الكتاب: المنتخب من العلل للخلال
المؤلف: موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد الشهير بابن قدامة المقدسي
المتوفى: 620 هـ
المحقق: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد
الناشر: دار الراية - الرياض
الطبعة: الأولى، 1998 م
عدد الأجزاء: 1
ملاحظات:
1 - الكتاب موافق ومقابل على المطبوع.
2 - أضفنا في آخر الكتاب، القسم المخطوط المكمل للمطبوع.(1/1)
مقدمة بقلم أحمد الخضري
جمع الخلال - أبو بكر أحمد بن محمد، المتوفى سنة 311 هـ - علوم الإمام أحمد في عدة كتب، كان منها كتاب العلل، ويقع هذا الكتاب في ثلاث مجلدات - كما وصفه الذهبي - وهو الآن في عداد الكتب المفقودة، وقد انتخب منه ابن قدامة المقدسي مجلدًا واحدًا - كما وصفه الذهبي أيضا - قسمه إلى عدة أجزاء، أغلبها في عداد المفقود أيضاً، باستثناء حوالي جزئين:
1 - الجزء العاشر كاملاً، وفيه (163) نصاً.
2 - الجزء الحادي عشر، حوالي الثلاثة أرباع الأولى منه فقط، وفيه (119) نصاً.
وبالتالي فإن مجموع نصوص ما تبقى من هذا المنتخب هو (282) نصاً.
وقد طُبعت مخطوطة هذا الكتاب بتحقيق طارق بن عوض الله، باستثناء آخر لوحتين من المخطوطة، لم تقع للمحقق، فخرج المطبوع محتوياً على (237) نصاً فقط.
وقد قام أحد الإخوة الفضلاء بنسخ هاتين اللوحتين، والتعليق عليهما، وترقيمهما بترقيم مكمل لترقيم المطبوع، وقد بلغ عدد نصوصها (45) نصاً. ولم تطبع هاتين اللوحتين من قبل حسب علمي.
وقد جمع الخلال هذه العلل بواسطة بينه وبين الإمام أحمد لا تزيد عن راوٍ أو راويين، ومن أمثلة هؤلاء الرواة الذين يروون هذه العلل عن الإمام أحمد مباشرة:
عبد الله بن أحمد بن حنبل، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبي داود (صاحب السنن)، ومهنا، والمروذي، والميموني، والأثرم، وحرب، وحنبل، وأبي طالب، ومحمد بن موسى بن مشيش، ويوسف بن موسى , وزكريا بن يحيى الناقد، والفضل بن زياد، وإبراهيم بن الحارث، وعلي بن سعيد، ومحمد بن أبي يحيى، وأبي أمية محمد بن إبراهيم، وأحمد بن أصرم، وحبيش بن سندي، والحسن البزار , ويعقوب بن موسى، وحامد بن يحيى.
ومع وجود هذا العدد الكبير من رواة العلل عن الإمام أحمد، كان الكم المنقول عنه كثير جداً، لكن لعل البعض لا يتصور هذا الكم لأن أغلب علل الخلال في عداد المفقود، لذا أحببت أن أضع بعض الافتراضات التي قد تعطي صورة مُقَرَّبة لهذا الكم المفقود.
فلو افترضنا أن المنتخب لابن قدامة لا يزيد عن إحدى عشر جزءاً على أقل الأحوال، وفي كل جزء حوالي (163) نصاً - كما جاء في الجزء العاشر - فإن حجم المنتخب المتوقع هو حوالي (1800) نصاً.
وبما أن المنتخب يقع في مجلد واحد، وأصل الخلال الذي تم الانتخاب منه يقع في ثلاث مجلدات، فإن المنتخب يشكل حوالي ثلث الأصل، وبالتالي فإن الحجم المتوقع لأصل علل الخلال هو حوالي (5400) نصاً.
وإذا ما عرفنا أن علل ابن أبي حاتم يحتوي على (2840) نصاً، وعلل الدارقطني كاملاً - 15 مجلد - يحتوي على (4128) نصاً، فإن معنى هذا أن علل الخلال عن الإمام أحمد أكبر من كلا الكتابين السابقين.
وبما أن الموجود من منتخب علل الخلال يحتوي على (282) نصاً، وأصل المنتخب فيه حوالي (5400) نصاً، فإن الكم المفقود من هذا الكتاب القيم يقدر بحوالي (95%).
وهذه النسبة العالية من القسم المفقود تجعلنا نشعر بالحسرة، وخاصة إذا ما عرفنا أن بعض هذه العلل التي نقلها الخلال عن الإمام أحمد لا توجد في مكان آخر، بل إن بعض الأحاديث التي ضعفها الإمام أحمد في هذه القطعة المتبقية من المنتخب، أغلب المتأخرين والمعاصرين يصححونها، وأعتقد لو أننا عثرنا على بقية هذا الكتاب المفقود، لأصيب الكثيرون بالصدمة لما يحتويه من أحاديث كثيرة ضعفها الإمام أحمد هي عندهم في عداد الصحاح، وذلك لاتساع الفجوة بين منهج المتأخرين ومنهج المتقدمين في تعليل الأحاديث، ومن يتأمل كلام الإمام أحمد في هذه القطعة المتبقية من الكتاب سيظهر له ذلك جليا، والله تعالى أعلم.
أما منهج العمل على الكتاب فكان كالتالي:
1 - وافقنا الكتاب للمطبوع، وقابلناه عليه.
2 - أضفنا في آخر الكتاب، القسم المخطوط المكمل للمطبوع.(1/2)
- الجزء العاشر من المنتخب
سمعه الحسن بن ... عن جدي وغيره عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر بن البخاري، عن الشيخ موفق الدين ولدي أبي بكر عَبد الله وأمه ... وولدي بدر الدين حسن وأمه بلبل بنت عَبد الله وأجزت لهم أن يرووه عني وكتب يوسف بن عَبد الهادي.(1/36)
بسم الله الرحمن الرحيم
الزهد في الدنيا وذمها
1 - أخبرنا محمد بن علي: حَدَّثَنا محمد بن موسى بن مُشَيْش، أنه سأل أبا عَبد الله عن حديث سهل بن سعد الساعدي، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعظ رجلاً، فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس".
فقال: لا إله إلا الله! تعجبًا منه! من يروي هذا، أو عن من هذا؟!.
فقلت: خالد بن عمرو.
فقال: وقعنا في خالد بن عمرو. ثم سكت.(1/37)
2 - أخبرنا الدوري: حَدَّثَنا محاضر: حَدَّثَنا الأعمش، عن أبي السفر، عن عَبد الله بن عمرو، قال: مرَّ بنا النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نعالج خُصًّا لنا , فقال: "ما هذا يا عَبد الله؟ ". قلت: يا رسول الله! خُصَّ لنا وهَى، ونحن نعالجه. قال: "الأمر [أيسر] مما ترون".
قال يحيى: اسم أبي السفر: سعيد بن أحمد، سمع من عَبد الله بن عمرو، وقد روى سفيان، وشعبة وزكريا بن أبي زائدة عن عَبد الله بن أبي السفر.(1/41)
3- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا عَبد الصمد : حَدَّثَنا حُرَيْثُ بن السائب قال : سمعت الحسن يقول : حدثني حمران ، عن عثمان بن عفان ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "كل شيء سوى ظل بيت وجلف الخبز وثوب يواري عورته والماء ، فما فضل عن هذا فليس لابن آدم فيه حق".
أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل قال : سألت أبا عَبد الله عن حريث بن السائب ؟ قال : ما كان به بأس؛ إلا أنه روى حديثًا منكرًا ، عن عثمان عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وليس هو عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني هذا الحديث.(1/42)
4- أخبرني موسى : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا محمد بن مصعب : حَدَّثَنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عبيدالله ، عن ابن عباس : مر النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشاة ميتة قد ألقاها أهلها ، فقال : "والذي نفسي بيده ! للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".
قال أبو عَبد الله : هو عندي خطأ.(1/43)
5- وحدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا حسين بن محمد : حَدَّثَنا دويد ، عن أبي إسحاق ، عن زرعة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الدنيا دار من لا دار له ، ولها يجمع من لا عقل له".
قال : هذا حديث منكر.(1/44)
6- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل , حدثنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا حسين بن محمد ، عن دويد ، عن سلم بن بشير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "التقى مؤمنان على باب الجنة : مؤمن غني ، ومؤمن فقير ، كانا في الدنيا ، فأدخل الفقير الجنة ، وحبس الغني ما شاء الله أن يحبس ، وأدخل الجنة ، فلقيه الفقير فقال : أي أخي ! ماذا حبسك ؟ فوالله لقد احتبستَ حتى خفت عليك ! فيقول : أي أخي ! إني حبست بعدك محبسًا فظيعًا كريهاً" - فذكر الحديث.
قال أبو عَبد الله : هذا حديث منكر.(1/46)
في الشبع
7- قال مهنّا : سألت أحمد ويحيى ، قلت : حدثني عبد العزيز بن يحيى : حَدَّثَنا شريك عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ، قال : أكلت خبز شعير بلحمٍ سمينٍ ، فلقيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتجشّأت عنده ، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اكفف جشاءك يا أبا جحيفة؛ فإن أكثركم شبعًا اليوم أكثركم جوعًا يوم القيامة".
فقالا : ليس بصحيح.
قلت لأحمد : يروى من غير هذا الوجه ؟.
قال : كان عمرو بن مرزوق يحدّث به ، عن مالك بن مغول ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ، ثم تركه بعد.
ثم سألته عنه بعد ؟ فقال : ليس بصحيحٍ.(1/47)
8- أخبرنا الحسين بن الحسن ، أن محمدًا حدثهم ، أنه سأل أبا عَبد الله ، عن حديث عمران بن حصين : "ما شبع آل محمد من خبز بُر ؟.
فقال : هذا عمرو بن عبيد ، اضرب عليه.(1/50)
- في البنات والأخوت
9- أخبرنا عَبد الله ، قال : سألت أبي عن حديث حدثنا به خلف بن هشام البزار : حَدَّثَنا عُبيسُ بن ميمون ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : سمعت نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "أيما امرأة أقامت نفسها على ثلاث بنات لها [إلا] كانت معي في الجنة هكذا" ، وأهوى بإصبعه ، "وأيما رجل أنفق على ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات كان معي في الجنة هكذا" ، وأشار بإصبعه.
قال أبي : هذا حديث منكر.(1/51)
الأطفال
10- أخبرنا الميموني أنهم ذاكروا أبا عَبد الله أطفال المؤمنين ، فذكروا له حديث عائشة في قصة ابن الأنصاري ، وقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه.
فسمعت أبا عَبد الله غير مرة يقول : هذا حديث ! وذكر فيه رجلاً ضعفه : طلحة.
وسمعته غير مرة يقول : وأحدٌ يشك أنهم في الجنة ، هو يرجى لأبيه ، كيف يشك فيه ؟! إنما اختلفوا في أطفال المشركين قال : فأبناؤكم يكونون قدر كم ؟ قال : بلغنا في أبنائكم ، وأملى علينا الأحاديث من.
أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي : حَدَّثَنا محمد بن بشر : حَدَّثَنا طلحة بن يحيى الطلحُّي ، عن عمته عائشة بنت طلحة ، عن عائشة ، قالت : دعي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغلام من غلمان الأنصار يصلي عليه ، فقلت : طوبى له يا رسول الله ، عصفور من عصافير الجنة ، لم يعمل خطيئة ولم يدر بها. فقال : "أو غير ذلك ، إن الله تعالى خلق للجنة أهلاً ، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلاً ، خلقهم لها وهم في أصلاب أبائهم.(1/53)
أخبرنا عَبد الله ، قال : سمعت أبي يقول : طلحة بن يحيى أحب إلي من بريد بن أبي بردة؛ بريد يروي أحاديث مناكير ، وطلحة يحدث بحديث : "عصفور من عصافير الجنة.(1/54)
بدأ الإسلام غريباً
11- قال حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا عَبد الله بن أبي شيبة : حَدَّثَنا حفص بن غياث ، [عن الأعمش] ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عَبد الله ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ ، فطوبى للغرباء". قيل : ومن الغرباء ؟ قال : "النُّزُّاع من القبائل".
قال أبو عَبد الله : هذا حديث منكر.(1/57)
أمّتي مثل المطر
12- أخبرنا عَبد الله : حَدَّثَنا محمد بن جعفر الوركاني : حَدَّثَنا [حماد] الأبح ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " [مثل] أمّتي مثل المطر ، لا يُدرى أوله خير أو آخره".
سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : هذا خطأ؛ إنما يُروى ، عن الحسن.
قال : وحدثني أبي : حَدَّثَنا حسن بن موسى الأشيب : حَدَّثَنا حماد بن يحيى الأبح ، حَدَّثَنا ثابت ، عن أنس ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثله.
قال أبي : وحدثناه عن حماد بن سلمة ، عن ثابت وحميد ويونس ، عن الحسن ، [عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] قال : "مثل أمّتي" -فذكر نحوه.(1/60)
في السباحة والمغزل
13- أخبرنا موسى بن حمدون ، حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : "نعم لهو المؤمنة المغزل ، ونعم لهو المؤمن السباحة".
قال أبو عَبد الله : كان في كتابه : "عن مجاهد ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، ولكنه أبى أن يرفعه ، وقال : إنه [شَنِعٌ] ، يَعني : ابن فضيل.(1/63)
في عدن وَالزنج والبربر.
14- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا عَبد الرزاق ، عن المنذر بن النعمان الأفطس ، قال : سمعت وهبًا يحدث عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفًا ينصرون الله ورسوله ، وهم خير من بيني وبينهم".
قال أبو عَبد الله : المنذر بن النعمان ثقة صنعاني ، ليس في حديثه مسند غير هذا.(1/65)
15- أخبرنا الدوري قال : سمعت يحيى يقول : مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء ، يروي عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة [قالت] : "إياكم والزنج ، فإنه خلق مشوه.(1/66)
16- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا سريج : حَدَّثَنا عَبد الله بن نافع ، حَدَّثَنا ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التّوأمة ، عن أبي هريرة ، قال : جلس إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل ، فقال له رسول الله : "من أين أنت ؟". قال : بربري. قاله له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "قم عنّي ! ، ومال بمرفقه كذا ، فلما قام أقبل علينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال : "إنّ الإيمان لا يجوز حناجرهم".
قال أبو عَبد الله : هذا حديث منكر.(1/67)
في مَرْو
17- أخبرني موسى : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا حسن بن يحيى- من أهل مرو- : حَدَّثَنا أوس بن عَبد الله بن بريدة : حدثني سهل بن عَبد الله ، [عن أبيه] ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "ستكون بعدي بعوث كثيرة ، فكونوا في بعث خراسان ، ثم انزلوا مدينة مرو ، فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة ، [و] لا يضر أهلها سوء".
قال أبو عَبد الله : هذا حديث منكر.(1/68)
مسجد فُوشَنْج
18- أخبرني يوسف بن موسى ، قال : حضرت أبا عَبد الله وقد جاءه رجلٌ من الخراسانيين بهذه الأحاديث ، فعرض عليه.
فيها : سفيان عن أبي حمزة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : سمعت مشيختي عباس بن عبد المطلب عم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "إن لله مسجدًا بمكة ، ومسجدًا بأرض العجم ، قريب من مدينة فوشنج يبارك الله على [دروعها] وراجالها ونسائها".
فجعل أبو عَبد الله يقول : ما أكذب هذا سبحان الله ! ما أكذب هذا !!.
وفيها : عن حميد ، عن أنسٍ ، - بنحو هذا.
وفيها : حديث عن ابن عمر ، وحديث عن أبي هريرة ، وحديث آخر عن أنس !.
فجعل أبو عَبد الله يقول : ما أكذب هذا !.@(1/72)
- في الهدية
19- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا عبّاد بن العوام : حدثني شيخ ، عن الزهري ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "نعم الشيء الهدية بين يدي الحاجة".
قال أبي : يقولون : إنه سليمان بن أرقم ، وسليمان لا يساوي حديثه شيئاً.(1/73)
20- وحَدَّثَنا أحمد بن يحيى الصوفي : حَدَّثَنا أبو يعقوب وأبو غسان ، عن مندل ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "من أهديت له هدية وعنده قوم فهم شركاؤه فيها".
قال علي بن سعيد : سألت أبا عَبد الله عن هذا الحديث ؟ فقال : ما أدري من أين جاء هذا الحديث ؟! وهو عندي منكر.(1/74)
قطع السّدر
21- أخبرنا يحيى بن موسى : حَدَّثَنا عبيد الله بن موسى : أنبأنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن الزبير ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "من قطع سدرة صب الله له العذاب فوق رأسه صباً".
وحدثنا ابن جريج ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن عَبد الله بن حبشي ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار".
أخبرني أحمد بن هاشم الأنطاكي ، قال : قال أحمد : أكره قطع السدر ، وقال : من قطعه لم ير ما يحب في العاجل.
وقيل له : إن ابن عيينة يقول : إنما نهى عن قطع سدر الحرم.
فقال أحمد : روى فيه شيئًا أو برأيه ؟ قالوا : برأيه ، فقال أحمد : لم يبلغه الحديث.(1/76)
أحاديث شتّى
22- أخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالبٍ ، أنه سال أبا عَبد الله عن حديث هشيمٍ ، عن عَبد الرحمن بن يحيى ، عن علي بن عروة القرشي ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كرم المرء طيب زاده في السّفر".
فقال : عَبد الرحمن بن يحيى ، شاميُّ ، ليس هو بذاك. وعلي بن عروة ، لا أعرفه ولا أدري من هو.(1/81)
23- أخبرنا عَبد الله ، قال : قلت لأبي : بلغني أن ابن الحمّاني يحدث عن شريك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، "ان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعجبه النظر إلى الحمام". فأنكروه عليه ، فرجع عن رفعه ، وقال : عن عائشة- مرسلٌ.
قال أبي : هذا كذب ؛ إنما كنا نعرف به حسين بن علوان ، يقولون : إنه وضعه على هشام.
قلت : إن بعض أصحاب الحديث زعم أن أبا زكريا السَّيْلحينُّي رواه عن شريك ؟ فقال : كذب [هذا على السيلحيني] ، السيلحيني لا يحدث بمثل هذا ، هذا حديث باطلٌ.
قال فضل الأعرج : سمعت يحيى بن معين يقول : قد حدث به السيلحيني.
فأنكره أبي ، وقال لي : اذهب إلى يحيى ، وقل : قال لك أبي سمعته من السيلحيني ؟.
قال : فلقيت يحيى ، فذكرت له إنكار أبي عَبد الله ، فقال : قل له : لا ، والله ما سمعته.
ورفع عَبد الله صوته ، كأنه يحاكي كلام يحيى.(1/82)
24- وقال مهنّا : سألت أحمد ويحيى عن قول الناس : "جلبت القلوب على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها" ؟.
فقالا : ليس له أصل ، وهو موضوع.
25- وسألتهما عن قول الناس : "استعينوا على طلب حوائجكم بالكتمان" ؟.
فقالا : هذا موضوع ، وليس له أصل.(1/83)
26- وسألت أبا عَبد الله : أتعرف عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال : "قيلوا ، فإن الشياطين لا تقيل" ؟.
فقال : لا أعرفه؛ إنما هذا : عن منصور ، عن مجاهد ، عن عمر.(1/84)
27- وسألته عن قول الناس في البراغيث : "إن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لها" ، أتعرفه في شيء من الحديث ؟ قال : لا ! وعجب من قولي له !!.(1/85)
28- وقلت : حدثنا يزيد بن هارون : أخبرنا محمد بن عَبد الرحمن بن [مجبِّر] ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه".
