاصة، على ما تقدم.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] عاصم والكسائى: (عزيز) [30] بالتنوين وكسره».
وجه هذه القراءة أن يكون (عزيز) مبتدأ و (ابن) خبره، ثم كسر التنوين لالتقاء الساكنين وهما التنوين والباء.
وقوله: «ولا يجوز ضمه فى مذهب الكسائى لأن ضمة التنوين (2) ضمة إعراب فهى غير لازمة لانتقالها».
إنما اعتذر عن مذهب الكسائى فى منع تحريك التنوين بالضم لأن الكسائى يضم التنوين إذا لقيه ساكن وكان بعد ذلك الساكن ضمة لازمة كقوله تعالى: {بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا} [الأعراف: 49] و {مُبِينٍ اقْتُلُوا} [يوسف: 98] و {خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ}
[إبراهيم: 26] فيحرك التنوين بالضم اتباعا للضمة التى بعده، وكذلك يفعل متى عرض له التقاء الساكنين من كلمتين، وكان بعد الثانى ضمة (3) لازمة نحو: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ} [الأنعام: 10]، {وَقََالَتِ اخْرُجْ} [يوسف: 31]، فلما تقرر هذا من مذهبه قدر الحافظ أن يقال: وما منعه من ضم التنوين هنا، وقد وقع بعد الباء الساكنة حرف مضموم وهو النون؟ فقال: «لأن ضمة النون عارضة لكونها للإعراب، وليست بلازمة، بخلاف ضمة الخاء فى قوله تعالى {بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا}، والتاء فى قوله تعالى: {خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ}، فلم يجعل الكسائى الحركة التى تعرض للإعراب كالحركة
__________
الشيخ عن نافع من المد مع نقله عنه أنه يصرح بالياء فللمبالغة فى الخفة.
ينظر: الدر المصون (451450).
(1) فى أ: الحسن. والمثبت كما فى النهاية.
(2) فى ب: النون.
(3) زاد فى أ: غير.(1/645)
اللازمة فى بنية الكلمة فلذلك كسر هنا على رعى التقاء الساكنين ولم يضم».
وإنما خص الحافظ هذا الاعتذار بقراءة الكسائى دون قراءة عاصم لأن مذهب عاصم الكسر فى جميع ما ذكر، سواء كانت الضمة بعد الساكن لازمة أو عارضة، إنما يحرك أبدا فى مثل هذا بالكسر على رعى أصل التقاء الساكنين.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {هََارٍ} [109] «والنقاش عن الأخفش بالفتح».
هذا التقييد يقتضى إثبات الإمالة أيضا عن ابن ذكوان.
وقال فى «المفردات»: «واتفق قالون وابن ذكوان على إمالة فتحة الهاء فى قوله عز وجل فى التوبة: {هََارٍ}، على أن الفارسى أقرأنى ذلك عن قراءته على النقاش عن الأخفش بإخلاص الفتح، [والذى] (1) نص عليه الأخفش فى كتابه الإمالة اليسيرة». انتهى.
ولم يذكر الشيخ والإمام هنا عن ابن ذكوان إلا الإمالة خاصة، والله عز وعلا وتبارك أعلم.
سورة يونس
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (ولا أدريكم به) (2) [الآية: 16]:
__________
(1) سقط فى أ.
(2) وقرأ ابن كثير عن البزى: (ولأدراكم) بلام داخلة على (أدراكم) مثبتا، والمعنى: ولأعلمكم به من غير وساطتى إما بواسطة ملك أو رسول غيرى من البشر، ولكنه خصنى بهذه الفضيلة، وقراءة الجمهور (لا) فيها مؤكدة لأن المعطوف على المنفى منفى، وليست (لا) هذه هى التى ينفى بها الفعل لأنه لا يصح نفى الفعل بها إذا وقع جوابا، والمعطوف على الجواب جواب، ولو قلت: لو كان كذا لا كان كذا، لم يجز، تقول: ما كان كذا، وقرأ ابن عباس، والحسن، وابن سيرين، وأبو رجاء: (ولا أدرأكم) بهمزة ساكنة بعد الراء، وفى هذه القراءة تخريجان:
أحدهما: أنها مبدلة من ألف، والألف منقلبة عن ياء لانفتاح ما قبلها، وهى لغة لعقيل، حكاها قطرب، يقولون فى «أعطيتك»: «أعطاتك»، وقال أبو حاتم: قلب الحسن الياء ألفا كما فى لغة بنى الحرث، يقولون: علاك وإلاك، ثم همز على لغة من قال فى العالم: العألم. وقيل: بل أبدلت الهمزة من نفس الياء (لبّأت بالحج)، و (رثأت فلانا) أى: لبّيت ورثيت.
والثانى: أن الهمزة أصلية وأن اشتقاقه من الدرء وهو الدفع، كقوله: (ويدرأ عنها العذاب) [النور: 8] ويقال: (أدرأته)، أى: جعلته داريا، والمعنى: ولأجعلنكم بتلاوته(1/646)
«وكذلك روى النقاش عن أبى ربيعة عن البزى».
يعنى حذف الألف، وهذا التقييد يقتضى أنه قرأ أيضا من غير هذا الطريق بإثبات الألف، وقد نص على ذلك فى «المفردات»، وذكر أنه قرأ بالقصر على الفارسى، ولم يذكر الشيخ والإمام فى: (أدريكم) عن البزى إلا بإثبات الألف، وكذلك ذكر الحافظ فى «التيسير»: الفتح فى (أدريكم) و {أَدْرََاكَ} [الآية: 3] عن النقاش عن الأخفش، يعنى عن ابن ذكوان، وهذا التقييد يقتضى أيضا ثبوت الإمالة عن ابن ذكوان، ولم يذكر الشيخ والإمام عنه إلا الإمالة.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {لََا يَهِدِّي} [35]: «عن قالون وأبى عمرو إلا أنهما يخفيان حركة الهاء».
كذا قال الشيخ والإمام.
وقوله: «والنص عن قالون: الإسكان».
ذكر الإمام أنه قرأ به، وحكاه الشيخ وقال: «وليس بشيء».
يريد: لما فيه من التقاء الساكنين.
وقوله: «وقال اليزيدى عن أبى عمرو: وكان يشم الهاء شيئا من الفتح».
هذا القول موافق لما تقدم من القول بالإخفاء، وقد تقدم أن معنى إخفاء الحركة النطق ببعضها.
وقال الشيخ: «وقيل عن أبى عمرو: إنه كان يختلس الحركة».
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (آلن) [الآيتان: 51، 91]: «وكلهم سهل همزة الوصل التى بعد همزة الاستفهام فى ذلك وشبهه».
اعلم أن جملة ما فى القرآن منه سبعة مواضع، منها: «{قُلْ آلذَّكَرَيْنِ} فى
__________
خصما تدرءوننى بالجدال. وقال أبو البقاء: وقيل هو غلط لأن قارئها ظن أنها من الدرء، وهو الدفع. وقيل: ليس بغلط، والمعنى: لو شاء الله لدفعكم عن الإيمان به.
وقرأ شهر بن حوشب والأعمش: ولا أنذرتكم من الإنذار، وكذلك هى فى حرف عبد الله. والضمير فى (قبله) عائد على القرآن، وقيل: على النزول، وقيل: على وقت النزول. و (عمرا) مشبه بظرف الزمان فانتصب انتصابه، أى: مدة متطاولة، وقيل: هو على حذف مضاف، أى: مقدار عمر. وقرأ الأعمش: (عمرا) بسكون الميم، كقولهم:
(عضدا) فى (عضد).
ينظر: الدر المصون (4/ 14).(1/647)
موضعين من الأنعام [الآيتان: 143، 144]، و (آلن) فى الموضعين، وكذلك {قُلْ آللََّهُ أَذِنَ لَكُمْ} فى هذه السورة [الآية: 59]، و {آللََّهُ خَيْرٌ} فى النمل [الآية: 59]، والموضع السابع (آلسحر إن الله سيبطله) فى هذه السورة [الآية:
81] على قراءة أبى عمرو.
وقوله: «ولم يحققها أحد منهم ولا فصل بينها وبين التى قبلها بالألف لضعفها، ولأن البدل فى قول أكثر القراء والنحويين يلزمها».
اعلم أن همزة الوصل أبدا تسقط فى الدرج إلا إذا كانت لام التعريف، ودخل عليها همزة الاستفهام فإنها إذ ذاك لو أسقطت، ولم يبق فى مكانها ما يدل عليها للزم عند الابتداء اختلاط لفظ الاستفهام بلفظ الخبر إذ كان يتوهم فى همزة الاستفهام أنها همزة الوصل، فأرادوا أن يبقوا علامة تدل على أن الهمزة للاستفهام فجعلوا مكان همزة الوصل ألفا ساكنة بين همزة الاستفهام ولام التعريف، فهذا معنى قوله: «لأن البدل يلزمها» يريد بدل الألف منها، وإنما قال: «فى قول أكثر القراء والنحويين» لأن منهم من لا يبدل منها الألف، ولكن يجعلها مسهلة بين بين، كما يفعل بهمزة القطع إذا دخلت عليها همزة الاستفهام. وقد ذكر المذهبين فى غير هذا الكتاب، وزعم أن جعلها بين بين هو القياس، وأنشد: [من الوافر] أألخير الذى أنا أبتغيه ... أم الشر الذى هو يبتغينى (1)
والشاهد فيه: أن وزن البيت لا يحصل إلا إذا جعلت مكان همزة الوصل فى قوله: «أألخير» همزة مسهلة، إلا أن البدل أكثر استعمالا، لكن من أخذ بالبدل فلا بد له من إشباع المد فى هذا الألف من أجل لقيها للساكن بعدها وهو لام التعريف، وإلى هذين المذهبين أشار ابن فيرة رحمه الله حيث قال: [من الطويل] وإن همز وصل بين لام مسكن ... وهمزة الاستفهام فامدده مبدلا
__________
(1) البيت للمثقب العبدى فى ديوانه ص (213)، وخزانة الأدب (6/ 37، 11/ 180) وشرح اختيارات المفضل ص (1267)، وشرح شواهد الشافية ص (188)، وشرح شواهد المغنى (1/ 192)، والشعر والشعراء (1/ 403)، ولسان العرب (12/ 37) (أنم)، وله أو لسحيم بن وثيل أو لأبى زبيد فى المقاصد النحوية (1/ 192).
والشاهد فيه قوله: (أألخير) حيث جاءت الهمزة الثانية بين بين لثقل تحقيق همزتين مجتمعتين فى كلمة.(1/648)
فللكل ذا أولى ويقصره الذى ... يسهل عن كل ك «آلآن» مثّلا
وقد تقدم فى باب المد أن الألف الثانية التى بعد اللام فى (آلئن) مقصورة غير مطولة، وإنما اختص لزوم اختلاط لفظ الاستفهام بلفظ الخبر بالابتداء دون الوصل لأن همزة الوصل لا تثبت فى الوصل، فكان يقع الفرق فى الوصل بين الاستفهام والخبر بثبوت همزة الاستفهام وسقوط همزة الوصل، لكن حملوا الوصل على الابتداء [فأثبتوا] (1) بدلا من همزة الوصل التى مع لام التعريف بعد همزة الاستفهام فى الوصل كما أثبتوه فى الابتداء ليكون العمل واحدا، أما همزة الوصل التى لا تكون مع لام التعريف فلا يعوض منها شىء عند دخول همزة الاستفهام عليها لعدم الاختلاط: فإن همزة الاستفهام مفتوحة وهمزة الوصل إذ ذاك مكسورة كقوله تعالى فى البقرة: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللََّهِ عَهْداً} [الآية: 80] وفى سورة مريم عليها السلام:
{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ} [الآية: 78] وفى سبأ: {أَفْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ كَذِباً} [الآية: 8]، وفى الصافات: {أَصْطَفَى الْبَنََاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الآية: 153] وفى «ص»: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعََالِينَ} وفى «المنافقين»: {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [الآية: 6].
الهمزة فى جميع ذلك مفتوحة على قراءة الجماعة لأنها همزة الاستفهام، وكذلك: {أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا} فى «ص» [آية: 63] أيضا الهمزة مفتوحة على قراءة الحرميين وابن عامر وعاصم لأنها للاستفهام، وأما على قراءة أبى عمرو وحمزة والكسائى فهى مكسورة على الخبر، والله سبحانه وله الحمد أعلم وأحكم.
سورة هود عليه السلام
قال الحافظ رحمه الله: «حفص وحمزة: (ألا إنّ ثمودا) هنا [الآية: 68] وفى الفرقان [38] والعنكبوت [38] بفتح الدال من غير تنوين، ووقفا بغير ألف، والباقون بالتنوين ووقفوا بالألف عوضا منه».
ذكر الحافظ فى «التحبير» أن «ثمود» فى هذه المواضع كلها مرسوم بالألف فى جميع المصاحف (2)، وكذلك الحرف الذى فى سورة النجم فيكون وقف حفص
__________
(1) سقط فى أ.
(2) قرأ حمزة وحفص هنا وفى الفرقان: {وَعََاداً وَثَمُودَ}، وفى العنكبوت: (وعادا وثمودا وقد تبين لكم) [38]، وفى النجم: {وَثَمُودَ فَمََا أَبْقى ََ} [51] جميع ذلك بمنع الصرف، وافقهم أبو بكر على الذى فى النجم. وقوله: (ألا بعدا لثمود) منعه القراء الصرف إلا(1/649)
وحمزة فيها بغير ألف مخالفا لخط المصحف، وهذه المسألة من بقايا باب الوقف على مرسوم الخط، كما وقع التنبيه عليه هناك فى آخر الباب، والله تبارك اسمه وتعالى جده أعلم وأحكم.
سورة يوسف عليه السلام
قال الحافظ رحمه الله: «وكلهم قرأ: {مََا لَكَ لََا تَأْمَنََّا} [الآية: 11] بإدغام النون الأولى فى الثانية» إلى آخره (1).
هذا كلام يشكل على المبتدئ، فإنه نص أولا على الإدغام، ونص آخرا على أنه ليس بإدغام صحيح.
__________
الكسائى فإنه صرفه، وقد تقدم أن من منع جعله اسما للقبيلة، ومن صرف جعله اسما للحى، وأنشد على المنع:
ونادى صالح يا رب فاترك ... بآل ثمود منك غدا عذابا
وأنشد على الصرف:
دعت أم عمرو أمر شر علمته ... بأرض ثمود كلها فأجابها
ينظر الدر المصون (4/ 112111).
(1) وقرأ العامة (تأمنا) بالإخفاء، وهو عبارة عن تضعيف الصوت بالحركة، والفصل بين النونين، إلا أن النون تكون رأسا فيكون ذلك إخفاء لا إدغاما. قال الدانى: (وهو قول عامة أئمتنا، وهو الصواب لتأكيد دلالته وصحته فى القياس). وقرأ بعضهم ذلك بالإشمام، وهو عبارة: عن ضم الشفتين إلى حركة الفعل مع الإدغام الصريح، كما يشير إليها الواقف.
وفيه عسر كبير، فقالوا: وتكون الإشارة إلى الضمة بعد الإدغام أو قبل كماله، والإشمام يقع بإزاء معان هذا من جملتها، ومنها: إشراف الكسرة شيئا من الضم نحو: (قيل، وغيض) وبابه. ومنها: إشمام أحد حرفين شيئا من الآخر كإشمام الصاد زاء فى (الصراط) (ومن أصدق) وبابهما، فهذا خلط حرف بحرف، كما أن ما قبله خلط حركة بحركة. ومنها:
الإشارة إلى الضمة فى الوقف خاصة، وإنما يراه البصير دون الأعمى. وقرأ أبو جعفر بالإدغام الصريح من غير إشمام، وقرأ الحسن ذلك بالإظهار مبالغة فى بيان إعراب الفعل، وللمحافظة على حركة الإعراب اتفق الجمهور على الإخفاء أو الإشمام كما تقدم تحقيقه.
وقرأ ابن هرمز: (لا تأمنا) بضم الميم [و] نقل حركة النون الأولى عند إرادة إدغامها بعد سلب الميم حركتها، وخط المصحف بنون واحدة، ففي قراءة الحسن مخالفة لها. وقرأ أبو رزين وابن وثاب (لا تيمنّا) بكسر حرف المضارعة، إلا أن ابن وثاب سهل الهمزة.
قال الشيخ: ومجيئه بعد (ما لك) والمعنى يرشد إلى أنه نفى لا نهى، وليس كقولهم: ما أحسننا، فى التعجب لأنه لو أدغم لالتبس التعجب بالنفى.
قلت: وما أبعد هذا عن توهم النهى حتى ينص عليه. وقوله: لالتبس بالنفى، صحيح.
ينظر الدر المصون (4/ 159158).(1/650)
فاعلم أن أصل هذه الكلمة «تأمننا» بنونين: الأولى لام الفعل، وحقها أن تكون محركة بالضم، والثانية ضمير المتكلم عن نفسه وغيره، إلا أنها كتبت فى المصحف بنون واحدة، وأطلق القراء على هذه الكلمة أنها تقرأ بالإدغام، ثم اختلفوا فى تفسير ذلك:
فمنهم من التزم فيها بالإدغام الصحيح فينطق بعد الميم بنون واحدة مشددة، إلا أنه عند فراغه من النطق بالميم وتوجهه إلى النطق بتلك النون يضم شفتيه، يشير بذلك إلى الضمة التى تستحق النون الأولى قبل الإدغام، ثم يتبع هذه الإشارة بالنطق بالنون مشددة مفتوحة فتسمى تلك الإشارة إشماما.
ومنهم من حمل التعبير بالإدغام على المسامحة فيلفظ بعد الميم بنونين على الأصل: يحرك الأولى بضمة خفية ويبقى الثانية على فتحها، ويكون ذلك المقدار الذى حصل فى النون الأولى من لفظ الضمة مانعا من حقيقة الإدغام وموجبا للتفكيك، إلا أنه لما كانت تلك الحركة خفية راجعة إلى باب الروم الذى هو النطق ببعض الحركة ولم تكن متممة، حصل بذلك إخفاء النون الأولى فأشبه الإدغام فسماه إدغاما بهذا القدر على المجاز والمسامحة، وعلى هذا التفسير الثانى يتخرج كلام الحافظ هنا ويندفع الإشكال، وقد بسط الحافظ المذهبين فى «إيجاز البيان» وغيره من كتبه، ورجح مذهب القائلين بالإخفاء، كما فعل فى «التيسير».
وأما الشيخ والإمام فأخذا بالقول الآخر فجعلاه إدغاما صحيحا، وتكون الإشارة على قولهما إشماما لا روما لأنها لا تقتضى تفكيك النون الأولى من الثانية، وإن كان لها مع ذلك أثر فى السمع، فتأمله.
وقد بسط الشيخ القول فى هذه المسألة فى كتاب «التنبيه» فانظره فيه.
وقول الحافظ: «وحقيقة الإشمام فى ذلك: أن يشار بالحركة إلى النون».
يريد: يلفظ ببعض الحركة فى النون الأولى، وسماه إشارة لأنها حركة غير متممة، وقد مر من كلامه فى باب الوقف وفى باب الإدغام الكبير أنه يسمى كل واحد من الروم والإشمام: إشارة.
وقوله: «لا بالعضو إليها».
يعنى أن هذه الإشارة تكون بمجرد الشفتين من غير أن يحصل فى النطق شىء من لفظ الحركة لأنه لو كان كذلك للزم الإدغام الصحيح، بل لا بد من النطق بالحركة
الضعيفة، وأنت تعلم أنه لا بد عند النطق بتلك الحركة الضعيفة من حصول تكيف الشفتين بصورة الإشارة، وإذا كان كذلك لزم أنه لم يرد بقوله: «لا بالعضو إليها» نفى حصول تكيف الشفتين، وإنما أراد نفى الاقتصار على مجرد ذلك التكيف، وكان ينبغى للحافظ أن يسمى ذلك النطق روما، وأن يقول: وحقيقة الروم، بدل قوله «وحقيقة الإشمام».(1/651)
يعنى أن هذه الإشارة تكون بمجرد الشفتين من غير أن يحصل فى النطق شىء من لفظ الحركة لأنه لو كان كذلك للزم الإدغام الصحيح، بل لا بد من النطق بالحركة
الضعيفة، وأنت تعلم أنه لا بد عند النطق بتلك الحركة الضعيفة من حصول تكيف الشفتين بصورة الإشارة، وإذا كان كذلك لزم أنه لم يرد بقوله: «لا بالعضو إليها» نفى حصول تكيف الشفتين، وإنما أراد نفى الاقتصار على مجرد ذلك التكيف، وكان ينبغى للحافظ أن يسمى ذلك النطق روما، وأن يقول: وحقيقة الروم، بدل قوله «وحقيقة الإشمام».
وقوله: «فيكون ذلك إخفاء» يجوز رفع النون من «يكون» على القطع، ويجوز نصبه بالعطف على «يشار»، ولا يجوز نصبه على تقدير كون الفاء جوابا للنفى فى قوله: «لا بالعضو»، وباقى كلامه بيّن بحول الله تبارك وتعالى.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (يا بشراى) (1) [19]: «وبذلك يأخذ عامة أهل الأداء فى مذهب أبى عمرو» إلى آخره.
إنما قال هذا لأنه قد روى عن أبى عمرو خلافه.
قال الشيخ رحمه الله: «وقد ذكر عن أبى عمرو مثل ورش» يعنى بين اللفظين، ثم قال: «[والفتح] (2) أشهر».
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {هَيْتَ لَكَ} (3) [23]: «وقد روى عنه ضم التاء».
__________
(1) قرأ الكوفيون بحذف ياء الإضافة، وأمال ألف «فعلى» الأخوان، وأمالها ورش بين بين، وعن أبى عمرو الوجهان، ولكن الأشهر عنه عدم الإمالة. وليس ذلك على أصله على ما قرر فى علم القراءات. وقرأ الباقون: (يا بشراى) [يوسف: 19] مضاف لياء المتكلم، ونداء البشرى على حد قوله: {يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ} [الزمر: 57] {يََا حَسْرَةً عَلَى الْعِبََادِ}
[يس: 30] كأنه يقول: يا بشرى هذا وقت أوان أن ينادى ويصاح بك. ومن زعم أن (بشرى) اسم رجل كالسدى، فقد أبعد. وقرأ ورش عن نافع (يا بشراى) بسكون الياء، وهو جمع بين ساكنين فى الوصل، وقال الزمخشرى (وليس بالوجه لما فيه من التقاء السّاكنين على غير حده، إلا أن يقصد الوقف). وقرأ الجحدرى وابن أبى إسحاق والحسن: (يا بشرىّ) وإدغامها فى ياء الإضافة، وهى لغة هذلية، وقال الزمخشرى: وفى قراءة الحسن:
(يا بشرى) بالياء مكان الألف جعلت الياء بمنزلة الكسرة قبل ياء الإضافة، وهى لغة للعرب مشهورة، سمعت أهل السروات فى دعائهم، يقولون: يا سيدى ومولى).
ينظر الدر المصون (4/ 165).
(2) سقط فى أ.
(3) اختلف أهل النحو فى هذه اللفظة، هل هى عربية أم معرّبة؟ فقيل: معربة من القبطية، بمعنى: هلم لك، قاله السدى. وقيل: من السريانية، قاله ابن عباس والحسن. وقيل: من(1/652)
__________
العبرانية، وأصلها (هيتا لج)، أى: تعاله، فأعربه القرآن، قاله أبو زيد الأنصارى: وقيل:
هى لغة حورانية وقعت إلى أهل الحجاز، فتكلموا بها، ومعناها: (تعال)، قاله الكسائى والفراء، وهو منقول عن عكرمة والجمهور على أنها عربية. قال مجاهد: هى كلمة حث وإقبال.
ثم هى فى بعض اللغات تتعين فعليتها، وفى بعضها اسميتها، وفى بعضها يجوز الأمران، وستعرف ذلك من القراءات المذكورة فيها: فقرأ نافع وابن ذكوان (هيت) بكسر الهاء، و (ياء) ساكنة، و (تاء) مفتوحة. وقرأ: (هيت) بفتح الهاء، و (ياء) ساكنة، و (تاء) مضمومة، ابن كثير. وقرأ (هئت لك) بكسر الهاء، وهمزة ساكنة، و (تاء) مفتوحة أو مضمومة، هشام. وقرأ (هيت) بفتح الهاء، و (ياء) ساكنة، وتاء مفتوحة، الباقون. فهذه خمس لغات قراءات فى السبع، وقرأ ابن عباس وأبو الأسود والحسن وابن محيصن بفتح الهاء وياء ساكنة، وتاء مكسورة، وحكى النحاس: أنه قرئ: بكسر الهاء والياء بينهما ياء ساكنة. وقرأ ابن عباس: (هييت) بضم الهاء وكسر الياء بعدها ساكنة، ثم تاء مضمومة، بزنة «جييت». وقرأ زيد بن على، وابن أبى إسحاق بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مضمومة.
فهذه أربع فى الشاذ فصارت تسع قراءات فتعين كونها اسم فعل فى غير قراءة ابن عباس (هيت) بزنة (جيت)، وفى غير قراءة كسر الهاء، سواء كان ذلك بالياء أم بالهمزة، فمن فتح التاء بناها على الفتح، تخفيفا نحو: أين، وكيف، ومن ضمها كابن كثير فتشبيها ب (جيت)، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين ك (تختر)، وفتح الهاء وكسرها لغتان، وتتعين فعليتها فى قراءة ابن عباس: (هييت) بزنة (جييت) فإنها فيها فعلا ماضيا مبنيّا للمفعول مسندا لضمير المتكلم من (هيأت الشيء)، ويحتمل الأمرين فى قراءة من كسر الهاء وضم التاء: فيحتمل أن تكون فيه اسم فعل بنيت على الضم، ك (حيث)، وأن تكون فعلا مسندا لضمير المتكلم من: هاء الرجل يهئ، ك (جاء يجيء)، وله حينئذ معنيان:
أحدهما: أن يكون بمعنى: حسنت هيئته.
والثانى: أن يكون بمعنى: تهيأ، يقال: هيئت، أى: حسنت هيئتى، أو تهيأت. وجوز أبو البقاء أن يكون (هئت) هذه: هاء يهاء، ك (شاء، يشاء).
وقد طعن جماعة على قراءة هشام التى بالهمز وفتح التاء، فقال الفارسى: يشبه أن الهمز وفتح التاء وهم من الراوى لأن الخطاب من المرأة ليوسف، ولم يتهيأ لها بدليل قوله:
{وَرََاوَدَتْهُ} [يوسف: 23]، و {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف: 52]. وتابعه على ذلك جماعة، وقال مكى بن أبى طالب: (يجب أن يكون اللفظ: هيت لى، ولم يقرأ بذلك أحد). وأيضا فإن المعنى على خلافه لأنه لم يزل يفر منها ويتباعد عنها وهى تراوده وتطلبه وتقد قميصه، فكيف تخبر أنه تهيأ لها؟! وقد أجاب بعضهم عن هذين الإشكالين، بأن المعنى: تهيأ لى أمرك لأنها لم تكن تقدر على الخلوة به فى كل وقت، أو يكون المعنى: حسنت هيئتك، و (لك) متعلق بمحذوف على سبيل البيان، كأنها قالت: القول لك أو الخطاب لكل، كهى فى (سقيا لك ورعيا(1/653)
__________
لك).
