ويهدي الثلث
لباب
قال شارحه والأخير بدل الثاني وإن كان ظاهر البدائع أنه بدل الثالث
قوله ( بعد رمي يوم النحر ) أي بعد رمي جمرة العقبة وقبل الحلق لما مر
وعبارة اللباب ويجب أن يكون بين الرمي والحلق
قوله ( لوجوب الترتيب ) أي ترتيب الثلاثة الرمي ثم الذبح ثم الحلق على ترتيب حروف قولك رذح أما الطواف فلا يجب ترتيبه على شيء منها والمفرد لا دم عليه فيجب عليه الترتيب بين الرمي والحلق كما قدمنا ذلك في واجبات الحج
قوله ( وإن عجز ) أي بأن لم يكن في ملكه فضل عن كفاف قدر ما يشتري به الدم ولا هو أي الدم في ملكه لباب
ومنه يعلم حد الغني المعتبر هنا وفيه أقوال أخر ويعلم من كلام الظهيرية أن المعتبر في اليسار والإعسار مكة لأنها مكان الدم كما نقله بعضهم عن المنسك الكبير للسندي
قوله ( ولو متفرقة ) أشار إلى عدم لزوم التتابع ومثله في السبعة وإلى أن التتابع أفضل فيهما كما في اللباب
قوله ( آخرها يوم عرفة ) بأن يصوم السابع والثامن والتاسع
قال في شرح اللباب لكن إن كان يضعفه ذلك عن الخروج إلى عرفات والوقوف والدعوات فالمستحب تقديمه على هذه الأيام حتى قيل يكره الصوم فيها إن أضعفه عن القيام بحقها
قال في الفتح وفي كراهة تنزيه إلا أن يسيء خلقه فيوقعه في محظور
قوله ( ندبا رجاء القدرة على الأصل ) لأنه لو صام الثلاثة قبل السابع وتالييه احتمل قدرته على الأصل فيجب ذبحه ويلغو صومه فلذا ندب تأخير الصوم إليها وهذه الجملة سقطت من بعض النسخ
قوله ( فبعده لا يجزيه ) أي لا يجزيه الصوم لو أخره عن يوم النحر ويتعين الأصل والأولى إسقاط هذا لأن المصنف ذكره بقوله فإن فاتت الثلاثة تعين الدم
قوله ( فيه كلام ) تبع في ذلك صاحب النهر وفيه كلام لأن قول المصنف آخرها يوم عرفة دل على شيئين الأول أنه لا يصومها قبل السابع وتالييه
والثاني أنه لا يؤخر الصوم عن يوم النحر
الأول مندوب والثاني واجب
ولما صرح المصنف بالثاني حيث قال فإن فاتت الثلاثة الخ اقتصر في المنح تبعا للبحر على أن قوله آخرها يوم عرفة لبيان المندوب دون الواجب لكن قد يقال إن قوله فإن فاتت الخ بفاء التفريع يدل على أن المقصود من قوله آخرها يوم النحر بيان الواجب وهو عدم التأخير مع أنه الأهم وزاد الشارح التنبيه على المندوب فتأمل
قوله ( بعد تمام أيام حجه ) الأولى إبدال الأيام بالأعمال كما فعل في البحر ليحسن قوله فرضا أو واجبا فإنه تعميم للأعمال من طواف الزيارة والرمي والذبح والحلق وليناسب ما حمل عليه الآية من الفراغ من الأعمال
قوله ( وهو ) أي التمام المذكور بمعنى أيام التشريق لأن اليوم الثالث منها وقت للرمي لمن أقام فيه بمنى
قوله ( أين شاء ) متعلق بصام أي وصام سبعة في أي مكان شاء من مكة أو غيرها
قوله ( لكن الخ ) لا يحسن هذا الاستدراك بعد قوله وهو بمضي أيام التشريق ح ولعل وجهه دفع ما يتوهم من أن قوله وهو الخ ليس شرطا للصحة بل شرط لنفي الكراهة كما في المنذور ونحوه فإنه لو صامه فيها صح مع الكراهة
تأمل
قوله ( لقوله تعالى الخ ) علة لقوله أين شاء بقرينة التفريع
ويجوز جعله علة للاستدراك لأنه تعالى جعل وقت الصوم بعد الفراغ ولا فراغ إلا بمضي أيام التشريق وهذا كله بناء على تفسير علمائنا الرجوع بالفراغ عن الأفعال لأنه سبب الرجوع فذكر المسبب وأريد السبب مجازا فليس المراد حقيقة الرجوع إلى وطنه كما قال الشافعي فلم يجوز صومها بمكة وإنما حملناه على
____________________
(2/533)
المجاز لفرع مجمع عليه وهو أنه لو لم يكن له وطن أصلا وجب عليه صومها بهذا النص وتمامه في الفتح وحاصله أن تفسير الشافعي لا يطرد فتعين المجاز
وادعى ابن كمال في شرح الهداية أن الأقرب الحمل على معنى حقيقي وهو الرجوع من منى بالفراغ عن أفعال الحج لتقدم ذكر الحج واعترضه في النهر بأنه لا يطرد أيضا إذ الحكم يعم المقيم بمنى أيضا ولا رجوع منه إلا بالفراغ فما قاله المشايخ أولى اه
وإلى هذا أشار الشارح بقوله فعم من وطنه منى الخ
قلت لكن قال في الفتح إن صوم السبعة لا يجوز تقديمه على الرجوع من منى بعد إتمام الأعمال الواجبات لأنه معلق في الآية بالرجوع والمعلق بالشرط عدم قبل وجوده اه
فليتأمل
قوله ( فإن فاتت الثلاثة ) بأن لم يصمها حتى دخل يوم النهر تعين الدم لأن الصوم بدل عنه والنص خصه بوقت الحج
بحر
قوله ( فلو لم يقدر ) أي على الدم تحلل أي بالحلق أو التقصير
قوله ( وعليه دمان ) أي دم التمتع ودم التحلل قبل أوانه
بحر عن الهداية وتمامه فيه وفيما علقناه عليه
قوله ( ولو قدر عليه ) أي على الدم وقوله بطل صومه أي حكم صومه وهو خليفته عن الهدي في إباحة التحلل بالحلق والتقصير في وقته فإن الهدي أصل في ذلك لعدم جواز التحلل قبله لوجوب الترتيب بينهما كما مر والصوم أي الثلاثة فقط خلف عن الهدي في ذلك عند العجز عنه فصار المقصود بالصوم إباحة التحلل بالحلق أو التقصير فإذا قدر على الأصل قبل التحلل وجب الأصل لقدرته عليه قبل حصول المقصود بخلفه كما وقدر المتيمم على الماء في الوقت قبل صلاته بالتيمم بخلاف ما لو قدر على الهدي بعد الحلق أو قبله لكن بعد أيام النحر
وعن هذا قال في فتح القدير فإن قدر على الهدي في خلال الثلاثة أو بعدها قبل يوم النحر لزمه الهدي وسقط الصوم لأنه خلف وإذا قدر على الأصل قبل تأدي الحكم بالخلف بطل الخلف وإن قدر عليه قبل الحلق قبل أن يصوم السبعة في أيام الذبح أو بعدها لم يلزمه الهدي لأن التحلل قد حصل بالحلق فوجود الأصل بعده لا ينقض الخلف كرؤية المتيمم الماء بعد الصلاة بالتيمم وكذا لو لم يجد حتى مضت أيام الذبح ثم وجد الهدي لأن الذبح مؤقت بأيام النحر فإذا مضت فقد حصل المقصود وهو إباحة التحلل بلا هدي وكأنه تحلل ثم وجده ولو صام في وقته مع وجود الهدي ينظر فإن بقي الهدي إلى يوم النحر لم يجزه للقدرة على الأصل وإن هلك قبل الذبح جاز للعجز عن الأصل فكان المعتبر وقت التحلل اه
ونحوه في شرح الجامع لقاضيخان و المحيط و الزيلعي و البحر وغيرها من كتب المذهب المعتبرة وللشرنبلالي رسالة سماها بديعة الهدي لما استيسر من الهدي خالف فيها ما في هذه الكتب وادعى وجوب الهدي بوجوده في أيام النحر سواء حلق أو لا متمسكا بقولهم العبرة لأيام النحر في العجز والقدرة وترك اشتراطهم بعد ذلك عدم الحلق لإقامة الصوم مقام الهدي وادعى أيضا أن كلام الفتح وغيره يدل على أنه يتحلل بالهدي أصلا وبالحلق خلفا وأن الحلق خلف عن الهدي
ولا يخفى عليك أنه ليس في كلام الفتح ذلك وأن اتباع المنقول واجب فلا يعول على هذه الرسالة وقد كتبت على هامشها في عدة
____________________
(2/534)
مواضع بيان ما فيها من الخلل والله تعالى أعلم
قوله ( فإن وقف ) أي بعد الزوال إذ الوقوف قبله لا اعتبار به وقيد بالوقوف لأنه يكون رافضا لعمرته وبمجرد الوجه إلى عرفات هو الصحيح وتمامه في البحر
قوله ( بطلت عمرته ) لأنه تعذر عليه أداؤها لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج وذلك خلاف المشروع
بحر
قوله ( فلو أتى الخ ) محترز قوله قبل أكثر طواف العمرة
قوله ( لم تبطل ) لأنه أتى بركنها ولم يبق إلا واجباتها من الأقل والسعي
بحر
قوله ( ويتمها يوم النحر ) أي قبل طواف الزيارة الباب
قوله ( والأصل أن المأتي به ) أي كالطواف الذي نوى به القدوم أو التطوع ومن جنس حال منه وما بمعنى نسك وضمير به هو للشخص الآتي وضمير به و له عائد على ما وفي وقت متعلق بالمأتي وقدمنا فروع هذا الأصل عند طواف الصدر
قوله ( وقضيت ) أي بعد أيام التشريق شرح اللباب وتقدم أن المكروه إنشاء العمرة في هذه الأيام لا فعلها فيها بإحرام سابق
تأمل
قوله ( بشروعه فيها ) فإنه ملزم كالنذر
بحر
قوله ( ووجب دم الرفض ) لأن كل من تحلل بغير طواف يجب عليه دم كالمحصر
بحر
قوله ( لأنه لم يوفق للنسكين ) أي للجمع بينهما لبطلان عمرته كما علمت فلم يبق قارنا والله تعالى أعلم
باب التمتع ذكره عقب القران لاقترانهما في معنى الانتفاع بالنسكين القران لمزيد فضله
نهر
قوله ( من المتاع ) أي مشتق منه
لأن التمتع مصدر مزيد والمجرد أصل المزيد ط
وفي الزيلعي التمتع من المتاع أو المتعة وهو الانتفاع أو النفع قال الشاعر وقفت على قبر غريب بقفرة متاع قليل من غريب مفارق جعل الأنس بالقبر متاعا اه
قوله ( وشرعا أن يفعل العمرة ) أي طوافها لأن السعي ليس ركنا فيها على الصحيح كالحج وقوله الآتي ثم يحرم بالنصب عطفا على يفعل فهو من تتمة التعريف وأشار إلى أنه لا يشترط كون إحرام العمرة في أشهر الحج ولا كون التمتع في عام الإحرام بالعمرة بل الشرط عام فعلها حتى لو أحرم بعمرة في رمضان وأقام على إحرامه إلى شوال من العام القابل ثم حج من عامه ذلك كان متمتعا كما في الفتح
تنبيه ذكر في اللباب أن شرائط التمتع أحد عشر الأول أن يطوف للعمرة كله أو أكثره في أشهر الحج
الثاني أن يقدم إحرام العمرة على الحج
الثالث أن يطوف للعمرة كله أو أكثره قبل إحرام الحج
الرابع عدم إفساد العمرة
____________________
(2/535)
الخامس عدم إفساد الحج
السادس عدم الإلمام إلماما صحيحا كما يأتي
السابع أي يكون طواف العمرة كله أو أكثره والحج في سفر واحد فلو رجع إلى أهله قبل إتمام الطواف ثم عاد وحج فإن كان أكثر الطواف في السفر الأول لم يكن متمتعا وإن كان أكثره في الثاني كان متمتعا وهذا الشرط على قول محمد خاصة على ما في المشاهير
الثامن أداؤهما في سنة واحدة فلو طاف للعمرة في أشهر الحج من هذه السنة وحج من سنة أخرى لم يكن متمتعا وإن لم يلم بينهما أو بقي حراما إلى الثانية
التاسع عدم التوطن لمكة فلو اعتمر ثم عزم على المقام بمكة أبدا لا يكون متمتعا وإن عزم شهرين أي مثلا وحج كان متمتعا
العاشر أن لا تدخل عليه أشهر الحج وهو حلال بمكة أو محرم ولكن قد طاف للعمرة أكثره قبلها إلى أن يعود إلى أهله فيحرم بعمرة
الحادي عشر أن يكون من أهل الآفاق والعبرة للتوطن فلو استوطن المكي في المدينة مثلا فهو آفاقي وبالعكس مكي ومن كان له أهل بهما واستوت إقامته فيهما فليس بمتمتع وإن كانت إقامته في إحداهما أكثر لم يصرحوا به
قال صاحب البحر وينبغي أن يكون الحكم للكثير وأطلق المنع في خزانة الأكمل اه
قوله ( مثلا ) المراد أنه طاف ذلك قبل أشهر الحج سواء في ذلك رمضان وغيره
ط
قوله ( من عامه ) أي عام الطواف لا عام إحرام العمرة كما مر وأفاد أنه لو طاف الأكثر قبل أشهر الحج لم يكن متمتعا ولو حج من عامه ولا فرق بين أن يكون في ذلك الطواف جنبا أو محدثا ثم يعيده فيها أولا لأن طواف المحدث لا يرتفض بالإعادة وكذا الجنب وتمامه في النهر آخر الباب
قال في النهر والحيلة لمن دخل مكة محرما بعمرة قبل أشهر الحج يريد التمتع أن لا يطوف بل يصبر إلى أن تدخل شهر الحج ثم يطوف فإنه متى طاف وقع عن العمرة ثم لو أحرم بأخرى بعد دخول أشهر الحج وحج من عامه لم يكن متمتعا في قول الكل لأنه صار في حكم المكي بدليل أن ميقاته مياقتهم اه
قوله ( فلتغير النسخ ) أراد بالنسخ ما وجدته في متن مجرد من قوله هو أن يحرم بعمرة من الميقات في أشهر الحج ويطوف اه
فقيد الإحرام بكونه من الميقات وهو ليس بقيد بل لو قدمه صح وكذا لو أخره وإن لزمه دم إذا لم يعد إلى الميقات وبكونه في شهر الحج وليس
بقيد بل ولو قدمه صح بلا كراهة وأطلق في الطواف فمقتضاه أنه لا بد أن يقع جميعه في أشهر الحج لأنه شرط أن يكون الإحرام في أشهر الحج والطواف لا يكون إلا بعد الإحرام مع أنه يكفي وجوده أكثره فيها فلذلك أمر المصنف بتغيير النسخ إلى النسخة التي اعتمدها وهي قوله أن يفعل العمرة أو أكثر أشواطها في أشهر الحج عن إحرام بها قبلها أو فيها ويطوف الخ هكذا شرح عليها في المنح وذكرها بعينها في الشرح أيضا والشارح أسقط منها قوله عن إحرام بها قبلها أو فيها اه
قلت ولعله أسقطه استغناء بالإطلاق
ويرد على هذا التعريف أيضا ما لو أحرم بهما في عامين أو في عام واحد لكن ألم بأهله إلماما صحيحا وقد تفطن الشارح للثاني فقيد فيما سيأتي بقوله في سفر واحد الخ فكان على المصنف أن يقول كما قال الزيلعي ثم يحج من عامه ذلك من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا لكن يرد عليه أيضا كما في النهر أن فائت الحج إذا أخر التحلل
____________________
(2/536)
بعمرة إلى شوال فتحلل بها فيه وحج من عامه ذلك لا يكون متمتعا
ويجاب بأن قول المصنف أن يفعل العمرة يخرجه لأن فائت الحج لا يفعل العمرة لأنه أحرم بالحج لا بها وإنما يتحلل بصورته أفعالها كما قدمناه وأشار إليه في البحر هنا أيضا
ويرد عليه أيضا ما صرحوا به من أنه لو أحرم بعمرة يوم النحر فأتى بأفعالها ثم أحرم من يومه بالحج وبقي محرما بالحج إلى قابل فحج كان متمتعا اه
لكن هذا وارد على قول الزيلعي وغيره ثم يحج أما قول المصنف ثم يحرم بالحج فلا لصدقه بما إذا أحرم به في عام العمرة ولم يحج
ويمكن حمل كلام الزيلعي عليه بأن يراد
ثم ينشىء الحج
تأمل قوله ( ويطوف ويسعى الخ ) عطف تفسير على قوله يفعل العمرة ولا حاجة إليه لأن بيان أفعال العمرة تقدم مع أنه يوهم لزوم السعي في صحة التمتع وإن كان فيما قبله إشارة إلى عدمه
قوله ( كما مر ) أي طوافا وسعيا مماثلين لما مر من بيان صفتهما
قوله ( إن شاء ) راجع للأمرين أي إن شاء حلق وإن شاء قصر وإن شاء بقي محرما ح
وفي دلالة على أن المتمتع بها الذي لم يسبق الهدي لا يلزمه التحلل كما ذكره الإسبيجابي وغيره وظاهر الهداية خلافه وتمامه في شرح اللباب
قوله ( في أول طوافه للعمرة ) لأنه عليه الصلاة والسلام كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر رواه أبو داود
نهر
قوله ( وأقام بمكة حلالا ) هذا ليس بلازم في المتمتع بل إن أقام بها حج كأهلها فميقاته الحرام وإن أقام بالمواقيت أو داخلها حج كأهلها فميقاته الحل وإن أقام خارج المواقيت أحرم فيها كذا في القهستاني فقوله ثم يحرم بالحج يجري على هذا التفصيل ط
تنبيه أفاد أنه يفعل ما يفعله الحلال فيطوف بالبيت ما بدا له ويعتمر قبل الحج وصرح في اللباب بأنه لا يعتمر أي بناء على أنه صار في حكم المكي وأن المكي ممنوع من العمرة في أشهر الحج وإن لم يحج وهو الذي حط عليه كلام الفتح
وخالفه في البحر وغيره بأنه ممنوع منها إن حج من عامه وسيأتي تمامه
قوله ( في سفر واحد ) كان عليه أن يزيد في عام واحد ليخرج ما إذا أحرم بالعمرة وأتى بأفعالها وبقي محرما إلى العام الثاني فأحرم بالحج بلا تخلل سفر بينهما فإنه لا يسمى متمتعا كما أشرنا إليه فافهم
قوله ( حقيقة ) أي كما قدمه في قوله وأقام بمكة حلالا ح
قوله ( أو حكما بأن يلم الخ ) أي بأن يكون العود إلى مكة مطلوبا منه إما بسرق الهدي وإما بأن يلم بأهله قبل أن يحلق أما في الأول فلأن هديه يمنعه من التحلل قبل يوم النحر وأما في الثاني فلأن العود إلى الحرم مستحق عليه للحلق في الحرم وجوبا عندهما واستحبابا عند أبي يوسف
فالإلمام الصحيح أن يلم بأهله بعد أن حلق في الحرم ولم يكن ساق الهدي لكون العود غير مطلوب منه
والأولى للشارح أن يقول بأن لا يلم بأهله إلماما صحيحا ليشمل ما إذا كان كوفيا فلما اعتمر ألم بالبصرة اه ح
والمراد بأن لا يلم في سفره فلا يصدق بعدم الإلمام أصلا فافهم
ثم اعلم أن ما ذكره من شروط الإلمام الصحيح إنما هو في الآفاقي أما المكي فلا يشترط فيه ذلك بل إلمامه صحيح مطلقا لعدم تصور كون عوده إلى الحرام غير مستحق عليه لأنه في الحرم سواء تحلل أو لا ساق الهدي أو لا ولذا لم يصح تمتعه مطلقا كما سيأتي
قوله ( يوم التروية ) لأنه يوم إحرام أهل مكة وإلا فلو أحرم يوم عرفة جاز
معراج
قال في اللباب والأفضل أن يحرم من المسجد ويجوز من جميع الحرم من مكة أفضل من خارجها
____________________
(2/537)
ويصح ولو خارج الحرم ولكن يجب كونه فيه إلا إذا خرج إلى الحل لحاجة فأحرم منه لا شيء عليه بخلاف ما لو خرج لقصد الإحرام اه
قوله ( لكنه يرمل في طواف الزيارة ) أي لأنه أول طواف يفعله في حجه أي بخلاف المفرد فإنه يرمل في طواف القدوم كالقران كما مر
قال في البحر وليس على المتمتع طواف قدوم كما في المبتغى أي لا يكون مسنونا في حقه بخلاف القارن لأن المتمتع حيث قدومه محرم بالعمرة فقط وليس لها طواف قدوم ولا صدر اه
فالاستدراك في محله فافهم
قوله ( إن لم يكن قدمهما ) أي عقب تطوع بعد الإحرام فلا دلالة في هذا على مشروعية طواف القدوم للمتمتع خلافا لما فهمه في النهاية و العناية كما بسطه في الفتح
قوله ( وذبح كالقارن ) التشبيه في الوجوب والأحكام المارة في هدي القران
قوله ( ولم تنب الأضحية عنه ) لأنه أتى بغير الواجب عليه إذ لا أضحية على المسافر ولم ينو دم التمتع والتضحية إنما تجب بالشراء بنيتها أو الإقامة ولم يوجد واحد منهما وعلى فرض وجوبها لم تجز أيضا لأنهما غيران فإذا نوى عن أحدهما لم يجز عن الآخر معراج الدراية
قال في النهر وفيه تصريح باحتياج دم المتعة إلى النية قال في البحر وقد يقال إنه ليس فوق طواف الركن ولا مثله وقد مر أنه لو نوى به التطوع أجزأه فينبغي أن يكون الدم كذلك بل أولى اه
وأجاب في الشرنبلالية بأن الطواف لما كان متعينا في أيام النحر وجوبا كان النظر لإيقاع ما طافه عنه وتلغو نية عيره
وأما الأضحية فهي متعينة في ذلك الزمن كالمتعة فلا تقع الأضحية مع تعينها عن غيرها اه
والمراد بتعينها تعين زمنها لا وجوبها حتى يرد عليه أنها لا تجب على المسافر يعني أن الأضحية لا تسمى أضحية إلا إذا وقعت في أيام النحر وكذا دم المتعة فلما كان زمنها متعينا وقد نواها أضحية فلا تقع عن دم المتعة بخلاف الطواف فإن التطوع به غير مؤقت فإذا كان عليه طواف مؤقت ونوى به غيره ينصرف إلى الواجب المؤقت لأنه يمكنه التطوع بعده وكذا لو نوى طوافا آخر واجبا ينصرف إلى الذي حضر وقته ووجب فيه ويلغو الآخر مراعاة للترتيب كما لو نوى القارن بطوافه الأول القدوم يقع عن العمرة كما مر فافهم
وأجاب الرحمتي بأن الدم ليس من أفعال الحج والعمرة ولذا لم يجب على المفرد بأحدهما بل وجب شكرا على المتمتع بهما فلم يكن داخلا تحت نية الحج والعمرة فلا بد له من النية والتعيين فلو نوى غيره لا يجزي كما لو أطلق النية بخلاف الأطوفة فإنها من أعمالها داخلة تحت إحرامهما فتجزىء بمطلق النية
قوله ( أي العمرة ) لأنه صيام بعد وجوب سببه وهو التمتع فإنه يحصل بالعمرة على نية المتعة
وعند الشافعي لا يجوز حتى يحرم بالحج وتمام في المحيط
قوله ( لكن في أشهر الحج ) مرتبط بالصوم والإحرام فلو أحرم قبلها وصام فيها لم يصح لأنه لا يلزم من صحة الإحرام بالعمرة قبل الأشهر صحة الصوم
أفاده في الشرنبلالية
قوله ( وتأخيرها ) أي إلى السابع والثامن والتاسع كما في القران
قوله ( وإن أراد الخ ) هذا هو القسم الثاني من التمتع وقوله وهو أفضل أي من القسم الأول الذي لا سوق هدي معه لما في هذا الموافقة لفعل رسول الله ط
قوله ( أحرم ثم ساق الخ ) أتى بثم إشارة إلى أنه يحرم أولا بالنية مع التلبية فإنه أفضل من النية مع السوق وإن صح بشروط
____________________
(2/538)
وتفصيل قدمناه في باب الإحرام
قوله ( وهو شق سنامها ) بأن يطعن بالرمح أسفله حتى يخرج الدم ثم يلطخ بذلك الدم سنامها ليكون ذلك علامة كونها هديا كالتقليد
لباب وشرحه
قوله ( أو الأيمن ) اختاره القدوري لكن الأشبه الأول كما في الهداية
قوله ( لأن كل أحد لا يحسنه ) جرى على ما قاله الطحاوي والشيخ أبو منصور الماتريدي من أن أبا حنيفة لم يكره أصل الإشعار وكيف يكرهه مع ما اشتهر به مع من الأخبار وإنما كره إشعار أهل زمانه الذي يخاف منه الهلاك خصوصا في حر الحجاز فرأى الصواب حينئذ سد هذا الباب على العامة فأما من وقف على الحد بأن قطع الجلد دون اللحم فلا بأس بذلك
قال الكرماني وهذا هو الأصح وهو اختيار قوام الدين وابن الهمام فهو مستحب لمن أحسنه
شرح اللباب
قال في النهر وبه يستغنى عن كون العمل على قولهما بأنه حسن
قوله ( واعتمر ) أي طاف وسعى والشرط أكثر طوافها كما
قوله ( ولا يتحلل منها حتى ينحر ) لأن سوق الهدي مانع من إحلاله قبل يوم النحر فلو حق لم يتحلل من إحرامه ولزمه دم أي إلا أن يرجع إلى أهله بعد ذبح هديه وحلقه
لباب وشرحه وتمامه فيه
قال في البحر ومقتضاه أي مقتضى لزوم الدم بالحلق أنه يلزمه كل جناية على الإحرام كأنه محرم اه
قلت بل مقتضى قول اللباب لم يتحلل أنه محرم حقيقة ويدل له قولهم إذا كان لسوق الهدي تأثير في إثبات الإحرام ابتداء يكون له تأثير في استدامته بقاء بالأولى لأنه أسهل من الابتداء
قوله ( ثم أحرم للحج ) اعلم أن المتمتع إذا أحرم بالحج فإن كان ساق الهدي أو لم يسق ولكن أحرم به قبل التحلل من العمرة صار كالقارن فيلزمه بالجناية ما يلزم القارن وإن لم يسقه وأحرم بعد الحلق صار كالمفرد بالحج إلا في وجوب دم المتعة وما يتعلق به
شرح اللباب
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية من بقاء إحرام العمرة إلى الحلق ويحل منه في كل شيء حتى في النساء لأن المانع له من التحلل سوقه الهدي وقد زال بذبحه
وفي القارن يحل منه في كل شيء إلا في النساء كإحرام الحج وهذا هو الفرق بين المتمتع الذي ساق الهدي وبين القارن وإلا فلا فرق بينهما بعد الإحرام بالحج على الصحيح كما ذكرنا
بحر
وعليه فإذا حلق ثم جامع قبل الطواف لزمه دم واحد لو متمتعا ودمان لو قارنا وفي هذا رد لما قيل من أن إحرام العمرة ينتهي بالوقوف كما أوضحه البحر وغيره
قوله ( ومن في حكمه ) أي من أهل داخل المواقيت
قوله ( يفرد فقط ) هذا ما دام مقيما فإذا خرج إلى الكوفة وقرن صح بلا كراهة لأن عمرته وحجته ميقاتيان فصار بمنزلة الآفاقي
قال المحبوبي هذا إذا خرج إلى الكوفة قبل أشهر الحج
وأما إذا خرج بعدها فقد منع من القران فلا يتغير بخروجه من الميقات كذا في العناية
وقول المحبوبي هو الصحيح نقله الشيخ الشلبي عن الكرماني شرنبلالية وإنما قيد بالقران لأنه لو اعتمر هذا المكي في أشهر الحج من عامه لا يكون متمتعا لأنه ملم بأهله بين النسكين حلالا إن لم يسق الهدي وكذا إن ساق الهدي لا يكون متمتعا بخلاف الآفاقي إذا ساق الهدي ثم ألم بأهله محرما كان متمتعا لأن العود مستحق عليه فيمنع صحة إلمامه
وأما المكي فالعود غير مستحق عليه وإن ساق الهدي فكان إلمامه صحيحا فلذا لم يكن متمتعا كذا في النهاية عن المبسوط
قوله ( ولو قرن أو تمتع جاز وأساء الخ ) أي صح مع الكراهة للنهي عنه وهذا ما مشى عليه في التحفة و غاية البيان و العناية و السراج و شرح الإسبيجابي على مختصر الطحاوي
____________________
(2/539)
واعلم أنه في الفتح ذكر إن قولهما لا تمتع ولا قران لمكي يحتمل نفي الوجود ويؤيده أنهم جعلوا الإلمام الصحيح من الآفاقي مبطلا تمتعه والمكي ملم بأهله فيبطل تمتعه
ويحتمل نفي الحل بمعنى أنه يصح لكنه يأثم به للنهي عنه وعليه فاشتراطهم عدم الإلمام لصحة التمتع بمعنى أنه شرط لوجوده على الوجه المشروع الموجب شرعا للشكر وأطال الكلام في ذلك
والذي حط عليه كلامه اختيار الاحتمال الأول لأنه مقتضى كلام أئمة المذهب وهو أولى بالاعتبار من كلام بعض المشايخ يعني صاحب التحفة وغيره بل اختار أيضا مع المكي من العمرة المجردة في أشهر الحج وإن لم يحج وهو ظاهر عبارة البدائع وخالفه من بعده كصاحب البحر و النهر و المنح والشرنبلالي والقاري واختاروا الاحتمال الثاني لأن إيجاب دم الجبر فرع الصحة ولما في المتون في باب إضافة الإحرام إلى الإحرام من أن المكي إذا طاف شوطا للعمرة فأحرم بحج رفضه فإذا لم يرفض شيئا أجزأه
قال في الفتح وغيره لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما إلا أنه منهي والنهي عن فعل شرعي لا يمنع تحقق الفعل على وجه مشروعية الأصل غير أنه يتحمل إثمه كصيام يوم النحر بعد نذره اه
فهذا يناقض ما اختاره في الفتح أولا أي فإن هذا تصريح بأنه يتصور قران المكي لكن مع الكراهة وتمامه في الشرنبلالية
أقول وقد كنت كتبت على هامشها بحثا حاصله أنهم صرحوا بأن عدم الإلمام شرط لصحة التمتع دون القران وأن الإلمام الصحيح مبطل للتمتع دون القران ومقتضى هذا أن تمتع المكي باطل لوجود الإلمام الصحيح بين إحراميه سواء ساق الهدي أو لا لأن الآفاقي إنما يصح إلمامه إذا لم يسق الهدي وحلق لأنه لا يبقى العود إلى مكة مستحقا عليه والمكي لا يتصور منه عدم العود إلى مكة لكونه فيها كما صرح به في العناية وغيرها
وفي النهاية و المعراج عن المحيط أن الإلمام الصحيح أن يرجع إلى أهله بعد العمرة ولا يكون العود إلى العمرة مستحقا عليه ومن هذا قلنا لا تمتع لأهل مكة وأهل المواقيت اه
أي بخلاف القران فإنه يتصور منهم لأن عمد الإلمام فيه ليس بشرط ولعل وجهه أن القران المشروع ما يكون بإحرام واحد للحج والعمرة معا والإلمام الصحيح ما يكون بين إحرام العمرة وإحرام الحج وهذا يكون في التمتع دون القران فمن هذا قلنا إن تمتع المكي باطل دون قرانه هذا قول ثالث لم أر من صرح به لكن يدل عليه تصريح البدائع بعدم تصور تمتع المكي
وأما قوله في الشرنبلالية إنه خاص بمن لم يسق الهدي وحلق دون من ساقه أو لم يسقه ولم يحلق لأن إلمامه حينئذ غير صحيح فغير صحيح لما علمت من التصريح بأن إلمامه صحيح ساق الهدي أو لا ويدل عليه أيضا عبارة المحيط المذكور وكذا ما مر من الفرع المذكورة في باب إضافة الإحرام فإنه صريح في عدم بطلان قرانه
ثم رأيت ما يدل على ذلك أيضا وذلك ما في النهاية عن الأسرار للإمام أبي زيد الدبوسي حيث قال ولا متعة عندنا ولا قران لمن كان وراء الميقات على معنى أن الدم لا يجب نسكه
أما التمتع فإنه لا يتصور للإلمام الذي يوجد منه بينهما
وأما القران فيكره ويلزمه الرفض لأن القران أصله أن يشرع القارن في الإحرامين معا والشروع معا من أهل مكة لا يتصور إلا بخلل في أحدهما لأنه إن جمع بينهما في الحرم فقط أخل بشرط إحرام العمرة فإن ميقاته الحل وإن أحرم بهما من الحل فقد أخل بميقات الحجة لأن ميقاتها الحرم والأصل في ذلك أهل مكة فلذا لم يشرع في حق من وراء ا لميقات أيضا اه أي إن من كان وراء الميقات أي داخله لهم حكم أهل مكة فهذا صريح في أهل مكة ومن في حكمهم لا يتصور منهم التمتع ويتصور منهم القران لكن مع الكراهة للإخلال بميقات أحد الإحرامين
____________________
(2/540)
ثم رأيت مثل ذلك أيضا في كافي الحاكم الذي هو جمع كتب ظاهر الرواية
ونصه وإذا خرج المكي إلى الكوفة لحاجة فاعتمر فيها من عامه وحج لم يكن متمتعا وإن قرن من الكوفة كان قارنا اه
ونقله في الجوهرة معللا موضحا فراجعها
وعلى هذا فقول المتون ولا تمتع ولا قران لمكي معناه نفي المشروعية والحل ولا ينافي عدم التصور في أحدهما دون الآخر والقرينة على هذا تصريحهم بعده ببطلان التمتع بالإلمام الصحيح فيما لو عاد المتمتع إلى بلده وتصريحهم في باب إضافة الإحرام بأنه إذا قرن ولم يرفض شيئا منهما أجزأه هذا ما ظهر لي فاغتنمه فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( ولا يجزئه الصوم لو معسرا ) لأن الصوم إنما يقع بدلا عن دم الشكر لا عن دم الجبر
شرح اللباب
قوله ( ثم بعد عمرته ) قيد به لأنه لو عاد بعد ما طاف لها الأقل لا يبطل تمتعه لأن العود مستحق عليه لأنه ألم بأهله محرما بخلاف ما إذا طاف الأكثر
بحر
قوله ( عاد إلى بلده ) فلو عاد إلى غيره لا يبطل تمتعه عند الإمام وسويا بينهما
نهر
قوله ( وحلق ) ظاهره أن الحلق بعد العود ففيه ترك الواجب عندهما
والمستحب عند أبي يوسف كما مر ولو حذفه لفهم مما قبله
قال في البحر ودخل في قوله بعد العمرة الحلق فلا بد للبطلان منه لأنه من واجباتها وبه التحلل فلو عاد بعد طوافها قبل الحلق ثم حج من عامه قبل أن يحلق في أهله فهو متمتع لأن العود مستحق عليه عند من جعل الحرم شرط جواز الحلق وهو أبو حنيفة ومحمد
وعند أبي يوسف إن لم يكن مستحقا فهو مستحب كذا في البدائع وغيره اه
قوله ( فقد ألم إلماما صحيحا ) لأن العود لم يبعد مستحقا عليه كما مر
قوله ( فبطل تمتعه ) أي امتنع التمتع الذي أراده لفقد شرطه وهو عدم إلمام الصحيح
قوله ( ومع سوقه تمتع ) أي لا يبطل تمتعه بعوده عندهما خلافا لمحمد لأن العود مستحق عليه ما دام على نية التمتع لأن السوق يمنعه من التحلل فلم يصح إلمامه كذا في الهداية
وفي قوله ما دام إيماء إلى أنه لو بدا له بعد العمرة أن لا يحج من عامه كان له ذلك لأنه لم يحرم بالحج بعد
وإذا ذبح الهدي أو أمر بذبحه وقع تطوعا
أما إذا لم يعد إلى بلده وأراد نحر الهدي والحج من عامه لم يكن له ذلك وإن فعل وحج من عامه لزمه التمتع ودم آخر لإحلاله قبل يوم النحر
كذا في المحيط
نهر
قال في البحر فالحاصل أنه إذا ساق الهدي فلا يخلو إما أن يتركه إلى يوم النحر أو لا
فإن تركه إليه فتمتعه صحيح ولا شيء عليه غيره سواء عاد إلى أهله أو لا
وإن تعجل ذبحه فإما أن يرجع إلى أهله أو لا فإن رجع فلا شيء عليه مطلقا سواء حج من عامه أو لا وإن لم يرجع إليهم فإن لم يحج من عامه فلا شيء عليه وإن حج منه لزمه دمان دم المتعة ودم الحل قبل أوانه
قوله ( كالقارن ) فإنه لا يبطل قرانه بعوده
نهر
لأن عدم الإلمام غير شرط فيه كما مر
قوله ( وإن طاف لها الخ ) قدم الشارح المسألة أول الباب وقدمنا الكلام عليها
قوله ( اعتبارا للأكثر ) علة للمسألتين ط
قوله ( أي آفاقي ) أشار به إلى أن ذكر الكوفي مثال وأن المراد به من كان خارج
____________________
(2/541)
الميقات لأن المكي لا تمتع له كما مر
قوله ( حل من عمرته فيها ) لأنه لو اعتمر قبلها لا يكون متمتعا اتفاقا
نهر
قوله ( أي داخل المواقيت ) أشار إلى أن ذكر مكة غير قيد بل المراد هي أو ما في حكمها
قوله ( أي غير بلده ) أفاد أن المراد مكان لا أهل له فيه سواء اتخذه دارا بأن نوى الإقامة فيه خمسة عشر يوما أو لا كما في البدائع وغيرها وقيد به لأنه لو رجع إلى وطنه لا يكون متمتعا اتفاقا أيضا إن لم يكن ساق الهدي
نهر
قوله ( لبقاء سفره ) أما إذا قام بمكة أو داخل المواقيت فلأنه ترفق بنسكين في سفر واحد في أشهر الحج وهو علامة التمتع
وأما إذا أقام خرجها فذكر الطحاوي أن هذا قول الإمام
وعندهما لا يكون متمتعا لأن التمتع من كانت عمرته ميقاتية وحجته مكية وله أن حكم السفر الأول قائم ما لم يعد إلى وطنه وأثر الخلاف يظهر في لزوم الدم وغلطه الجصاص في نقل الخلاف بل يكون متمتعا اتفاقا لأن محمدا ذكر المسألة ولم يحك فيها خلافا
قال أبو اليسر وهو الصواب
وفي المعراج أنه الأصح لكن قال في الحقائق كثير من مشايخنا قالوا الصواب ما قاله الطحاوي
وقال الصفار كثيرا ما جربنا الطحاوي فلم نجده غالطا وكثيرا ما جر بنا الجصاص فوجدناه غالطا
قال الزيلعي والمسألة الآتية تؤيد ما حكاه الطحاوي نهر
قوله ( ولو أفسدها ) أي في أشهر الحج بأن جامع قبل أفعالها
أما لو أفسدها قبلها ثم خرج قبل أشهر الحج وقضاها فيها وحج من عامه كان متمتعا اتفاقا
نهر
قوله ( ورجع من البصرة ) الأولى أن يقول إلى البصرة لأنه كان في مكة حين شرع بالعمرة
وعبر في الملتقي بقوله ولو أفسدها وأقام ببصرة وعبر في الكنز بقوله وأقام بمكة فعلم أن كلا من البلدين غير قيد ولذا قال في النهر والمراد موضع لا أهل له فيه دل على ذلك قوله إلا إذا ألم بأهله
قوله ( لأنه كالمكي ) لأن سفره انتهى بالفاسدة وصارت عمرته الصحيحة مكية ولا تمتع لأهل مكة
نهر
قوله ( إلا إذا ألم بأهله ) أي بعد ما أفسدها وحل منها
نهر
قوله وأتى بهما أي بقضاء العمرة وبأداء الحج
شرنبلالية
وإذا لم يلم بأهله فإن أقام بمكة فهو بالاتفاق وإن أقام ببصرة فهو غير متمتع عنده
وقالا متمتع لأنه أنشأ سفرا وقد ترفق فيه بنسكين
وله أنه باق على سفره ما لم يرجع إلى وطنه كما في الهداية وهذا يؤيد ما مر عن الطحاوي
قوله ( لأنه سفر آخر ) أي لأن رجوعه بعد الإلمام إنشاء سفر آخر للحج والعمرة فيكون متمتعا لبطلان سفره الأول ولا يضر تمتعه كونه عمرته قضاء
قوله ( أتمه ) أي مضى فيه لأنه لا يمكنه الخروج عن عهدة الإحرام إلا بالأفعال
هداية
قوله ( بلا دم للتمتع ) لأنه لم يترفق بأداء نسكين صحيحين في سفرة واحدة
هداية
قوله ( بل للفساد ) أي بل عليه دم لم أفسده وهو دم جناية فالمنفي دم الشكر
باب الجنايات لما فرغ من ذكر أقسام المحرمين وأحكامهم شرع في بيان عوارضهم باعتبار الإحرام والحرم من الجنايات والفوات و الإحصار وقدم الجنايات لأن الأداء القاصر أفضل من العدم وهي ما تجنيه من شر تسمية بالمصدر
____________________
(2/542)
من جنى عليه جناية وهو عام إلا أنه خص بما يحرم من الفعل وأصله من جنى الثمر وهو أخذه من الشجر كما في المغرب والمراد هنا خاص منه وهو ما ذكره الشارح وجمعها باعتبار أنواعها
نهر
قوله ( بسبب الإحرام أو الحرم ) حاصل الأول سبعة نظمها الشيخ قطب الدين بقوله محرم الإحرام يا من يدري إزالة الشعر وقص الظفر واللبس والوطء مع الدواعي والطيب والدهن وصيد البر اه
زاد في البحر ثامنا وهو ترك واجب من واجبات الحج فلو قال محرم الإحرام ترك واجب الخ كان أحسن
وحاصل الثاني التعرض لصيد الحرم وشجره
وقال في البحر وخرج بقوله بسبب الخ ذكر الجماع بحضرة النساء لأنه منهي عنه مطلقا فلا يوجب الدم
وقال ط وفيه أن ذكره إنما نهى عنه مطلقا بحضرة من لا يجوز قربانه أما الحلائل فلا يمنع إلا المحرم وهو داخل فيما تكون حرمته بسبب الإحرام وإن كان لا يجب عليه شيء
قوله ( وقد يجب بها دماء ) كجناية القارن والمتمتع الذي ساق الهدي بعد أن تلبس بإحرام الحج ط
قوله ( أو دم ) كأكثر جنايات المفرد
قوله ( أو صوم أو صدقة ) أو فيهما للتخيير وذلك فيما إذا جنى على الصيد أو تطيب أو لبس أو حلق بعذر فيخير بين الذبح والتصدق والصيام على ما سيأتي أو أن الثانية فقط للتخيير فيخير بين الصوم والصدقة في نحو ما لو قتل عصفورا
وفي الهداية وكل صدقة في الإحرام غير مقدرة فهي نصف صاع من بر إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة اه
زاد الشرح أو بإزالة شعرات قليلة
لكن أراد بالصدقة هنا الأعم بدليل قوله في شرح الملتقى أو صدقة ولو ربع صاع بقتل حمامة أو تمرة بقتل جرادة
قوله ( ففصلها ) أي فلما اختلفت أنواعه فصلها ط فالفاء تفريعية
قوله ( الواجب دم ) فسره ابن ملك بالشاة وأشار في البحر إلى سره بقوله إن سبع البدنة لا يكفي في هذا الباب بخلاف دم الشكر لكن قال بعده فيما لو أفسد حجه بجماع في أحد السبيلين أنه يقوم الشرك في البدنة مقام الشاة فليتأمل
اه شرنبلالية
قلت وفي أضحية القهستاني لو ذبح سبعة عن أضحية ومتعة وقران وإحصار وجزاء الصيد أو الحلق والعقيقة والتطوع فإنه يصح في ظاهر الأصول
وعن أبي يوسف الأفضل أن تكون من جنس واحد فلو كانوا متفرقين وكل واحد متقرب جاز وعن أبي يوسف أنه يكره كما في النظم
اه ثم رأيت بعض المحشين قال وما في البحر مناقض لما ذكره وهو في باب الهدي أن سبع البدنة يجزي وكذلك أغلب كتب المذهب والمناسك مصرخة بالإجزاء اه
فافهم
تنبيه في شرح النقاية للقاري ثم الكفارات كلها واجبة على التراخي فيكون مؤديا في أي وقت وإنما يتضيق عليه الوجوب في آخر عمره في وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤده لفات فإن لم يؤد فيه حتى مات أثم وعليه الوصية به ولو لم يوص لم يجب على الورثة ولم تبرعوا عنه جاز إلا الصوم
قوله ( ولو ناسيا الخ ) قال في اللباب ثم لا فرق في وجوب الجزاء بين ما أذا جنى عامدا أو خاطئا مبتدئا أو عائدا ذاكرا أو ناسيا عالما أو جاهلا طائعا أو مكرها نائما أو منتبها سكران أو صاحيا مغمى عليه أو مفيقا موسرا أو معسرا بمباشرته أو مباشرة غيره بأمره
____________________
(2/543)
قال شارحه القاري وقد ذكر ابن جماعة عن الأئمة الأربعة أنه إذا ارتكب محظور الإحرام عامدا يأثم ولا تخرجه الفدية والعزم عليها عن كونه عاصيا
قال النووي وربما ارتكب بعض العامة شيئا من هذه المحرمات وقال أنا أفدي متوهما أنه بالتزام الفداء يتخلص من وبال المعصية وذلك خطأ صريح وجهل قبيح فإنه يحرم عليه الفعل فإذا خالف أثم ولزمته الفدية وليست الفدية مبيحة للإقدام على فعل المحرم وجهالة هذا كجهالة من يقول أنا أشرب الخمر وأزني والحد يطهرني ومن فعل شيئا مما يحكم بتحريمه فقد أخرج حجه من أن يكون مبرورا اه
وقد صرح أصحابنا بمثل هذا في الحدود فقالوا إن الحد لا يكون طهرة من الذنب ولا يعمل في سقوط الإثم بل لا بد من التوبة فإن تاب كان الحد طهرة له وسقطت عنه العقوبة الأرخوية بالإجماع وإلا فلا لكن قال صاحب الملتقط في كتاب الأيمان إن الكفارة ترفع الإثم وإن لم توجد منه التوبة من تلك الجناية اه
ويؤيده ما ذكره الشيخ نجم الدين النسفي في تفسيره التيسير عند قوله تعالى { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } البقرة 178 أي اصطاد بعد هذا الابتداء قيل هو العذاب في الآخرة مع الكفارة في الدنيا إذا لم يتب منه فإنها لا ترفع الذنب عن المصر اه
وهذا تفصيل حسن وتقييد مستحسن يجمع به بين الأدلة والروايات والله أعلم اه أي فيحمل ما في الملتقط على غير المصر وما في غيره على المصر وقد ذكر هذا التوفيق العلامة نوح في حاشية الدرر
تتمة يستثنى من الإطلاق المار في وجوب الجزاء ما في اللباب لو ترك شيئا من الواجبات بعذر لا شيء عليه ما في البدائع
وأطلق بعضهم وجوبه فيها إلا فيما ورد النص به وهي ترك الوقوف بمزدلفة وتأخير طواف الزيارة عن وقته وترك الصدر للحيض والنفاس وترك المشي في الطواف والسعي وترك السعي وترك الحلق لعلة في رأسه اه
لكن ذكر شارحه ما يدل على أن المراد بالعذر ما لا يكون من العباد حيث قال عند قول اللباب ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم هذا غير ظاهر لأن الإحصار من جملة الأعذار إلا أن يقال ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم هذا غير ظاهر لأن الإحصار من جملة الأعذار إلا أن يقال إن هذا مانع من جانب المخلوق فلا يؤثر ويدل له ما في البدائع فيمن أحصر بعد الوقوف حتى مضت أيام النحر ثم خلى سبيله أن عليه دما لترك الوقوف بمزدلفة ودما لترك الرمي ودما لتأخير طواف الزيارة اه
ومثله في إحصار البحر وسيأتي توضيحه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( فيجب ) تفريع على ما يفهم من المقام من عدم اشتراط الاختيار الذي أفاده ذكر الناسي والمكروه ووجه الوجوب أن الارتفاق حصل للنائم وعدم الاختيار أسقط الإثم عنه كما إذا أتلف شيئا
منح ط
قوله ( غطى رأسه ) بالبناء للفاعل أو المفعول
قوله ( إن طيب ) أي المحرم عضوا أي من أعضائه كالفخذ والسابق والوجه والرأس لتكامل الجناية بتكامل الارتفاق والطيب جسم له رائحة مستلذة كالزعفران والبنفسج والياسمين ونحو ذلك وعلم من مفهوم شرطه أنه لو شم طيبا أو ثمارا طيبة لا كفارة عليه وإن كره وقيد بالمحرم لأن الحلال لو طيب عضوا ثم أحرم فانتقل منه إلى آخر فلا شيء عليه اتفاقا وقيدنا بكونه من أعضائه لأنه لو طيب عضو غيره أو ألبسه المخيط منه فلا شيء عليه إجماعا كما في الظهيرية
نهر
قوله ( كاملا ) لأن المعتبر الكثرة
قال ابن الكمال في شرح الهداية واختلف المشايخ في الحد الفاصل بين القليل والكثير لاختلاف عبارات محمد ففي بعضها جعل حد الكثرة عضوا كبيرا وفي بعضها في تنفس الطيب فبعضهم اعتبر الأول وبعضهم اعتبر الثاني فقال إن بحيث يستكثره الناظر كالكفين من ماء الورد والكف من
____________________
(2/544)
مسك وغالية فهو كثير وما لا فلا
وبعضهم اعتبر الكثرة بربع العضو الكبير فقال لو طيب ربع الساق أو الفخذ يلزم الدم وإن كان أقل يلزم الصدقة
وقال شيخ الإسلام إن كان الطيب في نفسه قليلا فالعبرة للعضو الكامل وإن كان ككثيرا لا يعتبر العضو اه ملخصا
وهذا توفيق بين الأقوال الثلاثة حتى لو طيب بالقليل عضوا كاملا أو بالكثير ربع عضو لزم الدم وإلا فصدقة وصححه في المحيط
وقال في الفتح إن التوفيق هو التوفيق ورجح في البحر الأول وهو ما في المتون فافهم
هذا وقال في الشرنبلالية قوله كالرأس بيان للمراد من العضو فليس كأعضاء العورة فلا تكون الأذن مثلا عضوا مستقلا اه
وكذا قال ابن الكمال أن المراد الاحتراز عن العضو الصغير مثل الأنف والأذن لما عرفت أن من اعتبر في حد الكثرة العضو الكامل قيده بالكبير اه
ثم ما ذكر من أن فيما دون الكامل صدقة هو قولهما
وقال محمد يجب بقدره فإن بلغ نصف العضو تجب صدقة قدر نصف قيمة الشاة أو ربعا فربع وهكذا
قال في البحر واختاره الإمام الإسبيجابي مقتصرا عليه بلا نقل خلاف
قوله ( بأكل طيب ) أي خالص بلا خلط وبلا طبخ وإلا فسيأتي حكمه
قوله ( كثير ) هو ما يلتزق بأكثر فمه فعليه الدم
قال في الفتح وهذه تشهد لعدم اعتبار العضو مطلقا في لزوم الدم بل ذاك إذا لم يبلغ مبلغ الكثرة في نفسه على ما قدمناه اه
بحر
أي فإن لزوم الدم بالطيب الكثير هنا وإن لم يعم جميع الفم يشهد لما مر من التوفيق وبه يظهر أن قول الشارح ولو فمه بعد قوله عضوا كاملا فيه ما فيه فإنه يوهم أن المراد بالكثير هنا ما يعم جميع الفم
تأمل
قوله ( أو ما يبلغ عضوا الخ ) عطف على عضوا أي أو طيب مواضع لو جمعت تبلغ عضوا كاملا فإنه يجب عليه الدم
والظاهر اعتبار بلوغ أصغر عضو من الأعضاء المطيبة كما اعتبروه بانكشاف العورة لكن بعد كون ذلك الأصغر عضوا كبيرا لما علمت من أن الصغير لا يجب فيه الدم إلا إذا كان الطيب كثيرا على ما مر من التوفيق
قوله ( فلكل طيب ) أي طيب مجلس من تلك المجالس إن شمل عضوا واحدا أو أكثر
قوله ( كفارة ) سواء كفر للأول أم لا عندهما
وقال محمد عليه كفارة واحدة ما لم يكفر للأول
بحر
قوله ( لتركه ) لأن ابتداءه كان محظورا فيكون لبقائه حكم ابتدائه
بحر
قوله ( المطيب أكثره ) ظاهره أن المعتبر أكثر الثوب لا كثرة الطيب وقد تبع في ذلك الشرنبلالية مع أنه ذكر فيها وفي الفتح وغيره أن المعتبر كثرة الطيب في الثوب وأن المرجع فيه العرف حتى أنه في البحر جعل هذا مرجحا للقول الثاني من الأقوال المارة لأنه يعم البدن والثوب
قلت لكن نقلوا عن المجرد إن كان في ثوبه شبر في ششبر فمكث عليه يوما يطعم نصف صاع وإن كان أقل من يوم فقبضة
قال في الفتح يفيد التنصيص على أن الشبر في الشبر داخل في القليل اه أي حيث أوجب به صدقة لا دما ومع هذا يفيد اعتبار الكثرة في الثوب لا في الطيب إلا أنه لا يفيد أن المعتبر أكثر الثواب بل ظاهره أن ما زاد على الشبر كثير موجب للدم لكثرة الطيب حينئذ عرفا فرجع إلى اعتبار الكثرة في الطيب لا في الثوب
____________________
(2/545)
وعلى هذا فيمكن إجراء التوفيق والمار هنا أيضا بأن الطيب إذا كان في نفسه كثيرا لزم الدم وإن أصاب من الثوب أقل من شبر وإن كان قليلا لا يلزم حتى يصيب أكثر من شبر في شبر وربما يشير إليه قولهم لو ربط مسكا أو كافورا أو عنبرا كثيرا في طرف إزاره أو ردائه لزمه دم أي إن دام يوما ولو قليلا فصدقة فتأمل
قوله ( فيشترط للزوم الدم ) أفرد الدم لأن المراد بالثوب ثوب المحرم من إزار أو رداء أما لو كان مخيطا فيجب بدوام لبسه دم آخر سكت عن بيانه لأنه سيأتي
قوله ( دوام لبسه يوما ) أشار بتقدير الطيب في الثوب بالزمان إلى الفرق بينه وبين العضو فإنه لا يعتبر فيه الزمان حتى لو غسله من ساعته فالدم واجب كما في الفتح بخلاف الثوب
قوله ( أو خضب رأسه ) أي مثلا وإلا فلو خضبت يدها أو خضب لحيته بحناء وجب الدم أيضا كما حرره في النهر على خلاف ما في البحر
قوله ( بحناء ) بالمد منونا لأنه فعال لا فعلاء ليمنع صرفه ألف التأنيث
فتح
وصرح به مع دخوله في الطيب للاختلاف فيه
بحر
قوله ( أما المتلبد الخ ) التلبيد أن يأخذ شيئا من الخطمي والآس والصمغ فيجعله في أصول الشعر ليتلبد
بحر
فالمناسب أن يقول أما الثخين قال في الفتح فإن كان ثخينا فلبد الرأس ففيه دمان للطيب والتغطية إن دام يوما وليلة على جميع رأسه أو ربعه اه
أما لو غطاه أقل من يوم فصدقة وهذا في الرجل أما المرأة فلا تمنع من تغطية رأسها
واستشكل في الشرنبلالية إلزام الدم بالتغطية بالحناء بقولهم إن التغطية بما ليس بمعتاد لا توجب شيئا
قلت وقد يجاب بأن التغطية بالتلبيد معتادة لأهل البوادي لدفع الشعث والوسخ عن الشعر وقد فعله في إحرامه
واستشكله في البحر بأنه لا يجوز استصحاب التغطية الكائنة قبل الإحرام بخلاف الطيب لكن أجاب المقدسي بأن التلبيد الذي فعله عليه الصلاة والسلام يجب حمله على ما هو سائغ وهو اليسير الذي لا تحصل به تغطية
قلت وعليه يحمل ما في الفتح عن رشيد الدين في مناسكه وحسن أن يلبد رأسه قبل إحرامه
قوله ( أو ادهن ) بالتشديد أي دهن عضوا كاملا لباب
وذكر شارحه أن بعضهم اعتبر كثرة الطيب بما يستكثره الناظر
قال ولعل محله فيما لا يكون عضوا كاملا على ما مر أي من التوفيق وأنه في النوادر أوجب الدم بدهن ربع الرأس أو اللحية وأنه تفريع على رواية الربع في الطيب والصحيح خلافها
قوله ( لأنهما أصل الطيب ) باعتبار أنه يلقى فيهما الأنوار كالورد والبنفسج فيصيران طيبا ولا يخلوان عن نوع طيب ويقتلان الهوام ويلينان الشعر ويزيلان التفث والشعث
بحر
وهذا عند الإمام
وقالا عليه صدقة
قوله ( بخلاف بقية الأدهان ) عبارة البحر وأراد بالزيت دهن الزيتون والسمسم وهو المسمى بالشيرج فخرج بقية الأدهان كالشحم والسمن اه
ومقتضاه خروج نحو دهن اللوز ونوى المشمش فليتأمل
قوله ( فلو أكله ) أي دهن الزيت أو الخل وأفرد الضمير لمكان أو وهذا تفريع على مفهوم قوله ادهن
قوله ( أو استعطه ) أي استنشقه بأنفه
قوله ( اتفاقا ) لأنه ليس بطيب من كل وجه فإذا لم يستعمل على وجه التطيب لم يظهر حكم الطيب
قوله ( ولو على وجه التداوي ) لكنه يتخير بين الدم والصوم والإطعام على ما سيأتي
نهر
قوله ( ولو جعله ) أي الطيب في طعام الخ
____________________
(2/546)
اعلم أن خلط الطيب بغيره على وجوه لأنه إما أن يخلط بطعام مطبوخ أو لا
ففي الأول لا حكم للطيب سواء كان غالبا أو مغلوبا وفي الثاني الحكم للغلبة إن غلب الطيب وجب الدم وإن لم يظهر رائحته كما في الفتح وإلا فلا شيء عليه غير أنه إذا وجدت معه الرائحة كره وإن خلط بمشروب فالحكم فيه للطيب سواء غلب غيره أم لا غير أنه في غلبة الطيب يجب الدم وفي غلبة الغير تجب الصدقة إلا أن يشرب مرارا فيجب الدم
وبحث في البحر أنه ينبغي التسوية بين المأكور والمشروب المخلوط كل منهما بطيب مغلوب
إما بعدم وجوب شيء أصلا أو بوجوب الصدقة فيهما وتمامه فيه
تنبيه قال ابن أمير حاج الحلبي لم أرهم تعرضوا بماذا تعتبر الغلبة ولم يفصلوا بين القليل والكثير كما في أكل الطيب وحده
والظاهر أنه إن وجد من المخالط رائحة الطيب كما في الخلط فهو غالب وإلا فمغلوب وإذا كان غالبا فإن أكل منه أو شرب شيئا كثيرا وجب عليه دم والكثير ما يعده العارف العدل كثيرا والقليل ما عداه فإن أكل ما يتخذ من الحلوى المبخرة بالعود ونحوه فلا شيء عليه غير أنه إن وجدت الرائحة منه كره بخلاف الحلوى المضاف إلى أجزائها الماورد والمسك فإن في أكل الكثير دما والقليل صدقة اه
نهر
قلت لكن قول الفتح المار في غير المطبوخ وإن لم تظهر رائحته يفيد اعتبار الغلبة بالأجزاء لا بالرائحة وقد صرح به في شرح اللباب
ثم الظاهر أنه أراد بالحلوى الغير المطبوخة وإلا فالمطبوخ لا تفصيل فيه كما علمت
تأمل
هذا حكم المأكول والمشروب وأما إذا خلط بما يستعمل في البدن كأشنان ونحوه ففي شرح اللباب عن المنتقى إن كان إذا نظر إليه قالوا هذا أشنان فعليه صدقة وإن قالوا هذا طيب عليه دم
قوله ( كره ) أي إن وجدت معه الرائحة كما مر
قوله ( أو لبس مخيطا ) تقدم تعريفه في فصل الإحرام
قوله ( لبسا معتادا ) بأن لا يحتاج في حفظه عند الاشتغال بالعمل إلى تكلف
وضده أن يحتاج إليه بأن يجعل ذيل قميصه مثلا أعلى وجيبه أسفل
شرح اللباب
قوله ( أو وضعه الخ ) أي لو ألقى القباء على كتفيه ولم يدخل فيه يديه ولم يزره لا شيء عليه إلا الكراهة وتقدم تمام الكلام في فصل الإحرام
قوله ( أو ستر رأسه ) أي كله أو ربعه ومثله الوجه كما يأتي بخلاف ما لو عصب نحو يده وعطفه على لبس المخيط لأن الستر قد يكون بغيره كالرداء والشاش
أفاده في النهر
قوله ( بمعتاد ) أي بما يقصد به التغطية عادة
قوله ( إجانة ) بكسر الهمزة وتشديد الجيم أي مركن
شرح اللباب
وكطاسة وطست
قوله ( أو عدل ) بكسر العين وقد تفتح أي أحد شقي حمل الدابة شرح اللباب وقيد العدل في البحر و المنح بالمشغول بل لا يسمى عدلا إلا بذلك لأنه حينئذ يعادل به قرينه فلذا أطلقه هنا
رحمتي
قلت لكني لم أر في البحر و المنح التقييد بما ذكر فلتراجع نسخة أخرى
قوله ( يوما كاملا أو ليلة ) الظاهر أن المراد مقدار أحدهما فلو لبس من نصف النهار إلى نصف الليل من غير انفصال أو بالعكس لزمه دم كما يشير إليه قوله وفي الأقل صدقة شرح اللباب
قوله ( وفي الأقل صدقة ) أي نصف صاع من بر وشمل الأقل الساعة الواحدة أي الفلكية وما دونها خلافا لما في حزانة الأكمل أنه في ساعة نصف ساع وفي أقل من ساعة قبضة من بر اه
بحر
ومشى اللباب على ما في الخزانة وأقره شارحه واعترض بمخالفته لما ذكره الفقهاء
تنبيه ذكر بعض شراح المناسك لو أحرم بنسك وهو لابس المخيط وأكلمه في أقل من يوم وحل منه لم
____________________
(2/547)
أر فيه نصا صريحا ومقتضى قولهم إن الارتفاق الكامل والموجب للدم لا يحصل إلا بلبس يوم كامل أن تلزمه صدقة
ويحتمل أن يقال إن التقدير باليوم باعتبار كمال الارتفاق إنما هو فيما إذا طال زمن الإحرام أما إذا قصر كما في مسألتنا فقد حصل كمال الارتفاق فينبغي وجوب الدم ولكن مع هذا لا بد من نقل صريح
قوله ( وإن نزعه ليلا وأعاده نهارا ) ومثله العكس كما
في شرح اللباب
قوله ( ولو جميع ما يلبس ) مبالغة على قوله أو لبس مخيطا أي لو جمع اللباس من قميص وقباء وعمامة وقلنسوة وسراويل وخف ولبس يوما فعليه دم واحد إن اتحد السبب كما في اللباب أي إن كان لبس الكل لضرورة أو لغيرها فلو اضطر للبعض تعدد الدم كما يأتي وظاهر ما ذكر أنه لا يلزم لبس الكل في مجلس واحد خلافا لما قيده به القاري بل يكفي جمعها في يوم واحد ويدل عليه قوله في اللباب ويتحد الجزاء مع تعدد اللبس بأمور متها اتحاد السبب وعدم العزم على الترك عند النزع وجمع اللبس كله في مجلس أو يوم اه أي مع اتحاد السبب كما علمت أما لو لبس البعض في يوم والبعض في يوم آخر تعدد الجزاء وإن اتحد السبب
قوله ( ما لم يعزم على الترك ) فإن نزعه على قصد أن يلبسه ثانيا أو ليلبس بدله لا يلزمه كفارة أخرى لتداخل لبسيه وجعلهما لبسا واحدا حكما
شرح اللباب
قوله ( كإنشائه بعده ) أي في وجوب الدم إن دام يوما أو ليلة وفيه إشارة إلى صحة إحرامه وهو لابس بلا عذر خلافا لما يعتقده العوام لأن التجرد عن المخيط من واجبات الإحرام لا من شروط صحته
قوله ( ولو تعدد سبب اللبس ) كما إذا كان به حمى فاحتاج إلى اللبس لها فزالت وأصابه مرض آخر أو حمى غيرها ولبس فعليه كفارتان كفر للأول أو لا وإذا حصره العدو فاحتاج إلى اللبس للقتال أياما يلبسها إذا خرج وينزعها إذا رجع فعليه كفارة واحدة ما لم يذهب هذا العدو فإن ذهب وجاء عدو غيره لزمه كفارة أخرى ومقتضى ذلك كما قال الحلبي أنه إذا لبس لدفع برد ثم صار ينزع ويلبس لذلك ثم زال ذلك البرد وأصابه برد آخر فلبس لذلك أنه يجب عليه كفارتان
بحر
قوله ( ولو اضطر الخ ) تخصيص لما قبله من تعدد الجزاء بتعدد السبب
قال في الذخيرة والأصل في جنس هذه المسائل أن الزيادة في موضع الضرورة لا تعتبر جناية مبتدأة
وفي اللباب فإن تعدد السبب كما إذا اضطر إلى لبس ثوب فلبس ثوبين فإن لبسهما على موضع الضرورة نحو أن يحتاج إلى قميص فليس قميصين أو قميصا وجبة أو يحتاج إلى قلنسوة فلبسها مع العمامة فعليه كفارة واحدة يتخير فيها
قال شارحه وكذا إذا لبسهما على موضعين لضرورة بهما في مجلس واحد بأن لبس عمامة وخفا يعذر فيهما فعليه كفارة واحدة اه وإن لبسهما على موضعين مختلفين موضع الضرورة وغير الضرورة كما إذا اضطر إلى لبس العمامة فلبسها مع القميص مثلا أو لبس قميصا للضرورة وخفين لغيرها فعليه كفارتان كفارة الضرورة يتخير فيها وكفارة الاختيار لا يتخير فيها اه
قوله ( لزمه دم وإثم ) لزوم الدم بأحدهما والإثم بالآخر والمناسب التعبير بلزوم الكفارة المخيرة كما قدمناه لأنه حيث كان بعذر لا يتعين الدم كما سيأتي ولزوم كفارة واحدة في لبس العمامة مع القلنسوة كما في القميصين هو المنصوص عليه كما مر عن اللباب ومثله الفتح و المعراج خلافا لما في البحر من التفرقة بينهما كما نبه عليه في الشرنبلالية
وما ذكر من لزوم الإثم نبه عليه في البحر
____________________
(2/548)
عن الحلبي ثم قال فليحفظ هذا فإن كثيرا من المحرمين يغفل عنه كما ساهدناه
قوله ( ولو تيقن الخ ) أما لو استمر مع الشك في زوالها فلا شيء عليه
بحر
قوله ( كفر أخرى ) أي بلا تخيير إن دام يوما بعد التيقن
قوله ( كالكل ) هو المشهور من الرواية عن أبي حنيفة وهو الصحيح على ما قاله غير واحد
شرح اللباب
قوله ( ولا بأس بتغطية أذنيه وقفاه ) وكذا بقية البدن إلا الكفين والقدمين للمنع من لبس القفازين والجوربين ومر تمامه في فضل الإحرام
قوله ( بلا ثوب ) كذا في الفتح و البحر
والظاهر أنه لو كان الوضع بالثوب ففيه الكراهة التحريمية فقط لأن الأنف لا يبلغ ربع الوجه
أفاده ط
قوله ( أي أزال ) أي أراد بالحلق الإزالة بالموسى أو بغيره مختارا أو لا فلو أزاله بالنورة أو نتف لحيته أو احترق شعره بخبزه أو مسه بيده وسقط فهو كالحلق بخلاف ما إذا تناثر شعر بالمرض أو النار
بحر عن المحيط
قلت وشمل أيضا التقصير كما في اللباب
قال شارحه وصرح به في الكافي والكرماني وهو الصواب قياسا على التحلل
ووقع في الكفاية شرح الهداية أن التقصير لا يوجب الدم اه
قوله ( ربع رأسه الخ ) هذا هو الصحيح المختار الذي عليه جمهور أصحاب المذهب
وذكر الطحاوي في مختصره أن في قول أبي يوسف ومحمد لا يجب الدم ما لم يحلق أكثر رأسه
شرح اللباب وإن كان أصلح إن بلغ شعره ربع رأسه فعليه دم وإلا فصدقة وإن بلغت لحيته الغاية في الخفة إن كان قدر ربعها كاملة فعليه دم وإلا فصدقة
لباب واللحية مع الشارب عضو واحد
فتح
قوله ( محاجمه ) أي موضع الحجامة من العنق كما في البحر
قوله ( وإلا فصدقة ) أي وإن لم يحتجم بعد الحلق فالواجب صدقة
قوله ( كما في البحر عن الفتح ) قال في النهر لم أر ذلك في نسختي من الفتح اه
قلت كأنه سقط من نسخته وإلا فقد رأيته في الفتح واستشهد له بقول الزيلعي إن حلقه لمن يحتجم مقصود وهو المعتبر بخلاف الحلق لغيرها
قوله ( كلها ) أي كل الثلاثة وإنما قيد به لأن الربع من هذه الأعضاء لا يعتبر بالكل لأن العادة لم تجر فيها بالاقتصار على البعض فلا يكون حلق البعض ارتفاقا كاملا بخلاف ربع الرأس واللحية فإنه معتاد لبعض الناس
وما في المحيط من أن الأكثر من الرقبة كالكل لأن كل عضو لا نظير له في البدن يقوم أكثره مقام كله ضعيف وكذا ما في الخانية من أن الإبط إذا كان كثير الشعر يعتبر الربع لوجوب الدم وإلا فالأكثر
والمذهب ما ذكره المصنف من اعتبار الربع في الرأس واللحية والكل في غيرهما في لزوم الدم
بحر ملخصا
وذكر في اللباب مثل الثلاثة ما لو حلق الصدر أو الساق أو الركبة أو الفخذ أو العضد أو الساعد فعليه دم وقيل صدقة
وإن حلق أقله فصدقة ولا يقوم الربع منها مقام الكل اه
قال شارحه يشير بقوله وقيل صدقة إلى ما في المبسوط متى حلق عضوا مقصودا بالحلق فعليه دم وإن حلق ما ليس بمقصود فصدقة
ثم قال ومما ليس بمقصود حلق شعر الصدر والساق ومما هو مقصود حلق الرأس والإبطين ومثله في البدائع والتمرتاشي
وفي النخبة وما في المبسوط هو الأصح
قال ابن الهمام إنه الحق اه
والحاصل أن كل واحد من الثلاثة أعني الإبط أو العانة والرقبة مقصود بالحلق وحده فيجب به دم لكن لا يقوم ربعه مقام كله لما مر بخلاف الصدر والساق ونحوهما فيجب بهما صدقة
قال في الفتح لأن القصد إلى
____________________
(2/549)
حلقهما إنما هو في ضمن غيرهما إذ ليست العادة تنوير الساق وحده بل تنوير المجموع من الصليب إلى القدم فكان بعض المقصود بالحلق
قال في البحر فعلى هذا فالتقييد بالثلاثة للاحتراز عن الصدر والساق مما ليس بمقصود
واعلم أن المتفرق من الحلق يجمع كالطيب فلو حلق ربع رأسه من مواضع متفرقة فعليه دم
لباب
وسيأتي أن في حلق الشارب صدقة
تنبيه ذكر الحلق في الإبطين تبعا للجامع الصغير إيماء إلى جوازه وإن كان النتف هو السنة ولذا عبر به في الأصل
واختلف في المسنون في الشارب هل هو القص أو الحلق والمذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص
قال في البدائع وهو الصحيح
وقال الطحاوي القص حسن والحلق أحسن وهو قول علمائنا الثلاثة
نهر
قال في الفتح وتفسير القص أن ينقص حتى ينتقص عن الإطار وهو بكسر الهمزة ملتقي الجلدة واللحم من الشفة وكلام صاحب الهداية على أن يحاذيه اه
وأما طرفا الشارب وهما السبالان فقيل هما منه وقيل من اللحية وعليه فقيل لا بأس بتركهما وقيل يكره لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الكتاب وهذا أولى بالصواب وتمامه في حاشية نوح
ورجح في البحر ما قاله والطحاوي ثم قال وإعفاء اللحية أي الوارد في الصحيحين تركها حتى تكث وتكثر والسنة قدر القبضة فما زاد قطعه اه
وتمامه فيما علقناه عليه ومر بعض ذلك في كتاب الصوم وأما العانة ففي البحر عن النهاية أن السنة فيها الحلق لما جاء في الحديث عشر من السنة منها الاستحداد وتفسيره حلق العانة بالحديد
قوله ( كحلق إبطيه في مجلسين ) كون ذلك من اتحاد المحل بخلاف قص أظفار اليدين مشكل ومع هذا فلا رواية فيه كما ذكره في العناية أي بل هو من تخريج بعض مشايخ المذهب إن كان أحد نقل أن فيه دما واحدا كما هو مقتضى صنيع الشارح ولم أر من صرح بذلك
وأجاب في العناية عن الإشكال على تقدير ثبوت الرواية بأن ثمت ما يوجب اتحاد المحال وهو التنوير فإنه لو نور جميع البدن لم تلزمه إلا كفارة واحدة والحلق مثل التنوير وليس في صورة النزاع أي مسألة القص ما يجعلها كذلك اه
وفيه أن القص كذلك على أنه يلزم منه أنه لو تعدد محل الحلق واختلف المجلس يجب فيه كفارة مع أنه يجب لكل مجلس موجب جنايته كما صرح به في البحر وغيره
قوله ( أو رأسه في أربعة ) أي بأن حلق في كل مجلس ربعا منه ففيه دم واحد اتفاقا ما لم يكفر للأول
شرح اللباب
قوله ( لوجوبه بالشروع ) أشار إلى أن الحكم كذلك في كل طواف هو تطوع فيجب الدم لو طافه جنبا والصدقة لو محدثا كما في الشرنبلالية عن الزيلعي
وأفاد أن الكفارة تجب بترك الواجب الاصطلاحي بلا فرق بين الأقوى والأضعف فإن ما وجب بالشروع دون ما وجب بإيجابه تعالى كطواف الصدر لاشتراكهما في الوجوب الثابت بالدليل الظني بخلاف الطواف الفرض الثابت بالقطع فلذا وجبت فيه مع الجناية بدنة إظهارا للتفاوت من حيث الثبوت فافهم
قوله ( أو للفرض محدثا ) قيد بالحدث لأن الطواف مع نجاسة الثوب أو البدن مكروه فقط
وما في الظهيرة من إيجاب الدم في نجاسة كل الثوب لا أصل له في الرواية وأشار إلى أنه لو طاف عريانا قدر ما لا تجوز الصلاة معه يلزمه دم بترك الستر الواجب وقيد بالفرض وهو الأكثر لأنه لو طاف أقله محدثا ولم يعد وجب عليه لكل شوط نصف صاع إلا إذا بلغت قيمته
____________________
(2/550)
دما فينقص منه ما شاء
بحر
قوله ( ولو جنبا فبدنة ) أما لو طاف أقله جنبا ولم يعد وجب عليه شاة فإن أعاده وجبت عليه صدقة لكل شوط نصف صاع لتأخير الأقل من طواف الزيارة
بحر
لكن في اللباب لو طاف أقله جنبا فعليه لكل شوط صدقة وإن أعاده سقطت
تأمل
قوله ( إن لم يعده ) أي الطواف الشامل للقدوم والصدر والفرض فإن أعاده فلا شيء عليه فإنه متى طاف أي طواف مع أي حدث ثم أعاده سقط موجبه اه ح
قلت لكن إذا أعاد طواف الفرض بعد أيام النحر لزمه دم الإمام للتأخير وهذا إن كانت الإعادة لطوافه جنبا وإلا فلا شيء عليه كما لو أعاده في أيام النحر مطلقا كما في الهداية ومشى عليه في البحر وصححه في السراج وغيره وزعم في غاية البيان أنه سهو لتصريح الرواية في شرح الطحاوي بلزوم الدم بالتأخير مطلقا وأجاب في البحر بأن هذه رواية أخرى
تنبيه من فروع الإعادة ما ذكره في اللباب لو طاف للزيارة جنبا وللصدر طاهرا فإن طاف للصدر في أيام النحر فعليه دم لترك الصدر لأنه انتقل إلى الزيارة وإن طاف للزيارة ثانيا فلا شيء عليه أي لانتقال الزيارة إلى الصدر وإن طاف للصدر بعد أيام النحر فعليه دمان دم لترك الصدر أي لتحوله إلى الزيارة ودم لتأخير الزيارة وإن طاف للصدر ثانيا سقط عنه دمه وإن طاف للزيارة محدثا وللصدر طاهرا فإن حصل الصدر في أيام النحر انتقل إلى الزيارة ثم إن طاف للصدر ثانيا فلا شيء عليه وإلا فعليه دم لتركه وإن حصل بعد أيام النحر لا ينتقل وعليه دم لطواف الزيارة محدثا ولو طاف للزيارة محدثا وللصدر جنبا فعليه دمان
قوله ( والأصح وجوبها ) أي وجوب الإعادة المفهومة منقوله بعده وهذا أيضا شامل للقدوم والصدر والفرض
قال في البحر لو طاف للقدوم جنبا لزمه الإعادة اه
وإذا وجبت الإعادة في القدوم ففي الصدر والفرض أولى اه ح
تنبيه قال في البحر الواجب أحد شيئين إما الشاة أو الإعادة
والإعادة هي الأصل ما دام بمكة ليكون الجابر من جنس المجبور فهي أفضل من الدم
وأما إذا رجع إلى أهله ففي الحديث اتفقوا على أن بعث الشاة أفضل من الرجوع
وفي الجناية اختار في الهداية أن الرجوع أفضل لما ذكرنا
واختار في المحيط أن البعث أفضل لمنفعة الفقراء وإذا رجع للأول يرجع بإحرام جديد بناء على أنه حل في حق النساء بطواف الزيارة جنبا فإذا أحرم بعمرة يبدأ بها ثم يطوف للزيارة ويلزمه دم لتأخيره عن وقته
قوله ( وإن المعتبر الأول ) عطف على وجوبها وهذا ما ذهب إليه الكرخي وصححه في الإيضاح خلافا للرازي وهذا في الجناية أما في الحدث فالمعتبر الأول اتفاقا
سراج
وقوله فلا تجب الخ بيان لثمرة الخلاف فعلى قول الرازي تجب إعادة السعي لأن الطواف الأول قد انفسخ فكأنه لم يكن
سراج
فقوله في البحر لا ثمرة للخلاف خلاف الواقع
قوله ( وفي الفتح الخ ) عزاه إلى المحيط ونقله في الشرنبلالية ومثله في اللباب حيث قال ولو طاف للعمرة كله أو أكثره أو أقله ولو شوطا جنبا أو حائضا أو نفساء أو محدثا فعليه شاة لا فرق فيه بين الكثير والقليل والجنب والمحدث لأنه لا مدخل في طواف العمرة للبدنة ولا للصدقة بخلاف طواف الزيارة وكذا لو ترك منه أي من طواف العمرة أقله ولو شوطا فعليه دم وإن أعاد سقط عنه الدم اه
لكن في البحر عن الظهيرية لو طاف أقله محدثا وجب عليه لكل شوط نصف صاع من حنطة إلا إذا بلغت قيمته يوما فينقص منه ما شاء اه
ومثله في السراج والظاهر أنه قول آخر فافهم
____________________
(2/551)
وأما ما سيأتي من قول المصنف وكل ما على المفرد به دم بسبب جنايته على إحرامه فعلى القارن دمان وكذا الصدقة
وذكر الشارح هناك أن المتمتع كالقارن فلا يرد على ما هنا وإن كانت جناية المتمتع على إحرام الحج وإحرام العمرة لأن المراد هناك الجناية بفعل شيء من محظورات الإحرام بخلاف ترك شيء من الواجبات كما سيأتي في كلام الشارح وهنا الجناية بترك واجب الطهارة فلا ينافي وجوب الصدقة في العمرة بفعل المحظور ولهذا لم يعمم في اللباب بل قال لا مدخل في طواف العمرة للصدقة وإن أطلق الشارح العبارة تبعا للفتح فتنبه
قوله ( أو أفاض من عرفة الخ ) بأن جاوز حدودها قبل الغروب وإلا فلا شيء عليه كما في اللباب
قوله ( ولو بند بعيره ) الند بفتح النون وتشديد الدال المهملة الهروب ح
قال في اللباب ولو ند بعيره فأخرجه من عرفة قبل الغروب لزمه دم وكذا لو ند بعيره فتبعه لأخذه اه
قال شارحه القاري وفيه أن ترك الواجب لعذر مسقط للدم اه
وأجيب بأنه يمكنه التدارك بالعود وهو مسقط للدم
قلت الأحسن الجواب بما قدمناه أول الباب من أن المراد بالعذر المسقط للدم ما لا يكون من قبل العباد وسيأتي توضيحه في الإحصار
قوله ( والغروب ) قصد بهذا العطف بيان أن مرادهم بالإمام الغروب لما بينهما من الملابسة فإن الإمام لما كان الواجب عليه النفر بعد الغروب كان النفر معه نفرا بعد الغروب وإلا فلو غربت فنفروا ولم ينفر الإمام لا شيء عليهم ولو نفر الإمام قبل الغروب فتابعوه كان عليه وعليهم الدم وذلك لأن الوقوف في جزء من الليل واجب فبتركه يلزم الدم كما في البحر
ح
قوله ( ولو بعده في الأصح ) إذا عاد بعده فظاهر الرواية عدم السقوط
وصحح القدوري رواية ابن شجاع عن الإمام أنه يسقط
وأفاده أنه لو عاد قبل الغروب يسقط الدم على الأصح بالأولى كما في البحر فافهم
وفي شرح النقاية للقاري أن الجمهور على أن ظاهر الرواية هو الأصح ولو عاد قبل الغروب فالأظهر عدم السقوط لأن استدامة الوقوف إلى الغروب واجب فيفوت بفوت البعض اه
قلت وذكر ابن الكمال في شرحه في الهداية ما حاصله أن الشراح هنا أخطأوا في نقل الرواية لما في البدائع أنه لو عاد قبل الغروب وقبل نفر الإمام سقط عندنا خلافا لزفر وإن عاد قبل الغروب بعد ما خرج الإمام من عرفة روى ابن شجاع عن الإمام أنه يسقط واعتمده القدوري
وذكر في الأصل عدمه ولو عاد بعد الغروب لا يسقط بلا خلاف لتقرر الواجب فلا يحتمل السقوط بالعود اه
قوله ( سبع الفرض ) بفتح السين والفرض بمعنى المفروض صفة لمحذوف أي الطواف الفرض أو على تقدير مضاف أي طواف الفرض لقول الوقاية أو أخر طواف الفرض أو ترك أقله وعلى كل فإضافة سبع على معنى اللام ولا يصح جعلها بيانية على معنى سبع هي الفرض لأن الفرض في أشواط الطواف أكثر السبع لا كلها وإن قال المحقق ابن الهمام إن الذي ندين الله تعالى به أن لا يجزيء أقل من السبع ولا يجبر بعضه بشيء فإنه من أبحاثه المخالفة لأهل المذهب قاطبة كما في البحر
وقد قال تلميذه العلامة قاسم إن أبحاثه المخالفة للمذهب لا تعتبر فافهم
قوله ( حتى لو طاف للصدر ) أي مثلا لأن أي طواف حصل بعد الوقوف كما للفرض كما قدمناه
شرنبلالية
وأفاد ذلك بقوله يعني ولم يطف غيره
قوله ( ثم إن بقي أقل الصدر ) أي إن بقي عليه أقل أشواط الصدر وهو قدر ما انتقل منه إلى الركن بأن ترك من الفرض ثلاثة
____________________
(2/552)
أشواط وطاف للصدر سبعة فإنه ينتقل منها ثلاثة لطواف الفرض وتبقى هذه الثلاثة عليه من طواف الصدر فيلزمه لها صدقة أما لو كان طاف للصدر ستة وانتقل منها ثلاثة يبقى عليه أكثر الصدر وهو أربعة فيلزمه لها دم ثم هذا إن لم يكن أخر طواف الصدر إلى آخر أيام التشريق وإلا لزمه مع الصدقة أخرى لتأخير أقل الفرض عند الإمام لكل شوط نصف صاع من بر خلافا لهما كما في البحر مثله في التاترخانية والقهستاني و اللباب
لكن في الشرنبلالية عن الفتح وإن كان ترك أقله أي أقل طواف الفرض لزمه للتأخير دم وصدقة للمتروك من الصدر اه
فأوجب دما لتأخير الأقل كما ترى فتأمل
قوله ( بقي محرما ) فإن رجع إلى أهله فعليه حتما أن يعود بذلك الإحرام ولا يجزي عنه البدل
لباب
قوله ( في حق النساء ) لأنه بالحلق حل له ما سواهن حتى يطوف
قوله ( لزمه دم ) أي شاة أو بدنة على ما سيأتي
قوله ( إلا أن يقصد الرفض ) أي فلا يلزمه بالثاني شيء وإن تعدد المجلس مع أن نية الرفض باطلة لأنه لا يخرج عنه إلا بالأعمال لكن لما كانت المحظورات مستندة إلى قصد واحد وهو تعجيل الإحلال كانت متحدة فكفاه دم واحد
بحر
قال في اللباب واعلم أن المحرم إذا نوى رفض الإحرام فجعل يصنع ما يصنعه الحلال من لبس الثياب والتطيب والحلق والجماع وقتل الصيد فإنه لا يخرج بذلك من الإحرام وعليه أن يعود كما كان محرما ويجب دم واحد لجميع ما ارتكب ولو كل المحظورات وإنما يتعدد الجزاء بتعدد الجنايات إذا لم ينو الرفض ثم نية الرفض إنما تعتبر ممن زعم أنه خرج منه بهذا القصد لجهله مسألة عدم الخروج وأما من علم أنه لا يخرج منه بهذا القصد فإنها لا تعتبر منه اه
قلت وما ذكر من أن نية الرفض باطلة وأنه لا يخرج من الإحرام إلا بالأفعال محمول على ما إذا لم يكن مأمورا بالرفض كما سنذكره آخر الجنايات ومن المأمور بالرفض المحصر بمرض أو عدو لأنه بذبح الهدي يحل ويرتفض إحرامه على ما سيأتي في بابه وسنذكره هنا أيضا أن كل من منع عن المضي في موجب الإحرام لحق العبد فإنه يتحلل بغير الهدي كالمرأة لو أحرما بلا إذن الزوج والمولى فإن لهما أن يحللاهما في الحال بلا ذبح
وبما قررناه اندفع ما في الشرنبلالية حيث زعم المنافاة بين ما مر من أنه لا يخرج عن الإحرام إلا بالأفعال وبين مسألة تحليل المولى أمته بنحو قص ظفر أو جماع
قوله ( أو أربعة منه ) أما لو ترك أقله ففيه صدقة كما سيأتي
تنبيه لم يصرحوا بحكم طواف القدوم لو شرع فيه وترك أكثره أو أقله
والظاهر أنه كالصدر لوجوبه بالشروع وقدمنا تمامه في باب الإحرام
قوله ( ولا يتحقق الترك إلا بالخروج من مكة ) لأنه ما دام فيها لم يطالب به ما لم يرد السفر
قال في البحر وأشار بالترك إلى أنه لو أتى بما تركه لا يلزمه شيء مطلقا لأنه ليس بمؤقت اه أي ليس له وقت يفوت بفوته وقدمنا عن النهر و اللباب أنه لو نفر ولم يطف وجب عليه الرجوع ليطوف ما لم يجاوز الميقات فخير بين إراقة الدم والرجوع بإحرام جديد بعمرة ولا شيء عليه لتأخيره
قوله ( بلا عذر ) قيد للترك والركوب
قال في الفتح عن البدائع وهذا حكم ترك الواجب في هذا الباب اه أي أنه إن تركه بلا عذر لزمه دم وإن بعذر فلا شيء عليه مطلقا
وقيل فيما ورد به النص فقط وهذا بخلاف ما لو ارتكب محظورا
____________________
(2/553)
كاللبس والطيب فإنه يلزمه موجبه ولو بعذر كما قدمناه أول الباب ثم لو أعاد السعي ماشيا بعد ما حل وجامع لم يلزمه دم لأن السعي غير مؤقت بل الشرط أن يأتي به بعد الطواف وقد وجد
بحر
قوله ( أو الرمي كله ) إنما وجب بتركه كله دم واحد لأن الجنس متحد كما في الحلق والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر الرمي وهو الرابع لأنه لم يعرف قربة إلا فيما وما دامت الأيام باقية فالإعادة ممكنة فيرميها على التأليف ثم بتأخيرها يجب الدم عنده خلافا لهما
بحر
وبه علم أن الترك غير قيد لوجوب الدم بتأخير الرمي كله أو تأخير رمي يوم إلى ما يليه أما لو أخره إلى الليل فلا شيء عليه كما مر تقريره في بحث الرمي
قوله ( أو في يوم واحد ) ولو يوم النحر لأنه نسك تام
بحر
قوله ( أو الرمي الأول ) داخل فيما قبله كما علمت لكنه نص عليه تبعا للهداية لأنه لو ترك جمرة العقبة في بقية الأيام يلزمه صدقة لأنها أقل الرمي فيها بخلاف اليوم الأول فإنها كل رمية
رحمتي
فافهم
قوله ( وأكثره ) كأربع حصيات فما فوقها في يوم النحر أو إحدى عشرة فيما بعده وكذا لو أخر ذلك
أما لو ترك أقل من ذلك أو أخره فعليه لكل حصاة صدقة إلا أن يبلغ دما فينقص ما شاء
لباب
قوله ( أي أكثر رمي يوم ) المفهوم من الهداية عود الضمير إلى الرمي الأول وهو رمي العقبة في يوم النحر وهو المفهوم من عبارة المصنف أيضا لكن ما ذكره الشارح أفود
قوله ( أو حلق في حل بحج أو عمرة ) أي يجب دم لو حلق للحج أو العمرة في الحل لتوقته بالمكان وهذا عندهما للثاني
قوله ( في أيام النحر ) متعلق بحلق بقيد كونه للحج ولذا قدمه علي قوله أو عمرة فيتقيد حلق الحاج بالزمان أيضا وخالف فيه محمد وخالف أبو يوسف فيهما وهذا الخلاف في التضمين بالدم لا في التحلل فإنه يحصل بالحلق في أي زمان أو مكان
فتح
وأما حلق العمرة فلا يتوقف بالزمان إجماعا
هداية
وكلام الدرر يوهم أن قوله في أيام النحر قيد للحج والعمرة وعزاه إلى الزيلعي مع أنه لا إيهام في كلام الزيلعي كما يعلم بمراجعته
قوله ( فدمان ) دم للمكان ودم للزمان ط
قوله ( لاختصاص الحلق ) أي لهما بالحرم وللحج في أيام النحر ط
قوله ( خرج ) أي من الحرم
قوله ( ثم رجع من حل ) أي قبل أن يحلق أو يقصر في الحل
قوله ( وكذا الحاج الخ ) فيه رد على صاحب الدرر و صدر الشريعة وابن كمال حيث أطلقوا وجوب الدم بخروجه قبل التحلل ثم رجوعه فإن ذات الخروج من الحرم لا يلزم المحرم به شيء
قال في الهداية ومن اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عندهما
وقال أبو يوسف لا شيء عليه وإن لم يقصر حتى رجع وقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا لأنه أتى به في مكانه فلم يلزمه ضمانه اه
قال في العناية ولو فعل الحاج ذلك لم يسقط عنه دم التأخير عند أبي حنيفة اه
فقد نص على الدم الذي يلزم الحاج إنما هو لتأخير الحلق عن أيام النحر ويفيد أنه إذا عاد بعد ما خرج من الحرم وحلق فيه في أيام النحر لا شيء عليه وهذا لا يتوقف فيه من له أدنى إلمام بمسائل الفقه فليتنبه له
أفاده الشرنبلالية
قوله ( أو قبل الخ ) حاصله أن دواعي الجماع كالمعانقة والمباشرة الفاحشة والجماع فيما دون الفرج والتقبيل واللمس بشهوة موجبة للدم أنزل أو لا قبل الوقوف أو بعده ولا يفسد حجه شيء منه كما في اللباب وشمل قوله قبل الوقوف أو بعده ثلاث صور ما إذا كان قبل الوقوف والحلق أو بعده قبل الحلق أو بعده الوقوف والحلق قبل الطواف ففي الأوليين
____________________
(2/554)
حصل الفرق بين الدواعي والجماع لمقتض وهو أن الجماع في الأولى مفسد لتعلق فساد الحج بالجماع حقيقة كما قال في البحر
وإنما لم يفسد الحج بالدواعي كما يفسده بها الصوم لأن فساده معلق بالجماع حقيقة بالنص والجماع معنى دونه فلم يلحق به وفي الثانية موجب للبدنة لغلظ الجناية كما في البحر ولم يفسد لتمام حجه بالوقوف ولا شيء من ذلك في الدواعي
وأما الثالثة فاشترك الجماع ودواعيه في وجوب الشاة لعدم المقضي للتفرقة المذكورة لأن الجماع هنا ليس جناية غليظة لوجوب الحل الأول بالحلق فلذا لم تجب به بدنة ودواعيه ملحقة به في كثير من الأحكام فافهم
تنبيه أطلق في التقبيل واللمس فعم ما لو صدرا في أجنبية أو زوجته أو أمته والظاهر أن الأمرد كالأجنبية وإن توقف فيه الحموي وأخرج بهما النظر إلى فرج امرأة بشهوة فأمنى فإنه لا شيء عليه كما لو تفكر ولو أطال النظر أو تكرار وكذا الاحتلام لا يوجب شيئا
هندية ط
قوله ( في الأصح ) لم أر من صرح بتصحيحه وكأنه أخذه من التصريح بالإطلاق في المبسوط و الهداية و البدائع و شرح المجمع وغيرها كما في اللباب ورجحه في البحر بأن الدواعي محرمة لأجل الإحرام مطلقا فيجب الدم مطلقا واشترط في الجامع الصغير الإنزال وصححه قاضيخان في شرحه
قوله ( وأنزل ) قيد للمسألتين فإن لم ينزل فيهما فلا شيء عليه ط
قوله ( أو أخر الحاج ) قيد به لأن حلق المعتمر لا يتقيد بالزمان وكذا طوافه فلا يلزمه بتأخيرهما شيء ط
قوله ( أو طواف الفرض ) أي كله أو أكثره فلو أخر أقله يجب صدقة وأشار إلى أنه لو أخر طواف الصدر لا يجب شيء
قهستاني
قوله ( لتوقتهما ) أي الحلق وطواف الفرض بها أي بأيام النحر عند الإمام وهذا علة لوجوب الدم بتأخيرهما
قال في الشرنبلالية وهذا إذا كان تأخير الطواف بلا عذر حتى لو حاضت قبل أيام النحر واستمر بها حتى مضت لا شيء عليها بالتأخير وإن حاضت في أثنائها وجب الدم بالتفريط فيما تقدم كذا في الجوهرة عن الوجيز
وأفاد شيخنا أنه لا تفريط لعدم وجوب الطواف عينا في أول وقته ففي إلزامها بالدم وقد حاضت في الأثناء نظر اه
وتقدم تمامه في بحث الطواف
قوله ( أو قدم نسكا على آخر ) أي وقد فعله في أيام النحر لئلا يستغني عنه بقوله قبله أو آخر الحلق الخ شرنبلالية
قوله ( فيجب الخ ) لما كان قوله أو قدم الخ بيانا لوجوب الدم بعكس الترتيب فرع عليه أن الترتيب واجب مع بيان ما يجب ترتيبه وما لا يجب فافهم
قوله ( لغير المفرد ) أما هو فالذبح له مستحب كما مر
قوله ( لكن لا شيء على من طاف ) أي مفردا أو غيره
شرح اللباب
قوله ( قبل الرمي والحلق ) أي وكذا قبل الذبح بالأولى لأن الرمي مقدم على الذبح فإذا لم يجب ترتيب الطواف على الرمي لا يجب على الذبح
قوله ( وقد تقدم ) أي عند ذكر الواجبات
قوله ( كما لا شيء على المفرد الخ ) فيجب تقديم الرمي على الحلق للمفرد وغيره وتقديم الرمي على الذبح والذبح على الحلق لغير المفرد ولو طاف المفرد وغيره قبل الرمي والحلق لا شيء عليه
لباب
وكذا لو طاف قبل الذبح كما علمت
والحاصل أن الطواف لا يجب ترتيبه على شيء من الثلاثة وإنما يجب ترتيب الثلاثة الرمي ثم الذبح ثم الحلق لكن المفرد لا ذبح عليه فيجب عليه الترتيب بين الرمي والحلق فقط
قوله ( حلق قبل ذبحه ) وكذا لو حلق قبل
____________________
(2/555)
الرمي بالأولى
بحر
فعليه وإنما وضع المسألة في القارن لأن المفرد لا شيء عليه في ذلك لأنه لا ذبح عليه فلا يتصور تأخير النسك وتقديمه بالحلق قبله
ابن كمال
قوله ( كما حرره المصنف ) أي تبعا لشيخه في البحر
قوله ( وبه ) أي بما ذكر من أن المذهب أن أحد الدمين للتأخير والآخر للقران الذي هو دم شكر فافهم
قوله ( ما توهمه بعضهم ) أي صاحب الهداية حيث قال دم بالحلق في غير أوانه لأن أوانه بعد الذبح ودم بتأخير الذبح عن الحلق اه
وقد خطأه شراح الهداية من وجوه
منها مخالفته لما نص عليه في الجامع الصغير من أن أحد الدمين للقران والآخر للتأخير
ومنها أنه يلزمه منه أن يجب عليه خمسة دماء على قول من يقول إن إحرام العمرة لا ينتهي بالوقوف لأن جنايته على إحرامين والتقديم والتأخير جنايتان ففيهما أربعة دماء ودم القران
وأجاب في البحر عن الأول بأن ما مشى عليه رواية أخرى غير رواية الجامع وإن كان المذهب خلافه
وعن الثاني بأن التضاعف على القارن إنما يكون فيما إذا أدخل نقصا في إحرام عمرته وإلا فلا يجب إلا دم واحد ولهذا إذا أفاض القارن قبل الإمام أو طاف للزيارة جنبا أو محدثا لا يلزمه إلا دم واحد لأنه لا تعلق للعمرة بالوقوف وطواف الزيارة وتمام الكلام عليه وعلى الجواب عن بقية ما أورد عليه مبسوط فيه وفيما علقناه عليه
قوله ( أقل من عضو ) أي ولو أكثره كما مر
ط
وهذا إذا كان الطيب قليلا على ما مر من التوفيق
قوله ( في الخزانة الخ ) أفاد في البحر ضعفه كما قدمناه أول الباب
قوله ( أو حلق شاربه ) لأنه تبع للحية ولا يبلغ ربعها والقول بوجوب الصدقة فيه هو المذهب المصحح وقيل فيه حكومة عدل وقيل دم كما حرر في البحر
قوله ( أو أقل من ربع رأسه الخ ) ظاهره كالكنز أن الواجب نصف صاع ولو كان شعرة واحدة لكن في الخانية إن نتف من رأسه أو أنفه أو لحيته شعرات فلكل شعرة كف من طعام
وفي خزانة الأكمل في خصلة نصف صاع فظهر أن في كلام المصنف اشتباها لأنه لم يبين الصدقة ولم يفصلها
بحر
قوله ( وقد استقر الخ ) إشارة إلى ما في عبارة المصنف من الإيهام كعبارة الدرر و صدر الشريعة وابن كمال لأن مفادها أنه يجب فيما فوق الواحد إلى الخمس نصف صاع
قال في الشرنبلالية وهو غلط لما في الكافي و الهداية وشروحها من أنه لو قص أقل من خمسة فعليه بكل ظفر صدقة إلا أن يبلغ ذلك دما فينقص ما شاء ولو قص ستة عشرة ظفرا من كل عضو أربعة يجب بكل ظفر طعام مسكين إلا أن يبلغ ذلك دما فحينئذ ينقص ما شاء اه
تنبيه قال في اللباب كل صدقة تجب في الطواف فهي لكل شوط نصف صاع أو في الرمي فلكل حصاة صدقة أو في قلم الأظفار فلكل ظفر أو في الصيد ونبات الحرم فعلى قدر القيمة اه فليحفظ
قوله ( فينقص ما شاء ) أي لئلا يجب في الأقل ما يجب في الأكثر
قال في اللباب وقيل ينقص نصف صاع اه
ويأتي بيانه قريبا
قوله ( أو طاف للقدوم ) وكذا كل طواف تطوع جبر لما دخله من النقص بترك الطهارة
نهر
قوله ( من سبع الصدر ) أما لو ترك ثلاثة من سبع القدوم فلم يذكروه وقدمنا الكلام عليه
قوله ( ومن السعي ) أي لو ترك ثلاثة منه أو أقل
____________________
(2/556)
فعليه لكل شوط منه صدقة إلا أن يبلغ دما فيخير بين الدم وتنقيص الصدقة
لباب
قوله ( أو إحدى الجمار الثلاث ) أي التي بعد يوم النحر ط
والمراد أن يترك أقل جمار يوم كثلاث من يوم النحر وعشرة مما بعده
رحمتي
قوله ( فكما مر ) أي ينقص ما شاء
قوله ( وأفاد الحدادي ) أي في السراج وتقدم عن اللباب التعبير عنه بقيل إشارة إلى ضعفه لمخالفته لما في عامة الكتب من إطلاق التنقيص بما شاء لكنه غير محرر لأنه صادق بما لو شاء شيئا قليلا مثل كف من طعام في ترك ثلاث حصيات مثلا لو بلغ الواجب فيها قيمة دم مع أنه لو ترك حصاة واحدة يجب نصف صاع وقد التزم ذلك بعض شرح اللباب وقال إنه الظاهر من إطلاقهم وهو بعيد كما علمت لأنهم نقصوا عن قيمة الدم لئلا يجب في القليل ما يجب في الكثير فينبغي أن يكون ما في السراج بيانا لما أطلقوه بمعنى أنه ينقص ما شاء إلا نصف صاع لا أكثر لما قلنا لكن في السراج مجمل وقد فسره ما نقله بعضهم عن البحر الزاخر إذا بلغ قيمة الصدقات دما ينقص منه نصف صاع ليبلغ قيمة المجموع أقل من ثمن الشاة وهكذا إذا نقص نصف صاع وكان ثمن الباقي مقدار ثمن الشاة ينقص إلى أن يصير ثمن الصدقة الباقية أقل من ثمن الشاة حتى لو كان الواجب ابتداء نصف الصاع فقط بأن قلم ظفرا واحدا وكان يبلغ هديا ينقص منه ما شاء بحيث يصير ثمن الباقي أقل من ثمن الهدي اه
قوله ( أو حلق الخ ) اعلم أن الحالق والمحلوق إما أن يكونا محرمين أو حلالين أو الحالق محرما والمحلوق حلالا أو بالعكس ففي كل على الحالق صدقة إلا أن يكونا حلالين وعلى المحلوق دم إلا أن يكون حلالا نهاية لكن في حلق المحرم رأس حلال يتصدق الحالق بما شاء وفي غيره الصدقة نصف صاع كما في الفتح و البحر وبه يعلم ما في قوله أو حلال ووقع في العناية فيما إذا كان الحالق حلالا والمحلوق محرما أنه لا شيء على الحالق اتفاقا فليتأمل
قوله ( فإنه لا شيء عليه ) أي على الفاعل أما المفعول فعليه الجزاء إذا كان محرما
لباب وشرحه
قوله ( كالفطرة ) أفاد أن التقييد بنصف الصاع من البر اتفاقي فيجوز إخراج الصاع من التمر أو الشعير
ط عن القهستاني
قال بعض المحشين وأما المخلوط بالشعير فإنه ينظر فإن كانت الغلبة للشعير فإنه يجب عليه صاع وإن كانت للحنطة فنصفه كذا في خزانة الأكمل فإن تساويا ينبغي وجوب الصاع احتياطا وما ذكروه في الفطرة يجري هنا اه
قوله ( بعذر ) قيد الثلاثة وليست الثلاثة قيدا فإن جميع محظورات الإحرام إذا كان بعذر ففيه الخيارات الثلاثة كما في المحيط
قهستاني
وأما ترك شيء من الواجبات بعذر فإنه لا شيء فيه على ما مر أول الباب عن اللباب وفيه ومن الأعذار الحمى والبرد والجرح والقرح والصداع والشقيقة والقمل ولا يشترط دوام العلة ولا أداؤها إلى التلف بل وجودها مع تعب ومشقة يبيح ذلك وأما الخطأ والنسيان والإغماء والإكراه والنوم وعدم القدرة على الكفارة فليست بأعذار في حق التخيير ولو ارتكب المحظور بغير عذر فواجبه الدم عينا أو الصدقة فلا يجوز عن الدم طعام أو صيام ولا عن الصدقة صيام فإن تعذر عليه ذلك بقي في ذمته اه
وما في الظهيرية من أنه إن عجز عن الدم صام ثلاثة أيام ضعيف كما في البحر وفيه ومن الأعذار خوف الهلاك ولعل المراد بالخوف الظن لا مجرد الوهم فتجوز التغطية والستر إن غلب على ظنه لكن بشرط أن لا يتعدى موضع الضرورة فيغطي رأسه بالقلنسوة فقط إن اندفعت الضرورة بها حينئذ قلف العمامة عليها موجب للدم أوالصدقة اه
____________________
(2/557)
قلت يعني إذا كانت نازلة عن الرأس بحيث تغطي ربعا مما تحرم تغطيته وإلا فقدمنا عن الفتح وغيره التصريح بخلافه وأنه مثل ما لو اضطر لجبة فلبس جبتين نعم يأثم بخلاف ما لو لبس جبة وقلنسوة فإن فيه كفارتين
قوله ( إن شاء ذبح الخ ) هذا فيما يجب فيه الدم أما ما يجب فيه الصدقة إن شاء تصدق بما وجب عليه من نصف صاع أو أقل على مسكين أو صام يوما كما في اللباب
قوله ( ذبح ) أفاد أنه يخرج عن العهدة بمجرد الذبح فلو هلك أو سرق لا يجب غيره
بخلاف ما لو سرق وهو حي وإنما لا يأكل منه رعاية لجهة التصدق وتمامه في البحر
قوله ( في الحرم ) فلو ذبح في غيره لم يجز إلا أن يتصدق باللحم على ستة مساكين على كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع حنطة فيجزيه بدلا عن الإطعام
بحر
قوله ( أو تصدق ) أفاد أنه لا بد من التمليك عند محمد ورجحه في البحر تبعا للفتح فلا تكفي الإباحة خلافا لأبي يوسف
واختلف النقل عن الإمام
قوله ( بثلاثة أصوع طعام ) بإضافة أصوع وهو بفتح الهمزة وضم الصاد وسكون الواو أو بسكون الصاد وضم الواو جمع صاع
شرح النقاية للقاري
والطعام البر بطريق الغلبة
قهستاني
قوله ( على ستة مساكين ) كل واحد نصف صاع حتى لو تصدق بها على ثلاثة أو سبعة فظاهر كلامهم أنه لا يجوز لأن العدد منصوص عليه
وعلى قول من اكتفى بالإباحة ينبغي أنه لو غدى مسكينا واحدا وعشاه ستة أيام أن يجوز أخذا من مسألة الكفارات
نهر تبعا للبحر
قوله ( أين شاء ) أي في غير الحرم أو فيه ولو على غير أهله لإطلاق النص بخلاف الذبح والتصدق على فقراء مكة أفضل
بحر
وكذا الصوم لا يتقيد بالحرم فيصومه أين شاء كما أشار إليه في البحر وصرح به الشرنبلالية عن الجوهرة وغيرها
قوله ( ووطؤه ) أي بإيلاج قدر الحشفة وإن لم ينزل ولو بحائل لا يمنع وجود الحرارة واللذة وسواء كان في امرأة واحدة أو أكثر أجنبية أولا مرة أو مرارا ولا يتعدد الدم إلا بتعدد المجلس إذا لم ينو بالثاني رفض الإحرام كما مر بيانه
أفاده في البحر
قوله ( في إحدى السبيلين ) السبيل يذكر ويؤنث أي القبل والدبر
قال في النهر ثم هذا في الدبر أصح الروايتين وهو قولهما
قوله ( من آدمي ) فلا يفسد بوطء البهيمة مطلقا لقصوره
بحر أي سواء أنزل أو لا وقد ألحقوا التي لا تشتهي بالبهيمة كما مر في الصوم فيقتضي عدم الفساد بوطء الميتة والصغيرة التي لا تشتهي
رملي ونحوه في شرح اللباب
قوله ( ولو ناسيا ) شمل التعميم العبد لكن يلزمه الهدي وقضاء الحج بعد العتق سوى حجة الإسلام وكل ما يجب فيه المال يؤاخذ به بعد عتقه بخلاف ما فيه الصوم فإنه يؤاخذ به للحال ولا يجوز إطعام المولى عنه إلا في الإحصار فإن المولى يبعث عنه ليحل هو فإذا عتق فعليه حجة وعمرة
بحر
قوله ( أو مكرها ) ولا رجوع له على المكره كما ذكره الإسبيجابي وحكى في الفتح خلافا في رجوع المرأة بالدم إذا أكرهها الزوج ولم أر قولا في رجوعها بمؤنة حجها بحر
قوله ( أو صبيا ) يؤيده أن المفسد للصلاة والصوم لا فرق بين المكلف وغيره فكذلك الحج وما في الفتح من أنه لا يفسد حجه ضعيف
بحر و نهر
قوله ( لكن لا دم ولا قضاء عليه ) أي على الصبي أو المجنون وأفرد الضمير لمكان أو وكذا لا مضي عليهما في إحرامهما لعدم تكليفهما
شرح اللباب
قوله ( قبل وقوف فرض ) بالإضافة البيانية أي وقوف هو فرض أو بدونهما مع التنوين فيهما على الوصفية أي وقوف مفروض والمراد بالفرضية الركنية فشمل حج النفل وخرج وقوف المزدلفة إذا جامع قبله فإن لا يفسد الحج لكن فيه بدنة
قوله ( يفسد حجه ) أي ينقصه نقصه نقصانا فاحشا ولم يبطله كما في
____________________
(2/558)
المضمرات قهستاني
قال صاحب اللباب بعد نقله عنه وهو قيد حسن يزيل بعض الإشكالات
قال القاري قلت من جملتها المضي في الأفعال لكن في عدم الإبطال أيضا نوع إشكال وهو القضاء إلا أنه يمكن دفعه بأنه ليؤدي على وجه الكمال اه
أقول حاصله أنه ليس المراد بالفساد هنا البطلان بمعنى عدم وجود حقيقة الفعل الشرعية كالصلاة بلا طهارة بل المراد به الخلل الفاحش الموجب لعدم الاعتداد بفعله ولوجوب القضاء ليخرج عن العهدة فالحقيقة الشرعية موجودة ناقصة نقصانا أخرجها عن الإجراء ولهذا صرح في الفتح عن المبسوط فإنه بإفساد الإحرام لم يصر خارجا عنه قبل الإعمال اه
ولو كان باطلا من كل وجه لكان خارجا عنه ولما كان يلزمه موجب ما يرتكبه بعد ذلك من المحظورات
وذكر في اللباب وغيره أنه لو أهل بحجة أخرى ينوي قبل أدائها فهي هي ونيته لغو لا تصح ما لم يفرغ من الفاسدة وبهذا ظهر أن قول بعض معاصري صاحب البحر أن الحج إذا فسد لم يفسد الإحرام معناه لم يبطل بالمعنى الذي ذكرنا فلا يرد ما أورده عليه من تصريحهم بفساده ثم إن هذا يفيد الفرق بين الفساد والبطلان في الحج بخلاف سائر العبادات فهو مستثنى من قولهم لا فرق بينهما في العبادات بخلاف المعاملات ويؤيده أنه صرح في اللباب في فصل محرمات الإحرام بأن مفسده الجماع قبل الوقوف ومبطله الردة والله تعالى أعلم
قوله ( وكذا لو استدخلت ذكر حمار ) والفرق بينه وبين ما أذا وطىء بهيمة حيث لا يفسد حجه أن داعي الشهوة في النساء أتم فلم تكن في جانبهن قاصرة بخلاف الرجل إذا جامع بهيمة ط
قوله ( أو ذكرا مقطوعا ) ولو لغير آدمي ط
قوله ( ويمضي الخ ) لأن التحلل من الإحرام لا يكون إلا بأداء الأفعال أو الإحصار ولا وجود لأحدهما وإنما وجب المضي فيه مع فساده لما أنه مشروع بأصله دون وصفه ولم يسقط الواجب به لنقانه
نهر
قوله ( كجائزه ) أي فيفعل جميع ما يفعله في الحج الصحيح ويجتنب ما يجتنب فيه وإن ارتكب محظورا فعليه ما على الصحيح
لباب
قوله ( ويذبح ) ويقوم سبع البدنة مقام الشاة كما صرح به غاية البيان
بحر
قلت وهذا صريح بخلاف ما ذكره قبل هذا كما قدمناه أول الباب
قوله ( ويقضي ) أي على الفور كما نقله بعض المحشين عن البحر العميق وقال الخير الرملي ويقضي أي من قابل لوجوب المضي فلا يقضي إلا من قابل وسيأتي في مجاوزة الوقت بغير إحرام أنه لو عاد ثم أحرم بعمرة أو حجة ثم أفسد تلك العمرة أو الحجة وقضى الحج في عامه يسقط عنه الدم فهو صريح في جواز القضاء من عامه لتدارك ما فاته فليتأمل اه
قوله ( ولو نفلا ) لوجوبه بالشروع
قوله ( هل يجب قضاؤه ) أي قضاء القضاء الذي أفسده حتى يقضي حجتين للأولى والثانية
قوله ( لم أره الخ ) البحث لصاحب النهر حيث قال فيه لما سئل عن ذلك لم أر المسألة وقياس كونه إنما شرع فيه مسقطا لا ملزما أن المراد بالقضاء معناه اللغوي والمراد الإعادة كما هو الظاهر اه
ويوافقه قول القهستاني الأولى أن يقول وأعاد لأن جميع العمر وقته اه
ولذا قال ابن الهمام في التحرير إن تسميته قضاء مجاز قال شارحه لأنه في وقته وهو العمر فهو أداء على قول مشايخنا اه
أي وحيث كان الثاني أداء لم يكن حجا آخر أفسده لأنه لم يشرع فيه ملزما نفسه حجا آخر بل شرع فيه مسقطا لما عليه في نفس الأمر وليس هو ظانا حتى يرد أن الظان يلزمه القضاء كما مر أول فصل الإحرام
____________________
(2/559)
كما لا يخفى وحينئذ فلا يلزمه قضاء حج آخر وإنما يلزمه أداؤه ثالثا لأن الواجب عليه حج كامل حتى يسقط به الواجب فكلما أفسده لا يلزمه سوى الواجب عليه أولا كما لو شرع في صلاة فرض فأفسدها
وقد وجد العلامة الشيخ إسماعيل النابلسي هذه المسألة منقولة فقال ولفظ المبتغى لو فاته الحج ثم حج من قابل يريد قضاء تلك الحجة فأفسد حجه لم يكن عليه إلا قضاء حجة واحدة كما لو أفسده قضاء صوم رمضان اه
تنبيه تقدم في كتاب الصلاة أن الإعادة فعل مثل الواجب في وقته لخلل غير الفساد وهنا الخلل هو الفساد فلا يكون إعادة لكن مرادهم هناك بالفساد البطلان بناء على عدم الفرق بينهما في العبادات وقد علمت آنفا الفرق بينهما في الحج فصدق عليه التعريف المذكور على أنا قدمنا هناك عن الميزان تعريفها بالإتيان بمثل الفعل الأولى على صفة الكمال فافهم
قوله ( ولم يتفرقا ) أي الرجل والمرأة في القضاء بعد ما أفسدا حجهما بالجماع أي بأن يأخذ كل منهما طريقا غير طريق الآخر بحيث لا يرى أحدهما صاحبه
نهر
قوله ( بل ندبا إن خاف الوقاع ) كذا في البحر عن المحيط وغيره ومثله في اللباب وكذا في القهستاني عن الاختيار وقد راجعت الاختيار فرأيته كذلك فافهم
قال في شرح اللباب وأما ما في الجامع الصغير وليست الفرقة بشيء أي بأمر ضروري
وقال قاضيخان يعني ليس بواجب
وقال زفر ومالك والشافعي يجب افتراقهما
وأما وقت الافتراق فعندنا وزفر إذا أحرما وعند مالك إذا خرجا من البيت وعند الشافعي إذا انتهيا إلى مكان الجماع
قوله ( بعد وقوفه ) أي قبل الحلق والطواف
قوله ( وتجب بدنة ) شمل ما إذا جامع مرة إن اتحد المجلس فإن اختلف فبدنة للأول وشاة للثاني
بحر
وشمل العامد والناسي كما صرح به في المتون و اللباب خلافا لما في السراج من أن الناسي عليه شاة
قال في شرح اللباب وهو خلاف ما في المشاهير من الروايات من عدم الفرق بينهما في سائر الجنايات وصرح بخصوص المسألة في الخانية
قوله ( قبل الطواف ) أي طواف الزيارة كله أو أكثره كما في النهر
قوله ( لخفة الجناية ) أي لوجود الحل الأول بالحلق في حق غير النساء وما ذكره من التفصيل هو ما عليه المتون ومشى في المبسوط و البدائع والإسبيجابي على وجوب البدنة قبل الحلق وبعده
وفي الفتح أنه الأوجه لإطلاق ظاهر الرواية وجوبها بعد الوقوف بلا تفصيل وناقشه في البحر و النهر
وأما لو جامع بعد طواف الزيارة كله أو أكثره قبل الحلق فعليه شاة
لباب
قال شارحه القاري كذا في البحر الزاخر وغيره ولعل وجهه أن تعظيم الجناية إنما كان لمراعاة هذا الركن وكان مقتضاه أن يستمر هذا الحكم ولو بعد الحلق قبل الطواف إلا أنه سومح فيه لصورة التحلل ولو كان متوقفا على أداء الطواف بالنسبة إلى الجماع اه
وظاهره أن وجوب الشاة في هذه المسألة لا نزاع فيه لأحد خلافا لما في شرح النقاية للقاري حيث جعلها محل الخلاف المذكور قبله نعم استشكلها في الفتح بأن الطواف قبل الحلق لم يحل به من شيء فكان ينبغي وجوب البدنة
ويعلم جوابه من التوجيه المذكور عن شرح اللباب هذا ولم يذكر حكم جماع القارن
قال في النهر
فإن جامع قبل الوقوف وطواف العمرة فسد حجه وعمرته ولزمه دمان وسقط عنه دم القران وإن بعدهما قبل الحلق لزمه بدنة للحج وشاة للعمرة
واختلف فيما بعده اه
وتوضيحه في البحر
قوله ( ووطؤه في عمرته ) شمل عمرة المتعة ط
قوله ( وذبح ) أي شاة بحر
قوله ( ووطؤه بعد أربعة ذبح ولم يفسد ) المناسب أن يقول لم يفسد وذبح ليصح الإخبار عن المبتدأ بلا تكلف إلى تقدير العائد
____________________
(2/560)
قال في البحر وشمل كلامه ما إذا طاف الباقي وسعى أولا لكن بشرط كونه قبل الحلق وتركه للعلم به لأنه بالحلق يخرج عن إحرامها بالكلية بخلاف إحرام الحج
ولما بين المصنف حكم المفرد بالحج والمفرد بالعمرة علم منه حكم القارن والمتمتع اه
قوله ( أي حيوانا بريا الخ ) زاد غيره في التعريف ممتنعا بجناحه أو قوائمه احترازا عن الحية والعقرب وسائر الهوام
والبري ما يكون توالده في البر ولا عبرة بالمثوى أي المكان
واحترز به عن البحري وهو ما يكون توالده في المال ولو كان مثواه في البر لأن التوالد أصل والكينونة بعده عارض ككلب الماء والضفدع المائي كما قيده في الفتح قال ومثله السرطان والتمساح والسلحفاة البحري يحل اصطياده للمحرح بنص الآية وعمومها متناول لغير المأكول منه وهو الصحيح خلافا لما في مناسك الكرماني من تخصيصه بالسمك خاصة
أما البري فحرام مطلقا ولو غير مأكول كالخنزير كما في البحر عن المحيط إلا ما يستثنيه بعد من الذئب والغراب والحدأة والسبع الصائل وأما باقي الفواسق فليست بصيد
قال في اللباب وأما طيور البحر فلا يحل اصطيادها لأن توالدها في البر وعزاه شارحه إلى البدائع و المحيط فما قاله في البحر من أن توالدها في الماء سبق قلم وإلا نافى ما مر من اعتبار التوالد فافهم
ودخل في المتوحش بأصل خلقته نحو الظبي المستأنس وإن كانت ذكاته بالذبح وخرج البعير والشاة إذا استوحشا وإن كانت ذكاتهما بالعقر لأن المنظور إليه في الصيدية أصل الخلقة وفي الذكاة الإمكان وعدمه
بحر
وخرج الكلب ولو وحشيا لأنه أهلي في الأصل وكذا السنور الأهلي أما البري ففيه روايتان عن الإمام
فتح
وجزم في البحر أنه كالكلب
تنبيه قال في شرح اللباب والظاهر أن ماء البحر لو وجد في أرض الحرم يحل صيده أيضا لعموم الآية وحديث هو الطهور ماؤه والحل ميتته وقد صرح به الشافعية حيث قالوا لا فرق بين أن يكون البحر في الحل أو الحرم اه
وفيه وقد يوجد من الحيوانات ما تكون في بعض البلاد وحشية الخلقة وفي بعضها مستأنسة كالجاموس فإنه في بلاد السودان مستوحش ولا يعرف منه مستأنس عندهم اه
ولم يبين حكمه
وظاهره أن المحرم منهم في بلاده يحرم عليه صيده ما دام فيها والله تعالى أعلم
قوله ( أو دل عليه قاتله ) أراد بالدلالة الإعانة على قتله سواء كانت دلالة حقيقية بالإعلام بمكانه وهو غائب أو لا
بحر
فدخل فيها الإشارة كما يشير إليه كلام الشارح وهي ما يكون بالحضرة وفسرها في الفتح بأنها تحصيل الدلالة بغير اللسان اه
ومقتضاه أن الدلالة أعم لحصولها باللسان وغيره
وذكر الشيخ إسماعيل عن البرجندي ما نصه ولا يخفى أن ذكر الدلالة يغني عن الإشارة وقد تخص الإشارة بالحضرة والدلالة بالغيبة اه
فكان ينبغي أن يزيد المصنف أو أعانه عليه أو أمره بقتله لحديث أبي قتادة في الصحيحين هل منكم أجد أمره أو أشار إليه وفي رواية مسلم هل أشرتم أو أعنتم قالوا لا قال فكلوا وقول البحر إن المراد بالدلالة الإعانة لا يشمل الأمر إذ لا إعانة فيه ما لم تكن معه دلالة على ما يأتي قريبا نعم يشمل ما لو دخل الصيد مكانا فدله على طريقه أو على بابه وما لو دله على آلة يرميه بها وكذا لو أعارها له على المعتمد إلا إذا كان مع القاتل سلاح غيرها على ما عليه أكثر المشايخ
تنبيه قيد الدال بالمحرم بإرجاع الضمير إليه وأطلق في القاتل لأن الدال الحلال لا شيء عليه إلا الإثم على ما في المشاهير من الكتب وقيل عليه نصف القيمة
شرح اللباب
ولا يشترط كون المدلول محرما فلو دل محرم حلالا في الحل فقتله فعلى الدال الجزاء دون المدلول
لباب
قوله ( مصدقا له ) هذه الشروط لوجوب الجزاء على
____________________
(2/561)
الدال المحرم أما الإثم فمتحقق مطلقا كما في البحر
زاد في النهر وليس معنى التصديق أن يقول له صدقت بل أن لا يكذبه حتى لو أخبر محرم بصيد فلم يره حتى أخبره محرم آخر فلم يصدق الأول ولم يكذبه ثم طلب الصيد فقتله كان على كل واحد منها الجزاء ولو كذب الأول لم يكن عليه
قوله ( غير عالم ) حتى لو دله والمدلول يعلم به أي برؤية أو غيرها لا شيء على الدال لكون دلالته تحصيل الحاصل فكانت كلا دلالة
لباب وشرحه
وعليه فيشكل ما في المحيط عن المنتقى لو قال خذ أحد هذين وهو يراهما فقتلهما فعلى الدال جزاء واحد وإلا فجزاءان
وأجاب في البحر بأن الأمر بالأخذ ليس من قبيل الدلالة فيوجب الجزاء مطلقا
قال ويدل عليه ما في الفتح وغيره لو أمر المحرم غيره بأخذ صيد فأمر المأمور آخر فالجزاء على الآمر الثاني لأنه لم يمتثل أمر الأول لأنه لم يأتمر بالأمر بخلاف ما لو دل الأول على الصيد وأمره فأمر الثاني ثالثا بالقتل حيث يجب الجزاء على الثلاثة فقد فرقوا بين الأمر المجرد والأمر مع الدلالة اه
والحاصل أن عدم العلم شرط للدلالة لا للأمر بل هو موجب للجزاء مطلقا بشرط الائتمار
قوله ( واتصل القتل بالدلالة ) أي تحصل بسببها
شرح اللباب
قوله ( والدال والمشير ) الأولى أو المشير بأو لأن الحكم ثابت لأحدهما وليصح قوله بعد باق واحترز بذلك عما إذا تحلل الدال أو المشير فقتله المدلول لا شيء عليه ويأثم
هندية ط
قوله ( قبل أن ينفلت عن مكانه ) فلو انفلت عن مكانه ثم أخذه بعد ذلك فقتله فلا شيء على الدال
هندية ط
قوله ( بدءا أو عودا ) أي لا فرق في لزوم الجزاء بين قتل أول صيد وبين ما بعده وقال ابن عباس لا جزاء على العائد وبه قال داود وشريح ولكن يقال له اذهب فينتقم الله منك
معراج
قوله ( سهوا أو عمدا ) وكذا مباشرا ولو غير متعد كنائم انقلب على صيد أو متسببا إذا كان متعديا كما إذا نصب شبكة أو حفر له حفيرة بخلاف ما لو نصب فسطاطا لنفسه فتعلق به صيد أو حفر حفيرة للماء أو لحيوان مباح القتل كذئب فعطب فيها صيد أو أرسل كلبه إلى حيوان مباح فأخذ ما يحرم أو إلى صيد في الحل وهو حلال فجاوز إلى الحرم حيث لا يلزمه شيء لعدم التعدي وتمامه في النهر و البحر
قوله ( أو مملوكا ) ويلزمه قيمتان قيمة لمالكه وجزاؤه حقا لله تعالى
بحر عن المحيط
ولو كان معلما فيأتي حكمه
قوله ( فعليه جزاؤه ) ويتعدد بتعدد المقتول إلا إذا قصد به التحلل ورفض إحرامه كما صرح به في الأصل
بحر
وقبدمناه عن اللباب
قوله ( ولو سبعا ) اسم لكل مختطف منتهب جارح قاتل عاد عادة وأراد به كل حيوان لا يؤكل لحمه مما ليس من الفواسق السبعة والحشرات سواء كان سبعا أم لا ولو خنزيرا أو قردا أو فيلا كما في المجمع
بحر
ودخل فيه سباع الطير كالبازي والصقر وقيد بغير الصائل لما سيأتي أنه لو صال لا شيء بقتله
قوله ( أو مستأنسا ) عطف على سبعا أي ولو ظبيا مستأنسا لأن استئناسه عارض والعبرة للأصل كما مر
قوله ( ولو مسرولا ) صرح به لخلاف مالك فيه فإنه يقول لا جزاء فيه لأنه ألوف لا يطير بجناحيه كالبط
قوله ( كما يلزمه ) أي المضطر إلى الأكل
قوله ( ويقدم الميتة على الصيد ) أي في قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف والحسن يذبح الصيد والفتوى على الأول كما في الشرنبلالية ح
قلت ورجحه في البحر أيضا بأن في أكل الصيد ارتكاف حرمتين الأكل والقتل وفي أكل الميتة ارتكاب
____________________
(2/562)
حرمة الأكل فقط اه
والخلاف في الأولوية كما هو ظاهر قول البحر عن الخانية فالميتة أولى اه
والمراد بالحرمة والحرمتين ما هو في الأصل قبل الاضطرار إذ لا حرمة بعده
قوله ( والصيد على مال الغير ) ترجيحا لحق العبد لافتقاره زيلعي
تنبيه في البحر عن الخانية وعن بعض أصحابنا من وجد طعام الغير لا تباح له الميتة وهكذا عن ابن سماعة وبشر أن الغصب أولى من الميتة وبه أخذ الطحاوي
وقال الكرخي هو بالخيار
قوله ( ولحم الإنسان ) أي لكرامته ولأن الصيد يحل في غير الحرم أو في غير حالة الإحرام والآدمي لا يحل بحال ح
قوله ( قيل والخنزير ) بالجر عطفا على الإنسان
وعبارة البحر عن الخانية وعن محمد الصيد أولى من لحم الخنزير اه
وأفاد الشارح ضعفها لكن إن كان المراد بالخنزير الميت وهو الظاهر فوجه الضعف ظاهر لأنه كباقي الميتة فيه ارتكاب حرمة الأكل فقط وإلا فلا لأنه صيد أيضا فاصطياد غيره أولى لأن في كل ارتكاب حرمتين لكن حرمته أشد هذا ما ظهر لي
وفي البحر عن الخانية والأكل أولى من الصيد لأن في الصيد ارتكاب المحظورين
قوله ( ولو الميت نبيا الخ ) غير منصوص في المذهب بل نقله في النهر عن الشافعية
قوله ( الصيد المذبوح أولى ) أي ما ذبحه محرم آخر أو ذبحه هر قبل الاضطرار لأن في أكله ارتكاب محظور واحد بخلاف اصطياد غيره للأكل
قوله ( ويغرم أيضا الخ ) أي يغرم الذابح قيمة ما أكله زيادة على الجزاء لو كان الأكل بعد الجزاء أما قبله فيدخل ما أكل في ضمان الصيد فلا يجب له شيء بانفراده ولا فرق بين أكله وإطعام كلابه وقالا لا يغرم بأكله شيئا وتمامه في النهر
قال في اللباب ولو أكل منه غير الذابح فلا شيء عليه ولو أكل الحلال مما ذبحه في الحرم بعد الضمان لا شيء عله للأكل
قوله ( والجزاء هو ما قومه عدلان ) أي ما جعله العدلان قيمة للصيد فما مصدرية أو ما قومه به على أنها موصولة والأول أولى فافهم
ويقوم بصفته الخلقية على الراجح كالملاحة والحسن والتصويت لا ما كانت بصنع العباد إلا في تضمين قيمته لمالكه فيقوم بها أيضا إلا إذا كانت للهو كنقر الديك ونطح الكبش فلا تعتبر كما في الجارية المغنية والمراد بالعدل من له معرفة وبصارة بقيمة الصيد لا العدل في باب الشهادة
بحر ملخصا
وأطلق في كون الجزاء هو القيمة فشمل الصيد الذي له مثل وغيره وهو قولهما وخصه محمد بما لا مثل له فأوجب فيما له مثل مثله ففي نحو الظبي شاة والنعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وتوجيه كل في المطولات
قوله ( وقيل الواحد ولو القاتل يكفي ) الأولى إسقاط قوله ولو القاتل لأنه بحث من صاحب البحر وقال بعده لكنه يتوقف على نقل ولم أره اه
على أن صاحب اللباب صرح بخلافه حيث قال ويشترط للتقويم عدلان غير الجاني وقيل الواحد يكفي اه
وعكس في الهداية حيث اكتفى بالواحد وعبر عن المثنى بقيل ميلا إلى أن العدد في الآية للأولوية وتبعه في التبيين للزيلعي و السراج و الجوهرة و الكافي وهو ظاهر العناية أيضا فافهم
وما مشى عليه المصنف و اللباب استظهره في الفتح
وقال في المعراج عن المبسوط على طريقة القياس يكفي الواحد للتقويم كما في حقوق العباد وإن كان المثنى أحوط لكن تعتبر حكومة المثنى بالنص اه
ومثله في غاية البيان ومقتضاه المثنى وعزا في البحر والنهر تصحيحه
____________________
(2/563)
إلى شرح الدرر وكأنه من جهة اقتصاره عليه متناوبه اندفع اعتراض الشرنبلالي عليهما بأنه لم يصرح في الدرر بتصحيحه والمراد بالدرر لمنلا خسروا ومثله في درر البحار للقونوي ومشى في شرحها غرر الأذكار على الاكتفاء بواحد
قوله ( في مقتله ) أي موضع قتله
قال في المحيط وعلى رواية الأصل اعتبر مع المكان الزمان في اعتبار القيمة وهو الأصح
نهر
قوله ( فأو للتوزيع الخ ) أي أن المعتبر هو مكانه إن كان يباع فيه الصيد وإلا فالمعتبر هو أقرب مكان يباع فيه لأن العدلين يخيران في تقويمه مطلقا
قوله ( في سبع ) أي غير صائل كما مر أما الصائل فلا شيء في قتله كما سيأتي
قوله ( أي حيوان لا يؤكل ) تفسير مراد وإلا فالسبع أخص كما علمت من تفسيره الذي قدمناه ولا بد من زيادة وليس من الفواسق السبعة والحشرات كما مر
قوله ( على قيمة شاة ) المراد بها هنا أدنى ما يجري في الهدي والأضحية وهو الجذع من الضأن
بحر
قوله ( أكبر منها ) الأولى أكثر قيمة منها لأن ما ذكره إنما يناسب قول محمد باعتبار المثل صورة
قوله ( ليس إلا بإراقة الدم ) أي دون اللحم لأنه غير مأكول
أما مأكور اللحم ففيه فساد اللحم أيضا فتجب قيمته بالغة ما بلغت
نهر عن الخانية
قوله ( وكذا ) أي كما أنه لا يزاد على قيمة الشاة وإن كان السبع أكثر قيمة منها فكذا لو كان معلما لا يضمن ما زاد بالتعليم لحق الله تعالى أما لو كان مملوكا فيضمن قيمة ثانية لمالكه معلما وقيد بالتعليم لأنه يضمن لحق الله تعالى أيضا الوصف الخلقي كالحسن والملاحة كما في الحمامة المطوقة كما مر
قوله ( ثم له أي للقائل الخ ) وقيل الخيار للعدلين وله أن يجمع بين الثلاثة في جزاء صيد واحد بأن بلغت قيمته هدايا متعددة فذبح هديا وأطعم عن هدي وصام عن آخر وكذا لو بلغت هديين إن شاء ذبحهما أو تصدق بهما أو صام عنهما أو ذبح أحدهما وأدى بالآخر أي الكفارات شاة أو جمع بين الثلاثة
ولو بلغت قيمته بدنة إن شاء اشتراها أو اشترى سبع شياه والأول أفضل وإن فضل شيء من القيمة إن شاء اشترى به هديا آخر إن بلغه أو صرفه إلى الطعام أو صام وتمامه في اللباب وشرحه
قوله ( ويذبحه بمكة ) أي بالحرم والمراد من الكعبة في الآية الحرم كما قال المفسرون
نهر فلو ذبحه في الحل لا يجزيه عن الهدي بل عن الإطعام فيشترط فيه ما يشترط في الإطعام
وأفاد بالذبح أن المراد التقرب بالإراقة فلو سرق بعده أجزأه لا لو تصدق به حيا ولو أكله بعد ذبحه غرمه ويجوز التصدق بكل لحمه أو بما غرمه من قيمة أكله على مسكين واحد
بحر
قوله ( ولو ذميا ) تقدم في المصرف أن المفتي به قول الثاني أنه لا يصح دفع الواجبات إليه
قوله ( نصف صاع ) حال أو مفعول لفعل محذوف أي وأعطى لأن تصدق لا يتعدى بنفسه إلا أن يضمن معنى قسم مثلا
قوله ( كالفطرة ) الظاهر أن التشبيه إنما هو في المقدار لا غير كما جرى عليه الزيلعي وغيره فلا يرد ما في البحر من أن الإباحة هنا كافية كما سيأتي
أفاده في النهر
قوله ( أو أكثر ) كأن يكون الواجب ثلاث صيعان مثلا دفعها إلى مسكينين وكذا لو دفع الكل إلى واحد لكنه سيأتي التصريح به فافهم
قوله ( بل يكون تطوعا ) أي يكون الجميع في صورة الأقل والزائد على نصف صاع كل مسكين في صورة الأكثر تطوعا ح
قوله ( أو صام ) أطلق فيه وفي الإطعام فدل أنهما يجوزان في الحل والحرم
____________________
(2/564)
ومتفرقا ومتتابعا لإطلاق النص فيهما
بحر
قوله ( أقل منه ) بأن قتل يربوعا أو عصفورا فهو مخير أيضا
بحر
قوله ( تصدق به ) أي على غير الذين أعطاهم أولا شرح اللباب
قوله ( ولا يجوز الخ ) تكرار مع قوله لا أقل منه
قوله ( قال المصنف تبعا للبحر الخ ) عبارة البحر وقد حققنا في باب صدقة الفطر أنه يجوز أن يفرق نصف الصاع على مساكين على المذهب وأن القائل بالمنع الكرخي فينبغي أن يكون كذلك هنا والنص هنا مطلق فيجري على إطلاقه
لكن لا يجوز أن يعطي لمسكين واحد كالفطرة لأن العدد منصوص عليه اه
وحاصله اختيار الجواز إذا فرق نصف صاع على مساكين لإطلاق النص وقياسا على الفطرة إلا إذا أعطى كل الواجب لمسكين واحد لتكوين العدد المنصوص في قوله تعالى { طعام مساكين } المائدة 95 لكن لا يخفى أن جواز التفريق مخالف لعامة كتب المذهب
على أن إطلاق النص يحمل على المعهود في الشرع وهو دفع نصف الصاع لفقير واحد تأمل
قوله ( وتكفي الإباحة هنا ) أي بخلاف الفطرة كما مر
قال في شرح اللباب وهذا عند أبي يوسف خلافا لمحمد
وعن أبي حنيفة روايتان
والأصح أنه مع الأول لكن هذا الخلاف في كفارة الحلق عن الأذى
وأما كفارة الصيد فيجوز الإطعام على وجه الإباحة بلا خلاف فيصنع لهم طعاما بقدر الواجب ويمكنهم منه حتى يستوفوا أكلتين مشبعتين غداء وعشاء
وإن غداهم وأعطاهم قيمة العشاء أو بالعكس جاز
والمستحب كونه مأدوما ولا يشترط الإدام في خبز البر واختلف في غيره وتمامه فيه
وانظر لو لم يستوفوا الأكلتين بما صنع لهم من القدر الواجب هل يلزمه أن يزيد إلى أن يشبعوا والظاهر نعم
تأمل
قوله ( كدفع القيمة ) فيدفع لكل مسكين قيمة نصف صاع من بر ولا يجوز النقص عنها كما في العين
بحر
لكن لا يجوز أداء المنصوص عليه بعضه عن بعض باعتبار القيمة حتى لو أدى نصف صاع من حنطة جيدة عن صاع من حنطة وسط أو أدى نصف صاع من تمر تبلغ قيمته نصف صاع من بر أو أكثر لا يعتبر بل يقع عن نفسه ويلزمه تكميل الباقي
شرح اللباب
قلت والمنصوص هو البر والشعير ودقيقهما وسويقهما والتمر والزبيب بخلاف نحو الذرة والماش والعدل فلا يجوز إلا باعتبار القيمة وكذا الخبز فلا يجوز مقدار وزن نصف صاع في الصحيح كما في شرح اللباب
قوله ( ولا أن يدفع الخ ) قال في شرح اللباب ولو دفع طعام ستة مساكين إلى مسكين واحد في يوم دفعة واحدة أو دفعات فلا رواية فيه
واختلف المشايخ فيه وعامتهم لا يجوز إلا عن واحد وعليه الفتوى اه
واحترز بقوله في يوم عما لو دفع إلى واحد في ستة أيام كل يوم نصف صاع فإنه يجزئه عندنا كما صرح به قبله ولا يخفى أن المسكين الواحد غير قيد حتى لو دفع الكل إلى مسكينين يكفي عن اثنين فقط والباقي تطوع كما مر في قوله أو أكثر منه
قوله ( إلى من لا تقبل شهادته له ) علد في البحر عن تعبيرهم بهذا إلى التعبير بقوله إلى أصله الخ وقال إنه الأولى فلذا تبعه المصنف لكن خالفه الشارح لأنه أخصر وأظهر لشموله مملوكه ولا يرد النقض بالشريك لأنه لا تقبل شهادته له فيما هو مشترك بينهما لا مطلقا فافهم
قوله ( وهذا ) أي عدم جواز الدفع إلى أصله الخ
____________________
(2/565)
قوله ( كما مر في المصرف ) أي في باب مصرف الزكاة وغيرها حيث قال ولا إلى من بينهما أولاد أو زوجية الخ فذكر ذلك في ذلك الباب صريح في أنه الحكم في كل صدقة واجبة فافهم
قوله ( ووجب بجرحه ) أفاد بذكره بعد ذكر القتل أنه لم يمت منه فلو غاب ولم يعلم موته ولا حياته فالاستحسان أن يلزمه جميع القيمة احتياطا كمن أخذ صيدا من الحرم ثم أرسله ولا يدري أدخل الحرم أم لا
محيط ولو برىء من الجرح ولم يبق له أثر لا يسقط الجزاء
بدائع
وفي المحيط خلافه واستظهر في البحر الأول ومشى في اللباب على الثاني وقواه في النهر
قوله ( ما نقص ) فيقوم صحيحا ثم ناقصا فيشتري بما بين القيمتين هديا أو يصوم
ط عن القهستاني
قال وهذا لو لم يخرجه الجرح ونحوه عن حيز الامتناع وإلا ضمن كل القيمة اه
ولو لم يكفر حتى قلته ضمن قيمته فقط وسقط نقصان الجراحة كما حققه في الفتح تبعا للبدائع على خلاف ما في البحر عن المحيط وتمامه فيما علقته عليه
قوله ( حتى خرج عن حيز الامتناع ) عبر تبعا للدرر بحرف الغاية دون التعليل لأن المراد بالريش والقوائم جنسهما الصادق بالقليل منهما إذ لا شك أنه لا يشترط في لزوم كل القيمة نتف كل الريش وقطع كل القوائم بل المراد ما يخرجه عن حيز الامتناع أي عن أن يبقى ممتنعا بنفسه فافهم والحيز كما في الصحاح بمعنى الناحية فهو هنا مقحم كما في القهستاني فهو كظهر في قولهم ظهر الغيب ولا وجه للقول بأنه من إضافة المشبه به للمشبه فافهم
قوله ( غير المذر ) بكسر الذال بمعنى الفاسد قيد به لأنه لو كسر بيضة مذرة لا شيء عليه لأن ضمانها ليس لذاتها بل لعرضية أن تصير صيدا وهو مفقود في في الفاسدة ولو كان لقشرها قيمة كبيض النعام خلافا لما قاله الكرماني لأن المحرم غير منهي عن التعرض للقشر كما في الفتح
بحر ملخصا
قوله ( وخروج فرخ ميت به ) معطوف على قوله بنتف قال في اللباب وإن خرج منها أي من البيضة فرخ ميت فعليه الفرخ حيا ولا شيء في البيضة اه
وقوله به متعلق بميت
قال في البحر وقيد بقوله به لأنه لو علم موته بغير الكسر فلا ضمان عليه للفرخ لانعدام الإماتة ولا للبيض لعدم العرضية اه
ولو لم يعلم أن موته بسبب الكسر أو لا فالقياس أن لا يغرم غير البيضة لأن حياة الفرخ غير معلومة
وفي الاستحسان عليه قيمة الفرخ حيا
عناية
قوله ( وذبح حلال صيد الحرم ) سيعيد المصنف هذه المسألة ونتكلم عليها هناك
قوله ( وحلبه لبنه ) لأن اللبن من أجزاء الصيد فتجب قيمته كما صرح به في النقاية و الملتقى وكذا لو كسر بيضه أو جرحه يضمن كما في البحر
ثم إن ذكر الشارح المفعول وهو لبنه يفيد أن الحلب مصدر مضاف إلى ضمير الفاعل وهو الحلال مع أنه غير قيد فلو ترك ذكر لبنه وجعل المصدر مضافا إلى ضمير المفعول وهو الصيد لكان أولى لأنه يشمل حينئذ ما إذا كان الحالب محرما لكنه لا يختص بصيد الحرم
تأمل
قوله ( وقطع حشيشه وشجره ) ذكر النووي عن أهل اللغة أن العشب والخلا بالقصر اسم للرطب والحشيش لليابس وأن الفقهاء يطلقون الحشيش على الرطب أيضا مجازا باعتبار ما يؤول إليه اه
وفي الفتح والشجرة اسم للقائم الذي بحيث ينمو فإذا جف فهو حطب اه
وأطلق في القاطع فشمل الحلال والمحرم وقيد بالقطع لأنه ليس في المقلوع ضمان وأشار بضمان قيمته إلى أنه لا مدخل للصوم هنا وإلى أنه يملكه بأداء الضمان كما في حقوق العباد
ويكره الانتفاع به بيعا وغيره ولا يكره للمشتري
____________________
(2/566)
وتمامه في البحر
قوله ( غير مملوك ولا منبت ) اعلم أن النابت في الحرم إما جاف أو منكسر أو إذخر أو غيرها والثلاثة الأول مستثناة من الضمان كما يأتي
وغيرها إما أن يكون أنبته الناس أو لا والأول لا شيء فيه سواء كان من جنس ما ينبته الناس كالزرع أو لا كأم غيلان
والثاني إن كان من جنس ما ينبتونه فكذلك وإلا ففيه الجزاء فما فيه الجزاء هو النابت بنفسه وليس مما يستنبت ولا منكسرا ولا جافا ولا إذخرا كما قرره في البحر
وذكر أن المراد من قول الكنز غير مملوك هو النابت بنفسه مملوكا أو لا لئلا يرد عليه ما لو نبت في ملك رجل ما لا يستنبت كأم غيلان فإنه مضمون أيضا كما نص عليه في المحيط
وما أجاب به في النهر لم يظهر لي وجه صحته فلذا خالف الشارح عادته ولم يتابعه بل تابع البحر ويأتي قريبا في الشرح
قوله ( فقطعها إنسان ) لم يذكر ما إذا قطعها المالك
ونقل في غاية الإتقان عن محمد أنه قال في أم غيلان تنبت في الحرم في أرض رجل ليس لصاحبه قطعه ولو قطعه فعليه لعنة الله ومقتضاه أن لا يجب عليه جزاء لكنه مخالف لما مر من أن كل ما ينبت بنفسه ولم يكن من جنس ما ينبته الناس ففيه القيمة سواء كان مملوكا أو لا فينبغي أن تلزمه قيمة واحدة لحق الشرع
أفاده نوح أفندي وصرح في شرح اللباب بضمانه جازما به
قوله ( بناء على قولهما الخ ) أما على قول الإمام إن أرض الحرم سوائب أي أوقاف في حكم السوائب فلا يتصور قولهم لو نبت في ملكه بحر
وعليه فالواجب قيمة واحدة لحق الشرع فقط
قوله ( فلو من جنسه الخ ) لأن الذي ينبته الناس غير مستحق للأمن بالإجماع وما لا ينبتونه عادة إذا أنبتوه التحق بما ينبتونه عادة فكان مثله بجامع انقطاع كمال النسبة إلى الحرم عند النسبة إلى غيره بالإنبات كما في الهداية و العناية شرنبلالية
قوله ( كمقلوع ) أي إذا انقلعت شجرة إن كان عروقها لا تسقيها فلا شيء بقطعها
لباب
قوله ( ولذا ) أي لكون الشجر أو الحشيش الذي هو من جنس ما ينبته الناس لا شيء فيه من جزاء لحق الشرع ولا من حرمة
ط
قوله ( حل قطع الشجر المثمر ) أي وإن لم يكن من جنس ما ينبته الناس لكن إن كان له مالك توقف على إجازته وإلا وجبت قيمته له كما لا يخفى ط
قوله ( لأن إثماره الخ ) بدل من قوله ولذا الخ لأن ما كان من جنس ما ينبته الناس إذا نبت بنفسه إنما لا يجب فيه شيء لأنه بمنزلة ما أنبتوه
تأمل
قوله ( قيمته ) فاعل وجب وقوله في كل ما ذكره أي قيمة ما أتلفه في كل ما ذكر من المسائل الثمانية ففي الأوليين والخامسة قيمة الصيد وفي الثالثة البيض وفي الرابعة الفرخ وفي السادسة اللبن وفي السابعة الحشيش وفي الثامن الشجر
قوله ( إلا ما جف أو انكسر ) أي فلا يضمنه القاطع إلا إذا مملوكا فيضمن قيمته لمالكه كما في شرح اللباب والجاف بالجيم اليابس وقد مر أنه يسمى حطبا
قوله ( أو ضرب فسطاط ) أي خيمة ومثله ما لو ذهب بمشيه أو مشى دوابه كما في اللباب
قوله ( لعدم إمكان الاحتراز عنه لأنه تبع ) كذا في بعض النسخ والصواب ذكر قوله لأنه تبع بعد قوله لا لغصنه كما في بعض النسخ
قوله ( والعبرة للأصل الخ ) في البحر عن الأجناس الأغصان تابعة لأصلها وذلك على ثلاثة أقسام
____________________
(2/567)
أحدها أن يكون أصلها في الحرم والأغصان في الحل فعلى قاطع الأغصان القيمة
الثاني عكسه فلا شيء عليه فيهما
الثالث بعض الأصل في الحل وبعضه في الحرم ضمن سواء كان الغصن من جانب الحل أو الحرم اه
قوله ( والعبرة لمكان الطائر ) أي لمكانه من الشجرة لأصلها لأن الصيد ليس تابعا لها ط
قوله ( بحيث لو وقع الصيد ) فسر الضمير به مع أن مرجعه الطائر قصدا للتعميم فإن هذا الحكم لا يخص الطير اه ح
قوله ( وإلا لا ) أي لو وقع في الحل فهو من صيد الحل ولو أخذ الغصن شيئا من الحل والحرم فالعبرة للحرم ترجيحا للحاظر كما يعلم من نظائره ط
قوله ( القائم ) محترزه ما يذكره من النائم ولو قال والعبرة لقوائم الطير لكان أخصر وأعم لأنه يفيد حكم ما إذا كانت في الحل ط
قوله ( وبعضها ككلها ) أي لو كان بعض قوائمه في الحرم فهو ككلها فيجب الجزاء
قال في شرح اللباب أي من غير نظر إلى الأقل والأثر من القوائم في الحل أو الحرم وهذا في القائم لا حاجة إليه مع قوله سابقا القائم ط
قوله ( ولو كان نائما فالعبرة لرأسه ) مقتضاه أنه لو كان رأسه في الحل فقط فهو من صيد الحل وبه صرح في السراج
لكن مقتضى قوله فاجتمع المبيح والمحرم أنه من صيد الحرم لأن القاعدة ترجيح المحرم
وعبارة البحر كالصريحة فيما قلنا وكذا قوله في اللباب لو كان مضطجعا في الحل وجزء منه في الحرم فهو من صيد الحرم وروى قال في شرحه القاضي أي جزء كان
وقال الكرماني لو مضطجعا في الحل ورأسه في الحرم يضمن لأن العبرة لرأسه وهو موهم أن الجزاء المعتبر هو الرأس لا غير وليس كذلك بل إذا لم يكن مستقرا على قوائمه يكون بمنزلة شيء ملقى وقد اجتمع فيه الحل والحرمة فيرجح جانب الحرمة احتياطا
ففي البدائع إنما تعتبر القوائم في الصيد إذا كان قائما عليها وجميعه إذا كان مضطجعا اه
وهو بظاهره كما قال في الغاية يقتضي أن الحل لا يثبت إلا إذا كان جميعه في الحل حالة الاضطجاع وليس كذلك
ففي المبسوط إذا كان جزء منه في الحرم حالة النوم فهو من صيد الحرم والله أعلم اه
فافهم
قوله ( والعبرة لحالة الرمي ) أي المعتبر في الرامي لا حالة الوصول عند الإمام حتى لو رمى مجوسي إلى صيد فأسلم ثم وصل السهم إليه لا يؤكل ولو رمى مسلم فارتد ثم وصل السهم يؤكل
ح عن البحر
قوله ( إلا إذا رماه الخ ) أقول قال في اللباب ولو رمى صيدا في الحل فهرب فأصابه السهم في الحرم ضمن ولو رماه في الحل وأصابه في الحل فدخل فمات فيه لم يكن عليه الجزاء ولكن لا يحل أكله ولو كان الرمي في الحل والصيد في الحل إلا أن بينهما قطعة من الحرم فمر فيها السهم لا شيء عليه اه
ولا يخفى أن ما ذكره الشارح هو المسألة الأخيرة كما هو المتبادر مع أنه قد جزم في البحر أيضا بأنه لا شيء فيها من غير حكاية استحسان أو قياس وإنما حكى ذلك في المسألة الأولى حيث نقل أولا عن الخانية وجوب
____________________
(2/568)
الجزاء وأنه اختلف كلام المبسوط ففي موضع لا يجب وفي موضع يجب وأن هذه المسألة مستثناة من أصل أبي حنيفة فإن عنده المعتبر حالة الرمي إلا في هذه المسألة خاصة
ثم نقل عن البدائع أن الوجوب استسحان وعدمه قياس ووفق به بين كلامي المبسوط
وكذا صرح القاري عن الكرماني بأنها مستثناة احتياطا في وجوب الضمان وبه ظهر أن الشارح اشتبه عليه إحدى المسألتين بالأخرى وسبقه إلى ذلك صاحب النهر ولا يصح حمل كلامه على ما إذا مر السهم في الحرم وأصاب الصيد في الحرم لأنه إن كان الصيد وقت الرمي في الحرم لم تكن المسألة مستثناة من اعتبار حالة الرمي ويكون وجوب الجزاء لا شك فيه قياسا واستحسانا وما نقله ح عن البحر لم أره فيه وإن كان الصيد وقت الرمي في الحل والإصابة في الحرم يصير قوله ومر السهم في الحرم لا فائدة فيه فافهم
قوله ( وجاز بيعه الخ ) ومثله لو قطع حشيش الحرم أو شجرة وأدى قيمته ملكه ويكره بيعه
وقال في الهداية لأنه ملكه بسبب محظور شرعا فلو أطلق له بيعه لتطرق الناس إلى مثله إلا أنه يجوز البيع مع الكراهة بخلاف الصيد اه أي لأنه بيع ميتة
قوله ( لعدم الذكاة ) علة لجواز أكله وبيعه أي لأنه لا يفتقر إلى الذكاة فلا يصير ميتة ولذا يباح أكله قبل الشيء
بحر عن المحيط
قوله ( بخلاف ذبح المحرم ) أي ذبحه صيد الحل أو الحرم وقوله أو صيد الحرم عطف على المحرم أي وبخلاف ذبح صيد الحرم من حلال أو محرم والمصدر في المعطوف عليه مضاف إلى فاعله وفي المعطوف إلى مفعوله
وفي نسخة أو حلال صيد الحرم وهي أحسن لكن كون ذبح الحلال صيد الحرم ميتة أحد قولين كما ستعرفه
قوله ( ولا يرعى حشيشه ) أي عندهما
وجوزه أبو يوسف للضرورة فإن منع الدواب عنه متعذر وتمامه في الهداية
ونقل بعض المحشين عن البرهان تأييد قوله بما حاصله أن الاحتياج للرعي فوق الاحتياج للأذخر وأقرب حد الحرم فوق أربعة أميال ففي خروج الرعاة إليه ثم عودهم قد لا يبقى من النهار وقت تشبع فيه الدواب وفي قوله لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها وسكوته عن نفي الرعي إشارة لجوازه وإلا لبينه ولا مساواة بينهما ليلحق به دلالة إذ القطع فعل العاقل والرعي فعل العجماء وهو جبار وعليه عمل الناس وليس في النص دلالة على نفي الرعي ليلزم من اعتبار الضرورة معارضته بخلاف الاحتشاش اه
لكن في قوله والرعي فعل العجماء نظر لأنها لو ارتعت بنفسها لا شيء عليه اتفاقا وإنما الخلاف في إرسالها للرعي وهو مضاف إليه
قوله ( بمنجل ) كمفصل ما يحصل به الزرع
قوله ( إلا الإذخر ) بكسر الهمزة والخاء وسكون الذال المعجمتين نبت بمكة طيب الرائحة له قضبان دقاق يسقف بها البيوت بين الخشبات ويسد بها الخلاء في القبور بين اللبنات
قهستاني ملخصا
ووجه استثنائه في الحديث مذكور في البحر وغيره
قوله ( ولا بأس ) هي هنا للإباحة لمقابلتها بالحرمة لا لما تركه أولى
قاري
قوله ( وبقتل قملة الخ ) متعلق بقوله بعده تصدق والمراد بالقتل ما يشمل المباشرة والتسبب القصدي كما أفاده بقوله لتموت احترازا عما لو لم يقصد بإلقاء الثوب القتل كما لو غسل ثوبه فماتت وكإلقاء الثوب إلقاؤها لأن الموجب إزالتها عن البدن لا خصوص القتل كما في البحر والمراد بالقملة ما دون الكثير الآتي بيانه وفصل في اللباب بأن في الواحدة تصدقا بكسرة وفي الثنتين
____________________
(2/569)
والثلاث قبضة من طعام وفي الزائد مطلقا نصف صاع
قوله ( والجراد كالقمل ) قال في البحر ولم أر من تكلم على الفرق بين الجراد القليل والكثير كالقمل وينبغي أن يكون كالقمل ففي الثلاث وما دونها يتصدق بما شاء وفي الأكثر نصف صاع
وفي المحيط مملوك أصاب جرادة في إحرامه إن صام يوما فقد زاد وإن شاء جمعها حتى تصير عدة جرادات فيصوم يوما اه
وينبغي أن يكون القمل كذلك في حق العبد لما علم أن العبد لا يكفر إلا بالصوم اه
ولا يخفى أن ما في المحيط صريح في الفريق بين حكم القليل والكثير ولكن ليس فيه بيان الفرق بين مقدار القليل والكثير وعليه يحمل قول البحر ولم أر الخ وبه اندفع اعتراض النهر
قوله ( إلا العقعق ) هو طائر أبيض فيه سواد وبياض يشبه صوته العين والقاف
قاموس
ومثله في الحكم الزاغ
وأنواع الغراب على ما في فتح الباري خمسة العقوق
والأبقع الذي في ظهره أو بطنه بياض
والغداف وهو المعروف عند أهل اللغة بالأبقع ويقال له غراب البين لأنه بان عن نوح عليه الصلاة والسلام واشتغل بجيفة حين أرسله ليأتي بخبر الأرض
ولأعصم وهو ما في رجله أو جناحه أو بطنه بياض أو حمرة
والزاغ
ويقال له غراب الزرع وهو الغراب الصغير الذي يأكل الحب
ح عن القهستاني
قوله ( وتعميم البحر ) حيث جعل العقعق كالغراب
واعتراض على قول الهداية إنه لا يسمى غرابا ولا يبتدىء بالأذى بقوله فيه نظر لأنه دائما يقع على دبر الدابة كما في غاية البيان
قوله ( رده في النهر ) أي بما في المعراج من أنه لا يفعل ذلك غالبا وبما في الظهيرية حيث قال وفي العقعق روايتان والظاهر أنه من الصيود اه
قوله ( وكلب عقور ) قيد بالعقور اتباعا للحديث وإلا بالعقور وغيره سواء أهليا كان أو وحشيا
بحر
قوله ( أي وحشي ) ليس تفسيرا لعقور بل تقييد له
ح أي لأن العقور من العقر وهو الجرح وهو ما يفرط شره وإيذاؤه
قهستاني
قوله ( أما غيره ) أي غير الوحشي وهو الأهلي فليس بصيد أصلا فلا معنى لاستثنائه لكن قدمنا عن الفتح أن الكلب مطلقا ليس بصيد لأنه أهلي في الأصل وأيضا فإن العقرب وما بعده ليس بصيد أيضا
قوله ( وبعوض ) هو صغير البق ولا شيء بقتل الكبار والصغار
شرنبلالية
قوله ( لكن لا يحل الخ ) استدراك على الإطلاق في النمل فإن ظاهره جواز إطلاق قتله بجميع أنواعه مع أن فيه ما يؤذي وهذا الحكم عام في كل ما لا يؤذي كما صرحوا به في غير موضع ط
قوله ( أي إذا لم تضر ) تقييد للنسخ
ذكره في النهر أخذا مما في الملتقط إذا كثرت الكلاب في قرية وأضرت بأهلها أمر أربابها بقتلها فإن أبوا رفع الأمر إلى القاضي حتى يأمر بذلك اه
قوله ( وبرغوت ) بضم الباء والغين ط
قوله ( وفراش ) جمع فراشة هي التي تهافت في السراج
قاموس
قوله ( ووزغ ) هو سام أبرص تشديد الميم
قوله ( وأم حبين ) بمهملة مضمومة فموحدة مفتوحة فتحتية على وزن زبير دويبة تشبه الضب
قوله ( وكذا جميع هوام الأرض ) الأولى إبدال جميع بباقي لأن ما قبله من الهوام وهي جمع هامة كل حيوان ذي سم
وقد تطلق على مؤذ ليس له اسم كالقملة أما الحشرات فهي جمع حشرة وهي صغار دواب الأرض كما في الديوان
ط عن أبي السعود
قوله ( وسبع ) هو
____________________
(2/570)
كل حيوان مختطف عاد عادة
قوله ( أي حيوان ) أشار إلى ما في النهر من أن هذا الحكم لا يخص السبع لأن غيره إذا صال لا شيء بقتله
ذكره شيخ الإسلام
فكان عدم التخصيص أولى إذ المفهوم معتبر في الروايات اتفاقا اه
لكن ينبغي تقييد الحيوان بغير المأكول لما في البحر من أن الجمل لو صال على إنسان فقتله فعليه قيمته بالغة ما بلغت لأن الإذن في قتل السبع حاصل من صاحب الحق وهو الشارع
أما الجمل فلم يحصل الإذن من صاحبه
قوله ( صائل ) أي قاهر حامل على المحرم من الصولة أو الصألة بالهمزة
قهستاني
وقيد به لما مر من أن غير الصائل يجب بقتله الجزاء ولا يجاوز عن شاة
وما في البدائع من أن هذا أو عدم وجوب شيء إنما هو فيما لا يبتدىء بالأذى كالضبع والثعلب وغيرهما أما ما يبتدىء به غالبا كالأسد والذئب والنمر والفهد فللمحرم قتله ولا شيء عليه
قال بعض المتأخرين إنه بمذهب الشافعي أنسب
نهر
قلت والقائل ابن كمال لكن ذكر في الفتح أول الباب كلام البدائع وجعله مقابل المنصوص عليه في ظاهر الرواية
ثم قال ثم رأيناه رواية عن أبي يوسف
قال في الخانية عن أبي يوسف الأسد بمنزلة الذئب وفي ظاهرة الرواية السباع كلها صيد إلا الكلب والذئب اه
فافهم
قوله ( كما تلزمه قيمته ) أي بالغة ما بلغت لمالكه يعني وقيمته لله تعالى لا تجاوز قيمة شاء
بحر
قلت هذا لو غير صائل أما الصائل فقد علمت أنه لا يجب فيه لله تعالى شيء فلذا اقتصر الشارح على قيمة واحدة فافهم
قوله ( وله ) أي للمحرم
قوله ( ولو أبوها ظبيا ) أحرج الأم إذا كانت ظبية فإن عليه الجزاء لما ذكره الشارح ط
قوله ( وبط أهلي ) هو الذي يكون في المساكن والحياض لأن ألوف بأصل الخلقة احترازا عن الذي يطير فإنه صيد فيجب الجزاء بقتله
بحر
قوله ( ولو لمحرم ) للام للتعليل أي ولو صاده الحلال لأجل المحرم بلا أمره خلافا للإمام مالك كما في الهداية
قوله ( وذبحه في الحل ) أما لو ذبحه في الحرم فهو ميتة كما قدمه
وفي اللباب إذا ذبح محرم أو حلال في الحرم صيدا فذبيحته ميتة عندنا لا يحل أكلها له ولا لغيره من محرم أو حلال سواء اصطاده هو أي ذابحه أو غيره محرم أو حلال ولو في الحل فلو أكل المحرم الذابح منه شيئا قبل أداء الضمان أو بعده فعليه قيمة ما أكل ولو أكل منه غير الذابح فلا شيء عليه ولو أكل الحلال مما ذبحه في الحرام بعد الضمان لا شيء عليه للأكل ولو اصطاد حلال فذبح له محرم أو اصطاد محرم فذبح له حلال فهو ميتة اه
قال شارحه القاري اعلم أنه صرح غير واحد كصاحب الإيضاح و البحر الزاخر و البدائع وغيرهم بأن ذبح الحلال صيد الحرم يجعله لا يحل وإن أدى جزاءه من غير تعرض لخلاف
وذكر قاضيخان أنه يكره أكله تنزيها
وفي اختلاف المسائل اختلفوا فيما إذا إذا ذبح الحلال صيدا في الحرم فقال مالك والشافعي وأحمد لا يلح أكله
واختلف أصحاب أبي حنيفة فقال الكرخي هو ميتة وقال غيره هو مباح اه
قوله ( على المختار ) راجع لقوله لا للمحرم وهذا ما رواه الطحاوي
وقال الجرجاني لا يحرم وغلطه القدوري واعتمد رواية الطحاوي
____________________
(2/571)
فتح و بحر
قوله ( وتجب قيمته بذبح حلال ) هذا مكرر مع قوله سابقا وذبح حلال صيد الحرم إلا أنه أعاده ليرتب عليه قوله ولا يجزئه الصوم ط
وأراد بالذبح الإتلاف ولو تسببا على وجه العدوان فلو أدخل في الحرم بازيا فأرسله فقتل حمام الحرم لم يضمن لأنه أقام واجبا وما قصد الاصطياد فلم يكن تعديا في السبب بل كان مأمورا
بحر
قوله ( ولا يجزئه الصوم ) إنما اقتصر على نفي الصوم ليفيد أن الهدي جائز وهو ظاهر الرواية كما في البحر
وفي اللباب فإن بلغت قيمته هديا اشتراه بها إن شاء وإن شاء اشترى بها طعاما فيتصدق به كما مر ويجوز فيه الهدي إن كانت قيمته قبل الذبح مثل قيمة الصيد ولا يشترط كونها مثلها بعد الذبح
وأما الصوم في صيد الحرم فلا يجوز للحلال ويجوز للمحرم
قوله ( لأنها غرامة ) لأن الضمان فيه باعتبار المحل وهو الصيد فصار كغرامة الأموال بخلاف المحرم فإنه ضمانه جزاء الفعل لا المحل والصوم يصلح له لأنه كفارة
بحر
قوله ( في دلالته ) أي دلالة الحلال ولو لمحرم والفرق بين دلالة المحرم ودلالة الحلال أن المحرم التزم ترك التعرض بالإحرام فلما دل ترك ما التزمه فضمن كالمودع إذا دل السارق على الوديعة ولا التزام من الحلال فلا ضمان بها كالأجنبي إذا دل السارق على مال إنسان
بحر
قوله ( ولو حلالا ) الأولى أن يقال وهو حلال كما قيده به في مجمع الأنهر
قال وإنما قيدنا به لتظهر فائدة قيد الدخول في الحرم فإن وجوب الإرسال في المحرم لا يتوقف على دخول الحرم لأنه بمجرد الإحرام يجب عليه كما في الإصلاح وغيره وبهذا يظهر ضعف ما قيل حلالا أو محرما اه
وعليه ينبغي أن يقال وهو في الحل بدل قوله ولو في الحل اه ح
والحاصل أن الكلام فيمن كان حلالا في الحل وأراد الإحرام أو دخول الحرم وكان في يديه صيد وجب عليه إرساله
وفي اللباب وشرحه اعلم أن الصيد يصير آمنا بثلاثة أشياء بإحرام الصائد أو بدخوله في الحرم أو بدخول الصيد فيه
ولو أخذ صيدا في الحل أو الحرم وهو محرم أو في الحرم وهو حلال لم يملكه ووجب عليه إرساله سواء كان في يده أو قفصه أو في بيته ولو لم يرسله حتى هلك وهو محرم أو حلال فعليه الجزاء
قوله ( يعني الجارحة ) محترزه قوله لا إن كان في بيته أو قفصه
قوله ( وجب إرساله ) قال في البحر اتفاقا
قوله ( أي إطارته ) لو قال أي إطلاقه لكان أشمل لتناول الوحش فإن هذا الحكم لا يخص الطير اه ح
وشمل إطلاقه ما لو غصبه وهو حلال من حلال فأحرم الغاصب فإنه يلزمه إرساله وعليه قيمته لمالكه فلو رده له برىء ولزمه الجزاء
كذا في الدراية معزيا إلى المنتقى
قال في الفتح وهذا لغز غاصب يجب عليه عدم الرد بل إذا فعل يجب به الضمان
قوله ( أو إرساله للحل وديعة ) هذا قول ثان في تفسير الإرسال حكاه القهستاني بعد حكاية الأول وعزاه للتحفة
ويشكل عليه مسألة الغاصب حيث لزمه الجزاء وإن رده لمالكه
وأيضا فالرسول في حال أخذ الصيد هو في الحرم فيلزمه إرساله وضمان قيمته للمالك كالغاصب كما أفاده ط
وأيضا اعترضه ابن كمال بأن يد المودع يد المودع لكن رده في النهر بما في فوائد الظهيرية أن يد خادمه كرحله
وحاصله أن المحظور كون الصيد في يده الحقيقية ويده فيما عند المودع غير حقيقة بل هي مثل يده على ما في رحله أو قفصه أو خادمه لكن يرد عليه ما مر عن ط
وقد يجاب بأنه يمكنه أن يناوله في طرف الحرم لمن هو في الحل أو يرسله في قفص
____________________
(2/572)
ثم اعلم أن الذي يظهر من كلامهم أن هذين القولين في المسألة الثانية فقط وهي من أحرم في الحل وفي يده صيد أما الأولى وهي لو دخل الحرم وفي يده صيد فالواجب عليه الإرسال بمعنى الإطارة لقوله في الهداية عليه أن يرسله فيه أي في الحرم وتعليله له بأنه لما حصل في الحرم وجب ترك التعرض لحرمة الحرم وصار من صيد الحرم وكذا ما قدمناه عن اللباب من أن الصيد يصير آمنا بثلاثة أشياء الخ وكذا قول اللباب ولو أدخل محرم أو حلال صيد الحل الحرم صار حكمه حكم صيد الحرم وكذا قول المصنف الآتي فلو كان جارحا الخ فإنه لو كان له إيداع الجارح بعد ما أدخله الحرم لم يجز له إرساله مع العلم بأن عادة الجارح قتل الصيد وكذا قول اللباب ولو أخذ صيد الحرم فأرسله في الحل لا يبرأ من الضمان حتى يعلم وصوله إلى الحرم آمنا فكيف إذا أودعه فتأمل
قوله ( على وجه غير مضيع له ) يفسره ما قبله فكان الأولى تأخيره عنه كما فعل في شرحه على الملتقي حيث قال كأن يودعه أو يرسله في قفص
قوله ( وفي كراهة جامع الفتاوى ) إلى قوله لا يجب ساقط من بعض النسخ
وحاصله أن إعتاق الصيد أي إطلاقه من يده جائز إن أباحه لمن يأخذه وهو تقييد لقوله لأن تسييب الدابة حرام وقيل لا أي لا يجوز إعتاقه مطلقا كما هو ظاهر إطلاق حرمة التسييب لأنه وإن أباحه فالأغلب أنه لا يقع في يد أحد فيبقى سائبة وفيه تضييع للمال وقوله ولا تخرج عن ملكه بإعتاقه يحتمل معنيين
الأول أنه لا يخرج عن ملكه قبل أن يأخذ أحد فإن أخذه أحد بعد الإباحة ملكه كما تفيده عبارة مختارات النوازل
الثاني أنه لا يخرج مطلقا لأن التمليك لمجهول لا يصح مطلقا أو إلا لقوم معلومين لما في لقطة البحر عن الهداية إن كانت اللقطة شيئا يعلم أن صاحبها لا يطلبها كالنواة وقشر الرمان يكون إلقاؤه إباحة حتى جاز الانتفاع به من غير تعريف ولكن يبقى ملك مالكه لأن التمليك من المجهول لا يصح
قال وفي البزازية للمالك أخذها منه إلا إذا قال عند الرمي من أخذه فهو له لقوم معلومين ولم يذكر السرخسي هذا التفسير اه
فينبغي أن يكون إعتاق الصيد كذلك وتكون فائدة الإباحة حل الانتفاع به مع بقائه على ملك المالك
لكن في لقطة التاترخانية ترك دابة لا قيمة لها من الهزال ولم يبحها وقت الترك فأخذها رجل وأصلحها فالقياس أن تكون للآخذ كقشور الرمان المطروحة
وفي الاستحسان تكون لصاحبها
قال محمد لأنا لو جوزنا ذلك في الحيوان لجوزنا في الجارية ترمى في الأرض مريضة لا قيمة لها فيأخذها رجل وينفق عليها فيطؤها من غير شراء ولا هبة ولا إرث ولا صدقة أو يعتقها من غير أن يملكها وهذا أمر قبيح اه ملخصا
ومقتضاه أن غير الحيوان كالقشور يكون طرحه إباحة بدون تصريح وأنه يملكه الآخذ بخلاف الحيوان فلا يملكه إلا بالتصريح بالإباحة كما هو مفهوم قوله ولم يبحها وهذا حلال ما ذكرناه عن البحر وعلى هذا يتخرج ما في مختارات النوازل
ويأتي قريبا قول ثالث وهو أن غير المحرم لو أرسله يكون إباحة لأنه أرسله باختياره فيكون كقشور الرمان
قوله ( وحينئذ ) أي حين إذ كان إعتاق الصيد لا يجوز إلا إذا أباحه لمن يأخذه تقيد الإطارة أي التي فسر بها الإرسال بالإباحة ويؤيده قول المعراج ولو كان في يده فعليه إرساله على وجه لا يضيع فإن إرسال الصيد ليس بمندوب كتسييب الدابة بل هو حرام إلا أن يرسله للعلف أو يبيح للناس أخذه كذا في الفوائد الظهيرية اه
وقال بعده على وجه لا يضيع بأن يخليه
____________________
(2/573)
في بيته أو يودعه عند حلال اه
لكن ظاهر ما قدمناه عن القهستاني من حكاية القولين في تفسير الإرسال أن من فسره بالإفطار لم يقيد بالإباحة لأنه يقول إن الإرسال واجب فلم يكن في معنى التسييب المحظور ومن فسر الإرسال بالوديعة فكأنه يقول حيث أمكنه دفع التعرض للصيد بها فلا حاجة إلى الإطارة المضيعة للملك لاندفاع الضرورة بدونها ولذا قال قاضيخان في شرح الجامع لو أحرم والصيد في يده عليه أن يرسله لكن على وجه لا يضيع لأن الواجب ترك التعرض بإزالة اليد الحقيقية لا بإبطال الملك اه
وكون الإباحة تنفي التضييع ممنوع لأن الغالب على الصيد أنه إذا أرسل لا يصاد ثانيا فيبقى ملكه ضائعا والتسييب لا يجوز وإنما يجب الإرسال مطلقا فيما صاده وهو محرم كما مر لأنه لم يملكه فليس فيه تضييع ملك هذا ما ظهر لي وقد علمت مما قدمناه أن هذا كله فيما لو أخذ صيدا ثم أحرم أما لو دخل به الحرم فإنه يلزمه إرساله بمعنى إطارته وأنه ليس له إيداعه لأنه صار من صيد الحرم
قوله ( فتأمل ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها قبل وقال ح وهو ظرف مبني على الضم أي قبل الإطارة العامل فيه الإباحة
قوله ( وأصلحها ) ليس بقيد فيما يظهر لأن الدار في التمليك على الإباحة
وقد يقال إنما قيد به لمنع الأخذ لأن قوله من أخذها فهي له ينزل هبة والإصلاح زيادة تمنع من الرجوع منها وبدونه له الرجوع إذ لا مانع ويحرر ط
قوله ( والقول له ) أي للمالك إنه لم يبحها لأحد لأنه ينكر إباحة التمليك وإن برهن الآخذ أو نكل عن اليمين سلمت للآخذ ط عن لقطة البحر
قوله ( لا إن كان في بيته أو قفصه ) أي ولم يكن اصطاده في الإحرام أما لو اصطاده في الإحرام يلزمه إرساله بالإجماع
معراج
قوله ( لجريان العادة ) أي من لدن الصحابة إلى الآن وهم التابعون ومن بعدهم يحرمون وفي بيوتهم حمام في أبراج وعندهم دواجن وطيور لا يطلقونها وهي إحدى الحجج فدلت على أن استبقاءها في الملك محفوظة بغير اليد ليس هو التعرض الممتنع
فتح
والدواجن وهو الذي ألف المكان من صيود وحشيات ومستأنسة
قوله ( ولو القفص في يده ) أي مع خادمه أو في رحله
معراج
وقيل إن كان القفص في يده يلزمه إرساله لكن على وجه لا يضيع
هداية وهو ضعيف كما في النهر
قال ح والظاهر أن مثله ما إذا كان الحبل المشدود في رقبة الصيد في يده
قوله ( بدليل الخ ) فإنه بأخذ الغلاف بيده لم يجعل المصحف بيده فكذا بأخذ القفص لا يكون الطير في يده
قوله ( أخذه منه ) صفة لإنسان والضمير في منه للحل ومثله ما لو أخذه من الحرم بالأولى لأنه لو كان غير مملوك لا يملكه الآخذ فالمملوك أولى فافهم
قوله ( لأنه لم يخرج عن ملكه ) الأولى حذفه والاقتصار على التعليل الثاني لأنه عين قول المصنف ولا يخرج عن ملكه ط
قوله ( لأنه ملكه وهو حلال ) علة لعدم خروج الصيد عن ملكه ومفهومه أنه لو ملكه وهو محرم يخرج عن ملكه مع أن المحرم لا يملك الصيد فلو قال لأنه أخذه وهو حلال لكان أحسن
ح
قوله ( لما يأتي ) أي في قول المصنف والصيد لا يملكه المحرم الخ
قوله ( لأنه لم يرسله عن اختيار ) كذا في بعض النسخ أي لأن الشرع ألزمه بإرساله فكان مضطرا شرعا إليه والمناسب عطفه بالواو لأنه علة ثانية لقوله وله أخذه الخ وقد علل به التمرتاشي كما عزاه إليه في الفتح وقال إنصه يدل على أنه لو أرسله من غير إحرام يكون إباحة اه أي فليس له أخذه ممن أخذه وإن لم يصرح بالإباحة وقت
____________________
(2/574)
إرساله لأنه غير مضطر إليه فكان مجرد إرساله إباحة كإلقاء قشر الرمان كما قدمناه
قوله ( فلو كان جارحا ) تفريع على قوله وجب إرساله
والجارح من الصيد ما له ناب أي مخلب يصيد به
قوله ( لفعله ما وجب عليه ) وهو إرساله على قصد الاصطياد والمسألة مفروضة فيما إذا دخل به الحرم وهذا مؤيد لما قلنا من أن من دخل الحرم بصيد وجب عليه إرساله بمعنى إطارته لأنه صار من صيد الحرم وليس له إيداعه وإلا لكان الواجب الإيداع في الجوارح دون الإرسال لأن الجوارح عادتها قتل الصيد فيكون متعديا بإرساله في الحرم
قوله ( فلو باعه ) مفرع أيضا على قوله وجب إرساله والضمير فيه للصيد الذي أخذه حلال ثم أحرم أو دخل به الحرم لأن في قوله رد المبيع الخ إشارة إلى أن البيع فاسد لا باطل كما نص عليه في الشرنبلالية عن الكافي و الزيلعي بخلاف ما لو أخذ الصيد وهو محرم وباعه فإن بيعه باطل كما سيذكره وأطلق في البيع فشمل ما إذا باعه في الحرم أو بعد ما أخرجه إلى الحل لأنه صار بالإدخال من صيد الحرم فلا يحل إخراجه بعد ذلك كذا عزاه في البحر إلى الشارحين ثم نقل عن المحيط خلافه من جواز البيع والأكل بعد الإخراج مع الكراهة لكن ذكر في النهر أنه ضعيف
قلت لكن هذا إذا لم يؤد جزاءه بعد الإخراج أما لو أداه فإنه يملكه ويخرج عن كونه صيد الحرم كما يأتي في مسألة الظبية
ثم إن هذا أيضا مؤيد لما قلناه من أنه إذا دخل الحرم بصيد ليس له أن يرسله إلى الحل وديعة لما علمت من أنه لا يحل إخراجه بل عليه إرساله في الحرم وأما ما مر من أنه لا يخرج عن ملكه بهذا الإرسال فله أخذه في الحل وله أخذه ممن أخذه ومقتضاه أن له بيعه وأكله أيضا فلا ينافي ما هنا لأن ذاك فيما لو أرسله وخرج الصيد بنفسه بخلاف ما إذا أخرجه
قال في اللباب ولو خرج الصيد من الحرم بنفسه حل أخذه وإن أخرجه أحد لم يحل فافهم
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يبق المبيع في يد المشتري بأن أتلفه أو تلف أو غاب المشتري ولا يمكن إدراكه
ط عن أبي السعود
قوله ( فعليه الجزاء ) تقدم قريبا بيانه وأن الصوم في صيد الحرم لا يجوز للحلال ويجوز للمحرم
قوله ( لأن حرمة الحرم ) أي فيما لو أدخل الصيد الحرم ثم باعه فيه أو بعد ما أخرجه لكونه صار صيد الحرم فيمتنع بيعه مطلقا كما مر فافهم
وقوله والإحرام أي فيما لو أخذه ثم أحرم
قوله ( ولو أخذ حلال ) أي في الحل
لباب
وقوله ضمن مرسله لأن الآخذ ملك الصيد ملكا محترما فلا يبطل احترامه بإحرامه وقد أتلفه المرسل فيضمنه بخلاف ما أخذه في حال الإحرام لأنه لا يملكه والواجب عليه ترك التعرض ويمكنه ذلك بأن يخليه في بيته فإذا قطع يده عنه كان متعديا
هداية
ومقتضى هذا مع ما قدمناه أنه لو دخل به الحرم فأرسله أحد لا يضمن المرسل لأن الآخذ يلزمه إرساله وإن كان ملكه ولا يمكنه تخليته في بيته فلم يكن المرسل متعديا
تأمل
قوله ( وقولهما استحسان ) وجهه أن المرسل آمر بالمعروف ناه عن النكر و ما على المحسنين من سبيل
مطلب لا يجب الضمان بكسر آلات اللهو قال في الهداية ونظيره الاختلاف في كسر المعازف أي آلات اللهو كالطنبور
وقال في البحر وهو يقتضي أن يفتي بقولهما هنا لأن الفتوى على قولهما في عدم الضمان بكسر المعازف اه
قال ط وأشار الشارح إلى ذلك
____________________
(2/575)
لأن الفتوى على الاستحسان إلا فيما استثنى من مسائل قليلة
قوله ( لم يملكه ) لأن الصيد لم يبق محلا للتملك في حق المحرم فصار كما إذا اشترى الخمر
هداية
قوله ( بل بسبب جبري ) هو ما يحصل به الملك بلا اختيار وقبول
قوله ( والسبب الجبري ) أتى به ظاهرا ولم يقل وهو ليفيد أن المراد مطلق السبب لا بقيد كونه في الصيد
أفاده ط
قوله ( في إحدى عشر ) حق العبارة إحدى عشرة لأنه تجب المطابقة فيه بتأنيث الجزأين لتأنيث المعدود
قوله ( مبسوطة في الأشباه ) لا حاجة إلى ذكرها هنا وقد ذكرها المحشي
قوله ( فلذا قال الخ ) الأولى أن يقول ومثل للجبري تبعا للبحر بقوله الخ ط
قوله ( وجعله في الأشباه بالاتفاق ) حيث قال لا يدخل في ملك أحد شيء بغير اختياره إلا الإرث اتفاقا الخ
قوله ( لكن في النهر الخ ) هذا الاستدراك ليس في محله لأن كلام الأشباه كما رأيت مطلق لا يتقيد بهذه الصورة ولا شك في الاتفاق على كون الإرث مطلقا سببا جبريا وإنما لم يكن سببا في صورة المحرم إذا مات مورثه عن صيد على كلام السراج لقيام المانع وهو الإحرام كقيام الموانع الأربعة أي الرق والكفر والقتل واختلاف الملك فكما لا يقدح قيام تلك الموانع في سببية الإرث لا يقدح هذا فيها اه
وإن جعل استدراكا على المتن كان في محله ط
قوله ( وهو الظاهر ) هذا من كلام النهر حيث قال وهو الظاهر لما سيأتي أي من كون الصيد محرم العين على المحرم ولم يظهر لي وجه ظهوره إذ بعد تحقق سبب الإرث وهو موت المورث لا بد من قيام نص يدل على كون الإحرام مانعا من إرث الصيد كقيامه على الموانع الأربعة وكون الصيد محرم العين على المحرم بقوله تعالى { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } ولذا لو منع من سائر التصرفات لا يدل على مع إرثه فإن الخمرة محرمة العين أيضا وتورث
قوله ( فإن قتله ) أي الصيد الذي أخذه المحرم
قوله ( محرم آخر الخ ) احترز به عن البهيمة وبالبالغ المسلم عن الصبي والكافر كما يأتي وكان ينبغي زيادة عاقل للاحتراز عن المجنون فإنه في حكم الصبي كما في ط الحموي
وخرج أيضا ما لو قتله حلال فإنه إن كان في الحرم لزمه الجزاء وإلا فلا لكن يرجع عليه الآخذ بما ضمن فالرجوع فيه لا فرق فيه بين المحرم والحلال
بحر
قوله ( لأنه قرر عليه ما كان بمعرض السقوط ) فإنه كان محتمل الإرسال قبل قتله وللتقرير حكم الابتداء في حق التضمين كشهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا كما في الهداية
قوله ( على ما اختاره الكمال ) وجزم به الزيلعي وصرح به في المحيط عن المبتغى
وظاهر ما في النهاية أن يرجع الآخذ بالقيمة مطلقا
ح عن البحر
قوله ( لم يرجع على ربها ) عبارة اللباب ولو قتله بهيمة في يده فعليه الجزاء ولا يرجع على أحد
قال شارحه أي من صاحب البهيمة أو راكبها وسائقها وقائدها والمسألة مصرحة في البحر الزاخر اه
أقول وهذا في الرجوع على الراكب ونحوه أما ضمان الراكب ونحوه الجزاء فلا شك فيه
قال في معراج الدراية وكذا لو كان راكبا أو سائقا أو قائدا فأتلفت الدابة بيدها أو رجلها أو فمها صيدا فعليه الجزاء
فافهم
قوله ( ولو صبيا أو نصرانيا ) محترز قوله بالغ مسلم
____________________
(2/576)
وعبارة المعراج لا يجب على الصبي والمجنون والكافر فزاد المجنون لأنه كالصبي كما مر وعبر بالكافر لأن النصراني غير قيد وإخراجه عن قوله محرم باعتبار الصورة وإلا فالكافر ليس أهلا للنية التي هي شرط الإحرام
قوله ( فلا جزاء عليه ) بل على الآخذ وحده
قوله ( لأنه يلزمه حقوق العباد ) وهنا لما قرر على الآخذ ما كان بمعرض السقوط لزمه
قوله ( وكل ما على المفرد به دم ) لو قال كفارة لشمل الصدقة واستغنى عن قوله وكذا الحكم في الصدقة ثم المراد بالكفارة ما يشمل كفارة الضرورة فإن القارن إذا لبس أو غطى رأسه للضرورة تعددت الكفارة كما في البحر
قوله ( يعني بفعل شيء من محظوراته الخ ) أي محظورات الإحرام أي ما حرم عليه فعله بسبب نفس الإحرام لا من حيث كونه حجا أو عمرة ولا ما حرم بسبب غير الإحرام وذلك كاللبس والتطيب وإزالة شعر أو ظفر فخرج ما لو ترك واجبا كما لو ترك السعي أو الرمي أو أفاض قبل الإمام أو طاف جنبا أو محدثا للحج أو العمرة فإن عليه الكفارة ولا تعدد على القارن لأن ذلك ليس جناية على نفس الإحرام بل هو ترك واجب من واجبات الحج أو العمرة وكذا لو طاف جنبا وهو غير محرم لزمه دم كما نص عليه في البحر بخلاف نحو اللبس فإنه جناية على الإحرام مع قطع النظر عن كونه حجا أو عمرة ولذا حرم عليه ذلك قبل الشروع في أفعالهما فيتعدد الجزاء على القارن لتلبسه بإحرامين
وخرج أيضا ما لو قطع نبات الحرم فلا يتعدد الجزاء به أيضا على القارن
قال في البحر لأنه من باب الغرمات لا تعلق للإحرام به بخلاف صيد الحرم إذا قتله القارن فإنه يلزمه قيمتان لأنها جناية على الإحرام وهو متعدد ولا ينظر إلى كونه جناية على الحرم لأن أقوى الحرمتين تستتبع أدناهما والإحرام أقوى فكان وجوب القيمة بسبب الإحرام فقط لا بسبب الحرم وإنما ينظر إلى الحرم إذا كان القاتل حلالا اه
هذا ما ظهر لي تقريره هنا
وظاهر تقرير السراج أن المراد بقوله وما على المفرد به دم ما كان فعلا احترازا عما كان تركا كترك السعي وحد الوقوف والطهارة وبه يشعر كلام الشصارح لكن يرد عليه قطع النبات فإنه فعل
تأمل
قوله ( ومثله متمتع ساق الهدي ) أولى منه قول اللباب وما ذكرناه من لزوم الجزاءين على القارن هو حكم كل من جمع بين إحرامين كالمتمتع الذي ساق الهدي أو لم يسقه لكن لم يحل من العمرة حتى أحرم بالحج وكذا من جمع بين الحجتين أو العمرتين وعلى هذا لو أحرم بمائة حجة أو عمرة ثم جنى قبل رفضها فعليه مائة جزاء اه
فافهم
قوله ( لجنايته على إحراميه ) أي إحرام الحج وإحرام العمرة وهو علة لتعدد الدم والصدقة وما ذكره الشارح قبيل قول المصنف أو أفاض من عرفة قبل الإمام من أنه لا مدخل للصدقة في العمرة يقتضي عدم تعدد الصدقة على القارن لكن قدمنا جوابه هناك لا فتدبر
قوله ( فعليه دم واحد ) لتأخير الإحرام عن الميقات ولو عاد إلى الميقات وأحرم سقط الدم ط
وذكر في النهاية صورة يلزم القارن فيها دمان للمجاوزة وهي ما لو جاوز فأحرم بحج ثم دخل مكة فأحرم بعمرة ولم يعد إلى الحل محرما وهي غير واردة لأن الدم الأول للمجاوزة والثاني لتركه ميقات العمرة لأنه لما دخل مكة التحق بأهلها
بحر
قوله ( لأنه حينئذ ) أي حين المجاورة ليس بقارن وهذا تعليل لوجوب
____________________
(2/577)
الدم الواحد ويكون الاستثناء منقطعا
وذلك لأن الدم يلزمه سواء أحرم بعد ذلك بحج أو عمرة أو بهما أو لم يحرم أصلا فلا دخل لكونه قارنا في وجوب ذلك الدم ط
قوله ( لتعدد الفعل ) أي الجناية لأن كل واحد منهما بالشركة يصير جانيا جناية تفوق الدلالة فيتعدد الجزاء بتعدد الجناية
هداية فافهم
قوله ( لاتحاد المحل ) فإن الضمان في حق المحرم جزاء الفعل وهو متعدد وفي حق صيد الحرم جزاء المحل وهو ليس بمتعدد كرجلين قتلا رجلا خطأ يجب عليهما دية واحدة لأنها بدل المحل وعلى كل منهما كفارة لأنها جزاء الفعل بحر
وينبغي أن يقسم على عدد الرؤوس إذا قتله جماعة ولو قتله حلال ومحرم فعلى المحرم جميع القيمة وعلى الحلال نصفها
ولو قتله حلال ومفرد وقارن فعلى الحلال ثلث الجزاء وعلى المفرد جزاء وعلى القارن جزاءن
قهستاني
وتمامه في البحر
قوله ( وبطل بيع المحرم صيدا الخ ) أطلقه فشمل ما إذا كان العاقدان محرمين أو أحدهما فأفاد أن بيع المحرم باطل ولو كان المشتري حلالا وأن شراءه باطل وإن كان البائع حلالا
وأما الجزاء فإنما يكون على المحرم حتى لو كان البائع حلالا والمشتري محرما لزم المشتري فقط وعلى هذا كل تصرف
بحر
قوله ( وكذا كل تصرف ) أي من هبة ووصية وجعله مهرا وبدل خلع لأن العين خرجت عن كونها محلا لسائر التصرفات ط
ثم الأولى تأخيره عن قوله وشراؤه ليكون تعميما بعد تخصيص
قوله ( إن اصطاده وهو محرم ) أي لأن لم يملكه كما مر
وأفاد بهذا الشرط أن البطلان إذا صاده وهو محرم وباعه كذلك أما لو صاده وهو محرم وباه وهو حلال فالبيع جائز كما في السراج ولو صاده وهو حلالا وباعه وهو محرم فالبيع فاسد كما صرح به تبعا للسراج أيضا أي إذا كان المشتري حلالا أما لو كان محرما فالبيع باطل ولو كان البائع حلالا كما مر آنفا
ثم إن ما ذكره من الشرط إنما هو في بيع المحرم كما مر في النهر
