متن بداية المبتدى في فقه الإمام أبي حنيفة
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الطهارة
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
الآية ففرض الطهارة غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس والمرفقان والكعبان يدخلان في الغسل والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية وهو ربع الرأس وسنن الطهارة غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء إذا استيقظ المتوضىء من نومه وتسمية الله تعالى في ابتداء الوضوء والسواك والمضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين وتخليل اللحية وتخليل الأصابع وتكرار الغسل إلى الثلاث ويستحب للمتوضىء أن ينوي الطهارة ويستوعب رأسه بالمسح ويرتب الوضوء فيبدأ بما بدأ الله تعالى بذكره وبالميامن فصل في نواقض الوضوء المعاني الناقضة للوضوء كل ما يخرج من السبيلين والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا الى موضع يلحقه حكم التطهير والقيء ملء الفم وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء فان قاء بلغما فغير ناقض ولو قاء دما وهو علق يعتبر فيه ملء الفم لأنه سوداء محترقة ولو نزل إلى مالان من الأنف نقض بالاتفاق والنوم مضطجعا أو متكئا أو مستندا إلى شيء لو أزيل لسقط والغلبة على العقل بالاغماء والجنون والقهقهة في كل صلاة ذات ركوع وسجود والدابة تخرج من الدبر ناقضة فان خرجت من رأس الجرح أو سقط اللحم لا تنقض فان قشرت(1/1)
نفطة فسال منها ماء أو صديد أو غيره إن سال عن رأس الجرح نقض وإن لم يسل لا ينقض فصل في الغسل وفرض الغسل المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن وسننه أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل نجاسة إن كانت على بدنه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى عن ذلك المكان فيغسل رجليه وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول الشعر والمعاني الموجبة للغسل أنزل المني على وجه الدفق والشهوة من الرجل والمرأة حالة النوم واليقظة والتقاء الختانين من غير إنزال والحيض والنفاس وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام وليس في المذي والودى غسل وفيهما الوضوء باب الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز الطهارة من الاحداث جائزة بماء السماء والأودية والعيون والآبار والبحار ولا يجوز بما اعتصر من الشجر والثمر ولا يجوز بماء غلب عليه غيره فأخرجه عن طبع الماء كالأشربة والخل وماء الباقلا والمرق وماء الورد وماء الزردج وتجوز الطهارة بماء خالطه شيء طاهر فغير أحد أوصافه كماء المد والماء الذي اختلط به اللبن أو الزعفران أو الصابون أو الاشنان فان تغير بالطبخ بعد ما خلط به غيره لا يجوز التوضىء به وكل ماء وقعت فيه النجاسة لم يجز الوضوء به قليلا كانت النجاسة أو كثيرا والماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة جاز الوضوء منه إذا لم ير لها أثر لأنها لا تستقر(1/2)
مع جريان الماء والغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيه جاز الوضوء من الجانب الآخر لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل اليه وموت ما ليس له نفس سائلة في الماء لا ينجسه كالبق والذباب والزنابير والعقرب ونحوها وموت ما يعيش في الماء فيه لا يفسده كالسمك والضفدع والسرطان والماء المستعمل لا يجوز استعماله في طهارة الاحداث والماء المستعمل هو ماء أزيل به حدث أو استعمل في البدن على وجه القربة وكل أهاب دبغ فقد طهر وجازت الصلاة فيه والوضوء منه إلا جلد الخنزير والآدمي وشعر الميتة وعظمها طاهر وشعر الانسان وعظمه طاهر فصل في البئر وإذا وقعت في البئر نجاسة نزحت وكان نزح ما فيها من الماء طهارة لها فان وقعت فيها بعرة أو بعرتان من بقر الابل أو الغنم لم تفسد الماء فان وقع فيها خرء الحمام أو العصفور لا يفسده فان بالت فيها شاة نزح الماء كله عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا ينزح إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا وإن ماتت فيها فأرة أو عصفورة أو صعوة أو سودانية أو سام أبرص نزح منها ما بين عشرين دلوا الى ثلاثين بحسب كبر الدلو وصغرها فان ماتت فيها حمامة أو نحوها كالدجاجة والسنور نزح منها ما بين أربعين دلوا الى ستين وفي الجامع الصغير أربعون أو خمسون وان ماتت فيها شاة أو آدمي أو كلب نزح جميع ما فيها من الماء فان انتفخ الحيوان فيها أو تفسخ نزح جميع ما فيها صغر الحيوان أو كبر وإن كانت البئر معينا لا يمكن نزحها أخرجوا مقدار ما كان فيها من الماء وإن وجدوا في البئر فأرة أو غيرها ولا يدري متى وقعت ولم تنتفخ ولم تتفسخ أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضؤا منها(1/3)
وغسلوا كل شيء أصابه ماؤها وإن كانت قد انتفخت أو تفسخت أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها وهذا عند أبي حنيفة وقالا ليس عليهم إعادة شيء حتى يتحققوا متى وقعت فصل في الأسآر وغيرها وعرق كل شيء معتبر بسؤره وسؤر الآدمي وما يؤكل لحمه طاهر وسؤر الخنزير نجس وسؤر سباع البهائم نجس وسؤر الهرة طاهر مكروه والدجاجة المخلاة وسباع الطير وما يسكن البيوت كالحية والفأرة مكروه وسؤر الحمار والبغل مشكوك فيه فان لم يجد غيرهما يتوضأ بهما ويتيمم ويجوز أيهما قدم وسؤر الفرس طاهر عندهما وكذا عنده في الصحيح فان لم يجد إلا نبيذ التمر قال أبو حنيفة رحمه الله يتوضأ به ولا يتيمم باب التيمم ومن لم يجد ماء وهو مسافر أو خارج المصر بينه وبين المصر نحو ميل أو أكثر يتيمم بالصعيد ولو كان يجد الماء إلا أنه مريض يخاف ان استعمل الماء اشتد مرضه يتيمم ولو خاف الجنب ان اغتسل أن يقتله البرد أو يمرضه يتيمم بالصعيد والتيمم ضربتان يمسح باحداهما وجهه وبالأخرى يديه الى المرفقين والحدث والجنابة فيه سواء ويجوز التيمم عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى بكل ما كان من جنس الأرض كالتراب والرمل والحجر والجص والنورة والكحل والزرنيخ وقال أبو يوسف لا يجوز إلا بالتراب والرمل ثم لا يشترط أن يكون عليه غبار عند أبي حنيفة رحمه الله وكذا يجوز بالغبار مع القدرة على الصعيد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله والنية فرض في التيمم ثم إذا نوى الطهارة أو استباحة الصلاة اجزأه ولا يشترط نية التيمم للحدث أو للجنابة فان تيمم نصراني يريد به الاسلام ثم(1/4)
أسلم لم يكن متيمما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله هو متيمم وإن توضأ لا يريد به الإسلام ثم أسلم فهو متوضى فان تيمم مسلم ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم فهو على تيممه وينقض التيمم كل شيء ينقض الوضوء وينقضه أيضا رؤية الماء إذا أقدر على استعماله ولا يتيمم إلا بصعيد طاهر ويستحب لعادم الماء وهو يرجوه أن يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت فإن وجد الماء توضأ وإلا تيمم وصلى ويصلى بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل ويتيمم الصحيح في المصر إذا حضرت جنازة والولي غيره فخاف أن اشتغل بالطهارة أن تفوته الصلاة وكذا من حضر العيد فخاف إن اشتغل بالطهارة أن يفوته العيد يتيمم وإن أحدث الإمام أو المقتدى في صلاة العيد تيمم وبنى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا يتيمم ولا يتيمم للجمعة وإن خاف الفوت لو توضأ فإن أدرك الجمعة صلاها وإلا صلى الظهر أربعا وكذا إذا خاف فوت الوقت لو توضأ لم يتيمم ويتوضأ ويقضي ما فاته والمسافر إذا نسي الماء في رحله فتيمم وصلى ثم ذكر الماء لم يعدها عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعيدها وليس على المتيمم طلب الماء إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء وإن غلب على ظنه أن هناك ماء لم يجز له أن يتيمم حتى يطلبه وإن كان مع رفيقه ماء طلب منه قبل أن يتيمم ولو تيمم قبل الطلب أجزأه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو أبى أن يعطيه إلا بثمن المثل وعنده ثمنه لا يجزئه التيمم باب المسح على الخفين المسح على الخفين جائز بالسنة ويجوز من كل حدث موجب للضوء إذا لبسهما على طهارة كاملة ثم أحدث ويجوز للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام(1/5)
ولياليها وابتداؤها عقب الحدث والمسح على ظاهرهما خطوطا بالأصابع يبدأ من قبل الأصابع إلى الساق وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير يبين منه قدر ثلاث أصابع من أصابع الرجل فإن كان أقل من ذلك جاز ولا يجوز المسح لمن وجب عليه الغسل وينقض المسح كل شيء ينقض الوضوء وينقضه أيضا نزع الخف وكذا نزع أحدهما وكذا مضي المدة وإذا تمت المدة نزع خفيه وغسل رجليه وصلى وليس عليه إعادة بقية الوضوء ومن ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة مسح ثلاثة أيام ولياليها ولو أقام وهو مسافر إن استكمل مدة الإقامة نزع وإن لم يستكمل أتمها ومن لبس الجرموق فوق الخف مسح عليه ولا يجوز المسح على الجوربين عند أبي حنيفة إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين وقالا يجوز إذا كانا ثخينين لا يشفان ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة والبرقع والقفازين ويجوز المسح على الجبائر وإن شدها على غير وضوء وإن سقطت الجبيرة عن غير برء لا يبطل المسح وإن سقطت عن برء بطل باب الحيض والاستحاضة أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها وما نقص من ذلك فهو استحاضة وأكثره عشرة أيام ولياليها والزائد استحاضة وما تراه المرأة من الحمرة والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وقال أبو يوسف رحمه الله لا تكون الكدرة حيضا إلا بعد الدم والحيض يسقط عن الحائض الصلاة ويحرم عليها الصوم وتقضى الصوم ولا تقضي الصلاة ولا تدخل المسجد ولا تطوف بالبيت ولا يأتيها زوجها وليس للحائض والجنب والنفساء قراءة القرآن وليس لهم مس المصحف إلا بغلافه ولا أخذ درهم فيه سورة من القرآن إلا بصرته وكذا المحدث لا يمس المصحف إلا بغلافه(1/6)
وإذا انقطع دم الحيض لأقل من عشرة أيام لم يحل وطؤها حتى تغتسل ولو لم تغتسل ومضى عليها أدنى وقت الصلاة بقدر أن تقدر على الاغتسال والتحريمة حل وطؤها ولو كان انقطع الدم دون عادتها فوق الثلاث لم يقربها حتى تمضي عادتها وإن اغتسلت وإن انقطع الدم لعشرة أيام حل وطؤها قبل الغسل والطهر إذا تخلل بين الدمين في مدة الحيض فهو كالدم المتوالي وأقل الطهر خمسة عشر يوما ولا غاية لأكثره ودم الاستحاضة كالرعاف الدائم لا يمنع الصوم ولا الصلاة ولا الوطء ولو زاد الدم على عشرة أيام ولها عادة معروفة دونها ردت إلى أيام عادتها والذي زاد استحاضة فصل والمستحاضة ومن به سلس البول والرعاف الدائم والجرح الذي لا يرقأ يتوضؤن لوقت كل صلاة فيصلون بذلك الوضوء في الوقت ما شاءوا من الفرائض والنوافل وإذا خرج الوقت بطل وضوءهم واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى فإن توضؤا حين تطلع الشمس أجزأهم عن فرض الوقت حتى يذهب وقت الظهر فصل في النفاس النفاس هو الدم الخارج عقب الولادة والدم الذي تراه الحامل ابتداء أو حال ولادتها قبل خروج الولد استحاضة والسقط الذي استبان بعض خلقه ولد وأقل النفاس لا حد له وأكثره أربعون يوما والزائد عليه استحاضة فإن جاوز الدم الأربعين وقد كانت ولدت قبل ذلك ولها عادة في النفاس ردت إلى أيام عادتها وإن لم تكن لها عادة فابتداء نفاسها أربعون يوما فإن ولدت ولدين في بطن واحد فنفاسها من الولد الأول عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وأن كان بين الولدين أربعون يوما وقال محمد رحمه الله من الولد الأخير(1/7)
باب الأنجاس وتطهيرها تطهير النجاسة واجب من بدن المصلي وثوبه والمكان الذي يصلي عليه ويجوز تطهيرها بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به كالخل وماء الورد ونحو ذلك بما إذا عصر انعصر وإذا أصاب الخف نجاسة لها جرم كالروث والعذرة والدم والمني فجفت فدلكه بالأرض جاز وقال محمد رحمه الله لا يجوز إلا في المنى خاصة وفي الرطب لا يجوز حتى يغسله فإن أصابه بول فيبس لم يجز حتى يغسله والثوب لا يجزى فيه إلا الغسل وإن يبس والمنى نجس يجب غسله إن كان رطبا فإذا جف على الثوب أجزأ فيه الفرك والنجاسة إذا أصابت المرآة أو السيف اكتفى بمسحهما وإن أصابت الأرض نجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها جازت الصلاة على مكانها ولا يجوز التيمم به وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاجة وبول الحمار جازت الصلاة معه وإن زاد لم تجز وإن كانت مخففة كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معه حتى يبلغ ربع الثوب وإذا أصاب الثوب من الروث أو من أخثاء البقر أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة فيه عند أبي حنيفة وقالا يجزئه حتى يفحش وإن أصابه بول الفرس لم يفسده حتى يفحش عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وعند محمد رحمه الله لا يمنع وإن فحش وإن أصابه خرء مالا يؤكل لحمه من الطيور أكثر من قدر الدرهم جازت الصلاة فيه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا تجوز وإن أصابه من دم السمك أو من لعاب البغل أو الحمار أكثر من قدر الدرهم أجزأت الصلاة فيه فإن انتضح عليه البول مثل رؤس الأبر فذلك ليس بشيء(1/8)
والنجاسة ضربان مرئية وغير مرئية فما كان منها مرئيا فطهارته بزوال عينها إلا أن يبقى من أثرها ما يشق إزالته ومال ليس بمرئي فطهارته أن يغسل حتى يغلب على ظن الغاسل أنه قد طهر فصل في الاستنجاء الاستنجاء سنة ويجوز فيه الحجر وما قام مقامه يمسحه حتى ينقيه وليس فيه عدد مسنون وغسله بالماء أفضل ولو جاوزت النجاسة مخرجها لم يجز فيه إلا الماء ولا يستنجى بعظم ولا بروث ولا بطعام ولا بيمينه كتاب الصلاة باب المواقيت أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق وآخر وقتها مالم تطلع الشمس وأول وقت الظهر إذا زالت الشمس وآخر وقتها عند أبي حنيفة رحمه الله إذا صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وقالا إذا صار الظل مثله وأول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر على القولين وآخر وقتها ما لم تغرب الشمس وأول وقت المغرب إذا غربت الشمس وآخر وقتها مالم يغب الشفق ثم الشفق هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما هو الحمرة وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق وآخر وقتها مالم يطلع الفجر الثاني وأول وقت الوتر بعد العشاء وآخره ما لم يطلع الفجر فصل ويستحب الأسفار بالفجر والإبراد بالظهر في الصيف وتقديمه في الشتاء وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الصيف والشتاء وتعجيل المغرب(1/9)
وتأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل ويستحب في الوتر لمن يألف صلاة الليل أن يؤخر الوتر إلى آخر الليل فإن لم يثق بالانتباه أوتر قبل النوم فإذا كان يوم غيم فالمستحب في الفجر والظهر والمغرب تأخيرها وفي العصر والعشاء تعجيلها فصل في الأوقات التي تكره فيها الصلاة لا تجوز الصلاة عند طلوع الشمس ولا عند قيامها في الظهيرة ولا عند غروبها ولا صلاة جنازة ولا سجدة تلاوة إلا عصر يومه عند الغروب ويكره أن يتنفل بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب ولا بأس بأن يصلي في هذين الوقتين الفوائت ويسجد للتلاوة ويصلي على الجنازة ويكره أن يتنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر ولا يتنفل بعد الغروب قبل الفرض ولا إذا خرج الإمام للخطبة يوم الجمعة إلى إلى أن يفرغ من خطبته باب الأذان الأذان سنة للصلوات الخمس والجمعة دون ما سواها وصفة الأذان معروفة ولا ترجيع فيه ويزيد في أذان الفجر بعد الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين والإقامة مثل الأذان إلا أنه يزيد فيها بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين ويترسل في الأذان ويحدر في الإقامة ويستقبل بهما القبلة ويحول وجهه للصلاة والفلاح يمنة ويسرة وإن استدار في صومعته فحسن مع ثبات قدميه والأفضل للمؤذن أن يجعل أصبعيه في أذنيه فإن لم يفعل فحسن والتثويب في الفجر حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الأذان والإقامة حسن وكره في سائر الصلوات ويجلس بين الأذان والإقامة إلا في المغرب وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة قال يعقوب رأيت أبا حنيفة رحمه الله يؤذن في المغرب ويقيم ولا يجلس بين الأذان والإقامة ويؤذن للفائتة ويقيم(1/10)
فإن فاته صلوات أذن للأولى وأقام وكان مخيرا في الباقي إن شاء إذن وأقام وإن شاء اقتصر على الإقامة وينبغي أن يؤذن ويقيم على طهر فإن أذن على غير وضوء جاز ويكره أن يقيم على غير وضوء ويكره أن يؤذن وهو جنب وفي الجامع الصغير إذا أذن على غير وضوء وأقام لا يعيد والجنب أحب إلى أن يعيد ولو لم يعد أجزأه وكذلك المرأة تؤذن ولا يؤذن لصلاة قبل دخول وقتها ويعاد في الوقت وقال أبو يوسف يجوز للفجر في النصف الأخير من الليل والمسافر يؤذن ويقيم فإن تركهما جميعا يكره فإن صلى في بيته في المصر يصلي بأذان وإقامة وإن تركهما جاز باب شروط الصلاة التي تتقدمها يجب على المصلي أن يقدم الطهارة من الأحداث والإنجاس على ما قدمناه ويستر عورته وعورة الرجل ما تحت السرة إلى الركبة والركبة من العورة وبدن الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها فإن صلت وربع ساقها مكشوف أو ثلثها تعيد الصلاة وإن كان أقل من الربع لا تعيد وقال أبو يوسف رحمه الله لا تعيد إن كان أقل من النصف وفي النصف عنه روايتان والشعر والبطن والفخذ كذلك وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة وبطنها وظهرها عورة وما سوى ذلك من بدنها ليس بعورة ولو لم يجد ما يزيل به النجاسة صلى معها ولم يعد ومن لم يجد ثوبا صلى عريانا قاعدا يومىء بالركوع والسجود فإن صلى قائما اجزأه إلا أن الأول أفضل وينوي الصلاة التي يدخل فيها بنية لا يفصل بينها وبين التحريمة بعمل وإن كان مقتديا بغيره ينوي الصلاة ومتابعته ويستقبل القبلة ومن كان خائفا يصلي إلى أي جهة قدا فإن اشتبهت عليه القبلة وليس بحضرته من يسأله عنها اجتهد وصلى فإن علم أنه أخطأ بعد ما صلى لا يعيدها وإن علم ذلك في الصلاة استدار إلى القبلة وبنى عليه ومن أم قوما في ليلة مظلمة فتحرى القبلة وصلى إلى المشرق وتحرى من(1/11)
خلفه فصلى كل واحد منهم إلى جهة وكلهم خلفه ولا يعلمون ما صنع الإمام أجزأهم ومن علم منهم بحال إمامه تفسد صلاته وكذا لو كان متقدما على الإمام باب صفة الصلاة فرائض الصلاة ستة التحريمة والقيام والقراءة والركوع والسجود والقعدة في أخر الصلاة مقدار التشهد وما سوى ذلك فهو سنة وإذا شرع في الصلاة كبر ويرفع يديه مع التكبير وهو سنة ويرفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه شحمة أذنيه والمرأة ترفع يديها حذاء منكبيها فإن قال بدل التكبير الله أجل أو أعظم أو الرحمن أكبر أو لا إله إلا الله أو غيره من أسماء الله تعالى أجزأه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف إن كان يحسن التكبير لم يجزه إلا قوله الله أكبر أو الله الأكبر أو الله الكبير فإن افتتح الصلاة بالفارسية أو قرأ فيها بالفارسية أو ذبح وسمى بالفارسية وهو يحسن العربية أجزأه عند أبي حنيفة وقالا لا يجزئه في الذبيحة وإن لم يحسن العربية أجزأة وإن افتتح الصلاة باللهم اغفر لي لا تجوز ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى تحت السرة ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك إلى أخره ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويسر بهما ثم يقرأ فاتحة الكتاب وسورة أو ثلاث آيات من أي سورة شاء وإذا قال الإمام ولا الضالين قال آمين ويقولها المؤتم ويخفونها ثم يكبر ويركع ويحذف التكبير حذفا ويعتمد بيديه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه ويبسط ظهره ولا يرفع رأسه ولا ينكسه ويقول سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه ثم يرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ويقول المؤتم ربنا لك الحمد ولا يقولها الإمام عند أبي حنيفة وقالا يقولها في نفسه والمنفرد يجمع بينهما في الأصح ثم إذا استوى قائما كبر وسجد ويعتمد بيديه على الأرض ووضع وجهه بين كفيه ويديه حذاء(1/12)
أذنيه وسجد على أنفه وجبهته فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر فإن سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه جاز ويبدي ضبعيه ويجافي بطنه عن فخذيه ويوجه أصابع رجليه نحو القبلة ويقول في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه والمرأة تنخفض في سجودها وتلزق بطنها بفخذيها ثم يرفع رأسه ويكبر فإذا اطمأن جالسا كبر وسجد فإذا اطمأن ساجدا كبر واستوى قائما على صدور قدميه ولا يقعد ولا يعتمد بيديه على الأرض ويفعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الركعة الأولى إلا أنه لا يستفتح ولا يتعوذ ولا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية افترش رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى نصبا ووجه أصابعه نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه وتشهد فإن كانت امرأة جلست على إليتها اليسرى وأخرجت رجلها من الجانب الأيمن والتشهد التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي إلى آخره ولا يزيد على هذا في القعدة الأولى ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وحدها وجلس في الأخيرة كما جلس في الأولى وتشهد وصلى على النبي عليه السلام ودعا بما شاء مما يشبه ألفاظ القرآن والأدعية المأثورة ولا يدعو بما يشبه كلام الناس ثم يسلم عن يمينه فيقول السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره مثل ذلك وينوي بالتسليمة الأولى من على يمينه من الرجال والنساء والحفظة وكذلك في الثانية ولا بد للمقتدي من نية إمامه فإن كان الإمام من الجانب الأيمن أو الأيسر نواه فيهم والمنفرد ينوي الحفظة لا غير والإمام ينوي بالتسليمتين فصل في القراءة ويجهر بالقراءة في الفجر وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن كان إماما ويخفي في الأخريين وإن كان منفردا فهو مخير إن شاء جهر وأسمع نفسه وإن(1/13)
شاء خافت ويخفيها الإمام في الظهر والعصر وإن كان بعرفة ويجهر في الجمعة والعيدين ومن فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر وإن كان وحده خافت حتما ولا يتخير هو الصحيح ومن قرأ في العشاء في الأوليين السورة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الأخريين وإن قرأ الفاتحة ولم يزد عليها قرأ في الآخريين الفاتحة والسورة وجهر ويجهر بهما وأدنى ما يجزىء من القراءة في الصلاة آية عند أبي حنيفة وقالا ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وفي السفر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب وفي الظهر مثل ذلك والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل ويطيل الركعة الأولى من الفجر على الثانية وركعتا الظهر سواء وليس في شيء من الصلوات قراءة سورة بعينها ويكره أن يوقت بشيء من القرآن لشيء من الصلوات ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام ويستمع وينصت وإن قرأ الإمام آية الترغيب والترهيب وكذلك في الخطبة وكذلك أن صلى على النبي عليه السلام باب الإمامة الجماعة سنة مؤكدة وأولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة فإن تساووا فأقرؤهم فإن تساووا فأورعهم فإن تساووا فأسنهم ويكره تقديم العبد والأعرابي والفاسق والأعمى وولد الزنى وإن تقدموا جاز ولا يطول الإمام بهم الصلاة ويكره للنساء أن يصلين وحدهن الجماعة وإن فعلن قامت الإمام وسطهن ومن صلى مع واحد أقامه عن يمينه وإن أم اثنين تقدم عليهما ولا يجوز للرجال أن يقتدوا بامرأة أو صبي ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء وإن حاذته امرأة وهما مشتركان في صلاة واحدة فسدت صلاته وإن نوى الإمام أمامتها وإن لم ينو إمامتها لم تضره ولا تجوز صلاتها ومن شرائط المحاذاة أن تكون الصلاة مشتركة وإن(1/14)
تكون مطلقة وأن تكون المرأة من أهل الشهوة وإلا يكون بينهما حائل ويكره لهن حضور الجماعات ولا بأس للعجوز أن تخرج في الفجر والمغرب والعشاء عند أبي حنيفة وقالا يخرجن في الصلوات كلها ولا يصلي الطاهر خلف من هو في معنى المستحاضة ولا الطاهرة خلف المستحاضة ولا القارىء خلف الأمي ولا المكتسى خلف العاري ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين ويؤم الماسح الغاسلين ويصلي القائم خلف القاعد ويصل المومىء خلف مثله ولا يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومىء ولا يصلي المفترض خلف المتنفل ولا من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر ويصلي المتنفل خلف المفترض ومن اقتدى بإمام ثم علم أن إمامه محدث أعاد وإذا صلى أمي بقوم يقرأون وبقوم أميين فصلاتهم فاسدة عند أبي حنيفة وقالا صلاة الإمام ومن لم يقرأ تامة ولو كان يصلي الأمي وحده والقارىء وحده جاز فإن قرأ الإمام في ألأوليين ثم قدم في الأخريين أميا فسدت صلاتهم باب الحدث في الصلاة ومن سبقه الحدث في الصلاة انصرف فإن كان إماما استخلف وتوضأ وبنى والاستئناف أفضل والمنفرد إن شاء أتم في منزله وإن شاء عاد إلى مكانه والمقتدى يعود إلى مكانه إلا أن يكون إمامه قد فرغ أولا يكون بينهما حائل ومن ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث استقبل الصلاة وإن لم يكن خرج من المسجد يصلي ما بقي وإن جن أو نام فاحتلم أو أغمى عليه استقبل وإن حصر الإمام عن القراءة فقدم غيره أجزأهم عند أبي حنيفة وقالا لا يجزئهم ولو قرأ مقدار ما تجوز به الصلاة لا يجوز الاستخلاف بالإجماع وإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمد الحدث في هذه الحالة أو تكلم أو عمل عملا ينافي الصلاة تمت صلاته فإن رأى المتيمم الماء في صلاته بطلت فإن رآه بعد ما قعد قدر التشهد أو كان ماسحا فانقضت مدة مسحه أو خلع خفيه بعمل يسير أو كان أميا فتعلم سورة(1/15)
أو عريانا فوجد ثوبا أو مومئا فقدر على الركوع والسجود أو تذكر فائتة عليه قبل هذه أو أحدث الإمام القارىء فاستخلف أميا أو طلعت الشمس في الفجر أو دخل وقت العصر وهو في الجمعة أو كان ماسحا على الجبيرة فسقطت عن برء أو كان صاحب عذر فانقطع عذره كالمستحاضة ومن بمعناها بطلت صلاته في قول أبي حنيفة وقال تمت صلاته ومن اقتدى بإمام بعدما صلى ركعة فأحدث الإمام فقدمه أجزأه فلو تقدم يبتدىء من حيث انتهى إليه الإمام وإذا انتهى إلى السلام يقدم مدركا يسلم بهم فلو أنه حين أتم صلاة الإمام قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم أو خرج من المسجد فسدت صلاته وصلاة القوم تامة والإمام الأول إن كان فرغ لا تفسد صلاته وإن لم يفرغ تفسد فإن لم يحدث الإمام الأول وقعد قدر التشهد ثم قهقه أو أحدث متعمدا فسدت صلاة الذي لم يدرك أول صلاته عند أبي حنيفة وقالا لا تفسد وإن تكلم أو خرج من المسجد لم تفسد في قولهم جميعا ومن أحدث في ركوعه أو سجوده توضأوبنى ولا يعتد بالتي أحدث فيها ولو تذكر وهو راكع أو ساجد أن عليه سجدة فانحط من ركوعه لها أو رفع رأسه من سجوده فسجدها يعيد الركوع والسجود ومن أم رجلا واحدا فأحدث وخرج من المسجد فالمأموم إمام نوى أو لم ينو ولو لم يكن خلفه إلا صبي أو امرأة قيل تفسد صلاته وقيل لا تفسد باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها ومن تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته فإن أن فيها أو تأوه أو بكى فارتفع بكاؤه فإن كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطعها وإن كان من وجع أو مصيبة قطعها وإن تنحنح بغير عذر وحصل به الحروف ينبغي أن يفسد عندهما وإن كان بعذر فهو عفو كالعطاس ومن عطس فقال له آخر يرحمك الله وهو في الصلاة فسدت صلاته وإن استفتح ففتح عليه في صلاته تفسد وإن فتح على إمامه لم(1/16)
يكن كلاما مفسدا وينوي الفتح على إمامه دون القراءة ولو كان الإمام انتقل إلى آية أخرى تفسد صلاة الفاتح وتفسد صلاة الإمام لو أخذ بقوله فلو أجاب في الصلاة رجلا بلا إله إلا الله فهو كلام مفسد عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يكون مفسدا وإن أراد به إعلامه أنه في الصلاة لم تفسد بالإجماع ومن صلى ركعة من الظهر ثم افتتح العصر أو التطوع فقد نقض الظهر ولو افتتح الظهر بعد ما صلى منها ركعة فهي هي ويجتزأ بتلك الركعة وإذا قرأ الإمام من المصحف فسدت صلاته عند أبي حنيفة وقالا هي تامة إلا أنه يكره وإن مرت امرأة بين يدي المصلي لم تقطع الصلاة إلا أن المار آثم وينبغي لمن يصلي في الصحراء أن يتخذ مامه سترة ومقدارها ذراع فصاعدا وقيل ينبغي أن تكون في غلظ الأصبع ويقرب من السترة ويجعل السترة على حاجبة الأيمن أو على الأيسر وسترة الإمام سترة للقوم ويعتبر الغرز دون الإلقاء والخط ويدرأ المار إذا لم يكن بين يديه سترة أو مر بينه وبين السترة ويدرأ بالإشارة أو يدفع بالتسبيح ويكره الجمع بينهما فصل ويكره مصلي أن يعبث بثوبه أو بجسده ولا يقلب الحصى إلا أن لا يمكنه من السجود فيسويه مرة واحدة ولا يفرقع أصابعه ولا يتخصر ولا يلتفت ولو نظر بمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه لا يكره ولا يقعى ولا يفترش ذراعيه ولا يرد السلام بلسانه ولا بيده ولا يتربع إلا من عذر ولا يعقص شعره ولا يكف ثوبه ولا يسدل ثوبه ولا يأكل ولا يشرب فإن أكل أو شرب عامدا أو ناسيا فسدت صلاته ولا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق ويكره أن يقوم في الطاق ويكره أن يكون الإمام وحده على الدكان وكذا على القلب في ظاهر الرواية ولا بأس بأن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث ولا بأس بأن يصلي وبين يديه مصحف معلق أو سيف معلق ولا بأس بأن يصلي على بساط(1/17)
فيه تصاوير ولا يسجد على التصاوير ويكره أن يكون فوق رأسه في السقف أو بين يديه أو بحذائه تصاوير أو صورة معلقة وإذا كان التمثال مقطوع الرأس فليس بتمثال ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة أو على بساط مفروش لا يكره ولو لبس ثوبا فيه تصاوير يكره ولا يكره تمثال غير ذي الروح ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة ويكره عد الآي والتسبيحات باليد في الصلاة فصل ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء وتكره المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي ولا بأس بالبول فوق بيت فيه مسجد ويكره أن يغلق باب المسجد ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب باب صلاة الوتر الوتر واجب عند أبي حنيفة وقالا سنة والوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام ويقنت في الثالثة قبل الركوع ويقرأ في كل ركعة من الوتر فاتحة الكتاب وسورة وإن أراد أن يقنت كبر ورفع يديه وقنت ولا يقنت في صلاة غيرها فإن قنت الإمام في صلاة الفجر يسكت من خلفه عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يتابعه باب النوافل السنة ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وبعدها ركعتان وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب وأربع قبل العشاء وأربع بعدها وإن شاء ركعتين ونوافل النهار إن شاء صلى بتسليمة ركعتين وإن شاء أربعا وتكره الزيادة على ذلك وأما نافلة الليل قال أبو حنيفة إن صلى ثمان ركعات بتسليمة جاز وتكره الزيادة على ذلك وقالا لا يزيد بالليل على ركعتين بتسليمة(1/18)
فصل في القراءة القراءة في الفرض واجبة في الركعتين وهو مخير في الأخريين والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل وفي جميع الوتر ومن شرع في نافلة ثم أفسدها قضاها وإن صلى أربعا وقرأ في الأوليين وقعد ثم أفسد الأخريين قضى ركعتين وإن صلى أربعا ولم يقرأ فيهن شيئا أعاد ركعتين ولو قرأ في الأوليين لا غير فعليه قضاء الأخريين بالإجماع ولو قرأ في الأخريين لا غير فعليه قضاء الأوليين بالإجماع ولو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأحريين بالإجماع ولو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين بالإجماع ولو قرأ في إحدى الأوليين وأحدى الأخريين على قول أبي يوسف عليه قضاء الأربع وكذا عند أبي حنيفة ولو قرأ في إحدى الأوليين لا غير قضى أربعا عندهما وعند محمد قضى ركعتين ولو قرأ في إحدى الأخريين لا غير قضى أربعا عند أبي يوسف وعندهما ركعتين وتفسير قوله عليه السلام لا يصلي بعد صلاة مثلها يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة فيكون بيان فرضية القراءة في ركعات النفل كلها ويصلي النافلة قاعدا مع القدرة على القيام وأن افتتحها قائما ثم قعد من غير عذر جاز عند أبي حنيفة ومن كان خارج المصر تنفل على دابته إلى أي جهة توجهت يومىء إيماء فإن افتتح التطوع راكبا ثم نزل يبني وإن صلى ركعة نازلا ثم ركب استقبل فصل في قيام شهر رمضان يستحب أن يجتمع الناس في شهر رمضان بعد العشاء فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات كل ترويحه بتسليمتين ويجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة ثم يوتر بهم والسنة فيها الجماعة ولا يصلي الوتر بجماعة في غير رمضان باب إدراك الفريضة ومن صلى ركعة من الظهر ثم أقيمت يصلي أخرى ثم يدخل مع القوم وإن لم(1/19)
يقيد الأولى بالسجدة يقطع ويشرع مع الإمام هو الصحيح وإن كان قد صلى ثلاثا من الظهر يتمها وإذا أتمها يدخل مع القوم والذي يصلي معهم نافلة فإن صلى من الفجر ركعة ثم أقيمت يقطع ويدخل معهم ومن دخل مسجدا قد أذن فيه يكره له أن يخرج حتى يصلي إلا إذا كان ممن ينتظم به أمر جماعة وإن كان قد صلى وكانت الظهر أو العشاء فلا بأس بأن يخرج إلا إذا أخذ المؤذن في الإقامة وإن كانت العصر أو المغرب أو الفجر خرج وإن أخذا المؤذن فيها ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل وإن خشي فوتهما دخل مع الإمام وإذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس ولا بعد ارتفاعها عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال ومن أدرك من الظهر ركعة ولم يدرك الثلاث فإنه لم يصل الظهر بجماعة وقال محمد قد أدرك فضل الجماعة ومن أتى مسجدا قد صلى فيه فلا بأس بأن يتطوع قبل المكتوبة ما بداله ما دام في الوقت ومن انتهى إلى الإمام في ركوعه فكبر ووقف حتى رفع الإمام رأسه لا يصير مدركا لتلك الركعة خلافا لزفر ولو ركع المقتدي قبل إمامه فأدركه الإمام فيه جاز باب قضاء الفوائت ومن فاتته صلاة قضاها إذا ذكرها وقدمها على فرض الوقت ولو خاف فوت الوقت يقدم الوقتية ثم يقضيها ولو فاتته صلوات رتبها في القضاء كما وجبت في الأصل إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات فيسقط الترتيب فيما بين الفوائت وإن فاتته اكثر من صلاة يوم وليلة أجزأته التي بدأ بها ولو قضى بعض الفوائت حتى قل ما بقي عاد الترتيب عند البعض ومن صلى العصر وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر فهي فاسدة إلا إذا كان في آخر الوقت وإذا فسدت الفرضية لا يبطل أصل الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد يبطل ثم العصر يفسد(1/20)
فسادا موقوفا حتى لو صلى ست صلوات ولم يعد الظهر انقلب الكل جائزا وهذا عند أبي حنيفة وعندهما يفسد فسادا باتا لا جواز لها بحال ولو صلى الفجر وهو ذاكر أنه لم يوتر فهي فاسدة عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما باب سجود السهو يسجد للسهو في الزيادة والنقصان سجدتين بعد السلام ثم يتشهد ثم يسلم ويلزمه السهو إذا زاد في صلاته فعلا من جنسها ليس منها ويلزمه إذا ترك فعلا مسنونا أو ترك قراءة الفاتحة أو القنوت أو التشهد أو تكبيرات العيدين ولو جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر تلزمه سجدتا السهو وسهو الإمام يوجب على المؤتم السجود فإن لم يسجد الإمام لم يسجد المؤتم فإن سها المؤتم لم يلزم الإمام ولا المؤتم السجود ومن سها عن القعدة الأولى ثم تذكر وهو إلى حالة القعود أقرب عاد وقعد وتشهد ولو كان إلى القيام أقرب لم يعد ويسجد للسهو وإن سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة رجع إلى القعدة مالم يسجد وألغى الخامسة وسجد للسهو وإن قيد الخامسة بسجدة بطل فرضه وتحولت صلاته نفلا عند أبي حنيفة وأبي يوسف فيضم إليها ركعة سادسة ولو لم يضم لا شيء عليه ولو قعد في الرابعة ثم قام ولم يسلم عاد إلى القعدة مالم يسجد للخامسة وسلم وإن قيد الخامسة بالسجدة ثم تذكر ضم إليها ركعة أخرى وتم فرضه ويسجد للسهو استحسانا ومن صلى ركعتين تطوعا فسها فيهما وسجد للسهو ثم أراد أن يصلي أخريين لم يبن ومن سلم وعليه سجدتا السهو فدخل رجل في صلاته بعد التسليم فإن سجد الإمام كان داخلا وإلا فلا ومن سلم يريد به قطع الصلاة وعليه سهو فعليه أن يسجد لسهوه ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وذلك أول ما عرض له استأنف وإن كان يعرض له كثيرا بنى على أكبر رأيه وإن لم يكن له رأي بنى على اليقين(1/21)
باب صلاة المريض إذا عجز المريض عن القيام صلى قاعدا يركع ويسجد فإن لم يستطع الركوع والسجود أومأ إيماء وجعل سجوده أخفض من ركوعه ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه فإن لم يستطع القعود استلقى على ظهره وجعل رجليه إلى القبلة وأومأ بالركوع والسجود وإن استلقى على جنبه ووجهه إلى القبلة فأومأ جاز فإن لم يستطع الإيماء برأسه أخرت الصلاة عنه ولا يومىء بعينيه ولا بقلبه ولا بحاجبيه وإن قدر على القيام ولم يقدر على الركوع والسجود لم يلزمه القيام ويصلي قاعدا يومىء إيماء وإن صلى الصحيح بعض صلاته قائما ثم حدث به مرض أتمها قاعدا يركع ويسجد أو يومىء إن لم يقدر أو مستلقيا إن لم يقدر ومن صلى قاعدا يركع ويسجد لمرض ثم صح بنى على صلاته قائما عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد استقبل وإن صلى بعض صلاته بإيماء ثم قدر على الركوع والسجود استأنف عندهم جميعا ومن افتتح التطوع قائما ثم أعيا لا بأس بأن يتوكأ على عصا أو حائط أو يقعد وإن قعد بغير عذر يكره بالاتفاق ومن صلى في السفينة قاعدا من غير علة أجزأه عند أبي حنيفة والقيام أفضل وقالا لا يجزئه إلا من عذر ومن أغمي عليه خمس صلوات أو دونها قضى وإن كان أكثر من ذلك لم يقض باب سجود التلاوة سجود التلاوة في القرآن أربع عشرة سجدة في آخر الأعراف وفي الرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والأولى من الحج والفرقان والنمل وآلم تنزيل وص وحم السجدة والنجم وإذا السماء انشقت واقرأ والسجدة واجبة في هذه المواضع على التالي والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد وإذا تلا الإمام آية السجدة سجدها وسجدها المأموم معه وإذا تلا المأموم ولم يسجد الإمام ولا ألمأموم في الصلاة ولا بعد الفراغ ولو سمعها رجل(1/22)
خارج الصلاة سجدها وإن سمعوا وهم في الصلاة سجدة من رجل ليس معهم في الصلاة لم يسجدوها في الصلاة وسجدوها بعدها ولو سجدوها في الصلاة لم يجزهم وأعادوها ولم يعيدوا الصلاة فإن قرأها الإمام وسمعها رجل ليس معه في الصلاة فدخل معه بعدما سجدها الإمام لم يكن عليه أن يسجدها وإن دخل معه قبل أن يسجدها سجدها معه وإن لم يدخل معه سجدها وحده وكل سجدة وجبت في الصلاة فلم يسجدها فيها لم تقض خارج الصلاة ومن تلا سجدة فلم يسجدها حتى دخل في صلاة فأعادها وسجد أجزأته السجدة عن التلاوتين وإن تلاها فسجد ثم دخل في الصلاة فتلاها سجد لها ومن كرر تلاوة سجدة واحدة في مجلس واحد أجزأته سجدة واحدة فإن قرأها في مجلسه فسجدها ثم ذهب ورجع فقرأها سجدها ثانية وإن لم يكن سجد للأولى فعليه سجدتان ولو تبدل مجلس السامع دون التالي يتكرر الوجوب على السامع وكذا إذا تبدل مجلس التالي دون السامع ومن أراد السجود كبر ولم يرفع يديه وسجد ثم كبر ورفع رأسه ولا تشهد عليه ولا سلام ويكره أن يقرأالسورة في الصلاة أو غيرها ويدع آية السجدة ولا بأس بأن يقرأ آية السجدة ويدع ما سواها باب صلاة المسافر السفر الذي يتغير به الأحكام أن يقصد الإنسان مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام والسير المذكور هو الوسط ولا يعتبر السير في الماء وفرض المسافر في الرباعية ركعتان لا يزيد عليهما وإن صلى أربعا وقعد في الثانية قدر التشهد أجزأته الأوليان عن الفرض والأخريان له نافلة وإن لم يقعد في الثانية قدرها بطلت وإذا فارق المسافر بيوت المصر صلى ركعتين ولا يزال على حكم السفر حتى ينوي الإقامة في بلد أو قرية خمسة عشر يوما أو أكثر وإن نوى أقل من ذلك قصر ولو دخل مصرا على عزم أن يخرج غدا أو بعد غد(1/23)
ولم ينو مدة الإقامة حتى بقي على ذلك سنين قصر وإذا دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها قصروا وكذا إذا حاصروا فيها مدينة أو حصنا وكذا إذا حاصروا أهل البغي في دار الإسلام في غير مصر أو حاصروهم في البحر ونية الإقامة من أهل الكلآ وهم أهل الأخبية قيل لا تتصح والأصح أنهم مقيمون وأن اقتدى المسافر بالمقيم في الوقت أتم أربعا وإن دخل معه في فائتة لم تجزه وإن صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم وأتم المقيمون صلاتهم ويستحب للإمام إذا سلم أن يقول أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر وإذا دخل المسافر في مصره أتم الصلاة وأن لم ينو المقام فيه ومن كان له وطن فانتقل منه واستوطن غيره ثم سافر فدخل وطنه الأول قصر وإذا نوى المسافر أن يقيم بمكة ومنى خمسة عشر يوما لم يتم الصلاة ومن فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين ومن فاتته في الحضر قضاها في السفر أربعا والعاصي والمطيع في سفره في الرخصة سواء باب صلاة الجمعة لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع أو في مصلى المصر ولا تجوز في القرى وتجوز بمنى إن كان الأمير أمير الحجاز أو كان الخليفة مسافرا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا جمعة بمنى ولا يجوز إقامتها إلا للسلطان أو لمن أمره ومن شرائطها الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ولو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر ولا يبنيه عليها ومنها الخطبة وهي قبل الصلاة بعد الزوال ويخطب خطبتين يفصل بينهما بقعدة ويخطب قائما على طهارة ولو خطب قاعدا أو على غير طهارة جاز فإن اقتصر على ذكر الله جاز عند أبي حنيفة وقالا لا بد من ذكر طويل يسمى خطبة ومن شرائطها الجماعة وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاث سوى الإمام وقالا اثنان سواه وأن نفر الناس قبل أن يركع الإمام ويسجد ولم يبق إلا النساء والصبيان استقبل الظهر عند أبي حنيفة وقالا(1/24)
اذا نفروا عنه بعدما افتتح الصلاة صلى الجمعة فإن نفروا عنه بعد ما ركع ركعة وسجد سجدة بنى على الجمعة ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا عبد ولا أعمى فإن حضروا وصلوا مع الناس أجزأهم عن فرض الوقت ويجوز للمسافر والعبد والمريض أن يؤم في الجمعة ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك وجازت صلاته فإن بدا له أن يحضرها فتوجه إليها والإمام فيها بطل ظهره عند أبي حنيفة بالسعي وقالا لا يبطل حتى يدخل مع الإمام ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر وكذا أهل السجن ولو صلى قوم أجزأهم ومن أدرك الإمام يوم الجمعة صلى معه ما أدركه وبنى عليها الجمعة وإن كان أدركه في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها الجمعة عندهما وقال محمد أن أدرك معه أكثر الركعة الثانية بنى عليها الجمعة وإن أدرك أقلها بنى عليها الظهر وإذا خرج الإمام يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته وإذا أذن المؤذنون الأذان الأول ترك الناس البيع والشراء وتوجهوا إلى الجمعة وإذا صعد الإمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر باب صلاة العيدين وتجب صلاة العيد على كل من تجب عليه صلاة الجمعة ويستحب في يوم الفطر أن يطعم قبل الخروج إلى المصلى ويغتسل ويستاك ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويؤدي صدقة الفطر ويتوجه إلى المصلى ولا يكبر عند أبي حنيفة في طريق المصلى وعندهما يكبر ولا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد وإذا حلت الصلاة بارتفاع الشمس دخل وقتها إلى الزوال فإذا زالت الشمس خرج وقتها ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثا بعدها ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدىء في الركعة الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثا بعدها ويكبر رابعة يركع بها ويرفع يديه في تكبيرات العيدين ثم يخطب بعد الصلاة(1/25)
خطبتين يعلم الناس فيها صدقة الفطر وأحكامها ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام لم يقضها فإن غم الهلال وشهدوا عند الإمام برؤية الهلال بعد الزوال صلى العيد من الغد فإن حدث عذر يمنع من الصلاة في اليوم الثاني لم يصلها بعده ويستحب في يوم الأضحى أن يغتسل ويتطيب ويؤخر الأكل حتى يفرغ من الصلاة ويتوجه إلى المصلى وهو يكبر ويصلي ركعتين كالفطر ويخطب بعدها خطبتين ويعلم الناس فيها الأضحية وتكبير التشريق فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الأضحى صلاها من الغد وبعد الغد ولا يصليها بعد ذلك والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء فصل في تكبيرات التشريق ويبدأ بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم عقيب صلاة العصر من يوم النحر وهو عقيب الصلوات المفروضات على المقيمين في الأمصار في الجماعات المستحبة عند أبي حنيفة وليس على جماعات النساء إذا لم يكن معهن رجل ولا على جماعة المسافرين إذا لم يكن معهم مقيم وقالا هو على كل من صلى المكتوبة باب صلاة الكسوف إذا انكسفت الشمس صلى الإمام بالناس ركعتين كهيئة النافلة في كل ركعة ركوع واحد ويطول القراءة فيهما ويخفي عند أبي حنيفة وقالا يجهر ويدعو بعدها حتى تنجلي الشمس ويصلي بهم الإمام الذي يصلي بهم الجمعة فإن لم يحضر صلى الناس فرادى وليس في خسوف القمر جماعة وليس في الكسوف خطبة باب الاستسقاء قال أبو حنيفة رحمه الله ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة فإن صلى الناس وحدانا جاز وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار وقالا يصلي الإمام(1/26)
ركعتين ويجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ولا خطبة عند أبي حنيفة ويستقبل القبلة بالدعاء ويقلب رداءه ولا يقلب القوم أرديتهم ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء باب صلاة الخوف إذا اشتد الخوف جعل الإمام الناس طائفتين طائفة إلى وجه العدو وطائفة خلفه فيصلي بهذه الطائفة ركعة وسجدتين فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية مضت هذه الطائفة إلى وجه العدو وجاءت تلك الطائفة فيصلي بهم الإمام ركعة وسجدتين وتشهد وسلم ولم يسلموا وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأولى فصلوا ركعة وسجدتين وحدانا بغير قراءة وتشهدوا وسلموا ومضوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الأخرى وصلوا ركعة وسجدتين بقراءة وتشهدوا وسلموا فإن كان الإمام مقيما صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالطائفة الثانية ركعتين ويصلي بالطائفة الأولى من المغرب ركعتين وبالثانية ركعة واحدة ولا يقاتلون في حال الصلاة فإن فعلوا بطلت صلاتهم فإن اشتد الخوف صلوا ركبانا فرادى يومئون بالركوع والسجود إلى أي جهة شاءوا إذا لم يقدروا على التوجه إلى القبلة باب الجنائز إذا احتضر الرجل وجه إلى القبلة على شقه الأيمن ولقن الشهادتين فإذا مات شد لحياه وغمض عيناه فصل في الغسل فإذا أرادوا غسله وضعوه على سرير وجعلوا على عورته خرقة ونزعوا ثيابه ووضؤه من غير مضمضة واستنشاق ثم يفيضون الماء عليه ويجمر سريره وترا ويغلى الماء بالسدر أو بالحرض فإن لم يكن فالماء القراح ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي ثم يضجع على شقة الأيسر فيغسل بالماء والسدر حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه ثم يضجع على شقه الأيمن(1/27)
فيغسل حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه ثم يجلسه ويسنده إليه ويمسح بطنه مسحا رفيقا فإن خرج منه شيء غسله ولا يعيد غسله ولا وضوءه ثم ينشفه بثوب ويجعله في أكفانه ويجعل الحنوط على راسه ولحيته والكافور على مساجده ولا يسرح شعر الميت ولا لحيته ولا يقص ظفره ولا شعره فصل في التكفين السنة أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب أزار وقميص ولفافة فإن اقتصروا على ثوبين جاز والثوبان إزار ولفافة وإذا أرادوا لف الكفن ابتدأوا بجانبه الأيسر فلفوه عليه ثم بالأيمن وإن خافوا أن ينتشر الكفن عنه عقدوه بخرقة وتكفن المرأة في خمسة أثواب درع وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط فوق ثدييها وإن اقتصروا على ثلاثة أثواب جاز ويكره أقل من ذلك وفي الرجل يكره الاقتصار على ثوب واحد إلا في حالة الضرورة وتلبس المرأة الدرع أولا ثم يجعل شعرها ضفيرتين على صدرها فوق الدرع ثم الخمار فوق ذلك ثم الإزار تحت اللفافة وتجمر الأكفان قبل أن يدرج فيها الميت وترا فصل في الصلاة على الميت وأولى الناس بالصلاة على الميت السلطان إن حضر فإن لم يحضر فالقاضي فإن لم يحضر فيستحب تقديم إمام الحي ثم الولي والأولياء على الترتيب المذكور في النكاح فإن صلى غير الولي أو السلطان أعاد الولي وإن صلى الولي لم يجز لأحد أن يصلي بعده وأن دفن الميت ولم يصل عليه صلى على قبره ويصلى عليه قبل أن يتفسخ والصلاة أن يكبر تكبيرة يحمد الله عقيبها ثم يكبر تكبيرة يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر تكبيرة يدعو فيها لنفسه وللميت وللمسلمين ثم يكبر الرابعة ويسلم لأنه عليه السلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها فنسخت ما قبلها ولو كبر الإمام خمسا لم يتابعه المؤتم ولو كبرالإمام تكبيرة أو تكبيرتين لا يكبر الآتي حتى يكبر أخرى بعد حضوره ويقوم الذي يصلي على الرجل والمرأة بحذاء الصدر فإن صلوا على جنازة ركبانا(1/28)
أجزأهم ولا بأس بالإذن في صلاة الجنازة ولا يصلى على ميت في مسجد جماعة ومن استهل بعد الولادة سمي وغسل وصلي عليه وإن لم يستهل أدرج في خرقة ويصلى عليه وإذا سبى صبي مع أحد أبويه ومات لم يصل عليه إلا أن يقر بالإسلام وهو يعقل أو يسلم أحد أبويه وإن لم يسب معه أحد أبويه صلي عليه وإذا مات الكافر وله ولي مسلم فإنه يغسله ويكفنه ويدفنه فصل في حمل الجنازة وإذا حملوا الميت على سريره أخذوا بقوائمه الأربع ويمشون به مسرعين دون الخبب وإذا بلغوا إلى قبره يكره أن يجلسوا قبل أن يوضع عن أعناق الرجال فصل في الدفن ويحفر القبر ويلحد ويدخل الميت مما يلي القبلة فإذا وضع في لحده يقول واضعه باسم الله وعلى ملة رسول الله ويوجه إلى القبلة وتحل العقدة ويسوى اللبن على اللحد ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ولا يسجى قبر الرجل ويكره الآجر والخشب ولا بأس بالقصب ثم يهال التراب ويسنم القبر ولا يسطح باب الشهيد الشهيد من قتله المشركون أو وجد في المعركة وبه أثر أو قتله المسلمون ظلما ولم يجب بقتله دية فيكفن ويصلى عليه ولا يغسل ومن قتله أهل الحرب أو أهل البغي أو قطاع الطريق فبأي شيء قتلوه لم يغسل وإذا استشهد الجنب غسل عند أبي حنيفة وقالا لا يغسل ولا يغسل عن الشهيد دمه ولا ينزع عنه ثيابه وينزع عنه الفرو والحشو والقلنسوة والسلاح والخف ويزيدون وينقصون ما شاءوا ومن ارتث غسل والارتثاث أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يداوى أو ينقل من المعركة حيا ولو بقي حيا حتى مضى وقت صلاة وهو يعقل فهو مرتث ومن وجد قتيلا في المصر غسل إلا إذا علم أنه قتل بحديدة ظلما ومن قتل في حد أو قصاص غسل وصلي عليه ومن قتل من البغاة أو قطاع الطريق لم يصل عليه(1/29)
باب الصلاة في الكعبة الصلاة في الكعبة جائزة فرضها ونفلها فإن صلى الإمام بجماعة فيها فجعل بعضهم ظهره إلى ظهر الإمام جاز ومن جعل منهم ظهره إلى وجه الإمام لم تجز صلاته وإذا صلى الإمام في المسجد الحرام فتحلق الناس حول الكعبة وصلوا بصلاة الإمام فمن كان منهم أقرب إلى الكعبة من الإمام جازت صلاته إذا لم يكن في جانب الإمام ومن صلى على ظهر الكعبة جازت صلاته كتاب الزكاة الزكاة واجبة على الحر العاقل البالغ المسلم إذا ملك نصابا ملكا تاما وحال عليه الحول وليس على الصبي والمجنون زكاة وليس على المكاتب زكاة ومن كان عليه دين يحيط بماله فلا زكاة عليه وإن كان ماله أكثر من دينه زكى الفاضل إذا بلغ نصابا وليس في دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنازل ودواب الركوب وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة ومن له آخر دين فجحده سنين ثم قامت له به بينة لم يزكه لما مضى ومن اشترى جارية للتجارة ونواها للخدمة بطلت عنها الزكاة وإن نواها للتجارة بعد ذلك لم تكن للتجارة حتى يبيعها فيكون في ثمنها زكاة وإن اشترى شيئا ونواه للتدارة كان للتجارة لاتصال النية بالعمل بخلاف ما إذا ورث ونوى التجارة ولا يجوز اداء الزكاة إلا بنية مقارنة للأداء أو مقارنة لعزل مقدار الواجب ومن تصدق بجميع ماله لا ينوي الزكاة سقط فرضها عنه استحسانا ولو أدى بعض النصاب سقط زكاة المؤدى عند محمد وقال أبو يوسف لا تسقط باب صدقة السوائم فصل في الإبل ليس في أقل من خمس ذود صدقة فإذا بلغت خمسا سائمة(1/30)
وحال عليها الحول ففيها شاة إلى تسع فإذا كانت عشرا ففيها شاتان إلى أربع عشرة فإذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا كانت ستا وثلاثين فيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا كانت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين فإذا كانت أحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا كانت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين فإذا كانت إحدى وتسعين ففيها حقتان إلى مائة وعشرين ثم تستأنف الفريضة فيكون في الخمس شاة مع الحقتين وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي العشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى مائة وخمسين فيكون فيها ثلاث حقاق ثم تستأنف الفريضة فيكون في الخمس شاة وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وفي ست وثلاثين بنت لبون فإذا بلغت مائة وستا وتسعين ففيها أربع حقاق إلى مائتين ثم تستأنف الفريضة أبدا كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين والبخت والعراب سواء فصل في البقر ليس في اقل من ثلاثين من البقر السائمة صدقة فإذا كانت ثلاثين سائمة وحال عليها الحول ففيها تبيع أو تبيعة وفي أربعين مسن أو مسنة فإذا زادت على أربعين وجب في الزيادة بقدر ذلك إلى ستين ثم في الستين تبيعان أو تبيعتان وفي سبعين مسنة وتبيع وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاثة أتبعة وفي المائة تبيعان ومسنة وعلى هذا يتغير الفرض في كل عشر من تبيع إلى مسنة ومن مسنة إلى تبيع والجواميس والبقر سواء فصل في الغنم ليس في أقل من أربعين من الغنم السائمة صدقة فإذا كانت أربعين سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه ثم في كل(1/31)
مائة شاة شاة والضأن والمعز سواء ويؤخذ في زكاة الغنم الذكور والإناث فصل في الخيل إذا كانت الخيل سائمة ذكورا وإناثا فصاحبها بالخيار إن شاء أعطى عن كل فرس دينارا وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم وليس في ذكورها منفردة زكاة وكذا في الإناث المنفردات في رواية ولا شيء في البغال والحمير إلا أن تكون للتجارة فصل وليس في الفصلان والحملان والعجاجيل صدقة ومن وجب عليه سن فلم توجد أخذ المصدق أعلى منها ورد الفضل أو أخذ دونها وآخذ الفضل ويجوز دفع القيم في الزكاة وليس في العوامل والحوامل والعلوفة صدقة ولا يأخذ المصدق خيار المال ولا رذالته ويأخذ الوسط ومن كان له نصاب فاستفاد في أثناء الحول من جنسه ضمه إليه وزكاه به والزكاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف في النصاب دون العفو وإذا أخذ الخوارج الخراج وصدقة السوائم لا يثنى عليهم وليس على الصبي من بني تغلب في سائمته شيء وعلى المرأة ما على الرجل منهم وإن هلك المال بعد وجوب الزكاة سقطت الزكاة وإن قدم الزكاة على الحول وهو مالك للنصاب جاز ويجوز التعجيل لأكثر من سنة باب زكاة المال فصل في الفضة ليس فيما دون مائتي درهم صدقة فإذا كانت مائتين وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين درهما فيكون فيها درهم ثم في كل أربعين درهما درهم وإذا كان الغالب على الورق الفضة فهو في حكم الفضة وإذا كان الغالب عليها الغش فهو في حكم العروض يعتبر أن تبلغ قيمته نصابا فصل في الذهب ليس فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة فإذا كانت عشرين مثقالا(1/32)
ففيها نصف مثقال ثم في كل أربعة مثاقيل قيراطان وليس فيما دون أربعة مثاقيل صدقة وفي تبر الذهب والفضة وحليهما وأوانيهما الزكاة فصل في العروض الزكاة واجبة في عروض التجارة كائنة ما كانت إذا بلغت قيمتها نصابا من الورق أو الذهب يقومها بما هو أنفع للمساكين وإذا كان النصاب كاملا في طرفي الحول فنقصانه فيما بين ذلك لا يسقط الزكاة وتضم قيمة العروض إلى الذهب والفضة حتى يتم النصاب ويضم الذهب إلى الفضة باب فيمن يمر على العاشر إذا مر على العاشر بمال فقال أصبته منذ أشهر أو على دين وحلف صدق وكذا إذا قال أديتها إلى عاشر آخر وكذا إذا قال أديتها أنا وما صدق فيه المسلم صدق فيه الذمي ولا يصدق الحربي إلا في الجواري يقول هن امهات أولادي أو غلمان معه يقول هم أولادي ويؤخذ من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي العشر وإن مر حربي بخمسين درهما لم يؤخذ منه شيء إلا أن يكونوا يأخذون منا من مثلها وإن مر حربي بمائتي درهم ولا يعلم كم يأخذون منا نأخذ منه العشر وإن علم أنهم يأخذون منا ربع عشر أو نصف عشر نأخذ بقدره وإن كانوا يأخذون الكل لا نأخذ الكل وإن كانوا لا يأخذون أصلا لا نأخذ وإن مر الحربي على عاشر فعشره ثم مر مرة أخرى لم يعشره حتى يحول الحول وإن عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج من يومه ذلك عشره أيضا وإن مر ذمي بخمر أو خنزير عشر الخمر دون الخنزير ولو مر صبي أو امرأة من بني تغلب بمال فليس على الصبي شيءوعلى المرأة ما على الرجل ومن مر على عاشر بمائة درهم وأخبره أن له في منزله مائة أخرى قد حال عليها الحول لم يزك التي مر بها ولو مر بمائتي درهم بضاعة لم يعشرها وكذا المضاربة ولو مر عبد مأذون له بمائتي درهم(1/33)
وليس عليه دين عشره ومن مر على عاشر الخوارج في أرض قد غلبوا عليها فعشره يثنى عليه الصدقة باب المعادن والركاز معدن ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص أو صفر وجد في أرض خراج أو عشر ففيه الخمس ولو وجد في داره معدن فليس فيه شيء وإن وجده في أرضه فعن أبي حنيفة فيه روايتان وإن وجد ركازا وجب فيه الخمس ومن دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا رده عليهم وإن وجده في الصحراء فهو له وليس في الفيروزج الذي يوجد في الجبال خمس وفي الزئبق الخمس ولا خمس في اللؤلؤ والعنبر متاع وجد ركازا فهو للذي وجده فيه الخمس باب زكاة الزروع والثمار قال أبو حنيفة رحمه الله في قليل ما أخرجته الأرض وكثيره العشر سواء سقي سيحا أو سقته السماء إلا القصب والحطب والحشيش وقالا لا يجب العشر إلا فيما له ثمرة باقية إذا بلغ خمسة أوسق والوسق ستون صاعا بصاع النبي عليه السلام وليس في الخضروات عندهما عشر وما سقي بغرب أو دالية أو سانية ففيه نصنف العشر على القولين وقال أبو يوسف فيما لا يوسق كالزعفران والقطن يجب فيه العشر إذا بلغت قيمته قيمة خمسة أوسق من أدنى ما يوسق كالذرة في زماننا وقال محمد يجب العشر إذا بلغ الخارج خمسة أعداد من أعلى ما يقدر به نوعه فاعتبر في القطن خمسة أحمال كل حمل ثلثمائة من وفي الزعفران خمسة أمناء وفي العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة البقر تغلبي له أرض عشر فعليه العشر مضاعفا فإن اشتراها منه ذمي فهي على حالها عندهم وكذا إذا اشتراها منه مسلم أو أسلم التغلبي عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف يعود إلى عشر(1/34)
واحد ولو كانت الأرض لمسلم باعها من نصراني وقبضها فعليه الخراج عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف عليه العشر مضاعفا وعند محمد هي عشرية على حالها فإن أخذها منه مسلم بالشفعة أو ردت على البائع لفساد البيع فهي عشرية كما كانت وإذا كانت لمسلم دار خطة فجعلها بستانا فعليه العشر وليس على المجوسي في داره شيء وإن جعلها بستانا فعليه الخراج وفي أرض الصبي والمرأة التغلبيين ما في أرض الرجل التغلبي وليس في عين القير والنفط في أرض العشر شيء وعليه في أرض الخراج خراج إذا كان حريمه صالحا للزراعة باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز الأصل فيه قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية فهذه ثمانية أصناف وقد سقط منها المؤلفة قلوبهم لأن الله تعالى أعز الإسلام وأغنى عنهم والفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له والعامل يدفع الإمام إليه إن عمل بقدر عمله فيعطيه ما يسعه وأعوانه غير مقدر بالثمن وفي الرقاب يعان المكاتبون منها في فك رقابهم والغارم من لزمه دين ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه وفي سبيل الله منقطع الغزاة عند أبي يوسف رحمه الله وعند محمد منقطع الحاج وابن السبيل من كان له مال في وطنه وهو في مكان آخر لا شيء له فيه فهذه جهات الزكاة فللمالك أن يدفع إلى كل واحد منهم وله أن يقتصر على صنف واحد ولا يجوز أن يدفع الزكاة إلى ذمي ويدفع إليه ما سوى ذلك من الصدقة ولا يبني بها مسجد ولا يكفن بها ميت ولا يقضي بها دين ميت ولا تشترى بها رقبة تعتق ولا تدفع إلى غني ولا يدفع المزكي زكاته إلى أبيه وجده وإن علا ولا إلى ولده وولد ولده وإن سفل ولا إلى امرأته ولا تدفع المرأة إلى زوجها ولا يدفع إلى مدبره ومكاتبه وأم ولده ولا إلى عبد قد أعتق بعضه ولا يدفع إلى مملوك غني ولا إلى ولد غني إذا كان(1/35)