قلت: واللام متعلقة بمحذوف على كل قراءة إلا قراءة بينت فيها كونها فعلا فإنها حينئذ تتعلق بالفعل إذ لا حاجة إلى تقدير شىء آخر. وقال أبو البقاء: (والأشبه: أن تكون الهمزة بدلا من الياء، أو تكون لغة فى الكلمة التى هى اسم للفعل، وليست فعلا) لأن ذلك يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عليه السلام وهو فاسد لوجهين:
أحدهما: أنه لم يتهيأ لها، وإنما هى تهيأت له.
والثانى: أنه قال: (لك)، ولو أراد الخطاب لقال: هيت لى.
قلت: قد تقدم جوابه، وقوله: إن الهمزة بدل من الياء، هذا عكس لغة العرب إذ قد عهدناهم يبدلون الهمزة الساكنة ياء إذا انكسر ما قبلها نحو: بير وذيب، ولا يقلبون الياء المكسورة ما قبلها همزة، نحو: ميل وديك، وأيضا فإن غيره جعل الياء الصريحة مع كسر الهاء لقراءة نافع وابن ذكوان، محتملة لأن تكون بدلا من الهمزة، قالوا: فيعود الكلام فيها كالكلام فى قراءة هشام.
واعلم أن القراءة التى استشكلها الفارسى هى المشهورة عن هشام، وأما ضم الياء فغير مشهور عنه، وهذا ما أتقنته فى شرح حرز الأمانى.
اختلف أهل النحو فى هذه اللفظة، هل هى عربية أم معربة؟ فقيل: معربة من القبطية، بمعنى: هلم لك، قاله السدى. وقيل: من السريانية، قاله ابن عباس والحسن. وقيل: من العبرانية، وأصلها (هيتالج)، أى: تعاله، فأعربه القرآن، قاله أبو زيد الأنصارى، وقيل: هى لغة حورانية وقعت إلى أهل الحجاز، فتكلموا بها، ومعناها: (تعال)، قاله الكسائى، والفراء، وهو منقول عن عكرمة والجمهور على أنها عربية.
قال مجاهد: هى كلمة حث وإقبال، ثم هى فى بعض اللغات تتعين فعليتها، وفى بعضها اسميتها، وفى بعضها يجوز الأمران، وستعرف ذلك من القراءات المذكورة فيها. فقرأ نافع وابن ذكوان (هيت) بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مفتوحة، وقرأ (هيت) بفتح الهاء، وياء ساكنة، وتاء مضمومة، ابن كثير، وقرأ (هئت لك) بكسر الهاء، وهمزة ساكنة، وتاء مفتوحة أو مضمومة، هشام، وقرأ (هيت) بفتح الهاء، وياء ساكنة، وتاء مفتوحة الباقون. فهذه خمس لغات قراءات فى السبع، وقرأ ابن عباس وأبو الأسود والحسن وابن محيصن بفتح الهاء وياء ساكنة، وتاء مكسورة، وحكى النحاس: أنه قرئ بكسر الهاء والياء بينهما ياء ساكنة. وقرأ ابن عباس (هيئت) بضم الهاء وكسر الياء بعدها ساكنة، ثم تاء مضمومة، بزنة: جييت، وقرأ زيد بن على، وابن أبى إسحاق بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مضمومة، فهذه أربع فى الشاذ، فصارت تسع قراءات فتعين كونها اسم فعل فى غير قراءة ابن عباس (هيئت بزنة جيئت) وفى غير قراءة كسر الهاء سواء كان ذلك بالياء أم بالهمزة، فمن فتح التاء بناها على الفتح، تخفيفا نحو: أين، وكيف، ومن ضمها كابن كثير فتشبيها ب (جيت)، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين ك (تختر) وفتح الهاء وكسرها لغتان، وتتعين فعليتها فى قراءة ابن عباس (هيئت) بزنة (جيئت) فإنها فيها فعل ماض مبنى للمفعول مسند لضمير المتكلم من (هيأت الشيء)، ويحتمل الأمرين فى قراءة من كسر الهاء وضم التاء، فيحتمل أن تكون فيه اسم فعل بنيت على الضم،(1/654)
يعنى: عن هشام، وذكر فى «المفردات» أنه قرأ به فى رواية إبراهيم بن (1) عباد عنه، ولم يذكر الشيخ والإمام ضم التاء عن هشام.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] أبو عمرو (حاشا لله) (2) فى الحرفين [31، 51] بألف فى الوصل، فإذا وقف حذفها».
__________
ك (حيث)، وأن يكون فعلا مسندا لضمير المتكلم من هاء الرجل يهئ، ك (جاء يجيء)، وله حينئذ معنيان:
أحدهما: أن يكون بمعنى: حسنت هيئته.
والثانى: أن يكون بمعنى: تهيأ، يقال: هيئت، أى: حسنت هيئتى أو تهيأت.
وجوز أبو البقاء أن يكون (هئت) هذه: هاء يهاء، ك (شاء، يشاء) وقد طعن جماعة على قراءة هشام التى بالهمز وفتح التاء، فقال الفارسى: يشبه أن الهمز وفتح التاء وهم من الراوى لأن الخطاب من المرأة ليوسف، ولم يتهيأ لها بدليل قوله (وراودته)، و (أنى لم أخنه بالغيب). وتابعه على ذلك جماعة، وقال مكى بن أبى طالب: (يجب أن يكون اللفظ:
هيت لى، ولم يقرأ بذلك أحد). وأيضا فإن المعنى على خلافه لأنه لم يزل يفر منها ويتباعد عنها وهى تراوده وتطلبه وتقد قميصه، فكيف تخبر أنه تهيأ لها؟ وقد أجاب بعضهم عن هذين الإشكالين، بأن المعنى. تهيأ لى أمرك لأنها لم تكن تقدر على الخلوة به فى كل وقت، أو يكون المعنى حسنت هيئتك، و (لك) متعلق بمحذوف على سبيل البيان، كأنها قالت: القول لك أو الخطاب لك كهى فى (سقيا لك ورعيا لك).
قال السمين الحلبى: واللام متعلقة بمحذوف على كل قراءة إلا قراءة بينت فيها كونها فعلا، فإنها حينئذ تتعلق بالفعل إذ لا حاجة إلى تقدير شىء آخر. وقال أبو البقاء: (والأشبه أن تكون الهمزة بدلا من الياء، أو تكون لغة فى الكلمة التى هى اسم للفعل، وليست فعلا لأن ذلك يوجب أن يكون الخطاب ليوسف عليه السلام وهو فاسد لوجهين:
أحدهما: أنه لم يتهيأ لها، وإنما هى التى تهيأت له.
والثانى: أنه قال: (لك) ولو أراد الخطاب لقال: هيت لى.
قلت: قد تقدم جوابه، وقوله: (إن الهمزة بدل من الياء) هذا عكس لغة العرب إذ قد عهدناهم يبدلون الهمزة الساكنة ياء إذا انكسر ما قبلها نحو: بير وذيب، ولا يقلبون الياء المكسور ما قبلها همزة، نحو: ميل وديك، وأيضا فإن غيره جعل الياء الصريحة مع كسر الهاء لقراءة نافع وابن ذكوان محتملة لأن تكون بدلا من الهمزة، قالوا: فيعود الكلام فيها كالكلام فى قراءة هشام، واعلم أن القراءة التى استشكلها الفارسى هى المشهورة عن هشام، وأما ضم الياء فغير مشهور عنه.
ينظر: الدر المصون (4/ 168167).
(1) فى أ: عن.
(2) حاشى: عدها النحويون من الأدوات المترددة بين الحرفية والفعلية، فإن جرت فهى حرف، وإن نصبت فهى فعل، وهى من أدوات الاستثناء، ولم يعرف سيبويه فعليتها وعرفها غيره، وحكوا عن العرب: غفر الله لى، ولمن سمع دعائى، حاشى الشيطان وابن الأصبغ.
وأنشدوا:(1/655)
__________
حشا رهط النبى فإن منهم ... بحورا لا تكدرها الدلاء
بنصب (رهط)، و (حشا) لغة فى (حاشى) كما سيأتى، وقال الزمخشرى: (حاشى) كلمة تفيد التنزيه فى باب الاستثناء، نقول: (أساء القوم حاشى زيد)، قال:
حاشى أبى ثوبان إن به ... ضنا على الملحاة والشتم
وهى حرف من حروف الجر، فوضعت موضع التنزيه والبراءة، فمعنى: (حاشى لله):
براءة الله وتنزيه الله، وهى قراءة ابن مسعود، قال الشيخ: وما ذكر أنها تفيد التنزيه والبراءة فى باب الاستثناء غير معروف عند النحويين، لا فرق بين قولك: قام القوم إلا زيدا)، وقام القوم حاشى زيد)، ولما مثل بقوله: (أساء القوم حاشى زيد)، وفهم من هذا التمثيل براءة زيد من الإساءة جعل ذلك مستفادا منها فى كل موضع، وأما ما أنشده من قوله:
حاشى أبى ثوبان
فهكذا ينشد ابن عطية، وأكثر النحاة، وهو بيت ركبوا فيه صدر بيت على عجز آخر، وهما بيتان وهما:
حاشى أبى ثوبان إن أبا ... ثوبان ليس ببكمة فدم
عمرو بن عبد الله إن به ... ضنا على الملحاة والشتم
قلت: قوله: إن المعنى الذى ذكره الزمخشرى لا يعرفه النحاة، لم ينكروه، وإنما لم يذكروه فى كتبهم لأنهم غالب فنهم فى صناعة الألفاظ دون المعانى، ولما ذكروا مع أدوات الاستثناء (ليس، ولا يكون، وغير) لم يذكروا معانيها إذ مرادهم مساواتها (إلا) فى الإخراج، وذلك لا يمنع من زيادة معنى فى تلك الأدوات، وزعم المبرد وغيره كابن عطية أنها يتعين فعليتها إذا وقع بعدها حرف جر كالآية الكريمة، قالوا: لأن حرف الجر لا يدخل على مثله إلا تأكيدا كقوله:
... ولا للما بهم أبدا دواء
وقول الآخر:
فأصبحن لا يسألنه عن بما به ...
فتعين أن يكون فعلا فاعله ضمير يوسف، أى: حاشى يوسف، و (لله) جار ومجرور، متعلق بالفعل قبله و (اللام) تفيد العلة، أى: حاشى يوسف أن يقارف ما رمته به لطاعة الله ولمكانه منه، أو لترفيع الله أن يرمى بما رمته به، أى: جانب المعصية لأجل الله. وأجاب الناس عن ذلك بأن (حاشى) فى الآية الكريمة ليست حرفا ولا فعلا، وإنما هى اسم مصدر بدل من اللفظ بفعله، كأنه قيل: تنزيها لله، وبراءة له، إنما لم ينون مراعاة لأصله الذى نقل منه، وهو الحرف. ألا تراهم قالوا: من عن يمينه، فجعلوا (عن) اسما، ولم يعربوه، وقالوا: (من عليه) فلم يثبتوا ألفه مع المضمر، بل أبقوا (عن) على بنائه، وقلبوا ألف (على) المضمر، مراعاة لأصلها، كذا أجاب الزمخشرى، وتابعه الشيخ ولم يعز له الجواب، وفيه نظر. أما قوله: مراعاة لأصله، فيقتضى أنه نقل من الحرفية إلى الاسمية، وليس ذلك إلا فى جانب الأعلام، يعنى: أنهم يسمون الشخص بالحرف، ولهم فى ذلك مذهبان: الإعراب، والحكاية، وأما أنهم ينقلون الحرف إلى الاسم أى: يجعلونه اسما فهذا غير معروف،(1/656)
__________
وأما استشهاده ب (عن وعلى) فلا يفيده ذلك لأن (عن) حال كونها اسما إنما بنيت لشبهها بالحرف فى الوضع على حرفين، لا أنها باقية على بنائها، وأما قلب ألف (على) مع الضمير فلا دلالة فيه لأنا عهدنا ذلك فيما هو ثابت للاسمية بالاتفاق ك (الذى)، والأولى أن يقال:
الذى يظهر فى الجواب عن قراءة العامة، أنها اسم منصوب كما تقدم تقريره ويدل عليه قراءة أبى السمال (حاشا لله) منونا منصوبا، ولكنهم أبدلوا التنوين ألفا، كما يبدلونه فى الوقف، ثم إنهم أجروا الوصل مجرى الوقف، كما فعلوا ذلك فى مواضع كثيرة، تقدم منها جملة، وسيمر بك مثلها، وقيل فى الجواب عن ذلك: بنيت «حاشا» فى حال اسميتها لشبهها ب (حاشا) فى حال حرفيتها لفظا ومعنى، كما بنيت (عن) (وعلى) لما ذكرنا، قال بعضهم: إن اللام زائدة، وهذا ضعيف جدا بابه الشعر. واستدل المبرد وأتباعه على فعليتها بمجيء المضارع منها، قال النابغة الذبيانى:
ولا أرى فاعلا فى الناس يشبهه ... ولا أحاشى من الأقوام من أحد
قالوا: وتصرف الكلمة من الماضى إلى المستقبل دليل على فعليتها لا محالة، وقد أجاب الجمهور عن ذلك: بأن ذلك مأخوذ من لفظ الحرف. كما قالوا: سوفت بزيد، ولوليت له، أى: قلت له: سوف أفعل، وقلت له: لو كان ولو كان، وهذا من ذلك، وهو محتمل.
وممن رجح جانب الفعلية: أبو على الفارسى، قال: لا يخلو «حاش» فى قوله: (حاش لله) من أن يكون الجار فى الاستثناء، أو يكون فعلا على فاعل، ولا يجوز أن يكون الحرف الجار لأنه لا يدخل على مثله، ولأن الحروف لا يحذف منها إذا لم يكن فيها تضعيف فثبت أنه فاعل من الحشا، الذى يراد به الناحية، والمعنى: أنه صار فى حشا، أى: ناحية، وفاعل (حاشا): يوسف، والتقدير: بعد من هذا الأمر لله، أى:
لخوفه.
قوله: حرف الجر لا يدخل على مثله، مسلّم، ولكن ليس هو هنا حرف جر كما تقدم تقريره. وقوله: لا يحذف من الحرف إلا إذا كان مضعفا، ممنوع، ويدل له قولهم: (مذ) فى (منذ) إذا جر بها، فحذفوا عينها ولا تضعيف، قالوا: ويدل على أن أصلها (منذ) بالنون، تصغيرها على (منيذ)، وهذا مقرر فى بابه.
وقرأ أبو عمرو (حاشا) بألفين: ألف بعد الحاء، وألف بعد الشين، فى كلمتى هذه السورة، وصلا، ويحذفها وقفا اتباعا للرسم، كما سننبه عليه، والباقون بحذف الألف إلا حمزة وصلا ووقفا، فأما قراءة أبى عمرو فإنه جاء فيها بالكلمة على أصلها، وأما الباقون فإنهم اتبعوا فى ذلك الرسم، ولما طال اللفظ حسن تخفيفه بالحذف، ولا سيما على قول من يدعى فعليتها كالفارسى، قال الفارسى: وأما حذف الألف فعلى: لم يك، ولم أدر، وأصاب الناس جهد ولو تر ما أهل مكة، و:
وصانى العجاج فيما وصنى فى شعر رؤبة، يريد: لم يكن ولا أدرى، ولو ترى، ووصانى.
وقال أبو عبيد: رأيتها فى الذى يقال: إنه الإمام مصحف عثمان: (حاش لله) بغير ألف والأخرى مثلها، وحكى الكسائى أنه رآها فى مصحف عبد الله كذلك، قالوا: فعلى ما(1/657)
__________
قال أبو عبيد والكسائى نرجح هذه القراءة، ولأن عليها ستة من السبعة، ونقل الفراء أن الإتمام لغة بعض العرب، والحذف لغة أهل الحجاز، قال: ومن العرب من يقول:
(حشى زيدا) أراد (حشى لزيد)، فقد نقل الفراء أن اللغات الثلاثة مسموعة، ولكن لغة الحجاز مرجحة عندهم.
وقرأ الأعمش فى طائفة (حشى لله) بحذف الألفين، ولقد تقدم أن الفراء حكاها لغة عن بعض العرب، وعليه قوله:
حشى رهط النبى
وقرأ أبى وعبد الله: (حاشى الله) بجر الجلالة، وفيها وجهان:
أحدهما: أن يكون اسما مضافا للجلالة، نحو: سبحان الله، وهو اختيار الزمخشرى.
والثانى: أنه حرف استثناء جر به ما بعده، وإليه ذهب الفارسى، وفى جعله (حاشا) حرف جر مرادا به الاستثناء جر به، نظر إذ لم يتقدم فى الكلام شىء يستثنى منه الاسم المعظم، بخلاف: (قام القوم حاشى زيد). واعلم أن النحويين لما ذكروا هذا الحرف جعلوه من المتردد بين الفعلية والحرفية عند من أثبت فعليته، وجعله فى ذلك، ك (خلا) و (عدا) عند من أثبت حرفية (عدا)، وكان ينبغى أن يذكروه من المتردد بين الاسمية والفعلية والحرفية، كما فعلوا ذلك فى (على) فقالوا: يكون حرف جر فى (عليك)، واسما فى قوله: (من عليه)، وفعلا فى قوله:
علا زيدنا يوم النقا
وإن كان فيه نظر، ملخصه: أن (على) حال كونها فعلا غير (على) حال كونها غير فعل بدليل أن ألف الفعلية منقلبة عن واو، ويدخلها التصريف والاشتقاق، دون ذينك، وقد يتعلق من ينتصر للفارسى بهذا، فيقول: لو كان (حاش) فى قراءة العامة اسما لذكر ذلك النحويون، عند ترددها بين الحرفية والفعلية فلما لم يذكروه دل على عدم اسميتها.
وقرأ الحسن (حاش) بسكون الشين وصلا ووقفا، كأنه أجرى الوصل مجرى الوقف، ونقل ابن عطية عن الحسن أنه قرأ: (حاش الإله)، قال: محذوفا من «حاشى». يعنى: أنه قرأ بحذف الألف الأخيرة، ويدل على ذلك ما صرح به صاحب اللوامح فإنه قال: بحذف الألف، ثم قال: وهذا يدل على أنه حرف جر يجر به ما بعده، فأما (الإله) فإنه فكه من الإدغام، وهو مصدر أقيم مقام المفعول، ومعناه: المعبود، وحذفت الألف من (حاش) للتخفيف.
قال الشيخ: وهذا الذى قاله ابن عطية وصاحب اللوامح من أن الألف فى (حاش) فى قراءة الحسن محذوفة الألف لا يتعين إلا أن ينقل عنه أنه يقف فى هذه القراءة بسكون الشين فإن لم ينقل عنه فى ذلك شيئا فاحتمل أن تكون الألف حذفت لالتقاء الساكنين، الأصل:
حاشا الإله، ثم نقل فحذف الهمزة وحرك اللام بحركتها، ولم يعتد بهذا التحرك لأنه عارض كما يحذف فى نحو: (يخشى الإله)، ولو اعتد بالحركة لم تحذف الألف.
قلت: الظاهر: أن الحسن يقف فى هذه القراءة بسكون الشين، ويستأنس له بأنه سكن الشين فى الرواية الأخرى عنه، فلما جىء بشيء محتمل ينبغى أن يحمل على ما صرح به صاحب اللوامح، وهذا يدل على أنه حرف جر يجر به ما بعده، لا يصح لما تقدم من أنه(1/658)
وقع فى كلام الشيخ والإمام ما يقتضى الخلاف عنه فى إثبات الألف وحذفها فى الوقف، وأن الحذف هو المختار.
وذكر الحافظ فى التحبير: أن (حش لله) فى الموضعين بغير ألف فى جميع المصاحف فيلزم أن قراءة أبى عمرو مخالفة هنا لخط المصحف فى الوصل، ومن روى عنه الوقف بالألف فقد خالف أيضا خط المصحف فى الوقف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] قالون والبزى: (بالسوّ إلا) [الآية: 53] بواو مشددة، بدلا من الهمزة فى حال الوصل».
إنما فعلا ذلك لأن أصلهما فى الهمزتين المكسورتين من كلمتين تسهيل الأولى وتحقيق الثانية، والأصل فى تسهيلها جعلها بين الهمزة والياء على حركتها، كما تقدم فى باب الهمزتين، لكن عرض هنا وقوع الواو الساكنة قبل الهمزة، فأبدلا من الهمزة واوا، وأدغما الواو الأولى فى الثانية، وهذا النوع من التسهيل يطرد إذا كانت الواو قبل الهمزة زائدة للمد، فأما الواو التى قبل الهمزة فى قوله: {بِالسُّوءِ} فليست بزائدة، وإنما هى عين الكلمة، لكن من العرب من يجرى الواو الأصلية إذا سكنت قبل الهمزة مجرى الزائدة، فأجرى قالون والبزى هذه الواو مجرى الواو فى (قروّ)، على ما تقدم فى باب الوقف لحمزة وهشام.
ومن العجب قول الحافظ فى «المفردات» فى رواية البزى بعد أن ذكر هذا الوجه من إبدال الهمزة واوا وإدغام الواو الأولى فى المبدلة من الهمزة ثم قال: «وهذا الذى لا يجوز فى التسهيل غيره».
وكان ينبغى للحافظ أن يقول فى «التيسير» فى هذا الموضع: فإذا وقفا حققا الهمزة، لكنه استغنى عن ذلك لأنه قدم فى باب الهمزتين من كلمتين ما يدل على ذلك وهو قوله: «والتسهيل لإحدى الهمزتين فى هذا الباب إنما يكون فى الوقف لا
__________
لو كان حرف جر لكان مستثنى به، ولم يتقدم ما يستثنى منه بمجروره، واعلم أن اللام الداخلة على الجلالة متعلقة بمحذوف على سبيل البيان، كهى فى (سقيا لك ورعيا لزيد) عن الجمهور، وأما عند المبرد والفارسى، فإنها متعلقة بنفس (حاش) لأنها فعل صريح عندهما، وقد تقدم أن بعضهم ادعى زيادتها.
ينظر الدر المصون (4/ 179175).(1/659)
غير لكون التلاصق فيه».
ولما ذكر الشيخ هذه الترجمة قال: «وذكر عن قالون أنه يجعل الأولى كالياء الساكنة».
ثم قال: «والأحسن الجارى على الأصول إلقاء الحركة».
يريد: نقل الحركة إلى الواو لأنها ساكنة غير زائدة، فهى فى ذلك مثل الساكن الصحيح نحو (دف) و (مل) و {المر}، ووجه التسهيل فى ذلك أن يكون بالنقل، كما تقدم فى باب الوقف لحمزة.
ثم قال: «ولم يرو عنه».
يعنى: لم يرو عن قالون التسهيل بالنقل فى هذا الموضع.
ثم قال: «ويليه فى الجواز الإبدال والإدغام».
يعنى: الوجه الذى ذكر الحافظ هنا، وإنما جاز هذا الوجه لكون الواو ساكنة، فشبهت بالواو الزائدة للمد.
ثم قال: «وهو الأشهر عن قالون، وهو المختار لأجل جوازه وللرواية».
ثم قال: «وأما البزى فقد روى عنه الوجهان أيضا».
يعنى إلقاء الحركة والإدغام.
ثم قال: «والاختيار: الإبدال والإدغام».
قال الحافظ رحمه الله: «البزى من قراءتى على ابن خواستى الفارسى عن النقاش عن أبى ربيعة عنه: (فلما استأيسوا) (1) [يوسف: 80]» إلى آخر
__________
(1) {اسْتَيْأَسُوا} [يوسف: 80]، «استفعل» هنا بمعنى، (فعل) المجرد، يقال: يئس واستيأس، بمعنى: نحو: عجب واستعجب، وسخر واستسخر، وقال الزمخشرى: وزيادة السين والتاء فى المبالغة، نحو ما مر فى: {فَاسْتَعْصَمَ} [يوسف: 32].
وقرأ البزى عن ابن كثير بخلاف عنه: (استأيسوا) بألف بعد التاء ثم ياء، وكذلك فى هذه السورة (تأيسوا)، (إنه لا يأيس) [يوسف: 87]، (إذا استأيس الرسل) [يوسف:
110]. وفى الرعد (أفلم يأيس الذين) [الرعد: 31]، الخلاف واحد، فأما قراءة العامة فهى الأصل إذ يقال: يئس، فالفاء ياء والعين همزة، وفيه لغة أخرى، وهى القلب بتقديم العين على الفاء، فيقال: أيس، ويدل على ذلك شيئان أحدهما: المصدر الذى هو اليأس.
الثانى: أنه لو لم يكن مقلوبا للزم قلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولكن منع(1/660)
الكلام.
تقييده هذه القراءة بهذه الرواية يدل على أنه قرأ أيضا للبزى كالجماعة، وقال فى «المفردات» فى سورة الرعد ما نصه: «واختلف عنه فى قوله جل وعز:
(أفلم يائس الّذين آمنوا) [الرعد: 31] فى الهمز وتركه، فقرأته على أبى الحسن عن قراءته بالوجهين بالهمز وتركه، وقرأته على أبى الفتح بالهمز لا غير، وقرأته على الفارسى عن قراءته على النقاش عن أبى ربيعة عنه بترك الهمز، وفى الأربعة المواضع التى فى يوسف، وهى قوله تعالى: (فلما استأيسوا) [الآية: 80] و (ولا تايسوا) [الآية: 87] و (إنه لا يايس) [الآية: 87] و (حتى إذا استأيس) [الآية: 110] فى الخمسة». انتهى.
وقال الشيخ فى سورة الرعد ما نصه: «قرأ البزى (أفلم يايس) [31] بألف بين ياءين مفتوحتين من غير همز فى هذا الموضع خاصة، وقرأ الباقون بهمزة قبلها ياءان، وروى هذا عن البزى أيضا، وقد قرأت له بالوجهين، وقد روى عن البزى مثل هذا فى (استأيس الرسل) فى يوسف، والذى قرأت به للبزى فى يوسف مثل الجماعة». انتهى.
ولم يذكر الإمام فى هذه المواضع الأربعة التى فى هذه السورة شيئا عن البزى، وذكر عنه فى قوله تعالى: (أفلم يايس) فى الرعد [الآية: 31] أنه قرأه بالوجهين، والله جل وعلا وتبارك وتعالى أعلم وأحكم.
__________
ذلك كون الياء فى موضع لا تعمل فيه ما وقعت موقعه، وقراءة ابن كثير من هذا، ولما قلب الكلمة أبدل من الهمزة ألفا لسكونها بعد فتحة إذ صارت كهمزة «رأس» و «كأس»، وإن لم يكن من أصله قلب الهمزة الساكنة حرف علة، وهذا كما تقدم أنه يقرأ «القرآن» بالألف، وأنه يحتمل أن يكون نقل حركة الهمزة، وإن لم يكن من أصله النقل.
وقال أبو شامة بعد أن ذكر هذه الكلمات الخمس التى وقع فيها الخلاف: (وكذلك رسمت فى المصحف)، يعنى: كما قرأها البزى، يعنى بالألف مكان الياء، وبياء مكان الهمزة، وقال أبو عبد الله: واختلفت هذه الكلمات فى الرسم، فرسم (يأيس) (ولا تأيسوا) بالألف، ورسم الباقى بغير ألف.
قلت: هذا هو الصواب، وكأنها غفلة حصلت من أبى شامة.