قال ح إذ لا معنى لقولك وبطل شراء المحرم إن اصطاده وهو محرم فكان عليه أن يذكر الشرط بعد الأول اه
قوله ( وفي الفاسد يضمن قيمته ) أي يضمن المشتري قيمة الصيد للبائع لأنه ملكه اه ح
قوله ( أيضا ) أي مع ضمانه أي المشتري الجزاء المذكور في قوله وعليه وعلى البائع الجزاء فافهم ولا يخفى أن ضمانه الجزاء إنما هو إذا كان محرما وإلا فليس عليه سوى ضمان القيمة
قوله ( كما مر ) الكاف فيه للتنظير أي نظير ما مر من ضمان المرسل القيمة في قوله أخذ حلال صيدا ضمن مرسله
تنبيه ذكر في البحر عن المحيط قبيل قول الكنز وحل له لحم ما صاده حلال لو وهب محرم لمحرم صيدا فأكله
قال أبو حنيفة على الآكل ثلاثة أجزئة قيمة للذبح وقيمة للأكل المحظور وقيمة للواهب لأن الهبة كانت فاسدة وعلى الواهب قيمة
وقال محمد على الآكل قيمتان قيمة للواهب وقيمة للذبح ولا شيء للأكل عنده اه
والظاهر أن وجوب قيمة للواهب خاص فيما إذا اصطاده وهو حلال ليكون ملكه فلا تجب له قيمة ولذا كانت الهبة فاسدة لا باطلة
قيل وهذا بناء على القول بأن الهبة الفاسدة لا تفيد الملك بالقبض أما عن مقابله فلا شيء عليه للواهب
قلت وهذا غير صحيح لأنها مضمونة على كل من القولين كالبيع الفاسد يملك بالقبض ويضمن بمثله أو قيمته كما سيذكره في كتاب الهبة إن شاء الله تعالى
قوله ( بعد ما أخرجت ) أي خرجها محرم أو حلال
معراج
قوله ( وماتا ) علم حكم ذبحهما وإتلافهما بأي وجه كان بالأولى ط
قوله ( غرمهما ) لأن الصيد بعد الإخراج من الحرم بقي
____________________
(2/578)
مستحق الأمن شرعا ولهذا وجب رده إلى مأمنه وهذه صفة شرعية فتسري إلى الولد اه ح
قوله ( لم يجزه ) بفتح الياء من جزاه به وهو ثلاثي معتل الآخر كما في القاموس وضميره المستتر للمخرج والبارز للولد ح
وكل زيادة في الصيد كالسمن والشعر فضمانها على هذا التفصيل
نهر أي إن لم يؤد جزاءها قبل موتها ضمن الزيادة وإن أداه فلا
بحر
وبه علم أنها لو حبلت بعد إخراجها فهو كذلك كما أفاده ط
قوله ( لعدم سراية الأمن ) أي إلى الولد لأنه لما أدى ضمان الأصل ملكها فخرجت من أن تكون صيد الحرم وبطل استحقاق الأمن
قاضيخان
قال في النهر حتى لو ذبح الأم والأولاد يحل لكن مع الكراهة كما في الغاية
قوله ( والظاهر نعم ) نقله في النهر عن البحر بقوله فإذا أدى الجزاء ملكها ملكا خبيثا ولذا قالوا بكراهة أكلها وهي عند الإطلاق تنصرف إلى التحريم فدل على أنه يجب ردها بعد أداء الجزاء اه
قوله ( آفاقي الخ ) ترجمه في الكنز بباب مجاوزة الميقات بغير إحرام ووصله المصنف بما سبق لأنه جناية أيضا لكن ما سبق جناية بعد الإحرام وهذا قبله
قال ح لو عبر بمن جاوز الميقات كما عبر به في الكنز لشمل قوله كمكي يريد الحج الخ ولشمل حرميا أحرم لعمرته من الحرم وبستانيا أحرم لحجته أو لعمرته من الحرم
فإن كل من لم يحرم من ميقاته المعين له لزمه دم ما لم يعد إليه سواء كان حرميا أم بستانيا أم آفاقيا غاية الأمر أنه يشترط للزوم الإحرام في البستاني والحرمي قصد النسك ويكفي في الآفاقي قصد دخول الحرم قصد مع ذلك نسكا أم لا اه
وأراد بالبستاني الحلي أي من كان في الحل داخل المواقيت
والحاصل أن المحرم ثلاثة أصناف آفاقي وحلي وحرمي
ولكل ميقات مخصوص تقدم بيانه في المواقيت فمن أراد نسكا وجاوز وقته لزمه العود إليه
قوله ( مسلم بالغ ) فلو جاوزه كافر أو صبي فأسلم وبلغ لا شيء عليهما ولم يقيد بالحر ليشمل الرقيق فإنه لو جاوزه بلا إحرام ثم أذن له مولاه فأحرم من مكة فعليه دم يؤخذ به بعد العتق
فتح
قوله ( يريد الحج أو العمرة ) كذا قاله صدر الشريعة وتبعه صاحب الدرر وابن كمال باشا وليس بصحيح لما نذكر ومنشأ ذلك قول الهداية وهذا الذي ذكرنا أي من لزوم الدم بالمجاوزة إن كان يريد الحج أو العمرة فإن كان دخل البستان لحاجة فله أن يدخل مكة بغير إحرام اه
قال في الفتح يوهم ظاهره أن ما ذكرنا من أنه إذا جاوز غير محرم وجب الدم إلا أن يتلافاه محله ما إذا قصد النسك فإن قصد التجارة أو السياحة لا شيء عليه بعد الإحرام وليس كذلك لأن جميع الكتب ناطقة بلزوم الإحرام على من قصد مكة سواء قصد النسك أم لا
وقد صرح به المصنف أي صاحب الهداية في فصل المواقيت فيجب أن يحمل على أن الغالب فيمن قصد مكة من الآفاقيين قصد النسك فالمراد بقوله إذا أراد الحج أو العمرة إذا أراد مكة اه
ملخصا من ح عن الشرنبلالية
وليس المراد بمكة خصوصها بل قصد الحرم مطلقا موجب للإحرام كما مر قبيل فصل الإحرام وصرح به في الفتح وغيره
قوله ( فلو لم يرد الخ ) قد علمت ما فيه ح
قوله ( على ما مر ) أي أول الكتاب في بحث المواقيت في قوله وحرم تأخير الإحرام عنها لمن قصد دخول مكة ولو لحاجة
وفي بعض النسخ على ما سيأتي في المتن قريبا أي في قوله وعلى من دخل مكة بلا إحرام حجة أو عمرة
قوله ( وجاوز وقته ) أي ميقاته والمراد آخر المواقيت التي يمر
____________________
(2/579)
عليها إذ لا يجب عليه الإحرام من أولها كما مر أول الكتاب
قوله ( اعتبار الإرادة عند المجاوزة ) أي أن الآفاقي الذي جاوز وقته تعتبر إرادته عنه المجاوزة فإن كان عند قصد المجاوزة أراد دخول مكة لحج أو غيره لزمه الإحرام من الميقات وإلا بأن أراد دخول مكان في الحل لحاجة فلا شيء عليه
واستظهر في البحر اعتبار الإرادة عند الخروج من بيته لكن ذكر ذلك في مسألة البستان الآتية وأشار الشارح إلى أنه لا فرق بين الموضعين حيث ذكر ذلك فيهما وسنذكر عبارة البحر و النهر
فافهم
قوله ( إلى ميقات ما ) في بعض النسخ بدون لفظة ما وعلى كل فالمرد أي ميقات كان سواء كان ميقاته الذي جاوزه غير محرم أو غيره أقرب أو أبعد لأنها كلها في حق المحرم سواء
والأولى أن يحرم من وقته
بحر عن المحيط
قوله ( ثم أحرم ) أي بحج ولو نفلا أو بعمرة وهذا ناظر إلى قول الشارح كما إذا لم يحرم وقوله أو عاد الخ ناظر إلى قوله جاوز وقته ثم أحرم وعبارة المتن بمجردها فيها حزازة فتأمل
قوله ( صفة محرما ) أي صفة معنوية وإلا فجملة لم يشرع حال من فاعله المستتر أو من فاعل عاد فهي حال بعد حال متداخلة أو مترادفة
قوله ( كطواف ) وكذا لو وقف بعرفة قبل أن يطوف للقدوم
فتح
قوله ( ولو شوطا ) أخذه من البحر ومقتضاه أنه لا بد في لزوم الدم وعدمه إمكان سقوطه من الشوط الكامل
وعبارة الهداية ولو عاد بعد ما ابتدأ الطواف واستلم الحجر لا يسقط عنه الدم بالاتفاق فقال واستلم الحجر بالواو وفي بعض نسخها بالفاء
قال ابن الكمال في شرحها إنما ذكره تنبيها على أن المعتبر في ذلك الشوط التام فإن المسنون الفصل بين الشوطين بالاستلام وإلا فهو ليس بشرط اه
ومثله في العناية
وعليه فالمراد بالاستلام ما يكون بين الشوطين لا ما يكون في أول الطواف ويؤيده قول البدائع بعد ما طاف شوطا أو شوطين وبه ظهر أن ما في الدرر من عطفه بأو غير ظاهر لاقتضائه الاكتفاء ببعض الشوط فافهم
قوله ( لأن الشرط الخ ) أي في سقوط الدم وليس المراد أنه شرط في صحة النسك لأن تعيين الإحرام من الميقات واجب حتى يجبر بالدم ولو كان شرطا لكان فرضا وبتركه يفسد الحج
أفاده الحموي ط
قوله ( عند الميقات ) احتراز عن داخل الميقات لا خارجه حتى لو عاد محرما ولم يلب فيه لكن لبى بعد ما جاوزه ثم رجع ومر به ساكتا فإنه يسقط عنه بالأولى لأنه فوق الواجب عليه في تعظيم البيت كما في البحر ح
قوله ( خلافا لهما ) حيث قالا يسقط الدم وإن لم يلب كما لو مر محرما ساكتا وله أن العزيمة في الإحرام من دويرة أهله فإذا ترخص بالتأخير إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية فكان التلافي بعوده ملبيا
هداية
وفي شرحها لابن الكمال اعلم أن الناظرين في هذا المقام من شراح الكتاب وغيرهم اتفقوا على أن العزيمة للآفاقي ما ذكر ولا يخلو عن إشكال إذ لم ينقل عن النبي ولا عن أحد من أصحابه أنه أحرم من دويرة أهله فكيف يصح اتفاق الكل على ترك العزيمة وما هو الأفضل اه
قلت وهو ممنوع فإن المراد بالإحرام من دويرة أهله أي مما قرب من أهل الحرم من الأماكن البعيدة عن الميقات وقد ورد فعل ذلك عن جماعة من الصحابة وورد طلبه في الحديث كما قدمناه عن الفتح عند بحث المواقيت
وفسر الصحابة الإتمام في { وأتموا الحج } البقرة 196 بذلك وهذا في حق من قدر عليه كما مر هنا فافهم
قوله ( والأفضل عوده ) ظاهر ما في البحر عن المحيط وجوب العود وبه صرح في شر ح اللباب
قوله ( إلا إذا خاف فوت الحج ) أي فإنه
____________________
(2/580)
لا يعود ويمضي في إحرامه وعلله في البحر عن المحيط بقوله لأن الحج فرض الإحرام من الميقات واجب وترك الواجب أهون من ترك الفرض اه
ومقتضاه أنه لو لم يخف الفوت يجب العود كما قلنا لعدم المزاحم وأنه إذا خافه يجب عدم العود وبه يعلم ما في قول النهر ومتى خاف فوت الحج لو عاد فالأفضل عدمه وإلا فالأفضل عوده كما في المحيط اه
هذا وفي البحر واستفيد منه أي مما ذكره عن المحيط أنه لا تفصيل في العمرة وأنه يعود لأنها لا تفوت أصلا اه
ولا يخفى أن هذا بالنظر إلى الفوات وإلا فقد يحصل مانع من العود غير الفوات لخوفه على نفسه أو ماله فيسقط وجوب العود في العمرة أيضا
قوله ( أو عاد بعد شروعه ) بقي عليه أن يقول أو قبل شروعه ولم يلب عند الميقات ح
قوله ( كمكي يريد الحج ) أما لو خرج إلى الحل لحاجة فأحرم منه ووقف بعرفة فلا شيء عليه كالآفاقي إذا جاوز الميقات قاصدا ثم أحرم منه ولم أر تقييد مسألة المتمتع بما إذا خرج على قصد الحج وينبغي إن تقيد به وأنه لو خرج لحاجة إلى الحل ثم أحرم بالحج منه لا يجب عليه شيء كالمكي
فتح
قوله ( وصار مكيا ) لأن من وصل إلى مكان على وجه مشروع صار حكمه حكم أهله وهنا لما وصل إلى مكة محرما بالعمرة وفرغ منها صار في حكم المكي سواء ساق الهدي أم لا فإذا أراد الإحرام بالحج فميقاته الحرم أو العمرة فالحل ومثل ذلك يقال في الحلي وهو من كان داخل المواقيت فإن ميقاته للحج أو العمرة الحل فإذا أحرم من الحرم فعليه دم إلا أن يعود كما مر عن ح
وصرح به هناك في النهر و اللباب
قوله ( وكذا لو أحرما ) أي المكي والمتمتع الذي في حكمه فإن ميقات المكي للعمرة الحل
قوله ( وبالعود ) أراد به مطلق الذهاب إلى الميقات الواجب ليشمل قول وكذا لو أحرما بعمرة من الحرم فإن الواجب خروجهما إلى الحل ليسقط الدم وليس فيه عود إليه بعد الكينونة فيه
قوله ( كما مر ) أي عودا مماثلا لما مر في الآفاقي بأن يعود إلى الميقات ثم يحرم إن لم يكن أحرم وإن كان أحرم ولم يشرع في نسك يعود إليه ويلبي
قوله ( أي آفاقي ) أفاد أن المراد بالكوفي كل من كان خارج المواقيت
قوله ( البستان ) أي بستان بني عامر وهو موضع قريب من مكة داخل الميقات خارج الحرم وهي التي تسمى الآن نخلة محمود بن كمال
زاد غيره أن منه إلى مكة أربعة وعشرين ميلا
قال بعض المحشين قال النووي قال بعض أصحابنا هذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وقف بأرض عرفات
وفي غاية السروجي بالقرب من جبل عرفات على طريق العراق والكوفة إلى مكة
قوله ( أي مكانا من الحل ) أشار إلى أن البستان غير قيد وأن المراد مكان داخل المواقيت من الحل
والظاهر أنه لا يشرط أن يقصد مكانا معينا لأن الشرط عدم قصد دخول الحرم عند المجاوزة فأي مكان قصده من داخل المواقيت حصل المراد كما سيتضح فافهم
قوله ( لحاجة ) كذا في البدائع و الهداية و الكنز وغيرها وهو احتراز عما إذا أراد دخول مكان من الحل لمجرد المرور إلى مكة فإنه لا يحل له إلا محرما فلا بد من هذا القيد وإلا فكل آفاقي أراد دخول مكة لا بد له من دخول مكان في الحل على أنه في البحر جعل الشرط قصده الحل من حين خروجه من بيته أي ليكون سفره لأجله لا لدخول الحرم كما يأتي ولذا قال ابن الشلبي في شرحه ومنلا مسكين لحاجة له بالبستان لا لدخول مكة ويأتي توضيحه فافهم
____________________
(2/581)
قوله ( ولو عند المجاوزة ) الظرف متعلق بقصدها أي لو كان قصد الحاجة التي هي علة إرادته دخول البستان عند مجاوزة الميقات أما بعد المجاوزة فلا يعتبر قصد الحاجة لكونه عند المجاوزة كان قاصدا مكة فلا يسقط الدم ما لم يرجع
وأفاد أنه لو قصد دخول البستان لحاجة قبل المجاوزة فهو كذلك بالأولى وإن قصده لذلك من حين خروجه من بيته غير شرط خلافا لما في البحر حيث قال عقب ذكره إن ذلك حيلة لآفاقي أراد دخول مكة بلا إحرام ولم أر أن هذا القصد لا بد منه حين خروجه من بيته أو لا والذي يظر هو الأول فإنه لا شك أن الآفاقي يريد دخول الحل الذي بين الميقات والحرم وليس ذلك كافيا فلا بد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل الداخل الميقات حين يخرج من بيته اه
وحاصله أن الشرط أن يكون سفره لأجل دخول الحل وإلا فلا تحل له المجاوزة بلا إحرام
قال في النهر الظاهر أن وجود ذلك القصد عند المجاوزة كاف ويدل على ذلك ما في البدائع بعد ما ذكر حكم المجاوزة بغير إحرام قال هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم بغير إحرام فأما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شيء عليه اه
فاعتبر الإرادة عند المجاوزة كما ترى اه
أي إرادة الحج ونحوه وإرادة دخول البستان فالإرادة عند المجاوزة معتبرة فيهما ولذا ذكر الشارح ذلك في الموضعين كما قدمناه فافهم
وقول البحر فلا بد من وجود قصد مكان مخصوص من الحل غير ظاهر بل الشرط قصد الحل فقط
تأمل
قوله ( على ما مر ) أي قريبا في قوله ظاهر ما في النهر عن البدائع الخ
قوله ( على المذهب ) مقابله ما قاله أبو يوسف إنه إن نوى إقامة خمسة عشر يوما في البستان فله دخول مكة بلا إحرام وإلا فلا
ح
عن البحر
قوله ( دخول مكة غير محرم ) أي إذا أراد دخول البستان لحاجة لا لدخول مكة ثم بدا له دخول مكة لحاجة له دخولها غير محرم كما في شرح ابن الشلبي ومنلا مسكين
قال في الكافي لأن وجوب الإحرام عند الميقات على من يريد دخول مكة وهو لا يرد دخولها وإنما يريد البستان وهو غير مستحق التعظيم فلا يلزمه الإحرام بقصد دخوله اه
قلت وهذا إذا أراد دخول مكة لحاجة غير النسك وإلا فلا يجاوز ميقاته إلا بإحرام ولذا قال قبيل فصل الإحوال عند ذكر المواقيت وحل لأهل داخلها دخول مكة غير محرم ما لم يرد نسكا
قوله ( ووقته البستان ) أي لو أراد النسك فميقاته للحج أو العمرة البستان يعني جميع الحل الذي بين المواقيت والحرم كما مر في بحث المواقيت فلو أحرم من الحرم لزمه دم ما لم يعد كما قدمناه قريبا عن النهر و اللباب
إلا إذا دخل الحرم لحاجة ثم أراد النسك فإنه يحرم من الحرم لأنه صار مكيا كما مر
قوله ( ولا شيء عليه ) مرتبط بقوله له دخول مكة غير محرم فكان الأولى ذكره قبل قوله ووقته البستان
قوله ( كما مر ) أي قبيل فصل الإحرام حيث قال أما لو قصد موضعا من الحل كخليص وحدة حل له مجاوزته بلا إحرام فإذا حل به التحق بأهله
فله دخول مكة بلا إحرام
قوله ( هذه حيلة لآفاقي الخ ) أي إذا لم يكن مأمورا بالحج عن غيره كما قدمه الشارح هناك وقدمنا الكلام عليه
ثم إن هذه الحيلة مشكلة لما علمت من أنه لا يجوز له مجاوزة الميقات بلا إحرام ما لم يكن أراد دخول مكان في الحل لحاجة وإلا فكل آفاقي يريد دخول مكة لا بد أن يريد دخول الحل وقدمنا أن التقييد بالحاجة احتراز عما لو كان عند المجاوزة يريد دخول مكة وإنه إنما يجوز له دخولها بلا إحرام إذا بدا له بعد ذلك دخولها كما قدمناه عن شرح ابن الشلبي ومنلا مسكين
____________________
(2/582)
فعلم أن الشرط لسقوط الإحرام أن يقصد دخول الحل فقط ويدل عليه أيضا ما نقلناه عن الكافي من قوله وهو لا يريد دخولها أي مكة وإنما يريد البستان وكذا ما نقلناه عن البدائع من قوله فأما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر وكذا قوله في اللباب ومن جاوز وقته يقصد مكانا من الحل ثم بدا له أن يدخل مكة فله أن يدخله بغير إحرام فقوله ثم بدا له أي ظهر وحدث له يقتضي أنه لو أراد دخول مكة عند المجاوزة يلزمه الإحرام وإن أراد دخول البستان لأن دخول مكة لم يبد له بل هو مقصوده الأصلي وقد أشار في البحر إلى هذا الإشكال وأشار إلى جوابه بما تقدم عنه من أنه لا بد أن يكون قصد البستان من حين خروجه من بيته أي بأن يكون سفره المقصود لأجل البستان لا لأجل دخوله مكة كما قدمناه
وأجاب أيضا في شرح اللباب بقوله والوجه في الجملة أن يقصد البستان قصدا أوليا ولا يضره دخول الحرم بعده قصدا ضمنيا أو عارضيا كما إذا قصد هندي جدة لبيع أو شراء ولا يكون في خاطره أنه إذا فرغ منه أن يدخل مكة ثانيا بخلاف من جاء من الهند بقصد الحج أولا ويقصد دخوله جدة تبعا ولو قصد أنه لا بد أن يكون دخولها عارضا غير مقصود لا أصالة ولا تبعا بل يكون المقصود دخول الحل فقط كما هو ظاهر جواب البحر وكلام الكافي و البدائع و اللباب وغيرها وهذا مناف لقولهم إنه الحيلة لآفاقي يريد دخول مكة بلا إحرام لأنه إذا كان قصده دخول الحل فقط لم يحتج إلى حيلة إذا بدا له دخول مكة على أن هذا أيضا فيمن أراد دخول مكة لحاجة غير النسك فلا يحل له دخولها بلا إحرام لأنه إذا صار من أهل الحل فميقاته ميقاتهم وهو الحل كما مر مرارا فكيف من خرج من بيته لأجل الحج فافهم
قوله ( ويجب على من دخل مكة ) أي والحرم سواء قصد التجارة أو النسك أم غيرهما كما تفيد عبارة البدائع السابقة وتقدم التصريح به شرحا ومتنا قبيل فصل الإحرام وصرح به في اللباب أيضا
قوله ( فلو عاد ) أي إلى الميقات كما قيد به في الهداية لكن في البدائع أنه إذا أقام بمكة حتى تحولت السنة يجزئه ميقات أهل مكة وهو الحرم للحج والحل للعمرة لأنه لما أقام بمكة صار في حكم أهلها اه
والعليل يفيد أن تحول السنة غير قيد كذا في الفتح ثم بالخروج إلى الميقات لأجل سقوط الدم لا للإجزاء لأن الواجب عليه بدخول مكة بلا إحرام أمران الدم والنسك وبه يحصل التوفيق كما أفاده في الشرنبلالية
قوله ( عن آخر دخوله ) أي وعليه قضاء ما بقي لباب
قوله ( وتمامه في الفتح ) حيث علل ذلك بأن الواجب قبل الأخير صار دينا في ذمته فلا يسقط إلا بالتعيين بالنية اه
ح
قوله ( وصح منه الخ ) أي إذا دخل مكة بلا إحرام ولزمه بذلك حجة أو عمرة فخرج إلى الميقات وأحرم بحجة أو عمرة واجبة عليه بسبب آخر فإنه يجزئه ذلك عما لزمه بالدخول وإن لم ينوه إذا كان ذلك في عام الدخول لا بعده
قوله ( من حجة الإسلام الخ ) احترز به عما لو أحرم عما عليه بسبب الدخول فإنه قدمه في قوله فإن عاد الخ والظاهر أنه لو عاد إلى الميقات ونوى نسكا نفلا يقع واجبا عما عليه بالدخول ولا يكون نفلا لأنه بعد تقرر الوجوب عليه بخلاف ما إذا نواه نفلا قبل مجاوزة الميقات فإنه يقع نفلا لعدم وجوب شيء عليه بعد لحصول المقصود من تعظيم البقعة بالإحرام كما حققناه أو الحج فافهم
قوله ( في عامة ذلك الخ ) أي عام الدخول
قال في الهداية لأنه تلاقي
____________________
(2/583)
المتروك في وقته لأن الواجب عليه تعظيم هذه القبعة بالإحرام كما إذا أتاه أي الميقات محرما بحجة الإسلام في الابتداء بخلاف ما إذا تحولت السنة لأنه صار دينا في ذمته فلا يتأدى إلا بإحرام مقصود كما في الاعتكاف المنذور فإنه يتأدى بصوم رمضان في هذه السنة دون العام الثاني اه
قال في الفتح ولقائل أن يقول لا فرق بين سنة المجاوزة وسنة أخرى ففي أي وقت فعل ذلك يقع أداء إذ الدليل لم يوجب ذلك في سنة معينة ليصير بفواتها دينا يقضى فمهما أحرم من الميقات بنسك عليه تأدى هذا الواجب في ضمنه وعلى هذا إذا تكرر الدخول بلا إحرام منه ينبغي أن لا يحتاج إلى التعيين كمن عليه يومان من رمضان فنوى مجرد قضاء ما عليه ولم يعين وكذا لو كانا من رمضانين على الأصح وكذا نقول إذا رجع مرارا فأحرم كل مرة بنسك حتى أتى على عدد دخلاته خرج عن عهدة ما عليه اه
وأقره في البحر
قوله ( لصيرورته ) أي المتروك دينا وعلمت ما فيه من بحث الفتح
وأورد عليه أيضا أنه ينبغي أن تسقط العمرة الواجبة بدخول مكة غير محرم بالعمرة المنذور في السنة الثانية كالمنذورة في الأولى لأن العمرة لا تصير دينا لعدم توقتها بوقت معين بخلاف الحج
وأجاب في غاية البيان بأن تأخير العمرة إلى أيام النحر والتشريق مكروه فإذا أخرها إليها صار كالمفوت لها فصارت دينا اه
وأقره في البحر
ولا يخفى ما فيه فأن المكروه فعلها في تلك الأيام لا بعدها
فتأمل
قوله ( فأحرم بعمرة ) يعلم منه ما إذا أحرم بحجة بالأولى
نهر فافهم
قوله ( لترك الوقت ) مصدر مضاف إلى مكانه أي لترك إحرامه في الميقات
قوله ( لجبره بالإحرام منه في القضاء ) علة لقوله ولا دم عليه الخ وضمير منه للوقت أشار به إلى أنه لا بد في سقوط الدم من إحرامه في القضاء من الميقات كما صرح به في البحر فلو أحرم من الميقات المكي لم يسقط الدم وهو مستفاد أيضا مما قدمناه عن الشرنبلالية
قوله ( مكي طاف لعمرته الخ ) شروع في الجمع بين إحرامين وهو في حق المكي ومن بمعناه جناية دون الآفاقي إلا في إضافة إحرام العمرة إلى الحج فبالاعتبار الأول ذكره في الجنايات وبالاعتبار الثاني جعل له في الكنز باب على حدة
ثم اعلم أن أقسامه أربعة إدخال إحرام الحج على العمرة والحج على مثله والعمرة على مثلها والعمرة على الحج قدم الأول لكونه أدخل في الجناية ولذا لم يسقط به الدم بحال ثم ذكره الثاني مقدما له على غيره لقوة حاله لاشتماله على ما هو فرض ثم الثالث على الرابع لما فيه من الاتفاق في الكيفية والكمية
نهر
قوله ( ومن بحكمه ) أشار إلى ما في النهر من أن المراد بالمكي غير الآفاقي فشمل كل من كان داخل المواقيت من الحلي والحرمي فافهم
فالاحتراز عن الآفاقي لأنه لا يرفض واحدا منهما غير أنه إن أضاف بعد فعل الأقل كان قارنا وإلا فهو متمتع إن كان ذلك في أشهر الحج كما مر
نهر
قوله ( أي أقل أشواطها ) يفيد أن الشوط ليس بقيد وأطلقه فشمل ما إذا كان في أشهر الحج أو لا كما في البحر عن المبسوط
وفي النهر عن الفتح ولو طاف الأكثر في غير أيام الحج ففي المبسوط أن عليه الدم أيضا لأنه أحرم بالحج قبل الفراغ من العمرة وليس للمكي أن يجمع بينهما فإذا صار جامعا من وجه كان عليه دم اه
وفيه أيضا قيد بالعمرة لأنه لو أهل بالحج وطاف له ثم بالعمرة رفضها اتفاقا وبكونه طاف لأنه لو لم يطف رفضها أيضا اتفاقا وبالأقل لأنه لو أتى بالأكثر رفضه أي الحج اتفاقا
وفي المبسوط أنه لايرفض واحدا منهما
____________________
(2/584)
وجعله الإسبيجابي ظاهر الرواية
قوله ( رفضه ) أي تركه من باب طلب وضرب كما في المغرب
وهذا أي رفض الحج أولى عند الإمام
وعندهما الأولى رفض العمرة لأنها أدنى حالا وله أن إحرامها تأكد بأداء شيء من أعمالها ورفض غير المتأكد أيسر ولأن رفضها إبطال العمل وفي رفضه امتناعا عنه
أفاده في البحر
قوله ( وجوبا ) مخالفا لما في البحر حيث قال بعد ما مر وقد ظهر أن رفض الحج مستحب لا واجب اه أي وإنما الواجب رفض أحدهما لا بعينه
قوله ( بالحلق ) أي مثلا
قال في البحر ولم يذكر بماذا يكون رافضا وينبغي أن يكون الرفض بالفعل بأن يحلق مثلا بعد الفراغ من أفعال العمرة ولايكتفي بالقول أو بالنية لأنه جعله في الهداية تحللا وهو لا يكون إلا بفعل شيء من محظورات الإحرام اه
قلت وفي اللباب كل من عليه الرفض يحتاج إلى نية الرفض إلا من جمع بين حجتين قبل فوات الوقوف أو بين العمرتين قبل السعي للأولى ففي هاتين الصورتين ترتفض إحداهما من غير نية رفض لكن إما بالسير إلى مكة أو الشروع في أعمال أحدهما اه
فعلم من مجموع ما في البحر و اللباب أنه لا يحصل إلا بفعل شيء من محظورات الإحرام مع نية الرفض به وما قدمناه أوائل الجنايات عند قوله وبترك أكثره يبقى محرما من أن المحرم إذا نوى رفض الإحرام فصنع ما يصنعه الحلال من لبس وحلق ونحوهما لا يخرج به من الإحرام وأن نية الرفض باطلة فهو محمول على ما إذا لم يكن مأمورا بالرفض كما نبهنا عليه هناك وقيد بكون الحلق بعد الفراغ من العمرة لئلا يكون جناية على إحرامها
قوله ( لأنه كفائت الحج ) وحكمه أن يتحلل بعمرة ثم يأتي بالحج من قابل ط
قوله ( حتى لو حج ) غاية للتعليل المفيد أنه قضاه في غير عامه ط
قوله ( سقطت العمرة ) لأنه حينئذ ليس في معنى فائت الحج بل كالمحصر إذا تحلل ثم حج من تلك السنة فإنه حينئذ لا تجب عليه عمرة بخلاف ما إذا تحولت السنة
ط
قوله ( ولو رفضها ) أي العمرة التي طاف لها وأدخل عليها الحج
قوله ( قضاها ) أي ولو في ذلك العام لأن تكرار العمرة في سنة واحدة جائز بخلاف الحج
أفاده صاحب الهندية ط
قوله ( فقط ) أي ليس عليه عمرة أخرى كما في الحج وليس مراده نفي الدم لقول الهداية وعليه دم بالرفض أيهما رفض اه ح
قوله ( صح ) لأنه أدى أفعالهما كما التزم
نهر
قوله ( وأساء ) أي مع الإثم لما صرحوا به من أن المكي منهي عن الجمع بينهما وأنه يأثم به وقدمنا الاختلاف في أن الإساءة دون الكراهة وفوقها والتوفيق بينهما فافهم
قوله ( وذبح ) أي لتمكن النقصان من نسكه بارتكاب المنهي عنه لأنه قارن ولو أضاف بعد فعل الأكثر في أشهر الحج فمتمتع ولا تمتع ولا قران لمكي كما مر وهذا يؤيد قول من قال إن نفي التمتع والقران لمكي معناه نفي الحل كما مر
نهر أي لا نفي الصحة
قلت وقد مر ذلك في باب التمتع وقدمنا هناك تحقيق قول ثالث وهو أن تمتع المكي باطل وقرانه صحيح غير جائز فتذكره بالمراجعة
قوله ( وهو دم جبر ) لأن كل دم يجب بسبب الجمع أو الرفض فهو دم جبر وكفارة فلا يقوم الصوم مقامه وإن كان معسرا ولا يجوز له أن يأكل منه ولا أن يطعمه غنيا بخلاف دم الشكر
____________________
(2/585)
شرح اللباب
قوله ( ومن أحرم بحج الخ ) شروع في القسم الثاني والثالث أعني إدخال الحج على مثله والعمرة على مثلها
واعلم أن الإحرام بحجتين فصاعدا إما أن يكون على التراخي أو معا أو على التعاقب فالأول ما ذكره في المتن ولذا أتى بثم
وأما الأخيران ففي النهر يلزمه الحجتان عند الإمام
والثاني لكن يرتفض أحدهما إذا توجه سائرا في ظاهر الرواية
وقال الثاني عقب صيرورته محرما بلا مهلة وأثر الخلاف يظهر فيما إذا جنى قبل الشروع
وقال محمد يلزمه في المعية أحدهما وفي التعاقب الأول فقط والعمرتان كالحجتين اه
قلت وأثر الخلاف لزوم دمين بالجناية عندهما ودم واحد عند محمد كما في البدائع
واستشكله في شرح اللباب بأنه عند الثاني يرتفض أحدهما عقب الإحرام بلا مكث أي فلم تكن الجناية عنده على إحرامين بل على واحد فيلزمه بالجناية دم واحد كقول محمد
قوله ( ثم أحرم يوم النحر بآخر ) قيد كونه يوم النحر لأنه لو أحرم بعرفات ليلا أو نهارا رفض الثانية وعليه دم الرفض وحجة وعمرة ثم عند الثاني يرتفض كما مر وعند الأول بوقوفه كما في المحيط
وينبغي أنه لو أحرم ليلة النحر بعد الوقوف نهارا أن يرتفض بالوقوف بالمزدلفة لا بعرفة لأنه سابق
بحر
لكن قياس ظاهر الرواية المتقدم أن تبطل بالمسير إليها
نهر
قوله ( فإن كان قد حلق للأول ) أي لحجه الأول قبل إحرامه بالثاني
قوله ( لزمه الآخر ) أي فيبقى محرما إلى أن يؤديه في العام القابل
لباب
قوله ( لانتهاء الأول ) لأن الباقي بعد الحلق الرمي وبذلك لا يصير جانبا بالإحرام ثانيا
نهر
ومقتضاه أن الإحرام الثاني وقع بعد الحلق وبعد طواف الزيارة أيضا وأنه لو أحرم بعد الحلق قبل الطواف لزمه دم الجمع لأن الإحرام الأول بقي في حق حرمة النساء وبه صرح الكرماني لكن المتبادر من المتن وغيره كالهداية وشروحها و الكافي خلافه لإطلاقهم نفي الدم بعد الحلق من غير تقييد بما بعد الطواف أيضا لكن قال في شرح اللباب إن إطلاقهم لا ينافي تقييد الكرماني اه فيحل المطلق على المقيد
قلت لكن ما في الكرماني مبني على وجوب دم للجميع بين إحرامي الحج كإحرامي العمرة ويأتي الكلام فيه قريبا
قوله ( فمع دم ) الفاء داخلة على فعل مقدر أي فيلزمه الآخر مع دم
قوله ( قصر أولا ) أي إذا لم يحلق للأول ثم أحرم بالثاني لزمه دم سواء حلق عقب الإحرام الثاني أو لا بل أخره حتى حج في العام القابل وهذا عنده وهما يخصان الوجوب بما إذا حلق لأنهما لا يوجبان بالتأخير شيئا كما في البحر
قوله ( عبر به الخ ) أشار إلى أن التقصير غير قيد وإنما عبر به ليشمل المرأة لكن فيه أنه عبر قبله بالحلق
وقد يقال إنه من قبيل الاحتباك وهو أن يصرح في كل موضع بما سكت عنه في الآخر ليفيد إرادة كل من الاختصار
وما في النهر من أن المراد هنا بالتقصير الحلق إذا التقصير لا دم فيه إنما فيه الصدقة فقد قدمنا أول الجنايات أن الصواب خلافه فافهم
قوله ( لجنايته على إحرامه ) أي إحرام الحجة الثانية أما إحرام الحجة الأولى فقد انتهى بهذا التقصير فلا جناية عليه وقوله أو التأخير عطف على مدخول اللام لا على التقصير لأن تأخير الحلق عن أيام النحر ترك واجب لا جناية على الإحرام ولو أسقط قوله على إحرامه لكان أولى وأشار بجعل العلة لوجوب الدم أحد هذين إلى أنه لا يلزمه دم للجميع بين إحرامي الحجين لأنه ليس جناية كما يأتي
أفاده ح
____________________
(2/586)
قوله ( ومن أتى بعمرة إلا الحلق الخ ) قدمنا أن الحكم في الجمع بين العمرتين كالجمع بين الحجتين أي في اللزوم والرفض ووقته مما يتصور في العمرة كما في اللباب
ثم قال فلو أحرم بعمرة فطاف لها شوطا أو كله أو لم يطف شيئا ثم أحرم بأخرى لزمه رفض الثانية وقضاؤها ودم للرفض ولو طاف وسعى للأولى ولم يبق عليه إلا الحلق فأهل بأخرى لزمته ولا يرفضها وعليه دم الجمع وإن حلق للأولى قبل الفراغ من الثانية لزمه دم آخر ولو بعده لا ولو أفسده الأولى أي بأن جامع قبل طوافها فأهل بالثانية رفضها ويمضي في الأولى ولو نوى رفض الأولى وإن يكون عمله الثانية لم ينفعه وكذا هذا في الحجتين اه
لكن قدمنا عنه أنه لو جمع بين عمرتين قبل السعي للأولى ترتفض إحداهما بالشروع من غير نية رفض فقوله هنا لزمه رفض الثانية فيه نظر فتدبر
قوله ( فيلزم الدم ) أي لجناية الجمع ولا دم لتأخير الحلق هنا لأنه في العمرة غير موقت بالزمان كما مر إلا إذا حلق قبل الفراغ من الثانية فيلزم دم آخر كما علمته آنفا
قوله ( لا لحجتين ) عطف على العمرتين وقوله فلا يلزم أي دم الجمع بل يلزم دم التأخير أو التقصير فقط كما مر وقد تبع الشارح في ذلك صاحب البحر حيث قال وصرح في الهداية بأنه أي الجمع بين إحرامي حجين أو عمرتين بدعة وأفرط في غاية البيان بقوله إنه حرام لأنه بدعة وهو سهو لما في المحيط والجمع بين إحرامي الحج لا يكره في ظاهر الرواية لأنه في العمرة إنما كره لأنه يصير جامعا بينهما في الفعل لأنه يؤديهما في سنة واحدة بخلاف الحج اه
فلذا فرق المصنف بين الحج والعمرة تبعا للجامع الصغير فإنه أوجب دما واحدا للحج
وقال بعض المشايخ يجب دم آخر للجمع اتباعا لرواية الأصل وقد علمت أن الفرق بنهما ظاهر الرواية هذا خلاصة ما في البحر
أقول وفي المعراج عن الكافي قيل لا خلاف بين الروايتين أي رواية الجامع الصغير ورواية الأصل لأنه سكت في الجامع عن إيجاب الدم للجمع وما نفاه وقيل بل فيه روايتان اه
وفي شرح اللباب وقالوا فيه روايتان أصحهما الوجوب وبه صرح التمرتاشي وغيره وقيل ليس إلا رواية الوجوب
قال ابن الهمام وهو الأوجه اه
وتعقب ابن الهمام ما في المحيط بأن كونه يتمكن من أداء العمرة الثانية في سنة لا يوجب الجمع بينهما فعلا فاستوى الحج والعمرة
قلت وكتاب الأصل وهو المبسوط من كتب ظاهر الرواية أيضا فلذا صححوا رواية الوجوب بناء على تحقق اختلاف الرواية وإلا فالأصل عدمه فإن كلا من الأصل والجامع من كتب الإمام محمد فالظاهر أنما أطلقه في أحدهما محمول على ما قيده في الآخر فلذا استوجه في الفتح أنه ليس ثمة إلا رواية الوجوب ويؤيده ما مر من كلام الهداية و غاية البيان فقوله في البحر إنه سهو مما لا ينبغي كيف وقد قال في التاترخانية الجمع بين إحرام الحج والعمرة بدعة
وفي الجامع الصغير العتابي حرام لأنه من أكبر الكبائر هكذا روي عن النبي اه قوله ( آفاقي الخ ) شروع في القسم الرابع
قوله ( ثم أحرم بعمرة ) أي قبل أن يشرع في طواف القدوم
لباب ويدل عليه المقابلة بقوله فإن طاف له أي شرع فيه ولو قليلا كما تعرفه قريبا وقدمناه في أول باب القران ولم يتقدم خلافه فافهم
قوله ( لزماه ) لأن الجمع بينهما مشروع في حق الآفاقي فيصير بذلك قارنا
____________________
(2/587)
لكنه أخطأ السنة فيصير مسيئا
هداية
لأن السنة في القران أن يحرم بهما معا أو يقدم إحرام العمرة على إحرام الحج
زيلعي
لكن الثاني يسمى تمتعا عرفا
قوله ( وصار قارنا مسيئا ) قال في شرح اللباب وعليه دم شكر لقلة إساءته ولعدم وجوب رفض عمرته اه
قلت والأولى أن يقول ولعدم ندب رفض عمرته بخلاف ما إذا أحرم لها بعد طواف القدوم للحج فإنه يندب رفضها كما يأتي
قوله ( كما مر ) أي في أوائل باب القران
قوله ( ولذا بطلت عمرته ) المناسب أن يقدم عليه قوله الآتي لأنها لم تشرع الخ لأن كونه صار قارنا مسيئا معلل بكون العمرة لم تشرع مرتبة على الحج وبطلان عمرته بالوقوف مفرع على هذا التعليل كما يعلم من الهداية وغيرها فافهم
قوله ( بالوقوف ) أي إذا وقف بعرفة قبل أن يدخل مكة فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف وإن توجه إلى عرفات ولم يقف بها بعد لا يصير رافضا لأنه يصير قارنا
زيلعي
والمراد أنه أحرم بالعمرة ولم يأت بأكثر أشواطها حتى وقف بعرفات فالإتيان بالأقل كالعدم
بحر
فالمراد بقوله قبل أفعالها أكثر أشواطها
قوله ( فإن طاف له ) أي للحج ولو شوطا كما ذكره في البحر في باب القران
وقال في الفتح وإن أدخل إحرام العمرة على إحرام الحج فإن كان قبل أن يطوف شيئا من طواف القدوم فهو قارن مسيء وعليه دم شكر وإن كان بعد ما شرع فيه ولو قليلا فهو أكثر إساءة وعليه دم اه
وقدمنا مثله في باب القران عن اللباب وشرحه فهذا نص صريح في وجوب الدم في الصورتين وأن الأول دم شكر أي اتفاقا والثاني دم جبر أو شكر على الخلاف الآتي وفي أن المراد بالطواف فيهما الشروع فيه ولو شوطا فافهم
وأما ما قدمناه آنفا عن البحر من أن الأقل كالعدم فذاك في طواف العمرة والكلام في طواف الحج فافهم
قوله ( فمضى عليهما ) قال الزيلعي المراد بالمضي عليهما أن يقدم أفعال العمرة على أفعال الحج لأنه قارن على ما بينا ولكنه أساء أكثر من الأول حيث أخر إحرام العمرة على طواف الحج أي طواف القدوم غير أنه ليس بركن فيه فيمكنه أن يأتي بأفعال العمرة ثم بأفعال الحج ويجب عليه دم اه
قوله ( وهو دم جبر ) أي على ما اختاره فخر الإسلام ودم شكر على ما اختاره شمس الأئمة
وثمرته تظهر في جواز الأكل
زيلعي
وصحح الأول في الهداية واختار الثاني في الفتح وقواه وأطال الكلام فيه
بحر
قلت وكذا اختاره في اللباب وعبر عن الأول بقيل
قوله ( لتأكده بطوافه ) أي لأن إحرام الحج قد تأكل بشيء من أعماله بخلاف ما إذا لم يطف للحج
هداية أي فإنه لا يستحب له رفضها لعدم تأكده لأنه لم يقدم إلا الإحرام ولا ترتيب فيه أما هنا فقد فاته الترتيب من وجه لتقديم طواف القدوم وإنما لم يجب الرفض لأن المؤدي ليس بركن الحج كما في الزيلعي
قوله ( قضى ) أي العمرة وقوله لصحة الشروع أي وهي مما يلزم بالشروع ط
قوله ( حج الخ ) من تتمة المسألة التي قبلها لأن ما مر فيما إذا أدخل العمرة على الحج قبل الوقوف بعد الشروع في طواف القدوم أو قبله وهذا فيما لو أدخلها بعد الوقوف قبل الحلق أو طواف الزيارة أو بعده في يوم النحر أو أيام التشريق كما أفاده في اللباب وصرح فيه
____________________
(2/588)
بأنه لا يكون قارنا لكنه خلاف ظاهر ما يأتي
قوله ( بالشروع ) لأن الشروع فيها ملزم كما مر
قوله ( ورفضت ) حكى فيه خلافا في الهداية بقوله وقيل إذا حلق للحج ثم أحرم لا يرفضها على ظاهر ما ذكر في الأصل
وقيل برفضها احترازا عن النهي
وقال الفقيه أبو جعفر ومشايخنا على هذا اه أي على وجوب الرفض وإن كان بعد الحلق وصححه المتأخرون لأنه بقي عليه واجبات من الحج كالرمي وطواف الصدر وسنة المبيت
وقد كرهت العمرة في هذه الأيام فيكون بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج بلا ريب كذا فيالفتح
قلت وظاهره أنه قارن مسيء
تأمل
قوله ( صح ) لأن الكراهة لمعنى في غيرها وهو كونه مشغولا في هذه الأيام بأداء بقية أعمال الحج
هداية
قوله ( لارتكاب الكراهة ) أي لجمعه بينهما إما في الإحرام أو في الأعمال الباقية
هداية أي في الإحرام إن أحرم بالعمرة قبل الحلق وفي الأعمال إن أحرم بعده
معراج
ويلزم من الأول الثاني بلا عكس
تنبيه قال في شرح اللباب بعد تقرير حكم المسألة ومنه يعلم مسألة كثيرة الوقوع لأهل مكة وغيرهم أنهم قد يعتمرون قبل أن يسعوا لحجهم اه أي فيلزمهم دم الرفض أو دم الجمع لكن مقتضى تقييدهم الإحرام بالعمرة يوم النحر أو أيام التشريق أنه لو كان بعد هذه الأيام لا يلزم الدم لكن يخالفه ما علمته من تعليل الهداية فالسعي وإن جاز تأخره عن أيام النحر والتشريق لكنه إذا أحرم بالعمرة قبله يصير جامعا بينها وبين أعمال الحج
ويظهر لي أن العلة في الكراهة ولزوم الرفض هي الجمع أو وقوع الإحرام في هذه الأيام فأيهما وجد كفى لكن لما كانت هذه الأيام هي أيام أداء بقية أعمال الحج على الوجه الأكمل قيدوا بها كما يشير إليه ما قدمناه عن الهداية وكذا قوله فيها معللا للزوم الرفض لأنه قد أدى ركن الحج فيصير بانيا أفعال الحج من كل وجه وقد كرهت العمرة في هذه الأيام أيضا فلهذا يلزمه رفضها اه
فقوله وقد كرهت الخ بيان العلة الأخرى ولما لم يأت بها على طريق التعليل كما أتى بما قبلها صرح بكونها علة أيضا بقوله فلذا يلزمه رفضها
قوله ( فائت الحج الخ ) من تتمة ما قبله أيضا ولذا قال في الهداية فاته فإن الحج بالفاء التفريعية فهو إشارة إلى أن ما مر من المنع عن الجمع لا فرق فيه بين من أدرك الحج ومن فاته
قوله ( به أو بها ) أي بالحج أو بالعمرة
قوله ( لأن الجمع الخ ) بيانه أن فائت الحج حاج إحراما لأن إحرام الحج باق ومعتمر أداء لأنه يتحلل بأفعال العمرة من غير أن ينقلب إحرامه إحرام العمرة فإذا أحرم بحجة يصير جامعا بين الحجتين إحراما وهو بدعة فيرفضها وإن أحرم بعمرة يصير جامعا بين العمرتين أفعالا وهو بدعة أيضا فيرفضها كذا في الزيلعي وغيره
واعلم أن في كلام الشارح هنا أمرين الأول أنه كان ينبغي أن يقول لأن الجمع بين حجتين أو عمرتين بإسقاط قوله إحرامين لما علمت من أن اللازم من الإحرام بعمرة هو الجمع بين عمرتين أفعالا لا إحراما إذا لم ينقلب إحرام الحج إحرام عمرة
والثاني أن قوله غير مشروع مخالف لما مشى عليه أولا من أن الجمع بين إحرامي العمرتين مكروه دون الحجتين في ظاهر الرواية فإن غير المشروع ما نهى الشارح عن فعله أوتركه ومن جملته المكروه والمشروع بخلافه فلا يتناول المكروه كما في القهستاني على الكيدانية
____________________
(2/589)
قلت ويمكن الجواب عن الأول بأن قوله أو لعمرتين معطوف على الظرف المتعلق بالجمع فيتعلق به أيضا لا بإحرامين بقرينة إعادته حرف الجر
وعن الثاني بأنه مشى على الرواية الثانية وقد علمت ترجيحها أيضا فلا مانع منه فافهم
قوله ( وبعده ) أي بعد التحلل بأفعال العمرة
قوله ( للرفض ) أي رفض ما أحرم به ثانيا وهو علة للتحلل
وفي بعض النسخ بالرفض وفيه قلب لأن الرفض المطلوب منه يكون بالتحلل أي بالحلق أو بفعل شيء من المحظورات مع النية كما مر فالأولى عبارة البحر وغيره وهي للرفض بالتحلل قبل أوانه فافهم والله سبحانه أعلم
باب الإحصار لما كان التحلل بالإحصار نوع الجناية بدليل أن ما يلزمه ليس له أن يأكل منه ذكره عقب الجنايات وأخره لأن مبناه على الاضطرار وتلك على الاختيار
نهر
قوله ( لغة المنع ) أي بخوف أو مرض أو عجز أما لو منعه عدو بحبس في سجن أو مدينة فهو حصر كما في الكشاف وغيره
وفي المغرب أن هذا هو المشهور وتمامه في شرح ابن كمال
قوله ( وشرعا منع عن ركنين ) هما الوقوف والطواف في الحج لكن سيأتي أن العمرة يتحقق فيها الإحصار ولها ركن واحد وهو الوقوف
وفي بعض النسخ عن ركن بالإفراد والمراد به الماهية أي عما هو ركن النسك متعددا أو متحدا
تأمل
قوله ( بعدو ) أي آدمي أو سبع
قوله ( أو مرض ) أي يزداد بالذهاب
قوله ( أو موت محرم ) أراد به من لا تحرم خلوته بالمرأة فيشمل زوجها وكموتهما عدمهما ابتداء فلو أحرمت وليس لها محرم ولا زوج فهي محصرة كما في اللباب والبحر ثم هذا إذا كان بينها وبين مكة مسيرة سفر وبلدها أقل منه أو أكثر لكن يمكنها المقام في موضعها وإلا فلا إحصار فيما يظهر
قوله ( أو هلاك نفقة ) فإن سرقت نفقته إن قدر على المشي فليس بمحصر وإلا فمحصر وإن قدر عليه للحال إلا أنه يخاف العجز في بعض الطريق جاز له التحلل
لباب
وظاهر كلامهم هذا أن المراد بالنفقة ما يشمل الراحلة
تأمل
تتمة زاد في اللباب مما يكون به محصرا أمور أخر
منها العدة فلو أهلت بالحج فطلقها زوجها ولزمتها العدة صارت محصرة ولو مقيمة أو مسافرة معها حرم
ومنها لو ضل عن الطريق لكن إن وجد من يبعث الهدي معه فذلك الرجل يهديه إلى الطريق وإلا فلا يمكنه التحلل لعجزه عن تبليغ الهدي محله
قال في الفتح فهو كالمحصر الذي لم يقدر على الهدي
____________________
(2/590)
ومنها منع الزوج زوجته إذا أحرمت بنفل بلا إذنه أو المولى مملوكه عبدا كان أو أمة فلو بإذنه أو أحرمت بفرض فغير محصرة لو لها محرم أو خرج الزوج معها وليس له منعها وتحليلها وهذا لو إحرامها بالفرض في أشهر الحج أو قبلها في وقت خروج أهل بلدها أو قبله بأيام يسيرة وإلا فله منعها
وأما المملوك فيكره لمولاه منعه بعد الإحرام بإذنه وهو محصر وليس لزوج الأمة منعها بعد إذن المولى
واعلم أن كل من منع عن المضي في موجب الإحرام لحق العبد فإنه يتحلل بغير الهدي فإذا أحرمت المرأة أو العبد بلا إذن الزوج أو المولى فلهما أن يحللاهما في الحال كما سيأتي بيانه آخر الحج ولا يتوقف على ذبح وعلى المرأة أن تبعث الهدي أو ثمنه إلى الحرام وعليها إن كان إحرامها بحج حج وعمرة وإن بعمرة فعمرة بخلاف ما لو مات زوجها أو محرمها في الطريق فلا تتحلل إلا بالهدي ولعل الفرق أن إحصارها حقيقي والأولى حكمي وعلى العبد هدي الإحصار بعد العتق وحجة وعمرة اه
ملخصا من اللباب وشرحه
قوله ( حل له التحلل ) أفاد أنه رخصة في حقه حتى لا يمتد إحرامه فيشق عليه وأن له أن يبقى محرما كما يأتي
قوله ( بعث المفرد ) أي بالحج أو العمرة إلى الحرم
قهستاني
قوله ( دما ) سيأتي بيانه في باب الهدي فلو بعث دمين تحلل بأولهما لأن الثاني تطوع كما في الينابيع
قهستاني
قوله ( أو قيمته ) أي يشتري بها شاة هناك وتذبح عنه
هداية
وفيه إيماء إلى أنه لا يجوز التصدق بتلك القيمة
شرح اللباب
قوله ( فإن لم يجد بقي محرما ) فلا يتحلل عندنا إلا بالدم نهاية ولا يقوم الصوم والإطعام مقامه
بحر
ولا يفيد اشتراط الإحلال عند الإحرام شيئا
لباب
قال شارحه هذا هو المسطور في كتاب المذهب
ونقل الكرماني والسروجي عن محمد أنه إن اشترط الإحلال عند الإحرام إذا أحصر جاز له التحلل بغير هدي
قوله ( أو يتحلل بطواف ) أي ويسعى ويحلق
( بحر عن الخانية )
وهذا إن قدر على الوصول إلى مكة فإن عجز عنه وعن الهدي يبقى محرما أبدا
قال في ( الفتح ) هذا هو المذهب المعروف
قوله ( وعن الثاني ) رده في ( الفتح ) بأنه مخالف للنص
قوله ( والقارن دمين ) فيه إشارة إلى أنه لا يتحلل إلا بذبح الثاني وأنه لا يشترط تعيين أحدهما للحج والآخر للعمرة
( قهستاني )
وكالقارن من جمع بين حجتين أو عمرتين فأحصر قبل السير إلى مكة فلو بعده يلزمه دم واحد
( لباب )
لأنه يصير رافضا لأحدهما
( بحر )
قوله ( فلو بعث واحدا الخ ) عبارة الهداية فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما لأن التحلل منهما شرع في حالة واحدة اه
زاد في ( اللباب ) ولو بعث ثمن هديين فلم يوجد بذلك القدر بمكة إلا هدي واحد فذبح لم يتحلل عن الإحرامين ولا عن أحدهما
قوله ( وعين يوم الذبح ) لا بد أيضا من تعيين وقته من ذلك اليوم إذا أراد التحلل فيه لئلا يقع قبل الذبح فإذا عين وقت الزوال مثلا يتحلل بعده وإلا احتمل أن يكون الذبح وقت العصر والتحلل قبله
قوله ( خلافا لهما ) حيث قالا إنه لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر ويجوز للمحصر بالعمرة متى شاء
هداية
فعلى قولهما لا حاجة إلى المواعدة في الحج لتعين يوم النحر وقتاله إلا إذا كان بعد أيام النحر فيحتاج إليها عند الكل كما في المحصر بالعمرة
أفادة في ( شرح اللباب )
قال في ( البحر ) وفيه نظر لأنه الوقت عندهما بأيام النحر لا باليوم الأول فيحتاج إلى المواعدة لتعيين اليوم الأول أو الثاني أو الثالث
وقد يقال يمكنه الصبر إلى مضي الثلاثة فلا يحتاج إليها اه
____________________
(2/591)
قوله ( الخوف ) المراد به المانع خوفا أو غيره
قوله ( وإلا ) بأن فاته الحج بفوت الوقوف ط
وهذا لو محصرا بالحج فلو بالعمرة زال إحصاره بقدرته عليها
قوله ( لأن التحلل ) علة لقوله جاز
قوله ( فيشق ) بالنصب في جواب النفي ط
وهو من باب نصر فالشين مضمومة
قوله ( وبذبحه يحل ) في ( اللباب ) ولا يخرج من الإحرام بمجرد الذبح حتى يتحلل بفعل اه أي من محظورات الإحرام ولو بغير حلق
قاري
قلت وهذا مخالف لكلام المصنف وغيره مع أنه لا تظهر له ثمرة
تأمل
وأفاد أنه لو سرق بعد ذبحه لا شيء عليه وإن لم يسرق تصدق به ويضمن الوكيل قيمة ما أكل منه لو غنيا ويتصدق بها على الفقراء لما في اللباب
قوله ( ولو بلا حلق وتقصير ) لكن لو فعله كان حسنا وهذا عندهما
وعن الثاني روايتان وفي رواية يجب أحدهما وإن لم يفعل فعليه دم
وفي رواية ينبغي أن يفعل وإلا فلا شيء عليه وهو ظاهر الرواية
كذا في الحقائق عن مبسوط خواهر زاده وجامع المحبوبي فلا خلاف على ظاهر الرواية
وفي السراج وهذا الخلاف إذا أحصر في الحل أما في الحرم فالحلق واجب اه
قال في الشرنبلانية كذا جزم به في الجوهرة والكافي وحكاه البرجندي عن المصفى بقيل فقال وقيل إنما لا يجب الحلق على قولهما إذا كان الإحصار في غير الحرم أما فيه فعليه الحلق
قوله ( هذا ) أي ما أفاده قوله وبذبحه يحل من أنه لا يحل قبل الذبح
قوله ( ففعل كالحلال ) أي كما يفعل الحلال من حلق وطيب ونحو ذلك
قوله ( أو ذبح في حل ) محترز قول المصنف في الحرم ط
قوله ( لزمه جزاء ما جنى ) ويتعدد بتعدد الجنايات ط
قلت ولم أر من صرح بذلك نعم هو ظاهر كلامهم ولينظر الفرق بينه وبين ما مر من أن المحرم لو نوى الرفض ففعل كالحلال على ظن خروجه من الإحرام بذلك لزمه دم واحد لجميع ما ارتكب لاستناد الكل إلى قصد واحد وعللوا ذلك بأن التأويل الفاسد معتبر في دفع الضمانات الدنيوية كالباغي إذا أتلف مال العادل أو قتله ولا يخفى استناد الكل هنا إلى قصد واحد أيضا ولذا قال بعض محشي الزيلعي ينبغي عدم التعدد هنا أيضا
قوله ( ويجب ) أي يلزم فيشمل الفرض القطعي كما لو أحصر عن حجة الفرض والواجب الاصطلاحي كما لو أحصر عن النفل
أفاده ط
قوله ( ولو نفلا ) أفاد شمول وجوب القضاء للفرض والنفل والمظنون والمفسد والحج عن الغير والحر والعبد إلا أن وجوب أداء القضاء على العبد يتأخر إلى ما بعد العتق
لباب والمظنون هو ما لو أحرم على ظن أن عليه الحج ثم ظهر عدمه فأحصر
وصرح البزدوي وصاحب الكشف أنه لا قضاء عليه لكن صرح السروجي في الغاية بأن الأصح وجوبه كما لو أفسده بلا إحصار
أفاده القاري
قوله ( بالشروع ) أي بسبب شروعه فيها
وفيه أن هذا إنما يظهر في النفل أما الفرض فهو واجب القضاء بالأمر لا بالشروع
تأمل
قوله ( للتحلل ) لأنه في معنى فائت الحج يتحلل بأفعال العمرة فإذا لم يأت بها قضاها
نهر
والحاصل أن المحرم بالحج يلزمه الحج ابتداء وعند العجز تلزمه العمرة فإذا لم يأت بهما يلزمه قضاؤهما كما لو أحرم بهما كما في جامع قاضيخان
قوله ( إن لم يحج من عامه ) أما لو حج منه لم يجب معها عمرة لأنه لا يكون
____________________
(2/592)
كفائت الحج
فتح
وأيضا إنما تجب عمرة مع الحج إذا حل بالذبح
أما إذا حل بأفعال العمرة فلا عمرة عليه في القضاء
شرح اللباب
تنبيه إذا قضى الحج والعمرة إن شاء قضاهما بقران أو إفراد
واعلم أن نية القضاء إنما تلزم إذا تحولت السنة اتفاقا لو إحصاره بحج نفل فلو بحجة الإسلام فلا لأنها قد بقيت عليه حين لم يؤدها فينويها من قابل
فتح
قوله ( وعلى المعتمر عمرة ) أي على المعتمر إذا أحصر قضاء عمرة وهذا فرع تحقيق الإحصار عنها
ومن فروع المسألة ما لو أهل بنسك مبهم فإن أحصر قبل التعيين كان عليه أن يبعث بهدي واحد ويقضي عمرة استحسانا وفي القياس حجة وعمرة وتمامه في النهر
قوله ( وعلى القارن حجة وعمرتان ) ويتخير في القضاء بين الإفراد والقران كما صرحوا به وحققه في ( البحر ) فيفرد كلا من الثلاثة أو يجمع بين حجة وعمرة ثم يأتي بعمرة كما في شرح اللباب
قوله ( إحداهما للتحلل ) يشير إلى أن لزوم العمرتين فيما إذا لم يحج من عام الإحصار إذ لو حج من عامه بأن زال الإحصار بعد الذبح وقدر على تجديد الإحرام والأداء ففعل كان عليه عمرة القران فقط كما في الفتح لأنه لا يكون كفائت الحج فلا تلزمه عمرة التحلل كما مر في المفرد
قلت ومثله لو حل بأفعال العمرة كما يفهم مما مر
قوله توجه وجوبا ) أي ليؤدي الحج لقدرته على الأصل قبل حصور المقصود بالبدل
نهر
ويفعل بهديه ما شاء أي من بيع أو هبة أو صدقة ونحو ذلك
شرح اللباب
قوله ( وإلا يقدر عليهما ) مجموعهما بأن لم يقدر على واحد منهما أو قدر على الهدي فقط أو الحج فقط
قوله ( لا يلزمه التوجه ) أما إذا لم يقدر عليهما أو قدر على الهدي فقط فظاهر لكنه لو توجه ليتحلل بأفعال العمرة جاز له لأنه هو الأصل في التحلل وفيه سقوط العمرة عنه وأما إذا قدر على الحج دون الهدي فجواز التحلل قول الإمام وهو الاستحسان لأنه لو لم لم يتحلل لضاع ماله مجانا وحرمة المال كحرمة النفس إلا أن الأفضل أن يتوجه وتمامه في النهر
تنبيه لا يتصور في حق المعتمر فقط عدم إدراك العمرة لأن وقتها جميع العمر فلها من الأربع صورتان فقط أن يدرك الهدي والعمرة أو يدرك العمرة فقط وقد علم حكمهما
أفاده الرحمتي ونحوه في اللباب
فرع لو بعث الهدي ثم زال إحصاره وحدث إحصار آخر فإن علم أنه يدرك الهدي ونوى به إحصاره الثاني جاز وحل به وإن لم ينو لم يجز ولو بعث هديا لجزاء صيد ثم أحصر ونوى أن يكون لإحصاره جاز وعليه إقامة غيره مقامه
لباب
قوله ( ولا إحصار بعد ما وقف بعرفة ) فلو وقف بعرفة ثم عرض له مانع لا يتحلل بالهدي بل يبقى محرما في حق كل شيء إن لم يحلق أي بعد دخول وقته وإن حلق فهو محرم في حق النساء لا غير إلى أن يطوف للزيارة فإن منع حتى مضت أيام النحر فعليه أربعة دماء لترك الوقوف بمزدلفة والرمي وتأخير الطواف وتأخير الحلق كما في اللباب والزيلعي وغيرهما
مطلب كافي الحاكم هو جمع كلام محمد في كتبه الستة كتب ظاهر الرواية ونقله في البحر عن كافي الحاكم الذي هو جمع كلام محمد في كتبه الستة التي هي ظاهر الرواية
ثم استشكله في البحر بأن واجب الحج إذا ترك لعذر لا شيء فيه حتى لو ترك الوقوف بمزدلفة خوف الزحام لا شيء عليه
____________________
(2/593)
كالحائض تترك طواف الصدر
ولا شك أن الإحصار عذر
ثم أجاب بحمل ما هنا على الإحصار بالعدو لا مطلقا فإنه إذا كان بالمرض فهو سماوي يكون عذرا في ترك الواجبات بخلاف ما كان من قبل العبد فإنه لا يسقط حق الله تعالى كما في التميمم اه
ونقله في النهر وبه جزم المقدسي في شرح نظم الكنز وذكر مثله في جنايات شرح اللباب
قلت ولا ترد مسألة ترك الوقوف لخوف الزحام لما مر في التيمم أن الخوف إن لم ينشأ بسبب وعيد العبد فهو سماوي
قوله ( للأمن من الفوات ) فيه أن المعتمر كذلك لأن العمرة لا تتوقف مع تحقق الأحصار فيها
وأجيب بأن المعتمر يلزمه ضرر بامتداد الإحرام فوق ما التزمه ولا يمكنه أن يتحلل بالحلق في يوم النحر فله الفسخ أما الحاج فيمكنه ذلك فلا حاجة إلى التحلل بالهدي من غير عذر
أفاده الزيلعي لكن قيل ليس له أن يحلق في مكانه في الحل بل يؤخره إلى ما بعد طواف الزيارة وقيل له ذلك
وفي غاية البيان عن العتابي أنه الأظهر
قوله ( على الأصح ) مقابله ما روي عن الإمام من أنه لا إحصار في مكة اليوم لأنها دار إسلام
قوله ( والقادر على أحدهما الخ ) تصريح بمفهوم قوله والممنوع بمكة عن الركنين محصر وذكره بعد قوله ولا إحصار بعد ما وقف بعرفة من قبيل ذكر الأعم بعد الأخص فليس بتكرار محض
قوله ( فلتمام حجه به ) قالوا المأمور بالحج إذا مات بعد الوقوف بعرفة قبل طواف الزيارة يكون مجزئا
بحر
وقدمنا الكلام فيه أول كتاب الحج
قوله ( وأما على الطواف ) سماه أحد ركني الحج باعتبار الصورة وإلا كالطواف الركن هو ما يقع بعد الوقوف ولا وقوف هنا
أفاده ط
قوله ( فلتحلله به ) لأن فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه في التحلل فلا حاجة إلى الهدي
زيلعي وفي شرح اللباب أنه يكون في معنى فائت الحج فيتحلل عن إحرامه بعد فوات الوقوف بأفعال العمرة ولا دم عليه ولا عمرة في القضاء اه
فالاقتصار على ذكر الطواف لأنه ركن العمرة وإلا فلا يحصل التحلل بمجرد الطواف بل لا بد من السعي والحلق وإليه أشار بقوله كما مر أي في قول المصنف وإلا تحلل بالعمرة وكذا مر قبل باب القران في قوله ومن لم يقف فيها فات حجه فطاف وسعى وتحلل وقضى من قابل وتقدم الكلام عليه هناك
تنبيه أسقط المصنف من هنا باب الفوات المذكور في الكنز وغيره اكتفاء بما ذكره قبل باب القران وقد علم أن الأسباب الموجبة لقضاء الحج أربعة الفوات والإحصار عن الوقوف والفرق بينهما في كيفية التحلل
والثالث الإفساد بالجماع وإن لزمه المضي في فاسده
والرابع الرفض وفروعه مذكورة في الباب السابق والله تعالى أعلم
باب الحج عن الغير اعترض في الفتح بأن إدخال أل على الغير واقع على وجه الصحة بل هو ملزوم الإضافة اه
لكن قال بعض أئمة النحاة منع قوم دخول الألف واللام على غير وكل وبعض وقالوا هذه كما لا تتعرف بالإضافة لا تتعرف بالألف واللام
____________________
(2/594)
مطلب في دخول أل على غير وعندي أنها تدخل عليها فيقال كذا والكل خير من البعض وهذا لأن الألف واللام هنا ليست للتعريف ولكنها المعاقبة للإضافة لأنه قد نص أن غير تتعرف بالإضافة في بعض الموضاع
ثم إن الغير قد يحمل على الضد والكل على الجملة والبعض على الجزء فيصلح دخول الألف واللام عليه أيضا من هذا الوجه يعني أنها تتعرف على طريقة حمل النظير على النظير فإن الغير نظير الضد والكل نظير الجملة والبعض نظير الجزء وحمل النظير على النظير سائغ شائع فيلسان العرب كحمل الضد على الضد كما لا يخفى على من تتبع كلامهم وقد نص العلامة الزمخشري على وقوع هذين الحملين وشيوعهما في لسانهم في الكشاف
أفاده ابن كمال
مطلب في إهداء ثواب الأعمال للغير قوله ( بعبادة ما ) أي سواء كانت صلاة أو صوما أو صدقة أو قراءة أو ذكرا أو طوافا أو حجا أو عمرة أو غير ذلك من زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والشهداء والأولياء والصالحين وتكفين الموتى وجميع أنواع البر كما في الهندية ط
وقدمنا في الزكاة عن التاترخانية عن المحيط الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء اه
وفي البحر بحثا أن إطلاقهم شامل للفريضة لكن لا يعود الفرض في ذمته لأن عدم الثواب لا يستلزم عدم السقوط عن ذمته اه
على أن الثواب لا ينعدم كما علمت وسنذكر فيما لو أهل بحج عن أبويه أنه قيل إنه يجزيه عن حج الفرض وهذا يؤيد ما بحثه في البحر ويؤيده أيضا قوله في جامع الفتاوى وقيل لا يجوز في الفرائض
وبحث أيضا أن الظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامهم اه
قلت وإذا قلنا بشموله للفريضة أفاد ذلك لأن الفرض ينويه عن نفسه فإذا صح جعل ثوابه لغيره دل على أنه لا يلزم في وصول الثواب أن ينوي الغير عند الفعل وقدمنا في آخر الجنائز قبيل باب الشهيد عن ابن القيم الحنبلي أنه اختلف عندهم في أنه هل يشترط نية الغير عند الفعل فقيل لا لكن الثواب له فله التبرع به لمن أراد وقيل نعم وهو الأولى لأنه إذا وقع له لم يقبل انتقاله عنه وقدمنا عنه أيضا أنه لا يتشرط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيرا بنية الزكاة لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه نعم لو فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كمالو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق وأنه يصح إهداء نصف الثواب أو ربعه
ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل ربعه وتمامه هناك
مطلب فيمن أخذ في عبادته شيئا من الدنيا تنبيه قال في البحر ولم أر حكم من أخذ شيئا من الدنيا ليجعل شيئا من عبادته للمعطي وينبغي أن لا يصح ذلك اه
أي لأنه إن كان أخذه على عبادة سابقة يكون ذلك بيعا لها وذلك باطل قطعا وإن كان أخذه ليعمل يكون إجارة على الطاعة وهي باطلة أيضا كما نص عليه في المتون والشروح والفتاوى إلا فيما استثناه المتأخرون من جواز
____________________
(2/595)
الاستئجار على التعليم والأذان والأمامة وعللوه بالضرورة وخوف ضياع الدين في زماننا لانقطاع ما كان يعطى من بيت المال
وبه علم أنه لا يجوز الاستئجار على الحج عن الميت لعدم الضرورة كما يأتي بيانه في هذا الباب ولا على التلاوة والذكر لعدم الضرورة أيضا وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا شفاء العليل وبل الغليل في بطلان الوصية بالختمات والتهاليل فافهم
قوله ( له جعل ثوابها لغيره ) أي خلافا للمعتزلة في كل العبادات ولمالك والشافعي في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يقولان بوصولها بخلاف غيرها كالصدقة والحج وليس الخلاف في أن له ذلك أو لا كما هو ظاهر اللفظ بل في أنه ينجعل بالجعل أو لا بل يلغو جعله
أفاده في الفتح أي الخلاف وفي وصول الثواب وعدمه
قوله ( لغيره ) أي من الأحياء والأموات
بحر عن البدائع
قلت وشمل إطلاق الغير النبي ولم أر من صرح بذلك من أئمتنا وفيه نزاع طويل لغيرهم
والذي رجحه الإمام السبكي وعامة المتأخرين منهم الجواز كما بسطناه آخر الجنائز فراجعه
قوله ( وإن نواها الخ ) قدمنا الكلام عليه قريبا
قوله ( لظاهر الأدلة ) علة لقوله له جعل ثوابها لغيره وهو من إضافة الصفة للموصوف أي للأدلة الظاهرة أي الواضحة الجلية فالظهور بالمعنى اللغوي لا الأصولي لأن الأدلة فيه متواترة قطعية الدلالة على المراد لا تحتمل التأويل كما تعرفه
قوله ( أي إلا إذا وهبه ) جواب قوله وأما وأسقط الفاء من جوابها وهو لا يسقط إلا في ضرورة الشعر كقوله فأما القتال لا قتال لديكم كما في المغني وأجاب عن قوله تعالى { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم } سورة آل عمران الآية 106 بأن الأصل فيقال لهم أكفرتم فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته الفاء في الحذف
قال ورب شيء يصح تبعا ولا يصح استقلالا كالحاج عن غيره يصلي عنه ركعتي الطواف ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لا يصح على الصحيح اه
وكذلك الجواب هنا محذوف مع الفاء استغناء عنه بأي المفسرة له
والتقدير وأما قوله تعالى فمؤول أي إلا إذا وهبه على أن الدماميني اختار جواز حذف الفاء في سعة الكلام واستشهد له بالأحاديث والآثار
قوله ( كما حققه الكمال ) حيث قال ما حاصله إن الآية وإن كانت ظاهرة فيما قاله المعتزلة لكن يحتمل أنها منسوخة أو مقيدة وقد ثبت ما يوجب المصير إلى ذلك وهو ما صح عنه أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عنه والآخر عن أمته فقد روي هذا عن عدة من الصحابة وانتشر مخرجوه فلا يبعد أن يكون مشهورا يجوز تقييد الكتاب به بما لم يجعله صاحبه لغيره
وروى الدارقطني أن رجلا سأله عليه الصلاة والسلام فقال كان لي أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف لي ببرهما بعد موتهما فقال إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك وروى أيضا عن علي عنه صلى الله عليه وسلم قال من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات وعن أنس قال يا رسول الله إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك لهم قال نعم إنه ليصل إليهم وإنهم ليفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي له رواه أبو حفص العكبري
وعنه أنه قال اقرؤوا على موتاكم يس رواه أبو داود فهذا كله ونحوه مما تركناه خوف الإطالة يبلغ القدر المشترك بينه وهو النفع بعمل الغير مبلغ التواتر وكذا ما في الكتاب العزيز من الأمر بالدعاء للوالدين ومن الأخبار باستغفار الملائكة للمؤمنين
____________________
(2/596)
قطعي في حصول النفع فيخالف ظاهر الآية التي استدلوا بها إذ ظاهرها أن لا ينفع استغفار أحد لأحد بوجه من الوجوه لأنه ليس من سعيه فقطعنا بانتفاء إرادة ظاهرها فقيدناها بما لا يهبه العامل وهذا أولى من النسخ لأنه أسهل إذا لم يبطل بعد الإرادة ولأنها من قبيل الإخبار ولا نسخ في الخبر اه
قوله ( أو اللام بمعنى على ) جواب آخر ورده الكمال بأنه يعيد من ظاهر الآية من سياقها فإنها وعظ للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى اه
وأيضا فإنها تتكرر مع قوله تعالى { ألا تزر وازرة وزر أخرى } سورة النجم الآية 38 وأجيب بأجوبة أخرى ذكرها الزيلعي وغيره
منها النسخ بآية { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان } سورة الطور الآية 21
وعلمت ما فيه
ومنها أنها خاصة بقوم موسى وإبراهيم عليهما السلام لأنها حكاية عما في صحفهما
ومنها أن المراد بالإنسان الكافر
ومنها أنه ليس من طريق العدل وله من طريق الفضل
ومنها أنه ليس له إلا سعيه لكن قد يكون سعيه بمباشرة أسبابه بتكثير الإخوان وتحصيل الإيمان
وأما قوله عليه الصلاة والسلام إذا مات بن آدم نقطع عمله إلا من ثلاث فلا يدل على انقطاع عمل غيره والكلام فيه
زيلعي
وأما قوله عليه الصلاة والسلام لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد فهو في حق الخروج عن العهدة لا في حق الثواب كما في البحر
قوله ( ولقد أفصح الزاهدي الخ ) حيث قال في المجتبى بعد ذكره عبارة الهداية
قلت ومذهب أهل العدل والتوحيد أنه ليس له ذلك الخ فعدل عن الهداية وسمى أهل عقيدته بأهل العدل والتوحيد لقولهم بوجوب الأصلح على الله تعالى وأنه لو لم يفعل ذلك لكان جورا منه تعالى ولقولهم بنفي الصفات وأنه لو كان له صفات قديمة لتعدد القدماء والقديم واحد وبيان إبطال عقيدتهم الزائغة في كتاب الكلام وقد نقل كلامه في معراج الدراية وتكفل برده وكذلك الشيخ مصطفى الرحمتي في حاشيته فقد أطال وأطاب وأوضح الخطأ من الصواب
قوله ( والله الموفق ) لا يخفى على ذوي الأفهام ما فيه من حسن الإيهام
مطلب في الفرق بين العبادة والقربة والطاعة قوله ( العبادة ) قال الإمام اللامشي العبادة عبارة عن الخضوع والتذلل
وحدها فعل لا يراد به إلا تعظيم الله تعالى بأمره
والقربة ما يتقرب به إلى الله تعالى فقط أو مع الإحسان للناس كبناء الرباط والمسجد
والطاعة ما يجوز لغير الله تعالى وهي
موافقة الأمر
قال تعالى { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } سورة النساء الآية 59
اه
ملخصا من ط عن أبي السعود
قوله ( كزكاة ) أي زكاة مال أو نفس كصدقة الفطر أو أرض كالعشر ودخل في الكاف النفقات وأشار إلى أن المراد بالمالية ما كان عبادة محضة أو عبادة فيها معنى المؤنة أو مؤنة فيها معنى العبادة كما عرف في الأصول
قوله ( وكفارة ) أي بأنواعها من إعتاق وإطعام وكسوة
بحر
قوله ( تقبل النيابة ) الأصل فيه أن المقصود من التكاليف الابتلاء والمشقة وهي في البدنية بإتعاب النفس والجوارح بالأفعال المخصوصة وبفعل نائبه لا تتحقق المشقة على نفسه فلم تجز النيابة مطلقا إلا عند العجز ولا القدرة وفي المالية بتنقيص المال المحبوب للنفس
____________________
(2/597)
بإيصاله إلى الفقير وهو موجود بفعل النائب
والقياس أن لا تجزىء النيابة في الحج لتضمنه المشقتين البدنية والمالية والأولى لا يكتفى فيها بالنائب لكنه تعالى رخص في إسقاطه بتحمل المشقة المالية عند العجز المستمر إلى الموت رحمة وفضلا بأن تدفع نفقة الحج إلى من يحج عنه
بحر
قوله ( لأن العبرة الخ ) علة للتعميم وبيان لوجه إنابة الذمي في العبادة المالية المشروط لها النية بأن الشرط نية الأصل دون النائب
قوله ( ولو عند دفع الوكيل ) دخل في التعميم ما لو نوى الموكل وقت الدفع إلى الوكيل أو وقت دفع الوكيل إلى الفقراء أو فيما بينهما كما في البحر
وبقي ما لو عزلها ونوى بها الزكاة قبل الدفع إلى الوكيل
وعبارة الشارح تشملها والظاهر الجواز كما قالوا فيما دفعها في هذه الحالة إلى الفقير بنفسه لوجود النية وقت الدفع حكما
وعليه يمكن دخولها أيضا في البحر وقت الدفع إلى الوكيل
وبقي أيضا ما لو نوى بعد دفع الوكيل إلى الفقير وهي في يد الفقير والظاهر الجواز كما قالوا فيما لو دفعها إلى الفقير بنفسه فافهم
قوله ( وصوم ) معنى كونه بدنيا أن فيه ترك أعمال البدن
نهر عن الحواشي السعدية والأولى أن يقال إن الصوم إمساك عن المفطرات أي منع النفس عن تناولها والمنع من أعمال البدن
قوله ( والمركبة منهما ) قال في غاية السروجي وفي المبسوط جعل المال في الحج شرط الوجوب فلم يكن الحج مركبا من البدن والمال
قلت وهو أقرب إلى الصواب ولهذا لا يشترط المال في حق المكي إذا قدر على المشي إلى عرفات وفي قاضيخان الحج عبادة بدنية كالصوم والصلاة اه
وكون الحج يشترط له الاستطاعة وهي ملك الزاد والراحلة لا يستلزم أن الحج مركب من المال لأن الشرط غير المشروط والشيء لا يتركب من شرطه كما أن صحة الصلاة يشترط لها ستر العورة والمال للطهارة وهما بالمال ولم يقلب أحد بأنها مركبة من المال اه
كذا ذكره بعض المحشين وقدمنا جوابه في أول الحج
قوله ( كحج الفرض ) أطلقه فشمل الحجة المنذورة كما في البحر وقيد به نظر الشرط دوام العجزإلى الموت لأن الحج النفل يقبل النيابة من غير اشتراط عجز فضلا عن دوامه كما ستأتي ح
ومن هذا القسم الجهاد لا من قسم البدنية فقط كما توهم بل هو أولى من الحج إذ لا بد له من آلة الحرب أما الحج فقد يكون بلا مال كحج المكي وتمام تحقيقه في شرح ابن كمال
قوله ( لأنه فرض العمر ) تعليل لاشتراط دوام العجز إلى الموت أي فيعتبر فيه عجز مستوعب لبقية العمر ليقع به اليأس عن الأداء بالبدن ابن كمال عن الكافي
فافهم
تنبيه محل وجوب الإحجاج على العاجز إذا قدر عليه ثم عجز بعد ذلك عند الإمام
وعندهما يجب الإحجاج عليه إن كان له مال ولا يشترط أن يجب عليه وهو صحيح
زيلعي
والحاصل أن من قدر على الحج وهو صحيح ثم عجز لزمه الإحجاج اتفاقا أما من لم يملك مالا حتى عجز عن الأداء بنفسه فهو على الخلاف
وأصله أن صحة البدن شرط للوجوب عنده ولوجوب الأداء عندهما وقدمنا أول الحج اختلاف التصحيح وأن قول الإمام هو المذهب
قوله ( حتى تلزم الإعادة بزوال العذر ) أي العذر الذي يرجى زواله كالحبس والمرض بخلاف نحو العمى لاف إعادة لو زال على ما يأتي
قوله ( وبشرط نية الحج عنه )
____________________
(2/598)
كان ينبغي للمصنف ذكر هذا عند قوله بعده وبشرط الأمر لأن ما بينهما من تمام الشرط الأول
قوله ( ولو نسي اسمه الخ ) ولو أحرم مبهما أي بأن أحرم بحجة وأطلق النية عن ذكر المحجوج عنه فله أن يعينه من نفسه أو غيره قبل الشروع في الأفعال كما في اللباب وشرحه
وقال في الشرح بعد أن نقل عن الكافي إنه لا نص فيه وينبغي أن يصح التعيين إجماعا لا يخفى أن محل الإجماع إذا لم يكن عليه حجة الإسلام وإلا فلا يجوز له أن يعين غيره بل ولو عين غيره لوقع عنه عند الشافعي
قوله ( كالحبس والمرض ) أشار إلى أنه لا فرق بين كون العذر سماويا أو بصنع العباد
وفي البحر عن التجنيس وإن أحج لعدو بينه وبين مكة إن أقام العدو على الطريق حتى مات أجزأه وإلا فلا اه
ومن العجز الذي يرجى زواله عدم وجود المرأة محرما فتقعد إلى أن تبلغ وقتا تعجز عن الحج فيه أي لكبر أو عمى أو زمانة فحينئذ تبعث من يحج عنها أما لو بعثت قبل ذلك لا يجوز لتوهم وجود المحرم إلا إن دام عدم المحرم إلى أن ماتت فيجوز كالمريض إذا أحج رجلا ودام المرض إلى أن مات كما في البحر وغيره
قوله ( فلا إعادة مطلقا الخ ) ظاهر إطلاق المتون اشتراط العجز الدائم أنه لا فرق بين ما يرجى زواله وغيره في لزوم الإعادة بعد زواله وعليه مشي في الفتح
قال في البحر وليس بصحيح بل الحق التفصيل كما صرح به في المحيط والخانية والمعراج اه
وأقره في النهر وتبعه المصنف وحققه في الشرنبلالية ونقل التصريح به عن كافي النسفي
قوله ( ثم عجز ) أي بعد فراغ النائب عن الحج بأن كان وقت الوقوف صحيحا أما لو عجز قبل فراغ النائب واستمر أجزأه وقوله لم يجزه أي عن الفرض وإن وقع نفلا للآمر أفادة في البحر
قال الحموي ومن هنا يؤخذ عدم صحة ما يفعله السلاطين والوزراء من الإحجاج عنهم لأن عجزهم لم يكن مستمرا إلى الموت اه
أو لعدم عجزهم أصلا والمراد عدم صحته عن الفرض بل يقع نفلا
اه
قلت لكن قدمنا عن شرح اللباب عن شمس الإسلام أن السلطان ومن بمعناه من الأمراء ملحق بالمحبوس فيجب الإحجاج في ماله الخالي عن حقوق العباد اه
أي إذا تحقق عجزه بما ذكر ودام إلى الموت
قوله ( وبشرط الأمر به ) صرح بهذا الشرط في البحر عن البدائع وفي اللباب
قوله ( فلا يجوز ) أي لا يقع مجزئا عن حجة الأصل بل يقع عن النائب فله جعل ثوابه للأصل وسيأتي توضيح ذلك
قوله ( إلا إذا حج أو أحج الوارث ) أي فيجزئه إن شاء الله تعالى كما في البدائع واللباب وهذا إذا لم يوص المورث أما لو أوصى بالإحجاج عنه فلا يجزئه تبرع غيره عنه كما يأتي في المتن
ثم اعلم أن التقييد بالوارث يفهم منه أن الأجنبي يخالفه وإلا لزم إلغاء هذا الشرط من أصله والعجب أنه في اللباب ذكر هذا الشرط وعمم شارحه الوارث وغيره من أهل التبرع
وعبارة اللباب وشرحه هكذا الرابع الأمر أي بالحج فلا يجوز حج غيره بغير أمره إن أوصى به أي بالحج عنه فإنه إن أوصى بأن يحج عنه فتطوع عنه أجنبي أو وارث لم يجز وإن لم يوص به أي بالإحجاج فتبرع عنه الوارث وكذا من هم أهل التبرع فحج أي الوارث ونحوه بنفسه أي عنه أو أحج عنه غيره جاز
____________________
(2/599)
والمعنى جاز عن حجة الإسلام إن شاء الله تعالى كما قاله في الكبير
وحاصله أن ما سبق يحكم بجوازه البتة وهذا مقيد بالمشيئة
ففي مناسك السروجي لو مات رجل بعد وجوب الحج ولم يوص به فحج رجل عنه أو حج عن أبيه أو أمه عن حجة الإسلام من غير وصية قال أبو حنيفة يجزيه إن شاء الله وبعد الوصية يجزيه من غير المشيئة اه
ثم أعاد في شرح اللباب المسألة في محل آخر وقال فلو حج عنه الوارث أو أجنبي يجزيه وتسقط عنه حجة الإسلام إن شاء الله تعالى لأنه إيصال للثواب وهو لا يخاتص بأحد من قريب أو بعيد على ما صرح به الكرماني والسروجي اه
وسيأتي تمامه
فالظاهر أن في هذا الشرط اختلاف الرواية وذكر الوارث غير قيد على الرواية الأخرى
( لوجود الأمر دلالة ) لأن الوارث خليفة المورث في ماله فكأنه صار مأمورا بأداء ما عليه أو لأن الميت يأذن بذلك لكل أحد بناء على ما قلنا من أن الوارث غير قيد
وعلل في البدائع بالنص أيضا
والظاهر أنه أراد به حديث الخثعمية
قوله ( النفقة من مال الآمر الخ ) أي المحجوج عنه ومحترزه قوله الآتي ولو أنفق من مال نفسه الخ ويأتي بيانه
قوله ( وحج المأمور بنفسه ) فليس له إحجاج غيره عن الميت وإن مرض ما لم يأذن له بذلك كما يأتي متنا
قوله ( وتعينه إن عينه ) هذا يغني عن الشرط الذي قبله
تأمل
والمراد بتعيينه منع حج غيره عنه
قوله ( لم يجز حج غيره ) أي وإن مات فلان المذكور لأن الموصي صرح بمنع حج غيره عنه كما أفاده في اللباب وشرحه
قوله ( ولو لم يقل لا غيره ) جاز قال في اللباب وإن لم يصرح بالمنع بأن قال يحج عني فلان فمات فلان وأحجوا عنه غيره جاز
مطلب شروط الحج عن الغير عشرون قوله ( وأوصلها في اللباب إلى عشرين شرطا ) تقدم منها ستة وذكر الشارح السابع بعد ذلك
والثامن وجوب الحج فلو أحج الفقير أو غيره ممن لم يجب عليه الحج عن الفرض لم يجز حج غيره عنه وإن وجب بعد ذلك
التاسع وجود العذر قبل الإحجاج فلو أحج صحيح ثم عجز لا يجزيه
العاشر أن يحج راكبا فلو حج ماشيا ولو بأمره ضمن النفقة والمعتبر ركوب أكثر الطريق إلا إن ضاقت النفقة فحج ماشيا جاز
الحادي عشر أن يحج عنه من وطنه إن اتسع الثلث وإلا فمن حيث يبلغ كما سيأتي بيانه
الثاني عشر أن يحرم من الميقات فلو اعتمر وقد أمره بالحج ثم من مكة لا يجوز ويضمن
وبحث فيه شارحه بما حاصله أنه غير ظاهر ويتوقف على نقل صريح
قلت قدمنا الكلام عليه مستوفى قبيل باب الإحرام فراجعه
الثالث عشر أن لا يفسد حجه
فلو أفسده لم يقع عن الآمر وإن قضاه وسيأتي بيانه
الرابع عشر عدم المخالفة فلو أمره بالإفراد فقرن أو تمتع ولو للميت لم يقع عنه ويضمن النفقة كما سيأتي ولو أمره بالعمرة فاعتمر ثم حج عن نفسه أو بالحج فحج ثم اعتمر عن نفسه جاز إلا أن نفقة إقامته للحج أو العمرة عن نفسه في ماله وإذا فرغ عادت في مال الميت وإن عكس لم يجز
____________________
(2/600)
الخامس عشر أن يحرم بحجة واحدة فلو أهل بحجة عن الآمر ثم بأخرى عن نفسه لم يجز إلا إن رفض الثانية
السادس عشر أن يفرد الإهلال لواحد لو أمره رجلان بالحج فلو أهل عنهما ضمن وسيأتي تمام الكلام عليه
السابع عشر والثامن عشر إسلام الآمر والمأمور وعقلهما كما سيأتي فلا يصح من المسلم للكافر ولا من المجنون لغيره ولا عكسه لكن لو وجب الحج على المجنون قبل طرو جنونه صح الإحجاج عنه
التاسع عشر تمييز المأمور فلا يصح إحجاج صبي غير مميز ويصح إحجاج المراهق كما سيأتي
العشرون عدم الفوات وسيأتي الكلام عليه
قال في اللباب وهذه الشرائط كلها في الحج الفرض وأما النفل فلا يشترط فيه شيء منها إلا الإسلام والعقل والتمييز وكذا الاستئجار ولم نجده صريحا في النفل وجزم به شارحه لكن هذا مبني على أن الحج لا يقع عن الميت وفيه ما نذكره بعيده
مطلب في الاستئجار على الحج قوله ( لم يجز حجه عنه ) كذا في اللباب لكن قال شارحه وفي الكفاية يقع الحج عن المحجوج عنه في رواية الأصل عن أبي حنيفة اه
وبه كان يقول شمس الأئمة السرخسي وهو المذهب اه
وصرح في الخانية بأن ظاهر الرواية الجواز لكنه قال أيضا وللأجير أجر مثله
واستشكله في فتح القدير بما قالوا من أن ما ينفقه المأمور إنما هو على حكم ملك الميت لأنه لو كان ملكه لكان بالاستئجار ولا يجوز الاستئجار على الطاعات فالعبارة المحررة ما في كافي الحاكم وله نفقة مثله
وزاد إيضاحها في المبسوط فقال وهذه النفقة ليس يستحقها بطريق العوض بل بطريق الكفاية لأنه فرغ نفسه لعمل ينتفع به المستأجر
هذا وإنما جاز الحج عنه لأنه لما بطلت الإجارة بقي الأمر بالحج فتكون له نفقة مثله اه
قلت وعبارة كافي الحاكم على ما نقله الرحمتي رجل استأجر رجلا ليحج عنه قال لا تجوز الإجارة وله نفقة مثله
وتجوز حجة الإسلام عن المسجود إذا مات فيه قبل أن يخرج اه
ومثله ما في البحرعن الإسبيجابي لا يجوز الاستئجار على الحج فلو دفع إليه الأجر فحج يجوز عن الميت وله من الأجر مقدار نفقة الطريق ويرد الفضل على الورثة إلا إذا تبرع به الورثة أو أوصى الميت بأن الفضل للحاج اه ملخصا
والحاصل أن قول الشارح لم يجز حجه عنه خلاف ظاهر الرواية وأن قول الخانية له أجر مثله يشعر بأن الإجارة فاسدة مع أنها باطلة كالاستئجار على بقية الطاعات
وأجاب بعضهم بأن المراد من أجر المثل نفقة المثل كما عبر في الكافي وإنما سماها أجرا مجازا وهذا أحسن مما قيل إنه مبني على مذهب المتأخرين القائلين بجواز الاستئجار على الطاعات لما علمته مما قدمناه أول الباب من أن المتأخرين لم يطلقوا ذلك بل أفتوا بجواز الاستئجار على التعليم والأذان والإمام للضرروة لا على جميع الطاعات كما أوضحه المصنف في منحه في كتاب الإجارات وإلا لزم الجواز على الصوم والصلاة ولا يقول به أحد ولا ضرورة للاستئجار على الحج لإمكان دفع المال إليه لينفق على نفسه على حكم ملك الميت بطريق النيابة كما علمت التصريح به عن المبسوط والمتون المصرح فيها
____________________
(2/601)
بجواز الاستئجار على التعليم ونحوه لم يذكر فيها جوازه على الحج بل المصرح به في عامة متون المذهب أنه لا يجوز الاستئجار على الحج كالكنز والوقاية والمجمع والمختار ومواهب الرحمن وغيرها بل قال العلامة الشرنبلالي في رسالته بلوغ الأرب إنه لم يذكر أحد من مشايخنا جواز الاستئجار على الحج اه
قلت ولو قيل بجوازه لزم عليه هدم فروع كثيرة منها ما مر من أن المأمور ينفق على حكم ملك الميت وأنه يجب عليه رد الفضل واشتراط الأنفاق بقدر مال الآمر أو أكثره وأن الوصي لو دفع المال لوارث ليحج به لا يجوز إلا بإجازة الورثة وهم كبار لأنه كالتبرع بالمال فلا يجوز للوارث بلا إجازة الباقين كما في الفتح ولو كان بطريق الاستئجار لم يصح بشيء من هذه الفروع كما أوضحناه في رسالتنا شفاء العليل فافهم
قوله ( ولو أنفق من مال نفسه الخ ) قال في الفتح فإن أنفق الأكثر أو الكل من مال نفسه وفي المال المدفوع إليه وفاء بحجه رجع به فيه إذ قد يبتلي بالإنفاق من مال نفسه لبغتة الحاجة ولا يكون المال حاضرا فجوز ذلك كالوصي والوكيل يشتري لليتيم والموكل ويعطي الثمن من مال نفسه ويرجع به في مال اليتيم والموكل اه
قال في البحر وبهذا علم أن اشتراطهم أن تكون النفقة من مال الآمر للاحتراز عن التبرع لا مطلقا اه
وقال في الخانية إذا خلط المؤمور بالحج النفقة بمال نفسه قال في الكتاب يضمن فإن حج وأنفق جاز وبرىء عن الضمان اه
إذا عرفت هذا فقوله وأنفق كله أو أكثره الضميران لمال الآمر وفيه مضاف مقدر أي مقدار كله أو مقدار أكثره وهذا يرجع إلى المسألتين
والمعنى ولو أنفق المأمور بالحج من مال نفسه وحج وأنفق مقدار كل مال الآمر المدفوع إليه أو مقدار أكثره جاز وكذا إذا خلط النفقة بماله وحج وأنفق الخ
أفاده ح
وقوله وبرىء من الضمان أي الحاصل بسبب الخلط على ما علمته وهذا لو بلا إذن الآمر بل نقل السائحاني عن الذخيرة له الخلط بدراهم الرفقة أمر به أو لا للعرف
تنبيه سنذكر أنه لو أوصى أن يحج عنه بألف من ماله فأحج الوصي من مال نفسه ليرجع ليس له ذلك لأن الوصية باللفظ فيعتبر لفظ الموصي وهو أضاف المال إلى نفسه فلا يبدل اه
بحر
قلت وعلى هذا إذا أضاف المال إلى نفسه فليس للمأمور أن يبدله بماله كالوصي إلا أن يفرق بينهما بأن المأمور قد يضطر إلى ذلك على ما مر فليتأمل
قوله ( وشرط العجز الخ ) قد علمت مما قدمنها عن اللباب أن الشروط كلها شروط للحج الفرض دون النفل فلا يشترط في النفل شيء منها إلا الإسلام والعقل والتمييز وكذا عدم الاستئجار على ما مر بيانه
قوله ( لاتساع بابه ) أي إنه يتسامح في النفل ما لا يتسامح في الفرض
قال في الفتح أما الحج النفل فلا يشترط فيه العجز لأنه لم يجب عليه واحدة من المشقتين أي مشقة البدن ومشقة المال فإذا كان له تركهما كان له أن يتحمل إحداهما تقربا إلى ربه عز وجل فله الاستنابة فيه صحيحا اه
قوله ( على الظاهر من المذهب ) كذا في المبسوط وهو الصحيح كما في كثير من الكتب
بحر
ويشهد بذلك الآثار من السنة وبعض الفروع من المذهب
فتح
قوله ( وقيل عن المأمور نفلا الخ ) ذهب إليه عامة المتأخرين كما في الكشف قالوا وهو رواية عن محمد وهو اختلاف لا ثمرة له لأنهم اتفقوا أن الفرض يسقط عن الآمر لا عن المأمور وأنه لا بد أن ينويه عن الآمر وتمامه في ( البحر )
____________________
(2/602)
قلت وعلى القول بوقوعه عن الآمر لا يخلو المأمور من الثواب بل ذكر العلامة نوح عن مناسك القاضي حج الإنسان عن غيره أفضل من حجه عن نفسه بعد أن أدى فرض الحج لأن نفعه متعد وهو أفضل من القاصر اه
تأمل
قوله ( كالنفل ) مقتضاه أن النفل يقع عن المأمور اتفاقا وللآمر ثواب النفقة وبه صرح بعض الشراح ومشى عليه في اللباب
ورده الإتقاني في غاية البيان بأنه خلاف الرواية لما قاله الحاكم الشهيد في الكافي الحج التطوع عن الصحيح جائز ثم قال وفي الأصل يكون الحج عن المحج اه
قوله ( لكنه يشترط الخ ) استدراك على قوله يقع عن الآمر فإن مقتضاه صحته ولو من غير الأهل ط أي كما تصح إنابة ذمي في دفع الزكاة قوله ( لصحة الأفعال ) عبر بالصحة دون الوجوب ليعم المراهق فإنه أهل للصحة دون الوجوب ط
قوله ( ثم فرع عليه ) أي على أن الشرط هو الأهلية دون اشتراط أن يكون المأمور قد حج عن نفسه ودون اشتراط الذكورة والحرية والبلوغ
قوله ( بمهملة ) أي بصاد مهملة وبتخفيف الراء
مطلب في حج الصرورة قوله ( من لم يحج ) كذا في القاموس
وفي الفتح والصرورة يراد به الذي لم يحج عن نفسه اه
أي حجة الإسلام لأن هذا الذي فيه خلاف الشافعي فهو أعم من المعنى اللغوي فكان ينبغي للشارح ذكره لأنه يشمل من لم يحج أصلا ومن حج عن غيره أو عن نفسه نفلا أو نذرا أو فرضا فاسدا أو صحيحا ثم ارتد ثم أسلم بعده كما أفاده ح
قوله ( وغيرهم أولى لعدم الخلاف ) أي خلاف الشافعي فإنه لا يجوز حجهم كما في الزيلعي ح
ولا يخفى أن التعليل يفيد أن الكراهة تنزيهية لأن مراعاة الخلاف مستحبة فافهم
وعلل في الفتح الكراهة في المرأة بما في المبسوط من أن حجها أنقص إذ لا رمل عليها ولا سعي في بطن الوادي ولا رفع صوت بالتلبية ولا حلق وفي العبد بما في البدائع من أنه ليس أهلا لأداء الفرض عن نفسه وأطلق في صحة إحجاج العبد فشمل ما إذا كان بإذن مولاه أو بغير إذنه كما صرح به في المعراج فافهم
وقال في الفتح أيضا والأفضل أن يكون قد حج عن نفسه حجة الإسلام خروجا عن الخلاف ثم قال والأفضل إحجاج الحر العالم بالمناسك الذي حج عن نفسه
وذكر في البدائع كراهة إحجاج الصرورة لأنه تارك فرض الحج
ثم قال في الفتح بعد ما أطال الاستدلال والذي يقتضيه النظر أن حج الصرورة عن غيره إن كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم لأنه تضيق عليه في أول سني الإمكان فيأثم بتركه وكذا لو تنفل لنفسه ومع ذلك يصح لأن النهي ليس لعين الحج المفعول بل لغيره وهو الفوات إذ الموت في سنة غير نادر اه
قال في البحر والحق أنها تنزيهية على الآمر لقولهم والأفضل الخ تحريمية على الصرورة المأمور الذي اجتمعت فيه شروط الحج ولم يحج عن نفسه لأنه أثم بالتأخير اه
قلت وهذا لا ينافي كلام الفتح لأنه في المأمور ويحمل كلام الشارح على الآمر فيوافق ما في البحر ) من أن الكراهة في حقه تنزيهية وإن كانت في حق المأمور تحريمية
تنبيه قال في نهج النجاة لابن حمزة النقيب بعد ما ذكر كلام البحر المار أقول وظاهره يفيد أن الصرورة
____________________
(2/603)
الفقير لا يجب عليه الحج بدخول مكة وظاهر كلام البدائع بإطلاقه الكراهة أي في قوله يكره إحجاج الصرورة لأنه تارك فرض الحج يفيد أنه يصير بدخول مكة قادرا على الحج عن نفسه وإن كان وقته مشغولا بالحج عن الآمر وهي واقعة الفتوى فليتأمل اه
قلت وقد أفتى بالوجوب مفتي دار السلطنة العلامة أبو السعود وتبعه في سكب الأنهر وكذا أفتى به السيد أحمد بادشاه وألف فيه رسالة
وأفتى سيدي عبد الغني النابلسي بخلافه وألف فيه رسالة لأنه في هذا العام لا يمكنه الحج عن نفسه لأن سفره بمال الآمر فيحرم عن الآمر ويحج عنه وفي تكليفه بالإقامة بمكة إلى قابل ليحج عن نفسه ويترك عياله ببلده حرج عظيم وكذا في تكليفه بالعود وهو فقير حرج عظيم أيضا
وأما ما في البدائع فإطلاقه الكراهة المنصرفة إلى التحريم يقتضي أن كلامه في الصرورة الذي تحقق الوجوب عليه من قبل كما يفيده ما مر عن الفتح نعم قدمنا أول الحج عن اللباب وشرحه أن الفقير الآفاقي إذا وصل إلى ميقات فهو كالمكي في أنه إن قدر على المشي لزمه الحج ولا ينوي النفل على زعم أنه فقير لأنه ما كان واجبا عليه وهو آفاقي فلما صار كالمكي وجب عليه حتى لو نواه نفلا لزمه الحج ثانيا اه
لكن هذا لا يدل على أن الصرورة الفقير كذلك لأن قدرته بقدرة غيره كما قلنا وهي غير معتبرة بخلاف ما لو خرج ليحج عن نفسه وهو فقير فإنه عند وصوله إلى الميقات صار قادرا بقدرة نفسه فيجب عليه وإن كان سفره تطوعا ابتداء ولو كان الصرورة الفقير مثله لما صح تقييد ابن الهمام كراهة التحريم بما إذا كان حجه عن الغير بعد تحقق الوجوب عليه وتعليله للكراهة بأنه تضيق الوجوب عليه فليتأمل
قوله ( لا يصح ) أي لعدم الأهلية المذكورة
قوله ( وإذا مرض ) أي عرض له مانع من ذهابه كمرض وحبس وشمل ما لو عليه الآمر أو لا
قوله ( عن الميت ) أي عن المحجوج عنه حيا أو ميتا
قوله ( إلا إذا أذن له ) بالبناء للمجهول ليناسب ما بعده ويشمل ما لو أذن له الميت أو وصيه ولم يكن عينه الميت بمنع إحجاج غيره كما مر
قوله ( خرج المكلف الخ ) أما إذا لم يخرج وأوصى بأن يحج عنه وأطلق أي لم يعين مالا ولا مكانا فإنه يحج عنه من ثلث ماله من بلده إن بلغ الثلث لأن الواجب عليه الحج من بلده الذي يسكنه وإلا فمن حيث يبلغ وإن لم يكن من مكان بطلت الوصية كما في اللباب قال شارحه ولعل المكان مقيد بما قبل المواقيت وإلا فبأدنى شيء يمكن أن يحج عنه من مكة وكذا الحكم إذا أوصى أن يحج عنه بمال وسمى مبلغه فإنه إن كان يبلغ من بلده فمنها وإلا فمن حيث يبلغ اه
واحترز بالمكلف عن غيره كالصبي والمجنون فإن وصيته لا تعتبر
واحترز بقوله إلى الحج عما لو خرج للتجارة ونحوها وأوصى فإنه يحج عنه من وطنه إجماعا كما في المعراج وغيره وقيد بخروجه بنفسه لأنه لو أمر غيره ومات المأمور في الطريق فسيذكر تفصيله بعد
قوله ( ومات في الطريق ) أراد به موته قبل الوقوف بعرفة ولو كان بمكة بحر
وفي التجنيس إذا مات بعد الوقوف بعرفة أجزأ عن الميت لأن الحج عرفة بالنص وقدمنا عند الكلام على فرض الحج أن الحاج عن نفسه إذا أوصى بإتمام الحج تجب بدنة
قوله ( إنما تجب الوصية به الخ ) كذا
____________________
(2/604)
في التجنيس
قال الكمال وهو قيد حسن
شرنبلالية
قوله ( فالأمر عليه ) أي الشأن مبني على ما فسره أي عينه فإن فسر المال يحج عنه من حيث يبلغ وإن فسر المكان يحج عنه منه ح
قلت والظاهر أنه يجب عليه أن يوصي بما يبلغ من بلده إن كان في الثلث سعة فلو أوصى لما ذون ذلك أو عين مكانا دون بلده يأثم لما علمت أن الواجب عليه الحج من بلد يسكنه
قوله ( من بلده ) فلو كان له أوطان فمن أقربها إلى مكة وإن لم يكن له وطن فمن حيث مات ولو أوصى خراساني بمكة أو مكي بالري يحج عنهما من وطنهما ولو أوصى المكي أي الذي مات بالري أن يقرن عنه يقرن عنه من الري لباب أي لأنه لا قران لمن بمكة
مطلب العمل على القياس دون الاستحسان هنا قوله ( قياسا لا استحسانا ) الأول قول الإمام والثاني قولهما وأخر دليله في الهداية فيحتمل أنه مختار له لأن المأخوذ به في عامة الصور الاستحسان
عناية
وقواه في المعراج لكن المتون على الأول وذكر تصحيحه العلامة قاسم في كتاب الوصايا فهو مما قدم فيه القياس على الاستحسان وإليه أشار بقوله فليحفظ
قوله ( فلو أحج الوصي عنه من غيره ) أي من غير بلده فيما إذا وجب الإحجاج من بلده لم يصح ويضمن ويكون الحج له ويحج عن الميت ثانيا لأنه خالف إلا أن يكون ذلك المكان قريبا من بلده بحيث يبلغ إليه ويرجع إلى الوطن قبل الليل كما في اللباب والبحر
قوله ( ثلثه ) أي ثلث مال الموصي فإن بلغ الثلث الإحجاج راكبا فأحج ماشيا لم يجز وإن لم يبلغ إلا ماشيا من بلده قال محمد يحج عنه من حيث بلغ راكبا
وعن الإمام أنه يخير بينهما
وأما إن كان الثلث يكفي لأكثر من حجة فإن عين الميت حجة واحدة فالفاضل للورثة وإن أطلق أحج عنه في كل سنة حجة واحدة أو أحج في سنة حججا وهو الأفضل تعجيلا لتنفيذ الوصية لأنه ربما يهلك المال وإن عين الميت في كل سنة حجة فهو كالإطلاق كما لو أمر الوصي رجلا بالحج السنة فأخره إلى القابلة جاز عن الميت ولا يضمن لأن ذكر السنة للاستعجال لا للتقيد
بحر
قلت ومثل الثلث ما لو قال أحجوا عني بألف وبالألف يبلغ حججا كما في اللباب وشرحه
قوله ( وإن لم يف فمن حيث يبلغ ) لكن لو أحج عنه من حيث يبلغ وفضل من الثلث وتبين أنه يبلغ من موضع أبعد منه يضمن الوصي ويحج عن الميت من حيث يبلغ إلا أن يكون الفاضل شيئا يسيرا من زاد أو كسوة فلا يضمن
شرح اللباب
ونقله في الفتح عن البدائع
قوله ( ووارثه الأولى العطف بأو كما فعل في اللباب لأنه لو كان وصى فلا كلام للوارث في الوصية نعم لو كان الميت هو الذي دفع للمأمور ثم مات كان للوارث استرداد ما في يد المأمور وإن إحرم كما سيأتي في الفروع أي ولو مع وجود الوصي لأن الباقي صار ميراثا لكون الميت لم يوص به
قوله ( ما لم يحرم ) فلو أحرم ليس له الاسترداد والمحرم يمضي في إحرامه وبعد فراغه من الحج ليس له استرداده حتى يرجع إلى أهله وإن أحرم حين أراد الأخذ فله أن يأخذه ويكون إحرامه تطوعا عن الميت
شرح اللباب عن خزانة الأكمل
قوله ( وإلا ) يعني بأن رده لعلة غير الخيانة كضعف رأي فيه أو جهل بالمناسك أما لو بلا علة فالنفقة في مال الدافع
قال في البحر إن استرد بخيانة ظهرت منه أي من المأمور فالنفقة
____________________
(2/605)
في ماله خاصة وإن استرد لا بخيانة ولا تهمة فالنفقة على الوصي في ماله خاصة وإن استرد لضعف رأي فيه أو لجهله بأمور المناسك فأراد الدفع إلى أصلح منه فنفقته في مال الميت لأنه استرد لمنفعة الميت اه
أفاده ح
قوله ( أوصى بحج الخ ) قيد بالوصية لأنه لو كان لم يوص فتبرع عنه الوارث بالحج أو الإحجاج يصح كما قدمه المصنف أي يصح عن الميت عن حجة الإسلام إن شاء الله تعالى كما قدمناه
ونقل ط عن الولوالجية أن التعليق بالمشيئة على القبول لا على الجواز وقدمنا أيضا عن شرح اللباب أن الوارث غير قيد فإذا لم يوص بجزئه تبرع الوارث والأجنبي عنه وسيأتي تمام الكلام عليه
قوله ( فتطوع عنه رجل ) أطلق الرجل المتطوع فشمل الوارث وبه صرح قاضيخان بقوله الميت إذا أوصى بأن يحج عنه بماله فتبرع عنه الوارث أو الأجنبي لا يجوز اه
قلت يعني لا يجوز عن فرض الميت وإلا فله ثواب ذلك الحج
ح عن الشرنبلالية
ولهذا قال المصنف لم يجزه من الإجزاء لكن سيأتي ما يدل على أن الثواب إنما يحصل للميت إذا جعله له الحاج بعد الأداء
قوله ( وإن أمره الميت ) أي إن الميت إذا أوصى بالإحجاج عنه وأمر أن يحج نه زيد فحج عنه زيد من مال نفسه لم يجز عن الميت للعلة المذكورة فافهم
قوله ( لكن لو حج عنه ابنه ) أي مثلا وإلا فكذا حكم بقية الورثة
شرح اللباب
قلت بل الوصي كذلك كما يفيده ما يأتي قريبا عن عمدة الفتاوى
ثم إن هذا استدراك على إطلاق الرجل في قوله فتطوع عنه رجل بأن الوارث أو الوصي يخالف الأجنبي في أنه لو تطوع من وجه بأن أنفق من ماله ليرجع في التركة جاز بخلاف الأجنبي لأن الوارث خليفة عن الميت ولذا لو قضى الدين من مال نفسه ليرجع جاز
قال في البحر ولو حج على أن لا يرجع فإنه لا يجوز عن الميت لأنه لم يحصل مقصود الميت وهو ثواب الأنفاق اه
قلت وقدمنا أن الوارث ليس له الحج بمال الميت إلا أن تجيز الورثة وهم كبار لأن هذا مثل التبرع بالمال فالظاهر تقييد حج الوارث هنا بذلك أيضا
تأمل
قوله ( إن لم يقل من مالي ) في البحر عن آخر عمدة الفتاوى للصدر الشهيد لو أوصى بأن يحج عنه بألف من ماله فأحج الوصي من مال نفسه ليرجع ليس له ذلك لأن الوصية باللفظ فيعتبر لفظ الموصي وهو أضاف المال إلى نفسه فلا يبدل اه قوله ( وكذا لو أحج لا ليرجع ) أي إنه يجوز
واستفيد منه أنه لو أحج ليرجع أنه يجوز بالأولى وقد نص عليهما في الخانية حيث قال إذا أوصى الرجل بأن يحج عنه فأحج الوارث رجلا من مال نفسه ليرجع في مال الميت جاز وله أن يرجع في مال الميت وكذا الزكاة والكفارة ولو فعل ذلك الأجنبي لا يرجع ولا أوصى بأن يحج عنه فأحج الوارث من مال نفسه لا ليرجع عليه جاز للميت عن حجة الإسلام اه
قال في شرح اللباب بعد نقله وفيه بحث لا يخفى اه
أي لما مر من أنهشترط في الحج عن الغير إذا كان بوصية الإنفاق من مال المحجوج عنه احترازا عن التبرع كما مر بيانه فتجويزه فيما لو أحج من ماله لا ليرجع مخالف لذلك ولذا لم يجز فيما لو حج الوارث بنفسه لا ليرجع ولا يظهر فرق بينهما لما علمت من أن مقصود الميت بالوصية ثواب الإنفاق من ماله وهو حاصل فيما لو حج الوارث أو أحج عنه ليرجع دون ما إذا أنفق لا ليرجع فيهما
واستشكل ذلك في ( الشرنبلالية ) أيضا والتفرقة بأنه في الإحجاج قام الوارث مقام الميت في دفع المال فكأن المأمور أنفق من مال الميت بخلاف ما إذا حج الوارث بنفسه فإنه لم يحصل منه دفع المال بل ما حصل منه إلا مجرد الأفعال فلم يجز ما لم ينو الرجوع في ماله غير ظاهرة لأن حجه بنفسه لا بد له من النفقة أيضا فافهم
____________________
(2/606)
قوله ( ومن حج ) أي أهل بحج لأنه يصير مخالفا بمجرد الإهلال بلا توقف على الأعمال
أفاده ح
قلت أي في صورة المتن وإلا فقد لا يصير مخالفا إلا بالشروع كما سيظهر لك
قوله ( عن آمريه ) أي لو كانا أبويه أو أجنبيين كما صرح به في الفتح فقوله في البحر شمل الأبوين وسيأتي إخراجهما فيه نظر لأن الآتي في الإحرام عنهما بغير أمرهما والكلام هنا في الإحرام عن الآمرين فافهم
قوله ( وقع عنه ) أي عن المأمور نفلا ولا يجزئه عن حجة الإسلام
بحر ونهر
وفيه نظر يأتي قريبا
قوله ( لأنه خالفهما ) علة لوقوعه عنه وللضمان أي لأن كل واحد إنما أمره أن يخلص النفقة له وقد صرفها لحج نفسه لأنه لا يمكنه إيقاعه عن أحدهما لعدم الأولوية
قوله ( وينبغي صحة التعيين لو أطلق ) أي كما لو قال لبيك بحجة وسكت
قال الزيلعي وإن أطلق بأن سكت عن ذكر المحجوج عنه معينا ومبهما قال في الكافي لا نص فيه وينبغي أن يصح التعيين هنا إجماعا لعدم المخالفة اه
وقوله وينبغي أن يصح التعيين أي تعيين أحد آمريه قبل الطواف والوقوف كما في مسألة الإبهام وقوله إجماعا قال شيخنا ينبغي أن يجري فيه خلاف أبي يوسف الآتي في مسألة الإبهام لجريان علته هنا أيضا ح
قوله ( ولو أبهمه ) بأن قال لبيك بحجة عن أحد آمري ح
قوله ( قبل الطواف ) المراد به طواف القدوم كما قال أبو حنيفة فيما لو جمع بين إحرامين لحجتين ثم شرع في طواف القدوم ارتفضت إحداهما
فإن قلت ذكر الوقوف مستدرك
قلت يمكن أن لا يطوف للقدوم فيكون الوقوف حينئذ هو المعتبر اه
ح
قوله ( جاز ) أي عندهما
وقال أبو يوسف بل وقع ذلك عن نفسه بلا توقف وضمن نفقتهما وهو القياس لأن كل واحد منهما أمره بتعين الحج له فإذا لم يعين فقد خالف
وجه قولهما وهو الاستحسان أن هذا إبهام في الإحرام والإحرم ليس بمقصود وإنما هو وسيلة إلى الأفعال والمبهم يصلح وسيلة بواسطة التعيين فاكتفى به شرطا
ح عن الزيلعي
قلت والحاصل أن صور الإبهام أربعة أن يهل بحجة عنهما وهي مسألة المتن أو عن أحدهما على الإبهام أو يهل بحجة ويطلق والرابعة أن يحرم عن أحدهما معينا بلا تعيين لما أحرم به من حج أو عمرة ولم يذكر الشارح الرابعة لجوازها بلا خلاف كما في الفتح
وقد ذكر في الفتح أن مبنى الجواب في هذه الصور على أنه إذا وقع المأمور لا يتحول بعد ذلك إلى الآمر وأنه بعد ما صرف نفقة الآمر إلى نفسه ذاهبا إلى الوجه الذي أخذ النفقة له لا ينصرف الإحرام إلى نفسه إلا إذا تحققت المخالفة أو عجز شرعا عن التعيين
ففي الصورة الأولى من الصور الأربع تحققت المخالفة والعجز عن التعيين ولا ترد مسألة الأبوين الآتية لأنها بدون الآمر كما يأتي فلا تتحقق المخالفة في ترك التعيين ويمكنه التعيين في الانتهاء لأن حقيقته جعل الثواب ولذا لو أمره أبواه بالحج كان الحكم كما في الأجنبيين
وفي الصورة الثانية من الأربع لم تتحقق المخالفة بمجرد الإحرام قبل الشروع في الأعمال ولا يمكن صرف الحجة له لأنه أخرجها عن نفسه بجعلها لأحد الآمرين فلا تنصرف إليه إلا إذا وجد تحقق المخالفة أو العجز عن التعيين
____________________
(2/607)
ولم يتحقق ذلك لأنه يمكنه التعيين إلا إذا شرع في الأعمال ولو شوطا لأن الأعمال لا تقع لغير معين فتقع عنه ثم لا يمكنه تحويلها إلى غيره وإنما له تحويل الثواب فقط ولولا النص لم يتحول الثواب أيضا
وفي الصورة الثالثة لا خفاء أنه ليس فيها مخالفة لأحد الآمرين ولا تعذر التعيين ولا تقع عن نفسه لما قدمناه
وأما الرابعة فأظهر الكل
اه ما في الفتح ملخصا
وأنت خبير بأن ما قرره في الصورة الثانية صريح في أنه إذا شرع في الأعمال قبل تعيين أحد الآمرين وقعت الحجة عن نفسه لتحقق المخالفة والعجز عن التعيين وكذا تقع عن نفسه بالأولى في الصورة الأولى
والظاهر أنها تجزئه عن حجة الإسلام لأنها تصح بالتعيين وبالإطلاق بخلاف ما لو نوى بها النفل والمأمور إن كان صرفها عن نفسه بجعلها للآمرين أو لأحدهما لكن لما تحققت المخالفة بطل ذلك الصرف وإلا لم تقع عن نفسه أصلا فيكون حينئذ كما لو أحرم عن نفسه ابتداء ولم ينو النفل فتقع عن حجة الإسلام ولذا قال في الفتح أيضا فيما لو أمره بالحج فقرن معه عمرة لنفسه لا يجوز ويضمن اتفاقا
ثم قال ولا تقع عن حجة الإسلام عن نفسه لأن أقل ما تقع بإطلاق النية وهو قد صرفها عنه في النية وفي نظر
اه
كلامه
والظاهر أن وجه النظر ما قررناه من أنه حيث تحققت المخالفة ووقعت عن نفسه بطل صرف النية فتجزئه عن حجة الإسلام فقوله في البحر فيما مر تقع عن المأمور نفلا ولا تجزئه عن حجة الإسلام فيه نظر وقد صرح الباقاني في شرح الملتقى وتبعه الشارح في شرحه عليه أيضا بأنه يخرج بها عن حجة الإسلام فهذا ما تحرر لي فافهم والسلام
قوله ( بخلاف ما لو أهل الخ ) مرتبط بقوله ومن حج عن آمريه وقوله جاز جملة مستأنفة لبيان جهة المخالفة بين المسألتين فإنه في الأولى لا يجوز والثانية بخلافها لكن الجواز هنا مشروط بما إذا لم يأمره بالحج وقوله عن أبويه أو غيرهما تنبيه على أن ذكر الأبوين في الكنز وغيره ليس بقيد احترازي وإنما فائدته الإشارة إلى أن الولد يندب له ذلك جدا كما في النهر وبه علم أن التقييد بالأبوين في هذه المسألة لا يدل على أن المراد بالآمرين في التي قبلها الأجنبيان بل الأبوان إذا أمراه فحكمهما كالأجنبيين كما قدمناه عن الفتح فظهر أنه لا فرق بين الأبوين والأجنبيين في المسألتين وإنما العبرة للأمر وعدمه أي صريحا كما يظهر قريبا فإذا أحرم بحجة عن اثنين أمره كل منهما بأن يحج عنه وقع عنه ولا يقدر على جعله لأحدهما وإن أحرم عنهما بغير أمرهما صح جعله لأحدهما أو لكل منهما وكذا لو أحرم عن أحدهما مبهما يصح تعيينه بعد ذلك بالأولى كما في الفتح قال ومبناه على أن نيته لهما تلغو لعدم الأمر فهو متبرع فتقع الأعمال عنه البتة
وإنما يجعل لهما الثواب وترتبه بعد الأداء فتلغو نيته قبله فيصح جعله بعد ذلك لأحدهما أو لهما
ولا أشكال في ذلك إذ كان متنفلا عنهما فإن كان على أحدهما حج الفرض وأوصى به لا يسقط عنه بتبرع الوارث عنه بمال نفسه وإن لم يوص به فتبرع الوارث عوه بالإحجاج أو الحج بنفسه قال أبو حنيفة يجزيه إن شاء الله تعالى لقوله للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين الحديث انتهى
وبهذا ظهر فائدة أخرى للتقييد بالأبوين في هذه المسألة وهي سقوط الفرض عن الذي عينه له بعد الإبهام لو بدون وصية لكن يشكل عليه أنه إذا لغت نيته لهما لعدم الأمر ووقعت الأعمال عنه البتة كيف يصح تحويلها إلى أحدهما وقد مر أن الحج إذا وقع عن المأمور لا يمكن تحويله بعد ذلك إلى الآمر نعم يمكن تحويل الثواب فقط للنص كما مر ولهذا والله أعلم قال في الفتح ولا إشكال في ذلك إذا كان متنفلا عنهما أي لأن غاية حال المتنفل أن يجعل ثواب عمله لغيره وهو صحيح
أما وقوع عمله عن فرض الغير بغير أمره فهو مشكل
والجواب ما مر في كلام الشارح من أن
____________________
(2/608)
الوارث إذا حج أو أحج عن مورثه جاز لوجود الأمر دلالة أي فكأنه مأمور من جهته بذلك وعليه فتقع الأعمال عن الميت لا عن العامل فقوله في الفتح ومبناه على أن نيته لهما تلغو الخ مخصوص بما إذا لم يكن عليهما فرض لم يوصيا به وقدمنا عن البدائع تعليله بالنص أيضا وهو ما علمته من حديث الخثعمية وبهذا فارق الوارث الأجنبي لكن قدمنا عن شرح اللباب عن الكرماني والسروجي أن الأجنبي كذلك نعم هذا مخالف لاشتراط الأمر في الحج عن الغير والأجنبي غير مأمور لا صريحا ولا دلالة وقدمنا الجواب بأنه مبني على اختلاف الرواية في هذا الشرط والمشهور اشتراطه وحيث علم وجوده في الوارث دلالة ظهر لاقتصار الكنز وغيره على الأبوين
فائدة ثالثة وهي أن الأمر دلالة ليس له حكم الأمر حقيقة من كل وجه لما علمت من أن الأبوين لو أمراه حقيقة لم يصح تعيين أحدهما بعد الإبهام كما في الأجنبيين وإن لم يأمراه صريحا صح التعيين ولو فرضوا المسألة ابتداء في الأجنبيين لتوهم أن الأبوين لا يصح تعيين أحدهما لوجود الأمر دلالة ففرضوها في الأبوين لإفادة صحة التعيين وإن وجد الأمر دلالة وليفيدوا أن المراد بالأمر في المسألة الأولى الأمر صريحا والله أعلم
تنبيه الذي تحصل لنا من مجموع ما قررناه أن من أهل بحجة عن شخصين فإن أمراه بالحج وقع حجه عن نفسه البتة وإن عين أحدهما بعد ذلك وله بعد الفراغ جعل ثوابه لهما أو لأحدهما وإن لم يأمراه فكذلك إلا إذا كان وارثا وكان على الميت حج الفرض ولم يوص به فيقع عن الميت حجة الإسلام للأمر دلالة وللنص بخلاف ما إذا أوصى به لأن غرضه ثواب الأنفاق من ماله فلا يصح تبرع الوارث عنه وبخلاف الأجنبي مطلقا لعدم الأمر
قوله ( لأنه متبرع بالثواب ) بيان لوجه صحة التعيين في مسألة الأبوين دون مسألة الآمر وهو معنى ما قدمناه من قوله في الفتح ومبناه على أن نيته لهما تلغو لعدم الأمر فهو متبرع الخ
قال في الشرنبلالية قلت وتعليل المسألة يفيد وقوع الحج عن الفاعل فيسقط به الفرض عنه وإن جعل ثوابه لغيره ويفيد ذلك الأحاديث التي رواها في الفتح بقوله اعلم أن فعل الولد ذلك مندوب إليه جدا
لما أخرج الدارقطني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عنه ل من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار
وأخرج أيضا عن جابر أنه عليه الصلاة والسلام قال من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج
وأخرج أيضا عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما وستبشرت أرواحهما وكتب عند الله برا اه
أقول قد علمت مما قررناه أنه إذا حج الوارث عنهما وعلى أحدهما فرض لم يوص به يقع عن الميت لسقوط الفرض عنه بذلك إن شاء الله تعالى
وحينئذ فكيف يصح دعوى سقوط الفرض به عن الفاعل أيضا وقد صرفه إلى غيره وأجزنا صرفه نعم يظهر ذلك فيما إذا كان على أحدهما فرض أو وصي به أو لم يكن عليه فرض أصلا ويدل على ذلك قوله في الفتح وإنما يجعل لهما الثواب وترتبه بعد الأداء ومثله قول قاضيخان في شرح الجامع وإنما يجعل ثواب فعله لهما وهو جائز عندنا وجعل ثواب حجه لغيره لا يكون إلا بعد أداء الحج فبطلت نيته في الإحرام فكان له أن يجعل الثواب لأيهما شاء اه
فهذا صريح في أن النية لم تقع لهما وأن الأعمال وقعت له فله جعل ثوابها لمن شاء بعد الأداء فيمكن ادعاء سقوط الفرض عن الفاعل بذلك كما حررناه في مسألة الحج عن الآمرين وبه يعلم جواز جعل لإنسان ثواب فرضه لغيره كما ذكرناه أول الباب
وأما إذا كان على الميت فرض لم يوص به وسقط به فرض الميت يلزم منه وقوع النية والأعمال له لا للفاعل
____________________
(2/609)
إلا أن يقال إن الأعمال تقع للعام هنا أيضا كما هو مقتضى إطلاق عبارة الفتح وقاضيخان وغيرهما ولكن يسقط بها الفرض عن الميت فضلا من الله تعالى عملا بالنص وهو حديث الخثعمية وإن خالف القياس ولذا علقه أبو حنيفة بالمشيئة ويسقط بها الفرض عن الفاعل أيضا أخذا من الأحاديث المذكورة ولذا كان الوارث مخالفا لحكم الأجنبي في ذلك
فإن قلت ما مر من تعليل جواز حج الوارث بوجود الأمر دلالة يقتضي وقوع الأعمال عن الميت لأنه لو أمره صريحا وقعت عنه بلا شبهة فخالف ما اقتضاه إطلاق الفتح وغيره
وحينئذ فلا يمكن سقوط فرض العامل بذلك أيضا
قلت قد علمت أن الأمر دلالة ليس كالأمر صريحا من كل وجه ولذا صح تعيين أحد أبويه بعد الإبهام ولو أمره صريحا لم يصح كالأجنبيين كما قدمنا فلو اقتضى الأمر دلالة وقوع الأعمال عن الميت لم يصح التعيين فقلنا بوقوع الأعمال للعامل وكذا فيسقط فرضه بها وكذا يسقط فرض الأب أو الأم عملا بالأحاديث المذكورة والله أعلم
هذا غاية ما وصل إليه فهمي القاصر في تحرير هذه المواضع المشكلة التي لم أر من أوضحها هذا الإيضاح ولله الحمد
قوله ( وفي الحديث ) كلامه يوهم أن هذا الحديث واحد مع أنه مأخوذ من حديثين كما علمت مع تغيير بعض اللفظ بناء على الصحيح من جواز رواية الحديث بالمعنى للعارف اه ح
قوله ( لا غير ) أي لا غير دم الإحصار من باقي الدماء الثلاثة وهو ذم الشكر في القران والتمتع ودم الجناية
قوله ( على الآمر ) هذا عندهما وعليه المتون وعند أبي يوسف على المأمور
قوله ( قيل من الثلث ) لأن الوصية بالحج تنفذ من الثلث وهذا من توابع الوصية وقيل من الكل لأنه دين وجب حقا للمأمور على الميت فيقضى من جميع ماله كما لو أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه فباعه الوصي وضاع الثمن من يده ثم استحق العبد فإن المشتري يرجع بالثمن على الوصي ويرجع الوصي في قول أبي حنيفة الأخير في جميع التركة من شرح الجامع لقاضيخان واستوجه ط الأول والرحمتي الثاني
قوله ( ثم إن فاته الخ ) أي فات المأمور المعلوم من المقام وأطلق الفوات فشمل ما يكون بسبب الإحصار وغيره فإن الإحصار يمكن أن يكون بتقصير منه كأن تناول دواء ممرضا قصدا حتى أحصره
أفاده ح
هذا وقد صرحوا بأن عليه الحج من قابل بمال نفسه كفائت الحج كما في البحر
ثم قال ولم يصرحوا بأنه في الإحصار والفوات إذا قضى الحج هل يكون عن الآمر أو يقع المأمور وإذا كان للآمر فهل يجبر على الحج من قابل بمال نفسه اه
أقول قال في البدائع فإن فاته الحج يصنع ما يصنعه فائت الحج بعد شروعه ولا يضمن النفقة لأنه فاته بغير صنعه وعليه في نفسه الحج من قابل لأن الحجة قد وجبت عليه بالشروع فلزمه قضاؤها وهذا على قول محمد ظاهر لأن الحج عنده يقع عن الحاج اه
ونقله في النهر عن السراج ثم قال وعلى قول غير محمد من أنه يقع عن الآمر ينبغي أن يكون القضاء عن الآمر وتلزمه النفقة اه
ويؤيده أنه صرح في اللباببأنه إن فاته بآفة سماوية لم يضمن ويستأنف الحج عن الميت أي بناء على قول غير محمد
فعلم أن على قول محمد عليه الحج عن نفسه وعلى قول غيره عن الميت
وظاهره أنه يجب عليه من ماله لكن في التاترخانية عن المنتقى قال محمد
____________________
(2/610)
يحج عن الميت من بلده إذا بلغت النفقة وإلا فمن حيث تبلغ وعلى المحرم قضاء الحج الذي فات عن نفسه ولا ضمان عليه فيما أنفق ولا نفقة له بعد الفوت أه فإن مقتضاه أن الحج عن الميت من ماله وعلى المأمور حج آخر قضاء لما شرع فيه من مال نفسه ويخالفه ما في التاترخانية أيضا عن التهذيب
قال أبو يوسف إذا فسد حجه قبل الوقوف عليه ضمان النفقة وعليه الحج الذي أفسده وعمرة وحجة للآمر ولو فاته الحج لا يضمن لأنه أمين وعليه قضاء الفائت وحج عن الآمر اه
فإن قوله وعليه قضاء الفائت الخ يقتضي أن عليه الحجتين من ماله إلا أن يكون قوله وحج عن الآمر بضم أوله مبنيا للمفعول أي وعلى الورثة الإحجاج من ماله
ثم إن الظاهر أن هذا من مقول أبي يوسف فينافي ما مر عن النهر فليتأمل وسيأتي بقية الكلام عليه
وقوله ( والجناية ) أطلقه فشمل دم الجماع ودم جزاء الصيد والحلق ولبس المخيط والطيب والمجاوزة بغير إحرام
بحر
قوله ( على الحج ) أي المأمور
أما الأول فلأنه وجب شكرا على الجمع بين النسكين وحقيقة الفعل منه وإن كان الحج يقع عن الآمر لأنه وقوع شرعي لا حقيقي
وأما الثاني فباعتبار أنه تعلق بجنايته
أفاده في البحر
قوله ( فيصير مخالفا ) هذا قول أبي حنيفة
ووجهه أنه لم يأت بالمأمور به لأنه أمره بسفر يصرفه إلى الحج لا غير فقد خالف أمر الآمر فضمن
بدائع
زاد في المحيط لأن العمرة لا تقع عن الآمر لأنه ما أمره بها فصار كأنه حج عنه واعتمر لنفسه فيصير مخالفا ولو أمره بالحج فاعتمر ثم حج من مكة فهو مخالف لأنه مأمور بحج ميقاتي ولو أمره بالعمرة فاعتمر ثم حج عن نفسه لم يكن مخالفا بخلاف ما إذا حج أولا ثم اعتمر اه
وانظر ما قدمناه قبيل باب الإحرام
قوله ( وضمن النفقة الخ ) أما الدم فهو على المأمور على كل حال
بحر
قوله ( فيعيد بمال نفسه ) لأنه إذا أفسده ولم يقع مأمورا به فكان واقعا عن المأمور فيضمن ما أنفق في حجه من مال غيره ثم إذا قضى الحج في السنة القابلة على وجه الصحة لا يسقط الحج عن الميت لأنه لما خالف في السنة الماضية بالإفساد صار الإحرام واقعا عنه فكذا الحج المؤدي به صار واقعا عنه
ابن كمال وعليه حجة أخرى للآمر كما قدمناه آنفا عن التاترخانية عن التهذيب أي سوى حج القضاء وهو الأصح كما في المعراج وبه اندفع ما في البحر من قوله وإذا فسد حجه لزمه الحج من قابل بمال نفسه وفيه ما تقدم من التردد في وقوعه عن الآمر اه
قوله ( وإن مات الخ ) الأنسب ذكر هذه المسألة عند قوله المار خرج المكلف الخ
قوله ( قبل وقوفه ) قيد به لأنه لو مات بعده قبل الطواف جاز عن الآمر لأنه أدى الركن الأعظم
خانية وفتح وقدمنا نحوع عن التجنيس
فما بحثه في البحر من أن أعظميته للأمن من الإفساد بعده لا لأنه يكفي فيجب على الآمر الإحجاج اه
مخالف للمنقول وأما لو بقي حيا وأتم الحج إلا طواف الزيارة فرجع ولم يطفه فقال في الفتح لا يضمن النفقة غير أنه حرام على النساء ويعود بنفقة نفسه ليقضي ما بقي عليه لأنه جان في هذه الصورة اه
قوله ( من منزل آمره ) أي إن لم يعين منزلا وإلا اتبع كما مر
قوله ( فإن مات ) أي المأمور الثاني
قوله ( من ثلث الباقي بعدها ) أي بعد النفقة أي ثلث الباقي بعد هلاكها وهو المراد بقولهم بثلث ما بقي من المال فافهم وهذا عند الإمام وعند أبي يوسف بالباقي من الثلث وعند محمد بما بقي مع المأمور
____________________
(2/611)
مثاله أوصى بأن يحج عنه ومات عن أربعة آلاف فدفع الوصي لمأمور ألفا فسرقت فعند الإمام يؤخذ ما يكفي من ثلث ما بقي من التركة وهو ألف فإن سرقت يؤخذ من ثلث الألفين الباقيين وهكذا إلى أن يبقى ما ثلثه يكفي الحج
وعند أبي يوسف إذا سرق الألف الأول لم يبق من ثلث التركة إلا ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث فتدفع له إن كفت ولا تؤخذ مرة أخرى
وعند محمد إن فضل من الألف الأولى ما يبلغ الحج حج به وإلا فلا هكذا ذكر الخلاف عامة المشايخ وبعضهم قالوا هذا إن أوصى بأن يحج عنه من الثلث أو بأن يحج عنه ولم يؤد أما لو أوصى بأن يحج عنه بثلث ما له فقول محمد كقول أبي يوسف وتمامه في جامع قاضيخان والفتح
وهذا الاختلاف إذا هلك في يد المأمور فلو في يد الوصي بعد ما قاسم الورثة يحج عنه بثلث ما بقي اتفاقا كما في التاترخانية
قوله ( وظاهره أنه رجوع في تركة المأمور ) إن كان المراد أنه لا رجوع لورثة الآمر في تركة المأمور بما بقي معه فهذا بعيد جدا لأن ما بقي مع المأمور لا يملكه بل لو أتم الحج يجب عليه رد الفاضل كما يأتي فيصدق على هذا الباقي أنه من مال الآمر فيحسب من الثلث وقد صرح به القهستاني حيث قال بثلث الباقي مما في أيدي الورثة والمأمور وإن كان المراد أنه لا رجوع لهم بما أنفقه قبل موته أو بما سرق منه فهو لا شبهة فيه حيث لم يخالف كما مر فيما لو فاته الحج بغير صنعه وإن كان المراد أنه لا رجوع في تركته بما يدفع للمأمور الثاني فهذا هو المتبادر من قولهم بثلث ما بقي من ماله أي مال الآمر والظاهر أن هذا مراد الشارح نبه به على أنه لو فاته الحج بلا صنعه ولزمه القضاء أن القضاء يكون في نفسه اتفاقا خلافا لما قدمناه من أن هذا ظاهر على قول محمد وأنه على قول غيره يكون القضاء عن الآمر وتلزم المأمور نفقته فإن مقتضاه أن المأمور إذا مات في الطريق ترجع ورثة الآمر على تركته بنفقة الذي يأمرونه بالحج عن مورثهم وهذا خلاف ما قرره الفقهاء هنا في المسألة الخلافية حيث جعلوا الإحجاج ثانبا بثلث ما بقي من جميع مال الآمر أو الباقي من الثلث أو الباقي مع المأمور ولم يقل أحد إنه يكون من مال المأمور فينافي ما تقدم بحثا عن البدائع والسراج والنهر فلله در هذا الشارح ما أبعد مرماه فافهم
قوله ( خلافا لهما ) أي في الموضعين فيما يدفع ثانيا وفي المحل الذي يجب الإحجاج منه ثانيا
( فتح )
قوله ( وقولهما استحسان ) يعني قولهما في المحل أما فيما يدفع ثانيا فلم يذكروا فيه الاستحسان
وفي الفتح قول الإمام في الأول أي فيما يدفع ثانيا أوجه وقولهما هنا أوجه وقدمنا ما يفيد ترجيحه أيضا عن العناية والمعراج لكن قدمنا أيضا أن المتون على قول الإمام ونقل تصحيحه العلامة قاسم
قوله ( كما مر ) أي في قوله ولا فيصير مخالفا فيضمن ح
قوله ( لا للتقييد ) لأن الحج لا يختلف باختلاف السنين ففي أي سنة حصل فيها وقع عنه ولا يخفى أن الأولى إيقاعه في السنة المعينة خوفا من ذهاب النفقة أو تعطل الحج ط
قوله ( والأفضل أن يعود إليه ) أي إلى منزل الآمر المذكور في المتن
قال في البحر ولو أحج رجلا فحج ثم أقام بمكة جاز لأن الفرض صار مؤدى والأفضل أن يحج ثم يعود إلى أهله فافهم
قوله ( وعليه رد ما فضل من النفقة ) قال في البحر فالحاصل أن المأمور لا يكون ملكا لما أخذه من النفقة بل يتصرف فيه على ملك الآمر حيا كان أو ميتا معينا كان القدر أولا ولا يحل له الفضل إلا بالشرط الآتي سواء كان الفضل كثيرا أو يسيرا كيسير من الزاد كما صرح به في الظهيرية اه
____________________
(2/612)
قلت وهذا مما يدل على أن الاستئجار على الحج لا يصح عند المتأخرين كما قدمنا الكلام عليه فافهم
قوله ( إلا أن يوكله الخ ) قال في الفتح وإذا أراد أن يكون ما فضل للمأمور يقول له وكلتك أن تهب الفضل من نفسك وتقبضه لنفسك فإن كان على موت قال والباقي مني لك وصية اه
زاد في اللباب وإن لم يعين الآمر رجلا يقول للوصي أعط ما بقي من النفقة من شئت وإن أطلق فقال وما يبقى من النفقة فهو للمأمور فالوصية باطلة اه
أي لأنها لمجهول
قوله ( ولوارثه الخ ) هذه المسألة تقدمت عند
قوله إن وفى به ثلثه لكن ذكرت في كل من الموضعين مع زيادة لم توجد في الآخر ففي الأول زاد الوصي والتفصيل في نفقة الرجوع وفي هذا زاد قوله كذا إن أحرم الخ وكان عليه أن ينظمهما في سلك واحد ح
قوله ( وكذا إن أحرم وقد دفع إليه ليحج عنه وصيه الخ ) هذا التركيب فاسد المعنى
ووجد في نسخة ليحج عنه بلا وصية وهي الصواب لأن المراد أن المحجوج عنه إذا لم يوص بالحج ولكنه دفع إلى رجل ليحج عنه ثم مات الدافع فللورثة استرداد المال الباقي من الرجل وإن أحرم بالحج
قال في النهر وقيدنا بكون الآمر أوصى بالحج عنه لما في المحيط لو دفع إلى رجل مالا ليحج به عنه فأهل بحجة ثم مات الآمر فلورثته أن يأخذوا ما بقي من المال معه ويضمنونه ما أنفق بعد موته لأن نفقة الحج كنفقة ذوي الأرحام تبطل بالموت اه
قوله ( وللوصي أن يحج الخ ) قال في فتح القدير ولا يجوز الاستئجار على الطاعات وعن هذا قلنا لو أوصى أن يحج عنه ولم يزد على ذلك كان للوصي أن يحج عنه بنفسه إلا أن يكون وارثا أو دفعه لوارث ليحج فإنه لا يجوز إلا أن تجيز الورثة وهم كبار لأن هذا كالتبرع بالمال فلا يصح للوارث إلا بإجازة الباقين ولو قال الميت للوصي ادفع المال لمن يحج عني لم يجز له أن يحج بنفسه مطلقا اه
قوله ( ولو قال منعت ) أي عن الحج وكذبوه أي الورثة لم يصدق ويضمن ما أنفقه من مال الميت إلا أن يكون أمرا ظاهرا يشهد على صدقه
لأن سبب الضمان قد ظهر فلا يصدق في دفعه إلا بظاهر يدل على صدقه
فتح
قوله ( صدق بيمينه ) لأنه يدعي الخروج عن عهدة ما هو أمانة في يده
فتح
قوله ( إلا الخ ) أي فإنه لا يصدق إلا ببينة لأنه يدعي قضاء الدين هكذا في كثير من الكتب وعليه المعول خلافا لما في خزانة الأكمل
بحر
قوله ( وقد أمر بالإنفاق ) أي مما عليه من الدين ط
قوله ( ولا تقبل الخ ) لأنها شهادة على النفي
بحر
أي لأن مقصودهم نفي حجه وإن كانت صورة شهادتهم إثباتا
ح
قوله ( إلا إذا برهنا الخ ) لأن إقراره وهو تلفظه بهذه الجملة إثبات ح
وفي بعض النسخ برهنوا بصيغة الجمع أي الورثة وهي أولى
تتمة في المحيط عن المنتفى أوصى لرجل بألف وللمساكين بألف ولحجة الإسلام بألف والثلث ألفان يقسم الثلث بينهم أثلاثا ثم تضاف حصة المساكين إلى الحجة فما فضل عن الحجة فللمساكين لأن البدءة بالفرض أهم ولو عليه حجة وزكاة وأوصى لإنسان يتحاصون في الثلث ثم ينظر إلى الزكاة والحج فيبدأ بما بدأ به الموصي ولو فريضة ونذر بدىء بالفريضة ولو تطوع ونذر بدىء بالنذر ولو كلها تطوعات أو فرائض أو واجبات بدىء بما بدأ به الميت اه
____________________
(2/613)
وتوضيح هذه المسألة سيأتي في الوصايا فاحفظها فإنها مهمة كثيرة الوقوع وبقي فروع كثيرة من هذا الباب تعلم من الفتح واللباب والله أعلم بالصواب
باب الهدي لما دار ذكر الهدي فيما تقدم من المسائل نسكا وجزاء احتيج إلى بيانه وما يتعلق به
ابن كمال ويقال فيها هدي بالتشديد على فعيل الواحد هدية كمطية ومطي ومطايا
مغرب
قوله ( ما يهدى ) مأخوذ من الهدية التي هي أعم من الهدي لا من الهدي وإلا لزم ذكر المعرف في التعريف فيلزم تعريف الشيء بنفسه ح
قلت لو أخذ من الهدي يكون تعريفا لفظيا وهو سائغ ط
واحترز بقوله إلى الحرم عما يهدى إلى غيره نعما كان أو غيره وبقوله من النعم عما يهدى إلى الحرم من غير النعم
فإطلاق الفقهاء في باب الأيمان والنذور الهدي على غيره مجاز
بحر
وبقوله ليتقرب به ) أي بإراقة دمه فيه أي في الحرم عما يهدى من النعم إلى الحرم هدية لرجل
وأفاد به أنه لا بد من النية أي ولو دلالة
ففي البحر عن المحيط الواحد من النعم يكون هديا بجعله صريحا أو دلالة وهي إما بالنية أو بسوق بدنة إلى مكة وإن لم ينو استحسانا لأن نية الهدي ثابتة عرفا لأن سوق البدنة إلى مكة في العرف يكون للهدي لا للركوب والتجارة
قال وأراد السوق بعد التقليد لا مجرد السوق
قوله ( أدناه شاة ) أي وأعلاه بدنة من الإبل والبقر وفي الحكم الأدنى سبع بدنة
شرح اللباب
وأفاد ببيان الأدنى أنه لو قال لله علي أن أهدي ولا نية له فإنه يلزمه شاة لأنها الأقل وإن عين شيئا لزمه ولو أهدى قيمتها جاز في رواية وفي أخرى لا وهي الأرجح ولا كلام فيما لو كان مما لا يراق دمه من المنقولات فلو عقارا تصدق بقيمته في الحرم أو غيره لأنه مجاز عن التصدق
أفاده في البحر واللباب
قوله ( ابن خمس سنين الخ ) بيان لأدنى السن الجائز في الهدي وهو الثني وهو من الإبل ما له خمس سنين وطعن في السادسة ومن البقر ما طعن في الثالثة ومن الغنم ما طعن في الثانية لكنه يوهم أن الجذع من الغنم لا يجوز
قال في اللباب ولا يجوزون الثني إلا الجذع من الضأن وهو ما أتى عليه أكثر السنة وإنما يجوز إذا كان عظيما وتفسيره أنه لو خلط بالثنايا اشتبه على الناظر أنه منها اه
قوله ( ولا يجب تعريفه ) أي الذهاب به إلى عرفات أو تشهيره بالتقليد
ح عن البحر
قوله ( بل يندب ) أي التعريف بمعنييه ح
لكن الشاة لا يندب تقليدها
وفي اللباب ويسن تقليد بدن الشكر دون بدن الجبر وحسن الذهاب بهدي الشكر إلى عرفة اه
فعبر في الأول بالبدن ليخرج الشاة وفي الثاني بالهدي ليدخلها فيه
وأفاد أيضا أن الأول سنة والثاني مندوب ففي كلام الشارح إجمال
قوله ( في دم الشكر ) أي القران والتمتع وكذا يقلد هدي التطوع والنذر ولو قلد دم الإحصار والجناية جاز ولا بأس به كما سيأتي
قوله ( ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاوز في الضحايا ) كذا عبر في الهداية وعلله بأنه قربة تعلقت بإراقة الدم كالأضحية فيختصان بمحل واحد اه
فأشار إلى أنه مطرد منعكس فيجوز هنا ما يجوز ثمة ولا يجوز هنا ما لا يجوز ثمة
____________________
(2/614)
ولا يرد على طرده ما قدمناه من جواز إهداء قيمة المنذور في رواية مع أنه لا يجوز في الأضحية لأن ما واقعة على الحيوان كما اقتضاه قوله وهو إبل وبقر وغنم ولو سلم فتلك الرواية مرجوحة على أن القيمة قد تجزي في الأضحية كما إذا مضت أيامها ولم يضح الغني فإنه يتصدق بقيمتها فافهم
قوله ( فصح اشتراك ستة ) أي لأن ذلك جائز في الضحايا فيجوز هنا لما علمته من القاعدة واشتراك افتعال مصدر الرباعي المتعدي كالاختصاص والاكتساب وهو مضاف إلى مفعوله أي اشتراك واحد ستة
قال في الفتح عن الأصل والمبسوط فإن اشترى بدنة لمتعة مثلا ثم اشترك فيها ستة بعد ما أوجبها لنفسه خاصة لا يسعه لأنه لما أوجبها صار الكل واجبا بعضها بإيجاب الشرع وبعضها بإيجابه فإن فعل فعليه أن يتصدق بالثمن وأن نوى أن يشرك فيها ستة أجزأته لأنه ما أوجب الكل على نفسه بالشراء فإن لم يكن له نية عند الشراء ولكن لم يوجبها حتى شرك الستة جاز
والأفضل أن يكون ابتداء الشراء منهم أو من أحدهم بأمر الباقين حتى تثبت الشركة في الابتداء اه
وقوله لأنه ما أوجب الكل على نفسه بالشراء الخ يدل على أن معنى إيجابها لنفسه أن يشتريها لنفسه أو ينوي بعده القربة ومثله قوله في شرح اللباب أي بتعيين النية وتخصيصها له
إذا عرفت ذلك فالصور ستة إما أن يشتريها لنفسه خاصة أو يشتريها بلا نية ثم يعينها لنفسه أو يشتريها بلا نية ولم يعينها لنفسه أو يشتريها بنية الشركة أو يشتريها مع ستة أو يشتريها وحده بأمرهم فقول الشارح شريت لقربة لا يصلح على إطلاقه بل هو خاص بما عدا الصورتين الأوليين لكن ينبغي أن يكون هذا التفصيل محمولا على الفقير لأن الغني لا تجب عليه بالشراء بدليل ما ذكره في أضحية البدائع عن الأصل من أنه لو اشترى بقرة ليضحي بها عن نفسه فأشرك فيها يجزئهم والأحسن فعل ذلك قبل الشراء
قال وهذا أي قوله يجزئهم محمول على الغني لأنها لم تتعين أما الفقير فلا يجوز أن يشرك فيها لأنه أوجبها على نفسه بالشراء للأضحية فتعينت
اه
لكن سوى في الخانية في مسألة الأضحية بين الغني والفقير فتأمل
قوله ( وإن اختلفت أجناسها ) في الفتح عن الأصل والمبسوط كل من وجب عليه من المناسك جاز أن يشارك ستة نفر قد وجبت الدماء عليهم وإن اختلفت أجناسها من دم متعة وإحصار وجزاء صيد وغير ذلك ولو كان الكل من جنس واحد كان أحب إلي اه
وذكر نحوه في البحر هنا وبه يظهر ما في قول البحر في القران والجنايات إن الاشتراك لا يكفي في الجنايات بخلاف دم الشكر وقد نبهنا على ذلك أول باب الجنايات
قوله ( في الحج ) أي في كل دم له تعلق بالحج كدم الشكر والجناية والإحصار والنفل
قال في النهر فلا يرد أن من نذر بدنة أو جزورا لا تجزئه الشاة
قوله ( إلا الخ ) أي فتجب فيهما بدنة ولا ثالثة لهما في الحج
لباب
قال شارحه وفيه نظر إذ تقدم أنه إذا مات بعد الوقوف وأوصى بإتمام الحج تجب البدنة لطواف الزيارة وجاز حجه وكذا عند محمد تجب في النعامة بدنة ثم قوله في الحج احتراز عن العمرة حيث لا تجب البدنة بالجماع قبل أداء ركنها من طواف العمرة ولا أداء طوافها بالجناية أو الحيض أو النفاس اه
قوله ( قبل الحلق ) أما بعده ففي وجوبها خلاف والراجح وجوب الشاة
ط عن البحر
قوله ( كما مر ) أي في الجنايات ح
قوله ( كالأضحية ) أشار به إلى أن المستحب أن يتصدق بالثلث ويطعم الأغنياء الثلث ويأكل ويدخر الثلث
ح عن البحر
قوله ( إذا بلغ الحرم ) قيد به لما سيأتي من أن حل الانتفاع به لغير الفقراء مقيد ببلوغه محله
وأفاد في البحر أنه لا حاجة إلى هذا
____________________
(2/615)
القيد لأنه قبل بلوغه الحرم ليس بهدي فلم يدخل تحت عبارة المصنف ليحتاج إلى إخراجه
قال والفرق بينهما أنه إذا بلغ الحرم فالقربة فيه بالإراقة وقد حصلت فالأكل بعد حصولها وإذا لم يبلغ فهي بالتصدق والأكل ينافيه اه
ونظر فيه في النهر ولم يبين وجه النظر ولعل وجهه منه أنه لا يسمى هديا قبل بلوغه الحرم لأن قوله تعالى { هديا بالغ الكعبة } سورة المائدة الآية 59 يدل على تسميته هديا قبل بلوغه سواء قدر بالغ صفة أو حالا مقدرة ولأن المتوقف على بلوغه الحرم جواز الأكل منه وإطعام الغني دون كونه هديا ولذا لا يركبه في الطريق بلا ضرورة ولا يحلبه ولو عطب أو تعيب قبله نحره وضرب صفحة سنامه بدمه ليعلم أنه هدي للفقراء فلا يأكله غني كما يأتي فافهم
قوله ( ولو أكل من غيرها ) أي غير هذه الثلاثة من بقية الهدايا كدماء الكفارات كلها والنذور وهدي الإحصار والتطوع الذي لم يبلغ الحرم وكذا لو أطعم غنيا أفاده في البحر
قوله ( ضمن ما أكل ) أي ضمن قيمته
وفي اللباب وشرحه فلو استهلكه بنفسه بأن باعه ونحو ذلك بأن وهبه لغني أو أتلفه وضيعه لم يجز وعليه قيمته أي ضمان قيمته للفقراء إن كان مما يجب التصدق به بخلاف ما إذا كان لا يجب عليه التصدق به فإنه لا يضمن شيئا اه
وفيه كلام يعلم من البحر ومما علقناه عليه
قوله ( أي وقته ) أشار إلى أن المراد باليوم مطلق الوقت فيعم أوقات النحر أو هو مفرد مضاف فيعم ط
قوله ( فقط ) أي لا يتعين غيرهما فيها ومنه هدي التطوع إذا بلغ الحرم فلا يتقيد بزمان هو الصحيح وإن كان ذبحه يوم النحر أفضل كما ذكره الزيلعي خلافا للقدوري
بحر
قوله ( فلم يجز ) أي بالإجماع وهو بضم أوله من الإجزاء
قوله ( بل بعده ) أي بل يجزئه بعده أي بعد يوم النحر أي أيامه إلا أنه تارك للواجب عند الإمام فيلزمه دم للتأخير أما عندهما فعدم التأخير سنة حتى لو ذبح بعد التحلل بالحلق لا شيء عليه
قوله ( لا منى ) أي بل يسن لما في المبسوط من أن السنة في الهدايا أيام النحر منى وفي غير أيام النحر فمكة هي الأولى
شرح اللباب
قوله ( للكل ) بيان لكون الهدي موقتا بالمكان سواء كان دم شكر أو جناية لما تقدم أنه اسم لما يهدى من النعم إلى الحرم ودخل فيه الهدي المنذور بخلاف البدنة المنذورة فلا تتقيد بالحرم عندهما
وقاسها أبو يوسف على الهدي المنذور والفرق ظاهر
بحر عن المحيط
قوله ( لا لفقيره ) المعطوف محذوف تعلق به المجرور والتقدير لا التصدق لفقيره واللام بمعنى على وهذا أولى من قول ح
الصواب لا فقيره بالرفع عطفا على الحرم ط
قوله ( فإن أعطاه ضمنه ) أي إن أعطاه بلا شرط أما لو شرطه لم يجز كما في اللباب
قال شارحه وتوضيح ما قاله الطرابلسي أنه إذا شرط إعطاءه منه يبقى شريكا له فيه فلا يجوز الكل لقصده اللحم اه
أقول وفيه نظر لأن صيرورته شريكا فرع صحة الإجارة وسيأتي في الإجارة الفاسدة أنه لو دفع لآخر غزلا لينسجه له بنصفه أو استأجر بغلا ليحمل طعامه ببعضه أو ثورا ليطحن بره ببعض دقيقه فسدت لأنه استأجره بجزء من عمله وحيث فسدت الإجارة يجب أجر المثل من الدراهم كما صرحوا به أيضا وهذا يقتضي أن يجب له أجر مثله دراهم ولا يستحق شيئا من اللحم فلم يصر شريكا فيه فليتأمل
____________________
(2/616)
ثم رأيت في معراج الدراية ما نصه والبضعة التي جعلت أجرة بمنزلة قفيز الطحان لأنها من منافع عمله فلا تكون أجرة اه
ثم ذكر أنه لو تصدق عليه منها جاز ولو أعطاه شيئا بجزارته ضمته فعلم أن كلامه الأول فيما لو شرط الأجرة منها والأخير فيما لو لم يشرطه وأنه لا فرق بينهما والله أعلم
قوله ( ولا يركبه مطلقا ) أي سواء جاز له الأكل منه أو لا
نهر
قال وضرح في المحيط بحرمته
قوله ( شرنبلالية ) نقل ذلك في الشرنبلالية عن الجوهرة والبرجندي والهداية وكافي النسفي وكافي الحاكم ومثله في اللباب فما في البحر والنهر من أن ظاهر كلامهم أنها إن نقصت بركوبه لضرورة فإنه لا ضمان عليه مخالف لصريح المنقول
قوله ( فإن أطعم منه ) أي مما ضمنه من النقص وقوله ضمن قيمته لأن الصدقة لا تصح على غني
وعبارة البحر لو ركبها أو حمل عليها فنقصت فعليه ضمان ما نقص ويتصدق به على الفقراء دون الأغنياء لأن جواز الانتفاع بها للأغنياء معلق ببلوغ المحل
قوله ( وينضح ) أي يرش بفتح الضاد وكسرها
بحر
وفائدته قطع اللبن
قوله ( لو المذبح قريبا ) مفعل بمعنى الزمان أي زمان الذبح لقولهم هذا إذا كان قريبا من وقت الذبح ح
وفي بعض النسخ لو الذبح بدون ميم وهذا أولى ليشمل ما قرب وقته ومكانه فإنه قد يكون في الحرم ولم يدخل وقته وهو يوم النحر وقد يكون في خارجه ودخل وقته ولا يصح أن يراد كل من الزمان والمكان في المصدر الميمي لأن المشترك لا يستعمل في معنييه
أفاده الرحمتي
قوله ( وتصدق به ) أي على الفقراء فإن صرفه لنفسه أو استهلكه أو دفعه لغني ضمن قيمته أي فيتصدق بمثله أو بقيمته
شرح اللباب
قوله ( ويقيم الخ ) لأن الوجوب متعلق بذمته وهذا إذا كان موسرا أما إذا كان معسرا أجزأه ذلك المعيب لأن المعسر لم يتعلق الإيجاب بذمته وإنما يتعلق بما عينه
سراج
قوله ( واجب ) هل يدخل فيه هنا ما لو نذر شاة معينة فهلكت فيلزمه غيرها أو لا لكون الواجبة في العين لا في الذمة بحر
والظاهر الثاني كما يفيده ما نقلناه عن السراج وما ننقله عنه قريبا
قوله ( عطب أو تعيب ) أي قبل وصوله إلى محله من الحرم أو زمانه المعين له
شرح اللباب
والعطب الهلاك وبابه علم
قوله ( بما يمنع الأضحية ) كالعرج والعمى
ط عن القهستاني
قوله ( ما شاء ) أي من بيع ونحوه
فتح
قوله ( ولو كان المعيب ) خصه بالذكر لأن ما عطب لا يمكن ذبحه
ولما فرض المسألة في الهداية في المعطوف قال في الفتح المراد بالعطب الأول حقيقته وبالثاني القرب منه ومثله في البحر وهذا أولى لأن ما قرب من العطب لا يمكن وصوله إلى الحرم فينحره في الطريق بخلاف المعيب الذي لم يصل إلى هذه الحالة فإنه إذا أمكن سوقه لا داعي لنحره في غير الحرم بل يذبحه فيه ففي التعبير بالمعيب إيهام
قوله ( نحره الخ ) أي وليس عليه غيره لأنه لم يكن متعلقا بذمته كمن قال لله علي أن أتصدق بهذه الدراهم وأشار إلى عينها فتلفت سقط الوجوب ولم يلزمه غيرها
سراج
قوله ( ولا يطعم ) بفتح الياء من باب علم أي لا يأكل ح
فإن أكل أو أطعم غنيا ضمن
لباب قوله ( للدم بلوغه محله ) قال في الهداية لأن الإذن بتناوله معلق بشرط بلوغه محله فينبغي أن لا يحل قبل ذلك أصلا إلا أن التصدق على الفقراء أفضل من أن يتركه جزرا للسباع وفيه نوع تقرب والتقرب هو
____________________
(2/617)
المقصود
قوله ( بدنة التطوع ) قيد بالبدنة لأنه لا يسن تقليد الشاة ولا تقلد عادة
بحر
قوله ( ومنه النذر ) لأنه لما كان بإيجاب العبد كان تطوعا أي ليس بإيجاب الشارع ابتداء
بحر قوله ( فقط ) أفاد أنه لا يقلد دم الجنايات ولا دم الإحصار لأنه جابر فيلحق بجنسها كما في الهداية ولو قلده لا يضر
بحر عن المبسوط
فرع كل ما يقلد يخرج إلى عرفات وما لا فلا ويذبح في الحرم ولو ترك التعريف بما يقلد لا بأس به
سراج
قوله ( شهدوا الخ ) بيانه ما في اللباب إذا التبس هلال ذي الحجة فوقفوا بعد إكمال ذي القعدة ثلاثين يوما ثم تبين بشهادة أن ذلك اليوم كان يوم النحر فوقوفهم صحيح وحجهم تام ولا تقبل الشهادة اه
قوله ( حتى الشهود ) أي حجهم صحيح وإن كان عندهم أن هذا اليوم يوم النحر حتى لو وقفوا على رؤيتهم ولم يجز وقوفهم وعليهم أن يعيدوا الوقوف مع الإمام وإن لم يعيدوا فقد فاتهم الحج وعليهم أن يحلوا بالعمرة وقضاء الحج من قابل كما في اللباب وغيره
قوله ( للحرج الشديد ) بيان لوجه الاستحسان أي لأن فيه بلوى عامة لتعذر الاحتراز عنه والتدارك غير ممكن وفي الأمر بالإعادة حرج بين فوجب أن يكتفى به عند الاشتباه بخلاف ما إذا وقفوا يوم التروية لأن التدارك ممكن في الجملة بأن يزول الاشتباه في يوم عرفة
هداية
قوله ( وقبله الخ ) أي ولو شهدوا بعد الوقوف بوقوفهم قبل وقته قبلت شهادتهم وقوله إن أمكن التدارك فيه نظر لأنهم إذا شهدوا أن اليوم الذي وقفوا فيه يوم التروية فلا شك أن التدارك بأن يقفوا يوم عرفة ممكن كما قاله ابن كمال
واعترض قول الهداية في الجملة الخ بأن لا حاجة إليه
قلت لكن اعتراضه ساقط لأن قول الهداية بأن يزول الاشتباه في يوم عرفة بيان لقوله في الجملة ومعناه أنهم إذا شهدوا يوم عرفة وزال الاشتباه بشهادتهم يمكن تدارك الوقوف بخلاف ما إذا شهدوا يوم النحر فإنه لا يمكن التدارك فلما أمكن التدارك هنا في الجملة أي في بعض الصور قبلت الشهادة بخلاف الشهادة بأنهم وقفوا بعد يومه فإن التدارك غير ممكن أصلا فلذا لم يقبل ومقتضى هذا الفرق المذكور بين المسألتين أنه إذا شهدوا بالوقوف قبل وقته أن تقبل الشهادة وإن لم يمكن التدارك لأنه لما بالوقوف بعد وقته فإنه أمكن التدارك في بعض صورها صار لقبولها محل فقبلت مطلقا
بخلاف الشهادة بالوقوف بعد وقته فإنه حيث لم يمكن التدارك فيها أصلا لمن يكن لقبولها محل
ثم رأيت التصريح بذلك في شرح الجامع لقاضيخان حيث قال في توجيه القياس في المسألة الأولى ولهذا لو تبين أنهم وقفوا يوم التروية لا يجزئهم وإن لم يعلموا بذلك إلا يوم النحر
اه
وحاصله أن القياس هناك أن تقبل الشهادة ولا يصح الحج وإن لم يمكن التدارك كما في هذه المسألة إذا لم يعلموا بوقوفهم يوم التروية إلا يوم النحر فهذا صريح فيما قلناه ولله الحمد
فإذا علمت ذلك ظهر لك أن قول المصنف قبلت إن أمكن التدارك غير صحيح بل الشهادة في المسألة مقبولة مطلقا نعم ذكروا هذا التقييد في مسألة ثالثة
قال في البحر وقد بقي هنا مسألة ثالثة وهي ما إذا شهدوا يوم التروية والناس بمنى أن هذا اليوم يوم عرفة ينظر فإن أمكن للإمام أن يقف مع الناس أو أكثرهم نهارا قبلت شهادتهم قياسا واستحسانا للتمكن من الوقوف
____________________
(2/618)
فإن لم يقفوا عشية فاتهم الحج وإن أمكنه أن يقف معهم ليلا لا نهارا فكذلك استحسانا وإن لم يمكنه أن يقف ليلا مع أكثرهم لا تقبل شهادتهم ويأمرهم أن يقفوا من الغد استحسانا والشهود في هذا كغيرهم كما قدمناه
وفي الظهيرية ولا ينبغي للإمام أن يقبل في هذا شهادة الواحد والاثنين ونحو ذلك اه
فإن قلت فهل يمكن حمل كلام المصنف على هذه المسألة تصحيحا لكلامه قلت يمكن بتكلف وذلك بأن يجعل قوله وقبله ظرفا لشهدوا لا لوقوفهم ويجعل المشهود به محذوفا فيصير التقدير ولو شهدوا قبل وقوفهم بأن هذا اليوم يوم عرفة قبلت إن أمكن التدارك الخ
واقتصر الشارح على إمكان التدارك ليلا لأنه على تقدير إمكانه يفهم قبول الشهادة بالأولى فافهم واغتنم هذا التحرير المفرد
تتمة قال في اللباب ولا عبرة باختلاف المطالع فيلزم برؤية أهل المغرب أهل المشرق وإذا ثبت في مصر لزم سائر الناس في ظاهر الرواية وقيل يعتبر في كل بلد مطلع بلدهم إذا كان بينهما مسافة كثيرة وقدر الكثير بالشهر اه
وقدمنا تمام الكلام على ذلك في الصوم وقدمنا هناك أن ظاهر كلامهم هنا اعتبار اختلاف المطالع لما علمته من هذه المسائل
تأمل
قوله ( أو الثالث أو الرابع أشار إلى أن اليوم الثاني مثال لما يتكرر فيه الرمي فهو للاحتراز عن اليوم الأول فإنه لا رمي فيه إلا جمرة العقبة
قوله ( حسن ) الأولى فحسن بالفاء أي هو مسنون لقوله لسنية الترتيب ثم إن رمي في وقت الرمي لا شيء عليه وإن أخره إلى الثاني كان عليه بتأخير الجمرة الواحدة سبع صدقات لأنها أقل رمي يومها وإن أخر الكل أو إحدى عشرة حصاة التي هي أكثر رمي اليوم فعليه دم عند الإمام ولا شيء بالتأخير عندهما
رحمتي فافهم وقدمنا في بحث الرمي أن رمي كل يوم فيه أو في ليلة تليه سوى اليوم الرابع أداء وفي اليوم الذي يليه قضاء فيه الجزاء وبغروب الشمس الرابع فات وقت الأداء والقضاء ولزم الجزاء
قوله ( لسنية الترتيب ) هو المختار
وعن محمد أنه واجب كما قدمناه في بحث الرمي
قوله ( وجوبا ) راجع لقوله مشى ولقوله من منزلة وقوله في الأصح راجع للوجوب فيهما
ومقابل الأول رواية الأصل أي المبسوط لمحمد بالتخيير بين الركوب والمشي ورواية عن الإمام أن الركوب أفضل
ومقابل الثاني القول بأن محل وجوب ابتداء المشي من الميقات والقول بأنه من محل يحرم منه لأن ابتداء الحج الإحرام وانتهاؤه طواف الزيارة فيلزمه بقدر ما التزم والمعول عليه التصحيح الأول لما روي عن أبي حنيفة لو أن بغداديا قال إن كلمت فلانا فعلي أن أحج ماشيا فلقيه بالكوفة فكلمه فعليه أن يمشي من بغداد وتمامه في الفتح والبحر
تنبيه صريح كلامهم هنا أن الحج ماشيا أفضل منه راكبا خلافا لما قدمه الشارح أول كتاب الحج وقد قدمنا الكلام عليه هناك
قوله ( حتى يطوف الفرض ) وفي النذر بالعمرة حتى يحلق
لباب
قال شارحه وقياسه في الحج أن يقيد بحلقه قبل الطواف أو بعده ليخرج عن إحرامه اه
قلت لكن مجرد الطواف في الحج إحلال عن غير النساء فتأمل
قوله ( وفي أقله بحسابه ) أي يلزمه التصدق بقدره من قيمة الشاة الوسط
بحر
قوله ( لا شيء عليه ) لعدم العرف بالتزام النسك به ولأن مسجد المدينة يجوز
____________________
(2/619)
دخوله بلا إحرام فلم يصر به ملتزما للإحرام كما في الفتح وغيره
قوله ( اشترى محرمة ) وكذا لو اشترى عبدا محرما له أن يحلله بحر
قوله ( ولو بالإذن ) أي ولو كانت محرمة بإذن البائع
قوله ( لعدم خلف وعده ) أي وعد المشتري فإنه ما وعدها بخلاف البائع لو أذن لها فإنه كان يكره له أن يحللها كما في البحر
قوله ( بقص شعرها الخ ) أفاد أنه لا يثبت التحليل بقوله حللتك بل بفعله أو بفعلها بأمره كالامتشاط بأمره بحر
قلت وأفاد أيضا أنه لا يتوقف تحليلها على أفعال الحج بل تخرج من الإحرام بمجرد ما هو من المحظورات ولا يرد عليه ما صرحوا به من أن من فسد حجه لا يخرج عن الإحرام إلا بالأفعال ويلزمه التحلل بها كما توهمه الشرنبلالي في الجنايات للفرق الواضح بين المأمور بالرفض والمنهي عنه ألا ترى أن من أحرم بحجين لزمه رفض أحدهما ويتحلل منه بالحلق ولا يلزمه أفعاله وكذا المحصر بعدو أو مرض يتحلل بالهدي فكذا هنا فإن الأمة ممنوعة عن المضي لحق المولى ومثلها الزوجة أما من فسد حجه فإنه مأمور بالمضي في فاسده كما نبهنا على ذلك في الجنايات فافهم
وأفاد أيضا أنه لا يتوقف تحليلهما على الهدي وإن وجب عليهما بعد كما صرح به في اللباب فعليهما إرسال هدي وحج وعمرة إن كان إحرامهما بالحج وعمرة إن كان بالعمرة وذلك على الأمة والعبد بعد العتق كما قدمناه أول باب الإحصار
قوله ( وهو أولى الخ ) لأن الجماع أعظم محظورات الإحرام حتى تعلق به الفساد بحر
وذكر بعده أن جماعها تحليل لها إن علم بإحرامها وإلا فلا وفسد حجها
قوله ( وكذا ) أي له أن يحللها ولا يتأخر تحليله إياها إلى ذبح الهدي بحر
قوله إن لها محرم ) فإنها استجمعت حينئذ شرائط الوجوب فليس له منعها ح
قوله ( إن لها محرم ) فإنها استجمعت حينئذ شرائط الوجوب فليس له منعها ح
قوله ( وإلا ) أي إن لم يكن لها محرم
قوله ( فهي محصرة ) لعدم المحرم فللزوج منعها لعدم وجوب خروجه معها فكانت محصرة شرعا
قوله ( فلا تتحلل إلا بالهدي ) أي ليس له أن يحللها من ساعته كما في حج النفل بل يتأخر تحليله إياها إلى ذبح الهدي وهذا أحد قولين وعزاه في المنسك الكبير إلى الكرخي والمبسوط وعزا إلى الأصل أن للزوج تحليلها بلا هدي كما في شرح اللباب فعلى رواية الأصل لا فرق بين النفل والفرض
قوله ( وكذا المكاتبة ) لأنها حرة من وجه ط
قوله ( بخلاف الأمة ) فله أن يرجع بعد الإذن لأنه ملكها منافعها وهي لا تملك فيكون الأمر إليه ط
لكنه يكره كما مر
قوله ( إلا إذا أذن ) استثناء منقطع ط
قوله ( فليس لزوجها منعها ) وذلك لأنها في تصرف السيد بعد زواجها فيجوز له أن يستخدمها ولا يجب عليه تبوئتها ط
وهذا أولى من قوله في شرح اللباب لعل هذا إذا لم يبوئها
قوله ( حج الغني أفضل من حج الفقير ) لأن الفقير يؤدي الفرض من مكة وهو متطوع في ذهابه وفضيلة الفرض أفضل من فضيلة التطوع
ح عن المنح
وهذا إنما يظهر في حج الفرض كما قاله ط
وفيما إذا أحرما من الميقات أما لو أحرما من بلدهما فقد تساويا في وجوب الذهاب
قوله ( حج الفرض أولى من طاعة الوالدين ) لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى لكن هذا إذا لم يضيعا بسفره لما قدمه أول الحج أنه يكره بلا
____________________
(2/620)
إذن ممن يجب استئذانه كأحد الأبوين المحتاج إلى خدمته وقدمنا أن الأجداد والجدات كالأبوين عند فقدهما
قوله ( بخلاف النفل ) أي فإن طاعتهما أولى منه مطلقا كما قدمناه عن البحر عن الملتقط
مطلب في تفضيل الحج على الصدقة قوله ( ورجح في البزازية أفضلية الحج ) حيث قال الصدقة أفضل من الحج تطوعا كذا روي عن الإمام لكنه لما حج وعرف المشقة أفتى بأن الحج أفضل ومراده أنه لو حج نفلا وأنفق ألفا فلو تصدق بهذه الألف على المحاويج فهو أفضل لا أن يكون صدقة فليس أفضل من إنفاق ألف في سبيل الله تعالى والمشقة في الحج لما كانت عائدة إلى المال والبدن جميعا فضل في المختار على الصدقة اه
قال الرحمتي والحق التفصيل فما كانت الحاجة فيه أكثر والمنفعة فيه أشمل فهو الأفضل كما ورد حجة أفضل من عشر غزوات وورد عكسه فيحمل على ما كان أنفع فإذا كان أشجع وأنفع في الحرب فجهاده أفضل من حجه أو بالعكس فحجه أفضل وكذا بناء الرباط إن كان محتاجا إليه كان أفضل من الصدقة وحج النفل وإذا كان الفقير مضطرا أو من أهل الصلاح أو من آل بيت النبي فقد يكون إكرامه أفضل من حجات وعمر وبناء ربط
كما حكي في المسامرات عن رجل أراد الحج فحمل ألف دينار يتأهب بها فجاءته امرأة في الطريق وقالت له إني من آل بيت النبي وبي ضرورة فأفرغ لها ما معه فلما رجع حجاج بلده صار كلما لقي رجلا منهم يقول له تقبل الله منك فتعجب من قولهم فرأى النبي في نومه وقال له تعجبت من قولهم تقبل الله منك قال نعم يا رسول الله قال إن الله خلق ملكا على صورتك حج وهو يحج عنك إلى يوم القيامة بإكرامك لامرأة مضطرة من آل بيتي فانظر إلى هذا الإكرام الذي ناله لم ينله بحجات ولا ببناء ربط
مطلب في فضل وقفة الجمعة قوله ( لوقفة الجمعة الخ ) في الشرنبلالية ) عن الزيلعي أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة رواه رزين بن معاوية في تجريد الصحاح اه
لكن نقل المناوي عن بعض الحفاظ أن هذا حديث باطل لا أصل له نعم ذكر الغزالي في الإحياء ) قال بعض السلف إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل عرفة وهو أفضل يوم في الدنيا وفيه حج رسول الله حجة الوداع وكان واقفا إذ نزل قوله { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } سورة المائدة الآية 3
فقال أهل الكتاب لو أنزلت هذه الآية علينا لجعلناه يوم عيد فقال عمر رضي الله عنه أشهد لقد أنزلت في يوم عيدين اثنين يوم عرفة ويوم جمعة على رسول الله وهو واقف بعرفة اه
قوله ( بلا واسطة ) في المنسك الكبير للسندي فإن قيل قد ورد أنه يغفر لجميع أهل الوقف مطلقا فماوجه تخصيص ذلك بيوم الجمعة قيل لأنه يغفر
____________________
(2/621)
يوم الجمعة بلا واسطة وفي غيره يهب قوما لقوم وقيل إنه يغفر فيوقفة الجمعة للحاج وغيره وفي غيره للحاج فقط
فإن قيل قد يكون في الموقف من لا يقبل حجه فكيف يغفر له قيل يحتمل أن تغفر له الذنوب ولا يثاب ثواب الحج المبرور فالمغفرة غير مقيدة بالقبول والذي يوجب هذا أن الأحاديث وردت بالمغفرة لجميع أهل الموقف فلا بد من هذا القيد والله أعلم
مطلب في الحج الأكبر تتمة قال العلامة نوح في رسالته المصنفة في تحقيق الحج الأكبر قيل إنه الذي حج فيه رسول الله وهو المشهور
وقيل يوم عرفة جمعة أو غيرها وإليه ذهب ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم
وقيل يوم النحر وإليه ذهب علي وابن أبي أوفى والمغيرة بن شعبة
وقيل إنه أيام منى كلها وهو قول مجاهد وسفيان الثوري
وقال مجاهد الحج الأكبر القران والأصغر الإفراد
وقال الزهري والشعبي وعطاء الأكبر الحج والأصغر العمرة
قوله ( ضاق وقت العشاء والوقوف ) بأن كان لو مكث ليصلي العشاء في الطريق يطلع الفجر قبل وصوله إلى عرفة ولو ذهب ووقف يفوت وقت العشاء
قوله ( يدع الصلاة الخ ) مشى عليه في ( السراج ) واختار في شرح اللباب عكسه لأن تأخير الوقوف لعذر مع إمكان التدارك في العام القابل جائز وليس في الشرع ترك فرض حاضر لتحصيل فرض آخر
قال وهذا هو الظاهر المتبادر من الأدلة النقلية والعقلية وهو مختار الرافعي خلافا للنوي من الأئمة الشافعية
وقال صاحب النخبة يصلي ماشيا مومئا على قول من يراه ثم يقضيه احتياطا قال وهذا قول حسن وجمع مستحسن اه
مطلب في تكفير الحج الكبائر قوله ( قيل نعم الخ ) أي لحديث ابن ماجه في سننه المروي عن عبد الله بن كنانة ابن عباس بن مرداس أن أباه أخبر عن أبيه أن رسول الله دعا لأمته عشية عرفة فأجيب إني قد غفرت لهم ما خلا المظالم فإني خذ للمظلوم منه فقال أي رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشية عرفة فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل الحديث
وقال ابن حبان إن كنانة روى عنه ابنه منكر الحديث كلاهما ساقط الاحتجاج
وقال البيهقي هذا الحديث له شواهد كثيرة ذكرناها في كتاب الشعب فإن صح بشواهده ففيه الحجة وإلا فقد قال تعالى { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } سورة النساء الآية 48
وظلم بعضهم بعضا دون الشرك اه
وروى ابن المبارك أنه قال إن الله عز وجل قد غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة فقال عمر رضي الله عنه كثر خير ربنا وطاب وتمامه في الفتح وساق فيه أحاديث أخر
____________________
(2/622)
والحاصل أن حديث ابن ماجه وإن ضعف فله شواهد تصححه والآية أيضا تؤيده ومما يشهد له أيضا حديث البخاري مرفوعا من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وحديث مسلم مرفوعا إن الإسلام يهدم ما كان قبله وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها وإن الحج يهدم ما كان قبله لكن ذكر الأكمل في الشرح مشارق في هذا الحديث أن الحربي تحبط ذنوبه كلها بالإسلام والهجرة والحج حتى لو قتل وأخذ المال وأحرزه بدار الحرب ثم أسلم لم يؤاخذ بشيء من ذلك وعلى هذا كان الإسلام كافيا في تحصيل مراده ولكن ذكر الهجرة والحج تأكيدا في بشارته وترغيبا في مبايعته فإن الهجرة والحج لا يكفران المظالم ولا يقطع فيهما بمحو الكبائر وإنما يكفران الصغائر
ويجوز أن يقال والكبائر التي ليست من حقوق أحد كإسلام الذمي اه ملخصا
وكذا ذكر الإمام الطبي في شرحه وقال إن الشارحين اتفقوا عليه وهكذا ذكر النووي والقرطبي في شرح مسلم كما في البحر
وفي شرح اللباب ) ومشى الطيبي على أن الحج يهدم الكبائر والمظالم
ووقع منازعة غريبة بين أمير بادشاه من الحنفية حيث مال إلى قول الطيبي وبين الشيخ ابن حجر المكي من الشافعية وقد مال إلى قول الجمهور وكتبت رسالة في بيان هذه المسألة اه
قلت وظاهر كلام الفتح الميل إلى تكفير المظالم أيضا وعليه مشى الإمام والسرخسي في شر السير الكبير وقاس عليه الشهيد الصابر المحتسب وعزاه أيضا المناوي إلى القرطبي من شرح حديث من حج فلم يرفث الخ فقال وهو يشمل الكبائر والتبعات وإليه ذهب القرطبي
وقال عياض هو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها
وقال الترمذي هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق الله تعالى لا العباد ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها لا نفسها فلو أخرها بعده تجدد إثم آخر اه
ونحوه في البحر
وحقق ذلك البرهان اللقاني في شرحه الكبير على جوهرة التوحيد بأن قوله خرج من ذنوبه لا يتناول حقوق الله تعالى وحقوق عباده لأنها في الذمة ليست ذنبا وإنما الذنب المطل فيها فالذي يسقط إثم مخالفة الله تعالى اه
والحاصل أن تأخير الدين وغيره وتأخير نحو الصلاة والزكاة من حقوقه تعالى فيسقط إثم التأخير فقط عما مضى دون الأصل ودون التأخير المستقبل
قال في البحر فليس معنى التكفير كما يتوهمه كثير من الناس أن الدين يسقط عنه وكذا قضاء الصلاة والصوم والزكاة إذ لم يقل أحد بذلك اه
وبهذا ظهر أن قول الشارح كحربي أسلم في غير محله لاقتضائه كما قال ح سقوط نفس الحق ولا قائل به كما علمته بل هذا الحكم يخص الحربي كما مر عن الأكمل
قلت قد يقال بسقوط نفس الحق إذا مات قبل المقدرة على أدائه سواء كان حق الله تعالى أو حق عباده وليس في تركته ما يفي به لأنه إذا سقط إثم التأخير ولم يتحقق منه إثم بعده فلا مانع من سقوط نفس الحق أما حق الله تعالى فظاهر وأما حق العبد فالله تعالى يرضي خصمه عنه كما مر في الحديث
والظاهر أن هذا هو مراد القائلين بتكفير المظالم أيضا وإلا لم يبق للقول بتكفيرها محل على أن نفس مطل الدين حق عبد أيضا لأن فيه جناية عليه بتأخير حقه عنه فحيث قالوا بسقوطه فليسقط نفس الدين أيضا عند العجز كما تقدم عن عياض لكن تقييد عياض بالتوبة والعجز غير ظاهر لأن التوبة مكفرة بنفسها وهي إنما تسقط حق الله تعالى لا حق
____________________
(2/623)
العبد فتعين كون المسقط هو الحج كما اقتضته الأحاديث المارة وأما إنه لا قائل بسقوط الدين فنقول نعم ذلك عند القدرة عليه بعد الحج وعليه يحمل كلام الشارحين المار وحينئذ صح قول الشارح كحربي أسلم بهذا الاعتبار فافهم
ثم اعلم أن تجويزهم تكفير الكبائر بالهجرة والحج مناف لنقل عياض الإجماع على أنه لا يكفرها إلا التوبة ولا سيما على القول بتكفير المظالم أيضا بل القول بتكفير إثم المطل وتأخير الصلاة ينافيه لأنه كبيرة وقد كفرها الحج بلا توبة وكذا ينافيه عموم قوله تعالى { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وهو اعتقاد أهل الحق أن من مات مصرا على الكبائر كلها سوى الكفر فإنه قد يعفى عنه بشفاعة أو بمحض الفضل
والحاصل كما في البحر أن المسألة ظنية فلا يقطع بتكفير الحج للكبائر من حقوقه تعالى فضلا عن حقوق العباد والله تعالى أعلم
قوله ( ضعيف ) أي بكنانة وابنه عبد الله فإنهما ساقطا الاحتجاج كما مر لا بأبيه العباس بن مرداس كما وقع في البحر فإنه صحابي والصحابة كلهم عدول كما بين في محله فافهم
مطلب في دخول البيت قوله ( يندب دخول البيت ) ويبنغي أن يقصد مصلاه
وكان عمر إذا دخله مشى قبل وجهه وجعل الباب قبل ظهره حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع ثم يصلي يتوخى مصلى رسول الله وليست البلاطة الخضراء بين العمودين مصلاه عليه الصلاة والسلام فإذا صلى إلى الجدار المذكور يضع خده عليه ويستغفر ويحمد ثم يأتي الأركان فيحمد ويهلل ويسبح ويكبر ويسأل الله تعالى ما شاء ويلزم الأدب ما استطاع بظاهره وباطنه
فتح
قوله ( إذا لم يشتمل الخ ) ومثله فيما يظهر دفع الرشوة على دخوله لقوله في شرح اللباب ويحرم أخذ الأجرة ممن يدخل البيت أو يقصده زيارة مقام إبراهيم عليه السلام بلا خلاف بين علماء الإسلام وأئمة الأنام كما صرح به في البحر وغيره اه
وقد صرحوا بأن ما حرم أخذه حرم دفعه إلا لضرورة ولا ضرورة هنا لأن دخول البيت ليس من مناسك الحج
مطلب في استعمال كسوة الكعبة قوله ( ولا يجوز الخ ) قيل ذكر المرشدي في تذكرته ما نصه قال العلامة قطب الدين الحنفي والذي يظهر لي أن الكسوة إن كانت من قبل السلطان من بيت المال فأمرها راجع إليه يعطيها لمن شاء من الشيبيين أو غيرهم وإن كانت من أوقات السلاطين وغيرهم فأمرها راجع إلى شرط الواقف فيها فهي لمن عينها له وإن جهل شرط الواقف فيها عمل فيها بما جرت به العوائد السالفة كما هو الحكم في سائر الأوقاف وكسوة الكعبة الشريفة الآن من أوقاف السلاطين ولم يعلم شرط الواقف فيها وقد جرت عادة بني شيبة أنهم يأخذون لأنفسهم الكسوة العتيقة بعد وصول الكسوة الجديدة فيبقون على عاتدهم فيها والله أعلم
قوله ( وله لبسها ) أي للشاري إن كان امرأة أو كان
____________________
(2/624)
رجلا وكانت الكسوة من غير الحرير كما في شرح اللباب
ونقل بعض المحشين عن المنسك الكبير للسندي تقييد ذلك أيضا بما إذا لم تكن عليها كتابة لا سيما كلمة التوحيد
مطلب فيمن جنى في غير الحرم ثم التجأ إليه قوله ( إلا إذا قتل فيه ) وإلا المرتد فإنه يعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قتل كذا في شرح الشيخ إسماعيل عن المنتقى لكن عبارة اللباب هكذا من جنى في غير الحرم بأن قتل أو ارتد أو زنى أو شرب الخمر أو فعل غير ذلك مما يوجب الحد ثم لاذ إليه لا يتعرض له ما دام في الحرم ولكن لا يبايع ولا يؤاكل ولا يجالس ولا يؤوي إلى أن يخرج منه فيقتص منه وإن فعل شيئا من ذلك في الحرم يقام عليه الحد فيه ومن دخل الحرم مقاتلا فتل فيه اه