فقال أحمد : محمد بن عَبد الرحمن ثقة ، وهذا الحديث كذب.(1/86)
29- وسألته عن قول الناس : "أول ما خلق الله العقل قال له : أقبل ، فأقبل [... ...] وبك [...].
فقال : هذا موضوع ، ليس له أصل.
30- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا هشيم ، عن المغيرة عن إبراهيم ، قال : كانوا يحبون أن [تكون] للشاب صبوة.
سمعت أبي يقول : ليس لهذا الحديث أصل.
31- أخبرني محمد بن أبي هارون : حَدَّثَنا صالح ، قال : سألت أبي عن العلاء بن كثير ؟.
فقال : لا يسوي حديثه شيئاً؛ روى عن مكحول ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن من نعمة الله أن لا يكون لفاجر عندك نعمة".(1/87)
32- أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عَبد الله سئل عن محدث بنصيبين يقال له : محمد بن نعيم ، روى عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "من لذّذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنةٍ" ؟.
فقال : هذا كذب ، هذا باطل.
33- أخبرني المروذي ، قال : سألت أبا عَبد الله عن [الأحساميّ] ، قلت : إنه حدث عن إسحاق الرازي ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس : "من أحب بقاء ظالم لم يقبل له عمل ما دام كذلك" ؟ فغضب ، وقال : ليس من ذا شيء ، أين سمع هذا من إسحاق الرازي ؟ !.(1/88)
34- وذكر له حديث حفص بن عمر ، عن عَبد الله بن محمد ، قال : حدثني محمد بن علي بن حسين ، عن أبيه ، قال : سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "من كثر همه سقم بدنه ، ومن ساء خلقه عذّب نفسه ، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته وذهبت كرامته".
فقال : [هذا باطل].(1/89)
- أحاديث أُخر
35- أخبرني موسى : حَدَّثَنا حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا زيد بن حباب : أخبرني عمرو بن حمزة ، أو عمر بن حمزة- : حَدَّثَنا خلف أبو الربيع إمام مسجد سعيد بن أبي عروبة : حَدَّثَنا أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن هذا الدين متين ، فأوغلوا فيه برفق".
قال حنبل : حدث به أبو عَبد الله ، ثم تركه ، وقال : هو منكر.(1/90)
36- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن مثنى الأنباري حدثهم ، أنه سأل أبا عَبد الله عن الحديث الذي جاء : "أنتم اليوم في زمان ، من عمل بالعشر مما أُمر به نجا" ؟ فلم يعرفه.
فحدث به رجل ، فلم يعرفه.(1/91)
37- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا زيد بن حباب : حدثني علي بن مسعدة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التّوّابون".
قال أبو عَبد الله : هذا حديث منكر.(1/92)
- بيع العقار
38- قال الأثرم : سمعت أبا عَبد الله ذكر حديث حذيفة : "من باع دارًا لم يشتر منها داراً".
قلت : هذا يرفعونه ؟.
قال : ما أدري ، أما أنا فلم أسمعه من أحدٍ مرفوعاً.
ثم قال : من رفعه ؟ قلت : وهب بن جرير قال : قد بلغني.
ثم قال : إن كان لم يرفعه غير وهب فلا يعبأ به؛ هذا حجاج بن محمدٍ ومحمد بن جعفرٍ وأرى غيرهما.(1/94)
- اتّخاذ شيء فيه روح غرضاً
39- قال مهنّا : سألت أحمد عن أبي الربيع ؟ قال : كان شعبة يحمل عليه ؛ قال روى عن أبي بشرٍ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، أنه مر بقومٍ قد نصبوا شيئًا يرمونه ، فقال : "نهى رسول الله أن يتّخذ شيء فيه الروح غرضاً".
فقال له هشيم : قد حدث به أبو بشر ، فسكت عنه.
قلت : وقبل شعبة من هشيم.
فقال : نعم ، كان عنده من الحفاظ ، وقد روى شعبة عن هشيم غير حديثٍ ، ولا اثنين ولا ثلاثةٍ ، روى عنه أحاديث.
فقلت له : زعموا : كان يحدث به شعبة ، عن المنهال بن عمرٍو ، عن سعيد بن جبير.
أخبرنا عَبد الله ، قال : سمعت أبي يقول : أبو بشر أحب إلي من المنهال بن عمرو.(1/97)
قلت : أحب إليك ؟ ! قال : نعم -شديدًا ، المنهال أسنُّ ، وأبو بشر أوثق.
وقال : ترك شعبة المنهال بن عمرو على عمد.(1/98)
- الاتّكاء
40- أخبرنا الدوري : حَدَّثَنا إسحاق بن منصور : حَدَّثَنا إسرائيل ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، قال : "جيء [بماعز] إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو متكىءٌ على وسادةٍ على يساره".
فحدثت به يحيى بن معين ، فجعل يعجب منه ، وقال : ما سمعت قط : "على يساره" إلا في حديث إسحاق هذا. وحدثنا به وكيعٌ ، عن إسرائيل ، ولم يذكر : "على يساره".(1/99)
- الشطرنج
41- قال مهنا : سألت أحمد عن اللعب بالشطرنج ، هل تعرف فيه شيئًا ؟ قال : لا أعلم إلا قول علي.
حدثني غير واحدٍ منهم وكيعٌ ، عن فضيل بن [غزوان] ، عن ميسرة بن حبيبٍ النهدي ، قال : مر علي بقومٍ يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟!".(1/101)
قلت : أدرك ميسرة عليًا ؟ قال : لا ، هو كوفي ، سمع منه شعبة.
قلت : أكرهه أحد غير علي ؟ قال : نعم ، ابن عمر ، ذكره عبيد الله بن عمر ، أن ابن عمر كره اللعب بالشطرنج. ذكره مرسلاً ، لم يذكر فيه : "نافعاً".(1/102)
- الغناء
42- أخبرنا المروذي ، أن أبا عَبد الله سُئل عن حديث ابن المبارك ، عن مالك ، عن ابن المنكدر ، عن أنس ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "من جلس إلى قَيْنَةٍٍ صُبَّ في أُذنيه الآنُكُ يوم القيامة" ؟.
وقيل له : رواه رجل بحلب , وأحسنوا الثناء عليه.
فقال : هذا باطل.
43- أخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب ، أنه سأل أبا عَبد الله عن حديث ابن المبارك ، عن يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحرٍ ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أُمامة ، قال : "نهى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شرى المغنيات" ؟.
قال : يحيى بن أيوب ضعيف ، كان يخطىء كثيراً.(1/104)
44- قال مهنّا : سألت أبا عَبد الله عن حديث شريكٍ ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه ختن بنيه ، فدعا اللَّعَّابين ؟.
فقال : حدثني به إسحاق الأزرق ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباسٍ.
أخبرنا عَبد الله بن أحمد : حَدَّثَنا أبو طالبٍ ، قال : كنت يومًا عند بشر بن الحارث ، وعنده إبراهيم بن هاشمٍ ، ومحمد بن أبي عمران ، فتذاكروا : عن ابن عباس ، أنه ختن بنيه ، فدعا اللَّعَّابين.
فقال بشر : من روى هذا ؟! ، فقال : سفيان.
فقال بشر : سفيان روى هذا ؟! ، فقال إبراهيم إنما روى هذا شريك ، فقال ابن أبي عمران : رواه إسحاقُ الأزرقُ عن سفيان ، وقد رواه شريك.
فتراجعوا فيه ، فقال بعضهم : ها هنا رجلانِ أرسلوا سلوهما.
قال بشر : مَنْ ؟ قالوا : أحمد بن حنبل وأبو الأحوص , فسكت.(1/107)
فبعثوا رجلاً أو رجلين ، فسأل أحمد ؟.
فقال : رواه شريك ، ورواه إسحاق الأزرق عن سفيان.
وقال أبو الأحوص : هو صحيح ، ولا أدرى كيف هو في الكتاب ؟.
فقال له الذي سأله ما قاله أحمد ، فقال له أبو الأحوص : هو .كما قال أبو عَبد الله.
فرجع الرسول إليهم ، وهم قعود ، فأخبرهم بما قالا ، فقال بشر لإبراهيم بن هاشمٍ : كم أقول لك ، لا تمار أصحاب الحديث. أو : كم أنهاك عن أصحاب الحديث- هذا أو نحوه.
45- أخبرنا العباسُ بنُ محمدِ بن أحمدَ بن عَبد الكريم : حَدَّثَنا عَبد الله بن أحمد : حَدَّثَنا أبي : حَدَّثَنا الأشيب ، عن أبي عاصم ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن شداد بن أوس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "من قرض بيت شعرٍ بعد عشاء الآخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة".
[قال : التاج الكندي : معناه : من أنشأهُ].(1/108)
- التغني بالقرآن
46- أخبرنا بشر بن موسى : حَدَّثَنا الحميدي : حَدَّثَنا سفيان : حَدَّثَنا عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد الله بن أبي نهيك ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ليس منا من لم يتغن بالقرآن".
قال سفيان : يعني : يستغني به.
وقال الوليد بن مسلم : يعني به : الجهر.(1/112)
وقال سفيان : حَدَّثَنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن عَبد الله بن أبي نهيك ، قال : لقيني سعد بن أبي وقاص ، فقال : أتُجَّارٌ كسبة ، سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن".
- وروي هذا الحديث ، عن أبي لبابة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيه : عن عَبد الجبار بن الورد ، قال : فقلت لابن أبي مُليكة : أرأيت إن لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع.
أخبرنا المروذي ، أنه سأل أبا عَبد الله عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان ، عن عمرو -هذا الذي ذكرناه -هو الصحيح.
ورواه ابن جريج عن عمرو ، كذا.(1/113)
- ونظر في حديث عسل بن سفيان ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال : ليس من هذا شيء ، من قال : عن عائشة ، فقد أخطأ ، وضعَّف عسل بن سفيان.
وسألته عن حديث إسماعيل بن رافع ، قال : حدثني ابن أبي مليكة ، عن عَبد الرحمن بن السائب ؟ فنفض يده ، وقال : ليس حديث هذا بشيء ، وضعفه.(1/114)
- فضائل القرآن
47- أخبرنا زكريا بن يحيى الناقد ، قال : سألت أبا عَبد الله عن حديث يروى في فضائل القرآن من البقرة إلى الحمد : "من قرأ كذا ، ومن قرأ كذا.
قال : لا أعرفه.
48- أخبرني محمد بن أحمد بن منصور : حَدَّثَنا جعفر بن محمد بن [نوح] ، قال : سمعت محمد بن عيسى يقول : سمعت ابن مهدي يقول : قلت لميسرة [الدوري] : من أين جئت بهذه الأحاديث : "من قرأ كذا فله كذا" ؟! قال : وضعته أُرغب الناس فيه.(1/115)
49- قال مهنَّا : حدثنا خالد بن خداش : حَدَّثَنا عَبد الله بن وهب : حَدَّثَنا السّري بن يحيى ، أن شجاعًا حدثه عن أبي طيبة ، عن عَبد الله بن مسعود ، قال : سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "من قرأ سورة الواقعة في ليلة لم تصيبه فاقة".
قال أحمد : هذا حديث منكر.
وقال : السري بن يحيى ثبت ، ثقة ثقة ، وشجاعٌ الذي روى عنه السري لا أعرفه ، وأبو طيبة هذا لا أعرفه , والحديث منكر.(1/116)
50- قرأتُ على [زهير] : حدثكم مهنّا ، قال : سألت أحمد عن حديث الرؤاسي ، عن الحسن بن صالح ، عن هارون أبي محمد ، عن مقاتل بن حيان ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لكل شيء قلب ، وقلب القرآن يس" ؟.
فقال أحمد : هذا كلام موضوع.(1/117)
51- أخبرني الميموني ، قال : ذكر أبو عَبد الله أن معمرًا لقي هماماً- يعني : ابن منبه- شيخًا كبيرًا في أيام السودان ، فقرأ على معمر ، ثم ضعف الشيخ ، فقرأ معمر الباقي عليه ، وهي أربعون ومائة حديث ، فيها غرائب ، منها : "كان داود يأمر بدابته ، فتسرج ، فيقرأ القرآن".(1/118)
- في تعليم القرآن
52- حدثنا عَبد الله : حدثني أبي حَدَّثَنا محمد بن جعفر : حَدَّثَنا شعبة ، قال : سمعت علقمة بن مرثد يحدث عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عَبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال : "خيركم من علم القرآن وتعلمه".
فقال أبو عَبد الرحمن : فذاك الذي أقعدني هذا المقعد.
قال شعبة : لم يسمع أبو عَبد الرحمن من عثمان ، ولا من عَبد الله ، ولكن قد سمع من علي.(1/120)
53- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل ، قال : قلت لأبي عَبد الله : حَدَّثَنا عباس النرسي : حَدَّثَنا حماد ، عن أبي عمر البزاز ، عن كثير بن زاذان ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي ، قال : "من تعلم القرآن فعلمه بني له بيت في الجنة".
قال أبو عَبد الله : لا أعرف حمادًا ، وأبو عمر البزاز متروك الحديث.(1/121)
- تعلم المرأة والصبي
54- أخبرني حرب أنه قال لأبي عَبد الله : شيء يرويه ابن المنهال من حديث يزيد بن زريع ، عن معاوية بن أبي سفيان ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "لا تعلموا المرأة والصبي والعبد القرآن".
فأنكره ، وقال : ما أنكر هذا الحديث ! !.(1/122)
- قولهم : سورة كذا
55- أخبرنا عَبد الله : قال : سألت أبي عن حديث حدثنا به خلف بن هشام : حَدَّثَنا عبيس ، عن موسى بن أنس ، عن أبيه ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : "لا تقولوا : سورة كذا وكذا ، ولكن قولوا : السورة الذي يذكر فيها آل عمران ، وكذاك القرآن كله".
قال أبي : هذا حديث منكر ، وأحاديث عبيس مناكير.(1/123)
- في التفسير
56- أخبرني الحسن بن عَبد الوهاب : حَدَّثَنا الفضل بن زياد ، قال : سألت أبا عَبد الله : أتعرف : عن ابن عون ، عن محمد ، في قوله : {وتلك الأيام نداولها بين الناس}. قال : "الأمراء".
قال : لا أعرف هذا ، من روى هذا ؟.
قلت : حماد بن زيد.
قال : من دون حماد ؟.
قلتُ : الحجبي.
قال : ثقة عن ثقة.
فقلت : لم يروه غيره ؟.
قال : صاحبك صدوق.
57- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا معاذ : حَدَّثَنا ابن عون ، قال : سألت عكرمة مولى ابن عباس عن قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ؟.
قال أبي : لم يسمع ابن عون من عكرمة إلا هذا.(1/124)
58- أخبرني أحمد بن أصرم المزني ، أن أبا عَبد الله سئل عن حديث شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس في قوله تعالى : {ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن}.
قال : "بينهن نبي كنبيكم ، ونوح كنوحكم ، وآدم كآدمكم".
قال أبو عَبد الله : هذا رواه شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، لا يذكر هذا ، إنما يقول : "يتنزل العلم والأمر بينهن" ، وعطاء بن السائب اختلط ، وأنكر أبو عَبد الله الحديث.
وعن قتادة قال : "في كل سماء وكل أرض خلق من خلقه ، وأمر من أمره ، وقضاء من قضائه".(1/125)
59- وقال الأثرم : قال لي أبو عَبد الله : الحديث الذي كان أبو الهيثم يرويه عن سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي : {للذين يؤلون من نسائهم}. رأيته في كتاب عبيدالله بن موسى ؟.
فقلت : لا.
فقال : قد رواه يحيى بن إسماعيل الواسطي ، عن عباد ، عن سفيان بن حسين ، ليس فيه أبي ، أوقفه على ابن عباس.
قلت : فإن ابن الحماني يرويه.
فنفض يده نفضة شديدة !. ثم قال : ابن الحماني ، الآن ليس عليه قياس ، أمر ذاك عظيم ، أو كما قال- ثم قال : سبحان الذي يستر من يشاء. ورأيته شديد الغيظ عليه.(1/126)
60- وقال مهنّا : قلت لأحمد : بلغني عن يحيى بن سعيد ، قال : قال لي سفيان : قال لي الكلبي : قال لي أبو صالح : كل ما حدثتك فهو كذب.
فقال لي أحمد : قال يحيى بن يمان : قال سفيان : قال لي الكلبي : إنما هذه الكتب أصبتها ، فنظرت فيها.
قلت لأحمد : سمعته من يحيى بن يمان ؟ قال : لا ، ولكن بلغني ذلك عنه.
وقال أحمد : لم يكن عند أبي صالح شيء من الحديث المسند-يعني : إلا شيء يسير.
قلت أي شيء ؟ قال : عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : {لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}. قال : "النفقة في سبيل الله".(1/127)
- كتاب العلم
61- حدثنا مهنّا : قال : قلت لأحمد : حَدَّثَنا إبراهيم بن موسى المروزي ، قال : عرضت على مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
قال أحمد : هذا كذب.
62- وقال الحسن بن علي بن الحسن : إنه سأل أبا عَبد الله عن : "طلب العلم فريضة" ؟.
قال : لا يثبت عندنا فيه شيء.(1/128)
63- أخبرنا الدوري : حَدَّثَنا الحسن بن عطية ، عن أبي عاتكة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اطلبوا العلم ولو بالصين ، فإنه فريضة على كل مسلم.
قال : وسألت يحيى بن معين عن أبي عاتكة هذا ؟. فلم يعرفه.
أخبرني المروذي ، أن أبا عَبد الله ذكر له هذا الحديث ، فأنكره إنكارًا شديداً.(1/129)
- الوصية بطلبة العلم
64- أخبرني محمد بن إشكاب : حَدَّثَنا محمد بن عَبد الله بن نميرٍ : حَدَّثَنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يوشك أن يضرب الناس في العلم أكباد الإبل ، فإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيراً".
قال : فكان أبو سعيد إذا رآهم قال : مرحبًا بوصية رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصي بكم.
65- أخبرني منصور بن الوليد : حَدَّثَنا إبراهيم بن الجنيد ، قال : ذكر ليحيى بن معين حديث أبي هارون هذا ، فقال : قد رواه ليث بن أبي سليم ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي سعيد-مثله.
فقيل ليحيى : هذا -أيضاً- ضعيف مثل أبي هارون ؟.
قال : لا ، هذا أقوى من ذلك وأحسن ، حدثناه ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب ، عن ليث.(1/131)
66- قال مهنّا : سألت [أحمد] عن حديث : حدثنا سعيد بن سليمان : حَدَّثَنا عباد بن العوام ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : كنا نأتي أبا سعيد الخدري ، فيقول : "مرحبًا بوصية رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ؟.
فقال أحمد : ما خلق الله من ذا شيئًا ، هذا حديث أبي هارون عن أبي سعيد.(1/132)
- عالم المدينة
67- أخبرني محمد بن الحسين : حَدَّثَنا الفضل بن زياد : حَدَّثَنا أحمد : حَدَّثَنا سفيان : حَدَّثَنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وأوقفه سفيان مرة ، فلم يجز به أبا هريرة ، قال : "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم ، فلا يجدون [عالماً] أعلم من عالم المدينة".(1/136)
- ذكر المدينة
68- قال مهنّا : سألت أحمد قلت : [حدثني] أبو خيثمة : حَدَّثَنا محمد بن الحسن المديني : حَدَّثَنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "فتحت المدائن بالسيف ، وفتحت المدينة بالقرآن" ؟.