ينظر: الدر المصون (4/ 205204).(1/661)
سورة الرعد
قال الحافظ رحمه الله: «ونافع يجعل الاستفهام بهمزة وياء بعدها» (1).
__________
(1) اختلف القراء فى هذا الاستفهام المكرر اختلافا منتشرا، وهو فى أحد عشر موضعا فى القرآن فلا بد من تعيينها وبيان مراتب القراء فيها فإن فى ضبطها عسرا يسهل بعون الله تعالى وأما المواضع المذكورة.
فأولها: ما فى هذه السورة.
الثانى والثالث: كلاهما فى الإسراء [49]، وهما: {أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً وَرُفََاتاً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} موضعان.
الرابع: فى المؤمنون [82]: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ}.
وفى النمل [67]: {أَإِذََا كُنََّا تُرََاباً وَآبََاؤُنََا أَإِنََّا لَمُخْرَجُونَ}.
وفى العنكبوت [28]: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفََاحِشَةَ مََا سَبَقَكُمْ بِهََا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعََالَمِينَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجََالَ}.
وفى (الم) السجدة: {أَإِذََا ضَلَلْنََا فِي الْأَرْضِ أَإِنََّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: 10].
وفى الصافات موضعان [16، 53]، وفى الواقعة موضع [47]: {أَإِذََا مِتْنََا وَكُنََّا تُرََاباً وَعِظََاماً أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ}، وفى النازعات: [10، 11] {أَإِنََّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحََافِرَةِ أَإِذََا كُنََّا عِظََاماً نَخِرَةً}.
فهذه هى المواضع المختلف فيها، وأما ضبط الخلاف فيها بالنسبة إلى القراء، ففيه طريقان:
أحدهما: بالنسبة إلى ذكر القراء.
والثانى: بالنسبة إلى ذكر السور، وهذا الثانى أقرب فلذلك بدأت به، فأقول: هذه المواضع تنقسم إلى قسمين: قسم منها سبعة مواضع لها حكم واحد، وقسم منها أربعة مواضع لكل منها حكم على حدته.
أما القسم الأول: فمنه فى هذه السورة، والثانى والثالث: فى (سبحان) والرابع فى (المؤمنين). والخامس: فى (الم) السجدة، والسادس والسابع: فى (الصافات)، وقد عرفت أعيانها مما تقدم، أما حكمها: فإن نافعا والكسائى يستفهمان فى الأول، ويخبران فى الثانى، وإن ابن عامر يخبر فى الأول، ويستفهم فى الثانى، والباقين يستفهمون فى الأول والثانى.
وأما القسم الثانى: فأوله ما فى سورة النمل، وحكمه: أن نافعا يخبر فى الأول، ويستفهم فى الثانى، وأن ابن عامر والكسائى بعكسه، أى: يستفهمان فى الأول ويخبران فى الثانى، وأن الباقين يستفهمون فيهما. [و] الثانى: ما فى سورة العنكبوت، وحكمه:
أن نافعا وابن كثير وابن عامر وحفصا يخبرون فى الأول، ويستفهمون فى الثانى، وأن الباقين يستفهمون فيهما. [و] الثالث: ما فى سورة الواقعة، وحكمه: أن نافعا والكسائى يستفهمان فى الأول، ويخبران فى الثانى، وأن الباقين يستفهمون فيهما. [و] الرابع: ما فى سورة النازعات، وحكمه: أن نافعا وابن عامر والكسائى يستفهمون فى الأول، ويخبرون فى الثانى، وأن الباقين يستفهمون فيهما.(1/662)
يريد بالياء همزة ملينة بين الهمزة والياء، فجرت عبارته على المسامحة فى التعبير عن الهمزة المسهلة باسم الحرف المسهل إليه، أعنى المشار إليه فى التسهيل، أى:
الذى سهلت الهمزة بينه وبين الهمزة المحققة، وقد نص على هذا فى كتاب «الإيضاح»، فقال: «ونافع يجعله بهمزة مفتوحة وبعدها ياء مكسورة مختلسة الكسرة من غير إشباع خلفا من الهمزة، وهى همزة بين بين». انتهى.
وعلى كونها همزة مسهلة بين الياء والهمزة وافق الشيخ والإمام.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] ابن كثير: {هََادٍ} [الآية: 7]، و {وََالٍ}
[الآية: 11] و {وََاقٍ} [الآية: 34] و {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ بََاقٍ} [النحل: 96] بالتنوين فى الوصل، فإذا وقف وقف بالياء فى هذه الأربعة الأحرف حيث وقعت لا غير».
ذكر الحافظ فى «التحبير» أن هذه الأحرف الأربعة رسمن بغير ياء فعلى هذا يكون وقف ابن كثير عليها بالياء مخالفا لخط المصحف، وهذا من المواضع الموعود بها فى آخر باب الوقف على مرسوم الخط.
وقوله: «لا غير» تحرّز به من نحو {مُسْتَخْفٍ} [الرعد: 10] و {مُفْتَرٍ}
[النحل: 101] و {رََاقٍ} [القيامة: 27] و {فََانٍ} [الرحمن: 26] و {دََانٍ}
[الرحمن: 54] و {آنٍ} [الرحمن: 44] و {قََاضٍ} [طه: 72] و {بََاغٍ} [البقرة:
__________
وأما الطريق الآخر بالنسبة إلى القراء، فأقول: إن القراء فيها على أربع مراتب:
الأولى: أن نافعا قرأ بالاستفهام، فى الأول، وبالخبر فى الثانى، إلا فى النمل والعنكبوت فإنه عكس.
المرتبة الثانية: أن ابن كثير وحفصا قرآ بالاستفهام فى الأول والثانى، إلا فى الأولى من العنكبوت فقرأه بالخبر.
المرتبة الثالثة: أن ابن عامر قرأ بالخبر فى الأول والاستفهام فى الثانى، إلا فى النمل والواقعة والنازعات، فقرأ فى النمل والنازعات بالاستفهام فى الأول وبالخبر فى الثانى، وفى الواقعة بالاستفهام فيهما.
المرتبة الرابعة: الباقون وأبو عمرو وأبو حمزة وأبو بكر قرءوا بالاستفهام فى الأول والثانى، ولم يخالف أحد منهم أصله.
وإنما ذكرت هذين الطريقين لعسرهما وصعوبة استخراجهما من كتب القراءات، ثم الوجه فى قراءة من استفهم فى الأول والثانى [أنه] تأكيد والوجه فى قراءة من أتى به مرة واحدة، حصول المقصود به لأن كل جملة مرتبطة بالأخرى، فإذا أنكر فى إحداها حصل الإنكار فى الأخرى، وأما من خالف أصله فى شىء من ذلك فلاتباع الأثر.
ينظر الدر المصون (4/ 228227).(1/663)
173] و {عََادٍ} [البقرة: 173] و {لَآتٍ} [العنكبوت: 5] و {مُهْتَدٍ} [الحديد:
26] و {مُعْتَدٍ} [القلم: 12] و {غَوََاشٍ} [الأعراف: 41] وما أشبهه، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
سورة إبراهيم عليه السلام
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {بِمُصْرِخِيَّ} (1) [الآية: 22]: «وهى لغة حكاها الفراء وقطرب، وأجازها أبو عمرو» وقال فى «المفردات»: «كسر الياء الساكنة».
__________
(1) العامة على فتح الياء لأن الياء المدغم فيها تفتح أبدا، لا سيما وقبلها كسرتان. وقرأ حمزة بكسرها، وهى لغة بنى يربوع، وقد اضطربت أقوال الناس فى هذه القراءة اضطرابا شديدا:
فمن مجترئ عليها ملحّن لقارئها، ومن مجوز لها من غير ضعف، ومن مجوز لها بضعف، قال حسين الجعفى: سألت أبا عمرو عن كسر الياء، فأجازه، وهذه الحكاية تحكى عنه بطرق كثيرة، منها: ما تقدم، ومنها: سألت أبا عمرو، قلت: إن أصحاب النحو يلحّنوننا فيها، فقال: هى جائزة أيضا، إنما أراد تحريك الياء، فلست تبالى إذا حركتها إلى أسفل أم إلى فوق. وعنه: من شاء فتح، ومن شاء كسر، ومنها: أنه قال: إنها بالخفض حسنة، وعنه قال: قدم علينا أبو عمرو بن العلاء فسألته عن القرآن، فوجدته به عالما، فسألته عن شىء قرأ به الأعمش، واستشعر به: (وما أنتم بمصرخيّ) بالجر، فقال: هى جائزة، فلما أجازها، وقرأ بها الأعمش، أخذت بها. وقد أنكر أبو حاتم على أبى عمرو تحسينه لهذه القراءة، ولا التفات إليه لأنه علم من أعلام القرآن واللغة والنحو، واطلع على ما لم يطلع عليه من فوق السجستانى:
وابن البلون إذا ما لزّ فى قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
ثم ذكر العلماء فى ذلك توجيهات:
منها: أن الكسر على أصل التقاء الساكنين وذلك أن (ياء) الإعراب ساكنة، وياء المتكلم أصلها السكون، فلما التقيا كسرت لالتقاء الساكنين.
الثانى: أنها تشبه هاء الضمير فى أن كلا منهما ضمير على حرف واحد، وهاء الضمير توصل بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، وبكسر بعد الكسرة والياء الساكنة، فتكسر كما تكسر الهاء فى (عليه)، وبنو يربوع يصلونها بياء، كما يصل ابن كثير نحو: عليهي، بياء، فحمزة كسر هذه الياء من غير صلة إذ أصله يقتضى عدمها. وزعم قطرب أيضا: أنها لغة بنى يربوع. قال: يزيدون على ياء بالإضافة ياء، وأنشد:
ماض إذا ما هم بالمضىّ ... قال لها هل لك يا تافيّ
وأنشده الفراء، وقال: (إن يك ذلك صحيحا، فهو مما يلتقى من الساكنين)، وقال أبو على: قال الفراء فى كتاب التصريف له: زعم القاسم بن معن أنه صواب، وكان ثقة(1/664)
__________
بصيرا. وممن طعن عليها أبو إسحاق، قال: (هذه القراءة عند جميع النحويين رديئة مرذولة، ولا وجه لها إلا وجها ضعيفا)، وقال أبو جعفر: (صار هذا إدغاما، ولا يجوز أن يحمل كتاب الله على الشذوذ)، وقال الزمخشرى: هى ضعيفة، واستشهدوا لها ببيت مجهول:
قال لها: هل لك يا تافيّ ... قالت له: ما أنت بالمرضىّ
وكأنه قدر (ياء) الإضافة ساكنة، وقبلها ياء ساكنة، فحركها بالكسر لما عليه أصل التقاء الساكنين، ولكنه غير صحيح لأن ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة، حيث قبلها ألف نحو:
(عصاى) فما بالها وقبلها ياء؟
فإن قلت: جرت الياء الأولى مجرى الحرف الصحيح لأجل الإدغام، فكأنها ياء وقعت ساكنة بعد حرف صحيح ساكن، فحركت بالكسر على الأصل.
قلت: هذا قياس حسن، ولكن الاستعمال المستفيض الذى هو بمنزلة الخبر المتواتر تتضاءل إليه القياسات.
قال الشيخ: أما قوله: واستشهدوا لها ببيت مجهول، فقد ذكر غيره أنه للأغلب العجلى، وهى لغة باقية فى أفواه كثير من الناس إلى اليوم، يقولون: ما فىّ أفعل بكسر الياء.
قلت: الذى ذكر صاحب هذا الرجز وهو أبو شامة، قال: ورأيته فى أول ديوانه، وأول هذا الرجز:
أقبل فى ثوب معافرى ... بين اختلاط الليل والعشىّ
ثم قال الشيخ: وأما التوجه الذى ذكر فهو توجيه الفراء، نقله عنه الزجاج، وأما قوله فى غضون كلامه: حيث قبلها ألف، فلا أعلم (حيث) يضاف إلى الجملة المصدرة بالظرف، نحو: (قعد زيد حيث أمامه عمرو وبكر) فيحتاج هذا التركيب إلى سماع.
قلت: إطلاق النحاة قولهم: إنها تضاف إلى الجمل، كاف فى هذا، ولا يحتاج تتبع كل فرد مع إطلاقهم القوانين الكلية، ثم قال: (وأما قوله: ياء الإضافة إلى آخره، قد روى سكون الياء بعد الألف، وقد قرأ بذلك الفراء، نحو: (محياى).
قلت: مجىء السكون فى هذه الياء لا يفيد هاهنا، وإنما كان يفيده لو جاء بها مكسورة بعد الألف فإنه محل البحث، وأنشد النحاة بيت الذبيانى بالكسر وبالفتح، وهو قوله:
على لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب
وقال الفراء فى كتاب له: (وقد خفض بالياء من «مصرخى» الأعمش ويحيى بن وثاب جميعا، حدثنى بذلك القاسم بن معن عن الأعمش). ولعلها من وهم الفراء فإنه قل من سلم منهم من الوهم. ولعله ظن أن الباء فى (بمصرخي) خافضة للفظ كله، والياء للمتكلم خارجة من ذلك. قال: ومما نرى أنهم وهموا فيه: {نُوَلِّهِ مََا تَوَلََّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء:
115] بالجزم، ظنوا الجزم فى الهاء. ثم ذكر غير ذلك. وقال أبو عبيد: وأما الخفض فإنا نراه غلطا لأنهم ظنوا أن الباء تكسر كل ما بعدها، وقد كان فى القراء من يجعله لحنا، ولا أحب أن أبلغ به هذا كله، ولكن وجه القراءة عندنا غيرها، وقال الأخفش: (ما سمعت بهذا(1/665)
__________
من أحد من العرب، ولا من أحد النحويين)، قال النحاس: (فصار هذا إجماعا)، قلت:
ولا إجماع فقد تقدم ما حكاه الناس من أنها لغة ثابتة لبعض العرب، وقد انتدب لنصر هذه القراءة أبو على الفارسى، قال فى حجته: (وجه ذلك: أن الياء ليست تخلو من أن تكون فى موضع نصب، أو جر، فالياء فى النصب والجر، كالهاء فيهما، وكالكاف فى (أكرمتك، وهذا لك)، فكما أن الهاء قد لحقتها الزيادة فى: هذا لهو، وضربهو، ولحق أيضا الزيادة فى قول من قال: أعطاكه وأعطيتكه، فيما حكاه سيبويه، وهما أختا الياء، ولحقت التاء الزيادة) فى قول الشاعر:
رميتيه فأصميت ... وما أخطأت الرّمية
وكذلك ألحقوا الياء الزيادة من المد، فقالوا: فىّ، ثم حذفت الياء الزائدة على الياء كما حذفت الزيادة من الهاء فى قول من قال:
... له أرقان
وزعم أبو الحسن: أنها لغة. قلت: مراد أبى على بالتنظير بالبيت فى قوله: له، أرقان حذف الصلة، واتفق أن فى البيت أيضا حذف الحركة. ولو مثل بنحو: عليه، وفيه، لكان أولى. ثم قال الفارسى: (كما حذفت الزيادة من الكاف، فقيل: أعطيتكه وأعطيتكيه، كذلك حذفت الياء اللاحقة للياء، كما حذفت من أختها، وأقرت الكسرة التى كانت تلى الياء المحذوفة فبقيت الياء على ما كانت عليه من الكسر)، قال: (فإذا كانت الكسرة فى الياء على هذه اللغة، وإن كان غيرها أفشى منها، وعضده من القياس ما ذكرنا لم يجز لقائل أن يقول: إن القراءة بذلك لحن لاستقامة ذلك فى السماع والقياس، وما كان كذلك لا يكون لحنا).
قلت: وهذا التوجيه هو توضيح للتوجيه الثانى الذى قدمت ذكره، وأما التوجيه الأول فأوضحه الفراء أيضا.
قال الزجاج: (أجاز الفراء على وجه ضعيف الكسر لأن أصل التقاء الساكنين الكسر)، قال الفراء: (ألا ترى أنهم يقولون: (مذ اليوم ومذ اليوم) والرفع فى الذال هو الوجه لأنه أصل حركة (مذ)، والخفض جائز؟! فكذلك الياء من (مصرخى) خفضت ولها أصل فى النصب).
قلت: تشبيه الفراء المسألة ب (مذ اليوم) فيه نظر لأن الحرف الأول صحيح، لم يتوال قبله كسر، بخلاف ما نحن فيه، وهذا هو الذى عناه الزمخشرى بقوله، فيما قدمته عنه، فكأنها وقعت بعد حرف صحيح، وقد اضطرب النقل عن الفراء فى هذه المسألة، كما رأيت من نقل بعضهم عنه التخطئة مرة والتصويب أخرى، ولعل الأمر كذلك فإن العلماء يسألون فيجيبون بما يحضرهم حال السؤال، وهى مختلفة التوجيه.
الثالث: أن الكسر للإتباع لما بعدها، وهو كسر الهمز من (إنى)، كقراءة (الحمد لله).
وقولهم: بعير وشعير وشهد، بكسر أوائلها اتباعا لما بعدها، وهو ضعيف جدا.
التوجيه الرابع: أن المسوغ لهذا الكسر فى الياء وإن كان مستثقلا أنها لما أدغمت فيها التى قبلها قويت بالإدغام، فأشبهت الحروف الصحاح، فاحتملت الكسر لأنه إنما(1/666)
يعنى بالياء الساكنة: ياء المتكلم، والياء التى قبلها هى للجمع المذكر السالم لأن الأصل «بمصرخين» فحذف النون للإضافة، وأنشد: [من الرجز] قال لها هل لك يا تافيّ ... قالت له ما أنت بالمرضىّ (1)
وعلل الشيخ فى كتاب «الكشف» بوجه آخر، وحاصله: أن من العرب من يحكم لياء المتكلم بحكم الهاء التى هى ضمير المذكر، فكما يقال: مررت به، فتوصل الهاء بياء ساكنة بعد الكسرة فكذلك هذه الياء، فلما أضافوا «مصرخين» إلى الياء التى للمتكلم وحذفوا النون أدغموا ياء الجمع فى ياء المتكلم، وقد استخفّ الكسر من أجل الياء التى توصل بها، فاجتمع ثلاث ياءات، وهن: ياء الجمع، وياء المتكلم، والياء التى تلحقها صلة بعد الكسرة فاستثقلوا ذلك فحذفوا الياء الآخرة، وبقيت الكسرة تدل عليها.
قال: «وقد قال قطرب (2): إنها لغة فى بنى يربوع (3)، يزيدون على ياء الإضافة ياء».
__________
يستثقل فيها إذا حذفت وانكسر ما قبلها ألا ترى أن حركات الإعراب تجرى على المشدد، وما ذلك إلا لإلحاقه بالحروف الصحاح.
(والمصرخ): المغيث، يقال: استصرخته فأصرخنى، أى: أعاننى، وكأن همزته للسلب، أى: أزال صراخى، والصارخ هو المستغيث.
ينظر: الدر المصون (4/ 264261).
(1) الرجز للأغلب العجلى فى ديوانه ص (169)، وحاشية يس (2/ 60)، وخزانة الأدب (4/ 437430)، وبلا نسبة فى شرح عمدة الحافظ ص (513)، والمحتسب (2/ 49)، والشاهد فيه: قوله: (فى) حيث كسر ياء المتكلم، على لغة بنى يربوع.
(2) محمد بن المستنير، أبو على النحوى، المعروف بقطرب، لازم سيبويه، وكان يدلج إليه، فإذا خرج رآه على بابه، فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل! فلقب به.
وأخذ عن عيسى بن عمر، وكان يرى رأى المعتزلة النظامية، فأخذ عن النظام مذهبه، واتصل بأبى دلف العجلى، وأدب ولده، ولم يكن ثقة.
قال ابن السكيت: كتبت عنه قمطرا، ثم تبينت أنه يكذب فى اللغة، فلم أذكر عنه شيئا.
وله من التصانيف: المثلث، النوادر، الصفات، الأصوات، العلل فى النحو، الأضداد، الهمز، خلق الإنسان، خلق الفرس، إعراب القرآن، المصنف الغريب فى اللغة، مجاز القرآن، وغير ذلك. مات سنة ست ومائتين.
ينظر: بغية الوعاة (1/ 242، 243)، ومعجم الأدباء (19/ 5453).
(3) يربوع بن حنظلة: بطن من حنظلة بن مالك، من تميم، من العدنانية، وهم: بنو يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، منهم: بنو رياح، بنو سليط، بنو صبير، بنو ثعلبة، بنو كليب، بنو عرين.
وكانت الردافة فى الجاهلية لبنى يربوع هؤلاء لأنه لم يكن فى العرب أحد أكثر غارة(1/667)
وقوله: «وأجازها أبو عمرو» ولم يقل: رواها احتج بإجازة أبى عمرو، ويريد ابن العلاء لأنه إمام فى معرفة ما يجوز وما لا يجوز من علم اللغة والنحو.
وقال فى «المفردات»: «وسأل حسين (1) الجعفى (2) أبا عمرو عن كسر الياء، فأجازه».
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] هشام من قراءتى على أبى الفتح: (أفيدة) [37] بياء بعد الهمزة، وكذا نص عليه الحلوانى عنه».
تقييده هذه الرواية بقراءته على أبى الفتح يقتضى أنه قرأ على غيره بغير ياء
__________
على ملوك الحيرة منهم، فصالحوهم، على أن جعلوا لهم الردافة، ويكفوا عن أهل العراق الغارة.
ومن أيامهم: يوم طخفة، لبنى يربوع على قابوس بن المنذر بن ماء السماء.
ويوم المروت، لبنى حنظلة، وبنى عمرو بن تميم على قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة، وكان الذكر فيه لبنى يربوع، فاستنقذ بنو يربوع أموال بنى العنبر وسبيهم من بنى عامر.
ويوم منعج كان، لبنى يربوع على بنى كلاب.
ينظر: معجم قبائل العرب (3/ 1262)، الاشتقاق لابن دريد ص (135)، الصحاح للجوهرى (1/ 591) (2/ 27)، لسان العرب لابن منظور (3/ 237)، (9/ 469) (11/ 116)، صبح الأعشى للقلقشندى (1/ 348)، القاموس للفيروزآبادى (2/ 236)، (3/ 26، 112، 166، 301)، معجم ما استعجم للبكرى (1/ 133، 171) (2/ 477، 567)، مجمع الأمثال للميدانى (2/ 262).
(1) فى ب: حسن.
(2) الحسين بن على بن فتح، الإمام الحبر، أبو عبد الله ويقال: أبو على، الجعفى مولاهم، الكوفى الزاهد أحد الأعلام، قرأ على الكامل حمزة، وهو أحد الذين خلفوه فى القيام بالقراءة، وروى القراءة عن جامع البيان أبى بكر بن عياش والكامل أبى عمرو ابن العلاء، قرأ عليه أيوب بن الموكل، وروى عنه القراءة خلاد بن خالد وجامع البيان أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعى والكامل هارون بن حاتم والكامل عنبسة ابن النضر والطيب بن إسماعيل والحسين بن على الأسود ومحمد بن الهيثم بن خالد ومضر ابن على ومحمد بن إبراهيم الطحان، قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الجعفى. وقال قتيبة بن سعيد قالوا لسفيان بن عيينة: قدم حسين الجعفى فوثب قائما وقال: قدم أفضل رجل يكون قط. وقال موسى بن داود: كنت عند ابن عيينة، فأتاه حسين الجعفى، فقام سفيان فقبل يده، وكان يقول: الحسين الجعفى هذا أفضل رجل فى الأرض.
وروى أبو هشام الرفاعى عن الكسائى قال: قال لى الرشيد: من أقرأ الناس اليوم؟ قلت حسين الجعفى. مات فى ذى القعدة سنة ثلاث ومائتين عن أربع وثمانين.
ينظر غاية النهاية (1/ 247).(1/668)
كالجماعة، ولم يذكر فى المفردات إلا هذه القراءة وقال: «وبه آخذ».
ولم يذكر الشيخ والإمام هذه القراءة، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
سورة النحل
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] البزى بخلاف عنه: (أين شركاى الذين) (1)
[الآية: 27] بغير همز».
ذكر فى «المفردات» أنه قرأ على أبى الحسن بغير همز، وقرأ على ابن خواستى وعلى فارس بالهمز، ومذهب الشيخ والإمام ترك الهمز للبزى خاصة، والله سبحانه وبحمده أعلم وأحكم.
سورة الإسراء
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (نئا) (2) [الآية: 83]: «وقد روى عن أبى شعيب مثل ذلك».
يعنى إمالة فتحة الهمزة من (نئا) فى السورتين [الإسراء: 83، فصلت: 51]،
__________
(1) والعامة على (شركائى) ممدودا، وسكن ياء المتكلم فرقة فتحذف وصلا لالتقاء الساكنين، وقرأ البزى بخلاف عنه بقصره مفتوح الياء. وقد أنكر جماعة هذه القراءة، وزعموا أنها غير مأخوذ بها لأن قصر الممدود لا يجوز إلا ضرورة. وتعجب أبو شامة من أبى عمرو الدانى حيث ذكرها فى كتابه مع ضعفها، وترك قراءات شهيرة واضحة.
قلت: وقد روى عن ابن كثير أيضا قصر التى فى القصص، وروى عنه أيضا قصر (ورأى) فى مريم، وروى عنه قنبل أيضا قصر (أن رآه استغنى) فى العلق، فقد روى عنه قصر بعض الممدودات فلا تبعد رواية ذلك عنه، وبالجملة فقصر الممدود ضعيف، ذكره غير واحد، لكن لا يصل إلى حد الضرورة.
ينظر الدر المصون (4/ 322).
(2) قرأ العامة بتقديم الهمزة على حرف العلة، من «النأى»، وهو البعد. وابن ذكوان، ونقلها الشيخ عن ابن عامر بكماله: (ناء)، بتقديم الألف على الهمزة، وفيها تخريجان:
أحدهما: أنها من: ناء، ينوء، أى: نهض. قال:
حتى إذا ما التأمت مفاصله ... وناء فى شق الشمال كاهله
والثانى: أنه مقلوب من «نأى»، ووزنه «فعل» كقولهم فى «رأى»: راء، إلى غير ذلك.
ولكن متى أمكن عدم القلب، فهو أولى. وهذا الخلاف جار أيضا فى سورة (حم السجدة)، وأمال الألف إمالة محضة الأخوان، وأبو بكر عن عاصم، وبين بين بخلاف عنه السوسى، وكذلك فى فصلت، إلا أبا بكر فإنه لم يمله، وأمال فتحة النون فى السورتين خلف، وأبو الحارث، والدورى عن الكسائى.
ينظر الدر المصون (4/ 417416).(1/669)
ولم يذكر الشيخ والإمام هذه الرواية.
وقوله: «وورش على أصله فى ذوات الياء».
يعنى أنه يميل هنا فتحة الهمزة والألف بعدها بين بين، وقد تقدم فى باب الإمالة ما يقتضى أن مذهب الشيخ والإمام الفتح لورش، والله جلت قدرته وعزت نصرته أعلم وأحكم.
سورة الكهف
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] أبو بكر (ردما ائتونى) [95] بكسر التنوين» إلى آخره.
وافق الشيخ والإمام على هذه القراءة وقالا: إنهما قرءا له أيضا فى هذا الحرف مثل الجماعة، وقال الشيخ: «إن المد اختيار ابن مجاهد».