وكذا سيأتي في المتن قبيل باب القود من الجنايات
مباح الدم التجأ إلى الحرام لم يقتل فيه ولم يخرج عنه للقتل الخ
زاد الشارح هناك وأما فيما دون النفس فيتقص منه في الحرم إجماعا اه
ونقل في شرح اللباب ) عن النتف مثل ما مر عن المنتقى من التفصيل وقال إنه مخالف بظاهره لإطلاقهم
ثم أجاب بتقييد إطلاقهم عدم قتله بما إذا لم يحصل أعراض وإباء لأن إباءه عن الإسلام جناية في الحرم
وذكر أيضا عن الخانية عن أبي حنيفة لا تقطع يد السارق في الحرم خلافا لهما اه
قلت وتمام عبارة الخانية وإن فعل شيئا من ذلك في الحرم يقام عليه الحد فيه فأفاد كلام الخانية وكلام اللباب المار أن الحدود لا تقام في الحرم على من جنى خارجه ثم لجأ إليه ولو كان ذلك فيما دون النفس بخلاف ما إذا كانت الجناية فيه وعلى هذا فيفرق فيما دون النفس بين إقامة الحد وبين القصاص من حيث إن الحد فيه لا يقام في الحرم إلا إذا كانت الجناية فيه بخلاف القصاص ولعل وجه الفرق ما صرحوا به من أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال
ومن جنى على المال إذا لجأ إلى الحرم يؤخذ منه لأنه حق العبد فكذا يقتص منه في الأطراف بخلاف الحد لأنه حق الرب تعالى وبخلاف القصاص في النفس لأنه ليس بمنزلة المال
وأما ما في صحيح البخاري من قطعه صلى الله عليه وسلم عام الفتح يد المخزومية بمكة فلا ينافي ما قلناه إلا إذا ثبت أنها سرقت خارج الحرم والله تعالى أعلم
قوله ( لا يقتل فيه ) لأن فيه تقدير البيت الشريف وقد أمر الله تعالى بتطهيره وكذا الحكم في سائر المسجد لأنه يجب تطهيره عن الأقذار
رحمتي
قلت إن كانت هذه هي العلة فهي شاملة لكل مسجد
مطلب في كراهية الاستنجاء بماء زمزم قوله ( يكره الاستنجاء بماء زمزم ) وكذا إزالة النجاسة الحقيقية من ثوبه أو بدنه حتى ذكر بعض اللعماء تحريم ذلك
ويستحب حمله إلى البلاد فقد روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمله وتخبر أن رسول الله كان يحمله وفي غير الترمذي أنه كان يحمله وكان يصبه على المرضى ويسقيهم وأنه حنك به الحسن والحسين رضي الله عنهما من اللباب وشرحه
____________________
(2/625)
تنبيه لا بأس بإخراج التراب والأحجار التي في الحرم وكذا قيل في تراب البيت المعظم إذا كان قدرا يسيرا للتبرك به بحيث لا تكون به عمارة المكان كذا في الظهيرية
وصوب ابن وهبان المنع عن تراب البيت لئلا يتسلط عليه الجهال فيفضي إلى خراب البيت والعياذ بالله تعالى لأن القليل من الكثير كثير كذا في معين المفتي للمصنف
قوله ( لا حرم للمدينة عندنا ) أي خلافا للأئمة الثلاثة
قال في الكافي لأنا عرفنا حل الاصطياد بالنص القاطع فلا يحرم إلا بدليل قطعي ولم يوجد
قال ابن المنذر وقال الشافعي في الجديد ومالك في المشهور وأكثر من لقينا من علماء الأمصار لا جزاء على قاتل صيده ولا على قاطع شجره
وأوجب الجزاء ابن أبي ليلى وابن أبي ذئب وابن نافع المالكي وهو القديم للشافعي ورجحه النووي وتمامه في المعراج
قوله ( على الراجح ) يوهم أن فيه خلافا في المذهب ولم أره
مطلب في تفضيل مكة على المدينة وفي آخر اللباب وشرحه أجمعوا على أن أفضل البلاد مكة والمدينة زادهما الله تعالى شرفا وتعظيما
واختلفوا أيهما أفضل فقيل مكة وهو مذهب الأئمة والمروي عن بعض الصحابة وقيل المدينة وهو قول بعض المالكية والشافعية قيل وهو المروي عن بعض الصحابة ولعل هذا مخصوص بحياته أو بالنسبة إلى المهاجرين من مكة وقيل بالتسوية بينهما وهو قول مجهول لا منقول ولا معقول
مطلب في تفضيل قبره المكرم صلى الله عليه وسلم قوله ( إلا الخ ) قال في اللباب والخلاف فيما عدا موضع القبر المقدس فما ضم أعضاؤه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع اه
قال شارحه وكذا أي الخلاف في غير البيت فإن الكعبة أفضل من المدينة ما عدا الضريح الأقدس وكذا الضريح أفضل من المسجد الحرام
وقد نقل القاضي عياض وغيره الإجماع على تفضيله حتى على الكعبة وأن الخلاف فيما عداه
ونقل عن ابن عقيل الحنبلي أن تلك البقعة أفضل من العرش وقد وافقه السادة البكريون على ذلك
وقد صرح التاج الفاكهي بتفضيل الأرض على السموات لحلوله بها وحكاه بعضهم على الأكثرين لخلق الأنبياء منها ودفنهم فيها
وقال النووي الجمهور على تفضيل السماء على الأرض فينبغي أن يستثنى منها مواضع ضم أعضاء الأنبياء للجمع بين أقوال العلماء
قوله ( مندوبة ) أي بإجماع المسلمين كما في اللباب وما نسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنه يقول بالنهي عنها فقد قال بعض العلماء إنه لا أصل له وإنما يقول بالنهى عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة
أما نفس الزيارة فلا يخالف فيها كزيارة سائر القبور ومع هذا فقد رد كلامه كثير من العلماء وللأمام السبكي فيه تأليف منيف قال في شرح اللباب وهل تستحب زيارة قبره للنساء الصحيح نعم بلا كراهة بشروطها على ما صرح به بعض العلماء أما على الأصح من مذهبنا وهو قول الكرخي وغيره من أن الرخصة في زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعا فلا إشكال
وأما على غيره فكذلك نقول بالاستحباب لإطلاق الأصحاب والله أعلم بالصواب
قوله ( بل قيل واجبة ) ذكره في شرح اللباب وقال كما بينته في الدرة المضية في الزيارة المصطفوية
وذكره أيضا الخير الرملي في حاشية المنح عن ابن حجر وقال وانتصر له نعم عبارة اللباب والفتح
____________________
(2/626)
وشرح المختار أنها قريبة من الوجوب لمن له سعة
وقد ذكر في الفتح ما ورد في فضل الزيارة وذكر كيفيتها وآدابها وأطال في ذلك وكذا في شرح المختار واللباب فليراجع ذلك من أراده
قوله ( ويبدأ الخ ) قال في شرح اللباب وقد روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا كان الحج فرضا فالأحسن للحاج أن يبدأ بالحج ثم يثني بالزيارة وإن بدأ بالزيارة جاز اه
وهو ظاهر
إذ يجوز تقديم النفل على الفرض إذا لم يخش الفوت بالإجماع اه
قوله ( ما لم يمر به ) أي بالقبر المكرم أي ببلده فإن مر بالمدينة كأهل الشام بدأ بالزيارة لا محالة لأن تركها مع قربها يعد من القساوة والشقاوة وتكون الزيارة حينئذ بمنزلة الوسيلة وفي مرتبة السنة القبلية للصلاة
شرح اللباب
قوله ( ولينو معه الخ ) قال ابن الهمام والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف تجريد النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام ثم يحصل له إذا قدم زيارة المسجد أو يستمنح فضل الله تعالى في مرة أخرى ينويها فيها لأن في ذلك زيادة تعظيمه وإجلاله ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله من جاءني زائرا لا تحمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون شفيعا له يوم القيامة اه
ح
ونقل الرحمتي عن العارف المنلا جامي أنه أفرز الزيارة عن الحج حتى لا يكون له مقصد غيرها في سفره
قوله ( فقد أخبر الخ ) أي بقوله صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي رواه أحمد وابن حبان في صحيحه وصححه ابن عبد البر وقال إنه مذهب عامة أهل الأثر
شرح اللباب
وقدمنا الكلام على المضاعفة المذكورة قبيل باب القران وفي الحديث المتفق عليه لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى والمعنى كما أفاده في الإحياء أنه لا تشد الرحال لمسجد من المساجد إلا لهذه الثلاثة لما فيها من المضاعفة بخلاف بقية المساجد فإنها متساوية في ذلك فلا يرد أنه قد تشد الرحال لغير ذلك كصلة رحم وتعلم علم وزيادة المشاهد كقبر النبي وقبر الخليل عليه السلام وسائر الأئمة
قوله ( وكذا بقية القرب ) أي كالصوم والاعتكاف والصدقة والذكر والقراءة
ونقل الباقاني عن الطحاوي اختصاص هذه المضاعفة بالفرائض وعن غيره النوافل كذلك
مطلب في المجاورة بالمدينة المشرفة ومكة المكرمة قوله ( ولا تكره المجاورة بالمدينة الخ ) وقيل تكره كمكة وقيل إنها على الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه وقدمناه قبيل القران واختار في اللباب أن المجاورة بالمدينة أفضل منها بمكة وأيده بوجوه وبحث فيها شارحه القاري ترجيحا لما اختاره في الفتح حيث ذكر فضل المجاورة بمكة ثم قال لكن الفائز بهذا مع السلامة أقل القليل فلا يبنى الفقه باعتبارهم ولا يذكر حالهم قيدا في الجواز لأن شأن النفوس الدعوى الكاذبة وأنها لأكذب ما تكون إذا حلفت فكيف إذا ادعت
وعلى هذا فيجب كون الجوار بالمدينة المشرفة كذلك فإن تضاعف السيئات أو تعاظمها إن فقد فيها فمخافة السآمة وقلة الأدب المفضي إلى الإخلال بواجب التوقير والإجلال قائم اه
قال ح وهو وجيه فكان ينبغي للشارح أن ينص على الكراهة ويترك التقييد بالوثوق أي اعتبارا للغالب من حال الناس لا سيما أهل هذا الزمان والله المستعان
____________________
(2/627)
خاتمة يستحب إذا عزم على الرجوع إلى أهله أن يودع المسجد بصلاة ويدعو بعدها بما أحب وأن يأتي القبر الكريم فيسلم ويدعو ويسأل الله تعالى أن يوصله إلى أهله سالما ويقول غير مودع يا رسول الله ويجتهد في خروج الدمع فإنه من أمارات القبول وينبغي أن يتصدق بشيء على جيران النبي ثم ينصرف متباكيا متحسرا على مفارقة الحضرة النبوية كما في الفتح
وفيه ومن سنن الرجوع أن يكبر على كل شرف من الأرض ويقول آيبون تائبون عبادون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده وهذا متفق عليه عنه عليه الصلاة والسلام
وإذا أشرف على بلده حرك دابته ويقول آيبون الخ ويرسل إلى أهله من يخبرهم ولا يبغتهم فإنه منهي عنه وإذا دخلها بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين إن لم يكن وقت كراهة ثم يدخل منزلة ويصلي فيه ركعتين ويحمد الله ويشكره على ما أولاه من إتمام العبادة والرجوع بالسلامة ويديم حمده وشكره مدة حياته ويجتهد في مجانبة ما يوجب الإحباط في باقي عمره وعلامة الحج المبرور أن يعود خيرا مما كان
وهذا إتمام ما يسر الله تعالى لعبده الضعيف من ربع العبادات أسأل الله رب العالمين ذا الجود العميم أن يحقق لي فيه الإخلاص ويجعله نافعا إلى يوم القيامة إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وأن يسهل إكمال هذا الكتاب مع الإخلاص والنفع العميم لي ولعامة العباد في أكثر البلاد والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
____________________
(2/628)
كتاب النكاح ذكره عقب العبادات الأربع أركان الدين لأنه بالنسبة إليها كالبسيط إلى المركب لأنه عبادة من وجه معاملة من وجه
وقدمه على الجهاد وإن اشتركا في أن كلا منهما سبب لوجود المسلم والإسلام لأن ما يحصل بأنكحة أفراد المسلمين أضعاف ما يحصل بالقتال فإن الغالب في الجهاد حصول القتل والذمة على أن في كونه سببا لوجود المسلم تسامحا نظرا إلى أن تجدد الصفة بمنزلة تجدد الذات وكذا على العتق والوقف والأضحية وإن كانت عبادات أيضا لأنه أقرب إلى الأركان الأربع حتى قالوا إن الاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادات أي الاشتغال به وما يشتمل عليه من القيام بمصالحه وإعفاف النفس عن الحرام وتربية الولد ونحو ذلك
قوله ( ليس لنا عبادة الخ ) كذا في الأشباه وفيه نظر
أما أولا فإن كونه عبادة في الدنيا إنما هو لكونه سببا لكثرة المسلمين ولما فيه من الإعفاف ونحوه مما ذكرناه وهذا مفقود في الجنة بل ورد أن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد لكن ورد في حديث آخر المؤمن إذا شتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهى وهذا أولى لقول الترمذي إنه حديث حسن غريب
وأما ثانيا فلأن الذكر والشكر في الجنة أكثر منهما في الدنيا لأن حال العبد يصير كحال الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون غايته أن هذه العبادة ليست بتكليف بل هي مقتضى الطبع لأن خدمة الملوك لذة وشرف وتزاد بالقرب وتمامه في حاشية الحموي على الأشباه
قوله ( عقد ) العقد مجموع إيجاب أحد المتكلمين مع قبول الآخر أو كلام الواحد القائم مقامهما أعني متولي الطرفين
بحر
وفيه كلام يأتي
قوله ( أي حل استمتاع الرجل ) أي المراد أنه عقد يفيد حكمه بحسب الوضع الشرعي
وفي البدائع أن من أحكامه ملك المتعة وهو اختصاص
____________________
(3/3)
الزوج بمنافع بضعها وسائر أعضائها استمتاعا أو ملك الذات والنفس في حق التمتع على اختلاف مشايخنا في ذلك اه
بحر
وعزا الدبوسي المعنى الأول إلى الشافعي لكن كلام المصنف كالكنز صريح في اختياره
على أن الظاهر كما في النهر أن الخلف لفظي لقول الدبوسي إن هذا الملك ليس حقيقيا بل في حكمه في حق تحليل الوطء دون ما سواه من الأحكام التي لا تتصل بحق الزوجية اه
فعلى القول الذي عزاه الدبوسي إلى أصحابنا من أنه ملك الذات ليس ملكا للذات حقيقة بل ملك التمتع بها أي اختصاص الزوج به كما عبر به في البدائع وهو المراد من القول بأنه ملك المتعة وبه ظهر أن تفسير الملك هنا بالاختصاص كما عبر به في البدائع أولى من تفسيره بالحل تبعا للبحر لأن الاختصاص أقرب إلى معنى الملك لأن الملك نوع منه بخلاف الحل لأنه لازم لملك المتعة وهو لازم لاختصاصها بالزوج شرعا أيضا على أن ملك كل شيء بحسبه فملك الزوج المتعة بالعقد ملك شرعي كملك المستأجر المنفعة بمن استأجره للخدمة مثلا ولا يرد عليه قوله في البحر إن المراد بالملك الحل لا الملك الشرعي لأن المنكوحة لو وطئت بشبهة فمهرها لها ولو ملك الانتفاع ببضعها حقيقة لكان بدله له اه
لأن ملكه الانتفاع بالبضع حقيقة لا يستزلم ملكه البدل وإنما يستلزمه ملك نفس البضع كما لو وطئت أمته فإن العقد له لملكه نفس البضع بخلاف الزوج فافهم
تنبيه كلام الشارح والبدائع يشير إلى أن الحق في التمتع للرجل لا للمرأة كما ذكره السيد أبو السعود في حواشي مسكين قال يتفرع عليه ما ذكره الأبياري شارح الكنز في شرحه للجامع الصغير في شرح قوله عليه الصلاة والسلام حفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك من أن للزوج أن ينظر إلى فرج زوجته وحلقة دبرها بخلافها حيث لا تنظر إليه إذا منعها من النظر اه
ونقله ط وأقره
والظاهر أن المراد ليس لها إجبار على ذلك لا بمعنى أنه لا يحل لها إذا منعها منه لأن من أحكام النكاح حل استمتاع كل منهما بالآخر نعم له وطؤها جبرا إذا امتنعت بلا مانع شرعي وليس لها إجباره على الوطء بعد ما وطئها مرة وإن وجب عليه ديانة أحيانا على ما سيأتي
تأمل
قوله ( من امرأة الخ ) من ابتدائية والأولى أن يقول بامرأة والمراد بها المحققة أنوثتها بقرينة الاحتراز بها عن الخنثى وهذا بيان لمحلية العقد
قال في البحر بعد نقله عن الفتح إن محليته الأنثى والأولى أن يقال إن محليته أنثى محققة من بنات آدم ليست من المحرمات وفي العناية محله امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي فخرج الذكر للذكر والخنثى مطلقا والجنية للإنسي وما كان من النساء محرما على التأييد كالمحارم اه
وبه ظهر أن المراد بالنكاح في قوله لم يمنع من نكاحها العقد لا الوطء لأن المراد بيان محلية العقد ولذا احتراز بالمانع الشرعي عن المحارم فالمراد منه المحرمية بنسب أو سبب كالمصاهرة والرضاع وأما نحو الحيض والنفاس والإحرام والظهار قبل التكفير فهو مانع من حل الوطء لا من محلية العقد فافهم
قوله ( فخرج الذكر والخنثى المشكل ) أي أن إيراد العقد عليهما لا يفيد ملك استمتاع الرجل بهما لعدم محليتهما له وكذا على الخنثى لامرأة أو لمثله ففي البحر عن الزيلعي في كتاب الخنثى لو زوجه أبوه أو مولاه امرأة أو رجلا لا يحكم بصحته حتى يتبين حاله أنه رجل أو امرأة فإذا ظهر أنه خلاف ما زوج به تبين أن العقد كان صحيحا وإلا فباطل لعدم مصادفة المحل وكذا إذا زوج خنثى من خنثى آخر لا يحكم بصحة النكاح حتى يظهر أن أحدهما ذكر والآخر أنثى اه
فلو قال الشارح والخنثى المشكل مطلقا لشمل الصور الثلاث لكنه اقتصر على إفادة بعض أحكامه وليس فيه إجمال فافهم
قوله ( والوثنية ) ساقط من بعض النسخ ووجد في بعضها قبل قوله والخنثى الأولى ذكرها بعده لخروجها بالمانع الشرعي وعبر بها تبعا لتعبير المصنف في فصل المحرمات الأولى التعبير بالمشركة كما عبر به الشارح هناك
____________________
(3/4)
قوله ( والمحارم ) هذا خارج بالمانع الشرعي أيضا وكذا قوله والجنية وإنسان الماء بقرينة التعليل باختلاف الجنس لأن قوله تعالى { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } بين المراد من قوله { فانكحوا ما طاب لكم من النساء } وهو الأنثى من بنات آدم فلا يثبت حل غيرها بلا دليل ولأن الجن يتشكلون بصور شتى فقد يكون ذكرا تشكل بشكل أنثى
وما قيل من أن من سأل عن جواز التزوج بها يصفع لجهله وحماقته لعدم تصور ذلك بعيد لأن التصور ممكن لأن تشكلهم ثابت بالأحاديث والآثار والحكايات الكثيرة ولذا ثبت النهي عن قتل بعض الحيات كما مر في مكروهات الصلاة على أن عدم تصور ذلك لا يدل على حماقة السائل كما قاله في الأشباه
وقال ألا ترى أن أبا الليث ذكر في فتاويه أن الكفار لو تترسوا بنبي من الأنبياء هل يرمي فقال يسئل ذلك النبي ولا يتصور ذلك بعد رسولنا ولكن أجاب على تقدير التصور كذا هذا اه
وتمام ذلك في رسالتنا المسماة سل الحسام الهندي لنصرة سيدنا خالد النقشبندي
تنبيه في الأشباه عن السراجية لا تجوز المناكحة بين بني آدم والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس اه
ومفاد المفاعلة أنه لا يجوز للجني أن يتزوج إنسية أيضا وهو مفاد التعليل أيضا
قوله ( وأجاز الحسن ) أي البصري رضي الله عنه كما في البحر والأولى التقييد به لإخراج الحسن بن زياد تلميذ الإمام رضي الله عنه لأنه يتوهم من إطلاقه هنا أنه رواية في المذهب وليس كذلك ط لكنه نقل بعده عن شرح المنتقى عن زواهر الجواهر الأصح أنه لا يصح نكاح آدمي جنية كعكسه لاختلاف الجنس فكانوا كبقية الحيوانات اه
ويحتمل أن يكون مقابل الأصح قول الحسن المذكور
تأمل
قوله ( قصدا ) حال من ضمير يفيد ووقوع المصدر حالا وإن كثر سماعي ط
قوله ( كشراء أمة ) فإن المقصود فيه ملك الرقبة وحل الاستمتاع ضمني ولذا تخلف في شراء المحرمة نسبا أو رضاعا أو اشتراكا ح
قوله ( للتسري ) خصه بالذكر لأنه لو اشتراها لا للتسري كان حل الاستمتاع ضمنيا بالأولى ولو قال ولو للتسري لكان أظهر وكلام البحر يدل عليه حيث قال وملك المتعة ثابت ضمنا وإن قصده المشتري ح
قوله ( وعند أهل الأصول واللغة الخ ) حاصله إن ما قدمه المصنف معنى عرفي للفقهاء وما ذكره معناه شرعا ولغة لأن أهل الأصول يبحثون عن معنى النصوص الشرعية فلا تنافي بين كلامي المصنف
قال في البحر قد تساوى في هذا المعنى اللغة والشرع
أفاده ط
قوله ( مجازا في العقد ) وقيل بالعكس ونسبه الأصوليون إلى الشافعي رضي الله عنه وقيل مشترك لفظي فيهما وقيل موضع للضم الصادق بالعقد والوطء فهو مشترك معنوي وبه صرح مشايخنا أيضا
بحر اه
ح
والصحيح أنه حقيقة في الوطء كما في شرح التحرير
قوله ( مجردا عن القرائن ) أي محتملا للمعنى الحقيقي والمجازي بلا مرجح خارج وقوله يراد الوطء أي لأن المجاز خلف عن الحقيقة فتترجح عليه في نفسها
قوله ( فتحرم مزنية الأب على الابن ) أي على فروعه فتكون حرمتها عليهم ثابتة بالنص وأما حرمة التي عقد عليها عقدا صحيحا عليهم فبالإجماع ولو قال لزوجته إن نكحتك فأنت طالق تعلق بالوطء وكذا لو أبانها قبل الوطء ثم تزوجها تطلق به لا بالعقد بخلاف الأجنبية فيتعلق بالعقد لأن وطأها لما حرم عليه شرعا كانت الحقيقة مهجورة فتعين المجاز كذا في البحر والتحرير وشرحه
قوله ( بخلاف ) حال من ما الموصولة في قوله كما وقال
____________________
(3/5)
ح من { ولا تنكحوا } سورة النساء الآية 22 أي حال كونه مخالفا لقوله تعالى { حتى تنكح } سورة البقرة الآية 230 حيث لم يرد به الوطء بل أريد العقد لعدم تجرده عن القرائن بل وجدت فيه قرينة وهي استحالة الوطء منها لأن الوطء فعل وهي منفعلة لا فاعلة وهو معنى قوله والمتصور الخ
قوله ( لإسناده إليها ) علة لما استفيد من المقام من أن المراد العقد وأما اشتراط وطء المحلل فمأخوذ من حديث العسيلة ط
قوله ( إلا مجازا ) قد يقال إذا كان لا انفكاك عن المجاز على التقديرين فما المرجح لأحدهما على الآخر اه
ح يعني أنه إن أريد بالنكاح في الآية الوطء كان مجازا عقليا لعدم تصور الفعل منها وإن أربد به العقد كان مجازا لغويا لأنه حقيقة الوطء فحمل الآية على أحدهما ترجيح بلا مرجح بل قد يقال إن حملها على الوطء أنسب بالواقع فإن المطلقة ثلاثا لا تحل بدون وطء المحلل اللهم إلا أن يقال المرجح كثرة الاستعمال ط
أقول الظاهر أنه لا مانع هنا من إرادة كل منهما لكن لما كان النزاع في أن النكاح حقيقة في الوطء أو في العقد وكان الراجح عندنا الأول قالوا إنه في هذه الآية مجاز لغوي بمعنى العقد لكونه أصرح في الرد على القائل بأنه حقيقة فيه ولو قيل إنه مجاز عقلي في الإسناد لصح أيضا كما يصح في قولك جرى النهر أن تجعله من المجاز في الإسناد ولكن المشهور أنه مجاز لغوي بعلاقة الحالية والمحلية على أنه ليس في كلام الشارح ما يمنع ذلك لأن قوله والمتصور منها العقد لا الوطء إلا مجازا يمكن حمله أيضا على أنه مجاز في الإسناد بقرينة قوله لإسناده إليها أي إنه من إسناد الشيء إلى غير من هو له وقوله والمتصور الخ بيان لكون إسناده إليها غير حقيقي فافهم
قوله ( عند التوقان ) مصدر تاقت نفسه إلى كذا إذا اشتاقت من باب طلب
بحر عن المغرب
وهو بالفتحات الثلاث كالميلان والسيلان والمراد شدة الاشتياق كما في الزيلعي أي بحيث يخاف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج إذ لا يلزم من الاشتياق إلى الجماع الخوف المذكور بحر
قلت وكذا فيما يظهر لو كان لا يمكنه منع نفسه عن النظر المحرم أو عن الاستمناء بالكف فيجب التزوج وإن لم يخف الوقوع في الزنا
قوله ( فإن تيقن الزنا إلا به فرض ) أي بأن كان لا يمكنه الاحتراز عن الزنا إلا به لأن ما لا يتوصل إلى ترك الحرام إلا به يكون فرضا
بحر
وفيه نظر إذ الترك قد يكون بغير النكاح وهو التسري وحينئذ فلا يلزم وجوبه إلا لو فرضنا المسألة بأنه ليس قادرا عليه
نهر
لكن قوله لا يمكنه الاحتراز عنه إلا به ظاهر في فرض المسألة في عدم قدرته على التسري وكذا في عدم قدرته على الصوم المانع من الوقوع في الزنا فلو قدر على شيء من ذلك لم يبق النكاح فرضا أو واجبا عينا بل هو أو غيره مما يمنعه عن الوقوع في المحرم
قوله ( وهذا إن ملك المهر والنفقة ) هذا الشرط راجع إلى القسمين أعني الواجب والفرض وزاد في البحر شرطا آخر فيهما وهو عدم خوف الجور أي الظلم
قال فإن تعارض خوف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج وخوف الجور لو تزوج قدم الثاني فلا افتراض بل يكره
أفاده الكمال في الفتح ولعله لأن الجور معصية متعلقة بالعباد والمنع من الزنا من حقوق الله تعالى وحق العبد مقدم عند التعارض لاحتياجه وغنى المولى تعالى اه
قلت ومقتضاه الكراهة أيضا عند عدم ملك المهر والنفقة لأنهما حق العبد أيضا وإن خاف الزنا لكن يأتي أنه يندب الاستدانة له
قال في البحر فإن الله ضامن له الأداء فلا يخاف الفقر إذا كان من نيته التحصين والتعفف اه
ومقتضاه أنه يجب إذا خاف الزنا وإن لم يملك المهر إذا قدر على استدانته وهذا مناف للاشتراط المذكور إلا أن
____________________
(3/6)
يقال الشرط ملك كل من المهر والنفقة ولو بالاستدانة أو يقال هذا في العاجز عن الكسب ومن ليس له جهة وفاء
وقدم الشارح في أول الحج أنه لو لم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض ويحج ولو غير قادر على وفائه ويرجى أن لا يؤاخذه الله تعالى بذلك أي لو ناويا وفاءه لو قدر كما قيده في الظهيرية اه
وقدمنا أن المراد عدم قدرته على الوفاء في الحال مع غلبة ظنه لو اجتهد قدر وإلا فالأفضل عدمه وينبغي حمل ما ذكر من ندب الاستدانة على ما ذكرنا من ظنه القدرة على الوفاء وحينئذ فإذا كانت مندوبة عند أمنه من الوقوع في الزنا ينبغي وجوبها عند تيقن الزنا بل ينبغي وجوبها حينئذ وإن لم يغلب على ظنه قدرة الوفاء
تأمل
مطلب كثيرا ما يتساهل في إطلاق المستحب على السنة قوله ( سنة مؤكدة في الأصح ) وهو محمل القول بالاستحباب وكثيرا ما يستاهل في إطلاق المستحب على السنة
وقيل فرض كفاية وقيل واجب كفاية وتمامه في الفتح وقيل واجب عينا ورجحه في النهر كما يأتي
قال في البحر ودليل السنية حال الاعتدال الاقتداء بحاله في نفسه ورده على من أراد من أمته التخلي للعبادة كما في الصحيحين ردا بليغا بقوله فمن رغب عن سنتي فليس مني كما أوضحه في الفتح اه
وهو أفضل من الاشتغال بتعلم وتعليم كما في درر البحار وقدمنا أنه أفضل من التخلي للنوافل
قوله ( فيأثم بتركه ) لأن الصحيح أن ترك المؤكدة مؤثم كما علم في الصلاة
بحر
وقدمنا في سنن الصلاة أن اللاحق بتركها إثم يسير وأن المراد الترك مع الإصرار وبهذا فارقت المؤكدة الواجب وإن كان مقتضى كلام البدائع في الإمامة أنه لا فرق بينهما إلا في العبارة
قوله ( ويثاب إن نوى تحصينا ) أي منع نفسه ونفسها عن الحرام وكذا لو نوى مجرد الاتباع وامتثال الأمر بخلاف ما لو نوى مجرد قضاء الشهوة واللذة
قوله ( أي القدرة على وطء ) أي الاعتدال في التوقان أن لا يكون بالمعنى المار في الواجب والفرض وهو شدة الاشتياق وأن لا يكون في غاية الفتور كالعنين ولذا فسره في شرحه على الملتقى بأن يكون بين الفتور والشوق وزاد المهر والنفقة لأن العجز عنهما يسقط الفرض فيسقط السنية بالأولى وفي البحر والمراد حالة القدرة على الوطء والمهر والنفقة مع عدم الخوف من الزنا والجور وترك الفرائض والسنن فلو لم يقدر على واحد من الثلاثة أو خاف واحدا من الثلاثة أي الأخيرة فليس معتدلا فلا يكون سنة في حقه كما أفاده في البدائع اه
قوله ( للمواظبة عليه والإنكار الخ ) فإن المواظبة المقترنة بالإنكار على الترك دليل الوجوب وأجاب الرحمتي بأن الحديث ليس فيه الإنكار على التارك بل على الراغب عنه ولا شك أن الراغب عن السنة محل الإنكار
قوله ( ومكروها ) أي تحريما
بحر
قوله ( فإن تيقنه ) أي تيقن الجور حرم لأن النكاح إنما شرع لمصلحة تحصين النفس وتحصيل الثواب وبالجور يأثم ويرتكب المحرمات فتنعدم المصالح لرجحان هذه المفاسد
بحر
وترك الشارح قسما سادسا ذكره في البحر عن المجتبى وهو الإباحة إن خاف العجز عن الإيفاء بموجبه اه
أي خوفا غير راجح وإلا كان مكروها تحريما لأن عدم الجور من مواجبه والظاهر أنه إذا لم يقصد إقامة السنة بل قصد مجرد التوصل إلى قضاء الشهوة ولم يخف شيئا لم يثب عليه إذ لا ثواب إلا بالنية فيكون مباحا أيضا كالوطء لقضاء الشهوة لكن لما قيل له إن أحدنا يقضي شهوته فكيف يثاب فقال ما معناه أرأيت لو وضعها في محرم أما كان يعاقب فيفيد الثواب
____________________
(3/7)
مطلقا إلا أن يقال المراد في الحديث قضاء الشهوة لأجل تحصين النفس وقد صرح في الأشباه بأن النكاح سنة مؤكدة فيحتاج إلى النية وأشار بالفاء إلى توقف كونه سنة على النية ثم قال وأما المباحات فتختلف صفتها باعتبار ما قصدت لأجله فإذا قصد بها التقوى على الطاعات أو التوصل إليها كانت عبادة كالأكل والنوم واكتساب المال والوطء اه
ثم رأيت في الفتح قال وقد ذكرنا أنه إذا لم يقترن بنية كان مباحا لأن المقصود منه حينئذ مجرد قضاء الشهوة ومبنى العبادة على خلافه
وأقول بل فيه فضل من جهة أنه كان متمكنا من قضائها بغير الطريق المشروع فالعدول إليه مع ما يعلمه من أنه قد يستلزم إثقالا فيه قصد ترك المعصية اه
قوله ( ويندب إعلانه أي إظهاره والضمير راجع إلى النكاح بمعنى العقد لحديث الترمذي أعلنوا هذا النكاح وجعلوه في لمساجد وضربوا عليه بالدفوف فتح
قوله ( وتقديم خطبة ) بضم الخاء ما يذكر قبل إجراء العقد من الحمد والتشهد وأما بكسرها فهي طلب التزوج وأطلق الخطبة فأفاد أنها لا تتعين بألفاظ مخصوصة وإن خطب بما ورد فهو أحسن ومنه ما ذكره ط عن صاحب الحصن الحصين من لفظه عليه الصلاة والسلام وهو الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
إلى قوله اه
قوله ( في مسجد ) للأمر به في الحديث ط
قوله ( يوم جمعة ) أي وكونه يوم جمعة
فتح
تنبيه قال في البزازية والبناء والنكاح بين العيدين جائز وكره الزفاف والمختار أنه لا يكره لأنه عليه الصلاة والسلام تزوج بالصديقة في شوال وبنى بها فيه وتأويل قوله عليه الصلاة والسلام لا نكاح بين لعيدين إن صح أنه عليه الصلاة والسلام كان رجع عن صلاة العيد في أقصر أيام الشتاء يوم الجمعة فقاله حتى لا يفوته الرواح في الوقت الأفضل إلى الجمعة اه
قوله ( بعاقد رشيد وشهود عدول ) فلا ينبغي أن يعقد مع المرأة بلا أحد من عصبتها ولا مع عصبة فاسق ولا عند شهود غير عدول خروجا من خلاف الإمام الشافعي
قوله ( والاستدانة له ) لأن ضمان ذلك على الله تعالى فقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه ثلاث حق على الله تعالى عونهم المكاتب لذي يريد لأداء والناكح الذي يريد العفاف والمجاهد في سبيل لله تعالى ذكره بعض المحشين وتقدم تمام الكلام على ذلك
قوله ( والنظر إليها قبله ) أي وإن خاف الشهوة كما صرحوا به في الحظر والإباحة وهذا إذا علم أنه يجاب في نكاحها
قوله ( دونه سنا ) لئلا يسرع عقمها فلا تلد
قوله ( وحسبا ) هو ما تعده من مفاخر آبائك
ح عن القاموس أي بأن يكون الأصول أصحاب شرف وكرم وديانة لأنها إذا كانت دونه في ذلك وكذا في العز أي الجاه والرفعة وفي المال تنقاد له ولا تحتقره وإلا ترفعت عليه
وفي الفتح روى الطبراني عن أنس عنه من تزوج مرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ومن تزوج مرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه
تتمة زاد في البحر ويختار أيسر النساء خطبة ومؤنة ونكاح البكر أحسن للحديث عليكم بالأبكار
____________________
(3/8)
فإنهن أعذب أفواها وأنقى أرحاما وأرضى باليسير ولا يتزوج طويلة مهزولة ولا قصيرة دميمة ولا مكثرة ولا سيئة الخلق ولا ذات الولد ولا مسنة للحديث سوداء ولود خير من حسناء عقيم ولا يتزوج الأمة مع طول الحرة ولا زانية والمرأة تختار الزوج الدين الحسن الخلق الجواد الموسر ولا تتزوج فاسقا ولا يزوج ابنته الشابة شيخا كبيرا ولا رجلا دميما ويزوجها كفؤا فإن خطبها الكفء لا يؤخرها وهو كل مسلم تقي وتحلية البنات بالحلي والحلل ليرغب فيهن الرجال سنة ولايخطب مخطوبة غيره لأنه جفاء وخيانة اه
قوله ( وهل يكره الزفاف ) هو بالكسر ككتاب إهداء المرأة إلى زوجها
قاموس
والمراد به هنا اجتماع النساء لذلك لأنه لازم له عرفا أفاده الرحمتي
قوله ( المختار لا الخ ) كذا في الفتح مستدلا له بما مر من حديث الترمذي وما رواه البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت زففنا مرأة إلى رجل من لأنصار فقال النبي أما يكون معهم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو وروى الترمذي والنسائي عنه فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت وقال الفقهاء المراد بالدف ما لا جلاجل له اه
وفي البحر عن الذخيرة ضرب الدف في العرس مختلف فيه
وكذا اختلفوا في الغناء في العرس والوليمة فمنهم من قال بعدم كراهته كضرب الدف اه
قوله ( وينعقد ) قال في شرح الوقاية العقد ربط أجزاء التصرف أي الإيجاب والقبول شرعا لكن هنا أريد بالعقد الحاصل بالمصدر وهو الارتباط لكن النكاح الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط إنما قلنا هذا لأن الشرع يعتبر الإيجاب والقبول أركان عقد النكاح لا أمورا خارجية كالشرائط وقد ذكرت في شرح التنقيح في فصل النهي أن الشرع يحكم بأن الإيجاب والقبول الموجودين حسا يرتبطان ارتباطا حكميا فيحصل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثرا له فذلك المعنى هو البيع فالمراد بذلك المعنى المجموع المركب من الإيجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشيء لا أن البيع مجرد ذلك المعنى الشرعي والإيجاب والقبول آلة له كما توهم البعض لأن كونهما أركانا ينافي ذلك اه أي ينافي كونهما آلة وأشار الشارح إلى ذلك حيث جعل الباء للملابسة كما في بنيت البيت بالحجر لا للاستعانة كما في كتبت بالقلم
والحاصل أن النكاح والبيع ونحوهما وإن كانت توجد حسا بالإيجاب والقبول لكن وصفها بكونها عقودا مخصوصة بأركان وشرائط يترتب عليها أحكام وتنتفي تلك العقود بانتفائها وجود شرعي زائد على الحسي فليس العقد الشرعي مجرد الإيجاب والقبول ولا الارتباط وحده بل هو مجموع الثلاثة وعليه فقوله وينعقد أي النكاح أي يثبت ويحصل انعقاده بالإيجاب والقبول
قوله ( من أحدهما ) أشار إلى أن المتقدم من كلام العاقدين إيجاب سواء كان المتقدم كلام الزوج أو كلام الزوجة المتأخر قبول
ح عن المنح فلا يتصور تقديم القبول فقوله تزوجت ابنتك إيجاب وقول الآخر زوجتكها قبول خلافا لمن قال إنه من تقديم القبول على الإيجاب وتمام تحقيقه في الفتح
قوله ( لأن الماضي الخ ) قال في البحر وإنما اختير لفظ الماضي لأن واضع اللغة لم يضع للإنشاء لفظا خاصا وإنما عرف الإنشاء بالشرع واختيار لفظ الماضي لدلالته على التحقيق والثبوت دون المستقبل اه
وقوله على التحقيق أي تحقيق وقوع الحدث
قوله ( كزوجت نفسي الخ ) أشار إلى عدم الفرق بين أن يكون الموجب أصيلا أو وليا أو وكيلا وقوله منك بفتح الكاف وليس مراده استقصاء الألفاظ التي تصلح للإيجاب حتى يرد عليه أن مثل بنتي ابني ومثل موكلتي موكلي وأنه كان عليه أن يقول بعد قوله منك بفتح الكاف وكسرها أو من موليتك أو من
____________________
(3/9)
موكلتك بفتح الكاف وكسرها أيضا ليعم الاحتمالات فافهم
قوله ( ويقول الآخر تزوجت ) أي أو قبلت لنفسي أو لموكلي أو ابني أو موكلتي ط
قوله ( فالأول ) أي الموضع للاستقبال
قوله نفسك بكسر الكاف مفعول زوجيني أو بفتحها مفعول زوجني ففيه حذف مفعول أحد الفعلين ولو حذفه لشمل الولي والوكيل أيضا
أفاده ح
قوله ( أو كوني امرأتي ) ومثله كوني امرأة ابني أو امرأة موكلي وكذا كن زوجي أو كن زوج ابنتي أو زوج موكلتي
أفاده ح
قوله ( فإنه ليس بإيجاب ) الفاء فصيحة أي إذا عرفت أن قوله بما وضع معطوف على قوله بإيجاب وقبول وعرفت أيضا أن العطف يقتضي المغايرة عرفت أن لفظ الأمر ليس بإيجاب لكن هذا يقتضي أن قول الآخر زوجت في هذه الصورة ليس بقبول وهو كذلك أي ليس بقبول محض بل هو لفظ قام مقام الإيجاب والقبول كما ذكره الشارح
ويرد عليه أن عطف الحال على الاستقبال يقتضي أن نحو قوله أتزوجك ليس بإيجاب وأن قولها قبلت مجيبة له ليس بقبول مع أنهما إيجاب وقبول قطعا ح
قوله ( بل هو توكيل ضمني ) أي إن قوله زوجني توكيل بالنكاح للمأمور معنى ولو صرح بالتوكيل وقال وكلتك بأن تزوجني نفسك مني فقالت زوجت صح النكاح فكذا هنا غاية البيان وأشار بقوله ضمني إلى الجواب عما أورد عليه من أنه لو كان توكيلا لما اقتصر على المجلس مع أنه يقتصر
وتوضيح الجواب كما أفاده الرحمتي أن المتضمن بالفتح لا تعتبر شروطه بل شروط المتضمن بالكسر والأمر طلب للنكاح فيشترط فيه شروط النكاح من اتحاد المجلس في ركنيه لا شروط ما في ضمنه من الوكالة كما في أعتق عبدك عني بألف لما كان البيع فيه ضمنيا لم يشترط فيه الإيجاب والقبول لعدم اشتراطهما في العتق لأن الملك في الإعتاق شرط وهو تبع للمقتضي وهو العتق إذ الشرط اتباع فلذا ثبت البيع المقتضي بالفتح بشروط المقتضي بالكسر وهو العتق لا بشروط نفسه إظهارا للتبعية فسقط القبول الذي هو ركن البيع ولا يثبت فيه خيار الرؤية والعيب ولا يشترط كونه مقدور التسليم كما ذكره في المنح في آخر نكاح الرقيق
قوله ( فإذا قال ) أي المأمور بالتزويج
قوله ( أو بالسمع والطاعة ) متعلق بمحذوف دل عليه المذكور أي زوجت أو قبلت ملتبسا بالسمع والطاعة لأمرك ولا يحصل السمع والطاعة لأمره إلا بتقدير الجواب ماضيا مرادا به الإنشاء ليتم شرط العقد بكون أحدهما للمضي
قوله ( بزازية ) نص عبارتها قال زوجي نفسك مني فقالت بالسمع والطاعة صح اه
ونقل هذا الفرع في البحر عن النوازل ونقله في موضع آخر عن الخلاصة فافهم
قوله ( وقيل هو إيجاب ) مقابل القول الأول بأنه توكيل ومشى على الأول في الهداية والمجمع ونسبه في الفتح إلى المحققين وعلى الثاني ظاهر الكنز واعترضه في الدرر بأنه مخالف لكلامهم
وأجاب في البحر والنهر بأنه صرح به في الخلاصة والخانية
قال في الخانية ولفظ الأمر في النكاح إيجاب وكذا في الخلع والطلاق والكفالة والهبة اه
قال في الفتح وهو أحسن لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ المفيد قصد تحقق المعنى أو لا وهو صادق على لفظ الأمر ثم قال والظاهر أنه لا بد من اعتبار كونه توكيلا وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول بعت بلا جواب لكن ذكر في البحر عن بيوع الفتح الفرق بأن النكاح لا يدخله المساومة لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ومراجعات فكان للتحقيق بخلاف البيع
وأورد في البحر على كونه إيجابا ما في الخلاصة لو قال الوكيل بالنكاح هب ابنتك لفلان فقال الأب وهبت
____________________
(3/10)
لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت لأن الوكيل لا يملك التوكيل وما في الظهيرية لو قال هب ابنتك لابني فقال وهبت لم يصح ما لم يقل أبو الصبي قبلت ثم أجاب بقوله إلا أن يقال بأنه مفرع على القول بأنه توكيل لا إيجاب وحينئذ تظهر ثمرة الاختلاف بين القولين لكنه متوقف على النقل
وصرح في الفتح بأنه على القول بأن الأمر توكيل يكون تمام العقد بالمجيب وعلى القول بأنه إيجاب يكون تمام العقد قائما بهما اه
أي فلا يلزم على القول بأنه توكيل قول الآمر قبلت فهذا مخالف للجواب المذكور وكذا يخالفه تعليل الخلاصة بأنه ليس للوكيل أن يوكل نعم ما في الظهيرية مؤيد للجواب لكن قال في النهر إن ما في الظهيرية مشكل إذ لا يصح تفريعه على أن الأمر إيجاب كما هو ظاهر ولا على أنه توكيل لما أنه يجوز للأب أن يوكل بنكاح ابنه الصغير إذ بتقديره يكون تمام العقد بالمجيب غير متوقف على قبول الأب وبه اندفع ما في البحر من أنه مفرع على أنه توكيل اه
لكن قال العلامة المقدسي في شرحه إنما توقف الانعقاد على القبول في قول الأب أو الوكيل هب ابنتك لفلان أو لابني أو أعطها مثلا لأنه ظاهر في الطلب وأنه مستقبل لم يرد به الحال والتحقيق فلم يتم له العقد بخلاف زوجني ابنتك بكذا بعد الخطبة ونحوها فإنه ظاهر في التحقيق والإثبات الذي هو معنى الإيجاب اه
فتأمل هذا وفي البحرأنه يبتنى على القول بأنه توكيل أنه لا يشترط سماع الشاهدين للأمر لأنه لا يشترط الإشهاد على التوكيل وعلى القول الآخر يشترط
ثم ذكر عن المعراج ما يفيد الاشتراط مطلقا وهو إن زوجني وإن كان توكيلا لكن لما لم يعمل زوجت بدونه نزل منزلة شرط العقد
ثم ذكر عن الظهيرية ما يدل على خلافه وهو ما يذكره الشارع قريبا من مسألة العقد بالكتابة ويأتي بيانه
قوله ( والثاني ) أي ما وضع للحال المضارع وهو الأصح عندنا ففي قوله كل مملوك أملكه فهو حر يعتق ما في ملكه في الحال لا ما يملكه بعد إلا بالنية وعلى القول بأنه حقيقة في الاستقبال فقوله أتزوجك ينعقد به النكاح أيضا لأنه يحتمل الحال كما في كلمة الشهادة وقد أراد به التحقيق لا المساومة بدلالة الخطبة والمقدمات بخلاف البيع كما في البحر عن المحيط
والحاصل أنه إذا كان حقيقة في الحال فلا كلام في صحة الانعقاد به وكذا إذا كان حقيقة في الاستقبال لقيام القرينة على إرادة الحال ومقتضاه أنه لو ادعى إرادة لاستقبال والوعد لا يصدق بعد تمام العقد بالقبول ويأتي قريبا ما يؤيده
قوله ( المبدوء بهمزة ) كأتزوجك بفتح الكاف وكسرها ح
قوله ( أو نون ) ذكره في النهر ) بحثا حيث قال ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كنتزوجك أو نزوجك من ابني وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمزة اه
قوله ( كتزوجيني ) بضم التاء ونفسك بكسر الكاف ومثله تزوجني نفسك بضم التاء خطابا للمذكر فالكاف مفتوحة
قوله ( إذا لم ينو الاستقبال ) أي الاستيعاد أي طلب الوعد وهذا قيد في الأخير فقط كما في البحر وغيره
وعبارة الفتح لما علمنا أن الملاحظة من جهة الشرع في ثبوت الانعقاد ولزوم حكمه جانب الرضا عدينا حكمه إلى كل لفظ يفيد ذلك بلا احتمال مساو للطرف الآخر فقلنا لو قال بالمضارع ذي الهمزة أتزوجك فقالت زوجت نفسي انعقد وفي المبدوء بالتاء تزوجني بنتك فقال فعلت عند عدم قصد الاستيعاد لأنه يتحقق فيه هذا الاحتمال بخلاف الأول لأنه لا يستخبر نفسه عن الوعد وإذا كان كذلك والنكاح مما لا يجري فيه المساومة كان للتحقيق في الحال فانعقد به لا باعتبار وضعه للإنشاء بل باعتبار استعماله في غرض تحقيقه واستفادة الرضا منه حتى قلنا لو صرح بالاستفهام اعتبر فهم الحال
قال في شرح الطحاوي لو قال هل أعطيتنيها فقال أعطيت إن كان المجلس للوعد فوعد وإن كان للعقد فنكاح اه
قال الرحمتي فعلمنا أن العبرة لما يظهر من كلامهما لا لنيتهما ألا
____________________
(3/11)
ترى أنه ينعقد مع الهزل والهازل لم ينو النكاح وإنما صحت نية الاستقبال في المبدوء بالتاء لأن تقدير حرف الاستفهام فيه شائع كثير في العربية اه
وبه علم أن المبدوء بالهمزة كما لا يصح فيه الاستيعاد لا يصح فيه الوعد بالتزوج في المستقبل عند قيام القرينة على قصد التحقيق والرضا كما قلناه آنفا فافهم
قوله وكذا أنا متزوجك ) ذكره في الفتح بحثا حيث قال والانعقاد بقوله أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمزة سواء اه
قال ح لأن متزوج اسم فاعل وهو موضوع لذات قام بها الحدث وتحقق في وقت التكلم فكان دالا على الحال وإن كانت دلالته عليه التزامية
قوله ( أو جئتك خاطبا ) قال في الفتح ولو قال باسم الفاعل كجئتك خاطبا بابنتك أو لتزوجني ابنتك فقال الأب زوجتك فالنكاح لازم وليس للخاطب أن لا يقبل لعدم جريان المساومة فيه اه
قال ح فإن قلت إن الإيجاب والقبول في هذا ماضيان فلا معنى لذكره هنا قلت المعتبر قوله خاطبا لا قوله جئتك لأنه لا ينعقد به النكاح ولا دخل له فيه
قوله ( لعدم جريان المساومة في النكاح ) احترز به عن البيع فلو قال أنا مشتر أو جئتك مشتريا لا ينعقد البيع لجريان المساومة فيه ط
قوله ( أن المجلس للنكاح ) أي لإنشاء عقده لأنه يفهم منه التحقيق في الحال فإذا قال الآخر أعطيتكها أو فعلت لزم وليس للأول أن لا يقبل
قوله ( انعقد على المذهب ) صوابه لم ينعقد فقد صرح في البحر عن الصيرفية بأن الانعقاد خلاف ظاهر الرواية ومثله في النهر وكذا في شرح المقدسي عن فوائد تاج الشريعة
وفي التاترخانية قال لامرأة بمحضر من الرجال يا عروسي قالت لبيك فنكاح قال القاضي بديع الدين إنه خلاف ظاهر الرواية
قوله ( فلا ينعقد الخ ) تفريع على ما تقدم من انعقاده بلفظين الخ ح
قوله ( كقبض مهر ) قال في البحر ) وهل يكون القبول بالفعل كالقبول باللفظ كما في البيع قال في البزازية أجاب صاحب البداية في امرأة زوجت نفسها بألف من رجل عند الشهود فلم يقل الزوج شيئا لكن أعطاها المهر في المجلس أنه يكون قبولا وأنكره صاحب المحيط وقال الإمام ما لم يقل بلسانه قبلت بخلاف البيع لأنه ينعقد بالتعاطي والنكاح لخطره لا ينعقد حتى يتوقف على الشهود وبخلاف إجازة نكاح الفضولي بالفعل لوجود القول ثمة اه
ح
قوله ( ولا بتعاط ) تكرار مع قوله بالفعل كقبض مهر وكل منهما تكرار مع قول المتن الآتي ولا بتعاط فإن مسألة قبض المهر التي قدمنا نقلها عن البحر بعينها شرح بها المصنف قوله ولا بتعاط ح
مطلب التزوج بإرسال كتاب قوله ( ولا بكتابة حاضر ) فلو كتب تزوجتك فكتبت قبلت لم ينعقد
بحر
والأظهر أن يقول فقالت قبلت الخ إذ الكتابة من الطرفين بلا قول لا تكفي ولو في الغيبة
تأمل
قوله ( بل غائب ) الظاهر أن المراد به الغائب عن المجلس وإن كان حاضرا في البلد ط
قوله ( فتح ) فإنه قال ينعقد النكاح بالكتاب كما ينعقد بالخطاب
وصورته أن يكتب إليها يخطبها فإذا بلغها الكتاب أحضرت الشهود وقرأته عليهم وقالت زوجت نفسي منه أو تقول إن فلانا كتب إلي يخطبني فاشهدوا أني زوجت نفسي منه أما لو لم تقل بحضرتهم سوى زوجت نفسي من فلان لا ينعقد لأن سماع الشطرين شرط صحة النكاح وبإسماعهم الكتاب أو التعبير عنه منها قد سمعوا الشطرين
____________________
(3/12)
بخلاف ما إذا انتفيا
قال في المصفى هذا أي الخلاف إذا كان الكتاب بلفظ التزوج أما إذا كان بلفظ الأمر كقوله زوجي نفسك مني لا يشترط إعلامها الشهود بما في الكتاب لأنها تتولى طرفي العقد بحكم الوكالة ونقله عن الكامل وما نقله من نفي الخلاف في صورة الأمر لا شبهة فيه على قول المصنف والمحققين أما على قول من جعل لفظة الأمر إيجابا كقاضيخان على ما نقلناه عنه فيجب إعلامها إياهم ما في الكتاب اه
وقوله لا شبهة فيه الخ قال الرحمتي فيه مناقشة لما تقدم أن من قال إنه توكيل يقول توكيل ضمني فيثبت بشروط ما تضمنه وهو الإيجاب كما قدمناه ومن شروطه سماع الشهود فينبغي اشتراط السماع هنا على القولين إلا أن يقال قد وجد النص هنا على أنه لا يجب فيرجع إليه اه
تنبيه لو جاء الزوج بالكتاب إلى الشهود مختوما فقال هذا كتابي إلى فلانة فاشهدوا على ذلك لم يجز في قول أبي حنيفة حتى يعلم الشهود ما فيه وعند أبي يوسف يجوز وفائدة هذا الخلاف فيما إذا جحد الزوج الكتاب بعد العقد فشهدوا بأنه كتابه ولم يشهدوا بها فيه لا تقبل ولا يقضى بالنكاح
وعند أبي يوسف تقبل ويقضى به
أما الكتاب فصحيح بلا إشهاد وإنما الإشهاد لتمكن المرأة من إثبات الكتاب إذا جحده الزوج كما في الفتح عن مبسوط شيخ الإسلام
قوله ( ولا بالإقرار ) لا ينافيه ما صرحوا به أن النكاح يثبت بالتصادق لأن المراد هنا أن الإقرار لا يكون من صيغ العقد والمراد من قولهم إنه يثبت بالتصادق أن القاضي يثبته به أي بالتصادق ويحكم به أبو السعود عن الحانوتي
قوله ( كما يصح بلفظ الجعل ) أي بأن قال الشهود جعلتما هذا نكاحا فقالا نعم فينعقد لأن النكاح ينعقد بالجعل حتى لو قالت جعلت نفسي زوجة لك فقبل تم
فتح
ومقتضى التشبيه في عبارة الشارح أن هذا صحيح على القولين وهو ظاهر
قوله ( وجعل ) ماض مبني للمجهول معطوف على صح
قوله ( ذخيرة ) فإنه قال ذكر في صلح الأصل ادعى رجل قبل امرأة نكاحا فجحدت فصالحها على مائة على أن تقر بذلك فأقرت فهذا الإقرار منها جائز والمال لازم وهذا الإقرار بمنزلة إنشاء النكاح لأنه مقرون بالعوض فهو عبارة عن تمليك مبتدأ في الحال فأن كان بمحضر من الشهود صح النكاح وإلا فلا في الأصح اه ملخصا
وقال في الفتح قال قاضيخان وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن أقرا بعقد ماض ولم يكن بينهما عقد لا يكون نكاحا وإن أقر الرجل أنه زوجها وهي أنها زوجته يكون إنكاحا ويتضمن إقرارهما الإنشاء بخلاف إقرارهما بماض لأنه كذب وهو كما قال أبو حنيفة إذا قال لامرأته لست لي امرأة ونوى به الطلاق يقع كأنه قال لأني طلقتك ولو قال لم أكن تزوجتها ونوى الطلاق لا يقع لأنه كذب محض اه يعني إذا لم تقل الشهود جعلتما هذا نكاحا فالحق هذا التفصيل اه
قوله ( احتياطا ) قال في البحر وقولهم إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله كطلاق نصفها يقتضي الصحة وقد ذكر في المبسوط في موضع جوازه إلا أن يقال إن الفروج يحتاط فيها فلا يكفي ذكر البعض لاجتماع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة فترجح الحرمة كذا في الخانية اه
وما صححه في الخانية صححه في الظهيرية أيضا ونصه ولو أضاف النكاح إلى نصف المرأة فيه روايتان والصحيح أنه لا يصح اه
ثم راجعت نسخة أخرى من الظهيرية فرأيتها كذلك فمن قال إنه في الظهيرية صحح الصحة فكأنه سقط من نسخته لا النافية فافهم
قوله ( أو ما يعبر به عن الكل ) كالرأس والرقبة
بحر
قوله ( ورجحوا في الطلاق خلافه ) قال في البحر وقالوا الأصح
____________________
(3/13)
أنه لو أضاف الطلاق إلى ظهرها وبطنها لا يقع وكذا العتق فلو أضاف النكاح إلى ظهرها وبطنها ذكر الحلواني قال مشايخنا الأشبه من مذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح وذكر ركن الإسلام والسرخسي ما يدل على أنه لا ينعقد النكاح كذا في الذخيرة اه
أقول وقال في الذخيرة أيضا في كتاب الطلاق وإن قال ظهرك طالق أو بطنك قال السرخسي في شرحه الأصح أن لا يقع واستدل بمسألة ذكرها في الأصل إذا قال ظهرك علي كظهر أمي أو بطنك علي كبطن أمي أنه لا يصير مظاهرا وذكر الحلواني في شرحه الأشبه بمذهب أصحابنا أنه يقع الطلاق قال وهو نظير ما قال مشايخنا فيما إذا أضيف عقد النكاح إلى ظهر المرأة أو إلى بطنها أن الأشبه بمذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح اه
قوله ( فيحتاج للفرق ) كذا قال في النهر لكن قد علمت مما نقلناه عن الذخيرة أولا وثانيا أن الحلواني الذي صحح انعقاد النكاح صحح وقوع الطلاق وأن السرخسي الذي لم يصحح الانعقاد لم يصحح الوقوع بل صحح عدمه على هذا فلا حاجة للفرق وبه ظهر أن ما ذكره في البحر وتبعه الشارح قول ثالث ملفق عن القولين ولا يظهر وجهه
قوله ( كان ) أي التسمية وكذا ضمير قبله ح أي وتذكير الضمير باعتبار المذكور أو لأن المراد بالتسمية المسمى أي المهر
قوله ( فلو قبل الخ ) قال في الفتح كامرأة قالت لرجل زوجت نفسي منك بمائة دينار فقبل أن تقول بمائة دينار قبل الزوج لا ينعقد لأن أول الكلام يتوقف على آخره إذا كان في آخره ما يغير أوله وهنا كذلك فإن مجرد زوجت ينعقد بمهر المثل وذكر المسمى معه يغير ذلك إلى تعين المذكور فلا يعمل قول الزوج قبله
قوله ( اتحاد المجلس ) قال في البحر فلو اختلف المجلس لم ينعقد فلو أوجب أحدهما فقام الآخر أو اشتغل بعمل آخر بطل الإيجاب لأن شرط الارتباط اتحاد الزمان فجعل المجلس جامعا تيسيرا وأما الفور فليس من شرطه ولو عقدا وهما يمشيان أو يسيران على الدابة لا يجوز وإن كان على سفينة سائرة جاز اه أي لأن السفينة في حكم مكان واحد
فرع قال في المنية قال زوجتك بنتي فسكت الخاطب فقال الصهر أي أبو البنت ادفع المهر فقال نعم فهو قبول وقيل لا ط اه
وهذا يوهم أن عندنا قولا باشتراط الفور وأن المختار عدمه
وأجاب في الفتح بأنه قد يكون منشأ هذا القول من جهة أنه كان متصفا بكونه خاطبا فحيث سكت ولم يجب على الفور كان ظاهرا في رجوعه فقوله نعم بعده لا يفيد بمفرده لا لأن الفور شرط مطلقا والله سبحانه أعلم اه
قوله ( لو حاضرين ) احترز به عن كتابة الغائب لما في البحر عن المحيط الفرق بين الكتاب والخطاب أن في الخطاب لو قال قبلت في مجلس آخر لم يجز وفي الكتاب يجوز لأن الكلام كما وجد تلاشى فلم يتصل الإيجاب بالقبول في مجلس آخر
فأما الكتاب فقائم في مجلس آخر وقراءته بمنزلة خطاب الحاضر فاتصل الإيجاب بالقبول فصح اه
ومقتضاه أن قراءة الكتاب في مجلس الآخر لا بد منها ليحصل الاتصال بين الإيجاب والقبول وحينئذ فاتحاد المجلس شرط في الكتاب أيضا وإنما الفرق هو قيام الكتاب وإمكان قراءته ثانيا فلو حذف قوله حاضرين ك النهر لكان أولى والظاهر أنه لو كان مكان الكتاب رسول بالإيجاب فلم تقبل المرأة ثم أعاد الرسول الإيجاب في مجلس آخر فقبلت لم يصح لأن رسالته انتهت أولا بخلاف الكتابة لبقائها
أفاده الرحمتي اه
قوله ( كقبلت النكاح لا المهر ) تمثيل للمنفي أي إذا قال تزوجتك
____________________
(3/14)
بألف فقالت قبلت النكاح ولا أقبل المهر لا يصح وإن كانت التسمية ليست من شروط صحة النكاح لأنه إنما أوجب النكاح بذلك القدر المسمى فلو صححنا قبولها يلزمه مهر المثل ولم يرض به بل بما سمى فيلزمه ما لم يلتزمه بخلاف ما إذا لم يسم من الأصل لأن غرضه النكاح بمهر المثل حيث سكت عنه ولو قالت قبلت ولم تزد على ذلك صح النكاح بما سمى وتمامه في الفتح
قوله ( نعم يصح الحط الخ ) أي إذا قال تزوجتك بألف فقلت قبلت بخمسمائة يصح ويجعل كأنها قبلت الألف وحطت عنه خمسمائة
بحر
ولا يحتاج إلى القبول منه لأن هذا إسقاط وإبراء بخلاف الزيادة كما لو قالت زوجت نفسي منك بألف فقال الزوج قبلت بألفين صح النكاح بألف إلا إن قبلت في المجلس فيصح بألفين على المفتى به كما في البحر فصورة الحط من المرأة والزيادة من الزوج كما علمت وهو كذلك في الذخيرة والخلاصة
وقال في النهر بخلاف ما إذا زوجت نفسها منه بألف فقبله بألفين أو بخمسمائة صح وتوقف قبول الزيادة على قبولها في المجلس على ما عليه الفتوى اه
وظاهره أنها أوجبت بألف وقبل الزوج بخمسمائة وهو مشكل فإن الحط ممن له الحق وهو المرأة لا ممن عليه فالظاهر أنه مما خالف فيه القبول الإيجاب فلا يصح
يحرر أفاده الرحمتي
قوله ( وأن لا يكون مضافا ) كتزوجتك غدا ولا معلقا أي على غير كائن كتزوجتك إن قدم زيد وقوله كما سيجيء أي الكلام على المضاف والمعلق قبيل باب الولي
قوله ( ولا المنكوحة مجهولة ) فلو زوج بنته منه وله بنتان لا يصح إلا إذا كانت إحداهما متزوجة فينصرف إلى الفارغة كما في البزازية نهر
وفي معناه ما إذا كانت إحداهما محرمة عليه فليراجع
رحمتي
وإطلاق قوله لا يصح دال على عدم الصحة ولو جرت مقدمات الخطبة على واحدة منهما بعينها لتتميز المنكوحة عند الشهود فإنه لا بد منه
رملي
قلت وظاهره أنها لو جرت المقدمات على معينة وتميزت عند الشهود أيضا يصح العقد وهي واقعة الفتوى لأن المقصود نفي الجهالة وذلك حاصل بتعينها عند العاقدين والشهود وإن لم يصرح باسمها كما إذا كانت إحداهما متزوجة ويؤيده ما سيأتي من أنها لو كانت غائبة وزوجها وكيلها فإن عرفها الشهود وعلموا أنه أرادها كفى ذكر اسمها وإلا لا بد من ذكر الأب والجد أيضا ولا يخفى أن قوله زوجت بنتي وله بنتان أقل إبهاما من قول الوكيل زوجت فاطمة ويأتي تمام ذلك عند قوله وحضور شاهدين حرين وعند قوله غلط وكيلها الخ
تنبيه لم يذكر اشتراط تمييز الرجل من المرأة وقت العقد للخلاف لما في النوازل في صغيرين قال أبو أحدهما زوجت بنتي هذه من ابنك هذا وقبل ثم ظهر الجارية غلاما والغلام جارية جاز ذلك وقال العتابي لا يجوز
بحر
قال الرملي والأكثر على الأول
قلت وبه علم أن زوجت وتزوجت يصلح من الجانبين وبه صرح في الفتح عن المنية ومثله في البحر
قوله ( ولا يشترط الخ ) أي فيما كان بلفظ تزويج ونكاح بخلاف ما كان كناية لما يأتي من أنه لا بد فيه من نية أو قرينة وفهم الشهود لكن قيد في الدرر عدم الاشتراط بما إذا علما أن هذا اللفظ ينعقد به النكاح أي وإن لم يعلما حقيقة معناه
قال في الفتح لو لقنت المرأة زوجت نفسي بالعربية ولا تعلم معناه وقبل والشهود يعلمون ذلك أو لا يعلمون صح كالطلاق وقيل لا كالبيع كذا في الخلاصة
ومثل هذا في جانب الرجل إذا لقنه ولا يعلم معناه وهذه من جملة مسائل الطلاق والعتاق والتدبير والنكاح والخلع
فالثلاثة الأول واقعة في الحكم ذكره في عتاق الأصل في باب التدبير
وإذا عرف الجواب قال قاضيخان ينبغي أن يكون النكاح كذلك لأن العلم بمضمون
____________________
(3/15)
اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل بخلاف البيع ونحوه
وأما في الخلع إذا لقنت اختلعت نفسي منك بمهري ونفقة عدتي فقالته ولا تعلم معناه ولا أنه لفظ خلع اختلفوا فيه قيل لا يصح وهو الصحيح قال القاضي وينبغي أن يقع الطلاق ولا يسقط المهر ولا النفقة وكذا لو لقنت أن تبرئه وكذا المديون إذا لقن رب الدين لفظ الإبراء لا يبرأ اه
قلت وفي فهم الشهود اختلاف تصحيح كما سيأتي بيانه
قوله ( إذ لم يحتج لنية ) بسكون ذال إذ فالجملة تعليل لما قبلها وضمير يحتج لما
قوله ( به يفتى ) صرح به في البزازية
وفي البحر أن ظاهر كلام التجنيس يفيد ترجيحه
قلت وهو مقتضى كلام الفتح المار وبه جزم في متن الملتقى والدرر والوقاية
وذكر الشارح في شرحه على الملتقى أنه اختلف التصحيح فيه
قوله ( وإنما يصح الخ ) اعلم أن الصريح ينعقد به النكاح بلا خلاف وغيره على أربعة أقسام قسم لا خلاف في الانعقاد به عندنا بل الخلاف في خارج المذهب
وقسم فيه خلاف عندنا والصحيح الانعقاد
وقسم فيه خلاف والصحيح عدمه
وقسم لا خلاف في عدم الانعقاد به
فالأول ما سوى لفظي النكاح والتزويج من لفظ الهبة والصدقة والتمليك والجعل نحو جعلت بنتي لك بألف والثاني نحو بعت نفسي منك بكذا أو ابنتي أو اشتريتك بكذا فقالت نعم ونحو السلم والصرف والقرض والصلح
والثالث كالإجارة والوصية
والرابع كالإباحة والإحلال والإعارة والرهن والتمتع والإقالة والخلع
أفاده في الفتح
قوله ( وما عداهما كناية الخ ) في هذا التركيب إخراج المتن عن مدلوله من التصريح بجوازه بهذه الألفاظ
وأورد عليه كيف صح بالكناية مع اشتراط الشهادة فيه والكناية لا بد فيها من النية ولا اطلاع للشهود عليها
قال الزيلعي قلنا ليست بشرط مع ذكر المهر وذكر السرخسي أنها ليست بشرط مطلقا لعدم اللبس ولأن كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال اه
وللمحقق ابن الهمام فيه بحث طويل يأتي بعضه قريبا
قوله ( هو كل لفظ الخ ) أورد عليه في البحر أنه ينعقد بألفاظ غير ما ذكر مثل كوني امرأتي وقولها عرستك نفسي وقوله لمبانته راجعتك بكذا وقولها له رددت نفسي عليك وقوله صرت لي أو صرت لك وقوله ثبت حقي في منافع بضعك وذكر ألفاظا أخر وأنه ينعقد في الكل مع القبول ثم أجاب بأن العبرة في العقود للمعاني حتى في النكاح كما صرحوا به وهذه الألفاظ تؤدي معنى النكاح
وحاصله أن هذه الألفاظ داخلة في النكاح لأن المراد لفظه أو ما يؤدي معناه
تأمل
قوله ( وضع لتمليك عين ) خرج ما لا يفيد التمليك أصلا كالرهن والوديعة وما يفيد تمليك المنفعة كالإجارة والإعارة كما يأتي
قوله ( كاملة ) صرح بمفهومه بقوله فلا يصح بالشركة قال في غاية البيان وكذا أي لا ينعقد بلفظ الشركة لأنه يفيد التمليك في البعض دون الكل ولهذا لا يصح النكاح إذا قال زوجتك نصف جاريتي
قوله ( خرج الوصية غير المقيدة بالحال ) بأن كانت مطلقة أو مضافة إلى ما بعد الموت
أما المقيدة بالحال نحو أوصيت لك ببضع ابنتي للحال بألف درهم فجائز كما حققه في الفتح وتبعه في المهر قائلا وارتضاه غير واحد
وخالفهم في البحر بأن المعتمد ما أطلقه الشارحون من عدم الجواز لأن الوصية مجاز عن التمليك فلو انعقد بها لكان مجازا عن النكاح والمجاز لا مجاز له كما في بيوع العناية اه
ونقل الرملي عن المقدسي أن قوله إن المجاز لا مجاز له مردود يعرف ذلك من طالع أساس البلاغة اه أي كما قرروه في رأيت مشفر زيد من أنه مجاز بمرتبتين وكذا في { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف }
____________________
(3/16)
قلت لكن قول المصنف كغيره وما وضع لتمليك العين في الحال لا يشمل الوصية لأنها موضوعة لتمليك العين بعد الموت فإذا استعملت في تمليك العين في الحال كانت مجازا فلم يصح بها النكاح بناء على أنها لم توضع للتمليك في الحال لا بناء على أنها مجاز المجاز اللهم إلا أن يجاب بأن قولهم وضع بمعنى استعمل فيشمل الحقيقة والمجاز أو هو مبني على أن المجاز موضوع بالوضع النوعي كما أوضحه شارح التحرير في أول الفصل الخامس فتأمل
قوله ( كهبة ) أي إذا كانت على وجه النكاح
واعلم أن المنكوحة إما أمة أو حرة فإذا أضاف الهبة إلى الأمة بأن قال لرجل وهبت أمتي هذه منك فإن كان الحال يدل على النكاح من إحضار شهود وتسمية المهر معجلا ومؤجلا ونحو ذلك ينصرف إلى النكاح وإن لم يكن الحال دليلا على النكاح فإن نوى النكاح وصدقه الموهوب له فكذلك ينصرف إلى النكاح بقرينة النية وإن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة وإن أضيفت إلى الحرة فإنه ينعقد من غير هذه القرينة لأن عدم قبول المحل للمعنى الحقيقي وهو الملك للحرة يوجب الحمل على المجاز فهو القرينة فإن قامت القرينة على عدمه لا ينعقد فلو طلب من امرأة الزنى فقالت وهبت نفسي منك فقال الرجل قبلت لا يكون نكاحا كقول أبي البنت وهبتها لك لتخدمك فقال قبلت إلا إذا أراد به النكاح كذا في البحر ط
قوله ( وقرض الخ ) قال في النهر وفي الصرف والقرض والصلح والرهن قولان وينبغي ترجيح انعقاده بالصرف عملا بالكلية لما أنه يفيد ملك العين في الجملة وبه يترجح ما في الصيرفية من تصحيح انعقاده بالقرض وإن رجح في الكشف وغيره عدمه وجزم السرخسي بانعقاده بالصلح والعطية ولم يحك الإتقاني غيره اه
وسيأتي الكلام على الرهن لكن قوله ولم يحك الإتقاني غيره سبق قلم فإن الذي ذكره الإتقاني في غاية البيان أنه لا ينعقد بالصلح وهكذا نقله عنه في البحر وعزاه في الفتح إلى الأجناس ثم نقل كلام السرخسي
قلت وينبغي التفصيل والتوفيق بأن يقال إن جعلت المرأة بدل الصلح مثل أن يقول أبو البنت لدائنه مثلا صالحتك عن ألفك التي لك علي ببنتي هذه وإن جعلت مصالحا عنها بأن قال صالحتك عن بنتي بألف لا يصح وعليه يحمل كلام غاية البيان بدليل أنه علله بقوله لأن الصلح حطيطة وإسقاط للحق اه
ولا يخفى أن الإسقاط إنما هو بالنسبة للمصالح عنه والمقصود ملك المتعة من المرأة لا إسقاطه فلذا لم يصح
أما بدل الصلح فالمقصود ملكه أيضا فيصح به ملك المتعة
هذا ولم أر من تعرض للخلاف في العطية مثل قوله هي لك عطية بكذا لأنه بمنزلة الهبة وقد أفتى به في الخيرية
وأما لفظ أعطيتك بنتي بكذا كما هو الشائع عند الأعراب والفلاحين فيصح به العقد كما قدمناه عن الفتح عن شرح الطحاوي ويقع كثيرا أنه يقول جئتك خاطبا بنتك لنفسي فيقول أبوها هي جارية في مطبخك فينبغي أن يصح إذا قصد العقد دون الوعد أخذا مما قدمناه آنفا عن البحر في وهبتها لك لتخدمك ويؤيده ما في الذخيرة إذا قال جعلت ابنتي هذه لك بألف صح لأنه أتى بمعنى النكاح والعبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ اه
قوله ( وسلم واستئجار ) هذا إذا جعلت المرأة رأس مال السلم أو جعلت أجرة فينعقد إجماعا أما إن جعلت مسلما فيها فقيل لا ينعقد لأن السلم في الحيوان لا يصح وقيل ينعقد لأنه لو اتصل به القبض يفيد ملك الرقبة ملكا فاسدا وليس كل ما يفسد الحقيقي يفسد مجازيه ورجحه في الفتح وهو مقتضى
____________________
(3/17)
ما في المتون وإن لم تجعل أجرة كقوله أجرتك ابنتي بكذا فالصحيح أنه لا ينعقد لأنها لا تغير ملك العين
أفاده في البحر
قوله ( وكل ما تملك به الرقاب ) كالجعل والبيع والشراء فإنه ينعقد بها كما مر
قوله ( بشرط نية أو قرينة الخ ) هذا ما حققه في الفتح ردا على ما قدمناه عن الزيلعي حيث لم يجعل النية شرطا عند ذكر المهر وعلى السرخسي حيث لم يجعلها شرطا مطلقا
وحاصل الرد أن المختار أنه لا بد من فهم الشهود المراد فإن حكم السامع بأن المتكلم أراد من اللفظ ما لم يوضع له لا بد له من قرينة على إرادته ذلك فإن لم تكن فلا بد من إعلام الشهود بمراده ولذا قال في الدراية في تصوير الانعقاد بلفظ الإجارة عند من يجيزه أن يقول أجرت ابنتي ونوى به النكاح وأعلم الشهود اه
بخلاف قوله بعتك بنتي فإن عدم قبول المحل للبيع يوجب الحمل على المجازي فهو قرينة يكتفي بها الشهود حتى لو كانت المعقود عليها أمة لا بد من قرينة زائدة تدل على النكاح من إحضار الشهود وذكر المهر مؤجلا أو معجلا وإلا فإن نوى وصدقه الموهوب له صح وإن لم ينو انصرف إلى ملك الرقبة كما في البدائع
والظاهر أنه لا بد مع النية من إعلام الشهود وقد رجع شمس الأئمة إلى التحقيق حيث قال ولأن كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال اه
هذا حاصل ما في الفتح وملخصه أنه لا بد في كنايات النكاح من النية مع قرينة أو تصديق القابل للموجب وفهم الشهود المراد أو إعلامهم به
قوله ( بلفظ إجارة ) أي في الأصح كآجرتك نفسي بكذا بخلاف لفظ الاستئجار بأن جعلت المرأة بدلا مثل استأجرت دارك بنفسي أو ببنتي عند قصد النكاح كما مر بيانه وعبر هناك بالاستئجار وهنا بالإجارة إشارة للفرق المذكور فلا تكرار فافهم
قوله ( ووصية ) أي غير مقيدة بالحال كما مر
قوله ( ورهن ) فيه اختلاف المشايخ كما في البناية ورجح في الولوالجية ما هنا من عدم الصحة ولعل ابن الهمام لم يعتبر القول الآخر لعدم ظهور وجهه فعد الرهن من قسم ما لا خلاف في عدم الصحة به لأنه لا يفيد الملك أصلا
قوله ( ونحوها ) كإباحة وإحلال وتمتع وإقالة وخلع كما قدمناه عن الفتح لكن ذكر في النهر أنه ينبغي أن يقيد الأخير بما إذا لم تجعل بدل الخلع فإن جعلت كما إذا قال أجنبي اخلع زوجتك ببنتي هذه فقبل صح أخذا من مسألة الإجارة
قوله ( لكن تثبت به ) أي بنحو المذكورات
قوله ( وكذا تثبت بكل لفظ لا ينعقد به النكاح ) هذا ساقط من بعض النسخ وهو الأحسن ولذا قال ح إنه مكرر مع قوله لكن تثبت به الشبهة مع أن قوله بكل لفظ لا ينعقد به النكاح شامل اللفظ لا دخل له أصلا كقوله لها أنت صديقتي فقلت نعم فإنه يصدق عليه أنه لفظ لا ينعقد به النكاح ومع ذلك لا تثبت به الشبهة بخلاف العبارة الأولى فإنها وقعت بيانا لنحو المذكورات في المتن فتختص بكل لفظ يفيد الملك ولا ينعقد به النكاح اه
مطلب هل ينعقد النكاح بالألفاظ المصحفة نحو تجوزت قوله ( وألفاظ مصحفة ) من التصحيف وهو تغيير اللفظ حتى يتغير المعنى المقصود من الوضع كما في الصحاح وفي المغرب التصحيف أن يقرأ الشيء على خلاف ما أراده كاتبه أو على غير ما اصطلحوا عليه
قوله ( كتجوزت ) أي بتقديم الجيم على الزاي
قال في المغرب جاز المكان وأجازه وجاوزه وتجاوزه إذا سار فيه وخلفه وحقيقته قطع جوزه
____________________
(3/18)
أي وسطه ومنه جاز البيع أو النكاح إذا نفذه وأجازه القاضي إذا نفذه وحكم به ومنه المجيز الوكيل والوصي لتنفيذه ما أمر به وجوز الحكم رآه جائزا وتجويز الضراب الدراهم أن جعلها رائجة جائزة وأجازه بجائزة سنية إذا أعطاه عطية ومنها جوائز الوفود للتحف واللطف وتجاوز عن المسيء وتجوز عنه أغضى عنه وعفا وتجوز في الصلاة ترخص فيها وتساهل ومنه تجوز في أخذ الدراهم اه ملخصا
قوله ( لصدوره لا عن قصد صحيح ) أشار به إلى الفرق بينه وبين انعقاده بلفظ أعجمي بأن اللغة الأعجمية تصدر عمن تكلم بها عن قصد صحيح بخلاف لفظ التجويز فإنه يصدر لا عن قصد صحيح بل عن تحريف وتصحيف فلا يكون حقيقة ولا مجازا
منح ملخصا
والتحريف التغيير وهو المراد بالتصحيف كما مر
قوله ( تلويح ) ليس مراده عزو المسألة إلى التلويح بل عزو مضمون التعليل لأنها غير مذكورة فيه ولا في غيره من الكتب المتقدمة وإنما ذكرها المصنف في متنه
وذكر في شرحه المنح أنه كثر الاستفتاء عنها في عامة الأمصار وأنه كتب فيها رسالة حاصلها اعتماد عدم الانعقاد بهذا اللفظ لأنه لم يوضع لتمليك العين للحال وليس لفظ نكاح ولا تزويج وليس بينه وبين ألفاظ النكاح علاقة مصححة للمجازية عنها كما استعير لفظ الهبة والبيع للنكاح ومن ثم صرحوا بأنه لا ينعقد بلفظ الإحلال والإجارة والوصية لعدم صحة الاستعارة ولا يصح قياس ذلك على اللغة الأعجمية لعدم القصد الصحيح كما مر ثم استشهد لذلك بما ذكره المحقق السعد التفتازاني في بحث الحقيقة والمجاز من التلويح وهو أن اللفظ المستعمل استعمالا صحيحا جاريا على القانون إما حقيقة أو مجازا لأنه إن استعمل فيما وضع له فحقيقة وإن استعمل في غيره فإن كان لعلاقة بينه وبين الموضوع له فمجاز وإلا فمرتجل وهو أيضا من قسم الحقيقة لأن الاستعمال الصحيح في الغير بلا علاقة وضع جديد فيكون اللفظ مستعملا فيما وضع له فيكون حقيقة وقيدنا الاستعمال بالصحيح احترازا عن الغلط مثل استعمال لفظ الأرض في السماء من غير قصد إلى وضع جديد اه
قوله ( نعم الخ ) هذا ذكره المصنف أيضا حيث قال عقب عبادة التلويح المذكورة نعم لو اتفق قوم على النطق بهذه الغلطة بحيث إنهم يطلبون بها الدلالة على حل الاستمتاع وتصدر عن قصد واختيار منهم فللقول بانعقاد النكاح بها وجه ظاهر لأنه والحالة هذه يكون وضعا جديدا منهم وبانعقاده بين قوم اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة أفتى شيخ الإسلام أبو السعود مفتي الديار الرومية وأما صدورها لا عن قصد إلى وضع جديد كما يقع من بعض الجهلة الأغمار فلا اعتبار به فقد قال في التلويح إن استعمال اللفظ في الموضوع له أو لغيره طلب دلالته عليه وإرادته منه فمجرد الذكر لا يكون استعمالا صحيحا فلا يكون وضعا جديدا اه
وحاصل كلام المصنف أنه إن اتفقوا على استعمال التجويز في النكاح بوضع جديد قصدا يكون حقيقة عرفية مثل الحقائق المرتجلة
ومثل الألفاظ الأعجمية الموضوعة للنكاح فيصح به العقد لوجود طلب الدلالة على المعنى المراد وإرادته من اللفظ قصدا وإلا فذكر هذا اللفظ بدون ما ذكر لا يكون حقيقة لعدم الوضع ولا مجازا لعدم العلاقة فلا يصح به العقد لكون غلطا كما أفتى به المصنف تبعا لشيخه العلامة ابن نجيم ومعاصريه لكن أفتى بخلافه العلامة الخير الرملي في الفتاوى الخيرية ونازع المصنف فيما استشهد به وكذا نازعه في حاشيته عن المنح بأنه لا دخل لبحث الحقيقة والمجاز المرتب على عدم العلاقة وقد أقر المصنف بأنه تصحيف فكيف يتجه ذكر نفي العلاقة بل نسلم كونه تصحيفا بإبدال حرف فلو صدر من عارف لا ينعقد به وهو محل فتوى
____________________
(3/19)
الشيخ زين بن نجيم ومعاصريه فيقع الدليل في محله ح
والمسألة لم توجد فيها نقل بخصوصها عن المشايخ فصارت حادثة الفتوى
وقد صرح الشافعية بأنه لا يضر من عامي إبدال الزاي جيما وعكسه مع تشديدهم في النكاح بحيث لم يجوزوه إلا بلفظ الإنكاح والتزويج والإفتاء بحسب الإنهاء
فإذا سئل المفتي هل ينعقد بلفظ التجويز يجيب بلا لعدم التعرض لذكر التصحيف والأصل عدمه وإذا سئل في عامي قدم الجيم على الزاي بلا قصد استعارة لعدم علمه بها بل قصد حل الاستمتاع باللفظ الوارد شرعا فوقع له ما ذكر ينبغي فيه موافقة الشافعية وبالأولى فيما إذا اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة كما قطع به أبو السعود وقد صرحوا بعدم اعتبارالغلط والتصحيف في مواضع فأوقعوا الطلاق بالألفاظ المصحفة مع اشتراك الطلاق والنكاح في أن جدهما جد وهزلهما جد وخطر الفروج وأفتوا بالوقوع في علي الطلاق وأنه تعليق يقع به الطلاق عند وقوع الشرط لأنه صار بمنزلة إن فعلت فأنت كذا ومثله الطلاق يلزمني لا أفعل كذا مع كونه غلطا ظاهرا لغة وشرعا لعدم وجود ركنه وعدم محلية الرجل للطلاق وقول أبي السعود إنه أي هذا الطلاق ليس بصريح ولا كناية نظرا لمجرد اللفظ لا إلى الاستعمال الفاشي لعدم وجوده في بلاده فإذا لم نعتبر هذا الغلط الفاحش لزمنا أن لا نعتبره فيما نحن فيه مع فشو استعماله وكثرة دورانه في ألسنة أهل القرى والأمصار بحيث لو لقن أحدهم التزويج لعسر عليه النطق به فلا شك أنهم لا يلمحون استعارة لنرد ملمحهم بعدم العلاقة بل هو تصحيف عليها فشا في لسانهم
وقد استحسن بعض المشايخ عدم فساد الصلاة بإبدال بعض الحروف وإن لم يتقارب المخرج لأن فيه بلوى العامة فكيف فيما نحن فيه اه ملخصا
قوله ( وأما الطلاق فيقع بها الخ ) أي بالألفاظ المصحفة كتلاق وتلاك وطلاك وطلاغ وتلاغ
قال في البحر فيقع قضاء ولا يصدق إلا إذا أشهد على ذلك قبل التكلم بأن قال امرأتي تطلب مني الطلاق وأنا لا أطلق فأقول هذا ولا فرق بين العالم والجاهل وعليه الفتوى اه
ثم إنه لا فرق يظهر بين النكاح والطلاق وقد استدل الخير الرملي على ذلك بما قدمناه من قول قاضيخان إنه ينبغي أن يكون النكاح والعتاق في أنه لا يشترط العلم بمعناه لأن العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل اه
قال فإذا علمنا أن الطلاق واقع مع التصحيف فينبغي أن يكون النكاح نافذا معه أيضا اه
قلت وأما الجواب بأن وقوع الطلاق للاحتياط في الفروج فهو مشترك الإلزام على أنه لا احتياط في التفريق بعد تحقق الزوجية بمجرد التلفظ بلفظ مصحف أو مهمل لا معنى له بل الاحتياط من بقاء الزوجية حتى يتحقق المزيل فلو لا أنهم اعتبروا القصد بهذا اللفظ المصحف بدون وضع جديد ولا علاقة لم يوقعوا به الطلاق لأن الغلط الخارج عن الحقيقة والمجاز لا معنى له فعلم أنهم اعتبروا المعنى الحقيقي المراد ولم يعتبروا تحريف اللفظ بل قولهم يقع بها قضاء يفيد أنه يقضى عليه بالوقوع وإن قال لم أرد بها الطلاق حملا على أنها من أقسام الصريح ولذا قيد تصديقه بالإشهاد فبالأولى إذا قال العامي جوزت بتقديم الجيم أو زوزت بالزاي بدل الجيم قاصدا به معنى النكاح يصح ويدل عليه أيضا ما قدمناه عن الذخيرة من أنه إذا قال جعلت بنتي هذه لك بألف صح لأنه أتى بمعنى النكاح والعبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ فهذا التعليل يدل على أن كل ما أفاد معنى النكاح يعطى حكمه لكن إذا كان بلفظ نكاح أو تزويج أو ما وضع لتمليك العين للحال ولا شك أن لفظ جوزت أو زوزت
____________________
(3/20)
لا يفهم منه العاقدان والشهود إلا أنه عبارة عن التزويج ولا يقصد منه إلا ذلك المعنى بحسب العرف وقد صرحوا بأنه يحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفه وإذا وقع الطلاق بالألفاظ المصحفة ولو من عالم كما مر وإن لم تكن متعارفة كما هو ظاهر إطلاقهم فيها يصح النكاح من العوام بالمصحفة المتعارفة بالأولى والله تعالى أعلم
تنبيه علم مما قررناه جواز العقد بلفظ أزوجت بالهمزة في أوله خلافا لما ذكره السيد محمد أبو السعود في حاشية مسكين عن شيخه من عدم الجواز معللا بأنه لم يجده في كتب اللغة فكان تحريفا وغلطا
قوله ( احتراما للفروج ) أي لخطر أمرها وشدة حرمتها فلا يصح العقد عليها إلا بلفظ صريح أو كناية
قوله ( سماع كل ) أي ولو حكما كالكتاب إلى غائبه لأن قراءته قائمة مقام الخطاب كما مر
وفي الفتح ينعقد النكاح من الأخرس إذا كانت له إشارة معلومة
قوله ( ليتحقق رضاهما ) أي ليصدر منهما ما من شأنه أن يدل على الرضا إذ حقيقة الرضا غير مشروطة في النكاح لصحته مع الإكراه والهزل
رحمتي
وذكر السيد أبو السعود أن الرضا شرط من جانبها لا من جانب الرجل واستدل لذلك بما صرح به القهستاني في المهر من فساد العقد إذا كان الإكراه من جهتها
وأقول فيه نظر فإنه ذكر في النقاية أن في النكاح الفاسد لا يجب شيء إن لم يطأها وإن وطئها وجب مهر المثل فقال القهستاني عند قوله في النكاح الفاسد أي الباطل كالنكاح للمحارم المؤبدة أو المؤقتة أو بإكراه من جهتها الخ فقوله من جهتها معناه أنها إذا أكرهت الزوج على التزوج بها لا يجب لها عليه شيء لأن الإكراه جاء من جهتها فكان في حكم الباطل لا باطلا حقيقة وليس معناه أن أحدا أكرهها على التزوج ونظير هذه المسألة ما قالوه في كتاب الإكراه من أنه لو أكره على طلاق زوجته قبل الدخول بها لزمه نصف المهر ويرجع به على المكره إن كان المكره له أجنبيا فلو كانت الزوجة هي التي أكرهته على الطلاق لم يجب لها شيء نص عليه القهستاني هناك أيضا
وأما ما ذكر من أن نكاح المكره صحيح إن كان هو الرجل وإن كان و المرأة فهو فاسد فلم أر من ذكره وإن أوهم كلام القهستاني السابق ذلك بل عبارتهم مطلقة في أن نكاح المكره صحيح كطلاقه وعتقه مما يصح مع الهزل ولفظ المكره شامل للرجل والمرأة فمن ادعى التخصيص فعليه إثباته بالنقل الصريح نعم فرقوا بأن الرجل والمرأة في الإكراه على الزنا في إحدى الروايتين ثم رأيت في إكراه الكافي للحاكم الشهيد ما هو صريح في الجواز فإنه قال ولو أكرهت على أن تزوجته بألف ومهر مثلها عشرة آلاف زوجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جائز ويقول القاضي للزوج إن شئت أتمم لها مهر مثلها وهي امرأتك إن كان كفؤا لها وإلا فرق بينهما ولا شيء لها الخ فافهم
قوله ( وشرط حضور شاهدين ) أي يشهدان على العقد أما الشهادة على التوكيل بالنكاح فليست بشرط لصحته كما قدمناه عن البحر وإنما فائدتها الإثبات عند جحود التوكيل
وفي البحر قيدنا الإشهاد بأنه خاص بالنكاح لقول الإسبيجابي وأما سائر العقود فتنفذ بغير شهود ولكن الإشهاد عليه مستحب للآية اه
وفي الواقعات أنه واجب في المداينات وأما الكتابة ففي عتق المحيط يستحب أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه صيانة عن التجاحد كما في المداينة بخلاف سائر التجارات للحرج لأنها مما يكثر وقوعها اه
وينبغي أن يكون النكاح كالعتق لأنه لا حرج فيه اه
مطلب الخصاف كبير في العلم يجوز الاقتداء به تنبيه أشار بقوله فيما مر ولا المنكوحة مجهولة إلى ما ذكره في البحر هنا بقوله ولا بد من تمييز المنكوحة عند الشاهدين لتنتفي الجهالة فإن كانت حاضرة منتقبة كفى الإشارة إليها والاحتياط كشف وجهها
____________________
(3/21)
فإن لم يروا شخصها وسمعوا كلامها من البيت إن كانت وحدها فيه جاز ولو معها أخرى فلا لعدم زوال الجهالة وكذا إذا وكلت بالتزويج فهو على هذا اه أي إن رأوها أو كانت وحدها في البيت يجوز أن يشهدوا عليها بالتوكيل إذا جحدته وإلا فلا لاحتمال أن الموكل المرأة الأخرى وليس معناه أنه لا يصح التوكيل بدون ذلك وأنه يصير العقد عقد فضولي فيصح بالإجارة بعده قولا أو فعلا لما علمته آنفا فافهم
ثم قال في البحر وإن كانت غائبة ولم يسمعوا كلامها بأن عقد لها وكيلها فإن كان الشهود يعرفونها كفى ذكر اسمها إذا علموا أنه أرادها وإن لم يعرفوها لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها
وجوز الخصاف النكاح مطلقا حتى لو وكلته فقال بحضرتهما زوجت نفسي من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي فإنه يصح عنده
قال قاضيخان والخصاف كان كبيرا في العلم يجوز الاقتداء به وذكر الحاكم الشهيد في المنتقى كما قال الخصاف اه
قلت في التاترخانية عن المضمرات أن الأول هو الصحيح وعليه الفتوى وكذا قال في البحر في فصل الوكيل والفضولي أن المختار في المذهب خلاف ما قاله الخصاف وإن كان الخصاف كبيرا اه
وما ذكروه في المرأة يجري مثله في الرجل
ففي الخانية قال الإمام ابن الفضل إن كان الزوج حاضرا مشارا إليه جاز ولو غائبا فلا ما لم يذكر اسمه واسم أبيه وجده قال والاحتياط أن ينسب إلى المحلة أيضا قيل له فإن كان الغائب معروفا عند الشهود قال وإن كان معروفا لا بد عن إضافة العقد إليه وقد ذكرنا عن غيره في الغائبة إذا ذكر اسمها لا غير وهي معروفة عند الشهود وعلم الشهود أنه أراد تلك المرأة يجوز النكاح اه
والحاصل أن الغائبة لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها وإن كانت معروفة عند الشهود على قول ابن الفضل وعلى قول غيره يكفي ذكر اسمها إن كانت معروفة عندهم وإلا فلا وبه جزم صاحب الهداية في التجنيس وقال لأن المقصود من التسمية التعريف وقد حصل وأقره في الفتح والبحر
وعلى قول الخصاف يكفي مطلقا ولا يخفى أنه إذا كان الشهود كثيرين لا يلزم معرفة الكل بل إذا ذكر اسمها وعرفها اثنان منهم كفى والظاهر أن المراد بالمعرفة أن يعرفها أن المعقود عليها هي فلانة بنت فلان الفلاني لا معرفة شخصها وأن ذكر الاسم غير شرط بل المراد الاسم أو ما يعينها مما يقوم مقامه لما في البحر لو زوجه بنته ولم يسمها وله بنتان لم يصح للجهالة بخلاف ما إذا كانت له بنت واحدة إلا إذا سماها بغير اسمها ولم يشر إليها فإنه لا يصح كما في التجنيس اه
وفيه عن الذخيرة إذا كان للمزوج ابنة واحدة وللقابل ابن واحد فقال زوجت ابنتي من ابنك يجوز النكاح وإن كان للقابل ابنان فإن سمى أحدهما باسمه صح الخ
وفيه عن الخلاصة إذا زوجها أخوها فقال زوجت أختي ولم يسمها جاز أن كانت له أخت واحدة وانظر ما قدمناه عند قوله ولا المنكوحة مجهولة
قوله ( حرين الخ ) قال في البحر وشرط في الشهود الحرية والعقل والبلوغ والإسلام فلا ينعقد بحضرة العبيد والمجانين والصبيان والكفار في نكاح المسلمين لأنه لا ولاية لهؤلاء ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب فلو عتق العبيد أو بلغ الصبيان بعد التحمل ثم شهدوا إن كان معهم غيرهم وقت العقد فمن ينعقد بحضورهم جازت شهادتهم لأنهم أهل للتحمل وقد انعقد العقد بغيرهم وإلا فلا كما في الخلاصة وغيرها
قوله ( أو حر وحرتين ) كذا في الكنز وقد نسيه المصنف فذكره الشارح لدفع إيهام اختصاص الذكورة في شهادة النكاح كما نبه عليه الخير الرملي
قوله ( سامعين قولهما معا ) فلا ينعقد بحضرة النائمين والأصمين وهو قول العامة وتصحيح الزيلعي الانعقاد بحضرة النائمين دون الأصمين ضعيف رواه في الفتح والبحر
وأجاب في النهر بحمل النائمين على الوسنانين السامعين
واعترض بأنه حينئذ يكون محل وفاق لا خلاف
ثم قال في النهر وينبغي أن
____________________
(3/22)
لا يختلف في انعقاده بالأصمين إذا كان كل من الزوج والزوجة أخرس لأن نكاحه كما قالوا ينعقد بالإشارة حيث كانت معلومة اه
قال في الفتح ومن اشتراط السماع ما قدمناه في التزوج بالكتاب من أنه لا بد من سماع الشهود ما في الكتاب المشتمل على الخطبة بأن تقرأه المرأة عليهم أو سماعهم العبارة عنه بأن تقول إن فلانا كتب إلي يخطبني ثم تشهدهم أنها زوجته نفسها اه
لكن إذا كان الكتاب بلفظ الأمر بأن كتب زوجي نفسك مني لا يشترط سماع الشاهدين لما فيه بناء على أن صيغة الأمر توكيل لأنه لا يشترط الإشهاد على التوكيل أما القول بأنه إيجاب فيشترط كما في البحر وقدمنا بيانه فيما مر وخرج بقوله معا ما لو سمعا متفرقين بأن حضر أحدهما العقد ثم غاب وأعيد بحضرة الآخر أو سمع أحدهما فقط العقد فأعيد فسمعه الآخر دون الأول أو سمع أحدهما الإيجاب والآخر القبول ثم أعيد فسمع كل وحده ما لم يسمعه أولا لأن في هذه الصورة وجد عقدان لم يحضر كل واحد منهما شاهدان كما في شرح النقاية
قوله ( على الأصح ) راجع لقوله سامعين وقوله معا ومقابل الأول القول بالاكتفاء بمجرد حضورهما ومقابل الثاني ما عن أبي يوسف من أنه إن اتحد المجلس جاز استحسانا كما في الفتح
قوله ( فاهمين الخ ) قال في البحر جزم في التبيين بأنه لو عقدا بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم يجز وصححه في الجوهرة
وقال في الظهيرية والظاهر أنه يشترط فهم أنه نكاح واختاره في الخانية فكان هو المذهب
لكن في الخلاصة لو يحسنان العربية فعقدا بها والشهود لا يعرفونها اختلف المشايخ فيه والأصح أنه ينعقد اه
لقد اختلف التصحيح في اشتراط الفهم اه
وحمل في النهر ما في الخلاصة على القول باشتراط الحضور بلا سماع ولا فهم أي وهو خلاف الأصح كما مر
ووفق الرحمتي بحمل القول بالاشتراط على اشتراط فهم أنه عقد نكاح والقول بعدمه على عدم اشتراط فهم معاني الألفاظ بعد فهم أن المراد عقد النكاح
قوله ( لنكاح مسلمة ) قيد لقوله مسلمين احترازا عن نكاح الذمية فإنه لو تزوجها مسلم عند ذميين صح كما يأتي لكنه يوهم أن ما قبله من الشروط يشترط في أنكحة الكفار أيضا مع أنها تصح بغير شهود إذا كانوا يدينون ذلك كما سيأتي في بابه ولدفع ذلك قال في الهداية ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين حرين الخ
وقد يجاب بأن الكلام في نكاح المسلمين بدليل أنه سيعقد لنكاح الكافر بابا على حدة
ولما كان تزوج المسلم ذمية لا يشترط فيه إسلام الشاهدين احترز عنه بقوله لنكاح مسلمة
قوله ( ولو فاسقين الخ ) اعلم أن النكاح له حكمان حكم الانعقاد وحكم الإظهار فالأول ما ذكره والثاني إنما يكون عند التجاحد فلا يقبل في الإظهار إلا شهادة من تقبل شهادته في سائر الأحكام كما في شرح الطحاوي فلذا انعقد بحضور الفاسقين والأعميين والمحدودين في قذف وإن لم يتوبا وابني العاقدين وإن لم يقبل أداؤهم عند القاضي كانعقاده بحضرة العدوين
بحر
مطلب في عطف الخاص على العام قوله ( أو محدودين في قذف ) أي وقد تابا
قال في النهر وهذا القيد لا بد منه وإلا لزم التكرار اه
واعترض بأن المقصود من إطلاق المصنف الإشارة إلى خلاف الشافعي في الفاسق المعلن والمحدود قبل التوية أما المستور والمحدود التائب فلا خلاف له فيهما كما في شرح المجمع والحقائق وأيضا فالمحدود أخص مطلقا من الفاسق وذكر الأخص بعد الأعم واقع في أفصح الكلام
على أنهم صرحوا بأنه إذا قوبل الخاص بالعام يراد به ما عدا الخاص لكن في المغني أن عطف الخاص على العام مما تفردت به الواو وحتى لكن الفقهاء يتسامحون في عطفه بأو
____________________
(3/23)
قلت وصرح بعضهم بجوازه بثم وبأو كما في حديث ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها
قوله ( أو أعميين ) كذا في الهداية والكنز والوقاية والمختار والإصلاح والجوهرة وشرح النقاية والفتح والخلاصة وهو مخالف لقوله في الخانية ولا تقبل شهادة الأعمى عندنا لأنه لا يقدر على التمييز بين المدعي والمدعى عليه والإشارة إليهما فلا يكون كلامه شهادة ولا ينعقد النكاح بحضرته اه
و ( المختار ) ما عليه الأكثرون
نوح
قوله ( وإن لم يثبت النكاح بهما ) أي بالابنين أي بشهادتهما فقوله بالابنين بدل من الضمير المجرور وفي نسخة لهما أي للزوجين وقد أشار إلى ما قدمناه من الفرق بين حكم الانعقاد وحكم الإظهار أي ينعقد النكاح بشهادتهما وإن لم يثبت بها عند التجاحد وليس هذا خاص بالابنين كما قدمناه
قوله ( إن ادعى القريب ) أي لو كانا ابنيه وحده أو ابنيها وحدها فادعى أحدهما النكاح وجحده الآخر لا تقبل شهادة ابني المدعي له بل تقبل عليه ولو كانا ابنيهما لا تقبل شهادتهما للمدعي ولا عليه لأنها لا تخلو عن شهادتهما لأصلهما وكذا لو كان أحدهما ابنها والآخر ابنه لا تقبل أصلا كما في البحر
قوله ( كما صح الخ ) لأن الشهادة إنما شرطت في النكاح لما فيه من إثبات ملك المتعة له عليها تعظيم لجزء الآدمي لا لثبوت ملك المهر لها عليه لأن وجوب المال لا تشترط فيه الشهادة كالبيع وغيره وللذمي شهادة على مثله لولايته عليه وهذا عندهما
وقال محمد وزفر لا يصح وتمامه في الفتح وغيره وأراد بالذمية الكتابية كما في القهستاني
قال ح فخرج غير الكتابية كما سيأتي في فصل المحرمات ودخل الحربية الكتابية وإن كره نكاحها في دار الحرب كما ذكره الشارح في محرمات شر الملتقى اه
قوله ( ولو مخالفين لدينها ) كما لو كانا نصرانيين وهي يهودية وشمل إطلاقه الذميين غير الكتابيين كمجوسيين والظاهر أنه احترز بهما عن الحربيين لقول الزيلعي وللذمي شهادة على مثله فأفاد أن شهادة الحربي على الذمي لا تقبل والمستأمن حربي
أفاده السيد أبو السعود
قوله ( مع إنكاره ) أي إنكار المسلم العقد على الذمية أما عند إنكارها فمقبول عندهما مطلقا
وقال محمد إن قالا كان معنا مسلمان وقت العقد قبل وإلا لا وعلى هذا الخلاف لو أسلما وأديا
نهر
قوله ( والأصل عندنا الخ ) عبارة النهر
قال الإسبيجابي والأصل أن كل من صلح أن يكون وليا فيه بولاية نفسه صلح أن يكون شاهدا فيه وقولنا بولاية نفسه لإخراج المكاتب فإنه وإن ملك تزويج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بما استفاده من المولى اه
وهذا يقتضي عدم انعقاده بالمحجور عليه ولم أره اه
قوله ( أمر الأب رجلا ) أي وكله والضمير البارز في صغيرته للأب والمستتر في زوجها للرجل المأمور وكونه رجلا مثال فلو كان امرأة صح لكن اشترط أن يكون معها رجلا أو رجل وامرأة كما أفاده في البحر
قوله ( لأنه يجعل عاقدا حكما ) لأن الوكيل في النكاح سفير ومعبر ينقل عبارة الموكل فإذا كان الموكل حاضرا كان مباشرا لأن العبارة تنتقل إليه وهو في المجلس وليس المباشر سوى هذا بخلاف ما إذا كان غائبا لأن المباشر مأخوذ في مفهومه الحضور فظهر أن إنزال الحاضر مباشرا جبري فاندفع ما أورده في النهاية من أنه تكلف غير محتاج إليه فإن الأب يصلح شاهدا فلا حاجة إلى اعتباره مباشرا إلا في مسألة البنت البالغة
فتح ملخصا
وتمامه في البحر
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن حاضرا لا يصح
____________________
(3/24)
لأن انتقال العبارة إليه حال عدم الحضور لا يصير به مباشرا
قوله ( ولو زوج بنته البالغة العاقلة ) كونها بنته غير قيد فإنها لو وكلت رجلا غيره فكذلك كما في الهندية وقيد بالبالغة لأنها لو كانت صغيرة لا يكون الولي شاهدا لأن العقد لا يمكن نقله إليها
بحر وبالعاقلة لأن المجنونة كالصغيرة
أفاده ط
قوله ( لأنها تجعل عاقدة ) لانتقال عبارة الوكيل إليها وهي في المجلس فكانت مباشرة ضرورة ولأنه لا يمكن جعلها شاهدة على نفسها
قوله ( وإلا لا ) أي لم تكن حاضرة لا يكون العقد نافذا بل موقوفا على إجازتها كما في الحموي لأنه لا يكون أدنى حالا من الفضولي وعقد الفضولي ليس بباطل
ط عن أبي السعود
قوله ( جعل مباشرا ) لأنه إذا كان في المجلس تنتقل العبارة إليه كما قدمناه
قوله ( ثم إنما تقبل شهادة المأمور ) يعني عند التجاحد وإرادة الإظهار أما من حيث الانعقاد الذي الكلام فيه فهي مقبولة مطلقا كما لا يخفى وأشار إلى أنه يجوز له أن يشهد إذا تولى العقد ومات الزوج وأنكرت ورثته كما حكي عن الصفار
قال وينبغي أن يذكر العقد لا غير فيقول هذه منكوحته وكذلك قالوا في الأخوين إذا زوجا أختهما ثم أرادا أن يشهدا على النكاح ينبغي أن يقولا هذه منكوحته
بحر عن الذخيرة
قوله ( لئلا يشهد على فعل نفسه ) يرد عليه شهادة نحو القباني والقاسم لأنه يقبل مع بيانه أنه فعله
شرنبلالية
أقول لا يخفى أن العقد إنما لزم بفعل العاقد فشهادته على فعل نفسه شهادة على أنه هو الذي ألزم موجبات العقد فتلغو بخلاف القباني والقاسم فإن فعلهما غير ملزم
أما القباني فظاهر وأما القاسم فلما في شهادات البزازية من أن وجه القبول أن الملك لا يثبت بالقسمة بل بالتراضي أو باستعمال القرعة ثم التراضي عليه اه فافهم
قوله ( ولو زوج المولى عبده ) أي وأمته كما في الفتح وقوله بحضرته أي العبد وقوله وواحد بالجر عطفا على هذا الضمير وقوله لم يجز على الظاهر ذكره في النهر ونقله السيد أبو السعود عن الدراية فيما لو زوج أمه ولا فرق بينهما وبين العبد
وذكر في البحر أنه رجحه في الفتح بأن مباشرة السيد ليس فكا للحجر عنهما في التزوج مطلقا وإلا لصح في مسألة وكيله أي فيما لو زوج وكيل السيد العبد بحضوره مع آخر فإنه لا يصح قوله ( صح ) وقيل لا يصح لانتقاله إلى السيد لأن العبد وكيل عنه
قال الفتح الأصح الجواز بناء على منع كونهما أي العبد والأمة وكيلين لأن الإذن فك الحجر عنهما فيتصرفان بعده وبأهليتهما لا بطريق النيابة
قوله ( والفرق لا يخفى ) هو ما ذكرناه عن الفتح من أن مباشرة السيد العقد ليس فكا للحجر عن العبد في التزوج فلا ينتقل العقد إليه بل يبقى السيد هو العاقد ولا يصلح شاهدا بخلاف إذنه له به فإن العبد ممنوع عن النكاح لحق السيد لا لعدم أهليته فبالإذن يصير أصيلا لا نائبا فلا ينتقل العقد إلى السيد ويصلح شاهدا فيصح بحضرته
قوله ( ما لم يقل الموجب بعده ) أي بعد قول الآخر
زوجت أو نعم لأن قول الآخر ذلك يكون إيجابا فيحتاج إلى قول الأول قبلت وسماه موجبا نظرا إلى الصورة
قوله ( لأن زوجتني استخبار ) المسألة من الخانية وتقدم أنه لو صرح بالاستفهام فقال هل أعطيتنيها فقال أعطيتكها وكان المجلس للنكاح ينعقد فهذا أولى بالانعقاد فإما أن يكون في المسألة روايتان أو يحمل هذا على أن المجلس لعقد النكاح
____________________
(3/25)
وقال في كافي الحاكم وإذا قال رجل لامرأة أتزوجك بكذا أم كذا فقالت قد فعلت فهو بمنزلة قوله قد تزوجتك وليس يحتاج في هذا إلى أن يقول الزوج قد قبلت وكذلك إذا قال قد خطبتك إلى نفسي بألف درهم فقالت قد زوجتك نفسي هذا كله جائز إذا كان عليه شهود لأن هذا كلام الناس وليس بقياس اه رحمتي
قوله ( لأنه توكيل ) أي فيكون كلام الثاني قائما مقام الطرفين وقيل إنه إيجاب ومر ما فيه ط
قوله ( لم يصح ) لأن الغائبة يشترط ذكر اسمها واسم أبيها وجدها وتقدم أنه إذا عرفها الشهود يكفي ذكر اسمها فقط خلافا لابن الفضل وعند الخصاف يكفي مطلقا
والظاهر أنه في مسألتنا لا يصح عند الكل لأن ذكر الاسم وحده لا يصرفها عن المراد إلى غيره بخلاف ذكر الاسم منسوبا إلى أب آخر فإن فاطمة بنت أحمد لا تصدق على فاطمة بنت محمد
تأمل
وكذا يقال فيما لو غلط في اسمها
قوله ( إلا إذا كانت حاضرة الخ ) راجع إلى المسألتين أي فإنها لو كانت مشارا إليها وغلط في اسم أبيها أو اسمها لا يضر لأن تعريف الإشارة الحسية أقوى من التسمية لما في التسمية من الاشتراك لعارض فتلغو التسمية عندها كما لو قال اقتديت بزيد هذا فإذا هو عمرو فإنه يصح
قوله ( ولو له بنتان الخ ) أي بأن كان اسم الكبرى مثلا عائشة والصغرى فاطمة
فقال زوجتك بنتي الكبرى فاطمة وقيل صح العقد عليها وإن كانت عائشة هي المرادة وهذا إذا لم يصفها بالكبرى أما لو قال زوجتك بنتي الكبرى فاطمة ففي الولوالجية يجب أن لا ينعقد العقد على إحداهما لأنه ليس له ابنة كبرى بهذا الاسم اه
ونحوه في الفتح عن الخانية ولا تنفع النية هنا ولا معرفة الشهود بعد صرف اللفط عن المراد كما قلنا
ونظير هذا ما في البحر عن الظهيرية لو قال أبو الصغيرة لأبي الصغير زوجت ابنتي ولم يزد عليه شيئا فقال أبو الصغير قبلت يقع النكاح للأب هو الصحيح ويجب أن يحتاط فيه فيقول قبلت لابني اه
وقال في الفتح بعد أن ذكر المسألة بالفارسية يجوز النكاح على الأب وإن جرى بينهما مقدمات النكاح للابن هو المختار لأن الأب أضافه إلى نفسه بخلاف ما لو قال أبو الصغيرة زوجت بنتي من ابنك فقال أبو الابن قبلت ولم يقل لابني يجوز النكاح للابن لإضافة المزوج النكاح إلى الابن بيقين وقول القابل جواب له والجواب يتقيد بالأول فصار كما لو قال قبلت لابني اه
قلت وبه يعلم بالأولى حكم ما يكثر وقوعه حيث يقول زوج ابنتك لابني فيقول له زوجتك فيقول الأول قبلت فيقع العقد للأب والناس عنه غافلون وقد سئلت عنه فأجبت بذلك وبأنه لا يمكن للأب تطليقها وعقده للابن ثانيا لحرمتها على الابن مؤبدا ومثله ما يقع كثيرا أيضا حيث يقول زوجتني بنتك لابني فيقول زوجتك فإن قال الأول قبلت انعقد النكاح لنفسه وإلا لم ينعقد أصلا لا له ولا لابنه كما أفتى به في الخيرية وبقي ما إذا قال زوج ابنتك من ابني فقال وهبتها لك أو زوجتها لك فيصح للابن بخلاف ما مر عن الظهيرية لأنه ليس فيه إلا الخطبة أما هنا فقوله زوج ابنتك من ابني توكيل حتى لم يحتج بعده إلى قبول فيصير قول الآخر وهبتها لك معناه زوجتها لابنك لأجلك ولا فرق في العرف بين زوجتها لك ووهبتها لك كذا حرره في الفتاوى الخيرية
والظاهر أنه لو قال زوجتك لا يصح لأحد إلا إذا قال الآخر قبلت فيصح له
وبقي أيضا قولهم زوجتك بنتي لابنك فيقول قبلت ويظهر لي أنه ينعقد للأب لإسناد التزويج وقول أبي البنت لابنك معناه لأجل ابنك فلا يفيد وكذا لو قال الآخر قبلت لابني لا يفيد أيضا نعم لو قال أعطيتك بنتي لابنك فيقول قبلت فالظاهر أنه ينعقد للابن لأن قوله أعطيتك بنتي لابنك معناه في العرف أعطيتك بنتي زوجة لابنك وهذا المعنى وإن كان
____________________
(3/26)
هو المراد عرفا من قولهم زوجتك بنتي لابنك لكنه لا يساعده اللفظ كما علمت والنية وحدها لا تنفع كما مر والله سبحانه أعلم
وأما ما في الخيرية فيمن خطب لابنه بنت أخيه فقال أبوها زوجتك بنتي فلانة لابنك وقال الآخر تزوجت أجاب لا ينعقد لأن التزوج غير التزويج اه
ففيه نظر
بل لم ينعقد للابن لقول أبي البنت زوجتك بكاف الخطاب ولا لأبيه لكونه عم البنت حتى لو كان أجنبيا عنها انعقد النكاح له بل هو أولى بالانعقاد من المسألة المارة عن الظهيرية لحصول الإضافة له في الإيجاب والقبول بخلاف ما في الظهيرية وكون مصدر زوجتك التزويج ومصدر تزوجت التزوج لا يظهر وجها إذ لا يلزم اتحاد المادة في الإيجاب والقبول فضلا عن اتحاد الصيغة فلو قال زوجتك فقال قبلت أو رضيت جاز فتأمل
قوله ( صح الخ ) في الفتح عن الفتاوى قيل لا يصح وإن قبل عن الزوج إنسان واحد لأنه نكاح بغير شهود لأن القوم كلهم خاطبون من تكلم ومن لا لأن التعارف هكذا أن يتكلم واحد ويسكت الباقون والخاطب لا يصير شاهدا وقيل يصح وهو الصحيح وعليه الفتوى لأنه ضرورة في جعل الكل خاطبا فيجعل المتكلم فقط والباقي شهود اه
ونقل بعده في البحر عن الخلاصة أن المختار عدم الجواز اه
ولا يخفى أن لفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح ووفق بعضهم بحمل ما في الخلاصة على ما إذا قبلوا جميعا
وأقول ينافيه قول الخلاصة وقيل واحد من القوم ومثله ما مر عن الفتح وإن قبل عن الزوج إنسان واحد فافهم
قوله ( لم يكن له الأمر الخ ) ذكر الشارح في آخر باب الأمر باليد نكحها على أن أمرها بيدها صح اه
لكن ذكر في البحر هناك أن هذا لو ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد أو على أني طالق فقال قبلت وقع الطلاق وصار الأمر بيدها أما لو بدأ هو لا تطلق ولا يصير الأمر بيدها اه
قوله ( بقي الخيار ) أي للموكل
قوله ( ولها الأقل ) أي إذا اختار الفسخ فإن كان المسمى أقل من مهر مثلها فهو لها لأنها رضيت به فكانت مسقطة ما زاد عنه إلى مهر المثل وإن كان مهر المثل أقل فهو لها لأن الزيادة عليه لم تلزم إلا بالتسمية في ضمن العقد فإذا فسد العقد فسد ما في ضمنه ولما كان العقد هنا موقوفا لا فاسدا أجاب بقوله لأن الموقوف كالفاسد
أفاده الرحمتي
وبه ظهر أن المراد بالمسمى ما سماه الوكيل لها لا ما سماه الموكل للوكيل فإنه لا وجه له فافهم
قوله ( قيل يكفر ) لأنه اعتقد أن رسول الله عالم الغيب
قال في التاترخانية وفي الحجة ذكر في الملتقط أنه لا يكفر لأن الأشسياء تعرض على روح النبي وأن الرسل يعرفون بعض الغيب قال تعالى { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول } اه
قلت بل ذكروا في كتب العقائد أن جملة كرامات الأولياء الاطلاع على بعض المغيبات وردوا على المعتزلة المستدلين بهذه الآية على نفيها بأن المراد الإظهار بلا واسطة والمراد من الرسول الملك أي لا يظهر على غيبه بلا واسطة إلا الملك أما النبي والأولياء فيظهرهم عليه بواسطة الملك أو غيره وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في رسالتنا المسماة ( سل الحسام الهندي لنصرة سيدنا خالد النقشبندي ) فراجعها فإن فيها فوائد نفيسة والله تعالى أعلم
____________________
(3/27)
فصل في المحرمات شروع في بيان شرط النكاح أيضا فإن منه محللة لتصير محلا له وأفرد بفضل على حدة لكثرة شعبه
بحر
قوله ( قرابة ) كفروعه وهم بناته وبنات أولاده وإن سفلن وأصوله وهم أمهاته وأمهات وآبائه وإن علون وفروع أبويه وإن نزلن فتحرم بنات الإخوة والأخوات وبنات أولاد الأخوة والأخوات وإن نزلن وفروع أجداده وجداته ببطن واحد فلهذا تحرم العمات والخالات وتحل بنات العمات والاعمام والخالات والأخوال
فتح
قوله ( مصاهرة ) كفروع نسائه المدخول بهن وإن نزلن وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح وإن علون وإن لم يدخل بالزوجات
وتحرم موطوءات آبائه وأجداده وإن علوا ولو بزنى والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح وموطوءات أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا ولو بزنى والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح
فتح
وكذا المقبلات أو الملموسات بشهوة لأصوله أو فروعه أو من قبل أو لمس أصولهن أو فروعهن
قوله ( رضاع ) فيحرم به ما يحرم من النسب إلا ما استثنى كما سيأتي في بابه وهذه الثلاثة محرمة على التأبيد
قوله ( جمع ) أي بين المحارم كأختين ونحوهما أو بين الأجنبيات زيادة على أربع
قوله ( ملك ) كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها
فتح
وعبر بدل الملك بالتنافي أي لأن المالكية تنافي المملوكية كما سيأتي بيانه وشمل ملكه لبعضها أو ملكها لبعضه
قوله ( شرك ) عبارة الفتح عدم الدين السماوي كالمجوسية والمشركة اه
وتشمل أيضا المرتدة ونافية الصانع تعالى
قوله ( إدخال أمة على حرة ) أدخله الزيلعي في حرمة الجمع فقال وحرمة الجمع بين الحرة والأمة والحرة متقدمة وهو الأنسب
بحر أي للضبط وتقلل الأقسام وكذا فعل في الفتح لكن الأولى أن يقال والحرة غير متأخرة ليشمل ما لو تزوجهما في عقد واحد ففي الزيلعي صح نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة
قوله ( وبقي الخ ) زاد في شرحه على الملتقي اثنين آخرين أيضا حيث قال قلت وبقي من المحرمات الخنثى المشكل لجواز ذكورته والجنية وإنسان الماء لاختلاف الجنس اه
قلت وكأنه استغنى هنا عن ذكرهما بما قدمه أول النكاح ويزاد خامس سيذكره في بابه وهو حرمة اللعان وقد نظمت السبعة مع الخمسة المزيدة بقولي أنواع تحريم النكاح سبع قرابة ملك رضاع جمع كذاك شرك نسبة المصاهره وأمة عن حرة مؤخره وزيد خمسة أتتك بالبيان تطليقه لها ثلاثا واللعان تعلق بحق غير من نكاح أو عدة خنوثة بلا اتضاح وآخر الكل اختلاف الجنس كالجن والمائي لنوع الإنس قوله ( حرم على المتزوج ) أي مريد التزوج وقوله ذكرا كان أو أنثى بيان لفائدة إرجاع الضمير إلى المتزوج الشامل لهما لا إلى الرجل فإن ما يحرم على الرجل يحرم على الأنثى إلا ما يختص بأحد الفريقين بدليله فالمراد هنا
____________________
(3/28)
أن الرجل كما يحرم عليه تزوج أصله أو فرعه كذلك يحرم على المرأة تزوج أصلها أو فرعها وكما يحرم عليه تزوج بنت أخيه يحرم عليها تزوج ابن أخيها وهكذا فيؤخذ في جانب المرأة نظير ما يؤخذ في جانب الرجل لا عينه وهذا معنى قوله في المنح كما يحرم على الرجل أن يتزوج بمن ذكر يحرم على المرأة أن تتزوج بنظير من ذكر اه
فلا يقال إنه يلزم أن يصير المعنى يحرم على المرأة أن تتزوج بنت أخيها لأن نظير بنت الأخ في جانب الرجل ابن الأخ في جانب المرأة
ولا يرد أيضا أنه يلزم من حرمة تزوج الرجل بأصله كأمه حرمة تزوجها بفرعها لأن التصريح باللازم غير معيب فافهم
قوله ( علا أو نزل ) نشر على ترتيب اللف وتفكيك الضمائر إذا ظهر المراد يقع في الكلام الفصيح فافهم
قوله ( وأخته ) عطف على بنت لا على أخيه بقرينة قوله وبنتها لكنه مجرور بالنظر للشروح مرفوع بالنظر للمتن ح
لأن المضاف وهو نكاح الداخل على قوله أصله من كلام الشارح
قوله ( ولو من زنى ) أي بأن يزني الزاني ببكر ويمسكها حتى تلد بنتا
بحر عن الفتح
قال الحانوتي ولا يتصور كونها ابنته من الزنى إلا بذلك إذ لا يعلم كون الولد منه إلا به اه أي لأنه لو لم يمسكها يحتمل أن غيره زنى بها لعدم الفراش النافي لذلك الاحتمال
قال ح قوله ولو من زنى تعميم بالنظر إلى كل ما قبله أي لا فرق في أصله أو فرعه أو أخته أن يكون من الزنى أو لا وكذا إذا كان له أخ من الزنى له بنت من النكاح أو من النكاح له بنت من الزنى وعلى قياسه قوله وبنتها وعمته وخالته أي أخته من النكاح لها بنت من الزنى أو من الزنى لها بنت من النكاح أو من الزنى لها بنت من الزنى وكذا أبوه من النكاح له أخت من الزنى أو من الزنى له أخت من النكاح ومن الزنى له أخت من الزنى وكذا أمه من النكاح لها أخت من الزنى أو من الزنى لها أخت من النكاح أو من الزنى لها أخت من الزنى
إذا عرفت هذا فكان ينبغي أن يؤخر التعميم عن قوله وخالته اه
قلت لكن ما ذكره الشارح أحوط لأنه اقتصر على ما رآه منقولا في البحر عن الفتح حيث قال ودخل في البنت بنته من الزنى فتحرم عليه بصريح النص لأنها بنته لغة والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل كلفظ الصلاة ونحوه فيصير منقولا شرعيا وكذا أخته من الزنى وبنت أخته وبنت أخيه أو ابنه منه اه
فلو أخر التعميم عن الكل كان غير مصيب في اتباع النقل على أن ما ذكره في البحر هنا مخالف لما ذكره نفسه في كتاب الرضاع من أن البنت من الزنى لا تحرم على عم الزاني وخاله لأنه لم يثبت نسبها من الزاني حتى يظهر فيها حكم القرابة وأما التحريم على آباء الزاني وأولاده فلاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم والخال اه
ومثله في الفتح هناك عن التجنيس وسنذكر عبارة التجنيس قريبا فافهم
تنبيه ذكر في البحر أنه دخل بنت الملاعنة أيضا فلها حكم البنت هنا لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها منه كما في الفتح
قال وقدمنا في باب المصرف عن المعراج أن ولد أم الولد الذي نفاه لا يجوز دفع الزكاة إليه ومقتضاه ثبوت البنتية فيما يبنى على الاحتياط فلا يجوز لولده أن يتزوجها لأنها أخته احتياطا ويتوقف على نقل ويمكن أن يقال في بنت الملاعنة إنها تحرم باعتبار أنها ربيبة وقد دخل بأمها لا لما تكلفه في الفتح كما لا يخفى انتهى
لكن ثبوت اللعان لا يتوقف على الدخول بأمها وحينئذ فلا يلزم أن تكون ربيبته
نهر
قوله ( فهذه السبعة الخ ) لكن اختلف في توجيه حرمة الجدات وبنات البنات فقيل بوضع اللفظ وحقيقته لأن الأم في اللغة الأصل والبنت الفرع فيكون الاسم حينئذ من قبيل المشكك وقيل بعموم المجاز وقيل بدلالة النص والكل صحيح وتمامه في البحر
____________________
(3/29)
وأفاد أن حرمة البنت من الزنى بصريح النص المذكور كما تقدم
قوله ( ويدخل عمة جده وجدته ) أي في قول المتن وعمته كما دخلت في قوله تعالى { وعماتكم } ومثله قوله وخالتهما كما في الزيلعي ح
قوله ( الأشقاء وغيرهن ) لا يختص هذا التعميم بالعمة والخالة فإن جميع ما تقدم سوى الأصل والفرع كذلك كما أفاده الإطلاق لكن فائدة التصريح به هنا التنبيه على مخالفته لما بعده كما تعرفه فافهم
قوله ( وأما عمة عمة أمه الخ ) قال في النهر وأما عمة العمة وخالة الخالة فإن كانت العمة القربى لأمه لا تحرم وإلا حرمت وإن كانت الخالة القربى لأبيه لا تحرم وإلا حرمت لأن أبا العمة حينئذ يكون زوج أم أبيه فعمتهما أخت زوج الجدة ثم الأب وأخت زوج الأم لا تحرم فأخت زوج الجدة بالأولى وأم الخالة القربى تكون امرأة الجد أبي الأم فأختها أخت امرأة أبي الأم وأخت امرأة الجد لا تحرم اه
والمراد من قوله لأمه أن تكون العمة أخت أبيه لأم احترازا عما إذا كانت أخت أبيه لأب أو لأب وأم فإن عمة هذه العمة لا تحل لأنها تكون أخت الجد أبي الأب
والمراد من قوله وإن كانت الخالة القربى لأبيه أن تكون أخت أمه لأبيها احترازا عما إذا كانت أختها لأمها أو شقيقة فإن خالة هذه الخالة تكون أخت جدته أم أمه فلا تحل وكأن الشارح فهم من قول النهر لأمه وقوله لأبيه إن الضمير فيهما راجع إلى مريد النكاح كما هو المتبادر منه فقال ما قال وليس كذلك لما علمته فكان عليه أن يقول وأما عمة العمة لأم وخالة الخالة لأب
ويمكن تصحيح كلامه بأن تقيد العمة القربى بكونها أخت الجد لأمه والخالة القربى بكونها أخت الجدة لأبيها كما أوضحه المحشي وأما على إطلاقه فغير صحيح
قوله ( بنت زوجته الموطوءة ) أي سواء كانت في حجره أي كنفه ونفقته أو لا ذكر الحجر في الآية خرج مخرج العادة أو ذكر للتشنيع عليهم كما في البحر
واحترز بالموطوءة عن غيرها فلا تحرم بنتها بمجرد العقد
وفي ح عن الهندية أن الخلوة بالزوجة لا تقوم مقام الوطء في تحريم بنتها اه
قلت لكن في التجنيس عن أجناس الناطفي قال في نوادر أبي يوسف إذا خلا بها في صوم رمضان أو حال إحرامه لم يحل له أن يتزوج بنتها
وقال محمد يحل فإن الزوج لم يجعل واطئا حتى كان لها نصف المهر اه
وظاهره أن الخلاف في الخلوة الفاسدة أما الصحيحة فلا خلاف في أنها تحرم البنت
تأمل
وسيأتي تمام الكلام عليه في باب المهر عند ذكر أحكام الخلوة
ويشترط وطؤها في حال كونها مشتهاة أما لو دخل بها صغيرة لا تشتهى فطلقها فاعتدت بالأشهر ثم تزوجت بغيره فجاءت ببنت حل لواطىء أمها قبل الاشتهاء التزوج بها كما يأتي متنا وكذا يشترط فيه أن يكون في حال الوطء مشتهى كما نذكره هناك
قوله ( وأم زوجته ) خرج أم أمته فلا تحرم إلا بالوطء أو دواعيه لأن لفظ النساء إذا أضيف الأزواج كان المراد منه الحرائر كما في الظهار والإيلاء بحر وأراد بالحرائر النساء المعقود عليهن ولو أمة لغيره كما أفاده الرحمتي وأبو السعود
قوله ( وجداتها مطلقا ) أي من قبل أبيها وأمها وإن علون
بحر
قوله ( بمجرد العقد الصحيح ) يفسره قوله وإن لم توطأ ح قوله ( الصحيح ) احتراز عن النكاح الفاسد فإنه لا يوجب بمجرده حرمة المصاهرة بل بالوطء أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة والنظر بشهوة لأن الإضافة لا تثبت إلا بالعقد الصحيح
بحر أي الإضافة إلى الضمير في قوله تعالى { وأمهات نسائكم } أو في قوله وأم زوجته ويوجد في بعض النسخ زيادة قوله فالفاسد لا يحرم إلا بمس شهوة ونحوه
قوله ( الزوجة ) أبدله في الدرر بالأم وهو سبق قلم
____________________
(3/30)
قوله ( ويدخل ) أي في قوله وبنت زوجته بنات الربيبة والربيب وثبتت حرمتهن بالإجماع وقوله تعالى { وربائبكم } بحر
قوله ( وفي الكشاف الخ ) تبع في النقل عنه صاحب البحر ولا يخفى أن المتون طافحة بأن اللمس ونحوه كالوطء في إيجابه حرمة المصاهرة من غير اختصاص بموضع دون موضع لكن لما كانت الآية مصرحة بحرمة الربائب بقيد الدخول وبعدمها عند عدمه كان ذلك مظنة أن يتوهم أن خصوص الدخول هنا لا بد منه وأن تصريحهم بأن اللمس ونحوه يوجب حرمة المصاهرة مخصوص بما عدا الربائب لظاهر الآية فنقل التصريح عن أبي حنيفة بأنه قائم مقام الوطء هنا لدفع ذلك الوهم ولبيان أنه ليس من تخريجات المشايخ وكأنه لم يجد التصريح به هنا عن أبي حنيفة إلا في الكشاف فنقل ذلك عنه لأن الزمخشري من مشايخ المذهب وهو حجة في النقل ولكون الموضع موضع خفاء أكد ذلك بقوله وأقره المصنف فافهم
قوله ( وزوجة أصله وفرعه ) لقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } وقوله تعالى { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } والحليلة الزوجة وأما حرمة الموطوءة بغير عقد فبدليل آخر وذكر الأصلاب لإسقاطه حليلة الابن المتبنى لا لإحلال حليلة الابن رضاعا فإنها تحرم كالنسب
بحر وغيره
قوله ( ولو بعيدا الخ ) بيان للإطلاق أي ولو كان الأصل أو الفرع بعيدا كالجد وإن علا وابن الابن وإن سفل
وتحرم زوجة الأصل والفرع بمجرد العقد دخل بها أو لا
قوله ( وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال ) وكذا بنت ابنها
بحر
قال الخير الرملي ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة ابن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب اه
قوله ( نسبا ) تمييز عن نسبة تحريم للضمير المضاف إليه وكذا قوله مصاهرة وقوله رضاعا تمييز عن نسبة تحريم إلى الكل يعني يحرم من الرضاع أصوله وفروعه وفروع أبويه وفروعهم وكذا فروع أجداده وجداته الصلبيون وفروع زوجته وأصولها وفروع زوجها وأصوله وحلائل أصوله وفروعه وقوله إلا ما استثني أي استثناء منقطعا وهو تسع صور تصل بالبسط إلى مائة وثمانية كما سنحققه ح
تنبيه مقتضى قوله والكل رضاعا مع قوله سابقا ولو من زنى حرمة فرع المزنية وأصلها رضاعا وفي القهستاني عن شر الطحاوي عدم الرحمة ثم قال لكن في النظم وغيره أنه يحرم كل من الزاني والمزنية على أصل الآخر وفرعه رضاعا اه
ومقتضى تقييده بالفرع والأصل أنه لا خلاف في عدم الحرمة على غيرهما من الحواشي كالأخ والعم
وفي التجنيس زنى بامرأة فولدت فأرضعت بهذا اللبن صبية لا يجوز لهذا الزاني تزوجها ولا لأصوله وفروعه ولعم الزاني التزوج بها كما لو كانت ولدت له من الزنى والخال مثله لأنه لم يثبت نسبها من الزاني حتى يظهر فيها حكم القرابة والتحريم على أبي الزاني وأولاده وأولادهم لاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم وإذا ثبت ذلك في المتولدة من الزنى فكذا في المرضعة بلبن الزنى اه
قلت وهذا مخالف لما مر من التعميم في قول الشارح ولو من زنى كما نبهنا عليه هناك
قوله ( تقع مغلطة ) كمفعلة محل الغلط أو بتشديد اللام المكسورة وضم الميم أي مسألة تغلط من يجيب عنها بلا تأمل فيها
قوله ( ولها منه لبن ) أي نزل منها بسبب ولادتها منه قوله ( فحرمت عليه ) لكونها صارت أمه رضاعا قوله ( فدخل بها )
____________________
(3/31)
قيد به ليمكن توهم إحلالها للأول والصغير لا يمكن منه الدخول
قوله ( بواحدة أم بثلاث ) الأول بناء على القول بأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث والثاني بناء على القول بأنه يهدمه كما سيأتي في بابه
قوله ( لصيرورتها حليلة ابنه رضاعا ) لأن ثبوت البنوة بالإرضاع مقارن للزوجية فيصح وصفها بكونها زوجة ابنه وابنها رضاعا وكذا إن قلنا إن ثبوت البنوة عارض على الزوجية ومعاقب لها لأنه لا يلزم اجتماع الوصفين في وقت واحد ولذا تحرم عليه ربيبته المولودة بعد طلاقه أمها وزوجة أبيه من الرضاع المطلقة قبل ارتضاعه فافهم
قوله ( إن علم أنه وطئها ) فإن علم عدم الوطء أو شك تحل اه ح
والمراد بالعلم ما يشمل غلبة الظن إذ حصول العلم اليقيني في ذلك نادر ومنه إخبار الأب بأنه وطئها وهي في ملكه
ففي البحر عن المحيط رجل له جارية فقال قد وطئتها لا تحل لابنه وإن كانت في غير ملكه فقال قد وطئتها يحل لابنه أن يكذبه ويطأها لأن الظاهر يشهد له اه أي يشهد للابن والظاهر أن المراد الإخبار بأن الوطء كان في غير ملكه أما لو كانت في ملكه ثم باعها ثم أخبر بأنه وطئها حين كانت في ملكه لا تحل لابنه
تأمل
قوله ( فوجدها ثيبا ) أي حين أراد جماعها كما في البحر والمنح وذلك بإخبارها أو بأمر غير الحماع أما لو جامعها فوجدها ثيبا وجب عليه مهر مثلها لوطء الشبهة والوطء في دار الإسلام لا يخلو عن عقر أو عقر
رحمتي
قوله ( وحرم أيضا بالصهرية أصل مزيته ) قال في البحر أراد بحرمة المصاهرة الحرمات الأربع حرمة المرأة على أصول الزاني وفروعه نسبا ورضاعا وحرمة أصولها وفروعها على الزاني نسبا ورضاعا كما في الوطء الحلال ويحل لأصول الزاني وفروعه أصول المزني بها وفروعها اه
ومثله ما قدمناه قريبا عن القهستاني عن النظم وغيره وقوله ويحل الخ أي كما يحل ذلك بالوطء الحلال وتقييده بالحرمات الأربع مخرج لما عداها وتقدم آنفا الكلام عليه
قوله ( أراد بالزنى الوطء الحرام ) لأن الزنى وطء مكلف في فرج مشتهاة ولو ماضيا خال عن الملك وشبهته وكذا تثبت حرمة المصاهرة لو وطىء المنكوحة فاسدا أو المشتراة فاسدا أو الجارية المشتركة أو المكاتبة أو المصاهرة منها أو الأمة المجوسية أو زوجته الحائض أو النفساء أو كان محرما أو صائما وإنما قيد بالزنى لأن فيه خلاف الشافعي وليفيد أنها لا تثبت بالوطء بالدبر كما يأتي خلافا للأوزاعي وأحمد
قال في الفتح وبقولنا قال مالك في رواية وأحمد وهو قول عمر وابن مسعود وابن عباس في الأصح وعمران ابن الحصين وجابر وأبي عائشة وجمهور التابعين كالبصري والشعبي والنخعي والأوزاعي وطاوس ومجاهد وعطاء وابن المسيب وسليمان بن يسار وحماد والثوري وابن راهويه وتمامه مع بسط الدليل فيه
قوله ( وأصل ممسوسته الخ ) لأن المس والنظر سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه في موضع الاحتياط
هداية واستدل لذلك في الفتح بالأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين
قوله ( بشهوة ) أي ولو من أحدهما كما سيأتي
قوله ( ولو لشعر على الرأس ) خرج به المسترسل وظاهر ما في الخانية ترجيح أن مس الشعر غير محرم وجزم في المحيط بخلافه ورجحه في البحر وفصل في الخلاصة فخص التحريم بما على الرأس دون المسترسل وجزم به في الجوهرة وجعله في النهر محمل القولين وهو ظاهر فلذا جزم به في الشارح
قوله ( بحائل لا يمنع الحرارة ) أي ولو بحائل الخ فلو كان مانعا لا تثبت الحرمة كذا في أكثر الكتب وكذا لو جامعها بخرقة على ذكره فما في الذخيرة من أن الإمام ظهير الدين يفتي بالحرمة في القبلة على الفم والذقن والخد والرأس وإن كان على المقنعة
____________________
(3/32)
محمول على ما إذا كانت رقيقة تصل الحرارة معها
بحر
قوله ( وأصل ماسته ) أي بشهوة
قال في الفتح وثبوت الحرمة بلمسها مشروط بأن يصدقها ويقع في أكبر رأيه صدقها وعلى هذا ينبغي أن يقال في مسه إياها لا تحرم على أبيه وابنه إلا أن يصدقاه أو يغلب على ظنهما صدقه ثم رأيت عن أبي يوسف ما يفيد ذلك اه
قوله ( وناظرة ) أي بشهوة
قوله ( والمنظور إلى فرجها ) قيد الفرج لأن ظاهر الذخيرة وغيرها أنهم اتفقوا على أن النظر بشهوة إلى سائر أعضائها لا عبرة به ما عدا الفرج وحينئذ فإطلاق الكنز في محل التقييد
بحر
قوله ( المدور الداخل ) اختاره في الهداية وصححه في المحيط والذخيرة
وفي الخانية وعليه الفتوى وفي الفتح وهو ظاهر الرواية لأن هذا حكم تعلق بالفرج والداخل فرج من كل وجه
والخارج فرج من وجه والاحتزاز عن الخارج متعذر فسقط اعتباره ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت متكئة
بحر
فلو كانت قائمة أو جالسة غير مستندة لا تثبت الحرمة
إسماعيل
وقيل تثبت بالنظر إلى منابت الشعر وقيل إلى الشق وصححه في الخلاصة بحر
قوله ( أو ماء هي فيه ) احتراز عما إذا كانت فوق الماء فرآه من الماء كما يأتي
قوله ( وفروعهن ) بالرفع عطفا على أصل مزيته وفيه تغليب المؤنث على المذكر بالنسبة إلى قوله وناظرة إلى ذكره
قوله ( مطلقا ) يرجع إلى الأصول والفروع أي وإن علون وإن سفلن ط
قوله ( والعبرة الخ ) قال في الفتح وقوله بشهوة في موضع الحال فيفيد اشتراط الشهوة حال المس فلو مس بغير شهوة ثم اشتهى عن ذلك المس لا تحرم عليه اه
وكذلك في النظر كما في البحر فلو اشتهى بعد ما غض بصره لا تحرم
قلت ويشترط وقوع الشهوة عليها لا على غيرها لما في الفيض لو نظر إلى فرج بنته بلا شهوة فتمنى جارية مثلها فوقعت له الشهوة على البنت تثبت الحرمة وإن وقعت على من تمناها فلا
قوله ( وحدها فيهما ) أي حد الشهوة في المس والنظر ح
قوله ( أو زيادته ) أي زيادة التحرك إن كان موجودا قبلهما
قوله ( به يفتى ) وقيل حدها أن يشتهي بقلبه إن لم يكن مشتهيا أو يزداد إن كان مشتهيا ولا يشترط تحرك الآلة وصححه في المحيط والتحفة وفي غاية البيان وعليه الاعتماد والمذهب الأول
بحر
قال في الفتح وفرع عليه ما لو انتشر وطلب امرأة فأولج بين فخذي بنتها خطأ لا تحرم أمها ما لم يزدد الانتشار
قوله ( وفي امرأة ونحو شيخ الخ ) قال في الفتح ثم هذا الحد في حق الشاب أما الشيخ والعنين فحدهما تحرك قلبه أو زيادته إن كان متحركا لا مجرد ميلان النفس فإنه يوجد فيمن لا شهوة له أصلا كالشيخ الفاني ثم قال ولم يحدوا الحد المحرم منها أي من المرأة وأقله تحرك القلب على وجه يشوش الخاطر
قال ط ولم أر حكم الخنثى المشكل في الشهوة ومقتضى معاملته بالأضر أن يجري عليه حكم المرأة
قوله ( وفي الجوهرة الخ ) كذا في النهر وعلى هذا ينبغي أن يكون مس الفرج كذلك بل أولى لأن تأثير المس فوق تأثير النظر بدليل إيجايه حرمة المصاهرة في غير الفرج إذا كان بشهوة بخلاف النظر ح
قلت ويمكن أن يكون ما في الجوهرة مفرعا على القول الآخر في حد الشهوة فلا يكون للنظر احترازا عن مس الفرج ولا عن مس غيره
تأمل
قوله ( فلا حرمة ) لأنه بالإنزال تبين أنه غير مفض إلى الوطء
هداية
قال في العناية ومعنى قولهم إنه لا يوجب الحرمة بالإنزال أن الحرمة عند ابتداء المس بشهوة كان حكمها
____________________
(3/33)
موقوفا إلى أن يتبين بالإنزال فإن أنزل لم تثبت وإلا ثبت لا أنها تثبت بالمس ثم بالإنزال تسقط لأن حرمة المصاهرة إذا ثبتت لا تسقط أبدا
قوله ( وفي الخلاصة الخ ) هذا محترز التقييد بالأصول والفروع وقوله لا تحرم أي لا تثبت حرمة المصاهرة فالمعنى لا تحرم حرمة مؤبدة وإلا فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة لو بشبهة
قال في البحر لو وطىء أخت امرأته بشبهة تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة
وفي الدراية عن الكامل لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة واستشكله في الفتح ووجهه أنه لا اعتبار لماء الزاني ولذا لو زنت امرأة رجل لم تحرم عليه وجاز له وطؤها عقب الزنا اه
قوله ( لا تحرم المنظور إلى فرجها الخ ) تبع في هذا التعبير صاحب الدرر واعترضه الشرنبلالي بأنه لا يصح إلا بتقدير مضاف أي لا يحرم أصل وفرع المنظور إلى فرجها لما أنه لا يحرم نفس المنظور إلى فرجها
وأجيب بأن المراد لا تحرم على أصول الناظر وفروعه وفيه أن الكلام في الحرمة وعدمها بالنسبة إلى أصولها وفروعها فالأولى إسقاط لفظ تحرم وإبقاء المتن على حاله فيكون قوله لا المنظور معطوفا على قوله والمنظور والمعنى لا يحرم أصلها وفرعها ويعلم منه عدم حرمتها عليه وعلى أصوله وفروعه بالأولى فافهم
قوله ( إذا رآه ) لا حاجة إليه لصحة تعلق الجار بقوله المنظور ط
قوله ( لأن المرئي مثاله الخ ) يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة وبين الرؤية في الماء ومن الماء حيث قال كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو وبهذا عللوا الحنث فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرآة أو الماء وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج بناى على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرآة ومن الماء وهذا ينفي كون الإبصار من المرآة والماء بواسطة انعكاس الأشعة وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما بخلاف المرئي في الماء لأن البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه ولهذا كان له الخيار إذا اشترى سمكة رآها في ماء بحيث تؤخذ منه بلا حيلة اه
وبه يظهر فائدة قول الشارح مثاله لا يناسب قول المصنف تبعا للدرر بالانعكاس ولهذا قال في الفتح وهذا ينفي الخ وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لأمثاله وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي وهو المراد بالمثال فيكون مبنيا على القول الآخر ويعبرون عنه بالانطباع وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته ومثاله فيه لا عينه ويدل عليه تعبير قاضيخان بقوله لأنه لم ير فرجها وإنما رأى عكس فرجها فافهم
قوله ( هذا ) أي جميع ما ذكر في مسائل المصاهرة
قوله ( مشتهاة ) سيأتي تعريفها بأنها بنت تسع فأكثر
قوله ( ولو ماضيا ) كعجوز شوهاء لأنها دخلت تحت الحرمة فلا تخرج ولجواز وقوع الولد منها كما وقع لزوجتي إبراهيم وزكريا عليهما الصلاة والسلام قوله ( فلا تثبت الحرمة بها ) أي بوطئها أو لمسها أو النظر إلى فرجها
وقوله أصلا أي سواء كان بشهوة أو لا وسواء أنزل أو لا
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان بصبي أو امرأة كما في غاية البيان وعليه الفتوى كما في الواقعات
ح عن البحر
في الولوالجية أتى رجل
____________________
(3/34)
رجلا له أن يتزوج ابنته لأن هذا الفعل لو كان في الإناث لا يوجب حرمة المصاهرة ففي الذكر أولى
قوله ( لعدم تيقن كونه في الفرج ) علة لعدم إيجاب وطء المفضاة المصاهرة فقط وأما العلة في عدم إيجاب وطء الدبر المصاهرة فالتيقن بعدم كون الوطء في الفرج الذي هو محل الحرث وإنما تركها لانفهامها بالأولى
قال في البحر وأورد عليهما أي على المسألتين أن الوطء فيهما وإن لم يكن سببا للحرمة فالمس بشهوة سبب لها بل الموجود فيهما أقوى وأجيب بأن العلة هي الوطء السبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا لكونه سببا لهذا الوطء ولم يتحقق في الصورتين اه
وبه علم أنه لا فرق في المسألتين بين الإنزال وعدمه ح
قوله ( ما لم تحبل منه ) زاد في الفتح وعلم كونه منه أي بإمساكها عنده حتى تلد كما قدمناه وهذا في الزنا لا في النكاح كما لا يخفى
قوله ( بلا فرق بين زنا ونكاح ) راجع لاشتراط كونها مشتهاة لثبوت الحرمة كما في البحر مفرعا عليه قوله فلو تزوج صغيرة الخ
قوله ( جاز له التزوج ببنتها ) أما أمها فحرمت عليه بمجرد العقد ط
قوله ( فلو جامع غير مراهق الخ ) الذي في الفتح حتى لو جامع ابن أربع سنين زوجه أبيه لا تثبت الحرمة قال في البحر وظاهره اعتبار السن الآتي في حد المشتهاة أعني تسع سنين
قال في النهر وأقول التعليل بعدم الاشتهاء يفيد أن من لا يشتهي لا تثبت الحرمة بجماعه ولا خفاء أن ابن تسع عار من هذا بل لا بد أن يكون مراهقا ثم رأيته في الخانية قال الصبي الذي يجامع مثله كالبالغ قالوا وهو أن يجامع ويشتهي وتستحيي النساء من مثله وهو ظاهر في اعتبار كونه مراهقا لا ابن تسع ويدل عليه ما في الفتح مس المراهق كالبالغ وفي البزازية المراهق كالبالغ حتى لو جامع امرأته أو لمس بشهوة تثبت حرمة المصاهرة اه
وبه ظهر أن ما عزاه الشارح إلى الفتح وإن لم يكن صريح كلامه لكنه مراده
فتحصل من هذا أنه لا بد في كل منهما من سن المراهقة وأقله للأنثى تسع وللذكر اثنا عشر لأن ذلك أقل مدة يمكن فيها البلوغ كما صرحوا به في باب بلوغ الغلام وهذا يوافق ما مر من أن العلة هي الوطء الذي يكون سببا للولد أو المس الذي يكون سببا لهذا الوطء ولا يخفى أن غير المراهق منهما لا يتأتى منه الولد
قوله ( ولا فرق فيما ذكر ) أي من التحريم وقوله بين اللمس والنظر صوابه في اللمس والنظر وعبارة ( الفتح ) ولا فرق في ثبوت الحرمة بالمس بين كونه عامدا أو ناسيا أو مكرها أو مخطئا الخ
أفاده ح
قال الرحمتي وإذا علم ذلك في المس والنظر علم في الجماع بالأولى
قوله ( فلو أيقظ الخ ) تفريع على الخطأ ط
قوله ( أو يدها ابنه ) أي المراهق كما علم مما مر وأما تقييد الفتح بكونه ابنه من غيرها فقال في النهر ليعلم ما إذا كان ابنه منها بالأولى ولا بد من التقييد بالشهوة أو ازديادها في الموضعين
قوله ( قبل أم امرأته الخ ) قال في الذخيرة وإذا قبلها أو لمسها أو نظر إلى فرجها ثم قال لم يكن عن شهوة ذكر الصدر الشهيد أنه في القبلة يفتى بالحرمة ما لم يتبين أنه بلا شهوة وفي المس والنظر لا إلا إن تبين أنه بشهوة لأن الأصل في التقبيل الشهوة بخلاف المس والنظر وفي بيوع العيون خلاف هذا إذا
____________________
(3/35)
اشترى جارية على أنه بالخيار وقبلها أو نظر إلى فرجها ثم قال لم يكن عن شهوة وأراد ردها صدق ولو كانت مباشرة لم يصدق
ومنهم من فصل في القبلة فقال إن كانت على الفم يفتى بالحرمة ولا يصدق أنه بلا شهوة وإن كانت على الرأس أو الذقن أو الخد فلا إلا إذا تبين أنه بشهوة
وكان الإمام ظهير الدين يفتي بالحرمة في القبلة مطلقا ويقول لا يصدق في أنه لم يكن بشهوة
وظاهر إطلاق بيوع العيون يدل على أنه يصدق في القبلة على الفم أو غيره
وفي البقالي إذا أنكر الشهوة في المس يصدق إلا أن يقوم إليها منتشرا فيعانقها وكذا قال في المجردة وانتشاره دليل شهوته اه
قوله ( على الصحيح جوهرة ) الذي في الجوهرة للحدادي خلاف هذا فإنه قال لو مس أو قبل وقال لم أشته صدق إلا إذا كان المس على الفرج والتقبيل في الفم اه وهذا هو الموافق لما سينقله الشارح عن الحدادي ولما نقله عنه في البحر قائلا ورجحه في فتح القدير وألحق الخد بالفم اه
وقال في الفيض ولو قام إليها وعانقها منتشرا أو قبلها وقال لم يكن عن شهوة لا يصدق ولا قبل ولم تنتشر آلته وقال كان عن غير شهوة يصدق وقيل لا يصدق لو قبلها على الفم وبه يفتى اه
فهذا كما ترى صريح في ترجيح التفصيل
وأما تصحيح الإطلاق الذي ذكره الشارح فلم أره لغيره نعم قال القهستاني وفي القبلة يفتى بها أي بالحرمة ما لم يتبين أنه بلا شهوة ويستوي أن يقبل الفم أو الذقن أو الخد أو الرأس
وقيل إن قبل الفم يفتى بها وإن ادعى أنه بلا شهوة وإن قبل غيره لا يفتى بها إلا إذا ثبتت الشهوة اه
وظاهره ترجيح الإطلاق في التقبيل لكن علمت التصريح بترجيح التفصيل
تأمل
قوله ( حرمت عليه امرأته الخ ) أي يفتى بالحرمة إذا سئل عنها ولا يصدق إذا ادعى عدم الشهوة إلا إذا ظهر عدمها بقرينة الحال وهذا موافق لما تقدم عن القهستاني والشهيد ومخالف لما نقلناه عن الجوهرة ورجحه في الفتح وعلى هذا فكان الأولى أن يقول لا تحرم ما لم تعلم الشهوة أي بأن قبلها منتشرا أو على الفم فيوافق ما نقلناه عن الفيض ولما سيأتي أيضا وحينئذ فلا فرق بين التقبيل والمس
قوله ( ولو على الفم ) مبالغة على المنفي لا على النفي
والمعنى حرمت امرأته إذا لم يظهر عدم اشتهاء وهو صادق بظهور الشهوة وبالشك فيها أما إذا ظهر عدم الشهوة فلا تحرم ولو كانت القبلة على الفم اه
ح
قوله ( كما فهمه في الذخيرة ) أي فهمه من عبارة العيون حيث قال وظاهر ما أطلق في بيوع العيون إلى آخر ما مر وأنت خبير بأن كلام المصنف مبني على أن الأصل في القبلة الشهوة وأنه لا يصدق في دعوى عدمها وهذا خلاف ما في العيون
تأمل
قوله ( وكذا القرص والعض بشهوة ) ينبغي ترك قوله بشهوة كما فعل المصنف في المعانقة لأن المقصود تشبيه هذه الأمور بالتقبيل في التفصيل المتقدم فلا معنى للتقييد اه ح
قوله ( ولو لأجنبية ) أي لا فرق بين أن تكون زوجة أو أجنبية أما الأجنبية فصورتها ظاهرة وأما الزوجة فكما إذا تزوج امرأة فقرصها أو عضها أو قبلها أو عانقها ثم طلقها قبل الدخول حرمت عليه بنتها
واعلم أن هذا التعميم لا يخص ما نحن فيه فإن جميع ما قبله كذلك ح وخص البنت لأن الأم تحرم بمجرد العقد
قوله ( وتكفي الشهوة من إحداهما ) هذا إنما يظهر في المس أما في النظر فتعتبر الشهوة من الناظر سواء وجدت من الآخر أم لا اه ط
وهكذا بحث الخير الرملي أخذا من ذكرهم ذلك في بحث المس فقط قال والفرق اشتراكهما في لذة المس كالمشتركين في لذة الجماع بخلاف النظر
قوله ( كبالغ ) أي في ثبوت حرمة المصاهرة بالوطء
أو المس
____________________
(3/36)
أو النظر ولو تمم المقابلات بأن قال كبالغ عاقل صاح لكان أولى ط
وفي الفتح لو مس المراهق وأقر بشهوة تثبت الحرمة عليه
قوله ( بزازية ) لم أر فيها إلا المراهق دون المجنون والسكران نعم رأيتهما في حاوي الزاهدي
قوله ( تحرم الأم ) كذا يوجد في بعض النسخ وفي عامتها بدون الأم فهو من باب الحذف والإيصال كما قال ح
وعبارة القنية هكذا قبل المجنون أم امرأته بشهوة أو السكران بنته تحرم اه أي تحرم امرأته
قوله ( وبحرمة المصاهرة الخ ) قال في الذخيرة ذكر محمد في نكاح الأصل أن النكاح لا يرتفع بحرمة المصاهرة والرضاع بل يفسد حتى لو وطئها الزوج قبل التفريق لا يجب عليه الحد اشتبه عليه أو لم يشتبه عليه اه
قوله ( إلا بعد المتاركة ) أي وإن مضى عليها سنون كما في ( البزازية )
وعبارة الحاوي إلا بعد تفريق القاضي أو بعد المتاركة اه
وقد علمت أن النكاح لا يرتفع بل يفسد وقد صرحوا في النكاح الفاسد بأن المتاركة لا تتحقق إلا بالقول إن كانت مدخولا بها كتركتك أو خليت سبيلك وأما غير المدخول بها فقيل تكون بالقول وبالترك على قصد عدم العود إليها وقيل لا تكون إلا بالقول فيهما حتى لو تركها ومضى على عدتها سنون لم يكن لها أن تتزوج بآخر فافهم
قوله ( والوطء بها الخ ) أي الوطء الكائن في هذه الحرمة قبل التفريق والمتاركة لا يكون زنا
قال في الحاوي والوطء فيها لا يكون زنا لأنه مختلف فيه وعليه مهر المثل بوطئها بعد والحرمة ولا حد عليه ويثبت النسب اه
قوله ( وفي الخانية إلخ ) مستغنى عنه بما تقدم ح
قوله ( فدخلت فراش أبيها ) كنى به عن المس وإلا فمجرد الدخول بغير مس لا يعتبر ط
قوله ( ليست بمشتهاة به يفتى ) كذا في البحر عن الخانية ثم قال فأفاد أنه لا فرق بين أن تكون سمينة أو لا ولذا قال في المعراج بنت خمس لا تكون مشتهاة اتفاقا وبنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا وفيما بين الخمس والتسع اختلاف الرواية والمشايخ والأصح أنها لا تثبت الحرمة اه
قوله ( وإن ادعت الشهوة في تقبيله ) أي ادعت الزوجة أنه قبل أحد أصولها أو فروعها بشهوة أو أن أحد أصولها أو فروعها قبله بشهوة فهو مصدر مضاف إلى فاعله أو مفعوله وكذا قوله أو تقبيلها ابنه فإن كانت إضافته إلى المفعول فابنه فاعل والأنسب لنظم الكلام إضافة الأول لفاعله والثاني لمفعوله ليكون فاعل يقوم الرجل أو ابنه كما أفاده ح
قوله ( فهو مصدق ) لأن ينكر ثبوت الحرمة والقول للمنكر وهذا ذكره في الذخيرة في المس لا في التقبيل كما فعل الشارح فإنه مخالف لما مشى عليه المصنف أولا من أنه في التقبيل يفتى بالحرمة ما لم يظهر عدم الشهوة وقدمنا عن الذخيرة نقل الخلاف في ذلك فما هنا مبني على ما في بيوع العيون
قوله ( آلته ) بالرفع فاعل منتشرا ط
قوله ( أو يركب معها ) أي على دابة بخلاف ما إذا ركبت على ظهره وعبر الماء حيث يصدق في أنه لا عن شهوة
بزازية
قوله ( وفي الفتح إلخ ) قال فيه والحاصل أنه إذا أقر بالنظر وأنكر الشهوة صدق بلا خلاف وفي المباشرة لا يصدق بلا خلاف فيما أعلم
وفي التقبيل اختلف فيه قيل لا يصدق لأنه لا يكون إلا عن شهوة غالبا فلا يقبل إلا أن يظهر خلافه بالانتشار ونحوه وقيل يقبل وقيل بالتفصيل بين كونه على الرأس والجبهة والخد فيصدق أو على الفم فلا والأرجح هذا إلا أن الخد يتراءى إلحاقه بالفم اه
____________________
(3/37)
وقوله إلا أن يظهر إلخ حقه أن يذكر بعد قوله وقيل يقبل كما لا يخفى ولم يذكر المس
وقدمنا عن الذخيرة أن الأصل فيه عدم الشهوة مثل النظر فيصدق إذا أنكر الشهوة إلا أن يقوم إليها منتشرا أي لأن الانتشار دليل الشهوة وكذا إذا كان المس على الفرج كما مر عن الحدادي لأنه دليل الشهوة غالبا وما ذكره في الفتح بحثا من إلحاق تقبيل الخد بالفم أي بخلاف الرأس والجبهة غير ما تقدم في كلام الذخيرة عن الإمام ظهير الدين فإن ذاك لم يفصل فافهم
قوله ( ولا يصدق أنه كذب إلخ ) أي عند القاضي أما بينه وبين الله تعالى إن كان كاذبا فيما أقر لم تثبت الحرمة وكذا إذا أقر بجماع أمها قبل التزوج لا يصدق في حقها فيجب كمال المسمى لو بعد الدخول ونصفه لو قبله
بحر
قوله ( تجنيس ) كذا عزاه إليه في البحر وكذا رأيته فيه أيضا ونص عبارته المختار أنه تقبل إليه أشار محمد في الجامع وإليه ذهب فخر الإسلام علي البزدوي لأن الشهوة مما يوقف عليه بتحرك العضو ممن يتحرك عضوه أو بآثار أخر ممن لا يتحرك عضوه اه
فما ذكره من التعليل من كلام التجنيس أيضا وبه ظهر أن ما في النهر من عزوه إلى التجنيس أن المختار عدم القبول سبق قلم
قوله ( بين المحارم ) الأولى حذفه لأن قول المصنف بين امرأتين يغني عنه ولئلا يتوهم اختصاص الثاني بالجمع وطأ بملك يمين ولا يصح إعرابه بدلا منه بدل مفصل من مجمل لأن الشارح ذكر له عاملا يخصه وهو قوله وحرم الجمع فافهم
وأراد بالمحارم ما يشمل النسب والرضاع
فلو كان له زوجتان رضيعتان أرضعتهما أجنبية فسد نكاحهما كما في البحر
قوله ( أي عقدا صحيحا ) الأنسب حذف قوله صحيحا كما فعل في البحر والنهر ولذا قال ح لا ثمرة لهذا القيد فيما إذا تزوجهما في عقد واحد فإنه لا يكون صحيحا قطعا ولا فيما إذا تزوجهما على التعاقب وكان نكاح الأولى صحيحا فإن نكاح الثانية والحالة هذه باطل قطعا نعم له ثمرة فيما إذا تزوج الأولى فاسدا فإن له حينئذ أن يعقد على الثانية ويصدق عليه أنه جمع بينهما نكاحا ونكاح الأولى وإن كان فاسدا يسمى نكاحا كما شاع في عباراتهم اه
قوله ( وعدة ) معطوف على نكاحا منصوب مثله على التمييز
قوله ( ولو من طلاق بائن ) شمل العدة من الرجعي أو من اعتاق أم ولد خلافا لهما أو من تفريق بعد نكاح فاسد وأشار إلى أن من طلق الأربع لا يجوز له أن يتزوج امرأة قبل انقضاء عدتهن فإن انقضت عدة الكل معا جاز له تزوج أربع وإن واحدة فواحدة
بحر
فرع ماتت امرأته له التزوج بأختها بعد يوم من موتها كما في الخلاصة عن الأصل وكذا في المبسوط لصدر الإسلام والمحيط والسرخسي والبحر والتاترخانية وغيرها من الكتب المعتمدة وأما ما عزي إلى النتف من وجوب العدة فلا يعتمد عليه وتمامه في كتابنا تنقيح الفتاوى الحامدية
قوله ( بملك يمين ) متعلق بوطء واحترز بالجمع وطأ عن الجمع ملكا من غير وطء فإنه جائز كما في البحر ط
قوله ( بين امرأتين ) يرجع إلى الجمع نكاحا وعدة ووطأة بملك يمين ط
أي في عبارة المصنف أما على عبارة الشرح فهو متعلق بالأخير
قوله رأيتهما فرضت إلخ أي أية واحدة منهما فرضت ذكرا لم يحل للأخرى كالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها والجمع بين الأم والبنت نسبا أو رضاعا وكالجمع بين عمتين أو خالتين كأن يتزوج كل من رجلين أم الآخر فيولد لكل منهما
____________________
(3/38)
بنت فيكون كل من البنتين عمة الأخرى
أو يتزوج كل منهما بنت الآخر ويولد لهما بنتان فكل من البنتين خالة الأخرى كما في البحر
قوله ( أبدا ) قيد به تبعا البحر وغيره لإخراج ما لو تزوج أمة ثم سيدتها فإنه يجوز لأنه إذا فرضت الأمة ذكرا لا يصح له إيراد العقد على سيدته ولو فرضت السيدة ذكرا لا يحل له إيراد العقد على أمته إلا في موضع الاحتياط كما يأتي لكن هذه الحرمة من الجانبين مؤقتة إلى زوال ملك اليمين فإذا زال فأيتهما فرضت ذكرا صح إيراد العقد منه على الأخرى فلذا جاز الجمع بينهما واحتيج إلى إخراج هذه الصورة من القاعدة المذكورة بقيد الأبدية لكن هذا بناء على أن المراد من عدم الحل في قوله أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى عدم حل إيراد العقد أما لو أريد به عدم حل الوطء لا يحتاج في إخراجها إلى قيد الأبدية لأنها خارجة بدونه فإنه لو فرضت السيدة ذكرا يحل له وطء أمته
أفاده ح
قوله ( لا تنكح المرأة على عمتها ) تمامه ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها
قوله ( وهو مشهور ) فإنه ثابت في صحيحي مسلم وابن حبان ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وتلقاه الصدر الأول بالقبول من الصحابة والتابعين ورواه الجم الغفير منهم أبو هريرة وجابر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبو سعيد الخدري فيصلح مخصصا لعموم قوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } مع أن العموم المذكور مخصوص بالمشركة والمجوسية وبناته من الرضاعة فلو كان من أخبار الآحاد جاز التخصيص به غير متوقف على كونه مشهورا والظاهر أنه لا بد من ادعاء الشهرة لأن الحديث موقعه النسخ لا التخصص لأن { ولا تنكحوا المشركات } ناسخ لعموم { وأحل لكم } إذا لو تقدم لزم نسخه بالآية فلزم حل المشركات وهو منتف أو تكرار النسخ وهو خلاف الأصل بيان الملازمة أنه يكون السابق حرمة المشركات ثم ينسخ بالعام وهو { وأحل لكم ما وراء ذلكم } سورة النساء الآية 24 ثم يجب تقدير ناسخ آخر لأن الثابت الآن الحرمة فتح
وبه اندفع ما في العناية من أن شرط التخصيص المقارنة عندنا وليست معلومة
تنبيه ما ذكره من الدليل لا يكفي لإثبات عموم القاعدة من حرمة الجمع بين جميع المحارم فإن الجمع بينهن حرام لإفضائه إلى قطع الرحم لوقوع التشاجر عادة بين الضرتين والدليل على اعتباره ما ثبت في الحديث برواية الطبراني وهو قوله فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم وتمامه في الفتح
تتمة عن هذا أجاب الرملي الشافعي عن الجمع بين الأختين في الجنة بأنه لا مانع منه لأن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما وعلة التباغض وقطيعة الرحم منتفية في الجنة إلا الأم والبنت اه
أي لعلة الجزئية فيهما وهي موجودة في الجنة أيضا بخلاف نحو الأختين
قوله ( أو أمة ثم سيدتها ) الأولى عدم ذكر هذه الصورة لما علمت من أن إخراجها من القاعدة يقيد الأبدية مبني على أن المراد من عدم الحل عدم حل إيراد العقد وهو ثابت من الطرفين كما قررناه فينافي قوله الآتي لم يحرم ولو أريد بعدم الحل عدم حل الوطء صح قوله لم يحرم لكنه يستغني عن قيد الأبدية ولعله أشار إلى أن جواز الجمع بينهما ثابت على كل من التقديرين فافهم
قال ح وأشار بثم إلى أنه لو تزوجهما في عقدة لم يصح نكاح واحدة ولو تزوجهما في عقدتين والسيدة مقدمة لم يصح نكاح الأمة كما قدمناه أول الفصل
قوله ( لم يحرم ) أي التزوج في الصور الثلاث لأن الذكر المفروض في الأولى يصير متزوجا بنت الزوج وهي بنت رجل أجنبي وفي الثانية يصير متزوجا امرأة أجنبية وفي الثالثة يصير واطئا لأمته
قوله ( بخلاف عكسه ) هو ما إذا فرضت بنت الزوج أو أم الزوج أو الأمة ذكرا حيث تحرم الأخرى لأنه في الأولى يصير ابن الزوج
____________________
(3/39)
فلا تحل له موطوءة أبيه وفي الثانية يصير أبا الزوج فلا تحل له امرأة ابنه وفي الثالثة يصير عبدا فلا تحل له سيدته
قوله ( وإن تزوج إلخ ) قيد بالتزوج لأنه لو اشترى أخت أمته الموطوءة جاز له وطء الأولى وليس له وطء الثانية ما لم يحرم الأولى على نفسه ولو وطئها أثم ثم لا يحل له وطء واحدة منهما حتى يحرم الأخرى ويكون النكاح صحيحا لأنه لو كان فاسدا لا تحرم عليه الموطوءة ما لم يدخل بالمنكوحة لوجود الجمع حقيقة وأطلق في الأخت المتزوجة فشمل الحرة والأمة وأطلق في الأمة فشمل أم الولد وقيد بكونها موطوءة لأن بدونه يجوز له وطء المنكوحة كما يأتي لأن الموقوفة ليست بموطوءة حكما فلم يصر جامعا بينهما وطأ لا حقيقة ولا حكما وأثار إلى أنه لو لم يدخل بالمنكوحة حتى اشترى أختها لا يطأ المشتراة لأن المنكوحة موطوءة حكما كذا أفاده في البحر
وأراد بأخت الأمة من ليس بينهما جزئية احترازا عن أمها أو بنتها لأن وطء إحداهما يحرم الأخرى أبدا
قوله ( حتى يحرم ) أي على نفسه كما وقع في عبارتهم والمتبادر منه أنه بالضم والتشديد من المزيد ويعلم منه دلالة حكم الحرمة بدون فعله كموت إحداهما أو ردتها لحصول المقصود ولو قرىء بالفتح والتخفيف صح وشمل ذلك منطوقا ولكنه غير لازم لما علمت فافهم قوله ( حل استمتاع ) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي يحرم الاستمتاع الحلال
أفاده ط
أو الإضافة بيانية أي يحرم شيئا حلالا هو استمتاع
أفاده الرحمتي
وبه اندفع أن الحل والحرمة من صفات فعل المكلف كالاستمتاع فلا يصح وصف إحدهما بالآخر فافهم
قوله ( بسبب ما ) فتحريم المنكوحة بالطلاق والخلع والردة مع انقضاء العدة
قهستاني
والمملوكة يبيعها كلا أو بعضا وإعتاقها كذلك وهبتها مع التسليم وكتابتها وتزويجها بنكاح صحيح بخلاف الفاسد إلا إذا دخل بها الزوج فإنها لوجوب العدة عليها منه تحرم على المالك فتحل له حينئذ المنكوحة ولا يؤثر الإحرام والحيض والنفاس والصوم والرهن والإجارة والتدبير لأن فرجها لا يحرم بهذه الأسباب
بحر قال في النهر ولم أر في كلامهم ما لو باعها بيعا فاسدا أو وهبها كذلك وقبضت والظاهر أنه يحل وطء المنكوحة اه
أي لأن المبيع فاسدا يملك بالقبض وكذا الموهوب فاسدا على المفتى به خلافا كما صححه في العمادية كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
تنبيه قال في البحر فإن عادت الموطوءة إلى ملكه بعد الإخراج سواء كان بفسخ أو بشراء جديد لم يحل وطء واحد منهما حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كما كان أولا
قوله ( لأن للعقد حكم الوطء ) أورد عليه أنه لو كان كذلك يجب أن لا يصح هذا النكاح كما قاله بعض المالكية وإلا لزم أن يصير جامعا بينهما وطأ حكما لأن الوطء السابق قائم حكما أيضا بدليل أنه لو أراد بيعها يستحب له استبراؤها وهذا اللازم باطل فيلزم بطلان ملزومه وهو صحة العقد وأجاب عنه في الفتح بأنه لازم مفارق لأن بيده إزالته فلا يضر بالصحة
قوله ( ولو لم يكن إلخ ) محترز قوله قد وطئها ح
قوله ( وطء المنكوحة ) فإن وطىء المنكوحة حرمت المملوكة حتى يفارق المنكوحة كذا في الاختيار قوله ( ودواعي الوطء كالوطء ) حتى لو كان قبل أمته أو مسها بشهوة أو هي فعلت به ذلك ثم تزوج أختها لا تحل له واحدة منهما حتى يحرم الأخرى
رحمتي
قوله ( أو من بمعناهما ) هو كل امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى ح
ولا حاجة إلى هذه الزيادة للاستغناء عنها بقول المصنف بعد وكذا الحكم في كل ما جمعهما من المحارم
قوله ( ونسي الأول ) فلو علم فهو الصحيح والثاني باطل وله وطء الأولى إلا
____________________
(3/40)
أن يطأ الثانية فتحرم الأولى إلى انقضاء عدة الثانية كما لو وطىء أخت امرأته بشبهة حيث تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة
ح عن البحر
وقال في شرح درر البحار قيد بالنسيان إذ الزوج لو عين إحداهما بالفعل بدخوله بها أو ببيان أنها سابقة قضى بنكاحها لتصادقهما وفرق بينه وبين الأخرى ولو دخل بإحداهما ثم بين أن الأخرى سابقة يعتبر البيان إذ الدلالة لا تعارض الصريح اه
ومثله في الشرنبلالية عن شرح المجمع
قوله ( فرق القاضي بينه وبينهما ) يعني يفترض عليه أن يفارقهما فإن لم يفارقهما وجب على القاضي إن علم أن يفرق بينه وبينهما دفعا للمعصية
بحر
لكن في الفتاوى الهندية عن شرح الطحاوي ولو تزوجهما في عقدين ولا يدري أيتهما أسبق فإنه يؤمر الزوج بالبيان فإن بين فعلى ما بين وإن لم يبين فإنه لا يتحرى في ذلك ويفرق بينه وبينهما اه ح
قلت لا منافاة بينهما لأن بيان الزوج مبني على علمه بالأسبق لما ذكرناه عن شرح الدرر ولقوله لا يتحرى
تأمل
وفي النهر وينبغي أن يكون معنى التفريق من الزوج أنه يطلقهما ولم أره اه
قوله ( ويكون طلاقا ) أي تفريق القاضي المذكور وظاهر كلام الفتح أنه بحث منه فإنه قال والظاهر أنه طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة لو تزوجها بعد ذلك وأقره في البحر والنهر
ويؤيده أن الزيلعي عبر عن التفريق المذكور بالطلاق وكذا قال الإتقاني في غاية البيان وتفريق القاضي كالطلاق من الزوج ثم قال في الفتح فإن وقع التفريق قبل الدخول فله أن يتزوج أيتهما شاء للحال وإن بعده فليس له التزوج بواحدة منهما حتى تنقضي عدتهما وإن انقضت عدة إحداهما دون الأخرى فله تزوج التي لم تنقض عدتها دون الأخرى كي لا يصير جامعا وإن وقع بعد الدخول بإحداهما فله أن يتزوجها في الحال دون الأخرى فإن عدتها تمنع من تزوج أختها اه
قوله ( يعني في مسألة النسيان ) تقييد لقوله ويكون طلاقا ولقول المصنف ولهما نصف المهر إذ التفريق في الباطل لا يكون طلاقا فافهم
قوله ( إذ الحكم إلخ ) بيان للفرق بين المسألتين وذلك أن في مسألة النسيان صح نكاح السابقة دون اللاحقة وتعين التفريق بينهما للجهل والتي صح نكاحها يجب لها نصف المهر بالتفريق قبل الدخول ولما جهلت وجب لهما
أما في مسألة تزوجهما معا في عقد واحد فالباطل نكاح كل منهما يقينا فإذا كان التفريق قبل الدخول فلا مهر لهما ولا عدة عليهما وإن دخل بهما وجب لكل لأقل من المسمى ومن مهر المثل كما هو حكم النكاح الفاسد وعليهما العدة
بحر
قال وقيد بطلانهما في المحيط بأن لا تكون إحداهما مشغولة بنكاح الغير أو عدته فإن كانت كذلك صح نكاح الفارغة لعدم تحقق الجمع بينهما كما لو تزوجت امرأة زوجين في عقد واحد وأحدهما متزوج بأربع نسوة فإنها تكون زوجة للآخر لأنه لم يتحقق الجمع بين رجلين إذا كانت هي لا تحل لأحدهما اه
قوله ( وهذا ) أي وجوب نصف المهر لهما في مسألة النسيان
قوله ( متساويين قدرا وجنسا ) كما إذا كان كل منهما ألف درهم ح
قوله ( وهو مسمى ) الضمير راجع إلى المهرين بتأويل المذكور ح
قوله ( وادعى كل منهما أنها الأولى ) أما إذا قالتا لا ندري أي النكاحين أول لا يقضى لهما شيء لأن المقضي له مجهول وهو يمنع صحة القضاء كمن قال لرجلين لأحدهما علي ألف لا يقضى لأحدهما شيء إلا أن يصطلحا بأن يتفقا على أخذ نصف المهر فيقضى لهما به وهذاالقيد أي دعوى كل منهما زاد أبو جعفر الهندواني وظاهر الهداية تضعيفه لكنه حسن
بحر
وتمامه فيه قوله ( ولا بينة لهما )
____________________
(3/41)
مثله ما لو كان لكل منهما بينة على السبق كما في الفتح وغيره أي لتهاترهما قال ح فلو أقامت إحداهما البينة على السبق فنكاحها هو الصحيح والثاني باطل نظير ما قدمنا في قوله ونسي الأول
قوله ( فإن اختلف مهراهما ) محترز قوله متساويين قدرا وجنسا وهو صادق باختلافهما قدرا فقط كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألفين منها وجنسا فقط كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب وقدرا وجنسا كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب
قوله ( فإن علما إلخ ) اعلم أن التفصيل مأخوذ من الدرر
واعترضه محشوه بأنه لم يوجد لغيره والذي وجد في أكثر الكتب أن المسمى لهما إن كان مختلفا يقضى لكل واحدة منهما بربع مهرها المسمى والذي وجد في بعضها أنه يقضى لهما بالأقل من نصفي المهرين المسمين فلو كان مهر إحداهما مائة درهم والأخرى ثمانين يقضي على القول الأول للأولى بخمسة وعشرين درهما وللثانية بعشرين وعلى الثاني بنصف أقل المهرين المسمين وهو أربعون ثم ينصف بينهما فيكون لكل منهما عشرون درهما كذا في حاشيته لنوح أفندي وفي شرحه للشيخ إسماعيل أن الاحتياط الثاني وهو الموجود في الكافي والكفاية معللا بأن فيه يقينا
والظاهر أن المصنف أي صاحب الدرر أراد أن يوفق بين القولين بأن الأول فيما إذا كان ما سمي لكل واحدة منهما بعينها معلوما كالخمسمائة لفاطمة والألف لزاهدة والثاني فيما إذا لم يكن معلوما كذلك بأن يعلم أنه سمى لواحدة منهما خمسمائة وللأخرى ألف إلا أنه نسي تعيين كل منهما لكن سياق ما في الكافي والكفاية لا يؤدي انحصاره في ذلك ولذا قيل لو حمل على اختلاف الرواية كان أولى
إذا تقرر ذلك علمت أن قول الشارح تبعا للدرر وإلا فلكل نصف أقل المسميين غير صحيح كما نبه عليه في الشرنبلالية وغيرها لاقتضائه أن تأخذ مهرا كاملا مع أن الواجب عليه نصف مهر فالصواب ما في بعض نسخ الشرح وهو وإلا فنصف أقل المسميين لهما وهذا بناء على ما في الدرر من التوفيق وقد علمت ما فيه
قوله ( وإن لم يكن مسمى ) أي وإن لم يكن واحد من المهرين مسمى فالواجب متعة وإذا سمى لإحداهما دون الأخرى فلمن لها المسمى أخذ ربعه والتي لم يسم لها تأخذ نصف المتعة ح
ومثله في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( وجب لكل واحدة مهر كامل ) قال في الفتح فلو كان التفريق بعد الدخول وجب لكل منهما مهرها كاملا وفي النكاح الفاسد يقضى بمهر كامل وعقر كامل وجب حمله على ما إذا اتحد المسمى لهما قدرا وجنسا أما إذا اختلفا فيتعذر إيجاب عقر إذ ليست إحداهما أولى بجعلها ذات العقر من الأخرى لأنه فرع الحكم بأنها الموطوءة في النكاح الفاسد هذا مع أن الفاسد ليس حكم الوطء فيه إذا سمى العقر بل الأقل من المسمى ومهر المثل اه
ومثله في البحر سوى قوله مع أن الفاسد إلخ والظاهر أن صاحب الفتح عبر أولا بأنه يجب لكل مهر كامل ثم بالعقر تبعا كما وقع في كلام غيره ثم حقق أن الواجب في النكاح الفاسد بعد الوطء هو الأقل من المسمى ومهر المثل فعلم أنه المراد بالعقر
وفي المغرب العقر صداق المرأة إذا وطئت بشبهة اه
ولا يخفى أن الوطء في النكاح الفاسد وطء بشبهة وقد صرح في الكنز وغيره بأن الواجب في النكاح الفاسد الأقل من المسمى ومهر المثل فعلم أن اقتصار البحر على التعبير بالعقر صحيح فافهم
والحاصل أنك قد علمت أن أحد النكاحين في مسألة النسيان صحيح والآخر فاسد وبعد الدخول يجب في الصحيح المسمى وفي الفاسد العقر أي الأقل من المسمى ومهر المثل وحيث لم تعلم صاحبة الصحيح من
____________________
(3/42)
الفاسد يقسم المهران بالوصف المذكور بينهما فيكون لكل واحدة مهر كامل
ثم اعلم أن الصور أربع لأنه إما أن يتحد المسمى لهما أو يختلف وعلى كل إما أن يتحد مهر مثلهما أيضا أو يختلف فإن اتحد المسميان والمهران فلا شبهة في أنه يجب لكل منهما مهرها كاملا وأما إذا اتحد المسميان واختلف المهران كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها تسعون ولأختها دعد مائة أيضا ومهر مثلها ثمانون فالواجب لذات النكاح الصحيح المسمى وهو مائة ولذات الفاسدة العقر وهو متردد هنا بين التسعين والثمانين ويتعذر إيجاب أحدهما إذ ليست إحداهما أولى بكونها ذات العقر فلذا قيد المحشي قول الفتح ويجب حمله أي حمل وجوب المهر كاملا لكل منهما على ما إذا اتحد المسمى لهما بما إذا اتحد مثلهما أيضا وأما قول الفتح وأما إذا اختلفا أي المسميان فيتعذر إيجاب العقر ففي إطلاقه نظر لأنه ظاهر فيما إذا اختلف المهران أيضا كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها ثمانون ولدعد تسعين ومهر مثلها ستون مثلا فهناك تعذر إيجاب العقر وتعذر أيضا إيجاب المسمى لأن إحداهما ليست بأولى من الأخرى بكونها ذات النكاح الصحيح أو ذات النكاح الفاسد حتى نوجب لهما أحد المسميين بعينه وأحد العقرين بعينه لاختلاف كل منهما