فقال : هذا منكر.
قلت : لم تسمع هذا من حديث مالك ، ولا من حديث هشام ؟ قال : لا.
وسألت يحيى بن معين عنه ؟.
فقال : ليس بصحيح ، قد رأيت أنا هذا الشيخ ، يَعني : محمد بن الحسن- وكان كذّابًا ، وكان رجلاً سخيًّا.
قلت : يُروى عنه الحديث ؟.
قال : لا ، هو كذاب.
وقال : إنما كان هذا قول مالك ، ولم يكن يرويه عن أحد.(1/140)
- قول الصحابة
69- أخبرني موسى بن سهل : حَدَّثَنا محمد بن أحمد الأسدي : حَدَّثَنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد عن من احتج بقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ؟.
قال : لا يصح هذا الحديث.
70- أخبرنا بكر بن سهل القرشي الدمياطي بدمياط : حَدَّثَنا أبو عَبد الله نعيم بن حماد المروزي : حَدَّثَنا عَبد الرحمن بن زيد العمّي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "سألت ربي في ما يختلف فيه أصحابي من بعدي ؟ فأوحى الله إلي : يا محمد ، إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى".(1/143)
- الحديث المعروف
71- أخبرنا عَبد الله ، حدثني أبي : حَدَّثَنا يحيى بن آدم : حَدَّثَنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إذا حدثتم عني حديثًا تعرفونه ولا تنكرونه ، قلته أو لم أقله ، فصدقوا [به] ؛ فإني أقول ما يعرف ولا ينكر , وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فلا تصدقوا به فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف.(1/145)
72- قال : وحدثنا أبو عامر : حَدَّثَنا سليمان- يعني : ابن بلال ، عن ربيعة بن أبي عَبد الرحمن ، عن عَبد الملك بن سعيد بن سويد ، عن أبي حميد ، أو أبي أَسيد ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم ، وتلين له أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم قريب ، فأنا أولاكم به. وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم ، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم بعيد ، فأنا أبعدكم منه".(1/147)
- اختبار الثقات
73- قال مهنّا : قلت لأحمد : حدِّثوني ، عن محمد بن بكار ، عن حفص بن عمر ، عن صالح بن حسان ، عن محمد بن كعب ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لا تأخذوا العلم إلا عن من تجيزون شهادته".
قال : ليس بصحيح ، هذا حديث موضوع من قبل صالح بن حسان ، هذا رجل مديني ، متروك الحديث.(1/151)
74- وقال حنبل : قلت لأبي عَبد الله :
حدثنا عاصم ، عن محمد بن زياد الجزري ، عن ميمون ، عن يزيد بن الأصم ، قال : "إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذونه".
قال أبو عَبد الله : اضرب عليه ، فضربت عليه وسمعت أبا عَبد الله يقول : محمد بن زياد الجزري ، يقال : إنه يضع الحديث.(1/152)
75- أخبرنا المروذي أنه ذكر لأبي عَبد الله قول ابن سيرين : "إذا حدثتني فلا تحدثني عن أبي العالية ولا الحسن ؛ فإنهما لا يباليان عن من أخذا".
فأنكره.
وقال : ما أرى من [هذا] شيئاً.(1/153)
- في الأخذ على العلم
76- قال عَبد الله : سألت أبي عن حديث سفيان بن عيينة ، عن عمران الكوفي ، قال : قال عيسى ابن مريم للحواريين : "لا تأخذوا من الناس على ما تعلمون إلا مثل الذي أعطيتموني".
قال أبي : هو عمران بن عيينة أخو سفيان.
77- قال : وحدثني أبي : حَدَّثَنا سيار : حَدَّثَنا جعفر ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء".
قال أبي : هذا حديث منكر.
قال المروذي : قال أبو عَبد الله : الخطأ من جعفر ، ليس هذا من قبل سيَّار.(1/155)
- أصحاب الرأي
78- أخبرنا عَبد الله ، قال : عرضت على أبي أحاديث سمعتها من جنادة الكوفي ، منها : عن حماد الأبح ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله ، ثم برهة بسنة رسول الله ، ثم برهة بالرأي".
فأنكره أبي جداً.
79- أخبرنا الحسن بن ناصح الخلال ويعقوب بن سفيان الفارسي ، قالا : حَدَّثَنا نعيم بن حماد : حَدَّثَنا عيسى بن يونس : حَدَّثَنا حريز بن عثمان ، عن عَبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : قال رسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة : قوم يقيسون الأمور برأيهم ؛ إنهم يحلون الحرام ويحرمون الحلال.(1/157)
- ذكر قريش
80- أخبرنا سليمان بن الأشعث ، قال : سمعت أبا عَبد الله سئل عن حديث إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن أنس ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الأئمة من قريش".
قال : ليس هذا في كتب إبراهيم ، لا ينبغي أن يكون له أصل.(1/159)
81- قال مهنّا : قلت : حدثوني ، عن شعبة ، عن سماك ، عن مالك بن ظالم ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "هلاك أمتي على يدي أُغيلمةٍ من قريش".
فقال أحمد : هو معروف ؛ إلا أن عَبد الرحمن بن مهدي كان يخطىء فيه ، يقول : عَبد الله بن ظالم ، وإنما هو مالك بن ظالم.
قلت : سمعته أنت منه ؟ قال : نعم.(1/160)
82- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا [...] : حَدَّثَنا شعبة ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "استقيموا لقريش ما استقاموا لكم فإن لم يستقيموا لكم فاحملوا سيوفكم على عواتقكم ، فأبيدوا خضراءهم فإن لم تفعلوا فكونوا زرَّاعين أشقياء ، وكلوا من كدِّ أيديكم".(1/161)
قال مهنَّا : سألت أحمد عن هذا الحديث ؟.
فقال : ليس بصحيح ، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان.
قال الدوري : سمعت يحيى يقول : لم يسمع سالم من ثوبان.
83- قال مهنَّا : وسألت أحمد عن علي بن عابسٍ يحدث عنه الحمَّاني ، عن أبي فزارة ، عن أبي صالح مولى أم هانىء ، عن أم هانىء ، قالت : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "استقيموا لقريس" _مثل حديث ثوبان ؟
فقال : ليس بصحيح ، هو منكر.(1/162)
84- أخبرنا عَبد الله ، حدثني أبي : حَدَّثَنا محمد بن جعفر : حَدَّثَنا شعبة ، عن أبي التياح ، قال : سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : "يهلك أُمتي هذا الحي من قريش". قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : "لو أن الناس اعتزلوهم".
قال أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ؛ فإنه خلافُ الأحاديث عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يعني : قوله : "اسمعوا وأطيعوا واصبروا".
قال المرُّوذي : وقد كنت سمعته يقول : هو حديث رديء ، يحتج به المعتزلة في ترك الجمعة.(1/163)
85- أخبرنا المرُّوذي ، أن أبا عَبد الله رأى حديث عون بن عمارة ، عن عوف ، عن قسامة بن زهير ، قال : أتى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قوم من قريش ، فقال : "أمِنكُمْ غير قريش ؟". قالوا : لا ، إلا ابن أخت لنا ، فقال : "ابن أُختِ القوم منهم" ، ثم قال : "إن هذا الأمر لا يزال في قريش ما إذا استرحموا رحموا وإذا حكموا عدلوا".
فقال : ليس من هذا شيء.
86- أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عَبد الكريم : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا إبراهيم بن خالد : حَدَّثَنا رباح ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، قال : قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن الله سيؤيد هذا الدين برجال ليس لهم عند الله خلاق".
قال أبو عَبد الله : ليس هذا مرفوعاً.(1/164)
- إذا بويع لخليفتين
87- قال الأثرم : قلت لأبي عَبد الله : أيحفظ عن أبي هلال ، عن قتادة ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إذا بويع لخليفتين" ؟.
قال : هذا مرسل عن سعيد بن المسيب ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حدثنا عفان ، عن همام ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأبو هلال مضطرب الحديث عن قتادة.
وهذا إنما أسندوه ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد من حديث خالد ، لا يرويه غيره.
قلت : فإنهم يقولون : سماع خالد بعد الاختلاط. قال : لا أدري.(1/166)
- من خرج على السلطان
88- أخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب أنه سأل أبا عَبد الله ، عن كثير بن عَبد الله بن عمرو بن عوف المزنِّي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "من حمل علينا السلاح فليس منا".
قال أبو عَبد الله : منكر الحديث.
89- أخبرنا سليمان ، قال : سمعت أبا عَبد الله ذكر حديث صالح بن كيسان ، عن الحارث بن فضيل ، عن جعفر بن عَبد الله بن الحكم ، عن عَبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن أبي رافع ، عن عَبد الله بن مسعود ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يكون أُمراء يقولون ما لا يفعلون فمن جاهدهم بيده".
قال أحمد : جعفر هذا هو أبو عَبد الحميد بن جعفر ، والحارث بن فضيل ليس بمحفوظ الحديث ، وهذا الكلام لا يشبه كلام ابن مسعود؛ ابن مسعود يقول : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اصبروا حتى تلقوني".(1/169)
90- قال مهنَّا : سألت أحمد عن إبراهيم [قعيس] يحدث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "سيكون أُمراء من بعدي" ؟.
قال : لا أعرفه ، ولكن العلاء بن المسيب يحدث عنه هذا الحديث ، ولا نعرف هذا الحديث؛ لم يروه أصحاب نافع.
قال : ولا أعرف إبراهيم [قعيس] ، ولا أدري من هو.(1/170)
91- قال : وسألت يحيى ، عن حبيب بن خالد الطحان ؟ قال : قد رأيته وسمعت منه وهو كوفي عنده حديث سمعناه منه.
قلت : كيف هو ؟.
قال : بلغني أنه يحدث عن الأعمش حديثًا منكرًا ، قال : الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : ليس من السنة أن يحمل السلاح على السلطان.
قال : ليس يعرف هذا من حديث الأعمش ، هذا من حديث سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البختري ، عن حديفة.
قلت لأحمد ويحيى : سمع أبو البختري من حذيفة ؟.
قالا : لا.
قلت : فسمع زيد بن وهب من حذيفة ؟ فقالا : نعم؛ زيد بن وهب قديم.
92- جعفر الصَّائغ : حَدَّثَنا حسين بن محمد المروذي : حَدَّثَنا شيبان ، عن زياد بن علاقة ، عن عرفجة بن شريح الأسلمي ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ستكون بعدي هناتٌ وهنات ٌ-ممدودة- فمن رأيتموه يفرق أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي جميعٌ فاقتلوه ، كائنًا من كان من الناس".(1/171)
قال الأثرم : ذكر هذا الحديث عند أبي عَبد الله.
فقال : كان أبو نعيم يرويه عن شيبان ، يقول :ابن صريح ، وقال بعضهم : شُرَيح ، وقال بعضهم : شُرْيح ، وأما شعبة فلم ينسبه ، وقال فيه : سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(1/172)
- في أخبار النبوة
93- أخبرنا المروذي أنه قال لأبي عَبد الله : أتعرف : عن الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "متى كنت نبيًا ؟".
قال : هذا منكر ، هذا من خطإ الأوزاعي ، يخطىء ، كثيرًا على يحيى بن أبي كثير.(1/173)
94- قال مهنَّا : سألت أحمد عن حديث رواه أبو قتادة الحراني ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أُتي بترس فيه تمثال عُقاب ، فوضع يده عليه فأذهبه الله".
قال أبو قتادة : فقلت للأوزاعي : أسمعته منه ؟ قال : أو رجل.
فقال : ليس بصحيح عن مكحول.
قلت : أتراه من قبل الأوزاعي ؟ قال : ينبغي.
قلت : تراه دلس عليه ؟.
قال : لا أدري ، بعضهم يقول : الأوزاعي ، عن خصيف. وبعضهم يقول : الأوزاعي ، عن عَبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، وليس هو صحيحاً.
95- وقرأت على زهير : حدثنا مهنَّا قال : سألت أحمد عن حديث ميسرة الفجر : "متى كنت نبيًا ؟".
قال أحمد : يقولون أيضًا : "متى كُتِبَت ؟".(1/174)
قاله حماد بن سلمة ، عن خالد ، عن ابن شقيق ، عن ابن أبي الجدعاء ، وابن أبي الجدعاء هو ميسرة الفجر.
قلت : له حديث غير هذا ؟.
قال : نعم ، آخر.(1/175)
96- وقال الأثرم : قلت لأبي عَبد الله : روى ثابت ، عن أنس أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "يسمونهم محمدًا ويسبونهم".
فأنكره.
97- أخبرنا الحسين بن الحسين ، أن محمدًا حدثهم أنه سأل أبا عَبد الله عن ... (1).
_حاشية_________
(1) كذا بالأصل.(1/179)
98- أخبرنا أبو داود ، قال : قلت لأبي عَبد الله : رجل يقال له صبيح روى عن عَبد العزيز بن عَبد الصمد ، عن هشام ، عن أبيه في صفة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فأنكره أحمد أن يكون عَبد العزيز سمع من هشام شيئاً.
أخبرنا الدوري ، أنه سمع يحيى وأبا خيثمة يقولان : كان صبيح ينزل عند الخلد ، وكان كذابا خبيثًا ، وكان يحدث عن عثمان بن عفان ، [و] عن عائشة.
99- أخبرنا أبو داود ، قال : قلت لأبي عَبد الله : حديث ابن الأصبهاني ، عن مرة ، عن عَبد الله : "نعى إلينا نبينا نفسه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
فأنكره.
100- أخبرنا المروذي ، قال : سئل أبو عَبد الله : هل كتبت حديث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أنا أكرم على الله من أن يتركني بعد مائتي سنة" ؟.
فأنكره :
وقال : لم أسمع به.
وقال -مرة- : لم أسمعه :.(1/180)
101- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا الأسود بن عامر : حَدَّثَنا أبو بكر ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إن الشمس لم يحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس".
أخبرنا الحسين بن عَبد الوهاب ، أن الفضل بن زياد ، حدثهم ، قال : سألت أبا عَبد الله ، عن هذا الحديث : رواه غير أسود ، عن أبي بكر ؟ قال : لم أسمعه إلا عن الأسود.
ثم قال أبو عَبد الله : أبو بكر ، يَعني : ابن عياش- كان يضطرب في حديث هؤلاء الصغار فأما عن أولئك الكبار ما أقربه.(1/181)
قلت : الحديث الذي رواه أبو بكر بن عياش ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة : "أن رجلاً جاء إلى بيته ، فرأى ما بهم من الحاجة ، فخرج إلى الصحراء ، فلما رأتْ ذلك امرأته ، قامت إلى الرَّحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته ، ثم قالت : اللهم ارزقنا فنظرت ، فإذا الجفنة قد امتلأت ، وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئًا ، فلما جاء الزوج قال : أصبتم بعدي شيئًا ؟ قالت امرأتُهُ : نعم ، من ربنا. قال : [قام] إلى الرحى ، فرفعها ، فذكر ذلك للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : "أما إنه لو لم يرفعها لم تزل إلى يوم القيامة".
قال : ما أدري أيْش هذا ، أبو بكر يضطرب عن هؤلاء.
أخبرنا عبد الله : حدثني أبي ، حَدَّثَنا أسود ، حَدَّثَنا [أبو بكر ، عن] هشام ، بإسناده -مثله سواء.(1/182)
- فضائل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
102- قال مهنّا : حدثنا أحمد : حَدَّثَنا يزيد بن هارون ، عن عبيدة بن أبي رائطة ، عن عَبد الرحمن بن زياد ، عن عَبد الله بن معقل المزني ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضًا ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يخذله".
قال أحمد : فقلت ليزيد : إنما هو عَبد الله بن مغفل. فقال : لا ، إنما هو ابن معقل؛ سمعت هذا الحديث من ستين سنة ، ولا أعرف عَبد الله بن معقل من عَبد الله بن مُغَفَّل ، وثبت على عَبد الله بن معقل.
قال أحمد : وليس هذا عَبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
[...] قال : قال ابن الغلابِّي : قال يحيى : لا أعرف عَبد الرحمن بن زياد.
قال ابن الغلابي : هو عَبد الرحمن بن زياد بن أبي سفيان.
ورواه إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة بن أبي رائطة ، بإسناده -مثله. [...] "الله الله في أصحابي". وفيه : "يوشك أن "يأخذه.(1/185)
103- قال الأثرم : قلت لأبي عَبد الله : روى الحكم بن عطية ، عن ثابت ، عن أنس ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدخل المسجد وفيه المهاجرون والأنصار ما منهم رجلٌ يرفع رأسه ولا يَحُلُّ حبُوته إلا أبو بكر وعمر يبتسم إليهما ويتبسمان إليه".
فأنكره.(1/187)
104- قال :وقلت لأبي عَبد الله : إن أبا جعفر النُّفيليّ ، حدثني عن خالد بن أبي بكر العمري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب صدر عمر حين أسلم ، وقال : "اللهم أخرج ما في صدره من غلٍّ وأبدله إيماناً" فذكرت الحديث كله أو بعضه.
فقال : من عن سالم ؟ فأخبرته : إنه ليس بينهما أحد. فكأنه عجب منه !.(1/188)
105- وقال أبو عَبد الله ، في الحديث الذي رواه كاتبُ الليث ، عن نافع بن يزيد ، عن زهرة بن معبدٍ ، عن سعيدِ بن المسيب ، عن جابر بن عَبد الله ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "إن الله اختار لي أصحاباً".
قال : ذاك عندي موضوع.(1/189)
106- وقال إبراهيم بن الحارث : إن أبا عَبد الله سئل عن حديث عقبة بن الحارث : "لو كان بعدي نبي لكان عمر" ؟ فقال : اضرب عليه؛ فإنه عندي منكر.(1/190)
107- أخبرنا عَبد الله ، قال : قلت لأبي : إن سفيان ابن عيينة حدث ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ما نفعني مال أبي بكر".
فأنكره.(1/192)
وقال : من حدث بهذا ؟!.
قلت : يحيى بن معين حدثنا ، عن سفيان ، عن الزهري.
قال يحيى : قال رجل لسفيان ، من عن الزهري ؟.
قال : وائل.
قال أبي : نرى وائلاً لم يسمع من الزهري ، إنما رواه وائل عن ابنه.
وأنكره أبي إنكارًا شديداً.
وقال : هذا خطأ.
ثم قال : حدثنا عَبد الرزاق ، عن معمر ، عن [الزهري ، عن] سعيد بن المسيب ، قال : قال رسول الله فذكر الحديث.(1/193)
وأخبرني حرب : حَدَّثَنا أبو بكر الحميدي : حَدَّثَنا سفيان : حَدَّثَنا الزهري ، عن عروة ، عن عائشة -الحديث ، قيل لسفيان : فإن معمرًا يقول : عن سعيد بن المسيب ، قال سفيان : ما سمعت الزهري يقول إلا : عن عروة ، ما قال : سعيد بن المسيب.
108- وقال مهنَّا : قلت لأحمدَ : حدثني الوليد بن الفضل العنزي : أخبرني إسماعيل بن عبيد بن نافع العجلي البصري ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أتاني جبريل آنفًا ، فقلت له : يا جبريل ، حدثني بفضائل عمر في السماء. فقال : يا محمد : لو حدثتك بفضائل عمر في السماء ما لبث نوحٌ في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا ، ما نفدت فضائل عمر ، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر".