فأما قوله تعالى: {قََالَ آتُونِي} [الكهف: 96] فذكر [الحافظ] (1) فيه الخلاف عن أبى بكر، وكذلك قال الشيخ والإمام.
وقال الشيخ: «إن المد فى هذا الموضع اختيار ابن مجاهد وأبى الطيب».
وقد تقدم ذكر {فَلََا تَسْئَلْنِ} [70] فى باب ياءات الإضافة، والله العلى العظيم هو العليم الحكيم.
سورة مريم الصديقة عليها لسلام
قال الحافظ رحمه الله فى أول السورة (2): «وكذلك قرأت فى رواية أبى شعيب على فارس».
يعنى بإمالة الهاء والياء.
__________
(1) سقط فى أ.
(2) العامة على تسكين أواخر هذه الأحرف المقطعة ولذلك كان بعض القراء يقف على كل حرف منها وقفة يسيرة فى تمييز بعضها من بعض، وقرأ الحسن (كاف) بالضم، كأنه جعلها معربة، ومنعها من الصرف للعلمية والتأنيث. وللقراء خلاف فى إمالة (ياء) و (هاء) وتفخيمهما، وبعضهم يعبر عن التفخيم بالضم كما يعبر عن الإمالة بالكسر. وإنما ذكرته لأن عبارتهم فى ذلك موهمة. وأظهر دال صاد قبل ذال (ذكر): نافع وابن كثير وعاصم لأنه الأصل، وأدغمها فيها الباقون. والمشهور إخفاء نون (عين) قبل الصاد لأنها تقاربها ويشتركان فى الضم، وبعضهم يظهرها لأنها حروف مقطعة يقصد تمييز بعضها من بعض.
ينظر: الدر المصون (4/ 489).(1/670)
وذكر فى «المفردات» هذه القراءة، وذكر أيضا أنه قرأ على أبى الحسن بفتح الياء وإمالة فتحة الهاء.
ولم يذكر الشيخ والإمام عن أبى شعيب إلا إمالة الهاء خاصة.
وذكر الحافظ فى «جامع البيان» بسنده إلى أحمد بن صالح (1) عن قالون وورش عن نافع نون العين مبينة.
__________
(1) أحمد بن صالح، الإمام الكبير، حافظ زمانه بالديار المصرية، أبو جعفر المصرى، المعروف بابن الطبرى.
كان أبوه جنديّا من آمل طبرستان.
وكان أبو جعفر رأسا فى هذا الشأن، قل أن ترى العيون مثله، مع الثقة والبراعة.
ولد بمصر سنة سبعين ومائة، ضبطه ابن يونس.
حدث عن: ابن وهب فأكثر، وعن سفيان بن عيينة، ارتحل إليه، وحج، وسار إلى اليمن، فأكثر عن عبد الرزاق. وروى أيضا عن: ابن أبى فديك، وعنبسة بن خالد الأيلى، وحرمى ابن عمارة، وأسد بن موسى، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذمارى، ويحيى بن حسان، ويحيى بن محمد الجارى، وأبى نعيم، وعفان، وسلامة بن روح، وخلق سواهم.
حدث عنه: البخارى، وأبو داود، وأبو زرعة الرازى، ومحمد بن يحيى، وموسى ابن سهل الرملى، ومحمد بن المثنى الزمن، وهو أكبر منه، ومحمود بن غيلان، وهو من طبقته، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومات قبله بزمان، وأبو إسماعيل الترمذى، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم، ويعقوب الفسوى، وإسماعيل سمويه، وصالح ابن محمد جزرة، وعثمان بن سعيد الدارمى، وأبو زرعة الدمشقى، وعلى بن الحسين ابن الجنيد، وعبيد بن رجال، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان، وخلق كثير، آخرهم وفاة أبو بكر بن أبى داود، وقد سمع منه النسائى، ولم يحدث عنه، وقع بينهما، وآذاه أحمد بن صالح، فآذى النسائى نفسه بوقوعه فى أحمد.
روى على بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن محمد بن عبد الله بن نمير، سمعت أبا نعيم يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يريد أحمد بن صالح.
وقال الحافظ ابن عدى: سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر، سمعت أبا زرعة الدمشقى يقول: قدمت العراق، فسألنى أحمد بن حنبل: من خلفت بمصر؟ قلت:
أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرا، ودعا الله له.
قال جماعة منهم البخارى، وابن زبر: مات أحمد بن صالح فى شهر ذى القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين. وقد كان أحمد بن صالح من جلة المقرئين.
ينظر: سير أعلام النبلاء (12/ 177160)، والتاريخ الكبير (2/ 6)، والجرح والتعديل (2/ 56)، تاريخ بغداد (4/ 202195)، طبقات الحنابلة (1/ 48، 50)، تذكرة الحفاظ (2/ 496495)، ميزان الاعتدال (1/ 104103)، العبر (1/ 450)، الوافى بالوفيات (6/ 424)، طبقات الشافعية للسبكى (2/ 86)، غاية النهاية فى طبقات القراء (1/ 62)، تهذيب التهذيب (1/ 4239)، النجوم الزاهرة (2/ 328)، طبقات الحفاظ (216).(1/671)
ثم قال الحافظ بعد كلام: «ولم يرو عن نافع إظهار نون العين عند الصاد، غير أحمد بن صالح، وإظهارها عندها إظهارا خالصا غير معروف من مذهب القراء لأن الصاد من حروف الفم، وحكم النون معهن أن تكون مخفاة، والمخفى ليس بمظهر خالص، ولا بمدغم محض، بل هو بمنزلة بين المنزلتين».
قال أبو عثمان المازنى: «بيان النون مع حروف الفم لحن، ولعل أحمد بن صالح قد جعل الإظهار عبارة عن الإخفاء مجازا واتساعا، كما تجعل الكسرة عبارة عن الإمالة، والضمة عبارة عن الإشمام فى نظائر ذلك».
فإن كان كذلك فما حكاه من البيان غير خارج عن الصواب إذ ليس على الحقيقة بل على المجاز، على أن البيان لا يمتنع هاهنا من حيث كانت حروف الهجاء مبنية على الانفصال مما بعدها فكان حكمها البيان لذلك، غير أن الجماعة من القراء على ترك ذلك هنا، والأخذ به.
وقوله: «وأمال نافع الهاء والياء بين بين».
ذكر الشيخ والإمام هذا الوجه عن نافع، وذكرا عنه أيضا الفتح فى الهاء والياء.
قال الشيخ: «وبين اللفظين أشهر عنه».
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {أَإِذََا مََا مِتُّ} [الآية: 66]: «وقال النقاش عن الأخفش عنه بهمزتين».
وذكر فى المفردات أنه قرأ بهمزة واحدة على أبى الفتح وأبى الحسن، وقرأ على الفارسى بهمزتين، ولم يذكر الشيخ والإمام عنه إلا بهمزة واحدة، والله جل وعلا أعلم وأحكم.
سورة طه
قال الحافظ رحمه الله فى صدر السورة (1): «وورش وأبو عمرو بإمالة الهاء خاصة».
__________
(1) قرأ أبو عمرو بفتح الطاء وكسر الهاء، وكسرهما جميعا حمزة والكسائى وأبو بكر والباقون بفتحهما. قال الزجاج: وتقرأ: (طه) بفتح الطاء وسكون الهاء، وكلها لغات. قال الزجاج:
من فتح الطاء والهاء فلأن ما قبل الألف مفتوح. ومن كسر الطاء والهاء أمال إلى الكسر لأن الحرف مقصور، والمقصور يغلب عليه الإمالة إلى الكسر.
ينظر اللباب (13/ 165164).(1/672)
وافق الشيخ والإمام على ذلك، وزاد الإمام أنه قرأها لورش بين اللفظين.
وذكر الشيخ أنه روى عن ورش الفتح، ثم قال: «وبالإمالة قرأت على أبى الطيب.
قال الحافظ رحمه الله: «قالون بخلاف عنه: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً} [طه: 75] باختلاس كسرة الهاء».
يعنى: [و] بإشباعها، وذكر الشيخ الوجهين، وأن الاختلاس أشهر، وقال الحافظ فى «مفرداته»: «والوجهان مشهوران»، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
سورة النور
قال الحافظ رحمه الله: «وخلاد بخلاف عنه: {يَتَّقْهِ} (1) [النور: 52]
__________
(1) (ويتقه)، القراء فيه بالنسبة إلى القاف على مرتبتين:
الأولى: تسكين القاف، ولم يقرأ بها إلا حفص. والباقون بكسرها.
وأما بالنسبة إلى هاء الكناية فإنهم فيها على خمس مراتب:
الأولى: تحريكها مفصولة قولا واحدا، وبها قرأ ورش وابن ذكوان وخلف وابن كثير والكسائى.
الثانية: تسكينها قولا واحدا، وبها قرأ أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم.
الثالثة: إسكان الهاء أو وصلها بياء، وبها قرأ خلاد.
الرابعة: تحريكها من غير صلة، وبها قرأ قالون وحفص.
الخامسة: تحريكها موصولة أو مقصورة، وبها قرأ هشام.
قال السمين الحلبى وأما تسكين القاف فإنهم حملوا المنفصل على المتصل وذلك أنهم يسكنون عين (فعل) فيقولون: كبد، وكتف، وصبر، فى: كبد وكتف وصبر لأنها كلمة واحدة، ثم أجرى ما أشبه ذلك من المنفصل مجرى المتصل، فإن (يتقه) صار منه (تقه) بمنزلة (كتف) فسكن كما يسكن، ومنه:
قالت سليمى اشتر لنا سويقا بسكون الراء، كما سكن الآخر:
فبات منتصبا وما تكردسا وقول الآخر:
عجبت لمولود وليس له أب ... وذى ولد لم يلده أبوان
يريد: (منتصبا)، و (لم يلده).
وقال مكى: كان يجب على من سكن القاف أن يضم الهاء لأن هاء الكناية إذا سكن ما قبلها ولم يكن الساكن ياء ضمت نحو (منه) و (عنه)، ولكن لما كان سكون القاف عارضا لم يعتد به، وأبقى الهاء على كسرتها التى كانت عليها مع كسر القاف، ولم يصلها بياء لأن الياء المحذوفة قبل الهاء مقدرة منوية، فبقى الحذف الذى فى الياء قبل الهاء على أصله.(1/673)
بإسكان الهاء».
يعنى: وبكسرها أيضا وصلتها والإسكان هى روايته عن أبى الفتح، والثانية روايته عن أبى الحسن.
وذكر الإمام الخلاف عن حمزة، وأن الكسر وإشباع الحركة أكثر وأشهر عنه، ولم يخص ذلك برواية خلاد، ولم يذكر الشيخ عن حمزة إلا إشباع الكسرة والمراد بالإشباع فى هذه المواضع وما أشبهها: وصل الحركة بحرف مد من جنسها، والله أعلم وأحكم.
__________
وقال الفارسى: الكسرة فى الهاء لالتقاء الساكنين، وليست الكسرة التى قبل الصلة وذلك أن هاء الكناية ساكنة فى قراءته، ولما أجرى (تقه) مجرى «كتف»، وسكن القاف، التقى ساكنان، ولما التقيا اضطر إلى تحريك أحدهما، فإما أن يحرك الأول أو الثانى، ولا سبيل إلى تحريك الأول لأنه يعود إلى ما فر منه، وهو ثقل (فعل) فحرك ثانيهما (على غير) أصل التقاء الساكنين فلذلك كسر الهاء، ويؤيده قوله:
... لم يلده أبوان
وذلك أن أصله: لم (يلده) بكسر اللام وسكون الدال للجزم، ثم لما سكن اللام التقى ساكنان، فلو حرك الأول لعاد إلى ما فر منه، فحرك ثانيهما وهو الدال، وحركها بالفتح وإن كان على خلاف أصل التقاء الساكنين مراعاة لفتحة الياء. وقد رد أبو القاسم بن فيّره قول الفارسى، وقال: لا يصح قوله: إنه كسر الهاء لالتقاء الساكنين لأن حفصا لم يسكن الهاء فى قراءته قط. وقد رد أبو عبد الله شارح قصيدته هذا الرد، وقال: وعجبت من نفيه الإسكان عنه مع ثبوته عنه فى {أَرْجِهْ} [الأعراف: 111] و {فَأَلْقِهْ} [النمل: 28]، وإذا قرأه فى (أرجه) و (فألقه) احتمل أن يكون (يتقه) عنده قبل سكون القاف كذلك، وربما يرجح ذلك بما ثبت عن عاصم من قراءته إياه بسكون الهاء مع كسر القاف. قال شهاب الدين: لم يعن الشاطبى بأنه لم يسكن الهاء قط، الهاء من حيث هى هى، وإنما عنى هاء (يتقه) خاصة، وكان الشاطبى أيضا يعترض التوجيه الذى تقدم عن مكى، ويقول: تعليله حذف الصلة بأن الياء المحذوفة قبل الهاء مقدرة منوية فبقى فى حذف الصلة بعد الهاء على أصله غير مستقيم من قبل أنه قرأ (يؤدهى) [آل عمران: 75] وشبهه بالصلة، ولو كان يعتبر ما قاله من تقدير الياء قبل الهاء لم يصلها.
قال أبو عبد الله: هو وإن قرأ (يؤدهى) وشبهه بالصلة فإنه قرأ: {يَرْضَهُ} [الزمر: 7] بغير صلة، فألحق مكى (يتقه) ب (يرضه)، وجعله مما خرج فيه عن نظائره لاتباع الأثر، والجمع بين اللغتين، ويرجح ذلك عنده لأن اللفظ عليه، ولما كانت القاف فى حكم المكسورة بدليل كسر الهاء بعدها صار كأنه (يتقه) بكسر القاف والهاء من غير صلة، كقراءة قالون وهاشم فى أحد وجهيه، فعلله بما يعلل به قراءتهما، والشاطبى يرجح عنده حمله على الأكثر مما قرأ به، لا على ما قل وندر فاقتضى تعليله بما ذكر.
ينظر اللباب (14/ 433430).(1/674)
سورة النمل
قال الحافظ رحمه الله: «الكسائى (ألا يا اسجدوا) [الآية: 25] بتخفيف اللام، ويقف (ألا يا)، ويبتدئ: (اسجدوا) على الأمر» (1).
__________
(1) قرأ الكسائى بتخفيف (ألا) والباقون بتشديدها، فأما قراءة الكسائى: (ألا) فيها تنبيه واستفتاح، و (يا) بعدها حرف نداء، أو تنبيه أيضا على ما سيأتى، و (اسجدوا): فعل أمر، فكان حق الخط على هذه القراءة أن يكون: يا اسجدوا، ولكن الصحابة أسقطوا ألف (يا) وهمزة الوصل من (اسجدوا) خطا لما سقط لفظا، ووصلوا الياء بسين (اسجدوا) فصارت صورته: (يسجدوا) كما ترى، فاتحدت القراءتان لفظا وخطا، واختلفا تقديرا. واختلف النحويون فى (يا) هذه، هل هى حرف تنبيه أو للنداء والمنادى محذوف، تقديره: يا هؤلاء اسجدوا والمرجح أن تكون للتنبيه لئلا يؤدى إلى حذف كثير من غير بقاء ما يدل على المحذوف ألا ترى أن جملة النداء حذفت، فلو ادعيت حذف المنادى كثر الحذف، ولم يبق معمول يدل على عامله، بخلاف ما إذا جعلتها للتنبيه. ولكن عارضنا هنا أن قبلها حرف تنبيه آخر، وهو (ألا)، وقد اعتذر عن ذلك بأنه جمع بينهما تأكيدا، وإذا كانوا قد جمعوا بين حرفين عاملين للتأكيد، كقوله:
فأصبحن لا يسألننى عن بما به فغير العاملين أولى، وأيضا فقد جمعوا بين حرفين عاملين متحدى اللفظ والمعنى كقوله:
فلا والله لا يلفى لما بى ... ولا للما بهم أبدا دواء
فهذا أولى، وقد كثر مباشرة (يا) لفعل الأمر، وقبلها (ألا) التى للاستفتاح، كقوله:
ألا يا اسلمى ثم اسلمى ثمت اسلمى ... ثلاث تحيات وإن لم تكلّم
وقوله:
ألا يا اسلمى يا دار مى على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر
وقوله:
ألا يا اسلمى ذات الدماليج والعقد ... وذات اللثاث الغرّ والفاحم الجعد
وقوله:
ألا يا اسلمى يا هند هند بنى بكر ... وإن كان حيّانا عدى آخر الدهر
وقوله:
ألا يا اسقيانى قبل خيل أبى بكر ... لعل منايانا قربن ولا ندرى
وقوله:
ألا يا اسقيانى قبل غارة سنجال وقوله:
فقالت ألا يا اسمع أعظك بخطبة ... وقلت سمعنا فانطقى وأصيبى
وقد جاء ذلك وإن لم يكن قبلها (ألا) كقوله:
يا دار هند يا اسلمى ثم اسلمى ... بسمسم أو عن يمين سمسم
فعلم أن قراءة الكسائى قوية لكثرة دورها فى لغتهم، وقد سمع ذلك فى النثر، سمع(1/675)
__________
بعضهم يقول: ألا يا ارحمونى، ألا يا تصدقوا علينا، وأما قوله:
يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحين على سمعان من جار
فيحتمل أن تكون (يا) للنداء، والمنادى محذوف، وأن تكون للتنبيه، وهو الأرجح لما مر. واعلم أن الوقف عند الكسائى على (يهتدون) تام، وله أن يقف على (ألا يا) معا، ويبتدئ (اسجدوا) بهمزة مضمومة. وله أن يقف على (ألا) وحدها، وعلى (يا) وحدها لأنهما حرفان منفصلان، وهذان الوقفان وقفا اختبار لا اختيار لأنهما حرفان لا يتم معناهما إلا بما يتصلان به، وإنما فعله القراء امتحانا وبيانا. فهذا توجيه قراءة الكسائى، والخطب فيها سهل. وأما قراءة الباقين فتحتاج إلى إمعان نظر، وفيها أوجه كثيرة:
أحدها: أن (ألا) أصلها: أن لا، ف «أن» ناصبة للفعل بعدها ولذلك سقطت نون الرفع، و (لا) بعدها حرف نفى، وأن وما بعدها فى موضع مفعول (يهتدون) على إسقاط الخافض أى: إلى أن لا يسجدوا، و (لا) مزيدة كزيادتها فى: {لِئَلََّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتََابِ} [الحديد:
29]، والمعنى: فهم لا يهتدون إلى أن يسجدوا.
الثانى: أنه بدل من (أعمالهم) وما بينهما اعتراض تقديره: وزين لهم الشيطان عدم السجود لله.
الثالث: أنه بدل من (السبيل) على زيادة (لا) أيضا، والتقدير: فصدهم عن السجود لله.
الرابع: أن «ألا يسجدوا» مفعولا له، وفى متعلقه وجهان:
أحدهما: أنه (زين)، أى: زين لهم لأجل ألا يسجدوا.
والثانى: أنه متعلق ب (صدهم)، أى: صدهم لأجل أن لا يسجدوا، وفى (لا) حينئذ وجهان:
أحدهما: أنها ليست مزيدة، بل باقية على معناها من النفى.
والثانى: أنها مزيدة، والمعنى: وزين لهم لأجل توقعه سجودهم، أو لأجل خوفه من سجودهم.
وعدم الزيادة أظهر.
الخامس: أنه خبر مبتدأ مضمر، وهذا المبتدأ إما أن يقدر ضميرا عائدا على (أعمالهم)، التقدير: هى ألا يسجدوا فتكون (لا) على بابها من النفى، وإما أن يقدر ضميرا عائدا على (السبيل)، التقدير: هو أن لا يسجدوا فتكون (لا) مزيدة على ما تقدم ليصح المعنى.
وعلى الأوجه الأربعة المتقدمة لا يجوز الوقف على (يهتدون) لأن ما بعده إما معمول له أو لما قبله من (زين) و (صد)، أو بدل مما قبله أيضا من (أعمالهم) أو من (السبيل) على ما قرر، بخلاف الوجه الخامس فإنه مبنى على مبتدأ مضمر، وإن كان ذلك الضمير مفسرا بما سبق قبله، وقد كتبت (ألا) موصولة غير مفصولة، فلم تكتب (أن) منفصلة من (لا) فمن ثم: امتنع أن يوقف هؤلاء فى الابتلاء والامتحان على (أن) وحدها لاتصالها ب «لا» فى الكتابة، بل يوقف لهم على (ألا) بجملتها، كذا قال القراء والنحويون متى سئلوا عن مثل ذلك وقفوا لأجل البيان على كل كلمة على حدتها لضرورة البيان، وكونها كتبت متصلة ب (لا) غير مانع من ذلك. ثم قول القراء: كتبت متصلة فيه تجوز وتسامح لأن حقيقة هذا أن يثبتوا صورة نون ويصلونها ب «لا»، فيكتبونها: (أنلا)، ولكن لما أدغمت فيما بعدها(1/676)
قال فى «التحبير»: «رسم ذلك فى سائر المصاحف موصولا».
يعنى أن الياء موصولة بالسين فعلى هذا يكون وقف الكسائى مخالفا لخط المصحف لأنه يفصل الياء من السين ويلحقها ألفا.
وأما قراءة الجماعة فذكر فى «التحبير» أن الوقف لهم {أَلََّا} بلام مشددة، والابتداء {يَسْجُدُوا} بياء مفتوحة متصلة بالسين.
وقال فى آخر الفصل فى كتاب «التحبير»: حدثنا محمد بن أحمد (1)، قال: حدثنا
__________
لفظا، وذهب لفظها إلى لفظ ما بعدها قالوا ذلك تسامحا. وقد رتب أبو إسحاق على القراءتين حكما، وهو وجوب سجود التلاوة وعدمه: فأوجبه مع قراءة الكسائى، وكأنه لأجل الأمر به، ولم يوجبه فى قراءة الباقين لعدم وجود الأمر فيها، إلا أن الزمخشرى لم يرتضه منه فإنه قال: فإن قلت: أسجدة التلاوة واجبة فى القراءتين جميعا أو فى واحدة منهما؟ قلت: هى واجبة فيهما، وإحدى القراءتين أمر بالسجود، والأخرى ذم للتارك، وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد مرجوع إليه.
قال شهاب الدين: وكأن الزجاج أخذ بظاهر الأمر، وظاهره الوجوب، وهذا لو خلينا الآية لكان السجود واجبا، ولكن دلت السنة على استحبابه دون وجوبه، على أنا نقول: هذا مبنى على نظر آخر، وهو أن هذا الأمر من كلام الله تعالى أو من كلام الهدهد محكيا عنه؟ فإن كان من كلام الله تعالى فيقال: يقتضى الوجوب إلا أن يجيء دليل يصرفه عن ظاهره، وإن كان من كلام الهدهد وهو الظاهر ففي انتهاضه دليلا نظر، وهذا الذى ذكروه ليس بشيء لأن المراد بالسجود هاهنا عبادة الله لا عبادة الشمس، وعبادة الله واجبة، وليس المراد من الآية سجود التلاوة، وأين كانت التلاوة فى زمن سليمان عليه السلام ولم يكن ثمّ قرآن؟! وقرأ الأعمش: (هلّا) و (هلا) بقلب الهمزة هاء مع تشديد (لا) وتخفيفها، وكذا هى فى مصحف عبد الله. (وقرأ عبد الله) (تسجدون) بتاء الخطاب ونون الرفع، وقرئ كذلك بالياء من تحت، فمن أثبت نون الرفع ف (ألا) بالتشديد أو التخفيف للتحضيض، وقد تكون المخففة للعرض أيضا، نحو: ألا تنزل عندنا فتحدّث، وفى حرف عبد الله أيضا: (ألا هل تسجدون) بالخطاب.
قوله: (الذى يخرج الخبء) يجوز أن يكون مجرور المحل نعتا (لله) أو بدلا منه أو بيانا، ومنصوبة على المدح، ومرفوعه على خبر ابتداء مضمر.
ينظر اللباب (5/ 147142).
(1) محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، أبو الحسين الملطى الشافعى، نزيل عسقلان، فقيه مقرئ متقن ثقة، أخذ القراءة عرضا عن ابن مجاهد وابن الأنبارى، وأخذ القراءة عنه عرضا الحسن بن ملاعب الحلبى، وروى عنه الحروف عبيد الله بن سلمة المكتب، وسمع خيثمة الأطرابلسى وأحمد بن مسعود الوزان، وروى عنه عبيد الله بن سلمة المكتب وإسماعيل ابن رجاء وعمر بن أحمد الواسطى، قال الدانى: مشهور بالثقة والإتقان، سمعت إسماعيل ابن رجاء يقول كان كثير العلم كثير التصنيف فى الفقه، وكان يتفقه للشافعى وكان يقول(1/677)
محمد بن القاسم الأنبارى قال: «من قرأ {أَلََّا يَسْجُدُوا} بالتثقيل وقف {أَلََّا يَسْجُدُوا}، وهذا معنى قوله فى «التيسير»: «ويقفون على الكلمة بأسرها».
قال الحافظ رحمه الله: (فما آتين الله) [36] أثبتها مفتوحة فى الوصل ساكنة فى الوقف، قالون وحفص وأبو عمرو بخلاف عنهم».
يعنى فى الوقف.
وذكر الحافظ فى كتاب «التحبير» هذه الياء فى جملة الياءات المحذوفات من الرسم فعلى هذا يكون وقف من أثبتها فى الوقف مخالفا لخط المصحف، وهذه المسألة والتى قبلها تلحقان بباب الوقف على مرسوم الخط على ما ذكر فى آخر الباب هناك، وذكر الحافظ الخلاف فى الوقف عن قالون وحفص وأبى عمرو، ويظهر أن الإثبات عنده أرجح، وكذلك فعل الإمام، ويظهر أن الحذف عنده أرجح.
وأما الشيخ فلم يذكر عنهم فى الوقف إلا إثبات الياء خاصة، ثم قال: «وقد قال ابن مجاهد: إن من فتح الياء يقف بياء».
ثم قال «فيجب على قوله: أن يقف ورش بالياء».
وذكر الحافظ هذه الياء هنا فى الزوائد بناء على كونها محذوفة فى الخط، ولأنها تحذف فى الوقف، وذكرها فيما تقدم فى باب ياءات الإضافة وفى باب الزوائد أيضا وكذلك ذكرها الشيخ فى ياءات الإضافة، ثم عدها فى الزوائد، وإنما جعلها من ياءات الإضافة لأنها ضمير المتكلم، وعدها من المحذوفات لسقوطها من الرسم، والله عز جلاله وجل كماله أعلم.
__________
الشعر، قلت ابن الجزرى له قصيدة عارض بها أبا مزاحم الخاقانى، أنشدنيها الشيخ أبو المعالى المقرئ شفاها عن ست الدار الوجيهية عن إبراهيم بن وثيق عن ابن زرقون عن الخولانى عن أبى عمرو قال أنشدنى إياها عبيد الله من لفظه، وأنشدنيها بمصر أبو محمد إسماعيل بن رجاء من حفظه قالا: أنشدنا أبو الحسين الملطى، وأولها:
أقول لأهل اللب والفضل والحجر ... مقال مريد للثواب وللأجر
وأسأل ربى عفوه وعطاءه ... وطرد دواعى العجب عنى والكبر
وأدعوه خوفا راغبا بتذلل ... ليغفر لى ما كان من سيئ الأمر
وأسأله عونا كما هو أهله ... أعوذ به من آفة القول والفخر
مات بعسقلان سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
ينظر غاية النهاية (2/ 67) (2739).(1/678)
وأما قول الإمام فى آخر هذه السورة: «فيها ثلاث محذوفات».