وأما إذا اختلف المسميان واتحد المهران كأن سمى لهند مائة ولدعد تسعين ومهر مثل كل منهما ثمانون فلا يتعذر إيجاب العقر لأنه ثمانون على كل حال سواء كانت ذات النكاح الفاسد هندا أو دعدا بل يتعذر إيجاب المسمى ثم إنه لم يعلم من كلام قلت وفيه نظر لأن ذلك تنقيص لحقهما وترك لبعض المتيقن إذ لا شك أن فيهما ذات نكاح صحيح ولها المسمى كاملا ولا سيما إذا اتحد المسميان على أنه لم يعلم منه حكم ما إذا لم يتعذر إيجاب العقر بل الذي يظهر ما قرره شيخنا حفظه الله تعالى وهو أنه حيث جهل ذات الصحيح منهما وذات الفاسد وكان لإحداهما المسمى وللأخرى العقر أن يأخذ المتيقن ويقتسماه بينهما في الصور الأربع فإذا اتحد كل من المسمين والمهرين يعطيان أحد المسميين وأحد المهرين وإذا اتحد الأولان فقط يعطيان أحد المسميين وأقل المهرين وإذا اختلف الأولان فقط يعطيان أقل المسمين وأحد المهرين وإذا اختلف الأولان والأخيران يعطيان أقل المسميين وأقل المهرين والله سبحانه وتعالى أعلم
قوله ( ومنه يعلم حكم دخوله بواحدة ) يعني أن المدخول بها يجب لها نصف المسمى ونصف الأقل من مهر المثل والمسمى لأنها إن كانت سابقة وجب لها جميع المسمى وإن كانت متأخرة وجب لها الأقل من مهر المثل والمسمى فتأخذ نصف كل منهما غير المدخول بها يجب لها ربع المسمى لأنها إن كانت سابقة وجب لها نصف المسمى وإن كانت متأخرة لا يجب لها شيء فينتصف النصف اه ح
قلت وهذا الذي ذكره الشارح مأخوذ من قوله الشرنبلالية ويجب تقييده بما إذا دخل بإحداهما مع إقراره بأنه لا يعلم أيهما أسبق نكاحا
أما لو دخل بإحداهما على وجه البيان فإنه يقضى بنكاحها كما قدمناه عن شرح درر البحار وغيره وحينئذ فيجب لها جميع المسمى لها ويفرق بينه وبين الأخرى ولا شيء لها لأنه ظهر أنها المتأخرة فيكون نكاحها باطلا وقد مر أن الباطل لا يجب فيه المهر إلا بالدخول
قوله ( وكذا الخ ) الأحسن قول الزيلعي وكل ما ذكرنا من الأحكام بين الأختين فهو الحكم بين كل من لا يجوز جمعه من المحارم
قوله ( وحرم نكاح المولى أمته الخ )
____________________
(3/43)
أي ولو ملك بعضها وكذا المرأة لو لم تملك سوى سهم واحد منه
فتح
زاد في الجوهرة وكذا إذا ملك أحدهما صاحبه أو بعضها فسد النكاح وأما المأذون والمدبر إذا اشتريا زوجتهما لم يفسد النكاح لأنهما لا يملكانها بالعقد وكذا المكاتب لأنه لا يملكها بالعقد وإنما يثبت له فيها حق الملك وكذا قال أبو حنيفة فيمن اشترى زوجته وهو فيها بالخيار لم يفسد نكاحها على أصله أن خيار المشتري لا يدخل المبيع في ملكه اه
قوله ( لأن المملوكية الخ ) علة للمسألتين
قال في الفتح لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا ثمرات مشتركة في الملك بين المتناكحين ومنها ما تختص هي بملكه كالنفقة والسكنى والقسم والمنع من العزل إلا بإذن
ومنها ما يختص هو بملكه كوجوب التمكين والقرار في المنزل والتحصن عن غيره
ومنها ما يكون الملك في كل منها مشتركا كالاستمتاع مجامعة ومباشرة والولد في حق الإضافة والمملوكية تنافي المالكية فقد نافت لازم عقد النكاح ومنافي اللازم مناف للملزوم وبه سقط ما قيل يجوز كونها مملوكة من وجه الرق مالكة من جهة النكاح لأن الفرض أن لازم النكاح ملك كل واحد لما ذكرنا على الخلوص والرق يمنعه
قوله ( نعم لو فعله الخ ) يشير إلى أن المراد بالحرمة في قوله وحرم مطلق المنع لا خصوص ما يتبادر منها من المنع على وجه يترتب عليه الإثم وإلا امتنع فعل الحرام للتنزه عن أمر موهوم في تزوج السيد أمته أو المراد بها نفي وجود العقد الشرعي المثمر لثمراته كما يشير إليه ما مر عن الفتح وهذا معنى ما في الجوهرة وكذا في البحر عن المضمرات المراد به في أحكام النكاح من ثبوت المهر في ذمة المولى وبقاء النكاح بعد الإعتاق ووقوع الطلاق عليها وغير ذلك
أما إذا تزوجها متنزها عن وطئها حراما على سبيل الاحتمال فهو حسن لاحتمال أن تكون حرة أو معتقة الغير أو محلوفا عليها بعتقها وقد حنث الحالف وكثيرا ما يقع لا سيما إذا تداولتها الأيدي اه
مطلب مهم في وطء السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا قلت ولا سيما السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا للتيقن بعدم قسمة الغنيمة فيبقى فيهن حق أصحاب الخمس وبقية الغانمين وما ذكره الشارح في الجهاد عن المفتى أبي السعود من أنه في زمانه وقع من السلطان التنفيل العام فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة في حل وطئهن اه
فهو غير مفيد
أما أولا فلأن التنفيل العام غير صحيح سواء شرط فيه السلطان أخذ الخمس أو لا لأن فيه إبطال السهام المقدرة كما نص على ذلك الإمام السرخسي في شرح السير الكبير
وأما ثانيا فلأن تنفيل سلطان زمانه لا يبقى إلى زماننا
وأما ثالثا فلأنه نفى الشبهة بإعطاء الخمس
ومن المعلوم في زماننا أن كل من وصلت يده من العسكر إلى شيء يأخذه ولا يعطي خمسه فينبغي أن يكون العقد واجبا إذا علم أنها مأخوذة من الغنيمة ولذا قال بعض الشافعية إن وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام وأما قوله في الأشباه بعد نقله ذلك عن في قاعدة الأصل في الأبضاع التحريم أن هذا ورع لا حكم لازم فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة وإلى إقرارها إن كانت كبيرة وإن علم حالها فلا إشكال اه
فهذا إنما هو في غير ما علم أنها أخذت من الغنيمة أما ما علم فيها ذلك ففيها ما ذكرناه لكن قد يقال إنه يحتمل أن يكون باعها الإمام أو أحد من العسكر وأجاز الإمام بيعه أما بدون ذلك فقد نص في شرح السير الكبير على أن بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه لكن العقد عليها لا يرفع الشبهة لأنها إذا كانت غنيمة تكون مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس فلا يصح تزويجها نفسها بل الرافع للشبهة شراؤها من وكيل بيت المال أو التصدق بها على فقير ثم شراؤها منه
وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام تحرير
____________________
(3/44)
هذه المسألة في الجهاد
قوله ( وفيه الخ ) هذا مأخوذ من الشرنبلالية
وقوله ونحوه أي كعدم القسم لها وعدم إيقاع الطلاق عليها وعدم ثبوت نسب ولدها بلا دعوى لكن لا يخفى أن الاحتياط في العقد عليها إنما هو عند احتمال عدم صحة الملك احتمالا قويا ليقع الوطء حلالا بلا شبهة ولا يلزم من العقد عليها لذلك أن لا يعدها على نفسه خامسة ونحوه بل نقول ينبغي له الاحتياط في ذلك أيضا
قوله ( وحرم نكاح الوثنية ) نسبة إلى عبادة الوثن هو ما له جثة أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت والجمع أوثان والصنم صورة بلا جثة هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة
وقيل لا فرق وقيل يطلق الوثن على غير الصورة كذا في البناية
نهر
وفي الفتح ويدخل في عبدة الأوثان عبدة الشمس والنجوم والصور التي استحسنوها والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية
وفي شرح الوجيز وكل مذهب يكفر به معتقده اه
قلت وشمل ذلك الدروز والنصيرية والتيامنة فلا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبيحتهم لأنهم ليس لهم كتاب سماوي
وأفاد بحرمة النكاح حرمة الوطء بملك اليمين كما يأتي والمراد الحرمة على المسلم لما في الخانية وتحل المجوسية والوثنية لكل كافر إلا المرتد
قوله ( كتابية ) أطلقه فشمل الحربية والذمية والحرة والأمة
ح عن البحر
قوله ( وإن كره تنزيها ) أي سواء كانت ذمية أو حربية فإن صاحب لبحر استظهر أن الكراهة في الكتابية الحربية تنزيهية فالذمية أولى اه ح
قلت علل ذلك في البحر بأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه لأنها في رتبة الواجب اه
وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك ففي الفتح ويجوز تزوج الكتابيات والأولى أن لا يفعل ولا يأكل ذبيحتهم إلا لضرورة وتكره الكتابية الحربية إجماعا لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعي للمقام معها في دار الحرب وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر وعلى الرق بأن تسبى وهي حبلى فيولد رقيقا وإن كان مسلما اه
فقوله والأولى أن لا يفعل يفيد كراهة التنزيه في غير الحربية وما بعده يفيد كراهة التحريم في الحربية
تأمل
قوله ( مؤمنة بنبي ) تفسير للكتابية لا تقييد ط
قوله ( مقرة بكتاب ) في النهر عن الزيلعي واعلم أن من اعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيت وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم
قوله ( على المذهب ) أي خلافا لما في المستصفى من تقييد الحل بأن لا يعتقدوا ذلك
ويوافقه ما في مبسوط شيخ الإسلام يجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيرا إله ولا يتزوجوا نساءهم
قيل وعليه الفتوى
ولكن بالنظر إلى الدليل ينبغي أنه يجوز الأكل والتزوج اه
قال في البحر وحاصله أن المذهب الإطلاق لما ذكر شمس الأئمة في المبسوط من أن ذبيحة النصراني حلال مطلقا سواء قال بثالث ثلاثة أو لإطلاق الكتاب هنا والدليل ورجحه في فتح القدير بأن القائل بذلك طائفتان من اليهود والنصارى انقرضوا لأكلهم مع أن مطلق لفظ الشرك إذا ذكر في لسان الشرع لاينصرف إلى أهل الكتاب وإن صح لغة في طائفة أو طوائف لما عهد من إرادته به من عبد مع الله تعالى غيره ممن لا يدعي اتباع نبي وكتاب إلى آخر ما ذكره اه
قوله ( وفي النهر الخ ) مأخوذ من الفتح حيث قال وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم لأن الحق عدم تكفير أهل القبلة وإن وقع إلزاما في المباحث بخلاف من
____________________
(3/45)
خالف القواطع المعلومة بالضرورة من الدين مثل القائم بقدم العالم ونفي العلم بالجزئيات على ما صرح به المحققون
وأقول وكذا القول بلإيجاب بالذات ونفي الاختيار اه
وقوله وإن وقع إلزاما في المباحث معناه وإن وقع التصريح بكفر المعتزلة ونحوهم عند البحث معهم في رد مذهبهم بأنه كفر أي يلزم من قولهم بكذا الكفر ولا يقتضي ذلك كفرهم لأن لازم المذهب ليس بمذهب
وأيضا فإنهم ما قالوا ذلك إلا لشبهة دليل شرعي على زعمهم وأن أخطأوا فيه ولزمهم المحذور على أنهم ليسوا بأدنى حالا من أهل الكتاب بل هم مقرون بأشرف الكتب ولعل القائل بعدم حل مناكحتهم يحكم بردتهم بما اعتقدوه وهو بعيد لأن ذلك أصل اعتقادهم فإن سلم أنه كفر لا يكون ردة قال في البحر وينبغي أن من اعتقد مذهبا يكفر به إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك وإن طرأ عليه فهو مرتد اه
وبهذا ظهر أن الرافضي إن كان ممن يعتقد الألوهية في علي أو أن جبريل غلط في الوحي
أو كان ينكر صحبة الصديق أو يقذف السيدة الصديقة فهو كافر لمخالفته القواطع المعلومة من الدين بالضرورة بخلاف ما إذا كان يفضل عليا أو يسب الصحابة فإنه مبتدع لا كافر كما أوضحته في كتابي تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام
تنبيه قيل لا تجوز كمناكحة من يقول أنا مؤمن إن شاء الله تعالى لأنه كافر
قال في البحر أنه محمول على من يقول شكا في إيمانه والشافعية لا يقولون بذلك فتجوز المناكحة بيننا وبينهم بلا شبهة اه
وحقق ذلك في الفتح بأن الشافعية يريدون به إيمان الموافاة كما صرحوا به وهو الذي يقبض عليه العبد وهو إخبار عن نفسه بفعل في المستقبل أو استصحابه إليه فيتعلق به قوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } سورة الكهف الآية 23 غير أنه عندنا خلاف الأولى لأن تعويد النفس بالجزم في مثله ليصير ملكة خير من إدخال أداة التردد في أنه هل يكون مؤمنا عند الموافاة أو لا اه
قوله ( لا عابدة كوكب لا كتاب لها ) هذا معنى الصائبة المذكورة في المتون على أحد التفسيرين فيها
قال في الهداية ويجوز تزوج الصابئات إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب لأنهم من أهل الكتاب وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز مناكحتهم لأنهم مشركون والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم فكل أجاب على ما وقع عنده وعلى هذا حال ذبيحتهم اه أي الخلاف بين الإمام القائل بالحل بناء على تفسيره بأن لهم كتابا ولكنهم يعظمون الكواكب كتعظيم المسلم الكعبة وبين صاحبيه القائلين بعدم الحل بناء على أنهم يعبدون الكواكب
قال في الفتح فلو اتفق على تفسيرهم اتفق على الحكم فيهم
قال في البحر وظاهر الهداية أن منع مناكحتهم مقيد بقيدين عبادة الكواكب وعدم الكتاب فلو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب تجوز مناكحتهم وهو قول بعض المشايخ زعموا أن عبادة الكواكب لا تخرجهم عن كونهم أهل كتاب والصحيح أنهم أن كانوا يعبدونها حقيقة فليسوا أهل كتاب وإن كانوا يعظمونها كتعظيم المسلمين للكعبة فهم أهل كتاب كذا في المجتبى اه
فعلى هذا فقول المصنف لا كتاب لها مفهوم له لكن ما مر من حل النصرانية وإن اعتقدت المسيح إلها يؤيد قول بعض المشايخ أفاده في النهر
قوله ( والمجوسية ) نسبة إلى مجوس وهم عبدة النار وعدم جواز نكاحهم ولو بملك يمين مجمع عليه عند الأئمة الأربعة خلافا لداود بناء على أنه كان لهم كتاب ورفع وتمامه في الفتح
قوله ( هذا ساقط الخ ) فيه اعتذار عن تكرار الوثنية ودفع إيهام العطف في المحرمة
قوله ( ولو بمحرم ) المناسب
____________________
(3/46)
لمحرم باللام لأن النكاح المقدر في المعطوف عليه لا يتعدى بالباء إلا أن يدعي تضمنه معنى التزوج فإنه يتعدى بالباء في لغة قليلة
قوله ( أو مع طول الحرة ) أي مع القدرة على مهرها ونفقتها وهو بالفتح في الأصل الفضل ويعدى بعلى وإلى فطول الحرة متسع فيه بحذف الصلة ثم الإضافة إلى المفعول على ما أشار إليه المطرزي
قهستاني
قوله ( الأصل الخ ) قد يناقش فيه بالأمة المملوكة بعد الحرة فإنه يجوز وطؤها ملكا ولا يجوز أن ينكح الأمة على الحرة ط
قوله ( تحريما في المحرمة وتنزيها في الأمة ) أما الثاني فهو ما استظهره في البحر من كلام البدائع ومثله في القهستاني وأيده يقول المبسوط والأولى أن لا يفعل
وأما الأول فهو ما فهمه في النهر من كلام الفتح وهو فهم في غير محله فإنه في الفتح ذكر دليل المسألة لنا وهو ما أخرجه الستة عن ابن عباس تزوج رسول الله ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وذكر دليل الأئمة الثلاثة وهو ما أخرجه الجماعة إلا البخاري من قوله لا ينكح المحرم ولا ينكح أي بفتح الياء في الأول وضمها في الثاني مع كسر الكاف ومن فتحها في الثاني فقد صحف
بحر
زاد مسلم ولا يخطب ثم أجاب بترجيح الأول من وجوه
ثم أجاب على تسليم التعارض بحمل الثاني إما على نهي التحريم والنكاح فيه للوطء أو على نهي الكراهية جمعا بين الدلائل وذلك لأن المحرم في شغل عن مباشرة عقود الأنكحة لأن ذلك يوجب شغل قلبه عن إحسان العبادة لما فيه من خطبة ومراودات ودعوة واجتماعات ويتضمن تنبيه النفس بطلب الجماع وهذا محمل قوله ولا يخطب ولا يلزم كونه باشر المكروه لأن المعنى المنوط به الكراهة هو عليه الصلاة والسلام منزه عنه ولا بعد في اختلاف حكم في حقنا وحقه لاختلاف المناط فينا وفيه كالوصال نهانا عنه وفعله اه
وحاصله أن لا ينكح إن كان المراد به الوطء فالنهي للتحريم وهذا قطعي لا شبهة فيه أو العقد فالنهي للكراهية وما ذكره من الوجه لا يقتضي كراهة التحريم وإلا حرم تجارة المحرم في الإماء فإن فيه أيضا شغل القلب وتنبيه النفس للجماع ويؤيده قوله وهذا محمل قوله ولا يخطب على أنه قد صرح في شرح درر البحار بأن النهي للتنزيه
وقول الكنز وحل تزوج الكتابية والصابئة والمحرمة صريح في ذلك فإن المكروه تحريما لا يحل فافهم
قوله ( لا يصح عكسه ) أي ولا جمعهما في عقد واحد بل يصح في الجمع نكاح الحرة لا الأمة كما صرح به الزيلعي وغيره
وما في الأشباه في قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام ومن أنه يبطل فيهما سبق قلم
هذا وحرمة إدخال الأمة على الحرة إذا كان نكاح الحرة صحيحا فلو دخل بالحرة بنكاح فاسد لا يمنع الأمة
شرنبلالية
فرع تزوج أمة بلا إذن مولاها ولم يدخل حتى تزوج حرة ثم أجاز المولى لم يجز لأن الحل إنما يثبت عند الإجازة فكانت في حكم الإنشاء فيصير متزوجا أمة على حرة ولو تزوج ابنتها الحرة قبل الإجارة جاز لأن النكاح الموقوف عدم في حق الحل فلا يمنع نكاح غيرها
بحر عن المحيط ملخصا
قوله ( ولو أم ولد ) شمل المدبرة والمكاتبة كما في البحر
قوله ( في عدة حرة ) من مدخول المبالغة أي ولو في عدة حرة
قوله ( ولو من بائن ) أشار
____________________
(3/47)
به إلى خلاف قولهما بجوازه واتفقوا على المنع في الرجعي
قوله ( لبقاء الملك ) أي ملك نكاح الأمة لأنها لم تخرج بالطلاق الرجعي عن النكاح فالحرة هي الداخلة على الأمة
قوله ( في عقد واحد ) أي على التسع ح
قوله ( لبطلان الخمس ) مفاده أنه لو كانت الحرائر أربعا صح فيهن وبطل في الإماء كما في جمع الحرة مع الأمة بعقد واحد يوضحه ما نقله الرحمتي عن كافي الحاكم أن أصل ذلك أنه ينظر في نكاح الحرائر فإن كان جائزا لو كن وحدهن أجزته وأبطلت نكاح الإماء وإن كان غير جائز أبطلته وأجزت نكاح الإماء إن كان يجوز لو كن وحدهن اه
قلت ويستفاد منه ما لو كان جملة الحرائر والإماء لم تزد على أربع فإنه يجوز في الحرائر فقط وهو صريح ما ذكرناه آنفا عند قوله لا يصح عكسه
قوله ( سرية ) نسبة إلى السر وهو النكاح والتزم ضم السين كضم الدال في دهرية نسية إلى الدهر أو إلى السرور لحصوله بها ط
قوله ( خيف عليه الكفر ) لقوله تعالى { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } سورة المؤمنون الآية 6 بزازية
ومقتضاه أن مثله لو لامه على التزوج على امرأته وما فرق به في البحر من أن في الجمع بين الحرائر مشقة بسبب وجوب العدل بينهما بخلاف الجمع بين السراري فإنه لا قسم بينهن مما لا أثر له مع النص
نهر أي لأن النص نفي اللوم عن الجهتين
وقد يقال إن المتبادر من اللوم على التسري هو اللوم على أصل الفعل بخلاف اللوم على تزوج أخرى فإن المتبادر منه اللوم على ما يلحقه من خوف الجور لا على أصل الفعل فيكون عملا بقوله تعالى { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } سورة النساء الآية 3 فهذا وجه ما فرق به في البحر أخذ من تنصيصهم على اللوم على التسري فقط
والتحقيق أنه إن أراد اللوم على أصل الفعل بمعنى أنك فعلت أمرا قبيحا فهو كافر في الموضعين وإن كان بمعنى أنك فعلت ما تركه لك أولى لما يلحقك من التعب في النفقة وكثرة العيال وإضرار الزوجة بالتسري أو بالتزوج عليها ونحو ذلك فلا كفر في الموضعين وإن لم يلاحظ شيئا من المعنيين فلا كفر في الموضعين أيضا لكن قالوا يخشى عليه الكفر في الأول لأن المتبادر منه اللوم على أصل الفعل دون الثاني لتبادر خلافه كما قلنا هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم فافهم
قوله ( لحديث من رق لأمتي ) أي رحمها رق الله له أي أثابه وأحسن إليه ط
قوله ( ولو مدبرا ) مثله المكاتب وابن أم الذي من غير مولاها كما في الغاية ط
قوله ( ويمتنع عليه ) أي على العبد ولو مكاتبا كما في البحر
قوله ( أصلا ) أي وإن أذن له به المولى
قوله ( لأنه لا يملك ) أي في هذا الباب إلا الطلاق فلا ينافي أنه يملك غيره كالإقرار على نفسه ونحوه
قوله ( وصح نكاح حبلى من زنى ) أي عندهما
وقال أبو يوسف لا يصح والفتوى على قولهما كما في القهستاني عن المحيط
وذكر التمرتاشي أنها لا نفقة لها وقيل لها ذلك والأول أرجح لأن المانع من الوطء من جهتها بخلاف الحيض لأنه سماوي
بحر عن الفتح
قوله ( حبلى من غير الخ ) شمل الحبلى من نكاح صحيح أو فاسد أو وطء شبهة أو ملك يمين وما لو كان الحبل من مسلم أو ذمي أو حربي
قوله ( لثبوت نسبه ) فهي في العدة ونكاح المعتدة لا يصح ط
قوله ( ولو من حربي ) كالمهاجرة والمسبية
وعن أبي حنيفة أنه يصح وصحح الزيلعي المنع وهو المعتمد
____________________
(3/48)
وفي الفتح أنه ظاهر المذهب
بحر
قوله ( المقر به ) بكسر القاف أشار به إلى أن ما في الهداية من قوله ولو زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل محمول على ما إذا أقر به لقوله وهي حامل منه
قال في النهر قال في التوشيح فعلى هذا ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه لا يجوز النكاح ويكون نفيا
أقول ومن هنا قد علمت أنه لو زوج غير أم ولده وهي حامل يجوز لأنه كان نفيا فيما لا يتوقف على الدعوى ففيما يتوقف عليها أولى اه
قوله ( ودواعيه ) قال في البحر وحكم الدواعي على قولها كالوطء كما في النهاية اه
قال ح والذي في نفقات البحر جواز الدواعي فليحرر اه
قلت والذي في النفقات أن زوجة الصغير لو أنفق عليها أبوه ثم ولدت واعترفت أنها حبلى من الزنى لا ترد شيئا من النفقة لأن الحبلى من الزنى إن منع الوطء لا يمنع من دواعيه اه
فيمكن الفرق بأن ما هنا فيمن كانت حبلى من الزنى ثم تزوجها وما في النفقات في الزوجة إذا حبلت من الزنى فتأمل
ولا يمكن الجواب بأن ما في النفقات على قول الأمام بدليل قول البحر هنا على قولهما لأن الضمير في قولهما يعود إلى أبي حنيفة ومحمد القائلين بصحة النكاح وأما أبو يوسف فلا يقول بصحته من أصله فافهم
قوله ( متصل بالمسألة الأولى ) الضمير في متصل عائد على قول المصنف وإن حرم وطؤها حتى تضع فافهم
قوله ( إذ الشعر ينبت منه ) المراد ازدياد نبات الشعر لا أصل نباته ولذا قال في التبيين والكافي لأن به يزداد سمعه وبصره حدة كما جاء في الخبر اه
وهذه حكمته وإلا فالمراد المنع من الوطء لما في الفتح قال رسول الله لا يحل لامرىء يؤمن بالله وليوم لآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبلى
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن اه شرنبلالية
قوله ( اتفاقا ) أي منهما ومن أبي يوسف فالخلاف السابق في غير الزاني كما في الفتح وغيره
قوله ( والولد له ) أي إن جاءت بعد النكاح لستة أشهر
مختارات النوازل فلو لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب ولا يرث منه إلا أن يقول هذا الولد مني ولا يقول من الزنى
خانية
والظاهر أن هذا من حيث القضاء أما من حيث الديانة فلا يجوز له أن يدعيه لأن الشرع قطع نسبه منه فلا يحل له استلحاقه به
ولذا لو صرح بأنه من الزنى لا يثبت قضاء أيضا وإنما يثبت لو لم يصرح لاحتمال كونه بعقد سابق أو بشبهة حملا لحال المسلم على الصلاح وكذا ثبوته مطلقا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح لاحتمال علوقه بعد العقد وأن ما قبل العقد كان انتفاخا لا حملا ويحتاط في إثبات النسب ما أمكن
مطلب فيما لو زوج المولى أمته قوله ( ولو زوج أمته الخ ) هذا محترز قوله المقر به كما أوضحناه قبل
قوله ( ولا يستبرئها زوجها ) أي استحبابا ولا وجوبا عندهما
وقال محمد لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء
هداية
وقال أبو الليث قوله أقرب إلى الاحتياط وبه نأخذ
بناية
ووفق في النهاية بأن محمدا إنمانفى الاستحباب وهما أثبتا الجواز بدونه فلا معارضة
واعترضه في البحر بأنه خلاف
____________________
(3/49)
ما في الهداية لكن استحسنه في النهر بأنه لا ينبغي التردد في نفس الاستبراء على قول
قال وبه يستغني عن ترجيح قول محمد
قلت إذا كان الصحيح وجوب الاستبراء على المولى يسوغ نفي استحبابه عن الزوج لحصول المقصود نعم لو علم أن المولى لم يستبرئها لا ينبغي التردد في استحبابه للزوج بل لو قيل بوجوبه لم يبعد ويقربه أنه في الفتح حمل قول محمد لا أحب على أنه يجب لتعليله باحتمال الشغل بماء المولى فإنه يدل على الوجوب
وقال فإن المتقدمين كثيرا ما يطلقون أكره هذا في التحريم أو كراهة التحريم وأحب في مقابله اه
قلت وأصرح من ذلك قول الهداية لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء اه
ومثله في مختارات النوازل
قوله ( بل سيدها ) أي بل يستبرئها سيدها وجوبا في الصحيح وإليه مال السرخسي وهذا إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها فلو أراد بيعها يستحب والفرق أنه في البيع يجب على المشتري فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع
وفي المنتقى عن أبي حنيفة أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها
ذخيرة
قوله ( وله وطؤها بلا استبراء ) أي عندهما
وقال محمد لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها
هداية والظاهر أن الترجيح المار يأتي هنا أيضا ولذا جزم في النهر هنا بالندب إلا أن يفرق بأن ماء الزنى لا اعتبار له
بقي لو ظهر بها حمل يكون من الزوج لأن الفراش له فلا يقال إنه يكون ساقيا زرع غيره لكن هذا ما لم تلده لأقل من ستة أشهر من وقت العقد فلو ولدته لأقل لم يصح العقد كما صرحوا به أي لاحتمال علوقه من غير الزنى بأن يكون بشبهة فلا يرد صحة تزوج الحبلى من زنى
تأمل
قوله ( فمنسوخ بآية فانكحوا الخ ) قال في البحر بدليل الحديث إن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله إن امرأتي لا تدفع يد لامس فقال عليه الصلاة والسلام طلقها فقال إني أحبها وهي جميلة فقال عليه الصلاة والسلام ستمتع بها
قوله ( تطليق الفاجرة ) الفجور العصيان كما في المغرب
قوله ( ولا عليها ) أي بأن تسيء عشرته أو تبذل له مالا ليخالعها
قوله ( إلا إذا خافا ) استثناء منقطع لأن التفريق حينئذ مندوب بقرينة قوله فلا بأس لكن سيأتي من أول الطلاق أنه يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة ويجب لو فات الإمساك بالمعروف فالظاهر أنه استعمال لا بأس هنا للوجوب اقتداء بقوله تعالى { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } سورة البقرة الآية 229 فإن نفي البأس في معنى نفي الجناح فافهم
قوله ( فما في الوهبانية الخ ) تفريع على قوله وله وطؤها بلا استبراء
قال المصنف في المنح فإن قلت يشكل على ما تقدم ما في شرح لنظم الوهباني من أنه لو زنت زوجته لا يقربها حتى تحيض لاحتمال علوقها من الزنى فلا يسقي ماؤه زرع غيره وصرح الناظم بحرمة وطئها حتى تحيض وتطهر وهو يمنع من حمله على قول محمد فإنه إنما يقول بالاستحباب
قلت ما ذكره في شرح النظم ذكره في النتف وهو ضعيف
قال في البحر لو تزوج بامرأة الغير عالما بذلك ودخل بها لا تجب العدة عليها حتى لا يحرم على الزوج وطؤها وبه يفتى لأنه زنى والمزني بها لا تحرم على زوجها نعم لو وطئها بشبهة وجب عليها العدة وحرم على الزوج وطؤها ويمكن حمل ما في النتف على هذا اه
قوله ( والمضمومة إلى محرمة ) بالتشديد كأن تزوج امرأتين في عقد واحد إحداهما محل والأخرى غير محل لكونها محرما أو ذات
____________________
(3/50)
زوج أو مشركة لأن المبطل في إحداهما فيتقدر بقدره بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة حيث يبطل البيع في الكل لما أنه يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف النكاح
نهر
قوله ( والمسمى كله لها ) أي للمحللة عند الإمام نظرا إلى أن ضم المحرمة في عقد النكاح لغو كضم الجدار لعدم المحلية والانقسام من حكم المساواة في الدخول في العقد ولم يجب الحد بوطء المحرمة لأن سقوطه من حكم صورة العقد لا من حكم انعقاده فليس قوله بعد الانقسام بناء على عدم الدخول في العقد منافيا لقوله بسقوط الحد لوجود صورة العقد كما توهم
وعندهما يقسم مهر مثليهما وتمامه في البحر
قوله ( فلها مهر المثل ) أي بالغا ما بلغ كما في المبسوط وهو الأصح وما ذكره في الزيادات من أنه لا يجاوز المسمى فهو قولهما كما في التبيين وإنما وجب بالغا ما بلغ على ما في المبسوط لأنها لم تدخل في العقد كما قدمناه عن البحر فلا اعتبار للتسمية أصلا
فإن قلت ما الفرق بينهما وبين ما إذا تزوج أختين في عقدة واحدة ودخل بهما حيث أوجبتم لكل منهما الأقل من مهر المثل والمسمى
قلت هو أن كل واحدة منهما محل لإيراد العقد عليها وإنما الممتنع الجمع بينهما فلذلك قلنا بدخولهما في العقد بخلاف ما هنا فإن المحرمة ليست محلا أصلا والله تعالى الموفق ح
قوله ( وبطل نكاح متعة ومؤقت ) قال في الفتح قال شيخ الإسلام في الفرق بينهما أن يذكر الوقت بلفظ النكاح والتزويج وفي المتعة أتمتع أو أستمتع اه يعني ما اشتمل على مادة متعة
والذي يظهر مع ذلك عدم اشتراط الشهود في المتعة وتعيين المدة وفي المؤقت الشهود وتعيينها ولا شك أنه لا دليل لهم على تعيين كون المتعة الذي أبيح ثم حرم هو ما اجتمع فيه مادة م ت ع للقطع من الآثار بأنه كان أذن لهم في المتعة وليس معناه أن من باشر هذا يلزمه أن يخاطبها بلفظ أتمتع ونحوه لما عرف أن اللفظ يطلق ويراد معناه فإذا قيل تمتعوا فمعناه أوجدوا معنى هذا اللفظ ومعناه المشهور أن يوجد عقدا على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار للولد وتربيته بل إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها أو غير معينة بمعنى بقاء العقد ما دام معها إلى أن ينصرف عنها فلا عقد فيدخل فيه بمادة المتعة والنكاح المؤقت أيضا فيكون من أفراد المتعة وإن عقد بلفظ التزويج وأحضر الشهود اه ملخصا
وتبعه في البحر والنهر
ثم ذكر في الفتح أدلة تحريم المتعة وأنه كان في حجة الوداع وكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار إلا طائفة من الشيعة ونسبة الجواز إلى مالك كما وقع في الهداية غلط
ثم رجح قول زفر بصحة المؤقت على معنى أنه ينعقد مؤبدا ويلغو التوقيت لأن غاية الأمر أن المؤقت متعة وهو منسوخ لكن المنسوخ معناها الذي كانت الشريعة عليه وهو ما ينتهي العقد فيه بانتهار المدة فإلغاء شرط التوقيت أثر النسخ وأقرب نظير إليه نكاح الشغار وهو أن يجعل بضع كل من المرأتين مهرا للأخرى فإنه صح النهي عنه وقلنا يصح موجبا لمهر المثل لكل منهما فلم يلزمنا النهي بخلاف ما لو عقد بلفظ المتعة وأراد النكاح الصحيح المؤبد فإنه لا ينعقد وإن حضره الشهود لأنه لا يفيد ملك المتعة كلفظ الإحلال فإن من أحل لغيره طعاما لا يملكه فلم يصلح مجازا عن معنى النكاح كما مر اه ملخصا
قوله ( وإن جهلت المدة ) كأن يتزوجها إلى أن ينصرف عنها كما تقدم ح
قوله ( أو طالت في الأصح ) كأن يتزوجها إلى مائتي سنة وهو ظاهر المذهب وهو الصحيح كما في المعراج لأن التأقيت هو المعين لجهة المتعة
بحر
قوله ( وليس منه الخ ) لأن اشتراط القاطع يدل على انعقاده مؤيدا وبطل الشرط
بحر
قوله ( أو نوى الخ )
____________________
(3/51)
لأن التوقيت إنما يكون باللفظ
بحر
قوله ( ولا بأس بتزوج النهاريات ) وهو أن يتزوجها على أن يكون عندها نهارا دون الليل
فتح
قال في البحر وينبغي أن لا يكون هذا الشرط لازما عليها ولها أن تطلب المبيت عندها ليلا لما عرف في باب القسم اه أي إذا كان لها ضرة غيرها وشرط أن يكون في النهار عندها وفي الليل عند ضرتها أما لو لا ضرة لها فالظاهر أنه ليس لها الطلب خصوصا إذا كانت صنعته في الليل كالحارس بل سيأتي في القسم عن الشافعية أن نحو الحارس يقسم بين الزوجات نهارا واستحسنه في النهر
قوله ( ويحل له الخ ) وكذا يحل لها تمكينه من الوطء نعم الإثم في الإقدام على الدعوى الباطلة كما في البحر وثبوت الحل مبني على قول الإمام بنفوذ القضاء بهذا النكاح باطنا وكذا ينفذ ظاهرا اتفاقا فتجب النفقة والقسم وغير ذلك
قوله ( عند فاض ) هل المحكم مثله ليحرر ط
قلت الظاهر نعم لأنهم إنما فرقوا بينهما في أنه لا يحكم بقصاص وحدودية على عاقلة
قوله ( بنكاح صحيح ) احترز به عن الفاسد لأنه لا يفيد حل الوطء ولو صدر حقيقة ط
قوله ( خالية عن الموانع ) تفسير لكونها محلا للإنشاء والموانع مثل كونها مشركة أو محرما له أو زوجة الغير أو معتدته ح
قوله ( وقضى القاضي بنكاحها ) ويشترط لنفاذ القضاء باطنا عند الإمام حضور شهود عند قوله قضيت وبه أخذ عامة المشايخ وقيل لا لأن العقد ثبت مقتضى صحة قضائه في الباطن وما ثبت مقتضى صحة الغير لا يثبت بشرائطه كالبيع في قوله أعتق عبدك عني بألف
وفي الفتح أنه الأوجه ويدل عليه إطلاق المتون
بحر
قلت لكن ذكر في البحر في كتاب القاضي إلى القاضي أن المعتمد الأول
قوله ( ولم يكن الخ ) الجملة حالية
قوله ( خلاف لهما ) راجع للمسألتين وهذا بناء على أنه لا ينفذ القضاء باطنا عندهما بشهادة الزور ولو في العقود والفسوخ لأن القاضي أخطأ الحجة إذ الشهود كذبة وله أن الشهود صدقة عنده وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق وأمكن تنفيذ القضاء باطنا بتقديم النكاح فينفذ قطعا للمنازعة
وطعن فيه بعض المغاربة بأنه يمكنه قطع المنازعة بالطلاق فأجابه الأكمل بأنك إن أردت الطلاق غير المشروع فلا يعتبر أو المشروع ثبت المطلوب إذ لا يتحقق إلا في نكاح صحيح
وتعقبه تلميذه قارىء الهداية بأن له أن يريد غير المشروع ليكون طريقا لقطع المنازعة
وتعقبهما تلميذه ابن الهمام بأن الحق التفصيل وهو أنه يصلح لقطع المنازعة إن كانت هي المدعية
أما لو كان هو المدعي فلا يمكنها التخلص منه إلا بالنفاذ باطنا مع أن الحكم أعم من دعواها أو دعواه
قوله ( وبقولهما يفتى ) قال الكمال وقول الإمام أوجه
واستدل له بدلالة الإجماع على أن من اشترى جارية ثم ادعى فسخ بيعها كذبا وبرهن فقضى به حل للبائع وطؤها واستخدامها مع علمه بكذب دعوى المشتري مع أنه يمكنه التخلص بالعتق وإن كان فيه إتلاف ماله فإنه ابتلي ببليتين فعليه أن يختار أهونهما وذلك ما يسلم له فيه دينه اه
وللعلامة قاسم رسالة في هذه المسألة أطال فيها الاستدلال لقول الإمام فراجعها
قلت وحيث كان الأوجه قول الإمام من حيث الدليل على ما حققه في الفتح وفي تلك الرسالة فلا يعدل عنه لما تقرر أنه لا يعدل عن قول الإمام لضرورة أو ضعف دليله كما أوضحناه في منظومة رسم المفتي وشرحها
____________________
(3/52)
قوله ( وحل للشاهد ) وكذا لغيره بالأولى لعدم علمه بحقيقة الحال
قوله ( لا تحل لهما ) أي للزوج المقضي عليه والزوج الثاني أما الثاني فظاهر بناء على أن القضاء بالزور لا ينفذ باطنا عندهما
وأما الأول فلأن الفرقة وإن لم تقع باطنا لكن قول أبي حنيفة أورث شبهة ولأنه لو فعل ذلك كان زانيا عند الناس فيحدونه كذا في رسالة العلامة قاسم
قوله ( ما لم يدخل الثاني ) فإذا دخل بها حرمت على الأول لوجوب العدة كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة بحر
قوله ( وهي ) أي هذه المسائل الثلاث
قوله ( كما سيجيء ) أي في كتاب القضاء
قوله ( والنكاح لا يصح تعليقه بالشرط ) المراد أن النكاح المعلق بالشرط لا يصح لا ما يوهمه ظاهر العبارة من أن التعليق يلغو ويبقى العقد صحيحا كما في المسألة الآتية وهذا منشأ توهم الدرر الآتي
قوله ( لتعليقه بالخطر ) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة ما يكون معدوما يتوقع وجوده اه ح
قوله ( فما في الدرر ) حيث قال لا يصح تعليق النكاح بالشرط مثل أن يقول لبنته إن دخلت الدار زوجتك فلانا وقال فلان تزوجتها فإن التعليق لا يصح وإن صح النكاح
قوله ( فيه نظر ) لأنه صرح بعدم صحة النكاح المعلق في الفتح والخلاصة والبزازية عن الأصل والخانية والتاترخانية وفتاوى أبي الليث وجامع الفصولين والقنية
ولعله اشتبه عليه النكاح المعلق على شرط بالنكاح المشروط معه شرط فاسد وبينهما فرق واضح
شرنبلالية
قوله ( كتزوجتك ) بفتح كاف الخطاب
قوله ( لم يصح ) كلام المتن غني عنه
قوله ( ولكن لا يبطل الخ ) لما كان يتوهم أنه لا فرق بين النكاح المعلق بالشرط الفاسد والمقرون بالشرط الفاسد كما وقع لصاحب الدرر أتى بالاستدراك وإن كان الثاني مسألة مستقلة ولذا قال الشارح بعده بخلاف ما لو عقله بالشرط وفيه تنبيه على منشأ وهم الدرر فافهم
قوله ( يعني لو عقد ) أتى بالعناية لإيهام كلام المصنف أن هذا من تتمة المسألة الأولى مع أنه مسألة مستقلة وإنما أتى في أولها بالاستدراك للتنبيه المار
قوله ( مع شرط فاسد ) كما إذا قال تزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويفسد الشرط ويجب مهر المثل
قوله ( إلا أن يعلقه ) استثناء من قوله لا يصح تعليقه بالشرط
قوله ( ماض ) أي مستمر إلى الحال وقيد به احترازا عن تعليقه بمستقبل كائن لا محالة كمجيء الغد وقوله كائن وإن كان اسم فاعل وهو حقيقة في المتلبس بالفعل في الحال لكنه يستعمل بالمعنى الثاني فافهم
قوله ( وكذا الخ ) عطف على قوله إلا أن يعلقه ومثاله ما في المنح عن الفصول العمادية لو قال تزوجتك بألف درهم إن رضي فلان اليوم فإن كان فلان حاضرا فقال رضيت جاز النكاح استحسانا وإن كان غير حاضر لم يجز اه
قوله ( وعممه المصنف بحثا ) حيث قال بعد نقل كلام العمادية وينبغي أن يجري هذا التفصيل في مسألة التعليق برضا الأب إذ لا فرق بينهما فيما يظهر اه أي لا فرق بين إن رضي أبي أو إن رضي فلان في التفصيل فيهما
قلت بل إذا جاز التعليق برضا فلان الأجنبي الحاضر يجوز تعليقه برضا الأب بالأولى لأن الأب له ولاية
____________________
(3/53)
في الجملة وله حق الاعتراض لو الزوج غير كفء وله كمال الشفقة فيختار لها المناسب فكيف يقال بالجواز في الأجنبي دون الأب على أنه قد نص على هذا التفصيل في مسألة الأب أيضا في الظهيرية حيث قال لو كان الأب حاضرا في المجلس فقبل جاز فما بحثه المصنف موافق للمنقول
قوله ( لكن في النهر ) استدراك على ما بحثه المصنف
وعبارة النهر بعد أن ذكر كلام الظهيرية وهو مشكل والحق ما في الخانية اه
والذي في الخانية هو قوله تزوجتك إن أجاز أبي أو رضي فقالت قبلت لا يصح لأنه تعليق والنكاح لا يحتمل التعليق اه
قلت الظاهر حمل ما في الخانية على ما إذا كان الأب غير حاضر في المجلس أو على أن ذلك هو القياس لأنه في الخانية ذكر بعد ذلك مسألة التعليق برضا فلان فقال إن كان فلان حاضرا في المجلس ورضي جاز استحسانا وإلا فلا وإن رضي اه
وبما قلنا يحصل التوفيق بين كلاميه ما لم يثبت الفرق بين الأب وغيره وقد علمت من عبارة الظهيرية عدمه وأن الجواز في الأب ثابت بالأولى ولم نر أحدا صرح بتصحيح خلاف هذا حتى يتبع فافهم
باب الولي لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان عاقده وأخره لأنه ليس من شروط صحته في جميع الصور والولي فعيل بمعنى فاعل ط
قوله ( وعرفا ) أي في عرف أهل أصول الدين
قال في البحر وفي أصول الدين هو العارف بالله تعالى بأسمائه وصفاته حسبما يمكن المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصي الغير المنهمك في الشهوات واللذات كما في شرح العقائد ح
قوله ( الوارث ) كذا في الفتح وغيره
قال الرملي وذكره مما لا ينبغي إذ الحاكم ولي وليس بوارث اه
قلت وكذا سيد العبد فالتعريف خاص بالولي من جهة القرابة
قوله ( على المذهب ) وما في البزازية من أن الأب أو الجد إذا كان فاسقا فللقاضي أن يزوج من الكفء
قال في الفتح إنه غير معروف في المذهب
قوله ( ما لم يكن متهتكا ) في القاموس رجل منهتك ومتهتك ومستهتك لا يبالي أن يهتك ستره اه
قال في الفتح عقب ما نقلنا عنه آنفا نعم إذا كان متهتكا لا ينفذ تزويجه إياها بنقص عن مهر المثل ومن غير كفء وسيأتي هذا اه
وحاصله أن الفسق وإن كان لا يسلب الأهلية عندنا لكن إذا كان الأب متهتكا لا ينفذ تزويجه إلا بشرط المصلحة ومثله ما سيأتي من قول المصنف ولزم ولو بغبن فاحش أو بغير كفء إن كان الولي أبا أو جدا لم يعرف منهما سوء الاختيار وإن عرف لا اه
وبه ظهر أن الفاسق المتهتك وهو بمعنى سيىء الاختيار لا تسقط ولايته مطلقا لأنه لو زوج من كفء بمهر المثل صح كما سيأتي بيانه وهذا خلاف ما مر عن البزازية ولا يمكن التوفيق بحمل ما مر على هذا لأن قوله فللقاضي أن يزوج من الكفء يقتضي سقوط ولاية الأب أصلا فافهم
قوله ( نحو صبي ) أي كمجنون ومعتوه غير أن الصبي خرج بقوله البالغ والمجنون والمعتوه بالعاقل ط
قوله ( ووصي ) أي ونحو وصي ممن ليس بوارث كعبد وككافر له بنت مسلمة ومسلم له بنت كافرة كما سيأتي نعم لو كان الوصي قريبا أو حاكما يملك
____________________
(3/54)
التزويج بالولاية كما سيأتي في الشرح عند بيان الأولياء
قوله ( مطلقا على المذهب ) أي سواء أوصى إليه الأب بذلك أم لا وفي رواية يجوز وكذا سواء عين له الموصي رجلا في حياته أو لا خلافا لما في فتح القدير كما سيأتي
قوله ( والولاية الخ ) بفتح الواو وما ذكره تعريفها الفقهي كما في البحر وإلا فمعناها اللغوي المحبة والنصرة كما في المغرب لكن ما ذكره تعريف لأحد نوعيها وهو ولاية الإجبار بقرينة قوله وهي هنا نوعان
وأفاد أن المذكور في المتن غير خاص بهذا الباب بل منه ولاية الوصي وقيم الوقف وولاية وجوب صدقة الفطر بناء على أن المراد بتنفيذ القول ما يكون في النفس أو في المال أو فيهما معا والمراد في هذا الباب ما يشمل الأول والثالث دون الثاني
قوله ( تثبت ) أي الولاية المذكورة والمراد هنا ولاية الإجبار في هذا الباب فقط ففيه شبهة الاستخدام وإلا فالولاية المعرفة أعم كما علمت وحيث كانت أعم فليس المراد بها الثابتة لخصوص الولي المعروف بالبالغ العاقل الوارث حتى يرد أنه ليس في الملك والإمامة إرث وحينئذ فلا حاجة إلى التكلف في الجواب بأن المراد بالإرث المأخوذ في تعريف الولي هو أخذ المال بعد الموت من باب عموم المجاز فالإمام يأخذ مال من لا وارث له ليضعه في بيت المال والولي يأخذ كسب عبده المأذون في التجارة بعد موته وإن لم يكن ذلك إرثا حقيقة فإنه كما قال ط لا دليل على هذا المجاز والتعريف يصان عن مثل هذا فافهم
قوله ( قرابة ) دخل فيها العصبات والأرحام
قوله ( وملك ) أي ملك السيد لعبده أو أمته
قوله ( وولاء ) أي ولاء العتاقة والموالاة كما سيأتي
قوله ( وإمامة ) دخل فيها القاضي المأذون بالتزويج لأنه نائب عن الإمام
قوله ( شاء أو أبى ) احترز به عن ولاية الوكيل
قوله ( وهي هنا ) فيه شبهة الاستخدام لأن الولاية المعرفة خاصة بولاية الإجبار وقيد بقوله هنا احتراز عن الولاية في غير النكاح كما قدمناه
قوله ( ولاية ندب ) أي يستحب للمرأة تفويض أمرها إلى وليها كي لا تنسب إلى الوقاحة
بحر
وللخروج من خلاف الشافعي في البكر وهذه في الحقيقة ولاية وكالة
قوله ( على المكلفة ) أي البالغة العاقلة
قوله ( ولو بكرا ) الأولى أن يقول ولو ثيبا ليفيد أن تفويض البكر إلى وليها يندب بالأولى لما علمته من علة الندب إلا أن يكون مراده الإشارة إلى خلاف الشافعي بقرينة ما بعده أي أنها تندب لا تجب ولو بكرا عندنا خلافا له
قوله ( ولو ثيبا ) أشار إلى خلاف الشافعي فإنه يقول إن ولاية الإجبار منوطة بالبكارة فيزوجها بلا إذنها ولو بالغا لا إن كانت ثيبا ولو صغيرة فالثيب الصغيرة لا تزوج عنده ما لم تبلغ لسقوط ولاية الأب
قوله ( ومعتوهة ومرقوقة ) بالجر فيهما عطفا على قوله الصغيرة لعدم تقييدهما بالصغر والأولى تعريفهما بأل لئلا يتوهم عطفهما على ثيبا
قوله ( صغير الخ ) الموصوف محذوف أي شخص صغير الخ فيشمل الذكر والأنثى
قوله ( لا مكلفة ) الأولى زيادة حرة ليقابل الرقيق ط
وهذا تصريح بمفهوم المتن ذكره ليفيد أن قوله فنفذ مفرع عليه
قوله ( فنفذ الخ ) أراد بالنفاذ الصحة وترتب الأحكام من طلاق وتوارث وغيرهما لا اللزوم إذ هو أخص منها لأنه ما لا يمكن نقضه وهذا يمكن رفعه إذا كان من غير كفء فقوله في الشرنبلالية أي ينعقد لازما في إطلاقه نظر
واحترز بالحرة عن المرقوقة ولو مكاتبة أو أم ولد وبالمكلفة عن الصغيرة والمجنونة فلا يصح إلا بولي كما قدمه وأما حديث أيما مرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل وحسنه الترمذي وحديث لا نكاح إلا بولي رواه أبو داود وغيره فمعارض بقوله الأيم أحق بنفسها من وليها رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ
____________________
(3/55)
والأيم من لا زوج لها بكرا أو لا فإنه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت وقد جعلها أحق منه به ويترجح هذا بقوة السند والاتفاق على صحته بخلاف الحديثين الأولين فإنهما ضعيفان أو حسنان أو يجمع بالتخصيص أو بأن النفي للكمال أو بأن يراد بالولي من يتوقف على إذنه أي لا نكاح إلا بمن له ولاية لينفي نكاح الكافر للمسلمة والمعتوهة والعبد والأمة والمراد بالباطل حقيقته على قول من لم يصحح ما باشرته من غير كفء أو حكمه على قول من يصححه أي للولي أن يبطله وكل ذلك سائغ في إطلاقات النصوص ويجب ارتكابه لدفع المعارضة وتمام الكلام على ذلك مبسوط في الفتح قوله ( والأصل الخ ) عبارة البحر والأصل هنا أن كل من يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه الخ فإنه يخرج الصبي المأذون فإنه وإن جاز تصرفه في ماله لكن لا بولاية نفسه لكن يرد على العكس المحجورة فإنها تملك النكاح وإن لم تملك التصرف في مالها على قولهما بالحجر على الحر فالأصل مبني على قول الإمام
تأمل
قوله ( إذا كان عصبة ) أي بنفسه فلا يرد العصبة بالغير كالبنت مع الابن ولا العصبة مع الغير كالأخت مع البنت كما في البحر ح
قوله ( في غير الكفء ) أي في تزويجها نفسها من غير كفء وكذا له الاعتراض في تزويجها نفسها بأقل من مهر مثلها حتى يتم مهر المثل أو يفرق القاضي كما سيذكره المصنف في باب الكفاءة
قوله ( فيفسخه القاضي ) فلا تثبت هذه الفرقة إلا بالقضاء لأنه مجتهد فيه وكل من الخصمين يتشبث بدليل فلا ينقطع النكاح إلا بفعل القاضي والنكاح قبله صحيح يتوارثان به إذا مات أحدهما قبل القضاء وهذه الفرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق ولا يجب عندها شيء من المهر إن وقعت قبل الدخول وبعده لها المسمى وكذا بعد الخلوة الصحيحة وعليها العدة ولها نفقة العدة لأنها كانت واجبة
فتح
ولها أن لا تمكنه من الوطء حتى يرضى الولي كما اختاره الفقيه أبو الليث لأن الولي عسى أن يفرق فيصير وطء شبهة وأما على المفتى به الآتي فهو حرام لعدم الانعقاد
أفاده في البحر
قوله ( ويتجدد ) أي اعتراض الولي بتجدد النكاح كما لو زوجها الولي بإذنها من غير كفء فطلقها ثم زوجت نفسها منه ثانيا كان لذلك الولي التفريق ولايكون الرضا بالأول رضا بالثاني
فتح
وقيد بتجديد النكاح لأنه لو طلقها رجعيا ثم راجعها في العدة ليس للولي الاعتراض كما ذكره في الذخيرة
قوله ( ما لم يسكت حتى تلد ) زاد لفظ يسكت للإشارة إلى أن سكوته قبل الولادة لا يكون رضا وأن هذه ليست من المسائل التي نزل فيها السكوت منزلة القول كما ستأتي الإشارة إليها ويفهم منه أنه لو لم يسكت بل خاصم حين علم فكذلك بالأولى فافهم لكن يبقى الكلام فيما لو لم يعلم أصلا حتى ولدت فهل له حق الاعتراض ظاهر المتن لا وظاهر الشرح نعم
تأمل
قوله ( لئلا يضيع الولد ) أي بالتفريق بين أبويه فإن بقاءهما مجتمعين على تربيته أحفظ له بلا شبهة فافهم
قوله ( وينبغي الخ ) البحث لصاحب البحر ح
قوله ( ويفتى في غير الكفء الخ ) قيد بذلك لئلا يتوهم عوده إلى قوله فينفذ نكاح الخ وللاحتراز عما لو تزوجت بدون مهر المثل فقد علمت أن للولي الاعتراض أيضا والظاهر أنه لا خلاف في صحة العقد وأن هذا القول المفتى به خاص بغير الكفء كما أشار إليه الشارح ولم أر من أجرى هذا القول في المسألتين والفرق إمكان الاستدراك بإتمام مهر المثل فلذا قالوا له الاعتراض حتى يتم مهر المثل أو يفرق القاضي فإذا أتم المهر زال سبب الاعتراض بخلاف عدم الكفاءة هذا
____________________
(3/56)
ما ظهر لي فافهم
قوله ( بعدم جوازه أصلا ) هذه رواية الحسن عن أبي حنيفة وهذا إذا كان لها ولي لم يرض به قبل العقد فلا يفيد الرضا بعده
بحر
وأما إذا لم يكن لها ولي فهو صحيح نافذ مطلقا اتفاقا كما يأتي لأن وجه عدم الصحة على هذه الرواية دفع الضرر عن الأولياء أما هي فقد رضيت بإسقاط حقها
فتح
وقول البحر لم يرض به يشمل ما إذا لم يعلم أصلا فلا يلزم التصريح بعدم الرضا بل السكوت منه لا يكون رضا كما ذكرنا
فلا بد حينئذ لصحة العقد من رضاه صريحا وعليه فلو سكت قبله ثم رضي بعده لا يفيد فليتأمل
قوله ( وهو المختار للفتوى ) وقال شمس الأئمة وهذا أقرب إلى الاحتياط كذا في تصحيح العلامة قاسم لأنه ليس كل ولي يحسن المرافعة والخصومة ولا كل قاض يعدل ولو أحسن الولي وعدل القاضي فقد يترك أنفة للتردد على أبواب الحكام واستثقالا لنفس الخصومات فيتقرر الضرر فكان منعه دفعا له
فتح
قوله ( نكحت ) نعت لمطلقة وقوله بلا رضا متعلق بنكحت وقوله بعد ظرف للرضا والضمير في معرفته للولي وفي إياه لغير الكفء وقوله بلا رضا نفي منصب على المقيد الذي هو رضا الولي والقيدالذي هو بعد معرفته إياه فيصدق بنفي الرضا بعد المعرفة وبعدمها وبوجود الرضا مع عدم المعرفة ففي هذه الصور الثلاثة لا تحل وإنما تحل في الصورة الرابعة وهي رضا الولي بغير الكفء مع علمه بأنه كذلك اه ح
قلت والأنسب أن يقول مع علمه به عينا لما في البحر لو قال الولي رضيت بتزوجها من غير كفء ولم يعلم بالزوج عينا هل يكفي صارت حادثة الفتوى
وينبغي لا يكفي لأن الرضا بالمجهول لا يصح كما ذكره في الخانية فيما إذا استأذنها الولي ولم يسم الزوج فقال لأن الرضا بالمجهول لا يتحقق ولم أره منقولا اه
وأقره في النهر لكن ليس على عمومه لما سيأتي في كلام الشارح أنها لو فوضت الأمر إليه يصح كقولها زوجني ممن تختاره ونحوه
قال الخير الرملي ومقتضاه أن الولي لو قال لها أنا راض بما تفعلين أو زوجي نفسك ممن تختارين ونحوه أنه يكفي وهو ظاهر لأنه فوض الأمر إليها ولأنه من باب الإسقاط اه
قوله ( فليحفظ ) قال في الحقائق شرح المنظومة النسفية وهذا مما يجب حفظه لكثرة وقوعه اه
وقال الكمال لأن المحلل في الغالب يكون غير كفء وأما لو باشر الولي عقد المحلل فإنها تحل للأول اه
وفي البحر وهذا كله إذا كان لها ولي وإلا فهو صحيح مطلقا اتفاقا
قوله ( وهو ظاهر الرواية ) وبه أفتى كثير من المشايخ فقد اختلف الإفتاء
بحر
لكن علمت أن الثاني أقرب إلى الاحتياط
قوله ( قبل العقد أو بعده ) فيه أن الرضا قبل العقد يصح على كل من الأول والثاني وأما المبني على الأول فقط فهو الرضا بعد العقد فإنه يصح عليه لا على الثاني المفتى به كما قدمنا عن البحر وكلام المتن يوهم أنه على الثاني لا يكون رضا البعض كالكل ولا وجه له ولعل الشارح قصد بما ذكره دفع هذا الإيهام
تأمل
قوله ( لثبوته لكل كملا ) لأنه حق واحد لا يتجزأ لأنه ثبت بسبب لا يتجزأ
بحر
قوله ( كولاية أمان وقود ) فإذا أمن مسلم حربيا ليس لمسلم آخر أن يتعرض للحربي أو لماله وإذا عفا أحد أولياء القصاص ليس لولي آخر طلبه ح
قوله ( وسنحققه في الوقف ) حيث زاد على ما هنا مما يقوم فيه البعض مقام الكل بعض مستحقي الوقف ينتصب خصما عن الكل وكذا بعض الورثة وكذا إثبات الإعسار في وجه أحد الغرماء وولاية المطالبة بإزالة الضرر العام عن طريق المسلمين
قوله ( وإلا الخ ) أي
____________________
(3/57)
وإن لم يستووا في الدرجة وقد رضي الأبعد فللأقرب الاعتراض
بحر عن قوله ( الفتح ) وغيره
قوله ( وإن لم يكن لها ولي الخ ) أي عصبة كما مر والأولى التعبير به وهذا الذي ذكره المصنف من الحكم ذكره في الفتح بحثا بصيغة ينبغي أخذا من التعليل بدفع الضرر عن الأولياء وأنها رضيت بإسقاط حقها وجزم به في البحر فتبعه المصنف والظاهر أنه لو كان لها عصبة صغير فهو بمنزلة من لا ولي لها لأنه لا ولاية له وكذا لو كان عبدا أو كافرا كما سيشير إليه الشارح عند قوله الولي في النكاح العصبة الخ كما سنبينه هناك وعلى هذا فلو بلغ أو عتق أو أسلم لا يتجدد له حق الاعتراض
وأما لو كان لها عصبة غائب فهو كالحاضر لأن ولايته لا تنقطع بدليل أنه لو زوج الصغيرة حيث هو صح وإن كان لها ولي آخر حاضر على ما فيه من الخلاف كما سيأتي والظاهر أيضا أن هذا في البالغة أما الصغيرة فلا يصح لأنها لم ترض بإسقاط حقها ألا ترى أنها لو كان لها عصبة فزوجها غير كفء لم يصح فكذا إذا لم يكن لها عصبة هذا كله ما ظهر لي تفقها من كلامهم ولم أره صريحا
قوله ( مطلقا ) أي سواء نكحت كفؤا أو غيره ح
قوله ( اتفاقا ) أي من القائلين برواية ظاهر المذهب والقائلين برواية الحسن المفتى بها
قوله ( أي ولي له حق الاعتراض ) يوهم أن الولي في قوله وإن لم يكن لها ولي المراد به ما يشمل الأرحام وليس كذلك كما علمت فالمناسب ذكر هذا التفسير هناك ليعلم المراد في الموضعين ويرتفع الإيهام المذكور
قوله ( ونحوه ) بالرفع عطفا على قبضه أي ونحو قبض المهر كقبض النفقة أو المخاصمة في أحدهما وإن لم يقبض وكالتجهيز ونحوه
فتح
قوله ( إن كان الخ ) كذا ذكره في الذخيرة وأقره في البحر والنهر والشرنبلالية وشرح المقدسي وظاهره أن هذا شرط في الرضا دلالة فقط وأن مجرد العلم بعدم الكفاءة لا يكفي هنا بخلاف الرضا الصريح حيث يكفي فيه العلم فقط لكن هذا مخالف لإطلاق المتون ولم يذكره في الفتح ولا في كافي الحاكم الذي جمع كتب ظاهر الرواية وأيضا فوجهه غير ظاهر إلا أن يكون الفرق انحطاط رتبة الدلالة عن الصريح فليتأمل
وصورة المسألة أن تكون هذه المرأة تزوجت غير كفء فخاصم الولي وأثبت عند القاضي عدم الكفاءة فقبض الولي المهر قبل التفريق أو فرض القاضي بينهما ثم تزوجته ثانيا بلا إذن الولي فقبض المهر
قوله ( كما لا يكون الخ ) مكرر بقوله المار ما لم يسكت حتى تلد
قوله ( وأما تصديقه الخ ) قال في البحر قيد بالرضا لأن التصديق بأنه كفء من البعض لا يسقط حق من أنكرها
قال في المبسوط لو ادعى أحد الأولياء أن الزوج كفء وأثبت الآخر أنه ليس بكفء يكون له أن يطالبه بالتفريق لأن المصدق ينكر سبب الوجوب وإنكار سبب الشيء لا يكون إسقاطا له اه
وفي الفوائد التاجية أقام وليها شاهدين بعدم الكفاءة وأقام زوجها بالكفاءة لا يشترط لفظ الشهادة لأنه إخبار اه
قوله ( ولا تجبر البالغة ) ولا الحر البالغ والمكاتب والمكاتبة ولو صغيرين
ح عن القهستاني
قوله ( البكر ) أطلقها فشمل ما إذا كانت تزوجت قبل ذلك وطلقت قبل زوال البكارة فتزوج كما تزوج الأبكار نص عليه في الأصل
بحر
قوله ( وهو السنة ) بأن يقول لها قبل النكاح فلان يخطبك أو يذكرك فسكتت وإن زوجها بغير استئمار فقد أخطأ السنة وتوقف على رضاها
بحر عن المحيط
واستحسن الرحمتي ما ذكره الشافعية من أن السنة في الاستئذان أن
____________________
(3/58)
يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها والأم بذلك أولى لأنها تطلع على ما لا يطلع عليه غيرها اه
قوله ( أو وكيله أو رسوله ) الأول أن يقول وكلتك تستأذن لي فلانة في كذا والثاني أن يقول اذهب إلى فلانة وقل لها إن أخاك فلانا يستأذنك في كذا
قوله ( وأخبرها رسوله الخ ) أفاد أن قول المصنف أو زوجها محمول على ما إذا زوجها في غيبتها وهذا وإن كان خلاف المتبادر منه لكن يرجحه دفع التكرار مع قوله الآتي وكذا إذا زوجها عندها فسكتت
وفي البحر واختلف فيما إذا زوجها غير كفء فبلغها فسكتت فقالا لا يكون رضا
وقيل في قول أبي حنيفة يكون رضا إن كان المزوج أبا أو جدا وإن كان غيرهما فلا كما في الخانية أخذا من مسألة الصغيرة المزوجة من غير كفء اه
قال في النهر وجزم في الدراية بالأول بلفظ قالوا قوله ( أو فضولي عدل ) الشرط في الفضولي العدالة أو العدد فكيفي إخبار واحد عدل مستورين عند أبي حنيفة ولا يكفي إخبار واحد غير عدل ولها نظائر ستأتي في متفرقات القضاء
قوله ( فسكتت ) أي البكر البالغة بخلاف الابن الكبير فلا يكون سكوته رضا حتى يرضى بالكلام
كافي الحاكم
قوله ( عن رده ) قيد به إذ ليس المراد مطلق السكوت لأنها لو بلغها الخبر فتكلمت بأجنبي فهو سكوت هنا فيكون إجازة فلو قالت الحمد لله اخترت نفسي أو قالت هو دباغ لا أريده فهذا كلام واحد فهو رد
بحر
قوله ( مختارة ) أما لو أخذها عطاس أو سعال حين أخبرت فلما ذهب قالت لا أرضى أو أخذ فمها ثم ترك فقالت ذلك صح ردها لأن سكوتها كان عن اضطرار
بحر
قوله ( غير مستهزئة ) وضحك الاستهزاء لا يخفى على من يحضره لأن الضحك إنما جعل إذنا لدلالته على الرضا فإذا لم يدل على الرضا لم يكن إذنا
بحر وغيره
قوله ( أو بكت بلا صوت ) هو المختار للفتوى لأنه حزن على مفارقة أهلها
بحر أي وإنما يكون ذلك عند الإجازة
معراج
قوله ( فما في الوقاية والملتقى ) أي من أنه هو والبكاء بلا صوت إذن ومعه رد
قوله ( فيه نظر ) أي لمخالفته لما في المعراج ولا يخفى ما فيه فإن ما في الوقاية والملتقى ذكر مثله في النقاية والإصلاح والمتون مقدمة على الشروح
وفي الشارح الجامع الصغير لقاضيخان وإن بكت كان ردا في إحدى الروايتين عن أبي يوسف وعنه في رواية يكون رضا
قالوا إن كان البكاء عن صوت وويل لا يكون رضا وإن كان عن سكوت فهو رضا اه
وبه ظهر أن أصل الخلاف في أن البكاء هل هو رد أو لا وقوله قالوا الخ توفيق بين الروايتين فمعنى لا يكون رضا أنه يكون ردا كما فهمه صاحب الوقاية وغيره وصرح به أيضا في الذخيرة حيث قال بعد حكاية الروايتين وبعضهم قالوا إن كان مع الصياح والصوت فهو رد وإلا فهو رضا وهو الأوجه وعليه الفتوى اه
كيف والبكاء بالصوت والويل قرينة على الرد وعدم الرضا وعن هذا قال في الفتح بعد حكاية الروايتين والمعول اعتبار قرائن الأحوال في البكاء والضحك فإن تعارضت أو أشكل احتيط اه
فقد ظهر لك أن ما في المعراج ضعيف لا يعول عليه
قوله ( فهو إذن ) أي وإن لم تعلم أنه إذن كما في الفتح
قوله ( أي توكيل في الأول ) أي فيما إذا استأذنها قبل العقد حتى لو قالت بعد ذلك لا أرضى ولم يعلم به الولي فزوجها صح كما في الظهيرية لأن الوكيل لا ينعزل حتى يعلم
بحر
قوله ( فلو تعدد المزوج الخ ) عبارة البحر ولو زوجها وليان متساويان كل واحد منهما من رجل فأجازتهما معا بطلا لعدم الأولوية وإن سكتت بقيا موقوفين حتى تجيز أحدهما بالقول أو بالفعل وهو ظاهر الجواب كما في البدائع اه
____________________
(3/59)
ولا يخفى أن هذا في الإجازة والكلام الآن في التوكيل أي الإذن قبل العقد لكن الظاهر أن الحكم لا يختلف في الموضعين إن زوجاها معا بعد الاستئذان أما لو استأذناها فسكتت فزوجاها متعاقبا من رجلين ينبغي أن يصح السابق منهما لعدم المزاحم فافهم
قوله ( وإجازة ) عطف على توكيل وقوله في الثاني أي فيما استأذنها بعد العقد وهذا هو الأصح
وفي رواية لا يكون السكوت بعد العقد رضا كما بسطه في الفتح وقدمنا الخلاف أيضا فيما إذا زوجها غير كفء فبلغها فسكتت
قوله ( لا لو بطل بموته ) لأن الإجازة شرطها قيام العقد
بحر
قوله ( فالقول لها ) لأن الأصل أن المسلم المكلف لا يعقد إلا العقد الصحيح النافذ
قوله ( فالقول لهم ) لأنها أقرت أن العقد وقع غير تام ثم ادعت النفاذ بعد ذلك فلا يقبل منها لمكان التهمة
بحر
وحينئذ فلا ترث وهل تعتد فإن كانت صادقة في نفس الأمر فلا شك في وجوب العدة عليها ديانة وإلا فلا نعم لو أرادت أن تتزوج تمنع مؤاخذة لها بقولها وأما لو تزوجت ففي الذخيرة لو تزوجت المرأة ثم ادعت العدة فقال الزوج تزوجتك بعدها فالقول قوله لأنه يدعي الصحة اه
فلعله يقال هنا كذلك لأن أقرارها السابق لم يثبت من كل وجه هذا ما ظهر لي
قوله ( وقولها غيره ) أي غير هذا الزوج
قوله ( رد قبل العقد لا بعده ) فرقوا بينهما بأنه يحتمل الإذن وعدمه فقبل النكاح لم يكن النكاح فلا يجوز بالشك وبعده كان فلا يبطل بالشك كذا في الظهيرية وهو مشكل لأنه لا يكون نكاحا إلا بعد الصحة وهي بعد الإذن فالظاهر أنه ليس بإذن فيهما
بحر
وأصل الإشكال لصاحب الفتح
وأجاب عنه المقدسي بأن العقد إذا وقع ثم ورد بعده ما يحتمل كونه تقريرا له وكونه ردا ترجح بوقوعه احتمال التقرير وإذا ورد قبله ما يحتمل الإذن وعدمه ترجح الرد لعدم وقوعه فيمنع من إيقاعه لعدم تحقق الإذن فيه
قوله ( ولو زوجها لنفسه الخ ) محترز قول المصنف أو زوجها أي أن الولي لو تزوجها كابن العم إذا تزوج بنت عمه البكر البالغ بغير إذنها فبلغها فسكتت لا يكون رضا لأنه كان أصيلا في نفسه فضوليا في جانب المرأة فلم يتم العقد في قول أبي حنيفة ومحمد فلا يعمل الرضا ولو استأمرها في التزويج من نفسه فسكتت جاز إجماعا
بحر عن الخانية
والحاصل أن الفضولي ولو من جانب إذا تولى طرفي العقد لا يتوقف عقده على الإجازة عندهما بل يقع باطلا بخلاف ما لو باشر العقد مع غيره من أصيل أو ولي أو وكيل أو فضولي آخر فإنه يتوقف اتفاقا كما سيأتي في آخر باب الكفاءة
قوله ( فسكتت ) أما لو قالت حين بلغها قد كنت قلت إني لا أريد فلانا ولم تزد على هذا لم يجز النكاح لأنها أخبرت أنها على إبائها الأول
ذخيرة
قوله ( بخلاف ما لو بلغها الخ ) لأن نفاذ التزويج كان موقوفا على الإجازة وقد بطل بالرد والرد في الأول كان للاستئذان لا للتزوج العارض بعده لكن قال في الفتح الأوجه عدم الصحة لأن ذلك الرد الصريح يضعف كون ذلك السكوت دلالة الرضا اه
وأقره في بحر
وقد يقال إنه قد تكون علمت بعد ذلك بحسن حاله وقد يكون ردها الأول حياء لما علمته من أن الغالب إظهار النفرة عند فجأة السماع ولو كانت على امتناعها الأول صرحت بالرد كما صرحت به أولا ولم تستح منه
____________________
(3/60)
قوله ( إن عرف ) بالبناء للمجهول ونائب الفاعل ضمير المرأة والذي في البحر إن عرفت
قوله ( والمهر ) ينبغي أن يكون على الخلاف كما في مسألة المتن الآتية ح
قوله ( واستشكله في البحر الخ ) يؤيده ما قدمناه أول النكاح في أن قوله زوجني توكيل أو إيجاب
عن الخلاصة لو قال الوكيل هب ابنتك لفلان فقال وهبت لا ينعقد ما لم يقل الوكيل بعده قبلت لأن الوكيل لا يملك التوكيل اه
فهذا يدل على أن الوكيل ليس له التوكيل في النكاح وأنه ليس من المسائل التي استثنوها من هذه القاعدة
وقال الرحمتي هناك وفي حاشية الحموي على الأشباه عن كلام محمد في الأصل إن مباشرة وكيل الوكيل بحضرة الوكيل في النكاح لا تكون كمباشرة الوكيل بنفسه بخلافه في البيع
وفي مختصر عصام أنه جعله كالبيع فمباشرته بحضرته كمباشرته بنفسه اه
فيمكن أن يكون ما في القنية مفرعا على رواية عصام لكن الأصل وهو المبسوط من كتب ظاهر الرواية فالظاهر عدم الجواز فافهم
قوله ( ولو في ضمن العام ) وكذا لو سمى لها فلانا أو فلانا فسكتت فله أن يزوجها من أيهما شاء بحر
قوله ( لو يحصرن ) عبارة الفتح وهم محصورون معروفون لها اه
ومقتضاها أنها لو لم تعرفهم لم يصح وإن كانوا محصورون
قوله ( وإلا لا ) كقوله أزوجك من رجل أو من بني تميم
بحر
قوله ( ما لم تفوض له الأمر ) أما إذا قالت أنا راضية بما تفعله أنت بعد قوله إن أقواما يخطبونك أو زوجني ممن تختاره ونحوه فهو استئذان صحيح كما في الظهيرية وليس له بهذه المقالة أن يزوجها من رجل ردت نكاحه أولا لأن المراد بهذا العموم غيره كالتوكيل بتزويج امرأة ليس للوكيل أن يزوجه مطلقته إذا كان الزوج شكا منها للوكيل وأعلمه بطلاقها كما في الظهيرية
بحر
قوله ( لا العلم بالمهر ) أشار بتقدير العلم إلى أن المصنف راعى المعنى في عطفه المهر على التزوج وأصل التركيب بشرط العلم بالزوج لا المهر ح
قوله ( وقيل يشترط ) أشار إلى ضعفه وإن قال في الفتح إنه الأوجه لأن صاحب الهداية صحح الأول وقال في البحر إنه المذهب لقول الذخيرة إن إشارات كتب محمد تدل عليه اه
قلت وعلى القول باشتراط تسميته يشترط كونه مهر المثل فلا يكون السكوت رضا بدونه كما في البحر عن الزيلعي
وبقي على القول بعدم الاشتراط فهل يشترط أن يزوجها بمهر المثل حتى لو نقص عنه لم يصح العقد إلا برضاها صارت حادثة الفتوى
ورأيت في الحادي عشر من البزازية وإن لم يذكر المهر فزوج الوكيل بأكثر من مهر المثل بما لا يتغابن الناس فيه أو بأقل من المثل بما لا يتغابن فيه الناس صح عنده خلافا لهما
لكن للأولياء حق الاعتراض في جانب المرأة دفعا للعار عنهم اه
أي إذا رضيت بذلك ومقتضاه أنه إذا كان الوكيل هو الولي كما في حادثتنا ورضيت به صح وإلا فلا
تأمل
قوله ( وما صححه في الدرر ) أي من التفصيل وهو أن الولي إن كان أبا أو جدا فذكر الزوج يكفي لأن الأب لو نقص عن مهر المثل لا يكون إلا لمصلحة تزيد عليه وإن كان غيرهما فلا بد من تسمية الزوج والمهر
قوله ( عن الكافي ) أي ناقلا تصحيحه عن الكافي فافهم
قوله ( رده الكمال ) بقوله وما ذكر من التفصيل ليس بشيء
____________________
(3/61)
لأن ذلك في تزويجه الصغيرة بحكم الجبر والكلام في الكبيرة التي وجف مشاورته لها
والأب في ذلك كالأجنبي
قوله ( إن علمته ) أي الزوج وأما المهر ففيه ما مر آنفا كما نبه عليه في البحر قوله ( في سبع وثلاثين مسألة مذكورة في الأشباه ) أي في قاعدة لا ينسب إلى ساكت قول
ذكر المحشي عبارته بتمامها وزاد عليها ط عن الحموي مسائل أخر سيذكرها الشارح في الفوائد التي ذكرها بين كتاب الوقف وكتاب البيوع وسيأتي الكلام عليها كلها هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( كأجنبي ) المراد به من ليس له ولاية فشمل الأب إذا كان كافرا أو عبدا أو مكاتبا لكن رسول الولي قائم مقامه فيكون سكوتها رضا عند استئذانه كما في الفتح والوكيل كذلك كما في البحر عن القنية قوله ( أو ولي بعيد ) كالأخ مع الأب إذا لم يكن الأب غائبا غيبة منقطعة كما في الخانية
قوله ( فلا عبرة لسكوتها ) عن الكرخي يكفي سكوتها
فتح
قوله ( كالثيب البالغة ) أما الصغيرة فلا استئذان في حقها كالبكر الصغيرة
فتح
قوله ( إلا في السكوت ) حيث يكون سكوت البكر البالغة إذنا في حق الولي الأقرب ولا يكون إذنا في الثيب البالغة مطلقا والاستثناء منقطع لأن قول المصنف كالثيب تشبيه بالبكر التي استأذنها غير الأقرب وهذه لا فرق بينها وبين الثيب البالغة في السكوت
قوله ( لأن رضاهما يكون بالدلالة الخ ) أشار إلى ما أورده الزيلعي على الكنز وغيره من أن رضاهما لا يقتصر على القول فإنه لا فرق بينهما في اشتراط الاستئذان والرضا وفي أن رضاهما قد يكون صريحا وقد يكون دلالة غير أن سكوت البكر رضا دلالة لحيائها دون الثيب لأن حياءها قد قل بالممارسة فتخلص المصنف عن ذلك بزيادة قوله أو ما هو في معناه الخ لكن أجاب في الفتح بأن الحق أن الكل من قبيل القول إلا التمكين فيثبت دلالة لأنه فوق القول أي لأنه إذا ثبت الرضا بالقوم يثبت بالتمكين من الوطء بالأولى قلت وفيه نظر لأن مقتضى كلام الفتح أن المراد بقبول التهنئة ما يكون قولا باللسان لا مجرد السكوت لأن مراده إدخال الجميع تحت القول ولذا لم يستثن إلا التمكين
ولا ينافيه قوله من قبيل القول لأن مراده أنه من قبيل القول الصريح بالرضا مثل قولها رضيت ونحوه بدليل أنه قال قبله إنه يكون إما بالقول كنعم ورضيت وبارك الله لنا وأحسنت أو بالدلالة كطلب المهر أو النفقة الخ
ثم قال والحق أن الكل من قبيل القول أي من قبيل القول الذي ذكره وأما قوله في النهر ولهذا الخ ففيه أن المذكور في مسائل السكوت قولهم إذا سمكت الأب ولم ينف الولد مدة التهنئة لزمه ومعناه سكت عن نفي الولد لا عن جواب التهنئة
وأما الجواب عن اعتراض البحر بأن قول الفتح إنه من قبيل القول أي لا من القول حقيقة بل هو منزل منزلته فلا يرد السكوت عند التهنئة ففيه أنه لو كان مراده ذلك لم يحتج إلى استثناء التمكين ولم يكن دفع لما أورده الزيلعي لأن الزيلعي يقول إن الدلالة بمنزلة القول في الإلزام فافهم نعم الذي يظهر ما قاله الزيلعي لأن الظاهر أن طلب المهر ونحوه لا يلزم أن يكون بالقول ولذا عبر الشارح بقوله من فعل يدل على الرضا ومقتضاه أن قبض المهر ونحوه رضا كما مر من جعله رضا دلالة في حق الولي وبه صرح في الخانية بقوله الولي إذا زوج الثيب فرضيت بقلبها ولم تظهر الرضا بلسانها كان لها أن ترد لأن المعتبر فيها الرضا باللسان أو الفعل الذي يدل
____________________
(3/62)
على الرضا نحو التمكين من الوطء وطلب المهر وقبول المهر دون قبول الهدية وكذا في حق الغلام اه
قوله ( ودخوله بها الخ ) هذا مكرر والظاهر أنه تحريف والأصل وخلوته بها فإن الذي في البحر عن الظهيرية ولو خلا بها برضاها هل يكون إجازة لا رواية لهذه المسألة وعندي أن هذا إجازة اه
وفي البزازية الظاهرة أنه إجازة قوله ( والضحك سرورا ) احتراز عن الضحك استهزاء
قال في البحر وأما الضحك فذكر في فتح القدير أولا أنه كالسكوت لا يكفي وسلم هنا أنه يكفي وجعله من قبيل القول لأنه حروف اه
قلت وما هنا هو الموافق لما صرح به الزيلعي وغيره
قوله ( ونحو ذلك ) كقبول المهر كما مر عن الخانية والظاهر أن مثله قبول النفقة
قوله ( بخلاف خدمته ) أي إن كانت تخدمه من قبل ففي البحر عن المحيط والظهيرية ولو أكلت من طعامه أو خدمته كما كانت فليس برضا دلالة
قوله ( أي نطة ) هي من فوق إلى أسفل والطفرة عكسها
قوله ( أي كبر ) أي بلا تزويج في النهر عن الصحاح يقال عنست الجارية تعنس بضم النون عنوسا وعناسا فهي عانس إذا طال مكثها بعد إدراكها في منزل أهلها حتى خرجت عن عداد الأبكار
قوله ( بكر حقيقة ) خبر من وفي الظهيرية البكر اسم لامرأة لم تجامع بنكاح ولا غيره اه
لأن مصيبها أول مصيب لها ومنه الباكورة لأول الثمار والبكرة بضم الباء لأول النهار وحاصل كلامهم أن الزائل في هذه المسائل العذرة أي الجلدة التي على المحل لا البكارة فكانت بكرا حقيقة وحكما ولذا تدخل في الوصية لأبكار بني فلان ولا يرد الجارية لو شريت على أنها بكر فوجدت زائلة العذرة بشيء من ذلك له ردها لأن المتعارف من اشتراط البكارة صفة العذرة
أفاده في البحر
قوله ( كتفريق بجب ) أي كذات تفريق الخ ط
وهو تنظير في كونها بكرا حقيقة وحكما لا تمثيل فلا يرد أن هذه ما زالت عذرتها فكيف يشبهها بمن زالت عذرتها ح
قوله ( أو طلاق ) عطف على تفريق لا على جب ح
قوله ( بعد خلوة ) يصلح ظرفا للتفريق والطلاق والموت لكن لما كان قوله قبل الوطء ظرفا للأخيرين فقط لعدم إمكان الوطء في الأول أما في الجب فظاهر وأما في العنة فلأن الوطء يمنع التفريق كان الأنسب تعلقه بالأخيرين فقط وفهم من قوله بعد خلوة أنه لو وقع الطلاق أو الموت قبل الخلوة كانت بكرا حقيقة وحكما بالأولى وقيد بقوله قبل وطء لأنها بعد الوطء ثيب حقيقة وحكما اه ح
قوله ( وهذه فقط بكر حكما ) أراد بالحكمي ما ليس بحقيقي بدلالة المقابلة كما هو المتبادر ولذا حاول الشارح في عبارة المصنف فقدر خبرا لمن ومبتدأ لبكر وإلا فعبارة المصنف في نفسها صحيحة لأن الحقيقي حكمي أيضا والحكمي أعم لأنه قد يكون غير حقيقي ولكن لما كان المتبادر من إطلاق الحكمي إرادة ما ليس بحقيقي أول عبارة المصنف ولم يقل بكر حكما فقط لما قلنا فافهم
قوله ( إن لم يتكرر ولم تحد به ) هذا معنى قولهم إن لم يشتهر زناها يكتفى بسكوتها لأن الناس عرفوها بكرا فيعيبونها بالنطق فيكتفى بسكوتها كي لا تتعطل عليها مصالحها وقد ندب الشارع إلى ستر الزنى فكانت بكرا شرعا بخلاف ما إذا اشتهر زناها
قوله ( وإلا ) صادق بثلاث صور ما إذا تكرر منها الزنا ولم تحد أو حدت ولم يتكرر أو تكرر وحدت ح
قوله ( كموطوءة بشبهة ) أي فإنها تثيب حقيقة وحكما ح
قوله ( أو نكاح فاسد ) عطف على بشبهة أي وكموطوءة بنكاح فاسد فافهم
أما إذا لم توطأ فيه فهي بكر حقيقية وحكما
____________________
(3/63)
كما في النكاح الصحيح ط
قوله ( وقالت رددت ) أي ولم يوجد منها ما يدل على الرضا كما في الشرنبلالية ط
قوله ( ولا بينة لهما ) قيد به لأن أيهما أقام البينة قبلت بينته
بحر
وإن أقاماها فيأتي في قوله ولو برهنا
قوله ( ولم يكن دخل بها طوعا ) بأن لم يدخل أو دخل كرها واحترز به عما إذا دخل بها طوعا حيث لا تصدق في دعوى الرد في الأصح لأن التمكين من الوطء كالإقرار وعن هذا صحيح في الولوالجية أنها لو أقامت بعد الدخول البينة على الرد لم تقبل لكن في حاشية الغزي على الأشباه أنه وقع اختلاف التصحيح في قبول بينتها بعد الدخول على أنها كانت ردت النكاح قبل الإجازة ففي البزازية أن المذكور في الكتب أنها تقبل وصحح في الواقعات عدمه لتناقضها في الدعوى والصحيح القبول لأنه وإن بطلت الدعوى فالبينة لا تبطل لقيامها على تحريم الفرج والبرهان عليه مقبول بلا دعوى
قال الغزي وقد ألف شيخنا العلامة علي المقدسي فيها رسالة اعتمد فيها تصحيح القبول
قوله ( فالقول قولها ) لأنه يدعي لزوم العقد وملك البضع والمرأة تدفعه فكانت منكرة ولا يقبل قول وليها عليها بالرضا لأنه يقر عليها بثبوت الملك وإقراره عليها بالنكاح بعد بلوغها غير صحيح كذا في الفتح وينبغي أن لا تقبل شهادته لو شهد مع آخر بالرضا لكونه ساعيا في إتمام ما صدر منه فهو متهم ولم أره منقولا
بحر
قلت وفي الكافي للحاكم الشهيد وإذا زوج الرجل ابنته فأنكرت الرضا فشهد عليها أبوها وأخوها لم يجز اه
فتأمل
ثم اعلم أنه ذكر في البحر في باب المهر عند الكلام على النكاح الفاسد ما نصه وإذا دعت فساده وهو صحته فالقول له وعلى عكسه فرق بينهما وعليها العدة ولها نصف المهر إن لم يدخل والكل إن دخل كذا في الخانية
وينبغي أن يستثنى منه ما ذكره الحاكم الشهيد في الكافي من أنه لو ادعى أحدهما أن النكاح كان في صغره فالقول قوله ولا نكاح بينهما ولا مهر لها إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك اه ما في البحر
قلت وقد علل الأخيرة في البزازية عن المحيط بقوله لاختلافهما في وجود العقد وعللها في الذخيرة بقوله لأن النكاح في حالة الصغر قبل إجازة الولي ليس بنكاح معنى الخ وذكر قبله أن الاختلاف لو في الصحة والفساد فالقول لمدعي الصحة بشهادة الظاهر ولو في أصل وجود العقد فالقول لمنكر الوجود
قلت وعلى هذا فلا استثناء لأن ما في الخانية من الأول وما في الكافي من الثاني ولعل وجه قوله في الخانية وعلى عكسه فرق بينهما الخ كونه مؤاخذا بإقراره فيسري عليه ولذا كان لها المهر
ثم إن الظاهر أن ما نحن فيه من قبيل الاختلاف في أصل وجود العقد لأن الرد صير الإيجاب بلا قبول وكذا المسألة الآتية هذا ما ظهر لي
قوله ( على المفتى به ) وهو قولهما وعنده لا يمين عليها كما سيأتي في الدعوى في الأشياء الستة
بحر
قوله ( لأنه وجودي الخ ) جواب عما يقال إن بينته على سكوتها بينة على النفي وهي غير مقبولة فأجاب بأن السكوت وجودي لأنه عبارة عن ضم الشفتين ويلزم منه عدم الكلام كما في المعراج
زاد في البحر أو هو نفي يحيط به علم الشاهد فيقبل كما لو ادعت أن زوجها تكلم مما هو ردة في مجلس فبرهن على عدم التكلم فيه تقبل وكذا إذا قال الشهود كنا عندها ولم نسمعها تتكلم ثبت سكوتها كما في الجوامع اه
ولا يخفى أن الجواب الأول مبني على المنع والثاني على التسليم وبحث في الأول في السعدية بما في شرح العقائد من أن السكوت ترك الكلام وأقره عليه في النهر
____________________
(3/64)
قلت ويمكن الجواب بأن هذا تفسير باللازم وبحث في الثاني أيضا بأنه مخالف لما في أيمان الهداية من باب اليمين في الحج والصلاة من أن الشهادة على النفي غير مقبولة مطلقا أحاط به علم الشاهد أو لا اه
وكذا قال في البحر هناك
الحاصل أن الشهادة على النفي المقصود لا تقبل سواء كان نفيا صورة أو معنى وسواء أحاط به علم الشاهد أو لا اه
قلت وهذا في غير الشروط فلو قال إن لم أدخل الدار اليوم فكذا فشهدا أنه دخلها تقبل
قوله ( فبينتها أولى ) لإثبات الزيادة أعني الرد فإنه زائد على السكوت
بحر
قوله ( إلا أن يبرهن على رضاها أو إجازتها ) أي فتترجح بينته لاستوائهما في الإثبات وزيادة بينته بإثبات اللزوم كذا في الشروح وعزاه في النهاية للتمرتاشي وكذا هو في غير كتاب من الفقه لكن في الخلاصة عن أدب القاضي للخصاف أن بينتها أولى ففي هذه الصورة اختلاف المشايخ ولعل وجهه أن السكوت لما كان مما تتحقق الإجازة به لم يلزم من الشهادة بالإجازة كونها بأمر زاد على السكوت ما لم يصرحوا بذلك كذا في الفتح وتبعه في البحر واستفيد منه التوفيق بين القولين بحمل الأول على ما إذا صرح الشهود بأنها قالت أجزت أو رضيت وحمل الثاني على ما إذا شهدوا بأنها أجازت أو رضيت لاحتمال إجازتها بالسكوت فافهم
قوله ( كما لو زوجها الخ ) أي أن الاختلاف في البلوغ كالاختلاف في السكوت كما في النهر قوله ( مثلا ) فالمراد الولي المجبر قوله ( فإن القول لها ) لأنها إذا كانت مراهقة كان المخبر به يحتمل الثبوت فيقبل خبرها لأنها منكرة وقوع الملك عليها
عن البحر
قوله ( إن ثبت أن سنها تسع ) تفسير للمراهقة كما يدل عليه كلام المنح ح
قوله ( وكذا لو ادعى المراهق بلوغه ) بأن باع أبوه ماله فقال الابن أنا بالغ ولم يصح البيع وقال المشتري والأب إنه صغير فالقول للابن لأنه ينكر زوال ملكه وقد قيل بخلافه والأول أصح
بحر عن الذخيرة
قوله ( ولو برهنا الخ ) ذكره في البزازية عقب المسألة الأولى وكأن الشارح أخره ليفيد أن الحكم كذلك في المسألتين فافهم
استشكل بعض المحشين تصور البرهان على البلوغ
قلت وهو ممكن بالحبل أو الإحبال أو سن البلوغ أو رؤية الدم أو المني كما في الشهادة على الزنى
قوله ( على الأصح ) راجع لمسألة المراهقة والمراهق فقد نقل التصحيح فيهما في البحر عن الذخيرة
قوله ( بخلاف قول الصغيرة ) أي التي زوجها غير الأب والجد أما من زوجاها فلا خيار لها ط
قوله ( ردت حين بلغت الخ ) أي قالت بعدما بلغت رددت النكاح واخترت نفسي حين أدركت لم يقبل قولها لأن الملك ثابت عليها وتريد بذلك إبطال الثابت عليها كما في الذخيرة فافهم
وبهذا علم أن قولها ذلك بعد البلوغ وكأنه سماها صغيرة باعتبار ما كان زمن العقد أي المتحقق صغرها وقته بخلاف المراهقة المحتمل بلوغها وقته
قوله ( ولو حالة البلوغ ) بأن قالت عند القاضي أو الشهود أدركت الآن وفسخت فإنه يصح كما يأتي بيانه
قوله ( وللولي الآتي بيانه ) أي في قوله الولي في النكاح العصبة بنفسه الخ واحترز به عن الولي الذي له حق الاعتراض فإنه يخص العصبة كما مر وعن الوصي غير القريب كما مر ويأتي أيضا
قوله ( إنكاح الصغير والصغيرة ) قيد بالإنكاح لأن إقراره به عليهما لا يصح إلا بشهود
____________________
(3/65)
أو بتصديقهما بعد البلوغ كما سيذكره المصنف آخر الباب ولو قال وللولي إنكاح غير المكلف والرقيق لشمل المعتوه ونحوه
تتمة ليس لغير الأب والجد أن يسلم الصغيرة قبل قبض ما تعورف قبضه من المهر ولو سلمها الأب له أن يمنعها
أفاده ط
وتمامه في البحر
قلت وليس له تسليمها للدخول بها قبل إطاقة الوطء ولا عبرة للسن كما سيدكره الشارح في آخر باب المهر
قوله ( ولو ثيبا ) صرح به لخلاف الشافعي فإن علة الإجبار عنده البكارة وعندنا العجز بعدم العقل أو نقصانه وتوضيحه في كتب الأصول
قوله ( كمعتوه ومجنون ) أي ولو كبيرين والمراد كشخص معتوه الخ فيشمل الذكر والأنثى
قال في النهر فللولي إنكاحهما إذا كان الجنون مطبقا وهو شهر على ما عليه الفتوى وفي منية المفتي بلغ مجنونا أو معتوها تبقى ولاية الأب كما كانت فلو جن أو عته بعد البلوغ تعود في الأصح
وفي الخانية زوج ابنه البالغ بلا إذنه فجن قالوا ينبغي للأب أن يقول أجزت النكاح على ابني لأنه يملك إنشاءه بعد الجنون
قوله ( ولزم النكاح ) أي بلا توقف على إجازة أحد وبلا ثبوت خيار في تزويج الأب والجد والمولى وكذا الابن على ما يأتي
قوله ( ولو بغبن فاحش ) هو ما لا يتغابن الناس فيه أي لا يتحملون الغبن فيه احترازا عن الغبن اليسير وهو ما يتغابنون فيه أي يتحملونه
قال في الجوهرة والذي يتغابن فيه الناس ما دون نصف المهر كذا قاله شيخنا موفق الدين
وقيل ما دون العشر اه
فعلى الأول الغبن الفاحش هو النصف فما فوقه وعلى الثاني العشر فما فوقه
تأمل
قوله ( بنقص ) الباء لتصوير الغبن أي أن الغبن يتصور في جانب الصغيرة بالنقص عن مهر المثل وفي جانب الصغير بالزيادة
قوله ( أو زوجها بغير كفء ) بأن زوج ابنه أمة أو ابنته عبدا وهذا عند الإمام
وقالا لا يجوز أن يزوجها غير كفء ولا يجوز الحط ولا الزيادة إلا بما يتغابن الناس
ح عن المنح
ولا ينبغي ذكر المثال الأول لأن الكفاءة غير معتبرة في جانب المرأة للرجل
أفاده في الشرنبلالية ونحوه في ط
قلت وعن هذا قال الشارح أو زوجها مضافا إلى ضمير المؤنثة مع تعميمه في الغبن الفاحش بقوله بنقص مهرها وزيادة مهره فلله دره ما أمهره فافهم لكن في هذا كلام نذكره قريبا
قوله ( المزوج بنفسه ) احترز به عما إذا وكل وكيلا بتزويجها وسيأتي بيانه قريبا ح
قوله ( بغبن ) كان عليه أن يقول أو بغير كفء ولو قال المزوج بنفسه على الوجه المذكور كما قال في المنح لسلم من هذا ح
قوله ( وكذا المولى ) أي إذا زوج الصغير أو الصغيرة المرقوقين ثم أعتقهما ثم بلغا فإن نكاحهما لازم ولو من غير كفء أو بغير مهر المثل ولا يثبت لهما خيار البلوغ لكمال ولاية المولى فهو أقوى من الأب والجد ولأن خيار العتق يغني عنه ط
وهذا هو الصواب في التصوير
وأما تصوير المسألة بما إذا كان الإعتاق قبل التزويج فغير صحيح لأنه في هذه الصورة يثبت لهما خيار البلوغ كما سنذكره والكلام في اللزوم بلا خيار كما في الأب والجد فافهم
قوله ( وابن المجنونة ) ومثلها المجنون
قال في البحر المجنون والمجنونة إذا زوجهما الابن ثم أفاقا لا خيار لهما
قوله ( لم يعرف منهما الخ ) أي من الأب والجد وينبغي أن يكون الابن كذلك بخلاف المولى فإنه يتصرف في ملكه فينبغي نفوذ تصرفه مطلقا كتصرفه في سائر أمواله
رحمتي
فافهم
قوله ( مجانة وفسقا ) نصب على التمييز
وفي المغرب الماجن الذي لا يبالي ما يصنع وما قيل له ومصدره المجون والمجانة اسم منه والفعل من باب طلب اه
وفي شرح المجمع حتى لو عرف من الأب سوء
____________________
(3/66)
الاختيار لسفهه أو لطمعه لا يجوز عقده إجماعا اه
قوله ( وإن عرف لا يصح النكاح ) استشكل ذلك في فتحر القدير بما في النوازل لو زوج بنته الصغيرة ممن ينكر أنه يشرب المسكر فإذا هو مدمن له وقالت لا أرضى بالنكاح أي ما بعد ما كبرت إن لم يكن يعرفه الأب بشربه وكان غلبة أهل بيته صاحلين فالنكاح باطل لأنه إنما زوج على ظن أنه كفء اه
قال إذ يقتضي أنه لو عرف الأب بشربه فالنكاح نافذ مع أن من زوج بنته الصغيرة القابلة للتخلق بالخير والشر ممن يعلم أنه شريب فاسق فسوء اختياره ظاهر
ثم أجاب بأنه لا يلزم من تحقق سوء اختياره بذلك أن يكون معروفا به فلا يلزم بطلان النكاح عند تحقق سوء الاختيار مع أنه لم يتحقق للناس كونه معروفا بمثل ذلك اه
والحاصل أن المانع هو كون الأب مشهورا بسوء الاختيار قبل العقد فإذا لم يكن مشهورا بذلك ثم زوج بنته من فاسق صح وإن تحقق بذلك أنه سيىء الاختيار واشتهر به عند الناس فلو زوج بنتا أخرى من فاسق لم يصح الثاني لأنه كان مشهورا بسوء الاختيار قبله بخلاف العقد الأول لعدم وجود المانع قبله ولو كان المانع مجرد تحقق سوء الاختيار بدون الاشتهار لزم إحالة المسألة أعني قولهم ولزم النكاح ولو بغبن فاحش أو بغير كفء إن كان الولي أبا أو جدا
ثم علم أن ما مر عن النوازل من أن النكاح باطل معناه أنه سيبطل كما في الذخيرة لأن المسألة مفروضة فيما إذا لم ترض البنت بعد ما كبرت كما صرح به في الخانية والذخيرة وغيرهما وعليه يحمل ما في القنية زوج بنته الصغيرة من رجل ظنه حر الأصل وكان معتقا فهو باطل بالاتفاق اه
وعلم من عبارة القنية أنه لا فرق في عدم الكفاءة بين كونه بسبب الفسق أو غيره حتى لو زوجها من فقير أو ذي حرفة دنية ولم يكن كفؤا لها لم يصح فقصر ابن الهمام كلامهم على الفاسق مما لا ينبغي كما أفاده في البحر وما ذكرنا من ثبوت الخيار للبيت إذا بلغت إنما هو في الصغيرة أما لو زوج الأولياء الكبيرة بإذنها ولم يعلموا عدم الكفاءة ثم ظهر عدمها فلا خيار لأحد كما سيذكره الشارح أول الباب الآتي ويأتي تمام الكلام عليه هناك
قوله ( فزوجها من فاسق الخ ) وكذا لو زوجها بغين فاحش في المهر لا يجوز إجماعا والصاحي يجوز لأن الظاهر من حال السكران أنه لا يتأمل إذ ليس له رأي كامل فبقي النقصان ضررا محضا والظاهر من حال الصاحي أنه يتأمل
بحر عن الذخيرة
ثم قال وكذا السكران لو زوج من غير الكفء كما في الخانية وبه علم أن المراد بالأب من ليس بسكران ولا عرف بسوء الاختيار اه
قلت ومقتضى التعليل أن السكران أو المعروف بسوء الاختيار لو زوجها من كفء بمهر المثل صح لعدم الضرر المحض ومعنى قوله والظاهر من حال الصاحي أنه يتأمل أي أنه لوفور شفقته بالأبوة لا يزوج بنته من غير كفء أو بغبن فاحش إلا لمصلحة يزيد على هذا الضرر كعلمه بحسن العشرة معها وقلة الأذى ونحو ذلك وهذا مفقود في السكران وسيىء الاختيار إذا خالف لظهور عدم رأيه وسوء اختياره في ذلك
قوله ( أي غير الأب وأبيه ) الأولى أن يزيد والابن والمولى لما مر
قوله ( ولو الأم أو القاضي ) هو الأصح لأن ولايتهما متأخرة عن ولاية الأخ والعم فإذا ثبت الخيار في الحاجب ففي المحجوب أولى بحر
ولقصور الرأي في الأم ونقصان
____________________
(3/67)
الشفقة في القاضي
ذخيرة
لكن سنذكر في مسألة عضل الأقرب أن تزويج القاضي نيابة عنه فليس لها الخيار ويأتي تمامه هناك
قوله ( لو عين لوكيله القدر ) أي الذي هو غبن فاحش
نهر
وكذا لو عين له رجلا غير كفء كما بحثه العلامة المقدسي
مطلب مهم هل للعصبة تزويج الصغير امرأة غير كفء له تنبيه ذكر في شرح المجمع أن تزويج الأب الصغير والصغيرة من غير كفء أو بغبن فاحش جائز عنده لا عندهما ثم قال وفي المحيط الوكيل بالنكاح إذا زاد أو نقص عن مهر المثل فعلى هذا الاختلاف اه
وهذا خلاف ما ذكره الشارح تبعا لما في البحر عن القنية
وقد يجاب بأن الوكيل في عبارة شرح المجمع ليس المراد به وكيل الأب بل وكيل الزوج أو الزوجة البالغين بقرينة ما في البدائع حيث ذكر الخلاف السابق ثم قال وعلى هذا الخلاف التوكيل بأن وكل رجل رجلا بأن يزوجه امرأة فزوجه بأكثر من مهر مثلها مقدار ما لا يتغابن الناس في مثله أو وكلت امرأة رجلا بأن يزوجها من رجل فزوجها بدون صداق مثلها أو من غير كفء اه
وقدمناه أيضا عن البزازية وعليه فلا منافاة فتدبر
قوله ( لا يصح النكاح من غير كفء ) مثله قول الكنز ولو زوج طفلة غير كفء أو بغبن فاحش صح ولا يجز ذلك لغير الأب والجد ومقتضاه أن الأخ لو زوج أخاه الصغير امرأة أدنى منه لا يصح وفيه ما مر عن الشرنبلالية من أن الكفاءة لا تعتبر للزوج كما سيأتي في بابها أيضا
وقدمنا أن الشارح أشار إلى ذلك أيضا وقد راجعت كثيرا فلم أر شيئا صريحا في ذلك نعم رأيت في البدائع مثل ما في الكنز حيث قال وأما إنكاح الأب والجد الصغير الصغيرة فالكفاءة فيه ليست بشرط عند أبي حنيفة لصدوره ممن له كمال النظر لكمال الشفقة بخلاف إنكاح الأخ والعم من غير كفء فإنه لا يجوز بالإجماع لأنه ضرر محض اه
فقوله بخلاف الخ ظاهر في رجوعه إلى كل من الصغير والصغيرة وعلى هذا فمعنى عدم اعتبار الكفاءة للزوج أن الرجل لو زوج نفسه من امرأة أدنى منه ليس لعصباته حق الاعتراض بخلاف الزوجة وبخلاف الصغيرين إذا زوجهما غير الأب والجد هذا ما ظهر لي وسنذكر في أول باب الكفاءة ما يؤيده والله أعلم
قوله ( أصلا ) أي لا لازما ولا موقوفا على الرضا بعد البلوغ قال في فتح القدير وعلى هذا ابتني الفرع المعروف لو زوج العم الصغيرة حرة الجد من معتق الجد فكبرت وأجازت لا يصح لأنه لم يكن عقدا موقوفا إذا لا مجيز له فإن العم ونحوه لم يصح منهم التزويج بغير الكفء اه
قال في البحر ولذا ذكر في الخانية وغيرها أن غير الأب والجد إ ذا زوج الصغيرة فالأحوط أن يزوجها مرتين مرة بمهر مسمى ومرة بغير التسمية لأنه لو كان في التسمية نقصان فاحش ولم يصح النكاح الأول يصح الثاني اه
وليس للتزويج من غير كفء حيلة كما لا يخفى اه
قوله ( صح ولهما فسخه ) أي بعد بلوغهما والجملة قصد بها لفظها مرفوعة المحل على أنها بدل من ما أو محكية بقول محذوف أي قائلا وقوله وهم خبر عن ما وعبارة صدر الشريعة في متنه وصح إنكاح الأب والجد الصغير والصغيرة بغبن فاحش ومن غير كفء لا غيرهما
وقال في شرحه أي لو فعل الأب أو الجد عند عدم الأب لا يكون للصغير والصغيرة حق الفسخ بعد البلوغ وإن فعل غيرهما فلهما أن يفسخا بعد البلوغ اه
ولا يخفى أن الوهم في عبارة الشرح وقد نبه على وهمه ابن الكمال وكذا المحقق التفتازاني في التلويح في بحث العوارض وذكر أنه
____________________
(3/68)
لا يوجد له رواية أصلا وأجاب القهستاني بأن صحته بالغبن الفاحش نقلها في الجواهر عن بعضهم وبغير كفء نقلها في الجامع عن بعضهم
قال وهذا يدل على وجود الرواية اه
قلت وفيه نظر فإن ما كان قولا لبعض المشايخ لا يلزم أن يكون فيه رواية عن أئمة المعذهب ولا سيما إذا كان قولا ضعيفا مخالفا لما في مشاهير كتب المذهب المعتمدة
قوله ( ولكن لهما خيار البلوغ ) دفع به توهم اللزوم المتبادر من الصحة ط
وأطلق فشمل الذميين والمسلمين وما إذا زوجت الصغيرة نفسها فأجاز الولي لأن الجواز ثبت بإجازة الولي فالتحق بنكاح باشره
بحر عن المحيط
قوله ( وملحق بهما ) كالمجنون والمجنونة إذا كان المزوج لهما غير الأب والجد والابن بأن كان أخا أو عما مثلا
قال في الفتح بعد أن ذكر العصبات وكل هؤلاء يثبت لهم ولاية الإجبار على البنت والذكر في حال صغرهما أو كبرهما إذا جنا مثلا غلام بلغ عاقلا ثم جن فزوجه أبوه وهو رجل جاز إذا كان مطبقا فإذا أفاق فلا خيار له وإن زوجه أخوه فأفاق فله الخيار اه
قوله ( بالبلوغ ) أي إذا علما قبله أو عنده
قهستاني
قوله ( أو العلم بالنكاح بعده ) أي بعد البلوغ بأن بلغا ولم يعلما به ثم علما بعده
قوله ( لقصور الشفقة ) أي ولقصور الرأي في الأم وهذا جواب عن قول أبي يوسف إنه لا خيار لهما اعتبارا بما لو زوجهما الأب أو الجد
قوله ( ويغني عنه خيار العتق ) اعلم أن خيار العتق لا يثبت للذكر بل للأنثى فقط صغيرة أو كبيرة فإذا زوجها مولاها ثم أعتقها فلها الخيار لأنه كان يزول ملك الزوج عليها بطلقتين فصار لا يزول إلا بثلاث لكن لو صغيرة لا تخير ما لم تبلغ فإذا بلغت خيرها القاضي خيار العتق لا خيار البلوغ وإن ثبت لها أيضا لأن الأول أعم فينتظم الثاني تحته وقيل لا يثبت لها خيار البلوغ وهو الأصح وهكذا ذكره محمد في الجامع لأن ولاية المولى ولاية كاملة لأنها بسبب الملك فلا يثبت خيار البلوغ كما في الأب والجد ولو زوج عبده الصغير حرة ثم أعتقه ثم بلغ فليس له خيار بلوغ ولا خيار عتق لأن إنكاح المولى باعتبار الملك لا بطريق النظر له بخلاف ما ما إذا زوجه بعد العتق وهو صغير لأنه بطريق النظر
هذا خلاصة ما في الذخيرة من الفصل السابع عشر ونحوه في جامع الصفار للإمام الاسروشني وفي البحر عن الإسبيجابي لو أعتق أمته الصغيرة أولا ثم زوجها ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ اه أي لما مر من أن ولايته عليها بطريق النظر ولأنها ولاية إعتاق وهي متأخرة عن جميع العصبات فلها خيار البلوغ كما في ولاية الأخ والعم بل أولى بخلاف ما لو زوجها قبل الإعتاق ثم بلغت فإنه ليس لها خيار البلوغ كما مر لأن ولاية الملك أقوى من ولاية الأب والجد
والحاصل أن خيار العتق لا يثبت للذكر الرقيق صغيرا أو كبيرا ويثبت للأنثى مطلقا إذا زوجها حالة الرق وأن خيار البلوغ يثبت للصغير والصغيرة إذا زوجهما بعد العتق وأنه لا يثبت لهما إذا زوجهما قبله لا استقلالا ولا تبعا لخيار العتق للصغيرة على الصحيح فقوله ويغني عنه خيار العتق مبني على الضعيف
قوله ( بحضرة أبيه أو وصيه ) فإن لم يوجد أحدهما ينضب القاضي وصيا يخاصم فيحضره ويطلب منه حجة للصغير تبطل دعوى الفرقة من بينة على رضاها بالنكاح بعد البلوغ أو تأخيرها طلب الفرقة وإلا يحلفها الخصم فإن حلفت يفرق بينهما الحاكم بحضرة الخصم بلا انتظار إلى بلوغ الصبي
دأب الأوصياء عن جامع الفصولين
____________________
(3/69)
قلت والظاهر أن وصي الأب مقدم على الجد كما صرحوا به في بابه ثم رأيته هنا في جامع الصفار قال في امرأة الصبي لو وجدته مجبوبا فالقاضي يفرق بينهما بخصومتها ولو وجدته عنينا ينتظر بلوغه ثم قال فإن لم يكن له أب ولا وصي فالجد أو وصيه خصم فيه فإن لم يكن نصب القاضي عنه خصما الخ فافهم
قوله ( بشرط القضاء ) أي لأن في أصله ضعفا فيتوقف عليه كالرجوع في الهبة وفيه إيماء إلى أن الزوج لو كان غائبا لم يفرق بينهما ما لم يحضر للزوم القضاء على الغائب
نهر
قلت وبه صرح الاسروشني في جامعه
قوله ( للفسخ ) أي هذا الشرط إنما هو للفسخ لا لثبوت الاختيار
وحاصله أنه إذا كان المزوج للصغير والصغيرة غير الأب والجد فلهما الخيار بالبلوغ أو العلم به فإن اختار الفسخ لا يثبت الفسخ إلا بشرط القضاء فلذا فرع عليه بقوله فيتوارثان فيه أي في هذا النكاح قبل ثبوت فسخه
قوله ( ويلزم كل المهر ) لأن المهر كما يلزم جميعه بالدخول ولا حكما كالخلوة الصحيحة كذلك يلزم بموت أحدهما قبل الدخول أما بدون ذلك فيسقط ولو الخيار منه لأن الفرقة بالخيار فسخ للعقد والعقد إذا انفسخ يجعل كأنه لم يكن كما في النهر
قوله ( إن من قبلها ) أي وليست بسبب من الزوج كذا في النهر
واحترز به عن التخيير والأمر باليد فإن الفرقة فيهما وإن كانت من قبلها لكن لما كانت بسبب من الزوج كانت طلاقا ح
قوله ( لا ينقص عدد طلاق ) فلو جدد العقد بعده ملك الثلاث كما في الفتح
قوله ( ولا يلحقها طلاق ) أي لا يلحق المعتدة بعده الفسخ في العدة ثطلاق ولو صريحا ح
وإنما تلزمها العدة إذا كان الفسخ بعد الدخول وما ذكره الشارح نقله في البحر عن النهاية على خلاف ما بحثه في الفتح وقيد بعده الفسخ لما في الفتح من أن كل فرقة بطلاق يلحقها الطلاق في العدة إلا في اللعان لأنه يوجب حرمة مؤبدة اه
وسيأتي بيان ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى قبيل باب تفويض الطلاق
قوله ( إلا في الردة ) يعني أن الطلاق الصريح يلحق المرتدة في عدتها وإن كانت فرقتها فسخا لأن الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعا فائدته من حرمتها عليها بعد الثلاث حرمة مغياة بوطء زوج آخر كذا في الفتح
واعترضه في النهر بأنه يقتضي قصر عدم الوقوع في العدة على ما إذا كانت الفرقة بما يوجب حرمة مؤبدة كالتقبيل والإرضاع وفيه مخالفة ظاهرة لظاهر كلامهم عرف ذلك من تصحفه اه أي لتصريحهم بعدم اللحاق في عدة خيار العتق والبلوغ وعدم الكفاءة ونقصان المهر والسبي والمهاجرة والإباء والارتداد
ويمكن الجواب عن الفتح بأن مراده بالتأييد ما كان من جهة الفسخ
وذكر في أول طلاق البحر أن الطلاق لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الإسلام لكن الشارح قبيل باب تفويض الطلاق قال تبعا للمنح لا يلحق الطلاق وعدة الردة مع اللحاق فيقيد كلام البحر هنا بعدم اللحاق كما لا يخفى وقد نظمت ذلك بقولي ويلحق الطلاق فرقة الطلاق أو لإبا أو ردة بلا لحاق قال ح وسيأتي هناك أيضا أن الفرقة بالإسلام لا يلحق الطلاق عدتها فتأمل وراجع اه
قلت ما ذكره آخرا قال الخير الرملي إنه في طلاق أهل الحرب أي فيما لو هاجر أحدهما مسلما لأنه لا عدة عليها وسيأتي تمامه هناك وفي باب نكاح الكافر إن شاء الله تعالى
قوله ( وإن من قبله فطلاق ) فيه نظر فإنه
____________________
(3/70)
يقتضي أن يكون التباين والتقبيل والسبي والإسلام وخيار البلوغ والردة والملك طلاقا وإن كانت من قبله وليس كذلك كما ستراه واستثناؤه الملك والردة وخيار العتق لا يجدي نفعا لبقاء الأربعة الأخر
فالصواب أن يقال وإن كانت الفرقة من قبله ولا يمكن أن تكون من قبلها فطلاق كما أفاده شيخنا طيب الله تعالى ثراه وإليه أشار في البحر حيث قال وإنما عبر بالفسخ ليفيد أن هذه الفرقة فسخ لا طلاق فلا تنقص عدده لأنه يصح من الأنثى ولا طلاق إليها اه
ومثله في الفتاوى الهندية وعبارته ثم الفرقة بخيار البلوغ ليست بطلاق لأنها فرقة يشترك في سببها المرأة والرجل وحينئذ يقال في الأول ثم إن كانت الفرقة من قبلها لا بسبب منه أو من قبله ويمكن أن تكون منها ففسخ فاشدد يديك عليه فإنه أجدى من تفاريق العصي اه ح
قلت لكن يرد عليه إباء الزوج عن الإسلام فإنه طلاق مع أنه يمكن أن يكون منها وكذا اللعان فإنه من كل منهما وهو طلاق
وقد يجاب عن الأول بأنه على قول أبي يوسف إن الإباء فسخ ولو كان من الزوج وعن الثاني بأن اللعان لما كان ابتداؤه منه صار كأنه من قبله وحده فليتأمل
قوله ( أو خيار عتق ) يقتضي أن للعبد خيار عتق وهو سهو منه فإنا قدمنا عن البحر وفتح القدير أن خيار العتق يختص بالأنثى وسيصرح به الشارح في باب نكاح الرقيق حيث يقول ولا يثبت لغلام ح
قوله ( وليس لنا فرقة منه ) أي قبل الدخول ح
قوله ( إلا إذا اختار نفسه بخيار عتق ) صوابه بخيار بلوغ ويدل عليه قول البحر وليس لنا فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول ولا مهر عليه إلا هذه فإنه راجع إلى خيار البلوغ لأن كلامه فيه لا في خيار العتق كما تعلمه بمراجعة ثم قال وهذا الحصر غير صحيح لما في الذخيرة قبيل كتاب النفقات حر تزوج مكاتبة بإذن سيدها على جارية بعينها فلم تقبض المكاتبة الجارية حتى زوجتها من زوجها على مائة درهم جاز النكاحان فإن طلق الزوج المكاتبة أولا ثم طلق الأمة وقع الطلاق على المكاتبة ولا يقع على الأمة لأن بطلاق المكاتبة تتصف الأمة وعاد نصفها إلى الزوج بنفس الطلاق فيفسد نكاح الأمة قبل ورود الطلاق عليها فلم يعمل طلاقها ويبطل جميع مهر الأمة عن الزوج مع أنها فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول بها لأن الفرقة إذا كانت من قبل الزوج إنما لا تسقط كل المهر إذا كانت طلاقا وأما إذا كانت من قبله قبل الدخول وكانت فسخا من كل وجه توجب سقوط كل الصداق كالصغير إذا بلغ
وأيضا لو اشترى منكوحته قبل الدخول بها فإنه يسقط كل الصداق مع أن الفرقة جاءت من قبله لأن فساد النكاح حكم معلق بالملك وكل حكم تعلق بالملك فإنه يحال به على قبول المشتري لا على إيجاب البائع وإنما سقط كل الصداق لأنه فسخ من كل وجه اه بلفظه
ويرد على صاحب الذخيرة إذا ارتد الزوج قبل الدخول فإنها فرقة هي فسخ من كل وجه مع أنه لم يسقط كل المهر بل يجب عليه نصفه فالحق أن لا يجعل لهذه المسألة ضابط بل يحكم في كل فرد بما أفاده الدليل اه كلام البحر
قال في النهر أقول في دعوى كون الفرقة من قبله فيما إذا ملكها أو بعضها نظر
ففي البدائع الفرقة الواقعة بملكه إياها أو شقصا منها فرقة بغير طلاق لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج فلا يمكن أن تجعل طلاقا فتجعل فسخا اه وسيأتي إيضاحه في محله اه كلام النهر ح
قوله ( إلا ثمانية ) لأنها تبتنى على سبب جلي بخلاف غيرها فإنه يبتنى على سبب خفي لأن الكفاءة شيء لا يعرف بالحس وأسبابها مختلفة وكذا بنقصان مهر المثل وخيار البلوغ مبني على قصور الشفقة وهو أمر باطني والإباء ربما يوجد وربما لا يوجد
كذا في البحر ح
____________________
(3/71)
مطلب في فرق النكاح
قوله ( فرق النكاح ) هذا الشطر الأول من بحر الكامل وما عداه من البسيط وهو لا يجوز وقد غيرته إلى قولي إن النكاح له في قولهم فرق ح
قوله ( فسخ الطلاق ) بدل من فرق بدل مفصل والخبر قوله أتتك أو خبر بعد خبر ط
قوله ( وهذا الدر ) اسم الإشارة مبتدأ والدر بدل منه أو عطف بيان والمراد به النظم المذكور شبهه بالدر لنفاسته وجملة يحكيها أي يذكرها خبر
قوله ( تباين الدار ) حقيقة وحكما كما إذا خرج أحد الزوجين الحربيين إلى دار الإسلام غير مستأمن بأن خرج إلينا مسلما أو ذميا أو أسلم أو صار ذمة في دارنا خلاف ما إذا خرج مستأمنا لتباين الدار حقيقة فقط وبخلاف ما إذا تزوج مسلم أو ذمي حربية ثمة لتباين الدار حكما فقط
ح بزيادة
قوله ( مع نقصان مهر ) بتسكين عين
مع وهو لغة وكسر راء مهر بلا تنوين للضرروة يعني إذا نكحت بأقل من مهرها وفرق الولي بينهما فهي فسخ لكن إن كان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها وإن كان بعده فلها المسمى كما يأتي ط
قوله ( كذا فساد عقد ) كأن نكح أمة على حرة ط أو تزوج بغير شهود قوله ( وفقد الكفء ) أي إذا نكحت غير الكفء فللأولياء حق الفسخ وهذا على ظاهر الرواية أما على رواية الحسن فالعقد فاسد ط
وتقدم أنها المفتى بها
قوله ( ينعيها ) النعي هو الإخبار بالموت وهو تكملة أشار به إلى أن من نكحت غير كفء فكأنها ماتت ط
قوله ( تقبيل ) بالرفع من غير تنوين للضرورة أي فعله ما يوجب حرمة المصاهرة بفروعها الإناث وأصولها أو فعلها ذلك بفروعه الذكور وأصوله ط
قوله ( سبي ) فيه نظر لما في باب نكاح الكافر والمرأة تبين بتباين الدارين لا بالسبي ولئن كان المراد السبي مع التباين فالتباين مغن عنه ح
قوله ( وإسلام المحارب ) أي لو أسلم أحد المجوسيين في دار الحرب بانت منه بمضي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر قبل إسلام الآخر إقامة لشرط الفرقة وهو مضي الحيض أو الأشهر مقام السبب وهو الإباء لتعذر العرض بانعدام الولاية فيصير مضي ذلك بمنزلة تفريق القاضي وهذه الفرقة طلاق عندهما فسخ عند أبي يوسف
قال في البحر في باب نكاح الكافر ينبغي أن يقال إنها طلاق في إسلامها لأنه هو الآبي حكما فسخ في إسلامه قوله ( أو إرضاع ضرتها ) أي إذا أرضعت الكبيرة ضرتها الصغيرة في أثناء الحولين ينفسخ النكاح كما يأتي في باب الرضاع لكونه يصير جامعا بين الأم وبنتها ط
والضرة غير قيد فإن منه ما مثل به في البدائع لو أرضعت الصغيرة أم زوجها أو أرضعت زوجتيه الصغيرتين امرأة أجنبية
قوله ( خيار عتق ) قد علمت أنه لا يكون إلا من جهتها بخلاف ما بعده ح
قوله ( بلوغ ) بالجر عطفا على عتق بإسقاط العاطف ط
قوله ( ردة ) بالرفع عطفا على تباين بحذف العاطف ط
والمراد ردة أحدهما فقط بخلاف ما لو ارتدا معا فإنهما لو أسلما معا يبقى النكاح
قوله ( ملك لبعض ) أفاد أن ملك الكل كذلك بدلالة الأولى ح
قوله ( وتلك الفسخ يحصيها ) أي يجمعها ويتحقق في كل منها والإشارة إلى الاثني عشر المتقدمة وقد علمت سقوط السبي واكن يبنغي أن يذكر بدله ما في البدائع تزوج مسلم كتابية يهودية أو نصرانية فتجمست تثبت الفرقة بينهما لأن المجوسية لا تصلح لنكاح المسلم ثم لو كانت قبل الدخول فلا مهر لها ولا نفقة
____________________
(3/72)
لأنها فرقة بغير طلاق فكانت فسخا ولو بعد الدخول فلها المهر دون النفقة لأنها جاءت من قبلها اه
وقد غيرت البيت الذي قبل هذا وأسقطت منه السبي وزدت هذه المسألة فقلت إرضاع اسلام حربي تمجس نصرانية قبلة قد عد ذا فيها وقد علمت أن كون إسلام الحربي فسخا مفرع على قول الثاني أو على ما بحثه في البحر
قوله ( أما الطلاق الخ ) أي أمر الفرقة التي هي طلاق فهي الفرقة بالجب والعنة والإيلاء واللعان وبقي خامس ذكره في الفتح وهو إباء الزوج عن الإسلام أي لو أسلمت زوجة الذمي وأبى عن الإسلام فإنه طلاق بخلاف عكسه فإنها لو أبت يبقى النكاح وقد غيرت البيت إلى قولي أما الألاق فجب عنة وإباء الزوج إيلاؤه واللعن يتلوها وكذا إسلام أحد الحربيين فرقة بطلاق على قولهما لكن لما مشى على كونه فسخا لم تذكره
تتمة قدمنا عن الفتح أن كل فرقة بطلاق يلحق الطلاق عدتها إلا اللعان لأنه حرمة مؤبدة
قوله ( خلا ملك الخ ) أراد بالملك ملك أحدهما للآخر أو لبعضه وبالعتق خيار الأمة إذا أعتقها مولاها بعد ما زوجها بخلاف العبد وبالإسلام إسلام أحد الحربيين وبالتقبيل فعل ما يوجب حرمة المصاهرة فإنه لا يرتفع النكاح بمجرد ذلك بعد المتاركة أو تفريق القاضي كما مر في المحرمات فلم يتعين التفريق وقد علمت أن ذكر السبي لا محل له
وحاصل ما ذكره مما لا يحتاج إلى القضاء ثمانية ويرد عليه الفرقة بالردة فسيأتي أن ارتداد أحدهما فسخ في الحال وقد غيرت البيت الأخير إلى قولي البسيط إيلاؤه ردة أيضا مصاهرة تباين مع فساد العقد يدنيها قوله ( وبطل خيار البكر ) أي من بلغت وهي بكر
قوله ( لو مختارة ) أما لو بلغها الخبر فأخذها العطاس أو السعال فلما ذهب عنها قالت لا أرضى جاز الرد إذا قالته متصلا وكذا إذا أخذ فمها فترك فقالت لا أرضى جاز الرد ط عن الهندية
قوله ( عالمة بأصل النكاح ) فلا يشترط علمها بثبوت الخيار لها أو أنه لا يمتد إلى آخر المجلس كما في شرح الملتقى وفي جامع الفصولين لو بلغت وقالت الحمد لله اخترت نفسي فهي على خيارها وينبغي أن تقول في فور البلوغ اخترت نفسي ونقضت النكاح فبعده لا يبطل حقها بالتأخير حتى يوجد التمكين اه
قوله ( فلو سألت الخ ) لا محل لهذا التفريع بل المقام مقام الاستدراك لأن بطلان الخيار بعلمها بأصل النكاح يقتضي بطلانه بالأولى في هذه المسائل المذكورة لا عدم بطلانه لأنها إنما تكون بعد العلم بأصل النكاح
ولو فرض وجودها قبله لم يحصل نزاع في عدم بطلان الخيار بها مع أن النزاع قائم كما تراه قريبا
قوله ( نهر بحثا ) أي على خلاف ما هو المنقول في الزيلعي والمحيط والذخيرة وأصل البحث للمحقق ابن الهمام حيث قال وما قيل لو سألت عن اسم الزوج أو عن المهر أو سلمت على الشهود بطل خيارها تعسف لا دليل عليه وغاية الأمر كون هذه الحالة كحالة
____________________
(3/73)
ابتداء النكاح ولو سألت البكر عن اسم الزوج لا ينفذ عليها وكذا عن المهر وكذا السلام على القادم لا يدل على الرضا كيف وإنما أرسلت لغرض لإشهاد على الفسخ اه ملخصا
ونازعه في البحر في السلام بأن خيار البكر يبطل بمجرد السكوت ولا شك أن الاشتغال بالسلام فرق السكوت
قال في النهر وأقول ممنوع فقد نقلوا في الشفعة أن سلامه على المشتري لا يبطلها لأنه قال لسلام قبل لكلام ولا شك أن طلب المواثبة بعد العلم بالبيع يبطل بالسكوت كخيار البلوغ ولو كان السلام فوقه لبطلت وقالوا لو قال من اشتراها وبكم اشتراها لا تبطل شفعته كما في البزازية وهذا يؤيد ما في فتح القدير نعم ما وجه به في المهر إنما يتم إذا لم يخل بها أما إذا خلا بها خلوة صحيحة فالوقوف على كميته اشتغال بما لا يفيد لوجوبه بها فإطلاق عدم سقوطه مما لا ينبغي اه كلام النهر
وعن هذا الأخير قال الشارح قبل الخلوة
والحاصل أن المنقول في هذه المسائل الثلاث بطلان الخيار وبحث في الفتح عدمه فيها ونازعه في البحر في مسألة السلام فقط وانتصر في النهر للفتح في الكل وكذا المحقق المقدسي والشرنبلالي وكأن أصل الحكم مذكور بطريق التخريج والاستنباط من بعض مشايخ المذهب فنازعهم في الفتح في صحة هذا التخريج فإنه وإن كان من أهل الترجيح كما ذكره في قضاء البحر بل بلغ رتبة الاجتهاد كما ذكره المقدسي في باب نكاح العبد لكنه لا يتابع فيما يخالف المذهب فلو كان هذا الحكم منقولا عن أحد أئمتنا الثلاثة لما ساغ لهؤلاء اتباع بحثه المخالف لمنقول المذهب ومما يؤيد أنه قول لبعض المشايخ لا نص مذهبي قول المحقق وما قيل الخ فافهم
قوله ( ولا يمتد إلى آخر المجلس ) أي مجلس بلوغها أو علمها بالنكاح كما في قوله ( الفتح ) أي إذا بلغت وهي عالمة بالنكاح أو علمت به بعد بلوغها فلا بد من الفسخ في حال البلوغ أو العلم فلو سكتت ولو قليلا بطل خيارها ولو قبل تبدل المجلس قوله ( لأنه كالشفعة ) أي في أنه يشترط لثبوتها أن يطلبها الشفيع فور علمه في ظاهر الرواية حتى لو سكت لحظة أو تكلم بكلام لغو بطلت وما صححه الشارح في بابها من أنها تمتد إلى آخر المجلس ضعيف كما سيأتي إن شاء الله تعالى
قوله ( ولو اجتمعت معه ) أي الشفعة مع خيار البلوغ ح
قوله ( ثم تبدأ بخيار البلوغ ) هذا قول وقيل بالشفعة وفي شفعة البزازية له حق خيار البلوغ والشفعة فقال طلبتها واخترت نفسي يبطل المؤخر ويثبت المقدم لأنه يمكنه أن يقول طلبتهما أو أجزتهما أو اخترتهما جميعا نفسي والشفعة
قال القاضي أبو جعفر يقدم خيار البلوغ لأن في خيار الشفعة ضرب سعة لما مر أنه لو قال من اشترى وبكم اشترى لا نبطل وقيل يقول طلبت الحقين اللذين ثبتا لي الشفعة ورد النكاح اه
وتوقف الخير الرملي في وجه التعيين واستبعد الخلاف فيه لأن الظاهر أن بعض المتقدمين قال على سبيل التمثيل طلبتهما نفسي والشفعة وبعضهم قال الشفعة ونفسي فظن بعض المتأخرين أن ذلك حتم وليس كذلك لأن طلب الحقين جملة هو المانع من السقوط فحيث ثبت ذلك بالإجمال المتقدم لا يضر في البيان تقديم أحدهما على الآخر بل لو قيل لا حاجة إلى التفسير لكان له وجه وجيه اه ملخصا فتأمل
قلت وأما الثيب فتبدأ بالشفعة بلا خلاف لأن خيارها يمتد كما يأتي
قوله ( وتشهد الخ ) قال في البزازية وإن أدركت بالحيض تختار عند رؤية الدم ولو في الليل تختار في تلك الساعة ثم تشهد في الصبح وتقول رأيت الدم الآن لأنها لو أسندت أفسدت وليس هذا بكذب محض بل من قبيل المعاريض المسوغة لإحياء الحق لأن الفعل الممتد لدوامه حكم الابتداء والضرورة داعية إلى هذا لا إلى غيره اه
____________________
(3/74)
وحاصله أنها تعني بقولها بلغت الآن إني الآن بالغة لئلا يكون كذبا صريحا لأنه حيث أمكمن إحياء الحق بالتعريض وهو أن يريد المتكلم ما هو خلاف المتبادر من كلامه كان أولى من الكذب الصريح فافهم
وفي جامع الفصولين فإن قالوا متى بلغت تقول كما بلغت نقضته لا تزيد على هذا فإنها لو قالت بلغت قبل هذا ونقضته حين بلغت لا تصدق والإشهاد لا يشترط لاختيارها نفسها لكن شرط لإثباته ببينة ليسقط اليمين عنها وتحليفها على اختيارها نفسها كتحليف الشفيع على الشفعة فإن قالت للقاضي اخترت نفسي حين بلغت صدقت مع اليمين ولو قالت بلغت أمس وطلبت الفرقة لا يقبل وتحتاج إلى البينة
وكذا الشفيع لو قال طلبت حين علمت فالقول له ولو قال علمت أمس وطلبت لا يقبل بلا بينة اه
قلت وتحصل من مجموع ذلك أنها لو قالت بلغت الآن وفسخت تصدق بلا بينة ولا يمين ولو قالت فسخت حين بلغت تصدق بالبينة أو اليمين ولو قالت بلغت أمس وفسخت فلا بد من البينة لأنها لا تملك إنشاء الفسخ في الحال بخلاف الصورة الثانية حيث لم تسنده إلى الماضي فقد حكت ما تملك استئنافه فقد ظهر الفرق بين الصورتين وإن خفي على صاحب الفصولين كما أفاده في نور العين
قوله ( وإن جهلت به ) أي بأن لها خيار البلوغ أو بأنه لا يمتد
قال القهستاني وهذا عند الشيخين
وقال محمد إن خيارها يمتد إلى أن تعلم أن لها خيارا كما في النتف
قوله ( لتفرغها للعلم ) أي لأنها تتفرغ لمعرفة أحكام الشرع والدار دار العلم فلم تعذر بالجهل
بحر أي أنها يمكنها التفرغ للتعلم لفقد ما يمنعها منه وإن لم تكلف به قبل بلوغها
قوله ( بخلاف خيار المعتقة فإنه يمتد ) أي يمتد إلى آخر المجلس ويبطل بالقيام عنه كما في الفتح فافهم
وكذا لا يحتاج إلى القضاء بخلاف خيار البكر على ما مر
والحاصل كما في النهر أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في خمسة ثبوته للأنثى فقط وعدم بطلانه بالسكوت في المجلس وعدم اشتراط القضاء فيه وكون الجهل عذرا وفي بطلانه بما يدل على الإعراض وهذا الأخير بخلاف خيار الثيب والغلام على ما يأتي اه
وأراد بالمعتقة التي زوجها مولاها قبل العتق صغيرة أو كبيرة فيثبت لها خيار العتق لا خيار البلوغ لو صغيرة إلا إذا زوجها بعد العتق فيثبت لها وللعبد الصغير أيضا بخلاف خيار العتق فإنه لا يثبت له لو زوجه قبل العتق صغيرا أو كبيرا كما حررناه سابقا
قوله ( والثيب ) شمل ما لو كانت ثيبا في قوله ( الأصل ) أو كانت بكرا ثم دخل بها ثم بلغت كما في البحر وغيره
قوله ( أو دلالة ) عطف على صريح وضمير عليه للرضا ط
قوله ( ودفع مهر ) حملة في قوله الفتح على ما إذا كان قبل الدخول أما لو دخل بها قبل بلوغه ينبغي أن لا يكون دفع المهر بعد بلوغه رضا لأنه لا بد منه أقام أو فسخ اه بحر
ومثله يقال في قبولها في المهر بعد الدخول بها أو الخلوة
أفاده ط
ومن الرضا دلالة في جانبها تمكينه من الوطء وطلب الواجب من النفقة بخلاف الأكل من طعامه وخدمته
نهر عن الخلاصة
وتقدم في استئذان البالغة تقييد الخدمة بما إذا كانت تخدمه من قبل والظاهر جريانه هنا
قوله ( لأن وقته العمر الخ ) على هذا تظافرت كلمتهم كما في غاية البيان فما نقل عن الطحاوي من أنه يبطل بصريح الإبطال أو بما يدل عليه إذا اشتغلت بشيء آخر مشكل إذ يقتضي تقيده بالمجلس
فتح
والجواب أن مراده بالشيء الآخر عمل يدل على الرضا كالتمكين ونحوه لتصريحه بأنه لا يبطل بالقيام عن المجلس بحر
قوله ( صدقت ) أي لأن الظاهر يصدقها
فتح
قوله ( ومفاده الخ ) قال في المنح وهذا الفرع يدل على
____________________
(3/75)
ما نقله البزازي وأفتى به مولانا صاحب البحر من أن القول قول مدعي الإكراه إذا كان في حبس الوالي ح
قوله ( لا المال ) فإنه الولي فيه الأب ووصيه والجد ووصيه والقاضي ونائبه فقط ح
ثم لا يخفى أن قوله لا المال على معنى فقط أي المراد بالولي هنا الولي في النكاح سواء كان له ولاية في المال أيضا كالأب والجد والقاضي أو لا كالأخ لا الولي في المال فقط وبه اندفع ما في الشرنبلالية من أن فيه تدافعا بالنسبة إلى الأب والجد لأن لهما ولاية في المال أيضا
قوله ( العصبة بنفسه ) خرج به العصبة بالغير كالبنت تصير عصبة بالابن ولا ولاية لها على أمها المجنونة وكذا العصبة مع الغير كالأخوات مع البنات ولا ولاية للأخت على أختها المجنونة كما في المنح والبحر
والمراد خروجهما من رتبة التقديم وإلا فلهما ولاية في الجملة يدل عليه قول المصنف بعد فإن لهم يكن عصبة الخ
والحاصل أن ولاية من ذكر بالرحم لا بالتعصيب وإن كانت في حال عصوبتها كالبنت مع الابن الصغير فإنها تزوج أمها المجنونة بالرحم لا بكونها عصبة مع الابن
قوله ( وهو من يتصل بالميت ) الضمير للعصبة المذكور المراد به المعهود في باب الإرث بقرينة قوله على ترتيب الإرث والحجب فيكون تعريفه ما عرفوه به في باب الإرث
فلا يرد ما قيل إنه لا ميت هنا فالأولى أن يقال وهو من يتصل بغير المكلف فافهم
هذا وفي النهر هو من يأخذ كل المال إذا انفرد والباقي مع ذي سهم وهذا أولى من تعريفه بذكر يتصل بلا واسطة أنثى إذ المعتقة لها ولاية الإنكاح على معتقها الصغير حيث لا أقرب منها اه
فعبر الشارح بمن يدل ذكر لإدخال المعتقة فيندفع اعتراض النهر لكن يرد عليه كما قال الرحمتي عصبات المعتقة فإن لم ولاية بعدها مع أنهم متصلون بواسطة أنثى اه
فالأولى تعريف النهر ولا يرد عليه أن العصبة هنا لا يأخذ كل المال ولا شيئا منه لما قلنا آنفا ونظيره قولهم في نفقة الأرحام تجب النفقة على الوارث بقدر إرثه مع أن الكلام في النفقة على الحي أو يقال المراد من يسمي عصبة ولو فرض المقصود تزويجه ميتا وعلى كل فتكلف التأويل عند ظهور المعنى غير لازم والاعتراض بما لا يخطر بالبال غير وارد بل ربما يعاب على فاعله كما عيب على من أورد على تعريفهم الماء الجاري بأنه ما يذهب بتبنة أنه يصدق على الحمار مثلا أنه يذهب بها
قوله ( بيان لما قبله ) أي لقوله العصبة بنفسه لأنه لا يكون إلا بلا توسط أنثى يعني إذا كان من جهة النسب أما من السبب فقد يكون كعصبة المعتقة ولا يخفى أنه بيان بالنسبة لكلام المتن
أما في كلام الشارح فهو جزء من التعريف لأنه أفاد إخراج من يتصل بالميت بواسطة أنثى كالجد لأم مثلا
قوله ( فيقدم ابن المجنونة على أبيها ) هذا عندهما خلافا لمحمد حيث قدم الأب وفي الهندية عن الطحاوي أن الأفضل أن يأمر الأب الابن بالنكاح حتى يجوز بلا خلاف اه
وابن الابن كالابن ثم يقدم الأب ثم أبوه ثم الأخ الشقيق ثم الأب
وذكر الكرخي أن تقديم الجد على الأخ قول الإمام وعندهما يشتركان والأصح أنه قول الكل
ثم ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم العم الشقيق ثم الأب ثم ابنه كذلك ثم عم الأب كذلك ثم ابنه كذلك ثم عم الجد كذلك ثم ابنه كذلك
كل هؤلاء لهم إجبار الصغيرين وكذا الكبيرين إذا جنا ثم المعتق ولو أنثى ثم ابنه وإن سفل ثم عصبته من النسب على ترتيبهم
بحر عن الفتح وغيره
تنبيه يشترط في المعتق أن يكون الولاء له ليخرج من كانت أمها حرة الأصل وأبوها معتق فإنه لا ولاية لمعتق الأب عليها ولا يرثها فلا يلي إنكاحها كما نبه عليه صاحب الدرر في كتاب الولاء
فلو لم يوجد لها سوى الأم ومعتق
____________________
(3/76)
الأب فالولاية للأم دونه ولم أر من نبه عليه هنا
أفاده السيد أبو السعود عن شيخه
قوله ( لأنه يحجبه حجب نقصان ) فيه أن الأب لا يرث بالفرضية أكثر من السدس وذلك مع الابن وابنه ومع البنت يرثه بالفرض والباقي بالتعصيب وعند عدم الولد بالتعصيب فقط وليس ما يرثه بالتعصيب مقدرا حتى ينقص منه فالأولى التعليل بأنه لا يكون عصبة مع الابن
تأمل
قوله ( بشرط حرية الخ ) قلت وبشرط عدم ظهور كون الأب أو الجد سيىء الاختيار مجانة وفسقا إذا زوج الصغير أو الصغيرة بغير كفء أو بغبن فاحش وكونه غير سكران أيضا كما مر بيانه واحترز بالحرية عن العبد فلا ولاية له على ولده ولو مكاتبا إلا على أمته دون عبده لنقصه بالمهر والنفقة كما سيأتي في بابه وبالتكليف عن الصغيرة والمجنونة فلا يزوج في حال جنونه مطبقا أو غير مطبق ويزوج حال إفاقته عن المجنون بقسميه لكن إن كان مطبقا تسلب ولايته فلا تنتظر إفاقته وغير المطبق الولاية ثابتة له فتنتظر إفاقته كالنائم ومقتضى النظر أن الكفء الخاطب إذا فات بانتظار إفاقته تزوج موليته وإن لم يكن مطبقا وإلا انتظر على ما اختاره المتأخرون في غيبة لولي الأقرب على ما سنذكره
فتح
وتبعه في البحر والنهر والمطبق شهر وعليه الفتوى
بحر
مطلب لا يصح تولية الصغير شيخا على خيرات تنبيه علل الزيلعي عدم الولاية لمن ذكر بأنهم لا ولاية لهم على أنفسهم فأولى أن لا يكون لهم ولاية على غيرهم لأن الولاية على الغير فرع الولادية على النفس
وذكر السيد أبو السعود عن شيخه أن هذا نص في جواب حادثة سئل عنها هي أن الحاكم قرر طفلا في مشيخة على خيرات يقبض غلاتهم وتوزيع الخبز عليهم والنظر في مصالحهم فأجاب ببطلان التولية أخذا مما ذكر قوله ( في حق مسلمة ) قيد في قوله وإسلام
قوله ( تريد التزوج ) أشار إلى أن المراد بالمسلمة البالغة حيث أسند التزوج إليها لئلا يتكرر مع قوله وولد مسلم فإن الولد يشمل الذكر والأنثى وحينئذ فليس في كلامه ما يقتضى أن للكافر التصرف في مال بنته الصغيرة المسلمة فافهم وعلى ما قلنا فإذا زوجت المسلمة نفسها وكان لها أخ أو عم كافر فليس له حق الاعتراض لأنه لا ولاية له وقد مر أول الباب أن من لا ولي لها فنكاحها صحيح نافذ مطلقا أي ولو من غير كفء أو بدون مهر المثل وإذا سقطت ولاية الأب الكافر على ولده المسلم فبالأولى سقوط حق الاعتراض على أخته المسلمة أو بنت أخيه ويؤخذ من هذا أيضا أنه لو كان لها عصبة رقيق أو صغير فهي بمنزلة من لا عصبة لها لأنه لا ولاية لهما كما علمته وقدمنا ذلك أول الباب
قوله ( لعدم الولاية ) تعليل للمفهوم يعني أن الكافر لا يلي على المسلمة وولده المسلم لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } سورة النساء الآية 141 ح
قوله ( وكذا لخ ) عطف على المفهوم الذي قلناه والمسألة مذكورة في الفتح والبحر
قوله ( المسلم على كافرة ) لقوله تعالى { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } سورة الأنفال الآية 73
قوله ( إلا بالسبب العام الخ ) قالوا وينبغي أن يقال إلا أن يكون المسلم سيد أمة كافرة أو سلطانا قال السروجي لم أر هذا الاستثناء في كتاب أصحابنا وإنما هو منسوب إلى الشافعي ومالك
قال في المعراج وينبغي أن يكون مرادا ورأيت في موضع معزوا إلى المبسوط الولاية بالسبب العام تثبت للمسلم على الكافر كولاية السلطنة والشهادة فقد ذكر معنى ذلك الاستثناء اه بحر وفتح ومقدسي
وذكره الزيلعي أيضا بصيغة وينبغي وتبعه في الدرر والعيني وغيره فحيث عبروا كلهم عنه بصيغة ينبغي كان المناسب للمصنف أن يتابعهم لئلا يوهم أنه منقول في كتب المذهب صريحا وقول المعراج ورأيت
____________________
(3/77)
في موضع الخ لا يكفي في النقل لجهالته فافهم
قوله ( أو نائبه ) أي كالقاضي فله تزويج اليتيمة الكافرة حيث لا ولي لها وكان ذلك في منشوره
نهر
قوله ( فإن لم يكن عصبة ) أي لا نسبية ولا سببية كالعتق ولو أنثى وعصباته كما مر فيقدمان على الأم
بحر
قوله ( فالولاية للأم الخ ) أي عند الإمام ومعه أبو يوسف في الأصح
وقال محمد ليس لغير العصبات ولاية وإنما هي للحاكم والأول الاستحسان والعمل عليه إلا في مسائل ليست هذه منها فما قيل من أن الفتوى على الثاني غريب لمخالفته المتون الموضوعة لبيان الفتوى من البحر والنهر
قوله ( وفي القنية عكسه ) أي حيث قال فيها أم الأب أولى في الترجيح من الأم
قال في النهر وحكي عن خواهر زاده وعمر النسفي تقديم الأخت على الأم لأنها من قوم الأب وينبغي أن يخرج ما في القنية على هذا القول اه أي فيكون من اعتبر ترجيح الجدة قوم الأب يرجح الأب والأخت على الأم لكن المتون على ذكر الأم عقب العصبات وعلى ترجيحها على الأخت وصرح في الجوهرة بتقديم الجدة على الأخت فقال وأولاهم الأم ثم الجدة ثم الأخت لأب وأم
ونقل ذلك الشرنبلالي في رسالة عن شرح النقاية للعلامة قاسم وقال ولم يقيد الجدة بكونها لأم أو لأب غير أن السياق يقتضي أنها الجدة لأم وهل تقدم أم الأب عليها أو تتأخر عنها أو تزاحمها كلام القنية يدل على الأول وسياق كلام الشيخ قاسم يدل على الثاني وقد يقال بالمزاحمة لعدم المرجح وقد يقال قرابة الأب لها حكم العصبة فتقدم أم الأب فليتأمل اه ملخصا
قلت وجزم الخير الرملي بهذا الأخير فقال قيد في القنية بالأم لأن الجدة لأب أولى من الجدة لأم قولا واحدا فتحصل بعد الأم أو الأب ثم أم الأم ثم الجد الفاسد
تأمل اه
وما جزم به الرملي أفتى به في الحامدية ثم هذا في الجدة الصحيحة أما الفاسدة فهي كالجد الفاسد كما يأتي قريبا
قوله ( ثم للبنت ) إلى قوله وهكذا ذكر ذلك في أحكام الصغار عقب الأم وكذا في فتح القدير والبحر وقول الكنز وإن لم تكن عصبة فالولاية للأم ثم للأخت الخ يخالفه لكن اعتذر عنه في البحر بأنه لم يذكره في الكنز بعد الأم لأنه خاص بالمجنون والمجنونة
قوله ( وهكذا ) أي إلى آخر الفروع وإن سفلوا ط
قوله ( ثم للجد الفاسد ) قال في البحر وظاهر كلام المصنف أن الجد الفاسد مؤخر عن الأخت لأنه من ذوي الأرحام وذكر المصنف في المستصفى أنه أولى منها عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف الولاية لهما كما في الميراث وفي فتح القدير وقياس ما صحح في الجد والأخ من تقدم الجد تقدم الجد الفاسد على الأخت اه
فثبت بهذا أن المذهب أن الجد الفاسد بعد الأم قبل الأخت اه
كلام البحر أي بعد الأم في غير المجنون والمجنونة ولا فالبنت مقدمة عليه كما علمت
قلت ووجه القياس أنهم ذكروا أن الأصح أن الجد أبا الأب مقدم على الأخ عند الكل وإن اشترك مع لأخ في الميراث عندهما لأن الولاية تبتنى على الشفقة وشفقة الجد فوق شفقة الأخ وحينئذ يقاس عليه الجد الفاسد مع الأخت فإن شفقته أقوى منها ومقتضى هذا أن الجدة الفاسدة كذلك ويؤيد هذا أن من أخر الجد الفاسد عن الأخت ذكر معه الجدة الفاسدة وهو ما مشى عليه في شرح درر البحار حيث قال وعند أبي حنيفة الأم ثم الجدة الصحيحة ثم الأخت لأبوين ثم لأب ثم الأخ أو الأخت لأم وبعد هؤلاء ذوو الأرحام كجد وجدة فاسدين ثم ولد أخت لأبوين أو لأب ثم ولد أخ لأم ثم العمة ثم الخال ثم الخالة ثم بنت العم
____________________
(3/78)
وهكذا الأقرب فالأقرب اه
قوله ( الذكر والأنثى سواء ) لأن لفظ الولد يشملهما ومقتضاه أنهما في رتبة واحدة ومقتضى تقديم ألاخوال على الخالات كما يأتي أن يقدم الذكر هنا
تأمل
قوله ( ثم لأولادهم ) أي أولاد الأخت الشقيقة وما عطف عليها على هذا الترتيب كما علمته مما نقلناه عن شرح درر البحار وهذا يغني عنه ما بعده
قوله ( وبهذا الترتيب أولادهم ) فيقدم أولاد العمات ثم أولاد الأخوال ثم أولاد الخالات ثم أولاد بنات الأعمام ط
قوله ( ثم مولى الموالاة ) هو الذي أسلم على يده أبو الصغيرة ووالاه لأنه يرث له ولاية التزويج
فتح أي إذا كان الأب مجهول النسب ووالاه على أنه إن جنى يعقل عنه وإن مات يرثه وقد تكون الموالاة من الطرفين كما سيأتي في بابها وشمل المولى الأنثى كما في شرح الملتقى
قوله ( ثم لقاض ) نقل القهستاني عن النظم أنه مقدم على الأم
قلت وهو خلاف ما في المتون وغيرها
قوله ( نص له عليه في منشوره ) أي على تزويج الصغار والمنشور ما كتب فيه السلطان إني جعلت فلانا قاضيا ببلدة كذا وإنما سمي به لأن القاضي ينشره وقت قراءته على الناس
( قهستاني )
وسنذكر في مسألة عضل الأقرب أنه تثبت الولاية فيها للقاضي وإن لم يكن في منشوره أي لأن ثبوت الولاية له فيها بطريق النيابة عن الأب أو الجد الفاضل دفعا لظلمه فيحمل ما هنا على ما إذا ثبتت له الولاية لا بطريق النيابة
تأمل
قوله ( أن فوض له ذلك وإلا فلا ) أي وإن لم يفوض للقاضي التزويج فليس لنائبه ذلك لما في المجتبى ثم للقاضي ونوابه إذا شرط في عهده تزويج الصغار والصغائر وإلا فلا اه
قال في البحر هذا بناء على أن هذا الشرط إنما هو في حق القاضي دون نوابه ويحتمل أن يكون شرطا فيهما فإذا كتب في منشور قاضي القضاة فإن كان ذلك في عقد نائبه منه ملكه النائب وإلا فلا ولم أر فيه منقولا صريحا اه
وحاصله أن القاضي إذا كان مأذونا بالتزويج فهل يكفي ذلك لنائبه أم لا بد أن ينص القاضي لنائبه على الإذن وعبارة المجتبى محتملة والمتبادر منها الأول وما في النهر من أن ما في المجتبى لا يفيد عدم اشتراط تفويض الأصيل للنائب كما توهمه في البحر رده الرملي بأن كيف لا يفيد مع إطلاقه في نوابه والمطلق يجري على إطلاقه ووجهه أنه لما فوض لهم ما له ولايته التي من جملتها التزويج صار ذلك من جملة ما فوض إليهم وقد تقرر أنهم نواب السلطان حيث أذن له بالاستنابة عنه فيما فوضه إليه اه
فافهم
قلت لكن قال في أنفع الوسائل الظاهر أن النائب الذي لم ينص له القاضي على تزويج الصغائر لا يملكه لأنه إن كان فوض إليه الحكم بين الناس فهذا مخصوص بالرافعات فلا يتعدى إلى التزويج وكذا لو قال استنبتك في الحكم أما لو قال له استنبتك في جميع ما فوض إلى السلطان فيملكه حيث عمم له اه
ثم استظهر في أنفع الوسائل أنه إذا ملك التزويج ليس له أن يأذن به لغيره لأنه بمنزلة الوكيل عن القاضي وليس للوكايل أن يوكل إلا بإذن اه
قوله ( وليس للوصي ) أي وصي الصغير والصغيرة بحر واليتيم بوزن فعيل يشملهما
قوله ( من حيث هو وصي ) احترز به عن قوله الآتي نعم لو كان قريبا أو حاكما يملكه الخ قوله ( على المذهب ) لأنه المذكور في كافي الحاكم مطلقا حيث قال والوصي ليس بولي وزاد في الذخيرة سواء أوصى إليه الأب بالنكاح
____________________
(3/79)
أو لا نعم في الخانية وغيرها أنه روى هشام في نوادره عن أبي حنيفة أنه له ذلك إن أوصى إليه به وعليه مشى الزيلعي
قال في البحر وهي رواية ضعيفة
استثني في الفتح ما لو عين له الموصي في حياته رجلا واعترضه في البحر بأنه إن زوجها من المعين في حياة الموصي فهو وكيل لا وصي وإن بعد موته فقد بطلت الوكالة وانتقلت الولاية للحاكم عند عدم قريب
قوله ( يملكه ) أي التزويج إن لم يكن أحد أولى منه
قوله ( ولا ممن لا تقبل شهادته له ) كأصوله وإن علوا وفروعه وإن سفلوا ط
قوله ( علم أن فعله حكم ) أي وليس له أن يحكم لنفسه لأنه في حق نفسه رعية وكذا السلطان
ح عن الهندية
تنبيه أفتى ابن نجيم بأن القاضي إذا زوج يتيمة ارتفع الخلاف فليس لغيره نقضه أي لما علمت من أن ذلك حكم منه ثم رأيت ما أفتى به في أنفع الوسائل
قوله ( وإن عري عن الدعوى ) وأما قولهم شرط نفاذ القضاء في المجتهدات أن يصير الحكم حادثة تجري فيه خصومة صحيحة عند القاضي من خصم على خصم فالظاهر أنه محمول على الحكم القولي أما الفعلي فلا يشترط فيه ذلك توفيقا بين كلامهم
نهر
قلت وكذا القضاء الضمني لا تشترط له الدعوى والخصومة كما إذا شهدا على خصم بحق وذكرا اسمه واسم أبيه وجده وقضى بذلك الحق كان قضاء بنسبه ضمنا وإن لم يكن في حادثة النسب وكذا لو شهدا بأن فلانة زوجة فلان وكلت زوجها فلانا في كذا على خصم منكر وقضى بتوكيلها كان قضاء بالزوجية بينهما ونظيره الحكم بثبوت الرمضانية في ضمن دعوى الوكالة وتمامه في قضاء الأشباه
قوله ( صغيرة زوجت نفسها ) أي من كفء بمهر المثل وإلا لم يتوقف لأن الحاكم لا يملك العقد عليها بذلك فلا يملك إجازته فكان عقدا بلا مجيز نعم لو كان لها أي أو جد وزوجت نفسها كذلك توقف لأن له مجيزا وقت العقد لأن الأب والجد يملكان العقد بذلك والصغيرة كالصغير لما في الخانية من أن الصغير لو تزوج بالغة ثم غاب فتزوجت آخر وكان الصبي أجاز بعد بلوغه العقد الذي باشره في صغره فإن كانت الإجازة بعد العقد الثاني جاز الثاني لأنها تملك الفسخ قبل إجازته وإن كانت قبله
فإن كان الأول بمهر المثل أو بغبن فاحش وللصغير أب أو جد نفذ بإجازة الصبي بعد بلوغه وإلا فيجوز الثاني
قوله ( ولا حاكم ثمة ) أي في موضع العقد
توقف الخ هذا قول بعض المتأخرين ففي أحكام الصغار فإن كانت في موضع لم يكن فيه قاض إن كان ذلك الموضع تحت ولاية قاضي تلك البلدة ينعقد ويتوقف على إجازة ذلك القاضي وإلا فلا ينعقد
وقال بعض المتأخرين ينعقد ويتوقف على إجازتها بعد البلوغ اه
واستشكله في البحر بأنهم قالوا كل عقد لا مجيز له حال صدوره فهو باطل لا يتوقف
ثم قال التوقف فيه باعتبار أن مجيزه السلطان كما لا يخفى اه
وهذا مبني على كفاية كون ذلك المكان تحت ولاية السلطان وإن لم يكن تحت ولاية قاض وعليه فبطلان العقد يتصور فيما إذا كان في دار الحرب أو البحر أو المفازة ونحو ذلك بخلاف القرى والأمصار ويدل عليه ما في الفتح في فصل الوكالة بالنكاح حيث قال وما لا مجيز له أي ما ليس له من يقدر على الإجازة يبطل كما إذا كانت تحته حرة فزوجه الفضولي أمة أو أخت امرأته أو خامسة أو زوجه معتدة أو مجنونة أو صغيرة يتيمة في دار الحرب أو إذا لم يكن سلطان ولا قاض لعدم من يقدر على الإمضاء حالة العقد فوقع باطلا اه
____________________
(3/80)
وسيأتي تمامه في آخر الباب الآتي
وقد أطلنا الكلام في تحريره هذه المسألة في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتاب المأذون
قوله ( وليان مستويان ) كأخوين شقيقين فلو أحد الوليين أقرب من الآخر فلا ولاية للأبعد مع الأقرب إلا إذا غاب غيبة منقطعة فنكاح الأبعد يجوز إذا وقع قبل عقد الأقرب
بحر أي يجوز على أحد القولين وفيه كلام يأتي قريبا
قوله ( فإن لم يدر ) ينبغي أنها لو بلغت وادعت أن أحدهما هو الأول يقبل لما في الفتح ولو زوجها أبوها وهي بكر بالغة بأمرها وزوجت هي نفسها من آخر فإيهما قالت هو الأول فالقول لها وهو الزوج لأنها أقرت بملك النكاح له على نفسها وإقرارها حجة تامة عليها وإن قالت لا أدري الأول ولا يعلم من غيرها فرق بينهما وكذا لو زوجها وليان بأمرها اه
قوله ( وللولي الأبعد الخ ) المراد بالأبعد من يلي الغائب في القرب كما عبر به في كافي الحاكم وعليه فلو كان الغائب أباها ولها جد وعم فالولاية للجد لا للعم
قال في الاختيار ولا تنتقل إلى السلطان لأن السلطان ولي من لا ولي له وهذه لها أولياء إذ الكلام فيه اه
ومثله في الفتح وغيره وبه علم أنه ليس المراد بالأبعد هنا القاضي وما في الشرنبلالية من أن المراد به القاضي دون غيره لأن هذا من باب دفع الظلم اه إنما قاله في المسألة الآتية أي مسألة عضل الأقرب كما يأتي بيانه ويدل عليه التعليل بدفع الظلم فإنه لا ظلم في الغيبة بخلاف العضل فالاعتراض على الشرنبلالية بمخالفتها لإطلاق المتون ناشىء عن اشتباه إحدى المسألتين بالأخرى فافهم
قوله ( حال قيام الأقرب ) أي حضوره وهو من أهل الولاية أما لو كان صغيرا أو مجنونا جاز نكاح الأبعد
ذخيرة
قوله ( توقف على إجارته ) تقدم أن البالغة لو زوجت نفسها غير كفء فللولي الاعتراض ما لم يرض صريحا أو دلالة كقبض المهر ونحوه فلم يجعلوا سكوته إجازة والظاهر أن سكوته هنا كذلك فلا يكون سكوته إجازة لنكاح الأبعد وإن كان حاضرا في مجلس العقد ما لم يرض صريحا أو دلالة
تأمل
قوله ( ولو تحولت الولاية إليه ) أي إلى الأبعد بموت الأقرب أو غيبته غيبة منقطعة ط
قوله ( مسافة القصر الخ ) اختلف في حد الغيبة فاختار المصنف تبعا للكنز أنها مسافة القصر ونسبه في الهداية لبعض المتأخرين والزيلعي لأكثرهم قال وعليه الفتوى اه
وقال في الذخيرة الأصح أنه إذا كان في موضع لو انتظر حضوره أو استطلاع رأيه فات الكفء الذي حضر فالغيبة منقطعة وإليه أشار في الكتاب اه
وفي البحر عن المجتبى والمبسوط أنه الأصح وفي النهاية واختاره أكثر المشايخ وصححه ابن المفضل وفي الهداية أنه أقرب إلى الفقه
وفي الفتح أنه الأشبه بالفقه وأنه لا تعارض بين أكثر المتأخرين وأكثر المشايخ أي لأن المراد من المشايخ المتقدمون وفي شرح الملتقى عن الحقائق أنه أصح الأقاويل وعليه الفتوى اه
وعليه مشى في الاختيار والنقاية ويشير كلام النهر إلى اختياره وفي البحر والأحسن الإفتاء بما عليه أكثر المشايخ
قوله ( هل تكون غيبة منقطعة ) أي فعلى الأول لا وعلى الثاني نعم لأنه لم يعتبر مسافة السفر
قلت لكن فيه أن الثاني اعتبر فوات الكفء الذي حضر فينبغي أن ينظر هنا إلى الكفء إن رضي بالانتظار مدة يرجى فيها ظهور الأقرب المختفي لم يجز نكاح الأبعد وإلا جاز ولعله بناه على أن الغالب عدم الانتظار
تأمل
قوله ( جاز على الظاهر ) أي بناء على أن ولاية الأقرب باقية مع الغيبة
وذكر في قوله ( البدائع ) اختلاف المشايخ فيه
____________________
(3/81)
وذكر أن الأصح القول بزوالها وانتقالها للأبعد
قال في المعراج وفي المحيط لا رواية فيه وينبغي أن لا يجوز لانقطاع ولايته وفي المبسوط لا يجوز ولئن سلم فلأنها انتفعت برأيه ولكن هذه منفعة حصلت لها اتفاقا فلا يبنى الحكم عليها اه
وكذا ذكر في الهداية المنع ثم التسليم بقوله ولو سلم قال في الفتح وهذا تنزل وأيد الزيلعي المنع من حيث الرواية والمنقول وكذا البدائع وبه علم أن قوله على الظاهر ليس المراد به ظاهر الرواية لما علمت من أنه لا رواية فيه وإنما هو استظهار لأحد القولين وقد علمت ما فيه من تصحيح خلافه ومنعه في أكثر الكتب
أقول ويؤخذ من هذا بالأولى أو الوليين لو كانا في درجة واحدة كأخوين غاب أحدهما فزوج في مكانه لا يصح لأنه إذا لم يصح تزويج الأقرب الغائب مع حضور الأبعد فعدم صحة العقد من الغائب مع حضور المساوي له في الدرجة بالأولى فتأمل
قوله ( من أولياء النسب ) احتراز عن القاضي
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) استدراك على ما في شرح الوهبانية فإنه لم يستند فيه إلى نقل صريح وهذا منقول وقد أيده أيضا العلامة الشرنبلالي في رسالة سماها كشف المعضل فيمن عضل بأنه ذكر في أنفع الوسائل عن المنتقى إذا كان للصغيرة أب امتنع عن تزويجها لا تنتقل الولاية إلى الجد بل يزوجها القاضي ونقل مثله ابن الشحنة عن الغاية عن روضة الناطفي وكذا المقدسي عن الغاية والنهر عن المحيط والفيض عن المنتقى وأشار إليه الزيلعي حيث قال في مسألة تزويج الأبعد بغيبة الأقرب وقال الشافعي بل يزوجها الحاكم اعتبارا بعضله وكذا قال في البدائع إن نقل الولاية إلى السلطان أي حال غيبة الأقرب باطل لأنه ولي من لا ولي له وها هنا لها ولي أو وليان فلا تثبت الولاية للسلطان إلا عند العضل من الولي ولم يوجد وكذا فرق في التسهيل بين الغيبة والعضل بأن العاضل ظالم بالامتناع فقام السلطان مقامه في دفع الظلم بخلاف الغائب خصوصا للحج ونحوه في شرح المجمع الملكي وبه أفتى العلامة ابن الشلبي فهذه النقول تفيد الاتفاق عندنا على ثبوتها بعضل الأقرب للقاضي فقط
وأما ما في الخلاصة والبزازية من أنها تنتقل إلى الأبعد بعضل الأقرب إجماعا فالمراد بالأبعد القاضي لأنه آخر الأولياء فالتفضل على بابه وحمله في البحر على الأبعد من الأولياء ثم ناقض نفسه بعد سطرين بقوله قالوا وإذا خطبها كفء وعضلها الولي تثبت الولاية للقاضي نيابة عن العاضل فله التزويج وإن لم يكن في منشوره اه
هذا خلاصة ما في الرسالة ثم ذكر فيها عن شرح المنظومة الوهبانية عن المنتقى ثبوت الخيار لها بالبلوغ إذا زوجها القاضي بعضل الأقرب وعن المجرد عدم ثبوته والأول على أن تزويجه بطريق الولاية والثاني على أنه طريق النيابة عن العاضل رجحه الشرنبلالي دفعا للتعارض في كلامهم
قلت ويؤيده ما مر عن التسهيل وكذا قولهم فله التزويج وإن لم يكن في منشوره ويجب حمل ما في المجرد على ما إذا كان العاضل الأب أو الجد لثبوت الخيار لها عند تزويج غيرهما فكذا عند تزويج القاضي نيابة عنه
عند فوت الكفء أي خوف فوته
قوله ( أي بامتناعه عن التزويج ) أي من كفء بمهر المثل أما لو امتنع عن غير الكفء أو لكون المهر أقل من مهر المثل فليس بعاضل ط
وإذا امتنع عن تزويجها من هذا الخاطب الكفء ليزوجها من كفء غيره استظهر في البحر أنه يكون عاضلا
قال ولم أره وتبعه المقدسي والشرنبلالي واعترضه الرملي بأن الولاية بالعضل تنتقل إلى القاضي نيابة لدفع الإضرار بها ولا يوجد مع إرادة التزويج بكفء غيره اه
قلت وفيه نظر لأنه متى حضر الكفء الخاطب لا ينتظر غيره خوفا من فوته ولذا تنتقل الولاية إلى الأبعد
____________________
(3/82)
عند غيبة الأقرب كما مر نعم لو كان الكفء الآخر حاضرا أيضا وامتنع الولي الأقرب من تزويجها من الكفء الأول لا يكون عاضلا لأن الظاهر من شفقته على الصغيرة أنه اختار لها الأنفع لتفاوت الأكفاء أخلاقا وأوصافا فيتعين العمل بهذا التفصيل والله أعلم
قوله ( ولا يبطل تزويجه ) يعني تزويج الأبعد حال غيبة الأقرب وكان الأولى ذكر هذه الجملة بعد قوله وللولي الأبعد التزويج بغيبة الأقرب ط
قوله ( السابق ) أي المتحقق سبقه احترازا عما لو زوجها الغائب الأقرب قبل الحاضر الأبعد فإنه يغلو المتأخر وعما لو جهل التاريخ فإنه يبطل كل منهما بناء على بقاء ولاية الغائب أما على ما قدمناه من انقطاع ولايته فالعبرة لعقد الحاضر مطلقا
قوله ( وولي المجنونة والمجنون ) أي جنونا مطبقا وهو شهر كما مر وتقدم أيضا أن المعتوه كذلك
قوله ( ولو عارضا ) أو ولو كان جنونهما عارضا بعد البلوغ خلافا لزفر
قوله ( اتفاقا ) أي بخلاف الولاية في النكاح ففيها خلاف محمد فهي عنده للأب أيضا وعندهما للابن
قوله ( دون أبيها ) أي أو جدها والمراد أنه إذا اجتمع في المجنونة أبوها أو جدها مع ابنها فالولاية للابن عندهما دون الأب أو الجد كما في الفتح وكذا الباقي العصبات تزويجها على الترتيب المار فيهم كما قدمناه عن الفتح
قوله ( ولو أقر الخ ) قال الحاكم الشهيد في الكافي الجامع لكتب ظاهر الرواية وإذا أقر الأب أو غيره من الأولياء على الصغير أو الصغيرة بالنكاح أمس لم يصدق على ذلك إلا بشهود أو تصديق منهما بعد الإدراك في قول أبي حنيفة وكذلك إقرار المولى على عبده وأما إقراره على أمته بمثل ذلك فجائز مقبول
وقال أبو يوسف ومحمد الإقرار من هؤلاء في جميع ذلك جائز وكذلك إقرار الوكيل على موكله على هذا الاختلاف اه
ونقل في الفتح عن المصفى عن أستاذه الشيخ حميد الدين أن الخلاف فيما إذا أقر الولي في صغرهما وإليه أشار في المبسوط وغيره قال وهو الصحيح وقيل فيما إذا بلغها وأنكرا فأقر الولي أما لو أقر في صغرهما يصح اتفاقا واستظهره في الفتح وقد علمت أن الأول ظاهر الرواية وأنه الصحيح
قوله ( بخلاف مولى الأمة ) أي إذا ادعى رجل نكاحها فأقر له مولاها يقضي به بلا بينة وتصديق
درر أي لو عتقت لا يحتاج إلى تصديقها ومقتضى تعليل الشارح أنه لا يصح إقراره عليها بعد العتق
قوله ( بأن ينصب القاضي الخ ) أي لأن الأب مقر والصغير لا يصح إنكاره ولا بد في الدعوى من خصم فينصب عنه خصما حتى ينكر فقام عليه البينة فيثبت النكاح على الصغير
أفاده في الفتح
قوله ( أي الولي المقر ) بالنصب تفسيرا للضمير المنصوب
أو يصدق بالنصب عطفا على يدرك وقوله الموكل أو العدل مرفوعان على الفاعلية والمفعول محذوف أي يصدق الموكل الوكيل أو العبد المولى
قوله ( وقالا يصدق في ذلك ) أي بصدق المقر في جميع فروع هذه المسألة السابقة مثل إقرار المولى على أمته كما سمعت التصريح به في عبارة الكافي ومثله في البدائع فافهم
قوله ( وهذه المسألة ) أي مسألة عدم قبول الإقرار من ولي الصغير أو الصغيرة ومن الوكيل ومولى العبد مخرجة أي مستثناة على قول الإمام من قاعدة من ملك إنشاء عقد مالك الإقرار به كالمولى إذا أقر بالفىء في مدة الإيلاء وزوج المعتدة إذا قال في العدة راجعتك وهو وجه قولهما
____________________
(3/83)
بالقبول هنا كما في إقرار بتزويج أمته ووجه قول الإمام حديث لا نكاح إلا بشهود وأنه إقرار على الغير فيما لا يملكه وتمامه في البدائع وعلى ما استظهره في الفتح في مسألة الصغيرين فهي داخلة في مفهوم القاعد على قول الإمام لأنه لا يملك الأنشاء حال بلوغهما فلا يملك الإقرار وعلى قولهما تكون خارجة عن القاعدة
قوله ( ملك الإقرار به ) الأولى حذف به لعدم مرجع الضمير وإن علم من المقام لأنه المعنى من ملك إنشاء شيء ملك الإقرار به ط
قوله ( ولها نظائر ) كإقرار الوصي بالاستدانة على اليتيم لا يصح وإن ملك إنشاء الاستدانة
بحر عن المبسوط
وكما لو وكله بعتق عبد بعينه فقال الوكيل أعتقته أمس وقد وكله قبل الأمس لا يصدق بلا بينة وتمامه في حواشي الأشباه للحموي من الإقرار
قوله ( هل لولي مجنون الخ ) البحث لصاحب النهر والظاهر أن الصبي في حكم من ذكر ط
قوله ( ومنعه الشافعي ) لاندفاع الضرورة بالواحدة
نهر
قوله ( وجوزه ) أي تزويج أكثر من واحدة
باب الكفاءة لما كانت شرط اللزوم على الولي إذا عقدت المرأة بنفسها حتى كان له الفسخ عند عدمها كانت فرع وجود الولي
وهو بثبوت الولاية فقدم بيان الأولياء ومن تثبت له ثم أعقبه فصل الكفاءة
فتح
قوله ( أو كون المرأة أدنى ) اعترضه الخير الرملي بما ملخصه أن كون المرأة أدنى ليس بكفاءة غير أن الكفاءة من جانب المرأة غير معتبرة
قوله ( الكفاءة معتبرة ) قالوا معناه معتبرة في اللزوم على الأولياء حتى أن عند عدمها جاز للولي الفسخ اه فتح
وهذا بناء على ظاهر الرواية من أن العقد صحيح وللولي الاعتراض
أما على رواية الحسن المختارة للفتوى من أنه لا يصح فالمعنى معتبرة في الصحة وكذا لو كانت الزوجة صغيرة والعاقد غير الأب والجد فقد مر أن العقد لا يصح
قوله ( في ابتداء النكاح ) يغني عنه قول المصنف الآتي واعتبارها عند ابتداء العقد الخ وكأنه أشار إلى أن الأولى ذكره هنا
قوله ( للزوجه أو لصحته ) الأول بناء على ظاهر الرواية والثاني على رواية الحسن وقدمنا أول الباب السابق اختلاف الإفتاء فيهما وأن رواية الحسن أحوط
قوله ( من جانبه الخ ) أي يعتبر أن يكون الرجل مكافئا لها في الأوصاف الآتية بأن لا يكون دونها فيها ولا تعتبر من جانبها بأن تكون مكافئة له فيها بل يجوز أن تكون دونه فيها
قوله ( ولذا لا تعتبر ) تعليل للمفهوم وهو أن الشريف لا يأبى أن يكون مستفرشا للدنيئة كالأمة والكتابية لأن ذلك لا يعد عارا في حقه بل في حقها لأن النكاح رق للمرأة والزوج مالك
تنبيه تقدم أن غير الأب والجد لو زوج الصغير أو الصغيرة غير كفء لا يصح ومقتضاه أن الكفاءة للزوج معتبرة أيضا وقدمنا أن هذا في الزوج الصغير لأن ذلك ضرر عليه فما هنا محمول على الكبير ويشير إليه ما قدمناه آنفا عن الفتح من أن معنى اعتبار الكفاءة اعتبارها في اللزوم على الأولياء الخ
فإن حاصله أن المرأة إذ زوجت نفسها من كفء لزم على الأولياء وإن زوجت من غير كفء لا يلزم
____________________
(3/84)
أو لا يصح بخلاف جانب الرجل فإنه إذا تزوج بنفسه مكافئة له أو لا فإنه صحيح لازم
وقال القهستاني الكفارة لغة المساواة وشرعا مساواة الرجل للمرأة في الأمور الآتية وفيه إشعار بأن نكاح الشريف الوضعية لازم فلا اعتراض للولي بخلاف العكس اه
فقد أفاد أن لزومه في جانب الزوج إذا زوج نفسه كبيرا لا إذا زوجه الولي صغيرا كما أن الكلام في الزوجة إذا زوجت نفسها كبيرة فثبت اعتبار الكفاءة من الجانبين في الصغيرين عند عدم الأب والجد كما حررناه فيما تقدم والله تعالى أعلم
قوله ( لكن في الظهيرية الخ ) لا وجه للاستدراك بعد ذكره الصحيح فإنه حيث ذكر القولين كان حق التركيب تقديم الضعيف والاستدراك عليه بالصحيح كما فعل في البحر وذكر أن ما في الظهيرية غريب ورده أيضا في البدائع كما بسطه في النهر
قوله ( هي حق الولي لا حقها ) كذا قال في البحر واستشهد له بما ذكره الشارح عن الولوالجية وفيه نظر بل هي حق لها أيضا بدليل أن الولي لو زوج الصغيرة غير كفء لا يصح ما لم يكن أبا أو جدا غير ظاهر الفسق ولما في الذخيرة قبيل الفصل السادس من أن الحق في إتمام مهر المثل عند أبي حنيفة للمرأة وللأولياء حق الكفاءة وعندهما للمرأة لا غير اه
وظاهر قوله كحق الكفاءة الاتفاق على أنه حق لكل منهما وكذا ما في البحر عن الظهيرية لو انتسب الزوج لها نسبا غير نسبه فإن ظهر دونه وهو ليس بكفء فحق الفسخ ثابت للكل وإن كان كفؤا فحق الفسخ لها دون الأولياء وإن كان ما ظهر فوق ما أخبر فلا فسخ أحد وعن الثاني أن لها الفسخ لأنها عسى تعجز عن المقام معه اه
ومن هذا القبيل ما سيذكره الشارح قبيل باب العدة لو تزوجته على أنه حر أو سني أو قادر على المهر والنفقة فبان بخلافه أو على أنه فلان ابن فلان فإذا هو لقيط أو ابن زنا لها الخيار اه
ويأتي تمام الكلام على ذلك هناك
زاد في البدائع على ما مر عن الظهيرية وإن فعلت المرأة ذلك فتزوجها ثم ظهر بخلاف ما أظهرت فلا خيار للزوج سواء تبين أنها حرة أو أمة لأن الكفاءة في جانب النساء غير معتبرة اه
وقد يجاب بأن الكلام كما مر فيما إذا زوجت نفسها بلا إذن الولي وحينئذ لم يبق لها حق في الكفاءة لرضاها بإسقاطها فبقي الحق للولي فقط فله الفسخ
قوله ( فلو نكحت الخ ) تفريع على قوله لا حقها وفيه أن التقصير جاء من قبلها حيث لم تبحث عن حاله كما جاء من قبلها وقبل الأولياء فيما لو زوجوها برضاها ولم يعلموا بعدم الكفاءة ثم علموا
رحمتي
وفي كلام لولوالجية ما يفيده كما يأتي قريبا وعلى ما ذكرناه من الجواب فالتفريع صحيح لأن سقوط حقها إذا رضيت ولو من وجه وهنا كذلك ولذا لو شرطت الكفاءة بقي حقها
قوله ( لا خيار لأحد ) هذا في الكبير كما هو فرض المسألة بدليل قوله نكحت رجلا وقوله برضا فلا يخالف ما قدمناه في الباب المار عن النوازل لو زوج بنته الصغيرة ممن ينكر أنه يشرب المسكر فإذا هو مدمن له وقالت بعد ما كبرت لا أرضى بالنكاح إن لم يكن يعرفه الأب بشربه وكان غلبة أهل بيته صالحين فالنكاح باطل لأنه إنما زوج على ظن أنه كفء اه
خلافا لما ظنه المقدسي من إثبات المخالفة بينهما كما نبه عليه الخير الرملي
قلت ولعل وجه الفرق أن الأب يصح تزويجه الصغيرة من غير الكفء لمزيد شفقته وأنه إنما فوت الكفاءة لمصلحة تزيد عليها وهذا إنما يصح إذا علمه غير كفء أما إذا لم يعلمه فلم يظهر منه أنه زوجها للمصلحة المذكورة
____________________
(3/85)
كما إذا كان الأب ماجنا أو سكران لكن كان الظاهر أن يقال لا يصح العقد أصلا كما في الأب الماجن والسكران مع أن المصرح به أن لها إبطاله بعد البلوغ وهو فرع صحته فليتأمل
قوله ( كان لهم الخيار ) لأنه إذا لم يشترط الكفاءة كان عدم الرضا بعدم الكفاءة من الولي
ومنها ثابتا من وجه دون وجه لما ذكرنا أن حال الزوج محتمل بين أن يكون كفؤا وأن لا يكون
والنص إنما أثبت حق الفسخ بسبب عدم الكفاءة حال عدم الرضا بعدم الكفاءة من كل وجه فلا يثبت حال وجود الرضا بعدم الكفاءة من وجه
بحر عن الولوالجية
قوله ( للزوم النكاح ) أي على ظاهر الرواية ولصحته على رواية الحسن المختارة للفتوى
قوله ( خلافا لمالك ) في اعتبار الكفاءة خلاف مالك والثوري والكرخي من مشايخنا كذا في فتح القدير فكان الأولى ذكر الكرخي وفي حاشية الدرر للعلامة نوح أن الإمام أبا الحسن الكرخي والإمام أبا بكر الجصاص وهما من كبار علماء العراق ومن تبعهما من مشايخ العراق لم يعتبروا الكفاءة في النكاح ولو لم تثبت عندهم هذه الرواية عن أبي حنيفة لما اختاروها
وذهب جمهور مشايخنا إلى أنها معتبرة فيه
ولقاضي القضاة سراج الدين الهندي مؤلف مستقل في الكفاءة ذكر فيه القولين على التفصيل وبين ما لكل منهما من السند والدليل اه
قوله ( نسبا ) أي من جهة النسب ونظم العلامة الحموي ما تعتبر فيه الكفاءة فقال إن الكفاءة في النكاح تكون في ست لها بيت بديع قد ضبط نسب وإسلام كذلك حرفة حرية وديانة مال فقط قلت وفي الفتاوى الحامدية عن واقعات قدري أفندي عن القاعدية غير الأب والجد من الأولياء لو زوج الصغيرة من عنين معروف لم يجز لأن القدرة على الجماع شرط الكفاءة كالقدرة على المهر والنفقة بل أولى اه
وأما الكبيرة فسنذكر عن البحر أنه لو زوجها الوكيل غنيا مجبوبا جاز وإن كان لها التفريق بعد
قوله ( فقريش الخ ) القرشيان من جمعهما أب هو النضر بن كنانة فمن دونه ومن لم ينتسب إلا لأب فوقه فهو عربي غير قرشي والنضر هو الجد الثاني عشر للنبي فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان على هذا اقتصر البخاري والخلفاء الأربعة كلهم من قريش وتمامه في البحر
قوله ( بعضهم أكفاء بعض ) أشار به إلى أنه لا تفاضل فيما بينهم من الهاشمي والنوفل والتيمي والعدوي وغيرهم ولهذا زوج علي وهو هاشمي أم كلثوم بنت فاطمة لعمر وهو عدوي
قهستاني
فلو تزوجت هاشمية قرشيا غير هاشمي لم يرد عقدها وإن تزوجت عربيا غير قرشي لهم رده كتزويج العربية عجميا
بحر
وقوله لم يرد عقدها ذكر مثله في التبيين وكثير من شروح الكنز والهداية وغالب المعتبرات فقوله في الفيض القرشي لا يكون كفؤا للهاشمي كلمة لا فيه من تحريف النساخ
رملي
قوله وبقية العرب أكفاء العرب صنفان عرب عارية وهم أولاده قحطان ومستعربة وهم أولاد إسماعيل والعجم أولاد فروخ أخي إسماعيل وهم الموالي والعتقاء والمراد بهم غير العرب وإن لم يمسهم رق سموا بذلك إما لأن العرب لما افتتحت بلادهم وتركتهم أحرارا بعد أن كان لهؤلاء الاسترقاق فكأنهم أعتقوهم أو لأنهم نصروا العرب على قتل الكفار والناصر يسمى مولى
نهر
قوله ( بني باهلة ) قال في البحر
____________________
(3/86)
باهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان فنسب ولده إليها وهم معروفون بالخساسة
قيل كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية وكانوا يأخذون عظام الميتة يطحنونها ويأخذون دسومتها ولذا قيل ولا ينفع الأصل من هاشم إذا كانت النفس من باهله وقيل إذا قيل للكلب يا باهلي عوى الكلب من شؤم هذا النسب قوله ( والحق الإطلاق ) فإن النص لم يفصل مع أنه كان أعلم بقبائل العرب وأخلاقهم وقد أطلق وليس كل باهلي كذلك بل فيهم الأجواد وكون فصيلة منهم أو بطن صعاليك فعلوا ذلك لا يسري في حق الكل
فتح
قوله ( ويعضده ) أي يقويه
قلت يعضده أيضا إطلاق محمد ففي كافي الحاكم قريش بعضها أكفاء لبعض والعرب بعضهم أكفاء لبعض وليسوا بأكفاء لقريش ومن كان له من الموالي أبوان أو ثلاثة في الإسلام فبعضهم أكفاء لبعض وليسوا أكفاء للعرب اه
والحاصل أنه كما لا يعتبر التفاوت في قريش حتى أن أفضلهم بني هاشم أكفاء لغيرهم منهم فكذلك في بقية العرب بلا استثناء
ويؤخذ من هذا أن من كانت أمها علوية مثلا وأبوها عجمي يكون العجمي كفؤا لها وإن كان لها شرف ما لأن النسب للآباء ولهذا جاز دفع الزكاة إليها فلا يعتبر التفاوت بينهما من جهة شرف الأم ولم أر من صرح بهذا والله أعلم
قوله ( وهذا في العرب ) أي اعتبار النسب إنما يكون في العرب فلا يعتبر فيهم الإسلام كما في المحيط والنهاية وغيرهما ولا الديانة كما في النظم ولا الحرفة كما في المضمرات لأن العرب لا يتخذون هذه الصنائع حرفا وأما الباقي أي الحرية والمال فالظاهر من عباراتهم أنه معتبر
قهستاني
لكن فيه كلام ستعرفه في مواضعه
