الباقي ولئلا يظنه العامة حتما اه
ومر تمام الكلام على ذلك في فصل القراءة عند قوله ويكره التعين
قوله ( بأمر الدنيا ) إما بنهي عن منكر أو أمر بمعروف فلا وكذا بوضوء أو غسل لو ظهر أنه محدث أو جنب كما مر بخلاف أكل أو شرب حتى لو طال الفصل استأنف الخطبة كما مر فافهم
قوله ( لأنهما ) أي الخطبة والصلاة كشيء واحد لكونهما شرطا ومشروطا ولا تحقق للمشروط بدون شرطه فالمناسب أن يكون فاعلهما واحدا ط
قوله ( وصلى بالغ ) أي بإذن السلطان أيضا والظاهر أن إذن الصبي له كاف لأنه مأذون بإقامة الجمعة لما في قوله ( الفتح ) وغيره من أن الإذن بالخطبة إذن بالصلاة وعلى القلب اه
فيكون مفوضا إليه إقامتها ولأن تقريره فيها إذن له بإنابة غيره دلالة لعلم السلطان بأنه لا تصح إمامته نعم على القول باشتراط الأهلية وقت الاستنابة لا يصح إذنه بها ولا بد له من إذن جديد بعد بلوغه والله أعلم
تنبيه ذكر الشلانبلالي وغيره أن هذا الفرع صريح في الرد على صاحب الدرر في عدم تجويزه استنابة الخطيب غيره للصلاة قبل سبق الحدث وفيه نظر إذ ليس صريحا في أن البالغ صلى بدون إذن السلطان بل الظاهر أنه بإذنه صريحا أو دلالة كما قررناه فتدبر
ثم رأيت ذكر نحوه
قوله ( هو المختار ) وفي الحجة أنه لا يجوز وفي فتاوى العصر فإن الخطيب يشترط فيه أن يصلح للإمامة وفي الظهيرية لو خطب صبي اختلف المشايخ فيه والخلاف في صبي يعقل اه
والأكثر على الجواز إسماعيل
قوله ( لا بأس بالسفر الخ ) أقول السفر غير قيد بل مثله ما إذا أراد الخروج إلى موضع لا تجب على أهله الجمعة كما في التاترخانية
قوله ( كذا في الخانية ) وذكر مثله في التجنيس وقال إنه استشكله شمس الأئمة الحلواني بأن اعتبار آخر الوقت إنما يكون فيما ينفرد بأدائه والجمعة إنما يؤديها مع الإمام والناس فينبغي أن يعتبر وقت أدائهم حتى إذا كان لا يخرج من المصر قبل أداء الناس ينبغي أن يلزمه شهود الجمعة اه
قلت وذكر التاترخانية عن التهذيب اعتبار النداء قيل الأول وقيل الثاني واعتمده في الشرنبلالية
قوله ( وقال في شرح المنية ) تأييد لما في الظهيرية أفاد به أن ما في الخانية ضعيف ط وعلله في شرح المنية بقوله لعدم وجوبها قبله وتوجه الخطاب بالسعي إليها بعده اه
قلت وينبغي أن يستثنى ما إذا كانت تفوته رفقته لو صلاها ولا يمكنه الذهاب وحدة
تأمل
قوله ( القروي ) بفتح القاف نسبة إلى القرية وأراد به المقيم أما المسافر فذكره بعد
قوله ( لا تلزمه ) لأنه في الأول صار كواحد من أهل المصر في ذلك اليوم وفي هذا لم يصر
درر عن الخانية
قوله ( لكن في النهر الخ ) مثله في الفيض وحكي بعده ما في المتن بقيل
قوله ( لزمته ) أي إذا مكث إلى دخول وقتها وكذا يقال فيما ذكره بعده
قوله ( وفي شرح المنية الخ )
____________________
(2/162)
ونصه وإن دخل القروي المصر يوم الجمعة فإن نوى المكث إلى وقتها لزمته وإن نوى الخروج قبل دخوله لا تلزمه وإن نواه بعد دخول وقتها تلزمه
وقال الفقيه أبو الليث لا تلزمه وهو مختار قاضيخان اه
قوله ( بسيف ) أي متقلدا به كما في البحر عن المضمرات ويخالفه ظاهر ما يأتي عن الحاوي لكن وفق في النهر بإمكان إمساكه مع التقلد
قوله ( في بلدة فتحت به ) أي بالسيف ليريهم أنها فتحت بالسيف فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق في أيدي المسلمين يقاتلونكم حتى ترجعوا إلى الإسلام
درر
قوله ( كمكة ) أي فإنها فتحت عنوة كما قاله أبو حنيفة ومالك والأوزاعي
وقال الشافعي وأحمد وطائفة فتحت صلحا
إسماعيل عن تاريخ مكة للقطبي
قوله ( كالمدينة ) فإنها فتحت بالقرآن
إمداد
قوله ( وفي الخلاصة الخ ) استشكله في الحلية بأنه في رواية أبي داود أنه قام أي في الخطبة متوكئا على عصا أو قوس اه
ونقل القهستاني عن عبد المحيط أن أخذ العصا سنة كالقيام
قوله ( إن خاف فوت جمعة أو مكتوبة ) عزاه في التاترخانية إلى فتاوى أبي الليث
ثم إن فوت الجمعة بسلام الإمام والمكتوبة بخروج وقتها لا بفوت جماعتها لأنه يمكنه صلاتها وحده والأكل أي الذي تميل إليه نفسه ويخاف ذهاب لذته عذر في ترك الجماعة كما مر في بابها لكن يشكل ما مر من وجوب السعي إلى الجمعة بالأذان الأول وترك البيع ولو ماشيا والمراد به كل عمل ينافي السعي فتأمل
قوله ( رستاقي ) نسبة إلى الرستاق وهو السواد والقرى
قاموس
قوله ( نال ثواب السعي ) أما الصلاة فينال ثوابها على كل حال ط
مطلب إذا شرك في عبادته العبرة للإغلب قوله ( من شرك في عبادته ) كالسفر لتجارة والحج والصلاة لإسقاط الفرض ولدفع مذمة الناس ونحو ذلك مما لم يكن متمحضا لوجه الله تعالى
قوله ( فالعبرة للأغلب ) الظاهر أن يراد به الأغلب الذي هو قصد العبادة لأن قوله إن معظم مقصوده الجمعة الخ يفيد أنه لو كان معظم مقصوده الحوائج أو تساوي القصد أن لا ثواب وهذا التفصيل مختار الإمام الغزالي أيضا وغيره من الشافعية واختار منهم العز بن عبد السلام عدم الثواب مطلقا وسيأتي ذلك في الحظر والإباحة إن شاء الله تعالى
قوله ( الأفضل الخ ) في التاترخانية ويكره تقليم الأظفار وقص الشارب في يوم الجمعة قبل الصلاة لما فيه من معنى الحج وذلك قبل الفراغ من الحج غير مشروع اه
وسيأتي تمام الكلام على ذلك وبيان كيفية التقليم وما قيل فيه نظما ونثرا في الحظر والإباحة إن شاء الله تعالى
قوله ( ولم يؤذ أحدا ) بأن لا يطأ ثوبا ولا جسدا وذلك لأن التخطي حال الخطبة عمل وهو حرام وكذا الإيذاء والدنو مستحب وترك الحرام مقدم على فعل المستحب ولذا قال عليه الصلاة والسلام للذي رآه يتخطى الناس ويقول أفسحوا اجلس فقد آذيت وهو محمل ما روى الترمذي عن معاذ بن أنس الجهني قال قال رسول الله من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم شرح المنية
____________________
(2/163)
مطلب في الصدقة على سؤال المسجد قوله ( ويكره التخطي للسؤال قال في النهر والمختار أن السائل إن كان لا يمر بين يدي المصلي ولا يتخطى الرقاب ولا يسأل إلحافا بل لأمر لا بد منه فلا بأس بالسؤال والإعطاء اه
ومثله في البزازية
وفيها ولا يجوز الإعطاء إذا لم يكونوا على تلك الصفة المذكور
قال الإمام أبو نصر العياضي أرجو أن يغفر الله تعالى لمن يخرجهم من المسجد
وعن الإمام خلف بن أيوب لو كنت قاضيا لم أقبل شهادة من يتصدق عليهم اه
وسيأتي في باب المصرف أنه لا يحل أن يسأل شيئا من له قوت يومه بالفعل أو بالقوة كالصحيح المكتسب ويأثم معطيه إن علم بحاله لإعانته على المحرم
مطلب في ساعة الإجابة يوم الجمعة قوله ( وسئل عليه الصلاة والسلام الخ ) ثبت في الصحيحين وغيرهما عنه فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه وفي هذه الساعة أقوال أصحها أو من أصحها أنها فيما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن يقضي الصلاة كما هو ثابت في صحيح مسلم عنه أيضا
حلية
قال في المعراج فيسن الدعاء بقلبه لا بلسانه لأنه مأمور بالسكوت اه
وفي حديث آخر أنها آخر ساعة في يوم الجمعة وصححه الحاكم وغيره وقال على شرط الشيخين ولعل هذا هو مراد المشايخ
ونقل ط عن الزرقاني أن هذين القولين مصححان من اثنين وأربعين قولا فيها وأنها دائرة بين هذين الوقتين فينبغي الدعاء فيهما اه
ثم الظاهر أنها ساعة لطيفة يختلف وقتها بالنسبة إلى كل بلدة وكل خطيب لأن النهار في بلدة يكون ليلا في غيرها وكذلك وقت الظهر في بلد يكون وقت العصر في غيرها لما قالوا من أن الشمس لا تتحرك درجة إلا وهي تطلع عند قوم وتغيب عند آخرين والله أعلم
مطلب ما اختص به يوم الجمعة قوله ( فقال يومها ) تمام كلامه لأن معرفة هذا الليل وفضله لصلاة الجمعة
قوله ( في أحكامات ) بفتح الهمزة جمع أحكام فإن تراجمه في فن الجمع والفرق
القول في أحكام السفر
القول في أحكام المسجد ونحو ذلك
ومن جملتها أحكام يوم الجمعة ح
قوله ( قراءة الكهف ) أي يومها وليلتها والأفضل في أولهما مبادرة للخير وحذرا من الإهمال وأن يكثر منها فيهما للخبر الصحيح أن الأول يضيء له من النور ما بين الجمعتين ولخبر الدارمي أن الثاني يضيء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق
ابن حجر
قوله ( ومن فهم ) كالمحشي الحموي
قوله ( ويكره إفراده بالصوم ) هو المعتمد وقد أمر به أولا ثم نهى عنه ط
قوله ( فقد وهم ) ولنذكر عبارته برمتها ليعلم موضع الوهم
____________________
(2/164)
وما فيها من الفوائد وإن كان بعضها علم مما تقدم وهي أحكام يوم الجمعة
اختص بأحكام لزوم صلاة الجمعة واشتراط الجماعة لها وكونها ثلاثة سوى الإمام وكونها قبلها شرط وقراءة السورة المخصوصة بها وتحريم السفر قبلها بشرطه واستنان الغسل لها والتطيب ولبس الأحسن وتقليم الأظفار وحلق الشعر ولكن بعدها أفضل والبخور في المسجد والتكبير لها والاشتغال بالعبادة إلى خروج الخطيب ولا يسن الإبراد بها ويكره إفراده بالصوم وإفراد ليلته بالقيام وقراءة الكهف فيه ونفي كراهة النافلة وقت الاستواء على قول أبي يوسف المصحح المعتمد وهو خير أيام الأسبوع ويوم عيد وفيه ساعة إجابة وتجتمع فيه الأرواح وتزار القبور ويأمن الميت فيه من عذاب القبر ومن مات فيه أو في ليلته أمن من فتنة القبر وعذابه ولا تسجر فيه جهنم وفيه حلق آدم عليه السلام وفيه أخرج من الجنة وفيه يزور أهل الجنة ربهم سبحانه وتعالى اه ح
قلت وقوله لا يسن الإبراد بها قدمنا في أوقات الصلاة أنه قول الجمهور وقدمنا أيضا ترجيح قول الإمام بكراهة النافلة في وقت الاستواء يومها فافهم
قوله ( ويأمن الميت من عذاب القبر الخ ) قال أهل السنة والجماعة عذاب القبر حق وسؤال منكر ونكير وضغطة القبر حق لكن إن كان كافرا فعذابه يدوم إلى يوم القيامة ويرفع عنه يوم الجمعة وشهر رمضان فيعذب اللحم متصلا بالروح والروح متصلا بالجسم فيتألم الروح مع الجسد وإن كان خارجا عنه والمؤمن المطيع لا يعذب بل له ضغطة يجد هول ذلك وخوفه والعاصي يعذب ويضغط لكن ينقطع عنه العذاب يوم الجمعة وليلتها ثم لا يعود وإن مات يومها أو ليلتها يكون العذاب ساعة واحدة وضغطه القبر ثم يقطع
كذا في المعتقدات للشيخ أبي المعين النسفي الحنفي
من حاشية الحموي ملخصا
قوله ( ولا تسجر ) في جامع اللغة سجر التنور أحماه ح
قوله ( وفيه يزور أهل الجنة ربهم تعالى ) المراد بالزيارة الرؤية له تعالى وهذا باعتبار بعض الأشخاص يراه في أقل من ذلك والبعض في أكثر منه حتى قال بعضهم إن النساء لا يرينه إلا في مثل أيام الأعياد عند التجلي العام وتمامه في ط نسأله تعالى أن يجعلنا من أهل رؤيته آمين
باب العيدين تثنية عيد وأصله عود قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة اه ح
وفي الجوهرة مناسبته للجمعة ظاهرة وهو أنهما يؤديان بجمع عظيم ويجهر فيهما بالقراءة ويشترط لأحدهما ما يشترط للآخر سوى الخطبة وتجب على من تجب عليه الجمعة وقدمت الجمعة للفرضية وكثرة وقوعها اه
قوله ( سمى به الخ ) أي سمى العيد بهذا الاسم لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان أي أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام منها الفطر بعد المنع عن الطعام وصدقة الفطر وإتمام الحج بطواف الزيارة ولحوم الأضاحي وغير ذلك ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبا بسبب ذلك
____________________
(2/165)
مطلب في الفأل والطيرة قوله ( أو تفاؤلا ) أي بعوده كما سميت القافلة قافلة تفاؤلا بقفولها أي رجوعها
بحر
والفأل ضد الطيرة كأن يسمع مريض يا سالم أو يا طالب أو يا واجد أو يستعمل في الخير والشر
قاموس
ومنه حديث كان يتفاءل ولا يتطير وكذا حديث كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا رجيح أخرجهما السيوطي في الجامع الصغير
ووجهه أن الفأل أمل ورجاء للخير من الله تعالى عند كل سبب ضعيف أو قوي بخلاف الطيرة
قوله ( في كل يوم ) أي زمان
قوله ( وجه الحبيب ) أي يوم رؤيته وإلا فوجه الحبيب ليس زمانا
قوله ( عن مذهب الغير ) أي مذهب غيرنا أما مذهبنا فلزوم كل منهما
قال في الهداية ناقلا عن الجامع الصغير عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما اه
قال في المعراج احترز به عن قول عطاء تجزي صلاة العيد عن الجمعة ومثله عن علي وابن الزبير
قال ابن عبد البر سقوط الجمعة بالعيد مهجور
وعن علي أن ذلك في أهل البادية ومن لا تجب عليهم الجمعة اه
قوله ( في الأصح ) مقابله القول بأنها سنة وصححه النسفي في المنافع لكن الأول قول الأكثرين كما في المجتبى ونص على تصحيحه في الخانية و البدائع و الهداية و المحيط و المختار و الكافي النسفي
وفي الخلاصة هو المختار لأنه واظب عليها وسماها في الجامع الصغير سنة لأن وجوبها ثبت بالسنة
حلية
قال في البحر والظاهر أنه لا خلاف في الحقيقة لأن المراد من السنة المؤكدة بدليل قوله ولا يترك واحد منهما وكما صرح به في المبسوط وقد ذكرنا مرارا أنها منزلة الواجب عندنا ولهذا كان الأصح أنه يأثم بترك المؤكدة كالواجب اه
وسيأتي له نظير ذلك في تكبير التشريق وفيه كلام ستعرفه
قوله ( بشرائطها ) متعلق بتجب الأول والضمير للجمعة وشمل شرائط الوجوب وشرائط الصحة لكن شرائط الوجوب علمت من قوله على من تجب عليه الجمعة فبقي المراد من قوله بشرائطها القسم الثاني فقط واستثنى من الثاني الخطبة واستثنى في الجوهرة من الأول المملوك إذا أذن له مولاه فإنه تلزمه العيد بخلاف الجمعة لأن لها بدلا وهو الظهر وقال وينبغي أن لا تجب عليه العيد أيضا لأن منافعه لا تصير مملوكة له بالإذن اه
وجزم به في البحر
قلت وفي إمامة البحر أن الجماعة في العيد تسن على القول بسنيتها وتجب على القول بوجوبها اه
وظاهره أنها غير شرط على القول بالسنية لكن صرح بعده بأنها شرط لصحتها على كل من القولين أي فتكون شرطا لصحة الإتيان بها على وجه السنة وإلا كانت نفلا مطلقا
تأمل
لكن اعترض ط ما ذكره المصنف بأن الجمعة من شرائطها الجماعة التي هي جمع والواحد هنا مع الإمام جماعة كما في النهر
قوله ( فإنها سنة بعدها ) بيان للفرق وهو أنها فيها سنة لا شرط وأنها بعدها لا قبلها بخلاف الجمعة
قال في البحر حتى لو لم يخطب أصلا صح وأساء لترك السنة
____________________
(2/166)
ولو قدمها على الصلاة صحت وأساء ولا تعاد الصلاة
قوله ( صلاة العيد ) ومثله الجمعة ح
قوله ( بما لا يصح ) أي على أنه عيد وإلا فهو نفل مكروه لأدائه بالجماعة ح
قوله ( لأنه واجب الخ ) المراد بالواجب ما يلزم فعله إما على سبيل الوجوب المصطلح عليه وذلك في العيد وأما على طريق الفرضية وذلك في الجنازة فهو من عموم المجاز ط
مطلب فيما يترجح تقديمه من صلاة عيد وجنازة أو كسوف أو فرض أو سنة قوله ( والجنازة كفاية ) فيه أن العيد إن ترجح على الجنازة بالعينية فهي ترجحت عليه بالفرضية فالأولى أن يعلل بأن العيد تؤدى بجمع عظيم يخشى تفرقه إن اشتغل الإمام بالجنازة اه ح
قلت بل الأولى التعليل بخوف التشويش على الجماعة بأن يظنوها صلاة العيد ثم رأيته كذلك في جنائز البحر عن القنية
قوله ( على الخطبة ) أي خطبة العيد وذلك لفرضيتها وسنية الخطبة وكذا يقال في سنة المغرب ط
قوله ( وغيرها ) كسنة الظهر والجمعة والعشاء
قوله ( والعيد على الكسوف ) لأنه وإن كان كل منهما يؤدى بجمع عظيم لكن العيد واجب والكسوف سنة ح
هذا وفي السراج إن كان وقت العيد واسعا يبدأ بالكسوف لأنه يخشى فواته وإن ضاق صلى العيد ثم الكسوف إن بقي
مطلب الفقهاء قد يذكرون ما لا يوجد عادة فإن قيل كيف يجتمعان والكسوف في العادة لا يكون إلا في آخر يوم من الشهر والعيد أول يوم أو يوم العاشر قلنا لا يمتنع فقد روي أنها كسفت يوم مات إبراهيم ابن رسول الله وموته كان يوم العاشر من ربيع الأول
على أن الفقهاء قد يذكرون ما لا يوجد عادة كقول الفرضيين رجل مات وترك مائة جدة اه
قلت ومثله قولهم لو تترس الكفار بنبي يسأل ذلك النبي بل قد يتصور ذلك في الحكم بأن يشهدوا على نقصان رجب وشعبان فيقع العيد في آخر رمضان كما في البزازية
قوله ( عن الحلبي ) أي العلامة المحقق محمد بن أمير حاج صاحب الحلية
شرح المنية
قوله ( عن السنة ) أي سنة الجمعة كما صرح به هناك وقال فعلى هذا تؤخر عن سنة المغرب لأنها آكد اه
فافهم
قوله ( إلحاقا لها ) أي للسنة بالصلاة أي صلاة الفرض
قوله ( لكن في آخر الخ ) استدراك على الاستدراك وعلى قول المصنف وتقدم على صلاة الجنازة ط
قوله ( ينبغي الخ ) عبارة الأشباه اجتمعت جنازة وسنة قدمت الجنازة وأما إذا اجتمع كسوف وجمعة أو فرض وقت لم أره وينبغي تقديم الفرض إن ضاق الوقت وإلا فالكسوف لأنه يخشى فواته بالانجلاء
ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة ينبغي تقديم الجنازة وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته
وينبغي أيضا تقدم الخسوف على الوتر والتراويح اه
وفيه مخالفة لما مر من حيث تقديمه الجنازة على السنة وهو خلاف المفتى به كما علمت وعلى العيد وهو بحث مخالف لما ذكره المصنف
____________________
(2/167)
تبعا للدرر ومن حيث تقديمه الكسوف على الفرض وهو بحث أيضا مخالف لما ذكره الشارح من تقديم العيد على الكسوف مع أن العيد واجب فقدم فبالأولى تقديم فرض الوقت
وفي الجوهرة من باب الكسوف إذا اجتمع الكسوف والجنازة بدىء بالجنازة لأنها فرض وقد يخشى على الميت التغير اه أي لطول صلاة الكسوف
وقد يقال قدم العيد لئلا يحصل الاشتباه لأنه يؤدى بجمع عظيم وعلى هذا تقدم الجمعة أيضا على الكسوف ولذا خص صاحب الأشباه تقديم فرض الوقت دون الجمعة ويؤخذ من قوله أيضا إن ضاق الوقت تقديم فرض المغرب لأن وقته ضيق كما بحثه ح وهو ظاهر ثم رأيته صريحا في جنائز التاترخانية وقال بعده وروى الحسن أنه يخير فافهم
مطلب يطلق المستحب على السنة وبالعكس قوله ( وندب يوم الفطر الخ ) الندب قول البعض وعد المصنف الغسل سابقا من السنن والصحيح أن الكل سنة لخصوص الرجال قهستاني عن الزاهدي ط
وزاد في البحر عن المجتبى وإنما سماه مستحبا لاشتمال السنة على المستحب
قال نوح أفندي وحاصله تجويز إطلاق اسم المستحب على السنة وعكسه ولهذا أطلق في الهداية اسم المستحب على الغسل ثم قال فيسن فيه الغسل اه
وفي القهستاني أيضا أن هذه الأمور مندوبة قبل الصلاة ومن آدابها من آداب اليوم كما في الجلابي لكن في التحفة أن في غسله اختلاف الجمعة اه
قوله ( حلوا ) قال في فتح القدير ويستحب كون ذلك المطعوم حلوا لما في البخاري كان عليه الصلاة والسلام لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا اه
قلت فالظاهر أن التمر أفضل كما اقتضاه هذا الخبر فإن لم يجد يأكل شيئا حلوا ثم رأيته في شرح المنية
قوله ( ولو قرويا ) كذا في الشرنبلالية ولعله يشير إلى أن ذلك ليس من سنن الصلاة بل من سنن اليوم لأن في الأكل مبادرة إلى قبول ضيافة الحق سبحانه وإلى امتثال أمره بالإفطار بعد امتثال أمره بالصيام
تأمل
قوله ( واستياكه ) لأنه مندوب إليه في سائر الصلوات اختيار ومفاده أن المراد به الاستياك عند القيام إلى الصلاة فإنه مستحب كما قدمناه في سنن الوضوء وكذا عند الاجتماع بالناس وعليه فيستحب قبل التوجه إليها أيضا
وأما السواك في الوضوء فإنه سنة مؤكدة ولا خصوصية للعيد فيه
قوله ( ولو غير أبيض ) قال في البحر وظاهر كلامهم تقديم الأحسن من الثياب في الجمعة والعيدين وإن لم يكن أبيض والدليل دال عليه فقد روى البيهقي أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس يوم العيد بردة حمراء وفي الفتح الحلة الحمراء عبارة عن ثوبين من اليمن فيهما خطوط حمر وخضر لا أنها أحمر بحت فليكن محمل البردة أحدهما هـ أي أحد الثوبين اللذين هما الحلة أي فلا يعارض ذلك حديث النهي عن لبس الأحمر والقول مقدم على الفعل والحاظر على المبيح إذا تعارضا فكيف إذا لم يتعارضا بالحمل المذكور اه بزيادة
وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على لبس الأحمر في كتاب الحظر والإباحة
قوله ( صح عطفه ) جواب سؤال تقديره كيف صح عطف أداء الفطرة على المندوبات مع وجوبه فأجاب بأن الكلام هنا في الأداء قبل الخروج والواجب مطلق الأداء اه ح
قوله ( ومن ثم ) أي من أجل كون جميع تلك الأحكام قبل الخروج ط
قوله ( أتى بكلمة ثم ) أي المفيدة للترتيب والتراخي ليفيد تراخي الخروج عن الجميع فيدل على أن المراد فعل جميع ما ذكر قبله بخلاف ما لو أتى بالواو أو بالفاء لأن الفاء ربما توهم تعقيبه على أداء الفطرة
____________________
(2/168)
فقط بخلاف ثم ولذا قال ليفيد تراخيه عن جميع ما مر والأظهر أن يقول وليفيد عطفا على العلة السابقة
وقد يقال حذف العاطف لأنه بمعنى العلة الأولى فالثانية بدل منها للتوضيح فافهم
هذا والمصرح به أنه يندب أداء الفطرة في الطريق وهو متوجه إلى المصلى وما هنا يوهم خلافه
فتأمل
قوله ( المصلى العام ) أي في الصحراء
بحر عن المغرب
قوله ( والواجب مطلق التوجه ) أي لا التوجه المترتب على ما ذكر ولا التوجه المقيد بالمشي ولا التوجه إلى خصوص الجبانة وهذا تكملة الجواب عن السؤال المقدر
قوله ( هو الصحيح ) قال في الظهيرية وقال بعضهم ليس بسنة وتعارف الناس ذلك لضيق المسجد وكثرة الزحام والصحيح هو الأول اه
وفي الخلاصة و الخانية السنة أن يخرج الإمام إلى الجبانة ويستخلف غيره ليصلي في المصر بالضعفاء بناء على أن صلاة العيدين في موضعين جائزة بالاتفاق وإن لم يستخلف فله ذلك اه نوح
قوله ( ولا بأس بإخراج منبر إليها ) عزاه في الدرر إلى الاختيار
قوله ( لكن في الخلاصة الخ ) ومثله في الخانية فإنهما قالا ولا يخرج المنبر إلى الجبانة يوم العيد
واختلف المشايخ في بنائه في الجبانة قيل يكره وقيل لا فدل كلامهما على أنه لا خلاف في كراهة إخراجه إليها وإنما الخلاف في بنائه فيها
ويمكن حمل الكراهة على التنزيهية وهي مرجع خلاف الأولى المفاد من كلمة لا بأس غالبا فلا مخالفة فافهم
وفي الخلاصة عن خواهر زاده هذا أي بناؤه حسن في زماننا
قوله ( من طريق آخر ) لما رواه البخاري أنه كان إذا كان يوم عيد خالف الطريق ولأن فيه تكثير الشهود لأن أمكنة القرية تشهد لصاحبها
شرح المنية
قوله ( والتختم ) ظاهره ولو لغير أمير وقاض ومفت
وما في كتاب الحظر من قصره على نوح هؤلاء محمول على الدوام ويدل له ما في النهر عن الدراية أن من كان لا يتختم من الصحابة كان يتختم يوم العيد وهذا أولى مما في القهستاني حيث خصه بذي سلطان
ومن المندوبات صلاة الصبح في مسجد حيه ط
قوله ( لا تنكر ) خبر قوله والتهنئة وإنما قال كذلك لأنه لم يحفظ فيها شيء عن أبي حنيفة وأصحابه وذكر في القنية أنه لم ينقل عن أصحابنا كراهة وعن مالك أنه كرهها وعن الأوزاعي أنها بدعة
وقال المحقق ابن أمير حاج بل الأشبه أنها جائزة مستحبة في الجملة ثم ساق آثارا بأسانيد صحيحة عن الصحابة في فعل ذلك ثم قال والمتعامل في البلاد الشامية والمصرية عيد مبارك عليك ونحوه وقال يمكن أن يلحق بذلك في المشروعية والاستحباب لما بينهما من التلازم فإن من قبلت طاعته في زمان كان ذلك الزمان عليه مباركا على أنه قد ورد الدعاء بالبركة في أمور شتى فيؤخذ منه استحباب الدعاء بها هنا أيضا اه
قوله ( في طريقها ) ليس التقيد به للاحتراز عن البيت أو المصلى وإنما هو لبيان المخالفة بين عيد الفطر والأضحى فإن السنة في الأضحى التكبير في الطريق كما سيأتي فافهم
قوله ( قبلها ) ظرف لقوله ولا ينتفل للاحتراز عما بعدها فإن فيه تفصيلا كما صرح به بعده
قوله ( يتعلق بالتكبير والتنفل ) المراد بالتعلق المعنوي أي إنه قيد لهما فمعنى الإطلاق في التكبير أي سواء كان سرا أو جهرا وفي التنفل سواء كان في المصلى اتفاقا أو في البيت في الأصح وسواء كان ممن يصلي العيد أو لا حتى أن المرأة إذا أرادت صلاة الضحى يوم العيد تصليها بعد ما يصلي الإمام في الجبانة
أفاده في البحر
قوله ( كذا قرره المصنف تبعا للبحر الخ ) حاصل الكلام
____________________
(2/169)
في هذا المقام أنه قال في الخلاصة ولا يكبر يوم الفطر وعندهما يكبر ويخافت وهو إحدى الروايتين عنه والأصح ما ذكرنا أنه لا يكبر في عيد الفطر اه
فأفاد أن الخلاف في أصل التكبير لا في صفته وأن الاتفاق على عدم الجهر به
ورده في فتح القدير بأنه ليس بشيء إذ لا يمنع من ذكر الله تعالى في وقت من الأوقات بل من إيقاعه على وجه البدعة وهو الجهر لمخالفته قوله تعالى { واذكر ربك في نفسك } الأعراف 205 فيقتصر على مورد الشرع وهو الأضحى لقوله تعالى { واذكروا الله في أيام معدودات } البقرة 203 ورد في البحر على الفتح بأن صاحب الخلاصة أعلم منه بالخلاف وبأن تخصيص الذكر بوقت لم يرد به الشرع غير مشروع اه
أقول ما في الخلاصة يشعر به كلام الخانية فإنه قال ويكبر يوم الأضحى ويجهر ولا يكبر يوم الفطر في قول أبي حنيفة لكن لا شك أن المحقق ابن الهمام له علم تام بالخلاف أيضا كيف وفي غاية البيان المراد من نفي التكبير التكبير بصفة الجهر ولا خلاف في جوازه بصفة الإخفاء اه
فأفاد أن الخلاف بين الإمام وصاحبيه في الجهر والإخفاء لا في أصل التكبير وقد حكي الخلاف كذلك في البدائع و السراج و المجمع و درر البحار و الملتقى و الدرر و الاختيار و المواهب و الإمداد و الإيضاح و التاترخانية و التجنيس و التبيين و مختارات النوازل و الكفاية و المعراج
وعزاه في النهاية إلى المبسوط و تحفة الفقهاء و زاد الفقهاء فهذه مشاهير كتب المذهب مصرحة بخلاف ما في الخلاصة بل حكى القهستاني عن الإمام روايتين إحداهما أنه يسر والثانية أنه يجهر كقولهما قال وهي الصحيح على ما قال الرازي ومثله في النهر
وقال في الحلية واختلف في عيد الفطر فعن أبي حنيفة وهو قول صاحبيه واختيار الطحاوي أنه يجهر وعنه أنه يسر وأغرب صاحب النصاب حيث قال يكبر في العيدين سرا كما أغرب من عزا إلى أبي حنيفة أنه لا يكبر في الفطر أصلا وزعم أنه الأصح كما هو ظاهر الخلاصة اه
فقد ثبت أن ما في الخلاصة غريب مخالف للمشهور في المذهب فافهم
وفي شرح المنية الصغير ويوم الفطر لا يجهر به عنده وعندهما يجهر وهو رواية عنه والخلاف في الأفضلية
أما الكراهة فمنتفية عن الطرفين اه
وكذا في الكبير
وأما قول الفتح إذ لا يمنع عن ذكر الله تعالى الخ فهو منقول في البدائع وغيرها عن الإمام في بحث تكبير التشريق
هذا وقد ذكر الشيخ قاسم في تصحيحه أن المعتمد قول الإمام
قوله ( لكن تعقبه في النهر ) أقول لم يتعقبه صريحا لأنه نقل كلام البحر وأقره نعم ذكر قبله أن الخلاف في الجهر وعدمه وعزاه إلى معراج الدراية و التجنيس و غاية البيان و الزيلعي
قوله ( زاد في البرهان الخ ) أي زاد على ما في النهر التصريح بأنه سنة عندهما أي لا مستحب وإلا فقد علمت أنه في النهر صرح بالخلاف بين الإمام وصاحبيه لكنه لم يصرح بأنه سنة أو مستحب فافهم
قوله ( ووجهها ) أي هذه الرواية
قوله ( فيقتصر على مورد الشرع ) وهو ما في البحر عن القنية التكبير جهرا في غير أيام التشريق لا يسن إلا بإزاء العدو أو اللصوص وقاس عليه بعضهم الحريق والمخاوف كلها هـ
زاد القهستاني أو علا شرفا
قوله ( وكذا لا يتنفل الخ ) لما في كتب الستة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه خرج فصلى بهم العيد لم يصل قبلها ولا بعدها وهذا النفي بعدها محمول عليه في المصلي لما روى
____________________
(2/170)
ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه كان رسول الله لا يصلي قبل العيد فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين كذا في فتح القدير
قال في منح الغفار أقول وهكذا استدل به الشراح على الكراهة وعندي في كونه مفيدا للمدعى نظر لأن غاية ما فيه أن ابن عباس حكى أنه عليه الصلاة والسلام خرج فصلى بهم العيد ولم يصل الخ وهذا لا يقتضي أن ترك ذلك كان عادة له وبمثل هذا لا تثبت الكراهة إذ لا بد لها من دليل خاص كما ذكره صاحب البحر اه
قلت لكن ذكر العلامة نوح أفندي أن وجه الاستدلال ما ذكروه في كراهة التنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتيه من أنه كان حريصا على الصلاة فعدم فعله يدل على الكراهة إذ لولاها لفعله مرة بيانا للجواز اه
قلت هذا مسلم فيما إذا تكرر منه ذلك أما عدم الفعل مرة فلا وليس في حديث ابن عباس المار ما يفيد التكرار فافهم
قوله ( بأربع ) أو بركعتين والأول أفضل كما في القهستاني
قوله ( وهذا ) أي ما مر من المنع عن التكبير والتنفل
قوله ( للخواص ) الظاهر أن المراد بهم الذين لا يؤثر عندهم الزجر غلاء ولا كسلا حتى يفضي بهم إلى الترك أصلا ط
قوله ( أصلا ) أي لا سرا ولا جهرا في التكبير ولا قبل الصلاة بمسجد أو بيت أو بعدها بمسجد في التنفل ط
أقول وظاهر كلام البحر أنه زاد التنفل بحثا منه واستشهد له بما في التجنيس عن الحلواني أن كسالى العوام إذا صلوا الفجر عند طلوع الشمس لا يمنعون لأنهم إذا منعوا تركوها أصلا وأداؤها مع تجويز أهل الحديث لها أولى من تركها أصلا
قوله ( وفي هامشه الخ ) تقدم الكلام على هذه الصلاة في باب النوافل وأن المراد ببراءة ليلة النصف من شعبان وليلة القدر السابع والعشرين من رمضان
ثم إن ما نقله قال الرحمتي هو من الحواشي الموحشة ويمنع التوثق بذلك الخط إجماعهم على حرمة العمل بالحديث الموضوع وقد نصوا على وضع حديث هذه الصلوات والفقه لا ينقل من الهوامش المجهولة سيما ما كان فساده ظاهرا وقوله لأن عليا الخ تعليل لما في البحر وظاهر هذا الأثر تقرر الكراهة عندهم في المصلي وأنها تنزيهية وإلا لما أقره إذ لا يجوز الإقرار على المنكر اه
ولا يرد ما مر من عدم منعهم عن صلاة الفجر عند طلوع الشمس لأن ذلك لخوف تركها أصلا فيقع التارك في محظور أعظم والله أعلم
قوله ( من الارتفاع ) المراد به أن تبيض
زيلعي
قوله ( قدر رمح ) هو اثنا عشر شبرا والمراد به وقت حل النافلة فلا مباينة بينهما خلافا لما في القهستاني ط
تنبيه يندب تعجيل الأضحى لتعجيل الأضاحي وتأخير الفطر ليؤدي الفطرة كما في البحر
قوله ( بل تكون نفلا محرما ) لأنها قبل دخول وقتها لم تصر واجبة كما لو صلى ظهر اليوم عند طلوع الشمس فلا ينافي ما تقدم في أوقات الصلاة من أنه في وقت الطلوع والاستواء والغروب لا ينعقد شيء من الفرائض والواجبات الفائتة سوى عصر يومه حتى لو شرع فيها بفريضة لم يكن داخلا في الصلاة أصلا فلا تنتقض طهارته بالقهقهة بخلاف ما لو شرع في التطوع فافهم
قوله ( بإسقاط الغاية ) أي مثل وأتموا الصيام إلى الليل قال القهستاني فالزوال ليس وقتا لها لأن
____________________
(2/171)
الصلاة الواجبة لا تنعقد عند قيامه اه قال ط وهذا يرشد إلى أن المراد بالزوال الاستواء وأطلق عليه للمجاورة
قوله ( فسدت ) أي فسد الوصف وانقلبت نفلا اتفاقا إن كان الزوال قبل القعود قدر التشهد وعلى قول الإمام أن كان بعده
قلت وهذا ذكره الشارح بحثا عند ذكر المسائل الاثني عشرية وقال ولم أره
قوله ( كما في الجمعة ) أي إذا دخل وقت العصر فيها ط
قوله ( وقدمناه ) أي في باب الاستخلاف
قوله ( ويصلي الإمام بهم الخ ) ويكفي في جماعتها واحد كما في النهر ط
قوله ( مثنيا قبل الزوائد ) أي قارئا الإمام وكذا المؤتم الثناء قبلها في ظاهر الرواية لأنه شرع في أول الصلاة
إمداد
وسميت زوائد لزيادتها على تكبيرة الإحرام والركوع وأشار إلى أن التعوذ يأتي به الإمام بعدها لأنه سنة القراءة
قوله ( وهي ثلاث تكبيرات ) هذا مذهب ابن مسعود وكثير من الصحابة ورواية عن ابن عباس وبه أخذ أئمتنا الثلاثة
وروي عن ابن عباس أنه يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية ستا
وفي رواية خمسا منها ثلاثة أصلية وهي تكبير الافتتاح وتكبيرتا الركوع والباقي زوائد في الأولى خمس وفي الثانية خمس أو أربع ويبدأ بالتكبير في كل ركعة
قال في الهداية وعليه عمل العامة اليوم لأمر الخلفاء من بني العباس به والمذهب الأول اه
مطلب تجب طاعة الإمام فيما ليس بمعصية قال في الظهيرية وهو تأويل ما روي عن أبي يوسف ومحمد فإنهما فعلا ذلك لأن هارون أمرهما أن يكبرا بتكبير جده ففعلا ذلك امتثالا له لا مذهبا واعتقادا
قال في المعراج لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجبة اه
ومنهم من جزم بأن ذلك رواية عنهما بل في المجتبى وعن أبي يوسف أنه رجع إلى هذا ثم ذكر غير واحد من المشايخ أن المختار العمل برواية الزيادة أي زيادة تكبيرة في عيد الفطر وبرواية النقصان في عيد الأضحى عملا بالروايتين وتخفيفا في الأضحى لاشتغال الناس بالأضاحي
وقيل تعجيلا لحق الفقراء فيها بقدر تكبيرة وتمامه في الحلية
وحمل الشافعي جميع التكبيرات المروية عن ابن عباس على الزوائد وهذا خلاف ما حملناه عليه والمذهب عندنا قول ابن مسعود
وما ذكروا من عمل العامة بقول ابن عباس لأمر أولاده من الخلفاء به كان في زمنهم أما في زماننا فقد زال فالعمل الآن بما هو المذهب عندنا كذا في شرح المنية وذكر في البحر أن الخلاف في الأولوية ونحوه في الحلية
مطلب أمر الخليفة لا يبقى بعد موته تنبيه يؤخذ من قول شرح المنية كان في زمنهم الخ أن أمر الخليفة لا يبقى بعد موته أو عزله كما صرح به في الفتاوى الخيرية وبنى عليه أنه لو نهى عن سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يبقى نهيه بعد موته والله أعلم
قوله ( ولو زاد تابعه الخ ) لأنه تبع لإمامه فتجب عليه متابعته وترك رأيه برأي الإمام لقوله عليه الصلاة والسلام إنما جعل الإمام ليوتم به فلا تختلفوا عليه فما لم يظهر خطؤه كان اتباعه واجبا ولا يظهر الخطأ في المجتهدات فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين فلا يلزمه اتباعه ولهذا لو اقتدى بمن يرفع يديه عند الركوع أو بمن يقنت في الفجر أو بمن يرى تكبيرات الجنازة خمسا لا يتابعه لظهور خطئه بيقين لأن ذلك كله منسوخ
بدائع
____________________
(2/172)
أقول يؤخذ منه أن الحنفي إذا اقتدى بشافعي في صلاة الجنازة يرفع يديه لأنه مجتهد فيه فهو غير منسوخ لأنه قد قال به أئمة بلخ من الحنفية وسيأتي تمامه في الجنائز وقدمناه في أواخر بحث واجبات الصلاة
قوله ( إلى ستة عشر ) كذا في البحر عن المحيط
وفي الفتح قيل يتابعه إلى ثلاث عشرة وقيل إلى ست عشرة اه
قلت ولعل وجه القول الثاني حمل الثلاث عشرة المروية عن ابن عباس على الزوائد كما مر عن الشافعي وهي مع الثلاث الأصلية تصير ست عشرة وإلا لم أر من قال بأن الزوائد ست عشرة فليراجع وقد راجعت مجمع الآثار للإمام الطحاوي فلم أر فيما ذكره من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين أكثر مما مر عن ابن عباس فهذا يؤيد القول الأول ولذا قدمه في الفتح ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ على أن ضم الثلاث الأصلية إلى الزوائد بعيد جدا لأن القراءة فاصلة بينهما فتأمل
قوله ( فيأتي بالكل ) قال في البحر نقلا عن المحيط فإن زاد لا يلزمه متابعته لأنه مخطىء بيقين ولو سمع التكبيرات من المكبرين يأتي بالكل احتياطا وإن كثر لاحتمال الغلط من المكبرين ولذا قيل ينوي بكل تكبيرة الافتتاح لاحتمال التقدم على الإمام في كل تكبيرة اه
قلت والظاهر أنه عبر عنه بقيل لضعفه ولذا لم يذكر الشارح فإنه يقتضي أن من لم يسمع من الإمام ينوي الافتتاح بالثلاث أيضا وإن لم يزد عليها فإن احتمال الغلط والتقدم موجود في الكل لا في خصوص الزائد على المأثور في الركعة الأولى فتأمل
وسيأتي في صلاة الجنازة أنه ينوي فيها الافتتاح بكل تكبيرة أيضا ويأتي تمام البحث فيه
قوله ( ويوالي ندبا بين القراءتين ) أي بأن يكبر في الركعة الثانية بعد القراءة لتكون قراءتها تالية لقراءة الركعة الأولى أما لو كبر في الثانية قبل القراءة أيضا كما يقول ابن عباس يكون التكبير فاصلا بين القراءتين وأشار بقوله ندبا إلى أنه لو كبر في أول كل ركعة جاز لأن الخلاف في الأولوية كما مر عن البحر
هذا وأما ما في المحيط من التعليل للموالاة بأن التكبيرات من الشعائر ولهذا وجب الجهر بها فوجب ضم الزوائد في الأولى إلى تكبيرة الافتتاح لسبقها على تكبيرة الركوع وإلى تكبيرة الركوع في الثانية لأنها الأصل فقد قال في البحر الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا المصطلح عليه لأن الموالاة مستحبة اه
وكذا قوله وجب الجهر بها أي ثبت في بعض المواضع كما في الأذان والتكبير في طريق المصلي وتكبير التشريق وأما الجهر في تكبيرات الزوائد فالظاهر استحبابه للإمام فقط للإعلام فتأمل
لكن في البحر عن المحيط إن بدأ الإمام بالقراءة سهوا فتذكر بعد الفاتحة والسورة يمضي في صلاته وإن لم يقرأ إلا الفاتحة كبر وأعاد القراءة لزوما لأن القراءة إذا لم تتم كان امتناعا من الإتمام لا رفضا للفرض اه
ونحوه في الفتح وغيره وظاهره أن تقديم التكبير على القراءة واجب وإلا لم ترفض الفاتحة لأجله ويؤيده ما قدمناه في باب صفة الصلاة من أنه إن كبر وبدأ بالقراءة ونسى الثناء والتعوذ والتسمية لا يعيد لفوت محلها
وقد يجاب بأن العود إلى التكبير قبل إتمام القراءة ليس لأجل المستحب الذي هو الموالاة بل لأجل استدراك الواجب الذي هو التكبير لأنه لم يشرع في الركعة الأولى بعد القراءة بدليل أنه لو تذكره بعد قراءة السورة يتركه فكان مثل ما لو نسي الفاتحة وشرع في السورة ثم تذكر يترك السورة ويقرأ الفاتحة لوجوبها بخلاف الثناء والتعوذ والتسمية والله أعلم
قوله ( ويقرأ كالجمعة ) أي كالقراءة في صلاة الجمعة لما روى أبو حنيفة أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة الأعلى والغاشية كما في الفتح
وقال في البدائع فإن تبرك بالاقتداء به في قراءتهما في أغلب الأوقات فحسن لكن يكره أن يتخذهما حتما لا يقرأ فيها غيرهما لما ذكرنا في الجمعة اه
ويجهر بالقراءة كما ذكره في فصل القراءة وصرح به في البحر هنا
قوله ( في القيام ) أي الذي قبل
____________________
(2/173)
الركوع أما لو أدركه راكعا فإن أغلب على ظنه إدراكه في الركوع كبر قائما برأي نفسه ثم ركع وإلا ركع وكبر في ركوعه خلافا لأبي يوسف ولا يرفع يديه لأن الوضع على الركبتين سنة في محله والرفع لا في محله وإن رفع الإمام رأسه سقط عنه ما بقي من التكبير لئلا تفوته المتابعة ولو أدركه في قيام الركوع لا يقضيها فيه لأنه يقضي الركعة مع تكبيراتها
فتح و بدائع
قوله ( كبر في الحال ) أي وإن كان الإمام قد شرع في القراءة كما في الحلية
قوله ( برأي نفسه الخ ) أي ولو كان إمامه شافعيا كبر سبعا فإنه يكبر ثلاثا بخلاف ما مر من أنه يتابعه في المأثور لأنه في المدرك
قوله ( لأنه مسبوق ) أي وهو منفرد فيما يقضى والذكر الفائت يقضى قبل فراغ الإمام بخلاف الفعل
فتح
قلت فعلى هذا إذا أدرك مع الإمام ما لا ينقص عن رأي نفسه ينبغي أن لا يقضي بعده شيئا فتنبه له اه حلية