فقال لي أحمد : لا أعرف إسماعيل بن نافع ، هذا حديث موضوع.(1/195)
109- قال : وقرأت على أحمد : إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، أن عَبد الله بن كعب الأنصاريَّ أخبره ، أن حيًّا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم ، وكان عمر يعقب الجيوش كل عامٍ فشغل عنهم حتى مضى الزمان الذي كانت تأتيهم فيه عقبهم ، فقفل أهل ذلك الثغر ، فكتب أميرهم إلى عمر يذكرُ أنهم أخلوا ثغرهم ، وسنُّوا للناس سنة سوءٍ ، فغضب عليهم عمر غضبًا شديدًا وتوعدهم ، ثم أرسل إليهم عمر أن ائتوني ولا يأْتني معكم أحد ، فجمعهم في الدار ، ولم يشهد ذلك غيرهم ، فعرفهم الذي صنعوا ، وأوعدهم وعيدًا أشرف عليهم ، فلما اشتد عليهم ، وهم أصحاب رسول الله ، قالوا : يا عمر ! إنك غفلت عنَّا وأهملتنا ، وتركت فينا الذي أمر به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إعقاب بعض الغزيَّة بعضاً. فقال لهم : أما إني ما أُقوّمكم بنفسي ، ولكني أقومكم بأمورٍ لعلكم تلقونها ، ثم تجاوز عنهم ، وأتبع فيهم وصية رسول الله في الإعقاب.(1/196)
قال لي أحمد : كان ابن مهدي يخطىءُ فيه ، يقول : "أسْرَف عليهم".
فقلت : هذا من قبل محمد بن إسحاق أو من قبل إبراهيم بن سعد ؟ فقال : من قبل محمد بن إسحاق ، إنما كان محمد يعطيه كُتُبًا فينسخها ، فأما إبراهيم فإنما كان يخطىءُ إذا حدث من حفظه ، فأما كتبه فكانت صحيحة.
فقلت لأحمد : ما أشرف عليهم ؟ قال : أشرف عليهم من مكان مرتفع.(1/197)
أخبرنا عَبد الله ، قال : قال أبي : وقال عَبد الرحمن : "أسرف عليهم" ، فقلت له : إن أبا كامل قال : "أشرف عليهم".
فقال لي : سل بهزاً.
فسألته ، وقال : "أشرف عليهم". فأخبرت عَبد الرحمن فكأنه قنع بقول بهزٍ.
وأخبرنا أبو المثنى العنبري ، أن هارون بن عَبد الله البزاز ، حدثهم قال : قال أبو عَبد الله : فأتيت بهزًا لأسأله ، فلم يخرج إلي ، فقلت له : إنما أريد أن أسألك عن كلمة من حديث ، فقال : ما هي ؟ فقلت : في حديث إبراهيم بن سعد : أشرف عليهم أو أسرف عليهم ؟ فقال لي من خلف الباب : "أشرف عليهم".
110- أخبرني محمد بنُ أبي هارون أن إسحاق حدثهم قال : سمعت أبا عَبد الله يقول : لو لم نسمع من أبي همام إلا [حديث عثمان بن] عفان ، كان حسبك ، وكان أبو همام حدثنا عن ضمرة بن ربيعة ، عن عَبد الله بن شوذب ، عن عَبد الله بن القاسم ، عن كثيرٍ مولى عَبد الرحمن بن سمرة ، [عن عَبد الرحمن بن سمرة] ، قال : جاء عثمان بن عفان في جيش العسرة بألف دينار ، فصبها في حِجْرِ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فجعل يدخل يده فيها ، ويقول : "ما ضر عثمان بن عفان ما عمل بعد هذا اليوم".(1/198)
111- أخبرني الحسن بن عَبد الوهاب ، أن الفضل حدثهم ، قال : سمعت أبا عَبد الله ، وسئل عن حديث الليث الذي يرويه في عثمان : أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "أُتيتُ بتفاحةٍ".
فقال : ليس هذا بشيء.(1/200)
112- أخبرني عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا يزيد : حَدَّثَنا هشام ، عن محمد ، عن كعب بن عجرة ، قال : كنت عند النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فذكر فتنةً.
قال أبو عَبد الله : أخطأ فيه ، إنما هو : كعب بن مرة.
113- وقال علي بن سعيد : سمعت أبا عَبد الله يقول : هشيم يقول : "عمر بن جاوان" ، وأبو عوانة يقول : "عمرو" ، وهو على ما قال هشيم.(1/202)
- ما روي في علي رضي الله عنه
114- قال الأثرم : سألت أبا عَبد الله ، عن حديث علي "أنا عَبد الله وأخو رسوله وأنا الصِّدِّيقُ الأكبر"
فقال : اضرب عليه؛ فإنه حديث منكر.(1/204)
115- وسألته ، عن حديث ابن نميرٍ ، عن عامر بن السمط ، عن أبي الجحاف ، عن معاوية بن ثعلبة ، عن أبي ذرٍّ أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعلي : "من فارقني".
فقال : اضرب عليه ، وكره أن يحدث به.(1/205)
116- قال : وحدثنا أبو عَبد الله بحديث جسرٍ ، عن رباح ، عن أبي أيوبَ أنه جاء إلى علي ومعه رهطٌ من الأنصارِ ، فقالوا : السلام عليك يا مولانا.
فلما فرغ منه ، قال : الكوفيون يجيئون بالعجائب.
117- قال : وحدثنا بحديث عَبد الملك ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إني قد تركت فيكم الثقلين".
فلما فرغ منه ، قال : أحاديث الكوفيين هذه مناكير.
118- قال : وسمعت أبا عَبد الله ، ذُكر له : عن أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن عائشة ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "أنا سيد ولد آدم ، وعلي سيد العرب".
فأنكره إنكارًا شديداً.(1/206)
قلت لأبي عَبد الله : رواه ابن الحماني فأنكره الناس عليه ، فإذا غيره قد رواه قال : من ؟
قلت : ذاك الحراني أحمد بن عَبد الملك.
قال : هكذا ! كأنه يتعجب.
ثم قال : أنت سمعته منه ؟
قلت : سمعته وهو يقول في هذا. قلت له : إن ابن الحماني قد رواه. قال : فما ينكرون عليَّ ، وقد رواه الحماني ؟! ولم يحدثنا به.
119- قلت لأبي عَبد الله : حديث أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذٍ. رواه أبو عوانة - يعني : عن عثمان ابن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجذٍ ، عن عليٍّ أنه قيل له : بما ورثت ابن عمك ؟.
قال أبو عَبد الله : وهذا مما أخطأ فيه. وقال لنا موسى بن إسماعيل هكذا حدثنا به أبو عوانة من حفظه ، وأخطأ فيه ، وحدثنا به من كتابه ، عن عثمان بن المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ميسرة الكندي ، عن علي.(1/207)
120- أخبرنا محمد بن علي : حَدَّثَنا محمد بن أبي يحيى قال : سألت أحمد عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أنا مدينة العلم ، وعلي بابها".
فقال أحمد : قبح الله أبا الصلت ، ذاك ذكر عن عَبد الرزاق حديثأً ليس له أصل.
121- أخبرني منصور بن الوليد : حَدَّثَنا إبراهيم بن الجنيد ، قال : سئل يحيى بن معين ، عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد ؟
فقال : كذاب يحدث -أيضاً- بحديث أبي معاوية ، عن الأعمش بحديث : "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها".
وهذا حديث كذبٌ ليس له أصلٌ.
وسألته عن أبي الصلت الهروي ؟
فقال : قد سمع وما أعرفه بالكذب.
قلت : فحديث الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ؟.
قال : ما سمعته قط ، وما بلغني إلا عنه.(1/208)
وقال محمد بن أبي يحيى ، عن يحيى بن معين ، أنه قال : حدثني به ثقة : محمد بن الطفيل ، عن أبي معاوية.
وقال الأثرم : قلت لأبي عَبد الله : حسين الأشقر تحدث عنه ؟ كالمنكر لذلك.
فقال : لم يكن عندي ممن يكذب في الحديث وذكر عنه التشيع.
فقال له العباس : حدث بحديثٍ فيه : ذكر الجوالقين ، يَعني : أبا بكرٍ وعمرَ.
فقال أبو عَبد الله : ما هذا بأهلٍ أن يحدَّث عنه.
وقال العباس : وحدَّث عن ابن عيينة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن حجر المدريَّ [قال : قال لي علي بن أبي طالب] : إنك ستُقامُ بصنعاءَ فتُعرضُ علَى سَبٍّي وتعرض على البراءة مني ، [فلا تتبرأ مني].
فاستعظمه أبو عَبد الله ، وأنكره.(1/209)
قال العباس : وروى -أيضاً- عن ابن عيينة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : أخبرني أربعة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعلي : "اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه".
فأنكره أبو عبد الله ، وكأنه لم يشك أن هذين كذب.
وحكى له العباس ، عن علي أنه قال : هذان كذب ، ليس هذا من حديث ابن عيينة.
122- أخبرنا المروذي أن أبا عَبد الله ذكر لُوَيْنًا ، فقال : حدث بحديث منكر عن ابن عيينة ، ما له أصل : عمرو بن دينار ، عن ابي جعفر ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه قصة علي : "ما أنا الذي أُخرجكم ، ولكن الله أَخرجكُم".
فأنكره إنكارًا شديدًا ، وقال ما له أصل.(1/210)
123- أخبرنا عَبد الله ، قال : عرضت على أبي حديث عثمان ، عن جرير ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة بنت حسين ، عن فاطمة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "في العصبة" وأحاديث معها ، فأنكرها جداً.
وقال : هذه الأحاديث موضوعة ، أو كأنها موضوعة ، نراه يتوهم هذه الأحاديث نسأل الله السلامة ، اللهم سلم سلم.(1/211)
124- أخبرنا ألمروذي أن أبا عَبد الله سئل عن حديث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحسن والحسين "إنهما سيدا شباب الجنة" : أصحيح هو ؟
قال : نعم.
قلت : فإن قومًا زعموا أنه ليس بصحيحٍ ؟
فأنكر ما قالوا.(1/213)
- في سائر الصحابة
125- أخبرني موسى بن حمدون : حَدَّثَنا حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا يزيد بن هارون : أخبرني أبو أُمية بن يعلى ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم ، فلينظر إلى تواضع أبي ذر".
قال لي أبو عَبد الله : اضرب على حديث أبي ذرٍ.
قال : وتركت حديثه؛ لأنه منكر الحديث ، فضربت عليه.
126- قال : وحدثنا وكيع : حَدَّثَنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن عباية بن رفاعة ، عن جده ، عن رافع بن خديج ، "أن جبريل ، أو [ملكاً]- : جاء إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : ما تعدون من شهد بدرًا فيكم ؟ قال : "خِيارُنا" ، قال : وكذلك هم عندنا خيارنا من الملائكة".(1/214)
قال الأثرم : قلت لأبي عَبد الله : الثوري يقول : عن عباية بن رفاعة ، عن رافع بن خديج ، وغيره يقول : عن معاذ بن رفاعة ، عن أبيه.
قال : لم يقل فيه أحد : "عن عباية" غير الثوري.
قال : وكنت أظن أن وكيعًا هو الذي خالف فيه ، حتى رأيت غير واحدٍ يرويه عن الثوري هكذا.
قلت : فهذا من قبل الثوري ؟ قال : نعم.
وقال مهنَّا : سألت أحمد عن عباية ، قلت : لم يدرك جده رافع بن خديج ؟ قال : لا أدري.
قلت : عباية بن رفاعة أخو معاذ بن رفاعة ؟ قال : لا ، هذا من ولد رافع بن خديج.
127- حدثنا عصمة : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله حَدَّثَنا محمد ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن محمد بن حذيفة ، قال : كنت أُحدث حديثًا عن عديٍّ بن حاتم.
قال أبو عَبد الله : ولم يوافقه أحدٌ على أنه محمد بن حذيفة ، إنما هو : أبو عبيدة بن حذيفة - يعني : في قصة إسلام عديِّ بن حاتمٍ.(1/215)
- الخلافة
128- أخبرنا المروذي قال : ذكرت لأبي عَبد الله حديث سفينة ، فصححه ، وقال : هو صحيح.
قلت : إنهم يطعنون في سعيد بن جمهان ؟
فقال : سعيد بن جمهان ثقة ، روى عنه غير واحد ، منهم : حماد وحشرج والعوام.
قلت : إن عباس بن صالح حكى عن علي بن المديني ، عن يحيى القطان أنه تكلم فيه ؟ فغضب ، وقال : باطل ما سمعت يحيى يتكلم فيه.
وأخبرني محمد بن علي ، قال : سمعت محمد بن مطهر المصيصي [ ... ] ذكر أبو عَبد الله : حماد بن سلمة ، عن سعيد بن جمهان ، عن سفينةَ -في الخلافة.
وقال : علي -عندنا- من الخلفاء الراشدين المهديين ، وحماد بن سلمة -عندنا- ثقة ، وما نزداد كل يوم فيه إلا بصيرة.(1/217)
129- وأخبرنا الدوري ، قال : سمعت يحيى يقول : حشرج بن نباتة كوفي ثقة ، وسعيد بن جمهان بصري ثقة.
وأخبرني عَبد الله بن محمد بن عَبد الحميد الأنباري ، أنه سأل أبا عَبد الله عن التفضيل والخلافة ؟ فذهب في التفضيل إلى حديث ابن عمر ، وفي الخلافة إلى حديث سفينة. فذكرت له حديث الأحجار ، فلم يعرفه.(1/218)
فقلت : رواه ابن الحماني وأبو الأحوص محمد بن نصر الأثرم : حَدَّثَنا يحيى بن عَبد الحميد الحماني : حَدَّثَنا حشرج بن نباتة ، عن سعيد بن جمهان ، عن سفينة مولى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أراد أن يبني مسجد قباء جاء بحجر فوضعه ، ثم جاء أبو بكر بحجر فوضعه إلى جانب حجري ، ثم جاء عمر بحجر فوضعه إلى جانب حجر أبي بكر ، ثم جاء عثمان بن عفان بحجر فوضعه إلى جانب حجر عمر ، ثم قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هؤلاء الخلفاء بعدي".
قال الأثرم : قال لي أبو عَبد الله : اكتب هذا ، فإنه يقوي قول من ذهب إلى ان عليًا خليفة ، وأملاه علينا من كتابه.(1/219)
130- وحدثنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا إسحاق بن يوسف الأزرق : حَدَّثَنا عَبد الملك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن محمد بن الحنفية ، قال : "كنت مع علي ، وعثمان محصورٌ ، فأتاه رجلٌ فقال : إن أمير المؤمنين مقتول ، ثم جاء آخر ، فقال : إن أمير المؤمنين مقتول الساعة ، قال : فقام علي فأخذت بوسطه تخوفًا عليه ، فقال : خل ، لا أم لك. فأتى علي الدار وقد قتل الرجل ، فأتى داره فأغلق بابه ، فأتاه الناس ، فضربوا عليه بابة ، ودخلوا عليه ، وقالوا : إن هذا قد قُتِلَ ، ولا بد للناس من خليفة ، ولا نعلم أحدًا أحق بها منك. قال فإن أبيتم علي فإن بيعتي لا تكون سرًا ، ولكن أخرج إلى المسجد ، فمن شاء أن يبايعني بايعني. قال : فخرج إلى المسجد فبايعه الناس".
قال أبو عَبد الله : ما سمعته إلا منه ، ما أعجبه من حديث.(1/220)
- صفِّين والجمل
131- أخبرنا إسماعيل الصّفار قال : سمعت أبا أُمية محمد بن إبراهيم يقول : سمعت في حلقة أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبي خيثمة ، والمعيطي ، ذكروا : "تَقْتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ الباغِيَةُ".
فقالوا : ما فيه حديث صحيح.
سمعت عَبد الله بن إبراهيم قال : سمعت أبي يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : روي في عمار : "تقتله الفئة الباغية" ثمانية وعشرون حديثًا ، ليس فيها حديث صحيح.(1/222)
132- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا أمية بن خالد ، قال : قلت لشعبة : إن أبا شيبة حدثنا عن الحكم ، عن عَبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : شهد صفين من أهل بدر سبعون رجلاً. فقال : كذب ، والله لقد ذاكرتُ الحكم بذلك وذكرنا في بيته فما وجدنا شهد صفين من أهل بدر سوى خزيمة بن ثابت.(1/225)
قال أبي : وحدثنا روح ، قال : كان شعبة ينكر أن يكون أبو الهيثم ابن التيهان شهد صفين.
قال أبي : حدثنا إسماعيل : حَدَّثَنا منصور بن عَبد الرحمن ، قال : قال الشعبي : لم يشهد الجمل من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير علي ، وعمار وطلحة ، والزبير ، فإن جاءوا بخامس فأنا كذَّاب.
133- وحدثنا روح : حَدَّثَنا شعبة ، قال : كان أبو جحيفة مع علي يوم الجمل على أهل المدينة.
أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق بن إبراهيم ، قال : قال أبو عَبد الله : أما هوه فلحق بالدَّيلم فلم يشهد الجمل ، ثم قال : أما أهل الكوفة لو قدروا يلطخون كل واحد لفعلوا.(1/226)
- في بني أُمية
134- قال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث الأعمش ، عن أبي وائل ، أن معاوية لعب بالأصنام.
فقال : ما أغلط أهل الكوفة على أصحاب رسول الله ، ولم يصحح الحديث.
وقال : تكلم به رجل من الشيعة.
135- وقلت لأحمد ويحيى : حدثوني عن عَبد المجيد بن أبي روَّاد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لكل أمة فرعون ، وفرعون هذه الأمة معاوية بن أبي سفيان".
فقالا : جميعًا : ليس بصحيح ، وليس يعرف هذا الحديث من أحاديث عبيدالله ، ولم يسمع عَبد المجيد بن أبي رواد من عبيدالله شيئًا ، ينبغي أن يكون عَبد المجيد دلسه؛ سمعه من إنسان ، فحدث به.(1/227)
136- وسألت أحمد ، عن حديث شريك ، عن ليث ، عن طاوس ، عن عَبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يطلع عليكم رجل من أهل النار" ، فطلع معاوية.
قال : إنما ابن طاوس ، عن أبيه ، عن عَبد الله بن عمرو أو غيره ، شك فيه.
قال الخلال : رواه عَبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، قال : سمعت فرخاش يحدث هذا الحديث عن أبي ، عن عَبد الله ابن عمرو.
137- قال : وسألت يحيى ، عن سليمان بن أبي سليمان ، يحدث عنه العوام بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الخلافة بالمدينة ، والملك بالشام".
فقال : لا نعرف هذا ، يَعني : سليمان بن أبي سليمان.
وقال لي أحمد : أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم.(1/228)
138- وأخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا سليمان بن حرب : حَدَّثَنا حماد بن زيد ، قال : قال رجل لأيوب : إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "إذا رأيتم ، يَعني- معاوية على المنبر".
فقال : كذب عمرو.
قال : وسألت أبي أن يحدثني بحديث عمرو بن عبيد ، قلت : أعرفها. فأملى عليَّ ، عن سهل بن يوسف ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، فقال : اتركه؛ كذب على الحسن.(1/229)
أخبرني عبيد الله بن حنبل : حدثني أبي : سمع أبا عَبد الله يقول : كان عمرو بن عبيد يحدث الناس : "قول الحسن" ، فيكتب عنه : "قال الحسن" ، وإنما يعني نفسه ، وكان عمرو بن عبيد يُتَّهم بالكذب ، وكان يغلو في رأيه.(1/230)
- فضائل معاوية
139- قال مهنا : سألت أبا عَبد الله عن الطلحي يعقوب ، نكتب عنه ؟
قال : ليس هو موضعًا للكتاب ، ولم يحمده ، ولم يرضه.