قوله ( وأما في العجم ) المراد بهم من لم ينتسب إلى إحدى قبائل العرب ويسمون الموالي والعتقاء كما مر وعامة أهل الأمصار والقرى في زماننا منهم سواء تكلموا بالعربية أو غيرها إلا من كان له منهم نسب معروف كالمنتسبين إلى أحد الخلفاء الأربعة أو إلى الأنصار ونحوهم
قوله ( فتعتبر حرية وإسلاما ) أفاد أن الإسلام لا يكون معتبرا في حق العرب كما اتفق عليه أبو حنيفة وصاحباه لأنهم يتفاخرون به وإنما يتفاخرون بالنسب فعربي له أب كافر يكون كفؤا لعربية لها آباء في الإسلام وأما الحرية فهي لازمة للعرب لأنه لا يجوز استرقاقهم نعم الإسلام معتبر في العرب بالنظر إلى نفس الزوج لا إلى أبيه وجده فعلى هذا فالنسب معتبر في العرب فقط وإسلام الأب والجد في العجم فقط والحرية في العرب والعجم وكذا إسلام نفس الزوج
هذا حاصل ما في البحر
قوله ( لمن أبوها مسلم ) راجع إلى قوله مسلم بنفسه ح
قوله ( أو حر أو معتق ) كل منهما راجع لقوله أو معتق ح
قوله ( وأمها حرة الأصل ) لأن الزوج المعتق فيه أثر الرق وهو الولاء والمرأة لما كانت أمها حرة الأصل كانت هي حرة الأصل
بحر عن التجنيس
أما لو كانت أمها رقيقة فهي تبع لأمها في الرق فيكون المعتق كفؤا لها
بخلاف ما لو كانت أمها معتقة لأن لها أبا في الحرية لقوله في البحر والحرية نظير الإسلام
أفاده ط
قوله ( لذات أبوين ) أي في الإسلام والحرية ط
قوله ( وأبوان فيهما كالآباء ) أي فمن له أب وجد في الإسلام أو الحرية كفء لمن له آباء
____________________
(3/87)
قال في فتح القدير وألحق أبو يوسف الواحد بالمثنى كما هو مذهبه في التعريف أي في الشهادات والدعوى
قيل كان أبو يوسف إنما قال ذلك في موضع لا يعد كفر الجد عيبا بعد أن كان الأب مسلما وهما قالاه في موضع يعد عيبا والدليل على ذلك أنهم قالوا جميعا إن ذلك ليس عيبا في حق العرب لأنهم لا يعيرون في ذلك وهذا حسن وبه ينتفي الخلاف اه
وتبعه في النهر
قوله ( ولا يبعد الخ ) ظاهره أنه قاله تفقها وقد رأيته في الذخيرة ونصفه ذكر ابن سماعة في الرجل يسلم والمرأة معتقة أنه كفء لها اه
ووجهه أنه إذا أسلم وهو حر وعتقت وهي مسلمة يكون فيه أثر الكفر وفيها أثر الرق وهما منقصان وفيه شرف حرية الأصل وفيها شرف إسلام الأصل وهما مكملان فتساويا
بقي ما لو كان بالعكس بأن أسلمت المرأة وعتق الرجل فالظاهر أن الحكم كذلك بشرط أن لا يكون إسلامه طارئا وإلا ففيه أثر الكفر وأثر الرق معا فلا يكون كفؤا لمن فيها أثر الكفر فقط
تأمل
قوله ( وأما معتق الوضيع الخ ) عزاه في البحر إلى المجتبى ومثله في البدائع قال حتى لا يكون مولى العرب كفؤا لمولاة بني هاشم حتى لو زوجت مولاة بني هاشم نفسها من مولى العرب كان لمعتقها حق الاعتراض لأن الولاء بمنزلة النسب
قال النبي الولاء لحمة كلحمة النسب اه
ومثله في الذخيرة
وذكر الشارح في كتاب الولاء الكفاءة تعتبر في ولاء العتاقة فمعتقة التاجر كفء لمعتق العطار دون الدباغ اه
ويشكل عليه ما ذكره في البدائع أيضا قبل ما قدمناه حيث قال وموالي العرب أكفاء لموالي قريش لعموم قوله و تنبيه مولى الموالاة لا يكافىء مولاة العتاقة
قال في الذخيرة روى المعلى عن أبي يوسف أن من أسلم على يدي إنسان لا يكون كفؤا لموالي العتاقة
وفي شرح الطحاوي معتقة أشرف القوم تكون كفؤا للموالي لأن لها شرف الولاء للوموالي شرف إسلام الآباء اه
قوله ( وأما مرتد أسلم الخ ) نقله في البحر عن القنية وسكت عليه وكأنه محمول على مرتد لم يطل زمن ردته ولذا لم يقيده باللحاق بدار الحرب لأن المرتد في دار الإسلام يقتل إن لم يسلم أما من ارتد وطال زمن ردته حتى اشتهر بذلك ولحق أولا ثم أسلم فينبغي أن لا يكون كفؤا لمن لم ترتد فإن العار الذي يلحقها بهذا أعظم من العار بكافر أصلي أسلم بنفسه فليتأمل
قوله ( إلا لفتنة ) أي لدفعها
قال في الفتح عن الأصل إلا أن يكون نسبا مشهورا كبنت ملك من ملوكهم خدعها حائك أو سائس فإنه يفرق بينهم لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين اه
قوله ( وتعتبر في العرب والعجم الخ ) قال في البحر وظاهر كلامهم أن الفتوى معتبرة في حق العرب والعجم فلا يكون العربي الفاسق كفؤا لصالحة عربية كانت أو عجمية اه
قال النهر وصرح بهذا في إيضاح الإصلاح على أنه المذهب اه
وذكر في البحر أيضا أن ظاهر كلامهم اعتبار الكفاءة مالا فيهما أيضا
قلت وكذا حرفة كما يظهر مما نذكر عن البدائع
قوله ( ديانة ) أي عندهما وهو الصحيح
وقال محمد لا تعتبر إلا إذ كان يصفع ويسخر منه أو يخرج إلى الأسواق سكران ويلعب به الصبيان لأنه مستخف به
هداية
ونقل في الفتح عن المحيط أن الفتوى على قول محمد لكن الذي في التاترخانية عن المحيط قبل وعليه الفتوى وكذا في المقدسي عن المحيط البرهاني ومثله في الذخيرة قال في البحر وهو موافق لما صححه في المبسوط وتصحيح
____________________
(3/88)
الهداية معارض له فالإفتاء بما في المتون أولى اه
قوله ( فليس فاسق الخ ) اعلم أنه قال في البحر ووقع لي تردد فيما إذا كانت صالحة دون أبيها أو كانت أبوها صالحا دونها هل يكون الفاسق كفؤا لها أو لا فظاهر كلام الشارحين أن العبرة لصلاح أبيها وجدها فإنهم قالوا لا يكون الفاسق كفؤا لبنت الصالحين واعتبر في المجمع صلاحها فقال فلا يكون الفاسق كفؤا للصالحة
وفي الخانية لا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين فاعتبر صلاح الكل
والظاهر أن الصلاح منها أو من آبائها كاف لعدم كون الفاسق كفؤا لها ولم أره صريحا اه
ونازعه في النهر بأن قول الخانية أيضا إذا كان الفاسق محترا معظما عند الناس كأعوان السلطان يكون كفؤا لبنات الصالحين
وقال بعض مشايخ بلخ لا يكون معلنا كان أو لا وهو اختيار ابن الفضل اه يقتضي اعتبار الصلاح من حيث الآباء فقط وهذا هو الظاهر وحينئذ فلا اعتبار بفسقها اه أي إذا كانت فاسقة بنت صالح لا يكون الفاسق كفؤا لها لأن العبرة لصلاح الأب فلا يعتبر فسقها ويؤيده أن الكفاءة حق الأولياء إذا أسقطتها هي لأن الصالح يعير بمصاهرة الفاسق لكن ما نقله في البحر عن الخانية يقتضي اعتبار صلاحها أيضا كما مر وحينئذ فيكن حمل كلام الخانية الثاني عليه بناء على أن بنت الصالح صالحة غالبا
قال في الحواشي اليعقوبية قوله فليس فاسق كفء بنت صالح فيه كلام وهو أن بنت الصالح يحتمل أن تكون فاسقة فيكون كفؤا كما صرحوا به والأولى ما في المجمع وهو أن الفاسق ليس كفؤا للصالحة إلا أن يقال الغالب أن بنت الصالح صالحة وكلام المصنف بناء على الغالب اه
ومثله قول القهستاني أي وهي صالحة وإنما لم يذكر لأن الغالب أن تكون البنت صالحة بصلاحه اه
وكذا قال المقدسي
قلت اقتصارهم بناء على أن صلاحها يعرف بصلاحهم لخفاء حال المرأة غالبا لا سيما الأبكار والصغائر اه
وفي الذخيرة ذكر شيخ الإسلام أن الفاسق لا يكون كفؤا للعدل عند أبي حنيفة وعن أبي يوسف ومحمد أن الذي يسكر إن كان يسر ذلك ولايخرج سكران كان كفؤا لامرأة صالحة من أهل البيوتات وإن كان يعلن ذلك فلا
قيل وعليه الفتوى اه
قلت والحاصل أن المفهوم من كلامهم اعتبار صلاح الكل وإن من اقتصر على صلاحها أو صلاح آبائها نظر إلى الغالب من أن صلاح الولد والوالد متلازمان فعلى هذا فالفاسق لا يكون كفؤا لصالحة بنت صالح بل يكون كفؤا لفاسقة بنت فاسق وكذا لفاسقة بنت صالح كما نقله في اليعقوبية فليس لأبيها حق الاعتراض لأن ما يلحقه من العار ببنته أكبر من العار بصهره
وأماإذا كانت صالحة بنت فاسق فزوجت نفسها من فاسق فليس لأبيها حق الاعتراض لأنه مثله وهي قد رضيت به
وأما إذا كانت صغيرة فزوجها أبوها من فاسق فإن كان عالما بفسقه صح العقد ولا خيار لها إذا كبرت لأن الأب له ذلك ما لم يكن ماجنا كما مر في الباب السابق وأما إذا كان الأب صالحا وظن لزوج صالحا فلا يصح
قال في البزازية زوج بنته من رجل ظنه مصلحا لا يشرب مسكرا فإذا هو مدمن فقالت بعد الكبر لا أرضى بالنكاح إن لم يكن أبوها يشرب المسكر ولا عرف به وغلبة أهل بيتها مصلحون فالنكاح باطل بالاتفاق اه
فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد
قوله ( بنت صالح ) نعت لكل من قوله صالحة وفاسقة وأفرده للعطف بأو فرجع إلى أن المعتبر صلاح الآباء فقط وأنه لا عبرة بفسقها بعد كونها من بنات الصالحين وهذا هو الذي نقلناه عن النهر فافهم نعم هو خلاف ما نقلناه عن اليعقوبية
قوله ( معلنا كان أو لا ) أما إذا كان معلنا فظاهر وأما غير المعلن فهو بأن يشهد عليه أنه فعل كذا من المفسقات وهو لا يجهر به
____________________
(3/89)
فيفرق بينهما بطلب الأولياء ط
قوله ( على الظاهر ) هذا استظهار من صاحب النهر لا كما يتوهم من أنه ظاهر الرواية فإنه قد صرح في الخانية عن السرخسي بأنه لم ينقل عن أبي حنيفة في ظاهر الرواية في هذا شيء والصحيح عنده أن الفسق لا يمنع الكفاءة اه
وقدمنا أن تصحيح الهداية معارض لهذا التصحيح
قوله ( ومالا ) أي في حق العربي والعجمي كما مر عن البحر لأن التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة وخصوصا في زماننا هذا
بدائع
قوله ( بأن يقدر على المعجل الخ ) أي على ما تعارفوا تعجيله من المهر وإن كان كله حالا
فتح
فلا تشترط القدرة على الكل ولا أن يساويها في الغنى في ظاهر الرواية وهو الصحيح
زيلعي
ولو صبيا فهو غني بغنى أبيه أو أمه أو جده كما يأتي وشمل ما لو كان عليه دين بقدر المهر فإنه كفء لأن له أن يقضي أي الدينين شاء كما في الولوالجية وما لو كانت فقيرة بنت فقراء كما صرح به في الواقعات معللا بأن المهر والنفقة عليه فيعتبر هذا الوصف في حقه وما لو كان ذا جاه كالسلطان والعالم
قال الزيلعي وقيل يكون كفؤا وإن لم يملك إلا النفقة لأن الخلل ينجبر به ومن ثم قالوا الفقيه العجمي كفء للعربي الجاهل
قوله ( ونفقة شهر ) صححه في التجنيس وصحح في المجتبى الاكتفاء بالقدرة عليها بالكسب فقد اختلف التصحيح واستظهر في البحر الثاني ووفق في النهر بينهما بما ذكره الشارح وقال إنه أشار إليه في الخانية
قوله ( لو تطيق الجماع ) فلو صغيرة لا تطيقه فهو كفء وإن لم يقدر على النفقة لأنه لا نفقة لها
فتح
ومثله في الذخيرة
قوله ( وحرفة ) ذكر الكرخي أن الكفاءة فيها معتبرة عند أبي يوسف وأن أبا حنيفة بنى الأمر فيها على عادة العرب أن مواليهم يعملون هذه الأعمال لا يقصدون بها الحرف فلا يعيرون بها وأجاب أبو يوسف على عادة أهل البلاد وأنهم يتخذون ذلك حرفة فيعيرون بالدني منها فلا يكون بينهما خلاف في الحقيقة
بدائع
فعلى هذا لو كان من العرب من أهل البلاد من يحترف بنفسه تعتبر فيهم الكفاءة فيها وحينئذ فتكون معتبرة بين العرب والعجم
قوله ( فمثل حائك الخ ) قال في الملتقى وشرحه فحائك أو حجام أو كناس أو دباغ أو حلاق أو بيطار أو حداد أو صفار غير كفء لسائر الحرف كعطار أو بزاز أو صواف وفيه إشارة إلى أن الحرف جنسان ليس أحدهما كفؤا للآخر لكن أفراد كل منها كفء لجنسها وبه يفتى
زاهدي اه أي إن الحرف إذا تباعدت لا يكون أفراد إحداها كفؤا لأفراد الأخرى بل أفراد كل واحدة أكفاء بعضهم لبعض وأفاد كما في البحر أنه لا يلزم اتحادهما في الحرفة بل التقارب كاف فالحائف كفء لحجام والدباغ كفء لكناس والصفار كفء لحداد والعطار كفء لبزاز
قال الحلواني وعليه الفتوى
وفي الفتح أن الموجب هو استنقاص أهل العرف فيدور معه وعلى هذا ينبغي أن يكون الحائك كفؤا للعطار بالإسكندرية لما هناك من حسن اعتبارها وعدم عدها نقصا البتة اللهم إلا أن يقترن بها خساسة غيرها اه
فأفاد أن الحرف إذا تقاربت أو اتحدت يجب اعتبار التكافؤ من بقية الجهات فالعطار العجمي غير كفء لعطار أو بزاز عربي أو عالم
بقي النظر في نحو دباغ أو حلاق عربي هل يكون كفؤا لعطار أو بزاز عجمي والذي يظهر لي أن شرف النسب أو العلم يجبر نقص الحرفة بل يفوق سائر الحرف فلا يكون نحو العطار العجمي الجاهل كفؤا لنحو حلاق عربي أو عالم ويؤيده ما في الفتح أنه روي عن أبي يوسف أن الذي أسلم بنفسه أو عتق إذا أحرز من الفضائل ما يقابل نسب الآخر كان كفؤا له اه
فليتأمل
قوله ( لبزاز ) قال في القاموس البز الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها وبائعه البزاز وحرفته البزازة اه ط
قوله ( ولا هما لعالم وقاض ) قال في النهر وفي البناية عن الغاية
____________________
(3/90)
الكناس والحجام والدباغ والحارس والسائس والراعي والقيم أي البلان في الحمام ليس كفؤا لبنت الخياط ولا الخياط لبنت البزاز والتاجر ولا هما لبنت عالم وقاض والحائك ليس كفؤا لبنت الدهقان وإن كانت فقيرة وقيل هو كفء اه
وقد غلب اسم الدهقان على ذي العقار الكثير كما في المغرب اه
قلت والظاهر أن نحو الخياط إذا كان أستاذا يتقبل الأعمال وله أجراء يعلمون له يكون كفؤا لبنت البزاز والتاجر في زماننا كما يعلم من كلام الفتح المار إذ لا يعد في العرف ذلك نقصا
تأمل
وما في شرح الملتقى عن الكافي من أن الخفاف ليس بكفء للبزاز والعطار فالظاهر أن المراد به من يعمل الأخفاف أو النعال بيده أما لو كان أستاذا له أجراء أو يشتريها ويبيعها في حانوته فليس في زماننا أنقص من البزاز والعطار
قال ط وأطلقوا في العالم والقاضي ولم يقيدوا العالم بذي العمل ولا القاضي بمن لا يقبل الرشوة والظاهر التقييد لأن القاضي حينئذ ظالم ونحوه العالم غير العالم وليحرر اه
قلت لعلهم أطلقوا ذلك لعلمه من ذكرهم الكفاءة في الديانة فالظاهر حينئذ أن العالم والقاضي الفاسقين لا يكونان كفأين لصالحة بنت صالحين لأن شرف الصلاح فوق شرف العلم والقضاء مع الفسق
قوله ( فأخس من الكل ) أي وإن كان ذا مروءة وأموال كثيرة لأنه من آكلي دماء الناس وأموالهم كما في المحيط نعم بعضهم أكفاء بعض
شرح الملتقى
وفي النهر عن البناية في مصر جنس هو أخس من كل جنس وهم الطائفة الذين يسمون بالسراباتية اه
قلت مفهوم التقييد بالاتباع أن المتبوع كأمير وسلطان ليس كذلك لأنه أشرف من التاجر عرفا كما يفيده ما يأتي في الشارح عن البحر وقد علمت أن الموجب هو استنقاص أهل العرف فيدور معه فعلى هذا من كان أميرا أو تابعا له وكان ذا مال ومروءة وحشمة بين الناس لا شك أن المرأة لا تتعير به في العرف كتعيرها بدباغ وحائك ونحوهما فضلا عن سراباتي ينزل كل يوم إلى الكنيف وينقل نجاسته في بيت مسلم وكافر وإن كان قاصدا بذلك تنظيف الناس أو المساجد من النجاسات وكان الأمير أو تابعه آكلا أموال الناس لأن المدار هنا على النقص والرفعة في الدنيا ولهذا لما قال محمد لا تعتبر الكفاءة في الديانة لأنها من أحكام الآخرة فلا تبنى عليها أحكام الدنيا قالوا في الجواب عنه إن المعتبر في كل موضع ما اقتضاه الدليل من البناء على أحكام الآخرة وعدمه بل اعتبار الديانة مبني على أمر دنيوي وهو تعيير بنت الصالحين بفسق الزوج
قلت ولعل ما تقدم عن المحيط من أن تابع الظالم أخس من الكل كان في زمنهم الذي الغالب فيه التفاخر بالدين والتقوى دون زماننا الغالب فيه التفاخر بالدنيا فافهم والله أعلم
قوله ( وأما الوظائف ) أي في الأوقاف
بحر
قوله ( فمن الحرف ) لأنها صارت طريقا للاكتساب في مصر كالصنائع
بحر
قوله ( لو غير دنيئة ) أي عرفا كبوابة وسواقة وفراشة ووقادة
بحر
قوله ( فذو تدريس ) أي في علم شرعي
قوله ( أو نظر ) هو بحث لصاحب البحر لكنه الآن ليس بشريف بل هو كآحاد الناس وقد يكون عتيقا زنجيا وربما أكل مال الوقف وصرفه في المنكرات فكيف يكون كفؤا لمن ذكر اللهم إلا أن يقيد بالناظر ذي المروءة وبناظر نحو مسجد بخلاف ناظر وقف أهلي بشرط الواقف فإنه لا يزداد رفعة بذلك ط
قوله ( كفء لبنت الأمير بمصر )
لا يخفى أن تخصيص بنت الأمير بالذكر للمبالغة أي فيكون كفؤا لبنت التاجر بالأولى فيفيد أن الأمير أشرف من التاجر كما هو العرف وهذا مؤيد
____________________
(3/91)
لبحثنا السابق كما نبهنا عليه
قوله ( اعتبارها عند ابتداء العقد ) قلت يرد عليه ما في الذخيرة حجام تزوج امرأة مجهولة النسب ثم ادعاها قرشي وأثبت أنها بنته له أن يفرق بينهما وأما لو أقرت بالرق لرجل لم يكن له إبطال النكاح اه
وقد يجاب بأن ثبوت النسب لما وقع مستندا إلى وقت العلوق كان عدم الكفاءة موجودا وقت العقد لا أنها كانت موجودة ثم زالت حتى ينافي كون العبرة لوقت العقد
وأما مسألة الإقرار فلأن إقرارها يقتصر عليها فلا يلزم الزوج بموجبه لما تقرر أن الإقرار حجة قاصرة على المقر
قوله ( ثم فجر ) الأولى أن يقول ثم زالت كفاءته لأن الفجور يقابل الديانة وهي إحدى ما يعتبر في الكفاءة ط
قوله ( وأما لو كان دباغا الخ ) هذا فرعه صاحب البحر على ما تقدم بأنه ينبغي أن يكون كفؤا ثم استدرك عليه بمخالفته لقولهم إن الصنعة وإن أمكن تركها يبقى عارها ووفي في النهر بقوله ولو قيل إنه إن بقي عارها لم يكن كفؤا وإن تناسى أمرها لتقادم زمانها كان كفؤا لكان حسنا اه
قوله ( لكن في النهر الخ ) حيث قال ودل كلامه على أن غير العربي لا يكافىء العربي وإن كان حسيبا لكن في جامع قاضيخان قالوا الحسيب يكون كفؤا للنسيب فالعالم العجمي يكون كفؤا للجاهل العربي والعلوية لأن شرف العلم فوق شرف النسب وارتضاه في فتح القدير وجزم به الزازي وزاد والعالم الفقير يكون كفؤا للغني الجاهل والوجه فيه ظاهر لأن شرف العلم فوق شرف النسب فشرف المال أولى نعم الحسب قد يراد به المنصب والجاه كما فسره به في المحيط عن صدر الإسلام وهذا ليس كفؤا للعربية كما في الينابيع اه
كلام النهر ملخصا
أقول حيث كان ما في الينابيع من تصحيح عدم كفاءة الحسيب للعربية مبنيا على تفسير الحسيب بذي المنصب والجاه لم يصح ما ذكره المصنف من تصحيح عدم الكفاءة في العالم وعزوه في شرحه إلى الينابيع وذكر الخير الرملي عن مجمع الفتاوى العالم يكون كفؤا للعلوية لأن شرف الحسب أقوى من شرف النسب وعن هذا قيل إن عائشة أفضل من فاطمة لأن لعائشة شرف العلم كذا في المحيط
وذكر أيضا أنه جزم به في المحيط والبزازية والفيض وجامع الفتاوى وصاحب الدرر ثم نقل عبارة المصنف هنا ثم قال فتحرر أن فيه اختلافا ولكن حيث صح أن ظاهر الرواية أنه لا يكافئها فهو المذهب خصوصا وقد نص في الينابيع أنه الأصح اه
أقول قد علمت أن ما صححه في الينابيع غير ما مشى عليه المصنف وأما ما ذكره من ظاهر الرواية فقد تبع فيه البحر وقول الشارح وادعى في البحر الخ يفيد أن كونه ظاهر الرواية مجرد دعوى لا دليل عليها سوى قولهم في المتون وغيرها والعرب أكفاء أي فلا يكافئهم غيرهم ولا يخفى أن هذا وإن كان ظاهره الإطلاق ولكن قيده المشايخ بغير العالم وكم له من نظير فإن شأن مشايخ المذهب إفادة قيود وشرائط لعبارات مطلقة استنباطا من قواعد كلية أو مسائل فرعية أو أدلة نقلية وهنا كذلك فقد ذكر في آخر التفاوى الخيرية في قرشي جاهل تقدم في المجلس على عالم أنه يحرم عليه إذ كتب العلماء طافحة بتقدم العالم على القرشي ولم يفرق سبحانه بين القرشي وغيره في قوله { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } سورة الزمر الآية 9 إلى آخر ما أطال به فراجعه فحيث كان شرف العلم
____________________
(3/92)
أقوى من شرف النسب بدلالة الآية وتسريحهم بذلك اقتضى تقييد ما أطلقوه هنا اعتمادا على فهمه من محل آخر فلم يكن ما ذكره المشايخ مخالفا لظاهر الرواية وكيف يصح لأحد أن يقول إن مثل أبي حنيفة أو الحسن البصري وغيرهما ممن ليس بعربي أنه لا يكون كفؤا لبنت قرشي جاهل أو لبنت عربي بوال على عقبية فلا جرم إنه جزم بما قاله المشايخ صاحب المحيط وغيره كما علمت وارتضاه المحقق ابن الهمام وصاحب النهر وتبعهم الشارح فافهم والله سبحانه وتعالى أعلم
قوله ( ولذا قيل الخ ) أي لكون شرف العلم أقوى
قيل إن عائشة أفضل لكثرة علمها وظاهره أنه لا يقال إن فاطمة أفضل من جهة النسب لأن الكلام مسوق لبيان أن شرف العلم أقوى من شرف النسب لكن قد يقال بإخراج فاطمة رضي الله عنها من ذلك لتحقق البضعية فيها بلا واسطة ولذا قال الإمام مالك إنها بضعة منه ولا أفضل على بضعة منه أحدا
ولا يلزم من هذا إطلاق أنها أفضل وإلا لزم تفضيل سائر بناته على عائشة بل على الخلفاء الأربعة وهو خلاف الإجماع كما بسطه ابن حجر في الفتاوى الحديثية وحينئذ فما نقل عن أكثر العلماء من تفضيل عائشة محمول على بعض الجهات كالعلم وكونها في الجنة مع النبي وفاطمة مع علي رضي الله عنهما ولهذا قال في بدء الأمالي وللصديقة الرجحان فاعلم على الزهراء في بعض الخلال وقيل إن فاطمة أفضل ويمكن إرجاعه إلى الأول
وقيل بالتوقف لتعارض الأدلة
واختاره الأستروشني من الحنفية وبعض الشافعية كما أوضحه منلا على القاري في شرح الفقه الأكبر وشرح بدء الأمالي
قوله ( والحنفي كفء لبنت الشافعي الخ ) المراد بالكفاءة هنا صحة العقد يعني لو تزوج حنفي بنت شافعي نحكم بصحة العقد وإن كان في مذهب أبيها أنه لا يصح العقد إذا كانت بكرا إلا بمباشرة وليها لأنا نحكم بما نعتقد صحته في مذهبنا
قال في البزازية وسئل أي شيخ الإسلام عن بكر بالغة شافعية زوجت نفسها من حنفي أو شافعي بلا رضا الأب هل يصح أجاب نعم وإن كانا يعتقدان عدم الصحة لأنا نجيب بمذهبنا لا بمذهب الخصم لاعتقادنا أنه خطأ يحتمل الصواب
وإن سئلنا كيف مذهب الشافعي فيه لا نجيب بمذهبه اه
وقوله لاعتقادنا الخ مبني على القول بأن المقلد يلزمه تقليد الأفضل ليعتقد أرجحية مذهبه والمعتمد عند الأصوليين خلافه كما بسطناه في صدر الكتاب ثم لا يخفى مما ذكرنا أنه لا مناسبة لذكر هذا الفرع في الكفاءة
تأمل
قوله ( القروي ) بفتح القاف نسبة إلى القرية
قوله ( فلا عبرة بالبلد ) أي بعد وجود ما مر من أنواع الكفاءة
قال في البحر فالتاجر في القرى كفء لبنت التاجر في المصر للتقارب
قوله ( كما لا عبرة بالجمال ) لكن النصيحة أن يراعي الأولياء المجانسة في الحسن والجمال
هندية عن التاترخانية ط
قوله ( ولا بالعقل ) قال قاضيخان في شرح الجامع وأما العقل فلا رواية فيه عن أصحابنا المتقدمين واختلف فيه المتأخرون اه أي في أنه هل يعتبر في الكفاءة أو لا
قوله ( ولا بعيوب الخ ) أي ولا يعتبر في الكفاءة السلامة من العيوب التي يفسخ بها البيع كالجذام والجنون والبرص والبخر والدفر
بحر
قوله ( خلافا للشافعي ) وكذا لمحمد في الثلاثة الأول إذا كان بحال لا تطيق المقام معه إلا أن التفريق أو الفسخ للزوجة لا للولي كما في الفتح
قوله ( ليس بكفء للعاقلة ) قال في النهر لأنه يفوت مقاصد النكاح
فكان أشد من الفقر ودناءة الحرفة وينبغي اعتماده لأن الناس يعيرون
____________________
(3/93)
بتزويج المجنون أكثر من ذي الحرفة الدنيئة
قوله ( أو أمه أو جده ) عزاه في النهر إلى المحيط وزاد في الفتح الجدة لكن فيه أن اعتباره كفؤا بغنى أبيه مبني على ما ذكر من العادة بتحمل المهر وهذا مسلم في الأم والجد أما الجدة فلم تجر العادة بتحملها وإن وجد في بعض الأوقات
تأمل
قوله ( كما مر ) أي عند قول المصنف ومالا
قوله ( لأن العادة الخ ) مقتضاه أنه لو جرت العادة بتحمل النفقة أيضا عن الابن الصغير كما في زماننا أنه يكون كفؤا بل في زماننا يتحملها عن ابنه الكبير الذي في حجره والظاهر أنه يكون كفؤا بذلك لأن المقصود حصول النفقة من جهة الزوج بملك أو كسب أو غيره ويؤيده أن المتبادر من كلام الهداية وغيرها أن الكلام في مطلق الزوج صغيرا أو كبيرا فإنه قال وعن أبي يوسف أنه اعتبر القدرة على النفقة دون المهر لأنه تجري المساهلة في المهر وبعد المرء قادرا عليه بيسار أبيه اه نعم زاد في البدائع أن ظاهر الرواية عدم الفرق بين النفقة والمهر لكن ما مشى عليه المصنف نقل في البحر تصحيحه عن المجتبى ومقتضى تخصيصه بالصبي أن الكبير ليس كذلك ووجهه أن الصغير غني بغنى أبيه في باب الزكاة بخلاف الكبير لكن إذا كان المناط جريان العادة بتحمل الأب لا يظهر الفرق بينهما ولا بين المهر والنفقة فيهما حيث تعورف ذلك والله تعالى أعلم
قوله ( بأقل الخ ) أي بحيث لا يتغابن فيه وقدمنا تفسيره في الباب السابق
قوله ( فللولي العصبة ) أي لا غيره من الأقارب ولا القاضي لو كانت سفيهة كما في الذخيرة
نهر
والذي في الذخيرة من الحجر المحجور عليها إذا تزوجت بأقل من مهر مثلها ليس للقاضي الاعتراض عليها لأن الحجر في المال لا في النفس اه
بحر
قلت لكن في حجر الظهيرية إن لم يدخل بها الزوج قيل له أتم مهر مثلها فإن رضي وإلا فرق بينهما وإن دخل فعليه إتمامه ولا يفرق بينهما لأن التفريق كان للنقصان عن مهر المثل وقد انعدم حين قضى لها بمهر مثلها بالدخول اه
قوله ( الاعتراض ) أفاد أن العقد صحيح وتقدم أنها لو تزوجت غير كفء فالمختار للفتوى رواية الحسن أنه لا يصح العقد ولم أر من ذكر مثل هذه الرواية هنا ومقتضاه أنه لا خلاف في صحة العقد ولعل وجهه أنه يمكن الاستدراك هنا بإتمام مهر المثل بخلاف عدم الكفاءة والله تعالى أعلم
قوله ( أو يفرق القاضي ) في الهندية عن السراج ولا تكون هذه الفرقة إلا عند القاضي وما لم يقض القاضي بالفرقة بينهما فحكم الطلاق والظهار والإيلاء والميراث باق اه
قوله ( دفعا للعار ) أشار إلى الجواب عن قولهما ليس للولي الاعتراض لأن ما زاد على عشرة دراهم حقها ومن أسقط حقه لا يعترض عليه ولأبي حنيفة أن الأولياء يفتخرون بغلاء المهور ويتعيرون بنقصانها فأشبه الكفاءة
بحر
والمتون على قول الإمام
قوله ( فلها نصف المسمى ) أي وليس لهم طلب التكميل لأنه عند بقاء النكاح وقد زال
قوله فلا مهر لها لأن الفرقة جاءت من قبل من له الحق وهي فسخ
ط عن شرح الملتقى
قوله ( فلها المسمى ) هذا في غير السفيهة وفيها لا تفريق بعد الدخول ولزم مهر المثل كما علمته
قوله ( لانتهاء النكاح بالموت ) فلا يمكن الولي طلب الفسخ فلا يلزم الإتمام لأنه إنما يلتزمه الزوج لخوف الفسخ وقد زال النكاح بالموت ط
____________________
(3/94)
مطلب في الوكيل والفضولي في النكاح قوله ( أمره بتزويج الخ بعض مسائل الوكيل والفضولي وذكرها في باب الولي لأن الوكالة نوع من الولاية
لنفاذ تصرفه على الموكل ونفاذ عقد الفضولي بالإجازة يجعله في حكم الوكيل وعقد ذلك في الكنز وغيره فصلا على حدة
واعلم أنه لا تشترط الشهادة على الوكالة بالنكاح بل على عقد الوكيل وإنما ينبغي أن يشهد على الوكالة إذا خيف جحد الموكل إياها
فتح
قوله ( بتزويج امرأة ) أي منكرة ويأتي محترزه وأطلق في الأمة فشمل المكاتبة وأم الولد بشرط أن لا تكون للوكيل للتهمة وما لو كانت عمياء أو مقطوعة اليدين أو مفلوجة أو مجنونة خلافا لهما أو صغيرة لا تجامع اتفاقا وقيل على الخلاف
فتح
زاد في البحر أو كتابية أو من حلف بطلاقها أو آلى منها أو في عدة الموكل أو بغبن فاحش في المهر
قوله ( جاز ) في بعض النسخ نفذ وهي أنسب لأن الكلام في النفاذ لا في الجواز ح
قوله ( وقالا لا يصح ) أي إذا رده الآمر والأولى التعبير بلا ينفذ ليفيد أنه موقوف
ووجه قول الإمام أن هذا رجوع إلى إطلاق اللفظ وعدم التهمة
ووجه قولهما إن لمطلق ينصرف إلى المتعارف وهو التزوج بالإكفاء وجوابه أن العرف مشترك في تزوج المكافئات وغيرهن وتمامه في الفتح
قوله ( وهو استحسان ) قال في الهداية وذكر في الوكالة أن اعتبار الكفاءة في هذا استحسان عندهما لأن كل أحد لا يعجز عن التزوج بمطلق الزوجة فكانت الاستعانة في التزوج بالكفء اه
قال في الفتح وفيه إشارة إلى اختيار قولهما لأن الاستحسان مقدم على غيره إلا في المسائل المعلومة والحق أن قول الإمام ليس قياسا لأنه أخذ بنفس اللفظ المنصوص فكان النظر في أي الاستحسانين أولى اه
والمراد باللفظ المنصوص ) لفظ الموكل
قوله ( بنته الصغيرة ) فلو كبيرة برضاها لا يجوز عنده خلافا لهما ولو زوجه أخته الكبيرة برضاها جاز اتفاقا
بحر
ومثله في الذخيرة
قوله ( أو موليته ) بتشديد الياء كمرمية اسم مفعول أي اليت هي مولى عليها من جهته أي له عليها الولاية وهذا عطف عام على خاص وذلك كبنت أخيه الصغيرة
قوله ( كما لو أمره بمعينة ) محترز قول المتن امرأة بالتنكير ومثله ما لو عين المهر كألف فزوجه بأكثر فإن دخل بها غير عالم فهو على خياره فإن فارقها فلها الأقل من المسمى ومهر المثل ولو هي الموكلة وسمت له ألفا فزوجها ثم قال الزوج ولو بعد الدخول تزوجتك بدينار وصدقة الوكيل إن أقر الزوج أنها لم توكل بدينار فهي بالخيار فإن ردت فلها مهر المثل بالغا ما بلغ ولا نفقة عدة لها لأن بالرد تبين أن الدخول حصل في نكاح موقوف فيوجب مهر المثل دون نفقة العدة وإن كذبها الزوج فالقول لها مع يمينها فإن ردت فباقي الجواب بحاله ويجب الاحتياط في هذا فإنه ربما يحصل لها منه أولاد ثم تنكر قدر ما زوجها به الوكيل ويكون القول قولها فترد النكاح
فتح ملخصا
قال في البزازية وهذا إن ذكر المهر وإن لم يذكر فزوجه بأكثر من مهر المثل بما لا يتغابن فيه الناس أو زوجها بأقل منه كذلك صح عنده خلافا لهما لكن للأولياء حق الاعتراض في جانب المرأة دفعا للعار عنهم اه
وانظر ما قدمناه في باب الولي
قوله ( لم يجز اتفاقا ) لأن الكفاءة معتبرة في حقها فلو كان كفؤا إلا أنه أعمى أو مقعد أو صبي أو معتوه فهو جائز وكذا لو كان خصيا أو عنينا وإن كان لها التفريق بعد ذلك
بحر
ثم قال ولو زوجها من
____________________
(3/95)
أبيه أو ابنه لم يجز عنده وفي كل موضع لا ينفذ فعل الوكيل فالعقد موقوف على إجازة الموكل وحكم الرسول كحكم الوكيل في جميع ما ذكرناه وتوكيل المرأة المتزوجة بالتزويج إذا طلقت وانقضت عدتها صحيح كتوكيله أن يزوجه المتزوجة فطلقت وحلت فزوجها فإنه صحيح
قوله ( بنكاح امرأة ) نكرها دلالة على أنه لو عينها فزوجها مع أخرى لا يكون مخالفا بل ينفذ عليه في المعنية
وفي الخانية وكله بأن يزوجه فلانة أو فلانة فأيهما زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة
نهر
قوله ( للمخالفة ) تعليل قاصر
وعبارة الهداية لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في إحداهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية فتعين التفريق اه
قوله ( وله أن يجيزهما أو إحداهما ) اعترض الزيلعي بهذا على قول الهداية فتعين التفريق وأجاب في البحر بأن مراده عند عدم الإجازة فإن أجاز نكاحهما أو إحداهما نفذ
قوله ( وتوقف الثاني ) لأنه فضولي فيه ط
قوله ( إلا إذا قال الخ ) في غاية البيان أمره بامرأتين في عقدة فزوجه واحدة جاز إلا إذا قال لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة فلا يجوز اه أي لا يجوز أن يزوجه واحدة فلو زوجه ثنتين في عقدتين فالظاهر عدم الجواز لأن قوله في عقدة داخل تحت الحصر وهو المفهوم من كلام الشارح
وفي المحيط أمره بامرأتين في عقدة فزوجهما في عقدتين جاز وفي لا تزوجني امرأتين إلا في عقدتين فزوجهما في عقدة لا يجوز
والفرق أنه في الأول أثبت الوكالة حالة الجمع ولم ينفها حالة التفرد نصا بل سكت والتنصيص على الجمع لا ينفي ما عداه وفي الثاني نفاها حالة التفرد والنفي مفيد لما في الجمع من تعجيل مقصوده فلم يصر وكيلا حالة الانفراد اه
والظاهر أن في صورة النفي هذه لو زوجه امرأة يصح ولا يتوقف على تزويج الثانية في عقد آخر وكذا في صورة النفي في كلام الشارح وهي لا تزوجني إلا امرأتين في عقدتين وهو خلاف المفهوم من كلامه فتأمل
قوله ( على قبول غائب ) أي شخص غائب فإذا أوجب الحاضر وهو فضولي من جانب أو من الجانبين لا يتوقف على قبول الغائب بل يبطل وإن قبل العاقد الحاضر بأن تكلم بكلامين كما يأتي وقيد بالغائب لأنه لو كان حاضرا فتارة يتوقف كالفضوليين وتارة ينفذ بأن لم يكن فضوليا ولو من جانب كما في الصور الخمس الآتية
قوله ( في سائر العقود ) قال المصنف في المنح هو أولى مما وقع في الكنز من قوله على قبول ناكح غائب لأنه ربما أفهم الاختصاص بالنكاح وليس كذلك
قوله ( بل يبطل ) لما كان يتوهم من عدم التوقف أنه تام اكتفاء بالإيجاب وحده دفع هذا الإيهام بالإضراب محل البطلان إذا لم يقبل فضولي عن الغائب أما إذا قبل عنه توقف على الإجازة ط
قوله ( ولا تلحقه الإجازة ) يعني أنه إذا بلغ الآخر الإيجاب فقيل لا يصح العقد لأن الباطل لا يجاز ط
قوله ( يقوم مقام القبول ) كقوله مثلا زوجت فلانة من نفسي فإنه يتضمن الشطرين فلا يحتاج إلى القبول بعده وقيل يشترط ذكر لفظ هو أصيل فيه كتزوجت فلانة بخلاف ما هو نائب فيه كزوجتها من نفسي وكلام الهداية صريح في خلافه كما في البحر عن الفتح
قوله ( وليا أو وكيلا من الجانبين ) كزوجت ابني بنت أخي أو زوجت موكلي فلانا موكلتي فلانة
قال ط يكفي شاهدان على وكالته ووكالتها وعلى العقد لأن
____________________
(3/96)
الشاهد يتحمل الشهادات العديدة اه
وقدمنا أن الشهادة على الوكالة لا تلزم إلا عند الجحود
قوله ( ووكيلا أو وليا من آخر ) كما لو وكلته امرأته أن يزوجها من نفسه أو كانت له بنت عم صغيرة لا ولي لها أقرب منه فقال تزوجت موكلتي أو بنت عمي
قوله ( كزوجت بنتي من موكلي ) مثال للصورة الخامسة ولا بد من التعريف بالاسم والنسب وإنما لم يذكره لأنه مر بيانه
قوله ( ليس ذلك الواحد ) أي المتولي للطرفين بفضولي كما في الخمس المارة
قوله ( ولو من جانب ) أي سواء كان فضوليا من جانب واحد أو من جانبين أي جانب الزوج والزوجة فإذا كان فضوليا منهما أو كان فضوليا من أحدهما وكان من الآخر أصيلا أو كيلا أو وليا ففي هذه الأربع لا يتوقف بل يبطل عندهما خلافا للثاني حيث قال إنه يتوقف على قبول الغائب كما يتوقف اتفاقا لو قبل عنه فضولي آخر والخمسة السابقة نافذة اتفاقا وبقي صورة عاشرة عقلية وهي الأصيل من الجانبين لم يذكرها لاستحالتها
قوله ( وإن تكلم بكلامين ) أي بإيجاب وقبول كزوجت فلانا وقبلت عنه وهذه مبالغة على المفهوم وهو أو الواحد لا يتولى طرفي النكاح عندهما إذا كان فضوليا ولو من جانب سواء تكلم بكلام واحد أو بكلامين خلافا لما في حواشي الهداية وشرح الكافي من أنه يبطل عندهما إذا تكلم بكلام واحد أما لو تكلم بكلامين فإنه لا يبطل بل يتوقف على قبول الغائب اتفاقا ورده في الفتح بأن الحق خلافه وأنه لا وجود لهذا القيد في كلام أصحاب المذهب وإنما المنقول أن الفضولي الواحد لا يتولى الطرفين عندهما وهو مطلق
قوله ( لأن قبوله ) أي الفضولي المتولي الطرفين
قوله ( لما تقرر الخ ) حاصله أن الإيجاب لما صدر من الفضولي وليس له قابل في المجلس ولو فضوليا آخر صدر باطلا غير متوقف على قبول الغائب فلا يفيد قبول العاقد بعده ولم يخرج بذلك عن كونه فضوليا من الجانبين
قال في الفتح إن كون كلامي الواحد عقدا تاما هو أثر كونه مأمورا من الطرفين أو من طرف وله ولاية الطرف الآخر
قوله ( ونكاح عبد ) أي ولو مدبرا أو مكاتبا
نهر
قوله ( وأمة ) أي ولو أم ولد
نهر
قوله ( على الإجازة ) أي إجازة السيد أو إجازة العبد بعد الإذن المتأخر عن العقد لما في البحر عن التجنيس لو تزوج بغير إذن السيد ثم أذن لا ينفذ لأن الإذن ليس بإجازة فلا بد من إجازة العبد العاقد وإن صدر العقد منه اه
قوله ( كنكاح الفضولي ) أي الذي باشره مع آخر أصيل أو ولي أو وكيل أو فضولي أما لو تولى طرفي العقد وهو فضولي من الجانبين أو أحدهما فإنه لا يتوقف خلافا لأبي يوسف كما مر
قال في البحر الفضولي من يتصرف لغيره بغير ولاية وكالة أو لنفسه وليس أهلا وإنما زدناه أي قوله أو لنفسه ليدخل نكاح العبد بلا إذن إن قلنا إنه فضولي وإلا فهو ملحق به في أحكامه اه
والصبي كالعبد وإنما قال من يتصرف لا من يعقد ليدخل اليمين كما لو علق طلاق زوجة غيره على دخول الدار مثلا فإنه يتوقف على إجازة الزوج فإن أجاز تعلق فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا قبلها ما لم يقل الزوج أجزت الطلاق علي ولو قال أجزت هذا اليمين علي لزمته اليمين ولا يقع الطلاق ما لم تدخل بعد الإجازة كما في الفتح عن الجامع والمنتقى
قوله ( إن لها مجيز الخ ) فسر المجيز في النهاية بقابل يقبل الإيجاب سواء كان فضوليا أو وكيلا أو أصيلا وقال فيها في فصل بيع الفضولي لو باع الصبي ما له أو اشترى أو تزوج أو زوج أمه أو كاتب عبده ونحوه توقف عن إجازة
____________________
(3/97)
الولي فلو بلغ هو فأجاز نفذ ولو طلق أو خلع أو أعتق عن مال أو بدونه أو وهب أو تصدق أو زوج عبده أو باع ماله بمحاباة فاحشة أو اشترى بغبن فاحشة أو غير ذلك مما لو فعله وليه لا ينفذ كان باطلا لعدم المجيز وقت العقد إلا إذا كان لفظ الإجازة يصلح لابتداء العقد فيصح على وجه الإنشاء كأن يقول بعد البلوغ أوقعت ذلك الطلاق أو العتاق اه
قال في الفتح وهذا يوجب أن يفسر المجيز هنا بمن يقدر على إمضاء العقد لا بالقابل مطلقا ولا بالولي إذ لا يتوقف في هذه الصور وإن قبل فضولي آخر أو ولي لعدم قدرة الولي على إمضائها فعلى هذا فما لا مجيز له أي ما ليس له من يقدر على الإجازة يبطل كما إذا كان تحته حرة فزوجه الفضولي أمة أو أوخت امرأته أو خامسة أو معتدة أو مجنونة أو صغيرة يتيمة في دار الحرب أو إذا لم يكن سلطان ولا قاض لعدم من يقدر على الإمضاء في حالة العقد فوقع باطلا حتى لو زال المانع بموت امرأته السابقة وانقضاء عدة المعتدة فأجاز لا ينفذ وأما إذا كان فيجب أن يتوقف لوجود من يقدر على الإمضاء اه ملخصا
وقوله وإما إذا كان أي وجد سلطان أو قاض في مكان عقد الفضولي عن المجنونة أو اليتيمة فيتوقف أي ويفذ بإجازتها بعد عقلها أو بلوغها لأن وجود المجيز حالة العقد لا يلزم كونه من أولياء النسب كما تقدم في الباب السابق قبل قوله وللولي إلا بعد التزويج بغيبة الأقرب
قوله ( ولابن العم الخ ) هذه من فروع قوله ويتولى طرفي النكاح واحد ليس بفضولي من جانب فيتولاه هنا بالأصالة من جانبه والولاية من جانبها ومثل الصغيرة المعتوهة والمجنونة ولا يخفى أن المراد حيث لا ولي أقرب منه
قوله ( لا يجوز عندهما ) لأنه تولى طرفي النكاح وهو فضولي من جانبها فلم يتوقف عندهما بل بطل ما مر وإذا لم يتوقف لا ينفذ بالإجازة بعده بالسكوت أو الإفصاح وهذا إذا زوجها لنفسه كما قلنا أما لو زوجها لغيره وبلا استئذان سابق فسكتت بكرا أو أفصحت بالرضا ثيبا يكون إجازة لأنه نعقد موقوفا لكونه لم يتول الطرفين بنفسه بل باشر العقد مع غيره من أصيل أو ولي أو وكيل أو فضولي فتكون المسألة حينئذ من فروع قوله كنكاح فضولي
قوله ( جوهرة ) جميع ما تقدم من قوله ولابن العم إلى قوله السلطان عبارة الجوهرة ح
قوله ( يعني بخلاف الصغيرة الخ ) توضيحه أن قول الجوهرة وكذا المولى الخ إشارة إلى أن ذكر ابن العم أولا غير قيد بل المراد به من له ولاية التزوج والتزويج وظاهره أن هذا التعميم جاز في الصغيرة والكبيرة أي يزوج الولي الصغيرة من نفسه وكذا الكبيرة لكن بالاستئذان وهذا صحيح في الكبيرة أما الصغيرة فلا لأنه ليس للحاكم والسلطان أن يتزوجا صغيرة لا ولي لها غيرهما لأن فعلهما حكم فيتعين أن يكون قول الجوهرة وكذا الخ راجعا إلى قوله فلو كبيرة لبيان تعميم الولي فيها فقط وهذا معنى قول الشارح بخلاف الصغيرة كما مر أي في الفروع من الباب السابق في قوله ليس للقاضي تزويج الصغيرة من نفسه الخ لكن بعد حمل كلام الجوهرة على هذا يبقى فيه إشكال آخر وهو أن الحاكم والسلطان لا يزوجان الصغيرة لنفسهما لأن فعلهما حكم كما مر وهذا لا يظهر في المولى المعتق فقرانه معهما في الذكر وإن ظهر بالنسبة إلى الكبيرة لكنه لا يظهر بالنسبة إلى الصغيرة المفهومة من التقييد بالكبيرة فلذا قال فليحرر فافهم
والذي يظهر أنه لا مانع من تزوج المولى المعتق معتقته الصغيرة لنفسه حيث الأولى أقرب منه لأنه حينئذ
____________________
(3/98)
هو الولي المجبر فيكون أصيلا من جانبه وليا من جانبها كابن العم فيكون داخلا تحت قولهم يتولى طرفي النكاح واحد ليس بفضولي من جانب ولا يعارض ذلك عبارة الجوهرة التي هي غير محررة إذ لولا وجود المانع في الحاكم وهو أن فعله حكم لكان داخلا تحت هذه القاعدة ولا مانع في المولى فيبقى داخلا تحتها وأيضا لو كان المولى كالحاكم يلزم أن لا يملك تزويجها من ابنه ونحوه ممن لا تقبل شهادته له ويخالفه ما في الفتح عن التجنيس لو زوج القاضي الصغيرة التي هو وليها من ابنه لا يجوز كالوكيل بخلاف سائر الأولياء لأن تصرف القاضي حكم وحكمه لابنه لا يجوز بخلاف تصرف الولي اه
فقوله بخلاف سائر الأولياء يشمل المولى المعتق فهذا صريح في أنه ليس كالقاضي
تنبيه تقدم أن المعتق آخر العصبات وأن له ولاية التزويج ولو كان امرأة ثم بنوه وإن سفلوا ثم عصبته من النسب على ترتيبهم كما في الفتح وحيث علمت أن له تزويج الصغيرة لنفسه فكذا بنوه وعصباته وكذا لو كان امرأة تزوج معتقها الصغير لنفسها والله تعالى أعلم
قوله ( من نفسه ) في المغرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة وليس في كلامهم تزوجت بامرأة ولا زوجت منه امرأة
قوله ( فإن له ذلك ) أي تزويجها لنفسه بشرط أن يعرفها الشهود أو يذكر اسمها واسم أبيها وجدها أو تكون حاضرة متنقبة فتكفي الإشارة إليها
وعند الخصاف لا يشترط كل ذلك بل يكفي قوله زوجت نفسي من موكلتي كما بسطه في الفتح والبحر وقدمنا الكلام عليه عند قوله وبشرط حضور شاهدين ثم إن قول الشارح فإن له إخراج إعراب المتن عن أصله ولا يضر ذلك لأنه لم يغير اللفظ وإنما زاده لإصلاح المتن فإن قول المصنف كما للوكيل الكاف فيه للتشبيه بمسألة ابن العم وما مصدرية أو كافة وللوكيل خبر مقدم والمصدر المنسبك من أن وصلتها مبتدأ مؤخر واسم الإشارة بدل منه
وفيه أمران الأول إطلاق الوكيل مع أن المراد منه وكيل مقيد بأن يزوجها من نفسه
والثاني إنه لا حاجة إلى زيادة اسم الإشارة فأصلح الشارح الأول بزيادة قوله الذي وكلته
والثاني بزيادة قوله فإن له وحينئذ فقوله للوكيل خبر لمبتدإ محذوف تقديره أن يزوج من نفسه ولم يصرح به لدلالته التشبيه عليه وقوله الذي وكلته الخ نعت للوكيل ولا يخفى حسن هذا السبك نعم يمكن إصلاح كلام المتن بدونه بجعل اسم الإشارة مبتدأ وللوكيل خبره وقوله إن يزوجها على تقدير الباء الجارة متعلق بالوكيل وهذا وإن صح لكنه غير متبادر من هذا اللفظ وعلى كل فلا خلل في كلام الشارح فافهم
قوله ( من رجل ) أي غير معين وكذا المعين بالأولى
وفي الهندية عن المحيط رجل وكل امرأة أن تزوجه فزوجت نفسها منه لا يجوز اه
قوله ( فزوجها من نفسه ) وكذا لو زوجها من أبيه أو ابنه عند أبي حنيفة كما قدمناه عن البحر لأن الوكيل لا يعقد مع من لا تقبل شهادته له للتهمة
قوله ( لأنها الخ ) يوهم الجواز لو زوجها من أبيه أو ابنه وقد علمت أنه لا يجوز
قوله ( أو وكلته أن يتصرف في أمرها ) لأنه لو أمرته بتزويجها لا يملك أن يزوجها من نفسه فهذا أولى هندية عن التجنيس
قلت ومقتضى التعليل صحة تزويجها من غيره وينبغي تقييده بالقرينة وينبغي أنه لو قامت قرينة على إرادة تزويجها منه أنه يصح كما لو خطبها لنفسه فقالت أنت وكيل في أموري
قوله ( أو قالت له ) في غالب النسخ بأو وفي بعضها بالواو والأول هو الموافق لما في البحر وغيره فهي مسألة ثانية
ونقل المصنف في المنح عن جواهر الفتاوى
____________________
(3/99)
أنه يصح
قال البزدوي لعل هذا القائل ذهب إلى أنها علمت من الوكيل أنه يريد تزويجها فحينئذ يجوز
قوله ( لم يصح ) أي لم ينفذ بل يتوقف على إجازتها لأنه صار فضوليا من جانبها قوله ( والأصل الخ ) بيانه أن قولها وكلتك أن تزوجني من رجل الكاف فيه للخطاب فصار الوكيل معرفة وقد ذكرت رجلا منكرا والمعرف غيره وكذا قولها ممن شئت فإنه بمعنى أي رجل شئته
قوله ( وأحد العاقدين ) هو العاقد لنفسه كما في البحر أي سواء كان أصيلا أو وليا أو وكيلا فإنه عاقد لنفسه بمعنى أنه غير فضولي
تأمل وانظر ما لو كان فضوليا بأن كان كل من العاقدين فضوليين والظاهر أن الشرط قيام المعقود لهما فقط
قوله ( أربعة أشياء ) وهم العاقدان والمبيع وصاحبه ويزاد الثمن إن كان عرضا كما في البحر فافهم
قوله ( كما سيجيء ) أي في البيوع قوله ( لا يملك نقص النكاح ) أي لا قولا ولا فعلا
قال في الخانية العاقدون في الفسخ أربعة عاقد لا يملك الفسخ قولا وفعلا وهو الفضولي حتى لو زوج رجلا امرأة بلا إذنه ثم قال قبل إجازته فسخت لا ينفسخ وكذا لو زوجه أختها يتوقف الثاني ولا يكون فسخا للأول وعاقد يفسخ بالقول فقط وهو الوكيل بنكاح معينة إذا خاطب عنها فضولي فهذا الوكيل يملك الفسخ بالقول ولو زوجه أختها لا ينفسخ الأول
وعاقد يفسخ بالفعل فقط وهو الفضولي إذا زوج رجلا امرأة بلا إذنه ثم وكله الرجل أن يزوجه امرأة غير معينة فزوجه أخت الأول ينفسخ نكاح الأولى ولو فسخه بالقول لا يصح
وعاقد يفسخ بهما وهو الوكيل بتزويج امرأة بعينها إذا زوجه امرأة خاطب عنها فضولي فإن فسخه الوكيل أو زوجه أختها انفسخ
قوله ( بخلاف البيع ) والفرق أنه بالبيع تلحقه العهدة فله الرجوع كي لا يتضرر بخلاف النكاح فإن الحقوق ترجع إلى المعقود له
عمادية
قوله ( موافقته في المهر المسمى ) قدمنا الكلام عليه عند قوله بمعينة
قوله ( وحكم رسول كوكيل ) قال في الفتح ذكر في الرسول من مسائل أصل المبسوط قال إذا أرسل إلى المرأة رسولا حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا فقال إن فلانا يسألك أن تزوجيه نفسك فأشهدت أنها زوجته وسمع اليهود كلامهما أي كلامها وكلام الرسول فإن ذلك جائز إذا أقر الزوج بالرسالة أو قامت عليه بينة فإن لم يكن أحدهما فلا نكاح بينهما لأن الرسالة لما لم تثبت كان الآخر فضوليا ولم يرض الزوج بصنعه
ولا يخفى أن مثل هذا بعينه في الوكيل ثم ذكر فروعا كلها تجري في الوكيل اه
وقدمنا أول النكاح أحكام التزوج بإرسال الكتاب والله تعالى أعلم
باب المهر لما فرغ من بيان ركن النكاح وشرطه شرع في بيان حكمه وهو المهر فإن مهر المثل يجب بالعقد فكان حكما كذا في العناية واعترضه في السعدية بأن المسمى من أحكامه أيضا
وأجاب في النهر بأنه إنما خص مهر المثل لأن حكم الشيء هو أثره الثابت به والواجب بالعقد إنما هو مهر المثل ولذا قالوا إنه الموجب الأصلي في باب النكاح وأما المسمى فإنما قام مقامه للتراضي به ثم عرف المهر في العناية بأنه اسم للمال الذي يجب
____________________
(3/100)
في عقد النكاح على الزوج في مقابلة البضع إما بالنسبة أو بالعقد واعترض بعد شموله للواجب بالوطء بشبهة ومن ثم عرفه بعضهم بأنه اسم لما تستحقه المرأة بعقد النكاح أو الوطء
وأجاب في النهر بأن المعروف مهر هو حكم النكاح بالعقد
تأمل
قوله ( ومن أسمائه الخ ) أفاد أن له أسماء غيرها كالأجر والعلائق والحباء
قال في النهر وقد جمعها بعضهم بقوله صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عقر علائق لكنه لم يذكر العطية والصدقة
قوله ( وفي استيلاد الجوهرة ) أي في باب الاستيلاد من الجوهرة نقلا عن الإمام السرخسي
قوله ( في الحرائر مهر المثل ) سيأتي تفسيره وتفصيله
قوله ( وفي الأماء الخ ) أي عشر قيمة الأمة إن كانت بكرا ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا والظاهر أنه يشترط عدم نقصان العشر أو نصفه عن عشرة دراهم فإن نقص وجب تكميله إلى العشرة لأن المهر لا ينقص عن عشرة سواء كان مهر المثل أو مسمى ح
قلت وقال في الفيض بعد نقله ما ذكره الشارح عن بعض المحققين وقيل في الجواري ينظر إلى مثل تلك الجارية جمالا ومولى بكم تتزوج فيعتبر بذلك وهو المختار اه
والظاهر أن هذا هو المراد من قوله الآتي عند ذكر مهر المثل أن مهر الأمة بقدر الرغية فيها وفي باب نكاح الرقيق من الفتح العقر هو مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب به في مثلها جمالا فقط
وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنى لو جاز فليس معناه بل العادة أن ما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهرا لأن الثاني للبقاء بخلاف الأول
قوله ( لحديث البيهقي وغيره ) رواه البيهقي بسند ضعيف ورواه ابن أبي حاتم
وقال الحافظ ابن حجر إنه بهذا الإسناد حسن كما في فتح القدير في باب الكفاءة
قوله ( ورواية الأقل الخ ) أي ما يدل بحسب الظاهر من الأحاديث المروية على جواز التقدير بأقل من عشرة وكلها مضعفة إلا حديث لتمس ولو خاتما من حديد يجب حملها على أنه المعجل وذلك لأن العادة عندهم تعجيل بعض المهر قبل الدخول حتى ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يدخل بها حتى يقدم شيئا لها تمسكا بمنعه عليا أن يدخل بفاطمة رضي الله تعالى عنهما حتى يعطيها شيئا فقال يا رسول الله ليس لي شيء فقال أعطها درعك فأعطاها درعه رواه أبو داود والنسائي ومعلوم أن الصداق كان أربعمائة درهم وهي فضة لكن المختار الجواز قبله لما روت عائشة رضي الله عنها قالت أمرني رسول الله أن أدخل مرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا رواه أبو داود
فيحمل المنع المذكور على الندب أي ندب تقديم شيء إدخالا للمسرة عليها تألفا لقلبها وإذا كان ذلك معهودا وجب حمل ما خالف ما رويناه عليه جمعا بين الأحاديث وهذا وإن قيل إنه خلاف الظاهر في حديث لتمس ولو خاتما من حديد لكن يجب المصير إليه لأنه قال فيه بعده زوجتكها بما معك من القرآن فإن حمل على تعليمه إياها ما معه أو نفى المهر بالكلية عارض كتاب الله تعالى وهو قوله تعالى { أن تبتغوا بأموالكم } سورة النساء الآية 14 فقيد الأحلال بالابتغاء بالمال فوجب كون الخبر غير مخالف له وإلا لم يقبل لأنه خبر واحد وهو لا ينسخ القطعي في الدلالة
وتمام ذلك مبسوط في الفتح
قوله ( فضة ) تمييز منصوب أو مجرور فدراهم تمييز لعشرة وفضة تمييز لدراهم على أن المراد بها آلة الوزن
قوله ( وزن ) بالرفع صفة عشرة وبالنصب حال على تقدير ذات وزن ط
قوله ( سبعة مثاقيل ) هو أن يكون كل درهم أربعة عشر قيراطا
شرنبلالية
قوله ( مضروبة كانت أو لا ) فلو سمى
____________________
(3/101)
عشرة تبرا أو عرصا قيمته عشرة تبرا لا مضروبة صح وإنما تشترط المصكوكة في نصاب السرقة للقطع تقليلا لوجود الحد
بحر
قوله ( ولو دينا ) أي في ذمتها أو في ذمة غيرها
أما الأول فظاهر وأما الثاني فكما لو تزوجها على عشرة له على زيد فإنه يصح وتأخذها من أيهما شاءت فإن ابتعت المديون أجبر الزوج على أن يوكلها بالقبض منه كما في النهر أي لئلا يلزم تمليك الدين من غير من عليه الدين اه ح
لكن إذا أضيف النكاح إلى دراهم في ذمتها تعلق بالعين لا بالمثل بخلاف ما إذا كان في ذمة غيرها فإنه يتعلق بالمثل لئلا يكون تمليك الدين من غير من عليه الدين وبيان ذلك في الذخيرة
قوله ( أو عرضا ) وكذا لو منفعة كسكنى داره وركوب دابته وزراعة أرضع حيث علمت المدة كما في الهندية
قلت ولا بد من كونها مما يستحق المال بمقابلتها ليخرج ما يأتي من عدم صحة التسمية في خدمة الزوج الحر لها وتعليم القرآن
قوله ( قيمته عشرة وقت العقد ) أي وإن صارت يوم التسليم ثمانية فليس لها إلا هو ولو كان على عكسه لها العرض المسمى ودرهمان ولا فرق في ذلك بين الثوب والمكيل والموزون لأن ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه وإنما التغير في رغبات الناس
بحر عن البدائع
قوله ( أما في ضمانها الخ ) يعني أما الحكم في ضمانها الخ وذلك كما لو تزوجها على ثوب وقيمته عشرة فقبضته وقيمته عشرون وطلقها قبل الدخول والثوب مستهلك ردت عشرة لأنه إنما دخل في ضمانها بالقبض فتعتبر قيمته يوم القبض
بحر عن المحيط
والهلاك كالاستهلاك لأنها إذا لم تؤاخذ بما زاد في قيمته بعد القبض في الاستهلاك ففي الهلاك بالأولى وأفاد أنه لو قائما تعتبر قيمته يوم الطلاق لا يوم القبض وأنه ليس له أخذه منها ليعطيها نصف قيمته بل إن كان مما لا يتعيب بالقسمة كمكيل وموزون أخذ نصفه وإلا بقي مشتركا بعد القضاء أو الرضا لما سيأتي من أنه لو كان مسلما لها لم يبطل ملكها ويتوقف عوده إلى ملكه على القضاء أو الرضا حتى ينفذ تصرفها فيه قبل ذلك لا تصرفه كذا أفاده السيد محمد أبو السعود وأفاد أيضا أنها لو أرادت أن تعطيه نصف قيمته فالظاهر أنه يجبر على القبول
قلت وفيه نظر لأنه قبل القضاء أو الرضا لا وجه لإجباره لأن له ترك المطالبة بالكلية وكذا بعده إذا صار مشتركا لا وجه لإجباره على قبول قيمة حصته فافهم
قوله ( وتجب العشرة إن سماها الخ ) هذا إن لم تكسد الدراهم المسماة فلو كسدت وصار النقد غيرها فعليه قيمتها يوم كسدت على المختار بخلاف البيع حيث يبطل بكساد الثمن
فتح
قوله ( ويجب الأكثر ) أي بالغا ما بلغ فالتقدير بالعشرة لمنع النقصان ( ويتأكد ) أي الواجب من العشرة أو الأكثر وأفاد أن المهر وجب بنفس العقد لكن مع احتمال سقوطه بردتها أو تقبيلها ابنه أو تنصفه بطلاقها قبل الدخول وإنما يتأكد لزوم تمامه بالوطء ونحوه وبه ظهر أن ما في الدرر من أن قوله عند وطء متعلق بالوجوب غير مسلم كما أفاده في الشرنبلالية
قال في البدائع وإذا تأكد المهر بما ذكر لا يسقط بعد ذلك وإن كانت الفرقة من قبلها لأن البدل بعد تأكده لا يحتمل السقوط إلا بالإبراء كالثمن إذا تأكد بقبض المبيع اه
قوله ( صحت ) احتراز عن الخلوة الفاسدة كما سيأتي بيانها
قوله ( من الزوج ) متعلق بقوله وطء أو خلوة على التنازع لا بقوله صحت حتى يرد أن شروط الصحة ليست من جانبه فقط فافهم
قوله ( أو تزوج ثانيا ) هذا مؤكد رابع زاده في البحر بحثا بقوله وينبغي أن لا يزاد رابع وهو وجوب العدة عليها منه فيما لو طلقها بائنا بعد الدخول ثم تزوجها في العدة وجب
____________________
(3/102)
كمال المهر الثاني بدون الخلوة والدخول لأن وجوب العدة عليها فوق الخلوة اه
وأقره في النهر وفيه بحث فإنه يمكن إدخاله فيما قبله وهو الوطء لما سيأتي في باب العدة من أنه في هذه الصورة يجب عليه مهر تام وعليها عدة مبتدأة لأنها مقبوضة في يده بالوطء الأول لبقاء أثره وهو العدة وهذه إحدى المسائل العشرة المبنية على أن الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني
قوله ( أو إزالة بكارتها الخ ) هذا مؤكد خامس زاده في البحر أيضا حيث قال ينبغي أن يزاد خامس وهو ما لو أزال بكارتها بحجر ونحوه فإن لها كمال المهر كما صرحوا به بخلاف ما إذا أزالها بدفعة فإنه يجب النصف لو طلقها قبل الدخول ولو دفعها أجنبي فزالت بكارتها وطلقت قبل الدخول وجب نصف المسمى على الزوج وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها اه
وأقره في النهر أيضا وفيه بحث أيضا فإن الذي يظهر لي دخول هذا فيما قبله وهو الخلوة لأن العادة أن إزالة البكارة بحجر ونحوه كأصبع إنما تكون في الخلوة فلذا وجب كل المهر بخلاف إزالتها بدفعة فإن المراد حصولها في غير خلوة ثم رأيت ما يفيد ذلك في جنايات الفتاوى الهندية عن المحيط حيث قال ولو دفع امرأته ولم يدخل بها فذهبت عذرتها ثم طلقها فعليه نصف المهر ولو دفع امرأة الغير وذهبت عذرتها ثم تزوجها ودخل وجب لها مهران اه أي مهر بالدخول بحكم النكاح ومهر بإزالة العذرة بالدفع كما في جنايات الخانية فقوله ولو دفع امرأته ولم يدخل بها ذكر مثله في جنايات الخانية ومثله في الفتح هنا وهو صريح فيما قلناه في مسألة الدفع ومشير إلى أن مسألة الحجر في الخلوة إذ لا يظهر الفرق بين مجرد إزالتها بحجر أو دفعة ويدل عليه أن المقاد من إيجاب نصف المهر في مسألة الدفع أن الزوج لا ضمان عليه في إزالة بكارة الزوجة بأي سبب كان لأن وجوب نصف المهر عليه إنما هو بحكم الطلاق قبل الدخول وإلا لوجب عليها مهر آخر لإزالتها بالدفع كما في مسألة امرأة الغير
وبه علم أن لزوم كمال المهر فيما لو أزالها بحجر إنما هو بحكم الطلاق بعد الخلوة لا بسبب إزالتها بالحجر وإلا لكان الواجب عليه مهرين حتى لو كان قد ضربها بحجر بدون خلوة فأزال بكارتها لا يلزمه شيء لإزالة البكارة فإذا طلقها قبل الخلوة أيضا فعليه نصف المهر بحكم الطلاق كما في مسألة الدفع
ويدل أيضا على ما قلنا من عدم الفرق بين إزالتها بحجر أو دفع أنه صرح في الخانية بأنه لو دفع بكرا أجنبية صغيرة أو كبيرة فذهبت عذرتها لزمه المهر وذكر مثله فيما لو أزالها حجر أو نحوه فلم يفرق بين الدفع والحجر في الأجنبية فعلم أن الفرق بينهما في الزوجة من حيث الخلوة وعدمها إذ لا شيء على الزوج في مجرد إزالتها بالدفع لملكه ذلك بالعقد فلا وجه لضمانه به بخلاف الأجنبي وحيث لم يلزمه شيء بمجرد الدفع لا يلزمه شيء أيضا بمجرد إزالتها بالحجر ونحوه إذ لا فرق بين آلة وآلة في هذه الإزالة فالدفع غير قيد
ثم رأيت في جنايات أحكام الصغار صحر بأن الزوج لو أزال عذرتها بالأصبع لا يضمن ويعزر اه
ومقتضاه أنه مكروه فقط وهل تنتفي الكراهة بسبب العجز عن الوصول إليها بكرا الظاهر لا فإنه يكن عنينا بذلك ويكون لها حق التفريق ولو جاز ذلك لما ثبتت عنته بذلك العجز والله أعلم فافهم
قوله ( فعلى الأجنبي أيضا ) أي كما أن على الزوج نصف المسمى كما مر عن البحر
قوله ( إن طلقت ) أي طلقها زوجها
قوله ( نهر بحثا ) راجع إلى قوله وإلا فكله وذلك حيث قال وفي جامع الفصولين تدافعت جارية مع أخرى فزالت بكارتها وجب عليه مهر المثل اه
وهو بإطلاقه يعم لو كانت المدفوعة متزوجة فيستفاد منه وجوبه على الأجنبي كاملا فيما إذا لم يطلقها الزوج قبل الدخول فتدبره
انتهى كلام النهر
وفيه أن عبارة جامع الفصولين تدل على وجوب كمال مهر المثل مطلقا من غير تفصيل بين ما إذا طلقها قبل الدخول أو لم يطلقها كما
____________________
(3/103)
لا يخفى وحينئذ يعارض إيجابهم نصف مهر المثل على الأجنبي فيما إذا طلقها الزوج قبل الدخول اه ح
وما في جامع الفصولين هو المذكور في الخانية والبزازية وغيرهما وهو الوجه لما علمت من أن إزالة البكارة من أجنبي غير الزوج توجب مهر المثل على المزيل سواء كانت بدفع أو حجر وذلك لا ينافي وجوب نصف المسمى على الزوج بطلاقها قبل الدخول لاختلاف السبب
فإن سبب إيجاب المهر كاملا على الدافع الجناية وسبب إيجاب النصف على الزوج الطلاق ولو كان ما وجب على الزوج منقصا للجناية حتى أوجب النصف على الجاني لزم أن لا يجب على الجاني شيء إذا طلقها الزوج بعد الخلوة الصحيحة لوجوب المهر كاملا على الزوج
هذا وفي المنح عن جواهر الفتاوى ولو افتض مجنون بكارة امرأة بأصبع فقد أشار في المبسوط والجامع الصغير إذا افتضها كرها بأصبع أو حجر أو آلة مخصوصة حتى أفضاها فعليه المهر ولكن مشايخنا يذكرون أن هذا وقع سهوا فلا يجب إلا بالآلة الموضوعة لقضاء الشهوة والوطء ويجب الأرش في ماله اه
قلت وهذا مشكل فإن الافتضاض إزالة البكارة والإفضاء خلط مسلكي البول والغائط والمشهور في الكتب المعتمدة المتداولة أن موجب الأول مهر المثل ولو بغير آلة الوطء كما علمته مما قدمناه وموجب الثاني الدية كاملة إن لم تستمسك البول وإلا فثلثها لأنها جراحة جائفة وهذا لو من أجنبي فلو من الزوج لم يجب في الأول ضمان كما مر وكذا في الثاني عندهما خلافا لأبي يوسف حيث جعل الزوج فيه كأجنبي واعتمده ابن وهبان لتصريحهم بين الواجب في سلس البول الدية ورده الشرنبلالي في شرح الوهبانية بأن هذا في غير الزوج وأطال في ذلك والله تعالى أعلم
قوله ( ويجب نصفه ) أي نصف المهر المذكور وهو العشرة أن سماها أو دونها أو الأكثر منها إن سماه والمتبادر التسمية وقت العقد فخرج ما فرض أو زيد بعد العقد فإنه لا ينصف كالمتعة كما سيأتي
وفي البدائع ولو شرط مع المسمى ما ليس بمال بأن تزوجها على ألف درهم وعلى أن يطلق امرأته الأخرى أو على أن لا يخرجها من بلدها ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى وسقط الشرط لأنه إذا لم يف به يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا يثبت بالطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره فلم يبق إلا المسمى فينتصف وكذلك إن شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالهدية يجب مهر المثل ولا مدخل لمهر المثل في الطلاق قبل الدخول فيسقط اعتبار هذا الشرط وكذا لو تزوجها على ألف أو على ألفين حتى وجب مهر المثل انتهى
قوله ( بطلاق ) الباء للمصاحبة لا للسببية لما مر من أن الوجوب بالعقد
أفاده في الشرنبلالية ولو قال بكل فرقة من قبله لشمل مثل ردته وزناه وتقبيله ومعانقته لأم امرأته وبنتها قبل الخلوة
قهستاني عن النظم
قوله ( قبل وطء أو خلوة ) هو معنى قول الكنز قلب الدخول فإن الدخول يشمل الخلوة أيضا لأنها دخول حكما كما في البحر عن المجتبى وسيأتي متنا أن القول لها لو ادعت الدخول وأنكره لأنها تنكر سقوط النصف
قوله ( فلو كان نكحها الخ ) تفريع على قوله ويجب نصفه الشامل للعشر فيما لو سمى ما دونها كما قررناه فافهم
قوله ( ودرهمان ونصف ) لأنه لما سمى ما قيمته دون العشرة لزم خمسة أخرى تكملة العشرة لما طلقها قبل الدخول كان لها نصف المسمى ونصف التكملة
قوله ( وعاد النصف إلى ملك الزوج ) أي لو كان تبرع به عنه آخر وإذا كانت الفرقة قبل الدخول من قبلها عاد إليه الكل
____________________
(3/104)
قال في البحر عن القنية لو تبرع بالمهر عن الزوج ثم طلقها قبل الدخول أو جاءت الفرقة من قبلها يعرف نصف المهر في الأول والكل في الثاني إلى ملك الزوج بخلاف المتبرع بقضاء الدين إذا ارتفع السبب يعود إلى ملك القاضي إن كان بغير أمره قوله ( بمجرد الطلاق ) أي بالطلاق المجرد عن القضاء والرضا
قوله ( إذا لم يكن مسلما لها ) وكذا إذ كان دينا لم تقبضه فإنه يسقط نصف المسمى بالطلاق ويبقى النصف كما في البدائع
قوله ( بل توقف عوده ) أي عود النصف إلى ملكه لأن العقد وإن انفسخ بالطلاق فقد بقي القبض بالتسليط الحاصل بالعقد وأنه من أسباب الملك فلا يزوال الملك إلا بالفسخ من القاضي لأنه فسخ لسبب الملك أو بتسليمها لأنه نقض للقبض حقيقة
بدائع
قوله ( عبدا لمهر ) مفعول لعتق والمراد نصفه وكذا كله بالأولى إذ لا حق له في النصف الآخر
قوله ( بعد طلاقها قبله ) الظرفان متعلقان بعتق
قوله ( ونحوه ) المراد به الرضا اه ح
قوله ( لعدم ملكه قبله ) أي قبل القضاء ونحوه حتى لو قضى القاضي بعد العتق بالنصف له لا ينفذ ذلك العتق لأنه عتق سبق ملكه كالمقبوض بشراء فاسد إذا أعقته البائع ثم رد عليه لا ينفذ ذلك العتق الذي كان قبل الرد
فتح
قوله ( ونفذ تصرف المرأة ) من جملة المفرغ على قوله بل توقف الخ ط
وشمل التصرف العتق والبيع والهبة وقوله قبله أي قبل القضاء ونحوه
قوله ( وعليها صنف قيمة الأصل الخ ) لأنه إذا نفذ تصرفها فقد تعذر عليها رد النصف بعد وجوبه فتضمن نصف قيمته للزوج يوم قبضت
بحر أي لأنه بالقبض دخل في ضمانها
قوله ( لأن زيادة المهر ) تعليل لما استفيد من التقييد بالأصل وهو أن المهر لو زاد بعد القبض لا تضمن الزيادة لكن في المسألة تفصيل لأن الزيادة في المهر إما متصلة متولدة من الأصل كسمن الجارية وجمالها وأثمار الشجر أو غير متولدة كصبغ الثوب والبناء في الدار أو منفصلة متولدة كالولد والثمر إذ جذ أو غير متولدة كالكسب والغلة وكل إما أن يكون قبل القبض فينتصف إلا لغير المتولدة بقسميها أو بعده فلا يتنصف فالأقسام ثمانية كما في النهر وغيره
والحاصل أن الزيادة لا تنتصف بل تسلم للزوجة إذا حدثت بعد القبض مطلقا أو قبله إن كانت غير متولدة متصلة ومنفصلة فكان الأولى للشارح أن يقول لأن الزيادة المتولدة قبل القبض تنتصف دون غيرها
ثم اعلم أن هذا كله إذا حدثت الزيادة قبل الطلاق فلو بعده فإن كانت قبل القبض تنصفت كالأصل وإن بعد القبض فإن كان بعد القضاء للزوج بالنصف فكذلك وإلا فالمهر في يدها كالمقبوض بعقد فاسد لأنه فسد ملكها النصف بالطلاق كما في البدائع
وبقي مسائل نقصان المهر وهو خمس وعشرون صورة مذكورة في البحر والنهر
قوله ( قبل القبض ) ظرف لقوله تتنصف والواقع في النهر وغيره جعله ظرفا للزيادة فإن المؤدى واحد ط
قلت ويصح جعل الظرف متعلقا بمحذوف حال من زيادة فتتحد العبارتان
____________________
(3/105)
مطلب نكاح الشغار قوله ( في الشغار ) بكسر الشين مصدر
قوله ( هو أن يزوجه الخ ) قال في النهر وهو أن يشاغر الرجل أي يزوجه حريمته على أن يزوجه الآخر حريمته ولا مهر إلا هذا كذا في المغرب أي على أن يكون بضع كل صداقا عن الآخر وهذا القيد لا بد منه في مسمى الشغار حتى لو لم يقل ذلك ولامعناه بل قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك فقبل أو على أن يكون بضع بنتي صداقا لبنتك فلم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقا لم يكن شغارا بل نكاحا صحيحا اتفاقا وإن وجب مهر المثل في الكل لما أنه سمى مالا يصلح صداقا
وأصل الشغور الخلو يقال بلدة شاغرة إذا خلت عن السكان والمراد هنا الخلو عن المهر لأنهما بهذا الشرط كأنهما أخليا البضع عنه
نهر
قوله ( معاوضة بالعقدين ) المراد بالعقد المعقود عليه وهو البضع كما في الحواشي السعدية أي على أن يكون كل بضع عوض الآخر مع القبول من العاقد الآخر كما يشير إليه لفظ المفاعلة فاحترز عما إذا لم يصرح بكون كل بضع عوض البضع للآخر أو صرح به أحدهما وقال الآخر زوجتك بنتي كما مر
قوله ( وهو منهى عنه لخلوه عن المهر الخ ) جواب عما أورده الشافعي من حديث الكتب الستة مرفوعا من النهي عن نكاح الشغار والنهي يقتضي فساد المنهى عنه
والجواب أن متعلق النهي مسمى الشغار المأخوذ في مفهومه خلوه عن المهر وكون البضع صداقا ونحن قائلون بنفي هذه الماهية وما يصدق عليها شرعا فلا نثبت النكاح كذلك بل نبطله فيبقى نكاحا مسمى فيه ما لا يصلح مهرا فينعقد موجبا لمهر المثل كالمسمى فيه خمر أو خنزير فما هو متعلق النهي لم نثبته وما أثبتناه لم يتعلق به بل اقتضت العمومات صحته وتمامه في الفتح
زاد الزيلعي أو هو أي النهي محمول على الكراهة اه أي والكراهة لا توجب الفساد
وحاصله أنه مع إيجاب مهر المثل لم يبق شغارا حقيقة وإن سلم فالنهي على معنى الكراهة فيكون الشرع أوجب فيه أمرين الكراهة ومهر المثل فالأول مأخوذ من النهي والثاني من الأدلة الدالة على أن ما سمي فيه ما لا يصلح مهرا ينعقد موجبا لمهر المثل وهذا الثاني دليل على حمل النهي على الكراهة دون الفساد وبهذا التقرير اندفع ما أورد من أن حمله على الكراهة يقتضي أن الشغار الآن غير منهي عنه لإيجابنا فيه مهر المثل
وجه الدفع أنه إذا حمل النهي على معنى الفساد فكونه غير منهي الآن
أي بعد إيجاب مهر المثل مسلم
وإن حمل على معنى الكراهة فالنهي باق فافهم
قوله ( وفي خدمة زوج حر ) أي يجب مهر المثل عندهما في جعله المهر خدمته إياها سنة
وقال محمد لها قيمة الخدمة قيد بالخدمة لأنه لو تزوجها على سكنى داره أو ركوب دابته أو الحمل عليها أو على أن تزرع أرضه ونحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التسمية لأن هذه المنافع مال أو ألحقت به للحاجة
نهر عن البدائع
واحترز بالحر عن العبد كما يأتي في قوله ولها خدمته لو عبدا وزاد قوله أو أمة لقول النهر إن الظاهر من كلامهم أنه لا فرق بينها وبين الحرة بل التنافي المعلل به أقوى في الأمة منه في الحرة
قوله ( سنة ) إنما ذكره لتوهم صحة التسمية بتعيين المدة فإذا لم تصح في المعينة ففي المجهولة بالأولى ط
قوله ( لأن فيه قلب الموضوع ) لأن موضوع الزوجية أن تكون هي خادمة له لا بالعكس فإنه حرام لما فيه من الإهانة والإذلال كما يأتي فقد سمى ما لا يصلح مهرا فصح العقد ووجب مهر المثل
____________________
(3/106)
قال في النهر واختلفت الروايات في رعي غنمها وزراعة أرضها للتردد في تمحضها خدمة وعدمه فعلى رواية الأصل والجامع لا يجوز وهو الأصح
وروى ابن سماعة أنه يجوز ألا ترى أن الابن لو استأجر أباه للخدمة لا يجوز ولو استأجره للرعي والزراعة يصح كذا في الدراية وهذا شاهد قوي ومن هنا قال المصنف في كافيه بعد ذكر رواية الأصل الصواب أن يسلم لها إجماعا اه
قوله ( كذا قالوا ) الأولى إسقاطه لأن عادتهم في مثل هذه العبارة تضعيف القول والتبري عنه وهو غير مراد هنا
تأمل
قوله ( ومفاده الخ ) البحث لصاحب النهر
قال الرحمتي والظاهر أن وليها يضمن لها حينئذ قيمة الخدمة بخلاف سيدها لأنه المستحق لمهر أمته
والظاهر هنا الاتفاق على صحة التزويج بخلاف خدمته لها اه
قلت لكن في البحر عن الظهيرية لو تزوجها على أن يهب لأبيها ألف درهم لها مهر المثل وهب له أو لا فإن وهب كان له أن يرجع في هبته اه
ومقتضاه وجوب مهر المثل في خدمة وليها وعدم لزوم الخدمة وكذا في مثل قضة شعيب عليه السلام ولو فعل الزوج ما سمى ينبغي أن يجب له أجر المثل على وليها كما قالوا فيما لو قال له اعمل معي في كرمي لأزوجك ابنتي فعمل ولم يزوجه له أجر المثل
تأمل
قوله ( كقصة شعيب ) فإنه زوج موسى عليهما السلام بنته على أن يرعى له غنمه ثماني سنين وقد قصه الله تعالى علينا بلا إنكار فكان شرعا لنا
وقد استدل بهذه القصة على ترجيح ما مر من رواية الجواز في رعي غنمها
ورده في الفتح بأنه إنما يلزم لو كانت الغنم ملك البنت دون شعيب وهو منتف اه
وتبعه في البحر
ومفاده صحة الاستدلال بها على الجواز في رعي غنم الأب
قوله ( على خدمة عبده ) أي عبد الزوج أي خدمة عبده إياها فالمصدر مضاف لفاعله وكذا ما بعده
قوله ( أو حر آخر برضاه ) في الغاية عن المحيط لو تزوجها على خدمة حر آخر فالصحيح صحته وترجع على الزوج بقيمة خدمته اه
قال في الفتح وهذا يشير إلى أنه لا يخدمها فإما لأنه أجنبي لا يؤمن الانكشاف عليه مع مخالطته للخدمة وإما أن يكون مراده إذا كان بغير أمر ذلك الحر ثم قال بعد كلام ويجب أن ينظر فإن لم يكن بأمره ولم يجزه وجب قيمة الخدمة وإن بأمره فإن كانت خدمة معينة تستدعي مخالطة لا يؤمن معها الانكشاف والفتنة وجب أن تمنع وتعطي هي قيمتها أو لا تستدعي ذلك وجب تسليمها وإن كانت غير معينة بل تزوجها على منافع ذلك الحر حتى تصير أحق بها لأنه أجير وحد فإن صرفته في الأول فكالأول أو في الثاني فكالثاني اه أي إن صرفته واستخدمته في النوع الأول وهو ما يستدعي المخالطة فكالأول من المنع وإعطاء قيمة الخدمة وإن استخدمته بما لا يستدعي ذلك فحكمه كالثاني من وجوب تسليم الخدمة
قوله ( وفي تعليم القرآن ) أي يجب مهر المثل فيما لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو نحوه من الطاعات لأن المسمى ليس بمال
بدائع أي لعدم صحة الاستئجار عليها عند أئمتنا الثلاثة
قوله ( وباء زوجتك بما معك ) أي الوارد في حديث سهل بن سعد الساعدي من قوله لتمس ولو خاتما من حديد فلتمس فلم ير شيئا فقال عليه الصلاة والسلام هل معك
____________________
(3/107)
شيء من القرآن قال نعم سورة كذا وسورة كذا السور سماها فقال عليه الصلاة والسلام قد ملكتكها بما معك من القرآن ويروي أنكحتكها وزوجتكها ح عن الزيلعي
قوله ( للسببية أو للتعليل ) أي بسبب لأجل أنك من أهل القرآن فليست الباء متعينة للعوض
قوله ( لكن في النهر ) أصله لصاحب البحر حيث قال وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الإجارات أن الفتوى على جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه فينبغي أن يصح تسميته مهرا لأن ما جاز أخذ الأجرة في مقابلته من المنافع جاز تسميته صداقا كما قدمنا نقله عن البدائع ولهذا ذكر في فتح القدير هنا أنه لما جوز الشافعي أخذ الأجر على تعليم القرآن صحح تسميته مهرا فكذا نقول يلزم على المفتى به صحة تسميته صداقا ولم أر من تعرض له والله الموفق للصواب اه
واعترضه المقدسي بأنه لا ضرورة تلجىء إلى الصحة تسميته بل تسمية غيره تغني بخلاف الحاجة إلى تعليمك القرآن فإنها تحققت للتكاسل عن الخيرات في هذا الزمان اه
وفيه أن المتأخرين أفتوا بجواز الاستئجار على التعليم للضرورة كما صرحوا به ولهذا لم يجز على ما لا ضرورة فيه كالتلاوة ونحوها ثم الضرورة إنما هي علة لأصل جواز الاستئجار ولا يلزم وجودها في كل فرد من أفراده وحيث جاز على التعليم للضرروة صحت تسميته مهرا لأن منفعته تقابل بالمال كسكنى الدار ولم يشترط أحد وجود الضرورة في المسمى إذ يلزم أن يقال مثله في تسمية السكنى مثلا أن تسمية غيرها تغني عنها مع أن الزوجة قد تكون محتاجة إلى التعليم دون السكنى والمال
واعترض أيضا في الشرنبلالية بأنه لا يصح تسمية التعليم لأنه خدمة لها وليست من مشترك مصالحهما أي بخلاف رعي غنمها وزراعة أرضها فإن وإن كان خدمة لها لكنه من المصالح المشتركة بينه وبينها
وأجاب تلميذه الشيخ عبد الحي بأن الظاهر عدم تسليم كون التعليم خدمة لها فليس كل خدمة لا تجوز وإنما يمتنع لو كانت الخدمة للترذيل
قال ط وهو حسن لأن معلم القرآن لا يعد خادما للمتعلم شرعا ولا عرفا اه
قلت ويؤيده أنهم لم يجعلوا استئجار الابن أباه لرعي الغنم والزراعة خدمة ولو كان رعى الغنم خدمة أو رذيلة لم يفعله نبينا وموسى عليهما الصلاة والسلام بل هو حرفة كباقي الحرف الغير المسترذلة يقصد بها الاكتساب فكذا التعليم لا يسمى خدمة بالأولى
تنبيه قال في النهر والظاهر أنه يلزمه تعليم كل القرآن إلا إذا قامت قرينة على إرادة البعض والحفظ ليس من مفهومه كما لا يخفى اه أي فلا يلزمه تعليمه على وجه الحفظ عن ظهر قلبها
قوله ( ولها خدمته ) لأن الخدمة إذا كانت بإذن المولى صار كأنه يخدم المولى حقيقة
بحر
فليس فيه قلب الموضوع اه ح ولأن استخدام زوجته إياه ليس بحرام لأنه عرضة للاستخدام والابتذال لكونه مملوكا ملحقا بالبهائم
بدائع
قوله ( مأذونا في ذلك ) أي في التزوج على خدمته فلو بلا إذن مولاه لم يصح العقد
قوله ( أما الحر ) أي الزوج الحر
قوله ( فخدمته لها حرام ) أي إذا خدمها فيما يخصها على الظاهر ولو من غير استخدام يدل على ذلك عطف الاستخدام عليه ط
قوله ( وكذا استخدامه ) صرح به في البدائع أيضا
وقال ولهذا لا يجوز للابن أن يستأجر أباه للخدمة
قال في البحر وحاصله أنه يحرم عليها الاستخدام ويحرم عليه الخدمة
قوله ( فيما إذا لم يسم مهرا ) أي لم يسمه تسمية صحيحة أو سكت عنه نهر فدخل فيه ما لو سمى غير مال كخمر ونحوه أو مجهول الجنس كدابة وثوب
____________________
(3/108)
قال في البحر ومن صور ذلك ما إذا تزوجها على ألف على أن ترد إليه ألفا أو تزوجها على عبدها أو قالت زوجتك نفسي بخمسين دينارا وأبرأتك منها فقبل أو تزوجها على حكمها أو حكمه أو حكم رجل آخر أو على ما في بطن جاريته أو أغنامه أو على أن يهب لأبيها ألف درهم أو على تأخير الدين عنها سنة والتأخير باطل أو على إبراء فلان من الدين أو على عتق أخيها أو طلاق ضرتها وليس منه ما لو تزوجها على عبد الغير لوجوب قيمته إذا لم يجز مالكه أو على حجة لوجوب قيمة حجة وسط لا مهر المثل والوسط بركوب الراحلة أو على عتق أخيها عنها لثبوت الملك لها في الأخ اقتضاء أو تزوجته بمثل مهر أمها وهو لا يعلمه لأنه جائز بمقداره وله الخيار إذا علم اه ملخصا باختصار
قوله ( أو نفى ) بأن تزوجها على أن لا مهر لها ط
قوله ( إن وطىء الزوج ) أي ولو حكما
قوله ( نهر ) أي بالخلوة الصحيحة فإنها كالوطء في تأكد المهر كما سيأتي
قوله ( أو مات عنها ) قال في البحر لو قال أو مات أحدهما لكان أولى لأن موتها كموته كما في التبيين اه
واعلم أنه إذا ماتا جميعا فعنده لا يقضي بشيء وعندهما يقضي بمهر المثل
قال السرخسي هذا إذا تقدم العهد بحيث يتعذر على القاضي الوقوف على مهر المثل أما إذا لم يتقادم يقضي بمهر المثل عنده أيضا
حموي عن البرجندي أبو السعود
تنبيه استفتى الشيخ صالح ابن المصنف من الخير الرملي عما لو طلبت المرأة مهر مثلها قبل الوطء أو الموت هل لها ذلك أم لا فأجابه بما في الزيلعي من أن مهر المثل يجب بالعقد ولهذا كان لها أن تطالبه به قبل الدخول فيتأكد ويتقرر بموت أحدهما أو بالدخول على ما مر في المهر المسمى في العقد اه
وبه صرح الكمال وابن ملك وغيرهما وقد بسط ذلك في الخيرية فراجعها
قوله ( إذا لم يتراضيا ) أي بعد العقد
قوله ( وإلا ) بأن تراضيا على شيء فهو الواجب بالوطء أو الموت أما لو طلقها قبل الدخول فتجب المتعة كما يأتي في قوله وما فرض بعد العقد أو زيد لا يتنصف
قوله ( أو سمى خمرا أو خنزيرا ) أي سمى لمسلم لأن الكلام فيه أما غير المسلم فسيأتي في بابه وكذا الميتة والدم والأولى لأنه ليس بمال أصلا وشمل ما لو كانت الزوجة ذمية لأنه لا يمكن إيجاب الخمر على المسلم لأنها ليست بمال في حقه وخرج ما لو سمى عشرة دراهم ورطل خمر فلها المسمى ولا يكمل مهر المثل
بحر ملخصا
قوله ( أو هذا الخل وهو خمر الخ ) أي يجب مهر المثل إذا سمى حلالا وأشار إلى حرام عند أبي حنيفة فلو بالعكس كهذا الحر فإذا هو عبد لها العبد المشار إليه في الأصح وأشار إلى وجوب مهر المثل بالأولى لو كانا حرامين ولو كانا حلالين وقد اختلفا جنسا كما إذا قال على هذا الدن من الخل فإذا هو زيت وعلى هذا العبد فإذا هو جارية كان لها مثل الدن خلا وعبد بقيمة الجارية كما في الدخيرة إلا أن الذين في الخانية أن لها مثل ذلك المسمى ومقتضاه وجوب عبد وسط أو قيمته ولا ينظر إلى قيمة الجارية
بحر ونهر ملخصا
قال في البحر فصار الحاصل أن القسمة رباعية لأنهما إما أن يكونا حرامين أو حلالين أو مختلفين فيجب مهر المثل فيما إذا كانا حرامين أو المشار إليه حراما وتصح التسمية في الباقيين
قال وأشار المصنف بوجوب مهر المثل عينا إلى أن المشار إليه لو كان حرا حربيا فاسترق وملكه الزوج لا يلزمه تسليمه
وفي الأسرار أنه متفق عليه وكذا الخمر لو تخللت لم يجب تسليمها
قوله ( أو دابة أو ثوبا ) لأن الثياب أجناس كالحيوان والدابة فليس البعض
____________________
(3/109)
أولى من البعض بالإرادة فصارت الجهالة فاحشة
بحر
ثم ذكر تعريف الجنس عند الفقهاء وسيأتي الكلام عليه عند قول المصنف ولو تزوجها على فرس فالواجب الوسط أو قيمته
مطلب في أحكام المتعة قوله ( وتجب متعة لمفوضة ) بكسر الواو من فوضت أمرها لوليها وزوجها بلا مهر وبفتحها من فوضها وليها إلى الزوج بلا مهر
واعلم أن الطلاق الذي تجب فيه المتعة ما يكون قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه سواء فرض بعذه أو لا أو كانت التسمية فيه فاسدة كما في البدائع قال في البحر وإنما تجب فيما لم تصح فيه التسمية من كل وجه فلو صحت من وجه دون وجه لا تجب المتعة وإن وجب مهر المثل بالدخول كما إذا تزوجها على ألف درهم وكرامتها أو على ألف وأن يهدي لها هدية فإذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف الألف لا المتعة مع أنه لو دخل بها وجب مهر المثل لا ينقص عن الألف كما في غاية البيان لأن المسمى لم يفسد من كل وجه لأنه على تقدير كرامتها والإهداء يجب الألف لا مهر المثل اه
وقدمنا عن البدائع في تعليل ذلك أنه لا مدخل لمهر المثل في الطلاق قبل الدخول
قوله ( طلقت قبل الوطء ) أي والخلوة
بحر
وقد مر أنها وطء حكما والمراد بالطلاق فرقة جاءت من قبل الزوج ولم يشاركه صاحب المهر في سببها طلاقا كانت أو فسخا كالطلاق والفرقة بالإيلاء واللعان والجب والعنة والردة وإبائه الإسلام وتقبيله ابنتها أو أمها بشهوة فلو جاءت من قبلها كردتها وإبائها الإسلام وتقلبها ابنه بشهوة والرضاع وخيار البلوغ والعتق وعدم الكفاءة فإنه لا متعة لها لا وجوبا ولا استحبابا كما في الفتح كما لا يجب نصف المسمى لو كان وخرج ما لو اشترى هو أو وكيله منكوحته من المولى فإن مالك المهر يشارك الزوج في السبب وهو الملك فلذا لا تجب المتعة ولا نصف المسمى بخلاف ما لو باعها المولى من رجل ثم اشتراها الزوج منه فإنها واجبة كما في التبيين
بحر
قوله ( وهي درع الخ ) الدرع بكسر المهملة ما تلبسه المرأة فوق القميص كما في المغرب ولم يذكره في الذخيرة وإنما ذكر القميص وهو الظاهر
بحر
وأقول درع المرأة قميصها والجمع أدرع وعليه جرى العيني وعزاه في البناية لابن الأثير فكونه في الذخيرة لم يذكره مبني على تفسير المغرب والخمار ما تغطي به المرأة رأسها
والملحفة بكسر الميم ما تلتحف به المرأة من قرنها إلى قدمها
قال فخر الإسلام هذا في ديارهم أما في ديارنا فيزاد على هذا إزار ومكعب كذا في الدراية ولا يخفى إغناء الملحفة عن الإزار إذ هي بهذا التفسير إزار إلا أن يتعارف تغايرهما كما في مكة المشرفة ولو دفع قيمتها أجبرت على القبول كما في البدائع
نهر وما ذكر من الأثواب الثلاثة أدنى المتعة
شرنبلالية عن الكمال
وفي البدائع وأدنى ما تكتسي به المرأة وتستر به عند الخروج ثلاثة أثواب اه
قلت ومقتضى هذا مع ما مر عن فخر الإسلام من أن هذا في ديارهم الخ أن يعتبر عرف كل بلدة لأهلها فيها تكتسي به المرأة عند الخروج
تأمل
ثم رأيت بعض المحشين قال وفي البرجندي قالوا هذا في ديارهم أما في ديارنا فينبغي أن يجب أكثر من ذلك لأن النساء في ديارنا تلبس أكثر من ثلاثة أثواب فيزاد على ذلك إزار ومكعب اه
وفي القاموس المكعب الموشى من البرود والأثواب اه أي المنقوش
قوله ( لا تزيد على نصفه الخ ) في الفتح عن الأصل والمبسوط المتعة لا تزيد
____________________
(3/110)
على نصف مهر المثل لأنها خلفه فإن كانا سواء فالواجب المتعة لأنها الفريضة بالكتاب العزيز وإن كان النصف أقل منها فالواجب الأقل إلا أن ينقص عن خمسة فيكمل لها الخمسة اه
وقول الشارح أولا لو الزوج غنيا وثانيا لو فقيرا لم يظهر لي وجهه بل الظاهر أنه مبني على القول باعتبار حال الزوج في المتعة وهو خلاف ما بعده فليتأمل
قوله ( وتعتبر المتعة بحالهما ) أي فإن كانا غنيين فلها الأعلى من الثياب أو فقيرين فالأدنى أو مختلفين فالوسط وما ذكره قول الخصاف
وفي الفتح إنه الأشبه بالفقه
والكرخي اعتبر حالها واختاره القدوري والإمام السرخسي اعتبر حاله وصححه في الهداية
قال في البحر فقد اختلف الترجيح
والأرجح قول الخصاف لأن الولوالجي صححه
وقال وعليه الفتوى كما أفتوا به في النفقة وظاهر كلامهم أن ملاحظة الأمرين أي أنها لا تزاد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم معتبرة على جميع الأقوال كما هو صريح الأصل والمبسوط اه
وذكر في الذخيرة اعتبار كون المتعة وسطا لا بغاية الجودة ولا بغاية الرداءة
واعترضه في الفتح بأنه لا يوافق رأيا من الثلاثة
وأجاب في البحر بأنه موافق للكل فعلى القول باعتبار حالها لو فقيرة لها كرباس وسط ولو متوسطة فقز وسط ولو مرتفعة فإبريسم وسط وكذا يقال على القول باعتبار حاله وكذا على قول من اعتبر حالهما لو فقيرين فلها كرباس وسط أو غينيين فإبريسم وسط أو مختلفين فقز وسط اه
وفي النهر إن حمل ما في الذخيرة على هذا ممكن
واعتراض الفتح عليه وارد من حيث الإطلاق فإنه يفيد أنه يجب من القز أبدا
قوله ( أي المفوضة ) تفسير للضمير المجرور في سواها وإنما أخرجها لأن متعتها واجبة كما علمت
قوله ( إلا من سمى لها مهر الخ ) هذا على ما في بعض نسخ القدوري ومشى عليه صاحب الدرر لكن مشى في الكنز والملتقى على أنها تستحب لها ومثله في المبسوط والمحيط وهو رواية التأويلات وصاحب التيسير والكشاف والمختلف كما في البحر
قلت وصرح به أيضا في البدائع وعزاه في المعراج إلى زاد الفقهاء وجامع الإسبيجابي
وعن هذا قال في شرح الملتقى إنه المشهور
وقال الخير الرملي إن ما في بعض نسخ القدوري لا يصادم ما في المبسوط والمحيط
قلت فكيف مع ما ذكر في هذه الكتب وعليه فكان ينبغي للمصنف إسقاط هذا الاستثناء
وفي البحر وقدمنا أن الفرقة إذا كانت من قبلها قبل الدخول لا تستحب لها المتعة أيضا لأنها الجانية
قوله ( بل للموطوءة الخ ) أي بل يستحب لها
قال في البدائع وكل فرقة جاءت من قبل الزوج بعد الدخول تستحب فيها المتعة إلا أن يرتد أو يأتي الإسلام لأن الاستحباب طلب الفضيلة والكافر ليس من أهلها
قوله ( فالمطلقات أربع ) أي مطلقة قبل الوطء أو بعده سمى لها أو لا
فالمطلقة قبله إن لم يسم لها فمتعتها واجبة وإن سمى فغير واجبة ولا مستحبة أيضا على ما هنا
والمطلقة بعده متعتها مستحبة سمى لها أو لا
قوله ( أو بفرض قاض مهر المثل ) بنصب مهر مفعول فرض
قال في البدائع لو تزوجها على أن لا مهر لها وجب مهر المثل بنفس العقد عندنا بدليل أنها لو طلبت الفرض من الزوج يجب عليه الفرض حتى لو امتنع يجبره القاضي عليه ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض وهذا دليل الوجوب قبل الفرض
قوله ( فإنها تلزمه ) أي الزيادة إن وطء أو مات عنها وهذا
____________________
(3/111)
التفريع مستفاد من مفهوم قوله لا ينصف أي بالطلاق قبل الدخول فيفيد لزومه وتأكده بالدخول ومثله الموت
قوله ( بشرط قبولها الخ ) أفاد أنها صحيحة ولو بلا شهود أو بعد هبة المهر والإبراء منه وهي من جنس المهر أو من غير جنسه
بحر
وسواء كانت من الزوج أو ولي فقد صرحوا بأن الأب والجد لو زوج ابنه ثم زاد في المهر صح
نهر
وفي أنفع الوسائل ولا يشترط فيها لفظ الزيادة بل تصح بلفظها وبقوله راجعتك بكذا إن قبلت وإن لم يكن بلفظ زدتك في مهرك وكذا بتجديد النكاح وإن لم يكن بلفظ الزيادة على خلاف فيه وكذا لو أقر لزوجته بمهر وكانت قد وهبته له فإنه يصح إن قبلت في مجلس الإقرار وإن لم يكن بلفظ الزيادة
قوله ( ومعرفة قدرها ) أي الزيادة فلو قال زدتك في مهرك ولم يعين لم تصح الزيادة للجهالة كما في الوقعان
بحر
قوله ( وبقاء الزوجية الخ ) أي الذي في البحر أن الزيادة بعد موتها صحيحة إذا قبلت الورثة عند أبي حنيفة خلافا لهما كما في التبيين من البيوع اه
وعزاه في أنفع الوسائل إلى القدوري ثم قال ولم يذكر الزيادة بعد الطلاق البائن وانقضاء العدة في الرجعي
والظاهر أنه يجوز عنده بالأولى لأنه بالموت انقطع النكاح وفات محل التمليك وبعد الطلاق المحل باق وقد ثبت لها ذلك عنده في الموت ففي الطلاق أولى وما ذكره في البحر المحيط من رواية بشر عن أبي يوسف من أن الزيادة بعد الفرقة باطلة يحمل على أنه قول أبي يوسف وحده لأنه خالف أبا حنيفة في الزيادة بعد الموت فيكون قد مشى على أصله ولم ينقل عن الإمام في الزيادة بعد البينونة شيء فيحمل الجواب فيه على ما نقل عنه في الزيادة بعد الموت اه
وتبعه في البحر
قال في النهر والظاهر عدم الجواز بعد الموت والبينونة وإليه يرشد تقييد المحيط بحال قيام النكاح إذ نقلوا أن ظاهر الرواية أن الزيادة بعد هلاك المبيع لا تصح وفي رواية النوادر تصح ومن ثم جزم في المعراج وغيره بأن شرطها بقاء الزوجية حتى لو زادها بعد موتها لم تصح والالتحاق بأصل العقد وإن كان يقع مستندا إلا أنه لا بد أن يثبت أولا في الحال ثم يستند وثبوته متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده وما ذكره القدوري موافق لرواية النوادر اه
قال ط والذي يظهر أن ما في المحيط والمعراج مخرج على قولهما فلا ينافي ما في التبيين وكون ظاهر الرواية عدم صحة الزيادة بعد هلاك المبيع لا يقتضي أن يكون ظاهر الرواية هنا لفرق بين الفصلين قام عند المجتهد فإنه في النكاح أمر الله تعالى بعدم نسيان الفضل بين الزوجين وهذه الزيادة من مراعاة الفضل يؤيده مشروعية المتعة فيه بخلاف البيع اه
قوله ( وفي الكافي الخ ) حاصل عبارة الكافي تزوجها في السر بألف ثم في العلانية بألفين ظاهر المنصوص في الأصل أنه يلزم عنده الألفان ويكون زيادة في المهر وعنه أبي يوسف المهر هو الأول لأن العقد الثاني لغو فيلغو ما فيه
وعند الإمام أن الثاني وإن لغا لا يلغو ما فيه من الزيادة كمن قال لعبده الأكبر سنا منه هذا ابني ما لغا عندهما لم يعتق العبد
وعنده وإن لغا في حكم النسب يعتبر في حق العتق كذا في المبسوط
وذكر في الفتح أن هذا إذا لم يشهدا على أن الثاني هزل وإلا فلا خلاف في اعتبار الأول فلو ادعى الهزل لم يقبل بلا بينة ثم ذكر أن بعضهم اعتبر ما في العقد الثاني فقط بناء على أن المقصود تغيير الأول إلى الثاني وبعضهم أوجب كلا المهرين لأن الأول ثبت ثبوتا لا مرد له والثاني زيادة عليه فيجب بكماله
ثم ذكر أن قاضيخان أفتى بأنه لا يجب بالعقد الثاني شيء ما لم يقصد به الزيادة في المهر ثم وفق بينه وبين إطلاق الجمهور اللزوم بحمل كلامه على أنه لا يلزم عند الله تعالى في نفس الأمر إلا بقصد الزيادة وإن لزم في حكم الحاكم لأنه يؤاخذه بظاهر لفظه إلا أن يشهد على الهزل وأطال الكلام فراجعه
____________________
(3/112)
أقول بقي ما إذا جدد بمثل المهر الأول ومقتضى ما مر من القول باعتبار تغيير الأول إلى الثاني أنه لا يجب بالثاني شيء هنا إذ لا زيادة فيه وعلى القول الثاني يجب المهران
تنبيه في القنية جدد للحلال نكاحا بمهر يلزم إن جدده لأجل الزيادة لا احتياطا اه أي لو جدده لأجل الاحتياط لا تلزمه الزيادة بلا نزاع كما في البزازية
وينبغي أن يحمل على ما إذا صدقته الزوجة أو أشهد وإلا فلا يصدق في إرادته الاحتياط كما مر عن الجمهور أو يحمل على ما عند الله تعالى وسيأتي تمام الكلام على مسألة مهر السر والعلانية في آخر هذا الباب
قوله ( ويحمل على الزيادة ) لوجوب تصحيح التصرف ما أمكن واشترط القبول لأن الزيادة في المهر لا تصح إلا به
فتح عن التجنيس
قوله ( وفي البزازية ) استدراك على ما في الخانية وأقره في النهر لكن ارتضى في الفتح ما في الخانية وهو الأوجه لأنه حيث ثبت جواز الزيادة في المهر يحمل كلامه عليها بقرينة الهبة الدالة على إرادة الزيادة على ما كان عليه لقصد التعويض عنه فلا يصدق في أنه لم يرد الزيادة
تأمل
قوله ( لا ينصف ) أي بالطلاق قبل الدخول
بحر
وهذا خبر قوله وما فرض الخ قوله ( بالمفروض ) متعلق باختصاص وقوله في العقد متعلق بالمفروض وقوله بالنص أي قوله تعالى { فنصف ما فرضتم } متعلق باختصاص أي وما فرض بعد العقد أو زيد بعده ليس مفروضا في العقد
قوله ( بل تجب المتعة في الأول ) أي فيما لو فرض بعد العقد لأن هذا الفرض تعيين للواجب العقد وهو مهر المثل وذلك لا يتنصف فكذا ما نزل منزلته
نهر
وعند أبي يوسف لها نصف ما فرض والأول أصح كما في شرح الملتقى
قوله ( ونصف الأصل في الثاني ) أي فيما لو زاد بعد العقد
مطلب في حط المهر والابراء منه قوله ( وصح حطها ) الحط الإسقاط كما في المغرب وقيد بحطها لأن حط أبيها غير صحيح لو صغيرة ولو كبيرة توقف عن إجازتها ولا بد من رضاها
ففي هبة الخلاصة خوفها الضرب حتى وهبت مهرها لم يصح لو قادرا على الضرب اه
ولو اختلفا فالقول لمدعي الإكراه ولو برهنا فبينة الطوع أولى
قنية
وأن لا تكون مريضة مرض الموت
ولو اختلف مع ورثتها فالقول للزوج أنه كان في الصحة لأنه ينكر المهر
خلاصة
ولو وهبته في مرضها فمات قبلها فلا دعوى لها بل لورثتها بعد موتها وتمام الفروع في البحر
قوله ( لكله أو بعضه ) قيده في البدائع بما إذا كان المهر دينا أي دراهم أو دنانير لأن الحط في الأعيان لا يصح
بحر
ومعنى عدم صحته أن لها أن تأخذه منه ما دام قائما فلو هلك في يده سقط المهر عنه لما في البزازية أبرأتك عن هذا العبد يبقى العبد وديعة عنده اه
نهر
قوله ( ويرتد بالرد ) أي كهبة الدين ممن عليه الدين ذكره في أنفع الوسائل بحثا وقال لم أره
واستدل له في البحر بما في مداينات القنية قالت لزوجها أبرأتك ولم يقل قبلت أو كان غائبا فقالت أبرأت زوجي يبرأ إذا رده اه
قال في النهر ولا يخفى أن المدعي إنما هو رد الحط وكأنه نظر إلى أن الحط إبراء معنى
____________________
(3/113)
قوله ( كمرض لأحدهما يمنع الوطء ) أي أو يلحقه به ضرر
قال الزيلعي وقيل هذا التفصيل في مرضها وأما مرضه فمانع مطلقا لأنه لا يعري عن تكسر وفتور عادة وهو الصحيح اه
ومثله في الفتح والبحر والنهر
قلت إن كان التكسر والفتور منه مانعا من الوطء أو مضرا له كان مثل المرأة في اشتراط المنع أو الضرر وإلا فهو كالصحيح فما وجه كون مرضه مانعا من صحة الخلوة إلا أن يقال المراد أن مرضه في العادة يكون مانعا من وطئه فلا فائدة في ذكر التفصيل فيه بخلاف مرضها فتأمل
مطلب في أحكام الخلوة قوله ( وجعله في الأسرار من الحسي ) قلت وجعله في البحر مانعا لتحقق الخلوة حيث ذكر أن لإقامة الخلوة مقام الوطء شروطا أربعة الخلوة الحقيقية وعدم المانع الحسي أو الطبعي أو الشرعي فالأول للاحتراز عما إذا كان هناك ثالث فليست بخلوة وعن مكان لا يصلح للخلوة كالمسجد والطريق العام والحمام الخ
ثم ذكر عن الأسرار أن هذين من المانع الحسي وعليه فالمانع الحسي ما يمنعها من أصلها أو ما يمنع صحتها بعد تحققها كالمرض فافهم
قوله ( فليس للطبعي مثال مستقل ) فإنهم مثلوا للطبعي بوجود ثالث وبالحيض أو النفاس مع أن الأولى منهي شرعا وينفر الطبع عنه فهو مانع حسي طبعي شرعي والثاني طبعي شرعي نعم سيأتي عن السرخسي أن جارية أحدهما تمنع بناء على أنه يمتنع من وطء الزوجة بحضرتها طبعا مع أنه لا بأس به شرعا فهو مانع طبعي لا شرعي لكنه حسي أيضا فافهم
قوله ( كإحرام لفرض أو نفل ) لحج أو عمرة قبل وقوف عرفة أو بعده قبل طواف
وأطلق في إحرام النفل فعم ما إذا كان بإذنه أو بغير إذنه وقد نصوا على أنه له أن يحللها إذا كان بغير إذنه ط
قلت فالظاهر أن التعميم الأخير غير مراد لأن العلة الحرمة وهي مفقودة
قوله ( ومن الحسي الخ ) لما كان ظاهر العطف يقتضي أن الرتق وما عطف عليه يخرج عن الموانع الثلاثة مع أنها من الحسي قدره الشارح ط
قوله ( بالسكون ) نقل الخير الرملي عن شرح الروض للقاضي زكريا أن القرن بفتح رائه أرجح من إسكانها
قوله ( عظم ) في البحر عن المغرب القرن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحم أو عظم وامرأة رتقاء بها ذلك اه
ومقتضاه ترادف القرن والرتق
قوله ( وعفل ) بالعين المهملة والفاء وقوله غدة بالغين المعجمة أي في خارج الفرج
ففي القاموس أنه شيء يخرج من قبل المرأة شبيه بالأدرة للرجال
قوله ( ولو بزوج ) الباء للمصاحبة أي ولو كان الصغر مصاحب الزوج يعني لا فرق بين أن يكون الزوج أو الزوجة أو كل منهما صغيرا اه
قال في البحر وفي خلوة الصغير الذي لا يقدر على الجماع قولان وجزم قاضيخان بعدم الصحة فكان هو المعتمد ولذا قيد في الذخيرة بالمراهق اه
وتجب العدة بخلوته وإن كانت فاسدة لأن تصريحهم بوجوبها بالخلوة الفاسدة شامل لخلوة الصبي كذا في البحر من باب العدة
قوله ( لا يطاق معه الجماع ) وقدرت الإطاقة بالبلوغ وقيل بالتسع والأولى عدم التقدير كما قدمناه
ولو قال الزوج تطيقه وأراد الدخول وأنكر الأب
____________________
(3/114)
فالقاضي يريها لنساء ولم يعتبر السن كذا في الخلاصة
بحر
قوله ( وبلا وجود ثالث ) قدر قوله بلا ليكون عطفا على قوله بلا مانع حسي بناء على أنه طبعي فقط لكن علمت ما فيه
قال ط ولا يتكرر مع ما تقدم لأن ذاك تمثيل من الشارح وهذا من المصنف تقييد
قوله ( ولو نائما أو أعمى ) لأن الأعمى يحس والنائم يستيقظ ويتناوم
فتح
ودخل فيه الزوجة الأخرى وهو المذهب بناء على كراهة وطئها بحضرة ضرتها
بحر
قلت وفي البزازية من الحظر والإباحة
ولا بأس بأن يجامع زوجته وأمته بحضرة النائمين إذا كانوا لا يعلمون به فإن علموا كره اه
ومقتضاه صحة الخلوة عند تحقق النوم
تأمل
وفي البحر وفصل في المبتغى في الأعمى فإن لم يقف على حالة تصح وإن كان أصم إن كان نهارا لا تصح وإن كان ليلا تصح اه
قلت الظاهر أنه أراد بالأصم غير الأعمى أما لو كان أعمى أيضا فلا فرق في حقه بين النهار والليل
تأمل
قوله ( والمجنون والمغمى عليه ) وقيل يمنعان فتح
قلت يظهر لي المنع في المجنون لأنه أقوى حالا من الكلب العقور
تأمل
قوله ( وكذا الأعمى ) قد علمت ما فيه من أنه لا يظهر الفرق بين الليل والنهار في حقه
تأمل
قوله ( به يفتى ) زاد في البحر عن الخلاصة أنه المختار
ثم قال وجزم الإمام السرخسي في المبسوط بأن كلا منهما يمنع وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا اه أي وكذا بين يدي أمتها بالأولى لأنها أجنبية لا تحل له
قلت وجزم به أيضا الإمام قاضيخان في شرح الجامع
وفي البدائع لو كان الثالث جارية له روى أن محمدا كان يقول أولا تصح خلوته ثم رجع وقال لا تصح اه
ولعل وجه الأول ما صرحوا به من أنه لا بأس بوطء المنكوحة بمعاينة الأمة دون عكسه لكن هذا يظهر في أمته دون أمتها على أن نفي البأس شرعا لا يلزم منه عدم نفرة الطباع السليمة عنه وحيث كان هو المنقول عن أئمتنا الثلاثة كما مر وعزاه أيضا في الفتاوى الهندية إلى الذخيرة والمحيط
والخانية لا ينبغي العدول عنه لموافقته الدراية والرواية ولذا قال الرحمتي العجب كيف يجعل المذهب المفتى به ما هو خلاف قول الإمام وصاحبيه مع عدم اتجاهه في المعنى
قوله ( إن كان عقورا مطلقا ) أي سواء كان كلبه أو كلبها
قوله ( لا يمنع مطلقا ) أي عقورا أو لا وعلله في الفتح بقوله لأن الكلب قط لا يعتدي على سيده ولا على من يمنعه سيده عنه اه
وحينئذ فلو رآه الكلب فوقها يكون سيده في صورة الغالب لها فلا يعدو عليها وكذا لو أمرها الزوج أن تكون فوقه لأنها وإن كانت في صورة الغالبة له وأمكن أن يعدو عليها الكلب لكن يمنعه سيده عنها فتصح الخلوة فافهم
قوله ( أو كان للزوجة ) أي أو كان غير عقور وكان للزوجة فإنه يكون مانعا لكن مقتضى ما علل به في الفتح أنه لا فرق بين كلبه وكلبها لأن كلبها وإن رآها تحت الزوج يمكن أن تمنعه عنه فلا يعدو عليه فتصح الخلوة
تأمل
قوله ( وكان له ) بالواو
وفي بعض النسخ بأو وهو تحريف اه ح
أي لأن الصور أربع عقور له أو لها وغير عقور كذلك فذكر أولا أن المانع ثلاث صور عقور مطلقا وغير عقور هو لها وبقي غير مانع
الصورة الرابعة هي أن يكون غير عقور وكان له
قوله ( وبقي الخ ) وبقي أيضا من المانع الشرعي أن يعلق طلاقها بخلوتها فإذا خلا بها طلقت فيجب نصف المهر لحرمته وطئها
بحر عن الواقعات
____________________
(3/115)
قال وزاد في البزازية والخلاصة أنه لا تجب العدة في هذا الطلاق لأنه يتمكن من الوطء وسيأتي وجوبها في الخلوة الفاسدة على الصحيح فتجب العدة هنا احتياطا اه
ومشى الشارح فيما سيأتي بعد صفحة على ما في البزازية ويأتي تمام الكلام فيه وسيأتي أيضا عند قوله ولو افترقا أن امتناعها من تمكينه في الخلوة يمنع صحتها لو كانت ثيبا لا لو بكرا
قوله ( عدم صلاحية المكان ) أي للخلوة وصلاحيته بأن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما كالدار والبيت ولو لم يكن له سقف وكذا المحل الذي عليه قبة مضروبة والبستان الذي له باب مغلق بخلاف ما ليس له باب وإن لم يكن هناك أحد
بحر
ولو كانا في مخزن من خان يسكنه الناس فرد الباب ولم يغلق والناس قعود في وسطه غير مترصدين لنظرهما صحت وإن كانوا مترصدين فلا
فتح
قوله ( كمسجد وطريق ) لأن المسجد مجمع الناس فلا يأمن الدخول عليه ساعة فساعة وكان الوطء فيه حرام
قال تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } سورة البقرة الآية 187 والطريق ممر الناس عادة وذلك يوجب الانقباض فيمنع الوطء
بدائع
قلت ويؤخذ من قوله وكذا الوطء فيه حرام الخ أنه مانع وإن كان خاليا وبابه مغلق فتأمل
وفي الفتح ولو سافر بها فعدل عن الجادة بها إلى مكان خال فهي صحيحة
قوله ( وحمام ) أي بابه مفتوح أما لو كان مقفولا عليهما وحدهما فلا مانع من صحتها كما لا يخفى فافهم
قوله ( وسطح ) أي ليس على جوانبه ستر وكذا إذا كان الستر رقيقا أو قصيرا بحيث لو قام إنسان يطلع عليهما
فتح
وفيه ولا تصح في المسجد والحمام
قال شداد إن كانت ظلمة شديدة صحت لأنها كالساتر
وعلى قياس قوله تصح على سطح لا ساتر له إذا كانت ظلمة شديدة
والأوجه أن لا تصح لأن المانع الإحساس ولا يختص بالبصر ألا ترى إلى الامتناع لوجود الأعمى ولا إصار للإحسان اه قلت الإحساس إنما يمكن إذا كان معهما أحد على السطح أما لو كانا فوقه وحدهما وأمنا من صعود أحد إليهما لم يبق الإحساس إلا بالبصر والظلمة الشديدة تمنعه كما لا يخفي
تأمل
قوله ( وبيت بابه مفتوح ) أي بحيث لو نظر إنسان رآهما وفيه خلاف
ففي مجموع النوازل إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذن فهي خلوة
واختار في الذخيرة أنه مانع وهو الظاهر
بحر
ووجهه أن إمكان النظر مانع بلا توقف على الدخول فلا فائدة في الإذن وعدمه
قوله ( وما إذا لم يعرفها ) لأن التمكن لا يحصل بدون المعرفة بخلاف ما إذا لم تعرفه
والفرق أنه متمكن من وطئها إذا عرفها ولم تعرفه بخلاف عكسه فإنه يحرم عليه كذا في البحر
وفيه أنه إذا لم تعرفه يحرم عليها تمكينه منها فالظاهر أنها تمنعه من وطئها بناء على ذلك فينبغي أن يكون مانعا فتأمل ح
قلت إن هذا المانع بيده إزالته بأن يخبرها أنه زوجها فلما جاء التقصير من جهته يحكم بصحة الخلوة فيلزم المهر ط
قوله ( في الأصح ) أي أصح الروايتين لكن صرح شراح الهداية بأن رواية المنع في التطوع شاذة ويشير إليه قول الخانية وفي صوم القضاء والكفارات والمنذورات روايتان
والأصح أنه لا يمنع الخلوة وصوم التطوع لا يمنعها في ظاهر الرواية وقيل يمنع اه
____________________
(3/116)
وقول الكنز وصوم الفرض يدخل فيه القضاء والكفارات المنذورات فيكون اختيارا منه لرواية المنع في غير التطوع لأن الإفطار فيه بغير عذر جائز في رواية ويؤيد ما في الكنز تعبير الخانية بالأصح فإنه يفيد أن مقابله صحيح وكذا قول الهداية وصوم القضاء والمنذور كالتطوع في رواية فإنه يفيد أن رواية كونهما كصوم رمضان أقوى وبهذا يتأيد ما بحثه في البحر بقوله وينبغي أن يكون صوم الفرض ولو منذورا مانعا اتفاقا لأنه يحرم إفساده وإن كان لا كفارة فيه فهو مانع شرعي اه
قوله ( إن تصح ) أي الخلوة لسقوط الكفارة بشبهة خلاف الإمام مالك رحمه الله فإنه يرى فطره بأكله ناسيا ولا كفارة ط
قوله ( وكذا كل ما أسقط الكفارة ) كشرب وجماع ناسيا ونية نهارا ونية نفلا ط
قوله ( وصلاة الفرض فقط ) قال في البحر لا شك أن إفساد الصلاة لغير عذر حرام فرضا كانت أو نفلا فينبغي أن تمنع مطلقا مع أنهم قالوا إن الصلاة الواجبة لا تمنع كالنفل مع أنه يأثم بتركها
وأغرب منه ما في المحيط أن صلاة التطوع لا تمنع إلا الأربع قبل الظهر لأنها سنة مؤكدة فلا يجوز تركها بمثل هذا العذر اه
فإنه يقتضي عدم الفرق بين السنن المؤكدة وأن الواجبة تمنع بالأولى اه
قلت والحاصل أنهم لم يفرقوا في إحرام الحج بين فرضه ونفله لاشتراكهما في لزوم القضاء والدم
وفرقوا بينهما في الصوم والصلاة
أما الصوم فظاهر للزوم القضاء والكفارة في فرضه بخلاف نفله وما ألحق به لأن الضرر فيه بالفطر يسير لأنه لا يلزم إلا القضاء لا غير كما في الجوهرة
وأما في الصلاة فالفرق بينهما مشكل إذ ليس في فرضها ضرر زائد على الإثم ولزوم القضاء وهذا موجود في نفلها وواجبها نعم الإثم في الفرض أعظم وفي كونه مناطا لمنع صحة الخلوة خفاء وإلا لزم أن يكون قضاء رمضان والكفارات كالنفل ولعل هذا وجه اختيار الكنز إطلاق فرض الصوم كما قدمناه فكذا الصلاة ينبغي أن يكون فرضها ونفلها كفرض الصوم بخلاف نفله لأنه أوسع بدليل أنه يجوز إفطاره بلا عذر في رواية ونفل الصلاة لا يجوز قطعه بلا عذر في جميع الروايات فكان كفرضها ولعل المجتهد قام عنده فرق بينهما لم يظهر لنا والله تعالى أعلم
قوله ( فيما يجيء ) أي من الأحكام ط
قوله ( ولو مجبوبا ) أي مقطوع الذكر والخصيتين من الجب وهو القطع
قال في الغاية والظاهر أن قطع الخصيتين ليس بشرط في قوله ( المجبوب ) ولذا اقتصر الإسبيجابي على قطع الذكر
ح عن النهر
قوله ( أو خصيا ) بفتح الخاء المعجمة فعيل بمعنى مفعول وهو من سلت خصيتاه وبقي ذكره ح
قوله ( إن ظهر حاله ) أي إن ظهر قبل الخلوة أن هذا الزوج والخنثى رجل وظهر أن نكاحه صحيح فإن وطأه حينئذ جائز فتكون الخلوة كالوطء
وإن لم يظهر فالنكاح موقوف لا يبيح الوطء فلا تكون خلوته كالوطء فافهم
قوله ( وما في البحر ) حيث أطلق صحة خلوته ولم يقيد بظهور حاله وما في الأشباه ستعرفه
قوله ( في النهر ) عبارته ويجب أن يراد به من ظهر أحكامه أما المشكل فنكاحه موقوف إلى أن يتبين حاله ولهذا لا يزوجه وليه من تختنه
لأن النكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر كذا في النهاية اه أي فلا يبيح الوطء بالأولى فلا تصح خلوته كالخلوة بالحائض بل أولى لأنه قبل التبين بمنزلة الأجنبي
ثم قال في النهر وأفاد في المبسوط أن حاله يتبين بالبلوغ فإن ظهرت فيه علامة
____________________
(3/117)
الرجل وقد زوجه أبوه امرأة حكم بصحة نكاحه من حين عقد الأب فإن لم يصل إليها أجل كالعنين وإن زوج رجلا تبين بطلانه وهذا صريح في عدم صحة خلوته قبل ذلك
وبهذا التقرير علمت أن ما نقله في الأشباه عن الأصل لو زوجه أبوه رجلا فوصل إليه جاز وإلا فلا علم لي بذلك أو امرأة فبلغ فوصل إليها جاز وإلا أحل كالعنين ليس على ظاهره والله الموفق اه أي أن ظاهر ما في الأشباه أنمه بمجرد وصول الرجل إليه أي وطئه له أو بوصوله إلى المرأة يصح النكاح ولو قبل البلوغ وظهور علامة فيه وأن الوطء يحل قبل التبين وأن الخلوة به صحيحة وأنه بعد البلوغ قد يتبين حاله وقد لا يتبين مع أنه في المبسوط جزم بتبين حاله بالبلوغ وأنه قبل التبين يكون نكاحه موقوفا فهو صريح في عدم صحة الخلوة قبل التبين لعدم حل الوطء وفيه نظر فإن قوله جاز معناه جاز العقد لتبين حاله بذلك فقد صرحوا بأن ذلك رافع لإشكاله ولا يلزم منه حل الوطء وقوله وإلا فلا علم لي بذلك أي إن لم تظهر فيه هذه العلامة لا أحكم بصحة العقد ولا بعدمها بل يتوقف ذلك على ظهور علامة أخرى وقول المبسوط إن حاله يتبين بالبلوغ مبني على الغالب وإلا فقد صرحوا بأنه قد يبقى حاله مشكلا بعده كما إذا حاض من فرج النساء وأمنى من فرج الرجال وقد تبين حاله قبل البلوغ كأن يبول من أحد الفرجين دون الآخر فتصح خلوته
والحاصل أن تقييد صحة الخلوة بتبين حاله ظاهر لعدم حل الوطء قبله
قوله ( لمرض الخ ) وكذا السحر ويسمى المعقود كما سيأتي في بابه عن الوهبانية
قوله ( في ثبوت النسب الخ ) الذي حققه في البحر بحثا ثم رآه منقولا عن الخصاف أن الخلوة لم تقم مقام الوطء إلا في حق تكميل المهر ووجوب العدة
قال وما سواه فهو من أحكام العدة كالنسب أي فإنه يثبت وإن لم توجد خلوة أصح كما في تزوج مشرقي مغربية أو من أحكام العدة كالبقية والعجب من صاحب النهر حيث تابع أخاه في هذا التحقيق ثم خالفه في النظم الآتي
وما ذكره في البحر سبقه إليه ابن الشحنة في عقد الفرائد لكنه أفاد أن المطلقة قبل الدخول لو ولدت لأقل من ستة أشهر من حين الطلاق ثبت نسبة للتيقن بأن العلوق قبل الطلاق وأن الطلاق بعد الدخول ولو ولدته لأكثر لا يثبت لعدم العدة ولو اختلى بها فطلقها يثبت وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر
قال ففي هذه الصورة تكون الخصوصية للخلوة
قوله ( ولو من المجبوب ) لإمكان إنزاله بالسحاق وسيأتي في باب العنين أنه يثبت نسبه إذا خلا بها ثم فرق بينهما ولو جاءت به لسنتين
قوله ( وفي تأكد المهر ) أي في خلوة النكاح الصحيح أما الفاسد فيجب فيه مهر المثل بالوطء لا بالخلوة كما سيذكره المصنف في هذا الباب لحرمة الوطء فيه فكان كالخلوة بالحائض
قوله ( والعدة ) وجوبها من أحكام الخلوة سواء كانت صحيحة أم لا ط
أي إذا كانت في نكاح صحيح أما الفاسد فتجب فيه العدة بالوطء كما سيأتي
قوله ( في عدتها ) متعلق بنكاح والأولى تأخيره بعد قوله وحرمة نكاح الأمة أي لو طلق الحرة بعد الخلوة بها لا يصح تزوجه أمة ما دامت الحرة في العدة ولو الطلاق بائنا
قوله ( ومراعاة وقت الطلاق في حقها ) بيانه أن الموطوءة طلاقها في الحيض بدعي فلا يحل بل يطلقها واحدة في طهر لا وطء فيه وهو أحسن أو ثلاثة متفرقة في ثلاثة أطهار لا وطء فيها وهو حسن بخلاف غير الموطوءة فإن طلاقها واحدة ولو في الحيض حسن وإذا كانت المختلى بها
____________________
(3/118)
كالموطوءة توقت طلاقها بالطهر فلا يحل في مدة الحيض فافهم
قوله ( وكذا في وقوع طلاق بائن آخر الخ ) في البزازية والمختار أنه يقع عليها طلاق آخر في عدة الخلوة وقيل لا اه
وفي الذخيرة وأما وقوع طلاق آخر في هذه العدة فقد قيل لا يقع وقيل يقع وهو أقرب إلى الصواب لأن الأحكام لما اختلفت يجب القول بالوقوع احتياطا ثم هذا الطلاق يكون رجعيا أو بائنا ذكر شيخ الإسلام أنه يكون بائنا اه
ومثله في الوهبانية وشرحها
والحاصل أنه إذا خلا بها خلوة صحيحة ثم طلقها طلقة واحدة فلا شبهة في وقوعها فإذا طلقها في العدة طلقة أخرى فمقتضى كونها مطلقة قبل الدخول أن لا تقع عليها الثانية لكن لما اختلفت الأحكام في الخلوة أنها تارة تكون كالوطء وتارة لا تكون جعلناها كالوطء في هذا فقلنا بوقوع الثانية احتياطا لوجودها في العدة والمطلقة قبل الدخول لا يلحقها طلاق آخر إذا لم تكن معتدة بخلاف هذه
والظاهر أن وجه كون الطلاق الثاني بائنا هو الاحتياط أيضا ولم يتعرضوا للطلاق الأول
وأفاد الرحمتي أنه بائن أيضا لأنه طلاق قبل الدخول غير موجب للعدة لأن العدة إنما وجبت لجعلنا الخلوة كالوطء احتياطا فإن الظاهر وجود الوطء في الخلوة الصحيحة ولأن الرجعة حق الزوج وإقراره بأنه طلق قبل الوطء ينفذ عليه فيقع بائنا وإذا كان الأول لا تعقبه الرجعة يلزم كون الثاني مثله اه
ويشير إلى هذا قول الشارح طلاق بائن آخر فإنه يفيد أن الأول بائن أيضا ويدل عليه ما يأتي قريبا من أنه لا رجعة بعده وسيأتي التصريح به في باب الرجعة وقد علمت مما قررناه أن المذكور في الذخيرة هو الطلاق الثاني دون الأول فافهم
ثم ظاهر إطلاقهم وقوع البائن أولا وثانيا كان بصريح الطلاق وطلاق الموطوءة ليس كذلك فيخالف الخلوة الوطء في ذلك
وأجاب ح بأن المراد التشبيه من بعض الوجوه وهو أن في كل منهما وقوع طلاق بعد آخر اه
وأما الجواب بأن البائن قد يلحق البائن في الموطوءة فلا يدفع لمخالفة المذكورة فافهم
قوله ( كالغسل ) أي لا يجب الغسل على واحد منهما بمجرد الخلوة بخلاف الوطء
قوله ( والإحصان ) فلو زنى بعد الخلوة الصحيحة لا يلزمه الرجم لفقد شرط الإحصان وهو الوطء
قال في عقد الفرائد وهذا إن لم يفهم أنه خاص بالرجل فهو ساكت عن ثبوت الإحصان لها بذلك
والذي يظهر لي أنه لا فرق بينه وبينها فيه ولم أقف على نقل فيه صريح والله أعلم
قلت في البحر ولم يقيموها مقام الوطء في حق الإحصان إن تصادقا على عدم الدخول وإن أقرا به لزمهما حكمه وإن أقر به أحدهما صدق في حق نفسه دون صاحبه كما في المبسوط اه
قوله ( وحرمة البنات ) أي لم يقيموا الخلوة مقام الوطء في ذلك فلو خلا بزوجته بدون وطء ولا مس بشهوة لم تحرم عليه بناتها بخلاف الوطء والكلام في الخلوة الصحيحة كما صرح به في التبيين والفتح وغيرهما فما حرره في عقد الفرائد مما حاصله أن حرمة البنات بالخلوة الصحيحة لا خلاف فيها بين الصاحبين والخلاف في الفاسدة
قال الثاني تحرم وقال محمد لا تحرم فهو ضعيف وما ادعاه من عدم الخلاف ممنوع كما بسطه في النهر
قوله ( وحلها للأول ) أي لا تحل مطلقة الثلاث للزوج الأول بمجرد خلوة الثاني بل لا بد من وطئه لحديث العسيلة قوله ( والرجعة ) أي لا يصير مراجعا بالخلوة ولا رجعة له
____________________
(3/119)
بعد الطلاق الصريح بعد الخلوة
بحر أي لوقوع الطلاق بائنا كما قدمناه
قوله ( والميراث ) أي لو طلقها ومات وهي في عدة الخلوة لا ترث بزازية
ومثله في البحر عن المجتبى
وحكى ابن الشحنة في عقد الفرائد قولا آخر إنها ترث وإن تصادقا على عدم الدخول بعد الخلوة
قال الرحمتي وعلى هذا أي ما في الشرح لو طلقها في مرضه بعد الخلوة الصحيحة قبل الوطء ومات في عدتها لا ترث وبه جزم الطواقي فيما كتبه على هذا الشرح وأقره عليه تلميذه حامد أفندي العمادي مفتى دمشق اه
قوله ( وتزويجها كالأبكار ) كان عليه أن يقول كالثيبات ليوافق ما قبله من المعطوفات فإنها من خواص الوطء دون الخلوة فالمعنى أنها ليست كالوطء في تزويجها كالثيبات بل تزوج كالأبكار
أفاده ط
قوله ( على المختار ) وما في المجتبى من أنها تزوج كما تزوج الثيب ضعيف كما في البحر
قوله ( وغير ذلك ) أي غير السبعة المذكورة من زيادة أربعة أخرى في النظم المذكور وهي سقوط الوطء والفيء والتكفير وعدم فساد العبادة
وبقي مسألتان أيضا لم يذكرهما لعدم تسليمهما وهما أن الخلوة لا تكون إجازة للنكاح الموقوف عند بعضهم وأن المرأة لا تمنع نفسها للمهر بعدها عندهما
أما عند أبي حنيفة فلها المنع بعد حقيقة الوطء كما أفاده في البحر وزاد في الوهبانية أيضا بقاء عنة العنين ويمكن دخولها في النظام كما يأتي
قوله ( وغيره ) بالرفع عطفا على مثل والضمير للوطء ح أي ومغايرة للوطء في إحدى عشرة مسألة
قوله ( وبهذا العقد تحصيل ) جملة من مبتدأ وخبر والعقد بكسر العين شبه الشعر المنظوم بعقد الدر المنظوم
قوله ( تكميل مهر الخ ) بيان لصور المماثلة
قوله ( وإعداد ) بالكسر والمراد به العدة
قوله ( وأربع ) بالجر عطفا على الأخت
قوله ( الإما ) جمع أمة وقصره للضرورة ولو أسقط لام ولقد استغنى عن قصره
قوله ( فراق فيه ترحيل ) المراد به الطلاق اه ح
وأما الترحيل فهو من ترحل القوم من المكان انتقلوا أي طلاق فيه نقل الزوجة من بيته أو من عصمته فافهم
قوله ( وأوقعوا فيه ) أي في الأعداد بمعنى العدة اه ح
فالضمير عائد على مذكور وهو الأعداد المذكور في البيت الثاني فافهم
قوله ( إذا لحقا ) الضمير للتطليق والألف للإطلاق اه ح
والمراد بلحقاه وقوعه في العدة بعد طلاق سابق عليه
قوله ( القيل ) بدل من الأول ح
قوله ( ورجعة ) أي في صورتين كما قدمناه في قوله والرجعة
قوله ( سقوط وطء ) أي ما يلزمه فيه الوطء لا يسقط بالخلوة فحق الزوجة في القضاء الوطء مرة واحدة ولا يسقط عنه بالخلوة وكذا العنين إذا اختلى بها لا يسقط عنه الوطء بها فللزوجة طلب التفريق وعلى هذا الحل يستغنى عن ذكر بقاء العنة المذكورة في قوله ( الوهبانية ) لكن يستغني به أيضا عن ذكر الفيء الآتي فكان الأولى ذكرهما معا أو إسقاطهما معا
تأمل
____________________
(3/120)
قوله ( كذلك الفيء ) يعني إن آلى منها ثم وطئها في المدة كان فيئا إن خلا بها لا اه ح
قوله ( التكفير ) يعني إو وطىء في نهار رمضان فعليه الكفارة وإن خلا بها لا اه ح
وفي النهر وعد التكفير هنا مما لا ينبغي إذ الكلام في الخلوة الصحيحة وصوم الأداء يفسدها كما مر ط
قوله ( ما فسدت عبادة ) ما نافيه يعني إن وطئها في عبادة يفسدها الوطء فسدت وإن خلا بها لا اه ح
ويرد عليه ما ورد على سابقه فإن ما يفسد بالوطء كالإحرام والصوم والصلاة والاعتكاف المنذور يفسد الخلوة والكلام في الصحيحة إلا أن يمثل بما لا يفسد الخلوة على أحد القولين كصوم غير الأداء وصلاة النافلة
تأمل
والحاصل أنه ينبغي إسقاط التكفير وفساد العبادة وزيادة فقد العنة فتصير الأحكام التي خالفت الخلوة فيها الوطء عشرة وقد نظمتها في بيتين مقتصرا عليها للعلم بأن ما سواها لا يخالف فيها الخلوة الوطء فقلت وخلوته كالوطء في غير عشرة مطالبة بالوطء إحصان تحليل وفيء وإرث رجعة فقد عنة وتحريم بنت عقد بكر وتغسيل قوله ( فقالت بعد الدخول ) يطلق الدخول على الوطء وعلى الخلوة المجردة والمتبادر منه الأول والمراد هنا الاختلاف في الخلوة مع الوطء أو في الخلوة المجردة لا في الوطء مع الاتفاق على الخلوة لأن الخلوة مؤكدة لتمام المهر فلو كان الاختلاف بينهما في الوطء مع الاتفاق على الخلوة لم تظهر ثمرة للاختلاف
قوله ( فالقول لها لإنكارها سقوط نصف المهر ) كذا في القنية للزاهدي
ونظمه ابن وهبان وقال في شرحه إنه تتبع هذا الفرع فما ظفر به ولا وجد ما يناقضه ووجهه ماش على القواعد لأن القول للمنكر اه
قلت رأيته في حاوي الزاهدي أيضا وحكى فيه قولين فذكر ما مر معزيا إلى المحيط وكتاب آخر ثم عزا إلى الأسرار أن القول قوله لأنه ينكر وجوب الزيادة على النصف اه
ويظهر لي أرجحية القول الأول ولذا جزم به المصنف وذلك أن المهر يجب بنفس العقد والدخول أو الموت مؤكد له والطلاق قبلهما منصف له فسبب وجوب الكل متحقق والمنصف له عارض والمرأة تنكر العارض وتتمسك بالسبب المحقق الموجب للكل ولذا تثبت لها المطالبة بتمام المهر قبل الدخول ولا يعود نصف المهر المقبوض إلى ملكه بالطلاق قبل الدخول إلا بالقضاء أو الرضا ولا ينفذ تصرفه فيه قبل ذلك وينفذ تصرف المرأة فيه والزوج وإن أنكر الزيادة على النصف لكنه مقر بسببها كما لو أقر بالغصب وادعى الرد وكذبه المالك فدعواه الرد إنكار للضمان بعد الإقرار بسببه فلا يقبل
تأمل
قوله ( وإن أنكر الوطء ) كذا في كثير من النسخ وكان المناسب أن يقول وإن أنكر الدخول لما قررناه من أن الاختلاف بينهما ليس في الوطء مع الاتفاق على الخلوة وليكون إشارة إلى رد ما قاله في الأسرار أي أن إنكاره لا يعتبر لأنه في الحقيقة مدع لسقوط النصف بالعارض على السبب الموجب للكل فكان إنكارها هو المعتبر
وفي بعض النسخ وإن أنكرت بالتاء والمعنى أن القول لها وإن أنكرت أنه لم يطأها في هذا الدخول الذي ادعته لكن الأولى أن يقول وإن اعترفت بعدم الوطء لأنه لم يدع الوطء حتى يقابل بإنكارها له
قوله ( إنما توطأ كرها ) لأنها تستحي بالطبع فلم تكن بالامتناع مختارة لعدم تأكد المهر بخلاف الثيب لأن امتناعها يدل على اختيارها لعدم تأكد المهر
____________________
(3/121)
قوله ( كما بحثه الطرطوسي ) أي في أنفع الوسائل والبحث في التفصيل المذكور فإن الطرسوسي نقل أولا عن الذخيرة إذا خلا بها ولم تمكنه من نفسها اختلف المتأخرون فيه
قال وفي طلاق النوازل عليه نصف المهر ثم ذكر هذا التفصيل وقال قلته على وجه التفقه ولم أظفر فيه بنقل
والظاهر أنه أراد به التوفيق بين القولين وذكر أيضا أن هذا إذا صدقته في ذلك فلو كذبته فالقول قولها بيمينها لأنها منكرة
قوله ( وأقره المصنف ) أي تبعا لشيخه صاحب البحر
فخلا بها أي خلوة صحيحة لأنها المتبادر من لفظ الخلوة اه ج أي في قول الحالف إن خلوت بك فيراد بها الخالية عما يمنعها أو يفسدها مما مر والمراد ما يفسدها من غير التعليق لما مر عن البحر من أن هذا التعليق مفسد لها فهو نظير قولهم الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح مع أنها في النكاح الفاسد فاسدة كما ذكره في البحر فالمراد بالصحيحة فيه الخالية عما يفسدها سوى فساد النكاح فافهم
قوله ( بائنا ) لتصريحهم بأن الطلاق الواقع بعد الخلوة الصحيحة يكون بائنا
منح أي فهنا أولى لعدم صحتها فإنها لا تماثل الوطء إلا في وجوب العدة ط
قوله ( لوجود الشرط ) علة لطلقت وأما علة كونه بائنا فهي ما قدمناه عن المنح أفاده ح
قوله ( ووجب نصف المهر ) في بعض النسخ بعد هذا زيادة وهي لعدم الخلوة الممكنة من الوطء اه
أي لأنها بانت بمجرد الخلوة فكان غير متمكن من الوطء شرعا
قوله ( ولا عدة عليها ) قال في البحر وسيأتي وجوبها في الخلوة الفاسدة على الصحيح فتجب العدة في هذه الصورة احتياطا اه
واعترضه الخير الرملي بقوله كيف القطع بوجوبها مع مصادمته للنقل على أن هذه مطلقة قبل الدخول فهي أجنبية والخلوة بالأجنبية لا توجب العدة فليست من قسم الخلوة الصحيحة ولا الفاسدة فتأمل وانظر إلى قولهم إنما تقام مقام الوطء إذا تحقق التسليم اه
أقول التسليم منها موجود ولكن عاقه مانع من جهته وهو التعليق كالعنين وكما لو دخل عليها فأحرم بالحج أو بالصلاة وكونها خلوة بأجنبية ممنوع لأن الخلوة شرط الطلاق وإنما يقع بعد وجود شرطه كما لو قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق فوقوع الطلاق دليل تحقق الخلوة إذ لولاها لم يقع غير أنه وجد بعد تحققها مانع من جهته كما ذكرنا وتصريحهم بوجوب العدة بالخلوة الفاسدة على الصحيح شامل لهذه الصورة فقول البزازية لا عدة عليها مبني على خلاف الصحيح فهو مصادمة نقل بنقل أصح منه فافهم
قوله ( وتجب العدة ) ظاهره الوجوب قضاء وديانة
وفي الفتح قال العتابي تكلم مشايخنا في العدة الواجبة بالخلوة الصحيحة أنها واجبة ظاهرا أو حقيقة فقيل لو تزوجت وهي متيقنة بعدم الدخول حل لها ديانة لا قضاء
قوله ( في الكل الخ ) هذا في النكاح الصحيح أما النكاح الفاسد لا تجب العدة في الخلوة فيه بل بحقيقة الدخول
فتح
قوله ( لتوهم الشغل ) أي شغل الرحم نظرا إلى التمكن الحقيقي وكذا في المجبوب لقيام احتمال الشغل بالسحق وهي حق الشرع وحق الولد ولذا لا تسقط لو إسقطاها ولا يحل لها الخروج ولو أذن لها الزوج وتتداخل العدتان ولا يتداخل حق العبد
فتح
وتمامه في المعراج
قوله ( واختاره التمرتاشي الخ ) وجزم به في البدائع
قال في الفتح ويؤيده ما ذكره العتابي
قوله ( تجب العدة ) لثبوت التمكن
____________________
(3/122)
حقيقة
فتح
قوله ( كصغر ومرض مدنف ) قال في الفتح الأوجه على هذا القول أن يخص الصغر بغير القادر والمرض بالمدنف لثبوت التمكن حقيقة في غيرهما اه
قلت ونص على التقييد بالمدنف في جامع الفصولين
وفي القاموس دنف المريض كفرح ثقل
قوله ( لأنه نص محمد ) أي في كتابة الجامع الصغير الذي روى مسائله عن أبي يوسف عن الإمام صاحب المذهب
قوله ( قال المصنف ) أي تبعا لشيخه في البحر وأقره في النهر والشرنبلالية
قوله ( الموت أيضا ) أي كما أن الخلوة كالوطء فيهما والمراد الموت قبل الدخول أي موت الرجل بالنسبة للعدة وموت أيهما كان بالنسبة للمهر كما أفاده ح
قوله ( في حق العدة والمهر ) أي إذا مات عنها لزمها عدة الوفاة واستحقت جميع المهر كالموطوءة
قوله ( فقط ) هو معنى قول المجتبى وفيما سواهما كالعدم
قلت ولا يقال إنه يعطى حكمه أيضا في الإرث لأن الإرث من أحكام العقد فلذا تحقق قبل الخلوة التي هي دون الوطء فافهم
قوله ( حلت بنتها ) أي كما تحل بعد الخلوة الصحيحة فلا تحرم إلا بحقيقة الوطء على ما مر قوله ( فوهبته له ) ذكر الضمير لأن الألف مذكر لا يجوز تأنيثه كما في ط عن المصباح وكذا لو وهبت نصفه
فتح
قوله ( قبل وطء ) أي وخلوة
نهر
وهي حكما لما مر
قوله ( لعدم تعين النقود في العقود ) ولذا لو أشار في النكاح إلى دراهم كان له أن يمسكها ويدفع مثلها جنسا ونوعا وقدرا وصفة ولو لم تهب شيئا وطلقت قبل الدخول كان لها إمساك المقبوض ودفع غيره ولذا تزكي الكل وتمامه في النهر
والحاصل أنه لم يصل إليه بالهبة عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو نصف المهر
فتح
قوله ( أو قبضت نصفه ) احتراز عما لو قبضت أكثر من النصف فإنه ترد عليه ما زاد على النصف بخلاف ما لو قبضت الأقل ووهبته الباقي فهو معلوم بالأولى
بحر
أي لا يرجع عليها بشيء
قوله ( في صورة الأولى ) الأنسب أي يقول في الصورتين فيكون قوله أو الباقي إشارة إلى أن هبة الألف ليس بقيد في الثانية كما نص عليه في البحر
قال في النهر ومعنى هبة الألف بعد قبض النصف أنها وهبت له المقبوض وغيره
قوله ( أو وهبت عرض المهر ) أشار إلى أنه لم يتعيب إذ لو وهبته بعد ما تعيب فاحشا يرجع بنصف قيمته يوم قبضت لأنه صار كأنها وهبته عينا أخرى أما العيب اليسير فكالعدم لما سيأتي أنه في المهر متحمل وقيد بالهبة لأنها لو باعته منه يرجع بالنصف أي نصف قيمته لا نصف الثمن المدفوع فيما يظهر ولو وهبته أقل من نصفه ترد ما زاد على النصف ولو وهبته الأكثر أو النصف فلا رجوع له
بحر
قوله ( أو في الذمة ) أشار إلى أنه لا فرق بين العرض المعين وغيره وهو من خصوص النكاح فإن العرض فيه يثبت في الذمة لأن المال فيه ليس بمقصود فيتسامح فيه
بخلاف البيع
بحر
قوله ( لحصول المقصود ) لأنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول لتعينه في الفسخ كتعينه في العقد بدليل أنه ليس لواحد منهما دفع بدله حتى لو تعيب فاحشا فوهبته له رجع بنصف قيمته كما مر
نهر
____________________
(3/123)
تتمة حكم الموزون غير المعين وهو ما كان في الذمة حكم النقد أما المعين منه فكالعرض واختلف في التبر والنقرة من الذهب والفضة ففي رواية كالعرض وفي أخرى كالمضروب كذا في البدائع
نهر
تنبيه قال في البحر وقد ظهر لي أن هذه المسألة على ستين وجها لأن المهر إما ذهب أو فضة أو مثلي غيرهما أو قيمي فالأول على عشرين وجها لأن الموهوب إما الكل أو النصف وكل منهما إما أن يكون قبل القبض أو بعده أو بعد قبض النصف أو أقل منه أو أكثر فهي عشرة وكل منها إما أن يكون مضروبا أو تبرا فهي عشرون والعشرة الأولى في المثلي وكل منها إما أن يكون معينا أو لا وكذا في القيمي والأحكام مذكورة اه
وتبعه في النهر
قلت ويزاد مثلها فتصير مائة وعشرين بأن يقال إن الموهوب إما الكل أو النصف أو الأكثر من النصف أو الأقل فهي أربعة تضرب في الخمسة المارة تبلغ عشرين وكل منها إما أن يكون مضروبا أو تبرا فهي أربعون وكذا في كل من المثلي والقيمي أربعون وقد مر حكم هبة الأكثر من النصف أو الأقل
قوله ( فإن وفى ) بتشديد الفاء ماضي يوفى توفية لا بالتخفيف من وفى يفي وفاء بقرينة
قوله وإلا يوف
أفادة ح
قوله ( وأقام بها ) إنما ذكر التوفية في الأولى دون هذه لأنه في الأولى جعل المسمى مالا وغير مال وهو ما شرطه لها ووعدها به من عدم إخراجها أو عدم التزوج عليها أما هنا فالمسمى مال فقط ردد فيه بين القليل على تقدير والكثير على تقدير كما أشار إليه الشارح فليس هنا في المسمى وعد بشيء ليناسبه التعبير بالتوفية يوضحه أنه قد يردد فيه بين كونها ثيبا أو بكرا كما يأتي فافهم
قوله ( الأولى الخ ) ضابطها أن يسمى لها قدرا ومهر مثلها أكثر منه ويشترط منفعة لها أو لأبيها أو لذي رحم محرم منها وكانت المنفعة مباحة الانتفاع متوقفة على فعل الزوج لا حاصلة بمجرد العقد ولم يشترط عليها رد شيء له وذلك كأن تزوجها بألف على أن يخرجها من البلد أو على أن يكرمها أو يهدي لها هدية أو على أن يزوج أباها ابنته أو على أن يعتق أخاها أو على أن يطلق ضرتها فلو المنفعة لأجنبي ولم يوف فليس لها إلا المسمى لأنها ليست منفعة مقصودة لأحد المتعاقدين
ومثله بالأولى لو شرط ما يضرها كالتزوج عليها وكذا لو كان المسمى مهر المثل أو أكثر منه ولو كان المشروط غير مباح كخمر وخنزير فلو المسمى عشرة فأكثر وجب لها وبطل المشروط ولا يكمل مهر المثل لأن المسلم لا ينتفع بالحرام فلا يجب عوض بفواته ولو تزوجها على ألف وعتق أخيها أو طلاق ضرتها بلفظ المصدر لا المضارع عتق الأخ وطلقت الضرة بنفس العقد طلقة رجعية لمقابلتها بغير متقوم وهو البضع وللزوجة المسمى فقط والولاء له إلا إذا قال وعتق أخيها عنها فهو لها ولو تزوجها على ألف وعلى أن يطلق امرأته فلانة وعلى أن ترد عليه عبدا ينقسم الألف على مهر مثلها وعلى قيمة العبد فإن كانا سواء صار نصف الألف ثمنا للعبد والنصف صداقا فإذا طلقها قبل الدخول فلها نصف ذلك وإن بعده نظر وإن كان مهر مثلها خمسمائة أو أقل فليس لها إلا ذلك وإن أكثر فإن وفى بالشرط فكذلك وإلا فمهر المثل
وتمامه في المحيط والفتح عن المبسوط وفي اشتراط الكرامة والهدية كلام سيأتي
حاصل المسألة على وجوه لأن الشرط إما نافع لها أو لأجنبي أو ضار وكل إما حاصل بمجرد النكاح أو متوقف على فعل الزوج وعلى كل من الستة إما أن يكون مهر المثل أكثر من المسمى أو أقل أو مساويا وكل أما أن يكون قبل الدخول أو بعده وكل إما أن يباح الانتفاع بالشرط أو لا وكل إما أن يشترط عليها
____________________
(3/124)
رد شيء أو لا وكل أما أن يحصل الوفاء بالشرط أو لا فهي مائتان وثمانية وثمانون هذا خلاصة ما في البحر
قوله ( والثانية الخ ) قال في الفتح وأما الثانية فكأن يتزوجها على ألف إن أقام بها أو أن لا يتسرى عليها أو أن يطلق ضرتها أو إن كانت مولاة أو إن كانت أعجمية أو ثيبا وعلى ألفين إن كان أضدادها
قوله ( بفوات النفع ) الباء للسببية لأنه في الأولى سمى لها مالها فيه نفع وهو عدم إخراجها وعدم التزوج عليها ونحوه فإذا وفى فلها المسمى لأنه صلح مهرا وقد تم رضاها به وعند فواته ينعدم رضاها بالمسمى فيكمل مهر مثلها وفي الثانية سمى تسميتين ثانيتهما غير صحيحة للجهالة كما يأتي فوجب فيها مهر المثل
قوله ( في المسألة الأخيرة ) قيد في قوله ولا يزاد على ألفين فقط ح
وفي بعض النسخ في الصورة الثانية ذات التقديرين
قوله ( ولا ينقص عن ألف ) أي في المسألتين
قوله ( لاتفاقهما على ذلك ) أي لو زاد مهر مثلها في المسألة الأخيرة على ألفين ليس لها أكثر من ألفين لأنها رضيت معه بهما لترد لها بين الألف والألفين بخلاف المسألة الأولى فإنه لو زاد على ألف لها مهر المثل بالغا ما بلغ لأنها لم ترض بالألف وحده بل مع الوصف النافع ولم يحصل لها
ولو نقص عن ألف في المسألتين فلها الألف لأنه رضي به
قوله ( لسقوط الشرط ) لأنه إذا لم يف يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا يثبت في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره فلم يبق إلا المسمى فينتصف
بدائع
قوله ( وقالا الشرطان صحيحان ) أي في المسألة الأخيرة
قال في الهداية حتى كان لها الألف إن أقام بها والألفان إن أخرجها
وقال زفر الشرطان فاسدان ولها مهر مثلها لا ينقص من الألف ولا يزاد على ألفين
وأصل المسألة في الإجارات في قوله إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم اه
قوله ( في الأصح ) مقابله ما في نوادر ابن سماعة عن محمد أنها على الخلاف وضعفه في البحر
قوله ( لقلة الجهالة ) جواب عما يرد على قول الإمام حيث أفسد الشرط الثاني في المسألة المتقدمة وهي ما إذا تزوجها على ألف إن أقام بها وألفين إن أخرجها وفي هذه الصورة صحح الشرطين مع أن الترديد موجود في الصورتين
وأجاب في الغاية بأنه في المتقدمة دخلت المخاطرة على التسمية الثانية لأن الزوج لا يعرف هل يخرجها أو لا أما هنا فالمرأة على صفة واحدة من الحسن أو القبح وجهالة الزوج بصفتها لا توجب خطرا
ورده الزيلعي بأن من صور المسألة المتقدمة ما لو تزوجها على ألفين إن كانت حرة أو إن كانت له امرأة وعلى ألف إن كانت مولاة أو لم تكن له امرأة مع أنه لا مخاطرة ولكن جهل الحال
وأجاب في البحر بأن المرأة وإن كانت في الكل على صفة واحدة لكن الجهالة قوية في الحرية وعدمها لأنها ليست أمرا مشاهدا ولذا لو وقع التنازع احتيج لى إثباتها فكان فيها مخاطرة معنى بخلاف الجمال والقبح فأنه أمر مشاهد فجهالته يسيرة لزوالها بلا مشقة
واعترضه في النهر بأنه على هذا ينبغي الصحة فيما لو تزوجها على ألفين إن كانت له امرأة وعلى ألف إن لم تكن لأن النكاح يثبت بالتسامع فلا يحتاج إلى إثبات عند المنازعة
قلت ولا يخفى ما فيه فإن إثباته بالتسامع إنما هو عند الاحتياج إلى إثباته على أنه قد تكون له امرأة غائبة في بلدة أخرى لا يعلم بها أحد بخلاف الجمال والقبح فلذا اتبع الشارح ما في البحر ولم يلتفت لما في النهر
____________________
(3/125)
قوله ( بخلاف ما لو ردد الخ ) هذا أيضا من صورة المسألة المتقدمة التي ذكر أنها مخالفة لمسألة الترديد للقبح والجمال فلا حاجة إلى إعاداته
والحاصل أن ترديد المهر بين القلة والكثرة إن وجد فيه شرط الأقل لزمه الأقل وإلا فلا يلزمه الأكثر بل مهر المثل خلافا لهما إلا في مسألة القبح والجمال فإنه يجب المسمى في أي شرط وجد اتفاقا والفرق للإمام ما مر
قوله ( ولو شرط الخ ) هذه مسألة استطرادية ليست من جنس ما قبلها ومناسبتها تعليق المسمى على وصف مرغوب له
قوله ( لزمه الكل ) لأن المهر إنما شرع لمجرد الاستمتاع دون البكارة
ح عن مجمع الأنهر
قوله ( ورجحه في البزازية ) أقول عبارتها تزوجها على أنها بكر فإذا هي ليست كذلك يجب كل المهر حملا لأمرها على الصلاح بأن زالت بوثبة فإن تزوجها بأزيد من مهر مثلها على أنها بكر فإذا هي غير بكر لا تجب الزيادة والتوفيق واضح للمتأمل اه
ووجه التوفيق ما ذكره في العمادية عن فوائد المحيط في تعليل المسألة الثانية أنه قابل الزيادة بما هو مرغوب وقد فات فلا يجب ما قوبل به وأنت خبير بأن كلام البزازية ليس فيه ترجيح للزوم الكل مطلقا بل فيه ترجيح للتفصيل والفرق بين التزوج بمهر المثل وبأزيد منه نعم قال في البزازية بعد ذلك وإن أعطاها زيادة على المعجل على أنها بكر فإذا هي ثيب قيل ترد الزائد
وعلى قياس مختار مشايخ بخارى فيما إذا أعطاها المال الكثير بجهة المعجل على أن يجهزوها بجهاز عظيم ولم تأت به رجع بما زاد على معجل مثلها وكذا أفتى أئمة خوارزم ينبغي أن يرجع الزيادة ولكن صرح في فوائد الإمام ظهير الدين أنه لا يرجع في كلتا الصورتين اه
أي في صورة الزيادة على مهر المثل وصورة الزيادة على المعجل كما يعلم من مراجعة الفصول العمادية فقول البزازية تبعا للعمادية ولكن صرح الخ يفيد ترجيح عدم الرجوع وأنه يلزم كل المهر ولذا نظم المسألة في الوهبانية وعبر عن عدم وجوب الزيادة بقيل فأفاد أيضا ترجيح لزوم الكل كما هو مقتضى إطلاق صاحب الدرر والوقاية والملتقى
قوله ( ولو تزوجها الخ ) حاصل هذه المسألة أن يسمى شيئين مختلفي القيمة اتحد الجنس أو اختلف
نهر
قوله ( أو الألفين ) لا فائدة في ذكره بعد الألف للعلم قطعا بأن الألف غير قيد فالأولى قول البحر أو على هذا الألف أو الألفين فهو مثال آخر مثل الذي بعده مما الاختلاف فيه قيمة مع اتحاد الجنس ويمكن عطف قوله أو الألفين على مجموع قوله على هذا العبد أو على هذا الألف بأن يعطف على كل واحد بانفراده كأن يقول الزوج تزوجتك على هذا العبد أو هذين الألفين
أو يقول على هذا الألف أو هذين الألفين
تأمل
قوله ( أو على أحد هذين ) أي أنه لا فرق بين كلمة أو ولفظ أحدهما فإن الحكم فيه كذلك كما صرح به في المحيط
بحر
قوله ( وأحدهما أوكس ) الجملة في موضع الحال
في القاموس الوكس كالوعد النقص والتنقيص لازم ومتعد اه
وقيد به لأنهما لو تساويا قيمة صحت التسمية اتفاقا
بحر عن الفتح
وقال قبله لو كانا سواء فلا تحكيم ولها الخيار في أخذ أيهما شاءت
قوله ( حكم مهر المثل ) هذا قوله وعندهما لها الأقل والمتون على الأول ورجح في التحرير قولهما والخلاف مبني على أن مهر المثل أصل عنده
____________________
(3/126)
والمسمى خلف عنه إن صحت التسمية وقد فسدت هنا للجهالة فيصار إلى الأصل
وعندهما بالعكس ومحله إذا لم يصرح بالخيار لها أو له فلو قال على أنها بالخيار تأخذ أيهما شاءت أو على أني بالخيار أعطيك أيهما شئت فإنه يصح اتفاقا لانتفاء المنازعة وقيد بالنكاح لأن الخلع على أحد شيئين مختلفين أو الإعتاق عليه يوجب الأقل اتفاقا لأنه ليس له موجب أصلي يصار إليه عند فساد التسمية فوجب الأقل وكذا في الإقرار وتمامه في البحر
قوله ( فلها الأرفع ) لأنها رضيت بالحط
هداية
قوله ( فلها الأوكس ) لأن الزوج رضي بالزيادة
هداية
قوله ( وإلا ) أي بأن كان بين الأرفع والأوكس
قوله ( لأنها الأصل ) أي في الطلاق قبل الدخول كما أن الأصل مهر المثل قبل الطلاق
بحر
قوله ( وجبت المتعة ) أشار به إلى أن ما وقع في الدرر تبعا للوقاية والهداية من أنه يجب نصف الأوكس اتفاقا مبني على الغالب أن المتعة لا تزيد على نصف الأوكس كما علل به في الهداية حتى لو زادت وجبت كما صرح به في الخانية والدراية
وقال في الفتح التحقيق أن المحكم المتعة أفاد أنها لو كانت أزيد من نصف الأعلى لا يزاد على نصفه لرضاها به
رحمتي
قوله ( ولو تزوجها على فرس الخ ) شروع في مسألة أخرى موضوعها أنه تزوجها على ما هو معلوم الجنس دون الوصف كما في الهداية وقوله فالواجب الوسط أو قيمته يفيد صحة التسمية لأن الجنس المعلوم مشتمل على الجيد والرديء والوسط ذو حظ منهما بخلاف مجهول الجنس لأنه لا وسط له لاختلاف معاني الأجناس وإنما تخير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته لأن الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فصارت أصلا في حق الإيفاء وقيد بالمبهم لأنه في المعين بإشارة كهذا العبد أو الفرس يثبت الملك لها بمجرد القبول إن كان مملوكا له وإلا فلها أن تأخذ الزوج بشرائه لها فإن عجز لزمه قيمته وكذا بإضافة إلى نفسه كعبدي فلا تجبر على قبول القيمة لأن الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة لكن في هذا إذا كان له أعبد ثبت ملكها في واحد منهم وسط وعليه تعيينه
وقوله في البحر إنه يتوقف ملكها له على تعيينه غير صحيح لأنه يلزم كون الإضافة كالإبهام فإنه في الإبهام لو عين لها وسطا أجبرت على قبوله وتمامه في النهر
قوله ( في كل جنس له وسط ) قصد بهذا التعميم أن هذا الحكم لا يخص الفرس والعبد وما عطف عليهما بل يعم كل جنس له وسط معلوم ح
قوله ( وكل ما لم يجز السلم فيه الخ ) فإذا وصف الثوب كهروي خير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته كما مر وكذا لو بالغ في وصفه بأن قال طوله كذا في ظاهر الرواية نعم لو ذكر الأجل مع هذه المبالغة كان لها أن لا تقبل القيمة لأن صحة السلم في الثياب موقوفة على ذكر الأجل وفي المكيل والموزون إذا ذكر صفته كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحرية يتعين المسمى وإن لم يذكر الأجل لأن الموصوف فيها يثبت في الذمة وإن لم يكن مؤجلا كما في النهر والبحر فمعنى كون الخيار للمرأة أن لها أن لا تقبل القيمة إذا أراد إجبارها عليها لا بمعنى أن لها أن تجبره على القيمة إذا أراد دفع العين لأنه إذا صح السلم تعين حقها في العين
هذا وفي الفتح التصريح بأن قول الهداية في ظاهر الرواية احترازا عما روى عن أبي حنيفة أن الزوج يجبر على دفع عين الوسط وهو قول زفر وعن قول أبي يوسف أنه لو ذكر الأجل مع المبالغة في وصف الثوب بالطول
____________________
(3/127)
والعرض والرقة تعين الثوب وذكر مثله عن المبسوط ثم رجح رواية زفر وصرح في المجمع بأنها الأصح وكذا في درر البحار وأقره في غرر الأذكار وابن ملك
ثم لا يخفى أنه وإن لم يتعين فلا بد في عين الوسط أو قيمته من اعتبار الأوصاف التي ذكرها الزوج
قوله ( وكذا الحكم في كل حيوان الخ ) فذكر الفرس ليس قيدا ولو قال أولا ولو تزوجها على معلوم جنس وجب الوسط أو قيمته لكان أخصر وأشمل فإنه يعم على كثيرين مختلفين في الحقائق في جواب ما هو والنوع المقول على كثيرين مختلفين في العدد
قوله ( مختلفين في الأحكام ) كإنسان فإنه مقول على الذكر والأنثى وأحكامهما مختلفة
قال في البحر ولا شك أن الثوب تحته الكتان والقطن والحرير والأحكام مختلفة فإن الثوب الحرير لا يحل لبسه وغيره يحل فهو جنس عندهم وكذا الحيوان تحته الفرس والحمار وأما الدار فتحتها ما يختلف اختلافا فاحشا بالبلدان ولمحال والسعة والضيق وكثرة المرافق وقلتها
قوله ( متفقين فيها ) أي في الأحكام مثل له الأصوليون في بحث الخاص بالرجل
وأورد عليهم أنه يشمل الحر والعبد والعاقل والمجنون وأحكامهم مختلفة
فأجابوا بأن اختلاف الأحكام بالعرض لا بالأصالة بخلاف الذكر والأنثى فإن اختلاف أحكامهما بالأصالة
بحر
تنبيه علم مما ذكرنا أن نحو الحيوان والدابة والمملوك والثوب جنس وأن نحو الفرس والحمار والعبد والثوب الهروي أو الكتان أو القطن نوع وأن الذي تصح تسميته ويجب فيه الوسط أو قيمته الثاني فكان على المصنف أن يقول وكذا الحكم في كل حيوان ذكر نوعه دون وصفه كما قال في متن المختار تزوجها على حيوان فإن سمى نوعه كالفرس جاز وإن لم يصفه
وقال في شرحه الاختيار ثم الجهالة أنواع جهالة النوع والوصف كقوله ثوب أو دابة أو دار فلا تصح التسمية هذه
ومنها ما هو معلوم النوع مجهول الصفة كقوله عبد أو فرس أو بقرة أو شاة أو ثوب هروي فإنه تصح التسمية ويجب الوسط الخ فقد جعل الدابة والثوب معلوم الجنس مجهول النوع والوصف وجعل العبد والفرس والثوب الهروي معلوم الجنس والنوع مجهول الوصف وهذا موافق لما مر في تعريف الجنس والنوع عند الفقهاء
فإن قلت قال في الهداية
معنى هذه المسألة أن يسمى جنس الحيوان دون الوصف بأن تزوجها على فرس أو حمار
أما إذا لم يسم الجنس بأن تزوجها على دابة لا تجوز التسمية ويجب مهر المثل اه
فقد جعل الفرس والحمار جنسا
قلت أراد بالجنس النوع كما صرح به في غاية البيان ولذا قابله بالوصف
وأما قول البحر لا حاجة إلى حمل الجنس على النوع لأن الجنس عند الفقهاء هو المقول على كثيرين الخ ففيه أنه لا يصح حمل الجنس في كلام الهداية على الجنس الفقهي كما لا يخفى بل يتعين حمله على النوع وكذا قال في الهداية ولو سمى جنسا بأن قال هروي تصح التسمية ويخير الزوج فقد سمى الهروي جنسا وليس هو جنسا بالمعنى المار ولو تبع المصنف الهداية فقال ذكر جنسه دون وصفه بدل قوله دون نوعه لصح كلامه بأن يراد بالجنس النوع لمقابلته له بالوصف
____________________
(3/128)
أما مع مقابلته بالنوع فلا يصح هذا ما ظهر لي
قوله ( بخلاف مجهول الجنس ) أي ما ذكر جنسه بلا تقييد بنوع كثوب ودابة فإنه لا تصح تسميته فلا يجب الوسط أو قيمته بل يجب مهر المثل
تنبيه حاصل هذه المسألة أن المسمى إذا كان من غير النقود بأن كان عرضا أو حيوانا إما أن يكون معينا بإشارة أو إضافة فيجب بعينه أو لا يكون معينا فإن كان غير مكيل وموزون فإن جهل نوعه كدابة أو ثوب فسدت التسمية ووجب مهر المثل وإن علم نوعه وجهل وصفه كفرس أو ثوب هروي أو عبد صحت التسمية وتخير بين الوسط أو قيمته وكذلك لو علم وصف الثوب على ظاهر الرواية
وعلى ما مر أنه الأصح يتعين الوسط لأنه يجب في الذمة كالسلم بخلاف الحيوان فإنه لا يجب في الذمة في السلم وإن كان مكيلا أو موزونا فإن علم نوعه ووصفه كأردب قمح جيد خال من الشعير صعيدي تعين المسمى وصار كالعرض المشار إليه لأنه يثبت في الذمة حالا كالقرض ومؤجلا كالسلم وإن لم يعلم وصفه تخير الزوج بين الوسط أو قيمته كما في ذكر الفرس أو الحمار هذا خلاصة ما في الاختيار والفت والبحر
مطلب تزوجها على عشرة دراهم وثوب لكن يشكل ما في الخانية لو تزوجها على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها عشرة دراهم ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك اه
قال في البحر وبهذا علم أن وجوب مهر المثل فيما إذ سمى مجهول الجنس إنما هو فيما إذا لم يكن معه مسمى معلوم لكن ينبغي على هذا أن لا ينظر إلى المتعة أصلا لأن المسمى هنا عشرة فقط وذكر الثوب لغو بدليل أنه لم يكمل لها مهر المثل قبل الطلاق اه
وأجاب الخير الرملي بأن الثوب محمول على العدة والتبرع كما جرت به العادة غير داخل في التسمية إذ لو دخل لأوجب فسادها لفحش الجهالة
وقال في فتاواه الخيرية إنه زاغ فهم صاحب البحر وأخيه في جعل الثوب لغوا ولا حول ولا قوة إلا بالله اه
قلت حمله على العدة والتبرع هو بمعنى إلغائه في التسمية
ووجه إشكال هذا الفرع أن الثوب إن لم يدخل في التسمية لزم أن يجب لها نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول بلا نظر إلى المتعة لصحة تسمية العشرة وإن دخل فيها ينبغي أن يعطى حكم ما لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فقد صرح في النهر بأنه في المبسوط بعد أن ذكر عبارة محمد لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص عن الألف
قال هذه المسألة على وجهين إن أكرمها وأهدى لها هدية فلها المسمى وإلا فمهر المثل اه
قلت فهو مثل ما لو تزوجها بألف على أن لا يخرجها أو لا يتزوج عليها كما قدمناه وبه صرح في الهداية وغاية البيان
وفي البدائع لو شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن تزوجها على ألف درهم وأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالكرامة والهدية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول اه
لكن قال في الاختيار ولو تزوجها على ألف وكرامتها فلها مهر المثل لا ينقص عن ألف لأنه رضي بها وإن طلقها قبل الدخول لها نصف الألف لأنه أكثر من المتعة اه
ونقل نحوه في البحر عن الولوالجية
____________________
(3/129)
والمحيط
واعترض به على ما مر من إيجاب المسمى بأن الهدية والإكرام مجهولتان ولا يمكن الوفاء بالمجهول بل تفسد التسمية فيجب مهر المثل
وقد أجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله أنه يمكن حمل ما في الاختيار على ما إذا لم يكرمها أما إذا أكرمها فلها المسمى وهذا عين ما حمل عليه في المبسوط كلام محمد ومشى عليه في الهداية وغاية البيان والبدائع كما مر وجهالة الهداية والإكرام ترتفع بعد وجودها والظاهر كما في النهر أنه يكفي هنا أدنى ما يعد إكراما وهدية اه
فإذا لم يكرمها بشيء بقيت التسمية مجهولة لعدم رضا المرأة بالألف وحده فيجب مهر المثل وكذا إذا طلقها قبل الدخول تقرر الفساد فوجبت المتعة كما هو الحكم عند عدم التسمية أو عند فسادها وإنما أطلق في البدائع لزوم نصف الألف لأنه في العادة أكثر من المتعة كما علمته من كلام الاختيار وهو نظير ما مر في مسألة الأوكس فقد حصل بما ذكرنا التوفيق بين كلامهم ويتعين حمل ما في الخانية عليه أيضا وذلك بأن يقيد بما إذا كان مهر مثلها عشرة دراهم ولم يدفع لها ثوبا فحينئذ تجب لها العشرة لأنها مهر المثل وهو الواجب عند فساد التسمية وتجب المتعة بالطلاق قبل الدخول
وأما دعوى الرملي إلغاء ذكر الثوب لجهالته فلا تصح لأن جهالة الإكرام والهداية أفحش من جهالة الثوب لأن الإكرام تحته أجناس الثياب والحيوان والعروض والعقار والنقود والمكيل والموزون ومع هذا لم يلغوه فعدم إلغاء الثوب بالأولى
وأيضا يشكل على إلغائه اعتبار المتعة وعلى ما قررناه لا إشكال والله أعلم بحقيقة الحال
مطلب مسألة دراهم النقش والحمام ولفافة الكتاب ونحوها ونظير ما في الخانية ما هو معروف بين الناس في زماننا من أن البكر لها أشياء زائدة على المهر
منها ما يدفع قبل الدخول كدراهم للنقش والحمام وثوب يسمى لفافة الكتاب وأثواب أخر يرسلها الزوج ليدفعها أهل الزوج إلى القابلة وبلانة الحمام ونحوها
ومنها ما يدفع بعد الدخول كالإزار والخف والمكعب وأثواب الحمام وهذه مألوفة معروفة بمنزلة المشروط عرفا حتى لو أراد الزوج أن يدفع ذلك يشترط نفيه وقت العقد أو يسمى في مقابلته دراهم معلومة يضمها إلى المهر المسمى في العقد
وقد سئل عنها في الخيرية فأجاب بما حاصله أن المقرر في الكتب من أن المعروف كالمشروط يوجب إلحاق ما ذكر بالمشروط فإن علم قدره لزم كالمهر وإلا وجب مهر المثل لفساد التسمية إن ذكر أنه من المهر وإن ذكر على سبيل العدة فهو غير لازم بالكلية والذي يظهر الأخير وما في الخانية صريح فيه ثم ذكر عبارة الخانية المارة وما تقدم من اعتراضه على البحر
وأنت خبير بأن هذه المذكورات تعتبر في العرف على وجه اللزوم على أنها من جملة المهر غير أن المهر منه ما يصرح بكونه مهرا ومنه ما يسكت عنه بناء على أنه معروف لا بد من تسليمه بدليل أنه عند عدم إرادة تسليمه لا بد من اشتراط نفيه أو تسمية ما يقابله كما مر فهو بمنزلة المشروط لفظا فلا يصح جعله عدة وتبرعا وكون كلام الخانية صريحا قد علمت ما يناقضه وينافيه
وقد رأيت في الملتقط التصريح بلزومه كما قلنا حيث ذكر في مسألة منع المرأة نفسها حتى تقبض المهر فقال ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمنع نفسها وكذلك المشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عادة أهل سمرقند وإن شرطوا أن لا يدفع شيء من ذلك لا يجب وإن سكتوا لا يجب إلا من صدق العرف من غير تردد في الإعطاء لمثلها من مثله والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط اه
ثم رأيت المصنف أفتى به في فتاويه
____________________
(3/130)
وحاصله أن ذلك إن صرح باشتراطه لزم تسليمه وكذا إن سكت عنه وكان العرف به مشهورا معلوما عند الزوج
ولا يخفى أن هذا لو كان تبرعا وعدة لم يكن لها منع نفسها لقبضه ولا المطالبة به وكذا لو كان لازما مفسدا للتسمية بل ينبغي أن يقال إنه بمنزلة اشتراط الهدية والإكرام ترتفع الجهالة بدفعه فيجب المسمى دون مهر المثل
أو يقال وهو الأقرب إن ذلك من قبيل معلوم النوع مجهول الوصف كالفرس والعبد فإن التفاوت في ذلك يسير في العرف فمثل اللفافة يعرف نوعها أنها من القصب والحرير أو من القطن والحرير باعتبار الفقر والغنى وقلة لمهر وكثرته وكذا باقي المذكورات فيعتبر الوسط من كل نوع منها فهذا ما تحرر لي في هذا المقام الذي كثرت فيه الأوهام وزلت الأقدام فاحفظه فإنه مهم والسلام
قوله ( ووسط العبيد في زماننا الحبشي ) وأما أعلاه فالرومي وأدناه الزنجي كذا في البحر والمنح
ذكروا أن ذلك عرف القاهرة
وذكر السيد أبو السعود أن الحبشي في عرفنا لا يجب إلا بالتنصيص لأن العبد متى أطلق لا ينصرف إلا للأسود فإذا اقتصر على ذكر العبد وجب الوسط من السودان اه
قلت والعبد في عرف الشام لا يشمل الرومي لأنه يسمى مملوكا بل يشمل الحبشي والزنجي وكذا الجارية والرومية تسمى سرية وعليه فالوسط أعلى الزنجي
قوله ( وإن أمهرها العبدين الخ ) أراد بالعبدين الشيئين الحلالين وبالحر أن يكون أحدهما حراما فدخل فيه ما إذا تزوجها على هذا العبد وهذا البيت فإذا العبد حر أو على مذبوحتين فإذا أحدهما ميتة كما في شرح الطحاوي
بحر
قوله ( أقله ) أي أقل المهر
قوله ( يمنع مهر المثل ) جواب عن قول محمد وهو رواية عن الإمام لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر منه
قوله ( لها قيمة الحر لو عبدا ) أي لها مع العبد الباقي قيمة الحر لو فرض كونه عبدا
قوله ( ورجحه الكمال ) والمتون على قول الإمام
وفي القهستاني عن الخانية أنه ظاهر الرواية قوله ( كما لو استحق أحدهما ) أي أحد العبدين المسميين فإن لها الباقي وقيمة المستحق ولو استحقا جيمعا فلها قيمتهما وهذا بالإجماع كما شرح الطحاوي
بحر
مطلب في النكاح الفاسد قوله ( في نكاح فاسد ) وحكم الدخول في النكاح الموقوف كالدخول في الفاسد فيسقط الحد ويثبت النسب ويجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل خلافا لما في الاختيار من كتاب العدة وتمامه في البحر
وسنذكر في العدة التوفيق بين ما في الاختيار وغيره
قوله ( وهو الذي الخ ) بخلاف ما لو شرط شرطا فاسدا كما لو تزوجته على أن لا يطأها فإنه يصح النكاح ويفسد الشرط
رحمتي
قوله كشهود ومثله تزوج الأختين معا ونكاح الأخت في عدة الأخت ونكاح المعتدة والخامسة في عدة الرابعة والأمة على الحرة
وفي المحيط تزوج ذمي مسلمة فرق بينهما لأنه وقع فاسدا اه
فظاهره أنهما لا يحدان وأن النسب يثبت فيه والعدة إن دخل
بحر
____________________
(3/131)
قلت لكن سيذكر الشارح في آخر فصل في ثبوت النسب عن مجمع الفتاوى نكح كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل اه
وهذا صريح فيقدم على المفهوم فافهم
ومقتضاه الفرق بين الفاسد والباطل في النكاح لكن في الفتح قبيل التكلم على نكاح المتعة أنه لا فرق بينهما في النكاح بخلاف البيع نعم في البزازية حكاية قولين في أن نكاح المحارم باطل أو فاسد والظاهر أن المراد بالباطل ما وجوده كعدمه ولذا لا يثبت النسب ولا العدة في نكاح المحارم أيضا كما يعلم مما سيأتي في الحدود
وفسر القهستاني هنا الفاسد بالباطل ومثله بنكاح المحارم وبإكراه من جهتها أو بغير شهود الخ وتقييده الإكراه بكونه من جهتها قدمنا الكلام عليه أول النكاح قبيل قوله وشرط حصول شاهدين وسيأتي في باب العدة أنه لا عدة في نكاح باطل وذكر في البحر هناك عن المجتبى أن كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه موجب للعدة
أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا
قال فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لأنه زنى كما في القنية وغيرها اه
والحاصل أنه لا فرق بينهما في غير العدة أما فيها فالفرق ثابت وعلى هذا فيقيد قول البحر هنا ونكاح المعتدة بما إذا لم يعلم بأنها معتدة لكن يرد على ما في المجتبى مثل نكاح الأختين معا فإن الظاهر أنه لم يقل أحد بجوازه ولكن لينظر وجه التقييد بالمعية
والظاهر أن المعية في العقد لا في ملك المتعة إذ لو تأخر أحدهما عن الآخر فالمتأخر باطل قطعا
قوله ( في القبل ) فلو في الدبر لا يلزمه مهر لأنه ليس بمحل النسل كما في الخلاصة والقنية فلا يجب بالمس والتقبيل بشهوة شيء بالأولى كما صرحوا به أيضا
بحر قوله ( كالخلوة ) أفاد أنه لا يجب المهر بمجرد العقد الفاسد بالأولى
لحرمة وطئها أي فلم يثبت بها التمكن من الوطء فهي غير صحيحة كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطء وهذا معنى قول المشايخ الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح كذا في الجوهرة وفيه مسامحة لفساد الخلوة
بحر