قوله ( يقرأ ثم يكبر ) أي إذا قام إلى قضائها أما الركعة التي أدركها مع الإمام فينبغي أن يجري فيها التفضيل المار من إدراكه كل التكبير أو بعضه أولا ولا كما أفاده في الحلية
قوله ( لئلا يتوالى التكبير ) أي لأنه إذا كبر قبل القراءة وقد كبر مع الإمام بعد القراءة لزم توالي التكبيرات في الركعتين قال في البحر ولم يقل به أحد من الصحابة ولو بدأ بالقراءة يصير فعله موافقا لقول علي رضي الله عنه فكان أولى كذا في المحيط وهو مخصص لقولهم إن المسبوق يقضي أول صلاته في حق الأذكار اه
تنبيه قد علمت أن المسبوق يكبر برأي نفسه أما اللاحق فإنه يكبر على رأي إمامه لأنه خلف الإمام حكما
بحر عن السراج
قوله ( فلو لم يكبر الخ ) مرتبط بقوله ولو أدرك الإمام في القيام
قوله ( قبل أن يكبر المؤتم ) يغني عنه ما قبله فالأولى حذفه
قوله ( ويكبر في الركوع على الصحيح ) كذا قاله المصنف في منحه ويخالفه قول البحر ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يكبر في الركوع على الصحيح اه
ومثله في النهر
وذكر في الحلية قيل يكبر في الركوع وقيل لا وقواه في المحيط اه
قال ط كأنه لأن التقصير جاء من جهته
قوله ( فالإتيان بالواجب ) وهو التكبير أولى من المسنون وهو التسبيح وقد علمت ما فيه ط
وفسر الرحمتي الواجب بالمتابعة والمسنون بالإتيان بالتكبير في محض القيام أي لأن التكبير يكفي إيقاعه في الركوع لكن كونه في محض القيام سنة
تأمل
قوله ( في ظاهر الرواية ) تبع فيه المصنف في المنح
والذي في البحر و الحلية أن ظاهر الرواية أنه لا يكبر في الركوع ولا يعود إلى القيام
زاد في الحلية وعلى ما ذكره الكرخي ومشى عليه في البدائع وهو رواية النوادر يعود إلى القيام ويكبر ويعيد الركوع دون القراءة اه
وهذه الرواية أيضا تخالف ما في المتن
نعم صرح بمثله في البحر و الحلية و الفتح و الذخيرة في باب الوتر والنوافل وذكروا الفرق بين التكبير حيث يرفض الركوع لأجله وبين القنوت بكون تكبير العيد مجمعا عليه دون قنوت الوتر وذكر مثله في البدائع هناك مخالفا لما ذكره في هذا الباب ولكن حيث ثبت ظاهر الرواية لا يعدل عنه وعلى ما في المتن فالفرق بين التكبير وبين القنوت حيث لا يأتي به في الركوع أنه لم يشرع إلا في محل القيام بخلاف التكبير
قوله ( فلو عاد ينبغي الفساد ) تبع فيه صاحب النهر وقد علمت أن العود رواية النوادر على أنه يقال عليه ما قاله ابن الهمام في ترجيح القول بعدم الفساد فيما لو عاد إلى القعود الأول بعد ما استتم قائما بأن فيه رفض لأجل الواجب وهو إن لم يحل فهو بالصحة لا يخل
قوله ( ويرفع يديه ) أي ماسا بإبهامه شحمتي أذنيه ط
قوله ( في الزوائد ) قيد به للاحتراز عن
____________________
(2/174)
تكبير الركوع الثاني فإنه ألحق بها حتى قلنا بوجوبه أيضا مع أنه لا رفع فيه
نهر
وما وقع في البحر من التعبير بتكبيرتي الركوع بالتثنية اعترضه في الشرنبلالية بأن الكمال صرح في باب سجود السهو بأنه لا يجب بترك تكبيرات الانتفال إلا في تكبيرة ركوع الركعة الثانية من العيد اه
قوله ( ذلك ) أي الرفع
قوله ( سنة في محله أي والرفع سنة في غير محله ) وذو المحل أولى ط
قوله ( ولذا يرسل يديه ) أي في أثناء التكبيرات ويضعهما بعد الثالثة كما في شرح المنية لأن الوضع سنة قيام طويل فيه ذكر مسنون
قوله ( هذا يختلف الخ ) أشار إلى ما في البحر عن المبسوط من أن هذا التقدير ليس بلازم بل يختلف بكثرة الزحام وقلته لأن المقصود إزالة الاشتباه
قوله ( فلو خطب قبلها الخ ) وكذا لو لم يخطب أصلا كما قدمناه عن البحر
قوله ( يسن فيها ويكره ) أي إلا التكبير وعدم الجلوس قبل الشروع فيها فإنهما سنة هنا لا في خطبة الجمعة
قوله ( بل عشر ) أي بناء على القول بأن للكسوف خطبة عندنا وعلى قولهما بأن للاستسقاء خطبة كما سيأتي
قوله ( واستسقاء ) أي بناء على قولهما من أن له خطبة
قوله ( إلا أن التي بمكة وعرفة الخ ) وأما التي بمنى حادي عشر ذي الحجة فليس فيها تلبية لأن التلبية تنقطع بأول رمي ط
قوله ( ويستحب الخ ) ذكر ذلك في المعراج عن مجمع النوازل
وقال في الخانية إنه ليس للتكبير عدد في ظاهر الرواية لكن ينبغي أن لا يكون أكثر الخطبة التكبير ويكبر في الأضحى أكثر من الفطر اه
قلت وإطلاق العدد في ظاهر الرواية لا ينافي تقييده بما ورد في السنة وقال به الشافعي رحمه الله تعالى
قوله ( لا يجلس عندنا ) لأن الجلوس لانتظار فراغ المؤذن من الأذان والأذان غير مشروع في العيد فلا حاجة إلى الجلوس
معراج
قوله ( ولم أره ) البحث لصاحب البحر وقال بعده والعلم أمانة في عنق العلماء اه
ويؤيده ما سيذكره الشارح في أول باب صدقة الفطر عن الشمني أن النبي كان يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها
قوله ( وهكذا الخ ) هو من تتمة كلام البحر حيث قال ويستفاد من كلامهم أن الخطيب إذا رأى حاجة إلى معرفة بعض الأحكام فإنه يعلمهم إياها في خطبة الجمعة خصوصا وفي زماننا لكثرة الجهل وقلة العلم فينبغي أن يعلمهم فيها أحكام الصلاة كما لا يخفى اه
قوله ( مع الإمام ) متعلق بمحذوف حال من ضمير فاتت لا بفاتت لأن المعنى أن الإمام أداها وفاتت المقتدي لأنها لو فاتت الإمام والمقتدي تقضى كما يأتي
أفاد في معراج الدراية
قوله ( ولو بالإفساد ) أي بعد أن دخل فيها مع الإمام وفرغ منها الإمام
قوله ( الأصح ) مقابله ما حكاه في البحر هنا عن أبي يوسف أنه إذا أفسدها بعد الشروع تقضي لأن الشروع كالنذر في الإيجاب
قوله ( وفيها )
____________________
(2/175)
أي في صورة الإفساد وقوله واجبة زيادة في الإلغاز لا للاحتراز عن النفل فإنه يجب قضاؤه بالإفساد ط
قوله ( اتفاقا ) والخلاف إنما هو في الجمعة
بحر
قوله ( صلى أربعا كالضحى ) أي استحبابا كما في القهستاني وليس هذا قضاء لأنه ليس على كيفيتها ط
قلت وهي صلاة الضحى كما في الحلية عن الخانية فقوله تبعا للبدائع كالضحى معناه أنه لا يكبر فيها للزوائد مثل العيد
تأمل
قوله ( بعذر كمطر ) دخل فيه ما إذا لم يخرج الإمام وما إذا غم الهلال فشهدوا به بعد الزوال أو قبله بحيث لا يمكن جمع الناس أو صلاها في يوم غيم وظهر أنها وقعت بعد الزوال كما في الدرر وشرحه للشيخ إسماعيل
وفيه عن الحجة أمام صلى العيد على غير وضوء ثم علم بذلك قبل أن يتفرق الناس توضأ ويعيدون وإن تفرق الناس لم يعد بهم وجازت صلاتهم صيانة للمسلمين وأعمالهم
قوله ( فقط ) راجع إلى قوله بعذر فلا تؤخر من غير عذر وإلى قوله إلى الزوال فلا تصح بعده وإلى قوله من الغد فلا تصح فيما بعد غد ولو بعذر كما في البحر ط
قوله ( وحكى القهستاني قولين ) ثم قال ولعله مبني على اختلاف الراويتين ويؤيده ما في زكاة النظم أن لصلاته يوما واحدا في الأصول ويومين في مختصر الكرخي اه
تنبيه ذكر في المجتبى الطحاوي أن ما ذكره المصنف قول أبي يوسف وأن أبا حنيفة قال إن فاتت في اليوم الأول لم تقض لكن لم يذكر في الكتب المعتبرة اختلاف في هذا كما في البحر
قوله ( لكن هنا ) أي في الأضحى
قوله ( يجوز تأخيرها الخ ) وتكون فيما بعد اليوم الأول قضاء أيضا كما في أضحية البدائع والزيلعي
قوله ( بلا عذر مع الكراهة ) أثبت في المجتبى و الجوهرة و البزازية وغيرها الإساءة بالتأخير لغير عذر وبه يعلم أنها كراهة تحريم
تأمل رملي
قلت إطلاق الكراهة تبعا للبحر والدرر يفيد التحريم وأما الإساءة فقدمنا في سنن الصلاة الخلاف في أنها دون الكراهة وأفحش ووفقنا بينهما بأنها دون التحريمية وأفحش من التنزيهية
قوله ( اتفاقا ) أما في الفطر فقد علمت ما فيه من الخلاف في أصل التكبير أو في صفته وهي الجهر
قوله ( قيل وفي المصلى ) قال في المحيط وفي رواية لا يقطعه ما لم يفتتح الإمام الصلاة لأنه وقت التكبير فيكبر عقب الصلاة جهرا اه
وجزم في البدائع بالأولى وعمل الناس في المساجد على الرواية الثانية
بحر
قوله ( لا في البيت ) أي لا يسن وإلا فهو ذكر مشروع
قوله ( ويندب تأخير أكله عنهما ) أي يندب الإمساك عما يفطر الصائم من صحبه إلى أن يصلي فإن الأخبار عن الصحابة تواترت في منع الصبيان عن الأكل والأطفال عن الرضاع غداة الأضحى
قهستاني عن الزاهدي ط
قوله ( وإن لم يضح ) شمل المصري والقروي وقيده في غاية البيان بالمصري وذكر أن القروي يذوق من الصبح لأن الأضاحي تذبح في القرى من الصباح
بحر
قوله ( في الأصح ) وقيل لا يستحب في حق من لم يضح
بحر
____________________
(2/176)
مطلب لا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إذ لا بد من دليل خاص قوله ( لم يكره ) قال في البحر وهو مستحب ولا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إذ لا بد لها من دليل خاص اه
قوله ( أي تحريما ) تبع فيه صاحب النهر وأشار به إلى ثبوت كراهة التنزيه وفيه نظر لما علمت من كلام البحر
ولقول البدائع إن شاء ذاق وإن شاء لم يذق والأدب أن لا يذوق شيئا إلى وقت الفراغ من الصلاة حتى يكون تناوله من القرابين اه
قوله ( في الخطبة ) متعلق بيعلم وينبغي تعليم تكبير التشريق في الجمعة التي قبل عيد الأضحى لأن ابتداءه يوم عرفة كما بحثه في البحر
قوله ( يوم عرفة ) الإضافة بيانيه لأن عرفة اسم اليوم وعرفات اسم المكان
شرنبلالية
قوله ( في غيرها ) أي غير عرفة وأراد بها المكان تجوزا والمراد كما في شرح المنية اجتماعهم عشية يوم عرفة في الجوامع أو في مكان خارج البلد يتشبهون بأهل عرفة اه
قوله ( وقيل يستحب ) لعله المراد من قوله النهاية وعن أبي يوسف ومحمد في رواية الأصل أنه يكره لما روي أن ابن عباس فعل ذلك بالبصرة اه
قال في الفتح وهذا يفيد أن مقابله من رواية الأصول الكراهة ثم قال وهو الأولى حسما لمفسدة اعتقادية تتوقع من العوام ونفس الوقوف وكشف الرؤوس يستلزم التشبه وإن لم يقصد فالحق أنه إن عرض للوقوف في ذلك اليوم سبب يوجبه كالاستسقاء مثلا لا يكره أما قصد ذلك اليوم بالخروج فيه فهو معنى التشبه إذا تأملت
وفي جامع التمرتاشي لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم جاز يحمل عليه بلا وقوف وكشف اه
والحاصل أن الصحيح الكراهة كما في الدرر بل في البحر أن ظاهر ما في غاية البيان أنها تحريمية وفي النهر أن عبارتهم ناطقة بترجيح الكراهة وشذوذ غيره
قوله ( وقال الباقاني الخ ) مأخوذ من آخر عبارة الفتح المتقدمة
والحاصل أن المكروه هو الخروج مع الوقوف وكشف الرؤوس بلا سبب موجب كاستسقاء أما مجرد الاجتماع فيه على طاعة بدون ذلك فلا يكره
مطلب في تكبير التشريق قوله ( ويجب تكبير التشريق ) نقل في الصحاح وغيره أن التشريق تقديد اللحم وبه سميت الأيام الثلاثة بعد يوم النحر
ونقل الخليل بن أحمد النضر بن شميل عن أهل اللغة أنه التكبير فكان مشتركا بينهما والمراد هنا الثاني والإضافة فيه بيانية أي التكبير الذي هو التشريق
وبه اندفع ما قيل إن الإضافة على قولهما لأنه لا تكبير في أيام التشريق عنده وتمامه في الأحكام للشيخ إسماعيل والبحر
قوله ( في الأصح ) وقيل سنة وصحح أيضا لكن في الفتح أن الأكثر على الوجوب وحرر في البحر أنه لا خلاف لأن السنة المؤكدة والواجب متساويان رتبة في استحقاق الإثم بالترك
____________________
(2/177)
مطلب يطلق اسم السنة على الواجب قلت وفيه نظر لما قدمناه بحث سنن الصلاة إن الإثم في ترك السنة أخف منه في ترك الواجب وحررنا هناك أن المراد من ترك السنة الترك بلا عذر على سبيل الإصرار كما في شرح التحرير فلا إثم في تركها مرة وهذا مخالف للواجب فالأحسن ما في البدائع من قوله الصحيح أنه واجب وقد سماه الكرخي سنة ثم فسره بالواجب فقال تكبير التشريق سنة ماضية نقلها أهل العلم وأجمعوا على العمل بها وإطلاق اسم السنة على الواجب جائز لأن السنة عبارة عن الطريقة المرضية أو السيرة الحسنة وكل واجب هذا صفته اه
قلت ومنه إطلاق كثير على القعود الأول أنه سنة
قوله ( للأمر به ) أي في قوله تعالى { واذكروا الله في أيام معدودات } وقوله تعالى { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } الحج 28 على القول بأن كليهما أيام التشريق وقيل المعدودات أيام التشريق والمعلومات أيام ذي عشر ذي الحجة وتمامه في البحر
قوله ( وإن زاد الخ ) أفاد أن قوله مرة بيان للواجب لكن ذكر أبو السعود أن الحموي نقل عن القراحصاري أن الإتيان به مرتين خلاف السنة اه
قلت وفي الأحكام عن البرجندي ثم المشهور من قول علمائنا أنه يكبر مرة وقيل ثلاث مرات
قوله ( صفته الخ ) فهو تهليلة بين أربع تكبيرات ثم تحميدة والجهر به واجب وقيل سنة
قهستاني
قوله ( هو المأثور عن الخليل ) وأصله أن جبريل عليه السلام لما جاء بالفداء خاف العجلة على إبراهيم فقال الله أكبر الله أكبر فلما رآه إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال لا إله إلا الله والله أكبر فلما علم إسماعيل الفداء قال الله أكبر ولله الحمد
كذا ذكره الفقهاء ولم يثبت عند المحدثين كما في الفتح
بحر أي هذه القصة لم تثبت أما التكبير على الصفة المذكورة فقد رواه ابن أبي شيبة بسند جيد عن ابن مسعود أنه كان يقوله ثم عمم عن الصحابة وتمامه في الفتح
ثم قال فظهر أن جعل التكبيرات ثلاثا في الأول كما يقول الشافعي لا ثبت له
مطلب المختار أن الذبيح إسماعيل قوله ( والمختار أن الذبيح إسماعيل ) وفي أول الحلية أنه ظهر القولين اه
قلت وبه قال أحمد ورجحه غالب المحدثين
وقال أبو حاتم إنه الصحيح والبيضاوي إنه الأظهر
وفي الهدى أنه الصواب عند علماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم والقول بأنه إسحاق مردود بأكثر من عشرين وجها
نعم ذهب إليه جماعة من الصحابة والتابعين ونسبه القرطبي إلى الأكثرين واختاره الطبري وجزم به في الشفاءة وتمامه في شرح الجامع الصغير للعلقمي عند حديث الذبيح إسحاق
قال في البحر والحنفية مائلون إلى الأول ورجحه الإمام أبو الليث السمرقندي في البستان بأنه أشبه بالكتاب والسنة
فأما الكتاب فقوله { وفديناه بذبح عظيم } الصافات 107 ثم قال بعد قصة الذبح { وبشرناه بإسحاق } الصافات 112 الآية
وأما الخبر فما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنا ابن الذبيحين يعني أباه عبد الله وإسماعيل واتفقت الأمة أنه كان من ولد إسماعيل
وقال أهل التوراة مكتوب في التوراة أنه كان إسحاق فإن صح ذلك فيها آمنا به اه
ونقل ح عن الخفاجي في شرح الشفاء أن الأحسن الاستدلال بقوله تعالى { ومن وراء إسحاق يعقوب } فإنه مع إخبار الله تعالى أباه
____________________
(2/178)
بإتيان يعقوب من صلب إسحاق لا يتم ابتلاؤه بذبحه لعدم فائدته حينئذ اه أي لأنه أمر بذبحه صغيرا فلا يمكن أن يكون الأمر بعد خروج يعقوب من صلبه فافهم
قوله ( ومعناه ) أي في العربية
قوله ( عقب كل فرض عيني ) شمل الجمعة
وخرج به الواجب كالوتر والعيدين والنفل
وعند البلخيين يكبرون عقب صلاة العيد لأدائها بجماعة كالجمعة وعليه توارث المسلمين فوجب اتباعه كما يأتي وخرج بالعيني الجنازة فلا يكبر عقبها
أفاده في البحر
قوله ( بلا فصل يمنع البناء ) فلو خرج من المسجد أو تكلم عامدا أو ساهيا أو أحدث عامدا سقط عنه التكبير
وفي استدبار القبلة روايتان
ولو أحدث ناسيا بعد السلام الأصح أنه يكبر ولا يخرج للطهارة
فتح
قوله ( أدى بجماعة ) خرج القضاء في بعض الصور كما يأتي والانفراد وفي خلافهما كما يأتي
قوله ( أو قضى فيها الخ ) الفعل مبني للمجهول معطوف على أدى والمسألة رباعية فائتة غير العيد قضاها في أيام العيد فائتة أيام العيد قضاها في غير أيام العيد فائتة أيام العيد قضاها في أيام العيد من عام آخر فائتة أيام العيد قضاها في أيام العيد من عامه ذلك ولا يكبر إلا في الأخير فقط كذا في البحر فقوله أو قضى فيها أي في أيام العيد احترازا عن الثانية وقوله منها أي حال كون المقضية في أيام العيد من أيام العيد احترز به عن الأولى وقوله من عامه أي حال كون أيام العيد التي تقضى فيها الصلاة التي فاتت في أيام العيد من عام الفوات احترز به عن الثالث اه ح
قوله ( لقيام وقته ) علة لوجوب تكبير التشريق في القضاء المذكور ح
قوله ( كالأضحية ) فإنه إذا لم يفعلها في أول يوم يفعلها في الثاني أو الثالث إذا كانت من ذلك العام بخلاف أضحية عام سابق
قوله ( في الأصح ) فإن الأصح أن الحرية ليست بشرط حتى لو أم العبد قوما وجب عليه وعليهم التكبير
بحر
قوله ( أوله من فجر عرفة ) أي في ظاهر الرواية وهو قول عمر وعلي
وعن أبي يوسف من ظهر النحر وهو قول ابن عمر وزيد بن ثابت كما في المحيط
قهستاني
قوله ( فهي ثمان ) بإظهار الإعراب أو بإعراب المنقوص ط
وقدمنا في باب النوافل اشتقاقه وإعرابه
قوله ( ووجوبه على إمام ) تقدير المبتدإ غير لازم لأن الجار والمجرور متعلق بقوله قبله يجب ولكن قدره لبعد الفصل
قوله ( مقيم بمصر ) فلا يجب على قروي ولا مسافر ولو صلى المسافرون في المصر جماعة على الأصح
بحر عن البدائع أي الأصح على قول الإمام والظاهر أن صلاة القرويين في مصر كذلك
تأمل
قال القهستاني والمتبادر أن يكون ذلك المقيم صحيحا فإذا صلى المريض بجماعة لم يكبروا كما في الجلابي
قوله ( وعلى مقتد ) أي ولو متنفلا بمفترض
إسماعيل عن القنية
قوله ( مسافر الخ ) ليس للاحتراز بل لأن غيرهم بالأولى
قوله ( بالتبعية ) راجع إلى الثلاثة ط
قوله ( تخافت ) لأن صوتها عورة كما في الكافي و التبيين
قوله ( ويجب على مقيم الخ ) الظاهر أنه بحث لصاحب الشرنبلالية حيث قال عند قول الدرر ولا على إمام مسافر
أقول على هذا يجب على من اقتدى به من المقيمين لوجدان الشرط في حقهم اه
قلت ولا يرد عليه قولهم بالتبعية لأنها فيما إذا كان الإمام من أهل الوجوب دون المؤتم
تأمل لكن في حاشية
____________________
(2/179)
أبي السعود عن الحموي ما نصه وفي هداية الناطفي إذا كان الإمام في مصر من الأمصار فصلى بالجماعة وخلفه أهل المصر فلا تكبير على واحد منهم عند أبي حنيفة وعندهما عليهم بالتكبير اه
والمراد الإمام المسافر دل عليه سياق كلامه اه
قوله ( فور كل فرض ) بأن يأتي بلا بلا فصل يمنع البناء كما مر
ط
قوله ( لأنه تبع للمكتوبة ) فيجب على كل من تجب عليه الصلاة المكتوبة
بحر
قوله ( وعليه الاعتماد الخ ) هذا بناء على أنه إذا اختلف الإمام وصاحباه فالعبرة لقوة الدليل وهو الأصح كما في آخر الحاوي القدسي أو على أن قولهما في كل مسألة مروي عنه أيضا وإلا فكيف يفتي بقول غير صاحب المذهب
وبه اندفع ما في الفتح من ترجيح قوله هنا ورد فتوى المشايخ بقولهما
بحر
مطلب كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب قوله ( ولا بأس الخ ) كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب كما في البحر من الجنائز و الجهاد ومنه هذا الموضع لقوله فوجب اتباعهم
قوله ( فوجب ) الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا الوجوب المصطلح عليه وفي البحر عن المجتبى و البلخيون يكبرون عقب صلاة العيد لأنها تؤدى بجماعة فأشبهت الجمعة اه
وهو يفيد الوجوب المصطلح عليه ط
قوله ( ولا يمنع العامة الخ ) في المجتبى قيل لأبي حنيفة ينبغي لأهل الكوفة وغيرها أن يكبروا أيام العشر في الأسواق والمساجد قال نعم وذكر الفقيه أبو الليث أن إبراهيم بن يوسف كان يفتي بالتكبير فيها
قال الفقيه أبو جعفر والذي عندي أنه لا ينبغي أن تمنع العامة عنه لقلة رغبتهم في الخير وبه نأخذ اه
فأفاد أن فعله أولى
قوله ( بحر ومجتبى ) الأولى بحر عن المجتبى ط
قوله ( ويأتي المؤتم به الخ ) ظاهره ولو كان مسافرا أو قرويا أو امرأة على قول الإمام مع أنه تقدم أن الوجوب عليهم بالتبعية لكن المراد أن وجوبه عليهم تبع لوجوبه عليه فلا يسقط عنهم بعد وجوبه عليهم وإن تركه الإمام وليس المراد أنهم يفعلونه تبعا له
تأمل
قوله ( لأدائه بعد الصلاة ) أي فلا يعد به مخالفا للإمام بخلاف سجود السهو فإنه يتركه إذا تركه الإمام لأن يؤدي في حرمه الصلاة ط
قوله ( قال أبو يوسف الخ ) تضمنت الحكاية من الفوائد الحكمية أنه إذا لم يكبر الإمام لا يسقط عن المقتدى والعرفية جلالة قدر أبي يوسف عند الإمام وعظم منزلة الإمام في قلبه حيث نسي ما لا ينسى عادة حين علمه خلفه وذلك أن العادة نسيان التكبير الأول في الفجر فأما بعد توالي ثلاثة أوقات فلا لعدم بعد العهد به
فتح
قوله ( لا تفسد ) لأنه ذكر
وعن الحسن يتابعه كما في المجتبى ولا يعيده بعد الصلاة كما في خزانة الفتاوى إسماعيل
قوله ( ولو لبى فسدت ) لأنه خطاب الخليل عليه السلام
وعن محمد لا تفسد لأنه يخاطب الله تعالى بها فكانت ذكرا كما في المجتبى
إسماعيل
قلت الأولى التعليل بما يأتي من أنها تشبه كلام الناس إذ لا شك أن قول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك الخ خطاب لله تعالى
قوله ( لوجوبه في تحريمتها ) أي في حال بقاء تحريمتها التي يحرم بها ولذا يصح الاقتداء فيه
قوله ( في حرمتها )
____________________
(2/180)
المراد به عقبها بلا فاصل حتى لو فصل سقط كما مر
قوله ( لعدمهما ) أي لعدم وجوبها في تحريمتها ولا في حرمتها
قوله ( سقط السجود والتكبير ) لأن التلبية تشبه كلام الناس وكلام الناس يقطع الصلاة فكذا هي وسجود السهو لم يشرع إلا في التحريمة ولا تحريمة والتكبير لم يشرع إلا متصلا وقد زال الاتصال
بدائع
ولعل وجه كونه يشبه كلام الناس أن من نادى رجلا يجيبه بقوله لبيك وقد قال في البدائع إذا قال اللهم أعطني درهما زوجني امرأة تفسد صلاته لأن صيغته من كلام الناس وإن خاطب الله تعالى به فكان مفسدا بصيغته اه
فافهم والله أعلم
مطلب في إزالة الشعر والظفر في عشر ذي الحجة خاتمة قال في شرح المنية وفي المضمرات عن ابن المبارك في تقليم الأظفار وحلق الرأس في العشر أي عشر ذي الحجة قال لا تؤخر السنة وقد ورد ذلك ولا يجب التأخير اه
ومما ورد في صحيح مسلم قال رسول الله إذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحي فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا فهذا محمول على الندب دون الوجوب بالإجماع فظهر قوله ولا يجب التأخير إلا أن نفي الوجوب لا ينافي الاستحباب فيكون مستحبا إلا إن استلزم الزيادة على وقت إباحة التأخير ونهايته ما دون الأربعين فلا يباح فوقها
قال في القنية الأفضل أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينظف بدنه بالاغتسال في كل أسبوع وإلا ففي كل خمسة عشر يوما ولا عذر في تركه وراء الأربعين ويستحق الوعيد فالأول أفضل والثاني الأوسط والأربعون الأبعد اه
باب الكسوف أي صلاته وهي سنة كما سيأتي والكسوف مصدر اللازم والكسف مصدر المتعدي يقال كسفت الشمس كسوفا وكسفها الله تعالى كسفا وتمامه في
قوله ( من حيث الاتحاد ) أي في أن كلا من العيد والكسوف يؤدى بالجماعة نهارا بلا أذان ولا إقامة وقوله أو التضاد أي من حيث أن الجماعة في العيد شرط والجهر فيها واجب بخلاف الكسوف اه ح
أو لأن للإنسان حالتين حالة السرور والفرح وحالة الحزن والترح وقدم حالة السرور على حالة الترح
معراج
قوله ( للشمس والقمر ) لف ونشر مرتب
قال في الحلية والأشهر في ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر وادعى الجوهري أنه الأفصح وقيل هما فيهما سواء اه
وفي القهستاني وقال ابن الأثير إن الأول هو الكثير المعروف في اللغة وأن ما وقع في الحديث من كسوفهما وخسوفهما فللتغليب
قوله ( من يملك إقامة الجمعة ) وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول لكل إمام مسجد أن يصلي بجماعة في مسجده والصحيح ظاهر الرواية وهو أنه لا يقيمها إلا الذي يصلي بالناس الجمعة كذا في البدائع
نهر
قوله ( بيان للمستحب ) أي قوله يصلي بالناس بيان للمستحب وهو فعلها بالجماعة أي إذا وجد إمام الجمعة وإلا فلا تستحب الجماعة بل تصلى فرادى إذ لا يقيمها غيره كما علمته
قوله ( رده في البحر ) أي بتصريح الإسبيجابي بأنه يستحب فيها ثلاثة أشياء الإمام والوقت أي الذي يباح فيه التطوع والموضع أي مصلى العيد أو المسجد الجامع اه
وقوله الإمام أي الاقتداء به
____________________
(2/181)
وحاصله أنها تصح بالجماعة وبدونها والمستحب الأول لكن إذا صليت بجماعة لا يقيمها إلا السلطان ومأذونه كما مر أنه ظاهر الرواية وكون الجماعة مستحبة فيه رد على ما في السراج من جعلها شرطا كصلاة الجمعة
قوله ( عند الكسوف ) فلو انجلت لم تصل بعده وإذا انجلى بعضها جاز ابتداء الصلاة وإن سترها سحاب أو حائل صلى لأن الأصل بقاؤه وإن غربت كاسفة أمسك عن الدعاء وصلى المغرب
جوهرة
قوله ( وإن شاء أربعا أو أكثر الخ ) هذا غير ظاهر الرواية وظاهر الرواية هو الركعتان ثم الدعاء إلى أن تنجلي
شرح المنية
قلت نعم في المعراج وغيره لو لم يقمها الإمام صلى الناس فرادى ركعتين أو أربعا وذلك أفضل
قوله ( أي بركوع واحد ) وقال الأئمة الثلاثة في كل ركعة ركوعان والأدلة في الفتح وغيره
قوله ( في غير وقت مكروه ) لأن النوافل لا تصلى في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها وهذه نافلة
جوهرة وما مر عن الإسبيجابي من جعله الوقت مستحبا
قال في البحر لا يصح
قال ط وفي الحموي عن البرجندي عن الملتقط إذا انكسفت بعد العصر أو نصف النهار دعوا ولم يصلوا
قوله ( بلا أذان الخ ) تصريح بما علم من قوله كالنفل ط
قوله ( ولا جهر ) وقال أبو يوسف يجهر وعن محمد روايتان
جوهرة
قوله ( ولا خطبة ) قال القهستاني ولا يخطب عندنا فيها بلا خلاف كما في التحفة و المحيط والكافي والهداية وشروحها
لكن في النظم يخطب بعد الصلاة بالاتفاق ونحوه في الخلاصة و قاضيخان اه
وعلى الثاني يبتنى ما مر في باب العيد من عد الخطب عشرا لكن المشهور الأول وهو الذي في المتون والشروح
وفي شرح المنية أنه قال به مالك وأحمد
قال في البحر وما ورد من خطبته عليه الصلاة والسلام يوم مات ابنه إبراهيم وكسفت الشمس فإنما كان للرد على من قال إنها كسفت لموته لا لأنها مشروعة له ولذا خطب عليه الصلاة والسلام بعد الانجلاء ولو كانت سنة له لخطب قبله كالصلاة والدعاء
قوله ( وينادي الخ ) أي كما رواه مسلم في صحيحه كما في الفتح
قوله ( الصلاة جامعة ) بنصبهما أي احضروا الصلاة في حال كونها جامعة ورفعهما على الابتداء والخبر ونصب الأول مفعول فعل محذوف ورفع الثاني خبر مبتدإ محذوف أي هي جامعة وعكسه أي حضرت الصلاة حال كونها جامعة
رحمتي
قوله ( ليجتمعوا ) أي إن لم يكونوا اجتمعوا
بحر
قوله ( ويطيل فيها الركوع والسجود والقراءة ) نقل ذلك في الشرنبلالية عن البرهان أي لورود الأحاديث المذكورة في الفتح وغيره بذلك
قال القهستاني فيقرأ أي في الركعتين مثل البقرة وآل عمران كما في التحفة والإطلاق دال على أنه يقرأ ما أحب في سائر الصلاة كما في المحيط اه
ويجوز تطويل القراءة وتخفيف الدعاء وبالعكس وإذا خفف أحدهما طول الآخر لأن المستحب أن يبقى على الخشوع والخوف إلى انجلاء الشمس فأي ذلك فعل فقد وجد
جوهرة
قال الكمال وهذا مستثنى من كراهة تطويل الإمام الصلاة ولو خففها جاز ولا يكون مخالفا للسنة
ثم قال والحق أن السنة التطويل والمندوب مجرد استيعاب الوقت أي بالصلاة والدعاء كما في الشرنبلالية
قوله ( الذي هو من خصائص النافلة ) صفة للتطويل المفهوم من قوله ويطيل كما يظهر من كلام البحر وظاهره أن هذه الأدعية والأذكار يأتي بها في نفس الصلاة غير الأدعية التي يأتي بها بعد الصلاة لأن الركوع والسجود لا تشرع فيهما القراءة فلم يبق في تطويلهما إلا زيادة الأدعية والأذكار من تسبيح ونحوه
تأمل
قوله ( ثم يدعو بعدها ) لأنه السنة في الأدعية
بحر
ولعله احترز عن الدعاء
____________________
(2/182)
قبلها لأنه يدعو فيها كما علمت
تأمل
قوله ( أو قائما ) قال الحلواني وهذا أحسن ولو اعتمد على قوس أو عصا كان حسنا ولا يصعد المنبر للدعاء ولا يخرج كذا في المحيط
نهر
قوله ( يؤمنون ) أي على دعائه
قوله ( كلها ) أي المراد كمال الانجلاء لا ابتداؤه شرنبلالية عن الجوهرة
قوله ( صلى الناس فرادى ) أي ركعتين أو أربعا وهو أفضل كما قدمناه والنساء يصلينها فرادى كما في الأحكام عن البرجندي
قوله ( في منازلهم ) هذا على ما في شرح الطحاوي أو في مساجدهم على ما في الظهيرية وعزاه في المحيط إلى شمس الأئمة
إسماعيل
قوله ( تحرزا عن الفتنة ) أي فتنة التقديم والتقدم والمنازعة فيهما كما في النهاية وإن شاؤوا دعوا ولم يصلوا
غياثية
والصلاة أفضل
سراجية
كذا في الأحكام للشيخ إسماعيل
قوله ( كالخسوف للقمر الخ ) أي حيث يصلون فرادى سواء حضر الإمام أو لا كما في البرجندي
إسماعيل
لأن ما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام صلاه ليس فيه تصريح بالجماعة فيه والأصل عدمها كما في الفتح وفي البحر عن المجتبى وقيل الجماعة جائزة عندنا لكنها ليست بسنة اه
قوله ( والفزع ) أي الخوف الغالب من العدو
بحر و درر
قوله ( ومنه الدعاء برفع الطاعون ) أي من عموم الأمراض وأراد بالدعاء الصلاة لأجل الدعاء
قال في النهر فإذا اجتمعوا صلى كل واحد ركعتين ينوي بهما رفعه وهذه المسألة من حوادث الفتوى اه
قوله ( أي حسنة ) كذا في النهر
قلت والبدعة تعتريها الأحكام الخمسة كما أوضحناه في باب الإمامة
قال في النهر وليس دعاء برفع الشهادة لأنها أثره لا عينه اه
قلت على أنه لا مانع منه إذا فرط وأضر كالمطر الدائم مع أن المطر رحمة
قال السيد أبو السعود عن شيخه ومن أدلة مشروعيته أن غاية أمره أن يكون كملاقاة العدو وقد ثبت سؤاله عليه الصلاة والسلام العافية منه فيكون دعاء برفع المنشأ
قوله ( وكل طاعون وباء الخ ) لأن الوباء اسم لكل مرض عام
نهر
والطاعون والمرض العام بسبب وخز الجن ح
وهذا بيان لدخول الطاعون في عموم الأمراض المنصوص عليه عندنا وإن لم ينصوا على الطاعون بخصوصه
قوله ( وتمامه في الأشباه ) أي في أواخرها وأطال الكلام فيه
قوله ( واختار في الأسرار وجوبها ) قلت ورجحه في البدائع للأمر بها في الحديث لكن في العناية أن العامة على القول بالسنية لأنها ليست شعائر الإسلام فإنها توجد بعارض لكن صلاها النبي فكانت سنة والأمر للندب اه
وقواه في الفتح
قوله ( حسنة ) الظاهر أن المراد بها الندب ولهذا قال في البدائع إنها حسنة لقوله عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فافزعوا إلى الصلاة
قوله ( وكذا البقية ) أي صلاة الريح وما عطف عليها فإنها حسنة ح
قوله ( واختلف في صلاة الاستسقاء ) أي في أصل مشروعيتها أو كونها بجماعة كما يأتي
فافهم
قوله ( فلذا أخرها ) أي وقدم ما اتفق على استنانه مع اشتراكهما في كون كل منهما على صفة الاجتماع والحضور
____________________
(2/183)
باب الاستسقاء هو لغة طلب السقي وإعطاء ما يشربه والاسم السقيا بالضم
وشرعا طلب إنزال المطر بكيفية مخصوصة عند شدة الحاجة بأن يحبس المطر ولم يكن لهم أودية وآبار وأنهار يشربون منها ويسقون مواشيهم وزرعهم أو كان ذلك إلا أنه لا يكفي فإذا كان كافيا لا يستسقي كما في المحيط
قهستاني
قوله ( هو دعاء ) وذلك أن يدعو الإمام قائما مستقبل القبلة رافعا يديه والناس قعود مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه ب اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مربعا غدقا مجللا سحا طبقا دائما وما أشبهه سرا وجهرا كما في البرهان شرنبلالية
وشرح ألفاظه في الإمداد وزاد فيه أدعية أخر
قوله ( واستغفار ) من عطف الخاص على العام لأنه الدعاء بخصوص المغفرة أو يراد بالدعاء طلب المطر خاصة فيكون من قبيل عطف المغاير ط
قوله ( لأنه السبب ) بدليل أنه رتب إرسال المطر عليه في قوله تعالى { استغفروا ربكم } الآية
قوله ( بلا جماعة ) كان على المصنف أن يقول له صلاة بلا جماعة كما قال في الكنز وغيره ح
وهذا قول الإمام
وقال محمد يصلي الإمام أو نائبه ركعتين كما في الجمعة ثم يخطب أي يسن له ذلك والأصح أن أبا يوسف مع محمد
نهر
قوله ( بل هي ) أي الجماعة جائزة لا مكروهة وهذا موافق لما ذكره شيخ الإسلام من أن الخلاف في السنية لا في أصل المشروعية وجوم به في غاية البيان معزيا إلى شرح الطحاوي وكلام المصنف كالكنز يفيد عام المشروعية كما في البحر وتمامه في النهر وظاهر كلام الفتح ترجيحه
وذكر في الحلية أن ما ذكره شيخ الإسلام متجه من حيث الدليل فليكن عليه التعويل اه
وقال في شرح المنية الكبير بعد سوقه الأحاديث والآثار فالحاصل أن الأحاديث لما اختلفت في الصلاة بالجماعة وعدمها على وجه لا يصح به إثبات السنية لم يقل أبو حنيفة بسنيتها ولا يلزم منها قوله بأنها بدعة كما نقله عنه بعض المتعصبين بل هو قائل بالجواز اه
قلت والظاهر أن المراد به الندب والاستحباب لقوله في الهداية قلنا إنه فعله عليه الصلاة والسلام مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة اه لأن السنة ما واظب عليه والفعل مرة مع الترك أخرى يفيد الندب
تأمل
قوله ( كالعيد ) أي بأن يصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة بلا أذان ولا إقامة ثم يخطب بعدها قائما على الأرض معتمدا على قوس أو سيف أو عصا خطبتين عند محمد وخطبة واحدة عن أبي يوسف حلية
قوله ( خلاف ) ففي رواية ابن كاس عن محمد يكبر الزوائد كما في العيد والمشهور من الرواية عنهما أنه لا يكبر كما في الحلية
قوله ( خلافا لمحمد ) فإنه يقول يقلب الإمام رداءه إذا مضى صدر من خطبته فإن كان مريعا جعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه وإن كان مدورا جعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن وإن كان قباء جعل البطانة خارجا والظهارة داخلا
حلية
وعن أبي يوسف روايتان واختار القدوري قول محمد لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك
نهر وعليه الفتوى كما في شرح درر البحار
قال في النهر وأما القوم فلا يقلبون أرديتهم عند كافة العلماء خلافا لمالك
قوله ( وبلا حضور ذمي ) أي مع الناس كما في شرح المجمع لابن ملك وظاهره أنهم لا يمنعون من الخروج وحدهم وبه صرح في المعراج لكن منعه في الفتح باحتمال أن يسقوا فيفتتن به ضعفاء العوام
____________________
(2/184)
مطلب هل يستجاب دعاء الكافر قوله ( وإن كان الراجح الخ في أنه هل يجوز أن يقال يستجاب دعاء الكافر فمنعه الجمهور للآية المذكورة ولأنه لا يدعو الله لأنه لا يعرفه لأنه وإن أقر به تعالى فلما وصفه بما لا يليق به فقد نقض إقراره وما روي في الحديث من أن دعوة المظلوم وإن كان كافرا تستجاب فمحمول على كفران النعمة وجوزه بعضهم لقوله تعالى حكاية عن إبلسي رب أنظرني فقال تعالى { إنك من المنظرين } الأعراف 15 وهذا إجابة وإليه ذهب أبو القاسم الحكيم وأبو النصر الدبوسي
وقال الصدر الشهيد وبه يفتى كذا في شرح العقائد للسعد
وفي البحر عن الولوالجية أن الفتوى على أنه يجوز أن يقال يستجاب دعاؤه اه
وما في النهر من قوله أي يجوز عقلا وإن لم يقع فهو بعيد بل الخلاف في الجواز شرعا إذ المانع لا يقول إنه مستحيل عقلا
تأمل
قوله ( ففي الآخر ) وهو دعاء أهل النار بتخفيف العذاب بدليل صدر الآية وهو { وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } غافر 49 50 قوله ( شروح مجمع ) أقول لم أر ذلك في شرحه لمصنفه ولا في شرحه لابن ملك ولعله في غيرهما
قوله ( ويخرجون ) أي إلى الصحراء كما في الينابيع
إسماعيل
وهذا في غير أهل المساجد الثلاثة كما يأتي
قوله ( ويستحب للإمام الخ ) نقله في التاترخانية عن النهاية مع أنه في النهاية عزاه إلى الخلاصة الغزالية بلفظ إذا غارت الأنهار وانقطعت الأمطار وانهارت القنوات فيستحب للإمام الخ ثم قال وقريب من هذا في مذهبنا ما قاله الحلواني وساق ما في المتن وذكر في المعراج مثل ما في النهاية عن خلاصة الإمام الغزالي ولذا عبر عنه في شرح درر البحار وغيره بقوله قيل ينبغي أن يأمر الإمام الناس الخ لكنه يوهم أنه قول في مذهبنا
تنبيه إذا أمر الإمام بالصيام في غير الأيام المنهية وجب لما قدمناه في باب العيد من أن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجبة
قوله ( ويجددون التوبة ) ومن شروطها رد المظالم إلى أهلها
قوله ( ويستسقون بالضعفة الخ ) أي يقدمونهم كما في النهر أي للدعاء والناس يؤمنون على دعائهم لأن دعاءهم أقرب للإجابة
وفي خبر البخاري وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم
وفي خبر ضعيف لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا وفي الخبر الصحيح إن نبيا من الأنبياء قال جمع هو سليمان صلى الله على نبينا وعليه وسلم خرج يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة
قوله ( ويبعدون الأطفال الخ ) أي ليكثر الضجيج والعويل فيكون أقرب إلى الرقة والخشوع
قوله ( كأنه لضيقه ) كذا في البحر
واعترضه في الإمداد بأنه غير ظاهر لأن من هو مقيم بالمدينة المنورة لا يبلغ قدر الحاج وعند
____________________
(2/185)
اجتماعهم بجملتهم فيه يشاهد اتساع المسجد الشريف فينبغي الاجتماع للاستسقاء فيه إذ لا يستغاث وتستنزل الرحمة في المدينة المنور بغير حضرته ومشاهدته في كل حادثة وتوقف الدواب بالباب كما في المسجد الحرام والأقصى اه ملخصا
قوله ( فلا بأس بالدعاء بحبسه الخ ) أي فيقول كما قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر وتمام الكلام في الإمداد
قوله ( شكرا لله تعالى أي ويستزيدونه من المطر كما في السراج
وفيه أيضا ويستحب الدعاء عند نزول الغيث وأن يخرج إليه عند نزوله ليصيب جسده منه وأن يقول عند سماع الرعد سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وأن يقول اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا من قبل ذلك ويستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب اه ملخصا وتمامه في ط
باب صلاة الخوف مناسبته أن كلا من صلاتي الاستسقاء والخوف شرع لعارض خوف إلا أنه في الأول سماوي وهو انقطاع المطر فلذا قدم وهنا اختياري وهو الجهاد الناشىء عن الكفر كما في النهر و البحر
قوله ( من إضافة الشيء لشرطه ) كذا في الجوهرة لكن في الدرر وكذا في البحر عن التحفة أن سببها الخوف
ووفق في الشرنبلالية بأن الأول بالنظر إلى الكيفية المخصوصة لأن هذه الصفة شرطها العدو والثاني بالنظر إلى أصل الصلاة فإن سببها الخوف اه
قلت وفيه نظر فإن أصل الصلاة سببها وقتها وقدمنا في باب شروط الصلاة أن ما كان خارجا عن الشيء غير مؤثر فيه فإن كان موصلا إليه في الجملة كالوقت فسبب وإن لم يوصل إليه فإن توقف عليه كالوضوء للصلاة فشرط والذي يظهر لي أن الخوف سبب لهذه الصلاة وحضور العدو شرط كما في صلاة المسافر فإن المشقة سبب لها والسفر الشرعي وشرط وحينئذ فمن أراد بالخوف العدو سماه شرطا ومن أراد به حقيقته سماه سببا لكن لا يشترط تحقق الخوف في كل وقت لأنه سبب المشروعية وأقيم العدو مقامه كما أقيم السفر مقام المشقة
