ترجمة المؤلف
ترجم السيوطي لنفسه في كتابه «حسن المحاضرة» فقال: وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدّثين قبلي، فقلّ أن ألّف أحد منهم تاريخا إلّا وذكر ترجمته فيه. وممّن وقع له ذلك: الإمام عبد الغفّار الفارسي في «تاريخ نيسابور»، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء»، ولسان الدين ابن الخطيب في «تاريخ غرناطة»، والحافظ تقيّ الدين الفاسي في «تاريخ مكّة»، والحافظ أبو الفضل ابن حجر في «قضاة مصر»، وأبو شامة في «الروضتين» وهو أورعهم وأزهدهم.
اسمه ونسبه:
قال السيوطي: ترجمة مؤلّف هذا الكتاب حسن المحاضرة عبد الرّحمن بن الكمال أبي بكر بن محمّد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيّوب بن ناصر الدين محمد ابن الشيخ همّام الدين الهمّام الخضيري الأسيوطي.
وأمّا نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة إلّا «الخضيرية» محلة ببغداد، وقد حدّثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه الله أن جدّه الأعلى كان أعجميا أو من المشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلّة المذكورة.
مولده ونشأته:
قال السيوطي: وكان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي، فبارك عليّ.
ويقول العيدروسي (1): وأحضره والده وعمره ثلاث سنين مجلس شيخ الإسلام ابن حجر مرّة واحدة، وحضر وهو صغير مجلس الشيخ المحدّث زين الدين رضوان العتبي، ودرس الشيخ سراج الدين عمر الوردي، ثم اشتغل بالعلم على عدّة مشايخ.
وقال السيوطي: ونشأت يتيما، فحفظت القرآن ولي دون ثماني سنين، ثم حفظت
__________
(1) النور السافر ص /. 51(1/3)
«العمدة» (1)، و «منهاج الفقه» (2)، و «الأصول» (3)، و «ألفيّة ابن مالك».
وقال العيدروسي (4): وتوفي والده ليلة الاثنين خامس صفر سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وجعل الشيخ كمال الدين ابن الهمام وصيّا عليه، فلحظه بنظره ورعايته.
عائلته:
أمّا جدّي الأعلى همّام الدين فكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطّرق
ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متجوّلا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حقّ الخدمة إلّا والدي.
أما عن أمّه، فيخبرنا السخاوي (5) في الضوء اللامع أن أمّه تركيّة ويقول عنها العيدروسي (6):
أمّ ولد تركيّة.
رحلاته:
قال السيوطي: وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، والتكرور.
وله رحلة داخل مصر أيضا، ذكرها السخاوي في الضوء اللامع (7) فقال: ثم سافر إلى الفيّوم، ودمياط، والمحلّة، فكتب عن جماعة.
ثم قال السيوطي: ولما حججت شربت من ماء زمزم لأمور: منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث رتبة الحافظ ابن حجر.
شيوخه:
أكثر السيوطي عن الأخذ من الشيوخ، وقد جمع أسماءهم في معجم فقال في ذلك: وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير، أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدّتهم
__________
(1) أي «عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد المتوفى سنة (702هـ).
(2) أي «منهاج الطالبين» للنووي المتوفى سنة (676هـ)
(3) أي «منهاج الوصول إلى علم الأصول» للبيضاوي المتوفى سنة (685هـ).
(4) النور السافر ص / 51
(5) الضوء اللامع 4/ 65
(6) النور السافر ص / 51
(7) الضوء اللامع 4/ 65(1/4)
نحو مائة وخمسين، ولم أكثر سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية.
قال السيوطي: وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ وأخذت الفرائض عن العلّامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحيّ الذي كان يقال: إنه بلغ السنّ العالية، وجاوز المائة بكثير والله أعلم بذلك قرأت عليه في شرحه على «المجموع».
وأجزت بتدريس العربية في مستهلّ سنة ست وستّين، وقد ألّفت في هذه السنة، فكان أوّل شيء ألّفته «شرح الاستعاذة والبسملة» وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول «التدريب» لوالده إلى (الوكالة)، وسمعت عليه من أوّل «الحاوي الصغير» إلى (العدد)، ومن أوّل «المنهاج» إلى (الزكاة)، ومن أوّل «التنبيه» إلى قريب من (باب الزكاة)، وقطعة من «الروضة» من (باب القضاء)، وقطعة من «تكملة شرح المنهاج» للزركشي ومن (إحياء الموات) إلى (الوصايا) أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين وحضر تصديري.
فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، فقرأت عليه قطعة من «المنهاج» وسمعته عليه في التقسيم، إلّا مجالس فاتتني وسمعت دروسا من شرح «البهجة» ومن حاشية عليها، ومن «تفسير البيضاوي».
ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلّامة تقي الدين الشّبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا على «شرح ألفيّة ابن مالك»، وعلى «جمع الجوامع في العربية» تأليفي، وشهد لي غير مرّة بالتّقدّم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولي مجرّدا في حديث فإنه أورد في «حاشيته على الشفاء» حديث أبي الحمراء في الإسراء، وعزاه إلى تخريج ابن ماجة، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجة في مظنّته فلم أجده، فمررت على الكتاب كله فلم أجده، فاتّهمت نظري، فمررت ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم أجده، ورأيته في «معجم الصحابة» لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فبمجرّد ما سمع منّي ذلك أخذ نسخته، وأخذ القلم فضرب على لفظ:
ابن ماجة، وألحق ابن قانع في الحاشية، فأعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبي واحتقاري في نفسي، فقلت: ألا تصبرون، لعلكم تراجعون؟ فقال: لا إنما قلّدت في قولي: ابن ماجة، البرهان الحلبي، ولم أنفكّ عن الشيخ إلى أن مات.
ولزمت شيخنا العلّامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجيّ أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير، والأصول، والعربية، والمعاني، وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في «الكشّاف» و «التوضيح» وحاشيته عليه، و «تلخيص المفتاح»، و «العضد».
وشرعت في التصنيف في سنة ستّ وستّين، وبلغت مؤلّفاتي إلى الآن أي قبل وفاته باثني عشرة سنة تقريبا ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته، ورجعت عنه، ويقول العيدروسي (1)، ووصلت مصنفاته نحو الستمائة مصنّفا سوى ما رجع عنه وغسله.(1/5)
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في «الكشّاف» و «التوضيح» وحاشيته عليه، و «تلخيص المفتاح»، و «العضد».
وشرعت في التصنيف في سنة ستّ وستّين، وبلغت مؤلّفاتي إلى الآن أي قبل وفاته باثني عشرة سنة تقريبا ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته، ورجعت عنه، ويقول العيدروسي (1)، ووصلت مصنفاته نحو الستمائة مصنّفا سوى ما رجع عنه وغسله.
قال السيوطي: ورزقت التبحّر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة.
ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه، والجدل، والتصريف، ودونها الإنشاء، والترسّل، والفرائض، ودونها القراءات ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطبّ. وأمّا علم الحساب فهو أعسر شيء عليّ، وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت في مسألة تتعلّق به فكأنّما أحاول جبلا أحمله.
وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت في علم المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت أنّ ابن الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك، فعوّضني الله عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم.
والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطّلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي، فضلا عمّن هو دونهم، وأمّا الفقه، فلا أقول ذلك فيه، بل شيخي فيه أوسع نظرا وأطول باعا.
ويقول: وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد ويذكر الباعث على دعواه هذه فيقول: أقول ذلك تحدّثا بنعمة الله تعالى لا فخرا، وأيّ شىء في الدنيا حتّى يطلب تحصيلها بالفخر، وقد أزف الرحيل وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنّفا بأقوالها وأدلّتها النقلية والقياسيّة، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوّتي فلا حول ولا قوّة إلّا بالله، ما شاء الله لا قوّة إلّا بالله.
أخلاقه وثناء العلماء عليه:
يقول نجم الدين الغزّي (2): ولمّا بلغ أربعين سنة من عمره أخذ في التجرّد للعبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والاشتغال به صرفا، والإعراض عن الدّنيا وأهلها كأنّه لم يعرف أحدا منهم.
وشرع في تحرير مؤلّفاته، وترك الإفتاء والتدريس، واعتذر عن ذلك في مؤلّف ألّفه وسمّاه ب «التنفيس» وأقام في روضة المقياس فلم يتحوّل عنها إلى أن مات، لم يفتح طاقات بيته التي على النيل من سكناه.
__________
(1) النور السافر ص / 52
(2) النور السافر ص / 52(1/6)
وكان الأمراء والاغنياء يأتون إلى زيارته، ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردّها، وأهدى إليه الغوري خصيّا وألف دينار، فردّ الألف، وأخذ الخصيّ فأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبويّة وقال لقاصد السلطان: لا تعدّ تأتينا قطّ بهديّة، فإنّ الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك، وكان لا يتردّد إلى السلطان ولا إلى غيره، وطلبه مرارا فلم يحضر إليه.
ويقول العيدروسي (1): وحكي عنه أنه قال: رأيت في المنام كأنّي بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكرت له كتابا شرعت في تأليفه في الحديث، وهو «جمع الجوامع» فقلت له: أقرأ عليكم شيئا منه؟ فقال لي: هات يا شيخ الحديث، قال: هذه البشرى عندي أعظم من الدنيا بحذافيرها.
مؤلّفاته:
يقول ابن العماد (2): وقد اشتهر أكثر مصنّفاته في حياته في أقطار الأرض شرقا وغربا، وكان آية كبرى في سرعة التأليف، حتى قال تلميذه الداودي: عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا، وكان مع ذلك يملي الحديث، ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، رجالا وغريبا، ومتنا وسندا، واستنباطا للأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث قال: ولو وجدت أكثر لحفظته، قال: ولعلّه لا يوجد على وجد الأرض الآن أكثر من ذلك.
ويقول العيدروسي في «النور السافر» (3): وكان يلقّب بابن الكتب لأنّ أباه كان من أهل العلم واحتاج إلى مطالعة كتاب، فأمر أمّه أن تأتي بالكتاب من بين كتبه، فذهبت لتأتي به، فجاءها المخاض وهي بين الكتب، فوضعته.
ويقول نجم الدين الغزي (4): وألّف المؤلّفات الحافلة الكثيرة الكاملة، الجامعة النافعة، المتقنة المحرّرة، المعتمدة المعتبرة، نيفت عدّتها على خمسمائة مؤلّف، وقد استقصاها الداودي في ترجمته وقد اشتهر أكثر مصنّفاته في حياته في البلاد الحجازية، والشامية، والحلبية، وبلاد الروم، والمغرب، والتكرور، والهند، واليمن، وكان في سرعة الكتابة والتأليف آية كبرى من آيات الله تعالى.
وهذه قائمة بأسماء مؤلّفاته تضمنت (281) مؤلّفا ذكرها في كتابه «حسن المحاضرة» قال:
وهذه أسماء مصنّفاتي لتستفاد:
__________
(1) شذرات الذهب 8/ 53
(2) الكواكب السائرة 1/ 228
(3) النور السافر ص / 51
(4) الكواكب السائرة 1/ 228(1/7)
1 - فن التفسير وتعلّقاته والقراءات:
1 - الإتقان في علوم القرآن.
2 - الدرّ المنثور في التفسير المأثور.
3 - ترجمان القرآن في التفسير المسند.
4 - أسرار التنزيل يسمّى «قطف الأزهار في كشف الأسرار».
5 - لباب النقول في أسباب النزول.
6 - مفحمات الأقران في مبهمات القرآن.
7 - المهذّب فيما وقع في القرآن من المعرّب.
8 - الإكليل في استنباط التنزيل.
9 - تكملة تفسير الشيخ جلال الدين المحلّي.
10 - التحبير في علوم التفسير.
11 - حاشية على تفسير البيضاويّ.
12 - تناسق الدّرر في تناسب السور.
13 - مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع.
14 - مجمع البحرين ومطلع البدرين في التفسير.
15 - مفاتح الغيب في التفسير.
16 - الأزهار الفائحة على الفاتحة.
17 - شرح الاستعاذة والبسملة.
18 - الكلام على أوّل الفتح، وهو تصدير ألقيته لمّا باشرت التدريس بجامع شيخون بحضرة شيخنا البلقينيّ.
19 - شرح الشاطبية.
20 - الألفيّة في القراءات العشر.
21 - خمائل الزهر في فضائل السّور.
22 - فتح الجليل للعبد الذليل في الأنواع البديعيّة المستخرجة من قوله تعالى: {اللََّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، وعدّتها مائة وعشرون نوعا.
23 - القول الفصيح في تعيين الذبيح.
24 - اليد البسطى في الصلاة الوسطى.(1/8)
23 - القول الفصيح في تعيين الذبيح.
24 - اليد البسطى في الصلاة الوسطى.
25 - معترك الأقران في مشترك القرآن.
2 - فنّ الحديث وتعلّقاته:
26 - كشف المغطّى في شرح الموطّا.
27 - إسعاف المبطّأ برجال الموطا.
28 - التوشيح على الجامع الصحيح.
29 - الديباج على صحيح مسلم بن الحجّاج.
30 - مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود.
31 - شرح ابن ماجة.
32 - تدريب الراوي في شرح تقريب النووي.
33 - شرح ألفية العراقيّ، الألفيّة وتسمّى «نظم الدّرر في علم الأثر» وشرحها يسمّى «قطر الدّرر».
34 - التهذيب في الزوائد على التقريب.
35 - عين الإصابة في معرفة الصحابة.
36 - كشف التلبيس عن قلب أهل التدليس.
37 - توضيح المدرك في تصحيح المستدرك.
38 - اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة.
39 - النكت البديعات على الموضوعات.
40 - الذيل على القول المسدّد.
41 - القول الحسن في الذبّ عن السّنن.
42 - لبّ اللّباب في تحرير الأنساب.
43 - تقريب الغريب.
44 - المدرج إلى المدرج.
45 - تذكرة المؤتسي بمن حدّث ونسي.
46 - تحفة النابه بتلخيص المتشابه.
47 - الروض المكلّل والورد المعلّل في المصطلح.
48 - منتهى الآمال في شرح حديث إنّما الأعمال.
49 - المعجزات والخصائص النبويّة.(1/9)
48 - منتهى الآمال في شرح حديث إنّما الأعمال.
49 - المعجزات والخصائص النبويّة.
50 - شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور.
51 - البدور السافرة عن أمور الآخرة.
52 - ما رواه الواعون في أخبار الطاعون.
53 - فضل موت الأولاد.
54 - خصائص يوم الجمعة.
55 - منهاج السنّة، ومفتاح الجنّة.
56 - تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظلّ العرش.
57 - بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال.
58 - مفتاح الجنّة في الاعتصام بالسنّة.
59 - مطلع البدرين فيمن يؤتى أجرين.
60 - سهام الإصابة في الدعوات المجابة.
61 - الكلم الطيّب.
62 - القول المختار في المأثور من الدعوات والأذكار.
63 - أذكار الأذكار.
64 - الطبّ النبويّ.
65 - كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة.
66 - الفوائد الكامنة في إيمان السيّدة آمنة، ويسمّى أيضا «التعظيم والمنّة في أنّ أبويّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الجنّة».
67 - المسلسلات الكبرى.
68 - جياد المسلسلات.
69 - أبواب السعادة في أسباب الشهادة.
70 - أخبار الملائكة.
71 - الثغور الباسمة في مناقب السيّدة آمنة.
72 - مناهج الصّفا في تخريج أحاديث الشّفا.
73 - الأساس في مناقب بني العبّاس.
74 - درّ السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة.(1/10)
73 - الأساس في مناقب بني العبّاس.
74 - درّ السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة.
75 - زوائد شعب الإيمان للبيهقي.
76 - لمّ الأطراف وضمّ الأتراف.
77 - إطراف الأشراف بالإشراف على الأطراف.
78 - جامع المسانيد.
79 - الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة.
80 - الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة.
81 - تخريج أحاديث الدرّة الفاخرة.
82 - تخريج أحاديث الكفاية يسمّى تجربة العناية.
83 - الحصر والإشاعة لأشراط الساعة.
84 - الدّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.
85 - زوائد الرجال على تهذيب الكمال.
86 - الدرّ المنظّم في الاسم المعظّم.
87 - جزء في الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
88 - من عاش من الصحابة مائة وعشرين.
89 - جزء في أسماء المدلّسين.
90 - اللمع في أسماء من وضع.
91 - الأربعون المتباينة.
92 - درر البحار في الأحاديث القصار.
93 - الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة.
94 - المرقاة العليّة في شرح الأسماء النبويّة.
95 - الآية الكبرى في شرح قصّة الإسراء.
96 - أربعون حديثا من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر.
97 - فهرست المرويّات.
98 - بغية الرائد في الذيل على مجمع الزوائد.
99 - أزهار الآكام في أخبار الأحكام.
100 - الهبة السنيّة في الهيئة السنيّة.(1/11)
99 - أزهار الآكام في أخبار الأحكام.
100 - الهبة السنيّة في الهيئة السنيّة.
101 - تخريج أحاديث شرح العقائد.
102 - فضل الجلد.
103 - الكلام على حديث ابن عبّاس: «احفظ الله يحفظك»، وهو تصدير ألقيته لمّا ولّيت درس الحديث بالشيخونية.
104 - أربعون حديثا في فضل الجهاد.
105 - أربعون حديثا في رفع الدين في الدعاء.
106 - التعريف بآداب التأليف.
107 - العشاريّات.
108 - القول الأشبه في حديث: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
109 - كشف النقاب عن الألقاب.
110 - نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير.
111 - من وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة.
112 - ذمّ زيارة الأمراء.
113 - زوائد نوادر الأصول للحكيم الترمذي.
114 - تخريج أحاديث الصّحاح يسمّى فلق الصباح.
115 - ذمّ المكس.
116 - آداب الملوك
3 - فن الفقه وتعلّقاته:
117 - الأزهار الغضّة في حواشي الروضة.
118 - الحواشي الصغرى.
119 - مختصر الروضة يسمّى القنية.
120 - مختصر التنبيه، يسمّى الوافي.
121 - شرح التنبيه.
122 - الأشباه والنظائر.
123 - اللوامع والبوارق في الجوامع والفوارق.
124 - نظم الرّوضة يسمّى الخلاصة.(1/12)
123 - اللوامع والبوارق في الجوامع والفوارق.
124 - نظم الرّوضة يسمّى الخلاصة.
125 - شرحه يسمى رفع الخصاصة.
126 - الورقات المقدّمة.
127 - شرح الروض.
128 - حاشية على القطعة للإسنوي.
129 - العذب السلسل في تصحيح الخلاف المرسل.
130 - جمع الجوامع.
131 - الينبوع فيما زاد على الروضة من الفروع.
132 - مختصر الخادم يسمى «تحصين الخادم».
133 - تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع.
134 - شرح التدريب.
135 - الكافي، زوائد المهذّب على الوافي.
136 - الجامع في الفرائض.
137 - شرح الرحبيّة في الفرائض.
138 - مختصر الأحكام السلطانية للماورديّ.
4 - الأجزاء المفردة في مسائل مخصوصة على ترتيب الأبواب:
139 - الظفر بقلم الظفر.
140 - الاقتناص في مسألة التماصّ.
141 - المستطرفة في أحكام دخول الحشفة.
142 - السلالة في تحقيق المقر والاستحالة.
143 - الروض الأريض في طهر المحيض.
144 - بذل العسجد لسؤال المسجد.
145 - الجواب الحزم عن حديث التكبير جزم 146القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة.
147 - ميزان المعدلة في شأن البسملة.
148 - جزء في صلاة الضحى.
149 - المصابيح في صلاة التراويح.(1/13)
148 - جزء في صلاة الضحى.
149 - المصابيح في صلاة التراويح.
150 - بسط الكفّ في إتمام الصف.
151 - اللمعة في تحقيق الركعة لإدراك الجمعة.
152 - وصول الأماني بأصول التهاني.
153 - بلغة المحتاج في مناسك الحاج.
154 - السّلّاف في التفصيل بين الصلاة والطواف.
155 - شدّ الأثواب في سدّ الأبواب في المسجد النبوي.
156 - قطع المجادلة عند تغيير المعاملة.
157 - إزالة الوهن عن مسألة الرهن.
158 - بذل الهمّة في طلب براءة الذمّة.
159 - الإنصاف في تمييز الأوقاف.
160 - أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب.
161 - الزّهر الباسم فيما يزوّج فيه الحاكم.
162 - القول المضي في الحنث في المضي.
163 - القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق.
164 - فصل الكلام في ذمّ الكلام.
165 - جزيل المواهب في اختلاف المذاهب.
166 - تقرير الإسناد في تيسير الاجتهاد.
167 - رفع منار الدين وهدم بناء المفسدين.
168 - تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء.
169 - ذمّ القضاء.
170 - فصل الكلام في حكم السلام.
171 - نتيجة الفكر في الجهر بالذّكر.
172 - طيّ اللسان عن ذمّ الطيلسان.
173 - تنوير الحلك في إمكان رؤية النبيّ والملك.
174 - أدب الفتيا.
175 - إلقام الحجر لمن زكّى سباب أبي بكر وعمر.(1/14)
174 - أدب الفتيا.
175 - إلقام الحجر لمن زكّى سباب أبي بكر وعمر.
176 - الجواب الحاتم عن سؤال الخاتم.
177 - الحجج المبينة في التفضيل بين مكّة والمدينة.
178 - فتح المغالق من أنت طالق.
179 - فصل الخطاب في قتل الكلاب.
180 - سيف النظّار في الفرق بين الثبوت والتكرار.
5 - فن العربية وتعلّقاته:
181 - شرح ألفيّة ابن مالك يسمّى البهجة المضيّة في شرح الألفيّة.
182 - الفريدة في النحور والتصريف والخط.
183 - النكت على الألفيّة والكافية والشافية والشذور والنزهة.
184 - الفتح القريب على مغني اللبيب.
185 - شرح شواهد المغني.
186 - جمع الجوامع.
187 - شرحه يسمى همع الهوامع.
188 - شرح الملحة.
189 - مختصر الملحة.
190 - مختصر الألفيّة ودقائقها.
191 - الأخبار المرويّة في سبب وضع العربية.
192 - المصاعد العليّة في القواعد النحويّة.
193 - الاقتراح في أصول النحو وجدله.
194 - رفع السّنة في نصب الزنة.
195 - الشمعة المضيئة.
196 - شرح كافية ابن مالك.
197 - درّ التاج في إعراب مشكل المنهاج.
198 - مسألة ضربي زيدا قائما.
199 - السلسلة الموشحة.
200 - الشهد.(1/15)
199 - السلسلة الموشحة.
200 - الشهد.
201 - شذا العرف في إثبات المعنى للحرف.
202 - التوشيح على التوضيح.
203 - السيف الصقيل في حواشي ابن عقيل.
204 - حاشية على شرح الشذور.
205 - شرح القصيدة الكافية في التصريف.
206 - قطر الندا في ورود الهمزة للندا.
207 - شرح تصريف العزّى.
208 - شرح ضروريّ التصريف لابن مالك.
209 - تعريف الأعجم بحروف المعجم.
210 - نكت على شرح الشواهد للعيني.
211 - فجر الثمد في إعراب أكمل الحمد.
212 - الزند الوريّ في الجواب عن السؤال السكندريّ.
6 - فن الأصول والبيان والتصوّف:
213 - شرح لمعة الإشراق في الاشتقاق.
214 - الكواكب الساطع في نظم جمع الجوامع.
215 - شرحه.
216 - شرح الكوكب الوقّاد في الاعتقاد.
217 - نكت على التلخيص يسمى الإفصاح.
218 - عقود الجمان في المعاني والبيان.
219 - شرحه.
220 - شرح أبيات تلخيص المفتاح.
221 - مختصره.
222 - نكت على حاشية المطوّل لابن الفنريّ رحمه الله تعالى.
223 - حاشية على المختصر.
224 - البديعيّة.
225 - شرحها.(1/16)
224 - البديعيّة.
225 - شرحها.
226 - تأييد الحقيقة العليّة وتشييد الطريقة الشاذليّة.
227 - تشييد الأركان في ليس في الإمكان أبدع مما كان.
228 - درج المعالي في نصرة الغزالي على المنكر المتغالي.
229 - الخبر الدالّ على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال.
230 - مختصر الإحياء.
231 - المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة.
232 - النقاية في أربعة عشر علما.
233 - شرحها.
234 - شوارد الفوائد.
235 - قلائد الفرائد.
236 - نظم التذكرة، ويسمى الفلك المشحون.
237 - الجمع والتفريق في الأنواع البديعية.
7 - فنّ التاريخ والأدب:
تاريخ الصحابة وقد مرّ ذكره (1).
238 - طبقات الحفّاظ.
239 - طبقات النّحاة الكبرى.
240 - والوسطى.
241 - والصغرى.
242 - طبقات المفسّرين.
243 - طبقات الأصوليّين.
244 - طبقات الكتّاب.
245 - حلية الأولياء.
246 - طبقات شعراء العرب.
__________
(1) تقدّم باسم «عين الإصابة» برقم (35)(1/17)
247 - تاريخ مصر [أي حسن المحاضرة]:
248 - تاريخ الخلفاء.
249 - تاريخ أسيوط.
250 - معجم شيوخي الكبير يسمّى «حاطب ليل وجارف سيل».
251 - المعجم الصغير يسمّى «المنتقى».
252 - ترجمة النووي.
253 - ترجمة البلقيني.
254 - الملتقط من الدّرر الكامنة.
255 - تاريخ العمر وهو ذيل على إنباء الغمر.
256 - رفع البأس عن بني العبّاس.
257 - النفحة المسكيّة والتحفة المكيّة، على نمط عنوان الشرف.
258 - درر الكلم وغرر الحكم.
259 - ديوان خطب.
260 - ديوان شعر.
261 - المقامات.
262 - الرحلة الفيّومية.
263 - الرحلة المكيّة.
264 - الرحلة الدمياطية.
265 - الوسائل إلى معرفة الأوائل.
266 - مختصر معجم البلدان.
267 - ياقوت الشماريخ في علم التاريخ.
268 - الجمانة، رسالة في تفسير ألفاظ متداولة.
269 - مقاطع الحجاز.
270 - نور الحديقة من نظم القول.
271 - المجمل في الردّ على المهمل.
272 - المنى في الكنى.
273 - فضل الشتاء.(1/18)
272 - المنى في الكنى.
273 - فضل الشتاء.
274 - مختصر تهذيب الأسماء للنوويّ.
275 - الأجوبة الزكيّة عن الألغاز السبكيّة.
276 - رفع شأن الحبشان.
277 - أحاسن الأقباس في محاسن الاقتباس.
278 - تحفة المذاكر في المنتقى من تاريخ ابن عساكر.
279 - شرح بانت سعاد.
280 - تحفة الظرفاء بأسماء الخلفاء.
281 - قصيدة رائيّة.
282 - مختصر شفاء الغليل في ذمّ الصاحب والخليل اهـ.
وللمزيد راجع فهرست مؤلّفات السيوطي مخطوطة محفوظة في الجامعة الأمريكية بيروت.
مرضه ووفاته:
يقول نجم الدين الغزي (1): وكانت وفاته رضي الله تعالى عنه في سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة في منزله بروضة المقياس، بعد أن تمرّض سبعة أيام، بورم شديد في ذراعه الأيسر، وقد استكمل من العمر إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما وكان له مشهد عظيم، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة، وصلّي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي يوم الجمعة ثامن رجب سنة إحدى عشرة المذكورة، قيل أخذ الغاسل قميصه وقبّعه، فاشترى بعض الناس قميصه من الغاسل بخمسة دنانير للتبرّك به، وباع قبّعه بثلاثة دنانير لذلك أيضا ورثاه عبد الباسط بن خليل الحنفي في قصيدة طويلة يقوله:
مات جلال الدين غيث الورى ... مجتهد العصر إمام الوجود
وحافظ السنّة مهدي الهدى ... ومرشد الضال بنفع يعود
فيا عيوني انهملي بعده ... ويا قلوب انفطري بالوقود
وأظلمي يا دنيا إذ حق ذا ... بل حقّ أن ترعد فيك الرعود.
__________
(1) الكواكب السائرة 1/ 231.(1/19)
التعريف بكتاب التحبير
(1)
قال حاجي خليفة في كشف الظنون: مجلد أوله أحمد الله على أن خصني من نعمه بالمزيد الخ ضمّن فيه ما ذكره البلقيني في مواقع العلوم وجعله مائة نوع ونوعين، وفرغ في رجب سنة 872هـ ثم صنف «الإتقان» وأدرجه فيه.
و «الإتقان في علوم القرآن» (2) مجلد أوله: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب الخ للشيخ جلال الدين السيوطي المتوفى 911هـ. وهو أشبه آثاره وأفيدها، ذكر فيه تصنيف شيخه الكافيجي واستصغره، ومواقع العلوم للبلقيني واستقله.
ثم إنه وجد للبرهان للزركشي كتابا جامعا بعد تصنيفه «التحبير» فاستأنف وزاد عليه ثمانين نوعا وجعله مقدمة لتفسيره الكبير الذي شرع فيه وسماه «مجمع البحرين».
قال: وفي غالب الأنواع تصانيف مفردة.
التعريف بالمخطوطات
اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسختين خطيتين الأولى: مصورة من مكتبة «طوب قبوسراي» في استانبول بتركيا رقم 560، عدد أوراقها 232. خطها نسخي جميل، مضبوط بالشكل. وفي آخرها تاريخ تأليف الكتاب سنة 872هـ وتاريخ النسخ سنة 1116هـ.
واعتبرنا هذه النسخة هي النسخة الأم.
الثانية: نسخة دار الكتب المصرية رقم: 73تفسير تيمور، وهذه النسخة سقيمة، وخطها قريب من الرقعي المستعجل. وفيها اضطراب بترتيب الأوراق. وعليها تملك سنة 1260هـ. وتاريخ النسخ سنة 981واعتبرنا هذه النسخة نسخة مساعدة في التحقيق.
ولم نشر إلى مواضع الاختلاف بين النسختين إلا في مواطن قليلة اعتبرناها ضرورية.
__________
(1) انظر كشف الظنون 1/ 354.
(2) من كشف الظنون 1/ 8.(1/21)
بسم الله الرحمن الرّحيم
مقدمة الكتاب
الله أحمد على أن خصّني من نعمه بالمزيد، وقرّب لي من أسباب الخير ما هو على كثير من عباده بعيد، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ذو الفضل المديد، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله المخصوص بالتأييد، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الرأي السديد وسلّم. أما بعد:
فإن العلوم وإن كثر عددها، وانتشر في الخافقين مددها فغايتها بحر قعره لا يدرك، ونهايتها طود شامخ لا يستطاع إلى ذروته أن يسلك ولهذا يفتح لعالم بعد آخر من الأبواب ما لم يتطرّق إليه من المتقدّمين الأسباب.
وإن ممّا أهمل المتقدمون تدوينه حتى تحلّى في آخر الزّمان بأحسن زينة علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث فلم يدوّنه أحد لا في القديم ولا في الحديث، حتى جاء شيخ الإسلام علامة العصر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني فعمل فيه كتابه «مواقع العلوم في مواقع النّجوم» فنقّحه وهذّبه وقسّم أنواعه ورتّبه، ولم يسبق إلى هذه الرتبة، فإنه جعله نيّفا وخمسين نوعا منقسمة إلى ستة أقسام، وتكلّم في كل نوع منها بالمتين من الكلام ليكن كما قال الإمام أبو السعادات ابن الأثير في مقدمة نهايته: إن كلّ مبتدئ بشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمرا لم يتقدّم فيه عليه فإنه يكون قليلا ثم يكثر، وصغيرا ثم يكبر، فظهر لي استخراج أنواع لم يسبق إليها، وزيادة مهمّات لم يستوف الكلام عليها، فجرّدت الهمّة إلى وضع كتاب في هذا العلم أجمع فيه إن شاء الله شوارده، وأضمّ إليه فوائده، وأنظم في سلكه فرائده لأكون في إيجاد هذا العلم ثاني اثنين، وواحدا في جمع الشّتيت منه كألف أو ألفين، ومصير فنّي التفسير والحديث في استكمال التقاسيم إلفين، وإذا برز زهر كمامه وفاح وطلع بدر كماله ولاح وآذن فجره بالصّباح، ونادى داعيه بالفلاح سمّيته: بالتّحبير في علم التّفسير، ومن الله الاستمداد، وبه التّوفيق لطرق السّداد، لا ربّ غيره، ولا مرجوّ إلّا خيره وهذه فهرست الأنواع بعد المقدّمة:
النوع الأوّل والثّاني: المكّيّ والمدنيّ.(1/25)
وإن ممّا أهمل المتقدمون تدوينه حتى تحلّى في آخر الزّمان بأحسن زينة علم التفسير الذي هو كمصطلح الحديث فلم يدوّنه أحد لا في القديم ولا في الحديث، حتى جاء شيخ الإسلام علامة العصر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني فعمل فيه كتابه «مواقع العلوم في مواقع النّجوم» فنقّحه وهذّبه وقسّم أنواعه ورتّبه، ولم يسبق إلى هذه الرتبة، فإنه جعله نيّفا وخمسين نوعا منقسمة إلى ستة أقسام، وتكلّم في كل نوع منها بالمتين من الكلام ليكن كما قال الإمام أبو السعادات ابن الأثير في مقدمة نهايته: إن كلّ مبتدئ بشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمرا لم يتقدّم فيه عليه فإنه يكون قليلا ثم يكثر، وصغيرا ثم يكبر، فظهر لي استخراج أنواع لم يسبق إليها، وزيادة مهمّات لم يستوف الكلام عليها، فجرّدت الهمّة إلى وضع كتاب في هذا العلم أجمع فيه إن شاء الله شوارده، وأضمّ إليه فوائده، وأنظم في سلكه فرائده لأكون في إيجاد هذا العلم ثاني اثنين، وواحدا في جمع الشّتيت منه كألف أو ألفين، ومصير فنّي التفسير والحديث في استكمال التقاسيم إلفين، وإذا برز زهر كمامه وفاح وطلع بدر كماله ولاح وآذن فجره بالصّباح، ونادى داعيه بالفلاح سمّيته: بالتّحبير في علم التّفسير، ومن الله الاستمداد، وبه التّوفيق لطرق السّداد، لا ربّ غيره، ولا مرجوّ إلّا خيره وهذه فهرست الأنواع بعد المقدّمة:
النوع الأوّل والثّاني: المكّيّ والمدنيّ.
الثالث والرابع: الحضريّ والسّفري.
الخامس والسّادس: النّهاري واللّيلي.
السابع والثامن: الصّيفي والشّتائي.
التاسع والعاشر: الفراشي والنّومي.
الحادي عشر: أسباب النّزول.
الثاني عشر: أوّل ما نزل.
الثالث عشر: آخر ما نزل.
الرابع عشر: ما عرف وقت نزوله عاما وشهرا ويوما وساعة، وإن شئت فترجمه بتاريخ النّزول.
الخامس عشر: ما أنزل فيه ولم ينزل على أحد من الأنبياء.
السادس عشر: ما أنزل منه على الأنبياء قبل.
السّابع عشر: ما تكرّر نزوله.
الثامن عشر: ما نزل مفرّقا.
التاسع عشر: ما نزل جمعا.
العشرون: كيفيّة النّزول.
وهذه كلها متعلقة بالنزول وزوائدي منها ثمانية أنواع.
الحادي والعشرون: المتواتر.
الثاني والعشرون: الآحاد.
الثالث والعشرون: الشاذ.
الرابع والعشرون: قراءة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الخامس والعشرون والسّادس والعشرون: الرّواة والحفّاظ.
السابع والعشرون: كيفيّة التحمّل.
الثامن والعشرون: العالي والنازل.(1/26)
السابع والعشرون: كيفيّة التحمّل.
الثامن والعشرون: العالي والنازل.
التاسع والعشرون: المسلسل.
وهذه الأنواع متعلقة بالسند، وزوائدي منها ثلاثة.
الثلاثون: الابتداء.
الحادي والثلاثون: الوقف.
الثاني والثلاثون: الإمالة.
الثالث والثلاثون: المدّ.
الرابع والثلاثون: تخفيف الهمزة.
الخامس والثلاثون: الإدغام.
السادس والثلاثون: الإخفاء.
السابع والثلاثون: الإقلاب.
الثامن والثلاثون: مخارج الحروف.
وهذه [الأنواع] متعلقة بالأداء وزوائدي منها ثلاثة.
التاسع والثلاثون: الغريب.
الأربعون: المعرّب.
الحادي والأربعون: المجاز.
الثاني والأربعون: المشترك.
الثالث والأربعون: المترادف.
والرابع والأربعون والخامس والأربعون: المحكم والمتشابه.
السادس والأربعون: المشكل.
السابع والأربعون: المجمل.
الثامن والأربعون: المبيّن.
التاسع والأربعون: الاستعارة.
الخمسون: التشبيه.(1/27)
التاسع والأربعون: الاستعارة.
الخمسون: التشبيه.
الحادي والخمسون والثاني والخمسون: الكناية والتعريض.
وهذه الأنواع متعلقة بالألفاظ، وزوائدي منها خمسة:
الثالث والخمسون: العامّ الباقي على عمومه.
الرّابع والخمسون: العامّ المخصوص.
الخامس والخمسون: العامّ الذي أريد به الخصوص.
السّادس والخمسون: ما خصّ فيه الكتاب السنة.
السابع والخمسون: ما خصّت فيه السّنّة الكتاب.
الثامن والخمسون: المؤوّل.
التاسع والخمسون: المفهوم.
الستون والحادي والستون: المطلق والمقيّد.
الثاني والستون والثالث والستون: الناسخ والمنسوخ.
الرابع والستون: ما عمل به واحد ثم نسخ.
الخامس والستون: ما كان واجبا على واحد.
وهذه الأنواع متعلقة بالمعاني المتعلقة بالأحكام، وفيها من زوائدي واحد.
السادس والستون، والسابع والستون والثامن والستون: الإيجاز والإطناب والمساواة.
التاسع والستون: الأشباه.
السبعون والحادي والسّبعون: الفصل والوصل.
الثاني والسبعون: القصر.
الثالث والسبعون: الاحتباك.
الرابع والسبعون: القول بالموجب.
الخامس والسبعون والسادس والسبعون والسابع والسبعون: المطابقة، والمناسبة، والمجانسة.
الثامن والسبعون والتاسع والسبعون: التورية والاستخدام.
الثمانون: اللّف والنشر.
الحادي والثمانون: الالتفات.(1/28)
الثمانون: اللّف والنشر.
الحادي والثمانون: الالتفات.
الثاني والثمانون: الفواصل والغايات.
الثالث الثمانون والرابع والثمانون والخامس والثمانون: أفضل القرآن وفاضله ومفضوله.
السّادس والثمانون: مفردات القرآن.
السّابع والثمانون: الأمثال.
الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ.
التسعون: آداب المفسّر.
الحادي والتسعون: من يقبل تفسيره ومن يردّ.
الثاني والتسعون: غرائب التفسير.
الثالث والتسعون: معرفة المفسّرين.
الرابع والتسعون: كتابة القرآن.
الخامس والتسعون: تسمية السّور.
السادس والتسعون: ترتيب الآي والسور.
السابع والتسعون والثامن والتسعون والتاسع والتسعون: الأسماء والكنى والألقاب.
المائة: المبهمات.
الأول بعد المائة: أسماء من نزل فيهم القرآن.
الثاني بعد المائة: التّاريخ.
فهذه مائة نوع ونوعان، زوائدي منها خمسون نوعا، وها أنا أشرع في بيانها مستعينا بالله ومتوكّلا عليه. وحبّذا ذاك اتكالا.(1/29)
فهذه مائة نوع ونوعان، زوائدي منها خمسون نوعا، وها أنا أشرع في بيانها مستعينا بالله ومتوكّلا عليه. وحبّذا ذاك اتكالا.
المقدّمة في حدود لا بدّ من معرفتها
التّفسير
مأخوذ من الفسر وهو الكشف والإظهار، ويقال: هو مقلوب السّفر تقول:
أسفر الصّبح إذا أضاء، وأسفرت المرأة عن وجهها النقاب كشفته، وقيل: مأخوذ من التّفسرة، وهي اسم لما يعرف به الطبيب المرض.
وأما في الاصطلاح فلهم فيه عبارات أحسنها قول أبي حيان: هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك.
[وقال هو علم يبحث فيه عن أحوال القرآن العزيز من حيث دلالته على مراده بحسب الطاقة البشرية، ويتناول التفسير ما يتعلق بالرّواية، والتأويل، أي ما يتعلق بالدّراية] (1) قال فقولنا: علم جنس، وقولنا: يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، هو علم القراءة، وقولنا: ومدلولاتها، أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم.
وقولنا: وأحكامها الإفرادية والتركيبية: هذا يشمل علم التصريف والبيان والبديع.
وقولنا: ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب يشمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصدّ عن الحمل عليه صادّ فحمل على غيره وهو المجاز. وقولنا: وتتمات لذلك، هو مثل معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضّح بعض ما أبهم في القرآن ونحو ذلك.
وقال بعضهم: التفسير كشف معاني القرآن وبيان المراد منه سواء كانت معاني لغوية أو شرعية بالوضع أو بقرائن الأحول ومعونة المقام.
وقال قوم التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلّا وجها واحدا، والتأويل توجيه لفظ يتوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر عنده من الأدلة.
__________
(1) ما بين حاصرتين من النسخة المصرية.(1/31)
وقال الماتريدي: التفسير القطع على أن المراد من اللفظ هذا والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح وإلّا فتفسير بالرأي وهو المنهيّ عنه، والتأويل: ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله، واختلف في جواز هذا، وسيأتي في باب من يقبل تفسيره.
وأما القرآن
، فوزنه فعلان كالغفران، وهو في اللغة الجمع.
وقال الجوهري: تقول قرأت الشيء قرآنا إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض قال أبو عبيدة: وسمّي القرآن لأنه يجمع السّور ويضمّها ويجمع العلوم الكثيرة وأنواع البلاغة، وقيل: مأخوذ من قرنت الشيء بالشيء، وأما في العرف فهو الكلام المنزّل على محمّد للإعجاز بسورة منه، فخرج بالمنزل على محمد التوراة والإنجيل وسائر الكتب، وبالإعجاز الأحاديث الربّانيّة كحديث الصحيحين: «أنا عند ظنّ عبدي» إلى آخره وغيره، والاقتصار على الإعجاز وإن أنزل القرآن لغيره أيضا لأنه المحتاج إليه في التمييز، وقولنا بسورة منه هو بيان لأقلّ ما وقع به الإعجاز وهو قدر أقصر سورة كالكوثر أو ثلاث آيات من غيرها بخلاف ما دونها، وزاد بعض المتأخرين في الحدّ «المتعبّد بتلاوته» ليخرج المنسوخ التلاوة.
والسّورة
اختلف في اشتقاقها فقيل: هي مأخوذة من سور البلد لارتفاعه سميت به لارتفاعها وشرفها، وقيل أصلها المنزلة الرفيعة، قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك حولها يتذبذب
وقيل من سؤر الإناء أي بقيته لأنها جزء من القرآن، فعلى هذا أصلها الهمز فخفّفت، وحدّها بعضهم بأنها الطائفة المترجمة توقيفا، أي المسمّاة باسم خاص والآية: أصلها: أاية كتمرة قلبت عينها ألفا على غير قياس، وقيل: آئية كقائلة، حذفت الهمزة تخفيفا، وقيل غير ذلك.
وهي في العرف: طائفة من كلمات القرآن متميزة بفصل والفصل هو آخر الآية، وقد تكون كلمة مثل: والفجر والضّحى والعصر. وكذا الم. وطه. ويس. ونحوها عند الكوفيين وغيرهم لا يسميها آيات بل هي فواتح السور. وعن أبي عمرو الدّاني لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلّا قوله: {مُدْهََامَّتََانِ} [(55) الرحمن: 64].
النوع الأول والثاني: المكّيّ والمدنيّ
وهما نوعان مهمّان إذ يعرف بذلك تأخير الناسخ عن المنسوخ، واختلف الناس في
الاصطلاح فيهما، فالمشهور أن ما نزل قبل الهجرة مكي وما بعدها مدني، سواء نزل بمكة أو المدينة أو غيرهما من الأسفار، وقيل: المكيّ ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدنيّ:(1/32)
وهما نوعان مهمّان إذ يعرف بذلك تأخير الناسخ عن المنسوخ، واختلف الناس في
الاصطلاح فيهما، فالمشهور أن ما نزل قبل الهجرة مكي وما بعدها مدني، سواء نزل بمكة أو المدينة أو غيرهما من الأسفار، وقيل: المكيّ ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدنيّ:
ما نزل بالمدينة.
قلت: وعلى هذا القول ثبتت الواسطة قال البلقيني: ويؤيد الأول إجماعهم على أن المائدة مدنية مع أن فيها ما نزل بعرفات.
قلت: العجب منه أنه ادّعى هنا الإجماع ثم في آخر النوع استثنى منها النازل بعرفات وقال: إنه على الاصطلاح الثاني فأين الإجماع، ثم قال: وقيل المدني خمس وعشرون سورة: البقرة وثلاث تليها، والأنفال وبراءة، والرّعد، والحج، خمس وعشرون سورة، والقتال، والفتح، والحجرات، والحديد، والتحريم، وما بينهما، والقيامة، والزلزلة، والنصر، ومن عدّها لم يذكر الفتح وهي سفرية، والمشهور أن القدر والمعوذتين مدنيتان وأن الرحمن والإنسان والإخلاص مكيّات، وقيل: الحج، والحديد، والصّفّ، والتغابن، والقيامة، والزلزلة مكيّات.
وذهب قوم إلى أن الفاتحة مدنية، وقال آخرون: نزلت مرتين، وقال بعضهم: نزل نصفها بمكة، ونصفها بالمدينة، وقال أبو الحسن الحصّار في كتابه الناسخ والمنسوخ:
المدني عشرون سورة ونظمها مع السور المختلف فيها في أبيات فقال:
يا سائلي عن كتاب الله مجتهدا ... وعن ترتّب ما يتلى من السّور
وكيف جاء بها المختار من مضر ... صلى الإله على المختار من مضر
وما تقدّم منها قبل هجرته ... وما تأخّر في بدو وفي حضر
ليعلم النسخ والتخصيص مجتهد ... يؤيّد الحكم بالتاريخ والنظر
تعارض النقل في أمّ الكتاب وقد ... تولّت الحجر تنبيها لمعتبر
أمّ القرآن وفي أمّ القرى نزلت ... ما كان للخمس قبل الحمد من أثر
لو كان ذاك لكان النّسخ أولها ... ولم يقل بصريح النّسخ من بشر
وبعد هجرة خير النّاس قد نزلت ... عشرون من سور القرآن في عشر
فأربع من طوال السبع أوّلها ... وخامس الخمس في الأنفال ذي العبر
وتوبة الله إن عددت سادسة ... وسورة النّور والأحزاب ذي الذكر
وسورة لنبيّ الله محكمة ... والفتح والحجرات الغرّ في غرر
ثم الحديد ويتلوها مجادلة ... والحشر ثم امتحان الله للبشر
وسورة فضح الله النفاق بها ... وسورة الجمع تذكارا لمذّكر
وللطّلاق وللتحريم حكمهما ... والنّصر والفتح تنبيها على العمر
هذا الذي اتفقت فيه الرواة له ... وقد تعارضت الأخبار في أخر
فالرّعد مختلف فيها متى نزلت ... وأكثر الناس قالوا الرّعد كالقمر
ومثلها سورة الرحمن شاهدها ... مما تضمّن قول الجنّ في الخبر
وسورة للحواريّين قد علمت ... ثم التغابن والتطفيف ذو النّذر
وليلة القدر قد خصّت بملّتنا ... ولم يكن بعدها الزلزال فاعتبر
وقل هو الله أوصاف خالقنا ... وعوذتان تردّ البأس بالقدر
وذا الذي اختلفت فيه الرواة له ... وربّما استثنيت آي من السّور
وما سوى ذاك مكّيّ تنزّله ... فلا تكن من خلاف الناس في حصر
فليس كلّ خلاف جاء معتبرا ... إلّا خلافا له حظّ من النّظر
وقد روينا من طرق عن الصحابة والتابعين عدّ المكّيّ والمدنيّ فقال البيهقي في دلائل النبوة: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو محمد بن زياد العدل. حدّثنا محمد ابن إسحاق حدّثنا يعقوب بن إسحاق الدّورقي. حدّثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي.(1/33)
يا سائلي عن كتاب الله مجتهدا ... وعن ترتّب ما يتلى من السّور
وكيف جاء بها المختار من مضر ... صلى الإله على المختار من مضر
وما تقدّم منها قبل هجرته ... وما تأخّر في بدو وفي حضر
ليعلم النسخ والتخصيص مجتهد ... يؤيّد الحكم بالتاريخ والنظر
تعارض النقل في أمّ الكتاب وقد ... تولّت الحجر تنبيها لمعتبر
أمّ القرآن وفي أمّ القرى نزلت ... ما كان للخمس قبل الحمد من أثر
لو كان ذاك لكان النّسخ أولها ... ولم يقل بصريح النّسخ من بشر
وبعد هجرة خير النّاس قد نزلت ... عشرون من سور القرآن في عشر
فأربع من طوال السبع أوّلها ... وخامس الخمس في الأنفال ذي العبر
وتوبة الله إن عددت سادسة ... وسورة النّور والأحزاب ذي الذكر
وسورة لنبيّ الله محكمة ... والفتح والحجرات الغرّ في غرر
ثم الحديد ويتلوها مجادلة ... والحشر ثم امتحان الله للبشر
وسورة فضح الله النفاق بها ... وسورة الجمع تذكارا لمذّكر
وللطّلاق وللتحريم حكمهما ... والنّصر والفتح تنبيها على العمر
هذا الذي اتفقت فيه الرواة له ... وقد تعارضت الأخبار في أخر
فالرّعد مختلف فيها متى نزلت ... وأكثر الناس قالوا الرّعد كالقمر
ومثلها سورة الرحمن شاهدها ... مما تضمّن قول الجنّ في الخبر
وسورة للحواريّين قد علمت ... ثم التغابن والتطفيف ذو النّذر
وليلة القدر قد خصّت بملّتنا ... ولم يكن بعدها الزلزال فاعتبر
وقل هو الله أوصاف خالقنا ... وعوذتان تردّ البأس بالقدر
وذا الذي اختلفت فيه الرواة له ... وربّما استثنيت آي من السّور
وما سوى ذاك مكّيّ تنزّله ... فلا تكن من خلاف الناس في حصر
فليس كلّ خلاف جاء معتبرا ... إلّا خلافا له حظّ من النّظر
وقد روينا من طرق عن الصحابة والتابعين عدّ المكّيّ والمدنيّ فقال البيهقي في دلائل النبوة: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو محمد بن زياد العدل. حدّثنا محمد ابن إسحاق حدّثنا يعقوب بن إسحاق الدّورقي. حدّثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي.
حدّثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه، حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسين ابن أبي الحسين، قالا: ما أنزل الله من القرآن بمكة: اقرأ باسم ربّك، ونون، والمزمّل، والمدّثّر، وتبّت يدا أبي لهب، وإذا الشّمس كورت، وسبّح اسم ربّك الأعلى، واللّيل إذا يغشى، والفجر، والضّحى، وأ لم نشرح، والعصر، والعاديات، والكوثر، وألهاكم، وأ رأيت، وقل يأيّها الكافرون، وأصحاب الفيل، والفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقل هو الله أحد، والنّجم، وعبس، وإنّا أنزلناه، والشّمس وضحاها، والسماء ذات البروج، والتين، ولإيلاف قريش، والقارعة، ولا أقسم بيوم القيامة، والهمزة، والمرسلات، وق، ولا أقسم بهذا البلد، والطّارق، واقتربت السّاعة، وص، والجنّ، ويس، والفرقان، والملائكة، وطه، والواقعة، وطسم، وطس، وطسم، وبني إسرائيل، والسّابعة، ويوسف، وهود، وأصحاب الحجر، والأنعام، والصّافّات، ولقمان، وسبأ، والزّمر، وحم المؤمن، وحم الدخان، وحم السّجدة وحم عسق، وحم الزّخرف، والجاثية، والأحقاف، والذّاريات، والغاشية، وأصحاب الكهف، والنّحل، ونوح، وإبراهيم، والأنبياء، والمؤمنون، والم السجدة، والطّور، وتبارك، والحاقّة، وسأل، وعمّ
يتساءلون، والنّازعات، وإذا السّماء انشقّت، وإذا السماء انفطرت، والرّوم، والعنكبوت.(1/34)
حدّثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه، حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسين ابن أبي الحسين، قالا: ما أنزل الله من القرآن بمكة: اقرأ باسم ربّك، ونون، والمزمّل، والمدّثّر، وتبّت يدا أبي لهب، وإذا الشّمس كورت، وسبّح اسم ربّك الأعلى، واللّيل إذا يغشى، والفجر، والضّحى، وأ لم نشرح، والعصر، والعاديات، والكوثر، وألهاكم، وأ رأيت، وقل يأيّها الكافرون، وأصحاب الفيل، والفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقل هو الله أحد، والنّجم، وعبس، وإنّا أنزلناه، والشّمس وضحاها، والسماء ذات البروج، والتين، ولإيلاف قريش، والقارعة، ولا أقسم بيوم القيامة، والهمزة، والمرسلات، وق، ولا أقسم بهذا البلد، والطّارق، واقتربت السّاعة، وص، والجنّ، ويس، والفرقان، والملائكة، وطه، والواقعة، وطسم، وطس، وطسم، وبني إسرائيل، والسّابعة، ويوسف، وهود، وأصحاب الحجر، والأنعام، والصّافّات، ولقمان، وسبأ، والزّمر، وحم المؤمن، وحم الدخان، وحم السّجدة وحم عسق، وحم الزّخرف، والجاثية، والأحقاف، والذّاريات، والغاشية، وأصحاب الكهف، والنّحل، ونوح، وإبراهيم، والأنبياء، والمؤمنون، والم السجدة، والطّور، وتبارك، والحاقّة، وسأل، وعمّ
يتساءلون، والنّازعات، وإذا السّماء انشقّت، وإذا السماء انفطرت، والرّوم، والعنكبوت.
وما نزل بالمدينة: ويل للمطففين، والبقرة، وآل عمران، والأنفال والأحزاب.
والمائدة، والممتحنة، والنساء، وإذا زلزلت، والحديد، ومحمّد، والرّعد، والرّحمن، وهل أتى على الإنسان، والطّلاق، ولم يكن، والحشر، وإذا جاء نصر الله، والنّور، والحجّ، والمنافقون، والمجادلة، والحجرات، ويأيّها النّبيّ لم تحرم، والصّف، والجمعة، والتّغابن، والفتح، وبراءة. قال البيهقي: والسّابعة يريد بها سورة يونس، قال:
وقد سقط من هذه الرواية: الفاتحة، والأعراف، وكهيعص ممّا نزل بمكة.
قال: وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا محمد ابن الفضل، حدّثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرّقي حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشيّ خصيف عن مجاهد ابن عباس أنه قال: إنّ أول ما أنزل الله على نبيه من القرآن:
اقرأ باسم ربك، فذكر معنى هذا الحديث وذكر السّور التي سقطت من الرواية الأولى في ذكر ما نزل بمكة. قال: وللحديث شاهد في تفسير مقاتل وغيره مع المرسل الصحيح الذي تقدم. قلت: وسيأتي مثله في أول ما نزل.
وقال أبو بكر بن الأنباري: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدّثنا حجّاج بن منهال حدّثنا همام عن قتادة قال: نزل في المدينة من القرآن: البقرة، وآل عمران، والنساء (1)، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصّفّ، والجمعة، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، و {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} إلى رأس العشر من الآي، و {إِذََا زُلْزِلَتِ}
و {إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ} وسائر القرآن نزل بمكة.
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
وقال أبو عبيد في فضائل القرآن: حدّثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي ابن أبي طلحة قال: نزلت بالمدينة: سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحجّ، والنّور، والأحزاب، والّذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريّون يريد الصّفّ والتغابن ويأيّها النبي إذا طلّقتم النّساء، ويأيّها النّبيّ لم تحرّم، واللّيل، وإنّا أنزلناه في ليلة القدر، ولم يكن، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله، وسائر ذلك بمكة.
__________
(1) وفي النسخة التركية: والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والحديد، والرحمن.(1/35)
وقد توافقت الأقوال التي حكيناها على أن سورة يونس مكّية، وفيها أيضا قولان، فروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من طريق خصيف عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير أنها مكية، وروي مثله من طريق عطاء وغيره عن ابن عباس ثم روي من طريق عطاء عنه أنها أنزلت بالمدينة والله تعالى أعلم.
وقد ظهر لي بالنظر في الأدلة النقلية ما يرجّح بعض الأقوال في السور المختلف فيها فمن ذلك: الحديد، فالمختار أنها مكّية، ففي مسند البزار وغيره عن عمر قال: كنت أشدّ الناس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكر الحديث في إسلام أخته ومجيئه لها مغضبا وجلوسه في بيتها على السرير قال: فإذا عليه صحيفة فقلت: ما هذه الصحيفة؟ فقالت: دع هذا فإنه لا يمسّه إلّا المطهّرون، وأنت لا تطهر من الجنابة، قال: فما زلت بها حتى ناولتني إياها فإذا فيها: بسم الله الرّحمن الرّحيم. {سَبَّحَ لِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
حتى بلغ {آمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمََّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}. الحديث.
وإسلام عمر قديما قبل الهجرة بدهر مديد. وروى الحاكم عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامهم وبين نزول هذه الآية يعاتبهم الله بها إلّا أربع سنين {وَلََا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ مِنْ قَبْلُ فَطََالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فََاسِقُونَ} [(57) الحديد: 10].
فظاهره أنه قبل الهجرة بست سنين أو أكثر على الخلاف في مدة إقامته صلّى الله عليه وسلّم بمكة بعد البعثة، ومن ذلك: الكوثر والمختار أنها مدنية لحديث أنس في نزولها الآتي في النومي، وأنس لم يكن بمكة وإنما كان بالمدينة. ومن ذلك الصّف، والمختار أنها مدنية أيضا لحديث عبد الله بن سلام في نزولها الآتي أيضا وهو إنما كان بالمدينة. ومن ذلك:
المعوّذتان والمختار أنهما مدنيتان، وأما الفاتحة فالمختار فيها قول الجمهور، ولكن روى الطبراني في الأوسط قال: حدّثنا عبيد بن غنّام حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة أن إبليس رنّ حين أنزلت فاتحة الكتاب وأنزلت بالمدينة. هذا إسناد رجاله رجال الصحيح، وقد كان خطر لي في القدح فيه أن الجملة الأخيرة منه مدرجة في الحديث وليست منه، ثم رأيت أبا عبيد أخرجها من قول مجاهد فقال: حدّثنا عبد الرحمن بن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة، وأخرجها عنه أيضا الفريابي في تفسيره، وأخرج مقاتل في تفسيره الجملة الأولى عنه أيضا فصار علة للحديث المرفوع.
ضابط: روى البيهقي في الدلائل والبزّار في مسنده من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ما كان: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أنزل بالمدينة، وما
كان: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} فبمكة، قال ابن عطية: هو في: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} صحيح، وأما: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} فقد يأتي في المدنيّ، وقال ابن الحصّار: قد اعتني المتشاغلون بالنسخ بهذا الحديث واعتمدوه على ضعفه، وقد اتفق الناس على أن النساء مدنيّة وأولها:(1/36)
ضابط: روى البيهقي في الدلائل والبزّار في مسنده من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ما كان: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أنزل بالمدينة، وما
كان: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} فبمكة، قال ابن عطية: هو في: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} صحيح، وأما: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} فقد يأتي في المدنيّ، وقال ابن الحصّار: قد اعتني المتشاغلون بالنسخ بهذا الحديث واعتمدوه على ضعفه، وقد اتفق الناس على أن النساء مدنيّة وأولها:
{يََا أَيُّهَا النََّاسُ}، وعلى أن الحج مكيّة وفيها: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}
[(22) الحج: 77].
وقد روى أبو عبيد هذا عن علقمة مرسلا، وروي عن علي بن معبد عن أبي مليح عن ميمون بن مهران قال: ما كان في القرآن {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} أو {يََا بَنِي آدَمَ} فإنه مكّيّ، وما كان {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فإنّه مدني.
وقال البيهقي في الدلائل من طريق يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
كلّ شيء نزل من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون فإنّما نزل بمكّة وما كان من الفرائض والسنن فإنّما نزل بالمدينة، وسيأتي عن عائشة نحوه.
فرع
قال البيهقي: في بعض السّور التي نزلت بمكة آيات نزلت بالمدينة فألحقت بها، وكذا قال ابن الحصّار: كلّ نوع من المكّيّ والمدنيّ منه آيات مستثناة، قال: إلّا أنّ من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النّقل انتهى.
وها أنا أذكر منه أمثلة حرّرتها بعد الفحص الشديد:
الأول: قال البلقيني: استثني من البقرة آيتان: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} [(2) البقرة: 19].
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدََاهُمْ} [(2) البقرة: 110].
وعلى الاصطلاح الثاني ثلاث أخر: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ} [(2) البقرة: 281] {آمَنَ الرَّسُولُ} [(2) البقرة: 295] الآيتين فإنهما سفريتان.
قلت: فإن عملنا بما تقدّم عن ابن مسعود استثني قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [(2) البقرة: 21، 25]، وكذا ما بعدها إلى قوله: خالدون، فإنها مشتبكة بها في المعنى الثاني، قال أيضا: استثني من النساء على الاصطلاح الثاني: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} [(4) النساء: 58] وآية الكلالة.
الثلاث: من المائدة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(5) المائدة: 3] عليه أيضا.
الرابع: قال ابن الحصّار: استثنى بعضهم من الأنعام تسع آيات ولا يصح به نقل
خصوصا أنه ورد أنّها نزلت جملة واحدة، والآيات المذكورة: {قُلْ تَعََالَوْا} [(6) الأنعام:(1/37)
الرابع: قال ابن الحصّار: استثنى بعضهم من الأنعام تسع آيات ولا يصح به نقل
خصوصا أنه ورد أنّها نزلت جملة واحدة، والآيات المذكورة: {قُلْ تَعََالَوْا} [(6) الأنعام:
151، 152، 153] الآيات الثلاث {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ} [(6) الأنعام: 91، 92، 93]. الآيات الثلاث.
الخامس: قال البلقيني: استثني من الأنفال أولها، و {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللََّهُ} [(8) الأنفال: 64] وهما على الاصطلاح الثاني.
قلت: فيه نظر من وجوه: أحدهما: أن أولها كما أنه لم ينزل بالمدينة لم ينزل بمكة بل ببدر فهو ليس بمكّي، ثانيها نزل ببدر أيضا غير أولها كما سيأتي في السفري، ثالثها الآية الثانية على الاصطلاح الأول فقد روى البزار من طريق النضر عن عكرمة عن ابن عباس أنها نزلت لما أسلم عمر رضي الله عنه.
السادس: من هود {وَأَقِمِ الصَّلََاةَ} [(11) هود: 114] وقيل: {فَلَعَلَّكَ تََارِكٌ بَعْضَ مََا يُوحى ََ إِلَيْكَ}.
السابع: من الرّعد {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً} [(13) الرعد: 31]، {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [(13) الرعد: 7] فمدنيتان، وقيل لا، والمدني منها: {وَلََا يَزََالُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [(13) الرعد: 31]، وقيل: بل قوله: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً} [(13) الرعد: 12، 13] إلى قوله:
{شَدِيدُ الْمِحََالِ} [الرعد: 1312] فإنها نزلت في عامر بن الطفيل وأربد بن قيس لمّا قدما المدنية في وفد بني عامر كما رواه الطبراني في الأوسط.
الثامن: ينبغي أن يستثنى من الحجر: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ} [(15) الحجر: 24] الآية، ففي الترمذي من حديث أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: كانت امرأة تصلّي خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حينا فكان بعض القوم يتقدّم حتّى يكون في الصّف الأوّل لأن لا يراها، ويتأخّر بعضهم حتّى يكون في الصّفّ المؤخّر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله هذه الآية.