والظاهر أنهم أرادوا بالصحيحة هنا الخالية عما يمنعها أو يفسدها من وجود ثالث أو صوم أو صلاة أو حيض ونحوه مما سوى فساد العقد لظهور أنه غير مراد وهذا سبب المسامحة وفيه مسامحة أخرى وهي أن الخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة كما قدمنها عن الفتح مع أن الفاسدة في النكاح الصحيح توجبها كما مر أنه المذهب
قوله ( ولم يزد مهر المثل الخ ) المراد بمهر المثل ما يأتي في المتن بخلاف مهر المثل الواجب بالوطء بشبهة بغير عقد فإن المراد به غيره كما نص عليه في البحر ويأتي بيانه فافهم
هذا وفي الخانية لو تزوج محرمه لا حد عليه عند الإمام وعليه مهر مثلها بالغا ما بلغ اه
فهي مستثناة إلا أن يقال إن نكاح المحارم باطل لا فاسد على ما مر من الخلاف ويكون ذلك ثمرة الاختلاف وبيانا لوجه الفرق بينهما كما أشار إليه في البحر
قوله ( لرضاها بالحط ) لأنها لما لم تسم الزيادة كانت راضية بالحط مسقطة حقها فيها لا لأجل أن التسمية صحيحة من وجه لأن الحق أنها فاسدة من كل وجه لوقوعها في عقد فاسد ولهذا لو كان مهر المثل أقل من المسمى وجب مهر المثل فقط وظاهر كلامهم أن مهر المثل لو كان أقل من العشرة فليس لها
____________________
(3/132)
غيره بخلاف النكاح الصحيح إذا وجب فيه مهر المثل فإنه لا ينقص عن عشرة
بحر
ومثله في النهر وفيه نظر فإن مهر مثلها المعتبر بقوم أبيها كيف يكون أقل من العشرة مع أن العشرة أقل الواجب في المهر شرعا فتأمل
قوله ( في الأصح ) وقيل بعد الدخول ليس لأحدهما فسخه إلا بحضرة الآخر كما في النهر وغيره ح
قوله ( فلا ينافي وجوبه ) قال في النهر وقول الزيلعي ولكل منهما فسخة بغير محضر من صاحبه لا يريد به عدم الوجوب إذ لا شك في أنه خروج من المعصية والخروج منها واجب بل إفادة أنه أمر ثابت له وحده اه ح
وضمير ينافي لتعبير المصنف باللام في قوله ولكل وضمير وحده لكل أي يثبت لكل منهما وحده
قوله ( بل يجب على القاضي ) أي إن لم يتفرقا
قوله ( وتجب العدة ) ظاهر كلامهم وجوبها من وقت التفريق قضاء وديانة
وفي الفتح يجب أن يكون هذا في القضاء
أما إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثا ينبغي أن يحل لها التزوج فيما بينها وبين الله تعالى على قياس ما قدمنا من نقل العتابي اه
ومحله فيما إذا فرق بينهما
أما إذا حاضت ثلاثا من آخر وطء ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقا كما أشار إليه في غاية البيان وظاهر الزيلعي يوهم خلافه
بحر
قوله ( بعد الوطء لا الخلوة ) أي لا تجب بعد الخلوة المجردة عن وطء ووجوب العدة بعد الخلوة ولو فاسدة إنما هو في النكاح الصحيح وفي البحر عن الذخيرة ولو اختلفا في الدخول فالقول له فلا يثبت شيء من هذه الأحكام اه
وفيه عن الفتح ولو كانت هذه المرأة الموطوءة أخت امرأته حرمت عليه امرأته إلى انقضاء عدتها
قوله ( للطلاق ) متعلق بمحذوف حال من العدة وقوله لا للموت عطف عليه والمراد أن الموطوءة بنكاح فاسد سواء فارقها أو مات عنها تجب عليها العدة التي هي عدة طلاق وهي ثلاث حيض لا عدة موت وهي أربعة أشهر وعشر وهذا معنى قول المنح والبحر والمراد بالعدة هنا عدة الطلاق
وأما عدة الوفاة فلا تجب عليها من النكاح الفاسدة اه
ولا يصح تعلق قوله للطلاق بقوله تجب لأن الطلاق لا يتحقق في النكاح الفاسد بل هو متاركة كما في البحر وكذا لا يصح أن يراد بقوله لا للموت موت الرجل قبل الوطء ليفيد أنه لو مات بعده تجب عدة الموت لما علمت من إطلاق عبارة البحر والمنح أنها لا تجب في النكاح الفاسد ولما سيأتي في باب العدة من أنها تجب بثلاث حيض كوامل في الموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد في الموت والفرقة اه
أي إن كانت تحيض وإلا فثلاثة أشهر أو وضع الحمل فافهم
قوله ( من وقت التفريق ) أي تفريق القاضي ومثله التفرق وهو فسخهما أو فسخ أحدهما ح وهو متعلق بتجب أي لا من آخر الوطآت خلافا لزفر وهو الصحيح كما في الهداية وأقره شراحها كالفتح والمعراج وغاية البيان وكذا صححه في الملتقى والجوهرة والبحر
ولا يخفى تقديم ما في هذه المعتبرات على ما في مجمع الأنهر من تصحيح قول زفر وعبارة المواهب واعتبرنا العدة من وقت التفريق لا من آخر الوطآت فافهم
قوله ( أو متاركة الزوج ) في البزازية المتاركة في الفاسد بعد الدخول لا تكون إلا بالقول كخليت سبيلك أو تركتك ومجرد إنكار النكاح لا يكون متاركة
أما لو أنكر وقال اذهبي وتزوجي كان متاركة والطلاق فيه متاركة لكن لا ينقص به عدد الطلاق وعدم مجيء أحدهما إلى الآخر بعد الدخول ليس متاركة لأنها لا تحصل إلا بالقول
وقال صاحب المحيط وقبل الدخول أيضا لا يتحقق إلا بالقول اه
وخص الشارح المتاركة بالزوج كما فعل الزيلعي لأن ظاهر كلامهم أن لا تكون من المرأة أصلا مع أن فسخ هذا النكاح يصح من كل منهما بمحضر الآخر اتفاقا والفرق بين المتاركة والفسخ بعيد كذا في البحر
____________________
(3/133)
وفرق في النهر بأن المتاركة في معنى الطلاق فيختص به الزوج
أما الفسخ فرفع العقد فلا يختص به وإن كان في معنى المتاركة
ورده الخير الرملي بأن الطلاق لا يتحقق في الفاسد فكيف يقال إن المتاركة في معنى الطلاق فالحق عدم الفرق ولذا جزم به المقدسي في شرح نظم الكنز الخ وتمامه فيما علقناه على البحر وسيأتي قبيل باب الطلاق قبل الدخول عن الجوهرة طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل قال ولم يحك خلافا فهذا أيضا مؤيد لكون الطلاق لا يتحقق في الفاسد ولذا كان غير منقص للعدد بل هو متاركة كما علمت جتى لو طلقها واحدة ثم تزوجها صحيحا عادت إليه بثلاث طلقات
قوله ( في الأصح ) هذا أحد قولين مصححين ورجحه في البحر وقال إنه اقتصر عليه الزيلعي والآخر أنه شرط حتى لو لم يعلمها بها لا تنقضي عدتها
قوله ( ويثبت النسب ) أما الإرث فلا يثبت فيه وكذا النكاح الموقوف ط
عن أبي السعود
قوله ( احتياطا ) أي في إثباته لإحياء الولد ط
قوله ( وتعتبر مدته ) أي ابتداء مدته التي يثبت فيها
قوله ( وهي ستة أشهر ) أي فأكثر
قوله ( من الوطء ) أي إذا لم تقع الفرقة كما يأتي بيانه
قوله ( يعني ستة أشهر فأكثر ) أشار إلى أن التقدير بأقل مدة الحمل إنما هو للاحتراز عما دونه لا عما زاد لأنها لو ولدته لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها فإنه يثبت نسبه اتفاقا
بحر
قوله ( وقال الخ ) تظهر فائدة الخلاف فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتي به
بحر
تنبيه ذكر في الفتح أنه يعتبر ابتداء المدة من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وإلا فمن وقت النكاح والدخول على الخلاف
واعترضه في البحر بأنه يقتضي أنها لو أتت بعد التفريق لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد أو الدخول ولأقل منها من وقت التفريق أنه لا يثبت نسبه مع أنه يثبت
وأجاب في النهر بأن اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل كما مر واعتبارها من وقت التفريق معناه نفي الأكثر حتى لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب اه
ومثله في شرح المقدسي
والحاصل أنه قبل التفريق يثبت النسب ولو ولدته بعد العقد أوالدخول لأكثر من سنتين كما مر أما بعد التفريق فلا يثبت إلا إذا كان أقل من سنتين من حين التفريق بشرط أن لا يكون بين الولادة والعقد أو الدخول أقل من ستة أشهر
قوله ( ورجحه في النهر ) ترجيحه لا يعارض قول صاحب الهداية وغيره إن الفتوى على قول محمد
____________________
(3/134)
مطلب التصرفات الفاسدة قوله ( وذكر من التصرفات الفاسدة ) أي إذا فقد منها شرط من شروط الصحة
قوله ( وحكم هذا ) أي حكم الإجارة الفاسدة بشرط فاسد كحرمة دار أو بجهالة المسمى أو بعدم التسمية أو بتسمة نحو خمر
والأجر خبر حكم والمراد به أجر المثل أو المسمى في الصورة الأولى
وأجر المثل بالغا ما بلغ في الثلاثة الأخيرة وقد فصل ذلك بقوله وجوب أدنى مثل الخ فأدنى إما مضاف والإضافة بيانية أو غير مضاف ومثل بدل منه كما لا يخفى ح
قوله ( والواجب الأكثر الخ ) يعني أن الكتابة الفاسدة كما إذا كاتبه على عين معينة لغيره يجب على المكاتب الأكثر من قيمته والمسمى وتاء الكتابة والقيمة مجروران ولا يوقف عليهما بالهاء لئلا تختلف القافية ح
قوله ( في النكاح ) أي الفاسد بعدم الشهود مثلا مهر المثل أي بالغا ما بلغ إن لم يسم ما يصلح مهرا وإلا فالأقل من مهر المثل أو المسمى ح
قوله ( إن يكن دخل ) أما إذا لم يدخل لا يجب شيء ح
قوله ( وخارج البذر ) يعني أن المزارعة الفاسدة كما إذا شرط فيها قفزان معينة لأحدهما يكون الخارج فيها لصاحب البذر
ثم إن كانت الأرض له فعليه مثل أجر العامل وإذا كان البذر من العامل فعليه أجر مثل الأرض ح
قوله ( أجل ) تكملة بمعنى نعم ح
قوله ( والصلح والرهن ) أي الصلح الفاسد بنحو جهالة البدل المصالح عليه والرهن الفاسد كرهن المشاع لكل من المتعاقدين نقضه ح
قوله ( أمانة ) خبر مبتدأ محذوف عائد على كل من بدل الصلح والمرهون اللذين دل عليهما الصلح والرهن أي حينئذ يكون ما في يد المصالح أمانة وكذلك المصالح عليه في يد من هو في يده وكذلك الرهن في يد المرتهن لأن كلا قبض مال صاحبه بإذنه لكنه قبضه لنفسه لا لمالكه فينبغي أن يكون مضمونا عليه وهو ما أشار إليه بقوله أو كالصحيح حكمه وحكم الصحيح في الصلح أنه مضمون عليه ببدل الصلح وصحيح الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين وينبغي أن يكون هذا هو المعتمد
رحمتي
قلت وسيأتي في كتاب الرهن التوفيق بأن فاسد الرهن كصحيحه إذا كان سابقا على الدين وإلا فلا ويأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( ثم الهبه ) بسكون الهاء للضرورة يعني أن الموهوب مضمون على الموهوب له بالقيمة يوم القبض في الهبة الفاسدة كهبة مشاع يقسم ح لأنه قبضه لنفسه ومن قبض لنفسه ولو بإذن مالكه كان قبضه قبض ضمان
رحمتي
قوله ( وصح بيعه ) أي بيع المستقرض واللام لتعدية البيع وقوله اقترض نعت لعبد وفاعله مستتر عائد على المستقرض ومفعوله محذوف عائد على العبد
يعني إذا استقرض عبدا كان قرضا فاسدا لأنه قيمي يفيد الملك فيصح بيعه ح
وقال ط اللام في لعبد زائدة
قوله ( مضاربه ) بسكون الهاء للضرورة يعني أن المضارية الفاسدة بنحو اشتراط عمل رب المال حكمها الأمانة أي يكون مال المضاربة في يد المضارب أمانة ح أي لأنه قبضها لمالكها بإذنه وما كان كذلك فهو أمانة ولأنه لما فسدت صار المضارب أجيرا والمال في يد الأجير أمانة
رحمتي
قوله ( والمثل في البيع ) أي الواجب في البيع الفاسد بنحو شرط لا يقتضيه العقد ضمان مثل
____________________
(3/135)
المقبوض الهالك إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا وتاء الأمانة والقيمة مرفوعان ولا يوقف عليهما بالسكون لما مر ح
وأما بقية الإحدى والعشرين فقال في النهر وبقي من التصرفات الفاسدة الصدقة والخلع والشركة والسلم والكفالة والوكالة والإقالة والصرف والوصية والقسمة
أما الصدقة ففي جامع الفصولين أنها كالهبة الفاسدة مضمونة بالقبض وأما الخلع فحكمه أنه إذا بطل العوض فيه وقع بائنا وذلك كالخلع على خمر أو خنزير أو ميتة
وأما الشركة وهي المفقود منها شرطها مثل أن يجعل الربح فيها على قدر المال كما في المجمع ولا ضمان عليه لو هلك المال في يده كما في جامع الفصولين
وأما السلم وهو ما فقد فيه شرط من شرائط الصحة فحكم رأس المال فيه كالمغصوب فيصح فيه أن يأخذ به ما بدا له يدا بيد كذا في الفصول وأما الكفالة كما إذا جهل المكفول عنه مثلا كقوله ما بايعت أحدا فعلي فحكمها عدم الوجوب عليه ورجع بما أداه حيث كان الضمان فاسدا كذا في الفصول أيضا
وأما الوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية فالظاهر أنهم لم يفرقوا بين فاسدها وباطلها وصرحوا بأن الإقالة كالنكاح لا يبطلها الشرط الفاسد وقد عرف أنه لا فرق بين فاسده وباطله وقالوا لو وقعت الإقالة بعد القبض بعد ما ولدت الجارية فهي باطلة اه
أقول وما عزاه إلى المجمع في قوله وأما الشركة الخ فغير موجود فيه ولم نر أحدا قاله بل تجوز الشركة مع التساوي في الربح وعدمه فالصواب أن يمثل بالتي شرط فيها دراهم مسماة لأحدهما فإنه مفسد لها وحكم الفاسدة أن يجعل الربح فيها على قدر المال وإن شرط التفاضل وهذا هو الذي في المجمع وغيره فافهم
وذكر القسمة ولم يتعرض لحكمها وسيذكر المصنف والشارح في بابها أن المقبوض بالقسمة الفاسدة كقسمة على شرط هبة أو صدقة أو بيع من المقسوم أو غيره يثبت الملك فيه ويفيد جواز التصرف فيه لقابضه ويضمنه بالقيمة كالمقبوض بالشراء الفاسد
وقيل لا يثبت وجزم بالقيل في الأشباه وبالأول في البزازية والقنية اه
وما ذكره في النكاح عن عدم الفرق بين فاسده وباطله قد علمت ما فيه
هذا وقد زاد الرحمتي الحوالة ونظم حكمها مع حكم ما زاد على العشرة تكميلا لنظم النهر على الترتيب المذكور فقال صدقة كهبة سواء والخلع بائن ولا جزاء إن شرط الخمر أو الخنزير أو لميتة بدله كذا رأوا بقدر مال ربح شركة فسد كان لقطع شركة الربح قصد ولا ضمان بهلاك المال في يده حزت ذرا المعالي وسلم بعض شروطه فقد ففاسد كما من الفقه شهد ورأس مال فيه كالمغصوب عد فخذ به ما شئت إن يدا بيد كفالة المجهول مفسد لها فرجع بما أديت إن خبء دهى إذا بنى الدفع على الكفاله ولا رجوع إن يرد وفا له وفاسد القسمة إن شرط نمى لا يقتضيه العقد يا هذا الكمى فيملك المقسوم بالقيمة إن يقبض وقيل لا فقد فاز الفطن
____________________
(3/136)
وكالة وصاية والوقف إقالة يا صاح ثم الصرف لا فرق فيها بين ما قد فسدا وبين باطل هديت الرشدا حوالة بشرط أن يؤدى من بيع دار للمحيل يردى فإن يؤدى المال فهو راجع على المحيل أو محال خاشع وقوله فخذ به ما شئت الخ أي له أن يستبدل برأس مال السلم الفاسد بخلاف الصحيح لكن بشرط أن يكون يدا بيد لئلا ينفصل عن دين بدين وقوله إذا بنى الدفع على الكفالة الخ أي لو ظن لزومها له فأداه عما كفله وقال هذا ما كفلت لك به رجع عليه لأنه أداه ما ليس بلازم عليه على زعم لزومه كما لو قضاه دينه ثم تبين أن لا دين عليه وأما إذا قال خذ هذا وفاء عما لك في ذمته فلا يرجع عليه لأن من قضى دين غيره بلا أمره لا رجوع له على أحد
قوله ( والحرة ) احترز بها عن الأمة كما يأتي
مطلب في بيان مهر المثل قوله ( مهر مثلها ) مبتدأ خبره قوله مهر مثلها ولا يلزم الإخبار عن الشيء بنفسه لما أشار إليه من اختلافهما شرعا ولغة ولأن الثاني مقيد بقوله من قوم أبيها
ثم اعلم أن اعتبار مهر المثل المذكور حكم كل نكاح صحيح لا تسمية فيه أصلا أو سمى فيه ما هو مجهول أو مالا يحل شرعا وحكم كل نكاح فاسد بعد الوطء سمي فيه مهر أو لا
وأما المواضع التي يجب فيها المهر بسبب الوطء بشبهة فليس المراد بالمهر فيها مهر المثل المذكور هنا لما في الخلاصة أن المراد به العقر وفسره الإسبيجابي بأنه ينظر بكم تستأجر للزنى لو كان حلالا يجب ذلك القدر وكذا نقل عن مشايخنا في شرح الأصل للسرخسي اه
وظاهره أنه لا فرق بين الحرة والأمة ويخالفه ما في المحيط لو زفت إليه غير امرأته فوطئها لزمه مهر مثلها إلا أن يحمل على العقد المذكور توفيقا
بحر
قوله ( لا أمها ) المقصود أنه لا اعتبار للأم وقومها مع قوم الأب لا أنها لا تعتبر أصلا حتى تكون أدنى حالا من الأجانب
ط عن البرجندي
قلت لكن الأم قد تكون من قبيلة لا تماثل قبيلة الأب والمعتبر من الأجانب من كانت من قبيلة تماثل قبيلة الأب على ما يأتي فمن كانت كذلك فهي أعلى حالا من الأم فافهم
قوله ( كبنت عمه ) مثال للمنفى ح أي المنفى في قوله إن لم تكن من قومه والضمير فيهما للأب فالأم إذا كانت بنت عم الأب كانت من قوم الأب وقول الدرر كبنت عمها سبق فلم أو مجاز
قوله ( ومفاده اعتبار الترتيب ) كذا في البحر والنهر
لكن قال في البحر بعده وظاهر كلامهم خلافه اه
قلت وتظهر الثمرة فيما لو ساوتها أختها وبنت عمها مثلا في الصفات المذكورة واختلف مهراهما فعلى ما في الخلاصة تعتبر الأخت
وأما على ظاهر كلامهم فيشكل
____________________
(3/137)
وقد قال في البحر ولم أر حكم ما إذا ساوت المرأة امرأتين من أقارب أبيها مع اختلاف مهرهما هل يعتبر المهر الأقل أو الأكثر وينبغي أن كل مهر اعتبره القاضي وحكم به فإنه يصح لقلة التفاوت اه
وفيه أنه قد يكون التفاوت كثيرا
وقال الخير الرملي نص علماؤنا على أن التفويض لقضاة العهد فساد
والذي يقتضيه نظم الفقيه اعتبار الأقل للتيقن به اه
قلت ويظهر لي أنه ينظر في مهر كل من هاتين المرأتين فمن وافق مهرها مهر مثلها تعتبر إذ يمكن أن يكون حصل في مهر إحداهما محاباة من الزوج أو الزوجة
تأمل
قوله ( في الأوصاف ) الأولى حذفه لإغناء قوله سنا الخ عنه مع احتياجه مع تكلف في الإعراب
قوله ( وقت العقد ) ظرف لمثلها الثانية بالنظر للمتن ولتعتبر بالنظر للشارح اه
ح
والمعنى أنه إذا أردنا أن نعرف مهر مثل امرأة تزوجت بلا تسمية مثلا ننظر إلى صفاتها وقت تزوجها من سن وجمال الخ وإلى امرأة من قوم أبيها كانت حين تزوجت في السن والجمال الخ مثل الأولى ولا عبرة بما حدث بعد ذلك في واحدة منهما من زيادة وجمال ونحوه أو نقص
أفاده الرحمتي
قوله ( سنا ) أراد به الصغر أو الكبر
بحر
ومثله في غاية البيان
وظاهره أنه ليس المراد تحديد السن بالعدد كعشرين سنة مثلا بل مطلق الصغر أو الكبر فيما لا يعتبر فيه التفاوت عرفا فبنت عشرين مثل بنت ثلاثين ولذا قال في المعراج لأن مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف فإن الغنية تنكح بأكثر ما تنكح به الفقيرة وكذا الشابة مع العجوز والحسناء مع الشوهاء اه
وظاهره أن بقية الصفات كذلك فيعتبر المماثلة في أصل الصفة احترازا عن ضدها لا عن الزيادة فيها
قوله ( وجمالا ) وقيل لا يعتبر الجمال في بيت الحسب والشرف بل في أوساط الناس وهذا جيد فتح والظاهر اعتباره مطلقا
بحر
وكذا رده في النهر بإطلاق عبارة الكنز وغيره
قلت ووجهه أن الكلام فيمن كانت من قوم أبيها فإذا ساوت إحداهما الأخرى في الحسب والشرف وزادت عليها في الجمال كانت الرغبة فيها أكثر
قوله ( وبلدا وعصرا ) فلو كانت من قوم أبيها لكن اختلف مكانهما أو زمانهما لا يعتبر بمهرها لأن البلدين تختلف عادة أهلهما في غلاء المهر ورخصه فلو زوجت في غير البلد الذي زوج فيه أقاربها لا تعتبر بمهورهن
فتح
ومثله في كافي الحاكم الذي هو جمع كتب محمد حيث قال ولا ينظر إلى نسائها إذا كن من غير أهل بلدها لأن مهور البلدان مختلفة اه
ومقتضى هذا أنه لا بد من اعتبار الزمان والمكان وإن قلنا بالاكتفاء ببعض هذه الصفات على ما يأتي
فافهم
قوله ( وعقلا ) هو قوة مميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة أو هيئة محمودة للإنسان في مثل حركاته وسكناته كما في كتب الأصول وهو بهذا المعنى شامل لما شرطه في النتف من العلم والأدب والتقوى والعفة وكمال الخلق قهستاني
قوله ( ودينا ) أي ديانة وصلاحا
قهستاني
قوله ( وعدم ولد ) أي إن كان من اعتبر لها المهر كذلك وإن كان لها ولد اعتبر مهر مثلها بمهر من لها ولد ط
قوله ( ذكره الكمال ) أي نقلا عن المشايخ وفسره بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمها اه أي وكذا في بقية الصفات فإن الشاب والملتقى مثلا يزوج بأرخص من الشيخ والفاسق
____________________
(3/138)
كما في البحر والنهر
قوله ( ومهر الأمة الخ ) قدمنا الكلام عليه أول الباب
قال ح دخل في إطلاقه ما إذا كان لها قوم أب كما إذا تزوج حر أمة رجل ولم يشترط الحرية فبنته أمة وإن كانت من قوم أبيها لكن خالفتهم في الحرية لم تحصل المماثلة
قوله ( أي في ثبوت مهر المثل ) أشار إلى أن ضمير فيه عائد إلى مهر المثل بتقدير مضاف وهو ثبوت
قوله لما ذكر علة لثبوت مهر المثل والمراد بما ذكر المماثلة سنا وما عطف عليه وأشار به إلى أنه لا بد من الشهادة على الأمرين المماثلة بينهما وأن مهر الأولى كان كذا ح
وفي بعض النسخ بما ذكر فالباء للسببية أي لثبوته بسبب ما ذكر من المماثلة في الأوصاف
قوله ( شهود عدول ) أشار إلى اشتراط العدالة مع العدد لأن المقصود إثبات المال والشرط فيه ذلك
قوله ( فالقول للزوج ) لأنه منكر للزيادة التي تدعيها المرأة
قوله ( وما في المحيط الخ ) جواب عما ذكره في البحر من المخالفة بين ما في الخلاصة والمنتقى وهو ما مر من اشتراط الشهادة المذكورة وبين ما في المحيط حيث قال فإن فرض القاضي أو الزوج بعد العقد جاز لأنه يجري ذلك مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز اه
ووجه المخالفة أن ظاهر ما مر أنه لا يصح القضاء بمهر المثل بدون الشهادة أو الإقرار من الزوج
وأجاب في النهر بأن ما في المحيط ينبغي أن يحمل على ما إذا رضيا بذلك وإلا فالزيادة على مهر المثل عند إبائه والنقص عنه عند إبائها لا يجوز اه
أقول قدمنا عن البدائع عند قول المصنف وما فرض بعد العقد أو زيد لا ينصف أن مهر المثل يجب بنفس العقد بدليل أنها لو طلبت الفرض من الزوج يلزمه ولو امتنع يجبره القاضي عليه ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض اه
فهذا صريح في أن المراد فرض مهر المثل وإن فرض القاضي عند عدم التراضي فلا يصح حمل ما في المحيط على ما ذكره في النهر
وأما قول المحيط زاد أو نقص الخ فينبغي حمله على صورة فرض الزوج إذا رضيت بها
وبيان ذلك على وجه تندفع به المخالفة أنك قد علمت أن مهر المثل إنما يجب بالنظر إلى من يساويها من قوم أبيها وقد علمت أيضا أنه لا يثبت إلا بشاهدين فإذا تزوجت بلا مهر وطلبت من الزوج أن يفرض لها مهر مثلها فامتنع ورافعته إلى القاضي وأتت بشاهدين شهدا بأن فلانة من قوم أبيها تساويها في الصفات المذكورة وأنها تزوجت بكذا يحكم لها القاضي بمثل مهر فلانة المذكورة بلا زيادة ولا نقص وإنما يمكن الزيادة والنقص عند فرض الزوج بالتراضي كما قلنا
وإذا كان فرض القاضي مبنيا على ما قلنا من الشهادة المذكورة تندفع المخالفة التي ادعاها في البحر لأنه لا مسوغ لحمل ما في المحيط على أن القاضي يفرض لها مهرا برأيه ويلزم أحدهما بالزيادة أو النقص بلا رضاه مع إمكان المصير إلى الواجب لها شرعا عند وجود من يساويها في الصفات من قوم أبيها وإن كان المراد حمل كلام المحيط على حكم القاضي عند عدم وجود من يساويها من قوم أبيها ومن الأجانب فلا يخالف ما في الخلاصة والمنتقى أيضا لأن كلامهما في مهر المثل وهو لا يكون إلا عند وجود المماثل فيتوقف ثبوته على الشهادة أو الإقرار
أما عند عدم المماثل يكون تقديريا لمهر المثل جاريا مجراه لا عينه فينظر فيه القاضي نظر تأمل واجتهاد فيحكم به بدون شهود وإقرار من الزوج فموضوع الكلامين مختلف كما لا يخفى
وعلى هذا لا يتأتى أيضا فيه زيادة أو نقصان
____________________
(3/139)
إذ لا يمكن ذلك إلا عند وجود المماثل ولكن حمل كلام المحيط على ما ذكر ينافيه ما قدمناه عن البدائع من أن المراد حكم بمهر المثل وكذا ما نذكره قريبا عن الصيرفية من أنه عدم المماثل لا يعطي لها شيء ولا يمكن حمله على حالة التراضي لما علمت من كلام البدائع ولأنه عند وجود التراضي يستغنى عن الترافع إلى القاضي وعند عدم وجود الشاهدين فالقول للزوج بيمينه كما مر ويأتي فيحكم لها القاضي بما يحلف عليه فاغتنم هذا التحرير والله الموفق
قوله ( فإن لم يوجد ) أي من يماثلها في الأوصاف المذكورة كلها أو بعضها
بحر
ومقتضاه الاكتفاء ببعض هذه الأوصاف وبه صرح في الاختيار بقوله فإن لم يوجد ذلك كله فالذي يوجد منه لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين فيعتبر بالموجود منها لأنها مثلها اه
ومثله في شرح المجمع لابن ملك وغرر الأذكار وهو موجود في بعض نسخ الملتقى
قلت لكن يشكل عليه اتفاق المتون على ذكر معظم هذه الأوصاف وتصريح الهداية بأن مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف وكذا يختلف باختلاف الدار والعصر اه
إذ لا شك أن الرغبة في البكر الشابة الجميلة الغنية أكثر من الثيب العجوز الشوهاء الفقيرة وإن تساوتا في العقل والدين والعلم والأدب وغيرها من الأوصاف فكيف يقدر مهر إحداهما بمهر الأخرى مع هذا التفاوت وقولهم لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين مسلم لو التزمنا اعتبارها في قوم الأب فقط
أما عند اعتبارها من الأجانب أيضا فلا على أنه لو فرض عدم الوجود يكون القول للزوج كما ذكره المصنف بعد وإن امتنع يرفع الأمر للقاضي ليقدر لها مهرا على ما مر لكن في البحر عن الصيرفية مات في غربة وخلف زوجتين غريبتين تدعيان المهر ولا بينة لهما وليس لهما أخوات في الغربة قال يحكم بجمالهما بكم ينكح مثلهما قيل له يختلف بالبلدان قال إن وجد في بلدهما يسأل وإلا فلا يعطى لهما شيء اه أي لعدم إمكان الحلف بعد الموت لكن فيه أن ورثة الزوج تقوم مقامه فتأمل
تنبيه جرى العرف في كثير من قرى دمشق بتقدير المهر بمقدار معين لجميع نساء أهل القرية بلا تفاوت فينبغي أن يكون ذلك عند السكوت عنه بمنزلة المذكور المسمى وقت العقد لأن المعروف كالمشروط وحينئذ فلا يسأل عن مهر المثل والله أعلم
مطلب في ضمان الولي المهر قوله ( وصح ضمان الولي مهرها ) أي سواء كان ولي الزوج أو الزوجة صغيرين كانا أو كبيرين أما ضمان ولي الكبير منهما فظاهر لأنه كالأجنبي
ثم إن كان بأمره رجع وإلا لا
وأما ولي الصغيرين فلأنه سفير ومعبر فإذا مات كان لها أن ترجع في تركته ولباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير خلافا لزفر لأن الكفالة صدرت بأمر معتبر من المكفول عنه لثبوت ولاية الأب عليه فإذن الأب إذن منه معتبر وإقدامه على الكفالة دلالة ذلك من جهته
نهر عن الفتح
قوله ( ولو عاقدا ) أي ولو كان هو الذي باشر عقد النكاح بالولاية عليها أو عليه أو عليهما فافهم
قوله ( لأنه سفير ) تعليل لقوله صح بالنسبة لما إذا كانا
____________________
(3/140)
صغيرين أو أحدهما ويصلح جوابا عما يقال لو كان الضامن ولي الصغير يلزم أن يكون مطالبا ومطالبا لأن حق المطالبة له ولذا لو باع شيئا ثم ضمن الثمن عن المشتري لم يصح
والجواب أنه في النكاح سفير ومعبر عنها فلا ترجع الحقوق إليه وفي البيع أصيل وولاية قبض المهر له بحكم الأبوة لا باعتبار أنه عاقد ولذا لا يملك قبضه بعد بلوغها وإذا نهته بخلاف البيع وتمامه في الفتح
قوله ( لكن ) استدراك على قوله وصح
قوله ( بشرط صحته ) أي الولي
قوله ( وهو ) أي المكفول عنه والمكفول له ط
قوله ( وارثه ) أي وارث الولي كأن يكون الولي أبا الزوج أو أبا الزوجة
قوله ( لم يصح ) لأنه تبرع لوارثه في مرض موته
فتح
زاد في البحر عن الذخيرة وكذا كل دني ضمنه عن وارثه أو لوارثه اه أي لأنه بمنزلة الوصية لوارثه
لا يقال إنه لا يتبرع من الكفيل بشيء فإنه لو مات قبل الأداء ترجع المرأة في تركته ويرجع باقي الورثة في نصيب الابن لو كفله الأب بأمره أو كان صغيرا كما قدمناه
لأنا نقول رجوع باقي الورثة على المكفول عنه لا يخرج الكفالة عن كونها تبرعا ابتداء لأنه قد يهلك نصيبه وهو مفلس أو قد لا يمكنهم الرجوع ويدل على ذلك أيضا أن كفالة المريض لأجنبي تعتبر من الثلث ولو لم تكن تبرعا لصحت من كل المال كباقي تبرعاته بل أبلغ من هذا أنه لو باع وارثه شيئا من ملكه بمثل القيمة أو أقل أو أكثر فالبيع باطل حتى لا تثبت به الشفعة خلافا لهما كما في المجمع فافهم
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن المكفول له أو عنه وارث الولي الكافل بأن كان ابن ابنه الحي أو بنت عمه ط
قوله ( صح ) أي الضمان من الثلث كما صرحوا به في ضمان الأجنبي
بحر أي إن كان مال الكفالة قدر ثلث تركته صح وإن كان أكثر منه صح بقدر الثلث لأن الكفالة تبرع ابتداء كما قلنا
قوله ( وقبول المرأة ) عطف على صحته وهذا إذا كانت المرأة بالغة ح
قوله ( أو غيرها ) وهو وليها أو فضولي غيره كما سيأتي في كتاب الكفالة ولذا قال في البحر ولا بد من قبولها أو قبول قابل في المجلس فافهم
قال ح وهذا فيما إذا كانت صغيرة والكفيل ولي الزوج أما إذا كان وليها فإيجابه يقوم مقام القبول كما في النهر
قوله ( في مجلس الضمان ) لأن شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب على المذهب ط
قوله ( أو الولي الضامن ) سواء كان وليه أو وليها ح وقيد بالضامن لأن الكلام فيه ولأنه لا يطالب بلا ضمان على ما يذكره قريبا
قوله ( إن أمر ) أي إن أمر الزوج بالكفالة
وأفاد أنه لو ضمن عن ابنه الصغير وأدى لا يرجع عليه للعرف بتحمل مهور الصغار إلا أن يشهد في أصل الضمان أنه دفع ليرجع
فتح
ويأتي تمامه
قوله ( بمهر ابنه ) أي مهر زوجة ابنه أو المهر الواجب على ابنه
قوله ( إذا زوجه امرأة ) مرتبط بقوله ولا يطالب الأب الخ لأن المهر مال يلزم ذمة الزوج ولا يلزم الأب بالعقد إذ لو لزمه لما أفاد الضمان شيئا
بحر
قوله ( على المعتمد ) مقابله ما في شرح الطحاوي والتتمة أن لها مطالبة أبي الصغير ضمن أو لم يضمن
قال في الفتح والمذكور في المنظومة أن هذا قول مالك ونحن نخالفه ثم قال في الفتح وهذا هو المعول عليه
قلت ومثل ما في المنظومة في المجمع ودرر للبحار وشروحهما
وفي مواهب الرحمن لو زوج طفله الفقير لا يلزمه المهر عندنا
وأجاب في البحر عما ذكره شارح الطحاوي بحمله على ما إذا كان للصغير مال بدليل
____________________
(3/141)
أنه في المعراج ذكر ما في شرح الطحاوي
ثم ذكر أن المهر لا يلزم أبا الفقير بلا ضمان فتعين كون الأول في الغني
قلت وأصرح من هذا ما في العناية حيث قال ناقلا عن شرح الطحاوي إن الأب إذا زوج الصغير امرأة فللمرأة أن تطلب المهر من أبي الزوج فيؤدي الأب من مال ابنه الصغير وإن لم يضمن الخ
وعلى هذا فقول الشارح على المعتمد لا محل له
قوله ( كما في النفقة ) أي أنه لا يؤاخذ أبو الصغير بالنفقة إلا إذا ضمن كذا ذكره المصنف في المنح عن الخلاصة
وفي الخانية وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا تجب على الأب نفقتها ويستدين الأب عليه ثم يرجع على الابن إذا أيسر اه
وفي كافي الحاكم فإن كان صغيرا لا مال له لم يؤاخذ أبوه بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها اه
ومثله في الزيلعي وغيره
قلت وهو مخالف لما سيذكره الشارح في باب النفقة في الفروع حيث قال وفي المختار والملتقى ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا فقيرا أو زمنا اه
اللهم إلا أن يحمل ما سيأتي على أنه يؤمر بالإنفاق ليرجع بما أنفقه على الابن إذا أيسر كما قالوا في الابن الموسر إذا كانت أمه وزوجها معسرين يؤمر بالإنفاق على أمه ويرجع بها على زوجها إذا أيسر ويؤيده عبارة الخانية المذكورة فليتأمل
قوله ( ولا رجوع للأب الخ ) أي لو أدى الأب المهر من مال نفسه لا رجوع له على ابنه الصغير قيل لأن الكفيل لا رجوع له إلا بالأمر ولم يوجد لكن قدمنا أن إقدامه على كفالته بمنزلة الأمر لثبوت ولايته عليه ولهذا لو ضمنه أجنبي بإذن الأب يرجع فكذا الأب نعم ذكر في غاية البيان رجوع الأب لما ذكر
وفي الاستحسان لا رجوع له لتحمله عنه عادة بلا طمع في الرجوع والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فيرجع لأن الصريح يفوق الدلالة
أعني العرف بخلاف الوصي فإنه يرجع لعدم العادة في تبرعه فصار كبقية الأولياء غير الأب اه
فعدم الرجوع بلا إشهاد مخصوص بالأب ومقتضى هذا رجوع الأم أيضا حيث لا عرف إذا كانت وصية وكفلته أما بدون ذلك فقد صار حادثة الفتوى في صبي زوجه وليه ودفعت أمه عنه المهر وهي غير وصية عليه ثم بلغ فأرادت الرجوع عليه وينبغي في هذه الحادثة عدم الرجوع لإيفائها دين الصبي بلا إذن ولا ولاية ولا سيما على القول الآتي من اشتراط الإشهاد في غير الأب
أيضا تأمل
وفي البزازية إذا أشهد أي الأب عند الأداء أنه أدى ليرجع رجع وإن لم يشهد عند الضمان اه
والحاصل أن الإشهاد عند الضمان أو الأداء شرط الرجوع كما في البحر
وقيده في الفتح بما إذا كان الصغير فقيرا واعترضه في النهر بما مر عن غاية البيان أي من حيث إنه مطلق مع عموم التعليل بالعرف
وقد يقال إن ما في الفتح مبني على عدم اطراد العرف إذا كان الصغير غنيا فله الرجوع وإن لم يشهد ولا سيما لو كان الأب فقيرا فتأمل
وبقي ما لو دفع بلا ضمان ومقتضى التعليل بالعادة أنه لا فرق فيرجع إن أشهد وإلا لا وسيذكر الشارح في آخر باب الوصي
ولو اشترى لطفله ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع به عليه يرجع به لو له مال وإلا لا لوجوبها عليه ح
ومثله
____________________
(3/142)
لو اشترى له دارا أو عبدا يرجع سواء كان له مال أو لا وإن لم يشهد لا يرجع كذا عن أبي يوسف وهو حسن يجب حفظه اه
قلت وحاصله الفرق بين الطعام والكسوة وبين غيرهما ففي غيرهما لا يرجع إلا إذا أشهد سواء كان الصغير فقيرا أو لا وكذا فيهما إن كان الصغير غنيا
أما لو فقيرا فلا رجوع له وإن أشهد لوجوبهما عليه بخلاف نحو الدار والعبد ومقتضى هذا أن المهر بلا ضمان كالدار والعبد لعدم وجوبه عليه فله الرجوع عليه إن أشهد ولو فقيرا وإلا فلا وهذا يؤيد ما في النهر فتدبر
هذا وسنذكر هناك اختلاف القولين في أن الوصي لو أنفق من ماله على قصد الرجوع هل يشترط الإشهاد أم لا والاستحسان الأول
وعليه فلا فرق بينه وبين الأب فما مر عن غاية البيان من قوله بخلاف الوصي مبني على القول الآخر والله تعالى أعلم وشمل الرجوع بعد الإشهاد ما لو أدى بعد بلوغ الابن كما في الفيض
وفيه أن هذا أي اشتراط الإشهاد إذا لم يكن للصبي دين على أبيه فلو على الأب دين له فأدى مهر امرأته ولم يشهد ثم ادعى أنه أداه من دينه الذي عليه صدق ولو كان الابن كبيرا فهو متبرع لأنه لا يملك الأداء بلا أمره اه
تنبيه اشتراط الأشهاد لرجوع الأب لا ينافيه ما قدمانه من أنه لو مات وأخذت الزوجة مهرها من تركته فلباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير لما علمت من أنه صار كفيلا بالأمر دلالة والكفيل بأمر المكفول عنه يرجع بما أدى وإنما لم يرجع لو أدى بنفسه بلا إشهاد للعادة بأنه يؤدي تبرعا
أما إذا لم يدفع بنفسه وأخذت الزوجة من تركته لم يوجد التبرع منه فلذا يرجع باقي الورثة في نصيب الصغير من التركة
فرع في الفيض ولو أعطى ضيعة بمهر امرأة ابنه ولم تقبضها حتى مات الأب فباعتها المرأة لم يصح إذا ضمن الأب المهر ثم أعطى الضيعة به فحينئذ لا حاجة إلى القبض
مطلب في منع الزوجة نفسها لقبض المهر قوله ( ولها منعه الخ ) وكذا لولي الصغيرة المنع المذكور حتى يقبض مهرها وتسليمها نفسها غير صحيح فله استردادها وليس لغير الأب والجد تسليمها قبل قبض المهر ممن له ولاية قبضه فإن سلمها فهو فاسد وأشار إلى أنه لا يحل له وطؤها على كره منها إن كان امتناعها لطلب المهر عنده وعندهما يحل كما في المحيط
بحر
وينبغي تقييد الخلاف بما إذا كان وطئها أو لا برضاها أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقا
نهر
قوله ( ودواعيه الخ ) لم يصرح به في شرح المجمع وإنما قال لها أن تمنعه من الاستمتاع بها فقال في النهر إنه يعم الدواعي ط
قوله ( والسفر ) الأولى للتعبير بالإخراج كما عبر في الكنز ليعم الإخراج من بيتها كما قاله شارحوه ط
قوله ( وخلوة ) يعلم حكمها من الوطء بالأولى وإنما تظهر فائدة ذكرها على قولهما الآتي
قوله ( رضيتهما ) وكذا لو كانت مكرهة أو صغيرة أو مجنونة بالأولى وهو بالاتفاق
أما مع الرضا فعندهما ليس لها المنع وتكون به ناشزة لا نفقة لها أي إلا أن تمنعه من الوطء وهي في بيته
بحر
بحثا أخذا مما صرحوا به في النفقات أن ذلك ليس بنشوز بعد أخذ المهر
____________________
(3/143)
قوله ( لأخذ ما بين تعجيله ) علة لقوله ولها منعه أو غاية له واللام بمعنى إلى فلو أعطاها المهر إلا درهما واحدا فلها المنع وليس له استرجاع ما قبضت
هندية عن السراج
وفي البحر عن المحيط لو أحالت به رجلا على زوجها لها الامتناع إلى أن يقبض المحتال لا لو أحالها به الزوج اه
وأشار إلى أن تسليم المهر مقدم سواء كان عينا أو دينا بخلاف البيع والثمن عين فإنهما يسلمان معا لأن القبض والتسليم معا متعذر هنا بخلاف البيع كما في النهر عن البدائع وتمامه فيه لكن في الفيض لو خاف الزوج أن يأخذ الأب المهر ولا يسلم البنت يؤمر الأب بجعلها مهيأة للتسليم ثم يقبض المهر
قوله ( أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها عرفا ) أي إن لم يبين تعجيله أو تعجيل بعضه فلها المنع لأخذ ما يعجل لها منه عرفا
وفي الصيرفية الفتوى على اعتبار عرف بلدهما من غير اعتبار الثلث أو النصف
وفي الخانية يعتبر التعارف لأن الثابت عرفا كالثابت شرطا
قلت والمتعارف في زماننا في مصر والشام تعجيل الثلثين وتأجيل الثلث ولا تنس ما قدمناه عن الملتقط من أن لها المنع أيضا للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر كما هو عادة سمرقند فإنه يلزم دفعه على من صدق العرف من غير تردد في إعطاء مثلها من مثله ما لم يشرطا عدم دفعه والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت به بالمشروط
قوله ( إن لم يؤجل ) شرط في قوله أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها يعني أن محل ذلك إذا لم يشترطا تأجيل الكل أو تعجيله ط
وكذا البعض كما قدمه في قوله كلا أو بعضا
وفي الفتح حكم التأجيل بعد العقد كحكمه فيه
قوله ( فكما شرطا ) جواب شرط محذوف تقديره فإن أجل كله أو عجل كله
وفي مسألة التأجيل خلاف يأتي
قوله ( لأن الصريح الخ ) أي يعتبر ما شرطا وأن تعورف تعجيل البعض لأن الشرط صريح والعرف دلالة والصريح أقوى
قوله ( إلا إذا جهل الأجل ) إذ هنا ظرفية فهو استثناء من أعم الظروف أي فكما شرطا في كل وقت إلا في وقت جهل الأجل فافهم
قال في البحر فإن كانت جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحوه فهو كالمعلوم على الصحيح كما في لظهيرية بخلاف البيع فإنه لا يجوز بهذا الشرط وإن كانت متفاحشة كإلى الميسرة أو إلى هبوب الريح أو أن تمطر السماء فالأجل لا يثبت ويجب المهر حالا وكذا في غاية البيان اه
قوله ( إلا التأجيل ) استثناء من المستثنى ح
قوله ( فيصح للعرف ) قال في البحر وذكر في الخلاصة والبزازية اختلافا فيه وصحح أنه صحيح
وفي الخلاصة وبالطلاق يتعجل المؤجل ولو راجعها لا يتأجل اه يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق
أما لو إلى مدة معينة لا يتعجل بالطلاق كما قد يقع في مصر من جعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا إلى الطلاق أو الموت وبعضه منجما فإذا طلقها تعجل البعض المؤجل لا المنجم فتأخذه بعد الطلاق على نجومه كما تأخذه قبله
واختلف هل يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة وجزم في القنية بالثاني وعزاه إلى عامة المشايخ
ولو ارتدت ولحقت ثم أسلمت وتزوجها فالمختار أنه لا يطالب بالمهر المؤجل إلى الطلاق كما في الصيرفية لأن
____________________
(3/144)
الردة فسخ لا طلاق اه ملخصا
قوله ( وبه يفتى استحسانا ) لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع
وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك اه
فقد اختلف الإفتاء
بحر
قلت الاستحسان مقدم فلذا جزم به الشارح
وفي البحر عن الفتح وهذا كله إذا لم يشترط الدخول قبل حلول الأجل فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع اتفاقا اه
تنبيه يفهم من قول الشارح إن أجله كله أنه لو أجل البعض ودفع المعجل ليس لها الامتناع على قول الثاني مع أنه في شرح الجامع لقاضيخان ذكر أو لا أنه لو كان المهر مؤجلا ليس لها المنع قبل حلول الأجل ولا بعده وكذا لو كان المؤجل بعضه واستوفت العاجل وكذا لو أجلته بعد العقد
ثم قال وعلى قول أبي يوسف لها المنع إلى استيفاء الأجل في جميع هذه الفصول إذا لم يكن دخل بها الخ وهذا مخالف لقول المصنف لأخذ ما بين تعجيله الخ لكن رأيت في الذخيرة عن الصدر الشهيد أنه قال في مسألة تأجيل البعض أن له الدخول بها في ديارنا بلا خلاف لأن الدخول عند أداء المعجل مشروط عرفا فصار كالمشروط نصا أما في تأجيل الكل فغير مشروط لا عرفا ولا نصا فلم يكن له الدخول على قول الثاني استحسانا
فافهم
قوله ( على أن يعجل أربعين ) أي قبل الدخول
قوله ( لها منعه حتى تقبضه ) أي تقبض الباقي بعد الأربعين إذ ليس في اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت بوجه من وجوه الدلالات
والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير إلى اختيار المطالبة
بحر عن فتاوى العلامة قاسم
فرع في الهنندية عن الخانية تزوجها بألف على أن ينقدها ما تيسر له والبقية إلى سنة فالألف كله إلى سنة ما لم تبرهن أنه تيسر له منه شيء أو كله فتأخذه
قوله ( ولها النفقة بعد المنع ) أي المنع لأجل قبض المهر ويشمل المنع من الوطء وهي في بيته وهو ظاهر وكذا لو امتنعت من النقلة إلى بيته فلها النفقة كما يأتي في بابها وكذا لو سافرت
ويشكل عليه أن النفقة جزاء الاحتباس ولهذا لو كانت مغصوبة أو حاجة وهو ليس معها لا نفقة لها مع أنها لم تحتبس بعذر
وقد يجاب بأن التقصير جاء من جهته بعدم دفع المهر فكانت محتبسة حكما كما لو أخرجها من منزله فلها النفقة بخلاف المغصوبة والحاجة فإن ذلك ليس من جهته هذا ما ظهر لي
قوله ( فلا تخرج الخ ) جواب شرط مقدر أي فإن قبضته فلا تخرج الخ وأفاد به تقييد كلام المتن فإن مقتضاه أنها إن قبضته ليس لها الخروج للحاجة وزيارة أهلها بلا إذنه مع أنه لها الخروج وإن لم يأذن في المسائل التي ذكرها الشارح كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى عن الأشباه وكذا فيما لو أرادت حج الفرض بمحرم أو كان أبوها زمنا مثلا يحتاج إلى خدمتها
____________________
(3/145)
ولو كان كافرا أو كانت لها نازلة ولم يسأل لها الزوج عنها من عالم فتخرج بلا إذنه في ذلك كله كما بسطه في نفقات الفتح خلافا لما في القهستاني وإن تبعه ح حيث قال بعد الأخذ ليس لها أن تخرج بلا إذنه أصلا فافهم
قوله ( أو لزيارة أبويها ) سيأتي في باب النفقات عن الاختيار تقييده بماإذا لم يقدرا على إتيانها وفي الفتح أنه الحق
قال وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف أما في كل جمعة فهو بعيد فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إن كانت شابة والرجل من ذوي الهيئات
قوله ( أو لكونها قابلة غاسلة ) أي تغسل الموتى كما في الخانية وسيذكر الشارح في النفقات عن البحر أن له منعها لتقدم حقه على فرض الكفاية وكذا بحثه الحموي
وقال ط إنه لا يعارض المنقول
وقال الرحمتي ولعله محمول على ما إذا تعين عليها ذلك اه
قلت لكن المتبادر من كلامهم الإطلاق ولا مانع من أن يكون تزوجه بها مع علمه بحالها رضا بإسقاط حقه
تأمل
ثم رأيت في نفقات البحر ذكر عن النوازل أنها تخرج بإذنه وبدونه ثم نقل عن الخانية تقييده بإذن الزوج
قوله ( فيما عدا ذلك ) عبارة الفتح وما عدا ذلك من زيارة الأجانب وعيادتهم والوليمة لا يأذن لها ولا تخرج الخ
قوله ( والمعتمد الخ ) عبارته فيما سيجيء في النفقة وله منعها من الحمام إلا النفساء وإن جاز بلا تزين وكشف عورة أحد
قال الباقاني وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف بعضهن وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال اه
وليس عدم التزين خاصا بالحمام لما قاله الكمال
وحيث أبحنا لها الخروج فبشرط عدم الزينة في الكل وتغير الهيئة إلى ما لا يكون داعية إلى نظر الرجال واستمالتهم
قوله ( مؤجلا ومعجلا ) تفسير لقوله كله والنصب بتقدير يعني
مطلب في السفر بالزوجة قال في البحر عن شرح المجمع وأفتى بعضهم بأنه إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونا سافر بها وإلا لا لأن التأجيل إنما يثبت بحكم العرف
فلعلها إنما رضيت بالتأجيل لأجل إمساكها في بلدها أما إذا أخرجها إلى دار الغربة فلا الخ
قوله ( لكن في النهر الخ ) ومثله في البحر حيث ذكر أولا أنه إذا أوفاها المعجل فالفتوى على أنه يسافر بها كما في جامع الفصولين
وفي الخانية والولوالجية أنه ظاهر الرواية
ثم ذكر عن الفقيهين أبي القاسم الصفار وأبي الليث أنه ليس له السفر مطلقا بلا رضاها فساد الزمان لأنها لا تأمن على نفسها في منزلها فكيف إذا خرجت وأنه صرح في المختار بأن عليه الفتوى
وفي المحيط أنه المختار
وفي الولوالجية أن جواب ظاهر الرواية كان في زمانهم أما في زماننا فلا وقال فجعله من باب اختلاف الحكم باختلاف العصر والزمان كما قالوا في مسألة الاستئجار على الطاعات ثم ذكر ما في المتن عن شرح المجمع لمصنفه ثم قال فقد اختلف الإفتاء والأحسن الإفتاء بقول الفقيهين من غير تفصيل واختاره كثير من مشايخنا كما في الكافي وعليه عمل القضاء في زماننا كما في أنفع الوسائل اه
____________________
(3/146)
ولا يقال إنه إذا اختلف الإفتاء لا يعدل عن ظاهر الرواية لأن ذلك فيما لا يكون مبنيا على اختلاف الزمان كما أفاده كلام الولوالجية وقول البحر فجعله الخ فإن الاستئجار على الطاعات كالتعليم ونحوه لم يقل بجوازه الإمام ولا صاحباه
وأفتى به المشايخ للضرورة التي لو كانت في زمان الإمام لقال به فيكون ذلك مذهبه حكما كما أوضحت ذلك في شرح أرجوزتي المنظومة في رسم المفتي فافهم
قوله ( وجزم به البزازي ) كذا في النهر مع أن الذي حط عليه كلام البزازي تفويض الأمر إلى المفتي فإنه قال وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك لأن الغريب يؤذي ويتضرر لفساد الزمان ما أذل الغريب ما أشقاه كل يوم يهنه من يراه كذا اختار الفقيه وبه يفتى
وقال القاضي قول الله تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم } سورة الطلاق الآية 6 أولى من قول الفقيه قبل قوله تعالى { ولا تضاروهن } سورة الطلاق الآية 6 في آخره دليل قول الفقيه
لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارة قطعية في الاغتراب بها
واختار في الفصول قول القاضي فيفتى بما يقع عنده من المضارة وعدمها لأن المفتي إنما يفتني بحسب ما يقع عنده من المصلحة اه
فقوله فيفتى الخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسؤول عن الحادثة وأنه لا ينبغي طرد الإفتاء بواحد من القولين على الإطلاق فقد يكون الزوج غير مأمون عليها يريد نقلها من بين أهلها ليؤذيها أو يأخذ مالها بل نقل بعضهم أن رجلا سافر بزوجته وادعى أنها أمته وباعها فمن علم منه المفتي شيئا من ذلك لا يحل له أن يفتيه بظاهر الرواية لأنا نعلم يقينا أن الإمام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة
وقد يتفق تزوج غريب امرأة غريبة في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها بل قد يريد نقلها إلى بلدها فكيف يجوز العدول عن ظاهر الرواية في الصورة والحال أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه بل وجد الضرر للزوج دونها فنعلم يقينا أيضا أن من أفتى بخلاف ظاهر الرواية لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حج وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت فتعين تفويض الأمر إلى المفتي وليس هذا خاصا بهذه المسألة بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في البلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك ومن أراد الاطلاع على أزيد من ذلك فلينظر في رسالتنا المسماة ( نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف ) التي شرحت بها بيتا من أرجوزتي في رسم المفتي وهو قولي والعرف في الشرع له عتبار لذا عليه الحكم قد يدار قوله ( وفي الفصول الخ ) قد علمت أن هذا اختيار صاحب البزازية وأن ما في الفصول غيره
قوله ( وقيده ) الضمير يعود إلى النقل المفهوم من قوله وينقلها وكذا الضمير في قوله وأطلقه وقوله يمكنه الرجوع الأولى يمكنها
وفي الشرنبلالية وينبغي العمل بالقول بعدم نقلها من المصر إلى القرية في زماننا لما هو ظاهر من فساد الزمان والقول بنقلها إلى القرية ضعيف لقول الاختيار وقيل يسافر بها إلى قرى المصر القريبة لأنها ليست
____________________
(3/147)
بغربة اه
وليس المراد السفر الشرعي بل النقل لقوله لأنها ليست بغربة اه
ما في الشرنبلالية
قلت وفيه أنه بعد تصريح الكافي بأن الفتوى على جواز النقل وقول القنية إنه الصواب كيف يكون ضعيفا نعم لو اقتصر على الترجيح بفساد الزمان لكان أولى لكن ينبغي العمل بما مر عن البزازية من تفويض الأمر إلى المفتي حتى لو رأى رجلا يريد نقلها للإضرار بها والإيذاء لا يفتيه ولا سيما إذا كانت من أشراف الناس ولم تكن القرية مسكنا لأمثالها فإن المسكن يعتبر بحالها كالنفقة كما سيأتي في بابها
مطلب مسائل الاختلاف في المهر قوله ( وإن اختلفا في المهر ) قال في الفتح الاختلاف في المهر إما في قدره أو في أصله وكل منهما في حال الحياة أو بعد موتهما أو موت أحدهما وكل منهما إما بعد الدخول أو قبله
قوله ( ففي أصله ) بأن ادعى أحدهما التسمية وأنكر الآخر
قوله ( حلف ) أي بعد عجز المدعي عن البرهان ولم يتعرض الشارحون للتحليف لظهوره كما في البحر
قوله ( يجب مهر المثل ) قال في البحر ظاهر أنه يجب بالغا ما بلغ وليس كذلك بل لا يزاد على ما ادعته المرأة لو هي المدعية للتسمية ولا ينقص عما ادعاه الزوج لو هو المدعي لها كما أشار إليها في البدائع اه
قلت هذا يظهر لو سمى المدعي شيئا وإلا فلا
تأمل
ثم هذا مقيد بما إذا كان الاختلاف قبل الطلاق مطلقا أو بعده وبعد الدخول أو الخلوة أما لو طلقها قبل الدخول والخلوة فالواجب المتعة كما في البحر ولم يتعرض له هنا لانفهامه من قوله الآتي وفي الطلاق قبل الوطء حكم متعة المثل
قوله ( وفي المهر يحلف إجماعا ) إشارة إلى الرد على صدر الشريعة حيث قال ينبغي أن لا يحلف المنكر عند أبي حنيفة لأنه لا تحليف عنده في النكاح فيجب مهر المثل
قال في البحر وفيه نظر لأن التحليف هنا على المال لا على أصل النكاح فيتعين أن يحلف منكر التسمية إجماعا اه
وكذا اعترضه صاحب الدرر وابن الكمال ونسبه إلى الوهم
قوله ( إجماعا ) قيد لقوله يجب ولقوله يحلف
قوله ( فإن اختلفا في قدره ) أي نقدا كان أو مكيلا أو موزونا
وهو دين موصوف في الذمة أو عين
وقيد بالقدر لأنه لو كان في جنسه كالعبد والجارية أو صفته من الجودة والرداء أو نوعه كالتركي والرومي فإن كان المسمى عينا فالقول للزوج وإن كان دينا فهو كالاختلاف في الأصل تمامه في البحر
قوله ( حال قيام النكاح ) أي قبل الدخول أو بعده وكذا بعد الطلاق والدخول
رحمتي
أما بعد الطلاق قبل الدخول فيأتي
قوله ( فالقول لمن شهد له مهر المثل ) أي فيكون القول لها إن كان مهر مثلها كما قالت أو أكثر وله إن كان كما قال أو أقل وإن كان بينهما أي أكثر مما قال وأقل مما قالت ولا بينة تحالفا ولزم مهر المثل كذا في الملتقى وشرحه وهذا على تخريج الرازي
وحاصله أن التحالف فيما إذا خالف قولهما أما إذا وافق قول أحدهما فالقول له وهو المذكور في الجامع الصغير
وعلى تخريج الكرخي يتحالفان في الصور الثلاث ثم يحكم مهر المثل وصححه في المبسوط والمحيط وبه جزم في الكنز في باب التحالف
قال في البحر ولم أر من رجح الأول
____________________
(3/148)
وتعقبه في النهر بأن تقديم الزيلعي وغيره له تبعا للهداية يؤذن بترجيحه وصححه في النهاية
وقال قاضيخان إنه الأولى ولم يذكر في شرح الجامع الصغير وغيره والأولى البدائة بتحليف الزوج وقيل يقرع بينهما اه
قلت بقي ما إذا لم يعلم مهر المثل كيف يفعل والظاهر أنه يكون القول للزوج لأنه منكر للزيادة كما تقدم فيما إذا لم يوجد من يماثلها
تأمل
قوله ( وبينته مقدما الخ ) هذا ما قاله بعض المشايخ وجزم به في الملتقى وكذا الزيلعي هنا وفي باب التحالف
وقال بعضهم تقدم بينتها أيضا لأنها أظهرت شيئا لم يكن ظاهرا بتصادقهما كما في البحر
قوله ( لإثبات خلاف الظاهر ) أي والظاهر مع من شهد له مهر المثل ط
قوله ( وإن كان الخ ) هذا بيان لثالث الأقسام في قوله فالقول لمن شهد له مهر المثل وقوله وإن أقاما البينة الخ فإنه إذا لم يقيما البينة أو أقاماها قد يشهد مهر المثل له أو لها أو يكون بينهما فقدم بيان القسمين الأولين في المسألتين وهذا بيان الثالث وقوله فإن حلفا راجع إلى المسألة الأولى وقوله أو برهنا راجع إلى الثانية لكن كان عليه حذف قوله تحالفا لأنه إذا برهنا لا تحالف
قوله ( تحالفا ) فإن نكل الزوج يقضي بألف وخمسمائة كما لو أقر بذلك صريحا وإن نكلت المرأة وجب المسمى ألف لأنها أقرت بالحط وكذا في العناية
واعترضه في السعدية بأنه إذا نكل يقضي بألفين على ما عرف أن أيهما نكل لزمه دعوى الآخر اه
وصورة المسألة فيما إذا ادعت الألفين وادعى هو الألف وكان مهر المثل ألفا وخمسمائة
قوله ( قضى به ) أي بمهر المثل لكن إذا برهنا يتخير الزوج في مهر المثل بين دفع الدراهم والدنانير بخلاف التحالف لأن بينة كل واحد منهما تنفي تسمية الآخر فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل ولا كذلك التحالف لأن وجوب قدر ما يقرب به الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل
بحر
وتمامه فيه
قوله ( وإن برهن أحدهما الخ ) أي فيما إذا كان مهر المثل بينهما ويغني عن هذا قوله قبله وأي أقام بينة قبلت شهد له مهر المثل أو لا فإنه قوله أو لا صادق بماذا شهد لها أو كان بينهما
قوله ( لأنه نوى دعواه ) أي لأن المبرهن أظهر دعواه وأوضحها بإقامة برهانه ط
قوله ( وفي الطلاق ) مقابل قوله حال قيام النكاح
قوله ( قبل الوطء ) أي أو الخلوة
نهر
قوله ( حكم متعة المثل ) فيكون القول لها إن كانت متعة المثل كنصف ما قالت أو أكثر وله أن كانت المتعة كنصف ما قال أو أقل وإن كانت بينهما تحالفا ولزمت المتعة
وعند أبي يوسف القول له قبل الدخول وبعده لأنه ينكر الزيادة إلا أن يذكر ما لا يتعارف مهرا أو متعة لها كذا في الملتقى وشرحه
وذكر في البحر أن رواية الأصل والجامع الصغير أن القول للزوج في نصف المهر من غير تحكيم للمتعة وأنه صححه في البدائع وشرح الطحاوي ورجحه في الفتح بأن المتعة موجبة فيما إذا لم تكن تسمية وهنا اتفقا على التسمية فقلنا ببقاء ما اتفقا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج ويحلف على نصف دعواها الزائد اه
والحاصل ترجيح قول أبي يوسف لكن نقضه في الفتح بعد ذلك وتمامه فيما علقناه على البحر
قوله ( لو المسمى دينا ) هو ما يثبت في الذمة غير معين بل بالوصف كالنقود والمكيل والموزون والمذروع كما يعلم مما قدمناه عن البحر
____________________
(3/149)
قوله ( وإن عينا ) أي معينا
قوله ( كمسألة العبد والجارية ) أي المذكورة في البحر في الاختلاف في القدر قبل الطلاق بقوله وإن كان المسمى عينا بأن قال تزوجتك على هذا العبد وقالت المرأة على هذه الجارية الخ فالمسألة مفروضة في المعين المشار إليه لا في مطلق عبد وجارية فافهم
قوله ( فلها المتعة الخ ) قال في البحر فلها المتعة من غير تحكيم إلا أن يرضى الزوج أن تأخذ نصف الجارية بخلاف ما إذا اختلفا في الألف والألفين لأن نصف الألف ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف والملك في نصف الجارية ليس بثابت بيقين لأنهما لم يتفقا على تسمية أحدهما فلا يمكن القضاء بنصف الجارية إلا باختيارهما فإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة كذا في قوله البدائع
قوله ( تحالفا ) وتهاترت البينتان
قوله ( وإن حلفا ) الأولى التفريع بالفاء
قوله ( أصلا وقدرا ) فإن كان الاختلاف بين الحي وورثة الميت في الأصل بأن ادعى الحي أن المهر مسمى وورثة الآخر أنه غير مسمى أو بالعكس وجب مهر المثل وإن كان في المقدار حكم مهر المثل
ط عن أبي السعود
قوله ( لعدم سقوطه ) أي مهر المثل
قال في الدرر لأن مهر المثل لا يسقط اعتباره بموت أحدهما ألا ترى أن للمفوضة مهر المثل إذا مات أحدهما
قوله ( القول لورثته ) فيلزمهم ما اعترفوا به بحر
ولا يحكم بمهر المثل لأن اعتباره يسقط عند أبي حنيفة بعد موتهما
درر
قوله ( القول لمنكر التسمية ) هم ورثة الزوج أيضا كما في البحر فالقول لهم في المسألتين ولذا قال في الكنز ولو ماتا ولو في القدر فالقول لورثته فلو وصلية ما أفاده في النهر والعيني فتفيد أن الاختلاف في التسمية كذلك
قوله ( لم يقض بشيء ) الأولى ولم يقض بالعطف أي لأن موتهما يدل على انقراض أقرانهما فلا يمكن للقاضي أن يقدر مهر المثل كما في الهداية لأن مهر المثل يختلف باختلاف الأوقات فإذا تقادم العهد بتعذر الوقوف على مقداره
فتح
وهذا يدل على أنه لو كان العهد قريبا قضى به
بحر
قلت وبه صرح قاضيخان في شرح الجامع
قوله ( ما يبرهن ) بالبناء للمجهول أي ما لم يبرهن ورثة الزوجة
قوله ( وبه يفتى ) ذكره في الخانية وتبعه في متن الملتقى وله قالت الأئمة الثلاثة لكن الشافعي يقول بعد التحالف
وعندنا وعند مالك لا يجب التحالف
فتح
وانظر إذا تقادم العهد كيف يقضي بمهر المثل
وقد يقال يجري فيه ما تقدم من أنه إذا لم يوجد من يماثلها من قوم أبيها ولا من الأجانب فالقول للزوج لكن مر أن القول له بيمينه
تأمل
ثم رأيت في البزازية معترضا على قول الكرخي إن جواب الإمام يتضح في تقادم العهد بقوله وفيه نظر لأنه إذا تعذر اعتبار مهر المهثل لا يكون الظاهر شاهدا لأحد فيكون القول لورثة الزوج لكونهم مدعى عليهم كما في سائر الدعاوى
قوله ( وهذا كله الخ ) نقله في البحر عن المحيط وقال وأقره عليه الشارحون اه
وكذا ذكره قاضيخان في شرح الجامع وأقره
____________________
(3/150)
قلت وحاصل ذلك أن المرأة إذا مات زوجها وقد دخل بها فجاءت تطلب مهرها هي أو ورثتها بعد موتها وقد جرت العادة أنها لا تسلم نفسها إلا بعد قبض شيء من المهر كمائة درهم مثلا لا يحكم لها بجميع مهر المثل عند عدم التسمية بل ينظر فإن أقرت بما تعجلت من المتعارف وإلا قضى عليها به ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا أي إن حصل اتفاق على قدر المسمى يدفع لها الباقي منه وإلا فإن أنكر ورثة الزوج أصل التسمية فلها بقية مهر المثل وإن أنكروا القدر فالقول لمن شهد له مهر المثل وبعد موتها القول في قدره لورثة الزوج هذا هو المفهوم من هذه العبارة فسرنا المتعارف تعجيله بمائة مثلا ليأتي قوله قضينا عليك بالمتعارف وقوله ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا لأنه لو كان المتعارف حصة شائعة كثلثي المهر كما هو المتعارف في زماننا لا يمكن أن يقضي عليها به إلا إذا كان المهر مسمى معلوم القدر وإذا كان كذلك لا يتأتى فيه التفصيل المار ولكن يعلم منه أن الحكم كذلك فيقضي عليها بالثلثين مثلا ويدفع لها الباقي
وفي المنح عن الخانية رجل مات وترك أولادا صغارا فادعى رجل دينا على الميت أو وديعة وادعت المرأة مهرها قال أبو القاسم ليس للوصي أن يؤدي شيئا من الدين والوديعة ما لم يثبت بالبينة
وأما المهر فإن ادعت قدر مهر مثلها دفعه إليها إذا كان النكاح ظاهرا معروفا ويكون النكاح شاهدا لها قال الفقيه أبو الليث إن كان الزوج بنى بها فإنه يمنع منها مقدار ما جرت العادة بتعجيله ويكون القول قول المرأة فيما زاد على المعجل إلى تمام مهر مثلها اه
هذا ونقل الرحمتي عن قاضيخان أنه قال إن في هذا نوع نظر لأن كل المهر كان واجبا بالنكاح فلا يقضي بسقوط شيء منه بحكم الظاهر لأنه لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتا اه
ثم أطال في تأييد كلام القاضي ورد على الرملي في اعتراضه على القاضي بأن النظر مدفوع لغلبة فساد الناس فقال إن الفساد لا يسقط به حق ثابت بلا دليل والمهر دين في ذمة الزوج وقضاء بعضه إثبات دين في ذمتها بقدره وذلك لا يكون بظاهر الحال لأن الظاهر يصلح للدفع لا للإثبات
قلت وذكر في البزازية قريبا مما قاله القاضي لكن ما قاله الفقيه مبني على أن العرف الشائع مكذب لها في دعواها عدم قبض شيء وحيث أقره الشارحون وكذا قاضيخان في شرح الجامع فيفتى به وهو نظير إعمالهم العرف وتكذيب الأب أن الجهاز عارية على ما يأتي بيانه مع أنه هو المملك فلولا العرف لكان القول قوله والله أعلم
قوله ( وهذا إذا ادعى الزوج الخ ) هذا من عند صاحب البحر والمراد الزوج لو كان حيا أو ورثته كما هو ظاهر فلا يرد ما في الشرنبلالية من أن هذا لا يأتي في حال موتهما
مطلب فيما يرسله إلى الزوجة قوله ( ولو بعث إلى امرأته شيئا ) أي من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعد ما بنى بها
نهر
قوله ( ولم يذكر الخ ) المراد أنه لم يذكر المهر ولا غيره ط
قوله ( كقوله الخ ) تمثيل للمنفى وهو يذكر
قوله ( والبينة لها ) أي إذا أقام كل منهما بينة تقدم بينتها ط
قوله ( فلها أن ترده ) لأنها لم ترض لكونه مهرا
بحر
____________________
(3/151)
قوله ( وترجع بباقي المهر ) أو كله إن لم يكن دفع لها شيئا منه
قال في النهر وإن هلك وقد بقي لأحدهما شيء رجع به اه
أما لو كانت قيمة الهالك قدر المهر فلا رجوع لأحد
وفي البزازية اتخذ لها ثيابا ولبستها حتى تخرقت ثم قال هو من المهر وقالت هو من النفقة أعني الكسوة الواجبة عليه فالقول لها ولو الثوب قائما فالقول له لأنه أعرف بجهة التمليك بخلاف الهالك لأنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر وبالهلاك خرج عن المملوكية وحيث لا ملك بحال فالاختلاف في جهة التمليك باطل فيكون اختلافا في ضمان الهالك وبدله فالقول لمن يملك البدل والضمان اه ملخصا
واستشكله في النهر وقال هذا يقتضي أن القول لها في الهالك في مسألة المتن وهو مخالف لما قدمناه والفرق يعسر فتدبره اه
قلت بل الفرق يسير إن شاء الله تعالى وذلك أن مسألة المتن في دعواها أنه هدية فلا تصدق ويكون القول له في حالتي الهلاك وعدمه لأنه المملك ولا شيء يخالف دعواه أما هنا فقد ادعت الكسوة الواجبة عليه فيكون القول له في القائم لما ذكرنا وتطلب منه مهرها وكسوتها
أما الهالك فالقول لها فيه لأمرين أحدهما أن الظاهر يصدقها فيه كما يأتي في المهيأ للأكل وما ينقله الشارح عن الفقيه
ثانيهما أنه لو كان القول له فيه لزم ضياع حقها في الكسوة الواجبة عليه لأنها من النفقة والنفقة تسقط بمضي المدة فلا يمكنها المطالبة عما مضى ويلزم بذلك فتح باب الدعاوى الباطلة بأن يدعي كل زوج بعد عشرين سنة أن جميع ما دفع لها من كسوة ونفقة من المهر فيرجع عليها بقيمته وفي ذلك ما لا يرضاه الشرع من الإضرار بالنساء مع أن الظاهر والعادة تكذبه
أما في القائم فلا ضرر لأنها تطالبه بكسوة أخرى إذا لم يرض بكونه كسوة ولا تقتضي العادة أن يكون المدفوع كسوتها لأن له أن يقول أعطيها كسوة غيرها هذا ما ظهر لي والله الميسر لكل عسير
قوله ( ولو عوضته ) وكذا لو عوضه أبوها من مالها بإذنها أو من ماله فله الرجوع أيضا كما في الفتح وكأنه في البحر لم يره فاستشكل ما قاله في الفتح قبل ذلك من أنه لو بعث أبوها من ماله فله الرجوع لو قائما وإلا فلا ولو من مالها بإذنها فلا رجوع لأنه هبة منها والمرأة لا ترجع في هبة زوجها اه
قلت وهذا محمول على ما إذا كان لا على جهة التعويض فلا ينافي قول الشارح ولو عوضته الخ بقرينة ما نقلناه ولا عن الفتح
هذا وقد ذكر مسألة التعويض في الفتح وغيره مطلقة وكذا في الخانية لكنه قال فيها وقال أبو بكر الأسكاف إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك وإلا كان هبة منها وبطلت نيتها اه
ومثله في الهندية
وهذا يحتمل أن يكون بيانا لمرادهم أو حكماية لقول آخر
تأمل
وينبغي اعتبار العرف فيما يقصد به التعويض فيكون كالملفوظ
تأمل
وما في ط من أن المعتمد خلاف ما قاله الإسكاف وعزاه إلى قوله ( الهندية ) لم أره فيها نعم سيذكر الشارح في آخر كتاب الهبة أنه لا فرق بين تصريحها بالعوض وعدمه
قوله ( من جنسه ) لم يذكر الزيلعي هذه الزيادة ط ولم أر أحدا ذكرها ولعل المراد بها أن العوض لو كان هالكا وهو مثلي ترجع عليه وبمثله فأراد بالجنس المثل
____________________
(3/152)
تأمل
قوله ( مشوي ) لا مفهوم له ط
قوله ( لأن الظاهر يكذبه ) قال في الفتح والذي يجب اعتباره في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيها قول المرأة لأن المتعارف في ذلك كله أن يرسله هدية والظاهر معها لا معه ولا يكون القول قوله إلا في نحو الثياب والجارية اه
قال في البحر وهذا البحث موافق لما في الجامع الصغير فإنه قال إلا في الطعام الذي يؤكل فإنه أعم من المهيأ للأكل وغيره اه
قال في النهر وأقول وينبغي أن لا يقبل قوله أيضا في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف اه
قلت ومن ذلك ما يبعثه إليه قبل الزفاف في الأعياد والمواسم من نحو ثياب وحلي وكذا ما يعطيها من ذلك أو من دراهم أو دنانير صبيحة ليلة العرس ويسمى في العرف صبحة فإن كا ذلك تعورف في زماننا كونه هدية لا من المهر ولا سيما المسمى صبحة فإن الزوجة تعوضه عنها ثيابا ونحوها صبيحة العرس أيضا
قوله ( ولذا قال الفقيه ) أي أبو الليث
قوله ( كخف وملاءة ) لأنه لا يجب عليه تمكنها من الخروج بل يجب منعها إلا فيما سنذكره
فتح
قلت ينبغي تقييد ذلك لما لم تجربه العادة لما حررناه من أن ذلك في عرفنا يلزم الزوج وأنه من جملة المهر كما قدمناه عن الملتقط أن لها منع نفسها للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر الخ ومثله في عرفنا مناشف الحمام ونحوها فإن ذلك بمنزلة المشروط في المهر فيلزمه دفعه ولا ينافيه وجوب منعها من الخروج والحمام كما لا يخفى
قوله ( كخمار ودرع ) ومتاع البيت
بحر
فمتاع البيت واجب عليه فهذا محل ذكره فافهم وسيذكر المصنف في النفقة أنه يجب عليه آلة الطحن وآنية شراب وطبخ ككوز وجرة وقدر ومغرفة
قال الشارح وكذا سائر أدوات البيت كحصير وليد وطنفسة الخ
قوله ( ما لم يدع أنه كسوة ) هذا تقييد من عند صاحب الفتح وأقره في البحر أي أن ما يجب عليه لو ادعاه مهرا لا يصدق لأن الظاهر يكذبه أما لو ادعى أنه كسوة وادعت أنه هدية فالقول له لأن الظاهر معه
قوله ( ولم يزوجها أبوها ) مثله ما إذا أبت وهي كبيرة ط
قوله ( فما بعث للمهر ) أي مما اتفقا على أنه من المهر أو كان القول له فيه على ما تقدم بيانه
قوله ( فقط ) قيد في عينه لا في قائما واحترز به عما إذا تغير بالاستعمال كما أشار إليه الشارح
قال في المنح لأنه مسلط عليه من قبل الملك فلا يلزم في مقابلة ما انتقص باستعماله شيء ح
قوله ( أو قميته ) الأولى أو بدله ليشمل المثلى
قوله ( لأنه في معنى الهبة ) أي والهلاك والاستهلاك مانع من الرجوع بها وعبارة البزازية لأنه هبة اه
ومقتضاه أنه يشترط في استرداد القائم القضاء أو الرضا وكذا يشترط عدم ما يمنع من الرجوع كما لو كان ثوبا فصبغته أو خاطته ولم أر من صرح بشيء من ذلك فليراجع والتقييد بالهدية احترازا عن النفقة فيما يظهر كما يأتي في مسألة الإنفاق على معتدة الغير
قوله ( ولو ادعت الخ ) ذكر في البحر هذه المسألة عند قول الكنز
بعث إلى امرأته شيئا الخ
وقال قيد بكونه ادعاه مهرا
____________________
(3/153)
لأنه لو ادعته مهرا وادعاه وديعة فإن كان من جنس المهر فالقول لها وإلا فله اه
فعلم أن هذه المسألة في دعوى الزوجة لا في دعوى المخطوبة التي لم يزوجها أبوها فكان المناسب ذكرها قبل قوله خطب بنت رجل الخ وذلك لأن دعوى المخطوبة أن المبعوث من المهر تضرها لأنه يلزمها رده قائما وهالكا فالمناسب أن تكون دعوى الوديعة لها ودعوى المهر للزوج لأن الوديعة لا يلزمها ردها إذا هلكت بخلاف الزوجة فإن دعواها أنه من المهر تنفعها لمنع الاسترداد مطلقا ودعواه أنه وديعة تنفعه لأنه يطالبها باستردادها قائمة وبضمانها مستهلكة
قوله ( بشهادة الظاهر ) يرجع إلى الصورتين ط
مطلب أنفق على معتدة الغير قوله ( أنفق على معتدة الغير الخ ) حكي في البزازية في هذه المسألة ثلاثة أقوال مصححة
حاصل الأول أنه يرجع مطلقا شرط التزوج أو لا تزوجته أو لا لأنه رشوة
وحاصل الثاني أنه إن لم يشرط لا يرجع
وحاصل الثالث وقد نقله عن فصول العمادي أنه إن تزوجته لا يرجع وإن أبت رجع شرط الرجوع أولا إن دفع إليها الدراهم لتنفق على نفسها وإن أكل معها لا يرجع بشيء أصلا اه
وحاصل ما في الفتح حكاية الأول والأخير
وحكى في البحر الأول أيضا ثم قال وقيل يرجع إذا زوجت نفسها وقد كان شرطه وصحح أيضا وإن أبت ولم يكن شرطه لا يرجع على الصحيح اه
فقوله لا يرجع إذا زوجت نفسها الخ يفهم منه عدم الرجوع بالأولى إذا تزوجته ولم يشترط وقوله وإن أبت الخ يفهم منه أنه إن أبت وقد شرطه يرجع فصار حاصل هذا القول الثاني أنه يرجع في صورة واحدة وهي ما إذا أبت وكان شرط التزوج
ولا يرجع في ثلاث وهي ما إذا أبت ولم يشترطه أو تزوجته وشرطه أو لم يشرط فهذه أربعة أقوال كلها مصححة
وذكر المصنف في شرحه أن المعتمد ما في فصول العمادي أعني القول الثالث وأن شيخه صاحب البحر أفتى به اه
قلت والذي اعتمده ففيه النفس الإمام قاضيخان هو القول الأول فإنه ذكر أنه أن شرط التزوج رجع لأنه شرط فاسد وإلا فإن كان معروفا فقيل يرجع وقيل لا ثم قال وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم تتزوج لا ينفق عليها كان بمنزلة الشرط كالمستقرض إذا أهدى إلى القرض شيئا لم يكن أهدى إليه قبل الإقراض كان حراما وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدى إليه فيكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطا اه
وأيده في الخيرية في كتاب النفقات وأفتى به حيث سئل فيمن خطب امرأة وأنفق عليها وعلمت أنه ينفق ليتزوجها فتزوجت غيره فأجاب بأنه يرجع واستشهد له بكلام قاضيخان المذكور وغيره وقال إنه ظاهر الوجه فلا ينبغي أن يعدل عنه اه
تنبيه أفاد ما في الخيرية حيث استشهد على مسألة المخطوبة بعبارة الخانية أن الخلاف الجاري هنا جار في مسألة المخطوبة المارة وأن ما مر فيها من أن له استرداد القائم دون المهالك والمستهلك خاص بالهدية دون النفقة والكسوة
____________________
(3/154)
إذ لا شك أن المعتدة مخطوبة أيضا ولا تأثير لكونها معتدة يحرم التصريح بخطبتها بل التأثير للشرط وعدمه وكونه شرطا فاسدا وكون ذلك رشوة كما علمته من تعليل الأقوال
وعلى هذا فما يقع في قرى دمشق من أن الرجل يخطب امرأة ويصير يكسوها ويهدي إليها في الأعياد ويعطيها دراهم للنفقة والمهر إلى أن يكمل لها المهر فيعقد عليها ليلة الزفاف فإذا أبت أن تتزوجه ينبغي أن يرجع عليها بغير الهدية الهالكة على الأقوال الأربعة المارة لأن ذلك مشروط التزوج كما حققه قاضيخان فيما مر
وبقي ما إذا ماتت فعلى القول الأول لا كلام في أن له الرجوع أما على الثالث فهل يلحق بالإباء لم أره
وينبغي الرجوع لأن الظاهر أن علة القول الثالث أنه كالهبة المشروطة بالعوض وهو التزوج كما يفيده ما في حاوي الزاهدي برمز البرهان صاحب المحيط بعثت الصهرة إلى بيت الختن ثيابا لا رجوع لها بعده ولو قائمة ثم سئل فقال لها الرجوع لو قائما
قال الزاهدي والتوفيق أن البعث الأول قبل الزفاف ثم حصل للزفاق فهو كهبة بشرط العوض وقد حصل فلا ترجع والثاني بعد الزفاف فترجع اه
وكذا لم أر ما لو مات هو أو أبى فليراجع
تتمة لم يذكر لو أنفق على زوجته ثم تبين فساد النكاح بأن شهدوا بالرضاع وفرق بينهما
ففي الذخيرة له الرجوع بما أنفق بفرض القاضي لأنه تبين أنها أخذت بغير حق ولو أنفق بلا فرض لا يرجع بشيء
قوله ( بشرط أن يتزوجها ) الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها كما عبر في البحر
قوله ( مطلقا ) تفسير الإطلاق في الموضعين كما دل عليه كلام المصنف في شرحه شرط التزوج أو لم يشرطه ولذا قلنا الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها ليتأتى الإطلاق المذكور وهذا القول هو الثالث قد اعتمده المصنف في متنه وشرحه
وقال في الفيض وبه يفتى
قوله ( وإن أكلت معه فلا ) أي لأنه إباحة لا تملك أو لأنه مجهول لا يعلم قدره
تأمل
ولينظر وجه عدم الرجوع في الهدية الهالكة أو المستهلكة على ما قلناه من عدم الفرق بين المخطوبة والمعتدة
قوله ( بحر ) عن العمادية صوابه منح عن العمادية فإن ما في المتن عزاه في المنح إلى الفصول العمادية وهو القول الثالث من الأقوال الأربعة التي قدمناها
وأما ما في البحر فهو القول الأول والقول الرابع ولم يذكر القول الثالث أصلا ولا وقع فيه العزو إلى العمادية
قوله ( ليس له الاسترداد منها ) هذا إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية كما يذكره قريبا وكان يغنيه ما يأتي عما ذكره هنا
ويمكن أن يكون هذا بيان حكم الديانة والآتي بيان حكم القضاء
قوله ( في صحته ) احتراز عما لو سلمها في مرض موته فإنه تمليك للوارث ولا يصح بدون إجازة الورثة
قوله ( وكذا لو اشتراه لها في صغرها ) أي وإن سلمها في مرضه أو لم يسلمها أصلا لأنها ملكته بشراء الأب لها قبل التسليم كما يأتي
ولو مات قبل دفع الثمن رجع البائع على تركته ولا رجوع للورثة عليها
ففي أدب الأوصياء عن الخانية وغيرها الأب إذا شرى خادما للصغير ونقد الثمن من مال نفسه لا يرجع عليه إلا إذا أشهد بالرجوع وإن لم ينقده حتى مات ولم يكن أشهد أخذ من تركته ولا يرجع عليه بقية الورثة اه
قوله ( والحيلة ) أي فيما بلو أراد الاسترداد منها
قوله ( والأحوط ) أي لاحتمال أنه اشترى لها بعض الجهاز في صغرها فلا يحل له
____________________
(3/155)
أخذه بهذا الإقرار ديانة كما في البحر والدرر وكذا لو كان بعد ما سلمه إليها وهي كبيرة
قوله ( عند التسليم ) أي بأن أبى أن يسلمها أخوها أو نحوه حتى يأخذ شيئا وكذا لو أبى أن يزوجها فللزوج الاسترداد قائما أو هالكا لأنه رشوة
بزازية
وفي الحاوي الزاهدي برمز الأسرار للعلامة نجم الدين وإن أعطى إلى رجل شيئا لإصلاح مصالح المصاهرة إن كان من قوم الخطيبة أو غيرهم الذين يقدرون على الإصلاح والفساد وقال هو أجرة لك على الإصلاح لا يرجع وإن قال على عدم الفساد والسكوت يرجه لأنه رشوة والأجرة إنما تكون في مقابلة العمل والسكوت ليس بعمل وإن لم يقل هو أجرة يرجع وإن كان ممن لا يقدرون على ذلك إن قال هو عطية أو أجرة لك على الذهاب والإياب أو الكلام أو الرسالة بيني وبينها لا يرجع وإن لم يقل شيئا منها يكون هبة له الرجوع فيها إن لم يوجد ما يمنع الرجوع
قوله ( وقالت هو تمليك ) كذا في الفتح والبحر
وغيرها
ويشكل جعل القول لها بأنه اعتراف بملكية الأب وانتقال الملك إليها من جهته وقد صرح في البدائع بين المرأة لو أقرت بأن هذا المتاع اشتراه لي زوجي سقط قولها لأنها أقرت بالملك له ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت إلا بدليل اه
ويجاب بأن هذه من المسائل التي عملوا فيها بالظاهر كاختلاف الزوجين في متاع البيت ونحوها مما يأتي في كتاب الدعوى آخر باب التحالف ومثله ما مر في الاختلاف في دعوى المهر والهدية
قوله ( فالمعتمد الخ ) عبر عنه في فتح القدير بأنه المختار للفتوى
ومقابله ما نقله قبله من أن القول لها أي بدون تفصيل بشهادة الظاهر لأن العادة دفع ذلك هبة
وما اختاره الإمام السرخسي من أن القول للأب ذلك يستفاد من جهته اه
والظاهر أن القول المعتمد توفيق بين هذين القولين بجعل الخلاف لفظيا
قوله ( فالقول للأب ) أي مع اليمين كما في فتاوى قارىء الهداية
قلت وينبغي تقييد القول للأب بما إذا كان الجهاز كله من ماله أما لو جهزها بما قبضه من مهرها فلا لأن الشراء وقع لها حيث كانت راصية وهو بمنزلة الإذن منها عرفا نعم لو زاد على مهرها فالقول له في الزائد إن كان العرف مشتركا
ثم اعلم أنه قال في الأشباه إن العادة بما تعتبر إذا اطردت أو غلبت ولذا قالوا في البيع لو باع بدراهم أو دنانير في بلد اختلف فيها النقود مع الاختلاف في المالية والرواج انصرف البيع إلى الأغلب
قال في الهداية لأنه هو المتعارف فينصرف المطلق إليه اه كلام الأشباه
مطلب في دعوى الأب أن الجهاز عارية قلت ومقتضاه أن المراد من استمرار العرف هنا غلبته ومن الاشتراك كثرة كل منهما إذ لا نظر إلى النادر ولأن حمل الاستمرار على كل واحد من أفراد الناس في تلك البلدة لا يمكن ويلزم عليه إحالة المسألة إذ لاشك في صدور العارية من بعض الأفراد والعادة الفاشية الغالبة في أشراف الناس وأوساطهم دفع ما زاد على المهر من الجهاز تمليكا سوى ما يكون على الزوجة ليلة الزفاف من الحلي والثياب فإن الكثير منه أو الأكثر عارية فلو ماتت ليلة الزفاف لم يكن للرجل أن يدعي أنه لها بل القول فيه للأب أو الأم أنه عارية أو مستعار لها كما يعلم من قول
____________________
(3/156)
الشارح كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها وقد يقال هذا ليس من الجهاز عرفا وبقي لو جرى العرف في تمليك البعض وإعارة البعض
ورأيت في حاشية الأشباه للسيد محمد أبي السعود من حاشية الغزي قال الشيخ الإمام الأجل الشهيد الختار للفتوى أن يحكم بكون الجهاز ملكا لا عارية لأنه الظاهر الغالب إلا في بلدة جرت العادة بدفع الكل عارية فالقول للأب
وأما إذا جرت في البعض يكون الجهاز تركة يتعلق به حق الورثة وهو الصحيح اه
ولعل وجهه أن البعض الذي يدعيه الأب بعينه عارية لم تشهد له به العادة بخلاف ما لو جرت العادة بإعارة الكل فلا يتعلق به حق ورثتها بل يبكون كله للأب والله تعالى أعلم
تنبيه ذكر البيري في شرح الأشباه أن ما ذكروه في مسألة الجهاز إنما هو فيما إذا كان النزاع من الأب
أما لو مات فادعت ورثته فلا خلاف في كون الجهاز للبنت لما في الولوالجية جهز ابنته ثم مات فطلب بقية الورثة القسمة فإن كان الأب اشترى لها في صغرها أو في كبرها وسلم لها في صحته فهو لها خاصة
قلت وفيه نظر لأن كلام الولوالجية في ملك البنت له بالشراء لو صغيرة وبالتسليم لو كبيرة
ولا فرق فيه بين موت الأب وحياته ويدل عليه ما مر من قول المصنف والشارح ليس له الاسترداد منها ولا لورثته بعده وإنما الكلام في سماع دعوى العارية بعد الشراء أو التسليم والمعتمد البناء على العرف كما علمت ولا فرق في ذلك أيضا بين موت الأب وحياته فدعوى ورثته كدعواه فتأمل
قوله ( ما لو كان الخ ) والظاهر أنه إن أمكن التمييز فيما زاد على ما يجهز به مثلها كان القول قوله فيه وإلا فالقول قوله في الجميع
رحمتي
قوله ( والأم كالأب ( عزاه المصنف إلى فتاوى قارىء الهداية وكذا بحثه ابن وهبان كما يأتي
قوله ( وكذا ولي الصغيرة ) ذكره ابن وهبان في شرح منظومته بحثا حيث قال وينبغي أن يكون الحكم فيما تدعيه الأم وولي الصغيرة إذا زوجها كما مر لجريان العرف في ذلك لكن قال ابن الشحنة في شرحه قلت وفي الولي عندي نظر اه وتردد في البحر في الأم والجد وقلا إن مسألة الجد صارت واقعة الفتوى ولم يجد فيها نقلا
وكتب الرملي أن الذي يظهر ببادي الرأي أن الأم والجد كالأب الخ
قوله ( واستحسن في النهر ) حيث قال وقال الإمام قاضيخان وينبغي أن يقال إن كان الأب من الأشراف لم يقبل قوله إنه عارية وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله وهذا لعمري من الحسن بمكان اه
قلت ولعل وجه استحسانه مع أنه لا يغاير القول المعتمد أنه تفصيل له وبيان لكون الاشتراك الذي قد يقع في بعض البلاد إنما هو في غير الأشراف
قوله ( وعلمه ) عطف تفسير فالمدار على العلم والسكوت بعده وإن كان غائبا
قوله ( وزفت إلى الزوج ) قيد به لأن تمليك البالغة بالتسليم وهو إنما يتحقق عادة بالزفاف لأنه حينئذ يصير الجهاز بيدها فافهم
قوله ( ما هو معتاد ) مفهومه أنه لو كان زائدا على المعتاد لا يكون سكوته رضا فتضمن وهل تضمن الكل أو قدر الزائد محل تردد وجزم ط بالثاني
قوله ( السبع والثلاثين ) قال ح قدمناها في باب الولي
____________________
(3/157)
عن الأشباه
قوله ( على ما في زواهر الجواهر ) أي حاشية الأشباه للشيخ صالح ابن مصنف التنوير فإنه زاد على ما الأشباه ثلاث عشرة مسألة ذكرها الشارح في كتاب الوقف ح
قوله ( يليق به ) الضمير في عبارة البحر عن المبتغى عائد إلى ما بعثه الزوج إلى الأب من الدراهم والدنانير ثم قال والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها اه
قلت وهذا المبعوث يسمى في عرف الأعاجم بالدستيمان كما يأتي قوله ( إلا إذا سكت طويلا ) قال الشارح في كتاب الوقف ولو سكت بعد الزفاف زمانا يعرف بذلك رضاه لم يكن له أن يخاصم بعد ذلك وإن لم يتخذ له شيء اه ح
وأشار بقوله يعرف إلى أن المعتبر في الطول والقصر العرف
قوله ( لكن في النهر الخ ) ومثله في جامع الفصولين ولسان الحكام عن فتاوى ظهير الدين المرغيناني وبه أفتى في الحامدية
قلت وفي البزازية ما يفيد التوفيق حيث قال تزوجها وأعطاها ثلاثة آلاف دينار الدستيمان وهي بنت موسر ولم يعط لها الأب جهازا أفتى الإمام جمال الدين وصاحب المحيط بأن له مطالبة الجهاز من الأب على قدر العرف والعادة أو طلب الدستيمان
قال وهذا اختيار الأئمة
وقال الإمام المرغيناني الصحيح أنه لا يرجع بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود
وكان بعض أئمة خوارزم يعترض بأن الدستيمان هو المهر المؤجل كما ذكره في الكافي وغيره فهو مقابل بنفس المرأة حتى ملكت حبس نفسها لاستيفائه فكيف يملك الزوج طلب الجهاز والشيء لا يقابله عوضان
وأجاب عنه الفقيه ناقلا عن الأستاذ أن الدستيمان إذا أدرج في العقد فهو المعجل الذي ذكرته وإن لم يدرج فيه ولم يعقد عليه فو كالهبة بشرط العوض وذلك ما قلناه ولهذا قلنا إن لم يذكره في العقد وزفت إليه بلا جهاز وسكت الزوج أياما لا يتمكن من دعوى الجهاز لأنه لما كان محتملا وسكت زمانا يصلح للاختيار دل أن الغرض لم يكن الجهاز اه ملخصا
وحاصله أن ذلك المعجل لا يلزم كونه هو المهر المعجل دائما كما يوهمه كلام الكافي حتى يرد أنه مقابل لنفسها لا بجهازها بل فيه تفصيل وهو أنه إن جعل من جملة المهر المعقود عليه فهو المهر المعجل وهو مقابل بنفس المرأة وإلا فهو مقابل بالجهاز عادة حتى لو سكت بعد الزفاف ولم يطلب جهازا علم أنه دفعه تبرعا بلا طلب عوض وهو في غاية الحسن وبه يحصل التوفيق والله الموفق لكن الظاهر جريان الخلاف في صورة ما إذا كان معقودا عليه لأنه وإن ذكر على أنه مهر لكن من المعلوم عادة أن كثرته لأجل كثرة الجهاز فهو في المعنى بدل له أيضا ولهذا كان مهر من لا جهاز لها أقل من مهر ذات الجهاز وإن كانت أجمل منها
ويجاب بأنه لما صرح بكونه مهرا وهو ما يكون بدل البضع الذي هو المقصود الأصلي من النكاح دون الجهاز يعتبر المعنى وسيأتي في باب النفقة إن شاء الله تعالى مزيد بيان لهذه المسألة وأن هذا غير معروف في زماننا بل كل أحد يعلم أن الجهاز للمرأة إذا طلقها تأخذه كله وإذا ماتت يورث عنها وإنما يزيد المهر طبعا في تزيين بيته وبه وعوده إليه ولأولاده إذا ماتت وهذ المسألة نظير ما لو تزوجها بأكثر من مهر المثل على أنها بكر فإذا هي ثيب فقد مر الخلاف في لزوم الزيادة وعدمه بناء على الخلاف في هذه المسألة وقدم أن المرجح اللزوم فلذا
____________________
(3/158)
كان المصحح هنا عدم الرجوع بشيء كما مر عن المرغيناني
قوله ( نكح ذمي الخ ) لما فرغ من مهور المسلمين ذكر مهور الكفار ويأتي بيان أنكحتهم وقوله أو مستأمن يشير إلى أنه لو عبر المصنف بالكافر لكان أولى لأن المستأمن كالذمي هنا
نهر عن العناية
قوله ( ثمة ) أي في دار الحرب
قوله ( بميتة ) المراد بها كل ما ليس بمال كالدم
بحر
قوله ( وذا جائز عندهم ) بأن كان لا يلزم عندهم مهر المثل بالنفي وبما ليس بمال
قوله ( قبله ) أي قبل الوطء
قوله ( فلا مهر لها ) هذا قوله وعندهما لها مهر المثل إذا دخل بها أو مات عنها والمتعة لو طلقها قبل الوطء
وقيل في الميتة والسكوت روايتان
والأصح أن الكل على الخلاف
هداية
لكن في الفتح بأن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل في السكوت عنه لأنه النكاح معاوضة فما لم ينص على نفي العوض يكون مستحقا لها وذكر الميتة كالسكوت لأنها ليست مالا عندهم فذكرها لغو
نهر
قوله ( ولو أسلما الخ ) لو وصلية
وعبارة الفتح ولو أسلما أو رفع أحدهما إلينا أو ترافعا اه
ولم يقل أو أسلم أحدهما لانفهامه بالأولى
قوله ( لأنا أمرنا بتركهم ) أي ترك إعراض لا تقرير وقوله وما يدينون الواو للعطف أو للمصاحبة فلا نمنعهم عن شرب الخمر وأكل الخنزير وبيعهما
عن أبي السعود
قوله ( وتثبت بقية أحكام النكاح ) أي إن اعتقداها أو ترافعا إلينا ط
قوله ( كعدة ) أي لو طلقها وأمرها بلزوم بيتها إلى انقضاء عدتها ورفع الأمر إلينا حكمنا عليها بذلك وكذا لو طلبت نفقة العدة ألزمناه بها
رحمتي
قوله ( ونسب ) أي يثبت نسب ولده فيما يثبت به النسب بيننا
رحمتي
قوله ( وخيار بلوغ ) أي لصغير وصغيرة إذا كان المزوج غير الأب والجد ط
قوله ( وتوارث بنكاح صحيح ) هو ما يقران عليه إذا أسلما بخلاف نكاح محرم أو في عده مسلم كما سيأتي في الفرائض
قوله ( وحرمة مطلقة ثلاثا الخ ) فيفرق بينهما ولو بمرافعة أحدهما وأما لو كانا محرمين فلا يفرق إلا بمرافعتهما كما سيأتي في نكاح الكافر
قوله ( قبل القبض ) أما بعده فليس لها إلا ما قبضته ولو كان غير معين وقت العقد
نهر
قوله ( فلها ذلك ) هذا قول الإمام وقال الثاني لها مهر المثل في المعين وغيره وقال الثالث لها القيمة فيهما
نهر
قوله ( وتسيب الخنزير ) كذا في الفتح قال الرحمتي والأولى فتقتل الخنزير
قوله ( ولو طلقها الخ ) قال في الفتح ولو طلقها قبل الدخول ففي المعين لها نصفه عند أبي حنيفة وفي غير المعين في الخمر لهب نصف القيمة وفي الخنزير المتعة
وعند محمد لها نصف القيمة بكل حال لأنه أوجب القيمة فتنتصف
وعند أبي يوسف وهو الموجب لمهر المثل لها المتعة لأن مهر المثل لا يتنصف اه
قوله ( إذ أخذ قيمة القيمي الخ ) بيانه أن أخذ المثل في المثلي أو القيمة في القيمي بمنزلة أخذ العين والخمر مثلي فأخذ قيمته ليس كأخذ عينه بخلاف القيمة في القيمي كالخنزير فلذا أوجبنا فيه مهر المثل
وأورد ما لو شرى ذمي من ذمي دارا بخنزير فإن لشفيعها المسلم أخذها بقيمة الخنزير
وأجيب بأن قيمة الخنزير كعينه لو كانت بدلا عنه كمسألة النكاح والقيمة في الشفعة بدل عن الدار لا عن الخنزير وإنما صير إليها للتقدير بها لا غير
____________________
(3/159)
واعترض بأن القيمة في النكاح أيضا بدل عن الغير وهو البضع والمصير إليه للتقدير
والجواب ما قالوا من أنه لو أتاها بقيمة الخنزير قبل الإسلام أجبرت على القبول لأن القيمة لها حكم العين فكانت من موجبات تلك التسمية وبالإسلام تعذر أخذ القيمة فأوجبنا ما ليس من موجباتها وهو مهر المثل فهذا يدل على أن قيمة الخنزير بدل عنه في النكاح بمنزلة عينه ولذا أجبرت المرأة على قبولها قبل الإسلام لا بعده بخلاف مسألة الدار ولو سلم عدم الفرق فقد يجاب بما مر آخر الزكاة في باب العاشر من أن جواز الأخذ بالقيمة في الدار لضرورة حق الشفيع ولا ضرورة هنا لإمكان إيجاب مهر المثل
قوله ( الوطء في دار الإسلام ) أي إذا كان بغير ملك اليمين
واحترز عن الوطء في دار الحرب فإنه لا حد فيه وأما المهر فلم أره
قوله ( إلا في مسألتين ) كذا في الأشباه من النكاح وفيها من أحكام غيبوبة الحشفة أن المستثنى ثمان مسائل فزاد على ما هنا الذمية إذا نكحت بغير مهر ثم أسلما وكانوا يدينون أن لا مهر فلا مهر
والسيد إذا زوج أمته من عبده فالأصح أن لا مهر والعبد إذا وطىء سيدته بشبهة فلا مهر أخذا من قولهم فيما قبلها أن المولى لا يستوجب على عبده دينا وكذا لو وطىء حربية أو وطىء الجارية الموقوفة عليه أو وطىء المرهونة بإنذ الراهن ظانا الحل
قال ينبغي أن لا مهر في الثلاثة الأخيرة ولم أره الآن اه
ونقل ح عن حدود البحر في نوع ما لا حد فيه لشبهة المحل أن من هذا النوع وطء المبيعة فاسدا قبل القبض لا حد فيه لبقاء الملك أو بعده لأن له حق الفسخ فله حق الملك فيها وكذا المبيعة بشرط الخيار للبائع لبقاء ملكه أو للمشتري لأنها لم تخرج عن ملكه بالكلية اه
قال ح وهل لا مهر في هذه الأربع إطلاق الشارح يشعر بذلك فليراجع
قلت أما الأولى فداخلة في مسألة بيع الأمة قبل التسليم فلا مهر ومثلها المبيعة بخيار للبائع لأن وطأها يكون فسخا للبيع وأما المبيعة فاسدا بعد القبض فينبغي لزوم المهر لوقوع الوطء في ملك غيره وكذا المبيعة بخيار للمشتري إن أمضى البيع فافهم
قوله ( صبي نكح الخ ) في الخانية المراهق إذا تزوج بلا إذن وليه امرأة ودخل بها فرد أبوه نكاحه قالوا لا يجب على الصبي حد ولا عقر أما الحد فلمكان الصبا وأما العقر فلأنها إنما زوجت نفسها منه مع علمها أن نكاحه لا ينفذ فقد رضيت ببطلان حقها اه
وكذا لو زنى بثيب وهي نائمة فلا حد عليه ولا عقر أو بكر بالغة دعته إلى نفسها وأزال عذرتها وعليه المهر لو مكرهة أو صغيرة أو أمة ولو بأمرها لعدم صحة أمر الصغيرة في إسقاط حقها وأمر الأمة في إسقاط حق المولى ولا مهر عليه بإقراره بالزنى اه
هندية ملخصا
قوله ( وبائع أمته ) أي إذا وطئها قبل التسليم إلى المشتري لا حد عليه ولا مهر لأنه من شبهة المحل لكونها في ضمانه ويده إذا لو هلكت عادت إلى ملكه والخراج بالضمان فلو وجب عليه المهر استحقه
قوله ( ويسقط ) أي عن المشتري ويثبت له الخيار كما لو أتلف جزءا منها
والولوالجية
قوله ( وإلا فلا ) أي وإن لم تكن بكارة فلا يسقط شيء
____________________
(3/160)
ولا خيار له أيضا
وروى عن الإمام أن له الخيار
والولوالجية
قوله ( تدافعت جارية الخ ) تقدم الكلام عليه أول الباب
مطلب لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر قوله ( لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر ) ولو كان الزوج لا يستمتع بها كما في الهندية عن التجنيس والصغيرة غير قيد
ففي الهندية للأب والجد والقاضي قبض صداق البكر صغيرة كانمت أو كبيرة إلا إذا نهته وهي بالغة صح النهي وليس لغيرهم ذلك والوصي يملك ذلك على الصغيرة والثيب البالغة حق القبض لها دون غيرها اه
وشمل قوله ( وليس لغيرهم ) الأم فليس لها القبض إلا إاذ كانت وصية وحينئذ فتطالب الأم إذا بلغت دون الزوج كما أفاده في الهندية ط
قلت أي تطالب الأم إذا ثبت القبض بغير إقرار الأم لما في البزازية وغيرها أدركت وطلبت المهر من الزوج فادعى الزوج أنه دفعه إلى الأب في صغرها وأقر الأب به لا يصح إقراره عليها لأنه لا يملك القبض في هذه الحالة فلا يملك الإقرار به وتأخذ من الزوج ولا يرجع على الأب لأنه أقر بقبض الأب في وقت له ولاية قبضه إلا إذا كان قال عند الأخذ أبرأتك من مهرها ثم أنكرت البنت له الرجوع هنا على الأب اه
وفيها قبض الولي المهر ثم ادعى الرد على الزوج لا يصدق إذا كانت بكرا لأنه يلي القبض لا الرد ولو ثيبا يصدق لأنه أمين ادعى رد الأمانة اه
وفيها قبض الأب مهرها وهي بالغة أو لا وجهزها أو قبض مكان المهر عينا ليس لها أن لا تجيزه لأن ولاية قبض المهر إلى الآباء وكذا التصرف فيه اه
لكن في الهندية لو قبض بمهر البالغة ضيعة فلم ترض إن جرى التعارف بذلك جاز له وإلا فلا ولو بكرا
وتمام مسائل قبض المهر في البحر والنهر أول باب الأولياء
قوله ( قال البزازي البخ ) عبارته ولا يجبر الأب على دفع الصغيرة إلى الزوج ولكن يجبر الزوج على إيفاء المعجل فإن زعم الزوج إنها تتحمل الرجال وأنكر الأب فالقاضي يريها ولا يعتبر السن اه
قلت بل في التاترخانية البالغة إذا كانت لا تتحمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج
مطلب في السر ومهر العلانية قوله ( المهر مهر السر الخ ) وجهين الأول تواضعا في السر على مهر ثم تعاقدا في العلانية بأكثر والجنس واحد فإن اتفقا على المواضعة فالمهر مهر السر وإلا فالمسمى في العقد ما لم يبرهن الزوج على أن الزيادة سمعة وإن اختلف الجنس فإن لم ينفقا على المواضعة فالمهر هو المسمى في العقد وإن اتفقا عليها انعقد بمهر المثل وإن تواضعا في السر على أن المهر دنانير ثم تعاقدا في العلانية على أن لا مهر لها فالمهر ما في السر من الدنانير لأنه لم يوجد ما يوجب الإعراض عنها وإن تعاقدا على أن لا تكون الدنانير مهرا لها أو سكتا في العلانية عن المهر انعقد بمهر المثل
____________________
(3/161)
الوجه الثاني أن يتعاقدا في السر على مهر ثم أقر في العلانية بأكثر فإن اتفقا أو أشهدا أن الزيادة سمعة فالمهر ما ذكر عند العقد في السر وإن لم يشهد فعندهما المهر هو الأول
وعنده هو الثاني ويكون جميعه زيادة على الأول لو من خلاف جنسه وإلا فالزيادة بقدر ما زاد على الأول اه
ملخصا من الذخيرة
والحاصل في الوجه الأول أن العقد إنما جرى في العلانية فقط وفي الوجه الثاني بالعكس أو جرى مرتين مرة في السر ومرة في العلانية كما قدمناه مبسوطا عن الفتح عند قول المصنف وما فرض بعد العقد أو زيد لا ينتصف وفيه نوع مخالفة لما هنا يمكن دفعها بإمعان النظر
قوله ( المؤجل إلى الطلاق ) احتراز عن المهر المؤجل إلى مدة معلومة فإنه يبقى إلى أجله بعد الطلاق وقوله يتعجل بالرجعي أي مطلقا أو إلى انقضاء العدة كما هو قول عامة المشايخ وعند الأول لا يتأجل لو راجعها وليس رجعي بقيد بل البائن مثله بالأولى وقدمنا تمام الكلام على ذلك عند قوله ولها منعه من الوطء الخ
قوله ( ولو وهبته المهر الخ ) أي لو قال لمطلقته لا أتزوجك حتى تهبيني مالك علي من مهرك ففعلت على أن يتزوجحها فأبى فالمهر عليه تزوج أم لا
بزازية وقوله فأبى أي قال لا أتزوجك فيكون ردا للهبة فلذا بقي المهر عليه وإن تزوجها بعد الإباء
قوله ( ولو وهبته لأحد ) أي غير الزوج لأن هبة الدين بمن عليه الدين تصح مطلقا أما هبته لغيره فلا تصح ما لم يسلطه على قبضه فيصير كأنه وهبه حين قبضه ولا يصح إلا بقبضه كما في جامع الفصولين
قوله ( لم تصح ) أي الهبة
قوله ( وهذه حيلة الخ ) أفاد أنها غير قاصرة على المهر وفيها بعد الاشتراط رضا المديون بالحوالة فإذا كان طالبا للهبة لا يرضى بالحوالة إلا أن يصور فيمن يجهل أن الحوالة تمنع من صحة الهبة
وأجاب الشارح في مسائل شتى آخر الكتاب بأن يتمكن المحال من مطالبة المديون برفعه إلى من لا يشترط قبوله أي كمالكي المذهب
تأمل
ومن الحيل شراء شيء ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة أي ثم ترده بعدها بخيار رؤية أو يصالحها إنسان عن المهر بشيء ملفوف قبل الهبة كما في البحر عن القنية والأخيرة أحسن والله تعالى أعلم
باب نكاح الرقيق لما فرغ من نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق وقدمه على الكافر لأن الإسلام غالب فيهم
نهر
قوله ( هو المملوك ) في الصحاح الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع
قال في البحر والمراد هنا المملوك من الآدمي لأنهم قالوا إن الكافر إذا أسر في دار الحرب فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج فهو مملوك أيضا فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه اه
وعليه فالمراد بالرقيق هنا الرقيق المحرز بدارنا فلأمة إذا أسرت ولم تخرج إلى دارنا لو تزوجت لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له وقت وقوعه كما في النهر بحثا
قلت قد يقال إن له مجيزا وهو الإمام لأن له بيعها قبل الإخراج وبعده فتأمل
قوله ( كلا أو بعضا ) يشمل المبعض والمملوك ملكا ناقصا كالمكاتب ومن ولد له سبب الحرية كالمدبر وأم الولد
____________________
(3/162)
قوله ( والقن المملوك كلا ) أخرج المبعض لكن دخل فيه المكاتب والمدبر وأم الولد لدخولهم في المملوك
وفي المغرب القن من العبيد من ملك هو وأبواه وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث وأما أمة قنة فلم نسمعه
وعن ابن الأعرابي عبد قن خالص العبودية وعليه قول الفقهاء لأنهم يعنون به خلاف المدبر والمكاتب اه
فالمناسب ما في الرحمتي ظن أن القن المملوك ملكا تاما لم ينعقد له سبب الحرية
قال ح ثم اعلم أن كلا من الرق والملك كامل وناقص ففي القن كاملان وفي معتق البعض ناقصان وفي المكاتب كمل الرق وفي المدبر وأم الولد كمل الملك
قوله ( توقف نكاح قن ) أطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه أو زوجه غيره وقيد بالنكاح لأن التسري حرام مطلقا
قال في الفتح فرع مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها ولا يجوز للعبد أذن له مولاه أو لا لأن حل الوطء لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح اه
بحر
قوله ( وأمة ) قد علمت أن القن يشمل الذكر والأنثى
قوله ( ومكاتب ) لأن الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الاكتساب ومنه تزويج أمته إذ به يحصل المهر والنفقة للمولى بخلاف تزويج نفسه وعبده ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عنده وعندهما يجوز لأنه حر مديون
أفاد في البحر
قوله ( وأم ولد ) وفي حكمها ابنها من غير مولاها كما إذا زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها وأما ولدها من مولاها فحر وتمامه في البحر
قوله ( فإن أجاز نفذ الخ ) إن كان كل من الإجازة أو الرد قبل الدخول فالأمر ظاهر وإن كان بعده ففي الرد يطالب العبد بعد العتق كما ذكره بقوله فيطالب الخ وفي الإجازة قال في البحر عن المحيط وغيره القياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا
وفي الاستحسان لا يلزمه إلا المسمى لأن مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد وحينئذ فيحب بعقد واحد مهران وإنه ممتنع اه
ثم الإجازة تكون صريحا ودلالة وضرورة كما سيأتي وفيه رمز إلى أن سكوته بعد العلم ليس بإجازة كما في القهستاني عن القنية
قوله ( فلا مهر ) تفريع على قوله بطل ح أي لا مهر على العبد ولا مهر للأمة
قوله ( فيطالب ) جواب شرط مقدر أي فإن دخل فيطالب فافهم
قوله ( من له ولاية تزويج الأمة ) أي وإن لم يكن مالكا لها
بحر
وشمل الوارث والمشتري فلو مات الولي أو باعه فأجازه سيده الوارث أو المشتري يجوز وإلا فلا كما أشير إليه في العمادية
قهستاني وشمل الشريكين
فلو زوج أحدهما الأمة ودخل الزوج فإن رد الآخر فله نصف مهر المثل وللمزوج الأقل من نصفه ومن نصف المسمى
بحر
قوله ( كأب ) أي أبي اليتيم فإنه يزوج أمته كذا جده وكذا وصيه والقاضي ح
لأنه من باب الاكتساب فتح
قوله ( ومكاتب ) لأنه كما تقدم يجوز له تزويج أمته لكونه من الاكتساب لا عبده ط
وخرج العبد المأذون فلا يملك تزويج الأمة أيضا
بحر
ومثله الصبي المؤذون
درر
قوله ( ومفاوض ) فإنه يزوج أمة المفاوضة لا عبدها
ح عن القهستاني
بخلاف شريك العنان فلا يملك تزويج الأمة كما مر وكذا المضارب كما في البحر
قوله ( ومتول ) ذكره في النهر بحثا حيث قال ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق
____________________
(3/163)
في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الإمام والمتولي وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي
ثم رأيت في البزازية لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه اه أي فإنه يدل على أنه لا يصح في العبد وأما في الأمة فينبغي الجواز تخريجا على الوصف كما قال ولعل الشارح اقتصر على المتولي ولم يذكر الإمام لأن أحكام الوصي والمتولي مستقيان من واد واحد لكن الإمام في مال بيت المال ملحق بالوصي أيضا حتى أنه لا يملك بيع عقار بيت المال إلا فيما يملكه الوصي وله بيع عبد الغنيمة قبل الإحراز وبعده فينبغي أن يملك تزويج الأمة إذا رأى المصلحة
تأمل
قوله ( وأما العبد الخ ) يستثنى من ذلك ما لو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه فإنه يجوز عند أبي يوسف بخلاف الوصي لكن في المبسوط أنه لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء
بحر
قوله ( وغيره ) أي من مدبر ومكاتب
قوله ( لوجود سبب الوجوب منه ) أي من القن وغيره فإن العقد سبب لوجوب المهر والنفقة وقد وجد من أهله مع انتفاء المانع وهو حق المولى لإذنه بالعقب
قوله ( ويسقطان بموتهم ) قيد سقوط المهر في البحر عند قول الكنز ولو زوج عبدا مأذونا بما إذا لم يترك كسبا في كلام الشارح إشارة إليه أما النفقة ولو مقتضية فتسقط عن الحر بموته فالعبد بالأولى
قوله ( وبيع قن ) أي باعه سيده لأنه دين تعلق في رقبته وقد ظهر في حق المولى بإذنه فيؤدم ببيعه فإن امتنع باعه القاضي بحضرته إلا إذا رضي أن يؤدي قدر ثمنه كذا في المحيط
نهر
واشتراط حضرة المولى لاحتمال أن يفديه وقد ذكر في المأذون المعديون أن للغرماء استعساءه أيضا
قال في البحر من النفقة ومفاده أن زوجته لو اختارت استعساءه لنفقة كل يوم أن يكون لها ذلك اه
قلت وكذا للمهر
قوله ( كمدبر ) أدخلت الكاف المكاتب ومعتق البعض وابن أم الولد كما في البحر
قوله ( بل يسعى ) لأنه لا يقبل البيع فيؤدي من كسبه لا من نفسه فلو عجز المكاتب صار المهر دينا في رقبته فيباع فيه إلا إذا أدى المهر مولاه واستخلصه كما في القن وقياسه أن المدبر لو عاد إلى الرق بحكم شافعي ببيعه أن يصير المهر في رقبته
بحر
قوله ( ولو مات مولاه الخ ) في القنية زوج مدبره امرأة ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤخذ به إذا عتق اه
وفيه نظر لأن حكمه السعاية قبل العتق لا التأخر إلى ما بعد العتق بحر
قال في النهر هذا مدفوع بأن ما في القنية فيه إفادة حكم سكتوا عنه هو أن المدبر إذا لزمته السعاية في حياة المولى هل يؤاخذ بالمهر بعد العتق قال نعم وهو ظاهر في أنه يؤاخذ به جملة واحدة حيث قدر عليه ويبطل حكم السعاية اه
أقول حاصل الجواب أن المدبر يسعى في حياة مولاه في المهر أما بعد موت مولاه فإنه يسعى أولا في ثلثي قيمته لتلخيص رقبته من الرق ويصير المهر في رقبته يؤديه بعد عتقه كدين الأحرار لا بطريق السعاية فإن وجد معه جملة أخذ منه وإلا عومل معاملة المديون المعسر ولما كان فهم ذلك من عبارة القنية فيه خفاء عزا ذلك إليها وإلى النهر فافهم
قوله ( إن تجددت ) يعني إن لزمه نفقة فبيع فيها فلم يف ثمنه بما عليه من النفقة بقي الفضل في ذمته فيطالب به بعد العتق ولا يتعلق برقبته فلا يباع فيه عند السيد الثاني ثم إن تجمعت عليه نفقة عند السيد الثاني بيع فيها ويفعل بالفضل كما مرح
ووجهه ما في البحر عن المبسوط أن النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث اه أي إن
____________________
(3/164)
ما تجدد وجوبه عند السيد الثاني في حكم دين حادث فيباع فيه بخلاف ما تجمد عليه وبيع فيه أولا فإنصه لا يباع فيه ثانيا لاستيفاء باقيه لأنه في حكم دين واحد خلافا لما في نفقات صدر الشريعة حيث يفهم منه أنه يباع في الباقي أيضا كما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى
ثم الظاهر أن هذا مفروض فيما إذا كانت النفقة مفروضة بالتراضي أو بقضاء القاضي لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة كما ذكروه في النفقات
ثم رأيت في نفقات البحر صور المسألة بما إذا فرض القاضي لها نفقة شهر مثلا وعجز عن أدائها باعه القاضي إن لم يفده المولى
وأفاد أنه إنما يباع فيما يعجز عن أدائه لا لنفقة كل يوم مثلا للإضرار بالمولى ولا لاجتماع قدر قيمته للإضرار بها
وينبغي أن لا يصح فرضه لتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولاتهمامه بقصد الزيادة لإضرار المولى ولذا فرض المسألة في البحر فيما إذا فرضها القاضي
تأمل
قوله ( وفي المهر مرة ) فيه أنه لو لزمه مهر آخر عند السيد الثاني كما إذا طلقها ثم تزوجها بيع ثانيا فلا فرق بين المهر والنفقة إلا باعتبار أن النفقة تتجدد عند السيد الثاني ولا بد بخلاف المهر
ح عن شيخه السيد
وأجاب ط بأن النفقة التي حدثت عند الثاني سببها متحقق عند الأول فتكرر بيعه في شيء واحد بخلاف بيعه في مهر ثان عند الثاني فإن هذا مسبب عن عقد مستقل حتى توقف على إذنه اه
قلت وحاصله أن النفقة المتجددة عند الثاني وإن كانت في حكم دين حادث ولذا بيع فيها ثانيا إلا أنها لما كان سببها متحدا وهو العقد الأول لم تكن دينا حادثا من كل وجه أما المهر الثاني فهو دين حادث من كل وجه لوجوبه بسبب جديد وأنت خبير بأن هذا جواب إقناعي
ثم اعلم أن دين المهر والنفقة عيب في العبد فللمشتري الخيار إن لم يرض به
تنبيه قال في البحر علل في المعراج لعدم تكرار بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الأجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه اه
أقول فيه نظر لأنه مخالف لما نقله قبله في المبسوط من أنه ليس شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان الخ
ولا يخفى أن المهر المؤجل كان واجبا قبل حلول الأجل وإنما تأخرت المطالبة إلى حلوله فلم يتجدد الوجوب عند المشتري حتى يباع ثانيا عنده ولأنه يلزم أنه لو كان المهر ألفا مثلا وقيمة العبد مائة فبيع بمائة ثانيا وثالثا وهكذا لأنه في كل مرة لم يبع في كل المهر وهو خلاف ما صرحوا به ومراد المعراج بقوله بيع في جميع المهر أنه إنما بيع لأجل جميع المهر أي لأجل ما كان جميعه واجبا وقت البيع بخلاف النفقة الحادثة عند الثاني فإنه لم يبع فيها عند الأول فيباع فيها ثانيا عند الثاني فالمراد بيان الفرق بين المهر والنفقة كما صرحوا به في البحر من النفقات فراجعه فافهم
قوله ( إلا إذا باعه منها ) فإن ما عليها من مقدار ثمنه يلتقي قصاصا بقدره مما لها والباقي يسقط لأن السيد لا يستوجب دينا على عبده ح
قوله ( ولو زوج المولى أمته الخ ) حاصله تقييد المسألة الأولى التي يباع في القن بما إذا لم تكن الأمة أمة مولى العبد فهذا كالاستثناء مما قبله ثم استثنى من هذا الاستثناء ما إذا كانت أمة المولى مأذونة فإنه يباع لها أيضا وأطلق هنا الأمة والعبد فشمل ما إذا كانا قنين أو مدبرين أو كانت أم ولدا أو كان ابن أم ولد
قوله ( لا يجب المهر ) لاستلزامه الوجوب لنفسه على نفسه وهو
____________________
(3/165)
لا يعقل وهذا بناء على أن مهر الأمة يثبت للسيد ابتداء غير المأذونة والمكاتبة ومعتقة البعض كما في النهر ح
وفي استثناء المأذونة كلام يأتي قريبا
قوله ( بل يسقط ) أي بل يجب على السيد ثم يسقط بناء على أن مهر الأمة يثبت لها أولا ثم ينتقل للسيد كما في النهر عن الفتح ح
وفائدة وجوبه لها أنه لو كان عليها دين يستوفى منه ويقضي دينها
قالوا والأول أظهر كذا في شرح الجامع الكبير
بيري على الأشباه
وأيده أيضا في الدرر وهذا مؤيد لتصحيح الولوالجي
قال في البحر ولم أر مكن ذكر لهذا الاختلاف ثمرة
ويمكن أن يقال إنها تظهر فيما لو زوج الأب أمة الصغير من عبده فعلى الثاني يصح وهو قول أبي يوسف وعلى الأول لا يصح التزويج وهو قولهما وبه جزم في الولوالجية معللا بأنه نكاح للأمة بغير مهر لعدم وجوبه على العبد في كسبه للحال اه
واعترضه الرحمتي بأنه لا استحالة في وجوب المال للصغير على أبيه بخلاف ما لو زوجها من أمة نفسه
قلت وكأنه فهم أن الضمير في قوله من عبده للأب مع أنه للصغير كما صرح به في الظهيرية
هذا وجعل العلامة المقدسي ثمرة الخلاف قضاء دينها منه وعدمه
وقال ويترجح القول بالوجوب ولهذا صححه ابن أمير حاج
قوله ( ومحل الخلاف الخ ) ذكره في النهر بحثا بقوله وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة فإن كانت بيع أيضا ويدل عليه ما في الفتح مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى حتى لو كان عليها دين قضى من المهر اه
قلت أنت خبير أن قول الفتح يثبت لها الخ هو أحد القولين فكيف يجعله دللاي لعدم الخلاف فإن المتبادر من عباراتهم أن قضاء دينها منه مبني على القول بأنه يثبت لها أو لا أما على القول بأنه يثبت للسيد ابتداء فلا قضاء ولهذا جعله العلامة المقدسي ثمرة الخلاف كما مر فتأمل
قوله ( لأنه يثبت لها ) أي لأن المهر يثبت للأمة مأذونة أو غيرها ثم ينتقل للمولى إن لم يكن عليها دين وإلا فلا ينتقل إليه فالضمير راجع للأمة المذكورة لا بقيد كونها مأذونة فهو استدلال بالأعم على الأخص فافهم
قوله ( فالمهر برقبته ) وقيل في ثمنه والأول الصحيح كما في المنية ولو أعتقه كان عليه الأقل من المهر والنفقة كما في النتف
قهستاني
قوله ( يدور معه الخ ) أي يباع فيه وإن تداولته الأيدي مرارا
قوله ( كدين الاستهلاك ) أي كما لو استهلك مال إنسان عند سيده
قوله ( لكن للمرأة فسخ البيع ) ذكره في البحر بحثا ونقله المصنف في المنح عن جواهر الفتاوى حيث قال رجل زوج غلامه ثم أراد أن يبيعه بدون رضا المرأة إن لم يكن للمرأة على العبد مهر فللمولى بيعه وإن كان فلا إلا برضاها
وهذا كما قلنا في العبد المأذون والمديون إذا باعه بدون رضا الغرماء فلو أراد الغريم الفسخ فله أن يفسخ البيع كذلك هنا إذا كان عليه المهر لأن المهر دين اه
أما لو المولى قضاه عنه فلا فسخ أصلا
قوله ( طلقها رجعية ) مثله أوقع عليها الطلاق أو طلقها تطليقة تقع عليها
بحر
قوله ( إجازة ) لأن الطلاق الرجعي لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح فكان الأمر به إجازة اقتضاء بخلاف البائن لأنه يحتمل المتاركة كما في النكاح الفاسد والموقوف
ويحتمل الإجازة فحمل على الأدنى وأشار إلى أن الإجازة تثبت بالدلالة كما تثبت بالصريح وبالضرورة فالصريح كرضيت وأجزت وأذنت ونحوه
والدلالة تكون بالقول كقول المولى بعد بلوغه الخبر حسن أو صواب أو لا بأس به وبفعل يدل عليها كسوق المهر أو شيء
____________________
(3/166)
منه إلى المرأة والضرورة بنحو عتق العبد أو الأمة فالإعتاق إجزاة وتمامه في البحر
ولو أذن له السيد بعد ما تزوج لا يكون إجازة فإن أجاز العبد ما صنع جاز استحسانا كالفضولي إذا وكل فأجاز ما صنعه قبل الوكالة وكالعبد إذا زوجه فضولي فأذن له مولاه في التزوج فأجاز ما صنعه الفضولي كذا في الفتح
أقول ولعل وجه أن العقد إذا وقع موقوفا على الإجازة فحصل الإذن بعده ملك استئناف العقد فيملك إجازة الموقوف بالأولى لكن علمت أن من الإجازة الصريحة لفظ أذنت فيناقض ما ذكر من أن الإذن بعد التزوج لا يكون إجازة
وأجاب في البحر بحمل الأول على ما إذا علم بالنكاح فقال أذنت والثاني على ما إذا لم يعلم وبه جزم في النهر
مطلب في الفرق بين الإذن والإجازة قلت يظهر مما ذكرنا الفرق بين الإذن والإجازة فالإذن كما سيقع والإجازة لما وقع
ويظهر منه أيضا أن الإذن يكون بمعنى الإجازة إذا كان الأمر وقع وعلم به الآذن وعلى هذا فقول البحر وغيره الإجازة تثبت بالدلالة وبالصريح الخ أنسب من قول الزيلعي الإذن يثبت الخ
وعلم أن المصنف لو قال ( إذن ) بدل قوله ( إجازة ) لصح أيضا لأن الأمر بالطلاق يكون بعد العلم والإذن بعد العلم إجازة
فقول النهر ولم يقل أذن لأنه لو كان لاحتاج إلى الإجازة فيه نظر فتدبر
قوله ( للنكاح الموقوف ) يستفاد من قوله ( الموقوف ) أنه عقد فضولي فتجري فيه أحكام الفضولي من صحة فسخ العبد والمرأة قبل إجازة المولى وتمامه في النهر
قوله ( لأنه ) أي قول المولى طلقها أو فارقها لأنه يستعمل للمتاركة أي فيكون ردا
ويحتمل الإجازة فحمل على الرد لأنه أدنى لأن الدفع أسهل من الرفع أو لأنه أليق بحال العبد المتمرد على مولاه فكانت الحقيقة متروكة بدلالة الحال
بحر عن العناية
وعلى الثاني ينبغي لو زوجه فضولي فقال المولى طلقها أنه يكون إجازة إذ لا تمرد منه في هذه الحالة
نهر
قلت التعليل الأول يشمل هذه الصورة فلا يكون إجازة
قوله ( حتى لو أجازه ) تفريع ما فهم من المقام من أن ذلك رد
وقال في البحر وقد علم مما قررناه أن قوله طلقها أو فارقها وإن لم يكن إجازة فهو رد فينفسخ به نكاح العبد حتى لا تلحقه الإجازة بعده
قوله ( بخلاف الفضولي ) أي إذا قال له الزوج طلقها يكون إجازة لأنه يملك التطليق بالإجازة فيملك الأمر به بخلاف المولى وهذا مختار صاحب المحيط
وفي الفتح أنه الأوجه ومختار الصدر الشهيد ونجم الدين النسفي أنه ليس بإجازة فلا فرق بينهما
وعلى هذا الاختلاف إذا طلقها الزوج
وفي جامع الفصولين أن هذا الاختلاف في الطلقة الواحدة أما لو طلقها ثلاثا فهي إجازة اتفاقا وعليه فينبغي أن تحرم عليه لو طلقها ثلاثا لأنه يصير كأنه إجازة أولا ثم طلق اه
وبه صرح الزيلعي بحر
قوله ( وإذنه لعبده الخ ) أطلقه فشمل ما إذا أذن له في نكاح حرة أو أمة معينة أو لا فما في الهداية من التقييد بالأمة والمعينة اتفاق
بحر
قوله ( بعد إذنه ) متعلق بنكحها وقيد به لئلا يتوهم أن قوله ( وإذنه لعبده ) يدخل فيه الإذن بعد النكاح لأن الأذن ما يكون قبل الوقوع على ما مر بيانه فافهم
قوله ( فوطئها ) قيد به لأن المهر لا يلزم في الفاسد إلا به ط
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما الإذن لا يتناول إلا بالصحيح فلا يطالب بالمهر في الفاسد إلا بعد العتق
قوله ( تقيد به ) أي ويصدق قضاء وديانة
____________________
(3/167)
قال في النهر واعلم أنه ينبغي أن يقيد الخلاف بما إذا لو لم ينو المولي الصحيح فقط فإن نواه تقيد به أخذا من قولهم لو حلف أنه ما تزوج في الماضي يتناول يمينه الفاسد أيضا
قال في التلخيص ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف رعاية لجانب الحقيقة اه نهر
قوله ( كما لو نص عليه ) أي فإنه يتقيد به اتفاقا أيضا كما بحثه في البحر أخذا مما بعده
قوله ( صح ) أي فإذا دخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعا
بحر عن البدائع
قوله ( وصح الصحيح أيضا ) أي اتفاقا وهذا ما بحثه في النهر على خلاف ما بحثه في البحر من أنه لا يصح اتفاقا
وإذا تأملت كلام كل منهما يظهر لك أرجحية ما في البحر كما أوضحته فيما علقته ويأتي قريبا بعض ذلك
قوله ( ولو نكحها ثانيا ) أي بعد الفاسد وهذا عطف على قوله ( فيباع الخ ) فهو أيضا من ثمرة الخلاف لأنه إذا انتظم الفاسد عنده ينتهي به الإذن وإذا لم ينتظمه لا ينتهي به عندهما فله أن يتزوج صحيحا بعده بها أو بغيرها
قوله ( لانتهاء الإذن بمرة ) مثل الإذن الأمر بالتزويج كما لو قال له تزوج فإنه لا يتزوج إلا مرة واحدة لأن الأمر لا يقتضي التكرار وكذا إذا قال تزوج امرأة لأن قوله امرأة اسم لواحدة من هذا الجنس
بحر عن البدائع
قوله ( وإن نوى مرارا الخ ) أي لو قال لعبده تزوج ونوى به مرة بعد أخرى لم يصح لأنه عدد محض ولو نوى ثنتين يصح لأن ذلك كل نكاح العبد إذ العبد لا يملك التزوج بأكثر من ثنتين
بحر عن شرح المغني للهندي
وحاصله أن الأمر يتضمن المصدر وهو للفرد الحقيقي أو الاعتباري أي جملة ما يملكه دون العدد المحض كما قالوا في طلق امرأتي ونوى الواحدة أو الثلاث يصح دون الثنتين
قوله ( وكذا التوكيل بالنكاح ) بأن قال تزوج لي امرأة لا يملك أن يزوجه إلا امرأة واحدة ولو نوى الموكل الأربع ينبغي أن يجوز على قياس ما ذكرنا لأنه كل جنس النكاح في حقه ولكني ما ظفرت بالنقل كذا في شرح المغني للهندي في بحث الأمر
بحر فافهم
لكن نية الأربع إنما تصح إذا لم يقل امرأة أما لو قاله كما هو تصوير المسألة قبله فلا كما أفاده الرحمتي ويؤيده ما مر آنفا عن البدائع من أن المرأة اسم لواحدة من هذا الجنس
قوله ( بخلاف التوكيل به ) أي توكيل من يريد النكاح به وهذا مرتبط بقول المصنف والإذن بالنكاح ينتظم جائزه وفاسده
قوله ( فإنه لا يتناول الفاسد ) لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح لأنه لا يفيد شيئا من أحكام النكاح ولهذا لو حلف لا يتزوج نكاحا فاسدا لا يحنث بخلاف البيع يجوز في قول أبي حنيفة لأن الفاسد بيع يفيد حكم البيع وهو الملك ويدخل في يمين البيع فيحنث به
خانية
قوله ( به يفتى ) عبارة البحر فلا ينتهي به اتفاقا وعليه الفتوى كما في المصفى وأسقط الشارح اتفاقا لأن قوله ( وعليه الفتوى ) يشعر بالخلاف وإرجاع ضمير عليه إلى الاتفاق فيه نظر إذ لا معنى للإفتاء بالاتفاق فافهم
قوله ( لا يملك الصحيح ) لأنه قد يكون له غرض في الفاسد وهو عدم لزوم المهر بمجرد العقد فإنه لا يلزم إلا بالوطء
وفي الصحيح يلزم المهر بمجرد العقد ويتأكد بالخلوة والموت ولو بدون وطء ففيه إلزام على الموكل بما لم يلتزمه وهذا يؤيد ما بحثه في البحر كما مر عند قوله ( وصح الصحيح أيضا )
قوله ( بخلاف البيع ) أي بخلاف الوكيل ببيع فاسد فإنه يملك الصحيح لأن البيع الفاسد بيع حقيقة لإفادته الملك بعد القبض بخلاف النكاح الفاسد كما مر
قوله ( الإذن في النكاح ) الأولى بالنكاح بالباء والمراد الإذن للعبد المحجور وهو فك الحجر
____________________
(3/168)
وإسقاط الحق لأن العبد له أهلية التصرف في نفسه وإنما حجر عليه لحق المولى فبالإذن يتصرف لنفسه بأهليته
وعند زفر والشافعي هو توكيل وإنابة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
والظاهر أن هذا غير خاص بالعبد لأنه يقال أذن لزيد بأكل طعامي أو بسكنى داري ففيه فك حجر وإسقاط حق وكذا يقال أذنت له ببيع داري فيكون بمعنى الإحلال والإعارة والتوكيل وإنما لم يكن الإذن للعبد توكيلا عندنا لما علمت من أنه بالإذن يتصرف لنفسه لا بطريق النيابة عن المولى
قوله ( والتوكيل بالبيع ) أي توكيل أجنبي به
وقول البحر وقول البحر أشار المصنف إلى أن الإذن بالبيع وهو التوكيل به يتناول الفاسد بالأولى اتفاقا يوهم أن الإذن هو التوكيل لكن قد علمت أنه ليس عينه مطلقا بل قد يطلب عليه فمراده الإذن الذي معنى توكيل الأجنبي لا إذن العبد
تأمل
قوله ( وبالنكاح لا ) أي والتوكيل بالنكاح لا يتناول الفاسد كما مر
قوله ( واليمين على نكاح ) كما إذا حلف لا يتزوج فإنه لا يحنث إلا بالصحيح
وأما إذا حلف أنه ما تزوج في الماضي فإنه يتناول الصحيح والفاسد أيضا لأن المراد في المستقبل الإعفاف وفي الماضي وقوع العقد
بحر عن المبسوط
قوله ( وصلاة ) يقال على قياس ما تقدم إن يمينه في الماضي منعقدة على صورة الفعل وقد وجدت بخلافها في المستقبل فمنعقدة على المتهيئة للثواب وهو لا يحصل بالفاسد ومثلها الصوم والحج ط
قلت وسيأتي في الأيمان حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة بنية وإن أفطر لوجود شرطه ولو قال صوما أو يوما حنث بيوم وحنث في لا يصلي بركعة وفي لا يصلي صلاة بشفع وفي لا يحج لا يحنث حتى يقف بعرفة عن الثالث أو حتى يطوف أكثر الطواف عن الثاني اه
وبع علم أن المراد بالصحيح في المستقبل ما يتحقق به الفعل المحلوف عليه شرعا مع شرائطه وذلك في الصوم بساعة وفي الصلاة بركعة وإن أفسده بعده
تأمل
قوله ( صح ) أي النكاح لأنه يبتني على ملك الرقبة وهو باق بعد الدين كما هو قبله
بحر قوله ( وساوت الغرماء ) أي أصحاب الديون وفيه تصريح بأن المهر سائر الديون فلو مات العبد وكان له كسب يوفى منه
وما في الفتح عن التمرتاشي لو مات العبد سقط المهر والنفقة يجب حمله في المهر على ما إذا لم يترك شيئا نهر وأصل هذا الاستخراج والتوفيق لصاحب البحر
قوله ( والأقل ) أي إن كان المهر المسمى أقل من مهر المثل تساوى الغرماء فيه ولم يذكره المصنف لعلمه بالأولى
قوله ( والزائد عليه الخ ) أي إذا كان المسمى أكثر من مهر المثل فإنها تساويهم في قدر الزائد عليه يطالب به استيفاء الغرماء
بحر أي فيسعى لها به إن بقي في ملك مولاه أو تصبر إلى أن يعتق ولو باعه الغرماء معها ليس لها بيعه ثنيا لأخذ الزائد لأنه لا يباع في المهر مرتين كما حررناه فيما مر
تأمل
قوله ( كدين الصحة ) أي إذا كان على المريض دين صحة وهو ما ثبت ببينة مطلقا أو بإقراره صحيحا قدم على دين المرض وهو ما أقر به مريضا لأن فيه إضرارا بالغرماء فيقضي بعد قضاء ديونهم
قوله ( إلا إذا باعه منها ) في الخانية زوجه بألف وباعه منها بتسعمائة وعليه دين ألف أجاز الغريم البيع كانت التسعمائة بينهما يضرب الغريم فيها بألف والمرأة بألف ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينه إذا عتق اه
وقوله ولا تتبعه بتاءين ثم باء موحدة أي لا تطالبه بما بقي من مهرها لأنه صار ملكها وانفسخ النكاح والسيد
____________________
(3/169)
لا يستوجب على عبده مالا بخلاف ما بقي للغريم فإنه باق في ذمة العبد فطالبه به بعد عتقه أما قبله فلا لما مر من أن العبد لا يباع في دين أكثر من مرة إلا النفقة ولأن الغريم لما أجاز بيع المولى منها تعلق حقه في القيمة فقط ولا يخفى أن للمرأة بيعه وعتقه
كما لو باعه المولى من غيرها ولا يمنع من بيعه تعلق الدين برقبته إلى ما بعد عتقه لما قلنا فما قيل من أنه ليس لها بيعه لتعلق حق الغريم به فهو وهم منشؤه التصحيف ولو كانت النسخة ولا تبيعه ويبيعه الغريم من البيع نافي قوله إذا عتق فافهم
قوله ( كما مر ) أي قبيل قوله ( ولو زوج المولى أمته من عبده ) ح
قوله ( بنته ) المراد من ترثه من النساء بعد موته سواء كانت بنتا أو بنت ابن أو أختا ط
قوله ( لأنها لم تملك المكاتب ) لأنه لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ما لم يعجز وإنما تملك ما في ذمته من بدل الكتابة وأما صحة عتقها إياه فلأنه يبرأ به عن بدل الكتابة أولا ثم يعتق
فتح
قوله ( للتنافي ) أي بين كونه مالكا لها وكونها مالكة له
قوله ( أو أم ولده ) ومثلها المدبرة ولا تدخل المكاتبة بقرينة قوله فتخدمه أي المولى لأن المكاتبة لا يملك المولى استخدامها فلذا تجب النفقة لها بدون التبوئة
بحر
وأما نفقة الأولاد فتكون على الأم لأن ولد المكاتبة دخل في كتابتها وتمامه في شرح أدب القضاء للخصاف
قوله ( لا تجب تبوئتها ) هي في اللغة مصدر بوأته منزلا أي أسكنته إياه
وفي الاصطلاح على ما في شرح النفقات للخصاف أن يخلي المولى بين الأمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها
أما إذا كانت تذهب وتجيء وتخدم مولاها لا تكون تبوئة اه بحر
وقال قبله وقيد بالتبوئة لأن المولى إذا استوفى صداقها أمر أن يدخلها على زوجها وإن لم يلزمه أن يبوئها كذا في المبسوط ولذا قال في المحيط لو باعها بحيث لا يقدر الزوج عليه سقط مهرها كما سيأتي في مسألة ما إذا قتلها اه أي سقط لو قبل الوطء
هذا وفيما نقله عن الخصاف وما نقله عن المبسوط شبه التنافي لأن الأول أفاد أنه لا بد في تحقق معنى التبوئة اصطلاحا من تسليم الأمة إلى الزوج الثاني أفاد أن التسليم إليه بعد قبض الصداق واجب وعدم وجوب التبوئة ينافي وجوب التسليم المذكور
والجواب ما أفاده في النهر من أن التسليم الواجب يكتفي فيه بالتخلية بل بالقول بأن يقول له المولى متى ظفرت بها وطئتها كما صرح به في الدراية والتبوئة المنفية أمر زائد على ذلك لا بد فيها من الدفع والاكتفاء فيه بالتخلية كما ظن بعضهم غير واقع اه
وهذا أولى مما أجاب به المقدسي من أن المراد بالتبوئة المنفية التبوئة المستمرة
قوله ( وإن شرطها ) لأنه شرط باطل لأن المستحق للزوج ملك الحل لا غير لأنه لو صح الشرط لا يخلو إما أن يكون بطريق الإجارة أو الإعارة فلا يصح الأول لجهالة المدة ولا الثاني لأن الإعارة لا يتعلق بها اللزوم
بحر
قوله ( أما لو شرط الحر الخ ) بيان للفرق بين المسألتين وهو أن اشتراط حرية الأولاد وإن كان لا يقتضيه نكاح الأمة أيضا إلا أنه صح لأنه في معنى تعليق الحرية بالولادة والتعليق صحيح ويمتنع الرجوع عنه لأنه يثبت مقتضاه جبرا بخلاف اشتراط التبوئة لأنه يتوقف وجودها على فعل حسي اختياري لأنه وعد يجب الإيفاء به غير أنه إذا لم يف به لا يثبت متعلقه أعنى نفس الموعود به
فتح ملخصا
وأقره في البحر والنهر ومقتضى وجوب الوفاء به أنه شرط غير باطل لكن لا يلزم من صحته وجوده بخلاف اشتراط الحرية لكن تقدم التصريح بأنه باطل وكذا صرح به في كافي الحاكم فقال لو شرط ذلك للزوج كان هذا الشرط باطلا ولا يمنعه أن يستخدم أمته ولعل معنى وجوب الوفاء به أنه واجب ديانة ومعنى بطلانه أن غير لازم قضاء فتأمل
____________________
(3/170)
تنبيه قال في النهر وقيد الرجل في الفتح بالحر حتى لو كان عبدا كانت الأولاد عبيدا عندهما خلافا لمحمد اه
ونظر في ح بأن التعليق المعنوي موجود
قلت وهو الذي يظهر وهذا القيد غير معتبر المفهوم ولذا لم يقيد به في كثير من الكتب
وأما ما ذكره في النهر من الخلاف فإنما رأيتهم ذكروه في مسألة العبد المغرور إذا تزوج امرأة على أنها حرة فظهرت أمة بخلاف الحر المغرور فإن أولاده أحرار بالقيمة اتفاقا فالظاهر أن ما في النهر سبق نظر بقرينة أنه ذكر مسألة المغرور ثم قال وقيد الرجل في الفتح الخ فاشتبه عليه مسألة بمسألة فليراجع
قوله ( حرية أولادها ) أي أولاد القنة ونحوها وقوله فيه أي في العقد والظاهر أن اشتراطها بعده كذلك ويحرر ط
قوله ( في هذا النكاح ) أما لو طلقها ثم نكحها ثانيا فهم أرقاء إلا إذا شرط كالأول ط
قوله ( والتزويج ) عطف على قبول ط وهو من أحسن قول ح إنه عطف على الشرط
قوله ( على اعتباره ) حالا من التزويج والهاء للشرط ح
قوله ( هو معنى الخ ) خبر إن ح فكأنه قال إن ولدت أولادا من هذا النكاح فهم أحرار ط
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل المذكور وذلك لأن المعلق قبل وجود الشرط عدم ولا بد له من بقاء الملك عند وجود الشرط وهذا البحث لصاحب البحر وأقره عليه أخوه في النهر والمقدسي
وقال في البحر وقد ذكر ذلك في المبسوط في التعليق صريحا بقوله كل ولد تلدينه فهو حر فقال لو مات المولى وهي حبلى لم يعتق ما تلده لفقد الملك لانتقالها للورثة ولو باعها المولى وهي حبلى جاز بيعه فإن ولدت بعده لم تعتق اه
إلا أن يفرق بين التعليق صريحا والتعليق معنى ولم يظهر لي الآن اه
قلت يظهر لي الفرق بينهما من حيث إن هذا التعليق المعنوي تعلق به حق الزوج في ضمن العقد المقصود منه أصالة الولد والرقيق ميت حكما فصار المقصود به أصالة حرية الولد فلا يكون في حكم التعليق الصريح فلا يبطل بزوال ملك المولى ونظيره المكاتب فإن عقد الكتابة معاوضة وهو متضمن لتعليق التعليق على أداء البدل ولا يبطل هذا التعليق الضمني بموت المولى المعلق
وأيضا فإن المغرور الذي تزوج امرأة على أنها حرة يكون شارطا لحرية أولاده معنى فإذا ظهر أنها أمة تكون أولاده أحرارا مع أن هذا الشرط لم يكن مع المولى وفي مسألتنا وقع شرط الحرية مع المولى صريحا فلا ينزل حاله عن حال المغرور فتأمل
قوله ( ولو ادعى الزوج الخ ) هذا ذكره في النهر بحثا وقال إنه حادثة الفتوى
واستنبطه مما في جامع الفصولي في المغرور لو ادعى أنه تزوجها على أنها حرة وكذبه المولى فإن برهن فالأولاد أحرار بالقيمة وإلا حلف المولى لأنه ادعى عليه ما لو أقر به لزمه فإذا نكل يحلف
قوله ( لكن لا نفقة الخ ) لأنها جزاء الاحتباس ولذا لم تجب نفقة الناشزة والحاجة مع غير الزوج والمغصوبة والمحبوسة بدين عليها
رحمتي
وعطف السكنى على النفقة عطف خاص على عام لأن النفقة اسم لها وللطعام والكسوة
ولا يستخدمها مبني على ما مر عن نفقات الخصاف
وذكر في البحر أن التحقيق أن العبرة لكونها في بيت الزوج ليلا ولا يضر الاستخدام نهارا اه
ويأتي مثله قريبا
قوله ( فارغة عن خدمة المولى ) ظاهره أنه لو وجدها مشغولة بخدمة المولى في مكان خال ليس له وطؤها ولم أره صريحا
____________________
(3/171)
وقد يقال إن كان استمتاعه لا ينقص خدمة المولى أبيح له لأنه ظفر بحقه غير منقص حق المولى لا سيما والمدة قصيرة ط
قوله ( ويكفي في تسليمها ) أي الواجب بمقتضى العقد وهو بهذا المعنى لا ينافي عدم وجوب التبوئة كما أوضحناه قبل
قوله ( أو استخدامها نهارا الخ ) هذا ما تقدم قريبا عن البحر أنه التحقيق
قال ح وتكون نفقة النهار على السيد ونفقة الليل عن الزوج كما في القهستاني عن القينة
قوله ( وإن أبى الزوج ) أي وإن أوفى المهر بتمامه لأن حق المولى أقوى ط
قوله ( وله ) أي للمولى حيث تم الملك له
نهر
احترازا عن المكاتب فإن ملكه فيه ناقص فولاية الإجبار في المملوك تعتمد كمال الملك وهو كامل في المدبر وأم الولد وإن كان الرق ناقصا والمكاتب على عكسهما
بحر
قوله ( ولو أم ولد ) ومثلها المدبر والمدبرة وأشار إلى أن القنة كذلك بالأولى لكنها داخلة في القن لإطلاقه عليهما كما مر فافهم
قوله ( ولا يلزمه الاستبراء ) قدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء على السيد إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها
وأما الزوج فقال في الهداية إنه لا يستبرئها لا استحبابا ولا وجوبا عندهما
وقال محمد لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها اه
ورجح أبو الليث قول محمد وتقدم تمام الكلام على ذلك
قوله ( فهو من المولى ) أي إن ادعاه في القنة والمدبرة ولم ينفه عنه في أم الولد ط
قلت وهذا إذا زوجها غير عالم لما قدمناه في المحرمات عن التوشيح من أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا
قوله ( والنكاح فاسد ) فلا يلزم المهر إلا بوطء الزوج ط
قوله ( وإن لم يرضيا ) أشار إلى ما في القهستاني وغيره من أن المراد بالإجبار تزويجهما بلا رضاهما لا إكراهما على الإيجاب والقبول كما قيل اه فافهم
قوله ( لا مكاتبه ومكاتبته ) لأنهما التحقا بالأجانب بعقد الكتابة ولهذا يستحقان الأرش على المولى بالجناية عليهما وتستحق المكاتبة المهر إذا وطئها المولى فصار كالحرين فلا يجبران على النكاح
ط عن أبي السعود
قوله ( ولو صغيرين ) ظاهره أن المراد الإجازة ولو في حال الصغر مع أن عبارة الصغيرين الحرين غير معتبرة أصلا
ويحتمل أن يكون المراد أنه لا ينفذ نكاح المولى عليهما ولو كانا صغيرين بل يتوقف على إجازتهما بعد بلوغهما والمتبادر من كلامهم الأول
تأمل
قوله ( فلو أديا ) أي بدل الكتابة قبل رد العقد
فتح
قوله ( عاد موقوفا على إجازة المولى ) لأنه تجدد له ولاية أخرى غير الولاية التي قارنها رضاه بتزويجها لأن تلك الولاية كانت بحكم الملك وهذه بحكم الولاء فيشترط تجدد رضاه لتجدد الولاية وصار كالشريك إذا زوج العبد المشترك ثم ملك باقيه فإن النكاح يحتاج إلى إجازته لتجدد ملكه في الباقي وكمن أذن لعبد ابنه الصغير في التجارة ثم مات الابن فورثه فإن العبد يحتاج في التصرف إلى إذن جديد من الأب لتجدد ولاية ملكه وكمن زوج نافلته مع وجود ابنه ثم مات الابن فالنكاح يحتاج إلى إجازة الجد لتجدد ولايته بخلاف الراهن إذا باع العبد المرهون
____________________
(3/172)
والمولى إذا باع العبد المأذون المديون ثم سقط الدين في الصورتين بطريق من طرق السقوط حيث لا يفتقر العقد فيهما إلى إجازة المالك ثانيا لأن نفاذ العقد فيهما بالولاية الأصلية وهي ولاية الملك
من شرح تلخيص الجامع الكبير
قوله ( لعدم أهليتهما ) لأن الكتابة لم تبق بعد العتق والصغير ليس من أهل الإجازة قوله ( إن لم يكن الخ ) قيد لقوله عاد الخ
قوله ( ثانيا ) راجع إلى رضا لا إلى توقف أي رضا ثانيا
قال في شرح التلخيص لكن لا بد من إجازة المولى وإن كان قد رضي أولا اه
فافهم
قوله ( لعود مؤن النكاح عليه ) لأنه لما زوجه إنما رضي يتعلق مؤن النكاح كالمهر والنفقة بكسب المكاتب لا بملك نفسه وكسب المكاتب بعد عجزه ملك المولى
شرح التلخيص قوله ( لأنه طرأ حل بات ) أي حل وطئها للسيد على حل موقوف أي حلها للزوج فأبطله كالأمة إذا تزوجت بغير إذن ثم ملكها من تحل له بطل النكاح لطريان الحل البات على الموقوف ولا يبطل نكاح العبد المكاتب لعدم الطريان المذكور
ن شرح التلخيص
قوله ( والدليل يعمل العجائب ) وجه العجب أن المولى يملك إلزام النكاح بعد العتنق لا قبله وأنه يتوقف على إجازة المكاتب قبل العتق ولا يتوقف على إجازته بعده وأن المكاتبة لو ردت إلى الرق يبطل النكاح الذي باشره المولى وإن أجازه ولو عتقت جاز بأجازته ولهذا قيل إنها مهما زادت من المولى بعدا زادت قربا إليه في النكاح
قوله ( وبحث الكمال هنا غير صائب ) قال الكمال الذي يقتضيه النظر عدم التوقف على إجازة المولى بعد العتق بل بمجرد عتقها ينفذ النكاح لما صرحوا به من أنه إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فأعتقه نفذ لأنه لو توقف فإما على إجازة المولى وهو ممتنع لانتفاء ولايته وإما على العبد ولا وجه له لأنه صدر من جهته فيكف يتوقف ولأنه كان نافذا من جهته وإنما توقف على السيد فكذا السيد هنا فإنه ولي مجبر وإنما التوقف على إذنها لعقد الكتابة وقد زال فبقي النفاذ من جهة السيد فهذا هو الوجه وكثير ما يقلد الساهون الساهين
ورده في البحر بأنه سوء أدب وغلط
أما الأول فلأن المسألة صرح بها الإمام محمد في الجامع الكبير فكيف ينسب السهو إليه وإلى مقلديه وأما الثاني فلأن محمدا رحمه الله علل لتوقفه على إجازة المولى بأنه تجدد له ولاية لم تكن وقت العقد وهي الولاء بالعتق ولذا لم يكن له الإجارة إذا كان لها ولي أقرب منه كالأخ والعم فصار كالشريك إلى آخر ما قدمناه عن شرح التلخيص قال وكثيرا ما يعترض المخطىء على المصيبين اه
ومثله في النهر والشرنبلالية وشرح الباقاني
مطلب على أن الكمال ابن الهمام بلغ رتبة الاجتهاد وأجاب العلامة المقدسي بأن ما بحثه الكمال هو القياس كما صرح به الإمام الحصيري في شرح الجامع الكبير وإذا كان هو القياس لا يقال في شأنه إنه غلط وسوء أدب على أن الشخص الذي بلغ رتبة الاجتهاد إذا قال مقتضى النظر كذا الشيء هو القياس لا يرد عليه بأن هذا منقول لأنه إنما تبع الدليل المقبول وإن كان البحث لا يقضي على المذهب اه
والذي ينفي عنه سوء الأدب في حق الإمام محمد أنه ظن أن الفرع من تفريعات المشايخ بدليل أنه قال في صدر المسألة وعن هذا استطرفت مسألة نقلت من المحيط هي أن المولى إذا زوج مكاتبته الصغيرة إلى أن قال
____________________
(3/173)
هكذا تواردها الشارحون فهذا يدل على أنه ظن أنها غير منصوص عليها فالأنسب حسن الظن بهذا الإمام
قوله ( ولو قتل المولى أمته ) قيد بالقتل لأنه لو باعها وذهب بها المشتري من المصر أو غيبها بموضع لا يصل إليه الزوج لا يسقط المهر بل تسقط المطالبة به إلى أن يحضرها
وفي الخانية لو أبقت فلا صداق لها ما لم تحضر في قياس قول الشيخين
نهر
وكالقتل ما لو أعتقها قبل الدخول فاختارت الفرقة وقيد بالمولى لأن قتل غيره لا يسقط به المهر اتفاقا وبالأمة لأنه لو قتل المولى الزوج لا يسقط لأنه تصرف في العاقد دون المعقود عليه وأراد بالأمة القنة والمدبرة وأم الولد لأن مهر المكاتبة لها لا للمولى فلا يسقط بقتل المولى إياها
بحر
والمكاتبة المأذونة والمديونة على ما سيجيء
قوله ( قبل الوطء ) أي ولو حكما
نهر
لما مر مرارا أن الخلوة الصحيحة وطء حكما
قوله ( ولو خطأ ) أي أو تسببا كما هو مقتضى الإطلاق
نهر
قوله ( فلو صبيا ) مثله المجنون بالأولى
نهر
قوله ( على الراجح الخ ) ذكر في المصفى فيه قولين
وفي الفتح لو لم يكن من أهل المجازاة بأن كان صبيا زوج أمته وصيه مثلا قالوا يجب أن لا يسقط في قول أبي حنيفة بخلاف الحرة الصغيرة إذا ارتدت بسقط مهرها لأن الصغيرة العاقلة من أهل المجازاة على الردة بخلاف غيرها من الأفعال لأنها لم تحظر عليها والردة محظورة عليا اه
فترجح عدم السقوط
بحر
قال الرحمتي لكن الصبي من أهل المجازاة في حقوق العباد ألا ترى أنه يجب عليه الدية إذا قتل والضمان إذا أتلف والمجنون مثله ولذا ترك التقييد بالمكلف في الهداية والوقاية والدرر والمنتقى والكنز والدليل يعضده وفيهم الأسوة الحسنة
قوله ( سقط المهر ) هذا عنده خلافا لهما لأنه منع المبدل قبل التسليم فيجازى بمنع البدل وإن كان مقبوضا لزمه رد جميعه على الزوج
بحر
قوله ( كحرة ارتدت ) لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل تقرر المهر فيسقط
رحمتي
قوله ( ولو صغيرة ) لحظر الردة عليها بخلاف غيرها من الأفعال كما مر
قوله ( لا لو فعلت ذلك القتل امرأة ) أي القتل المذكور وهو ما يكون قبل الوطء
قال في النهر لأن جناية الحر على نفسه هدر في أحكام الدنيا وبتسليم أنها ليست هدرا فقتلها نفسها تفويت بعد الموت وبالموت صار للورثة فلا يسقط وإذا لم يسقط مع أن الحق لها أولا فعدم السقوط بقتل الوارث أولى اه
قوله ( ولو أمة ) لأن المهر لمولاها ولم يوجد منه مع المبدل
بحر
قال ح حاصل ما يفهم من كلامهم أن العلة في سقوط المهر أمران الأول أن يكون صادرا ممن له المهر
الثاني أن يترتب عليه حكم دنيوي كالمذكور في صدر المتن ففي الأمة غير المأذونة وغير المكاتبة إذا قتلت نفسها فقد الأمران وفي الحرة إذا قتلت نفسها والمولى الغير المكلف إذا قتل أمته فقد الثاني وفي الأجنبي أو الوارث إذا قتل حرة أو أمة فقد الأول اه أي لأن الوارث بالقتل لم يبق وارثا مستحقا للمهر لحرمانه به فصار كالأجنبي
بحر
قوله ( أو ارتدت الأمة ) مقابل قوله كحرة ارتدت
قوله ( كما رجحه في النهر ) راجع للأخيرتين وسبقه إلى ذلك في البحر قياسا على تصحيح عدم السقوط في قتل الأمة نفسها فإن الزيلعي جعل الروايتين في الكل وإذا كان الصحيح منهما في مسألة القتل عدم السقوط فليكن كذلك هنا وهو الظاهر لأن المستحق وهو المولى لم يفعل شيئا اه
قوله ( أو فعله ) الضمير المستتر للمولى المكلف والبارز للقتل ح
قوله ( لتقرره ) أي المهر به أي بالوطء ح
قوله ( ولو فعله بعبده ) صورته زوج عبده ثم قتله وضمن قيمته يوفي منها مهر المرأة ومثله ما إذا
____________________
(3/174)
باعه
قال في النهر وسيأتي أنه لو أعتق المديون كان عليه قيمته فالقتل أولى ح
قوله ( أو مكاتبته ) لما عرف أن مهرالمكاتبة لها لا للمولى
بحر
قوله ( أو مأذونته المديونة ) بحث لصاحب النهر حيث قال وأقول ينبغي أن يقيد الخلاف أي الخلاف المار بين الإمام وصاحبيه بما إذا لم تكن مأذونة لحقها به دين فإن كانت لا يسقط اتفاقا لما مر من أن المهر في هذه الحالة لها توفي منه ديونها غاية الأمر أنه إذا لم يف بدينها كان على المولى قيمتها للغرماء فتضم إلى المهر ويقسم بينهم اه
تنبيه الحاصل أن المرأة إذا ماتت فلا يخلو إما أن تكون حرة أو مكاتبة أو أمة وكل من الثلاث إما أن يكون حتف أنفها أو بقتلها فنسها أو بقتل غيرها وكل من التسعة إما قبل الدخول أو بعده فهي ثمانية عشر ولا يسقط مهرها على الصحيح إلا إذا كانت أمة وقتلها سيدها قبل الدخول
بحر
قلت ويزاد في التقسيم المأذونة المديونة فتبلغ الصور أربعة وعشرين
مطلب في حكم العزل قوله ( والإذن في العزل ) أي عزل زوج الأمة
قوله ( وهو الإنزال خارج الفرج ) أي بعد النزع منه لا مطلقا فقد قال في المصباح فائدة المجامع إن أمنى في الفرج الذي ابتدأ الجماع فيه قيل أمانه وألقى ماءه وإن لم ينزل فإن كان لإعياء وفتور قيل أكسل وأقحط وفهر وإن نزع وأمنى خارج الفرج قيل عزل وإن أولج في فرج آخر فأمنى فيه قيل فهر فهرا من باب منع ونهى عن ذلك وإن أمنى قبل أن يجامع فهو الزملق بضم الزاي وفتح الميم المشددة وكسر اللام
قوله ( لمولى الأمة ) ولو مدبرة أو أم ولد وهذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة لأن حقها في الوطء قد تأدى بالجماع
وأما سفح الماء ففائدته الولد والحق فيه للمولى فاعتبر إذنه في إسقاطه فإذا أذن فلا كراهة في العزل عند عامة العلماء وهو الصحيح وبذلك تضافرت الأخبار
وفي الفتح وفي بعض أجوبة المشايخ الكراهة وفي بعض عدمها
نهر
وعنهما أن الإذن لها
وفي القهستاني أن للسيد العزل عن أمته بلا خلاف وكذا لزوج الحرة بإذنها
وهل للأب أو الجد الإذن في أمة الصغير في حاشية أبي السعود عن شحر الحموي نعم
قال وفيه أنه لا مصلحة للصبي فيه لأنه لو جاء ولد يكون رقيقا له إلا أن يقال إنه متوهم اه
وفيه إنه لو لم يعتبر التوهم هنا لما توقف على إذن المولى
تأمل قوله ( وهو ) أي التعليل المذكور يفيد التقييد أي تقييد احتياجه إلى الإذن بالبالغة وكذا الحرة بتقييد احتياجه بالبالغة إذ غير البالغة لا ولد لها
قال الرحمتي وكالبالغة المراهقة إذ يمكن بلوغها وحبلها اه
ومفاد التعليل أيضا أن زوج الأمة لو شرط حرية الأولاد لا يتوقف العزل على إذن المولى كما بحثه السيد أبو السعود
قوله ( نهر بحثا ) أصله لصاحب البحر حيث قال وأما المكاتبة فينبغي أن يكون الإذن إليها لأن الولد لم يكن للمولى ولم أره صريحا اه
وفيه أن للمولى حقا أيضا باحتمال عجزها وردها إلى الرق فينبغي توقفه على إذن المولى أيضا رعاية للحقين
رحمتي
قوله ( لكن في الخانية ) عبارتها
____________________
(3/175)
على ما في البحر ذكر في الكتاب أنه لا يباح بغير إذنها
وقالوا في زماننا يباح بغير إذنها وقالوا في زماننا يباح لسوء الزمان اه
قوله ( قال الكمال ) عبارته وفي الفتاوى إن خاف من الولد السوء في الحرة يسعه العزل بغير رضاها لفساد الزمان فليعتبر مثله من الأعذار مسقطا لإذنها اه
فقد علم مما في الخانية أن منقول المذهب عدم الإباحة وأن هذا تقييد من مشايخ المعذهب لتغير بعض الأحكام بتغير الزمان وأقره في الفتح وبه جزم القهستاني أيضا حيث قال وهذا إذا لم يخف على الولد السوء لفساد الزمان وإلا فيجوز بلا إذنها اه
لكن قول الفتح فليعتبر مثله يحتمل أن يرد بالمثل ذلك العذر كقولهم مثلك لا يبخل
ويحتمل أنه أراد إلحاق مثل هذا العذر به
كأن يكون في سفر بعيد أو في دار الحرب فخاف على الولد أو كانت الزوجة سيئة الخلق ويريد فراقها فخاف أن تحبل وكذا ما يأتي في إسقاط الحمل عن ابن وهبان فافهم
مطلب في حكم إسقاط الحمل قوله ( وقالوا الخ ) قال في النهر بقي هل يباح الإسقاط بعد الحمل نعم يباح ما لم يتخلق منه شيء ولن يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة كذا في الفتح وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز إسقاطها قبل المدة المذكورة على إذن الزوج
وفي كراهة الخانية ولا أقول بالحل إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزء فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر اه
قال ابن وهبان ومن الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه
ونقل عن الذخيرة لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا اختلفوا فيه وكان الفقيه علي بن موسى يقول إنه يكره فإن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم ونحوه في الظهيرية
قال ابن وهبان فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل اه
وبما في الذخيرة تبين أنهم ما أرادوا بالتحقيق إلا نفخ الروح وأن قاضيخان مسبوق بما مر من التفقه والله تعالى الموفق اه كلام النهر ح
تنبيه أخذ في النهر من هذا وإنما قدمه الشارح عن الخانية والكمال أنه يجوز لها سد رحمها كما تفعله النساء مخالفا لما بحثه في البحر من أنه ينبغي أن يكون حراما بغير إذن الزوج قياسا على عزله بغير إذنها
قلت لكن في البزازية أن له منع امرأته عن العزل اه
نعم النظر إلى فساد الزمان يفيد الجواز من الجانبين فما في البحر مبني على ما هو أصل المذهب وما في النهر على ما قاله المشايخ والله الموفق
قوله ( إن لم يعد قبل بول ) بأن لم يعد بعد أصلا أو عاد بعد بول
نهر أي وعزل في العود أيضا كما نقله أبو السعود عن الحانوتي
ونقل أيضا عن خط الزيلعي أنه ينبغي أن يزاد بعد غسل الذكر أي لنفي احتمال أن يكون على رأس الذكر بقية منه بعد البول فتزول بالغسل وبه ظهر أن ما ذكروه في باب الغسل أن النوم والمشي مثل البول في حصول الإنقاء لا يتأتى هنا فافهم
قوله ( وخيرت أمة ) هذا يسمى خيار العتق
قال في النهر ولو اختارت نفسها بلا علم
____________________
(3/176)
الزوج يصح وقيل لا يصح بغيبته كذا في جامع الفصولين
قوله ( ولو أم ولد ) أي أو مدبرة وشمل الكبيرة والصغيرة
بحر
قوله ( ومكاتبة ) خالف زفر فقال لا خيار لها وقواه في الفتح وأجاب عنه في البحر
قوله ( ولو كان النكاح برضاها ) وكذا بدون رضاها بالأولى
وعبارة الزيلعي وغيره ولا فرق في هذا بين أن يكون برضاها أو بغيره اه
وهذا التعميم ظاهر في غير المكاتبة لما قدمه الشارح قريبا من أن له إجبار فنه على النكاح لا مكاتبه ولا مكاتبته
وفي المعراج أنه ليس إجبارهما بالإجماع وبه تأيد قوله في الشرنبلالية إن نفى رضا المكاتبة منفي فإنه كما لا ينفذ تزويجها نفسها بدون إذن مولاها لبقاء ملكه لرقبتها لا ينفذ تزويجه إياها بدون إذنها لموجب الكتابة وتمامه هناك
قوله ( دفعا لزيادة الملك عليها ) علة لقوله خيرت وذلك أن الزوج كان يملك عليها طلقتين فلما صارت حرة صار يملك عليها طلقة ثالثة وفيه ضرر لها فملكت رفع أصل العقد لدفع الزيادة المضرة لها ولهذا لم يثبت خيار العتق للعبد الذكر لأنه ليس عليه ضرر وهو قادر على الطلاق
قوله ( فلا مهر لها ) أي إن لم يدخل بها الزوج لأن اختيارها نفسها فسخ من الأصل وإن كان دخل بها فالمهر لسيدها لأن الدخول بحكم نكاح صحيح فتقرر به المسمى
بحر
قوله ( أو زوجها ) بالنصف عطف على قوله نفسها
قوله ( فالمهر لسيدها ) أي سواء دخل الزوج بها أو لم يدخل لأن المهر واجب بمقابلة ما ملك الزوج من البضع وقد ملكه عن المولى فيكون بدله للمولى
بحر عن غاية البيان
قلت وقوله سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل لا ينافي ما سيأتي متنا من التفصيل بأنه لو وطىء الزوج قبل العتق فالمهر للمولى أو بعده فلها لأن ذاك فيما إذا كان النكاح بدون إذن المولى ونفذ النكاح بالعتق وبه تملك منافعها فإذا وطىء بعده فالمهر لها بخلاف ما هنا فإن النكاح بالإذن فنفذ النكاح في حال قيام الرق كما سيأتي فافهم
قوله ( ولو صغيرة ) أي لو كانت المعتقة صغيرة وقد زوجها مولاها قبل العتق تأخر خيارها إلى بلوغها
قال في البحر لأن فسخ النكاح من التصرفات المترددة بين النفع والضرر فلا تملكه الصغيرة ولا يملكه وليها لقيامه مقامها كذا في جامع الفصولين فإذا بلغت كان لها خيار العتق لا خيار البلوغ على الأصح كذا في الذخيرة اه
وقيل يثبت لها خيار البلوغ أيضا ويدخل تحت خيار العتق
وأما لو زوجها بعد العتق ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ لأن ولاية المولى عليها في الصورة الأولى كولاية الأب بل أقوى وفي هذه كولاية الأخ والعم بل أضعف كما أوضحناه في باب الولي
قوله ( معا ) قيد في الجمل الثلاثة وإنما قيد به لأن بارتداد أحدهما أو لحاقه أو سبيه ينفسخ النكاح اه ح
قوله ( خيرت عند الثاني ) لأنها بالعتق ملكت أمر نفسها وازداد ملك الزوج عليها
ح عن البحر
قوله ( خلافا للثالث ) أي حيث قال لا خيار لها لأن بأصل العقد ثبت عليها ملك كامل برضاها ثم انتقص الملك فإذا أعتقت عاد إلى أصله كما كان ولا يخفى ترجيح قول أبي يوسف لدخوله تحت النص كذا في البحر ومراده بالنص قوله لبريرة حين أعتقت ملكت بضعك فختاري اه ح
أي حيث أفاد قوله فاختاري أن علة الاختيار ملك البضع على وجه زاد ملك الزوج عليها مثل زنى فرجم وسرق فقطع حيث أدافت الفاء أن العلة الزنى والسرقة كما تقرر في الأصول فلا يرد ما أورده الرحمتي من أن النص لا عموم فيه لأنه خطاب لمعينة فتدبر
قوله ( خيار العتق ) بدل من هذا الخيار ح
قوله ( عذر ) رأي لاشتغالها بخدمة المولى تتفرغ للتعلم
____________________
(3/177)
ثم إذا علمت يبطل بما يدل على الإعراض في مجلس العلم كخيار المخيرة ولو جعل لها قدرا على أن تختاره ففعلت سقط خيارها كما في النهر
زاد في تلخيص الجامع ولا شيء لها لأنه حق ضعيف فلا يظهر في حق الاعتياض كسائر الخيارات والشفعة والكفالة بالنفس بخلاف خيار العيب
قوله ( فلو لم تعلم به ) قال في البحر عن المحيط إذا زوج عبده أمته ثم أعتقها فلم تعلم أن لها الخيار حتى ارتدا ولحقا بدار الحرب ورجعا مسلمين ثم علمت بثبوت الخيار أو علمت بالخيار في دار الحرب فلها الخيار في مجلس العلم اه ح
وكذا الحربية إذا تزوجها حربي ثم أعتقت خيرت سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الإسلام
نهر
قوله ( إلا إذا قضى باللحاق ) أي فلا يصح فسخها لعودها رقيقة بالحكم بلحاقها لأن الكفار في دار الحرب كلهم أرقاء وإن كانوا غير مملوكين لأحد كما يأتي أول العتاق اه ح
وأقره ط والرحمتي
قلت ما يأتي محمول على الحربي إذا أسر فهو رقيق قبل الإحراز بدارنا وبعده رقيق ومملوك كما سيأتي هناك وهو صريح ما قدمناه أول هذا الباب فالظاهر أن علة عدم صحة الفسخ كون الحكم باللحاق موتا حكميا يسقط به التصرفات الموقوفة على الإسلام فيسقط به حق الفسخ لذي هو حق مجرد بالأولى ثم رأيت في شرح التلخيص علل بما قلته فلله تعالى الحمد
قوله ( وليس هذا حكما ) جواب سؤال تقديره كيف حكمتم بصحة فسخ من في دار الحرب وأحكامنا منقطعة عنهم ح
قوله ( بل فتوى ) أي إخبار عند السؤال عن الحادثة ط
قوله ( ولا يتوقف ) أي الفسخ بخيار العتق لا يتوقف على قضاء القاضي
قوله ( ولا يبطل بسكوت ) أي ولو كانت بكرا بل لا بد من الرضا صريحا أو دلالة ط
قوله ( ولا يثبت لغلام ) أي لعبد ذكر لأنه ليس فيه زيادة ملك عليه بخلاف الأمة ولأنه يملك الطلاق فلا حاجة إلى الفسخ
قوله ( ويقتصر على مجلس ) أي مجلس العلم ويمتد إلى آخره فإذا قامت بطل
قوله ( كخيار مخيرة ) أي من قال لها زوجها اختاري نفسك فإنها تختار ما دامت في المجلس
قوله ( بخلاف خيار البلوغ في الكل ) أي في كل الخمسة المذكور فإن الجهل فيه ليس بعذر ويتوقف على القضاء ويبطل بسكوتها بعد علمها بالنكاح ويثبت للأنثى والغلام ولا يمتد إلى آخر المجلس إن كانت بكرا ولو ثيبا فوقته العمر إلى وجود الرضا صريحا أو دلالة كما في الغلام إذا بلغ
قوله ( نكح عبد بلا إذن ) قيد بالنكاح لأنه لو اشترى شيئا فأعتقه المولى لا ينفذ الشراء بل يبطل لأنه لو نفذ عليه بتغير المالك
بحر
قوله ( فعتق ) بفتح أوله مبنيا للفاعل ولا يجوز ضمه بالبناء للمفعول لأنه لازم
أبو السعود عن الحموي ط
قوله ( أو باعه ) أي مثلا والمراد انتقال الملك إلى آخر بشراء أو هبة أو إرث
قوله ( فأجاز المشتري ) أي أجاز النكاح الواقع عند المالك الأول
قوله ( لزوال المانع ) لأن المانع من النفاذ كان حق المولى وقد زال لما خرج عن ملكه
قوله ( وكذا حكم الأمة ) أطلقها فشمل القنة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة لكن في المدبرة وأم الولد تفصيل يأتي
بحر
وهذا في الأمة إذا أعتقت أما لو مات عنها أو باعها فإن كان المالك الثاني لا يحل له وطؤها فكالعبد وإلا فإن كان الزوج لم يدخل بها بطل العقد الموقوف لطرو الحل البات عليه وإن كان دخل ففي ظاهر الرواية كذلك لبطلان الموقوف باعتراض الملك الثاني وإن كان ممنوعا من غشيانها وتوضيحه في البحر قوله ( ولا خيار لها ) أي للأمة أما العبد فلا خيار له أصلا وإن نكح
____________________
(3/178)
بالإذن كما مر وشمل المكاتبة فإنها لا خيار لها للعلة الآتية وبها صرح في الشرنبلالية وما قاله ابن كمال باشا من أنها لها الخيار كما مر فهو سبق قلم وكذا لم كتبه بهامشه من قوله في الهداية وقال زفر لا خيار لها بخلاف الأمة الخ فهو كذلك لأن ما مر من أن لها الخيار عندنا خلافا لزفر إنما هو في مسألة تزوجها بإذن مولاها وكلامنا في التزوج بدون إذنه كما هو صريح في كلام الهداية فتنبه
قوله ( لكون النفوذ بعد العتق ) فصارت كما إذا زوجت نفسها بعد العتق ولذا قال الإسبيجابي الأصل أن عقد النكاح متى تم على المرأة وهي مملوكه ثبت لها خيار العتق ومتى تم على المرأة وهي حرة لا يثبت لها خيار العتق
بحر
قوله ( فلم تتحقق زيادة الملك ) أي بطلقة ثالثة وعلة ثبوت الخيار ثبوت الزيادة المذكورة كما مر
قوله ( وكذا لو اقترنا ) أي العتق ونفاذ النكاح فإنهما لما أجازهما المولى معا ثبتا معا
قوله ( وكذا مدبرة عتقت بموته ) أي حكمها حكم ما إذا أعتقا في حياته المذكور في قوله وكذا حكم الأمة وأفاد قوله عتقت أنها تخرج من الثلث فإن لم تخرج لم ينفذ حتى تؤدي بدل السعاية عنده
وعندهما جاز كما في البحر عن الظهيرية أي لأنها عندهما تسعى وهي حرة
قوله ( وكذا أم الولد الخ ) أي إذا أعتقها أو مات عنها المولى إن دخل بها الزوج قبل العتق نفذ النكاح على رواية ابن سماعة عن محمد لأنه وجبت العدة من الزوج فلا تجب العدة من المولى أما على ظاهر الرواية لا تجب العدة من الزوج فوجبت العدة من المولى ووجوبها منه قبل الإجازة يوجب انفساخ النكاح كما في البحر عن المحيط وإنما لم تجب العدة من الزوج لأنها لا تجب إلا بعد التفريق بينهما كما أفاده في البحر في المسألة السابقة