قال في المعراج وفي مبسوط شيخ الإسلام المراد بالخوف حضرة العدو لا حقيقة الخوف لأن حضرة العدو أقيمت مقام الخوف على ما عرف من أصلنا من تعليق الرخص بنفس السفر اه
قوله ( خلافا للثاني ) أي أبي يوسف له أنها إنما شرعت بخلاف القياس لإحراز فضيلة الصلاة خلف النبي وهذا المعنى انعدم بعده ولهما أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أقاموا بعده عليه الصلاة والسلام
درر
قوله ( بشرط حضور عدو ) أشار إلى أنه يشترط أن يكون قريبا منهم فلو بعيدا لم تجز كما في الدرر
قوله ( على ظنه ) أي ظن حضوره بأن رأوا سوادا أو غبارا فظهر غير ذلك
درر
قوله ( أعادوا ) أي القوم إذا صلوها بصفة الذهاب والمجيء وجازت صلاة الإمام كما في الحجة واستثنى
____________________
(2/186)
في الفتح ما إذا ظهر الحال قبل أن يجاوز المنصرفون الصفوف فلهم البناء استحسانا كمن انصرف على ظن الحدث يتوقف الفساد إذا ظهر أنه لم يحدث على مجاوزة الصفوف
إسماعيل
قوله ( أو سبع ) من عطف الخاص على العام
واعترض بأنه من خصوصيات الواو
وفي الشرنبلالية أنه عطف مباين لأن المراد بالأول من بني آدم
قوله ( ونحوها ) كحرق وغرق
جوهرة
قوله ( وحان ) أي قرب ح
قوله ( قلت الخ ) مراده بهذا النقل أن يبين أن ما في مجمع الأنهر لا يعمل به لأنه قول البعض ولمخالفته لإطلاق سائر المتون ح
قلت وهذه العبارة محلها عقب عبارة مجمع الأنهر وتوجد في بعض النسخ عقب قوله وركعتين في غيره لزوما وكأنه من سهو النساخ
قوله ( فيجعل الإمام الخ ) اعلم أنه ورد في صلاة الخوف روايات كثيرة وأصحها ست عشرة رواية
واختلف العلماء في كيفيتها وفي المستصفى أن كل ذلك جائز والكلام في الأولى والأقرب من ظاهر القرآن هذه الكيفية
إمداد
وفي ط عن المجتبى ولا فرق بين ما إذا كان العدو في جهة القبلة أو لا على المعتمد
قوله ( ومنه الجمعة والعيد ) وكذا صلاة المسافر وأشار بالعيد إلى أنها لا تقتصر على الفرائض ط
قوله ( وركعتين في غيره ) أي ولو ثلاثيا كالمغرب حتى لو عكس فسدت كما في النهر وإليه أشار بقوله لزوما ط وتوجيهه في الإمداد وغيره
قوله ( وذهبت ) أي هذه الطائفة بعد السجدة الثانية في الثنائي وبعد التشهد في غيره وقوله إليه أي إلى نحو العدو ووقفت بإزائه ولو مستدبرة القبلة
قهستاني
والواجب أن يذهبوا مشاة فلو ركبوا بطلت لأنه عمل كثير
جوهرة وسيأتي
قوله ( ندبا ) فلو أتموا صلاتهم في مكانهم صحت ط
قوله ( وجاءت الطائفة الأولى ) مجيئها ليس متعينا حتى لو أتمت مكانها ووقفت الطائفة الذاهبة بإزاء العدو صح وهل الأفضل الإتمام في مكان الصلاة أو في محل الوقوف تقليلا للمشي ينبغي أن يجري فيه الخلاف فيمن سبقه الحدث ومشى في الكافي على أن العود أفضل
أفاده أبو السعود
قوله ( لأنهم لاحقون ) ولهذا لو كانت معهم امرأة تفسد صلاة من حاذته منهم بخلاف الطائفة المسبوقة كما في البحر وعم كلامه المقيم خلف المسافر حتى يقضي ثلاثا بلا قراءة إن كان من الطائفة الأولى وبقراءة إن كان من الثانية والمسبوق إن أدرك ركعة من الشفع الأول فهو من أهل الأولى وإلا فمن الثانية
نهر
قوله ( وهذا ) أي ما ذكر من الصلاة على هذا الوجه إنما يحتاج إليه لو لم يريدوا إلا إماما واحدا وكذا لو كان الوقت قد ضاق عن صلاة إمامين كما في الجوهرة
قلت ويمكن أن يكون هذا مراد صاحب مجمع الأنهر فيما تقدم فتأمل
قوله ( فالأفضل الخ ) أي فيصلي الإمام بطائفة ويسلمون ويذهبون إلى جهة العدو ثم تأتي الطائفة الأخرى فيأمر رجلا ليصلي بهم
تتمة حمل السلاح في صلاة الخوف مستحب عندنا لا واجب خلافا للشافعي ومالك والأمر به في الآية للندب لأنه ليس من أعمال الصلاة فلا يجب فيها كما في الشرنبلالية عن البرهان
قوله ( وعجزوا الخ ) بيان للمراد من
____________________
(2/187)
اشتداد الخوف
قوله ( صلوا ركبانا ) أي ولو مع السير مطلوبين فالراكب لو طالبا لا تجوز صلاته لعدم ضرورة الخوف في حقه وتمامه في الإمداد
قوله ( فيصح الاقتداء ) لعدم اختلاف المكان
قوله ( بالإيماء ) أي الإيماء بالركوع والسجود
قوله ( وفسدت بمشي الخ ) لأن المشي فعله حقيقة وهو مناف للصلاة بخلاف ما إذا كان راكبا مطلوبا لأنه فعل الدابة حقيقة وإنما أضيف إليه معنى التسيير وإذا جاء العذر انقطعت الإضافة إليه اه
من الإمداد عن مجمع الروايات ومثله في البدائع وبه علم أنها تفسد بالمشي طالبا أو مطلوبا وأن ما ذكره ح عن مجمع الأنهر بقوله بمشي أي هروب من العدو لا المشي نحوه والرجوع اه
لا ينافي ذلك لأنها إذا فسدت بالهروب تفسد بالطلب بالأولى لعدم ضرورة الخوف كما مر في الراكب وقوله لا المشي نحوه والرجوع هو معنى قول الشارح لغير اصطفاف أي لو مشوا ليصطفوا نحو العدو أو رجعوا ليصطفوا خلف الإمام نعم في العبارة إيهام فافهم
قوله ( وركوب ) أي ابتداء على الأرض
قهستاني
قوله ( مطلقا ) أي لاصطفاف أو غيره لأن الركوب عمل كثير وهو مما لا يحتاج إليه بخلاف المشي فإنه أمر لا بد منه حتى يصطفوا بإزاء العدو
ابن كمال عن البدائع
قوله ( كرمية سهم ) ذكره الزيلعي و البحر فإنه عمل قليل وهو غير مفسد وفي كونه من العمل القليل نظر فإن من رآه يرمي بالقوس يتحقق أنه خارج الصلاة ط
قوله ( وإلا لا تصح ) وسقط الطلب لتحقق العذر ط
قوله ( والسائف ) بالفاء ولذا أردفه بما يفسره
قال في المعراج وفي المختلفات لو كانوا في المسايفة قبل الشروع وكاد الوقت يخرج يؤخرون الصلاة إلى أن يفرغوا من القتال
قوله ( لم يجز انحرافهم ) أي بعد ذهابه لزوال سبب الرخصة ط عن أبي السعود أي فتصلي كل طائفة في مكانها
تأمل
فلو كانوا انحرفوا قبله بنوا كما في التاترخانية
قوله ( جاز ) أي لهم الانحراف في أوانه لوجوب الضرورة ط عن أبي السعود
قوله ( لا تشرع صلاة الخوف للعاصي ) لأنها إنما شرعت لمن يقاتل أعداء الله تعالى ومن في حكمهم لا لمن يعاديه
أفاده أبو السعود عن شيخه
قلت وهذا بخلاف القصر في السفر فإن سببه مشقة السفر وهو مطلق في النص فيجري على إطلاقه ولا يمكن قياسه على صلاة الخوف لأنها جاءت على غير القياس
تأمل
قوله ( في سفره ) لعله بسفره فليتأمل
إسماعيل
والفرق أن الباء للسببية فتفيد أن نفس سفره معصية كمن سافر لقطع الطريق مثلا بخلاف في الظرفية فإنها تفيد أنه لو سافر للحج مثلا وعصى في أثنائه لا يصلي بهذه الكيفية والظاهر أن المراد بالعاصي من كان قتاله معصية سواء كان سفره له أو لطاعة وحينئذ فلا فرق بين التعبير بالباء أو في فتدبر
قوله ( في أربع ) أي في أربعة مواضع فلا ينافي ما في الإمداد عن شرح المقدسي أنه صلاها أربعا وعشرين مرة
قوله ( ذات الرقاع ) أي غزوة ذات الرقاع
وأصح الأقوال في وجه تسميتها ما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
____________________
(2/188)
ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامن ونقبت قدماي وسقطت أظفاري فكنا نلف على أظفارنا الخرق فسميت غزوة الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق اه ط عن المواهب اللدنية
والصواب أنها كانت بعد الخندق خلافا لما في الكافي والاختيار تبعا لجماعة من أهل السير كما حققه في الفتح
قوله ( وبطن نخل ) بالخاء المعجمة اسم موضع ط
قوله ( وعسفان ) بوزن عثمان
قاموس
قوله ( وذي قرد ) بفتح القاف والراء وبالدال المهملة وهو ماء على بريد من المدينة وتعرف بغزوة الغابة وكانت في ربيع الأول سنة ست قبيل الحديبية ط عن المواهب والله تعالى أعلم
باب صلاة الجنائز ترجم للصلاة وأتى بأشياء زائدة عليها بعضها شروط كالغسل وبعضها مقدمات كالتكفين والتوجيه والتلقين وبعضها متممات كالدفن وأخرها لأنها ليست صلاة من كل وجه ولأنها تعلقت بآخر ما يعرض للحي وهو الموت ولمناسبة خاصة بما قبلها وهي أن الخوف والقتال قد يفضيان إلى الموت
قوله ( لسببه ) هو الجنازة بالفتح يعني الميت ط
قوله ( وبالكسر السرير ) قال الأزهري لا يسمى جنازة حتى يشد الميت عليه مكفنا
إمداد
قوله ( وقيل لغتان ) أي الكسر والفتح لغتان في الميت كما يفيده قول القاموس جنزه يجنزه ستره وجمعه والجنازة أي بالكسر الميت ويفتح أو بالكسر الميت وبالفتح السرير أو عكسه أو بالكسر السرير مع الميت اه
تأمل
قوله ( وقيل عدمية ) لأنه قطع مواد الحياة عن الحي والمقابلة عليه من مقابلة العدم والملكة وعلى الأول من مقابلة التضاد
أفاده ط
وقوله تعالى { خلق الموت والحياة } الملك 2 ليس صريحا في الأول لأن الخلق يكون بمعنى الإيجاد وبمعنى التقدير والإعدام مقدرة فلذا ذهب أكثر المحققين إلى الثاني كما نقله في شرح العقائد
قوله ( يوجه المحتضر ) بالبناء للمفعول فيهما أي يوجه وجه من حضره الموت أو ملائكته والمراد من قرب موته
قوله ( وعلامته الخ ) أي علامة الاحتضار كما في الفتح وزاد على ما هنا أن تمتد جلدة خصيته لانشمار الخصيتين بالموت
قوله ( القبلة ) نصب على الظرفية لأنها بمعنى الجهة
قوله ( وجاز الاستلقاء ) اختاره مشايخنا بما وراء النهر لأنه أيسر لخروج الروح
وتعقبه في الفتح وغيره بأنه لا يعرف إلا نقلا والله أعلم بالأيسر منهما ولكنه أيسر لتغميضه وشد لحييه وأمنع من تقوس أعضائه
بحر
قوله ( ليتوجه للقبلة ) عبارة الفتح ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء
قوله ( ترك على حاله ) أي ولو لم يكن مستلقيا أو متوجها
قوله ( والمرحوم لا يوجه ) لينظر وجهه وهل يقال كذلك فيمن أريد قتله لحد أو قصاص لم أره
____________________
(2/189)
مطلب في تلقين المحتضر الشهادة قوله ( ويلقن الخ ) لقوله لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار ولقوله عليه الصلاة والسلام من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة كذا في البرهان أي دخلها مع الفائزين وإلا فكل مسلم ولو فاسقا يدخلها ولو بعد طول عذاب
إمداد
قوله ( وقيل وجوبا ) في القنية وكذا في النهاية عن شرح الطحاوي الواجب على إخوانه وأصدقائه أن يلقنوه اه
قال في النهر لكنه تجوز لما في الدراية من أنه مستحب بالإجماع اه
فتنبه
قوله ( بذكر الشهادتين ) قال في الإمداد وإنما اقتصرت على ذكر الشهادة تبعا للحديث الصحيح وإن قال في المستصفى وغيره ولقن الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول الله وتعليله في الدرر بأن الأولى لا تقبل بدون الثانية ليس على إطلاقه لأن ذلك في غير المؤمن ولهذا قال ابن حجر من الشافعية وقول جمع يلقن محمد رسول الله أيضا القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما مردود بأنه مسلم وإنما المراد ختم كلامه بلا إله إلا الله ليحصل له ذلك الثواب أما الكافر فيلقنهما قطعا مع لفظ أشهد لوجوبه إذ لا يصير مسلما إلا بهما اه
قلت وقد يشير إليه تعبير الهداية والوقاية والنقاية والكنز بتلقين الشهادة وفي التاترخانية كان أبو حفص الحداد يلقن المريض بقوله أستغفر الله الذي لا إله هو الحي القيوم وأتوب إليه وكان يقول فيها معان أحدها توبة والثاني توحيد والثالث أن المريض ربما يفزع لأن الملقن رأى فيه علامات الموت ولعل أقرباء الميت يتأذون به
قوله ( عنده ) متعلق بذكر
قوله ( قبل الغرغرة ) لأنها تكون قرب كون الروح في الحلقوم وحينئذ لا يمكن النطق بهما ط
وفي القاموس غرغر جاد بنفسه عند الموت اه
قلت وكأنها مأخوذة من غرغر بالماء إذا أداره في حلقه فكأنه يدير روحه في حلقه
مطلب في قبول توبة اليأس قوله ( واختلف في قبول توبة اليأس ) بالياء المثناة التحتية ضد الرجاء وقطع الأمل من الحياة أو بالموحدة التحتية والمراد به الشدة وأهوال الموت ويحتمل مد الهمزة على أنه اسم فاعل وإسكانها على المصدرية بتقدير مضاف
قوله ( والمختار الخ ) أقول قال في أواخر البزازية قيل توبة اليأس مقبولة لا إيمان اليأس وقيل لا تقبل كإيمانه لأنه تعالى سوى بين من أخر التوبة إلى حضور الموت من الفسقة والكفار وبين من مات على الكفر في قوله { وليست التوبة } النساء 18 الآية كما في الكشاف والبيضاوي والقرطبي وفي الكبير للرازي قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع منه مشاهدة الأهوال التي يحصل العلم عندها على سبيل الاضطرار فهذا كلام الحنفية والمالكية والشافعية من المعتزلة والسنية والأشاعرة أن توبة اليأس لا تقبل كإيمان اليأس بجامع عدم الاختيار وخروج النفس من البدن وعدم ركن التوبة وهو العزم بطريق التصميم على أن لا يعود في المستقبل إلى ما ارتكب وهذا لا يتحقق في توبة اليأس إن أريد باليأس معاينة أسباب الموت بحيث يعلم قطعا أن الموت يدركه لا محالة كما أخبر لا محالة كما أخبر تعالى عنه بقوله { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } غافر 85 وقد ذكر في بعض التفاوى أن توبة اليأس مقبولة فإن أريد باليأس ما ذكرنا يرد عليه ما قلنا وإن أريد به القرب من الموت فلا كلام فيه لكن الظاهر
____________________
(2/190)
أن زمان اليأس زمان معاينة الهول والمسطور في الفتاوى أن توبة اليأس مقبولة لا إيمانه لأن الكافر أجنبي غير عارف بالله تعالى ويبدأ إيمانا وعرفانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء أسهل والدليل على قبولهما منه مطلقا إطلاق قوله تعالى { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } اه
ملخصا
وظاهر آخر كلامه اختيار التفضيل وعزاه إلى مذهب الماتريدية الشيخ عبد السلام في شرح منظومه والده اللقاني وقال وعند الأشاعرة لا تقبل حال الغرغرة توبة ولا غيرها كما قاله النووي اه
وانتصر للثاني المنلا علي القاري في شرحه على بدء الأمالي بإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أخرجه أبو داود فإنه يشمل توبة المؤمن والكافر
واعترض قول بعض الشراح إن التفصيل مختار أئمة بخارى من الحنفية وجمع من الشافعية كالسبكي والبلقيني بأنه على تقدير صحته يحتاج إلى ظهور حجته اه
والحاصل أن المسألة ظنية وأما إيمان اليأس فلا يقبل اتفاقا وسيأتي إن شاء تعالى تمام الكلام عليه في باب الردة
قوله ( من غير أمره ) أي من غير أن يقول له قل فهو مصدر مضاف إلى مفعوله قوله ( لئلا يضجر ) أي ويردها
قوله ( ويندب قراءة يس ) لقوله اقرؤوا على موتاكم يس صححه ابن حبان وقال المراد به من حضره الموت
وروى أبو داود عن مجالد عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا حضروا قرؤوا عند الميت سورة البقرة إلا أن مجالدا مضعف
حلية
قوله ( والرعد ) هو استحسان بعض المتأخرين لقول جابر إنها تهون عليه خروج روحه
إمداد
مطلب في التلقين بعد الموت قوله ( ولا يلقن بعد تلحيده ) ذكر في المعراج أنه ظاهر الرواية ثم قال وفي الخبازية و الكافي عن الشيخ الزاهد الصفار أن هذا على قول المعتزلة لأن الإحياء بعد الموت عندهم مستحيل أما عند أهل السنة فالحديث أي لقنوا موتاكم لا إله إلا الله محمول على حقيقته لأن الله تعالى يحييه على ما جاءت به الآثار وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر بالتلقين بعد الدفن فيقول يا فلان بن فلان اذكر دينك الذي كنت عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا اه
وقد أطال في الفتح في تأييد حمل موتاكم في الحديث على حقيقته مع التوفيق بين الأدلة على أن الميت يسمع أو لا كما سيأتي في باب اليمين في الضرب والقتل من كتاب الإيمان لكن قال في شرح المنية إن الجمهور على أن المراد منه مجازه ثم قال وإنما لا ينهى عن التلقين بعد الدفن لأنه لا ضرر فيه بل فيه نفع فإن الميت يستأنس بالذكر على ما ورد في الآثار الخ
قلت وما في ط عن الزيلعي لم أره فيه وإنما الذي فيه قيل يلقن لظاهر ما رويناه وقيل لا وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه اه
وظاهر استدلاله للأول اختياره فافهم
____________________
(2/191)
مطلب في سؤال الملكين هل هو عام لكل أحد أو لا الخ ) أشار إلى أن سؤال القبر لا يكون لكل أحد ويخالفه ما في السراج كل ذي روح من بني آدم يسأل في القبر بإجماع أهل السنة لكن يلقن الرضيع الملك وقيل لا بل يلهمه الله تعالى كما ألهم عيسى في المهد اه
لكن ( حكاية الإجماع ) نظر
فقد ذكر الحافظ ابن عبد البر أن الآثار دلت على أنه لا يكون إلا لمؤمن أو منافق ممن كان منسوبا إلى أهل القبلة بظاهر الشهادة دون الكافر الجاحد وتعقبه ابن القيم لكن رد عليه الحافظ السيوطي وقال ما قاله ابن عبد البر هو الأرجح ولا أقول سواه
ونقل العلقمي في شرحه على الجامع الصغير أن الراجح أيضا اختصاص السؤال بهذه الأمة خلافا لما استظهره ابن القيم ونقل أيضا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني أن الذي يظهر اختصاص السؤال بالمكلف وقال وتبعه عليه شيخنا يعني الحافظ السيوطي
مطلب ثمانية لا يسألون في قبورهم ثم ذكر أن من لا يسأل ثمانية الشهيد والمرابط والمطعون والميت زمن الطاعون بغيره إذا كان صابرا محتسبا والصديق والأطفال والميت يوم الجمعة أو ليلتها والقارىء كل ليلة تبارك الملك وبعضهم ضم إليها السجدة والقارىء في مرض موته { قل هو الله أحد } الإخلاص 1 اه
وأشار الشارح إلى أنه يزاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم أولى من الصديقين
قوله ( والأصح الخ ) ذكره ابن الهمام في المسايرة
قوله ( وتوقف الإمام الخ ) أي في أنهم يسألون وفي أنهم في الجنة أو النار قال ابن الهمام في المساير
مطلب في أطفال المشركين وقد اختلف في سؤال أطفال المشركين وفي دخولهم الجنة أو النار
فتردد فيهم أبو حنيفة وغيره وقد وردت فيهم أخبار متعارضة فالسبيل تفويض أمرهم إلى الله تعالى
وقال محمد بن الحسن اعلم أن الله لا يعذب أحدا بلا ذنب اه
وقال تلميذه ابن أبي شريف في شرحه وقد نقل الأمر بالإمساك عن الكلام في حكمهم في الآخرة مطلقا عن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير من رؤوس التابعين وغيرهما وقد ضعف أبو البركات النسفي رواية التوقف عن أبي حنيفة وقال الرواية الصحيحة عنه أنهم في المشيئة لظاهر الحديث الصحيح الله أعلم بما كانوا عاملين وقد حكى فيهم الإمام النووي ثلاثة مذاهب الأول أنهم في النار
الثاني التوقف
الثالث الذي صححه أنهم في الجنة لحديث كل مولود يولد على الفطرة ويميل إليه ما مر عن محمد بن الحسن وفيه أقوال أخر ضعيفة اه
قوله ( وتمامه في النهر ) حيث قال ويكره تمني الموت لضرر نزل به للنهي عن ذلك فإن كان ولا بد فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي كذا في السراج اه
قوله ( وسيجيء في الحظر ) أي في كتاب الحظر والإباحة ويعبر عنه بكتاب الكراهة والاستحسان وسقط من أغلب النسخ لفظ في الحظر
قوله ( ولذا اختار الخ ) أي لكونه في حال زوال عقله يغتفر ما يصدر منه اختار بعضهم زوال عقله في ذلك الوقت مخافة أن يتكلم بذلك
____________________
(2/192)
قصدا من ألم الموت ومن أن يدخل عليه الشيطان فإن ذلك الوقت وقت عروضه له
قوله ( ذكره الكمال ) وقال أيضا وبعضهم اختاروا قيامه في حال الموت
والعبد الضعيف مؤلف هذه الكلمات فوض أمره إلى الرب الغني الكريم متوكلا عليه طالبا منه جلت عظمته أن يرحم عظيم فاقتي بالموت على الإيمان والإيقان ومن يتوكل على الله فهو حسبه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اه
وإني العبد الذليل أقول مثل قوله مستعينا بقوة الله تعالى وحوله
قوله ( لحياه ) تثنية لحي بفتح اللام بهما وهو منبت اللحية أو العظم الذي عليه الأسنان
بحر
قوله ( تحسينا له ) إذا لو ترك فظع منظره ولئلا يدخل فاه الهوام والماء عند غسله
إمداد
قوله ( ثم تمد أعضاؤه ) أي لئلا يبقى مقوسا كما في شرح المنية وفي الإمداد وتلين مفاصله وأصابعه بأن يرد ساعده لعضده وساقه لفخذه وفخذه لبطنه ويردها ملينة ليسهل غسله وإدراجه في الكفن
قوله ( ويوضع الخ ) يخالف ما مر من أن توجيهه على يمينه هو السنة لأن هذا الوضع لا يكون إلا مع الاستلقاء إلا أن يقال إن ذاك عند الاحتضار إلى خروج الروح وهذا بعده
قوله ( لئلا ينتفخ ) لأن الحديد يدفع النفخ لسر فيه وإن لم يوجد فيوضع شيء ثقيل
إمداد
قوله ( ويخرج من عنده الخ ) في النهر وينبغي إخراج الحائض الخ وفي نور الإيضاح واختلف في إخراج الحائض
قوله ( ويعلم به جيرانه الخ ) قال في النهاية فإن كان عالما أو زاهدا أو ممن يتبرك به فقد استحسن بعض المتأخرين النداء في الأسواق لجنازته وهو الأصح اه
ولكن لا يكون على جهة التفخيم وتمامه في الإمداد
قوله ( ويسرع في جهازه ) لما رواه أبو داود عنه لما عاد طلحة بن البراء وانصرف قال ما أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فإذا مات فآذنوني حتى أصلي عليه وعجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله والصارف عن وجوب التعجيل الاحتياط للروح الشريفة فإنه يحتمل الإغماء
وقد قال الأطباء إن كثيرين ممن يموتون بالسكتة ظاهرا يدفنون أحياء لأن يعسر إدراك الموت الحقيقي بها إلا على أفاضل الأطباء فيتعين التأخير فيها إلى ظهور اليقين بنحو التغير
إمداد وفي الجوهرة وإن مات فجأة ترك حتى يتيقن بموته
مطلب في القراءة عند الميت قوله ( ويقرأ عنده القرآن الخ ) في بعض النسخ ولا يقرأ ب لا والصواب إسقاطها لأني لم أرها في نسختين من القهستاني ولا في النتف ولا في البحر نعم بذكرها لا يبقى مخالفة بين ما في النتف وما في الزيلعي ولا يحتاج إلى تفسير صاحب البحر برفع الروح فافهم والأنسب ذكر هذا البحث عند قول المصنف الآتي تريبا وكره قراءة قرآن عنده قوله ( قلت الخ ) أقول راجعت النتف فرأيت فيها كما نقله القهستاني فالظاهر أن قوله إلى الغسل سقط من نسحة صاحب البحر وتبعه الشارح بلا مراجعة لعبارة النتف نعم في شرح درر البحار وقرىء عنده القرآن
____________________
(2/193)
إلى أن يرفع اه
ومثله في المعراج عن المنتقى لكن قال عقبه وأصحابنا كرهوا القراءة بعد موته حتى يغسل فأفاد حمل ما في المنتقى على ما قبل الموت أن المراد بالرفع رفع الروح والله أعلم
قوله ( قيل نجاسة خبث ) لأن الآدمي حيوان دموي فيتنجس بالموت كسائر الحيوانات وهو قول عامة المشايخ وهو الأظهر
بدائع وصححه في الكافي
قلت ويؤيده إطلاق محمد نجاسة غسالته وكذا قولهم لو وقع في بئر قبل غسله نجسها وكذا لو حمل ميتا قبل غسله وصلى به لم تصح صلاته وعليه فإنما يطهر بالغسل كرامة للمسلم ولذا لو كان كافرا نجس البئر ولو بعد غسله كما قدمنا ذلك كله في الطهارة
قوله ( وقيل حدث ) يؤيده ما ذكره في البحر من كتاب الطهارة أن الأصح كون غسالته مستعملة وأن محمدا أطلق نجاستها لأنها لا تخلو من النجاسة غالبا
قلت لكن ينافيه ما مر من الفروع إلا أن يقال ببنائها على قول العامة
قال في فتح القدير وقد روي في حديث أبي هريرة سبحان الله إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا فإن صحت وجب ترجيح أنه للحدث اه
وقال في الحلية وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم فيترجح القول بأنه حدث اه
قلت ويظهر لي إمكان الجواب بأن المراد بنفي النجاسة عن المسلم في الحديث النجاسة الدائمة فيكون احترازا عن الكافر فإن نجاسته دائمة لا تزول بغسله
ويؤيد ذلك أنه لو كان المراد نفي النجاسة مطلقا لزم أنه لو أصابته نجاسة خارجية لا ينجس مع أنه خلاف الواقع فتعين ما قلنا وحينئذ فليس في الحديث دلالة على أن المراد بنجاسته نجاسة حدث فتأمل ذلك بإنصاف
قوله ( كقراءة المحدث ) فإنه إذا جاز للمحدث حدثا أصغر القراءة فجوازها عند الميت المحدث بالأولى لكن كان المناسب أن يقول كالقراءة عند الجنب لأن حدث الموت موجب للغسل فهو أشبه بالجنابة وإن لم يكن جنابة بدليل أنهم ذكروا أن حدثه بسبب استرخاء المفاصل وزوال العقل قبل الموت فكان ينبغي اقتصاره على أعضاء الوضوء لكن القياس في حدث الحي غسل جميع البدن واقتصر على الأعضاء للحرج لتكرره كل يوم بخلاف الجنابة والموت شبيه بالجنابة في أنه لا يتكرر فأخذوا بالقياس فيه لأنه لا يتكرر فلا حرج في غسل جميع البدن
تنبيه الحاصل أن الموت إن كان حدثا فلا كراهة في القراءة عنده وإن كان نجسا كرهت
وعلى الأول يحمل ما في النتف وعلى الثاني ما في الزيلعي وغيره
وذكر ط أن محل الكراهة إذا كان قريبا منه أما إذا بعد عنه بالقراءة فلا كراهة اه
قلت والظاهر أن هذا أيضا إذا لم يكن الميت مسجى بثوب يستر جميع بدنه لأنه لو صلى فوق نجاسة على حائل من ثوب أو حصير لا يكره فيما يظهر فكذا أذا قرأ عند نجاسة مستورة وكذا ينبغي تقييد الكراهة بما إذا قرأ جهرا
قال في الخانية وتكره قراءة القرآن في موضع النجاسة كالمغتسل والمخرج والمسلخ وما أشبه ذلك وأما في الحمام فإن لم يكن فيه أحد مكشوف العورة وكان الحمام طاهرا لا بأس بأن يرفع صوته بالقراء وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه ولا يرفع صوته فلا بأس به ولا بأس بالتسبيح والتهليل وإن رفع صوته اه
وفي القنية لا بأس بالقراءة راكبا أو ماشيا إذا لم يكن ذلك الموضع معدا للنجاسة فإن كان يكره اه
وفيها لا بأس بالصلاة حذاء البالوعة إذا لم تكن بقربه اه
____________________
(2/194)
فتحصل من هذا أن الموضع إن كان معدا للنجاسة كالمخرج والمسلخ كرهت القراءة مطلقا وإلا فإن لم يكن هناك نجاسة ولا أحد مكشوف العورة فلا كراهة مطلقا وإن كان فإنه يكره رفع الصوت فقط إن كانت النجاسة قريبة فتأمل
قوله ( كما مات ) هذه الكاف الداخلة على ما تسمى كاف المبادرة مثل سلم كما تدخل كما في المغني أي أنه يوضع على السرير عقب تيقن موته وقيده القدوري بما إذا أرادوا غسله والأول أشبه في الزيلعي
قوله ( في الأصح ) وقيل يوضع إلى القبلة طولا وقيل عرضا كما في القبر
أفاده في البحر
قوله ( مجمر ) أي مبخر وفي إشارة إلى أن السرير يجمر قبل وضعه عليه تعظيما وإزالة للرائحة الكريهة منه
نهر
قوله ( إلى سبع فقط ) أي بأن تدار المجمرة حول السرير مرة أو ثلاثا أو خمسا أو سبعا ولا يزاد عليها كما في الفتح و الكافي و النهاية وفي التبيين لا يزاد على خمسة
قوله ( ككفنه ) فإنه يجمر وترا أيضا ط
قوله ( وعند موته ) أفاده بقوله سابقا ويحضر عنده الطيب ط
قوله ( فهي ثلاث الخ ) قال في الفتح وجميع ما يجمر فيه الميت ثلاث عند خروج روحه لإزالة الرائحة الكريهة وعند غسله وعند تكفينه ولا يجمر خلفه ولا في القبر لما روي لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار اه
قوله ( عبارة الزيلعي الخ ) أشار بنقل العبارتين إلى أن قول المصنف إلى تمام غسله غير قيد لأنه يطهر بغسله مرة فلا يتوقف على التمام فافهم
قوله ( وتستر عورته الغليظة فقط ) أي القبل والدبر وعللوه بأنه أيسر وببطلان الشهوة والظاهر أنه بيان للواجب بمعنى أنه لا يأثم بذلك لا لكون المطلوب الاقتصار على ذلك
تأمل
قوله ( صححه الزيلعي وغيره ) والأول صححه في الهداية وغيرها لكن قال في شرح المنية إن الثاني هو المأخوذ به لقوله عليه الصلاة والسلام لعلي لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت لأن ما كان عورة لا يسقط بالموت ولذا لا يجوز مسه حتى لو ماتت بين رجال أجانب يممها رجل بخرقة ولا يمسها الخ
وفي الشرنبلالية وهذا شامل للمرأة والرجل لأن عورة المرأة كالرجل للرجل
قوله ( مثلها ) ليس بقيد فالمراد ما يمنع المس ط
قوله ( لحرمة اللمس كالنظر ) يفيد هذا التعليل أن الصغير الذي لا عورة له لا يضر عدم ستره ط
قوله ( ويجرد من ثيابه ) ليمكنهم التنظيف لأن المقصود من الغسل هو التطهير والتطهير لا يحصل مع ثيابه لأن الثوب متى تنجس بالغسالة تنجس به بدنه ثانيا بنجاسة الثوب فلا يفيد الغسل فيجب التجريد كذا في العناية وظاهره أن الوجوب على ظاهره
قوله ( كما مات ) لأن الثياب تحمى عليه فيسرع إليه التغير
بحر
قوله ( من خواصه ) لما روى أبو داود أنهم قالوا نجرده كما نجرد موتانا أم نغسله في ثيابه فسمعوا من ناحية البيت اغسلوا رسول الله وعليه ثيابه قال ابن عبد البر روي ذلك عن عائشة من وجه صحيح فدل هذا أن عادتهم كانت تجريد موتاهم للغسل في زمنه
شرح المنية
زاد في المعراج وغسله ليس للتطهير لأنه كان طاهرا حيا وميتا
قوله ( ويوضأ من يؤمر بالصلاة ) خرج الصبي الذي لم يعقل لأنه لم يكن بحيث يصلي
قاله الحلواني
وهذا التوجيه ليس بقوي إذ يقال إن هذا الوضوء سنة الغسل المفروض للميت لا تعلق لكون الميت بحيث يصلي أو لا كما في المجنون
شرح المنية
ومقتضاه
____________________
(2/195)
أنه لا كلام في أن المجنون يوضأ وأن الصبي الذي لا يعقل الصلاة يوضأ أيضا على خلاف ما يقتضيه توجيه الحلواني من أنهما لا يوضئان
قوله ( للحرج ) إذ لا يمكن إخراج الماء أو يعسر فيتركان
زيلعي
قوله ( بخرقة ) أي يجعلها الغاسل في أصبعه يمسح بها أسنانه ولهاته ولثته ويدخلها منخره أيضا
بحر
قوله ( وعليه العمل اليوم ) قائله شمس الأئمة الحلواني كما في الإمداد عن التاترخانية
قوله ( ولو كان جنبا الخ ) نقل أبو السعود عن سرح الكنز للشلبي أن ما ذكره الخلخالي أي في شرح القدوري من أن الجنب يمضمض ويستنشق غريب مخالف لعامة الكتب اه
قلت وقال الرملي أيضا في حاشية البحر إطلاق المتون والشروح والفتاوى يشمل من مات جنبا ولم أر من صرح به لكن الإطلاق يدخله والعلة تقتضيه اه
وما نقله أبو السعود عن الزيلعي من قوله بلا مضمضة واستنشاق ولو جنبا صريح في ذلك لكني لم أره في الزيلعي
قوله ( اتفاقا ) لم أجده في الإمداد ولا في شرح المقدسي
قوله ( ويبدأ بوجهه ) أي لا يغسل يديه أولا إلى الرسغين كالجنب لأن الجنب يغسل نفسه بيديه فيحتاج إلى تنظيفهما أولا والميت يغسل بيد الغاسل
قوله ( ويمسح رأسه ) أي في الوضوء وهو ظاهر الرواية كالجنب
بحر
تنبيه لم يذكر الاستنجاء للاختلاف فيه
فعندهما يستنجي وعند أبي يوسف لا
وصورته أن يلف الغاسل على يديه خرقة ويغسل السوأة لأن مسها حرام كالنظر
جوهرة
قوله ( مغلي ) بضم الميم اسم مفعول من الإغلاء لا من الغلي والغليان لأنه لازم واسم المفعول إنما ينبى من المتعدي ح وإنما طلب تسخينه مبالغة في التنظيف
قوله ( ورق النبق ) بفتح النون وكسرها وبسكون الباء الموحدة وككتف كما يعلم من القاموس
وفي التذكرة السدر شجر معروف وثمره هو النبق وسحيق ورقه يلحم الجراح ويقلع الأوساخ وينقي البشرة وينعمها ويشد الشعر
ومن خواصه أنه يطرد الهوام ويشد العصب ويمنع الميت من البلاء اه
وفي القاموس أيضا النبق حمل السدر وبه علم أن السدر هو الشجر والنبق الثمر فإضافة الورق إلى النبق لأدنى ملابسة وتفسير السدر بالورق بيان للمراد منه فالأحسن في التعبير قول المعراج السدر شجرة النبق والمراد ورقه اه
قوله ( فسكون ) في الشرنبلالية أنه يجوز في الراء السكون والضم كما في الصحاح
قوله ( الأشنان ) بضم الهمزة وكسرها كما في القاموس وقيده الكمال وغيره بغير المطحون
قوله ( وإلا فما خالص مغلي ) أي إغلاء وسطا لأن الميت يتأذى بما يتأذى به الحي ط
وأفاد كلامه أن الحار أفضل سواء كان عليه وسخ أو لا
نهر
قوله ( بالخطمي ) في المصباح أنه مشدد الياء وكسر الخاء أكثر
من الفتح
قوله ( نبت بالعراق ) طيب الرائحة يعمل على الصابون
نهر
قوله ( هذا الخ ) الإشارة إلى قوله ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي الخ
قوله ( ويضجع الخ ) هذا أول الغسل المرتب وأما قوله وصب عليه ماء مغلي الخ وقوله وإلا فالقراح وقوله وغسل رأسه بالخطمي يفعل قبل الترتيب الآتي
وعبارة الشرنبلالية ويفعل هذا قبل الترتيب الآتي ليبتل ما عليه من الدرن اه ط
قلت لكن صريح البحر و النهر وغيرهما أن قوله وصب عليه ماء مغلي الخ ليس خارجا عن هذه الغسلات الثلاث الآتية بل هو إجمال لبيان كيفية الماء أي لبيان الماء أي لبيان الماء الذي يغسل به وهو كونه مغلي بسدر لا باردا ولا
____________________
(2/196)
قراحا وكذا قال في الفتح وإذا فرغ من الوضوء غسل رأسه ولحيته بالخطمي ثم يضجعه الخ ومثله في الجوهرة
نعم اختلفوا في شيء وهو أنه في الهداية لم يفصل في الغسلات بين القراح وغيره وهو ظاهر كلام الحاكم وذكر شيخ الإسلام أن الأولى بالقراح أي الماء الخالص والثانية بالمغلي فيه سدر والثالث بالذي فيه كافور
قال في الفتح والأولى كون الأوليين بالسدر كما هو ظاهر الهداية لما في أبي داود بسند صحيح أن أم عطية تغسل بالسدر مرتين والثالث بالماء والكافور
قوله ( إلى ما يلي التخت منه ) بالخاء المعجمة أي السرير و منه بيان ل ما والمراد به الجانب الأسفل وكأنه لم يصرح به لئلا يتوهم أن المراد به جانب الرجلين وجوز العيني التحت بالحاء المهملة ولا يظهر من جهة المعنى والإعراب كما لا يخفى
قوله ( كذلك ) بأن يغسله إلى أن يصل الماء إلى ما يلي التخت منه وهو الجانب الأيسر وهذه غسلة ثانية كما في الفتح و البحر
وأفاد أنه لا يكب على وجهه ليغسل ظهره كما في شرح المنية عن غاية السروجي
قوله ( رفيقا ) أي مسحا برفق
قوله ( وما خرج منه يغسله ) أي تنظفيا له
بحر
قال الرملي أي لا شرطا حتى لو صلى عليه من غير غسله جاز وهذا مما لا يتوقف فيه اه
وفي الأحكام عن المحيط يمسح ما سال ويكفن
وفي كتاب الصلاة للحسن إذا سال قبل أن يكفن غسل وبعده لا اه
قلت وسيأتي تمامه في بحث الصلاة عليه
قوله ( ليحصل المسنون ) وهو تثليث الغسلات المستوعبات جسده
إمداد
قوله ( لما مر ) أي من قوله ليحصل السمنون ط
قوله ( وإن زاد ) أي عند الحاجة لكن ينبغي أن يكون وترا
ذكره في شرح مختصر الكرخي شرح المنية
قوله ( قوله جاز ) أي صح وكره بلا حاجة لأنه إسراف أو تقتير
قوله ( ولا يعاد غسله ) بضم الغين قيل وبالفتح أيضا وقيل إن أضيف إلى المغسول أي كالثوب مثلا
فتح
وإلى غيره ضم
نهر
قوله ( لبقائه بالموت ) أي لأن الموت حدث كالخارج فلما لم يؤثر الموت في الوضوء وهو موجود لم يؤثر الخارج
بحر
ولأنه خرج عن التكليف بنقض الطهارة
شرح المنية
قوله ( بل لتنجسه بالموت ) قدمنا الكلام فيه قريبا
قوله ( وقد حصل ) أي الغسل وبطرو النجاسة بعده لا يعاد بل يغسل موضعها
قوله ( وينشف في ثوب ) أي كي لا تبتل أكفانه وهو طاهر كالمنديل الذي يمسح به الحي
بحر
قوله ( ندبا ) راجع إلى قوله ويجعل والأولى ذكره بلصقه ط
قوله ( على مساجده ) مواضع سجوده جمع مسجد بالفتح لا غيره وهو الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان
فتح
وسواء فيه المحرم وغيره فيطيب ويغطي رأسه
إمداد عن التاترخانية
قوله ( كرامة لها ) فإنه كان يسجد بهذه
____________________
(2/197)
الأعضاء فتختص بزيادة كرامة وصيانة لها عن سرعة الفساد
درر
قوله ( أي يكره تحريما ) لما في القنية من أن التنزيين بعد موتها والامتشاط وقطع الشعر لا يجوز
نهر فلو قطع ظفره أو شعره أدرج معه في الكفن
قهستاني عن العتابي
قوله ( ولا بأس الخ ) كذا في الزيلعي وأشار إلى أن تركه أولى
قال في الفتح وليس في الغسل استعمال القطن في الرويات الظاهرة
وعن أبي حنيفة أنه يجعل في منخريه وفمه وقال بعضهم في صماخه أيضا وقال بعضهم في دبره أيضا
قال في الظهيرية واستقبحه عامة العلماء اه
لكن في الحلية أنه منقول عن الشافعي وأبي حنيفة فإطلاق أنه قبيح ليس بصحيح اه
قوله ( ويمنع زوجها الخ ) أشار إلى ما في البحر من أن من شرط الغاسل أن يحل له النظر إلى المغسول فلا يغسل الرجل المرأة وبالعكس اه
وسيأتي ما إذا ماتت المرأة بين رجال أو بالعكس والظاهر أن هذا شرط لوجوب الغسل أو لجوازه لا لصحته
قوله ( لا من النظر إليهما على الأصح ) عزاه في المنح إلى القنية ونقل عن الخانية أنه إذا كان للمحرم يممها بيده وأما الأجنبي فبخرقة على يده ويغض بصره عن ذراعها وكذا الرجل في امرأته إلا في غض البصر اه
ولعل وجهه أن النظر أخف من المس فجاز لشبهة الاختلاف والله أعلم
قوله ( قلنا الخ ) قال في شرح المجمع لمصنفه فاطمة رضي الله تعالى عنها غسلتها أم أيمن حاضنته ورضي عنها فتحمل رواية الغسل لعلي رضي الله تعالى عنه على معنى التهيئة والقيام التام بأسبابه ولئن ثبتت الرواية فهو مختص به ألا ترى أن ابن مسعود رضي الله عنه لما اعترض عليه بذلك أجابه بقوله أما علمت أن رسول الله قال إن فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة فادعاؤه الخصوصية دليل على أن المذهب عندهم عدم الجواز اه
مطلب في حديث كل سبب ونسب منقطع إلا سببي ونسبي قلت ويدل على الخصوصية أيضا الحديث الذي ذكره الشارح وفسر بعضهم السبب فيه بالإسلام والتقوى والنسب بالانتساب ولو بالمصاهرة والرضاع ويظهر لي أن الأولى كون المراد بالسبب القرابة السببية كالزوجية والمصاهرة وبالنسب القرابة النسبية لأن سببية الإسلام والتقوى لا تنقطع عن أحد فبقيت الخصوصية في سببه ونسبه ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه فتزوجت أم كلثوم بنت علي لذلك
وأما قوله تعالى { فلا أنساب بينهم } المؤمنون 101 فهو مخصوص بغير نسبه النافع في الدنيا والآخرة وأما حديث لا أغني عنكم من الله شيئا أي أنه لا يملك ذلك إلا أن ملكه الله تعالى فإنه ينفع الأجانب بشفاعته لهم بإذن الله تعالى فكذا الأقارب وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر
قوله ( وهي لا تمنع من ذلك ) أي من تغسيل زوجها دخل بها أو لا كما في المعراج ومثله في البحر عن المجتبى
____________________
(2/198)
قلت أي لأنها تلزمها عدة الوفاة ولو لم يدخل بها وفي البدائع المرأة تغسل زوجها لأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح والنكاح بعد الموت باق إلى أن تنقضي العدة بخلاف ما إذا ماتت فلا يغسلها لانتهاء ملك النكاح لعدم المحل فصار أجنبيا وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج فإن ثبتت بأن طلقها بائنا أو ثلاثا ثم مات لا تغسله لارتفاع الملك بالإبانة الخ
قوله ( ولو ذمية ) الأولى ولو كتابية للاحتراز عن المجوسية إذا أسلم زوجها فمات لا تغسله كما في البحر إلا إذا أسلمت كما يأتي
قوله ( بشرط بقاء الزوجية ) أي إلى وقت الغسل ويأتي محترزه
قوله ( فلا يغسلونه ) تبع في النهر والصواب يغسلنه ط وهو كذلك في بعض النسخ ووجه ذلك أن أم الولد لا يبقى فيها الملك ببقاء العدة لأن الملك فيها ملك يمين وهي تعتق بموته والحرية تنافي ملك اليمين بخلاف المنكوحة المعتدة فإن حريتها لا تنافي ملك النكاح حال الحياة وأما المدبرة فلأنها تعتق ولا عدة عليها فلا تغسله بالأولى وكذا الأمة لأنها زالت عن ملكه بالموت إلى الورثة ولا يباح لأمة الغير مس عورته
بدائع ملخصا
وأما المكاتبة فلأنها صارت بعقد الكتابة حرة يدا حالا ورقبة مآلا أي عند الأداء ولذا حرم عليه وطؤها في حياته وغرم عقرها كما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى
قوله ( ولا يغسلهن ) لأن الملك يبطل بموت محله
قوله ( في الزوجية ) لم يظهر وجه في تقدير الشارح الزوجية كما قال ح وقال ط صوابه في الزوجة لأن الصلاحية للزوجة لا للزوجية اه
والأحسن التعبير بما في المعراج و البحر وغيرهما وهو أنه يشترط بقاء الزوجية عند الغسل وبه يظهر التفريع بما زاده الشارح
قوله ( لو بانت قبل موته ) أي بأي سبب من الأسباب بردتها أو بتمكينها ابنه أو طلاق فإنها لا تغسله وإن كانت في العدة
فتح أي لعدم بقاء الزوجية عند الغسل ولا عند الموت
واحترز عما لو طلقها رجعيا ثم مات في عدتها فإنها تغسله لأنه لايزيل ملك النكاح
بدائع
قوله ( بعده ) أي بعد موته
قوله ( لزوال النكاح ) لأن النكاح كان قائما بعد الموت فارتفع بالردة وبالمس بشهوة الموجب تحريم الممسوسة على أصول الماس وفروعه ولو كان المعتبر بقاء الزوجية حالة الموت كما قال به زفر لجاز لها تغسيله
قوله ( وجاز لها الخ ) الأولى في حل التركيب أن يقول وجاز لامرأة المجوسي تغسيله لو أسلم الخ ح
قوله ( اعتبارا بحالة الحياة ) فإنه لو أسلمت بعده وكان حيا يبقى النكاح ويحل المس فكذا إذا أسلمت بعد موته
قوله ( ولو بلا رأس ) وكذا يغسل لو وجد النصف مع الرأس
بحر
قوله ( لتعينه عليه ) أي لأنه صار واجبا عليه عينا ولا يجوز أخذ الأجرة على الطاعة كالمعصية وفيه أن أخذ الأجرة على الطاعة لا يجوز مطلقا عند المتقدمين وأجازه المتأخرون على تعليم القرآن والأذان والإمامة
____________________
(2/199)
للضرورة كما بين في محله ومقتضاه عدم الجواز هنا وإن وجد غيره لأنه طاعة تعين أو لا ولا يختص عدم الجواز بالواجب نعم الاستئجار على الواجب غير جائز اتفاقا كما صرح به القهستاني في الإجارات وعبارة الفتح ولا يجوز الاستئجار على غسل الميت ويجوز على الحمل والدفن وأجازه بعضهم في الغسل أيضا اه فليتأمل
قوله ( ولذا ) أي لكون النية ليست شرطا لصحة الطهارة بل شرط لإسقاط الفرض عن المكلفين
قوله ( فلا بد ) أي في تحصيل الغسل المسنون وإلا فالشرط مرة وكأنه يشير ب لا بد إلى أنه بوجوده في الماء لم يسقط غسله المسنون فضلا عن الشرط
تأمل
قوله ( وتعليله ) أي تعليل الفتح بقوله لأنا أمرنا الخ أي ولم يقل في التعليل لأنه لم يطهر ط
تنبيه اعلم أن حاصل الكلام في المقام أنه قال في التجنيس ولا بد من النية في غسله في الظاهر
وفي الخانية إذا جرى الماء على الميت أو أصابه المطر عن أبي يوسف أنه لا ينوب عن الغسل لأنا أمرنا بالغسل وذلك ليس بغسل وفي النهاية و الكفاية وغيرهما أنه لا بد منه إلا أن يحركه بنية الغسل
وقال في العناية وفيه نظر لأن الماء مزيل بطبعه وكما لا تجب النية في غسل الحي فكذا الميت ولذا قال في الخانية ميت غسله أهله من غير نية الغسل أجزأهم ذلك اه
وصرح في التجريد و الإسبيجابي و المفتاح بعد اشتراطها أيضا ووفق في فتح القدير بقوله الظاهر اشتراطها فيه لإسقاطها وجوبه عن المكلف لا لتحصيل طهارته هو وشرط صحة الصلاة عليه اه
وبحث فيه شارح المنية بأن ما مر عن أبي يوسف يفيد أن الفرض فعل الغسل منا حتى لو غسله لتعليم الغير كفى وليس فيه ما يفيد اشتراط النية لإسقاط الوجوب بحيث يستحق العقاب بتركها
وقد تقرر في الأصول أن ما وجب لغيره من الأفعال الحسية يشترط وجوده لا إيجاده كالسعي والطهارة نعم لا ينال ثواب العبادة بدونها هـ
وأقره الباقاني وأيده بما في المحيط لو وجد الميت في الماء لا بد من غسله لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ولم يوجد منهم فعل اه
فتلخص أنه لا بد في إسقاط الفرض من الفعل وأما النية فشرط لتحصيل الثواب ولذا صح تغسيل الذمية زوجها المسلم مع أن النية شرطها الإسلام فيسقط الفرض عنا بفعلنا بدون نية وهو المتبادر من قول الخانية أجزأهم ذلك بقي قول المحيط لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ظاهره أنه لا يسقط بفعل الملك
ويرد عليه قصة حنظلة غسيل الملائكة
وقد يقال إن فعلهم ذلك كان بطريق النيابة
تأمل
وسيأتي تحقيقه في باب الشهيد
هذا وقد صرح في أحكام الصغار بأن الصبي إذا غسل الميت جاز اه
ومثله ما سنذكره عن البدائع أنه لو ماتت امرأة من بين رجال ومعهم صبي غير مشتهى علموه الغسل ليغسلها وبه علم أن البلوغ غير شرط
قوله ( وفي الاختيار الخ ) استفيد منه أنه شريعة قديمة وأنه يسقط وإن لم يكن الغاسل مكلفا ولذا لم يعد أولاد أبينا آدم عليه السلام غسله ط
قوله ( فإن في دارنا الخ ) أفاد بذكر التفصيل في المكان بعد انتفاء العلامة أن العلامة مقدمة وعند فقدها يعتبر المكان في الصحيح لأنه يحصل به غلبة الظن كما في النهر عن البدائع
وفيها أن علامة المسلمون أربعة الختان والخضاب ولبس السواد وحلق العانة اه
____________________
(2/200)
قلت في زماننا لبس السواد لم يبق علامة للمسلمين
قوله ( اعتبر الأكثر ) أي في الصلاة بقرينة قوله في الاستواء واختلف في الصلاة عليهم قال في الحلية فإن كان بالمسلمين علامة فلا إشكال في إجراء أحكام المسلمين عليهم وإلا فلو المسلمين أكثر صلى عليهم وينوي بالدعاء المسلمين ولو الكفار أكثر
ففي شرح مختصر الطحاوي للإسبيجابي لا يصلى عليهم لكن يغسلون ويكفنون ويدفنون في مقابر المشركين اه
قال ط وكيفية العلم بالأكثر أن يحصى عدد المسلمين ويعلم ما ذهب منهم ويعد الموتى فيظهر الحال
قوله ( واختلف في الصلاة عليهم ) فقيل لا يصلى لأن ترك الصلاة على المسلم مشروع في الجملة كالبغاة وقطاع الطرق فكان أولى من الصلاة على الكافر لأنها غير مشروعة لقوله تعالى 9 { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } التوبة 84 وقيل يصلى ويقصد المسلمين لأنه إن عجز عن التعيين لا يعجز عن القصد كما في البدائع
قال في الحلية فعلى هذا ينبغي أن يصلى عليهم في الحالة الثانية أيضا أي حالة ما إذا كان الكفار أكثر لأنه حيث قصد المسلمين فقط لم يكن مصليا على الكفار وإلا لم تجز الصلاة عليهم في الحالة الأولى أيضا مع أن الاتفاق على الجواز فينبغي الصلاة عليهم في الأحوال الثلاث كما قالت به الأئمة الثلاث وهو أوجه قضاء لحق المسلمين بلا ارتكاب منهي عنه اه ملخصا
قوله ( ومحل دفنهم ) بالجر عطفا على الصلاة ففيه خلاف أيضا
قوله ( كدفن ذمية ) جعل الأول مشبها بهذا لأنه لا رواية فيه عن الإمام بل فيه اختلاف المشايخ قياسا على هذه المسألة فإنه اختلف فيها الصحابة رضي الله تعالى عنهم على ثلاثة أقوال فقال بعضهم تدفن في مقابرنا ترجيحا لجانب الولد وبعضهم في مقابر المشركين لأن الولد في حكم جزء منها ما دام في بطنها وقال واثلة بن الأسقع يتخذ لها مقبرة على حدة
قال في الحلية وهذا أحوط والظاهر كما أفصح به بعضهم أن المسألة مصورة فيما إذا نفخ فيه الروح وإلا دفنت في مقابر المشركين
قوله ( لأن وجه الولد لظهرها ) أي والولد مسلم تبعا لأبيه فيوجه إلى القبلة بهذه الصفة ط
قوله ( يممه المحرم الخ ) أي يمم الميت الأعم من الذكر والأنثى
وكذا قوله فالأجنبي أي فالشخص الأجنبي الصادق بذلك وأفاد أن المحرم لا يحتاج إلى خرقة لأنه يجوز له مس أعضاء التميمم بخلاف الأجنبي إلا إذا كان الميت أمة لأنها كالرجل
ثم اعلم أن هذا لم يكن مع النساء رجل لا مسلم ولا كافر ولا صبية صغيرة فلو معهن كافر علمنه الغسل لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وإن لم يوافق في الدين ولومعهن صبية لم تبلغ حد الشهوة وأطاقت غسله علمنها غسله لأن حكم العورة غير ثابت في حقها وكذا في المرأة تموت بين رجال معهم امرأة كافرة أو صبي غير مشتهى كما بسطه في البدائع
قوله ( ولو مراهقا ) المراد به هنا من بلغ حد الشهوة كما يعلم مما بعده
قوله ( وإلا فكغيره ) أي من الصغار والصغائر
قال في الفتح الصغير والصغيرة إذا لم يبلغا حد الشهوة يغسلهما الرجال والنساء وقدره في الأصل بأن يكون قبل أن يتكلم اه
قوله ( يمم لفقد ماء الخ ) قال في الفتح ولو لم يوجد ماء فيمم الميت وصلوا عليه ثم وجدوه غسلوه وصلوا عليه ثانيا عند أبي يوسف وعنه يغسل ولا تعاد الصلاة عليه ولو كفنوه وبقي منه عضو لم يغسل فإنه يغسل ذلك العضو ولو بقي نحو الأصبع لا يغسل اه
قوله ( وقيل لا ) أي يغسل ولا يصلى عليه كما علمته
____________________
(2/201)
قلت ولا يظهر الفرق بينه وبين الحي فإن الحي لو تيمم لفقد الماء وصلى ثم وجده لا يعيد ثم رأيت في شرح المنية نقلا عن السروجي هذه الرواية موافقة للأصول اه
وفيه إشعار بترجيحها لما قلنا
خاتمة يندب الغسل من غسل الميت ويكره أن يغسله جنب أو حائض
إمداد
والأول كونه أقرب الناس إليه فإن لم يحسن الغسل فأهل الأمانة والورع وينبغي للغاسل ولمن حضر إذا رأى ما يحب الميت ستره أن يستره ولا يحد إلا به لأنه غيبة وكذا إذا كان عيبا حادثا بالموت كسواد وجه ونحوه ما لم يكن مشهورا ببدعة فلا بأس بذكره تحذيرا من بدعته وإن رأى من أمارات الخير كوضاءة الوجه والتبسم ونحوه استحب إظهاره لكثرة الترحم عليه والحث على مثل عمله الحسن
شرح المنية مطلب في الكفن قوله ( ويسن في الكفن الخ ) أصل التكفين فرض كفاية وكونه على هذا الشكل مسنون
شرنبلالية
قوله ( له ) أي للرجل
قوله ( إزار الخ ) هو من القرن إلى القدم والقميص من أصل العنق إلى القدمين بلا دخريص وكمين واللفافة تزيد على ما فوق القرن والقدم ليلف فيها الميت وتربط من الأعلى والأسفل
إمداد
( والدخريص الشق الذي يفعل في قميص الحي ليتسع للمشي )
قوله ( وتكره العمامة الخ ) هي الكسر ما يلف على الرأس
قاموس
قال ط وهي محل الخلاف وأما ما يفعل على الخشبة من العمامة والزينة ببعض حلي فهو من المكروه بلا خلاف لما تقدم أنه يكره فيه كل ما كان للزينة اه
قوله ( في الأصح ) هو أحد تصحيحين
قال القهستاني واستحسن على الصحيح العمامة يعمم يمينا ويذنب ويلف ذنبه على كورة من قبل يمينه وقيل يذنب على وجهه كما في التمرتاشي وقيل هذا إذا كان الأشراف وقيل هذا إذا لم يكن في الورثة صغار وقيل لا يعمم بكل حال كما في المحيط والأصح أنه تكره العمامة بكل حال كما في الزاهدي اه
قوله ( ولا بأس بالزيادة على الثلاثة ) كذا في النهر عن غاية البيان ونقل قبله عن المجتبى الكراهة لكن قال في الحلية عن الذخيرة معزيا إلى عصام إنه إلى خمسة ليس بمكروه ولا بأس به اه
ثم قال ووجه بأن ابن عمر كفن ابنه واقدا في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاث لفائف وأدار العمامة إلى تحت حنكه
رواه سعيد بن منصور اه
قال في البحر بعد نقل الكراهة عن المجتبى واستثنى في روضة الزندوستي ما إذا وصى بأن يكفن في أربعة أو خمسة فإنه يجوز بخلاف ما إذا أوصى أن يكفن في ثوبين فإنه يكفن في ثلاثة ولو أوصى أن يكفن بألف درهم كفن كفنا وسطا اه
قلت الظاهر أن الاستثناء الذي في الروضة منقطع إذ لو كره لم تنفذ وصيته كما لم تنفذ بالأقل
تأمل
قوله ( ويحسن الكفن ) بأن يكفن بكفن مثله وهو أن ينظر إلى ثيابه في حياته للجمعة والعيدين وفي المرأة ما تلبسه لزيارة أبويها كذا في المعراج
فقول الحدادي وتكره المغالاة في الكفن يعني زيادة على كفن المثل
نهر
قوله ( لحديث الخ ) وفي صحيح مسلم عنه إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه وروى أبو داود عنه لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا وجمع بين الحديثن بأن المراد بتحسينه بياضه ونظافته لا كونه ثمينا
حلية
وهو في معنى ما مر عن النهر
قوله ( ويتفاخرون ) المراد به الفرح والسرور حيث وافق السنة والزيارة
____________________
(2/202)
وإن كانت للروح لكن للروح نوع تعلق بالجسد
قوله ( ولها ) أي ويسن في الكفن للمرأة
قوله ( أي قميص ) أشار إلى ترادفهما كما قالوا وقد فرق بينهما بأن شق الدرع إلى الصدر والقميص إلى المنكب
قهستاني
قوله ( وخمار ) بكسر الخاء ما تغطي به المرأة رأسها
قال الشيخ إسماعيل ومقداره حالة الموت ثلاثة أذرع بذراع الكرباس يرسل على وجهها ولا يلف كذا في الإيضاح والعتابي اه
قوله ( وخرقة ) والأولى أن تكون من الثديين إلى الفخذين
نهر عن الخانية
قوله ( وكفاية ) أي الاقتصار على الثوبين له كفن الكفاية لأن أدنى ما يلبس حال حياته وكفنه كسوته بعد الوفاة فيعتبر بكسوته في الحياة ولهذا تجوز صلاته فيهما بلا كراهة
معراج
وحاصله أن كفن الكفاية هو أدنى ما يكفيه بلا كراهة فهو دون كفن السنة وهل هو سنة أيضا أو واجب الذي يظهر لي الثاني ولذا كره الأقل منه كما يذكره الشارح
وقال في البحر قالوا ويكره أن يكفن في ثوب واحد حالة الاختيار لأن في حالة حياته تجوز صلاته في ثوب واحد مع الكراهة
وقالوا إذا كان بالمال قلة والورثة كثرة فكفن الكفاية أولى وعلى القلب كفن السنة أولى ومقتضاه أنه لو كان عليه ثلاثة أثواب وليس له غيرها وعليه دين أن يباع منها واحد للدين لأن الثالث ليس بواجب حتى ترك للورثة عند كثرتهم والدين أولى مع أنهم صرحوا كما في الخلاصة بأنه لا يباع شيء منها بالدين كما في حالة الحياة إذا أفلس وله ثلاثة أثواب هو لابسها لا ينزع عنه شيء ليباع اه ما في البحر وهو مأخوذ من الفتح
وقال في الفتح ولا يبعد الجواب اه
وذكر الجواب بعضهم بأن يفرق بين الميت والحي بأن عدم الأخذ من الحي لاحتياجه ولا كذلك الميت اه
أقول أنت خبير بأن الإشكال جاء من تصريحهم بعدم الفرق بين الحي والميت فأنى يصح هذا الجواب نعم يصح على ما قاله السيد في شرح السراجية من أنه إذا كان الدين مستغرقا فللغرماء المنع من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية
وقال الشارح في فراض الدر المنتقى وهل للغرماء المنع من كفن المثل قولان والصحيح نعم اه
ومثله في سكب الأنهر لكن قال أيضا ألا ترى أنه لو كان للمديون ثياب حسنة في حال حياته ويمكنه الاكتفاء بما دونها يبيعها القاضي ويقضي الدين ويشتري بالباقي ثوبا يلبسه فكذا في الميت المديون كذا اختاره الخصاف في أدب القاضي اه
ثم رأيت مثله في حاشية الرملي عن شرح السراجية المسمى ضوء السراج للكلاباذي
وحينئذ فلا إشكال ولا جواب وبه علم أن ما مر عن الخلاصة خلاف الصحيح وقد يوفق بحمل ما في الخلاصة في الحي على ما إذا لم يكتف بما دون الثلاثة وفي الميت على ما إذا لم يمنعهم الغرماء
قال في شرح قلائد المنظوم صحح العلامة حيدر في شرحه على السراجية المسمى بالمشكاة بأن للورثة تكفينه بكفن المثل ما لم يمنعهم الغرماء اه
قلت والظاهر أن المراد بعدم المنع الرضا بذلك وإلا فكيف يسوغ للورثة تقديم المسنون على الدين الواجب ثم إن هذا مؤيد لما بحثناه من أن كفن الكفاية واجب بمعنى أنه لا يجوز أقل منه عند الاختيار
ثم رأيت في شرح المقدسي قال وهذا أقل ما يجوز عند الاختيار والله تعالى أعلم
قوله ( في الأصح ) وقيل قميص ولفافة
زيلعي
قال في البحر وينبغي عدم التخصيص بالإزار واللفافة لأن كفن الكفاية معتبر بأدنى ما يلبسه الرجل في حياته من غير كراهة كما علل به في البدائع اه
قوله ( ولها ثوبان ) لم يعينهما ك الهداية وفسرهما في الفتح بالقميص واللفافة وعينهما في الكنز بالإزار واللفافة
قال في البحر والظاهر كما قدمناه عدم التعيين بل إما قميص وإزار أو إزاران
____________________
(2/203)
والثاني أولى لأن فيه زيادة في ستر الرأس والعنق
قوله ( ويكره ) أي عند الاختيار
قوله ( وأقله ما يعم البدن ) ظاهره أنه لو لم يوجد له ذلك سألوا الناس له ثوبا يعمه وأن ما دون ذلك بمنزلة العدم وإنه لا يسقط به الفرض عن المكلفين وإن كان ساترا للعورة ما لم يعم البدن لكن لا يخفى أن كفن الضرورة ما لا يصار إليه إلا عند العجز فلا يناسب تقييده بشيء ولذا عبر المصنف بما يوجد
نعم ما يعم البدن هو كفن الفرض كما صرح به في شرح المنية فيسقط به الفرض عن المكلفين لا بقيد كونه عند الضرورة لأنها تقدر بقدرها ولذا لما استشهد مصعب بن عمير رضي الله عنه يوم أحد ولم يكن عنده إلا نمرة أي كساء مخطط فكان إذا غطى به رأسه بدت رجلاه وبالعكس أمر النبي بتغطية رأسه بها ورجليه بالإذخر إلا أن يقال إن ما لا يستر البدن لا يكفي عند الضرورة أيضا بل يجب ستر باقيه بنحو حشيش كالإذخر ولذا قال الزيلعي بعد سوقه حديث مصعب وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي خلافا الشافعي اه
تأمل
قوله ( ويقمص ) أي الميت أي يلبس القميص بعد تنشيفه بخرقة كما مر
قوله ( ويلف يساره ثم يمينه ) الضميران للإزار وأشار به إلى أن كلا من الإزار واللفافة يلف وحده لأنه أمكن في الستر ط
قوله ( ليكون الأيمن على الأيسر ) اعتبار بحالة الحياة
إمداد
قوله ( تحت اللفافة ) الأوضح تحت الإزار
قوله ( ثم يفعل كما مر ) أي بأن توضع بعد إلباس الدرع والخمار على الإزار ويلف يساره الخ
قال في الفتح ولم يذكر الخرقة
وفي شرح الكنز فوق الأكفان كيلا تنتشر وعرضها ما بين ثدي المرأة إلى السرة وقيل ما بين الثدي إلى الركبة كيلا ينتشر الكفن على الفخذين وقت المشي
وفي التحفة تربط الخرقة فوق الأكفان عند الصدر فوق الثديين اه
وقال في الجوهرة وقول الخجندي تربط الخرقة على الثديين فوق الأكفان يحتمل أن يراد به تحت اللفافة وفوق الإزار والقميص وهو الظاهر اه
وفي الاختيار تلبس القميص ثم الخمار فوقه ثم تربط الخرقة فوق القميص اه
ومفاد هذه العبارات الاختلاف في عرضها وفي محل وضعها وفي زمانه
تأمل
قوله ( وخنثى مشكل كامرأة فيه ) أي فيكفن في خمسة أثواب احتياطا لأنه على احتمال كونه ذكرا فالزيادة لا تضر
قال في النهر إلا أنه يجنب الحرير والمعصفر والمزعفر احتياطا
قوله ( والمحرم كالحلال ) أي فيغطي رأسه وتطيب أكفانه خلافا للشافعي رحمه الله تعالى
قوله ( والمراهق كالبالغ ) الذكر كالذكر والأنثى كالأنثى ح
قال في البدائع لأن المراهق في حياته يخرج فيما يخرج فيه البالغ عادة
فكذا يكفن فيما يكفن فيه
قوله ( ومن لم يراهق الخ ) هذا لو ذكرا
قال في الزيلعي وأدنى ما يكفن به الصبي الصغير ثوب واحد والصبية ثوبان اه
وقال في البدائع وإن كان صبيا لم يراهق فإن كفن في خرقتين إزار ورداء فحسن وإن كفن في إزار واحد جاز وأما الصغيرة فلا بأس أن تكفن في ثوبين اه
أقول في قوله فحسن إشارة إلى أنه لو كفن بكفن البالغ يكون أحسن لما في الحلية عن الخانية و الخلاصة الطفل الذي لم يبلغ حد الشهوة الأحسن أن يكفن فيما يكفن فيه البالغ وإن كفن في ثوب واحد جاز اه
وفيه إشارة إلى أن المراد بمن لم يراهق من لم يبلغ حد الشهوة
قوله ( والسقط يلف ) أي في خرقة لأنه ليس له حرمة كاملة وكذا
____________________
(2/204)
من ولد ميتا
بدائع
قوله ( ولا يكفن ) أي لا يراعى فيه سنة الكفن وهل النفي بمعنى النهي أو بمعنى نفي اللزوم الظاهر الثاني فليتأمل
قوله ( كالعضو من الميت ) أي لو وجد طرف من أطراف إنسان أو نصفه مشقوقا طولا أو عرضا يلف في خرقة إلا إذا كان معه الرأس فيكفن كما في البدائع قال وكذا الكافر لو له ذو رحم محرم مسلم يغسله ويكفنه في خرقة لأن التكفين على وجه السنة من باب الكراهة اه
قوله ( منبوش طري ) أي بأن وجد منبوشا بلا كفن
قوله ( لم يتفسخ ) قيد به لأنه لو تفسح يكفن في ثوب واحد كما صرح به بعده والظاهر أنه بيان للمراد من قوله طري كما تشهد به المقابلة بقوله وإن تفسخ
قوله ( كالذي لم يدفن ) أي يكفن في ثلاثة أثواب
قوله ( مرة بعد أخرى ) أي لو نبش ثانيا وثالثا أكثر كفن كذلك ما دام طريا من أصل ما له عندنا ولو مديونا إلا إذا قبض الغرماء التركة فلا يسترد منهم وإن قسم ماله فعلى كل وارث بقدر نصيبه دون الغرماء وأصحاب الوصايا لأنهم أجانب
سكب الأنهر
قوله ( أحد عشر ) المذكور منها متنا خمسة الرجل والمرأة والخنثى والمنبوش الطري والمتفسخ
وذكر في الشرح ستة المحرم والمراهق ذكر أو أنثى ومن لم يراهق كذلك أو السقط لكن علمت أن المراهقة لم ينص على حكمها وقدمنا عن البدائع اثنين آخرين وهما من ولد ميتا والكافر
قوله ( ولا بأس الخ ) أشار إلى أن خلافه أولى وهو البياض من القطن
وفي جامع الفتاوى ويجوز أن يكفن الرجل من الكتان والصوف لكن الأولى القطن
وفي التاجية ويكره الصوف والشعر والجلد
وفي المحيط وغيره ويستحب البياض
إسماعيل
قوله ( ببرود ) جمع برد بالضم من برود العصب
مغرب
ثم قال والعصب من برود اليمن لأنه يعصب غزله ثم يصبغ ثم يحاك وفيه وأما البردة بالهاء فكساء مربع أسود صغير
قوله ( وفي النساء ) على تقدير مضاف أي وفي كفن النساء واحترز عن الرجال لأنه يكره لهم ذلك
قوله ( وأحبه البياض ) والجديد والغسيل فيه سواء
نهر
قوله ( أو ما كان يصلي فيه ) مروي عن ابن المبارك ط
قوله ( من لا مال له ) أما من له مال فكفنه في ماله يقدم على الدين والوصية والإرث إلى قدر السنة ما لم يتعلق به حق الغير كالرهن والمبيع قبل القبض والعبد الجاني بحر وزيلعي
وقدمنا أن للغرباء منع الورثة من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية
قوله ( على من تجب عليه نفقته ) وكفن العبد على سيده والمرهون على الراهن والمبيع في يد البائع عليه
بحر
قوله ( فعلى قدر ميراثهم ) كما كانت النفقة واجبة عليهم
فتح أي فإنها على قدر الميراث فلو له أخ لأم وأخ شقيق فعلى الأول السدس والباقي على الشقيق
أقول ومقتضى اعتبار الكفن بالنفقة أنه لو كان له ابن وبنت كان عليهما سوية كالنفقة إذ لا يعتبر الميراث في النفقة الواجبة على الفرع لأصله ولذا لو كان له ابن مسلم وابن كافر فهي عليهما ومقتضاه أيضا أنه لو كان للميت أب وابن كفنه الابن دون الأب كما في النفقة على التفاصيل الآتية في بابها إن شاء الله تعالى
تنبيه لو كفنه الحاضر من ماله ليرجع على الغائب منهم بحصته فلا رجوع له إن أنفق بلا إذن القاضي
حاوي الزاهدي
واستنبط منه الخير الرملي أنه لو كفن الزوجة غير زوجها بلا إذنه ولا إذن القاضي فهو متبرع
____________________
(2/205)
مطلب في كفن الزوجة على الزوج قوله ( واختلف في الزوج أي وجوب كفن زوجته عليه
قوله ( عند الثاني ) أي أبي يوسف وأما عند محمد فلا يلزمه لانقطاع الزوجية بالموت
وفي البحر عن المجتبى أنه لا رواية عن أبي حنيفة لكن ذكر في شرح المنية عن شرح السراجية لمصنفها أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف
قوله ( وإن تركت مالا الخ ) اعلم أنه اختلفت العبارات في تحرير قول أبي يوسف ففي الخانية و الخلاصة و الظهيرية أنه يلزمه كفنها وإن تركت مالا وعليه الفتوى
وفي المحيط و التجنيس و الواقعات و شرح المجمع لمصنفه إذا لم يكن لها مال فكفنها على الزوج وعليه الفتوى
وفي شرح المجمع لمصنفه إذا ماتت ولا مال لها فعلى الزوج المسر اه
ومثله في الأحكام عن المبتغى بزيادة وعليه الفتوى ومقتضاه أنه لو معسرا لا يلزمه اتفاقا
وفي الأحكام أيضا عن العيون كفنها في مالها إن كان وإلا فعلى الزوج ولو معسرا ففي بيت المال اه
والذي اختاره في البحر لزومه عليه موسرا أو لا لها مال أو لا لأنه ككسوتها وهي واجبة عليها مطلقا
قال وصححه في نفقات الولوالجية اه
قلت وعبارتها إذا ماتت المرأة ولا مال لها قال أبو يوسف يجبر الزوج على كفنها والأصل فيه أن من يجبر على نفقته في حياته يجبر عليها بعد موته وقال محمد لا يجبر الزوج والصحيح الأول اه فليتأمل
تنبيه قال في الحلية ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع يمنع الوجوب عليه حالة الموت من نشوزها أو صغرها ونحو ذلك اه
وهو وجيه لأنه إذا اعتبر لزوم الكفن بلزوم النفقة سقط بما يسقطها
ثم اعلم أن الواجب عليه تكفيها وتجهيزها الشرعيان من كفن السنة أو الكفاية وحنوط وأجرة غسل وحمل ودفن دون ما ابتدع في زماننا من مهللين وقراء ومغنين وطعام ثلاثة أيام ونحو ذلك ومن فعل ذلك بدون رضا بقية الورثة البالغين يضمنه في ماله
قوله ( فإن لم يكن بيت المال معمورا ) أي بأن لم يكن فيه شيء أو منتظما أي مستقيما بأن كان عامرا ولا يصرف مصارفه ط
قوله ( فعلى المسلمين ) أي العالمين به وهو فرض كفاية يأثم بتركه جميع من علم به ط
قوله ( فإن لم يقدروا ) أي من علم منهم بأن كانوا فقراء
قوله ( وإلا كفن به مثله ) هذا لم يذكره في المجتبى بل زاده عليه في البحر عن التنجيس و الواقعات
قلت وفي مختارات النوازل لصاحب الهداية فقير مات فجمع من الناس الدراهم وكفنون وفضل شيء إن عرف صاحبه يرد عليه وإلا يصرف إلى كفن فقير آخر أو يتصدق به
قوله ( وظاهره الخ ) أي ظاهر قوله ثوبا وهذا بحث لصاحب النهر لكن قال في مختارات النوازل بعد ما نقلناه عنه ولا يجمع من الناس إلا قدر كفايته اه
فتأمل
ثم رأيت في الأحكام عن عمدة المفتي ولا يجمعون من الناس إلا قدر ثوب واحد اه
قوله ( لا يلزمه تكفينه به ) لأنه محتاج إليه فلو كان الثوب للميت والحي وارثه يكفن به الميت لأنه مقدم على الميراث
بحر
إلا إذا كان الحي
____________________
(2/206)
مضطرا إليه لبرد أو سبب يخشى منه التلف كما لو كان للميت ماء وهناك مضطر إليه لعطش قدم على غسله
شرح المنية
قوله ( ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع ) حتى لو افترس الميت سبع كان للمتبرع لا للورثة
نهر أي إن لم يكن وهبه لهم كما في الأحكام عن المحيط
مطلب في صلاة الجنازة قوله ( صفتها الخ ) ذكر صفتها وشرطها وركنها وسننها وكيفيتها والأحق بها
قال القهستاني وسبب وجوبها الميت المسلم كما في الخلاصة ووقتها وقت حضوره ولذا قدمت على سنة المغرب كما في الخزانة اه
وفي البحر ويفسدها ما أفسد الصلاة إلا المحاذاة كما في البدائع وتكره في الأوقات المكروهة ولو أحدث الإمام فاستخلف غيره فيها جاز هو الصحيح كذا في الظهيرية اه
قوله ( بالإجماع ) وما في بعض العبارات من أنها واجبة فالمراد الافتراض
بحر
لكن في القهستاني عن النظم قيل إنها سنة اه
قلت يمكن تأويله بثبوتها بالسنة كما في نظائره لكن ينافيه التصريح بالإجماع إلا أن يقال إن الإجماع سنده السنة كقوله صلوا على كل بر وفاجر
وأما قوله تعالى { وصل عليهم } التوبة 103 فقيل إنه دليل الفرضية لكن رد كما في النهر بإجماع المفسرين على أن المأمور به هو الدعاء والاستغفار للمتصدق اه
هذا واستشكل المحقق ابن الهمام في التحرير وجوبها بسقوطها بفعل الصبي
قال والجواب بأن المقصود الفعل لا يدفع الوارد من لفظ الوجوب اه أي لأن الوجوب على المكلفين فلا بد من صدور الفعل منهم وذكر شارحه المحقق ابن أمير حاج أن سقوطها بفعل الصبي المميز هو الأصح عند الشافعية
قال ولا يحضرني هذا منقولا فيما وقفت عليه من كتبنا وإنما ظاهر أصول المذهب عدم السقوط اه
ويأتي تمام الكلام قريبا
قوله ( وشرطها ) أي شرط صحتها
وأما شروط وجوبها فهي شروط بقية الصلوات من القدرة والعقل والبلوغ والإسلام مع زيادة العلم بموته
تأمل
قوله ( ستة ) ثلاثة في المتن وثلاثة في الشرح وهي ستر العورة وحضور الميت وكونه أو أكثره أمام المصلي وزاد أيضا سابعا وهو بلوغ الإمام
ثم هذه الشروط راجعة إلى البيت وأما الشروط التي ترجع إلى المصلي فهي شروط بقية الصلوات من الطهارة الحقيقية بدنا وثوبا ومكانا والحكمية وستر العورة والاستقبال والنية سوى الوقت
قوله ( سلام الميت ) أي ولو بطريق التبعية لأحد أبوية أو للدار أو للسابي كما سيأتي والمراد بالميت من مات بعد ولادته حيا لا لبغي أو قطع أو مكابرة في مصر أو قتل لأحد أبويه أو قتل لنفسه كما يأتي بيان ذلك كله
قوله ( ما لم يهل عليه التراب ) أما لو دفن بلا غسل ولم يهل عليه التراب فإنه يخرج ويغسل ويصلى عليه
جوهرة
قوله ( فيصلى على قبره بلا غسل ) أي قبل أن يتفسخ كما سيأتي عند قول المصنف وإن دفن بلا صلاة
هذا وذكر في البحر هناك أن الصلاة عليه إذا دفن بلا غسل رواية ابن سماعة عن محمد وأنه صحح في غاية البيان معزيا إلى القدوري وصاحب التحفة أنه لا يصلى على قبره لأنها بلا غسل غير مشروعة
رملي
ويأتي تمام الكلام عليه
قوله ( وإن صلى عليه أو لا ) أي ثم تذكروا أنه دفن بلا غسل
قوله ( استحسانا )
____________________
(2/207)
لأن تلك الصلاة لم يعتد بها لترك الطهارة مع الإمكان والآن زال الإمكان وسقطت فريضة الغسل
جوهرة
قوله ( وفي القنية الخ ) مثله في المفتاح و المجتبى معزيا إلى التجريد
إسماعيل
لكن في التاترخانية سئل قاضيخان عن طهارة مكان الميت هل تشترط لجواز الصلاة عليه قال إن كان الميت على الجنازة لا شك أنه يجوز وإلا فلا رواية لهذا وينبغي الجواز وهكذا أجاب القاضي بدر الدين اه
وفي ط عن الخزانة وإذا تنجس الكفن بنجاسة الميت لا يضر دفعا للحرج بخلاف الكفن المتنجس ابتداء اه
وكذا لو تنجس بدنه بما خرج منه إن كان قبل أن يكفن غسل وبعده لا كما قدمناه في الغسل فيقيد ما في القنية بغير النجاسة الخارجة من الميت
أعيدت لأنه لا صحة لها بدون الطهارة وإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة القوم
بحر
قوله ( وبعكسه لا ) أي لا تعاد لصحة صلاة الإمام وإن لم تصح صلاة من خلفه
قوله ( كما لو أمت امرأة ) أي أمت رجلا فإن صلاتها تصح وإن لم يصح الاقتداء بها
قوله ( ولو أمة ) ساقط من بعض النسخ
قوله ( لسقوط فرضها بواحد ) أي بشخص واحد رجلا كان أو امرأة فهو تعليل لمسألة العكس ومسألة المرأة
قال في البحر والحلية وبهذا تبين أنه لا تجب صلاة الجماعة فيها اه
ومثله في البدائع
قوله ( وبقي من الشروط بلوغ الإمام ) الأولى ذكر ذلك بعد تمام الشروط لأنه شرط سابع زائد على الستة فافهم
وإنما أمر بالتأمل لأنه مذكور بحثا لا نقلا
مطلب هل يسقط فرض الكفاية بفعل الصبي قال الإمام الأسروشني في كتاب أحكام الصغار الصبي إذا غسل الميت جاز وإذا أم في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز وهو الظاهر لأنها من فروض الكفاية وهو ليس من أهل أداء الفرض ولكن يشكل برد السلام إذا سلم على قوم فرد صبي جواب السلام اه
أقول حاصله أنها لا تسقط عن البالغين بفعله لأن صلاتهم لم تصح لفقد شرط الاقتداء وهو بلوغ الإمام وصلاته وإن صحت لنفسه لا تقع فرضا لأنه ليس من أهله وعليه فلو صلى وحده لا يسقط الفرض عنهم بفعله بخلاف المرأة لو صلت إماما أو وحدها كما مر لكن يشكل على ذلك مسألة السلام وكذا جواز تغسيله للميت مع أنه فرض أيضا وقدمنا عن التحرير قريبا استشكال سقوط الصلاة بفعله
وعن شارحه أنه لم يره وأن ظاهر أصول المذهب عدم السقوط لكن نقل في الأحكام عن جامع الفتاوى سقوطها بفعلها كرد السلام ونقل بعده عن السراجية أنه يشترط بلوغه
قلت يمكن حمل الثاني على أن البلوغ شرط لكونه إماما فلا ينافي السقوط بفعله كما في التغسيل ورد السلام وكونه ليس من أهل أداء الفرض لا ينافي ذلك كما حققناه في باب الإمام عند قوله ولا يصح اقتداء رجل بامرأة فراجعه
قوله ( حضوره ) أي كله أو أكثره كالنصف مع الرأس كما مر
قوله ( ووضعه ) أي على الأرض أو على الأيدي قريبا منها
قوله ( وكونه هو أو أكثره أمام المصلي ) المناسب ذكر قوله هو أو أكثره بعد قوله حضوره لأنه احترز عن كونه خلفه مع أنه يوهم اشتراط محاذاته للميت أو أكثره وليس كذلك فقد ذكر القهستاني عن التحفة أن ركنها القيام ومحاذاته إلى جزء من أجزاء الميت اه
لكن فيه نظر بل الأقرب كون المحاذاة
____________________
(2/208)
شرطا فيزاد على السبعة المذكورة ثم هذا ظاهر إذا كان الميت واحدا وإلا فيحاذي واحدا منهم بدليل ما سيأتي من التخيير في وضعهم صفا طولا أو عرضا
تأمل
ثم رأيته في ط
ثم قال إن هذا ظاهر في الإمام لأن صف المؤتمين قد يخرج عن المحاذاة
قوله ( فلا تصح ) بيان لمحترزات الشروط الثلاثة الأخيرة على اللف والنشر المرتب
قوله ( على نحو دابة ) أي كمحمول على أيدي الناس فلا تجوز في المختار إلا من عذر
إمداد عن الزيلعي
وهذا لو حملت على الأيدي ابتداء أما لو سبق ببعض التكبيرات فإنه يأتي بعد سلام الإمام بما فاته وإن رفعت على الأيدي قبل أن توضع على الأكتاف كما سيأتي
قوله ( لأن كالإمام من وجه ) لاشتراط هذه الشروط وعدم صحتها بفقدها أو فقد بعضها
قوله ( لصحتها على الصبي ) أي والمرأة وهذا علة لقوله دون وجه إذ لو كان إماما من كل وجه لما صحت على الصبي ونحوه
قوله ( على النجاشي ) بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح وتكسر نونها أو هو أفصح ملك الحبشة اسمه أصحمة
قاموس
وذكر في المغرب أنه بتخفيف الياء سماعا من الثقات وأن تشديد الجيم فيه خطأ وأن السين في أصحمة تصحيف
قوله ( لغوية ) أي المراد بها مجرد الدعاء وهو بعيد
قوله ( أو خصوصية ) أو لأنه رفع سريره حتى رآه عليه الصلاة والسلام بحضرته فتكون صلاة من خلفه على ميت يراه الإمام وبحضرته دون المأمومين وهذا غير مانع من الاقتداء
فتح واستدل لهذين الاحتمالين بما لا مزيد عليه فارجع إليه من جملة ذلك أنه توفي خلق كثير من أصحابه من أعزهم عليه القراء ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم مع حرصه على ذلك حتى قال لا يموتن أحد منكم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة له
قوله ( وصحت لو وضعوا الخ ) كذا في البدائع وفسره في شرح المنية معزيا للتاترخانية بأن وضعوا رأسه مما يلي يسار الإمام اه
فأفاد أن السنة وضع رأسه مما يلي يمين الإمام كما هو المعروف الآن ولهذا علل في البدائع للإساءة بقوله لتغييرهم السنة المتوارثة ويوافقه قول الحاوي القدسي يوضع رأسه مما يلي يمين المستقبل
فما في حاشية الرحمتي من خلاف هذا فيه نظر فراجعه
قوله ( شيئان ) وأما ما في القهستاني عن التحفة من زيادة المحاذاة إلى جزء من الميت فالذي يظهر كونه شرطا لا ركنا كما قدمناه
قوله ( فلذا الخ ) أي لكونها ركنا لا شرطا لأنه لو نواها للأخرى أيضا يصير مكبرا ثلاثا وإنه لا يجوز
بحر عن المحيط
قوله ( فلم تجز قاعدا ) أي ولا راكبا
قوله ( بلا عذر ) فلو تعذر النزول لطين أو مطر جازت راكبا ولو كان الولي مريضا فصلى قاعدا والناس قياما أجزأهم عندهما
وقال محمد تجزي الإمام فقط
حلية
قوله ( التحميد والثناء ) كذا في البحر عن المحيط ومقتضى قول الشارح ثلاثة أن الثناء غير التحميد مع أنه فيما يأتي فسر الثناء بقوله سبحانك اللهم وبحمدك فعلم أن المراد بهما واحد على ما يأتي بيانه فكان عليه أن يذكر الثالث الصلاة على النبي
قوله ( وما فهمه الكمال ) تبعه شارحا المنية البرهان الحلبي وابن أمير حاج
قوله ( من أن الدعاء ركن ) قال لقولهم إن حقيقتها والمقصود منها الدعاء
____________________
(2/209)
قوله ( والتكبيرة الأولى شرط ) قال لأنها تكبيرة الإحرام
قوله ( رده في البحر بتصريحهم بخلافه ) أما الأول ففي المحيط أن الدعاء سنة وقولهم إن المسبوق يقضي التكبير نسقا بغير دعاء يدل عليه
وأما الثاني فما مر من أنه لم يجز بناء أخرى عليها وقولهم إن التكبيرات الأربع قائمة مقام أربع ركعات اه
قلت ما نقله عن المحيط من أن الدعاء سنة
قال في الحلية في نظر ظاهر فقد صرحوا عن آخرهم بأن صلاة الجنازة هي الدعاء للميت إذ هو المقصود منها اه
وأما قولهم إن المسبوق يقضي التكبير نسقا بغير دعاء فقد قال في شرح المنية إن الإمام يتحمله عنه أي فلا ينافي ركنيته كما يتحمل عنه القراءة وهي ركن أيضا اه
لكن تحمل القراءة في حالة الاقتداء أما بعد الفراغ فيأتي المسبوق بها
وقد يقال يتحمل الإمام الدعاء عن المسبوق لضرورة تصحيح صلاته لأن الكلام فيما إذا خيف رفع الجنازة وأتى بالتكبيرات نسقا
تأمل
أقول وتقدم في باب شروط الصلاة أن المصلي ينوي مع الصلاة لله تعالى الدعاء للميت وعلله الشارح هناك بأنه الواجب عليه ونقلناه هناك عن الزيلعي و البحر و النهر فهذا مؤيد لما اختاره المحقق والله الموفق
وأما عدم جواز بناء أخرى عليها فلكونها قائمة مقام ركعة وكونها كذلك لا يلزم منه أن تكون ركنا من كل وجه إذ لا شك أنها تحريمة يدخل بها في الصلاة ولذا خصت برفع الأيدي فهي شرط من وجه ركن من وجه فتدبر
قوله ( وهي فرض على كل مسلم مات ) لفظ على بمعنى اللام التعليلية مثل { ولتكبروا الله على ما هداكم } البقرة 185 أو متعلق بمحذوف خبر ثان للضمير المبتدأ أو متعلق به لأنه عائد للصلاة بمعنى المصدر والتقدير والصلاة على كل مسلم مات فرض أي مفترض على المكلفين ولو أسقط الشارح لفظ فرض لكان أصوب لأنه تقدم تصريح المصنف به ولئلا يوهم تعلق الجار به فيفسد المعنى فتدبر
قوله ( خلا أربعة ) بالجر على أن خلا حرف استثناء
قوله ( بغاة ) هم قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام بغير حق
قوله ( فلا يغسلوا الخ ) في نسخة فلا يغسلون وهي أصوب وإنما لم يغسلوا ولم يصل عليهم إهانة لهم وزجرا لغيرهم عن فعلهم
وصرح بنفي غسلهم لأنه قيل يغسلون ولا يصلى عليهم للفرق بينهم وبين الشهيد كما ذكره الزيلعي وغيره وهذا القيل رواية
وفيه إشارة إلى ضعفها لكن مشى عليها في الدرر و الوقاية
وفي التاترخانية وعليه الفتوى
قوله ( ولو بعده الخ ) قال الزيلعي وأما إذا قتلوا بعد ثبوت يد الإمام عليهم فإنهم يغسلون ويصلى عليهم وهذا تفصيل حسن أخذ به كبار المشايخ لأن قتل قاطع الطريق في هذه الحالة حد أو قصاص ومن قتل بذلك يغسل ويصلى عليه وقتل الباغي في هذه الحالة للسياسة أو لكسر شوكتهم فينزل منزلته لعود نفعه إلى العامة اه
وقوله أو قصاص أي بأن كان ثم ما يسقط الحد كقطعة على محرم ونحوه مما ذكر في بابه وقد علم من هذا التفصيل أنه لو مات أحدهم حتف أنفه قبل الأخذ أو بعده يصلى عليه كما بحثه في الحلية وقال ولم أره صريحا
____________________
(2/210)
قلت وفي الأحكام عن أبي الليث ولو قتلوا في غير الحرب أو ماتوا يصلى عليهم اه
وهو صريح في المطلوب
قوله ( وكذا أهل عصبة ) بضم فسكون وفي نسخة عصبية
وفي نهاية ابن الأثير العصبية والتعصب المحاماة والمدافعة
والعصبي من يعين قومه على الظلم والذي يغضب لعصبته ومنه الحديث ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية قال في شرح درر البحار وفي النوازل وجعل مشايخنا المقتولين في العصبية في حكم أهل البغي على هذا التفصيل
وفي المغني جعل الدروازكي والكلاباذي كالباغي وكذا الواقفون الناظرون إليهما إن أصابهم حجر أو غيره وماتوا في تلك الحالة ولو ماتوا بعد تفرقهم يصلى عليهم اه
قال ط ومثلهم سعد وحرام بمصر وقيس ويمن ببعض البلاد اه
أقول والظاهر أن هذا حيث كان البغي من الفريقين فلو بغى أحدهما على الآخر وقصد الآخر المدافعة عن نفسه بالقدر الممكن يكون المدافع شهيدا
وفي شرح منلا مسكين ما يؤيده فراجعه
قوله ( ومكابر في مصر ليلا بسلاح ) كذا في الدرر و البحر وغيرهما
والمكابر بالباء الموحدة المتغلب
إسماعيل
والمراد به من يقف في محل من المصر يتعرض لمعصوم