صغيرا ولا تدفع إلى بني هاشم وهم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبدالمطلب ومواليهم قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إذا دفع الزكاة إلى رجل يظنه فقيرا ثم بان أنه غني أو هاشمي أو كافر أو دفع في ظلمة فبان أنه أبوه أو ابنه فلا إعادة عليه وقال أبو يوسف عليه الإعادة ولو دفع إلى شخص ثم علم أنه عبده أو مكاتبه لا يجزئه ولا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا من أي مال كان ويجوز دفعها إلى من يملك أقل من ذلك وإن كان صحيحا مكتسبا ويكره أن يدفع إلى واحد مائتي درهم فصاعدا وإن دفع جاز قال وأن يغنى بها إنسانا أحب إلي ويكره نقل الزكاة من بلد إلى بلد وإنما تفرق صدقة كل فريق فيهم إلا أن ينقلها الإنسان إلى قرابته أو إلى قوم هم أحوج من أهل بلده باب صدقة الفطر صدقة الفطر واجبة على الحر المسلم إذا كان مالكا لمقدار النصاب فاضلا عن مسكنه وثيابه وأثاثه وفرسه وسلاحه وعبيده يخرج ذلك عن نفسه وأولاده الصغار ومماليكه ولا يؤدى عن زوجته ولا عن أولاده الكبار وإن كانوا في عياله ولا عن مكاتبه ولا المكاتب عن نفسه ولا عن مماليكه للتجارة والعبد بين شريكين لا فطرة على واحد منهما وكذا العبيد بين اثنين عند أبي حنيفة وقالا على كل منهما ما يخصه من الرأس دون الأشقاص ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر ومن باع عبدا وأحدهما بالخيار ففطرته على من يصير له فصل في مقدار الواجب ووقته الفطرة نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير والصاع عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ثمانية أرطال بالعراقي وقال أبو يوسف خمسة أرطال وثلث رطل ووجوب الفطرة يتعلق بطلوع الفجر من(1/36)
يوم الفطر والمستحب أن يخرج الناس الفطرة يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى فإن قدموها على يوم الفطر جاز وإن أخروها عن يوم الفطر لم تسقط وكان عليهم أخراجها كتاب الصوم الصوم ضربان واجب ونفل والواجب ضربان منه ما يتعلق بزمان بعينه كصوم رمضان والنذر المعين فيجوز بنية من الليل وإن لم ينو حتى أصبح أجزأته النية ما بينه وبين الزوال والضر الثاني ما ثبت في الذمة كقضاء شهر رمضان والنذر المطلق وصوم الكفارة فلا يجوز إلا بنية من الليل والنفل كله يجوز بنية قبل الزوال فصل في رؤية الهلال وينبغي للناس أن يلتمسوا الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شعبان فإن رأوه صاموا وإن غم عليهم أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا ولا يصومون يوم الشك إلا تطوعا ومن رآى هلال رمضان رحده صام وإن لم يقبل الإمام شهادته وإذا كان بالسماء علة قبل الإمام شهادة الواحد العدل في رؤية الهلال رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا وإذا لم تكن بالسماء علة لم تقبل الشهادة حتى يراه جمع كثير يقع العلم بخبرهم ومن رأى هلال الفطر وحده لم يفطر وإذا كان بالمساء علة لم تقبل في هلال الفطر إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وإن لم يكن بالسماء علة لم تقبل إلا شهادة جماعة يقع العلم بخبرهم ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس والصوم هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع نهارا مع النية باب ما يوجب القضاء والكفارة وإذا أكل الصائم أو شرب أو جامع نهارا ناسيا لم يفطر ولو كان مخطئا(1/37)
أو مكرها فعليه القضاء فإن نام فاحتلم لم يفطر وكذا إذا نظر إلى امرأة فأمنى ولو أدهن لم يفطر ولو اكتحل لم يفطر ولو قبل امرأة لا يفسد صومه ولو أنزل بقبلة أو لمس فعليه القضاء دون الكفارة ولا بأس بالقبلة إذا أمن على نفسه ويكره إذا لم يأمن ولو دخل حلقه ذباب وهو ذاكر لصومه لم يفطر ولو أكل لحما بين أسنانه فإن كان قليلا لم يفطر وإن كان كثيرا يفطر وإن أخرجه وأخذه بيده ثم أكله ينبغي أن يفسد صومه فإن ذرعه القيء لم يفطر فإن استقاء عمدا ملء فيه فعليه القضاء وإن ابتلع الحاصة أو الحديد أفطر ولا كفارة عليه ومن جامع في أحد السبيلين عامدا فعليه القضاء والكفارة ولو جامع ميتة أو بهيمة فلا كفارة أنزل أو لم ينزل ولو أكل أو شرب ما يتغذى به أو ما يتداوى به فعليه القضاء والكفارة والكفارة مثل كفارة الظهار ومن جامع فيما دون الفرج فأنزل فعليه القضاء ولا كفارة عليه وليس في إفساد صوم غير رمضان كفارة ومن احتقن أو استعط أو أقطر في أذنه أفطر ولا كفارة عليه ولو أقطر في أذنيه الماء أو دخلهما لا يفسد صومه ولو داوى جائفة أو آمة بدواء فوصل إلى جوفه أو دماغه أفطر ولو أقطر في احليله لم يفطر ومن ذاق شيئا بفمه لم يفطر ويكره له ذلك ويكره للمرأة أن تمضغ لصبيها الطعام إذا كان لها منه بد ولا بأس إذا لم تجد منه بدا ومضغ العلك لا يفطر الصائم إلا أنه يكره للصائم ولا بأس بالكحل ودهن الشارب ولا بأس بالسواك الرطب بالغداة والعشي للصائم فصل ومن كان مريضا في رمضان فخاف أن صام ازداد مرضه أفطر وقضى وإن كان مسافرا لا يستضر بالصوم فصومه أفضل وإن أفطر جاز وإذا مات المريض أو المسافر وهما على حالهما لم يلزمهما القضاء ولو صح المريض وأقام المسافر ثم ماتا لزمهما القضاء بقدر الصحة والإقامة وقضاء رمضان إن شاء فرقه(1/38)
وإن شاء تابعه وإن أخره حتى دخل رمضان آخر صام الثاني وقضى الأول بعده ولا فدية عليه والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما أفطرتا وقضتا ولا كفارة عليهما ولا فدية عليهما والشيخ الفاني الذي لا يقدر على الصيام يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا كما يطعم في الكفارات ومن مات وعليه قضاء رمضان فأوصى به أطعم عنه وليه لكل يوم مسكينا نصف صاع من بر أو صاعا من تمر او شعير ولا يصوم عنه الولي ولا يصلي ومن دخل في صلاة التطوع أو في صوم التطوع ثم أفسده قضاه وإذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر في رمضان أمسكا بقية يومهما ولو أفطرا فيه لا قضاء عليهما وصاما ما بعده ولم يقضيا يومهما ولا ما مضى وإذا نوى المسافر الإفطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه وإن كان في رمضان فعليه أن يصوم ومن أغمي عليه في رمضان لم يقض اليوم الذي حدث فيه الإغماء وقضى ما بعده وإن إغمي عليه أول ليلة منه قضاه كله غير يوم تلك الليلة ومن أغمي عليه في رمضان كله قضاه ومن جن في رمضان كله لم يقضه وإن أفاق المجنون في بعضه قضى ما مضى ومن لم ينو في رمضان كله لا صوما ولا فطرا فعليه قضاؤه ومن أصبح غير ناو للصوم فأكل لا كفارة عليه وإذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت وقضت وإذا قدم المسافر أو طهرت الحائض في بعض النهار أمسكا بقية يومهما وإذا تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فإذا هي لم تغرب أمسك بقية يومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه ثم التسحر مستحب والمستحب تأخيره إلا أنه إذا شك في الفجر الأفضل أن يدع الأكل ولو أكل فصومه تام ولو ظهر أن الفجر طالع لا كفارة عليه ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر ولو أكل فعليه القضاء ومن أكل في رمضان ناسيا وظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا عليه القضاء دون الكفارة ولو احتجم وظن أن ذلك يفطره ثم أكل متعمدا عليه القضاء والكفارة ولو أكل بعدما اغتاب متعمدا(1/39)
فعليه القضاء والكفارة كيفما كان وإذا جومعت النائمة أو المجنونة وهي صائمة عليهما القضاء دون الكفارة فصل فيما يوجبه على نفسه وإذا قال لله علي صوم يوم النحر أفطر وقضى وإن نوى يمينا فعليه كفارة يمين ولو قال لله علي صوم هذه السنة أفطر يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق وقضاها وعليه كفارة يمين أن أراد به يمينا ومن أصبح يوم النحر صائما ثم أفطر لا شيء عليه وعن أبي يوسف ومحمد في النوادر أن عليه القضاء باب الاعتكاف الاعتكاف مستحب وهو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف ولو لم يكن لها في البيت مسجد تجعل موضعا فيه فتعتكف فيه ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان أو الجمعة ولو خرج من المسجد ساعة من غير عذر فسد اعتكافه وأما الأكل والشرب والنوم يكون في معتكفه ولا بأس بأن يبيع ويبتاع في المسجد من غير أن يحضر السلعة ولا يتكلم إلا بخير ويكره له الصمت ويحرم على المعتكف الوطء واللمس والقبلة فإن جامع ليلا أو نهارا عامدا أو ناسيا بطل اعتكافه ولو جامع فيما دون الفرج فأنزل أو قبل أو لمس فأنزل بطل اعتكافه ومن أوجب على نفسه اعتكاف أيام لزمه اعتكافها بلياليها متتابعة وإن لم يشترط التتابع وإن نوى الأيام خاصة صحت نيته ومن أوجب على نفسه اعتكاف يومين يلزمه بليلتيهما وقال أبو يوسف لا تدخل الليلة الأولى كتاب الحج الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن وما لا بد منه وعن نفقة عياله إلى حين عوده وكان الطريق آمنا(1/40)
ولا يجب في العمر إلا مرة واحدة ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام وإذا وجدت محرما لم يكن للزوج منعها ولها أن تخرج مع كل محرم إلا أن يكون مجوسيا وإذا بلغ الصبي بعدما أحرم أو أعتق العبد فمضيا لم يجزهما عن حجة الإسلام ولو جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف ونوى حجة الإسلام جاز والعبد لو فعل ذلك لم يجز فصل والمواقيت التي لا يجوز أن يجاوزها الإنسان إلا محرما خمسة لأهل المدينة ذو الحليفة ولأهل العراق ذات عرق ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم ثم الآفاقي إذا انتهى إليها على قصد دخول مكة عليه أن يحرم قصد الحج أو العمرة أو لم يقصد عندنا ومن كان داخل الميقات له أن يدخل مكة بغير إحرام لحاجته فإن قدم الإحرام على هذه المواقيت جاز ومن كان داخل الميقات فوقته الحل ومن كان بمكة فوقته في الحج الحرم وفي العمرة الحل باب الإحرام وإذا أراد الإحرام اغتسل أو توضأ والغسل أفضل ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارا ورداء ومس طيبا إن كان له وصلى ركعتين وقال اللهم أني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ثم يلبي عقب صلاته وإن كان مفردا بالحج ينوي بتلبيته الحج والتلبية أن يقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات ولو زاد فيها جاز وإذا لبى فقد أحرم ولا يصير شارعا في الإحرام بمجرد النية مالم يأت بالتلبية ويتقي ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والجدال ولا يقتل صيدا ولا يشير إليه ولا يدل عليه ولا يلبس عليه قميصا ولا سراويل ولا عمامة ولا(1/41)
خفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين ولا يغطي وجهه ولا رأسه ولا يمس طيبا وكذا لا يدهن ولا يحلق رأسه ولا شعر بدنه ولا يقص من لحيته ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس ولا زعفران ولا عصفر إلا أن يكون غسيلا لا ينفض ولا بأس بأن يغتسل ويدخل الحمام ويستظل بالبيت والمحمل ولو دخل تحت استار الكعبة حتى غطته إن كان لا يصيب رأسه ولا وجهه فلا بأس به ويشد في وسطه الهميان ولا يغسل رأسه ولا لحيته بالخطمي ويكثر من التلبية عقيب الصلوات وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبا وبالأسحار ويرفع صوته بالتلبية فإذا دخل مكة ابتدأ بالمسجد الحرام وإذا عاين البيت كبر وهلل ثم ابتدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر وهلل ويرفع يديه واستلمه إن استطاع من غير أن يؤذي مسلما وإن أمكنه أن يمس الحجر بشيء في يده ثم قبل ذلك فعله ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب وقد اضطبع رداءه قبل ذلك فيطوف بالبيت سبعة أشواط والإضطباع أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على كتفه الأيسر ويجعل طوافة من وراء الحطيم ويرمل في الثلاثة الأول من الأشواط ويمشي في الباقي على هينته والرمل من الحجر إلى الحجر فإن زحمه الناس في الرمل قام فإذا وجد مسلكا رمل ويستلم الحجر كلما مر به أن استطاع ويستلم الركن اليماني ولا يستلم غيرهما ويختم الطواف بالاستلام ثم يأتي المقام فيصلي عنده ركعتين أو حيث تيسر من المسجد ثم يعود إلى الحجر فيستلمه وهذا الطواف طواف القدوم ويسمى طواف التحية وهو سنة وليس بواجب وليس على أهل مكة طواف القدوم ثم يخرج إلى الصفا فيصعد عليه ويستقبل البيت ويكبر ويهلل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يديه ويدعو الله لحاجته ثم ينحط نحو المروة ويمشي على هينته فإذا بلغ بطن الوادي يسعى بين الميلين الأخضرين سعيا ثم يمشي على هينته حتى يأتي المروة فيصعد عليها ويفعل كما فعل على الصفا وهذا شوط واحد فيطوف سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة(1/42)
ويسعى في بطن الوادي في كل شوط ثم يقيم بمكة حراما ويطوف بالبيت كلما بدا له فإذا
كان قبل يوم التروية بيوم خطب الإمام خطبة يعلم فيها الناس الخروج إلى منى والصلاة بعرفات والوقوف والإفاضة فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى فيقيم بها حتى يصلي الفجر من يوم عرفة ولو بات بمكة ليلة عرفة وصلى بها الفجر ثم غدا إلى عرفات ومر بمنى أجزأه ثم يتوجه إلى عرفات فيقيم بها وإذا زالت الشمس يصلي الإمام بالناس الظهر والعصر فيبتدىء بالخطبة فيخطب خطبة يعلم فيها الناس الوقوف بعرفة والمزدلفة ورمي الجمار والنحر والحلق وطواف الزيارة يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلسة كما في الجمعة ويصلي بهم الظهر والعصر في وقت الظهربأذان وإقامتين ولا يتطوع بين الصلاتين فإن صلى بغيرخطبة أجزأه ومن صلى الظهر في رحله وحده صلى العصر في وقته ثم يتوجه إلى الموقف فيقف بقرب الجبل والقوم معه عقيب انصرافهم من الصلاة وعرفات كلها موقف إلا بطن عرفة وينبغي للإمام أن يقف بعرفة على راحلته وإن وقف على قدميه جاز وينبغي أن يقف مستقبل القبلة ويدعو ويعلم الناس المناسك ويدعو بما شاء وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام وينبغي أن يقف وراء الإمام ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف بعرفة ويجتهد في الدعاء ويلبي في موقفه ساعة بعد ساعة وإذا غربت الشمس أفاض الإمام والناس معه على هينتهم حتى يأتوا المزدلفة فلو مكث قليلا بعد غروب الشمس وإفاضة الإمام لخوف الزحام فلا بأس به وإذا أتى مزدلفة فالمستحب أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له قزح ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة ولا يتطوع بينهما ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع عند أبي حنيفة رحمه الله ومن صلى المغرب في الطريق لم تجزه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعليه إعادتها مالم يطلع الفجر وإذا طلع الفجر يصلي الإمام بالناس الفجر بغلس ثم وقف ووقف معه الناس ودعا والمزدلفة كلها موقف إلاوادي(1/43)
محسر فإذا طلعت الشمس أفاض الإمام والناس معه حتى يأتوا منى فيبتدىء بجمرة العقبة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات مثل حصى الخزف ولو رمى بأكبر منها جاز ولو رماها من فوق
العقبة أجزأه ويكبر مع كل حصاة ولو سبح مكان التكبير أجزأه ولا يقف عندها ويقطع التلبية مع أول حصاة ولو طرحها طرحا أجزأه ولو وضعها وضعا لم يجزه ولو رماها فوقعت قريبا من الجمرة يكفيه ولو وقعت بعيدا منها لا يجزئه ولو رمى بسبع حصيات جملة فهذه واحدة ويأخذ الحصى من أي موضع شاء إلا من عند الجمر فإن ذلك يكره ويجوز الرمي بكل ما كان من أجزاء الأرض عندنا ثم يذبح أن أحب ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل وقد حل له كل شيء إلاالنساء ولا يحل له الجماع فيما دون الفرج عندنا ثم الرمي ليس من أسباب التحلل عندنا ثم يأتي مكة من يومه ذلك أو من الغد أو من بعد الغد فيطوف بالبيت طواف الزيارة سبعة أشواط ووقته أيام النحر وأول وقته بعد طلوع الفجر من يوم النحر فإن كان قد سعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ولا سعى عليه وإن كان لم يقدم السعي رمل في هذا الطواف وسعى بعده ويصلي ركعتين بعد هذا الطواف وقد حل له النساء وهذا الطواف هو المفروض في الحج ويكره تأخيره عن هذه الأيام وإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة ثم يعود إلى منى فيقيم بها فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني من أيام النحر رمى الجمار الثلاث فيبدأ بالتي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها ويقف عند الجمرتين في المقام الذي يقف فيه الناس ويحمد الله ويثني عليه ويهلل ويكبر ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام ويدعو بحاجته ويرفع يديه وإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس كذلك وإن أراد أن يتعجل النفر إلى مكة نفر وإن أراد أن يقيم رمي الجمار الثلاث في اليوم الرابع بعد(1/44)
زوال الشمس والأفضل أن يقيم وإن قدم الرمي في هذا اليوم قبل الزوال بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفة
رحمه الله فأما يوم النحر فأول وقت الرمي فيه من وقت طلوع الفجر وإن أخره إلى الليل رماه ولا شيء عليه وإن أخره إلى الغد رماه وعليه دم فإن رماها راكبا أجزأه وكل رمي بعده رمي فالأفضل أن يرميه ماشيا وإلا فيرميه راكبا ويكره أن لا يبيت بمنى ليالي الرمي ولو بات في غيرها متعمدا لا يلزمه شيء عندنا ويكره أن يقدم الرجل ثقله إلى مكة ويقيم حتى يرمي وإذا نفر إلى مكة نزل بالمحصب ثم دخل مكة وطاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها وهذاطواف الصدر وهو واجب عندنا إلا على أهل مكة ثم يأتي زمزم ويشرب من مائها ويستحب أن يأتي الباب ويقبل العتبة ويأتي الملتزم وهو ما بين الحجر إلى الباب فيضع صدره ووجهه عليه ويتشبث بالأستار ساعة ثم يعود إلى أهله فصل فإن لم يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها سقط عنه طواف القدوم ولا شيء عليه بتركه ومن أدرك الوقوف بعرفة ما بين زوال الشمس من يومها إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ثم إذا وقف بعد الزوال وأفاض من ساعته أجزأه ومن اجتاز بعرفات نائما أو مغمى عليه أو لا يعلم أنها عرفات جاز عن الوقوف ومن أغمي عنه فأهل عنه رفقاؤه جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز ولو أمر إنسانا بأن يحرم عنه إذا أغمي عليه أو نام فأحرم المأمور عنه صح والمرأة في جميع ذلك كالرجل غير أنها لا تكشف رأسها وتكشف وجهها ولو سدلت شيئا على وجهها وجافته عنه جاز ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق ولكن تقصر وتلبس من المخيط ما بدا لها ومن قلد بدنه تطوعا أو نذرا أو جزاء صيد أو شيئا من الأشياء وتوجه معها يريد الحج فقد أحرم فإن قلدها وبعث بها ولم يسقها لم يصر محرما فإن توجه بعد ذلك لم يصر محرما حتى يلحقها فإن أدركها وساقها أو أدركها فقد اقترنت نيته بعمل هو من خصائص الإحرام فيصير محرما(1/45)
إلا في بدنة المتعة فإنه محرم حين توجه فإن جلل بدنة أو أشعرها أو قلد شاة لم يكن محرما والبدن من الإبل والبقر
باب القران القران أفضل من التمتع والإفراد وصفة القران أن يهل بالعمرة والحج معا من الميقات ويقول عقيب الصلاة اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني فإذا دخل مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاث الأول منها ويسعى بعدها بين الصفا والمروة وهذه أفعال العمرة ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم سبعة أشواط ويسعى بعده كما بينا في المفرد ويقدم أفعال العمرة ولا يحلق بين العمرة والحج فإن طاف طوافين لعمرته وحجته وسعى سعيين يجزيه وإذا رمى الجمرة يوم النحر ذبح شاة أو بقرة أو بدنة أو سبع بدنه فهذا دم القران فإذا لم يكن له ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله وإن صامها بمكة بعد فراغه من الحج جاز فإن فاته الصوم حتى أتى يوم النحر لم يجزه إلا الدم ولا يؤدي بعدها فإن لم يدخل القارن مكة وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف وسقط عنه دم القران وعليه دم لرفض عمرته وعليه قضاؤها باب التمتع التمتع أفضل من الإفراد عندنا والمتمتع على وجهين متمتع يسوق الهدي ومتمتع لا يسوق الهدي وصفته أن يبتدىء من الميقات في أشهر الحج فيحرم بالعمرة ويدخل في مكة فيطوف لها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل من عمرته ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالطواف ويقيم بمكة حلالا فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد وفعل ما يفعله الحاج المفرد وعليه دم التمتع فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج سبعة وإذا رجع إلى أهله فإن صام ثلاثة ايام من شوال ثم اعتمر لم يجزه عن الثلاثة وإن صامها بعد ما أحرم بالعمرة قبل أن يطوف جاز عندنا والأفضل تأخيرها إلى آخر وقتها وهو يوم(1/46)
عرفة وإن أراد المتمتع أن يسوق الهدي أحرم وساق هديه فإن كانت بدنة قلدها بمزادة أو نعل وأشعر البدنة عند أبي يوسف ومحمد ولا يشعر عند أبي حنيفة ويكره وصفته أن يشق سنامها من الجانب الآيمن أو الأيسر فإذا دخل مكة طاف وسعى إلا أنه لا يتحلل حتى يحرم بالحج يوم التروية وإن قدم الإحرام قبله جاز وما عجل المتمتع من الإحرام بالحج فهو أفضل وعليه دم وإذا حلق يوم النحر فقد حل من الإحرامين وليس لأهل مكة تمتع ولا قران وإنما لهم الإفراد خاصة ومن كان داخل المواقيت فهو بمنزلة المكي حتى لا يكون له متعة ولا قران وإذا عاد المتمتع إلى بلده بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه وإذا ساق الهدي فإلمامه لا يكون صحيحا ولا يبطل تمتعه ومن أحرم بعمرة قبل أشهر الحج فطاف لها أقل من أربعة أشواط ثم دخلت أشهر الحج فتمها وأحرم بالحج كان متمتعا وإن طاف لعمرته قبل أشهر الحج أربعة أشواط فصاعدا ثم حج من عامه ذلك لم يكن متمتعا وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فإن قدم الإحرام بالحج عليها جاز إحرامه وانعقد حجا وإذا قدم الكوفي بعمرة في أشهر الحج وفرغ منها وحلق أو قصر ثم اتخذ مكة أو البصرة دارا وحج من عامه ذلك فهو متمتع فإن قدم بعمرة فأفسدها وفرغ منها وقصر ثم اتخذ البصرة دارا وحج من عامه لم يكن متمتعا عند أبي حنيفة وقالا هو متمتع فإن كان رجع إلى أهله ثم اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه يكون متمتعا في قولهم جميعا ولو بقي بمكة ولم يخرج إلى البصرة حتى اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه لايكون متمتعا بالاتفاق ومن اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه فأيهما أفسد مضى فيه وسقط دم المتعة وإذا تمتعت المرأة فضحت بشاة لم يجزها عن دم المتعة وإذا حاضت المرأة عند الإحرام اغتسلت وأحرمت وصنعت كما يصنعه الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر فإن حاضت بعد الوقوف وطواف الزيارة انصرفت من مكة ولا شيء عليها لطواف الصدر ومن اتخذ مكة(1/47)
دارا فليس عليه طواف الصدر
باب الجنايات وإذا تطيب المحرم فعليه الكفارة فإن طيب عضوا كاملا فما زاد فعليه دم وإن طيب أقل من عضو فعليه الصدقة وكل صدقة في الإحرام غير مقدرة فهي نصف صاع من بر إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة فإن خضب رأسه بحناء فعليه دم ولو خضب رأسه بالوسمة لا شيء عليه فإن أدهن بزيت فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الصدقة ولو داوى به جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه وإن لبس ثوبا مخيطا أو غطى رأسه يوما كاملا فعليه دم وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو ائتزر بالسراويل فلا بأس به وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين وإذا حلق ربع رأسه أو ربع لحيته فصاعدا فعليه دم فإن كان أقل من الربع فعليه صدقة وإن حلق الرقبة كلها فعليه دم وإن حلق الإبطين أو أحدهما فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد إذا حلق عضوا فعليه دم وإن كان أقل فطعام وإن أخذ من شاربه فعليه طعام حكومة عدل وإن حلق موضع المحاجم فعليه دم عند أبي حنيفة وقالا عليه صدقة وإن حلق رأس محرم بأمره أو بغير أمره فعلى الحالق الصدقة وعلى المحلوق دم فإن أخذ من شارب حلال أو قلم أظافيره أطعم ما شاء وإن قص أظافير يديه ورجليه فعليه دم ولا يزاد على دم إن حصل في مجلس واحد وإن قص يدا أو فعليه دم وأن قص أقل من خمسة أظافير فعليه صدقة وإن قص خمسة أظافير رجلا متفرقة من يديه ورجليه فعليه صدقة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه دم وإن انكسر ظفر المحرم وتعلق فأخذه فلا شيء عليه وإن تطيب أو لبس مخيطا أو حلق من عذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام وإن شاء صام ثلاثة أيام ولو اختار الطعام أجزأه فيه التغدية والتعشية عند أبي يوسف وعند محمد لا يجزئه(1/48)
فصل فإن نظر إلى فرج امرأته بشهوة فأمنى لا شيء عليه وإن قبل أو لمس بشهوة فعليه دم وإن جامع في أحد السبيلين قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وعليه شاة ويمضي في الحج كما يمضي من لم يفسده وعليه القضاء وليس عليه أن يفارق امرأته في قضاء ما أفسداه عندنا ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه وعليه بدنة وإن جامع بعد الحلق فعليه شاة ومن جامع في العمرة قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته فيمضي فيها ويقضيها وعليه شاة وإذا جامع بعدما طاف أربعة أشواط أو أكثر فعليه شاة ولا تفسد عمرته ومن جامع ناسيا كان كمن جامع متعمدا فصل ومن طاف طواف القدوم محدثا فعليه صدقة ولو طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة وإن كان جنبا فعليه بدنة والأفضل أن يعيد الطواف ما دام بمكة ولا ذبح عليه ومن طاف طواف الصدر محدثا فعليه صدقة ولو طاف جنبا فعليه شاة ومن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها فعليه شاة ومن ترك أربعة أشواط بقي محرما أبدا حتى يطوفها ومن ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط منه فعليه شاة ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر فعليه الصدقة ومن طاف طواف الواجب في جوف الحجر فإن كان بمكة أعاده وإن أعاد على الحجر أجزأه فإن رجع إلى أهله ولم يعده فعليه دم ومن طاف طواف الزيارة على غير وضوء وطواف الصدر في آخر أيام التشريق طاهرا فعليه دم فإن كان طاف طواف الزيارة جنبا فعليه دمان عند أبي حنيفة وقالا عليه دم واحد ومن طاف لعمرته وسعى على غير وضوء وحل فما دام بمكة يعيدهما ولا شيء عليه وإن رجع إلى أهله قبل أن يعيد فعليه دم ومن ترك السعي بين الصفا والمروة فعليه دم وحجه تام ومن أفاض قبل الإمام من عرفات فعليه دم ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها فعليه دم ويكفيه دم واحد(1/49)
وإن ترك رمي يوم واحد فعليه دم ومن ترك رمي إحدى الجمار الثلاث فعليه الصدقة وإن ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر فعليه دم وإن ترك منها حصاة أو حصاتين أو ثلاثا تصدق لكل حصاة نصف صاع إلا أن يبلغ دما فينقص ما شاء ومن أخر الحلق حتى مضت أيام النحر فعليه دم عند أبي حنيفة وكذا أذا أخر طواف الزيارة فعليه دم عنده وقالا لا شيء عليه في الوجهين وإن حلق في ايام النحر في غير الحرم فعليه دم ومن اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا شيء عليه والتقصير والحلق في العمرة غير موقت بالزمان بالإجماع فإن لم يقصر حتى رجع وقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا فإن حلق القارن قبل أن يذبح فعليه دمان فصل اعلم أن صيد البر محرم على المحرم وصيد البحر حلال وإذا قتل المحرم صيدا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء وسواء في ذلك العامد والناسي والمبتدىء والعائد سواء والجزاء عند أبي حنيفة وأبي يوسف أن يقوم الصيد في المكان الذي قتل فيه أو في أقرب المواضع منه إذا كان في برية فيقومه ذوا عدل ثم هو مخير في الفداء إن شاء ابتاع بها هديا وذبحه إن بلغت هديا وإن شاء اشترى بها طعاما وتصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير وإن شاء صام ويقومان في المكان الذي أصابه والهدي لا يذبح إلا بمكة ويجوز الإطعام في غيرها والصوم يجوز في غير مكة فإن ذبح الهدي بالكوفة أجزأه عن الطعام وإذا وقع الاختيار على الهدي يهدى ما يجزيه في الأضحية وإذا اشترى بالقيمة طعاما تصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير ولا يجوز أن يطعم المسكين أقل من نصف صاع وإن اختار الصيام يقوم المقتول طعاما ثم يصوم عن كل نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير يوما فإن فضل من الطعام أقل من نصف صاع فهو مخير إن شاء تصدق به وإن شاء صام عنه يوما كاملا(1/50)
ولو جرح صيدا أو نتف شعره أو قطع عضوا منه ضمن ما نقصه ولو نتف ريش طائر أو قطع قوائم صيد فخرج من حيز الامتناع فعليه قيمته كاملة ومن كسر بيض نعامة فعليه قيمته فإن خرج من البيض فرخ ميت فعليه قيمته حيا وليس في قتل الغراب والحدأة والذئب والحية والعقرب والفارة والكلب العقور جزاء وليس في قتل البعوض والنمل والبراغيث والقراد شيء ومن قتل قملة تصدق بما شاء وفي الجامع الصغير أطعم شيئا ومن قتل جرادة تصدق بما شاء وتمرة خير من جرادة ولا شيء عليه في ذبح السلحفاة ومن حلب صيد الحرم فعليه قيمته ومن قتل ما يؤكل لحمه من الصيد كالسباع ونحوها فعليه الجزاء ولا يجاوز بقيمته شاة وإذا صال السبع عن المحرم فقتله لا شيء عليه وإن اضطر المحرم إلى قتل صيد فقتله فعليه الجزاء ولا بأس للمحرم أن يذبح الشاة والبقرة والبعير والدجاجة والبط الأهلي ولو ذبح حماما مسرولا فعليه الجزاء وكذا إذا قتل ظبيا مستأنسا وإذا ذبح المحرم صيدا فذبيحته ميتة لا يحل أكلها فإن أكل المحرم الذابح من ذلك شيئا فعليه قيمة ما أكل عند أبي حنيفة وقالا ليس عليه جزاء ما أكل وإن أكل منه محرم آخر فلا شيء عليه في قولهم جميعا ولا بأس بأن يأكل المحرم لحم صيد اصطاده حلال وذبحه إذا لم يدل المحرم عليه ولا أمره بصيده وفي صيد الحرم إذا ذبحه الحلال قيمته يتصدق بها على الفقراء ولا يجزئه الصوم ومن دخل الحرام بصيد فعليه أن يرسله فيه إذا كان في يده فإن باعه رد البيع فيه إن كان قائما وإن كان فائتا فعليهالجزاء وكذلك بيع المحرم الصيد من محرم أو حلال ومن ا حرم وفي بيته أو في قفص معه صيد فليس عليه أن يرسله فإن أصاب حلال صيدا ثم أحرم فأرسله من يده غيره يضمن عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن وإذا أصاب محرم صيدا فأرسله من يده غيره لا ضمان عليه بالاتفاق فإن قتله محرم آخر في يده فعلى كل واحد منهما جزاؤه ويرجع الآخذ على القاتل فإن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما(1/51)
لا ينبته الناس فعليه قيمته إلا فيما جف منه ولا يرعى
حشيش الحرم ولا يقطع إلا الأذخر وكل شيء فعله القارن مما ذكرنا أن فيه على المفرد دما فعليه دمان دم لحجته ودم لعمرته إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم بالعمرة أو الحج فيلزمه دم واحد وإذا اشترك محرمان في قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل وإذا اشترك حلالان في قتل صيد الحرم فعليهما جزاء واحد وإذا باع المحرم الصيد أو ابتاعه فالبيع باطل ومن أخرج ظبية من الحرم فولدت أولادا فماتت هي وأولادها فعليه جزاؤهن فإن أدى جزاءها ثم ولدت ليس عليه جزاء الولد باب مجاوزة الوقت بغير إحرام وإذا أتى الكوفي بستان بني عامر فأحرم بعمرة فإن رجع إلى ذات عرق ولبى بطل عنه دم الوقت وإن رجع إليه ولم يلب حتى دخل مكة وطاف لعمرته فعليه دم فإن دخل البستان لحاجته فله أن يدخل مكة بغير إحرام ووقته البستان وهو وصاحب المنزل سواء فإن أحرما من الحل ووقفا بعرفة لم يكن عليهما شيء ومن دخل مكة بغير إحرام ثم خرج من عامه ذلك إلى الوقت وأحرم بحجة عليه أجزأه ذلك من دخوله مكة بغير إحرام ومن جاوز الوقت فأحرم بعمرة وأفسدها مضى فيها وقضاها وليس عليه دم لترك الوقت وإذا خرج المكي يريد الحج فأحرم ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة فعليه شاة والمتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم فأحرم ووقف بعرفة فعليه دم فإن رجع إلى الحرم فأهل فيه قبل أن يقف بعرفة فلا شيء عليه باب إضافة الإحرام إلى الإحرام قال أبو حنيفة رحمه الله إذا أحرم المكي بعمرة وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج فإنه يرفض الحج وعليه لرفضه دم وعليه حجة وعمرة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله رفض العمرة أحب إلينا وقضاؤها وعليه دم وإن مضى عليهما أجزأه(1/52)
وعليه دم لجمعه بينهما ومن أحرم بالحج ثم احرم يوم النحر بحجة أخرى فإن حلق في الأولى لزمته الأخرى ولا شيء عليه وإن لم يحلق في الأولى لزمته الآخرى وعليه دم قصر أو لم يقصر عند أبي حنيفة وقالا أن لم يقصر فلا شيء عليه ومن فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى فعليه دم لاحرامه قبل الوقت ومن أهل بالحج ثم أحرم بعمرة لزماه فلو وقف بعرفات ولم يأت بأفعال العمرة فهو رافض لعمرته فإن توجه إليها لم يكن رافضا حتى يقف فإن طاف للحج ثم أحرم بعمرة فمضى عليهما لزماه وعليه دم لجمعه بينهما ويستحب أن يرفض عمرته وإذا رفض عمرته يقضيها وعليه دم ومن أهل بعمرة في يوم النحر أو في ايام التشريق لزمته ويرفضها وعمرة مكانها فإن مضى عليها أجزأه وعليه دم لجمعه بينهما فإن فاته الحج ثم أحرم بعمرة أو بحجة فإنه يرفضها باب الإحصار وإذا أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي جاز له التحلل وإذا جاز له التحلل يقال له ابعث شاة تذبح في الحرم وواعد من تبعثه بيوم بعينه يذبح فيه ثم تحلل وإن كان قارنا بعث بدمين فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما ولا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم ويجوز ذبحه قبل يوم النحر عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر ويجوز للمحصر بالعمرة متى شاء والمحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة وعلى المحصر بالعمرة القضاء وعلى القارن حج وعمرتان فإن بعث القارن هديا وواعدهم أن يذبحوه في يوم بعينه ثم زال الإحصار فإن كان لا يدرك الحج والهدي لا يلزمه أن يتوجه بل يصبر حتى يتحلل ينحر الهدي وإن كان يدرك الحج والهدي لزمه التوجه وإذا أدرك هديه صنع به ما شاء وإن كان يدرك الهدي دون الحج يتحلل وإن كان يدرك الحج دون الهدي جاز له(1/53)
التحلل ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرا ومن أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف فهو محصر وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر باب الفوات ومن أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج وعليه أن يطوف ويسعى ويتحلل ويقضي الحج من قابل ولا دم عليه والعمرة لا تفوت وهي جائزة في جميع السنة إلا خمسة أيام يكره فيها فعلها وهي يوم عرفه ويوم النحر وأيام التشريق والعمرة سنة وهي الطواف والسعي باب الحج عن الغير ومن أمره رجلان بأن يحج عن كل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة أن انفق من مالهما وإن أبهم الإحرام بأن نوى عن أحدهما غير عين فإن مضى على ذلك صار مخالفا فإن أمره غيره أن يقرن عنه فالدم على من احرم وكذا إن أمره واحد بأن يحج عنه والآخر بأن يعتمر عنه وأذنا له بالقران فالدم عليه ودم الإحصار على الآمر وقال أبو يوسف على الحاج فإن كان يحج عن ميت فأحصر فالدم في مال الميت ودم الجماع على الحاج ويضمن النفقة ومن أوصى بأن يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي وقالا يحج عنه من حيث مات الأول ومن أهل بحجة عن أبويه يجزئه أن يجعله عن أحدهما باب الهدي الهدي أدناه شاة وهو من ثلاثة أنواع الإبل والبقر والغنم ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاز في الضحايا والشاة جائزة في كل شيء إلا في موضعين من طاف طواف الزيارة جنبا ومن جامع بعد الوقوف بعرفة فإنه لا يجوز فيهما إلا بدنة ويجوز الأكل من هدي التطوع والمتعة والقران ويستحب له أن يأكل منها أو لا(1/54)
يجوز الأكل من بقية الهدايا ولا يجوز ذبح هدي التطوع والمتعة والقران إلا في يوم النحر وفي الأصل يجوز ذبح دم التطوع قبل يوم النحر وذبح يوم النحر أفضل وهو الصحيح فإذا وجد ذلك جاز ذبحها في غير يوم النحر وفي أيام النحر أفضل ويجوز ذبح بقية الهدايا في أي وقت شاء ولا يجوز ذبح الهدايا إلا في الحرم ويجوز أن يتصدق بها على مساكين الحرم وغيرهم ولا يجب التعريف بالهدايا فإن عرف بهدي المتعة فحسن والأفضل في البدن النحر وفي البقر والغنم الذبح ولا يذبح البقر والغنم قياما والأولى أن يتولى ذبحها بنفسه إذا كان يحسن ذلك ويتصدق بجلالها وخطامها ولا يعطي أجرة الجزار منها ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها ركبها وإن استغنى عن ذلك لم يركبها وإن كان لها لبن لم يحلبها وينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن ومن ساق هديا فعطب فإن كان تطوعا فليس عليه غيره وإن كان عن واجب فعليه أن يقيم غيره مقامه وإن أصابه عيب كبير يقيم غيره مقامه وصنع بالمعيب ما شاء وإذا عطبت البدنة في الطريق فإن كان تطوعا نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها ولا يأكل هو ولا غيره من الأغنياء منها فإن كانت واجبة أقام غيرها مقامها وصنع بها ما شاء ويقلد هدي التطوع والمتعة والقران ولا يقلد دم الإحصار ولا دم الجنايات مسائل منثورة أهل عرفة إذا وقفوا في يوم وشهد قوم أنهم وقفوا يوم النحر أجزأهم ومن رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة ولم يرم الأولى فإن رمى الأولى ثم الباقيتين فحسن ولو رمى الأولى وحدها أجزأه ومن جعل على نفسه أن يحج ما شيا فإنه لا يركب حتى يطوف طواف الزيارة ومن باع جارية محرمة قد أذن لها مولاها في ذلك فللمشتري أن يحللها ويجامعها وفي بعض النسخ أو يجامعها(1/55)
كتاب النكاح النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول بلفظين يعبر بهما عن الماضي وينعقد بلفظين يعبر بأحدهما عن الماضي وبالآخر عن المستقبل مثل أن يقول زوجني فيقول زوجتك وينعقد بلفظ النكاح والتزويج والهبة والتمليك والصدقة وينعقد بلفظ البيع ولا ينعقد بلفظة الإجارة والإباحة والإحلال والإعارة والوصية ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين حرين عاقلين بالغين مسلمين رجلين أو رجل وامرأتين عدولا كانوا أو غير عدول أو محدودين في القذف وإن تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر لا يجوز ومن أمر رجلا بأن يزوج ابنته الصغيرة فزوجها والأب حاضر بشهادة رجل واحد سواهما جاز النكاح وإن كان الأب غائبا لم يجز فصل في بيان المحرمات لا يحل للرجل أن يتزوج بأمه ولا بجداته من قبل الرجال والنساء ولا ببنته ولا ببنت ولده وإن سفلت ولا بأخته ولا ببنات أخته ولا ببنات أخيه ولا بعمته ولا بخالته ولا بأم امرأته التي دخل بها أو لم يدخل ولا ببنت امرأته التي دخل بها سواء كانت في حجره أو في حجر غيره ولا بامرأة أبيه وأجداده ولا بامرأة ابنه وبني أولاده ولا بأمه من الرضاعة ولا بأخته من الرضاعة ولا يجمع بين أختين نكاحا ولا يملك يمين وطء فإن تزوج أخت أمه وله قد وطئها صح النكاح ولا يطأ الأمة وإن كان لم يطأ المنكوحة فإن تزوج أختين في عقدتين ولا يدري أيتهما أولى فرق بينه وبينهما ولهما نصف المهر ولا يجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها ولا يجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى ولا بأس بأن يجمع بين امرأة وبنت زوج كان لها من قبل ومن زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها ومن مسته امرأة بشهوة(1/56)
حرمت عليه أمها وابنتها وإذا طلق امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا لم يجز له أن يتزوج بأختها حتى تنقضي عدتها ولا يتزوج المولى أمته ولا المرأة عبدها ويجوز تزوج الكتابيات ولا يجوز تزوج المجوسيات ولا الوثنيات ويجوز تزوج الصابئيات إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز مناكحتهم ويجوز للمحرم والمحرمة أن يتزوجا في حالة الإحرام ويجوز تزوج الأمة مسلمة كانت أو كتابية ولا يتزوج أمة على حرة ويجوز تزوج الحرة عليها فإن تزوج أمة على حرة في عدة من طلاق بائن أو ثلاث لم يجز عند أبي حنيفة رحمه الله ويجوز عندهما وللحر أن يتزوج أربعا من الحرائر والإماء وليس له ان يتزوج أكثر من ذلك ولا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من اثنتين فإن طلق الحر إحدى الأربع طلاقا بائنا لم يجز له أن يتزوج رابعة حتى تنقضي عدتها وإن تزوج حبلى من زنى جاز النكاح ولا يطؤها حتى تضع حملها وإن كان الحمل ثابت النسب فالنكاح باطل بالإجماع فإن تزوج حاملا من السبي فالنكاح فاسد وإن زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل ومن وطىء جاريته ثم زوجها جاز النكاح وإذا جاز النكاح فللزوج أن يطأها قبل الاستبراء وكذا إذا رأى امرأة تزني فتزوجها حل له أن يطأها قبل أن يستبرئها عندهما وقال محمد لا أحب له أن يطأها مالم يستبرئها ونكاح المتعة باطل والنكاح المؤقت باطل ومن تزوج امرأتين في عقدة واحدة وإحداهما لا يحل له نكاحها صح نكاح التي يحل نكاحها وبطل نكاح الأخرى ومن ادعت عليه امرأة أنه تزوجها وأقامت بينة فجعلها القاضي امرأته ولم يكن تزوجها وسعها المقام معه وأن تدعه يجامعها باب في الأولياء والأكفاء وينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكرا(1/57)
كانت ثيبا أو بكرا عند أبي حنيفة وأبي يوسف في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف أنه لا ينعقد إلا بولي وعند محمد ينعقد موقوفا ولا يجوز للولي إجبار البكر البالغة على النكاح فإذا استأذنها الولي فسكتت أو ضحكت فهو إذن وإن فعل هذا غير الولي أو ولي غيره أولى منه لم يكن رضا حتى تتكلم به ولا تشترط تسمية المهر ولو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو على ما ذكرنا ولو استأذن الثيب فلا بد من رضاها بالقول وإذا زالت بكارتها بوثبة أو حيضة أو جراحة أو تعنيس فهي في حكم الأبكار ولو زالت بزنى فهي كذلك عند أبي حنيفة وإذا قال الزوج بلغك النكاح فسكت وقال ترددت فالقول قولها وإن أقام الزوج البينة على سكوتها ثبت النكاح ويجوز نكاح الصغير والصغيرة إذا زوجهما الولي بكرا كانت الصغيرة أو ثيبا والولي هو العصبة فإن زوجهما الأب أو الجد فلا خيار لهما بعد بلوغهما وإن زوجهما غير الأب والجد فلكل واحد منهما الخيار إذا بلغ إن شاء أقام على النكاح وإن شاء فسخ ويشترط فيه القضاء ثم عندهما إذا بلغت الصغيرة وقد علمت بالنكاح فسكتت فهو رضا وإن لم تعلم بالنكاح فلها الخيار حتى تعلم فتسكت ثم خيار البكر يبطل السكوت ولا يبطل خيار الغلام مالم يقل رضيت أو يجيء منه ما يعلم أنه رضا وكذلك الجارية إذا دخل بها الزوج قبل البلوغ وخيارالبلوغ في حق البكر لا يمتد إلى آخر المجلس ولا يبطل بالقيام في حق الثيب والغلام ثم الفرقة بخيار البلوغ ليست بطلاق فإن مات أحدهما قبل البلوغ ورثه الآخر ولا ولاية لعبد ولا صغير ولا مجنون ولا لكافر على مسلم ولغير العصبات من الآقارب ولاية التزويج عند أبي حنيفة رحمه الله ومن لا ولي لها أذا زوجها مولاها الذي أعتقها جاز وإذا عدم الأولياء فالولاية إلى الإمام والحاكم فإذا غاب الولي الأقرب غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه أن يزوج والغيبة المنقطعة أن يكون في بلد لا تصل إليه القوافل في السنة إلا مرة واحدة وإذا اجتمع في المجنونة أبوها(1/58)
وابنها فالولي في إنكاحها ابنها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله أبوها
فصل في الكفاءة الكفاءة في النكاح معتبرة وإذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء فللأولياء أن يفرقوا بينهما ثم الكفاءة تعتبر في النسب فقريش بعضهم أكفاء لبعض والعرب بعضهم أكفاء لبعض وأما الموالي فمن كان له أبوان في الإسلام فصاعدا فهو من الأكفاء ومن أسلم بنفسه أو له أب واحد في الإسلام لا يكون كفؤا لمن له أبوان ومن أسلم بنفسه لا يكون كفؤا لمن له أب واحد في الإسلام وتعتبر أيضا في الدين وفي المال وهو أن يكون مالكا للمهر والنفقة وفي الصنائع وإذا تزوجت المرأة ونقصت عن مهر مثلها فللأولياء الاعتراض عليها عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يتم لها مهر مثلها أو يفارقها وإذا زوج الأب ابنته الصغيرة ونقص من مهرها أو ابنه الصغير وزاد في مهر امرأته جاز ذلك عليهما ولا يجوز ذلك لغير الأب والجد وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز الحط والزيادة إلا بما يتغابن الناس فيه ومن زوج ابنته وهي صغيرة عبدا أو زوج ابنه وهو صغير أمة فهو جائز وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله فصل في الوكالة بالنكاح وغيرها ويجوز لابن العم أن يزوج بنت عمه من نفسه وإذا أذنت المرأة لرجل أن يزوجها من نفسه فعقد بحضرة شاهدين جاز وتزويج العبد والأمة بغير إذن مولاهما موقوف فإن أجازه الولي جاز وإن رده بطل وكذا لو زوج رجل امرأة بغير رضاها أو رجلا بغير رضاه ومن قال اشهدوا أني قد زوجتها منه فبلغها الخبر فأجازت فهو باطل وإن قال آخر اشهدوا أني قد زوجتها منه فبلغها الخبر فأجازت جاز وكذا إن كانت المرأة هي التي قالت جميع ذلك ومن أمر رجلا أن يزوجه امرأة فزوجه اثنتين في عقدة لم تلزمه واحدة منهما ومن أمره أمير بأن يزوجه امرأة فزوجه أمة لغيره جاز عند ابي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد لا يجوز إلا أن يزوجه كفؤا باب المهر ويصح النكاح وإن لم يسم فيه مهرا وأقل المهر عشرة دراهم(1/59)
ولو سمي أقل من عشرة فلها العشرة وقال زفر لها مهر المثل ومن سمى مهرا عشرة فما زاد
فعليه المسمى إن دخل بها أو مات عنها وإن طلقها قبل الدخول بها والخلوة فلها نصف المسمى وإن تزوجها ولم يسم لها مهرا أو تزوجها على أن لا مهر لها فلها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها ولو طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة والمتعة ثلاثة أثواب من كسوة مثلها ويشترط في المتعة أن لا تزيد على نصف مهر مثلها ولا تنقص عن خمسة دراهم وإن تزوجها ولم يسم لها مهرا ثم تراضيا على تسميته فهي لها إن دخل بها أو مات عنها وإن طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة فإن زاد لها في المهر بعد العقد لزمته الزيادة وتسقط بالطلاق قبل الدخول وإن حطت عنه من مهرها صح الحط وإذا خلا الرجل بامرأته وليس هناك مانع من الوطء ثم طلقها فلها كمال المهر وإن كان أحدهما مريضا أو صائما في رمضان أو محرما بحج فرض أو نفل أو بعمرة أو كانت حائضا فليست الخلوة صحيحة وإن كان احدهما صائما تطوعا فلها المهر كله وإذا خلا المجبوب بامرأته ثم طلقها فلها كمال المهر عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه نصف المهر وعليها العدة في جميع هذه المسائل وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا لمطلقة واحدة وهي التي طلقها الزوج قبل الدخول بها وقد سمى لها مهرا وإذا زوج الرجل بنته على أن يزوجه الآخر بنته أو أخته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر فالعقدان جائزان ولكل واحدة منهما مهر مثلها وأن تزوج حر امرأة على خدمته إياها سنة أو على تعليم القرآن فلها مهر مثلها وقال محمد لها قيمة خدمته سنة وإن تزوج عبد امرأة بإذن مولاه على خدمته سنة جاز ولها خدمته فإن تزوجها على ألف فقبضتها ووهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بخمسمائة فإن لم تقبض الألف حتى وهبتها له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء ولو قبضت خمسمائة ثم وهبت الألف كلها المقبوض وغيره أو وهبت الباقي ثم طلقها قبل(1/60)
الدخول بها لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليها بنصف ما قبضت ولو كان تزوجها على عرض فقبضته أو لم تقبض فوهبته له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع عليها بشيء ولو تزوجها على حيوان أو عروض في الذمة فكذلك الجواب وإذا
تزوجها على ألف على أن لا يخرجها من البلدة أو على أن لا يتزوج عليها أخرى فإن وفى بالشرط فلها المسمى وإن تزوج عليها أخرى أو أخرجها فلها مهر مثلها ولو تزوجها على ألف إن اقام بها وعلى ألفين إن أخرجها فإن أقام بها فلها الألف وإن أخرجها فلها مهر المثل لا يزاد على الألفين ولا ينقص عن الألف وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا الشرطان جميعا جائزان ولو تزوجها على هذا العبد أو على هذا العبد فإذا أحدهما أوكس والآخر أرفع فإن كان مهر أقل من أوكسهما فلها الأوكس وإن كان أكثر من أرفعهما فلها الأرفع وإن كان بينهما مهر مثلها فإن طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الأوكس في ذلك كله بالإجماع وإذا تزوجها على حيوان غير موصوف صحت التسمية ولها الوسط منه والزوج مخير إن شاء أعطاها ذلك وإن شاء أعطاها قيمته وإن تزوجها على ثوب غير موصوف فلها مهر المثل فإن تزوج مسم على خمر أو خنزير فالنكاح جائز ولها مهر مثلها فإن تزوج امرأة على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر فلها مهر مثلها عند أبي حنيفة وقالا لها مثل وزنه خلا وإذا تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف تجب القيمة فإن تزوجها على هذين العبدين فإذا أحدهما حر فليس لها إلا الباقي إذا ساوى عشرة دراهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف لها العبد وقيمة الحر لو كان عبدا وقال محمد لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من قيمة العبد وإذا فرق القاضي بين الزوجين في النكاح الفاسد قبل الدخول فلا مهر لها وكذا بعد الخلوة فإن دخل بها فلها مهر مثلها لا يزاد على المسمى وعليها(1/61)
العدة وثبت نسب ولدها ومهر مثلها يعتبر بإخواتها وعماتها وبنات أعمامها ولا يعتبر بامها وخالتها إذا لم تكونا من قبيلتها فإن كانت الأم من قوم أبيها بأن كانت بنت عمه فحينئذ يعتبر بمهرها ويعتبر في مهر المثل أن تتساوى المرأتان في السن والجمال والمال والعقل والدين والبلد والعصر وإذا ضمن الولي المهر صح ضمانه ثم المرأة بالخيار في مطالبتها زوجها أو وليها وللمرأة أن تمنع نفسها حتى تأخذ المهر وتمنعه أن
يخرجها وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله وزيارة أهلها حتى يوافيها المهر كله ولو كان المهر كله مؤجلا ليس لها أن تمنع نفسها وإذا أوفاها مهرها نقلها إلى حيث شاء ومن تزوج امرأة ثم اختلفا في المهر فالقول قول المرأة إلى تمام مهر مثلها والقول قول الزوج فيما زاد على مهر المثل وإن طلقها قبل الدخول بها فالقول قوله في نصف المهر وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف القول قوله بعد الطلاق وقبله إلا أن يأتي بشيء قليل ولو كان الاختلاف في أصل المسمى يجب مهر المثل بالإجماع ولو كان الاختلاف بعد موت أحدهما فالجواب فيه كالجواب في حياتهما ولو كان الاختلاف بعد مدتهما في المقدار فالقول قول ورثة الزوج وإذا مات الزوجان وقد سمى لها مهرا فلورثتها أن يأخذوا ذلك من ميراث الزوج وإن لم يسم لها مهرا فلا شيء لورثتها عند أبي حنيفة وقالا لورثتها المهر في الوجهين ومن بعث إلى امرأته شيئا فقالت هو هدية وقال الزوج هو من المهر فالقول قوله إلا في الطعام الذي يؤكل فإن القول قولها فصل وإذا تزوج النصراني نصرانية على ميتة أو على غير مهر وذلك في دينهم جائز ودخل بها أو طلقها قبل الدخول بها أو مات عنها فليس لها مهر وكذلك الحربيان في دار الحرب فإن تزوج الذمي ذمية على خمر أو خنزير ثم أسلما أو أسلم أحدهما فلها الخمر والخنزير باب نكاح الرقيق لا يجوز نكاح العبد والأمة إلا بإذن مولاهما وكذا المكاتب والمدبر وأم(1/62)
الولد وإذا تزوج العبد بإذن مولاه فالمهر دين في رقبته يباع فيه والمدبر والمكاتب يسعيان في المهر ولا يباعان فيه وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال المولى طلقها أو فارقها فليس هذا بإجازة وإن قال طلقها تطليقة تملك الرجعة فهذا إجازة ومن قال لعبده تزوج هذه الأمة فتزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها فإنه يباع في المهر عند أبي حنيفة وقالا يؤخذ منه إذا عتق ومن زوج عبدا مديونا
مأذونا له امرأة جاز والمرأة أسوة للغرماء في مهرها ومن زوج أمته فليس عليه أن يبوئها بيت الزوج لكنها تخدم المولى ويقال للزوج متى ظفرت بها وطئتها فإن بوأها معه بيتا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا ولو بوأها بيتا ثم بدا له أن يستخدمها له ذلك ذكر تزويج المولى عبده وأمته ولم يذكر رضاهما ومن زوج أمته ثم قتلها قبل أن يدخل بها زوجها فلا مهر لها عند أبي حنيفة وقالا عليه المهر مولاها وإن قتلت حرة نفسها قبل أن يدخل بها زوجها فلها المهر وإذا تزوج أمة فالإذن في العزل إلى المولى وإن تزوجت أمة بإذن مولاها ثم اعتقت فلها الخيار حرا كان زوجها أو عبدا وكذلك المكاتبة وإن تزوجت أمة بغير إذن مولاها ثم عتقت صح النكاح ولا خيار لها فإن كانت تزوجت بغير إذنه على ألف ومهر مثلها مائة فدخل بها زوجها ثم أعتقها مولاها فالمهر للمولى وإن لم يدخل بها حتى أعتقها فالمهر لها ومن وطىء أمة ابنه فولدت منه فهي أم ولد له وعليه قيمتها ولا مهر عليه ولو كان الابن زوجها إباه فولدت لم تصر أم ولد له ولا قيمة عليه وعليه المهر وولدها حر وإذا كانت الحرة تحت عبد فقالت لمولاه أعتقه عني بألف ففعل فسد النكاح ولو قالت أعتقه عني ولم تسم مالا لم يفسد النكاح والولاء للمعتق باب نكاح اهل الشرك وإذا تزوج الكافر بغير شهود أو في عدة كافر وذلك في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه فإذا تزوج المجوسي أمه أو ابنته ثم أسلما فرق بينهما ولا يجوز أن يتزوج المرتد مسلمة ولا كافرة ولا مرتدة وكذا(1/63)
المرتدة لا يتزوجها مسلم ولا كافر فإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه وكذلك إن أسلم أحدهما وله ولد صغير صار ولده مسلما بإسلامه ولو كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا فالولد كتابي وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر عرض القاضي عليه الإسلام
فإن أسلم فهي امرأته وإن أبى فرق بينهما وكان ذلك طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد وإن اسلم الزوج وتحته مجوسية عرض عليها الإسلام فإن أسلمت فهي امرأته وإن أبت فرق القاضي بينهما ولم تكن الفرقة بينهما طلاقا ثم إذا فرق القاضي بينهما بإبائها فلها المهر إن كان دخل بها وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب وزوجها كافر أو أسلم الحربي وتحته مجوسية لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها وإذا أسلم زوج الكتابية فهما على نكاحهما وإذا خرج أحد الزوجين إلينا من دار الحرب مسلما وقعت البينونة بينهما ولو سبي أحد الزوجين وقعت البينونة بينهما بغير طلاق وإن سبيا معا لم تقع البينونة وإذا خرجت المرأة إلينا مهاجرة جاز لها أن تتزوج ولا عدة عليها وإن كانت حاملا لم تتزوج حتى تضع حملها وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بغير طلاق ثم إن كان الزوج هو المرتد فلها كل المهر إن دخل بها ونصف المهر إن لم يدخل بها وإن كانت هي المرتدة فلها كل المهر إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلا مهر لها ولا نفقة وإذا ارتدا معا ثم أسلما معا فهما على نكاحهما باب القسم وإذا كان لرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما في القسم بكرين كانتا أو ثيبين أو إحداهما بكرا والأخرى ثيبا وإن كانت إحداهما حرة والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم وللأمة الثلث ولا حق لهن في القسم حالة السفرفيسافر الزوج بمن شاء منهن والأولى أن يقرع بينهن فيسافر بمن خرجت قرعتها وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز ولها أن ترجع في ذلك كتاب الرضاع قليل الرضاع وكثيره سواء إذا حصل في مدة(1/64)
الرضاع تعلق به التحريم ثم مدة الرضاع ثلاثون شهرا عند ابي حنيفة وقالا سنتان وإذا مضت مدة الرضاع
لم يتعلق بالرضاع تحريم ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخته من الرضاع فإنه يجوز أن يتزوجها ولا يجوز أن يتزوج أم أخته من النسب ويجوز أن يتزوج أخت ابنه من الرضاع ولا يجوز ذلك من النسب وامرأة أبيه أو امرأة ابنه من الرضاع لا يجوز أن يتزوجها كما يجوز ذلك النسب وابن الفحل يتعلق به التحريم وهو أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية على زوجها وعلى آبائه وأبنائه ويصير الزوج الذي نزل لها منه اللبن أبا للمرضعة ويجوز أن يتزوج الرجل بأخت أخيه من الرضاع وكل صبيين اجتمعا على ثدي امرأة واحدة لم يجز لأحدهما أن يتزوج بالأخرى ولا يتزوج المرضعة أحد من ولد التي أرضعت ولا ولد ولدها ولا يتزوج الصبي المرضع أخت زوج المرضعة وإذا اختلط اللبن بالماء واللبن هو الغالب تعلق به التحريم وإن غلب الماء لم يتعلق به التحريم وإن اختلط بالطعام لم يتعلق به التحريم وإن اختلط بالدواء واللبن غالب تعلق به التحريم وإذا اختلط اللبن بلبن الشاة وهو الغالب تعلق به التحريم وإن غلب لبن الشاة لم يتعلق به التحريم وإذا اختلط لبن امرأتين تعلق التحريم بأغلبهما عند أبي يوسف وقال محمد وزفر يتعلق التحريم بهما وإذا نزل للبكر لبن فأرضعت صبيا تعلق به التحريم وإذا حلب لبن المرأة بعد موتها فأوجر الصبي تعلق به التحريم وإذا احتقن الصبي باللبن لم يتعلق به التحريم وإذا نزل للرجل لبن فأرضع به صبيا لم يتعلق به التحريم وإذا شرب صبيان من لبن شاة لم يتعلق به التحريم وإذا تزوج الرجل صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمتا على الزوج ثم إن لم يدخل بالكبيرة فلا مهر لها وللصغيرة نصف المهر ويرجع به الزوج على الكبيرة إن كانت تعمدت به الفساد وإن لم تتعمد فلا شيء عليها وإن علمت بأن الصغيرة امرأته ولا تقبل في الرضاع شهادة النساء منفردات وإنما تثبت(1/65)
بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين
كتاب الطلاق باب طلاق السنة الطلاق على ثلاثة أوجه حسن وأحسن وبدعي فالأحسن ان يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه ويتركها حتى تنقضي عدتها والحسن هو طلاق السنة وهو أن يطلق المدخول بها ثلاثا في ثلاثة أطهار وطلاق البدعة أن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة أو ثلاثا في طهر واحد فإذا فعل ذلك وقع الطلاق وكان عاصيا والسنة في الطلاق من وجهين سنة في الوقت وسنة في العدد فالسنة في العدد يستوي فيها المدخول بها وغير المدخول بها والسنة في الوقت تثبت في المدخول بها خاصة وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه وغير المدخول بها يطلقها في حالة الطهر والحيض وإذا كانت المرأة لا تحيض من صغر أو كبر فأراد أن يطلقها ثلاثا للسنة طلقها واحدة فإذا مضى شهر طلقها أخرى فإذا مضى شهر طلقها أخرى ويجوز أن يطلقها ولا يفصل بين وطئها وطلاقها بزمان وطلاق الحامل يجوز عقيب الجماع ويطلقها للسنة ثلاثا يفصل بين كل تطليقتين بشهر عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر لا يطلقها للسنة إلا واحدة وإذا طلق الرجل امرأته في حالة الحيض وقع الطلاق ويستحب له أن يراجعها فإذا طهرت وحاضت ثم طهرت فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها ومن قال لامرأته وهي من ذوات الحيض وقد دخل بها أنت طالق ثلاثا للسنة ولا نية له فهي طالق عند كل طهر تطليقة وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند رأس كل شهر واحدة فهو على ما نوى وإن كانت آيسة أو من ذوات الأشهر وقعت الساعة واحدة وبعد شهر أخرى وبعد شهر أخرى وإن نوى أن يقع الثلاث الساعة وقعن عندنا خلافا لزفر فصل ويقع طلاق كل زوج إذا كان عاقلا بالغا ولا يقع طلاق الصبي والمجنون والنائم وطلاق المكره واقع وطلاق السكران واقع وطلاق(1/66)
الأخرس واقع بالإشارة وطلاق الأمة ثنتان حرا كان زوجها أو عبدا وطلاق الحرة ثلاث حرا كان زوجها أو عبدا وإذا تزوج العبد امرأة بإذن مولاه وطلقها وقع طلاقه ولا يقع طلاق مولاه على امرأته باب أيقاع الطلاق الطلاق على ضربين صريح وكناية فالصريح قوله أنت طالق ومطلقة وطلقتك فهذا يقع به الطلاق الرجعي ولا يفتقر إلى النية وكذا إذا نوى الإبانة ولو نوى الطلاق عن وثاق لم يدين في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ولو نوى به الطلاق عن العمل لم يدين في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى ولو قال أنت مطلقة لا يكون طلاقا إلا بالنية ولا يقع به إلا واحدة وإن نوى أكثر من ذلك ولو قال أنت الطلاق أو أنت طالق الطلاق أو أنت طلاقا فإن لم تكن له نية أو نوى واحدة أو ثنتين فهي واحدة رجعية وإن نوى ثلاثا فثلاث ولو قال أنت طالق الطلاق وقال أردت بقولي طالق واحدة وبقولي الطلاق أخرى يصدق وإذا أضاف الطلاق إلى جملتها أو إلى ما يعبر به عن الجملة وقع الطلاق وذلك مثل أن يقول أنت طالق أو رقبتك طالق أو عنقك أو روحك أو بدنك أو جسدك أو فرجك أو وجهك وكذلك إن طلق جزءا شائعا منها مثل أن يقول نصفك أو ثلثك طالق ولو قال يدك طالق أو رجلك طالق لم يقع الطلاق وإن طلقها نصف تطليقة أو ثلث تطليقة كانت طالقا تطليقة واحدة ولو قال لها أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين فهي طالق ثلاثا ولو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة قيل يقع تطليقتان ولو قال أنت طالق من واحدة إلى ثنتين أو ما بين واحدة إلى ثنتين فهي واحدة وإن قال من واحدة إلى ثلاث أو ما بين واحدة إلى ثلاث فهي ثنتان وهذا عند أبي حنيفة وقالا في الأولى هي ثنتان وفي الثانية ثلاث ولو قال أنت طالق واحدة في ثنتين ونوى الضرب والحساب أو(1/67)