قوله ( تمنع نفاذ النكاح ) أي تبطله إذ لا يمكن توقفه مع العدة
بحر
لأن المعتدة لا تحل لغير من اعتدت منه
قوله ( فلو وطىء الزوج الأمة ) أي التي نكحت بغير إذن مولاها ثم نفذ نكاحها بالعتق
قوله ( فالمهر المسمى له ) أي أن كان وإلا فمهر المثل
نهر
وإنما كان له لأن الزوج استوفى منافع مملوكة للمولى
بحر
قوله ( لمقابلته بمنفعة ملكتها ) لأن العقد نفذ بالعتق وبه تملك منافعها بخلاف النفاذ بالإذن والرق قائم
بحر
قوله ( ومن وطىء قنة ابنه ) أي أو ابنته
حموي عن البرجندي وشمل الابن الكافر
قهستاني والصغير والكبير
بحر
وشمل ما إذا كانت موطوءة للابن أو لم تكن ظهيرية من العتق ومحترز القنة ما يأتي في قوله ولو ادعى ولد أم ولده الخ ومحترز الابن ما يأتي في قول المصنف ولو وطىء جارية امرأته أبى والده الخ
قوله ( فولدت ) عطف على وطىء وتعقيب كل شيء بحسبه كما في تزوج زيد فولد له فالظاهر أنها لو ولدت قبل مضي مدة الحمل لم تصح الدعوى بل مفاد قوله فادعاه عطفا على فولدت أنه لو ادعاه وهي حبلى لم تصح حتى تلد
قال في البحر ولم أره صريحا
وفي النهر ينبغي أنها لو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت دعوته أن تصح
مطلب في تفسير العقر قوله ( لزم عقرها ) قال في الفتح العقر هو مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب فيه في مثلها جمالا فقط وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنى لو جاز فليس معناه بل العادة أن ما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهرا لأن الثاني للبقاء بخلاف الأول اه
وإذا تكرر منه الوطء ولم تحبل لزمه مهر واحد بخلاف وطء الابن جارية الأب مرارا فعليه بكل
____________________
(3/179)
وطء مهر لأن المهر وجب بسبب دعوى الشبهة ولو لم يدعها يلزمه الحد فبتكرر دعواها يتكرر المهر بخلاف الأب فإنه لا يحتاج إلى دعوى الشبهة
خانية
قوله ( وارتكب محرما الخ ) كذا في النهر وأصله في البحر حيث قال وقيد بالولادة لأنه لو وطىء أمة ابنه ولم تحبل فإنه يحرم عليه ولا يملكها ويلزمه عقرها بخلاف ما إذا حبلت منه فإنه يتبين أن الوطء حلال لتقدم ملكه عليه ولا يحد قاذفه في المسألتين أما إذا لم تلد منه فظاهر لأنه وطىء وطأ حراما في غير ملكه وأما إذا حبلت منه فلأن شبهة الخلاف في أن الملك يثبت قبل الإيلاج أو بعده مسقطة لإحصانه كما في الفتح وغيره اه
قوله فإنه يتبين أن الوطء حلال تصريح بمفهوم ما هنا وفيه تأمل لأن ثبوت ملكه لها قبل الوطء عندنا وقبيل العلوق عند الشافعي إنما هو لضرورة ثبوت النسب كما أوضحه في الفتح ولا يلزم من ذلك حل الإقدام على هذا الوطء كما لو غصب شيئا وأتلفه ثم أدى ضمانه لمالكه لا يلزم من استناد الملك إلى وقت الغصب حل ما صنع ولعل المراد بقوله حلال أنه ليس بزنى إذ لو كان زنى لزمه العقر ولم يثبت النسب ويدل على ما قلنا إطلاق قوله الآتي ولذا يحل له عند الحاجة الطعام لا الوطء وكذا ما قدمناه عن الظهيرية من صحة الدعوى في الأمة الموطوءة للابن مع أنها محرمة على الأب حرمة مؤبدة فليتأمل
قوله ( فادعاه ) أي عند قاض كما في شرح ابن الشلبي
وأفاد أنه لا يشترط في صحة الدعوى دعوى الشبهة ولا تصديق الابن
فتح
والظاهر أن الفاء لمجرد الترتيب فلا يلزم الدعوى عقب الولادة
وادعى الحموي اللزوم فورا وهو بعيد فليراجع
قوله ( وهو حر مسلم عاقل ) فلو كان عبدا أو مكاتبا أو كافرا أو مجنونا لم تصح الدعوى لعدم الولاية ولو أفاق المجنون ثم ولدت لأقل من ستة أشهر يصح استحسانا ولو كانا من أهل الذمة إلا أن ملتيهما مختلفة جازت الدعوى من الأب
فتح
فأفاد أن الإسلام شرط فيما لو كان الابن مسلما أما لو كان كافرا فلا يشترط الإسلام الأب ولو اختلفت الملة لأن الكفر ملة واحدة
وفي الظهيرية لو كان الأب مسلما والابن كافرا صحت دعوته ولو كان الأب مرتدا فدعوته موقوفة عنده نافذة عندهما
قوله ( بشرط الخ ) فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه ثم استردها لا تصح الدعوى لأن الملك إنما يثبت بطريق استنادا إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حيث العلوق إلى التملك هذا إن كذبه الابن فإن صدقه صحت الدعوى ولا يملك الجارية كما إذا ادعاه أجنبي ويعتق على المولى كما في المحيط
بحر
قال في النهر المذكور في الشرح للزيلعي وعليه جرى في فتح القدير وغيره أنه لا يشترط في صحتها دعوى الشبهة ولا تصديق الابن اه
أقول كأنه فهم أن الإشارة في قوله هذا إن كذبه الابن راجعة إلى أصل المسألة أعني ما إذا بقيت الجارية في ملك الابن وليس كذلك بل هي راجعة إلى قوله فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه الخ
فلا ينافي ذلك ما ذكره في الزيلعي والفتح من عدم اشتراط التصديق لأنه في أصل المسألة لا فيما نحن فيه بدليل أن اشتراط بقائها في ملك الابن مذكور في الزيلعي والفتح فلو كان لا يشترط تصيدق الابن وأن أخرجها عن ملكه لم يبق فائدة لاشتراط بقائها في ملكه
وفي الظهيرية من العتق يشترط أن تكون الجارية في ملكه من وقت العلوق إلى الدعوة حتى لو علقت فباعها الابن ثم اشتراها أو ردت عليه بعيب بقضاء أو غيره أو بخيار رؤية أو شرط أو بفساد البيع ثم ادعاه الأب لا يثبت النسب إلا إذا صدقه الابن اه
فهذا أيضا صريح فيما قلنا فتدبر
قوله ( وبيعها لأخيه مثلا ) أي أو ابنه أو ابن أخيه لا يضر
____________________
(3/180)
لأنها لا تخرج والحالة هذه عن كونها جارية فرعه اه ح
وفيه أن بيعها لابنه لا يفيد لأنه لا ولاية للجد عليه مع وجود الأب نعم بيعها لابن أخيه يفيد إذا كان أبو ذلك الابن ميتا أو مسلوب الولاية بكفر أو رق أو جنون ليكون للجد المدعي ولاية لأن دعوة الجد لا تصح إلا عند الولاية على فرعه كما يأتي
أفاد الرحمتي فافهم قوله ( لوقت العلوق ) كذا في الفتح أي لوقت الوطء القريب من وقت العلوق كي لا ينافي ما يأتي قريبا
تأمل
قوله ( وعليه قيمتها ) أي لولده يوم علقت كما في مسكين ط
وفي المحيط ولو استحقها رجل يأخذها وعقرها وقيمة ولدها
لأن الأب صار مغرورا ويرجع الأب على الابن بقيمة الجارية دون العقر وقيمة الولد لأن الابن ما ضمن له سلامة الأولاد اه
بحر
قوله ( لقصور الخ ) أي أن للأب ولاية تملك مال ابنه للحاجة إلى بقاء نفسه فكذا إلى صون نسله لأنه جزء منه لكن الأولى أشد ولذا يتملك الطعام بغير قيمته والجارية بالقيمة ويحل له الطعام عند الحاجة دون وطء الجارية ويجبز الابن على الإنفاق عليه دون دفع الجارية للتسري فللحاجة جاز له التملك ولقصورها أوجبنا عليه القيمة للحقين
فتح
وما ذكره من أنه لا يجبر على الجارية للتسري ذكره الزيلعي أيضا ومثله في الدرر وغاية البيان والنهاية وما في هذه الشروح المعتبر لا يعارضه ما سيأتي في النفقة وعزاه في الشرنبلالية إلى الجوهرة من أنه يجبر فتدبر
قوله ( لا عقرها ) تقدم تفسيره قريبا
وعند الشافعي وزفر عليه عقرها لثبوت الملك فيها قبيل العلوق لضرورة صيانة الولد
وعندنا قبيل الوطء لأن لازم كون الفعل زنى ضياع الماء شرعا فلو لم يقدم عليه ثبت لازمه فظهر أن الضرورة لا تندفع إلا بإثباته قبل الإيلاج بخلاف ما لو لم تحبل حيث يجب العقر
فتح أي لأنها إذا لم تحبل لم توجد علة تقدم ملكه فيها وهي صيانة الولد كما أفاده الزيلعي
قوله ( وقيمة ولدها ) أي ولا قيمة ولدها لأنه علق حر التقدم ملكه
نهر
قوله ( ما لم تكن مشتركة ) قال في البحر فلو كانت مشتركة بينه أي بين الابن وبين أجنبي كان الحكم كذلك إلا أنه يتضمن لشريكه نصف عقرها ولم أره ولو كانت مشتركة بين الأب والابن أو غيره يجب حصة الشريك الابن وغيره من العقر وقيمة باقيها إذا حبلت لعدم تقديم الملك في كلها لانتفاء موجبه وهو صيانة النسل إذ ما فيها من الملك يكفي لصحة الاستيلاد وإذا صح ثبت الملك في باقيها حكما لا شرطا كما في الفتح وهي مسألة عجيبة فإنه إذا لم يكن للواطىء فيها شيء لا مهر عليه وإذا كان مشتركة لزمه اه
قوله ( وهذا الخ ) الإشارة إلى جميع ما مر
قوله ( قدم الأب ) لأن له جهتين حقيقة الملك في نصيبه وحق التملك في نصيب ولده
بحر
قلت وفي الظهيرية ولو كانت مشتركة بين رجل وابنه وجده فادعوه كلهم فالجد أولى وينبغي حلمه على ما إذا كان أبو الرجل ميتا مثلا ليصير للجد الترجيح من جهتين
تأمل
قوله ( وإلا أي وإن لم يكونا شريكين وهذا صادق بما إذا كانت للابن وحده أو للأب وحده والثاني لا يصح هنا لكن أصل المسألة مفروض في جارية الابن فهو قرينة على أن المراد الأول فقط فافهم
قوله ( فالابن ) أي تقدم دعواه لأنها سابقة معنى
بحر
أي لأن له حقيقة الملك ولأبيه حق التملك ولأن ملك الابن سابق فصار كأنه ادعى قبل الأب
تأمل اه
قوله ( ولو ادعى ) أي الأب وقوله المنفي بالنصب نعت الولد أم الولد وقوله أو مدبرته أو مكاتبته مجروران بالعطف على أم وهذا بيان لمحترز قوله قنة ابنه أي لو ادعى ولد أم ولد ابنه الذي نفاه ابنه لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن لأن أم
____________________
(3/181)
الولد لا تقبل الانتقال إلى ملك غير المستولد وقيد بقوله المنفي لأنه إذا لم ينفه الابن يثبت نسبه منه فلا يمكن ثبوته من الأب وإن صدقه الابن وكذا لو ادعى ولد مدبرة ابنه أو ولد مكاتبة ابنه الذي ولدته في الكتابة أو قبلها لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن كما في البحر لأنه لا يمكن جعل الأب متملكا لهما قبل الوطء فإن صدقه ثبت نسبه لاحتمال وطء الأب بشبهة والظاهر لزوم العقر للمكاتبة لأن لها العقر بوطء المولى فبوطء أبيه أولى وحيث لم يثبت الملك في أم الولد المدبرة ينبغي لزوم العقر للابن على أبيه كما يفيده ما قدمناه فيما لو وطئها ولم تحبل
تأمل
قوله ( وجد صحيح ) خرج به الجد الفاسد كأبي الأم وكذا غير الجد من الرحم المحرم فلا يصدق في جميع الأحوال لفقد ولايتهم
بحر عن المحيط
قوله ( بعد زوال ولايته ) أي الأب وأراد بزوال الولاية عدمها ليشمل ما لو كان كفره أو جنونه أو رقه أصليا
أفاده الرحمتي
والمراد بالولاية ولاية التملك كما مر
قوله ( فيه ) متعلق بكاف التشبيه ح
فالمعنى أن الجد مشابه للأب في حكم المذكور
قوله ( ويشترط ثبوت ولايته ) أي ولاية الجد الناشئة عن فقد ولاية الأب أي لا يكفي ثبوتها وقت الدعوة فقط بل لا بد من ثبوتها من وقت العلوق إلى وقت الدعوة
قال في الفتح حتى لو أتت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح دعوته لما قلنا في الأب اه أي من أن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك
قوله ( ولو فاسدا ) لأن الفاسد يثبت فيه النسب فاستغنى عن تقدم الملك له
بحر
قوله ( أبوه ) أي أو جده
رحمتي
قوله ( ولو بالولاية ) في البحر عن الخانية إذا تزوج الرجل جارية ولده الصغير فولدت منه لا تصير أم ولد له ويعتق الولد بالقرابة
قوله ( لتولده من نكاح ) فلم تبق ضرورة إلى تملكها من وقت العلوق لثبوت النسب بدونه وأمومية الولد فرع التملك والنكاح ينافيه
قوله ( ويجب المهر ) للالتزامه إياه بالنكاح وهو إن لم يكن مسمى مهر مثلها في الجمال
نهر
قوله ( لا القيمة ) لعدم تملكه
نهر
قوله ( بملك أخيه له ) فعتق عليه بالقرابة
هداية وظاهره أن الولد علق رقيقا
واختلف فيه فقيل يعتق قبل الانفصال وقيل بعده وثمرته تظهر في الإرث فلو مات المولى وهو الابن يرثه الولد على الأول دون الثاني والوجه هو الأول لأنه حدث على ملك الأخ من حين العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة بالحديث كذا في غاية البيان
والظاهر عندي هو الثاني
لأنه لا ملك له من كل وجه قبل الوضع لقولهم الملك هو القدرة على التصرفات في الشيء ابتداء ولا قدرة للسيد على التصرف في الجنين ببيع أو هبة وإن صح الإيصاء به وإعتاقه فلم يتناوله الحديث لأنه في المملوك من كل وجه ولذا لو قلا كل مملوك أملكه فهو حر لا يتناول الحمل
بحر
وأقره في النهر والمقدسي
قوله ( ومن الحيل ) أي من جملة الحيل التي يدفع بها الإنسان عنه ما يضره وهذا حيلة لما إذا أراد وطء الأمة ولا تصير أم ولد له وإن ولدت منه كي لا تتمرد عليه إذا ولدت وعلمت أنها لا تباع فيملكها لطفله بهبة أو بيع ثم يتزوجها بالولاية فيصير حكمها ما مر فإذا احتاج إلى بيعها باعها وحفظ ثمنها لطفله
____________________
(3/182)
أو أنفقه عليه أو على نفسه إن احتاج إليه
قوله ( ولو وطىء جارية امرأته الخ ) محترز قوله سابقا قنة ابنه ط
قوله ( لا يثبت النسب إلا بتصديق المولى الخ ) فيه اختصار
وعبارة البحر لا يثبت النسب ويدرأ عنه الحد للشبهة فإن قال أحلها المولى لي لا يثبت النسب إلا أن يصدقه المولى في الإحلال وفي أن الولد منه فإن صدقه في الأمرين جميعا ثبت النسب وإلا فلا وإن كذبه المولى ثم ملك الجارية يوما من الدهر ثبت النسب كذا في الخانية
وفي القنية وطىء جارية أبيه فولدت منه لا يجوز بيع هذا الولد ادعى الواطىء الشبهة أو لا لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم ملك الولد يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه اه
قلت ومعنى أحلها المولى بنكاح أو بهبة مثلا لا بقوله جعلتها حلالا لك
قوله ( وسيجيء الخ ) ذكر هناك ما يفيد الخلاف وفيه كلام سيأتي هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( قالت لمولى زوجها ) وكذا لو قال ذلك زوج الأمة لمولى زوجته لكن لا يسقط المهر
بحر
قوله ( الحر المكلف ) قيد به ليمكن الإعتاق وفيه أنه ليس بمعتق إنما هو وكيل عنها فيه فمقتضاه أن يتوقف بيع الصبي على إجازة وليه
وأما الإعتاق فلا ينظر إليه لصحة توكيله فيه ط
وصورة كون مولى الزوج غير حر أو غير مكلف أن يشتري العبد المأذون عبدا متزوجا أو يرثه الصبي أو المجنون من أبيه وإلا فقد مر أنه لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه
قوله ( ورطل من خمر ) مفعول زادت أي زادته على قولها بألف
قوله ( كالصحيح ) لأن البيع هنا غير مقصود فلا يلزم وجود شروطه كما يأتي قريبا
قوله ( ففعل ) أي قال أعتقه
ح عن النهر
قوله ( اقتضاء ) هو دلالة اللفظ على مسكوت يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته فالأول كحديث رفع الخطأ والنسيان ) أي رفع حكمهما وهو الإثم وإلا فهما واقعان في الخارج والثاني كمسألتنا فإنه لا يمكن تصحيحه إلا بتقديم الملك إذ الملك شرط لصحة العتق عنه فتقدم الملك بالبيع مقتضى بالفتح والإعتاق عن الآمر مقتض بالكسر فيصير قوله أعتق طلب التمليك منه الألف ثم أمره بإعتاق عبد الآمر عنه وقوله أعتقت تمليك منه ثم الأعتاق عنه
وإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الأمرين ثم الملك فيه شرط والشروط أتباع فلذا ثبت البيع المقتضى بالفتح بشروط المقتضى وهو العتق لا بشروط نفسه إظهارا للتبعية فيشترط أهلية الآمر للإعتاق حتى لو كان صبيا مأذونا لم يثبت البيع ويسقط القبول الذي هو ركن البيع ولا يثبت فيه خيار رؤية أو عيب ولا يشترط كونه مقدور التسليم فصح الأمر بأعتاق الآبق ويسقط اعتبار القبض في الفاسد كما لو قال أعتقه عني بألف ورطل من خمر اه
بحر بالمعنى
قوله ( لكن لو قال الخ ) حاصله أن ما ثبت بالاقتضاء إنما يثبت بشروط المقتضي بالكسر لا بشروط نفسه كما علمت لكن هذا إذا لم يصرح بالمقتضى بالفتح
قال في فتح القدير فلو
____________________
(3/183)
صرح بالبيع فقال بعتكه وأعتقته لا يقع عن الآمر بل عن المأمور فيثبت البيع ضمنا في هذه المسألة ولا يثبت صريحا كبيع الأجنة في الأرحام فإذا صرح به ثبت بشرط نفسه والبيع لا يتم إلا بالقبول ولم يوجد فيعتق عن نفسه اه
أي ولا يفسد النكاح كما في البحر
قوله ( ومفاده الخ ) البحث لصاحب النهر ح
قوله ( لو قال ) أي الآمر والأولى التصريح به والإتيان بعده بضميره
قوله ( وسقط المهر ) لاستحالة وجوبه على عبدها
نهر
قوله ( لا يفسد ) أي النكاح خلافا لأبي يوسف والله تعالى أعلم
باب نكاح الكافر لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار وتقدم في آخر باب المهر حكم مهر الكافر وأنه تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق ونحوهما كعدة ونسب وخيار بلوغ وتوارث بنكاح صحيح وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم
قوله ( يشمل المشرك والكتابي ) لو قال يشمل الكتابي وغيره لكان أولى ليدخل من ليس بمشرك ولا كتابي كالدهري وأشار إلى أن التعبير بالكافر لشموله الكتابي أولى من تعبير الهداية تبعا للقدوري بالمشرك اه ح
واعتذر في الفتح عن الهداية بأنه أراد بالمشرك ما يشمل الكتابي إما تغليبا أو ذهابا إلى ما اختاره البعض من أهل الكتاب داخلون في المشركين أو باعتبار قول طائفة منهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله تعالى الله رب العزة والكبرياء
قوله ( خلافا لمالك ) فلا يقول بصحة أنكحتهم ولو صحت بين المسلمين وأخذ منه أنه لا يقول بالأصلين الأخيرين بالأولى ط
قوله ( ويرده ) أي قول مالك المفهوم من قوله خلافا لمالك فإنه بمنزلة وقال مالك لا يصح ط
قوله { وامرأته حمالة الحطب } سورة المسد الآية 4 أي فهذه الإضافة قاضية عرفا ولغة بالنكاح وقد قصها الله تعالى في كتابه مفيدة لهذا المعنى ط
قوله ( ولدت من نكاح لا من سفاح ) أي لا من زنا والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها وقد استدل بالحديث المذكور في الفتح أيضا
ووجهه أنه سمى ما وجد قبل الإسلام من أنكحة الجاهلية نكاحا
مطلب في الكلام على أبوي النبي وأهل الفترة ولا يقال إن فيه إساءة أدب لاقتضائه كفر الأبوين الشريفين مع أن الله تعالى أحياهما له وآمنا به كما ورد في حديث ضعيف
لأنا نقول إن الحديث أعم بدليل رواية الطبراني وأبي نعيم وابن عساكر خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء وإحياء الأبوين بعد موتهما لا ينافي كون النكاح كان في زمن الكفر ولا ينافي أيضا ما قاله الإمام في الفقه الأكبر من أن والديه ماتا على الكفر ولا ما في صحيح مسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي وما فيه أيضا
____________________
(3/184)
أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال إن أبي وإباك في لنار لإمكان أن يكون الإحياء بعد ذلك لأنه كان في حجة الوداع وكون الإيمان عند المعاينة غير نافع فكيف بعد الموت فذاك في غير الخصوصية التي أكرم الله بها نبيه
وأما الاستدلال على نجاتهما بأنهما ماتا في زمن الفترة فهو مبني على أصول الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى بموت ناحيا أما الماتريدية فإن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل ولم يعتقد إيمانا ولا كفرا فلا عقاب عليه بخلاف ما إذا اعتقد كفرا أو مات بعد المدة غير معتقد شيئا نعم البخاريون من الماتريدية وافقوا الأشاعرة وحملوا قول الإمام لا عذر لأحد في الجهل بخالقه على ما بعد البعثة واختاره المحقق ابن الهمام في التحرير لكن هذا في غير من مات معتقدا للكفر فقد صرح النووي والفخر الرازي بأن من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار وعليه حمل بعض المالكية ما صح من الأحاديث في تعذيب أهل الفترة بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوحد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله ففيهم الخلاف وبخلاف من اهتدى منهم بعقله كقس بن ساعده وزيد بن عمرو بن نفيل فلا خلاف في نجاتهم وعلى هذا فالظن في كرم الله تعالى أن يكون أبواه من أحد هذين القسمين بل قيل إن آباءه كلهم موحدون لقوله تعالى { وتقلبك في الساجدين } سورة الشعراء الآية 219 لكن رده أبو حيان في تفسيره بأنه قول الرافضة ومعنى الآية وترددك في تصفح أحوال المتهجدين فافهم
وبالجملة كما قال بعض المحققين إنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم وسيأتي زيادة كلام في هذه المسألة في باب المرتد عند قوله وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس
قوله ( كعدم شهود ) وعدة من كافر
قوله ( عند الإمام ) هو الصحيح كما في المضمرات
قهستاني
وعند زفر لا يجوز وهما مع الإمام في النكاح بغير شهود ومع زفر في النكاح في عدة الكافر ح
قال في الهداية ولأبي حنيفة أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم لا يخاطبون بحقوقه ولا وجه إلى إيجاب العدة حقا للزوج لأنه لا يعتقده بخلاف ما إذا كانت تحت مسلم لأنه يعتقده اه
وظاهره أنه لا عدة من الكافر عند الإمام أصلا وإليه ذهب بعض المشايخ فلا تثبت الرجعة للزوج بمجرد طلاقها ولا يثبت نسب الولد إذا أتت به لأقل من ستة أشهر بعد الطلاق
وقيل تجب لكنها ضعيفة لا تمنع من صحة النكاح فيثبت للزوج الرجعة والنسب والأصح الأول كما في القهستاني عن الكرماني ومثله في العناية
وذكر في الفتح أنه الأولى ولكن منع عدم ثبوت النسب لأنهم لم ينقلوا ذلك عن الإمام بل فرعوه على قوله بصحة العقد بناء على عدم وجوب العدة فلنا أن نقول بعدم وجوبها وبثبوت النسب لأنه إذا علم من له الولد بطريق آخر وجب إلحاقه به بعد كونه عن فراش صحيح ومجيئها به لأقل من ستة أشهر من الطلاق مما يفيد ذلك اه
وأقره في البحر ونازعه في النهر لأن المذكور في المحيط والزيلعي لم يدع أن ذلك لم يذكروه بل اعترف بذلك وإنما نازعهم في التخريج وأنه لا يلزم من عدم ثبوت العدة عدم ثبوت النسب فافهم
قوله ( لحرمة المحل ) أي محل العقد وهو الزوجة بأن كانت غير محل له أصلا فإن المحرمية منافية له ابتداء وبقاء بخلاف عدم الشهود والعدة كما يأتي
قوله ( كمحارم ) وكمطلقة ثلاث ومعتدة مسلم
قوله ( بل فاسدا ) أفاد أن الخلاف في الجواز والفساد مع
____________________
(3/185)
اتفاقهم على عدم التعرض قبل الإسلام والمرافعة
رملي
قوله ( وعليه ) أي على الأصح من وقوعه جائزا تجب النفقة إذا طلبتها وإذا دخل بها ثم أسلم فقذفه إنسان يحد كما في البحر وأما على القول بوقوعه فاسدا لا تجب ولا يحد قاذفه لأنه وطىء في غير ملكه فلا يكون محصنا
قوله ( وأجمعوا الخ ) جواب عما يقال إنه على القول بالجواز ينبغي ثبوت الإرث أيضا
والجواب أن القياس عدم ثبوت الإرث لأحد الزوجين لأنهما أجنبيان لكنه ثبت بالنص على خلاف القياس في النكاح الصحيح مطلقا أي ما يسمى صحيحا عند الإطلاق كالنكاح المعتبر شرعا
وأما نكاح المحارم فيسمى صحيحا لا مطلقا بل بالنسبة إلى الكفار فيقتصر على مورد النص
قلت وفيه أن ما فقد شرطه ليس صحيحا عند الإطلاق أيضا مع أنه يثبت فيه التوارث كما سيذكره الشارح في كتاب الفرائض حيث قال معزيا للجوهرة وكل نكاح لو أسلما يقران عليه يتوارثان به وما لا فلا
قال وصححه في الظهيرية اه
تأمل
ثم في حكاية الإجماع تبعا للبدائع نظر فقد جرى القهستاني على ثبوت الإرث لكن الصحيح خلافه كما سمعت وكذا قال في سكت الأنهر ولا يتوارثون بنكاح لا يقران عليه كنكاح المحارم وهذا هو الصحيح اه
قوله ( أسلم المتزوجان الخ ) وكذا لو ترافعا إلينا قبل الإسلام أقرا عليه ولم يذكره لأنه معلوم بالأولى كما في النهر والبحر
قوله ( أو في عدة كافر ) احترز عن عدة مسلم كما ينبه عليه المصنف بعد وقيد في الهداية الإسلام والمرافعة بما إذا كانا والحرمة قائمة
قال في العناية وأما إذا كانا بعد انقضاء العدة فلا يفرق بينهما بالإجماع
قوله ( معتقدين ذلك ) فلو لم يكن جائزا عندهم يفرق بينهما اتفاقا لأنه وقع باطلا فيجب التجديد
بحر
ونقل بعض المحشين عن ابن كمال أن الشرط جوازه في دين الزوج خاصة اه
قلت والظاهر أنه أراد الزوج الأول وهو الذي طلقها لأن العدة حق الزوج المطلق فإذا كان لا يعتقدها لا يمكن إيجابها له بخلاف ما لو كانت تحت مسلم كما قدمناه قريبا عن الهداية
تأمل
قوله ( أقرا عليه ) أي عنده خلافا لهما فيما إذا كان النكاح في العدة كما مر لكن في البحر والفتح عن المبسوط إذا أسلما والعدة منقضية لا يفرق بالإجماع
قوله ( لأنا أمرنا بتركهم الخ ) هذا التعليل إنما يظهر فيما إذا ترافعا وهما كافران أما بعد الإسلام فالعلة ما في البحر من أن حالة الإسلام والمرافعة حالة البقاء والشهادة ليست شرطا فيها وكذا العدة لا تنافيها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة اه ط
أي فإن الموطوءة بشبهة تجب العدة عليها حال قيام النكاح مع زوجها وتحرم عليه
فتح أي تحرم عليه إلى انقضاء العدة
قوله ( محرمين ) بأن تزوج مجوسي أمه أو بنته وكذا لو تزوج مطلقته ثلاثا أو جمع بين خمس أو أختين في عقدة ثم أسلما أو أحدهما فرق بينهما إجماعا فتح
وكذا قال في النهر وليس الحكم مقصورا على المحرمية بل كذلك لو تزوج مطلقته ثلاثا الخ ثم قيدنا بكونه تزوج خمسة في عقدة لأنه لو تزوجهن على التعاقب فرق بينه وبين الخامسة فقط ولو تزوج واحدة ثم أربعا جاز نكاح الواحدة لا غير ولو أسلم بعدما فارق إحدى الأختين أقرا عليه اه
وتمامه فيه
قوله ( فرق القاضي ) أما على قولهما فظاهر لأن هذه الأنكحة لها
____________________
(3/186)
حكم البطلان فيما بينهم وأما على قوله فلأنه وإن كان لها حكم الصحة في الأصح حتى تجب النفقة ويحد قاذفه إلا أن المحرمية وما معها تنافي البقاء كما تنافي الابتداء بخلاف العدة
نهر
وفي أبي السعود عن الحموي قال البرجندي ظاهر العبارة يدل على أنه لا تقع البينونة بالإسلام
وقال قاضيخان تبين بدون تفريق القاضي
ذكره في القنية
قوله ( لعدم المحلية ) أي محلية المحرمين وما معها لعقد الزوجية ابتداء وبقاء وهذا تعليل على قول الإمام كما علمت
قوله ( وبمرافعة أحدهما لا يفرق ) أي عنده خلافا لهما بخلاف ما إذا ترافعا فإنه يفرق بينهما عنده أيضا لأنهما رضيا بحكم الإسلام فصار القاضي كالمحكم
فتح
قوله ( لبقاء حق الآخر ) لأنه لم يرض بحكمنا
قوله ( بخلاف إسلامه ) أي إسلام أحدهما جواب عن قولهما بأنه يفرق بمرافعة أحد الزوجين كما يفرق بإسلامه
وبيان الجواب على قوله بالفرق وهو أنه بإسلام أحدهما ظهرت حرمة الآخر لتغير اعتقاده واعتقاد المصر لا يعارض إسلام المسلم لأن الإسلام يعلو ولا يعلى بخلاف مرافعة أحدهما ورضاه فإنه لا يتغير به اعتقاد الآخر
فتح
قوله ( إلا إذا طلقها ثلاثا الخ ) استثناء من قوله وبمرافعة أحدهما لا يفرق ط
قوله ( فإنه يفرق بينهما ) لأن هذا التفريق لا يتضمن إبطال حق على الزوج لأن الطلقات الثلاث قاطعة لملك النكاح في الأديان كلها
بحر
قلت لكن المشهور الآن من اعتقاد أهل الذمة أنه لا طلاق عندهم ولعله مما غيره من شرائعهم
قوله ( كما لو خالعها ) تشبيه في مطلق تفريق لا بقيد كونه بعد مرافعه لقول الشارح بعد فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة ط
قوله ( من غير عقد ) وذلك لأن الخلع طلاق والذمي يعتقد كون الطلاق مزيلا للنكاح والوطء بعده حرام في الأديان كلها يحدون به
نهر أي بالوطء بعده ومحل الحد إن لم يعتقد شبهة الحل في العدة كما نص عليه في الحدود ومثل هذا التعليل يقال في مسألة الطلاق الثلاث الآتية ط
قوله ( أو تزوج كتابية في عدة مسلم ) وكذا لو تزوج الذمي مسلمة حرة أو أمة ففي الكافي للحاكم الشهيد أنه يفرق بينهما ويعاقب إن دخل بها ولا يبلغ أربعين سوطا وتعزر المرأة ومن زوجها له وإن أسلم بعد النكاح لم يترك على نكاحه
تنبيه قال في النهر قيد المصنف بكون المتزوج كافرا لأن المسلم لو تزوج ذمية في عدة كافر ذكر بعض المشايخ أنه يجوز ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها عنده
وقالا النكاح باطل وكذا في الخانية
وأقول ويبنغي أن لا يختلف في وجوبها بالنسبة إلى المسلم لأنه يعتقد وجوبها ألا ترى أن القول بعدم وجوبها في حق الكافر مقيد بكونهم لا يدينونها وبكونه جائزا عندهم لأنه لو لم يكن جائزا بأن اعتقدوا وجوبها يفرق إجماعا
قال في الفتح فيلزم في المهاجرة وجوب العدة إن كانوا يعتقدونه لأن المضاف إلى تبابين الدار لا فرقة لا نفي العدة اه
قلت قوله وينبغي الخ قد يقال فيه إنه مما لا ينبغي لما مر من أن العدة إنما تجب حقا للزوج أي الذي طلقها ولا تجب له بدون اعتقاده ولما قدمناها أيضا عن ابن كمال من اعتبار دين الزوج خاصة وكذا ما قدمناه من ترجيح القول بأنه لا عدة من الكافر عند الإمام أصلا
تأمل
قوله ( أو تزوجها قبل زوج آخر الخ ) مقتضاه أن المسألة الأولى مفروضة فيما إذا طلقها ثلاثا وأقام معها من غير تجديد عقد آخر حتى تكون مسألة أخرى
ويشكل الفرق بينهما فإذا إذا توقف التفريق في الأولى على طلب المرأة يلزم أن يتوقف هنا على طلبها
____________________
(3/187)
بالأولى لأنه إذا جدد عقده عليها قبل زوج آخر حصلت شبهة العقد فكيف يفرق بينهما بلا طلب أصلا مع وجود شبهة العقد ولا يفرق إلا بطلب عند عدم وجود شبهة العقد ولذا والله أعلم ذكر في البحر عن الإسبيجابي أنه إذا طلقها ثلاثا إن أمسكها من غير تجديد النكاح عليها فرق بينهما وإن لم يترافعا إلى القاضي وإن جدده عليها من غير أن تتزوج بآخر فلا تفريق
ثم قال وهو مخالف لما في المحيط لأنه سوى في التفريق بين ما إذا تزوجها أو لا حيث لم تتزوج بغيره اه
قلت لكنه مخالف أيضا لما قدمناه عن الفتح وغيره من أن مثل المحرمين ما لو تزوج مطلقته ثلاثا إلا أن يخص ذلك بما إذا أسلما أو أحدهما لكنه خلاف ما في الزيلعي حيث قال وعلى هذا الخلاف المطلقة ثلاثا والجمع بين المحارم والخمس اه أي الخلاف المار بين الإمام وصاحبيه من أنه يفرق بمرافعتهما عنده لا بمرافعة أحدهما فليتأمل
قوله ( خلافا للزيلعي الخ ) أقول ما في الحاوي القدسي ليس فيه مخالفة لما هنا كما يعلم من عبارة الحاوي التي نقلها المصنف في منحه فراجعها
وأما الزيلعي ففيه مخالفة فإنه ذكر ما قدمناه عنه آنفا ثم قال وذكر في الغاية معزيا إلى المحيط أن المطلقة ثلاثا لو طلبت التفريق يفرق بينهما بالإجماع لأنه لا يتضمن إبطال حق الزوج وكذا في الخلع وعدة المسلم لو كانت كتابية وكذا لو تزوجها قبل زوج آخر في المطلقة ثلاثا اه
ووجه المخالفة أن قوله وكذا في الخلع الخ يفيد توقف التفريق على الطلب في المسائل الثلاث كالمسألة الأولى كما هو مقتضى التشبيه وصرح بذلك في الفتح حيث ذكر عبارة الغاية وقال عقب قوله وكذا في الخلع يعني اختلعت من زوجها الذمي ثم أمسكها فرفعته إلى الحاكم فإنه يفرق بينهما لأن إمساكها ظلم الخ فما عزاه في الغاية إلى المحيط ونقله عنها الزيلعي وصاحب الفتح مخالف لما في البحر عن المحيط وهو الذي مشى عليه المصنف من عدم توقفه على المرافعة في المسائل الثلاث وتوقفه في المسألة الأولى فقط
وذكر في النهر أيضا عبارة المحيط الرضوي وهي كما مشى عليه صاحب البحر والمصنف فهذا هو وجه المخالفة الذي أراده الشارح ونبه عليه في النهر أيضا وقد خفي على المحشين فافهم نعم في كلام الزيلعي مخالفة من وجه آخر
وهو أنه ذكر أولا أن المطلقة ثلاثا مثل المحرمين في جريان الخلاف كما ذكرناه قريبا ثم ذكر ما في الغاية من أنه يفرق بطلبها إجماعا
ورأيت في كافي الحاكم الشهيد ما يؤيد ما في الغاية وذلك حيث قال وإذا طلق الذمي زوجته ثلاثا ثم أقام عليها فرافعته إلى السلطان فرق بينهما وكذلك لو كانت اختلعت
وإذا تزوج الذمي الذمية وهي في عدة من زوج مسلم قد طلقها أو مات عنها فإني أفرق بينهما اه
لكن مفاده أن التفريق في هذه الأخيرة لا يحتاج إلى مرافعة وطلب أصلا لتعلق حق المسلم ومثلها ما قدمناه عن الكافي أيضا وهو ما لو تزوج الذمي مسلمة
قوله ( وإذا أسلم أحد الزوجين الخ ) حاصل صور إسلام أحدهما على اثنين وثلاثين لأنهما إما أن يكونا كتابيين أو مجوسيين أو الزوج كتابي وهي مجوسية أو بالعكس
وعلى كل فالمسلم أما الزوج أو الزوجة وفي كل من الثمانية إما أن يكون في دارنا أو في دار الحرب أو الزوج فقط في دارنا أو بالعكس
أفاده في البحر
وفيه أيضا قيد بالإسلام لأن النصرانية إذا تهودت أو عكسه لا يلتفت إليهم لأن الكفر كله ملة واحدة وكذا لو تمجست زوجة النصراني فهما على نكاحهما كما لو كانت مجوسية في الابتداء اه
والمراد بالمجوسي من ليس له كتاب سماوي فيشمل الوثني والدهري
وأراد المصنف بالزوجين المجتمعين في دار الإسلام وسيأتي محترزه في قوله ولو أسلم أحدهما ثمة الخ
قوله ( أو امرأة الكتابي ) أما إذا أسلم زوج الكتابية فإن النكاح يبقى
____________________
(3/188)
كما يأتي متنا
قوله ( أو سكت ) غير أنه في هذه الحالة يكرر عليه العرض ثلاثا احتياطا كذا في المبسوط
نهر
قوله ( فرق بينهما ) وما لم يفرق القاضي فهي زوجته حتى لو مات الزوج قبل أن تسلم امرأته الكافرة وجب لها المهر أي كماله وإن لم يدخل بها لأن النكاح كان قائما ويقرر بالموت
فتح
وإنما لم يتوارثا لمانع الكفر
قوله ( صبيا مميزا ) أي يعقل الأديان لأن ردته معتبرة فكذا إباؤه
فتح
قال في أحكام الصغار والمعتوه كالصبي العاقل اه
قوله ( على الأصح ) وقيل لا يعتبر إباؤه عند أبي يوسف كما لا تعتبر ردته عنده
فتح
قوله ( فيما ذكر ) أي من حكم الإسلام والإباء والسكوت
قوله ( ولو كان ) أي الصبي كما تفيده عبارة الفتح وليس بقيد بل البالغ مثله
قوله ( لعدم نهايته ) بخلاف عدم التمييز فإن له نهاية
قوله ( بل يعرض الإسلام على أبويه الخ ) قال في التحرير وشرحه وإنما يعرض الإسلام على أبيه أو أمه لصيرورته مسلما بإسلام أحدهما فإن أسلم أحدهما أقرا على النكاح وإن أبى فرق بينهما دفعا للضرر عن المسلمة ويصير مرتدا تبعا بارتداد أبويه ولحاقهما به بخلاف ما إذا تركاه في دار الإسلام أو بلغ مسلما ثم جن أو أسلم عاقلا فجن قبل البلوغ فارتدا ولحقا به لأنه صار مسلما بتبعية الدار عند زوال تبعية الأبوين أو بتقرر ركن الإيمان منه قال شمس الأئمة وليس المراد من عرض الإسلام على والده أن يعرض عليه بطريق الإلزام بل على سبيل الشفقة المعلومة من الآباء على الأولاد عادة فلعل ذلك يحمله على أن يسلم ألا ترى أنه إذا لم يكن له والدان جعل القاضي له خصما وفرق بينهما فهذا دليل على أن الإباء يسقط اعتباره هنا للتعذر اه
وهذا ما نقله عن الباقاني ومثل في التاترخانية
وحاصله أن فائدة نصب الوصي الحكم بالتفريق بلا عرض بل يسقط العرض للضرورة لأنه لا يصير مسلما بتبعية غير الأبوين وقد علم مما ذكرناه أنه لو كان له أم فقط يعرض الإسلام عليها فإن أبت فرق بينهما لأنه تبع لها وإن لم تكن لها ولاية عليه لأن المناط هنا التبعية لا الولاية فقول بعض المحشين إنه عند عدم الأب لا يعرض على الأم بل ينصب له وصيا غير صحيح نعم لو كان أبواه مجنونين أيضا ينبغي أن ينصب عنه وصيا
والحاصل أن المجنون كالصبي في تبعيته لأبويه إسلاما وكفرا ما لم يسلم قبل جنونه
قوله ( وهي مجوسية الخ ) بخلاف عكسه وهو ما لو كانت نصرانية وقت إسلامه ثم تمجست فإنه تقع الفرقة بلا عرض عليها
بحر عن المحيط
وظاهره وقوع الفرقة بلا تفريق القاضي لأنها صارت كالمرتدة
تأمل
قوله ( طلاق ينقص العدد ) أشار إلى أن المراد بالطلاق حقيقته لا الفسخ فلو أسلم ثم تزوجها يملك عليها طلقتين فقط عندهما
وقال أبو يوسف إنه فسخ ثم هذا الطلاق بائن قبل الدخول أو بعده
قال في النهاية حتى لو أسلم الزوج لا يملك الرجعة
قال في البحر وأشار بالطلاق إلى وجوب العدة عليها إن كان دخل بها لأن المرأة إن كانت مسلمة فقد التزمت أحكام الإسلام ومن حكمه وجوب العدة وإن كانت كافرة لا تعتقد وجوبها فالزوج مسلم والعدة حقه وحقوقنا لا تبطل بديانتهم وإلى وجوب النفقة في العدة إن كانت هي مسلمة لأن المنع من الاستمتاع جاء من جهته بخلاف ما إذا كانت
____________________
(3/189)
كافرة وأسلم الزوج لأن المنع من جهتها ولذا لا مهر لها إن كان قبل الدخول اه
أما لو أسلمت وأبى الزوج فلها نصف المهر قبل الدخول وكله بعده كما في كافي الحاكم
ثم قال في البحر وأشار إيضا إلى وقوع طلاقه عليها ما دامت في العدة كما لوقعت الفرقة بالخلع أو بالجب أو العنة كذا في المحيط
وظاهره أنه لا فرق في وقوع الطلاق عليها بين أن يكون هو الآبي أو هي
وظاهر ما في الفتح أنه خاص بما إذا أسلمت وأبى هو والظاهر الأول اه
أقول ما في الفتح صريح في الأول حيث قال إذا أسلم أحد الزوجين الذميين وفرق بينهما بإباء الآخر فإنه يقع عليها طلاقه وإن كانت هي الآبية مع أن الفرقة فسخ وبه ينتقض ما قيل إذا أسلم أحد الزوجين لم يقع عليها طلاقه اه
نعم ظاهر ما في المحيط يفيد أنه خاص بما إذا كان هو الآبي وهو قوله كما لو وقعت الفرقة بالخلع الخ لأنها فرقة من جانبه فتكون طلاقا ومعتدة الطلاق يقع عليها الطلاق أما لو كانت هي الآبية تكون الفرقة فسخا والفسخ رفع للعقد فلا يقع الطلاق في عدته
نعم في البحر أول كتاب الطلاق أنه لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الإسلام
وفي البزازية وإذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر طلاقه لكن قال الخير الرملي إن هذا في طلاق أهل الحرب أي فيما لو هاجر أحدهما إلينا مسلما لأنه لا عدة عليها
قلت إن هذا الحمل ممكن في عبارة البزازية دون عبارة طلاق البحر فليتأمل
وسيأتي تمام الكلام على ذلك آخر باب الكنايات
قوله ( لأن الطلاق لا يكون من النساء ) بل الذي يكون من المرأة عند القدرة على الفرقة شرعا هو الفسخ فينوب القاضي منابها فيما تملكه
قوله ( وإباء المميز ) أي تفرق القاضي بسبب الإباء وإلا فالإباء ليس بطلاق ح
قوله ( وأحد أبوي المجنون ) أي إذا لم يوجد إلا أحدهما أبا أو أما أما لو وجدا فلا بد من إباء كل منهما لأنه لو أسلم أحدهما تبعه كما مر
قوله ( طلاق في الأصح ) يشير إلى أنه في غير الأصح يكون فسخا
أبو السعود
مطلب الصبي والمجنون ليسا بأهل لإيقاع طلاق بل للوقوع قوله ( فليسا بأهل للإيقاع ) أي إيقاع الطلاق منهما بل هما أهل للوقوع أي حكم الشرع بوقوعه عليهما عند وجود موجبه
وفي شرح التحرير قال صاحب الكشف وغيره المراد من عدم شرعية الطلاق أو العتاق في حق الصغير عدمها عند عدم الحاجة فأما عند تحققها فمشروع
قال شمس الأئمة السرخسي زعم بعض مشايخنا أن هذا الحكم غير مشروع أصلا في حق الصبي حتى أن امرأته لا تكون محلا للطلاق هذا وهم عندي فإن الطلاق يملك بملك النكاح إذ لا ضرر في إثبات أصل الملك بل الضرر في الإيقاع حتى إذا تحققت الحاجة إلى صحة إيقاع الطلاق من جهته لدفع الضرر كان صحيحا فإذا أسلمت زوجته وأبى فرق بينهما وكان طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد وإذا ارتد والعياذ بالله تعالى وقعت البينونة وكان طلاقا في قول محمد
وإذا وجدته مجبوبا فخاصمته فرق بينهما وكان طلاقا عند بعض المشايخ اه
____________________
(3/190)
قلت وحاصله أنه كالبالغ في وقوع الطلاق منه بهذه الأسباب إلا أنه لا يصح إيقاعه منه ابتداء للضرر عليه ومثله المجنون وبه ظهر أنه لا حاجة إلى أنه إيقاع من القاضي لأن تفريق القاضي هنا كتفريقه بإباء البالغ عن الإسلام وهو طلاق منه بطريق النيابة فكذا في الصبي والمجنون لكن لما كان المشهور أنه لا يقع طلاقهما أي ابتداء وكان وقوعه منهما بعارض غريبا قال الزيلعي وغيره إنه من أغرب المسائل فافهم
قوله ( كما لو ورث قريبه ) أي الرحم المحرم منه كأن ورث أباه المملوك لأخيه من أم مثلا فإنه يعتق عليه وكما لو تزوج مملوكة أبيه فورثها منه انفسخ النكاح
قوله ( لم يقع ) لأنه علقه على ما ينافي وقوعه منه فإن الجزاء وهو أنت طالق لا ينعقد سببا للطلاق إلا عند وجود الشرط فلا بد من كون الشرط صالحا له فهو كقوله إن مت فأنت طالق كذا ظهر لي
قوله ( وقع ) لما صرحوا به من أن الأهلية إنما تعتبر وقت التعليق لا وقت وجود الشرط وليس الشرط هنا وهو دخول الدار منافيا لانعقاد الجزاء سببا للطلاق بخلاف المسألة الأولى
والحاصل أنه لا بد من صحة التعليق من وجود الأهلية وقته وعدم منافاة الشرط المعلق عليه للجزاء المعلق وهنا وجد كل منهما بخلاف الأولى فإنه وجدت فيها الأهلية وقت التعليق وفقد الآخر وهو عدم المنافاة هذا ما ظهر لي
قوله ( ولو أسلم أحدهما ثمة ) هذا مقابل قوله فيما مر
قوله وإذا أسلم أحد الزوجين المجوسيين أو امرأة الكتابي الخ فإنه مفروض فيما إذا اجتمعا في دار الإسلام كما قدمناه ولذا قال في البحر هنا أطلق في إسلام أحدهما في دار الحرب فشمل ما إذا كان الآخر في دار الإسلام أو في دار الحرب أقام الآخر فيها أو خرج إلى دار الإسلام
فحاصله أنه ما لم يجتمعا في دار الإسلام فإنه لا يعرض الإسلام على المصر سواء خرج المسلم أو الآخر لأنه لا يقضي لغائب ولا على غائب كذا في المحيط اه
قوله ( كالبحر الملح ) قال في النهر وينبغي أن يكون ما ليس بدار حرب ولا إسلام ملحقا بدار الحرب كالبحر الملح لأنه لا قهر لأحد عليه فإذا أسلم أحدهما وهو راكبه توقفت البينونة على مضي ثلاث حيض أخذا من تعليلهم بتعذر العرض لعدم الولاية اه
وهل حكم البحر الملح في غير هذه هذه حكم دار الحرب حتى لو خرج إليه الذمي صار حربيا وانتقض عهده
وإذا خرج إليه الحربي وعاد قبل الوصول إلى داره ينتقض أمانه ويعشر ما معه
يحرر ط
قوله ( لم تبن حتى تحيض الخ ) أفاد بتوقف البينونة على الحيض أن الآخر لو أسلم قبل انقضائها فلا بينونة
( بحر )
قوله ( أو تمضي ثلاثة أشهر ) أي إن كانت لا تحيض لصغر أو كبر كما في البحر وإن كانت حاملا فحتى تضع حملها
ح عن القهستاني
قوله ( إقامة لشرط الفرقة ) وهو مضي هذه المدة مقام السبب وهو الإباء لأن الإباء لا يعرف إلا بالعرض وقد عدم العرض لانعدام الولاية ومست الحاجة إلى التفريق لأن المشرك لا يصلح للمسلم وإقامة الشرط عند تعذر العلة جائز فإذا مضت هذه المدة صار مضيها بمنزلة تفريق القاضي وتكون فرقة بطلاق على قياس قولهما
وعلى قياس قول أبي يوسف بغير طلاق لأنها بسبب الإباء حكما وتقديرا
بدائع
وبحث في البحر أنه ينبغي أن يقال إن كان المسلم هو المرأة تكون فرقة بطلاق لأن الآبي هو الزوج حكما والتفريق بإبائه طلاق عندهما فكذا ما قام مقامه وإن كان المسلم الزوج فهي فسخ
قوله ( وليست بعدة ) أي ليست
____________________
(3/191)
هذه المدة عدة لأن غير المدخول بها داخلة تحت هذا الحكم ولو كانت عدة لاختص ذلك المدخول بها وهل تجب العدة بعد مضي هذه المدة فإن كانت المرأة حربية فلا لأنه لا عدة على الحربية وإن كانت هي المسلمة فخرجت إلينا فتمت الحيض هنا فكذلك عند أبي حنيفة خلافا لهما لأن المهاجرة لا عدة عليها عنده خلافا لهما كما سيأتي
بدائع وهداية
وجزم الطحاوي بوجوبها
قال في البحر وينبغي حمله على اختيار قولهما
قوله ( ولو أسلم زوج الكتابية ) هذا محترز قوله فيما مر أو امرأة الكتابي
قوله ( كما مر ) أي في قوله كما لو كانت في الابتداء كذلك وأشار إلى أن الذي صرح به فيما مر يمكن انفهامه من هنا بأن يراد بالكتابية الكتابية حالا أو مآلا قوله ( فهي له ) لأنه يجوز له التزوج بها ابتداء فالبقاء أولى لأنه أسهل
نهر قوله ( حقيقة وحكما ) المراد بالتباين حقيقة تباعدهما شخصا وبالحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار والسكنى حتى لو دخل الحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه في داره حكما إلا إذا قبل الذمة
نهر
قوله ( لا بالسبي ) تنصيص على خلاف الشافعي فإنه عكس وجعل سبب الفرقة السبي لا التباين فتفرع أربع صور وفاقيتان وخلافيتان فقوله فلو خرج أحدهما الخ وقوله وإن سبيا الخ خلافيتان وقوله أو أخرج مسبيا وقوله أو خرجا إلينا الخ وفاقيتان
قوله ( فلو خرج أحدهما الخ ) هذه خلافية لوجود التباين دون السبي
قال في البدائع ثم إن كان الزوج هو الذي خرج فلا عدة عليها بلا خلاف لأنها حربية وإن كانت هي فذلك عنده خلافا لهما اه
وفي الفتح لو كان الخارج هو الرجل يحل له عندنا التزوج بأربع في الحال وبأخت امرأته التي في دار الحرب إذا كانت في دار الإسلام
قوله ( أو أخرج ) هذه وفاقية لوجود التباين والسبي
قوله ( وأدخل في دارنا ) أفاد أنه لا يتحقق التباين بمجرد السبي بل لا بد من الإحراز في دارنا كما في البدائع
قوله ( كالموتى ) ولهذا لو التحق بهم المرتد يجري عليه أحكام الموتى ط
قوله ( وإن سبيا ) هذه خلافية والتي بعدها وفاقية لعدم السبي فيها
قوله ( أو ثم أسلما ) عبارة البحر أو مستأمنين ثم أسلمه الخ فأو هنا عاطفة لحال محذوفة على الحال السابقة وهي قوله ذميين وثم عاطفة لأسلما على تلك الحال المحذوفة
قوله ( حتى لو كانت الخ ) تفريع على اشتراط تباين الدارين حقيقة وحكما
قوله ( لم تبن ) لأن الدار وإن اختلفت حقيقة لكنها متحدة حكما ن فرض المسألة فيما إذا نكحها مسلم أو ذمي ثمة ثم سببت ولا يمكن فرضها فيما لو نكحها هنا لأنه لا يصح لأن تباين الدارين يمنع بقاء النكاح فيمنع ابتداءه بالأولى كما قاله الرحمتي ولو نكحها وهي هنا بأمان صارت ذمية لأن المرأة تبع لزوجها في المقام كما في الفتح من باب المستأمن فافهم
قوله ( ولو نكحها ) أي المسلم أو الذمي
قوله ( بانت ) لتباين الدارين حقيقة وحكما ط
قوله ( وإن خرجت قبله لا ) أي لا تبين لأن الزوج من أهل دار الإسلام فإذا خرجت قبله صارت ذمية لا تمكن من العود لأنها تبع لزوجها في المقام كما علمت فافهم
قوله ( وما في الفتح الخ ) قال في النهر وفي المحيط مسلم تزوج حربية في دار الحرب فخرج بها رجل إلى دار الإسلام بانت من زوجها بالتباين فلو خرجت بنفسها قبل زوجها لم تبن لأنها صارت من أهل دارنا بالتزامها أحكام المسلمين إذ لا تمكن من العود والزوج من أهل دار الإسلام فلا تباين
____________________
(3/192)
قال في الفتح بعد نقله يريد في الصورة الأولى إذا أخرجها الرجل قهرا حتى ملكها لتحقق التباين بيها وبين زوجها حينئذ حقيقة وحكما
أما حقيقة فظاهر وأما حكما فلأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الإسلام
قال في الحواشي السعدية وفي قوله وأما حكما الخ بحث اه
ولعل وجهه ما مر من أن معنى الحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار وهي هنا كذلك إذ لا تمكن من الرجوع ثم راجعت المحيط الرضوي فإذا الذي فيه مسلم تزوج حربية كتابية في دار الحرب فخرج عنها الزوج وحده بانت ولو خرجت المرأة قبل الزوج لم تبن وعلله بما مر وهذا لا غبار عليه
والظاهر أن ما وقع في نسخة صاحب الفتح تحريف والصواب ما أسمعتك اه ح
قلت وما نقله في النهر عن المحيط ذكر مثله في كافي الحاكم الشهيد فالصواب في المسألة الأولى التي نقلها في الفتح عن المحيط أنها لا تبين لاختلاف الدار حقيقة لا حكما
قوله ( ومن هاجرت إلينا الخ ) المهاجرة التاركة دار الحرب إلى دار الحرب إلى دار الإسلام على عزم عدم العود وذلك بأن تخرج مسلمة أو ذمية أو صارت كذلك
بحر
وهذه المسألة داخلة فيما قبلها لكن ما مر فيما إذا خرج أحدهما مهاجرا وقعت الفرقة بينهما والمقصود من هذه أنه إذا كانت المهاجرة المرأة ووقعت الفرقة فلا عدة عليها عند أبي حنيفة سواء كانت حاملا أو حائلا فتزوج للحال إلا الحامل فتتربص لا على وجه العدة بل ليرتفع المانع بالوضع
وعندهما عليها العدة
فتح
وبه يظهر أن تقييد المصنف بالحائل أي غير الحبلى لا وجه له بخلاف قول الكنز وتنكح المهاجرة الحائل بلا عدة فإنها للاحتراز عن الحامل كما علمت لكنه يوهم أن الحامل لها عدة كما توهمه ابن ملك وغيره وليس كذلك
قوله ( على الأظهر ) مقابله رواية الحسن أنه يصح نكاحها قبل الوضع لكن لا يقربها زوجها حتى تضع كالحبلى من الزنا ورجحها الأقطع لكن الأولى ظاهر الرواية
نهر
وصححها الشارحون وعليها الأكثر
بحر
قوله ( لا للعدة ) نفي لقولهما ولما توهمه ابن ملك وغيره
قوله ( بل لشغل الرحم بحق الغير ) أفاد به الفرق بينهما وبين الحامل من الزنى فإن هذه حملها ثابت النسب فيؤثر في منع العقد احتياطا لئلا يقع الجمع بين الفراشين وهو ممتنع بمنزلة الجمع وطأ كما في الفتح بخلاف الحامل من الزنى فإن ماء الزنى لا حرمة له وليس فيه حق الغير فلذا صح نكاحها فافهم
قوله ( فسخ ) أي عند الإمام بخلاف الإباء عن الإسلام
وسوى محمد بينهما بأو كلا منهما طلاق
وأبو يوسف بأن كلا منهما فسخ وفرق الإمام بأن الردة منافية للنكاح لمنافاتها العصمة والطلاق يستدعي قيام النكاح فتعذر جعلها طلاقا وتمامه في النهر
قال في الفتح ويقع طلاق زوج المرتدة عليه ما دامت في العدة لأن الحرمة بالردة غير متأبدة فإنها ترتفع بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعا فائدته من حرمتها عليه بعد الثلاث حرمة مغياة بوطء زوج آخر بخلاف حرمة المحرمية فإنها متأبدة لا غاية لها فلا يفيد لحوق الطلاق فائدة اه
قلت وهذا إذا لم تلحق بدار الحرب
ففي الخانية قبيل الكنايات المرتد إذا لحق بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع وإن عاد مسلما وهي في العدة فطلقها يقع والمرتدة إذا لحقت فطلقها زوجها ثم عادت مسلمة قبل الحيض فعندهما يقع
قوله ( فلا ينقص عددا ) فلو ارتد مرارا وجدد الإسلام في كل مرة وجدد النكاح على قول أبي حنيفة تحل امرأته من غير إصابة
____________________
(3/193)
زوج ثان
بحر عن الخانية
قوله ( بلا قضاء ) أي بلا توقف على قضاء القاضي وكذا بلا توقف على مضي عدة في المدخول بها كما في البحر
قوله ( ولو حكما ) أراد به الخلوة الصحيحة
قوله ( كل مهرها ) أطلقه فشمل ارتداده وارتدادها
بحر
قوله ( لتأكده ) أي تأكد تمام المهر به أي بالوطء الحقيقي أو الحكمي
قوله ( أو المتعة ) أي إن لم يكن مسمى
قوله ( لو ارتد ) قيد في قوله ولغيرها النصف الخ
قوله ( وعليه نفقة العدة ) أي لو مدخولا بها إذ غيرها لا عدة عليها
وأفاد وجوب العدة سواء ارتد أو ارتدت بالحيض أو بالأشهر لو صغيرة أو آيسة أو بوضع الحمل كما في البحر
قوله ( ولا شيء من المهر ) أي في غير المدخول بها لأنها محل التفصيل بقوله لو ارتد وقوله لو ارتدت
قوله ( والنفقة ) قد علمت أن الكلام في غير المدخول بها وهذه لا نفقة لها لعدم العدة لا لكون الردة منها لكن المدخول بها كذلك لا نفقة لها لو ارتدت ولذا قال في البحر وحكم نفقة العدة كحكم المهر قبل الدخول فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة وإن ارتدت فلا نفقة لها
قوله ( سوى السكنى ) فلا تسقط سكنى المدخول بها في العدة لأنها حق الشرع بخلاف نفقة العدة ولذا صح الخلع على النفقة دون السكنى والظاهر أن هذا مفروض فيما لو أسلمت وإلا فالمرتدة تحبس حتى تعود وسيأتي أن المحبوسة كالخارجة بلا إذنه لا نفقة لها ولا سكنى
قوله ( لو ارتدت ) أطلقه فشمل الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة
بحر
قوله ( قبل تأكده ) أي المهر فإنه يتأكد بالموت أو الدخول ولو حكما
قوله ( ورثها زوجها استحسانا ) هذا إذا ارتدت وهي مريضة ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب بخلاف ردتها في الصحة وبخلاف ما لو ارتد هو فإنها ترثه مطلقا إذا مات أو لحق وهي في العدة كما في الخانية من فصل المعتدة التي ترث وسيذكره المصنف أيضا في طلاق المريض
ووجهه أن ردته في معنى مرض الموت لأنه إن لم يسلم يقتل فيكون فارا فترثه مطلقا أما المرأة فلا تقتل بالردة فلم تكن فارة إلا إذا كانت ردتها في المرض
قوله ( وصرحوا بتعزيرها خمسة وسبعين ) هو اختيار لقول أبي يوسف فإن نهاية تعزير الحر عنده خمسة وسبعون وعندهما تسعة وثلاثون
قال في الحاوي القدسي وبقول أبي يوسف نأخذ
قال في البحر فعلى هذا المعتمد في نهاية التعزير قول أبي يوسف سواء كان في تعزير المرتدة أو لا
قوله ( وتجبر ) أي بالحبس إلى أن تسلم أو تموت
قوله ( وعلى تجديد النكاح ) فلكل قاض أن يجدده بمهر يسير ولو بدينار رضيت أم لا وتمنع من التزوج بغيره بعد إسلامها
ولا يخفى أن محله ما إذا طلب الزوج ذلك
أما لو سكت أو تركه صريحا فإنها لا تجبر وتزوج من غيره لأنه ترك حقه
بحر ونهر
قوله ( زجرا لها ) عبارة البحر حسما لباب المعصية والحيلة للخلاص منه اه
ولا يلزم من هذا أن يكون الجبر على تجديد النكاح مقصورا على ما إذا ارتدت لأجل الخلاص منه بل قالوا ذلك سدا لهذا الباب من أصله سواء تعمدت الحيلة أم لا كي لا تجعل ذلك حيلة
قوله ( قال في النهر الخ ) عبارته ولا يخفى أن الإفتاء بما اختاره بعض أئمة بلخ أولى من الإفتاء بما
____________________
(3/194)
في النوادر ولقد شاهدنا من المشاق في تجديدها فضلا عن جبره بالضرب ونحوه ما لا يعد ولا يحد
وقد كان بعض مشايخنا من علماء العجم ابتلى بامرأة تقع فيما يوجب الكفر كثيرا ثم تنكر وعن التجديد تأبى ومن القواعد المشقة تجلب التيسير والله الميسر لكل عسير اه
قلت المشقة في التجديد لا تقتضي أن يكون قول أئمة بلخ أولى مما في النوادر بل أولى مما مر أن عليه الفتوى وهو قول البخاريين لأن ما في النوادر هو ما يأتي من أنها بالردة تسترق كامل قوله وقد بسطت أي رواية النوادر قوله ( والفتح ) فيه أنه لميزد على قوله ولا تسترق المرتدة ما دامت في دار الإسلام في ظاهر الرواية
وفي روياة النوادر عن أبي حنيفة تسترق اه
ثم رأيت صاحب الفتح بسط ذلك في باب المرتد
قوله ( وحاصلها الخ ) قال في القنية بعد ما مر عن الفتح ولو كان الزوج عالما استولى عليها بعد الردة تكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة ثم يشتريها من الإمام أو يصرفها إليه إن كان مصرفا فلو أفتى مفت بهذه الرواية حسما لهذا الأمر لا بأس به اه
قال في البحر وهكذا في خزانة الفتاوى ونقل قوله فلو أفتى مفت الخ عن شمس الأئمة السرخسي اه
قلت ومقتضى قوله ثم يشتريها الخ أنه إن كان مصرفا لا يملكها بمجرد الاستيلاء عليها وقوله تكون فيئا قال ط ظاهره ولو أسلمت بعده لأن إسلام الرقيق لا يخرجه عن الرق اه
قوله ( ولو استولى عليها الزوج ) فيه اختصار مخل
وعبارة القنية بعد ما تقدم قلت وفي زماننا بعد فتنة التتر العامة صارت هذه الولايات التي غلبوا عليها وأجروا أحكامهم فيها كخوارزم وما وراء النهر وخراسان ونحوها صارت دار الحرب في الظاهر فلو استولى عليها الزوج بعد الردة يملكها ولا يحتاج إلى شرائها من الإمام فيفتى بحكم الرق حسما لكيد الجهلة ومكر المكرة على ما أشار إليه في السير الكبير اه
فقوله يملكها الخ مبني على ظاهر الرواية من أنها لا تسترق ما دامت في دار الإسلام ولا حاجة إلى الإفتاء برواية النوادر لما ذكره من صيرورة دارهم دار حرب في زمانهم فيملكها بمجرد الاستيلاء عليها لأنها ليست في دار الإسلام فافهم
قوله ( وله بيعها الخ ) ذكره في البحر بحثا أخذ من قول القنية يملكها واستشهد لقوله ما لم تكن الخ بما في الخانية لو لحقت أم الولد بعد ارتدادها بدار الحرب ثم سبيت وملكها الزوج يعود كونها أم ولده وأمومية الولد تتكرر بتكرار الملك اه
قوله ( بالدرة ) بالكسر السوط والجمع درر مثل سدرة وسدر
مصباح
قوله ( والذراع ) أل للجنس والمناسب لما قبله الأذرع بالجمع ط
قوله ( فقال ) تأكيد فقال الأول ط
والداعي إليه طول الفاصل
قوله ( كأنهن حربيات ) أي فهن في مملوكات والرأس والذراع ليس بعورة من الرقيق
ووجه الأخذ من قول عمر رضي الله تعالى عنه أنه إذا سقطت حرمة النائحة تسقط حرمة هؤلاء الكاشفات رؤوسهن في ممر الأجانب لما ظهر له من حالهن أنهن مستخفات مستهينات وهذا سبب مسقط لحرمتهن فافهم
____________________
(3/195)
ثم اعلم أنه إذا وصلن إلى حال الكفر وصرن مرتدات فحكمهن ما مر من أنهن لا يملكن ما دمن في دار الإسلام على ظاهر الرواية
وأما ما مر من أنه لا بأس من الإفتاء بما في النوادر من جواز استرقاقهن فذا بالنسبة إلى ردة الزوجة للضرورة لا مطلقا إذ لا ضرورة في غير الزوجة إلى الإفتاء بالرواية الضعيفة ولا يلزم من سقوط الحرمة وجواز النظر إليهن جواز تملكهن في دارنا لأن غايته أنهن صرن فيئا ولا يلزم من جواز النظر إليهن جواز الاستيلاء والتمتع بهن وطئا وغيره لأنه يجوز النظر إلى مملوكة الغير ولا يجوز وطؤها بلا عقد نكاح
وبهذا ظهر غلط من ينسب نفسه إلى العلم في زماننا في زعمه الباطل أن الزانيات اللاتي يظهرن في الأسواق بلا احتشام يجوز وطؤهن بحكم الاستيلاء فإنه غلط قبيح يكاد أن يكون كفرا حيث يؤدي إلى استباحة الزنى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فرع في البحر عن الخانية غاب عن امرأته قبل الدخول بها فأخبره بردتها مخبر ولو مملوكا أو محدودا في قذف وهو ثقة عنده أو غير ثقة لكن أكبر رأيه أنه صادق له التزوج بأربع سواها وإن أخبرت بردة زوجها لها التزوج بآخر بعد العدة في رواية الاستحسان
قال السرخسي وهي الأصح
قوله ( إن ارتدا معا ) المسألة مقيدة بما إذا لم يلحق أحدهما بدار الحرب فإن لحق بانت وكأنه استغنى عنه بما قدمه من أن تباين الدارين سبب الفرقة
نهر
قوله ( بأن لم يعلم السبق ) أما المعية الحقيقية فمتعذرة
وما في البحر هي ما لو علم أنهما ارتدا بكلمة واحد ففيه بعد ظاهر نعم ارتدادهما معا بالفعل ممكن بأن حملا مصحفا وألقياه في القاذورات أو سجدا للصنم معا
نهر
قوله ( كالغرقى ) فإنه إذا لم يعلم سبق أحدهم بالموت ينزلون منزلة من ماتوا معا ولا يرث أحد منهم الآخر فالتشبيه في أن الجهل بالسبق كحالة المعية ط
قوله ( كذلك ) أي معا بأن لم يعلم السبق
قوله ( وفسد الخ ) لأن ردة أحدهما منافية للنكاح ابتداء فكذا بقاء
نهر
وهذا تصريح بمفهوم قوله ثم أسلما كذلك وسكت عن مفهوم قوله إن ارتدا معا لأنه تقدم في قوله وارتداد أحدهما فسخ عاجل
قوله ( قبل الآخر ) وكذا لو بقي أحدهما مرتدا بالأولى نهر
قوله ( قبل الدخول ) أما بعده لها المهر في الوجهين لأن المهر يتقرر بالدخول دينا في ذمة الزوج والديون لا تسقط بالردة
فتح
قوله ( لو المتأخر هي ) لمجيء الفرقة من قبلها بسبب تأخرها
قوله ( فنصفه ) أي عند التسمية أو متعة عند عدمها
مطلب الولد يتبع خير الأبوين دينا قوله ( والولد يتبع خير الأبوين دينا ) هذا يتصور من الطرفين في الإسلام العارض بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر والتفريق أو بعده في مدة يثبت النسب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما
وأما في الإسلام الأصلي فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلما
فتح ونهر
تنبيه يشعر التعبير بالأبوين ولد الزنى
ورأيت في فتاوى الشهاب الشلبي قال واقعة الفتون في زماننا مسلم زنى بنصرانية فأتت بولد فهل يكون مسلما أجاب بعض الشافعية بعدمه وبعضهم بإسلامه
وذكر
____________________
(3/196)
أن السبكي نص عليه وهو غير ظاهر فإن الشارع قطع نسب ولد الزنى وبنته من الزنى تحل له عندهم فكيف يكون مسلما وأفتى قاضي القضاة الحنبلي بإسلامه أيضا وتوقفت عن الكتابة فإنه وإن كان مقطوع النسب عن أبيه حتى لا يرثه فقد صرحوا عندنا بأن بنته من الزنى لا تحل له وبأنه لا يدفع زكاته لابنه من الزنى ولا تقبل شهادته له والذي يقوى عندي أنه لا يحكم بإسلامه على مقتضى مذهبنا وإنما أثبتوا الأحكام المذكورة احتياطا نظر لحقيقة الجزئية بينهما اه
قلت يظهر لي الحكم بالإسلام للحديث الصحيح كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو يينصرانه فإنهم قالوا إنه جعل اتفاقهما ناقلا له عن الفطرة فإذا لم يتفقا بقي على أصل الفطرة أو على ما هو أقرب إليها حتى لو كان أحدهما مجوسيا والآخر كتابيا فهو كتابي كما يأتي وهنا ليس له أبوان متفقان فيبقى على الفطرة ولأنهم قالوا إن إلحاقه بالمسلم منهما أو بالكتابي أنفع له ولا شك أن النظر لحقيقة الجزئية أنفع له
وأيضا حيث نظروا للجزئية في تلك المسائل احتياطا فلينظر إليها هنا احتياطا أيضا فإن الاحتياط بالدين أولى ولأن الكفر أقبح القبيح فلا ينبغي الحكم به على شخص بدون أمر صريح ولأنهم قالوا في حرمة بنته من الزنى إن الشرع قطع النسبة إلى الزاني لما فيها من إشاعة الفاحشة فلم يثبت النفقة والإرث لذلك وهذا لا ينفي النسبة الحقيقية لأن الحقائق لا مرد لها فمن ادعى أنه لا بد من النسبة الشرعية فعليه البيان
تتمة ذكر الأسروشني في سير أحكام الصغار أن الولد لا يصير مسلما بإسلام جده ولو أبوه ميتا وأن هذه من المسائل التي ليس فيها الجد كالأب لأنه لو كان تابعا له لكان تابعا لجد الجد وهكذا فيؤدي إلى أن يكون الناس مسلمين بإسلام إدم عليه السلام
وفيه أيضا الصغير تبع لأبويه أو أحدهما في الدين فإن انعدما فلذي اليد فإن عدمت فللدار ويستوي فيما قلنا أن يكون عاقلا أو غير عاقل لأنه قبل البلوغ تبع لأبويه في الدين ما لم يصف الإسلام اه
فأفاد أن التبعية لا تنقطع إلا بالبلوغ أو بالإسلام بنفسه وبه صرح في البحر والمنح من باب الجنائز
وذكر أيضا المحقق ابن أمير حاج في شرح التحرير عن شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام أنه لا فرق في الصغير بين أن يعقل أو لا وأنه نص عليه في الجامع الكبير وشرحه
قلت وفي شرح السير الكبير للأمام السرخسي قال بعد كلام ما نصه وبهذا تبين خطأ من يقول من أصحابنا إن الذي يعبر عن نفسه لا يصير مسلما تبعا لأبويه فقد نص ها هنا على أنه يصير مسلما اه
وذكر قبله أيضا أن التبعية تنقطع ببلوغه عاقلا اه أي فلو بلغ مجنونا تبقى التبعية فقد تبين لك أن ما في القهستاني من أن المراد بالولد هنا الطفل الذي لا يعقل الإسلام خطأ كما سمعته من عبارة السرخسي وإن أفتى به الشهاب الشلبي لمخالفته لما نص عليه الإمام محمد في الجامع الكبير والسير الكبير ولما صرح به في هذه الكتب ولإطلاق المتون أيضا فافهم
قوله ( ولو حكما ) أي سواء كان الاتحاد حقيقة أو حكما كأن يكون خير الأبوين مع الولد في دار الإسلام أو في دار الحرب أو كان حكما فقط كما مثل به الشارح
واحترز عن اختلافهما حقيقة وحكما بأن كان الأب في دارنا والصغير ثمة وإليه أشار بقوله بخلاف العكس اه ح
قلت وما في الفتح من جعله حكم العكس كما قبله قال في البحر إنه سهو
قوله ( والمجوسي شر من الكتابي ) قال في النهر أردف هذه الجملة لبيان أن أحد الأبوين لو كان كتابيا والآخر مجوسيا كان الولد كتابيا نظرا له في الدنيا لاقترابه من المسلمين بالإحكام من حل الذبيحة والمناكحة وفي الآخرة من نقصان العقاب كذا في الفتح يعني أن الأصل بقاؤه بعد البلوغ على ما كان عليه وإلا فأطفال المشركين في الجنة
____________________
(3/197)
وتوقف فيهم الإمام كما مر ولم يدخله في حيز الجملة الأولى تحاميا عما وقع في بعض العبارات من إطلاق الخير على الكتابي بل الشر ثابت فيه غير أن المجوسي شر اه
وعلى هذا فقوله والولد يتبع خير الأبوين دينا المراد به دين الإسلام فقط لئلا تتكرر الجملة الثانية فإنه ليس المراد منها مجرد بيان أن المجوسي شر من الكتابي إذ لا دخل له في بحثه بل المراد بيان لازمه المقصود هنا وهو تبعية الولد لأحفظهما شرا فتحل مناكحته وذبيحته وإنما لم يكتف عنها بالجملة الأولى بأن يراد بالدين الأعم تحاميا عن إطلاق الخيرية على غير دين الإسلام فافهم
قوله ( وسائر أهل الشرك ممن لا دين له سماويا )
قوله ( والنصراني شر من اليهودي ) كذا نقله في البحر عن البزازية والخبازية
ونقل عن الخلاصة عكسه ثم قال إنه يلزم على الأول كون الولد المتولد من يهودية ونصراني أو عكسه تبعا لليهودي لا النصراني اه أي وليس بالواقع
نهر
قلت بل مقتضى كلام البحر أنه الواقع لأنه قال إن فائدته خفة العقوبة في الآخرة وكذا في الدنيا لما في أضحية الولوالجية يكره الأكل من طعام المجوسي والنصراني لأن المجوسي يطبخ المنخنقة والموقوذة والمتردية والنصراني لا ذبيحة له وإنما يأكل ذبيحة المسلم أو يخنق ولا بأس بطعام اليهودي لأنه لا يأكل إلا من ذبيحة اليهودي أو المسلم اه فعلم أن النصراني شر من اليهودي في أحكام الدنيا أيضا اه كلام البحر
قوله ( لأنه لا ذبيحة له ) أي لا يذبح بدليل قوله بل يخنق وليس المراد أنه لو ذبح لا تؤكل ذبيحته لمنافاته لا تقدم أول كتاب النكاح من حل ذبيحته ولو قال المسيح ابن الله ح
قوله ( أشد عذابا ) لأن نزاع النصارى في الإلهيات ونزاع اليهود في النبوات وقوله تعالى { وقالت اليهود عزير ابن الله } سورة التوبة الآية 30 كلام طائفة منهم قليلة كما صرح به في التفسير وقوله تعالى { لتجدن أشد الناس عداوة } سورة المائدة الآية 82 الآية لا يرد لأن البحث في قوة الكفر وشدته لا في قوة العداوة وضعفها اه
بزازية
قوله ( كفر الخ ) قال في البحر هذا يقتضي أنه لو قال الكتابي خير من المجوسي يكفر مع أن هذه العبارة وقعت في المحيط وغيره إلا أن يقال بالفرق وهو الظاهر لأنه لا خيرية لإحدى الملتين أي اليهودية والنصرانية على الأخرى في أحكام الدنيا والآخرة بخلاف الكتابي بالنسبة إلى المجوسي للفرقة بين أحكامهما في الدنيا والآخرة اه
قلت وهذا كلام غير محرر
وأما أولا فلأنه مخالف لما حرره من أن النصراني شر من اليهودي في الدنيا والآخرة كما تقدم وأما ثانيا فلأن علة الإكفار هي إثبات الخير لما قبح قطعا لا لعدم خيرية إحدى الملتين على الأخرى لأنه لو كانت العلة هذه لم يلزم الأكفار وحينئذ فالقول بأن النصرانية خير من اليهودية مثل القول بأن الكتابي خير من المجوسي لأن فيه إثبات الخيرية له مع أنه لا خير فيه قطعا وإن كان أقل شرا فالظاهر عدم الفرق بين العبارتين وأن ما في المحيط وغيره دليل على أنه لا يكفر بذلك ولعل وجهه أن لفظ خير قد يراد به ما هو أقل ضررا كما يقال في المثل ( الرمد خير من العمى ) وكقول الشاعر ولكن قتل الحر خير من الأسر ثم رأيت في آخر المصباح أن العلماء قد يقولون هذا أصح من هذا ومرادهم أنه أقل ضعفا ولا يريدون أنه صحيح في نفسه اه
وهذا عين ما قلته ولله الحمد حينئذ
فالقول بالإكفار مبني على إرادة ثبوت الخيرية سواء استعمل أفعل التفضيل على بابه أو أريد أصل الفعل كما في أي الفريقين خير والقول بعدمه مبني على ما قلنا والله أعلم
قوله ( لكن ورد في السنة الخ ) يوهم أن هذا حديث وليس كذلك
وعبارة البزازية والمذكور في كتب أهل السنة الخ
ووجه
____________________
(3/198)
الاستدراك أن تعبير علماء أهل السنة والجماعة بذلك دليل على جواز القول بأن النصرانية خير من اليهودية وبأن الكتابي خير من المجوسي لأن فيه إثبات أسعدية المجوس وخيريتهم على المعتزلة
قال في البزازية أجيب عنه بأن المنهى عنه هو كونهم خيرا من كذا مطلقا لا كونهم أسعد حالا بمعنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشرك إذ يجوز أن يقال كفر بعضهم أخف من بعض وعذاب بعض أدنى من بعض وأهون أو الحال بمعنى الوصف كذا قيل ولا يتم اه أي لا يتم هذا الجواب لأنه إذا صح تأويل هذا بما ذكر صح تأويل ذاك بمثله وكون أسعد مسندا إلى الحال لأنه فاعل معنى أو كون الحال بمعنى الوصف لا يفيد
قال في النهر لكن مقتضى ما مر عن جامع الفصولين القول بالكفر في الصورتين وهو الموافق للتعليل الأول وكأنه الذي عليه المعول اه
وفيه أن ما مر عن الفصولين مع تعليله هو محل النزاع فالتحرير أن في المسألة قولين وأن الذي عليه المعول الجواز لما سمعت من وقوعه في كلامهم
قوله ( خالقين ) هما النور المسمى يزدان والظلمة المسماة أهر من ح
قوله ( خالقا لا عدد له ) أي حيث قالوا إن الحيوان يخلق أفعاله الاختيارية ح
قلت وتكفير أهل الأهواء فيه كلام والمعتمد خلافه كما سيأتي بسطه إن شاء الله تعالى في البغاة
قوله ( بانت ) أي إن تمجست الأم أيضا ولا حاجة إلى هذه الزيادة مع هذا الإيهام والأحسن إبقاء المتن على حاله
وأظن أن الشارح زاد ألفا في قول المتن أبو صغيرة فصار أبوا بلفظ التثنية فأسقطها النساخ فلتراجع النسخ
وذكر ط عن الهندية أن مثل الصغيرة ما إذا بلغت معتوهة لبقائها تابعة للأبوين في الدين لأنه ليس للمعتوهة إسلام بنفسها حقيقة فكانت بمنزلة الصغيرة من هذا الوجه
قوله ( بلا مهر ) أي إن لم يدخل بها ح
قوله ( مثلا ) راجع إلى قوله ماتت أي إن الموت غير قيد أو إلى قوله نصرانية أي أو يهودية
قوله ( وكذا عكسه ) بأن تمجست أمها بعد أن مات أبوها نصرانيا ح
قوله ( لتناهي التبعية ) أي انتهاء تبعية الولد للأبوين
قوله ( بموت أحدهما ذميا الخ ) أي إذا مات أحد الكتابين ذميا أو مسلما ثم تمجس الباقي منهما لا يتبعه الولد وكذا لو مات أحدهما مرتدا لأن حكم المرتد الجبر على الإسلام فله حكم المسلم حتى إن كسب إسلامه يرثه وارثه المسلم فهو أقرب إلى الإسلام من الكتابي وغيره
قال في قوله ( البحر ) ولو مات أحد الأبوين في دارنا مسلما أو مرتدا ثم ارتد الآخر ولحق بها ثم بدار الحرب لم تبن ويصلي عليها إذا ماتت لأن التبعية حكم تناهى بالموت مسلما وكذا بالموت مرتدا لأن أحكام الإسلام قائمة
قوله ( فلم تبطل ) أي التبعية بكفر الآخر
قال ط والأولى أن يقول يتمجس الآخر لأنه كان أولا كافرا غاية الأمر أنه انتقل إلى حالة من الكفر شر من التي كان عليها
بقي أن يقال إن التبعية إنما تناهت وانقطعت عمن بقي من الوالدين بتمجسه لا بموت أحدهما لأنه لو أسلم من بقي تبعته ابنته اه
والجواب أن المراد انقطاع التبعية عن الباقي منهما إذا انتقل إلى حالة دون التي كان عليها لما تقرر أن الولد إنما يتبع خير الأبوين دينا أو أخفهما شرا فالمراد بالتبعية المتناهية هذه فافهم
قوله ( لم تبن ) لأن البنت مسلمة تبعا لهما وتبعا للدار
بحر
قوله ( ما لم يلحقا ) أي بالبنت فإن لحقا بها بدار الحرب بانت لانقطاع حكم الدار
بحر
أي بانت من زوجها لتباين الدارين ولأنها صارت مرتدة تبعا لهما
قال في شرح تلخيص الجامع الكبير وهذا بخلاف ما إذا كانت الصغيرة تعقل
____________________
(3/199)
وتعبر عن نفسها حيث لا تبين وإن لحقا بها إلا إذا ارتدت بنفسها فحينئذ تبين عندهما خلافا لأبي يوسف اه
فتأمله مع ما قدمنا من أن التبعية لا تنقطع قبل البلوغ وقيدنا بلحاقهما بالبنت لأنه إذا لحقا وتركاها فإنها لا تبين كما قدمناه عن شرح التحرير
قال في النهر في الفرق بين ما لو تمجسا أو ارتدا
تأمل فتدبر اه
قلت الفرق ظاهر وهو أن البنت بارتداد أبويها المسلمين تبقى مسلمة تبعا لهما وللدار لأن المرتد مسلم حكما لجبره على الإسلام فلذا لم تبن من زوجها ما لم يلحقا بها للتباين وانقطاع ولاية الجبر بخلاف تمجس أبويها النصرانيين لأنها تتبعهما في التمجس لعدم جبرهما على العود إلى النصرانية فصار كارتداد المسلمين مع لحاقهما ولا يمكن تبعيتها للدار مع بقاء تبعية الأبوين فلذا بانت من زوجها فتدبر
قوله ( لم تبن مطلقا ) أي سواء لحقا بها أو لا لأنها مسلمة أصالة لا تبعا وكذلك الصبية العاقلة أسلمت ثم جنت لأنها صارت أصلا في الإسلام
بحر عن المحيط
قوله ( فتمجسا ) أي المسلم وزوجته النصرانية معا وقوله أو تنصرا صوابه أو تهودا لأن موضوع المسألة أن الزوجة نصرانية
قال في النهر قيد بالردة لأن المسلم لو كان تحته نصرانية فتهود وقعت الفرقة بينهما اتفاقا
واختلف الشيخان فيما لو تمجسا
قال أبو يوسف تقع
وقال محمد لا تقع
لأبي يوسف أن الزوج لا يقر على ذلك والمرأة تقر فصار كردة الزوج وحده
وفرق محمد بأن المجوسية لا تحل للمسلم فأحدثها كالارتداد اه أي فكأنهما ارتدا معا
ثم الذي في البحر عن المحيط تأخير تعليل أبي يوسف وظاهره اعتماده وهو ظاهر قوله في الفتح أيضا تقع الفرقة عند أبي يوسف خلافا لمحمد فلذا جزم به الشارح
قوله ( مطلقا ) أي مسلما أو كافرا أو مرتدا وهو تأكيد لما فهم من النكرة في النفي ح
قوله ( وخيره محمد ) أي خير محمد هذا الذي أسلم في اختيار الأربع مطلقا أي أربع نسوة أي أربع كانت وخيره أيضا في اختيار أي الأختين شاء والبنت أي يختار البنت في هذه الصورة لا الأم أو يتركهما جميعا لأنه روى أن غيلان الديلمي أسلم وتحته عشر نسوة أسلمن معه فخيره النبي فختار أربعا منهن ( وكذا فيروز الديلمي أسلم وتحته أختان فخيره فختار إحداهما وأنما يختار البنت لأن نكاحها أمنع في نكاح الأم من نكاح الأم لها
ولهما أن هذه الأنكحة فاسدة لكن لا نتعرض لهم لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون فإذا أسلموا يجب التعرض وتخيير غيلان وفيروز كان في التزوج بعد الفرقة
ح عن المنح
وقوله في التزوج بعد الفرقة أي التزوج بعقد جديد وما ذكره في نكاح البنت إنما هو إذا لم يدخل بواحدة منهما فإن دخل بإحداهما ثم تزوج الثانية فنكاحها باطل لأن الدخول محرم سواء كان بالأم أو البنت وإن دخل بالثانية فقط فإن كانت الأم بطل نكاحهما جميعا اتفاقا لأن نكاح البنت يحرم الأم والدخول بالأم يحرم البنت وإن كانت البنت فكذلك عندهما لا أن له تزوج البنت دون الأم
وعند محمد نكاح البنت هو الجائز قد دخل بها وهي امرأته ونكاح الأم باطل كذا في البدائع
____________________
(3/200)
قوله ( بلغت المسلمة ) سماها مسلمة باعتبار ما كان لها قبل البلوغ من الحكم بالإسلام تبعا للأبوين ولذا قيل سماها محمد مرتدة وقوله بانت أي من زوجها لأنها لم يبق لها دين الأبوين لزوال التبعية بالبلوغ وليس لها دين نفسها فكانت كافرة لا ملة لها كذا في شرح التلخيص
قوله ( وتمامه في الكافي ) حيث قال مسلم تزوج صغيرة نصرانية ولها أبوان نصرانيان فكبرت وهي لا تعقل دينا من الأديان ولا تصفه وهي غير معتوهة فإنها تبين من زوجها وكذلك الصغيرة المسلمة إذا بلغت عاقلة وهي لا تعقل الإسلام ولا تصفه وهي غير معتوهة بانت من زوجها كذا في المحيط
ولا مهر لها قبل الدخول وبعده يجب المسمى ويجب أن يذكر الله تعالى بجميع صفاته عندهما ويقال لها أهو كذلك فإن قالت نعم حكم بإسلامها وإن قالت أعرفه وأقدر على وصفه ولا أصفه بانت ولو قالت لا أقدر على وصفه اختلف فيه ولو عقلت الإسلام ولم تصفه لم تبن وإن وصفت المجوسية بانت عندهما خلافا لأبي يوسف وهي مسألة ارتداد الصبي ط
وقوله ولو عقلت الإسلام أي قبل البلوغ محترز قوله بلغت وإنما لم تبن لأنها مسلمة تبعا لأبويها قبل البلوغ كما في شرح التلخيص وبه استدل على نفي وجوب أداء الإيمان على الصبي وتمامه في أول الفصل الثاني من شرح التحرير
وفي سير أحكام الصغار أن قوله يعقل الإسلام يعني صفة الإسلام يدل على أن من قال لا إله إلا الله لا يكون مسلما حتى يعلم صفة الإيمان وكذلك إذ اشترى جارية واستوصفها الإسلام فلم تعلم لا تكون مؤمنة
وصفة الإيمان ما ذكره في حديث جبريل عليه السلام أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره من الله تعالى اه
وقدمنا في الجنائز مثله عن الفتح والله أعلم
باب القسم قوله ( القسمة ) في المغرب القسم بالفتح مصدر قسم القسام المال بين الشركاء فرقه بينهم وعين أنصباءهم ومنه القسم بين النساء اه أي لأنه يقسمك بينهن البيتوتة ونحوها
وفي المصباح قسمته قسما من باب ضرب والاسم القسم بالكسر ثم أطلق على الحصة والنصيب فيقال هذا قسمي والجمع أقسام مثل حمل وأحمال
واقتسموا المال بينهم والاسم القسمة وأطلقت على النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر
ويجب القسم بين النساء اه
فعلم أن القسم هنا مصدر على أصله ويصح أن يراد به القسمة أي الاقتسام أو النصيب
تأمل
قوله ( وظاهر الآية أنه فرض ) فإن قوله تعالى { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } سورة النساء الآية 3 أمر بالاقتصار على الواحدة عند خوف الجور فيحتمل أنه للوجوب فيعلم إيجاب العدل عند تعددهن كما قاله في الفتح أو للندب ويعلم إيجاب العدل من حيث إنه إنما يخاف على ترك الواجب كما في البدائع وعلى كل فقد دلت الآية على إيجابه
تأمل
قوله ( أي أن لا يجوز ) أشار به إلى التخلص عما اعترض به على الهداية حيث قال وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما فإنه يفهم أنه لا يجب بين الحرة والأمة
وأجاب في الفتح بأن معنى العدل هنا التسوية لا ضد الجور فإذا كانتا
____________________
(3/201)
حرتين أو أمتين فعليه التسوية بينهما وإن كانتا حرة وأمة فلا يعدل بينهما أي لا يسوي بل يعدل بمعنى لا يجور وهو أن يقسم للحرة ضعف الأمة فالإيهام نشأ من اشتراك اللفظ اه
ولكن لما لم يفيد المصنف هنا بحرة ولا غيرها ناسب أن يفسر كلامه بعدم الجور أي عدم الميل عن الواجب عليه من تسوية وضدها فيشمل التسوية بين الحرتين أو الأمتين وعدمها بين الحرة والأمة قال في البحر قال في البدائع يجب عليه التسوية بين الحرتين والأمتين في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة وهكذا ذكر الولوالجي
والحق أنه على قول من اعتبر حال الرجل وحده في النفقة
وأما على القول المفتى به من اعتيار حالهما فلا فإنه إحداهما قد تكون غنية والأخرى فقيرة فلا يلزم التسوية بينهما مطلقا في النفقة اه
وبه ظهر أنه لا حاجة إلى ما ذكره المصنف في المنح من جعله ما في المتن مبنيا على اعتبار حاله
قوله ( والصحبة ) كان المناسب ذكره عقب قوله في البيتوتة لأن الصحبة أي المعاشرة والمؤانسة ثمرة البيتوتة
ففي الخانية ومما يجب على الأزواج للنساء العدل والتسوية بينهن فيما يملكه والبيتوتة عندهما للصحبة والمؤانسة لا فيما لا يملكه وهو الحب والجماع
قوله ( لا في المجامعة ) لأنها تبتني على النشاط ولا خلاف فيه
قال بعض أهل العلم إن تركه لعدم الداعية والانتشار عذر وإن تركه مع الداعية إليه لكن داعيته إلى الضرة أقوى فهو مما يدخل تحت قدرته
فتح
وكأنه مذهب الغير ولذا لم يذكره في البحر والنهر
تأمل
قوله ( بل يستحب ) أي ما ذكر من المجامعة ح
أما المحبة فهي ميل القلب وهو لا يملك
قال في الفتح والمستحب أن يسوى بينهن في جميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة وكذا بين الجواري وأمهات الأولاد ليحصنهن عن الاشتهاء للزنى والميل إلى الفاحشة ولا يجب شيء لأنه تعالى قال { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم } سورة النساء الآية 3 فأفاد أن العدل بينهن ليس واجبا
قوله ( ويسقط حقها بمرة ) قال في الفتح واعلم أن ترك جماعها مطلقا لا يحل له صرح أصحابنا بأن جماعها أحيانا واجب ديانة لكن لا يدخل تحت القضاء والإلزام إلا الوطأة الأولى ولم يقدروا فيه مدة
ويجب أن لا يبلغ به مدة الإيلاء إلا برضاها وطيب نفسها به اه
قال في النهر في هذا الكلام تصريح بأن الجماع بعد المرة حقه لا حقها اه
قلت فيه نظر بل هو حقه وحقها أيضا لما علمت من أنه واجب ديانة
قال في البحر وحيث علم أن الوطء لا يدخل تحت القسم فهل هو واجب للزوجة وفي البدائع لها أن تطالبه بالوطء لأن حله لها حقها كما أن حلها له حقه وإذا طالبته يجب عليه ويجبر عليه في الحكم مرة والزيادة تجب ديانة لا في الحكم عند بعض أصحابنا وعند بعضهم عليه في الحكم اه
____________________
(3/202)
وبه علم أنه كان على الشارح أن يقول ويسقط حقها بمرة في القضاء أي لأنه لو لم يصبها مرة يؤجله القاضي سنة ثم يفسخ العقد
أما لو أصابها مرة واحدة لم يتعرض له لأنه علم أنه غير عنين وقت العقد بل يأمره بالزيادة أحيانا لوجوبها عليه إلا لعذر ومرض أو عنة عارضة أو نحو ذلك وسيأتي في باب الظهار أن على القاضي إلزام المظاهر بالتكفير دفعا لضرر عنها بحبس أو ضرب إلى أن يكفر أو يطلق وهذا ربما يؤيد القول المار بأنه تجب الزيادة عليه في الحكم فتأمل
قوله ( ولا يبلغ مدة الإيلاء ) تقدم عن الفتح التعبير بقوله ويجب أن لا يبلغ الخ
وظاهره أنه منقول لكن ذكر قبله في مقدار الدور أنه لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر فهذا بحث منه كما سيذكره الشارح فالظاهر أن ما هنا مبني على هذا البحث
تأمل
ثم قوله وهو أربعة أشهر يفيد أن المراد إيلاء الحرة ويؤيد ذلك أن عمر رضي الله عنه لما سمع في الليل امرأة تقول فولله لولا الله تخشى عواقبه لزحزح من هذا لسرير جوانبه فقالت أربعة أشهر فأمر أمراء الأجناد أن لا يتخلف المتزوج عن أهله أكثر منها ولو لم يكن في هذه المدة زيادة مضارة بها لما شرع الله تعالى الفراق بالإيلاء فيها
قوله ( ويؤمر المتعبد الخ ) في الفتح فأما إذا لم يكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يوما وليلة من كل أربع ليال وباقيها له لأن له أن يسقط حقها في الثلاث بتزوج ثلاث حرائر وإن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع
وظاهر المذهب أن لا يتعين مقدار لأن القسم معنى نسبي وإيجابه طلب إيجاده وهو يتوقف على وجود المنتسبين فلا يطلب قبل تصوره بل يؤمر أن يبيت معها ويصحبها أحيانا من غير توقيت اه
ونقل في النهر عن البدائع أن ما رواه الحسن هو قول الإمام أولا ثم رجع عنه وأنه ليس بشيء
قوله ( وسبع لأمة ) لأن له أن يتزوج عليها ثلاث حرائر فيقسم لهن ستة أيام ولها يوم
قوله ( نهر بحثا ) حيث قال ومقتضى النظر أنه لا يجوز له أن يزيد على قدر طاقتها أما تعيين المقدار فلم أقف عليه لأئمتنا نعم في كتب المالكية خلاف فقيل يقضي عليهما بأربع في الليل وأربع في النهار وقيل بأربع فيهما
وعن أنس بن مالك عشر مرات فيهما
وفي دقائق ابن فرحون بأثني عشر مرة
وعندي أن الرأي فيه للقاضي فيقضي بما يغلب على ظنه أنها تطيقه اه
قال الحموي عقبه وأقول ينبغي أن يسألها القاضي عما تطيق ويكون القول لها بيمينها لأنه لا يعلم إلا منها وهذا طبق القواعد وأما كونه منوطا بظن القاضي فهو إن لم يكن صحيحا فبعيد
هذا وقد صرح ابن مجد أن في تأسيس النظائر وغيره أنه إذا لم يوجد نص في حكم من كتب أصحابنا يرجع إلى مذهب مالك
وأقول لم أر حكم ما لو تضررت من عظم آلته بغلظ أو طول وهي واقعة الفتوى اه
أقول ما نقله عن ابن مجد غير مشهور ولم أر من ذكره غيره نعم ذكر في الدرر المنتقى في باب الرجعة عن القهستاني عن ديباجة المصفى أن بعض أصحابنا مال إلى أقواله ضرورة
____________________
(3/203)
هذا وقد صرحوا عندنا بأن الزوجة إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء لا تسلم إلى الزوج حتى تطيقه
والصحيح أنه غير مقدر بالسن بل يفوض إلى القاضي بالنظر إليها من سمن أو هزال
وقدمنا عن التاترخانية أن البالغة إذا كانت لا تحتمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج أيضا فقوله لا تحتمل يشمل ما لو كان لضعفها أو هزالها أو لكبر آلته
وفي الأشباه من أحكام غيبوبة الحشفة فيما يحرم على الزوج وطء زوجته مع بقاء النكاح قال وفيما إذا كانت لا تحتمله لصغر أو مرض أو سمنة اه
وربما يفهم من سمنه عظم آلته
وحرر الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية أنه لو جامع زوجته فماتت أو صارت مفضاة فإن كانت صغير أو مكرهة أو لا تطيق تلزمه الدية اتفاقا
فعلم من هذا كله أنه لا يحل له وطؤها بما يؤدي إلى إضرارها فيقتصر على ما تطيق منه عددا بنظر القاضي أو إخبار النساء وإن لم يعلم بذلك فبقولها وكذا في غلظ الآلة ويؤمر في طولها بإدخال قدر ما تطيقه منها أو بقدر آلة رجل معتدل الخلقة والله تعالى أعلم
قوله ( بلا فرق الخ ) لأنه حيث علم أن وجوب القسم إنما للصحبة والمؤانسة دون المجامعة فلا فرق بين زوج وزوج
بحر
قوله ( ومريض ) قال في البحر ولم أر كيفية قسمه في مرضه حيث كان لا يقدر على التحول إلى بيت الأخرى والظاهر أن المراد أنه إذا صح ذهب عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا اه
ولا يخفى أنه إذا كان الاختيار في مقدار الدور إليه حال صحته ففي مرضه أولى فإذا مكث عند الأولى مدة أقام عند الثانية بقدرها
نهر
قلت وهذا إذا أراد أن يجعل مدة إقامته دورا حتى لا ينافي ما يأتي من أنه لو أقام عند إحداهما شهرا هدر ما مضى
قوله ( وصبي دخل بامرأته ) الذي في البحر وغيره بامرأتيه بالتثنية
قال في البحر لأن وجوبه لحق النساء وحقوق البعاد تتوجه على الصبيان عند تقرر السبب
وفي الفتح وقال مالك ويدور ولي الصبي به على نسائه وظاهره أنه لم يطلع على شيء عندنا وينبغي أن يأثم الولي إذا لم يأمره بذلك ولم يدر به اه
قال الخير الرملي وقيد في الخانية الصبي بالمراهق فلا قسم على غيره وليس بقيد بل المميز الممكن وطؤه كذلك اه
قوله ( وبالغ لم يدخل ) ومثله ما لو دخل بالأولى ح
قوله ( بحر بحثا ) راجع إلى قوله بالغ لم يدخل قال في البحر وفي المحيط وإن لم يدخل الصغير بها فلا فائدة في كونه معها اه
وظاهره أن القسم على البالغ لغير المدخول بها لأن في كونه معها فائدة ولذا إنما قيدوا بالدخول في امرأة الصبي اه
قلت يظهر لي أن دخول الصبي غير قيد وإنما المراد به الذي بلغ سن الدخول وحصول الصحبة والاستئناس به ولذا لم يقيد في الخانية بالدخول بل قال والمراهق والبالغ في القسم سواء فقوله في المحيط وإن لم يدخل أي لم يبلغ هذا السن بقرينة قوله فلا فائدة في كونه معها إذ لا شك أن لها فائدة في كون المراهق معها من الاستئناس به والعشرة معه زيادة على ما إذا كانت وحدها
وحينئذ فلا فرق بين المراهق والبالغ في وجوب القسم كما هو صريح عبارة الخانية وهو شامل لما بعد الدخول وقبله لأن سبب وجوبه عقد النكاح كما في البدائع فإذا وجب عليه نفقتها قبل الدخول وجب عليه القسم في البيتوتة معها ما لم ترض بالإقامة في بيت أهلها لإصلاح شأنها وإلا فهو ظالم لها
____________________
(3/204)
قوله ( ومجنونة لا تخاف ) بضم التاء أي لا يخاف منها الزوج بأن كانت لا تضرب ولا تؤذي لأنها حينئذ تجب عليه نفقتها وسكناها وإلا فهي في حكم الناشزة
قوله ( يمكن وطؤها ) عبر عنها في الخانية وغيرها بالمراهقة
قال الخير الرملي في حاشية المنح بخلاف ما لا يمكن وطؤها فإنه لا حق لها فاعلم ذلك ولا تغتر بما في كثير من نسخ المنح لا يمكن وطؤها فإنه خطأ اه
قوله ( ومحرمة ) أي بحج أو عمرة أو بهما
قوله ( ومظاهر ) بفتح الهاء وقوله ومولى بضم الميم وسكون الواو وفتح اللام منونة من الإيلاء وقوله منها تنازعه كل من مظاهر ومولى ح
قوله ( ومقابلاتهن ) أي مقابل ما ذكر من قوله وحائض الخ ط
قوله ( رجعية ) منصوب على أنه صفة لمفعول مطلق محذوف أي وكذا مطلقة طلقة رجعية ح
تنبيه قال في النهر ولم أر حكم المنكوحة إذا وطئت بشبهة وهي في العدة والمحبوسة بدين لا قدرة لها على وفائه والناشزة والمسطور في كتب الشافعية أنه لا قسم لها في الكل
وعندي أنه يجب للموطوءة بشبهة أخذا من قولهم إنه لمجرد الإيناس ودفع الوحشة وفي المحبوسة تردد
وأما الناشزة فلا ينبغي التردد في سقوطه لها لأنها بخروجها رضيت بإسقاط حقها اه
واعترضه الحموي بأن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها عليه في هذه العدة ومعلوم أن القسم عبارة عن التسوية في البيتوتة والنفقة والسكنى اه
زاد بعض الفضلاء أنه يخاف من القسم لها الوقوع في الحرام لأنها معتدة للغير ويحرم عليه مسها وتقبيلها فلا يجب لها وكذا المحبوسة لأن في وجوبه عليه ضررا به بدخوله الحبس
قوله ( ولو أقام عند واحدة شهرا ) أي قبل الخصومة أو بعدها
خانية
قوله ( في غير سفر ) أما إذا سافر بإحداهما ليس للأخرى أن تطلب منه أن يسكن عندها مثل التي سافر بها
ط عن الهندية
قوله ( وهدر ما مضى ) فليس لها أن تطلب أن يقيم عندها مثل ذلك
ط عن الهندية
والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت لأنه حق آدمي وله قدرة على إيفائه
فتح
وأجاب في النهر بما ذكره الشارح من التعليل
قال الرحمتي ولأنه لا يزيد على النفقة وهي تسقط بالمضي
قوله ( لأن القسمة تكون بعد الطلب ) علة لقوله هدر ما مضى وقدمنا عن البدائع أن سبب وجوب القسم عقد النكاح ولهذا بأثم بتركه قبل الطلب وهذا يؤيد بحث الفتح
وقد يجاب بأن المعنى أن الإجبار على القسمة من القاضي يكون بعد الطلب وإلا لزم أنها لو طالبته بها ثم جار يلزمه القضاء وهو مخالف لما قدمناه عن الخانية من قوله قبل الخصومة أو بعدها وكذا تعليل المسألة في البزازية وغيرها بأن القسم لا يصير دينا في الذمة فإنه يشمل ما بعد الطلب
قوله ( بعد نهي القاضي ) أفاد أنه لا يعزر بالمرة الأولى وبه صرح في البحر ط
قوله ( عزر بغير حبس ) بل يوجعه عقوبة ويأمره بالعدل لأنه أساء الأدب وارتكب ما هو محرم عليه وهو الجور
معراج
وهذا مستثنى من قولهم إن للقاضي الخيار في التعزير بين الضرب والحبس
بحر
قلت ومثله ما لو امتنع من الإنفاق على قريبه
قوله ( لتفويته الحق ) الضمير للحبس
ويؤيده قول الجوهرة
____________________
(3/205)
لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان اه أي لما مر أن القسم للصحبة والمؤانسة ولا شك أنه في مدة الحبس يفوتها ذلك وكذا عللوا لعدم الحبس بالامتناع من الإنفاق على قريبه فافهم
قوله ( فحينئذ يقضي القاضي بقدره ) أي للتي خاصمت ومفهومه أنه لو لم يقل ذلك يسقط ما مضى مع أن هذا بعد المخاصمة والطلب لما علمت من أن القسم لا يصير دينا وأطلق القدر مع أن فيه كلاما يأتي
قوله ( والبكر الخ ) نص على الأوليين لأن فيهما خلاف الأئمة الثلاثة وعلى الأخيرة لدفع ما يتوهم من عدم مساواة الكتابية للمسلمة بسبب ارتفاعها عليها بالإسلام
أفاده في النهر
ولعله لم يقتصر على قوله والجديدة والقديمة ليشمل لو كانت البكر والثيب جديدتين بأن تزوجهما معا
تأمل
قوله ( لإطلاق الآية ) أي قوله تعالى { ولن تستطيعوا أن تعدلوا } سورة النساء الآية 4 أي في المحبة { فلا تميلوا } في القسم قاله ابن عباس وقوله تعالى { وعاشروهن بالمعروف } سورة النساء الآية 19 وغايته القسم وقوله تعالى { فإن خفتم ألا تعدلوا } سورة النساء الآية 3 ولإطلاق أحاديث النهي ولأن القسم من حقوق النكاح ولا تفاوت بينهما في ذلك
وأما ما روي من نحو للبكر سبع وللثيب ثلاث فيحتمل أن المراد التفضيل في البداءة دون الزيادة فوجب تقديم الدليل القطعي كما في البحر
وفي شرح درر البحار أن الحديث لا يدل على نفي التسوية بل على اختيار الدور بالسبع والثلاث جمعا بينه وبين ما روينا قوله ( وللأمة الخ ) أي إذا كان له زوجتان أمة وحرة فللأمة النصف وهذا إذا بوأها السيد منزلا ولم أر من ذكره وكأنه لظهوره
قوله ( أما النفقة ) هي الأكل والشرب واللبس والمسكن
قوله ( فبحالهما ) أي إن كان كل من الزوج والزوجة غنيين فالواجب نفقة الأغنياء أو فقيرين فنفقة الفقراء أو مختلفين فالوسط وهذا هو المفتى به كما مر وقدمنا أن كلام المصنف والشارح محمول عليه فافهم
قوله ( ولا قسم في السفر الخ ) لأنه لا يتيسر إلا بحملهن معه وفي إلزامه ذلك من الضرر ما لا يخفى
نهر
ولأنه قد يثق بإحداهما في السفر وبالأخرى في الحضر والقرار في المنزل لحفظ الأمتعة أو لخوف الفتنة أو يمنع من سفر إحداهما كثرة سمنها فتعين من يخاف صحبتها في السفر للسفر لخروج قرعتها إلزام للضرر الشديد وهو مندفع بالنافي للحرج
فتح
وانظر ما لو سافر بهن هل يقسم
قوله ( والقرعة أحب ) وقال الشافعي مستحقة لما رواه الجماعة من أنه كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فمن خرج سهمها خرج بها معه قلنا كان استحبابا لتطييب قلوبهن لأن مطلق الفعل لا يقتضي الوجوب مع أنه لم يكن القسم واجبا عليه وتمامه في الفتح والبحر
وهذا مع قوله قبله فتعيين من يخاف صحبتها الخ صريح في أن من خرجت قرعتها لا يلزمه السفر بها
قوله ( صح ) شمل ما لو كان بشرط رشوة منه أو منها وإن بطل الشرط كما أوضحه في الفتح خلافا لما بحثه الباقاني لأنه اعتياض عن حق لم يجب ولذا لم يسقط حقها
ولا يقال إنه مثل أخذ العوض في النزول عن الوظائف لأن من أجازه بناه على العرف ولا عرف هنا فتدبر
نعم ذكر بعض الشافعية أنه يستنبط من هذه المسألة ومن خلع الأجنبي عن مال جواز النزول عن الوظائف بالدراهم وأنه أفتى به شيخ الإسلام زكريا من الشافعية والشيخ نور الدين الدميري من المالكية والشيشي من الحنابلة
____________________
(3/206)
قلت واضطرب فيه رأي المتأخرين من الحنفية وأفتى الخير الرملي بعدمه وسيأتي تمام الكلام عليه إن شاء الله تعالى في الوقف
قوله ( لأنه ) أي حقها وهو القسم ما وجب أي لم يجب بعد فما سقط أي فلم يسقط بأسقاطها ح
قوله ( وفي البحر بحثا نعم ) حيث قال ولعل المشايخ إنما لم يعتبروا هذا التفصيل لأن هذه الهبة إنما هي إسقاط عنه فكان الحق له سواء وهبت له أو لصاحبتها فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء ح
قوله ( ونازعه في النهر ) حيث قال أقول كون الحق له فيما إذا وهبت لصاحبتها ممنوع
ففي البدائع في توجيه المسألة بأنه حق يثبت لها فلها أن تستوفي ولها أن تترك اه
ح
أقول وقد نقل المحقق ابن الهمام ما ذكره الشافعية وأقره غير أنه قال وفرعوا إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين وإن كانت لا تليها فهل له نقلها فيوالي لها ليلتين على قولين للشافعية والحنابلة والأظهر عندي أن ليس له ذلك إلا برضا التي تليها في النوبة لأنها قد تتضرر بذلك اه
فما استظهره المحقق يقتضي ترجيح ما في النهر بالأولى
قوله ( لكن الخ ) قال في الفتح لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى بل ذلك في البيتوتة وأما النهار ففي الجملة اه يعني لو مكث عند واحدة أكثر النهار كفاه أن يمكث عند الثانية ولو أقل منه بخلافه في الليل
نهر
قوله ( ولا يجامعها في غير نوبتها ) أي ولو نهارا ط
قوله ( يعني إذا لم يكن الخ ) هذا التقييد لصاحب النهر بحثا وهو ظاهر وأطلقه في الشرنبلالية ط
قوله ( ولو مرض هو في بيته ) هذا إذا كان له بيت ليس فيه واحدة منهن وإلا فإن لم يقدر على التحول إلى البيت الأخرى يقيم بعد الصحة عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا كما قدمناه عن البحر
قوله ( ولا يقيم عن إحداهما أكثر الخ ) لم يبين ما لو أقام أكثر من ثلاثة أيام هل يهدر الزائد أو يقيم عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى ثم يقسم بينهما ثلاثة وثلاثة أو يوما ويوما والظاهر الثاني لأن هدر ما مضى فيما إذا أقام عند إحداهما لا على سبيل القسم كما تقدم وهنا في الإقامة على سبيل القسم فلا يهدر شيء ويؤيده ما في الخانية من أنه لو أقام عند الجديدة ثلاثة أيام أو سبعة أيام يقيم عند الأولى كذلك اه
لكن ظاهره أن له أن يجعل الدور مستمرا ثلاثة أو سبعة وهذا مخالف لما ذكره المصنف ويؤيده ما قدمناه عن شرح درر البحار في التوفيق بين الأدلة أن الحديث يدل على اختيار الدور بالسبع أو الثلاث
تأمل
وعن هذا نقل القهستاني عن الخانية والسراجية وغيرهما أن له أن يقيم عند امرأته ثلاثة أو سبعة وعند أخرى كذلك اه
والذي في الخانية هو ما ذكرناه
وفي كافي الحاكم الشهيد يكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة وإن شاء أن يجعل لكل واحدة منهما ثلاثة أيام فعل
وروي عن الأشعث عن الحكم عن رسول الله أنه قال لأم سلمة حين دخل بها إن شئت سبعة لك وسبعة لهن اه
ومقتضى روايته الحديث أن له التسبيع بل في غاية البيان إن شاء ثلث لكل واحدة
____________________
(3/207)
وإن شاء سبع إلى غير ذلك
قوله ( زاد في الخانية ) يوهم أن عبارة الخانية صريحة في الحصر كعبارة الخلاصة وليس كذلك فإن الذي فيها عليه أن يسوي بينهما فيكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها والرأي في البداية إليه اه
فالظاهر أن هذا بيان للأفضل لا لنفي الزيادة بقرينة عبارته المارة
تأمل
قوله ( وقيده في الفتح ) أي قيد كلام الهداية المذكور حيث قال اعلم أن هذا الإطلاق لا يمكن اعتباره على صراحته لأنه لو أراد أن يدور سنة سنة ما يظن إطلاق ذلك بل ينبغي أن يطلب له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر وإذا كان وجوبه للتأنس ورفع الوحشة وجب أن تعتبر المدة القريبة وأظن أن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا اه
فقوله وأظن الخ إضراب إبطالي عن مدة الإيلاء فيناسب أن تكون أو في قول الشارح أو جمعة بمعنى بل كما في قول الشاعر كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ح
قوله ( وعممه في البحر ) حيث قال والظاهر الإطلاق لأنه لا مضارة حيث كان على وجه القسم لأنها مطمئنة بمجيء نوبتها
قوله ( ونظر فيه في النهر ) حيث قال في نفي المضارة مطلقا نظر لا يخفى اه
قلت وأيضا فإن الاطمئنان بمجيء النوبة منتف مع طول المدة كسنة مثلا لاحتمال موته أو موتها مع ما فيه من تفويت المعنى الذي شرع القسم لأجله وهو الاستئناس
قوله ( وظاهر بحثهما ) أي صاحب الفتح والبحر كما في المنح ح
قوله ( من التقييد بالثلاثة أيام ) قد علمت ما ينافي هذا التقييد
قوله ( وهو حسن ) كذا قاله في النهر
قوله ( في كل مباح ) ظاهره أنه عند الأمر به منه يكون واجبا عليها كأمر السلطان الرعية به ط
قوله ( ومن أكل ما يتأذى به ) أي برائحته كثوم وبصل
ويؤخذ منه أنه لو تأذى من رائحة الدخان المشهور له منعها من شربه
قوله ( بل ومن الحناء ) ذكره في الفتح بحثا أخذا مما قبله
قوله ( وتمامه فيما علقته على الملتقى ) وعبارته عن الخانية معزيا للمنتقى لو كان له امرأة وسراري أمر بيوم وليلة من أربع عندها وفي البواقي عند من شاء منهن وكذا لو كان له ثلاثة نسوة أمر بيوم وليلة عند كل منهن ويقيم في يوم وليلة عند من شاء من السراري ولو له أربعة أقام عند كل يوما وليلة ولم يكن عند السراري إلا وقفة المار
ويكره للرجل أن يطأ امرأته وعندها صبي يعقل أو أعمى أو ضرتها أو أمتها أو أمته اه
ثم قال ولا يجمع بين الضرائر إلا بالرضا ولو قالت لا أسكن مع أمتك ليس لها ذلك ولو أقام عند الأمة يوما فعتقت يقيم عند الحرة يوما وكذلك العكس اه أي لو أقام عند الحرة يوما فعتقت زوجته الأمة يتحول إلى المعتقة ولا يكمل للحرة يومين تنزيلا للحرية انتهاء منزلتها ابتداء كما في المعراج
أقول وما نقله أولا عن المنتقى مبني على رواية الحسن المرجوع عنها كما تقدم من أن للحرة يوما وليلة من كل أربع هكذا خطر لي
ثم رأيت الشرنبلالي صرح به في رسالته ( تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات ) وقال ولم أر من نبه على ذلك
ومبنى الرسالة على سؤال في رجل له زوجتان وجوار يقسم للزوجين ثم يبيت عند جواريه ما شاء ثم يرجع إلى
____________________
(3/208)
زوجتيه ويقسم لهما
أجاب بالجواز أخذا من قول ابن الهمام اللازم أنه إذا بات عند واحدة ليلة يبيت عند الأخرى كذلك لا أنه يجب أن يبيت عند واحدة منهما دائما فإنه لو ترك المبيت عند الكل بعض الليالي وانفرد لم يمنع من ذلك اه يعني بعد تمام دورهن وسواء انفرد بنفسه أو كان مع جواريه اه
فافهم والله سبحانه أعلم
باب الرضاع لما كان من المقصود من النكاح الولد وهو لا يعيش غالبا في ابتداء إنشائه إلا بالرضاع وكان له أحكام تتعلق به وهي من آثار النكاح المتأخرة عنه بمدة وجب تأخيره إلى آخر أحكامه ثم قيل كتاب الرضاع ليس من تصنيف محمد إنما عمله بعض أصحابه ونسبه إليه ليروجه ولذا لم يذكره الحاكم أبو الفضل في مختصره المسمى بالكافي مع التزامه إيراد كلام محمد في جميع كتبه محذوفة التعاليل وعامتهم على أنه من أوائل مصنفاته وإنما لم يذكره الحاكم اكتفاء بما أورده من ذلك في كتاب النكاح
فتح قوله ( بفتح وكسر ) ولم يذكروا الضم مع جوازه لأنه بمعنى أن ترضع معه آخر كما في القاموس
وفيه أن فعله جاء من باب علم في لغة تهامة وهي ما فوق نجد ومن باب ضرب في لغة نجد وجاء من باب كرم
نهر
زاد في المصباح لغة أخرى من باب فتح مصدره رضاعا ورضاعة بالفتح
قوله ( مص الثدي ) قال في المصباح الثدي للمرأة ويقال في الرجل أيضا قال ابن السكيت يذكر ويؤنث اه
وهذا التعريف قاصر لأنه في اللغة يعم المص ولو من بهيمة فالأولى ما في القاموس هو لغة شرب اللبن من الضرع والثدي ط
قوله ( آدمية ) خرج بها الرجل والبهيمة
بحر
قوله ( أو آيسة ) ذكره في النهر أخذا من إطلاقهم قال وهو حادثة الفتوى قوله ( وألحق بالمص الخ ) تعريض بالرد على صاحب البحر حيث قال التعريف منقوض طردا إذ قد يوجد المص ولا رضاع إن لم يصل إلى الجوف وعكسا إذ قد يوجد الرضاع ولا مص كما في الوجور والسعوط
ثم أجاب بأن المراد بالمص الوصول إلى الجوف من المنفذين وخصه لأنه سبب للوصول فأطلق السبب وأراد المسبب
واعترضه في النهر بأن المص يستلزم الوصول إلى الجوف لما في القاموس مصصته شربته شربا رقيقا وجعل الوجور والسعوط ملحقين بالمص
وفي المصباح الوجور بفتح الواو الدواء يصب في الحلق وأوجرت المريض إيجارا فعلت به ذلك ووجرته أجره من باب وعد لغة
والسعوط كرسول دواء يصب في الأنف والسعوط كقعود مصدر وأسعطته الدواء يتعدى إلى مفعولين
قوله ( في وقت مخصوص ) قد يقال إنه لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالرضيع وذلك أنه بعد المدة لا يسمى رضيعا نص عليه في العناية
نهر
وفيه نظر
والذي في العناية أن الكبير لا يسمى رضيعا ذكره ردا على من سوى في التحريم بين الكبير والصغير
قوله ( عن العون ) كذا في عامة النسخ وفي بعضها عن العيون بالياء بين العين والواو وهو اسم كتاب أيضا وهو الذي رأيته في النهر وفي تصحيح القدوري أيضا فافهم
قوله ( لكن الخ ) استدراك على قوله وبه يفتي وحاصله أنهما قولان أفتى بكل منهما ط
____________________
(3/209)
قوله ( أي مدة كل منهما ثلاثون ) تقدير المضاف ليس لصحة الحمل لأن الإخبار بالزمان عن المعنى صحيح بلا تقدير فافهم بل لبيان حاصل المعنى
قال في الفتح ووجهه أنه سبحانه ذكر شيئين وضرب لهما مدة فكانت لكل واحدة منهما بكمالها كالأجل المضروب لدينين على شخصين بأن قال أجلت الدين الذي على فلان والدين الذي على فلان سنة يفهم منه أن السنة بكمالها لكل
قوله ( غير أن النقص ) أي عن الثلاثين في الأول يعني في مدة الحمل أي أكثر مدته قام أي تحقق وثبت
قوله ( لا يبقى الولد الخ ) الذي في الفتح الولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل وفي رواية ولو بقدر ظل مغزل وسنخرجه في موضعه اه
وفلكة المغزل كتمرة معروفة
مصباح وهو على تقدير مضاف وقد جاء صريحا في شرح الإرشاد ولو بدور فلكة مغزل والغرض تقليل المدة
مغرب
قوله ( ومثله لا يعرف إلا سماعا ) لأن المقدرات لا يهتدي العقل إليها
فتح أي فهو من حكم المرفوع المسموع من النبي
قوله ( والآية مؤولة ) أي قابلة للتأويل بمعنى آخر فلم تكن قطعية الدلالة على المعنى الأول فجاز تخصيصها بخبر الواحد
قوله ( لتوزيعهم ) أي العلماء كالصاحبين وغيرهما الأجل أي ثلاثون شهرا على الأقل أي أقل مدة الحمل وهو ستة أشهر والأكثر أي أكثر مدة الرضاع وهو سنتان فالثلاثون بيان لمجموع المدتين لا لكل واحدة
قوله ( على أن الخ ) ترق في الجواب
وفيه إشارة إلى ما أورده في الفتح على دليل الإمام المار من أنه يستلزم كون لفظ ثلاثين مستعملا في إطلاق واحد في مدلول ثلاثين وفي أربعة وعشرين وهو الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد ومن أن أسماء العدد لا يتجوز بشيء منها في الآخر نص عليه كثير من المحققين لأنها بمنزلة الأعلام على مسمياتها اه
وأجاب الرحمتي بأن حمله وفصاله مبتدآن وثلاثون خبر عن أحدهما أي الثاني وحذف خبر الآخر فأحد الخبرين مستعمل في حقيقته والآخر في مجازه فلا جمع في لفظ واحد
وعن الثاني بأنه أطلق أشهر في قوله تعالى { الحج أشهر معلومات } سورة البقرة الآية 197
على شهرين وبعض الثالث اه
قلت وفيه أن الشهر ليس من أسماء العدد فالمناسب الجواب بما قاله الجمهور من أن عشرة إلا اثنين أريد به ثمانية كما أشار إليه في الفتح لكن هذا خاص بالاستثناء والكلام ليس فيه
قوله ( كما أفاده في رسم المفتي ) المفيد لذلك الإمام قاضيخان في فضل رسم المفتي من أول فتاواه بطريق الإشارة لا بصريح العبارة
قوله ( لكن الخ ) استدراك على قوله الواجب على المقلد الخ فإنه يفيد وجوب اتباعه سواء وافقه صاحباه أو خالفاه وهو قول عبد الله بن المبارك
قوله ( قيل يخير المفتي ) أي وقيل لا يخير مطلقا كما علمت فهذا قول ثان
قال في السراجية والأول أصح إن لم يكن المفتي مجتهدا ومفاده اختيار القول الثاني أي التخيير إن كان مجتهدا ولا يخفى أن تخيير المجتهد إنما هو في النظر في الدليل وهذا معنى قول الحاوي والأصح أن العبرة لقوة الدليل لأن قوة الدليل لا تظهر لغير المجتهد في المذهب
تأمل
وتمام تحرير هذه المسألة في شرح أرجوزتي في رسم المفتي
قوله ( والأصح أن العبرة لقوة الدليل ) قال في البحر ولا يخفى قوة دليلهما فإن قوله تعالى { والوالدات يرضعن } سورة البقرة الآية 233 يدل على أنه
____________________
(3/210)
لا رضاع بعد التمام وأما قوله تعالى { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما } سورة البقرة الآية 233 فإنما هو قبل الحولين بدليل تقييده بالتراضي والتشاور وبعدهما لا يحتاج إليهما وأما الاستدلال صاحب الهداية للإمام بقوله تعالى { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } سورة الأحقاف الآية 15 بناء على أن المدة لكل منهما كما مر فقد رجع إلى الحق في باب ثبوت النسب من أن الثلاثين لهما للحمل ستة أشهر والعامان للفصال اه
قوله ( أما لزوم أجر الرضاع الخ ) وكذا وجوب الإرضاع على الأم ديانة
نهر
عن المجتبى
قوله ( في المدة فقط ) أما بعدها فإنه لا يوجب التحريم
بحر
قوله ( فما في الزيلعي ) أي من قوله وذكر الخصاف أنه إن فطم قبل مضي المدة واستغنى بالطعام لم يكن رضاعا وإن لم يستغن تثبت به الحرمة وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وعليه الفتوى
قوله ( لأن الفتوى الخ ) ولأن الأكثرين على الأول كما في النهر
قوله ( ولم يبح الإرضاع بعد مدته ) اقتصر عليه الزيلعي وهو الصحيح كما في شرح المنظومة
بحر
لكن في القهستاني عن المحيط لو استغنى في حولين حل الإرضاع بعدهما إلى نصف ولا تأثم عند العامة خلافا لخلف بن يعقوب اه
ونقل أيضا قبله عنه إجارة القاعدي أنه واجب إلى الاستغناء ومستحب إلى حولين وجائز إلى حولين ونصف اه
قلت قد يوثق بحمل المدة في كلام المصنف على حولين بقرينة أن الزيلعي ذكره بعدها وحينئذ فلا يخالف قول العامة
تأمل
قوله ( وفي البحر ) عبارته وعلى هذا أي الفرع المذكور لا يجوز الانتفاع به للتداوي
قال في الفتح وأهل الطب يثبتون للبن البنت أي الذي نزل بسبب بنت مرضعة نفعا لوجع العين واختلف المشايخ فيه قيل لا يجوز وقيل يجوز إذا علم أنه يزول به الرمد
ولا يخفى أن حقيقة العلم متعذرة فالمراد إذا غلب على الظن وإلا فهو معنى المنع اه
ولا يخفى أن التداوي بالمحرم لا يجوز في ظاهر المذهب
أصله بول ما يؤكل لحمه فإنه لا يشرب أصلا اه
قوله ( بالمحرم ) أي المحرم استعماله طاهرا كان أو نجسا ح
قوله ( كما مر ) أي قبيل فصل البئر حيث قال فرع اختلف في التداوي بالمحرم وظاهر المذهب المنع كما في إرضاع البحر لكن نقل المصنف ثمة وهنا عن الحاوي وقيل يرخص إذا علم فيه الشفاء ولم يعلم دواء آخر كما خص الخمر للعطشان وعليه الفتوى اه ح
قلت لفظ وعليه الفتوى رأيته في نسختين من المنح بعد القول الثاني كما ذكره الشارح كما علمته وكذا رأيته في الحاوي القدسي فعلم أن ما في نسخة ط تحريف فافهم
قوله ( وللأب إجبار أمته الخ ) لأنها لا حق لها في التربية في حال رقها بل الحق له لأنها ملكه وكذا الحكم في ولدها من غيره لأنه ملك له
رحمتي
قلت والظاهر أن للمولى إجبارها أيضا وإن شرط الزوج حرية الأولاد لأن الرضاع يهزلها ويشغلها عن خدمته
قوله ( على الإرضاع ) الإطلاق شامل لولده منها أو من غيرها ولولد أجنبي بأجرة أو بدونها لأن له
____________________
(3/211)
استخدامها بما أراد
قوله ( بنوعيه ) أي الإجبار على الفطام وعلى الإرضاع
قوله ( مع زوجته الحرة ) أما زوجته الأمة فالحق لسيدها وإن شرط الزوج حرية الأولاد فيما يظهر كما ذكرناه آنفا فافهم
قوله ( ولو قبلهما ) أي قبل الحولين وهذا التعميم المستفاد من زيادة لو صحيح بالنسبة إلى عدم الإجبار على الرضاع أي ليس له إجبارها عليه في القضاء ما لم تتعين لذلك في المدة بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو لم يكن للأب لا للصغير مال كما سيأتي في الحضانة والنفقة أما بالنسبة إلى النوع الآخر وهو عدم الإجبار على الفطام فإنما يصح قبل الحولين وأما بعدهما فالظاهر أنه يجبرها على الفطام لما أن الإرضاع بعدهما حرام على القول بأن مدته الحولان
تأمل ح بزيادة
قلت وما استظهره مبني على ظاهر كلام المصنف السابق وقدمنا الكلام فيه
قوله ( ولو بين الحربيين ) قال في البحر وفي البزازية والرضاع في دار الإسلام ودار الحرب سواء حتى إذا رضع في دار الحرب وأسلموا وخرجوا إلى دارنا تثبت أحكام الرصاع فيما بينهم اه ح
قوله ( وإن قل ) أشار به إلى نفي قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد أنه لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات مشبعات لحديث مسلم لا تحرم لمصة ولمصتان وقول عائشة رضي الله عنها كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخ بخمس رضعات معلومات يحرمن فتوفي رسول الله وهي فيما يقرأ من القرآن رواه مسلم
والجواب أن التقدير منسوخ صرح بنسخه ابن عباس وابن مسعود
وروي عن ابن عمر أنه قيل له إن ابن الزبير يقول لا بأس بالرضعة والرضعتين فقال قضاء الله خير من قضائه
قال تعالى { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } سورة النساء الآية 23 فهذا إما أن يكون ردا للرواية بنسخها أو لعدم صحتها أو لعدم إجازته تقييد إطلاق الكتاب بخبر الواحد وهذا معنى قوله في الهداية إنه مردود بالكتاب أو منسوخ به
وأما ما روته عائشة فالمراد به نسخ الكل نسخا قريبا حتى أن من لم يبلغه كان يقرؤها وإلا لزم ضياع بعض القرآن كما تقوله الروافض وما قيل ليكره نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فليس بشيء لأن إدعاء بقاء حكمه بعد نسخه يحتاج إلى دليل وتمام ذلك مبسوط في الفتح والتبيين وغيرهما
تنبيه نقل ط عن الخيرية أنه لو قضى شافعي بعدم الحرمة برضعة نفذ حكمه وإذا رفع إلى حنفي أمضاه اه
فتأمل
قوله ( لا غير ) يأتي محترزه في قول المصنف والاحتقان والإقطار في أذن وجائفة وآمة
قوله ( فلو التقم الخ ) تفريع على التقييد بقوله إن علم
وفي القنية امرأة كانت تعطي ثديها صبية واشتهر ذلك بينهم ثم تقول لم يكن في ثديي لبن ألقمتها ثديي ولم يعلم ذلك إلا من جهتها جاز لابنها أن يتزوج بهذه الصبية اه ط
وفي الفتح لو أدخلت الحلمة في في الصبي وشكت في الارتضاع لا تثبت الحرمة بالشك ثم قال والواجب على النساء أن لا يرضعن كل صبي من غير ضرورة وإذا أرضعن فليحفظن ذلك وليشهرنه ويكتبنه احتياطا اه
____________________
(3/212)
وفي البحر عن الخانية يكره للمرأة أن ترضع صبيا بلا إذن زوجها إلا إذا خافت هلاكه
قوله ( ثم لم يدر ) أي لم يدر من أرضعها منهم فلا بد أن تعلم المرضعة
قوله ( إن لم تظهر علامة ) لم أر من فسرها ويمكن أن تمثل بتردد المرأة ذات اللبن على المحل الذي فيه الصبية أو كونها ساكنة فيه فإنه أمارة قوية على الإرضاع ط
قوله ( ولم يشهد بذلك ) بالبناء للمجهول والجار والمجرور نائب الفاعل
قوله ( جاز ) هذا من باب الرخصة كي لا ينسد باب النكاح وهذه المسألة خارجة عن قاعدة الأصل في الإرضاع التحريم ومثلها ما لو اختلطت الرضيعة بنساء يحصرن وهذا بخلاف المسألة الأولى فإنه لا حاجة إلى إخراجها لأن سبب الحرمة غير متحقق فيها كذا أفاده في الأشباه
قوله ( أمومية ) بالرفع فاعل يثبت قال القهستاني والأمومة مصدر هو كون الشخص أما اه
قوله ( وأبوة زوج مرضعة لبنها منه ) المراد به اللبن الذي نزل منها بسبب ولادتها من رجل زوج أو سيد فليس الزوج قيدا بل خرج مخرج الغالب
بحر
وأما إذا كان اللبن من زنى ففيه خلاف سيذكره الشارح ويأتي الكلام فيه
قوله له أي للرضيع وهو متعلق بالأبوة ح أي لأنه مصدر معناه كونه أبا
ط
قوله ( كما سيجيء ) أي في قوله طلق ذات لبن ح
قوله ( أي بسببه ) أشار إلى أن من بمعنى باء السببية ط
قوله ( ما يحرم من النسب ) معناه أن الحرمة بسبب الرضاع معتبرة بحرمة النسب فشمل زوجة الابن والأب من الرضاع لأنها حرام بسبب النسب فكذا بسبب الرضاع وهو قول أكثر أهل العلم كذا في المبسوط
بحر
وقد استشكل في الفتح الاستدلال على تحريمها بالحديث لأن حرمتها بسبب الصهرية لا النسب ومحرمات النسب هي السبع المذكورة في آية التحريم بل قيد الأصلاب فيها يخرج حليلة الأب والابن من الرضاع فيفيد حلها وتمامه فيه
قوله ( رواه الشيخان ) أشار به إلى أنه حديث لكن فيه تغيير اقتضاه تركيب المتن وهو زيادة الفاء ووضع المضمر موضع الظاهر وأصله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وتقدم أنه يجوز رواية الحديث بالمعنى للعارف على أن المصنف لم يقصد رواية الحديث ط
قوله ( يفارق النسب الإرضاع ) بنصب النسب ورفع الإرضاع ح
ولعله إنما نسبت إليه المفارقة وإن كان مفاعلة من الجانبين لأنه الفرع والنسب هو الأصل المعتبر في التحريم والمفارقة غالبا تكون من العارض ط
قوله ( وفي صور ) أي سبع وإنما كانت إحدى وعشرين باعتبار تعلق الرضاع بالمضاف أو المضاف إليه أو بهما كما سيأتي إيضاحه
ولا يخفى عليك أن المذكور في البيتين ست صور فإن قوله وأم أخ مكرر مع قوله وأم أخت إذ كل واحدة من هذه المذكورات كذلك فإن أخت البنت مثل أخت الابن وأم الخالة مثل أم الخال وقس عليه ح
قوله ( كأم نافلة ) أشار بالكاف إلى عدم الحصر في ذلك لما قال في الفتح إن المحرم في الرضاع وجود المعنى المحرم في النسب فإذا انتفى في شيء من صور الرضاع انتفت الحرمة فيستفاد أنه لا حصر فيما ذكر اه فافهم
والنافلة الزيادة تطلق على ولد الولد لزيادته على الولد الصلبي وتقدم أن كل صورة من هذه السبع تتفرع إلى ثلاث صور فولد ولدك إذا كان نسبيا وله أم من الرضاع تحل لك بخلاف أمه من النسب لأنها حليلة ابنك وإن كان رضاعيا بأن رضع من زوجة ابنك ولهذا الرضيع أم نسبية أو رضاعية أخرى تحل لك
قوله ( أو جدة الولد ) صادق بأن يكون الولد رضاعيا بأن رضع من
____________________
(3/213)
زوجتك وله جدة نسبية أو جدة أم أم أخرى أرضعته وبأن يكون نسبيا له جدة رضاعية بخلاف النسبية فلا تحل لك لأنها أمك أو أم زوجتك
واحترز بجدة الولد عن أم الولد لأنها حلال من النسب وكذا من الرضاع
قوله ( وأم أخت ) صادق بأن يكون كل منهما من الرضاع كأن يكون لك أخت من الرضاع لها أم أخرى من الرضاع أرضعتها وحدها وبأن تكون الأخت فقط من الرضاع لها أم نسبية وبأن تكون الأم فقط من الرضاع كأن تكون لك أخت نسبية لها أم رضاعية بخلاف النسبية لأنها إما أمك أو حليلة أبيك
قوله ( وأخت ابن ) أي كل منهما رضاعي أو الأول رضاعي والثاني نسبي أو العكس بخلاف ما إذا كان كل منهما نسبيا فلا تحل أخت الابن لأنها إما بنتك أو ربيبتك ومن هنا يعلم ما إذا رضع ولدك من أم أمه فإن أمه لا تحرم عليك لكونها أخت ابنك رضاعا
أفاده الرملي ط
وأخت البنت كأخت الابن
وأورد أنه يتصور الحل في أخت ابنه وبنته نسبا بأن يدعي شريكان في أمة ولدها فإذا كان لكل منهما بنت من غير الأمة حل لشريكه التزوج بها وهي أخت ولده نسبا من الأب
وألغز بها في شرح الوهبانية وأجاب عنها
شرنبلالية
قوله ( وأم أخ ) الكلام فيه كالكلام في أم الأخت وفيه ما مر عن ح
قوله ( وأم خال ) فيه الصور الثلاث أما إذا كانا نسبيين فلا تحل لأن أم خالك من النسب جدتك أو منكوحة جدك
قوله ( وعمة ابن ) فيه الصور الثلاث أيضا بأن يكون كل منهما رضاعيا كأن رضع صبي من زوجتك ورضع أيضا من زوجة رجل آخر له أخت فهذه الأخت عمة ابنك من الرضاع أو الأول رضاعيا فقط بأن يكون ذلك الرضيع ابنك من النسب أو الثاني فقط بأن يكون ابنك من الرضاع له عمة من النسب بخلاف ما لو كان كل منهما من النسب فإن العمة لا تحل لك لأنها أختك
قوله ( استثناء منقطع الخ ) جواب عن قول البيضاوي إن استثناء أخت ابنه وأم أخيه من الرضاع من هذا الأصل ليس بصحيح فإنما حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب اه
فعدم الصحة مبني على جعل الاستثناء متصلا
وفيه جواب أيضا عن قوله في الغاية إن هذا تخصيص للحديث بدليل عقلي
وبيان الجواب ما قاله الزيلعي إن هذا سهو فإن الحديث يوجب عموم الحرمة لأجل الرضاع حيث وجدت الحرمة لأجل النسب وحرمة أم أخيه من النسب لا لأجل أنها أم أخيه بل لكونها أمه أو موطوءة أبيه ألا ترى أنها تحرم عليه وإن لم يكن له أخ وكذا أخت ابنه من النسب إنما حرمت عليه لأجل أنها بنته أو بنت امرأته بدليل حرمتها وأن لم يكن له ابن وهذا المعنى يوجب الحرمة في الرضاع أيضا حتى لا يجوز له أن يتزوج بأمه ولا موطوءة أبيه ولا بنت امرأته كل ذلك من الرضاع فبطل دعوى التخصيص اه
وحاصله يرجع إلى أن الاستثناء منقطع كما قال الشارح لعدم تناول الحديث له
هذا وقد اعترض ح قول الشارح تبعا للبيضاوي إن حرمة من ذكر بالمصاهرة بأن فيه نظرا من وجهين الأول أن المصاهرة لا تتصور في عمة ولده لأنها أخته الشقيقة أو لأب أو لأم وكذا في بنت عمة ولده لأنها بنت أخته الشقيقة أو لأب أو لأم
الثاني أن المصاهرة في الصور السبعة الباقية إنما تتصور على تقدير واحد فقط
وعلى التقدير الآخر أو التقديرين الآخرين فالحرمة بالنسب لا بالمصاهرة
____________________
(3/214)
بيان ذلك أن أم أخيك إنما تكون حرمتها بالمصاهرة إذا كان الأخ أخا لأب فإن أمه حينئذ امرأة أبيك بخلاف الأخ الشقيق أو لأم فإن حرمة أمه بالنسب لأنها أمك وحرمة أخت ابنك النسبي إنما تكون بالمصاهرة إن كان أخت الابن لأمه لأنها ربيبتك بخلافها شقيقة أو لأب فإنها بنتك وحرمة جدة ابنك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم أمه لأنها أم امرأتك بخلافها أم أبيه لأنها أمك وحرمة أم عمك إنما تكون بالمصاهرة لو العم لأب بخلافه لو شقيقا أو لأم لأنها جدتك ومثل العم أو الخال وحرمة بنت ولدك إنما تكون بالمصاهرة لو كانت الأخت لأم لأنها تكون بنت ربيبتك بخلافها شقيقة أو لأب لأنها بنت بنتك وحرمة أم ولد ولدك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم ابن ابنك لأنها حليلة ابنك بخلاف أم بنت بنتك فإنها بنتك فقد ظهر أن التعليل بهذا غير صحيح بل التعليل الصحيح ما ذكره بقوله فإن حرمة أم أخته الخ كما سنبينه اه
أقول والجواب عن الأوب أن قول الشارح إن حرمة من ذكر بالمصاهرة المراد بمن ذكر هو أم أخيه وأخته لأنه هو الذي سبق ذكره دون بقية الصور الآتية ولأنه ذكر بعده تعليلا آخر شاملا للجميع وهو قوله فإن حرمة أم أخته وأخيه الخ مع قوله وقس عليه أخت ابنه الخ كما سنوضحه
وعن الثاني أعني قوله إن المصاهرة إنما تتصور على تقدير واحد فقط بأن المراد هو ذلك التقدير
وبيان ذلك أن الحديث دل على أن كل ما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع فيقال تحرم الأم نسبا فكذا تحرم الأم رضاعا
وتحرم البنت نسبا فكذا تحرم البنت رضاعا وهكذا إلى آخر المحرمات النسبية فأم أخيك الشقيق أو لأم إنما تحرم لكونها أمك لا لكونها أم أخيك ولذا تحرم عليك ولو لم يكن لك أخ منها فلا يحسن أن يقال تحرم أم الأخ الشقيق أو لأم لأنه يتكرر مع قولهم تحرم الأم فعلم أن المراد أم الأخ لأب فقط ولما ورد عليه أن أم الأخ لأب إنما حرمت بالمصاهرة والحديث إنما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب لا على حرمة المصاهرة
أجاب بأن الاستثناء منقطع وكذا يقال أخت الابن إذا كانت شقيقة أو لأب إنما تحرم لكونها بنتك وقد علم تحريم البنت من النسب فيراد بها الأخت لأم لأنها ربيبتك فلم تعلم حرمتها من محرمات النسب فلم تكن تكرارا لكن لما لم تدخل في الحديث كان استثناؤها منقطعا وهكذا يقال في البواقي
والحاصل أن الحديث لما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب وكان ما يحرم من النسب من نظائر هذه المستثنيات قد يحرم من النسب على تقدير ومن المصاهرة على تقدير لم يصح أن يراد منه التقدير الأول لأنه يلزم منه التكرار بلا فائدة فتعين إرادة التقدير الثاني وإن كان الاستثناء فيه منقطعا دفعا للتكرار وتنبيها على بيان ما يحل لزيادة التوضيح هذا غاية ما يمكن توجيه كلامهم به والله تعالى أعلم فافهم
قوله ( وهذا المعنى مفقود في الرضاع ) لأن أم أخته وأخيه رضاعا ليست أمه ولا موطوءة أبيه
قوله ( وقس عليه الخ ) أي قس على ما ذكر من المعنى أخت ابنه وبينه الخ بأن تقول إنما حرمت عليه أخت ابنه وبنته نسبا لكونها بنته أو بنت امرأته وهذا المعنى مفقود في الرضاع وكذا جدة ابنه وبنته نسبا إنما حرمت عليه لكونها أمه أو أم امرأته وهذا مفقود في الرضاع وهكذا البواقي
وبهذا التقرير علم أن التعليل المذكور بقوله فإن حرمة أم أخته الخ جار في جميع الصور لكن لكل صورة عبارة تليق بها فلذا قال وقس عليه الخ وإن ضمير عليه راجع إليه لا إلى أم أخته وأخيه حتى يرد أنه لا معنى
____________________
(3/215)
لجعل البعض مقيسا والبعض مقيسا عليه فافهم
قوله ( وكذا عمة ولده ) لم يذكروا خالة ولده لأنها حلال من النسب أيضا لأنها أخت زوجته
بحر
قوله ( وبنت عمته ) أي عمة ولده وتحرم من النسب لأنها بنت أخته وأما بنت عمة نفسه فإنها حلال نسبا ورضاعا ط
قوله ( وبنت أخت ولده ) وتحرم من النسب لأنها بنت بنته أو بنت ربيبته ط
قوله ( للرجل ) متعلق بالمستثنى في قوله إلا أم أخته الخ يعني أن شيئا من النسوة المذكورات لا يحرم للرجل إذا كانت من الرضاع اه ح
عن المنح
وهذا بالنظر إلى المتن وإلا فهو متعلق بقول الشارح حلال
قوله ( وكذا أخو ابن المرأة لها ) في ذكر هذه العاشرة نظر فإنها من مقابلات التسعة لا قسم مباين للتسعة كما سنبينه
أفاده ح
قوله ( باعتبار الذكورة والأنوثة ) أي في المضاف إليه فتصير مع الذكورة أم أخيه وأخت ابنه وجدة ابنه وأم عمه وأم خاله وعمة ابنه وبنت عمة ابنه وبنت أخت ابنه وأم ولد ابنه ومع الأنوثة أم أخته وأخت بنته وجدة بنته وأم عمته وأم خالته وعمة بنته وبنت عمة بنته وبنت أخت بنته وأم ولد بنته اه
فهذه ثمانية عشر وعدها عشرين بالنظر إلى العاشرة المكررة
قوله ( وباعتبار ما يحل له ) أي إذا نسب الحل للرجل بأن يقال تحل له أم أخيه وأخت ابنه إلى آخر الأمثلة المذكورة
قوله ( أو لها ) أي إذا نسب الحل لها بأن يقال يحل لها أبو أخيها وأخو ابنها وجد ابنها وأبو عمها وأبو خالها وخال ولدها وابن خالة ولدها وابن أخت ولدها وابن ولد ولدها وإنما قلنا وخال ولدها وابن خالة ولدها وكان القياس أن نقول وعم ولدها وابن عمة ولدها لأنهما لا يحرمان عليهما من النسب أيضا كما صرح به في البحر
أفاده ح
وأفاد ط أنه يمكن تقرير المقام بحل آخر فيقال في مقابلة تزوجه أم أخيه وأخته تزوجها أخا ابنها وبنتها وفي أخت ابنه أو بنته أو أخيها أو أختها وفي جدة ابنه أو بنته جد ابنها أو بنتها وفي أم عمه ابن أخي ابنها وفي أم عمته ابن أخي بنتها وفي أم خاله ابن أخت ابنها وفي أم خالته ابن أخت بنتها وفي عمة ولده عم ولدها وفي بنت عمة ولده خالها وفي مقابلة تزوجها بأخي ابنها تزوجه بأم أخيه وهي المكررة اه
لكن الصواب في الثامنة والتاسعة أن يقال وفي عمة ولده أبو ابن أخيها وفي بنت عمة ولده أبو ابن خالها فافهم
والذي قرره ح هو الذي في البحر وهو الأوفق لقول الشارح وتزوجها بأبي أخيها
وحاصله أن تبدل المضاف الأول المؤنث بمذكر مقابل له وتبدل الضمير المذكر بضمير المؤنث فتبدل الأم بالأب والأخت بالأخ والجدة بالجد وهكذا وتذكر الضمير فتقول في أم أخيه أبو أخيها وفي أخت ابنه أخو ابنها وفي جدة ابنه جد ابنها الخ
وحاصل التقرير الثاني أن تنظر إلى كل صورة وتنظر إلى نسبة المرأة فيها إلى الزوج فتسميها باسم تلك النسبة مثلا إذا تزوج أم أخيه أو أخته تكون المرأة قد تزوجت أخا ابنها أو بنتها وإذا تزوج أخت ابنه أو بنته تكون قد تزوجت أبا أخيها أو أختها وهكذا ولا يخفى أن هذا تكرار محض وإنما اختلف بالتعبير فقط فافهم
قوله ( وتزوجها بأبي أخيها ) كذا في بعض النسخ ومثله في البحر وهو الأوفق لما قرره ح كما علمت
وفي بعض النسخ بابن أخيها وهو كذلك في النهر ولا وجه له فإن هذا لا يقابل تزوجه بأم أخيه على التقريرين المارين
ووقع في بعض نسخ البحر التعبير بأخي ابنها وهو موافق لما قرره ط كما مر وفيه ما علمت
قوله ( وكل منها ) أي من الأربعين ح
وفي بعض النسخ منهما بضمير التثنية أي كل من الاعتبارين اللذين بلغ العدد فيهما أربعين فافهم
____________________
(3/216)
قوله ( الجار والمجرور ) أي المقدر بعد الاستثناء المدلول عليه بالمستثنى منه والتقدير فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخيه من الرضاع فإنها لا تحرم اه ح
قوله ( تعلقا معنويا ) على أنه صفة أو حال لأنه معرفة غير محضة لأن التعريف الإضافي هنا كالتعريف الجنسي وأما تعلقه الصناعي فباستقرار محذوف وجوبا وتمام ذلك في ح عن البحر
قوله ( كالأخ ) الأولى أن يقول كالأخت أو يقول في الأول كأن يقول له أخ نسبي إلا أن يقال مراده التنويع في المضاف إليه ذكوره وأنوثة ح
قوله ( كأن يكون له أخ نسبي له أم رضاعية ) تبع في هذه العبارة النهر
قال ح وصوابه كأن يكون له أخ رضاعي له أم نسبية كما لا يخفى قوله ( وهذا من خواص كتابنا ) اعلم أن ابن وهبان في شرح منظومته أوصلها إلى نيف وستين وبينها صاحب البحر وزاد عليها حتى أوصلها إلى إحدى وثمانين وقال إنه من خواص هذا الكتاب وأوصلها في النهر إلى مائة وثمانية وقال إنها من خواص كتابه فأراد الشارح أن يوصلها إلى مائة وعشرين بزيادة العاشرة من الصور لتكون من خواص كتابه كما قال لكنها ما تمت له
أفاده ح أي بل بقي العدد مائة وثمانية
قوله ( وهو ظاهر ) كأن يكون له أخ رضاعي رضع مع بنت من امرأة أخرى
قوله ( فهو ) أي قوله نسبا ط
قوله ( للزوم التكرار ) لأنه إذا اتصل بالمضاف فقط كان المضاف إليه من الرضاع أو بالمضاف إليه فقط كان المضاف من الرضاع وهما داخلان في قوله وتحل أخت أخيه رضاعا ح
قوله ( لكونهما أخوين ) أي شقيقين إن كان اللبن الذي شرباه منها لرجل واحد أو لأم إن لم يكن كذلك وقد يكونان لأب كما إذا كان لرجل امرأتان وولدتا منه فأرضعت كل واحدة صغيرا فإن الصغيرين أخوان لأب حتى لو كان أحدهما أنثى لا يحل النكاح بينهما كما ذكره مسكين ح
قوله ( وإن اختلف الزمن ) كأن أرضعت الولد الثاني بعد الأول بعشرين سنة مثلا وكان كل منهما في مدة الرضاع
قوله ( وولد مرضعتها ) أي من النسب أما الذي من الرضاع فإنه وإن كان كذلك لكنه فهم حكمه من قوله ولا حل بين رضيعي امرأة ح
وأطلقه فأفاد التحريم وإن لم ترضع ولدها النسبي بخلاف ما إذا كان الولدان أجنبيين فإنه لا بد من ارتضاعهما من امرأة واحدة كما أفادته الجملة الأولى ولهذا لم يستغن بها عن هذه الجملة وما في البحر والمنح رده في النهر وشمل أيضا ما لو ولدته قبل إرضاعها للرضيعة أو بعده ولو بسنين
فرع في البحر عن آخر المبسوط لو كانت أم البنات أرضعت أحد البنين وأم البنين أرضعت إحدى البنات لم يكن للابن المرتضع من أم البنات أن يتزوج واحدة منهن وكان لإخوته أن يتزوجوا بنات الأخرى إلا الابنة التي أضرعتها أمهم وجدها لأنها أختهم من الرضاعة
قوله ( أي التي أرضعتها ) تفسير للمضاف إلى الضمير
قوله ( ولبن بكر ) المراد بها التي تجامع قط بنكاح أو سفاح وإن كانت العذرة غير باقية كأن زالت بنحو وثبة
حموي
والحرمة
____________________
(3/217)
لا تتعدى إلى زوجها حتى لو طلقها قبل الدخول له التزوج برضيعتها لأن اللبن ليس منه
قهستاني ط أما لو طلقها بعد الدخول فليس له التزوج بالرضيعة لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها
بحر عن الخانية
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم تبلغ تسع سنين فنزل لها لبن لا يحرم
جوهرة
لأنهم نصوا على أن اللبن لا يتصور إلا ممن تتصور منه الولادة فيحكم بأنه ليس لبنا كما لو نزل للبكر ماء أصفر لا يثبت من إرضاعه تحريم كما في شرح الوهبانية
قوله ( ولو محلوبا ) سواء حلب قبل موتها فشربه الصبي بعد موتها أو حلب بعد موتها
بحر
قوله ( فيصير ناكحها ) أي ناكح الرضيعة المعلومة من المقام
أفادة ح
قوله ( محرما للميتة ) لأنها أم امرأته
بحر
قوله ( فييممها ) أي بلا خرقة إذا ماتت بين رجال فقط أما غير المحرم فييممها بخرقة وقيل تغسل في ثيابها
أفاده ط
قوله ( ويدفنها ) لأن الأولى بالدفن المحارم ط
قوله ( بخلاف وطئها ) أي الميتة فإنه لا يتعلق به حرمة المصاهرة
قوله ( وفرق بوجود التغذي لا اللذة ) لأن المقصود من اللبن التغذي والموت لا يمنع منه والمقصود من الوطء اللذة المعتادة وذلك لا يوجب في الميتة
بحر عن الجوهرة
وإذا انتفت اللذة المعتادة بالوطء لكون الميتة ليست محلا له عادة صارت كالبهيمة أبلغ لأن الموت منفر طبعا فيلزم انتفاء قصد الولد الذي هو في الحقيقة علة حرمة المصاهرة فالمراد نفي اللازم بانتفاء الملزوم فلا يرد أن اللذة ليست هي العلة فافهم
قوله ( ومخلوط ) عطف على لبن ميتة أي وكذا يحرم لبن امرأة مخلوط بماء الخ اه ح
ومثل الماء كل مائع بل والجامد كذلك
أفاده في النهي ط
قوله ( إذا غلب لبن المرأة ) أي على أحد المذكورات وفسر الغلبة في أيمان الخانية من حيث الإجزاء
وقال هنا فسرها محمد في الدواء بأن يغيره عن كونه لبنا
وقال الثاني إن غير الطعم واللون لا إن غير أحدهما
نهر ونحوه في البكر
ووفق في الدرر المنتقى فقال تعتبر الغلبة بالإجزاء في الجنس وفي غيره بتغير طعم أو لون أو ريح كما روي عن أبي يوسف اه
إلا أنه اعتبر التغير في غير الجنس بوصف واحد والمذكور آنفا أنه لا يعتبر إلا إذا غير الطعم واللون نعم يوافقه ما في الهندية من اعتبار أحد الأوصاف إلا أنه لم يعزه لأبي يوسف ط
قوله ( وكذا إذا استويا ) أي لبن المرأة وأحد المذكورات ح
قوله ( لعدم الأولوية ) علة لاستواء لبن المرأتين وأفاد به ثبوت التحريم منهما
وأما علة استواء لبن المرأة مع الباقي فهي أن لبنها غير مغلوب فلم يكن مستهلكا كما في البحر
قوله ( وعلق محمد الخ ) مقابل لما أفاده كلام المصنف من أنه لو كان لبن إحدى المرأتين غالبا تعلق التحريم به فقط ولو استويا تعلق بهما
قوله ( مطلقا ) أي تساويا أو غلب أحدهما لأن الجنس لا يغلب الجنس ح
قوله ( قيل وهو الأصح ) قال في البحر وهو رواية عن أبي حنيفة
قال في الغاية وهو أظهر وأحوط
وفي شرح المجمع قبل إنه الأصح اه
وهو الشرنبلالية ورجح بعض المشايخ قول محمد وإليه مال صاحب الهداية لتأخيره دليل محمد كما في الفتح اه ح
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان غالبا أو مغلوبا عند الإمام وقال إن كان غالبا يحرم والخلاف مقيد بالذي لم تمسه النار فإذا طبخ فلا تحريم مطلقا اتفاقا وبما إذا كان الطعام ثخينا أما إذا كان رقيقا يشرب اعتبرت الغلبة اتفاقا قيل وبما إذا لم يكن اللبن متقاطرا عند رفع اللقمة أما معه فيحرم اتفاقا والأصح عدم اعتبار التقاطر على قوله
نهر
قوله ( وإن حساه حسوا ) في القاموس حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء
بحر وما أفاده من أنه لا يحرم وإن حساه مخالف لما ذكرناه آنفا
____________________
(3/218)
عن النهر وكذا ما جزم به في الفتح من أن الطعام لو كان رقيقا يشرب اعتبرنا غلبة اللبن إن غلب وأثبتنا الحرمة وكذا ما في الخانية لو حساه حسوا تثبت الحرمة في قولهم جميعا وكذا في البحر عن المستصفى وقال إن وضع محمد في الأكل يدل عليه اه أي يدل على أن الشرب محرم نعم نقل ح عن مجمع الأنهر عن الخانية أنه قيل إنه لا تثبت الحرمة بكل حال وإليه مال السرخسي وهو الصحيح كما في أكثر الكتب اه
قلت والذي رأيته في الخانية وكذا في البحر عنها هو ما نقلناه عنها آنفا وليس فيها ما ذكره عن السرخسي والمنقول عن السرخسي ليس في الحسو بل في غيره
ففي الذخيرة قيل إنما لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة إذا كان لا يتقاطر اللبن عند حمل اللقمة فلو يتقاطر تثبت وقيل لا تثبت وإليه مال شمس الأئمة السرخسي
وذكر شيخ الإسلام إنما لا تثبت على قول أبي حنيفة إذا أكل لقمة لقمة فلو حساه حسوا تثبت اه
فما قاله شمس الأئمة إنما هو عدم اعتبار التقاطر عند الأكل وهو الأصح كما مر عن النهر وصرح بتصحيحه أيضا في الهداية وغيرها وكلامنا فيما إذا كان الطعام رقيقا يشرب حسوا وهذا تثبت به الحرمة كما سمعته ولم أر من صحح خلافه ولا يقال يلزم من تقاطر اللبن عند رفع اللقمة أن يكون الطعام رقيقا يشرب لأنه لو كان كذلك لم يكن التقاطر من اللبن وحده بل يكون منهما معا فعلم أن المراد كون الطعام ثخينا لا يشرب ولفظ اللقمة مشعر بذلك أيضا فافهم
قوله ( وكذا لو جبنه ) قال في البحر ولو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جبنا أو أقطا أو مصلا فتناوله الصبي لا تثبت به الحرمة لأن اسم الرضاع لا يقع عليه وكذا لا ينبت اللحم ولا ينشر العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم اه ح
وفي القاموس اللبن المخيض ما أخذ زبده
والشيراز اللبن الرائب المستخرج ماؤه
والأقط مثلث ويحرك شيء يتخذ من المخيض الغنمي
والمصل اللبن يوضع في وعاء خوص أو خزف ليقطر ماؤه اه ط
قوله ( ولا الاحتقان ) في المصباح حقنت المريض إذا أوصلت الدواء إلى باطنه من مخرجه بالمحقنة واحتقن هو والاسم الحقنة مثل الغرفة من الاغتراف ثم أطلقت على ما يتداوى به والجمع حقن مثل غرفه وغرف اه بحر
والمناسب أن يقال ولا الحقن أي حقن الصبي باللبن إذ الاحتقان من احتقن وهو فعل قاصر والصبي لا يحتقن بنفسه بل يحقنه غيره ولا يصح أخذه من احتقن المبني للمجهول لأنه لا يبنى من القاصر ولا يلزم من تفسير الاحتقان في تاج المصادر بعمل الحقنة تعديته المفعول الصريح كالصبي في عبارة الهداية حيث قال إذا احتقن الصبي خلافا لما في النهاية والمعراج كما حققه في الفتح وتنظير النهر فيه نظر فتدبر
قوله ( والإفطار ) في بعض النسخ الاقتطار من الافتعال والظاهر أنه تحريف
قوله ( وجائفة ) الجراحة في الجوف
والآمة بالمد والتشديد الجراحة في الرأس تصل إلى أم الدماغ
قوله ( ومشكل ) أي خنثى مشكل
قوله ( إلا إذا قال الخ ) لأنه حينئذ يتضح أنه امرأة كما ذكروه في باب الخنثى فيثبت به التحريم
رحمتي
قوله ( وإلا لا ) تكرار لأنه علم من إطلاق قوله ومشكل بدليل الاستثناء
قوله ( لعدم الكرامة ) لأن ثبوت الحرمة بالرضاع بطريق الكرامة للجزئية فلم تعتبر الشاة أم الصبي وإلا لكان الكبش أباه والأختية فرع الأمية وتمام تحقيقه في الفتح
قوله ( ولو أرضعت الكبيرة ) أطلقها فشمل المدخولة
____________________
(3/219)
وغيرها وسواء كان لبنها منه أو من غيره وقع الإرضاع قبل الطلاق أو بعده في عدة رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى فقوله ولو مبانة يفهم منه حكم الرجعية بالأولى لأن الزوجية قائمة من كل وجه ثم التقيد بها ليس احترازيا لأن أخت الكبيرة وأمها بنتها نسبا ورضاعا إن دخل بالكبيرة مثلها للزوم الجمع بين المرأة وبنت أختها في الأول وبين الأختين في الثاني وبين المرأة وبنت بنتها في الثالث وليس له أن يتزوج بواحدة منهما قط ولا المرضعة أيضا وإن لم يكن دخل بالكبيرة في الثالث فإن المرضعة لا تحل له لكونها أم امرأته ولا الكبيرة لكونها أم أم امرأته وتحل الصغيرة لكونها ابنة ابنة امرأته ولم يدخل بها وتمامه في البحر ط
قوله ( ضرتها الصغيرة ) أي التي في مدة الرضاع ولا يشترط قيام نكاح الصغيرة وقت إرضاعها بل وجوده فيما مضى كاف لما في البدائع لو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت اه بحر
وإن كان دخل بالأم حرمت الصغيرة أيضا لا لأنه صار جامعا بينهما بل لأن الدخول بالأمهات يحرم البنات والعقد على البنات يحرم الأمهات والرضاع الطارىء على النكاح كالسابق
وفي الخانية لو زوج أم ولده بعبده الصغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها لأن العبد صار ابنا للمولى فحرمت عليه لأنها كانت موطوءة أبيه وعلى المولى لأنها امرأة ابنه اه
نهر
قوله ( وكذا لو أوجره ) أي لبن الكبيرة رجل في فيها أي الصغيرة وأشار إلى أن الحرمة لا تتوقف على الإرضاع بل المدار على وصول لبن الكبيرة إلى جوف الصغيرة فتبين كلاهما منه ولكل نصف الصداق على الزوج ويغرم الرحل للزوج نصف مهر كل واحدة منهما إن تعمد الفساد بأن أرضعها من غير حاجة بأن كانت شبعى ويقبل قوله إنه يتعمد الفساد
بحر
قوله ( إن دخل بالأم ) سواء كان اللبن منه أو من غيره وسواء وقع الإرضاع في النكاح أو بعد الطلاق ولو بائنا ولو بعد العدة أما إذا كان اللبن منه ووقع الإرضاع في النكاح أو عدة الرجعي أو البائن أو بعد العدة حرمتا أبدا وانفسخ النكاح في الأوليين
أما حرمة الصغيرة فلأنها صارت بنته وبنت مدخولته رضاعا وأما حرمة الكبيرة وإذا كان اللبن من غيره حرمتا أيضا وانفسخ النكاح في الأوليين أما حرمة الصغيرة فلأنها بنت مدخولته رضاعا وأما حرمة الكبيرة فلأنها أم معقودته رضاعا
أفاده ح
وذكر في البحر أن النكاح لا ينفسخ لأن المذهب عنه علمائنا أن النكاحخ لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد حتى لو وطئها قبل التفريق لا يحد نص عليه محمد في الأصل اه
ثم قال وينبغي أن يكون الفساد في الرضاع الطارىء على النكاح أي كما هنا أما لو تزوجها فشهدا أنها أخته ارتفع النكاح حتى لو وطئها يحد ولها التزوج بعد العدة من غير متاركة اه
قال الرملي لكن سيأتي أنه لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي فراجعه
تأمل اه
قوله ( أو اللبن منه ) هذا يقتضي إمكان انفراد كون اللبن منه عن كونها مدخولة وهو فاسد لأنه يلزم من كون اللبن منه أن تكون مدخولة
وفي نسخة واللبن منه بالواو وهي فاسدة أيضا لأنها تقتضي عدم حرمتها إذا كانت مدخولة واللبن من غيره وهو ظاهر البطلان فالصواب إسقاطها اه ح
قلت والشارح متابع للبحر والنهر والمقدسي
وأجاب عنه ط بإمكان أن تكون حبلى من زناه بها فنزل لها لبن فأرضعتها به فقد حرمتا واللبن منه مع عدم تحقيق الدخول اه
وفيه أن الحبل من الزنى دخول بها وحمل الدخول المذكور على الدخول في النكاح اللاحق لا فائدة فيه بعد تحقق الدخول في الزنى السابق
وأجاب السائحاني بالحمل على ما إذا طلق ذات لبنه ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر وبقي لبنها فأرضت به ضرتها وفيه ما علمت
____________________
(3/220)
والأحسن الجواب بأن قوله إن دخل بالأم على تقدير قولنا واللبن من غيره وقوله أو اللبن منه عطف على هذا المقدار وهو القرينة على هذا التقدير لتحصيل المقابلة بين المتعاطفين ولو قال واللبن منه أولا لكان أوضح وأولى
قوله ( وإلا ) أي وإن لم تكن مدخولة ولبنها حينئذ من غيره قطعا وهذا شامل لما إذا كان الإرضاع قبل الطلاق أو بعده فإن كان قبله انفسخ نكاحهما لكونه جامعا بين البنت وأمها رضاعا
وله أن يعيد العقد على البنت لعدم الدخول بالأم وإن كان بعده لا ينفسخ نكاح البنت وحرمت الأم أبدا في الصورتين للعقد على البنت وكلام الشارح قاصر على الصورة الأولى اه ح
قوله ( إن لم توطأ ) فلو وطئت لها كمال المهر مطلقا لكن لا نفقة لها في هذه العدة إذا جاءت الفرقة من قبلها وإلا فلها النفقة
بحر
قوله ( لمجيء الفرقة منها ) فصار كردتها وبه يعلم أنها لو كانت مكرهة أو نائمة فارتضعتها الصغيرة أو أخذ شخص لبنها فأوجر به الصغيرة أو كانت الكبيرة مجنونة كان لها نصف المهر لانتفاء إضافة الفرقة إليها
بحر
قوله ( لعدم الدخول ) تعليل لتصنيف المهر وأما علة أصل استحقاقها له فهي وقوع الفرقة لا من جهتها والارتضاع وإن كان فعلها وبه وقع الفساد لكن لا يؤثر في إسقاط حقها لعدم خطابها بالأحكام كما لو قتلت مورثها ولأنها مجبورة طبعا عليه وإنما سقط مهرها بارتداد أبويها ولحاقها بهما مع أنها لا فعل منها أصلا لأن الردة محظورة في حق الصغيرة أيضا وإضافة الحرمة إلى ردتها التابعة أبويها والارتضاع لا حاظر فيستحق النظر فتستحق المهر اه
ملخصا من الفتح وغيره
قوله ( لعدم الدخول ) إذ لا يتأتى في الرضيعة
قوله ( وكذا على الموجر ) أي يرجع الزوج عليه بما لزم الزوج وهو نصف صداق كل منهما كما قدمناه
بحر
وقدمنا عنه أيضا أن الشرط فيه أيضا تعمد الفساد
قوله ( إن تعمدت الفساد ) قيد في الرجوع عليها أما سقوط مهرها قبل الوطء فلا يشترط له تعمد الفساد
ط عن أبي السعود
قوله ( بأن تكون عاقلة ) فلا رجوع على المجنونة والمكرهة والنائمة
وفيه أن اشتراط العلم يغني عن قوله عاقلة متيقظة أفاده في النهر
قوله ( ولم تقصد الخ ) فلو أرضعتها على ظن أنها جائعة ثم ظهر أنه شبعانة لا تكون متعمدة
بحر
قوله ( يشترط فيه ) أي في التضمين به التعدي كحافر البئر إن كان في ملكه لا يضمن وإلا ضمن وتمامه في البحر
قوله ( والقول لها ) أي في أنها لم تتعمد مع يمينها
بحر
قوله ( طلق ذات لبن ) أي منه بأن ولدت منه لأنه لو تزوج امرأة ولم تلد منه قط وتزل لها لبن وأرضعت ولدا لا يكون الزوج أبا للولد لأن نسبته إليه بسبب الولادة منه وإذا انتفت انتفت النسبة فكان كلبن البكر ولهذا لو ولدت للزوج فنزل لها لبن فأرضعت به ثم جف لبنها ثم در فأرضعته صبية فإن لابن زوج المرضعة التزويج بهذه الصبية ولو كان صبيا كان له التزوج بأولاد هذا الرجل من غير المرضعة
بحر عن الخانية
قوله ( ويكون ربيبا للثاني ) فيحل له التزوج ببنات الثاني من غير المرضعة
بحر
قوله ( والوطء بشبهة كالحلال ) صورته وطئت امرأة بشبهة فحبلت وولدت ثم تزوجت ثم أرضعت صبيا كان ابنا للوطىء بشبهة لا للزوج ومثله صورة الزنى اه ح
قوله ( فتح ) وذلك حيث قال ولبن الزنى كالحلال فإذا أرضعت به بنتا حرمت على الزاني وآبائه وأبنائه وإن سفلوا
____________________
(3/221)
وفي التجنيس عن الجرجاني ولعم الزاني التزوج بها كالمولودة من الزاني لأنه لم يثبت نسبها من الزاني والتحريم على آباء الزاني وأولاده للجزئية ولا جزئية بينها وبين العم وإذا ثبت هذا في المتولدة من الزنى فكذا في المرضعة بلبن الزنى قال في الخلاصة وكذا لو لم تحبل من الزنى وأرضعت لا بلبن الزنى تحرم على الزاني كما تحرم بنتها عليه
وذكر الوبري أن الحرمة تثبت من جهة الأم خاصة ما لم يثبت النسب فحينئذ تثبت من الأب وكذا ذكر الإسبيجابي وصاحب الينابيع وهو أوجه لأن الحرمة من الزنى للبعضية وذلك في المولود نفسه لأنه مخلوق من مائه دون اللبن إذ ليس اللبن كائنا من منيه لأنه فرع التغذي وهو لا يقع إلا بما دخل من أعلى المعدة لا من أسفل البدن كالحقنة فلا إنبات فلا حرمة بخلاف ثابت النسب لأن النص أثبت الحرمة منه
وإذا ترجح عدم حرمة الرضيعة بلبن الزاني على الزاني فعدمها على من ليس اللبن منه أولى خلافا لما في الخلاصة ولأنه يخالف المسطور في الكتب المشهورة إذ يقتضي تحريم بنت المرضعة بلبن غير الزوج على الزوج بطريق أولى اه
كلام الفتح ملخصا
وحاصله أن في حرمة الرضيعة بلبن الزنى على الزاني وكذا على أصوله وفروعه روايتين كما صرح به القهستاني أيضا وإن الأوجه رواية عدم الحرمة وإن ما في الخلاصة من أنها لو رضعت لا بلبن الزاني تحرم على الزاني مردود لأن المسطور في الكتب المشهورة أن الرضيعة بلبن غير الزوج لا تحرم على الزوج كما تقدم في قوله طلق ذات لبن الخ وكلام الخلاصة يقتضي تحريمها بالأولى وما في الفتاوى إذا خالف ما في المشاهير من الشروح لا يقبل هذا تقرير كلام الفتح وقد وقع في فهمه خبط كثير منه ما ادعاه في البحر من أن محل الخلاف أصول الزاني وفروعه وأنها لا تحل للزاني اتفاقا اه
والحاصل كما قال في البحر أن المعتمد في المذهب أن لبن الزاني لا يتعلق به التحريم وظاهر المعراج والخانية أن المعتمد ثبوته اه
قلت وذكر في شرح المنية أنه لا يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية وقد علمت أن الوجه مع رواية عدم التحريم
قوله ( قال لزوجته ) التقييد بالزوجة لقوله بعده فرق بينهما وإلا فقوله ذلك لأجنبية قبل العقد عليها كذلك
قوله ( هكذا فسر الثبات في الهداية وغيرها ) أتى بذلك للرد على من جعل تكرار الإقرار ثباتا أيضا مثل قوله هو حق ونحوه وجزم في البحر بأنه ليس مثله وهذه المسألة صارت واقعة الفتوى في زمن العلامة عبد البر بن الشحنة خالفه فيها بعض معاصريه وعقد لها مجالس عديدة بأمر السلطان قايتباي وكتب خطوط العلماء من المذاهب الأربعة كما ذكره المقدسي في شرحه وسرد فيه نصوص أئمتنا ثم قال ظاهر هذه العبارات أن الثبات على الإقرار المانع عن الرجوع هو أن يقول ما قلته حق أو ما أقررت به ثابت وأما تكرار الإقرار فلا يكون مانعا
وقد لوح المصنف في مسائل شتى من المنح آخر الكتاب إلى تلك الواقعة وأنها عرضت على شيخ الإسلام زكريا الشافعي فأجاب بما فيه كفاية اه
قلت ورأيتها في فتاوى شيخ الإسلام زكريا فقال بعد عرض النقول من كلام أئمتنا ما صورته صريح هذه النقول ومنطوقها مع العلم بوقوع العطف التفسري في الكلام الفصيح ومع النظر إلى ما هو واجب من الجمع
____________________
(3/222)
بين كلام الأئمة المذكورين وغيرهم ومن النظر إلى المعنى المفهوم من كلامهم شاهد بأن المراد بالثبات والدوام والإصرار واحد بأن المقر بأخوة الرضاع ونحوها إن ثبت على إقراره لا يقبل رجوعه عنه وإلا قبل وبأن الثبات عليه لا يحصل إلا بالقول بأن يشهد على نفسه بذلك أو يقول هو حق أو كما قلت أو ما في معناه كقوله هو صدق أو صواب أو صحيح أو لا شك فيه عندي إذ لا ريب أن قوله صدق آكد من قوله هو كما قلت فكلام من جمع بين هو حق وكما قلت كما فعل في السراج الهندي محمول على التأكيد وكلام من اقتصر على بعضها ولو بطريق الحصر مؤول بتقدير أو ما في معناه كما قلنا في قوله تعالى { قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } سورة الأنبياء الآية 108 وقوله إنما الربا في النسيئة وليس في منطوق النصوص المذكور أن التكرار يقوم مقام قوله هو حق أو ما في معناه حتى يمتنع الرجوع بعده نعم يؤخذ من قول صاحب المبسوط ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد أنه إذا أقر بذلك قبل العقد ثم أقر به بعده يقوم مقام ذلك اه
قلت لكن مراد صاحب المبسوط بقوله كالمجدد الخ أي مع الثبات لأن مراده بيان أن الإقرار قبل العقد بمنزلة الإقرار بعده في إثبات الحرمة لأن عبارته هكذا ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد وإقراره بالحرمة بعد العقد صحيح موجب للفرقة فكذلك إذا أقر به قبل العقد وثبت عليه حتى تزوجها
ثم قال في مسألة الإقرار بعد العقد ولو ثبت على هذا النطق وقال هو حق وشهدت عليه الشهود بذلك فرقت بينهما اه
وفي البدائع أما الإقرار فهو أن يقول لامرأة تزوجها هي أختي من الرضاع ويثبت على ذلك ويصر عليه فيفرق بينهما وكذلك إذا أقر بهذا قبل النكاح وأصر على ذلك ودام عليه لا يجوز له أن يتزوجها اه
قلت ووجه ذلك أن الرضاع لما كان مما يخفى لأنه لا يعلمه إلا بالسماع من غيره لم يمنع التناقض فيه لاحتمال أنه لما أقر به بناء على ما أخبره به غيره تبين له كذبه فرجع عن إقراره ولا فرق في ذلك بين كونه أقر مرة أو أكثر بخلاف ما إذا شهد على إقراره أو قال هو حق أو نحوه فإنه يدل على علمه بصدق المخبر وأنه جازم به فلا يقبل رجوعه بعده
قوله ( فرق بينهما ) أي ولو جحد بعد ذلك لأن شرط الفرقة وهو الثبات قد وجد فلا ينفعه الجحود بعده
ذخيرة
قوله ( جاز ) أي صح النكاح
قوله ( لأن الحرمة ليست إليها ) أي لم يجعلها الشارع لها فلا يعتبر إقرارها بها ط قوله ( في جميع الوجوه ) أي سواء أقرت قبل العقد أو لا وسواء أصرت عليه أو لا بخلاف الرجل فإن إصراره مثبت للحرمة كما علمت
ويفهم مما في البحر عن الخانية أن إصرارها قبل العقد مانع من تزوجها به ونحوه في الذخيرة لكن التعليل المذكور يؤيد عدمه
قوله ( بزازية ) ذكر ذلك في البزازية آخر كتاب الطلاق حيث قال قالت لرجل إنه أبي رضاعا وأصرت عليه يجوز أن يتزوجها إذا كان الزوج ينكره وكذا إذا أقر به ثم أكذبته فيه لا يصدق على قولها لأن الحرمة ليست إليها حتى ولو أقرت به بعد النكاح لا يلتفت إليه وهذا دليل على أن لها أن تزوج نفسها منه في جميع الوجوه وبه يفتى اه
قوله ( ومفاده الخ ) هذا ذكره في الخلاصة عن الصغرى للصدر الشهيد بلفظ
____________________
(3/223)
وفيه دليل على أنها لو ادعت الطلقات الثلاث وأنكر الزوج حل لها أن تزوج نفسها منه وذكره في البزازية آخر الطلاق بقوله قالت طلقني ثلاثا ثم أرادت تزويج نفسها منه ليس لها ذلك أصرت عليه أو أكذبت نفسها ونص في الرضاع على أنها إذا قالت هذا ابني رضاعا وأصرت عليه جاز له أن يتزوجها لأن الحرمة ليست إليها
قالوا وبه يفتى في جميع الوجوه اه كلام البزازية فقوله ونص الخ يريد به الاستدلال على أن لها التزوج به في مسألة الطلاق كما فعل في الخلاصة وبهذا يعلم ما في كلام الشارح قبيل باب الإيلاء حيث ذكر عبارة البزازية هذه وأسقط قوله ونص في الرضاع الخ قوله ( حل لها تزوجه ) لأن الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل فصح رجوعها
نهر أي حل في الحكم أما فيما بينها وبين الله تعالى فلا إذا كانت عالمة بالثلاث ح
قوله ( أو أقرا بذلك ) أي بأخوة الرضاع أي ولم يصر الرجل على إقراره فإنه إذا أصر لا ينفعه إكذاب نفسه بعده كما مر
قوله ( وإن ثبت عليه فرق بينهما ) أي إذا لم يكن لها نسب معروف وكانت تصلح أما له أو بنتا له فيفرق بينهما لظهور السبب بإقراره مع إصراره
وإن كان لها نسب معروف أو لا تصلح أما له أو بنتا له لا يفرق بينهما وإن دام على ذلك لأنه كاذب في إقراره بيقين
بدائع
قوله ( حجته الخ ) أي دليل إثباته وهذا عند الإنكار لأنه يثبت بالإقرار مع الإصرار كما مر
قوله ( وهي شهادة عدلين الخ ) أي من الرجال
وأفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد امرأة كان أو رجلا قبل العقد أو بعده وبه صرح في الكافي والنهاية تبعا لما في رضاع الخانية لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو في سعة من تكذيبها لكن في محرمات الخانية إن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح وإن بعده وهما كبيران فالأحوط التنزه وبه جزم البزازي معللا بأن الشك في الأول وقع في الجواز وفي الثاني في البطلان والدفع أسهل من الرفع
ويوفق بحمل الأول على ما إذا لم تعلم عدالة المخبر أو على ما في المحيط من أن فيه روايتين ومقتضاه أنه بعد العقد لا يعتبر اتفاقا لكن نقل الزيلعي عن المغني وكراهية الهداية أن خبر الواحد مقبول في الرضاع الطارىء بأن كان تحته صغيرة فشهدت واحدة بأن أمه أو أخته أرضعتها بعد العقد
قلت ويشير إليه ما مر من قول الخانية وهما كبيران لكن قال في البحر بعد ذلك إن ظاهر المتون أنه لا يعمل به مطلقا فليكن هو المعتمد في المذهب
قلت وهو أيضا ظاهر كلام كافي الحاكم الذي هو جمع كتب ظاهر الرواية وفرق بينه وبين قبول خبر الواحد بنجاسة الماء أو اللحم فراجعه من كتاب الاستحسان
تنبيه في الهندية تزوج امرأة فقالت امرأة أرضعتكما فهو على أربعة أوجه أن صدقاها فسد النكاح ولا مهر إن لم يدخل وإن كذباها وهي عدلة فالتنزه المفارقة والأفضل له إعطاء نصف المهر لو لم يدخل والأفضل لها أن لا تأخذ شيئا ولو دخل فالأفضل دفع كماله والنفقة والسكنى والأفضل لها أخذ الأقل من مهر المثل والمسمى لا النفقة والسكنى ويسعه المقام معها وكذا لو شهد غير عدول أو امرأتان أو رجل وامرأة وإن صدقها الرجل وكذبتها فسد النكاح والمهر بحاله وإن بالعكس لا يفسد ولها أن تحلفه ويفرق إذا نكل اه
قوله ( وعدلتين ) أي ولو إحداهما
____________________
(3/224)
المرضعة ولا يضر كون شهادتها على فعل نفسها لأنه لا تهمة في ذلك كشهادة القاسم والوزان والكيال على رب الدين حيث كان حاضرا
بحر
قلت وما في شرح الوهبانية عن النتف من أنه لا تقبل شهادة المرضعة عند أبي حنيفة وأصحابه فالظاهر أن المراد إذا كانت وحدها احترازا عن قول مالك وإن أوهم نظم الوهبانية خلاف ذلك فتأمل