والظاهر أن هذا مبني على قول أبي يوسف من أنه يكون قاطع طريق إذا كان في المصر ليلا مطلقا أو نهارا بسلاح وعليه الفتوى كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى فيعطى أحكام قاطع الطريق في غير المصر من أنه إذا ظهر عليه قبل أخذ شيء وقتل فإنه يحبس حتى يتوب وإن أخذ مالا قطع من خلاف وإن قتل معصوما قتل حدا على ما سيأتي تفصيله في محله فحيث كان حده القتل لا يصلى عليه وبما قررناه ظهر أن قوله بسلاح غير قيد لأنه إذا وقف في المصر ليلا لا فرق بين كونه قاتلا بسلاح أو غيره كحجر أو عصا والله أعلم
قوله ( خنق غير مرة ) هو مفاد صيغة المبالغة وقيده المصنف في باب البغاة بما إذا كان ذلك في المصر
وعبارته مع الشرح ومن تكرر الخنق بكسر النون منه في المصر أي خنق مرارا ذكره مسكين قتل به سياسة لسعيه بالفساد وكل من كان كذلك يدفع شره بالقتل وإلا بأن خنق مرة لا لأنه كالقتل بالمثقل وفيه القود عند غير أبي حنيفة اه أي وأما عنده ففيه الدية على عاقلته كالقتل بالمثقل وظاهر قوله بأن خنق مرة أن التكرار يحصل بمرتين
قوله ( فحكمهم كالبغاة ) كذا في البحر و الزيلعي أي حكم أهل عصبية ومكابر وخناق حكم البغاة في أنهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم
وأما ما في الدرر من قوله وإن غسلوا أي البغاة والقطاع والمكابر فإنه مبني على الرواية الأخرى وقدمنا ترجيحها
قوله ( به يفتى ) لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد وإن كان باغيا على نفسه كسائر فساق المسلمين
زيلعي
قوله ( ورجح الكمال قول الثاني الخ ) أي قول أبي يوسف إنه يغسل ولا يصلى عليه
إسماعيل عن خزانة الفتاوى
وفي القهستاني و الكفاية وغيرهما عن الإمام السعدي الأصح عندي أنه لا يصلى عليه لأنه لا توبة له
قال في البحر فقد اختلف التصحيح لكن تأيد الثاني بالحديث اه
أقول قد يقال لا دلالة في الحديث على ذلك لأنه ليس فيه سوى أنه عليه الصلاة والسلام لم يصل عليه فالظاهر أنه امتنع زجرا لغيره عن مثل هذا الفعل كما امتنع عن الصلاة على المديون ولا يلزم من ذلك عدم
____________________
(2/211)
صلاة أحد عليه من الصحابة إذ لا مساواة بين صلاته وصلاة غيره قال تعالى { إن صلاتك سكن لهم } التوبة 103 ثم رأيت في شرح المنية بحثا كذلك
وأيضا فالتعليل بأنه لا توبة له مشكل على قواعد أهل السنة والجماعة لإطلاق النصوص في قبول توبة العاصي بل التوبة من الكفر مقبولة قطعا وهو أعظم وزرا ولعل المراد ما إذا تاب حالة اليأس كما إذا فعل بنفسه ما لا يعيش معه عادة كجرح مزهق في ساعته وإلقاء في بحر أو نار فتاب أما لو جرح نفسه وبقي حيا أياما مثلا ثم تاب ومات فينبغي الجزم بقبول توبته ولو كان مستحلا لذلك الفعل إذ التوبة من الكفر حينئذ مقبولة فضلا عن المعصية بل تقدم الخلاف في قبول توبة العاصي حالة اليأس
ثم اعلم أن هذا كله فيمن قتل نفسه عمدا أما لو كان خطأ فإنه يصلى عليه بلا خلاف كما صرح به في الكفاية وغيرها وسيأتي عده مع الشهداء
قوله ( لا يصلى على قاتل أحد أبويه ) الظاهر أن المراد أنه لا يصلي عليه إذا قتله الإمام قصاصا أما لو مات حتف أنفه يصلى عليه كما في البغاة ونحوهم ولم أره صريحا فليراجع قوله ( وألحقه في النهر بالبغاة ) أي فلا يعد خامسا هكذا فهمت ثم رأيته في ط لكن في أن عبارة النهر هكذا والعصبية كالبغاة ومن هذا النوع الخناق وقاتل أحد أبويه اه
وعليه فيكون المستثنى أقل من أربعة
تأمل
قوله ( وقال أئمة بلخ في كلها ) وهو قول الأئمة الثلاثة ورواية عن أبي حنيفة كما في شرح درر البحار والأول ظاهر الرواية كما في البحر
وفي حاشيته للرملي ربما يستفاد منه أن الحنفي إذا اقتدى بالشافعي فالأولى متابعته في الرفع ولم أره اه
أقول ولم يقل يجب لأن المتابعة إنما تجب في الواجب أو الفرض وهذا الرفع غير واجب عند الشافعي وما في شرح الكيدانية للقهستاني من أنه لا تجوز المتابعة في رفع اليدين في تكبيرات الركوع وتكبيرات الجنازة فيه نظر إذ ليس ذلك مما لا يسوغ الاجتهاد فيه بالنظر إلى الرفع في تكبيرات الجنازة لما علمت من أنه قال به البلخيون من أئمتنا وقد أوضحنا المقام في آخر واجبات الصلاة وقدمنا أيضا شيئا منه في صلاة العيدين
قوله ( وهو سبحانك اللهم وبحمدك ) كذا فسر به الثناء في شرح درر البحار وغيره وقال في العناية إنه مراد صاحب الهداية لأنه المعهود من الثناء وذكر في النهر أن هذه رواية الحسن عن الإمام
والذي في المبسوط عن ظاهر الرواية أنه يحمد الله اه
أقول مقتضى ظاهر الرواية حصول السنة بأي صيغة من صيغ الحمد فيشمل الثناء المذكور لاشتماله على الحمد
قوله ( كما في التشهد ) أي المراد الصلاة الإبراهيمية التي يأتي بها المصلي في قعدة التشهد
قوله ( لأن تقديمها ) أي تقديم الصلاة على الدعاء سنة كما أن تقديم الثناء عليهما سنة أيضا
قوله ( ويدعو الخ ) أي لنفسه وللميت وللمسلمين لكي يغفر له فيستجاب دعاؤه في حق غيره ولأن من سنة الدعاء أن يبدأ بنفسه
قال تعالى { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } جوهرة
ثم أفاد أن من لم يحسن الدعاء بالمأثور يقول اللهم اغفر لنا ولوالدينا وله وللمؤمنين والمؤمنات
قوله ( والمأثور أولى ) ومن المأثور اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا
اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان
اللهم اغفر
____________________
(2/212)
له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار منح
وثم أدعية أخر فانظرها في الفتح و الإمداد وشروح المنية
تنبيه المراد الاستيعاب فالمعنى اغفر للمسلمين كلهم فلا ينافي قوله وصغيرنا قوله الآتي ولا يستغفر لصبي أي لا يقول اغفر له
أفاده القهستاني
والمراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات لقوله تعالى { ألحقنا بهم ذريتهم } الطور 21 ولخبر الطبراني وغيره إن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين وفيمن لا زوجة له على تقديرها له أن لو كانت ولأنه صح الخبر بأن المرأة لآخر أزواجها أي إذا مات وهي في عصمته وفي حديث رواه جمع لكنه ضعيف المرأة منا ربما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت ويموتان ويدخلان الجنة لأيهما هي قال لأحسنهما خلقا كان عندها في الدنيا وتمامه في تحفة ابن حجر
قوله ( وقدم فيه الإسلام ) أي في الدعاء المأثور كما مر
اعلم أن الإسلام على وجهين شرعي وهو بمعنى الإيمان
ولغوي وهو بمعنى الاستسلام والانقياد كما في شرح العمدة للنسفي فقول الشارح مع أنه الإيمان ناظر للمعنى الشرعي للإسلام وقوله لأنه منبىء ناظر إلى المعنى اللغوي له وقوله فكأنه دعاء في حال الحياة بالإيمان هو معنى الإسلام الشرعي وقوله والانقياد أي الذي هو معنى الإسلام اللغوي اه ح
وما ذكره الشارح مأخوذ من صدر الشريعة
والحاصل أن الإسلام خص بحالة الحياة لأنه المناسب لها بمعنييه الشرعي وهو الإيمان أي التصديق القلبي واللغوي وهو الانقياد بالأعمال الظاهرة وخص الإيمان بحالة الموت لأنه المناسب لها إذ لا ينبىء عن العمل بل عن التصديق فقط ولا يمكن في حالة الموت سواه
قوله ( بلا دعاء ) هو ظاهر المذهب
وقيل يقول اللهم آتنا في الدنيا حسنة الخ وقيل 3 { ربنا لا تزغ قلوبنا } آل عمران 8 الخ وقيل يخير بين السكوت والدعاء
بحر
قوله ( ناويا الميت مع القوم ) كذا في الفتح
وقال الزيلعي ينوي بهما كما وصفنا في صفة الصلاة وينوي الميت كما ينوي الإمام اه
وظاهره أنه ينوي الملائكة الحفظة أيضا ثم رأيته صريحا في شرح درر البحار
وذكر في الخانية و الظهيرية و الجوهرة أنه لا ينوي الميت
قال في البحر وهو الظاهر لأن الميت لا يخاطب بالسلام حتى ينوي به إذ ليس أهلا له اه
وأقره في النهر لكن قال الخير الرملي إنه غير مسلم وسيأتي ما ورد في أهل المقبرة السلام عليم دار قوم مؤمنين وتعليمه السلام على الموتى اه
قوله ( لكن في البدائع الخ ) قد يقال إن الزيلعي لم يرد دخول التسليم في الكلية المذكورة
والذي في البدائع ولا يجهر بما يقرأ عقب كل تكبيرة لأنه ذكر والسنة فيه المخافتة
وهل يرفع صوته بالتسليم لم يتعرض له في ظاهرالرواية
وذكر الحسن بن زياد أنه لا يرفع لأنه للإعلام ولا حاجة له لأن التسليم مشروع عقب التكبير بلا فصل ولكن العمل في زماننا على خلافه اه
قوله ( وعين الشافعي الفاتحة ) وبه قال أحمد لأن ابن عباس صلى على جنازة فجهر بالفاتحة وقال عمدا فعلت ليعلم أنها سنة ومذهبنا قول عمر وابنه وعلي وأبي هريرة وبه قال مالك كما في شرح المنية
قوله ( بنية الدعاء )
____________________
(2/213)
والظاهر أنها حينئذ تقوم مقام الثناء على ظاهر الرواية من أنه يسن بعد الأولى التحميد
قوله ( وتكره بنية القراءة ) في البحر عن التجنيس والمحيط لا يجوز لأنها محل الدعاء دون القراءة اه
ومثله في الولوالجية و التاترخانية
وظاهرة أن الكراهة تحريمية
وقول القنية لو قرأ فيها الفاتحة جاز أي لو قرأها بنية الدعاء ليوافق ما ذكره غيره أو أراد بالجواز الصحة على أن كلام القنية لا يعمل به إذا عارضه غيره فقول الشرنبلالي في رسالته إنه نص على جواز قراءتها فيه نظر ظاهر لما علمته وقوله وقول منلا علي القاري أيضا يستحب قراءتها بنية الدعاء خروجا من خلاف الإمام الشافعي فيه نظر أيضا لأنها لا تصح عنده ألا بنية القرآن وليس له أن يقرأها بنية القرأة ويرتكب مكروه مذهبه ليراعي مذهب غيره كما مر تقريره أول الكتاب
قوله ( وأفضل صفوفها آخرها الخ ) كذا في القنية وبحث فيه في الحلية بإطلاق ما في صحيح مسلم عنه خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وبأن إظهار التواضع لا يتوقف على التأخر اه
أقول قد يقال إن الحديث مخصوص بالصلاة المطلقة لأنها المتبادرة ولقوله من صلى عليه ثلاثة صفوف غفر له رواه أبو داود وقال حديث حسن والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولهذا قال في المحيط ويستحب أن يصف ثلاثة صفوف حتى لو كانوا سبعة يتقدم أحدهم للإمامة ويقف وراءه ثلاثة ثم اثنان ثم واحدا اه
فلو كان الصف الأول أفضل في الجنازة أيضا لكان الأفضل جعلهم صفا واحدا ولكره قيام الواحد وحده كما كره في غيرها هذا ما ظهر لي
قوله ( لأنه منسوخ ) لأن الآثار اختلفت في فعل رسول الله فروي الخمس والسبع والتسع وأكثر من ذلك إلا أن آخر فعله عليه الصلاة والسلام كان أربع تكبيرات فكان ناسخا لما قبله ح عن الإمداد
وفي الزيلعي أنه حين صلى على النجاشي كبر أربع تكبيرات وثبت عليها إلى أن توفي فنسخت ما قبلها ط
قوله ( فيمكث المؤتم الخ ) لما كان قولهم لم يتبع صادقا بالقطع وبالانتظار أردفه ببيان المراد منه ط
قوله ( به يفتى ) رجحه في فتح القدير بأن البقاء في حرمة الصلاة بعد فراغها ليس بخطأ مطلقا إنما الخطأ في المتابعة في الخامسة
بحر
وروي عن الإمام أنه يسلم للحال ولا ينتظر تحقيقا للمخالفة ط
قوله ( هذا ) أي عدم المتابعة ط
قوله ( وينوي الافتتاح الخ ) لجواز أن تكبيرة الإمام للافتتاح الآن وأخطأ المبلغ نقل ذلك في البحر عن شرح المجمع الملكي بصيغة قالوا ونقله في باب صلاة العيد بصيغة قيل وكلا الصيغتين مشعر بالضعف كيف وهو لا وجه له يظهر لأنه إن كان المراد أنه ينوي الافتتاح بما زاد على الرابعة كما هو المتبادر لزم أن يأتي بعدها بثلاث تكبيرات أخر لأن نية الافتتاح لتصحيح صلاته باحتمال خطأ المبلغ ولا صحة لها إلا بثلاث بعدها لأنها أركان وإلا كانت نيته لغوا فكان الواجب عدمها وإن كان المراد جميع التكبيرات فمن أين يعلم أن المبلغ يزيد على الرابعة حتى ينوي الافتتاح بالجميع فإن احتمال الخطأ إنما ظهر وقت الزيادة وإن قيل إنه ثابت قبلها يلزم عليه أن ينوي الافتتاح بالجميع وإن لم يزد المبلغ شيئا وأنه يأتي بعد الرابعة بثلاث تكبيرات أيضا وإلا لم يكن لهذه النية فائدة وأنه في غير صلاة الجنازة يأتي بتكبيرة أخرى لاحتمال خطأ المبلغ ونحو ذلك يقال في تكبيرات العيد كما أشرنا إليه في بابه ولم أر من تعرض لشيء من ذلك ثم ظهر أنه يمكن أن يجاب باختيار الشق الأول وأن فائدته أنه إذا زاد خامسة مثلا احتمل أن تكون التحريمة وأنه سيكبر بعدها
____________________
(2/214)
ثلاثا أخرى وهكذا في السادسة والسابعة فإذا سلم احتمل أن أربعا قبل السلام هي الفرائض الأصلية وأن ما قبلها زائدة غلطا واحتمل أن أربعا من الابتداء هي الفرائض الأصلية وما بعدها زائد غلطا فإذا نوى تكبيرة الافتتاح فيما زاد على الأربع الأول قد ينفعه ذلك في بعض الصور بلا ضرر والله أعلم
قوله ( ولا يستغفر فيها لصبي ) أي في صلاة الجنازة
قوله ( ومجنون ومعتوه ) هذا في الأصلي فإن الجنون والعته الطارئين بعد البلوغ لا يسقطان الذنوب السالفة كما في شرح المنية
قوله ( بعد دعاء البالغين ) كذافي بعض نسخ الدرر وفي بعضها بدل دعاء البالغين
وكتب العلامة نوح على نسخة بعد إنها مخالفة لما في الكتب المشهور ومناقضة لقوله لا يستغفر لصبي ولهذا قال بعضهم إنها تصحيف من بدل اه
وقال الشيخ إسماعيل بعد كلام والحاصل أن مقتضى متون المذهب و الفتاوى و صريح غرر الأذكار الاقتصار في الطفل على اللهم اجعله لنا فرطا الخ اه
قلت وحاصله أنه لا يأتي بشيء من دعاء البالغين أصلا بل يقتصر على ما ذكر
وقد نقل في الحلية عن البدائع و المحيط و شرح الجامع لقاضيخان ما هو كالصريح في ذلك فراجعه وبه علم أن ما في شرح المنية من أنه يأتي بذلك الدعاء بعد قوله ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان مبني على نسخة بعد من الدرر فتدبر
هذا وما مر في المأثور في دعاء البالغين من قوله وصغيرنا وكبيرنا لا ينافي قولهم لا يستغفر لصبي كما قدمناه فافهم
قوله ( أي سابقا الخ ) قال في المغرب اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا وأصل الفارط والفرط فيمن يتقدم الواردة اه أي من يتقدم الجماعة الواردة إلى الماء ليهيئه لهم ومنه الحديث أنا فرطكم على الحوض واقتصر الشارح على المعنى الثاني الذي هو الأصل لما في البحر أنه الأنسب هنا لئلا يتكرر مع قوله واجعله لنا أجرا اه
قال ط والذي في النهر وغيره تفسيره بالمتقدم ليهيىء مصالح والديه في دار القرار
قوله ( وهو دعاء له ) أي للصبي أيضا أي كما هو دعاء لوالديه وللمصلين لأنه لا يهيىء الماء لدفع الظمأ أو مصالح والديه في دار القرار إلا إذا كان متقدما في الخير وهو جواب عن سؤال حاصله أن هذا دعاء للأحياء ولا نفع للميت فيه ط
قوله ( لا سيما وقد قالوا الخ ) حاصله أنه إذا كانت حسناته أي ثوابها له يكون أهلا للجزاء والثواب فناسب أن يكون ذلك دعاء له أيضا لينتفع به يوم الجزاء
قوله ( واجعله ذخرا ) في الهداية و الكافي و الكنز وغيرهما واجعله لنا أجرا واجعله لنا ذخرا وفي الدرر و الوقاية كما هنا
قوله ( ذخيرة ) أشار إلى أن المراد بالذخر الاسم أي ما يذخر لا المصدر فإنه يستعمل اسما ومصدرا كما يفيده قول القاموس ذكره كمنعه ذخرا بالضم
وادخره اختاره أو اتخذه
والذخيرة ما أذخر كالذخر جمعه أذخار اه
قال العلامة ابن حجر شبه تقدمه لوالديه بشيء نفيس يكون أمامها مدخرا إلى وقت حاجتهما له بشفاعته لهما كما صح اه
قوله ( مقبول الشفاعة ) تفسير لقوله مشفعا بالبناء للمجهول
تتمة في بعض الكتب يقول اللهم اجعله لوالديه فرطا وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وأجرا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده واغفر لنا وله ط
أقول رأيت ذلك في كتب الشافعية لكن بإبدال قوله واغفر لنا وله بقوله ولا تحرمهما أجره وهذا أولى
____________________
(2/215)
لما مر من أنه لا يستغفر لصبي
وقال في شرح المنية وفي المفيد ويدعو لوالدي الطفل وقيل يقول اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجرهما ولا تفتنهما بعده اللهم اجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالحي المؤمنين اه
قوله ( ندبا ) أي كونه بالقرب من الصدر مندوب وإلا فمحاذاة جزء من الميت لا بد منها
قهستاني عن التحفة
ويظهر أن هذا في الإمام وفيما إذا لم تتعدد الموتى وإلا وقف عند صدر أحدهم فقط ولا يبعد عن الميت كما في النهر ط
قوله ( للرجل والمرأة ) أراد الذكر والأنثى الشامل للصغير والصغيرة ط عن أبي السعود
وعند الشافعي رحمه الله يقف عند رأس الرجل وعجز المرأة
قوله ( والشافعة لأجله ) أي أن المصلي شافع للميت لأجل إيمانه فناسب أي يقوم بحذاء محله
قوله ( والمسبوق ) أي الذي لم يكن حاضرا تكبير الإمام السابق ط
قوله ( ببعض التكبيرات ) صادق بالأقل والأكثر ط
أما المسبوق بالكل فيأتي حكمه
قوله ( لا يكبر في الحال ) فلو كبر كما حضر ولم ينتظر لا تفسد عندهما لكن ما أداه غير معتبر كذا في الخلاصة
بحر
ومثله في الفتح
وقضية عدم اعتبار ما أداه أنه لا يكون شارعا في تلك الصلاة وحينئذ فتفسد التكبيرة مع أن المسطور في القنية أن يكون شارعا وعليه فيعتبر ما أداه وهذا لم أر من أفصح عنه فتدبره
نهر
وأجاب الحموي في شرح الكنز بأنه لا يلزم من عدم اعتباره عدم شروعه ولا من اعتباره شروعه اعتبار ما أداه ألا ترى أن من أدرك الإمام في السجود صح شروعه مع أنه لا يعتبر ما أداه من السجود مع الإمام بل عليه إعادته إذا قام إلى قضاء ما سبق به فلا مخالفة بين ما في الخلاصة و القنية اه
لكن فيه أن تكبيرة الافتتاح هنا بمنزلة ركعة فلو صح شروعه بها يلزم اعتبارها إلا أن يقال إن لها شبهين كما مر فنصحح شروعه بها من حيث كونها شرطا ولا نعتبرها في تكميل العدد من حيث شبهها بالركعة فلذا قلنا يصح شروعه بها ويعيدها بعد سلام إمامه والله أعلم
قوله ( والمسبوق الخ ) هو من تتمة التعليل أي فلو كبر ولم ينتظر لكان كالمسبوق الذي شرع في قضاء ما سبق به قبل الفراغ من الاقتداء ط
قوله ( وقال أبو يوسف الخ ) قال في النهاية تفسير المسألة على قوله إنه لما جاء وقد كبر الإمام تكبيرة الافتتاح كبر هذا الرجل للافتتاح فإذا كبر الإمام الثانية تابعه فيها ولم يكن مسبوقا
وعندهما لا يكبر للافتتاح حين يحضر بل ينتظر حتى يكبر الإمام الثانية ويكون هذا التكبير تكبير الافتتاح في حق هذا الرجل فيصير مسبوقا بتكبيرة يأتي بها بعد سلام الإمام اه
قوله ( كما لا ينتظر الحاضر الخ ) أفاد بالتشبيه أن مسألة الحاضر اتفاقية ولذا قال بل يكبر أي الحاضر اتفاقا والمراد به من كان حاضرا وقت تحريمة الإمام في محل يجزئه فيه الدخول في صلاة الإمام كما يأتي عن المجتبى أي بأن كان متهيئا للصلاة كما يفيده قول الهندية عن شرح الجامع لقاضيخان وإن كان مع الإمام فتغافل ولم يكبر معه أو كان في النية بعد فأخر التكبير فإنه يكبر ولا ينتظر تكبير الإمام الثانية في قولهم لأنه لما كان مستعدا جعل بمنزلة المشارك اه
قوله ( في حال التحريمة ) مفهومه أنه لو فاتته التحريمة وحضر في حالة التكبيرة الثانية مثلا لا يكون مدركا لها بل ينتظر الثالثة ويكون مسبوقا بتكبيرتين لا بواحدة
____________________
(2/216)
عندهما لكن الظاهر أن التحريمة غير قيد لما سيأتي فيما لو كبر الأربع والرجل حاضر فإنه يكون مدركا لها ويؤيده التعليل المار عن قاضيخان والآتي عقبه عن الفتح
تأمل
قوله ( لأنه كالمدرك ) قال في فتح القدير يفيد أنه ليس بمدرك حقيقة بل اعتبر مدركا لحضوره التكبير دفعا للحرج إذ حقيقة إدراك الركعة بفعلها مع الإمام ولو شرط في التكبير المعية ضاق الأمر جدا إذ الغالب تأخر النية قليلا عن تكبير الإمام فاعتبر مدركا لحضوره اه
قوله ( ثم يكبران الخ ) أي المسبوق والحاضر وقوله ما فاتهما فيه خفاء لأن المراد بالحاضر في كلامه الحاضر في حال التحريمة فإذا أتى بها لم يفته شيء إلا أن يراد ما إذا حضر أكثر من تكبيرة فكبر واحدة فإنه يكبر بعد السلام ما فاته على ما سيأتي
تأمل
واحترز عن اللاحق كأن كبر مع الإمام الأولى دون الثانية والثالثة فإنه يكبرهما ثم يكبر مع الإمام الرابعة كما في الحلية و النهر
هذا وفي نور الإيضاح وشرحه أن المسبوق يوافق إمامه في دعائه لو علمه بسماعه اه
ولم يذكر ما إذا لم يعلم وظاهر تقييده الموافقة بالعلم أنه إذا لم يعلم بأن لم يعلم أنه في التكبيرة الثانية أو الثالثة مثلا يأتي به مرتبا أي بالثناء ثم الصلاة ثم الدعاء
تأمل
قوله ( نسقا ) بالتحريك أي متتابعة
وفي بعض النسخ تترى وهو بمعناه
قوله ( على الأعناق ) مفهومه أنه لو رفعت بالأيدي ولم توضع على الأعناق أنه لا يقطع التكبير بل يكبر وهو ظاهر الرواية وعن محمد إن كانت إلى الأرض أقرب يكبر وإلا فلا
معراج
ومثله في البزازية و الفتح
ويخالفه ما في البحر عن الظهيرية أنها لو رفعت بالأيدي ولم توضع على الأكتاف لا يكبر في ظاهر الرواية لكن قال في الشرنبلالية وينبغي أن يعول على ما في البزازية ولا يخالفه ما يأتي من أنها لا تصح إذا كان الميت على أيدي الناس لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء اه
قوله ( وما في المجتبى من أن المدرك ) أي الحاضر وسماه مدركا لأنه بمنزلته كما مر
وعبارة المجتبى رجل واقف حيث يجزيه الدخول في صلاة الإمام فكبر الإمام الأولى ولم يكبر معه فإنه يكبر ما لم يكبر الإمام الثانية فإن كبر كبر معه وقضى الأولى في الحال وكذا إن لم يكبر في الثانية والثالثة والرابعة يكبر ويقضي ما فاته في الحال اه
قوله ( شاذ ) لمخالفته ما نص عليه غير واحد من أنه يكبر ما فاته بعد سلام الإمام
أفاده في النهر
قوله ( فلو جاء الخ ) هذا ثمرة الخلاف بينهما وبين أبي يوسف كما في النهر
قوله ( لتعذر الدخول الخ ) لما مر أن المسبوق ينتظر الإمام ليكبر معه وبعد الرابعة لم يبق على الإمام تكبير حتى ينتظره ليتابعه فيه
قال في الدرر والأصل في الباب عندهما أن المقتدي يدخل في تكبيرة الإمام فإذا فرغ الإمام من الرابعة تعذر عليه الدخول
وعند أبي يوسف يدخل إذا بقيت التحريمة كذا في البدائع اه
قوله ( كما في الحاضر ) أي في وقت التكبيرة الرابعة فقط أو التكبيرات كلها ولم يكبرها مع الإمام وأشار بالتشبيه تبعا للبدائع إلى أن مسألة الحاضر اتفاقية وفيه كلام يأتي
قوله ( وعليه الفتوى ) أي على قول أبي يوسف في مسألة المسبوق خلافا لما مشى عليه في المتن
قوله ( ذكره الحلبي وغيره ) عبارة الحلبي
____________________
(2/217)
في شرح المنية وإن جاء بعد ما كبر الرابعة فاتته الصلاة عندهما
وعند أبي يوسف يكبر فإذا سلم الإمام قضى ثلاث تكبيرات
وذكر في المحيط أن عليه الفتوى اه
قلت وذكر أيضا في الفتاوى الهندية عن المضمرات أنه الأصح وعليه الفتوى لكن ما مشى عليه في المتن صرح في البدائع بأنه الصحيح ومثله في الدرر و شرح المقدسي و نور الإيضاح نعم نقل في الإمداد عن التجنيس و الولوالجية أن ذلك رواية عن أبي حنيفة وأن عند أبي يوسف يدخل في الصلاة وعليه الفتوى قال فقد اختلف التصحيح
تنبيه هذا كله في المسبوق وأما الحاضر وقت التكبيرة الرابعة فإنه يدخل وقد أشار الشارح كالبدائع إلى أنه بالاتفاق كما قدمنا وبه صرح في النهر وهو ظاهر عبارة المجتبى التي قدمناها لكن في البحر عن المحيط لو كبر الإمام أربعا والرجل حاضر فإنه يكبر ما لم يسلم الإمام ويقضي الثلاث وهذا قول أبي يوسف وعليه الفتوى
وروى الحسن أنه لا يكبر وقد فاتته اه
أقول لكن المفهوم من غالب عباراتهم أن عدم فوات الصلاة في الحاضر متفق عليه بين أبي يوسف وصاحبيه وأن الفوات رواية الحسن عن أبي حنيفة وأن المفتى به عدم الفوات وهذا هو المناسب لما مر من تقرير أقوالهم أما على قول أبي يوسف فظاهر لأن المسبوق عنده لا تفوته الصلاة فالحاضر بالأولى وأما على قولهما فلما صرح به في الهداية وغيرها من أن الحاضر بمنزلة المدرك عندهما وهذا حاضر وقت الرابعة فيكبرها قبل سلام الإمام ثم يقضي الثلاث لفوات محلها وحينئذ فما في المحيط من قوله وهذا قول أبي يوسف لا يلزم منه أن يكون قولهما بخلافه بل قولهما كقوله بدليل أنه قابله برواية الحسن فقط وإلا كان المناسب مقابلته بقولهما ولذا لم يعزه في الخانية و الولوالجية و غاية البيان إلى أبي يوسف بل أطلقوه وقابلوه براوية الحسن بل زاد في غاية البيان بعد ذلك وعن أبي يوسف أنه يدخل معه فأفاد أن قول أبي يوسف كقولهما وأن المخالفة في رواية الحسن فقط
تنبيه نقل في البحر عبارة المحيط السابقة ثم قال فما في الحقائق من أن الفتوى على قول أبي يوسف إنما هو في مسألة الحاضر لا المسبوق
وقد يقال إنه إذا كان حاضرا ولم يكبر حتى يكبر الإمام ثنتين أو ثلاثا فلا شك أنه مسبوق وحضوره من غير فعل لا يجعله مدركا فينبغي أن يكون كمسألة المسبوق وأن يكون الفرق بين الحاضر وغيره في التكبيرة الأولى فقط كما لا يخفى اه
وأقول إن ما في الحقائق محمول على مسألة المسبوق لما مر من أن المخالف فيها أبو يوسف وأن الفتوى على قوله
وأما مسألة الحاضر فإنها وفاقية كما علمته
وأما قوله وقد يقال الخ فحاصله أنه لا تحقق لمسألة الحاضر إلا فيمن حضر وقت التكبيرة الأولى فكبرها قبل أن يكبر الإمام الثانية
أما لو تشاغل حتى كبر الإمام الثانية أو أكثر فهو مسبوق لا حاضر وفيه نظر ظاهر فإنه إذا كان حاضرا حتى كبر الإمام تكبيرتين مثلا يكون مدركا للثانية فله أن يكبرها قبل أن يكبر الإمام الثالثة ويكون مسبوقا بالأولى فيأتي بها بعد سلام الإمام
فسبقه بها لا ينافي كونه حاضرا في غيرها يدل على ذلك ما نقله في البحر عن الواقعات من أنه إن لم يكبر الحاضر حتى كبر الإمام
____________________
(2/218)
ثنتين كبر الثانية منهما ولم يكبر الأولى حتى يسلم الإمام لأن الأولى ذهب محلها فكانت قضاء والمسبوق لا يشتغل بالقضاء قبل فراغ الإمام اه
فانظر كيف جعله حاضرا ومسبوقا إذ لو كان مسبوقا فقط لم يكن له أن يكبر الثانية بل ينتظر تكبير الإمام الثالثة كما مر فاغتنم تحرير هذا المقام
قوله ( أولى من الجمع ) لأن الجمع مختلف فيه
قنية
قوله ( وتقديم الأفضل أفضل ) أي يصلى أولا على أفضلهم ثم يصلى على الذي يليه في الفضل وقيده في الإمداد بقوله إن لم يكن سبق أي وإلا يصلى على الأسبق ولو مفضولا وسيأتي بيان الترتيب
قوله ( وإن جمع جاز ) أي بأن صلى على الكل صلاة واحدة
قوله ( صفا واحدا ) أي كما يصطفون في حال حياتهم عند الصلاة بدائع أي بأن يكون رأس كل عند رجل الآخر فيكون الصف على عرض القبلة
قوله ( وإن شاء جعلها صفا الخ ) ذكر في البدائع التخيير بين هذا والذي قبله ثم قال هذا جواب ظاهر الرواية
وروي عن أبي حنيفة في غير رواية الأصول أن الثاني أولى لأن السنة هي قيام الإمام بحذاء الميت وهو يحصل في الثاني دون الأول اه
قوله ( درجا ) أي شبه الدرج بأن يكون رأس الثاني عند منكب الأول
بدائع
قوله ( لحصول المقصود ) وهو الصلاة عليهم
درر
والأحسن ما في المبسوط لأن الشرط أن تكون الجنائز أمام الإمام وقد وجد
إسماعيل
قوله ( فيقرب منه الأفضل فالأفضل ) أي في صورة ما إذا جعلهم صفا واحدا مما يلي القبلة بوجهيها أما في صورة جعلهم صفا عرضا فإنه يقوم عند أفضلهم كما قدمه إذ ليس أحدهم أقرب وهذا حيث اختلفوا في الفضل وإن تساووا قدم أسنهم كما في الحلية
وفي البحر عن الفتح وفي الرجلين يقدم أكبرهما سنا وقرآنا وعلما كما فعله عليه الصلاة والسلام في قتلى أحد من المسلمين
قوله ( يقدم على العبد ) أي ولو بالغا كما يفيده قول البحر عن الظهيرية ويقدم الحر على العبد ولو كان الحر صبيا اه
قال ط وأفاد أن الحر البالغ يقدم بالأولى وهو المشهور وروى الحسن عن الإمام أن العبد إذا كان أصلح قدم
منح اه
قوله ( لضرورة ) إنما قيد بها لأنه لا يدفن اثنان في قبر ما لم يصر الأول ترابا فيجوز حينئذ البناء عليه والزرع إلا لضرورة فيوضع بينهما تراب أو لبن ليصير كقبرين ويجعل الرجل مما يلي القبلة ثم الغلام ثم الخنثى ثم المرأة
شرح الملتقى
مطلب في بيان من أحق بالصلاة على الميت قوله ( ونائبه ) الأولى ثم نائبه ح أي كما عبر في الفتح وغيره
قوله ( ثم صاحب الشرط ) قال في الشرنبلالية ظاهر كلام الكمال أن صاحب الشرط غير أمير البلد
وفي المعراج ما يفيد أنه هو حيث قال الشرط بالسكون والحركة خيار الجند والمراد أمير البلدة كأمير بخارى اه
وأجاب ط بحمل أمير البلد على المولى من نائب السلطان لا من السلطان
هذا وتقدم في الجمعة تقديم الشرطي على القاضي وما هنا مخالف له ولم أر من نبه عليه فليتأمل
____________________
(2/219)
قوله ( ثم خليفته ) كذا في البحر أي خليفته صاحب الشرط كما هو المتبادر وفيه أنه حيث قدم القاضي على صاحب الشرط كان المناسب تقديم خليفته على خليفة صاحب الشرط فالمناسب قول الفتح ثم خليفة الوالي ثم خليفة القاضي اه
ومثله في الإمداد عن الزيلعي
قوله ( ثم إمام الحي ) أي الطائفة وهو إمام المسجد الخاص بالمحلة وإنما كان أولى لأن الميت رضي بالصلاة خلفه في حال حياته فينبغي أن يصلى عليه بعد وفاته قال في شرح المنية فعلى هذا لو علم أنه كان غير راض به حال حياته ينبغي أن لا يستحب تقديمه
قلت هذا مسلم إن كان عدم رضاه به لوجه صحيح وإلا فلا
تأمل
قوله ( فيه إيهام ) أي في كلام المصنف إيهام التسوية في الحكم بين تقديم المذكورين لكن القاعدة الأصولية أن القرآن في الذكر لا يوجب الاتحاد في الحكم
تأمل
مطلب تعظيم أولي الأمر واجب قوله ( وذلك أن تقديم الولاة واجب ) لأن في التقديم عليهم إزدراء بهم وتعظيم أولي الأمر واجب كذا في الفتح
وصرح في الولوالجية والإيضاح وغيرهما بوجوب تقديم السطان وعلله في المنبع وغيره بأنه نائب النبي الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم فيكون هو أيضا كذلك
إسماعيل
قوله ( بشرط الخ ) نقل عن هذا الشرط في الحلية ثم قال وهو حسن وتبعه في البحر
قوله ( إمام المسجد الجامع ) عبر عنه في شرح المنية بإمام الجمعة
تنبيه وأما إمام مصلى الجنازة الذي شرطه الواقف وجعل له معلوما من وقفه فهل يقدم على الولي كإمام الحي أم لا للقطع بأن علة الرضا بالصلاة خلفه في حياته خاصة بإمام المحلة والذي يظهر لي أنه إن كان مقررا من جهة القاضي فهو كنائبه وإن من جهة الناظر فكالأجنبي
أفاده في البحر
وخالفه في النهر بأن ما مر في باب الإمامة من تقديم الراتب على إمام الحي يقتضي تقديمه هنا عليه
واستظهر المقدسي أنه كالأجنبي مطلقا لأنه إنما يجعل للغرباء ومن لا ولي له
أقول وهذا أولى لما يأتي من أن الأصل أن الحق للولي وإنما قدم عليه الولاة وإمام الحي لما مر من التعليل وهو غير موجود هنا وتقرير القاضي له لاستحقاق الوظيفة لا لجعله نائبا عنه وإلا لزم أن كل من قرره القاضي في وظيفة إمامه أن يكون نائبا عنه مقدما على إمام الحي والفرق بينه وبين الإمام الراتب ظاهر لأنه لم يرضه للصلاة خلفه في حياته بخلاف الراتب هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( ثم الوالي ) أي ولي الميت البالغ العاقل فلا ولاية لامرأة وصبي ومعتوه كما في الإمداد
قال في شرح المنية الأصل أن الحق في الصلاة للولي ولذا قدم على الجميع في قول أبي يوسف والشافعي ورواية عن أبي حنيفة لأن هذا حكم يتعلق بالولاية كالإنكاح إلا أن الاستحسان وهو ظاهر الرواية تقديم السلطان ونحوه لما روي أن الحسين قدم سعيد بن العاص لما مات الحسن وقال لولا السنة لما قدمتك وكان سعيد واليا بالمدينة ولما مر من الوجه في تقديم الولاة وإمام الحي
قوله ( بترتيب عصوبة الإنكاح ) فلا ولاية للنساء ولا للزوج إلا أنه أحق من الأجنبي
وفي الكلام رمز إلى أن الأبعد
____________________
(2/220)
أحق من الأقرب الغائب
وحد الغيبة هنا أن يكون بمكان تفوته الصلاة إذا حضر
ط عن القهستاني
زاد في البحر وأن لا ينتظر الناس قدومه
قلت والظاهر أن ذوي الأرحام داخلون في الولاية والتقييد بالعصوية لإخراج النساء فقط فهم أولى من الأجنبي وهو ظاهر ويؤيده تعبير الهداية بولاية النكاح
تأمل
قوله ( فيقدم على الابن اتفاقا ) هو الأصح لأن للأب فضيلة عليه وزيادة سن والفضيلة والزيادة تعتبر ترجيحا في استحقاق الإمامة كما في سائر الصلوات
بحر عن البدائع وقيل هذا قول محمد
وعندهما الابن أولى
قال في الفتح وإنما قدمنا الأسن بالسنة
قال عليه الصلاة والسلام في حديث القسامة ليتكلم أكبرهما وهذا يفيد أن الحق للابن عندهما إلا أن السنة أن يقدم هو أباه ويدل عليه قولهم سائر القرابات أولى من الزوج إن لم يكن له منها ابن فإن كان فالزوج أولى منهم لأن الحق للابن وهو يقدم أباه ولا يبعد أن يقال إن تقديمه على نفسه واجب بالسنة اه
وفي البدائع وللابن في حكم الولاية أن يقدم غيره لأن الولاية له وإنما منع عن التقدم لئلا يستخف بأبيه فلم تسقط ولايته بالتقديم
قوله ( أن لا يكون الخ ) قال في البحر ولو كان الأب جاهلا والابن عالما ينبغي أن يقدم الابن إلا أن يقال إن صفة العلم لا توجب التقديم في صلاة الجنازة لعدم احتياجها له
واعترضه في النهر بما مر أن إمام الحي إنما يقدم على الولي إذا كان أفضل قال نعم علل القدوري كراهة تقدم الابن على أبيه بأن فيه استخفافا به وهذا يقتضي وجوب تقديمه مطلقا اه
قلت وهذا مؤيد لما مر آنفا عن الفتح
قوله ( فالابن أولى ) في نسخة والأسن أولى وعليها كتب المحشي فقال أي إذا حصلت المساواة في الدرجة والقرب والقوة كابنين أو أخوين أو عمين فالأسن أولى
أقول إلا أن يكون غير الأسن أفضل اه أي قياسا على تقديم الابن الأفضل على أبيه بل هذا أولى فلو كان الأصغر شقيقا والأكبر لأب فالأصغر أولى كما في الميراث حتى لو قدم أحدا فليس للأكبر منعه كما في البحر
قوله ( فإن لم يكن له ولي فالزوج ثم الجيران ) كذا في فتح القدير وهو صريح في تقديم الزوج على الأجنبي ولو جارا وهو مقتضى إطلاق ما قدمناه عن القهستاني من أن الزوج أحق من الأجنبي فما هنا أولى من قول النهر والزوج والجيران أولى من الأجنبي اه
وشمل الولي مولى العتاقة وابنه ومولى الموالاة فإنهم أولى من الزوج لانقطاع الزوجية بالموت
بحر
قوله ( ومولى العبد أولى من ابنه الحر )
وكذا من أبيه وغيره
قال الزيلعي والسيد أولى من قريب عبده على الصحيح والقريب أولى من السيد المعتق اه
فما في القهستاني من أن ابن العبد وأباه أحق من المولى على خلاف الصحيح
قوله ( لبقاء ملكه ) اعترض بما في شرح الهاملية من أن السيد لا يغسل أمته ولا أم ولده ولا مدبرته لانقطاع ملكنه عنهن بالموت اه
أقول لأن الجثة الميتة لا تقبل الملك لكن المراد بقاء الملك حكما كما قيده في البحر ولذا يلزمه تكفين عبده كالزوجة مع أن الزوجية انقطعت بالموت كما مر آنفا والتغسيل لما فيه من المس والنظر المحذورين لا يراعى فيه الملك الحكمي لضعفه ففارق التكفين وولاية الصلاة هذا ما ظهر لي
قوله ( والفتوى على بطلان الوصية ) عزاه في الهندية إلى المضمرات أي لو أوصى بأن يصلي عليه غير من له حق التقدم أو بأن يغسله فلان لا يلزم تنفيذ وصيته ولا يبطل حق الولي بذلك كذا تبطل لو أوصى بأن يكفن في ثوب كذا أو يدفن في موضع كذا أو يدفن في موضع كذا كما عزاه إلى المحيط
وذكر في شرح درر البحار أن تعليل تقديم إمام الحي بما مر من أن الميت رضيه في حياته يعلم أن الموصى
____________________
(2/221)
له يقدم على إمام الحي لاختياره له صريحا إلا أن المذكور في المنتقى أن هذه الوصية باطلة اه
فتأمل
قوله ( ومثله كل من يقدم عليه من باب أولى ) ظاهره أن للسلطان أن يأذن بالصلاة لأجنبي بلا إذن الولي وقد ذكره في الحلية بحثا بناء على أن الحق ثابت للسلطان ونحوه ابتداء واستثنى إمام الحي فليس له الإذن لأن تقديمه على الولي مستحب فهو كأكبر الأخوين إذا قدم أجنبيا فللأصغر منعه فكذا للولي اه
أقول وفي كون الحق ثابتا للسلطان ابتداء بحث لما قدمناه عن شرح المنية من أن الحق في الأصل للولي وإنما قدم السلطان في ظاهر الرواية لئلا يزدرى به وتعظيمه واجب وقدم إمام الحي لأن الميت رضيه في حياته ومثله ما في الكافي حيث علل لما يأتي من أن للولي الإعادة إذا صلى غيره بقوله لأن الحق للأولياء لأنهم أقرب الناس إليه وأولادهم به غير أن السلطان أو الإمام إنما يقدم بعارض السلطنة والإمامة اه
وبهذا تندفع الأولوية فتأمل
قوله ( فيها ) أي في الصلاة على الميت وفسر الإذن بتفسير آخر وهو أن يأذن للناس في الانصراف بعد الصلاة قبل الدفن لأنه لا ينبغي لهم أن ينصرفوا إلا بإذنه
وذكر الزيلعي معنى آخر وهو الإعلام بموته ليصلوا عليه
بحر
لكن يتعين المعنى الأول في عبارة المصنف للاستثناء المذكور بخلاف عبارة الكنز و الهداية
قوله ( فيملك إبطاله ) أي بتقديم غيره هداية
فالمراد بالإبطال نقله عنه إلى غيره
قوله ( ولو أصغر سنا ) فلو كانا شقيقين فالأسن أولى لكنه لو قدم أحد فللأصغر منعه ولو قدم كل منهما واحدا فمن قدمه الأسن أولى
بحر
قوله ( أما العبد فليس له المنع ) فلو كان الأصغر شقيقا والأكبر لأب فقدم الأصغر أحدا فليس للأكبر المنع
بحر
وفيه فإن كان الشقيق غائبا وكتب إلى إنسان ليتقدم فللأخ لأب منعه والمريض في المصر كالصحيح يقدم من شاء وليس للأبعد منعه
قوله ( فإن صلى غيره ) الأخصر أن يقول فإن صلى من ليس له حق التقدم اه ح
قوله ( ممن ليس له حق التقدم الخ ) بيان لغير المضاف إلى ضمير الولي أخرج به السلطان ونحوه وإمام الحي فإن صلى أحدهم لم يعد الولي كما يأتي لتقدمهم عليه
قوله ( أعاد الولي ) مفهومه أن غير الولي كالسلطان لا يعيد إذا صلى غيره ممن ليس له حق التقدم معه إلا أن يراد بالولي من له حق الصلاة وعليه فكان الأولى أن يقول أعاد من له حق التقدم لكن اختلف فيما إذا صلى الولي فهل لمن قبله كالسلطان حق الإعادة ففي النهاية و العناية نعم لأن الولي إذا كان له الإعادة إذا صلى غيره مع أنه أدنى فالسلطان والقاضي بالأولى
وفي السراج و المستصفى لا
ووفق في البحر بحمل الأول على ما إذا تقدم الولي مع وجود السلطان ونحوه والثاني على ما إذا لم يوجد
واعترضه في النهر بأن السلطان لا حق له عند عدم حضوره فالخلاف عند حضوره اه
والذي يظهر لي ما في السراج و المستصفى لما قدمناه
____________________
(2/222)
عن الكافي من أن الحق للأولياء وتقديم السلطان ونحوه لعارض وأن دعوى الأولوية غير مسلمة ونظيره الابن فإن الحق له ابتداء ولكنه يقدم أباه لحرمة الأبوة
وأما تأييد صاحب البحر ما في النهر و العناية بما في الفتاوى ك الخلاصة و الولوالجية وغيرهما من أنه لو صلى السلطان أو القاضي أو إمام الحي ولم يتابعه الولي ليس له الإعادة لأنهم أولى منه اه
ففيه نظر إذ لا يلزم من كونهم أولى منه أن تثبت لهم الإعادة إذا صلى بحضرتهم لأنه صاحب الحق وإن ترك واجب احترام السلطان ونحوه ويدل على ذلك قول الهداية فإن صلى غير الولي أو السلطان أعاد الولي لأن الحق للأولياء وإن صلى الولي لم يجز لأحد أن يصلي بعده اه
ونحوه في الكنز وغيره فقوله لم يجز لأحد يشمل السلطان
ثم رأيت في غاية البيان قال ما نصه هذا على سبيل العموم حتى لا تجوز الإعادة لا للسلطان ولا لغيره اه