التّاسع: من النحل: {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ} [(16) النحل: 126] إلى آخر السورة فهو نازل بعد الهجرة وسيأتي مكان نزوله، وقال ابن الحصّار: الصحيح عندي أنها كلها مكية، وأن آخرها نزل مرة ثانية في أحد والفتح تذكيرا من الله لعباده، واستثنى منها قتادة: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هََاجَرُوا} [(16) النحل: 110] إلى آخر السورة. وقال بعضهم: بل أربعون آية منها مكّي والباقي مدني وسيأتي في أول ما نزل.
العاشر: استثنى بعضهم من الإسراء: {وَإِنْ كََادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [(17) الإسراء: 73، 80] الآيات الثمان، وبعضهم: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [(17) الإسراء: 85].
لما روى البخاريّ عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة وهو يتوكّأ على عسيب فمرّ بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه، فقالوا: حدّثنا عن الرّوح فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي، ثم قال: «الرّوح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا» قال ابن كثير: وقد تكون نزلت عليه هذه الآية مرة ثانية بعد نزولها بمكة فإن السورة كلها مكية واستثنى بعضهم أيضا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} [(17) الإسراء: 88]، فقد روى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في نفر من اليهود قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنا نأتيك بمثل ما جئتنا به.(1/38)
العاشر: استثنى بعضهم من الإسراء: {وَإِنْ كََادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [(17) الإسراء: 73، 80] الآيات الثمان، وبعضهم: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [(17) الإسراء: 85].
لما روى البخاريّ عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة وهو يتوكّأ على عسيب فمرّ بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه، فقالوا: حدّثنا عن الرّوح فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي، ثم قال: «الرّوح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا» قال ابن كثير: وقد تكون نزلت عليه هذه الآية مرة ثانية بعد نزولها بمكة فإن السورة كلها مكية واستثنى بعضهم أيضا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} [(17) الإسراء: 88]، فقد روى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في نفر من اليهود قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنا نأتيك بمثل ما جئتنا به.
الحادي عشر: من الحج على قول إنها مكّية: الآيات السفرية وستأتي، وعلى قول إنها مدنية: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ} إلى {عَقِيمٍ} [(22) الحج: 52، 55] فهو مكي.
الثاني عشر: من الشعراء {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} [(26) الشعراء: 224، 227] إلى آخر السورة فهو مدني قاله مكي.
الثالث عشر: من الرّوم أوّلها فقد نزل ببدر كما رواه الترمذي عن أبي سعيد قال: لما كان يوم بدر ظهرت الرّوم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ}
إلى قوله: {بِنَصْرِ اللََّهِ} [(30) الروم: 1، 5].
لكن روي أيضا عن نيار بن مكرم الأسلمي قال: لما نزلت: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ}. خرج أبو بكر الصّديق يصيح بها في نواحي مكة. الحديث، وقال: حسن صحيح. قال ابن الحصّار وهو أصحّ من الأول. وقد يتكرر نزول الآية تذكارا وموعظة انتهى.
الرّابع عشر: من السّجدة {أَفَمَنْ كََانَ مُؤْمِناً} [(32) السجدة: 18، 20] الآيات الثلاث.
الخامس عشر: من سورة سبأ الآيات التي فيها ذكر سبأ، فقد روى الترمذي عن فروة ابن مسيك المرادي قال: أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله: ألا أقاتل من أدبر من قومي الحديث، وفيه وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل: يا رسول الله وما سبأ إلى آخره. قال ابن الحصّار: ومهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع قال: ويحتمل أن يكون قوله: وأنزل حكاية عما تقدّم نزوله قبل هجرته.
السادس عشر: من يس: {إِنََّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى ََ} [(36) يس: 12] الآية.
فقد روى الترمذي والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان بنو سلمة في نواحي المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله: {إِنََّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى ََ وَنَكْتُبُ مََا قَدَّمُوا وَآثََارَهُمْ} فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنه يكتب آثاركم وقرأ عليهم الآية فتركوا»، والحديث في الصحيح عن أنس بدون ذكر هذه الآية.(1/39)
السادس عشر: من يس: {إِنََّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى ََ} [(36) يس: 12] الآية.
فقد روى الترمذي والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان بنو سلمة في نواحي المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله: {إِنََّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى ََ وَنَكْتُبُ مََا قَدَّمُوا وَآثََارَهُمْ} فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنه يكتب آثاركم وقرأ عليهم الآية فتركوا»، والحديث في الصحيح عن أنس بدون ذكر هذه الآية.
السّابع عشر: من الزّمر {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [(39) الزمر: 53] الآيات الثلاث، ففي المستدرك من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كنا نقول:
ما لمفتتن توبة وما الله بقابل منه شيئا، فلمّا قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أنزل فيهم {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} والآيات التي بعدها، واستثنى أيضا: {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [(39) الزمر: 67] الآية لما، روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
مرّ يهودي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له النبي: «يا يهودي حدّثنا» فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه فأنزل الله: {وَمََا قَدَرُوا اللََّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} وقال حسن صحيح لكنه في الصحيحين بلفظ «فتلا الآية» ولم يقل: فأنزل.
الثامن عشر: من الحديد على ما اخترته من أنها مكية {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ}
[(57) الحديد: 28، 29] إلى آخر السورة فهو مدني نزل بعد أحد في أربعين من الحبشة كما رواه الطبراني في الأوسط.
التاسع عشر: من التغابن على قول إنها مكّية ما رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّ مِنْ أَزْوََاجِكُمْ وَأَوْلََادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} في قوم من أهل مكة أسلموا فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فأتوا المدينة فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأوا الناس قد فقهوا فهمّوا أن يعاقبوهم فأنزل الله: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا}، فهذه أمثلة حررتها نقلا ودليلا وما أحب أن لي بتحريرها الدنيا وما فيها.
خاتمة:
روى الطبراني في الكبير من طريق الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة: مكة، والمدينة، والشام». قال الوليد: يعني بيت المقدس، قال ابن كثير: بل تفسيره بتبوك أحسن.(1/40)
روى الطبراني في الكبير من طريق الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة: مكة، والمدينة، والشام». قال الوليد: يعني بيت المقدس، قال ابن كثير: بل تفسيره بتبوك أحسن.
النوع الثالث والرابع: الحضري والسّفريّ
الأول كثير وللثاني أمثلة ذكر البلقيني منها قليلا.
أحدها: وهو مما لم يذكره {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} [(2) البقرة: 196].
ففي الصحيح من حديث كعب بن عجرة قال: كنّا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية ونحن محرمون وكانت لي وفرة فجعلت الهوامّ تتساقط على وجهي فمرّ بي النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:
«أيؤذيك هوامّ رأسك؟» فقلت: نعم فأنزلت هذه الآية.
ثانيها: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ} [(2) البقرة: 281] نزلت بمنى فيما رواه البيهقي في الدلائل.
ثالثها: {آمَنَ الرَّسُولُ} [(2) البقرة: 285] إلى آخر السورة، قيل: نزلت يوم فتح مكة.
رابعها: ولم يذكره البلقيني {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [(3) آل عمران: 128] نزلت بأحد، فروى الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد: «اللهمّ العن أبا سفيان، اللهمّ العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أميّة»، فنزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وفي الصحيح أن ذلك كان في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح.
خامسها: ولم يذكره {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ} [(3) آل عمران: 144] الآية نزلت بأحد، فقد روى البيهقي في الدلائل من طريق آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن رجلا من المهاجرين مرّ على رجل من الأنصار وهو يتشحّط في دمه فقال له: أشعرت أن محمّدا قد قتل؟ فقال: إن كان محمد قد قتل فقد بلّغ، فقاتلوا عن دينكم فنزلت.
سادسها: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} [(4) النساء: 58] نزلت يوم الفتح في شأن مفتاح الكعبة.
سابعها: آية الكلالة نزلت بين مكة والمدينة مرجعه صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع.
ثامنها: ولم يذكره، أوّل المائدة، ففي شعب الإيمان من طريق سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: نزلت سورة المائدة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بمنى إن كادت من ثقلها لتكسر عظام النّاقة.
وفي الدلائل من حديث عاصم الأحول عن أم عمرو بنت عيسى عن عمها: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في مسير فنزلت عليه سورة المائدة فاندقّت كتف راحلته العضباء من ثقل السورة.
وروى أبو عبيد عن عمر بن طارق عن يحيى بن أيوب عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته فانصدع كتفها فنزل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.(1/41)
وفي الدلائل من حديث عاصم الأحول عن أم عمرو بنت عيسى عن عمها: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في مسير فنزلت عليه سورة المائدة فاندقّت كتف راحلته العضباء من ثقل السورة.
وروى أبو عبيد عن عمر بن طارق عن يحيى بن أيوب عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته فانصدع كتفها فنزل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
تاسعها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(5) المائدة: 3] ففي الصّحيح من حديث عمر أنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع.
عاشرها: آية التّيمّم، ففيه من حديث عائشة أنها نزلت بالبيداء أو بذات الجيش قرب المدينة في القفول من غزوة المريسيع.
حادي عشرها: أوّل الأنفال، فقد روى أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:
«اذهب فاطرحه، فرجعت وبي ما لا يعلمه إلّا الله من قتل أخي وأخذ سلبي»، قال: فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اذهب فخذ سيفك».
ثاني عشرها: ولم يذكره: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} [(8) الأنفال: 9]، ففي الصحيح عن عمر قال: نظر النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المشركين وهو ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر فاستقبل القبلة، وجعل يهتف بربه فأنزل الله هذه الآية.
ثالث عشرها: ولم يذكره: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [(8) الأنفال: 16] روى النسائي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت يوم بدر.
رابع عشرها: آيات من أثناء براءة في غزوة تبوك.
خامس عشرها: ولم يذكره: {مََا كََانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآيتين [(9) التوبة: 113، 114] فقد روى الطّبرانيّ في الكبير عن ابن عباس أنه صلّى الله عليه وسلّم لما أقبل من غزوة واعتمر، فلمّا هبط من ثنيّة عسفان نزل على قبر أمه وبكى ودعا الله أن يأذن له في الشفاعة لها فنزل جبريل بهاتين الآيتين.
سادس عشرها: {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا} إلى آخر السورة. فأخرج البيهقي في الدلائل والبزار في مسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به، فذكر الحديث إلى أن قال لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم واقف بخواتيم سورة النّحل {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة، فهو صريح في نزولها بأحد، وعزى البلقيني هذا الحديث إلى الغيلانيات وهو قصور.
وأخرج الترمذي من حديث أبيّ بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستّة منهم حمزة فمثّلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم قال: فلمّا كان يوم الفتح أنزل الله: {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصََّابِرِينَ} قال التّرمذيّ: حسن غريب، قال البلقيني: وقد يقال لا معارضة بين الحديثين لأن أعمال هذا الصبر إنما وقع يوم فتح مكة.(1/42)
سادس عشرها: {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا} إلى آخر السورة. فأخرج البيهقي في الدلائل والبزار في مسنده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به، فذكر الحديث إلى أن قال لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم واقف بخواتيم سورة النّحل {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة، فهو صريح في نزولها بأحد، وعزى البلقيني هذا الحديث إلى الغيلانيات وهو قصور.
وأخرج الترمذي من حديث أبيّ بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستّة منهم حمزة فمثّلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم قال: فلمّا كان يوم الفتح أنزل الله: {وَإِنْ عََاقَبْتُمْ فَعََاقِبُوا بِمِثْلِ مََا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصََّابِرِينَ} قال التّرمذيّ: حسن غريب، قال البلقيني: وقد يقال لا معارضة بين الحديثين لأن أعمال هذا الصبر إنما وقع يوم فتح مكة.
قلت: المعارضة واقعة بين قوله نزلت والنبي واقف على حمزة ووقوفه بأحد، وقوله: فلمّا كان يوم فتح مكة أنزل الله، وأيّ جمع حصل من كلامه المذكور؟ وإنما يجمع بما تقدّم عن ابن الحصّار أنها نزلت أولا بمكة ثمّ ثانيا بأحد ثمّ ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده.
سابع عشرها: ولم يذكره أول الحج، ففي التّرمذيّ عن عمران بن حصين قال:
أنزلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السََّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إلى قوله:
{وَلََكِنَّ عَذََابَ اللََّهِ شَدِيدٌ} وهو في سفر فقال: أتدرون أيّ يوم ذلك؟ الحديث. وفي المستدرك عن أنس مثله.
ثامن عشرها: {هََذََانِ خَصْمََانِ اخْتَصَمُوا} إلى قوله: {الْحَمِيدِ} [(22) الحج: 19، 25] ففي البخاريّ عن أبي ذر أنّه كان يقسم أن هذه الآية نزلت في حمزة وصاحبيه، وعتبة وصاحبيه.
قال البلقيني: فالظاهر أنها نزلت يوم بدر وقت المبارزة لما فيه من الإشارة بهذين.
تاسع عشرها: ولم يذكره {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية [(22) الحج: 39] ففي المستدرك عن ابن عباس: لما أخرج أهل مكة النبي صلّى الله عليه وسلّم قال أبو بكر: إنّا لله وإنّا إليه راجعون أخرجوا نبيّهم ليهلكن فنزلت هذه الآية.
قال ابن الحصّار: استنبط بعضهم من هذا الحديث أنها نزلت في سفر الهجرة.
العشرون: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [(28) القصص: 85] قيل: نزلت بالجحفة في سفر الهجرة.
الحادي والعشرون: أوّل الرّوم كما تقدّم.
الثّاني والعشرون: سورة الفتح بجملتها، كذا قال البلقيني وتمسّك بظاهر ما رواه البخاريّ من حديث عمر: بينما هو يسير مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكر الحديث وفيه: فقال رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشّمس» فقرأ: {إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ مََا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمََا تَأَخَّرَ} ولا دليل فيه على نزولها تلك الليلة، بل النّازل فيها أوّلها وقد وردت أحاديث بنزول سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها (1).(1/43)
الثّاني والعشرون: سورة الفتح بجملتها، كذا قال البلقيني وتمسّك بظاهر ما رواه البخاريّ من حديث عمر: بينما هو يسير مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكر الحديث وفيه: فقال رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشّمس» فقرأ: {إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ مََا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمََا تَأَخَّرَ} ولا دليل فيه على نزولها تلك الليلة، بل النّازل فيها أوّلها وقد وردت أحاديث بنزول سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها (1).
لطيفة: ورد تبيين الموضع الذي نزلت فيه وهو كراع الغميم رواه الحاكم أيضا.
الثّالث والعشرون: ولم يذكره سورة المنافقون، فقد روى الترمذي من طريق إسرائيل عن السّدّيّ عن أبي سعيد الأزديّ قال: أخبرنا زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان معنا ناس من الأعراب، فسبق أعرابيّ فملأ الحوض، فأتى رجل من الأنصار أعرابيّا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه ورفع الأعرابيّ خشبة فضرب بها رأس الأنصاريّ فشجّه، فأتى عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب وقال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا ثم قال لأصحابه: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ فأخبرت عمّي فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحلف (2) وجحد قال:
فصدّقه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكذّبني فجاء عمّي فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكذّبك فوقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحد، فبينا أنا أسير مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر قد خفقت رأسي من الهمّ إذ أتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعرك أذني وضحك في وجهي فلحقني أبو بكر فقال: ما قال لك رسول الله؟ قلت: ما قال شيئا إلا أنّه عرك أذني وضحك في وجهي فقال: أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة المنافقين قال الترمذي: حسن صحيح.
ففي هذا الحديث مع كونها نزلت بالسفر ما يقتضي أنها نزلت بالليل. ثم روي أيضا من حديثه أن ذلك في غزوة تبوك، ومن حديث جابر بن عبد الله نحو ذلك، وفيه قال سفيان: يروون أنها نزلت في غزوة بني المصطلق وقال في كل من الحديثين حسن صحيح، وهو في الصحيحين بدون قول سفيان وذكر ابن إسحاق أيضا أنها نزلت في غزوة بني المصطلق.
__________
(1) في التركية: وقد وردت أحاديث بنزول آيات مفرقة منها، نعم كلها نازلة في سفر الحديبية، ففي المستدرك عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: أنزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها.
(2) في التركية: فأرسل إليه.(1/44)
الرّابع والعشرون: سورة النّصر، روى البيهقي والبزّار عن ابن عمر أنها نزلت أواسط أيام التشريق عام حجة الوداع.
النّوع الخامس والسّادس: النّهاريّ والليليّ
الأوّل: كثير وللثاني أمثلة لم يستوفها البلقيني.
أحدها: آية القبلة ففي الصّحيحين: بينما النّاس بقباء في صلاة الصّبح إذ أتاهم آت فقال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أنزل عليه الليلة قرآن.
ثانيها: ولم أر من ذكره، خواتيم سورة البقرة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود:
لما أسري برسول الله صلّى الله عليه وسلّم انتهى إلى سدرة المنتهي. الحديث وفيه فأعطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منها ثلاثا: أعطي الصّلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئا من المقحمات، وقد أعطي الصّلوات ليلة الإسراء فالظاهر أنه أعطي الأخرى ليلتئذ. لكن الأحاديث في الصحيح في بيان نزولها عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره يخالف هذا ويجمع بين ذلك بأنها نزلت بعد إعطائه إياها ليلة الإسراء.
ثالثها: {وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ} [(5) المائدة: 67]، فقد روى الحاكم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ} فأخرج رأسه من القبّة فقال لهم: «يا أيّها النّاس انصرفوا فقد عصمني الله»، وهذه الآية مثال للفراشي أيضا.
رابعها: سورة الأنعام بكمالها فقد روى أبو عبيد قال: حدّثنا حجاج عن حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة.
خامسها: آية {الثَّلََاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [(9) التوبة: 118] ففي الصّحيح من حديث كعب فأنزل الله توبتنا حين بقي الثّلث الأخير من الليل ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند أمّ سلمة.
سادسها: روى التّرمذيّ من حديث أنس أن هذه الآية: {تَتَجََافى ََ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضََاجِعِ} [(32) السجدة: 16] نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة، وقال: حسن صحيح، فظاهره أنها نزلت في ذلك الوقت.
سابعها: آية الإذن في خروج النسوة في الأحزاب، قال البلقيني: والظاهر أنها: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوََاجِكَ وَبَنََاتِكَ} [(33) الأحزاب: 59].
ففي البخاريّ عن عائشة رضي الله عنها خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه ليتعشّى وفي يده عرق فقلت: يا رسول الله خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا فأوحى الله إليه وإن العرق في يده ما وضعه فقال: «إنّه قد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكنّ».(1/45)
سابعها: آية الإذن في خروج النسوة في الأحزاب، قال البلقيني: والظاهر أنها: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوََاجِكَ وَبَنََاتِكَ} [(33) الأحزاب: 59].
ففي البخاريّ عن عائشة رضي الله عنها خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه ليتعشّى وفي يده عرق فقلت: يا رسول الله خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا فأوحى الله إليه وإن العرق في يده ما وضعه فقال: «إنّه قد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكنّ».
قال البلقيني: وإنما قال إن ذلك كان ليلا لأنهم إنما كنّ يخرجن للحاجة ليلا كما في الصحيح عن عائشة في حديث الإفك.
ثامنها: سورة الفتح كما تقدّم وبيّنا أنها لم تنزل كلها ليلا، وفي بعض الأحاديث أنها إلى: {صِرََاطاً مُسْتَقِيماً}.
تاسعها: سورة المنافقون كما تقدّم.
فرع:
ومنه ما نزل بين اللّيل والنهار في وقت الصبح ويصلح أن يجعل نوعا مستقلا، ويحضرني منه مثالان:
الأوّل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [(3) آل عمران: 128] فقد تقدّم أنها نزلت وهو في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح.
الثّاني: آية من الفتح، فقد روى مسلم والترمذي وغيرهما عن أنس أن ثمانين هبطوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه من جبل التّنعيم عند صلاة الصّبح يريدون أن يقتلوه فأخذوا أخذا فأعتقهم فأنزل الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [(48) الفتح: 24].
النّوع السّابع والثّامن: الصّيفيّ والشّتائي
الأول له أمثلة.
أحدها: ولم يذكر البلقيني غيره: آية الكلالة، ففي صحيح مسلم عن عمر: ما راجعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتّى طعن بإصبعه في صدري وقال: «يا عمر ألا يكفيك آية الصّيف التي في آخر سورة النّساء».
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكلالة؟
قال: أما سمعت الآية التي نزلت في الصيف {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللََّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلََالَةِ} [(4) النساء:(1/46)
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله ما الكلالة؟
قال: أما سمعت الآية التي نزلت في الصيف {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللََّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلََالَةِ} [(4) النساء:
176] قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، قلت: وقد تقدّم أن ذلك في سفر حجة الوداع.
ثانيها وثالثها ورابعها: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ} [(2) البقرة: 281] وأول المائدة، و {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(5) المائدة: 3] لأن ذلك مما نزل بحجّة الوداع فهو قريب الزّمن من آية الكلالة.
خامسها: غالب آيات غزوة تبوك في براءة فقد كانت في شدّة الحر كما في الحديث ونصّ الله تعالى في كتابه فقال: {وَقََالُوا لََا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [(9) التوبة: 81].
وقد قال البيهقي في الدّلائل: أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العبّاس حدثنا أحمد حدّثنا يونس عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما كان يخرج في وجه من مغازيه إلّا أظهر أنّه يريد غيره، غير أنه في غزوة تبوك قال: «يا أيّها النّاس، إنّي أريد الرّوم» فأعلمهم وذلك في زمن البأس وشدّة من الحرّ وجدب البلاد، فبينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم في جهازه إذ قال للجدّ بن قيس: «يا جدّ هل لك في بنات بني الأصفر»؟ قال: يا رسول الله لقد علم قومي أنّه ليس أحد أشدّ عجبا بالنّساء منّي وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنّني فأذن لي، فأنزل الله {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلََا تَفْتِنِّي} [(9) التوبة: 49]، وقال رجل من المنافقين: لا تنفروا في الحرّ فأنزل الله: {قُلْ نََارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [(9) التوبة: 81].
وأما النوع الثاني فله أمثلة.
أحدها ولم يذكر البلقيني غيره: الآيات العشر في براءة عائشة من سورة النور.
وأوّلها: {إِنَّ الَّذِينَ جََاؤُ بِالْإِفْكِ} [(24) النور: 11] ففي البخاري من حديثها فو الله ما رام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدّر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه. الحديث.
ثانيها: {وَلََا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [(24) النور: 22] فإنها نزلت لما حلف أبو بكر رضي الله عنه لا ينفق على مسطح شيئا لما تكلّم في الإفك فهي قريبة مما قبلها.
ثالثها: قال الواحديّ: أنزل الله في الكلالة آيتين إحداهما في الشّتاء، وهي التي في أوّل النّساء، والأخرى في الصيف وهي التي في آخرها، وعجبت للبلقيني كيف غفل عن هذه.
رابعها: ما في سورة الأحزاب من آيات غزوة الخندق، فقد كانت في البرد ففي حديث حذيفة: تفرّق النّاس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الأحزاب إلّا اثني عشر رجلا فأتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا بن اليماني، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب فانظر إلى حالهم» قلت: يا رسول الله، والّذي بعثك بالحق ما قمت لك إلّا حياء من البرد. الحديث، وفي بعض طرقه قال في آخره: فأنزل الله {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جََاءَتْكُمْ جُنُودٌ} إلى آخرها. [(33) الأحزاب: 9].(1/47)
ثالثها: قال الواحديّ: أنزل الله في الكلالة آيتين إحداهما في الشّتاء، وهي التي في أوّل النّساء، والأخرى في الصيف وهي التي في آخرها، وعجبت للبلقيني كيف غفل عن هذه.
رابعها: ما في سورة الأحزاب من آيات غزوة الخندق، فقد كانت في البرد ففي حديث حذيفة: تفرّق النّاس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الأحزاب إلّا اثني عشر رجلا فأتاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا بن اليماني، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب فانظر إلى حالهم» قلت: يا رسول الله، والّذي بعثك بالحق ما قمت لك إلّا حياء من البرد. الحديث، وفي بعض طرقه قال في آخره: فأنزل الله {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جََاءَتْكُمْ جُنُودٌ} إلى آخرها. [(33) الأحزاب: 9].
النّوع التّاسع: الفراشيّ
ذكر له البلقيني مثالا واحدا وهو آية الثّلاثة الذين خلفوا كما تقدّم أنّها نزلت وقد بقي من اللّيل الثّلث وهو صلّى الله عليه وسلّم عند أمّ سلمة، وظفرت بمثال آخر، وهو: {وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ} [(5) النساء: 67] كما تقدم، واستشكل الجمع بين ما تقدّم من نزول الآية في بيت أم سلمة وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في حقّ عائشة: «ما نزل عليّ الوحي في فراش امرأة غيرها»، قال البلقيني: ولعل هذا كان قبل القصة التي نزل فيها الوحي في فراش أمّ سلمة.
قلت: ظفرت بما يحصل به الجواب وهو أحسن من هذا، فروى أبو يعلى في مسنده عن عائشة قالت: أعطيت تسعا الحديث، وفيه: «وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فينصرفون عنه، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافة». وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين كما لا يخفى.
النّوع العاشر: النّومي
ذكره البلقيني وجعله ملحقا بما قبله ورأينا إفراده بنوع أليق، ومثّل بما في صحيح مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذا غفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسّما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: أنزل علىّ آنفا سورة فقرأ: {بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ، إِنََّا أَعْطَيْنََاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شََانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}.
وقال الإمام الرّافعي في أماليه: فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة وقالوا: من الوحي ما كان يأتيه في النوم لأن رؤيا الأنبياء وحي قال: وهذا صحيح، لكن الأشبه أن يقال: إن القرآن كلّه نزل في اليقظة، وكأنه خطر له في النّوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة أو عرض عليه الكوثر التي وردت فيه السورة فقرأها عليهم وفسّرها لهم، قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال لها: برحاء الوحي. انتهى.
قلت: الذي قاله الرّافعيّ في غاية الاتجاه، وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه والتأويل الأخير أصحّ من الأول، لأن قوله: أنزل عليّ آنفا يدفع كونها نزلت قبل ذلك، بل نقول: نزلت في تلك الحالة وليست الإغفاءة إغفاءة نوم، بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي، فقد ذكر العلماء أنّه كان يؤخذ عن الدّنيا.(1/48)
وقال الإمام الرّافعي في أماليه: فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة وقالوا: من الوحي ما كان يأتيه في النوم لأن رؤيا الأنبياء وحي قال: وهذا صحيح، لكن الأشبه أن يقال: إن القرآن كلّه نزل في اليقظة، وكأنه خطر له في النّوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة أو عرض عليه الكوثر التي وردت فيه السورة فقرأها عليهم وفسّرها لهم، قال: وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال لها: برحاء الوحي. انتهى.
قلت: الذي قاله الرّافعيّ في غاية الاتجاه، وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه والتأويل الأخير أصحّ من الأول، لأن قوله: أنزل عليّ آنفا يدفع كونها نزلت قبل ذلك، بل نقول: نزلت في تلك الحالة وليست الإغفاءة إغفاءة نوم، بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي، فقد ذكر العلماء أنّه كان يؤخذ عن الدّنيا.
النوع الحادي عشر: أسباب النّزول
وهو نوع مهم محتاج إليه وصنّف النّاس فيه مصنّفات، ومن أحسنها كتاب الواحدي، ثم شيخ الإسلام حافظ العصر أبي الفضل بن حجر، وما كان منه عن صحابي فهو مسند مرفوع، إذ قول الصحابي فيما لا دخل فيه للاجتهاد مرفوع، أو تابعيّ فمرسل، وشرط قبولهما صحّة السند، ويزيد الثاني أن يكون راويه معروفا بأن لا يروي إلّا عن الصحابة، أو ورد له شاهد مرسل أو متّصل ولو ضعيفا، وإذا تعارض فيه حديثان فإن أمكن الجمع بينهما فذاك كآية اللّعان، ففي الصّحيح عن سهل بن سعد السّاعديّ أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني وفيه أيضا أنها نزلت في قصة هلال بن أميّة، فيمكن أنها نزلت في حقهما أي بعد سؤال كل منهما فيجمع بهذا، وإن لم يمكن قدّم ما كان سنده صحيحا أو له مرجّح ككون راويه صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية ونحو ذلك، فإن استويا فهل يحمل على النّزول مرّتين أو يكون مضطربا يقتضي طرح كل منهما؟ عندي فيه احتمالان وفي الحديث ما يشبهه، وربما كان في إحدى القصتين فتلا فوهم الرّاوي فقال: فنزل كما تقدّم في آية الزّمر، والبارع النّاقد يفحص عن ذلك، وأمثلة هذا النّوع تستقرأ من الكتب المصنّفة فيه وذكر منها كثير في هذا الكتاب في الأنواع السابقة والتي ستأتي.
ثم منها المشهور وهو قسمان: صحيح كقصة الإفك وآية السّعي والتّيمم والعزنيين وموافقات عمر، وضعيف كآية: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} [(4) النساء:
58]، وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع، ومنها الغريب وهو أيضا قسمان: صحيح وضعيف، والله أعلم، وهذا الفصل مما حررته واستخرجته من قواعد الحديث ولم أسبق إليه وبالله التوفيق.
النّوع الثّاني والثّالث عشر: أول ما نزل وآخر ما نزل
اختلف في الأول، فالأصحّ أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وقيل: {الْمُدَّثِّرُ}، وقيل:
الفاتحة. حجّة الأوّل: حديث ابن عباس السابق في المكّيّ والمدنيّ، وحديث عائشة أنها قالت: أوّل ما نزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} رواه في المستدرك.
وروى أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد:(1/49)
الفاتحة. حجّة الأوّل: حديث ابن عباس السابق في المكّيّ والمدنيّ، وحديث عائشة أنها قالت: أوّل ما نزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} رواه في المستدرك.
وروى أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد:
أن أول ما نزل بمكة من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، ون، والقلم.
وحجّة الثّاني ما في الصّحيحين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنزل قبل؟ قال: {يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} قلت: أو {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}؟ قال:
أحدّثكم بما حدثنا به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السّماء فإذا هو يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثّروني» فأنزل الله: {يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ}.
وأجاب الأول بما في الصحيحين أيضا عن أبي سلمة عن جابر: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يحدّث عن فترة الوحي فقال في حديثه «فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السّماء فرفعت رأسي فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السّماء والأرض فرجعت فقلت: زمّلوني زمّلوني فدثّروني فأنزل الله: {يََا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}. فقوله: الملك الّذي جاءني بحراء دالّ على أن هذه القصّة متأخّرة عن قصة حراء التي نزل فيها: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.
قال البلقيني: ويجمع بين الحديثين بأن السؤال كان عن نزول بقيّة: {اقْرَأْ}
والمدّثّر، فأجابه بما تقدم.
وحجّة الثّالث: ولم يذكره البلقيني ما رواه البيهقي في الدلائل عن أبي ميسرة عمرو ابن شرحبيل أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لخديجة: «إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء» فذكر الحديث وفيه: فأتى ورقة بن نوفل فقصّ عليه فقال له: إذا أتاك فاثبت له حتّى تسمع ما يقول ثم ائتني فاخبرني فلما خلا ناداه: يا محمّد قل: بسم الله الرّحمن الرحيم. الحمد لله ربّ العالمين.
حتى بلغ: ولا الضّالين، فأتى ورقة بن نوفل فذكر ذلك له فقال له: أبشر الحديث.
قال البيهقي: هذا منقطع وإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعد ما نزلت عليه {اقْرَأْ} والمدّثّر.
قلت: وإن صح أخذ منه أنها من أوائل ما نزل كما لا يخفى.
قال البلقيني: وأول سورة نزلت بالمدينة: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} في قول عليّ بن الحسين، وقال عكرمة: بل البقرة، وكلاهما مرسل بلا إسناد.
قلت: أما مرسل فصحيح، وأما بلا إسناد فقد تقدم مسندا عن عكرمة والحسن أن أوّل ما نزل بها: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ثم البقرة، بل وعن ابن عباس فانتفى الإرسال أيضا.
وأسند أبو داود في الناسخ والمنسوخ من طريق حسّان بن إبراهيم الكرماني عن أميّة الأزدي عن جابر بن زيد وهو من علماء التابعين بالقرآن قال: أوّل ما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم من القرآن بمكة: (اقرأ) ثم: (ن) وسرد سائر السور المتقدمة في النوع الأول عن عكرمة على الترتيب عاطفا كل سورة بثم، وذكر بين: ص والجن: الأعراف، وبين الملائكة وطه: كهيعص، وسمّى يونس السّابعة، وقال حم المؤمن ثم حم السّجدة ثم الأنبياء، ثم النّحل أربعين منها، وبقيتها بالمدينة ثم نوح، ثم الطّور، ثم المؤمنون، ثم الملك، وقدّم: {إِذَا السَّمََاءُ انْفَطَرَتْ} على: {إِذَا السَّمََاءُ انْشَقَّتْ} وقال بعد العنكبوت ثم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فذاك ما نزل بمكة، ثم قال: وأنزل بالمدينة سورة البقرة فذكر سائر السّور كما تقدم، وجعل الصّفّ بعد التغابن. ومن أوائل ما أنزل بمكّة: الإسراء والكهف وطه ومريم (1).(1/50)
قلت: أما مرسل فصحيح، وأما بلا إسناد فقد تقدم مسندا عن عكرمة والحسن أن أوّل ما نزل بها: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ثم البقرة، بل وعن ابن عباس فانتفى الإرسال أيضا.
وأسند أبو داود في الناسخ والمنسوخ من طريق حسّان بن إبراهيم الكرماني عن أميّة الأزدي عن جابر بن زيد وهو من علماء التابعين بالقرآن قال: أوّل ما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم من القرآن بمكة: (اقرأ) ثم: (ن) وسرد سائر السور المتقدمة في النوع الأول عن عكرمة على الترتيب عاطفا كل سورة بثم، وذكر بين: ص والجن: الأعراف، وبين الملائكة وطه: كهيعص، وسمّى يونس السّابعة، وقال حم المؤمن ثم حم السّجدة ثم الأنبياء، ثم النّحل أربعين منها، وبقيتها بالمدينة ثم نوح، ثم الطّور، ثم المؤمنون، ثم الملك، وقدّم: {إِذَا السَّمََاءُ انْفَطَرَتْ} على: {إِذَا السَّمََاءُ انْشَقَّتْ} وقال بعد العنكبوت ثم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فذاك ما نزل بمكة، ثم قال: وأنزل بالمدينة سورة البقرة فذكر سائر السّور كما تقدم، وجعل الصّفّ بعد التغابن. ومن أوائل ما أنزل بمكّة: الإسراء والكهف وطه ومريم (1).
ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إنّهنّ من العتاق الأول، قال أبو عبيد:
يقول إنه من أوّل ما أخذت من القرآن فشبّهه بتلاد المال القديم.
وفي البخاري عن عائشة: أوّل ما نزل سورة من المفصّل فيها ذكر الجنّة والنّار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام لقد نزلت بمكة وإنّي جارية ألعب {وَالسََّاعَةُ أَدْهى ََ وَأَمَرُّ} [(54) القمر: 46] ومن أوائل ما نزل بالمدينة: الأنفال كما في الحديث المشهور عن عثمان أخرجه الحاكم وغيره.
فرع: من هذا النوع
أوّل آية نزلت في القتال مطلقا {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [(22) الحج: 39].
رواه الحاكم وغيره عن ابن عباس.
وأول آية نزلت فيه بالمدينة: {وَقََاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ الَّذِينَ يُقََاتِلُونَكُمْ} [(2) البقرة:
190] حكاه ابن جرير.
وأول آية نزلت في الأطعمة بمكة آية الأنعام: إلى آخرها {قُلْ لََا أَجِدُ فِي مََا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} [(6) الأنعام: 145] ثم آية النّحل: {فَكُلُوا مِمََّا رَزَقَكُمُ اللََّهُ} [(16) النحل: 114]
__________
(1) في النسخة التركية: والكهف ومريم وطه.(1/51)
وبالمدينة: آية البقرة: {إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [(2) البقرة: 219] الآية. ثم آية المائدة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(5) المائدة: 3] الآية قاله ابن الحصّار.
وأوّل آية نزلت في الخمر {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [(2) البقرة: (219] ثم آية النّساء، ثم آية المائدة، رواه الترمذي وغيره من حديث عمر وصححه، وقاله جماعة منهم:
ابن عمر والشعبي ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس.
وأما آخر ما نزل: فروى الشيخان عن البراء بن عازب أنّه قال آخر آية نزلت:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللََّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلََالَةِ} [(4) النساء: 176] وآخر سورة نزلت: براءة.
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت: آية الرّبا. وروى البيهقي عن عمر مثله، وأخرج أبو عبيد عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدّين.
وأخرج النسائي عن ابن عباس: آخر آية نزلت: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ}
[(2) البقرة: 281] ورواه البيهقي في الدلائل وزاد: وبينها وبين موت النبي صلّى الله عليه وسلّم أحد وثمانون يوما، وروي أيضا عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أحد وثلاثون يوما. وروى أبو عبيد عن ابن جريج قال: زعموا أنه صلّى الله عليه وسلّم مكث بعدها سبع ليال وبدئ يوم السّبت ومات يوم الاثنين وروى الحاكم في المستدرك عن أبي بن كعب قال: آخر آية نزلت: {لَقَدْ جََاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [(9) التوبة: 128، 129] إلى آخر السورة.
وروى مسلم عن ابن عباس آخر سورة نزلت: {إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ}.
وروى الترمذي والحاكم عن عائشة: آخر سورة نزلت المائدة فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه، وروى الحاكم مثله أيضا عن عبد الله ابن عمرو وعثمان في حديثه المشهور: براءة من آخر القرآن نزولا.
قال البيهقي: ويجمع بين هذه الاختلافات إن صحت بأن كل واحد جاء بما عنده ولم يذكر البلقيني من هذه الأقوال إلّا القليل. ومن أغرب ما روي في هذا النوع ما رواه ابن جرير قال: حدّثنا أبو عامر السكوني حدّثنا هشام بن عمار حدّثنا ابن عباس حدّثنا عمرو بن قيس الكندي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان تلا هذه الآية {فَمَنْ كََانَ يَرْجُوا لِقََاءَ رَبِّهِ}
[(18) الكهف: 110] وقال: إنّها آخر آية نزلت من القرآن، قال ابن كثير: وهو أثر مشكل ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغيّر حكمها بل هي مثبتة محكمة فاشتبه ذلك على بعض الرواة فرواه بالمعنى على ما فهمه.(1/52)
قال البيهقي: ويجمع بين هذه الاختلافات إن صحت بأن كل واحد جاء بما عنده ولم يذكر البلقيني من هذه الأقوال إلّا القليل. ومن أغرب ما روي في هذا النوع ما رواه ابن جرير قال: حدّثنا أبو عامر السكوني حدّثنا هشام بن عمار حدّثنا ابن عباس حدّثنا عمرو بن قيس الكندي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان تلا هذه الآية {فَمَنْ كََانَ يَرْجُوا لِقََاءَ رَبِّهِ}
[(18) الكهف: 110] وقال: إنّها آخر آية نزلت من القرآن، قال ابن كثير: وهو أثر مشكل ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغيّر حكمها بل هي مثبتة محكمة فاشتبه ذلك على بعض الرواة فرواه بالمعنى على ما فهمه.
النوع الرّابع عشر: ما عرف تاريخ نزوله عاما وشهرا ويوما وساعة
وهذا النوع من زيادتي وهو مهم وله أمثله، أوّلها وثانيها: اقرأ والفاتحة نزلتا عام المبعث لأنه مقارب لهما، وعام المبعث سنة أربعين من مولده صلّى الله عليه وسلّم، ومولده: عام الفيل هذا هو الصحيح في الأمرين الثابت في البخاري. وقيل: عام ثلاث وأربعين من مولده، وقيل: بعث عام أربعين ولم ينزل عليه القرآن إلّا بعد ثلاث سنين، وثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة أن اليوم الذي أنزل فيه يوم الاثنين، قال ابن إسحاق: وكان في شهر رمضان.
ثالثها: المدّثّر نزلت بعد اقرأ بسنتين أو أكثر كما في الصّحيح.
الرابع: آية القبلة في السنة الثانية من الهجرة في رجب ففي الصحيح عن البراء أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجبّ أن يتوجّه إلى الكعبة فأنزل الله: {قَدْ نَرى ََ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمََاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضََاهََا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ} [(2) البقرة: 144] فتوجّه نحو الكعبة فقال السّفهاء من النّاس: ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها فأنزل الله: {قُلْ لِلََّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [(2) البقرة: 142] الحديث، وفيه أن أول صلاة صلاها العصر، فيكون نزولها بين الظهر والعصر، وفي رواية في الصحيحين أنها نزلت ليلا وسبق بيانها.
وقال ابن حبيب: نزلت في صلاة الظهر يوم الثلاثاء نصف شعبان.
الخامس: {وَلِلََّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللََّهِ} [(2) البقرة: 115] اختلف فيها فروى مسلم عن ابن عمر: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه، وفيه نزلت.
قال ابن الحصّار: وهو صلّى الله عليه وسلّم لم يدخل مكة بعد الهجرة إلّا عام القضية سنة سبع وعام الفتح سنة ثمان وعام حجة الوداع سنة عشر، وهذا أصح ما يعتمد عليه في نزولها.
السادس: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى} [(2) البقرة: 125].
قال ابن الحصار: نزلت إما عام القضية أو الفتح أو الوداع.
السابع: آية الصّيام في السنة الثانية في شعبان.
الثامن: {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} [(2) البقرة: 196]. سنة ستّ في ذي القعدة.
التاسع: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرََامِ قِتََالٍ فِيهِ} [(2) البقرة: 217] نزلت في سرية عبد الله بن جحش سنة اثنتين في رجب.(1/53)
الثامن: {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} [(2) البقرة: 196]. سنة ستّ في ذي القعدة.
التاسع: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرََامِ قِتََالٍ فِيهِ} [(2) البقرة: 217] نزلت في سرية عبد الله بن جحش سنة اثنتين في رجب.
العاشر: {لََا إِكْرََاهَ فِي الدِّينِ} [(2) البقرة: 256]، روى ابن حبان وغيره عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوّده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله هذه الآية وأجلي بنو النضير في ربيع الأول سنة أربع.
الحادي عشر: من أول آل عمران إلى ثلاث وثمانين آية نزل في وفد نجران سنة تسع رواه ابن إسحاق في السيرة.
الثاني عشر: ما فيها من قصة أحد وأوّله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [(3) آل عمران:
121]، سنة ثلاث في أواخرها، وكان يوم الوقعة يوم السبت لإحدى عشرة خلت من شوّال، وقيل: يوم النصف منه.
الثالث عشر: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللََّهِ} [(3) آل عمران: 199]، الآية نزلت كما روى ابن جرير وابن مردويه من حديث جابر أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى على النجاشي حين مات فقال المنافقون: يصلّي على علج مات بأرض الحبشة فنزلت هذه الآية.
وروى ابن مردوية نحوه من حديث أنس، ومات النجاشي سنة تسع.
الرابع عشر: {يُوصِيكُمُ اللََّهُ فِي أَوْلََادِكُمْ} [(4) النساء: 11]: نزلت بأثر أحد كما روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن جابر: جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت: يا رسول الله:
هاتان ابنتا سعد قتل أبوهما معك في أحد وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا فنزلت آية الميراث.
الخامس عشر: {وَالْمُحْصَنََاتُ (مِنَ النِّسََاءِ)} [(4) النساء: 24] روى مسلم عن أبي سعيد أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصابوا سبايا يوم أوطاس لهنّ أزواج فكرهوا غشيانهنّ فنزلت هذه الآية، وأوطاس: هي غزوة حنين مكة سنة ثمان بعد الفتح بقليل.
السادس عشر: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ} [(4) النساء: 58]، يوم فتح مكة سنة ثمان في رمضان.
السّابع عشر: {فَمََا لَكُمْ فِي الْمُنََافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [(4) النساء: 88] بأثر أحد كما في
الصحيحين عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى أحد فرجع ناس فكان الصحابة فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا فنزلت.(1/54)
السّابع عشر: {فَمََا لَكُمْ فِي الْمُنََافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [(4) النساء: 88] بأثر أحد كما في
الصحيحين عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى أحد فرجع ناس فكان الصحابة فيهم فرقتين: فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا فنزلت.
الثامن عشر: {وَمََا كََانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً} [(4) النساء: 92]، وقال مجاهد، وغيره: نزلت يوم الفتح.
التاسع عشر: آية القصر [في النساء: 101] سنة أربع.
العشرون: آية صلاة الخوف [في النساء: 102]، في غزوة ذات الرّقاع في المحرّم سنة خمس.
الحادي والعشرون: آية الكلالة [في النساء: 176]، في حجة الوداع.
الثّاني والعشرون: أول المائدة بها أيضا.
الثالث والعشرون: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [(5) المائدة: 3]، فيها أيضا يوم عرفة يوم الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلّم واقف بها، وفي رواية عن ابن عباس عند البيهقي في الدلائل يوم الاثنين وهو مخالف لما في الصحيح.
الرابع والعشرون: آية التّيمّم [في المائدة: 6]، بها في القفول من غزوة المريسيع وكانت في شعبان سنة ست وقيل سنة خمس وقيل سنة أربع.
الخامس والعشرون: {إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [(5) المائدة: 33]، في قصة العرنيّين في سنة ست، وآية تحريم الخمر [المائدة: 90] في محاصرة بني النضر في ربيع الأول سنة أربع.
السادس والعشرون: سورة الأنفال. بعضها يوم بدر، وبعضها بأثرها، وكانت في رمضان سنة اثنتين.
السابع والعشرون: براءة سنة تسع، بعضها في غزوة تبوك، وكان مقدمه منها في رمضان.
ومنها آية {الثَّلََاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [(9) التوبة: 118]، بعد مقدمه بخمسين ليلة.
الثامن والعشرون: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} إلى {شَدِيدُ الْمِحََالِ} [(13) الرعد:
11، 12]، نزلت لما قدم وفد بني عامر وقدومهم سنة تسع.
التّاسع والعشرون: خواتيم سورة النّحل إما يوم أحد أو يوم الفتح كما تقدم.
الثلاثون: أول الإسراء عام الإسراء واختلف فيه، فقيل: قبل الهجرة بسنة، وقيل:(1/55)
التّاسع والعشرون: خواتيم سورة النّحل إما يوم أحد أو يوم الفتح كما تقدم.
الثلاثون: أول الإسراء عام الإسراء واختلف فيه، فقيل: قبل الهجرة بسنة، وقيل:
بأحد عشر شهرا، وقيل: بثمانية أشهر، وقيل: بستة أشهر، وقيل: بخمسة عشر شهرا، وقيل: بسبعة عشر، وقيل: بثمانية عشر، وقيل: بعشرين، وقيل: بثلاث سنين، وقيل:
بخمس، وقيل: كان بعد البعثة بخمس سنين، وقيل: بخمسة عشر شهرا، وقيل: بعام ونصف، واختلف في الشهر فقيل: ربيع الأول، وقيل: الآخر، وقيل: رجب، وقيل:
رمضان، وقيل: شوال. وقد بسطت الكلام على هذه الأقوال في شرح الأسماء النّبويّة.
الحادي والثلاثون: {هََذََانِ خَصْمََانِ} [(22) الحج: 19]، يوم بدر أو بإثره.
الثّاني والثلاثون: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ} [(22) الحج: 29]، في سفر الهجرة وكان في ربيع الأول بعد النبوة بثلاث عشرة سنة، وقيل: عشر سنين.
الثالث والثلاثون: قصة الإفك سنة غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع وتقدم تاريخها.
الرابع والثلاثون: آية الاستئذان [في النور: 58]، في النور سنة عشر.
الخامس والثلاثون: آية الحجاب [في الأحزاب: 59]، والآية في تزويج زينب بنت جحش سنة أربع [في الأحزاب: 37].
السّادس والثلاثون: {إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(28) القصص: 56]، في وفاة أبي طالب، وكذا أول: ص، وكانت وفاته سنة عشر من المبعث قبل الهجرة بثلاث سنين.
السابع والثلاثون: ما في الأحزاب من آيات الخندق وكانت في شوال سنة خمس، وقيل: أربع.
الثامن والثلاثون: آخر الأحقاف في قصة الجن سنة عشر من النبوة.
التّاسع والثلاثون: سورة القتال سنة ست.
الأربعون: سورة الفتح سنة ست في ذي القعدة.
الحادي والأربعون: أول المجادلة سنة ست.
الثاني والأربعون: الحشر في بني النضير سنة خمس في ربيع الأول بعد خمسة أشهر من أحد، وقيل: بعد ستة وثلاثين شهرا منها.
الثالث والأربعون: سورة المنافقين، في غزوة بني المصطلق أو تبوك كما تقدم.
الرّابع والأربعون: سورة النّصر نزلت في أوسط أيّام التشريق عام حجة الوداع، رواه البزّار والبيهقي.(1/56)
الثالث والأربعون: سورة المنافقين، في غزوة بني المصطلق أو تبوك كما تقدم.
الرّابع والأربعون: سورة النّصر نزلت في أوسط أيّام التشريق عام حجة الوداع، رواه البزّار والبيهقي.
فهذه عيون أمثلتها ولم نستوعبها حذرا من التصويل، وفيما تقدم من الأنواع أمثله تدخل في هذا النوع، وفي هذا النوع أمثلة للسفري غير ما تقدم.
النّوع الخامس عشر والسّادس عشر: ما أنزل فيه ولم ينزل على أحد قبل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وما أنزل منه على بعض الأنبياء
هذان النوعان من زيادتي.
ومن أمثلة الأول: الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس:
أتى النّبي صلّى الله عليه وسلّم ملك وقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة.
وأما الثاني: فأمثلته كثيرة، فروى الحاكم وصححه من طريق عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال صلّى الله عليه وسلّم: «كلّها في صحف إبراهيم وموسى»، فلما نزلت {وَالنَّجْمِ إِذََا هَوى ََ} فبلغ: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى} قال: {وَفََّى أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} إلى قوله: {هََذََا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ََ}، وروي أيضا من طريق القاسم عن أبي أمامة قال: أنزل الله على إبراهيم مما أنزل على محمد {التََّائِبُونَ الْعََابِدُونَ}
إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [(9) التوبة: 112] {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {فِيهََا خََالِدُونَ} [(23) المؤمنون: 1، 11]، {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمََاتِ} [(33) الأحزاب: 35]، والتي في سأل {الَّذِينَ هُمْ عَلى ََ صَلََاتِهِمْ دََائِمُونَ} إلى قوله: {قََائِمُونَ} [(70) المعارج: 23، 33]، فلم يف بهذه السّهام إلّا إبراهيم ومحمد صلّى الله عليه وسلّم.
وروى أيضا من طريق عطاء عن ميسرة أن هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية {يُسَبِّحُ لِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أول سورة الجمعة.
وروى البخاريّ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم الموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ شََاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} وحرزا للأميين الحديث.
وروى البيهقي في الشعب من طريق الوليد بن العيزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: السّبع الطوال لم يعطهنّ أحد إلّا النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأعطي موسى منها اثنتين. وروى
أيضا من طريق أبي المليح عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول وأعطيت طه والطواسين والحواميم من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، والمفصّل نافلة»، فالظاهر أن (من) في قوله: «من ألواح موسى» للتبعيض كهي فيما بعده، ويحتمل أن تكون للبدل فلا يكون مما أعطي موسى.(1/57)
وروى البيهقي في الشعب من طريق الوليد بن العيزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: السّبع الطوال لم يعطهنّ أحد إلّا النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأعطي موسى منها اثنتين. وروى
أيضا من طريق أبي المليح عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول وأعطيت طه والطواسين والحواميم من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، والمفصّل نافلة»، فالظاهر أن (من) في قوله: «من ألواح موسى» للتبعيض كهي فيما بعده، ويحتمل أن تكون للبدل فلا يكون مما أعطي موسى.
وروى أبو عبيد بن كعب قال: أول ما أنزل الله في التوراة: بسم الله الرّحمن الرّحيم: {قُلْ تَعََالَوْا أَتْلُ مََا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} الآيات وبقي أمثلة أخرى.
وقد يدخل في هذا النوع البسملة لأنها نزلت على سليمان. وقد روى الدارقطني وغيره من حديث بريدة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لأعلّمنك آية لم تنزل على نبيّ بعد سليمان غيري فذكرها».
وروى البيهقي عن ابن عباس: أغفل النّاس آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النبي صلّى الله عليه وسلّم إلّا أن يكون سليمان بن داود فذكرها.
النوع السّابع عشر ما تكرّر نزوله
هذا النوع من زيادتي، وقد صرح جماعة من المتقدمين والمتأخرين بأن من القرآن ما تكرّر نزوله، وذكر منه ابن الحصار: خواتيم سورة النّحل وأول سورة الروم كما سبق.
وقال: قد يتكرر نزول الآية تذكيرا وموعظة، وذكر منه ابن كثير: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}
[(17) الإسراء: 85]، وذكر منه جماعة الفاتحة، ومنه كل ما اختلف في سبب نزوله أو تأخر وقته وسند كل من الروايتين صحيح ولم يمكن الجمع وهو أشياء كثيرة، ومن راجع أسباب النزول وجد من ذلك كثيرا، ومنه البسملة فقد نزلت في أول كل سورة، وفي النّمل، وروى أبو داود من حديث ابن عباس كان النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يعرف فصل السّورة حتى ينزل عليه: بسم الله الرّحمن الرّحيم [زاد البزار (1)] فإذا نزلت عرف أن السّورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى، والأحاديث الدالة على نزول البسملة أول كل سورة إلّا «براءة» لا تحصى كثرة، وعندي أنها بلغت مبلغ القطع والتواتر، وإنما لم يكفر نافيها لشبهة الخلاف وكما لا يكفر منكر المتواتر من الحديث، ويلحق بهذا النوع الآيات التي كرّرت في معنى واحد كالقصص والأوامر والنواهي، وفائدتها: التأكيد، ولتجديد الأمر في القلوب وقع.
__________
(1) ما بين حاصرتين زيادة من التركية.(1/58)
النوع الثامن عشر والتاسع عشر: ما نزل مفرّقا وما نزل جمعا
هذان النوعان من زيادتي، والأول كثير لأنه غالب القرآن ومن أمثلته في السور القصار: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} أول ما نزل منها إلى قوله: {مََا لَمْ يَعْلَمْ}، والضّحى، ففي الصحيحين أول ما نزل منها إلى قوله {وَمََا قَلى ََ} وفي الحديث أن:
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ََ} نزلت وحدها وروى ابن جرير أنّ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ََ} نزلت وحدها، وكذلك سورة الليل غالب آياتها نزلت مفرقة.
وأما النوع الثاني فمنه الأنعام إن صح الحديث السابق فيها ومنه سورة الصّفّ ففي المستدرك وغيره من حديث عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقلنا:
لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله عملناه فأنزل الله {سَبَّحَ لِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إلى آخر السورة، فقرأها علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ومنه «المرسلات» ففي المستدرك عن ابن مسعود قال: كنّا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في غار فنزلت عليه: {وَالْمُرْسَلََاتِ عُرْفاً} فأخذتها من فيه، وإن فاه رطب بها فلا أدري بأيها ختم: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [(77) المرسلات: 50] أو {وَإِذََا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لََا يَرْكَعُونَ} [(77) المرسلات: 48].
ومنه: سورة العصر والكوثر والنّصر وتبّت والإخلاص، ومنه: الفاتحة خلافا لما حكي عن أبي الليث أنها نزلت نصفين، ومن هذا النوع سورتان نزلتا معا وهما:
المعوّذتان.
النوع العشرون: كيفيّة النّزول
هذا النوع من زيادتي وفيه مسائل: الأولى في نزوله من اللّوح المحفوظ. وروى الحاكم في المستدرك والبيهقي من طريق منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النّجوم، وكان الله ينزله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم بعضه في إثر بعض.
وروى الحاكم أيضا من طريق يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن عكرمة من ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السّماء الدّنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة. وروى أيضا من طريق سفيان عن الأعمش عن حسان بن حريث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذّكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا.
وروى ابن مردويه من طريق السّدي عن محمد بن أبي المجالد عن معمر عن ابن عباس أنه سأله عطية بن الأسود فقال: أوقع في قلبي الشّكّ قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [(2) البقرة: 185].(1/59)
وروى الحاكم أيضا من طريق يزيد بن هارون عن داود بن أبي هند عن عكرمة من ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السّماء الدّنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة. وروى أيضا من طريق سفيان عن الأعمش عن حسان بن حريث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذّكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا.
وروى ابن مردويه من طريق السّدي عن محمد بن أبي المجالد عن معمر عن ابن عباس أنه سأله عطية بن الأسود فقال: أوقع في قلبي الشّكّ قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [(2) البقرة: 185].
وقوله: {إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وهذا نزل من شوال وذا في ذي القعدة إلى آخره (1)، فقال ابن عباس: إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر جملة واحدة، ثم أنزل على مواقع النجوم ترتيلا في الشهور والأيام.
وروى أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التّوراة لستّ مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان».
قال الفخر الرّازي: ويحتمل أنه كان ينزل في كل ليلة قدر ما يحتاج النّاس إلى إنزاله إلى مثلها من اللوح إلى سماء الدنيا وتوقف، وهل هذا أولى أو الأول؟ قال ابن كثير:
وهذا الذي جعله احتمالا نقله القرطبي عن مقاتل وابن حيّان، وحكى الإجماع على أن القرآن نزل جملة واحدة من اللّوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا.
قلت: ويوافق قول الرازي ومقاتل: وما تقدم عن ابن شهاب أنه قال: آخر القرآن عهدا بالعرش آية الرّبا وآية الدين.
الثانية: في قدر ما كان ينزل منه. روى البيهقي في شعب الإيمان من طريق وكيع عن خالد بن دينار قال: قال لنا أبو العالية: تعلّموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يأخذه من جبريل خمسا خمسا، ثم روى مثله من طريق أبي جلدة عن أبي العالية، عن عمر ولفظه: فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم خمسا خمسا، قال:
ورواية وكيع أصح.
قلت: وله شاهد عن علي سيأتي في المسلسل، وفي النفس من هذا كلّه شيء، والذي استقرئ من الأحاديث الصحيحة وغيرها أن القرآن كان ينزل على حسب الحاجة خمسا وعشرا وأكثر وأقلّ وآية وآيتين، وقد صح نزول قصة الإفك جملة وهي عشر آيات ونزول بعض آية وهي قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [(4) النساء: 95].
الثالثة: كيفية الإنزال والوحي: قال شيخنا العلّامة الكافيجي وقبله الطيبي: لعلّ نزول القرآن على الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يتلقّفه الملك من الله تلقّفا روحانيا أو يحفظه من اللّوح
__________
(1) في التركية وهذا نزل في شوال وفي ذي القعدة، وفي ذي الحجة وفي المحرم وصفر وشهر ربيع.(1/60)
المحفوظ فينزل به إلى الرسول ويلقيه عليه، وقد ذكر العلماء للوحي كيفيات: إحداها: أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس وهو أشدّه عليه كما في الصحيح، الثانية: أن ينفث في روعه الكلام نفثا كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتّى تستكمل رزقها».
الرابعة: أن يأتيه فيكلّمه كما في حديث ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا وإن جبريل يأتيني فيكلّمني كما يأتي أحدكم صاحبه فيكلّمه».
الخامسة: أن يكلّمه الله إما في اليقظة كما في ليلة الإسراء أو في النوم كما في حديث معاذ: «أتاني ربّي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى». الحديث.
السادسة: أن يأتيه الملك في النّوم، وفي الصّحيح: أوّل ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصادقة، قال ابن سيّد النّاس: وعن الشّعبي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكّل به إسرافيل فكان يتراءى له ثلاث سنين ويأتيه بالكلمة من الوحي ثم وكّل به جبريل فجاءه بالقرآن والوحي، قال: فهذه حالة سادسة. وأما إتيان الملك فتارة كان يأتيه في صورته له ستمائة جناح وتارة في صورة دحية الكلبي.
السابعة: في الأحرف التي ورد الحديث بنزول القرآن بها، والكلام في ذلك في مسائل: الأولى: في بيان الحديث فروى الشّيخان من حديث عمر قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكدت أساوره في الصّلاة فصبرت حتى سلّم فلبّبته بردائه فقلت:
من أقرأك هذه السورة؟ فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: كذبت! فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال: «أرسله اقرأ يا هشام» فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأها فقال: «كذلك أنزلت» ثم قال: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني فقال: «كذلك أنزلت إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه».
وروينا عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف».
وعند مسلم من حديث أبيّ: «إنّ ربي أرسل إليّ أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هوّن على أمّتي، فأرسل إليّ أن اقرأ على حرفين فرددت إليه أن هوّن على أمّتي فأرسل إليّ أن اقرأه على سبعة أحرف»، وفي لفظ عنه عند النّسائي: «إن جبريل وميكائيل
أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده حتّى بلغ سبعة أحرف، وكلّ حرف كاف شاف» وفي لفظ عنه عن ابن جرير: «إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد فقلت: خفّف عن أمّتي، فقال:(1/61)
وعند مسلم من حديث أبيّ: «إنّ ربي أرسل إليّ أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هوّن على أمّتي، فأرسل إليّ أن اقرأ على حرفين فرددت إليه أن هوّن على أمّتي فأرسل إليّ أن اقرأه على سبعة أحرف»، وفي لفظ عنه عند النّسائي: «إن جبريل وميكائيل
أتياني فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده حتّى بلغ سبعة أحرف، وكلّ حرف كاف شاف» وفي لفظ عنه عن ابن جرير: «إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد فقلت: خفّف عن أمّتي، فقال:
اقرأه على حرفين فقلت: خفّف عن أمتي، فأمرني أن أقرأ على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلّها شاف كاف»، وفي لفظ عند مسلم: «فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا». وفي لفظ لأبي داود عنه: «ليس منها إلّا شاف كاف».
قلت: سميعا عليما عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب، وفي لفظ للترمذي عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لجبريل: «إني بعثت إلى أمّة أميين فيهم الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة والغلام» فقال: مرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف.
ورواه أحمد بهذا اللفظ من حديث حذيفة وزاد: «فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم ولا يرجع عنه»، وفي لفظ له. «فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه» وفي لفظ له عن أبي بكرة: «كلّها شاف كاف ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب برحمة»، وزاد ابن جرير عنه كقولك: هلمّ، وتعال وفي لفظ لأحمد عن أم أيوب أنها قرأت أجزأك.
وروى ابن جرير عن ابن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عمّا نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنّا به كلّ من عند ربّنا». ثم رواه عنه موقوفا. قال ابن كثير: وهو أشبه.
وروينا حديث السبعة الأحرف عن جماعة من الصحابة غير من تقدم وهم: عبد الرحمن بن عوف: ومعاذ، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري وعمرو بن العاص، وزيد بن أرقم، وسمرة، وأنس، وعمر بن أبي سلمة وأبو جهيم، وأبو طلحة الأنصاري، وسليمان ابن صرد، والخزاعي.
وفي مسند أبي يعلى أن عثمان قال على المنبر: اذكر الله رجلا سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلّها شاف كاف» لمّا قام فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا بذلك فقال: وأنا أشهد معهم.
وقد نص أبو عبيد على أن هذا الحديث تواتر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
الثانية: اختلف في المقصود بهذه السّبعة على نحو أربعين قولا، وأنا أذكر منها ما هو أوجه وأشبه فقال خلق منهم: سفيان بن عيينة وابن جرير ونسبه بعضهم لأكثر العلماء:
إن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل، وتعال، وهلمّ، كما تقدم لي بعض ألفاظ أبي بكرة وروي عن أبيّ أنّه كان يقرأ: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالْمُنََافِقََاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونََا} [(57) الحديد: 13] للّذين آمنوا أمهلونا للّذين آمنوا أخّرونا للّذين آمنوا ارقبونا وكان يقرأ {كُلَّمََا أَضََاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [(2) البقرة: 20] مرّوا فيه سعوا فيه.(1/62)
الثانية: اختلف في المقصود بهذه السّبعة على نحو أربعين قولا، وأنا أذكر منها ما هو أوجه وأشبه فقال خلق منهم: سفيان بن عيينة وابن جرير ونسبه بعضهم لأكثر العلماء:
إن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل، وتعال، وهلمّ، كما تقدم لي بعض ألفاظ أبي بكرة وروي عن أبيّ أنّه كان يقرأ: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالْمُنََافِقََاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونََا} [(57) الحديد: 13] للّذين آمنوا أمهلونا للّذين آمنوا أخّرونا للّذين آمنوا ارقبونا وكان يقرأ {كُلَّمََا أَضََاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [(2) البقرة: 20] مرّوا فيه سعوا فيه.