وسألته عن إسحاق بن يحيى الطلحي ؟ فقال : ليس بشيء.
وقال -أيضاً- : متروك الحديث.
قلت : بلغني ، عن يحيى بن سعيد في إسحاق بن يحيى قال : ذاك شبه لا شيء قال أحمد : نعم ، هو كذاك.
فقلت : حدثني يعقوب بن يوسف الطلحي قال : حدثني عَبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن دينار المهلبي ، قال : سمعت إسحاق بن يحيى بن طلحة ، قال : سمعت عمِّي عيسى بن طلحة ، قال : أرسلني أبي أدعو له معاوية فوجدته مشغولاً بشيء من أمر النساء -وذكر الحديث ، إلى أن قال : فلما نظر إليه مقبلاً ، قال : أما إني سمعت رسول الله يقول : "إنه لموفَّقٌ ، أو رشيدُ الأمرِ".(1/231)
فقلت لأبي يوسف : الشك منك ؟ فقال : لا ، كذا قال عَبد الرحمن !
فقال أحمد : إن كان قال لك : "حدثني عَبد الرحمن" ، فقد كذب؛ لأن عَبد الرحمن لم يكن يحدث عن إسحاق بن يحيى؛ لأنه متروك الحديث.
قلت : فمن أين كان إسحاق ؟
قال : كوفي.
قلت : وما شأنه قال : منكر الحديث.
140- أخبرنا محمد بن ياسين بن بشير بن أبي طاهر المديني ، قال : كتب إلي إبراهيم بن يماني ، أن سلْ لي أحمد بن حنبل ، عن حديث رواه عبيدالله بن موسى ، عن الثوري ، عن الأجلح ، عن الشعبي ، عن النعمان بن بشير ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قال معاوية : "من أحب معاوية فقد أحبني ، ومن أبغض معاوية فقد أبغضني".
فكتب إلي أني سألت أحمد ، فقال : الأجلح يتشيع ، [كيف] يروي مثل هذا ؟!
وقال : لو رواه شامي لكان ، فأما أهل الكوفة فلا.(1/232)
141- قال مهنا : سألت أبا عَبد الله ، عن حديث معاوية بن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رُهْم ، عن العرباض بن سارية ، قال : دعانا النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الغداء المبارك ، وسمعته يقول : "اللهم علمه ، يَعني : معاوية -الكتاب والحساب ، وقه العذاب".
فقال : نعم؛ حدثناه عَبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح.
قلت : إن الكوفيين لا يذكرون هذا : "علمه الكتاب والحساب ، وقه العذاب" ، قطعوا منه ؟
قال : كان عَبد الرحمن لا يذكره ، ولم يذكره إلا فيما بيني وبينه.(1/234)
- ذم بني أُمية
142- وقال مهنا : سألت أحمد عن علي بن علقمة ، عن ابن مسعود : "لكل شيء آفة ، وآفة الدين بنو أمية" ؟
قال : منكر.
143- قال : وذكرت لأحمد : حدثوني ، عن شعبة ، عن منصور ، عن أبي إدريس ، عن المرهبي ، عن ابن عباس ، قال : "إن بني أمية وطئوا على سماح الدين ، وذبحوا كتاب الله بشفرة".
فقال : حدثناه غندر ، عن شعبة.
قلت : منكر قال : نعم؛ منكر.(1/236)
- يزيد بن معاوية وغيره
144- قال : سألت أحمد ، عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ؟
فقال : هو الذي فعل بالمدينة ما فعل ، قتل من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ونهبها.
قلت : فيذكر عنه الحديث ؟
قال : لا يذكر عنه حديث.
145- وسألته عن يزيد بن عبد الملك بن مروان ؟
فقال : هذا أفضل من ذاك ، يَعني : يزيد بن معاوية.
قلت : يذكر عنه الحديث ؟
قال : نعم.
146- وسألته : عن عمر بن سعد بن أبي وقاص ؟
قال : لا ينبغي أن يحدَّثَ عنه ، لأنه صاحب الجيوش وصاحب الدماء ، هو الذي شهد قتل حسين بن علي.
قلت : بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال : كان عمر بن سعد لا يُعتمدُ عليه.(1/237)
147- وسألته عن مالك الأشتر : يروى عنه الحديث ؟
قال : لا.
148- وسألته عن عَبد الله بن الكواء : يروى عنه الحديث ؟
قال : لا.
149- وسألته عن يزيد بن المهلَّب ؟
فقال : بصري صاحب فتنة.
150- وسألته عن الحجاج ؟
فقال : كان قتَّالاً للأنفس.
151- وقال أبو طالب : سألت أحمد : عن من قال : لعن الله يزيد بن معاوية ؟
فقال : لا تَكَلَّمْ في هذا.
قلت : ما تقول ؟ فإن الذي تكلم به رجلٌ لابأس به ، وقال : أنا صائرٌ إلى قول أبي عَبد الله ، فقال أبو عَبد الله : قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لعنُ المؤمن كقتله" فأرى الإمساك أحب إلي.(1/238)
152- وقال صالح : قلت لأبي : الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره ، يلعنه ؟
فقال : لا يعجبني ، لو عمَّ فقال : ألا لعنة الله على الظالمين.
153- وروى الخلال بإسناده ، عن ربيع بن مسلم ، قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول : العنوا قتلة عثمان ، فيقال له : قتله محمد بن أبي بكر ، فيقول : العنوا قتلة عثمان ، قتله من قتله.
وعن منصور ، قال : قلت لإبراهيم : ما ترى في لعن الحجاج وضربه من الناس ؟ قال : ألا لعنة الله على الظالمين.
154- أخبرنا عَبد الله ، قال : قال أبي في حديث يزيد بن زريع ، عن شعبة ، قال : أنبأني عمرو بن مرة ، عن عَبد الله بن سلمة ، قال : دخلنا على عمر معاشر مذحج ، وكنت من أقربهم منه مجلسًا ، فجعل عمر ينظر إلى الأشتر ويصرف بصره ، فقال لي : أمنكم هذا ؟ قلت : نعم ، يا أمير المؤمنين ، قال : ما له قاتلهُ الله ؟! كفى الله محمد شره ، والله إني لأحسب أن للمسلمين منه يومًا عصيباً.
قال أبي : قرأته في كتاب عمِّي صالح بن حنبل ، عن الهيثم بن عدي ، عن عَبد الله بن عمرو بن مرة ، عن أبيه ، يَعني : هذا الحديث.(1/239)
- في القدر
155- أخبرنا الميموني : حَدَّثَنا ابن حنبل : حَدَّثَنا أنس بن عياض : أخبرني عمر بن عَبد الله مولى غُفرة ، عن عَبد الله بن عمر ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "إن لكل أمة مجوسًا ، وإن مجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر ، فإن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم".
قال أبو عَبد الله : ما أرى عمر بن عَبد الله لقي عَبد الله بن عمر.(1/241)
156- قال : وحدثنا ابن حنبل : حَدَّثَنا سفيان ، عن الزهري ، عن ابن أبي خزامة ، عن أبيه ، قلت : يا رسول الله ! أرأيت دواءً نتداوى به ، ورقى نسترقي بها ، وتقى نتقيها ، أترد من قدر الله شيئًا ؟ قال : "إنها من قدر الله".
قال أبو عَبد الله : وبلغني أن سفيان كان يقول : عن أبي خزامة ، ولم أسمعه منه إلا ابن أبي خزامة.
أخبرني موسى : حَدَّثَنا حنبل ، قال : قال : أبو عَبد الله : قال لي حسين بن محمد : كان سفيان يقول : عن أبي خزامة ، ثم رجع إلى ابن خزامة ، ثم رجع إلى ابن خُزيمة.
أخبرنا عَبد الله ، قال : سمعت أبي وقد [حدثنا عن] يحيى بن أبي بكير وحسين بن محمد ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن ابن أبي خزامة.
قال : "أبي خزامة ، عن أبيه"؛ رواه يونُس والزبيدي ، وهو أصحهما.(1/243)
أخبرنا أبو الفضل العباس بن محمد الدوري ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : حدث عثمان بن عمر ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي خزامة ، عن الحارث بن سعد ، وأخطأ فيه ، إنما هو : عن أبي خزامة ، أحد بَنِي الحارث بن سعد ، والصواب : "عن ابن أبي خزامة ، عن أبيه".
157- أخبرني موسى بن محمد الوراق : حَدَّثَنا إبراهيم بن عَبد الله الهروي : حَدَّثَنا زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك الأنصاري : حدثني أبو حازم ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم".
أخبرنا سليمان بن الأشعث ، قال : سمعت أبا عَبد الله ذكر هذا الحديث ، فأنكره من حديث أبي حازم ، عن نافع ، وقال : يُرْوى ، عن نافع ، من غير حديث أبي حازم.(1/244)
- الإرجاء
158- أخبرنا زهير : حَدَّثَنا مهنا : قال : سألت أحمد ، قلت : حدثنا عَبد الرزاق ، عن معمر ، عن سهيل ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الإيمان بضع وستون بابًا ، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق" ؟
فقال أحمد : إنما هو عن سهيل ، عن عَبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة.
قلت : ممَّن الخطأ : من معمر أو من سهيل ؟
قال : لا أدري.
159- أخبرنا سليمان ، قال : سمعت أبا عَبد الله ذكر حديث هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الحياء من الإيمان".(1/245)
فقال : ذا جاء من هشيم؛ حدث به مرَّةً ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، ومرَّةً عن الحسن ، عن عمران.وقد سمعته من هشيم ، عن عوف ، عن الحسن مرسلاً.
وأخبرني المروذي ، عنه ، قال : أما أهل واسط فيقولون : عن عمران بن حصين ، وأما غيرهم فيقول : عن أبي بكرة.
فقلت : أيهما الصحيح ؟
قال : لا أدري.(1/246)
160- أخبرنا محمد بن بشر بن ياسين : حَدَّثَنا أحمد : حَدَّثَنا يزيد بن هارون ، وحجاج ، وابن أبي بكير ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي شريح الكعبي ، أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : "الجار لا يأْمنُ جارهُ بوائقة". قالوا : وما بوائقة ؟ قال : "شره".
قال أبو عَبد الله : حدثني روح ، وعثمان بن عمر ، قالا : حَدَّثَنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "والله لا يؤمِِن".
قال أبو عَبد الله : إن روحًا ، وعثمان سمعاه بالمدينة ، وحجاجٌ ويزيد سمعاه ببغداد ، وهكذا قال ببغداد.
وقال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث ابن أبي ذئب : هو خطأ ، أو هو عنهما ؟
قال : لا أدري؛ ولكن من روى عنه بالمدينة يقول : عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، ومن سمع ببغداد ، قال : عن أبي شريح.(1/247)
161- وقال صالح : سألت [أبي] عن قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أكثر منافقي أمتي قُرَّاؤُها" : صحيح هو ؟
قال : الله أعلم ، ما أدري.(1/248)
162- أخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم ، قال : قال لي أبو عَبد الله : قال شعبة : قلت لحماد بن أبي سليمان : هذا الأعمش وزبيد ومنصور ، حدثونا : عن شقيق ، عن عَبد الله ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "سباب المسلم فسوق". فأيهم نتهم ؟! أنتهم الأعمش ؟! أنتهم منصورًا ؟! أنتهم أبا وائل ؟!
قال إسحاق : قلت لأبي عَبد الله : وأي شيء أتَّهم من أبي وائل ؟!
قال : اتَّهم رأيهُ الخبيثَ ، يعني : رأي حماد بن أبي سليمان.
163- قلت لأبي عَبد الله : إن شعبة يقول : نبيط بن شنيط.
قال أبو عَبد الله : كان في لسانه لثغة أراد أن يقول شريط ، قال : شنيط.
آخر الجزء العاشر.(1/251)
- الجزء الحادي عشر من المنتخب.
الحمد لله
هذا الجزء من خط شيخنا : الشيخ الإمام العالم العلامة موفق الدين أبي محمد عَبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي. قدس الله روحه ونور ضريحة وأسكنه فيسح جنته.
سمعه وما قبله : يوسف بن أحمد بن محمود الطحان.(1/257)
بسم الله الرحمن الرحيم
- في الخوارج
164- أخبرنا حرب ، قال : سألت أحمد ، عن الخوارج ؟
قال : شر قومٍ ، ما أعلم في الأرض قومًا شرًا منهم ، صحَّ فيهم لحديثُ عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عشرة وجوه.(1/259)
- الجهميَّة
165- قال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث خلف بن خليفة ، عن حميدٍ الأعرج [عن عَبد الله بن الحارث] ، عن عَبد الله بن مسعود ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كلم الله موسى وعليه جبةٌ من صوفٍ".
فقال : منكر ليس بصحيح؛ أحاديث حميدٍ عن عَبد الله بن الحارث منكرةٌ.(1/260)
- أخبار الصفات
166- أخبرنا المروذي ، قال : ذكرت لأبي عَبد الله حديث محمد بن سلمة الحراني ، عن أبي عَبد الرحيم : حدثني زيد بن أبي أنيسة ، عن المنهال ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق : حَدَّثَنا عَبد الله بن مسعود ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "يقول الله تعالى {في ظللٍ من الغمامِ} من العرش إلى الكرسي".
قال أبو عَبد الله : هذا حديث غريب ، لم يقع إلينا عن محمد بن سلمة ، واستحسنه.
وقال : قد رواه الأعمش موقوفًا ، ورواه أبو يزيد الدالاني مرفوعاً.
وأخبرني زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب ، أنه سأل أبا عَبد الله عن هذا الحديث ، فجعلتُ أقرأهُ عليه.
فقال : ما أحسنه ، إنما سمعناه عن أبي عوانة ، عن الأعمش مرسلاً.(1/263)
167- أخبرنا عَبد الله بن أحمد ، قال : سألت أبي عن حديث عمران بن حصين : إن قومًا قدموا على النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقالوا : قد بشرتنا فأعطنا.
فإن الأعمش وسفيان قالا : جميعًا : عن جامع بن شداد ، عن صفوان بن محرز ، عن عمران بن حصين.
ثم رواه يزيد بن هارون ، عن المسعودي ، عن جامع ، عن ابن بريدة بن الحصيب ، عن أبيه.
قال : إنما الصواب ما رواه الأعمش وسفيان ، وسماع يزيد من المسعودي بآخرة.
قال أبي : يحيى بن معين لم يسمعه من أبي معاوية ، وإنما حدثناه أبو معاوية ببغداد ، وكان يحيى ربما فاته [الشيء].(1/264)
168- أخبرني حرب ، قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : قد صح عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : "إن آدم خلق على صورة الرحمن".
وحدثنا إسحاق : حَدَّثَنا جرير ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "لا تُقبِحوا الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن".
قال إسحاق : وإنما عليه أن ينطق بما صحَّ عن رسول الله أنه نطق به.
وأخبرنا المروذي ، قال : قلت لأبي عَبد الله : كيف تقول في حديث النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "خلق آدم على صورته" ؟
قال : الأعمش يقول : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ،عن ابن عمر : "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن". فأما الثوري فأوقفه ، يَعني : حديث ابن عمر.
وأبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "على صورته".
فنقول كما في الحديث.(1/265)
169- وقال مهنا : سألت أحمد ، عن إسماعيل بن أبان الغنوي ؟.
قال : متروكٌ؛ أخرج إلينا كتاب فطرِ بن خليفة وإذا فيه : فطر ، عن أبي الطفيل ، عن علي في : "لبس الخضرة" وشيء ليس من الكتاب.(1/271)
170- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي ، قال : قيل لإسماعيل ، يَعني : ابن عليَّة- في هذا الحديث. فقال : كان خالد يرويه ، فلم يلتفت [إليه]ضعَّفَ إسماعيل أمره.
يعني : حديث خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، في : "الرَّيات".(1/272)
171- وقال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث حدث به عبيدالله بن موسى ، عن سفيان الثوري ، عن حكيم بن الديلم ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : قام فينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأربع قال : "إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفعُ إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النار ، لو كشفها لأحرقت سُبُحات وجهه كل شيء أدركه بصره" ؟@(1/274)
قال أحمد : ليس بصحيح؛ هذا غلط من عبيدالله بن موسى ، لم يكن صاحب حديث. هذا حديث الثوري ، عن حكيم ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى : كانت اليهود تتعاطس عند النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والحديث حديث المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، قال : قام فينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قلت : من عن المسعودي ؟ قال : غير واحدٍ.
وروى عَبد الله ، عن أبيه نحوًا من هذا ، إلا أنه [قال :] قال أبي : هذا حديث الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى.
وقال أبو إبراهيم الزهري : سمعت أحمد يقول : حكيم بن الديلم ثقة ، وكان مكفوفاٌ.(1/275)
172- أخبرني أحمد بن أصرم ، قال : سألت أبا عَبد الله ، عن حديث الزهري ، عن أبي بكر بن عَبد الرحمن ، عن حزين بن جابر ، عن كعب ، قال : "لما كلم الله موسى".
فقلت : إن معمرًا يقول : حزين بن جابر ، ويقول يونس : جزء بن جابر ، وشعيب بن أبي حمزة : حزن بن جابر ، فأيها عندك أعرف ؟ قال : قول معمر.(1/276)
173- أخبرنا المروذي ، قال : قيل لأبي عَبد الله : أتعرف عن يزيد بن هارون ، عن أبي العطوف ، عن أبي الزبير ، عن جابر : "إن استقرَّ مكانه فسوف تراني وإنْ لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا في الآخرة" ؟ فغضب أبو عَبد الله غضبًا شديدًا ، حتى تبين في وجهه ، وكان قاعدًا والناس حوله ، فأخذ نعله وانتعل.
وقال : أخزى الله هذا ! لا ينبغي أن يكتب هذا ، ودفع أن يكون يزيد بن هارون رواه ، أو حدث به.
وقال : هذا جهمي ، هذا كافر ، أخزى الله هذا الخبيث ، من قال : إن الله لا يُرى في الآخرة ، فهو كافر.
وقال مهنا : سألت أحمد عن أبي العطوف ؟
فقال : جَزَرِيٌّ ، متروك الحديث.
وقال عنه أبو داود : اسمه : جراحُ بن منهال.
174- أخبرني يوسف بن موسى : أن أبا عَبد الله ، قيل له : شيخٌ يحدثُ ، عن أبي نعيم ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر : "إن الله عز وجل خلق القرآن خلقًا ، فجعله على الألسنِ حفظًا ، وفي المصاحف خطَّاً" ؟ فقال : كذب كذب ،وأنكره أشد النُّكرة.(1/277)
175- أخبرنا عَبد الله ، قال : سمعت أبي يقول : قال حماد بن سلمة : "وكيع بن حُدُس". وأبو عوانة وسفيان قالا : "وكيع بن حُدُس".
وحدثنا هشيم : حدثنا يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس.
قال أبي : أرى الصواب ما قال حماد وأبو عوانة وسفيان ، وكان الخطأ عنده : ما قال هشيم وشعبة.
وقال هشيم : كان يتابع شعبة.
وأخذته من كتاب الأشجعي ، عن سفيان ، قال : وكيع بن حُدُس ، وهو الصواب.
وحدثنا يحيى بن حماد : حَدَّثَنا أبو عوانة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس.
وأخبرنا الميموني أنه سمع أبا عَبد الله يقول : هشيم يقول : "عدس" ، يتبع شعبة ، وكان كثيرًا ما يتبعه أو قال : يوافقه.(1/278)
176- قُرِىء على عَبد الله ، قال : قلت لأبي : حَدَّثَنا أبو موسى الهروي : حَدَّثَنا ابن فُضيل ، عن الأجلح ، عن أبي الذيال.