لم تكن له نية فهي واحدة فإن نوى واحدة وسنتين فهي ثلاث ولو نوى الظرف تقع واحدة ولو قال اثنتين في اثنتين ونوى الضرب والحساب فهي ثنتان ولو قال أنت طالق من ههنا إلى الشام فهي واحدة ويملك الرجعة ولو قال أنت طالق بمكة أو في مكة فهي طالق في الحال في كل البلاد وكذلك لو قال أنت طالق في الدار ولو قال أنت طالق إذا دخلت مكة لم تطلق حتى تدخل مكة فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان ولو قال أنت طالق غدا وقع عليها الطلاق بطلوع الفجر ولو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم فإنه يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به ولو قال أنت طالق في غد وقال نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة وقالا لا يدين في القضاء خاصة ولو قال أنت طالق أمس وقد تزوجها اليوم لم يقع شيء ولو تزوجها أول من أمس وقع الساعة ولو قال أنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع شيء ولو قال أنت طالق مالم أطلقك أو متى لم أطلقك أو متى لم أطلقك وسكت طلقت ولو قال أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت ولوقال أنت طالق إذا لم أطلقك أو إذا مالم أطلقك لم تطلق حتى يموت عند أبي حنيفة وقالا تطلق حين سكت ولو قال أنت طالق مالم أطلقك أنت طالق فهي طالق بهذه التطليقة ومن قال لامرأة يوم أتزوجك فأنت طالق فتزوجها ليلا طلقت فصل ومن قال لامرأة أنا منك طالق فليس بشيء وإن نوى طلاقا ولو قال أنا منك بائن أو أنا عليك حرام ينوي الطلاق فهي طالق ولو قال أنت طالق واحدة أولا فليس بشيء ولو قال أنت طالق مع موتي أو مع موتك فليس بشيء وإذا ملك الزوج امرأته أو شقصا منها أو ملكت المرأة زوجها أو شقصا منه وقعت الفرقة ولو اشتراها ثم طلقها لم يقع شيء وإن قال لها وهي أمة لغيره أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك فأعتقها مولاها ملك الزوج الرجعة ولو قال إذا جاء غد فأنت طالق ثنتين وقال(1/68)
المولى إذا جاء غد فأنت حرة فجاء الغد لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وعدتها ثلاث حيض وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد زوجها يملك الرجعة فصل في تشبيه الطلاق ووصفه ومن قال لامرأته أنت طالق هكذا يشير بالإبهام والسبابة والوسطى فهي ثلاث وإذا وصف الطلاق بضرب من الزيادة أو الشدة كان بائنا مثل أن يقول أنت طالق بائن أو البتة وكذا إذا قال أنت طالق أفحش الطلاق وكذا إذا قال أخبث الطلاق أو أسوأه وكذا إذا قال طلاق الشيطان أو طلاق البدعة وكذا إذا قال كالجبل ولو قال لها انت طالق أشد الطلاق أو كألف أو ملء البيت فهي واحدة بائنة إلا أن ينوي ثلاثا ولو قال أنت طالق تطليقة شديدة أو عريضة أو طويلة فهي واحدة بائنة فصل في الطلاق قبل الدخول وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل الدخول بها وقعن عليها فإن فرق الطلاق بانت بالأولى ولم تقع الثانية والثالثة وكذا إذا قال لها أنت طالق واحدة وواحدة وقعت واحدة ولو قال لها أنت طالق واحدة فماتت قبل قوله واحدة كان باطلا وكذا إذا قال أنت طالق ثنتين أو ثلاثا ولو قال أنت طالق واحدة قبل واحدة أو بعدها واحدة وقعت واحدة ولو قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة تقع ثنتان وكذا إذا قال أنت طالق واحدة بعد واحدة يقع ثنتان ولو قال أنت طالق واحدة مع واحدة أو معها واحدة تقع ثنتان وفي المدخول بها تقع ثنتان في الوجوه كلها ولو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وواحدة فدخلت وقعت عليها واحدة عند أبي حنيفة وقالا تقع ثنتان ولو قال لها أنت طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار فدخلت طلقت ثنتين وأما الضرب الثاني وهو الكنايات لا يقع بها الطلاق إلا بالنية أو بدلالة الحال وهي على ضربين منها ثلاثة ألفاظ يقع بها طلاق رجعي ولا يقع بها إلا واحدة وهي قوله اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وبقية الكنايات(1/69)
إذا نوى بها الطلاق كانت واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا كانت ثلاثا وإن نوى ثنتين كانت واحدة بائنة وهذا مثل قوله أنت بائن وبتة وبتلة وحرام وحبلك على غاربك والحقي بأهلك وخلية وبرية ووهبتك لأهلك وسرحتك وفارقتك وأمرك بيدك واختاري وأنت حرة وتقنعي وتخمري واستتري واغربي واخرجي واذهبي وقومي وابتغي الأزواج إلا أن يكون في حال مذاكرة الطلاق فيقع بها الطلاق في القضاء ولا يقع فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن ينويه وهذا فيما لا يصلح ردا ولا تصح نية الثنتين عندنا خلافا لزفر وإن قال لها اعتدي اعتدي اعتدي وقال نويت بالأولى طلاقا وبالباقي حيضا دين في القضاء وإن قال لم أنو بالباقي شيئا فهي ثلاث باب تفويض الطلاق فصل في الاختيار وإذا قال لامرأته اختاري ينوي بذلك الطلاق أو قال لها طلقي نفسك فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها ذلك فإن قامت منه أو أخذت في عمل آخر خرج الأمر من يدها ويبطل خيارها بمجرد القيام فإن اختارت نفسها في قوله اختاري كانت واحدة بائنة ولا يكون ثلاثا وإن نوى الزوج ذلك ولا بد من ذكر النفس في كلامه أو في كلامها حتى لو قال لها اختاري فقالت قد اخترت فهو باطل ولو قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت تقع واحدة بائنة وكذا لو قال اختاري اختيارة فقالت اخترت ولو قال اختاري فقالت قد اخترت نفسي يقع الطلاق إذا نوى الزوج ولو قال اختاري فقالت أنا أختار نفسي فهي طالق ولو قال لها اختاري اختاري اختاري فقالت قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثا في قول أبي حنيفة ولا يحتاج إلى نية الزوج وقالا تطلق واحدة ولو قالت اخترت اختيارة فهي ثلاث في قولهم جميعا ولو قالت قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة يملك الرجعة وإن قال لها أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت نفسها فهي واحدة يملك الرجعة(1/70)
فصل في الأمر باليد وإن قال لها أمرك بيدك ينوي ثلاثا فقالت قد اخترت نفسي بواحده فهي ثلاث ولو قالت قد طلقت نفسي بتطليقة فهي واحدة بائنة ولو قال لها أمرك بيدك اليوم وبعد غد لم يدخل فيه الليل وإن ردت الأمر في يومها بطل أمر ذلك اليوم وكان الأمر بيدها بعد غد ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا يدخل الليل في ذلك فإن ردت الأمر في يومها لا يبقى الأمر في يدها في غد وإن قال أمرك بيدك يوم يقدم فلان فقدم فلان ولم تعلم بقدومه حتى جن الليل فلا خيار لها وإذا جعل أمرها بيدها أو خيرها فمكثت يوما لم تقم فالأمر في يدها مالم تأخذ عي عمل آخر ثم إذا كانت تسمع يعتبر مجلسها ذلك وإن كانت لا تسمع فمجلس علمها وبلوغ الخبر إليها ولو كانت قائمة فجلست فهي على خيارها وكذا إذا كانت قاعدة فاتكأت أو متكئة فقعدت ولو قالت ادع أبي أستشيره أو شهودا أشهدهم فهي على خيارها وإن كانت تسير على دابة أو في محمل فوقفت فهي على خيارها وإن سارت بطل خيارها والسفينة بمنزلة البيت فصل في المشيئة ومن قال لامرأته طلقي نفسك ولا نية له أو نوى واحدة فقالت طلقت نفسي فهي واحدة رجعية وإن طلقت نفسها ثلاثا وقد أراد الزوج ذلك وقعن عليها وإن قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي طلقت ولو قالت قد اخترت نفسي لم تطلق ولو قال لها طلقي نفسك فليس له أن يرجع عنه وإن قال لها طلقي نفسك متى شئت فلها أن تطلق نفسها في المجلس وبعده وإذا قال لرجل طلق امرأتي فله أن يطلقها في المجلس وبعده ولو قال لرجل طلقها إن شئت فله أن يطلقها في المجلس خاصة ولو قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة فهي واحدة ولو قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يقع شيء عند أبي حنيفة وقالا تقع واحدة وإن أمرها بطلاق يملك الرجعة فطلقت بائنة أو أمرها بالبائن فطلقت رجعية وقع ما أمر به الزوج وإن قال لها طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت نفسها واحدة لم يقع(1/71)
ولو قال لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا فكذلك عند أبي حنيفة وقالا تقع واحدة ولو قال لها أنت طالق إن شئت فقالت شئت إن شئت فقال الزوج شئت ينوي الطلاق بطل الأمر وكذا إذا قالت شئت أن شاء أبي أو شئت إن كان كذا الأمر لم يجىء بعد وإن قالت قد شئت إن كان كذا الأمر قد مضى طلقت ولو قال لها أنت طالق إذاشئت أو إذا ما شئت أو متى ما شئت فردت الأمر لم يكن ردا ولا يقتصر على المجلس ولو قال لها أنت طالق كلما شئت فلها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا حتى لو عادت إليه بعد زوج آخر فطلقت نفسها لم يقع شيء وليس لها أن تطلق نفسها ثلاثا بكلمة واحدة ولو قال لها أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لم تطلق حتى تشاء وإن قامت من مجلسها فلا مشيئة لها وإن قال لها أنت طالق كيف شئت طلقت تطليقة يملك الرجعة قال في الأصل هذا قول أبي حنيفة وعندهما لا يقع مالم توقع المرأة فتشاء رجعية أو بائنة أو ثلاثا وإن قال لها أنت طالق كم شئت أو ما شئت طلقت نفسها ما شاءت فإن قامت من المجلس بطل وإن ردت الأمر كان ردا وإن قال لها طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فلها ان تطلق نفسها واحدة أو اثنتين ولا تطلق ثلاثا عند أبي حنيفة وقالا تطلق ثلاثا إن شاءت باب الإيمان في الطلاق وإذا أضاف الطلاق إلى النكاح وقع عقيب النكاح مثل أن يقول لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق وإذا أضافه إلى شرط وقع عقيب الشرط مثل أن يقول لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ولا تصح أضافة الطلاق إلا أن يكون الحالف مالكا أو يضيفه إلى ملك فإن قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق ثم تزوجها فدخلت الدار لم تطلق وألفاظ الشرط إن وإذا وإذاما وكل وكلما ومتى ومتى ما ففي هذه الألفاط إذا وجد الشرط انحلت وانتهت اليمين(1/72)
إلا في كلمة كلما فإنها تقتضي تعميم الأفعال فإن تزوجها بعد ذلك وتكرر الشرط لم يقع شيء ولو دخلت على نفس التزوج بأن قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق يحنث بكل مرة وإن كان بعد زوج آخر وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها ثم إن وجد الشرط في ملكه انحلت اليمين ووقع الطلاق وإن وجد في غير الملك انحلت اليمين ولم يقع شيء وإن اختلفا في وجود الشرط قالقول قول الزوج إلا أن تقيم المرأة البينة فإن كان الشرط لا يعلم إلا من جهتها فالقول قولها في حق نفسها مثل أن يقول إن حضت فأنت طالق وفلانة فقالت قد حضت طلقت هي ولم تطلق فلانة وكذلك لو قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله في نار جهنم فأنت طالق وعبدي حر فقالت أحبه أو قال إن كنت تحبيني فأنت طالق وهذه معك فقالت أحبك طلقت هي ولم يعتق العبد ولا تطلق صاحبتها وإذا قال لها إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم لم يقع الطلاق حتى يستمربها ثلاثة أيام فإذا تمت ثلاثة أيام حكمنا بالطلاق من حين حاضت ولو قال لها إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر من حيضتها وإذا قال أنت طالق إذا صمت يوما طلقت حين تغيب الشمس في اليوم الذي تصوم فيه ومن قال لامرأته إذا ولدت غلاما فأنت طالق واحدة وإذا ولدت جارية فأنت طالق ثنتين فولدت غلاما وجارية ولا يدري أيهما أول لزمه في القضاء تطليقة وفي التنزه تطليقتان وانقضت العدة بوضع الحمل وإن قال لها إن كلمت أبا عمرو وأبا يوسف فأنت طالق ثلاثا ثم طلقها واحدة فبانت وانقضت عدتها فكلمت أبا عمرو ثم تزوجها فكلمت أبا يوسف فهي طالق ثلاثا مع الواحدة الأولى وقال زفر لا يقع وإن قا لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فطلقها ثنتين وتزوجت زوجا آخر ودخل بها ثم عادت إلى الأول فدخلت الدار طلقت ثلاثا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد هي طالق ما بقي من الطلقات وإن قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم قال لها أنت طالق ثلاثا فتزوجت غيره ودخل بها ثم رجعت إلى الأول فدخلت الدار(1/73)
لم يقع شيء ولو قال لامرأته إذا جامعتك فأنت طالق ثلاثا فجامعها فلما التقى الختانان
طلقت ثلاثا وإن لبث ساعة لم يجب عليه المهر وإن أخرجه ثم أدخله وجب عليه المهر وعن أبي يوسف أنه أوجب المهر في الفصل الأول أيضا لوجود الجماع بالدوام عليه إلا أنه لا يجب عليه الحد للاتحاد فصل في الاستثناء وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله تعالى متصلا لم يقع الطلاق ولو سكت يثبت حكم الكلام الأول وكذا إذا ماتت قبل قوله إن شاء الله تعالى وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة طلقت ثنتين وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين طلقت واحدة باب طلاق المريض وإذا طلق الرجل امرأته في مرض موته طلاقا بائنا فمات وهي في العدة ورثته وإن مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها وإن طلقها ثلاثا بأمرها أو قال لها اختاري فاختارت نفسها أو اختلعت منه ثم مات وهي في العدة لم ترثه وإن قال لها في مرض موته كنت طلقتك ثلاثا في صحتي وانتقضت عدتك فصدقته ثم أقر لها بدين أو أوصى لها بوصية فلها الأقل من ذلك ومن الميراث عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز إقراره ووصيته وإن طلقها ثلاثا في مرضه بأمرها ثم أقر لها بدين أو أوصى لها بوصية فلها الأقل من ذلك ومن الميراث في قولهم جميعا ومن كان محصورا أو في صف القتال فطلق امرأته ثلاثا لم ترثه وإن كان قد بارز رجلا أو قدم ليقتل في قصاص أو رجم ورثت إن مات في ذلك الوجه أو قتل وإذا قال الرجل لامداته وهو صحيح إذا جاءرأس الشهر أو إذا دخلت الدار أو إذا صلى فلان الظهر أو إذا دخل فلان الدار فأنت طالق فكانت هذه الأشياء والزوج مريض لم ترث وإن كان القول في المرض ورثت إلا في قوله إذا دخلت الدار ومن قذف امرأته وهو صحيح ولاعن في المرض ورثت وقال محمد لا ترث وإن كان القذف في المرض ورثته في قولهم جميعا وإن آلى من(1/74)
امرأته وهو صحيح ثم بانت بالإيلاء وهو مريض لم ترث وإن كان الإيلاء أيضا في المرض ورثت والطلاق الذي يملك فيه الرجعة ترث به في جميع الوجوه وكل ما ذكرنا أنها ترث إنما ترث إذا مات وهي في العدة باب الرجعة وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة رجعية أو تطلقتين فله أو يراجعها في عدتها رضيت بذلك أو لم ترض والرجعة أن يقول راجعتك أو راجعت امرأتي أو يطأها أو يقبلها أو يلمسها بشهوة أو ينظر إلى فرجها بشهوة ويستحب أن يشهد على الرجعة شاهدين فإن لم يشهد صحت الرجعة وإذا انقضت العدة فقال كنت راجعتها في العدة فصدقته فهي رجعة وإن كذبته فالقول قولها وإذا قال الزوج قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي لم تصح الرجعة عند أبي حنيفة وإذا قال زوج الأمة بعد انقضاء عدتها قد كنت راجعتها وصدقه المولى وكذبته الأمة فالقول قولها عند أبي حنيفة وقالا القول فول المولى وإن قالت قد انقضت عدتي وقال الزوج والمولى لم تنقض عدتك فالقول قولها وإذا انقطع الدم من الحيضة الثالثة لعشرة أيام انقطعت الرجعة وإن لم تغتسل وإن انقطع لأقل من عشرة أيام لم تنقطع الرجعة حتى تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة كامل وإذا اغتسلت ونسيت شيئا من بدنها لم يصبه الماء فإن كان عضوا فما فوقه لم تنقطع الرجعة وإن كان أقل من عضو انقطعت ومن طلق امرأته وهي حامل أو ولدت منه وقال لم أجامعها فله الرجعة فإن خلا بها وأغلق بابا أو أرخى سترا وقال لم أجامعها ثم طلقها لم يملك الرجعة فإن راجعها ثم جاءت بولد لأقل من سنتين بيوم صحت تلك الرجعة فإن قال لها إذا ولدت فأنت طالق فولدت ثم أتت بولد آخر فهي رجعة وإن قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فالولد الأول طلاق والولد الثاني رجعة وكذا الثالث والمطلقة الرجعية تتشوف وتتزين ويستحب لزوجها أن لا يدخل عليها حتى يؤذنها أو يسمعها خفق(1/75)
نعليه وليس له أن يسافر بها حتى يشهد عن رجعتها والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء فصل فيما تحل به المطلقة وإذا كان الطلاق بائنا دون الثلاث فله أن يتزوجها في العدة وبعد انقضائها وإن كان الطلاق ثلاثا في الحرة أو ثنتين في الآمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها والصبي المراهق في التحليل كالبالغ ووطء المولى أمته لا يحلها وإذا تزوج بشرط التحليل فالنكاح مكروه فإن طلقها بعد ما وطئها حلت للأول وإذا طلق الحرة تطليقة أو تطليقتين وانقضت عدتها وتزوجت بزوج آخر ثم عادت إلى الزوج الأول عادت بثلاث تطليقات ويهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يهدم ما دون الثلاث وإذا طلقها ثلاثا فقالت قد انقضت عدتي وتزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي والمدة تحتمل ذلك جاز للزوج أن يصدقها إذا كان في غالب ظنه أنها صادقة باب الإيلاء وإذا قال الرجل لامرأته والله لا أقربك أو قال والله لا أقربك أربعة أشهر فهو مول فإن وطئها في الأربعة الأشهر حنث في يمينه ولزمته الكفارة وسقط الإيلاء وإن لم يقربها حتى مضت أربعة أشهر بانت منه بتطليقة فإن كان حلف على أربعة أشهر فقد سقطت اليمين وإن كان حلف على الأبد فاليمين باقية فإن عاد فتزوجها عاد الإيلاء فإن وطئها وإلا وقعت بمضي أربعة أشهر تطليقة أخرى فإن تزوجها ثالثا عاد الإيلاء ووقعت بمضي أربعة أشهر أخرى إن لم يقربها فإن تزوجها بعد زوج آخر لم يقع بذلك الإيلاء طلاق واليمين باقية فإن وطئها كفر عن يمينه فإن حلف على أقل من أربعة أشهر لم يكن موليا ولو قال والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين فهو مول ولو مكث يوما(1/76)
ثم قال والله لا أقربك شهرين بعد الشهرين الأولين لم يكن موليا ولو قال والله لا أقربك سنة إلا يوما لم يكن موليا ولو قربها في يوم والباقي أربعة أشهر أو أكثر صار موليا ولو قال وهو بالبصرة والله لا أدخل الكوفة وامرأته بها لم يكن موليا ولو حلف بحج أو بصوم أو صدقة أو عتق أو طلاق فهو مول وإن آلى من المطلقة الرجعية كان موليا ومن البائنة لم يكن موليا ولو قال لأجنبية والله لا أقربك أو أنت على كظهر أمي ثم تزوجها لم يكن موليا ولا مظاهرا وإن قربها كفر ومدة إيلاء الأمة شهران وإن كان المولى مريضا لا يقدر على الجماع أو كانت مريضة أو رتقاء أو صغيرة لا تجامع أو كانت بينهما مسافة لا يقدر أن يصل إليها في مدة الإيلاء ففيؤه أن يقول بلسانه فئت إليها في مدة الإيلاء فإن قال ذلك سقط الإيلاء ولو قدر على الجماع في المدة بطل ذلك الفيء وصار فيؤه بالجماع وإذا قال لامرأته أنت علي حرام سئل عن نيته فإن قال أردت الكذب فهو كما قال وإن قال أردت الطلاق فهي تطليقة بائنة إلا أن ينوي الثلاث وإن قال أردت الظهار فهو ظهار وإن قال أردت التحريم أو لم أرد به شيئا فهو يمين يصير به موليا باب الخلع وإذا تشاق الزوجان وخافا أن لا يقيما حدود الله فلا بأس بأن تفتدي نفسها منه بمال يخلعها به فإذا فعل ذلك وقع بالخلع تطليقة بائنة ولزمها المال وإن كان النشوز من قبله يكره له أن يأخذ منها عوضا وإن كان النشوز منها كرهنا له أن يأخذ أكثر مما أعطاها ولو أخذ الزيادة جاز في القضاء وإن طلقها على مال فقبلت وقع الطلاق ولزمها المال وكان الطلاق بائنا وأن بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلم على خمر أو خنزير أو ميتة فلا شيء للزوج والفرقة بائنة وإن بطل العوض في الطلاق كان رجعيا وما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون بدلا في الخلع فإن قالت له خالعني على ما في يدي فخالعها ولم يكن في يدها شيء فلا شيء له عليها وإن قالت خالعني(1/77)
على ما في يدي من مال فخالعها فلم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها ولو قالت خالعني على ما في يدي من دراهم أو من الدراهم ففعل فلم يكن في يدها شيء فعليها ثلاثة دراهم وإن اختلعت على عبد لها أبق على أنها بريئة من ضمانه لم تبرأ وعليها تسليم عيته إن قدرت وتسليم قيمته إن عجزت وإذا قالت طلقني ثلاثا بألف فطلقها واحدة فعليها ثلث الألف وإن قالت طلقني ثلاثا على ألف فطلقها واحدة فلا شيء عليها عند أبي حنيفة ويملك الرجعة وقالا هي واحدة بائنة بثلث الألف ولو قال الزوج طلقي نفسك ثلاثا بألف أو على ألف فطلقت نفسها واحدة لم يقع شيء ولو قال أنت طالق على ألف فقبلت طلقت وعليها الألف وهو كقوله أنت طالق بألف ولو قال لامرأته أنت طالق وعليك ألف فقبلت أو قال لعبده أنت حر وعليك ألف فقبل عتق العبد وطلقت المرأة ولا شيء عليهما عند أبي حنيفة وقالا على كل واحد منهما الألف إذا قبل ولو قال أنت طالق على ألف على أني بالخيار أو على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت فالخيار باطل إذا كان للزوج وهو جائز إذا كان للمراة فإن ردت الخيار في الثلاث بطل وإن لم ترد طلقت ولزمها الألف عند أبي حنيفة وقالا الخيار باطل في الوجهين والطلاق واقع وعليها ألف درهم ومن قال لامرأته طلقتك أمس على ألف درهم فلم تقبلي فقالت قبلت قالقول قول الزوج ومن قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم أمس فلم تقبل فقال قبلت فالقول قول المشتري والمبارأة كالخلع كلاهما يسقطان كل حق لكل واحد من الزوجين على الآخر مما يتعلق بالنكاح عند أبي حنيفة ومن خلع ابنته وهي صغيرة بمالها لم يجز عليها وإن خلعها على ألف على أنه ضامن فالخلع واقع والألف على الأب وإن شرط الألف عليها توقف على قبولها إن كانت من أهل القبول فإن قبلت وقع الطلاق ولا يجب المال وكذا إن خالعها على مهرها ولم يضمن الأب المهر توقف على قبولها فإن قبلت طلقت ولا يسقط المهر وإن ضمن الأب المهر وهو ألف درهم طلقت(1/78)
باب الظهار وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فقد حرمت عليه لا يحل له وطؤها ولا مسها ولا تقبيلها حتى يكفر عن ظهاره فإن وطئها قبل أن يكفر استغفر الله تعالى ولا شيء عليه غير الكفارة الأولى ولا يعود حتى يكفر ولو نوى به الطلاق لا يصح وإذا قال أنت علي كبطن أمي أو كفخذها أو كفرجها فهو مظاهر وكذا إذا شبهها بمن لا يحل له النظر إليها على التأييد من محارمه مثل أخته أو عمته أو أمه من الرضاعة وكذلك إذا قال رأسك علي كظهر أمي أو فرجك أو وجهك أو رقبتك أو نصفك أو ثلثك أو بدنك ولو قال أنت علي مثل أمي أو كأمي يرجع إلى نيته فإن قال أردت الكرامة فهو كما قال وإن قال أردت الظهار فهو ظهار وإن قال أردت الطلاق فهو طلاق بائن وإن لم تكن له نية فليس بشيء ولو قال أنت علي حرام كأمي ونوى ظهارا أو طلاقا فهو على مانوى وإن قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى به طلاقا أو إيلاء لم يكن إلا ظهارا عند أبي حنيفة وقالا هو على ما نوى ولا يكون الظهار إلا من الزوجة حتى لو ظاهر من أمته لم يكن مظاهرا فإن تزوج امرأة بغير أمرها ثم ظاهر منها ثم أجازت النكاح فالظهار باطل ومن قال لنسائه أنتن على كظهر أمي كان مظاهرا منهن جميعا وعليه لكل واحدة كفارة فصل في الكفارة وكفارة الظهار عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وكل ذلك قبل المسيس وتجزى في العتق الرقبة الكافرة والمسلمة والذكر والأنثى والكبير والصغير ولا تجزىء العمياء ولا المقطوعة اليدين أو الرجلين ولا يجوز مقطوع إبهامي اليدين ولا يجوز المجنون الذي لا يعقل والذي يجن ويفيق يجزئه ولا يجزىء عتق المدبر وأم الولد وكذا(1/79)
المكاتب الذي أدى بعض المال وإن اشترى أباه أو ابنه ينوي بالشراء الكفارة جاز عنها فإن أعتق نصف عبد مشترك وهو موسر وضمن قيمة باقية لم يجز عند أبي حنيفة ويجوز عندهما وإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم أعتق باقيه عنها جاز وإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم جامع التي ظاهر منها ثم أعتق باقيه لم يجز عند أبي حنيفة رحمه الله وإذا لم يجد المظاهر ما يعتق فكفارته صوم شهرين متتابعين ليس فيهما شهررمضان ولا يوم الفطر ولا يوم النحر ولا أيام التشريق فإن جامع التي ظاهر منها في خلال الشهرين ليلا عامدا أو نهارا ناسيا استأنف الصوم عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يستأنف وإن أفطر منها يوما بعذر أو بغير عذر استأنف وإن ظاهر العبد لم يجز في الكفارة إلا الصوم وإن أعتق المولى أو أطعم عنه لم يجزه وإذا لم يستطع المظاهر الصيام أطعم ستين مسكينا ويطعم كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير أو قيمة ذلك فإن اعطى منا من بر أو منوين من تمر أو شعير جاز وإن أمر غيره أن يطعم عنه من ظهاره ففعل أجزأه فإن غداهم وعشاهم جاز قليلا كان ما أكلوا أو كثيرا ولو كان فيمن عشاهم صبي فطيم لا يجزئه وإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه وإن أعطاه في يوم واحد لم يجزه إلا عن يومه وإن قرب التي ظاهر منها في خلال الإطعام لم يستأنف وإذا أطعم عن ظهارين ستين مسكينا لكل مسكين صاعا من بر لم يجزه إلا عن واحد منهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجزئه عنهما وإن أطعم ذلك عن إفطار وظهار أجزأه عنهما ومن وجبت عليه كفارتا ظهار فأعتق رقبتين لا ينوي عن إحداهما بعينها جاز عنهما وكذا إذا صام أربعة أشهر أو أطعم مائة وعشرين مسكينا جاز وإن أعتق عنهما رقبة واحدة أو صام شهرين كان له أن يجعل ذلك عن أيهما شاء وإن أعتق عن ظهار وقتل لم يجز عن واحد منهما(1/80)
باب اللعان إذا قذف الرجل امرأته بالزنا وهما من أهل الشهادة والمرأة ممن يحد قاذفها أو نفي نسب ولدها وطالبته بموجب القذف فعليه اللعان فإن امتنع منه حبسه الحاكم حتى يلاعن أو يكذب نفسه ولو لاعن وجب عليها اللعان فإن امتنعت حبسها الحاكم حتى تلاعن أو تصدقه وإذا كان الزوج عبدا أو كافرا أو محدودا في قذف فقذف امرأته فعليه الحد وإن كان من أهل الشهادة وهي أمة أو كافرة أو محدودة في قذف أو كانت ممن لا يحد قاذفها فلا حد عليه ولا لعان وصفة اللعان أن يبتدىء القاضي بالزوج فيشهد أربع مرات يقول في كل مرة أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ويقول في الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في جميع ذلك ثم تشهد المرأة أربع مرات تقول في كل مرة أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وتقول في الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وإذا التعنا لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما وتكون الفرقة تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد وهو خاطب إذا أكذب نفسه عندهما وعند أبي يوسف هو تحريم مؤبد ولو كان القذف بنفي الولد نفى القاضي نسبه وألحقه بأمه ولو قذفها بالزنا ونفى الولد ذكر في اللعان الأمرين ثم ينفي القاضي نسب الولد ويلحقه بأمه فإن عاد الزوج وأكذب نفسه حده القاضي وحل له أن يتزوجها وهذا عندهما وكذلك إن قذف غيرها فحد به وكذا إذا زنت فحدت وإذا قذف امرأته وهي صغيرة أو مجنونة فلا لعان بينهما وكذا إذا كان الزوج صغيرا أو مجنونا وقذف الآخرس لا يتعلق به اللعان وإذا قال الزوج ليس حملك مني فلا لعان بينهما قإن قال لها زنيت وهذا الحمل من الزنا تلاعنا ولم ينف القاضي الحمل وإذا نفى الرجل ولد امرأته عقيب الولادة أو في الحالة التي تقبل فيها(1/81)
التهنئة وتبتاع آلة الولادة صح نفيه ولاعن به وإن نفاه بعد ذلك لا عن ويثبت النسب هذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يصح نفيه في مدة النفاس وإذا ولدت ولدين في بطن واحد فنفى الأول واعترف بالثاني يثبت نسبهما وحد الزوج وإن اعترف بالأول ونفى الثاني يثبت نسبهما ولاعن باب العنين وغيره وإذا كان الزوج عنينا أجله الحاكم سنة فإن وصل إليها فيها وإلا فرق بينهما إذا طلبت المرأة ذلك وتلك الفرقة تطليقة بائنة ولها كمال مهرها إن كان خلا بها وتجب العدة ولو اختلف الزوج والمرأة في الوصول إليها فإن كانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه ثم إن حلف بطل حقها وإن نكل يؤجل سنة وإن كانت بكرا نظر إليها النساء فإن قلن هي بكر أجل سنة وإن قلن هي ثيب يحلف الزوج فإن حلف لا حق لها وإن نكل يؤجل سنة وإن كان مجبوبا فرق بينهما في الحال إن طلبت والخصي يؤجل كما يؤجل العنين وإذا أجل العنين سنة وقال قد جامعتها وأنكرت نظر أليها النساء فإن قلن هي بكر خيرت وإن قلن هي ثيب حلف الزوج فإن نكل خيرت وإن حلف لا تخير وإن كانت ثيبا في الأصل فالقول قوله مع يمينه فإن اختارت زوجها لم يكن لها بعد ذلك خيار وإذا كان بالزوجة عيب فلا خيار للزوج وإذا كان بالزوج جنون أو برص أو جذام فلا خيار لهاعند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لها الخيار باب العدة وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا أو وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق وهي حرة ممن تحيض فعدتها ثلاثة أقراء وإن كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر وكذا التي بلغت بالسن ولم تحض وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإن كانت أمة فعدتها حيضتان وإن كانت لا تحيض فعدتها(1/82)
شهر ونصف وعدة الحرة في الوفاة أربعة أشهر وعشر وعدة الأمة شهران وخمسة أيام وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإذا ورثت المطلقة في المرض فعدتها أبعد الأجلين فإذا عتقت الأمة في عدتها من طلاق رجعي انتقلت عدتها إلى عدة الحرائر وإن أعتقت وهي مبتوتة أو متوفي عنها زوجها لم تنتقل عدتها وإن كانت آيسة فاعتدت بالشهور ثم رأت الدم انتقض ما مضى من عدتها وعليها أن تستأنف العدة بالحيض ولو حاضت حيضتين ثم آيست تعتد بالشهور والمنكوحة نكاحا فاسدا والموطوءة بشبهة عدتهما الحيض في الفرقة والموت وإذا مات مولى أم الولد عنها أو أعتقها فعدتها ثلاث حيض ولو كانت ممن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر وإذا مات الصغير عن امرأته وبها حبل فعدتها أن تضع حملها وإذا طلق الرجل امرأته في حالة الحيض لم تعتد بالحيضة التي وقع فيها الطلاق وإذا وطئت المعتدة بشبهة فعليها عدة أخرى وتداخلت العدتان ويكون ما تراه المرأة من الحيض محتسبا منهما جميعا وإذا انقضت العدة الأولى ولم تكمل الثانية فعليها إتمام العدة الثانية والمعتدة عن وفاة إذا وطئت بشبهة تعتد بالشهور وتحتسب بما تراه من الحيض فيها وابتداء العدة في الطلاق عقيب الطلاق وفي الوفاة عقيب الوفاة فإن لم تعلم بالطلاق أو الوفاة حتى مضت مدة العدة فقد انقضت عدتها والعدة في النكاح الفاسد عقيب التفريق أو عزم الواطىء على ترك وطئها وإذا قالت المعتدة انقضت عدتي وكذبها الزوج كان القول قولها مع اليمين وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا ثم تزوجها في عدتها وطلقها قبل الدخول بها فعليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه نصف المهر وعليها إتمام العدة الأولى وإذا طلق الذمي الذمية فلا عدة عليها وكذا إذا خرجت الحربية إلينا مسلمة فإن تزوجت جاز إلا أن تكون حاملا وهذا كله عند أبي حنيفة وقالا عليها وعلى الذمية العدة(1/83)
فصل وعلى المبتوتة والمتوفي عنها زوجها إذا كانت بالغة مسلمة الحداد والحداد أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيب وغير المطيب إلا من عذر وفي الجامع الصغير إلا من وجع ولا تختضب بالحناء ولا تلبس ثوبا مصبوغا بعصفر ولا بزعفران ولا حداد على كافرة ولا على صغيرة وعلى الأمة إلاحداد وليس في عدة أم الولد ولا في عدة النكاح الفاسد إحداد ولا ينبغي أن تخطب المعتدة ولا بأس بالتعريض في الخطبة ولا يجوز للمطلقة الرجعية والمبتوتة الخروج من بيتها ليلا ولا نهارا والمتوفى عنها زوجها تخرج نهارا وبعض الليل ولا تبيت في غير منزلها وعلى المعتدة أن تعتد في المنزل الذي يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة والموت وإن كان نصيبها من دار الميت لا يكفيها فأخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت ثم إن وقعت الفرقة بطلاق بائن أو ثلاث لا بد من سترة بينهما ثم لا بأس به وإن جعلا بينهما امرأة ثقة تقدر على الحيلولة فحسن وإن ضاق عليهما المنزل فلتخرج والأولى خروجه وإذا خرجت المرأة مع زوجها إلى مكة فطلقها ثلاثا أو مات عنها في غير مصر فإن كان بينها وبين مصرها أقل من ثلاثة أيام رجعت إلى مصرها وإن كانت مسيرة ثلاثة أيام إن شاءت رجعت وإن شاءت مضت سواء كان معها ولي أو لم يكن إلا أن يكون طلقها أو مات عنها زوجها في مصر فإنها لا تخرج حتى تعتد ثم تخرج إن كان لها محرم وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن كان معها محرم فلا بأس بأن تخرج من المصر قبل أن تعتد باب ثبوت النسب ومن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فولدت ولدا لستة أشهر من يوم تزوجها فهو ابنه وعليه المهر ويثبت نسب ولد المطلقة الرجعية إذا جاءت به لسنتين أو أكثر مالم تقر بانقضاء عدتها وإن جاءت به لأقل من سنتين بانت من زوجها بانقضاء العدة وثبت نسبه وإن جاءت به لأكثر من سنتين كانت رجعة(1/84)
والمبتوتة يثبت نسب ولدها إذا جاءت به لأقل من سنتين فإن جاءت به لتمام سنتين من وقت الفرقة لم يثبت إلا أن يدعيه فإن كانت المبتوتة صغيرة يجامع مثلها فجاءت بولد لتسعة أشهر لم يلزمه حتى تأتي به لأقل من تسعة أشهر عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف يثبت النسب منه إلى سنتين ويثبت نسب ولد المتوفي عنها زوجها ما بين الوفاة وبين السنتين وإذا اعترفت المعتدة بانقضاء عدتها ثم جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر يثبت نسبه وإن جاءت به لستة أشهر لم يثبت وإذا ولدت المعتدة ولدا لم يثبت نسبه عند أبي حنيفة إلا أن يشهد بولادتها رجلان أو رجل وامرأتان إلا أن يكون هناك حبل ظاهر أو اعتراف من قبل الزوج فيثبت النسب من غير شهادة وقال أبو يوسف ومحمد يثبت في الجميع بشهادة امرأة واحدة فإن كانت معتدة عن وفاة فصدقها الورثة في الولادة ولم يشهد على الولادة أحد فهو ابنه في قولهم جميعا وإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا يثبت نسبه منه اعترف الزوج أو سكت فإن جحد الولادة يثبت بشهادة امرأة واحدة تشهد بالولادة حتى لو نفاه الزوج يلاعن فإن ولدت ثم اختلفا فقال الزوج تزوجتك منذ أربعة وقالت هي منذ ستة أشهر فالقول قولها وهو ابنه وإن قال لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فشهدت امرأة على الولادة لم تطلق عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد تطلق وإن كان الزوج قد أقر بالحبل طلقت من غير شهادة عند أبي حنيفة وعندهما تشترط شهادة القابلة وأكثر مدة الحمل سنتان وأقله ستة أشهر ومن تزوج أمة فطلقها ثم اشتراها فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم اشتراها لزمه وإلا لم يلزمه ومن قال لأمته إن كان في بطنك ولد فهو مني فشهدت على الولادة امرأة فهي أم ولده ومن قال لغلام هو ابني ثم مات فجاءت أم الغلام وقالت أنا امرأته فهي امرأته وهو ابنه يرثانه ولو لم يعلم بأنها حرة فقالت(1/85)
الورثة أنت أم ولد فلا ميراث لها
باب الولد ومن أحق به وإذا وقعت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بالولد والنفقة على الأب ولاتجبر الأم عليه فإن لم تكن له أم فأم الأم أولى من أم الأب وإن بعدت فإن لم تكن أم الأم فأم الأب أولى من الأخوات فإن لم تكن له جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات وتقدم الأخت لأب وأم ثم الأخت من الأم ثم الأخت من الأب ثم الخالات أولى من العمات وينزلن كما نزلنا الأخوات ثم العمات ينزلن كذلك وكل من تزوجت من هؤلاء يسقط حقها إلا الجدة إذا كان زوجها الجد وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم منه ومن سقط حقها بالتزوج يعود إذا ارتفعت الزوجية فإن لم تكن للصبي امرأة من أهله فاختصم فيه الرجال فأولاهم أقربهم تعصيبا والأم والجدة أحق بالغلام حتى يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده ويستنجي وحده وفي الجامع الصغير حتى يستغني فيأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده والأم والجدة أحق بالجارية حتى تحيض ومن سوى الأم والجدة أحق بالجارية حتى تبلغ حدا تشتهي وفي الجامع الصغير حتى تستغني والأمة إذا أعتقها مولاها وأم الولد أذا أعتقت كالحرة في حق الولد وليس لهما قبل العتق حق في الولد لعجزهما والذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخف أن يألف الكفر ولا خيار للغلام والجارية فصل وإذا ارادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر فليس لها ذلك إلا أن تخرج به إلى وطنها وقد كان الزوج تزوجها فيه باب النفقة النفقة واجبة للزوجة على زوجها مسلمة كانت أو كافرة إذا سلمت نفسها إلى منزله فعليه نفقتها وكسوتها وسكناها ويعتبر في ذلك حالهما جميعا وإن امتنعت من تسليم نفسها حتى يعطيها مهرها فلها النفقة وإن نشزت فلا نفقة لها حتى تعود إلى منزله(1/86)
وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها فلا نفقة لها وإن كان الزوج صغيرا لا يقدر على الوطء وهي كبيرة فلها النفقة من ماله وإذا حبست المرأة في دين فلا نفقة لها فإن مرضت في منزل الزوج فلها النفقة ويفرض على الزوج النفقة إذا كان موسرا ونفقة خادمها ولا يفرض لأكثر من نفقة خادم واحد ومن أعسر بنفقة امرأته لم يفرق بينهما ويقال لها استديني عليه وإذا قضى لها بنفقة الإعسار ثم أيسر فخاصمته تمم لها نفقة الموسر وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة أو صالحت الزوج على مقدار نفقتها فيقضي لها بنفقة ما مضى وإن مات الزوج بعدما قضى عليه بالنفقة ومضى شهور سقطت النفقة وإن أسلفها نفقة السنة ثم مات لم يسرتجع منها شيء وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي فهو للزوج وإذا تزوج العبد حرة فنفقتها دين عليه يباع فيها وإن تزوج الحر أمة فبوأها مولاها معه منزلا فعليه النفقة وإن لم يبوئها فلا نفقة لها فصل وعلى الزوج أن يسكنها في دار مفردة ليس فيها أحد من أهله إلا أن تختار ذلك وإن كان له ولد من غيرها فليس له أن يسكنه معها وله أن يمنع والديها وولدها من غيره وأهلها من الدخول عليها ولا يمنعهم من النظر إليها وكلامها في أي وقت اختاروا وإذا غاب الرجل وله مال في يد رجل يعترف به وبالزوجية فرض القاضي في ذلك المال نفقة زوجة الغائب وولده الصغار ووالديه وكذا إذا علم القاضي ذلك ولا يعترف به ويأخذ منها كفيلا ولا يقضي ينفقة في مال غائب إلا لهؤلاء فصل وإذا طلق الرجل امرأته فلها النفقة والسكنى في عدتها رجعيا كان أو بائنا ولا نقفة للمتوفى عنها زوجها وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية مثل الردة وتقبيل ابن الزوج فلا نفقة لها وإن طلقها ثلاثا ثم ارتدت والعياذ بالله سقطت نفقتها وإن مكنت ابن زوجها من نفسها فلها النفقة(1/87)
فصل ونفقة الأولاد الصغار على الأب لا يشاركه فيها أحد كما لا يشاركه في نفقة الزوجة وإن كان الصغير رضيعا فليس على أمه أن ترضعه ويستأجر الأب من ترضعه عندها وإن استأجرها وهي زوجته أو معتدته لترضع ولدها لم يجز ولو استأجرها وهي منكوحته أو معتدته لإرضاع ابن له من غيرها جاز وإن انتقضت عدتها فاستأجرها جاز فإن قال الأب لا أستأجرها وجاء بغيرها فرضيت الأم بمثل أجر الأجنبية أو رضيت بغير أجر كانت هي أحق وإن التمست زيادة لم يجبر الزوج عليها ونفقة الصغير واجبة على أبيه وإن خالفه في دينه كما تجب نفقة الزوجة على الزوج وإن خالفته في دينه فصل وعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته إذا كانوا فقراء وإن خالفوه في دينه ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين والأجداد والجدات والولد وولد الولد ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم وكذا لا تجب على المسلم نفقة أخيه النصراني ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد والنفقة لكل ذي رحم محرم إذا كان صغيرام فقيرا أو كانت امرأة بالغة فقيرة أو كان ذكرا بالغا فقيرا زمنا أو أعمي ويجب ذلك على مقدار الميراث ويجبر عليه وتجب نفقة الإبنة البالغة والابن الزمن على أبويه أثلاثا على الأب الثلثان وعلى الأم الثلث ولا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين ولا تجب على الفقير وإذا كان للإبن الغائب مال قضى فيه بنفقة أبويه وإذا باع أبوه متاعه في نفقته جاز وإن باع العقار لم يجز وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويه وأنفقا منه لم يضمنا وإن كان له مال في يد أجنبي فأنفق عليهما بغير إذن القاضي ضمن وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة عليه فصل وعلى المولى أن ينفق على عبده وأمته فإن امتنع وكان لهما كسب اكتسبا وأنفقا وإن لم يكن لهما كسب أجبر المولى على بيعهما(1/88)
كتاب العتق الإعتاق تصرف مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم أيما مسلم أعتق مؤمنا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضوا منه من النار العتق يصح من الحر البالغ في ملكه وإذا قال لعبده أو أمته أنت حر أو معتق أو عتيق أو محرر أو قد حررتك أو قد أعتقتك فقد عتق نوى به العتق أو لم ينو ولو قال عنيت به الإخبار الباطل أو أنه حر من العمل صدق ديانة ولا يدين قضاء ولو قال له يا حر يا عتيق يعتق وكذا لو قال رأسك حر أو وجهك أو رقبتك أو بدنك أو قال لأمته فرجك حر وإن إضافه إلى جزء شائع يقع في ذلك الجزء ولو قال لا ملك لي عليك ونوى به الحرية عتق وإن لم ينو لم يعتق وكذا كنايات العتق ولو قال لا سلطان لي عليك ونوى العتق لم يعتق ولو قال هذا ابني وثبت على ذلك عتق ولو قال هذا مولاي أو يا مولاي عتق ولو قال يا أبني أو يا أخي لم يعتق ولو قال ياابن لا يعتق وكذا إذا قال يا بني أو يا بنية وإن قال لغلام لا يولد مثله لمثله هذا ابني عتق عند أبي حنيفة رحمه الله وإن قال لأمته أنت طالق أو بائن أو تخمري ونوى به العتق لم تعتق وإذا قال لعبده أنت مثل الحر لم يعتق ولو قال ما أنت إلا حر عتق ولو قال رأسك رأس حر لا يعتق ولو قال رأسك رأس حر عتق فصل ومن ملك ذا رحم محرم منع عتق عليه ومن أعتق عبدا لوجه الله تعالى أو للشيطان أو للصنم عتق وعتق المكره والسكران واقع وإن أضاف العتق إلى ملك أو شرط صح كما في الطلاق وإذا خرج عبد الحربي ألينا مسلما عتق وإن أعتق حاملا عتق حملها تبعا لها ولو أعتق الحمل خاصة عتق دونها ولو أعتق الحمل على مال صح ولا يجب المال وولد الآمة من مولاها حر وولدها من زوجها مملوك لسيدها وولد الحرة حر على كل حال باب العبد يعتق بعضه وإذا أعتق المولى بعض عبده عتق ذلك القدر ويسعى في بقية قيمته لمولاه عند(1/89)
أبي حنيفة رحمه الله وقالا يعتق كله وإذا كان العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه عتق فإن كان موسرا فشريكه بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء ضمن شريكه قيمة نصيبه وإن شاء استسعى العبد فإن ضمن رجع العتق على العبد والولاء للمعتق وإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما وإن كان المعتق معسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد والولاء بينهما في الوجهين وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ولا يرجع المعتق على العبد والولاء للمعتق ولو شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق سعى العبد لكل واحد منهما في نصيبه موسرين كانا أو معسرين عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله إن كانا موسرين فلا سعاية عليه وإن كانا معسرين سعى لهما وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا سعى للموسر منهما ولا يسعى للمعسر منهما ولو قال أحد الشريكين إن لم يدخل فلان هذه الدار غدا فهو حر وقال الآخر إن دخل فهو حر فمضى الغد ولا يدري أدخل أم لا عتق النصف وسعى لهما في النصف الآخر وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد يسعى في جميع قيمته ولو حلفا على عبدين كل واحد منهما لأحدهما بعينه لم يعتق واحد منهما وإذا اشترى الرجلان ابن أحدهما عتق نصيب الأب ولا ضمان عليه علم الآخر انه ابن شريكه أو لم يعلم وكذا إذا ورثاه والشريك بالخيار إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى العبد وإن بدأ الأجنبي فاشترى نصفه ثم اشترى الأب نصفه الآخر وهو موسر فالأجنبي بالخيار إن شاء ضمن الأب وإن شاء استسعى الابن في نصف قيمته ومن اشترى نصف ابنه وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن إذا كان موسرا وإذا كان العبد بين ثلاثة نفر فدبره أحدهم وهو موسر ثم أعتقه الآخر وهو موسر فأرادوا الضمان فللساكت أن يضمن المدبر ثلث قيمته فناولا يضمن المعتق وللمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته(1/90)
مدبرا ولا يضمنه الثلث الذي
ضمن وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا العبد كله للذي دبره أول مرة ويضمن ثلثي قيمته لشريكه موسرا كان أو معسرا وإذا كانت جارية بين رجلين زعم أحدهما أنها أم ولد لصاحبه وأنكر ذلك الآخر فهي موقوفة يوما ويوما تخدم المنكر عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ثم تكون حرة لا سبيل عليها وإن كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن نصف قيمتها باب عتق أحد العبدين ومن كان له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر ثم خرج واحد ودخل آخر فقال أحدكما حر ثم مات ولم يبين عتق من الذي أعيد عليه القول ثلاثة أرباعة ونصف كل واحد من الآخرين عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله كذلك إلا في العبد الآخر فإنه يعتق ربعه فإن كان القول منه في المرض قسم الثلث على هذا ولو كان هذا في الطلاق وهن غير مدخولات بهن ومات الزوج قبل البيان سقط من مهر الخارجة ربعه ومن مهر الثابتة ثلاثة أثمانه ومن مهر الداخلة ثمنه ومن قال لعبديه أحدكما حر فباع أحدهما أو مات أو قا له أنت حر بعد موتي عتق الآخر وكذلك لو قال لامرأتيه إحداكما طالق ثم ماتت إحداهما وكذا لو وطىء إحداهما ولو قال لأمتيه إحداكما حرة ثم جامع إحداهما لم تعتق الآخرى عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا تعتق ومن قال لأمته إن كان أول ولد تلدينه غلاما فأنت حرة فولدت غلاما وجارية ولا يدري أيهما ولد أولا عتق نصف الأم ونصف الجارية والغلام عبد وإذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق أحد عبديه فالشهادة باطلة عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يكون في وصية وإن شهد أنه طلق إحدى نسائه جازت الشهادة ويجبر الزوج على أن يطلق إحداهن وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله الشهادة في العتق مثل ذلك(1/91)
باب الحلف بالعتق ومن قال إذا دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر وليس له مملوك فاشترى مملوكا ثم دخل عتق ولو لم يكن قال في يمينه يومئذ لم يعتق ومن قال كل مملوك لي ذكر فهو حر وله جارية حامل فولدت ذكرا لم يعتق وإن قال كل مملوك أملكه حر بعد غد أو قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد وله مملوك فاشترى آخر ثم جاء بعد غد عتق الذي في ملكه يوم حلف ولو قال كل مملوك أملكه أو قال كل مملوك لي حر بعد موتي وله مملوك فاشترى مملوكا آخر فالذي كان عنده وقت اليمين مدبر والآخر ليس بمدبر وإن مات عتقا من الثلث باب العتق على جعل ومن أعتق عبده على مال فقبل العبد عتق ولو علق عتقه بأداء المال صح وصار مأذونا وإن أحضر المال أجبره الحاكم على قبضه وعتق العبد ومن قال لعبده أنت حر بعد موتي على ألف درهم فالقبول بعد الموت ومن أعتق عبده على خدمته أربع سنين فقبل العبد فعتق ثم مات من ساعته فعليه قيمة نفسه في ماله عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد عليه قيمة خدمته أربع سنين ومن قال لآخر اعتق أمتك على ألف درهم على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوجه فالعتق جائز ولا شيء على الآمر ولو قال اعتق أمتك عني على ألف درهم والمسألة بحالها قسمت الألف على قيمتها ومهر مثلها فما أصاب القيمة أداه الآمر وما أصاب المهر بطل عنه باب التدبير إذا قال المولى لمملوكه إذا مت فأنت حر أو أنت حر عن دبر مني أو أنت مدبر أو قد دبرتك فقد صار مدبرا ثم لا يجوز بيعه ولا هبته ولا إخراجه عن ملكه إلا إلى الحرية وللمولى أن يستخدمه ويؤاجره وإن كانت أمة وطئها وله أن يزوجها(1/92)
فإذا مات المولى عتق المدبر من ثلث ماله وولد المدبرة مدبر وإن علق التدبير بموته على صفة مثل أن يقول إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا أو من مرض كذا فليس بمدبر ويجوز بيعه فإن مات المولى على الصفة التي ذكرها عتق كما يعتق المدبر باب الاستيلاد إذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها ولا يثبت نسب ولدها إلا أن يعترف به فإن جاءت بعد ذلك بولد ثبت نسبه بغير إقرار إلا أنه إذا نفاه ينتفي بقوله فإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه والنسب يثبت من الزوج فإذا مات المولى عتقت من جميع المال ولا سعاية عليها في دين المولى للغرماء وإذا اسلمت أم ولد النصراني فعليها أن تسعى في قيمتها ولو مات مولاها عتقت بلا سعاية ومن استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها صارت أم ولد له وإذا وطىء جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له وعليه قيمتها وليس عليه عقرها ولا قيمة ولدها وإن وطىء أبو الأب مع بقاء الأب لم يثبت النسب ولو كان الأب ميتا ثبت من الجد كما يثبت نسبه من الأب وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له وعند أبي حنيفة رحمه الله يصير نصيبه أم ولد له ثم يتملك نصيب صاحبه ويضمن نصف قيمتها ويضمن نصف عقرها ولا يغرم قيمة ولدها وإن ادعياه معا ثبت نسبه منهما وكانت الأمة أم ولد لهما وعلى كل واحد منهما نصف العقر قصاصا بماله على الآخر ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل ويرثان منه ميراث أب واحد وإذا وطىء المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه فإن صدقه المكاتب ثبت نسب الولد منه وعليه عقرها وقيمة ولدها ولا تصير الجارية أم ولد له وإن كذبه المكاتب في النسب لم يثبت فلو ملكه يوما ثبت نسبه منه(1/93)
كتاب الإيمان الإيمان على ثلاثة أضرب اليمين الغموس ويمين منعقدة ويمين لغو فالغموس هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها ولا كفارة فيها إلا التوبة والاستغفار والمنعقدة ما يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله وإذا حنث في ذلك لزمته الكفارة واليمين اللغو أن يحلف على أمر ماض وهو يظن أنه كما قال والأمر بخلافه فهذه اليمين نرجو ان لا يؤاخذ الله بها صحابها والقاصد في اليمين والمكره والناسي سواء ومن فعل المحلوف عليه مكرها أو ناسيا فهو سواء باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا واليمين بالله تعالى أو باسم آخر من أسماء الله تعالى كالرحمن والرحيم أو يصفة من صفاته التي يحلف بها عرفا كعزة الله وجلاله وكبريائه إلا قوله وعلم الله فإنه لا يكون يمينا ولو قال وغضب الله وسخطه لم يكن حالفا ومن حلف بغير الله لم يكن حالفا كالنبي والكعبة وكذا إذا حلف بالقرآن والحلف بحروف القسم وحروف القسم الواو كقوله والله والباء كقوله بالله والتاء كقوله تالله وقد يضمر الحرف فيكون حالفا كقوله الله لا أفعل كذا ولو قال أقسم أو أقسم بالله أو أحلف أو أحلف بالله أو أشهد أو أشهد بالله فهو حالف ولو قال بالفارسية سوكند ميخورم بحداي يكون يمينا وكذا قوله لعمر الله وإيم الله وكذا قوله وعهد الله وميثاقه وكذا إذا قال على نذر أو نذر الله وإن قال إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر يكون يمينا ولو قال إن فعلت كذا فعلي غضب الله أو سخط الله فليس بحالف وكذا إذا قال إن فعلت كذا فأنا زان أو سارق أو شارب خمر أو آكل ربا فصل في الكفارة كفارة اليمين عتق رقبة يجزى فيها ما يجزى في الظهار وإن شاء كسا عشرة(1/94)
مساكين كل واحد ثوبا فما زاد وأدناه ما يجوز في الصلاة وإن شاء أطعم عشرة مساكين كالإطعام في كفارة الظهار فإن لم يقدر على أحد الأشياء الثلاثة صام ثلاثة أيام متتابعات وإن قدم الكفارة على الحنث لم يجزه ثم لا يسترد من المسكين ومن حلف على معصية مثل أن لا يصلي أو يكلم أباه أو ليقتلن فلانا ينبغي أن يحنث نفسه ويكفر عن يمينه وأذا حلف الكافر ثم حنث في حال كفره أو بعد إسلامه فلا حنث عليه ومن حرم على نفسه شيئا مما يملكه لم يصر محرما وعليه أن استباحه كفارة يمين ولو قال كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب إلا أن ينوي غير ذلك ومن نذر نذرا مطلقا فعليه الوفاء وأن علق النذر بشرط فوجد الشرط فعليه الوفاء بنفس النذر وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه رجع عنه وقال إذا قال إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم سنة أو صدقة ما أملكه أجزأه من ذاك كفارة يمين وهو قول محمد رحمه الله ومن حلف علي يمين وقال إن شاء الله متصلا بيمينه فلا حنث عليه باب اليمين في الدخول والسكنى ومن حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة أو المسجد أو البيعة أو الكنيسة لم يحنث وكذا إذا دخل دهيليزا أو ظلة باب الدار وإن دخل صفة حنث ومن حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة لم يحنث ولو حلف لا يدخل هذه الدار فخربت ثم بنيت أخرى فدخلها يحنث وإن جعلت مسجدا أو حماما أو بستانا أو بيتا فدخله لم يحنث وإن حلف لا يدخل هذا البيت فدخله بعد ما انهدم وصار صحراء لم يحنث وكذا إذا بنى بيتا آخر فدخله لم يحنث ومن حلف لا يدخل هذه الدار فوقف على سطحها حنث وكذا إذا دخل دهليزها وإن وقف في طاق الباب بحيث إذا أغلق الباب كان خارجا لم يحنث ومن حلف(1/95)
لا يدخل هذه الدار وهو فيها لم يحنث بالقعود حتى يخرج ثم يدخل ولو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فنزعه في الحال لم يحنث فإن لبث على حاله ساعة حنث ومن حلف لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها ولم يرد الرجوع إليها حنث باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك ومن حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه حنث ولو أخرجه مكرها لم يحنث ولو حمله برضاه لا بأمره لا يحنث ولو حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى حاجة أخرى لم يحنث ولو حلف لا يخرج إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث ولو حلف لا يأتيها لم يحنث حتى يدخلها فإن حلف ليأتين البصرة فلم يأتها حتى مات حنث في آخر جزء من أجزاء حياته ولو حلف ليأتينه غدا إن استطاع فهذا على استطاعة الصحة دون القدرة وفسره في الجامع الصغير وقال إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجىء أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث وإن عنى استطاعة القضاء دين فيما بينه وبين الله تعالى ومن حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فأذن لها مرة فخرجت ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه حنث ولا بد من الإذن في كل خروج ولو قال إلا أن آذن لك فأذن لها مرة واحدة فخرجت ثم خرجت بعدها بغير إذنه لم يحنث ولو أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق فجلست ثم خرجت لم يحنث لو قال له رجل اجلس فتغد عندي فقال إن تغذيت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله وتغدى لم يحنث ومن حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون لم يحنث باب اليمين في الأكل والشرب ومن حلف لا يأكل من هذه النخلة فهو على ثمرها وإن حلف لا يأكل من(1/96)
هذا البسر فصار رطبا فأكله لم يحنث وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الرطب أو من هذا اللبن فصار تمرا أو صار اللبن شيرازا لم يحنث ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعدما صار كبشا حنث ومن حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا لم يحنث ومن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا أو حلف لا يأكل رطبا ولا بسرا فأكل مذنبا حنث عند أبي حنيفة وقالا لا يحنث في الرطب ولو حلف لا يشتري رطبا فاشترى كباسة بسر فيها رطب لا يحنث ولو كانت اليمين على الأكل يحنث ومن حلف لا يأكل لحما فأكل لحم السمك لا يحنث وإن أكل لحم خنزير أو لحم إنسان يحنث وكذا إذا أكل كبدا أو كرشا ولو حلف لا يأكل أو لا يشتري شحما لم يحنث إلا في شحم البطن عند أبي حنيفة وقالا يحنث في شحم الظهر أيضا ولو حلف لا يشتري أو لا يأكل لحما أو شحما فاشترى إلية أو أكلها لم يحنث ومن حلف لا يأكل من هذه الحنطة لم يحنث حتى يقضمها ولو أكل من خبزها لم يحنث عند أبي حنيفة وقالا إن أكل من خبزها حنث أيضا ولو حلف لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من خبزه حنث ولو استفه كما هو لا يحنث ولو حلف لا يأكل خبزا فيمينه على ما يعتاد أهل المصر أكله خبزا ولو أكل من خبز القطائف لا يحنث وكذا إذا أكل خبز الأرز بالعراق لم يحنث ولو حلف لا يأكل الشواء فهو على اللحم دون الباذنجان والجزر وإن حلف لا يأكل الطبيخ فهو على ما يطبخ من اللحم ومن حلف لا يأكل الرؤوس فيمينه على ما يكبس في التنانير ويباع في المصر وفي الجامع الصغير لو حلف لا يأكل رأسا فهو على رؤوس البقر والغنم عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله على الغنم خاصة ومن حلف لا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو رمانا أو رطبا أو قثاء أو خيارا لم يحنث وإن أكل تفاحا أو بطيخا أو مشمشا حنث وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد حنث في العنب(1/97)
والرطب والرمان أيضا ولو حلف لا يأتدم فكل شيء اصطبغ به فهو أدام والشواء ليس بأدام والملح أدام وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد كل ما يؤكل مع الخبز غالبا فهو أدام وإذا حلف لا يتغدى فالغداء الأكل من طلوع الفجر إلى الظهر والعشاء من صلاة الظهر إلى نصف الليل والسحور من نصف الليل إلى طلوع الفجر ومن قال إن لبست أو أكلت أو شربت فعبدي حر وقال عنيت شيئا دون شيء لم يدين في القضاء وغيره وإن قال إن لبست ثوبا أو أكلت طعاما أو شربت شرابا لم يدين في القضاء خاصة ومن حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء لم يحنث حتى يكرع منها كرعا عند أبي حنيفة وإن حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب منها بإناء حنث ومن قال إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق وليس في الكوز ماء لم يحنث فإن كان فيه ماء فأهريق قبل الليل لم يحنث وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يحنث في ذلك كله ولو كانت اليمين مطلقة ففي الوجه الأول لا يحنث عندهما وعند أبي يوسف يحنث في الحال وفي الوجه الثاني يحنث في قولهم جميعا ومن حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا انعقدت يمينه وحنث عقيبها باب اليمين في الكلام ومن حلف لا يكلم فلانا فكلمه وهو بحيث يسمع إلا أنه نائم حنث ولو حلف لا يكلمه إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم بالإذن حتى كلمه حنث وإن حلف لا يكلمه شهرا فهو من حين حلف وإن حلف لا يتكلم فقرأ القرآن في صلاته لا يحنث وإن قرأ في غير صلاته حنث ولو قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق فهو على الليل والنهار وإن عنى النهار خاصة دين في القضاء ولو قال ليلة أكلم فلانا فهو على الليل خاصة ولو قال إن كلمت فلاناإلا أن يقدم فلان أو قال حتى يقدم فلان أو قال إلا أن يأذن فلان أو حتى يأذن فلان فامرأته طالق فكلمه قبل القدوم والإذن حنث ولو كلمه بعد القدوم والإذن لم يحنث وإن مات(1/98)
فلان سقطت اليمين ومن حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينه أو امرأة فلان أو صديق فلان فباع فلان عبده أو بانت منه امرأته أو عادى صديقه فكلمهم لم يحنث وإن كانت يمينه على عبد بعينه بان قال عبد فلان هذا أو امرأة فلان بعينها أو صديق فلان بعينه لم يحنث في العبد وحنث في المرأة والصديق وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحنث في العبد أيضا وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها فهو على هذا الاختلاف وإن حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه حنث ومن حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه وقد صار شيخا حنث فصل ومن حلف لا يكلم فلانا حينا أو زمانا أو الحين أو الزمان فهو على ستة أشهر وكذا الدهر عندهما وقال أبو حنيفة الدهر لا أدري ما هو ولو حلف لا يكلمه أياما فهو على ثلاثة أيام وكذا الجواب عنده في الجمع والسنين ومن قال لعبده أن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فالأيام الكثيرة عند أبي حنيفة رحمه الله عشرة أيام باب اليمين في العتق والطلاق ومن قال لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا طلقت وكذلك إذا قال لأمته إذا ولدت ولدا فأنت حرة ولو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي بعده عند أبي حنيفة وقالا لا يعتق واحد منهما وإذا قال أول عبد اشتريه فهو حر فاشترى عبدا عتق فإن اشترى عبدين معا ثم آخر لم يعتق واحد منهم وإن قال أول عبد أشتريه وحده فهو حر عتق الثالث وإن قال آخر عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا ثم مات لم يعتق ولو اشترى عبدا ثم عبدا ثم مات عتق الآخر ويعتق يوم اشتراه عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يعتبر من جميع المال قالا يعتق يوم مات ومن قال كل عبد بشرني(1/99)
بولادة فلانة فهو حر فبشره ثلاثة متفرقين عتق الأول وإن بشروه معا عتقوا ولو قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة يمينه لم يجزه وإن اشترى إياه ينوي عن كفارة يمينه أجزأه عندنا ولو اشترى أم ولده لم يجزه ومن قال إن تسربت جارية فهي حرة فتسري جارية كانت في ملكه عتقت وإن اشترى جارية فتسراها لم تعتق بهذه اليمين ومن قال كل مملوك لي حر تعتق أمهات أولاده ومدبروه وعبيده ولا يعتق مكاتبوه إلا أن ينويهم ومن قال لنسوة له هذه طالق أو هذه وهذه طلقت الأخيرة وله الخيار في الأوليين وكذا إذا قال لعبيده هذا حر أو هذا وهذا عتق الأخير باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك ومن حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك لم يحنث إلا أن ينوي ذلك ويكون الحالف ذا سلطان ومن حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك حنث ولو قال عنيت أن لا أتكلم به لم يدين في القضاء خاصة ولو حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل يحنث في يمينه ولو قال عنيت ألا أتولى ذلك بنفسي دين في القضاء ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانا فضربه لم يحنث في يمينه ومن قال لغيره إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق فدس المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث ومن قال هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق وكذلك لو قال المشتري أن أشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار عتق ومن قال إن لم أبع هذ العبد أو هذه الأمة فامرأته طالق فأعتق أو دبر طلقت امرأته وإذا قالت المرأة لزوجها تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق ثلاثا طلقت هذه التي حلفته في القضاء باب اليمين في الحج والصلاة والصوم ومن قال وهو في الكعبة أو في غيرها على المشي إلى بيت الله أو إلى(1/100)