فيعنى الياء من {أَتُمِدُّونَنِ} [الآية: 36]، والياء من (فما آتين) [الآية: 36] والياء من {وََادِ النَّمْلِ} [الآية: 18]، وذلك أن الكسائى يثبت هذه الثالثة (1) فى الوقف، وقد تقدم هذا فى باب الوقف على مرسوم الخط، ولم يعد الحافظ والشيخ هذه الياء الثالثة فى الزوائد لأنها لا تثبت فى الوصل، وهذا الذى فعل الإمام يقتضى أن يعد الياءات التى أثبت ابن كثير فى قوله تعالى: {هََادٍ} [الرعد: 7] و {وََالٍ}
[الرعد: 11] و {وََاقٍ} [الرعد: 37] و {بََاقٍ} [النحل: 96] فى جملة الزوائد، ولم يفعل [ذلك] (2) والله جل وعلا وتبارك وتعالى أعلم.
سورة القصص
قال الحافظ رحمه الله: «و [قرأ] أبو عمرو {أَفَلََا يَعْقِلُونَ} [60] بالياء».
وحكى الشيخ والإمام أن أبا عمرو خير بين الياء والتاء، وأن الأولى أشهر عنه، أعنى المعجمة من أسفل، والله سبحانه أعلم وأحكم.
سورة الروم
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {وَكَذََلِكَ تُخْرَجُونَ} [الآية: 19]:
«وكذلك قال النقاش عن الأخفش هنا خاصة».
يعنى عن (3) ابن ذكوان أنه يقرأ: {تُخْرِجُونَ} بفتح التاء وضم الراء، وهذا التقييد يقتضى أنه يقرؤه أيضا بضم التاء وفتح الراء، كما نقل الشيخ والإمام.
قال الحافظ رحمه الله: «ابن عامر بخلاف عن هشام: {كِسَفاً} [48] بإسكان السين».
لم يذكر الشيخ والإمام خلافا عن هشام فى إسكان السين.
قال الحافظ رحمه الله: «{وَلََا تُسْمِعُ الصُّمَّ} [الروم: 52] و {وَمََا أَنْتَ بِهََادِ الْعُمْيِ} [الروم: 53]، قد ذكرا».
يعنى: فى النمل، والذى يحتاج إليه هذا الموضع من التنبيه: أن الحافظ ذكر فى
__________
(1) فى ب: الياء.
(2) سقط فى أ.
(3) فى أ: أن.(1/679)
التحبير أن المصاحف أجمعت على رسم {بِهََادِ الْعُمْيِ} بغير ياء فى هذه السورة، وكذلك ذكر الشيخ فى التبصرة فعلى هذا يكون وقف حمزة والكسائى هنا بالياء مخالفا لخط المصحف، وقد زاد الإمام عن الكسائى أنه وقف فى الروم بغير ياء، وأما الحرف الذى فى النمل، فأجمعت المصاحف على رسمه بالياء، وكذلك وقف عليه جميع القراء.
وقال الشيخ: «وقد روى عن الكسائى أنه وقف عليهما بغير ياء».
يعنى فى السورتين، ثم ذكر أن مذهب أبى الطيب الوقف عليهما بالياء، وهذا الموضع من الموعود به فى آخر باب الوقف على مرسوم الخط.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {مِنْ ضَعْفٍ} [الآية: 54]: «وبالوجهين يأخذ له».
يعنى لحفص.
وقال الإمام: «وبالوجهين قرأت له».
وذكر الشيخ المسألة، ولم يذكر لنفسه فى التبصرة قراءة ولا اختيارا.
إلا أنه قال فى المفردات: «إن حفصا قرأ بالضم كقالون».
وكذا مقتضى قوله فى كتاب التذكرة، فيظهر من هذا أنه يأخذ بالضم، والله العلى العظيم أعلم وأحكم.
سورة الأحزاب
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {اللََّائِي} [الآية: 4] (1): «إلا ورشا فإن
__________
(1) قرأ الكوفيون وابن عامر: (اللائى) هاهنا وفى سورة الطلاق بياء ساكنة بعد همزة مكسورة، وهذا هو الأصل فى هذه اللفظة لأنه جمع (التى) معنى، وأبو عمرو والبزى: (اللائى) بياء ساكنة وصلا بعد ألف محضة فى أحد وجهيهما، ولهما وجه آخر، ووجه هذه القراءة أنهما حذفا الياء بعد الهمزة تخفيفا، ثم أبدلا الهمزة ياء وسكناها لصيرورتها ياء مكسورا ما قبلها، إلا أن هذا ليس بقياس وإنما القياس جعل الهمزة بين بين.
قال أبو على: لا يقدم على مثل هذا البدل إلا أن يسمع. قال شهاب الدين: قال أبو عمرو بن العلاء: إنها لغة قريش التى أمر الناس أن يقرءوا بها. وقال بعضهم: لم يبدلوا، وإنما كتبوا فعبر عنهم القرآن بالإبدال. وليس بشيء. وقال أبو على: أو غير بإظهار أبى عمرو (اللائى يئسن) يدل على أنه يشهد ولم يبدل. وهذا غير لازم لأن البدل عارض فلذلك لم يدغم.
وقرأها ورش بهمزة مسهلة بين بين، وهذا الذى زعم بعضهم أنه لم يصح عنهم غيره،(1/680)
المد والقصر جائزان فى مذهبه لما ذكرناه فى باب الهمزتين».
يعنى قوله فى باب الهمزتين من كلمتين: «ومتى سهلت الهمزة الأولى من المتفقتين أو أسقطت فالألف التى قبلها ممكنة على حالها مع تحقيقها اعتدادا بها، ويجوز أن تقصر الألف لعدم الهمزة لفظا، والأول أوجه، وقال الإمام فى هذه المسألة: «وكلهم مد غير ورش».
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] حمزة وأبو عمرو (الظنون) (1) [الآية: 10] و (الرسول) [الآية: 66] و (السبيل) [الآية: 67] بحذف الألف فى الحالين فى الثلاثة، وابن كثير وحفص والكسائى بحذفها فيهن فى الوصل خاصة، والباقون بإثباتها فى الحالين».
وقال فى التحبير: «رسمت هذه الثلاثة المواضع فى هذه السورة خاصة بالألف، كما حدثنا خلف بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد المكى قال: حدثنا على
__________
وهو تخفيف قياسي، وإذا وقفوا سكنوا الهمزة، ومتى سكنوها استحال تسهيلها بين بين، لزوال حركتها فتقلب ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة، وليس هذا من مذهبهم تخفيفها فتقرأ همزة، وقرأ قنبل وورش بهمزة مكسورة دون ياء، حذف الياء واجتزأ عنها بالكسرة، وهذا الخلاف بعينه جار فى المجادلة أيضا والطلاق.
ينظر اللباب (15/ 499498).
(1) قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر بإثبات ألف بعد نون (الظنون) ولام (الرسول) فى قوله:
{وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب: 66] ولام (السبيل) فى قوله: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}
[الأحزاب: 67] وصلا ووقفا موافقة للرسم لأنهن رسمن فى المصحف كذلك، وأيضا فإن هذه الألف تشبه هاء السكت لبيان الحركة، وهاء السكت تثبت وقفا للحاجة إليها، وقد ثبتت وصلا إجراء للوصل مجرى الوقف فكذلك هذه الألف، وقرأ أبو عمرو وحمزة بحذفها فى الحالين لأنها لا أصل لها. وقولهم: أجريت الفواصل مجرى القوافى، غير معتد به لأن القوافى يلتزم الوقف عليها غالبا، والفواصل لا يلزم ذلك فيها فلا تشبه بها، والباقون بإثباتها وقفا وحذفها وصلا إجراء للفواصل مجرى القوافى فى ثبوت ألف الإطلاق كقوله:
أستأثر الله بالوفاء وبالعدل ... وولى الملامة الرجلا
وقوله:
أقلى اللوم عاذل والعتابا ... وقولى إن أصبت لقد أصابا
ولأنها كهاء السكت، وهى تثبت وقفا وتحذف وصلا، قال شهاب الدين: (كذا يقولون تشبيها للفواصل بالقوافى، وأنا لا أحب هذه العبارة فإنها منكرة لفظا).
ولا خلاف فى قوله (وهو يهدى السبيل) أنه بغير ألف فى الحالين.
ينظر اللباب (15/ 511).(1/681)
ابن عبد العزيز (1)، قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، قال: رأيتهن ثلاثتهن فى الذى يقال له «الإمام»: مصحف عثمان بن عفان رضى الله عنه بالألف».
فعلى هذا يكون من حذف الألف فى الحالين أو فى الوصل خاصة، قد خالف الخط، وهذا الموضع من المواضع الموعود بها فى آخر باب الوقف على مرسوم الخط، والله عز وعلا وتبارك وتعالى أعلم وأحكم.
سورة يس
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] أبو بكر وحمزة والكسائى {يس} (2) [الآية:
__________
(1) على بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور: الإمام، الحافظ، الصدوق، أبو الحسن البغوى، نزيل مكة.
ولد سنة بضع وتسعين ومائة.
وسمع: أبا نعيم، وعفان، والقعنبى، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، وأبا عبيد، وأحمد بن يونس، وعلى بن الجعد، وعاصم بن على، وطبقتهم.
وجمع، وصنف (المسند) الكبير، وأخذ القراءات عن أبى عبيد وغيره.
سمع منه الحروف: أحمد بن التائب، وإبراهيم بن عبد الرزاق، وأبو سعيد ابن الأعرابى، وأبو إسحاق بن فراس، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وأحمد بن خالد ابن الجباب.
وحدث عنه أيضا: على بن محمد بن مهرويه القزوينى، وأبو على حامد الرفاء وعبد المؤمن بن خلف النسفى، وأبو الحسن على بن إبراهيم بن سلمة القطان، وأبو القاسم الطبرانى، وخلق كثير من الرحالة والوفد.
وكان حسن الحديث. قال الدارقطنى: ثقة مأمون. وقال ابن أبى حاتم: كتب إلينا بحديث أبى عبيد، وكان صدوقا.
مات سنة ست وثمانين ومائتين، وقيل: سنة سبع.
ينظر: سير أعلام النبلاء (13/ 348، 349)، والجرح والتعديل (6/ 196)، معجم الأدباء (14/ 1411)، تذكرة الحفاظ (2/ 623622)، ميزان الاعتدال (3/ 143)، لسان الميزان (4/ 241)، شذرات الذهب (2/ 193).
(2) وأمال الياء من (يس) الأخوان، وأبو بكر لأنها اسم من الأسماء.
قال الفارسى: وإذا أمالوا (يا) وهى حرف نداء فلأن يميلوا (يا) من (يس) أجدر.
وقرأ عيسى وابن أبى إسحاق بفتح النون إما على البناء على الفتح تخفيفا ك (أين وكيف) وإما على أنه مفعول ب (اتل) وإما على أنه مجرور بحرف القسم، وهو على الوجهين غير منصرف للعلمية والتأنيث، ويجوز أن يكون منصوبا على إسقاط حرف القسم كقوله:
... أمانة الله الثريد
وقرأ الكلبى بضم النون، فقيل: على أنها خبر مبتدأ مضمر، أى: هذه يس، ومنعت من الصرف.(1/682)
1] بإمالة فتحة الياء»، قال الشيخ: «إلا أن حمزة أقرب إلى بين اللفظين».
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {يَخِصِّمُونَ} [الآية: 49]: «والنص عن قالون بالإسكان»، قال الإمام: «قرأ قالون بالإسكان مثل حمزة»، ثم قال: «وقرأتها له أيضا مختلسة».
وذكر الشيخ الإسكان عن قالون، ثم قال: «وهذه ترجمة لا يستطاع اللفظ بها، وأحسن منها لقالون أنه أخفى حركة الخاء وشدد الصاد، وكذلك قرأ أبو عمرو مثل قالون، وقيل عن أبى عمرو: إنه اختلس حركة الخاء». انتهى كلام الشيخ.
وقوله: «لا يستطاع اللفظ بها».
يريد: لما يلزم من التقاء الساكنين، لكنه يلزمه أن يقول مثله فى قراءة حمزة:
(وما اسطّاعوا) بتشديد الطاء فى آخر الكهف [الآية: 97]، ولا خلاف فى تشديد الصاد عن قالون وغيره سوى حمزة. والله سبحانه وله الحمد أعلم وأحكم.
سورة الصافات
قال الحافظ رحمه الله: «وأقرأنى أبو الفتح فى رواية خلاد: {فَالتََّالِيََاتِ ذِكْراً} [3] {فَالْمُغِيرََاتِ صُبْحاً} [العاديات: 3] بالإدغام».
وذكر [الشيخ] (1) فى «المفردات» أنه قرأهما على طاهر بن غلبون بالإظهار.
__________
وقيل: بل هى حركة بناء ك (حيث) فيجوز أن (يكون) خبرا كما تقدم، وأن يكون مقسما بها نحو: (عهد الله، لأفعلن).
وقيل: لأنها منادى فبنيت على الضم ولهذا فسرها الكلبى القارئ لها ب (يا إنسان).
قال: وهى لغة طيئ. قال الزمخشرى: إن صح معناه فوجهه أن يكون أصله:
يا أنيسين، فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره كما قالوا فى القسم:
(م الله) فى: ايمن الله.
قال أبو حيان: والذى نقل عن العرب فى تصغير «إنسان» أنيسان، بياء بعدها ألف فدل أن أصله: أنسيان لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، ولا نعلم أنهم قالوا فى تصغيره:
أنيسين. وعلى تقدير أنه يصغر كذلك فلا يجوز ذلك إلا أن يبنى على الضم لأنه منادى مقبل عليه، ومع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير، ويمتنع من ذلك فى حق النبوة.
قال شهاب الدين: أما الاعتراض الأخير فصحيح، نصوا على أن التصغير لا يدخل فى الأسماء المعظمة شرعا ولذلك يحكى أن ابن قتيبة (لما قال) فى «المهيمن» إنه مصغر من (مؤمن)، والأصل: مؤيمن، فأبدلت الهمزة هاء قيل له: هذا يقرب من الكفر فليتق الله قائله. ينظر: اللباب (16/ 164162).
(1) سقط فى ب.(1/683)
قال: «وهو المعروف».
ولم يذكر الشيخ والإمام عن خلاد فى المرسلات والعاديات إلا الإظهار.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] ابن ذكوان من قراءتى على الفارسى عن النقاش عن الأخفش عنه: {وَإِنَّ إِلْيََاسَ} [الآية: 123] بحذف الهمزة» (1) يعنى من أول الاسم، إلى قوله: «والله أعلم بما أراد».
هذا الكلام ظاهر فى التشكك فى قول ابن ذكوان بحذف الهمزة، وقال فى «المفردات»: «إنه قرأ (2) بلا همز فى وسط الاسم»، يريد: بين الياء والسين، وإن البغداديين ظنوا أنه أراد بلا همز فى أول الاسم، وإن ابن ذكوان لم يرد إلا بلا همز فى وسطه، وقال أيضا فى «المفردات»: إنه يأخذ بالهمز، واستدل على صحة ذلك بإجماع الآخذين عنه من أهل بلده بالهمز فى أوله، وإثبات الهمز فى أوله هو مذهب الشيخ والإمام، والله عز جلاله وجل كماله أعلم وأحكم.
سورة الزمر
ذكر الحافظ رحمه الله فى ترجمة {يَرْضَهُ لَكُمْ} (3) [الآية: 7] عن هشام:
الاختلاس والإسكان، وعن أبى عمر الدورى عن اليزيدى عن أبى عمرو: الإسكان والإشباع.
__________
(1) قرأ العامة (إلياس) بهمزة مكسورة همزة قطع، وابن ذكوان بوصلها، ولم ينقلها عنه أبو حيان، بل نقلها عن جماعة غيره، ووجه القراءتين: أنه اسم أعجمى تلاعبت به العرب فقطعت همزته تارة ووصلتها أخرى، وقالوا فيه (إلياسين) كجبرائين، وقيل: تحتمل قراءة الوصل أن يكون اسمه: ياسين، ثم دخلت عليه (أل) المعرّفة كما دخلت على (يسع).
ينظر اللباب (16/ 339).
(2) فى أ: قصد.
(3) قرأ ابن كثير والكسائى وابن ذكوان (يرضهو) بالصلة. وهى الأصل من غير خلاف وهى قراءة واضحة. قال الواحدى: من أشبع الهاء حتى ألحق فيها واوا لأن ما قبل الهاء متحرك فصار بمنزلة: ضربه.
وقرأ: (يرضه) بضم الهاء من غير صلة بلا خلاف، نافع وعاصم وحمزة.
وقرأ (يرضه) بإسكانها وصلا من غير خلاف، السوسى عن أبى عمرو.
وقرأ بالوجهين أعنى الإسكان والصلة الدورى عن أبى عمرو.
وقرأ بالإسكان والتحريك من غير صلة، هشام عن ابن عامر.
ينظر: اللباب (16/ 479478).(1/684)
ولم يذكر الشيخ والإمام الإسكان عن واحد منهما.
قال الحافظ رحمه الله: «[قرأ] أبو شعيب (فبشر عبادى الذين) [الآية:
1817] بياء مفتوحة فى الوصل ساكنة فى الوقف» إلى آخر الكلام.
ذكر الحافظ فى «التحبير» أنه رسم بغير ياء: فمن روى إثبات الياء فى الوصل، أو فى الوقف فقد خالف الخط، وهذا الموضع من المواضع الموعود بها فى آخر باب الوقف على مرسوم الخط، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
سورة السجدة
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (آعجمىّ) [فصلت: 44]: «على أن بعض أهل الأداء من أصحابنا يأخذ لابن ذكوان بإشباع المد هنا، وفى {ن وَالْقَلَمِ}
[القلم: 21]» إلى آخر كلامه.
الأخذ بإشباع المد لابن ذكوان فى هذين الموضعين هو مذهب الشيخ ومذهب الإمام، والله لا إله إلا هو أعلم وأحكم.
سورة الزخرف
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة: {أَشَهِدُوا} [الآية: 19]: «وقالون من رواية أبى نشيط بخلاف عنه يدخل قبلها ألفا».
إدخال الألف هى قراءته على أبى الفتح، وترك الألف هى قراءته على أبى الحسن، وقد نبه الشيخ على وجود الخلاف، إلا أن مذهبه ومذهب الإمام ترك الألف.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة: {لَمََّا مَتََاعُ} [الآية: 35]: «وهشام بخلاف».
لم يذكر الشيخ والإمام عن هشام إلا التشديد.
قال الحافظ رحمه الله: «{يََا عِبََادِ لََا خَوْفٌ} [الآية: 68]: فتحها أبو بكر فى الوصل» إلى آخر كلامه.
لم يذكر هنا كيف يصنع أبو بكر فى الوقف، هل يسكنها أو يحذفها؟ وقد ذكر فى باب الياءات الزوائد أنه يسكنها فى الوقف فاكتفى بذلك عن التكرار هنا، وذكر فى التحبير بسنده عن محمد بن أحمد عن ابن الأنبارى أنه فى مصاحف أهل المدينة
بياء، وفى مصاحفنا يعنى: أهل العراق بغير ياء.(1/685)
لم يذكر هنا كيف يصنع أبو بكر فى الوقف، هل يسكنها أو يحذفها؟ وقد ذكر فى باب الياءات الزوائد أنه يسكنها فى الوقف فاكتفى بذلك عن التكرار هنا، وذكر فى التحبير بسنده عن محمد بن أحمد عن ابن الأنبارى أنه فى مصاحف أهل المدينة
بياء، وفى مصاحفنا يعنى: أهل العراق بغير ياء.
ثم ذكر الحافظ أنه فى مصاحف أهل الشام بالياء، فعلى هذا يكون حيث ثبت من المصاحف أى: من مصاحف المدينة والشام وغيرهما حاشا مصاحف أهل العراق فتكون من ياءات الإضافة، [وإذا وجدت] (1) فى مصاحف أهل العراق [حسب فتكون] (2) من الزوائد، والله [عز وجهه وجل ذكره] (3) أعلم [وأحكم] (4).
سورة الأحقاف
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة: {لِيُنْذِرَ} [الآية: 12]: «والبزى بخلاف عنه».
وذكر فى «المفردات» عن البزى (لتنذر) بالتاء المعجمة من فوق، ثم قال:
«وأقرأنى الفارسى بالياء»، ثم قال: «وبالأول آخذ»، ومذهب الشيخ والإمام بالتاء المعجمة من فوق.
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {أَذْهَبْتُمْ} [الآية: 20]: «وابن كثير وهشام بهمزة ومدة».
ثم قال: «وهشام أطول مدا على أصله».
أراد: فى مذهب ابن كثير بهمزة محققة وهمزة ملينة، فسمى الملينة مدا، وأراد فى مذهب هشام بهمزة محققة وبعدها ألف ساكنة، وبعد الألف الساكنة همزة ملينة، فسمى مجموع الساكنة والهمزة الملينة مدة، وإنما كان هشام أطول مدا من ابن كثير من أجل الألف التى قبل الهمزة الملينة.
وقوله: «على أصله» يعنى فى باب {أَأَنْذَرْتَهُمْ}، وهذه المسامحة فى تسمية الهمزة الملينة: مدة، جارية على ما تقدم فى «آل عمران»، والله عز وجل أعلم وأحكم.
__________
(1) فى أ: وقد يكون.
(2) سقط فى أ.
(3) سقط فى ب.
(4) سقط فى ب.(1/686)
سورة محمد صلى الله عليه وسلم
ذكر الحافظ رحمه الله عن البزى {آنِفاً} [الآية: 16] بالقصر من قراءته على أبى الفتح، وبالمد من قراءته على الفارسى (1)، ومن رواية الخزاعى، وقال: «وبه آخذ» يعنى بالمد، وهو مذهب الشيخ والإمام إذ لم يتعرض لها واحد منهما، كما لم يتعرض لها الحافظ فى «مفرداته»، والله تقدست أسماؤه وتعالى علاؤه أعلم وأحكم.
سورة ق
قال الحافظ رحمه الله فى آخرها: «وقال النقاش عن أبى ربيعة عن البزى وابن مجاهد عن قنبل: {يُنََادِي} [الآية: 41] بالياء فى الوقف».
ونحو هذا ذكر فى المفردات، وذكر فى التحبير أنه رسم بغير ياء.
ثم قال: «واختلف عن ابن كثير فى الوقف عليه، فوقفت على عبد العزيز ابن جعفر فى رواية البزى عن أصحابه عنه من قراءته على أبى بكر محمد بن الحسن النقاش عن أبى ربيعة عن البزى: بالياء.
وحدثنا عبد العزيز بن جعفر، قال: حدثنا عبد الواحد بن عمر، قال: حدثنا ابن مخلد عن البزى: {يُنََادِي} بالياء.
قال ابن مخلد: فسألته عن الوقف يعنى: البزى فقال: بالياء.
وكذلك روى الحلوانى عن القواس (2)، وكذلك حكى ابن مجاهد فى كتاب
__________
(1) قوله: {آنِفاً}، فيه وجهان:
أحدهما: أنه منصوب على الحال، فقدره أبو البقاء: ماذا قال مؤتنفا، وقدره غيره:
مبتدئا. أى: القول الذى ائتنفه الآن قبل انفصاله عنه.
الثانى: أنه منصوب على الظرف، أى: ماذا قال الساعة قاله الزمخشرى، وأنكره الشيخ، قال: لأنا لم نعلم أحدا عده من الظروف. واختلفت عباراتهم فى معناه: فظاهر عبارة الزمخشرى: أنه ظرف حالى كالآن ولذلك فسره بالساعة، وقال ابن عطية: والمفسرون يقولون آنفا، معناه: الساعة الماضية القريبة منا، وهذا تفسير بالمعنى.
وقرأ البزى بخلاف عنه (أنفا) بالقصر، والباقون بالمد، وهما لغتان بمعنى واحد، وهما اسما فاعل: كحاذر وحذر، وآسن وأسن، إلا أنه لم يستعمل لهما فعل مجرد، بل المستعمل: ائتنف يأتنف، واستأنف يستأنف، والائتناف والاستئناف: الابتداء. قال الزجاج: هو من: استأنفت الشيء إذا ابتدأته، أى: ماذا قال فى أول وقت يقرب منا.
ينظر الدر المصون (6/ 152).
(2) أحمد بن محمد بن علقمة بن نافع بن عمر بن صبح بن عون، أبو الحسن النبال المكى المعروف بالقواس، إمام مكة فى القراءة، قرأ على وهب بن واضح، وقرأ عليه المبهج(1/687)
«الجامع» عن ابن كثير أنه يقف بالياء.
وقال فى كتاب «قراءة المكيين» عن قنبل بالياء، وعن الخزاعى بغير ياء.
ولم يذكره فى كتاب «السبعة»، ولم يرو فى ذلك عن الباقين نصا إلا ما رويناه من اتباعهم للمرسوم عند الوقف، فذلك دليل على أن الوقف بغير ياء». انتهى قول الحافظ فى التحبير.
ولم يتعرض الشيخ والإمام لهذه المسألة فالحاصل أنهما لا يثبتانها فى الوقف، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
سورة الطور
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {الْمُصَيْطِرُونَ} [الآية: 37]: «وحفص بخلاف عنه».
قرأ الحافظ (المسيطرون) بالسين لحفص على فارس بن أحمد، وبالصاد على أبى الحسن، ومذهب الشيخ والإمام بالصاد.
وقرأ الحافظ لخلاد بين الصاد والزاى على أبى الحسن، وبالصاد الخالصة على أبى الفتح، ومذهب الشيخ والإمام بين الصاد والزاى، والله سبحانه وله الحمد أعلم وأحكم.
سورة النجم
اتفق الحافظ والشيخ والإمام على أنه يجوز فى الابتداء ب {الْأُولى ََ}، من قوله تعالى: {عََاداً الْأُولى ََ} (1) [الآية: 50] على مذهب ورش وأبى عمرو {الْوَلِيُّ}
بإثبات همزة الوصل مفتوحة وضم اللام بعدها وإثبات واو ساكنة بعد اللام.
__________
وجامع البيان قنبل وجامع البيان والكامل عبد الله بن جبير الهاشمى وجامع البيان أحمد بن يزيد الحلوانى والبزى أيضا فى قول الدانى وغيره والكامل محمد بن شريح والكامل محمد بن بشر والكامل سعدان بن كثير الجدى، وروينا عنه أنه كان ينشد شاهدا على قراءة تشديد الياء من {حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] وهى قراءته التى رواها قنبل عنه:
سألتنى جارتى عن معشر ... وإذا ما عىّ ذو اللب سأل
سألتنى عن أناس ذهبوا ... شرب الدهر عليهم وأكل
توفى سنة أربعين ومائتين وقيل سنة خمس وأربعين.
ينظر غاية النهاية (1/ 123، 124) (570).