قال أبي : إنما هو الذيالُ بنُ حرملة ، من أبو الذيال ؟ !.
أخبرنا الدوري : حَدَّثَنا يحيى بن معين : حَدَّثَنا محمد بن فضيل : حَدَّثَنا الأجلح ، عن الذيال بن حرْملة ، عن جابر بن عَبد الله ، قال : قال أبو جهل ، والملأُ من قريش : لقد انتشر علينا أمرُ محمد ، فلو التمستم رجلاً عالمًا بالسحر والكهانة والشعر وذكر حديث عتبة ولقاءه النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقراءة النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {حم} السجدة.(1/279)
177- أخبرنا المروذي ، قال : قيل لأبي عَبد الله : إنهم يقولون : إن عائشة قالت : "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية". فبأيِّ شيء يدفع حديث عائشة ؟ قال : بقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "رأيت ربي"؛ وقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر من قولها.
178- قال : وقرأت على أبي عَبد الله : إبراهيم بن الحكم ، قال : حدثني أبي ، عن عكرمة ، قال : سألت ابن عباس : هل رأى محمد ربه ؟ قال : "نعم ، دونه ستر من لؤلؤ" :
وقرأته عليه بطوله ، فصححه.
179- وقال الأثرم : قيل لأبي عَبد الله : حديث أبي ذر "نورٌ أنَّى أراه" ؟ قال : ما أدري ما وجهه.(1/280)
180- وسمعت أبا عَبد الله ، قال له رجل : عن حسن الأشيب قال : لم يَرَ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه. قال : فأنكره إنسانٌ عليه.
وقال : لِمَ لا تقول : رآه ، ولا تقول : بعينيه ولا بقلبه ، كما جاء الحديث : أنه رآه ؟ قال الرجل : فاستحسن ذاك الأشيب.
قال أبو عَبد الله : حسنٌ.
181- أخبرني محمد بن موسى أن حُبيش بن سندي حدثهم أن أبا عَبد الله سئل عن حديث ابن عباس رأى محمد ربه ؟ قال : بعضهم يقول : بقلبه.
قلت : أيُها أثبت عندك ؟ قال : في رؤية الدنيا قد اختلفوا ، أما رؤية الآخرة فلم يختلف فيه إلا هؤلاء الجهمية.(1/282)
182- أخبرنا المروذي ، قال : قرىء على أبي عَبد الله : شاذان : حَدَّثَنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إنَّ محمدًا رأى ربه.
قلت : إنهم يقولون : ما رواه غير شاذان ؟ فقال : بلى؛ قد كتبته ، عن عفان.
وقُرىء على أبي عَبد الله : عفان : حَدَّثَنا عَبد الصمد بن كيسان : حَدَّثَنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "رأيتُ ربي".
قلت : إنهم يقولون : إن قتادة لم يسمع من عكرمة قال : هذا لا يَدْري الذي قال ! وغضب ، وأخرج إليَّ كتابه فيه أحاديث مما سمع قتادة من عكرمة ، فإذا ستة أحاديث : "سمعت عكرمة".
وقال أبو عَبد الله : قد ذهب من يحسن هذا ، وعجب من قومٍ يتكلمون بغير علمٍ ، وعجب من قول من قال : لم يسمع !.
وقال : سبحان الله ! فهو قدِم إلى البصرة فاجتمع عليه الخلقُ.
وقال يزيد بن حازم : هذا رواه حماد بن زيد : إن عكرمة سأل عن شيء من التفسير فأجابه قتادة.(1/283)
183- وقال مهنا : سألت أبا عَبد الله ، عن حديث ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، أن مروان بن عثمان ، حدثه عن عمارة ، عن أمِّ الطفيل امرأةِ أُبي بن كعب ، أنها سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر أنه رأى ربه في المنام في صورة شابٍّ موفر ، رجلاه في حضر ، عليه نعلان من ذهب ، على وجهه فراشٌ من ذهب" ؟ فحوَّل وجههُ عني ، وقال : هذا حديث منكر.(1/284)
وقال : مروان بن عثمان هذا رجل مجهول ، وعمارة بن عامر هذا الذي روى عنه مروان لا يعرف.
وسألته : بلغك أن أُمَّ الطفيل سمعت من النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قال : لا أدري.
وقال : سعيد بن أبي هلال مدنيٌّ لا بأس به.(1/285)
184- قال الخلال : ورأيت في كتاب الحسن البزار : قلت لأبي عَبد الله : حديث ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة يقولون فيه : "إن آخرَ وطأةٍ وطئها الله بِوُجٍّ".
قال أبو عَبد الله : نعم؛ قد سمعته أنا من ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عبيد بن عمير ، مثله.(1/286)
185- أخبرنا يعقوب بن موسى أبو بكر المطوعي ، قال :سمعت رجلاً قال لأحمد بن حنبل : ما تقول في هذه الأحاديث ، مثل : حديث هشام بن عروة ، عن محمد ، عن أبي هريرة : "احتجت الجنةُ والنار" ؟.
قال أحمد : هذه أحاديث أهل السنة وأهل الخير.
قال : فإن شعيب بن حرب ، قال : لو أن حماد بن سلمة ترك أحاديث من بعض أحاديثه.
فقال : شعيب يقول لحماد بن سلمة ؟! حماد بن سلمة عندنا أكثر ، ثم أخذ نعلهُ ، وقام مغضباً.
أخبرني علي بن عيسى ، أن حنبلاً حدثهم ، قال : سمعت أبا عَبد الله ، يقول : ما أحد أشد جانبًا على أهل البدع ، والخلاف من حماد بن سلمة ، ولا أروى لأحاديث الرؤية والرد على المعتزلة والقدرية منه.
186- أخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب ، أن أبا عَبد الله ، قال : سفيان بن عيينة في قلة ما روى نحو من خمسة عشر حديثًا ، أخطأ فيها في أحاديث الزهري ، فذكر منها : حديث "اشتكتِ النارُ إلى ربها"؛ إنما هو عن أبي سلمة.(1/287)
- أحاديث شتى
187- أخبرنا الدوري ، قال : سمعت يحيى يقول : حديث سليمان بن المغيرة ، قال : "أُنْبئْتُ أن في الجنة نهرًا يُنبتُ الحواريَ الأبكار" ، هو : عن معتمر بن سليمان ، وقد روى ابن المبارك ، عن سليمان بن المغيرة ، عن المعتمر بن سليمان.
188- أخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب ، أنه قال لأبي عَبد الله -وحدثنا عن محمد بن سلمة ، عن أبي عَبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن يزيد بن رومان ، عن عائذ ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أم سلمة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "سألتُ ربي أن يريني الجنة والنار"- :
من عائذ ؟ قال : لا أعرفه.
قلتُ : عمر بن أبي سلمة سمع من أم سلمة ؟ قال : إن كان عمرُ بن أبي سلمة بن عَبد الرحمن بن عوف ، الذي روى عنه هشيم ، فلم يسمعْ من أم سلمة.
قال الخلال : وسمعت أبا بكر بن صدقة يقول : عمرُ بن أبي سلمة هذا ، هو ابن أم سلمة ، من أبي سلمة.(1/290)
189- قال : وسألت أبا عَبد الله ، قلتُ : شريح حدثنا عن محمد بن إسماعيل ، يَعني : ابن أبي فديك ، عن عَبد الملك بن زيد ، عن مصعب بن مصعب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عَبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "تُرفعُ زينةُ الدنيا بعدَ خمسٍ وعشرينَ ومائةِ سنة".
قال أبو عَبد الله : لا [تخرجهُ]؛ هذا منكر جدًَّا ، كان ابنُ أبي فديك لا يبالي عن من روى.(1/291)
- الملاحم
190- وقال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث حدثنا به خالد بن خداش : حَدَّثَنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن الحسن ، عن صخر بن قدامة ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لا يولدُ بعد مائةِ سنةٍ مولودٌ للهِ فيه حاجة".
قال أيوب : فلقيتُ صخر بن قدامةَ فسألته عنه ؟ فلم يعرفه!.
قال : وسألته عن حديثٍ حدثناه ، عن حماد بن سلمة : حَدَّثَنا علي بن زيد ، قال : قال الحسن : سلْ عَبد الله بن قدامة بن صخر العقيليَّ عن هذا الحديث ، فلقيتُه على باب دار الإمارة ، فذكرت له ، فقال : زعم أبو ذر أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث , ثم قال : "يا أيُها الناسُ إنه ليس اليوم نفسٌ منفوسة يأتي عليها مئةُ سنةٍ ، يعتمل الله بها شيئاً".
قال أحمد : ليسا بصحيحين ، وهما منكران.(1/293)
191- أخبرني عصمةُ : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا الهيثم بن خارجة : حَدَّثَنا إسماعيل بن عياش ، عن سعيد بن بشير ونافع بن عامر ، عن قتادة : حَدَّثَنا عَبد الله بن أبي الأسود ، قال : انطلقت أنا وزرعة بن ضمرة ، وعبدالله بن قيس حاجَّيْنِ ، فجلسنا إلى عَبد الله بن عمرو ، جلس زرعة عن يمينه ، وجلست عن شماله.
قال أبو عَبد الله : إنما هو عَبد الله بن بريدة ، عن أبي الأسود الدِّيلي؛ كذا رواه قتادة ، عن عَبد الله بن بريدة ، أخطأ فيه إسماعيل.
وبه : حَدَّثَنا إسماعيل ، عن نافع بن عامر ، عن قتادة ، عن عبد بن يزيد ، عن سليمان بن ربيعة - وكان من نساكِ البصرة ، قال : انطلقت مع ناسٍ من أهل البصرة حاجين ، فأتينا عَبد الله بن عمرو ، فقال : "يوشكُ بنُو قنطوراء"-وذكر الحديث.
قال أبو عَبد الله : إنما هو عَبد الله بن بريدة.(1/294)
192- أخبرنا موسى : حَدَّثَنا حنبل : حَدَّثَنا أبو عَبد الله : حَدَّثَنا عَبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن همام بن مُنبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : قال رسول الله : "تقاتلون خُوز وكِرمان".
قال أبو عَبد الله : الناس يقولون جور ، ولكنه قال : خُوز.
أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا حسين بن محمد : حَدَّثَنا جرير ، يَعني : ابن حازم ، عن محمد ، يَعني : ابن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعتُ رسول الله يقول : "لينزِلَنَّ الدجالُ جورَ وكرمانَ في سبعينَ ألفًا كأنَّ وجوههمُ المجانَّ المطرَّقة".
193- وقال في حديث نصر بن عاصم الليثي : أتيتُ اليشكُريَّ فسمعتُه يذكرُ عن حذيفة ، قال : "كان الناسُ يسألون رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخير ، وأسأله عن الشر".
قال : اليشكري : سُبَيعُ بن خالد.
194- قال حنبل : حدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا يحيى بن أبي بكير : حَدَّثَنا زهير ، عن موسى بن جبير ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "إن آدم لما أُهبطَ إلى الأرضِ ، قالت الملائكةُ : أي ربِّ أتجعلُ فيها من يفسد فيها ؟.." -وذكر الحديث.
قال أبو عَبد الله : هذا منكر ، إنما يُروى عن كعب.(1/295)
195- قال : وحدثني أبو عَبد الله : حَدَّثَنا وكيع : حَدَّثَنا النهاس بن قهم -قال أبو عَبد الله : بصريٌّ كان يقصُ ، كنيتُهُ : أبو الخطاب- : حدثني شداد أبو عمار ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ستٌّ من أشراط الساعة ...." -فذكر الحديث.
قال أبو عَبد الله : إنما هو : عن عوف بن مالك.
196- قال مهنا : سألت أحمد ، عن حديث : الليث بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عَبد الرحمن ، عن أبيه ، أنه دخل على أبي بكر في مرضه ، فسلَّم عليه ، فقال : "أما إني ما آسي إلا على ثلاث فعلتُهنَّ" -الحديث ؟ فقال أحمد : ليس صحيحاً.(1/296)
قلتُ : كيف ذا ؟ قال : أُخذ من كتاب ابن دابٍ ، فوضعه على الليث.
قال الخلال : قال أبو بكر بن صدقة روى هذا الحديث ، عن علوان بن داود البجلي ، من أهل قرقِيسيا ، وهو يحدث بهذه الأحاديث ، عن ابن داب ، ورأيتُ هذا الحديث من حديثه ، عن دابٍ ، وعلوان في نفسه لا بأس به.(1/297)
- بغداد
197 - أخبرنا إبراهيم بن عَبد الرحيم بن عمر: حَدَّثَنا الهيثم بن عَبد الرحمن: حَدَّثَنا عمَّار بن سيف، عن عاصم، عن [أبي عثمان] (1)، عن جرير بن عَبد الله، قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تُبنى مدينةٌ بين دجلةَ والدُّجَيْلِ وقطربُّل والصَّراة، تجبى إليها [خزائن] الأرض وجبابرتُها، يخسف بأهلها، فلهي أسرعُ هويًَّا بأهلها من الوتدِ الحديد في الأرض الرخوة".
حدثنا إبراهيم بن عَبد الله الهاشمي: حَدَّثَنا محمد بن عَبد الله المخرَّمي قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: سمعت يحيى بن آدم يقول: إنما أصاب عمارٌ هذا الحديث فرواه.
وروى عن يحيى بن آدم، قال: ما رواه أحدٌ إلا عمار بن سيف.
قال يحيى بن معين: ومنهم من يرويه عنه، عن سفيان، عن عاصم، وليس لهذا أصل.
أخبرنا عَبد الله، قال: ذكر أبي حديث المحاربي، عن عاصم، عن أبي عثمان، يَعني: هذا الحديث- فقال: ليس بصحيح، أو قال: كذب، وكلُ من حدث به فهو كذابٌ.
وقال: كان المحاربي جليسًا لسيف بن محمد ابن أخت سفيان، وكان سيف كذابًا، فأرى المحاربي سمعه منهُ.
_حاشية_________
(1) تصحف في المطبوع إلى [أبيه]، والصواب ما أثبتناه، فالسياق يقتضيه، والتصويب من جميع الكتب التي أخرجت هذا الحديث، وانظر على سبيل المثال: العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد (2/ 370)، وتاريخ بغداد (1/ 328)، ومجلس لابن البختري (769)، ودلائل النبوة للمستغفري (307)، والموضوعات لابن الجوزي (2/ 329).(1/298)
- التوقيت
198- أخبرنا الدوري ، قال : سمعت يحيى يقول : عباس بن الفضل ليس بشيء؛ يحدث بحديث ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إذا كان سنةُ كذا وكذا ، كان كذا وكذا". وهو حديث ليس له أصل.
199- وأخبرنا عَبد الله ، قال : سمعت أبي يقول : ما أنكرت من حديث عباس الأنصاري ، إلا حديثًا واحدًا : عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة أو جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، عن كعب ، أنه قال : "يا ابن عباس ، [يلي] من ولدك رجل" -وقصَّ الحديث- :
أما حديثه عن يونس وخالد وداود وشعبة صحيح ، إلا هذا الحديث ، هو عندي كذبٌ وباطل ، وكان من أصحاب سعيد.(1/300)
200- أخبرنا المروذي ، قال : سمعت أبا عَبد الله يقول : كتب إلي ، يَعني : المتوكلَ- أن اكتب إلي بما صحَّ عندك من الملاحم ، فكتبت إليه : ما صحَّ عندي منها شيءٌ.
قال المروذي : فأريتُ أبا عَبد الله كتابًا لإسحاق بن داود في الملاحم ، وفيه ذكر المواقيت : "إذا كان سنةُ كذا ، ففيه كذا" فضرب عليها بخطِّه.
وقال : هذه موضوعة قُلْ له : لا تحدث بها فقلت لإسحاق ، فضرب عليها.
قال المروذي : وجعل عبدُالوهاب يسترجعُ ويعجب؛ ذاك أنه حدث بها قومٌ صالحون ، منهم : إبراهيم بن نُعيم وغيره.
وأخبرني محمد بن جعفر ، قال : أتيتُ إسحاق بن داود يومًا ، فحدثني بأحاديث ، فلما انتهيت إلى حديثٍ منها ، قال : أمسك عن هذا؛ فإن أحاديث بعثَ إلى أحمدُ بن حنبل أن لا أُحدثَ بها.(1/301)
- السفياني والمهدي
201- قال محمد بن جعفر : وهي هذه الأحاديث التي نهى أحمدُ إسحاقَ بن داود عن التحديث بها.
قرأتُ على إسحاق بن داود : حدثني إبراهيم بن نُعيم : حَدَّثَنا أبو عمران الجوهري : حدثني طلحة بن يزيد القرشي ، عن معاوية بن سعيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن علي بن أبي طالب ، أنه نظر إلى ابنه الحسن ، وقال : "سيخرجُ من صلبه رجلٌ سَمِيُّ نبيِّكم" -وذكر حديثًا طويلاً ، وفيه : ذكر السفياني ، وفي آخره : ["فالخائب من خاب من غنيمة كلب ، ولو بسوط"].
202- قال إسحاق : وحدثني إبراهيم : حَدَّثَنا علي بن يزيد : حَدَّثَنا حفص الغاضريُّ ، قال : سمعت أبا هريرة قال : بينا أنا قاعدٌ عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إذ أقبل أعرابيٌّ ، فقال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أخبرني عن الساعة متى هي ؟-وذكر حديثًا طويلاً ، فيه أشراط الساعة ، وفيه : "وتستعمل أمراءُ ظلمة ، فجرة ، فيستحلفونهم بالطلاق والعتاق ، فتُطلقُ نسائهم وتعتقُ أرقَّاؤهم ، ثم يطئونهنَّ بعد ذلك ، فتلدنَّ منهم أولاداَ".(1/303)
203- قال إسحاق : وحدثني إبراهيم : حَدَّثَنا علي : حَدَّثَنا صاحب الأهان ، عن عثمان بن مطر ، عن خالد بن موسى ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين -وعن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "الويلُ لأُمتي من ولدِ فلانٍٍ ألبسوهم شيعًا وسفكوا دماءهم" ثم وذكر الحديث.
204- قال إسحاق : وحدثني أبراهيم : حدثني علي بن يزيد : حدثني عثمان بن مطر : حدثني عَبد الله بن جبير : حدثني عامر الشعبي ، قال : "تخرج من خرسانَ راياتٌ سودٌ تدعو إلى ولد [فلان] ، فلا ترد لهم راية ، حتى يأتوا مسجد دمشق ، فيلقونه حجرًا حجرًا ، ثم لا يزال الملك فيهم ، حتى يخرج السفياني معه راياتٌ حمر ، لا ترد لهم راية ، حتى يأتوا الكوفة ، فيقتلون الرجال ، ويبقرون بطون النساء ، يكون ملكهم قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، ثم يصير الناس غازين ، حتى يخرج المهدي متى ما خرج" -وذكر حديثًا آخر.
205- أخبرني محمد بن عمير : حَدَّثَنا حامد بن يحيى : حَدَّثَنا سفيان : حَدَّثَنا عمرو : أخبرني أبو معبد ، أنه سمع ابن عباس يقول : "إني لأرجو أن لا تذهب الأيام والليالي ، حتى يبعث الله منا أهل البيت غلامًا ، لم يلبس الفتنَ ولم تلبَسه الفتن ، كما فتح الله بنا هذا الأمر فأرجو أن يختمهُ بنا".(1/304)
قال أبو معبد : قلتُ لابن عباس : عجزتْ عنها شيوخكم ويرجوها شبابكم ؟ قال : "إن الله يفعلُ ما يشاءُ".