الكعبة فعليه حجة أو عمرة ماشيا وإن شاء ركب واهراق دما ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء ولو قال علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه وقال أبو يوسف ومحمد في قوله على المشي إلى الحرم حجة أو عمرة ومن قال عبدي حر إن لم أحج العام فقال حججت وشهد شاهدان على أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يعتق ومن حلف لا يصوم فنوى الصوم ساعة ثم أفطر من يومه حنث ولو حلف لا يصوم يوما أو صوما فصام ساعة ثم أفطر لم يحنث ولو حلف لا يصلي فقام وقرأ وركع لم يحنث وإن سجد مع ذلك ثم قطع حنث ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث مالم يصل ركعتين باب اليمين في لبس الثياب والحلى وغير ذلك ومن قال لامرأته أن لبست من غزلك فهو هدي فاشترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه فهو هدي عند أبي حنيفة وقالا ليس عليه أن يهدي حتى تغزل من قطن ملكه يوم حلف ومن حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة لم يحنث وإن كان من ذهب حنث ولو لبس عقد لؤلؤ غير مرصع لا يحنث عند أبي حنيفة وقالا يحنث ومن حلف لا ينام على فراش فنام عليه وفوقه قرام حنث وإن جعل فوقه فراشا آخر فنام لم يحنث ولو حلف لا يجلس على الأرض فجلس على بساط أو حصير لم يحنث وإن حلف لا يجلس على سرير فجلس على سرير فوقه بساط أو حصير حنث باب اليمين في القتل والضرب وغيره ومن قال لآخر إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه فهو على الحياة وكذا الكلام والدخول ولو قال إن غسلتك فعبدي حر فغسله بعدما مات يحنث وفي شرح الطحاوي الأصل أن كل فعل يلذ ويؤلم ويغم ويسر يقع على الحياة دون(1/101)
الممات كالضرب والشتم والجماع والكسوة والدخول عليه اه ومن لا يضرب امرأته فمد شعرها أو خنقها أو عضها حنث ومن قال إن لم أقتل فلانا فامرأته طالق وفلان ميت وهو عالم به حنث وإن لم يعلم به لا يحنث باب اليمين في تقاضي الدراهم ومن حلف ليقضين دينه إلى قريب فهو على ما دون الشهر وإن قال إلى بعيد فهو أكثر من الشهر ومن حلف ليقضين فلانا دينه اليوم مقضاه ثم وجد فلان بعضها زيوفا أو نبهرجة أو مستحقة لم يحنث الحالف وإن وجدها رصاصا أو ستوقة حنث وإن باعه بها عبدا وقبضه بر في يمينه وإن وهبها له لم يبر ومن حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه لم يحنث حتى يقبض جميعه متفرقا فإن قبض دينه في وزنين ولم يتشاغل بينهما إلا بعمل الوزن لم يحنث وليس ذلك بتفريق ومن قال إن كان لي إلا مائة درهم فامرأته طالق فلم يملك إلا خمسين درهما لم يحنث وكذلك لو قال غير مائة أو سوى مائة مسائل متفرقة وإذا حلف لا يفعل كذا تركه أبدا وإن حلف ليفعلن كذا ففعله مرة واحدة بر في يمينه وإذا استحلف الوالي رجلا ليعلمنه بكل داعر دخل البلد فهذا على حال ولايته خاصة ومن حلف أن يهب عبده لفلان فوهبه ولم يقبل فقد بر في يمينه ومن حلف لا يشم ريحانا فشم وردا أو ياسمينا لا يحنث ولو حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له فهو على دهنه وإن حلف على الورد فاليمين على الورق كتاب الحدود الزنا يثبت بالبينة والإقرار فالبينة أن تشهد أربعة من الشهود على رجل أو امرأة بالزنا وأذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى ومتى زنى وبمن زنى فإذا بينوا ذلك وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل في(1/102)
المكحلة وسأل القاضي عنهم فعدلوا في السر والعلانية حكم بشهادتهم والإقرار أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس من مجالس المقر كلما أقر رده القاضي فإذا تم إقراره أربع مرات سأله عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى وبمن زنى فإذا بين ذلك لزمه الحد فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد أو في وسطه قبل رجوعه وخلى سبيله ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع فيقول له لعلك لمست أو قبلت فصل وإذا وجب الحد وكان الزاني محصنا رجمه بالحجارة حتى يموت ويخرجه إلى أرض فضاء ويبتدىء الشهود برجمه ثم الإمام ثم الناس فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد وإن كان مقرا ابتدأ الإمام ثم الناس ويغسل ويكفن ويصلى عليه وإن لم يكن محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا وتنزع عنه ثيابه ويفرق الضرب على أعضائه إلا رأسه ووجهه وفرجه ويضرب في الحدود كلها قائما غير ممدود وإن كان عبدا جلده خمسين جلدة والرجل والمرأة في ذلك سواء غير أن المرأة لا ينزع من ثيابها إلا الفرو والحشو وتضرب جالسة وإن حفر لها في الرجم جاز ولا يحفر للرجل ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام وإحصان الرجم أن يكون حرا عاقلا بالغا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما على صفة الإحصان ولا يجمع في المحصن بين الرجم والجلد ولا يجمع على البكر بين الجلد والنفي إلا أن يرى الإمام في ذلك مصلحة فيغربه على قدر ما يرى وإذا زنى المريض وحده الرجم رجم وإن كان حده الجلد لم يجلد حتى يبرأ وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها وإن كان حدها الجلد لم تجلد حتى تتعالى من نفاسها باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه الوطءالموجب للحد هو الزنا ومن طلق امرأته ثلاثا ثم وطئها في العدة وقال(1/103)
علمت أنها على حرام حد ولو قال لها أنت خلية أو برية أو أمرك بيدك فاختارت نفسها ثم وطئها في العدة وقال علمت أنها على حرام لم يحد ولا حد على من وطىء جارية ولده وولد ولده وإن قال علمت أنها على حرام ويثبت النسب منه وعليه قيمة الجارية وإذا وطىء جارية أبيه أو أمه أو زوجته وقال ظننت أنها تحل لي فلا حد عليه ولا على قاذفه وإن قال علمت أنها على حرام حد وكذا العبد إذا وطىء جارية مولاه وإن وطىء جارية أخيه أو عمه وقال ظننت أنها تحل لي حد ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء أنها زوجتك فوطئها لا حد عليه وعليه المهر ومن وجد امرأة على فراشه فوطئها فعليه الحد ومن تزوج امرأة لا يحل له نكاحها فوطئها لا يجب عليه الحد عند أبي حنيفة ومن وطىء أجنبية فيما دون الفرج يعزر ومن أتى امرأة في الموضع المكروه أو عمل عمل قوم لوط فلا حد عليه عند أبي حنيفة ويعزر وزاد في الجامع الصغير ويودع في السجن وقالا هو كالزنا فيحد ومن وطىء بهيمة فلا حد عليه ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد وإذا دخل حربي دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة ولا يحد الحربي والحربية وهو قول محمد رحمه الله في الذمي وقال أبو يوسف رحمه الله يحدون كلهم وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته فلا حد عليه ولا عليها وإن زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة ومن أكرهه السلطان حتى زنى فلا حد عليه ومن أقر أربع مرات في مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت بالزنا وقال الرجل تزوجتها فلا حد عليه وعليه المهر في ذلك ومن زنى بجارية فقتلها فإنه يحد وعليه القيمة وكل شيء صنعة الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها وإذا شهد الشهود بحد متقادم لم يمنعهم عن إقامته بعدهم عن الإمام لم تقبل(1/104)
شهادتهم إلا في حد القذف خاصة وفي الجامع الصغير وإذا شهد عليه الشهود بسرقة أو بشرب خمر أو بزنا بعد حين لم يؤخذ به وضمن السرقة وإذا شهدوا على رجل أنه زنا بفلانة وفلانة غائبة فإنه يحد وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع وإن شهدوا أنه زنى بامرأة لا يعرفونها لم يحد وإن أقر بذلك حد وإن شهد اثنان أنه زنى بفلانة فاستكرهها وآخران أنها طاوعته درىء الحد عنهما جميعا عند أبي حنيفة وقالا يحد الرجل خاصة وإن شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران أنه زنى بها بالبصرة درىء الحد عنهما جميعا وإن اختلفوا في بيت واحد حد الرجل والمرأة وإن شهد اربعة أنه زنى بامرأة بالنخيلة عند طلوع الشمس وأربعة أنه زنى بها عند طلوع الشمس بدير هند درىء الحد عنهم جميعا وإن شهد أربعة على امرأة بالزنا وهي بكر درىء الحد عنهما وعنهم وإن شهد أربعة على رجل بالزنا وهم عميان أو محدودون في قذف أو أحدهم عبد أو محدود في قذف فإنهم يحدون ولا يحد المشهود عليه وإن شهدوا بذلك وهم فساق أو ظهر أنهم فساق لم يحدوا وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فضرب بشهادتهم ثم وجد أحدهم عبدا أو محدودا في قذف فإنهم يحدون وليس عليهم ولا على بيت المال أرش الضرب وإن رجم فديته على بيت المال وهذا عند أبي حنيفة وقالا أرش الضرب أيضا على بيت المال وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد فإن جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد أيضا وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم فكلما رجع واحد حد الراجع وحده وغرم ربع الدية فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا وسقط الحد عن المشهود عليه فإن كانوا خمسة فرجع أحدهم فلا شيء عليه فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فزكوا فرجم فإذا الشهود مجوس أو عبيد فالدية على المزكين عند أبي حنيفة وقالا هو على بيت المال ولا ضمان على(1/105)
الشهود وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا
فأمر القاضي برجمه فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية وإن رجم ثم وجدوا عبيدا فالدية على بيت المال وإذا شهدوا على رجل بالزنا وقالوا تعمدنا النظر قبلت شهادتهم وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه فإنه يرجم فإن لم تكن ولدت منه وشهد عليه بالإحصان رجل وامرأتان رجم فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون باب حد الشرب ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودة أو جاءوا به سكرانا فشهد الشهود عليه بذلك فعليه الحد وكذلك إذا أقر وريحها موجودة وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يحد فإن أخذه الشهود وريحها توجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعا ومن سكر من النبيذ حد ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا ولا يحد حتى يزول عنه السكر وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا يفرق على بدنه كما في حد الزنا وإن كان عبدا فحده أربعون سوطا ومن أقر بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد ويثبت الشرب بشهادة شاهدين وبالإقرار مرة واحدة ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا ولا يعقل الرجل من المرأة وهذا عند أبي حنيفة وقالا هو الذي يهذى ويختلط كلامه ولا يحد السكران بإقراره على نفسه باب حد القذف وإذا قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة محصنة بصريح الزنا وطالب المقذوف بالحد حده الحاكم ثمانين سوطا إن كان حرا ويفرق على أعضائه ولا يجرد من ثيابه غير أنه ينزع عنه الفرو والحشو وإن كان القاذف عبدا جلد أربعين سوطا(1/106)
والإحصان أن يكون المقذوف حرا عاقلا بالغا مسلما عفيفا عن فعل الزنا ومن نفى نسب غيره فقال لست لأبيك فإنه يحد ومن قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له يحد ولو قال في غير غضب لا يحد ولو قال لست بابن فلان يعني جده لم يحد ولو قال له يا ابن الزانية وأمه ميتة محصنة فطالب الابن بحده حد القاذف ولا يطالب بحد القذف للميت إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه وهو الوالد والولد وإذا كان المقذوف محصنا جاز لابنه الكافر والعبد أن يطالب بالحد وليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة ولا للابن أن يطالب أباه بقذف أمه الحرة المسلمة ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد ولو مات بعدما أقيم بعض الحد بطل الباقي ومن أقر بالقذف ثم رجع لم يقبل رجوعه ومن قال لعربي يا نبطي لم يحد ومن قال لرجل يا ابن ماء السماء فليس بقاذف وإن نسبه إلى عمه أو خاله أو إلى زوج أمه فليس بقاذف ومن قال لغيره زنأت في الجبل وقال عنيت صعود الجبل حد وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يحد ومن قال لآخر يا زاني فقال لا بل أنت فإنهما يحدان ومن قال لامرأته يا زانية فقالت لا بل أنت حدت المرأة ولا لعان ولو قالت زنيت بك فلا حد ولا لعان ومن أقر بولد ثم نفاه فإنه يلاعن وإن نفاه ثم أقر به حد والولد ولده وإن قال ليس بابني ولا بابنك فلا حد ولا لعان ومن قذف امرأة ومعها أولاد لا يعرف لهم أب أو قذف الملاعنة بولد والولد حي أو قذفها بعد موت الولد فلا حد عليه ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد فعليه الحد ومن وطىء وطأ حراما في غير ملكه لم يحد قاذفه وبيانه أن من قذف رجلا وطىء جارية مشتركة بينه وبين آخر فلا حد عليه وكذا إذا قذف امرأة زنت في نصرانيتها ولو قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية أو امرأته وهي حائض أو مكاتبة له فعليه الحد ولو قذف رجلا وطىء أمته وهي اخته من الرضاعة لا يحد ولو قذف مكاتبا مات وترك وفاء لاحد عليه ولو قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم(1/107)
يحد عند أبي حنيفة وقالا لا حد عليه
وإذا دخل الحربي دارنا بأمان فقذف مسلما حد وإذا حد المسلم في قذف سقطت شهادته وإن تاب وإذا حد الكافر في قذف لم تجز شهادته على أهل الذمة فإن أسلم قبلت شهادته عليهم وعلى المسلمين وإن ضرب سوطا في قذف ثم أسلم ثم ضرب ما بقي جازت شهادته ومن قذف أو زنى أو شرب غير مرة فحد فهو لذلك كله فصل في التعزير ومن قذف عبدا أو أمة أو أم ولد أو كافرا بالزنا عزر وكذا إذا قذف مسلما بغير الزنا فقال يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث أو يا سارق ولو قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزر وإن رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل وأشد الضرب التعزير ثم حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف ومن حده الإمام أو عزره فمات فدمه هدر كتاب السرقة وإذا سرق العاقل البالغ عشرة دراهم أو ما يبلغ قيمته عشرة دراهم مضروبة من حرز لا شبهة فيه وجب عليه القطع والعبد والحر في القطع سواء ويجب القطع بإقراره مرة واحدة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يقطع إلا بالإقرار مرتين ويجب بشهادة شاهدين وإذا اشترك جماعة في سرقة فأصاب كل واحد منهم عشرة دراهم قطع وإن أصابه أقل لا يقطع باب ما يقطع فيه ومالا يقطع ولا قطع فيما يوجد تافها مباحا في دار الإسلام كالخشب والحشيش والقصب والسمك والطير والصيد والزرنيخ والمغرة والنورة ولا قطع فيما يتسارع إليه الفلساد كاللبن واللحم والفواكه الرطبة ولا قطع في الفاكهة على الشجر والزرع الذي لم يحصد ولا قطع في الأشربة والمطربة ولا في الطنبور ولا في سرقة المصحف وإن كان عليه حلية ولا قطع في أبواب المسجد ولا الصليب من الذهب ولا الشطرنج ولا النرد ولا قطع على سارق(1/108)
الصبي الحر وإن كان عليه حلى ولا قطع في سرقة العبد الكبير ويقطع في سرقة العبد الصغير ولا قطع في الدفاتر كلها إلا في دفاتر الحساب ولا في سرقة كلب ولا فهد ولا قطع في دف ولا طبل ولا بريط ولا مزمار ويقطع في الساج والقنا والأبنوس والصندل ويقطع في الفصوص الخضر والياقوت والزبرجد وإذا اتخذ من الخشب أواني وأبوابا قطع فيها ولا قطع على خائن ولا خائنة ولا منتهب ولا مختلس ولا قطع على النباش ولا يقطع السارق من بيت المال ولا من مال للسارق فيه شركة ومن له على آخر دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع وكذا إذا سرق زيادة على حقه وإن سرق منه عروضا قطع ومن سرق عينا فقطع فيها فردها ثم عاد فسرقها وهي بحالها لم يقطع فإن تغيرت عن حالها مثل أن يكون غزلا فسرقه وقطع فرده ثم نسج فعاد فسرقه قطع فصل في الحرز والأخذ منه ومن سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم محرم منه لم يقطع ولو سرق من بيت ذي رحم محرم متاع غيره ينبغي إلا يقطع ولو سرق ماله من بيت غيره يقطع وإن سرق من أمه من الرضاعة قطع وإذا سرق أحد الزوجين من الآخر أو العبد من سيده أو من امرأة سيده أو من زوج سيدته لم يقطع ولو سرق المولى من مكاتبه لم يقطع وكذلك السارق من المغنم والحرز على نوعين حرز لمعنى فيه كالبيوت والدور وحرز بالحافظ وفي المحرز بالمكان لا يعتبر الإحراز بالحافظ ومن سرق شيئا من حرز أو غير حرز وصاحبه عنده يحفظه قطع ولا قطع على من سرق مالا من حمام أو من بيت إذن للناس في دخوله ومن سرق من المسجد متاعا وصاحبه عنده قطع ولا قطع على الضيف إذا سرق ممن أضافه ومن سرق سرقة فلم يخرجها من الدار لم يقطع فإن كانت دار فيها مقاصير فأخرجها عن مقصورة إلى صحن الدار قطع وإن أغار إنسان من أهل المقاصير على مقصورة فسرق منها قطع وإذا نقب اللص البيت فدخل وأخذ المال(1/109)
وناوله آخر خارج البيت فلا قطع عليهما وأن ألقاه في الطريق وخرج فأخذه قطع وكذلك إن حمله على حمار فساقه وأخرجه وإذا دخل الحرز جماعة فتولى بعضهم الأخذ قطعوا جميعا ومن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ شيئا لم يقطع وإن طرصرة خارجة من الكم لم يقطع وإن شق الحمل وأخذ منه قطع وإن سرق جوالقا فيه متاع وصاحبه يحفظه أو نائم عليه قطع فصل في كيفية القطع وإثباته ويقطع يمين السارق من الزند ويحسم فإن سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى فإن سرق ثالثا لم يقطع وخلد في السجن حتى يتوب وإذا كان السارق أشل اليد اليسرى أو أقطع أو مقطوع الرجل اليمنى لم يقطع وكذا إن كانت إبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو الأصبعان منها سوى الإبهام فإن كانت أصبع واحدة سوى الإبهام مقطوعة أو شلاء قطع وإذا قال الحاكم للحداد اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فقطع يساره عمدا أو خطأ فلا شيء عليه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا شيء عليه في الخطأ ويضمن في العمد ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة وكذا إذا غاب عند القطع عندنا وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة أن يقطعه أيضا وكذا المغصوب منه وإن قطع سارق بسرقة فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني ولو سرق الثاني قبل أن يقطع الأول أو بعد ما درىء الحد بشبهة يقطع بخصومة الأول ومن سرق سرقة فردها إلى المالك قبل الارتفاع لم يقطع وإذا قضى على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع وكذلك إذا باعها المالك إياه وكذلك إذا نقصت قيمتها من النصاب وإذا ادعى السارق أن العين المسروقة ملكه سقط القطع عنه وإن لم يقم بينة وإذا أقر رجلان بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة الآخر وهو قولهما وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق(1/110)
منه ولو
أقربسرقة مال مستهلك قطعت يده ولو كان العبد مأذونا له يقطع في الوجهين وإذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت على صاحبها وإن كانت مستهلكة لم يضمن ومن سرق سرقات فقطع في أحداها فهو لجميعها ولا يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن كلها إلا التي قطع لها باب ما يحدث السارق في السرقة ومن سرق ثوبا فشقه في الدار نصفين ثم أخرجه وهو يساوي عشرة دراهم قطع فإن سرق شاة فذبحها ثم أخرجها لم يقطع ومن سرق ذهبا أو فضة يجب فيه القطع فصنعه دراهم أو دنانير قطع فيه ويرد الدراهم والدنانير إلى المسروق منه وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا سبيل للمسروق منه عليهما فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر قطع ولم يؤخذ منه الثوب ولم يضمن قيمة الثوب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يؤخذ منه الثوب ويعطى ما زاد الصبغ فيه وإن صبغه أسود أخذ منه في المذهبين باب قطع الطريق وإذا خرج جماعة ممتنعين أو واحدا يقدر على الامتناع فقصدوا قطع الطريق فأخذوا قبل أن يأخذوا مالا ويقتلوا نفسا حبسهم الإمام حتى يحدثوا توبة وإن أخذوا مال مسلم أو ذمي والمأخوذ إذا قسم على جماعتهم أصاب كل واحد منهم عشرة دراهم فصاعدا أو ما تبلغ قيمته ذلك قطع الإمام أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلهم الإمام حدا حتى لو عفا الأولياء عنهم لا يلتفت إلى عفوهم وإذا قتلوا أو أخذوا المال فالإمام بالخيار إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وقتلهم وصلبهم وإن شاء قتلهم وإن شاء صلبهم وقال محمد يقتل أو يصلب ولا يقطع ويصلب حيا ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه فإن باشر القتل أحدهم أجرى الحد عليهم بأجمعهم والقتل وإن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواء(1/111)
وإن لم يقطع القاطع ولم يأخذ مالا وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه فيما فيه ألأرش وذلك إلى الآولياء وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله وبطلت الجراحات وإن أخذ بعد ما تاب وقد قتل عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه وإن كان من القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين وإذا سقط الحد صار القتل إلى الأولياء فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وإذا قطع بعض القافلة الطريق على البعض لم يجب الحد ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع الطريق ومن خنق رجلا حتى قتله فالدية على عاقلته عند أبي حنيفة وإن خنق في المصر غير مرة قتل به كتاب السير الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به فريق من الناس سقط عن الباقين فإن لم يقم به أحد أثم جميع الناس بتركه إلا أن يكون النفير عاما وقتال الكفار الذين لم يسلموا وهم من مشركي العرب أو لم يسلموا ولم يعطوا الجزية من غيرهم واجب ولا يجب الجهاد على صبي ولا عبد ولا امرأة ولا أعمى ولا مقعد ولا أقطع لعجزهم فإن هجم العدو على بلد وجب على جميع الناس الدفع تخرج المرأة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذا المولى ويكره الجعل ما دام للمسلمين فيء فأذا لم يكن فلا بأس بإن يقوي بعضهم بعضا باب كيفية القتال وإذا دخل المسلمون دار الحرب فحاصروا مدينة أو حصنا دعوهم إلى الإسلام فإن أجابوا كفوا عن قتالهم وإن امتنعوا دعوهم إلى أداء الجزية فإن بذلوها فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ولا يجوز أن يقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام إلا أن يدعوه ويستحب أن يدعو من بلغته الدعوة فإن أبوا(1/112)
ذلك استعانوا بالله عليهم وحاربوهم ونصبوا عليهم المجانيق وحرقوهم وأرسلوا عليهم الماء وقطعوا أشجارهم وأفسدوا زروعهم ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر وأن تترسوا بصبيان المسلمين أو بالآسارى لم يكفوا عن رميهم ويقصدون بالرمي الكفار ولا بأس بإخراج النساء والمصاحف مع المسلمين إذا كانوا عسكرا عظيما يؤمن عليه ويكره إخراج ذلك في سرية لا يؤمن عليها ولا تقاتل المرأة إلا بإذن زوجها ولا العبد إلا بإذن سيده إلا أن يهجم العدو على بلد للضرورة ولا يقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى إلا أن يكون أحد هؤلاء ممن له رأي في الحرب أو تكون المرأة ملكة ولا يقتلون مجنونا ويكره أن يبتدىء الرجل أباه من المشركين فيقتله فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره باب الموادعة ومن يجوز أمانه وإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقا منهم وكان في ذلك مصلحة للمسلمين فلا بأس به وإن صالحهم مدة ثم رأى نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم وأن بدأوا بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم إذا كان ذلك باتفاقهم وإذا رأى الإمام موادعة أهل الحرب وإن يأخذ على ذلك مالا فلا بأس به وإما المرتدون فيوادعهم الإمام حتى ينظر في أمرهم ولا يأخذ عليه مالا ولو أخذه لم يرده ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب ولا يجهز إليهم فصل إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة كافرا أو جماعة أو أهل حصن أو مدينة صح أمانهم ولم يكن لأحد من المسلمين قتالهم إلا أن يكون في ذلك مفسدة فينبذ إليهم ولا يجوز أمان ذمي ولا أسير ولا تاجر يدخل عليهم ولا يجوز أمان العبد المحجور عند عند أبي حنيفة إلا أن يأذن له مولاه في القتال وقال محمد يصح باب الغنائم وقسمتها وإذا فتح الإمام بلدة عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين وإن شاء أقر(1/113)
أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج وهو في الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم وإن شاء استرقهم وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين إلا مشركي العرب والمرتدين ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب وله أن يسترقهم ولا يفادي بالأسارى عند أبي حنيفة وقالا يفادى بهم أسارى المسلمين ولا يجوز المن عليهم وإذا رأى الإمام العود ومعه مواش فلم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحها وحرقها ولا يعقرها ولا يتركها ولا يقسم غنيمة في دار الحرب حتى يخرجها إلى دار الإسلام والردة والمقاتل في المعسكر سواء وإذا لحقهم المدد في دار الحرب قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام شاركوهم فيها لاحق لأهل سوق العسكر في الغنيمة إلا أن يقاتلوا وإن لم تكن للإمام حمولة تحمل عليها الغنائم قسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحملوها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيقسمها ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب ومن مات من الغانمين في دار الحرب فلا حق له في الغنيمة ومن مات منهم بعد إخراجها إلى دار الإسلام فنصيبه لورثته ولا بأس بأن يعلف العسكر في دار الحرب ويأكلوا مما وجدوه من الطعام ويستعملوا الحطب ويدهنون بالدهن ويوقحوا به الدابة ويقاتلوا بما يجدونه من السلاح كل ذلك بلا قسمة ولا يجوز أن يبيعوا من ذلك شيئا ولا يتمولونه ومن أسلم منهم أحرز بإسلامه نفسه وأولاده الصغار وكل مال هو في يديه أو وديعة في يد مسلم أو ذمي فإن ظهرنا على دار الحرب فعقاره فيء وزوجته فيء وكذا حملها فيء وأولاده الكبار فيء ومن قاتل من عبيده فيء وما كان من ماله في يد حربي فهو فيء وما كان غصبا في يد مسلم أو ذمي فهو فيء عند أبي حنيفة وقال محمد لا يكون فيئا وإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ولا يأكلوا منها ومن فضل معه علف أو طعام رده إلى الغنيمة فصل في كيفية القسمة ويقسم الإمام الغنيمة فيخرج خمسها ويقسم الأربعة الأخماس بين الغانمين(1/114)
ثم للفارس سهمان وللراجل سهم عند أبي حنيفة وقالا للفارس ثلاثة أسهم ولا يسهم إلا لفرس واحد والبراذين والعتاق سواء ومن دخل الحرب فارسا فنفق فرسه استحق سهم الفرسان ومن دخل راجلا فاشترى فرسا استحق سهم راجل ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا ذمي ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربي فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم فإما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه وسهم النبي عليه السلام سقط بموته كما سقط الصفى وسهم ذوي القربى كانوا يستحقونه في زمن النبي عليه السلام بالنصرة وبعده بالفقر وإذا دخل الواحد أو الإثنان دار الحرب مغيرين بغير إذن الإمام فأخذوا شيئا لم يخمس فإن دخلت جماعة لها منعة فأخذ شيئا خمس وإن لم يأذن لهم الإمام فصل في التنفيل ولا بأس بأن ينفل الإمام في حال القتال ويحرض على القتال فيقول من قتل قتيلا فله سلبه ويقول للسرية قد جعلت لكم الربع بعد الخمس ولا ينفل بعد إحراز الغنيمة بدار الإسلام إلا من الخمس وإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة والقاتل وغيره في ذلك سواء والسلب ما على المقتول من ثيابه وسلاحه ومركبه وكذا ما كان على مركبه من السرج والآلة وكذا ما معه على الدابة من ماله في حقيبته أو على وسطه وما عدا ذلك فليس بسلب باب استيلاء الكفار وإذا غلب الترك على الروم فسبوهم وأخذوا أموالهم ملكوها فإن غلبنا على الترك حل لنا ما نجده من ذلك وإذا غلبوا على أموالنا والعياذ بالله وأحرزوها بدارهم ملكوها فإن ظهر عليها المسلمون فوجدها المالكون قبل القسمة فهي لهم بغير(1/115)
شيء وإن وجدوها بعد القسمة أخذوها بالقيمة إن أحبوا وإن دخل دار الحرب تاجر فاشترى ذلك وأخرجه إلى دار الإسلام فمالكه الأول بالخيار إن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به وإن شاء تركه فإن اسروا عبدا فاشتراه رجل وأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه وأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذ به من العدو ولا يأخذ الأرش وإن أسروا عبدا فاشتراه بألف درهم فأسروه ثانية وأدخلوه دار الحرب فاشتراه رجل آخر بألف درهم فليس للمولى الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن وللمشتري الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن ثم يأخذه المالك القديم بألفين إن شاء ولا يملك علينا أهل الحرب بالغلبة مدبرينا وأمهات أولادنا ومكاتبنا وأحرارنا ونملك عليهم جميع ذلك وإذا أبق عبد لمسلم فدخل إليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعيرإليهم فأخذوه لم يملكوه عند أبي حنيفة وقالا يملكونه وإن ند بعير اليهم فأخذوه ملكوه وإن اشتراه رجل وأدخله دار الإسلام فصاحبه يأخذه بالثمن إن شاء فإن أبق عبد إليهم وذهب معه بفرس ومتاع فأحذ المشركون ذلك كله واشترى رجل ذلك كله وأخرجه إلى دار الإسلام فإن المولى يأخذ العبد بغير شيء والفرس والمتاع بالثمن وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يأخذ العبد وما معه بالثمن إن شاء وإذا دخل الحربي دارنا بأمان واشترى عبدا مسلما وأدخله دار الحرب عتق عند أبي حنيفة وقالا لا يعتق أو إذا أسلم عبد لحربي ثم خرج إلينا أو ظهر على الدار فهو حر وكذلك إذا خرج عبيدهم إلى عسكر المسلمين فهم أحرار باب المستأمن وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيءمن أموالهم ولا من دمائهم فإن غدر بهم فأخذ شيئا وخرج به ملكه ملكا محظورا فيؤمر بالتصدق به وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصب(1/116)
أحدهما صاحبه ثم خرج إلينا واستأمن من الحرب لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء ولو خرجا مسلمين قضى بالدين بينهما ولم يقض بالغصب وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فغصب حربيا ثم خرجا مسلمين أمر برد الغصب ولم يقض عليه وإذا دخل مسلمان دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ فعلى القاتل الدية في ماله وعليه الكفارة في الخطأ وإن كانا أسيرين فقتل أحدهما صاحبه فلا شيء على القاتل إلا الكفارة في الخطأ عند أبي حنيفة وقالا في الأسيرين الدية في الخطأ والعمد فصل وإذا دخل الحربي إلينا مستأمنا لم يمكن أن يقيم في دارنا سنة ويقول له الإمام إن أقمت تمام السنة وضعت عليك الجزية وإذا أقامها بعد مقالة الإمام يصير ذميا ثم لا يترك أن يرجع إلى دار الحرب فإن دخل الحربي دارنا بأمان فاشترى أرض خراخ فإذا وضع عليه الخراج فهو ذمي وإذا دخلت حربية بأمان فتزوجت ذميا صارت ذمية وإذا دخل حربي بأمان فتزوج ذمية لم يصر ذميا ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمي أو دينا في ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود وما في دار الإسلام من ماله على خطر فإن أسر أو ظهر على الدار فقتل سقطت ديونه وصارت الوديعة فيئا وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض والوديعة لورثته وما أوجف المسلمون عليه من أموال اهل الحرب بغير قتال يصرف في مصالح المسلمين كما يصرف الخراج وإذا دخل الحربي دارنا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال أودع بعضه ذميا وبعضه حربيا وبعضه مسلما فأسلم ههنا ثم ظهر على الدار فذلك كله فيء وإن اسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار أحرار مسلمون وما كان من مال أودعه مسلما أو ذميا فهو له وما سوى ذلك فيء وإذا أسلم الحربي في دار الحرب فقتله مسلم عمدا أو خطأ وله ورثة مسلمون هناك(1/117)
فلا شيء عليه إلا الكفارة في الخطأ لوجود العاصم وهو الإسلام ومن قتل مسلما خطأ لا ولي له أو قتل حربيا دخل إلينا بأمان فأسلم فالدية على عاقلته للإمام عليه الكفارة وإن كان عمدا فإن شاء الإمام قتله وإن شاء أخذ الدية وليس له أن يعفو باب العشر والخراج أرض العرب كلها أرض عشر وهي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام والسواد أرض خراج وهو ما بين العذيب إلى عقبة حلوان ومن الثعلبية ويقال من العلث إلى عبادان وأرض السواد مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها وكل ارض أسلم أهلها أو فتحت عنوة وقسمت بين الغانمين فهي أرض عشر وكل أرض فتحت عنوة فأقر أهلها عليها فهي أرض خراج وفي الجامع الصغير كل أرض فتحت عنوة فوصل إليها ماء الأنهار فهي أرض خراج وما لم يصل إليها ماء الأنهار واستخرج منها عين فهي أرض عشر ومن أحيا أرضا مواتا فهي عند أبي يوسف معتبرة بحيزها فإن كانت من حيز أرض الخراج فهي خراجية وإن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية وقال محمد إن أحياها ببئر حفرها أو بعين استخرجها أو ماء دجلة أو الفرات أو الأنهار العظام التي لا يملكها أحد فهي عشرية وإن أحياها بماء الأنهار التي احتفرها الأعاجم فهي خراجية والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم وما سوى ذلك من الأصناف كالزعفران والبستان وغيره يوضع عليها بحسب الطاقة فإن لم تطق ما وضع عليها نقصها الإمام وإن غلب على أرض الخراج الماء أو انقطع الماء عنها أو اصطلم الزرع آفة فلا خراج عليه وإن عطلها صاحبها فعليه الخراج ومن أسلم من أهل الخراج أخذ منه الخراج على حاله ويجوز أن يشتري(1/118)
المسلم أرض الخراج من الذمي ويؤخذ منه الخراج ولا عشر في الخارج من ارض الخراج ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنة باب الجزية وهي على ضربين جزية توضع بالتراضي والصلح فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق وجزية يبتدي الإمام وضعها إذا غلب الإمام على الكفار وأقرهم على أملاكهم فيضع على الغني الظاهر الغنى في كل سنة ثمانية وأربعين درهما يأخذ منهم في كل شهر أربعة دراهم وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهما في كل شهر درهمين وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهما في كل شهر درهما وتوضع الجزية على أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم وإن ظهر عليهم قبل ذلك فهم ونساؤهم وصبيانهم فيء ولا توضع على عبدة الأوثان من العرب ولا المرتدين وإذا ظهر عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء ومن لم يسلم من رجالهم قتل ولا جزية على امرأة ولا صبي ولا زمن ولا أعمى ولا على فقير غير معتمل ولا توضع على المملوك والمكاتب والمدبر وأم الولد ولا يؤدى عنهم مواليهم ولا توضع على الرهبان الذين لا يخالطون الناس ومن أسلم وعليه جزية سقطت عنه وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت وفي الجامع الصغير ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت السنة وجاءت سنة أخرى لم يؤخذ منه وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يؤخذ منه وإن مات عند تمام السنة لم يؤخذ منه في قولهم جميعا وكذلك إن مات في بعض السنة فصل ولا يجوز إحداث بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها ويؤخذ أهل الذمة بالتميز عن المسلمين في زيهم ومراكبهم وسروجهم وقلانسهم فلا يركبون الخيل ولا يعملون بالسلاح وفي الجامع الصغير ويؤخذ أهل الذمة بإظهار الكستيجات والركوب على السروج التي هي كهيئة الأكف ومن امتنع من الجزية أو قتل مسلما أو سب النبي عليه السلام أو زنى(1/119)
بمسلمة لم ينتقض عهدة ولا ينقض العهد إلا أن يلتحق بدار الحرب أو يغلبوا على موضع فيحاربوننا وإذا نقض الذمي العهد فهو بمنزلة المرتد فصل ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة ويؤخذ من نسائهم ولا يؤخذ من صبيانهم ويوضع على مولى التغلبي الخراج وخراج الأرض بمنزلة مولى القرشي وما جباه الإمام من الخراج ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية يصرف في مصالح المسلمين كسد الثغور وبناء القناطر والجسور ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم وعلماؤهم منه ما يكفيهم ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم ومن مات في نصف السنة فلا شيء له من العطاء باب أحكام المرتدين وإذا ارتد المسلم عن الإسلام والعياذ بالله عرض عليه الإسلام فإن كانت له شبهة كشفت عنه ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم وإلا قتل وفي الجامع الصغير المرتد يعرض عليه الإسلام حرا كان أو عبدا فإن أبى قتل فإن قتله قاتل قبل عرض الإسلام عليه كره ولا شيء على القاتل وأما المرتدة فلا تقتل ولكن تحبس حتى تسلم وفي الجامع الصغير وتجبر المرأة على الإسلام حرة كانت أو أمة والأمة يجبرها مولاها ويزول ملك المرتد عن أمواله بردته زوالا مراعى فإن اسلم عادت إلى حالها قالوا هذا عند أبي حنيفة وعندهما لا يزول ملكه وإن مات أو قتل على ردته انتقل ما اكتسبه في إسلامه إلى ورثته المسلمين وكان ما اكتسبه في حال ردته فيئا وقال أبو يوسف ومحمد كلاهما لورثته وإن لحق بدار الحرب مرتدا وحكم الحاكم بلحاقه عتق مدبروه وأمهات أولاده وحلت الديون التي عليه ونقل ما اكتسبه في حال الإسلام إلى ورثته من المسلمين وتقضى الديون التي لزمته في حال الإسلام مما اكتسبه في حال الإسلام وما لزمته في حال ردته من الديون(1/120)
يقضي ما اكتسبه في حال ردته وما باعه أو اشتراه أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله في حال ردته فهو موقوف فإن أسلم صحت عقوده وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ما صنع في الوجهين فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه وإذا وطىء المرتد جارية نصرانية كانت له في حالة الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر منذ ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه وإن كانت الجارية مسلمة ورثه الابن إن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وإذا لحق المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر على ذلك المال فهو فيء فإن لحق ثم رجع وأخذ مالا وألحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال فوجدته الورثة قبل القسمة رد عليهم وإذا لحق المرتد بدار الحرب وله عبد قضى به لابنه وكاتبه الابن ثم جاء المرتد مسلما فالكتابة جائزة والمكاتبة والولاء للمرتد الذي أسلم وإذا قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب أو قتل على ردته فالدية في مال اكتسبه في حال الإسلام خاصة عند أبي حنيفة وقالا الدية فيما اكتسبه في حالة الإسلام والردة جميعا وإذا قطعت يد المسلم عمدا فارتد والعياذ بالله ثم مات على ردته من ذلك أو لحق بدار الحرب ثم جاء مسلما فمات من ذلك فعلى القاطع نصف الدية في ماله للورثة فإن لم يلحق وأسلم ثم مات فعليه الدية كاملة وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ بماله وأبى أن يسلم فقتل فإنه يوفي مولاه مكاتبته وما بقي فلورثته وإذا ارتد الرجل وامرأته والعياذ بالله ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب وولدت ولدا وولد لولدهما ولد فظهر عليهم جميعا فالولدان فيء وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة ومحمد ويجبر على الإسلام ولا يقتل وإسلامه إسلام لا يرث أبويه إن كانا كافرين وقال أبو يوسف ارتداده ليس(1/121)
بارتداد وإسلامه إسلام
باب البغاة وإذا تغلب قوم من المسلمين على بلد وخرجوا من طاعة الإمام دعاهم إلى العود إلى الجماعة وكشف عن شبهتهم ولا يبدأ بقتال حتى يبدأوه فإن بدأوه قاتلهم حتى يفرق جمعهم فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم ولا يسبي له ذرية ولا يقسم لهم مال ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه ويحبس الإمام أموالهم ولا يردها عليهم ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها عليهم وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا فإن كانوا صرفوه في حقه أجزأ من أخذ منه وإن لم يكونوا صرفوه في حقه فعلى أهله فيما بينهم وبين الله تعالى أن يعيدوا ذلك ومن قتل رجلا وهما من عسكر أهل البغي ثم ظهر عليهم فليس عليهم شيء وإن غلبوا على مصر فقتل رجل من أهل المصر رجلا من أهل المصر عمدا ثم ظهر على المصر فإنه يقتص منه وإذا قتل رجل من أهل العدل باغيا فإنه يرثه فإن قتله الباغي وقال قد كنت على حق وأنا الآن على حق ورثه وإن قال قتلته وأنا أعلم أني على الباطل لم يرثه وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يرث الباغي في الوجهين ويكره بيع السلاح من أهل الفتنة وفي عساكرهم وليس ببيعه بالكوفة من أهل الكوفة ومن لم يعرفه من أهل الفتنة بأس كتاب اللقيط اللقيط حر ونفقته في بيت المال فإن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله وإن ادعاه اثنان ووصف أحدهما علامة في جسده فهو أولى به وإذا وجد في مصر من أمصار المسلمين أو في قرية من قراهم فادعى ذمي أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان مسلما وإن وجد في قرية من قرى اهل(1/122)
الذمة أو في بيعة أو كنيسة كان ذميا ومن ادعى أن اللقيط عبده لم يقبل منه فإن ادعى عبد أنه ابنه ثبت نسبه منه وكان حرا والحر في دعوته للقيط أولى من العبد المسلم أولى من الذمي وإن وجد مع اللقيط مال مشدود عليه فهو له وله ولاية الإنفاق وشراء مالا بد له منه ولا يجوز تزويج الملتقط ولا تصرفه في مال الملتقط ويجوز أن يقبض له الهبة ويسلمه في صناعة ويؤاجره وفي الجامع الصغير لا يجوز أن يؤاجره كتاب اللقطة اللقطة أمانة إذا أشهد الملتقط أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها فإن كانت أقل من عشرة دراهم عرفها أياما وإن كانت عشرة فصاعدا عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها فإن جاء صاحبها فهو بالخيار إن شاء أمضى الصدقة وإن شاء ضمن الملتقط ويجوز الالتقاط في الشاة والبقر والبعير فإن أنفق الملتقط عليها بغير إذن الحاكم فهو متبرع وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه فإن كان للبهيمة منفعة أجرها وأنفق عليها من أجرتها وإن لم تكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر بحفظ ثمنها وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا على مالكها وإذا أحضر المالك فللملتقط أن يمنعها منه حتى يحضر النفقة ولقطة الحل والحرم سواء وإذا حضر رجل فادعى اللقطة لم تدفع إليه حتى يقيم البينة فإن اعطى علامتها حل للملتقط أن يدفعها إليه ولا يجبر على ذلك في القضاء ولا يتصدق باللقطة على غني وإن كان الملتقط غنيا لم يجز له أن ينتفع بها وإن كان الملتقط فقيرا فلا بأس بأن ينتفع بها وكذا إذا كان الفقير أباه أو ابنه او زوجته وإن كان هو غنيا كتاب الإباق الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه ومن رده آبقا على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه(1/123)
وإن كانت قيمته أقل من أربعين يقضي له بقيمته إلا درهما وإن أبق من الذي رده فلا شيء عليه ولو أعتقه المولى كما لقيه صار قبضا بالإعتاق وينبغي إذا أخذه أن يشهد أنه يأخذه ليرده وإن كان الآبق رهنا فالجعل على المرتهن كتاب المفقود إذا غاب الرجل فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت نصب القاضي من يحفظ ماله ويقوم عليه ويستوفي حقه ولا يبيع مالا يخاف عليه الفساد في نفقة ولا غيرها وينفق على زوجته وأولاده من ماله ولا يفرق بينه وبين امرأته وإذا تم له مائة وعشرون سنة من يوم ولد حكمنا بموته ويقسم ماله بين ورثته الموجودين في ذلك الوقت ومن مات قبل ذلك لم يرث منه ولا يرث المفقود أحدا مات في حال فقده وكذلك لو أوصى للمفقود ومات الموصى ولا ينزع من يد الأجنبي إلا إذا ظهرت منه خيانة كتاب الشركة الشركة جائزة الشركة ضربان شركة أملاك وشركة عقود فشركة الأملاك العين يرثها رجلان أو يشتريانها فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف في نصيب الآخر إلا بإذنه وكل واحد منهما في نصيب صاحبه كالأجنبي والضرب الثاني شركة العقود وركنها الإيجاب والقبول وهو أن يقول أحدهما شاركتك في كذا وكذا ويقول الآخر قبلت ثم هي أربعة أوجه مفاوضة وعنان وشركة الصنائع وشركة الوجوه فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجلان فيتساويان في مالهما وتصرفهما ودينهما ولا تنعقد إلا بلفظة المفاوضة فتجوز بين الحرين الكبيرين مسلمين أو ذميين وإن كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا تجوز أيضا ولا تجوز بين الحر والمملوك ولا بين الصبي والبالغ ولا بين المسلم والكافر ولا تجوز بين العبدين ولا بين الصبيين ولا بين المكاتبين وتنعقد على الوكالة والكفالة وما يشتريه(1/124)
كل واحد منهما يكون على الشركة إلا طعام أهله وكسوتهم وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء وما يلزم كل واحد منهما من الديون بدلا عما يصح فيه الاشتراك فالآخر ضامن له ولو كفل أحدهما بمال عند أجنبي لزم صاحبه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يلزمه فإن ورث أحدهما مالا يصح فيه الشركة أو وهب له ووصل إلى يده بطلت المفاوضة وصارت عنانا فإن ورث أحدهما عرضا فهو له ولا تفسد المفاوضة فصل ولا تنعقد الشركة إلا بالدراهم والدنانير والفلوس النافقة ولا تجوز الشركة بما سوى ذلك إلا أن يتعامل الناس بالتبر وفي الجامع الصغير ولا تكون المفاوضة بمثاقيل ذهب أو فضة وإذا أراد الشركة بالعروض باع كل واحد منهما نصف ماله بنصف مال الآخر ثم عقد الشركة وهذه شركة ملك وأما شركة العنان فتنعقد على الوكالة دون الكفالة وهي أن يشترك اثنان في نوع بر أو طعام أو يشتركان في عموم التجارات ولا يذكران الكفالة ويصح التفاضل في المال ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح ويجوز أن يعقدها كل واحد منهما ببعض ماله دون البعض ولا يصح إلا بما بينا ويجوز أن يشتركا ومن جهة أحدهما دنانير ومن الآخر دراهم وكذا من أحدهما دراهم بيض ومن الآخر سود وما اشتراه كل واحد منهما للشركة طولب بثمنه دون الآخر ثم يرجع على شريكه بحصته منه وإذا هلك مال الشركة أو أحد المالين قبل أن يشتريا شيئا بطلت الشركة وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر قبل الشراء فالمشترى بينهما على ما شرطا ويرجع على شريكه بحصته من ثمنه وتجوز الشركة وإن لم يخلطا المال ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح ولكل واحد من المتفاوضين وشريكي العنان أن يبضع المال ويدفعه مضاربة ويوكل من يتصرف فيه ويده في المال يد أمانة أما شركة الصنائع كالخياطين والصباغين يشتركان(1/125)
على أن يتقبلا الأعمال ويكون الكسب بينهما فيجوز ذلك ولو شرطا العمل نصفين والمال أثلاثا جاز وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه ويبرأ الدافع بالدفع إليه وأما شركة الوجوه فالرجلان يشتركان ولا مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا فتصح الشركة على هذا وكل واحد منهما وكيل الآخر فيما يشتريه فإن شرطا أن المشترى بينهما نصفان والربح كذلك يجوز ولا يجوز أن يتفاضلا فيه وإن شرطا أن يكون المشترى بينهما أثلاثا فالربح كذلك فصل ولا تجوز الشركة في الاحتطاب والاصطياد وما اصطاده كل واحد منهما أو احتطبه فهو له دون صاحبه وإذا اشتركا ولأحدهما بغل وللآخر راوية يستقي عليها الماء فالكسب بينهما لم تصح الشركة والكسب كله للذي استقى وعليه أجر مثل الراوية إن كان العامل صاحب البغل وإن كان صاحب الراوية فعليه أجر مثل البغل وكل شركة فاسدة فالربح فيها على قدر المال ويبطل شرط التفاضل وإذا مات أحد الشريكين أو ارتد ولحق بدار الحرب بطلت الشركة فصل وليس لأحد الشريكين أن يؤدي زكاة مال الآخر إلا بإذنه فإن أذن كل واحد منهما لصاحبه أن يؤدي زكاته فإن أدى كل واحد منهما فالثاني ضامن علم بأداء الأول أو لم يعلم وإذا أذن أحد المتفاوضين لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل فهي له بغير شيء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع عليه بنصف الثمن وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء بالاتفاق كتاب الوقف قال أبو حنيفة رحمه الله لا يزول ملك الواقف عن الوقف إلا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته فيقول إذا مت فقد وقفت داري على كذا وقال أبو يوسف يزول ملكه بمجرد القول وقال محمد لا يزول حتى يجعل للوقف وليا ويسلمه(1/126)
إليه وإذا صح الوقف على اختلافهم خرج من ملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقوف عليه ووقف المشاع جائز عند أبي يوسف وقال محمد رحمه الله لا يجوز ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله حتى يجعل آخره لجهة لا تنقطع أبدا وقال أبو يوسف رحمه الله إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم ويجوز وقف العقار ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول وقال أبو يوسف إذا وقف ضيعة بقرها واكرتها وهم عبيده جاز وقال محمد رحمه الله يجوز حبس الكراع والسلاح وإذ صح الوقف لم يجز بيعه ولا تمليكه إلا أن يكون مشاعا عند أبي يوسف رحمه الله فيطلب الشريك القسمة فيصح مقاسمته والواجب أن يبتدأ من ارتفاع الوقف بعمارته شرط ذلك الواقف أو لم يشترط فإن وقف دارا على سكنى ولده فالعمارة على من له السكتي فإن امتنع من ذلك أو كان فقيرا أجرها الحاكم وعمرها بأجرتها وإذا عمرها ردها إلى من له السكنى وما انهدم من بناء الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه وإن استغنى عنه أمسكه حتى يحتاج إلى عمارته فيصرفه فيها ولا يجوز أن يقسمه بين مستحقي الوقف وإذا جعل الوقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه جاز عند أبي يوسف فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن للناس بالصلاة فيه فإذا صلى فيه واحد زال عند أبي حنيفة رحمه الله عن ملكه وقال أبو يوسف يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق وعزله عن ملكه فله أن يبيعه وإن مات يورث عنه وكذلك إن اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالدخول فيه وعن محمد أنه لا يباع ولا يورث ولا يوهب ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه ومن بنى سقاية(1/127)
للمسلمين أو خانا يسكنه بنو السبيل أو رباطا أو جعل ارضه مقبره لم يزل ملكه عن ذلك حتى يحكم به الحاكم عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف يزول ملكه بالقول وعند محمد رحمه الله إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقبرة زال الملك كتاب البيوع البيع ينعقد بالإيجاب والقبول إذا كانا بلفظي الماضي وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع فالآخر بالخيار إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رده وأيهما قام عن المجلس قبل القبول بطل الأيجاب والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع والأثمان المطلقة لا تصح إلا أن تكون معروفة القدر والصفة ويجوز البيع بثمن حال ومؤجل إذا كان الأجل معلوما ومن أطلق الثمن في البيع كان على غالب نقد البلد فإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد إلا أن يبين أحدهما ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة ويجوز بإناء بعينه لا يعرف مقداره وبوزن حجر بعينه لا يعرف مقداره ومن باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم جاز البيع في قفيز واحد عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يسمى جملة قفزاتها وقالا يجوز في الوجهين ومن باع قطيع غنم كل شاة بدرهم فسد البيع في جميعها عند أبي حنيفة رحمه الله وكذلك من باع ثوبا مذارعة كل ذراع بدرهم ولم يسم جملة الذرعان وكذا كل معدود متفاوت وعندهما يجوز في الكل وعنده ينصرف إلى الواحد ومن ابتاع صبرة طعام على أنها مائة درهم فوجدها أقل كان المشترى بالخيار إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن وإن شاء فسخ البيع وإن وجدها أكثر فالزيادة للبائع ومن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع بعشرة دراهم أو أرضا على أنها مائة ذراع بمائة درهم فوجدها أقل فالمشترى بالخيار إن شاء أخذها بجملة الثمن وإن شاء ترك وإن وجدها أكثر من الذراع الذي سماه(1/128)
فهو للمشتري ولا خيار للبائع ولو قال بعتكها على أنها مائة ذراع بمائة درهم كل ذراع بدرهم فوجدها ناقصة فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن وجدها زائدة فهو بالخيار إن شاء أخذ الجميع كل ذراع بدرهم وإن شاء فسخ البيع وإن اشترى عشرة أذرع من مائة ذراع من دار أو حمام فالبيع فاسد عند أبي حنيفة وقالا هو جائز وإن اشترى عشرة أسهم من مائة سهم جاز في قولهم جميعا ولو اشترى عدلا على أنه عشرة أثواب فإذا هو تسعة أو أحد عشر فسد البيع ولو بين لكل ثوب ثمنا جاز في فصل النقصان بقدره وله الخيار ولم يجز في الزيادة ولو اشترى ثوبا واحدا على أنه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم فإذا هو عشرة ونصف أو تسعة ونصف قال أبو حنيفة في الوجه الأول يأخذه بعشرة من غير خيار وفي الوجه الثاني يأخذه بتسعة إن شاء وقال أبو يوسف رحمة الله عليه في الوجه الأول يأخذه بأحد عشر إن شاء وفي الثاني يأخذه بعشرة إن شاء وقال محمد رحمه الله في الأول يأخذه بعشرة ونصف إن شاء وفي الثاني بتسعة ونصف ويخير فصل ومن باع دارا دخل بناؤها في البيع وإن لم يسمه ومن باع أرضا دخل ما فيها من النخل والشجر وإن لم يسمه ولا يدخل الزرع في بيع الأرض إلا بالتسمية ومن باع نخلا أو شجرا فيه ثمر فثمرته للبائع إلا أن يشترط المبتاع ويقال للبائع اقطعها وسلم المبيع ومن باع ثمرة لم يبد صلاحها أو قد بدا جاز البيع وعلى المشتري قطعها في الحال وأن شرط تركها على النخيل فسد البيع ولا يجوز أن يبيع ويستثني منها أرطالا معلومة ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح إغلاقها وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع وأجرة وزان الثمن على المشتري ومن باع سلعة بثمن قيل للمشتري ادفع الثمن أولا ومن باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن قيل لهما سلما معا(1/129)
باب خيار الشرط ولهما الخيار ثلاثة أيام فما دونها ولا يجوز أكثر منها عند أبي حنيفة وقالا يجوز إذا سمى مدة معلومة إلا أنه إذا أجاز في الثلاثة جاز عند أبي حنيفة ولو اشترى على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما جاز وإلى أربعة أيام لا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجوز إلى أربعة أيام أو أكثر فإن نقد في الثلاث جاز في قولهم جميعا وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه فلو قبضه المشتري وهلك في يده في مدة الخيار ضمنه بالقيمة وخيار المشتري لا يمنع خروج المبيع عن ملك البائع إلا أن المشتري لا يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يملكه فإن هلك في يده هلك بالثمن وكذا إذا دخله عيب ومن اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام لم يفسد النكاح وإن وطئها له أن يردها إلا إذا كانت بكرا وقالا يفسد النكاح لأنه ملكها وإن وطئها يردها ومن شرط له الخيار فله أن يفسخ في مدة الخيار وله أن يجيز فإن أجازه بغير حضرة صاحبه جاز وإن فسخ لم يجز إلا أن يكون الآخر حاضرا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يجوز وإذا مات من له الخيار بطل خياره ولم ينتقل إلى ورثته ومن اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره فأيهما أجاز جاز للخيار وأيهما نقض انتقض ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد وإن باع كل واحد منهمابخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز البيع ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز وكذا الثلاثة فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى إلى جنبها فأخذها بالشفعة فهو رضا وإذا اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده ومن باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك(1/130)
باب خيار الرؤية ومن اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز وله الخيار إذا رآه إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده ومن باع مالم يره فلا خيار له ومن نظر إلى وجه الصبرة أو إلى ظاهر الثوب مطويا إو إلى وجه الجارية أو إلى وجه الدابة وكفلها فلا خيار له وإن رأى صحن الدار فلا خيار له وإن لم يشاهد بيوتها ونظر الوكيل كنظر المشتري حتى لا يرده إلا من عيب ولا يكون نظر الرسول كنظر المشتري وهذا عند أبي حنيفة وقالا هما سواء وله أن يرده وبيع الأعمى وشراؤه جائز وله الخيار إذا اشترى ثم يسقط خياره بجسه المبيع إذا كان يعرف بالجس ويشمه إذا كان يعرف بالشم ويذوقه إذا كان يعرف بالذوق ولا يسقط خياره في العقار حتى يوصف له ومن رأى أحد الثوبين فاشتراهما ثم رأى الآخر جاز له أن يردهما ومن مات وله خيار الرؤية بطل خياره ومن رأى شيئا ثم اشتراه بعد مدة فإن كان على الصفة التي رآه فلا خيار له وإن وجده متغيرا فله الخيار ومن اشترى عدل زطي ولم يرد فباع منه ثوبا أو وهبه وسلمه لم يرد شيئا منها إلا من عيب وكذلك خيار الشرط باب خيار العيب وإذا اطلع المشتري على عيب في المبيع فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده وليس له أن يمسكه ويأخذ النقصان وكل ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب والأباق والبول في الفراش والسرقة في الصغير عيب مالم يبلغ فإذا بلغ فليس ذلك بعيب حتى يعاوده بعد البلوغ والجنون في الصغر عيب أبدا والبخر والدفر عيب في الجارية والزنا وولد الزنا عيب في الجارية دون الغلام والكفر عيب فيهما فلو كانت الجارية بالغة لا تحيض أو هي مستحاضة فهو عيب وإذا حدث عند المشتري عيب فاطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع(1/131)
بالنقصان ولا يرد المبيع ومن اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عيبا رجع بالعيب فإن قال البائع أقبله كذلك كان له فإن باعه المشتري لم يرجع بشيء فإن قطع الثوب وخاطه أو صبغه أحمر أولت السويق بسمن ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه وليس للبائع أن يأخذه فإن باعه المشتري بعدما رأى العيب رجع بالنقصان ومن اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه وإن أعتقه على مال لم يرجع بشيء فإن قتل المشتري العبد أو كان طعاما فأكله لم يرجع بشيء عند أبي حنيفة ومن اشترى بيضا أو بطيخا أو قثاء أو خيارا أو جوزا فكسره فوجده فاسدا فإن لم ينتفع به رجع بالثمن كله وإن كان ينتفع به مع فساده لم يرده ويرجع بنقصان العيب ومن باع عبدا فباعه المشترى ثم رده عليه بعيب فإن قبل بقضاء القاضي بإقرار أو بينة أو بأباء يمين له أن يرده على بائعه وإن قبل بغير قضاء القاضي ليس له إن يرده وفي الجامع الصغير وإن رد عليه بإقراره بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له أن يخاصم الذي باعه ومن اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع أو يقيم المشتري البينة فإن قال المشتري شهودي بالشام استحلف البائع ودفع الثمن ومن اشترى عبدا فادعى أباقا لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة إنه أبق عنده فإذا أقامها حلف بالله تعالى لقد باعه وسلمه إليه وما أبق عنده قط ومن اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيبا فقال البائع بعتك هذه وأخرى معها وقال المشتري بعتنيها وحدها فالقول قول المشتري وكذا إذا اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض ومن اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا فإنه يأخذهما أو يدعهما ومن اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا رده كله أو أخذه كله ولو استحق بعضه فلا خيار له في رد ما بقي وإن كان ثوبا فله الخيار ومن اشترى جارية فوجد بها قرحا فداواه أو كانت دابة فركبها في حاجته فهو رضا وإن ركبها ليردها(1/132)
على بائعها أو ليسقيها أو ليشتري لها علفا