قال الطّحاوي: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ النّاس القرآن على سبع لغات لما كان يتعسّر على كثير منهم التلاوة على لغة قريش وقراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ ثم نسخ بزوال العذر وتيسّر الكتابة والحفظ، وكذا قال ابن عبد البر، والقاضي الباقلاني.
وقال آخرون وروي عن ابن عباس: نزل القرآن على سبع لغات منها خمس بلغة العجز من هوازن، قال أبو عبيد وهم: بنو سعد بن بكر، وجشم، ونصر بن معاوية، وثقيف، وهو أفصح العرب، والأخريان: قريش، وخزاعة. وقال الهروي: المراد على سبع لغات، أي أنها متفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل.
وقال بعضهم: المراد بها: معاني الأحكام كالحلال والحرام، والمحكم والمتشابه والوعد والوعيد ونحو ذلك، وكل ذلك ضعيف ما عدا الأول فإنه أقرب، والصواب أن المراد بها اختلاف القراءات.
ثم قال أبو عبيد: ليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف ولكن بعضه على حرف وبعضه على آخر، واختاره ابن عطيّة وكذا قال أبو عمرو الدّاني: المراد على سبعة أوجه وأنحاء من القراءات قال قوم: ليس المراد بالسّبعة الحصر فيها بحيث لا يزيد ولا ينقص بل السّعة والتيسير وأنه لا حرج عليهم في قراءته بما أذن لهم فيه والعرب يطلقون لفظ السّبعة والسّبعين والسّبعمائة ولا يريدون حقيقة العدد بل التكثير، وردّه ابن الجزري بأن في بعض ألفاظه: «فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهت العدة، فدل على أن حقيقة العدد وانحصاره مراد، قال: وقد تتبعت صحيح القراءات وشاذّها وضعيفها ومنكرها فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه لا يخرج عنها وذلك: إما في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصّورة نحو: {بِالْبُخْلِ} [(4) النساء: 37]، بأربعة ويحسب بوجهين، أو بتغيّر في المعنى فقط نحو: {فَتَلَقََّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمََاتٍ} [(2) البقرة: 37]، وإما في الحروف بتغيّر المعنى لا الصورة نحو: (نبلو) (تتلو) أو عكس ذلك نحو: الصّراط السّراط، أو بتغيّرهما نحو: وامضوا واسعوا.
وإمّا في التّقديم والتأخير نحو {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [(9) التوبة: 111]، أو في الزيادة والنقصان نحو: (أوصى ووصّى) [(2) البقرة: 132]، فهذه سبعة لا يخرج الاختلاف عنها.(1/63)
ثم قال أبو عبيد: ليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف ولكن بعضه على حرف وبعضه على آخر، واختاره ابن عطيّة وكذا قال أبو عمرو الدّاني: المراد على سبعة أوجه وأنحاء من القراءات قال قوم: ليس المراد بالسّبعة الحصر فيها بحيث لا يزيد ولا ينقص بل السّعة والتيسير وأنه لا حرج عليهم في قراءته بما أذن لهم فيه والعرب يطلقون لفظ السّبعة والسّبعين والسّبعمائة ولا يريدون حقيقة العدد بل التكثير، وردّه ابن الجزري بأن في بعض ألفاظه: «فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهت العدة، فدل على أن حقيقة العدد وانحصاره مراد، قال: وقد تتبعت صحيح القراءات وشاذّها وضعيفها ومنكرها فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه لا يخرج عنها وذلك: إما في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصّورة نحو: {بِالْبُخْلِ} [(4) النساء: 37]، بأربعة ويحسب بوجهين، أو بتغيّر في المعنى فقط نحو: {فَتَلَقََّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمََاتٍ} [(2) البقرة: 37]، وإما في الحروف بتغيّر المعنى لا الصورة نحو: (نبلو) (تتلو) أو عكس ذلك نحو: الصّراط السّراط، أو بتغيّرهما نحو: وامضوا واسعوا.
وإمّا في التّقديم والتأخير نحو {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [(9) التوبة: 111]، أو في الزيادة والنقصان نحو: (أوصى ووصّى) [(2) البقرة: 132]، فهذه سبعة لا يخرج الاختلاف عنها.
وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام والرّوم والإشمام والتحقيق والتسهيل والنّقل والإبدال فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللّفظ والمعنى، لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا.
وقد ظن كثير من العوام والجهلة أن السبعة الأحرف هي قراءات القراء السبعة وهو جهل قبيح.
الثالث: اختلف هل المصاحف العثمانيّة مشتملة على جميع الأحرف السبعة فذهب جماعات من الفقهاء والقرّاء والمتكلّمين إلى ذلك وبنوا عليه أنه لا يجوز على الأمّة أن تهمل نقل شيء منها.
وقد أجمع الصّحابة على نقل المصاحف العثمانيّة من الصحف التي كتبها أبو بكر وعمر، وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك.
قال ابن الجزري: وذهب جماهير العلماء من السّلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على جبريل متضمّنة لها لم تترك حرفا منها، وهذا الذي يظهر صوابه، ويجاب عن الأوّل بما قال ابن جرير: إن القراءة على الأحرف السّبعة لم تكون واجبة على الأمة وإنما كان جائزا لهم ومرخّصا لهم فيها فلما رأى الصّحابة أن الأمة تفترق وتختلف إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا شائعا وهم معصومون من الضّلالة ولم يكن في ذلك ترك وجب ولا فعل حرام ولا شك أن القرآن نسخ منه في العرضة الأخيرة وغيّر فاتفق الصحابة على أن يكتبوا ما تحقق أنه قرآن مستقر في العرضة الأخيرة وتركوا ما سوى ذلك.
الرابعة: السّبب في نزول القرآن على هذه الأحرف التّيسير والتّسهيل على هذه الأمة، والنهاية في إعجاز القرآن وإيجازه وبلاغة اختصاره إذ تنوّع اللّفظ بمنزلة آيات ولو جعل دلالة على كل آية لم يخف ما فيه من التطويل، وإظهار شرف القرآن بعد تطرّق التّضادّ والتناقض إليه مع كثرة هذه الاختلافات والتنوّعات، وإعظام أجور الأمة في إفراغهم الجهد في تتبّع معاني ذلك واستنباط الحكم والأحكام من كلّ لفظة، وإظهار فضلها إذ لم ينزل كتاب غيرهم إلّا على لفظ واحد تشريفا لنبيّنا عليه أفضل الصّلاة والسّلام.(1/64)
الرابعة: السّبب في نزول القرآن على هذه الأحرف التّيسير والتّسهيل على هذه الأمة، والنهاية في إعجاز القرآن وإيجازه وبلاغة اختصاره إذ تنوّع اللّفظ بمنزلة آيات ولو جعل دلالة على كل آية لم يخف ما فيه من التطويل، وإظهار شرف القرآن بعد تطرّق التّضادّ والتناقض إليه مع كثرة هذه الاختلافات والتنوّعات، وإعظام أجور الأمة في إفراغهم الجهد في تتبّع معاني ذلك واستنباط الحكم والأحكام من كلّ لفظة، وإظهار فضلها إذ لم ينزل كتاب غيرهم إلّا على لفظ واحد تشريفا لنبيّنا عليه أفضل الصّلاة والسّلام.
النّوع الحادي والثّاني والثّالث والعشرون: المتواتر والآحاد والشّاذّ
قال البلقيني: اعلم أن القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ، فالمتواتر: القراءات السّبع المشهورة، والمراد بذلك: ما قرءوه من الحركات والحروف دون ما كان من قبيل تأدية اللفظ من أنواع الإمالة، والمد، والتخفيف فليس بمتواتر. نعم أصل المدّ والإمالة والتخفيف متواتر لاشتراك القرّاء فيه، وأما ما عدا السبعة من قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع ويعقوب واختيارات خلف التي هي تمام العشر، فإنها ليست من المتواتر على الأرجح، ومن جعلها منه من المتأخّرين ففي قوله نظر لأن المتواتر في السّبع إنما جاء من تلقّي أهل الأمصار لها من غير نكير، وقراءة المذكورين لم يتلقّها أهل الأمصار كتلقّي تلك القراءات والّذي يظهر أنّ هذه القراءات يطلق عليها آحاد وتلحق بالآحاد: قراءات الصحابة، أما قراءات التابعين كابن جبير ويحيى بن وثّاب والأعمش ونحوهم فمعدودة من الشّاذ إذ لم تشتهر كباقي العشرة ولو كان في الحديث لأطلق عليه مرسل.
ولا يقرأ في الصّلاة إلّا بالمتواتر دون الآحاد والشّاذ، ومما يدلّ على هذا التقسيم أن الأصحاب تكلّموا على القراءة الشّاذّة فقالوا: إن جرت مجرى التّفسير والبيان عمل بها، وإن لم يكن كذلك فإن عارضها خبر مرفوع قدم عليها أو قياس ففي العمل لها قولان فأنزلوا قراءة الصّحابة منزلة خبر الواحد، والقراءات الثّلاث متصلة بالصّحابة. انتهى كلامه.
وفيه أنظار في مواضع منه تعرف مما سنذكره، فقال السّبكيّ في شرح المنهاج: قالوا تجوز القراءة في الصّلاة وغيرها بالسّبع ولا تجوز بالشّاذّ وظاهر هذا يوهم أن غير السّبع شاذّ، وقد نقل البغويّ في تفسير الاتّفاق على القراءة بالثّلاث أيضا. قال: وهذا هو الصّواب، قال: الخارج عن السّبع منه ما يخالف رسم المصحف فلا شكّ في تحريم القراءة به، ومنه ما لا يخالفه ولم تشتهر القراءة به بل ورد من طريق غريبة لا يعوّل عليها، وهذا يظهر المنع من القراءة به أيضا.
ومنه ما اشتهر عند أئمّة هذا الشأن القراءة به قديما وحديثا، فهذا لا وجه للمنع منه، ومن ذلك قراءة يعقوب وغيره، قال: والبغويّ أولى من يعتمد عليه في ذلك فإنه مقرئ فقيه جامع للعلوم. قال: وهكذا التّفصيل في شواذّ السّبعة فإن عنهم شيئا كثيرا شاذّا، انتهى.
وقال ولده في منع الموانع: القول بأنّ الثّلاث غير متواترة في غاية السّقوط ولا يصحّ القول به عمّن يعتبر قوله في الدّين وهي لا تخالف رسم المصحف. قال: وقد سمعت
الشّيخ الإمام يعني والده يشدّد النكير على بعض القضاة وقد بلغه أنّه منع القراءة بها وكذا قال ابن الصّلاح في فتاويه: يشترط أن يكون المقروء به قد تواتر نقله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرآنا واستفاض وتلقّته الأمّة بالقبول: فما لم يوجد فيه ذلك ممّا عدا السّبع أو العشر فممنوع من القراءة به منع تحريم لا منع كراهة، لأن المعتبر في ذلك اليقين والقطع على ما تقرّر في الأصول.(1/65)
وقال ولده في منع الموانع: القول بأنّ الثّلاث غير متواترة في غاية السّقوط ولا يصحّ القول به عمّن يعتبر قوله في الدّين وهي لا تخالف رسم المصحف. قال: وقد سمعت
الشّيخ الإمام يعني والده يشدّد النكير على بعض القضاة وقد بلغه أنّه منع القراءة بها وكذا قال ابن الصّلاح في فتاويه: يشترط أن يكون المقروء به قد تواتر نقله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرآنا واستفاض وتلقّته الأمّة بالقبول: فما لم يوجد فيه ذلك ممّا عدا السّبع أو العشر فممنوع من القراءة به منع تحريم لا منع كراهة، لأن المعتبر في ذلك اليقين والقطع على ما تقرّر في الأصول.
وقال ابن الجزريّ في النّشر: كلّ قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصحّ سندها فهي القراءة الصّحيحة التي لا يجوز ردّها ولا يحلّ إنكارها سواء كانت عن السّبعة أو العشرة أو غيرهم من الأئمّة المقبولين، ومتى اختلّ ركن من الثّلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذّة باطلة سواء كانت عن السّبعة أو عمّن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السّلف والخلف صرّح بذلك أبو عمرو الدّاني ومكّي وأبو العبّاس والمهدوي وأبو شامة ونقل مثله عن الكواشي وأبي حيان، قال:
وهو مذهب السّلف الّذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه.
قال أبو شامة: فلا ينبغي أن نغترّ بكلّ قراءة تعزى إلى واحد من الأئمة السّبعة ويطلق عليها لفظ الصّحّة وأنّها هكذا أنزلت إلّا إذا دخلت في هذا الضّابط وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنّف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القرّاء لم تخرج عن الصّحّة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه فإن القراءة المنسوبة إلى كلّ قارئ من السّبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشّاذّ، غير أن هؤلاء السّبعة لشهرتهم وكثرة الصّحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النّفس إلى ما ينقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم.
ثم قال ابن الجزريّ: وقولنا في الضّابط (ولو بوجه) نريد به وجها من وجوه النّحو سواء كان أفصح أو فصيحا مجمعا عليه أو مختلفا فيه اختلافا لا يضرّ مثله إذا كانت القراءة ممّا شاع وذاع وتلقاه الأئمّة بالإسناد الصّحيح إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم، وكم من قراءة أنكرها بعض أهل النّحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم كإسكان: {بََارِئِكُمْ}
[(2) البقرة: 54] {وَيَأْمُرُكُمْ} [(2) البقرة: 67] وخفض: {وَالْأَرْحََامَ} [(4) النساء: 1] ونصب:
{لِيَجْزِيَ قَوْماً} [(45) الجاثية: 14] والفصل بين المضافين في الأنعام وغير ذلك.
قال الدّاني وأئمة القرّاء: لا يعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللّغة والأقيس في العربيّة بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النّقل، وإذا ثبتت الرّواية لم يردّها قياس عريبة ولا فشوّ لغة لأن القراءة سنّة متّبعة يلتزم قبولها والمصير إليها ثم قال:
ونعني بموافقة أحد المصاحف: ما كان ثابتا في بعضها دون بعض كقراءة بن عامر: {قََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً} [(2) البقرة: 116]، في البقرة بغير واو، {وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتََابِ الْمُنِيرِ} [(3) آل عمران: 184]، بالباء فيهما فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي، وكقراءة ابن كثير:(1/66)
قال الدّاني وأئمة القرّاء: لا يعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللّغة والأقيس في العربيّة بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النّقل، وإذا ثبتت الرّواية لم يردّها قياس عريبة ولا فشوّ لغة لأن القراءة سنّة متّبعة يلتزم قبولها والمصير إليها ثم قال:
ونعني بموافقة أحد المصاحف: ما كان ثابتا في بعضها دون بعض كقراءة بن عامر: {قََالُوا اتَّخَذَ اللََّهُ وَلَداً} [(2) البقرة: 116]، في البقرة بغير واو، {وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتََابِ الْمُنِيرِ} [(3) آل عمران: 184]، بالباء فيهما فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي، وكقراءة ابن كثير:
(تجري من تحتها الأنهار) [(9) التوبة: 100]، في آخر براءة بزيادة «من» فإنه ثابت في المصحف المكي ونحو ذلك، فإن لم تكن في شيء من المصاحف العثمانية فشاذة لمخالفتها الرّسم المجمع عليه.
وقولنا: ولو احتمالا، لا نعني به: ما وافقه ولو تقديرا كملك يوم الدّين فإنه كتب في الجميع بلا ألف، فقراءة الحذف توافقه تحقيقا، وقراءة الألف توافقه تقديرا لحذفها في الخطّ اختصارا، كما كتب (ملك الملك) [(3) آل عمران: 26]، وقد يوافق اختلاف القراءات الرّسم تحقيقا نحو: (تعملون) بالتاء والياء، و {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالياء والنون ونحو ذلك مما يدلّ تجرّده عن النّقط والشكل في حذفه وإثباته على فضل عظيم للصّحابة في علم الهجاء خاصة وفهم ثاقب في تحقيق كلّ علم.
وانظر كيف كتبوا: {الصِّرََاطَ} بالصّاد المبدلة من السّين، وعدلوا عن السّين التي هي الأصل ليكون قراءة السّين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة، ولو كتب ذلك بالسّين على الأصل لفات ذلك وعدّت قراءة غير السّين مخالفة للرّسم والأصل، ولذلك اختلف في رسم {بَصْطَةً} [(7) الأعراف: 69]، دون {بَسْطَةً} [(2) البقرة: 247]، لكون حرف البقرة كتب بالسّين والأعراف بالصّاد، على أن مخالف صريح الرّسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعدّ مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة، ولذا لم يعدّوا إثبات ياء الزّوائد، وحذف تاء {فَلََا تَسْئَلْنِي} [(13) الكهف: 70] وواو: {وَأَكُنْ مِنَ الصََّالِحِينَ} [(63) المنافقون:
10] والظّاء من: {بِضَنِينٍ} [(81) التكوير: 24] ونحوه من مخالفة الرّسم المردودة، فإن الخلاف في ذلك مغتفر إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد، وتمشّيه صحة القراءة وشهرتها وتلقّيها بالقبول زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتّى ولو كانت حرفا واحدا من حروف المعاني فإنّ حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرّسم فيه، وهذا هو الحدّ الفاصل في حقيقة اتّباع الرّسم ومخالفته.
قال: وقولنا: وصحّ سندها، يعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضّابط عن مثله كذا حتّى تنتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أو ممّا شذّ بها بعضهم قال: وقد شرط بعض المتأخّرين التّواتر في هذا الركن ولم يكتف
بصحّة السّند وزعم أن القرآن لا يثبت إلّا بالتّواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن قال: وهذا ممّا لا يخفى ما فيه فإن التّواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرّسم وغيره، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم وجب قبوله وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم لا وإذا شرطنا التّواتر في كلّ حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثّابت عن السّبعة.(1/67)
قال: وقولنا: وصحّ سندها، يعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضّابط عن مثله كذا حتّى تنتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أو ممّا شذّ بها بعضهم قال: وقد شرط بعض المتأخّرين التّواتر في هذا الركن ولم يكتف
بصحّة السّند وزعم أن القرآن لا يثبت إلّا بالتّواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن قال: وهذا ممّا لا يخفى ما فيه فإن التّواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرّسم وغيره، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم وجب قبوله وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم لا وإذا شرطنا التّواتر في كلّ حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثّابت عن السّبعة.
قال أبو شامة: شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلّدين أن السبع كلّها متواترة أي كلّ فرد فرد ممّا روي عنهم، قالوا: والقطع بأنّها منزّلة من عند الله واجب ونحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطّرق واتّفقت عليه الفرق من غير نكير له فلا أقلّ من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها.
وقال الجعبري: الشّرط واحد، وهو صحّة النقل ويلزم الآخران فمن أحكم معرفة حال النقلة وأمعن في العربيّة وأتقن الرّسم انجلت له هذه الشبهة.
وقال مكّي: ما روي في القرآن على ثلاثة أقسام: قسم يقرأ به ويكفر جاحده، وهو ما نقله الثّقات ووافق العربيّة وخطّ المصحف، وقسم صحّ نقله عن الآحاد وصح في العربية وخالف لفظه الخطّ فيقبل ولا يقرأ به لأمرين: مخالفته لما أجمع عليه وأنه لم يؤخذ بإجماع بل بخبر الآحاد ولا يثبت به قرآن ولا يكفر جاحده وبئس ما صنع إذا جحده، وقسم نقله ثقة ولا وجه له في العربية أو نقله غير ثقة فلا يقبل وإن وافق الخط.
قال ابن الجزريّ: مثال الأول كثير كقراءة: (مالك وملك)، و (يخدعون ويخادعون) ومثال الثاني: قراءة ابن مسعود وغيره: {الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ََ} [(92) الليل: 3]، وقراءة ابن عباس: (وكان أمامهم ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة) [(18) الكهف: 79] ونحو ذلك.
قال: واختلف العلماء في القراءة بذلك في الصّلاة، والأكثر على المنع لأنّها لم تتواتر ولم تثبت بالنقل فهي منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصّحابة على المصحف العثماني، ومثال ما نقله غير ثقة كثير مما في كتب الشواذّ مما غالب إسناده ضعيف، وكالقراءة المنسوبة إلى الإمام أبي حنيفة التي جمعها أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي ومنها: {إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ} [(35) فاطر: 28]، برفع الله ونصب العلماء، وقد كتب الدّارقطني وجماعة بأن هذا الكتاب موضوع لا أصل له، والدارقطني المذكور هو الحافظ أبو الحسن المشهور كان من أئمة المقرئين أيضا.
ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية قليل لا يكاد يوجد، وجعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع {مَعََايِشَ} [(7) الأعراف: 10] بالهمز.
قال: وبقي قسم رابع مردود أيضا، وهو ما وافق العربية والرّسم ولم ينقل البتة فهذا ردّه أحقّ ومنعه أشدّ ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر ابن مقسم وعقد له بسبب ذلك مجلس وأجمعوا على منعه ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق الذي لا أصل له يرجع إليه ولا ركن وثيق يعتمد في الأداء عليه، قال: أمّا ما له أصل كذلك فإنّه مما يصار إلى قبول القياس عليه كقياس: إدغام: {قََالَ رَجُلََانِ} [(5) المائدة: 23] على: {قََالَ رَبِّ} [(21) الأنبياء: 112] ونحوه مما لا يخالف نصّا ولا أصلا ولا يردّ إجماعا مع أنه قليل جدا.(1/68)
ومثال ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية قليل لا يكاد يوجد، وجعل بعضهم منه رواية خارجة عن نافع {مَعََايِشَ} [(7) الأعراف: 10] بالهمز.
قال: وبقي قسم رابع مردود أيضا، وهو ما وافق العربية والرّسم ولم ينقل البتة فهذا ردّه أحقّ ومنعه أشدّ ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر ابن مقسم وعقد له بسبب ذلك مجلس وأجمعوا على منعه ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق الذي لا أصل له يرجع إليه ولا ركن وثيق يعتمد في الأداء عليه، قال: أمّا ما له أصل كذلك فإنّه مما يصار إلى قبول القياس عليه كقياس: إدغام: {قََالَ رَجُلََانِ} [(5) المائدة: 23] على: {قََالَ رَبِّ} [(21) الأنبياء: 112] ونحوه مما لا يخالف نصّا ولا أصلا ولا يردّ إجماعا مع أنه قليل جدا.
قلت: قد أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جدا، وقد تحرر لي منه أن روايات القرآن على أنواع:
الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع يمتنع تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه.
الثّاني: الآحاد الذي فقد فيه التّواتر، وهو ما صحّ سنده ووافق العربيّة والرّسم واشتهر عند القرّاء فلم يعدّوه من الغلط ولا من الشّذوذ ويقرأ به على ما قال ابن الجزري والشّرط الأخير وإن لم يذكره في أول كلامه فقد ذكره في آخر الكلام على الضّابط ولا بد منه فيتفطّن له.
الثالث: الشّاذّ: وهو ما صحّ سنده وخالف الرّسم والعربية مخالفة تضرّ أو لم تشتهر عند القرّاء ولا يقرأ به.
الرابع: المنكر أو الغريب وهو ما لم يصحّ سنده.
الخامس: الموضوع وهو أحطّ من الذي قبله كالتي جمعها الخزاعي. وهذا تقسيم حسن يوافق مصطلح الحديث، ولم أسمّ القسمين الآخرين بالشاذّ تبعا للمحدّثين إذ الشّاذّ عندهم ما صحّ سنده وخولف فيه الملأ، فما لم يصحّ سنده لا يسمّى شاذّا بل ضعيفا أو منكرا على حسب حاله، والقرّاء لا يمتنعون من إطلاق الشّذوذ على ذلك وما صنعته أقرب.
وقد ظهر لي قسم آخر يشبهه من أنواع الحديث المدرج وهو: ما زيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة ابن مسعود: (وله أخ أو أخت من أمّ) [(4) النساء: 12].
قال ابن الجزريّ: وربّما كانوا يدخلون التّفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقّوه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرآنا فهم آمنون من الالتباس وربّما كان بعضهم يكتبه معه، وأما من يقول: إن بعض الصّحابة كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب انتهى، فهذه ستة أنواع. وإن كنا ترجمناها أول الباب ثلاثة حرّرتها بعد التعب الشديد وإن كان في ألفاظ القرّاء استعمال أسماء غير الأخير منها.(1/69)
وقد ظهر لي قسم آخر يشبهه من أنواع الحديث المدرج وهو: ما زيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة ابن مسعود: (وله أخ أو أخت من أمّ) [(4) النساء: 12].
قال ابن الجزريّ: وربّما كانوا يدخلون التّفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقّوه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرآنا فهم آمنون من الالتباس وربّما كان بعضهم يكتبه معه، وأما من يقول: إن بعض الصّحابة كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب انتهى، فهذه ستة أنواع. وإن كنا ترجمناها أول الباب ثلاثة حرّرتها بعد التعب الشديد وإن كان في ألفاظ القرّاء استعمال أسماء غير الأخير منها.
تنبيهات:
الأول: قال ابن الحاجب: السّبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمدّ والإمالة وتخفيف الهمزة، قال ابن الجزريّ: وقد وهم في ذلك، هل حال اللّفظ والأداء واحد، وإذا ثبت تواتر ذلك كان تواتر هذا من باب أولى إذ اللّفظ لا يقوم إلّا به ولا يصحّ إلّا بوجوده ونصّ على تواتر ذلك كلّه القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره، قال: ولا نعلم أحدا تقدّم ابن الحاجب إلى ذلك، وتقدّم في كلام البلقيني أن أصل الإمالة والمدّ ونحوهما متواتر لا كيفيته، فهو يصلح أن يكون موافقا لابن الحاجب وأن يكون متوسطا بينه وبين إطلاق الجمهور.
الثّاني: الذي نقطع به وتقوم عليه الحجج والدلائل والبراهين ولا ينبغي لآدمي أن يمتري فيه أن البسملة متواترة أول كلّ سورة نقلها الجمع البالغون حدّ التواتر عن مثلهم إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، بل الأحاديث الواردة بقراءتها أول الفاتحة وأوّل كلّ سورة في الصّلاة وخارجها بلغت عندي مبلغ التّواتر، فقد رواه عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنس في حديث نزول الكوثر وعمر، وعثمان، وعليّ، وأبو هريرة، وابن عباس وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله، والنعمان ابن بشير، والحكم بن عمير، وسمرة بن جندب وأبيّ بن كعب، وبريدة، ومجالد بن ثور، وبشر أو بسر بن معاوية وحسين بن عرفطة، وعائشة، وأمّ سلمة، وأمّ هانئ، وجماعة آخرون، وقد أفردت أحاديثهم في جزء.
الثالث: وقع لنا سورتان تردّدت في كونهما من الشاذّ أو المنسوخ، روى البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع وفيه فقال: بسم الله الرّحمن الرّحيم. اللهمّ إنّا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرّحمن الرّحيم، اللهمّ إيّاك نعبد، ولك نصلّي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق.
قال ابن جريج في حكمة البسملة: إنهما سورتان في مصحف بعض الصّحابة وروى محمد بن نصر عن أبيّ بن كعب أنه كان يقنت بالسّورتين فذكرهما. وروى الطّبراني في الدعاء من طريق عبّاد بن يعقوب الأسدي عن يحيي بن يعلى الأسلمي عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير الغافقي قال: قال لي عبد الملك بن مروان: لقد علمت ما حملك على حبّ أبي تراب إلّا أنك أعرابيّ جاف فقلت: والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك ولقد علّمني منه علي بن أبي طالب سورتين علّمهما إياه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما علمتهما أنت ولا أبوك فذكرهما.(1/70)
الثالث: وقع لنا سورتان تردّدت في كونهما من الشاذّ أو المنسوخ، روى البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع وفيه فقال: بسم الله الرّحمن الرّحيم. اللهمّ إنّا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرّحمن الرّحيم، اللهمّ إيّاك نعبد، ولك نصلّي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق.
قال ابن جريج في حكمة البسملة: إنهما سورتان في مصحف بعض الصّحابة وروى محمد بن نصر عن أبيّ بن كعب أنه كان يقنت بالسّورتين فذكرهما. وروى الطّبراني في الدعاء من طريق عبّاد بن يعقوب الأسدي عن يحيي بن يعلى الأسلمي عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير الغافقي قال: قال لي عبد الملك بن مروان: لقد علمت ما حملك على حبّ أبي تراب إلّا أنك أعرابيّ جاف فقلت: والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك ولقد علّمني منه علي بن أبي طالب سورتين علّمهما إياه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما علمتهما أنت ولا أبوك فذكرهما.
وروى أبو داود في المراسيل بسند رجاله موثقون لكنه مرسل أنه صلّى الله عليه وسلّم بينا هو يدعو على نفر في الصّلاة إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت ثم قال: يا محمّد إن الله لم يبعثك لعّانا ولا سبّابا ولم يبعثك عذابا وإنما بعثك رحمة {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظََالِمُونَ} [(3) آل عمران: 128] ثم علّمه القنوت فذكرهما.
وقال أبو عبيد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن سيرين قال: كتب أبيّ ابن كعب في مصحفه: فاتحة الكتاب والمعوذتين واللهمّ إنا نستعينك، واللهمّ إياك نعبد وتركهنّ ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: فاتحة الكتاب والمعوذتين. وهذا الذي نسبه إلى ابن مسعود قد روي عنه من طريق أخرى، فروى البزّار من طريق حسّان بن إبراهيم عن الصلت بن بهرام عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: إنما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يتعوذ بهما وكان عبد الله لا يقرأ بهما. ورواه أيضا ابن حبّان في صحيحه، وأجاب ابن قتيبة في مشكل القرآن عن هذا بأنه ظن أنهما ليستا من القرآن لأنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم يعوّذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه، ولا نقول إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار.
قال: وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشّكّ والنّسيان والزّيادة والنّقصان، ورأى أن ذلك مأمون في سورة الحمد لقصرها ووجوب تعلّمها على كلّ أحد.
وقال النّووي: لا يصح إسقاط المعوّذتين عن ابن مسعود لأن قراءة بعض السبعة من طريقه وفيها المعوّذتان.(1/71)
وقال النّووي: لا يصح إسقاط المعوّذتين عن ابن مسعود لأن قراءة بعض السبعة من طريقه وفيها المعوّذتان.
النّوع الرّابع والعشرون: قراءات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
عقد له الحاكم والترمذي بابا، وذكر البلقيني منه أشياء، وأخرج الحاكم من طريق عبد الله بن أبي مليكة عن أمّ سلمة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقطّع قراءته: {بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ. الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف وأخرج من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ: (ملك يوم الدّين).
وأخرج من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ: {اهْدِنَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} بالصاد.
وأخرج من طريق خارجة أيضا قال: أقرأني زيد قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (فرهن مقبوضة) [(2) البقرة: 283] بغير ألف.
وأخرج من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ:
{وَمََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [(3) آل عمران: 161] بفتح الياء.
وأخرج من طريق الزهري عن أنس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ: {وَكَتَبْنََا عَلَيْهِمْ فِيهََا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [(5) المائدة: 45] بالرفع.
وأخرج من طريق عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: سألت معاذ بن جبل عن قول الحواريّين: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} أو (هل تّستطيع ربك) [(5) المائدة: 112]. قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (هل تستطيع) بالتاء.
وأخرج من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأ: {لَقَدْ جََاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [(9) التوبة: 128] يعني من أعظمكم قدرا.
وأخرج من طريق أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ: (وكان أمامهم ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة غصبا) [(18) الكهف: 79].
وأخرج من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّي أنا الرّزّاق ذو القوة المتين.
وأخرج من طريق أبي الزّبير عن جابر قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [(88) الغاشية: 22] بالصاد.
وأخرج من طريق نافع عن ابن عمر قال: ما همز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أبو بكر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة ابتدعها من بعدهم يعني في النّبيّ ثم قال: حدّثني أحمد بن العبّاس المقرئ حدّثنا البغويّ حدّثنا خلف بن هشام قال: حدّثني الكسائي حدّثني حسين الجعفي عن حمران بن أعين عن أبي الأسود الدّؤلي عن أبي ذرّ قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكنّني نبيّ الله، وقال: صحيح على شرط الشّيخين، وشاهده ما تقدّم.(1/72)
وأخرج من طريق أبي الزّبير عن جابر قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [(88) الغاشية: 22] بالصاد.
وأخرج من طريق نافع عن ابن عمر قال: ما همز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أبو بكر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة ابتدعها من بعدهم يعني في النّبيّ ثم قال: حدّثني أحمد بن العبّاس المقرئ حدّثنا البغويّ حدّثنا خلف بن هشام قال: حدّثني الكسائي حدّثني حسين الجعفي عن حمران بن أعين عن أبي الأسود الدّؤلي عن أبي ذرّ قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا نبيء الله، فقال: لست بنبيء الله، ولكنّني نبيّ الله، وقال: صحيح على شرط الشّيخين، وشاهده ما تقدّم.
قلت: بل هو منكر لم يصح وحمران ليس بثقة، ولو صحّ لم نعارش ما ثبت بالتّواتر والنّقل المستفيض المشهور.
النوع الخامس والعشرون والسّادس والعشرون: الرّواة والحفّاظ
أشهر قرّاء القرآن من الصحابة: عثمان، وعلي، وأبيّ، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وفي الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ وأبيّ بن كعب».
وفيه عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟
فقال: أربعة كلهم من الأنصار: أبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.
وفيه عن أنس أيضا قال: مات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدّرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وأبو زيد.
قال البلقيني: فيكون الحفّاظ بمقتضى الروايتين خمسة، والمراد بذلك من الأنصار وإلّا فقد حفظه على عهده عليه الصّلاة والسّلام من غير الأنصار: عثمان وسالم وابن مسعود، فهؤلاء ثمانية.
قلت: بل جمعه في عهده عليه الصلاة والسلام غيرهم أيضا، فمنهم عبد الله بن عمرو بن العاص فقد قال: جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
الحديث، وأبو الدّرداء قال ابن كثير: وأبو بكر الصّديق فقد قدّمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إماما على المهاجرين والأنصار مع أنه قال: «يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله» فلولا أنه كان أقرأهم لكتاب الله لما قدّمه عليهم.
قلت: وأيضا فهو أوّل الناس إسلاما فكيف يجمعه من أسلم بعده بدهر ولا يجمعه
هو، وهو هو، وسالم، وهو مولى أبي حذيفة، وأبو زيد: أحد عمومة أنس، واختلف في اسمه فقيل: لا يعرف، وقيل: ثابت بن زيد، وقيل: معاذ، وقيل: أوس، وقيل: قيس ابن السّكن وهو المشهور وهو خزرجيّ وقيل: هو من الأوس واسمه: سعيد بن عبيد بن النعمان، وقيل: هما اثنان جمعا القرآن ثم أخذ عن هؤلاء الصّحابة: أبو هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن السّائب عن أبيّ، وأخذ ابن عباس عن زيد أيضا، وأخذ عنهم خلق من التّابعين فممّن كان بالمدينة: ابن المسيّب، وعروة، وسالم، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان وعطاء ابنا يسار، ومعاذ بن الحارث المشهور بمعاذ القارئ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعوج، وابن شهاب الزّهري، ومسلم بن جندب، وزيد بن أسلم.(1/73)
قلت: وأيضا فهو أوّل الناس إسلاما فكيف يجمعه من أسلم بعده بدهر ولا يجمعه
هو، وهو هو، وسالم، وهو مولى أبي حذيفة، وأبو زيد: أحد عمومة أنس، واختلف في اسمه فقيل: لا يعرف، وقيل: ثابت بن زيد، وقيل: معاذ، وقيل: أوس، وقيل: قيس ابن السّكن وهو المشهور وهو خزرجيّ وقيل: هو من الأوس واسمه: سعيد بن عبيد بن النعمان، وقيل: هما اثنان جمعا القرآن ثم أخذ عن هؤلاء الصّحابة: أبو هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن السّائب عن أبيّ، وأخذ ابن عباس عن زيد أيضا، وأخذ عنهم خلق من التّابعين فممّن كان بالمدينة: ابن المسيّب، وعروة، وسالم، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان وعطاء ابنا يسار، ومعاذ بن الحارث المشهور بمعاذ القارئ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعوج، وابن شهاب الزّهري، ومسلم بن جندب، وزيد بن أسلم.
وبمكة: عبيد بن عمير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وابن أبي مليكة.
وبالكوفة: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس، والرّبيع بن خيثم، وعمرو بن ميمون، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش، وعبيد بن فضيلة، وسعيد ابن جبير، والنّخعي، والشعبي.
وبالبصرة: أبو العالية، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، والحسن، وابن سيرين، وقتادة.
وبالشام: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان وخليد بن سعيد صاحب أبي الدّرداء.
ثم تجرّد قوم واعتنوا بضبط القرآن أتمّ عناية حتّى صاروا أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم. فكان بالمدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن أبي نعيم، وبمكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.
وبالكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أي النجود، وسليمان الأعمش، ثم حمزة، ثم الكسائي. وبالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، وقيس بن عاصم الجحدري، ثم يعقوب الحضرمي.
وبالشام: عبد الله بن عامر، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن يزيد الحضرمي.
واشتهر من هؤلاء في الآفاق الأئمة السبعة: نافع، وأخذ عن سبعين من التابعين منهم أبو جعفر، وابن كثير، وأخذ عن عبد الله بن السائب الصحابي أبو عمرو، وأخذ عن التابعين، وابن عامر وأخذ عن أبي الدّرداء، وأصحاب عثمان وعاصم، وأخذ عن التابعين، وحمزة، وأخذ عن عاصم، والأعمش، والسبيعي، ومنصور بن المعتمر وغيرهم والكسائي، وأخذ عن حمزة، وأبي بكر بن عيّاش.
ثم انتشر القرّاء في الأقطار وتفرّقوا أمما [بعد أمم] واشتهر من رواه كل طريق من السّبعة راويان، فعن نافع: قالون، وورش عنه وعن ابن كثير: قنبل، والبزّي عن أصحابهما عنه وعن أبي عمرو: الدّوري، والسوسي عن اليزيدي عنه وعن ابن عامر:(1/74)
واشتهر من هؤلاء في الآفاق الأئمة السبعة: نافع، وأخذ عن سبعين من التابعين منهم أبو جعفر، وابن كثير، وأخذ عن عبد الله بن السائب الصحابي أبو عمرو، وأخذ عن التابعين، وابن عامر وأخذ عن أبي الدّرداء، وأصحاب عثمان وعاصم، وأخذ عن التابعين، وحمزة، وأخذ عن عاصم، والأعمش، والسبيعي، ومنصور بن المعتمر وغيرهم والكسائي، وأخذ عن حمزة، وأبي بكر بن عيّاش.
ثم انتشر القرّاء في الأقطار وتفرّقوا أمما [بعد أمم] واشتهر من رواه كل طريق من السّبعة راويان، فعن نافع: قالون، وورش عنه وعن ابن كثير: قنبل، والبزّي عن أصحابهما عنه وعن أبي عمرو: الدّوري، والسوسي عن اليزيدي عنه وعن ابن عامر:
هشام، وابن ذكوان عن أصحابهما عنه وعن الكسائي: الدّوري، وأبو الحارث.
ثم لمّا اتّسع الخرق وكاد الباطل أن يلتبس بالحق قام جهابذة الأمة وبالغوا في الاجتهاد وجمعوا الحروف والقراءات وعزوا الوجوه والروايات، وميّزوا الصحيح والمشهور والشاذ بأصول أصّلوها، وأركان فصّلوها، وأوّل من صنّف في القراءات: أبو عبيد القاسم ابن سلّام، ثم أحمد بن جبير بن محمد الكوفي، ثم إسماعيل بن إسحاق المالكي صاحب قالون، ثم أبو جعفر بن جرير الطّبري، ثم أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر الداجوني، ثم أبو بكر بن مجاهد. ثم قام الناس في هذا العصر وبعده بالتأليف في أنواعها جامعا ومفردا وموجزا ومسهبا، وأئمة المقرئين لا تحصى، وقد صنّف طبقاتهم حافظ الإسلام أبو عبد الله الذّهبي، ثم حافظ القرّاء: أبو الخير بن الجزري ولا مزيد على كتابيهما.
النوع السّابع والعشرون: كيفيّة التحمّل
هذا النوع من زيادتي، وهو مهمّ وأوجه التّحمّل عند المحدّثين ثمانية: السّماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه والسّماع عليه بقراءة غيره، والمناولة، والإجازة والمكاتبة، والوصية، والإعلام.
فأما غير الأوّلين فلا يأتي هنا كما ستعلم مما نذكره، وأما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفا وخلفا، وأما السّماع من لفظ الشّيخ فقد كنت أقول به هنا لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لكن لم يأخذ به أحد من القرّاء وهو ظاهر من جهة أن المقصود هنا كيفيّة الأداء، وليس كلّ من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته بخلاف الحديث، فإن المقصود المعنى أو اللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن، وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السّليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ويحكى أن الشيخ شمس الدين بن الجزري لمّا قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة، فلم يكتف بقراءته.
وتجوز القراءة على الشيخ ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة إذا كان بحيث لا يخفى عليه حالهم، وقد كان الشيخ علم الدين السّخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويردّ على كلّ منهم، وكذا لو كان الشّيخ مشتغلا بشغل آخر كنسخ ومطالعة وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل تكفي ولو من المصحف.(1/75)
ويحكى أن الشيخ شمس الدين بن الجزري لمّا قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة، فلم يكتف بقراءته.
وتجوز القراءة على الشيخ ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة إذا كان بحيث لا يخفى عليه حالهم، وقد كان الشيخ علم الدين السّخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويردّ على كلّ منهم، وكذا لو كان الشّيخ مشتغلا بشغل آخر كنسخ ومطالعة وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل تكفي ولو من المصحف.
وأما كيفيّات القراءة فثلاث:
أحدها: التّحقيق وهو:
إعطاء كلّ حرف حقّه من إشباع المدّ وتحقيق الهمز وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وبيان الحروف وتفكيكها وإخراج بعضها من بعض مع التّرسّل والتّؤدة بلا قصر ولا اختلاس ولا إسكان متحرّك ولا إدغامه، ويستحبّ الأخذ به على المتعلّمين من غير مجاوزة إلى حدّ الإفراط بتوليد الحروف من الحركات وتكرير الرّاءات وتحريك السّواكن والفصل بين حروف الكلمة كما يقف كثير من الجهّال على التّاء من (نستعين) وقفة لطيفة مدّعيا أنه يرتّل.
الثّانية: الحدر بفتح الحاء وسكون الدّال وهو:
إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمزة بالقصر والتسكين ونحو ذلك مما صحت به الرواية بدون بتر حروف المدّ واختلاس أكثر الحركات والتفريط إلى غاية لا تصحّ بها القراءة ولا توصف بها التّلاوة، وهذا النّوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر، ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب.
الثّالثة: التّدوير
وهو التّوسط بين المقامين وهو المختار عند أكثر أهل الأداء واختلف في الأفضل هل الترتيل وقلّة القراءة أو السّرعة وكثرتها؟ ومعظم السّلف والخلف على الأوّل، وتوسّط بعضهم فقال: ثواب الكثيرة أكثر عددا، وثواب التّرتّل أقلّ قدرا.
وأما كيفيّة الأخذ بإفراد القراءات وجمعها فالّذي كان عليه السّلف أخذ كلّ ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى غيرها إلى أثناء المائة الخامسة فظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة واستقرّ عليه العمل ولم يكونوا يسمحون به إلّا لمن أفرد القراءات وأتقن طرقها وقرأ قارئ بختمة على حدة، بل إذا كان للشّيخ راويان قرءوا لكلّ راو بختمة، ثم يجمعون له وهكذا، وتساهل قوم فسمحوا أن يقرأ لكلّ قارئ من السبعة بختمة سوى نافع وحمزة، فإنهم كانوا يأخذون بختمة لقالون، ثم بختمة لورش، ثم بختمة لخلف، ثمّ بختمة لخلاد، ولا يسمح أحد بالجمع إلّا بعد ذلك، نعم إذا رأوا شخصا أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهّل وأراد أن يجمع القراءات في ختمة لا يكلّفونه الإفراد لعلمهم بوصوله إلى حدّ المعرفة والإتقان.
ثم لهم في الجمع مذهبان:(1/76)
وأما كيفيّة الأخذ بإفراد القراءات وجمعها فالّذي كان عليه السّلف أخذ كلّ ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى غيرها إلى أثناء المائة الخامسة فظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة واستقرّ عليه العمل ولم يكونوا يسمحون به إلّا لمن أفرد القراءات وأتقن طرقها وقرأ قارئ بختمة على حدة، بل إذا كان للشّيخ راويان قرءوا لكلّ راو بختمة، ثم يجمعون له وهكذا، وتساهل قوم فسمحوا أن يقرأ لكلّ قارئ من السبعة بختمة سوى نافع وحمزة، فإنهم كانوا يأخذون بختمة لقالون، ثم بختمة لورش، ثم بختمة لخلف، ثمّ بختمة لخلاد، ولا يسمح أحد بالجمع إلّا بعد ذلك، نعم إذا رأوا شخصا أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهّل وأراد أن يجمع القراءات في ختمة لا يكلّفونه الإفراد لعلمهم بوصوله إلى حدّ المعرفة والإتقان.
ثم لهم في الجمع مذهبان:
أحدهما الجمع بالحرف بأن يشرع في القراءة، فإذا مرّ بكلمة فيها خلف أعادها بمفردها حتى يستوفي ما فيها، ثم يقف عليها إن صلحت للوقف، وإلّا وصلها بآخر وجه حتى ينتهي إلى الوقف، وإن كان الخلف يتعلّق بكلمتين كالمدّ المنفصل، وقف على الثّانية واستوعب الخلاف وانتقل إلى ما بعدها وهذا مذهب المصريّين وهو أوثق في الاستيفاء وأخفّ على الأخذ لكنّه يخرج عن رونق القراءة وحسن التلاوة.
الثّاني: الجمع بالوقف بأن يشرع بقراءة من قدّمه حتّى ينتهي إلى وقف، ثم يعود إلى القارئ الذي بعده إلى ذلك الوقف ثمّ يعود وهكذا حتى يفرغ. وهذا مذهب الشاميين وهو أشدّ استحضارا وأشدّ استظهارا وأطول زمانا وأجود مكانا، وكان بعضهم يجمع بالآية على هذا الرّسم وأما ترتيب القراءات فليس بشرط ولكن يستحبّ أن يبدأ بما بدأ به المؤلّفون في كتبهم فيبدأ بالقصر، ثم بالمرتبة التي فوقه وهكذا إلى آخر مراتب المدّ.
ويبدأ بالمشبع ثم بما دونه إلى القصر، وإنما يسلك ذلك مع شيخ بارع عظيم الاستحضار، أما غيره فيسلك معه ترتيب واحد، وإذا انتقل القارئ إلى قراءة قبل إتمام ما قبلها لم يدعه الشّيخ بل يشير إليه بيده، فإن لم يتفطّن قال له: لم تصل فإن لم يتفطّن سكت حتّى يتذكره، فإن عجز قاله له.
وأما القراءة بالتّلفيق وخلط قراءة بأخرى فأجازها أكثر القرّاء ومنعها قوم، وقال ابن الصّلاح والنّووي: ينبغي أن يداوم على قراءة واحدة حتّى ينقضي ارتباط الكلام فإذا انقضى فله الانتقال إلى قراءة أخرى، والأولى المداومة على تلك القراءة في ذلك المجلس قال ابن الجزريّ: والصّواب التّفصيل، فإن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى منع ذلك منع تحريم كمن يقرأ {فَتَلَقََّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمََاتٍ} [(2) البقرة: 37] برفعهما أو نصبهما، آخذا رفع «آدم» من قراءة غير ابن كثير، ورفع «كلمات» من قراءته ونحو ذلك مما لا يجوز في العربية واللّغة، وما لم يكن كذلك فرّق فيه بين مقامن الرّواية وغيرها، فإن كان على سبيل الرّواية حرم أيضا لأنه كذب في الرّواية وتخليط، وإن كان على سبيل القراءة والتّلاوة جاز.
وأما القراءات والرّوايات والطّرق والأوجه وسيأتي في النوع الآتي بيانها فليس للقارئ أن يدع منها شيئا أو يخلّ به، فإنه خلل في إكمال الرّواية إلّا الأوجه فإنها على سبيل التخيير، فأيّ وجه أتى به أجزأه في تلك الرواية.
وأما قدر ما يقرأ حال الأخذ فقد كان الصّدر الأوّل لا يزيدون على عشر آيات لكائن من كان، وأما من بعدهم فرأوه بحسب قوّة الأخذ. قال ابن الجزري: والّذي استقرّ عليه العمل: الأخذ في الإفراد بجزء من أجزاء مائة وعشرين، وفي الجمع بجزء من أجزاء مائتين وأربعين. ولم يحدّ له آخرون حدّا، وهو اختيار السّخاوي، وقد لخصت هذا النوع ورتّبت فيه متفرّقات كلام أئمة القراءات وهو نوع مهمّ يحتاج إليه القارئ كاحتياج المحدّث إلى مثله من علم الحديث.(1/77)
وأما القراءات والرّوايات والطّرق والأوجه وسيأتي في النوع الآتي بيانها فليس للقارئ أن يدع منها شيئا أو يخلّ به، فإنه خلل في إكمال الرّواية إلّا الأوجه فإنها على سبيل التخيير، فأيّ وجه أتى به أجزأه في تلك الرواية.
وأما قدر ما يقرأ حال الأخذ فقد كان الصّدر الأوّل لا يزيدون على عشر آيات لكائن من كان، وأما من بعدهم فرأوه بحسب قوّة الأخذ. قال ابن الجزري: والّذي استقرّ عليه العمل: الأخذ في الإفراد بجزء من أجزاء مائة وعشرين، وفي الجمع بجزء من أجزاء مائتين وأربعين. ولم يحدّ له آخرون حدّا، وهو اختيار السّخاوي، وقد لخصت هذا النوع ورتّبت فيه متفرّقات كلام أئمة القراءات وهو نوع مهمّ يحتاج إليه القارئ كاحتياج المحدّث إلى مثله من علم الحديث.
مسألة:
ادّعى ابن خير الإجماع على أنه ليس لأحد أن ينقل حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما لم يكن له به رواية ولو بالإجازة فهل يكون حكم القرآن كذلك فليس لأحد أن ينقل آية أو يقرأ بها ما لم يقرأها على شيخ. لم أر في ذلك نقلا ولذلك وجه من حيث إن الاحتياط في أداء ألفاظ القرآن أشدّ منه في ألفاظ الحديث ولعدم اشتراطة أيضا وجه من حيث إن اشتراط ذلك في الحديث إنما هو لخوف أن يدخل في الحديث ما ليس منه أو يتقوّل على النّبي صلّى الله عليه وسلّم ما لم يقله، والقرآن محفوظ متلقّى متداول ميسّر ولا يخلو هذا المحلّ من نظر وتأمّل، ولا يشفي فيه إلّا نقل معتمد.
النّوع الثّامن والعشرون: العالي والنّازل
هذا النّوع من زيادتي وهو أيضا مهمّ فإن علوّ الإسناد سنّة وقربة إلى الله تعالى، وقد قسّمه أهل الحديث إلى خمسة أقسام تأتي هنا.
الأوّل: القرب من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حيث العدد بإسناد نظيف غير ضعيف وهو أفضل أنواع العلوّ وأجلّها، وأعلى ما يقع للشّيوخ في هذا الزمان إسناد رجاله أربعة عشر رجلا، وإنما يقع ذلك من قراءة ابن عامر من رواية ذكوان، ثم خمسة عشر، وإنما يقع ذلك من قراءة عاصم من رواية حفص وقراءة يعقوب من رواية رويس.
الثّاني: من أقسام العلوّ عند المحدّثين: القرب إلى إمام من أئمة الحديث كالأعمش، وهشيم، وابن جريج، والأوزاعي، ومالك، ونظيره هنا: القرب إلى إمام من الأئمة السّبعة، فأعلى ما يقع اليوم للشيوخ بالإسناد المتّصل بالتلاوة إلى نافع: اثنا عشر وإلى ابن عامر: اثنا عشر.
الثّالث: عند المحدّثين: العلوّ بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة بأن يروي حديثا لو رواه من طريق كتاب من السّتة وقع أنزل مما لو رواه من غير طريقها. ونظيرها هنا العلوّ بالنسبة إلى بعض الكتب المشهورة في القراءات كالتّيسير والشاطبية.
ويقع في هذا النّوع: الموافقات، والإبدال، والمساواة والمصافحات فالموافقة: أن يجتمع طريقه مع أحد أصحاب الكتب في شيخه، وقد يكون مع علوّ على ما لو رواه من طريقه أو لا يكون، مثله في هذا الفنّ قراءة ابن كثير رواية البزّي طريق ابن بنان عن أبي ربيعة عنه يرويها ابن الجزري من كتاب المفتاح لأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ومن كتاب المصباح لأبي الكرم الشّهرزوري، وقرأ به كلّ من المذكورين على عبد السيد بن عتاب فروايته لها من أحد الطريقين تسمى موافقة للآخر باصطلاح أهل الحديث.(1/78)
الثّالث: عند المحدّثين: العلوّ بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة بأن يروي حديثا لو رواه من طريق كتاب من السّتة وقع أنزل مما لو رواه من غير طريقها. ونظيرها هنا العلوّ بالنسبة إلى بعض الكتب المشهورة في القراءات كالتّيسير والشاطبية.
ويقع في هذا النّوع: الموافقات، والإبدال، والمساواة والمصافحات فالموافقة: أن يجتمع طريقه مع أحد أصحاب الكتب في شيخه، وقد يكون مع علوّ على ما لو رواه من طريقه أو لا يكون، مثله في هذا الفنّ قراءة ابن كثير رواية البزّي طريق ابن بنان عن أبي ربيعة عنه يرويها ابن الجزري من كتاب المفتاح لأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ومن كتاب المصباح لأبي الكرم الشّهرزوري، وقرأ به كلّ من المذكورين على عبد السيد بن عتاب فروايته لها من أحد الطريقين تسمى موافقة للآخر باصطلاح أهل الحديث.
والبدل: أن يجتمع معه في شيخ شيخه فصاعدا، وقد يكون أيضا بعلو وقد لا يكون، مثاله هنا قراءة أبي عمرو رواية الدّوريّ طريق ابن مجاهد عن أبي الزّعراء عنه رواها ابن الجزري من كتاب التّيسير، قرأ بها الدّاني على أبي القاسم عبد العزيز بن جعفر البغدادي وقرأ بها على أبي طاهر عن ابن مجاهد، ومن المصباح قرأ بها أبو الكرم على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن السّيبي وقرأ بها علي بن الحسن الحمّامي، وقرأ على أبي طاهر فروايته لها من طريق المصباح يسمّى بدلا للدّاني في شيخ شيخه.
والمساواة: أن يكون بين الرّاوي والنّبي صلّى الله عليه وسلّم أو الصّحابي أو من دونه إلى شيخ أحد أصحاب الكتب كما بين أحد أصحاب الكتب والنّبي صلّى الله عليه وسلّم أو الصّحابي أو من دونه على ما ذكر من العدد.
والمصافحة: أن يكون أكثر عددا منه بواحد فكأنه لقي صاحب ذلك الكتاب وصافحه وأخذ عنه، مثاله قراءة نافع رواها الشّاطبيّ عن أبي عبد الله محمد بن علي النفري عن أبي عبد الله بن غلام الفرس عن سليمان بن نجاح وغيره عن أبي عمرو الدّاني عن أبي الفتح فارس بن أحمد عن عبد الباقي بن الحسن عن إبراهيم بن عمر المقرئ عن أبي الحسين بن بويان عن أبي بكر بن الأشعث عن أبي جعفر الربعي المعروف بأبي نشيط عن قالون عن نافع ورواها ابن الجزري عن أبي محمد بن البغدادي وغيره عن الصائغ عن الكمال بن فارس عن أبي اليمن الكندي عن أبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري عن أبي بكر الخياط عن الفرضي عن ابن بويان، فهذه مساواة لابن الجزري لأن بينه وبين ابن بويان سبعة وهو العدد الذي بين الشاطبي وبينه، وهي لمن أخذ عن ابن الجزري مصافحة للشاطبي.
ومما يشبه هذا التّقسيم لأهل الحديث تقسيم القرّاء أحوال الإسناد إلى: قراءة، ورواية، وطريق، ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمّة السّبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الرّوايات والطّرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فرواية، أو لمن بعده فنازلا فطريق، أو لا على هذه الصّفة ممّا هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.
الرّابع: من أقسام العلوّ: تقدّم وفاة الشّيخ عن قرينه الّذي أخذ عن شيخه، فالأخذ مثلا عن التّاج بن مكتوم أعلى من الأخذ عن أبي المعالي بن اللّبان وعن ابن اللبان أعلى من البرهان الشّامي وإن اشتركوا في الأخذ عن أبي حيّان لتقدم وفاة الأوّل على الثّاني والثّاني على الثالث.(1/79)
ومما يشبه هذا التّقسيم لأهل الحديث تقسيم القرّاء أحوال الإسناد إلى: قراءة، ورواية، وطريق، ووجه. فالخلاف إن كان لأحد الأئمّة السّبعة أو العشرة أو نحوهم واتفقت عليه الرّوايات والطّرق عنه فهو قراءة، وإن كان للراوي عنه فرواية، أو لمن بعده فنازلا فطريق، أو لا على هذه الصّفة ممّا هو راجع إلى تخيير القارئ فوجه.
الرّابع: من أقسام العلوّ: تقدّم وفاة الشّيخ عن قرينه الّذي أخذ عن شيخه، فالأخذ مثلا عن التّاج بن مكتوم أعلى من الأخذ عن أبي المعالي بن اللّبان وعن ابن اللبان أعلى من البرهان الشّامي وإن اشتركوا في الأخذ عن أبي حيّان لتقدم وفاة الأوّل على الثّاني والثّاني على الثالث.
الخامس: العلوّ بموت الشّيخ مع التفات إلى أثر آخر، أو شيخ آخر متى يكون، قال بعض المحدّثين: يوصف الإسناد بالعلوّ إذا مضى عليه من موت الشّيخ خمسون سنة، وقال ابن منده: ثلاثون فعلى هذا الأخذ عن أصحاب ابن الجزري عال من سنة ثلاث وستين وثمانمائة، لأن ابن الجزري آخر من كان سنده عاليا، وقد مضى عليه حينئذ من موته ثلاثون سنة، فهذا ما حرّرته من قواعد الحديث وفرعت عليه فواعد القراءات ولله المنّة والحمد.
وإذا عرفت العلوّ بأقسامه عرفت النّزول فإنّه ضدّه، وحيث ذمّ النّزول فهو ما لم ينجبر لكون رجاله أعلم أو أتقن أو أجلّ أو أشهر أو أورع، أما إذا كان كذلك فليس بمذموم ولا مفضول، والعالي: ما صحّ إسناده ولو بلغت رواته مائة.
النّوع التّاسع والعشرون: المسلسل
هذا النوع من زيادتي. والمسلسل: ما تواردت رواته على صفة أو كيفيّة واحدة، وقسّمه أهل الحديث إلى أقسام لا يأتي غالبها هنا ومنه، ما تسلسل في أوّله وانقطع لو اعتنى القرّاء به كاعتناء المحدّثين لاتّصل لهم من ذلك شيء كثير. وأكثر ما يقع التّسلسل هنا بصفات الرّواة كالتّسلسل بالقرّاء الحفّاظ، والقرآن كلّه بهذه الصّفة، نقله قارئ عن قارئ إلى منتهاه، وكأن يكون رجال الإسناد كلّهم معمّرين أو شافعيّين أو أندلسيين أو دمشقيين أو مكيين أو نحو ذلك، وقد وقعت لنا سورة الصّفّ مسلسلة بقراءة كلّ شيخ على الرّاوي.
وأخبرني المسند المعمّر أبو عبيد الله محمد بن أحمد الحاكم رحمه الله بقراءتي عليه، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد المقرئ أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصّالحي أخبرنا أبو المنجا بن اللّتي أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرنا أبو الحسن الدّاودي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو عمران السّمرقندي أخبرنا أبو محمد الدّارمي أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول صلّى الله عليه وسلّم فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحبّ إلى الله عز وجل لعملناه فأنزل الله: {سَبَّحَ لِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ} [(61) الصف: 1، 3] حتى ختمها.
قال عبد الله فقرأها علينا ابن سلام قال يحيى فقرأها علينا أبو سلمة، قال الأوزاعي فقرأها علينا يحيى، قال ابن كثير: فقرأها علينا الأوزاعي، قال الدارمي: فقرأها علينا ابن كثير، قال السّمرقندي: فقرأها علينا الدّارمي، قال السّرخسي: فقرأها علينا السّمرقندي، قال الدّاودي: فقرأها علينا السّرخسي: قال أبو الوقت: فقرأها علينا الدّاودي، قال ابن اللّتي: فقرأها علينا أبو الوقت، قال أبو العباس فقرأها علينا ابن اللّتي، قال أبو إسحاق فقرأها علينا أبو العباس قال أبو عبد الله: فقرأها علينا أبو إسحاق، قلت: فقرأها علينا أبو عبد الله.(1/80)
وأخبرني المسند المعمّر أبو عبيد الله محمد بن أحمد الحاكم رحمه الله بقراءتي عليه، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد المقرئ أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصّالحي أخبرنا أبو المنجا بن اللّتي أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرنا أبو الحسن الدّاودي أخبرنا أبو محمد السرخسي أخبرنا أبو عمران السّمرقندي أخبرنا أبو محمد الدّارمي أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول صلّى الله عليه وسلّم فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحبّ إلى الله عز وجل لعملناه فأنزل الله: {سَبَّحَ لِلََّهِ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مََا لََا تَفْعَلُونَ} [(61) الصف: 1، 3] حتى ختمها.
قال عبد الله فقرأها علينا ابن سلام قال يحيى فقرأها علينا أبو سلمة، قال الأوزاعي فقرأها علينا يحيى، قال ابن كثير: فقرأها علينا الأوزاعي، قال الدارمي: فقرأها علينا ابن كثير، قال السّمرقندي: فقرأها علينا الدّارمي، قال السّرخسي: فقرأها علينا السّمرقندي، قال الدّاودي: فقرأها علينا السّرخسي: قال أبو الوقت: فقرأها علينا الدّاودي، قال ابن اللّتي: فقرأها علينا أبو الوقت، قال أبو العباس فقرأها علينا ابن اللّتي، قال أبو إسحاق فقرأها علينا أبو العباس قال أبو عبد الله: فقرأها علينا أبو إسحاق، قلت: فقرأها علينا أبو عبد الله.
ومن هذا النوع ما رواه البيهقي في الشعب من طريق عكرمة بن سليمان قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت: والضّحى قال لي: كبّر عند خاتمة كلّ سورة حتّى تختم (1)، وأخبره أنّه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عبّاس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبيّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبيّ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره بذلك، ورواه ابن الجزريّ متصل السلسلة إلى عكرمة.
النّوع الثّلاثون والحادي والثّلاثون: الابتداء والوقف
هذان نوعان مهمّان، ولأئمة القرّاء فيهما تصانيف، والكلام في ذلك في أمرين: ما يوقف عليه ويبتدأ به، وكيفيّة الوقف، والحاجة إلى الأمر الأوّل أهمّ من الثاني كما لا يخفى، وعجبت للبلقيني كيف تركه وتكلّم في الثاني.
الأوّل: الأفضل الوقف عند رأس كلّ آية للحديث السّابق في النّوع الرّابع والعشرين، وممّن اختاره: أبو عمرو بن العلاء والبيهقي في الشعب وخلائق. ثم الكلام إمّا أن يكون تاما بأن لا يكون له تعلّق بما بعده البتة لا معنى ولا لفظا فالوقف عليه يسمّى بالتّام، ويبتدأ بما بعده وأكثره في رءوس الآي وانقضاء القصص، وقد يكون قبل انقضاء الآية نحو {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً} [(27) النمل: 34] فيه انقضاء حكاية كلام بلقيس ثم قال تعالى:
{وَكَذََلِكَ يَفْعَلُونَ} كذا قال ابن الجزري وفيه بحث.