وما قيل إن المراد بالولي من له حق الولاية يبعده عطف السلطان قبله على الولي
ونقل في المعراج عن المجتبى أن للسلطان الإعادة إذا صلى الولي بحضرته ثم قال لكن في المنافع ليس للسلطان الإعادة ثم أيد رواية المنافع فراجعه وهذا عين ما قلناه فاغتنم تحرير هذا المقام والسلام
قوله ( إن شاء الخ ) وأما ما في التقويم من أنه لو صلى غير الولي كانت الصلاة باقية على الولي فضعيف كما في النهر
قوله ( ولذا الخ ) علة قوله لا لإسقاط الفرض أي فإن الفرض لو لم يسقط بالأولى كان لمن صلى إو لا أن يعيد مع الولي وبهذا رد في البحر ما في غاية البيان من أن الأولى موقوفة فإن أعاد الولي تبين أن الفرض ما صلي وإلا سقط بالأولى لكن قال العلامة المقدسي إن ما في غاية البيان موافق للقواعد لأن التنفل بها غير مشروع عندنا ولذلك نظير وهو الجمعة مع الظهر لمن أداه قبلها اه نعم يحتاج إلى الجواب عما قاله في البحر وهو صعب فالأحسن الجواب عما قاله المقدسي بأن إعادة الولي ليست نفلا لأن صلاة غيره وإن تأدى بها الفرض وهو حق الميت لكنها ناقصة لبقاء حق الولي فيها فإذا أعادها وقعت فرضا مكملا للفرض الأول نظير إعادة المؤادة بكراهة فإن كلا منهما فرض كما حققناه في محله وحيث كانت الأولى فرضا فليس لمن صلى أولا أن يعيد مع الولي لأن إعادته تكون نفلا من كل وجه بخلاف الولي لأنه صاحب الحق هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( غير مشروع ) أي عندنا
وعند مالك خلافا للشافعي رحمه الله والأدلة في المطولات
قوله ( أو إمام الحي ) نص عليه في الخلاصة وغيرها كما قدمناه وكذا صرح في المجمع وشرحه بأنه كالسلطان في عدم إعادة الولي وبه ظهر ضعف ما في غاية البيان من أن للولي الإعادة لو صلى إمام الحي لا لو صلى السلطان لئلا يزدرى به
أفاده في البحر
قوله ( لأنهم أولى الخ ) الأولى أن يقول أيضا ولأن متابعته إذن بالصلاة ليكون علة لقوله أو من ليس له حق التقدم وتابعه الولي ط
قوله ( بأن لم يحضر الخ ) لأنه لا حق للولي عند حضرة السلطان ونحوه وقد علمت ما فيه
قوله ( وإن حضر ) يعني بعد صلاة الولي وإن وصلية
قوله ( أما لو صلى الخ ) تصريح بمفهوم قوله بأن لم يحضر من يقدم عليه وهذا ما وفق به صاحب البحر بين عباراتهم وقد علمت تحريم المقام آنفا
قوله ( وفيه ) أي في المجتبى وهذه العبارة عزاها إليه في البحر لكني لم أجدها فيه
____________________
(2/223)
والذي رأيته في المجتبى هكذا ثم إذا دفن قبل الصلاة وصلى عليه من لا ولاية له يصلى عليه ما لم يتمزق اه
والمراد يصلي عليه الولي إن شاء لأجل حقه لا لإسقاط الفرض فلا ينافي ما مر وكذا يمكن تأويل قول كعدم الصلاة كما أفاده ح بأنها بالنسبة إلى من له الولاية كالعدم حتى كان له الإعادة
قوله ( وأهيل عليه التراب ) فإن لم يهل أخرج وصلي عليه كما قدمناه
بحر
قوله ( أو بها بلا غسل ) هذه رواية ابن سماعه
والصحيح أنه لا يصلى على قبره في هذه الحالة لأنها بلا غسل غير مشروعة كذا في غاية البيان لكن في السراج وغيره قيل لا يصلى على قبره وقال الكرخي يصلى وهو الاستحسان لأن الأولى لم يعتد بها لترك الشرط مع الإمكان والآن زال الإمكان فسقطت فرضية الغسل وهذا يقتضي ترجيح الإطلاق وهو الأولى
نهر
تنبيه ينبغي أن يكون في حكم من دفن بلا صلاة من تردى في نحو بئر أو وقع عليه بنيان ولم يمكن إخراجه بخلاف ما لو غرق في بحر لعدم تحقق وجوده أمام المصلي
تأمل
قوله ( أو ممن لا ولاية له ) متعلق بمحذوف حالا من ضمير بها العائد إلى الصلاة وهذا مكرر بما نقله عن المجتبى
قوله ( صلي على قبره ) أي افتراضا في الأوليين وجوازا في الثالثة لأنها لحق الولي
أفاده ح
أقول وليس هذا من استعمال المشترك في معنييه كما وهم لأن حقيقة الصلاة في المسائل الثلاث واحدة وإنما الاختلاف في الوصف وهو الحكم فهو كإطلاق الإنسان على ما يشمل الأبيض والأسود فافهم
قوله ( هو الأصح ) لأنه يختلف باختلاف الأوقات حرا وبردا والميت سمنا وهزالا والأمكنة
بحر
وقيل يقدر بثلاثة أيام وقيل عشرة وقيل شهر
ط عن الحموي
قوله ( وظاهره الخ ) أي ظاهر قوله ما لم يغلب الخ فإنه في الشك لم يغلب على الظن تفسخه ط
قوله ( كأنه تقديما للمانع ) الخبر محذوف أي كأنه قال ذلك تقديما أي أنه دار الأمر بين التفسخ المقتضي عدم الصلاة وبين عدمه الموجب لها فاعتبرنا المانع وهو التفسخ ط
أقول وفي الحلية نص الأصحاب على أنه لا يصلى عليه مع الشك في ذلك ذكره في المفيد والمزيد وجوامع الفقه وعامة الكتب وعلله في المحيط بوقوع الشك في الجواز اه
وتمامه فيها
قوله ( بغير عذر ) راجع إلى المسألتين فلو صلى راكبا لتعذر النزول لطين أو مطر جاز وكذا لو صلى الولي قاعدا لمرض والناس خلفه قياما عندهما
وقال محمد تجزيه دون القوم بناء على الخلاف في اقتداء القائم بالقاعد
بحر
والتقييد بالولي لأن الحق له فلو صلى غيره ممن لا حق له إماما قاعدا لعذر فالظاهر أن الحكم كذلك ويسقط الفرض بصلاته خلافا لما بحثه السيد أبو السعود
أفاده ط
مطلب في كراهة صلاة الجنازة في المسجد قوله ( وقيل تنزيها ) رجحه المحقق ابن الهمام وأطال ووافقه تلميذه العلامة ابن أمير حاج وخالفه تلميذه الثاني الحافظ الزيني قاسم في فتواه برسالة خاصة فرجع القول الأول لإطلاق المنع في قول محمد في موطئه لا يصلى على جنازة في مسجد
وقال الإمام الطحاوي النهي عنها وكراهيتها قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول
____________________
(2/224)
أبي يوسف أيضا وأطال وحقق أن الجواز كان ثم نسخ وتبعه في البحر وانتصر له أيضا سيدي عبد الغني في رسالة سماها نزهة الواجد في حكم الصلاة على الجنائز في المساجد
قوله ( في مسجد جماعة ) أي المسجد الجامع ومسجد المحلة
قهستاني
وتكره أيضا في الشارع وأرض الناس كما في الفتاوى الهندية عن المضمرات وكما تكره الصلاة عليها في المسجد يكره إدخالها فيه كما نقله الشيخ قاسم
قوله ( أو مع القوم ) أي كلا أو بعضا بناء على أن أل في القوم جنسية اه ح
قوله ( مطلقا ) أي في جميع الصور المتقدمة كما في الفتح عن الخلاصة
وفي مختارات النوزل سواء كان الميت فيه أو خارجه هو ظاهر الرواية
وفي رواية لا يكره إذا كان الميت خارج المسجد
قوله ( بناء على أن المسجد الخ ) أما إذا عللنا بخوف تلويث المسجد فلا يكره إذا كان الميت خارج المسجد وحده أو مع بعض القوم اه ح
قال في شرح المنية وإليه مال في المبسوط و المحيط وعليه العمل وهو المختار اه
قلت بل ذكر في غاية البيان و العناية أنه لا كراهة فيها بالاتفاق لكن رده في البحر
وأجاب في النهر بحمل الاتفاق على عدم الكراهة في حق من كان خارج المسجد وما مر في حق من كان داخله
ثم اعلم أن التعليل الأول فيه خفاء إذ لا شك أن الصلاة على الميت دعاء وذكر وهما مما بني له المسجد وإلا لزم المنع عن الدعاء فيه لنحو الاستسقاء والكسوف مع أن الوارد في ذلك ما رواه مسلم أن رجلا نشد في المسجد ضالة فقال لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له فليتأمل
قوله ( وهو الموافق الخ ) كذا في الفتح لكن فيه نظر لأن قوله في المسجد يحتمل أن يكون ظرفا لصلى أو لميت أو لهما فعلى الأول لا يكره كون الميت فيه والصلاة خارجه وعلى الثاني لا يكر العكس وعلى الثالث لا يكره إذا فقد أحدهما وعلى كل فهو مخالف للختار من إطلاق الكراهة
وأجاب في البحر بأنه لما لم يقم دليل على واحد من الاحتمالات بعينه قالوا بالكراهة بوجود أحدها أيا كان اه
أقوله يلزم عليه إثبات الكراهة بلا دليل لأنه إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال ولكن لا يخفى أن المتبادر لغة وعرفا من نحو قولك ضربت زيدا في الدار تعلق الظرف بالفعل وأما أنه هل يقتضى كون كل من الفاعل والمفعول به أو أحدها بعينه في المكان فغير لازم
مطلب مهم إذا قال إن شتمت فلانا في المسجد يتوقف على كون الشاتم فيه وفي إن قتلته بالعكس نعم ذكر ضابطا لذلك في تلخيص الجامع الكبير وشرحه في باب الحنث في الشتم وهو أن الفعل قد لا يكون له أثر في المفعول كالعلم والذكر وقد يكون كالضرب والقتل فإذا قال إن شتمت زيدا في المسجد مثلا فإنما يتحقق بكون الشاتم في ذلك المكان سواء كان المشتوم فيه أيضا أو لا لأن الشتم هو ذكر المشتوم بسوء والذاكر
____________________
(2/225)
يقوم بالذاكر ولا أثر له في المذكور لأنه يتحقق شتما في حق الميت والغائب فيعتبر مكان الفاعل وأما القتل والضرب ونحوهما في مكان فيتحقق بكون المفعول به فيه سواء كان الفاعل فيه أيضا أم لا لأن هذه الأفعال لها آثار تقوم بالمحل فيشترط وجود المفعول به وهو المحل في ذلك المكان دون الفاعل لأن من ذبح شاة هي في المسجد وهو خارجه يسمى ذابحا في المسجد بخلاف عكسه ألا ترى أن الرامي إلى صيد في الحرم يكون قاتلا للصيد في الحرم وإن كان حال الرمي في الحل اه ملخصا وتمام تحقيقه هناك فراجعه
إذا علمت ذلك فلا يخفى أن الصلاة على الميت فعل لا أثر له في المفعول وإنما يقوم بالمصلي فقوله من صلى على ميت في مسجد يقتضي كون المصلى في المسجد سواء كان الميت فيه أو لا فيكره ذلك أخذا من منطوق الحديث ويؤيده ما ذكره العلامة قاسم في رسالته من أنه روي أن النبي لما نعى النجاشي إلى أصحابه خرج فصلى عليه في المصلى قال ولو جازت في المسجد لم يكن للخروج معنى اه
مع أن الميت كان خارج المسجد
وبقي ما إذا كان المصلي خارجه والميت فيه وليس في الحديث دلالة على عدم كراهته لأن المفهوم عندنا غير معتبر في مثل ذلك بل قد يستدل على الكراهة بدلالة النص لأنه كرهت الصلاة عليه في المسجد وإن لم يكن هو فيه مع أن الصلاة ذكر ودعاء يكره إدخاله فيه بالأولى لأنه عبث مخص ولا سيما على كون علة كراهة الصلاة خشيت تلويث المسجد
وبهذا التقرير ظهر أن الحديث مؤيد للقول المختار من إطلاق الكراهة الذي هو ظاهر الرواية كما قدمناه فاغتنم هذا التحرير الفريد فإنه مما فتح به المولى على أضعف خلقه والحمد لله على ذلك
قوله ( فلا صلاة له ) هذه رواية ابن أبي شيبة ورواية أحمد وأبي داود فلا شيء له وابن ماجه فليس له شيء وروي فلا أجر له وقال ابن عبد البر هي خطأ فاحش والصحيح فلا شيء له وتمامه في حاشية نوح أفندي والمدني وليس الحديث نهيا غير مصروف ولا مقرونا بوعيد لأن سلب الأجر لا يستلزم ثبوت استحقاق العقاب لجواز الإباحة
وقد يقال إن الصلاة نفسها سبب موضوع للثواب فسلبه مع فعلها لا يكون إلا باعتبار ما يقترن بها من إثم يقاوم ذلك وفيه نظر كذا في الفتح وكذا يقال في رواية فلا صلاة له لأنه علم قطعا أنها صحيحة فهي مثل لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد بل تأويل هذه الرواية أقرب أي لا صلاة كاملة فلا تنافي ثبوت أصل الثواب
وبه اندفع ما في البحر من أن هذه الرواية تؤيد القول بكراهة التحريم
تتمة إنما تكره في المسجد بلا عذر فإن كان فلا
ومن الأعذار المطر كما في الخانية والاعتكاف كما في المبسوط كذا في الحلية وغيرها
والظاهر أن المراد اعتكاف الولي ونحوه ممن له حق التقدم ولغيره الصلاة معه تبعا له وإلا أن لا يصليهما غيره وهو بعيد لأن إثم الإدخال والصلاة ارتفع بالعذر
تأمل وانظر هل يقال إن من العذر ما جرت به العادة في بلادنا من الصلاة عليها في المسجد لتعذر غيره أو تعسره بسبب اندراس المواضع التي كانت يصلى عليها فيها فمن حضرها في المسجد إن لم يصل عليها مع الناس لا يمكنه الصلاة عليها في غيره ولزم أن لا يصلي في عمره على جنازة نعم قد توضع في بعض المواضع خارج المسجد في الشارح فيصلى عليها ويلزم منه فسادها من كثير من المصلين لعموم النجاسة وعدم خلعهم نعالهم المتنجسة مع أنا قدمنا كراهتها في الشارع
____________________
(2/226)
وإذا ضاق الأمر اتسع فينبغي الإفتاء بالقول بكراهة التنزيه الذي هو خلاف الأولى كما اختاره المحقق ابن الهمام وإذا كان ما ذكرناه عذرا فلا كراهة أصلا والله تعالى أعلم
قوله ( يغسل ويصلى عليه ) أي ويكفن ولم يصرح به لعلمه مما ذكره لأن ستر العورة شرط لصحة الصلاة
تأمل
قوله ( إن استهل ) لا يخفى ما فيه من التسامح به لأن ترتيبه الموت على الولادة أي في قوله قبله فمات مفيد للحياة قبله فلا يحسن التفصيل بعده فكان ينبغي أن يقول كالكنز ومن استهل صلى عليه وإلا لا
شرنبلالية
قوله ( بالبناء للفاعل ) لأن أصل الإهلال والاستهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم أطلق على رؤية الهلال وعلى رفع الصوت مطلقا ومنه أهل المحرم بالحج أي رفع صوته بالتلبية واستهل الصبي إذا رفع صوته بالبكاء عند ولادته
وأما المبني للمجهول فيقال استهل الهلال أي أبصر كذا يفاد من المغرب
قوله ( أي وجد منه ما يدل على حياته ) أي من بكاء أو تحريك أو طرف ونحو ذلك
بدائع
وهذا معناه في الشرع كما في البحر
وقال في الشرنبلالية يعني الحياة المستقرة ولا عبرة لانقباض وبسط اليد وقبضها لأن هذه الأشياء حركة المذبوح ولا عبرة بها حتى لو ذبح رجل فمات أبوه وهو يتحرك لم يرثه المذبوح لأن له في هذه الحالة حكم الميت كما في الجوهرة اه
أقول وما نقلناه عن البدائع مشى عليه في الفتح و البحر و الزيلعي ويمكن حمله على ما في الشرنبلالية
تأمل
تنبيه قال في البدائع ما نصه ولو شهدت القابلة أو الأم على الاستهلال تقبل في حق الغسل والصلاة عليه لأن خبر الواحد في الديانات مقبول إذا كان عدلا وأما في حق الميراث فلا يقبل قول الأم لكونها متهمة بجرها المغنم إلى نفسها وكذا شهادة القابلة عند أبي حنيفة
وقالا تقبل إذا كانت عدلة اه
وظاهره اشتراط نصاب الشهادة عنده في الميراث وبه صرح في البحر عن المجتبى بلفظ وعن أبي حنيفة
قوله ( بعد خروج أكثره ) متعلق بوجد فلو خرج رأسه وهو يصيح ثم مات لم يرث ولم يصل عليه ما لم يخرج أكثر بدنه حيا بحر عن المبتغى
حد الأكثر من قبل الرجل سرته ومن قبل الرأس صدره
نهر عن منية المفتى
قوله ( حتى لو خرج الخ ) أي فلو اعتبر حياته عند خروج الأقل من النصف لكان الواجب الدية فإيجاب الغرة في هذه الحالة مبني على أن هذا الخروج كعدمه فإن الغرة إنما تجب فيمن ضرب بطن الحامل حتى أسقطته ميتا فذبحه قبل خروج أكثره في حكم ضربه وهو في بطن أمه بخلاف ذبحه بعد خروج أكثره فإنه م وجب للقود وبما قررناه ظهر صحة التفريع وبطل التشنيع فافهم
قوله ( فعليه الغرة ) هي نصف عشر دية الرجل لو الجنين ذكرا وعشر دية المرأة لو أنثى وكل منهما خمسمائة درهم وهي خمسون دينارا كما سيأتي في محله
هذا وما ذكره الشارح نقله في البحر عن المبتغى بالمعجمة لكن ذكرنا في كتاب الجنايات في أوائل فصل ما يوجب القود عن المجتبى و التاترخانية أن عليه الدية لكن ما قررناه آنفا يؤيد ما هنا أو يراد بالدية الغرة فتأمل
____________________
(2/227)
قوله ( فعليه الدية ) ظاهر قوله فمات أن الموت بسبب القطع وعليه فالمراد دية النفس إن كان القطع خطأ وإلا وجب القود لكن عبارة البحر عن المبتغي ثم مات وعليه فإن كان موته لا بسبب القطع فالواجب دية الأذن وإن كان به فالواجب دية النفس أو القود كما قلنا لكن قال الرحمتي وإنما وجبت الدية لا القصاص للشبهة حيث جرحه قبل تحقق كونه ولدا فليتأمل
وفي الأحكام للشيخ إسماعيل عن التهذيب لذهن اللبيب مسألة رجل قطع أذن إنسان وجب عليه خمسمائة دينار ولو قطع رأسه وجب عليه خمسون دينارا جوابها قطع أذن صبي خرج رأسه عند الولادة فإن تمت ولادته وعاش وجب نصف الدية وهي خمسمائة دينار ولو قطع رأسه ومات قبل خروج الباقي وجبت فيه الغرة وهي خمسون دينارا اه
قوله ( وإلا يستهل غسل وسمى ) شمل ما تم خلقه ولا خلاف في غسله وما لم يتم وفيه خلاف
والمختار أنه يغسل ويلف في خرقة ولا يصلى عليه كما في المعراج و الفتح و الخانية و البزازية و الظهيرية
شرنبلالية
وذكر في شرح المجمع لمصنفه أن الخلاف في الأول وأن الثاني لا يغسل إجماعا اه
واغتر في البحر بنقل الإجماع على أنه لا يغسل فحكم على ما في الفتح و الخلاصة من أن المختار تغسيله بأنه سبق نظرهما إلى الذي تم خلقه أو سهو من الكاتب
واعترضه في النهر بأن ما في الفتح و الخلاصة عزاه في المعراج إلى المبسوط والمحيط اه
وعلمت نقله أيضا عن الكتب المذكورة
وذكر في الأحكام أنه جزم به في عمدة المفتي و الفيض و المجموع و المبتغى اه
فحيث كان هو المذكور في عامة الكتب فالمناسب الحكم بالسهو على ما في شرح المجمع لكن قال في الشرنبلالية يمكن التوفيق بأن من نفى غسله أراد الغسل المراعى فيه وجه السنة ومن أثبته أراد الغسل في الجملة كصب الماء عليه من غير وضوء وترتيب لفعله كغسله ابتداء بسدر وحرض اه قلت ويؤيده قولهم ويلف في خرقة حيث لم يراعوا في تكفينه السنة فكذا غسله
قوله ( عند الثاني ) المناسب ذكره بعد قوله الآتي وإذا استبان بعض خلقه غسل لأنك علمت أن الخلاف فيه خلافا لما في شرح المجمع و البحر
قوله ( إكراما لبني آدم ) علة للمتن كما يعلم من البحر ويصح جعله علة لقوله فيفتى به
قوله ( وحشر ) المناسب تأخيره عن قوله هو المختار لأن الذي في الظهيرية والمختار أنه يغسل
وهل يحشر عن أبي جعفر الكبير أنه إن نفخ فيه الروح حشر وإلا لا
والذي يقتضيه مذهب أصحابنا أنه إن استبان بعض خلقه فإنه يحشر وهو قول الشعبي وابن سيرين اه
ووجهه أن تسميته تقتضي حشره إذ لا فائدة لها إلا في ندائه في المحشر باسمه
وذكر العلقمي في حديث سموا أسقاطكم فإنهم فرطكم الحديث
فقال فائدة سأل بعضهم هل يكون السقط شافعا ومتى يكون شافعا هل هو من مصيره علقة أم من ظهور الحمل أم بعد مضي أربعة أشهر أم من نفخ الروح والجواب أن العبرة إنما هو بظهور خلقه وعدم ظهوره كما حرره شيخنا زكريا
قوله ( ولم يصل عليه ) أي سواء كان تام الخلق أم لا ط
قوله ( إن انفصل بنفسه ) أما إذا أفصل كما إذا ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا فإنه يرث ويورث لأن الشارع لما أوجب الغرة على الضارب فقد حكم بحياته
نهر أي يرث إذا مات أبوه مثلا قبل انفصاله
قوله ( كصبي سبي مع أحد أبويه ) وبالأولى إذا سبي
____________________
(2/228)
معهما والمجنون البالغ كالصبي كما في الشرنبلالية
ولا فرق بين كون الصبي مميزا أو لا ولا بين موته في دار الإسلام أو الحرب ولا بين كون السابي مسلما أو ذميا لأنه مع وجود الأبوين لا عبرة للدار ولا للسابي بل هو تابع لأحد أبويه إلى البلوغ ما لم يحدث إسلاما وهو مميز كما صرح به في البحر اه ح وقال المحقق ابن أمير حاج في شرحه على التحرير في فصل الحاكم بعد ذكره التبعية ما نصه الذي في شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام ويستوي فيما قلنا أن يعقل أو لا يعقل إلى هذا أشار في هذا الكتاب ونص عليه في الجامع الكبير فلا جرم أن قال في شرحه أو أسلم أحد أبويه يجعل مسلما تبعا سواء كان الصغير عاقلا أو لم يكن لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا اه
وذكر الخير الرملي أنه لو سبي مع الجد أبي الأب لا يكون كذلك بل يصلى عليه
قوله ( لا يصلى عليه ) تصريح بالمقصود من التشبيه
قوله ( لا العقبى ) وإلا كانوا في النار مثلهم وهو أحد ما قيل فيهم
ونقله في شرح المقاصد عن الأكثرين ط وقدمنا تمامه فيما مر أول هذا الباب
قوله ( ولو سبي بدونه ) أي بدون أحد أبويه بأن لم يكن معه واحد منهما ح
قلت المراد بالمعية ما يشمل الحكمية لما في سير أحكام الصغار ولو دخل حربي دار الإسلام ذميا ثم سبي ابنه لا يصير الابن مسلما بالدار اه
وفيه وإذا سبي المسلمون صبيان أهل الحرب وهم بعد في دار الحرب فدخل آباؤهم دار الإسلام وأسلموا فأبناؤهم صاروا مسلمين بإسلام آبائهم وإن لم يخرجوا إلى دار الإسلام اه
وهذا يفيد تقييد المسألة بما إذا لم يسلم أبوه
قوله ( تبعا للدار ) أي إن كان السابي ذميا أو للسابي إن كان مسلما كذا في شرح المنية
واقتصر في البحر على تبعية الدار قال لأن فائدة تبعية السابي إنما تظهر في دار الحرب بأن وقع صبي في سهم رجل ومات الصبي يصلى عليه تبعا للسابي والكلام في السبي وهو لغة الأسرى المحمولون من بلد إلى بلد فلا بد من الحمل حتى يسمى سببا ولم يوجد اه
أقول لكن الذي في الصحاح و القاموس أنه يقال سبيت العدو سبيا إذا أسرته فهو سبي وهي سبي ويقال سبيت الخمر سبيا إذا حملتها من بلد إلى بلد فهي سبية اه
فجعل الحمل قيدا في الخمرة دون الأسير
تأمل نعم ذكر الإمام السرخسي في أواخر شرح السير الكبير ما يدل على كون ذلك شرطا خارجا عن مفهومه فإنه قال لو سبى وحده لا يحكم بإسلامه ما لم يخرج إلى دار الإسلام مسلما تبعا للدار أو يقسم الإمام الغنائم أو يبيعها في دار الحرب فيصير مسلما تبعا للمالك لأن تأثير التبعية للمالك فوق تأثير التبعية للدار فإن كان المالك ذميا بأن ملكه بشراء أو رضخ فكذلك يحكم بإسلامه وحتى لو مات يصلى عليه ويجبر الذمي على بيعه لأنه صار محرزا بقوة المسلمين فقد ملكه بإحرازهم إياه فصار تمام الإحراز بالقسمة والبيع كتمامه بالإخراج إلى دارنا ولو دخل الذمي دار الحرب متلصصا وأخرج صغيرا إلى دارنا فهو مسلم يجبر الذمي على بيعه لأنه إنما ملكه بالإحراز بدارنا فصار كالمنفل بأن قال الأمير من أصاب رأسا فهو له فأصاب الذمي صغيرا ليس معه أحد أبويه فهو مسلم لأنه إنما ملكه بمنعة المسلمين بخلاف ما إذا دخل الذمي دارهم بأمان فاشترى صغيرا من مماليكهم لأنه يملكه بالعقد لا بمنعتنا فإذا أخرجه إلينا لم يكن مسلما أما لو كان الشاري منهم مسلما فإنه إذا أخرجه إلى دارنا وحده حكم بإسلامه وتبعية الملك إنما تظهر في هذا فإذا كان المالك مسلما فالملوك مثله تبعا له أو ذميا فهو مثله اه ملخصا
____________________
(2/229)
وحاصله أنه إنما يحكم بأسلامه بالإخراج إلى دار الإسلام تبعا للدار أو بالملك بقسمة أو بيع من الإمام تبعا للمالك لو مسلما أو للغانمين لو ذميا والله أعلم
قلت ويؤخذ من قوله إن تمام الإحراز بالقسمة والبيع كتمامه بالإخراج
إن الذمي إذا ملكه يحكم بإسلامه قبل الإخراج فإذا مات في دار الحرب يصلى عليه فافهم
قوله ( أو به ) أي سبي بأحد أبويه أي معه ح
قوله ( فأسلم هو ) أي أحد أبويه ح أي فإن الصبي يصير مسلما لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا
ولا فرق بين كون الولد مميزا أو لا كما مر
ونقل الخير الرملي في باب نكاح الكافر قولين وأن الشلبي أفتى باشتراط عدم التمييز لكن صرح السرخسي في شرح السير بأن هذا القول خطأ وسيأتي تمام الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى
أقول وبقي ما لو سبي معه أبواه أو أحدهما فماتا ثم أخرج إلى دارنا وحده فهو مسلم لأنه بموتهما في دار الحرب خرج عن كونه تبعا لهما بخلاف ما لو ماتا بعد الإخراج أو القسمة أو البيع كذا في شرح السير الكبير
قوله ( وهو عاقل ) قيد لقوله أو أسلم الصبي لأن كلام غير العاقل غير معتبر لعدم صدوره عن قصد
قوله ( أي ابن سبع سنين ) تفسير للعاقل الذي يصح إسلامه بنفسه وعزاه في النهر إلى فتاوى قارىء الهداية وفسره في العناية بأن يقعل المنافع والمضار
وأن الإسلام هدى واتباعه خير له وفسره في الفتح بأن يعقل صفة الإسلام وهو ما في الحديث أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره قال وهذا دليل على أن مجرد قول لا إله إلا الله لا يوجب الحكم بالإسلام ما لم يؤمن بما ذكرنا وتمامه في البحر و النهر
أقول والظاهر أن مراده أن يؤمن بذلك إذا فصل له وطلب منه الإيمان به بقرينة ما يأتي فلو أنكره أو امتنع من الإقرار به بعد الطلب لا يكفيه قول لا إله إلا الله للعلم بأنه كان يكتفي من المشركين بقول لا إله إلا الله وبالإقرار برسالته من غير إلزام بتفصيل المؤمن به نعم قد يشترط الإقراء بالشهادتين معا أو بواحدة منهما وقد يشترط التبري عن بقية الأديان المخالفة أيضا على ما سيجيء إن شاء الله تعالى تفصيله في باب الردة عند ذكر الشارح هناك أن الكفار خمسة أصناف
قوله ( ولا يضر توقفه الخ ) فإن العوام قد يقولون لا نعرفه وهم من التوحيد والإقرار والخوف من النار وطلب الجنة بمكان وكأنهم يظنون أن جواب هذه الأشياء إنما يكون بكلام خاص منظوم فيحجمون عن الجواب
بحر عن الفتح
قوله ( ويغسل المسلم ) أي جوازا لأن من شروط وجوب الغسل كون الميت مسلما
قال في البدائع حتى لا يجب غسل الكافر لأن الغسل وجب كرامة وتعظيما للميت والكافر ليس من أهل ذلك
قوله ( قريبه ) مفعول تنازع فيه الأفعال الثلاثة قبله
قوله ( كخاله ) أشار إلى أن المراد بالقريب ما يشمل ذوي الأرحام كما في البحر
قوله ( الكافر الأصلي ) قيده القهستاني عن الجلابي في باب الشهيد بغير الحربي ط
قوله ( فيلقى في حفرة ) أي ولا يغسل ولا يكفن ولا يدفع إلى من انتقل إلى ديتهم
بحر عن الفتح
قوله ( فلو له قريب ) أي من أهل ملته
قوله ( من غير مراعاة السنة ) قيد للأفعال الثلاثة
____________________
(2/230)
كما أفاده بالتفريع بعده
قوله ( وليس للكافر الخ ) أي إذا لم يكن للمسلم قريب فيتولى تجهيزه المسلمون
ويكره أن يدخل الكافر في قبر قريبه المسلم ليدفنه
بحر وقدمنا أنه لو مات بين نساء معهم كافر يعلمنه الغسل ثم يصلين عليه فتغسيل الكافر المسلم فيه للضرورة فلا يدل على أنه يمكن من تجهيز قريبه المسلم عند عدمها خلافا للزيلعي
أفاده في البحر
مطلب في حمل الميت قوله ( وإذا حمل الجنازة ) شروع في بيان كيفية حملها وكان ينبغي تقديمه على الصلاة كما فعل في البدائع لتقدمه عليها غالبا
قوله ( ندبا ) لأن فيه إيثارا لليمين والمقدم على اليسار والمؤخر
قوله ( بكسر الدال وتفتح ) أشار إلى أن الكسر أفصح كما في البحر عن الغاية لكن الكسر مع التخفيف والفتح مع التشديد كما في القاموس حيث قال مقدم الرحل كمحسن ومعظم
قوله ( لحديث من حمل الخ ) الأولى تأخيره عن قوله ثم مقدمها ثم مؤخرها ط
والحديث المذكور ذكره الزيلعي ونقله في البحر عن البدائع
وفي شرح المنية ويستحب أن يحملها من كل جانب أربعين خطوة للحديث المذكور رواه أبو بكر النجار
قوله ( كفرت عنه أربعين كبيرة ) ببناء كفرت للفاعل وضميره للجنازة على تقدير مضاف أي حملها والكبيرة قد تطلق على الصغيرة لأن كل ذنب صغير بالنظر لما فوقه كبيرة بالنسبة لما تحته أو المراد بالكبيرة حقيقتها وقولهم إن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة أو بمحض الفضل أو بالحج المبرور محمول على ما لم يرد النص في ط وسيأتي تمام ذلك في كتاب الحج إن شاء الله تعالى
قوله ( كذلك ) أي عشر خطوات وهو معنى كذلك الثانية ويمين الحامل يمين الميت ويساره الجنازة ويساره يساره ويمين الجنازة
قهستاني ط
قوله ( ويكره عندنا الخ ) لأن السنة التربيع
بحر
وما نقل عن بعض السلف من الحمل بين العمودين إن ثبت فلعارض كضيق المكان أو كثرة الناس أو قلة الحاملين كما بسطه في فتح القدير
قوله ( قائمة ) أي من قوائم السرير الأربع
قوله ( باليد ) أي ثم يضع على العنق وقوله لا على العنق أي ابتداء كما أفاده شيخنا اه ح
وفي الحلية أو يرفعونه أخذا باليد لا وضعا على العنق كما تحمل الأثقال ذكره الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير اه
والمراد بالعنق الكتف كما قال ط
قوله ( ولذا الخ ) علة لما استفيد من أن حملة كالأمتعة مكروه ط
قوله ( يحمله واحد على يديه ) أي ويتداوله الناس بالحمل على أيديهم
بحر
قوله ( ويسرع بها ) معطوف على قوله وضع مقدمها
قوله ( بلا خبب ) بمعجمة مفتوحة وموحدتين
____________________
(2/231)
وحد التعجيل المسنون أن يسرع به بحيث لا يضطرب الميت على الجنازة للحديث أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قدمتموها إلى الخير وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم والأفضل أن يعجل بتجهيزه كله من حين يموت
بحر
قوله ( ولو به كره ) لأنه ازدراء بالميت وإضرار بالمتبعين
بحر
قوله ( إلا إذا خيف الخ ) فيؤخر الدفن وتقدم صلاة العيد على صلاة الجنازة والجنازة على الخطبة والقياس تقديمها على العيد لكنه قدم مخافة التشويش وكي لا يظنها من في أخريات الصفوف أنها صلاة العيد
بحر عن القنية
ومفاده تقديم الجمعة على الجنازة للعلة المذكورة ولأنها فرض عين بل الفتوى على تقديم سنتها عليها ومر تمامه في أول باب صلاة العيد
قوله ( جلوس قبل وضعها ) للنهي عن ذلك كما في السراج
نهر
ومقتضاه أن الكراهة تحريمية
رملي
قوله ( وقيام بعده ) أي يكره القيام بعد وضعها عن الأعناق كما في الخانية والعناية
وفي المحيط خلافه حيث قال والأفضل أن لا يجلسوا حتى يسووا عليه التراب
قال في البحر والأول أولى لما في البدائع لا بأس بالجلوس بعد الوضع لما روي عن عبادة بن الصامت أنه كان لا يجلس حتى يوضع الميت في اللحد فكان قائما مع أصحابه على رأس قبر فقال يهودي هكذا نصنع بموتانا فجلس وقال لأصحابه خالفوهم أي في القيام فلذاكره ومقتضاه أنها كراهة تحريم وهو مقيد بعدم الحاجة والضرورة
رملي
قوله ( وما ورد فيه ) أي من قوله إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع اه ح
قال النووي في شرح مسلم هو بضم التاء وكسر اللام المشددة أي تصيرون وراءها غائبين عنها اه مدني
قوله ( منسوخ ) أي بما رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد والطحاوي من طرق عن علي قال رسول الله ثم قعد ولمسلم بمعناه وقال قد كان ثم نسخ شرح المنية
قوله ( لأنها متبوعة ) يشير إلى ما في صحيح البخاري عن البراء بن عازب أمرنا رسول الله باتباع الجنازة قال علي الاتباع لا يقع إلا على التالي
ولا يسمى المقدم تابعا بل هو متبوع والأمر للندب لا للوجوب للإجماع
وعن علي قدمها بين يديك واجعلها نصب عينيك فإنما هي موعظة وتذكرة وعبرة
وتمامه في شرح المنية
قوله ( إلا أن يكون خلفها نساء ) الظاهر تقييده بما إذا خشي الاختلاط معهن أو كان فيهن نائحة بقرينة ما بعده
تأمل
قوله ( ويكره خروجهن تحريما ) لقوله عليه الصلاة والسلام ارجعن مأزورات غيرة مأجورات رواه ابن ماجه بسند ضعيف لكن يعضده المعنى الحادث باختلاف الزمان الذي أشارت إليه عائشة بقولها لو أن رسول الله رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل وهذا في نساء زمانها فما ظنك بنساء زماننا
وأما ما في الصحيحين عن أم عطية نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا أي أنه نهي تنزيه فينبغي أن يختص بذلك الزمن حيث كان يباح لهن الخروج للمساجد والأعياد وتمامه في شرح المنية
قوله ( وتزجر النائحة ) وكذا الصائحة
شرنبلالية
قوله ( ولا يترك اتباعها لأجلها ) لأجل النائحة لأن السنة لا تترك بما اقترن بها من البدعة
____________________
(2/232)
ولا يرد الوليمة حيث يترك حضورها لبدعة فيها للفارق بأنهم لو تركوا المشي مع الجنازة لزم عدم انتظامها ولا كذلك الوليمة لوجود من يأكل الطعام
ط عن أبي السعود
والظاهر أن المراد باتباعها المشي معها مطلقا لا خصوص المشي خلفها بل يترك المشي خلفها إذا كانت نائحة لما مر عن الاختيار ويحصل التوفيق
قوله ( ولا يمشي عن يمينها ويسارها ) كذا في الفتح و البحر
وفي القهستاني لا بأس به فأفاد أنه خلاف الأولى لأن فيه ترك المندوب وهو اتباعها
قوله ( جاز ) أي بلا كرهة
حلية
قوله ( وفيه فضيلة أيضا ) أخذا من قولهم أن المشي خلفها أفضل عندنا
قوله ( إن تباعد عنها ) أي بحيث يعد ماشيا وحده
قوله ( أو تقدم الكل ) أي وتركوها خلفهم ليس معها أحد
قوله ( أو ركب أمامها ) لأنه يضر بمن خلفه بإثارة الغبار أما الركوب خلفها فلا بأس به والمشي أفضل كما في البحر
قوله ( كره ) الظاهر أنها تنزيهية
رملي
أقول لكن إن تحقيق الضرر بالركوب أمامها فهي تحريمية
تأمل
قوله ( كما كره الخ ) قيل تحريما وقيل تنزيها كما في البحر عن الغاية
وفيه عنها وينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل الصمت
وفيه عن الظهيرية فإن أراد أن يذكر الله تعالى يذكره في نفسه لقوله تعالى { إنه لا يحب المعتدين } أي الجاهرين بالدعاء
وعن إبراهيم أنه كان يكره أن يقول الرجل وهو يمشي معها استغفروا له غفر الله لكم اه
قلت وإذا كان هذا في الدعاء والذكر فما ظنك بالغناء الحادث في هذا الزمان مطلب في دفن الميت قوله ( وحفر قبره الخ ) شروع في مسائل الدفن
وهو فرض كفاية إن أمكن إجماعا
حلية
واحترز بالإمكان عما إذا لم يمكن كما لو مات في سفينة كما يأتي
ومفاده أنه لا يجزي دفنه على وجه الأرض ببناء عليه كما ذكره الشافعية ولم أره لأئمتنا صريحا وأشار بإفراد الضمير إلى ما تقدم من أنه لا يدفن اثنان في قبر إلا لضرورة وهذا في الابتداء وكذا بعده
قال في الفتح ولا يحفر قبر لدفن آخر إلا إن بلي الأول فلم يبق له عظم إلا أن لا يوجد فتضم عظام الأول ويجعل بينهما حاجز من تراب
ويكره الدفن في الفساقي اه
وهي كبيت معقود بالبناء يسع جماعة قياما لمخالفتها السنة
إمداد
والكراهة فيها من وجوه عدم اللحد ودفن الجماعة في قبر واحد بلا ضرورة واختلاط الرجال بالنساء بلا حاجز وتجصيصها والبناء عليها
بحر
( قال في الحلية ) وخصوصا إن كان فيها ميت لم يبل وما يفعله جهلة الحفارين من نبش القبول التي لم تبل أربابها وإدخال أجانب عليهم فهو من المنكر الظاهر وليس من الضرورة المبيحة لجمع ميتين فأكثر ابتداء في قبر واحد قصد دفن الرجل مع قريبه أو ضيق المحل في تلك المقبرة مع وجود غيرها وإن كانت مما يتبرك بالدفن فيها فضلا عن كون ذلك ونحوه مبيحا للنبش وإدخال البعض على البعض قبل البلاء مع ما فيه من هتك حرمة الميت الأول وتفريق أجزائه فالحذر من ذلك اه
وقال الزيلعي ولو بلي الميت وصار ترابا جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه اه
قال في الإمداد ويخالفه ما في التاترخانية إذا صار الميت ترابا في القبر يكره دفن غيره في قبره لأن الحرمة باقية وإن جمعوا عظامه في ناحية ثم دفن غيره فيه تبركا بالجيران الصالحين ويوجد موضع فارغ يكره ذلك اه
____________________
(2/233)
قلت لكن في هذا مشقة عظيمة فالأولى إناطة الجواز بالبلاء إذا لا يمكن أن يعد لكل ميت قبر لا يدفن فيه غيره وإن صار الأول ترابا لا سيما في الأمصار الكبيرة الجامعة وإلا لزم أن تعم القبول السهل والوعر على أن المنع من الحفر إلى أن لا يبقى عظم عسر جدا وإن أمكن ذلك لبعض الناس لكن الكلام في جعله حكما عاما لكل أحد فتأمل
تتمة قال في الأحكام لا بأس بأن يقبر المسلم في مقابر المشركين إذا لم يبق من علاماتهم شيء كما في خزانة الفتاوى وإن بقي من عظامهم شيء تنبش وترفع الآثار وتتخذ مسجدا لما روي أن مسجد النبي كان قبل مقبرة للمشركين فنبشت كذا في الواقعات اه
قوله ( في غير دار ) يغني عنه ما يأتي متنا
قوله ( مقدار نصف قامة الخ ) أو إلى حد الصدر وإن زاد إلى مقدار قامة فهو أحسن كما في الذخيرة فعلم أن الأدنى نصف القامة والأعلى القامة وما بينهما شرح المنية وهذا حد العمق والمقصود منه المبالغة في منع الرائحة ونبش السباع
وفي القهستاني وطوله على قدر طول الميت وعرضه على قدر نصف طوله
قوله ( ويلحد ) لأنه السنة وصفته أن يحفر القبر ثم يحفر في جانب القبلة منه حفيرة فيوضع فيها الميت ويجعل ذلك كالبيت المسقف
حلية
قوله ( ولا يشق ) وصفته أن يحفر في وسط القبر حفيرة فيوضع فيها الميت
حلية
قوله ( إلا في أرض رخوة ) فيخير بين الشوق واتخاذ التابوت
ط عن الدر المنتقى ومثله في النهر
ومقتضى المقابلة أنه يلحد ويوضع التابوت في اللحد لأن العدول إلى الشق لخوف انهيار اللحد كما صرح به في الفتح فإذا وضع التابوت في اللحد أمن انهياره على الميت فلو لم يمكن حفر اللحد تعين الشق ولم يحتج إلى التابوت إلا إذا كانت الأرض ندية يسرع فيها بلاء الميت
قال في الحلية عن الغاية ويكون التابوت من رأس المال إذا كانت الأرض رخوة أو ندية مع كون التابوت في غيرها مكروها في قول العلماء قاطبة اه
وقد يقال يوضع التابوت في الشق إذا لم يكن فوقه بناء لئلا يرمس الميت في التراب أما إذا كان له سقف أو بناء معقود فوقه كقبور بلادنا ولم تكن الأرض ندية ولم يلحد فيكره التابوت
قوله ( ولا يجوز الخ ) أي يكره ذلك
قال في الحلية ويكره أن يوضع تحت الميت في القبر مضربة أو مخدة أو حصير أو نحو ذلك اه
ولعل وجهه أنه إتلاف مال بلا ضرورة فالكراهة تحريمية ولذا عبر بلا يجوز
قوله ( وما روي عن علي ) يعني من فعل ذلك
نهر
ثم إن الشارح تبع في ذلك المصنف في منحه
والذي وجدته في الظهيرية عن عائشة وكذا عزاه إلى الظهيرية في البحر و النهر
قال في شرح المنية وما روي أنه جعل في قبره عليه الصلاة والسلام قطيفة قيل لأن المدينة سبخة وقيل إن العباس وعليا تنازعاها فبسطها شقران تحته لقطع التنازع وقيل كان عليه الصلاة والسلام يلبسها ويفترشها فقال شقران والله لا يلبسك أحد بعده أبدا فألقاها في القبر
قوله ( فغير مشهور ) أي غير ثابت عنه أو المراد أنه لم يشتهر عنه فعله بين الصحابة ليكون إجماعا منهم بل ثبت عن غيره خلافه
ففي شرح المنية وكره ابن عباس أن يلقى تحت الميت شيء رواه الترمذي
وعن أبي موسى لا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئا اه
قوله ( ولا بأس باتخاذ تابوت الخ ) أي يرخص ذلك عند الحاجة والإكراه كما قدمناه آنفا
قال في الحلية
____________________
(2/234)
نقل غير واحد عن الإمام ابن الفضل أنه جوزه في أراضيهم لرخاوتها
وقال لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد والمراد بقوله ينبغي يسن كما أفصح به فخر الإسلام وغيره بل في الينابيع والسنة أن يفرض في القبر التراب ثم لم يتعقبوا الرخصة في اتخاذه من حديد بشيء ولا شك في كراهته كما هو ظاهر الوجه اه أي لأنه لا يعمل إلا بالنار فيكون كالآجر المطبوخ بها كما يأتي
قوله ( له ) أي للميت كما في البحر أو للرجل ومفهومه أنه لا بأس به للمرأة مطلقا وبه صرح في شرح المنية فقال وفي المحيط واستحسن مشايخنا اتخاذ التابوت للنساء يعني ولو لم تكن الأرض رخوة فإنه أقرب إلى الستر والتحرز عن مسها عند الوضع في القبر اه
قوله ( كرخاوة الأرض ) أي كونها ندية فيوضع في اللحد أو في الشق إن كانت ندية أو لم يكن للشق سقف كما قدمناه
قوله ( أن يفرش فيه ) أي في القبر أو في اللحد كما بيناه
قوله ( وألقي في البحر ) قال في الفتح وعن أحمد يثقل ليرسب
وعن الشافعية كذلك إن كان قريبا من دار الحرب وإلا شد بين لوحين ليقذفه البحر فيدفن اه
قوله ( إن لم يكن قريبا من البر ) الظاهر تقديره بأن يكون بينهم وبين البر مدة يتغير الميت فيها
ثم رأيت في نور الإيضاح التعبير بخوف الضرر به
( في الدار كذا في الحلية عن منية المفتي وغيرها وهو أعم من قول الفتح ولا يدفن صغير ولا كبير في البيت الذي مات فيه فإن ذلك خاص بالأنبياء بل ينقل إلى مقابر المسلمين اه