قوله ( لتضمنها ) أي الشهادة حق العبد أي إبطال حقه وهو حل التمتع فلا بد من القضاء أي إن لم توجد المتاركة لما في النهر الحاصل أن المذهب عندنا كما قال الزيلعي في اللعان أن النكاح لا يرفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد حتى لو وطئها قبل التفريق لا يجب عليه الحد اشتبه الأمر أو لم يشتبه نص عليه في الأصل
وفي الفاسد لا بد من تفريق القاضي أو المتاركة بالقول في المدخول بها وفي غيرها يكتفي بالمفارقة بالأبدان كما مر اه
قوله ( الظاهر لا ) كذا استظهره في البحر مستندا لمسألة الطلاق المذكورة ومثلها الشهادة بعتق الأمة ونحوها من المسائل الأربعة عشر التي تقبل الشهادة فيها حسبة بلا دعوى وهي مذكورة في قضاء الأشباه فتزاد هذه عليها
قوله ( ثم ماتا ) أي الشاهدان
قوله ( لا يسعها المقام معه ) لأن هذه شهادة لو قامت عند القاضي يثبت الرضاع فكذا إذا أقامت عندها
خانية
قوله ( وقيل لها التزوج ديانة ) أشار إلى ضعفه لما في شرح الوهبانية عن القنية عن العلاء الترجماني أنه لا يجوز في المذهب الصحيح اه
وجزم به الشارح في آخر باب الرجعة فافهم
قوله ( قضى القاضي ) أي المجتهد أو المقلد كمالكي
قوله ( لم ينفذ ) لأنه من المسائل التي لا يسوغ فيها الاجتهاد وهي نيف وثلاثون مذكورة في قضاء الأشباه
قوله مص رجل
قيد به احترازا عما إذا كان الزوج صغيرا في مدة الرضاع فإنها تحرم عليه
قوله ( ولبنهما من رجل ) أي واحد وقيد به ليتصور التحريم بين الصغيرتين لأنهما صارتا أختين لأب رضاعا أما لو كان لبن كل واحدة من رجل لم تحرم الصغيرتان والمراد بالرجل غير الزوج إذ لو كان لبنهما من الزوج ففي الفتح أن الصواب وجوب الضمان على كان منهما لأن كلا أفسدت لصيرورة كل صغيرة بنتا له خلافا لمن حرف المسألة وقال لبنهما منه بدل قوله من رجل اه
قوله ( لم يضمنا الخ ) بخلاف ما مر فيما لو أرضعت الكبيرة ضرتها متعمدة الفساد حيث ضمنت لأن فعل الكبيرة هناك مستقل بالإفساد فيضاف الإفساد إليها أما هنا ففعل كل من الكبيرتين غير مستقبل بها فلا يضاف إلى واحدة منهما لأن الفساد باعتبار الجمع بين الأختين منهما بخلاف الحرمة هناك لأنه للجمع بين الأم والبنت وهو يقوم بالكبيرة
فتح ملخصا
قوله ( غرم المهر ) أي يجب المهر على الأب ويرجع به على الابن والمسألة مذكورة في الهندية في المحرمات وقيدها بما إذا كانت الزوجة مكرهة وصدق الزوج أن التقبيل بشهوة لتقع الفرقة وإلا فالقول له اه
وأما لو كانت مطاوعة فلا مهر لها لأن الفرقة جاءت من قبلها ثم ينبغي كما قاله
____________________
(3/225)
الرحمتي أن يكون ذلك مقيدا بما قبل الدخول وأن المراد بالمهر نصفه أما بعد الدخول فلاغرم لأن المهر وجب بالدخول والأب قد استوفاه كما قالوا في رجوع شاهدي الطلاق إن كان قبل الدخول غرما نصف المهر وإن بعده فلا غرم أصلا
قوله ( وقال ذلك ) أي تعمدت الفساد
قوله ( لا ) أي لا يغرم ما لزم الأب من نصف المهر
بزازية
وتعبيره بالنصف مؤيد لما قاله الرحمتي
قوله ( فلم يلزم المهر ) لأنه لا يجمع بين حد ومهر
بزازية والله تعالى أعلم وله الحمد على ما علم
كتاب الطلاق لما ذكر النكاح وأحكامه اللازمة والمتأخرة عنه شرع فيما به يرتفع وقدم الرضاع لأنه يوجب حرمة مؤبدة بخلاف الطلاق تقديما للأشد على الأخف
بحر
قوله ( لكن جعلوه الخ ) عبارة البحر قالوا إنه استعمل في النكاح بالتطليق وفي غيره بالإطلاق حتى كان الأول صريحا والثاني كناية فلم يتوقف على النية في طلقتك وأنت مطلقة بالتشديد ويتوقف عليها في أطلقتك ومطلقة بالتخفيف اه
قال في البدائع وهذا الاستعمال في العرف وإن كان المعنى في اللفظين لا يختلف في اللغة ومثل هذا جائز كما يقال حصان وحصان فإنه بفتح الحاء يستعمل في المرأة ويكسرها في الفرس اه
والظاهر أنه أراد بالعرف عرف اللغة لأنه صرح في محل آخر أن الطلاق في اللغة والشرع عبارة عن رفع قيد النكاح وصرح أيضا بما يدل على أن الطلاق في اللغة صريح وكناية فافهم
قوله ( وشرعا رفع قيد النكاح ) اعترضهم في البحر بأمور الأول أنهم قالوا ركنه اللفظ المخصوص الدال على رفع القيد فينبغي تعريفه به لأن حقيقة الشيء ركنه فعلى هذا هو لفظ دال على رفع قيد النكاح
الثاني أن القيد صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز كما في البدائع فكان هذا التعريف مناسبا للمعنى اللغوي لا الشرعي
الثالث أنه كان ينبغي تعريفه بأنه رفع عقد النكاح بلفظ مخصوص ولو مآلا اه
أقول والجواب عن الأول أن الطلاق اسم بمعنى المصدر الذي هو التطليق كالسلام والسراح بمعنى التسليم والتسريح أو مصدر طلقت بضم اللام أو فتحها طلاقا كالفساد كذا في الفتح وتقدم أنه لغة رفع الوثاق مطلقا أي حسيا كوثاق البعير والأسير ومعنويا كما هنا وأن المعنى الشرعي مستعمل في اللغة أيضا فقد ثبت أن حقيقة الطلاق الشرعي هو الحدث الذي هو مدلول المصدر لا نفس اللفظ لكن لما كان أمرا معنويا لا يتحقق إلا بلفظه المستعمل فيه قبل إن ركنه اللفظ فليس اللفظ حقيقته بل دال عليه فلذا قال المصنف تبعا للفتح إنه رفع قيد النكاح بلفظ مخصوص
وعن الثاني والثالث أن المراد بالقيد العقد ولذا قال في الجوهرة هو في الشرع عبارة عن المعنى الموضوع لحل عقدة النكاح فقد فسره بالمعنى المصدري كما قلنا أولا وعبر عن رفع القيد بحل العقدة أي بفك رابطة النكاح استعارة والمراد برفع العقد رفع أحكامه لأن العقود كلمات لا تبقى بعد التكلم بها كما حققه
____________________
(3/226)
في التلويح في بحث العلل وعن هذا قال في البدائع وأما بيان ما يرفع حكم النكاح فالطلاق وقال قبله للنكاح الصحيح أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع فالأول حل الوطء إلا لعارض
والثاني حل النظر وملك المتعة وملك الحبس وغير ذلك اه
وأما ما ورد في البحر من أن من آثار العقد العدة في المدخول بها فلذا لم يفسروه برفع العقد ففيه أن العدة ليست من أحكام النكاح لأنه غير موضوع لها وكونها من آثاره لا ينافي وجودها بعد رفع أحكامه كما أن نفس الطلاق من آثار عقد النكاح ولا يصح أن يكون من أحكامه بيان ذلك أن العقود علل لأحكامها كما صرحوا به
وقالوا أيضا إن الخارج المتعلق بالحكم إن كان مؤثرا فيه فهو العلة وإن كان مفضيا إليه بلا تأثير فهو السبب وإن لم يكن مؤثرا فيه ولا مفضيا إليه فإن توقف عليه وجود الحكم فهو الشرط وإلا فإن دل عليه فهو العلامة وتمامه في كتب الأصول ولا شبهة أن عقد النكاح علة لحل الوطء ونحوه لا لرفع الحل بل رفع الحل علته الطلاق لأنه وضع له نعم النكاح شرطه كما أن الطلاق شرط لوجوب العدة الواجبة لأجله فقد صرحوا في باب العدة أن شرطها رفع النكاح أو شبهته فالنكاح شرط لانعقاد الطلاق شرطا للعدة فصح كونها من آثاره بهذا الاعتبار فافهم
قوله ( في الحال البائن ) متعلقان برفع
قوله ( أو المآل ) أي بعد انقضاء العدة أو انضمام طلقتين إلى الأولى وعليه فلو ماتت في العدة أو بعد ما راجعها ينبغي أن يتبين عدم وقوع الطلقة الأولى حتى لو حلف أنه لم يوقع عليها طلاقا قط لا يحنث
بحر وفيه أن المراجعة تقتضي وقوع الطلاق فقد صرح الزيلعي وغيره بأن المراجعة بدون وقوع الطلاق محال
مقدسي
فالصواب في تعريفه الشامل لنوعيه ما في القهستاني من أنه إزالة النكاح أو نقصان حله بلفظ مخصوص
قلت ولذا قال في البدائع أمر الطلاق الرجعي فالحكم الأصلي له نقصان العدد فأما زوال الملك وحل الوطء فليس بحكم أصلي له لازم حتى لا يثبت للحال بل بعد انقضاء العدة وهذا عندنا
وعند الشافعي زوال حل الوطء من أحكامه الأصلية له حتى لا يحل له وطؤها قبل المراجعة
قوله ( هو ما اشتمل على الطلاق ) أي على مادة ط ل ق صريحا مثل أنت طالق أو كناية كمطلقة بالتخفيف وكانت ط ل ق وغيرهما كقول القاضي فرقت بينهما عند إباء الزوج الإسلام والعنة واللعان وسائر الكنايات المفيدة للرجعة والبينونة ولفظ الخلع فتح لكن قوله وغيرهما أي غير الصريح والكناية يفيد أن قول القاضي فرقت والكنايات ولفظ الخلع مما اشتمل على ما مادة ط ل ق وليس كذلك فالمناسب عطفه على ما اشتمل والضمير عائد على وثناه نظرا للمعنى لأنه واقع على الصريح والكناية
قوله ( فخرج الفسوخ الخ ) قال في الفتح فخرج تفريق القاضي في إبائها وردة أحد الزوجين وتباين الدار حقيقة وحكما وخيار البلوغ والعتق وعدم الكفاءة ونقصان المهر فإنها ليست طلاقا اه
وقد مر نظما في باب الولي ما هو طلاق وما هو فسخ وما يشترط فيه قضاء القاضي وما لا يشترط فراجعه
قوله ( وبهذا ) أي بزيادة قوله أو المآل وقوله بلفظ مخصوص
قوله ( عبارة الكنز والملتقى ) هي رفع القيد الثابت شرعا بالنكاح
قوله ( منقوضة طردا وعكسا ) أي أنها غير مانعة لدخول الفسوخ فيها وغير جامعة لخروج الرجعي
قوله ( كريبة ) هي الظن والشك أي ظن الفاحشة
قوله ( والمذهب الأول ) لإطلاق قوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } سورة الطلاق الآية 1 { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء }
____________________
(3/227)
سورة البقرة الآية 236 ولأنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة لا لريبة ولا كبر وكذا فعله الصحابة والحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر النكاح والطلاق
وأما ما رواه أبو داود أنه قال أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق فالمراد بالحلال ما ليس فعله بلازم الشامل للمباح والمندوب والواجب والمكروه كما قاله الشمني
بحر
ملخصا
قلت لكن حاصل الجواب أن كونه مبغوضا لا ينافي كونه حلالا فإن الحلال بهذا المعنى يشمل المكروه وهو مبغوض بخلاف ما إذ أريد بالحلال ما لا يترجح تركه على فعله وأنت خبير أن هذا الجواب مؤيد للقول الثاني ويأتي بعده تأييده أيضا فافهم
قوله ( وقولهم الخ ) جواب عن قوله في الفتح إن قولهم بإباحته وإبطالهم قول من قال لا يباح إلا لكبر أو ريبة بأنه طلق حفصة ولم يقترن بواحد منهما مناف لقولهم الأصل فيه الحظر لما فيه من كفران نعمة النكاح والإباحة للحاجة إلى الخلاص ولحديث أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق وأجاب في البحر بأن هذا الأصل لا يدل على أنه محظور شرعا وإنما يفيد أن الأصل فيه الحظر وترك ذلك بالشرع فصار الحل هو المشروع فهو نظير قولهم الأصل في النكاح الحظر وإنما أبيح للحاجة إلى التوالد والتناسل فهل يفهم منه أنه محظور فالحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها للأدلة المارة اه
أقول لا يخفى ما بين الأصلين من الفرق فإن الحظر الذي هم الأصل في النكاح قد زال بالكلية فلم يبق فيه حظر أصلا إلا لعارض خارجي بخلاف الطلاق فقد صرح في الهداية بأنه مشروع فيه ذاته من حيث إنه إزالة الرق وأن هذا لا ينافي الحظر لمعنى في غيره وهو ما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية والدنيوية اه
فهذا صريح في أنه مشروع ومحظور من جهتين وأنه لا منافاة في اجتماعهما لاختلاف الحيثية كالصلاة في الأرض المغصوبة فكون الأصل فيه الحظر لم يزل بالكلية بل هو باق إلى الآن بخلاف الحظر في النكاح فإنه من حيث كونه انتفاعا بجزء الآدمي المحترم واطلاعا على العورات قد زال للحاجة إلى التوالد وبقاء العالم
وأما الطلاق فإن الأصل فيه الحظر بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه وهو معنى قولهم الأصل فيه الحظر والإباحة للحاجة إلى الخلاص فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص بل يكون حمقا وسفاهة رأي ومجرد كفران النعمة وإخلاص الإيذاء بها وبأهلها وأولادها ولهذا قالوا إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى فليست الحاجة مختصة بالكبر والريبة كما قيل بل هي أعم كما اختاره في الفتح فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله من الحظر ولهذا قال تعالى { فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } سورة النساء الآية 34 أي لا تطلبوا الفراق وعليه حديث أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق قال في الفتح ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة اه
وإذا وجدت الحاجة المذكورة أبيح وعليها يحمل ما وقع منه ومن أصحابه وغيرهم من الأئمة صونا لهم عن العبث والإيذاء بلا سبب فقوله في البحر إن الحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها إن أراد بالخلاص منها الخلاص بلا سبب كما هو المتبادر منه فهو ممنوع لمخالفته لقولهم إن إباحته للحاجة إلى الخلاص فلم يبيحوه إلا عند الحاجة إليه لا عند مجرد إرادة الخلاص وإن أراد الخلاص عند الحاجة إليه فهو المطلوب
وقوله في البحر أيضا إن ما صححه في الفتح اختيار للقول الضعيف وليس المذهب عن علمائنا فيه نظر لأن الضعيف هو عدم إباحته إلا لكبر أو ريبة
والذي صححه في الفتح عدم التقييد بذلك كما هو مقتضى إطلاقهم الحاجة
____________________
(3/228)
وبما قررناه أيضا زال التنافي بين قولهم بإباحته وقولهم إن الأصل فيه الحظر لاختلاف الحيثية وظهر أيضا أنه لا مخالفة بين ما ادعاه أنه المذهب وما صححه في الفتح فاغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير
قوله ( بل يستحب ) إضراب انتقالي ط
قوله ( لو مؤذية ) أطلقه فشمل المؤذية له أو لغيره بقولها أو بفعلها ط
قوله ( أو تاركة صلاة ) الظاهر أن ترك الفرائض غير الصلاة كالصلاة
وعن ابن مسعود لأن ألقى الله تعالى وصداقها بذمتي خير من أن أعاشر امرأة لا تصلي ط
قوله ( ومفاده ) أي مفاد استحباب طلاقها وهذا قاله في البحر
وقال ولهذا قالوا في الفتاوى له أن يضربها على ترك الصلاة ولم يقولوا عليه مع أن في ضربها على تركها روايتين ذكرهما قاضيخان اه
قوله ( لو فات الإمساك بالمعروف ) كما لو كان خصيا أو مجبوبا أو عنينا أو شكازا أو مسحرا
والشكاز بفتح الشين المعجمة وتشديد الكاف وبالزاي هو الذي تنتشر آلته للمرأة قبل أن يخالطها ثم لا تنتشر آلته بعده لجماعها
والمسحر بفتح الحاء المشددة وهو المسحور ويسمى المربوط في زماننا
ح عن شرح الوهبانية
قوله ( لو بدعيا ) يأتي بيانه
قوله ( ومن محاسنه التخلص به من المكاره ) أي الدينية والدنيوية
بحر أي كأن عجز عن إقامة حقوق الزوج أو كان لا يشتهيها
قال في الفتح ومنها أي من محاسنه جعله بيد الرجال دون النساء لاختصاصهن بنقصان العقل وغلبة الهوى ونقصان الدين
ومنها شرعه ثلاثا لأن النفس كذوبة ربما تظهر عدم الحاجة إليها ثم يحصل الندم فشرع ثلاثا ليجرب نفسه أولا وثانيا اه ملخصا
مطلب طلاق الدور قوله ( وبه ) أي بكون التخلص المذكور من محاسنه إذ لو لم يقع طلاق الدور لفاتت هذه الحكمة اه ح
وسمي بالدور لأنه دار الأمر بين متنافيين لأنه يلزم من وقوع المنجز وقوع الثلاث المعلقة قبله ويلزم من وقوع الثلاث قبله عدم وقوعه فليس المراد الدور المصطلح عليه في علم الكلام وهو توقف كل من الشيئين على الآخر فيلزم توقف الشيء على نفسه وتأخره إما بمرتبة أو مرتبتين ط
قوله ( واقع ) أي إذا طلقها واحدة يقع ثلاث الواحدة المنجزة وثنتان من المعلقة ولو طلقها ثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة أو طلقها ثلاثا يقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو ولو قال إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وقع ثنتان المنجزة والمعلقة وقس على ذلك كذا في فتح القدير
قوله ( حتى لو حكم الخ ) تفريع على قوله واقع إجماعا ثم هذا ذكره المصنف أيضا عن جواهر الفتاوى فإنه قال ولو حكم حاكم بصحة الدور وبقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق لا ينفذ حكمه ويجب على حاكم آخر تفريقهما لأن مثل هذا لا يعد خلافا لأنه قول مجهول باطل فاسد ظاهر البطلان ونقل قبله عن جواهر الفتاوى أن هذا القول لأبي العباس بن سريج من أصحاب الشافعي وأنه أنكر عليه جميع أئمة المسلمين وأنه قول مخترع فإن الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة السلف من أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما أجمعت على أن طلاق المكلف واقع اه
قلت لكن يشكل على دعوى الإجماع أن كثيرا من أئمة الشافعية قالوا بصحة الدور كالمزني وابن الحداد والقفال والقاضي أبي الطيب والبيضاوي وكذا الغزالي والسبكي لكنهما رجعا عنه
____________________
(3/229)
وقد عزا في فتح القدير القول ببطلان الدور إلى بعض المتأخرين من مشايخنا والقول بصحته وأنها لا تطلق إلى أكثرهم وانتصر له صاحب البحر لكن رأيت مؤلفا حافلا للعلامة ابن حجر المكي في بطلانه وأنه قول أكثر الشافعية وإن القرافي من المالكية نقل عن شيخه العز بن عبد السلام الشافعي الملقب بسلطان العلماء أنه لا يصح بل يحرم تقليد القائل بصحته وينقض قضاء القاضي به لمخالفته لقواعد الشرع وقال إنه شنع على القائل به جماعة من الحنفية والمالكية والحنابلة وأنه نقل بعض الأئمة عن أبي حنيفة وأصحابه الاتفاق على فساد الدور وإنما وقع عنهم في وقوع الثلاث أو المنجز وحده وأن شارح الإرشاد قال إن المعتمد في الفتوى وقوع المنجز وعليه العمل في الديار المصرية والشامية وعزاه الرافعي إلى أبي حنيفة وأنه بالغ السروجي من الحنفية فقال إنه يشبه مذاهب النصارى أنه لا يمكن الزوج إيقاع طلاق على زوجته مدة عمره اه ملخصا
وذكر في فتح القدير أيضا أن القول بصحة الدور مخالف لحكم اللغة ولحكم العقل ولحكم الشرع وقرره بما لا مزيد عليه فارجع إليه
تنبيه قد بان لك أن المعتمد عنه الشافعية وقوع المنجز فقط بناء على إبطال الكلام كله وهو جملة التعليق وقد مر عن الفتح الجزم بوقوع الثلاث عندنا بناء على إبطال لفظ قبله فقط لأن الدور إنما حصل به ونقل ابن حجر عن مغني الحنابلة حكاية القولين عندهم وقدمنا ما يفيد أن الخلاف ثابت عندنا أيضا والله أعلم
قوله ( وأقسامه ثلاثة الخ ) يأتي بيانها قريبا
قوله ( صريح ) هو ما لا يستعمل إلا في حل عقدة النكاح سواء كان الواقع به رجعيا أو بائنا كما سيأتي بيانه في الباب الآتي
قوله ( وملحق به ) أي من حيث عدم احتياجه إلى النية كلفظ التحريم أو من حيث وقوع الرجعي به وإن احتاج إلى نية كاعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة
أفادة الرحمتي
قوله ( وكناية ) هي ما لم يوضع للطلاق واحتمله وغيره كما سيأتي في بابه
قوله ( ومحله المنكوحة ) أي ولو معتدة عن طلاق رجعي أو بائن غير ثلاث في حرة وثنتين في أمة أو عن فسخ بتفريق لإباء أحدهما عن الإسلام أو بارتداد أحدهما ونظم ذلك المقدسي بقوله بعدة عن الطلاق يلحق أو ردة بالإباء يفرق بخلاف عدة الفسخ بحرمة مؤبدة كتقبيل ابن الزوج أو غير مؤبدة كالفسخ بخيار عتق وبلوغ وعدم كفاءة ونقصان مهر وسبي أحدهما ومهاجرته فلا يقع الطلاق فيها كما حرره في البحر عن الفتح وكذا ما سيأتي آخر الباب لو حررت زوجها حين ملكته فطلقها في العدة لا يقع ويأتي تمام الكلام عليه آخر الكنايات
قوله ( وأهله زوج عاقل الخ ) احترز بالزوج عن سيد العبد ووالد الصغير وبالعاقل ولو حكما عن المجنون والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه و ( بخلاف السكران مضطرا أو مكرها وبالبالغ عن الصبي ولو مراهقا وبالمستيقظ عن النائم
وأفاد أنه لا يشترط كونه مسلما صحيحا طائعا جادا عامدا فيقع طلاق العبد والسكران بسبب محظور والكافر والمريض والمكره والهازل والمخطىء كما سيأتي
قوله ( وركنه لفظ مخصوص ) هو ما جعل دلالة على معنى الطلاق من صريح أو كناية فخرج الفسوخ على ما مر وأراد اللفظ ولو حكما ليدخل الكتابة المتسبينة وإشارة الأخرس وإشارة إلى العدد بالأصابع في قوله أنت طالق هكذا كما سيأتي وبه ظهر أن من تشاجر مع زوجته فأعطاها ثلاثة أحجار ينوي الطلاق ولم يذكر لفظا صريحا ولا كناية لا يقع عليه كما أفتى به الخير الرملي وغيره وكذا ما يفعله بعض سكان البوادي
____________________
(3/230)
من أمرها بحلق شعرها لا يقع به طلاق وإن نواه
قوله ( خال عن الاستثناء ) أما إذا صاحبه استثناء بشروطه فلا يتحقق طلاق كقوله إن شاء الله تعالى أو إلا أن يشاء الله تعالى
زاد في البحر وأن لا يكون الطلاق انتهاء غاية فإنه لو قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث لم تقع الثالثة عند الإمام ط
قوله ( طلقة ) التاء للوحدة وقيد بها لأن الزائد عليها بكلمة واحدة بدعي ومتفرقا ليس بأحسن
بحر
قوله ( رجعية ) فالواحدة البائنة بدعية في ظاهر الرواية وفي رواية الزيادات لا تكره
بحر عن الفتح
ثم ذكر عن المحيط أن الخلع في حالة الحيض لا يكره بالإجماع لأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به اه
وسيذكره الشارح ويأتي تمامه
قوله ( في طهر ) هذا صادق بأوله وآخره قيل والثاني أولى احترازا من تطويل العدة عليها وقيل الأول
قال في الهداية وهو الأظهر من كلام محمد
نهر واحترز به عن الحيض فإنه فيه بدعي كما يأتي
قوله ( لا وطء فيه ) جملة في محل جر صفة لطهر ولم يقل منه ليدخل في كلامه ما لو وطئت بشبهة فإن طلاقها فيه حينئذ بدعي نص عليه الإسبيجابي لكن يرد عليه الزنى فإن الطلاق في طهر وقع فيه سني حتى لو قال لها أنت طالق للسنة وهي طاهرة ولكن وطئها غيره فإن كان زنى وقع وإن بشبهة فلا كذا في المحيط وكأن الفرق أن وطء الزنى لم يترتب عليه أحكام النكاح فكان هدرا بخلاف الوطء بشبهة وبهذا عرف أن كلام المصنف أولى من قول غيره لم يجامعها فيه لكن لا بد أن يقول ولا في حيض قبله ولا طلاق فيهما ولم يظهر حملها ولم تكن آيسة ولا صغيرة كما في البدائع لأنه لو طلقها في طهر وطئها في حيض قبله كان بدعيا وكذا لو كان قد طلقها فيه وفي هذا الطهر لأن الجمع بين تطليقتين في طهر واحد مكروه عندنا ولو طلقها بعد ظهور حملها أو كانت ممن لا تحيض في في طهر وطئها فيه لا يكون بدعيا لعدم العلة أعني تطويل العدة عليهما
نهر
قوله ( وتركها حتى تمضي عدتها ) معناه الترك من غير طلاق آخر لا الترك مطلقا لأنه إذا راجعها لا يخرج الطلاق عن كونه أحسن
بحر
قوله ( أحسن ) أي من القسم لأنه الثاني متفق عليه
بخلاف الثاني فإن مالكا قال بكراهته لاندفاع الحاجة بواحدة بحر عن المعراج
قوله ( بالنسبة إلى البعض الآخر ) أي لا أنه في نفسه حسن فاندفع به ما قيل كيف يكون حسنا مع أنه أبغض الحلال وهذا أحد قسمي المسنون ومعنى المسنون هنا ما ثبت على وجه لا يستوجب عتابا لا أنه المستعقب للثواب لأن الطلاق ليس عبادة في نفسه ليثبت له ثواب فالمراد هنا المباح نعم لو وقعت له داعية أن يطلقها بدعيا فمنع نفسه إلى وقت السني يثاب على كف نفسه عن المعصية لا عن نفس الطلاق ككف نفسه عن الزنى مثلا بعد تهيؤ أسبابه ووجود الداعية فإنه يثاب لا على عدم الزنى لأن الصحيح أن المكلف به الكف لا العدم كما عرف في الأصول
بحر وفتح
قوله ( وطلقة ) مبتدأ ولغير موطوءة أي مدخول بها متعلق بمحذوف صفة له وكذا الجار في قوله ولو في حيض وقوله ولموطوءة متعلق ب تفريق أو حال منه على رأي أيضا وقوله فيمن تحيض حال من ثلاث المضاف إليه تفريق لكونه مفعوله في المعنى وقوله وفي ثلاثة أشهر عطف على في ثلاثة أطهار وقوله حسن خبر المبتدأ وما عطف عليه
وحاصله أن السنة في الطلاق من وجهين العدد والوقت فالعدد وهو أن لا يزيد على الواحدة بكلمة واحدة لا فرق فيه بين المدخولة وغيرها لكنه في المدخولة خاص بما إذا كان في طهر لا وطء فيه ولا في حيض قبله كما مر وإلا فهو بدعي وفي غيرها لا فرق بين كونه في طهر أو في حيض لأن الوقت أعني الطهر الخالي عن الجماع
____________________
(3/231)
خاص بالمدخولة فلزم في المدخولة مراعاة الوقت والعدد بأن يطلقها واحدة في الطهر المذكور فقط وهو السني الأحسن أو ثلاثا مفرقة في ثلاثة أطهار أو أشهر وهو السني الحسن
وذكر في البحر عن المعراج أن الخلوة كالوطء هنا وتقدم التصريح بذلك في أحكام الخلوة من كتاب النكاح
قوله ( في ثلاثة أطهار ) أي إن كانت حرة وإلا ففي طهرين
برجندي والخلاف المتقدم في أول الطهر وآخره يجري هنا كما نبه عليه في البحر
قوله ( ولا طلاق فيه ) أي في الحيض لأنه بمنزلة ما لو أوقع التطليقتين في هذا الطهر وهو مكروه وإنما لم يقل ولا طلاق فيه ولا في الطهر لأن الموضوع تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار ط
قوله ( وفي ثلاثة أشهر ) أي هلالية إن طلقها في أول الشهر وهو الليلة التي رؤي فيها الهلال وإلا اعتبر كل شهر ثلاثين يوما في تفريق الطلاق اتفاقا وكذا في حق انقضاء العدة عنده
وعندهما شهر بالأيام وشهرين بالأهلة
قال في الفتح قيل الفتوى على قولهما لأنه أسهل وليس بشيء اه
قوله ( في حق غيرها ) أي في حق من بلغت بالسن ولم تر دما أو كانت حاملا أو صغيرة لم تبلغ تسع سنين على المختار أو آيسة بلغت خمسا وخمسين سنة على الراجح أما ممتدة الطهر فمن ذوات الأقراء لأنها شابة رأت الدم فلا يطلقها للسنة إلا واحدة ما لم تدخل في حد الإياس إذ الحيض مرجو في حقها صرح به غير واحد
نهر
قال في البحر فعلى هذا لو كان قد جامعها في الطهر وامتد لا يمكن تطليقها للسنة حتى تحيض ثم تطهر وهي كثيرة الوقوع في الشابة التي لا تحيض زمان الرضاع اه
قلت وتقييد الصغيرة بالتي لم تبلغ تسعا يفيد أن التي بلغتها لا يفرق طلاقها على الأشهر وليس كذلك وإنما تظهر فائدته في قوله بعده وحل طلاقهن عقب وطء كما تعرفه
قوله ( بالأولى ) لأن الأول أحسن منه وهذا جواب لصاحب النهر عن قول الفتح لا وجه لتخصيص هذا باسم طلاق السنة لأن الأول أيضا كذلك فالمناسب تمييزه بالمفضول من طلاق السنة اه
قوله ( أي الآيسة والصغيرة والحامل ) أي المفهومات من قوله في غيرها وكان الأولى للمصنف التصريح بهن هناك ليعود الضمير في طلاقهن إلى مذكور صريحا ولئلا يرد عليه من بلغت بالسن وامتد طهرها أو بلغت تسعا كما يظهر مما بعده
قوله ( لأن الكراهة الخ ) أي لأن كراهة الطلاق في طهر جامع فيه ذوات الحيض لتوهم الحبل فيشتبه وجه العدة أنها بالحيض أو بالوضع
قال في الفتح وهذا الوجه يقتضي في التي لا تحيض لا لصغر ولكبر بل اتفق امتداد طهرها متصلا بالصغر وفي التي لم تبلغ بعد وقد وصلت إلى سن البلوغ أن لا يجوز تعقيب وطئها بطلاقها لتوهم الحبل في كل منهما اه
وقال قبله وفي المحيط قال الحلواني هذا في صغيرة لا يرجى حبها أما فيمن يرجى فالأفضل له أن يفصل بين وطئها وطلاقها بشهر كما قال زفر
ولا يخفى أن قول زفر ليس هو أفضلية الفصل بل لزومه اه
وأجاب في البحر بأن التشبيه إنما هو بأصل الفاصل وهو الشهر لا في الأفضلية اه
واحترز بقوله متصلا بالصغر أي بأن بلغت بالسن وامتد طهرها عمن امتد طهرها بعد ما بلغت بالحيض فإنها لا تطلق للسنة إلا واحدة كما مر لأنها شابة قد رأت الدم وهو مرجو الوجود ساعة فساعة فبقي فيها أحكام ذوات الأقراء بخلاف من بلغت ولم تر الدم أصلا
قوله ( والبدعي ) منسوب إلى البدعة والمراد بها هنا المحرمة لتصريحهم بعصيانه
بحر قوله ( ثلاثة متفرقة )
____________________
(3/232)
وكذا بكلمة واحدة بالأولى
وعن الإمامية لا يقع بلفظ الثلاث ولا في حالة الحيض لأنه بدعة محرمة
وعن ابن عباس يقع به واحدة وبه قال ابن إسحاق وطاوس وعكرمة لما في مسلم أن ابن عباس قال كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم
وذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلى أنه يقع ثلاث
قال في الفتح بعد سوق الأحاديث الدالة عليه وهذا يعارض ما تقدم وأما إمضاء عمر الثلاث عليهم مع عدم مخالفة الصحابة له وعلمه بأنها كانت واحدة فلا يمكن إلا وقد اطلعوا في الزمان المتأخر على وجود ناسخ أو لعلمهم بانتهاء الحكم لذلك لعلمهم وقول بعض الحنابلة توفي رسول الله عن مائة ألف عين رأته فهل صح لكم عنهم أو عن عشر عشر عشرهم القول بوقوع الثلاث باطل أما أولا فإجماعهم ظاهر لأنه لم ينقل عن أحد منهم أنه خالف عمر حين أمضى الثلاث ولا يلزم في نقل الحكم الإجماعي عن مائة ألف تسمية كل في مجلد كبير لحكم واحد على أنه إجماع سكوتي
وأما ثانيا فالعبرة في نقل الإجماع نقل ما عن المجتهدين والمائة ألف لا يبلغ عدة المجتهدين الفقهاء منهم أكثر من عشرين كالخلفاء والعبادلة وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأنس وأبي هريرة والباقون يرجعون إليهم ويستفتون منهم
وقد ثبت النقل عن أكثرهم صريحا بإيقاع الثلاث ولم يظهر لهم مخالف
فماذا بعد الحق إلا الضلال
وعن هذا قلنا لو حكم حاكم بأنها واحدة لم ينفذ حكمه لأنه لا يسوغ الاجتهاد فيه فهو خلاف لا اختلاف وغاية الأمر فيه أن يصير كبيع أمهات الأولاد أجمع على نفيه وكن في الزمن الأول يبعن اه ملخصا
ثم أطال في ذلك
قوله ( في طهر واحد ) قيد للثلاث والثنتين
قوله ( لا رجعة فيه ) فلو تخلل بين الطلقتين رجعة لا يكره إن كانت بالقول أو بنحو القبلة أو اللمس عن شهوة لا بالجماع إجماعا لأنه طهر فيه جماع وهذا على رواية الطحاوي الآتية
وظاهر الرواية أن الرجعة لا تكون فاصلة وكذا لو تخلل النكاح
أفاده في البحر
قوله ( وطئت فيه ) أي ولم تكن حبلى ولا آيسة ولا صغيرة لم تبلغ تسع سنين كما مر
قوله ( في حيض موطوءة ) أي مدخول بها ومثلها المختلى بها كما مر
قوله ( لكان أوجز وأفود ) أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأنه يشمل ما ذكره ويشمل الطلاق البائن كما مر وما لو طلقها في النفاس فإنه بدعي كما في البحر وما لو طلقها في طهر لم يجامعها فيه بل في حيض قبله وما لو طلقها في طهر طلقها في حيض قبله فافهم
قوله ( وتجب رجعتها ) أي الموطوءة المطلقة في الحيض
قوله ( على الأصح ) مقابله قول القدوري إنها مستحبة لأن المعصية وقعت فتعذر ارتفاعها ووجه الأصح قوله لعمر في حديث ابن عمر في الصحيحين مر ابنك فليراجعها حين طلقها في حالة الحيض فإنه يشتمل على وجوبين صريح وهو الوجوب على عمر أن يأمر
وضمني وهو ما يتعلق بابنه عند توجيه الصيغة إليه فإن عمر نائب فيه عن النبي فهو كالمبلغ وتعذر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفا للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها إذ بقاء الشيء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة وتمامه في الفتح
قوله ( رفعا للمعصية ) بالراء وهي أولى من نسخة الدال ط أي لأن الدفع بالدال لما لم يقع والرفع بالراء للواقع والمعصية هنا
____________________
(3/233)
وقعت والمراد رفع أثرها وهو العدة وتطويلها كما علمت لأن رفع الطلاق بعد وقوعه غير ممكن
قوله ( فإذا طهرت طلقها إن شاء ) ظاهر عبارته أنه يطلقها في الطهر الذي طلقها في حيضه وهو موافق لما ذكره الطحاوي وهو رواية عن الإمام لأن أثر الطلاق انعدم بالمراجعة فكأنه لم يطلقها في هذه الحيضة فيسن تطليقها في طهرها لكن المذكور في الأصل وهو ظاهر الرواية كما في الكافي وظاهر المذهب وقول الكل كما في فتح القدير إنه إذا راجعها في الحيض أمسك عن طلاقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيطلقها ثانية
ولا يطلقها في الطهر الذي يطلقها في حيضه لأنه بدعي كذا في البحر والمنح وعبارة المصنف تحتمله اه ح ويدل لظاهر الرواية حديث الصحيحين مر بنك فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل بحر
قال في الفتح ويظهر من لفظ الحديث تقييد الرجعة بذلك الحيض الذي أوقع فيه وهو المفهوم من كلام الأصحاب إذا تؤمل فلو لم يفعل حتى طهرت تقررت المعصية اه
وقد يقال هذا ظاهر على رواية الطحاوي أما على المذهب فينبغي أن لا تقرر المعصية حتى يأتي الطهر الثاني
بحر
قلت وفيه نظر فإنه حيث كان ذلك هو المفهوم من الحديث وكلام الأصحاب يحمل المذهب عليه فتأمل
قوله ( قيد بالطلاق ) أي في قوله أو في حيض موطوءة والمراد أيضا بالطلاق الرجعي احترازا عن البائن فإنه بدعي في ظاهر الرواية وإن كان في الطهر كما مر
قوله ( لأن التخيير الخ ) أي قوله لها اختاري نفسك وهي حائض وكذا لو اختارت نفسها
قال في الذخيرة عن المنتقى ولا بأس بأن يخلعها في الحيض إذا رأى منها ما يكره ولا بأس بأن يخيرها في الحيض ولا بأس بأن تختار نفسها في الحيض ولو أدركت فاختارت نفسها فلا بأس للقاضي أن يفرق بينهما في الحيض اه
وفي البدائع وكذا إذا أعتقت فلا بأس بأن تختار نفسها وهي حائض وكذا امرأة العنين اه
وكذا الطلاق على مال لا يكره في الحيض كما صرح به في البحر عن المعراج والمراد بالخلع ما إذا كان خلعا بمال لما قدمناه عن المحيط من تعليل عدم كراهته بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به
وفي الفتح من فصل المشيئة عن الفوائد الظهيرية لو قال لها طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فطلقت نفسها ثلاثا على قولهما أو ثنتين على قوله لا يكره لأنها مضطرة فإنها لو فرقت خرج الأمر من يدها اه
قوله ( لا يكره ) لأن علة الكراهة دفع الضرر عنها بتطويل العدة لأن الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة وبالاختيار والخلع قد رضيت بذلك
رحمتي
وفيه أنه يلزم حل الطلاق مطلقا في الحيض إذا رضيت به مع أن إطلاقهم الكراهة ينافيه فالأظهر تعليل الخلع والطلاق بعوض بما مر عن المحيط وبأن التخيير ليس طلاقا بنفسه لأنها لا تطلق ما لم تختر نفسها فصارت كأنها أوقعت الطلاق على نفسها في الحيض والممنوع هو الرجل لا هي أو القاضي هذا ما ظهر لي فتأمل
قوله ( والنفاس كالحيض ) قال في البحر ولما كان المنع منه الطلاق في الحيض لتطويل العدة عليها كان النفاس مثله كما في الجوهرة
قوله ( قال لموطوءته ) أي ولو حكما كالمختلى بها كما مر
قوله ( للسنة ) اللام فيه للوقت وليست اللام بقيد فمثلها
____________________
(3/234)
في السنة أو عليها أو معها وكذا السنة بقيد بل مثلها ما في معناه كطلاق العدل وطلاقا عدلا وطلاق العدة أو للعدة وطلاق الدين أو الإسلام أو أحسن الطلاق أو أجمله أو طلاق الحق أو القرآن أو الكتاب وتمامه في البحر
قوله ( وتقع أولاها ) أي أولى المذكورات من الثلاث أو الثنتين فافهم
وقوله في طهر لا وطء فيه أي ولا في حيض قبله كما يفيده ما تقدم فإن كان ذلك الطهر هو الذي طلقها فيه تقع فيه واحدة للحال ثم عند كل طهر أخرى وإن كانت حائضا أو جامعها فيه لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر كما في البحر
قوله ( فلو كانت غير موطوءة ) محترز قوله لموطؤته وقوله أو لا تحيض محترز قوله وهي ممن تحيض وشمل من لا تحيض الحامل خلافا لمحمد كما في البحر
قوله ( تقع واحدة للحال ) أي في الصورتين وأطلق في الحال فشمل حالة الحيض
قوله ( ثم كلما نكحها ) راجع للصورة الأولى أي فإذا وقعت عليها للحال بانت منه بلا عدة لأنه طلاق قبل الدخول فلا يقع غيرها ما لم يتزوجها فتقع أخرى بلا عدة فإذا تزوجها أيضا وقعت الثلاثة
وعلله في البحر بأن زوال الملك بعد اليمين لا يبطلها اه
فتأمل
قوله ( أو مضى شهر ) يرجع إلى الصورة الثانية
قوله ( وإن نوى الخ ) أفاد أن وقوع الثلاث على الأطهار مقيد بما إذا نواه أو أطلق
أما إذا نوى غيره فإنه يصح
نهر
قوله ( لأنه محتمل كلامه ) وهذا لأن اللام كما جاز أن تكون للوقت جاز أن تكون للتعليل أي لأجل السنة التي أوجبت وقوع الثلاث وإذا صحت نيته للحال فأولى أن تقع عند كل رأس شهر قيد بذكر الثلاث لأنه لو لم يذكرها وقعت واحدة للحال إن كانت في طهر لم يجامعها فيه وإلا فحتى تطهر ولو نوى ثلاثا مفرقة على الأطهار صح ولو جملة فقولان ورجح في الفتح القول بأنه لا يصح وتمامه في النهر
قوله ( ويقع طلاق كل زوج ) هذه الكلية منقوضة بزوج المبانة إذ لا يقع طلاقه بائنا عليها في العدة
وأجيب بأنه ليس بزوج من كل وجه أو أن امتناعه لعارض هو لزوم تحصيل الحاصل ثم كلامه شامل لما إذا وكل به أو أجازه من الفضولي
نهر
وسيأتي
قوله ( ليدخل السكران ) أي فإنه في حكم العاقل زجرا له فلا منافاة بين قوله عاقل وقوله الآتي أو سكران
مطلب في الإكراه على التوكيل بالطلاق والنكاح والعتاق قوله ( فإن طلاقه صحيح ) أي طلاق المكره وشمل ما إذا أكره على التوكيل بالطلاق فوكل فطلق الوكيل فإنه يقع
بحر
قال محشيه الخير الرملي ومثله العتاق كما صرحوا به وأما التوكيل بالنكاح فلم أر من صرح به والظاهر أنه لا يخالفهما في ذلك لتصريحهم بأن الثلاث تصح مع الإكراه استحسانا
وقد ذكر الزيلعي في مسألة الطلاق أن الوقوع استحسان والقياس أن لا تصح الوكالة لأن الوكالة تبطل بالهزل فكذا مع الإكراه كالبيع وأمثاله
وجه الاستحسان أن الإكراه لا يمنع انعقاد البيع ولكن يوجب فساده فكذا التوكيل ينعقد مع الإكراه والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة لكونها من الإسقاطات فإذا لم تبطل فقد نفذ تصرف الوكيل اه
فانظر إلا علة الاستحسان في الطلاق تجدها في النكاح فيكون حكمهما واحد تأمل اه كلام الرملي
قلت وسيأتي تمام الكلام على ذلك في كتاب الإكراه إن شاء الله تعالى
قوله ( لا إقراره بالطلاق ) قيد بالطلاق لأن الكلام فيه
____________________
(3/235)
وإلا فإقرار المكره بغيره لا يصح أيضا كما لو أقر بعتق أو نكاح أو رجعة أو فيء أو عفو عن دم عمد أو بعبده أنه ابنه أو جاريته أنها أم ولده كما نص عليه الحاكم في الكافي
هذا وفي البحر أن المراد الإكراه على التلفظ بالطلاق فلو أكره على أن يكتب طلاق امرأته فكتب لا تطلق لأن الكتابة أقيمت مقام العبارة باعتبار الحاجة ولا حاجة هنا كذا في الخانية
ولو أقر بالطلاق كاذبا أو هازلا وقع قضاء لا ديانة اه
ويأتي تمامه
مطلب في المسائل التي تصح مع الإكراه قوله ( طلاق ) أطلقه فشمل البائن بقسميه والرجعي وهو مع ما عطف عليه مبتدئا والخبر محذوف تقديره تصح مع الإكراه دل عليه قوله آخرا فهذه تصح مع الإكراه
ثم إن كان الزوج قد وطىء فلا رجوع له على المكره وإلا فله الرجوع بنصف المسمى كذا ذكره المصنف في الإكراه ط
قوله ( وإيلاء ) فإن تركت أربعة أشهر بانت منه فإن لم يكن دخل بها وجب نصف المهر ولم يرجع به على الذي أكرهه
كافي
قوله ( نكاح ) يشمل ما إذا أكره الزوج أو الزوجة على عقد النكاح كما هو مقتضى إطلاقهم خلافا لما قيل من أن العقد لا يصح إذا أكرهت هي عليه كما أوضحناه في النكاح قبيل قوله وشرط حضور شاهدين فافهم
قوله ( مع استيلاد ) بكسر الدال من غير تنوين لضرورة النظم ح
وصورته أن يكرهه على استيلاد أمته فإذا وطئها وأتت بولد ثبت منه
ولا يجوز له نفيه ط
وفيه أن هذا إكراه على فعل حسي وهو الوطء ترتب عليه حكم آخر وهو صيرورتها أم ولد وأمثلته كثيرة كما لو أكره على دخول دار علق عتق عبده على دخولها فإنه يعتق ولا يضمن له المكره شيئا وأكره على شراء عبد علق على ملكه له فإنه يعتق وعليه قيمته للبائع ولا يرجع على المكره بشيء كما في كافي الحاكم من الإكراه
قال وكذا لو أكرهه على شراء ذي رحم محرم منه أو أمة قد ولدت منه أو أمة قد جعلها مدبرة إذا ملكها اه
وصورة الرحمتي بأن يكره على أن يقر بأنها أم ولده وفيه ما علمته مما نقلناه قبله عن الكافي أيضا والله أعلم
قوله ( عفو عن العمد ) أي لو وجب له على رجل قصاص في نفس أو فيما دونها فأكره بو عيد تلف أو حبس حتى عفا فالعفو جائز ولا ضمان له على الجاني وعلى المكره لأنه لم يتلف له مالا وكذلك الشهود إذا رجعوا فلا ضمان عليهم ولو وجب له على رجل حق من مال أو كفالة بنفس أو غير ذلك فأكره بو عيد بقتل أو حبس حتى أبرأه من ذلك كانت البراءة باطلة كذا في الكافي وبه علم أنه احترز بالعمد عن الخطإ لأن موجبه المال فلا تصح البراءة منه
قوله ( رضاع ) يرد عليه ما ذكرناه في الاستيلاد فإنه أيضا فعل حسي ترتب عليه حكم آخر وهذا لا ينحصر كما علمته وكذا يقال مثله ما لو أكره على الخلوة بزوجته أو على وطئها فإنه يتقرر عليه جميع المهر وكذا لو أكره على وطء أم زوجته أو بنتها تحرم عليه زوجته
قوله ( وإيمان ) جمع يمين
قال في الكافي في باب الإكراه على النذر واليمين ولو أكره رجل بو عيد تلف حتى جعل على نفسه صدقة الله تعالى أو صوما أو حجا أو عمرة أو غزوة في سبيل الله تعالى أو بدنة أو شيئا يتقرب به إلى الله تعالى لزمه ذلك ولا ضمان على المكره وكذلك لو أكرهه على اليمين بشيء من ذلك أو بغيره من الطاعات أو المعاصي اه
قوله ( وفيء ) أي في الإيلاء بقول أو فعل ذكره الشارح في الإكراه
قوله ( ونذره ) قدمنا الكلام عليه قريبا
قوله ( قبول لإيداع ) أخذ في البحر من قوله في القنية أكره
____________________
(3/236)
على قبول الوديعة فتلفت في يده فلمستحقها تضمين المودع اه
بناء على أن المودع بفتح الدال
قال في النهر بعد نقله ثم ظهر لي أنه بكسر الدال فليس من المواضع في شيء وذلك أنه في البزازية قال أكره بالحبس على إيداع ماله عند هذا الرجل وأكره المودع أيضا على قبوله فضاع لا ضمان على المكره والقابض لأنه ما قبضه لنفسه كما لو هبت الريح فألقته في حجره فأخذه ليرده فضاع في يده لا يضمن اه
قلت وحاصله أن التعليل المذكور يدل على أن المستحق للوديعة في مسألة القنية ليس له تضمين المودع بالفتح لأنه إذا كان مكرها على قبولها لم يكن قابضا لنفسه فتعين أنه بالكسر لأنه دفعها باختياره للمستحق تضمينه ولكن مع هذا أيضا لو صح قراءته بالفتح لم يكن من هذه المواضع أيضا لأن الكلام فيما يصح مع الإكراه وتضمينه يدل على أنه لم يصح قبوله للوديعة لأن حكم المودع بالفتح عدم الضمان بالتلف فتأمل
قوله ( كذا الصلح عن عمد ) أي قبول القاتل الصلح عن دم العمد على مال كذا في البحر أي إذا أكره على أن يصالح صاحب الحق على مال أكثر من الدية أو أقل فصالحه بطل الدم ولم يلزم الجاني شيء كما في كافي الحاكم وذكر قبله أنه لو أكره ولي دم العمد على أن صالح منه على ألف فلا شيء له غير الألف اه
وإنما لزم المال القاتل في الثانية لأنه غير مكره
قوله ( طلاق على جعل ) أي قبول المرأة الطلاق على مال
بحر
فيقع الطلاق ولا شيء عليها من المال ولو كان مكان التطليقة خلع بألف درهم كان الطلاق بائنا ولا شيء عليها ولو كان هو المكره على الخلع على ألف وقد دخل بها وهي غير مكرهة وقع الخلع ولزمها الألف وتمامه في الكافي
قوله ( يمين به أتت ) أي بالطلاق وفاعل أتت ضمير اليمين ح
والمراد به تعليق الطلاق على شيء كما إذا أكره على أن يقول إن كلمت زيدا فزوجتي كذا
قوله ( كذا العتق ) أي الإكراه على اليمين بالعتق
وأما الإكراه على نفس العتق فسيأتي فافهم كما لو أكره على أن قال إن دخلت الدار فأن حر أو إن صليت أو أكلت أو شربت ففعل يعتق العبد ويغرم الذي أكرهه قيمته وتمامه في الكافي
قوله ( والإسلام ) ولو من ذمي كما أطلقه كثير من المشايخ
وما في الخانية من التفصيل بين الذمي فلا يصح والحربي فيصح فقياس والاستحسان صحته مطلقا
أفاده الشارح في الإكراه ط
ولو كان أكرهه على الإقرار بالإسلام فيما مضى فالإقرار باطل كذا في الكافي
قوله ( تدبير للعبد ) بضم الراء من غير تنوين للضرورة ح وتقييده بالعبد لمناسبة الروي والأمة مثله ط
قوله ( وإيجاب إحسان ) أي إيجاب صدقة
بحر
وتقدم نقله عن الكافي
قوله ( وعتق ) ويرجع بقيمة العبد على المكره إذا أعتقه لغير كفارة وإلا فلا رجوع كما ذكره المصنف في الإكراهط
وشمل العتق بفعل كما لو أكرهه على شراء محرمه لكنه لا يرجع على المكره بشيء كما قدمناه عن الكافي وبه صرح في البزازية من الإكراه خلافا لما يوهمه ما نقله الشارح في الإكراه عن ابن الكمال فافهم
قوله ( عشرين في العد ) حال من فاعل تصح
قال في النهر وهي ترجع إلى ستة عشر لدخول إيجاب الإحسان في النذر ودخول الطلاق على جعل واليمين بالطلاق في الطلاق ودخول اليمين في العتيقة في العتق اه ح
وتقدم عن النهر أن قبول الإيداع ليس منها فعادت إلى خمسة عشر وقدمنا أن الاستيلاد والرضاع من الأفعال الحسية المترتب عليها أمر آخر فلا ينبغي تخصيصها بالذكر فعادت إلى ثلاثة عشر وقد زدت عليها خمسة أخر التقطتها من إكراه كما في الحاكم
____________________
(3/237)
الأولى الخلع على مال بأن أكره على خلع امرأته على ألف وقد تزوجها على أربعة آلاف ودخل بها والمرأة غير مكرهة فالخلع واقع ولها عليه الألف ولا شيء على الذي أكرهه ولو كانت هي المكرهة كان الطلاق بائنا ولا شيء عليها
الثانية الفسخ كما لو أعتقت ولها زوج حر لم يدخل بها فأكرهت على أن اختارت نفسها في مجلسها بطل المهر عن الزوج ولا شيء على المكره ولو كان دخل بها الزوج قبل ذلك فالمهر لمولاها على الزوج ولا يرجع على المكره
الثالثة التكفير كما لو أكره بوعيد تلف على أن يكفر يمينا قد حنث فيها ولا رجوع له على المكره وإن أكرهه على عتق عبده هذا عنها لم يجزه وعلى المكره قيمته ولو أكره بالحبس أجزأه عنها وكذلك كل شيء وجب عليه لله تعالى من نذر أو هدي أو صدقة أو حج فأكره على أن يمضيه ولم يأمره المكره بشيء بعينه أجزأه ولا ضمان على المكره
الرابعة ما كان شرطا لغيره كما لو علق عتق عبد على شرائه أو طلاق زوجته على دخول الدار فأكره على الشراء أو الدخول أو أكره على شراء ذي محرمه أو أمة قد ولدت منه ونحو ذلك ويدخل فيه الرضاع فإنه شرط للمحرمية والاستيلاد أي الوطء لطلب الولد فإنه شرط لثبوته منه أيضا
الخامسة ما قدمناه من التوكيل بالطلاق والعتق فقد صارت ثماني عشرة صورة نظمتها بقولي طلاق واعتاق نكاح ورجعة ظهار وإيلاء وعفو عن العمد يمين وأسلام وفيء ونذره قبول لصلح العمد تدبير للعبد ثلاث وعشر صححوها لمكره وقد زدت خمسا وهي خلع على نقد وفسح وتكفير وشرط لغيره وتوكيل عتق أو طلاق فخذ عدي قوله ( أو هازلا ) أي فيقع قضاء وديانة كما يذكره الشارح وبه صرح في الخلاصة معللا بأنه مكابر باللفظ فيستحق التغليظ وكذا في البزازية
وأما ما في إكراه الخانية لو أكره على أن يقر بالطلاق فأقر لا يقع كما لو أقر بالطلاق هازلا أو كاذبا فقال في البحر إن مراده لعدم الوقوع في المشبه به عدمه ديانة ثم نقل عن البزازية والقنية لو أراد به الخبر عن الماضي كذبا لا يقع ديانة وإن أشهد قبل ذلك لا يقع قضاء أيضا اه
ويمكن حمل ما في الخانية على ما إذا أشهد على أنه يقر بالطلاق هازلا ثم لا يخفى أن ما مر عن الخلاصة إنما هو فيما لو أنشأ الطلاق هازلا وما في الخانية فيما لو أقر به هازلا فلا منافاة بينهما
قال في التلويح وكأنه يبطل الإقرار بالطلاق والعتاق مكرها كذلك يبطل الإقرار بهما هازلا لأن الهزل دليل الكذب كالإكراه حتى لو أجاز ذلك لم يجز لأن الإجازة إنما تلحق سببا منعقدا يحتمل الصحة والبطلان وبالإجازة لا يصير الكذب صدقا وهذا بخلاف إنشاء الطلاق والعتاق ونحوهما مما لا يحتمل الفسخ فإنه لا أثر فيه للهزل اه
وبهذا اندفع ما أورده الرملي من المنافاة بين عبارة الخانية وغيرها
قوله ( لا يقصد حقيقة كلامه ) بيان لمعنى الهازل وفيه قصور
____________________
(3/238)
ففي التحرير وشرحه الهزل لغة اللعب
واصطلاحا أن لا يراد باللفظ ودلالته المعنى الحقيقي ولا المجازي بل أريد به غيرهما وهو ما لا تصح إرادته منه
وضده الجد وهو أن يراد باللفظ أحدهما
قوله ( خفيف العقل ) في التحرير وشرحه السفه في اللغة الخفة
وفي اصطلاح الفقهاء خفة تبعث الإنسان على العمل في ماله بخلاف مقتضى العقل
مطلب في تعريف السكران وحكمه قوله ( أو سكران ) السكر سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض
وقالا بل يغلب على العقل فيهدي في كلامه
ورجحوا قولهما في الطهارة والأيمان والحدود
وفي شرح بكر السكر الذي تصح به التصرفات أن يصير بحال يستحسن ما يستقبحه الناس وبالعكس لكنه يعرف الرجل من المرأة
قال في البحر والمعتمد في المذهب الأول
نهر
قلت لكن صرح المحقق ابن الهمام في التحرير أن تعريف السكر بما مر عن الإمام إنما هو في السكر الموجب للحد لأنه لو ميز بين الأرض والسماء كان في سكره نقصان وهو شبهة العدم فيندرىء به الحد
وأما تعريفه عنده في غير وجوب الحد من الإحكام فالمعتبر فيه عنده اختلاط الكلام والهذيان كقولهما
ونقل شارحه ابن أمير حاج عنه أن المراد أن يكون غالب كلامه هذايانا فلو نصفه مستقيما فليس بسكر فيكون حكمه حكم الصحاة في إقراره بالحدود وغير ذلك لأن السكران في العرف من اختلط جده بهزله فلا يستقر على شيء ومال أكثر المشايخ إلى قولهما وهو قول الأئمة الثلاثة واختاروه للفتوى لأنه المتعارف وتأيد بقول علي رضي الله عنه إذ سكر هذى رواه مالك والشافعي ولضعف وجه قوله ثم بين وجه الضعف فراجعه
وبه ظهر أن المختار قولهما في جميع الأبواب فافهم
وبين في التحرير حكمه أنه إن كان سكره بطريق محرم لا يبطل تكليفه فتلزمه الأحكام وتصح عباراته من الطلاق والعتاق والبيع والإقرار وتزويج الصغار من كفء والإقراض والاستقراض لأن العقل قائم وإنما عرض فوات فهم الخطاب بمعصيته فبقي في حق الإثم ووجوب القضاء ويصح إسلامه كالمكره لا ردته لعدم القصد
وأما الهازل فإنما كفر مع عدم قصده لما يقول بالاستخفاف لأنه صدر منه قصد صحيح استخفافا بالدين بخلاف السكران
قوله ( بنبيذ ) أي سواء كان سكره من الخمر أو الأشربة الأربعة المحرمة أو غيرها من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل عند محمد
قال في الفتح وبقوله يفتى لأن السكر من كل شراب محرم
وفي البحر عن البزازية المختار في زماننا لزوم الحد ووقوع الطلاق اه
وما في الخانية من تصحيح عدم الوقوع فهو مبني على قولهما من أن النبيذ حلال والمفتى به خلافه
وفي النهر عن الجوهرة أن الخلاف مقيد بما إذا شربه للتداوي فلو للهو والطرب فيقع بالإجماع
مطلب في الحشيشة والأفيون والبنج قوله وحشيش قال في الفتح اتفق مشايخ المذهبين من الشافعية والحنفية بوقوع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش وهو المسمى بورق القنب لفتواهم بحرمته بعد أن اختلفوا فيها
فأفتى المزني بحرمتها وأفتى
____________________
(3/239)
أسد بن عمرو بحلها لأن المتقدمين لم يتكلموا فيها بشيء لعدم ظهور شأنها فيهم فلما ظهر من أمرها من الفساد كثير وفشا عاد مشايخ المذهبين إلى تحريمها
وأفتوا بوقوع الطلاق ممن زال عقله بها اه
قوله ( أو أفيون أو بنج ) الأفيون ما يخرج من الخشخاش
والبنج بالفتح نبت مسبت
وصرح في البدائع وغيرها بعدم وقوع الطلاق بأكله معللا بأن زوال عقله لم يكن بسبب هو معصية
والحق التفصيل وهو إن كان للتداوي لم يقع لعدم المعصية وإن للهو وإدخال الآفة قصدا فينبغي أن لا يتردد في الوقوع
وفي تصحيح القدوري عن الجواهر وفي هذا الزمان إذا سكر من البنج والأفيون يقع زجرا وعليه الفتوى وتمامه في النهر
قوله ( زجرا ) أشار به إلى التفصيل المذكور فإنه إذا كان للتداوي لا يزجر عنه لعدم قصد المعصية ط
قوله ( اختلف التصحيح الخ ) فصحح في التحفة وغيرها عدم الوقوع
وجزم في الخلاصة بالوقوع
قال في الفتح والأول أحسن لأن موجب الوقوع عند زوال العقل ليس إلا التسبب في زواله بسبب محظور وهو منتف
وفي النهر عن تصحيح القدوري أنه التحقيق
قوله ( نعم لو زال عقله بالصداع ) لأن علة زوال العقل الصداع والشرب علة العلة والحكم لا يضاف إلى علة العلة إلا عند عدم صلاحية العلة وتمامه في الفتح
هذا وقد فرض المسألة في الفتح والبحر فيما إذا شرب خمرا فصدع
ويخالفه ما في الملتقط لو كان النبيذ غير شديد فصدع فذهب عقله بالصداع لا يقع طلاقه وإن كان النبيذ شديدا حراما فصدع فذهب عقله يقع طلاقه اه
فقد فرق بين ما إذا كان بطريق محرم وغير محرم كما ترى فتأمل
قوله ( أو بمباح ) كما إذا سكر من ورق الرمان فإنه لا يقع طلاقه ولا عتاقه
ونقل الإجماع على ذلك صاحب التهذيب كذا في الهندية ط
قلت وكذا لو سكر ببنج أو أفيون تناوله لا على وجه المعصية بل للتداوي كما مر قوله ( وفي القهستاني الخ ) هذا مبني على تعريف السكران الذي تصح تصرفاته عندنا بأنه من معه من العقل ما يقوم به التكليف
وتعجب منه في الفتح وقال لا شك أنه على هذا التقدير لا يتجه لأحد أن يقول لا تصح تصرفاته قوله ( منها الوكيل بالطلاق صاحيا ) أي فإنه إذا طلق سكران لا يقع
ومنها الردة
ومنها الإقرار بالحدود الخالصة
ومنها الإشهاد على شهادة نفسه
ومنها تزويج الصغيرة بأقل من مهرالمثل أو الصغير بأكثر فإنه لا ينفذ
ومنها الوكيل بالبيع لو سكر فباع لم ينفذ على موكله
ومنها الغصب من صاح ورده عليه وهو سكران كذا في الأشباه
قلت لكن اعترضه محشيه الحموي في الأخيرة بأن المنقول في العمادية أن الغاصب يبرأ بالرد عليه من الضمان فيه كالصاحي وكذا في مسألة الوكالة بالطلاق بأن الصحيح الوقوع نص عليه في الخانية والبحر
قوله ( لكن قيده البزازي ) قال في النهر عن البزازية وكله بطلاقها على مال فطلقها في حال السكر فإنه لا يقع وإن كان التوكيل والإيقاع حال السكر وقع ولو بلا مال وقع مطلقا لأن الرأي لا بد منه لتقدير البدل اه
____________________
(3/240)
أقول والتعليل يفيد أنه لو وكله بطلاقها على ألف فطلقها في حال السكر وقع مطلقا
قوله ( واختاره الطحاوي والكرخي ) وكذا محمد بن سلمة وهو قول زفر كما أفاده في الفتح
قوله ( عن التفريق ) صوابه عن التفريد بالدال آخره لا بالقاف كما رأيته في نسخ التاترخانية
قوله ( والفتوى عليه ) قد علمت مخالفته لسائر المتون ح
وفي التاترخانية طلاق السكر واقع إذا سكر من الخمر أو النبيذ وهو مذهب أصحابنا قوله ( إن دام للموت ) قيد في طارئا فقط ح
قال في البحر فعلى هذا إذا طلق من اعتقل لسانه توقف فإن دام به إلى الموت نفذ وإن زال بطل اه
قلت وكذا لو تزوج بالإشارة لا يحل له وطؤها لعدم نفاذه قبل الموت وكذا سائر عقوده ولا يخفى ما في هذا من احرج
قوله ( به يفتى ) وقدر التمرتاشي الامتداد بسنة
بحر
وفي التاترخانية عن الينابيع ويقع طلاق الأخرس بالإشارة يريد به الذي ولد وهو أخرس أو طرأ عليه ذلك ودام حتى صارت إشارته مفهومة وإلا لم تعتبر
قوله ( واستحسن الكمال الخ ) حيث قال وقال بعض الشافعية إن كان يحسن الكتابة لا يقع طلاقه بالإشارة لاندفاع الضرورة بما هو أدل على المراد من الإشارة وهو قول حسن وبه قال بعض مشايخنا اه
قلت بل هذا القول تصريح بما هو المفهوم من ظاهر الرواية
ففي كافي الحاكم الشهيد ما نصه فإن كان الأخرس لا يكتب وكان له إشارة تعرف في طلاقه ونكاحه وشرائه وبيعه فهو جائز وإن كان لم يعرف ذلك منه أو شك فيه فهو باطل اه
فقد رتب جواز الإشارة على عجزه عن الكتابة فيفيد أنه إن كان يحسن الكتابة لا تجوز إشارته
ثم الكلام كما في النهر إنما هو في قصر صحه تصرفاته على الكتابة وإلا فغيره يقع طلاقه بكتابته كما يأتي آخر الباب فما بالك به
قوله ( بإشارته المعهودة ) أي المقرونة بتصويت منه لأن العادة منه ذلك فكانت الإشارة بيانا لما أجمله الأخرس
بحر عن الفتح وطلاقه المفهوم بالإشارة إذا كان دون الثلاث فهو رجعي كذا في المضمرات
ط عن الهندية
قوله بأن أراد التكلم بغير الطلاق بأن أراد أن يقول سبحان الله فجرى على لسانه أنت طالق تطلق لأنه صريح لا يحتاج إلى النية لكن في القضاء كطلاق الهازل واللاعب
ط عن المنح
وقوله كطلاق الهازل واللاعب مخالف لما قدمناه ولما يأتي قريبا
وفي فتح القدير عن الحاوي معزيا إلى الجامع الأصغر أن أسدا سأل عمن أراد أن يقول زينب طالق فجرى على لسانه عمرة على أيهما يقع الطلاق فقال في القضاء تطلق التي تسمى وفيما بينه وبين الله تعالى لا تطلق واحدة منهما أما التي سمى فلأنه لم يردها وأما غيرها فلأنها لو طلقت طلقت بمجرد النية
قوله ( غير عالم بمعناه ) كما لو قالت لزوجها اقرأ علي اعتدي أنت طالق ثلاثا ففعل طلقت ثلاثا في القضاء لا فيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يعلم الزوج ولم ينو
بحر عن الخلاصة
قوله ( أو غافلا أو ساهيا ) في المصباح الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له
وفيه أيضا سها عن الشيء يسهو غفل قبله عنه حتى زال عنه فلم يتذكره
وفرقوا بين الساهي والناسي بأن الناسي إذا ذكر تذكر والساهي بخلافه اه
فالظاهر أن المراد هنا بالغافل الناسي بقرينة عطف الساهي
____________________
(3/241)
عليه
وصورته أن يعلق طلاقها على دخول الدار مثلا فدخلها ناسيا التعليق أو ساهيا
قوله ( أو بألفاظ مصحفة ) نحو طلاغ وتلاغ وطلاك وتلاك كما يذكره أول الباب الآتي
قوله ( يقع قضاء ) متعلق بالمخطىء وما بعده ح
لكن في وقوعه في الساهي والغافل على ما صورناه لا يظهر التقييد بالقضاء إذ لا فرق في مباشرة سبب الحنث بين التعمد وغيره
تنبيه في الحاوي الزاهدي ظن أنه وقع الثلاث على امرأته بإفتاء من لم يكن أهلا للفتوى وكلف الحاكم كتابتها في الصك فكتبت ثم استفتى ممن هو أقل للفتوى فأفتى بأنه لا يقع والتطليقات الثلاث مكتوبة في الصك بالظن فله أن يعود إليها ديانة ولكن لا يصدق في الحكم اه
قوله ( واللاعب ) الظاهر أنه عطف على الهازل للتفسير ح
قوله ( جعل هزله به جدا ) لأنه تكلم بالسبب قصدا فيلزمه حكمه وإن لم يرض به لأنه مما لا يحتمل النقض كالعتاق والنذر واليمين
قوله ( أو مريضا ) أي لم يزل عقله بالمرض بدليل التعليل
ط
قوله ( أو كافرا ) أي وقد ترافعا إلينا لأنه لا يحكم بالفرقة إلا في ثلاث كما مر في نكاح الكافر ط
قوله ( لوجود التكليف ) علة لهما وهو جرى على المعتمد في الكفار أنهم مكلفون بأحكام الفروع اعتقادا وأداء ط
قوله ( فكالنكاح ) أي فكما أن نكاح الفضولي صحيح موقوف على الإجازة بالقول أو بالفعل فكذا طلاقه ح
فلو حلف لا يطلق فضولي إن أجاز بالقول حنث وبالفعل لا
بحر
والإجازة بالفعل يمكن أن تكون بأن يدفع إليها مؤخر صداقها بعد ما طلق الفضولي كما أفاده في النهر لكن في حاشية الخير الرملي أنه نقل في جامع الفصولين عن فوائد صاحب المحيط أن بعث المهر إليها ليس بإجازة لوجوبه قبل الطلاق بخلاف النكاح وأنه نقل عن مجموع النوازل في الطلاق والخلع قولين في قبض الجعل هل هو إجازة أم لا فراجعه اه
قلت وقد يحمل ما في الفوائد على بعث المعجل فلا ينافي ما في النهر
تأمل
قوله ( لحديث ابن ماجه ) رواه عن ابن عباس من طريق فيها ابن لهيعة ورواه الدارقطني أيضا من غيرها كما في الفتح ومراده تقوية الحديث لأن ابن لهيعة متكلم فيه فقد اختلف المحدثون في جرحه وتوثيقه
قوله ( الطلاق لمن أخذ بالساق ) كناية عن ملك المتعة
قوله ( إلا إذا قال ) أي المولى عند تزويج أمته من عبده وصورها بما إذا بدأ المولى لأنه لو بدأ العبد فقال زوجني أمتك هذه على أن أمرها بيدك تطلقها كما شئت فزوجها منه يجوز النكاح ولا يكون الأمر بيد المولى كما في البحر عن الخانية ولم يذكر وجه الفرق
وذكره في الخانية في مسألة قبلها وهي إذا تزوج امرأة على أنها طالق جاز النكاح وبطل الطلاق
وقال أبو الليث هذا إذا بدأ الزوج وقال تزوجتك على أنك طالق وإن ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أني طالق أو على أن يكون الأمر بيدي أطلق نفسي كلما شئت فقال الزوج قبلت جاز النكاح ويقع الطلاق ويكون الأمر بيدها لأن البداءة إذا كانت من الزوج كان الطلاق والتفويض قبل النكاح فلا يصح أما إذا كانت من المرأة يصير التفويض بعد النكاح لأن الزوج لما قال بعد كلام المرأة قبلت ولجواب يتضمن إعادة ما في السؤال صار كأنه قال قبلت على أنك طالق أو على أن يكون الأمر بيدك فيصير مفوضا بعد النكاح اه
قوله ( وكذا الخ ) هذه الصورة حيلة لصيرورة الأمر بيد المولى بلا توقف على قبول العبد لأنه في الأولى قد تم النكاح بقول المولى زوجتك أمتي
____________________
(3/242)
فيمكن العبد أن لا يقبل فلا يصير الأمر بيد المولى
أفاده في البحر
قوله ( والمجنون ) قال في التلويح الجنون اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب بأن لا تظهر آثارها وتتعطل أفعالها إما لنقصان جبل عليه دماغه في أصل الخلقة وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال بسبب خلط أو آفة وإما لاستيلاء الشيطان عليه وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه بحيث يفرح ويفزع من غير ما يصلح سببا اه
وفي البحر عن الخانية رجل عرف أنه كان مجنونا فقالت له امرأته طلقتني البارحة فقال أصابني الجنون ولا يعرف ذلك إلا بقوله كان القول قوله اه
قوله ( إلا إذا علق عاقلا الخ ) كقوله إن دخلت الدار فدخلها مجنونا بخلاف إن جننت فأنت طالق فجن لم يقع كذا ذكره الشارح في باب نكاح الكافر فالمراد إذا علق على غير جنونه
قوله ( أو كان عنينا ) أي وفرق القاضي بينه وبين زوجته بطلبها بعد تأجيله سنة لأن الجنون لا يعدم الشهوة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
قوله ( أو مجبوبا ) أي وفرق القاضي بينهما في الحال بطلبها
قوله ( وقع الطلاق ) جواب إذا ووقوعه المسائل الأربع للحاجة ودفع الضرر لا ينافي عدم أهليته للطلاق في غيرها كما مر تحقيقه في باب نكاح الكافر
قوله ( والصبي ) أي إلا إذا كان مجبوبا وفرق بينهما أو أسلمت زوجته فعرض الإسلام عليه مميزا فأبى وقع الطلاق
رملي
قال وقد أفتيت بعدم وقوعه فيما إذا زوجه أبوه امرأة وعلق عليه متى تزوج أو تسرى عليه فكذا فكبر فتزوج عالما بالتعليق أو لا اه
قوله ( أو أجازه بعد البلوغ ) لأنه حين وقوعه وقع باطلا والباطل لا يجاز ط
قوله ( لأنه ابتداء إيقاع ) لأن الضمير في أوقعته راجع إلى جنس الطلاق ومثله ما لو قال أوقعت ذلك الطلاق بخلاف قوله أوقعت الذي تلفظته فإنه إشارة إلى المعين الذي حكم ببطلانه فأشبه ما إذا قال أنت طالق ألفا ثم قال ثلاثا عليك والباقي على ضراتك فإن الزائد على الثلاث ملغى
أفاده في البحر
قوله ( وجوزه الإمام أحمد ) أي إذا كان مميزا يعقله بأن يعلم أن زوجته تبين منه كما هو مقرر في متون مذهبه فافهم
قوله ( من العته ) بالتحريك من باب تعب
مصباح
قوله ( وهو اختلال في العقل ) هذا ذكره في البحر تعريفا للجنون وقال ويدخل فيه المعتوه
وأحسن الأقوال في الفرق بينهما أن المعتوه هو القليل الفهم المختلط الكلام الفاسد التدبير لكن لا يضرب ولا يشتم بخلاف المجنون اه
وصرح الأصوليون بأن حكمه كالصبي إلا أن الدبوسي قال تجب عليه العبادات احتياطا
ورده صدر الإسلام بأن العته نوع جنون فيمنع وجوب أداء الحقوق جميعا كما بسطه في شرح التحرير
قوله ( بالكسر الخ ) أي كسر الباء
قال في البحر وفي بعض كتب الطب أنه ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء ثم يتصل بالدماغ
قوله ( هو لغة المغشي ) قال في التحرير الإغماء آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا وإلا عصم منه الأنبياء وهو فوق النوم فلزمه ما لزمه وزيادة كونه حدثا ولو في جميع حالات الصلاة ومنع البناء وبخلاف النوم في الصلاة إذا اضطجع حالة النوم له البناء
قوله ( وفي القاموس دهش ) أي بالكسر كفرح
ثم إن اقتصاره على ذكر التحير غير صحيح فإنه في القاموس قال بعده أو ذهب عقله حياء أو خوفا اه
وهذا هو المراد هنا ولذا جعله في البحر داخلا في المجنون
____________________
(3/243)
مطلب في طلاق المدهوش وقال في الخيرية غلط من فسره هنا لا يلزم من التحير وهو التردد في الأمر ذهاب العقل
وسئل نظما فيمن طلق زوجته ثلاثا في مجلس القاضي وهو مغتاظ مدهوش فأجاب نظما أيضا بأن الدهش من أقسام الجنون فلا يقع وإذا كان يعتاده بأن عرف منه الدهش مرة يصدق بلا برهان اه
قلت وللحافظ ابن القيم الحنبلي رسالة في طلاق الغضبان قال فيها إنه على ثلاثة أقسام أحدها أن يحصل له مبادي الغضب بحيث لا يتغير عقله ويعلم ما يقول ويقصده وهذا لا إشكال فيه
الثاني أن يبلغ النهاية فلا يعلم ما يقول ولا يريده فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله
الثالث من توسط بين المرتبتين بحيث لم يصر كالمجنون فهذا محل النظر والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله اه
ملخصا من شرح الغاية الحنبلية
لكن أشار في الغاية إلى مخالفته في الثالث حيث قال ويقع طلاق من غضب خلافا لابن القيم اه
وهذا الموافق عندنا لما مر في المدهوش لكن يرد عليه أنا لم نعتبر أقوال المعتوه مع أنه لا يلزم فيه أن يصل إلى حالة لا يعلم فيها ما يقول ولا يريده
وقد يجاب بأن المعتوه لما كان مستمرا على حالة واحدة يمكن ضبطها اعتبرت فيه واكتفى فيه بمجرد نقص العقل بخلاف الغضب فإنه عارض في بعض الأحوال لكن يرد عليه الدهش فإنه كذلك
والذي يظهر لي أن كلا من المدهوش والغضبان لا يلزم فيه أن يكون بحيث لا يعلم ما يقول بل يكتفى فيه بغلبة الهذيان واختلاط الجد بالهزل كما هو المفتى به في السكران على ما مر ولا ينافيه تعريف الدهش بذهاب العقل فإن الجنون فنون ولذا فسره في البحر باختلال العقل وأدخل فيه العته والبرسام والإغماء والدهش ويؤيد ما قلنا بعضهم العاقل من يستقيم كلامه وأفعاله إلا نادرا والمجنون ضده
وأيضا فإن بعض المجانين يعرف ما يقول ويريده ويذكر ما يشهد الجاهل به بأن عاقل ثم يظهر منه في مجلسه ما ينافيه فإذا كان المجنون حقيقة قد يعرف ما يقول ويقصده فغيره بالأولى فالذي ينبغي التعويل عليه في المدهوش ونحوه إناطة الحكم بغلبة الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته وكذا يقال فيمن اختل عقله لكبر أو لمرض أو لمصيبة فاجأته فما دام في حال غلبة الخلل في الأقوال والأفعال لا تعتبر أقواله وإن كان يعلمها ويريدها لأن هذه المعرفة والإرادة غير معتبرة لعدم حصولها عن إدراك صحيح كما لا تعتبر من الصبي العاقل نعم يشكل عليه ما سيأتي في التعليق عن البحر وصرح به في الفتح والخانية وغيرهما وهو لو طلق فشهد عنده اثنان أنك استثنيت وهو غير ذاكر إن كان بحيث إذا غضب لا يدري ما يقول وسعه الأخذ بشهادتهما وإلا لا اه
فإن مقتضاه أنه إذا كان لا يدري ما يقول يقع طلاقه وإلا فلا حاجة إلى الأخذ بقولهما إنك استثنيت وهذا مشكل جدا إلا أن يجاب بأن المراد بكونه لا يدري ما يقول أنه لقوة غضبه قد ينسى ما يقول ولا يتذكره بعد وليس المراد أنه صار يجري على لسانه ما لا يفهمه أو لا يقصده إذ لا شك أنه حينئذ يكون في أعلى مراتب الجنون ويؤيد هذا الحمل أنه في هذا الفرع عالم بأنه طلق وهو قاصد له لكنه لم يتذكر الاستثناء لشدة غضبه هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المقام والله أعلم بحقيقة المرام
ثم رأيت ما يؤيد ذلك الجواب وهو أنه قال في الولوالجية إن كان بحال لو غضب يجري على لسانه ما لا يحفظه بعده جاز له الاعتماد على قول الشاهدين فقوله لا يحفظه بعده صريح فيما قلنا والله أعلم
قوله ( لأنه أعاد الضمير آلى غير معتبر ) أشار به إلى أن الفرق بين كلام الصبي وبين كلام النائم هو أن كلام الصبي معتبر في اللغة والنحو غاية الأمر أن الشارع ألغاه بخلاف كلام النائم فإنه غير معتبر عند أحد اه ح
____________________
(3/244)
قلت وهو مأخوذ من قول الشارح ولذا لا يتصف بصدق ولا كذب ولا خبر ولا إنشاء
وفي التحرير وتبطل عباراته من الإسلام والردة والطلاق ولم توصف بخبر وإنشاء وصدق وكذب كألحان الطيور اه
ومثله في التلويح فهذا صريح في أن كلام النائم لا يسمى كلاما لغة ولا شرعا بمنزلة المهمل
وأما فساد صلاته به فلأن إفسادها لا يتوقف على كون الكلام معتبرا في اللغة أو الشرع لأنها تفسد بالمهمل أكثر من غيره فقد اتضح الفرق بين كلامه وكلام الصبي فافهم
ثم لا يخفى أنه لا حاجة إلى الفرق بينهما في قوله أجزته لأنه لا يقع فيهما لأن الإجازة لما ينعقد موقوفا وكل من طلاق الصبي والنائم وقع باطلا لا موقوفا كما هو الحكم في تصرفات الصبي التي هي ضرر محض كالطلاق والعتق بخلاف المتردد بين النفع والضرر كالبيع والشراء والنكاح فإنه ينعقد موقوفا حتى لو بلغ فأجازه صح كما قدمناه قبيل باب المهر وإنما يحتاج إلى الفرق بينهما في قوله أوقعته فإنه قدم في الصبي أنه يقع لأنه ابتداء إيقاع ولم يجعل في النائم كذلك
وتوضيح الفرق أن كلام الصبي له معنى لغوي وإن لم يلزمه الشرع بموجبه فصح عود الضمير في أوقعته إلى جنس الطلاق الذي تضمنه قوله لزوجته طلقتك بخلاف النائم فإن كلامه لما لم يعتبر لغة أيضا كان مهملا لم يتضمن شيئا فقد عاد الضمير على غير مذكور أصلا فكأنه قال أوقعت بدون ضمير فلم يصح جعله ابتداء إيقاع
قوله ( أو جعلته طلاقا ) كذا عبارة البحر
والذي رأيته في التاترخانية أو قال جعلت ذلك الطلاق طلاقا باسم الإشارة كالتي قبلها
قلت ويشكل الفرق فإن اسم الإشارة كالضمير في عوده إلى ما سبق فينبغي عدم الوقوع هنا أيضا
وقد يجاب بأن اسم الإشارة لما لغا مرجعه اعتبر لفظ الطلاق المذكور بعده فصار كأنه قال أوقعت الطلاق أو جعلت الطلاق طلاقا فصح جعله ابتداء إيقاع بخلاف الضمير إذا لغا مرجعه كما قررناه
وفي التاترخانية ولو قال أوقعت ما تلفظت به حال النوم لا يقع شيء اه
وهو ظاهر كما مر في طلاق الصبي
قوله ( وإذا ملك أحدهما الآخر ) يعني ملكا حقيقيا فلا تقع الفرقة بين المكاتب وزوجته إذا اشتراها لقيام الرق والثابت له حق الملك وهو لا يمنع بقاء النكاح كما في الفتح
شرنبلالية
قوله ( ألغاه الثاني ) أي قال أبو يوسف لا يقع الطلاق في المسألتين وأوقعه محمد فيهما لأن العدة قائمة والمعتدة محل للطلاق
ولأبي يوسف أن الفرقة وقعت بملك أحد الزوجين صاحبه أو بتباين الدارين فخرجت المرأة من محلية الطلاق وبالعدة لا تثبت المحلية كما في النكاح الفاسد قيد بالتحرير والمهاجرة لأن الطلاق قبلهما لا يقع اتفاقا لأن العدة لم يظهر أثرها في حق الطلاق وإنما يظهر أثرها في حق التزوج بزوج آخر كذا في المصفى اه
ابن ملك على المجمع
تنبيه قال في الشرنبلالية لم يذكر المصنف عكس المسألة الأولى وهو ما لو حررها بعد شرائه ثم طلقها في العدة والحكم وقوع الطلاق في قول محمد وأبي يوسف الأول
ورجع أبو يوسف عن هذا قال لا يقع وهو قول زفر وعليه الفتوى
قاله قاضيخان
فعليه تكون الفتوى على ما مشى عليه المصنف تبعا للمجمع من عدم وقوع الطلاق فيما لو حررته هي بعد شرائها إياه اه
____________________
(3/245)
مطلب اعتبار عدد الطلاق بالنساء قوله ( واعتبار عدده بالنساء ) طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدراقطني عن عائشة ترفعه
وقال الترمذي حديث غريب والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله وغيرهم
وفي الدراقطني قال القاسم وسالم عمل به المسلمون وتمامه في الفتح وحقق أنه إن لم يكن صحيحا فهو حسن
قوله ( مطلقا ) راجع إلى الحرة والأمة أي سواء كانت الحرة أو الأمة تحت حر أو عبد ط
قوله ( ويقع الطلاق الخ ) يعني إذا قال لامرأته أعتقتك تطلق إذا نوى أو دل عليه الحال وإذا قال لأمته طلقتك لا تعتق لأن إزالة الملك أقوى من إزالة القيد وليست الأولى لازمة للثانية فلا تصح استعارة الثانية للأولى ويصح العكس
درر
مطلب في الطلاق بالكتابة قوله ( كتب الطلاق الخ ) قال في الهندية الكتابة على نوعين مرسومة وغير مرسومة
ونعني بالمرسومة أن يكون مصدرا ومعنونا مثل ما يكتب إلى الغائب وغير المرسومة أن لا يكون مصدرا ومعنونا وهو على وجهين مستبينة وغير مستبينة فالمستبينة ما يكتب على الصحيفة والحائط والأرض على وجه يمكن فهمه وقراءته وغير المستبينة ما يكتب على الهواء والماء وشيء لا يمكن فهمه وقراءته ففي غير المستبينة لا يقع الطلاق وإن نوى وإن كانت مستبينة لكنها غير مرسومة إن نوى الطلاق يقع وإلا لا وإن كانت مرسومة يقع الطلاق نوى أو لم ينو
ثم المرسومة لا تخلو أما إن أرسل الطلاق بأن كتب أما بعد فأنت طالق فكما كتب هذا يقع الطلاق وتلزمها العدة من وقت الكتابة وإن علق طلاقها بمجيء الكتاب بأن كتب إذا جاءك كتابي فأنت طالق فجاءها الكتاب فقرأته أو لم تقرأ يقع الطلاق كذا في الخلاصة ط
قوله ( إن مستبينا ) أي ولم يكن مرسوما أي معتادا وإنما لم يقيده به لفهمه من مقابله وهو قوله ولو كتب على وجه الرسالة الخ فإنه المراد بالمرسوم
قوله ( مطلقا ) المراد به في الموضعين نوى أو لم ينو وقوله ولو على نحو الماء مقابل قوله إن مستبينا قوله ( طلقت بوصول الكتاب ) أي إليها ولا يحتاج إلى النية في المستبين المرسوم ولا يصدق في القضاء أنه عنى تجربة الحظ ط
بحر
ومفهومه أنه يصدق ديانة في المرسوم
رحمتي
ولو وصل إلى أبيها فمزقه ولم يدفعه إليها فإن كان متصرفا في جميع أمورها فوصل إليه في بلدها وقع وإن لم يكن كذلك فلا ما لم يصل إليها وإن أخبرها بوصوله إليه ودفعه إليها ممزقا إن أمكن فهمه وقراءته وقع وإلا فلا
ط عن الهندية
وفي التاترخانية كتب في قرطاس إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق ثم نسخه في آخر أو أمر غيره بنسخه ولم يمله عليه فأتاها الكتابان طلقت ثنتين قضاء إن إقر أنهما كتاباه أو برهنت وفي الديانة تقع واحدة بأيهما أتاها ويبطل الآخر ولو قال للكاتب اكتب طلاق امرأتي كان إقرارا بالطلاق وإن لم يكتب ولو استكتب من
____________________
(3/246)
آخر كتابا بطلاقها وقرأه على الزوج فأخذه الزوج وختمه وعنونه وبعث به إليها فأتاها وقع إن أقر الزوج أنه كتابه أو قال للرجل ابعث به إليها أو قال له اكتب نسخة وابعث بها إليها وإن لم يقر أنه كتابه ولم تقم بينة لكنه وصف الأمر على وجهه لا تطلق قضاء ولا ديانة وكذا كل كتاب لم يكتبه بخطه ولم يمله بنفسه لا يقع الطلاق ما لم يقر أنه كتابه اه ملخصا
قوله ( كتاب لامرأته الخ ) صورته له امرأة تدعى زينب ثم تزوج في بلدة أخرى امرأة تدعى عائشة فبلغ زينب فخاف منها فكتب إليها كل امرأة لي غيرك وغير عائشة طالق ثم محا قوله وغير عائشة اه ح
قلت وينبغي أن يشهد على كتابه ما محاه لئلا يظهر الحال فيحكم عليه القاضي بطلاق عائشة
تأمل
قوله ( عجيبة ) وجه العجب نفع الكتابة بعد محوها ط
قوله ( وسيجيء ما لو استثنى بالكتابة ) أي في باب التعليق عند قوله قال لها أنت طالق إن شاء الله متصلا اه ح
وفي الهندية وإذا كتب الطلاق واستثنى بلسانه أو طلق بلسانه واستثنى بالكتابة هل يصح لا رواية لهذه المسألة وينبغي أن يصح كذا في الظهيرية ط
والله سبحانه وتعالى أعلم
باب الصريح لما قدم ذكر الطلاق نفسه وأقسامه الأولية السني والبدعي وبعض أحكام تلك الكليات ذكر أحكام بعض جزئياتها مضافة إلى المرأة أو إلى بعضها وما هو صريح منها أو كناية فصار كتفصيل يعقب إجمالا
قوله ( ما لم يستمل إلا فيه ) أي غالبا كما يفيده كلام البحر
وعرفه في التحرير بما يثبت حكمه الشرعي بلا نية وأراد ب ما اللفظ أو ما يقوم مقامه من الكتابة المستبينة أو الإشارة المفهومة فلا يقع بإلقاء ثلاثة أحجار إليها أو بأمرها بحلق شعرها وإن اعتقد الإلقاء والحلق طلاقا كما قدمناه لأن ركم الطلاق اللفظ أو ما يقوم مقامه مما ذكر كما مر
قوله ( ولو بالفارسية ) فما لا يستعمل فيها إلا في الطلاق فهو صريح يقع بلا نية وما استعمل فيها استعمال الطلاق وغيره فحكمه حكم كنايات العربية في جميع الأحكام
بحر
وفي حاشيته للخير الرملي عن جامع الفصولين أنه ذكر كلاما بالفارسية معناه إن فعل كذا تجري كلمة الشرع بيني وبينك ينبغي أن يصح اليمين على الطلاق لأنه متعارف بينهم فيه اه
قلت لكن قال في نور العين الظاهر أنه لا يصح اليمين لما في البزازية من كتاب ألفاظ الكفر إنه قد اشتهر في رساتيق شروان أن من قال جعلت كلما أو علي كلما أنه طلاق ثلاث معلق وهذا باطل ومن هذيانات العوام اه
فتأمل
____________________
(3/247)
مطلب سن بوش يقع به الرجعي تنبيه قال في الشرنبلالية وقع عن التطليق بلغة الترك هل هو رجعي باعتبار القصد أو بائن باعتبار مدلول سن بوش أو سن بوش أول لأن معناه خالية أو خلية فينظر اه
قلت وأفتى الرحيمي تلميذ الخير الرملي بأنه رجعي وقال كما أفتى به شيخ الإسلام أبو السعود
ونقل مثله شيخ مشايخنا التركماني عن فتاوى على أفندي مفتي دار السلطنة وعن الحامدية
قوله ( بالتشديد ) أي تشديد اللام في مطلقة أما بالتخفيف فيلحق بالكناية
بحر
وسيذكره في بابها
قوله ( لتركه الإضافة ) أي المعنوية فإنها الشرط والخطاب من الإضافة المعنوية وكذا الإشارة نحو هذه طالق وكذا نحو امرأتي طالق وزينب طالق اه ح
أقول وما ذكره الشارح من التعليل أصله لصاحب البحر أخذا من قول البزازية في الأيمان قال لها لا تخرجي من الدار إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها ويحتمل الحلف بطلاق غيرها فالقول له اه
ومثله في الخانية
وفي هذا الأخذ نظر فإن مفهوم كلام البزازية أنه لو أراد الحلف بطلاقها يقع لأنه جعل القول له في صرفه إلى طلاق وغيرها والمفهوم من تعليل الشارح تبعا للبحر عدم الوقوع أصلا لفقد شرط الإضافة مع أنه لو أراد طلاقها تكون الإضافة موجودة ويكون المعنى فإني حلفت بالطلاق منك أو بطلاقك ولا يلزم كون الإضافة صريحة في كلامه لما في البحر لو قال طالق فقيل له من عنيت فقال امرأتي طلقت امرأته اه
على أنه في القنية قال عازيا إلى البرهان صاحب المحيط رجل دعته جماعة إلى شرب الخمر فقال إني حلفت بالطلاق أني لا أشرب وكان كاذبا فيه ثم شرب طلقت
وقال صاحب التحفة لا تطلق ديانة اه
وما في التحفة لا يخالف ما قبله لأن المراد طلقت قضاء فقط لما مر من أنه لو أخبر بالطلاق كاذبا لا يقع ديانة بخلاف الهازل فهذا يدل على وقوعه وإن لم يضفه إلى المرأة صريحا نعم يمكن حمله على ما إذا لم يقل إني أردت الحلف بطلاق غيرها فلا يخالف ما في البزازية
ويؤيده ما في البحر لو قال امرأة طالق أو قال طلقت امرأة ثلاثا وقال لم أعن امرأتي يصدق اه
ويفهم منه أنه لو يقل ذلك تطلق امرأته لأن العادة أن من له امرأة إنما يحلف بطلاقها لا بطلاق غيرها فقوله إني حلفت بالطلاق ينصرف إليها ما لم يرد غيرها لأنه يحتمله كلامه بخلاف ما لو ذكر اسمها أو اسم أبيها أو أمها أو ولدها فقال عمرة طالق أو بنت فلان أو بنت فلانة أو أم فلان فقد صرحوا بأنها تطلق وأنه لو قال لم أعن امرأتي لا يصدق قضاء إذا كانت امرأته كما وصف كما سيأتي قبيل الكنايات وسيذكر قريبا أن من الألفاظ المستعملة الطلاق يلزمني والحرام يلزمني وعلي الطلاق وعلي الحرام فيقع بلانية للعرف الخ فأوقعوا به الطلاق مع أنه ليس فيه إضافة الطلاق إليها صريحا فهذا مؤيد لما في القنية وظاهره أنه لا يصدق في أنه لم يرد امرأته للعرف والله أعلم
قوله ( وما بمعناها من الصريح ) أي مثل ما سيذكره من نحو كوني طالقا واطلقي ويا مطلقة بالتشديد وكذا المضارع إذا غلب في الحال مثل أطلقك كما في البحر
قلت ومنه في عرف زماننا تكوني طالقا ومنه خذي طلاقك فقالت أخذت فقد صحح الوقوع به بلا اشتراط نية كما في الفتح وكذا لا يشترط قولها أخذت كما في البحر
وأما في البحر من أن منه شئت طلاقك
____________________
(3/248)
ورضيت طلاقك ففيه خلاف
وجزم الزيلعي بأنه لا بد فيهما من النية كما ذكره الخير الرملي أي فيكون كناية لأن الصريح لا يحتاج إلى النية
وأما ما في البحر أيضا من أنه منه وهبت لك طلاقتك وأودعتك طلاقك ورهنتك طلاقك فسيذكر الشارح تصحيح الوقوع به
وأما أنت الطلاق فليس بمعنى المذكورات لأن المراد بها ما يقع به واحدة رجعية وإن نوى خلافها كما صرح به المصنف وأنت الطلاق تصح فيه نية الثلاث كما ذكره عقبة
وأما أنت أطلق من فلانة ففي النهر عن الولوالجية أنه كناية
قال فإن كان جوابا لقولها إن فلانا طلق امرأته وقع ولا يدين كما في الخلاصة لأن دلالة الحال قائم مقام النية حتى لو لم تكن قائمة لم يقع إلا بالنية اه فافهم
مطلب من الصريح الألفاظ المصحفة قوله ( ويدخل نحو طلاغ وتلاغ الخ ) أي بالغين المعجمة
قال في البحر ومنه الألفاظ المصحفة وهي خمسة فزاد على ما هنا تلاق
وزاد في النهر إبدال القاف لاما
قال ط وينبغي أن يقال إن فاء الكلمة إما طاء أو تاء واللام إما قاف أو عين أو غين أو كاف أو لام واثنان في خمسة بعشرة تسعا منها مصحفة وهي ما عدا الطاء مع القاف اه
قوله ( أو ط ل ق ) ظاهر ما هنا ومثله في الفتح والبحر أن يأتي بمسمى أحرف الهجاء والظاهر عدم الفرق بينها وبين أسمائها
ففي الذخيرة من كتاب العتق وعن أبي يوسف فيمن قال لأمته ألف نون تاء حاء راء هاء أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف أنه إن نوى الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة وهذا بمنزلة الكناية لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصارت كالنكاية في الافتقار إلى النية اه
وأنه خبير بأنه إذا افتقر إلى النية لا يناسب ذكره هنا لأن الكلام فيما يقع به الرجعية وإن لم ينو وسيصرح الشارح أيضا بعد صفحة بافتقاره إلى النية وذكره أيضا في باب الكناية وقدمناه أيضا أول الطلاق عن الفتح
وفي البحر يقع بالتهجي كأنت ط ل ق وكذا لو قيل له طلقتها فقال ن ع م أو ب ل ي بالهجاء وإن لم يتكلم به أطلقه في الخانية ولم يشترط النية وشرطها في البدائع اه
قلت عدم التصرحي بالاشتراط لا ينافي الاشتراط على أن الذي في الخانية هو مسألة الجواب بالتهجي والسؤال بقول القائل طلقتها قرينة على إرادة جوابه فيقع بلا نية بخلاف قوله ابتداء أنت طالق بالتهجي
تأمل
قوله ( أو طلاق باش ) كلمة فارسية
قال في الذخيرة ولو قال لها سه طلاق باش أو قال بطلاق باش تحكم النية وكان الإمام ظهير الدين يفتي بالوقوع في هذه الصورة بلا نية
قوله ( بلا فرق الخ ) هذا ذكره في الألفاظ المصحفة فكان عليه ذكره عقبها بلا فاصل
قوله ( تعمدته ) أي التصحيف تخويفا لها بلا قصد الطلاق
قوله ( طلقت امرأتك ) وكذا تطلق لو قيل له ألست طلقت امرأتك على ما بحثه في الفتح من عدم الفرق في العرف بين الجواب بنعم أن بلى كما سيأتي في الفروع آخر هذا الباب
قوله ( طلقت ) أي بلا نية على ما قررناه آنفا
قوله ( واحدة ) بالرفع فاعل قوله ويقع وهو صفة لموصوف محذوف أي طلقة واحدة
أفاده القهستاني
قوله ( رجعية ) أي عند عدم ما يجعل بائنا
____________________
(3/249)
مطلب الصريح نوعان رجعي وبائن ففي البدائع أن الصريح نوعان صريح رجعي وصريح بائن
فالأول أن يكون بحروف الطلاق بعد الدخول حقيقة غير مقرون بعوض ولا بعدد الثلاث نصا ولا إشارة ولا موصوف بصفة تنبىء عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف ولا مشبه بعدد أو صفة تدل عليها وأما الثاني فبخلافه وهو أن يكون بحروف الإبانة وبحروف الطلاق لكن قبل الدخول حقيقة أو بعده لكن مقرونا بعدد الثلاث نصا أو إشارة أو موصوفا بصفة تنبىء عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف أو مشبها بعدد أو صفة تدل عليها اه
ويعلم محترز القيود مما يذكره المصنف آخر الباب من وقوع الثلاث في أنت هكذا مشيرا بأصابعه ووقوع البائن في أنت طالق بائن بخلاف وبائن وبأنت طالق كألف أو تطليقة طويلة واختار في الفتح أن القسم الثاني ليس من الصريح فلا حاجة للاحتراز عنه
واستظهر في البحر ما في البدائع معللا بأن حد الصريح يشمل الكل
قال في النهر للقطع بأنه قبل الدخول أو على مال ونحوه ذلك ليس كناية وإلا لاحتاج إلى النية أو دلالة الحال فتعين أن يكون صريحا إذ لا واسطة بينهما اه
وفيه عن الصيرفية لو قال لها أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية ولو قال على أن لا رجعة لي عليك فبائن اه
وسيأتي آخر الباب تمام الكلام على الفرع الأخير
قوله ( وإن نوى خلافها ) قيد بنيته لأنه لو قال جعلتها بائنة أو ثلاثا كانت كذلك عند الإمام ومعنى جعل الواحدة ثلاثا على قوله إنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثا كذا في البدائع ووافقه الثاني في البينونة دون الثلاث ونفاهما الثالث
نهر وتمامه فيه
وفي البحر وسيذكره المصنف في باب الكنايات
وعلم مما ذكرنا أنه لو قرنه بالعدد ابتداء فقال أنت طالق ثنتين أو قال ثلاثا يقع لما سيأتي في الباب الآتي أنه متى قرن بالعدد كان الوقوع به وسنذكر في الكنايات ما لو ألحق العدد بعد ما سكت
قوله ( من البائن أو أكثر ) بيان لقوله خلافها فإن الضمير فيه للواحدة الرجعية فخلاف الواحدة الأكثر رجعيا أو بائنا وخلاف الرجعية البائن ففي كلامه لف ونشر مشوش
وفيه أيضا إشارة إلى أنه لا يشمل نية المكره الطلاق عن وثاق فلا يرد أنه تصح نيته قضاء كما يأتي قريبا فافهم
قوله ( خلافا للشافعي ) راجع إلى قوله أو أكثر فقط والأولى أن يقول خلافا للأئمة الثلاثة كما يفاد من البحر وهو القول الأول للإمام لأنه نوى محتمل لفظه ط
مطلب في قول البحر إن الصريح يحتاج في وقوعه ديانة إلى النية قوله ( أو لم ينو شيئا ) لما مر أن الصريح لا يحتاج إلى النية ولكن لا بد في وقوعه قضاء وديانة من قصد إضافة لفظ الطلاق إليها عالما بمعناه ولم يصرفه إلى ما يحتمله كما أفاده في الفتح وحققه في النهر احترازا عما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها أو كتب ناقلا من كتاب امرأتي طالق مع التلفظ أو حكى يمين غيره فإنه لا يقع أصلا ما لم يقصد زوجته وعما لو لقنته لفظ الطلاق فتلفظ به غير عالم بمعناه فلا يقع أصلا على ما أفتى به مشايخ أوزجند صيانة عن التلبيس وغيرهم من الوقوع قضاء فقط وعما لو سبق لسانه من قول أنت حائض مثلا إلى أنت طالق فإنه يقع قضاء فقط وعما لو نوى بأنت طالق الطلاق من وثاق فإنه يقع قضاء فقط أيضا
وأما الهازل فيقع طلاقه قضاء وديانة لأنه قصد السبب عالما بأنه سبب فرتب الشرع حكمه عليه أراده أو لم يرده
____________________
(3/250)
كما مر وبهذا ظهر عدم صحة ما في البحر والأشباه من أن قولهم إن الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو في القضاء
أما في الديانة فمحتاج إليها أخذا من قولهم لو نوى الطلاق عن وثاق أو سبق لسانه إلى لفظ الطلاق يقع قضاء فقط أي لا ديانة لأنه لم ينوه
وفيه نظر لأن عدم وقوعه ديانة في الأول لأنه صرف اللفظ إلى ما يحتمله وفي الثاني لعدم قصد اللفظ واللازم من هذا أنه يشترط في وقوعه ديانة قصد اللفظ وعدم التأويل الصحيح
أما اشتراط نية الطلاق فلا بدليل أنه لو نوى الطلاق عن العمل لا يصدق ويقع ديانة أيضا كما يأتي مع أنه لم ينو معنى الطلاق وكذا لو طلق هازلا
قوله ( عن وثاق ) بفتح الواو وكسرها القيد وجمعه وثق كرباط وربط
مصباح وعلم أنه لو نوى الطلاق عن قيد دين أيضا
قوله ( دين ) أي تصح نيته فيما بينه وبين ربه تعالى لأنه نوى ما يحتمله لفظه فيفتيه المفتي بعدم الوقوع
أما القاضي فلا يصدقه ويقضي عليه بالوقوع لأنه خلاف الظاهر بلا قرينة
قوله ( إن لم يقرنه بعدد ) هذا الشرط ذكره في البحر وغيره فيما لو صرح بالوثاق أو القيد بأن قال أنت طالق ثلاثا من هذا القيد فيقع قضاء وديانة كما في البزازية وعلله في المحيط بأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات فانصرف إلى قيد النكاح كي لا يلغوا اه
قال في النهر وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال مرتين اه
ولذا أطلق الشارح العدد
ولا يخفى أنه إذا انصرف إلى قيد النكاح بسبب العدد مع التصريح بالقيد فمع عدمه بالأولى
قوله ( صدق قضاء أيضا ) أي كما يصدق ديانة لوجود القرينة الدالة على عدم إرادة الإيقاع وهي الإكراه ط
قوله ( كما لو صرح الخ ) أي فإنه يصدق قضاء وديانة إلا إذا قرنه بالعدد فلا يصدق أصلا كما مر
قوله ( وكذا لو نوى الخ ) قال في البحر ومنه أي من الصريح يا طالق أو يا مطلقة بالتشديد ولو قال أردت الشتم لم يصدق قضاء ودين
خلاصة ولو كان لها زوج طلقها قبل فقال أردت ذلك الطلاق صدق ديانة باتفاق الروايات وقضاء في رواية أبي سليمان وهو حسن كام في الفتح وهو الصحيح كما في الخانية
ولو لم يكن لها زوج لا يصدق وكذا لو كان لها زوج قد مات اه
قلت وقد ذكروا هذا التفصيل في صورة النداء كما سمعت ولم أر من ذكره في الإخبار كأنت طالق فتأمل
قوله ( لم يصدق أصلا ) أي لا قضاء ولا ديانة
قال في الفتح لأن الطلاق لرفع القيد وهي ليست مقيدة بالعمل فلا يكون محتمل اللفظ
وعنه أنه يدين لأنه يستعمل للتخلص
قوله ( دين فقط ) أي ولا يصدق قضاء لأنه يظن أنه طلق ثم وصل لفظ العمل استدراكا بخلاف ما لو وصل لفظ الوثاق لأنه يستعمل فيه قليلا
فتح
والحاصل كما في البحر أن كلا من الوثاق والقيد والعمل إما أن يذكر أو ينوي فإن ذكر فإما أن يقرن بالعدد أو لا فإن قرن به وقع بلا نية وإلا ففي ذكر العمل وقع قضاء فقط وفي لفظي الوثاق والقيد لا يقع أصلا وإن لم يذكر بل نوى لا يدين في لفظ العمل ودين في الوثاق والقيد ويقع قضاء إلا أن يكون مكرها والمرأة كالقاضي إذا سمعته أو أخبرها عدل لا يحل لها تمكينه
والفتوى على أنه ليس لها قتله ولا تقتل نفسها بل تفدي نفسها بمال أو تهرب كما أنه ليس له قتلها إذا حرمت عليه وكلما هرب ردته بالسحر
وفي البزازية عن الأوزجندي أنها ترفع الأمر للقاضي فإن حلف ولا بينة لها فالإثم عليه اه
قلت أي إذا لم تقدر على الفداء أو الهرب ولا على منعه عنها فلاينافي ما قبله
قوله ( وفي أنت الطلاق أو طلاق الخ ) بيان لما إذا أخبر عنها بمصدر معرف أو منكر أو اسم فاعل
____________________
(3/251)
بعده مصدر كذلك
قوله ( يعني بالمصدر الخ ) الأولى ذكره بعد قول المصنف أو ثنتين
قوله ( وقعتا رجعيتين ) هذا ما مشى عليه في الهداية ويروى عن الثاني وبه قال أبو جعفر
ومقتضى الإطلاق عدم الصحة وبه قال فخر الإسلام وأيده في الفتح
وذكر في النهر أنه المرجح في المذهب
قوله ( لو مدخولا بها ) وإلا بانت بالأول فيلغو الثاني
قوله ( أو ثنتين ) أي في الحرة
قوله ( لأنه صريح مصدر ) علة لقوله أو ثنتين يعني أن المصدر من ألفاظ الوحدان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد وهو بالفردية الحقيقية أو الجنسية والمثنى بمعزل عنهما
نهر
قوله ( لأنه فرد حكمي ) لأن الثلاث كل الطرق فهي الفرد الكامل منه فإرادتها لا تكون إرادة العدد ط
قوله ( ولذا كان ) أي للفردية الحكمية
قوله ( لكن جزم في البحر أنه سهو ) حيث قال وأما ما في الجوهرة من أنه إذا تقدم على الحرة واحدة فإنه يقع ثنتان إذا نواهما يعني مع الأولى فسهو ظاهر اه
ونظر فيه صاحب النهر بأنه إذا نوى الثنتين مع الأولى فقد نوى الثلاث وإذا لم يبق في ملكه الاثنتان وقعتا اه ح
أقول إن كان المراد أنه نوى النثتين مضومتين إلى الأولى لم يخرج بذلك عن نية الثنتين وذلك عدد محض لا تصح نيته وإن كان المراد أنه نوى الثلاث التي من جملتها الأولى فهو صحيح لأن الثلاث فرد اعتباري
قال في الذخيرة ولو طلق الحرة واحدة ثم قال لها أنت علي حرام ينوي ثنتين لا تصح نيته ولو نوى الثلاث تصح نيته وتقع تطليقتان أخريان اه
فافهم
فرع في البزازية قال لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى
قوله ( فيقع بلا نية للعرف ) أي فيكون صريحا لا كناية بدليل عدم اشتراط النية وإن كان الواقع في لفظ الحرام البائن لأن الصريح قد يقع به البائن كما مر لكن في وقوع البائن به بحث سنذكره في باب الكنايات وإنما كان ما ذكره صريحا لأنه صار فاشيا في العرف في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره ولا يحلف به إلا الرجال وقد مر أن الصريح ما غلب في العرف استعماله في الطلاق بحيث لا يستعمل عرفا إلا فيه من أي لغة كانت وهذا في عرف زماننا كذلك فوجب اعتباره صريحا كما أفتى المتأخرون في أنت علي حرام بأنه طلاق بائن للعرف بلا نية مع أن المنصوص عليه عند المتقدمين توقفه على النية ولا ينافي ذلك ما يأتي من أنه لو قال طلاقك علي لم يقع لأن ذاك عند عدم غلبة العرف
وعلى هذا يحمل ما أفتى به العلامة أبو السعود أفندي مفتي الروم من أن علي الطلاق أو يلزمني الطلاق ليس بصريح ولا كناية أي لأنه لم يتعارف في زمنه ولذا قال المصنف في منحه إنه في ديارنا صار العرف فاشيا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره فيجب الإفتاء به من غير نية كما هو الحكم في الحرام يلزمني وعلي الحرام وممن صرح بوقوع الطلاق به للتعارف الشيخ قاسم في تصحيحه وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلا لا يخفى اه
وما ذكره الشيخ قاسم ذكره قبله شيخه المحقق ابن الهمام في فتح القدير وتبعه في البحر والنهر
ولسيدي عبد الغني النابلسي رسالة في ذلك سماها رفع الانغلاق في علي الطلاق ونقل فيها الوقوع عن بقية المذاهب الثلاثة
____________________
(3/252)
أقول وقد رأيت المسألة منقولة عندنا عن المتقدمين
ففي الذخيرة وعن ابن سلام فيمن قال إن فعلت كذا فثلاث تطليقات علي أو قال علي واجبات يعتر عادة أهل البلد هل غلب ذلك في أيمانهم اه
وكذا ذكرها السروجي في الغاية كما يأتي وما أفتى به في الخيرية من عدم الوقوع تبعا لأبي السعود أفندي فقد رجع عنه وأفتى عقبه بخلافه وقال أقول الحق الوقوع به في هذا الزمان لاشتهاره في معنى التطليق فيجب الرجوع إليه والتعويل عليه عملا بالاحتياط في أمر الفروج اه
تنبيه عبارة المحقق ابن الهمام في الفتح هكذا وقد تعورف في عرفنا في الحلف الطلاق يلزمني لا أفعل كذا يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع فيجب أن يجري عليهم لأنه صار بمنزلة قوله إن فعلت فأنت طالق وكذا تعارف أهل الأرياف الحلف بقوله علي الطلاق لا أفعل اه
وهذا صريح في أنه تعليق في المعنى على فعل المحلوف عليه بغلبة العرف وإن لم يكن فيه أداة تعليق صريحا
ورأيت التصريح بأن ذلك معتبر في الفصل التاسع عشر من التاترخانية حيث قال وفي الحاوي عن أبي الحسن الكرخي فيمن اتهم أنه لم يصل الغداة فقال عبده حر أنه قد صلاها وقد تعارفوه شرطا في لسانهم قال أجري أمرهم على الشرط على تعارفهم كقوله عبدي حر إن لم أكن صليت الغداة وصلاها لم يعتق كذا هنا اه
وفي ( البزازية ) وإن قال أنت طالق لو دخلت الدار لطلقتك فهذا رجل حلف بطلاق امرأته ليطلقنها إن دخلت الدار بمنزلة قوله عبده حر إن دخلت الدار لأضربنك فهذا رجل حلف بعتق عبده ليضربنها إن دخلت الدار فإن دخلت الدار لزمه أن يطلقها فإن مات أو ماتت فقد فات الشرط في آخر الحياة اه أي فيقع الطلاق كما في منية المفتي
قلت فيصير بمنزلة قوله إن دخلت الدار ولم أطلقك فأنت طالق وإن دخلت الدار ولم أضربك فعبدي حر
وذكر الحنابلة في كتبهم أنه جار مجرى القسم بمنزلة قوله والله فعلت كذا
مطلب في قولهم علي الحرام قال في النهر ولو قال علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم اه
وفي حواشي مسكين وقد ظفر فيه شيخنا مصرحا به في كلام الغاية للسروجي معزيا إلى المغني
ونصه الطلاق يلزمني أو لازم لي صريح لأنه يقال لمن وقع طلاقه لزمه الطلاق وكذا قوله علي الطلاق اه
ونقل السيد الحموي عن الغاية معزيا إلى الجواهر الطلاق لي لازم يقع بغير نية اه قلت لكن يحتمل أن مراد الغاية ما إذا ذكر المحلوف عليه لما علمت من أنه يراد به في العرف التعليق وأن قوله على الطلاق لاأفعل كذا بمنزلة قوله إن فعلت كذا فأنت طالق فإذا لم يذكر لا أفعل كذا بقي قوله على الطلاق بدون تعليق والمتعارف استعماله في موضع التعليق دون الإنشاء فإذا لم يتعارف استعماله في الإنشاء منجزا لم يكن صريحا فينبغي أن يكون على الخلاف الآتي فيما لو طلاقك على ثم رأيت سيدي عبدالغني ذكر نحوه في رسالته تتمة ينبغي أنه لو نوى الثلاث تصح نيته لأن الطلاق مذكور بلفظ المصدر وقد علمت صحتها فيه وكذا
____________________
(3/253)
في قوله على الحرام فقد صرحوا بأنه تصح نية الثلا في أنت على حرام ( قوله يكون يمينا الخ ) يعني فيى صورة الحلف بالحرام فإنه المذكور في الذخيرة وغيرها ثم رأيت في البزارية قال في المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا يلزم اه مطلب في قوله علي الطلاق من ذراعي قوله ( وكذا علي الطلاق من ذراعي ) هذا بحث لصاحب البحر آخذه مما مر من أنه لو قال أنت طالق من هذا العمل ولم يقرنه بالعدد وقع قضاء لا ديانة قال فإنه يدل على الوقوع قضاء هنا بالأولى
ورده العلامة المقدسي بأنه في المقيس عليه خاطب المرأة التي هي محل للطلاق ثم ذكر العمل الذي لم تكن مقيدة به حسا ولا شرعا فلم يصح صرف اللفظ عن المعنى الشرعي المتعارف إلى غيره بلا دليل بخلاف المقيس لأنه أضاف الطلاق إلى غير محله وهو ذراعه مع أنه إذا قال أنا منك طالق يلغو اه ملخصا
وذكر نحوه الخير الرملي
قلت وقد يقال ليس فيه إضافة الطلاق إلى غير محله لما مر من أن قوله علي الطلاق لا أفعل كذا بمنزلة إن فعلت فأنت طالق فهو في العرف مضاف إلى المرأة معنى ولولا اعتبار الإضافة المذكورة لم يقع فكذلك صار هذا بمنزلة قوله إن فعلت كذا فأنت طالق من ذراعي فساوى المقيس عليه في الإضافة إلى المرأة
وأيضا فإن قوله أما منك طالق فيه وصف الرجل بالطلاق صريحا فلا يقع لأن الطلاق صفة للمرأة
وأما قوله علي الطلاق فإن معناه وقوع طلاق المرأة على الزوج فليس فيه إضافة الطلاق إلى غير محله بل إلى محله مع إضافة الوقوع إلى محله أيضا فإنه شاع في كلامهم قولهم إذا قال كذا وقع عليه الطلاق نعم قال الخير الرملي إن الحالف بقوله علي الطلاق من ذراعي لايريد به الزوجة قطعا إذ عادة العوام الإعراض به عنها خشية الوقوع فيقولون تراة من ذراعي وتارة من كشتواني وتارة من مروتي وبعضهم يزيد بعد ذكره لأن النساء لا خير في ذكرهن اه
قلت إن كان العرف كذلك فينبغي أن لا يتردد في عدم الوقوع لأنه أوقع الطلاق على ذراعه ونحوه لا على المرأة
ثم قال الخيرالرملي اللهم إلا أن يقول علي الطلاق ثلاثا من ذراعي فللقول بوقوعه وجه لأن ذكر الثلاث يعينه فتأمل اه
قوله ( ولو قال وطلاقك علي ) لم يقع قال في الخانية ولو قال طلاقك علي ذكر في الأصل على وجه الاستشهاد فقال ألا ترى أنه لو قال لله علي طلاق امرأتي لا يلزمه شيء اه
قلت ومقتضاه أن علة عدم الوقوع في طلاقك على أنه صيغة نذر كقوله علي حجة فكأنه نذر أن يطلقها النذر لا يكون إلا في عبادة مقصودة والطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى فليس عبادة فلذا لم يلزمه شيء
قوله ( ولو زاد الخ ) ظاهره أن قوله طلاقك علي بدون زيادة ليس فيه الخلاف المذكور وهو المفهوم من الخانية والخلاصة أيضا لكن نقل سيدي عبد الغني عن أدب القاضي للسرخسي رجل قال لامرأته طلاقك علي فرض ولازم أو قال طلاقك علي فالصحيح أنه يقع في الكل بخلاف العتق لأنه مما يجب فجعل إخبارا ونقل مثله عن مختصر المحيط
قوله ( وقال الخاصي المختار نعم ) عبارة فتاوى الخاصي قال لها طلاقك علي واجب
____________________
(3/254)
أو قال وطلاقك لازم لي يقع بلا نية عند أبي حنيفة وهو المختار وبه قال محمد نب مقاتل وعليه الفتوى اه
وأنت خبير بأن لفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح
ونقل في الخانية عن الفقيه أبي جعفر أنه يقع في قوله واجب لتعارف الناس لا في قوله ثابت أو فرض أو لازم لعدم التعارف ومقتضاه الوقوع في قوله علي الطلاق لأنه المتعارف في زماننا كما علمت
وعلل الخاصي الوقوع بقوله لأن الطلاق لا يكون واجبا أو ثابتا بل حكمه وحكمه لا يجب ولا يثبت إلا بعد الوقوع
قال في الفتح وهذا يفيد أن ثبوته اقتضاء ويتوقف على نيته إلا أن يظهر فيه عرف فاش فيصير صريحا فلا يصدق قضاء في صرفه عنه وفيما بينه وبين الله تعالى إن قصده وقع وإلا لا فإنه قد يقال هذا الأمر علي واجب بمعنى ينبغي أن أفعله لا أني فعلته فكأنه قال ينبغي أن أطلقك اه
قوله ( قال الكمال الحق نعم ) نقله عنه في البحر والنهر وأقراه عليه بعد حكايتهما الخلاف
ووجهه أنه يحتمل الدعاء فتوقف على النية
وفي التاترخانية عن العتابية المختار عدم توقفه عليها وبه كان يفتى ظهير الدين
قال المقدسي ويقع في عصرنا نظير هذا يطلب الرجل من المرأة فتقول أبرأك الله وكانت حادثة الفتوى وكتبت بصحبتها لتعارفهم بذلك اه
قلت ومثله في فتاوى قارىء الهداية والمنظومة المحبية وسيأتي تمامه في الخلع
قوله ( كوني طالقا أو أطلقي ) قال في الفتح عن محمد إنه يقع لأن كوني ليس أمرا حقيقة لعدم تصور كونها طالقا منها بل عبارة عن إثبات كونها طالقا كقوله تعالى { كن فيكون } سورة آل عمران الآية 47 ليس أمرا بل كناية عن التكوين وكونها طالقا يقتضي إيقاعا قبل فيتضمن إيقاعا سابعا وكذا قوله اطلقي ومثله للأمة كوني حرة
قوله ( أو يا مطلقة ) قدمنا أنه لو كان لها زوج طلقها قبل فقال أردت ذلك الطلاق صدق ديانة وكذا قضاء في الصحيح
وفي التاترخانية عن المحيط قال أنت طالق ثم قال يا مطلقة لا تقع أخرى
قوله ( بالتشديد ) أي تشديد اللام أما بتخفيفها فهو ملحق بالكناية كما قدمناه عن البحر
قوله ( وقع ) أي من غير نية لأنه صريح
قوله ( بكسر اللام وضمها ) ذكر الضم بحث لصاحب النهر حيث قال وينبغي أن يكون الضم كذلك إذ هو لغة من لا ينتظر بخلاف الفتح فإنصه يتوقف على النية اه
واعترض بأنه ينبغي توقف الضم أيضا على النية لأنه إذا لم ينتظر الآخر لم تكن مادة ط ل ق موجودة ولا ملاحظة فلم يكن صريحا بخلاف الكسر على لغة من ينتظر اه
قلت قد يجاب بأن الضم في نداء الترخيم لما كان لغة ثابتة لم يخرج به اللفظ عن إرادة معناه المراد به قبل النداء فإن كان من سمع اللفظ المرخم يعلم أن المراد به نداء تلك المادة وأن انتظار المحذوف وعدمه أمر اعتباري قدروه ليبنوا عليه الضم والكسر وإلا لزم أن يكون المنادى اسما آخر غير المقصود نداؤه هذا ما ظهر لي فتأمل
قوله ( أو أنت طال بالكسر ) أي فإنه يقع بلا نية بخلاف أنت طالق بحذف اللام فلا يقع لأن حذف آخر الكلام معتاد عرفا تاترخانية
قوله ( وإلا توقف على النية ) أي وإن لم يكسر اللام في غير المنادى توقف الوقوع على نية الطلاق أي أو ما في حكمها كالمذاكرة والغضب كما في الخانية
وفي كنايات الفتح أن الوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا لأنه بلا قاف ليس صريحا بالاتفاق لعدم غلبة الاستعمال ولا الترخيم لغة جائز في غير النداء فانتفى لغة وعرفا فيصدق قضاء مع اليمين إلا عند الغضب أو مذاكرة الطلاق فيقع قضاء أسكنها أو لا وتمامه فيه
____________________
(3/255)
قلت وما قدمناه آنفا عن التاترخانية من أن حذف آخر الكلام معتاد عرفا يفيد الجواب فإن لفظ طالق صريح قطعا فإذا كان حذف الآخر معتادا عرفا لم يخرجه عن صراحته وقد عد حذف آخر الكلمة من محسنات الكلام وعده أهل البديع من قسم الاكتفاء ونظم فيه المولدون كثيرا ومنه أين النجاة لعاشق أين النجا وأيضا فإن إبدال الآخر بحرق غيره كالألفاظ المصحفة المتقدمة لم يخرجه عن صراحته مع عدم غعلبة الاستعمال فيها وما ذاك إلا لكونها أريد بها اللفظ الصريح وأن التصحيف عارض لجريانه على اللسان خطأ أو قصدا لكونه لغة التكلم وهذا ما ظهر لفهمي القاصر ( كما لو تهجى به أي فإنه يتوقف على النية وقد مر بيانه فافهم قوله ( وفي النهر عن التصحيح الخ ) أي تصحيح القدوري للعلامة قاسم وقصد به الرد على ما فهمه في البحر من أن وهبتك طلاقك من الصريح وكذا أودعتك ورهنتك
قال في النهر نقل في تصحيح القدوري عن قاضيخان وهبتك طلاقك الصحيح فيه عدم الوقوع اه
ففي أودعتك ورهنتك بالأولى وسيأتي أن رهنتك كناية
وفي المحيط لو قال رهنتك طلاقك قالوا لا يقع لأن الرهن لا يفيد زوال الملك اه
قلت ومقتضى كونه كناية أنه يقع بشرط النية وقد عده في البكر في باب الكنايات منها وكذا عد منها وهبتك طلاقك وأودعتك طلاقك وأقرضتك طلاقك وسيأتي تمامه هناك
قوله ( كأنت طالق ) وكذا لو أتى بالضمير الغائب أو اسم الإشارة العائد إليها أو باسمها العلمي ونحو ذلك وأشار إلى أن المراد به ما يعبر به عن جملتها وضعا والمراد بقوله أو إلى ما يعبر به عنها ما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز كرقبتك وإلا فالكل يعبر به عن الجملة كما في الفتح وهو أظهر مما في الزيلعي من أن الروح والبدن والجسد مثل أنت كما في البحر لأن الروح بعض الجسد وكذا الجسد باعتبار الروح والبدن لا تدخل فيه الأطراف
أفاده في النهر
قوله ( كالرقبة الخ ) فإنه عبر بها عن الكل في قوله تعالى { فتحرير رقبة } سورة النساء الآية 92 والعنق في { فظلت أعناقهم لها خاضعين } سورة الشعراء الآية 4 لوصفها بجمع المذكر الموضوع للعاقل والعقل للذوات لا للأعضاء والروح في قولهم هلكت روحه أي نفسه ومثلها انفس كما في { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } سورة المائدة الآية 4
قوله ( الأطراف الخ ) أي اليدان والرجلان والرأس وهذه التفرقة بين الجسد والبدن عزاها في النهر إلى ابن كمال في إيضاح الإصلاح وعزاها الرحمتي إلى الفائق للزمخشري والمصباح
ورأيت في فصل العدة من الذخيرة قال محمد والبدن هو من أليتيه إلى منكبيه
قوله ( والفرج ) عبر به عن الكل في حديث لعن الله الفروج على السروج قال في الفتح إنه حديث غريب جدا
قوله ( والوجه والرأس ) في قوله تعالى { كل شيء هالك إلا وجهه } سورة القصص الآية 88 { ويبقى وجه ربك } سورة الرحمن الآية 27 أي ذاته الكريمة وأعتق رأسا ورأسين من الرقيق وأنا بخير ما دام رأسك سالما يقال مرادا به الذات أيضا
فتح
قال في البحر وفي الفتح من كتاب الكفالة ولم يذكر محمد ما إذا كفل بعينه
قال البلخي لا يصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن والذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما يعبر به عن الكل يقال عين القوم وهو عين في الناس ولعله لم يكن معروفا في زمانهم أما في زماننا فلا شك في ذلك اه
قوله ( وكذا الإست الخ ) قال في البحر فالإست وإن كان مرادفا للدبر لا يلزم
____________________
(3/256)
مساواتهما في الحكم لأن الاعتبار هنا لكون اللفظ يعبر به عن الكل ألا ترى أن البضع مرادف للفرج وليس حكمه هنا كحكمه في التعبير اه
والحاصل أن الإست والفرج يعبر بهما عن الكل فيقع إذا أضيف إليهما بخلاف مرادف الأول وهو الدبر ومرادف الثاني وهو البضع فلا يقع لعدم التعبير بهما عن الكل ولا يلزم من الترادف المساواة في الحكم لكن أورد في الفتح أنه إن كان المعتبر اشتهار التعبير يجب أن لا يقع بالإضافة إلى الفرج أي لعدم اشتهار التعبير به عن الكل وإن كان المعتبر وقوع الاستعمال من بعض أهل اللسان يجب أن يقع في اليد بلا خلاف لثبوت استعمالها في الكل في قوله تعالى { ذلك بما قدمت يداك } أي قدمت وقوله على اليد ما أخذت حتى ترد اه
قلت قد يجاب بأن المعتبر الأول لكن لا يلزم اشتهار التعبير به عن الكل عند جميع الناس بل في عرف المتكلم في بلدن مثلا فيقع بالإضافة إلى اليد إذا اشتهر عنده التعبير بها عن الكل ولا يقع بالإضافة إلى الفرج إذا لم يشتهر
ثم رأيت في كلام الفتح ما يفيد ذلك حيث قال ووقوعه بالإضافة إلى الرأس باعتبار كونه معبرا به عن الكل لا باعتبار نفسه مقتصرا ولذا لو قال الزوج عنيت الرأس مقتصرا قال الحلواني لا يبعد أن يقال لا يقع لكن ينبغي أن يكون ذلك ديانة
وأما في القضاء إذا كان التعبير به عن الكل عرفا مشتهرا لا يصدق
ولو قال عنيت باليد صاحبتها كما أريد ذلك في الآية والحديث وتعارف قوم التعبير بها عن الكل وقع لأن الطلاق مبني على العرف ولذا لو طلق النبطي بالفارسية يقع ولو تكلم به العربي ولا يدريه لا يقع اه
فقد قيد الوقوع قضاء في الإضافة إلى الرأس أو اليد بما إذا كان التعبير به عن الكل متعارفا وصرح أيضا بقوله وتعارف يوم التعبير بها أي باليد فأفاد أنه عند عدم تعارف ذلك عندهم لا يقع مع أن التعبير بالرأس وباليد عن الكل ثابت لغة وشرعا والله تعالى أعلم
قوله ( والدم ) كان المناسب إسقاطه حيث ذكر في محله فيما سيأتي وأما ذكر البضع والدبر هنا فلذكر مرادفهما ح
قوله ( كنصفها وثلثها إلى عشرها ) وكذا لو أضافه إلى جزء من ألف جزء منها كما في الخانية لأن الجزء الشائع محل لسائر التصرفات كالبيع ويغره
هداية
قال ط إلا أنه يتجزأ في غير الطلاق
وقال شيخي زاده إنه يقع في ذلك الجزء ثم يسري إلى الكل لشيوعه فيقع في الكل
قوله ( لعدم تجزيه ) علة لقوله أو إلى جزء شائع منها ط
وفيه أنه يلزم منه وقوع الطلاق بالإضافة إلى الأصبع مثلا فالمناسب التعليل بما ذكرناه آنفا عن الهداية
قوله ( ولو قال الخ ) أشار به إلى أن تقييد الجزء بالشائع ليس للاحتراز عن المعين لما ذكر من الفرع
أفاده في البحر
قوله ( وقعت ببخارى ) أي ولم يوجد فيها نص عن المتقدمين ولا عن المتأخرين
تاترخانية
قوله ( عملا بالإضافتين ) أي لأن الرأس في النصف الأعلى والفرج في الأسفل فيصير مضيفا الطلاق إلى رأسها وإلى فرجها
ط عن المحيط
قال في البحر وقد علم به أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا اه
وهو ممنوع في الثاني كما هو ظاهر
نهر أي لأن من أوقع واحدة بالإضافتين لم يعتبر كون الفرج في الثانية فإذا اقتصر على الإضافة الثانية فقط كيف يقع بها اتفاقا نعم لو اقتصر على الإضافة الأولى يقع اتفاقا
ثم اعلم أن كلا من القولين مشكل لأن النصف الأعلى أو الأسفل ليس جزءا شائعا وهو ظاهر ولا مما يعبر به عن
____________________
(3/257)
الكل ووجود الرأس في الأول والفرج في الثاني لا يصيره معبرا به من الكل لأن ما مر من أنه يقع بالإضافة إلى جزء يعبر به عن الكل على تقدير مضاف أي اسم جزء كما أفاده في الفتح وقال فإن نفس الجزء لا يتصور التعبير به عن الكل اه
وحينئذ فالموجود في النصف الأعلى نفس الرأس وفي الأسفل نفس الفرج لا اسمهما الذي يعبر عن الكل ولهذا لو وضع يده على رأسها وقال هذا الرأس طالق لا تطلق لأن وضع اليد قرينة على إرادة نفس الرأس بخلاف ما إذا لم يضعها عليه كما يأتي لأنه يكون بمعنى هذه الذات فليتأمل
قوله ( أو الوجه ) أي منك ط
قوله ( بل عن البعض ) بقرينة ذكر منك في الأول ووضع اليد في الأخير
قوله ( بل قال هذا الرأس ) ومثله فيما يظهر هذا الوجه أو هذه الرقبة
والظاهر أنه هنا لا بد من التعبير باسم الرأس ونحوه وأنه لو عبر عنه بقوله هذا العضو لم يقع لأن المعبر بن عن الكل هو اسم الرأس ونحوه لا اسم العضو نظير ما قدمناه آنفا
تأمل
قوله ( وقع في الأصح ) ولهذا لو قال لغيره بعت منك هذا الرأس بألف درهم وأشار إلى رأس عبده فقال المشتري قبلت جاز البيع
بحر عن الخانية
قوله ( فتح ) قدمنا عبارته قبل صفحة
قوله ( كما لا يقع لو أضافه إلى اليد ) لأنه لم يشتهر بين الناس التعبير بها عن الكل حتى لو اشتهر بين قوم وقع كما قدمناه عن الفتح
قوله ( إلا بنية المجاز ) أي بإطلاق البعض على الكل إذا لم يكن مشتهرا فلو اشتهر بذلك فلا حاجة إلى نية المجاز
وذكر في الفتح ما حاصله أنه عند الشافعي يقع بإضافته إلى اليد والرجل ونحوهما حقيقة
وبيان ذلك أن الطلاق محله المرأة لأنها محل النكاح ومحلية أجزائها للنكاح بطريق التبعية فلا يقع الطلاق إلا بالإضافة إلى ذاتها أو إلى جزء شائع منها هو محل للتصرفات أو إلى معين عبر به عن الكل حتى لو أريد نفسه لم يقع فالخلاف في أن ما يملك تبعا هل يكون محلا لإضافة الطلاق إليه على حقيقته دون صيرورته عبارة عن الكل فعنده نعم وعندنا لا وأما على كونه مجازا عن الكل فلا إشكال أنه يقع يدا كان أو رجلا بعد كونه مستقيما لغة اه
أي بخلاف نحو الريق والظفر فإنه لا يستقيم إرادة الكل به
والحاصل كما في البحر أن هذه الألفاظ ثلاثة صريح يقع قضاء بلا نية كالرقبة وكناية لا يقع إلا بالنية كاليد وما ليس صريحا ولا كناية لا يقع به وإن نوى كالريق والسن والشعر والظفر والكبد والعرق والقلب
قوله ( والذقن ) قلت إطلاق الذقن مرادا بها الكل عرف مشتهر الآن فإنه يقال لا أزال بخير ما دامت هذه الذقن سالمة فينبغي أن تكون كالرأس
قوله ( وكذا الثدي والدم جوهرة ) أقول الذي في الجوهرة إذا قال دمك فيه روايتان الصحيحة منهما يقع لأن الدم يعبر به عن الجملة يقال ذهب دمه هدرا اه
وهكذا نقل عن الجوهرة في البحر والنهر
ونقل في النهر عن الخلاصة تصحيح عدم الوقوع كما هو ظاهر المتون
قوله ( لأنه لا يعبر به ) أي بالمذكور من هذه الألفاظ اه ط
قوله ( فول عبر قوم ) أي بما ذكر ولا خصوص له بل لو عبروا بأي عضو كان فهو كذلك ذكره أبو السعود عن الدرر ونقل الحموي عن المحاكمات لجلال زاده ما نصه يجب أن يحتاط في أمر الطلاق إذا أضيف إلى اليد والرجل باللسان التركي فإنهما فيه يعبر بهما عن الجملة والذات اه ط
____________________
(3/258)
قوله ( وكذا الخ ) أصل هذا في الفتح حيث ذكر أنه ما لا يعبر به عن الجملة كاليد والرجل والأصبع والدبر لا يقع الطلاق بإضافته إليه خلافا لزفر والشافعي ومالك وأحمد
ولا خلاف أنه بالإضافة إلى الشعر والظفر والسن والريق والعرق لا يقع
ثم قال والعتاق والظهار والإيلاء وكل سبب من أسباب الحرمة على هذا الخلاف فلو ظاهر أو آلى أو أعتق أصبعها لا يصح عندنا ويصح عندهم وكذا العفو عن القصاص وما كان من أسباب الحل كالنكاح لا يصح إضافته إلى الجزء المعين الذي لا يعبر به عن الكل بلا خلاف اه
قلت ولم يعلم منه حكم الإضافة إلى جزء شائع أو ما يعبر به عن الكل في النكاح وتقدم هناك قوله ولا ينعقد بتزوجت نصفك في الأصح احتياطا خانية
بل لا بد أن يضيفه إلى كلها أو ما يعبر به عن الكل ومنه الظهر والبطن على الأشبه
ذخيرة
ورجحوا في الطلاق خلافه فيحتاج للفرق اه
وقدمنا الكلام على ذلك وأن من اختار صحة النكاح بالإضافة إلى الظهر والبطن اختار الوقوع في الطلاق ومن اختار عدم الصحة في النكاح اختار عدم الوقوع فلا حاجة إلى الفرق
قوله ( ولو من ألف جزء ) بأن يقول أنت طالق جزءا من ألف جزء من طلقة ط
قوله ( لعدم التجزيء ) أي في الطلاق فذكر جزئه كذكر كله صونا لكلام العاقل عن الإلغاء ولذا جعل الشارع العفو عن بعض القصاص عفوا عن كله
نهر وعلى هذا لو قال أنت طالق طلقة وربعا ونصفا طلقت طلقتين
جوهرة
قوله ( فلو زادت الأجزاء ) أي مع الإضافة إلى الضمير كأنت طالق نصف طلقة وثلثها وربعها فقد زادت الأجزاء على الواحدة بنصف السدس فتقع به طلقة أخرى ط
قوله ( وهكذا ) يعني لو زادت الأجزاء على الطلقتين وقع ثلاث نحو أنت طالق ثلثي طلقة وثلاثة أرباعها وأربعة أخماسها ح
قال في فتح القدير إلا أن الأصح في اتحاد المرجع وإن زادت أجزاء واحدة أن تقع واحدة لأنه أضاف الأجزاء إلى واحدة نص عليه في المبسوط
والأول هو المختار عند جماعة من المشايخ
اه
قال في البحر وعلى الأصح لو قال أنت طالق واحدة ونصفها تقع واحدة كما في الذخيرة بخلاف واحدة ونصفا اه
وما في الذخيرة عزاه في الهندية إلى المحيط والبدائع لكن الذي رأيته في البدائع ولو تجاوز العدد عن واحدة لم يذكر هذا في ظاهر الرواية
واختلف المشايخ فيه قال بعضهم تقع تطليقتان
وقال بعضهم واحدة اه
قوله ( فيقع الثلاث ) لأن المنكر إذا أعيد منكرا كان الثاني غير الأول فيتكامل كل جزء بخلاف ما إذا قال نصف تطليقة وثلثها وسدسها حيث تقع واحدة لأن الثاني والثالث عين الأول وهذا في المدخول بها أما غيرها فلا يقع إلا واحدة في الصور كلها
بحر
قوله ( ولو بلا واو فواحدة ) أي بأن قال نصف طلقة ثلث طلقة سدس طلقة لدلالة حذف العاطف على أن هذه الأجزاء من طلقة واحدة وأن الثاني بدل من الأول والثالث بدل من الثاني والبدل هو المبدل منه أو بعضه
قوله ( على المختار ) أي عند جماعة من المشايخ وقد علمت عن المبسوط أن الأصح خلافه عند اتحاد المرجع وأنه جرى عليه في الذخيرة والمحيط
قوله ( وكذا لو كان مكان السدس ربعا الخ ) نص عبارة القهستاني نقلا عن المحيط لو قال نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة فثنتان على المختار وقيل واحدة ولو كان مكان الربع سدسا فثلاث وقيل واحدة اه
والظاهر أنه سبق قلم من القهستاني فإنه في الثانية
____________________
(3/259)
لم تزد الأجزاء على الواحدة وجعل الواقع فيها ثلاثا وفي الأولى زادت وجعل الواقع ثنتين مع أنه يجب أن يكون الواقع ثلاثا في الصورتين لأن اعتبار الأجزاء إنما هو عند اتحاد المرجع أما عند الإتيان بالاسم النكرة فيعتبر كل جزء بطلقة كما تقدم
على أن عبارة المحيط كما نقله ط عن الهندية هكذا لو قال أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وسدس تطليقة يقع ثلاث لأنه أضاف كل جزء إلى تطليقة منكرة والنكرة إذا كررت كانت الثانية غير الألى ولو قال نصف تطليقة وثلها وسدسها يقع واحدة فإن جاوز مجموع الأجزاء تطليقة بأن قال نصف تطليقة وثلثها وربعها قيل تقع واحدة وقيل ثنتان وهو المختار كذا في محيط السرخسي وهو الصحيح كذا في الظهيرية اه
وقدمنا عن الفتح أنه في المبسوط صح وقوع الواحدة وعلى كل فموضوع الخلاف هو الإضافة إلى الضمير لا إلى الاسم المنكر لكن رأيت في التاترخانية عن المحيط ما نصه وذكر الصدر الشهيد في واقعاته إذا قال لها أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة تقع ثنتان هو المختار فعلى قياس ما ذكر الصدر الشهيد ينبغي في قوله أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وسدس تطليقة تقع تطليقة واحدة اه
وهذا أقل إشكالا وكأنه مبني على اعتبار الأجزاء في الإضافة إلى الاسم النكرة أيضا كالإضافة إلى الضمير لكنه خلاف ما جزم به في البدائع والفتح والنهر من الفرق بينهما
قوله ( وسيجيء ) أي متنا في آخر التعليق حيث قال إخراج بعض التطليق لغو بخلاف إيقاعه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة وقع الثلاث في المختار اه
قال في الفتح وقيل على قول أبي يوسف ثنتان لأن التطليق لا يتجزأ في الإيقاع فكذا في الاسثتناء فكأنه قال إلا واحدة
قوله ( بخلاف إيقاعه ) أي إيفاع البعض وهو ما ذكره هنا
قوله ( ويقع الخ ) كان الأولى بالمصنف تأخير هذه المسألة عما بعدها كما فعل في الهداية والكنز ليضع الكلام على الأجزاء متصلا
قوله ( فيما أصله الحظر ) أي بأن لا يباح إلا لدفع الحاجة كالطلاق
قوله ( عند الإمام ) وقال بدخول الغايتين فيقع في الأولى ثنتان وفي الثانية ثلاث
وقال زفر لا يقع في الأولى شيء ويقع في الثانية واحدة وهو القياس لعدم دخول الغايتين في المحدود كبعتك من هذا الحائط إلى هذا الحائط وقول الثلاثة استحسان بالعرف وهو أن هذا الكلام متى ذكر في العرف وكان بين الغايتين عدد يراد به الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر كقولك سني من سني إلى ستين إلى سبعين أي أكثر من ستين وأقل من سبعين ففي نحو طالق من واحدة إلى ثنتين انتفى ذلك العرف عند الإمام فوجب إعمال طالق فوقع به واحدة ويدخل الكل فيما أصله الإباحة كخذ من مالي من درهم إلى درهمين أما ما أصله الحظر فلا فإن حظره قرينة على عدم إرادة الكل إلا أن الغاية الأولى دخلت ضرورة إذ لا بد من وجودها ليترتب عليها الطلقة الثانية إذ لا ثانية بلا أولى بخلاف الغاية الثانية وهي ثلاث فإنه يصح وقوع الثانية بلا ثالثة أما في صورة من واحدة إلى ثنتين فلا حاجة إلى إدخالها لعدم الضرورة المذكورة وتمام تقريره في الفتح
قوله ( الغايتين ) أي دخول الغايتين فله أخذ الكل أي الألف في المثال المذكور كما أفاده في البحر فافهم
قوله ( ثلاثة الخ ) لأن نصف التطليقتين في المثال المذكور كما أفاده في البحر فافهم
قوله ( ثلاثة الخ ) لأن نصف التطليقتين واحدة فثلاثة أنصاف تطليقتين ثلاثة تطليقات ضرورة
نهر
قوله ( وقيل ثنتان ) لأن التطليقتين إذا نصفتا كانت أربعة أنصاف فثلاثة منها طلقة ونصف فتكمل تطليقتين
وأجيب بأن هذا التوهم منشؤه اشتباه
____________________
(3/260)
قولنا نصفا تطليقتين ونصفنا كلا من تطليقتين والثاني هو الموجب للأربعة أنصاف واللفظ وإن كان يحتمله ولذا لو نواه دين لكنه خلاف الظاهر
نهر
قال في الفتح لأن الظاهر هو أن نصف التطليقتين تطليقة لا نصفا تطليقتين
قوله ( أو نصفي طلقتين ) وكذا نصف ثلاث تطليقات ولو قال نصف تطليقتين فواحدة أو نصفي ثلاث تطليقات فثلاث
بحر
قوله ( طلقتان ) لأنها طلقة ونصف فيتكامل النصف وفي نصفي طلقتين يتكامل كل نصف فيحصل طلقتان
قلت وينبغي أن يكون أربعة أثلاث طلقة وخمسة أرباع طلقة مثل أنصاف طلقة
تأمل
قوله ( وقيل يقع ثلاث ) لأن كل نصف يتكامل في نفسه فتصير ثلاثا
قوله ( والأول أصح ) قال في البحر وهو المنقول في الجامع الصغير واختاره الناطفي وصححه العتابي اه
ثم ذكر للتنصيف اثنتي عشرة صورة وذكر أحكامها فراجعه
قوله ( لأنه يكثر الأجزاء الخ ) أي أن الضرب يؤثر في تكثير أجزاء المضروب لا في زيادة العدد والطلقة التي جعل لها أجزاء كثيرة لا تزيد على طلقة ولو زاد في العدد لم يبق في الدنيا فقير لأنه يضرب درهمه في مائة فيصير مائة ثم المائة في ألف فتصير مائة ألف
وقال زفر والحسن بن زياد والأئمة الثلاثة يقع ثنتان لأن عرف أهل الحساب فيه تضعيف أحد العددين بعدد الآخر ورجحه في الفتح بأن العرف لا يمنع والفرض أنه تكلم بعرفهم وأراده فصار كما لو أوقع بلغة أخرى فارسية أو غيرها وهو يدركها والإلزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير غير لازم لأن ضرب درهمه في مائة إن كان إخبارا كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب وإن كان إنشاء كجعلته في مائة لا يمكن لأنه لا ينجعل بقوله ذلك واختاره أيضا في غاية البيان
وما أجاب به في البحر من أن قوله في ثنتني ظرف حقيقة وهو لا يصلح له وإذا لم يكن صالحا لم يعتبر في العرف ولا النية كما لو نوى بقوله اسقني الماء الطلاق فإنه لا يقع رده المقدسي بأن اللفظ صريح أي حقيقة عرفية لأهل الحساب صريح في معناه العرفي وكذا رده في النهر والمنح
قال الرحمتي فتزاد هذه المسألة على المسائل المفتى بها بقول زفر اه أي لأن المحقق ابن الهمام من أهل الترجيح كما اعترف به صاحب البحر في كتاب القضاء
قوله ( فثلاث ) لأنه يحتمله كلامه فإن الواو للجمع والظرف يجمع المظروف فصح أن يراد به معنى الواو
بحر
وفيه تشديد على نفسه
نهر
قوله ( لو مدخولا بها ) أي ولو حكما ليشمل المختلى بها فإن الطلاق في العدة يلحقها احتياطا وهو الأقرب للصواب كما تقدم في أحكام الخلوة من باب المهر وبسطنا الكلام عليه هناك
قوله ( كقوله لها ) أي لغير الموطوءة أنت طالق واحدة وثنتين فإنها تبين بقوله واحدة لا إلى عدة فلا يلحقها ما بعدها
قوله ( فثلاث ) لأن إرادة معنى مع نفي ثابت كقوله تعالى { ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة } سورة الأحقاف الآية 16 فصار كما إذا قال لها أنت طالق واحدة مع ثنتني أفاده في البحر
قوله ( مطلقا ) أي مدخولا بها أو لا ح
قوله ( لما مر ) أي من قوله لأنه يكثر الأجزاء لا الأفراد ح
قوله ( فكما مر ) أي فيقع في صورة معنى الواو ثلاث في المدخول بها وثنتان في غيرها وفي صورة معنى مع ثلاث مطلقا ح
قوله ( واحدة رجعية لأنه وصفه بالقصر لأنه متى وقع في مكان وقع في كل الأماكن
____________________
(3/261)
فتخصيصه بالشام تقصير بالنسبة إلى ما وراءه ثم لا يحتمل القصر حقيقة فكان قصر حكمه وهو بالرجعي وطوله بالبائن ولأنه لم يصفها بعظم ولا كبر بل مدها إلى مكان وهو لا يحتمله فلم يثبت به زيادة شدة
نهر
قوله ( أو ثوب كذا ) أي وعليها ثوب غيره
نهر
قوله ( يقع للحال ) تفسير لقوله تنجيز وذلك لأن الطلاق الذي هو رفع القيد الشرعي معدوم في الحال وقد جعل الشارع لمن أراده أن يعلق وجوده بوجود أمر معدوم يوجد الطلاق عند وجوده والأفعال والزمان هما الصالحان لذلك لأن كلا منهما معدوم في الحال ثم يوجد بخلاف المكان الذي هو عين ثابتة فإنه لا يتصور الإناطة به وتمامه في الفتح
قوله ( لا قضاء ) لما فيه من التخفيف على نفسه
بحر
قوله ( فيتعلق ) عطف على قوله ويصدق وقوله به أي بالشرط المعذكور في الصور ط
قوله ( كقوله إلى سنة الخ ) في التاترخانية عن المحيط ولو قال أنت طالق إلى الليل أو إلى الشهر أو إلى السنة أو إلى الصيف أو إلى الشتاء أو إلى الربيع أو إلى الخريف فهو على ثلاثة أوجه إما أن ينوي الوقوع بعد الوقت المضاف إليه فيقع الطلاق بعد مضيه أو ينوي الوقوع ويجعل الوقت للامتداد فيقع للحال أو لا تكون له نية أصلا فيقع بعد الوقت عندنا وللحال عند زفر قاسه على ما إذا جعل الغاية مكانا كإلى مكة أو إلى بغداد فإنه تبطل الغاية ويقع للحال اه
قوله ( تعليق ) لوجود حقيقته
بحر
قوله ( وكذا الخ ) أي فيتعلق بالفعل فلا تطلق حتى تفعل
بحر
قوله ( أو في صلاتك ) ولا تطلق حتى تركع وتسجد وقيل حتى ترفع رأسها من السجدة وقيل حتى توجد القعدة
تاترخانية
قوله ( ونحو ذلك ) كقوله في مرضك أو وجعك فإنه لا فرق بين الفعل الاختياري وغيره كما في البحر ط
قوله ( لأن الظرف يشبه الشرط ) من حيث إن المظروف لا يوجد بدون الظرف كالمشروط لا يوجد بدون الشرط فيحمل عليه عند تعذره معنا أعني الظرف
نهر
قوله ( تنجيز ) الأولى تنجز على أنه فعل ماض جواب لو كما قال بعده تعلق بصيغة الفعل وإنما تنجز لأنه أوقع الطلاق للحال وعلله بما ذكر فيقع سواء وجد الدخول أو الحيض أو لا
رحمتي
قلت وينبغي أن يتعلق لو نوى باللام التوقيت كما في { أقم الصلاة لدلوك الشمس } سورة الإسراء الآية 78
قوله ( ولو بالباء تعلق ) لأنها للإلصاق وقد أوقع عليها طلاقا ملصقا بما ذكر فلا يقع إلا به
رحمتي
قوله ( وفي حيضك الخ ) قال في البدائع وإذا قال أنت طالق في حيضك أو مع حيضك فحيثما رأت الدم تطلق بشرط أن يستمر ثلاثة أيام لأن كلمة في للظرف والحيض لا يصلح ظرفا فيجعل شرطا وكلمة مع للمقارنة فإذا استمر ثلاثا تبين أنه كان حيضا من حين وجوده فيقع من ذلك الوقت ولو قال في حيضتك فما لم تحض وتطهر لا تطلق لأن الحيضة اسم للكامل وذلك باتصال الطهر بها ولو كانت حائضا في هذه الفصول كلها لا يقع ما لم تطهر وتحيض أخرى لأنه جعل الحيض شرطا للوقوع والشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وهو الحيض المستقبل لا الموجود في الحال اه
قلت وينبغي الوقوع لو نوى في مدة حيضك الموجود
تأمل
وفي الجوهرة ولو قال لها وهي حائض إذا حضت فهو على حيض مستقبل فإن عنى ما يحدث من هذا الحيض فكما نوى لأنه يحدث حالا فحالا بخلاف قوله للحبلى إذا حبلت ونوى هذا الحبل لا يحنث لأنه ليس له أجزاء متعددة اه
____________________
(3/262)
وفي الخانية قال لحائض إذا حضت فأنت طالق فهو على حيض مستقبل ولو قال لها إذا حضت غدا فهو على دوام ذلك الحيض إلى فجر الغد لأنه لاي تصور حدوث حيضة في الغد فيحمل على الدوام وكذا إذا مرضت وهي مريضة بخلاف قوله للصحيحة إذا صححت فيقع كما سكت لأن الصحة أمر يمتد فلدوامه حكم الابتداء كقوله للقائم إذا قمت وللقاعد إذا قعدت وللمملوك إذا ملكتك والحيض والمرض وإن كان يمتد إلا أن الشرع لما علق بالجملة أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا اه
قوله ( وفي ثلاثة أيام تنجيز ) لأن الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات
بحر
قوله ( بمجيء الثالث ) لأن المجيء فعل فلم يصح ظرفا فصار شرطا بحر
قوله ( لأن الشروط تعتبر في المستقبل ) علة لقوله سوى يوم حلفه فإن مجيء اليوم عبارة عن مجيء أول جزئه يقال جاء يوم الجمعة كما طلع الفجر واليوم الأول قد مضى أول جزئه أفاده في البحر
ومفاده أن هذا فيما لو حلف نهارا
وفي التاترخانية ولو قال في الليل أنت طالق في مجيء ثلاثة أيام طلقت كما طلع الفجر من اليوم الثالث ولو قال في مضي ثلاثة أيام إن قال ذلك ليلا طلقت بغروب شمس الثالث هكذا في بعض نسخ الجامع وفي بعضها لا تطلق حتى تجيء ساعة حلفه من الليلة الرابعة وهكذا ذكره القدوري اه
قوله ( لغو ) لأن التكاليف رفعت فيه وإنما لم يتنجز لأنه جعل الوقوع في زمان معين والزمان يصلح للإيقاع إلا أنه منع مانع من إيقاعه فيه ط
قوله ( وقبله تنجيز ) لأن القبلية ظرف متسع فيصدق بحين التكلم ط
قوله ( إن رفع الخ ) الفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فكان فاصلا وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة فلم يكن فاصلا
نهر عن المحيط أي وإذا لم يكن فاصل أجنبي لم يكن قوله في دخولك مستأنفا بل يتعلق بطالق فيتقيد به
قوله ( وسأل الكسائي محمدا الخ ) أشار به إلى رد ما ذكره ابن هشام في المغني من الباب الأولى من بحث اللام أنه كتب الرشيد إلى أبي يوسف يسأله عن ذلك
فقال هذه مسألة نحوية فقهية ولا آمن من الخطأ إن قلت فيها فسألت الكسائي فقال إن رفع ثلاثا طلقت واحدة لأنه قال أنت طالق ثم أخبر أن الطلاق التام الثلاث وإن نصبها طلقت ثلاثا لأن معناه أنت طالق ثلاثا وما بينهما جملة معترضة اه ملخصا
قال في الفتح وهو بعد كونه غلطا بعيد عن معرفة مقام الاجتهاد فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها لأن الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية العربية
والذي نقله أهل الثبت من هذه المسألة عمن قرأ الفتوى حين وصلت خلافه وأن المرسل الكسائي إلى محمد بن الحسن ولا دخل لأبي يوسف أصلا ولا للرشيد ولمقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج في مثل هذا التركيب مع إمامته واجتهاده وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ
في المبسوط ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه فكتب في حوابه ما مر فاستحسن الكسائي جوابه اه
وذكر ح في حاشية المغني للجلال السيوطي أن هذا هو المروي في تاريخ الخطيب البغدادي
قوله ( فإن ترفقي الخ ) بعد هذين البيتين بيت ثالث وهو قوله
____________________
(3/263)
فبيني بها إن كنت غير رفيقة وما لامرىء بعد الثلاث مقدم قال في النهر وفي شرح الشواهد للجلال الرفق ضد العنف يقال رفق بفتح الفاء يرفق بضمها
والخرق بالضم وسكون الراء الاسم من خرق بالكسر يخرق بالفتح خرقا بفتح الخاء والراء وهو ضد الرفق
وفي القاموس أن ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم
وأيمن من اليمن وهو البركة
وأشأم من الشؤم وهو ضد اليمن
وذكر ابن يعيش أن في البيت الثاني حذف الفاء والمبتدأ أي فهو أعق وإن تعليلية واللام مقدرة أي لأجل كونك غير رفيقة
والمقدم مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدم أي ليس لأحد تقدم إلى العشرة والألفة بعد تمام الفرقة مطلب في قول لشاعر فأنت طلاق والطلاق عزيمة قوله ( فأنت طلاق ) يقال فهي ما قيل في زيد عدل ط
قوله ( والطلاق عزيمة ) أي معزوم عليه ليس بلغو ولا لعب
نهر
قوله ( وتمامه في المغني ) حيث قال أقول إن الصواب أن كلا من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث والواحدة أما الرفع فلأن أل في والطلاق إما لمجاز الجنس كزيد الرجل أي هو الرجل المعتد به وإما للعهد الذكري أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث فعلى العهدية تقع الثلاث وعلى الجنسية تقع واحدة
وأما النصب فإنه يحتمل أن يكون المفعول المطلق فيقتضي وقوع الثلاث إذ المعنى فأنت طالق طلاقا ثلاثا ثم اعترض بينهما بقوله والطلاق عزيمة وأن يكون حالا من المستتر في عزيمة وحينئذ لا يلزم وقوع الثلاث لأن المعنى والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا بل يقع ما نواه هذا ما يقتضيه اللفظ والذي أراده الشاعر الثلاث لقوله فبيني بها الخ اه
وذكر في الفتح أن الظاهر في النصبل المفعول المطلق وفي الرفع العهد الذكري فيقع الثلاث ولذا ظهر من الشاعر أنه أراده
مطلب في إضافة الطلاق إلى الزمان قوله ( وبقوله أنت الخ ) هذا عقد له في الهداية وغيرها فصلا في إضافة الطلاق إلى الزمان
قوله ( يقع عند طلوع الصبح ) أي الفجر الصادق لا الكاذب ولكونه أخص من الفجر عبر به
ووجه الوقوع عند طلوعه أنه وصفها بالطلاق في جميع الغد فيتعين الجزء الأول لعدم المزاحم
بحر
قوله ( وصح في الثانية نية العصر ) لأنه وصفها به في جزء منه
بحر
قوله ( أي آخر النهار ) تفسير مراد
والظاهر أنه لو أراد وقت الصحوة أو الزوال صدق كذلك ط
قوله ( قضاء ) وقالا لا تصح كالأول ولا خلاف في صحتها فيهما ديانة
والفرق له عموم متعلقها بدخولها مقدرة لا ملفوظا بها للفرق لغة بين صمت سنة وفي سنة
وشرعا بين لأصومن عمري حيث لا يبر بصوم كله وفي عمري حيث يبر بساعة وبين قوله إن صمت شهرا فعبده حر حيث يقع على صوم جميعه بخلاف إن صمت في هذا الشهر حيث يقع على صوم ساعة منه كما في المحيط فنية جزء من الزمان مع ذكرها نية الحقيقة ومع حذفها نية تخصيص العام فلا يصدق قضاء وهذا بخلاف ما لا يتجزأ الزمان في حقه فإنه لا فرق فيه بين الحذف والإثبات كصمت يوم الجمعة أو في يومها وتمامه في البحر والنهر
____________________
(3/264)
قلت وكذا لا فرق بينهما فيما يتجزأ زمانه مع العلم بعدم شموله مثل أكلت يوم الجمعة أو في يومها
قوله ( أو في شعبان ) فإذا لم تكن له نية طلقت حين تغيب الشمس من آخر يوم من رجب وإن نوى آخر شعبان فهو على الخلاف
فتح
قوله ( اعتبر اللفظ الأول ) فيقع في اليوم في الأول وفي غد في الثاني لأنه يذكره اللفظ الأول ثبت حكمه تنجيزا في الأول وتعليقا في الثاني فلا يحتمل التغيير بذكر الثاني لأن المنجز لا يقبل التعليق ولا المعلق التنجيز
نهر
قوله ( ولو عطف الخ ) قال في التبيين لأن المعطوف غير المعطوف عليه غير أنه لا حاجة لنا إلى إيقاع الأخرى في الأولى لإمكان وصفها غدا بطلاق واقع عليها اليوم ولا يمكن ذلك في الثانية فيقعان اه ح
قوله ( كقوله أنت طالق بالليل والنهار ) أي فإنه يقع واحدة إذا كانت هذه المقالة في الليل وكذا أول النهار وآخره إن كانت هذه المقالة في أول النهار ح
قوله ( وعكسه ) بالجر عطف على مدخول الكاف يعني إذا قال أنت طالق بالنهار والليل أو آخر النهار وأوله طلقت ثنتين إذا كانت هذه المقالة بالليل في أول النهار أيضا فلو كانت هذه المقالة بالنهار أو آخر النهار انعكس الحكم في الكل كما في البحر ح
قلت وهذا لم يصرح في المعطوف بلفظ في لما في الذخيرة ولو قال ليلا أنت طالق في ليلك وفي نهارك أو قال نهارا أنت طالق في نهارك وفي ليلك طلقت في كل وقت تطليقة فإن نوى واحدة دين لأنه يحتمله لفظه بحمل لفظ في على معنى مع
قوله ( أو اليوم ورأس الشهر ) أي فيقع واحدة ولو قال رأس الشهر واليوم فثنتان فكان الأولى تقديمه على قوله وعكسه كما لا يخفى
قوله ( كائن ومستقبل ) كاليوم وغدا وأما الماضي والكائن كأمس واليوم ففيه كلام يأتي قريبا في الشرح
وفي الخانية قال لها في وسط النهار أنت طالق أول هذا اليوم وآخره فهي واحدة ولو عكس فثنتان لأن الطلاق الواقع في آخر اليوم لا يكون واقعا في أوله فيقع طلاقان
قوله ( اتحد ) لأنها إذا طلقت اليوم تكون طالقا في غد فلا حاجة إلى التعدد لكن في البحر عن الخانية أنت طالق اليوم وبعد غد طلقت ثنتان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ولعل وجهه أن اليوم وغدا بمنزلة وقت واحد لدخول الليل فيه بخلاف وبعد غد فهما كوقتين لأن تركه يوما من البين قرينة على إرادته تطليقا آخر في الغد كما يأتي قريبا مات يؤيده لكن يشكل عليه وقوع الواحدة في اليوم ورأس الشهر إلا أن يجاب بأن لمراد ما إذا كان الحلف في آخر اليوم من الشهر فلا يوجد فاصل
تأمل
قوله ( طلقت واحدة للحال وأخرى في الغد ) أما في قوله أنت طالق اليوم وإذا جاء غد فلأن المجيء شرط معطوف على الإيقاع والمعطوف غير المعطوف عليه والموقع للحال لا يكون متعلقا بشرط فلا بد وأن يكون المتعلق تطليقة أخرى فإن لم يذكر الواو لا تطلق إلا بطلوع الفجر فتوقف المنجز لاتصال مغير الأول بالآخر كذا في البحر
وأما في قوله أنت طالق لا بد غدا فلأنه أراد بلإضراب إبطال المنجز ولا يمكنه إبطاله ويقع بقله بل غدا أخرى ح
قوله ( فلحرف الشك ) هذا قول الإمام والثاني آخرا
وقال محمد والثاني أولا تطلق رجيعة لأنه أدخل الشك في الواحدة فبقي قوله أنت طالق
ولهما أن الوصف متى قرن بذكر العدد كان الوقوع بالعدد بدليل ما أجمعوا عليه من أنه لو قال لغير المدخول بها
____________________
(3/265)
أنت طالق ثلاثا وقعن ولو كان الوقوع بالوصف للغا ذكر الثلاث
نهر
وقيد بالعدد لأنه لو قال أنت طالق أو لا لا يقع في قولهم لأنه أدخل الشك في الإيقاع وكذا أنت طالق إلا لأنه استثناء وكذا أنت طالق إن كان أو إن لم يكن أو لولا لأنه شرط والإيقاع إذا لحقه استثناء أو شرط لم يبق إيقاعا
بحر وتمام فروع المسألة فيه
قوله ( لحالة منافية للإيقاع أو الوقوع ) نشر مرتب ح أي لأن موته مناف لإيقاع الطلاق منه وموتها مناف لوقوعه عليها
قوله ( كذا أنت طالق الخ ) لأنه أسند الطلاق إلى حالة معهودة منافية لمالكية الطلاق فكان حاصله إنكار الطلاق فيلغو ولأنه حين تعذر تصحيحه إنشاء أمكن تصحيحه إخبارا عن عدم النكاح أي طالق أمس عن قيد النكاح إذ لم تنكحي بعد أو عن طلاق كان لها إن كان اه
فتح
وقيد بكونه لم يعلقه بالتزوج لأنه لو علقه به كأنت طالق قبل أن أتزوجك إذا تزوجتك أو أنت طالق إذا تزوجتك قبل أن أتزوجك ففيهما يقع عند التزوج اتفاقا وتلغو القبلية وإن أخر الجزاء كإن تزوجتك فأنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع خلافا لأبي يوسف لأن الفاء رجحت الشرطية والمعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده فصار كأنه قال بعد التزوج أنت طالق قبل أن أتزوجك وتمامه في البحر
قوله ( ولو نكحها قبل أمس الخ ) لم أر ما لو نكحها في الأمس ومقتضى قول الفتح المذكور آنفا ولأنه حين تعذر تصحيحه إنشاء الخ أنه يقع لأنه لم يتعذر
تأمل
ثم رأيت التصريح بالوقوع في شرح درر البحار حيث قال ولو تزوجها فيه أو قبله تنجز
قوله ( لأن الإنشاء في الماضي إنشاء في الحال ) لأنه ما أسنده إلى حالة منافية ولا يمكن تصحيحه إخبارا لكذبه وعدم قدرته على الإسناد فكان إنشاء في الحال وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور بالوقوع وحكم أكثرهم بعدمه وتمامه في الفتح والبحر والنهر وقدمنا الكلام عليه مستوفى أول الطلاق
قوله ( تعدد ) لأن الواقع في اليوم لا يكون واقعا في الأمس فاقتضى أخرى
بحر عن المحيط
قال في النهر أنت خبير بأن العلة المذكورة في الأمس واليوم تأتي في اليوم والأمس فتدبر في الفرق بينهما فإنه دقيق وعلى أن مقتضى الأصل أي المتقدم قريبا وقوع واحدة في الأمس واليوم لأنه بدأ بالكائن اه تأمل
قوله ( وقيل بعكسه ) جزم به في الخانية
وقال في الذخيرة عازيا إلى المنتقى أنت طالق أمس واليوم يقع واحدة وفي عكسه ثنتان كأنه قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة اه
قال ح وهذا هو الحق لأن إيقاعه في الأمس إيقاع في اليوم كما قال المقدسي
قوله ( وكان معهودا ) أي الجنون ولو بإقامة بينة عليه
قوله ( كان لغوا ) لأن حاصله إنكار الطلاق كما مر
قوله ( لإقراره بحريته ) علة للصور الثلاث ط
قوله ( قبل موتي ) مثله قبل موتك ط
قوله ( لانتفاء الشرط ) اعترض بأن الموت كائن لا محالة فليس بشرط إلا في معناه بل هو معرف للوقت المضاف إليه الطلاق ولذا يقع مستندا لو مات بعد الشهرين بخلاف القدوم كما سيأتي
وأجاب الرحمتي بأن المراد لانتفاء شرط صحة الاستناد لأن شرطه وجود زمان يستند إليه الوقوع قبل الموت وهو المدة المعينة اه
____________________
(3/266)
قلت على أن الشرط ليس هو الموت بل مضي شهرين بعد الحلف وهذا محتمل الوقوع وعدمه فإذا لم يمض لم يوجد الشرط
فإن قيل يمكن تكميل ذلك من الماضي كأنت طالق أمس
قلت هنا يحتمل أن يموت بعد شهرين فاعتبر حقيقة كلامه بخلاف الأمس
تأمل
قوله ( مستندا لأول المدة ) هذا قول الإمام
وعندهما يقع عند الموت مقتصرا وقد انتفت أهلية الإيقاع أو الوقوع فيلغو فقوله لا عند الموت رد لقولهما
رحمتي
قوله ( وفائدته أنه لا ميراث لها الخ ) اعترضه الشرنبلالي لما حاصله أن عدم ميراثها بناء على إمكان انقضاء العدة بشهرين ضعيف والصحيح المفتى به اقتصار العدة عند الإمام على وقت الموت فترثه نص عليه في شرح الجامع الكبير إذ لا يظهر الاستناد في الميراث كما في الطلاق لما فيه من إبطال حقها ومع ضعفه فهوجهه غير ظاهر لأن عدة زوجة الفار أبعد الأجلين وبمضي ثلاث حيض في شهرين حقيقة لا تنقضي عدتها ويبقى شهران وعشرة أيام لإتمام أبعد الأجلين فترثه فكيف تمنع بإمكان الثلاث في شهرين اه
وأوضحه الرحمتي بأن الطلاق يقع عنده مستندا لأول المدة
فإن كان فيها مريضا إلى الموت فقد تحقق الفرار منه وإلا فكذلك لأنه لا يعلم وقوع طلاقه إلا بموته وتعلق حقها بماله ولا يتأتى موته بعد العدة لأنها تجب بالموت عنده على الصحيح لأنها لا تثبت مع الشك في وجود سببها وعلى الضعيف من أنها تستند إلى حين الوقوع فإنها تكون بأبعد الأجلين لا بمجرد ثلاث حيض في شهرين ولو سلم فلا بد من تحقق ذلك بأن تعترف بأنها حاضت ثلاثا لا بمضي الشهرين بل ولا بمضي السنة والسنتين فما ذكره المصنف تبعا للدرر لا ينطبق على قواعد الفقه بوجه فلينتبه له اه
قوله ( بشهرين بثلاث حيض ) الباء الأولى للتعدية متعلقة بتنقضي والثانية للمصاحبة في موضع الحال من شهرين فافهم
قوله ( أنت طالق كل يوم ) قال في البحر ومما تفرع على حذف في وإثباتها لو قال أنت طالق كل يوم تقع واحدة عند أئمتنا الثلاث
وقال زفر تقع ثلاث في ثلاثة أيام ولو قال في كل يوم طلقت ثلاثا في كل يوم واحدة إجماعا كما لو قال عند كل يوم أو كلما مضى يوم
والفرق لنا أن في للظرف والزمان إنما هو طرف من حيث الوقوع فيلزم من كل يوم فيه وقوع تعدد الواقع بخلاف كل يوم فيه الاتصاف بالواقع فلو نوى أن تطلق كل يوم تطليقة أخرى صحت نيته اه
قوله ( أو كل جمعة ) محله ما إذا نوى كل جمعة تمر بأيامها على الدهر أو لم تكن له نية وإن كانت نيته على كل يوم جمعة فهي طالق في كل يوم جمعة حتى تبين بثلاث
ط عن البحر
وحاصله إن نوى بالجملة الأسبوع أو أطلق فواحدة وإن نوى اليوم المخصوص فثلاث لوجود الفاصل بين الأيام كما يتضح قريبا
قوله ( أو رأس كل شهر ) الصواب حذف رأس
ففي الذخيرة والهندية والتاترخانية أنت طالق رأس كل شهر تطلق ثلاثا في رأس كل شهر واحدة ولو قال أنت طالق كل شهر طلقت واحدة لأن في الأول بينهما فصل في الوقوع ولا كذلك الثاني اه أي لأن رأس الشهر أوله فبين رأس الشهر ورأس الآخر فاصل فاقتضى إيقاع طلقة في أول كل شهر ونظيره ما مر عن الخانية في أنت طالق اليوم وبعد غد بخلاف قوله في كل شهر فإن الوقت المضاف إليه الطلاق متصل فصار بمنزلة وقت واحد فكان الواقع في أوله واقعا في كله ونظيره أنت طالق اليوم وغدا هذا ما ظهر لي
قوله ( فإن نوى كل يوم )
____________________
(3/267)
أي نوى أن يقع تطليقه في كل يوم أو في كل جمعة أي أسبوع وكذا لو نوى بالجملة يومها المخصوص كما مر
قوله ( أو قال في كل يوم ) لأنه جعل كل يوم ظرفا للوقوع فيتعدد الواقع قوله ( وفي الخلاصة الخ ) كذا في البحر وتبعه الشارح وفيه تحريف بزيادة لفظة يوم فإن عبارة الخلاصة أنت طالق مع كل تطليقة بدون لفظة يوم وحينئذ فلا يناقض قوله أو مع فافهم
قوله ( فتطلق الأخرى ) أي مستندا عنده ومقتصرا عندهما
فتح
قال المقدسي قلت فيلزمه العقر لو وطئها بينهما لو كان بائنا ويراجع لو رجعيا ولو قال نظيرة لإحدى أمتيه فالحكم كذلك فليتأمل اه
وقوله بينهما اه أي بين الحلف والموت
قوله ( لوجود شرطه ) أي المعنوي وهو طول العمر وقوله حينئذ أي حين إذا ماتت الأخرى قبلها ط
وهذا مبني على أن المراد بأطولكما عمرا من تأخرت حياتها عن حياة الأخرى لا من زاد عمرها من حين المولد إلى حين لوفاة على عمر الأخرى وإلا فقد تكون التي ماتت أولا أطول عمرا من الأخرى كأن ماتت الأولى في سن السبعين مثلا وكانت الأخرى في سن العشرين فلو كان المراد الثاني لم تطلق الباقية حتى يزيد سنها على السبعين وكل من المعنيين مستعمل في العرف والأقرب للمراد هنا تعبير الفتح وغيره بقوله أطولكما حياة فإن المتبادر منه من تأخرت حياتها عن حياة الأخرى فكان الأولى للمصنف التعبير به
قوله ( وقع الطلاق مقتصرا ) وقال زفر مستندا وإن قال قبل موت زيد بشهر وقع مستندا عند أبي حنيفة وقالا مقتصرا على الموت وفائدة الخلاف تظهر في اعتبار العدة فعند أبي حنيفة تعتبر من أول الشهر فلو كان وطئها في الشهر يصير مراجعا إن كان الطلاق رجعيا ولو كان ثلاثا ووطئها فيه غرم العقر
وعندهما تعتبر العدة من الحال ولا يصير مراجعا ولا يلزمه عقر وقيل تعتبر العدة من وقت اتفاقا احتياطا ولو مات زيد قبل تمام الشهر لا تطلق لعدم شهر قبل الموت ولو مات بعد العدة فيما إذا طلقها في أثناء الشهر ثم وضعت حملها أو لم تكن مدخولا بها فلم تجب عدة لا يقع لعدم المحل إذ المستقبل يثبت للحال ثم يستند كذا في الجامع الكبير والأسرار
والفرق لأبي حنيفة بين القدوم والموت أن الموت معرف والجزاء لا يقتصر على المعرف كما لو قال إن كان زيد في الدار فأنت طالق فخرج منها آخر النهار طلقت من حين تكلم وهذا لأن الموت في الابتداء يحتمل أن يقع قبل الشهر فلا يوجد الوقت أصلا فأشبه سائر الشروط في احتمال الخطر فإذا مضى شهر فقد علمنا بوجود شهر قبل الموت لأن الموت كائن لا محالة إلا أن الطلاق لا يقع في الحال لأنا نحتاج إلى شهر يتصل بالموت وأنه غير ثابت والموت يعرفه ففارق من هذا الوجه الشرط وأشبه الوقت في قوله أنت طالق قبل رمضان بشهر فقلنا بأمر بين الظهور والاقتصار وهو الاستناد ولو قال قبل رمضان بشهر وقع في شعبان اتفاقا وتمامه في الفتح
____________________
(3/268)
مطلب الانقلاب والاقتصار والاستناد والتبيين قوله ( أن طريق ثبوت الحكم أربعة ) المراد جنس الطريق فصح الإخبار بقوله أربعة ط
قوله ( والتبيين ) كذا عبارتهم فهو مصدر بمعنى التين أي الظهور
قوله ( كالتعليق ) كما في أنت طالق إن دخلت الدار فإن أنت طالق علة لثبوت حكمه وهو الطلاق مثل بعت علة لثبوت الملك وأعتقت علة لثبوت الحرية لكنه بالتعليق لم ينعقد علة إلا عند وجود شرطه وهو دخول الدار
وعند الشافعي ينعقد علة في الحال والتعليق يؤخر نزول حكمه إلى وجود الشرط وثمرة الخلاف في قوله إن تزوجتك فأنت طالق فإنه يصح عندنا لانعقاد علته وقت الملك لا عنده لعدمه كما بسط في الأصول فافهم
قوله ( ثبوت الحكم في الحال ) كإنشاء البيع والطلاق والعتاق وغيرها
ح عن المنح
قوله ( والاستناد الخ ) قال في الأشباه وهو دائر بين التبيين والاقتصار وذلك كالمضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب وكالنصاب فإنه تجب الزكاة عند تمام الحول مستندا إلى وقت وجوده وكطهارة المستحاضة والمتيمم تنتقض عند خروج الوقت ورؤية الماء مستندا إلى وقت الحدث ولهذا لا يجوز المسح لهما
قوله ( بشرط بقاء المحل الخ ) هذا الشرط هو الفارق بين الاستناد والتبيين كما أوضحه عن المنح
ومن فروع المسألة ما قالوه لو قال لأمته أنت حرة قبل موت فلان بشهر ثم ولدت ولدا ثم باعهما أو لم يبعهما أو باع الأم فقط أو بالعكس عتق الولد عند لا عندهما وعتقت الأم بالإجماع لو لم يبعها وهذا لأن عنده لما استند العتق سرى إلى الولد وعندهما لا يسري لعدم الاستناد ولو باعها في وسط الشهر ثم اشتراها ثم مات فلان لتمام الشهر فعنده لا تعتق لعدم إمكان الاستناد إلى أول الشهر لزوال الملك في أثنائه وعندهما تعتق لأنه مقتضر
وتمام الفروع في حواشي الأشباه
قوله ( حين الحول ) أي حين تمامه
قوله ( مستندا لوجود النصاب ) أي في أول الحول بشرط وجود النصاب كل المدة
قال ط والمراد أن لا يعدم كله في الأثناء لأنه إذا عدم جميعه ثم ملك نصابا آخر ولو بعد الأول بساعة اعتبر حول مستأنف
قوله ( تطلق من حين القول ) أي بلا اشتراط بقاء المحل حتى لو حاضت بعد القول ثلاثا ثم طلقها ثلاثا ثم ظهر أنه كان في الدار لا تقع الثلاث لأنه تبين وقوع الأول وأن إيقاع الثاني كان بعد انقضاء العدة كما في المنح عن الأكمل
قوله ( فتعتد منه ) أي من حين القول
قوله ( وسكت ) محترزه قوله الآتي وفي قوله أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق
قوله ( طلقت للحال ) وكذا لو قال أنت طالق زمان لم أطلقك أو حيث لم أطلقك أو يوم لم أطلقك لأنه أضاف الطلاق إلى زمان أو مكان خال عن طلاقها وبمجرد سكوته وجد المضاف إليه فيقع وما وإن كانت مصدرية إلا أنها تأتي نائبة عن ظرف الزمان ومنه ما دمت حيا
وهي وإن استعملت للشرط إلا أن الوضع للوقت لأن التطليق استدعى الوقت لا محالة فرجحت جهة الوقت وتمامه في النهر
وفيه ثم لا يخفى أن الفرق بين البر والحنث لا يظهر له أثر في أنت طالق ما لم أطلقك ونحوه ومن ثم قيد بعض المتأخرين موضوع المسألة بقوله ثلاثا وهو الأولى نعم لو قال كلما لم أطلقك فأنت طالق وقع الثلاث متتابعات ولذا لو كانت غير مدخول بها وقعت واحدة لا غير اه
قوله ( وفي إن لم أطلقك ) ذكرهم إن وإذا هنا بالتبعية وإلا فالمناسب لهما باب التعليق
ط
____________________
(3/269)
عن البحر
قوله ( لا تطلق بالسكوت الخ ) لأن شرط البر تطليقه إياها في المستقبل وهو ممن في كل وقت يأتي ما لم يمت أحدهما فيتحقق شرط الحنث وهو عدم التطليق وهذا عند عدم النية أو دلالة الفور كما يأتي في إذا
قوله ( حتى يموت أحدهما ) أشار به إلى أن موته كموتها وهو الصحيح خلافا لرواية النوادر بخلاف قوله إن لم أدخل الدار فأنت طالق حيث يقع بموته لا بموتها لأنه بعد موتها يمكنه الدخول فلا يتحقق اليأس بموتها فلا يقع أما الطلاق فإنه يتحقق اليأس عنه بموتها
فتح
قوله ( لتحقق الشرط ) أي شرط الحنث أما في موته فظاهر وأما في موتها فلتحقق اليأس عنه
قال في الفتح وإذا حكمنا بوقوعه قبل موتها لا يرثها الزوج لأنها بانت قبل الموت فلم تبق بينهما زوجية حالة الموت وإنما حكمنا بالبينونة وإن كان المعلق صريحا لانتفاء العدة كغير المدخول بها لأن الفرض أن الوقوع في آخر جزء لا يتجزأ فلم يله إلا الموت وبه تبين
قال في البحر وقد ظهر أن عدم إرثه منها مطلق سواء كانت مدخولا بها أو لا ثلاثا أو واحدة وبه ظهر أن تقييد الزيلعي عدمه بعدم الدخول أو الثلاث غير صحيح اه
ومثله في النهر
قوله ( ويكون فارا ) أي إذا كان هو الميت لوقوع طلاقه في حال إشرافه على الموت ويأتي في باب طلاق المريض لو علق الطلاق في صحته وحنث مريضا كان فارا وهذا منه
رحمتي
فإن كانت مدخولا بها ورثته بحكم الفرار وإن كان الطلاق ثلاثا وإلا لا ترثه
بحر
قوله ( مثل إن عنده الخ ) أي فلا تطلق عنده ما لم يمت أحدهما وتطلق عندهما للحال بسكوته
والحاصل أن إذا عنده هنا حرف لمجرد الشرط لأنها تستعمل ظرفا وحرفا فلا يقع الطلاق للحال بالشك وهذا قول بعض النحاة في المغني لكن ذكر أن جمهورهم على أنها متضمنة معنى الشرط ولا تخرج عن الظرفية
قال في البحر وهو مرجح لقولهما هنا وقد رجحه في فتح القدير
قوله ( وإن نوى الوقت والشرط الخ ) قال في البحر وقيدنا بعدم النية لأنه لو نوى بإذا معنى متى صدق اتفاقا قضاء وديانة لتشديده على نفسه وكذا إذا نوى بإذا معنى إن على قولهما وينبغي أن يصدق عندهما ديانة فقط لأنها ظاهرة في الظرفية والشرطية احتمال فلا يصدقه القاضي اه
والبحث أصله لصاحب الفتح
وانظر لو نوى بأن الفور هل يصح الظاهر نعم كما لو قامت قرينة عليه
قوله ( ما لم تقم قرينة الفور ) وهي قد تكون لفظية وقد تكون معنوية فمن الأول طلقني طلقني فقال إن لم أطلقك فأنت كذا كان على الفور كما في القنية
ومن الثاني ما لو طلب جماعها فأبت فقال إن لم تدخلي البيت فأنت كذا فدخلته بعد ما سكنت شهوته طلقت والبول لا يقطعه وينبغي أن يكون الطيب ونحوه وكل ما كان من دواعي الجماع كذلك وفي الصلاة خلاف
نهر أي إذا خافت خروج وقتها
قال الحسن لا تقطع الفور وبه يفتى
وقال نصير تقطع وستأتي مسائل الفور في آخر باب اليمين على الدخول والخروج إن شاء الله تعالى
بحر
وفي المثالين دلالة على اعتبار قرينة الفور في إن وإن كانت لمحض الشرط اتفاقا
قوله ( فعلى الفور ) جواب شرط مقدر أي فإن قامت قرينة الفور فتطلق على الفور ط
قوله ( مع الوصل ) فلو كان مفصولا وقع المنجز والمعلق
بحر
قوله ( فقط ) أي دون المعلقة وفائدة وقوع المنجزة دون المعلقة أن المعلق لو كان ثلاثا وقعت واحدة بالمنجز فقط
بحر
____________________
(3/270)
قلت بل تظهر فائدته وإن كان المعلق واحدة حيث لم تقع المعلقة أيضا بل هذه فائدة تنجيز الواحدة موصولا فإنه لولا إيقاعه الواحدة موصولا لوقع الثلاث المعلقة أما لو كان المعلق واحدة فلا فرق بين تنجيز الواحدة وعدمه إلا على قول زفر الآ