وقد يكون وسط الآية نحو: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جََاءَنِي} [(25) الفرقان: 29] وبعد الآية بكلمة نحو: {مِنْ دُونِهََا سِتْراً كَذََلِكَ} [(18) الكهف: 90، 91]، وقد يكون تاما
__________
(1) وفي النشر في القراءات العشر: فإني قرأت على عبد الله بن كثير، فلما بلغت: والضحى، قال لي: كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم.(1/81)
على تفسير وإعراب، غير تامّ على آخر كآية: {وَمََا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللََّهُ} [(3) آل عمران: 7] وإن كان له تعلّق به من جهة المعنى فقط فالوقف عليه يسمّى بالكافي ويبتدأ بما بعده أيضا أو من جهة اللّفظ فقط فهو الحسن يوقف عليه ولا يجوز الابتداء بما بعده إلّا أن يكون رأس آية، وقد يكون كافيا وحسنا على تأويل وغيرهما على آخر نحو: {يُعَلِّمُونَ النََّاسَ السِّحْرَ} [(2) البقرة: 102]، كاف إن جعلت «ما» بعده نافية، حسن إن جعلت موصولة وإن لم يتمّ الكلام فهو الوقف القبيح وإنما يجوز ضرورة بانقطاع النّفس، كالوقف على المضاف والمبتدأ والموصول والنعت دون متمّماتها وبعضه أقبح من بعض، والمراد بالقبح من جهة الأداء لا الشّرع فليس بحرام ولا مكروه إلّا إن قصد تحريف المعنى عن مواضعه وخلاف ما أراده الله تعالى فإنه يحرّم ومن الوقف ما يتأكّد استحبابه، وهو ما لو وصل طرفاه لأوهم غير المراد وبعضهم عبّر عنه بالواجب ومراده ما تقدم نحو: {وَلََا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} [(10) يونس: 65] ويبتدئ {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلََّهِ جَمِيعاً} لئلّا يوهم أنّ ذلك مقول القول، وقد يجيز قوم الوقف على حرف وآخرون على آخر، ويمتنع الجمع بينهما كالوقف على:
«لا ريب»، وعلى: «فيه» فإنه لا يجوز على أحدهما إلّا بشرط وصل الآخر، وتغتفر مخالفة ما تقدّم في طول الفواصل والقصص ونحوها وحالة جمع القراءات.
وأمّا الابتداء فلا يكون إلّا اختياريا فلا يجوز إلّا بمستقل، ويكون أيضا: تاما، وكافيا، وحسنا، وقبيحا، بحسب التّمام وعدمه وفساد المعنى وإحالته.
وقد يكون الوقف قبيحا والابتداء جيّدا نحو: {مَنْ بَعَثَنََا مِنْ مَرْقَدِنََا هََذََا} [(36) يس:
51] فالوقف على الإشارة قبيح لأنه مبتدأ ولإيهامه والإشارة إلى المرقد، والابتداء به مع ما بعده كاف أو تامّ، والقرّاء مختلفون في الوقف والابتداء فنافع كان يراعي محاسنهما بحسب المعنى، وابن كثير وحمزة: حيث ينقطع النّفس، واستثنى ابن كثير: {وَمََا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللََّهُ} [(3) آل عمران: 7]، {وَمََا يُشْعِرُكُمْ} [(6) الأنعام: 109]، {إِنَّمََا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}
[(16) النحل: 103] فتعمّد الوقف عندها، وأبو عمرو يتعمّد رءوس الآي، وعاصم والكسائيّ حيث تمّ الكلام والباقون راعوا أحسن الحالتين وقفا وابتداء.
الثّاني: قسمان: أحدهما: الوقف على أواخر الكلم، كالمتحرّك ويوقف عليه بالسّكون وهو الأصل، ووردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالإشارة إلى الحركة، ولم يأت عن الباقين شيء، واستحسنه أكثر أهل الأداء في قراءتهم أيضا. والإشارة إمّا روم وهي النّطق ببعض الحركة وقيل: تضعيف الصّوت بها حتّى يذهب معظمها، قال ابن
الجزريّ: والقولان بمعنى واحد، ويكون في الضّمّ والكسر وإمّا إشمام وهو الإشارة إليها بلا تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بها وإنما يكون في الضمّ سواء فيهما حركة البناء والإعراب إذا كانت لازمة أما العارضة وميم الجمع عند من ضمّ وهاء التأنيث فلا روم في ذلك ولا إشمام. وقيّد ابن الجزري هاء التأنيث بما وقف عليها بالهاء بخلاف ما يوقف عليها بالتّاء للرسم، ويوقف على: (إذن) والمنوّن المنصوب بالألف.(1/82)
الثّاني: قسمان: أحدهما: الوقف على أواخر الكلم، كالمتحرّك ويوقف عليه بالسّكون وهو الأصل، ووردت الرواية عن الكوفيين وأبي عمرو بالإشارة إلى الحركة، ولم يأت عن الباقين شيء، واستحسنه أكثر أهل الأداء في قراءتهم أيضا. والإشارة إمّا روم وهي النّطق ببعض الحركة وقيل: تضعيف الصّوت بها حتّى يذهب معظمها، قال ابن
الجزريّ: والقولان بمعنى واحد، ويكون في الضّمّ والكسر وإمّا إشمام وهو الإشارة إليها بلا تصويت بأن تجعل شفتيك على صورتها إذا لفظت بها وإنما يكون في الضمّ سواء فيهما حركة البناء والإعراب إذا كانت لازمة أما العارضة وميم الجمع عند من ضمّ وهاء التأنيث فلا روم في ذلك ولا إشمام. وقيّد ابن الجزري هاء التأنيث بما وقف عليها بالهاء بخلاف ما يوقف عليها بالتّاء للرسم، ويوقف على: (إذن) والمنوّن المنصوب بالألف.
ثانيهما: الوقف على الرّسم، قال الدّاني: وقف الجمهور عليه، ولم يرو عن ابن كثير وابن عامر فيه شيء، واختار الأئمة الوقوف عليه في مذهبيهما موافقة للجمهور، وقد اختلف عنهم في مواضع منها: الهاء المرسومة تاء فوقف عليها أبو عمرو والكسائي وابن كثير في رواية البزّي بالهاء وكذا الكسائي في: مرضات واللات وذات بهجة ولات حين وهيهات وتابعه البزّي على هيهات هيهات فقط، وكذا وقف ابن كثير وابن عامر على: (يا أبت) حيث وقع، ووقف الباقون على هذه المواضع بالتاء، ووقف الكسائيّ في رواية الدّوريّ على الياء من: (ويكأنّ الله) وروي عن أبي عمرو أنه وقف على الكاف والباقون على الكلمة بأسرها، ووقفوا على لام نحو: {مََا لِهََذَا الرَّسُولِ} [(25) الفرقان:
7] وعن الكسائي رواية على «ما» وعلى «اللام»، وعن أبي عمرو على «ما» فقط، ووقف حمزة والكسائي على: «أيّا» في: {أَيًّا مََا تَدْعُوا} [(17) الإسراء: 110] والباقون على «ما» ووقف أبو عمرو والكسائي بالألف في: (أيّه المؤمنون) [(24) النور: 31]، (يا أيّه السّاحر) [(43) الزخرف: 49]، {أَيُّهَ الثَّقَلََانِ} [(55) الرحمن: 31]، والباقون بلا ألف، والكسائي على: {وََادِ النَّمْلِ} [(27) النمل: 18] خاصة بالياء، والباقون بدونها، وتفرّد البزّي بزيادة هاء السكت في الوقف على (ما) الاستفهامية مجرورة بحرف، وسكنها غيره، وللباب تتمات تعرف من كتب القراءات.
النّوع الثّاني والثّلاثون: الإمالة
قال أبو عمرو الدّاني: أمال حمزة والكسائيّ كلّ اسم أو فعل ألفه منقلبة عن ياء كموسى، وسعى، ومثواكم، ومأواكم، وأنّى بمعنى كيف ومتى، وبلى، وعسى، وكذا كلّ مرسوم بالياء إلّا: حتّى، ولدى، وإلى، وعلى، وما زكى، ولم يميلا واويّا كالصّفا، وعصا، وشفا جرف، ودعا، وخلا.
وقرأ أبو عمرو ما كان فيه راء بعدها ياء بالإمالة أو رأس آية، آخر آيها على ياء أو هاء، أو كان على وزن فعلى بالفتح أو الكسر أو الضم ولم يكن فيه راءين اللفظين، وما
عدا ذلك بالفتح، وقرأ ورش جميع ذلك بين اللّفظين إلّا ما كان في سور أواخر آيها على هاء فأخلص الفتح فيه على خلف بين أهل الأداء في ذلك.(1/83)
وقرأ أبو عمرو ما كان فيه راء بعدها ياء بالإمالة أو رأس آية، آخر آيها على ياء أو هاء، أو كان على وزن فعلى بالفتح أو الكسر أو الضم ولم يكن فيه راءين اللفظين، وما
عدا ذلك بالفتح، وقرأ ورش جميع ذلك بين اللّفظين إلّا ما كان في سور أواخر آيها على هاء فأخلص الفتح فيه على خلف بين أهل الأداء في ذلك.
وأمال أبو بكر (رمى) في الأنفال، وأعمى في موضعي (سبحان). وأمال أبو عمرو «أعمى» الأوّل فقط، وأمال حفص عن عاصم: (مجرها) [(11) هود: 41] في هود فقط.
وتفرّد هشام بإمالة: {مَشََارِبُ} [(36) يس: 73] في يس، وفي {عَيْنٍ آنِيَةٍ} [(88) الغاشية: 5]، وفي «عابد» أي في قوله تعالى: {وَلََا أَنْتُمْ عََابِدُونَ مََا أَعْبُدُ} الثلاث في سورة الكافرون، وقرأ الباقون بإخلاص الفتح في كل ما ذكر، هذه أصول الإمالة ومواضع تفرّد حمزة والكسائيّ، ومشاركة أبي عمرو والكسائي، ومحلّ عدّها كتب القراءات.
النّوع الثّالث والثّلاثون: المدّ
تمدّ الهمزة إذا صحبت حرف لين في كل كلمة واحدة تطرّفت أو توسّطت فلا خلاف بينهم في تمكين حرف المد زيادة، فإن كانت الهمزة أوّل كلمة والمدّ آخر كلمة أخرى فاختلفوا في زيادة التمكين له نحو: {بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [(2) البقرة: 4] فابن كثير وقالون واليزيدي يقصرون حرف المدّ فلا يزيدونه على ما فيه من المدّ الذي لا يوصل إليه إلّا به، والباقون يطوّلونه وأطولهم مدّا في الضّربين ورش وحمزة ثم عاصم ثم ابن عامر والكسائي ثم أبو عمرو من طريق أهل العراق وقالون من طريق أبي نشيط، وهذا كلّه تقريب، وإنما هو على مقدار مذاهبهم في التّحقيق والحدر، ونقل بعضهم أن مدّ ورش وحمزة قدر ستّ ألفات، وقيل: بل خمس، وقيل: أربع، وعن عاصم: ثلاث، وعن الكسائي قدر ألفين ونصف، وعن قالون: قدر ألفين، وعن السّوسي، ألف ونصف.
النّوع الرّابع والثلاثون: تخفيف الهمز
هو أربعة أنواع:
أحدهما: النقل لحركتها إلى الساكن قبلها فتسقط نحو: {قَدْ أَفْلَحَ} [(23) المؤمنون:
1] بفتح الدال، وبه قرأ نافع من رواية ورش، وذلك حيث كان السّاكن صحيحا آخرا والهمزة أوّلا، واستثنى أصحاب يعقوب عن ورش: {كِتََابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ} [(69) الحاقة:
19، 20]، فسكّنوا الهاء وحققوا الهمزة، وأما الباقون فحققوا وسكنوا في جميع ذلك.
ثانيها: إبدالها حرف مد من جنس حركة ما قبلها، فتبدل ألفا بعد فتحة، وواوا بعد
ضمة، وياء بعد كسرة، وبه يقرأ أبو عمرو سواء كانت الهمزة فاء أو عينا أو لاما إلّا أن يكون سكونها جزما، أو بناء، أو يكون ترك الهمزة فيه أثقل أو يوقع في الالتباس، فإن تحركت فلا خلاف عنه في التحقيق.(1/84)
ثانيها: إبدالها حرف مد من جنس حركة ما قبلها، فتبدل ألفا بعد فتحة، وواوا بعد
ضمة، وياء بعد كسرة، وبه يقرأ أبو عمرو سواء كانت الهمزة فاء أو عينا أو لاما إلّا أن يكون سكونها جزما، أو بناء، أو يكون ترك الهمزة فيه أثقل أو يوقع في الالتباس، فإن تحركت فلا خلاف عنه في التحقيق.
ثالثها: تسهيلها بينها وبين حرف حركتها، فإن اتفقت الهمزتان في الفتح سهّل الثانية: الحرميّان وأبو عمرو وهشام، وأبدلها ورش ألفا وابن كثير لا يدخل قبلها ألفا، وقالون وهشام وأبو عمرو يدخلونها والباقون يحققون.
وإن اختلفا بالفتح والكسر سهّل الحرميّان وأبو عمرو الثانية، وأدخل قالون وأبو عمرو قبلها ألفا والباقون يحقّقون، أو بالفتح والضم وذلك في: {قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ} [(3) آل عمران: 15]، {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [(38) ص: 8]، {أَأُلْقِيَ} [(54) القمر: 25] فقط، فالثلاثة يسهّلون، وقالون يدخل ألفا، والباقون يحققون، لكن عن هشام خلاف، قال الدّاني:
وأشار الصحابة إلى التسهيل بكتابة الثانية واوا.
رابعها: إسقاطها بلا نقل وبه قرأ أبو عمرو إذا اتفقا في الحركة وكانا في كلمتين، فإن اتفقا كسرا نحو: (هؤلاء إن كنتم) جعل ورش وقنبل الثانية كياء ساكنة، وقالون والبزّي الأولى كياء مكسورة وأسقطها أبو عمرو والباقون يحقّقون، وإن اتفقا بالفتح نحو: (جاء أجلهم) جعل ورش وقنبل الثانية كمدّة، وأسقط الثلاثة الأولى، والباقون يحقّقون، أو بالضمّ وهو: (أولياء أولئك) فقد أسقطها أبو عمرو وجعلها قالون والبزّي كواو مضمومة، والآخران يجعلان الثانية كواو ساكنة والباقون يحققون، ثم اختلفوا في الساقط هل هو الأولى أو الثانية؟ الأولى عند أبي عمرو والثانية عند الخليل من النحاة وفائدة الخلاف حكم المدّ، فإن كان السّاقط الأولى فهو منفصل أو الثانية فهو متّصل.
النّوع الخامس والثلاثون: الإدغام
وهو قسمان: إدغام الحرف في مثله، وإدغامه في متقاربه، والأوّل إمّا في كلمة أو كلمتين، فلم يدغم أبو عمرو المثلين في كلمة إلّا في: {مَنََاسِكَكُمْ} [(2) البقرة: 200] و {مََا سَلَكَكُمْ} [(74) المدثر: 42] وأظهر ما عداهما نحو: {جِبََاهُهُمْ} و {وُجُوهُهُمْ} وأما في كلمتين فإنه يدغم الأول سواء سكن ما قبله أم تحرك في جميع القرآن إلّا في لقمان {فَلََا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، وإلّا إذا كان الأول من المثلين مشدّدا أو منونا أو تاء خطاب أو تكلّم، فإن كان معتلا نحو: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلََامِ} [(3) آل عمران: 85] ففيه خلاف، إلّا: {يََا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي} [(11) هود: 30]، {وَيََا قَوْمِ مََا لِي} [(40) غافر: 41] فلا خلاف فيه وإن كان
معتلا، وأمّا {آلَ لُوطٍ} حيث وقع فأظهره عامّة البغداديين، وعلّله مجاهد بقلة حروف الكلمة، قال الدّاني: وقد أجمعوا على إدغام (لك كيدا) وهو أقل حروفا منه فدلّ على صحة الإدغام فيه، قال: وإن صح الأوّل فذلك لاعتلال عينه إذ كانت هاء فقلبت همزة، وأما المتقاربان فقسمان أيضا، فلم يدغم أبو عمرو أيضا مما في كلمة إلّا القاف المتحرك ما قبلها في الكاف في ضمير جمع المذكر، وأظهر ما عداها وإلقاء الساكن ما قبلها أو التي في غير جمع، وأدغم ممّا في كلمتين: الحاء في العين في: {زُحْزِحَ عَنِ النََّارِ} [(3) آل عمران: 185] فقط، والقاف في الكاف وعكسه إذا تحرّك ما قبلها، والجيم في الشّين والتاء في: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [(48) الفتح: 29] و {ذِي الْمَعََارِجِ تَعْرُجُ} [(70) المعارج: 4] فقط، والشين في السّين في: {الْعَرْشِ سَبِيلًا} [(17) الإسراء: 42] فقط، والضاد في الشين في:(1/85)
وهو قسمان: إدغام الحرف في مثله، وإدغامه في متقاربه، والأوّل إمّا في كلمة أو كلمتين، فلم يدغم أبو عمرو المثلين في كلمة إلّا في: {مَنََاسِكَكُمْ} [(2) البقرة: 200] و {مََا سَلَكَكُمْ} [(74) المدثر: 42] وأظهر ما عداهما نحو: {جِبََاهُهُمْ} و {وُجُوهُهُمْ} وأما في كلمتين فإنه يدغم الأول سواء سكن ما قبله أم تحرك في جميع القرآن إلّا في لقمان {فَلََا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، وإلّا إذا كان الأول من المثلين مشدّدا أو منونا أو تاء خطاب أو تكلّم، فإن كان معتلا نحو: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلََامِ} [(3) آل عمران: 85] ففيه خلاف، إلّا: {يََا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي} [(11) هود: 30]، {وَيََا قَوْمِ مََا لِي} [(40) غافر: 41] فلا خلاف فيه وإن كان
معتلا، وأمّا {آلَ لُوطٍ} حيث وقع فأظهره عامّة البغداديين، وعلّله مجاهد بقلة حروف الكلمة، قال الدّاني: وقد أجمعوا على إدغام (لك كيدا) وهو أقل حروفا منه فدلّ على صحة الإدغام فيه، قال: وإن صح الأوّل فذلك لاعتلال عينه إذ كانت هاء فقلبت همزة، وأما المتقاربان فقسمان أيضا، فلم يدغم أبو عمرو أيضا مما في كلمة إلّا القاف المتحرك ما قبلها في الكاف في ضمير جمع المذكر، وأظهر ما عداها وإلقاء الساكن ما قبلها أو التي في غير جمع، وأدغم ممّا في كلمتين: الحاء في العين في: {زُحْزِحَ عَنِ النََّارِ} [(3) آل عمران: 185] فقط، والقاف في الكاف وعكسه إذا تحرّك ما قبلها، والجيم في الشّين والتاء في: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [(48) الفتح: 29] و {ذِي الْمَعََارِجِ تَعْرُجُ} [(70) المعارج: 4] فقط، والشين في السّين في: {الْعَرْشِ سَبِيلًا} [(17) الإسراء: 42] فقط، والضاد في الشين في:
{لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} [(24) النور: 62] فقط، والسّين: في الزّاي والشين في: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}
[(81) التكوير: 7] و {الرَّأْسُ شَيْباً} [(19) مريم: 4] فقط، والدّال: في حروف بمواضع مخصوصة وحيث كسرت أو ضمّت بعد ساكن في الطاء والذال والتاء والجيم والسين وفي الظاء والضاد والشين والصّاد والزاي بمواضع مخصوصة، والثاني: الذال، والثّاء والشين والضاد في مواضع مخصوصة، وفي السين مطلقا، والرّاء: في اللام وعكسه إذا تحرك ما قبلها أو سكن وضمت أو كسرت، واستثنى: {قََالَ رَبِّ}، {وَقََالَ رَبُّكُمُ}، و {قََالَ رَبُّنَا}
فأدغمه وإن فقد الشرط، والنّون في اللّام والرّاء إن لم يسكن ما قبلها مطلقا إلّا: {وَنَحْنُ لَهُ} و (فما نحن لكما) و {فَمََا نَحْنُ لَكَ}. والباء في الميم في: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشََاءُ}
[(2) البقرة: 284] حيث وقع لا غير، فهذه أصول الإدغام وتعداد صورها، ومحله كتب القراءات.
النّوع السّادس والثّلاثون والسّابع والثّلاثون: الإخفاء والإقلاب
هذان النّوعان من زيادتي وهما والإدغام إخوة عند القرّاء، ولم يذكر الإظهار وإن جرت عادتهم بذكره لأنه الأصل كما لم يذكر مع المفهوم المنطوق، ومع المؤوّل الظّاهر، فأما الإخفاء فيكون في الميم فتسكن عند الياء إذا تحرّك ما قبلها فتخفى حينئذ بغنّة نحو: {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}، {مَرْيَمَ بُهْتََاناً} [(4) النساء: 156]، {بِأَعْلَمَ بِالشََّاكِرِينَ} [(6) الأنعام: 53] قال الفرّاء وقد عبّر بعض المتقدمين عن هذا الإخفاء بالإدغام وليس بصواب، وأما الإقلاب: فالنون تقلب ميما قبل الباء إذا كانت ساكنة سواء كانا في كلمة أو كلمتين.(1/86)
هذان النّوعان من زيادتي وهما والإدغام إخوة عند القرّاء، ولم يذكر الإظهار وإن جرت عادتهم بذكره لأنه الأصل كما لم يذكر مع المفهوم المنطوق، ومع المؤوّل الظّاهر، فأما الإخفاء فيكون في الميم فتسكن عند الياء إذا تحرّك ما قبلها فتخفى حينئذ بغنّة نحو: {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ}، {مَرْيَمَ بُهْتََاناً} [(4) النساء: 156]، {بِأَعْلَمَ بِالشََّاكِرِينَ} [(6) الأنعام: 53] قال الفرّاء وقد عبّر بعض المتقدمين عن هذا الإخفاء بالإدغام وليس بصواب، وأما الإقلاب: فالنون تقلب ميما قبل الباء إذا كانت ساكنة سواء كانا في كلمة أو كلمتين.
النّوع الثّامن والثلاثون: مخارج الحروف
هذا النّوع من زيادتي، والحاجة إليه أهمّ وأشدّ مما قبله في كيفية النّطق بألفاظ القرآن الكريم، فالصّحيح عند القرّاء ومتقدّمي النّحاة كالخليل أنّ المخارج سبعة عشر، وقال كثير من الفريقين: ستّة عشر فأسقطوا مخرج الحروف الجوفية التي هي حروف المدّ واللّين وجعلوا مخرج الألف من أقصى الحلق والراء من مخرج المتحرّكة وكذا الياء، وقال قطرب والجرمي والفرّاء وابن دريد: أربعة عشر فأسقطوا مخرج النّون واللام والراء وجعلوهما من مخرج واحد.
قال ابن الحاجب: وكلّ ذلك تقريب وإلّا فلكلّ حرف مخرج على حدة.
قال الفرّاء: واختيار مخرج الحرف محقّقا أن يلفظ بهمزة الوصل وتأتي بالحرف بعدها ساكنا أو مشدّدا وهو أبين ملاحظا فيه صفات ذلك الحرف.
المخرج الأول: الجوف للألف والواو والياء السّاكنتين بعد حركة تجانسهما.
الثاني: أقصى الحلق للهمزة والهاء.
الثّالث: وسطه للعين والحاء المهملتين.
الرّابع: أدناه أي الفم للغين والخاء.
الخامس: أقصى اللّسان مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك للقاف.
السّادس: أقصاه من أسفل مخرج القاف قليلا وما يليه من الحنك للكاف.
السّابع: وسطه بينه وبين وسط الحنك للجيم والشّين والياء.
الثّامن: للضّاد المعجمة من أوّل حافّة اللّسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر وقيل: الأيمن.
التّاسع: للّام: من حافة اللّسان من أدناها إلى منتهى طرفه وما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى.
العاشر: للنّون من طرفه أسفل اللام قليلا.
الحادي عشر: للرّاء من مخرج النّون لكنها أدخل في ظهر اللّسان.
الثّاني عشر: للطّاء والدّال والتّاء من طرفه وأصول الثنايا العليا مصعدا إلى جهة الحنك.
الثالث عشر: لحروف الصّفير: الصّاد والسّين والزّاي من بين طرف اللسان وفويق الثّنايا السّفلى.
الرّابع عشر: للظّاء والذّال والثّاء من بين طرفه وأطراف الثنايا العليا.(1/87)
الثالث عشر: لحروف الصّفير: الصّاد والسّين والزّاي من بين طرف اللسان وفويق الثّنايا السّفلى.
الرّابع عشر: للظّاء والذّال والثّاء من بين طرفه وأطراف الثنايا العليا.
الخامس عشر: للفاء من باطن الشّفه السّفلى وأطراف الثّنايا العليا.
السّادس عشر: للباء والميم والواو غير المدّيّة بين الشفتين.
السّابع عشر: الخيشوم للغنّة في الإدغام والنّون أو الميم الساكنة، ولبعض هذه الحروف فروع صحت بها القراءة كالهمزة المسهّلة وألف الإمالة والتفخيم وصاد الإشمام ولام التفخيم، وصفات الحروف مبسوطة في كتب القراءات وكتب النحو.
النّوع التّاسع والثّلاثون: الغريب
هذا نوع مهمّ وللنّاس فيه تصانيف، وأشهرها للقدماء: غريب أبي عبيدة، معمر بن المثنّى وهو فيما أظنّ أوّل من صنّف فيه، وأشهرها الآن وأكثرها استعمالا وأحسنها تلخيصا ووجازة غريب «العزيزي» فقد أقام في جمعه خمس عشرة سنة يحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري، ولأبي حيّان في ذلك كتاب لطيف مختصر وينبغي الاعتناء به. فقد توقّف الصّحابة في ألفاظ منه حتى سألوا عنها ووقفوا عليها.
فمن ذلك ما رواه أبو عبيد في الفضائل: حدّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن إبراهيم ابن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس قال: كنت لا أدري ما فاطر السّماوات والأرض حتّى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها.
وقال أيضا: حدّثنا محمد بن يزيد عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر الصديق سئل عن قوله: {وَفََاكِهَةً وَأَبًّا} [(80) عبس: 31] فقال: أيّ سماء تظلّني، وأيّ أرض تقلّني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وقال: حدثنا يزيد عن حميد عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر: {وَفََاكِهَةً وَأَبًّا} فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه وقال: إن هذا لهو التكلّف يا عمر.
وقد عرفه ابن عباس كما رواه إسحاق بن راهويه فقال: حدثنا المغيرة ابن سلمة المخزومي حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب حدّثني أبيّ عن ابن عبّاس قال: قال لي عمر ما تقول في ليلة القدر؟ فقلت له: إني سمعت الله تعالى أكثر ذكر السّبع فذكر السّماوات سبعا والأرضين سبعا فقال: كل ما قد قلته عرفته غير هذا ما تعني بقولك: وما أنبتت الأرض سبعا فقال: إنّ الله يقول: {فَأَنْبَتْنََا فِيهََا حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً}.
{وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا. وَحَدََائِقَ غُلْباً. وَفََاكِهَةً وَأَبًّا} [(80) عبس: 27، 31] فالحدائق: كلّ ملتفّ حديقة، والأبّ: ما أنبتت الأرض مما لا يأكل الناس. الحديث.(1/88)
وقد عرفه ابن عباس كما رواه إسحاق بن راهويه فقال: حدثنا المغيرة ابن سلمة المخزومي حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب حدّثني أبيّ عن ابن عبّاس قال: قال لي عمر ما تقول في ليلة القدر؟ فقلت له: إني سمعت الله تعالى أكثر ذكر السّبع فذكر السّماوات سبعا والأرضين سبعا فقال: كل ما قد قلته عرفته غير هذا ما تعني بقولك: وما أنبتت الأرض سبعا فقال: إنّ الله يقول: {فَأَنْبَتْنََا فِيهََا حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً}.
{وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا. وَحَدََائِقَ غُلْباً. وَفََاكِهَةً وَأَبًّا} [(80) عبس: 27، 31] فالحدائق: كلّ ملتفّ حديقة، والأبّ: ما أنبتت الأرض مما لا يأكل الناس. الحديث.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن منصور سألت سعيد بن جبير عن قوله:
{وَحَنََاناً مِنْ لَدُنََّا} [(19) مريم: 13] فقال: سألت عنها ابن عباس فلم يجب فيها شيئا، وكذا رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: لا والله ما أدري ما حنانا.
النّوع الأربعون: المعرّب
وهو لفظ استعملته العرب في معنى وضع له في غير لغتهم، ولا خلاف في وقوع الأعلام الأعجميّة في القرآن، واختلفوا هل وقع فيه غيرها؟ فالأكثر ومنهم الشّافعيّ وابن جرير أنكروا ذلك لقوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا} [(12) يوسف: 2]، وقوله: {لَوْلََا فُصِّلَتْ آيََاتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [(41) فصلت: 44] وأجابوا عن ما يوهم ذلك بأنه مما اتفقت فيه لغة العرب ولغة غيرهم كالصّابون، وذهب جماعة إلى الوقوع.
وأجابوا عن الآية الأولى بأن ذلك لا يخرجه عن كونه عربيّا لأن القصيدة لا يخرجها عن كونها عربيّة كلمة فيها فارسيّة.
وعن الثانية: بأن المعنى: أكلام أعجميّ ومخاطب عربيّ، وقد ورد عن جماعة من الصّحابة والتّابعين تفسير ألفاظ فيه أطلقوا أنّها بلسان غير العرب، فعن ابن عباس في قوله تعالى: {طه} هو كقوله: (يا محمّد) بلسان الحبشة رواه الحاكم، وعنه في قوله تعالى:
{إِنَّ نََاشِئَةَ اللَّيْلِ} [(73) المزمل: 6] قال: بلسان الحبشة: إذا شاء قام، رواه الحاكم والبيهقيّ وهو في البخاري تعليقا، وعن البراء بن عازب في قوله تعالى: {سَرِيًّا} [(19) مريم: 24] قال: نهر صغير بالسّريانيّة علّقه البخاري، وعن أبي موسى الأشعري في قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} [(57) الحديد: 28] قال: ضعفين بالحبشيّة، أخرجه وكيع، وقال أبو ميسرة: الأوّاه: الرّحيم بالحبشيّة، وقال سعيد بن عياض الثمالي: (المشكوة) الكوّة الحبشية، وقال مجاهد: القسطاس: العدل بالرّومية، رواها كلّها البخاري تعليقا.
وقد جمع الشيخ تاج الدين السبكي في ذلك سبعا وعشرين لفظة في أبيات واستدرك عليه شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر أربعا وعشرين ذيلها على أبياته ووطأ لها قبل ببيت من المعرّب:
من المعرّب عدّ التاج كزّ وقد ... ألحقت كدّ وضمّتها الأساطير
السّلسبيل وطه كوّرت بيع ... روم وطوبى وسجّيل وكافور
والزّنجبيل ومشكاة سرادق مع ... استبرق صلوات سندس طور
كذا قراطيس ربّانيّهم وغسّاق ... ثم دينار القسطاس مشهور
كذاك قسورة واليمّ ناشئة ... ويؤت كفلين مذكور ومسطور
له مقاليد فردوس يعدّ كذا ... فيما حكى ابن دريد منه تنّور
وزدت حرم ومهل والسّجلّ يعدّ كذا ... السّريّ والأبّ ثم الجبت مذكور
وقطّنا وإناه متّكئا ... دارست يصهر منه فهو مصهور
وهيت والسّكر الأوّاه مع حصب ... وأوّبي معه والطّاغوت مسطور
صرهنّ إصري وغيض الماء مع وزر ... ثمّ الرقيم مناص والسّنا النّور(1/89)
من المعرّب عدّ التاج كزّ وقد ... ألحقت كدّ وضمّتها الأساطير
السّلسبيل وطه كوّرت بيع ... روم وطوبى وسجّيل وكافور
والزّنجبيل ومشكاة سرادق مع ... استبرق صلوات سندس طور
كذا قراطيس ربّانيّهم وغسّاق ... ثم دينار القسطاس مشهور
كذاك قسورة واليمّ ناشئة ... ويؤت كفلين مذكور ومسطور
له مقاليد فردوس يعدّ كذا ... فيما حكى ابن دريد منه تنّور
وزدت حرم ومهل والسّجلّ يعدّ كذا ... السّريّ والأبّ ثم الجبت مذكور
وقطّنا وإناه متّكئا ... دارست يصهر منه فهو مصهور
وهيت والسّكر الأوّاه مع حصب ... وأوّبي معه والطّاغوت مسطور
صرهنّ إصري وغيض الماء مع وزر ... ثمّ الرقيم مناص والسّنا النّور
النّوع الحادي والأربعون: المجاز
وهو فنّ عظيم متّسع بالغت فيه العرب لاستعمالهم له كثيرا، ونفى الظّاهريّة وقوعه في القرآن، قالوا لأنّه كذب، فإنّ قولك للبليد: هذا حمار كذب والقرآن منزه عنه.
قلت: الّذي قال هذا حمار، فقد اتّفق أهل البلاغة على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وقد صنّف العلماء في مجاز القرآن كتبا منهم: الشّيخ عزّ الدين بن عبد السلام، وله أنواع كثيرة ذكر منها البلقيني نزرا يسيرا واقتصر على ما أورده أبو عبيد في أوّل غريبه، وقد سردنا هنا من أنواعه ما لم يجتمع في كتاب:
الأوّل: الحذف والاختصار كقوله تعالى: {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى ََ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [(2) البقرة: 184] أيّ: فأفطر فعدّة، {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ. يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [(12) يوسف: 44، 45] أي فأرسلوه فجاء فقال: يا يوسف، وكثر في القرآن حذف المبتدأ والخبر والمفعول والجواب نحو: {وَلَوْلََا فَضْلُ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللََّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} [(24) النور: 20]، أي: لعذّبكم {وَلَوْ تَرى ََ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النََّارِ} [(6) الأنعام: 27] أي لرأيت أمرا عظيما {ق. وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} أي لتبعثنّ أو نحو ذلك، وربّما يطلق على هذا النّوع الإضمار، وبعضهم يجعله قسيما للمجاز لا قسما منه وقال القرافيّ: هو أربعة: قسم يتوقّف عليه صحّة اللّفظ ومعناه من حيث الإسناد نحو: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [(12) يوسف: 82] أي أهلها، إذ لا يصحّ إسناد السّؤال إليها، وقسم يصحّ بدونه لكن يتوقف عليه شرعا كآية المريض السابقة وقسم يتوقّف عليه عادة لا شرعا نحو: {اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}
[(26) الشعراء: 63] أي فضربه، وقسم يدلّ عليه دليل غير شرعي ولا هو عادة نحو:
{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [(20) طه: 96] دلّ الدليل على أنّه إنما قبض من أثر حافر فرس الرّسول، وليس في هذه الأقسام مجاز إلّا الأوّل.
الثّاني: الزّيادة نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(42) الشورى: 11]، فكاف زائدة، إذ القصد نفي المثل لا نفي مثل المثل {فَلََا أُقْسِمُ} أي: أقسم، فلا زائدة {هَلْ مِنْ خََالِقٍ}
[(35) فاطر: 3] أي: هل خالق. {وَلَقَدْ مَكَّنََّاهُمْ فِيمََا إِنْ مَكَّنََّاكُمْ فِيهِ} [(46) الأحقاف: 29] أي فيما مكّنّاكم، {فَلَمََّا أَسْلَمََا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنََادَيْنََاهُ} [(37) الصافات: 103، 104] الواو في:(1/90)
{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [(20) طه: 96] دلّ الدليل على أنّه إنما قبض من أثر حافر فرس الرّسول، وليس في هذه الأقسام مجاز إلّا الأوّل.
الثّاني: الزّيادة نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(42) الشورى: 11]، فكاف زائدة، إذ القصد نفي المثل لا نفي مثل المثل {فَلََا أُقْسِمُ} أي: أقسم، فلا زائدة {هَلْ مِنْ خََالِقٍ}
[(35) فاطر: 3] أي: هل خالق. {وَلَقَدْ مَكَّنََّاهُمْ فِيمََا إِنْ مَكَّنََّاكُمْ فِيهِ} [(46) الأحقاف: 29] أي فيما مكّنّاكم، {فَلَمََّا أَسْلَمََا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنََادَيْنََاهُ} [(37) الصافات: 103، 104] الواو في:
(وناديناه): زائدة لأنه جواب لمّا.
الثّالث: التكرار وهو كثير نحو: {كَلََّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلََّا سَيَعْلَمُونَ} [(78) النبأ: 4، 5].
الرّابع: إطلاق واحد من المفرد والمثنّى والجمع على آخر منها، فمثال إطلاق المفرد على المثنّى: {وَاللََّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [(9) التوبة: 62] أي يرضوهما فأفرد لتلازم الرّضاءين، وعلى الجمع {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَفِي خُسْرٍ} [(103) العصر: 2] أي الأناسيّ بدليل الاستثناء منه، و {إِنَّ الْإِنْسََانَ خُلِقَ هَلُوعاً} بدليل: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [(70) المعارج:
19، 22] {وَالْمَلََائِكَةُ بَعْدَ ذََلِكَ ظَهِيرٌ} [(66) التحريم: 4]، ومثال إطلاق المثنّى على المفرد:
{أَلْقِيََا فِي جَهَنَّمَ} [(50) ق: 24] أي ألق، وعلى الجمع: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [(67) الملك: 4] ومثال إطلاق الجمع على المفرد: {قََالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [(23) المؤمنون: 99] أي أرجعني وعلى المثنّى: {قََالَتََا أَتَيْنََا طََائِعِينَ} [(41) فصلت: 11]، {قََالُوا لََا تَخَفْ خَصْمََانِ}
[(38) ص: 22]، {فَإِنْ كََانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [(4) النساء: 11]، فإنّها تحجب بالأخوين {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمََا} [(66) التحريم: 4] أي قلباكما، {وَدََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ إِذْ يَحْكُمََانِ فِي الْحَرْثِ} إلى أن قال: {وَكُنََّا لِحُكْمِهِمْ شََاهِدِينَ} [(21) الأنبياء: 78].
الخامس: تذكير المؤنّث تفخيما له نحو: {فَمَنْ جََاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [(2) البقرة: 275].
السّادس: التّقديم والتّأخير، ومثّل له البلقيني بتقديم المفعول والخبر وتأخير الفعل والفاعل، ومثّل له ابن قتيبة بأمثلة دقيقة منها: {أَنْزَلَ عَلى ََ عَبْدِهِ الْكِتََابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً. قَيِّماً} [(18) الكهف: 1، 2] أراد: أنزل الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا، وقوله: {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنََاهََا بِإِسْحََاقَ} [(11) هود: 71]، أي بشّرناها فضحكت، وقوله: {فَلََا تُعْجِبْكَ أَمْوََالُهُمْ وَلََا أَوْلََادُهُمْ إِنَّمََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهََا فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} [(9) التوبة: 55] أراد: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدّنيا إنما يريد الله ليعذّبهم بها في الآخرة.
السّابع: إسناد الشّيء إلى ما ليس له للملابسة نحو: {عِيشَةٍ رََاضِيَةٍ} [(69) الحاقة:
21] أي: مرضية {وَإِذََا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيََاتُهُ زََادَتْهُمْ إِيمََاناً} [(8) الأنفال: 2] أي: زادهم الله بها {يُذَبِّحُ أَبْنََاءَهُمْ} [(28) القصص: 4] أي يأمر بذبحهم، {يََا هََامََانُ ابْنِ لِي صَرْحاً} [(40)
غافر: 36] أي: مر بالبناء {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدََانَ شِيباً} [(73) المزمل: 7] {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقََالَهََا} [(99) الزلزلة: 2] ولم يفهم البلقيني هذا النوع فمثل له بمثال آخر غير مطابق.(1/91)
21] أي: مرضية {وَإِذََا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيََاتُهُ زََادَتْهُمْ إِيمََاناً} [(8) الأنفال: 2] أي: زادهم الله بها {يُذَبِّحُ أَبْنََاءَهُمْ} [(28) القصص: 4] أي يأمر بذبحهم، {يََا هََامََانُ ابْنِ لِي صَرْحاً} [(40)
غافر: 36] أي: مر بالبناء {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدََانَ شِيباً} [(73) المزمل: 7] {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقََالَهََا} [(99) الزلزلة: 2] ولم يفهم البلقيني هذا النوع فمثل له بمثال آخر غير مطابق.
الثّامن: القلب، وممن جوّزه في القرآن أبو عبيدة وابن قتيبة خلافا لأبي حيّان في قوله إنّه ضرورة فلا يكون فيه، فإن الأصح أنه إن اقتضى معنى لطيفا قبل، وذكر ابن قتيبة منه: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [(26) الشعراء: 77] أي فإنّي عدوّ لهم، {بَلِ الْإِنْسََانُ عَلى ََ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [(75) القيامة: 14] أي: بل على الإنسان من نفسه بصيرة: {خُلِقَ الْإِنْسََانُ مِنْ عَجَلٍ} [(21) الأنبياء: 37] أي: خلق العجل كائنا من الإنسان بدليل: {وَكََانَ الْإِنْسََانُ عَجُولًا} [(17) الإسراء: 11] وذكر منه غيره: {مََا إِنَّ مَفََاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ} [(28) القصص:
76] أي: لتنوأ العصبة بها {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} [(9) التوبة: 28] أي: فعمّيت عليها.
ومنه نوع يسمّى: قلب التّشبيه نحو: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لََا يَخْلُقُ} [(16) النحل: 17] {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبََا} [(2) البقرة: 275]، {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسََاءِ} [(33) الأحزاب: 32] والتّشبيه المقلوب أبلغ من غيره، ولهذا اتّفق عليه من خالف في غيره.
التّاسع: استعمال لفظ موضع غيره وأقسامه منتشرة، فمنها: تسمية الشّيء باسم جزئه: {بِمََا قَدَّمَتْ يَدََاكَ} [(22) الحج: 10]، أو عكسه نحو: {يَجْعَلُونَ أَصََابِعَهُمْ فِي آذََانِهِمْ} [(2) البقرة: 19] أي: أناملها، أو باسم سببه: {يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمََاءِ رِزْقاً} [غافر:
19] أو ما كان عليه {وَآتُوا الْيَتََامى ََ أَمْوََالَهُمْ} [(4) النساء: 2]، أو ما يؤول إليه: {أَعْصِرُ خَمْراً} [(12) يوسف: 36] أو محلّه: {فَلْيَدْعُ نََادِيَهُ} [(96) العلق: 7] أو حالّه: {فَفِي رَحْمَتِ اللََّهِ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ} [(3) آل عمران: 107]، أو آلته: {وَاجْعَلْ لِي لِسََانَ صِدْقٍ} [(26) الشعراء:
84]، ومنها: ذكر الماضي موضع المستقبل لتحقّق وقوعه {أَتى ََ أَمْرُ اللََّهِ} [(16) النحل: 1] وعكسه {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا} [(13) الرعد: 43] والخبر موضع الأمر:
{وَالْمُطَلَّقََاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(2) البقرة: 228]، وعكسه: {وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} [(9) التوبة: 82]، والخبر موضع الدّعاء: {قُتِلَ الْخَرََّاصُونَ} [(51) الذاريات: 10] وموضع النّهي: {لََا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(56) الواقعة: 79]، والأمر لغير الطّلب كالتّهديد: {اعْمَلُوا مََا شِئْتُمْ} [(41) فصلت: 40]، والإنذار: {قُلْ تَمَتَّعُوا} [(14) إبراهيم: 30]، والتّسخير {كُونُوا قِرَدَةً} [(2) البقرة:
65]، والمنّ به: {كُلُوا مِمََّا رَزَقَكُمُ اللََّهُ} [(6) الأنعام: 142] والتكوين: {كُنْ فَيَكُونُ} [(36) يس: 82]، والتّسوية: {فَاصْبِرُوا أَوْ لََا تَصْبِرُوا} [(52) الطور: 16] والتّعجّب: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثََالَ} [(23) المؤمنون: 48]، والمشورة: {فَانْظُرْ مََا ذََا تَرى ََ} [(37) الصافات:
102]، والتكذيب: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدََاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللََّهَ حَرَّمَ هََذََا} [(7) الأنعام: 150]،
والنّهي لغير الكف: كالتّسوية في الآية السابقة، والاستفهام لغير طلب التّصور والتّصديق كالاستبطاء {مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ} [(2) البقرة: 214]، والتّعجب: {مََا لِيَ لََا أَرَى الْهُدْهُدَ} [(27) النمل: 20]، {عَمَّ يَتَسََاءَلُونَ} [(78) النبأ: 1]، والتّوبيخ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرََانَ} [(26) الشعراء: 165] والإنكار: {أَغَيْرَ اللََّهِ تَدْعُونَ} [(6) الأنعام: 40]، والتّقرير: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ} [(21) الأنبياء:(1/92)
102]، والتكذيب: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدََاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللََّهَ حَرَّمَ هََذََا} [(7) الأنعام: 150]،
والنّهي لغير الكف: كالتّسوية في الآية السابقة، والاستفهام لغير طلب التّصور والتّصديق كالاستبطاء {مَتى ََ نَصْرُ اللََّهِ} [(2) البقرة: 214]، والتّعجب: {مََا لِيَ لََا أَرَى الْهُدْهُدَ} [(27) النمل: 20]، {عَمَّ يَتَسََاءَلُونَ} [(78) النبأ: 1]، والتّوبيخ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرََانَ} [(26) الشعراء: 165] والإنكار: {أَغَيْرَ اللََّهِ تَدْعُونَ} [(6) الأنعام: 40]، والتّقرير: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ} [(21) الأنبياء:
12] والوعيد: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} [(77) المرسلات: 16]، والتكذيب: {أَفَأَصْفََاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلََائِكَةِ إِنََاثاً} [(17) الإسراء: 40] والتّهكّم: {أَصَلََاتُكَ تَأْمُرُكَ} [(11) هود: 87]، والتّحقير: {مِنْ فِرْعَوْنَ} [(44) الدخان: 31] على قراءة فتح الميم، والاستبعاد:
{أَنََّى لَهُمُ الذِّكْرى ََ} [(44) الدخان: 13]، والأمر: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [(5) المائدة: 91]، والتّمني: {فَهَلْ لَنََا مِنْ شُفَعََاءَ} [(7) الأعراف: 53] والتّنبيه على الضّلال: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}
[(81) التكوير: 26] والتّسوية: {سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [(2) البقرة: 6]، والنّفي:
{هَلْ مِنْ خََالِقٍ} [(35) فاطر: 3] وسوق المعلوم مساق غيره: ويسمّى في غير القرآن تجاهل العارف والإعنات نحو: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ}، والتّشويق: {هَلْ أَتََاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} [(38) ص: 21] والتّحقيق: {هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ} [(76) الدهر: 1] ومنها: استعمال لفظ العاقل لغيره نحو قوله: {قََالَتََا أَتَيْنََا طََائِعِينَ} [(41) فصلت: 11] ومنها: إنابة حروف الجرّ وغيرها عن بعضها في المعنى وذلك كثير جدا ولا التفات إلى من منع دخول المجاز في الأفعال والحروف.
العاشر: نسبة الفعل إلى شيئين هو لأحدهما فقط، ذكره ابن قتيبة ومثّل له بقوله تعالى: {فَلَمََّا بَلَغََا مَجْمَعَ بَيْنِهِمََا نَسِيََا حُوتَهُمََا} [(18) الكهف: 61]، والنّاسي يوشع بدليل قوله: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [(18) الكهف: 63]، وقوله: {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [(6) الأنعام: 130] والرّسل من الإنس دون الجنّ، {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} إلى قوله:
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجََانُ} [(55) الرحمن: 18، 22]، وإنّما يخرج من الملح دون العذب، فهذا ما لخّصته من أنواع المجاز، ولو عددت أقسام كل نوع لقاربت المائة وذلك من فضل الله ولا حول ولا قوّة إلّا به، ومن أنواع المجاز ما له اسم خاصّ مفرد بنوع وسيأتي الكلام عليه في محاله.
النّوع الثّاني والأربعون: المشترك
الاشتراك: أن يتّحد اللّفظ ويتعدّد المعنى، واختلف في وقوعه، فمنعه ثعلب والأزهريّ والبلخي، ومنع قوم وقوعه في القرآن، وادّعى قوم أنّه واجب الوقوع لأن المعاني أكثر من الألفاظ، والأصحّ أنه واقع في القرآن وغيره لا على سبيل الوجوب،
فيمنه: (القرء) مشترك بين الحيض والطّهر و (عسعس) لإقبال اللّيل وإدباره، و (النّد) للمثل والضّدّ و (الدّين) للطّاعة والجزاء، و (المولى) للسّيّد {هُوَ مَوْلََاكُمْ} [(22) الحج: 78] والقريب: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي} [(19) مريم: 5]، ووراء: لخلف وأمام، و (البلاء) للنّعمة والنّقمة، و (الثّواب) للتّائب وقابل التّوبة، و (المضارع) للحال والاستقبال على الأصحّ من خمسة أقوال بيّنّاها في مؤلّفاتنا النّحويّة.(1/93)
الاشتراك: أن يتّحد اللّفظ ويتعدّد المعنى، واختلف في وقوعه، فمنعه ثعلب والأزهريّ والبلخي، ومنع قوم وقوعه في القرآن، وادّعى قوم أنّه واجب الوقوع لأن المعاني أكثر من الألفاظ، والأصحّ أنه واقع في القرآن وغيره لا على سبيل الوجوب،
فيمنه: (القرء) مشترك بين الحيض والطّهر و (عسعس) لإقبال اللّيل وإدباره، و (النّد) للمثل والضّدّ و (الدّين) للطّاعة والجزاء، و (المولى) للسّيّد {هُوَ مَوْلََاكُمْ} [(22) الحج: 78] والقريب: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي} [(19) مريم: 5]، ووراء: لخلف وأمام، و (البلاء) للنّعمة والنّقمة، و (الثّواب) للتّائب وقابل التّوبة، و (المضارع) للحال والاستقبال على الأصحّ من خمسة أقوال بيّنّاها في مؤلّفاتنا النّحويّة.
النّوع الثّالث والأربعون: المترادف
الترادف اتّحاد المعنى وتعدّد اللّفظ، واختلف أيضا وقوعه، فنفاه ثعلب وابن فارس، والأصحّ وقوعه فمنه: الإنسان والبشر، والحرج والضّيق، والرّجس والعذاب، واليمّ والبحر.
قال البلقيني: وكذلك الإيمان والإسلام كلّ منهما يشمل الآخر عند الإفراد فإن جمع بينهما تخصّصا بالذكر، ومثلهما في ذلك: الشّرك والكفر، والفيء والغنيمة، والفقير والمسكين، وقد قست على ذلك في النّحو: الظّرف والجار والمجرور.
مسألة:
الأصحّ أنّه يجوز وقوع كلّ من الرّديفين مكان الآخر ما لم يكن متعبّدا بلفظه كلا إله إلّا الله، فلا يجزئ: لا إله إلّا الرّحمن، ومحمّد رسول الله فلا يجزئ: أحمد رسول الله.
النّوع الرّابع والأربعون والخامس والأربعون: المحكم والمتشابه
هذان النّوعان من زيادتي، وقد اعتذر البلقيني عن إهمالهما بما لا يقبل قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتََابَ مِنْهُ آيََاتٌ مُحْكَمََاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتََابِ وَأُخَرُ مُتَشََابِهََاتٌ} [(3) آل عمران: 7] الآية. واختلف في المحكم والمتشابه ما هو وفي تفسيره، وهل المتشابه مما يختصّ الله بعلمه؟ فعن ابن عباس: المحكم: ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما نؤمن به ونعمل به، وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضّحّاك ومقاتل وغيرهم أنهم قالوا: المحكم: ما يعمل به، وعن ابن عباس: المحكم قوله تعالى: {قُلْ تَعََالَوْا أَتْلُ مََا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [(6) الأنعام: الآيات 151، 153].
وقوله: {وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ} [(17) الإسراء: الآيات 23، 25] الثلاثة. وقال يحيى بن يعمر: الفرائض والأمر والنّهي والحلال والحرام. وقال سعيد بن جبير: هنّ أمّ
الكتاب أي أصله لأنّهنّ مكتوبات في جميع الكتب، وقال مقاتل: لأنه ليس من دين إلّا يرضى بهنّ.(1/94)
وقوله: {وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ} [(17) الإسراء: الآيات 23، 25] الثلاثة. وقال يحيى بن يعمر: الفرائض والأمر والنّهي والحلال والحرام. وقال سعيد بن جبير: هنّ أمّ
الكتاب أي أصله لأنّهنّ مكتوبات في جميع الكتب، وقال مقاتل: لأنه ليس من دين إلّا يرضى بهنّ.
وقيل في المتشابه: إنه المنسوخ والمقدّم والمؤخّر والأمثال والأقسام وما يؤمن به ولا يعمل به. وروي عن ابن عبّاس، وقال مقاتل: هي الحروف المقطّعة في أوائل السّور.
واختلف النّاس في تفسير المتشابه بحسب اختلافهم في: هل يعلمه الرّاسخون أو لا؟ فعلى الأول هو ما لم يتّضح معناه، وعلى الثّاني: ما استأثر الله بعلمه. وكذا اختلف القرّاء في الوقف: هل هو على قوله: (إلّا الله) أو (والرّاسخون في العلم)؟ والذي عليه الجمهور أن المتشابه لا يعلمه إلّا الله، فقد روى البخاري من حديث عائشة قالت: تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتََابَ} الآية فقال: فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى الله فاحذرهم.
النّوع السّادس والأربعون: المشكل
هذا النوع من زيادتي، ويشبهه من أنواع علم الحديث: مختلف الحديث والفرق بينه وبين المتشابه: أن المتشابه لا يفهم معناه والمراد منه وهذا يفهم بالجمع، إذ المراد منه الآيات التي ظاهرها التّعارض المنزّه عنه كلام الله، وقد صنّف ابن قتيبة كتابا جيدا في هذا النوع.
مثال ذلك ما رواه الحاكم وعلّقه البخاري: أنّ رجلا سأل ابن عبّاس عن قوله تعالى:
{وَاللََّهِ رَبِّنََا مََا كُنََّا مُشْرِكِينَ} [(6) الأنعام: 23]، وقوله في آية أخرى: {وَلََا يَكْتُمُونَ اللََّهَ حَدِيثاً} [(4) النساء: 42]، فقال ابن عباس: أمّا قوله: {وَاللََّهِ رَبِّنََا مََا كُنََّا مُشْرِكِينَ} فإنهم لما رأوا يوم القيامة أنّه لا يدخل الجنّة إلّا أهل الإسلام قالوا: تعالوا فلنجحد فختم الله على أفواههم فتكلّمت أيديهم وأرجلهم فلا يكتمون الله حديثا.
وكذا روي عنه في آيات نحو ذلك: أنّ في القيامة مواقف ففي بعضها ينكرون، وفي بعضها يقرّون وفي بعضها يسألون وفي بعضها لا يسألون كما قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى ََ بَعْضٍ يَتَسََاءَلُونَ} [(52) الطور: 25] وقال تعالى في آية أخرى: {فَلََا أَنْسََابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلََا يَتَسََاءَلُونَ} [(23) المؤمنون: 101]. وقال: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ}
[(15) الحجر: 92، 93]، وقال في آية أخرى: {فَيَوْمَئِذٍ لََا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلََا جَانٌّ} [(55) الرحمن: 29] وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [(43) الزخرف: 52]، وقال:
{إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(28) القصص: 56] والجمع أنّ الهدى مشترك فيطلق على الدلالة وهو المنسوب إليه في الأوّل، وعلى خلق الاهتداء وهو المنفيّ عنه في الثاني.
ومن رسخ قدمه في معرفة موادّ العرب واستعمالاتها وفنون اللّغة ورزق فهما وبصيرة لم يخف عليه الجمع بين الآيات المشكلة. وقد روي أن ابن عباس توقّف في بعض ذلك فروى أبو عبيد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن: {يَوْمٍ كََانَ مِقْدََارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} [(32) السجدة: 5] فقال له ابن عبّاس: فما {يَوْمٍ كََانَ مِقْدََارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [(70) المعارج: 4]؟ فقال الرّجل: إنّما سألتك لتحدّثني فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما.(1/95)
{إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [(28) القصص: 56] والجمع أنّ الهدى مشترك فيطلق على الدلالة وهو المنسوب إليه في الأوّل، وعلى خلق الاهتداء وهو المنفيّ عنه في الثاني.
ومن رسخ قدمه في معرفة موادّ العرب واستعمالاتها وفنون اللّغة ورزق فهما وبصيرة لم يخف عليه الجمع بين الآيات المشكلة. وقد روي أن ابن عباس توقّف في بعض ذلك فروى أبو عبيد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن: {يَوْمٍ كََانَ مِقْدََارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} [(32) السجدة: 5] فقال له ابن عبّاس: فما {يَوْمٍ كََانَ مِقْدََارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [(70) المعارج: 4]؟ فقال الرّجل: إنّما سألتك لتحدّثني فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما.
النّوع السّابع والثّامن والأربعون: المجمل والمبيّن
المجمل: ما لم تتّضح دلالته، ومنع داود الظّاهريّ وقوعه في القرآن وعلى الأصح في جواز إبقائه على إجماله ثلاثة أقوال: أصحّها: لا يجوز إبقاء المكلّف بالعمل به، ويجوز إبقاء غيره، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَآتُوا الزَّكََاةَ} [(2) البقرة:
43]، {وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [(3) آل عمران: 97]. وقد بيّنت السّنّة أفعال الصّلاة والحجّ ومقادير نصب الزّكاة في أنواعها وقوله تعالى: {وَمََا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللََّهُ وَالرََّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنََّا بِهِ} [(3) آل عمران: 7] تردّد لفظ (الرّاسخون) بين العطف والابتداء، وقد حمله الجمهور على الابتداء للحديث السّابق {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكََاحِ} [(2) البقرة: 228] يحتمل أن يكون الوليّ، وأن يكون الزّوج، وقد حمله إمامنا الشّافعيّ على الزّوج ومالك على الوليّ لما قام عندهما.
{إِلََّا مََا يُتْلى ََ عَلَيْكُمْ} [(5) المائدة: 1] للجهل حينئذ بمعناه، وقد بيّنه بعد نزوله:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(5) المائدة: 3] إلى آخره، واختلف في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللََّهُ الْبَيْعَ} [(2) البقرة: 275] هل هو عام خصّصت منه السّنّة البيوع الفاسدة أو مجمل بيّنت السّنة ما أجمل منه، أو عامّ اللّفظ مجمل المعنى على أقوال. وادّعى الحنفيّة أنّ منه: {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ} [(5) المائدة: 6] لتردّده بين مسح الكلّ والبعض فبيّنه حديث مسح النّاصية، وردّ بأنّه لمطلق المسح الصّادق بأقلّ ما ينطلق عليه الاسم ويفيده.
النّوع التّاسع والأربعون: الاستعارة
وهي نوع من المجاز لكنّها مختصّة باسم وحده، وبعضهم يطلق على المجاز كلّه استعارة، كأنّك استعرت اللّفظ من مستحقّه الّذي وضع له ونقلته إلى غيره، ومنهم من يخصّها بما لم يذكر المستعار له وعرّفها أهل البيان بأنها مجاز علاقته المشابهة، فإطلاق المشفر مثلا على شفة الإنسان إن كان للتّشبيه بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة، أو
لإطلاق المقيّد على المطلق من غير قصد التّشبيه فمجاز ويسمّى: مرسلا، وهي أقسام كثيرة فمنها: تحقيقيّة وهي: ما تحقّق معناها عقلا أو حسّا نحو: {اهْدِنَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [(1) الفاتحة: 5] أي: الدّين الحق {أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ} [(6) الأنعام: 122] أي: ضالا فهديناه ومنها: تهكّميّة وتمليحيّة، وهما ما استعملا في ضدّه أو نقيضه نحو:(1/96)
وهي نوع من المجاز لكنّها مختصّة باسم وحده، وبعضهم يطلق على المجاز كلّه استعارة، كأنّك استعرت اللّفظ من مستحقّه الّذي وضع له ونقلته إلى غيره، ومنهم من يخصّها بما لم يذكر المستعار له وعرّفها أهل البيان بأنها مجاز علاقته المشابهة، فإطلاق المشفر مثلا على شفة الإنسان إن كان للتّشبيه بمشفر الإبل في الغلظ فهو استعارة، أو
لإطلاق المقيّد على المطلق من غير قصد التّشبيه فمجاز ويسمّى: مرسلا، وهي أقسام كثيرة فمنها: تحقيقيّة وهي: ما تحقّق معناها عقلا أو حسّا نحو: {اهْدِنَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [(1) الفاتحة: 5] أي: الدّين الحق {أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ} [(6) الأنعام: 122] أي: ضالا فهديناه ومنها: تهكّميّة وتمليحيّة، وهما ما استعملا في ضدّه أو نقيضه نحو:
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} [(3) آل عمران: 21] استعير لفظ: «البشارة» للعذاب، وهي موضوعة للسّرور تهكّما بهم، ومنها: مجرّدة وهي: ما قرن بملائم المستعار له نحو: {فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ} [(16) النحل: 112] لم يقل: «فكساها» لأنّ الإدراك بالذّوق يستلزم الإدراك باللّمس ولا عكس.
ومنها: مرشّحة وهي: ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو: {أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ فَمََا رَبِحَتْ تِجََارَتُهُمْ} [(2) البقرة: 16]، استعار الاشتراء للاستبدال والاختيار ثمّ قرنها بما يلائم الاشتراء من الرّبح والتّجارة.
ومنها: استعارة بالكناية: وهي أن يضمر التّشبيه في النّفس فلا يصرّح بشيء من أركانه سوى المشبّه، ويدلّ عليه بأن يثبت للمشبّه أمر مختصّ بالمشبّه به، فنفس التّشبيه هو الكناية، وإثبات ذلك الأمر للمشبّه استعارة تخييليّة نحو: {فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [(2) البقرة: 16] شبّه ما يدرك من أثر الضّرّ والألم بما يدرك من طعم الرّيّ والشبع فأوقع عليه الإذاقة، فتكون الإذاقة بمنزلة الأظفار للمنيّة في قوله:
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها وكذا قوله تعالى: {جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [(18) الكهف: 77] شبّه ميلانه للسّقوط بانحراف الحيّ فأثبت له الإرادة الّتي هي من خواصّ العقلاء، وقوله تعالى: {خَتَمَ اللََّهُ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ} [(36) يس: 52] بأن لا تقبل الحق بالشيء الموثوق المختوم ثم أثبت لها الختم.
ومنها: تبعيّة وهي أن يكون المستعار فعلا أو صفة أو حرفا كما تقدّم في آية:
{فَبَشِّرْهُمْ} وآية: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [(11) هود: 87]، ومنه قوله تعالى:
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} [(28) القصص: 8] استعيرت لام «كي» التي هي للعلّة للغاية.
ومنها: تمثيليّة وهي: ما استعمل فيما شبّه بمعناه الأصليّ تشبيه مبالغة نحو:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً} [(3) آل عمران: 103] شبّه استظهار العبد بالله ووثوقه به والتجاؤه إليه باستمساك الواقع في مهواة مهلكة بحبل وثيق مدلّى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه، ولها أنواع أخر مبيّنة في علم البيان.(1/97)
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً} [(3) آل عمران: 103] شبّه استظهار العبد بالله ووثوقه به والتجاؤه إليه باستمساك الواقع في مهواة مهلكة بحبل وثيق مدلّى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه، ولها أنواع أخر مبيّنة في علم البيان.
النّوع الخمسون: التّشبيه
وهو أيضا نوع من المجاز، ويفارق الاستعارة باقترانه بالأداة وهي الكاف ومثل وكأنّ ونحوها، وإن تجرّد منها لفظا فإن قدّرتها فهو تشبيه وإلّا فاستعارة كقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [(2) البقرة: 18] والتقدير أعمّ من كونه جزء كلام كهذه الآية، وكون الكلام فيه ما يقتضي كقوله تعالى: {حَتََّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [(2) البقرة: 187] فالخيط الأسود تشبيه لأن بيان الخيط الأبيض بالفجر قرينة على أن الأسود أيضا مبيّن بسواد آخر اللّيل، ومن أمثلته قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرََاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهََا كَمَثَلِ الْحِمََارِ يَحْمِلُ أَسْفََاراً} [(62) الجمعة: 5]، {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنََاهُ مَنََازِلَ حَتََّى عََادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [(36) يس: 39]، {إِنَّ مَثَلَ عِيسى ََ عِنْدَ اللََّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرََابٍ}
[(3) آل عمران: 59] وأبلغه المقلوب كما تقدّم في نوع المجاز.