فليس برضا ومن اشترى عبدا قد سرق ولم يعلم به فقطع عند المشتري له أن يرده ويأخذ الثمن عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يرجع بما بين قيمته سارقا وغير سارق ومن باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب فليس له أن يرده بعيب وإن لم يسم العيوب بعددها باب البيع الفاسد وإذا كان أحد العوضين أو كلاهما محرما فالبيع فاسد كالبيع بالميتة والدم والخمر والخنزير وكذا إذا كان غير مملوك كالحر وبيع أم الولد والمدبر والمكاتب فاسد وإن ماتت أم الولد أو المدبر في يد المشتري فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه قيمتهما ولا يجوز بيع السمك قبل أن يصاد ولا في حظيرة إذا كان لا يؤخذ إلا بصيد ولا بيع الطير في الهواء ولا بيع الحمل ولا النتاج ولا اللبن في الضرع ولا الصوف على ظهر الغنم وجذع في سقف وذراع من ثوب ذكرا القطع أو لم يذكراه وضربة القانص وبيع المزابنة وهو بيع الثمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصا ولا يجوز البيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابذة ولا يجوز بيع ثوب من ثوبين ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها ولا يجوز بيع النحل ولا يجوز بيع دود القز عند أبي حنيفة لأنه من الهوام وعند أبي سيف يجوز إذا ظهر فيه القز تبعا له وعند محمد يجوز كيفما كان ولا يجوز بيع بيضة عند أبي حنيفة وعندهما يجوز ولا يجوز بيع الآبق إلا أن يبيعه من رجل زعم أنه عنده ولا يجوز بيع لبن امرأة في قدح ولا يجوز بيع شعر الخنزير ولا يجوز بيع شعور الإنسان ولا الانتفاع بها ولا بيع جلود الميتة قبل أن تدبغ ولا بأس ببيعها والانتفاع بها بعد الدباغ ولا بأس ببيع عظام الميتة وعصبها وصوفها وقرنها وشعرها ووبرها والانتفاع بذلك كله وإذا كان السفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أو سقط العلو وحده فباع صاحب العلو علوه لم يجز وبيع الطريق وهبته جائز وبيع مسيل الماء وهبته باطل ومن باع جارية فإذا هو(1/133)
غلام فلا بيع بينهما بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني ومن اشترى جارية بخمسمائة ثم باعها وأخرى معها من البائع قبل أن ينقد الثمن بخمسمائة فالبيع جائز في التي لم يشترها من البائع ويبطل في الأخرى ومن اشترى زيتا على أن يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا فهو فاسد وإن اشترى على أن يطرح عنه بوزن الظرف جاز ومن اشترى سمنا في زق فرد الظرف وهو عشرة أرطال فقال البائع الزق غير هذا وهو خمسة أرطال فالقول قول المشتري وإذا أمر المسلم نصرانيا ببيع خمر أو بشرائها ففعل ذلك جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز على المسلم ومن باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه أو أمة على أن يستولدها فالبيع فاسد وكذلك لو باع عبدا على أن يستخدمه البائع شهرا أو دارا على أن يسكنها أو على أن يقرضه المشتري درهما أو على أن يهدي له هدية ومن باع عينا على أن لا يسلمه إلى رأس الشهر فالبيع فاسد ومن اشترى جارية إلا حملها فالبيع فاسد ومن اشترى ثوبا على أن يقطعه البائع ويخيطه قميصا أو قباء فالبيع فاسد ومن اشترى نعلا على أن يحذوه البائع أو يشركه فالبيع فاسد والبيع إلى النيروز والمهرجان وصوم النصارى وفطر اليهود إذا لم يعرف المتبايعان ذلك فاسد ولا يجوز البيع إلى قدوم الحاج ولو باع إلى هذه الآجال ثم تراضيا بإسقاط الأجل قبل أن يأخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج جاز البيع أيضا ومن جمع بين حر وعبد أو شاة ذكية وميته بطل البيع فيهما وإن جمع بين عبد ومدبر أو بين عبده وعبد غيره صح البيع في العبد بحصته من الثمن فصل في أحكامه وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع وفي العقد عوضان كل واحد منهما مال ملك المبيع ولزمته قيمته ولكل واحد من المتعاقدين فسخه فإن(1/134)
باعه المشتري نفذ بيعه ومن اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه وأعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائز وعليه القيمة وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن وإن مات البائع فالمشتري أحق به حتى يستوفي الثمن ومن باع دارا بيعا فاسدا فبناها المشتري فعليه قيمتها وقالا ينقض البناء وترد الدار ومن اشترى جارية بيعا فاسدا وتقابضا فباعها وربح فيها تصدق بالربح ويطيب للبائع ما ربح في الثمن وكذا إذا ادعى على آخر مالا فقضاه إياه ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم يطيب له الربح فصل فيما يكره ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش وعن السوم على سوم غيره وعن تلقي الجلب وعن بيع الحاضر للبادي والبيع عند أذان الجمعة كل ذلك يكره ولا يفسد به البيع ولا بأس ببيع من يزيد عن نوع منه ومن ملك مملوكين صغيرين أحدهما ذو رحم محرم من الآخر لم يفرق بينهما وكذلك إن كان أحدهما كبيرا فإن فرق كره له ذلك وجاز العقد وإن كانا كبيرين فلا بأس بالتفريق بينهما باب الإقالة الإقالة جائزة في البيع بمثل الثمن الأول فإن شرطا أكثر منه أو أقل فالشرط باطل ويرد مثل الثمن الأول وهلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة وهلاك المبيع يمنع عنها فإن هلك بعض المبيع جازت الإقالة في الباقي باب المرابحة والتولية المرابحة نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح والتولية نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول من غير زيادة ربح ولا تصح المرابحة والتولية حتى يكون العوض مما له مثل ولو كان المشتري باعه مرابحة ممن يملك ذلك البدل وقد باعه بربح درهم أو بشيء من المكيل موصوف جاز وإن باعه(1/135)
بربح ده يازده لا يجوز ويجوز أن يضيف إلى رأس المال أجرة القصار والطراز والصبغ والفتل وأجرة حمل الطعام ويقول قام على بكذا ولا يقول اشتريته بكذا فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة فهو بالخيار وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن وقال أبو يوسف رحمه الله يحط فيهما وقال محمد رحمه الله يخير فيهما ومن اشترى ثوبا وباعه بربح ثم اشتراه فإن باعه مرابحة طرح عنه كل ربح كان قبل ذلك فإن كان استغرق الثمن لم يبعه مرابحة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا نبيعه مرابحة على الثمن الأخير وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته فباعه من المولى بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على عشرة وكذلك إن كان المولى اشتراه فباعه من العبد وإذا كان مع المضارب عشرة دراهم بالنصف فاشترى ثوبا بعشرة وباعه من رب المال بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة باثني عشر ونصف ومن اشترى جارية فاعورت أو وطئها وهي ثيب يبيعها مرابحة ولا يبين فإما إذا فقأ عينها بنفسه أو فقأها أجنبي فأخذ أرشها لم يبعها مرابحة حتى يبين ولو اشترى ثوبا فأصابه قرض فأر أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان ولو تكسر بنشره وطيه لا يبيعه مرابحة حتى يبين ومن اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين فعلم المشتري فإن شاء رده وإن شاء قبل وإن استهلكه ثم علم لزمه بألف ومائة فإن كان ولاه إياه ولم يبين رده إن شاء وإن كان استهلكه ثم علم لزمه بألف حالة ومن ولى رجلا شيئا بما قام عليه ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فالبيع فاسد فإن أعلمه البائع في المجلس فهو بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه فصل ومن اشترى شيئا مما ينقل ويجول لم يجز له بيعه حتى يقبضه ويجوز بيع العقار قبل القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يجوز ومن اشترى مكيلا مكايلة أو موزونا موازنة فاكتاله أو اتزنه ثم باعه مكايلة أو موازنة لم يجز للمشتري منه أن يبيعه(1/136)
ولا أن يأكله حتى يعيد الكيل والوزن
والتصرف في الثمن قبل القبض جائز ويجوز للمشتري أن يزيد للبائع في الثمن ويجوز للبائع أن يزيد للمشتري في المبيع ويجوز أن يحط عن الثمن ويتعلق الاستحقاق بجميع ذلك ومن باع بثمن حال ثم أجله أجلا معلوما صار مؤجلا وكل دين حال إذا أجله صاحبه صار مؤجلا إلا القرض باب الربا الربا محرم في كل مكيل أو موزون إذا بيع بجنسه متفاضلا وإن تفاضلا لم يجز ولا يجوز بيع الجيد بالرديء مما فيه الربا إلا مثلا بمثل ويجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين وإذا عدم الوصفان الجنس والمعنى المضموم إليه حل التفاضل والنساء وكل شيء نص رسول الله عليه السلام على تحريم التفاضل فيه كيلا فهو مكيل أبدا وإن ترك الناس الكيل فيه مثل الحنطة والشعير والتمر والملح وكل ما نص على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا وإن ترك الناس الوزن فيه مثل الذهب والفضة ومالم ينص عليه فهو محمول على عادات الناس وكل ما ينسب إلى الرطل فهو وزني وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر فيه التقابض ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق ويجوز بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيلا وبيع الدقيق بالسويق لا يجوز ويجوز بيع اللحم بالحيوان ويجوز بيع الرطب بالتمر مثلا بمثل عند أبي حنيفة رحمه الله وكذلك العنب بالزبيب ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت والسمسم بالشيرج حتى يكون الزيت والشيرج أكثر مما في الزيتون والسمسم فيكون الدهن بمثله والزيادة بالثجير ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا وكذلك ألبان البقر والغنم وكذا خل الدقل بخل العنب وكذا شحم البطن بالإلية أو باللحم ويجوز بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلا ولا ربا بين المولى وعبده ولا بين المسلم(1/137)
والحربي في دار الحرب
باب الحقوق ومن اشترى منزلا فوقه منزل فليس له الأعلى إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير هو فيه أو منه ومن اشترى بيتا فوقه بيت بكل حق هوله لم يكن له الأعلى ومن اشترى دارا بحدودها فله العلو والكنيف ومن اشترى بيتا في دار أو منزلا أو مسكنا لم يكن له الطريق إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير وكذا الشرب والمسيل باب الاستحقاق ومن اشترى جارية فولدت عنده فاستحقها رجل ببينة فإنه يأخذها وولدها وإن أقرب بها لرجل لم يتبعها ولدها ومن اشترى عبدا فإذا هو حر وقد قال العبد للمشتري اشترني فإني عبد له فإن كان البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة لم يكن على العبد شيء وإن كان البائع لا يدري أين هو رجع المشتري على العبد ورجع هو على البائع وإن ارتهن عبدا مقرابا بالعبودية فوجده حرا لم يرجع عليه على كل حال ومن ادعى حقا في دار فصالحه الذي في يده على مائة درهم فاستحقت الدار إلا ذراعا منها لم يرجع بشيء وإن ادعاها كلها فصالحه على مائة درهم فاستحق منها شيء رجع بحسابه فصل في بيع الفضولي ومن باع ملك غيره بغير أمره فالمالك بالخيار إن شاء أجاز البيع وإن شاء فسخ وله الإجازة إذا كان المعقود عليه باقيا والمتعاقدان بحالهما ومن غصب عبدا فباعه وأعتقه المشتري ثم أجاز المولى البيع فالعتق جائز استحسانا فإن قطعت يد العبد فأخذ إرشها ثم أجاز المولى البيع فالأرض للمشتري ويتصدق بما زاد على نصف الثمن فإن باعه المشتري من آخر ثم أجاز المول البيع الأول لم يجز البيع الثاني فإن لم يبعه المشتري فمات في يده أو قتل ثم أجاز البيع لم يجز ومن باع عبد غيره بغير أمره وأقام المشتري البينة على إقرار البائع أو رب العبد أنه لم يأمره بالبيع وأراد رد(1/138)
المبيع لم تقبل بينته وإن أقر البائع بذلك عند القاضي بطل البيع ومن باع دارا لرجل وأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع باب السلم السلم عقد مشروع وهو جائز في المكيلات والموزونات وكذا في المزروعات ولا يجوز السلم في الحيوان ولا في أطرافه كالرؤوس والأكارع ولا في الجلود عددا ولا في الحطب حزما ولا في الرطبة جرزا ولا يجوز السلم حتى يكون السلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل حتى لو كان منقطعا عند العقد موجودا عند المحل أو على العكس أو منقطعا فيما بين ذلك لا يجوز ولو انقطع بعد المحل فرب السلم بالخيار إن شاء فسخ السلم وإن شاء انتظر وجوده ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ولا يجوز السلم فيه عددا ولا خير في السلم في السمك الطري إلا في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما ولا خير في السلم في اللحم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إذا وصف من اللحم موضعا معلوما بصفة معلومة جاز ولا يجوز السلم إلا مؤجلا ولا يجوز إلا بأجل معلوم ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه ولا في طعام قرية بعينها ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط جنس معلوم ونوع معلوم وصفة معلومة ومقدار معلوم وأجل معلوم ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤونة ومالم يكن له حمل ومؤونة لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء بالإجماع ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه ولا يصح السلم حتى يقبض راس المال قبل أن يفارقه فيه وجلة الشروط جمعوها في قولهم إعلام رأس المال وتعجيله وإعلام المسلم فيه وتأجيله وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة مائة منها دين على المسلم إليه ومائة نقد فالسلم في حصة الدين باطل ويجوز في حصة النقد ولا يجوز التصرف في مال السلم والمسلم فيه قبل القبض ولا تجوز الشركة(1/139)
والتولية في المسلم فيه فإن تقابلا السلم لم يكن له أن يشترى من المسلم إليه برأس المال شيئا حتى يقبضه كله ومن أسلم في كر حنطة فلما حل الأجل اشترى المسلم إليه من رجل كرا وأمر رب السلم بقبضه قضاء لم يكن قضاء وإن أمره أن يقبضه له ثم يقبضه لنفسه فاكتاله ثم اكتاله لنفسه جاز ومن أسلم في كر فأمر رب السلم أن يكيله المسلم إليه في غرائر رب السلم ففعل وهو غائب لم يكن قضاء ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه ثم تقايلا فماتت في يد المشتري فعليه قيمتها يوم قبضها ولو تقايلا بعد هلاك الجارية جاز ولو اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الإقالة ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة ومن أسلم إلى رجل دراهم في كر حنطة فقال المسلم إليه شرطت رديئا وقال رب السلم لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم إليه ولو قال المسلم إليه لم يكن له أجل وقال رب السلم بل كان له أجل فالقول قول رب السلم ويجوز السلم في الثياب إذا بين طولا وعرضا ورقعة ولا يجوز السلم في الجواهر ولا في الخرز ولا بأس بالسلم في اللبن والآجر إذا سمى ملبنا معلوما وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه ومالا يضبط صفته ولا يعلم مقداره لا يجوز السلم فيه ولا بأس بالسلم في طست أو قمقمة أو خفين أو نحو ذلك إذا كان يعرف وإن كان لا يعرف فلا خير فيه وإن استصنع شيئا من ذلك بغير أجل جاز استحسانا وهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه مسائل منثورة ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع المعلم وغير المعلم في ذلك سواء ولايجوز بيع الخمر والخنزير وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين إلا في الخمر والخنزير خاصة ومن قال لغيره بع عبدك من فلان بألف درهم على أني ضامن ضامن لك خمسمائة من الثمن سوى الألف ففعل فهو جائز ويأخذ الألف من المشتري والخمسمائة من الضامن وإن(1/140)
كان لم يقل من الثمن جاز البيع بألف درهم ولا شيءعلى الضمين ومن اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج فالنكاح جائز وهذا قبض وإن لم يطأها فليس تفيض ومن اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع وأقام البائع البينة أنه باعه إياه فإن كانت غيبته معروفة لم يبع في دين البائع وإن لم يدر أين هو بيع العبد وأوفى الثمن فإن كان المشترى اثنين فغاب أحدهما فللحاضر أن يدفع الثمن كله ويقبضه وإذا حضر الآخر لم يأخذ نصيبه حتى ينقد شريكه الثمن كله وقال أبو يوسف رحمه الله إذا دفع الحاضر الثمن كله لم يقبض إلا نصيبه وكان متطوعا بما أدى عن صاحبه ومن اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان ومن له على آخر عشرة دراهم جياد فقضاه زيوفا وهو لا يعلم فأنفقها أو هلكت فهو قضاء عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله يرد مثل زيوفه ويرجع بدراهمه وإذا أفرخ طير في أرض رجل فهو لمن أخذه وكذا إذا تكنس فيها ظبي كتاب الصرف الصرف هو البيع إذا كان كل واحد من عوضيه من جنس الأثمان فإن باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب لا يجوز إلا مثلا بمثل وإن اختلفا في الجودة والصياغة ولا بد من قبض العوضين قبل الافتراق وإن باع الذهب بالفضة جاز التفاضل ووجب التقابض فإن افترقا في الصرف قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد ولا يجوز التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه حتى لو باع دينارا بعشرة دراهم ولم يقبض العشرة حتى اشترى بها ثوبا فالبيع في الثوب فاسد ويجوز بيع الذهب بالفضة مجازفة ومن باع جارية قيمتها ألف مثقال فضة وفي عنقها طوق فضة قيمته ألف مثقال بألفي مثقال فضة ونقد من الثمن ألف مثقال ثم افترقا فالذي نقد ثمن الفضة وكذا لو اشتراهما بألفي مثقال ألف نسيئة وألف نقد فالنقد ثمن الطوق وكذلك لو باع سيفا محلى بمائة درهم وحليته خمسون فدفع من الثمن خمسين جاز البيع وكان المقبوض حصة الفضة وإن لم يبين(1/141)
ذلك وكذا إن قال خذ هذه الخمسين من ثمنهما فإن لم يتقابضا حتى افترقا بطل العقد في الحلية وكذا في السيف إن كان لا يتخلص إلا بضرر وإن كان يتخلص السيف بغير ضرر جاز البيع في السيف وبطل في الحلية ومن باع إناء فضة ثم افترقا وقد قبض بعض ثمنه بطل البيع فيما لم يقبض وصح فيما قبض وكان الإناء مشتركا بينهما ولو استحق بعض الإناء فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بحصته وإن شاء رده ومن باع قطعة نفرة ثم استحق بعضها أخذ ما بقي بحصته ولا خيار له ومن باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين جاز البيع وجعل كل جنس منهما بخلافة ومن باع أحد عشر درهما بعشرة دراهم ودينار جاز البيع ويكون العشرة بمثلها والدينار بدرهم ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا بذهب وأحدهما أقل ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة وباقي الفضة جاز البيع من غير كراهة وإن لم تبلغ فمع الكراهة وإن لم يكن له قيمة كالتراب لا يجوز البيع ومن كان له على آخر عشرة دراهم فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهم ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمي غلة بدرهمين صحيحين ودرهم غلة وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة فهي فضة وإذا كان الغالب على الدنانير الذهب فهي ذهب ويعتبر فيهما من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد حتى لا يجوز بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا في الوزن وكذا لايجوز الاستقراض بها إلا وزنا وإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكم الدراهم والدنانير وإن بيعت بجنسها متفاضلا جاز صرفا للجنس إلى خلاف الجنس وإذا اشترى بها سلعة فكسدت وترك الناس المعاملة بها بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله عليه قيمتها يوم البيع وقال محمد رحمه الله فيمتها آخر ما تعامل الناس بها ويجوز البيع بالفلوس وإذا باع بالفلوس النافقة ثم كسدت بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما ولو استقرض فلوسا نافقة(1/142)
فكسدت عند أبي حنيفة رحمه الله يجب عليه مثلها ومن اشترى شيئا بنصف درهم فلوس جاز وعليه
ما يباع بنصف درهم من الفلوس وكذا إذا قال بدانق فلوس أو بقيراط فلوس جاز ومن أعطى صيرفيا درهما وقال أعطني بنصفه فلوسا وبنصفه نصفا إلا حبة جاز البيع في الفلوس وبطل فيما بقي عندهما وعلى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله بطل في الكل ولو قال أعطني نصف درهم فلوسا ونصفا إلا حبة جاز كتاب الكفالة الكفالة هي الضم لغة الكفالة ضربان كفالة بالنفس وكفالة بالمال فالكفالة بالنفس جائزة والمضمون بها إحضار المكفول به وتنعقد إذا قال تكفلت بنفس فلان أو برقبته أو بروحه أو بجسده أو برأسه وكذا ببدنه وبوجهه وكذا إذا قال صمنته أو قال على أو قال إلى وكذا إذا قال أنا زعيم أو قبيل به فإن شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه إحضاره إذا طالبه في ذلك الوقت فان أحضره وإلا حبسه الحاكم وكذا إذا ارتد والعياذ بالله ولحق بدار الحرب وإذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه مثل أن يكون في مصر برىء الكفيل من الكفالة وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برىء وإن سلمه في برية لم يبرأ وإذا مات المكفول به برىء الكفيل بالنفس من الكفالة ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء فإن تكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه وهو ألف فلم يحضره إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال ولا يبرأ عن الكفالة بالنفس ومن كفل بنفس رجل وقال إن لم يواف غدا فعليه المال فإن مات المكفول عنه ضمن المال ومن ادعى على آخر مائة دينار بينها أو لم يبينها حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثم(1/143)
ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه ولا يجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند أبي حنيفة رحمه الله ولو سمحت نفسه به يصح بالإجماع ولا يحبس فيها حتى يشهد شاهدان مستوران أو شاهد عدل يعرفه القاضي والرهن والك فالة جائزان في الخراج ومن أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخرفهما كفيلان وأما الكفالة بالمال فجائزة معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا مثل أن يقول تكفلت عنه بألف أو بمالك عليه أو بما يدركك في هذا البيع والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل وإن شاء طالب كفيله ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر وله أن يطالبهما ويجوز تعليق الكفالة بالشروط فإن قال تكفلت بمالك عليه فقامت البينة بألف عليه ضمن الكفيل وإن لم تقم البينة فالقول قول الكفيل مع يمينه في مقدار ما يعترف به فإن اعترف المكفول عنه بأكثر من ذلك لم يصدق على كفيله ويصدق في حق نفسه وتجوز الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره فإن كفل بأمره رجع بما أدى عليه وإن كفل بغير أمره لم يرجع بما يؤديه وليس للكفيل أن يطالب المكفول عنه بالمال قبل أن يؤدي عنه فإن لوزم بالمال كان له أن يلازم المكفول عنه حتى يخلصه وإذا أبرأ الطالب المكفول عنه أو استوفى منه برىء للكفيل وإن أبرأالكفيل لم يبرأ الأصيل عنه وكذا إذا أخر الطالب عن الأصيل فهو تأخير عن الكفيل ولو أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا على الذي عليه الأصل فإن صالح الكفيل رب المال عن الألف على خمسمائة فقد برىء الكفيل والذي عليه الأصل ومن قال لكفيل ضمن له مالا قد برئت إلى من المال رجع الكفيل على المكفول عنه وإن قال أبرأتك لم يرجع الكفيل على المكفول عنه ولا يجوز تعليق البراءة من الكفالة بالشرط وكل حق لا يمكن استيفاؤه من الكفيل لا تصح الكفالة به كالحدود والقصاص وإذا تكفل عن المشتري بالثمن جاز وإن تكفل عن البائع بالمبيع لم تصح ومن استأجر دابة للحمل عليها فإن كانت(1/144)
بعينها
لا تصح الكفالة بالحمل وإن كانت بغير عينها جازت الكفالة وكذا من استأجر عبدا للخدمة فكفل له رجل بخدمته فهو باطل ولا تصح الكفالة إلا بقبول المكفول له في المجلس إلا في مسألة واحدة وهي أن يقول المريض لوارثه تكفل عني بما علي من الدين فكفل به مع غيبة الغرماء جاز وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة وقالا تصح ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطيه صاحب المال فليس له أن يرجع فيها وإن ربح الكفيل فهو له لا يتصدق به ولو كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها الكفيل فباعها وربح فيها فالربح له في الحكم قال وأحب إلي أن يرده على الذي قضاه الكر ولا يجب عليه في الحكم ومن كفل عن رجل بألف عليه بأمره فأمره الأصيل أن يتعين عليه حريرا ففعل فالشراء للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه ومن كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو بما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقام المدعي البينة على الكفيل بأن له على المكفول عنه ألف درهم لم تقبل بينته ومن أقام البينة أن له على فلان كذا وإن هذا كفيل عنه بأمره فإن يقضى به على الكفيل وعلى المكفول عنه وإن كانت الكفالة بغير أمره يقضى على الكفيل خاصة ومن باع دارا وكفل رجل عنه بالدرك فهو تسليم ولو شهد وختم ولم يكفل لم يكن تسليما وهو على دعواه فصل في الضمان من باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن أو مضارب ضمن ثمن متاع لرب المال فالضمان باطل وكذا رجلان باعا عبدا صفقة واحدة وضمن أحدهما لصاحبه حصته من الثمن ومن ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز ومن قال لآخر لك علي مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول المدعي ومن قال ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر وقال المقر له هي حالة فالقول قول الضامن(1/145)
ومن اشترى جارية فكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يؤخذ الكفيل حتى يقضي له بالثمن على البائع ومن اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة فالضمان باطل باب كفالة الرجلين وإذا كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه كما إذا اشتريا عبدا بألف درهم وكفل كل واحد منهما عن صاحبه فما أدى أحدهما لم يرجع على شريكه حتى يزيد ما يؤديه على النصف فيرجع بالزيادة وإذا كفل رجلان عن رجل بمال على أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه قليلا كان أو كثيرا وإن شاء رجع بالجميع على المكفول عنه وإذا أبرأ رب المال أحدهما أخذ الآخر بالجميع وإذا افترق المتفاوضان فلأصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاءوا بجميع الدين ولا يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء اداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه باب كفالة العبد وعنه ومن ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق وإن لم يسم حالا ولا غيره فهو حال ومن ادعى على عبد مالا وكفل له رجل بنفسه فمات العبد برىء الكفيل فإن ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته وإذا كفل العبد عن مولاه بأمره فعتق فأداه أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه ولا يجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به أو عبد كتاب الحوالة وهي جائزة بالديون وتصح الحوالة برضا المحيل والمحتال والمحتال عليه(1/146)
وإذا تمت الحوالة برىء المحيل من الدين بالقبول ولا يرجع المحتال على المحيل إلا أن يتوي حقه والتوى عند أبي حنيفة رحمه الله أحد الأمرين وهو إما أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له عليه أو يموت مفلسا وقالا هذان الوجهان ووجه ثالث وهو أن يحكم الحاكم بإفلاسه حال حياته وإذا طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة فقال المحيل أحلت بدين لي عليك لم يقبل قوله إلا بحجة وكان عليه مثل الدين وإذا طالب المحيل المحتال بما أحاله به فقال إنما أحلتك لتقبضه لي وقال المحتال لا بل أحلتني بدين كان لي عليك فالقول قول المحيل ومن أودع رجلا ألف درهم وأحال بها عليه آخر فهو جائز فإن هلكت برىء ويكره السفاتج وهي قرض استفاد به المقرض سقوط خطر الطريق كتاب أدب القاضي ولا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ولا باس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أنه يؤدي فرضه ويكره الدخول فيه لمن يخاف العجز عنه ولا يأمن على نفسه الحيف فيه وينبغي إلا يطلب الولاية ولا يسألها ثم يجوز التقلد من السلطان الجائر كما يجوز من العادل ومن قلد القضاء يسلم إليه ديوان القاضي الذي كان قبله وينظر في حال المحبوسين فمن اعترف بحق ألزمه إياه ومن أنكر لم يقبل قول المعزول عليه إلا ببينة فإن لم تقم بينة لم يعجل بتخليته حتى ينادي عليه وينظر في أمره وينظر في الودائع وارتفاع الوقوف فيعمل فيه على ما تقوم به البينة أو يعترف به من هو في يده ولا يقبل قول المعزول إلا أن يعترف الذي هي في يده أن المعزول سلمها إليه فيقبل قوله فيها ويجلس للحكم جلوسا ظاهرا في المسجد ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو ممن جرت عادته قبل القضاء بمهاداته ويشهد الجنازة ويعود المريض ولا يضيف أحد الخصمين دون خصمه وإذا حضرا سوى بينهما في الجلوس(1/147)
والإقبال ولا يسار أحدهما ولا يشير إليه ولا يلقنه حجة ولا يضحك في وجه أحدهما ولا يمازحهم ولا واحدا منهم ويكره تلقين الشاهد فصل في الحبس وإذا ثبت الحق عند القاضي وطلب صاحب الحق حبس غريمه لم يعجل بحبسه وأمره بدفع ما عليه فإن امتنع حبسه في كل دين لزمه بدلا عن مال حصل في يده كثمن المبيع أو التزمه بعقد كالمهر والكفالة ولا يحبسه فيما سوى ذلك إذا قال إني فقير إلا أن يثبت غريمه أن له مالا فيحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه فإن لم يظهر له مال خلى سبيله ويحبس الرجل في نفقة زوجته ولا يحبس الوالد في دين ولده إلا إذا امتنع من الإنفاق عليه باب كتاب القاضي إلى القاضي ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحقوق إذا شهد به عنده فإن شهدوا على خصم حاضر حكم بالشهادة وكتب بحكمه وإن شهدوا به بغير حضرة الخصم لم يحكم وكتب بالشهادة ليحكم المكتوب إليه بها وهذا هو الكتاب الحكمي ولا يقبل الكتاب إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ويجب أن يقرا الكتاب عليهم ليعرفوا ما فيه أو يعلمهم به ثم يختمه بحضرتهم ويسلمه إليه فإذا وصل إلى القاضي لم يقبله إلا بحضرة الخصم فإذا سلمه الشهود إليه نظر إلى ختمه فإذا شهدوا أنه كتاب فلان القاضي سلمه إلينا في مجلس حكمه وفضائه وقرأه علينا وختمه فتحه القاضي وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه ولا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص فصل آخر ويجوز قضاء المرأة في كل شيء إلا في الحدود والقصاص وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء إلا أن يفوض إليه ذلك وإذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه إلا أن يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع بأن يكون قولا لا دليل عليه وفي الجامع الصغير وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي ثم جاء(1/148)
قاض آخر يرى غير ذلك أمضاه ولو قضى في المجتهد فيه مخالفا لرأيه ناسيا لمذهبه نفذ عند أبي حنيفة وإن كان عامدا ففيه روايتان وكل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريم فهو في الباطن كذلك عند أبي حنيفة ولا يقض القاضي على غائب إلا أن يحضر من يقوم مقامه ويقرض القاضي أموال اليتامى ويكتب ذكر الحق وإن أقرض الوصي ضمن باب التحكيم وإذا حكم رجلان رجلا فحكم بينهما ورضيا بحكمه جاز ولكل واحد من المحكمين أن يرجع مالم يحكم عليهما وإذا حكم لزمهما وأذا رفع حكمه إلى القاضي فوافق مذهبه أمضاه وإن خالفه أبطله ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص ويجوز أن يسمع البينة ويقضي بالنكول وكذا بالإقرار وحكم الحاكم لأبويه وزوجته وولده باطل والمولى والمحكم فيه سواء مسائل شتى من كتاب القضاء وإذا كان علو لرجل وسفل لآخر فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا ولا ينقب فيه كوة عند أبي حنيفة وقالا يصنع مالا يضر بالعلو وإذاكانت زائغة مستطيلة تتشعب منها زائغة مستطيلة وهي غير نافذة فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى وإن كانت مستديرة قد لزق طرفاها فلهم أن يفتحوا بابا ومن ادعى في دار دعوى وأنكرها الذي في يده ثم صالحه منها فهو جائز وهي مسألة الصلح على الإنكار ومن ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له في وقت فسئل البينة فقال جحدني الهبة فاشتريتها منه وأقام المدعي البينة على الشراء قبل الوقت الذي يدعي فيه الهبة لا تقبل بينته ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر إن أجمع البائع على ترك الخصومة وسعه أن يطأها ومن أقر أنه قبض من فلان عشرة دراهم ثم ادعى أنها زيوف صدق ومن قال(1/149)
لآخر لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك ألف درهم فليس عليه شيء ومن ادعى على آخر مالا فقال ما كان لك علي شيء قط فأقام المدعي البينة على ألف وأقام هو البينة على القضاء قبلت بينته ولو قال ما كان لك علي شيء قط ولا أعرفك لم تقبل بينته على القضاء ومن ادعى على آخر أنه باعه جاريته فقال لم أبعها منك قط فأقام المشتري البينة على الشراء فوجد بها أصبعا زائدة فأقام البائع البينة أنه برىء إليه من كل عيب لم تقبل بينة البائع ذكر حق كتب في أسفله ومن قام بهذه الذكر الحق فهو ولي ما فيه أن شاء الله تعالى أو كتب في الشراء فعلى فلان خلاص ذلك وتسليمه إن شاء الله تعالى بطل الذكر كله وهذا عند أبي حنيفة وقالا إن شاء الله تعالى هو على الخلاص وعلى من قام بذكر الحق وقولهما استحسان ذكره في الإقرار فصل في القضاء والمواريث وإذا مات نصراني فجاءت امرأته مسلمة وقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته فالقول قول الورثة ولو مات المسلم وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته وقالت أسلمت قبل موته وقالت الورثة أسلمت بعد موته فالقول قولهم أيضا ومن مات وله في يد رجل أربعة آلاف درهم وديعة فقال المستودع هذا ابن الميت لا وارث له غيره فإنه يدفع المال إليه ولو قال المودع لآخر هذا ابنه ايضا وقال الأول ليس له ابن غيري قضى بالمال للأول وإذا قسم الميراث بين الغرماء والورثة فإنه لا يؤخذ منهم كفيل ولا من وارث وهذا شيء أحتاط به بعض القضاة وهو ظلم وإذا كانت الدار في يد رجل وأقام الآخر البينة أن أباه مات وتركها ميراثا بينه وبين أخيه فلان الغائب قضى له بالنصف وترك النصف الآخر في يد الذي هو في يديه ولا يستوثق منه بكفيل وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن كان الذي هي في يديه جاحدا أخذ منه وجعل في يد أمين وإن لم يجحد ترك في يده ومن قال مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة وإن أوصى بثلث(1/150)
ماله فهو على ثلث كل
شيء ومن أوصى إليه ولم يعلم بالوصية حتى باع شيئا من التركة فهو وصي والبيع جائز ولا يجوز بيع الوكيل حتى يعلم ومن أعلمه من الناس بالوكالة يجوز تصرفه ولا يكون النهي عن الوكالة حتى يشهد عنده شاهدان أو رجل عدل وإذا باع القاضي أو أمينه عبدا للغرماء وأخذ المال فضاع واستحق العبد لم يضمن وإن أمر القاضي الوصي ببيعه للغرماء ثم استحق أو مات قبل القبض وضاع المال رجع المشتري على الوصي ورجع الوصي على الغرماء فصل آخر وإذا قال القاضي قد قضيت على هذا بالرجم فارجمه أو بالقطع فاقطعه أو بالضرب فاضربه وسعك أن تفعل وإذا عزل القاضي فقال لرجل أخذت منك ألفا ودفعتها إلى فلان قضيت بها عليك فقال الرجل أخذتها ظلما فالقول قول القاضي وكذلك لو قال قضيت بقطع يدك في حق هذا إذا كان الذي قطعت يده والذي أخذ منه المال مقرين أنه فعل ذلك وهو قاض ولا يمين عليه ولو أقر القاطع والآخذ بما أقر به القاضي لا يضمن أيضا ولو زعم المقطوع يده أو المأخوذ ماله أنه فعل ذلك قبل التقليد أو بعد العزل فالقول للقاضي أيضا ولو أقر القاطع أو الآخذ في هذا الفصل بما أقر به القاضي يضمنان ولو كان المال في يد الآخذ قائما وقد أقر بما أقر به القاضي والمأخوذ منه المال صدق القاضي في أنه فعله في فضائه أو ادعى أنه فعله في غير قضائه يؤخذ منه كتاب الشهادات الشهادة فرض تلزم الشهود ولا يسعهم كتمانها إذا طالبهم المدعي والشهادة في الحدود يخير فيها الشاهد بين الستر والإظهار والستر أفضل إلا أنه يجب أن يشهد بالمال في السرقة فيقول أخذ ولا يقول سرق والشهادة على مراتب منها الشهادة في الزنا يعتبر فيها أربعة من الرجال ولا تقبل فيها شهادة النساء ومنها الشهادة(1/151)
ببقية الحدود والقصاص تقبل فيها شهادة رجلين ولا تقبل فيها شهادة النساء وما سوى ذلك من الحقوق يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين سواء كان الحق مالا أو غير مال وتقبل في الولادة والبكارة والعيوب بالنساء في موضع لا يطلع عليه الرجال شهادة امرأة واحدة ولا بد في ذلك كله من العدالة ولفظة الشهادة فإن لم يذكر الشاهد لفظة الشهادة وقال أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته قال أبو حنيفة يقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم إلا في الحدود والقصاص فإنه يسأل عن الشهود وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا بد أن يسأل عنهم في السر والعلانية في سائر الحقوق ثم التزكية في السر أن يبعث المستورة إلى المعدل فيها النسب والحلى والمصلى ويردها المعدل وفي العلانية لا بد أن يجمع بين المعدل والشاهد وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم أنه عدل وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود واحدا جاز والإثنان أفضل ولا يشترط أهلية الشهادة في المزكى في تزكية السر فصل وما يتحمله الشاهد على ضربين أحدهما ما يثبت حكمه بنفسه مثل البيع والإقرار والغصب والقتل وحكم الحاكم فإذا سمع ذلك الشاهد أو رآه وسعه أن يشهد عليه ويقول أشهد أنه باع ولا يقول أشهدني ولو سمع من وراء الحجاب لا يجوز له أن يشهد ولو فسر للقاضي لا يقبله إلا إذا كان دخل البيت وعلم أنه ليس فيه أحد سواه ثم جلس على الباب وليس في البيت مسلك غيره فسمع إقرار الداخل ولا يراه له أن يشهد ومنه مالا يثبت حكمه فيه بنفسه مثل الشهادة على الشهادة فإذا سمع شاهدا يشهد بشيء لم يجز له أن يشهد على شهادته إلا أن يشهده عليها وكذا لو سمعه يشهد الشاهد على شهادته لم يسع السامع أن يشهد ولا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد إلا أن يتذكر الشهادة ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا النسب والموت والنكاح والدخول(1/152)
وولاية القاضي فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من يثق به ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل ولا تقبل شهادة الأعمى ولا المملوك ولا المحدود في القذف وإن تاب ولو حد الكافر في قذف ثم أسلم تقبل شهادته ولا تقبل شهادة الوالد لولده وولده ووالده ولا شهادة الولد لأبويه وأجداده ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ولا شهادة المولى لعبده ولا لمكاتبه ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه ولا تقبل شهادة مخنث ولا نائحة ولا مغنية ولا مدمن الشرب على اللهو ولا من يلعب بالطيور ولا من يغني للناس ولا من يأتي بابا من الكبائر التي يتعلق بها الحد ولا من يدخل الحمام من غير إزار أو يأكل الربا أو يقامر بالنرد والشطرنج ولا من يفعل الأفعال المستحقرة كالبول على الطريق والأكل على الطريق ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وإن اختلفت مللهم ولا تقبل شهادة الحربي على الذمي وتقبل شهادة المستأمنين بعضهم على بعض إذا كانوا من أهل دار واحدة فإن كانوا من دارين كالروم والترك لا تقبل وإن كانت الحسنات أغلب من السيئات والرجل ممن يجتنب الكبائر قبلت شهادته وإن ألم بمعصية وتقبل شهادة الأقلف والخصي وولد الزنا وشهادة الخنثى جائزة وشهادة العمال جائزة وإذا شهد الرجلان أن أباهما أوصى إلى فلان والوصي يدعى ذلك فهو جائز استحساناوإن أنكر الوصي لم يجز وإن شهدا أن أباهما الغائب وكله بقبض ديونه بالكوفة فادعى الوكيل أو أنكره لم تقبل شهادتهما ولا يسمع القاضي الشهادة على جرح مجرد ولا يحكم بذلك إلا إذا شهدوا على إقرار المدعي بذلك تقبل ولو أقام المدعي البينة أن المدعى استأجر الشهود لم تقبل ومن شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي فإن كان عدلا جازت شهادته(1/153)
باب الاختلاف في الشهادة الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت وإن خالفتها لم تقبل ويعتبر اتفاق الشاهدين في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة فإن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل الشهادة عنده وعندهما تقبل على الألف إذا كان المدعي يدعي هذا الألفين وعلى المائة والمائتان والطلقة والطلقتان والثلاث وإن شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفا وخمسمائة قبلت الشهادة على الألف ونظيره الطلقة والطلقة والنصف والمائة والمائة والخمسون وإن قال المدعي لم يكن لي عليه إلا الألف فشهادة الذي شهد بالألف والخمسمائة باطلة وإذا شهدا بألف وقال أحدهما قضاه منها خمسمائة قبلت شهادتهما بالألف ولم يسمع قوله أنه قضاه خمسمائة إلا أن يشهد معه آخر وينبغي للشاهد أن لا يشهد بألف حتى يقر المدعي أنه قبض خمسمائة وقال في الجامع الصغير رجلان شهدا على رجل بقرض ألف درهم فشهد أحدهما أنه قد قضاها فالشهادة جائزة على القرض وإذا شهد شاهدان أنه قتل زيدا يوم النحر بمكة وشهد آخران أنه قتله يوم النحر بالكوفة واجتمعوا عند الحاكم لم يقبل الشهادتين فإن سبقت إحداهما وقضى بها ثم حضرت الأخرى لم تقبل وإذا شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها قطع وإن قال أحدهما بقرة والآخر ثورا لم يقطع عند أبي حنيفة وقالا لا يقطع في الوجهين ومن شهد لرجل أنه اشترى عبدا من فلان بألف وشهد آخر أنه اشتراه بألف وخمسمائة فالشهادة باطلة وكذلك الكتابة وكذا الخلع والإعتاق على مال والصلح عن دم العمد إذا كان المدعي هو المرأة أو العبد أو القاتل وإن كانت الدعوى من جانب آخر فهو بمنزلة دعوى الدين وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا يقبل وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين فأما النكاح فإنه يجوز بألف استحسانا وقالا هذا باطل في النكاح أيضا(1/154)
فصل في الشهادة على الإرث ومن أقام بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له وإن شهدوا أنها كانت في يد فلان مات وهي في يده جازت الشهادة وإن قالوا لرجل حي نشهد أنها كانت في يد المدعي منذ أشهر لم تقبل وإن أقر بذلك المدعى عليه دفعت إلى المدعي وإن شهد شاهدان أنه أقر أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه باب الشهادة على الشهادة الشهادة على الشهادة جائزة في كل حق لا يسقط بالشبهة وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين ولا تقبل شهادة واحد على شهادة واحد وصفة الإشهاد أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع أشهد على شهادتي أني أشهد أن فلان بن فلان أقر عندي بكذا وأشهدني على نفسه وإن لم يقل أشهدني على نفسه جاز ويقول شاهد الفرع عند الأداء أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا وقال لي أشهد على شهادتي بذلك ومن قال اشهدني فلان على نفسه لم يشهد السامع على شهادته حتى يقول له اشهد على شهادتي ولا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا أو يمرضوا مرضا لا يستطيعون معه حضور مجلس الحاكم فإن عدل شهود الأصل شهود الفرع جاز وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر صح وإن سكتوا عن تعديلهم جاز وينظر القاضي في حالهم وإن أنكر شهود الأصل الشهادة لم تقبل شهادة شهود الفرع وإذا شهد رجلان على شهادة رجلين على فلانة بنت فلان الفلانية بألف درهم وقالا أخبرانا أنهما يعرفانها فجاء بامرأة وقالا لا ندري أهي هذه أم لا فإنه يقال للمدعي هات شاهدين يشهدان أنها فلانة وكذا كتاب القاضي إلى القاضي ولو قالوا في هذين البابين التميمية لم يجز حتى ينسبوها إلى فخذها(1/155)
فصل قال أبو حنيفة رحمه الله شاهد الزور أشهره في السوق ولا أعزره وقالا نوجعه ضربا ونحبسه وفي الجامع الصغير شاهدان أقرا أنهما شهدا بزور لم يضربا وقالا يعزران كتاب الرجوع عن الشهادة وإذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت ولا ضمان عليهما فإن حكم بشهادتهم ثم رجعوا لم يفسخ الحكم وعليهم ضمان ما أتلفوا بشهادتهم ولا يصح الرجوع إلا بحضرة الحاكم وإذا شهدا شاهدان بمال فحكم الحاكم به ثم رجعا ضمنا المال للمشهود عليه فإن رجع أحدهما ضمن النصف وإن شهد بالمال ثلاثة فرجع أحدهما فلا ضمان عليه فإن رجع آخر ضمن الراجعان نصف الحق وإن شهد رجل وامرأتان فرجعت امرأة ضمنت ربع الحق وإن رجعتا ضمنتا نصف الحق وإن شهد رجل وعشر نسوة ثم رجع ثمان فلا ضمان عليهن فإن رجعت أخرى كان عليهن ربع الحق وإن رجع الرجل والنساء فعلى الرجل سدس الحق وعلى النسوة خمسة أسداسه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا على الرجل النصف وعلى النسوة النصف فإن رجع النسوة العشرة دون الرجل كان عليهن نصف الحق على القولين ولو شهد رجلان وامرأة بمال ثم رجعوا فالضمان عليهما دون المرأة وإن شهد شاهدان على امرأة بالنكاح بمقدار مهر مثلها ثم رجعا فلا ضمان عليهما وكذلك إذا شهدا بأقل من مهر مثلها وكذلك إذا شهدا على رجل بتزويج امرأة بمقدار مهر مثلها وإن شهدا بأكثر من مهر المثل ثم رجعا ضمنا الزيادة وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ثم رجعا لم يضمنا وإن كان بأقل من القيمة ضمنا النقصان وإن شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الدخول بها ثم رجعا ضمنا نصف المهر وإن شهدا على أنه أعتق عبده ثم رجعا ضمنا قيمته وإن شهدوا بقصاص ثم رجعوا بعد القتل ضمنوا الدية ولا يقتص منهم(1/156)
وإذا رجع شهود الفرع ضمنوا ولو رجع شهود الأصل وقالوا لم نشهد شهود الفرع على شهادتنا فلا ضمان عليهم وإن قالوا أشهدناهم وغلطنا ضمنوا وهذا عند محمد رحمه الله وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا ضمان عليهم ولو رجع الأصول والفروع جميعا يجب الضمان عندهما على الفروع لا غير وإن قال شهود الفرع كذب شهود الأصل أو غلطوا في ذلك لم يلتفت إلى ذلك وإن رجع المزكون عن التزكية ضمنوا وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمنون وإذا شهد شاهدان باليمين وشاهدان بوجود الشرط ثم رجعوا فالضمان على شهود اليمين خاصة كتاب الوكالة كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره وتجوز الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق وكذا بإيفائها واستيفائها إلا في الحدود والقصاص فإن الوكالة لا تصح باستيفائها مع غيبة الموكل عن المجلس وقال أبو يوسف رحمه الله لا تجوز الوكالة بإثبات الحدود والقصاص بإقامة الشهود أيضا كما في الشهادة على الشهادة وكما في الاستيفاء وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجوز التوكيل بالخصومة من غير رضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضا أو غائبا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا وقالا يجوز التوكيل بغير رضا الخصم ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام والوكيل ممن يعقل العقد ويقصده وإذا وكل الحر العاقل البالغ أو المأذون مثلهما جاز وإن وكلا صبيا محجورا يعقل البيع والشراء أو عبدا محجورا جاز ولا يتعلق بهما الحقوق وتتعلق بموكلهما والعقد الذي يعقده الوكلاء على ضربين كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل يسلم المبيع ويقبض الثمن ويطالب بالثمن إذا اشترى ويقبض المبيع ويخاصم في العيب ويخاصم فيه وكل عقد يضيفه إلى موكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد فإن حقوقه تتعلق بالموكل دون الوكيل فلا(1/157)
يطالب وكيل الزوج بالمهر ولا يلزم وكيل المرأة تسليمها وإذا طالب الموكل المشتري بالثمن فله أن يمنعه إياه فإن دفعه إليه جاز ولم يكن للوكيل أن يطالبه به ثانيا باب الوكالة بالبيع والشراء فصل في الشراء ومن وكل رجلا بشراء شيء فلا بد من تسمية جنسه وصفته أو جنسه ومبلغ ثمنه إلا أن يوكله وكالة عامة فيقول ابتع لي ما رأيت ثم إن كان اللفظ يجمع أجناسا أو ما هو في معنى الأجناس لا يصح التوكيل وإن بين الثمن وإن كان جنسا يجمع أنواعا لا يصح إلا بيان الثمن أو النوع وفي الجامع الصغير ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فالوكالة باطلة وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز ومن دفع إلى آخر دراهم وقال اشتر لي بها طعاما فهو على الحنطة ودقيقها وإذا اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب فله أن يرده بالعيب ما دام المبيع في يده فإن سلمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض بطل العقد ولا يعتبر مفارقة الموكل وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل فإن هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن وله أن يحبسه حتى يستوفي الثمن فإن حبسه فهلك كان مضمونا ضمان الرهن عند أبي يوسف رحمه الله وضمان المبيع عند محمد وإذا وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين رطلا بدرهم من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يلزمه العشرون بدرهم ولو وكله بشراء شيء بعينه فليس له أن يشتريه لنفسه وإن وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبدا فهو للوكيل إلا أن يقول نويت الشراء للموكل أو يشتريه بمال الموكل ومن أمر رجلا بشراء عبد بألف فقال قد فعل ومات عندي وقال الآمر(1/158)
اشتريته لنفسك فالقول قول الآمر فإن كان دفع إليه الألف قالقول قول المأمور ومن قال لآخر يعني هذا العبد لفلان فباعه ثم أنكر أن يكون فلان أمره ثم جاء فلان وقال أنا أمرته بذلك فإن فلانا يأخذه فإن قال فلان لم آمره لم يكن ذلك له إلا أن يسلمه المشتري له يكون بيعا عنه وعليه العهدة ومن أمر رجلا بأن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمنا فاشترى له أحدهما جاز إلا فيما لا يتغابن الناس فيه ولو أمره بأن يشتريهما بألف وقيمتهما سواء فعند أبي حنيفة رحمه الله أن اشترى أحدهما بخمسمائة أو أقل جاز وإن اشترى بأكثر لم يلزم الآمر إلا أن يشتري الباقي ببقية الألف قبل أن يختصما استحسانا وقال أبو يوسف ومحمد أن اشترى أحدهما بأكثر من نصف الألف بما يتغابن الناس فيه وقد بقي من الألف ما يشتري بمثله الباقي جاز ومن له على آخر ألف درهم فأمره بأن يشتري بها هذا العبد فاشتراه جاز وإن أمره أن يشتري بها عبدا بغير عينه فاشتراه فمات في يده قبل أن يقبضه الآمر مات من مال المشتري وإن قبضه الآمر فهو له عند أبي حنيفة وقالا هو لازم للآمر إذا قبضه المأمور ومن دفع إلى آخر ألفا وأمره ان يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمسمائة وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور وإن لم يكن دفع إليه الألف فالقول قول الآمر ولو أمره أن يشتري له هذا العبد ولم يسم له ثمنا فاشتراه فقال الآمر اشتريته بخمسمائة وقال المأمور بألف وصدق البائع المأمور فالقول قول المأمور مع يمينه فصل في التوكيل بشراء نفس العبد وإذا قال العبد لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف ودفعها إليه فإن قال الرجل للمولى اشتريته لنفسه فباعه على هذا فهو حر والولاء للمولى وإن لم يعين للمولى فهو عبد للمشتري والألف للمولى وعلى المشتري ألف مثله ومن قال لعبد اشتر لي نفسك من مولاك فقال لمولاه بعني نفسي لفلان بكذا ففعل فهو للآمر وإن عقد لنفسه فهو حر وكذا لو قال يعني ولم(1/159)
يقل لفلان فهو حر
فصل في البيع والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز له أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له عند أبي حنيفة وقالا يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده أو مكاتبة والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز بيعه بنقصان لا يتغابن الناس فيه ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة يتغابن الناس في مثلها ولا يجوز بما لا يتغابن الناس في مثله والذي لا يتغابن الناس فيه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل في العروض ده ينم وفي الحيوانات ده يازده وفي العقارات ده دوازده وإذا وكله ببيع عبد له فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة وقالا لا يجوز إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما وإن وكله بشراء عبد فاشترى نصفه فالشراء موقوف فإن اشترى باقيه لزم الموكل ومن أمر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن أو لم يقبض فرده المشتري عليه بعيب لا يحدث مثله بقضاء القاضي ببينة أو باباء يمين أو باقرار فإنه يرده على الآمر وكذلك إن رده عليه بعيب يحدث مثله بينة أو بابا يمين فإن كان ذلك بإقراره لزم المأمور ومن قال لآخر أمرتك ببيع عبدي بنقد فبعته بنسيئة وقال المأمور أمرتني ببيعه ولم تقل شيئا فالقول قول الآمر وإن اختلف في ذلك المضارب ورب المال فالقول قول المضارب ومن أمر رجلا ببيع عبده فباعه وأخذ بالثمن رهنا فضاع في يده أو أخذ به كفيلا فتوى المال عليه فلا ضمان عليه فصل وإذا وكل وكيلين فليس لأحدهما أن يتصرف فيما وكلا به دون الآخر إلا أن يوكلهما بالخصومة أو بطلاق زوجته بغير عوض أو بعق عبده بغير عوض أو برد وديعة عنده أو قضاء دين عليه وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به إلا أن يأذن له الموكل أو يقول له اعمل برأيك فإن وكل يغير إذن موكله(1/160)
فعقد وكيله بحضرته جاز وإن عقد في حال غيبته لم يجز إلا أن يبلغه فيجيزه ولو قدر الأول الثمن للثاني فعقد بغيبته يجوز وإذا زوج المكاتب او العبد أو الذمي ابنته وهي صغيرة حرة مسلمة أو باع أو اشترى لها لم يجز قال أبو يوسف ومحمد المرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك باب الوكالة بالخصومة والقبض الوكيل بالخصومة وكيل بالقبض فإن كانا وكيلين بالخصومة لا يقبضان إلا معا والوكيل بقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة عند أبي حنيفة وقالا لا يكون خصما والوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة بالاتفاق حتى أن من وكل وكيلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده للبينة على أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وكذلك العتاق والطلاق وغير ذلك وإذا أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي جاز إقراره عليه ولا يجوز عند غير القاضي ومن كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم لم يكن وكيلا في ذلك أبدا ومن ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم أمر بتسليم الدين إليه فإن حضر الغائب فصدقه وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانيا ويرجع به على الوكيل إن كان باقيا في يده وإن كان ضاع في يده لم يرجع عليه إلا أن يكون ضمنه عند الدفع ومن قال أني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالتسليم إليه فإن وكل وكيلا بقبض ماله فادعى الغريم أن صاحب المال قد استوفاه فإنه يدفع المال إليه ويتبع رب المال فيستحلفه وإن وكله بعيب في جارية فادعى البائع رضا المشتري لم يرد عليه حتى يحلف المشتري بخلاف مسألة الدين ومن دفع إلى رجل عشرة دراهم لينفقها على أهله فأنفق عليهم عشرة من عنده فالعشرة بالعشرة باب عزل الوكيل وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة فإن لم يبلغه العزل فهو على وكالته(1/161)
وتصرفه جائز حتى يعلم وتبطل الوكالة بموت الموكل وجنونه جنونا مطبقا ولحاقه بدار الحرب مرتدا وإذا وكل المكاتب ثم عجز أو المأذون له ثم حجر عليه أو الشريكان فافترقا فهذه الوجوه تبطل الوكالة عل الوكيل علم أو لم يعلم وإذا مات الوكيل أو جن جنونا مطبقا بطلت الوكالة وإن لحق بدار الحرب مرتدا لم يجز له التصرف إلا أن يعود مسلما ومن وكل آخر بشيء ثم تصرف بنفسه فيما وكل به بطلت الوكالة كتاب الدعوى المدعي من لا يجبر الخصومة إذا تركها والمدعي عليه من يجبر على الخصومة ولا تقبل الدعوى حتى يذكر شيئا معلوما في جنسه وقدره فإن كان عينا في يد المدعى عليه كلف إحضارها ليشير إليها بالدعوى وإن لم تكن حاضرة ذكر قيمتها ليصير المدعي معلوما وإن ادعى عقارا حدده وذكر أنه في يد المدعي عليه وإنه يطالبه به وإن كان حقا في الذمة ذكر أنه يطالبه به وإذا صحت الدعوى سأل القاضي المدعي عليه عنها فإن اعترف قضى عليه بها وإن أنكر سأل المدعي البينة فإن أحضرها قضى بها وإن عجز عن ذلك وطلب يمين خصمه استحلفه عليها باب اليمين وإذا قال المدعي لي بينة حاضرة وطلب اليمين لم يستحلف ولا ترد اليمين على المدعي ولا تقبل بينة صاحب اليد في الملك المطلق وبينة الخارج أولى وإذا نكل المدعي عليه عن اليمين قضى عليه بالنكول وألزمه ما ادعى عليه وينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثلاثا فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعاه فإذا كرر للعرض عليه ثلاث مرات قضى عليه بالنكول وإن كانت الدعوى نكاحا لم يستحلف المنكر عند أبي حنيفة ولا يستحلف عنده في النكاح والرجعة والفيء في الإيلاء والرق والاستيلاد والنسب والولاء والحدود واللعان(1/162)
وعندهما يستحلف في ذلك كله إلا في الحدود واللعان ويستحلف السارق فإن نكل ضمن ولم يقطع وإذا ادعت المرأة طلاقا قبل الدخول استحلف الزوج فإن نكل ضمن نصف المهر في قولهم جميعا ومن ادعى قصاصا على غيره فجحده استحلف بالإجماع ثم أن نكل عن اليمين فيما دون النفس يلزمه القصاص وإن نكل في النفس حبس حتى يحلف أو يقر عند أبي حنيفة وقالا يلزمه الأرش فيهما وإذا قالا المدعي لي بينة حاضرة قيل لخصمه أعطه كفيلا بنفسك ثلاث أيام فإن فعل وإلا أمر بملازمته إلا أن يكون غريبا فيلازم مقدار مجلس القاضي فصل في كيفية اليمين والاستحلاف واليمين بالله دون غيره وقد تؤكد بذكر أوصافه ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام والمجوسي بالله الذي خلق النار والوثني لا يحلف إلا بالله ولا يحلفون في بيوت عبادتهم ولا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان ومن ادعى أنه ابتاع من هذا عبده بألف فجحد استحلف بالله ما بينكما بيع قائم فيه ولا يستحلف بالله ما بعت ويستحلف في الغصب بالله ما يستحق عليك رده ولا يحلف بالله ما غصبت وفي النكاح بالله ما بينكما نكاح قائم في الحال وفي دعوى الطلاق بالله ما هي بائن منك الساعة بما ذكرت ولا يستحلف بالله ما طلقها ومن ورث عبدا وادعاه آخر يستحلف على علمه وإن وهب له أو اشتراه يحلف على البتات ومن ادعى على آخر مالا فافتدى يمينه أو صالحه منها على عشرة دراهم فهو جائز وليس له أن يستحلفه على تلك اليمين أبدا باب التحالف وإذا اختلف المتبايعان في البيع فادعى أحدهما ثمنا وادعى البائع أكثر منه أو اعترف البائع بقدر من المبيع وادعى المشتري أكثر منه وأقام أحدهم االبينة(1/163)
قضي له بها وإن أقام كل واحد منهما بينة كانت البينة المثبتة للزيادة أولى ولو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعا فبينة البائع أولى في الثمن وبينة المشتري أولى في المبيع وإن لم يكن لكل واحد منهما بينة قيل للمشتري إما أن ترضى بالثمن الذي ادعاه البائع وإلا فسخنا البيع وقيل للبائع إما أن تسلم ما ادعاه المشتري من المبيع وإلا فسخنا البيع فإن لم يتراضيا استحلف الحاكم كل واحد منهما على دعوى الآخر ويبتدىء بيمين المشتري وإن كان بيع عين بعين أو ثمن بثمن بدأ القاضي بيمين أيهما شاء وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر وإن اختلف في الأجل أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن فلا تحالف بينهما والقول قول من ينكر الخيار والأجل مع يمينه فإن هلك المبيع ثم اختلفا لم يتحالفان ويفسخ البيع على قيمة الهالك وإن هلك أحد العبدين ثم اختلفا في الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك من الثمن وفي الجامع الصغير القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة إلا أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي ولا شيء له من قيمة الهالك وقال أبو يوسف يتحالفان في الحي ويفسخ العقد في الحي والقول قول المشتري في قيمة الهالك وقال محمد يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك وإن اختلفا في قيمة الهالك يوم القبض فالقول قول البائع وأيهما أقام البينة تقبل بينته وإن أقامها فبينة البائع أولى اشترى عبدين وقبضهما ثم رد أحدهما بالعيب وهلك الآخر عنده يجب عليه ثمن ما هلك عنده ويسقط عنه ثمن ما رده وينقسم الثمن على قيمتهما فإن اختلفا في قيمة الهالك فالقول قول البائع وإن أقامها البينة فبينة البائع أولى ومن اشترى جارية وقبضها ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن فإنهما يتحالفان ويعود البيع الأول ولو قبض(1/164)
البائع المبيع بعد الإقالة فلا تحالف عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد
ومن أسلم عشرة دراهم في كر حنطة ثم تقايلا ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المسلم إليه ولا يعود السلم وأذا اختلف الزوجان في المهر فادعى الزوج أنه تزوجها بألف وقالت تزوجني بألفين فأيهما أقام البينة تقبل بينته وإن أقاما البينة فالبينة بينة المرأة وإن لم تكن لها بينة تحالفا عند أبي حنيفة ولا يفسخ النكاح ولكن يحكم مهر المثل فإن كان مثل ما اعترف به الزوج أو أقل قضي بما قال الزوج وإن كان مثل ما ادعته المرأة أو أكثر قضي بما ادعته المرأة وإن كان مهر المثل أكثر مما اعترف به الزوج وأقل مما ادعته المرأة قضي لها بمهر المثل ولو ادعى الزوج النكاح على هذا العبد والمرأة تدعيه على هذه الجارية فهو كالمسألة المتقدمة إلا أن قيمة الجارية إذا كانت مثل مهر المثل يكون لها قيمتها دون عينها وإن اختلفا في الإجارة قبل استيفاء المعقود عليه تحالفا وترادا فإن وقع الاختلاف في الأجرة يبدأ بيمين المستأجر وإن وقع الاختلاف في المنفعة يبدأ بيمين المؤجر فأيهما نكل لزمه دعوى صاحبة وأيهما أقام البينة قلت ولو أقاماها فبينة المؤجر فأيهما نكل الاختلاف في الأجرة وإن كان في المنافع فبينة المستأجر أولى وإن كان فيهما قبلت بينة كل واحد منهما فيما يدعيه من الفضل وإن اختلفا بعد الاستيفاء لم يتحالفا وكان القول قول المستأجر وإن اختلفا بعد استيفاء بعض المعقود عليه تحالفا وفسخ العقد فيما بقي وكان القول في الماضي قول المستأجر وإذا اختلف المولى والمكاتب في مال الكتابة لم يتحالفا عند أبي حنيفة وقالا يتحالفان وتفسخ الكتابة وإذا اختلف الزوجان في متاع البيت فما يصلح للرجال فهو للرجل كالعمامة وما يصلح للنساء فهو للمرأة كالوقاية وما يصلح لهما كالآنية فهو للرجل فإن مات أحدهما واختلفت ورثته مع الآخر فما يصلح للرجال والنساء فهو الباقي منهما والطلاق والموت سواء لقيام(1/165)