ومقتضاه أنه لا يدفن في مدفن خاص كما يفعله من يبني مدرسة ونحوها ويبني له بقربها مدفنا تأمل
قوله ( بأن يوضع من جهتها ثم يحمل ) أي فيكون الآخذ له مستقبل القبلة حال الأخذ
وقال الشافعي وأحمد يستحب السل بأن يوضع الميت عند آخر القبر ثم يسل من قبل رأسه منحدرا وبيان الأدلة في شرح المنية و الفتح
ولا يضر عندنا كون الداخل في القبر وترا أو شفعا واختار الشافعي الوتر وتماه في البحر
قوله ( فيلحد ) وكذا لو كان القبر شقا غير مسقف أما المسقف فيتعين فيه السل
قوله ( وبالله ) زاده على ما في الكنز و الهداية وهو ثابت في لفظ للترمذي والأول في لفظ لابن ماجه وفي لفظ له بزيادة وفي سبيل الله بعد قوله بسم الله وذكره في البدائع عن الحسن عن أبي حنيفة قالوا والمعنى بمس الله وضعناك وعلى ملة رسول الله سلمناك
ثم قال الإمام أبو منصور الماتريدي ليس هذا دعاء للميت لأنه إن مات على ملة رسول الله لم يجز أن يبدل حاله وإن مات على غير ذلك لم يبدل أيضا ولكن المؤمنون شهدا الله في أرضه فيشهدون بوفاته على الملة وعلى هذا جرت السنة اه
حلية
تنبيه في الاقتصاد على ما ذكر من الوارد إشارة إلى أنه لا يسن الأذان عند إدخال الميت في قبره كما هو المعتاد الآن وقد صرح ابن حجر في فتاويه بأنه بدعة
وقال ومن ظن أنه سنة قياسا على ندبهما للمولود إلحاقا لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يصب اه
وقد صرح بعض علمائنا وغيرهم بكراهة المصافحة المعتادة عقب الصلوات مع أن المصافحة سنة وما ذاك إلا لكونها لم تؤثر في خصوص هذا الموضع فالمواظبة عليها فيه توهم العوام بأنها سنة فيه ولذا منعوا عن الاجتماع لصلاة الرغائب التي أحدثها بعض المتعبدين لأنها لم تؤثر على هذه الكيفية في تلك
____________________
(2/235)
الليالي المخصوصة وإن كانت الصلاة خير موضوع
قوله ( وجوبا ) أخذه من قوله الهداية بذلك أمر رسول الله لكن لم يجده المخرجون
وفي الفتح إنه غريب واستؤنس له بحديث أبي داود والنسائي أن رجلا قال يا رسول الله ما الكبائر قال هي تسع فذكر منها استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا اه
قلت ووجهه أن ظاهره التسوية بين الحياة والموت في وجوب استقباله لكن صرح في التحفة بأنه كما يأتي عقبه
قوله ( ولا ينبش ليوجه إليها ) أي لو دفن مستدبرا لها وأهالوا التراب لا ينبش لأن التوجه إلى القبلة سنة والنبش حرام بخلاف ما إذا كان بعد إقامة اللبن قبل إهالة التراب فإنه يزال ويوجه إلى القبلة عن يمينه
حلية عن التحفة
ولو بقي فيه متاع لإنسان فلا بأس بالنبش
ظهيرية
قوله ( للاستغناء عنها ) لأنها تعقد لخوف الانتشار عند الحمل
قوله ( ويسوي اللبن عليه ) أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه
حلية عن شرح المجمع
قوله ( والقصب ) قال في الحلية وتسد الفرج التي بين اللبن بالمدر والقصب كي لا ينزل التراب منها على الميت
ونصوا على استحباب القصب فيها كاللبن اه
قوله ( لا الآجر ) بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح
وقوله المطبوخ صفة كاشفة
قال في البدائع لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها ولأنه مما مسته النار فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلا كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلا
قوله ( لو حوله الخ ) قال في الحلية وكرهوا الآجر وألواح الخشب
وقال الإمام التمرتاشي هذا إذا كان حول الميت فلو فوقه لا يكره لأنه يكون عصمة من السبع
وقال مشايخ بخارى لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي
قوله ( وعدد لبنات الخ ) نقله أيضا في الأحكام عن الشمني عن شرح مسلم بلفظ يقال عدد الخ
قوله ( وجاز ذلك ) أي الآجر والخشب
قوله ( ويسجى قبرها ) أي بثوب ونحوه استحبابا حال إدخالها القبر حتى يسوى اللبن على اللحد كذا في شرح المنية و الإمداد
ونقل الخير الرملي أن الزيلعي صرح في كتاب الخنثى أنه على سبيل الوجوب
قلت ويمكن التوفيق بحمله على ما إذا غلب على الظن ظهور شيء من بدنها
تأمل
قوله ( كمطر ) أي وبرد وحر وثلج
قهستاني
قوله ( عليه ) أي على القبر أو على الميت وهو أقرب لفظا والأول أقرب معنى
قوله ( وتكره الزيادة عليه ) لما في صحيح مسلم عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه زاد أبو داود أو يزاد عليه حلية
قوله ( لأنه بمنزلة البناء ) كذا في البدائع
وظاهره أن الكراهة تحريمية وهو مقتضى النهي المذكور لكن نظر صاحب الحلية في هذا التعليل وقال وروي عن محمد أنه لا بأس بذلك ويؤيده ما روى الشافعي وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء وهو مرسل صحيح فتحمل الكراهة على الزيادة الفاحشة وعدمها على القليلة المبلغة له مقدار شبر أو ما فوقه قليلا
قوله ( ويستحب حثيه ) أي بيديه جميعا
جوهرة
قال في المغرب حثيث التراب حثيا وحثوته حثوا إذا قبضته ورميته اه
ومثله في القاموس فهو واوي ويائي فافهم
قوله ( من قبل رأسه ثلاثا ) لما في ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى على جنازة ثم أتى القبر فحثا
____________________
(2/236)
عليه من قبل رأسه ثلاثا شرح المنية
قال في الجوهرة ويقول في الحثية الأولى { منها خلقناكم } وفي الثانية { وفيها نعيدكم } وفي الثالثة { ومنها نخرجكم تارة أخرى } طه 55 وقيل يقول في الأولى اللهم جاف الأرض عن جنبيه وفي الثانية اللهم افتح أبواب السماء لروحه وفي الثالثة اللهم زوجه من الحور العين
وللمرأة اللهم أدخلها الجنة برحتمك اه
قوله ( وجلوس الخ ) لما في سنن أبي داود كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره وقال استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل وكان ابن عمر يستحب أن يقرى على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها وروي أن عمرو بن العاص قال وهو في سياق الموت إذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع رسل ربي جوهرة
قوله ( ولا بأس برش الماء عليه ) بل ينبغي أن يندب لأنه فعله بقبر سعد كما رواه ابن ماجه وبقبر ولده إبراهيم كما رواه أبو داود في مراسيله وأمر به في قبر عثمان بن مظعون كما رواه البزار فانتفى ما عن أبي يوسف من كراهته لأنه يشبه التطيين
حلية
قوله ( للنهي ) هو ما رواه محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي أنه نهى عن تربيع القبول وتجصيصها إمداد
قوله ( ويسنم ) أي يجعل ترابه مرتفعا عليه كسنام الجمل لما روى البخاري عن سفيان النمار أنه رأى قبر النبي مسنما وبه قال الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور
وقال الشافعي التسطيح أي التربيع أفضل وتمامه في شرح المنية
قوله ( وفي الظهيرية وجوبا ) هو مقتضى النهي المذكور ويؤيده ما في البدائع من التعليل بأنه من صنيع أهل الكتاب والتشبه بهم فيما منه بد مكروه اه لكن في النهر أن الأول أولى
قلت ولعل وجهه شبهة الاختلاف والحديث الذي استدل به الشافعي على التربيع فيكون النهي مصروفا عن ظاهره فتأمل
قوله ( قدر شبر ) أو أكثر شيئا قليلا
بدائع
قوله ( ولا يجصص ) أي لا يطلى بالجص بالفتح ويكسر
قاموس
قوله ( ولا يرفع عليه بناء ) أي يحرم لو للزينة ويكره لو للإحكام بعد الدفن وأما قبله فليس بقبر
إمداد
وفي الأحكام عن جامع الفتاوى وقيل لا يكره البناء إذا كان الميت من المشايخ والعلماء والسادات اه
قلت لكن هذا في غير المقابر المسبلة كما لا يخفى
قوله ( وقيل لا بأس به الخ ) المناسب ذكره عقب قوله ولا يطين لأن عبارة السراجية كما نقله الرحمتي ذكر في تجريد أبي الفضل أن تطيين القبور مكروه و المختار أنه لا يكره اه
وعزاه إليها المصنف في المنح أيضا
وأما البناء عليه فلم أر من اختار جوازه
وفي شرح المنية عن منية المفتي المختار أنه لا يكره التطيين وعن أبي حنيفة يكره أن يبنى عليه بناء من بيت أو قبة أو نحو ذلك لما روى جابر نهى رسول الله عن تجصيص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها رواه مسلم وغيره اه
نعم في الإمداد عن الكبرى واليوم اعتادوا التسنيم باللبن صيانة للقبر عن النبش ورأوا ذلك حسنا
وقال ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن اه
قوله ( لا بأس بالكتابة الخ ) لأن النهي عنها وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق ثم قال هذه الأسانيد صحيحة
____________________
(2/237)
وليس العمل عليها فإن أئمة المسلمين من المشرق والمغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف اه
ويتقوى بما أخرجه أبو داود بإسناد جيد أن رسول الله حمل حجرا فوضعها عند رأس عثمان بن مظعون وقال أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من تاب من أهلي فإن الكتابة طريق إلى تعرف القبر بها نعم يظهر أن محل هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها ما إذا كانت الحاجة داعية إليه في الجملة كما أشار إليه في المحيط بقوله وإن احتيج إلى الكتابة حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن فلا بأس به فأما الكتابة بغير عذر فلا اه
حتى أنه يكره كتابة شيء عليه من القرآن أو الشعر أو اطراء مدح له ونحو ذلك
حلية ملخصا
قلت لكن نازع بعض المحققين من الشافعية في هذا الإجماع بأنه أكثري وإن سلم فمحل حجيته عند صلاح الأزمنة بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تعطل ذلك منذ أزمنة ألا ترى أن البناء على قبورهم في المقابر المسبلة أكثر من الكتابة عليها كما هو مشاهد وقد علموا بالنهي عنه فكذا الكتابة اه
فالأحسن التمسك بما يفيد حمل النهي على عدم الحاجة كما مر
تتمة في الأحكام عن الحجة تكره الستور على القبور اه
قوله ( إلا لحق آدمي ) احتراز عن حق الله تعالى كما إذا دفن بلا غسل أو صلاة أو وضع على غير يمينه أو إلى غير القبلة فإنه لا ينبش عليه بعد إهالة التراب كما مر
قوله ( كأن تكون الأرض مغصوبة ) وكما إذا سقط في القبر متاع أو كفن بثوب مغصوب أو دفن معه مال قالوا ولو كان المال درهما
بحر قال الرملي واستفيد منه جواب حادثة الفتوى امرأة دفنت مع بنتها من المصاغ والأمتة المشتركة إرثا عنها بغيبة الزوج أنه ينبش لحقه وإذا تلفت به تضمن المرأة حصته اه
واحترز بالمغصوبة عما إذا كانت وقفا
قال في التاترخانية أنفق مالا في إصلاح قبر فجاء رجل ودفن فيه ميتة وكانت الأرض
موقوفة يضمن ما أنفق فيه ولا يحول ميتة من مكانه لأنه دفن في وقف اه
وعبر في الفتح بقوله يضمن قيمة الحفر فتأمل
قوله ( أو أخذت بشفعة ) أي بأن اشترى أرضا فدفن فيها ميته ثم علم الشفيع بالشراء فتملكها بالشفعة
قوله ( ومساواته بالأرض ) أي ليزرع فوقه مثلا لأن حقه في باطنها وظاهرها فإن شاء ترك حقه في باطنها وإن شاء استوفاه
فتح
قوله ( كما جاز زرعه ) أي القبر ولو غير مغصوب وكذا يجوز دفن غيره كما في الزيلعي أيضا وقدمنا الكلام عليه
قوله ( من الأيسر ) كذا قيده في الدرر ولينظر وجهه
قوله ( ولو بالعكس ) بأن مات الولد في بطنها وهي حية
قوله ( قطع ) أي بأن تدخل القابلة يدها في الفرج وتقطعه بآلة في يدها بعد تحقق موته
قوله ( لو ميتا ) لا وجه له بعد قوله ولو بالعكس ط
قوله ( وإلا لا ) أي ولو كان حيا لا يجوز تقطيعه لأن موت الأم به موهوم فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم
قوله ( ولو بلع مال غيره ) أي ولا مال له كما في الفتح و شرح المنية ومفهومه أنه لو ترك مالا يضمن ما بلعه لا يشق اتفاقا
قوله ( والأولى نعم ) لأنه وإن كان حرمة الآدمي أعلى من صيانة المال لكنه أزال احترامه بتعديه كما في الفتح
ومفاده أنه لو سقط في جوفه بلا تعد لا يشق اتفاقا
____________________
(2/238)
كما لا يشق الحي مطلقا لإفضائه إلى الهلاك لا لمجرد الاحترام
قوله ( الاتباع أفضل ) أي اتباع الجنازة لأنه ير الحي والميت فالثواب المترتب عليه أكثر ط
قوله ( أو جوار ) سيأتي في باب الوصية للأقارب وغيرهم أن الجار من لصق به
وقالا من يسكن في محلته
ويجمعهم مسجد المحلة وهو استحسان
وقال الشافعي الجار إلى أربعين دارا من كل جانب اه
قلت والصحيح قول الإمام كما سيأتي هناك إن شاء الله تعالى وهل يقيد هنا بالملاصق أيضا الظاهر نعم ما لو يوجد دليل الإطلاق
وقد يقال كلام الموصي يحمل على العرف
والجار عرفا الملاصق أو من يسكن في المحلة فتصرف إليه الوصية بخلافه هنا فيكون حده إلى الأربعين كما في الحديث والله أعلم
قوله ( يندب دفنه في جهة موته ) أي في مقابر أهل المكان الذي مات فيه أو قتل وإن نقل قدر ميل أو ميلين فلا بأس شرح المنية ويأتي الكلام على نقله
قلت ولذا صح أمره بدفن قتلى أحد في مضاجعهم مع أن مقبرة المدينة قريبة ولذا دفنت الصحابة الذين فتحوا دمشق عند أبوابها ولم يدفنوا كلهم في محل واحد
وتعجيله أي تعجيل جهازه عقب تحقق موته ولذا كره تأخير صلاته ودفنه ليصلي عليه جمع عظيم بعد صلاة الجمعة كما مر
قوله ( لم يجز ذكره ) أي ما لم يكن الميت صاحب بدعة ليرتدع غيره كما قدمناه
قوله ( ولا بأس بنقله قبل دفنه ) قيل مطلقا وقيل إلى ما دون مدة السفر وقيده محمد بقدر ميل أو ميلين لأن مقابر البلد ربما بلغت هذه المسافة فيكره فيما زاد
قال في النهر عن عقد عقد الفرائد وهو الظاهر اه
وأما نقله بعد دفنه فلا مطلقا
قال في الفتح واتفقت كلمة المشايخ في امرأة دفن ابنها وهي غائبة في غير بلدها فلم تصبر وأرادت نقله على أنه لا يسعها ذلك فتجويز شواذ بعض المتأخرين لا يلتفت إليه
وأما نقل يعقوب ويوسف عليهما السلام من مصر إلى الشام ليكونا مع آبائهما الكرام فهو شرع من قبلنا ولم يتوفر فيه شروط كونه شرعا لنا اه ملخصا وتمامه فيه
قوله ( وبالإعلام بموته ) أي إعلام بعضهم بعضا ليقضوا حقه هداية
وكره بعضهم أن ينادى عليه في الأزقة والأسواق لأنه يشبه نعي الجاهلية
والأصح أنه لا يكره إذا لم يكن معه تنويه بذكره وتفخيم بل يقول العبد الفقير إلى الله تعالى فلان بن فلان الفلاني فإن نعي الجاهلية ما كان فيه قصد الدوران مع الضجيج والنياحة وهو المراد بدعوى الجاهلية في قوله ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية شرح المنية
قوله ( وبإرثائه ) تبع فيه صاحب النهر
واعترضه ح بأن مقتضاه أنه رباعي وليس كذلك
ففي القاموس رثيت الميت ورثوته بكيته وعددت محاسنه الخ
قوله ( من تعزى الخ ) تمامه فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا قال في المغرب تعزى واعتزق انتسب والعزاء اسم منه والمراد به قولهم في الاستعانة يا لفلان أعضوه أي قولوا له اعضض بأير أبيك ولا تكنوا عن الأير بالهن وهذا أمر تأديب ومبالغة في الزجر عن دعوى الجاهلية اه
لكن كون المراد بدعوى الجاهلية هنا ما قدمناه عن شرح المنية أولى
قوله ( وبتعزية أهله ) أي تصبيرهم والدعاء لهم به
قال في القاموس العزاء الصبر أو حسنه
وتعزى انتسب اه
فالمراد هنا الأول وفيما قبله الثاني فافهم
قال
____________________
(2/239)
في شرح المنية وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن لقوله عليه الصلاة والسلام من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة رواه ابن ماجه وقوله عليه الصلاة والسلام من عزى مصابا فله مثل أجره رواه الترمذي وابن ماجه
والتعزية أن يقول أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك اه
مطلب في الثواب على المصيبة تنبيه هذا الدعاء بإعظام الأجر المروي عنه لما عزى معاذا بابن له يقتضي ثبوت الثواب على المصيبة
وقد قال المحقق ابن الهمام في المسايرة قالت الحنفية ما ورد به السمع من وعد الرزق ووعده الثواب على الطاعة وعلى ألم المؤمن وألم طفله حتى الشوكة يشاكها محض فضل وتطول منه تعالى لا بد من وجوده لوعده الصادق اه
وهل يشترط للثواب الصبر أم لا قال ابن حجر وقع للعز بن عبد السلام أن المصائب نفسها لا ثواب فيها لأنها ليست من الكسب بل في الصبر عليها فإن لم يصبر كفرت الذنب إذ لا يشترط في المكفر أن يكون كسبا كالبلاء فالجزع لا يمنع التكفير بل هو مصيبة أخرى
ورد بتصريح الشافعي رحمها بأن كلا من المجنون والمريض المغلوب على عقله مأجور مثاب مكفر عنه بالمرض فحكم بالأجر مع انتفاء العقل المستلزم لانتفاء الصبر ويؤيده خبر الصحيحين ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه مع الحديث الصحيح إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمله صحيحا مقيما ففيه أنه يحصل له ثواب مماثل لفعله الذي صدر منه قبل بسبب المرض فضلا من الله تعالى فمن أصيب وصبر يحصل له ثوابان لنفس المصيبة وللصبر عليها
ومن انتفى صبره فإن كان لعذر كجنون فكذلك أو لنحو جزع لم يحصل من ذينك الثوابين شيء اه ملخصا
وحاصله اشتراط الصبر للثواب على المصيبة إلا إذا انتفى لعذر كجنون
وأما التكفير بها فهو حاصل بلا شرط
قوله ( وباتخاذ طعام لهم ) قال في الفتح ويستحب لجيران أهل الميت والأقرباء الأباعد تهيئة طعام لهم يشبعهم يومهم وليلتهم لقوله اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم حسنه الترمذي وصحح الحاكم ولأنه بر ومعروف ويلح عليهم في الأكل لأن الحزن يمنعهم من ذلك فيضعفون اه
مطلب في كراهة الضيافة من أهل الميت وقال أيضا ويكره اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت لأنه شرع في السرور لا في الشرور وهي بدعة مستقبحة
وروى الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله قال كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة اه
وفي البزازية ويكره اتخاذ الطعام في اليوم الأول والثالث
وبعد الأسبوع ونقل الطعام إلى القبر في المواسم واتخاذ الدعوة لقراءة القرآن وجمع الصلحاء والقراء للختم أو لقراءة سورة الأنعام أو الإخلاص
والحاصل أن اتخاذ الطعام عند قراءة القرآن لأجل الأكل يكره
وفيها من كتاب الاستحسان وإن اتخذ
____________________
(2/240)
طعاما للفقراء كان حسنا اه
وأطال في ذلك المعراج
وقال وهذه الأفعال كلها للسمعة والرياء فيحترز عنها لأنهم لا يريدون بها وجه الله تعالى اه
وبحث هنا في شرح المنية بمعارضة حديث جرير المار بحديث آخر فيه أنه عليه الصلاة والسلام دعته امرأة رجل ميت لما رجع من دفنه فجاء وجيء بالطعام
أقول وفيه نظر فإنه واقعة حال لا عموم لها مع احتمال سبب خاص فخلاف ما في حديث جرير
على أنه بحث في المنقول في مذهبنا ومذهب غيرنا كالشافعية والحنابلة استدلالا بحديث جرير المذكور على الكراهة ولا سيما إذا كان في الورثة صغار أو غائب مع قطع النظر عما يحصل عند ذلك غالبا من المنكرات الكثيرة كإيقاد الشموع والقناديل التي لا توجد في الأفراح وكدق الطبول والغناء بالأصوات الحسان واجتماع النساء والمردان وأخذ الأجرة على الذكر وقراءة القرآن وغير ذلك مما هو مشاهد في هذه الأزمان وما كان كذلك فلا شك في حرمته وبطلان الوصية به ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قوله ( وبالجلوس لها ) أي للتعزية واستعمال لا بأس هنا على حقيقته لأنه خلاف الأولى كما صرح به في شرح المنية
وفي الأحكام عن خزانة الفتاوى الجلوس في المصيبة ثلاثة أيام للرجال جاءت الرخصة فيه ولا تجلس النساء قطعا اه
قوله ( في غير مسجد ) أما فيه فيكره كما في البحر عن المجتبى وجزم به في شرح المنية والفتح لكن في الظهيرية لا بأس به لأهل الميت في البيت أو المسجد والناس يأتونهم ويعزونهم اه
قلت وما في البحر من أنه جلس لما قتل جعفر وزيد بن حارثة والناس يأتون ويعزونه اه
يجاب عنه بأن جلوسه لم يكن مقصودا للتعزية
وفي الإمداد وقال كثير من متأخري أئمتنا يكره الاجتماع عند صاحب البيت ويكره له الجلوس في بيته حتى يأتي إليه من يعزي بل إذا فرغ ورجع الناس من الدفن فليتفرقوا ويشتغل الناس بأمورهم وصاحب البيت بأمره اه
قلت وهل تنتفي الكراهة بالجلوس في المسجد وقراءة القرآن حتى إذا فرغوا قام ولي الميت وعزاه الناس كما يفعل في زماننا الظاهر لا لكون الجلوس مقصودا للتعزية لا للقراءة ولا سيما إذا كان هذا الاجتماع والجلوس في المقبرة فوق القبور المدثورة ولا حول ولا قوة إلا بالله
قوله ( وأولها أفضل ) وهي بعد الدفن أفضل منها قبله لأن أهل الميت مشغولون قبل الدفن بتجهيزه ولأن وحشتهم بعد الدفن لفراقه أكثر وهذا إذا لم ير منهم جزع شديد وإلا قدمت لتسكينهم
جوهرة
قوله ( وتكره بعدها ) لأنها تجدد الحزن
منح
والظاهر أنها تنزيهية ط
قوله ( إلا لغائب ) أي إلا أن يكون المعزي أو المعزى غائبا فلا بأس بها
جوهرة
قلت والظاهر أن الحاضر الذي لم يعلم بمنزلة الغائب كما صرح به الشافعية
قوله ( وتكره التعزية ثانيا ) في التاترخانية لا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي مرة أخرى رواه الحسن عن أبي حنيفة اه إمداد
قوله ( وعند القبر ) عزاه في الحلية إلى المبتغى بالغين المعجمة وقال ويشهد له ما أخرج ابن شاهين عن إبراهيم التعزية عند القبر بدعة اه
قلت لعل وجهه أن المطلوب هناك القراءة والدعاء للميت بالتثبيت
قوله ( وعند باب الدار ) في الظهيرية ويكره الجلوس على باب الدار للتعزية لأنه عمل أهل الجاهلية وقد نهى عنه وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطريق من أقبح القبائح اه بحر
قوله ( ويقول أعظم الله أجرك ) أي جعله عظيما بزيادة الثواب والدرجات وأحسن عزاءك بالمد أي جعل سلوكك وصبرك حسنا ابن حجر وقوله وغفر لميتك بقوله إن كان
____________________
(2/241)
الميت مكلفا وإلا فلا كما في شرح المنية
وفي كتب الشافعية ويعزى المسلم بالكافر أعظم الله أجرك وصبرك والكافر بالمسلم غفر الله لميتك وأحسن عزاءك
مطلب في زيارة القبور قوله ( وبزيارة القبور ) أي لا بأس بها بل تندب كما في البحر عن المجتبى فكان ينبغي التصريح به للأمر بها في الحديث المذكور كما في الإمداد وتزار في كل أسبوع كما في مختارات النوازل
قال في شرح لباب المناسك إلا أن الأفضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس فقد قال محمد بن واسع الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده فتحصل أن يوم الجمعة أفضل اه
وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد لما روى ابن أبي شيبة أن النبي كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والأفضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي اه
قلت استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها
وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام لم أر من صرح به من أئمتنا ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته قياسا على منع الرحلة لغير المساجد الثلاث
ورده الغزالي بوضوح الفرق فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل فلا فائدة في الرحلة إليها
وأما الأولياء فإنهم متفاوتون في القرب من الله تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم
قال ابن حجر في فتاويه ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك لأن القربات لا تترك لمثل ذلك بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكن اه
قلت ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة وإن كان معها نساء ونائحات
تأمل
قوله ( ولو للنساء ) وقيل تحرم عليهن
والأصح أن الرخصة ثابتة لهن
بحر
وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة
وقال الخير الرملي إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا تجوز وعليه حمل حديث لعن الله زائرات القبور وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز
ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد اه
وهو توفيق حسن
قوله ( ويقول الخ ) قال في الفتح والسنة زيارتها قائما والدعاء عندها قائما كما كان يفعله في الخروج إلى البقيع ويقول السلام عليكم الخ
وفي شرح اللباب للمنلا علي القاري ثم من آداب الزيارة ما قالوا من أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفي لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره لكن هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قرأ أول سورة البقرة عند رأس ميت وآخرها عند رجليه
ومن آدابها أن يسلم بلفظ السلام عليكم على الصحيح لا عليكم السلام فإنه ورد السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ونسأل الله لنا ولكم العافية ثم يدعو قائما طويلا وإن جلس يجلس بعيدا أو قريبا بحسب مرتبته في حال حياته اه
قال ط ولفظ الدار مقحم أو هو من ذكر اللازم لأنه إذا سلم على الدار فأولى ساكنها وذكر المشيئة للتبرك لأن اللحوق محقق أو المراد اللحوق على أتم الحالات فتصح المشيئة
قوله ( ويقرأ يس ) لما ورد
____________________
(2/242)
من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات بحر
وفي شرح اللباب ويقرأ من القرآن ماتيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي ( البقرة 225 )
{ آمن الرسول } البقرة 285 وسورة يس وتبارك الملك وسورة التكاثر والإخلاص اثني عشر مرة
أو عشرا أو سبعا أو ثلاثا ثم يقول اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم اه
مطلب في القراءة للميت وإهداء ثوابها له تنبيه صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها كذا في الهداية
بل في زكاة التاترخانية عن المحيط الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيءا هـ
هو مذهب أهل السنة والجماعة لكن استثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما بخلاف غيرها كالصدقة والحج
وخالف المعتزلة في الكل وتمامه في فتح القدير
أقول ما مر عن الشافعي هو المشهور عنه
والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إن كانت بحضرته أو دعي له عقبها ولو غائبا لأن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة والدعاء عقبها أرجى للقبول ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة لا حصول ثوابها له ولهذا اختاروا في الدعاء اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته لفلان وأما عندنا فالواصل إليه نفس الثواب
وفي البحر من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع ثم قال وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا
والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامهم وأنه لا فرق بين الفرض والنفل اه
وفي جامع الفتاوى وقيل لا يجوز في الفرائض اه
وفي كتاب الروح للحافظ أبي عبد الله الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية ما حاصله أنه اختلف في إهداء الثواب إلى الحي فقيل يصحح لإطلاق قول أحمد يفصل الخير ويجعل نصفه لأبيه أو أمه وقيل لا لكونه غير محتاج لأنه يمكنه العمل بنفسه
وكذا
اختلف في اشتراط نية ذلك عند الفعل فقيل لا لكن الثواب له فله التبرع به وإهداؤه لمن أراد كإهداء شيء من ماله وقيل نعم لأنه إذا وقع له لا يقبل انتقاله عنه وهو الأولى
وعلى القول الأول لا يصح إهداء الواجبات لأن العامل ينوي القربة بها عن نفسه
وعلى الثاني يصح وتجزى عن الفاعل
وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين وقالوا نلقى الله تعالى بالفقر والإفلاس والشريعة لا تمنع من ذلك
ولا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيرا بنية الزكاة لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه نعم إذا فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق ويصح إهداء نصف الثواب أو ربعه كما نص عليه أحمد ولا مانع منه
ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل منهم ربعه فكذا لو أهدى الربع لواحد وأبقى الباقي لنفسه اه ملخصا
____________________
(2/243)
قلت لكن سئل ابن حجر المكي عما لو قرأ لأهل المقبرة الفاتحة هل يقسم الثواب بينهم أو يصل لكل منهم مثل ثواب ذلك كاملا فأجاب بأنه أفتى جمع بالثاني وهو اللائق بسعة الفضل
مطلب في إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم تتمة ذكر ابن حجر في الفتاوى الفقهية أن الحافظ ابن تيمية زعم منع إهداء ثواب القراءة للنبي لأن جنابه الرفيع لا يتجرأ عليه إلا بما أذن فيه وهو الصلاة عليه وسؤال الوسيلة له
قال وبالغ السبكي وغيره في الرد عليه بأن مثل ذلك لا يحتاج لإذن خاص ألا ترى أن ابن عمر كان يعتمر عنه عمرا بعد موته من غير وصية وحج ابن الموفق وهو في طبقة الجنيد عنه سبعين حجة وختم ابن السراج عنه أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه مثل ذلك اه
قلت رأيت نحو ذلك بخط مفتي الحنفية الشهاب أحمد بن الشلبي شيخ صاحب البحر عن شرح الطيبة للنويري ومن جملة ما نقله أن ابن عقيل من الحنابلة قال يستحب إهداؤها له اه
قلت وقول علمائنا له أن يجعل ثواب عمله لغيره يدخل فيه النبي فإنه أحق بذلك حيث أنقذنا من الضلالة ففي ذلك نوع شكر وإسداء جميل له والكامل قابل لزيادة الكمال وما استدل به بعض المانعين من أنه تحصيل الحاصل لأن جميع أعمال أمته في ميزانه
يجاب عنه بأنه لا مانع من ذلك فإن الله تعالى أخبرنا بأنه صلى عليه ثم أمرنا بالصلاة عليه بأن نقول اللهم صل على محمد والله أعلم وكذا اختلف في إطلاق قول اجعل ذلك زيادة في شرفه فمنع منه شيخ الإسلام البلقيني والحافظ ابن حجر لأنه لم يرد له دليل
وأجاب ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثة بأن قوله تعالى { وقل رب زدني علما } طه 114 وحديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه واجعل الحياة زيادة لي في كل خير دليل على أن مقامه وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب وسائر المراتب والدرجات وكذا ورد في دعاء رؤية البيت وزد من شرفه وعظمه واعتمره تشريفا الخ فيشمل كل الأنبياء ويدل على أن الدعاء لهم بزيادة الشرف مندوب وقد استعمله الإمام النووي في خطبتي كتابيه الروضة و المنهاج وسبقه إليه الحليمي وصاحبه البيهقي وقد رد على البلقيني وابن حجر شيخ الإسلام القاياني ووافقه صاحبه الشرف المناوي ووافقهما أيضا صاحبهما إمام الحنفية الكمال بن الهمام بل زاد عليهما بالمبالغة حيث جعل كل ما صح من الكيفيات الواردة في الصلاة عليه موجودا في كيفية الدعاء بزيادة الشرف وهي اللهم صل أبدا أفضل الصلوات على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم تسليما كثيرا وزده تشريفا وتكريما وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة اه
فانظر كيف جعل طلب هذه الزيادة من الأسباب المقتضية لفضل هذه الكيفية على غيرها من الوارد كصلاة التشهد وغيرها وهذا تصريح من هذا الإمام المحقق بفضل طلب الزيادة له فكيف مع هذا يتوهم أن في ذلك محذورا ووافقهم أيضا صاحبهم شيخ الإسلام زكريا اه
ملخصا
قوله ( ويحفر قبرا لنفسه ) في بعض النسخ وبحفر قبر لنفسه على أن لفظة حفر مصدر مجرور بالباء مضاف إلى قبر أي ولا بأس به
وفي التاترخانية لا بأس به ويؤجر عليه هكذا عمل عمر بن عبد العزيز والربيع بن خيثم وغيرهما اه
قوله ( والذي ينبغي الخ ) كذا قاله في شرح المنية وقال لأن الحاجة إليه متحققة غالبا بخلاف القبر لقوله تعالى { وما تدري نفس بأي أرض تموت }
____________________
(2/244)
لقمان 34
قوله ( يكره المشي الخ ) قال في الفتح ويكره الجلوس على القبر ووطؤه وحينئذ فما يصنعه من دفنت حول أقاربه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه ويكره النوم عند القبر وقضاء الحاجة بل أولى وكل ما لم يعهد من السنة والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما اه
قلت وفي الأحكام عن الخلاصة وغيرها لو وجد طريقا إن وقع في قلبه أنه محدث لا يمشي عليه وإلا فلا بأس به وفي خزانة الفتاوى وعن أبي حنيفة لا يوطأ القبر إلا لضرورة ويزار من بعيد ولا يقعد وإن فعل يكره
وقال بعضهم لا بأس بأن يطأ القبور وهو يقرأ أو يسبح أو يدعو لهم اه
وقال في الحلية وتكره الصلاة عليه وإليه لورود النهي عن ذلك ثم ذكر عن الإمام الطحاوي أنه حمل ما ورد من النهي عن الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة وأنه لا يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار وأنه قال إن ذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ثم نازعه بما صرح به في النوادر و التحفة و البدائع و المحيط وغيره من أن أبا حنيفة كره وطء القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه وبأنه ثبت النهي عن وطئه والمشي عليه وتمامه فيها
وقيد في نور الإيضاح كراهة القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة
قلت وتقدم أنه إذا بلي الميت وصار ترابا يجوز زرعه والبناء عليه ومقتضاه جواز المشي فوقه
ثم رأيت العيني في شرحه على صحيح البخاري ذكر كلام الطحاوي المار ثم قال فعلى هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن وطء القبور حرام وكذا النوم عليها ليس كما ينبغي فإن الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب أبي حنيفة انتهى
قلت لكن قد علمت أن الواقع في كلامهم التعبير بالكراهة لا بلفظ الحرمة وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه الإمام الطحاوي إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهي على الجلوس لقضاء الحاجة يراد به في نهي التحريم وما ذكره غيره من كراهة الوطء والقعود الخ يراد به كراهة التنزيه في غير قضاء الحاجة
وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين وهذا كثير في كلامهم ومنه قولهم مكروهات الصلاة وتنتفي الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتي والله سبحانه أعلم
مطلب في وضع الجريد ونحو الآس على القبور تتمة يكره أيضا قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس كما في البحر و الدرر و شرح المنية وعلله في الإمداد بأنه ما دام رطبا يسبح الله تعالى فيؤنس الميت وتنزل بذكره الرحمة اه
ونحوه في الخانية
أقول ودليله ما ورد في الحديث من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء بعد شقها نصفين على القبرين اللذين يعذبان
وتعليله بالتخفيف عنهما ما لم يبيسا أي يخفف عنهما ببركة تسبيحهما إذ هو أكمل من تسبيح اليابس لما في الأخضر من نوع حياة وعليه فكراهة قطع ذلك وإن نبت بنفسه ولم يملك لأن فيه تفويت حق الميت
ويؤخذ من ذلك ومن الحديث ندب وضع ذلك للاتباع ويقاس عليه ما اعتيد في زماننا من وضع أغصان الآس ونحوه وصرح بذلك أيضا جماعة من الشافعية وهذا أولى مما قاله بعض المالكية من أن التخفيف عن القبرين إنما حصل ببركة يده الشريفة أو دعائه لهما فلا يقاس عليه غيره
وقد ذكر البخاري في صحيحه أن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أوصى بأن يجعل في قبره جريدتان والله تعالى أعلم
قوله ( لا يكره الدفن ليلا ) والمستحب كونه نهارا
شرح المنية
قوله ( ولا إجلاس القارئين عند القبر ) عبارة نور الإيضاح وشرحه
____________________
(2/245)
ولا يكره الجلوس للقراءة على القبر في المختار لتأدية القراءة على الوجه المطلوب بالسكينة والتدبر والاتعاظ اه
قوله ( عظم الذمي محترم ) فلا يكسر إذا وجد في قبره لأنه كما حرم إيذاؤه في حياته لأنه مثلة وجبت صيانة نفسه عن الكسر بعد موته
خانية
وأما أهل الحرب فإن احتيج إلى نبشهم فلا بأس به
تاترخانية عن الحجة فتنبش وترفع العظام والآثار وتتخذ مقبرة للمسلمين أو مسجدا كما في الواقعات
إسماعيل
قوله ( إنما يعذب الخ ) قال بعضهم يعذب لما في الحديث إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه وقال عامة العلماء لا لقوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } الأنعام 164 وتأويل الحديث أنهم في ذلك الزمان كانوا يوصون بالنوح فقال عليه الصلاة والسلام ذلك
بحر عن الظهيرية
وفي شرح التكملة أن المراد من الحديث الندب والنياحة
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي قال ذلك لما مر على قوم يبكون على يهودي فقال إنه ليعذب وهم يبكون عليه اه
إسماعيل
قوله ( عهد نامه ) بفتح الميم وسكون الهاء ومعناه بالفارسية الرسالة والمعنى رسالة العهد
والمعنى أن يكتب شيء مما يدل أنه على العهد الأزلي الذي بينه وبين ربه يوم أخذ الميثاق من الإيمان والتوحيد والتبرك بأسمائه تعالى ونحو ذلك ح
قوله ( يرجى الخ ) مفاده الإباحة أو الندب
وفي البزازية قبيل كتاب الجنايات وذكر الإمام الصفار لو كتب على جبهة الميت أو على عمامته أو كفنه عهد نامه يرجى أن يغفر الله تعالى للميت ويجعله آمنا من عذاب القبر
قال نصير هذه رواية في تجويز وقد روي أنه كان مكتوبا على أفخاذ أفراس في إصطبل الفاروق حبيس في سبيل الله تعالى اه
مطلب فيما يكتب على كفن الميت وفي فتاوى المحقق ابن حجر المكي الشافعي سئل عن كتابة العهد على الكفن وهو لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقيل إنه اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا إني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فلا تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتبعدني من الخير وأنا لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عهدا عندك توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد هل يجوز ولذلك أصل فأجاب بقوله نقل بعضهم عن نوادر الأصول للترمذي ما يقتضي أن هذا الدعاء له أصل وأن الفقيه ابن عجيل كان يأمر به ثم أفتى بجواز كتابته قياسا على كتابة لله في إبل الزكاة وأقره بعضهم وفيه نظر
وقد أفتى ابن الصلاح بأنه لا يجوز أن يكتب على الكفن يس والكهف وغيرهما خوفا من صديد الميت والقياس المذكور ممنوع لأن القصد ثم التمييز وهنا التبرك فالأسماء المعظمة باقية على حالها فلا يجوز تعريضها للنجاسة والقول بأنه يطلب فعله مردود لأن مثل ذلك لا يحتج به إلا إذا صح عن النبي طلب ذلك وليس كذلك اه
وقدمنا قبيل باب المياه عن الفتح أنه تكره كتابة القرآن وأسماء
____________________
(2/246)
الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يفرش وما ذاك إلا لاحترامه وخشية وطئه ونحوه مما فيه إهانة فالمنع هنا بالأولى ما لم يثبت عن المجتهد أو ينقل فيه حديث ثابت فتأمل نعم نقل بعض المحشين عن فوائد الشرجي أن مما يكتب على جبهة الميت بغير مداد بالأصبع المسبحة { بسم الله الرحمن الرحيم } وعلى الصدر لا إله الله محمد رسول الله وذلك بعد الغسل قبل التكفين اه
والله أعلم