(1) قال السمين الحلبى: اعلم أن هذه الآية الكريمة من أشكل الآيات نقلا وتوجيها، وقد يسر(1/688)
__________
الله تعالى تحرير ذلك كله بحوله وقوته، فأقول: إن القراء اختلفوا فى ذلك على أربع رتب:
إحداها: قرأ ابن كثير وابن عامر والكوفيون: (عاد الأولى) بالتنوين مكسورا وسكون اللام وتحقيق الهمزة بعدها، هذا كله فى الوصل. فإذا وقفوا على «عاد» أو ابتدءوا ب «الأولى» فقياسهم أن يقولوا: الأولى بهمزة الوصل وسكون اللام وتحقيق الهمزة الثانية.
[الثانية] قرأ قالون: (عادا لّؤلى) بإدغام التنوين فى اللام ونقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وهمز الواو. هذا فى الوصل، وأما فى الابتداء ب «الأولى» فله ثلاثة أوجه:
الأول: (الؤلى) بهمزة وصل ثم بلام مضمومة ثم بهمزة ساكنة.
الثانى: (لؤلى) بلام مضمومة ثم بهمزة ساكنة.
الثالث: كابتداء ابن كثير ومن معه.
الثالثة: قرأ ورش (عادا لّولى) بإدغام التنوين فى اللام ونقل حركة الهمزة إليها كقالون، إلا أنه أبقى الواو على حالها غير مبدلة همزة، هذا فى الوصل، وأما فى الابتداء بها فله وجهان:
(الؤلى) بالهمز والنقل.
و (لولى) بالنقل دون همزة وصل والواو ساكنة على حالها فى هذين الوجهين.
الرابعة: قرأ أبو عمرو كورش وصلا وابتداء، سواء بسواء، إلا أنه يزيد عليه فى الابتداء بوجه ثالث وهو وجه ابن كثير ومن ذكر معه فقد تحصل أن لكل من قالون وأبى عمرو فى الابتداء ثلاثة أوجه، وأن لورش وجهين فتأمل ذلك فإن تحريره متعب المأخذ من كتب القراءات.
هذا ما يتعلق بالقراءات، وأما توجيهها فيتوقف على معرفة ثلاثة أصول:
الأول: حكم التنوين إذا وقع بعده ساكن.
الثانى: حكم حركة النقل.
الثالث: أصل «أولى» ما هو؟
أما الأول: فحكم التنوين الملاقى «أل» يكسر لالتقاء الساكنين، نحو: {(قُلْ هُوَ اللََّهُ أَحَدٌ اللََّهُ)} [الإخلاص: 21] أو يحذف تشبيها بحرف العلة كقراءة: {(أَحَدٌ. اللََّهُ الصَّمَدُ)} وكقوله:
... ولا ذاكر الله إلا قليلا
وهو قليل جدا.
وأما الثانى: فإن للعرب فى الحركة المنقولة مذهبين: الاعتداد بالحركة، وعدم الاعتداد بها، وهى اللغة الغالبة.
وأما الثالث: ف «أولى» تأنيث «أول» [وفى أصله خلاف].
إذا تقررت هذه الأصول الثلاثة، فأقول: أما قراءة ابن كثير ومن معه فإنهم صرفوا «عادا» إما لأنه اسم للحى أو الأب فليس فيه ما يمنعه، وإما لأنه وإن كان مؤنثا اسما للقبيلة أو الأم إلا أنه مثل «هند» و «دعد» فيجوز فيه الصرف وعدمه فيكون كقوله:(1/689)
__________
لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تسق دعد فى العلب
فصرفها أولا ومنعها ثانيا. ولم ينقلوا حركة الهمزة إلى لام التعريف فالتقى ساكنان فكسروا التنوين لالتقائهما، على ما هو المعروف من اللغتين، وحذفوا همزة الوصل من «الأولى» للاستغناء عنها بحركة التنوين وصلا. فإذا ابتدءوا بها احتاجوا إلى همزة الوصل فأتوا بها فقالوا: الأولى كنظيرها من همزات الوصل، وهذه قراءة واضحة لا إشكال فيها، ومن ثم اختارها الجماعة والجم الغفير، وأما قراءة من أدغم التنوين فى لام التعريف وهما نافع وأبو عمرو، مع اختلافهما فى أشياء كما تقدم بيانه فوجهه الاعتداد بحركة النقل وذلك أن من العرب من إذا نقل حركة الهمزة إلى ساكن قبلها عاملها معاملتها ساكنة، ولا يعتد بحركة النقل. وذلك أن من العرب من إذا نقل حركة الهمزة إلى ساكن قبلها عاملها معاملتها ساكنة، ولا يعتد بحركة النقل فيكسر السابق الواقع قبلها، ولا يدغم فيها التنوين، ويأتى قبلها بهمزة الوصل فيقول: لم يذهب لحمر، ورأيت زيادا لعجم، من غير إدغام التنوين، و «الحمر» و «العجم» بهمزة الوصل لأن اللام فى حكم السكون، وهذه هى اللغة المشهورة، ومنهم من يعتد بها فلا يكسر الساكن الأول، ولا يأتى بهمزة الوصل، ويدغم التنوين فى لام التعريف فيقول: لم يذهب لحمر، بسكون الباء، ولحمر ولعجم، من غير همز، وزياد لّعجم، بتشديد اللام. وعلى هذه اللغة جاءت هذه القراءة.
هذا من حيث الإجمال، وأما من حيث التفصيل فأقول: أما قالون فإنه نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وإن لم يكن من أصله النقل لأجل قصده التخفيف بالإدغام، ولما نقل الحركة اعتد بها إذ لا يمكن الإدغام فى ساكن ولا ما هو فى حكمه، وأما همزة الواو ففيه وجهان منقولان:
أحدهما: أن تكون «أولى» أصلها عنده: «وؤلى» من «وأل» أى: لجأ، كما هو قول الكوفيين، ثم إبدال الواو الأولى همزة لأنها واو مضمومة وقد تقدم لك أنها لغة مطردة فاجتمع همزتان.
ثانيهما: ساكنة فوجب قلبها واوا، نحو: أومن، فلما حذفت الهمزة الأولى بسبب نقل حركتها رجعت الثانية إلى أصلها من الهمز لأنها إنما قلبت واوا من أجل الأولى وقد زالت، وهذا كما رأيت تكلف لا دليل عليه.
والثانى: أنه لما نقل الحركة إلى اللام صارت الضمة قبل الواو كأنها عليها لأن حركة الحرف بين يديه فأبدل الواو همزة، كقوله:
أحب المؤقدين إلى مؤسى
وكقراءة (يؤقنون) وهمز (السؤق) و (سؤقه)، وهذا بيانه على الاعتداد بالحركة أيضا، وليس فى هذا الوجه دليل على أصل أولى عنده ما هو فيحتمل الخلاف المذكور جميعه، وأما ابتداؤه الكلمة من غير نقل فإنه الأصل، ولأنه إنما نقل فى الوصل لقصده التخفيف بالإدغام ولا إدغام فى الابتداء فلا حاجة إلى النقل وأما الابتداء له بالنقل فلأنه(1/690)
__________
محمول على الوصل ليجرى اللفظ فيها على سنن واحد، وعلة إثبات ألف الوصل مع النقل فى:
أحد الوجهين: ترك الاعتداد بحركة اللام على ما عليه القراءة فى نظائره مما وجد فيه النقل إذ الغرض إنما هو جرى اللفظ فى الابتداء والوصل على سنن واحد، وذلك يحصل بمجرد النقل، وإن اختلف فى تقدير الاعتداد بالحركة وتركه، وعلة ترك الإتيان بالألف هى:
الوجه الثانى: حمل الابتداء على الوصل فى النقل، والاعتداد بالحركة جميعا. ويقوى هذا الوجه رسم «الأولى» فى هذا الموضع بغير ألف، والكلام فى همز الواو مع النقل فى الابتداء كالكلام عليه فى الوصل كما تقدم.
وأما ورش فإن أصله أن ينقل حركة الهمزة على اللام فى الوصل، فنقل على أصله، إلا أنه اعتد بالحركة ليصح ما قصده من التخفيف بالإدغام، وليس من أصله الاعتداد بالحركة فى نحو ذلك ألا ترى أنه يحذف الأول فى {سِيرَتَهَا الْأُولى ََ} [طه: 21] {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} [الأعلى: 11]؟! ولو اعتد بالحركة لم يحذفها، وأما ما جاء عنه فى بعض الروايات: {قََالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 71] فإنه وجه نادر معلل باتباع الأثر والجمع بين اللغتين، والابتداء له بالنقل على أصله فى ذلك، والابتداء له بألف الوصل على ترك الاعتداد بالحركة إذ لا حاجة إلى تقيد ذلك فى الابتداء وترك الإتيان له بالألف على الاعتداد له بالحركة حملا للابتداء على الوصل، وموافقة للرسم أيضا ولا يبتدأ له بالوصل إذ ليس من أصله ذلك، و «الأولى» فى قراءته تحتمل الخلاف المذكور فى أصلها، وأما أبو عمرو فالعلة له فى قراءته فى الوصل والابتداء، كالعلة المتقدمة لقالون. إلا أنه يخالفه فى همز الواو لأنه لم يعطها حكم ما جاورها، وليست عنده من «وأل». بل من غير هذا الوجه، ويجوز أن يكون أصلها عنده من «وأل» أيضا. إلا أنه أبدل فى حال النقل مبالغة فى التخفيف أو موافقة لحال ترك النقل، وقد عاب هذه القراءة أعنى قراءة الإدغام أبو عثمان وأبو العباس ذهابا منهما إلى أن اللغة الفصيحة مع الاعتداد بالعارض، ولكن لا التفات إلى ردهما لثبوت ذلك لغة وقراءة، وإن كان غيرها أفصح منها، وقد ثبت عن العرب أنهم يقولون: الحمر ولحمر، بهمزة الوصل وعدمها مع النقل، والله أعلم.
وقرأ أبىّ وهى فى حرفه (عاد الأولى) غير مصروف ذهابا به إلى القبيلة أو الأم كما تقدم، ففيه العلمية والتأنيث، ويدل على التأنيث قوله: (الأولى) فوصفها بوصف المؤنث.
أما انتصاب «ثمود» ففيه وجهان:
أحدهما: أنه معطوف على (عاد).
الثانى: أنه منصوب بالفعل المقدر، أى: وأهلك، قاله أبو البقاء. وبه بدا، ولا حاجة إليه، ولا يجوز أن ينتصب ب «أبقى» لأن ما بعد «ما» النافية لا يعمل فيما قبلها. والظاهر أن متعلق (أبقى) عائد على من تقدم من (عاد وثمود) أى: فما أبقى عليهم أى عاد وثمود أو يكون التقدير: فما أبقى منهم أحدا ولا عينا تطرف.
ينظر الدر المصون (6/ 217215).(1/691)
وزاد الحافظ عنهما، والإمام عن أبى عمرو خاصة وجها ثانيا وهو (لولى) بحذف همزة الوصل والاجتزاء عنها بضمة اللام المنقولة إليها من همزة «أولى» وبعد اللام المضمومة واو ساكنة.
وزاد الحافظ والشيخ عن أبى عمرو خاصة وجها ثالثا وقالا: إنه أحسن الوجوه وهو {الْأُولى ََ} بهمزة الوصل مفتوحة، ولام التعريف ساكنة، وبعدها همزة مضمومة وبعد الهمزة واو ساكنة على أصل الكلمة.
وأما الابتداء على مذهب قالون فاتفقوا على جواز (الؤلى) بهمزة الوصل مفتوحة، وبعدها لام التعريف مضمومة وبعد اللام همزة ساكنة.
وزاد الحافظ والإمام وجها ثانيا وهو (لؤلى) بحذف همزة الوصل وإبقاء سائر الحروف على ما تقرر فى الوجه الأول.
وثمّ وجه ثالث وهو {الْأُولى ََ} كالوجه الثالث لأبى عمرو، اتفق الحافظ والإمام على جوازه، ورجحه الحافظ، وحكاه الشيخ أيضا.
وقول الحافظ: «لما بيناه من العلة فى كتاب «التمهيد».
اعلم أن الذى ذكر فى كتاب «التمهيد» هو ما نصه: «واختلفوا بعد نقل الحركة إلى اللام فى قوله: {عََاداً الْأُولى ََ} فى الإتيان بهمزة ساكنة فى موضع الواو وفى ترك ذلك: فقرأ المسيبى (1) وإسماعيل وورش (عادا لّولى) بغير همزة بعد نقل الحركة.
__________
(1) إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيب بن أبى السائب بن عابد ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مر بن كعب المخزومى، أبو محمد المسيبى المدنى، إمام جليل عالم بالحديث قيم فى قراءة نافع ضابط لها محقق فقيه، قرأ على المستنير، والغاية، وجامع البيان، والكفاية الكبرى نافع وغيره، أخذ القراءة عنه المستنير، وجامع البيان، والكفاية الكبرى، والكامل ولده محمد والمستنير والغاية، والكفاية الكبرى أبو حمدون الطيب بن إسماعيل وجامع البيان، والكامل خلف ابن هشام والجامع، والكفاية، والكامل محمد بن سعدان وجامع البيان أحمد ابن جبير وجامع البيان حمزة بن القاسم الأحول وجامع البيان إسحاق ابن موسى وجامع البيان، والكامل محمد بن عمرو الباهلى وجامع البيان، والكامل حماد بن بحر وجامع البيان عبد الله بن ذكوان والكامل محمد ابن عبد الواسع.
قال أبو حاتم السجستانى: إذا حدثت عن المسيبى عن نافع ففرغ سمعك وقلبك فإنه أتقن الناس وأعرفهم بقراءة أهل المدينة وأقرؤهم للسنة وأفهمهم بالعربية، قال أبو الفخر حامد بن على فى كتابه حلية القراء: قال ابن معاوية: من أراد أن يستجاب له دعاؤه(1/692)
قال أحمد بن صالح عن ورش: تشدد اللام ولا تهمز.
وقال الأصبهانى (1) عن أصحابه عنه: مدغم التنوين موصول مشدد اللام. وهو قول عبد الصمد، ودواد، وأبى يعقوب، ويونس عنه.
وقرأ قالون بهمزة ساكنة بعد نقل الحركة، قال الحلوانى عنه مثل (عادا لّؤلى) وهذا معنى رواية القاضى، والمدنى (2)، والقطرى (3)، والكسائى، وأحمد بن صالح عنه، وكذلك قرأت فى رواية أبى نشيط والشحام (4) عنه، وقال لى فارس بن أحمد
__________
فليقرأ باختيار المسيبى ويدعو عند آخر الختمة فيستجاب، قال محمد: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم فقلت لمن أقرأ يا رسول الله؟ قال: عليك بأبيك، توفى سنة ست ومائتين.
ينظر: غاية النهاية (1/ 158157).
(1) إمام القراء، أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب الأصبهانى.
اعتنى بقراءة ورش وحذق فيها، فتلا على عامر الحرسى، وسليمان الرشدينى، وعبد الرحمن بن داود بن أبى طيبة، وسمع الحروف من يونس بن عبد الأعلى.
وروى الحديث عن داود بن رشيد، وعبد الله بن عمر مشكدانة، وعثمان بن أبى شيبة وطبقتهم.
قرأ عليه: هبة الله بن جعفر، وعبد الله بن أحمد المطرز، ومحمد بن يونس، وإبراهيم ابن جعفر.
وحدث عنه: ابن مجاهد، وأبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن أحمد ابن عبد الوهاب الأصبهانى، وآخرون.
وكان يقول: ارتحلت إلى مصر ومعى ثمانون ألف درهم، فأنفقتها على ثمانين ختمة.
ولقد بالغ فى تعظيمه أبو عمرو الدانى وقال: هو إمام عصره فى قراءة ورش.
مات ببغداد فى سنة ست وتسعين ومائتين، رحمه الله.
ينظر: سير أعلام النبلاء (14/ 8180)، وتاريخ بغداد (2/ 364)، وغاية النهاية (2/ 169)، ومعرفة القراء (1/ 121).
(2) فى ب: المزنى.
(3) محمد بن عبد الحكم بن يزيد، أبو العباس القطرى الرملى، مشهور، أخذ القراءة سماعا عن جامع البيان قالون عن نافع، وله عنه نسخة، وسمع آدم بن أبى إياس، روى القراءة عنه جامع البيان محمد بن يوسف بن بشر الهروى وعثمان بن محمد السمرقندى، وسمع منه ابن الأعرابى، وانفرد عن قالون عن نافع بضم الياء وفتح الجيم من {إِلَيْنََا لََا يُرْجَعُونَ}
بالقصص [39].
ينظر غاية النهاية (2/ 159).
(4) الحسن بن على بن عمران، أبو على وأبو عمران الشحام، مقرئ معروف، قرأ على الجماعة عرضا، قرأ عليه أبو العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوى وأبو بكر محمد بن على ابن محمد المؤدب.
ينظر غاية النهاية (1/ 225).(1/693)
عن عبد الله بن الحسين عن أصحابه عن الحلوانى عن قالون: بغير همز.
قال لى فارس: وكان عبد الله لا يعرف الهمز ولم يضبطه، وغلط فيما حكاه لأن الحذاق من أهل الأداء بذلك يأخذون فى مذهبه كأبى بكر النقاش وأبى إسحاق ابن عبد الرزاق وأبى بكر بن حماد (1) وغيرهم من أصحاب الحمّال وغيره.
وقد كان بعض المنتحلين لمذاهب القراء يقول: بأنه لا وجه لقراءة قالون بحيلة، وجهل العلة، وذلك أن «أولى» وزنها «فعلى» لأنها تأنيث «أول»، كما أن «أخرى» تأنيث «آخر»، هذا فى قول من لم يهمز الواو فمعناها على هذا (2): المتقدمة لأن أول الشيء متقدمه، فأما قول قالون فهى عندى مشتقة من «وأل» أى «لجأ» ويقال:
«نجا» فالمعنى: أنها نجت بالسبق لغيرها.
فهذا وجه بين من اللغة والقياس، وإن كان غيره أبين فليس سبيل ذلك أن يدفع ويطلق عليه الخطأ لأن الأئمة إنما تأخذ بالأثبت عندها فى الأثر دن القياس إذ كانت القراءة سنة، وبالله التوفيق.
فالأصل فيها على قوله: (وؤلى) بواو مضمومة بعدها همزة ساكنة، فأبدلت الواو همزة، لانضمامها كما أبدلت فى {أُقِّتَتْ}، وهى من «الوقت» فاجتمعت همزتان الثانية ساكنة، والعرب لا تجمع بينهما على هذا الوجه فأبدلت الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، كما أبدلت فى «يؤمن» و «يؤتى» وشبهه ثم أدخلت الألف واللام للتعريف، فقلت: الأولى، بلام ساكنة بعدها همزة مضمومة بعدها واو ساكنة، فلما أتى التنوين قبل اللام فى قوله: {عََاداً الْأُولى ََ} التقى ساكنان فألقيت حينئذ حركة الهمزة على اللام وحرّكتها بها لئلا يلتقى ساكنان، ولو كسرت التنوين، ولم تدغمه لكان القياس، ولكن هذا وجه الرواية، فلما عدمت الهمزة المضمومة، وهى الموجبة لإبدال الهمزة الثانية واوا لفظا، رد قالون تلك الهمزة
__________
(1) أحمد بن حماد المنقى، أبو بكر الثقفى البغدادى صاحب المشطاح، كان حاذقا فى رواية أحمد بن يزيد الحلوانى عن قالون، قرأ على المبهج، وجامع البيان، والكامل الحسن ابن العباس ومحمد بن على البزاز، أخذ عنه عرضا جامع البيان محمد بن عبد الرحمن ابن عبيد بن إبراهيم والمبهج، والكامل محمد بن أحمد الشنبوذى والكامل أبو بكر الشذائى والمبهج أبو بكر النقاش والكامل أبو العباس المطوعى.
ينظر: غاية النهاية (1/ 51).
(2) فى ب: هذه.(1/694)
لعدم العلة الموجبة لإبدالها، فعامل اللفظ، ومعاملة اللفظ فى ذلك مسموع مروى، حكى الفراء أن من العرب من يقول: قم لان، بإسكان الميم مع تحريك اللام بعدها وأنشد: [من الطويل] لقد كنت تخفى حب سمراء حقبة (1) ... فبح لان منها بالذى أنت بائح (2)
فأسكن الحاء مع حركة اللام وإن كانت عارضة فكذلك ما فعله قالون فى ذلك سواء.
قال أبو عمرو: فإن وقف واقف على قوله: {عََاداً} وابتدأ بقوله: {عََاداً} وابتدأ بقوله: {الْأُولى ََ} على رواية إسماعيل والمسيبى، كان له فى الابتداء ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يبتدئ (الولى) فيثبت ألف الوصل الداخلة مع لام التعريف مفتوحة لسكون لام التعريف، ويضم اللام بضمة الهمزة كالوصل.
والوجه الثانى: أن يبتدئ (لولى)، فيضم اللام بضمة الهمزة ويحذف ألف الوصل استغناء عنها بضمة اللام لأنه إنما جىء بها ليتوصل بها إلى سكون اللام، فلما تحركت اللام استغنى عنها فحذفت.
والوجه الثالث: أن يبتدئ {الْأُولى ََ} فيثبت الوصل ويسكن اللام ويحقق الهمزة بعدها فيوافق بذلك نظائرها فى القرآن من هذه الكلمة نحو قوله: {مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ََ} [56] و {الْأُولى ََ وَالْآخِرَةِ} [25] وشبه ذلك، وهذا الوجه عندى أوجه الوجوه الثلاثة، وأليق بمذهبهما، وأقيس من الوجهين الأولين، وإنما قلت ذلك لأن العلة التى دعتهما إلى مناقضة أصلهما فى الوصل فى هذا الموضع خاصة مع صحة الرواية بذلك هى التنوين الذى فى كلمة «عاد» لسكونه وسكون لام المعرفة بعده، فحرك اللام حينئذ بحركة الهمزة لئلا يلتقى ساكنان، ويمكن إدغام التنوين فيها إيثارا للمروى عن العرب فى مثل ذلك، فإذا كان ذلك كذلك فالتقاء الساكنين، والإدغام فى الابتداء معدوم بافتراق الكلمتين حينئذ بالوقف على إحداهما والابتداء بالثانية، فلما زالت العلة الموجبة لإلقاء حركة الهمزة على ما قبلها فى الابتداء وجب
__________
(1) فى ب: خفية.
(2) البيت لعنترة فى ديوانه ص (298)، والمقاصد النحوية (1/ 478)، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر (1/ 56) (5/ 67)، وتذكرة النحاة ص (31)، والخصائص (3/ 35)، وشرح الأشمونى (1/ 81)، وشرح التصريح (1/ 147).(1/695)
رد الهمزة ليوافق بذلك أصل مذهبهما فى نظائر ذلك فى سائر القرآن.
وأما الابتداء بهذه الكلمة على رواية ورش فيحتمل وجهين، وهما الوجهان الأولان المذكوران: (الولى) بإثبات ألف الوصل، و (لولى) بحذفها كما تقدم فى باب نقل الحركة، ولا يجوز الوجه الثالث فى مذهبه إذ كان عدولا عن أصله المستمر فى سائر القرآن.
وأما الابتداء بذلك على رواية قالون، فيحتمل ثلاثة أوجه:
(الؤلى) بإثبات ألف الوصل وضم اللام وهمز عين الفعل.
والوجه الثانى: (لؤلى) بحذف ألف الوصل، وضم اللام وهمزة ساكنة بعدها.
والوجه الثالث: {الْأُولى ََ} بإثبات ألف الوصل، وإسكان اللام وهمز فاء الفعل، وهذا الوجه أقيس لما ذكرته من العلة فى مذهب إسماعيل، والمسيبى، فاعلم ذلك». انتهى قوله فى «التمهيد»، والله العلى العظيم الحليم العليم أعلى وأعلم.
سورة المجادلة
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {انْشُزُوا} [الآية: 11]: «بخلاف عن أبى بكر» (1).
وقال فى «المفردات»: «إلا أن فارسا أقرأنى فى رواية الصريفينى عن يحيى عن أبى بكر: {انْشُزُوا فَانْشُزُوا} بكسر الشين فيهما، وهما مما شك فيه أبو بكر عن عاصم، فلم يدر كيف قرأ ذلك عليه، فأخذه رواية عن الأعمش (2) بالكسر، ولم
__________
(1) وقرأ نافع وابن عامر وحفص بضم شين (انشزوا) فى الحرفين، والباقون بكسرهما، وهما لغتان بمعنى واحد، يقال: نشز، أى: ارتفع، ونشز ينشز، كغرس يغرس ويغرس، وعكف يعكف ويعكف.
ينظر الدر المصون (6/ 289).
(2) سليمان بن مهران، الإمام شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين، أبو محمد الأسدي، الكاهلى مولاهم، الكوفى الحافظ. أصله من نواحى الرى. فقيل: ولد بقرية «أمه» من أعمال طبرستان فى سنة إحدى وستين. وقدموا به إلى الكوفة طفلا، وقيل: حملا.
قد رأى أنس بن مالك وحكى عنه، وروى عنه، وعن عبد الله بن أبى أوفى على معنى التدليس فإن الرجل مع إمامته كان مدلسا، وروى عن أبى وائل، وزيد بن وهب، وأبى عمرو الشيبانى، وإبراهيم النخعى، وسعيد بن جبير وأبى صالح السمان، ومجاهد.
وروى عنه: الحكم بن عتيبة، وأبو إسحاق السبيعى، وطلحة بن مصرف، وحبيب بن(1/696)
يذكر الشيخ والإمام عنه إلا الضم، والله تبارك اسمه وتعالى جده أعلم وأحكم.
سورة الحشر
قال الحافظ رحمه الله: «هشام: (كى لا تكون) [الآية: 7] بالتاء، وروى عنه بالياء» (1).
وذكر الشيخ أنه قرأ بالوجهين، ومذهب الإمام بالياء المعجمة من أسفل مثل الجماعة، والله وحده لا شريك له أعلم وأحكم.
سورة الملك
قال الحافظ رحمه الله: «الكسائى {فَسُحْقاً} [الآية: 11] بضم الحاء (2)».
__________
أبى ثابت، وعاصم بن أبى النجود، وأيوب السختيانى، وزيد بن أسلم، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبى صالح، وأبان بن تغلب، وخالد الحذاء، وسليمان التيمى، وإسماعيل بن أبى خالد، وهم كلهم من أقرانه، وأبو حنيفة، والأوزاعى، وسعيد بن أبى عروبة، وخلق كثير.
وقال يحيى القطان: هو علامة الإسلام. قال وكيع بن الجراح: كان الأعمش، قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
وقال عبد الله الخريبى: ما خلف الأعمش أعبد منه. وقال ابن عيينة: رأيت الأعمش لبس فروا مقلوبا، وبتّا تسيل خيوطه على رجليه. ثم قال: أرأيتم لولا أنى تعلمت العلم، من كان يأتينى لو كنت بقالا؟! كان يقدر الناس أن يشتروا منى؟! قال أبو عوانة، وعبد الله بن داود: مات الأعمش سنة سبع وأربعين ومائة.
وقال وكيع والجمهور: سنة ثمان، زاد أبو نعيم: فى ربيع الأول وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
ينظر: سير أعلام النبلاء (6/ 248226)، والعبر (1/ 160)، وتاريخ بغداد (9/ 3)، وغاية النهاية (1/ 315)، وتهذيب التهذيب (4/ 226222)، وطبقات ابن سعد (6/ 342).