الورثة مقام مورثهم وقال محمد ما كان للرجال فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة وما يكون لهما فهو للرجل أو لورثته وإن كان أحدهما مملوكا فالمتاع للحر في حالة الحياة وللحي بعد الممات وهذا عند أبي حنيفة وقالا للعبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر
فصل فيمن لا يكون خصما وإذا قال المدعي عليه هذا الشيء أودعنيه فلان الغائب أو رهنه عندي أو غصبته منه وأقام بينة على ذلك فلا خصومة بينه وبين المدعي وقال أبو يوسف آخرا أن كان الرجل صالحا فالجواب كما قلناه وإن كان معروفا بالحيل لا تندفع عنه الخصومة ولو قال الشهود أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع عنه الخصومة وإن قال ابتعته من الغائب فهو خصم وإن قال المدعي غصبته مني أو سرقته مني لا تندفع الخصومة وإن أقام ذو اليد البينة على الوديعة وإن قال المدعي سرق مني وقال صاحب اليد أودغنبيه فلان وأقام البينة لم تندفع الخصومة وإذا قال المدعي ابتعته من فلان وقال صاحب اليد أودعنيه فلان ذلك سقطت الخصومة بغير بينة باب ما يدعيه الرجلان وإذا ادعى اثنان عينا في يد آخر كل واحد منهما يزعم أنها له وأقام البينة قضي بها بينهما فإن ادعى كل واحد منهما نكاح امرأة وأقاما البينة لم يقض بواحدة من البينتين ويرجع إلى تصديق المرأة لأحدهما وإن أقرت لأحدهما قبل إقامة البينة فهي امرأته وإن أقام الآخر البينة قضي بها ولو تفرد أحدهما بالدعوى والمرأة تجحد فأقام البينة وقضى بها القاضي له ثم ادعى آخر وأقام البينة على مثل ذلك لا يحكم بهاإلا أن يؤقت شهود الثاني سابقا ولوادعى اثنان كل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصف العبد بنصف الثمن وإن شاء ترك فإن قضى القاضي به بينهما فقال أحدهما لا أختار لم يكن للآخر أن يأخذ جميعه ولو ذكر كل واحد منهما تاريخا فهو للأول منهما ولو وقتت إحداهما ولم توقت الأخرى فهو لصاحب الوقت وإن لم يذكرا تاريخا ومع أحدهما قبض فهو أولى وإن ادعى أحدهما شراء والآخر(1/166)
هبة وقبضا وأقاما بينة ولا تاريخ معهما فالشراء أولى والهبة والقبض والصدقة مع القبض سواء حتى يقضى بينهما وإذا ادعى أحدهما الشراء وادعت امرأته أنه
تزوجها عليه فهما سواء وإن ادعى أحدهما رهنا وقبضا والآخر هبة وقبضا وأقاما بينة فالرهن أولى وإن أقام الخارجان البينة على الملك والتاريخ فصاحب التاريخ الأقدم أولى ولو ادعيا الشراء من واحد وأقاما البينة على تاريخين فالأول أولى وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من آخر وذكرا تاريخا فهما سواء ولو وقتت إحدى البينتين وقتا ولم توقت الآخرى قضي بينهما نصفين ولو ادعى أحدهما الشراء من رجل والآخر الهبة والقبض من غيره والثالث الميراث من أبيه والرابع الصدقة والقبض من آخر قضي بينهم أرباعا فإن أقام الخارج البينة على ملك مؤرخ وصاحب اليد بينة على ملك أقدم تاريخا كان أولى وإن أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج فصاحب اليد أولى ولو أقام أحدهما البينة على الملك والآخر على النتاج فصاحب النتاج أولى أيهما كان ولو قضى بالنتاج لصاحب اليد ثم أقام ثالث البينة على النتاج يقضى له إلا أن يعيدها ذو اليد وكذلك النسيج في الثياب التي لا تنسج إلا مرة وكذلك كل سبب في الملك لا يتكرر وإن أقاما لخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه كان صاحب اليد أولى وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من الآخر ولا تاريخ معهما تهاترت البينتان وتترك الدار في يد ذي اليد وإن أقام أحد المدعين شاهدين والآخر أربعة فهما سواء وإذا كانت دار في يد رجل ادعاها اثنان أحدهما جميعها والآخر نصفها وأقاما البينة فلصاحب الجميع ثلاثة أرباعها ولصاحب النصف ربعها عند أبي حنيفة وقالا هي بينهما ثلاثا ولو كانت في أيديهما سلم لصاحب الجميع نصفها على وجه القضاء ونصفها لاعلى وجه القضاء وإذا تنازعا في دابة وأقام كل واحد منهما بينة أنها نتجت عنده وذكرا تاريخا وسن(1/167)
الدابة يوافق أحد التاريخين فهو أولى وإن أشكل ذلك كانت بينهما وإذا كان عبد في يد رجل أقام رجلان عليه البينة أحدهما بغصب والآخر بوديعة فهو بينهما
فصل في التنازع بالأيدي وإذا تنازعا في دابة أحدهما راكبها والآخر متعلق بلجامها فالراكب أولى وكذا إذا كان أحدهما راكبا في السرج والآخر رديفه فالراكب في السرج أولى وكذا إذا تنازعا في بعير وعليه حمل لأحدهما وللآخر كوز معلق فصاحب الحمل أولى وكذا إذا تنازعا في قميص أحدهما لابسه والآخر متعلق بكمه فاللابس أولى ولو تنازعا في بساط أحدهما جالس عليه والآخر متعلق به فهو بينهما وإذا كان ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر فهو بينهما نصفان وإذا كان صبي في يد رجل وهو يعبر عن نفسه فقال أنا حر فالقول قوله ولو قال أنا عبد لفلان فهو عبد للذي هو في يده وإن كان لا يعبر عن نفسه فهو عبد للذي هو في يده وإذا كان الحائط لرجل عليه جذوع أو متصل ببنائه وللآخر عليه هرادى فهو لصاحب الجذوع والاتصال والهرادى ليست بشيء ولو كان لكل واحد منهما عليه جذوع ثلاثة فهو بينهما وإن كان جذوع أحدهما أقل من ثلاثة فهو لصاحب الثلاثة وللآخر موضع جذعه ولو كان لأحدهما جذوع وللآخر اتصالا فالأول أولى وإذا كانت دار منها في يد رجل عشرة أبيات وفي يد آخر بيت فالساحة بينهما نصفان وإذا ادعى رجلان أرضا أنها في يده لم يقض أنها في يد واحد منهما حتى يقيما البينة أنها في أيديهما وإن أقام أحدهما البينة جعلت في يده وإن أقاما البينة جعلت في أيديهما وإن كان أحدهما قد لبن في الأرض أو بنى أو حفر فهي في يده باب دعوى النسب وإذا باع جارية فجاءت بولد فادعاه البائع فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم باع فهو ابن للبائع وأمه أم ولد له ويرد الثمن وإن ادعاه المشتري مع دعوة البائع أو بعده فدعوى البائع أولى وإن جاءت به لأكثر من سنتين من وقت البيع لم تصح دعوة البائع إلا إذا صدقه المشتري وإن جاءت به لأكثر(1/168)
من ستة أشهر من وقت البيع ولأقل من سنتين لم تقبل دعوة البائع فيه إلا أن يصدقه المشتري فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ويرد الثمن كله في وقول أبي حنيفة وقالا يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ومن باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول فهو ابنه ويبطل البيع ومن ادعى نسب أحد التوأمين ثبت نسبهما منه وإن لم يكن أصل العلوق في ملكه ثبت نسب الولد الذي عنده ولا ينقض البيع فيما باع وإن كان الصبي في يد رجل فقال هو ابن عبدي فلان الغائب ثم قال هو ابني لم يكن ابنه ابدا وإن جحد العبد أن يكون ابنه عند أبي حنيفة وقالا إذا جحد العبد فهو ابن المولى وإذا كان الصبي في يد مسلم ونصراني فقال النصراني هو ابني وقال المسلم هو عبدي فهو ابن النصراني وهو حر ولو كانت دعوتهما دعوة البنوة فالمسلم أولى وإذا ادعت امرأة صبيا أنه ابنها لم تجز دعواها حتى تشهد امرأة على الولادة ولو كانت معتدة فلا بد من حجة تامة عند أبي حنيفة وإن كان لها زوج وزعمت أنه ابنها منه وصدقها الزوج فهو ابنهما وإن لم تشهد امرأة وإن كان الصبي في أيديهما وزعم الزوج أنه ابنه من غيرها وزعمت أنه ابنها من غيره فهو ابنهما ومن اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل غرم الأب قيمة الولد يوم يخاصم ولو مات الولد لاشيء على الأب ولو قتله الأب يغرم قيمته وكذا لو قتله غيره فاخذ ديته ويرجع بقيمة الولد على بائعه كتاب الإقرار وإذا أقر الحر العاقل بحق لزمه إقراره مجهولا كان ما أقر به أو معلوما ويقال له بين المجهول فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان فإن قال لفلان على شيء لزمه أن يبين ماله قيمة والقول قوله مع يمينه إن ادعى المقر له أكثر من(1/169)
ذلك وكذا إذا قال لفلان علي حق ولو قال لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه ويقبل قوله في القليل والكثير إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم ولو قال مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم ولو قال أموال عظام فالتقدير بثلاثة نصب من أي فن سماه ولو قال دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة عند أبي حنيفة وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين ولو قال دراهم فهي ثلاثة إلا أن يبين أكثر منها ولو قال كذاكذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما ولوقال كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد وعشرين ولو قال كذا درهما فهو درهم ولو ثلث كذا بغير واو فأحد عشر وإن ثلث بالواو فمائة واحد وعشرون وإن ربع يزاد عليها ألف وإن قال له علي أو قبل فقد أقر بالدين ولو قال المقر هو وديعة ووصل صدق ولو قال عندي أو معي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فهو إقرار بأمانة في يده ولو قال له رجل لي عليك ألف فقال أنزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قضيتكها فهو إقرار ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حالا ويستحلف المقر له على الأجل وإن قال له على مائة ودرهم لزمه كلها دراهم ولو قال مائة وثوب لزمه ثوب واحد والمرجع في تفسير المائة إليه وكذا إذا قال مائة وثوبان بخلاف ما إذا قال مائة وثلاثة أثواب ومن أقر بتمر في قوصرة لزمه التمر والقوصرة ومن أقر بدابة في اصطبل لزمه الدابة خاصة ومن أقر لغيره بخاتم لزمه الحلقة والفص ومن أقر له بسيف فله النصل والجفن والحمائل ومن أقر بحجلة فله العيدان والكسوة وإن قال غصبت ثوبا في منديل لزماه جميعا وكذا لو قال على ثوب في ثوب وإن قال ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف وقال محمد لزمه أحد عشر ثوبا ولو قال لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة ولو قال أردت خمسة مع خمسة لزمة عشرة ولو قال له علي من درهم إلى عشرة أو قال ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة(1/170)
عند أبي
حنيفة ولو قال له من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائطين شيء فصل ومن قال لحمل فلانة علي ألف درهم فإن قال أوصى له فلان أو مات أبوه فورثه فالإقرار صحيح ثم إذا جاءت به حيا في مدة يعلم أنه كان قائما وقت الإقرار لزمه وإن جاءت به ميتا فالمال للموصي والمورث حتى يقسم بين ورثته ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما ولو قال المقر باعني أو أقرضني لم يلزمه شيء فإن أبهم الإقرار لم يصح عند أبي يوسف وقال محمد يصح ومن أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح إقراره ولزمه ومن اقر بشرط الخيار بطل الشرط ولزمه المال باب الاستثناء ومافي معناه ومن استثنى متصلا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي وسواء استثنى الأقل أو الأكثر فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء ولو قال له علي مائة درهم إلا دينار أو إلا قفيز حنطة لزمه مائة درهم إلا قيمة الدينار أو القفيز ولو قال له علي مائة درهم إلا ثوبا لم يصح الاستثناء وقالا محمد لايصح فيهما ومن أقر بحق وقال إن شاء الله متصلا لا يلزمه الإقرار ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء ولو قال بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان فهو كما قال ولو قال له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه فإن ذكر عبدا بعينه قيل للمقر له إن شئت فسلم العبد وخذ الألف وإلا فلا شيء لك وإن قال من ثمن عبد اشتريته ولم يعينه لزمه الألف ولا يصدق في قوله ما قبضت عند أبي حنيفة وصل أم فصل ولو قال ابتعت منه عينا إلا أني لم أقبضه فالقول قوله وكذا لو قال من ثمن خمر أو خنزير لزمه الألف ولم يقبل تفسيره عند أبي حنيفة وصل أم فصل وقالا إذا وصل لا يلزمه شيء ولو قال له علي ألف(1/171)
درهم من ثمن متاع أو قال أقرضني ألف درهم ثم قال هي زيوف أو نبهرجة وقال المقر له الجياد لزمه في قول أبي حنيفة وقالا أن قال موصولا يصدق وإن قال مفصولا لا يصدق ولو قال لفلان علي ألف درهم زيوف ولم يذكر البيع ولاقرض قيل يصدق وقيل لا يصدق ولو قال اغتصبت منه ألفا أو قال أودعني ثم قال هي زيوف أو نبهرجة صدق وصل أم فصل وإن قال في هذا كله ألفا ثم قال إلا أنه ينقص كذا لم يصدق وإن وصل صدق ومن أقر بغصب ثوب ثم جاء بثوب معيب فالقول قوله ومن قال لآخر أخذت منك ألف درهم وديعة فهلكت فقال لا بل أخذتها غصبا فهو ضامن وإن قال أعطيتنيها وديعة فقال لا بل غصبتها لم يضمن فإن قال هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها منه فقال فلان هي لي فإنه يأخذها ولو قال أجرت دابتي هذه فلانا فركبها وردها أو قال أجرت ثوبي هذا فلانا فلبسه ورده وقال فلان كذبت وهما لي فالقول قوله عند أبي حنيفة وقال محمد وأبو يوسف القول قول الذي أخذ منه الدابة أو الثوب ولو قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان الثوب ثوبي فهو على هذا الخلاف في الصحيح باب إقرار المريض وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه باسباب معلومة فدين الصحة والدين المعروف الأسباب مقدم فإذا قضيت وفضل شيء يصرف إلى ما أقر به في حالة المرض فإذا لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره وكان المقر له أولى من الورثة ولو أقر المريض لوارثه لا يصح إلا أن يصدقه فيه بقية الورثة فإن أقر لأجنبي جاز وإن أحاط بماله ومن أقر لأجنبي ثم قال هو ابني ثبت نسبه منه وبطل إقراره له فإن أقر لأجنبية ثم تزوجها لم يبطل إقراره لها ومن طلق زوجته في مرضه ثلاثا ثم أقر لها بدين ومات فلها الأقل من الدين ومن ميراثها منه(1/172)
فصل ومن أقر بغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه وصدقه الغلام ثبت نسبه منه وإن كان مريضا ويشارك الورثة في الميراث ويجوز إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى ويقبل إقرار المرأة بالوالدين والزوج والمولى ولا يقبل بالولد إلا أن يصدقها الزوج أو تشهد بولادته قابلة ومن أقر بنسب من غير الوالدين والولد نحو الأخ والعم لا يقبل إقراره في النسب فإن كان له وارث معروف قريب أو بعيد فهو أولى بالميراث من المقر له وإن لم يكن له وارث استحق المقر له ميراثه ومن مات أبوه فأقر بأخ لم يثبت نسب أخيه ويشاركه في الميراث ومن مات وترك ابنين وله على آخر مائة درهم فأقر أحدهما أن أباه قبض منها خمسين لا شيء للمقر وللآخر خمسون كتاب الصلح الصلح على ثلاث أضرب صلح مع إقرار وصلح مع سكوت وهو ألا يقر المدعي عليه ولا ينكر وصلح مع إنكار وكل ذلك جائز وإن وقع الصلح عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إن وقع عن مال بمال فتجري فيه الشفعة إذا كان عقارا ويرد بالعيب ويثبت فيه خيار الشرط والرؤية ويفسده جهالة البدل وإن وقع عن مال بمنافع يعتبر بالإجارات فيشترط التوقيت فيها ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة والصلح عن السكوت والإنكار في حق المدعي عليه لافتداء اليمين وقطع الخصومة وفي حق المدعى لمعنى المعاوضة ويجوز أن يختلف حكم العقد في حقهما كما يختلف حكم الإقالة في حق المتعاقدين وإذا صالحا عن دار لم يجب فيها الشفعة وإذا كا ن الصلح عن إقرار واستحق بعض المصالح عنه رجع المدعي عليه بحصة ذلك من العوض وإن وقع الصلح عن سكوت أو إنكار فاستحق المتنازع فيه رجع المدعي بالخصومة ورد العوض ولو استحق المصالح عليه عن إقرار رجع بكل المصالح عنه وإن استحق بعضه رجع بحصته وإن كان الصلح عن إنكار أو سكوت رجع(1/173)
بالدعوى في كله أو بقدر المستحق إذا استحق بعضه وإن ادعى حقا في دار ولم يبينه فصولح عن ذلك ثم استحق بعض الدار لم يرد شيئا من العوض ولو ادعى دارا فصالحه على قطعة منها لم يصح الصلح فصل والصلح جائز عن دعوى الأموال والمنافع ويصح عن جنايات العمد والخطأ ولا يجوز الصلح عن دعوى حد وكذا لا يجوز الصلح عما أشرعه إلى طريق العامة وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحا وهي تجحد فصالحته على مال بذلته حتى يترك الدعوى جاز وكان في معنى الخلع وإن ادعت امرأة نكاحا على رجل فصالحها على مال بذله لها جازوإن ادعى على رجل أنه عبده فصالحه على مال أعطاه جاز وكان في حق المدعي بمنزلة الإعتاق على مال وإذا قتل العبد المأذون له رجلا عمدا لم يجز له أن يصالح عن نفسه وإن قتل عبد له رجلا عمدا فصالح عنه جاز ومن غصب ثوبا هرويا قيمته دون المائة فاستهلكه فصالحه منها على مائة درهم جاز عند أبي حنيفة وقالا يبطل الفضل على قيمته بما لا يتغابن الناس فيه وإذا كان العبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته فالفضل باطل وإن صالحه على عروض جاز باب التبرع بالصلح والتوكيل به ومن وكل رجلا بالصلح عنه فصالح لم يلزم الوكيل ما صالح به عنه إلا أن يضمنه والمال لازم للموكل وإن صالح عنه رجل بغير أمره فهو على أربعة أوجه إن صالح بمال وضمنه ثم الصلح وكذلك إذاقال صالحتك على ألفي هذه أو علي عبدي هذا صح الصلح ولزمه تسليمه وكذلك لو قال على ألف وسلمها ولو قال صالحتك على ألف فالعقد موقوف فإن اجازه المدعي عليه جاز ولزمه الألف وإن لم يجزه بطل(1/174)
باب الصلح في الدين وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه واسقط باقيه كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة وكمن له على آخر ألف جياد فصالحة على خمسمائة زيوف جاز وكأنه أبراه عن بعض حقه ولو صالح على ألف مؤجلة جاز وكأنه أجل نفس الحق ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز وإن كان له ألف سود فصالحه على خمسمائة بيض لم يجز ومن له على آخر ألف درهم فقال إدى لي غرامتها خمسمائة على أنك بريء من الفضل ففعل فهو بريء فإن لم يدفع إليه الخمسمائة غدا عاد عليه الألف وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف رحمه الله لا يعود عليه ومن قال لآخر لا أقر لك بمالك حتى تؤخره عني أو تحط عني ففعل جاز عليه فصل في الدين المشترك وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه وإن شاء أخذ نصف الثوب إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض ثم يرجعان على الغريم بالباقي ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين وإذا كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما عن نصيبه على رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله يجوز الصلح فصل في التخارج وإذا كانت الشركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلا كان ما اعطوه أو كثيرا وإن كانت التركة فضة(1/175)
فأعطوه ذهبا أو كانت انت ذهبا فأعطوه فضة فكذلك وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح على أن يخرجوا المصالح عنه ويكون الدين لهم فالصلح باطل وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه ولا يرجع عليهم بنصيب المصالح فالصلح جائز كتاب المضاربة المضاربة عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين والعمل من الجانب الآخر ولا تصح إلا بالمال الذي تصح به الشركة ومن شرطها أن يكون الربح بينهما مشاعا لا يستحق احدهما دراهم مسماة فإن شرط زيادة عشرة فله أجر مثله ولا بد أن يكون المال مسلما إلى المضارب ولا يد لرب المال فيه وإذا صحت المضاربة مطلقة جاز للمضارب أن يبيع ويشتري ويوكل ويسافر ويبضع ويودع ولا يضارب إلا أن يأذن له رب المال أو يقول له اعمل برأيك وإن خص له رب المال التصرف في بلد بعينه أو في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجاوزها فإن خرج إلى غير تلك البلدة فاشترى ضمن وكذلك إن وقت للمضاربة وقتا بعينه يبطل العقد بمضيه وليس للمضارب أن يشتري من يعتق على رب المال لقرابة أو غيرها ولو فعل صار مشتريا لنفسه دون المضاربة فإن كان في المال ربح لم يجز له أن يشتري من يعتق عليه وإن اشتراهم ضمن مال المضاربة وإن لم يكن في المال ربح جاز أن يشتريهم فإن زادت قيمتهم بعد الشراء عتق نصيبه منهم ولم يضمن لرب المال شيئا ويسعى العبد في قيمة نصيبه منه فإن كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي الفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة والمدعي موسر فإن شاء رب المال استسعى الغلام في الف ومائتين وخمسين وإن شاء أعتق وله أن يستسعي الغلام(1/176)
ش باب المضارب يضارب وإذا دفع المضارب المال إلى غيره مضاربة ولم يأذن له رب المال لم يضمن بالدفع ولا يتصرف المضارب الثاني حتى يربح فإذا ربح ضمن الأول لرب المال وإذا دفع إليه رب المال مضاربة بالنصف وأذن له أن يدفعه إلى غيره فدفعه بالثلث وقد تصرف الثاني وربح فإن كان رب المال قال له على أن ما رزق الله فهو بيننا نصفان فلرب المال النصف وللمضارب الثاني الثلث وللمضارب الأول السدس وإن كان قال له على أن ما رزقك الله فهو بيننا نصفان فللمضارب الثاني الثلث والباقي بين المضارب الأول ورب المال نصفان ولو كان قال له فما ربحت من شيء فبيني وبينك نصفان وقد دفع إلى غيره بالنصف فللثاني النصف والباقي بين الآول ورب المال ولو كان قاله على أن ما رزق الله تعالى فلي نصفه أو قال له فما كان له من فضل فبيني وبينك نصفان وقد دفع إلى آخر مضاربة بالنصف فلرب المال النصف وللمضارب الثاني النصف ولا شيء للمضارب الأول وإن شرط للمضارب الثاني ثلثي الربح فلرب المال النصف وللمضارب الثاني النصف ويضمن المضارب الأول للثاني سدس الربح في ماله فصل وإذا شرط المضارب لرب المال ثلث الربج ولعبد رب المال ثلث الربج على أن يعمل معه ولنفسه ثلث الربح فهو جائز ولوعقد العبد المأذون عقد المضاربة مع أجنبي وشرط العمل على المولى لا يصح إن لم يكن عليه دين وإن كان العبد دين صح عند أبي حنيفة رحمه الله فصل في العزل والقسمة وإذا مات رب المال أو المضارب بطلت المضاربة وإن ارتد رب المال ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة ولو كان المضارب هو المرتد فالمضاربة على حالها فإن عزل رب المال المضارب ولم يعلم بعزله حتى اشترى وباع فتصرفه جائز وإن(1/177)
علم بعزله والمال عروض فله أن يبيعها ولا يمنعه العزل من ذلك ثم لا يجوز أن يشتري بثمنها شيئا آخر فإن عزله ورأس المال دراهم أو دنانير وقد نضت لم يجز له أن يتصرف فيها وإذا افترقا وفي المال ديون وقد ربح المضارب فيه أجبره الحاكم على اقتضاء الدين وإن لم يكن له ربح لم يلزمه الاقتضاء ويقال له وكل رب المال في الاقتضاء وما هلك من مال المضاربة فهو من الربح دون رأس المال فإن زاد الهالك على الربح فلا ضمان على المضارب وإن كانا يقتسمان الربح والمضاربة بحالها ثم هلك المال بعضه أو كله ترادا الربح حتى يستوفي رب المال رأس المال وإذا استوفى رأس المال فإن فضل شيء كان بينهما وإن نقص فلا ضمان على المضارب فلو اقتسما الربح وفسخا المضاربة ثم عقداها فهلك المال لم يترادا الربج الأول فصل فيما يفعله المضارب ويجوز للمضارب أن يبيع ويشتري بالنقد والنسيئة ولو احتال بالثمن على الأيسر أو الأعسر جاز ولا يزوج عبدا ولا أمة من مال المضاربة فإن دفع شيئا من مال المضاربة إلى رب المال بضاعة فاشترى رب المال وباع فهو على المضاربة وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه فيه ولو بقي شيء في يده بعد ما قدم مصره رده في المضاربة وأما الدواء ففي ماله وإذا ربح أخذ رب المال ما أنفق من رأس المال فإن باع المشاع مرابحة حسب ما انفق على المتاع من الحمل ونحوه ولا يحتسب ما أنفق على نفسه فإن كان معه ألف فاشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده وقد قيل له اعمل برأيك فهو متطوع وإن صبغها أحمر فهو شريك بما زاد الصبغ فيها ولا يضمن فصل آخر فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها بزا فباعه بألفين ثم اشترى بالألفين عبدا فلم ينقدهما حتى ضاعا يغرم رب المال ألفا وخمسمائة والمضارب خمسمائة ويكون ربع العبد للمضارب وثلاثة أرباعه على المضاربة ويكون رأس(1/178)
المال ألفين وخمسمائة ولا يبيعه مرابحة إلا على ألفين ومن كان معه ألف فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة وباعه إياه بألف فإنه يبيعه مرابحة على خمسمائة ولو اشترى المضارب عبدا بألف وباعه من رب المال بألف ومائتين باعه مرابحة بألف ومائة فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على رب المال وربعه على المضارب وإن كان معه ألف فاشترى بها عبدا فلم ينقدها حتى هلكت الألف يدفع رب المال ذلك الثمن ورأس المال جميع ما يدفع إليه رب المال فصل في الاختلاف وإذا كان مع المضارب ألفان فقال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال رب المال لا بل دفعت إليك ألفين فالقول قول المضارب ومن كان معه ألف درهم فقال هي مضاربة لفلان بالنصف وقد ربح ألفا وقال فلان هي بضاعة فالقول قول رب المال ولو قال المضارب أقرضتني وقال رب المال هي بضاعة أو وديعة أو مضاربة فالقول لرب المال والبينة بينة المضارب ولو ادعى رب المال المضاربة في نوع وقال الآخر ما سميت لي تجارة بعينها فالقول للمضارب ولو ادعى كل واحد منهما نوعا فالقول لرب المال ولو أقام البينة فالبينة بينة المضارب ولو وقتت البينتان فصاحب الوقت الأخير أولى كتاب الوديعة الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها وللمودع أن يحفظها بنفسه وبمن في عياله فإن حفظها بغيرهم أو أودعها غيرهم ضمن إلا أن يقع في داره حريق فيسلمها إلى جاره أو يكون في سفينة فخاف الغرق فيلقيها إلى سفينة أخرى ولا يصدق على ذلك إلا يبينة فإن كلبها صاحبها فمنعها وهو يقدر على تسليمها ضمنها(1/179)
وإن خلطها المودع بماله حتى لا تتميز ضمنها ثم لا سبيل للمودع عليها عند أبي حنيفة وقالا إذا خلطها بجنسها شركه إن شاء ولو خلط المائع بجنسه فعند أبي حنيفة ينقطع حق المال إلى ضمان وعند أبي يوسف يجعل الأقل تابعا للأكثر وعند محمد شركه بكل حال وإن اختلطت بماله من غير فعله فهو شريك لصاحبها فإن أنفق المودع بعضها ثم رد مثله فخلطه بالباقي ضمن الجميع وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها أو ثوبا فلبسه أو عبدا فاستخدمه أو أودعها عند غيره ثم أزال التعدي فردها إلى يده زال الضمان فإن طلبها صاحبها فجحدها ضمنها وللمودع أن يسافر بالوديعة وإن كان لها حمل ومؤنة عند أبي حنيفة وقالا ليس له ذلك إذا كان لها حمل ومؤنة وإذا نهاه المودع أن يخرج بالوديعة فخرج بها ضمن وإذا أودع رجلان عند رجل وديعة فحضر أحدهما يطلب نصيبه منها لم يدفع إليه نصيبه حتى يحضر الآخر عند أبي حنيفة وقالا يدفع إليه نصيبه وإن أودع رجل عند رجلين شيئا مما يقسم لم يجز أن يدفعه أحدهما إلى الآخر ولكنهما يقتسمانه فيحفظ كل واحد منهما نصفه وإن كان مما لا يقسم جاز أن يحفظه أحدهما بإذن الآخر وإذا قال صاحب الوديعة للمودع لا تسلمها إلى زوجتك فسلمها إليها لا يضمن وفي الجامع الصغير إذا نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها إلى من لا بد له منه لا يضمن وإن كان له منه بد ضمن وإن قال احفظها في هذا البيت فحفظها في بيت آخر من الدار لم يضمن وإن حفظها في دار أخرى ضمن ومن أودع رجلا وديعة فأودعها أخر فهلكت فله أن يضمن الأول وليس له أن يضمن الآخر عند أبي حنيفة وقالا له أن يضمن أيهما شاء فإن ضمن الأول لا يرجع على الآخر وإن ضمن الآخر رجع على الأول ومن كان في يده ألف فادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه وأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما وعليه ألف أخرى بينهما(1/180)
كتاب العارية العارية جائزة وهي تمليك المنافع بغير عوض وتصح بقوله أعرتك وأطعمتك هذه الأرض ومنحتك هذا الثوب وحملتك على هذه الدابة إذا لم يرد به الهبة وأخدمتك هذا العبد وداري لك سكنى وداري لك عمري سكنى وللمعير أن يرجع في العارية متى شاء والعارية أمانة إن هلكت من غير تعد لم يضمن وليس للمستعير أن يؤاجر ما استعاره فإن آجره فعطب ضمن وله أن يعيره إذا كان مما لايختلف باختلاف المستعمل وعارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود قرض وإذا استعار أرضا ليبني فيها أو ليغرس جاز وللمعير أن يرجع فيها ويكلفه قلع البناء والغرس وضمن المعير ما نقص البناء والغرس بالقلع إن كان وقت العارية ورجع قبل الوقت أما إذا لم يوقت فلا ضمان عليه ولو استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد الزرع وقت أو لم يوقت وأجرة رد العارية على المستعير وأجرة رد العين المستأجرة على المؤجر وأجرة ردالعين المغصوبة على الغاصب وإذا استعار دابة فردها إلى اصطبل مالكها فهلكت لم يضمن وإن استعار عبدا فرده إلى دار المالك ولم يسلمه إليه لم يضمن ولو رد المغصوب أو الوديعة إلى دار المالك ولم يسلمه إليه ضمن ومن استعار دابة فردها مع عبده أو أجيره لم يضمن وكذا إذا ردها مع عبد رب الدابة أو أجيره وإن ردها مع أجنبي ضمن ومن أعار أرضا بيضاء للزراعة يكتب أنك أطعمتني عند أبي حنيفة وقالا يكتب أنك أعرتني كتاب الهبة الهبة عقد مشروع وتصح بالإيجاب والقبول والقبض فإن قبضها الموهوب له في المجلس بغير أمر الواهب جاز وإن قبض بعد الافتراق لم يجز إلا أن يأذن له(1/181)
الواهب في القبض وتنعقد الهبة بقوله وهبت ونحلت وأعطيت وكذا تنعقد بقوله أطعمتك هذا الطعام وجعلت هذا الثوب لك وأعمرتك هذا الشيء وحملتك على هذه الدابة إذ نوى بالحمل الهبة ولو قال كسوتك هذا الثوب يكون هبة ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية ولو قال داري لك هبة سكنى أو سكنى هبة فهي عارية وكذا إذا قال عمري سكنى أو نحلة سكنى أو سكنى صدقة أو صدقة عارية أو عارية هبة ولو قال هبة تسكنها فهي هبة ولا تجوز الهبة فيما يقسم إلا محوزة مقسومة وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة ولو وهب من شريكه لا يجوز ومن وهب شقصا مشاعا فالهبة فاسدة فإن قسمه وسلمه جاز ولو وهب دقيقا في حنطة أو دهنا في سمسم فالهبة فاسدة فإن طحن وسلمه لم يجز وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيها قبضا وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد وإن وهب له أجنبي هبة تمت بقبض الأب وإن وهب لليتيم هبة فقبضها له وليه وهو وصي الأب أو جد اليتيم أو وصية جاز وإن كان في حجر أمه فقبضها له جائز وكذا إذا في حجر أجنبي يربيه وإن قبض الصبي الهبة بنفسه جاز وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة وقالا يصح وفي الجامع الصغير إذا تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز ولو تصدق بها غلى غنيين أو وهبها لهما لم يجز وقالا يجوز للغنيين أيضا ولو وهب لرجلين دارا لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يجوز باب الرجوع في الهبة وإذا وهب هبة لأجنبي فله الرجوع فيها إلا أن يعوضه عنها أو تزيد زيادة متصلة أو يموت أحد المتعاقدين أو تخرج الهبة عن ملك الموهوب له وإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو أريا وكان ذلك(1/182)
زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي وإن لم يبع شيئا منها له أن يرجع في نصفها وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر وإذا قال الموهوب له للواهب خذ هذا عوضا عن هبتك أو بدلا عنها أو في مقابلتها فقبضه الواهب سقط الرجوع وإن عوضه أجنبي عن الموهوب له متبرعا فقبض الواهب العوض بطل الرجوع وإذا استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض وإن استحق نصف العوض لم يرجع في الهبة إلا أن يرد ما بقي ثم يرجع وإن وهب دارا فعوضه من نصفها رجع الواهب في النصف الذي لم يعوض ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم وإذا تلفت العين الموهوبة فاستحقها مستحق وضمن الموهوب له لم يرجع على الواهب بشيء وإذ وهب بشرط العوض اعتبر التقابض في المجلس في العوضين وتبطل بالشيوع فإن تقابضا صح العقد وصار في حكم البيع يرد بالعيب وخيار الرؤية وتستحق فيه الشفعة فصل ومن وهب جارية إلا حملها صحت الهبة وبطل الاستثناء ولو أعتق ما في بطنها ثم وهبها جاز ولو دبر ما في بطنها ثم وهبها لم يجز فإن وهبها له على أن يردها عليه أو على أن يعتقها أو يتخذها أم ولد أو وهب له دارا أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه شيئا منها أو يعوضه شيئا منها فالهبة جائزة والشرط باطل ومن كان له على آخر ألف درهم فقال إذا جاء غد فهي لك أو أنت بريء منها أو قال إذا أديت إلي النصف فلك النصف أو أنت بريء من النصف الباقي فهو باطل والعمرى جائزة للمعمر له حال حياته ولورثته من بعده والرقبى باطلة عند ابي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف جائزة فصل في الصدقة والصدقة كالهبة لا تصح إلا بالقبض فلا تجوز في مشاع يحتمل القسمة ولا رجوع في الصدقة ومن نذر أن يتصدق بماله يتصدق بجنس ما يجب فيه الزكاة ومن نذر(1/183)
أن يتصدق بملكه لزمه أن يتصدق بالجميع ويقال له أمسك ما تنفقه على نفسك وعيالك إلى أن تكتسب مالا فإذا اكتسب يتصدق بمثل ما أنفق كتاب الإجارات الإجارة عقد على المنافع بعوض ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة والأجرة معلومة وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت وتارة تصير معلومة بالتسمية كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها وتارة تصير المنفعة معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلا لأن ينقل له هذا الطعام إلى موضع معلوم باب الأجر متى يستحق الأجرة لا تجب بالعقد وتستحق بأحد معان ثلاثة إما بشرط التعجيل أو بالتعجيل من غير شرط أو باستيفاء المعقود عليه وإذا قبض المستأجر الدار فعليه الأجرة وإن لم يسكنها فإن غصبها غاصب من يده سقطت الأجرة وإن وجد الغصب في بعض المدة سقط بقدره ومن استأجر دارا فللمؤاجر أن يطالبه بأجرة كل يوم إلا أن يبين وقت الاستحقاق في العقد وكذلك إجارة الأراضي ومن استأجر بعيرا إلى مكة فللجمال أن يطالبه بأجرة كل مرحلة وليس للقصار والخياط أن يطالب بالأجرة حتى يفرغ من العمل إلا أن يشترط التعجيل ومن استأجر خبازا ليخبز له في بيته قفيزا من دقيق بدرهم لم يستحق الأجر حتى يخرج الخبز من التنور فإن أخرجه ثم احترق من غير فعله فله الأجرة ومن استأجر طباخا ليطبخ له طعاما للوليمة فالغرف عليه ومن استأجر إنسانا ليضرب له لبنا استحق الأجرة إذا أقامها عند أبي حنيفة(1/184)
وقالا لا يستحقها حتى يشرجها وكل صانع لعمله أثر في العين كالقصار والصباغ فله أن يحبس العين بعد الفراغ من عمله حتى يستوفي الأجر وكل صانع ليس لعمله أثر في العين فليس له أن يحبس العين للأجر كالحمال والملاح وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله فصل ومن استأجر رجلا ليذهب إلى البصرة فيجيء بعياله فذهب ووجد بعضهم قد مات فجاء بمن بقي فله الأجر بحسابه وإن استأجره ليذهب بكتابه إلى فلان بالبصرة ويجيء بجوابه فذهب فوجد فلانا ميتا فرده فلا أجر له وإن ترك الكتاب في ذلك المكان وعاد يستحق الأجر بالذهاب بالإجماع وإن استأجره ليذهب بطعام إلى فلان بالبصرة فذهب فوجد فلانا ميتا فرده فلا أجر له في قولهم جميعا باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها ويجوز استئجار الدور والحوانيت للسكنى وإن لم يبين ما يعمل فيها وله أن يعمل كل شيء إلا أنه لا يسكن حدادا ولا قصارا ولا طحانا لأن فيه ضررا ظاهرا ويجوز استئجار الأراضي للزراعة وللمستأجر الشرب والطريق وإن لم يشترط ولا يصح العقد حتى يسمى ما يزرع فيها أو يقول على أن يزرع فيها ما شاء ويجوز أن يستأجر للساحة ليبني فيها أو ليغرس فيها نخلا أو شجرا ثم إذا انقضت مدة الإجارة لزمه أن يقلع البناء والغرس ويسلمها فارغة إلا أن يختار صاحب الأرض أن يغرم له قيمة ذلك مقلوعا ويتملكه فله ذلك أو يرضى بتركه على حاله فيكون البناء لهذا والأرض لهذا وفي الجامع الصغير إذا انقضت مدة الإجارة وفي الأرض رطبة فإنها تقلع ويجوز استئجار الدواب للركوب والحمل فإن أطلق الركوب جاز له أن يركب من شاء وكذلك إذا استأجر الدواب للركوب والحمل فإن أطلق الركوب جاز له أن يركب من شاء وكذلك إذا استأجر ثوبا للبس وأطلق جاز فيما ذكرنا وإن قال على أن يركبها فلان أو يلبس الثوب فلان فاركبها غيره أو ألبسه غيره فعطب كان ضامنا وإن سمى نوعا وقدر معلوما يحمله(1/185)
على الدابة مثل أن يقول خمسة أقفزة
حنطة فله أن يحمل ما هو مثل الحنطة في الضرر أو أقل كالشعير والسمسم وليس له أن يحمل ما هو اضر من الحنطة كالملح والحديد وإن استأجرها ليحمل عليها قطنا سماه فليس له أن يحمل عليها مثل وزنه حديدا وإن استأجرها ليركبها فأردف معه رجلا فعطبت ضمن نصف قيمتها ولا معتبر بالثقل وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل إلا إذا كان حملا لا يطيقه مثل تلك الدابة فحينئذ يضمن كل قيمتها وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن إذا فعل فعلا متعارفا وإن استأجرها إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية ثم ردها إلى الحيرة ثم نفقت فهو ضامن وكذلك العارية ومن اكترى حمارا بسرج فنزع ذلك السرج وأسرجه بسرج يسرج بمثله الحمر فلا ضمان عليه وإن كان لا يسرج بمثله الحمر يضمن وإن أوكفه بإكاف لا يوكف بمثله الحمر يضمن وإن أوكفه بإكاف يوكف بمثله الحمر ضمن عند أبي حنيفة وقال يضمن بحسابه وإن استأجر حمالا ليحمل له طعاما في طريق كذا فأخذ في طريق غيره يسلكه الناس فهلك المتاع فلا ضمان عليه وإن بلغ فله الأجر وإن كان طريقا لا يسلكه الناس فهلك ضمن وإن بلغ فله الأجر وإن حمله في البحر فيما يحمله الناس في البر ضمن وإن بلغ فله الأجر ومن استأجر ارضا ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها ولا أجرله ومن دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء فإن شاء ضمنه قيمة الثوب وإن شاء أخذ القباء وأعطاه اجر مثله ولا يجاوز به درهما باب الإجارة الفاسدة الإجارة تفسدها الشروط كما تفسد البيع والواجب في الإجارة الفاسدة أجر المثل لا يجاوز به المسمى ومن استأجر دارا كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد فاسد في بقية الشهور إلا أن يسمي جملة شهور معلومة فلو سمى جملة شهور معلومة جاز فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه وليس للمؤجر أن يخرجه(1/186)
إلى أن ينقضي وكذلك كل شهر سكن في أوله ساعة وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره ثم إن كان العقد حين يهل الهلال فشهور السنة كلها بالأهلة وإن كان في أثناء الشهر فالكل بالأيام ويجوز أخد أجرة الحمام والحجام ولا يجوز أخذ أجرة عسب التيس ولا الاستئجار على الأذان والحج وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه ولا يجوز الاستئجار على الغناء والنوح وكذا سائر الملاهي ولا يجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك وقالا إجارة المشاع جائزة ويجوز استئجار الظئر بأجرة معلومة ويجوز بطعامها وكسوتها استحسانا عند أبي حنيفة وقالالا يجوز وفي الجامع الصغير فإن سمي الطعام دراهم ووصف جنس الكسوة وأجلها ودرعها فهو جائز ولو سمى الطعام وبين قدره جاز ولا يشترط تأجيله ويشترط بيان مكان الإيفاءعند أبي حنيفة خلافا لهما وفي الكسوة يشترط بيان الأجل مع بيان القدر والجنس وليس للمستأجر أن يمنع زوجها من وطئها فإن حبلت كان لهم أن يفسخوا الإجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها وعليها أن تصلح طعام الصبي وإن ارضعته في المدة بلبن شاة فلا أجر لها ومن دفع إلى حائك غزلا لينسجه بالنصف فله أجر مثله وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة ولا يجاوز بالأجر قفيزا ومن استأجر رجلا ليخبز له هذه العشرة المخاتيم من الدقيق اليوم بدرهم فهو فاسد عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد في الإجارات هو جائز ومن استأجر أرضا على أن يكريها ويزرعها ويسقيها فهو جائز فإن شرط أن يثنيها أو يكري أنهارها أو يسرقنها فهو فاسد وإن استأجرها ليزرعها بزراعة أرض أخرى فلا خير فيه وإذا كان الطعام بين رجلين فاستأجر أحدهما صاحبه أو حمار صاحبه على أن يحمل نصيبه فحمل الطعام كله فلا أجر له ومن استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها أو أي شيء يزرعها(1/187)
فالإجارة فاسدة فإن زرعها ومضى الأجل فله المسمى ومن استأجر حمارا إلى بغداد بدرهم
ولم يسم ما يحمل عليه فحمل مايحمل الناس فنفق في نصف الطريق فلا ضمان عليه فإن بلغ إلى بغداد فله ألأجر المسمى وإن اختصما قبل أن يحمل عليه نقضت الإجارة باب ضمان الأجير الأجراء على ضربين أجير مشترك وأجير خاص فالمشترك من لا يستحق الأجرة حتى يعمل كالصباغ والقصار والمتاع أمانة في يده فإن هلك لم يضمن شيئا عند أبي حنيفة وهو قول زفر ويضمنه عندهما إلا من شيء غالب كالحريق الغالب والعدو المكابر وما تلف بعمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري الحمل وغرق السفينة من مدها مضمون عليه إلا أنه لا يضمن به بني آدم ممن غرق في السفينة أو سقط من الدابة وإن كان بسوقه وقوده وإذا استأجر من يحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر فإن شاء ضمنه قيمته في المكان الذي حمله ولا أجر له وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر وأعطاه أجره بحسابه وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك وفي الجامع الصغير بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه والأجير الخاص الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا للخدمة أو لرعي الغنم ولا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف في يده ولا ما تلف من عمله باب الإجارة على أحد الشرطين وإذا قال للخياط إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم وإن خطته روميا فبدرهمين جاز وأي عمل من هذين العملين عمل استحق الأجرة وكذا إذا قال للصباغ إن صبغته بعصفر فبدرهم وإن صبغته بزعفران فبدرهمين وكذا إذا خيره(1/188)
بين شيئين بأن قال أجرتك هذه الدار شهرا بخمسة أو هذه الدار الأخرى بعشرة وكذا إذا خيره بين مسافتين مختلفتين بأن قال أجرتك هذه الدابة إلى الكوفة بكذا أو إلي واسط بكذا وكذا إذا خيره بين ثلاثة أشياء وإن خيره بين أربعة أشياء لم يجز ولو قال أن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم فإن خاطه اليوم فله درهم وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة لا يجاوز به نصف درهم وفي الجامع الصغير لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم وقال أبو يوسف ومحمد الشرطان جائزان ولو قال أن سكنت في هذا الدكان عطارا فبدرهم في الشهر وإن سكنته حدادا فبدرهمين جاز وأي الأمرين فعل استحق المسمى فيه عند أبي حنيفة وقالا الإجارة فاسدة وكذا إذا استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه عطارا فبدرهم وإن سكن فيه حدادا فبدرهمين فهو جائز عند أبي حنيفة وقالا ل يجوز ومن استأجر دابة إلى الحيرة بدرهم وإن جاوز بها إلى القادسية فبدرهمين فهو جائز ومن استأجرها إلى الحيرة على أنه حمل عليها كر شعير فبنصف درهم وإن حمل عليها كر حنطة فبدرهم فهو جائز في قول أبي حنيفة وقالا لا يجوز باب إجارة العبد ومن استأجر عبدا ليخدمه فليس له أن يسافر به إلا أن يشترط ذلك ومن استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر فليس للمستأجر أن يأخذ منه الأجر ومن غصب عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجرة فأكله فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة وقالا هو ضامن وإن وجد المولى الأجر قائما بعينه أخذه ويجوز قبض العبد الأجر في قولهم جميعا ومن استأجر عبدا هذين الشهرين شهرا بأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز والأول منهما بأربعة ومن استأجر عبدا شهرا بدرهم فقبضه في أول الشهر ثم جاء آخر الشهر وهو آبق أو مريض فقال المستأجر أبق أو مرض حين أخذته وقال المولى لم يكن ذلك إلا قبل أن تأتي بساعة فالقول قول المستأجر وإن جاء به وهو صحيح فالقول قول المؤاجر(1/189)
باب الاختلاف في الإجارة وإذا اختلف الخياط ورب الثوب فقال رب الثوب أمرتك أن تعمله قباء وقال الخياط بل قميصا أو قال صاحب الثوب للصباغ أمرتك أن تصبغه أحمر فصبغته أصفر وقال الصباغ لا بل أمرتني أصفر فالقول لصاحب الثوب وإذا حلف فالخياط ضامن وإن قال صاحب الثوب عملته لي بغير أجر وقال الصانع بأجر فالقول قول صاحب الثوب عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف إن كان الرجل حريفا له فله الأجر وإلا فلا وقال محمد إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة بالأجر فالقول قوله باب فسخ الإجارة ومن استأجر دارا فوجد بها عيبا يضر بالسكنى فله الفسخ وإذا خربت الدار أو انقطع شرب الضيعة أو انقطع الماء عن الرحى انفسخت الإجارة ولو انقطع ماء الرحى والبيت مما ينتفع به لغيرالطحن فعليه من الأجر بحصته وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت الإجارة وإن عقدها لغيره لم تنفسخ ويصح شرط الخيار في الإجارة وتفسخ الإجارة بالأعذار عندنا وهو كمن استأجر حدادا ليقلع ضرسه لوجع به فسكن الوجع أو استأجر طباخا ليطبخ له طعام الوليمة فاختلعت منه تفسخ الإجارة وكذا من استأجر دكانا في السوق ليتجر فيه فذهب ماله وكذا إذا آجر دكانا أو دارا ثم أفلس ولزمته ديون لا يقدر على قضائها إلا بثمن ما آجر فسخ القاضي العقد وباعها في الديون ومن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بداله من السفر فهو عذر وإن بدا للمكاري فليس ذلك بعذر ولو مرض المؤاجر فقعد فكذا الجواب ومن أجر عبده ثم باعه فليس بعذر وإذا استأجر الخياط غلاما فأفلس وترك العمل فهو عذر وإن أراد ترك الخياطة وإن يعمل في الصرف فهو ليس بعذر ومن استأجر غلاما ليخدمه في المصر ثم سافر فهو عذر وكذا إذا أطلق(1/190)
مسائل منثورة ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصاد فاحترق شيء من أرض أخرى فلا ضمان عليه وإذا أقعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنص فهو جائز ومن استأجر جملا يحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة جاز وله المحمل المعتاد وإن شاهد الجمال المحمل فهو أجود وإن استأجر بعيرا ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق جاز له أن يرد عوض ما أكل وكذا غير الزاد من المكيل والموزون كتاب المكاتب وإذا كاتب المولى عبده أو أمته عل مال شرط عليه وقبل العبد ذلك صار مكاتبا ويجوز أن يشترط المال حالا ويجوز مؤجلا ومنجما وتجوز كتابة العبد الصغير إذا كان يعقل البيع والشراء ومن قال لعبده جعلت عليك ألفا تؤديها إلي نجوما أول النجم كذا وآخره كذا فإذا أديتها فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق فإن هذه مكاتبة وإذا صحت الكتابة خرج المكاتب عن يد المولى ولم يخرج عن ملكه فإن أعتقه عتق بإعتاقه ويسقط عنه بدل الكتابة وإذا وطىء المولى مكاتبته لزمه العقر وإن جنى عليها أو على ولدها لزمته الجناية وإن أتلف مالا لها غرم فصل في الكتابة الفاسدة وإذا كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير أو على قيمته فالكتابة فاسدة فإن أدى الخمر عتق وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أن يسعى في قيمته ولا ينقص عن المسمى ويزاد عليه وكذلك إن كاتبه على شيء بعينه لغيره لم يجز وإن كاتبه على مائة دينار على أن يرد المولى إليه عبدا بغير عينه فالكتابة فاسدة عند أبي حنيفة(1/191)
ومحمد وقال أبو يوسف هي جائزة ويقسم المائة الدينار على قيمة المكاتب وعلى قيمة عبد وسط فيبطل منها حصة العبد فيكون مكاتبا بما بقي وإذا كاتبه على حيوان غير موصوف فالكتابة جائزة وينصرف إلى الوسط ويجبر على قبول القيمة وإذا كاتب النصراني عبده على خمر فهو جائز وأيهما أسلم فللمولى قيمة الخمر وإذا قبضها عتق باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله ويجوز للمكاتب البيع والشراء والسفر فإن شرط عليه أن لا يخرج من الكوفة فله أن يخرج استحسانا ولا يتزوج إلا بإذن المولى ولا يهب ولا يتصدق إلا بالشيء اليسير ولا يتكفل ولا يقرض فإن وهب على عوض لم يصح فإن زوج أمته جاز وكذلك أن كاتب عبده فإن أدى الثاني قبل أن يعتق الأول فولاؤه للمولى فلو أدى الأول بعد ذلك وعتق لا ينتقل الولاء إليه وإن أدى الثاني بعد عتق الأول فولاؤه له وإن أعتق عبده على مال أو باعه من نفسه أو زوج عبده لم يجز وكذلك الأب الوصي في رقيق الصغير بمنزلة المكاتب فإما المأذون له فلا يجوز له شيء من ذلك عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف له أن يزوج أمته فصل وإذا اشترى المكاتب أباه أو ابنه دخل في كتابته وإن اشترى ذا رحم محرم منه لأولاد له لم يدخل في كتابته عند أبي حنيفة وقالا يدخل وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتاب ولم يجز بيعها وإن ولد له ولد من أمة دخل في كتابته وكسبه له وكذلك إن ولدت المكاتبة ولدا ومن زوج أمته من عبده ثم كاتبها فولدت منه ولدا دخل في كتابتها وكان كسبه لها وإن تزوج المكاتب بإذن مولاه امرأة زعمت أنها حرة فولدت منه ولدا ثم استحقت فأولادها عبيد ولا يأخذهم بالقيمة وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزويج وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أولادها أحرار بالقيمة وإن وطىء المكاتب أمة على وجه الملك(1/192)
بغير إذن المولى ثم استحقها رجل فعليه العقر يؤخذ به في الكتابة وإن وطئها على وجه النكاح لم يؤخذ به حتى يعتق وكذلك المأذون له وإذا اشترى المكاتب جارية شراء فاسدا ثم وطئها فردها أخذ بالعقر في المكاتبة وكذلك العبد المأذون له فصل وإذا ولدت المكاتبة من المولى فهي بالخيار إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت عجزت نفسها وصارت أم ولد له نسب ولدها ثابت من المولى وهو حر وإذا مضت على الكتابة أخذت العقر من مولاها ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة وإن ماتت هي وتركت مالا تؤدي منه مكاتبتها وما بقي ميراث لابنها فإن لم تترك مالا فلا سعاية على الولد ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن يدعيه فلو لم يدعه وماتت من غير وفاء سعى هذا الولد فلو مات المولى بعد ذلك عتق وبطل عنه السعاية وإذا كاتب المولى أم ولده جاز فإن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة وإن كاتب مدبرته جاوز وإن مات المولى ولا مال له غيرها فهي بالخيار بين أن تسعى في ثلثي قيمتها أو جميع مال الكتابة وإن دبر مكاتبته صح التدبير ولها الخيار إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت عجزت نفسها وصارت مدبرة فإن مضت على كتابتها فمات المولى ولا مال له غيرها فهي بالخيار إن شاءت سعت في ثلثي مال الكتابة أو ثلثي قيمتها عند أبي حنيفة وقالا تسعى في الأقل منهما وإذا أعتق المولى مكاتبه عتق بإعتاقه وسقط بدل الكتابة وإن كاتبه على ألف درهم إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة فهو جائز وإذا كاتب المريص عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ثم مات ولا مال له غيره ولم تجز الورثة فإنه يؤدي ثلثي الألفين حالا والباقي إلى أجله أو يرد رقيقا عند أبي حنيفة وابي يوسف وقال محمد يؤدى ثلثي الآلف حالا والباقي إلى أجله وإن كاتبه على ألف إلى سنة وقيمته ألفان ولم تجز الورثة يقال له أد ثلثي القيمة حالا أو ترد رقيقا في قولهم جميعا(1/193)
باب من يكاتب عن العبد وإذا كاتب الحر عن عبد بألف درهم فإن أدى عنه عتق وإن بلغ العبد فقبل فهو مكاتب ولو أدى الحر البدل لا يرجع على العبد وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه وهو غائب فإن أدى الشاهد أو الغائب عتقا وأيهما أدى عتقا ويجبر المولى على القبول وأيهما أدى لا يرجع على صاحبه وليس للمولى أن يأخذ العبد الغائب بشيء فإن قبل العبدالغائب أو لم يقبل فليس ذلك منه بشيء والكتابة لازمة للشاهد وإذا كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين فهو جائز وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه ويجبر المولى على القبول ويعتقون باب كتابة العبد المشترك وإذا كان العبد بين رجلين إذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه بألف درهم ويقبض بدل الكتابة فكاتب وقبض بعض الألف ثم عجز فالمال للذي قبض عند أبي حنيفة وقالا هو مكاتب بينهما وما أدى فهو بينهما وإذا كانت جارية بين رجليه كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فهي أم ولد للأول ويضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها ويضمن شريكه كمال العقر وقيمة الولد ويكون ابنه وأيهما دفع العقر إلى المكاتبة جاز وهذا كله قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد هي أم ولد للأول ولا يجوز وطء الآخر فلا يثبت نسب الولد منه ولا يكون حرا عليه بالقيمة ويلزمه جميع العقر ويضمن الأول لشريكه في قياس قول أبي يوسف نصف قيمتها مكاتبة وفي قول محمد يضمن الأقل من نصف قيمتها ومن نصف مابقي من بدل الكتابة وإن كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها ثم عجزت بطل التدبير وهي أم ولد للأول ويضمن لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها والولد ولد الأول وإن كان كاتباها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر ثم عجزت يضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ويرجع بذلك(1/194)
عليها عند أبي حنيفة وقالا لا يرجع عليها وإن كان العبد بين رجلين دبره أحدهما ثم أعتقه الآخر وهو موسر فإن شاء الذي دبره ضمن المعتق نصف قيمته مدبرا وإن شاء استسعى العبد وإن شاء أعتق وإن أعتقه أحدهما ثم دبره الآخر لم يكن له أن يضمن المعتق ويستسعى العبد أو يعتق وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إذا دبره أحدهما فعتق الآخر باطل ويضمن نصف قيمته موسرا كان أو معسرا وإن أعتقه أحدهما فتدبير الآخر باطل ويضمن نصف قيمته إن كان موسرا ويسعى العبد في ذلك إن كان معسرا باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى وإذا عجز المكاتب عن نجم نظرالحاكم في حاله فإن كان له دين يقبضه أو مال يقدم عليه لم يعجل بتعجيزه وانتظر عليه اليومين أو الثلاثة فإن لم يكن له وجه وطلب المولى تعجيزه عجزه وفسخ الكتابة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان فإن أخل بنجم عند غير السلطان فعجز فرده مولاه برضاه فهو جائز ولو لم يرض به العبد لا بد من القضاء بالفسخ وإذا عجز المكاتب عاد إلى أحكام الرق فإن مات المكاتب وله مال لم تنفسخ الكتابة وقضى ما عليه من ماله وحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته وما بقي فهو ميراث لورثته ويعتق أولاده وإن لم يترك وفاء وترك ولدا مولودا في الكتابة سعى في كتابة أبيه على نجومه فإذا أدى حكمنا بعتق أبيه قبل موته وعتق الولد وإن ترك ولدا مشترى في الكتابة قيل له إما أن تؤدي بدل الكتابة حالا أو ترد رقيقا فإن اشترى ابنه ثم مات وترك وفاء ورثه ابنه وكذلك إن كان هو وابنه مكاتبين كتابة واحدة فإن مات المكاتب وله ولد من حرة وترك دينا وفاء لمكاتبته فجنى الولد فقضى به على عاقلة الأم لم يسكن ذلك قضاء بعجز المكاتب وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولائه فقضى به لموالي الأم فهو(1/195)
قضاء بالعجز وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه ثم عجز فهو طيب للمولى وإذا جنى العبد فكاتبه مولاه ولم يعلم بالجناية ثم عجز فإنه يدفع أو يفدى وكذلك إذا جنى المكاتب ولم يقض به حتى عجز وإن قضى به عليه في كتابته ثم عجز فهو دين يباع فيه وإذا مات مولى المكاتب لم تنفسخ الكتابة وقيل له أد المال إلى ورثة المولى على نجومه فإن اعتقه أحد الورثة لم ينفذ عتقه كتاب الولاء وإذا أعتق المولى مملوكه فولاؤه له فإن شرط أنه سائبة فالشرط باطل والولاء لمن أعتق وإذا أدى المكاتب عتق والولاء للمولى وإن عتق بعد موت المولى وكذا العبد الموصى بعتقه أو بشرائه وعتقه بعد موته وإن مات المولى عتق مدبروه وأمهات أولاده وولاؤهم له ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه وولاؤه له وإذا زوج عبد رجل أمة لآخر فأعتق مولى الأمة الأمة وهي حامل من العبد عتقت وعتق حملها وولاء الحمل لمولى الأم لا ينتقل عنه أبدا وكذلك إذا ولدت ولدا لأقل من ستة أشهر أو ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر ولدا فولاؤه لموالي الأم فإن أعتق الأب جر ولاء ابنه وانتقل عن موالي الأم إلى موالي الأب وفي الجامع الصغير وإذا تزوجت معتقة بعبد فولدت أولادا فجنى الأولاد فعقلهم على موالي الإم فإن أعتق الأب ولاء الأولاد إلى نفسه ولا يرجعون على عاقبة الأب بما عقلوا ومن تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا فولاء أولادها لمواليها عند أبي حنيفة وهو قول محمد وقال أبو يوسف حكمه حكم أبيه وفي الجامع الصغير نبط كافر تزوج بمعتقة كافرة ثم أسلم النبطي ووالى رجلا ثم ولدت أولادا قال أبو حنيفة ومحمد مواليهم موالي أمهم وقال أبو يوسف مواليهم موالي أبيهم وولاء العتاقة تعيب وهو أحق بالميراث من العمة والخالة فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهو(1/196)
أولى من المعتق وإن لم يكن له عصبة من النسب فميراثه للمعتق فإن مات المولى ثم مات المعتق فميراثه لبني المولى دون بناته لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو عتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن ولو ترك المولى ابنا وأولاد ابن آخر فميراث المعتق للإبن دون بني الابن فصل في ولاء الموالاة وإذا أسلم رجل على يد رجل وولاه على أن يرثه ويعقل عنه إذا جنى أو أسلم على يد غيره ووالاه فالولاء صحيح وعقله على مولاه فإن مات ولا وارث له غيره فميراثه للمولى وإن كان له وارث فهو أولى منه وإن كانت عمة أو خالة أو غيرهما من ذوي الأرحام وللمولى أن ينتقل عنه بولائه إلى غيره مالم يعقل عنه وإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول بولائه إلى غيره وليس لمولى العتاقة أن يوالي أحدا كتاب الإكراه الإكراه يثبت حكمه إذاحصل ممن يقدر على إيقاع ما توعد به سلطانا كان أو لصا وإذا أكره الرجل على بيع ماله أو على شراء سلعة أو على أن يقر لرجل بألف أو يؤاجر داره وأكره على ذلك بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس فباع أو اشترى فهو بالخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه ورجع بالمبيع فإن كان قبض الثمن طوعا فقد أجاز البيع وإن قبضه مكرها فليس ذلك بإجازة وعليه رده إن كان قائما في يده وإن هلك المبيع في يد المشتري وهو غير مكره ضمن قيمته للبائع وللمكره أن يضمن المكره إن شاء فلو ضمن المكره رجع على المشتري بالقيمة وإن ضمن المشتري نفذ كل شراء كان بعد شرائه ولا ينفذ ما كان قبله فصل وإن أكره على أن يأكل الميتة أو يشرب الخمر إن أكره على ذلك بحبس أو بضرب أو قيد لم يحل له إلا أن يكره بما يخاف منه على نفسه أو على(1/197)
عضو من أعضائه فإذا خاف على ذلك وسعه أن يقدم على ما أكره عليه وكذا على هذا الدم ولحم الخنزير ولا يسعه أن يصبر على ما توعد به فإن صبر حتى أوقعوا به ولم يأكل فهو آثم وإن أكره على الكفر بالله تعالى والعياذبالله أو بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيد أو بحبس أو ضرب لم يكن ذلك إكراها حتى يكره بأمر يخاف منه على نفسه إو على عضو من أعضائه فإذا خاف على ذلك وسعه أن يظهر ما أمروه به ويوري فإن أظهر ذلك وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا وإن أكره على إتلاف مال مسلم بأمر يخاف منه على نفسه أو على عضو من اعضائه وسعه أن يفعل ذلك ولصاحب المال أن يضمن المكره وإن أكرهه بقتل على قتل غيره لم يسعه أن يقدم عليه ويصبر حتى يقتل فإن قتله كان آثما والقصاص على المكره إن كان القتل عمدا وإن أكره على طلاق امرأته أو عتق عبده ففعل وقع ما أكره عليه عندنا ويرجع على الذي أكرهه بقيمة العبد ويرجع بنصف مهر المرأة إن كان قبل الدخول وإن لم يكن في العقد مسمى يرجع على المكره بما لزمه من المتعة ولو أكره على التوكيل بالطلاق والعتاق ففعل الوكيل جاز استحسانا وإن اكرهه على الزنا وجب عليه الحد عند أبي حنيفة إلا أن يكرهه السلطان وقال أبو يوسف ومحمد لا يلزمه الحد وإذا أكرهه على الردة لم تبن امرأته منه كتاب الحجر الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة الصغر والرق والجنون فلا يجوز تصرف الصغير إلا بإذن وليه ولا تصرف العبد إلا بإذن سيده ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشترى وهو يعقل البيع ويقصده قالوا لي بالخيار إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة وإن شاء فسخه وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرىء(1/198)
بالشبهات كالحدود والقصاص والصبي والمجنون لا تصح عقودهما ولا إقرارهما ولا يقع طلاقهما ولا إعتاقهما وإن أتلفا شيئا لزمهما ضمانه فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه غير نافذ في حق مولاه فإن أقر بمال لزمه بعد الحرية وإن أقر بحد أو قصاص لزمه في الحال وينفذ طلاقه باب الحجر للفساد قال أبو حنيفة رحمه الله لا يحجر على الحر العاقل البالغ السفيه وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يحجر على السفيه ويمنع من التصرف في ماله وإذا حجر القاضي عليه ثم رفع إلى قاض آخر فأبطل حجره وأطلق عنه جاز ثم عند أبي حنيفة إذا بلغ الغلام غير رشيد لم يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فإن تصرف فيه قبل ذلك نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة يسلم إليه ماله وإن لم يؤنس منه الرشد وقالا لا يدفع إليه ماله أبدا حتى يؤنس رشده ولا يجوز تصرفه فيه وإن أعتق عبدا نفذ عتقه عندهما وإذا صح عندهما كان على العبد أن يسعى في قيمته ولو دبر عبده جاز ولو جاءت جاريته بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية أم ولد له وإن لم يكن معها ولد وقال هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها وإن مات سعت في جميع قيمتها وإذا تزوج امرأة جاز نكاحها وإن سمى لها مهرا جاز منه مقدار مهر مثلها وبطل الفضل ولو طلقها قبل الدخول بها وجب لها النصف في ماله وكذا إذا تزوج بأربع نسوة أو كل يوم واحدة وتخرج الزكاة من مال السفيه وينفق على أولاده وزوجته ومن تجب نفقته عليه من ذوي أرحامه فإن أراد حجة الإسلام لم يمنع منها ولا يسلم القاضي النفقة إليه ويسلمها إلى ثقة من الحاج ينفقها عليه في طريق الحج ولو أراد عمرة واحدة لم يمنع منها ولا يمنع من ا لقران ولا يمنع من أن يسوق(1/199)