النّوع الحادي والخمسون والثاني والخمسون: الكناية والتّعريض
هذان النّوعان من زيادتي وهما مهمّان، وقد ألّف الشّيخ تقي الدّين السّبكي فيهما كتابا، واختلف النّاس في الفرق بينهما وبين الحقيقة والمجاز بما هو مبسوط في كتب البيان، والّذي تحرّر منه أن الكناية لفظ استعمل في معناه مرادا به لازم المعنى، فهي بحسب استعمال اللّفظ في المعنى حقيقة والتّجوّز في إرادة إفادة ما لم يوضع له، وقد لا يراد منها المعنى بل يعبر بالملزوم عن اللازم وهي حينئذ مجاز كقولك: زيد طويل النّجاد، أي طويل حمائل السّيف مريدا به طول القامة الّذي هو لازم لطوله حقيقة.
ومنه في القرآن: {قُلْ نََارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [(9) التوبة: 81] فإنّه لم يقصد إفادة ذلك لأنه معلوم بل إفادة لازمة، وهو أنهم يردونها ويجدون حرّها إن لم يجاهدوا.
وأما التّعريض فهو لفظ استعمل في معناه للتّلويح بغيره نحو: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هََذََا} [(21) الأنبياء: 63] نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتّخذة آلهة كأنّه غضب أن تعبد الصّغار معه تلويحا لعابديها بأنّها لا تصلح أن تكون آلهة لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم من عجز كبيرها عن ذلك الفعل والإله لا يكون عاجزا، فهو حقيقة أبدا ومنه قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(39) الزمر: 65] الخطاب له صلّى الله عليه وسلّم وهو تعريض بالكفّار {وَمََا لِيَ لََا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [(36) يس: 22] أي: ومالكم لا تعبدون، وقريب مما تقدّم في حدّهما قول الزّمخشري: الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له، والتّعريض: أن يذكر شيئا يدلّ على شيء لم يذكره.
وقول ابن الأثير: الكناية: ما دلّ على معنى يجوز حمله على الحقيقة والمجاز
بوصف جامع بينهما، والتّعريض: اللّفظ الدّالّ على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي أو المجازيّ، يقول من يتوقّع صلة: والله إنّي لمحتاج فإنه تعريض بالطلب مع أنه لم يوضع له حقيقة ولا مجازا وإنّما فهم من عرض اللّفظ أي جانبه.(1/98)
وقول ابن الأثير: الكناية: ما دلّ على معنى يجوز حمله على الحقيقة والمجاز
بوصف جامع بينهما، والتّعريض: اللّفظ الدّالّ على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي أو المجازيّ، يقول من يتوقّع صلة: والله إنّي لمحتاج فإنه تعريض بالطلب مع أنه لم يوضع له حقيقة ولا مجازا وإنّما فهم من عرض اللّفظ أي جانبه.
النوع الثالث والخمسون: العامّ الباقي على عمومه
هذا النّوع مثاله عزيز إذ ما من عامّ إلّا ويتخيّل فيه التّخصيص، قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [(22) الحج: 1] قد يخصّ منه غير المكلّف، و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}
[(5) المائدة: 3] خصّ منه حالة الاضطرار وميتة السّمك والجراد، {وَحَرَّمَ الرِّبََا} [(2) البقرة:
275] خصّ منه العرايا. ومما يصلح مثالا له: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وََاحِدَةٍ} [(4) النساء: 1]، وقوله تعالى: {وَاللََّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [(64) التغابن: 11].
النوع الرابع والخمسون والخامس والخمسون: العامّ المخصوص والعامّ الذي أريد به الخصوص
هذان النّوعان من النّاس من لم يفرّق بينهما حيث ذكر العقل من المخصصات والأصحّ التّفرقة، وللسّبكي فيهما رسالة مستقلّة، ولهم بينهما فروق:
أحدها: أن العامّ الّذي أريد به الخصوص قرينته عقليّة {اللََّهُ خََالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(39) الزمر: 62].
الثّاني: أنّ قرينته معه نحو: {الَّذِينَ قََالَ لَهُمُ النََّاسُ إِنَّ النََّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [(3) آل عمران: 173] قال الشّافعيّ رضي الله عنه: فإذا كان من مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ناسا غير من جمع لهم النّاس وكان المخبرون لهم ناسا غير من جمع لهم وغير من معه ممّن جمع عليه، وكان الجامعون لهم ناسا فالدّلالة بيّنة بما وصفت من أنّه إنّما جمع لهم بعض النّاس دون بعض والعلم محيط أنه لم يجمع النّاس كلّهم ولم يخبرهم النّاس كلهم ولم يكونوا هم النّاس، ولكنه لما كان اسم الناس يقع على ثلاثة نفر وعلى جميع النّاس وعلى من بين جميعهم وثلاثة منهم كان صحيحا في لسان العرب أن يقال: (الّذين قال لهم النّاس) وإنما قال ذلك أربعة نفر: (إنّ النّاس قد جمعوا لكم) يعني المنصرفين من أحد.
قال البلقيني: ولم يبيّن الشّافعيّ رضي الله عنه سند ما ذكره من أنّهم أربعة نفر، ويحتمل أن يكون صحّ عنده بطريق، انتهى.
وقد ذكر أهل التّفسير أن المراد بالنّاس القائل هو نعيم بن مسعود الأشجعي وحده، وسيأتي الكلام عليه في المبهمات.
الثّالث: أن المراد به الخصوص لا يصحّ أن يراد به العموم بخلاف المخصوص.(1/99)
وقد ذكر أهل التّفسير أن المراد بالنّاس القائل هو نعيم بن مسعود الأشجعي وحده، وسيأتي الكلام عليه في المبهمات.
الثّالث: أن المراد به الخصوص لا يصحّ أن يراد به العموم بخلاف المخصوص.
الرّابع: أنّه يصحّ أن يراد به واحد اتّفاقا، والمخصوص لا بدّ فيه من جمع أي على خلف فيه.
الخامس: أن المراد منه أقلّ مما خرج والدّاخل في المخصوص أكثر مما خرج وهو قريب من الّذي قبله.
قلت: بقي فرق آخر هو أعظم ممّا ذكره وهو أن المراد به الخصوص مجاز قطعا لأنّه لفظ استعمل في بعض أفراده، والمخصوص حقيقة على الأصحّ لأن تناول اللّفظ للبعض الباقي في التّخصيص كتناوله له بلا تخصيص وذلك التّناول حقيقيّ اتّفاقا فكذا هذا.
ومن أمثلة: المراد به الخصوص: {أَمْ يَحْسُدُونَ النََّاسَ} [(4) النساء: 54] أي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [(27) النمل: 23]، {وَآتَيْنََاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} [(18) الكهف: 84]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهََا} [(46) الأحقاف: 25].
وأما المخصوص فأمثلته كثيرة جدا.
النوع السادس والخمسون والسابع والخمسون: ما خص فيه الكتاب السّنّة وما خصّت فيه السّنّة الكتاب
وقد أنكرهما قوم وقالوا: لا يخصّ الكتاب إلّا بكتاب، ولا السّنّة إلّا بسنّة، وأوجبهما آخرون وقالوا: لا يخصّ الكتاب الكتاب ولا السّنّة السّنّة، والأصح جواز الجميع.
فأمّا النّوع الأوّل فقليل جدا، ومن أمثلته قوله تعالى: {حَتََّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [(9) التوبة: 29] خصّ عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله»، وقوله تعالى: {حََافِظُوا عَلَى الصَّلَوََاتِ وَالصَّلََاةِ الْوُسْطى ََ} [(2) البقرة: 238] خصّ عموم نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن الصّلاة في الأوقات المكروهة بإخراج الفرائض، وقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوََافِهََا وَأَوْبََارِهََا} [(16) النحل: 80] الآية، خصّ عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أبين من حيّ فهو ميّت»، وقوله تعالى: {وَالْعََامِلِينَ عَلَيْهََا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [(9) التوبة: 60] خصّ عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا تحلّ الصّدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سويّ» فإنهما يعطيان مع الغنى، وكذا سبيل الله، وقوله تعالى: {فَقََاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (حَتََّى تَفِيءَ إِلى ََ أَمْرِ اللََّهِ)} [(49) الحجرات: 9] خصّ عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار».
وأما النّوع الثّاني: فأمثلته كثيرة كتخصيص: (وحرّم الرّبا) بغير العرايا، وتخصيص:(1/100)
«لا تحلّ الصّدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سويّ» فإنهما يعطيان مع الغنى، وكذا سبيل الله، وقوله تعالى: {فَقََاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي (حَتََّى تَفِيءَ إِلى ََ أَمْرِ اللََّهِ)} [(49) الحجرات: 9] خصّ عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار».
وأما النّوع الثّاني: فأمثلته كثيرة كتخصيص: (وحرّم الرّبا) بغير العرايا، وتخصيص:
{وَالْمُطَلَّقََاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلََاثَةَ قُرُوءٍ} [(2) البقرة: 228] بالأحرار، وكذا عدّة الوفاة وآيات المواريث بغير القاتل والمخالف في الدّين والرّقيق، وتخصيص: {وَإِذََا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهََا أَوْ رُدُّوهََا} [(4) النساء: 86] بغير الكافر والفاسق والأحوال التي لا يجب فيها الرّدّ.
النّوع الثّامن والخمسون: المؤوّل
هو ما ترك ظاهره لدليل نحو: {إِذََا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلََاةِ} [(5) المائدة: 6] أي: أردتم القيام {إِذََا طَلَّقْتُمُ النِّسََاءَ} [(65) الطلاق: 1]، {فَإِذََا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(16) النحل: 98] أي: أردتم الطّلاق والقراءة، وكذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزََاؤُهُ جَهَنَّمُ خََالِداً فِيهََا} [(4) النساء: 93]، دلّ الدّليل على أنّ المؤمن لا يخلّد فأوّل الخلود بالمكث الطّويل أو الأبديّ للمستحل، والتّأويل إنما يقبل إذا قام عليه دليل وكان قريبا، أما البعيد فلا كتأويل الحنفيّة قوله تعالى: {فَإِطْعََامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [(58) المجادلة: 4] ستّين مدّا على أن يقدّر مضاف، أي إطعام ستّين مسكينا هو ستّون مدّا حتّى جوّزوا إعطاءه لمسكين واحد في ستّين يوما، ووجه بعده: اعتبار ما لم يذكر وهو المضاف وإلغاء ما ذكر وهو العدد، مع ظهور قصده لفضل الجماعة وبركتهم وتظافر قلوبهم على الدّعاء للمحسنين.
النّوع التّاسع والخمسون: المفهوم والمنطوق
وهذا ما دلّ عليه اللّفظ لا في محلّ النّطق، وخلافه المنطوق وهو: ما دلّ عليه في محلّ النّطق ولم يذكره البلقيني لأنّه الأصل وفي النّفس منه شيء فإنّ له أقساما ينبغي التّنبيه عليها ولنتكلّم عليه مضموما إلى هذا النّوع. فأمّا المفهوم فهو قسمان: موافقة وهو: ما يوافق حكمه المنطوق ويسمّى: فحوى الخطاب إن كان أولى، ولحن الخطاب إن كان مساويا. مثال الأوّل: {فَلََا تَقُلْ لَهُمََا أُفٍّ} [(17) الإسراء: 23] فإنه يفهم تحريم الضّرب من باب أولى. ومثال الثّاني: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً} [(4) النساء: 10] الآية فإنه يفهم تحريم الإحراق أيضا لمساواته للأكل في الإتلاف.
ومخالفة: وهو المخالف له إذا لم يخرج الغالب، فإن خرج لم يسمّ مفهوما نحو:
{وَرَبََائِبُكُمُ اللََّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [(4) النساء: 23] إذ الغالب كون الرّبيبة في حجر الزّوج فلا يفهم إباحة الّتي ليست في حجره، ويلحق به نحوه مما لا يقتضي التّخصيص بالذكر لموافقة الواقع نحو: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللََّهِ إِلََهاً آخَرَ لََا بُرْهََانَ لَهُ بِهِ} [(23) المؤمنون: 117]،
{وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} [(24) النور: 33] ثمّ المفهوم إمّا من صفة نحو: {إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [(49) الحجرات: 6] فوجب التّبيين في الفاسق، أو عدد نحو: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمََانِينَ جَلْدَةً} [(24) النور: 4] أي: لا أقل ولا أكثر، أو شرط نحو:(1/101)
{وَرَبََائِبُكُمُ اللََّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [(4) النساء: 23] إذ الغالب كون الرّبيبة في حجر الزّوج فلا يفهم إباحة الّتي ليست في حجره، ويلحق به نحوه مما لا يقتضي التّخصيص بالذكر لموافقة الواقع نحو: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللََّهِ إِلََهاً آخَرَ لََا بُرْهََانَ لَهُ بِهِ} [(23) المؤمنون: 117]،
{وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} [(24) النور: 33] ثمّ المفهوم إمّا من صفة نحو: {إِنْ جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [(49) الحجرات: 6] فوجب التّبيين في الفاسق، أو عدد نحو: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمََانِينَ جَلْدَةً} [(24) النور: 4] أي: لا أقل ولا أكثر، أو شرط نحو:
{وَإِنْ كُنَّ أُولََاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [(65) الطلاق: 6] أي: فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهنّ. أو غاية نحو: {فَإِنْ طَلَّقَهََا فَلََا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتََّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}
[(2) البقرة: 230] أي فإذا نكحته تحلّ للأوّل بشرطه، أو أداة حصر نحو: {إِنَّمََا إِلََهُكُمُ اللََّهُ}
[(20) طه: 98] أي فغيره ليس بإله أو فصل المبتدأ من الخبر بضمير الفصل نحو: {فَاللََّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [(42) الشورى:] أي: فغيره ليس بوليّ، أو تقديم المعمول نحو: {إِيََّاكَ نَعْبُدُ}
[(1) الفاتحة: 4] أي: لا غيرك {لَإِلَى اللََّهِ تُحْشَرُونَ} [(3) آل عمران: 158] أي: لا إلى غيره.
والمنطوق تارة يتوقّف صحة دلالته على إضمار فيسمّى دلالة اقتضاء نحو: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [(12) يوسف: 82] أي: أهلها، وتارة لا يتوقّف ويدلّ على ما لم يقصد به فيسمّى دلالة إشارة نحو: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيََامِ الرَّفَثُ إِلى ََ نِسََائِكُمْ} [(2) البقرة: 187] فإن المقصود به جواز الجماع في اللّيل وهو صادق بآخر جزء منه فيدل بالإشارة على صحة صوم من أصبح جنبا.
قلت: وقد استنبطت بهذه القاعدة أحكاما من عدّة آيات منها قوله تعالى: {إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [(5) المائدة: 33، 34]، أشار بجواب الشّرط بأنّه غفور رحيم إلى أنّ التّوبة إنما تسقط الحقّ المتعلق به تعالى دون المتعلّق بالآدميّ، لأن التّوبة لا تسقطه وتوهّم بعض الشّافعيّة من قوله تعالى المولي: {فَإِنْ فََاؤُ فَإِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [(2) البقرة: 226] أنه لا يجب تعالى كفّارة اليمين، لأن الله ذكر له المغفرة والرّحمة، وغفل قائل هذا عن هذه النكتة فالمغفرة فيه لما تعلّق بالله من الحلف به الذي في الحنث فيه حزازة دون ما تعلّق بالآدميّ من الكفّارة فإن فيها حقا لآدميّ فتأمّل هذا المحلّ فإنّه نفيس جدا.
النّوع السّتّون والحادي والسّتّون: المطلق والمقيّد
المطلق: الدّالّ على الماهيّة بلا قيد، وقد اشتهر من مذهب الشّافعي أنه يحمل المطلق على المقيّد وفي ذلك تفصيل، لأنهما إن اتّحد حكمهما وموجبهما وكانا مثبتين وتأخّر المقيّد عن وقت العمل بالمطلق فالمقيّد ناسخ للمطلق وإلّا حمل عليه، وكذا إن
كانا منفيّين، وإن كان أحدهما أمرا والآخر نهيا قيّد المطلق بضدّ الصّفة، وإن اختلف السّبب فمذهب الشّافعيّ الحمل عليه قياسا كما في قوله تعالى في كفّارة القتل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [(4) النساء: 92]، وفي كفّارة الظّهار: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(58) المجادلة: 3]، وإن اتّحد الموجب واختلف الحكم حمل عليه أيضا كما في قوله تعالى في آية الوضوء:(1/102)
المطلق: الدّالّ على الماهيّة بلا قيد، وقد اشتهر من مذهب الشّافعي أنه يحمل المطلق على المقيّد وفي ذلك تفصيل، لأنهما إن اتّحد حكمهما وموجبهما وكانا مثبتين وتأخّر المقيّد عن وقت العمل بالمطلق فالمقيّد ناسخ للمطلق وإلّا حمل عليه، وكذا إن
كانا منفيّين، وإن كان أحدهما أمرا والآخر نهيا قيّد المطلق بضدّ الصّفة، وإن اختلف السّبب فمذهب الشّافعيّ الحمل عليه قياسا كما في قوله تعالى في كفّارة القتل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [(4) النساء: 92]، وفي كفّارة الظّهار: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(58) المجادلة: 3]، وإن اتّحد الموجب واختلف الحكم حمل عليه أيضا كما في قوله تعالى في آية الوضوء:
{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرََافِقِ} [(5) المائدة: 6] وفي آية التّيمّم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [(5) المائدة: 6].
وأما المقيّد في موضعين بمتنافيين وفد أطلق في موضع وليس أولى بأحدهما من الآخر. فلا يحمل على شيء منهما كقوله تعالى في قضاء أيام رمضان: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيََّامٍ أُخَرَ}
[(2) البقرة: 185]، وفي كفّارة الظّهار: {فَصِيََامُ شَهْرَيْنِ مُتَتََابِعَيْنِ} [(58) المجادلة: 4] وفي صوم التّمتّع: {فَصِيََامُ ثَلََاثَةِ أَيََّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذََا رَجَعْتُمْ} [(2) البقرة: 196] فأوجب التتابع في الثّاني، والتّفريق في الثالث وليس الأول أولى بأحدهما من الآخر فلا يجب فيه تتابع ولا تفريق.
وقد يكون الكتاب مقيّدا للسّنّة المطلقة، والسّنّة مقيّدة للكتاب المطلق كالتخصيص.
النّوع الثّاني والسّتّون والثّالث والسّتون: النّاسخ والمنسوخ
هذان النّوعان مهمان وللنّاس فيهما مصنّفات جمّة، وذلك على ثلاثة أقسام: الأوّل:
ما نسخ حكمه دون رسمه وهو أضرب: أحدها: ما نسخه كتاب كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوََاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوََاجِهِمْ مَتََاعاً إِلَى الْحَوْلِ} فإنه منسوخ بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوََاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [(2) البقرة: 234]، وكقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صََابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [(8) الأنفال:
65] الآية، نسخ بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللََّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صََابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [(8) الأنفال: 66] الآية.
وكقوله تعالى: {وَاللََّاتِي يَأْتِينَ الْفََاحِشَةَ} إلى قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}
[(4) النساء: 15] نسخ بقوله تعالى: {الزََّانِيَةُ وَالزََّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وََاحِدٍ مِنْهُمََا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
[(24) النور: 2].
وهنا فوائد: الأولى: كلّ ما في القرآن من الصّفح عن الكفّار والتّولّي والإعراض والكفّ عنهم فهو منسوخ بآية السّيف، قال بعضهم وهي: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}
{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [(9) التوبة: 5]. نسخت مائة وأربعا وعشرين آية ثم نسخ آخرها أوّلها.(1/103)
وهنا فوائد: الأولى: كلّ ما في القرآن من الصّفح عن الكفّار والتّولّي والإعراض والكفّ عنهم فهو منسوخ بآية السّيف، قال بعضهم وهي: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ}
{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [(9) التوبة: 5]. نسخت مائة وأربعا وعشرين آية ثم نسخ آخرها أوّلها.
الثانية: ليس في القرآن ناسخ إلّا والمنسوخ قبله في التّرتيب إلّا آية العدّة السّابقة.
وقوله تعالى: {لََا يَحِلُّ لَكَ النِّسََاءُ مِنْ بَعْدُ} [(33) الأحزاب: 52] نسخها قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنََّا أَحْلَلْنََا لَكَ أَزْوََاجَكَ} [(33) الأحزاب: 50]. وهي قبلها في التّرتيب، قيل: وقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [(7) الأعراف: 199] يعني الفضل من أموالهم، فإنه منسوخ بآية الزّكاة، قالوا: وهي من عجيب المنسوخ فإن أوّلها وآخرها وهو: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ}
منسوخ ووسطها وهو: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} محكم.
الثّالثة: روى أبو عبيد عن الحسن وأبي ميسرة أنهما قالا: ليس في المائدة منسوخ وهو مشكل، ففي المستدرك عن ابن عباس أن قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [(5) المائدة: 42] منسوخ بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ} [المائدة: 49] وقال بعض من صنّف في هذا النّوع: السّور الّتي لا ناسخ فيها ولا منسوخ: الفاتحة، ويوسف، وإبراهيم، والكهف، والشّعراء، ويس، والحجرات، والرّحمن، والحديد، والصّفّ، والجمعة، والتّحريم، والملك، والحاقّة، ونوح، والجنّ، والقيامة والمرسلات، والنّبأ، والنّازعات، والانفطار، والمطفّفين، والانشقاق، والبروج، والفجر، وخمس بعدها، والقلم وما بعدها.
والسّور الّتي فيها الناسخ فقط: الفتح، والحشر، والمنافقون، والتّغابن، والطّلاق، والأعلى.
والتي فيها الناسخ والمنسوخ: البقرة، وثلاث بعدها، والأنفال، وبراءة، ومريم، والأنبياء، والحج، والنّور، والفرقان، والأحزاب، وسبأ، والمؤمن، والشّورى، والذّاريات، والطّور، والواقعة، والمجادلة، والمزّمّل، والمدّثر، والتكوير، والبواقي فيها المنسوخ فقط.
الرّابعة: قال السعيديّ لم يمكث منسوخ مدّة أكثر من قوله تعالى: {قُلْ مََا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ} [(46) الأحقاف: 9] الآية، ثبتت ستّ عشرة سنة حتى نسخها أوّل الفتح عام الحديبية.
الضّرب الثّاني: ما نسخه سنّة، واختلف في جواز هذا والّذي بعده، مثاله قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذََا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوََالِدَيْنِ وَ}
[(2) البقرة: 180] نسخة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا وصيّة لوارث» ومن أنكره قال: النّاسخ آية الميراث.
الضّرب الثّالث: ما كان ناسخا لسنّة كآية القبلة فإنّها ناسخة لاستقبال بيت المقدس الثّابت بالسّنّة.(1/104)
الضّرب الثّاني: ما نسخه سنّة، واختلف في جواز هذا والّذي بعده، مثاله قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذََا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوََالِدَيْنِ وَ}
[(2) البقرة: 180] نسخة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا وصيّة لوارث» ومن أنكره قال: النّاسخ آية الميراث.
الضّرب الثّالث: ما كان ناسخا لسنّة كآية القبلة فإنّها ناسخة لاستقبال بيت المقدس الثّابت بالسّنّة.
القسم الثّاني: ما نسخ رسمه دون حكمه وهو كثير أيضا فقد قال أبو عبيد: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيّوب عن نافع عن ابن عمر قال: لا يقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر. وقال: حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزّبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلّى الله عليه وسلّم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلّا على ما هو الآن، وهو ثلاث وسبعون آية قاله الجلالان، وقال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بن فضالة عن عاصم بن أبي النّجود عن زرّ بن حبيش قال: قال لي أبيّ ابن كعب: كم كانت تعدّ سورة الأحزاب؟ قلنا: ثنتين وسبعين آية أو ثلاثا وسبعين آية فقال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنّا لنقرأ فيها آية الرّجم قلت: وما آية الرّجم؟ قال: إذا زنى الشّيخ والشّيخة فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم، أخرجه الحاكم مختصرا وصحّحه.
وقال أيضا: حدثنا عبد الله بن صالح عن اللّيث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آية الرّجم: (الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللّذة).
وقال: حدّثنا حجّاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت: قرأ عليّ أبيّ وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة: (إنّ الله وملائكته يصلّون على النّبيّ يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما، وعلى الّذين يصلّون في الصّفوف الأول)، قالت: قبل أن يغيّر عثمان المصاحف.
وقال: حدّثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أوحي إليه أتيناه يعلمنا ممّا أوحي إليه قال: فجئت ذات يوم فقال: إنّ الله تعالى يقول: إنّا أنزلنا المال لإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة ولو أنّ لابن آدم واديا لأحبّ أن يكون إليه الثّاني ولو كان له الثّاني لأحبّ أن يكون إليهما الثّالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب ويتوب الله على من تاب.
وقال الحاكم في المستدرك: أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي
حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم بن إياس حدثنا شعبة عن عاصم عن زرّ عن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ وَالْمُشْرِكِينَ} ومن بقيّتها: (لو أنّ ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيا [وإن سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا وإن سأل ثالثا فأعطيته سأل رابعا] (1)
ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب ويتوب الله على من تاب، وإنّ ذات الدّين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النّصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره).(1/105)
وقال الحاكم في المستدرك: أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي
حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم بن إياس حدثنا شعبة عن عاصم عن زرّ عن أبيّ بن كعب قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقرأ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ وَالْمُشْرِكِينَ} ومن بقيّتها: (لو أنّ ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيا [وإن سأل ثانيا فأعطيه سأل ثالثا وإن سأل ثالثا فأعطيته سأل رابعا] (1)
ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب ويتوب الله على من تاب، وإنّ ذات الدّين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النّصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره).
وقال أبو عبيد: حدّثنا حجّاج عن حمّاد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعريّ قال: نزلت سورة نحو «براءة» ثمّ رفعت وحفظ منها:
(إنّ الله سيؤيّد هذا الدّين بأقوام لا خلاق لهم، ولو أنّ لابن آدم واديين من مال لتمنّى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب ويتوب الله على من تاب).
وقال الحاكم في المستدرك: حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل حدثنا محمد بن المغيرة اليشكري حدثنا القاسم بن الحكم العرنيّ حدثنا سفيان بن سعيد عن الأعمش عن عبد الله ابن مرّة عن عبد الله بن سلمة عن حذيفة قال ما تقرءون ربعها يعني «براءة» وإنكم تسمّونها سورة التّوبة وهي سورة العذاب.
وقال أبو عبيد: حدثنا حجّاج عن سعيد عن الحكم بن عيينة عن عديّ بن عديّ قال: قال عمر: كنّا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم، ثمّ قال لزيد بن ثابت:
أكذلك؟ قال: نعم.
وقال: حدثنا ابن أبي مريم عن نافع بن عمر الجمحي حدّثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: (أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة). فإنّا لا نجدها؟ فقال: أسقطت فيما أسقط من القرآن، وقال: حدّثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي سفيان الكلاعي أنّ مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين من القرآن لم يكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال مسلمة: (إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون.
والّذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الّذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون).
__________
(1) ما بين حاصرتين زيادة من الإتقان 3/ 73.(1/106)
وقال الطّبراني حدثنا أبو شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد حدثنا أبي حدثنا العبّاس بن الفضل عن سليمان بن أرقم عن الزهريّ عن سالم عن أبيه قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكانا يقرءان بها فقاما ذات ليلة يصلّيان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرا ذلك له فقال: إنّها ممّا نسخ وأنسي فالهوا عنها.
وفي الصّحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الّذين قتلوا وقنت صلّى الله عليه وسلّم يدعو على قاتليهم قال أنس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتّى رفع: أن بلغوا عنّا قومنا إنّا لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا.
القسم الثّالث: ما نسخ رسمه وحكمه معا كما روى البخاريّ عن عائشة: كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات.
النّوع الرّابع والسّتّون: ما عمل به واحد فقط ثمّ نسخ
هو قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نََاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} [(58) المجادلة: 12]، قال ابن عطيّة: قال جماعة: لم يعمل بهذه الآية بل نسخ حكمها قبل العمل، وصحّ عن عليّ أنه قال: ما عمل بهذه الآية أحد غيري ولا يعمل بها أحد بعدي. رواه الحاكم وصحّحه وفيه:
كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلّما ناجيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ} [(58) المجادلة: 13] الآية.
وروى التّرمذيّ عنه قال: لمّا نزلت هذه الآية قال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما ترى دينارا»؟، قلت: لا يطيقونه، قال: «فنصف دينار»، قلت: لا يطيقونه: قال: «فكم»؟ قلت: شعيرة:
قال: إنك لزهيد فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ} الآية، فبي خفّف عن هذه الأمة.
قال مقاتل: بقي هذا الحكم عشرة أيّام، وقال قتادة: ساعة من نهار. قلت: الظاهر قول قتادة كما لا يخفى.
النّوع الخامس والسّتّون: ما كان واجبا على واحد فقط
هذا النّوع من زيادتي وهو لطيف إلّا أنّ أمثلته إنّما توجد كثيرة في الحديث وليس في القرآن منه إلّا خصائص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فمنها: التّهجّد فإنّه كان واجبا عليه وحده صلّى الله عليه وسلّم بقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نََافِلَةً لَكَ} [(17) الإسراء: 79].
ومنها: وجوب التّضحية بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(108) الكوثر: 2].
ومنها: وجوب طلاق كارهته بقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوََاجِكَ} إلى قوله:(1/107)
ومنها: وجوب التّضحية بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(108) الكوثر: 2].
ومنها: وجوب طلاق كارهته بقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوََاجِكَ} إلى قوله:
{فَتَعََالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرََاحاً جَمِيلًا} [(33) الأحزاب: 28].
النّوع السّادس والسّتّون والسّابع والسّتّون والثّامن والسّتون: الإيجاز والإطناب والمساواة
وهي من أنواع البلاغة حتّى نقل صاحب «سرّ الفصاحة» أنّ هذه الأنواع هي البلاغة، واختلف في حدودها والأقرب ما قاله صاحب التّلخيص: إنّ المقبول من طرق التّعبير عن المراد تأدية أصله بلفظ مساو له، أو ناقص عنه واف، أو زائد عليه لفائدة.
والأوّل: المساواة، والثّاني: الإيجاز، والثّالث: الإطناب. فخرج بقولنا: واف الإخلال.
ولفائدة التّطويل والحشو، وذهب ابن الأثير إلى أنّ الإيجاز: التّعبير عن المراد بلفظ غير زائد عنه، والإطناب: بلفظ زائد عنه فتدخل المساواة في الإيجاز ولا واسطة والأقرب الأوّل.
ومثّل في التلخيص للمساواة بقوله تعالى: {وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} [(35) فاطر: 43]، وأورد عليه أمران:
أحدهما: أن فيه إطنابا لأنّ السّيّئ زيادة، لأن كلّ مكر لا يكون إلّا سيئا، ولأنه باعتبار ما قبله تذييل لقوله: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} [(35) فاطر: 43].
الثّاني: أنّ فيه إيجازا لأنّ الاستثناء إذا كان مفرّغا ففيه إيجاز القصر، وإلّا ففيه إيجاز قصر بالاستثناء، وإيجاز حذف للمستثنى منه فإن تقديره: «بأحد».
ومثّل في الإيضاح بقوله تعالى: {وَإِذََا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيََاتِنََا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [(6) الأنعام: 68].
وأمّا الإيجاز فقسمان: إيجاز حذف وسبق أمثلته في مجاز الحذف، وإيجاز قصر:
وهو ما لا حذف فيه، ومن أبلغه قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ} [(2) البقرة: 179] فإن معناه كثير ولفظه يسير، لأنّه قائم مقام قولنا: الإنسان إذا علم أنّه إذا قتل يقتصّ منه كان ذلك داعيا قويا مانعا له من القتل فارتفع بالقتل الّذي هو قصاص كثير من قتل النّاس بعضهم لبعض فكان ارتفاع القتل حياة لهم، وقد كان عند العرب أبلغ عبارة في هذا المعنى: «القتل أنفى للقتل» فزاد عليه: بقلّة حروف ما يناظره منه.
والنّص على المطلوب، وما يفيده تنكير «حياة» من التّعظيم لمنعه عما كانوا عليه من قتل جماعة بواحد، واطّراده، وخلوّه من التكرار، واستغناؤه عن تقدير محذوف، والمطابقة. وأمّا الإطناب فإنه يكون بأمور:
أحدها: الإيضاح بعد الإبهام نحو: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [(20) طه: 25] فإن:
«اشرح لي» يفيد طلب شرح شيء ما له و «صدري» يفسّره والمقام يقتضي التّأكيد للإرسال المؤذن بتلقّي الشّدائد. وكذا: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [(94) الشرح: 1] فإن المقام يقتضي التأكيد لأنه مقام امتنان وتفخيم.(1/108)
أحدها: الإيضاح بعد الإبهام نحو: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [(20) طه: 25] فإن:
«اشرح لي» يفيد طلب شرح شيء ما له و «صدري» يفسّره والمقام يقتضي التّأكيد للإرسال المؤذن بتلقّي الشّدائد. وكذا: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [(94) الشرح: 1] فإن المقام يقتضي التأكيد لأنه مقام امتنان وتفخيم.
الثّاني: ذكر الخاصّ بعد العامّ تنبيها على فضل الخاصّ حتّى كأنّه ليس من جنس العام نحو: {مَنْ كََانَ عَدُوًّا لِلََّهِ وَمَلََائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكََالَ} [(2) البقرة: 98]، {حََافِظُوا عَلَى الصَّلَوََاتِ وَالصَّلََاةِ الْوُسْطى ََ} [(2) البقرة: 238]، {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [(3) آل عمران: 104].
الثّالث: التّكرير، وتقدّم في المجاز.
الرّابع: الإيغال وهو: ختم الكلام بما يفيد نكتة يتمّ المعنى بدونها نحو: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لََا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [(36) يس: 20، 21] لأن المقصود حثّ السّامعين على الاتّباع، ففي وصفهم بالثّاني زيادة مبالغة وحثّ على اتّباع النّاس له من ذكر كونهم مرسلين، وكذا: {أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ} [(2) البقرة: 16] الآية فقوله:
{وَمََا كََانُوا مُهْتَدِينَ} إيغال.
الخامس: التّذييل وهو: أن يأتي عقب الجملة بجملة تشتمل على معناها للتوكيد، ثمّ منه ما خرج مخرج المثل لاستقلاله بنفسه نحو: {وَقُلْ جََاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبََاطِلُ إِنَّ الْبََاطِلَ كََانَ زَهُوقاً} [(17) الإسراء: 81].
وما لم يخرج مخرجه لعدم استقلاله نحو: {ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِمََا كَفَرُوا وَهَلْ نُجََازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [(34) سبأ: 17]، واجتمعا في قوله: {وَمََا جَعَلْنََا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} [(21) الأنبياء: 34، 35]، فإن: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ} من الثاني و {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} من الأوّل.
ومنه نوع سمّاه بعضهم: حشو التّمهيد كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً}
[(27) النمل: 34] الآية، فقوله تعالى: {وَكَذََلِكَ يَفْعَلُونَ} تقرير لكلام «بلقيس» لا من تتمة كلامها.
السّادس: التكميل ويسمّى أيضا: احتراسا وهو: أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه نحو: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكََافِرِينَ} [(5) المائدة: 54] فلو اقتصر على: (أذلّة) لتوهّم أنّهم أذلّة لضعفهم فجاء قوله: {(أَعِزَّةٍ)} لنفي ذلك. وكذلك:
{أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ} [(48) الفتح: 29] لأنه لو اقتصر على الأوّل لأوهم الغلظة والفظاظة، وكذا: {وَاللََّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} بين: قالوا نشهد إنّك لرسول الله: {وَاللََّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنََافِقِينَ لَكََاذِبُونَ} [(63) المنافقون: 1] ولولاه لكان يوم ردّ التكذيب إلى نفس الشّهادة.(1/109)
السّادس: التكميل ويسمّى أيضا: احتراسا وهو: أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه نحو: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكََافِرِينَ} [(5) المائدة: 54] فلو اقتصر على: (أذلّة) لتوهّم أنّهم أذلّة لضعفهم فجاء قوله: {(أَعِزَّةٍ)} لنفي ذلك. وكذلك:
{أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ} [(48) الفتح: 29] لأنه لو اقتصر على الأوّل لأوهم الغلظة والفظاظة، وكذا: {وَاللََّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} بين: قالوا نشهد إنّك لرسول الله: {وَاللََّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنََافِقِينَ لَكََاذِبُونَ} [(63) المنافقون: 1] ولولاه لكان يوم ردّ التكذيب إلى نفس الشّهادة.
السّابع: التتميم، وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة لنكتة كالمبالغة نحو: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعََامَ عَلى ََ حُبِّهِ} [(76) الإنسان: 8]، {وَآتَى الْمََالَ عَلى ََ حُبِّهِ}
[(2) البقرة: 177] أي مع حبه فإن الإطعام وإيتاء المال مع حبّه أبلغ.
الثّامن: الاعتراض وهو: أن يؤتى في أثناء الكلام أو بين كلامين متّصلين معنى بجملة أو أكثر لا محلّ لها من الإعراب لنكتة كالتّنزيه في قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلََّهِ الْبَنََاتِ سُبْحََانَهُ وَلَهُمْ مََا يَشْتَهُونَ} [(16) النحل: 57]. «فسبحانه» هنا تضمّنت تنزيها لله تعالى عن البنات، وكقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى ََ وَهْنٍ وَفِصََالُهُ فِي عََامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ} [(31) لقمان: 14] قوله: {«حَمَلَتْهُ»} إلى آخره اعتراض لتأكيد الوصية، وقوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللََّهُ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ التَّوََّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسََاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [(2) البقرة: 223، 224] فنساؤكم متصل بقوله: {فَأْتُوهُنَّ} لأنّه بيان له وما بينهما اعتراض وأمثلته في القرآن كثيرة.
وقد يكون الإطناب بغير أحد هذه الأمور نحو: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} [(40) غافر: 7] فقوله: {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} إطناب لأن إيمانهم ليس ممّا ينكر، وحسّن ذكره إظهار شرف الإيمان ترغيبا فيه، وكذا قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلََافِ اللَّيْلِ وَالنَّهََارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمََا يَنْفَعُ النََّاسَ} [(2) البقرة: 164] الآية، فيها أبلغ الإطناب لكونها وردت مع المنكرين وحدانيّة الله تعالى الطّالبين على ذلك دليلا.
النّوع التّاسع والسّتّون: الأشباه
هذا النّوع من زيادتي والمراد به الآيات المتشابهة، وحكمة تكرارها ونكتته: ما في إحدى المتشابهتين ممّا ليس في الأخرى من تقديم أو تأخير أو زيادة، وقد صنّف في ذلك جماعة تصانيف منها: البرهان في متشابه القرآن لمحمود بن حمزة الكرماني، ومن أمثلته:
الرّحمن الرّحيم في الفاتحة، كرّره بعد ذكره في البسملة تأكيدا لرحمته تعالى، ولأنّه ذكره أولا مع المنعم عليهم فأعاده معهم وهم العالمون، وأشار بالرّحمن إلى أنّه رحمن لجميعهم في الدّنيا، وبالرّحم إلى أنّه خاص بالمؤمنين يوم الدّين، ومنها قوله تعالى في
البقرة: {اهْبِطُوا مِنْهََا} مكرّرا في موضعين، لأن المراد بالأوّل: الهبوط من الجنّة. والثّاني من السّماء.(1/110)
الرّحمن الرّحيم في الفاتحة، كرّره بعد ذكره في البسملة تأكيدا لرحمته تعالى، ولأنّه ذكره أولا مع المنعم عليهم فأعاده معهم وهم العالمون، وأشار بالرّحمن إلى أنّه رحمن لجميعهم في الدّنيا، وبالرّحم إلى أنّه خاص بالمؤمنين يوم الدّين، ومنها قوله تعالى في
البقرة: {اهْبِطُوا مِنْهََا} مكرّرا في موضعين، لأن المراد بالأوّل: الهبوط من الجنّة. والثّاني من السّماء.
ومنها قوله فيها: {يُذَبِّحُونَ} بغير واو، وكذا في الأعراف {يَقْتُلُونَ} وفي إبراهيم بالواو، لأن الأوّلين من كلام الله فلم يرد تعداد المحن عليهم والثّالث من كلام موسى لهم فعدّدها عليهم وكان مأمورا بذلك في قوله: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيََّامِ اللََّهِ}.
ومنها قوله فيها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالنَّصََارى ََ وَالصََّابِئِينَ} [(2) البقرة: 62] وقال في الحجّ: {وَالصََّابِئِينَ وَالنَّصََارى ََ} [(22) الحج: 17]، وفي المائدة: {وَالصََّابِئُونَ وَالنَّصََارى ََ} [(5) المائدة: 69] لأن النّصارى تقدّم على الصّابئين في الرتبة لأنهم أهل كتاب فقدّمهم في البقرة، والصّابئين تقدّم في الزّمان لأنّهم كانوا قبلهم فقدّمهم في الحجّ، وراعى في المائدة المعنيين فقدّمهم في اللّفظ وأخرهم في التّقدير لأن التقدير: (والصّابئون كذلك).
ومنها قوله فيها: {اجْعَلْ هََذََا بَلَداً آمِناً} [(2) البقرة: 162] وفي إبراهيم: {هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} [(14) إبراهيم: 35] لأن الأوّل إشارة إلى غير بلد وهو الوادي قبل بناء الكعبة والثّاني: إشارة إليه بعد بنائها.
ومنها قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [(2) البقرة: 160] وليس فيه: من بعد ذلك وهو في غيرها، لأنّ هنا «من بعد ما بيّناه» فأغنى عن إعادته.
ومنها في بعض المسبّحات: سبّح وفي بعضها: يسبّح، وهي كلمة استأثر الله بها فأتى بها على جميع وجوهها فذكر المصدر في أوّل الإسراء والماضي والمضارع في المسبّحات، والأمر في الأعلى.
ومنها تكرار (شرّ) أربع مرّات في الفلق لأنّ كلّ شرّ من الأربعة المضاف إليه غير شرّ الآخر.
النّوع السّبعون والحادي والسّبعون: الفصل والوصل
الفضل: ترك عطف الجمل، والوصل: عطفها. فالأوّل: يكون لفقدان التّغاير ويسمّى: كمال الاتّصال ككون الثّانية تأكيدا للأولى كقوله تعالى: {لََا رَيْبَ فِيهِ} [(2) البقرة: 2] فإنّه لمّا بولغ في وصفه ببلوغه الدّرجة القصوى في الكمال بجعل المبتدأ (ذلك)
وتعريف الخبر باللّام جاز أن يتوهّم السّامع قبل التّأمّل أنّه ممّا يرمى به جزافا فأتبع نفيا لذلك، وكقوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} فإنّ معناه: أنّه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتّى كأنّه هداية محضة فهو معنى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ} إذ معناه: الكتاب الكامل والمراد كماله في الهداية.(1/111)
الفضل: ترك عطف الجمل، والوصل: عطفها. فالأوّل: يكون لفقدان التّغاير ويسمّى: كمال الاتّصال ككون الثّانية تأكيدا للأولى كقوله تعالى: {لََا رَيْبَ فِيهِ} [(2) البقرة: 2] فإنّه لمّا بولغ في وصفه ببلوغه الدّرجة القصوى في الكمال بجعل المبتدأ (ذلك)
وتعريف الخبر باللّام جاز أن يتوهّم السّامع قبل التّأمّل أنّه ممّا يرمى به جزافا فأتبع نفيا لذلك، وكقوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} فإنّ معناه: أنّه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها حتّى كأنّه هداية محضة فهو معنى: {ذََلِكَ الْكِتََابُ} إذ معناه: الكتاب الكامل والمراد كماله في الهداية.
أو بدلا منها لعدم توفيتها بالمراد نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمََا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعََامٍ وَبَنِينَ وَجَنََّاتٍ وَعُيُونٍ} [(26) الشعراء: 132، 134] فإنّ المراد التّنبيه على نعم الله والثّاني أوفى لدلالته عليها بالتّفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين.
أو بيانا نحو: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطََانُ قََالَ يََا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ} [(20) طه: 120] ويكون لفقد الجامع المشترك بين الجمل نحو: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [(2) البقرة: 6] فصل لكون ما قبله حديثا عن القرآن وصفاته وهذا حديث عن الكفار وصفاتهم.
ولاختلاف الجملتين خبرا وإنشاء، وجوّز النّحاة العطف في مثل ذلك كقوله تعالى:
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ} [(2) البقرة: 25] في سورة البقرة ويسمّى هذا القسم والّذي قبله عند أهل المعاني: كمال الانقطاع.
ومن المقتضي للفصل: ألّا يقصد إعطاء الثّانية حكم الأولى نحو: {وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [(2) البقرة: 14، 15] لم يعطف: {اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على: {إِنََّا مَعَكُمْ} لأنّه ليس من مقولهم ولا على: (قالوا) لئلا يشاركه في الاختصاص بالظرف.
وكذا كونها جوابا لسؤال اقتضته الأولى ويسمّى: استئنافا بيانيا نحو: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهََا بِالْغُدُوِّ وَالْآصََالِ رِجََالٌ} [(24) النور: 36، 37]، {وَمََا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ}
[(12) يوسف: 53] {فَقََالُوا سَلََاماً قََالَ سَلََامٌ} [(51) الذاريات: 25] أي: فماذا قال؟
وأمّا الوصل فيكون للجامع نحو: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ وَهُوَ خََادِعُهُمْ} [(4) النساء: 142] {إِنَّ الْأَبْرََارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجََّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [(82) الانفطار: 13، 14] {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلََا تُسْرِفُوا} [(7) الأعراف: 31]، {لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً} [(2) البقرة: 83] أي لا تعبدوا وأحسنوا.(1/112)
وأمّا الوصل فيكون للجامع نحو: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ وَهُوَ خََادِعُهُمْ} [(4) النساء: 142] {إِنَّ الْأَبْرََارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجََّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [(82) الانفطار: 13، 14] {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلََا تُسْرِفُوا} [(7) الأعراف: 31]، {لََا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللََّهَ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً} [(2) البقرة: 83] أي لا تعبدوا وأحسنوا.
النّوع الثّاني والسّبعون: القصر
هو تخصيص صفة بأمر دون آخر، أو أمر بصفة دون أخرى، فهو قصر موصوف على صفة، وصفة على موصوف.
وله أدوات منها: النّفي والاستثناء نحو: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ} [(3) آل عمران: 144] أي: لا يتعدّى إلى التّبرّي من الموت {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلََّا رَسُولٌ} [(5) المائدة: 75] ألا لا يتعدّى إلى الألوهيّة، ويسمّى ذلك قصر إفراد، ويخاطب به من يعتقد الشّركة لقطعها {إِنْ هُوَ إِلََّا عَبْدٌ} [(43) الزخرف: 59] به من يعتقد أنّه إله فيسمّى قصر قلب.
ومنها إنما نحو: {إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [(2) البقرة: 173] أي: ما حرّم إلّا ذلك دون ما ادّعوه من البحيرة والسّائبة ونحوهما {قُلْ إِنَّمََا أَتَّبِعُ مََا يُوحى ََ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي}
[الأعراف: 203] {فَإِنَّمََا عَلَيْكَ الْبَلََاغُ} [(13) الرعد: 40]، {إِنَّمََا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ}
[(12) يوسف: 86].
ومنها: غير نحو: {هَلْ مِنْ خََالِقٍ غَيْرُ اللََّهِ} [(35) فاطر: 3] ومنها: التّقديم نحو:
{إِيََّاكَ نَعْبُدُ} [(1) الفاتحة: 4]، {بَلِ اللََّهَ فَاعْبُدْ} [(39) الزمر: 66].
ومنها: أنّما بالفتح عند الزّمخشري والبيضاويّ والتّنّوخي: ومثّلوا بقوله: {قُلْ إِنَّمََا يُوحى ََ إِلَيَّ أَنَّمََا إِلََهُكُمْ إِلََهٌ وََاحِدٌ} [(21) الأنبياء 108].
ومنها: قلب حروف بعض الكلمة عند الزّمخشريّ أيضا ومثل له بقوله تعالى:
{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطََّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهََا} [(39) الزمر: 17] فإن القلب للاختصاص بالنسبة إلى لفظ «الطّاغوت» لأن وزنه: فعلوت من الطّغيان قلب بتقديم اللّام على العين فوزنه: فلعوت مبالغة.
ومنها: أدوات أخر مختلف فيها وحرّرناها في كتبنا البيانيّة.
وأكثر ما تستعمل (إنّما) في مواقع التّعريض نحو: {إِنَّمََا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبََابِ} [(13) الرعد: 19] فإنّه تعريض بأنّ الكفّار من فرط جهلهم كالبهائم.
فائدة: أطلق النّاس أنّ الحصر هو الاختصاص، واختار السّبكيّ التفرقة بينهما وصنّف في ذلك كتابا لطيفا قال فيه: الحصر: نفي غير المذكور وإثبات المذكور والاختصاص:
قصد الخاصّ من جهة خصوصه فيقدّم للاهتمام به من غير تعرّض لنفي غيره، قال: وإنّما جاء النّفي في: {إِيََّاكَ نَعْبُدُ} للعلم بأنّ قائليه لا يعبدون غير الله، ولذا لم يطّرد ذلك في
بقيّة الآيات، فإن قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللََّهِ يَبْغُونَ} [(3) آل عمران: 83] لو جعل في معنى ما يبغون إلّا غير دين الله وهمزة الإنكار داخلة عليه لزم أن يكون المنكر الحصر لا مجرّد بغيهم غير دين الله وليس المراد. وكذلك {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللََّهِ تُرِيدُونَ} [(37) الصافات: 86] المنكر إرادتهم آلهة دون الله من غير حصر انتهى، وهذا الّذي قاله هو التّحقيق.(1/113)
قصد الخاصّ من جهة خصوصه فيقدّم للاهتمام به من غير تعرّض لنفي غيره، قال: وإنّما جاء النّفي في: {إِيََّاكَ نَعْبُدُ} للعلم بأنّ قائليه لا يعبدون غير الله، ولذا لم يطّرد ذلك في
بقيّة الآيات، فإن قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللََّهِ يَبْغُونَ} [(3) آل عمران: 83] لو جعل في معنى ما يبغون إلّا غير دين الله وهمزة الإنكار داخلة عليه لزم أن يكون المنكر الحصر لا مجرّد بغيهم غير دين الله وليس المراد. وكذلك {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللََّهِ تُرِيدُونَ} [(37) الصافات: 86] المنكر إرادتهم آلهة دون الله من غير حصر انتهى، وهذا الّذي قاله هو التّحقيق.
النّوع الثّالث والسّبعون: الاحتباك
هذا النّوع من زيادتي وهو لطيف، ولم نر أحدا من أهل المعاني والبيان، والبديع، وكنت تأمّلت قوله تعالى: {لََا يَرَوْنَ فِيهََا شَمْساً وَلََا زَمْهَرِيراً} [(76) الإنسان: 13] والقولين اللّذين في الزّمهرير، فقيل: هو القمر في مقابلة الشمس، وقيل: هو البرد فقلت: لعلّ المراد به البرد، وأفاد بالشّمس: أنّه لا قمر فيها، وبالزّمهرير: أنّه لا حرّ فيها فحذف من كلّ شقّ مقابل الآخر، وقلت في نفسي: هذا نوع من البديع لطيف لكنّي لا أدري ما اسمه ولا أعرف في أنواع البديع ما يناسبه حتّى أفادني بعض الأئمّة الفضلاء أنّه سمع بعض شيوخه قرّر له مثل ذلك في قوله تعالى: {فِئَةٌ تُقََاتِلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَأُخْرى ََ كََافِرَةٌ} [(3) آل عمران: 13] قال:
فأفاد بقوله: كافرة أنّ الفئة الأولى مؤمنة، وبقوله: {تُقََاتِلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ} أنّ الأخرى تقاتل في سبيل الطّاغوت قال: وهذا النّوع يسمّى بالاحتباك قال الإمام الفاضل المذكور:
وتطلّبت ذلك في عدّة كتب فلم أقف عليه، وأظنه في شرح الحاوي لابن الأثير، ثمّ صنّف المذكور في هذا النّوع تأليفا لطيفا سمّاه: الإدراك لفنّ الاحتباك.
ثمّ وقفت في التّبيان للطّيبيّ على ما يشبه هذا النّوع وسمّاه: الطّرد والعكس وقال:
هو أن يؤتى بكلامين يقرّر الأوّل بمنطوقه مفهوم الثّاني وبالعكس كقوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمََانُكُمْ} [(24) النور: 58] فقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلََا عَلَيْهِمْ جُنََاحٌ بَعْدَهُنَّ}
كلام مقرّر للأمر بالاستئذان في تلك الأوقات خاصة فمنطوق الأمر بالاستئذان مقرر لمفهوم رفع الجناح وبالعكس.
قال: وكذا قوله تعالى: {لََا يَعْصُونَ اللََّهَ مََا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مََا يُؤْمَرُونَ} [(66) التحريم:
6] ثمّ وجدت هذا النّوع بعينه مذكورا في شرح بديعيّة أبي عبد الله بن جابر لرفيقه أحمد بن يوسف الأندلسي وهما المشهوران بالأعمى والبصير قال ما نصه: من أنواع البديع:
الاحتباك وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأوّل ما أثبت نظيره في الثّاني ومن الثّاني ما أثبت نظيره في الأوّل كقوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [(2) البقرة:
171] الآية، والتّقدير: مثل الأنبياء والكفّار كمثل الّذي ينعق والّذي ينعق به فحذف من الأوّل: الأنبياء لدلالة الّذي ينعق عليه، ومن الثّاني: الذي ينعق به لدلالة الّذين كفروا عليه.(1/114)
الاحتباك وهو نوع عزيز وهو أن يحذف من الأوّل ما أثبت نظيره في الثّاني ومن الثّاني ما أثبت نظيره في الأوّل كقوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [(2) البقرة:
171] الآية، والتّقدير: مثل الأنبياء والكفّار كمثل الّذي ينعق والّذي ينعق به فحذف من الأوّل: الأنبياء لدلالة الّذي ينعق عليه، ومن الثّاني: الذي ينعق به لدلالة الّذين كفروا عليه.
وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ} {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قََالُوا} [(18) الكهف: 2، 4] الآية، حذف من الأوّل مفعول: «لينذر» الأوّل وهو: «الّذين قالوا». ومن الثّاني: مفعوله الثّاني وهو: «بأسا شديدا».
وقوله: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضََاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [(27) النمل: 12] التّقدير: تدخل غير بيضاء، وأخرجها تخرج إلى آخره، فحذف من الأوّل، تدخل إلى آخره، ومن الثّاني: وأخرجها انتهى ملخّصا.
النّوع الرّابع والسّبعون: القول بالموجب
هذا النّوع من زيادتي، وهو من فنون البديع، وألّف الصّلاح الصّفديّ فيه تأليفا، وهو: أن تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم فيثبتها لغيره من غير تعرّض لثبوته وانتفائه نحو: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنََا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [(63) المنافقون: 8] فالأعزّ وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم والأذلّ كناية عن المؤمنين، وقد أثبتوا لفريقهم المكنيّ عنه بالأعزّ الإخراج، فأثبت الله في الرّدّ عليهم صفة العزّة لغير فريقهم: وهو الله ورسوله والمؤمنون، ولم يتعرّض لثبوت ذلك الحكم الّذي هو الإخراج للموصوفين بالعزّة وهو الله ورسوله والمؤمنون، ولا لنفيه عنهم، كذا عرّفوه في البديع. وعرّفوه في الأصول بتسليم الدّليل مع بقاء النزاع، وبيانه هنا أن يقال: صحيح أنّ الأعزّ يخرج الأذلّ كما قلتم لكن الله ورسوله والمؤمنون هم الأعز المخرجون وأنتم الأذلّ المخرجون، فالدّليل وهو كون الأعزّ يخرج الأذلّ مسلّم، ولكنّ النّزاع بين الله والمنافقين في المتّصف به وهذا أدقّ من الأوّل.
النّوع الخامس والسّبعون: المطابقة
هذا النّوع من زيادتي، وهي الجمع بين متقابلين في الجملة، ويكون بلفظين من نوع: اسمين نحو: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقََاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} [(18) الكهف: 18] أو فعلين نحو {يُحْيِي وَيُمِيتُ} [(57) الحديد: 2] أو حرفين نحو: {لَهََا مََا كَسَبَتْ وَعَلَيْهََا مَا اكْتَسَبَتْ} [(2) البقرة:
286] أو نوعين نحو: {أَوَمَنْ كََانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنََاهُ} [(6) الأنعام: 122].
ويكون مثبتا كما ذكر ومنفيا نحو: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ} [(5) المائدة: 44]
{وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَعْلَمُونَ} [(30) الروم: 6].(1/115)
ويكون مثبتا كما ذكر ومنفيا نحو: {فَلََا تَخْشَوُا النََّاسَ وَاخْشَوْنِ} [(5) المائدة: 44]
{وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَعْلَمُونَ} [(30) الروم: 6].
ويلحق به نحو: {أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ} [(48) الفتح: 29] فإنّ الرّحمة مسبّبة عن اللّين.
ومنها نوع يخصّ باسم المقابلة وهو: أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر بما يقابل ذلك على التّرتيب نحو: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} [(9) التوبة: 82].
ونحو: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهََاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبََاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبََائِثَ} [(7) الأعراف: 157].
ونحو: {فَأَمََّا مَنْ أَعْطى ََ وَاتَّقى ََ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ََ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ََ وَأَمََّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ََ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ََ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ََ} [(92) الليل: 6، 10]. فإنّ المراد باستغنى: أنّه زهد فيما عند الله كأنّه مستغن عنه فلم يتّق، أو استغنى بشهوات الدّنيا عن نعيم الآخرة فلم يتّق.
النّوع السّادس والسّبعون: المناسبة
هذا النّوع من زيادتي وهو: ذكر الشّيء وما يناسبه، ويسمّى أيضا: مراعاة النّظير نحو: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبََانٍ} [(55) الرحمن: 5].
ومنه نوع يسمّى: تشابه بالأطراف وهو: أن يختم الكلام بما يناسب ابتداءه في المعنى نحو: {لََا تُدْرِكُهُ الْأَبْصََارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصََارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [(6) الأنعام: 103] فإنّ الذي لا تدركه الأبصار يناسبه اللّطيف، والّذي يدرك يناسبه الخبير.
ومنه: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبََادُكَ} [(5) المائدة: 118] الآية.
قال الطّيبي: هو من خفيّ هذا القسم، لأنّ قوله: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} يوهم أنّ الفاصلة: {الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} لكن التقدير: إن تغفر لمن يستحقّ العذاب فالمناسب له:
العزير الحكيم الّذي ليس فوقه أحد يردّ عليه حكمه ويعلم الحكمة فيما يفعله وإن خفيت.
ويحكى أنّ أعرابيا سمع قارئا يقرأ: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات فاعلموا أنّ الله غفور رحيم) فأنكره ولم يكن قرأ القرآن وقال: إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا، الحكيم لا يذكر الغفران عند الزّلل لأنّه إغراء عليه.
ومنه نوع يسمّى: المشاكلة، وهو ذكر الشّيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته، وهذا نوع مهمّ ينبغي إتقانه لأنّه كثير في القرآن نحو: {تَعْلَمُ مََا فِي نَفْسِي وَلََا أَعْلَمُ مََا فِي}
{نَفْسِكَ} [(5) المائدة: 116] فإطلاق النّفس على الله لمشاكلة ما قبله، وكذا قوله: {إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [(2) البقرة: 138، 139] {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللََّهُ} [(3) آل عمران: 54]، {وَجَزََاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهََا} [(42) الشورى: 40].(1/116)
ومنه نوع يسمّى: المشاكلة، وهو ذكر الشّيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته، وهذا نوع مهمّ ينبغي إتقانه لأنّه كثير في القرآن نحو: {تَعْلَمُ مََا فِي نَفْسِي وَلََا أَعْلَمُ مََا فِي}
{نَفْسِكَ} [(5) المائدة: 116] فإطلاق النّفس على الله لمشاكلة ما قبله، وكذا قوله: {إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللََّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [(2) البقرة: 138، 139] {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللََّهُ} [(3) آل عمران: 54]، {وَجَزََاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهََا} [(42) الشورى: 40].
وقد يذكر بلفظ غيره لتقدير وقوعه في صحبته نحو: {صِبْغَةَ اللََّهِ} فهو مصدر مؤكّد لآمنّا بالله، أي: تطهير الله، لأنّ الإيمان يطهّر النّفس والأصل، أنّ النّصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمّونه: المعموديّة ويقولون: إنّه تطهير لهم، فعبّر عن الإيمان بالله «بصبغة الله للمشاكلة بهذه القرينة».
النّوع السّابع والسّبعون: المجانسة
هذا النّوع من زيادتي، ويطلق عليه: الجناس، وهو: تشابه اللّفظين وأقسامه كثيرة، وألف فيه الصّلاح الصّفديّ تأليفا، ونذكر منه ما وقع في القرآن:
الأوّل: التّامّ، وهو أن يتّفق اللّفظان في أنواع الحروف وأعدادها، وهيئاتها، وترتيبها.
ثمّ إن كانا من نوع كاسمين فهو مماثل نحو: {وَيَوْمَ تَقُومُ السََّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مََا لَبِثُوا غَيْرَ سََاعَةٍ} [(30) الروم: 55] أو من نوعين سمّي مستوفى نحو: {وَإِذََا أَذَقْنَا النََّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرََّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذََا لَهُمْ مَكْرٌ} [(10) يونس: 21].
فإذا الأولى شرطيّة وهي اسم والثّانية فجائيّة وهي حرف.
الثّاني: النّاقص: وهو أن يختلفا في العدد نحو {وَالْتَفَّتِ السََّاقُ بِالسََّاقِ إِلى ََ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسََاقُ} [(75) القيامة: 29، 30].
الثّالث: اللّفظيّ: وهو أن يتفقا لفظا ويختلفا خطا نحو: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاضِرَةٌ إِلى ََ رَبِّهََا نََاظِرَةٌ} [(75) القيامة: 22، 23].
الرّابع: المضارع: وهو أن يختلفا في الحروف بمتقاربين نحو: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [(6) الأنعام: 26].
الخامس: اللّاحق وهو: أن يختلفا بغير متقاربين نحو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}
[(104) الهمزة: 1]، {ذََلِكُمْ بِمََا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمََا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}
[(40) غافر: 75]، {وَإِنَّهُ عَلى ََ ذََلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [(100) العاديات: 7، 8]
{وَإِذََا جََاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ} [(4) النساء: 37].(1/117)
الخامس: اللّاحق وهو: أن يختلفا بغير متقاربين نحو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}
[(104) الهمزة: 1]، {ذََلِكُمْ بِمََا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمََا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}
[(40) غافر: 75]، {وَإِنَّهُ عَلى ََ ذََلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [(100) العاديات: 7، 8]
{وَإِذََا جََاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ} [(4) النساء: 37].
السّادس: المصحّف وهو: أن تتفق الكلمتان خطا وتختلف نقط الحروف نحو:
{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [(18) الكهف: 104]، {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذََا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [(26) الشعراء: 79، 80].
السّابع: المحرّف وهو: أن يختلفا شكلا نحو: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنََا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} [(37) الصافات: 72، 73]، {وَعَتَوْا عُتُوًّا} [(25الفرقان: 21] ومنه نوع يسمّى: المقلوب المستوي نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [(74) المدثر: 3] {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}
[(36) يس: 40].
ويلحق بالجناس شيئان.
الأوّل: أن يجمع اللّفظين الاشتقاق نحو: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} [(30) الروم:
43]، وسمّاه المتأخّرون: الجناس المطلق.
الثّاني: أن تجمعهما المشابهة، وهي ما يشبه الاشتقاق نحو: {قََالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقََالِينَ} [(26) الشعراء: 168].