(1) وقرأ هشام: (دولة) بالرفع فقط، والباقون بالياء من تحت ونصب (دولة)، فأما الرفع فعلى «كان» التامة، وأما التذكير والتأنيث فواضحان لأن تأنيثه مجازى، وأما النصب فعلى أنها الناقصة، واسمها ضمير عائد على «الفيء»، والتذكير واجب لتذكير المرفوع، و (دولة) خبرها، وقيل: عائد على (ما) اعتبارا بلفظها.
وقرأ العامة: (دولة) بضم الدال، وعلى بن أبى طالب والسلمى بفتحها، فقيل: هما بمعنى، وهما ما يدول للإنسان، أى: يدور من الجد والغناء والغلبة، وقال الحذاق من البصريين والكسائى: الدولة بالفتح من الملك: بضم الميم، وبالضم من الملك:
بكسرها، بالضم فى المال، والفتح فى النصرة، وهذا ترده القراءة المروية عن على والسلمى فإن النصرة غير مرادة هنا قطعا. و (كى لا) علة لقوله: (فلله وللرسول) أى:
استقراره كذا لهذه العلة. ينظر الدر المصون (6/ 295294).
(2) فى إعرابه وجهان:(1/697)
قال الشيخ: «وقد روى عنه أنه خير بين الضم والإسكان، والمشهور عنه الضم».
قال الحافظ رحمه الله «قنبل: (النشور وأمنتم) [الآية: 1615] يبدل همزة الاستفهام واوا مفتوحة فى الوصل».
هذا مثل ما مر فى الأعراف فى قوله تعالى: (قال فرعون وآمنتم) [123].
قوله: «ويمد بعدها مدة فى تقدير ألف (1)».
إنما يعنى أنه يسهل الهمزة بعدها بين بين، فعبر عن ذلك بالمد على عادته من المسامحة، وكذلك يفعل فى الابتداء إذا حقق همزة الاستفهام لفظ بعدها، بهمزة بين بين، وقد نص على هذا فى كتاب «الإيضاح» فقال: «وكذا قرأت له فى الملك:
(وإليه النشور وامنتم) بواو مفتوحة بعد ضمة الراء، بدلا من همزة الاستفهام،
__________
أحدهما: أنه منصوب على المفعول به، أى: ألزمهم الله سحقا.
والثانى: أنه منصوب على المصدر، تقديره: سحقهم الله سحقا. فناب المصدر عن عامله فى الدعاء. نحو: جدعا له، وعفوا فلا يجوز إظهار عامله، واختلف النحاة:
هل هو مصدر لفعل ثلاثى، أو لفعل رباعى فجاء على حذف الزوائد؟ مذهب الفارسى والزجاج: أنه مصدر «أسحقه» الله أى أبعده، قال الفارسى: فكان القياس: إسحاقا، فجاء المصدر على الحذف كقوله:
... وإن يهلك فذلك كان قدرى
أى: تقديرى، والظاهر أنه لا يحتاج لذلك لأنه سمع «سحقه الله» ثلاثيا، ومنه قول الشاعر:
يجول بأطراف البلاد مغربا ... وتسحقه ريح الصبا كلّ مسحق
والظاهر أن الزجاج والفارسى إنما قالا ذلك فيمن يقول من العرب: أسحقه الله سحقا.
وقرأ العامة بضمة وسكون، والكسائى فى آخرين بضمتين، وهما لغتان، والأحسن: أن يكون المثقل أصلا للمخفف.
و (لأصحاب) بيان ك (هيت لك) وسقيا لك.
وقال مكى: والرفع يجوز فى الكلام على الابتداء، أى: لو قيل: فسحق، جاز لا على أنه تلاوة بل من حيث الصناعة. إلا أن ابن عطية قد قال ما يضعفه فإنه قال:
(فسحقا) نصبا على جهة الدعاء عليهم، وجاز ذلك فيه وهو من قبل الله تعالى، من حيث هذا القول فيهم مستقر أولا، ووجوده لم يقع ولا يقع إلا فى الآخرة فكان لذلك فى حيز المتوقع الذى يدعى به. كما تقول: سحقا لزيد، وبعدا له، والنصب فى هذا كله بإضمار فعل، وأما ما وقع وثبت فالوجه فيه الرفع، كما قال الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}
[المطففين: 1] و {سَلََامٌ عَلَيْكُمْ} [القصص: 55] وغير هذا من الأمثلة. انتهى.
فضعف الرفع كما ترى لأنه لم يقع بل هو متوقع فى الآخرة.
ينظر الدر المصون (6/ 344343).
(1) فى ب: ألفين.(1/698)
وبعدها همزة مسهلة بين بين فيحصل فى اللفظ بعد فتحة الواو مدة فى تقدير ألف واحدة». انتهى.
قال العبد: وينبغى للمعلم أن يتفقد لفظ الطالب المتعلم فى مثل هذا فإنه كثيرا ما يخل بلفظ الهمزة الملينة فى ذلك، والله تبارك وتعالى الموفق الهادى العظيم الأيادى أعلم.
سورة ن والقلم
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {أَنْ كََانَ ذََا مََالٍ} (1) [الآية: 14]:
__________
(1) قال السمين الحلبى: العامة على فتح همزة «أن»، ثم اختلفوا بعد: فقرأ ابن عامر وحمزة وأبو بكر بالاستفهام، وباقى السبعة بالخبر، والقارءون بالاستفهام على أصولهم من تحقيق وتسهيل وإدخال ألف بين الهمزتين وعدمه، ولا بد من بيانه لك تسهيلا للأمر عليك فأقول وبالله التوفيق: قرأ حمزة وأبو بكر بتحقيق الهمزتين وعدم إدخال ألف بينهما، وهذا هو أصلهما، وقرأ ابن ذكوان بتسهيل الثانية وعدم إدخال ألف، وهشام بالتسهيل المذكور إلا أنه أدخل ألفا بينهما فقد خالف كل منهما أصله.
أما ابن ذكوان فإنه يحقق الهمزتين، فقد سهل الثانية هنا، وأما هشام فإن أصله أن يجرى فى الثانية من هذا النحو وجهين: التحقيق كرفيقه، والتسهيل. وقد التزم التسهيل هنا، وأما إدخال ألف فإنه فيه على أصله.
وقرأ نافع فى رواية اليزيدى عنه: (إن كان) بكسر الهمزة على الشرط، فأما قراءة (أن كان) بالفتح على الخبر ففيه أربعة أوجه:
أحدها: أنها «أن» المصدرية فى موضع المفعول له، مجرورة بلام مقدرة، واللام متعلقة بفعل النهى: أى ولا تطع من هذه صفاته، لأن كان متموّلا وصاحب بنين.
الثانى: أنها متعلقة ب «عتل» وإن كان قد وصف، قاله الفارسى، وهذا لا يجوز عند البصريين، وكأن الفارسى اغتفره فى الجار.
الثالث: أن تتعلق ب «زنيم»، ولا سيما عند من يفسره بقبيح الأفعال.
الرابع: أن تتعلق بمحذوف يدل عليه ما بعده من الجملة الشرطية، تقديره: لكونه متمولا مستظهرا بالبنين كذب بآياتنا. قاله الزمخشرى، قال: ولا يعمل فيه (قال) الذى هو جواب إذ الآتى ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، ولكن ما دلت عليه الجملة من معنى التكذيب.
وقال مكى وتبعه أبو البقاء: لا يجوز أن يكون العامل (تتلى) لأن ما بعد (إذا) لا يعمل فيما قبلها لأن (إذا) تضاف إلى الجملة، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف. انتهى.
وهذا يوهم أن المانع من ذلك ما ذكره فقط، والمانع أمر معنوى حتى لو فقد هذا المانع الذى ذكره لامتنع من جهة المعنى، وهو أنه لا يصلح أن يعلل تلاوة آيات الله عليه بكونه ذا مال وبنين.
وأما قراءة (آن كان) على الاستفهام ففيها وجهان:
أحدهما: أن يتعلق بمقدر يدل عليه ما قبله، أى: أتطيعه لأن كان؟! أو: أتكون طواعية(1/699)
«وابن ذكوان دون هشام فى المد».
قد تقدم فى سورة فصلت أن مذهب الشيخ والإمام فى قراءة ابن ذكوان إدخال الألف مثل قراءة هشام، وهو خلاف مذهب الحافظ، والله عز وجهه وتقدس اسمه أعلم وأحكم.
سورة الحاقة
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة {قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ} [الآية: 41] و {قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} [الآية: 42]: «وكذلك قال النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان».
يعنى أنه قرأ الحرفين بالتاء المعجمة من فوق، ولم يذكر الشيخ والإمام هذه الرواية عن ابن ذكوان، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.
سورة القيامة
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (لأقسم) [الآية: 1]: «وكذا روى النقاش عن أبى ربيعة عن البزى».
يعنى بالقصر، وذكر فى «المفردات» فى سورة يونس عليه السلام أنه قرأه بالقصر على الفارسى، ولم يذكر الشيخ والإمام هذه الرواية عن البزى، والله جل ذكره وعلا أمره أعلم وأحكم.
سورة الإنسان
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة (سلسلا) [الآية: 4]: «ووقف قنبل
__________
لأن كان؟! الثانى: أن يتعلق بمقدر يدل عليه ما بعده، أى: لأن كان كذب وجحد.
وأما قراءة (إن كان) بالكسر فعلى الشرط، وجوابه مقدر، تقديره: إن كان كذا يكفر ويجحد، دل عليه ما بعده، وقال الزمخشرى: والشرط للمخاطب، أى: لا تطع كل حلاف شارطا يساره لأنه إذا أطاع الكافر لغناه فكأنه اشترط فى الطاعة الغنى، ونحو صرف الشرط للمخاطب صرف الترجى إليه فى قوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: 44]، وجعله الشيخ: من دخول شرط على شرط. يعنى (إن) و (إذا)، إلا أنه قال: ليسا من الشروط المترتبة الوقوع، وجعله نظير قول ابن دريد:
فإن عثرت بعدها إن والت ... نفسى من هاتا فقولا: لا لعا
قال: لأن الحامل على ترك تدبر آيات الله كونه ذا مال وبنين فهو مشغول القلب بذلك، غافل عن النظر والفكر، قد استولت عليه الدنيا وأبطرته.
ينظر الدر المصون (6/ 354353).(1/700)
وحمزة وحفص من قراءتى على أبى الفتح بغير ألف».
يظهر أن قوله: «من قراءتى على أبى الفتح» خاص بقراءة حفص، وذكر فى «المفردات» أن أبا الحسن قال فى قراءة حفص: «يقف بالألف».
وقوله: «وكذلك قال النقاش عن أبى ربيعة عن البزى عن الأخفش عن ابن ذكوان».
يعنى الوقف بغير ألف وهى قراءته على الفارسى.
وقال فى «المفردات» فى قراءة البزى: «إنه وقف على قوله: (سلسلا) بالألف».
ثم ذكر قراءته على الفارسى بغير ألف، وكذا قال فى مفردة ابن ذكوان: «قرأ (سلاسل) بغير تنوين، وإذا وقف وصل فتحة اللام بالألف، ثم ذكر قراءته على الفارسى بغير ألف فى الوقف.
فحصل من هذا كله أن قنبلا وحمزة وقفا بغير ألف بلا خلاف، وأن الباقين وقفوا بالألف بخلاف عن البزى وابن ذكوان وحفص، ومذهب الشيخ والإمام الوقف للكل سوى حمزة وقنبل.
وذكر الحافظ فى «التحبير» أن (سلسلا) فى مصاحف أهل الحجاز والكوفة مرسوم بالألف، وكذلك ذكر الحافظ فى «التحبير» بسنده إلى القاسم بن سلام قال:
«رأيت فى مصحف عثمان رضى الله عنه: {قَوََارِيرَا} [الإنسان: 15] الأولى بالألف والثانية كانت بالألف، فحكّت ورأيت أثرها بيّنا هنالك»، قال: «وأما (سلسلا) فرأيتها قد درست»، قال: «والثلاثة الأحرف فى مصاحف أهل الحجاز والكوفة بالألف»، قال: «وفى مصاحف أهل البصرة: {قَوََارِيرَا} الأولى يعنى بإثبات الألف، والثانية {قَوََارِيرَ} يعنى بغير ألف». انتهى ما حكاه الحافظ عن ابن سلام، والله تعالى جده وتبارك مجده أعلم وأحكم.
قال الحافظ رحمه الله: «ومن سورة النبأ إلى سورة البلد».
إنما فعل هذا لقصر السور فجعلها كأنها سورة واحدة، وجعل بعد هذا يذكر أسماء السور للتنبيه على مواقع الآيات التى فيها الخلف، ولا يقول سورة كذا كما كان يقول قبل هذا طلبا للاختصار، ووقف بهذا العمل فى آخر سورة الفجر لما فيها من ياءات الإضافة والزوائد، ولم يجعل ما بعد «إلى» فى قوله: «إلى سورة البلد» داخلا فيما قبلها على حد قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيََامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:
187] فتأمله، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.(1/701)
إنما فعل هذا لقصر السور فجعلها كأنها سورة واحدة، وجعل بعد هذا يذكر أسماء السور للتنبيه على مواقع الآيات التى فيها الخلف، ولا يقول سورة كذا كما كان يقول قبل هذا طلبا للاختصار، ووقف بهذا العمل فى آخر سورة الفجر لما فيها من ياءات الإضافة والزوائد، ولم يجعل ما بعد «إلى» فى قوله: «إلى سورة البلد» داخلا فيما قبلها على حد قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيََامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:
187] فتأمله، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
سورة المطففين
قال الحافظ رحمه الله فى «التحبير» فى قوله تعالى: {وَإِذََا كََالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}
[الآية: 3]: «إنهما رسما فى سائر المصاحف كلمة واحدة، ولم يفصلوا بين الضمير بالألف»، وأسند إلى القاسم بن سلام قال: «ورأيتهما فى الإمام مصحف عثمان رضى الله عنه موصولين بغير ألف»، قال الحافظ: «وهذا مذهب أئمة القراء فيهما، إلا ما روى عن حمزة أنه كان يجعلهما حرفين، ويقف على (كالوا) و (وزنوا) ويبتدئ (هم)، وهو مذهب عيسى بن عمر الثقفى النحوى (1).
ثم قال الحافظ بعد كلام: «فموضع (هم) على قول عيسى رفع على التوكيد لما فى (كالوا)، و (وزنوا) كما تقول فى الكلام: قاموا هم، وقعدوا هم.
قال: «ويجوز أن يكون الكلام انقطع عند قوله: {وَزِنُوا} ثم ابتدأ: (هم يخسرون) انتهى، والله جل جلاله وتقدس كماله أعلم وأحكم.
سورة الغاشية
قال الحافظ رحمه الله فى ترجمة: {بِمُصَيْطِرٍ} [الآية: 22]: «وحمزة بخلاف عن خلاد».
__________
(1) هو عيسى بن عمر، العلامة، إمام النحو، أبو عمر الثقفى البصرى.
روى عن: الحسن، وعون بن عبد الله بن عتبة، وعبد الله بن أبى إسحاق الحضرمى، وعاصم الجحدرى، وطائفة.
أخذ عنه: الأصمعى، وشجاع البلخى، وعلى بن نصر الجهضمى، وهارون الأعور، والخليل بن أحمد، وعبيد بن عقيل، والعباس بن بكار، وولاؤه لبنى مخزوم، نزل فى ثقيف فاشتهر بهم، وكان صاحب فصاحة وتقعر وتشدق فى خطابه، وكان صديقا لأبى عمرو بن العلاء، وقد أخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن أبى إسحاق، وابن كثير المكى، وصنف فى النحو كتابى: (الإكمال) و (الجامع)، وكان صاحب افتخار بنفسه، قال مرة لأبى عمرو: أنا أفصح من معد بن عدنان.
قال يحيى بن معين: هو بصرى ثقة.
أرخ القفطى وابن خلكان موته فى سنة تسع وأربعين ومائة. قال الذهبى: أراه وهما فإن سيبويه جالسه، وأخذ عنه، ولعله بقى إلى بعد الستين ومائة.
ينظر: سير أعلام النبلاء (7/ 200)، شذرات الذهب (1/ 224)، تهذيب التهذيب (8/ 224223)، بغية الوعاة (2/ 238237)، طبقات القراء لابن الجزرى (1/ 613)، وفيات الأعيان (3/ 488486).(1/702)
يعنى أن خلادا قرأ بين الصاد والزاى، وهى قراءة الحافظ على أبى الحسن، وقرأ أيضا بالصاد الخالصة، وهى قراءة الحافظ على أبى الفتح، ولم يذكر الشيخ والإمام عن خلاد إلا بين الصاد والزاى خاصة، والله سبحانه وبحمده أعلم وأحكم.
سورة الفجر
قال الحافظ رحمه الله فى آخر السورة: «وقد روى عن قنبل إثباتها فى الحالين».
لم يذكر الشيخ والإمام عن قنبل إثباتها فى الوقف.
قال الحافظ رحمه الله: «وخير أبو عمرو فيهما»
إلى آخره.
ذكر الشيخ «التخيير»، وأن المشهور عنه الحذف.
ولم يذكر الإمام عنه إلا الحذف، والله عز وجل جلاله أعلم.
سورة العلق
قال الحافظ رحمه الله: «قرأ قنبل (أن رأه) [7] بالقصر».
وافقه الشيخ على ذلك وقال الإمام: بالمد وبالقصر.
وقال الشيخ أيضا: «إن أبا الطيب كان يأخذ لقنبل بالوجهين»، ثم قال:
«وبالوجهين قرأت لقنبل»، والله عز جلاله وتقدست أسماؤه أعلم وأحكم.
سورة الكافرين
قال الحافظ رحمه الله: «وهو المشهور عن البزى وبه آخذ».
يعنى بإسكان الياء، وذكر الشيخ والإمام بالوجهين عن البزى مطلقا من غير ترجيح.
والله لا إله إلا هو العظيم الحليم العزيز الكريم أعلم وأحكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
باب ذكر التكبير
مسألة لفظ التكبير: «الله أكبر»، هذا قول الإمام فى «الكافى»، وبه قرأ الشيخ وقال:
«وهو المأخوذ به فى الأمصار».
وكذلك قال الحافظ: إنه قرأ على الفارسى وعلى أبى الحسن، وزاد الحافظ أيضا التهليل قبل التكبير، وهو: «لا إله إلا الله والله أكبر»، وبهذا قرأ الحافظ
على أبى الفتح وحكاه الشيخ.(1/703)
وكذلك قال الحافظ: إنه قرأ على الفارسى وعلى أبى الحسن، وزاد الحافظ أيضا التهليل قبل التكبير، وهو: «لا إله إلا الله والله أكبر»، وبهذا قرأ الحافظ
على أبى الفتح وحكاه الشيخ.
مسألة فى حكم الوصل والفصل
حاصل ما ذكره الشيخ فى ذلك وجهان:
أحدهما: وصل آخر السورة بالتكبير، ووصل التكبير بالبسملة، ووصل البسملة بالسورة الثانية.
قال فى «المفردات»: «وهذا هو المشهور».
والوجه الثانى: أن يسكت على آخر السورة، ثم يبدأ بالتكبير موصولا بالبسملة موصولة بأول السورة الثانية فيكون السكت فى موضع واحد.
ومنع السكت بين التكبير والبسملة، وبين البسملة والسورة الثانية.
وحكى فى السكت بين آخر السورة والتكبير أنه يكون بقطع وبغير قطع، وأما الإمام فنص على جواز القطع على آخر السورة والابتداء بالتكبير، وهذا الوجه موافق للوجه الثانى المذكور عن الشيخ، ونص أيضا الإمام على جواز القطع على التكبير والابتداء بالبسملة، ويريد والله سبحانه أعلم: مع وصل التكبير بآخر السورة، وهذا الوجه مخالف لما منع الشيخ ومنع الإمام من قطع البسملة مع السورة إذا وصلت بالتكبير ووصل التكبير بآخر السورة، وهذا الوجه لا ينبغى أن يكون فى منعه خلاف، وأما الحافظ فقال: «يصل التكبير بآخر السورة».
ثم قال: «وإن شاء قطع وبدأ بالتسمية موصولة بأول السورة».
وهذا الوجه يوافق الوجه الذى أجاز الإمام.
قال الحافظ: «وإن شاء وصل التكبير بالتسمية، ووصل التسمية بأول السورة».
قال العبد: ظاهر قوله أنه بنى هذا الوجه والذى قبله على كون التكبير موصولا بآخر السورة فيكون هذا الوجه موافقا للوجه الأول المذكور عن الشيخ.
ثم قال الحافظ: «ولا يجوز القطع على التسمية إذا وصلت بالتكبير».
يعنى مع كون التكبير موصولا بآخر السورة، وهذا الوجه هو الذى نص الإمام على منعه.
ثم قال الحافظ: «وكان بعض أهل الأداء يقطع آخر السورة، ثم يبتدئ بالتكبير موصولا بالتسمية، وكذلك روى النقاش عن أبى ربيعة عن البزى، وبذلك قرأت
على الفارسى عنه».(1/704)
ثم قال الحافظ: «وكان بعض أهل الأداء يقطع آخر السورة، ثم يبتدئ بالتكبير موصولا بالتسمية، وكذلك روى النقاش عن أبى ربيعة عن البزى، وبذلك قرأت
على الفارسى عنه».
وهذا الوجه يوافق ما ذكره الإمام أولا والشيخ ثانيا.
قال الحافظ رحمه الله: «والأحاديث الواردة عن المكيين بالتكبير دالة على ما ابتدأنا به» يريد وصل التكبير بآخر السورة، قال: «لأن فيها «مع» وهى تدل على الصحبة والاجتماع».(1/705)
قال الحافظ رحمه الله: «والأحاديث الواردة عن المكيين بالتكبير دالة على ما ابتدأنا به» يريد وصل التكبير بآخر السورة، قال: «لأن فيها «مع» وهى تدل على الصحبة والاجتماع».