بدنة فإن مرض وأوصى بوصايا في القرب وأبواب الخير جاز ذلك في ثلثه ولا يحجر على الفاسق إذا كان مصلحا لما له عندنا والفسق الأصلي والطارىء سواء فصل في حد البلوغ بلوغ الغلام بالاحتلام والاحبال والإنزال إذا وطىء فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم له ثمان عشرة سنة عند أبي حنيفة وبلوغ الجارية بالحيض والاحتلام والحبل فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم لها سبع عشرة سنة وهذا عند أبي حنيفة وقالا إذا تم للغلام والجارية خمس عشرة سنة فقد بلغا وإذا راهق الغلام أو الجارية الحلم وأشكل أمره في البلوغ فقال قد بلغت فالقول قوله وأحكامه أحكام البالغين باب الحجر بسبب الدين قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا أحجر في الدين وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحجر عليه لم أحجر عليه فإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم ولكن يحبسه أبدا حتى يبيعه في دينه وقالا إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاضي عليه ومنعه من البيع والتصرف والإقرار حتى لا يضر بالغرماء وباع ماله إن امتنع المفلس من بيعه وقسمه بين غرمائه بالحصص عندهما وإن كان دينه دراهم وله دراهم قضى القاضي بغير أمره وإن كان دينه دراهم وله دنانير أو على ضد ذلك باعها القاضي في دينه ويباع في الدين النقود ثم العروض ثم العقار يبدأ بالأيسر فالأيسر ويترك عليه دست من ثياب بدنه ويباع الباقي فإن أقر في حال الحجر بإقرار لزمه ذلك بعد قضاء الديون ولو استفاد مالا آخر بعد الحجر نفذ إقراره فيه وينفق على المفلس من ماله وعلى زوجته وولده الصغار وذوي أرحامه ممن تجب نفقته عليه فإن لم يعرف للمفلس مال وطلب غرماؤه حبسه وهو يقول لا مال لي حبسه الحاكم في كل دين التزمه بعقد كالمهر والكفالة ولا يحول بينه وبين غرمائه بعد خروجه من الحبس بل يلازمونه ولا يمنعونه من التصرف والسفر(1/200)
ويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص وقالا إذا أفلسه الحاكم حال بين غرمائه وبينه إلا أن يقيموا البينة إن له مالا ولو دخل في داره لحاجته لا يتبعه بل يجلس على باب داره إلى أن يخرج ولو كان الدين للرجل على المرأة لا يلازمها ومن أفلس وعنده متاع لرجل بعينه ابتاعه منه فصاحب المتاع أسوة للغرماء فيه كتاب المأذون وإذا أذن المولى لعبده في التجارة إذنا عاما جاز تصرفه في سائر التجارات ولو باع أو اشترى بالغبن اليسير فهو جائز وكذا بالفاحش عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما ولو جابة في مرض موته يعتبر من جميع ماله إذا لم يكن عليه دين وإن كان فمن جميع ما بقي وله أن يسلم ويقبل السلم وله أن يوكل بالبيع والشراء ويرهن ويرتهن ويملك أن يتقبل الأرض ويستأجر الأجراء والبيوت ويأخذ الأرض مزارعة ويشتري طعاما فيزرعه في أرضه وله أن يشارك شركة عنان ويدفع المال مضاربة ويأخذها وله أن يؤاجر نفسه عندنا فإن أذن له في نوع منها دون غيره فهو مأذون في جميعها وإن أذن له في شيء بعينه فليس بمأذون وأقرار المأذون بالديون والغصوب جائز وكذا بالودائع وليس له أن يتزوج ولا يزوج مماليكه ولا يكاتب إلا أن يجيزه المولى ولا دين عليه ولا يعتق على مال ولا يقرض ولا يهب بعوض ولا بغير عوض وكذا لا يتصدق إلا أن يهدى اليسير من الطعام أو يضيف من يطعمه وله أن يحط من الثمن بالعيب مثل ما يحط التجار وله أن يؤجل في دين وجب له وديونه متعلقة برقبته يباع للغرماء إلا أن يفديه المولى ويقسم ثمنه بينهم بالحصص فإن فضل شيء من ديونه طولب به بعد الحرية ولا يباع ثانيا ويتعلق دينه بكسبه سواء حصل قبل لحوق الدين أو بعده ويتعلق بما يقبل من الهبة ولا يتعلق بما انتزعه المولى من يده قبل الدين وله أن يأخذ غلة مثله بعد الدين فإن حجر عليه لم ينحجر حتى يظهر حجره بين أهل سوقه ولو مات المولى أو جن(1/201)
أو لحق بدار الحرب مرتدا صار المأذون محجورا عليه وإذا أبق العبد صار محجورا عليه وإذا ولدت المأذون لها من مولاها فذلك حجر عليها ويضمن المولى قيمتها إن ركبتها ديون وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها فدبرها المولى فهي مأذون لها على حالها وإذا حجر على المأذون فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة رحمه الله وإذا لزمته ديون تحيط بماله ورقبته لم يملك المولى ما في يده ولو أعتق من كسبه عبدا لم يعتق عند أبي حنيفة وقالا لا يملك مافي يده ويعتق وعليه قيمته وإن لم يكن الدين محيطا بماله جاز عتقه في قولهم جميعا وإن باع من المولى شيئا بمثل قيمته جاز وإن باعه بنقصان لم يجز عند أبي حنيفة وقالا إن باعه بنقصان يجوز البيع ويخير المولى إن شاء أزال المحاباة وإن شاء نقض البيع وإن باعه المولى شيئا بمثل القيمة أو أقل جاز البيع فإن سلم المبيع إليه قبل قبض الثمن بطل الثمن وإن أمسكه في يده حتى يستوفي في الثمن جاز ولو باعه بأكثر من قيمته يؤمر بإزالة المحاباة أو بنقض البيع وإذا أعتق المولى المأذون وعليه ديون فعتقه جائز وما بقي من الديون يطالبه به بعد العتق فإن كان أقل من قيمته ضمن الدين لا غير فإن باعه المولى وعليه دين يحيط برقبته وقبضه المشتري وغيبه فإن شاء الغرماء ضمنوا البائع قيمته وإن شاءوا ضمنوا المشترى وإن شاءوا أجازوا البيع وأخذوا الثمن فإن ضمنوا البائع قيمته ثم رد على المولى بعين فللمولى أن يرجع بالقيمة ويكون حق الغرماء في العبد ولو كان المولى باعه من رجل وأعلمه بالدين فللغرماء أن يردوا البيع فإن كان البائغ غائبا فلا خصومة بينهم وبين المشتري عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف المشتري خصمهم ويقضي لهم بدينهم ومن قدم مصرا وقال أنا عبد لفلان فاشترى وباع لزمه كل شيء من التجارة إلا أنه لا يباع حتى يحضر مولاه وإن قال هو محجور فالقول قوله فصل وإذا أذن ولي الصبي للصبي في التجارة فهو في(1/202)
البيع والشراء كالعبد المأذون إذا كان يعقل البيع والشراء حتى ينفذ تصرفه
كتاب الغصب ومن غصب شيئا له مثل كالمكيل والموزون فهلك في يده فعليه مثله فإن لم يقدر على مثله فعليه قيمته يوم يختصمون عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يوم الغصب وقال محمد يوم الانقطاع ومالا مثل له فعليه قيمته يوم غصبه وعلى الغاصب رد العين المغصوبة والواجب الرد في المكان الذي غصبه منه فإن ادعى هلاكها حبسه الحاكم حتى يعلم أنها لو كانت باقية لأظهرها ثم قضى عليه ببدلها والغصب فيما ينقل ويحول وإذا غصب عقارا فهلك في يده لم يضمنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقتل محمد رحمه الله يضمنه وما نقص منه بفعله أو سكناه ضمنه في قولهم جميعا وإن نقص بالزراعة يغرم النقصان عند أبي حنيفة ومحمد فيأخذ رأس ماله ويتصدق بالفضل وقال أبو يوسف لا يتصدق بالفضل وإذا هلك النقلي في يد الغاصب بفعله أو بغير فعله ضمنه وإن نقص في يده ضمن النقصان ومن غصب عبدا فاستغله فنقصته الغلة فعليه النقصان ويتصدق بالغلة فلو هلك العبد في يد الغاصب حتى ضمن له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان ومن غصب ألفا فاشترى بها جارية فباعها بألفين ثم اشترى بالألفين جارية فباعها بثلاثة آلاف درهم فإنه يتصدق بجميع الربح عندهما خلافا لأبي يوسف وإن اشترى بالألف جارية تساوي ألفين فوهبها أو طعاما فأكله لم يتصدق بشيء في قولهم جميعا فصل فيما يتغير بفعل الغاصب وإذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها ومعظم منافعها زال ملك المغصوب منه عنها وملكها الغاصب وضمنها ولا يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها كمن غصب شاة وذبحها وشواها أو طبخها أو حنطة فطحنها أو حديدا فاتخذه سيفا أو صفرا فعمله آنية وإن غصب فضة أو ذهبا فضربها دراهم أو دنانير أو آنية لم يزل ملك مالكها عنها عند أبي حنيفة رحمه الله فيأخذها ولا شيء للغاصب وقالا يملكها الغاصب وعليه مثلها ومن غصب ساحة فبنى عليها زال ملك(1/203)
المالك
عنها ولزم الغاصب قيمتها ومن ذبح شاة غيره فمالكها بالخياران شاء ضمنه قيمتها وسلمها إليه وإن شاء ضمنه نقصانها وكذا الجزور وكذا إذا قطع يدهما ومن خرق ثوب غيره خرقا يسيرا ضمن نقصانه والثوب لمالكه وإن خرق خرقا كبيرا يبطل عامة منافعه فلمالكه أن يضمنه جميع قيمته ومن غصب أرضا فغرس فيها أو بنى قيل له اقلع البناء والغرس وردها فإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء وقيمة الغرس مقلوعا ويكونان له ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر أو سويقا فلته بسمن فصاحبه بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض ومثل السويق وسلمه للغاصب وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الصبغ والسمن فيهما ولو صبغه أسود فهو نقصان عند أبي حنيفة وعندهما زيادة فصل ومن غصب عينا فغيبها فضمنه المالك فيمتها ملكها والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه إلا أن يقيم المالك البينة بأكثر من ذلك فإن ظهرت العين وقيمتها أكثر مما ضمن وقد ضمنها بقول المالك أو ببينة أقامها أو بنكول الغاصب عن اليمين فلا خيار للمالك وهو الغاصب فإن كان ضمنه بقول الغاصب مع يمينه فهو بالخيار إن شاء أمضى الضمان وإن شاء أخذ العين ورد العوض ومن غصب عبدا فباعه فضمنه المالك قيمته فقد جاز بيعه وإن أعتقه ثم ضمن القيمة لم يجز عتقه وولد المغصوبة ونماؤها وثمرة البستان المغصوب أمانة في يد الغاصب إن هلك فلا ضمان عليه إلا أن يتعدى فيها أو يطلبها مالكها فيمنعها إياه وما نقصت الجارية بالولادة في ضمان الغاصب فإن كان في قيمة الولد وفاء به انجبر النقصان بالولد وسقط ضمانه عن الغاصب ومن غصب جارية فزنى بها فحبلت ثم ردها وماتت في نفاسها يضمن قيمتها يوم علقت ولا ضمان عليه في الحرة وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن في الأمة أيضا ولا يضمن الغاصب منافع ما غصبه إلا أن ينقص باستعماله فيغرم النقصان(1/204)
فصل في غصب ما لا يتقوم وإذا أتلف المسلم خمر الذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما فإن أتلفها لمسلم لم يضمن فإن غصب من مسلم خمرا فخللها أو جلد ميتة فدبغه فلصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير شيء ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه وإن استهلكها ضمن الخل ولم يضمن الجلد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يضمن الجلد مدبوغا ويعطى ما زاد الدباغ فيه ومن كسر لمسلم بربطا أو طبلا أو مزمارا أو دفا أو اراق له سكرا أو منصفا فهو ضامن وبيع هذه الأشياء جائز عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن ولا يجوز بيعها ومن غصب أم ولد أو مدبره فماتت في يده ضمن قيمة المدبرة ولا يضمن قيمة أم الولد عند أبي حنيفة وقالا يضمن قيمتهما كتاب الشفعة الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع كالشرب والطريق ثم للجار وليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الخليط في الرقبة فإن سلم فالشفعة للشريك في الطريق فإن سلم أخذها الجار ولا يكون الرجل بالجذوع على الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار والشريك في الخشبة تكون على حائط الدار جاز وإذا اجتمع الشفعاء فالشفعة بينهم على عدد رؤوسهم ولا يعتبر اختلاف الأملاك والشفعة تجب بعقد البيع وتستقر بالأشهاد ولا بد من طلب المواثبة وتملك بالأخذ إذا سلمها المشتري أو حكم بها الحاكم باب طلب الشفعة والخصومة فيها وإذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ثم ينهض منه ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده أو على المبتاع أو عند العقار فإذا فعل ذلك(1/205)
استقرت شفعته ولا تسقط الشفعة بتأخير هذا الطلب عند أبي حنيفة رحمه الله وهو رواية عن أبي يوسف وقال محمد أن تركها شهرا بعد الإشهاد بطلت وإذا تقدم الشفيع إلى القاضي فادعى الشراء وطلب الشفعة سأل القاضي المدعى عليه فإن اعترف بملكه الذي يشفع به وإلا كلفه بإقامة البينة فإن عجز البينة استحلف المشتري بالله ما يعلم إلا أنه مالك للذي ذكره مما يشفع به فإن نكل أو قامت للشفيع بينة تثبت ملكه في الدار التي يشفع بها وثبت الجوار فبعد ذلك سأله القاضي هل ابتاع أم لا فإن أنكر الابتياع قيل للشفيع أقم البينة فإن عجز عنها استحلف المشتري بالله ما ابتاع أو بالله ما استحق عليه في هذه الدار شفعة من الوجه الذي ذكره وتجوز المنازعة في الشفعة وإن لم يحضر الشفيع الثمن إلى مجلس القاضي فإذا قضى القاضي بالشفعة لزمه إحضار الثمن وإذا قضى له بالدار فللمشتري أن يحبسه حتى يستوفي الثمن وإن أحضر الشفيع البائع والمبيع في يده فله أن يخاصمه في الشفعة ولا يسمع القاضي البينة حتى يحضر المشتري فيفسخ البيع بمشهد منه ويقضي بالشفعة على البائع ويجعل العهدة عليه ومن اشترى دارا لغيره فهو الخصم للشفيع إلا أن يسلمها إلى الموكل وإذا قضى القاضي للشفيع بالدار ولم يكن رآها فله خيار الرؤية وإن وجد بها عيبا فله أن يردها وإن كان المشتري شرط البراءة منه فصل في الاختلاف وإن اختلف الشفيع والمشتري في الثمن فالقول قول المشتري ولو أقاما البينة فالبينة للشفيع وإذا ادعى المشتري ثمنا وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن أخذه الشفيع بما قاله البائع وكان ذلك حطا عن المشتري ولو ادعى البائع الأكثر يتحالفان ويترادان وأيهما نكل ظهر أن الثمن ما يقوله الآخر فيأخذها الشفيع بذلك وإن حلفا يفسخ القاضي البيع على ما عرف ويأخذها الشفيع بقول البائع وإن كان قبض الثمن أخذ بما قال المشتري إن شاء ولم يلتفت إلى قول البائع(1/206)
فصل فيما يؤخذ به المشفوع وإذا حط البائع عن المشتري بعض الثمن يسقط ذلك عن الشفيع وإن حط جميع الثمن لم يسقط عن الشفيع وإن زاد المشتري للبائع لم تلزم الزيادة في حق الشفيع ومن اشترى دارا بعرض أخذها الشفيع بقيمته وإن اشتراها بمكيل أو موزون أخذها بمثله وإن باع عقارا بعقار أخذ الشفيع كل واحد منهما بقيمة الآخر وإذا باع بثمن مؤجل فللشفيع الخيار إن شاء أخذها بثمن حال وإن شاء صبر حتى ينقضي الأجل ثم يأخذها وليس له أن يأخذها في حال بثمن مؤجل وإذا اشترى ذمى بخمر أو خنزير دارا وشفيعها ذمى أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير وإن كان شفيعها مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير فصل وإذا بنى المشتري فيها أو غرس ثم قضى للشفيع بالشفعة فهو بالخيار إن شاء أخذ بالثمن وقيمة البناء والغرس وإن شاء كلف المشتري قلعه ولو أخذها الشفيع فبنى فيها أو غرس ثم استحقت رجع بالثمن وإذا انهدمت الدار أو احترق بناؤها أو جف شجر البستان بغير فعل أحد فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن نقض المشتري البناء قيل للشفيع إن شئت فخذ العرصة بحصتها وإن شئت فدع وليس للشفيع أن يأخذ النقض ومن ابتاع أرضا وعلى نخلها ثمر أخذها الشفيع بثمرها وكذلك إن ابتاعها وليس في النخيل ثمر فأثمر في يد المشتري فإن جذه المشتري ثم جاء الشفيع لا يأخذ الثمر في الفصلين جميعا فإن جذه المشتري سقط عن الشفيع حصته وهذا جواب الفصل الأول أما في الفصل الثاني ياخذ ما سوى الثمر بجميع الثمن باب ما تجب فيه الشفعة ومالا تجب الشفعة واجبة في العقار وإن كان مما لا يقسم ولا شفعة في العروض والسفن(1/207)
والمسلم والذمي في الشفعة سواء وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة ولاشفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا أو يصالح عليها بإنكار فإن صالح عليها فإقرار وجبت الشفعة ولا شفعة في هبة إلا أن تكون بعوض مشروط ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة للشفيع فإن أسقط الخيار وجبت الشفعة وإن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة ومن ابتاع دارا شراء فاسدا فلا شفعة فيها فإن سقط حق الفسخ وجبت الشفعة وإذا اقتسم الشركاء العقار فلا شفعة لجارهم بالقسمة وإذا اشترى دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم ردها المشتري بخيار رؤية أو شرط أو بعيب بقضاء قاض فلا شفعة للشفيع وإن ردها بعيب بغير قضاء أو تقايلا البيع فللشفيع الشفعة باب ما تبطل به الشفعة وإذا ترك الشفيع الإشهاد حين علم بالبيع وهو يقدر على ذلك بطلت شفعته وكذلك إن أشهد في المجلس ولم يشهد على أحد المتبايعين ولا عند العقار وإن صالح من شفعته على عوض بطلت شفعته ورد العوض وإذا مات الشفيع بطلت شفعته وإن مات المشتري لم تبطل وإذا باع وهو الشفيع ما يشفع به قبل أن يقضي له بالشفعة بطلت شفعته ووكيل البائع إذا باع وهو الشفيع فلا شفعة له ووكيل المشتري إذا ابتاع فله الشفعة وكذلك لو ضمن الدرك عن البائع وهو الشفيع فلا شفعة له وإذا بلغ الشفيع أنها بيعت بألف درهم فسلم ثم علم أنها بيعت بأقل أو بحنطة أو شعير قيمتها ألف أو أكثر فتسليمه باطل وله الشفعة وإذا قيل له أن المشتري فلان فسلم الشفعة ثم علم أنه غيره فله الشفعة ولو علم أن المشتري هو مع غيره فله أن يأخذ نصيب غيره ولو بلغه شراء النصف فسلم ثم ظهر شراء الجميع فله للشفعة(1/208)
فصل وإذا باع دارا إلا بمقدار ذراع منها في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا شفعة له وإذا ابتاع منها سهما بثمن ثم ابتاع بقيتها فالشفعة للجار في السهم الأول دون الثاني ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة عند أبي يوسف وتكره عند محمد مسائل متفرقة وإذا اشترى خمسة نفر دارا من رجل فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم وإن اشتراها رجل من خمسة أخذها كلها أو تركها ومن اشترى نصف دار غير مقصوم فقاسمه البائع أخذ الشفيع النصف الذي صار للمشتري أو يدع ومن باع دارا وله عبد مأذون عليه دين فله الشفعة وكذا إذا كان العبد هو البائع فلمولاه الشفعة وتسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير جائز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر هو على شفعته إذا بلغ كتاب القسمة وينبغي للقاضي أن ينصب قاسما يرزقه من بيت المال ليقسم بين الناس بغير أجر فإن لم يفعل نصب قاسما يقسم بالأجر ويجب أن يكون عدلا مأمونا عالما بالقسمة ولا يجبر القاضي الناس على قاسم واحد ولو اصطلحوا فاقتسموا جاز إلا إذا كان فيهم صغير فيحتاج إلى أمر القاضي ولا يترك القسام يشتركون وأجرة القسمة على عدد الرؤوس عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد على قدر الأنصباء وإذا حضر الشركاء عند القاضي وفي أيديهم دار أو ضيعة وادعوا أنهم ورثوها عن فلان لم يقسمها القاضي عند أبي حنيفة رحمه الله حتى يقيموا البينة على موته وعدد ورثته وقال صاحباه يقسمها باعترافهم ويذكر في كتاب القسمة أنه قسمها بقولهم وإن كان المال المشترك ما سوى العقار وادعوا أنه ميراث قسمه في قولهم جميعا ولو ادعوا في العقار أنهم اشتروه قسمه بينهم وإن ادعوا الملك ولم يذكروا(1/209)
كيف انتقل إليهم قسمه بينهم وفي الجامع الصغير أرض ادعاها رجلان وأقاما البينة أنها في أيديهما وأرادا القسمة لم يقسمها حتى يقيما البينة أنها لهما وإذا حضر وارثان وأقاما البينة على الوفاة وعدد الورثة والدار في أيديهم ومعهم وارث غائب قسمها القاضي بطلب الحاضرين وينصب وكيلا يقبض نصيب الغائب وكذا لو كان مكان الغائب صبي يقسم وينصب وصيا يقبض نصيبه ولو كانوا مشترين لم يقسم مع غيبة أحدهم وإن كان العقار في يد الوارث الغائب أو شيء منه لم يقسم وكذا إذا كان في يد مودعه وكذا إذا كان في يد الصغير وإن حضر وارث واحد لم يقسم وإن أقام البينة ولو كان الحاضرصغيرا وكبيرا نصب القاضي عن الصغير وصيا وقسم إذا أقيمت البينة وكذا إذا حضر وارث كبير أو موصى له بالثلث فيها فطلبا القسمة وأقاما البينة على الميراث والوصية يقسمه فصل في ما يقسم وما لا يقسم وإذا كان كل واحد من الشركاء ينتفع بنصيبه قسم بطلب أحدهم وإن كان ينتفع أحدهم ويستضربه الآخر لقلة نصيبه فإن طلب صاحب الكثير قسم وإن طلب صاحب القليل لم يقسم وإن كان كل واحد منهما يستضر لصغره لم يقسمها إلا بتراضيهما ويقسم العروض إذا كانت من صنف واحد ولا يقسم الجنسين بعضهما في بعض ويقسم كل مكيل وموزون والمعدود والمتقارب وتبر الذهب والفضة والحديد والنحاس والإبل بانفرادها والبقر والغنم ولا يقسم شاة وبعيرا وبرذونا وحمارا ولا يقسم الأواني ويقسم الثياب الهروية ولا يقسم ثوبا واحدا ولا ثوبين إذا اختلفت قيمتهما وقال أبو حنيفة لا يقسم الرقيق والجواهر وقالا يقسم الرقيق ولا يقسم حمام ولا بئر ولا رحى إلا أن يتراضى الشركاء وكذا الحائط بين الدارين وإذا كانت دور مشتركة في مصر واحد قسم كل دار على حدتها في قول أبي حنيفة وقالا إن كان الأصلح لهم قسمة بعضها في بعض قسمها وإن كانت دار وضيعة أو دار وحانوت قسم كل واحد منهما على حدة(1/210)
فصل في كيفية القسمة وينبغي للقاسم أن يصور ما يقسمه ويعدله ويذرعه ويقوم البناء ويفرز كل نصيب عن الباقي بطريقه وشربه حتى لا يكون لنصيب بعضهم بنصيب البعض تعلق ثم يلقب نصيبا بالأول والذي يليه بالثاني والثالث على هذا ثم يخرج القرعة فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني ولا يدخل في القسمة الدراهم والدنانير إلا بتراضيهم وإذا كان أرض وبناء فعن أبي يوسف أنه يقسم كل ذلك على اعتبار القيمة فإن قسم بينهم ولأحدهم مسيل في نصيب الآخر أو طريق لم يشترط في القسمة فإن أمكن صرف الطريق والمسيل عنه ليس له أن يستطرق ويسيل في نصيب الآخر وإن لم يمكن فسخت القسمة ولو اختلفوا في رفع الطريق بينهم في القسمة إن كان يستقيم لكل واحد طريق يفتحه في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم ولو اختلفوا في مقداره جعل على عرض باب الدار وطوله والطريق على سهامهم كما كان قبل القسمة ولو شرطوا أن يكون الطريق بينهما أثلاثا جاز وإن كان أصل الدار نصفين وإذا كان سفل لا علو عليه وعلو لا سفل له وسفل له علو قوم كل واحد على حدته وقسم بالقيمة ولا معتبر بغير ذلك وإذا اختلف المتقاسمون وشهد القاسمان قبلت شهادتهما ولو شهد قاسم واحد لا تقبل باب دعوى الغلط في القسمة والاستحقاق فيها وإذا ادعى أحدهم الغلط وزعم أن مما أصابه شيئا في يد صاحبه وقد أشهد على نفسه بالاستيفاء لم يصدق على ذلك إلا ببينة فإن لم تقم له بينة استحلف الشركاء فمن نكل منهم جمع بين نصيب الناكل والمدعي فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما وإن قال قد استوفيت حقي وأخذت بعضه فالقول قول خصمه مع يمينه وإن قال أصابني إلى موضع كذا فلم يسلمه إلي ولم يشهد على نفسه بالاستيفاء وكذبه شريكه تحالفا وفسخت القسمة(1/211)
ولو اختلفا في التقويم لم يلتفت إليه إلا إذا كانت القسمة بقضاء القاضي والغبن فاحش ولو اقتسما دارا وأصاب كل واحد طائفة فادعى أحدهما بيتا في يد الآخر أنه مما أصابه بالقسمة وأنكر الآخر فعليه إقامة البينة وإن أقاما البينة يؤخذ ببينة المدعي وإن كان قبل الإشهاد على القبض تحالفا وترادا وكذا إذا اختلفا في الحدود وأقاما البينة يقضى لكل واحد بالجزء الذي هو في يد صاحبه وإن قامت لأحدهما بينة قضي له وإن لم تقم لواحد منهما تحالفا فصل وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه لم تفسخ القمسة عند أبي حنيفة رحمه الله ورجع بحصة ذلك في نصيب صاحبه وقال أبو يوسف رحمه الله تفسخ القسمة ولو وقعت القسمة ثم ظهر في التركة دين محيط ردت القسمة ولو أبرأه الغرماء بعد القسمة أو أداه الورثة من مالهم والدين محيط أو غير محيط جازت القسمة فصل في المهايأة المهايأة جائزة استحسانا ولو وقعت فيما يحتمل القسمة ثم طلب أحدهم القسمة يقسم وتبطل المهايأة ولا يبطل التهايؤ بموت أحدهما ولا بموتهما ولو تهايآ في دار واحدة على أن يسكن هذا طائفة وهذا طائفة أو هذا علوها وهذا أسفلها جاز ولكل واحد أن يستغل ما أصابه بالمهايأة شرط ذلك في العقد أو لم يشترط ولو تهايآ في عبد واحد على أن يخدم هذا يوما وهذا يوما جاز وكذا في البيت الصغير ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملهما يأمرهما القاضي بأن يتفقا فإن اختاراه من حيث الزمان يقرع في البداية ولو تهايآ في العبدين على أن يخدم هذا هذا العبد والآخر الآخر جاز عندهما ولو تهايآ فيهما على أن نفقة كل عبد على من يأخذه جاز ولو تهايآ في دارين عل ى أن يسكن كل واحد منهما دارا جاز ويجبر القاضي عليه وفي الدابتين لا يجوز التهايؤ على الركوب(1/212)
عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يجوز والتهايؤ على الاستغلال في الدارين جائز ولا يجوز في الدابتين عنده خلافا لهما ولو كان نخل أو شجر أو غنم بين اثنين فتهايآ على أن يأخذ كل واحد منهما طائفة يستثمرها أو يرعاها ويشرب ألبانها لا يجوز كتاب المزارعة قال أبو حنيفة رحمه الله المزارعة بالثلث والربع باطلة وقالا هي جائزة وإذا فسدت عنده فإن سقى الأرض وكربها ولم يخرج شيء منه فله أجر مثله ثم المزارعة لصحتها على قول من يجيزها شروط أحدها كون الأرض صالحة للزراعة والثاني أن يكون رب الأرض والمزارع من أهل العقد وهو لايختص به والثالث بيان المدة والرابع بيان من عليه البذر والخامس بيان نصيب من لا بذر من قبله والسادس أن يخلي رب الأرض بينها وبين العامل حتى لو شرط عمل رب الأرض يفسد العقد والسابع الشركة في الخارج بعد حصوله والثامن بيان جنس البذر وهي عندهما على أربعة أوجه إن كانت الأرض والبذر لواحد والبقر والعمل لواحد جازت المزارعة وإن كانت الأرض لواحد والعمل والبقر والبذر لواحد جازت وإن كانت الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من آخر جازت وإن كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر فهي باطلة ولا تصح المزارعة إلا على مدة معلومة وإن يكون الخارج شائعا بينهما فإن شرطا لأحدهما قفزانا مسماة فهي باطلة وكذا إذا شرطا أن يرفع صاحب البذر بذره ويكون الباقي بينهما نصفين وكذلك إن شرطا ما على الماذيانات والسواقي لأحدهما وكذا إذا شرطا لأحدهما التبن وللآخر الحب وكذا إذا شرطا التبن نصفين والحب لأحدهما بعينه ولو شرطا الحب نصفين ولم يتعرضا(1/213)
للتبن صحت ثم التبن يكون لصاحب البذر ولو شرطا الحب نصفين والتبن لصاحب البذر صحت وإن شرطا التبن للآخر فسدت وإذا صحت المزارعة فالخارج على الشرط وإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء للعامل وإذا فسدت فالخارج لصاحب البذر ولو كان البذر من قبل رب الأرض فللعامل أجر مثله لا يزاد على مقدار ما شرط له من الخارج عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد له أجر مثله بالغا ما بلغ وإن كان البذر من قبل العامل فلصاحب الأرض أجر مثل أرضه ولو جمع بين الأرض والبقر حتى فسدت المزارعة فعلى العامل أجر مثل الأرض والبقر وإذا استحق رب الأرض الخارج لبذره في المزارعة الفاسدة طاب له جميعه وإن استحقه العامل أخذ قدر بذره وقدر أجر الأرض وتصدق بالفضل وإذا عقدت المزارعة فامتنع صاحب البذر من العمل لم يجبر عليه وإن امتنع الذي ليس من قبله البذر أجبره الحاكم على العمل ولو امتنع رب الأرض والبذر من قبله وقد كرب المزارع الأرض فلا شيء له في عمل الكراب وإذا مات أحد المتعاقدين بطلت المزارعة ولو مات رب الأرض قبل الزراعة بعدما كرب الأرض وحفر الأنهار انتقضت المزارعة ولا شيء للعامل بمقابلة ما عمل وإذا فسخت المزارعة بدين فادح لحق صاحب الأرض فاحتاج إلى بيعها فباع جاز كما في الإجارة وليس للعامل أن يطالبه بما كرب الأرض وحفر الأنهار بشيء ولو نبت الزرع ولم يستحصد لم تبع الأرض في الدين حتى يستحصد الزرع ويخرجه القاضي من الحبس إن كان حبسه بالدين وإذا انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك كان على المزارع أجر مثل نصيبه من الأرض إلى أن يستحصد والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما فإن أنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وأمر القاضي فهو متطوع ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلا لم يكن له ذلك ولو أراد المزارع أن يأخذه بقلا قيل لصاحب الأرض اقلع الزرع فيكون بينكما أو اعطه قيمة نصيبه أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه في حصته(1/214)
ولو مات المزارع بعد نبات الزرع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض فلهم ذلك ولا أجر لهم بما عملوا وكذلك أجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية عليهما بالحصص فإن شرطاه في المزارعة على العامل فسدت كتاب المساقاة قال أبو حنيفة رحمه الله المساقاة بجزء من الثمر باطلة وقالا جائزة إذا ذكر مدة معلومة وسمى جزأ من الثمر مشاعا ويشترط تسمية الجزء مشاعا فإن سميا في المعاملة مدة يعلم أنه لا يخرج الثمر فيها فسدت المعاملة ولو سميا مدة قد يبلغ الثمر فيها وقد يتأخر عنها جازت ثم لو خرج في الوقت المسمي فهو على الشركة وإن تأخر فللعامل أجر المثل وتجوز المساقاة في النخل والشجر والكرم والرطاب وأصول الباذنجان وليس لصاحب الكرم أن يخرج العامل من غير عذر وكذا ليس للعامل أن يترك العمل بغير عذر فإن دفع نخلا فيه ثمر مساقاة والثمر يزيد بالعمل جاز وإن كانت قد انتهت لم يجز وإذا فسدت المساقاة فللعامل أجر مثله وتبطل المساقاة بالموت فإن مات رب الأرض والخارج بسر فللعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم قبل ذلك إلى أن يدرك الثمر ولو التزم العامل الضرر يتخير ورثة الآخر بين أن يقتسموا البسر على الشرط وبين أن يعطوه قيمة نصيبه من البسر وبين أن ينفقوا على البسر حتى يبلغ فيرجعوا بذلك في حصة العامل من الثمر ولو مات العامل فلورثته أن يقوموا عليه وإن كره رب الأرض فإن إرادوا أن يصرموه بسرا كان صاحب الأرض بين الخيارات الثلاثة وإن ماتا جميعا فالخيار لورثة العامل فإن أبى ورثة العامل أن يقوموا عليه كان الخيار في ذلك لورثة رب الأرض وإذا انقضت مدة المعاملة والخارج بسر أخضر فهذا والأول سواء للعامل أن يقوم عليها إلى أن يدرك لكن بغير أجر وتفسخ بالأعذار(1/215)
ومن دفع أرضا بيضاء إلى رجل سنين معلومة يغرس فيها شجرا على أن تكون الأرض والشجر بين رب الأرض والغارس نصفين لم يجز ذلك وجميع الثمر والغرس لرب الأرض وللغارس قيمة غرسه وأجر مثله فيما عمل كتاب الذبائح الذكاة شرط حل الذبيحة وهي اختيارية كالجرح فيما بين اللبة واللحيين واضطرارية وهي الجرح في أي موضع كان من البدن ومن شرطه أن يكون الذابح صاحب ملة التوحيد إما اعتقادا كالمسلم أو دعوى كالكتابي وأن يكون حلالا خارج الحرم وذبيحة المسلم والكتابي حلال ولا تؤكل ذبيحة المجوسي والمرتد والوثني والمحرم وكذا لا يؤكل ما ذبح في الحرم من الصيد وإن ترك الذابح التسمية عمدا فالذبيحة ميتة لا تؤكل وإن تركها ناسيا أكل والمسلم والكتابي في ترك التسمية سواء ثم التسمية في ذكاة الاختيار تشترط عند الذبح وهي على المذبوح وفي الصيد تشترط عند الإرسال والرمي وهي على الآلة ويكره أن يذكر مع اسم الله تعالى شيئا غيره وأن يقول عند الذبح اللهم تقبل من فلان والذبح بين الحلق واللبة وفي الجامع الصغير لا بأس بالذبح في الحلق كله وسطه وأعلاه وأسفله والعروق التي تقطع في الذكاة أربعة الحقوم والمريء والودجان وعندنا إن قطعها حل الأكل وإن قطع أكثرها فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا بد من قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح ويجوز الذبح بالليطة والمروة وكل شيء أنهر الدم إلا السن القائم والظفر القائم ويستحب أن يحد الذابح شفرته ومن بلغ بالسكين النخاع أو قطع الرأس كره له ذلك وتؤكل ذبيحته وإن ذبح الشاة من قفاها فبقيت حية حتى قطع العروق حل وإن(1/216)
ماتت قبل قطع العروق لم تؤكل وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح وما توحش من النعم فذكاته العقر والجرح وكذا ما تردى من النعم في بئر ووقع العجز عن ذكاة الاختيار والمستحب في الإبل النحر فإن ذبحها جاز ويكره والمستحب في البقر والغنم الذبح فإن نحرهما جاز ويكره ومن نحر ناقة أو ذبح بقرة فوجد في بطنها جنينا ميتا لم يؤكل أشعر أو لم يشعر وهذا عند أبي حنيفة وقالا إذا تم خلقه أكل فصل فيما يحل أكله وما لا يحل ولا يجوز أكل ذي ناب من السباع ولا ذي مخلب من الطيور ولا بأس بغراب الزرع ولا يؤكل الأبقع الذي يأكل الجيف وكذا الغداف قال أبو حنيفة رحمه الله لا بأس بأكل العقعق ويكره أكل الضبع والضب والسلحفاة والزنبور والحشرات كلها ولا يجوزأكل الحمر الأهلية والبغال ويكره لحم الفرس عند أبي حنيفة ولا بأس بأكل الأرنب وإذا ذبح مالا يؤكل لحمه طهر جلده ولحمه إلا الآدمي والخنزير ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ويكره أكل الطافي منه ولا بأس بأكل الجريث والمارماهي وأنواع السمك والجراد بلا ذكاة كتاب الأضحية الأضحية واجبة على كل حر مسلم مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار ويذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بقرة أو بدنة عن سبعة ولو اشترى بقرة يريد أن يضحي بها عن نفسه ثم اشترك فيها ستة معه جاز استحسانا وليس على الفقير والمسافر أضحية ووقت الأضحية يدخل بطلوع الفجر من يوم النحر إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار الذبح حتى يصلي الإمام العيد فأما أهل السواد فيذبحون بعد الفجر وهي جائزة في ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده ولو لم(1/217)
يضح حتى مضت أيام النحر إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيرا وقد اشترى الأضحية تصدق بها حية وإن كان غنيا تصدق بقيمة شاة اشترى أو لم يشتر ولا يضحى بالعمياء والعوراء والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك ولا العجفاء ولا تجزى مقطوعة الأذن والذنب ولا التي ذهب أكثر أذنها وذنبها وإن بقي أكثر الأذن والذنب جاز ويجوز أن يضحى بالجماء والخصي والثولاء والجرباء والسكاء وهذا إن كانت هذه العيوب قائمة وقت الشراء ولو اشتراها سليمة ثم تعيبت بعيب مانع إن كان غنيا عليه غيرها وإن كان فقيرا تجزئه هذه ولو أضجعها فاضطربت فانكسرت رجلها فذبحها أجزأه استحسانا وكذا لو تعيبت في هذه الحالة فانفلتت ثم أخذت من فوره وكذا بعد فوره عند محمد خلافا لأبي يوسف والأضحية من الإبل والبقر والغنم ويجزىء من ذلك كله الثنى فصاعدا إلى الضأن فإن الجذع منه يجزىء وإذا اشترى سبعة بقرة ليضحوا بها فمات أحدهم قبل النحر وقالت الورثة اذبحوها عنه وعنكم أجزأهم وإن كان شريك الستة نصرانيا أو رجلا يريد اللحم لم يجز عن واحد منهم ولو ذبحوها عن صغير في الورثة أو أم ولد جاز ولو مات واحد منهم فذبحها الباقون بغير إذن الورثة لا تجزئهم ويأكل من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر ويستحب أن لا ينقص الصدقة عن الثلث ويتصدق بجلدها أو يعمل منه آلة تستعمل في البيت ولا بأس بأن يشتري به ما ينتفع في البيت بعينه مع بقائه ولا يشتري به مالا ينتفع به إلا بعد استهلاكه كالخل والأبازير ولا يعطى أجرة الجزار من الأضحية ويكره أن يجز صوف أضحيته وينتفع به قبل أن يذبحها والأفضل أن يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح ويكره أن يذبحها الكتابي وإذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية الآخر أجزأ عنهما ولا ضمان عليهما ومن غصب شاة فضحى بها ضمن قيمتها وجاز عن أضحيته(1/218)
كتاب الكراهية المروي عن محمد رحمه الله أن كل مكروه حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب وهو يشتمل على فصول منها فصل في الأكل والشرب قال أبو حنيفة يكره لحوم الأتن وألبانها وأبوال الإبل وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بأبوال الإبل ولا يجوز الأكل والشرب والأدهان والتطيب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء ولا بأس باستعمال آنية الرصاص والزجاج والبلور والعقيق ويجوز الشرب في الإناء المفضض والركوب على السرج المفضض والجلوس على الكرسي المفضض والسرير المفضض إذا كان يتقي موضع الفضة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف يكره ذلك ومن أرسل أجيرا له مجوسيا أو خادما فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم وسعه أكله وإن كان غير ذلك لم يسعه أن يأكل منه ويجوز أن يقبل في الهدية والاذن قول العبد والجارية والصبي ويقبل في المعاملات قول الفاسق ولا يقبل في الديانات إلا قول العدل ويقبل فيها قول العبد والحر والأمة إذا كانوا عدولا ومن دعي إلى وليمة أو طعام فوجد ثمة لعبا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل فصل في اللبس ولا يحل للرجال لبس الحرير ويحل للنساء إلا أن القليل عفو وهو مقدار ثلاثة أصابع أو أربعة كالأعلام والمكفوف بالحرير ولا بأس بتوسده والنوم عليه عند أبي حنيفة وقالا يكره ولا بأس بلبس الحرير والديباج في الحرب عندهما ويكره عند أبي حنيفة رحمه الله ولا بأس بلبس ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز(1/219)
في الحرب وغيره وما كان لحمته حريرا وسداه غير حرير لا بأس به في الحرب ويكره في غيره ولا يجوز للرجال التحلي بالذهب ولا بالفضة إلا بالخاتم والمنطقة وحلية السيف من الفضة والتختم بالذهب على الرجال حرام ولا بأس بمسمار الذهب يجعل في حجر الفص ولا تشد الأسنان بالذهب وتشد بالفضة ويكره أن يلبس الذكور من الصبيان الذهب والحرير وتكره الخرقة التي تحمل فيمسح بها العرق وكذا التي يمسح بها الوضوء أو يمتخط بها ولا بأس بأن يربط الرجل في أصبعه أو خاتمه الخيط للحاجة فصل في الوطء والنظر والمس ولا يجوز أن ينطر الرجل إلى الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة ولا يحل له أن يمس وجهها ولا كفيها وإن كان يأمن الشهوة والصغيرة إذا كانت لا تشتهي يباح مسها والنظر إليها ويجوز للقاضي إذا أراد أن يحكم عليها وللشاهد إذا أراد أداء الشهادة عليها النظر إلى وجهها وإن خاف أن يشتهي ومن أراد أن يتزوج امرأة فلا بأس بأن ينظر إليها وإن علم أنه يشتهيها ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع المرض منها وينبغي أن يعلم امرآة مداواتها فإن لم يقدر يستر كل عضو منها سوى موضع المرض وكذا يجوز للرجل النظر إلى موضع الاحتقان من الرجل وينظر الرجل من الرجل إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته إلى ركبته وما يباح النظر إليه للرجل من الرجل يباح المس ويجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلى ما ينظر الرجل إليه منه إذا أمنت الشهوة وتنظر المرأة من المرأة إلى ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من الرجل وينظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته إلى فرجها وينظر الرجل من ذوات محارمه إلى الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين ولا ينظر إلى ظهرها وبطنها وفخذها ولا بأس بأن يمس ما جاز أن ينظر إليه منها إلا إذا كان يخاف عليها أو على نفسه الشهوة(1/220)
ولا بأس بالخلوة والمسافرة بهن وينظر الرجل من مملوكة غيره إلى ما يجوز أن ينظر إليه من ذوات محارمه ولا بأس بأن يمس ذلك إذا أراد الشراء وإن خاف أن يشتهي وأذا حاضت الأمة لم تعرض في إزار واحد والخصى في النظر إلى الأجنبية كالفحل ولا يجوز للمملوك أن ينظر من سيدته إلاإلى ما يجوك للأجنبي النظر إليه منها ويعزل عن أمته بغير إذنها ولا يعزل عن زوجته إلا بإذنها فصل في الاستبراء وغيره ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها ولا يلمسها ولا يقبلها ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها ويجب في جارية للمشترى فيها شقص فاشترى الباقي ولا يجب الاستبراء إذا رجعت الآبقة أو ردت المغصوبة والمؤاجرة أو فكت المرهونة والاستبراء في الحامل بوضع الحمل وفي ذوات الأشهر بالشهر وإذا حاضت في أثنائه بطل الاستبراء بالأيام ولا بأس بالاحتيال لإسقاط الاستبراء عند أبي يوسف خلافا لمحمد ولا يقرب المظاهر ولا يلمس ولا يقبل ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يكفر ومن له أمتان أختان فقبلهما بشهوة فإنه لا يجامع واحدة منهما ولا يقبلها ولا يمسها بشهوة ولا ينظر إلى فرجها بشهوة حتى يملك فرج الأخرى غيره بملك أو نكاح أو يعتقها ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ولا بأس بالمصافحة فصل في البيع ولا بأس ببيع السرقين ويكره بيع العذرة ومن علم بجارية أنها لرجل فرأى آخر يبيعها وقال وكلني صاحبها ببيعها فإنه يسعه أن يبتاعها ويطأها ولو أن امرآة أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات عنها أو طلقها ثلاثا أو كان غير ثقة وأتاها بكتاب من زوجها بالطلاق ولا تدري أنه كتابه أم لا إلا أن أكبر رأيها أنه حق فلا بأس بأن تعتد ثم تتزوج وإذا باع المسلم خمرا وأخذ ثمنها وعليه دين فإنه يكره(1/221)
لصاحب الدين أن يأخذ منه وإن كان البائع نصرانيا فلا بأس به ويكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم إذا كان ذلك في بلد يضر الاحتكار بأهله وكذلك التلقي فإما إذا كان لا يضر فلا بأس به ومن احتكر غلة ضيعته أو ما جلبه من بلد آخر فليس بمحتكر ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس ويكره بيع السلاح في أيام الفتنة ولا بأس ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا ومن أجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار أو كنيسة أو بيعة أو يباع فيه الخمر بالسواد فلا بأس به ومن حمل لذمي خمرا فإنه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يكره له ذلك ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها ومن وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما شاء يكره له ذلك مسائل متفرقة ويكره التعشير والنقط في المصحف ولا بأس بحلية المصحف ولا بأس بأن يدخل أهل الذمة المسجد الحرام ويكره استخدام الخصيان ولا بأس بإحصاء البهائم وإنزاء الحمير على الخيل ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني ويكره أن يقول الرجل في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك ويكره أن يقول الرجل في دعائه بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك ويكره اللعب بالشطرنج والنرد والأربعة عشر وكل لهو ولا بأس بقبول هدية العبد التاجر وإجابة دعوته واستعارة دابته وتكره كسوته الثوب وهديته الدراهم والدنانير ومن كان في يده لقيط لا أب له فإنه يجوز قبضه الهبة والصدقة له ولا يجوز للملتقط أن يؤاجره ويجوز للأم أن تؤاجر ابنها إذا كان في حجرها ولا يجوز للعم ولو أجر الصبي نفسه لا يجوز إلا إذا فرغ من العمل ويكره أن يجعل الرجل في عنق عبده الراية ولا يكره أن يقيده ولا بأس بالحقنة يريد بها التداوي ولا بأس برزق القاضي ولا بأس بأن تسافر الأمة وأم الولد بغير محرم(1/222)
كتاب إحياء الموات الموات مالا ينفع به من الأراضي لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة فما كان منها عاديا لا مالك له أو كان مملوكا في الإسلام لا يعرف له مالك بعينه وهو بعيد من القرية بحيث إذا وقف إنسان من أقصى العامر فصاح لا يسمع الصوت فيه فهو موات ثم من أحياه بإذن الأمام ملكه وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يملكه ويملكه الذمي بالإحياء كما يملكه المسلم ومن حجر ارضا ولم يعمرها ثلاث سنين أخذها الإمام ودفعها إلى غيره ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر ويترك مرعى لأهل القرية ومطرحا لحصائدهم ومن حفر بئرا في برية فله حريمها فإن كانت للعطن فحريمها أربعون ذراعا وإن كانت للناضح فحريمها ستون ذراعا وهذا عندهما وعند أبي حنيفة رحمه الله أربعون ذراعا وإن كانت عينا فحريمها خمسمائة ذراع فمن أراد أن يحفر في حريمها منع منه والقناة لها حريم بقدر ما يصلحها والشجرة تغرس في أرض موات لها حريم أيضا حتى لم يكن لغيره أن يغرس شجرا في حريمها وما ترك الفرات أو الدجلة وعدل عنه الماء ويجوز عوده إليه لم يجز إحياؤه وإن كان لا يجوز أن يعود إليه فهو كالموات إذا لم يكن حريما لعامر ومن كان له نهر في أرض غيره فليس له حريم عند أبي حنيفة إلا أن يقيم بينة على ذلك وقالا له مسناة النهر يمشي عليها ويلقي عليها طينه وفي الجامع الصغير نهر لرجل إلى جنبه مسناة ولآخر خلف المسناة أرض تلزقها وليست المسناة في يد إحداهما فهي لصاحب الأرض عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا هي لصاحب النهر حريما فصول في مسائل الشرب فصل في المياه وإذا كان لرجل نهر أو بئرا أو قناة فليس له أن يمنع شيئا من الشفة والشفة الشرب لبني آدم والبهائم(1/223)
فصل في كرى الأنهار الأنهار ثلاثة نهر غير مملوك لأحد لم يدخل ماؤه في المقاسم بعد كالفرات ونحوه ونهر مملوك دخل ماؤه في القسمة إلا أنه عام ونهر مملوك دخل ماؤه في القسمة وهو خاص والفاصل بينهما استحقاق الشفعة به وعدمه فالأول كريه على السلطان من بيت مال المسلمين فإن لم يكن في بيت المال شيء فالإمام يجبر الناس على كريه وأما الثاني فكريه على أهله لا على بيت المال ومن أبى منهم يجبر على كريه وأما الثالث وهو الخاص من كل وجه فكريه على أهله ثم قيل يجبر الآبي كما في الثاني وقيل لا يجبر ولا يجبر لحق الشفة كما إذا امتنعوا جميعاومؤنة كرى النهر المشترك عليهم من أعلاه فإذا جاوز أرض رجل رفع عنه عند أبي حنيفة وقالا هي عليهم جميعا من أوله إلى آخره بحصص الشرب والأرضين فصل في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه وتصح دعوى الشرب بغير أرض استحسانا وإذا كان نهر لرجل يجري في أرض غيره فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه ترك على حاله وإذا كان نهر بين قوم واختصموا في الشرب كان الشرب بينهم على قدر أراضيهم وليس لأحد من الشركاء في النهر أن يسوق شربه إلى أرض له أخرى ليس لها في ذلك شرب وكذا أذا أراد أن يسوق شربه في أرضه الأولى حتى ينتهي إلى هذه الأرض الأخرى وإذا سقى الرجل أرضه أو مخرها ماء فسال من مائها في أرض رجل فغرقها أو نزت أرض جاره من هذا الماء لم يكن عليه ضمانها كتاب الأشربة الأشربة المحرمة أربعة الخمر وهي عصير العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد والعصير إذا طبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه ونقيع التمر وهو السكر ونقيع الزبيب(1/224)
إذا اشتد وغلى وقال في الجامع الصغير وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به وقال فيه أيضا وكان أبو يوسف يقول ما كان من الأشربة يبقى بعدما يبلغ عشرة أيام ولا يفسد فإني أكرهه ثم رجع إلى قول أبي حنيفة رحمه الله وقال في المختصر ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال وإن اشتد إذا شرب منه ما يغلب على ظنه أنه لا يسكره من غير لهو ولا طرب ولا بأس بالخليطين ونبيذ العسل والتين ونبيذ الحنطة والذرة والشعير حلال وإن لم يطبخ وعصير العنب إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه حلال وإن اشتد ولا بأس بالانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير وإذا تخللت الخمر حلت سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها ولا يكره تخليلها ويكره شرب دردى الخمر والامتشاط به ولا يحد شاربه إن لم يسكر ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل ويكره أكل خبز عجن عجينه بالخمر كتاب الصيد فصل في الجوارح ويجوز الاصطياد بالكلب المعلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلمة وفي الجامع الصغير وكل شيء علمته من ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور فلا بأس بصيده ولا خير فيما سوى ذلك إلا أن تدرك ذكاته وتعليم الكلب أن يترك الأكل ثلاث مرات وتعليم البازي أن يرجع ويجيب إذا دعوته وإذا أرسل كلبه المعلم أو بازيه وذكر اسم الله تعالى عند إرساله فأخذ الصيد وجرحه فمات حل أكله فإن أكل منه الكلب أو الفهد لم يؤكل وإن أكل منه البازي أكل ولو انه صاد صيودا ولم يأكل منها ثم أكل من صيد لا يؤكل هذا الصيد ولو أن صقرا فر من صاحبه فمكث حينا ثم صاد لا يؤكل صيده ولو شرب(1/225)
الكلب من دم الصيد ولم يأكل منه أكل ولو أخذ الصيد من المعلم ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها يؤكل ما بقي ولو نهس الصيد فقطع منه بضعة فأكلها ثم أدرك الصيد فقتله ولم يأكل منه لم يؤكل ولو ألقى ما نهسه واتبع الصيد فقتله ولم يأكل منه وأخذه صاحبه ثم مر بتلك البضعة فأكلها يؤكل الصيد وإن أدرك المرسل الصيد حيا وجب عليه أن يزكيه وأن ترك تذكيته حتى مات لم يؤكل وكذا البازي والسهم ولو أدركه ولم يأخذه فإن كان في وقت لو أخذه أمكنه ذبحه لم يؤكل وإن كان لا يمكنه ذبحه أكل وإن أدركه فذكاه حل له وإذا أرسل كلبه المعلم على صيد وأخذ غيره حل ولو أرسله على صيد كثير وسمى مرة واحدة حالة الإرسال فلو قتل الكل يحل بهذه التسمية الواحدة ومن أرسل فهدا فكمن حتى يستمكن ثم أخذ الصيد فقتله يؤكل وكذا الكلب إذا اعتاد عادته ولو أخذ الكلب صيدا فقتله ثم أخذ آخر فقتله وقد أرسله صاحبه أكلا جميعا ولو قتل الأول فجثم عليه طويلا من النهار ثم مر به صيد آخر فقتله لا يؤكل الثاني ولو أرسل بازيه المعلم على صيد فوقع على شيء ثم اتبع الصيد فأخذه وقتله فإنه يؤكل ولو أن بازيا معلما أخذ صيدا فقتله ولا يدري أرسله إنسان أم لا لا يؤكل وإن خنقه الكلب ولم يجرحه لم يؤكل وإن شاركه كلب غير معلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله عليه لم يؤكل ولو رده عليه الكلب الثاني ولم يجرحه معه ومات بجرح الأول يكره أكله ولو لم يرده الكلب الثاني على الأول لكنه اشد على الأول حتى اشتد على الصيد فأخذه وقتله لا بأس بأكله وإذا أرسل المسلم كلبه فزجره مجوسي فانزجر بزجره فلا بأس بصيده ولو أرسله مجوسي فزجره مسلم فانزجر بزجره لم يؤكل وإن لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر فأخذ الصيد فلا بأس بأكله ولو أرسل المسلم كلبه على صيد وسمى فأدركه فضربه ووقذه ثم ضربه فقتله أكل وكذا إذا أرسل كلبين فوقذه أحدهما ثم قتله الآخر أكل ولو أرسل رجلان كل واحد منهما كلبا فوقذه أحدهما(1/226)
وقتله الآخر أكل والملك للأول
فصل في الرمي ومن سمع حسا فظنه حس صيد فرماه أو أرسل كلبا أو بازيا عليه فأصاب صيدا ثم تبين أنه حس صيد حل المصاب وإن تبين أنه حس آدمي أو حيوان أهلي لا يحل المصاب والطير الداجن الذي يأوي البيوت أهلي والظبي الموثق بمنزلته ولو رمى إلى طائر فأصاب صيدا ومر الطائر ولا يدري وحشي هو أو غير وحشي حل الصيد ولو رمى إلي بعير فأصاب صيدا ولا يدري ناد هو أم لا لا يحل الصيد ولو رمى إلى سمكة أو جرادة فأصاب صيدا يحل في رواية عن أبي يوسف ولو رمى فأصاب المسموع حسه وقد ظنه آدميا فإذا هو صيد يحل وإذا سمى الرجل عند الرمي أكل ما أصاب إذا جرح السهم فمات فإن ادركه حيا ذكاه وإذا وقع السهم بالصيد فتحامل حتى غاب عنه ولم يزل في طلبه حتى أصابه ميتا أكل وإن قعد عن طلبه ثم أصابه ميتا لم يؤكل ولو وجد به جراحة سوى سهمه لا يحل وإذا رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض لم يؤكل وإن وقع على الأرض ابتداء أكل وما أصابه المعراض بعرضه لم يؤكل وإن جرحه يؤكل ولا يؤكل ما أصابته البندقية فمات بها وإذا رمى صيدا فقطع عضوا منه أكل الصيد ولا يؤكل العضو ولو قده نصفين أو قطعه أثلاثا والأكثر مما يلي العجز أو قطع نصف رأسه أو أكثر منه يحل المبان والمبان منه ولو ضرب عنق شاة فأبان رأسها يحل ولو ضرب صيدا فقطع يدا أو رجلا ولم يبنه إن كان يتوهم الالتئام والاندمال فإذا مات حل أكله ولا يؤكل صيد المجوسي والمرتد والوثني ومن رمى صيدا فأصابه ولم يثخنه ولم يخرجه عن حيز الامتناع فرماه آخر فقتله فهو للثاني ويؤكل وإن كان الأول أثخنه فرماه الثاني فقتله فهو للأول ولم يؤكل والثاني ضامن لقيمته للأول غير ما نقصته جراحته ويجوز اصطياد ما يؤكل لحمه من الحيوان وما لا يؤكل(1/227)
كتاب الرهن الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول ويتم بالقبض وإذا قبضه المرتهن محوزا مفرغا متميزا تم العقد فيه ومالم يقبضه فالراهن بالخيار إن شاء سلمه وإن شاء رجع عن الرهن وإذا سلمه إليه فقبضه دخل في ضمانه ولايصح الرهن إلا بدين مضمون وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته والدين سواء صار المرتهن مستوفيا لدينه وإن كانت قيمة الرهن أكثر فالفضل أمانة في يده فإن كانت أقل سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بالفضل وللمرتهن أن يطالب الراهن بديته ويحبسه به وإذا طلب المرتهن دينه يؤمر بإحضار الرهن وإذا أحضره أمر الراهن بتسليم الدين إليه أولا وإن طالبه بالدين في غير البلد الذي وقع العقد فيه إن كان الرهن مما لا حمل له ولا مؤنة فكذلك الجواب وإن كان له حمل ومؤنه يستوفى دينه ولا يكلف إحضار الرهن ولو سلط الراهن العدل على بيع المرهون فباعه بنقد أو نسيئة جاز فلو طالب المرتهن بالدين لا يكلف المرتهن إحضار الرهن وكذا إذا أمر المرتهن ببيعه فباعه ولم يقبض الثمن ولو قبضه يكلف إحضاره إلا أن الذي يتولى قبض الثمن هو المرتهن ولو وضع الرهن على يد العدل وأمر أن يودعه غيره ففعل ثم جاء المرتهن يطلب دينه لا يكلف إحضار الرهن ولو وضعه العدل في يد من في عياله وغاب وطلب المرتهن دينه والذي في يده يقول أودعني فلان ولا أدري لمن هو يجبر الراهن على قضاء الدين وكذلك إذا غاب العدل بالرهن ولا يدري أين هو ولو أن الذي أودعه العدل جحد الرهن وقال هو مالي لم يرجع المرتهن على الراهن بشيءحتى يثبت كونه رهنا وإن كان الرهن في يده ليس عليه أن يمكنه من البيع حتى يقضيه الدين ولو قضاه البعض فله أن يحبس كل الرهن حتى يستوفي البقية فإذا قضاه الدين قيل له سلم الرهن إليه فلو هلك قبل التسليم استرد الراهن ما قضاه وكذلك لو تفاسخا الرهن له حبسه مالم يقبض الدين أو يبرئه(1/228)
ولا يبطل الرهن إلا بالرد على الراهن على وجه الفسخ ولو هلك في يده سقط الدين إذا كان به وفاء بالدين وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس إلا أن يأذن له المالك وليس له أن يبيع إلا بتسليط من الراهن وليس له أن يؤاجر ويعبر وللمرتهن أن يحفظ الرهن بنفسه وزوجته وولده وخادمه الذي في عياله وإن حفظه بغير من في عياله أو أودعه ضمن وإذا تعدى المرتهن في الرهن ضمنه ضمان الغصب بجميع قيمته فلو رهنه خاتما فجعله في خنصره فهو ضامن ولو جعله في بقية الأصابع كان رهنا بما فيه ولو رهنه سيفين أو ثلاثة فتقلدها لم يضمن في الثلاثة وضمن في السيفين وأجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن على المرتهن وكذلك أجرة الحافظ وأجرة الراعي ونفقة الرهن على الراهن ومداواة الجراحة ومعالجة القروح ومعالجة الأمراض والفداء من الجناية تنقسم على المضمون والأمانة والخراج على الراهن خاصة والعشر فيما يخرج مقدم على حق المرتهن وما أداه أحدهما مما وجب على صاحبه فهو متطوع وما أنفق أحدهما مما يجب على الآخر بأمر القاضي يرجع عليه باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لايجوز ولايجوز رهن المشاع ولا رهن ثمرة على رؤوس النخيل دون النخيل ولا زرع الأرض دون الأرض ولا رهن النخيل في الأرض دونها وكذا إذا رهن الأرض دون النخيل أو دون الزرع أو النخيل دون الثمن ولو رهن النخيل بمواضعها جاز ولو كان فيه تمر يدخل في الرهن ويدخل البناء والغرس في رهن الأرض والدار والقرية ولو رهن الدار بما فيها جاز ولو استحق بعضه إن كان الباقي يجوز ابتداء الرهن عليه وحده بقي رهنا بحصته وإلآ بطل كله ولا يصح الرهن بالأمانات كالودائع والعواري والمضاربات ومال الشركة وكذلك لا يصح بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع فأما الأعيان المضمونة بعينها وهو أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة عند هلاكه مثل المغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد يصح(1/229)
الرهن بها والرهن بالدرك باطل والكفالة بالدرك جائزة ويصح الرهن براس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه والرهن بالمبيع باطل فإن هلك ذهب بغير شيء وإن هلك الرهن بثمن الصرف ورأس مال السلم في مجلس العقد تم الصرف والسلم وصار المرتهن مستوفيا لدينه حكما وإن افترقا قبل هلاك الرهن بطلا وإن هلك الرهن بالمسلم فيه بطل السلم بهلاكه ولو تفاسخا السلم وبالمسلم فيه رهن يكون ذلك رهنا برأس المال حتى يحبسه ولو هلك الرهن بعد التفاسخ يهلك بالطعام المسلم فيه ولا يجوز رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد ولا يجوز الرهن بالشفعة ولا بالعبد الجاني والعبد المديون المأذون ولا بأجرة النائحة والمغنية ولا يجوز للمسلم أن يرهن خمرا أو يرتهنه من مسلم أو ذمي ولو اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا أو خلا أو شاة مذبوحة ثم ظهر العبد حرا أو الخل خمرا أو الشاة ميتة فالرهن مضمون وكذا إذا قتل عبدا ورهن بقيمته رهنا ثم ظهر أنه حر وكذا إذا صالح على إنكار ورهن بما صالح عليه رهنا ثم تصادقا أن لا دين فالرهن مضمون ويجوز للأب أن يرهن بدين عليه عبدا لابنه الصغير ولو هلك يهلك مضمونا والوديعة تهلك أمانة والوصي يمنزلة الأب وإذا جاز الرهن يصير المرتهن مستوفيا دينه لو هلك في يده ويصير الأب موفيا له ويضمنه للصبي وإذا رهن الأب متاع الصغير من نفسه أو من ابن له صغيرا أو عبد له تاجر لا دين عليه جاز ولو ارتهنه الوصي من نفسه أو من هذين أو رهن عينا له من اليتيم بحق لليتيم عليه لم يجز وإن استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه فرهن به متاعا لليتيم جاز وكذلك لو اتجر لليتيم فارتهن أو رهن وإذا رهن الأب متاع الصغير فأدرك الابن ومات الأب ليس للابن أن يرده حتى يقضي الدين ولو كان الأب رهنه لنفسه فقضاه الابن رجع به في مال الأب وكذا إذا هلك قبل أن يفتكه ولو رهنه بدين على نفسه وبدين على الصغير جاز فإن هلك ضمن الأب حصته من ذلك للولد ولو رهن الوصي متاعا لليتيم في(1/230)
دين استدانه عليه وقبض المرتهن ثم استعاره الوصي لحاجة اليتيم فضاع في يد الوصي فإنه خرج من الرهن وهلك من مال اليتيم والمال دين على الوصي ثم يرجع بذلك على الصبي ولو استعاره لحاجة نفسه ضمنه للصبي ولو غصبه الوصي
بعد ما رهنه فاستعمله لحاجة نفسه حتى هلك عنده فالوصي ضامن لقيمته فإن كانت قيمته مثل الدين أداه إلى المرتهن ولا يرجع على اليتيم وإن كانت قيمته أقل أدى قدر القيمة إلى المرتهن وأدى الزيادة من مال اليتيم وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين أدى قدر الدين من القيمة إلى المرتهن والفضل لليتيم وإن كان لم يحل الدين فالقيمة رهن ولو أنه غصبه واستعمله لحاجة صغير حتى هلك في يده يضمنه لحق المرتهن ولا يضمنه لحق الصغير ويجوز رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون فإن رهنت بجنسها فهلكت هلكت بمثلها من الدين وإن اختلفا في الجودة وفي الجامع الصغير فإن رهن أبريق فضة وزنه عشرة بعشرة فضاع فهو بما فيه فإن كانت قيمته أقل من الدين فهو الخلاف ومن باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه جاز استحسانا ولو امتنع المشتري عن تسليم الرهن لم يجبر عليه ولكن البائع بالخيار إن شاء رضي بترك الرهن وإن شاء فسخ البيع إلا أن يدفع المشتري الثمن حالا أو يدفع قيمة الرهن رهنا ومن اشترى ثوبا بدراهم فقال للبائع امسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن فالثوب رهن فصل ومن رهن عبدين بألف فقضى حصة أحدهما لم يكن له أن يقبضه حتى يؤدى باقي الدين فإن رهن عينا واحدة عند رجلين بدين لكل واحد منهما عليه جاز وجميعها رهن عند كل واحد منهما فإن تهايآ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر والمضمون على كل واحد منهما حصته من الدين فإن أعطى أحدهما دينه كان كله رهنا في يد الآخر وإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو جائز والرهن رهن بكل الدين فللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين فإن أقام الرجلان كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده(1/231)
الذي في يده وقبضه فهو باطل ولو مات الراهن والعبد في أيديهما فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفنا كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا يبيعه بحقه استحسانا باب الرهن يوضع على يد العدل وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد العدل جاز وليس للمرتهن ولا للراهن أن
يأخذه منه فلو هلك في يده هلك في ضمان المرتهن ولو دفع العدل إلى الراهن أو المرتهن ضمن وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بعدما دفع إلى أحدهما وقد استهلكه المدفوع إليه أو هلك في يده لا يقدر أن يجعل القيمة رهنا في يده وإن كان ضمنها بالدفع إلى المرتهن فالراهن يأخذ القيمة منه وإذا وكل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما ببيع الرهن عند حلول الدين فالوكالة جائزة وإن شرطت في عقد الرهن فليس للراهن أن يعزل الوكيل وإن عزله لم ينعزل ولو وكله بالبيع مطلقا حتى ملك البيع بالنقد والنسيئة ثم نهاه عن البيع نسيئة لم يعمل نهيه وكذا إذا غزله المرتهن لا ينعزل وإن مات الراهن لم ينعزل وللوكيل أن يبيعه بغير محضر من الورثة كما يبيعه في حال حياته بغير محضر منه وإن مات المرتهن فالوكيل على وكالته وإن مات الوكيل انتقضت الوكالة ولا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه وليس للمرتهن أن يبيعه إلا برضا الراهن وليس للراهن أن يبيعه إلا برضا المرتهن فإن حل الأجل وأبى الوكيل الذي في يده الرهن أن يبيعه والراهن غائب أجبر على بيعه وكذلك الرجل يوكل غيره بالخصومة وغاب الموكل فأبى أن يخاصم أجبر على الخصومة وإذا باع العدل المرهن فقد خرج من الرهن ولثمن قائم مقامه فكان رهنا وإن لم يقبض بعد وإن باع الرهن فأوفى المرتهن الثمن ثم استحق الرهن فضمنه العدل كان بالخيار إن شاء ضمن الراهن قيمته وإن شاء ضمن المرتهن الثمن الذي أعطاه وليس له أن يضمنه غيره وإن مات العبد المرهون في يد المرتهن ثم استحقه رجل فله الخيار إن شاء ضمن الراهن وإن شاء ضمن المرتهن فإن ضمن الراهن فقد مات بالدين وإن ضمن المرتهن يرجع على(1/232)