وإذا ولي أحد المتجانسين الآخر فهو المزدوج نحو: {مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ} [(27) النمل: 22] أو وقع أحدهما في أول الآية والآخر آخرها فهو: ردّ العجز على الصّدر كالآية الّتي قبله، ونحو: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً} [(27) نوح: 10] {وَتَخْشَى النََّاسَ وَاللََّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشََاهُ} [(33) الأحزاب: 37].
ويقرب منه ما يسمّى بالعكس وهو: أن يقدّم في الكلام جزء ثم يؤخّر نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [(30) الروم: 19]، {لََا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلََا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [(60) الممتحنة: 10].
النّوع الثّامن والسّبعون والتّاسع والسّبعون: التّورية والاستخدام
هذان النّوعان من زيادتي، وأفردهما النّاس بالتّصنيف، وهما مهمان خصوصا التّورية.
قال الزّمخشريّ: لا نرى بابا في البيان أدقّ ولا ألطف من التّورية ولا أنفع ولا أعون على تعاطي المشتبهات في كلام الله ورسوله، وهي: أن يطلق لفظ له معنيان: قريب وبعيد، ويراد البعيد، ثمّ تارة تكون مجرّدة وهي الّتي لا تجامع شيئا ممّا يلائم القريب
نحو: {الرَّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ََ} [(20) طه: 5] فإنّ الاستواء له معنيان: الاستقرار وهو المعنى القريب المورّى عنه لأنّه غير مقصود لتنزيه الحق عنه، الاستيلاء وهو البعيد المقصود المورّى عنه بالقريب.(1/118)
قال الزّمخشريّ: لا نرى بابا في البيان أدقّ ولا ألطف من التّورية ولا أنفع ولا أعون على تعاطي المشتبهات في كلام الله ورسوله، وهي: أن يطلق لفظ له معنيان: قريب وبعيد، ويراد البعيد، ثمّ تارة تكون مجرّدة وهي الّتي لا تجامع شيئا ممّا يلائم القريب
نحو: {الرَّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ََ} [(20) طه: 5] فإنّ الاستواء له معنيان: الاستقرار وهو المعنى القريب المورّى عنه لأنّه غير مقصود لتنزيه الحق عنه، الاستيلاء وهو البعيد المقصود المورّى عنه بالقريب.
وتارة تكون مرشّحة نحو: {وَالسَّمََاءَ بَنَيْنََاهََا بِأَيْدٍ} [(51) الذاريات: 47] فأيد تحتمل الجارحة وهو المورّى به، وقد ذكر ممّا يلائمه البناء، ويحتمل القوّة والقدرة وهو البعيد المقصود. وأمّا الاستخدام فلهم فيه تعريفان:
أحدهما: أن يذكر لفظ له معنيان فأكثر مرادا به أحد معانيه، ثمّ يؤتى بضميره مرادا به المعنى الآخر كقوله تعالى: {لََا تَقْرَبُوا الصَّلََاةَ وَأَنْتُمْ سُكََارى ََ} [(4) النساء: 43] الآية.
فالصّلاة يحتمل أن تكون: فعل الصّلاة وموضع الصّلاة، فأراد الأوّل بلفظها لقرينة:
{حَتََّى تَعْلَمُوا مََا تَقُولُونَ} والثّاني بقوله: {إِلََّا عََابِرِي سَبِيلٍ}.
الثّاني: أن يؤتى بلفظ مشترك، ثمّ بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين ومن الآخر الآخر كقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتََابٌ} [(13) الرعد: 38] الآية، فلفظ «كتاب» يحتمل الأمد المحتوم، والكتاب المكتوب ولفظ (أجل) يخدم المعنى الأوّل، و (يمحو) يخدم المعنى الثّاني.
النّوع الثّمانون: اللّفّ والنّشر
هذا النّوع من زيادتي وهو: أن يذكر متعدّد على التّفصيل أو الإجمال ثمّ ما لكلّ من غير تعيين ثقة بأنّ السّامع يردّه إليه.
ثمّ هو ثلاثة أقسام:
أحدها: المرتّب نحو: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [(28) القصص: 73].
وقوله: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى ََ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} [(11) هود: 24].
الثّاني: المعكوس نحو: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(3) آل عمران: 106] الخ.
الثّالث: المشوّش ولا أستحضر الآن في القرآن مثاله.(1/119)
الثّالث: المشوّش ولا أستحضر الآن في القرآن مثاله.
النّوع الحادي والثّمانون: الالتفات
هذا النّوع من زيادتي وهو: الانتقال من التّكلّم أو الخطاب أو الغيبة إلى آخر تطرية للكلام وتفنّنا في الأسلوب مثاله من التكلّم إلى الخطاب: {وَمََا لِيَ لََا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [(36) يس: 22] ومقتضى السياق: وإليه أرجع وإلى الغيبة: {إِنََّا أَعْطَيْنََاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(108) الكوثر: 1، 2] {إِنََّا كُنََّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(44) الدخان: 5، 6].
ومثاله من الخطاب إلى التّكلّم لم أجده في القرآن.
وإلى الغيبة: {حَتََّى إِذََا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [(10) يونس: 22]، {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [(21) الأنبياء: 92، 93].
ومثاله من الغيبة إلى التّكلّم: {وَاللََّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيََاحَ فَتُثِيرُ سَحََاباً فَسُقْنََاهُ} [(35) فاطر: 9]، {وَأَوْحى ََ فِي كُلِّ سَمََاءٍ أَمْرَهََا} [(41) فصلت: 12].
وإلى الخطاب: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيََّاكَ نَعْبُدُ} [(1) الفاتحة: 3، 4].
وقد يكون في الآية التفاتان وأكثر نحو: {إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ شََاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللََّهِ وَرَسُولِهِ} [(48) الفتح: 8، 9] ففيه التفاتان:
أحدهما: بين «أرسلنا» والجلالة.
والثّاني: بين الكاف في «أرسلناك» ورسوله.
وذكر التّنوخيّ وابن الأثير منه: بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلّمه نحو:
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} بعد: (أنعمت) فإنّ المعنى: غير الّذين غضب عليهم وهو نوع غريب ويقرب من الالتفات: الانتقال من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع إلى خطاب الآخر، وليس هو منه لأنّه ليس فيه انتقال من أحد الأساليب الثّلاثة الّتي هي: التّكلّم والخطاب والغيبة إلى آخره.
مثاله من خطاب الواحد إلى الاثنين: {أَجِئْتَنََا لِتَلْفِتَنََا عَمََّا وَجَدْنََا عَلَيْهِ آبََاءَنََا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيََاءُ فِي الْأَرْضِ} [(10) يونس: 78]، وإلى الجمع: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذََا طَلَّقْتُمُ النِّسََاءَ} [(65) الطلاق: 1].
ومثاله من الاثنين إلى الواحد: {فَمَنْ رَبُّكُمََا يََا مُوسى ََ} [(20) طه: 49]، وإلى الجمع: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءََا لِقَوْمِكُمََا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}
[(10) يونس: 87].
ومثاله من الجمع إلى الواحد: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} وإلى الاثنين: {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ} إلى قوله: {فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكُمََا تُكَذِّبََانِ} [(55) الرحمن:(1/120)
ومثاله من الاثنين إلى الواحد: {فَمَنْ رَبُّكُمََا يََا مُوسى ََ} [(20) طه: 49]، وإلى الجمع: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءََا لِقَوْمِكُمََا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}
[(10) يونس: 87].
ومثاله من الجمع إلى الواحد: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} وإلى الاثنين: {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ} إلى قوله: {فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكُمََا تُكَذِّبََانِ} [(55) الرحمن:
33، 34].
وقد سبق في المجاز نوع يشبه هذا وليس هو هو، لأنّ هناك استعمل أحد الثّلاثة في غيره، وهنا استعمل كلّ في موضوعه، لكنّه انتقل من شيء إلى شيء فهو حقيقة، وكذا الالتفات فهذه الثّلاثة أنواع متقاربة في الجنس والمعنى مستوية في الأقسام.
النّوع الثّاني والثّمانون: الفواصل والغايات
هذا النّوع من زيادتي، والفواصل: أواخر الآي وهي: جمع فاصلة وتسمّى في غير القرآن: السّجع، ولا يطلق ذلك على القرآن تأدّبا. والفاصلة إن اختلفت مع قرينتها في الوزن لا في التّقفية فهو المطرّف نحو: {مََا لَكُمْ لََا تَرْجُونَ لِلََّهِ وَقََاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوََاراً}
[(71) نوح: 13، 14].
وإن اتّفقتا فمتواز نحو: {فِيهََا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوََابٌ مَوْضُوعَةٌ} [(88) الغاشية:
13، 14]. وأحسنه: ما تساوت قرائنه نحو: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}
[(56) الواقعة 28، 30] ثم ما طالت قرينته الثّانية نحو: {وَالنَّجْمِ إِذََا هَوى ََ مََا ضَلَّ صََاحِبُكُمْ وَمََا غَوى ََ} [(53) النجم: 1، 2]، أو الثّالثة نحو: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهََا سَبْعُونَ ذِرََاعاً فَاسْلُكُوهُ} [(69) الحاقة: 30، 32].
وإن تساوت الفاصلتان في الوزن دون التّقفية فموازنة نحو: {وَنَمََارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرََابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [(88) الغاشية: 15، 16].
فإن كان ما في إحدى القرينتين أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى فمماثلة نحو:
{وَآتَيْنََاهُمَا الْكِتََابَ الْمُسْتَبِينَ. وَهَدَيْنََاهُمَا الصِّرََاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [(37) الصافات: 117، 118].
وإن اتّفقتا في الحرف الّذي قبل الأخير فلزوم ما لا يلزم نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلََا تَقْهَرْ وَأَمَّا السََّائِلَ فَلََا تَنْهَرْ} [93الضحى: 9، 10] وآيات سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ}.
وأمّا الغايات فهي: أواخر السّور، والقصد بذلك: أن آخر كلّ سورة أتى على الوجه الأكمل والنّمط الأبلغ في براعة الانتهاء. وما ينبغي أن يختم به.(1/121)
وأمّا الغايات فهي: أواخر السّور، والقصد بذلك: أن آخر كلّ سورة أتى على الوجه الأكمل والنّمط الأبلغ في براعة الانتهاء. وما ينبغي أن يختم به.
النّوع الثّالث والرّابع والخامس والثّمانون: أفضل القرآن وفاضله ومفضوله
هذه الأنواع من زيادتي، ويشبهها من علم الحديث: الكلام على أصحّ الأسانيد:
واختلف في تفاضل بعض الآيات والسّور على بعض فذهب كثيرون إلى القول به منهم:
إسحاق به راهويه، وأبو بكر بن العربي، والشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام.
وقال القرطبي: إنّه الحقّ ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلّمين.
وقال ابن الحصّار: العجب ممّن يذكر الاختلاف في ذلك مع النّصوص الواردة بالتّفصيل، قال البيهقي في شعب الإيمان: قال الحليمي: ومعنى التّفضيل يرجع إلى أشياء:
أحدها: أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى وأعود على النّاس، وعلى هذا يقال: آيات الأمر والنّهي، والوعد والوعيد خير من آيات القصص لأنّها إنّما أريد بها تأكيد الأمر والنّهي والإنذار والتّبشير ولا غنى بالنّاس عن هذه الأمور، وقد يستغنون عن القصص، فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم ممّا يجري مجرى الأصول خيرا لهم ممّا يجعل تبعا لما لا بدّ منه.
الثّاني: أن يقال: الآيات الّتي تشتمل على تعديد أسماء الله وبيان صفاته والدّلالة على عظمته أفضل، بمعنى أنّ مخبراتها أسنى وأجلّ قدرا وعلى هذا نحا ابن عبد السّلام في قوله الآتي.
الثّالث: أن يقال: إنّ سورة خير من سورة، أو آية خير من آية، يعني أنّ القارئ يتعجّل له بقراءتها فائدة سوى الثّواب الآجل ويتأدّى منه بتلاوتها عبادة، كقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوّذتين فإنّ قارئها يتعجّل بقراءتها الاحتراز ممّا يخشى والاعتصام بالله، ويتأدّى بتلاوتها عبادة الله لما فيها من ذكره سبحانه بالصّفات العلى على سبيل الاعتقاد لها وسكون النّفس إلى فضل ذلك الذّكر.
وذهبت طائفة إلى أنّه لا تفاضل لأنّ الجميع كلام الله ولئلّا يوهم التّفضيل نقص المفضّل عليه.
ونقل عن الأشعريّ والباقلانيّ وابن حبّان وروي عن مالك وعلى الأوّل: قال الشّيخ عزّ الدين بن عبد السّلام: القرآن على قسمين: فاضل وهو كلام الله في الله ومفضول وهو:
كلامه عن غيره كقوله تعالى حكاية عن فرعون: {مََا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرِي} [(28) القصص: 38] وكحكايته عن الكفّار ونحو ذلك.(1/122)
ونقل عن الأشعريّ والباقلانيّ وابن حبّان وروي عن مالك وعلى الأوّل: قال الشّيخ عزّ الدين بن عبد السّلام: القرآن على قسمين: فاضل وهو كلام الله في الله ومفضول وهو:
كلامه عن غيره كقوله تعالى حكاية عن فرعون: {مََا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلََهٍ غَيْرِي} [(28) القصص: 38] وكحكايته عن الكفّار ونحو ذلك.
قلت: بل هو ثلاثة أقسام: أفضل، وفاضل، ومفضول لأنّ كلامه تعالى فيه بعض أفضل من بعض كتفضيل الفاتحة والإخلاص كما سنذكره.
وقد ثبت في الصّحيح من حديث أبي سعيد بن المعلى: «أعظم سورة في القرآن الفاتحة»، وكذا رواه التّرمذيّ من حديث أبي هريرة وأبيّ، وأحمد من حديث عبد الله بن جابر العبدي ولفظه: «أخير سورة في القرآن».
وفي صحيح مسلم وغيره من طرق مرفوعا: «أعظم آية في القرآن آية الكرسيّ».
وروى ابن خزيمة والبيهقيّ وغيرهما عن ابن عبّاس: «أعظم آية في القرآن البسملة».
وعند التّرمذيّ: «سيّدة آي القرآن آية الكرسيّ، وسنام القرآن سورة البقرة، وقلب القرآن يس».
وكذا وردت أحاديث مشعرة بالتّفضيل، ككون: «الإخلاص» تعدل ثلث القرآن.
وذكر في حكمة ذلك أنّ القرآن توحيد وأحكام ووعظ، وسورة الإخلاص فيها التّوحيد كلّه.
وفي مسند عبد بن حميد: أنّ الفاتحة تعدل ثلثيه وفي المستدرك أحاديث: أنّ الزّلزلة تعدل نصفه، والكافرين تعدل ربعه، والمعوّذتين تعدل ثلثه، وألهاكم تعدل ألف آية وعند الترمذي: {إِذََا جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ} تعدل ربعه.
النّوع السّادس والثّمانون: مفردات القرآن
هذا النّوع من زيادتي وهو نوع لطيف قريب ممّا قبله: أعظم آية في القرآن آية الكرسيّ أو البسملة كما تقدّم، والجمع بينهما قريب. أعظم سورة الفاتحة، أطول آية فيه آية الدّين.
أجمع آية: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} [(16) النحل: 90]، رواه البيهقي في الشّعب وأبو عبيد في الفضائل عن ابن مسعود. وروي عنه أنّه قال: ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} [(39) الزمر: 53] الآية. وقال: ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النّساء القصرى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [(65) الطلاق: 6] الآية.
وروى عبد الرّزّاق في تفسيره أنّ ابن مسعود قال: أعدل آية في القرآن: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} الآية.(1/123)
أجمع آية: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} [(16) النحل: 90]، رواه البيهقي في الشّعب وأبو عبيد في الفضائل عن ابن مسعود. وروي عنه أنّه قال: ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} [(39) الزمر: 53] الآية. وقال: ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النّساء القصرى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [(65) الطلاق: 6] الآية.
وروى عبد الرّزّاق في تفسيره أنّ ابن مسعود قال: أعدل آية في القرآن: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} الآية.
وأحكم آية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ} [(99) الزلزلة: 7، 8] الآيتين.
وروى أبو عبيد عن صفوان بن سليم ومحمد بن المنكدر قالا: التقى ابن عبّاس وابن عمرو فقال ابن عبّاس: أيّ آية في كتاب الله أرجى؟ فقال عبد الله بن عمرو: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} الآية، فقال ابن عبّاس: لكن قول الله: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ قََالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قََالَ بَلى ََ وَلََكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [(2) البقرة: 260] قال: فرضي منه بقوله: (بلى)، قال: فهذا لما يعترض في الصّدر ممّا يوسوس به الشّيطان، أخرجه الحاكم في المستدرك.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عليّ أنّه قال: إنّكم يا معشر أهل العراق تقولون:
أرجى آية في القرآن: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ} الآية، لكنّا أهل البيت نقول: إنّ أرجى آية في كتاب الله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ََ} [(93) الضحى: 5] وهي: الشفاعة.
وأخوف آية قيل قوله: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} [(70) المعارج:
38]، وعندي أنّها قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمََالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [(18) الكهف: 103، 104].
وروى عبد الرّزّاق عن ابن مسعود أنّها: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [(4) النساء: 113] وفي البخاري قال سفيان: ما في القرآن آية أشدّ عليّ من: {لَسْتُمْ عَلى ََ شَيْءٍ حَتََّى تُقِيمُوا التَّوْرََاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمََا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [(5) المائدة: 68].
وروى أحمد في مسنده عن عليّ قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدّثنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [(42) الشورى: 30] وسأفسّرها لك يا عليّ: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدّنيا فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثنّي العقوبة، وما عفا الله عنه في الدّنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه.
وقال البلقيني في أوّل كتابه: قد قيل إنّ سورة الحجّ من عجيب القرآن فيها مكّيّ ومدنيّ وحضريّ وسفريّ وليليّ ونهاريّ وحربيّ وسلميّ وناسخ ومنسوخ. انتهى.
وقد ذكر هذا الكلام محمّد بن بركات السّعيدي النّحوي في كتابه في النّاسخ والمنسوخ وقال: المكّيّ منها: من رأس الثّلاثين إلى آخرها والمدني: من رأس خمس عشرة إلى رأس الثّلاثين واللّيليّ: خمس آيات من أوّلها والنّهاريّ: من رأس تسع آيات إلى رأس اثنتي عشرة، والحضريّ: إلى رأس العشرين.(1/124)
وقال البلقيني في أوّل كتابه: قد قيل إنّ سورة الحجّ من عجيب القرآن فيها مكّيّ ومدنيّ وحضريّ وسفريّ وليليّ ونهاريّ وحربيّ وسلميّ وناسخ ومنسوخ. انتهى.
وقد ذكر هذا الكلام محمّد بن بركات السّعيدي النّحوي في كتابه في النّاسخ والمنسوخ وقال: المكّيّ منها: من رأس الثّلاثين إلى آخرها والمدني: من رأس خمس عشرة إلى رأس الثّلاثين واللّيليّ: خمس آيات من أوّلها والنّهاريّ: من رأس تسع آيات إلى رأس اثنتي عشرة، والحضريّ: إلى رأس العشرين.
قلت: والسّفريّ أوّلها كما تقدّم، والنّاسخ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ} [(22) الحج: 29] الآية، والمنسوخ: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ} [(22) الحج: 52] الآية. نسخها: {سَنُقْرِئُكَ فَلََا تَنْسى ََ} [(87) الأعلى: 6] وقوله: {اللََّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [(22) الحج: 69] الآية نسختها آية السّيف.
النّوع السّابع والثّمانون: الأمثال
هذا النّوع من زيادتي، وللناس في أمثال القرآن تصانيف منهم الإمام أبو الحسن الماوردي.
روى البيهقي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتّبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال».
ولقد قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنََا لِلنََّاسِ فِي هََذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} [(39) الزمر: 27] ومن أمثال القرآن ما صرّح فيه بذكر المثل وهو الأغلب.
ومنها ما لم يصرّح فيه بذكر المثل ولكنّها كامنة فيه، كما حكى الماوردي أنّ بعضهم سئل فقيل له: إنّك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله: «خير الأمور أوساطها» فقال: نعم في أربعة مواضع، في قوله: {لََا فََارِضٌ وَلََا بِكْرٌ عَوََانٌ بَيْنَ ذََلِكَ} [(2) البقرة: 68] وقوله: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} [(25) الفرقان: 67]، وقوله: {وَلََا تَجْهَرْ بِصَلََاتِكَ وَلََا تُخََافِتْ بِهََا وَابْتَغِ بَيْنَ ذََلِكَ سَبِيلًا} [(17) الإسراء: 110]، وقوله: {وَلََا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى ََ عُنُقِكَ وَلََا تَبْسُطْهََا كُلَّ الْبَسْطِ} [(17) الإسراء: 29].
فقيل له: هل تجد فيه: من جهل شيئا عاداه؟ قال: نعم في قوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِمََا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [(10) يونس: 39]، وقوله: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هََذََا إِفْكٌ قَدِيمٌ}
[(46) الأحقاف: 11].
فقيل له: هل تجد فيه: احذر شرّ من أحسنت إليه؟ قال: نعم في قوله: {وَمََا نَقَمُوا إِلََّا أَنْ أَغْنََاهُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [(9) التوبة: 84].(1/125)
فقيل له: هل تجد فيه: من جهل شيئا عاداه؟ قال: نعم في قوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِمََا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [(10) يونس: 39]، وقوله: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هََذََا إِفْكٌ قَدِيمٌ}
[(46) الأحقاف: 11].
فقيل له: هل تجد فيه: احذر شرّ من أحسنت إليه؟ قال: نعم في قوله: {وَمََا نَقَمُوا إِلََّا أَنْ أَغْنََاهُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [(9) التوبة: 84].
فقيل له: فهل تجد فيه: لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين؟ قال: نعم في قوله تعالى: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلََّا كَمََا أَمِنْتُكُمْ عَلى ََ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [(12) يوسف: 64].
فقيل له: هل تجد فيه: من أعان ظالما سلّط عليه؟ قال: نعم في قوله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلََّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} [(22) الحج: 4].
وسئل بعضهم: أين تجد في القرآن: الحبيب لا يعذّب حبيبه؟ فقال: في قوله تعالى: {وَقََالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصََارى ََ نَحْنُ أَبْنََاءُ اللََّهِ وَأَحِبََّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [(5) المائدة: 18].
النّوع الثّامن والثّمانون والتّاسع والثّمانون: آداب القارئ والمقرئ
هذان النّوعان من زيادتي، ويشبههما من علم الحديث: آداب المحدّث وآداب طالب الحديث، وللنّاس في ذلك تصانيف أشهرها: التّبيان للنّوويّ، ومختصره له، وأنا أشير هنا إلى مقاصده حاذفا معظم الأدلّة اختصارا.
فعلى كلّ من القارئ والمقرئ: إخلاص النّيّة، وقصد وجه الله، وأن لا يقصد بتعلّمه أو بتعليمه غرضا من الدّنيا كرئاسة أو مال. ولا يشين المقرئ إقراؤه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، ولا التكثّر بكثرة المشتغلين عليه والمترددين إليه، ولا يكره قراءة أصحابه على غيره ويتخلّق بآداب القرآن ويقف عند حدوده وأوامره ونواهيه، ويعمل بمكارم الأخلاق المرضية من الزّهد في الدّنيا وعدم الالتفات إليها وإلى أهلها، والجود وطلاقة الوجه والسّكينة والوقار والخضوع واجتناب الضّحك وكثرة المزاح، والتّنظّف بإزالة الأوساخ والشّعر والظّفر والرّيح الكريه وتسريح اللّحية ودهنها والمحافظة على الطّهارة واتّباع الأحاديث الواردة بالأذكار وفضائل الأعمال والتّبرّي من أمراض القلوب كالحسد والرّياء والعجب والتكبر، وإن كان غيره دونه، وأن لا يرى نفسه خيرا من أحد، ويرفق بطلبته، ويرحّب بهم ويحسن إليهم بحسب حاله وحالهم، وينصحهم ما استطاع، ويتواضع لهم ويحرّضهم على التعلّم ويؤلّفهم عليه، ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطيء الفهم ويعذر من قلّ أدبه في بعض الأحيان ويعرّفه ذلك بلطف، لئلّا يعود إلى مثله، ويعوّدهم بالتّدريج بالآداب السّنية، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت
نجابته ما لم يخش عليه الإعجاب ويعنّف من قصّر تعنيفا لطيفا ما لم يخش تنفيره، ويقدّم في تعليمهم السّابق فالسّابق، ولا يمكّنه من إيثاره بنوبته إلّا لمصلحة شرعيّة، فإنّ الإيثار في القرب مكروه، ويتفقّد أحوالهم، ويسأل عن غائبهم، ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النّيّة، ويصون يديه حال الإقراء عن العبث وعينيه وأذنيه عن النّظر والسّمع لغير القارئ، ويقعد متطهّرا مستقبل القبلة في ثياب بيض نظيفة، وإذا وصل لموضع جلوسه صلّى ركعتين، فإن كان مسجدا تأكّد، وليكن مجلسه حسنا واسعا، ولا يذلّ العلم فيذهب إلى موضع ينسب إلى من يتعلّم منه فيعلّمه فيه ولو كان خليفة فمن دونه.(1/126)
فعلى كلّ من القارئ والمقرئ: إخلاص النّيّة، وقصد وجه الله، وأن لا يقصد بتعلّمه أو بتعليمه غرضا من الدّنيا كرئاسة أو مال. ولا يشين المقرئ إقراؤه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه، ولا التكثّر بكثرة المشتغلين عليه والمترددين إليه، ولا يكره قراءة أصحابه على غيره ويتخلّق بآداب القرآن ويقف عند حدوده وأوامره ونواهيه، ويعمل بمكارم الأخلاق المرضية من الزّهد في الدّنيا وعدم الالتفات إليها وإلى أهلها، والجود وطلاقة الوجه والسّكينة والوقار والخضوع واجتناب الضّحك وكثرة المزاح، والتّنظّف بإزالة الأوساخ والشّعر والظّفر والرّيح الكريه وتسريح اللّحية ودهنها والمحافظة على الطّهارة واتّباع الأحاديث الواردة بالأذكار وفضائل الأعمال والتّبرّي من أمراض القلوب كالحسد والرّياء والعجب والتكبر، وإن كان غيره دونه، وأن لا يرى نفسه خيرا من أحد، ويرفق بطلبته، ويرحّب بهم ويحسن إليهم بحسب حاله وحالهم، وينصحهم ما استطاع، ويتواضع لهم ويحرّضهم على التعلّم ويؤلّفهم عليه، ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطيء الفهم ويعذر من قلّ أدبه في بعض الأحيان ويعرّفه ذلك بلطف، لئلّا يعود إلى مثله، ويعوّدهم بالتّدريج بالآداب السّنية، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت
نجابته ما لم يخش عليه الإعجاب ويعنّف من قصّر تعنيفا لطيفا ما لم يخش تنفيره، ويقدّم في تعليمهم السّابق فالسّابق، ولا يمكّنه من إيثاره بنوبته إلّا لمصلحة شرعيّة، فإنّ الإيثار في القرب مكروه، ويتفقّد أحوالهم، ويسأل عن غائبهم، ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النّيّة، ويصون يديه حال الإقراء عن العبث وعينيه وأذنيه عن النّظر والسّمع لغير القارئ، ويقعد متطهّرا مستقبل القبلة في ثياب بيض نظيفة، وإذا وصل لموضع جلوسه صلّى ركعتين، فإن كان مسجدا تأكّد، وليكن مجلسه حسنا واسعا، ولا يذلّ العلم فيذهب إلى موضع ينسب إلى من يتعلّم منه فيعلّمه فيه ولو كان خليفة فمن دونه.
وعلى المتعلّم أن يجتنب الأسباب الشّاغلة عن العلم إلّا ما لا بدّ منه ويطهّر قلبه ويتواضع لمعلّمه وإن كان أصغر سنا منه أو أقلّ شهرة، وينقاد له ويقبل قوله كالمريض مع الطّبيب النّاصح الحاذق.
ولا يتعلّم إلّا ممّن تأهّل وظهر دينه وصيانته، فالعلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم. وينظر إلى معلّمه بعين الاحترام والتّعظيم، ولا يدخل عليه بلا إذن إلّا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان، ويسلّم على الحاضرين، ويخصّه بزيادة تودّد، ويسلّم عند انصرافه أيضا، ولا يتخطى النّاس، ويجلس حيث انتهى به المجلس إلّا أن يأذن له الشّيخ في التّقدّم، ولا يقيم أحدا ويجلس موضعه، ولا يجلس وسط الحلقة، ولا بين صاحبين بغير إذنهما، ولا يغمز بعينه عند الشّيخ، ولا يقول له: قال فلان بخلاف قولك، ولا يغتاب عنده أحدا، ولا يلحّ عليه إذا كسل، ولا يشبع من طول صحبته، ويردّ غيبة شيخه إذا قدر، ولا يفارق ذلك المجلس، ويتأدّب مع رفقائه، ولا يحسد أحدا منهم، ولا يعجب بما حصّله، ولا يرفع صوته بلا حاجة عند الشّيخ، ولا يضحك، ولا يكثر الكلام، ولا يعبث بيده، ولا يلتفت بلا حاجة، بل يتوجّه إلى الشّيخ، ولا يقرأ على الشّيخ في حال ملله، ويحتمل جفوة الشّيخ وسوء خلقه، وإذا جفاه ابتدأ هو بالاعتذار وإظهار الذّنب له، وإذا صدر من الشّيخ أفعال ظاهرها منكر أوّلها ولا ينكرها.
وممّا يشترك فيه القارئ والمقرئ: الحذر من اتّخاذ القرآن معيشة يتكسّب بها، نعم يجوز عند الشّافعي ومالك أخذ الأجرة على تعليمه، وملازمة التّلاوة، والإكثار منها، ونسيانه كبيرة، وإذا أراد القراءة استاك وتوضّأ، فإن قرأ محدثا جاز بلا كراهة.
ويحرم مسّ المصحف والقراءة على الجنب والحائض، ويجوز لهما النّظر في المصحف، وإمرار القرآن على قلبيهما، ويسنّ أن يقرأ في مكان نظيف، ولا يكره في الحمّام عندنا، ولا في الطّريق، ويستقبل القبلة، ويجلس بخشوع وسكينة وحضور قلب،
ولا يكره قائما ولا مضطجعا، ويستعيذ، وأفضل ألفاظ الاستعاذة: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، ولو تعوّذ بغير ذلك أجرأه، ويتدبّر القرآن.(1/127)
ويحرم مسّ المصحف والقراءة على الجنب والحائض، ويجوز لهما النّظر في المصحف، وإمرار القرآن على قلبيهما، ويسنّ أن يقرأ في مكان نظيف، ولا يكره في الحمّام عندنا، ولا في الطّريق، ويستقبل القبلة، ويجلس بخشوع وسكينة وحضور قلب،
ولا يكره قائما ولا مضطجعا، ويستعيذ، وأفضل ألفاظ الاستعاذة: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، ولو تعوّذ بغير ذلك أجرأه، ويتدبّر القرآن.
وتقدّمت كيفيّات القراءة في كيفيّة التّحمّل، ويبكي عند القراءة، فإن لم يبك تباكى، وإذا مرّ بآية رحمة سأل من فضل الله أو عذاب استعاذ أو تنزيه نزّه أو تفكّر تفكر، ويقرأ على ترتيب المصحف، ويجوز مخالفته إلّا أن يقرأ السورة معكوسا فلا، والقراءة في المصحف أفضل، لأنّ النّظر فيه عبادة، والجهر، إلّا إذا خاف الرّياء.
ويسنّ تحسين الصّوت به ما لم يخرج إلى حدّ التّمطيط والإفراط بزيادة حرف أو إخفائه أو مدّ ما لا يجوز مدّه فحرام، ويراعي الوقف عند تمام الكلام ولا يتقيّد بالأحزاب والأعشار، ويقطع القراءة إذا نعس أو ملّ أو عرض له ريح حتّى يتمّ خروجها، أو تثاؤب حتّى ينقضي، وإذا قرأ نحو: {وَقََالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللََّهِ مَغْلُولَةٌ} [(5) المائدة: 64]، {وَقََالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمََنُ وَلَداً} [(19) مريم: 88] خفض بها صوته.
ويتأكّد الاعتناء بسجود التّلاوة وهي أربع عشرة عندنا ومحالّها معروفة، وإنّما اختلف في الّتي في (حم)، والأصحّ عندنا أنّها عند قوله: {وَهُمْ لََا يَسْأَمُونَ} [(41) فصلت: 38] والّتي في النّمل والأصحّ عندنا أنّها عند {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [(27) النمل: 26] وتحرم القراءة بغير العربيّة مطلقا للقادر وغيره، ولا يكره النّفث معه للرقية ولا أن يقول: قراءة أبي عمرو وقراءة فلان، وكرههما بعض السّلف، ويكره أن يقول: نسيت آية كذا بل أنسيت ولبعض مسائل هذا الباب تتمّات مبسوطة في كتب الفقه.
النّوع التّسعون: آداب المفسّر
هذا النّوع من زيادتي، قال العلماء: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أوّلا من القرآن، فإنّ ما أجمل في مكان قد فسّر في مكان آخر، فإن أعياه ذلك طلبه في السّنّة فإنّها شارحة للقرآن وموضّحة له.
وقد قال الإمام الشّافعيّ: كلّ ما حكم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو ممّا فهمه من القرآن، قال تعالى: {إِنََّا أَنْزَلْنََا إِلَيْكَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ بِمََا أَرََاكَ اللََّهُ} [(4) النساء:
105] في آيات أخر، وفي الحديث: «ألا إنّي أوتيت القرآن ومثله معه» يعني السّنّة، وفيه:
كان جبريل ينزل بالسّنّة كما ينزل بالقرآن. وأمّا حديث عائشة الّذي رواه البزّار وابن جرير:
«ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفسّر شيئا من القرآن إلّا آيات بعدد علّمهن إيّاه جبريل» فهو حديث منكر وإن أوّله ابن جرير.
فإن لم يجده في السّنّة رجع إلى أقوال الصّحابة فإنّهم أدرى بذلك لما شاهدوه من
القرائن والأحوال عند نزوله، ولما اختصّوا به من الفهم التّامّ والعلم الصّحيح والعمل الصّالح، فإن لم يجد عن أحد من الصّحابة رجع إلى أقوال التّابعين، وربّما وقع في عباراتهم تباين في الألفاظ فحسبها بعض من لا فطنة له اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك، فإنّ منهم من يعبّر عن الشّيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينصّ على الشيء بعينه، والكلّ بمعنى واحد في كثير من الأماكن فليتفطّن اللّبيب لذلك.(1/128)
فإن لم يجده في السّنّة رجع إلى أقوال الصّحابة فإنّهم أدرى بذلك لما شاهدوه من
القرائن والأحوال عند نزوله، ولما اختصّوا به من الفهم التّامّ والعلم الصّحيح والعمل الصّالح، فإن لم يجد عن أحد من الصّحابة رجع إلى أقوال التّابعين، وربّما وقع في عباراتهم تباين في الألفاظ فحسبها بعض من لا فطنة له اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك، فإنّ منهم من يعبّر عن الشّيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينصّ على الشيء بعينه، والكلّ بمعنى واحد في كثير من الأماكن فليتفطّن اللّبيب لذلك.
وأمّا قول سعيد بن الحجّاج: أقوال التّابعين في الفروع غير حجّة فكيف تكون حجّة في التّفسير؟ فمعناه أنها لا تكون حجّة على غيرهم ممّن خالفهم وهو صحيح. أمّا إذا أجمعوا على الشّيء فلا يرتاب في كونه حجّة، فإن اختلفوا لم يكن قول بعضهم حجّة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السّنّة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصّحابة.
وعليه أن يستحضر الحديث الّذي رواه ابن جرير عن ابن عبّاس مرفوعا قال:
«التّفسير أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلّا الله». ثمّ رواه مرفوعا بسند ضعيف بلفظ: «أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسّره العرب، وتفسير تفسّره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلّا الله، ومن ادّعى علمه سوى الله فهو كاذب».
وعليه أن يكثر من الأقوال المحملة البعيدة والتّفاسير الغريبة، وألا يتكلّف في حمل الآية على مذهبه إذا كان ظاهرها يخالفه، ففي الحديث (مراقي القرآن كفر) وأن يرجّح من الأقوال ما وافق قراءة أخرى كقوله تعالى: {أَوْ لََامَسْتُمُ النِّسََاءَ} [(5) المائدة: 6] فتفسير الملامسة بالمسّ باليد أولى من الجماع لموافقته للقراءة الأخرى: (أو لمستم) ويحرم تحريما غليظا أن يفسّر القرآن بما لا يقتضيه جوهر اللّفظ كما فعل ابن عربيّ المبتدع الّذي ينسب إليه كتاب «الفصوص» الّذي هو كفر كلّه.
وكما يحكى عن بعض الملحدة أنّه قال في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ} [(2) البقرة: 255] إنّ معناه: من ذلّ أي من الذّلّ «ذي» إشارة للنّفس «يشف» جواب «من» من الشّفا «ع» فعل أمر من الوعي.
ويحرم أن يخرّج القرآن على القواعد المنطقيّة، وقد اتّفق أهل عصرنا ممّن يبيح المنطق منهم ومن يحرّمه على التّغليظ على بعض العجم، وقد خرّج بعض آيات القرآن عليه وأفتوا بتعزيره وزجره وأنّه أتى بابا من العظائم، وإذا أعرب آية أعربها على أظهر
محتملاتها وأرجحها، ولا يذكر كلّ ما تحتمله وإن كان بعيدا جائزا إلّا لقصد التّمرين، ولا يذكر الأقاصيص الّتي لا يدري صحّتها خصوصا الإسرائيليّات، وليقتصر منها على ما تدعو الضّرورة إليه إذا كان في الآية إشارة إليه متحرّيا أصحّ ما ورد وسيأتي حكم التّفسير بالرّأي.(1/129)
ويحرم أن يخرّج القرآن على القواعد المنطقيّة، وقد اتّفق أهل عصرنا ممّن يبيح المنطق منهم ومن يحرّمه على التّغليظ على بعض العجم، وقد خرّج بعض آيات القرآن عليه وأفتوا بتعزيره وزجره وأنّه أتى بابا من العظائم، وإذا أعرب آية أعربها على أظهر
محتملاتها وأرجحها، ولا يذكر كلّ ما تحتمله وإن كان بعيدا جائزا إلّا لقصد التّمرين، ولا يذكر الأقاصيص الّتي لا يدري صحّتها خصوصا الإسرائيليّات، وليقتصر منها على ما تدعو الضّرورة إليه إذا كان في الآية إشارة إليه متحرّيا أصحّ ما ورد وسيأتي حكم التّفسير بالرّأي.
النّوع الحادي والتّسعون: من يقبل تفسيره ومن يردّ
هذا النّوع من زيادتي. ويشبهه من علم الحديث: معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل.
قد تقدّم في آداب المفسّر أنّ التّفسير يطلب أوّلا من القرآن ثمّ السّنّة ثمّ أقوال الصّحابة والتّابعين، فناقل ذلك عنهم شرطه شروط الرّواية وهي: العدالة والحفظ والإتقان وهو مقدّر في علم الحديث، وكذا رجال القرآن لما تقدّم من أن أحد أركانه صحّة السّند.
وصحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعن الصّحابة أنّ التّفسير بالرّأي حرام، وتقدّم في المقدّمة الفرق بينه وبين التأويل.
فأمّا الأوّل فحرام مطلقا لما فيه من الشهادة على الله والقطع بأنّه مراده.
وأمّا الثّاني: وهو التّأويل فقد اختلف في جوازه فمنعه قوم سدّا للباب وتمسّكا بظاهر الحديث، وجوّزه آخرون لمن كان عالما بعلوم:
أحدها: اللّغة لأنّ بها معرفة شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها.
الثّاني: النّحو لأنّ المعنى يتغيّر ويختلف باختلاف الإعراب فلا بدّ من اعتباره.
الثّالث: التّصريف لم يذكره بعضهم وهو الأصوب، ووجه من ذكره أنّ به تعرف الأبنية والصّيغ.
الرّابع: الاشتقاق لأنّ الاسم إذا كان اشتقاقه من مادّتين مختلفتين اختلف المعنى باختلافهما، كالمسيح هل هو من السّياحة أو المسح.
الخامس: المعاني لأنّ به تعرف خواصّ تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى.
السّادس: البيان لأنّ به تعرف خواصّ التّراكيب من حيث اختلافها بحسب وضوح الدّلالة وخفائها.
السّابع: البديع لأنّ به تعرف وجوه تحسين الكلام.
الثّامن: علم القراءات لأنّ به تعرف كيفيّة النّطق بالقرآن، وبالقراءات ترجّع بعض الوجوه المحتملة على بعض.
التّاسع: علم أصول الدّين لما في القرآن من الآيات الدّالة بظاهرها على ما لا يجوز على الله فالأصوليّ يؤول ذلك ويستدلّ على ما يستحيل وما يجب وما يجوز.(1/130)
الثّامن: علم القراءات لأنّ به تعرف كيفيّة النّطق بالقرآن، وبالقراءات ترجّع بعض الوجوه المحتملة على بعض.
التّاسع: علم أصول الدّين لما في القرآن من الآيات الدّالة بظاهرها على ما لا يجوز على الله فالأصوليّ يؤول ذلك ويستدلّ على ما يستحيل وما يجب وما يجوز.
العاشر: أصول الفقه لأنّ به يعرف وجه الاستدلال على الأحكام والاستنباط.
الحادي عشر: أسباب النّزول والقصص إذ بسبب النّزول يعرف معنى الآية المنزّلة فيه بحسب ما أنزلت فيه.
الثّاني عشر: النّاسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره.
الثّالث عشر: علم الفقه.
الرّابع عشر: الأحاديث المبيّنة لتفسير المجمل والمبهم.
الخامس عشر: علم الموهبة وهو علم يورّثه الله لمن عمل بما علم، وإليه الإشارة بحديث: «من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم».
قال ابن أبي الدّنيا: وعلوم القرآن وما يستنبط منه بحر لا ساحل له.
قال: فهذه العلوم الّتي هي كآلة للمفسّر لا يكون مفسّرا إلّا بتحصيلها فمن فسّر بدونها كان مفسّرا بالرّأي المنهيّ عنه، وإذا فسّر مع حصولها لم يكن مفسّرا بالرّأي المنهيّ عنه.
قال: والصّحابة والتّابعون كان عندهم علوم العربيّة بالطّبع لا بالاكتساب، واستفادوا العلوم الأخرى من القرآن والسّنن الّتي تلقفوها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قلت: ولهذا كان علم التّفسير الموضوع فيه هذا الكتاب مستمدّا من هذه العلوم، وأنواعه مأخوذة منه. ومن أتقن الأنواع المذكورة في هذا الكتاب حصل له من ذلك ما يرومه ولم يحتج معه إلى غيره.
ولعلّك تستشكل علم الموهبة وتقول: هذا هو شيء ليس في قدرة الإنسان تحصيله وليس كما ظننت من الإشكال، وقد خطر لي تشبيهه بقولهم في حدّ المجتهد: هو فقيه النّفس، أي: شديد الفهم بالطّبع لمقاصد الكلام بحيث يقدر على الاستنباط.
وممّن لا يقبل تفسيره: المبتدع خصوصا الزّمخشريّ في كشّافه فقد أكثر فيه من إخراج الآيات عن وجهها إلى معتقده الفاسد بحيث يسرق الإنسان من حيث لا يشعر وأساء فيه الأدب على سيّد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم في مواضع عديدة فضلا عن الصّحابة وأهل السّنّة.
وقد أحسن الذّهبيّ إذ ذكره في الميزان، وقال: كن حذرا من كشّافه، وألّف الشّيخ
تقيّ الدّين السّبكي كتابا سمّاه: الانكفاف عن إقراء الكشّاف، ذكر فيه أنّه عقد التّوبة من إقرائه وتاب إلى الله فلا يقرأه ولا ينظر فيه أبدا لما حواه من الإساءة المذكورة.(1/131)
وقد أحسن الذّهبيّ إذ ذكره في الميزان، وقال: كن حذرا من كشّافه، وألّف الشّيخ
تقيّ الدّين السّبكي كتابا سمّاه: الانكفاف عن إقراء الكشّاف، ذكر فيه أنّه عقد التّوبة من إقرائه وتاب إلى الله فلا يقرأه ولا ينظر فيه أبدا لما حواه من الإساءة المذكورة.
قال: وقد استشارني بعض أهل المدينة النّبويّة أن يشتري منه نسخة ويحملها إلى المدينة فأشرت عليه بأن لا يفعل حياء من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن ينقل إلى بلد هو فيها كتاب فيه ما يتعلّق بجنابه صلّى الله عليه وسلّم على أنّه آية في بيان أنواع البلاغة والإعجاز لولا ما شأنه ممّا ذكرناه.
وفي تفسير البيضاويّ بحمد الله غنية في هذا الباب.
ولا يقبل من عرف بالجدال والمراء والتّعصّب لقول قاله وعدم الرّجوع إلى الحقّ إذا ظهر له، ولا من يقدّم الرّأي على السّنّة، ولا من عرف بالمجازفة وعدم التّثبّت أو بالجرأة والإقدام على الله وقلّة المبالاة. ومن المطعون فيهم: جبير، والعوفي، والكلبي ومقاتل، والسّدّي الصغير وهو: محمد بن مروان بخلاف الكبير واسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن.
ثمّ إنّ التّفسير عن ترجمان القرآن ابن عبّاس ورد من طرق، فمن جيّدها: طريق سعيد ابن منصور عن نوح بن قيس عن عثمان بن محصّن عنه، وطريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه هكذا بالتّرديد وربّما يجزم بأحدهما في بعض الرّوايات. وطريق مالك بن إسماعيل عن قيس عن عطاء بن السائب عن سعيد عنه ومن واهيها: طريق الكلبي عن أبي صالح، وطريق الضّحّاك عنه منقطعة لأنه لم يثبت سماعه منه بل قيل: وطريق علي بن أبي طلحة كذلك وإنه إنما سمع التّفسير من مجاهد أو سعيد عنه.
النّوع الثّاني والتّسعون: غرائب التّفسير
هذا النّوع من زيادتي، وهو يشبه من علم الحديث: المنكر أو الغريب والمراد به:
ما قيل في القرآن من الأقوال الغريبة لا يحلّ حمل القرآن عليها ولا ذكرها إلا على سبيل التّحذير منها.
وألّف فيه بعض المتقدّمين كتابا في مجلّدين وهو: محمود بن حمزة الكرماني في حدود الخمسمائة، فمنها قوله تعالى:
{وَلََا تُحَمِّلْنََا مََا لََا طََاقَةَ لَنََا بِهِ} [(2) البقرة: 286] قال قوم: يعني العشق وقوله تعالى:
{وَلَهََا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [(27) النمل: 23] قال قوم: فرج عظيم. وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غََاسِقٍ إِذََا وَقَبَ} [(113) الفلق: 4] قال بعضهم: أي من شرّ الذّكر إذا قام. وقوله تعالى:
{حم عسق} [أول الشورى] قال بعضهم: هو رجل يقال له: أبو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق يبتني عليه مدينتين ونحو ذلك.(1/132)
{وَلَهََا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [(27) النمل: 23] قال قوم: فرج عظيم. وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غََاسِقٍ إِذََا وَقَبَ} [(113) الفلق: 4] قال بعضهم: أي من شرّ الذّكر إذا قام. وقوله تعالى:
{حم عسق} [أول الشورى] قال بعضهم: هو رجل يقال له: أبو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق يبتني عليه مدينتين ونحو ذلك.
وهذه أمثلة منها ليحذرها المفسّر ولا يعوّل عليها وإن وقع الأوّل منها في تفسير الكوّاشي وغيره من المعتمدين.
ومن أعجبه ما اشتهر في قوله تعالى: {وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [(3) آل عمران:
102] فقد لهج العوامّ بأنّ معناه: متزوّجون، وهذا قول لا يعرف له أصلا ولا يجوز الإقدام على تفسير كلام الله بمجرّد ما يحدس في النّفس أو يسمع ممّن لا عهدة عليه.
النّوع الثالث والتّسعون: معرفة المفسّرين
هذا النّوع من زيادتي وهو مهمّ، وقد ألّف النّاس فيهم طبقات، فممّن اشتهر بمعرفة التّفسير من الصّحابة رضي الله عنهم: الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن مسعود، فقد روى ابن جرير عنه أنّه قال: والّذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منّي تناله المطايا لأتيته.
ومنهم: عبد الله بن عبّاس البحر ترجمان القرآن، فقد دعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
«اللهم فقّهه في الدّين وعلّمه التّأويل»، وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عبّاس ومن التّابعين: مجاهد بن جبر، فقد قرأ القرآن على ابن عبّاس ثلاث مرّات يسأله في كلّ مرّة عن تفسير آية، ولهذا قال سفيان الثّوري: إذا جاءك التّفسير عن مجاهد فحسبك به.
ومنهم: سعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيّب، وأبو العالية والرّبيع بن أنس، وقتادة، والضّحّاك بن مزاحم، وخلق، ثمّ حمل التّفسير من كلّ خلف خلق وألّفوا فيه من الكتب كمقاتل والسّدّي ووكيع وعبد الرّزّاق ومحمد بن يوسف الفريابي وأبي جعفر بن جرير وهو أجلّهم.
النّوع الرّابع والتّسعون: كتابة القرآن
هذا النّوع من زيادتي، وهو نوع من أنواع علوم الحديث، وفيه مسائل:
الأولى: تستحبّ كتابة المصحف وتحسين كتابته وتبيينها وإيضاحها، وتحقيق الخطّ دون مشقّة وتعليقه، فقد روى أبو عبيد في فضائله عن عمر أنّه وجد مع رجل مصحفا قد
كتب بقلم دقيق فكره ذلك وضربه وقال: عظّموا كتاب الله وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سرّ به، وروي عن علي أنّه كره أن يكتب في شيء صغير وأنّه مرّ على رجل يكتب فقال له: أجلل قلمك ونوّره كما نوّره الله.(1/133)
الأولى: تستحبّ كتابة المصحف وتحسين كتابته وتبيينها وإيضاحها، وتحقيق الخطّ دون مشقّة وتعليقه، فقد روى أبو عبيد في فضائله عن عمر أنّه وجد مع رجل مصحفا قد
كتب بقلم دقيق فكره ذلك وضربه وقال: عظّموا كتاب الله وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سرّ به، وروي عن علي أنّه كره أن يكتب في شيء صغير وأنّه مرّ على رجل يكتب فقال له: أجلل قلمك ونوّره كما نوّره الله.
وروي عن ابن سيرين أنّه كره كتابته مشقا، وتحرم كتابته بنجس، وأمّا بالذهب فهو حسن كما قال الغزالي، وروى أبو عبيد عن ابن مسعود أنه مرّ عليه بمصحف زيّن بالذّهب فقال: إنّ أحسن ما زيّن به المصحف تلاوته بالحقّ، وروي عن ابن عبّاس وأبي ذرّ وأبي الدّرداء أنّهم كرهوا ذلك، وعن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: لا تكتبوا القرآن حيث يوطأ، وذكر أصحابنا أنّه تكره كتابته على الحيطان والجدران وعلى السّقوف أشدّ كراهة لأنّه يوطأ.
الثّانية: اختلف في نقط المصحف وشكله ويقال: أوّل من فعل ذلك: أبو الأسود الدّؤليّ بأمر عبد الملك بن مروان، وقيل: الحسن البصريّ، ويحيى بن يعمر، وقيل:
نصر ابن عاصم اللّيثي.
وأوّل من وضع الهمز والتّشديد والرّوم والإشمام: الخليل.
وقال قتادة: بدءوا فنقّطوا ثمّ خمّسوا ثمّ عشّروا، وقال غيره: أوّل ما أحدثوا النّقط عند آخر الآي ثمّ الفواتح والخواتم.
وقال يحيى بن أبي كثير: ما كانوا يعرفون شيئا ممّا أحدث في المصاحف إلّا النّقط الثّلاث على رءوس الآي.
وقد روى أبو عبيد عن ابن مسعود أنّه قال: جرّدوا القرآن، ولا تخلطوه بشيء، وروي عن إبراهيم: أنّه كره نقط المصاحف، وعن ابن سيرين: أنّه كره النّقط والفواتح والخواتم، وعن ابن مسعود ومجاهد: أنّهما كرها التّعشير، وقال مالك: لا بأس به في المصاحف الّتي يتعلّم فيها الغلمان، أمّا الأمّهات فلا.
وقال النّوويّ: نقط المصحف وشكله مستحبّ لأنّه صيانة له من اللّحن والتّحريف.
وقال البيهقيّ في الشّعب: من آداب القرآن أن يفخّم فيكتب مفرّجا بأحسن خط، ولا يصغّر، ولا تقرمط حروفه، ولا يخلط به ما ليس منه كعدد الآيات والسّجدات والعشرات والوقوف واختلاف القراءات ومعاني الآيات.
وقال ابن مجاهد: ينبغي ألّا يشكل إلّا ما يشكل.
وقال الدّاني: لا أستجيز النّقط بالسّواد لما فيه من التّغيير لصورة الرّسم، ولا أستجيز جمع قراءات شتّى في مصحف واحد بألوان مختلفة لأنّه من أعظم التّخليط والتّغيير للمرسوم، وأرى أن تكون الحركات والتّنوين والتّشديد والسّكون والمدّ بالحمرة والهمزات بالصّفرة، انتهى.(1/134)
وقال ابن مجاهد: ينبغي ألّا يشكل إلّا ما يشكل.
وقال الدّاني: لا أستجيز النّقط بالسّواد لما فيه من التّغيير لصورة الرّسم، ولا أستجيز جمع قراءات شتّى في مصحف واحد بألوان مختلفة لأنّه من أعظم التّخليط والتّغيير للمرسوم، وأرى أن تكون الحركات والتّنوين والتّشديد والسّكون والمدّ بالحمرة والهمزات بالصّفرة، انتهى.
الثّالثة: فهي رسم المصحف وفيه تصانيف كثيرة أشهرها: المقنع للدّاني والرّائيّة للشّاطبي وهو متّبع لا يراعى فيه القواعد النّحويّة وقد حرّرته على ترتيب لم أسبق إليه وضبطته بقواعد بعد أن يعرف أنّ الأصل في كلّ كلمة أن ترسم بحروف هجائها، القاعدة الأولى: في الحذف، تحذف الألف من ياء النّداء نحو يا أيّها النّاس، يآدم، يربّ.
وهاء التّنبيه نحو: هؤلاء، هأنتم، ونا مع ضمير نحو: أنجينكم، آتينه، ومن ذلك:
أولئك، ولكنّ، وو تبرك. وفروع الأربعة: و «الله»، و «إله» كيف وقع، و «الرحمن»، و «سبحن» كيف وقع إلّا: {قُلْ سُبْحََانَ رَبِّي} [(17) الإسراء: 93] وبعد لام نحو: «خلئف» {خِلََافَ رَسُولِ اللََّهِ} [(9) التوبة: 81] «غلم»، «إيلف»، «ملقوا» وبين لامين نحو: «الكللة» و «الضّللة»، خلل الدّيار، {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} [(3) آل عمران: 96] ومن كلّ علم زائد على ثلاثة:
كإبراهيم وصلح، وميكئيل، واللّت، إلّا جالوت وطالوت ويأجوج ومأجوج وداود لحذف واوه وإسرايل لحذف يائه. واختلف في هاروت وماروت وهامان وقارون، ومن كلّ مثنّى اسم أو فعل إن لم يتطرف نحو: «رجلن يعلّمن»، أضلنا، {إِنْ هََذََانِ} [(20) طه: 63] إلّا {بِمََا قَدَّمَتْ يَدََاكَ} [(22) الحج: 10] ومن كلّ جمع تصحيح لمذكّر أو مؤنّث نحو:
اللّعنون، ملقوا ربّهم إلّا: «طاغون» في الذّاريات والطور [سورة الذاريات: 53، والطور: 23]. و «كراما كاتبين»، وإلّا: «روضات» و «آيات للسّائلين»، و «مكر في ءآياتنا»، «ءآياتنا بيّنات» «في يونس» [سورة يونس: 15]. وإلّا إن تلاها همزة نحو: «الصّائمين والصّائمات»، أو تشديد نحو: «الضالّين» و «الصّافّات»، فإن كان في الكلمة ألف ثانية حذفت أيضا إلّا: {سَبْعَ سَمََاوََاتٍ} [(41) في فصلت: 12] ومن كلّ جمع على «مفاعل» أو شبهه نحو: المسجد [ومسكن واليتمى والنّصرى والمسكين والملائكة والخبئث].
والثانية: من: (خطينا) كيف وقع، ومن كلّ عدد كثلث وثلث، وسحر إلّا في آخر الذّاريات. فإن ثنّي فألفاه والقيمة، والشّيطن، وسلطن، واللّتي، واللّئي، وخلق، علم، وبقدر، والأصحب، والأنهر، والكتب، ومنكر الثّلاثة إلّا أربعة مواضع {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتََابٌ}
[(13) الرعد: 38]، {كِتََابٌ مَعْلُومٌ} [(15) الحجر: 4]، {كِتََابِ رَبِّكَ} [(18) الكهف: 27] و {كِتََابٍ مُبِينٍ} في النمل [النمل: 1] ومن البسملة، و {بِسْمِ اللََّهِ مَجْرََاهََا} ومن أوّل الأمر من سأل.
ومن كلّ ما اجتمع فيه ألفان أو ثلاثة نحو: {آدَمَ} (آخر) {أَأَشْفَقْتُمْ}
{أَأَنْذَرْتَهُمْ} ومن: رآ كيف وقع إلّا: {مََا رَأى ََ} و {لَقَدْ رَأى ََ} في النّجم [النجم:(1/135)
والثانية: من: (خطينا) كيف وقع، ومن كلّ عدد كثلث وثلث، وسحر إلّا في آخر الذّاريات. فإن ثنّي فألفاه والقيمة، والشّيطن، وسلطن، واللّتي، واللّئي، وخلق، علم، وبقدر، والأصحب، والأنهر، والكتب، ومنكر الثّلاثة إلّا أربعة مواضع {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتََابٌ}
[(13) الرعد: 38]، {كِتََابٌ مَعْلُومٌ} [(15) الحجر: 4]، {كِتََابِ رَبِّكَ} [(18) الكهف: 27] و {كِتََابٍ مُبِينٍ} في النمل [النمل: 1] ومن البسملة، و {بِسْمِ اللََّهِ مَجْرََاهََا} ومن أوّل الأمر من سأل.
ومن كلّ ما اجتمع فيه ألفان أو ثلاثة نحو: {آدَمَ} (آخر) {أَأَشْفَقْتُمْ}
{أَأَنْذَرْتَهُمْ} ومن: رآ كيف وقع إلّا: {مََا رَأى ََ} و {لَقَدْ رَأى ََ} في النّجم [النجم:
11، 18] وآلئن إلّا: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} [(82) الجن: 9]. والألفان من: {الْأَيْكَةِ} إلّا في الحجر [الحجر: 78]. وق [ق: 14]. وتحذف الياء من كلّ منقوص منوّن رفعا وجرّا نحو {بََاغٍ وَلََا عََادٍ} والمضاف لها إذا نودي إلّا: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} [(29) العنكبوت: 56]، أو لم يناد إلّا {وَقُلْ لِعِبََادِي} [(17) الإسراء: 53]. {أَسْرِ بِعِبََادِي} [طه: 77، الدخان 23]، في طه والدخان {فَادْخُلِي فِي عِبََادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [(89) الفجر: 29، 30] ومع مثلها نحو:
{وَلِيِّيَ} و {الْحَوََارِيِّينَ} و {مُتَّكِئِينَ} إلّا {عِلِّيِّينَ} و {يُهَيِّئْ} و {هَيِّئْ} و {مَكْرَ السَّيِّئِ} و {سَيِّئَةً} و (السيئة) أفعيينا و {يُحْيِي} مع ضمير لا مفردا وحيث وقع {أَطِيعُونِ} (اتقون) {خََافُونِ} (ارهبون) {فَأَرْسِلُونِ} و (اعبدون) إلا في يس [(36) يس: 61] و (اخشون) إلّا في البقرة [(2) البقرة: 150]. و {يَكِيدُونَ} إلّا: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً}
[(11) هود: 55]. و {اتَّبِعُونِ} إلّا في آل عمران [(3) آل عمران: 31]. وطه [طه: 90]. و (لا تنظرون) و (لا تستعجلون)، و {لََا تَكْفُرُونِ}، و {لََا تَقْرَبُونِ}، و {لََا تُخْزُونِ}، و (لا تفضحون)، {يَهْدِيَنِ} و {سَيَهْدِينِ} و (كذبون) و {يَقْتُلُونَ}، {أَنْ يُكَذِّبُونِ} و {وَعِيدِ}
و {الْجَوََارِ} و {بِالْوََادِ} و {الْمُهْتَدِ} إلّا في الأعراف وتحذف الواو مع أخرى نحو: {لََا يَسْتَوُونَ}، {فََاؤُ} و {إِذَا الْمَوْؤُدَةُ}، يؤسا، وتحذف اللّام مدغمة في مثلها نحو: الّيل، الّذي، إلّا الله، اللهمّ، اللّعنة وفروعه واللهو، واللّغو، واللّؤلؤ، واللات، واللّمم، واللهب، واللّطيف، واللّوّامة.(1/136)
{وَلِيِّيَ} و {الْحَوََارِيِّينَ} و {مُتَّكِئِينَ} إلّا {عِلِّيِّينَ} و {يُهَيِّئْ} و {هَيِّئْ} و {مَكْرَ السَّيِّئِ} و {سَيِّئَةً} و (السيئة) أفعيينا و {يُحْيِي} مع ضمير لا مفردا وحيث وقع {أَطِيعُونِ} (اتقون) {خََافُونِ} (ارهبون) {فَأَرْسِلُونِ} و (اعبدون) إلا في يس [(36) يس: 61] و (اخشون) إلّا في البقرة [(2) البقرة: 150]. و {يَكِيدُونَ} إلّا: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً}
[(11) هود: 55]. و {اتَّبِعُونِ} إلّا في آل عمران [(3) آل عمران: 31]. وطه [طه: 90]. و (لا تنظرون) و (لا تستعجلون)، و {لََا تَكْفُرُونِ}، و {لََا تَقْرَبُونِ}، و {لََا تُخْزُونِ}، و (لا تفضحون)، {يَهْدِيَنِ} و {سَيَهْدِينِ} و (كذبون) و {يَقْتُلُونَ}، {أَنْ يُكَذِّبُونِ} و {وَعِيدِ}
و {الْجَوََارِ} و {بِالْوََادِ} و {الْمُهْتَدِ} إلّا في الأعراف وتحذف الواو مع أخرى نحو: {لََا يَسْتَوُونَ}، {فََاؤُ} و {إِذَا الْمَوْؤُدَةُ}، يؤسا، وتحذف اللّام مدغمة في مثلها نحو: الّيل، الّذي، إلّا الله، اللهمّ، اللّعنة وفروعه واللهو، واللّغو، واللّؤلؤ، واللات، واللّمم، واللهب، واللّطيف، واللّوّامة.
فصل: في الحذف الّذي لم يدخل تحت القاعدة
القاعدة الاولى
حذفت الألف من: (ملك الملك) [(3) آل عمران: 26]، (ذرّيّة ضعفا) [(4) النساء: 9] (مرغما) [(4) النساء: 100]. (خدعهم) [(4) النساء: 142]. (أكّالون للسّحت) [(5) المائدة:
42]. (بلغ) [(65) الطلاق: 2] (ليجادلوكم) [(6) الأنعام: 121] في الأعراف {وَبَطَلَ مََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} [(7) الأعراف: 118]. وهود [هود: 16]. في الأنفال (الميعد) [(6) الأنفال: 42]. تربا في الرّعد [الرعد: 5]. والنمل [النمل: 67]. وعمّ [الآية الأخيرة]. (جذذا) [(21) الأنبياء:
58]. {يُسََارِعُونَ} [(5) المائدة: 52]، (أيّه المؤمنون) [(24) النور: 31]. (يأيّه السّاحر) [(44) الدخان: 49]. {أَيُّهَ الثَّقَلََانِ} [(55) الرحمن: 31]. (أمّ موسى فرغا) [(28) القصص: 10] (وهل نجزي) [(34) سبأ: 17]. (من هو كذب) [(39) الزمر: 3] {لِلْقََاسِيَةِ} [(39) الزمر: 22] في الزمر (أثرة) [(46) الأحقاف: 4]. (عهد عليه الله) [(48) الفتح: 10] (ولا كذبا) [(78) النبأ:
35]. وحذفت الياء من {إِبْرََاهِيمَ} في سورة البقرة [(2) البقرة: 258]. و {الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} [(2) البقرة: 186]. و {مَنِ اتَّبَعَنِ} [(3) آل عمران: 20] و (فسوف يأت الله) [(5) المائدة: 54]. و (قد هذن) [(6) الأنعام: 80]. {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [(10يونس: 103]. {فَلََا تَسْئَلْنِ مََا لَيْسَ} [(11) هود: 46]. {يَوْمَ يَأْتِ لََا تَكَلَّمُ} [(11) هود: 105]. {حَتََّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً} [(12) يوسف: 66].