فهرس الموضوعات
مقدمة التحقيق 3 توقيفية القراءات 4 إضافة القراءات إلى القراء تعنى اختيارها ولا اجتهاد فيها 12 الزمخشرى يعزو إحدى القراءات إلى فصاحة راويها 19 ردود على من يفاضلون بين القراءات 22 رسم المصاحف العثمانية 58 قواعد رسم المصحف 58 القاعدة الأولى: الحذف 59 القاعدة الثانية: الزيادة 60 القاعدة الثالثة: الهمز 60 القاعدة الرابعة: البدل 61 القاعدة الخامسة: الفصل والوصل 62 القاعدة السادسة: ما فيه قراءتان، وكتب على إحداهما 62 فوائد الرسم العثمانى 68 القائلون بأن الرسم اجتهادى: 72 رأى وسط 74 شبه أثيرت حول كتابة القرآن ورسمه 76 ترجمة المصنف 80 ترجمة أبى عمرو الدانى 83 مصادر عبد الواحد المالقى فى شرحه «الدر النثير» 87 باب الاستعاذة 126 باب التسمية 144 سورة أم القرآن 168 باب بيان مذهب أبى عمرو فى الإدغام الكبير 172 الفصل الأول من القسم الأول فى معنى الإدغام لغة واصطلاحا 172 الفصل الثانى: الحرف لا يدغم فى الحرف 174 الفصل الثالث: فى ذكر الحروف ومخارجها 175 الفصل الرابع: فى صفات الحروف 180 الفصل الخامس: المتماثلان والمختلفان والمتقاربان 187 الفصل السادس: تقسيم الحروف إلى قوى وضعيف 187
الفصل السابع: تقسيم الحروف إلى ضربين 188 مطلب إدغام الياء فى الياء 213 مطلب إدغام الحاء فى الحاء 213 مطلب إدغام العين فى العين 214 مطلب إدغام اللام فى اللام 214 مطلب إدغام النون فى النون 219 إدغام الكاف فى الكاف 221 إدغام السين فى السين 222 إدغام التاء فى التاء 223 إدغام الراء فى الراء 223 إدغام الفاء فى الفاء 224 إدغام الميم فى الميم 225 إدغام الباء فى الباء 228 إدغام الغين فى الغين 230 إدغام القاف فى القاف 230 إدغام الثاء فى الثاء 230 إدغام الواو فى الواو 230 مطلب المعتل المختلف فى إدغامه 238 مطلب «خلقكم» ومثله 252 إدغام الحاء فى العين 256 إدغام القاف فى الكاف 259 إدغام الكاف فى القاف 260 إدغام الجيم فى الشين 262 إدغام الشين فى السين 263 إدغام الضاد فى الشين 264 إدغام الضاد فى الذال 265 إدغام السين فى الزاى والشين 266 إدغام الدال فى خمسة أحرف 268 إدغام التاء فى عشرة أحرف 274 إدغام اللام فى الراء 284 إدغام النون فى اللام والراء 286
إخفاء الميم فى الباء 288 إدغام الباء فى الميم 290 فصل: إدغام أبى للمثلين والمتقاربين 293 باب ذكر هاء الكناية 298 باب ذكر المد والقصر 309 مسألة: وكلهم لم يزد فى تمكين الألف 335 باب الهمزتين المتلاصقتين فى كلمة 340 باب ذكر الهمزتين من كلمتين 356 باب ذكر الهمزة المفردة 369 فصل: تسهيل ورش للهمزة 372 باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها 374 باب مذهب أبى عمرو فى ترك الهمز 380 باب مذهب حمزة وهشام فى الوقف على الهمزة 389 فصل: تفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة 410 فصل: اعلم أن جميع ما يسهله حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس 422 باب الإظهار والإدغام للحروف السواكن 423 ذكر ذال «إذ» 424 ذكر دال «قد» 428 ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل 432 ذكر لام «هل» و «بل» 435 فصل: أثر لام «هل» و «بل» 439 فصل فى ذكر النون الساكنة والتنوين 443 مسألة: فى توجيه الأحكام الأربعة لهما 453 باب الفتح والإمالة بين اللفظين 456 فصل: ما تفرد به الكسائى دون حمزة 489 فصل: ما تفرد به الكسائى أيضا فى رواية الدورى 492 فصل: تفرد حمزة بإمالة عشرة أفعال 494 فصل: إمالة أبى عمرو والكسائى فى رواية الدورى كل ألف بعدها راء مجرورة 495 فصل: إمالة (الكافرين) لأبى عمرو والكسائى من طريق الدورى 499 فصل: ما تفرد به هشام 500
فصل: كل ما أميل فى الوصل لعلة 501 باب ذكر مذهب الكسائى فى الوقف على هاء التأنيث 507 باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا 534 الفصل الأول: فيما اختلفوا فيه من الراءات 541 الفصل الثانى: فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء 543 فصل: كل راء وليتها فتحه أو ضمة 554 فصل: الوقف على الراء 562 باب ذكر اللامات 567 تنبيه: 572 باب الوقف على أواخر الكلم 574 فصل: الحركة العارضة وأثرها 584 باب الوقف على مرسوم الخط 589 فصل: تفرد البزى بزيادة هاء السكت 602 باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة 603 باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة 605 فصل: كل ياء بعدها همزة مكسورة 609 فصل: كل ياء بعدها همزة مضمومة 611 فصل: كل ياء بعدها ألف ولام 611 فصل: كل ياء بعدها ألف منفردة 613 فصل: مجىء الياء عند باقى حروف المعجم 613 باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم 615 فصل فى تهذيب ترتيب التبويب 622 باب ذكر فرش الحروف سورة البقرة 625 سورة آل عمران 631 تنبيه: إسناد الحافظ فى التيسير قراءته برواية هشام 637 سورة الأنعام 637 سورة الأعراف 642 سورة براءة 644 سورة يونس 646
سورة هود عليه السلام 649 سورة يوسف عليه السلام 650 سورة الرعد 662 سورة إبراهيم عليه السلام 664 سورة النحل 669 سورة الإسراء 669 سورة الكهف 670 سورة مريم الصديقة عليها السلام 670 سورة طه 672 سورة النور 673 سورة النمل 675 سورة القصص 679 سورة الروم 679 سورة الأحزاب 680 سورة يس 682 سورة الصافات 683 سورة الزمر 684 سورة السجدة 685 سورة الزخرف 685 سورة الأحقاف 686 سورة محمد صلى(1/707)
مقدمة التحقيق 3 توقيفية القراءات 4 إضافة القراءات إلى القراء تعنى اختيارها ولا اجتهاد فيها 12 الزمخشرى يعزو إحدى القراءات إلى فصاحة راويها 19 ردود على من يفاضلون بين القراءات 22 رسم المصاحف العثمانية 58 قواعد رسم المصحف 58 القاعدة الأولى: الحذف 59 القاعدة الثانية: الزيادة 60 القاعدة الثالثة: الهمز 60 القاعدة الرابعة: البدل 61 القاعدة الخامسة: الفصل والوصل 62 القاعدة السادسة: ما فيه قراءتان، وكتب على إحداهما 62 فوائد الرسم العثمانى 68 القائلون بأن الرسم اجتهادى: 72 رأى وسط 74 شبه أثيرت حول كتابة القرآن ورسمه 76 ترجمة المصنف 80 ترجمة أبى عمرو الدانى 83 مصادر عبد الواحد المالقى فى شرحه «الدر النثير» 87 باب الاستعاذة 126 باب التسمية 144 سورة أم القرآن 168 باب بيان مذهب أبى عمرو فى الإدغام الكبير 172 الفصل الأول من القسم الأول فى معنى الإدغام لغة واصطلاحا 172 الفصل الثانى: الحرف لا يدغم فى الحرف 174 الفصل الثالث: فى ذكر الحروف ومخارجها 175 الفصل الرابع: فى صفات الحروف 180 الفصل الخامس: المتماثلان والمختلفان والمتقاربان 187 الفصل السادس: تقسيم الحروف إلى قوى وضعيف 187
الفصل السابع: تقسيم الحروف إلى ضربين 188 مطلب إدغام الياء فى الياء 213 مطلب إدغام الحاء فى الحاء 213 مطلب إدغام العين فى العين 214 مطلب إدغام اللام فى اللام 214 مطلب إدغام النون فى النون 219 إدغام الكاف فى الكاف 221 إدغام السين فى السين 222 إدغام التاء فى التاء 223 إدغام الراء فى الراء 223 إدغام الفاء فى الفاء 224 إدغام الميم فى الميم 225 إدغام الباء فى الباء 228 إدغام الغين فى الغين 230 إدغام القاف فى القاف 230 إدغام الثاء فى الثاء 230 إدغام الواو فى الواو 230 مطلب المعتل المختلف فى إدغامه 238 مطلب «خلقكم» ومثله 252 إدغام الحاء فى العين 256 إدغام القاف فى الكاف 259 إدغام الكاف فى القاف 260 إدغام الجيم فى الشين 262 إدغام الشين فى السين 263 إدغام الضاد فى الشين 264 إدغام الضاد فى الذال 265 إدغام السين فى الزاى والشين 266 إدغام الدال فى خمسة أحرف 268 إدغام التاء فى عشرة أحرف 274 إدغام اللام فى الراء 284 إدغام النون فى اللام والراء 286
إخفاء الميم فى الباء 288 إدغام الباء فى الميم 290 فصل: إدغام أبى للمثلين والمتقاربين 293 باب ذكر هاء الكناية 298 باب ذكر المد والقصر 309 مسألة: وكلهم لم يزد فى تمكين الألف 335 باب الهمزتين المتلاصقتين فى كلمة 340 باب ذكر الهمزتين من كلمتين 356 باب ذكر الهمزة المفردة 369 فصل: تسهيل ورش للهمزة 372 باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها 374 باب مذهب أبى عمرو فى ترك الهمز 380 باب مذهب حمزة وهشام فى الوقف على الهمزة 389 فصل: تفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة 410 فصل: اعلم أن جميع ما يسهله حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس 422 باب الإظهار والإدغام للحروف السواكن 423 ذكر ذال «إذ» 424 ذكر دال «قد» 428 ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل 432 ذكر لام «هل» و «بل» 435 فصل: أثر لام «هل» و «بل» 439 فصل فى ذكر النون الساكنة والتنوين 443 مسألة: فى توجيه الأحكام الأربعة لهما 453 باب الفتح والإمالة بين اللفظين 456 فصل: ما تفرد به الكسائى دون حمزة 489 فصل: ما تفرد به الكسائى أيضا فى رواية الدورى 492 فصل: تفرد حمزة بإمالة عشرة أفعال 494 فصل: إمالة أبى عمرو والكسائى فى رواية الدورى كل ألف بعدها راء مجرورة 495 فصل: إمالة (الكافرين) لأبى عمرو والكسائى من طريق الدورى 499 فصل: ما تفرد به هشام 500
فصل: كل ما أميل فى الوصل لعلة 501 باب ذكر مذهب الكسائى فى الوقف على هاء التأنيث 507 باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا 534 الفصل الأول: فيما اختلفوا فيه من الراءات 541 الفصل الثانى: فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء 543 فصل: كل راء وليتها فتحه أو ضمة 554 فصل: الوقف على الراء 562 باب ذكر اللامات 567 تنبيه: 572 باب الوقف على أواخر الكلم 574 فصل: الحركة العارضة وأثرها 584 باب الوقف على مرسوم الخط 589 فصل: تفرد البزى بزيادة هاء السكت 602 باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة 603 باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة 605 فصل: كل ياء بعدها همزة مكسورة 609 فصل: كل ياء بعدها همزة مضمومة 611 فصل: كل ياء بعدها ألف ولام 611 فصل: كل ياء بعدها ألف منفردة 613 فصل: مجىء الياء عند باقى حروف المعجم 613 باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم 615 فصل فى تهذيب ترتيب التبويب 622 باب ذكر فرش الحروف سورة البقرة 625 سورة آل عمران 631 تنبيه: إسناد الحافظ فى التيسير قراءته برواية هشام 637 سورة الأنعام 637 سورة الأعراف 642 سورة براءة 644 سورة يونس 646
سورة هود عليه السلام 649 سورة يوسف عليه السلام 650 سورة الرعد 662 سورة إبراهيم عليه السلام 664 سورة النحل 669 سورة الإسراء 669 سورة الكهف 670 سورة مريم الصديقة عليها السلام 670 سورة طه 672 سورة النور 673 سورة النمل 675 سورة القصص 679 سورة الروم 679 سورة الأحزاب 680 سورة يس 682 سورة الصافات 683 سورة الزمر 684 سورة السجدة 685 سورة الزخرف 685 سورة الأحقاف 686 سورة محمد صلى(1/708)
مقدمة التحقيق 3 توقيفية القراءات 4 إضافة القراءات إلى القراء تعنى اختيارها ولا اجتهاد فيها 12 الزمخشرى يعزو إحدى القراءات إلى فصاحة راويها 19 ردود على من يفاضلون بين القراءات 22 رسم المصاحف العثمانية 58 قواعد رسم المصحف 58 القاعدة الأولى: الحذف 59 القاعدة الثانية: الزيادة 60 القاعدة الثالثة: الهمز 60 القاعدة الرابعة: البدل 61 القاعدة الخامسة: الفصل والوصل 62 القاعدة السادسة: ما فيه قراءتان، وكتب على إحداهما 62 فوائد الرسم العثمانى 68 القائلون بأن الرسم اجتهادى: 72 رأى وسط 74 شبه أثيرت حول كتابة القرآن ورسمه 76 ترجمة المصنف 80 ترجمة أبى عمرو الدانى 83 مصادر عبد الواحد المالقى فى شرحه «الدر النثير» 87 باب الاستعاذة 126 باب التسمية 144 سورة أم القرآن 168 باب بيان مذهب أبى عمرو فى الإدغام الكبير 172 الفصل الأول من القسم الأول فى معنى الإدغام لغة واصطلاحا 172 الفصل الثانى: الحرف لا يدغم فى الحرف 174 الفصل الثالث: فى ذكر الحروف ومخارجها 175 الفصل الرابع: فى صفات الحروف 180 الفصل الخامس: المتماثلان والمختلفان والمتقاربان 187 الفصل السادس: تقسيم الحروف إلى قوى وضعيف 187
الفصل السابع: تقسيم الحروف إلى ضربين 188 مطلب إدغام الياء فى الياء 213 مطلب إدغام الحاء فى الحاء 213 مطلب إدغام العين فى العين 214 مطلب إدغام اللام فى اللام 214 مطلب إدغام النون فى النون 219 إدغام الكاف فى الكاف 221 إدغام السين فى السين 222 إدغام التاء فى التاء 223 إدغام الراء فى الراء 223 إدغام الفاء فى الفاء 224 إدغام الميم فى الميم 225 إدغام الباء فى الباء 228 إدغام الغين فى الغين 230 إدغام القاف فى القاف 230 إدغام الثاء فى الثاء 230 إدغام الواو فى الواو 230 مطلب المعتل المختلف فى إدغامه 238 مطلب «خلقكم» ومثله 252 إدغام الحاء فى العين 256 إدغام القاف فى الكاف 259 إدغام الكاف فى القاف 260 إدغام الجيم فى الشين 262 إدغام الشين فى السين 263 إدغام الضاد فى الشين 264 إدغام الضاد فى الذال 265 إدغام السين فى الزاى والشين 266 إدغام الدال فى خمسة أحرف 268 إدغام التاء فى عشرة أحرف 274 إدغام اللام فى الراء 284 إدغام النون فى اللام والراء 286
إخفاء الميم فى الباء 288 إدغام الباء فى الميم 290 فصل: إدغام أبى للمثلين والمتقاربين 293 باب ذكر هاء الكناية 298 باب ذكر المد والقصر 309 مسألة: وكلهم لم يزد فى تمكين الألف 335 باب الهمزتين المتلاصقتين فى كلمة 340 باب ذكر الهمزتين من كلمتين 356 باب ذكر الهمزة المفردة 369 فصل: تسهيل ورش للهمزة 372 باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها 374 باب مذهب أبى عمرو فى ترك الهمز 380 باب مذهب حمزة وهشام فى الوقف على الهمزة 389 فصل: تفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة 410 فصل: اعلم أن جميع ما يسهله حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس 422 باب الإظهار والإدغام للحروف السواكن 423 ذكر ذال «إذ» 424 ذكر دال «قد» 428 ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل 432 ذكر لام «هل» و «بل» 435 فصل: أثر لام «هل» و «بل» 439 فصل فى ذكر النون الساكنة والتنوين 443 مسألة: فى توجيه الأحكام الأربعة لهما 453 باب الفتح والإمالة بين اللفظين 456 فصل: ما تفرد به الكسائى دون حمزة 489 فصل: ما تفرد به الكسائى أيضا فى رواية الدورى 492 فصل: تفرد حمزة بإمالة عشرة أفعال 494 فصل: إمالة أبى عمرو والكسائى فى رواية الدورى كل ألف بعدها راء مجرورة 495 فصل: إمالة (الكافرين) لأبى عمرو والكسائى من طريق الدورى 499 فصل: ما تفرد به هشام 500
فصل: كل ما أميل فى الوصل لعلة 501 باب ذكر مذهب الكسائى فى الوقف على هاء التأنيث 507 باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا 534 الفصل الأول: فيما اختلفوا فيه من الراءات 541 الفصل الثانى: فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء 543 فصل: كل راء وليتها فتحه أو ضمة 554 فصل: الوقف على الراء 562 باب ذكر اللامات 567 تنبيه: 572 باب الوقف على أواخر الكلم 574 فصل: الحركة العارضة وأثرها 584 باب الوقف على مرسوم الخط 589 فصل: تفرد البزى بزيادة هاء السكت 602 باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة 603 باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة 605 فصل: كل ياء بعدها همزة مكسورة 609 فصل: كل ياء بعدها همزة مضمومة 611 فصل: كل ياء بعدها ألف ولام 611 فصل: كل ياء بعدها ألف منفردة 613 فصل: مجىء الياء عند باقى حروف المعجم 613 باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم 615 فصل فى تهذيب ترتيب التبويب 622 باب ذكر فرش الحروف سورة البقرة 625 سورة آل عمران 631 تنبيه: إسناد الحافظ فى التيسير قراءته برواية هشام 637 سورة الأنعام 637 سورة الأعراف 642 سورة براءة 644 سورة يونس 646
سورة هود عليه السلام 649 سورة يوسف عليه السلام 650 سورة الرعد 662 سورة إبراهيم عليه السلام 664 سورة النحل 669 سورة الإسراء 669 سورة الكهف 670 سورة مريم الصديقة عليها السلام 670 سورة طه 672 سورة النور 673 سورة النمل 675 سورة القصص 679 سورة الروم 679 سورة الأحزاب 680 سورة يس 682 سورة الصافات 683 سورة الزمر 684 سورة السجدة 685 سورة الزخرف 685 سورة الأحقاف 686 سورة محمد صلى(1/709)
مقدمة التحقيق 3 توقيفية القراءات 4 إضافة القراءات إلى القراء تعنى اختيارها ولا اجتهاد فيها 12 الزمخشرى يعزو إحدى القراءات إلى فصاحة راويها 19 ردود على من يفاضلون بين القراءات 22 رسم المصاحف العثمانية 58 قواعد رسم المصحف 58 القاعدة الأولى: الحذف 59 القاعدة الثانية: الزيادة 60 القاعدة الثالثة: الهمز 60 القاعدة الرابعة: البدل 61 القاعدة الخامسة: الفصل والوصل 62 القاعدة السادسة: ما فيه قراءتان، وكتب على إحداهما 62 فوائد الرسم العثمانى 68 القائلون بأن الرسم اجتهادى: 72 رأى وسط 74 شبه أثيرت حول كتابة القرآن ورسمه 76 ترجمة المصنف 80 ترجمة أبى عمرو الدانى 83 مصادر عبد الواحد المالقى فى شرحه «الدر النثير» 87 باب الاستعاذة 126 باب التسمية 144 سورة أم القرآن 168 باب بيان مذهب أبى عمرو فى الإدغام الكبير 172 الفصل الأول من القسم الأول فى معنى الإدغام لغة واصطلاحا 172 الفصل الثانى: الحرف لا يدغم فى الحرف 174 الفصل الثالث: فى ذكر الحروف ومخارجها 175 الفصل الرابع: فى صفات الحروف 180 الفصل الخامس: المتماثلان والمختلفان والمتقاربان 187 الفصل السادس: تقسيم الحروف إلى قوى وضعيف 187
الفصل السابع: تقسيم الحروف إلى ضربين 188 مطلب إدغام الياء فى الياء 213 مطلب إدغام الحاء فى الحاء 213 مطلب إدغام العين فى العين 214 مطلب إدغام اللام فى اللام 214 مطلب إدغام النون فى النون 219 إدغام الكاف فى الكاف 221 إدغام السين فى السين 222 إدغام التاء فى التاء 223 إدغام الراء فى الراء 223 إدغام الفاء فى الفاء 224 إدغام الميم فى الميم 225 إدغام الباء فى الباء 228 إدغام الغين فى الغين 230 إدغام القاف فى القاف 230 إدغام الثاء فى الثاء 230 إدغام الواو فى الواو 230 مطلب المعتل المختلف فى إدغامه 238 مطلب «خلقكم» ومثله 252 إدغام الحاء فى العين 256 إدغام القاف فى الكاف 259 إدغام الكاف فى القاف 260 إدغام الجيم فى الشين 262 إدغام الشين فى السين 263 إدغام الضاد فى الشين 264 إدغام الضاد فى الذال 265 إدغام السين فى الزاى والشين 266 إدغام الدال فى خمسة أحرف 268 إدغام التاء فى عشرة أحرف 274 إدغام اللام فى الراء 284 إدغام النون فى اللام والراء 286
إخفاء الميم فى الباء 288 إدغام الباء فى الميم 290 فصل: إدغام أبى للمثلين والمتقاربين 293 باب ذكر هاء الكناية 298 باب ذكر المد والقصر 309 مسألة: وكلهم لم يزد فى تمكين الألف 335 باب الهمزتين المتلاصقتين فى كلمة 340 باب ذكر الهمزتين من كلمتين 356 باب ذكر الهمزة المفردة 369 فصل: تسهيل ورش للهمزة 372 باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها 374 باب مذهب أبى عمرو فى ترك الهمز 380 باب مذهب حمزة وهشام فى الوقف على الهمزة 389 فصل: تفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة 410 فصل: اعلم أن جميع ما يسهله حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس 422 باب الإظهار والإدغام للحروف السواكن 423 ذكر ذال «إذ» 424 ذكر دال «قد» 428 ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل 432 ذكر لام «هل» و «بل» 435 فصل: أثر لام «هل» و «بل» 439 فصل فى ذكر النون الساكنة والتنوين 443 مسألة: فى توجيه الأحكام الأربعة لهما 453 باب الفتح والإمالة بين اللفظين 456 فصل: ما تفرد به الكسائى دون حمزة 489 فصل: ما تفرد به الكسائى أيضا فى رواية الدورى 492 فصل: تفرد حمزة بإمالة عشرة أفعال 494 فصل: إمالة أبى عمرو والكسائى فى رواية الدورى كل ألف بعدها راء مجرورة 495 فصل: إمالة (الكافرين) لأبى عمرو والكسائى من طريق الدورى 499 فصل: ما تفرد به هشام 500
فصل: كل ما أميل فى الوصل لعلة 501 باب ذكر مذهب الكسائى فى الوقف على هاء التأنيث 507 باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا 534 الفصل الأول: فيما اختلفوا فيه من الراءات 541 الفصل الثانى: فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء 543 فصل: كل راء وليتها فتحه أو ضمة 554 فصل: الوقف على الراء 562 باب ذكر اللامات 567 تنبيه: 572 باب الوقف على أواخر الكلم 574 فصل: الحركة العارضة وأثرها 584 باب الوقف على مرسوم الخط 589 فصل: تفرد البزى بزيادة هاء السكت 602 باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة 603 باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة 605 فصل: كل ياء بعدها همزة مكسورة 609 فصل: كل ياء بعدها همزة مضمومة 611 فصل: كل ياء بعدها ألف ولام 611 فصل: كل ياء بعدها ألف منفردة 613 فصل: مجىء الياء عند باقى حروف المعجم 613 باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم 615 فصل فى تهذيب ترتيب التبويب 622 باب ذكر فرش الحروف سورة البقرة 625 سورة آل عمران 631 تنبيه: إسناد الحافظ فى التيسير قراءته برواية هشام 637 سورة الأنعام 637 سورة الأعراف 642 سورة براءة 644 سورة يونس 646
سورة هود عليه السلام 649 سورة يوسف عليه السلام 650 سورة الرعد 662 سورة إبراهيم عليه السلام 664 سورة النحل 669 سورة الإسراء 669 سورة الكهف 670 سورة مريم الصديقة عليها السلام 670 سورة طه 672 سورة النور 673 سورة النمل 675 سورة القصص 679 سورة الروم 679 سورة الأحزاب 680 سورة يس 682 سورة الصافات 683 سورة الزمر 684 سورة السجدة 685 سورة الزخرف 685 سورة الأحقاف 686 سورة محمد صلى(1/710)
مقدمة التحقيق 3 توقيفية القراءات 4 إضافة القراءات إلى القراء تعنى اختيارها ولا اجتهاد فيها 12 الزمخشرى يعزو إحدى القراءات إلى فصاحة راويها 19 ردود على من يفاضلون بين القراءات 22 رسم المصاحف العثمانية 58 قواعد رسم المصحف 58 القاعدة الأولى: الحذف 59 القاعدة الثانية: الزيادة 60 القاعدة الثالثة: الهمز 60 القاعدة الرابعة: البدل 61 القاعدة الخامسة: الفصل والوصل 62 القاعدة السادسة: ما فيه قراءتان، وكتب على إحداهما 62 فوائد الرسم العثمانى 68 القائلون بأن الرسم اجتهادى: 72 رأى وسط 74 شبه أثيرت حول كتابة القرآن ورسمه 76 ترجمة المصنف 80 ترجمة أبى عمرو الدانى 83 مصادر عبد الواحد المالقى فى شرحه «الدر النثير» 87 باب الاستعاذة 126 باب التسمية 144 سورة أم القرآن 168 باب بيان مذهب أبى عمرو فى الإدغام الكبير 172 الفصل الأول من القسم الأول فى معنى الإدغام لغة واصطلاحا 172 الفصل الثانى: الحرف لا يدغم فى الحرف 174 الفصل الثالث: فى ذكر الحروف ومخارجها 175 الفصل الرابع: فى صفات الحروف 180 الفصل الخامس: المتماثلان والمختلفان والمتقاربان 187 الفصل السادس: تقسيم الحروف إلى قوى وضعيف 187
الفصل السابع: تقسيم الحروف إلى ضربين 188 مطلب إدغام الياء فى الياء 213 مطلب إدغام الحاء فى الحاء 213 مطلب إدغام العين فى العين 214 مطلب إدغام اللام فى اللام 214 مطلب إدغام النون فى النون 219 إدغام الكاف فى الكاف 221 إدغام السين فى السين 222 إدغام التاء فى التاء 223 إدغام الراء فى الراء 223 إدغام الفاء فى الفاء 224 إدغام الميم فى الميم 225 إدغام الباء فى الباء 228 إدغام الغين فى الغين 230 إدغام القاف فى القاف 230 إدغام الثاء فى الثاء 230 إدغام الواو فى الواو 230 مطلب المعتل المختلف فى إدغامه 238 مطلب «خلقكم» ومثله 252 إدغام الحاء فى العين 256 إدغام القاف فى الكاف 259 إدغام الكاف فى القاف 260 إدغام الجيم فى الشين 262 إدغام الشين فى السين 263 إدغام الضاد فى الشين 264 إدغام الضاد فى الذال 265 إدغام السين فى الزاى والشين 266 إدغام الدال فى خمسة أحرف 268 إدغام التاء فى عشرة أحرف 274 إدغام اللام فى الراء 284 إدغام النون فى اللام والراء 286
إخفاء الميم فى الباء 288 إدغام الباء فى الميم 290 فصل: إدغام أبى للمثلين والمتقاربين 293 باب ذكر هاء الكناية 298 باب ذكر المد والقصر 309 مسألة: وكلهم لم يزد فى تمكين الألف 335 باب الهمزتين المتلاصقتين فى كلمة 340 باب ذكر الهمزتين من كلمتين 356 باب ذكر الهمزة المفردة 369 فصل: تسهيل ورش للهمزة 372 باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها 374 باب مذهب أبى عمرو فى ترك الهمز 380 باب مذهب حمزة وهشام فى الوقف على الهمزة 389 فصل: تفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة 410 فصل: اعلم أن جميع ما يسهله حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس 422 باب الإظهار والإدغام للحروف السواكن 423 ذكر ذال «إذ» 424 ذكر دال «قد» 428 ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل 432 ذكر لام «هل» و «بل» 435 فصل: أثر لام «هل» و «بل» 439 فصل فى ذكر النون الساكنة والتنوين 443 مسألة: فى توجيه الأحكام الأربعة لهما 453 باب الفتح والإمالة بين اللفظين 456 فصل: ما تفرد به الكسائى دون حمزة 489 فصل: ما تفرد به الكسائى أيضا فى رواية الدورى 492 فصل: تفرد حمزة بإمالة عشرة أفعال 494 فصل: إمالة أبى عمرو والكسائى فى رواية الدورى كل ألف بعدها راء مجرورة 495 فصل: إمالة (الكافرين) لأبى عمرو والكسائى من طريق الدورى 499 فصل: ما تفرد به هشام 500
فصل: كل ما أميل فى الوصل لعلة 501 باب ذكر مذهب الكسائى فى الوقف على هاء التأنيث 507 باب ذكر مذهب ورش فى الراءات مجملا 534 الفصل الأول: فيما اختلفوا فيه من الراءات 541 الفصل الثانى: فيما اتفق الحافظ، والشيخ، والإمام على ترقيقه لورش، وتفخيمه لسائر القراء 543 فصل: كل راء وليتها فتحه أو ضمة 554 فصل: الوقف على الراء 562 باب ذكر اللامات 567 تنبيه: 572 باب الوقف على أواخر الكلم 574 فصل: الحركة العارضة وأثرها 584 باب الوقف على مرسوم الخط 589 فصل: تفرد البزى بزيادة هاء السكت 602 باب ذكر مذهب حمزة فى السكوت قبل الهمزة 603 باب ذكر مذاهبهم فى الفتح والإسكان لياءات الإضافة 605 فصل: كل ياء بعدها همزة مكسورة 609 فصل: كل ياء بعدها همزة مضمومة 611 فصل: كل ياء بعدها ألف ولام 611 فصل: كل ياء بعدها ألف منفردة 613 فصل: مجىء الياء عند باقى حروف المعجم 613 باب ذكر أصولهم فى الياءات المحذوفات من الرسم 615 فصل فى تهذيب ترتيب التبويب 622 باب ذكر فرش الحروف سورة البقرة 625 سورة آل عمران 631 تنبيه: إسناد الحافظ فى التيسير قراءته برواية هشام 637 سورة الأنعام 637 سورة الأعراف 642 سورة براءة 644 سورة يونس 646
سورة هود عليه السلام 649 سورة يوسف عليه السلام 650 سورة الرعد 662 سورة إبراهيم عليه السلام 664 سورة النحل 669 سورة الإسراء 669 سورة الكهف 670 سورة مريم الصديقة عليها السلام 670 سورة طه 672 سورة النور 673 سورة النمل 675 سورة القصص 679 سورة الروم 679 سورة الأحزاب 680 سورة يس 682 سورة الصافات 683 سورة الزمر 684 سورة السجدة 685 سورة الزخرف 685 سورة الأحقاف 686 سورة محمد صلى
الله عليه وسلم 687 سورة ق 687 سورة الطور 688 سورة النجم 688 سورة المجادلة 696 سورة الحشر 697 سورة الملك 697 سورة ن والقلم 699 سورة الحاقة 700 سورة القيامة 700 سورة الإنسان 700
سورة المطففين 702 سورة الغاشية 702 سورة الفجر 703 سورة العلق 703 سورة الكافرين 703 باب ذكر التكبير 703 مسألة فى حكم الوصل والفصل 704 فهرس الموضوعات 707(1/711)
الله عليه وسلم 687 سورة ق 687 سورة الطور 688 سورة النجم 688 سورة المجادلة 696 سورة الحشر 697 سورة الملك 697 سورة ن والقلم 699 سورة الحاقة 700 سورة القيامة 700 سورة الإنسان 700
سورة المطففين 702 سورة الغاشية 702 سورة الفجر 703 سورة العلق 703 سورة الكافرين 703 باب ذكر التكبير 703 مسألة فى حكم الوصل والفصل 704 فهرس الموضوعات 707(1/712)