الراهن بما ضمن من القيمة وبدينه باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره وإذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف فإن أجاز المرتهن جاز وإن قضاه الراهن دينه جاز أيضا وإذا نفذ البيع بإجازة المرتهن ينتقل حقه
إلى بدله هو الصحيح وإن لم يجز المرتهن البيع وفسخه انفسخ في رواية حتى لو افتك الراهن الرهن لا سبيل للمشتري عليه في أصح الروايتين لا ينفسخ بفسخه ولو باعه الراهن من رجل ثم باعه بيعا ثانيا من غيره قبل أن يجيزه المرتهن فالثاني موقوف أيضا على إجازته ولو باع الراهن ثم أجر أو وهب أو رهن من غيره وأجاز المرتهن هذه العقود جاز البيع الأول ولو اعتق الراهن عبد الرهن نفذ عتقه ثم إن كان الراهن موسرا والدين حالا طولب بأداء الدين وإن كان الدين مؤجلا أخذت منه قيمة العبد وجعلت رهنا مكانه حتى يحل الدين وإن كان معسرا سعى العبد في قيمته وقضى به الدين إلا إذا كان بخلاف جنس حقه ثم يرجع بما سعى على مولاه إذا أيسر ولو أقر المولى برهن عبده بأن قال له رهنتك عند فلان وكذبه العبد ثم أعتقه تجب السعاية ولو دبره الراهن صح تدبيره بالاتفاق ولو كانت أمه فاستولدها الراهن صح الاستيلاد بالاتفاق وإذا صحا خرجا من الرهن فإن كان الراهن موسرا ضمن قيمتهما وإن كان معسرا استسعى المرتهن المدبر وأم الولد في جميع الدين وكذلك لو استهلك الراهن الرهن فإن استهلكه أجنبي فالمرتهن هو الخصم في تضمينه فيأخذ القيمة وتكون رهنا في يده ولو استهلكه المرتهن والدين مؤجل غرم القيمة وكانت رهنا في يده حتى يحل الدين وإذا حل الدين وهو على صفة القيمة استوفى المرتهن منها قدر حقه ثم إن كان فيه فضل يرده على الراهن وإن نقصت عن الدين بتراجع السعر إلى خمسمائة وقد كانت قيمته يوم الرهن ألفا وجب بالاستهلاك خمسمائة وسقط من الدين خمسمائة وإذا أعار المرتهن الرهن للراهن ليخدمه أو ليعمل له عملا فقبضه خرج من ضمان المرتهن فإن هلك في يد(1/233)
الراهن هلك بغير شيء وللمرتهن أن يسترجعه إلى يده وكذلك لو أعاره أحدهما أجنبيا بإذن الآخرسقط حكم الضمان ولكل واحد منهما أن يرده رهنا كما كان ولو مات الراهن قبل الرد إلى المرتهن يكون المرتهن أسوة للغرماء وإذا استعار المرتهن الرهن من الراهن لعمل به فهلك قبل أن يأخذ في العمل هلك على ضمان الرهن وكذا
إذا هلك بعد الفراغ من العمل ولو هلك في حالة العمل هلك بغير ضمان وكذا إذ أذن الراهن المرتهن بالاستعمال ومن استعار من غيره ثوبا ليرهنه فما رهنه به من قليل أو كثير فهو جائز ولو عين قدرا لا يجوز للمستعير أن يرهنه بأكثر منه ولا بأقل منه وكذلك التقييد بالجنس وبالمرتهن وبالبلد وإذا خالف كان ضامنا ثم إن شاء المعير ضمن المستعير ويتم عقد الرهن فيما بينه وبين المرتهن وإن شاء ضمن المرتهن ويرجع المرتهن بما ضمن وبالدين على الراهن وإن وافق إن كانت قيمته مثل الدين أو أكثر فهلك عند المرتهن يبطل المال عن الراهن ووجب مثله لرب الثوب على الراهن وإن كانت قيمته أقل من الدين ذهب بقدر القيمة وعلى الراهن بقية دينه للمرتهن ولو كانت قيمته مثل الدين فأراد المعير أن يفتكه جبرا عن الراهن لم يكن للمرتهن إذا قضى دينه أن يمتنع بخلاف الأجنبي إذا قضى الدين ولو هلك الثوب العارية عند الراهن قبل أن يرهنه أو بعدما أفتكه فلا ضمان عليه ولو اختلفا في ذلك فالقول للراهن كما لو اختلفا في مقدار ما أمره بالرهن به فالقول للمعير ولو رهنه المستعير بدين موعود وهو إن يرهنه به ليقرضه كذا فهلك في يد المرتهن قبل الإقراض والمسمى والقيمة سواء يضمن قدر الوعود المسمى ولو كانت العارية عبدا فأعتقه المعير جاز ثم المرتهن بالخيار إن شاء رجع بالدين على الراهن وإن شاء ضمن المعير قيمته وتكون رهنا عنده إلى أن يقبض دينه فيردها إلى المعير ولو استعار عبدا أو دابة ليرهنه فاستخدم العبد أو ركب الدابة قبل أن يرهنهما ثم رهنهما بمال مثل قيمتهما ثم قضى المال(1/234)
فلم يقبضهما حتى هلكا عند المرتهن فلاضمان على الراهن وكذا إذا أفتك الرهن ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فلم يعطب ثم عطب بعد ذلك من غير صنعة لا يضمن وجناية الراهن على الرهن مضمونة وجناية المرتهن عليه تسقط من دينه بقدرها وجناية الرهن على الراهن والمرتهن وعلى مالهما هدر ومن رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص في السعر فرجعت قيمته إلى مائة ثم قتله رجل وغرم قيمته مائة ثم حل الأجل فإن المرتهن
يقبض المائة قضاءعن حقه ولا يرجع على الراهن بشيء وإن كان أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة وقبض المائة قضاء من حقه فيرجع بتسعمائة وإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه افتكه بجميع الدين وإذا قتل العبد الراهن قتيلا خطأ فضمان الجناية على المرتهن وليس له أن يدفع ولو فدى طهر المحل فبقي الدين على حاله ولا يرجع على الراهن بشيء من الفداء ولو أبى المرتهن أن يفدى قيل للراهن ادفع العبد او افده بالدية فإذا امتنع عن الفداء يطالب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء فإن اختارالدفع سقط الدين وكذلك إن فدى ولو استهلك العبد المرهون مالا يستغرق رقبته فإن أدى المرتهن الدين الذي لزم العبد قديتيه على حاله كما في الفداء وإن أبى قيل للراهن بعه في الدين إلا أن يختار أن يؤدى عنه فإن أدى بطل دين المرتهن وإن لم يؤد وبيع العبد فيه يأخذ صاحب دين العبد دينه فإن فضل شيء ودين غريم العبد مثل دين المرتهن أو أكثر فالفضل للراهن وبطل دين المرتهن وإن كان دين العبد أقل سقط من دين المرتهن بقدر دين العبد وما فضل من دين العبد يبقى رهنا كما كان ثم إن كان دين المرتهن قد حل أحذه به وإن كان لم يحل أمسكه حتى يحل وإن كان ثمن العبد لا يفي بدين الغريم أخذ الثمن ولم يرجع بما بقي على أحد حتى يعتق العبد ثم إذا أدى بعده لا يرجع على أحد وإن كانت قيمة العبد ألفين وهو رهن بألف وقد جنى العبد يقال لهما افدياه فإن تشاحا فالقول لمن قال(1/235)
أنا أفدى راهنا كان أو مرتهنا ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن فإنه يحتسب على المرتهن نصف الفداء من دينه ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع وإن كان غائبا لم يكن متطوعا وإذا مات الراهن باع وصية الرهن وقضى الدين وإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز وللآخرين أن يردوه فإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز ولو لم يكن للميت(1/236)
غريم آخر جاز الرهن وبيع في دينه وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز فصل ومن رهن عصيرا بعشرة قيمته عشرة فتخمر ثم صار خلا يساوي عشرة فهو رهن بعشرة ولو رهن شاة قيمتها عشرة بعشرة فماتت فدبغ جلدها فصار يساوي درهما فهو رهن بدرهم ونماء الرهن للراهن وهو مثل الولد والثمر واللبن والصوف فإن هلك يهلك بغير شيء وإن هلك الأصل وبقي النماء افتكه الراهن بحصته يقسم الدين على قيمة الرهن يوم القبض وقيمة النماء يوم الفكاك فما أصاب الأصل يسقط من الدين وما أصاب النماء افتكه الراهن ولو رهن شاة بعشرة وقيمتها عشرة وقال الراهن للمرتهن احلب الشاة فما حلبت فهو لك حلال فحلب وشرب فلا ضمان عليه في شيء من ذلك ولا يسقط شيء من الدين فإن لم يفتك الشاة حتى ماتت في يد المرتهن قسم الدين على قيمة اللبن الذي شرب وعلى قيمة الشاة فما أصاب الشاة سقط وما أصاب اللبن أخذه المرتهن من الراهن وتجوز الزيادة في الرهن ولا تجوز في الدين عند أبي حنيفة ومحمد ولا يصير الرهن رهنا بها وقال أبو يوسف تجوز الزيادة في الدين أيضا وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا وقيمة كل واحد ألف فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه وعلى العبد الزيادة ولو كانت الزيادة مع الأم يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد وعلى قيمة الزيادة يوم القبض فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها فإن رهن عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول ولو أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في يد المرتهن يهلك بغير شيء استحسانا وكذا إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فابرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول أو اختلعت منه على صداقها ثم هلك(1/237)
الرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله ولم تضمن شيئا ولو استوفي المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب عليه رد ما استوفى منه وهو من عليه أو المتطوع بخلاف الأبراء وكذا إذا اشترى بالدين عينا أو صالح عنه على عين وكذلك إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره ثم هلك الرهن بطلت الحوالة ويهلك بالدين وكذا لو تصادقا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين كتاب الجنايات القتل على خمسة أوجه عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطأ والقتل بسبب فالعمد ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب وليطة القصب والمروة المحددة والنار وموجب ذلك ألمأثم والقود إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا وشبه العمد عند أبي حنيفة أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجرى مجرى السلاح وقال أبو يوسف ومحمد إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد وشبه العمد أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا وموجب ذلك على القولين الاثم والكفارة والدية مغلظة على العاقلة ويتعلق به حرمان الميراث والخطأ على نوعين خطأ في القصد وهو أن يرمى شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي أو يظنه حربيا فإذا هو مسلم وخطأ في الفعل وهو أن يرمي غرضا فيصب آدميا وموجب ذلك الكفارة والدية على العاقلة ولا إثم فيه ويحرم من الميراث وما أجري مجرى الخطأ مثل النائم ينقلب على رجل فحكمه حكم الخطأ في الشرع وأما القتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر في غير ملكه وموجبه إذا تلف فيه آدمي الدية على العاقلة ولا كفارة فيه ولا يتعلق به حرمان الميراث وما يكون شبه عمد في النفس فهو عمد فيما سواها(1/238)
باب ما يوجب القصاص ومالا يوجبه القصاص واجب بقتل محقون الدم على التأييد إذا قتل عمدا ويقتل الحر بالحر والحر بالعبد والمسلم بالذمي ولا يقتل بالمستأمن ولا يقتل الذمي بالمستأمن ويقتل المستأمن بالمستأمن ويقتل الرجل بالمرأة والكبير بالصغير والصحيح بالأعمى والزمن وبناقص الأطراف وبالمجنون ولا يقتل الرجل بابنه ولا يقتل الرجل بعبده ولا مدبره ولا مكاتبه ولا بعبد ولده ومن ورث قصاصا على أبيه سقط ولا أستوفى القصاص إلا بالسيف وإذا قتل المكاتب عمدا وليس له وارث إلا المولى وترك وفاء فله القصاص عند أبي حنيفة وأبي سيف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا أرى في هذا قصاصا ولو ترك وفاء وله وارث غير المولى فلا قصاص وإن اجتمعوا مع المولى وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار وجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن وإذا قتل المعتوه فلأبيه أن يقتل وله أن يصالح وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك إلا أنه لا يقتل ومن قتل وله أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ليس لهم ذلك حتى يدرك الصغار ومن ضرب رجلا بمر فقتله فأن أصابه بالحديد قتل به وأن أصابه بالعود فعليه الدية ومن غرق صبيا أو بالغا في البحر فلا قصاص عليه عند أبي حنيفة وقالا يقتص منه ومن جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القصاص وإذا التقى الصفان من المسلمين والمشركين فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك فلا قود عليه وعليه الكفارة ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله فعلى الأجنبي ثلث الدية فصل ومن شهر على المسلمين سيفا فعليهم أن يقتلوه وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا فعليه الدية في ماله ومن شهر على غيره(1/239)
سلاحا في المصر فضربه ثم قتله الأخر فعلى القاتل القصاص ومن دخل عليه غيره ليلا وأخرج السرقة فاتبعه وقتله لا شيء عليه باب القصاص فيما دون النفس ومن قطع يد غيره عمدا من المفصل قطعت يده وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه وإن كانت قائمة فذهب ضوؤها فعليه القصاص وفي السن القصاص وإن كان سن من يقتص منه أكبر من سن الآخر وفي كل شجة تتحقق فيها المماثلة القصاص ولا قصاص في عظم إلا في السن وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس ولا بين الحر والعبد ولا بين العبدين ويجب القصاص في الأطراف بين المسلم والكافر ومن قطع يد رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة فبرأ منها فلا قصاص عليه وإذا كانت يد المقطوع صحيحة ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع فالمقطوع بالخيار إن شاء قطع اليد المعيبة ولا شيء له غيرها وإن شاء أخذ الأرش كاملا ولو سقطت المؤوفة قبل اختيار المجني عليه أو قطعت ظلما فلا شيء له ومن شج رجلا فاستوعبت الشجة ما بين قرنيه وهي لا تستوعب ما بين قرني الشاج فالمشجوج بالخيار إن شاء اقتص بمقدار شجته يبتدىء من أي الجانبين شاء وإن شاء أخذ الأرش ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر إلا أن تقطع الحشفة فصل وإذا اصطلح القاتل وأولياء القتيل على مال سقط القصاص ووجب المال قليلا كان أو كثيرا وإن كان القاتل حرا أو عبدا فأمر الحر ومولى العبد رجلا بأن يصالح عن دمهما على ألف درهم ففعل فالألف على الحر ومولى العبد نصفان وإذا عفا أحد الشركاء عن الدم أو صالح من نصيبه على عوض سقط حق الباقين عن القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية وإذا قتل جماعة واحدا عمدا اقتص من(1/240)
جميعهم وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين ومن وجب عليه القصاص إذا مات سقط القصاص وإذا قطع رجلان يد رجل واحد فلا قصاص على واحد منهما وعليهما نصف الدية وإن قطع واحد يمنى رجلين فحضرا فلهما أن يقطعا يده ويأخذا منه نصف الدية يقتسمانه نصفين سواء قطعهما معا أو على التعاقب وإذا أقر العبد بقتل العمد لزمه القود ومن رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر فماتا فعليه القصاص للأول والدية للثاني على عاقلته فصل ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمدا ثم قتله خطأ أو قطع يده خطأ فبرأت يده ثم قتله خطأ أو قطع يده عمدا فبرأت ثم قتله عمدا فإنه يؤخذ بالأمرين جميعا وإن كان قطع يده عمدا ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده فإن شاء الإمام قال اقطعوه ثم اقتلوه وإن شاء قال اقتلوه ومن ضرب رجلا مائة سوط فبرأ من تسعين ومات من عشرة ففيه دية واحدة وإن ضرب رجلا مائة سوط وجرحته وبقي له أثر تجب حكومة عدل ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك فعلى القاطع الدية في ماله وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك فهو عفو من النفس ثم إن كان خطأ فهو الثلث وإن كان عمدا فهو من جميع المال وإذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها على يده ثم مات فلها مهر مثلها وعلى عاقلتها الدية إن كان خطأ وإن كان عمدا ففي مالها ولو تزوجها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات من ذلك والقطع عمد فلها مهر مثلها وإن كان خطأ يرفع عن العاقلة مهر مثلها ولهم ثلث ما ترك وصية ومن قطعت يده فاقتص له من اليد ثم مات فإنه يقتل المقتص منه ومن قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا وقد قضي له بالقصاص أو لم يقض فعلى قاطع اليد دية اليد عند أبي حنيفة وقالا لا شيء عليه(1/241)
ومن له القصاص في الطرف إذا استوفاه ثم سرى إلى النفس ومات يضمن دية النفس عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يضمن باب الشهادة في القتل ومن قتل وله ابنان حاضر وغائب فأقام الحاضر البينة على القتل ثم قدم الغائب فإنه يعيد البينة عند أبي حنيفة وقالا لا يعيدها وإن كان خطأ لم يعيدها بالإجماع فإن كان أقام القاتل البينة إن الغائب قد عفا فالشاهد خصم ويسقط القصاص وكذلك عبد بين رجلين قتل عمدا وأحد الرجلين غائب فهو على هذا فإن كانت الأولياء ثلاثة فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا فشهادتهما باطلة وهو عفو منهما فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية وإذا شهد الشهود أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القود إذا كان عمدا وإذا اختلف شاهدا القتل في الأيام أو في البلد أو في الذي كان به القتل فهو باطل وكذا إذا قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لا أدري بأي شيء قتله فهو باطل وإن شهدا أنه قتله وقالا لا ندري بأي شيء قتله ففيه الدية استحسانا وإذا أقر رجلان كل واحد منهما أنه قتل فلانا فقال الولي قتلتماه جميعا فله أن يقتلهما وإن شهدوا على رجل أنه قتل فلانا وشهد آخرون على آخر بقتله وقال الولي قتلتماه جميعا بطل ذلك كله باب في اعتبار حالة القتل ومن رمى مسلما فارتد المرمي إليه والعياذ بالله ثم وقع به السهم فعلى الرامي الدية عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء عليه ولو رمى إليه وهو مرتد فأسلم ثم وقع به السهم فلا شيء عليه في قولهم جميعا وكذا إذا رمى حربيا فأسلم وإن رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى ومن قضى عليه بالرجم فرماه رجل ثم رجع أحد الشهود ثم وقع به الحجر فلا شيء على الرامي(1/242)
وإذا رمى المجوسي صيدا ثم أسلم ثم وقعت الرمية بالصيد لم يؤكل وإن رماه وهو مسلم ثم تمجس والعياذ بالله أكل ولو رمى المحرم صيدا ثم حل فوقعت الرمية بالصيد فعليه الجزاء وإن رمى حلال صيدا ثم أحرم فلا شيء عليه كتاب الديات وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على القاتل وكفارته عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا يجزىء فيه الإطعام ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم ولا يحزىء ما في البطن وهو الكفارة في الخطأ وديته عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله مائة من الإبل أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة وقتل الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفارة على القاتل والدية في الخطأ مائة من الإبل أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن مخاض وعشرون حقة وعشرون جذعة ومن العين ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا منها ومن البقر مائتا بقرة ومن الغنم الفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان ودية المرأة على النصف من دية الرجل ودية المسلم والذمي سواء فصل فيما دون النفس وفي النفس الدية وفي المارن الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وفي العقل إذا ذهب بالضرب الدية وكذا إذا ذهب سمعه أو بصره أو شمه أو ذوقه وفي اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية وفي شعر الرأس الدية وفي الشارب حكومة عدل وهو الأصح ولحية الكوسج إن كان على ذقنه شعرات معدودة فلا شيء في حلقه وإن كان أكثر من ذلك وكان على الخد والذقن جميعا لكنه غير متصل ففيه(1/243)
حكومة عدل وإن كان متصلا ففيه كمال الدية وفي الحاجبين الدية وفي أحدهما نصف الدية وفي العينين الدية وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي الشفتين الدية وفي الأذنين الدية وفي الأنثيين الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف دية وفي ثدي المرأة الدية وفي إحداهما نصف دية المرأة وفي حلمتي المرأة الدية كاملة وفي أحداهما نصفها وفي أشفار العينين الدية وفي احداهما ربع الدية ولو قطع الجفون بأهدابها ففيه دية واحدة وفي كل أصبع من أصابع اليدين والرجلين عشر الدية والأصابع كلها سواء وفي كل أصبع فيها ثلاثة مفاصل ففي أحدها ثلث دية الأصبع وما فيها مفصلان ففي أحدهما نصف دية الأصبع وفي كل سن خمس من الإبل ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته ففيه دية كاملة كاليد إذاشلت والعين إذا ذهب ضوؤها ومن ضرب صلب غيره فانقطع ماؤه تجب الدية وكذا لو أحدبه فلو زالت الحدوية لا شيء عليه فصل في الشجاج الشجاج عشرة الحارصة والدامعة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والآمة ففي الموضحة القصاص إن كانت عمدا ولا قصاص في بقية الشجاج وفيما دون الموضحة حكومة عدل وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية وفي الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية فإن نفذت فهما جائفتان ففيهما ثلثا الدية فصل وفي أصابع اليد نصف الدية فإن قطعها مع الكف ففيه أيضا نصف الدية وإن قطعها مع نصف الساعد ففي الأصابع والكف نصف الدية وفي الزيادة حكومة عدل وإن قطع الكف من المفصل وفيها أصبع واحدة ففيه عشر الدية وإن كان أصبعان فالخمس ولا شيء في الكف عند أبي حنيفة ولو كان(1/244)
في الكف ثلاثة أصابع يجب أرش الأصابع ولا شيء في الكف بالإجماع وفي الأصبع الزائدة حكومة عدل وكذلك السن الشاغية وفي عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته حكومة عدل وكذلك لو استهل الصبي ومن شج رجلا فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية وإن ذهب سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية وفي الجامع الصغير ومن شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في ذلك عند أبي حنيفة وقالا في الموضحة القصاص وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها لا قصاص عليه في شيء من ذلك وكذلك لو كسر بعض سن رجل فاسود ما بقي ولو قال اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور واترك الباقي لم يكن له ذلك وإن قطع أصبعا فشلت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك عند أبي حنيفة ولو كسر بعض السن فسقطت فلا قصاص ولو قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش في قول أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه الأرش كاملا وعن أبي يوسف رحمه الله أنه تجب حكومة عدل ولو قلع سن غيره فردها صاحبها في مكانها ونبت عليه اللحم فعلى القالع الأرش بكماله وكذا إذا قطع أذنه فألصقها فالتحمت ومن نزع سن رجل فانتزع المنزوعة سنه سن النازع فنبتت سن الأول فعلى الأول لصاحبه خمسمائة درهم ولو ضرب إنسان سن إنسان فتحركت يستأني حولا فلو أجله القاضي سنة ثم جاء المضروب وقد سقطت سنه فاختلفا قبل السنة فيما سقط بضربه فالقول للمضروب وإن اختلفا في ذلك بعد السنة فالقول للضارب ولو لم تسقط لا شيء على الضارب ولو لم تسقط ولكنها اسودت يجب الأرش في الخطأ على العاقلة وفي العمد في ماله ولا يجب القصاص وكذا إذا كسر بعضه واسود الباقي وكذا لواحمر أو اخضر ومن شج رجلا فالتحمت ولم يبق لها أثر ونبت الشعر سقط الأرش عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يجب عليه أرش الألم وهو حكومة عدل وقال محمد أجرة الطبيب ومن ضرب رجلا مائة سوط(1/245)
فجرحه فبرأ منها فعليه أرش الضرب ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله خطأ قبل البرء فعليه الدية وسقط أرش اليد ومن جرح رجلا جراحة لم يقتص منه حتى يبرأ وكل عمد سقط القصاص فيه بشبهة فالدية في مال القاتل وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل وإذا قتل الأب ابنه عمدا فالدية في ماله في ثلاث سنين وكل جناية اعترف بها الجاني فهي في ماله ولا يصدق على عاقلته وعمد الصبي والمجنون خطأ وفيه الدية على العاقلة وكذلك كل جناية موجبها خمسمائة فصاعدا والمعتوه كالمجنون فصل في الجنين وإذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ففيه غرة وهي نصف عشر الدية وهي على العاقلة وتجب في سنة ويستوي فيه الذكر والأنثى فإن ألقته حيا ثم مات ففيه دية كاملة وإن ألقته ميتا ثم ماتت الأم فعليه دية بقتل الآم وغرة بإلقائها وإن ماتت الأم من الضربة ثم خرج الجنين بعد ذلك حيا ثم مات فعليه دية في الأم ودية في الجنين وإن مات ثم ألقته ميتا فعليه دية في الأم ولا شيء في الجنين وما يجب في الجنين موروث عنه ولا يرثه الضارب حتى لو ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث منها وفي جنين الآمة إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته لو كان أنثى فإن ضربت فأعتق المولى ما في بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا ولا تجب الدية وإن مات بعد العتق ولا كفارة في الجنين والجنين الذي قد استبان بعض خلقه بمنزلة الجنين التام في جميع هذه الأحكام باب ما يحدث الرجل في الطريق ومن أخرج إلى الطريق الأعظم كنيفا أو ميزابا أو جرصنا أو بنى دكانا فلرجل من عرض الناس أن ينزعه ويسع للذي عمله أن ينتفع به ما لم يضر(1/246)
بالمسلمين وليس لأحد من أهل الدرب الذي ليس بنافذ أن يشرع كنيفا ولا ميزابا إلا بإذنهم وإذا أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا أو نحوه فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته وكذلك إذا تعثر بنقضه إنسان أو عطبت به دابة وإذا عطب بذلك رجل فوقع على آخرفماتا فالضمان على الذي أحدثه فيهما وإن سقط الميزاب نظر فإن أصاب ما كان منه في الحائط رجلا فقتله فلا ضمان عليه وإن أصابه ما كان خارجا من الحائط فالضمان على الذي وضعه فيه ولو أصابه الطرفان جميعا وعلم ذلك وجب نصف الدية وهدر النصف ولو لم يعلم أي طرف أصابه يضمن النصف ولو أشرع جناحا إلى الطريق ثم باع الدار فأصاب الجناح رجلا فقتله أو وضع خشبة في الطريق ثم باع الخشبة وبرىء إليه منها فتركها المشتري حتى عطب بها إنسان فالضمان على البائع ولو وضع في الطريق جمرا فأحرق شيئا يضمنه ولو حركته الريح إلى موضع آخر ثم أحرق شيئا لم يضمنه ولو استأجر رب الدار العملة لإخراج الجناح أو الظلة فوقع فقتل إنسانا قبل أن يفرغوا من العمل فالضمان عليهم وإن سقط بعد فراغهم فالضمان على رب الدار استحسانا وكذا إذا صب الماء في الطريق فعطب به إنسان أو دابة وكذا إذا رش الماء أو توضأ بخلاف ما إذا فعل ذلك في سكة غير نافذة وهو من أهلها أو قعد أو وضع متاعه ولو تعمد المرور في موضع صب الماء فسقط لا يضمن الراش ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فضمان ما عطب على الآمر استحسانا وإذا استأجر أجيرا ليبني له في فناء حانوته فتعقل به إنسان بعد فراغه من العمل فمات يجب الضمان على الآمر استحسانا ولو كان أمره بالبناء في وسط الطريق فالضمان على الأجير ومن حفر بئرا في طريق المسلمين أو وضع حجرا فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته وإن تلفت به بهيمة فضمانها في ماله ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه وفي الجامع الصغير في البالوعة يحفرها الرجل في الطريق فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره(1/247)
عليه لم
يضمن وإن كان بغير أمره فهو متعد وكذا إن حفره في ملكه لم يضمن وكذا إذا حفره في فناء داره ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما لاضمان على الحافر عند أبي حنيفة وإن استأجر إجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء وإن قال لهم هذا فنائي وليس له فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان فالضمان على الأجراء قياسا وفي الاستحسان الضمان على المستأجر ومن جعل قنطرة بغير إذن الإمام فتعمد رجل المرور عليها فعطب فلا ضمان على الذي جعل القنطرة وكذلك أن وضع خشبة في الطريق فتعمد رجل المرور عليها ومن حمل شيئا في الطريق فسقط على إنسان فعطب به فهو ضامن وكذا إذا سقط فتعثر به إنسان وإن كان رداء قد لبسه فسقط عنه فعطب به إنسان لم يضمن وإذا كان المسجد للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل لم يضمن وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن في الوجهين وإن جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة وإن كان في غير الصلاة ضمن وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن على كل حال ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو نام في غير الصلاة أو مر فيه مار أو قعد فيه لحديث فهو هذا الاختلاف وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف وقيل لا يضمن بالاتفاق وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه في الصلاة فتعقل به إنسان ينبغي أن لا يضمن فصل في الحائط المائل وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه فلم ينقضه(1/248)
في مدة يقدر على نقضه حتى سقط ضمن ما تلف به من نفس أو مال ولو بنى الحائط مائلا فى الابتداء قالوا يضمن ما تلف بسقوطه من غير إشهاد وتقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين على التقدم وإن مال إلى دار رجل فالمطالبة إلى مالك الدار خاصة ولو سقط الحائط المائل على إنسان بعد الإشهاد فقتله فتعثر بالقتيل غيره فعطب لا يضمنه وإن عطب بالنقض ضمنه ولو عطب بجرة كانت على الحائط فسقطت بسقوطه وهي ملكه ضمنه وإن كان ملك غيره لا يضمنه وإذا كان الحائط بين خمسة رجال أشهد على أثرهم فقتل إنسانا ضمن خمس الدية ويكون ذلك على عاقلته وإن كانت دار بين ثلاثة نفر فحفر أحدهم فيها بئرا والحفر كان بغير رضا الشريكين الآخرين أو بنى حائطا فعطب به إنسان فعليه ثلثا الدية على عاقلته وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه نصف الدية على عاقلته في الفصلين باب جناية البهيمة والجناية عليها الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت وكذا إذا صدمت ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها فإن أوقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا وإن إصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن وإن كان حجرا كبيرا ضمن فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان لم يضمن وكذا إذا أوقفها لذلك والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها وفي الجامع الصغير وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائدإلا أن على الراكب الكفارة فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها ولا كفارة عليهما ولا على الراكب فيما وراء الإيطاء ولو كان راكب وسائق قيل يضمن السائق ما أوطأت الدابة وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل منهما دية الآخر ومن ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتله(1/249)
ضمن وكذا على هذا سائر أدواته كاللجام ونحوه وكذا ما يحمل عليها ومن قاد قطارا فهو ضامن لما أوطأ فإن وطىء بعير إنسانا ضمن به القائد والدية على العاقلة وإن كان معه سائق فالضمان عليهما وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم فوطىء المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية ثم يرجعون بها عل عاقلة الرابط ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا فأصابت في فورها يضمنه ولو أرسل طيرا أو ساقه فأصاب في فوره لم يضمن ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل وإن مالت يمينا أو شمالا وله طريق آخر لا يضمن ولو انفلتت الدابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا لا ضمان على صاحبها شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها وفي عين بقرة الجزار وجزوره ربع القيمة وكذا في عين الحمار والبغل والفرس ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فنفحت رجلا أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا وإن ألقت الراكب فقتلته كان ديته على عاقلة الناخس ولو وثبت بنخسه على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا إذا كانت في فورها الذي نخسها ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره ولو نخسها شيء منصوب في الطريق فنحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء باب جناية المملوك والجناية عليه وإذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه إما أن تدفعه بها أو تفديه فإن دفعه ملكه ولي الجناية وإن فداه فداه بأرشها وكل ذلك يلزمه حالا وأيهما اختاره وفعله لا شيء لولي الجناية غيره فإن عاد فجنى كان حكم الجناية الثانية كحكم الجناية الأولى وإن(1/250)
جنى جنايتين قيل للمولى إما أن تدفعه إلى ولي الجنايتين يقتسمانه على قدر حقيهما وإما أن تفديه بأرش كل واحد منهما وإن كانوا جماعة يقتسمون العبد المدفوع على قدر حصصهم وإن فداه فداه بجميع أروشهم ولو قتل واحدا وفقأ عين آخر يقتسمانه أثلاثا وللمولى أن يفدى من بعضهم ويدفع إلى بعضهم مقدار ما تعلق به حقه من العبد فإن أعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن أرشها وإن أعتقه بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش ومن قال لعبده إن قتلت فلانا أو رميته أو شججته فأنت حر فهو مختارللفداء إن فعل ذلك وإذا قطع العبد يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من قطع اليد فالعبد صلح بالجناية وإن لم يعتقه رد على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه وإذا جنى العبد المأذون له جناية وعليه ألف درهم فأعتقه المولى ولم يعلم بالجناية فعليه قيمتان قيمة لصاحب الدين وقيمة لأولياء الجناية وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها ثم ولدت فإنه يباع الولد معها في الدين وإن جنت جناية لم يدفع الولد معها وإذا كان العبد لرجل زعم رجل آخر أنه مولاه أعتقه فقتل العبد وليا لذلك الرجل الزاعم خطأ فلا شيء له وإذا أعتق العبد فقال لرجل قتلت أخاك خطأوأنا عبد وقال الآخر قتلته وأنت حر فالقول قول العبد ومن أعتق جارية ثم قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت قطعتها وأنا حرة فالقول قولهاوكذلك كل ما أخذ منها إلا الجماع والغلة استحسانا وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يضمن إلا شيئا قائما بعينه يؤمر برده عليها وإذا أمر العبد المحجور عليه صبيا حرا بقتل رجل فقتله فعلى عاقلة الصبي الدية ولا شيء على الآمر وكذلك إن أمر عبدا يخاطب مولى القاتل بالدفع أو الفداء وإذا قتل العبد رجلين عمدا ولكل منهما وليان فعفا أحد ولي كل واحد منهما فإن المولى يدفع نصفه الآخرين أو يفديه بعشرة آلاف درهم فإن كان قتل أحدهما عمدا(1/251)
والآخر خطأ فعفا أحد ولي العمد فإن فداه المولى فداه بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف للذي لم يعف
من ولي العمد وعشرة آلاف لولي الخطأ وإن دفعه إليهم أثلاثا ثلثاه لولي الخطأ وثلثه لغير العافي من ولي العمد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفعه أرباعا ثلاثة أرباعه لولي الخطأ وربعه لولي العمد وإذا كان عبد بين رجلين فقتل مولى لهما فعفا أحدهما بطل الجميع عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يدفع الذي عفا نصف نصيبه إلى الآخر أو يفديه بربع الدية فصل ومن قتل عبدا خطأ فعليه قيمته لا تزاد على عشرة آلاف درهم فإن كانت قيمته عشرة آلاف درهم أو أكثر قضي له بعشرة آلاف إلا عشرة وفي الأمة إذا زادت قيمتها على الدية خمسة آلاف إلا عشرة وفي يد العبد نصف قيمته لا يزاد على خمسة آلاف إلا خمسة ومن قطع يد عبد فأعتقه المولى ثم مات من ذلك فإن كان له ورثة غيرالمولى فلا قصاص فيه وإلا اقتص منه وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا قصاص في ذلك وعلى القاطع أرش اليد وما نقصه ذلك إلى أن يعتقه ويبطل الفضل ومن قال لعبديه أحدكما حر ثم شجا فأوقع العتق على أحدهما فأرشهما للمولى ولو قتلهما رجل تجب دية حر وقيمة عبد ومن فقأ عيني عبد فإن شاء المولى دفع عبده وأخذ قيمته وإن شاء أمسكه ولا شيء له من النقصان عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا إن شاء أمسك وأخذ ما نقصه وإن شاء دفع العبد وأخذ قيمته فصل في جناية المدبر وأم الولد وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها وجنايات المدبر وإن توالت لا توجب إلا قيمة واحدة فإن جنى جناية أخرى وقد دفع المولى القيمة إلى ولي الأولى بقضاء فلا شيء عليه وإن كان المولى دفع القيمة بغير قضاء فالولي بالخيار إن شاء اتبع المولى وإن شاء اتبع ولي الجناية وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء على المولى وإذا أعتق المولى المدبر(1/252)
وقد جنى جنايات لم تلزمه إلا قيمة واحدة وأم الولد بمنزلة المدبر في جميع ما وصفنا وإذا أقر المدبر بجناية الخطأ لم يجز إقراره ولا يلزمه به شيء عتق أو لم يعتق باب غصب العبد والمدبر والصبي والجناية في ذلك ومن قطع يد عبده ثم غصبه رجل ومات في يده من القطع فعليه قيمته أقطع وإن كان المولى قطع يده في يد الغاصب فمات من ذلك في يد الغاصب لا شيء عليه وإذاغصب العبد المحجور عليه عبدا محجورا عليه فمات في يده فهو ضامن ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع المولى بنصف قيمته على الغاصب ويدفعه إلى ولي الجناية الأولى ثم يرجع بذلك على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف قيمته فيسلم له وإن كان جنى عندالمولى فغصبه رجل فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع بنصف القيمة على الغاصب ومن غصب عبدا فجنى في يده ثم رده فجنى جناية أخرى فإن المولى يدفعه إلى ولي الجنايتين ثم يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعه إلى الأول ويرجع به على الغاصب وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يرجع بنصف القيمة فيسلم له وإن جنى عند المولى ثم غصبه فجنى في يده دفعه المولى نصفين ويرجع بنصف قيمته فيدفعه إلى الأول ولا يرجع به ومن غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى ثم غصبه ثم جنى عنده جناية فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ثم يرجع بقيمته على الغاصب فيدفع نصفها إلى الأول ويرجع به على الغاصب ومن غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء وإن مات من صاعقة أو نهشة حية فعلى عاقلة الغاصب الدية استحسانا وإذا أودع صبي عبدا فقتله فعلى عاقلته الدية وإن اودع طعاما فأكله لم يضمن وإن استهلك مالا ضمن(1/253)
باب القسامة وإذا وجد القتيل في محلة ولا يعلم من قتله استحلف خمسون رجلا منهم يتخيرهم الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا وإذا حلفوا قضي على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف وإن لم يكمل أهل المحلة كررت الأيمان عليهم حتى تتم خمسين ولا قسامة على صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد وإن وجد ميتا لا أثر به فلا قسامة ولا دية ولو وجد بدن القتيل أو أكثر من نصف البدن أوالنصف ومعه الرأس في محلة فعلى أهلها القسامة والدية وإن وجد نصفه مشقوقا بالطول أو وجد أقل من النصف ومعه الرأس أو وجد يده أو رجله أو رأسه فلا شيء عليه ولو وجد فيهم جنين أو سقط ليس به أثر الضرب فلا شيء على أهل المحلة وإن كان به أثر الضرب وهو تام الخلق وجبت القسامة والدية عليهم وإن كان ناقص الخلق فلا شيء عليهم وإذا وجد القتيل على دابة يسوقها رجل فالدية على عاقلته دون أهل المحلة فإن اجتمعوا فعليهم وإن مرت دابة بين القريتين وعليها قتيل فهو على أقربهما وإن وجد القتيل في دار إنسان فالقسامة عليه والدية على عاقلته ولا تدخل السكان في القسامة مع الملاك عند أبي حنيفة رحمها الله وقال ابو يوسف رحمه الله هو عليهم جميعا وهي على أهل الخطة دون المشترين عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف الكل مشتركون وإن بقي واحد منهم فكذلك وإن لم يبق واحد منهم بأن باعوا كلهم فهو على المشترين وإذا وجد قتيل في دار فالقسامة على رب الدار وعلى قومه وتدخل العاقلة في القسامة إن كانوا حضورا وإن كانوا غيبا فالقسامة على رب الدار ويكرر عليه الايمان وإن وجد القتيل في دار مشتركة نصفها لرجل وعشرها لرجل ولآخر ما بقي فهو على رؤوس الرجال ومن اشترى دارا ولم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع وإن كان في البيع خيار لأحدهما فهو على عاقلة الذي(1/254)
في يده ومن كان في يده دار فوجد فيها قتيل لم تعقله العاقلة حتى تشهد الشهود أنها للذي في يده وإن وجد قتيل في سفينة فالقسامة على من فيها من الركاب والملاحين وإن وجد في مسجد محلة فالقسامة على أهلها وإن وجد في المسجد الجامع أو الشارع الأعظم فلا قسامة فيه والدية على بيت المال ولو وجد في السوق إن كان مملوكا فعند أبي يوسف رحمه الله تجب على السكان وعندهما على المالك وإن لم يكن مملوكا كالشوارع العامة التي بنيت فيها فعلى بيت المال ولو وجد في السجن فالدية على بيت المال وعلى قول أبي يوسف رحمه الله الدية والقسامة على أهل السجن وإن وجد في برية ليس بقربها عمارة فهو هدر وإن وجد بين قريتين كان على أقربهما وإن وجد في وسط الفرات يمر به الماء فهو هدر وإن كان محتبسا بالشاطىء فهو على أقرب القرى من ذلك المكان وإن ادعى الولى على واحد من أهل المحلة بعينه لم تسقط القسامة عنهم وإن ادعى على واحد من غيرهم سقطت عنهم وإذا التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة إلا أن يدعي الأولياء على أولئك أو على رجل منهم بعينه فلم يكن على أهل المحلة شيء ولا على أولئك حتى يقيموا البينة ولو وجد قتيل في معسكر قاموا بفلاة من الأرض لا ملك لأحد فيها فإن وجد في خباء أو فسطاط فعلى من يسكنها الدية والقسامة وإن كان خارجا من الفسطاط فعلى أقرب الأخبية وإن كان القوم لقوا قتالا ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية وإن كان للأرض مالك فالعسكر كالسكان فيجب على المالك عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف وإذا قال المستحلف قتله فلان استحلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير فلان وإذا شهد اثنان من أهل المحلة على رجل من غيرهم أنه قتل لم تقبل شهادتهما ولو ادعى على واحد من أهل المحلة يعينه فشهد شاهدان من أهلها عليه لم تقبل الشهادة ومن جرح في قبيلة فنقل إلى أهله فمات من تلك الجراحة فإن كان صاحب فراش حتى مات فالقسامة والدية على(1/255)
القبيلة وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا قسامة ولا دية ولو أن رجلا معه جريح به رمق
حمله إنسان إلى أهله فمكث يوما أو يومين ثم مات لم يضمن الذي حمله إلى أهله في قول ابي يوسف رحمه الله وفي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله يضمن ولو وجد رجل قتيلا في دار نفسه فديته على عاقلته لورثته عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله لا شي فيه ولو أن رجلين كانا في بيت وليس معهما ثالث فوجد أحدهما مذبوحا قال أبو يوسف يضمن الآخر الدية وقال محمد لا يضمنه ولو وجد قتيل في قرية لامرأة فعند أبي حنيفة ومحمد عليها القسامة تكرر عليها الأيمان والدية على عاقلتها أقرب القبائل إليها في النسب وقال أبو يوسف على العاقلة أيضا ولو وجد رجل قتيلا في أرض رجل جانب قرية ليس صاحب الأرض من أهلها قال هو على صاحب الأرض كتاب المعاقل والدية في شبه العمد والخطأ وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة والعاقلة الذين يعقلون والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته وتقسم عليهم في ثلاث سنين لا يزاد الواحد على أربعة دراهم في كل سنة وينقص منها وإن لم يكن تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل على ترتيب العصبات ولو كانت عاقلة الرجل أصحاب الرزق يقضى بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين في كل سنة الثلث وأدخل القاتل مع العاقلة فيكون فيما يؤدى كأحدهم وليس على النساء والذرية ممن كان له حظ في الديوان عقل ولا يعقل أهل مصر عن مصر آخر ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوادهم ومن كان منزله بالبصرة وديوانه بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة ومن جنى جناية من أهل المصر وليس له في الديوان عطاء وأهل البادية أقرب إليه ومسكنه المصر عقل عنه أهل الديوان من ذلك المصر ولو كان البدوي نازلا في المصر لا مسكن له(1/256)
فيه
لا يعقله أهل المصر وإن كان لأهل الذمة عواقل معروفة يتعاقلون بها فقتل أحدهم قتيلا فديته على عاقلته بمنزلة المسلم وإن لم تكن لهم عاقلة معروفة فالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى بها عليه ولا يعقل كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه وقبيلته ولا تعقل العاقلة أقل من نصف عشر الدية وتتحمل نصف العشر فصاعدا وما نقص من ذلك يكون في مال الجاني ولا تعقل العاقلة جناية العمد ولا ما لزم بالصلح أو باعتراف الجاني إلا أن يصدقوه ومن أقر بقتل خطأ ولم يرفعواإلى القاضي إلا بعد سنين قضي عليه بالدية في ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى ولو تصادق القاتل وولى الجناية على أن قاضي بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالكوفة بالبينة وكذبهما العاقلة فلا شيء على العاقلة ولم يكن عليه شيء في ماله إلا أن يكون له عطاء معهم فحينئذ يلزمه بقدر حصته وإذا جنى الحر على العبد فقتله خطأ كان على عاقلته قيمته وابن الملاعنة تعقله عاقلة أمه فإن عقلوا عنه ثم ادعاه الأب رجعت عاقلة الأم بما أدت على عاقلة الأب في ثلاث سنين من يوم يقضى القاضي لعاقلة الأم على عاقلة الأب كتاب الوصايا باب في صفة الوصية ما يجوز من ذلك وما يستحب منه وما يكون رجوعا عنه الوصية غير واجبة وهي مستحبة ولا تجوز بما زاد على الثلث إلا أن يجيزها الورثة بعد موته وهم كبار ولا معتبر بإجازتهم في حال حياته وكل ما جاز بإجازة الوارث يتملكه المجاز له من قبل الموصي ولا تجوز للقاتل عامدا كان أو خاطئا بعد أن كان مباشرا ولو إجازتها الورثة جاز عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا تجوز ولا تجوز لوارثه والهبة من المريض للوارث في هذا نظير الوصية إلا أن تجيزها الورثة ويجوز أن يوصي المسلم للكافر(1/257)
والكافر للمسلم وفي الجامع الصغير الوصية لأهل الحرب باطلة وقبول الوصية بعد الموت فإن قبلها الموصى له حال الحياة أو ردها فذلك باطل ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث والموصى به يملك بالقبول إلا في مسألة واحدة وهو أن يموت الموصي ثم يموت الموصى له قبل القبول فيدخل الموصى به في ملك ورثته ومن أوصى وعليه دين يحيط بماله لم تجز الوصية إلا أن يبرئه الغرماء ولا تصح وصية الصبي ولا تصح وصية المكاتب وإن ترك وفاء وتجوز الوصية للحمل وبالحمل إذا وضع لأقل من ستة أشهر ومن وقت الوصية ومن أوصى بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية وإذا صرح بالرجوع أو فعل ما يدل على الرجوع كان رجوعا وإن جحد الوصية لم يكن رجوعا ولو قال كل وصية أوصيت بها لفلان فهي حرام وربا لا يكون رجوعا بخلاف ما إذا قال فهي باطلة ولو قال أخرتها لا يكون رجوعا بخلاف ما إذا قال تركت ولو قال العبد الذي أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا بخلاف ما غذا أوصى به لرجل ثم أوصى به لآخر وكذا إذا قال فهو فلان وارثي يكون رجوعا عن الأول ولو كان فلان الآخر ميتا حين أوصى فالوصية الأولى على حالها ولو كان فلان حين قال ذلك حيا ثم مات قبل موت الموصي فهي للورثة باب الوصية بثلث المال ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما وإن أوصى لأحدهما بالثلث وللآخر بالسدس فالثلث بينهما أثلاثا وإن أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث ماله ولم تجز الورثه فالثلث بينهما على أربعة أسهم عندهما وقال أبو حنيفة رحمه الله الثلث بينهما نصفان ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على الثلث إلا في المحاباة والسعاية والدراهم المرسلة وإذا أوصى بنصيب ابنه فالوصية باطلة ولو اوصى بمثل نصيب ابنه جاز ومن اوصى بسهم(1/258)
من ماله فله أخس سهام الورثة إلا أن ينقص عن السدس فيتم له السدس ولا يزاد عليه وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا له مثل نصيب أحد الورثة ولا يزاد على الثلث إلا أن يجيز الورثة ولو أوصى بجزء من ماله قيل للورثة أعطوه ما شئتم ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في غيره سدس مالي لفلان فله سدس واحد ومن أوصى بثلث دراهمه أو بثلث غنمه فهلك ثلثا ذلك وبقي ثلثه وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله فله جميع ما بقي ولو أوصى بثلث ثيابه فهلك ثلثاها وبقي ثلثها وهو يخرج من ثلث ما بقي من ماله لم يستحق إلا ثلث ما بقي من الثياب ولو أوصى بثلث ثلاثة من رقيقه فمات اثنان لم يكن له إلا ثلث الباقي وكذا الدور المختلفة ومن أوصى لرجل بألف درهم وله مال عين ودين فإن خرج الألف من ثلث العين دفع إلى الموصى له ومن أوصى لزيد وعمرو بثلث فإذا ماله عمرو ميت فالثلث كله لزيد ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له واكتسب مالا استحق الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت ومن أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده وهن ثلاث وللفقراء والمساكين فلهن ثلاثة أسهم من خسمة أسهم ولو أوصى بثلثه لفلان وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين عندهما وعند محمد ثلثه لفلان وثلثا للمساكين ولو أوصى للمساكين له صرفه إلى مسكين واحد عندهما وعنده لا يصرف إلا إلى مسكينين ومن أوصى لرجل بمائة درهم ولآخر بمائة ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة ومن قال لفلان علي دين فصدقوه فإنه يصدق إلى الثلث وإن أوصى بوصايا غير ذلك يعزل الثلث لأصحاب الوصايا والثلثان للورثة وإذا عزل يقال لأصحاب الوصايا صدقوه فيما شئتم ويقال للورثة صدقوه فيما شئتم فيؤخذ أصحاب الثلث بثلث ما أقروا والورثة بثلثي ما أقروا ومن أوصى لأجنبي ولوارثه فللأجنبي نصف الوصية وتبطل وصية الوارث(1/259)
ومن كان له ثلاثة أثواب
جيد ووسط ورديء فأوصى بكل واحد لرجل فضاع ثوب ولا يدري أيها هو والورثة تجحد ذلك فالوصية باطلة إلا أن يسلم الورثة الثوبين الباقيين فإن سلموا زال المانع وهو الجحود فيكون لصاحب الجيد ثلثا الثوب الأجود ولصاحب الأوسط ثلث الجيد وثلث الأدون فثبت الأدون ولصاحب الأدون ثلثا الثوب الأدون وإذا كانت الدار بين رجلين فأوصى أحدهما ببيت بعينه لرجل فإنها تقسم فإن وقع البيت في نصيب الموصي فهو للموصى له وإن وقع في نصيب الآخر فللموصى له مثل ذرع البيت ومن أوصى من مال رجل لآخر بألف بعينه فأجاز صاحب المال بعد موت الموصي فإن دفعه فهو جائز وله أن يمنع وإذا اقتسم الإبنان تركة الأب الفا ثم أقر أحدهما لرجل أن الأب أوصى بثلث ماله فإن المقر يعطيه ثلث ما في يده ومن أوصى لرجل بجارية فولدت بعد موت الموصي ولدا وكلاهما يخرجان من الثلث فهما للموصى له وإن لم يخرجا من الثلث ضرب بالثلث وأخذ ما يخصه منهما جميعا في قول أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يأخذ ذلك من الأم فإن فضل شيء أخذه من الولد وهذا إذا ولدت قبل القسمة فإن ولدت بعد القسمة فهو للموصى له فصل في اعتبار حالة الوصية وإذا أقر المريض لامرأة بدين أو أوصى لها بشيء أو وهب لها ثم تزوجها ثم مات جاز الإقرار وبطلت الوصية والهبة وإذا أقر المريض لابنه بدين وابنه نصراني أو وهب له أو أوصى له فأسلم الابن قبل موته بطل ذلك كله والمقعد والمفلوج والأشل والمسلول إذا تطول ذلك ولا يخاف منه الموت فهبته من جميع المال وإن وهب عندما أصابه ذلك ومات من أيامه فهو من الثلث إذا صار صاحب فراش(1/260)
باب العتق في مرض الموت ومن أعتق في مرضه عبدا أو باع وحابى أو وهب فذلك كله جائز وهو معتبر من الثلث ويضرب به مع أصحاب الوصايا وإن حابى ثم أعتق وضاق الثلث عنهما فالمحاباة أولى عند أبي حنيفة رحمه الله ومن أعتق ثم حابى فهما سواء وقالا العتق أولى في المسألتين ومن أوصى بأن يعتق عنه بهذه المائة عبد فهلك منها درهم لم يعتق عنه بما بقي عند أبي حنيفة رحمه الله وإن كانت وصيته بحجة يحج عنه بما بقي من حيث يبلغ وإن لم يهلك منها وبقي شيء من الحجة يرد على الورثة وقالا يعتق عنه بما بقي ومن ترك ابنين ومائة درهم وعبدا قيمته مائة درهم وقد كان أعتقه في مرضه فأجاز الوارثان ذلك لم يسع في شيء ومن أوصى بعتق عبده ثم مات فجنى جناية ودفع بها بطلت الوصية ومن أوصى بثلث ماله لآخر فأقر الموصى له الوراث أن الميت أعتق هذا العبد فقال الموصى له أعتقه في الصحة وقال الوارث أعتقه في المرض فالقول قول الوارث ولا شيء للموصى به إلا أن يفضل من الثلث شيء أو تقوم له البينة أن العتق في الصحة ومن ترك عبدا فقال للوارث أعتقني أبوك في الصحة وقال رجل لي على أبيك ألف درهم فقال صدقتما فإن العبد يسعى في قيمته عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا يعتق ولا يسعى في شيء فصل ومن أوصى بوصايا من حقوق الله تعالى قدمت الفرائض منها قدمها الموصي أو أخرها مثل الحج والزكاة والكفارات فإن تساوت في القوة بدىء بما قدمه الموصى إذا ضاق عنها الثلث وما ليس بواجب قدم منه ما قدمه الموصي ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلا من بلده يحج راكبا فإن لم تبلغ الوصية النفقة أحجوا عنه من حيث تبلغ ومن خرج من بلده حاجا فمات في الطريق وأوصى أن يحج عنه يحج عنه من بلده باب الوصية للأقارب وغيرهم ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا هم الملاصقون(1/261)
وغيرهم ممن يسكن محلة الموصي ويجمعهم مسجد المحلة ومن أوصى لأصهاره فالوصية لكل ذي رحم محرم من امرأته وكذا يدخل فيه كل ذي رحم محرم من زوجة أبيه وزوجة ابنه وزوجة كل ذي رحم محرم منه ولو مات الموصي والمرأة في نكاحه أو في عدته من طلاق رجعي فالصهر يستحق الوصية وإن كانت في عدته من طلاق بائن لا يستحقها ومن أوصى لأختانه فالوصية لزوج كل ذات رحم محرم منه وكذا محارم الأزواج ومن أوصى لأقاربه فهي للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه ولا يدخل فيه الوالدان والولد ويكون ذلك للإثنين فصاعدا وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال صاحباه الوصية لكل من ينسب إلى أقصى أب له في الإسلام وإذا أوصى لأقاربه وله عمان وخالان فالوصية لعميه ولو ترك عما وخالين فللعم نصف الوصية والنصف للخالين ومن أوصى لأهل فلان فهي على زوجته عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا كل من يعولهم وتضمهم نفقته ولو أوصى لآل فلان فهو لأهل بيته ولو أوصى لأهل بيت فلان يدخل فيه أبوه وجده ومن أوصى لولد فلان فالوصية بينهم والذكر والأنثى فيه سواء ومن أوصى لورثة فلان فالوصية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين باب الوصية بالسكنى والخدمة والثمرة وتجوز الوصية بخدمة عبده وسكنى داره سنين معلومة وتجوز بذلك أبدا فإن خرجت رقبة العبد من الثلث يسلم إليه ليخدمه وإن كان لا مال له غيره خدم الورثة يومين والموصى له يوما فإذا مات الموصى له عاد إلى الورثة ولو مات الموصى له في حياة الموصي بطلت ومن أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة فله هذه الثمرة وحدها وإن قال له ثمرة بستاني أبدا فله هذه الثمرة وثمرته فيما يستقبل ما عاش وإن أوصى له بغلة بستانه فله الغلة القائمة وغلته فيما يستقبل ومن أوصى لرجل بصوف غنمه أبدا أو بأولادها أو بلبنها ثم مات فله ما في بطونها(1/262)
من الولد وما في ضروعها من اللبن وما على ظهورها من الصوف يوم يموت الموصى سواء قال أبدا أو لم يقل باب وصية الذمي وإذا صنع يهودي أو نصراني بيعة أو كنيسة في صحته ثم مات فهو ميراث ولو أوصى بذلك لقوم مسمين فهو من الثلث وأن أوصى بداره كنسية لقوم غير مسمين جازت الوصية عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا الوصية باطلة وإذا دخل الحربي دارنا بأمان فأوصى لمسلم أو ذمي بماله كله جاز باب الوصي وما يملكه ومن أوصى إلى رجل فقبل الوصي إلى وجه الموصي وردها في غير وجهه فليس برده فإن ردها في وجهه فهو رد وإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل وإن لم يقبل حتى مات الوصي فقال لا أقبل ثم قال أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال لا أقبل ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي عن الوصاية ونصب غيرهم ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية وإن كانوا صغارا كلهم فالوصية إليه جائزة عند أبي حنيفة ولا تجوز عندهما ومن يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله دون صاحبه إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه وطعام الصغار وكسوتهم ورد الوديعة بعينها ورد المغصوب والمشتري شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون وتنفيذ وصية بعينها وعتق عبد بعينه والخصومة في حق الميت وقبول الهبة وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف وجميع الأموال الضائعة ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة ومقاسمته الورثة عن الموصى له باطلة فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له(1/263)
بثلث ما بقي وإن كان الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده حج عن الميت من ثلث ما بقي وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع ما في يده ومن أوصى بثلث الف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب فقسمته جائزة وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي ويرجع فيما ترك الميت وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك واستحق العبد رجع في مال الصغير وإذا احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان خيرا لليتيم جاز ولا يجوز بيع الوصي ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حده وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار ولا يتجر في المال والوصي أحق بمال الصغير من الجد فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب فصل في الشهادة وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما فالشهادة باطلة إلا أن يدعيها المشهود له وكذلك الابنان ولو شهد الوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره فشهادتهما باطلة وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز وإن كان في غير مال الميت جاز وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما فإن كانت شهادة كل فريق للآخر بوصية ألف درهم لم تجز ولو شهد أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته وشهد المشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق ولو شهدا بأنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد الشهود لهما أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة(1/264)
كتاب الخنثى فصل في بيانه وإذا كان للمولود فرج وذكر فهو خنثى فإن كان يبول من الذكر فهو غلام وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى وإن بال منهما فالحكم للأسبق وإن كانا في السبق على السواء فلا معتبر بالكثرة عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ينسب إلى أكثرهما بولا وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحية أو وصل إلى لانساء فهو رجل ولو ظهر له ثدي كثدي المرأة أو نزل له لبن في ثديه أو حاض أو حبل أو أمكن الوصول إليه من الفرج فهو امرأة وإن لم يظهر أحدى هذه العلامات فهو خنثى مشكل فصل في أحكامه وإذا وقف خلف الإمام قام بين صف الرجال والنساء قال فإن قام في صف النساء فأحب إلى أن يعيد صلاته وإن قام في صف الرجال فصلاته تامة ويعيد الذي عن يمينه وعن يساره والذي خلفه بحذائه صلاتهم احتياطا قال وأحب إلينا أن يصلي بقناع ويجلس في صلاته جلوس المرأة وإن صلى بغير قناع أمرته أن يعيد وتبتاع له أمه تختنه إن كان له مال وإن لم يكن له مال ابتاع له الإمام أمة من بيت المال فإذا ختنته باعها ورد ثمنها في بيت المال ويكره له في حياته لبس الحلى والحرير وأن يتكشف قدام الرجال أو قدام النساء وأن يخلو به غير محرم من رجل أو امرأة وأن يسافر من غير محرم من الرجال وأن أحرم وقد راهق قال أبو يوسف رحمه الله لا علم لي في لباسه وقال محمد يلبس لباس المرأة ومن حلف بطلاق أو عتاق إن كان أول ولد تلدنيه غلاما فولدت خنثى لم يقع حتى يستبين أمر الخنثى ولو قال كل عبد لي حرا وقال كل أمة لي حرة وله مملوك خنثى لم يعتق حتى يستبين أمره وإن كان قال القولين جميعا عتق وإن قال(1/265)
الخنثى أنا رجل أو أنا امرأة لم يقبل قوله إذا كان مشكلا وإن لم يكن مشكلا ينبغي أن يقبل قوله وإن مات قبل ان يستبين أمره لم يغسله رجل ولا امرأة وييمم بالصعيد ولا يحضر إن كان مراهقا غسل رجل ولا امرأة امرأة وإن سجي قبره فهو أحب وإذا مات فصلى عليه وعلى رجل وامرأة وضع الرجل مما يلي الإمام والخنثى خلفه والمرأة خلف الخنثى ولو دفن مع رجل في قبر واحد من عذر جعل الخنثى خلف الرجل ويجعل بينهما حاجز من صعيد وإن كان مع امرأة قدم الخنثى قال وإن جعل على السرير نعش المرأة فهو أحب إلي ويكفن كما تكفن الجارية وهو أحب إلي لو مات أبوه وخلف ابنا فالمال بينهما عند أبي حنيفة أثلاثا للابن سهمان وللخنثى سهم وهو أنثى عنده في الميراث إلا أن يتبين غير ذلك مسائل شتى وإذا قرىء على الأخرس كتاب وصيته فقيل له انشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه أي نعم أو كتب فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه أقر فهو جائز ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه وإذا كان الأخرس يكتب كتابا أو يومي إيماء يعرف به فإنه يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه ويقتص له ومنه ولا يجد ولا يحد له وكذلك الذي صمت يوما أو يومين لعارض وإذا كانت الغنم مذبوحة وفيها ميته فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل وإن كانت الميتة أكثر أو كانا نصفين لم تؤكل والله أعلم تم المتن بحمد الله وحسن رعايته وتوفيقه والله نسأل أن يمن علينا بخيره وفضله آمين تم بحمد الله متن بداية المبتدى(1/266)