فسمعت محمد بن عمير ، يقول : سمعت حامد بن يحيى ، قال : قال لي أحمد بن حنبل : سألت عَبد الرحمن بن مهدي : أي حديث أصح في المهدي ؟ قال : أصحُّ شيءٍ فيه عندي : حديث أبي معبد عن ابن عباس.(1/305)
- في برِّ الوالدين
206- أخبرنا المروذي ، قال : قُرىء على أبي عَبد الله : حفص بن غياث : حَدَّثَنا ابن أبي ذئب ، عن محمد بن المنكدر ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "إذا دعتك أُمُّك ، وأنتَ في الصلاة ، فلا تُجبها ، وإذا دعاك ، يَعني : أباك- فلا تُجبه".
وروى يحيى بن أبي عمرو الشيباني ، عن مكحول -مثله ، من قوله.
207- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم ، قال : عرضتُ على أبي عَبد الله : يحيى ين سعيد العطار ، عن سعدٍ أبي حبيب ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "دعاء الوالدِ لولدهِ مثل دعاء النبي لأُمته" ؟ فقال : حديث باطلٌ منكرٌ.
وسمعته يقول : سعد أبو حبيب ، ليس حديثه بشيء.(1/306)
- الأكل من مالِ الولد
208- أخبرنا عَبد الله : حدثني أبي : حَدَّثَنا يحيى بن سعيد : حَدَّثَنا شعبة ، عن الحكم ، عن عمارة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ولد الرجل من كسبه ، من أطيبِ كسبه ، فكلوا من أموالهم هنيئاً".
قال أبي : وحدثني ابن سعيد ، قال : كان سعيد بن أبي عروبة يحدث به عن مطر ، عن الحكم ، عن ابن عمر ، وأراه : سمع عمارة ، فظن أنه ابن عمر.
قال الأثرمُ : وسمعت أبا عَبد الله ، ذكر حديث عائشة هذا ، فقال : حديث مضطربٌ؛ رواه منصور والأعمش ، عن إبراهيم ، عن عمارة ، عن عمتهِ ، عن عائشة.
كذلك قال سفيان بن عيينة ، عن الأعمش.
ورواه الحكم ، عن عمارة ، عن أبيه ، عن عائشة.
وقال الأعمش : عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة.
قلت لأبي عَبد الله : فقال هذا عن الأعمش ، غير سفيان بن عيينة ؟ قال : ما أعلمه.(1/308)
قال : وحدثنا أبو عَبد الله ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن عمةٍ له ، عن عائشة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إنَّ أولادكم من كسبكم ، فكلوا من كسب أولادكم".
قال أبو عَبد الله : خلَّط في هذا.
قال : وسمعه الأعمشُ من عمارة نفسه.
209- قلت لأبي عَبد الله : روى أبو حمزة السكريُّ ، عن إبراهيم الصَّائغ ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أطيبُ ما أكل الرجلُ من كسب ولده ، فكلوا من كسب أولادكم إذا احتجتم إليه".
فعجب أبو عَبد الله منه ! .
وقال : رواه سفيان ، عن حماد ، لم يرفعه.
210- قرأتُ على عليِّ بن الحسن ، عن مهنا ، أنه سأل أبا عَبد الله ، فقلت : حدث أبو بكر بن أبي الأسود ، عن أبي داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن رجل من قومه يقال له ثعلبة بن مالك ، أنه سمع النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "من أدرك أحدَ والديه ، ثم دخل النار ، فأبعده الله".(1/309)
فقال أحمد : إنما هو : أُبي بن مالك ؛ ذكره غيرُ واحد ، فحدثني عن غندر وحجاج بن محمد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن أُبي بن مالك ، أنه سمع النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "من أدرك أحدَ والديه ، ثم دخلَ النارَ ، فأبعده الله".
ورواه بهز ، عن شعبة كذلك.
قال : وسألت أحمد عن أُبي بن مالك ؟ فقال : هو من شيوخِ زرارة بن أوفى.
قال الخلال : ورواه هشيم ، عن علي بن زيد ، عن زرارة ، عن مالك بن عمرو القشيري.
قال أحمد بن أبي خيثمة : سئل يحيى بن معين ، عن حديث شعبة هذا ، فكتب على "أُبي بن مالك" خطأ.(1/310)
- الدَّجَّال
211- أخبرنا عبدُ الله : حدثني أبي : حدثني عبيد الله ، يَعني : ابن معاذ- : حَدَّثَنا أبي : حَدَّثَنا قرة ، عن عَبد الله بن الدانا قال : "الدَّجَّال من سِبْطِ بني لاوي وهم سبطُ ابنُ صيَّادٍ".
قال أبي : يقال الدانا والداناج والداناقُ.(1/311)
- في أخبار رجال
212- حدثنا عصمة : حَدَّثَنا حنبل قال : قال أبو عَبد الله : كان أبو بدر شجاع بن الوليد شيخًا صالحًا صدوقًا ، ولقيه يحيى بن معين يومًا ، فقال له : يا كذَّاب ، فقال له الشيخ : إن كُنتَ كاذبًا فهتكك الله.
قال أبو عَبد الله : فأظن دعوة الشيخِ أدركته.
213- أخبرني زهير بن صالح : حَدَّثَنا أبي : حدثني أبي : حَدَّثَنا يحيى بن اليمان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : "ما كنت أتمنى من الدنيا إلا ثوبين نظيفين أجالس فيهما أبا هريرة".
214- أخبرنا يوسفُ بن موسى أن أبا عَبد الله قيل له : كيف كان عَبد الله بن سعيد بن جبير ؟ قال : ما أعلم إلا خيرًا ، أما عَبد الله فثقة.
قيل له : رُوِيَ ، عن سفيان ، عن أيوب ، قال : كانوا يعدون عَبد الله بن سعيد بن جبير أفضل من أبيه ؟.
قال أبو عَبد الله : من سفيانُ ؟ قيل له : ابنُ عيينة.
فاستحسنه.(1/312)
215- وقال الأثرم : قلتُ لأبي عَبد الله : حديث سفيان ، عن عَبد الله بن أبي السَّفر ، عن الشعبي ، قال : "ما أنا بعالمٍ [وكان] أبُوك عالمًا ، وإن أبا حصين لرجلٌ صالحٌ" رواه عنه قبيصة ؟ قال : ما سمعتُ.
216- أخبرنا الميموني : حَدَّثَنا ابن حنبل : حَدَّثَنا محمد بن جعفر وحجاج ، عن شعبة ، عن إياس بن معاوية ، قال : قال لي سعيد بن المسيب : ممن أنت ؟ قلت : من مُزينةَ. قال : إني لأذكر يوم نعى عمر بن الخطاب النعمان بن مُقَرِّن المزني.
قال أبو عَبد الله : لا أعلم روى إياس غيره.(1/313)
- في القيامة
217- أخبرني عَبد الله : حَدَّثَنا أبي : حَدَّثَنا يحيى بن سعيد ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهديِّ ، عن سلمان ، قال : "تُدْنى الشمس يوم القيامة حتى تكون قاب قوس أو قوسين ، وتُعطى حرَّ عشرِ سنين ، وليس أحدٌ منهم يومئذٍ عليه [طحرُبةٌ] لا يجدُ حرَّها مؤمن ، وأما الآخرون فإنها تَطْبُخهُْمْ ، فأما أجوافهم فتقول : غِق غِق".
218- قال أبي : وحدثنا عَبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن الشعبي : حَدَّثَنا الربيع بن خُثيم بين هاتين الساريتين : "إنَّ صاحب الدِّين مأْسورٌ بدينه يوم القيامة ، يشكو إلى الله الوحدة. يقول : يا ربِّ تعسى ليس معي شيءٌ".
أخطأ عَبد الرحمن ، إنما هو : "بعثتني".(1/314)
219- وأخبرنا زكريا بن يحيى : حَدَّثَنا أبو طالب أن أبا عَبد الله ، قال : صحَّف شعبة في حديث التيمي ، عن سلمان في بطونهم "عق عق" ، إنما هو : "غق غق".
وقال عَبد الله : قال أبي : كان شعبةُ ألثغَ ، فلا أدري صحَّف في هذا الحرف ، أو من قبل لثغته.(1/315)
- ومن غيرِ هذا الكتابِ
220- في حديث : بِرْوع بنت واشق ، وكان زوجُها أَسِنَ في بئر.
قال أبو عمر الزاهد : "بَروع" بالفتح مأخوذ من البَراعة ، والواو زائدة ، وأصحاب الحديث يقولون : "بِرْوعَ" بالكسر ، و "أَسِنَ" ، أي : أصابه دوارٌ ، يقال أسِنَ يأسن أَسَناً.
221- أخبرنا أبو الفضل مسعود بن عبيد الله بن النادر الصَّفار إجازة ، قال : قرأتُ على أبي سعد أحمد بن محمد بن علي الروزبي : أخبرك القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد الفراء ، قال : أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي : حَدَّثَنا أبو القاسم عيسى بن سليمان : حَدَّثَنا داود بن رشيد : حدثنا بقية بن الوليد ، عن عَبد الملك بن مهران ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، أن رجلاً أتى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : يا رسول الله ، إن بي الباسُورَ ، وإني أتوضأ ويسيل مني ؟ فقال "إذا توضَّأت فسال من قرنكَ إلى قدمك فلا وُضوءَ عليكَ".
قال بعض أهل العلم : الرجل الذي سأل النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عمران بن حصين.(1/316)
222- وَرُوِيَ عن الشعبي ، قال : سأل رجل محمد ابن الحنفية ، فقال له : أخبرني كيفَ بسق أبو بكر أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حتى لا يذكرَ أحدٌ من الصحابة بفضلٍ إلا قال الناس : أبو بكر ، أبو بكر ؛ أكان أكثرهم صلاةً ؟ قال : لا. قال : أفكان أكثرهم صيامًا ؟ قال : لا؛ كان أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفاضل ، كانت في أبي بكر خصال ثلاث لم تكن في واحدٍ من الصحابة :
أما الأولى : فكان إذا ذُكر الله في مجلسه ، أو ذكره هو ، اهتز كما تهتز السَّعفة ، وتضاءل إجلالاً لله ، وتعظيمًا له ، وهيبةً لذكرهِ.
وأما الثانية : فكان إذا خيِّر بين أمرين ، أحدهما فيه غناه وغنى عقبه ، والآخر لله فيه رضًا ، اختار الذي فيه للهِ رضى ، وإن كان فيه فقرُه وتلفهُ.
والثالثة : أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قُبض ، حزن الناسُ عليه ، وحزنَ أبو بكر ، فزاد حزنهُ عليه ، فما زال جسمه يذوب ويَحْرِي ، حتى لحق بالله.
بَسَقَ : طال.
وحرى : إذا نقص.(1/317)
223- وقال الخلال : أخبرني العباس بن محمد الدوري ، قال : حَدَّثَنا جعفر الطيالسي ، قال : سمعت يحيى يقول : لما قرأ علينا جرير الرازي عامة الكتب ، قال لي عليُّ بن المديني : أريد أن أسأله : كيف كان سماعه من منصور ؟ فقلت له : لا تفعل ، أكرمنا الرجل. فقال : لا بد من أن أسأله ، فقال له : كيف سمعتَ هذه الأحاديث من منصور ؟ فقال : وما سؤالك ؟ فقال : أريد أن أعلم ذاك ، فقال : لا أو تخبرني ، فقال له عليّ : سمعت عبد العزيز بن أبان يقول : سمعت سفيان ، يقول : إنما عرض جرير على منصور عرضاً ، فقال جرير : إن كان كاذبًا فسوَّد الله وجهه في الدنيا والآخرة !
كنت أتحفظ الأحاديث عن منصور عشرةً أو اثني عشر أو خمسة عشر ، ثم آتِي منصورًا ، فأسأله عنها ، فيحدثني بها ، ثم أقرأها عليه بعدُ.
سمعت منصور , يقول : ليت لي مثل حفظ هذا الغلام الضبي.
وقال عبد الله : سمعت أبي يقول : فأظنه أستُجيبَ له فيه.(1/318)
224 - أخبرنا عَبد الله، قال: سمعتُ أبي يقول: خرج سفيان من الكوفة سنة أربع وخمسين.
قال أبو نعيم: سنة خمس وخمسين، فلم يرجع إليهم، يَعني: لم يعدْ إلى الكوفة.
وقال غير عَبد الله: قال أبو عَبد الله: ومات سنة إحدى وستين بالبصرة، وكان نزل على جارٍ ليحيى، ففتح بينه وبينه بابًا، فلم يكُن يصل إليه غيره، فخاف صاحب الدار، فتحول إلى قريبٍ من عَبد الرحمن، فوصل إليه عبد الرحمن، واحتالوا لمعاذٍ وخالد بن الحارث، فأدخلوهما عليه.(1/319)
-[أصحاب الثوري سفيان بن سعيد بن مسروق]
225 - قال: وأصحاب الثوري: يحيى، ووكيع، وعبد الرحمن، وأبو نُعيم، وكان سفيان مُعجبًا بهم.
226 - قال عَبد الله: وكان أبي يقدم يحيى وعبد الرحمن في سفيان.
وقال: أبو نعيم أقل خطأ من وكيع.
وقال: يحيى من أقلِّهم سماعًا، وأثبتهم وأصحهم، ليس من أصحاب سفيان أعلى من يحيى.
ووكيع أحلى في صدري من عَبد الرحمن، وعبد الرحمن أصح حديثًا، وسمع من الثوري، يَعني: عَبد الرحمن- وهو ابن خمس عشرة، وسفيان يقربه، وقال: كان كيِّساً.
وكان ابن مهدي أكثر تصحيفًا من وكيع، ووكيع أكثر خطأ من ابن مهدي، وأقل تصحيفًا، وخالف وكيع عَبد الرحمن في نحوٍ من ستين حديثاً.
227 - قال أبو عَبد الله: قلتُ لعبد الرحمن: إن وكيعًا يخطىء أو يغلط في نحوٍ من ستين حديثًا، يخالفك فيها.(1/320)
قال: فكان عَبد الرحمن ربما حكى هذا عنِّي.
وقال: الذي حفظت أنا نحو من ستين حديثًا، وكأنه أُريَ نحوًا من مائة.
وقيل لوكيع: إن عَبد الرحمن يخالفك في مائة حديث؟ فقال وكيعٌ -وعجبَ! -: أو عدَّها علي؟!.
قال: وكان عَبد الرحمن إمامًا، وما رأيت مثلَ يحيى القطان.
228 - قال مهنا: وقلت لأحمد: أيهما أثبتُ: يحيى بن سعيد أو عَبد الرحمن؟ قال: كان يحيى ثبتًا، ولكن عَبد الرحمن أعلم بعلم الثوري.
قلت: أيهما أثبت: عَبد الرحمن أو أبو نعيم؟ قال: ما منهما إلا ثبتٌ.
229 - وقال يحيى: إذا اختلف يحيى بن سعيد ووكيع، فالقول قول يحيى.
وإن اختلف وكيع وعبد الرحمن يحتاج من يفصل بينهما.
وإن اختلف عَبد الرحمن وأبو نُعيم، يحتاج من يفصل بينهما.
قيل: فالأشجعي؟.
قال: ذاك مات ومات حديثه.
قيل: فابن المبارك؟.
قال: ذاك أمير المؤمنين، يَعني: في الحديث.(1/321)
- أصحاب الأعمش
سليمان بن مهران، مولى بني أسدٍ.
230 - قيل لأبي عَبد الله: من أحبُ إليك في حديث الأعمش؟.
قال: سفيان؛ ليس أحدٌ أعلم بالأعمش منه، روى عنه نحوًا من ألف حديث، عَبد الرحمن، يَعني ابن مهدي- روى عن سفيان، عنه نحوًا من خمس مائة حديث.
231 - وقال الحسنُ بن عياش: كنَّا نأتي الأعمش، فيحدثنا فنجيء إلى سفيان، فنعرضها عليه، فيقول: هذا من صحيح حديثه، وهذا ليس من حديثه، فنرجع إلى الأعمش، فيحدثنا كما قال الثوري.
وإن الأعمش حدث، فقيل له: إن الثوري يقول كذا وكذا خلاف ما روى، فنكَّس الأعمش رأسه -ووصفه أبو عَبد الله: وضع يدهُ على جبهته، وجعل الأعمش يهمهم، ثم رفع رأسهُ، فقال: هو كما قال سفيانُ.
وفي لفظٍ: قال الأعمش: هاه هاه، هو كذلك، مثل ما قال سفيان.
وقال: ذاكر رجل يومًا سفيان [ .... ] ويعقد بيده، ثم يطرق، ثم رفع رأسه، فقال: صدق، هو كما قال.(1/322)
232 - وقال يحيى بن سعيد: ما سمعت أنا من سفيان عن الأعمش أحبُ إلي مما سمعت من الأعمش، وما سمع عَبد الرحمن من سفيان عن الأعمش أحب إلي مما سمعت أنا من الأعمش.
233 - وقال أبو عَبد الله: أبو معاوية من أثبت أصحاب الأعمش.
قيل له: مثل سفيان؟ ,
قال: لا، سفيان في طبقة أُخرى، إن أبا معاوية يخطىء في أحاديث من أحاديث الأعمش.
234 - قال: أبو معاوية فوق شعبة -أعني في الأعمش.
قال: أبو معاوية في الكثرة وعلمه بالأعمش، وشعبة صاحبُ حديثٍ يؤدي الألفاظ والأخبار، وأبو معاوية: عن عن.
وقيل له: بعد أبي معاوية، شعبة أثبت؟.
قال: شعبة أثبت في كل شيء، وقد غلط شعبةُ في بعض ما روى عن الأعمش، وكان [زائدة] (1) من أصحِّ الناس حديثًا عن الأعمش، ما خلا الثوري. وأبو معاوية أثبتٌ في حديث الأعمشِ منه في غيره، وهو أثبت في الأعمش من جرير؛ جرير لم يكن بالضابط عن الأعمش.
_حاشية_________
(1) تصحف في المطبوع إلى [والله]، وانظر شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 717).(1/323)
235 - وسُئلَ عن الثوري وأبي معاوية في الأعمش؟ قال: أحد يتكلم بهذا؟!، أو كما قال.
وسئل عن زائدة وأبي معاوية في الأعمش؟.
قال: ولا هذا، كان أبو معاوية عنده أحاديث [ ... ] عن الأعمش، وإذا وقع في غير الأعمش جاء بأعاجيب.(1/324)
- أصحابُ إبراهيم النَّخعِّي
236 - قال مهنا: سألت أحمد: أيهما أحب إليك إذا حدث عن إبراهيم؟.
فقال: منصور.
قلت: كيف ذاك؟.
قال: بلغني أن الأعمش كان إذا حُدِّث عن أحدٍ من أصحاب إبراهيم تكلم، وإذا حدث عن منصور سكت.
قلتُ: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال: إذا حُدثت عن منصور، فلا تُرد غيره قال: نعم.
قال: وكان يحيى بن سعيد يقول: الحكم ومنصور، وكان إذا حدَّث عنهما بدأ بالحكم، وكان منصور عنده مقدَّماً.
237 - وذكر أبو عَبد الله منصورًا والأعمش، فقال: كبار أصحاب إبراهيم.
وقيل له: أي أصحاب إبراهيم أحبُ إليك؟.
قال: الحكم ومنصور، ما أقربهما.