{تُفَنِّدُونِ} [(12) يوسف: 94]. {الْمُتَعََالِ} [(13) الرعد: 30]. {مَآبٍ} [(13) الرعد: 29].
{عِقََابِ} [(13) الرعد: 32]. في الرّعد وغافر وص {أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [(14) إبراهيم: 22] {وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ} [(14) إبراهيم: 40] {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} [(17) الإسراء: 62]. {أَنْ يَهْدِيَنِ} [(18) الكهف: 24]. {إِنْ تَرَنِ} [(18) الكهف: 39]. {أَنْ يُؤْتِيَنِ} [(18) الكهف: 40] {أَنْ تُعَلِّمَنِ}
[(18) الكهف: 66] و {نَبْغِ} [(18) الكهف: 64] الخمسة في الكهف {أَلََّا تَتَّبِعَنِ} في طه [(20) طه: 93] {وَالْبََادِ} [(22) الحج: 25] {وَإِنَّ اللََّهَ لَهََادِ} [(22) الحج: 54] {أَنْ يَحْضُرُونِ} [(23) المؤمنون: 98] {رَبِّ ارْجِعُونِ} [(23) المؤمنون: 99] {وَلََا تُكَلِّمُونِ} [(23) المؤمنون: 108] {يَسْقِينِ} [(26) الشعراء: 81] {يَشْفِينِ} [(26) الشعراء: 80] {يُحْيِينِ} [(26) الشعراء: 81] {وََادِ النَّمْلِ} [(27) النمل: 18] {أَتُمِدُّونَنِ} [(27) النمل: 36] (فما آتان) [(27) النمل: 36] {تَشْهَدُونِ} [(27) النمل: 32] (بهدي العمي) [(27) النمل: 81] {كَالْجَوََابِ} [(34) سبأ: 13] {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمََنُ} [(36) يس: 23] {لََا يُنْقِذُونِ} [(36) يس: 23] {فَاسْمَعُونِ} [(36) يس:
23] {لَتُرْدِينِ} [(37) الصافات: 56] {صََالِ الْجَحِيمِ} [(37) الصافات: 163] {التَّلََاقِ} [(40) غافر: 15] {التَّنََادِ} [(40) غافر: 32] {تَرْجُمُونِ} [(44) الدخان: 20] {فَاعْتَزِلُونِ} [(44) الدخان:(1/137)
{عِقََابِ} [(13) الرعد: 32]. في الرّعد وغافر وص {أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [(14) إبراهيم: 22] {وَتَقَبَّلْ دُعََاءِ} [(14) إبراهيم: 40] {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} [(17) الإسراء: 62]. {أَنْ يَهْدِيَنِ} [(18) الكهف: 24]. {إِنْ تَرَنِ} [(18) الكهف: 39]. {أَنْ يُؤْتِيَنِ} [(18) الكهف: 40] {أَنْ تُعَلِّمَنِ}
[(18) الكهف: 66] و {نَبْغِ} [(18) الكهف: 64] الخمسة في الكهف {أَلََّا تَتَّبِعَنِ} في طه [(20) طه: 93] {وَالْبََادِ} [(22) الحج: 25] {وَإِنَّ اللََّهَ لَهََادِ} [(22) الحج: 54] {أَنْ يَحْضُرُونِ} [(23) المؤمنون: 98] {رَبِّ ارْجِعُونِ} [(23) المؤمنون: 99] {وَلََا تُكَلِّمُونِ} [(23) المؤمنون: 108] {يَسْقِينِ} [(26) الشعراء: 81] {يَشْفِينِ} [(26) الشعراء: 80] {يُحْيِينِ} [(26) الشعراء: 81] {وََادِ النَّمْلِ} [(27) النمل: 18] {أَتُمِدُّونَنِ} [(27) النمل: 36] (فما آتان) [(27) النمل: 36] {تَشْهَدُونِ} [(27) النمل: 32] (بهدي العمي) [(27) النمل: 81] {كَالْجَوََابِ} [(34) سبأ: 13] {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمََنُ} [(36) يس: 23] {لََا يُنْقِذُونِ} [(36) يس: 23] {فَاسْمَعُونِ} [(36) يس:
23] {لَتُرْدِينِ} [(37) الصافات: 56] {صََالِ الْجَحِيمِ} [(37) الصافات: 163] {التَّلََاقِ} [(40) غافر: 15] {التَّنََادِ} [(40) غافر: 32] {تَرْجُمُونِ} [(44) الدخان: 20] {فَاعْتَزِلُونِ} [(44) الدخان:
21] {يُنََادِ الْمُنََادِ} [(50) ق: 41] {لِيَعْبُدُونِ} [(51) الذاريات: 56] {يُطْعِمُونِ} [(51) الذاريات:
57] {يَدْعُ الدََّاعِ} مرتين في القمر [(54) القمر: 6، 8] {وَيَسِّرْ} [(89) الفجر: 4] {أَكْرَمَنِ}
[(89) الفجر: 15] (أهنن) [(89) الفجر: 16] {وَلِيَ دِينِ} [(109) الكافرون: 6] وحذفت الواو من: {وَيَدْعُ الْإِنْسََانُ} [(17) الإسراء: 11] في حم {وَيَمْحُ اللََّهُ} [(42) الشورى: 24] {يَوْمَ يَدْعُ الدََّاعِ} [(54) القمر: 6] {سَنَدْعُ الزَّبََانِيَةَ} [(96) العلق: 18].
القاعدة الثّانية في الزّيادة:
زيدت ألف بعد الواو آخر اسم مجموع نحو: {بَنُوا إِسْرََائِيلَ} [(10) يونس: 90] (ملقوا ربّهم) [(2) البقرة: 46] {أُولُوا الْأَلْبََابِ} [(3) آل عمران: 7] بخلاف المفرد نحو: {لَذُو عِلْمٍ} [(12) يوسف: 68] إلّا {الرِّبَوا} [(2) البقرة: 278] (إن امرؤا هلك) [(4) النساء: 176].
وآخر فعل مفرد أو جمع مرفوع أو منصوب إلّا: {جََاؤُ} و {بََاؤُ} حيث وقعا و (عتو عتوّا) [(25) الفرقان: 21] {فَإِنْ فََاؤُ} [(2) البقرة: 226] (والّذين تبوّؤ الدّار) [(59) الحشر: 9] في النساء {عَسَى اللََّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [(4) النساء: 99] (سعو في آياتنا) في سبأ [(34) سبأ: 5].
وبعد الهمزة المرسومة واوا نحو: {تَفْتَؤُا} وفي {مِائَةَ} و {مِائَتَيْنِ} و {الظُّنُونَا}
و {الرَّسُولَا} و {السَّبِيلَا} {وَلََا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [(18) الكهف: 23] {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} [(27) النمل:
21] (ولأاوضعوا) [(9) التوبة: 47] و (لا إلى الله) [(3) آل عمران: 158] و (لا إلى الجحيم) [(37) الصافات: 68] و (لا تايئسوا) و (إنّه لا يايئس) [(12) يوسف: 87] (أفلم يايئس) [(13) الرعد: 31].
وبين الياء والجيم في (جاى) [(39) الزمر: 69] في الزمر وزيدت ياء في (نبإى المرسلين) [(6) الأنعام: 34] و (ملايه) [(10) يونس: 75] و (ملإيهم) [(10) يونس: 83] (ومن آناء اللّيل) في طه [(20) طه: 130] (ومن تلقائي نفسي) [(10) يونس: 15] (من وراءي حجاب) في الشورى [(42) الشورى: 51] في النّحل (وإيتائ ذي القربى) [(16) النحل: 90] (ولقاءي الآخرة) في الرّوم [(30) الروم: 26] (بأييكم المفتون) [(68) القلم: 6] (بنيناها بأييد) [(51) الذاريات: 47] (أفإين متّ) [(21) الأنبياء: 43] وزيدت واو في: ألوا وفروعه (سأوريكم) [(7) الأعراف: 145] وكتب ابن الهمزة مطلقا.(1/138)
وبين الياء والجيم في (جاى) [(39) الزمر: 69] في الزمر وزيدت ياء في (نبإى المرسلين) [(6) الأنعام: 34] و (ملايه) [(10) يونس: 75] و (ملإيهم) [(10) يونس: 83] (ومن آناء اللّيل) في طه [(20) طه: 130] (ومن تلقائي نفسي) [(10) يونس: 15] (من وراءي حجاب) في الشورى [(42) الشورى: 51] في النّحل (وإيتائ ذي القربى) [(16) النحل: 90] (ولقاءي الآخرة) في الرّوم [(30) الروم: 26] (بأييكم المفتون) [(68) القلم: 6] (بنيناها بأييد) [(51) الذاريات: 47] (أفإين متّ) [(21) الأنبياء: 43] وزيدت واو في: ألوا وفروعه (سأوريكم) [(7) الأعراف: 145] وكتب ابن الهمزة مطلقا.
القاعدة الثالثة في الهمزة:
يكتب السّاكن بحرف حركة ما قبله أوّلا أو وسطا أو آخرا نحو: {ائْذَنْ} {اؤْتُمِنَ} و {الْبَأْسََاءِ} {اقْرَأْ} {جِئْنََاكَ} {هَيِّئْ} {الْمُؤْتُونَ}
(تسوؤهم) إلّا: (فادّارأتم) [(2) البقرة: 72] (رءيا) [(19) مريم: 74] (الرّءيا) [(17) الإسراء: 60] (شطئه) [(48) الفتح: 29] فحذف فيها.
وكذا أوّل الأمر بعد فاء نحو: {فَأْتُوا} أو واو نحو: {وَأْتَمِرُوا} والمتحرّك: إن كان أوّلا أو اتّصل به حرف زائد بالألف مطلقا نحو: {أَيُّوبَ} {إِذْ} أولوا {سَأَصْرِفُ}
{فَبِأَيِّ} {سَأُنْزِلُ} إلّا مواضع: {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} [(6) الأنعام: 19] (أانّا لتأتون) في النّمل والعنكبوت [النمل: 55] {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} [فصّلت: 9] {أَإِنََّا لَمُخْرَجُونَ} في النّمل [(27) النمل: 67] {أَإِنََّا لَتََارِكُوا} [(41) الصافات: 36] في الشعراء {أَإِنَّ لَنََا} في الشعراء [(26) الشعراء: 41] {أَإِذََا مِتْنََا} [(41) الصافات: 86] {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} [(36) يس: 19] {أَإِفْكاً} [(41) الصافات: 86] {أَئِمَّةً} [(32) السجدة: 24] {لِئَلََّا} [(4) النساء: 165] {لَئِنْ} [(39) الزمر: 65] {يَوْمَئِذٍ} [(89) الفجر: 23] {حِينَئِذٍ} فتكتب فيها بالياء إلّا (قل أؤنبّئكم) [(3) آل عمران: 15] و {هََؤُلََاءِ} فتكتب بالواو وإن كان وسطا فبحرف حركته نحو {سَأَلَ} {سُئِلَ} {نَقْرَؤُهُ}
إلّا {جَزََاؤُهُ} الثلاثة في يوسف [يوسف: 74، 65،] و {لَأَمْلَأَنَّ} و (امتلأت) و (اشمئزّت) {وَاطْمَأَنُّوا} فحذف فيها وإلّا أن فتح وكسر أو ضمّ ما قبله، أو ضمّ وكسر ما قبله فبحرفه نحو (الخاطئة) {فُؤََادَكَ} {سَنُقْرِئُكَ} فإن كان ما قبله ساكنا حذف هو نحو: {يُسْئَلُ}
(لا تجرءوا) إلّا: {النَّشْأَةَ} [(56) الواقعة: 62] و {مَوْئِلًا} [(18) الكهف: 58] في الكهف، فإن كان ألفا وهو مفتوح فقد سبق أنّها تحذف لاجتماعها مع ألف مثلها إذ الهمزة حينئذ بصورتها نحو: {أَبْنََاءَنََا} وحذف منها أيضا في: (قرءنا) في يوسف [(12) يوسف: 2] والزخرف [الزخرف: 3] فإن ضمّ أو كسر فلا نحو: {آبََاؤُكُمْ} {آبََائِهِمْ} إلا: {وَقََالَ أَوْلِيََاؤُهُمْ} [(6) الأنعام: 128] {إِلى ََ أَوْلِيََائِهِمْ} [(6) الأنعام: 121] في الأنعام {إِنْ أَوْلِيََاؤُهُ} في الأنفال [(8) الأنفال: 34] في فصّلت {نَحْنُ أَوْلِيََاؤُكُمْ} [(41) فصلت: 31] وإن كان بعده حرف يجانسه فقد سبق أيضا أنه يحذف نحو: (شنئان) [(5) المائدة: 8] {خََاسِئِينَ} [(2) البقرة: 65] {مُسْتَهْزِؤُنَ} [(2) البقرة: 14] وإن كان آخرا فبحرف حركة ما قبله نحو: (سبأ) {شََاطِئِ}
{لُؤْلُؤٌ} إلّا في مواضع: (تفتؤا) {يَتَفَيَّؤُا} {أَتَوَكَّؤُا} {لََا تَظْمَؤُا} {مََا يَعْبَؤُا} {يَبْدَؤُا}
{يُنَشَّؤُا} {يَدْرَؤُا} (نبؤا) (فقال الملأ) الأوّل في قد أفلح [المؤمنون: 24] والثّلاثة في النمل [النمل: 29، 32، 38] (جزاؤ) في خمسة مواضع اثنان في المائدة [المائدة: 29، 33] وفي الزمر [الزمر: 34] الشورى [الشورى: 40] والحشر [الحشر: 6] في الأنعام (شركؤا) [(6) الأنعام: 22]
وشورى [الشورى: 21] (يأتيهم أنبؤا) في الأنعام [(6) الأنعام: 5] {وَالشُّعَرََاءُ} [(26) الشعراء: 6] (علمؤا بني) [(26) الشعراء: 197] (من عباده العلمؤا) [(35) فاطر: 28] في إبراهيم (الضّعفؤا) في إبراهيم [(14) إبراهيم: 20] وغافر [(40) غافر: 47] (في أموالنا ما نشؤا) و (ما دعؤا) [(40) غافر: 50] في غافر (شفعؤا) في الرّوم [(30) الروم: 13] (إنّ هذا لهو البلؤا) [(37) الصافات: 106] (بلؤا مبين) في الدخان [(44) الدخان: 13] (برآؤا منكم) [(60) الممتحنة: 4] فكتب في الكلّ بالواو فإن سكن ما قبله حذف هو نحو: {مِلْءُ الْأَرْضِ}
{دِفْءٌ} {شَيْءٍ} {الْخَبْءَ} (ماء) إلا {لَتَنُوأُ} و (أن تبوّءا) و (السّوأى) كذا قاله الفرّاء والّذي عندي أنّ هذه الثّلاثة لا تستثنى لأنّ الألف الّتي بعد الواو ليست صورة الهمزة بل هي المزيدة بعد واو الفعل فتأمّل.(1/139)
وكذا أوّل الأمر بعد فاء نحو: {فَأْتُوا} أو واو نحو: {وَأْتَمِرُوا} والمتحرّك: إن كان أوّلا أو اتّصل به حرف زائد بالألف مطلقا نحو: {أَيُّوبَ} {إِذْ} أولوا {سَأَصْرِفُ}
{فَبِأَيِّ} {سَأُنْزِلُ} إلّا مواضع: {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} [(6) الأنعام: 19] (أانّا لتأتون) في النّمل والعنكبوت [النمل: 55] {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} [فصّلت: 9] {أَإِنََّا لَمُخْرَجُونَ} في النّمل [(27) النمل: 67] {أَإِنََّا لَتََارِكُوا} [(41) الصافات: 36] في الشعراء {أَإِنَّ لَنََا} في الشعراء [(26) الشعراء: 41] {أَإِذََا مِتْنََا} [(41) الصافات: 86] {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} [(36) يس: 19] {أَإِفْكاً} [(41) الصافات: 86] {أَئِمَّةً} [(32) السجدة: 24] {لِئَلََّا} [(4) النساء: 165] {لَئِنْ} [(39) الزمر: 65] {يَوْمَئِذٍ} [(89) الفجر: 23] {حِينَئِذٍ} فتكتب فيها بالياء إلّا (قل أؤنبّئكم) [(3) آل عمران: 15] و {هََؤُلََاءِ} فتكتب بالواو وإن كان وسطا فبحرف حركته نحو {سَأَلَ} {سُئِلَ} {نَقْرَؤُهُ}
إلّا {جَزََاؤُهُ} الثلاثة في يوسف [يوسف: 74، 65،] و {لَأَمْلَأَنَّ} و (امتلأت) و (اشمئزّت) {وَاطْمَأَنُّوا} فحذف فيها وإلّا أن فتح وكسر أو ضمّ ما قبله، أو ضمّ وكسر ما قبله فبحرفه نحو (الخاطئة) {فُؤََادَكَ} {سَنُقْرِئُكَ} فإن كان ما قبله ساكنا حذف هو نحو: {يُسْئَلُ}
(لا تجرءوا) إلّا: {النَّشْأَةَ} [(56) الواقعة: 62] و {مَوْئِلًا} [(18) الكهف: 58] في الكهف، فإن كان ألفا وهو مفتوح فقد سبق أنّها تحذف لاجتماعها مع ألف مثلها إذ الهمزة حينئذ بصورتها نحو: {أَبْنََاءَنََا} وحذف منها أيضا في: (قرءنا) في يوسف [(12) يوسف: 2] والزخرف [الزخرف: 3] فإن ضمّ أو كسر فلا نحو: {آبََاؤُكُمْ} {آبََائِهِمْ} إلا: {وَقََالَ أَوْلِيََاؤُهُمْ} [(6) الأنعام: 128] {إِلى ََ أَوْلِيََائِهِمْ} [(6) الأنعام: 121] في الأنعام {إِنْ أَوْلِيََاؤُهُ} في الأنفال [(8) الأنفال: 34] في فصّلت {نَحْنُ أَوْلِيََاؤُكُمْ} [(41) فصلت: 31] وإن كان بعده حرف يجانسه فقد سبق أيضا أنه يحذف نحو: (شنئان) [(5) المائدة: 8] {خََاسِئِينَ} [(2) البقرة: 65] {مُسْتَهْزِؤُنَ} [(2) البقرة: 14] وإن كان آخرا فبحرف حركة ما قبله نحو: (سبأ) {شََاطِئِ}
{لُؤْلُؤٌ} إلّا في مواضع: (تفتؤا) {يَتَفَيَّؤُا} {أَتَوَكَّؤُا} {لََا تَظْمَؤُا} {مََا يَعْبَؤُا} {يَبْدَؤُا}
{يُنَشَّؤُا} {يَدْرَؤُا} (نبؤا) (فقال الملأ) الأوّل في قد أفلح [المؤمنون: 24] والثّلاثة في النمل [النمل: 29، 32، 38] (جزاؤ) في خمسة مواضع اثنان في المائدة [المائدة: 29، 33] وفي الزمر [الزمر: 34] الشورى [الشورى: 40] والحشر [الحشر: 6] في الأنعام (شركؤا) [(6) الأنعام: 22]
وشورى [الشورى: 21] (يأتيهم أنبؤا) في الأنعام [(6) الأنعام: 5] {وَالشُّعَرََاءُ} [(26) الشعراء: 6] (علمؤا بني) [(26) الشعراء: 197] (من عباده العلمؤا) [(35) فاطر: 28] في إبراهيم (الضّعفؤا) في إبراهيم [(14) إبراهيم: 20] وغافر [(40) غافر: 47] (في أموالنا ما نشؤا) و (ما دعؤا) [(40) غافر: 50] في غافر (شفعؤا) في الرّوم [(30) الروم: 13] (إنّ هذا لهو البلؤا) [(37) الصافات: 106] (بلؤا مبين) في الدخان [(44) الدخان: 13] (برآؤا منكم) [(60) الممتحنة: 4] فكتب في الكلّ بالواو فإن سكن ما قبله حذف هو نحو: {مِلْءُ الْأَرْضِ}
{دِفْءٌ} {شَيْءٍ} {الْخَبْءَ} (ماء) إلا {لَتَنُوأُ} و (أن تبوّءا) و (السّوأى) كذا قاله الفرّاء والّذي عندي أنّ هذه الثّلاثة لا تستثنى لأنّ الألف الّتي بعد الواو ليست صورة الهمزة بل هي المزيدة بعد واو الفعل فتأمّل.
القاعدة الرّابعة في البدل:
يكتب بالواو ألف الصّلوة والزّكوة، والحيوة والرّبوا غير مضافات. و (الغداة)، و (مشكاة)، و (النّجوة)، و (مناة) وبالياء كلّ ألف منقلبة عنها نحو: {يَتَوَفََّاكُمْ} في اسم أو فعل اتّصل به ضمير أو لا، لقي ساكنا أم لا. ومنه: {يََا وَيْلَتى ََ} {يََا حَسْرَتى ََ} {يََا أَسَفى ََ} إلّا {تَتْرََا} و {كِلْتَا} {وَمَنْ عَصََانِي} (والأقصا) و {أَقْصَا الْمَدِينَةِ} و {مَنْ تَوَلََّاهُ} و (طغا الماء) و (سيماهم) وما قبلها ياء كالدّنيا، والحوايا، وهدايا، إلّا يحيى اسما وفعلا ويكتب بها: على، وإلى وأنّى بمعنى كيف، ومتى، وبلى، وحتى، ولدى إلا: (لدا الباب) ويكتب بالألف الثّلاثيّ الواويّ اسما أو فعلا نحو:
{الصَّفََا}، (وشفا)، (وعفا). إلّا: ضحى كيف وقع، و {مََا زَكى ََ مِنْكُمْ} و {دَحََاهََا}
و {تَلََاهََا} و {طَحََاهََا}، و {سَجى ََ} ويكتب بالألف نون التّأكيد الخفيفة، {وَإِذْ}، وبالنون:
{كَأَيِّنْ} وبالهاء هاء التأنيث إلّا: {رَحْمَتَ} في البقرة، والأعراف، وهود، ومريم، والرّوم، والزّخرف [البقرة، والأعراف، هود، مريم، الروم، الزخرف: 218، 56، 73، 2، 50، 32].
و (نعمت) في البقرة وآل عمران والمائدة وإبراهيم والنّحل ولقمان وفاطر والطور [البقرة، آل عمران، المائدة، إبراهيم، النحل، ولقمان، وفاطر، والطور: 231، 103، 11، 28، 34، 72، 83، 114، 31، 3].
و {سُنَّتُ} في الأنفال وفاطر وغافر [الأنفال، فاطر، وغافر: 38، 43، 85] و {امْرَأَتُ} مع زوجها [آل عمران: 35] {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ} [(7) الأعراف: 137] {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ}
[(3) آل عمران: 61] و {الْخََامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَيْهِ} [(24) النور: 7] و (معصيت) في المجادلة [في موضعين: 8، 9] (إنّ شجرت الزّقّوم) [(44) الدخان: 43] {قُرَّتُ عَيْنٍ} [(28) القصص: 9] و (جنات نعيم) [(56) الواقعة: 89] و {بَقِيَّتُ اللََّهِ} [(11) هود: 86] {يََا أَبَتِ} [(12) يوسف: 4]
و {اللََّاتَ} [(38) ص: 3] و {مَرْضََاتِ} [(2) البقرة: 265] و {هَيْهََاتَ} [(23) المؤمنون: 36] و {ذََاتَ} [(27) النمل: 60] و {ابْنَتَ} [(66) التحريم: 12] و {فِطْرَتَ} [(30) الروم: 30].(1/140)
و {سُنَّتُ} في الأنفال وفاطر وغافر [الأنفال، فاطر، وغافر: 38، 43، 85] و {امْرَأَتُ} مع زوجها [آل عمران: 35] {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ} [(7) الأعراف: 137] {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ}
[(3) آل عمران: 61] و {الْخََامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَيْهِ} [(24) النور: 7] و (معصيت) في المجادلة [في موضعين: 8، 9] (إنّ شجرت الزّقّوم) [(44) الدخان: 43] {قُرَّتُ عَيْنٍ} [(28) القصص: 9] و (جنات نعيم) [(56) الواقعة: 89] و {بَقِيَّتُ اللََّهِ} [(11) هود: 86] {يََا أَبَتِ} [(12) يوسف: 4]
و {اللََّاتَ} [(38) ص: 3] و {مَرْضََاتِ} [(2) البقرة: 265] و {هَيْهََاتَ} [(23) المؤمنون: 36] و {ذََاتَ} [(27) النمل: 60] و {ابْنَتَ} [(66) التحريم: 12] و {فِطْرَتَ} [(30) الروم: 30].
القاعدة الخامسة في الوصل والفصل:
توصل ألّا بالفتح إلّا عشرة مواضع: {أَنْ لََا أَقُولَ} (أن لا تقولوا) [(7) الأعراف: 105] في الأعراف [(7) الأعراف: 105، 169] {أَنْ لََا مَلْجَأَ} في التوبة [(9) التوبة: 118] {أَنْ لََا إِلََهَ} [(11) هود: 14] {أَنْ لََا تَعْبُدُوا إِلَّا اللََّهَ إِنِّي أَخََافُ} [(11) هود: 26] {أَنْ لََا تُشْرِكْ} في الحج [(22) الحج: 26] {أَنْ لََا تَعْبُدُوا} [(36) يس: 60] في يس {وَأَنْ لََا تَعْلُوا} في الدّخان [(33) الدخان: 19] {أَنْ لََا يُشْرِكْنَ} الممتحنة [(60) الممتحنة: 12] {أَنْ لََا يَدْخُلَنَّهَا} في ن [(68) ن: 24] و (مما): إلّا: (من ما ملكت) في النّساء والرّوم [النساء والروم: 25، 28] {مِنْ مََا رَزَقْنََاكُمْ} في المنافقين [(63) المنافقون: 10] و (ممن) مطلقا و (عما) إلّا: {عَنْ مََا نُهُوا} [(7) الأعراف: 166] و (إما) بالكسر إلا:
و {إِنْ مََا نُرِيَنَّكَ} في الرّعد [(13) الرعد: 40] و (أما) بالفتح مطلقا و (عمّن) إلّا:
و {يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشََاءُ} [(24) النور: 43] في النور {عَنْ مَنْ تَوَلََّى} في النجم [(53) النجم:
29] و (أمن) إلّا: {أَمْ مَنْ يَكُونُ} في النساء [(4) النساء: 109] {أَمْ مَنْ أَسَّسَ} [(9) التوبة:
109] {أَمْ مَنْ خَلَقْنََا} في الصّافّات [(37) الصافات: 11] {أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً} [(41) فصلت: 40] و {الم} بالكسر إلّا: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا} [(28) القصص: 50] و {فِيمََا} إلّا: أحد عشر:
{فِي مََا فَعَلْنَ} الثّاني في البقرة [البقرة: 240] {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مََا} في المائدة والأنعام [المائدة، والأنعام: 48، 165] {قُلْ لََا أَجِدُ فِي مََا} [(6) الأنعام: 145] {فِي مَا اشْتَهَتْ} في الأنبياء [(21) الأنبياء: 102] (في ما أفضتم) [(24) النور: 14] {فِي مََا هََاهُنََا} في الشعراء [(26) الشعراء: 146] {فِي مََا رَزَقْنََاكُمْ} في الرّوم [(30) الروم: 28] {فِي مََا هُمْ فِيهِ} {فِي مََا كََانُوا فِيهِ} كلاهما في الزّمر [(39) الزمر: 3، 46] {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مََا لََا تَعْلَمُونَ} [(56) الواقعة: 61] (ونعمّا) و (مهما) و {رُبَمََا} و (كأنما) {وَإِنَّمََا} إلا: {إِنَّ مََا تُوعَدُونَ لَآتٍ} في الأنعام [(6) الأنعام: 134] وأنّما بالفتح إلّا: {وَأَنَّ مََا يَدْعُونَ} في الحجّ ولقمان [الحج: 61، ولقمان: 30] و (كلما) إلّا: (كلّ ما ردّوا إلى الفتنة) [(4) النساء: 91] {مِنْ كُلِّ مََا سَأَلْتُمُوهُ} [(14) إبراهيم:] و (بئسما) إلّا مع اللّام و {وَيْكَأَنَّ} وتقطع {حَيْثُ مََا} [(2) البقرة: 144] و (أن لم) بالفتح [الأنعام: 131، البلد: 7] و (أن لن) إلّا في الكهف والقيامة [الكهف: 48، والقيامة:
3] و (أين ما) إلّا: {فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا} [(2) البقرة: 115] {أَيْنَمََا يُوَجِّهْهُ} [(16) النحل: 76]، واختلف في: (أين ما تكونوا يدرككم الموت) [(4) النساء: 78] في الشعراء (أينما كنتم تعبدون) [(26) الشعراء: 92] في الأحزاب {أَيْنَمََا ثُقِفُوا} [(33) الأحزاب: 61] و {لِكَيْ لََا} إلّا
في آل عمران والحج والحديد والثاني في الأحزاب [آل عمران: 153، والحج: 5، والحديد: 23، والأحزاب: 50] و (يوهم هم) [(40) غافر: 16 (61) الذاريات: 13]، ونحو: (فمال) [(70) المعارج:(1/141)
3] و (أين ما) إلّا: {فَأَيْنَمََا تُوَلُّوا} [(2) البقرة: 115] {أَيْنَمََا يُوَجِّهْهُ} [(16) النحل: 76]، واختلف في: (أين ما تكونوا يدرككم الموت) [(4) النساء: 78] في الشعراء (أينما كنتم تعبدون) [(26) الشعراء: 92] في الأحزاب {أَيْنَمََا ثُقِفُوا} [(33) الأحزاب: 61] و {لِكَيْ لََا} إلّا
في آل عمران والحج والحديد والثاني في الأحزاب [آل عمران: 153، والحج: 5، والحديد: 23، والأحزاب: 50] و (يوهم هم) [(40) غافر: 16 (61) الذاريات: 13]، ونحو: (فمال) [(70) المعارج:
36] و {لََاتَ حِينَ} [(38) ص: 3] و {ابْنَ أُمَّ} إلّا في طه فكتبت الهمزة حينئذ واوا، وحذفت همزة (ابن) فصارت هكذا: يبنؤمّ [(20) طه: 94].
القاعدة السّادسة:
في ما فيه قراءتان فكتب على أحدهما، ومرادنا: القراءات المشهورة فمن ذلك: (ملك يوم الدّين) (يخدعون) [(2) البقرة: 9] (ووعدنا) [(2) البقرة:
51] و (الصعقة) [(51) الذاريات: 44] و (الرّيح) [(2) البقرة: 164] و {تُفََادُوهُمْ} [(2) البقرة: 85] و {تُظْهِرُونَ} [(2) البقرة: 85] و (لا تقتلوهم) [(2) البقرة: 191] (نحوها) و {لَوْلََا دَفْعُ} [(2) البقرة: 251] (فرهن) [(2) البقرة: 283] {طَيْراً} [(3) آل عمران: 49] في: المائدة وآل عمران {فَيُضََاعِفَهُ} [(2) البقرة: 245]، ونحو: {عَقَدَتْ أَيْمََانُكُمْ} [(4) النساء: 33] {الْأَوَّلِينَ} [(5) المائدة: 107] (لمستم) [(4) النساء: 43] {قََاسِيَةً} [(5) المائدة: 13] {قِيََاماً لِلنََّاسِ} [(5) المائدة:
97] {خَطِيئََاتِكُمْ} في الأعراف [(7) الأعراف: 161] {طََائِفٌ} [(7) الأعراف: 201] {حََاشَ لِلََّهِ}
[(12) يوسف: 31] (وسيعلم الكفر) [(13) الرعد: 42] (تزور) [(18) الكهف: 17] {زَكِيَّةً}
[(18) الكهف: 74] {فَلََا تُصََاحِبْنِي} [(18) الكهف: 76] {لَاتَّخَذْتَ} [(18) الكهف: 77] {مِهََاداً}
[(20) طه: 53] {وَحَرََامٌ عَلى ََ قَرْيَةٍ} [(21) الأنبياء: 95] {إِنَّ اللََّهَ يُدََافِعُ} [(22) الحج: 38] {سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ} [(22) الحج: 2] {الْمُضْغَةَ عِظََاماً فَكَسَوْنَا الْعِظََامَ} [(23) المؤمنون:
14] {سِرََاجاً} [(25) الفرقان: 61] {بَلِ ادََّارَكَ} [(27) النمل: 66] {وَلََا تُصَعِّرْ} [(31) لقمان: 18] {رَبَّنََا بََاعِدْ} [(34) سبأ: 29] {أَسْوِرَةٌ} [(43) الزخرف: 53]، بلا ألف في الكلّ. {غَيََابَتِ الْجُبِّ} [(12) يوسف: 10]، في العنكبوت {لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيََاتٌ} [(29) العنكبوت: 50] في فصّلت {مِنْ ثَمَرََاتٍ مِنْ أَكْمََامِهََا} [(41) فصلت: 47] {جِمََالَتٌ} [(77) المرسلات: 33] (فهم على بينات) [(35) فاطر: 4] {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} [(34) سبأ: 37] {لِأَهَبَ} [(19) مريم:
19] بالألف {يَقُصُّ الْحَقَّ} [(6) الأنعام: 57] بلا ياء، {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [(18) الكهف:
96] بألف فقط {فَنُجِّيَ مَنْ نَشََاءُ} [(12) يوسف: 67] (نجي المؤمنين) [(21) الأنبياء: 88] بنون واحدة و {الصِّرََاطَ} [(1) الفاتحة: 5] كيف وقع {بَصْطَةً} في الأعراف [(7) الأعراف:
69]، و {الْمُصَيْطِرُونَ} [(52) الطور: 37] و (مصيطر) [(88) الغاشية: 22] بالصاد، وقد تكتب الكلمة صالحة للقراءتين نحو: {فَكِهِينَ} بلا ألف وهي قراءة [المطففين: 31]، وعلى قراءتها هي محذوفة رسما لأنّه جمع تصحيح.(1/142)
69]، و {الْمُصَيْطِرُونَ} [(52) الطور: 37] و (مصيطر) [(88) الغاشية: 22] بالصاد، وقد تكتب الكلمة صالحة للقراءتين نحو: {فَكِهِينَ} بلا ألف وهي قراءة [المطففين: 31]، وعلى قراءتها هي محذوفة رسما لأنّه جمع تصحيح.
فصل: فيما كتب موافقا لقراءة شاذّة
فمن ذلك: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشََابَهَ} [(2) البقرة: 70] (أو كلّما عهدوا) [(2) البقرة: 100] (فلقتلوكم) [(4) النساء: 90] (طئرهم) [(7) الأعراف: 131] {طََائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [(1) الإسراء: 13] (تسقط ثمرا) [(31) لقمان: 14] {وَفِصََالُهُ فِي عََامَيْنِ} [(31) لقمان: 14] (عليهم ثياب سندس) [(76) الإنسان: 21] {خِتََامُهُ مِسْكٌ} [(83) المطففين: 26] {فَادْخُلِي فِي عِبََادِي} [(89) الفجر: 29].
فصل:
وأمّا القراءات المختلفة المشهورة بزيادة لا يحتملها الرّسم ونحوها نحو:
(أوصى ووصى) [البقرة: 132] و (وتجري تحتها) و (من تحتها) [التوبة: 100] و (سيقولون الله ولله) و (ما عملت أيديهم، وما عملته) [يس: 35] فكتابته على نحو قراءته وكلّ ذلك وجد في مصاحف الإمام فهذا ما حرّرته من كتب الرّسم على انتشارها بعد تعب شديد فضبطته بهذه القواعد الّتي لم أسبق إلى تحريرها ولا يخرج عنها إن شاء الله إلّا ما اختلف فيه.
خاتمة:
كان الشّكل في الصّدر الأوّل نقطا، فالفتحة نقطة على أوّل الحرف، والضّمّة على آخره، والكسرة تحت أوّله، وعليه مشى الدّاني والسّدّي والّذي اشتهر الآن الضّبط بالحركات المأخوذة من الحروف وهو الّذي أخرجه الخليل وهو أكثر وأوضح وعليه العمل فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف والكسر كذلك تحته، والضّمّ واو صغرى فوقه، والتّنوين زيادة مثلها فإن كان مظهرا وذلك قبل حرف حلق ركّبت فوقها وإلّا تابعت بينهما.
وتكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلّها حمراء، والهمزة المحذوفة تكتب همزة بلا حرف حمراء أيضا، وعلى النّون والتّنوين قبل الباء علامة الإقلاب (م) حمراء، وقبل الحلق سكون وتعرّى عند الإدغام والإخفاء، ويسكّن كلّ مسكّن، ويعرى المدغم، ويشدّد ما بعده إلّا الطّاء قبل التّاء فيكتب عليها السّكون نحو: {فَرَّطْتُ} [(42) الشورى: 55] ومطّة الممدود لا تجاوزه.(1/143)
وتكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلّها حمراء، والهمزة المحذوفة تكتب همزة بلا حرف حمراء أيضا، وعلى النّون والتّنوين قبل الباء علامة الإقلاب (م) حمراء، وقبل الحلق سكون وتعرّى عند الإدغام والإخفاء، ويسكّن كلّ مسكّن، ويعرى المدغم، ويشدّد ما بعده إلّا الطّاء قبل التّاء فيكتب عليها السّكون نحو: {فَرَّطْتُ} [(42) الشورى: 55] ومطّة الممدود لا تجاوزه.
النّوع الخامس والتّسعون: تسمية السّور
هذا النّوع من زيادتي، وفيه مسائل:
الأولى: اختلف هل يجوز أن يقال: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النّساء، وسورة المائدة ونحو ذلك.
والجمهور على جوازه ففي الصّحيح عن ابن مسعود أنّه قال: هذا مقام الّذي أنزلت عليه سورة البقرة، وفي مسند أحمد أن العبّاس نادى بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا فرّ الصّحابة يوم حنين: يا أصحاب الشّجرة، يا أصحاب البقرة، فجعلوا يقبلون.
وقال جماعة: لا يقال ذلك، بل السّورة الّتي يذكر فيها كذا.
ففي الطّبرانيّ عن أنس مرفوعا: «لا تقولوا سورة البقرة، ولا سورة آل عمران ولا سورة النّساء، وكذلك القرآن كلّه، ولكن قولوا: السّورة الّتي يذكر فيها البقرة والتي يذكر فيها آل عمران وكذا القرآن كلّه»، وهذا حديث ضعيف غريب. وقال ابن كثير: لا يصحّ رفعه، وقال البيهقيّ: إنّما يعرف موقوفا على ابن عمر.
الثّانية: قد سبق في حدّ السّورة أنّها المسمّاة توقيفا، فظاهره أنّه لا يجوز إلّا بتوقيف من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمراد: الاسم الّذي تذكر به وتشتهر، وإلّا فقد سمّى جماعة من الصّحابة والتّابعين سورا بأسماء من عندهم، كما سمّى حذيفة التّوبة بالفاضحة وسورة العذاب وسمّى خالد بن معدان البقرة: فسطاط القرآن، وسمّى سفيان بن عيينة الفاتحة: الوافية، وسمّاها يحيى بن أبي كثير: الكافية، لأنّها تكفي عمّا عداها.
الثّالثة: من السّور ما كان له اسمان فأكثر فالفاتحة تسمّى: أمّ القرآن وأم الكتاب، وسورة الحمد، وسورة الصّلاة، والشّفاء، والسّبع المثاني، والرّقية والنّور، والدّعاء، والمناجاة، والشّافية، والكافية، والكنز، والأساس، وبراءة تسمّى: التّوبة، والفاضحة، وسورة العذاب، ويونس تسمّى: السّابعة لأنّها سابعة السّبع الطّوال. والإسراء تسمّى: سورة بني إسرائيل. والسّجدة تسمّى: المضاجع. وفاطر تسمّى: سورة الملائكة. وغافر تسمّى:
المؤمن. وفصّلت تسمّى: السّجدة. والجاثية تسمّى: الشّريعة، وسورة محمّد صلّى الله عليه وسلّم تسمّى:
القتال. والطّلاق تسمّى: سورة النّساء القصرى.
وقد يوضع اسم لجملة من السّور: كالزّهراوين للبقرة وآل عمران، والسّبع الطّوال وهي: البقرة وما بعدها إلى الأعراف، والسّابعة: يونس، كذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد.
والمفصّل: والأصحّ أنّه من الحجرات إلى آخر القرآن لكثرة الفصل بين سورة بالبسملة، والمعوّذات: للإخلاص والفلق والنّاس.(1/144)
وقد يوضع اسم لجملة من السّور: كالزّهراوين للبقرة وآل عمران، والسّبع الطّوال وهي: البقرة وما بعدها إلى الأعراف، والسّابعة: يونس، كذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد.
والمفصّل: والأصحّ أنّه من الحجرات إلى آخر القرآن لكثرة الفصل بين سورة بالبسملة، والمعوّذات: للإخلاص والفلق والنّاس.
النّوع السّادس والتّسعون: ترتيب الآي والسّور
هذا النّوع من زيادتي، اختلف هل ترتيب الآي والسّور على النّظم الّذي هو الآن عليه بتوقيف من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أو باجتهاد من الصّحابة؟ فذهب قوم إلى الثّاني تمسّكا بحديث سؤال ابن عبّاس الآتي.
وبما روي عن عليّ أنّه كان عزم على ترتيب القرآن بحسب نزوله وأنّ أوّل مصحفه كان: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وكذا مصحف أبيّ وابن مسعود فيه اختلاف شديد في التّرتيب، واختار مكّيّ وغيره أنّ ترتيب الآيات والبسملة في الأوائل من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وترتيب السّور باجتهاد الصّحابة.
والمختار أنّ الكلّ من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فقال الكرمانيّ في البرهان بعد أن ذكر الحكمة في قوله تعالى في البقرة: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [(2) البقرة: 21] وليس في القرآن غيره، إنّ العبادة المراد بها التّوحيد، وهو أوّل ما يلزم العبد، فكان هذا أوّل خطاب خاطب الله به النّاس في القرآن فخاطبهم أوّلا بما ألزمهم، ثمّ ذكر سائر العبادات فما بعدها من السّور والآيات.
فإن قيل: ليست سورة البقرة بأوّل القرآن نزولا فيحسن فيها ما ذكرت.
قلت: أوّل القرآن: الفاتحة ثمّ البقرة ثمّ آل عمران على التّرتيب إلى سورة النّاس، وهكذا هو عند الله في اللّوح المحفوظ على هذا التّرتيب وكان صلّى الله عليه وسلّم يعرض على جبريل كلّ سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه في السّنة الّتي توفّي فيها مرّتين، وكان آخر الآيات نزولا: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللََّهِ} [(2) البقرة: 281] فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الرّبا والدّين. انتهى.
وكذا قال الطّيبي: أنزل القرآن أوّلا جملة واحدة من اللّوح المحفوظ إلى السماء الدّنيا ثم نزل متفرقا على حسب المصالح ثم أثبت في المصاحف على التّأليف والنظم المثبت في اللّوح المحفوظ.
وقال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرتّبا سوره وآياته على هذا التّرتيب إلّا الأنفال وبراءة.
لما روى الحاكم وغيره عن ابن عبّاس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم، ووضعتموها في السّبع الطّوال، فقال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتي عليه الزّمان وهو ينزل عليه من السّور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشّيء دعا بعض من يكتب له فيقول: «ضعوا هؤلاء الآيات في السّورة الّتي فيها كذا وكذا».(1/145)
وقال البيهقي في المدخل: كان القرآن على عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرتّبا سوره وآياته على هذا التّرتيب إلّا الأنفال وبراءة.
لما روى الحاكم وغيره عن ابن عبّاس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم، ووضعتموها في السّبع الطّوال، فقال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتي عليه الزّمان وهو ينزل عليه من السّور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشّيء دعا بعض من يكتب له فيقول: «ضعوا هؤلاء الآيات في السّورة الّتي فيها كذا وكذا».
وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت قصّتها شبيهة بقصّتها فظننت أنّها منها فقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يبيّن لنا أنّها منها، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم.
وقال الحاكم: جمع القرآن ثلاث مرّات.
إحداها: بحضرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ روي عن زيد بن ثابت قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نؤلّف القرآن من الرّقاع الحديث وقال: صحيح على شرط الشّيخين.
الثّانية: بحضرة أبي بكر، فروى البخاريّ عن زيد بن ثابت قال: أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطّاب عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني فقال: أنّ القتل قد استحرّ بقرّاء القرآن وإنّي أخشى أن يستحرّ القتل بالقرّاء في المواطن فيذهب كثير من القرآن وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت لعمر: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال عمر: هذا والله خير فلم يزل يراجعني حتّى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الّذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنّك شابّ عاقل لا نتّهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتتبّع القرآن فاجمعه فو الله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ ممّا أمرني به من جمع القرآن
قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتّى شرح الله صدري للّذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب واللّخاف وصدور الرّجال، ووجدت آخر سورة التّوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لَقَدْ جََاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [(9) التوبة: 128، 129] حتّى خاتمة براءة، فكانت الصّحف عند أبي بكر حتّى توفّاه الله تعالى، ثمّ عند عمر حياته، ثمّ عند حفصة بنت عمر.
وروى وكيع عن السّدي عن عبد خير عن عليّ قال: أعظم النّاس أجرا في المصاحف أبو بكر، كان أوّل من جمع بين اللّوحين.
قال الحاكم: والجمع الثّالث هو: ترتيب السّور في زمن عثمان، فقد روى البخاريّ عن أنس أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشّام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمّة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنّصارى فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصّحف ننسخها في المصاحف ثمّ نردّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد ابن ثابت وعبد الله بن الزّبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط القرشيّين الثّلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنّما أنزل بلسانهم، ففعلوا حتّى إذا نسخوا الصّحف في المصاحف ردّ عثمان الصّحف إلى حفصة وأرسل إلى كلّ أفق بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يحرق.(1/146)
وروى وكيع عن السّدي عن عبد خير عن عليّ قال: أعظم النّاس أجرا في المصاحف أبو بكر، كان أوّل من جمع بين اللّوحين.
قال الحاكم: والجمع الثّالث هو: ترتيب السّور في زمن عثمان، فقد روى البخاريّ عن أنس أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشّام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمّة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنّصارى فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصّحف ننسخها في المصاحف ثمّ نردّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد ابن ثابت وعبد الله بن الزّبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط القرشيّين الثّلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنّما أنزل بلسانهم، ففعلوا حتّى إذا نسخوا الصّحف في المصاحف ردّ عثمان الصّحف إلى حفصة وأرسل إلى كلّ أفق بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال زيد: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجََالٌ صَدَقُوا مََا عََاهَدُوا اللََّهَ عَلَيْهِ} [(33) الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها بالمصحف.
النّوع السّابع والتّسعون: الأسماء
قال البلقينيّ: في القرآن من أسماء الأنبياء والمرسلين خمس وعشرون هم مشاهيرهم آدم قال ابن أبي خيثمة: عاش تسعمائة سنة وستّين سنة، وكان بينه وبين نوح ألف ومائتا سنة.
وروى الطّبرانيّ عن أبي ذرّ قال: قلت يا رسول الله: من أوّل الأنبياء؟ قال: «آدم» قلت: ثمّ من؟ قال: «نوح وبينهما عشرة قرون».
ونوح وإدريس، واختلف النّاس أيّهما أوّل؟ قال الحاكم: وأكثر الصّحابة على أنّ نوحا أوّل.
وقال ابن إسحاق: هو أوّل بني آدم، أعطي النّبوة، وهو أخنوخ بن يزيد بن أهلاليل ابن قينان بن ناشر بن شيت بن آدم.
وقال ابن وهب: هو جدّ نوح الذي يقال له: أخنوخ، واختلف في ضبطه فقيل:
بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وآخره معجمة أيضا وقيل: خنوخ بفتح الخاء المعجمة وإسقاط الهمزة. وقيل: بإهمال أوّله.
وقال ابن الأثير: ولد وآدم حيّ قبل موته بمائة سنة وبعث بعد موته بمائتي سنة وعاش بعد نبوّته مائة وخمس سنين.(1/147)
بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وآخره معجمة أيضا وقيل: خنوخ بفتح الخاء المعجمة وإسقاط الهمزة. وقيل: بإهمال أوّله.
وقال ابن الأثير: ولد وآدم حيّ قبل موته بمائة سنة وبعث بعد موته بمائتي سنة وعاش بعد نبوّته مائة وخمس سنين.
وقال ابن عبّاس: كان بين إدريس ونوح ألف سنة، وبعث نوح لأربعين سنة ومكث في قومه ألف سنة إلا خمسين وعاش بعد الطّوفان ستّين سنة رواه الحاكم.
وروى ابن جرير عن ابن عبّاس أنّه بعث وهو ابن ثلاثمائة وخمسين.
وقال ابن الأثير: هو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم وبالكاف. وقيل:
ملكان بفتح الميم وسكون اللام وابن متوشلخ بضمّ الميم وفتح التّاء الفوقية والواو وسكون الشين المعجمة وكسر اللام وبالخاء المعجمة كذا ضبطه ابن الأثير، ابن إدريس.
وإبراهيم وهو: ابن آزر. قال ابن إسحاق: ولد على رأس ألفي سنة من آدم، وبينه وبين نوح عشرة قرون.
وقال ابن الأثير: ألف ومائة واثنتان وأربعون سنة، وعاش مائة وخمسا وسبعين سنة، وقيل: مائتي سنة.
ولده: إسماعيل. وقال ابن الأثير: وعاش مائة وثلاثين، وقيل: وسبعا وثلاثين، وكان له حين مات أبوه تسع وثمانون سنة.
وأخوه: إسحاق وولد بعده، بأربع عشرة سنة وعاش مائة وثمانين.
وولده: يعقوب وعاش مائة وسبعا وأربعين سنة.
وولده: يوسف. قال البلقيني: وهو مرسل بنصّ القرآن.
قلت: وقد قيل: إنّ الّذي في غافر ليس هو هو وإنّما هو حفيده يوسف بن أفراثيم، لبث فيهم نبيّا عشرين سنة، وعاش يوسف بن يعقوب مائة وعشرين سنة وبينه وبين موسى أربعمائة سنة.
ولوط: وهو ابن أخي إبراهيم، هاران بن آزر وقيل: أخو سارة.
وهود: وهو ابن عبد الله بن رباح بن جارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام، وقيل: ابن شالخ بن أرفخشد بن اسم كان بينه وبين نوح ثمانمائة سنة وعاش أربعمائة وستين.
وصالح: وهو ابن عبيد بن آسيف بن ناسخ بن عبيد بن عامر بن ثمود بن عوص بن عاد بن إرم بن سام بينه وبين هود مائة سنة وعاش مائتين وثمانين.
وشعيب وهو: ابن صيفون وقيل: ابن ملكاين.(1/148)
وصالح: وهو ابن عبيد بن آسيف بن ناسخ بن عبيد بن عامر بن ثمود بن عوص بن عاد بن إرم بن سام بينه وبين هود مائة سنة وعاش مائتين وثمانين.
وشعيب وهو: ابن صيفون وقيل: ابن ملكاين.
وموسى: وهو ابن عمران بن فاهث بن يصهر بن عازر بن لاوى بن يعقوب بينه وبين إبراهيم خمسمائة وخمس وستّون، وقيل: سبعمائة وعاش مائة وعشرين وأخوه هارون.
وداود وهو: ابن إيشا بكسر الهمزة وسكون الياء التحتية وبالشين المعجمة ابن عوبد بن باعر بن سلمون بن بخشون بن عمى بن يارب بن إرم بن خصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب، وبينه وبين موسى خمسمائة وتسع وستون سنة وقيل: تسع وسبعون، وعاش مائة.
وولده سليمان وعاش نيّفا وخمسين سنة وبينه وبين مولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما قيل: نحو ألف وسبعمائة سنة.
وأيّوب وهو: ابن موص بن رعويل بن عيصو بن إسحاق عاش ثلاثا وستّين، وقيل:
أكثر، وكانت مدّة بلائه سبع سنين.
وولده: ذو الكفل فروى الحاكم عن وهب أنّ الله بعث بعد أيّوب ابنه بشر بن أيّوب نبيّا وسمّاه: ذا الكفل وأمره بالدّعاء إلى توحيده، وكان مقيما بالشّام عمره حتّى مات وعمره خمس وسبعون سنة.
ويونس: وهو ابن متّى وهي أمّه.
وإلياس: وهو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى وقيل: هو إدريس وهو ضعيف.
واليسع: وهو ابن حاطور.
وزكريّا: وهو ابن إذن، وقيل: برخيا وولده يحيى وهو ابن خالة عيسى، قيل: ولد بعده بستّة أشهر.
وعيسى ابن مريم وهي: بنت عمران بن ناثان، كان بينه وبين موسى ألف وتسعمائة وخمس وعشرون سنة وبين مولده والهجرة ستمائة وثلاثون سنة، ورفع إلى السّماء وله ثلاث وثلاثون سنة.
ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم خاتم النّبيّين عليهم الصّلاة والسّلام، وقد ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأوّل عام الفيل، وبعث يوم الاثنين على رأس أربعين سنة وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة وهاجر إلى المدينة في ربيع الأوّل، وتوفي في سنة إحدى عشرة من الهجرة في ربيع
الأوّل يوم الاثنين لليلتين خلتا منه، وقيل: لاثنتي عشرة. وفيه من أسماء الملائكة:(1/149)
ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم خاتم النّبيّين عليهم الصّلاة والسّلام، وقد ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأوّل عام الفيل، وبعث يوم الاثنين على رأس أربعين سنة وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة وهاجر إلى المدينة في ربيع الأوّل، وتوفي في سنة إحدى عشرة من الهجرة في ربيع
الأوّل يوم الاثنين لليلتين خلتا منه، وقيل: لاثنتي عشرة. وفيه من أسماء الملائكة:
جبريل، وميكائيل، وهاروت، وماروت، إن صحّ أنّهما ملكان، هذا ما ذكره البلقيني.
قلت: والرّعد، ففي التّرمذي من حديث ابن عباس أنّ اليهود قالوا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أخبرنا عن الرّعد. فقال: ملك من الملائكة موكّل بالسّحاب.
ومالك: خازن جهنّم.
وقعيد: فقد ذكر مجاهد: أنّه اسم كاتب السّيّئات.
والسّجلّ: فقد قال السّهيلي وتابعوه: هو ملك في السّماء الثّالثة ترفع إليه الحفظة أعمال العباد في كلّ اثنين وخميس، وقيل: كان كاتبا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. رواه أبو داود والنّسائيّ عن ابن عبّاس.
وفيه من أسماء الصّحابة: زيد وهو ابن حارثة لا غير.
قلت: والسّجلّ على القول السّابق.
وفيه من أسماء المتقدّمين غير الأنبياء والرّسل: عمران أبو مريم وأخوها هارون، وليس بأخي موسى (1)، وأما الحديث الآخر: «فما أدري أكان تبع لعينا أم لا؟» فأجيب عنه بأنّه قبل أن يوحى إليه أنّه آمن.
ولقمان: وقد قيل: إنّه كان نبيّا والأكثر على خلافه.
وفيه من أسماء النّساء: مريم، قال السّهيلي: وقد تكرّر اسمها في نحو ثلاثين موضعا لحكمة وهو أنّ الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ ولا يبتذلون أسماءهنّ، بل يكنّون عن الزّوجة بالعرس والعيال ونحو ذلك، فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهنّ، ولم يصونوا أسماءهنّ عن الذكر، فلمّا قالت النّصارى في مريم ما قالوا صرّح الله باسمها ولم يكن تأكيدا للعبوديّة الّتي هي صفة لها، وتأكيدا لأنّ عيسى لا أب له، وإلّا لنسب إليه.
وفيه من أسماء الكفّار: إبليس وكان اسمه: عزازيل ومعناه: الحارث، وكنيته: أبو مرّة، وقيل: أبو كردوس، وقارون، وجالوت، وهامان، وبشرى الذي ناداه الوارد المذكور في سورة يوسف بقوله: {يََا بُشْرى ََ} [(12) يوسف: 19] في قول.
__________
(1) وفي الإتقان 4/ 69: عمران أبو مريم، وقيل: أبو موسى أيضا وأخو هارون، وليس بأخي موسى.(1/150)
وآزر: أبو إبراهيم، وقيل: اسمه تارح وآزر لقب.
وفيه من أسماء القبائل: يأجوج، ومأجوج، وعاد، وثمود، ومدين، وقريش، والرّوم.
وفيه من الأقوام بالإضافة: قوم نوح، وقوم لوط، وأصحاب الرّسّ، وهم بقيّة من ثمود، والرّسّ: قريتهم باليمامة، وقيل: بين المدينة ووادي القرى: وقيل: بئر بأنطاكية، وأصحاب الأيكة، وقوم تبّع.
وفيه من أسماء البلاد والأمكنة والجبال: بكة، والمدينة وهي: يثرب في الأحزاب، وبدر، وحنين، ومصر، وبابل، وطور سيناء جبل الجوديّ: وهو جبل بالجزيرة وطوى وهو: بين مصر ومدين، والأيكة وليكة بفتح اللام بلد قوم شعيب، والثّاني: اسم البلدة والأوّل: اسم الكورة، والمؤتفكات وهي: بلاد قوم لوط، والكهف وهو: غار في جبل بقرب طرسوس، وقيل: بين ايلة وعمّان دون فلسطين، والرقيم: واد هناك، وقيل: اسم لكلبهم، والأحقاف وهي: جبال الرّمل بين عمان وحضرموت.
وفيه من أسماء الأماكن الأخرويّة: الفردوس، وهو أعلى مكان في الجنّة، وعلّيّون:
قيل: أعلى مكان في الجنّة، وقيل: اسم لما دوّن فيه أعمال صلحاء الثّقلين، والكوثر وهو: نهر في الجنّة وفي الموقف أيضا، واستمداده من الأوّل.
وسجّين: اسم لمكان أرواح الكفّار.
وغيّ: وهو واد في جهنّم رواه الحاكم عن ابن مسعود.
والصّعود: جبل فيها، كما في حديث رواه التّرمذي.
وويل: واد فيها، رواه التّرمذيّ أيضا.
ويحموم: جبل فيها، حكاه القرطبي.
وموبق: قال مجاهد: واد فيها، وقال عكرمة: نهر فيها.
والفلق في حديث رواه أبو يعلى أنّه جهنّم، وقال ابن عبّاس: سجن في جهنّم، وقال كعب: بيت فيها.
وأثام: واد فيها، حكاه القرطبي.
وفيه من أسماء الأصنام: ودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وهي أصنام قوم نوح، وكانت أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشّيطان إليهم: أن
انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسمّوها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتّى هلك أولئك ونسخ القلم، واللات، والعزّى، ومناة، وهي: أصنام قريش، وبعل وهو: صنم قوم إلياس.(1/151)
وفيه من أسماء الأصنام: ودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وهي أصنام قوم نوح، وكانت أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشّيطان إليهم: أن
انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسمّوها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتّى هلك أولئك ونسخ القلم، واللات، والعزّى، ومناة، وهي: أصنام قريش، وبعل وهو: صنم قوم إلياس.
وفيه من أسماء الكواكب: الشّمس والقمر والطّارق والشّعرى.
النّوع الثّامن والتّسعون والتّاسع والتّسعون: الكنى والألقاب
أمّا الكنى: فليس في القرآن منها غير أبي لهب واسمه: عبد العزّى ولذلك لم يذكر باسمه لأنّه حرام شرعا، وقيل: للإشارة إلى أنّه جهنّميّ. وأمّا الألقاب فمنها: إسرائيل ليعقوب ومعناه: عبد الله، وقيل: صفوة الله، وقيل: سريّ الله، لأنّه أسرى لما هاجر.
ومنها: المسيح لعيسى. وفي معناه أوجه كثيرة ذكرتها في شرح الأسماء النبوية.
ونوح فإنّ اسمه: عبد الغفّار ولقّب به لكثرة نوحه على نفسه.
وذو النّون: وهو يونس.
وذو الكفل: إن صحّ أنّه بشر بن أيّوب.
والرّوح: وروح القدس، والأمين، ألقاب للملك الكريم جبريل عليه السّلام.
وذو القرنين: واسمه: الإسكندر، ولم يكن نبيّا، قيل: كان رجلا صالحا، وقيل:
اسمه: هرمس، وقيل: هرديس، وقيل: مرزبان بن مردبة، وقيل: هو الصّعب بن ذي يزن الحميري، وقيل: هو يوناني وسمّي ذا القرنين: لأنّه ملك فارس والرّوم، أو دخل النّور والظّلمة أو كان برأسه شبه القرنين، أو كان له ذؤابتان، أو رأى في النّوم أنّه أخذ بقرني الشّمس، أقوال.
والعزيز واسمه: قطفير أو إطفير.
وطالوت: لقّب به لفرط طوله واسمه: شاول بن أنبار بن ضرار.
وفرعون واسمه: الوليد بن مصعب بن الريان وكنيته: أبو مرّة، وقيل: أبو العبّاس وهو فرعون الثّاني الّذي أرسل إليه موسى وكان قبله فرعون آخر وهو أخوه.
قابوس بن مصعب: ملك العمالقة، ولم يذكر في القرآن.(1/152)
قابوس بن مصعب: ملك العمالقة، ولم يذكر في القرآن.
النّوع المائة: المبهمات
هذا النّوع مهمّ، وذكر البلقينيّ منه أمثلة، وللنّاس فيه تصانيف منها: التّعريف والأعلام للسّهيلي، والتّبيان لقاضي القضاة: بدر الدّين بن جماعة، وقد وقفت عليهما وعلى مختصر التّعريف لبعض الفضلاء وفيه زيادات عليه.
وقد حرّرتها في فضول:
الفصل
الأوّل:
فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جنّيّ، أو مثنّى، أو مجموع عرف أسماء كلّهم، أو من أو الّذي إذا كان نصّا للواحد، كقوله تعالى: {إِنِّي جََاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [(2) البقرة: 30] هو آدم، وزوجته هي: حوّاء بالمدّ وقد تكرر {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً} [(2) البقرة: 72] اسمه: عاميل، {إِذْ قََالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} [(2) البقرة: 246] هو شمويل بن بال علقمة يعرف بابن العجوز، وقيل فيه: شمعون، وقيل: هو يوشع وهو بعيد جدّا.
{الَّذِي حَاجَّ إِبْرََاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [(2) البقرة: 258] هو النّمرود بن كوس بن كنعان بن حام ابن نوح.
{كَالَّذِي مَرَّ عَلى ََ قَرْيَةٍ} [(2) البقرة: 259] هو: عزير، أو أرميا، أو شعيا، أقوال.
{امْرَأَتُ عِمْرََانَ} [(3) آل عمران: 35] حنّة بالنّون بنت فاقوذ، (امرأت زكريّا) [(3) آل عمران: 40] أشياع بنت فاقوذ فهي خالة مريم.
{مُنََادِياً يُنََادِي لِلْإِيمََانِ} [(3) آل عمران: 193] هو النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
(الجبت) [(4) النساء: 51] هو: حييّ بن أخطب، وقيل: اسم شيطان.
(الطاغوت) هو: كعب بن الأشرف.
{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهََاجِراً} [(4) النساء: 100] هو وإن كان عامّا لكن ذكرته في هذا الفصل لما روي عن عكرمة قال: طلبت اسم هذا الرّجل أربع عشرة سنة حتّى وجدته وهو: ضمرة بن العيص ويقال فيه: ضميرة، وقيل: هو جندب بن ضمرة، وقيل: خالد بن حزام ابن خويلد.
{اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} [(5) المائدة: 12] هم: شموع بن زكور من سبط روبيل، وشوقط بن حورى من سبط شمعون، وكالب بن يوفنا من سبط يهوذا، وبعورك بن يوسف من سبط أشاجره، ويوشع بن نون من سبط أفراثيم بن يوسف، وبلطي بن روفوا من سبط بنيامين، وكرابيل بن سورى من سبط زبالون، وكدى بن سؤسا من سبط منشا بن يوسف، وعمائيل
ابن كسل من سبط دان، وستور بن ميخائيل من سبط أشير، ويوحنا بن وقوس من سبط نفتال، وأإل بن موخا من سبط كاذلوا.(1/153)
{اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} [(5) المائدة: 12] هم: شموع بن زكور من سبط روبيل، وشوقط بن حورى من سبط شمعون، وكالب بن يوفنا من سبط يهوذا، وبعورك بن يوسف من سبط أشاجره، ويوشع بن نون من سبط أفراثيم بن يوسف، وبلطي بن روفوا من سبط بنيامين، وكرابيل بن سورى من سبط زبالون، وكدى بن سؤسا من سبط منشا بن يوسف، وعمائيل
ابن كسل من سبط دان، وستور بن ميخائيل من سبط أشير، ويوحنا بن وقوس من سبط نفتال، وأإل بن موخا من سبط كاذلوا.
{قََالَ رَجُلََانِ} [(5) المائدة: 23] هما يوشع وكالب، {ابْنَيْ آدَمَ} [(5) المائدة: 27] هما: قابيل وهابيل وهو المقتول، والقول بأنّهما ليسا لصلبه بل من بني إسرائيل باطل.
{تَحْبِسُونَهُمََا} [(5) المائدة: 106] قال أصحاب المبهمات: الضّمير لتميم الدّاري وعدي بن بدّا النازل فيهما الآية.
قلت: الأولى أن يقال: هو راجع لاثنين في أول الآية وهي عامة وإن كان سبب نزولها قصتهما.
{الَّذِي آتَيْنََاهُ آيََاتِنََا فَانْسَلَخَ} [(7) الأعراف: 175]؟ هو بلعم بن باعورا، ويقال فيه:
بلعام من بني إسرائيل وكان من الجبّارين.
{وَإِنِّي جََارٌ لَكُمْ} [(8) الأنفال: 48] عنى سراقة بن مالك بن جعشم سيّد بني مدلج لأنه أتى في صورته.
{إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ لََا تَحْزَنْ} [(9) التوبة: 40] هو أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} [التوبة: 75] هو الجدّ بن قيس.
{وَمِنْهُمْ مَنْ عََاهَدَ اللََّهَ} [(9) التوبة: 75] هو ثعلبة بن حاطب.
{وَإِرْصََاداً لِمَنْ حََارَبَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ} [(9) التوبة: 107] هو أبو حنظلة الراهب.
{الثَّلََاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [(9) التوبة: 118] كعب بن مالك، وهلال بن أميّة، ومرارة بن الرّبيع.
{وَيَتْلُوهُ شََاهِدٌ مِنْهُ} [(11) هود: 17] قيل: هو جبريل.
{وَنََادى ََ نُوحٌ ابْنَهُ} [(11) هود: 42] هو: كنعان بن حام، وقيل: يام.
(امرأت إبراهيم) [(11) هود: 71] سارة.
والغلام الّذي بشّرت به في الذّاريات: إسحاق بلا خلاف إذ لم تلد غيره.
(بنات لوط) [(11) هود: 78] ريثا ورغوثا.
امرأته: والهة، قيل: واعلة.
إخوة يوسف أحد عشر: يهوذا، وشمعون، ولاوى، وروبيل، وتفتال، وكاذلوا، وشير، ودان، وقهاب، وبنيامين وهو شقيقة المراد حيث ذكر في السورة. وكبيرهم:(1/154)
امرأته: والهة، قيل: واعلة.
إخوة يوسف أحد عشر: يهوذا، وشمعون، ولاوى، وروبيل، وتفتال، وكاذلوا، وشير، ودان، وقهاب، وبنيامين وهو شقيقة المراد حيث ذكر في السورة. وكبيرهم:
روبيل لأنّه أسنّهم، وقيل: شمعون أي رئيسهم، وقيل: يهوذا أي صاحب رأيهم وهو القائل الذي قال: {لََا تَقْتُلُوا} [(12) يوسف: 10] وهو البشير.
{فَأَرْسَلُوا وََارِدَهُمْ} [(12) يوسف: 19] هو مالك بن دعر.
{امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} [(12) يوسف: 30] راعيل، وقيل: زليخا.
{الَّذِي اشْتَرََاهُ} [(12) يوسف: 21] العزيز.
{وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ أَهْلِهََا} [(12) يوسف: 26] كان ابن عمّها، وقيل: ابن خالها ولم يسمّ، وفي الحديث: إنّه كان طفلا في المهد.
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيََانِ} [(12) يوسف: 36] هما: شرّهم وسرّهم وهو النّاجي.
{وَقََالَ الْمَلِكُ} هو الرّيان بن الوليد بن عمرو بن أراشة يجتمع مع فرعون في أراشة.
{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [(12) يوسف: 100] هما: أبوه وخالته ليّا، وإن كانت أمّة فاسمها: راحيل، قول إبراهيم: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ} [(71) نوح: 28] أبوه في القرآن، وأمّه: نوفا وقيل: ليوثا بنت كرنبا، وكانت مؤمنة.
{كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا} [(16) النحل: 75] ريطة بنت سعيد بن زيد مناة بن تميم.
{إِنَّمََا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] هو جبر غلام الفاكه بن المغيرة، وقيل: مولى عامر ابن الحضرمي، وقيل: غير ذلك.
{أَصْحََابَ الْكَهْفِ} [(18) الكهف: 9] تمليخا وهو رئيسهم والقائل: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} [(18) الكهف: 16] والقائل: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمََا لَبِثْتُمْ} [(18) الكهف: 19].
ومكسلمينا وهو القائل: {كَمْ لَبِثْتُمْ} [(18) الكهف: 19] ومرطوش، وبراشق، وأيونس، وأريسطانس، وشلططيوس.
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [(18) الكهف: 32] هما: فوطس وتمليخا وهو الخير.
(فتى موسى) [(18) الكهف: 60] يوشع.
{فَوَجَدََا عَبْداً} [(18) الكهف: 65] هو الخضر واسمه: بليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح، وقيل: أرميا، وقيل: اليسع، وقيل: غير ذلك.
{وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ} [(18) الكهف: 79] هو جيسور، وفي رواية: حيسور بالحاء، وقيل:(1/155)
{فَوَجَدََا عَبْداً} [(18) الكهف: 65] هو الخضر واسمه: بليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح، وقيل: أرميا، وقيل: اليسع، وقيل: غير ذلك.
{وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ} [(18) الكهف: 79] هو جيسور، وفي رواية: حيسور بالحاء، وقيل:
حينور، وقيل: هدد بن بدد.
{لَقِيََا غُلََاماً} [(18) الكهف: 74] قال في التبيان: اسمه: خش بود، ومعناه بالفارسي:
طيّب.
(وأبواه) [(18) الكهف: 80] الأب: كازيرا والأمّ: سهوى.
{لِغُلََامَيْنِ يَتِيمَيْنِ} [(18) الكهف: 82] هما: أصرم وصريم ابنا كاشح وامهما دينا.
{وَيَقُولُ الْإِنْسََانُ} [(19) مريم: 66] أبيّ بن خلف، أو الوليد بن المغيرة.
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيََاتِنََا} [(19) مريم: 77] هو العاص بن وائل، {السََّامِرِيُّ} [(20) طه: 85] موسى بن ظفر، {الدََّاعِيَ} [(54) القمر: 6] في طه والقمر، و (المنادي) [(50) ق:
41] في ق: إسرافيل، (أمج موسى) [(28) القصص: 10] بحانة بنت يصهر بن لاوى، وقيل: ياؤخا وبه جزم السّهيلي.
{وَقََالَتْ لِأُخْتِهِ} [(28) القصص: 10] أخته مريم، وقيل: كلثوم.
{وَقَتَلْتَ نَفْساً} [(20) طه: 4] هو القبطي واسمه: فاتون.
{هََذََانِ خَصْمََانِ} [(22) الحج: 19] هما خصم المؤمنين: علي وحمزة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب، وخصم الكفّار: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، تبارزوا يوم بدر، {الَّذِينَ جََاؤُ بِالْإِفْكِ} [(24) النور: 11] عبد الله بن أبيّ، وهو الّذي تولّى كبره، وحمنة بنت جحش، ومسطح واسمه: عوف بن أثاثة، وحسّان بن ثابت.
{يَعَضُّ الظََّالِمُ} [(25) الفرقان: 27] هو عقبة بن أبي معيط، {لَمْ أَتَّخِذْ فُلََاناً} [(25) الفرقان: 28] هو صديقه أمية بن خلف أو أخوه: أبيّ بن خلف.
(إنّي وجدت امرأت تملكهم) [(27) النمل: 23] هي بلقيس بنت هداد بن شرحبيل.
وقيل: دلقمة بنت أبي سرح بن أبي حدن.
{قََالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} [(27) النمل 39] هو: كودن، وقيل: ذكوان.
{الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتََابِ} هو آصف بن برخيا وزير سليمان وكاتبه وابن خالته، وقيل: اسمه سطوم. وقيل: هو ضبة بن أد بن طابخة، وقيل: جبريل، وقيل: سليمان نفسه، والكل ضعيف أو باطل.
{تِسْعَةُ رَهْطٍ} [(27النمل: 48] هم: مصدع بن دهر، وقيل: دهم، وقذار بن سالف، وهديم، وصواب، ورئاب، ودأب، وهرمى، ورعين بن عمرو.
{امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [(28) القصص: 9] آسية بنت مزاحم، قيل: بنت عمه: وقيل: عمّة موسى.(1/156)
{تِسْعَةُ رَهْطٍ} [(27النمل: 48] هم: مصدع بن دهر، وقيل: دهم، وقذار بن سالف، وهديم، وصواب، ورئاب، ودأب، وهرمى، ورعين بن عمرو.
{امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [(28) القصص: 9] آسية بنت مزاحم، قيل: بنت عمه: وقيل: عمّة موسى.
نكتة: روى الزّبير بن بكار أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لخديجة: أشعرت أن الله زوّجني معك في الجنّة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون.
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} [(28) القصص: 8] اسم الملتقط له: طابوث، وقيل: هي امرأة فرعون، وقيل: ابنته {رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلََانِ} [(28) القصص: 15] الإسرائيلي قيل: هو السّامريّ، والقبطيّ: تقدّم اسمه {رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} [(28) القصص: 20] قيل: طابوث، وقيل:
مؤمن آل فرعون وسيأتي، {امْرَأَتَيْنِ تَذُودََانِ} [(28) القصص: 23] هما: ليّا وصفوريا ابنتا شعيب عند الأكثر، وقيل: ابنتا ثيرون ابن أخي شعيب، والتي نكحها هي: صفوريا وهي الصغرى كما رواه الطبراني في الأوسط والصغير. «ابن لقمان» تاران، وقيل: أنعم، وقيل: مشكم (ملك الموت) ذكر ابن جماعة في التبيان أن اسمه: عزرائيل وكذا رأيته بخطّ الشيخ: «وليّ الدّين العراقي» في تذكرته، ورواه الشيخ ابن حيّان في كتاب العظمة عن وهب، وذكر الكرماني في مختصر المسالك أن كنية ملك الموت: يحيى.
{يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوََاجِكَ وَبَنََاتِكَ} [(33) الأحزاب: 59] أمّا أزواجه اللّاتي اجتمعن عنده ومات عنهنّ فتسع: عائشة، وحفصة، وأمّ سلمة واسمها هند، وميمونة، وسودة، وأمّ حبيبة، وصفيّة، وجويرية، وزينب بنت جحش.
وبناته: فاطمة، وزينب زوجة أبي العاس بن الرّبيع، ورقيّة، وأمّ كلثوم زوجتا عثمان.
{لِلَّذِي أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [(33) الأحزاب: 37] هو: زيد بن حارثة.
{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} هي: زينب بنت جحش.
{أَصْحََابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جََاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} [(36) يس: 13] هم: شلوم، وصادق، وصدوق، وقيل بدلهما: شمعون ويحيى.
{وَجََاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ} [(36) يس: 20] هو: حبيب بن موسى النّجار.
{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسََانُ} [(36) يس: 77] هو: أبيّ بن خلف، أو أخوه أميّة، أو العاص بن وائل.
{قََالَ قََائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كََانَ لِي قَرِينٌ} [(37) الصافات: 51] هما: الرّجلان في الكهف.(1/157)
{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسََانُ} [(36) يس: 77] هو: أبيّ بن خلف، أو أخوه أميّة، أو العاص بن وائل.
{قََالَ قََائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كََانَ لِي قَرِينٌ} [(37) الصافات: 51] هما: الرّجلان في الكهف.
{وَجَعَلْنََا ذُرِّيَّتَهُ} [(37) الصافات: 77] هم: سام وحام ويافث.
(الذّبيح) [(37) الصافات: 101] إسماعيل على الصحيح، وقيل: إسحاق، وبه جزم السّهيليّ وأنا الآن أميل إليه.
(نبؤا الخصم) [(38) ص: 21] جبريل وميكائيل.
{عَلى ََ كُرْسِيِّهِ جَسَداً} [(38) ص: 34] قيل: شيطان اسمه: صخر وقيل: آصف.
{وَقََالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [(40) غافر: 28] هو: شمعان جزم به السّهيلي وابن جماعة، وقيل: حزقيل جزم به البلقيني، وقيل: جبر، وقيل: حبيب.
{أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلََّانََا} [(41) فصلت: 29] هما: إبليس وقابيل.
{عَلى ََ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ} [(43) الزخرف: 21] عنوا الوليد بن المغيرة من مكّة، وعروة ابن مسعود الثّقفي من الطّائف.
{وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ} [(46) الأحقاف: 10] قيل: موسى عليه السّلام وقيل:
عبد الله بن سلّام.
{حَتََّى إِذََا بَلَغَ أَشُدَّهُ} [(46) الأحقاف: 15] هو: أبو بكر رضي الله عنه، وأبوه: أبو قحافة عثمان بن عامر، وأمّه، وأمّ الخير سلمى بنت صخر، وذرّيته: عبد الله وعبد الرحمن وأسماء وعائشة.
{وَالَّذِي قََالَ لِوََالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمََا} [(46) الأحقاف: 17] قيل: ولده عبد الرحمن وأنكرته عائشة.
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلََّى} [(53) النجم: 33] هو: الوليد بن المغيرة.
{فَنََادَوْا صََاحِبَهُمْ} [(54) القمر: 29] هو: قذار.
{الَّتِي تُجََادِلُكَ} [(58) المجادلة 1] خولة بنت حكيم، وقيل: جميلة بنت ثعلبة، وزوجها: أوس بن الصّامت.
{لِمَ تُحَرِّمُ مََا أَحَلَّ اللََّهُ لَكَ} [(66) التحريم: 1] هي سريّته مارية.
{أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى ََ بَعْضِ أَزْوََاجِهِ حَدِيثاً} [(66) التحريم: 3] هي: حفصة.
{إِنْ تَتُوبََا} [(66) التحريم: 4] هما: حفصة وعائشة.(1/158)
{أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى ََ بَعْضِ أَزْوََاجِهِ حَدِيثاً} [(66) التحريم: 3] هي: حفصة.
{إِنْ تَتُوبََا} [(66) التحريم: 4] هما: حفصة وعائشة.
{وَصََالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [(66) التحريم: 4] أبو بكر وعمر كما رواه الطّبرانيّ في الأوسط.
{امْرَأَتَ نُوحٍ} [(66) التحريم: 10] والعة.
{سَأَلَ سََائِلٌ} [(70) المعارج: 1] هو النّضر بن الحارث.
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ} [(71) نوح: 28] أبوه: لمك بن متوشلخ وأمّه: شمخا بنت أنوش وكانا مؤمنين.
{يَقُولُ سَفِيهُنََا} [(72) الجن: 4] هو إبليس.
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} [(74) المدثر: 11] هو الوليد بن المغيرة.
{فَلََا صَدَّقَ وَلََا صَلََّى} [(57) القيامة: 31] هو عدي بن أبي ربيعة، وقيل: أبو جهل.
{هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ} [(76) الإنسان: 1] هو آدم.
{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [(78):] قيل: ملك لم يخلق الله بعد العرش أعظم منه رواه ابن جرير عن عليّ بن أبي طلحة، قيل: جبريل.
{أَنْ جََاءَهُ الْأَعْمى ََ} [(80) عبس: 2] هو ابن أمّ مكتوم عبد الله بن شريح بن مالك.
وقيل: اسمه: عمرو.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [(81) التكوير: 19] جبريل! أو النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قولان وسياق الآية يرجّح الأوّل.
{وَوََالِدٍ وَمََا وَلَدَ} [(90) البلد: 3] هو آدم وذرّيته.
{الْإِنْسََانَ فِي كَبَدٍ} [(90) البلد: 4] هو أبو الأشد، كلدة بن أسيد.
{انْبَعَثَ أَشْقََاهََا} [(91) الشمس: 12] هو قدار.
{فَقََالَ لَهُمْ رَسُولُ اللََّهِ} [(91) الشمس: 13] هو صالح.
{الَّذِي يَنْهى ََ. عَبْداً} [(96) العلق: 9، 10] هو: أبو جهل، والعبد: النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
{إِنَّ شََانِئَكَ} [(108) الكوثر: 3] هو العاصي بن وائل، وقيل: أبو جهل.
(امرأت أبي لهب) [(111) المسد: 4] أمّ جميل العوراء بنت حرب بن أميّة عمة معاوية.(1/159)
(امرأت أبي لهب) [(111) المسد: 4] أمّ جميل العوراء بنت حرب بن أميّة عمة معاوية.
الفصل الثاني: في مبهمات الجموع
الّذين سمّي بعضهم أو عرف عددهم، فمن ذلك ما يدخل تحت ضابط وله أمثلة.
أحدها: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمََا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [(2) البقرة: 4] والآيات الّتي في معناها في مؤمني أهل الكتاب منهم: عبد الله بن سلّام والنّجاشي وأصحابهما.
وسمّي من أصحاب ابن سلام: أسد وأسيد وأسلم وثعلبة.
الثّاني: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ} [(2) البقرة: 6] الآية وما في معناها فيمن حقّ عليه العذاب وأنّه لا يؤمن منهم: أبو جهل وأبو لهب وعتبة وشيبة.
{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ} [(3) آل عمران: 75]: كعب بن الأشرف، وحييّ بن أخطب وابن أبي الحقيق.
الثّالث: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنََّا بِاللََّهِ} [(2) البقرة: 8] الآية في المنافقين وما في معناها كآيات براءة وسورة المنافقين، وكانت عدّتهم ثلاثمائة رجل ومائة وسبعين امرأة أكثرهم يهود، ومنهم: عبد الله بن أبيّ وهو القائل: {لََا تُنْفِقُوا عَلى ََ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللََّهِ}
[(63) المنافقون: 7] والجد بن قيس، ومعتب بن قشير بن مليل وهو الذي قال: {لَوْ كََانَ لَنََا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [(3) آل عمران: 153]. ووديعة بن ثابت بن عمرو بن عوف وهو القائل:
{إِنَّمََا كُنََّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [(9) التوبة: 65] ونبتل بن الحارث وهو القائل: هو أذن، والحارث بن يزيد الطائي، وأوس بن قيظي وهو القائل: {إِنَّ بُيُوتَنََا عَوْرَةٌ} [(33) الأحزاب:
13]، والحلاس بن سويد بن الصامت، وسعد بن زرارة، وسويد، وراعش، وقيس بن عمرو، وزيد بن اللصيب، وسلالة بن الحمام.
الرّابع: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ} حيث وقع فهم أهل مكّة.
الخامس: الأسباط هم: ذرّيّة يعقوب كالقبائل في العرب. ومنه ما ليس له ضابط وهو كثير، الأنبياء والمرسلون.
وفي مسند أحمد من حديث أبي أمامة مرفوعا: «الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، والرّسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر».
ومن الأنبياء من لم يسمّ في القرآن: يوشع، وحنظلة بن صفوان نبيّ أصحاب الرّسّ، وحزقيل، وخالد بن سنان، وأرميا، وشعيا، وشمويل. والملائكة لا يعلمهم إلّا الله كما أخبر بذلك في كتابه، وممّن سمّي منهم وليس في القرآن إسماعيل صاحب سماء الدّنيا، وريافيل الّذي يطوي الأرض يوم القيامة.(1/160)
وفي مسند أحمد من حديث أبي أمامة مرفوعا: «الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، والرّسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر».
ومن الأنبياء من لم يسمّ في القرآن: يوشع، وحنظلة بن صفوان نبيّ أصحاب الرّسّ، وحزقيل، وخالد بن سنان، وأرميا، وشعيا، وشمويل. والملائكة لا يعلمهم إلّا الله كما أخبر بذلك في كتابه، وممّن سمّي منهم وليس في القرآن إسماعيل صاحب سماء الدّنيا، وريافيل الّذي يطوي الأرض يوم القيامة.
أولاد إبراهيم: سمّي منهم: إسماعيل، وإسحاق، ومدين، وزمران، وسرج، ونفش، ونفشان، وكيسان، وسروج، وأميم، ولوطان، ونافس.
{وَقََالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ} [(2) البقرة: 111] الآية، قاله يهود المدينة ونصارى نجران وكانوا ستّين، وسمّي منهم: السّيد والعاقب وأوس بن الحارث وخلف وخويلد، ويوفنا، وهم المذكورون في صدر آل عمران.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [(2) البقرة: 189] سمّي منهم: معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم.
{يَسْئَلُونَكَ مََا ذََا يُنْفِقُونَ} [(2) البقرة: 215] سمّي منهم: عمرو بن الجموح.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} [(2) البقرة: 219] سمّي منهم: عمر، ومعاذ.
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [(2) البقرة: 222] سمّي منهم: أسيد بن الحضير، وعبّاد ابن بشر.
{الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} [البقرة: 243] قيل: ثلاثون ألفا، وقيل:
سبعون، وقيل: ثمانون.
{فَلَمََّا فَصَلَ طََالُوتُ بِالْجُنُودِ} [(2) البقرة: 249] قيل: كانوا سبعين ألفا، والّذين لم يشربوا وجاوزوا معه ثلاثمائة وثلاثة عشر وهم عدد أهل بدر.
{مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللََّهُ} [(2) البقرة: 253] سمّى أصحاب المبهمات ممّن كلّم الله موسى لا غير.
قلت: ومنهم: آدم كما ثبت في الحديث ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتََابِ يُدْعَوْنَ إِلى ََ كِتََابِ اللََّهِ} [(3) آل عمران: 23] الآية، سمّي منهم: النّعمان بن عمرو، والحارث بن يزيد.
{وَقََالَتْ طََائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ آمِنُوا} [(3) آل عمران: 72] سمّي منهم: عبد الله بن الضّيف، وعديّ بن زيد، والحارث بن عوف.
{كَيْفَ يَهْدِي اللََّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمََانِهِمْ} [(3) آل عمران: 86] سمّي منهم: الحارث ابن سويد بن أسلم.(1/161)
{وَقََالَتْ طََائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ آمِنُوا} [(3) آل عمران: 72] سمّي منهم: عبد الله بن الضّيف، وعديّ بن زيد، والحارث بن عوف.
{كَيْفَ يَهْدِي اللََّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمََانِهِمْ} [(3) آل عمران: 86] سمّي منهم: الحارث ابن سويد بن أسلم.
{إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ} [(3) آل عمران: 100] سمّي منهم: عمرو بن شامس وأوس بن قيظي وجبار بن صخر.
{إِذْ هَمَّتْ طََائِفَتََانِ مِنْكُمْ} [(3) آل عمران: 122] هما: بنو حارثة من الأوس، وبنو سلمة من الخزرج.
و {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيََا} [(3) آل عمران: 152] هم الّذين فرّوا من المشركين وكانوا سبعة وثلاثين رجلا.
{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [(3) آل عمران: 152] الّذين ثبتوا ثلاثة عشر منهم: عبد الله ابن جبير.
{وَطََائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [(3) آل عمران: 154] هم المنافقون.
{الَّذِينَ اسْتَجََابُوا لِلََّهِ} [(3) آل عمران: 172] هم الخارجون إلى بدر ثانيا بعد أحد وكانوا سبعين.
{الَّذِينَ قََالُوا إِنَّ اللََّهَ فَقِيرٌ} [(3) آل عمران: 181] منهم: فنحاص اليهودي.
{الَّذِينَ قََالُوا إِنَّ اللََّهَ عَهِدَ إِلَيْنََا} [(3) آل عمران: 183] منهم: كعب بن الأشرف وفنحاص.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [(4) النساء: 77] سمّي منهم: طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف.
{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى ََ قَوْمٍ} [(4) النساء: 90] هم بنو مدلج دخلوا في صلح خزاعة.
{أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [(4) النساء: 90] هم هلال بن عويمر الأسلمي وقومه.
{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ} [(4) النساء: 91] هم قوم من أسد وغطفان.
{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} [(4) النساء: 98] سمّي منهم: ابن عبّاس وأمّه أمّ الفضل لبابة بنت الحارث الهلاليّة أخت ميمونة.
{الَّذِينَ يَخْتََانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [(4) النساء: 107] هم: طعمة بن أبيرق وأقاربه منهم إخوته:
بشر وبشير ومبشّر وابن عمّهم أشير بن عروة بن أبيرق.
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسََاءِ} [(4) النساء: 127] سمّي من المستفتين: خولة بنت حكيم سألت عن بنات أخيها.(1/162)
بشر وبشير ومبشّر وابن عمّهم أشير بن عروة بن أبيرق.
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسََاءِ} [(4) النساء: 127] سمّي من المستفتين: خولة بنت حكيم سألت عن بنات أخيها.
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللََّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلََالَةِ} [(4) النساء: 176] سمّي منهم: جابر بن عبد الله.
{يَسْئَلُونَكَ مََا ذََا أُحِلَّ لَهُمْ} [(5) المائدة: 4] سمّي منهم: عديّ بن حاتم الطائي.
{إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا} [(5) المائدة: 11] سمّي منهم: عمرو بن جحاش اليهودي.
{قَوْماً جَبََّارِينَ} [(5) المائدة: 22] هم العمالقة.
{إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ} [(5) المائدة: 33] هم العرنيّون وكانوا ثمانية.
{وَمِنَ الَّذِينَ هََادُوا سَمََّاعُونَ} [(5) المائدة: 41] هم: بنو قينقاع، وقيل: قريظة.
{لِقَوْمٍ آخَرِينَ} [(5) المائدة: 41] هم أهل خيبر.
{بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [(5) المائدة: 54] فسّرهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوم أبي موسى الأشعريّ، رواه الحاكم.
{وَإِذََا سَمِعُوا مََا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} [(5) المائدة: 83] هم وفد الحبشة وكانوا سبعين، وسمّي منهم: إبراهيم، وإدريس، وأبو خزاعة، والأشرف، والسّمن، وتميم، وتمام، ودريد.
{وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى ََ} [(5) المائدة: 110] أخرج: سام بن نوح، ورجلين وامرأة، وجارية.
{الْحَوََارِيِّينَ} [(5) المائدة: 111] سمّي منهم: بطرس، وبولس، واندارس، ويحنّس، وبوطا، وزرنب بن تملا، وفيلبس، ويعقوبس، ونسمى، وتوماس، وإيريلها، ويهودا.
{يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هََذََا إِلََّا أَسََاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [(6) الأنعام: 25] سمّي من قائلي ذلك: النّضر بن الحارث، وكذا قوله تعالى: {وَإِذْ قََالُوا اللََّهُمَّ إِنْ كََانَ هََذََا هُوَ الْحَقَّ} [(8) الأنفال: 32]، {وَمَنْ قََالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مََا أَنْزَلَ اللََّهُ} [(6) الأنعام: 93]، {وَلََا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ} [(6) الأنعام: 52] ونحوها في الكهف سمّي منهم: بلال، وعمّار.
{إِذْ قََالُوا مََا أَنْزَلَ اللََّهُ عَلى ََ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [(6) الأنعام: 91] سمّي منهم: مالك بن الضيف اليهودي.
{قََالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتََّى نُؤْتى ََ} [(6) الأنعام: 124] سمّي منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل.(1/163)
{إِذْ قََالُوا مََا أَنْزَلَ اللََّهُ عَلى ََ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [(6) الأنعام: 91] سمّي منهم: مالك بن الضيف اليهودي.
{قََالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتََّى نُؤْتى ََ} [(6) الأنعام: 124] سمّي منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل.
الّذين آمنوا مع صالح مائة وعشرة.
السّحرة قيل: خمسة عشر ألفا، وقيل: سبعون ألفا، وقيل: أربعمائة، وقيل:
تسعمائة، ورؤساؤهم أربعة: عاد، وساتور، وحطحط، والمصفى.
{عَلى ََ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ} [(7) الأعراف: 138] هم من كنعان، وقيل: من لخم.
{وَمِمَّنْ خَلَقْنََا أُمَّةٌ يَهْدُونَ} [(7) الأعراف: 181] هي أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفََالِ} [(8) الأنفال: 1] سمّي منهم: سعد بن أبي وقّاص.
{يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى ََ} [(8) الأنفال: 70] كانوا سبعين منهم:
العبّاس، وعقيل، ونوفل بن الحارث.
{إِلَّا الَّذِينَ عََاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [(9) التوبة: 4] هم بنو كنانة، وبنو ضمرة، وبنوا مدلج، وبنوا الذليل.
{وَيَتُوبُ اللََّهُ عَلى ََ مَنْ يَشََاءُ} [(9) التوبة: 15] منهم: أبو سفيان، ومعاوية وعكرمة بن أبي جهل.
{الَّذِينَ إِذََا مََا أَتَوْكَ} [(9) التوبة: 92] منهم: بنو مقرّن المزني، قيل: كانوا سبعة:
علبة بن يزيد، وعبد الله بن المغفل، والعرباض بن سارية، وعبد الرحمن بن عمرو، وسالم بن عمير، ومعقل، وعائذ بن عمرو.
{وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [(9) التوبة: 60] سمّي منهم: عبد الله بن يربوع، وعمرو بن مردان، والعباس بن مرداس، وعلاء بن الحارثة، وقيس بن عديّ.
{وَمِنَ الْأَعْرََابِ مَنْ يَتَّخِذُ} [(9) التوبة: 98] هم: نفر من بني أسد وتميم.
{وَمِنَ الْأَعْرََابِ مَنْ يُؤْمِنُ} [(9) التوبة: 99] هم: بنو مقرن.
{وَالسََّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [(9) التوبة: 100] قيل: من صلّى إلى القبلتين، وقيل: أهل بدر، وقيل: البيعة.
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا} [(9) التوبة: 102] هم سبعة منهم: أبو لبابة، وأوس بن ثعلبة ووديعة بن حرام.
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ} [(9) التوبة: 106] هم الثّلاثة الّذين خلّقوا.(1/164)
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا} [(9) التوبة: 102] هم سبعة منهم: أبو لبابة، وأوس بن ثعلبة ووديعة بن حرام.
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ} [(9) التوبة: 106] هم الثّلاثة الّذين خلّقوا.
{فِيهِ رِجََالٌ} [(9) التوبة: 108] هم بنو عمرو بن عوف من الأوس.
{وَمََا آمَنَ مَعَهُ إِلََّا قَلِيلٌ} [(11) هود: 40] قيل: ثمانون نصفهم رجال ونصفهم نساء، وقيل: ثمانية وسبعون، وقيل: عشرة.
{جََاءَتْ رُسُلُنََا إِبْرََاهِيمَ بِالْبُشْرى ََ} [(11) هود: 69] هم: اثنا عشر ملكا منهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل وهم الّذين في العنكبوت والذّاريات والحجر.
{وَقََالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [(12) يوسف: 30] هم خمسة: امرأة السّاقي، والحاجب، والخبّاز، والسّجّان، وصاحب الدّوابّ.
{كَفَيْنََاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [(15) الحجر: 95] هم: الوليد بن المغيرة، والعاص، والأسود ابن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، وعديّ بن قيس.
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هََاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مََا فُتِنُوا} [(16) النحل: 110] سمّي منهم: أبو جندل بن سهيل.
{بَعَثْنََا عَلَيْكُمْ عِبََاداً لَنََا} [(17) الإسراء: 5] هم أهل بابل وعليهم بخت نصّر في المرّة الأولى.
{سَيَقُولُونَ ثَلََاثَةٌ} [(18) الكهف: 22] هو والّذي بعده لنصارى نجران والثّالث للمسلمين.
{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ} [(18) الكهف: 50] سمّي من أولاد إبليس: الأبيض وهامة بن الأبيض، وبلزون الموكّل بالأسواق.
{فَكََانَتْ لِمَسََاكِينَ} [(18) الكهف: 79] قيل: سبعة وقيل: عشرة.
{وَوَجَدَ عِنْدَهََا قَوْماً} [(18) الكهف: 86] هم: أهل جابرس من نسل مؤمني ثمود.
{تَطْلُعُ عَلى ََ قَوْمٍ} [(18) الكهف: 90] هم: أهل جابلق من نسل مؤمني عاد، وقيل:
هم الزّنج.
{يَصْطَفِي مِنَ الْمَلََائِكَةِ رُسُلًا} [(22) الحج: 75] قال في التّبيان: كجبريل وميكائيل
وغيرهم، وكأنّ المراد بالرّسل المتصرّفون في أمور الله لا المرسلون إلى الأنبياء خاصّة.(1/165)
{يَصْطَفِي مِنَ الْمَلََائِكَةِ رُسُلًا} [(22) الحج: 75] قال في التّبيان: كجبريل وميكائيل
وغيرهم، وكأنّ المراد بالرّسل المتصرّفون في أمور الله لا المرسلون إلى الأنبياء خاصّة.
{وَأَعََانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [(25) الفرقان: 4] عنوا يسارا مولى العلاء بن الحضرمي، وجبرا، وعداسا مولى حويطب.
{لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [(36) الشعراء: 54] قيل: ستّمائة ألف وسبعون ألفا، وقلّلهم باعتبار جنده فقد كانوا ألف ألف وخمسمائة ألف.
{يََا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} [(27) النمل: 32] كان أهل مشورتها ثلاثمائة وثلاثة عشر.
{أَحَسِبَ النََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [(29) العنكبوت: 2] هم المؤذون على الإسلام منهم: عمّار ابن ياسر وأبوه.
{وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [(31) لقمان: 6] سمّي منهم: النّضر بن الحارث.
{إِذْ جََاءَتْكُمْ جُنُودٌ} [(33) الأحزاب: 9] هم الأحزاب: قريش وقائدهم أبو سفيان، وغطفان وقائدهم عتبة بن حصن، وقريظة والنّضير.
{مَنْ قَضى ََ نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] سمّي منهم: حمزة، ومصعب، وأنس بن النّضر.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [(33) الأحزاب: 23] سمّي منهم: عثمان، وطلحة، وسعيد.
{الَّذِينَ ظََاهَرُوهُمْ} [(33) الأحزاب: 26] هم قريظة.
{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ} [(33) الأحزاب: 50] هي عامّة لأنّها نكرة في سياق الشّرط، وسمّي من الواهبات: خولة بنت حكيم، وأمّ شريك العامريّة.
{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} [(38) ص: 6] سمّي منهم: الوليد، والعاص، وأبو جهل، والنّضر، وشيبة، وأخوه عتبة، وابنه الوليد، وأبو البختري، ومطعم بن عدي ومخرمة بن نوفل، وسهيل بن عمرو، وهشام بن عمرو، وربيعة بن الأسود، وعديّ بن قيس، وحويطب بن عبد العزّى، والحارث بن قيس، وعامر بن خالد، والأخنس بن شريق، وعبد الله بن أميّة، ونبيه بن الحجاج، وأخوه منبّه، وأبيّ بن خلف، وقرط بن عمرو، وعمير بن وهب.
قوله: {إِلََّا مَنْ شََاءَ اللََّهُ} في النّمل والزّمر [النمل، والزمر: 87. 68] قيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وقيل: هم وحملة العرش الثّمانية، وقيل: رضوان،
والحور، ومالك والزّبانية، وقيل: الشّهداء، وقيل: المستثنى في الفزع: الشّهداء وفي الصّعق: الملائكة المذكورون.(1/166)
قوله: {إِلََّا مَنْ شََاءَ اللََّهُ} في النّمل والزّمر [النمل، والزمر: 87. 68] قيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وقيل: هم وحملة العرش الثّمانية، وقيل: رضوان،
والحور، ومالك والزّبانية، وقيل: الشّهداء، وقيل: المستثنى في الفزع: الشّهداء وفي الصّعق: الملائكة المذكورون.
{وَقََالُوا أَآلِهَتُنََا} [(43) الزخرف: 58] سمّي منهم: ابن الزّبعرى.
{نَفَراً مِنَ الْجِنِّ} [(46) الأحقاف: 29] هم من جن نصيبين أو الجزيرة: سبعة، وقيل:
تسعة منهم: زوبعة، وسرّق، وعمرو بن جابر، وشاصر، وماصر، ومنشى، وماشي، والأخف.
{أُولُوا الْعَزْمِ} [(46) الأحقاف: 35] هم: محمّد، وإبراهيم، ونوح، وموسى، وعيسى، وقيل: الثّمانية عشر الّذين في الأنعام، وقيل أربعة: إبراهيم وموسى وداود وعيسى، وقيل: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى، وقيل: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيّوب.
{يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} [(47) محمد: 38] فسّروا في حديث بقوم سليمان.
{إِنَّ الَّذِينَ يُنََادُونَكَ مِنْ وَرََاءِ الْحُجُرََاتِ} [(49) الحجرات: 4] هم أعراب من بني تميم منهم: الأقرع بن حابس، والزّبرقان بن بدر، وعيينة بن حصن، وعمرو بن الأهتم، وخالد ابن مالك، وقعقاع بن معبد.
{قََالَتِ الْأَعْرََابُ آمَنََّا} [(49) الحجرات: 14] هم قوم من بني أسد.
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [(59) الحشر: 2] هم: بنو النّضير.
{أَصْحََابُ الْجَنَّةِ} [(59) الحشر: 20] هم قوم من اليمن إخوة.
{أَصْحََابُ الْأُخْدُودِ} [(85) البروج: 4] هم: ذو نواس زرعة بن أسعد الحميري وأصحابه.
{بِأَصْحََابِ الْفِيلِ} [(105) الفيل: 1] هم الحبشة، قائدهم: أبرهة الأشرم ودليلهم: أبو رغال الثّقفي.(1/167)
{بِأَصْحََابِ الْفِيلِ} [(105) الفيل: 1] هم الحبشة، قائدهم: أبرهة الأشرم ودليلهم: أبو رغال الثّقفي.
الفصل الثالث: في المبهم من أسماء الحيوانات والأمكنة والنجوم ونحوها
{وَإِذْ فَرَقْنََا بِكُمُ الْبَحْرَ} [(2) البقرة: 50] هو القلزم وكنيته: أبو خالد.
{ادْخُلُوا هََذِهِ الْقَرْيَةَ} [(2) البقرة: 58] هي: أريحا، وقيل: بيت المقدس، وقيل:
البلقاء، وقيل: الرّملة وفلسطين.
{مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ} [(2) البقرة: 249] هو نهر فلسطين أو الأردن.
{مَرَّ عَلى ََ قَرْيَةٍ} [(2) البقرة: 259] هي بيت المقدس.
{أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} [(2) البقرة: 260] طاوس، وحمامة، وغراب، وديك، وقيل:
بطة، ونسر بدل الأوّلين.
{كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [(5) المائدة: 19] هو الخفّاش.
{الْقَرْيَةِ الظََّالِمِ أَهْلُهََا} [(4) النساء: 75] مكة.
{ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} [(5) المائدة: 21] هي إيليّا، وهو بيت المقدس. وقيل:
أريحا، وقيل: فلسطين، وقيل: دمشق.
{رَأى ََ كَوْكَباً} [(6) الأنعام: 76] هي: الزهرة وقيل: المشتري.
{الْأَعْرََافِ}: سور بين الجنّة والنّار.
{سَأُرِيكُمْ دََارَ الْفََاسِقِينَ} [(7) الأعراف: 145] قيل: ديار عاد وثمود وقيل: جهنم.
وقيل: (مصر) دار فرعون، وقيل: إنّ قائله إنّما قال: أي مصيرهم فتصحّفت بمصر حتّى استعظم ذلك بعضهم. قلت: وما في هذا مما يستعظم.
{وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [(7) الأعراف: 163] هي: أيلة، وقيل: هي طبريّة فيكون البحر نهر الأردن.
{تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [(7) الأعراف: 143] هو الطّور وكذا {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} [(7) الأعراف: 171]، {إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ} [(9) التوبة: 40] هو في جبل ثور.(1/168)
{وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [(7) الأعراف: 163] هي: أيلة، وقيل: هي طبريّة فيكون البحر نهر الأردن.
{تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [(7) الأعراف: 143] هو الطّور وكذا {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} [(7) الأعراف: 171]، {إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ} [(9) التوبة: 40] هو في جبل ثور.
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى ََ} [(9) التوبة: 108] هو مسجد قباء، وقيل: مسجد المدينة.
{أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} [(12) يوسف: 4] تفسيرها في حديث مرفوع في مسند البزّار والطّبراني، وقد كنت توقّفت فيها إذ لم أجدها مضبوطة لا في خطّ الحافظ أبي الحسن الهيثميّ، وشيخ الحفّاظ أبي الفضل بن حجر وسألت عنها أهل الميقات فلم يعرفوا منها إلّا القليل حتّى رأيتها مضبوطة بخطّ مختصر التّعريف وهي: الخرثان، وطارق، والدّيّال، وقابس، والمليح، والضّروح، وذو الكتفان، وذو الفرغ، والفيلق وثاب، والعمودان.
{غَيََابَتِ الْجُبِّ} [(12) يوسف: 15] هو جبّ في الأردن، وقيل: بيت المقدس.
{جَعَلْنََا فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً} [(15) الحجر: 16] هي: اثنا عشر: الحمل، والثّور، والجوزاء، والسّرطان، والأسد، والسّنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدّلو، والحوت وهي المراد بالبروج حيث ورد في القرآن إلّا في قوله: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [(4) النساء: 78].
{وَجََاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} [(15) الحجر: 67] هي: سدوم أكبر مدائنهم، والبواقي: صعده وعمره، ودوما.
{إِلى ََ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بََالِغِيهِ} [(16) النحل: 7] قيل مكّة.
{وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [(16) النحل: 16] هي: الثّريّا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي، وقيل: المراد الجنس.
{وَكَلْبُهُمْ بََاسِطٌ} [(18) الكهف: 18] اسمه: قطمير.
{بِوَرِقِكُمْ هََذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [(18) الكهف: 19] هي: طرسوس بفتح الراء.
{مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} [(18) الكهف: 60] قيل: بحر فارس والرّوم، وقيل: بحر العرب وبحر الزقاق، وقيل: بحر الأردن وبحر القلزم، وقيل: طنجة وإفريقية.
{أَتَيََا أَهْلَ قَرْيَةٍ} [(18) الكهف: 77] قيل: أنطاكية، وقيل: أيلة، وقيل: النّاصرة قرية بالشام.
{مَكََاناً قَصِيًّا} [(19) مريم: 22] هو وادي بيت لحم.(1/169)
{أَتَيََا أَهْلَ قَرْيَةٍ} [(18) الكهف: 77] قيل: أنطاكية، وقيل: أيلة، وقيل: النّاصرة قرية بالشام.
{مَكََاناً قَصِيًّا} [(19) مريم: 22] هو وادي بيت لحم.
{سَرِيًّا} [(19) مريم: 24] هو نهر.
{فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [(20) طه: 39] هو النّيل.
{الْأَرْضِ الَّتِي بََارَكْنََا فِيهََا} [(21) الأنبياء: 81] الشام.
{الْقَرْيَةِ الَّتِي كََانَتْ تَعْمَلُ الْخَبََائِثَ} [(21) الأنبياء: 74] سدوم.
{أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ الصََّالِحُونَ} [(21) الأنبياء: 105] قيل: أرض الدّنيا، وقيل:
أرض الجنّة، وقيل: الأرض المقدّسة.
{وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ} [(23) المؤمنون: 50] قيل: دمشق وغوطتها، وقيل: بيت المقدس، وقيل: الرّملة، وقيل: مصر، وقيل: النّاصرة.
{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [(25) الفرقان: 53] قيل: هو بحر معروف يلتقي فيه الماء الملح والعذب.
{وَمَقََامٍ كَرِيمٍ} [(26) الشعراء: 57] هو الفيّوم، وقيل: أرض مصر.
{وََادِ النَّمْلِ} [(27) النمل: 18] هو بالشّام وقيل: بالطّائف، وقيل: باليمن.
{قََالَتْ نَمْلَةٌ} [النمل: 18] قيل: اسمها: حرميا وقيل: طاخية. قال السهيليّ: وكيف يتصور ذلك والنمل لا يسمّي بعضهم بعضا ولا يمكن للآدميين تسمية واحدة منها بعينها إذ ليس ممّا يدخل تحت ملكهم كالخيل والكلاب، وإن صحّ ذلك فلعلّها سميّت في بعض كتب الله وعرفها الأنبياء أو بعضهم قبل سليمان، وخصّها بالتّسمية لصدور هذه الحكم العجيبة منها.
قلت: استشكال السّهيليّ لا معنى له فقد قال الفريابيّ في تفسيره حدّثنا سفيان عمّن حدّثه عن مجاهد في قوله: {أُمَمٌ أَمْثََالُكُمْ} [(6) الأنعام: 38] قال: أصنافا مصنّفة تعرف بأسمائها إلّا أن يكون مراده أسماء الأجناس.
{لََا أَرَى الْهُدْهُدَ} [(27) النمل: 20] قيل: اسمه يعفور وقال الحسن: اسمه عفير.
{وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ} [(27) النمل: 22] المراد هنا: المدينة وهي قريبة من صنعاء.
{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ} [(28) القصص: 15] هي منف من أرض مصر.
{لَرََادُّكَ إِلى ََ مَعََادٍ} [(28) القصص: 85] هي مكّة.(1/170)
{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ} [(28) القصص: 15] هي منف من أرض مصر.
{لَرََادُّكَ إِلى ََ مَعََادٍ} [(28) القصص: 85] هي مكّة.
{غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [(30) الروم: 2، 3] وهي: أذرعات، وبصرى، وهي أدنى أرض الشّام إلى أرض العرب، وقيل: أرض الأردن وفلسطين، وقيل: الجزيرة لأنها أدنى أرض الرّوم إلى أرض فارس. {دَابَّةُ الْأَرْضِ} [(34) سبأ: 14] هي الأرضة والأرض:
مصدر أرضت الخشبة لا الأرض المعروفة.
{أَصْحََابَ الْقَرْيَةِ} [(36) يس: 13] هي: أنطاكية.
{وَفَدَيْنََاهُ بِذِبْحٍ} [(37) الصافات: 107] هو الكبش الذي قرّبه هابيل.
{فَنَبَذْنََاهُ بِالْعَرََاءِ} [(37) الصافات: 145] ساحل قرية من الموصل.
{رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ} [(43) الزخرف: 31] مكّة والطّائف.
{وَهََذِهِ الْأَنْهََارُ} [(43) الزخرف: 51] هي أربعة: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنّيس.
{يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} [(50) ق: 41] هو صخرة بيت المقدس أقرب الأرض إلى السّماء.
{الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [(52) الطور: 4] اسمه: الضّراح في السّماء السّابعة وقيل: في السادسة. وقيل: الأولى جهنّم.
{الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} قيل: بحر تحت العرش. وقيل: في جهنم.
{وَالنَّجْمِ} [(53) النجم: 1] هو الثّريّا.
{مََا أَفََاءَ اللََّهُ عَلى ََ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ََ} [(59) الحشر: 7] هي: فدك، وبدر الصّفراء، ونحوها.
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدََّارَ} [(59) الحشر: 9] هي المدينة.
{قَسْوَرَةٍ} [(74) المدثر: 51] هي الأسد، رواه البزّار عن أبي هريرة.
{بِالْخُنَّسِ الْجَوََارِ الْكُنَّسِ} [(81) التكوير: 15، 16] هي: زحل، والمشتري، والمرّيخ، والزّهرة، وعطارد.
{النَّجْمُ الثََّاقِبُ} [(86) الطارق: 3] قيل: زحل، وقيل: الثّريّا.
{جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} [(89) الفجر: 9] وادي الحجر، وقيل: وادي القرى.(1/171)
{النَّجْمُ الثََّاقِبُ} [(86) الطارق: 3] قيل: زحل، وقيل: الثّريّا.
{جََابُوا الصَّخْرَ بِالْوََادِ} [(89) الفجر: 9] وادي الحجر، وقيل: وادي القرى.
{لََا أُقْسِمُ بِهََذَا الْبَلَدِ} [(90) البلد: 1] هو مكة، وكذا: {وَهََذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [(95) التين: 3].
{الْفِيلِ} [(105) الفيل: 1] فحمود (الغاسق) [(113) الفلق: 3] القمر كما في الحديث.(1/172)
{الْفِيلِ} [(105) الفيل: 1] فحمود (الغاسق) [(113) الفلق: 3] القمر كما في الحديث.
الفصل الرابع: في المبهم من أسماء الأيام والليالي وسائر الأزمنة
{يَوْمِ الدِّينِ} [(1) الفاتحة: 3] هو يوم القيامة وكذا سائر الأيام الّتي في القرآن إلّا ما نذكره.
{وَوََاعَدْنََا مُوسى ََ ثَلََاثِينَ لَيْلَةً} [(7) الأعراف: 142] هي: ذو القعدة من ذي الحجة وهي الّتي في سورة الأعراف.
{أَيََّاماً مَعْدُودََاتٍ} [(2) البقرة: 184] زعموها سبعة وقيل: أربعين.
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومََاتٌ} [(2) البقرة: 197] هي شوّال، وذو القعدة وعشر من ذي الحجة كما رواه الحاكم عن ابن عمر.
{أَيََّاماً مَعْدُودََاتٍ} [(2) البقرة: 184] هي أيّام التّشريق الثّلاثة بعد يوم النّحر.
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرََامِ} [(2) البقرة: 217] هو رجب.
{تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعََانِ} [(3) آل عمران: 155] هو يوم أحد.
{لََا تُحِلُّوا شَعََائِرَ اللََّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرََامَ} [(5) المائدة: 2] المراد به: ذو القعدة.
{عَلى ََ فَتْرَةٍ} [(5) المائدة: 19] هي مدّة ما بين عيسى والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ستمائة سنة وقيل:
خمسمائة وستون.
{يَوْمَ الْفُرْقََانِ} [(8) الأنفال: 41] هو يوم بدر، {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [(9) التوبة: 2] هي من عاشر ذي الحجّة سنة تسع إلى آخر ربيع الآخر سنة عشر، وقيل: من عاشر ذي القعدة.
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [(9) التوبة: 25] كان في شوّال سنة ثمان.
{بَعْدَ عََامِهِمْ هََذََا} [(9) التوبة: 28] هو سنة تسع من الهجرة.
{أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [(9) التوبة: 36] هي: رجب، والمحرّم، وذو القعدة، وذو الحجة.
{فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [(12) يوسف: 42] قيل: سبع وكذلك في الروم.(1/173)
{أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [(9) التوبة: 36] هي: رجب، والمحرّم، وذو القعدة، وذو الحجة.
{فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [(12) يوسف: 42] قيل: سبع وكذلك في الروم.
{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [(20) طه: 59] قيل: يوم عاشوراء، وقيل: يوم عيد لهم قبل النّيروز ووافق يوم السّبت.
{أَيََّامٍ مَعْلُومََاتٍ} [(22) الحج: 28] هي عشر ذي الحجّة، وقيل: أيّام النّحر، وقيل:
يوم عرفة والنّحر والتّشريق.
{يَوْمِ الظُّلَّةِ} [(26) الشعراء: 189] يوم أهلك قوم شعيب أظلّهم سحاب فأمطر عليهم نارا.
{عَلى ََ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهََا} [(28) القصص: 15] قيل: وقت القائلة، وقيل: بين المغرب والعشاء.
{خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [(41) فصلت: 9] هما يوم الأحد والاثنين.
{فِي أَرْبَعَةِ أَيََّامٍ} [(41) فصلت: 10] أي تمامها بالثلاثاء والأربعاء.
{سَبْعَ سَمََاوََاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [(41) فصلت: 12] هما: الخميس والجمعة.
{إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبََارَكَةٍ} [(44) الدخان: 3] هي ليلة القدر وقيل: ليلة النّصف من شعبان.
{فِي يَوْمِ نَحْسٍ} [(54) القمر: 19] هو يوم الأربعاء، ونحسه عليهم لا في ذاته.
{سَبْعَ لَيََالٍ وَثَمََانِيَةَ أَيََّامٍ} [(69) الحاقة: 7] قيل: هي أيّام الأعجاز في عجز الشّتاء وأوّلها: الأربعاء وقيل: الجمعة.
{وَالْفَجْرِ} [(89) الفجر: 1] هو الصّبح مطلقا، وقيل: صبح يوم النّحر، وقيل: هو المحرّم لأنّه فجر السّنة، رواه البيهقي عن ابن عبّاس.
{وَلَيََالٍ عَشْرٍ} [(89) الفجر: 2] هي: عشر ذي الحجة، وقيل: عشر المحرّم، وقيل:
العشر الأخير من رمضان.
{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [(89) الفجر: 3] قيل: اليومان بعد النّحر والثّالث وقيل: يوم عرفة، والنّحر، وليلة جمع، وقيل: غير ذلك.
{وَاللَّيْلِ إِذََا يَسْرِ} [(89) الفجر: 4] قيل هي ليلة جمع.
{وَالضُّحى ََ} [(93) الضحى: 1، 2] قيل: هو الضّحى الّذي كلّم الله فيه موسى.(1/174)
{وَاللَّيْلِ إِذََا يَسْرِ} [(89) الفجر: 4] قيل هي ليلة جمع.
{وَالضُّحى ََ} [(93) الضحى: 1، 2] قيل: هو الضّحى الّذي كلّم الله فيه موسى.
{وَاللَّيْلِ إِذََا سَجى ََ} [(93) الضحى: 2] قيل: هي ليلة المعراج.
{لَيْلَةِ الْقَدْرِ} فيها نيّف وأربعون قولا لا يحتملها هذا المحل.
وأرجحها في مذهبنا أنّها مختصّة بالعشر الأخير وأنّها ليلة الحادي أو الثّالث والعشرين، وعندي أنّها لا تلتزم ليلة بعينها وقد قاله جماعة ونقل عن نصّ الشّافعيّ، واختاره النّوويّ في شرح المهذّب.
النّوع الحادي بعد المائة: أسماء من نزل فيهم القرآن
هذا النّوع من زيادتي، وقد وقفت فيه على تصنيف فيه لبعض القدماء وقد روينا عن عليّ بن أبي طالب قال: ما من رجل من قريش إلّا قد نزلت فيه طائفة من القرآن، وكنت عزمت على سردهم هنا مرتّبين على حروف المعجم ثمّ رأيت أنّه يلزم منه تكرار كثير لأن غالب من نزل فيه القرآن ذكر في هذا الكتاب خصوصا في المبهمات فرأيت أن أذكر هنا بعض ما لم يتقدّم له ذكر.
أبو بكر الصّديق: نزل فيه آيات منها: آخر سورة اللّيل.
عمر بن الخطّاب: نزل فيه آيات منها: موافقاته المشهورة كقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقََامِ إِبْرََاهِيمَ مُصَلًّى} [(2) البقرة: 125].
عثمان بن عفّان: نزل فيه
عليّ بن أبي طالب نزل فيه: {إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ} [(5) المائدة: 55] الآية.
أبي بن كعب نزل فيه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنََّاسِ} [(3) آل عمران: 110] كذا قال صاحب الكتاب المشار إليه.
أسامة بن زيد: نزل فيه: {وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى ََ إِلَيْكُمُ السَّلََامَ} [(4) النساء: 94].
أسعد بن زرارة: ممّن نزل فيه: {وَمََا كََانَ اللََّهُ لِيُضِيعَ إِيمََانَكُمْ} [(2) البقرة: 143] وكذا أبو أمامة من بني النجار، والبراء بن معرور، والأخنس بن شريق الثقفي الكافر: نزل فيهم:
{وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} [(2) البقرة: 204].
أربد بن قيس الجعفي نزل فيه: {وَيُرْسِلُ الصَّوََاعِقَ} [(13) الرعد: 13] الآية.
بشير بن النّعمان نزل فيه: {وَلََا تَجْعَلُوا اللََّهَ عُرْضَةً} [(2) البقرة: 224]. تميم بن أوس الدّاري نزل فيه: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهََادَةُ بَيْنِكُمْ} [(5) المائدة: 106] وفي عديّ بن زيد ثوبان مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل فيه: {وَمَنْ يُطِعِ اللََّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولََئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [(4) النساء: 69] الآية.(1/175)
أربد بن قيس الجعفي نزل فيه: {وَيُرْسِلُ الصَّوََاعِقَ} [(13) الرعد: 13] الآية.
بشير بن النّعمان نزل فيه: {وَلََا تَجْعَلُوا اللََّهَ عُرْضَةً} [(2) البقرة: 224]. تميم بن أوس الدّاري نزل فيه: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهََادَةُ بَيْنِكُمْ} [(5) المائدة: 106] وفي عديّ بن زيد ثوبان مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل فيه: {وَمَنْ يُطِعِ اللََّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولََئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [(4) النساء: 69] الآية.
حاطب بن أبي بلتعة نزل فيه: أوّل الممتحنة.
حارثة بن زيد من بني عامر بن لؤيّ هو مقتول عياش الّذي نزل فيه: {وَمََا كََانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلََّا خَطَأً} [(4) النساء: 92].
حارثة بن زيد الأسديّ: نزلت فيه: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْيََاءَ} [(5) المائدة: 101].
حسّان بن ثابت: نزل فيه آخر الشّعراء: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}.
حنظلة بن شمردل: نزل فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ} صهيب بن سنان الرّومي نزل فيه: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} [(2) البقرة: 207].
صبيح مولى حويطب: نزل فيه: {فَكََاتِبُوهُمْ} [(24) النور: 33] عاصم بن عدي: نزل فيه آية اللّعان.
عثمان بن أبي طلحة: نزل فيه: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} [(4) النساء: 58].
عيينة بن حصن: نزل فيه: {وَلََا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنََا قَلْبَهُ} [(18) الكهف: 28].
كعب بن عجرة نزل فيه: {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً} [(2) البقرة: 196].
عائشة: نزل فيها عدّة آيات، منها: قصّة الإفك.
أمّ سلمة: نزل فيها: {وَلََا تَتَمَنَّوْا مََا فَضَّلَ اللََّهُ بِهِ} [(3) آل عمران: 32] الآية.
أميمة بنت الحارث: نزل فيها: {فَإِنْ طَلَّقَهََا فَلََا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [(2) البقرة: 230] الآية.
وقد ذكر في الكتاب الذي صدّرنا بذكره جماعة مع ما نزل في كلّ منهم لكن غالبه لا تركن النّفس إليه لأن بعضه ثبت في التّفاسير المعتمدة والأحاديث الصّحيحة خلافه، وبعضه
لا يدري ما مستنده فيه وأرجو أن أصرف العناية إلى تحرير كتاب في هذا المعنى متتبّعا له من الأحاديث ومشهور التّفاسير إن شاء الله تعالى.(1/176)
وقد ذكر في الكتاب الذي صدّرنا بذكره جماعة مع ما نزل في كلّ منهم لكن غالبه لا تركن النّفس إليه لأن بعضه ثبت في التّفاسير المعتمدة والأحاديث الصّحيحة خلافه، وبعضه
لا يدري ما مستنده فيه وأرجو أن أصرف العناية إلى تحرير كتاب في هذا المعنى متتبّعا له من الأحاديث ومشهور التّفاسير إن شاء الله تعالى.
النوع الثاني بعد المائة: التاريخ
هذا النّوع من زيادتي، وهو من أنواع علوم الحديث، وموضوعه ثمّ: ذكر وفيات المشاهير من الصّحابة وأئمة الحديث، ونذكّر هنا: وفيات المشاهير من القرّاء والمفسّرين ممن ذكرناهم في النّوع الخامس والعشرين وتاليه والنّوع الثّالث والتّسعين.
تقدّمت وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الأسماء. وتوفّي أبو بكر سنة ثلاث عشرة. وعمر آخر يوم من سنة ثلاث وعشرين شهيدا. وعثمان: سنة خمس وثلاثين ومقتولا ظلما. وعليّ: سنة أربعين مقتولا شهيدا. وسالم: مولى أبي حذيفة يوم اليمامة شهيدا. ومعاذ بن جبل: سنة سبع عشرة. وأبيّ: سنة تسع عشرة. وابن مسعود وأبو الدرداء: سنة اثنتين وثلاثين. وزيد ابن ثابت: سنة خمس وأربعين. وأبو موسى الأشعري: سنة اثنتين وخمسين. وأبو هريرة:
سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وخمسين. وعلقمة: سنة إحدى وستّين. ومسروف:
سنة اثنتين وستّين. وزرّ: سنة اثنتين وثمانين. وعبيدة: سنة اثنتين وسبعين.
وابن عبّاس: سنة ثمان وستّين.
وأبو العالية وسعيد بن المسيّب: سنة ثلاث وتسعين. وسعيد بن جبير: سنة خمس وتسعين شهيدا قتله الحجّاج لعنه الله. ومجاهد: سنة مائة. والضّحاك بن زاحم: سنة ستّ ومائة.
وعكرمة مولى ابن عبّاس: سنة سبع ومائة. والحسن البصري والأعرج: سنة عشر ومائة.
وعطاء بن أبي رباح وعكرمة بن خالد: سنة خمس عشرة ومائة. وقتادة: سنة سبع عشرة ومائة. وابن عامر: سنة ثماني عشرة ومائة. وابن كثير: سنة عشرين ومائة. وعاصم: سنة سبع وعشرين ومائة. وأبو جعفر: سنة ثلاثين ومائة. والأعمش: سنة ثمان وأربعين ومائة.
وأبو عمرو: سنة أربع وخمسين ومائة. وحمزة: سنة ست وخمسين ومائة. ونافع: سنة تسع وستين ومائة. وحفص: سنة ثمانين ومائة. والكسائي: سنة تسع وثمانين ومائة. وشعبة: سنة ثلاث وتسعين ومائة. وورش: سنة سبع وتسعين ومائة. واليزيدي وابن ذكوان: سنة اثنتين ومائتين. ويعقوب: سنة خمس ومائتين. وقالون وخلّاد: سنة عشرين ومائتين. وخلف: سنة تسع وعشرين ومائتين. ورويس: سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
وهشام: سنة خمس وأربعين ومائتين. والدّوري: سنة ست وأربعين ومائتين. والبزّي: سنة خمسين ومائتين. والسّوسي: سنة إحدى وستين ومائتين. وقنبل: سنة إحدى وتسعين ومائتين. وابن جرير: سنة عشر وثلاثمائة. وابن مجاهد: سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.(1/177)
وهشام: سنة خمس وأربعين ومائتين. والدّوري: سنة ست وأربعين ومائتين. والبزّي: سنة خمسين ومائتين. والسّوسي: سنة إحدى وستين ومائتين. وقنبل: سنة إحدى وتسعين ومائتين. وابن جرير: سنة عشر وثلاثمائة. وابن مجاهد: سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
خاتمة في وفاة الملك الكريم جبريل النازل بالقرآن من عند الحيّ الذي لا يموت
روى البيهقي في كتاب «البعث والنشور» من طريق زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلََّا مَنْ شََاءَ اللََّهُ} [(39) الزمر: 68] قال: «فكان ممّن استثنى الله تعالى ثلاثة: جبريل، وميكائيل، وملك الموت فيقول الله تعالى وهو أعلم: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وميكائيل وملك الموت فيقول: توفّ نفس ميكائيل.
وفي رواية عن الطّبراني: فيقع كالطّود العظيم، ثم يقول وهو أعلم يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك جبريل وملك الموت فيقول: توفّ نفس جبريل ثمّ يقول وهو أعلم: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الكريم وعبدك ملك الموت وهو ميّت فيقول: مت فيموت ثمّ ينادي عزّ وجل: أنا بدأت الخلق ثمّ أعيدهم».
آخر الكتاب
قال مؤلّفه رحمه الله تعالى: وفرغت من تأليفه بعون الله تعالى يوم الثّلاثاء سابع رجب الفرد سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين.
في عاشر شهر شوّال سنة ستّ عشرة ومائة وألف وحسبنا الله وحده.(1/178)