وقال: ما في القوم أعلى من منصور، إلا أن يكون الحكم، والحكم عن إبراهيم أحبُ إلي من الأعمش عنه.(1/325)
وقيل له: إذا اختلف منصور والأعمش، عن إبراهيم، بقول من نأخذ؟.
قال بقول منصور.
انتهى ما وجدته من هذا الكتاب القيم والحمد لله رب العالمين.(1/326)
القسم المخطوط المتمم للمطبوع
238 - وقال أبو عبد الله: كان القعقاع بن يزيد ومغيرة ومُحل وشباك عميانًا
أربعتهم، وهم من بني ضبة، ومن أصحاب إبراهيم (1).
_حاشية_________
(1) روى النص عن أحمد: أبو طالب، ومن طريقه ابن عدي في الكامل (6/ 443).(1/327)
239 - قيل: كيف مغيرة عن إبراهيم؟
قال: أما ما سمع؛ فهو حسن الحفظ، ولكنه ربما حدث بالشيء عن غيره عن إبراهيم، وكان صاحب سنة، ذكيًّا حافظًا، وعامة حديثه عن إبراهيم مدخول، عامة ما روى عن إبراهيم إنما سمعه من حماد ومن يزيد بن الوليد والحارث العكلي وعن عبيدة وعن غيره، وجعل يضعف حديث مغيرة عن إبراهيم وحده (1).
_حاشية_________
(1) روى النص عن أحمد من قوله: (صاحب سنة ... ) إلى آخره: أبو حاتم الرازي "الجرح والتعديل (8/ 229)، وابنه عبد الله "العلل ومعرفة الرجال بروايته (1/ 207)، وفي روايتيهما اختلاف في التقديم والتأخير.(1/328)
240 - وحدثنا محمد بن الهيثم، حَدَّثَنا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنا حماد بن سلمة، أنه قال لابن حماد بن أبي سليمان: كلم لي أباك يحدثني، قال: فكلمه، فقال حماد: ما يأتيني أحد أثقل عليَّ منه. فكنت أقول له: قل: سمعت إبراهيم، فيقول: إن العهد قد طال بإبراهيم (1).
_حاشية_________
(1) أخرجه من طريق محمد بن الهيثم أبي الأحوص: ابن عدي في الكامل (2/ 236)، وفيه زيادة يسيرة، ونقل ما في النص نفسَهُ: المزي في "تهذيب الكمال" (7/ 276).(1/329)
241 - قيل: مغيرة أحب إليك أو حماد؟ قال: فيما روى سفيان وشعبة عن حماد؛ فحماد أحب إلي، إلا أن في حديث الآخرين عنه تخليطًا (1).
_حاشية_________
(1) روى النص عن أحمد: أبو داود في سؤالاته (338/ب)، ووقع فيه: لأن في حديث الآخرين.(1/330)
242 - قيل: أبو معشر أحب إليك أو حماد؟ قال: زعموا أن أبا معشر كان يأخذ عن حماد، إلا أن أبا معشر عند أصحاب الحديث أكبر، لأن حمادًا كان يرى الإرجاء (1).
_حاشية_________
(1) روى النص عن أحمد: أبو داود في سؤالاته (338/أ)، ووقع ذكر كون حماد أكبر وأنه كان يرى الإرجاء= من تفسير أبي داود لكلام أحمد، لا من كلامه نفسه.(1/331)
243 - واسم أبي معشر: زياد بن كُلَيب، وأحاديثه ليست بالقوية (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: مهنا "تهذيب الكمال (7/ 273).(1/332)
244 - وقال البتّي: كان حماد إذا قال برأيه أصاب، وإذا قال: قال إبراهيم، أخطأ (1).
_حاشية_________
(1) أخرجه من طريق البتي: ابن سعد في الطبقات (6/ 333)، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال -برواية عبد الله- (2/ 188)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 243).(1/333)
245 - وقال عبد الله (1) بن حبيب: سمعت أبي يقول: كان حماد يقول: قال إبراهيم: ... (2)، فقلت: والله إنك لتكذب على إبراهيم، أو إن إبراهيم مخطئ (3).
_حاشية_________
(1) وقع في الأصل: عبيد الله، وكتب في هامشه: (صوابه: عبد الله).
(2) جاءت صورة النص في الأصل: (كان حماد يقول - كان إبراهيم يقول- قال إبراهيم)، وعلق في الهامش: (قوله: " كان إبراهيم يقول " فضلة)؛ فحذفتها لذلك، وقد وقع النص صحيحًا في المصدر الذي نقلَهُ؛ كما نُبِّه في هامش الأصل.
(3) نقله عن أبي نعيم عن عبد الله بن حبيب -وهو ابن أبي ثابت-: المزي في "تهذيب الكمال" (7/ 276)، ووقع فيه: أو إن إبراهيم ليخطئ.(1/334)
فصل
246 - قال أبو عبد الله: زائدة وزهير وشعبة وسفيان ثقات، من مثلهم؟! لا تكاد تجد مثلهم (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: ابن هانئ في مسائله (2136)، ولم يُذكر في روايته شعبة، ولم يُذكر استفهام أحمد.(1/335)
247 - قال حنبل: فقلت له: زائدة وزهير يقاربان شعبة وسفيان؟ قال: بل هما مثلهما. وأما السنة؛ فلا نقدم على زائدة أحدًا.
248 - قال: وبلغني أن زائدة كان إذا بلغه أن إنسانًا ذهب إلى حسن بن صالح؛ لم يحدثه (1).
_حاشية_________
(1) جاء هذا في قصة لعلي بن الجعد مع زائدة، أخرجها من طريقه العقيلي في الضعفاء (1/ 231).(1/336)
249 - وقال: علم الناس إنما هو عن / هؤلاء، وهؤلاء أثبت الناس، وأعلم بالحديث من غيرهم (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: ابن هانئ في مسائله (2163).(1/337)
250 - وقال: مسعر وشعبة وسفيان ومالك بن أنس وزائدة وزهير أئمة، وشريك وإسرائيل وعمار بن رزيق لا يقومون مقام هؤلاء.
251 - وقال: مالك وشعبة وسفيان حجة، وكان سفيان أحفظ لأسماء الرجال، يَعني: من شعبة، وشعبة يخطئ في أسماء الرجال، وشعبة أحسن حديثًا، ثم جعل يقول في حديث شعبة، ويحسنه، فجعل لا يقدم عليه أحدًا.
252 - وقال: شعبة أكبر من سفيان بعشر سنين (1).
وقال: نظرنا فيمن سمع منهم شعبة ولم يسمع منهم سفيان؛ فإذا هم نحوٌ من ثلاثين رجلاً (2).
وجعل يقول: إذا نظرت إلى من لقيه شعبة ولقيه سفيان، شعبة قد فضله بشيء كثير.
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: ابنه عبد الله "العلل ومعرفة الرجال بروايته (2/ 348)، وإسحاق بن هانئ في مسائله (2069).
(2) روى معناه عن أحمد: إسحاق بن هانئ في مسائله (2069)، وأبو طالب "الجرح والتعديل (1/ 128، 4/ 370)، والأثرم "تاريخ بغداد (9/ 259).(1/338)
253 - وقال أيضًا: الثوري أحفظ للرجال والإسناد، وشعبة أحسن حديثًا، لم يكن في زمن شعبة مثله ولا أحسن حديثًا منه، وليس تقيس إليه رجلاً إلا كان شعبة أحسن حديثًا منه، كان قُسِمَ له من هذا حظٌّ (1).
_حاشية_________
(1) روى بعضه عن أحمد: أبو طالب "الجرح والتعديل (1/ 128، 4/ 370).(1/339)
254 - قال: وروى عن سعد بن إبراهيم فأجاد فيه، وما روى شعبة إلا عن ثقة، وكان سفيان يتجاوز، وكان يعرف ذلك، يَعني: سفيان، كان يعرف تجوزه.
255 - وقال الميموني: قلت: يا أبا عبد الله، من أكثر غلطًا، شعبة أو سفيان؟ قال: شعبة يغلط في الأسماء. قلت: وسفيان في اللفظ؟ قال: هو أقل غلطًا، ما أقل غلط سفيان. قلت: إن إنسانًا سمعته يذكر عنك أنك قلت: إن سفيان إنما يغلط في حديثين أو ثلاثة؟ قال: ومن يضبط هذا؟ ما علمت أني قلت ذا.(1/340)
256 - وقال الحسن بن الصباح الزعفراني: قلت لعفان بن مسلم: من كان
أكثر غلطًا في الحديث، سفيان أو شعبة؟ قال: شعبة بكثير.
قال الحسن: فقلت لأحمد، فقال: في أسماء الرجال (1).
_حاشية_________
(1) نقله عن الزعفراني: الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 247)، ووقع فيه أن الزعفراني سمع أحمد يسأل عفان.(1/341)
257 - وقال وكيع: قال شعبة: سفيان أحفظ مني، وما حدثني سفيان عن شيخ، فلقيت الشيخ؛ إلا وحدثني كما قال سفيان (1).
_حاشية_________
(2) أخرجه بنحوه من طريق وكيع: الترمذي في العلل الصغير (ص54).(1/342)
258 - وقال أبو عبد الله فيما إذا اختلف شعبة وسفيان في الحديث: فالقول قول سفيان؛ لأنه أقل خطأً ... (1)، ولأنه أحفظ (2).
_حاشية_________
(1) هنا كلمة بين السطرين لم أتبينها، وكأنها: وسقطًا.
(2) رواه عن أحمد: ابن هانئ في مسائله (2163)، ووقع فيه: سفيان أقل خطأ، وبقول سفيان آخذ.(1/343)
259 - وروي عن يحيى بن سعيد أنه قال: ليس أحد أحب إلي من شعبة، فإذا خالفه سفيان؛ أخذت بقول سفيان (1).
_حاشية_________
(1) أخرجه من طريق يحيى: الترمذي في العلل الصغير (ص53)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 128)، وزاد عندهما فيه: ولا يعدله عندي أحد، ولم يتم ابن أبي حاتم كلام يحيى.(1/344)
260 - قيل لأحمد: فإذا اختلف سفيان وزهير؟ قال: زهير عندي في كل شيء، ثم قال: ما خالف زهير أحدًا إلا أهمته نفسه (1).
وقال: قلَّ من خالف زهيرًا إلا قضى زهير عليه، كان زهير يتثبت في الحديث.
وزاد في سؤاله: في غير أبي إسحاق.
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد إلى هذا الموضع: أبو داود في سؤالاته (404/أ)، وفيه سقطٌ.(1/345)
261 - وقال: زائدة وزهير ثبتان في الحديث، صاحبا سنة. قيل: يا أبا عبد الله، هما عندك بمنزلة؟ قال: نعم.
وفي رواية: قال: .......... (1).
_حاشية_________
(1) خرم في آخر اللوحة بمقدار كلمة.(1/346)
262 - وسئل أحمد: من أحفظ، سفيان بن عيينة، أو سفيان الثوري؟ فقال: كان سفيان الثوري أحفظ من ابن عيينة، وأقل الناس غلطًا، وكان ابن عيينة حافظًا، إلا أنه في حديث الكوفيين له غلط كثير. قيل: زعم فلان أن سفيان بن عيينة كان أحفظهما؟ فضحك، ثم قال: فلان كان حسن الرأي في ابن عيينة، فمن ثَمّ (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: الفضل بن زياد، وعنه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 163و164)، وزاد فيه، بعد ذكر غلط ابن عيينة في حديث الكوفيين: وقد غلط في حديث الحجازيين في أشياء.(1/347)
263 - وسئل: من أكثر غلطًا عندك، شعبة أو مالك؟ فذكر شعبةَ بالغلط على مالك، وقال: ما أقل خطأ مالك.
264 - وذكر سفيانَ بن عيينة، فقال: هو أكثر غلطًا من شعبة.
265 - وقال: شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام شيء واحد، ثقات، إلا أن شعبة كان
صاحب إسناد، يوقف المشايخ، ويطلب الإسناد.
266 - وسئل عن هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة؟ فقال: وأي شيء يشبه سعيدٌ هشامًا؟! إنما كان هشام شيخًا فيما يروي، وسعيد كان محدث البصرة.(1/348)
267 - وقال عبد الصمد بن سليمان: سمعت أحمد يقول: ما رأيت أحفظ من وكيع، وكفاك بعبد الرحمن إتقانًا، وما رأيت أروى من غير محاباة ولا أشد تثبتًا في أمر الرجال من يحيى بن سعيد، وأبو نعيم أقل الأربعة خطأ، قلت: يا أبا عبد الله، يُعطَى ويأخذ (1)؟ فقال: أبو نعيم عندي صدوق ثقة موضع الحجة في الحديث (2).
_حاشية_________
(1) جاءت صورتها في الأصل: (يعطى واخذ)، وكأن الياء انقطعت بسبب التصوير أو غيره، وجاء في المصدر الذي نقل النص: (يعطى فيأخذ).
(2) أخرجه من طريق عبد الصمد: البيهقي -ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 73)، ولم يذكر فيه قول عبد الصمد: يعطى ... ، وذكره المزي في نقله هذا النص في "تهذيب الكمال" (23/ 208، و30/ 473) فاختصره أيضًا.(1/349)
268 - وقال: إنما رفع الله عفان وأبا نعيم بالصدق، حتى نوه بذكرهما (1)، وقال: ذهبا محمودَيْن (2).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: المروذي "تهذيب الكمال (23/ 207).
(2) رواه عن أحمد: مهنا "تهذيب الكمال (23/ 207).(1/350)
269 - وذُكر عنده أبو نعيم، فأثنى عليه، وقال: قام في أمر الامتحان بما لم يقم به غيره، عافاه الله (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: الميموني وأبو الحارث "تهذيب الكمال (23/ 208)، وفي نص الميموني زيادات.(1/351)
270 - وقال: انتهى العلم إلى أربعة: إلى عبد الله بن المبارك، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، فأما عبد الله بن المبارك؛ فأجمعهم، وأما وكيع؛ فأسردهم، وأما يحيى؛ فأتقنهم، وأما عبد الرحمن؛ فجهْبِذٌ (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: عبد الصمد بن سليمان "سير أعلام النبلاء (9/ 188).(1/352)
271 - قيل: فإذا اختلف يحيى بن سعيد وابن المبارك، بأيهما تأخذ؟ قال: بقول يحيى (1).
_حاشية_________
(1) روى معناه عن أحمد: سهل بن صالح، ومن طريقه الخليلي في الإرشاد "منتخبه (2/ 508) -.(1/353)
272 - قيل: أيما أثبت عندك، وكيع أو يزيد، يَعني: ابن هارون؟ قال: ما منهما -بحمد الله- إلا ثبت، إلا أن يزيد قد روى عن نحوٍ من خمسين شيخًا لم يرو عنهم وكيع، قيل: فأيهما أصلح عندك في الأبدان؟ قال: ما منهما -بحمد الله- إلا كل، إلا أن وكيعًا لم يتلطخ بالسلطان (1).
_حاشية_________
(1) "الجرح والتعديل" (9/ 38)، و"تهذيب الكمال" (30/ 471).(1/354)
273 - قيل: فعبد الرحمن ووكيع؟ قال: قد روى وكيع عن نحو خمسين شيخًا لم يرو عنهم عبد الرحمن، وما رأيت أحدًا أوعى للعلم من وكيع، ولا أشبه بأهل النسك، وكان عبد الرحمن له توقٍّ حسن (1).
_حاشية_________
(1) "الجرح والتعديل" (1/ 153، 5/ 289).(1/355)
274 - قيل: فحفص وابن أبي زائدة ووكيع؟ فقال: وكيع أطيب (1) هؤلاء، لا تقرنه إليهم في الحديث.
_حاشية_________
(1) كذا في الأصل، ويحتمل فيها: أطلب.(1/356)
275 - وسئل عن يحيى وعبد الرحمن؟ فقال: كان عبد الرحمن فقيهًا، وكان يحيى أعرف بالرجال منه، ولم يكن عنده ما كان عند عبد الرحمن، كان عبد الرحمن جالس مالكًا بالمدينة وابن أبي ذئب.
276 - وكان سليمان بن حرب يتفقه، نظر في قول البصريين: الحسن ومحمد.
277 - وقال إسحاق بن راهويه: قلت لأحمد: من ترى أن أجالس؟ قال: عبد الرحمن بن مهدي، قلت: فإن فاتني؟ قال: سليمان بن حرب.(1/357)
278 - قيل لأحمد: يجري ابن فضيل عندك مجرى عبيد الله بن موسى؟ قال: لا، ابن فضيل أستر، وكان عبيد الله صاحب تخليط، روى أحاديث سوء.
قيل: فأبو نعيم يجري مجراهما؟ قال: لا، أبو نعيم كان يقظان في الحديث، وقام في أمر الامتحان (1).
_حاشية_________
(1) رواه عن أحمد: الفضل بن زياد، وعنه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 173).(1/358)
279 - أخبرنا المروذي، أن أبا عبد الله قال: كان بالبصرة ثلاثة يأخذون الحديث بإتقان، مستثبتين: بهز بن أسد، وعفان بن مسلم، وحبان بن هلال.
قال لنا عفان: كنت صفارًا، فكنت أحيانًا أجيء إلى السوق، فأتجر، ثم أذهب فأكتب، وكان بهز معلمًا، وحبان لا أدري ما كان يعمل، وكان عفان أكثرهم كتابًا.
وقال: كان هؤلاء الثلاثة أصحاب حفظ للحديث، وتقييد وشكل.
وقال بشار الخفاف يومًا عند أحمد: هؤلاء الثلاثة ثبت في الحديث، وأثبتهم بهز ثم عفان ثم حبان، فقال أحمد: ما صنعت شيئًا، أثبتهم عفان ثم بهز، وقال: هؤلاء كانوا يوقفون الشيخ على الأخبار.
قيل: فإذا اختلفوا في الحديث، يرجع إلى قول مَن منهم؟ قال: إلى قول عفان، هو في نفسي أكثر، وبهز أفضل، إلا أن عفان أضبط للأسامي.(1/359)
280 - وقال عفان: ما سمعت حديثًا من أحد قط إلا قرأته عليه، إلا شعبة.
281 - وقال إبراهيم بن الحسن: أخرج إلي عفان كتابًا من أصله، فجعله في حجره، فجعل يقرأ علي، فنظرت فيه؛ فرأيت خطًّا جليلاً، وإذا قد قيَّد كل حرف كما حدثنا.(1/360)
282 - وقال أحمد: كان أصحاب الحديث ببغداد: أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة، والهيثم بن جميل، وأبو كامل، وكان الهيثم أحفظ الثلاثة، وكان أبو كامل أتقن للحديث منهم، وكان بصيرًا بالحديث متقنًا يشبه الناس، لا يتكلم إلا أن يسأل فيجيب أو يسكت، له عقل سديد، وأبو سلمة الخزاعي كان من أبصر الناس بأيام الناس، لا تسأله عن أحد إلا جاءك بمعرفته، وكان يتفقه، وهؤلاء (1) الثلاثة كان لهم بصر بالحديث والرجال، ولم يكتبوا إلا عن الثقات (2).
_حاشية_________
(1) غير واضحة؛ للخرم في آخر اللوحة، وما أُثبت هو الأنسب للسياق، والأقرب لما ظهر من الرسم.
(2) رواه بنحوه عن أحمد: الفضل بن زياد "المعرفة والتاريخ" 2/ 180، وابنه عبد الله "العلل ومعرفة الرجال" 1/ 493 و3/ 72، وأبو طالب "تهذيب الكمال" 28/ 99
هذا آخر اللوحتين، والحمد لله رب العالمين.(1/361)