باب الشهيد أخرجه من صلاة الجنازة مبوبا له مع أن المقتول ميت بأجله لاختصاصه بالفضيلة التي ليست لغيره
نهر
قوله ( فعيل الخ ) وهو إما من الشهود أي الحضور أو من الشهادة أي الحضور مع المشاهدة بالبصر أبو البصرة
قهستاني
قوله ( لأنه مشهود له بالجنة ) أفاد أنه من باب الحذف والإيصال حذف اللام فاستتر الضمير المجرور ح
وهذا على أنه من الشهادة وأما على أنه من الشهود فلأن الملائكة تشهده إكراما له
قوله ( لأنه حي الخ ) هذا على أنه من الشهود وأما على أنه من الشهادة فلأن عليه شاهدا يشهد له وهو دمه وجرحه أو لأنه شاهد على من قتله بالكفر
قوله ( هو الخ ) أي الشهيد في العرف ما ذكر وهو تعريف له باعتبار الحكم الآتي أعني عدم تغسيله ونزع ثيابه لا لمطلقه لأنه أعم من ذلك كما سيأتي
قوله ( كل مكلف ) هو البالغ العاقل خر به الصبي والمجنون فيغسلان عنده خلافا لهما لأن السيف أغنى من الغسل لكونه طهرة ولا ذنب للصبي ولا للمجنون وهذا يقتضي أن يقيد المجنون بمن بلغ كذلك وإلا فلا خفاء في احتياجه إلى ما يطهر ما مضى من ذنوبه إلا أن يقال إذا مات على جنونه لم يؤاخذ بما مضى لعدم قدرته على التوبة
بحر
ولا يخفى أن هذا مسلم فيما إذا جن عقب المعصية أما لو مضى بعدها زمن يقدر فيه على التوبة فلم يفعل كان تحت المشيئة
نهر
قوله ( مسلم ) أما الكافر فليس بشهيد وإن قتل ظلما فلقريبه المسلم تغسيله كما مر وما في ط عن القهستاني غير طاهر
قوله ( طاهر ) أي ليس به جنابة ولا حيض ولا نفاس ولا انقطاع أحدهما كماهو المتبادر فإذا استشهد الجنب يغسل وهذا عنده خلافا لهما فإذا انقطع الحيض والنفاس واستشهدت فعلى هذا الخلاف وإن استشهدت قبل الانقطاع تغسل على أصح الروايتين عنه كما في المضمرات
قهستاني
وحاصله أنها تغسل قبل الانقطاع في الأصح كما بعده
وفي رواية لا تغسل قبله لأن الغسل لم يكن واجبا عليها كما لو انقطع قبل الثلاث فإنها لا تغسل بالإجماع كما في السراج و المعراج
قوله ( فالحائض ) المراد بها من كانت من ذوات الحيض لا من اتصفت بالحيض لئلا ينافي قوله
قوله لعدم كونها حائضا فافهم
واقتصر في التفريع على بعض أفراد المحترزات لخفائه لما فيه من التفصيل ولم يفصل في النفساء لأن النفاس لا حد لأقله
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم تراه ثلاثة أيام لا تغسل بالإجماع كما نقلناه آنفا عن السراج و المعراج فما في الإمداد من أن الحائض تغسل سواء كان القتل بعد انقطاع الدم أو قبل استمراره ثلاثة أيام فهو سهو أو سقط وصوابه أو قبله بعد استمراره الخ فتنبه
قوله ( ولم يعد الخ ) استدل الإمام على وجوب الغسل لمن قتل جنبا بما صح عنه أنه قال لما قتل حنظلة بن أبي عامر الثقفي إن صاحبكم حنظلة تغسله الملائكة فسألوا زوجته فقالت خرج وهو
____________________
(2/247)
جنب فقال عليه الصلاة والسلام لذلك غسلته الملائكة وأورد الصاحبان أنه لو كان واجبا لوجب على بني آدم ولما اكتفى بفعل الملائكة
والجواب بالمنع وهو ما أشار إليه الشارح من أنه يحصل بفعلهم بدليل قصة آدم المارة لأن الواجب نفس الغسل فأما الغاسل فيجوز أن يكون أيا كان كما في المعراج
واعترضه في البحر بأن هذا الغسل عنده للجنابة لا للموت اه أي وإذا كان للجنابة كما هو ظاهر قوله في الحديث لذلك غسلته الملائكة لم يحسن الاستدلال بقصة الملائكة لأن تغسليهم لآدم كان للموت لا للجنابة لكن فيه أنه إذا وجب للجنابة كان كوجوبه للموت فدلت القصة على الاكتفاء بفعل الملائكة لكن تقدم في بحث الغسل أن الميت لو وجد في الماء لا بد من تغسيله لأنا أمرنا به فيحركه في الماء بنيته لإسقاط الفرض عن ذمة المكلفين لا لطهارته فلو صلى عليه بلا إعادة لغسله صح وإن لم يسقط عنهم الوجوب ومقتضاه أنه لا يكتفى بفعل الملائكة إلا أن يفرق بأنه واجب على المكلفين إذا لم يغسله غيرهم لقيام فعله مقام فعلهم ولذا صح تغسيل الذمي أو الصبي لمسلم مات بين نساء ليس معهن سواهما كما مر
على أن فعل الملائكة بإذن من الله تعالى فهو إذن من صاحب الحق بالاكتفاء عن فعل المكلفين ولا سيما على القول بتكليفهم وبعثة نبينا إليهم والقصة والحديث دليلان على الاكتفاء بفعلهم
وأما وقوعه في الماء فليس فيه تغسيل من أحد فلم يسقط الفرض عنهم وإن حصلت الطهارة كما لو غسله مكلف بلا نية فإنه يجزى لطهارته لا لإسقاطه الفرض عن ذمتنا فتصح الصلاة عليه وإن لم يسقط الفرض عنا فلذا وجب إعادة غسل الغريق أو تحريكه عند إخراجه بنية الغسل فيكون فعلا منا فيسقط به الفرض عنا إذ بدونه لم يحصل فعل منا ولا ممن ناب عنا فاتضح الفرق هذا ما ظهر لي فاغتنمه فإنه نفيس
قوله ( قتل ظلما ) لم يقل قتله مسلم كما في الكنز لأن الذمي كذلك وقيد بالقتل لأنه لو مات حتف أنفه أو ابترد أو حرق أو غرق أو هدم لم يكن شهيدا في حكم الدنيا وإن كان شهيد الآخرة كما سيأتي وبقوله ظلما لما يأتي من أنه لو قتل بحد أو قصاص مثلا لا يكون شهيدا فيغسل ودخل فيه المقتول مدافعا عن نفسه أو ماله أو المسلمين أو أهل الذمة فإنه شهيد لكن لا يشترط كون قتله بمحدد كما في البحر عن المحيط واستشكله في النهر ويأتي جوابه
قوله ( بغير حق ) تفسير لقوله ظلما
قوله ( بجارحة ) أي خلافا لهما كما في النهاية وهذا قيد في غير من قتله باغ أو حربي أو قطاع طريق بقرينة العطف الآتي واحترز بها عن المقتول بمثقل فإنه لا يوجب القصاص عنده
قوله ( أي بما يوجب القصاص ) أي فالمراد بها ما يفرق الأجزاء فيدخل فيه النار والقصب كما في الفتح
قوله ( بل قصاص ) أي بل وجب به قصاص أشار به إلى أن وضع المسألة فيمن علم قاتله كما صرح به شراح الهداية إذ لا قصاص إلا على قاتل معلوم خلافا لما زعمه صدر الشريعة كما حققه في الدرر
أما إذا لم يعلم قاتله فسيأتي أنه يغسل لكن كان عليه أن يزيد أو لم يجب به شيء أصلا كقتل الأسير مثله في دار الحرب عند أبي حنيفة وقتل السيد عبده عن الكل كما في شرح المنية
قوله ( حتى لو وجب الخ ) تفريع على مفهوم قوله بنفس القتل فإن المال لم يجب بنفس القتل العمد لأن الواجب به القصاص وإنما سقط بعارض وهو الصلح أو شبهة الأبوة فلا يغسل في الرواية المختارة كما في الفتح
____________________
(2/248)
فالحاصل أنه إذا وجب بقتله القصاص وإن سقط لعارض أو لم يجب بقتله شيء أصلا فهو شهيد كما علمته
أما إذا وجب به المال ابتداء فلا وذلك بأن كان قتله شبه العمد كضرب بعصا أو خطأ كرمي غرض فأصابه أو ما جرى مجراه كسقوط نائم عليه وكذا إذا وجب به القسامة لوجوب المال بنفس القتل شرعا وكذا لو وجد مذبوحا ولم يعلم قاتله سواء وجبت فيه القسامة أو لا هو الصحيح لاحتمال أنه لم يقتل ظلما كما سيأتي وهو الذي حققه في شرح الدرر اه ملخصا من القهستاني و شرح المنية
قوله ( أو قتل الأب ابنه ) أو قتله شخصا آخر يرثه الابن
بحر
كما إذا قتل زوجته وله منها ولد فإن الولد استحق القصاص على أبيه فيسقط للأبوة
قوله ( ولم يرتث ) بالبناء للمجهول وتشديد المثلثة آخره أشار إلى أن شرط عدم الارتثاث ليس خاصا بشهيد المعركة ولذا لما قتل عمر وعلي غسلا لأنهما ارتثا وعثمان أجهز عليه في مصرعه ولم يرتث فلم يغسل كما في البدائع وسيجيء بيان الارتثاث
قوله ( وكذا يكون شهيدا الخ ) أي بشرط أن لا يرتث أيضا
قوله ( أو قاطع طريق ) والمكابرون في المصر ليلا بمنزلة قطاع الطريق كما في البحر عن شرح المجمع فمن قتلوه ولو بغير محدد فهو شهيد كما لو قتله القطاع وكذا من قتله اللصوص ليلا كما سيأتي
وذكر في البحر أنه زاد في المحيط سببا رابعا وهو من قتل مدافعا ولو عن ذمي فإنه شهيد بأي آلة قتل وإن لم يكن واحدا من الثلاثة أي ممن قتله باغ أو حربي أو قاطع طريق
وقال في النهر كونه شهيدا وإن قتل بغير محدد مشكل جدا لوجوب الدية بقتله فتدبره ممعنا النظر فيه اه
قلت يمكن حمله على ما إذا لم يعلم قاتله عينا كما لو خرج عليه قطاع طريق أو لصوص أو نحوهم
وفي البحر عن المجتبى إذا التقت سريتان من المسلمين وكل واحدة ترى أنهم مشركون فأجلوا عن قتلى من الفريقين
قال محمد لا دية على أحد ولا كفارة لأنهم دافعون عن أنفسهم ولم يذكر حكم الغسل ويجب أن يسغلوا لأن قاتلهم لم يظلمهم اه
ومفاده أنه لو كانت إحدى الفرقتين ظالمة للأخرى بأن علموا حالهم لا يغسل من قتل من الأخرى وإن جهل قاتله عينا لكونه مدافعا عن نفسه وجماعته
تأمل
قوله ( ولو تسببا ) لأن موته يكون مضافا إليهم فلو أوطؤوا دابتهم مسلما أو نفروا دابة مسلم فرمته أو رموا نارا في سفينة فاحترقت ونحو ذلك فهو شهيد
أما لو قتل بانفلات دابة مشرك ليس عليها أحد أو دابة مسلم أو برمينا إليهم فأصابه أو نفر المسلمون منهم فألجؤوهم إلى خندق أو نار أو نحوه فمات لم يكن شهيدا خلافا لأبي يوسف لأن فعله يقطع النسبة إليهم وتمامه في البحر
قوله ( المراد بالجراحة علامة القتل ) ليشمل ما ذكره من الجراحة الباطنة وما ليس بجراحة أصلا كخنق وكسر عضو
وفيه إشارة إلى أن الأولى قوله الهداية وغيرها أو وجد في المعركة وبه أثر اه
فلو لم يكن به أثرا أصلا لا يكون شهيدا لأن الظاهر أنه لشدة خوفه انخلع قلب
فتح أي فلم يكن بفعل مضاف إلى العدو بدائع
قوله ( كخروج الدم الخ ) أي إن كان الدم يخرج من مخارقه ينظر إن كان موضعا يخرج منه الدم من غيير آفة في الباطن كالأنف والذكر والدبر لم يكن شهيدا لأن المرء قد يتبلي بالرعاف وقد يبول دما لشدة الفزع وقد يخرج الدم من الدبر من غير جرح في الباطن فوقع الشك في سقوط الغسل فلا يسقط بالشك وإن كان يخرج من أذنه أو عينه كان شهيدا لأنه لا يخرج منهما عادة إلا لآفة في الباطن فالظاهر أنه ضرب على رأسه حتى خرج منهما
____________________
(2/249)
الدم وإن كان يخرج من فمه فإن نزل من رأسه لم يكن شهيدا وإن كان يعلو من جوفه كان شهيدا لأنه لا يصعد إلا لجرح في الباطن وإنما يميز بينهما بلون الدم
بدائع فالنازل من الرأس صاف والصاعد من الجوف علق
جوهرة و فتح
والعلق الجامد واستشكله في الفتح بأن المرتقي من الجوف قد يكون رقيقا من قرحة في الجوف على ما تقدم في الطهارة فلا يلزم كونه من جراحة حادثة بل أحد المحتملان اه
قوله ( صافيا ) قيد لقوله أو حلقه وكذا قوله الآتي جامدا وفيه قلب
والصواب ذكر جامدا في الأول وصافيا في الثاني كما علم مما نقلناه آنفا
قوله ( فينزع عنه الخ ) شروع في أحكامه والمراد بما لا يصلح للكفن مثل الفرو والحشو والقلنسوة والخف والسلاح والدرع لا السراويل فلا ينزع في الأشبه كما في الهندية عن الهنداوي وكذا لا ينزع الفرو الحشو إذا لم يوجد غيره كما أفاده في الإمداد
قوله ( ويزاد إن نقص ) في المحيط قيل إن قولهم يزاد وينقص معناه يزاد ثوب جديد تكريما وينقص ما شاؤوا وإن كان عليه ما يبلغ السنة
وقيل يزاد إذا قل وينقص إذا كثر حتى يبلغ السنة وهذا أنسب بقوله ليتم كفنه قهستاني
قال في البحر وأشار إلى أنه يكره أن ينزع عنه جميع ثيابه ويجدد الكفن ذكره الإسيبجابي اه
قوله ( لحديث الخ ) أي لقوله في شهداء أحد زملوهم بكلومهم ودمائهم رواه أحمد كذا في شرح المنية
ثم ذكر دليل الصلاة عليه أنه عليه الصلاة والسلام صلى على شهداء أحد وساق أحاديث وقال كل منها إن سلم أنه لم يرتق إلى درجة الصحة فليس بنازل عن درجة الحسن ومجموعها مرتق إليها قطعا فتعارض ما في البخاري عن جابر وترجح عليه بأنها مثبتة وهو ناف وتمامه فيه
والتزميل اللف
والكلوم جمع كلم بفتح فسكون الجرح
قوله ( أي في موضع تجب فيه الدية ) فالمراد بالمصر والقرية ما يشمل ما قرب منهما وخرج ما لو وجد في مفازة ليس بقربها عمران فإنه لا تجب فيه قسامة ولا دية فلا يغسل لو وجد به أثر القتل كما في البحر والمعراج
قوله ( ولم يعلم قاتله ) أي مطلقا سواء قتل بما يوجب القصاص أو لا لعدم تحقق كون قتله ظلما ولوجب الدية
ولما كان مفهومه أنه إن علم لا يغسل مطلقا أيضا مع أن الإطلاق غير مراد فصل الشارح بأنه إن علم ولم يجب القصاص بأن قتل بمثقل أو خطأ فكذلك أي يغسل وإلا فلا وكأن المصنف أطلقه على التقييد استغناء بما مر من قوله قتل ظلما الخ
قوله ( كمن قتله اللصوص الخ ) أي سواء قتل بسلاح أو غيره وكذا من قتله قطاع الطريق خارج المصر بسلاح أو غيره فإنه شهيد لأن القتل لم يخلف في هذه المواضع بدلا هو مال
بحر عن البدائع
لأن موجب قطع الطريق القتل لا المال كما في البدائع
قوله ( فليحفظ الخ ) أصل ذلك لصاحب البحر حيث قال بعد ما مر عن البدائع وبهذا يعلم أن من قتله اللصوص في بيته ولم يعلم له قاتل معين منهم لعدم وجودهم فإنه لا قسامة ولا دية على أحد لأنهما لا يجبان إلا إذا لم يعلم القاتل وهنا قد علم أن قاتله اللصوص وإن لم يثبت عليهم لفرارهم فليحفظ هذا فإن الناس عنه غافلون اه
قلت ووجه الغفلة طلاق ما سيأتي في القسامة من أنه إذا وجد قتيل في دار نفسه فالدية على عاقلة ورثته
____________________
(2/250)
ولم أر من قيده هناك بما ذكر هنا فلذا أكد في التنبيه عليه
قوله ( أي يغسل ) أفاد أنه معطوف على صلة من في قوله ويغسل من وجد الخ لأن هذا القتل ليس بظلم وهو المناط
إسماعيل
قوله ( أو جرح ) فعل ماض مبني للمفعول وهو عطف على قتل وقوله وارتث بالبناء للمفعول أي حمل من المعركة رثيثا أي جريحا
وفي النهاية الرث البالي الخلق أي صار خلقا في الشهادة ومعناه الشرعي ما أفاده بقوله بأن أكل الخ
نهر لأنه حصل له بذلك رفق من مرافق الحياة فلم تبق شهادته على جدتها وهيئتها التي كانت في شهداء أحد الذين هم الأصل في حكمه لأن ترك الغسل على خلاف القياس المشروع في حق سائر أموات بني آدم فيراعى فيه جميع الصفات التي كانت في المقيس عليه وتمامه في شرح المنية
قوله ( ولو قليلا ) يرجع إلى الأربعة قبله
أفاده في البحر ط
قوله ( أو أوى خيمة ) بالمد والقصر يتعدى ب إلى وأنكر بعضهم تعديته بنفسه
وقال الأزهري إنها لغة فصيحة كما ذكره ابن الأثير
أفاده القهستاني والمراد هنا ما إذا ضربت عليه خيمة وهو في مكانه وإلا فهي مسألة النقل من المعركة
أفاده في البحر
قوله ( وهو يعقل ) فلو لم يعقل لا يغسل وإن زاد على يوم وليلة
قوله ( ويقدر على أدائها ) كذا قيده الزيلعي وقال حتى يجب عليه القضاء بتركها فيكون بذلك من أحكام الدنيا كما في الدرر قال في الفتح والله أعلم بصحته وتمامه في البحر
قوله ( أو نقل من المعركة ) أو من المكان الذي جرح فيه كما في الينابيع
إسماعيل
قوله ( وكذا الخ ) أي بالأولى
قوله ( لا لخوف وطء الخيل ) قيد لقوله أو نقل من المعركة فحينئذ لا يكون النقل منافيا للشهادة وهذا القيد مذكور في شرح الزيادات و الكافي و المنبع و ابن ملك و غرر الأذكار و الزيلعي و الدرر وغيرها
إسماعيل
وكذا في الهداية و البدائع معللا بأنه ما نال شيئا من راحة الدنيا
قوله ( وهو الأصح ) ذكر في البحر عن المحيط أن الأظهر أنه لا خلاف فقول أبي يوسف إنه لا يكون مرتثا فيما إذا أوصى بأمور الدنيا وقول محمد بعدمه فيما إذا أوصى بأمور الآخرة كما في وصية سعد بن الربيع وجزم به في النهر
وذكر ط وصية سعد عن سيرة الشامي حاصلها أن رسول الله أرسل إليه من ينظر حاله فقال إني في الأموات فأبلغ رسول الله عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وقل له إني أجد ريح الجنة وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله مكروه وفيكم عين تطرف ثم لم يبرح أن مات
قوله ( أو تكلم بكلام كثير ) يمكن حمله على كلام ليس بوصية توفيقا بينهما لكن ذكر أبو بكر الرازي أنه لو أكثر كلامه في الوصية غسل لأنها إذا طالت أشبهت أمور الدنيا
بحر عن غاية البيان
قلت يمكن حمل ما ذكره الرازي على الوصية بأمور الدنيا بدليل ما مر من وصية سعد فإن فيها كلاما
____________________
(2/251)
طويلا
قوله ( وإلا فلا ) أي وإن لم يكن كثيرا ككلمة أو كلمتين فلا يكون مرتثا
قوله ( وهذا كله ) أي كون ما ذكر في بيان ارتثاث موجبا للغسل
درر
قوله ( إذا كان الخ ) هذا الشرط يظهر فيمن قتل بمحاربة أما من قتل بغيرها كمن قتل ظلما فلا يظهر فيه بل إن راتث غسل وإلا لا ولذا لم يقتد به هناك
قوله ( وكل ذلك ) أي ما تقدم من الشروط وهي ست كما في البدائع العقل والبلوغ والقتل ظلما وأن لا يجب به عوض مالي والطهارة عن الحدث الأكبر وعدم الارتثاث ط
مطلب في تعداد الشهداء قوله ( في الشهيد الكامل ) وهو شهيد الدنيا والآخرة وشهادة الدنيا بعدم الغسل إلا لنجاسة أصابته غير دمه كما في أبي السعود وشهادة الآخرة بنيل الثواب الموعود للشهيد
أفاده في البحر ط
والمراد بشهيد الآخرة من قتل مظلوما أو قاتل لإعلاء كلمة الله تعالى حتى قتل فلو قاتل لغرض دنيوي فهو شهيد دنيا فقط تجري عليها أحكام الشهيد في الدنيا وعليه فالشهداء ثلاثة
قوله ( ونحوه ) أي كالمجنون والصبي والمقتول ظلما إذا وجب بقتله مال
قوله ( والمطعون ) وكذا من مات في زمن الطاعون بغيره إذا أقام في بلده صابرا محتسبا فإن له أجر الشهيد كما في حديث البخاري وذكر الحافظ ابن حجر أنه لا يسأل في قبره
أجهوري
قوله ( والنفساء ) ظاهره سواء ماتت وقت الوضع أو بعده قبل انقضاء مدة النفاس ط
قوله ( والميت ليلة الجمعة ) أخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن مرسل إياس بن بكير أن رسول الله قال من مات يوم الجمعة كتب له أجر شهيد أجهوري
قوله ( وهو يطلب العلم ) بأن كان له اشتغال به تأليفا أو تدريسا أو حضورا فيما يظهر ولو كل يوم درسا وليس المراد الانهماك ط
قوله ( وقد عدهم السيوطي الخ ) أي في التثبيت نحو الثلاثين فقال من مات بالبطن
واختلف فيه هل المراد به الاستسقاء أو الإسهال قولان
ولا مانع من الشمول أو الغرق أو الهدم أو بالجنب هي قروح تحدث في داخل الجنب بوجع شديد ثم تنتفخ في الجنب أو بالجمع بالضم بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المذخور وكسر الكسائي الجيم
والمعنى أنها ماتت من شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة وقد تفتح الجيم أيضا على قلة
قال أيما امرأة ماتت بجمع فهي شهيدة أو بالسل وهو داء يصيب الرئة ويأخذ البدن منه في النقصان والاصفرار
وفي الغربة أو بالصرع أو بالحمى أو دون أهله أو ماله أو دمه أو مظلمة أو بالعشق مع العفاف والكتم وإن كان سيئة حراما أو بالشرق أو بافتراس السبع أو بحبس سلطان ظلما أو بالضرب أو متواريا أو لدغته هامة أو مات على طلب العلم الشرعي أو مؤذنا محتسبا أو تاجرا صدوقا ومن سعى على امرأته وولده وما ملكت يمينه يقيم فيهم أمر الله تعالى ويطعمهم من حلال كان حقا على الله تعالى أن يجعله من الشهداء في درجاتهم يوم القيامة والمائد في البحر أي الذي حصل له غثيان والذي يصيبه القيء له أجر شهيد ومن ماتت صابرة على الغيرة لها أجر شهيد ومن قال كان يوم خمسا وعشرين مرة اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت ثم مات على فراشه أعطاه الله أجر شهيد ومن صلى
____________________
(2/252)
الضحى وصام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يترك الوتر سفرا ولا حضرا كتب له أجر شهيد والمتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد ومن قال في مرضه أربعين مرة لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فمات أعطي أجر شهيد وإن برىء برىء مغفورا له وحذفت أدلة ذلك طلبا للاختصار اه ملخصا ط
أقول وقد نظمها العلامة الشيخ علي الأجهوري المالكي وشرحها شرحا لطيفا وذكر نحو الثلاثين أيضا لكنه زاد على ما هنا من مات بالطاعون كما مر أو بالحرق أو مرابطا أو يقرأ كل ليلة سورة يس ومن صرع عن دابة فمات ويحتمل أن يكون هو المراد بقوله فيما مر أو بالصرع ومن مات على طهارة فمات و من عاش مداريا مات شهيدا أخرجه الديلمي و من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة أخرجه الطبراني
ومن سأل القتل في سبيل الله صادقا ثم مات أعطاه الله أجر شهيد
رواه الحاكم وغيره
ومن جلب طعاما إلى مصر من أمصار المسلمين كان له أجر شهيد
رواه الديلمي
ومن مات يوم الجمعة كما مر
وسئل الحسن عن رجل اغتسل بالثلج فأصابه البرد فمات فقال يا لها من شهادة وأخرج الترمذي عن معقل بن يسار قال قال رسول الله من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي فإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة حتى يصبح اه
وبذلك زادت على الأربعين وقد عدها بعضهم أكثر من خمسين وذكرها الرحمتي منظومة فراجعه
مطلب المعصية هل تنافي الشهادة خاتمة ذكر الأجهوري قال في العارضة من غرق في قطع الطريق فهو شهيد وعليه إثم معصيته وكل من مات بسبب معصية فليس بشهيد وإن مات في معصية بسبب من أسباب الشهادة فله أجر شهادته وعليه إثم معصيته وكذلك لو قاتل على فرس مغصوب أو كان قوم في معصية فوقع عليهم البيت فلهم الشهادة وعليهم إثم المعصية انتهى ثم نقل عن بعض شيوخه أنه يؤخذ منه أن من شرق بالخمر فمات فهو شهيد لأنه مات في معصية لا بسببها ثم نظر فيه لأنه مات بسببها لأن الشرقة بالخمر معصية لأنها شرب خاص
قال ويتردد النظر فيمن ماتت بالولادة من الزنا أن سبب السبب هل يكون بمنزلة السبب فلا تكون شهيدة أم لا والظاهر الأول اه
وجزم الرملي الشافعي بالثاني وقال أي فرق بينها وبين من ركب البحر لمعصية أو سافر آبقا أو ناشزة بخلاف ما إذا ركب البحر في وقت لا تسير فيه السفن أو تسببت امرأة في إلقاء حملها للعصيان بالسبب اه ملصخا
قلت الذي يظهر تقييد ركوب البحر أو السفر بما إذا كان لغير معصية وإلا كان معصية لكونه سببا للمعصية فهو كمن قاتل عصبية فجرح ثم مات فالمناسب ما نقله عن بعضهم من تقييد السفر بالإباحة
والله أعلم
باب الصلاة في الكعبة لما بين حكم الصلاة خارجها شرع في بيانها داخلها وقدم الأول لكثرة وقوعه
قوله ( في الباب زيادة ) وهي الصلاة عليها وحولها ط
قوله ( وهو حسن ) بخلاف ما لو نقص عنها ومثله الزيادة على ما في السؤال كقوله
____________________
(2/253)
عليه الصلاة والسلام لما سئل عن التطهر بماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته
قوله ( يصح فرض ونفل فيها ) أي في جوفها
وعن مالك لا يصح الفرض فيها لأنه إن كان استقبل جهة كان مستدبرا جهة أخرى
ولنا أن الواجب استقبال جزء منها غير عين وإنما يتعين الجزء قبلة له الشروع في الصلاة والتوجه إليه ومتى صار قبلة فاستدبار غيره لا يكون مفسدا وعلى هذا ينبغي أنه لو صلى ركعة إلى جهة أخرى لم يصح لأنه صار مستدبرا الجهة التي صارت قبلة في حقه بيقين بلا ضرورة بخلاف المتحري لأن ما تحول عنها لم تصر قبلة له بيقين بل باجتهاد ولم يبطل ما أدى بالاجتهاد الأول لأن ما مضى باجتهاد لا ينقض باجتهاد مثله
بدائع ملخصا
قوله ( هي العرصة والهواء ) أي لا البناء بدليل أنه لو نقل إلى عرصة أخرى وصلى إليه لم يجز ولأنه لو صلى على أبي قبيس جازت بالإجماع مع أنه لم يصل إلى البناء
بدائع
والعرصة بالسكون كل بقعة من الدور ليس فيها بناء
قاموس
قوله ( إلى عنان السماء ) بفتح العين المهملة نواحيها وبكسرها ما بدا لك منها إذا نظرتها
قاموس
قوله ( وإن كره الثاني ) أي الصلاة فوقها
قوله ( للنهي ) لأنها من السبع التي نهى عنها رسول الله وجمعها الطرسوسي في قوله نهى الرسول أحمد خير البشر عن الصلاة في بقاع تعتبر معاطن الجمال ثم المقبره مزبلة طريقهم ومجزره وفوق بيت الله والحمام والحمد لله على التمام قوله ( وإن اختلفت وجوههم ) شامل لست عشرة صورة حاصلة من ضرب أربع وجه المؤتم وقفاه ويمينه ويساره في مثلها من الإمام ح
قلت ويشمل ست عشرة صورة أيضا حاصلة من ذلك بالنظر إلى المقتدين بعضهم مع بعض كما أشار إليه في البدائع حيث قال وكذا إذا كان وجه بعضهم إلى ظهر بعض وظهر بعضهم إلى ظهر بعض لوجود استقبال القبلة
قوله ( في التوجه إلى الكعبة ) زاده للإشارة إلى أنه ليس المراد اختلفت وجوههم بعضها عن بعض لأنه على هذا التقدير لا يشمل صورة المواجهة ط
تأمل
قوله ( إلى وجه إمامه ) أي بأن يتوجه إلى الجهة التي توجه إليها إمامه ويكون متقدما عليه فيها سواء كان ظهره مسامتا لوجه إمامه أو منحرفا عنه يمينا أو يسارا لأن العلة التقدم عند اتحاد الجهة
قوله ( ويكره الخ ) قال في شرح الملتقى لأنه يشبه عبادة الصور
وفي القهستاني عن الجلابي وينبغي أن يجعل بينه وبين الإمام سترة بأن يعلق نطعا أو ثوبا ط أي ليمنع عن المواجهة
قوله ( فهي أربع ) يعني الجوانب من كل من المؤتم والإمام فلا ينافي ما مر من أنها ستة عشرة فافهم
قوله ( ويصح لو تحلقوا حولها ) شروع في حكم الصلاة خارجها والتحلق جائز لأن الصلاة بمكة تؤدى هكذا من لدن رسول الله إلى يومنا هذا والأفضل للإمام أن يقف في مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام
بدائع
قوله ( إن لم يكن في جانبه ) أما إذا كان أقرب إليها من الإمام في الجهة التي يصلي إليها الإمام بأن كان متقدما على الإمام بحذائه فيكون ظهره إلى وجه الإمام أو كان على يمين الإمام أو يساره متقدما عليه من تلك الجهة ويكون ظهره إلى الصف
____________________
(2/254)
الذي مع الإمام ووجهه إلى الكعبة فلا يصح اقتداؤه لأنه إذا كان متقدما عليه لا يكون تابعا له
بدائع
قوله ( لتأخره حكما ) علة لصحة صلاة الأقرب إليها من إمامه إن لم يكن في جانب الإمام لأن التقدم إنما يظهر عند اتحاد الجهة فإذا لم تتحد لم يتحقق تقدمه على إمامه والمانع من صحة الاقتداء هو التقدم ولم يوجد وبما قررناه ظهر أن الأولى في التعليل أن يقول لعدم تقدمه لأن صحة الاقتداء لا تتوقف على التأخر بل تكون مع المساواة كما مر في محله
قوله ( وينبغي الفساد احتياطا الخ ) البحث للشرنبلالي في حاشية الدرر وكذا للرملي في حاشية البحر
وبيانه أن المقتدى إذا استقبل ركن الحجر مثلا يكون كل من جانبيه جهة له فإذا كان الإمام مستقبلا لباب الكعبة وكان المقتدي أقرب إليها من الإمام لا يصح لأن المقتدى وإن كان جانب يساره جهة له لكن جهة يمينه لما كانت جهة إمامه ترجحت احتياطا تقديما لمقتضى الفساد على مقتضى الصحة ومثل ذلك لو استقبل الإمام الركن وكان أحد المقتدين من جانبيه أقرب إلى الكعبة
وعبارة الخير الرملي أقول رأيت في كتب الشافعية لو توجه الإمام أو المأموم إلى الركن فكل من جانبيه جهته وأقول ولا شيء من قواعدنا يأباه فلو صلى الإمام إلى الركن فكل من جانبيه جانبه فينظر إلى من عن يمينه وشماله من المقتدين فمن كان الإمام أقرب منه إلى الحائط أو بمساواته له فيحكم بصحة صلاته وأما الذي هو أقرب من الإمام إلى الحائط فصلاته فاسدة وبه يتضح الحال في التحلق حول الكعبة المشرفة مع الإمام في سائر الأحوال اه
قوله ( وكذا لو اقتدوا من خارجها بإمام فيها الخ ) أي سواء كان معه بعض القوم أو لا
قال في الإمداد ولعل اشتراط فتح الباب ليعلم انتقال الإمام بالنظر إليه فلو سمع انتقالاته بالتبليغ والباب مغلق لا مانع من صحة الاقتداء لعدم المانع منه كما قدمناه في شروط صحة الاقتداء اه
ولكنه يكره ذلك لارتفاع مكان الإمام قدر القامة كانفراده على الدكان إن لم يكن معه أحد ط
أقول ولم أر من ذكر عكس المسألة وهو ما لو كان المقتدي فيها والإمام خارجها
والظاهر الصحة إن لم يمنع مانع من التقدم على الإمام عند اتحاد الجهة
ثم رأيت رسالة لسيدي عبد الغني سماها ( نفض الجمعة في الاقتداء من جوف الكعبة ) ذكر فيها أنه سئل عن هذه المسألة وأنه وقع فيها اختلاف بين أهل عصره في مكة وأنه أجاب بعضهم بالجواز وبعضهم بالمنع ولم توجد منصوصة وأجاب هو بالجواز ورد ما استند إليه المانع وذكر أنه ذكرها الزركشي من الشافعية في كتابه إعلام الساجد بأحكام المساجد وذكر أن قواعدنا لا تأبى ما ذكره من الجواز اه
قلت ولما حججت سنة ثلاث وثلاثين ومائتين و ألف اجتمعت في منى سقى الله عهدها مع بعض أفاضل الروم من قضاة المدينة المنورة فسألني عن هذه المسألة فقلت له ما تقدم فقال لا يصح الاقتداء لأن المقتدى يكون أقوى حالا من الإمام لكونه داخلها والإمام خارجها وبني على ذلك أنه لا يصح اقتداء من يصلي في الحجر إذا
____________________
(2/255)
كان الإمام في جهة أخرى لأن الحجر من الكعبة وقال إذا وليت قضاء مكة أمنع الناس من ذلك فعارضته بأن ما ذكرته من القوة لا يؤثر في المنع للتساوي في الواجب وهو استقبال جزء من الكعبة وبأن التحلق حول الكعبة عادة قديمة من عهد النبي وإن كان الإمام خارج الحجر ولم نسمع عن أحد من المجتهدين أو ممن بعدهم أنه منع من وصل الصفوف في الحجر فكان ذلك إجماعاعلى الصحة وبأن الحجر أي بعضه ليس من الكعبة على سبيل القطع ولذا لا تصح الصلاة مستقبلا إليه وإنما هو ظني فإذا وجدت شروط الصحة القطعية لا يحكم بالفساد لأمر ظني بعد تسليم أصل المسألة وإلا فهو غير مسلم لما علمت والله تعالى أعلم
كتاب الزكاة إنما ترك في العنوان العشر وغيره أنه داخل فيه تغليبا أو تبعا
قهستاني
قوله ( قرنها ) بصيغة المصدر مبتدأ وقوله دليل الخ خبر ط
وحاصله أن القياس ذكر الصوم عقب الصلاة كما فعل قاضيخان لأنه بدني محض مثلها إلا أن أكثرهم قدموا الزكاة عليه اقتداء بكتاب الله تعالى
نوح
ولأنها أفضل العبادات بعد الصلاة
قهستاني
قلت وهو موافق لما في التحرير وشرحه أوائل الفصل الثاني من الباب الأول من أن ترتيبها في الأشرفية بعد الإيمان هكذا الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم العمرة والجهاد والاعتكاف وتمام الكلام عليه هناك
قوله ( في اثنين وثمانين موضعا ) كذا عزاه في البحر إلى المناقب البزازية وتبعه النهر و المنح
قال ح وصوابه اثنين وثلاثين كما عده شيخنا السيد رحمه الله تعالى
قوله ( قبل فرض رمضان ) هذا ممن يحسن تقديمها على الصوم ط
قوله ( ولا تجب على الأنبياء ) لأن الزكاة طهرة لمن عساه أن يتدنس والأنبياء مبرؤون منه وأما قوله تعالى { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } مريم 31 فالمراد بها زكاة النفس من الرذائل التي لا تليق بمقامات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو أوصاني بتبليغ الزكاة وليس المراد زكاة الفطر لأن مقتضى جعل عدم الزكاة من خصوصياتهم أنه لا فرق بين زكاة المال والبدن كذا أفاده الشبراملسي
قوله ( الطهارة ) هذا أنسب مما في بعض النسخ من إبداله بالنظافة
قوله ( والنماء ) أي الزيادة ولها معان أخر البركة يقال زكت البقعة إذا بورك فيها والمدح يقال زكى نفسه إذا مدحها والثناء الجميل يقال زكى الشاهد إذا أثنى عليه
بحر
وكلها توجد في المعنى الشرعي لأنها تطهر مؤديها من الذنوب ومن صفة البخل والمال بإنفاق بعضه ولذا كان المدفوع مستقذرا فحرم على آل البيت { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } التوبة 102 وتنميه بالخلف { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } سبأ 39 { ويربي الصدقات } البقرة 276 وبها تحصل البركة لا ينقص مال من صدقة ويمدح بها الدافع ويثني عليه بالجميل { والذين هم للزكاة فاعلون } { قد أفلح من تزكى }
قوله ( وشرعا تمليك الخ ) أي إنها اسم للمعنى المصدري لوصفها بالوجوب الذي هو من صفات الأفعال ولأن موضوع علم الفقه فعل المكلف
ونقل القهستاني أنها شرعا القدر الذي يخرجه إلى الفقير ثم قال وفي الكرماني أنها في القدر مجاز شرعا فإنها
____________________
(2/256)
إيتاء ذلك القدر وعليه المحققون كما في المضمرات وهو القابل للعنوان وبالاشتراك قاله الزمخشري وابن الأثير اه
وقوله تعالى { وآتوا الزكاة } الحج 78 ظاهره القدر الواجب ويحتمل تأويل الإيتاء بإخراج الفعل من العدم إلى الوجود كما في { أقيموا الصلاة } الحج 78
تنبيه هذا التعريف لا يدخل فيه زكاة السوائم لأنه يأخذها العامل ولو جبرا فلم يوجد التمليك من المزكي إلا أن يقال إن السلطان أو عامله بمنزلة الوكيل عنه في صرفها مصارفها وتمليكها أو عن الفقراء فتأمل
قوله ( خرج الإباحة ) فلا تكفي فيها وأما الكفارة فلم تخرج بقيد التمليك لأن الشرط فيها التمكين وهو صادق بالتمليك وإن صدق بالإباحة أيضا نعم تخرج بقوله جزء مال الخ فافهم
قوله ( إلا إذا دفع إليه المطعوم ) لأنه بالدفع إليه بنية الزكاة يملكه فيصير آكلا من ملكه بخلاف ما إذا أطعمه معه ولا يخفى أنه يشترط كونه فقيرا ولا حاجة إلى اشتراط فقر أبيه أيضا لأن الكلام في اليتيم ولا أبا له فافهم
قوله ( كما لو كساه ) أي كما يجزئه لو كساه ح
قوله ( بشرط أن يعقل القبض ) قيد في الدفع والكسوة كليهما ح
وفسره في الفتح وغيره بالذي لا يرمى به ولا يخدع عنه فإن لم يكن عاقلا فقبض عنه أبوه أو وصية أو من يعوله قريبا أو أجنبيا أو ملتقطه صح كما البحر و النهر وعبر بالقبض لأن التمليك في التبرعات لا يحصل إلا به فهو جزء من مفهومه فلذا لم يقيد به أولا كما أشار إليه في البحر
تأمل
قوله ( إلا إذا حكم عليه بنفقتهم ) أي نفقة الأيتام والأولى إفراد الضمير لأن مرجعه في كلامه مفرد أي إلا إذا كان اليتيم ممن تلزمه نفقته وقضى عليه بها أي فلا تجزيه عن الزكاة لأنه استثناء من المستثنى الذي هو إثبات وهذا إذا كان يحتسب المؤدى إليه من النفقة أما إذا احتسبه من الزكاة فيجزئه كما في البحر عن الولوالجية ومثله في التاترخانية عن العيون فكان على الشارح أن يقول واحتسبه منها كما أفاده ح
قلت والظاهر أنه إذا احتسبه من الزكاة تسقط عنه النفقة المفروضة لاكتفاء اليتيم بها لما صرحوا به من أن نفقة الأقارب تجب باعتبار الحاجة ولذا تسقط بمضي المدة ولو بعد القضاء لوقوع الاستغناء عما مضى وهنا كذلك فتأمل
قوله ( خلافا للثاني ) أي أبي يوسف فعنده يصح
وعبارة البزازية قضى عليه بنفقة ذي رحمه المحرم فكساه وأطعمه ينوي الزكاة صح عند الثاني اه
زاد في الخانية وقال محمد يجوز في الكسوة ولا يجوز في الإطعام وقول أبي يوسف في الأطعام خلاف ظاهر الرواية اه
قلت هذا إذا كان على طريق الإباحة دون التمليك كما يشعر به لفظ الإطعام ولذا قال في التاترخانية عن المحيط إذا كان يعول يتيما ويجعل ما يكسوه ويطعمه من زكاة ماله ففي الكسوة لا شك في الجواز لوجود الركن وهو التمليك وأما الطعام فما يدفعه إليه بيده يجوز أيضا لما قلنا بخلاف ما يأكله بلا دفع إليه
قوله ( فلو أسكن الخ ) عزاه في البحر إلى الكشف الكبير وقال قبله والمال كما صرح به أهل الأصول ما يتمول ويدخر للحاجة وهو خاص بالأعيان فخرج به تمليك المنافع اه
قوله ( عينه ) أي الجزء أو المال وقول الشارح وهو ربع عشر نصاب صالح لهما فإن ربع العشر معين والنصاب معين أيضا فافهم
قوله ( وهو ربع عشر نصاب ) أي أو ما يقوم
____________________
(2/257)
مقامه من صدقات السوائم كما أشار إليه في البحر ط
قوله ( خرج النافلة الخ ) لأنهما غير معينين أما النافلة فظاهر وأما الفطرة فلأنها وإن كانت مقدرة بالصاع من نحو تمر أو شعير وبنصفه من نحو بر أو زبيب فليست معينة من المال لوجوبها في الذمة ولذا لو هلك المال لا تسقط كما سيأتي في بابها بخلاف الزكاة ولذا تجب من البر وغيره وإن لم يكن عنده منه شيء أما ربع العشر في الزكاة فلا يجب إلا على من عنده تسعة أعشار غيره
والحاصل أن الفرق بينهما بالتعيين والتقدير هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( من مسلم الخ ) متعلق بتمليك واحترز بجميع ما ذكر عن الكافر والغني والهاشمي ومولاه والمراد عند العلم بحالهم كما سيأتي في المصرف ح
قال في البحر ولم يشترط الحرية لأن الدفع إلى غير الحر جائز كما سيأتي في بيان المصرف
مطلب في أحكام المعتوه قوله ( ولو معتوها ) في المغرب المعتوه الناقص العقل وقيل المدهوش من غير جنون اه
وفيه التفصيل المار في الصبي كما في التاترخانية وفي عامة كتب الأصول أن حكمه كالصبي العاقل في كل الأحكام
واستثنى الدبوسي العبادات فتجب عليه احتياطا
ورده أبو اليسر بأنه نوع جنون فيمنع الوجوب
وفي أصول البستي أنه لا يكلف بأدائها كالصبي العاقل إلا أنه إن زال العته توجه عليه الخطاب بالأداء حالا وبقضاء ما مضى بلا حرج فقد صرح بأنه يقضي القليل دون الكثير وإن لم يكن مخاطبا فيما قيل كالنائم والمغمى عليه دون الصبي إذا بلغ وهو أقرب إلى التحقيق كذا في شرح المغني للهندي إسماعيل ملخصا
قوله ( أي معتقه ) بفتح التاء والضمير للهاشمي
قوله ( وهذا ) أي ما عرف به المصنف
قوله ( أي المعهود ) إشارة إلى ما أجاب به في النهر عن اعتراض الدرر على الكنز بأن قوله تمليك المال يتناول الصدقة النافلة فزاد قوله عينه الشارع كما فعل المصنف لإخراجها وحاصل الجواب أن أل في المال للعهد وهو ما عينه الشارع
قوله ( مع قطع ) متعلق بتمليك وقوله من كل وجه متعلق ب قطع ط
قوله ( فلا يدفع لأصله ) أي وإن علا وفرعه وإن سفل وكذا لزوجته وزوجها وعبده ومكاتبه لأنه بالدفع إليهم لم تنقطع المنفعة عن المملك أي المزكي من كل وجه
قوله ( لله تعالى ) متعلق بتمليك أي لأجل امتثال أمره تعالى
قوله ( بيان لاشتراط النية ) فإنها شرط بالإجماع في مقاصد العبادات كلها
بحر
قوله ( عقل وبلوغ ) فلا تجب على مجنون وصبي لأنها عبادة محضة وليسا مخاطبين بها وإيجاب النفقات والغرامات لكونها من حقوق العباد والعشر وصدقة الفطر لأن فيهما معنى المؤنة
ولا خلاف أنه في المجنون الأصلي يعتبر ابتداء الحول من وقت إفاقته كوقت بلوغه
أما العارضي فإن استوعب كل الحول فكذلك في ظاهر الرواية وهو قول محمد ورواية عن الثاني وهو الأصح وإن لم يستوعبه لغا
وعن الثاني أنه يعتبر في وجوبها إفاقة أكثر الحول
نهر
ولم يذكر المعتوه هنا
والظاهر أن فيه هذا التفصيل وأنه لا تجب عليه في حال العته لما علمت من أن حكمه كالصبي العاقل فلا تلزمه لأنها عبادة محضة كما علمت إلا إذا لم يستوعب الحول لأن الجنون يلغو معه فالعته بالأولى
____________________
(2/258)
وأما ما في القهستاني من قوله فتجب على المعتوه والمغمى عليه ولو استوعب حولا كما في قاضيخان اه ففيه إني راجعت نسختين من قاضيخان فلم أره ذكر حكم المعتوه وإنما ذكر حكم المجنون والمغمى عليه ولو وجد فيه ذلك فهو مشكل فتأمل
قوله ( وإسلام ) فلا زكاة على كافر لعدم خطابه بالفروع سواء كان أصليا أو مرتدا فلو أسلم المرتد لا يخاطب بشيء من العبادات أيام ردته ثم كما شرط للوجوب شرط لبقاء الزكاة عندنا حتى لوارتد بعد وجوبها سقط كما في الموت
بحر عن المعراج
قوله ( وحرية ) فلا تجب على عبد ولو مكاتبا أو مستسعى لأن العبد لا ملك له والمكاتب ونحوه وإن ملك إلا أن ملكه ليس تاما
نهر
قوله ( والعلم به ) أي وبالافتراض ح
وإنما لم يذكره المصنف لأنه شرط لكل عبادة
وقد يقال إنه ذكر الشروط العامة هنا كالإسلام والتكليف فينبغي ذكره أيضا
بحر
قوله ( ولو حكما الخ ) فلو أسلم الحربي ثم مكث سنين وله سوائم
ولا علم له بالشرائع لا تجب عليه زكاتها فلا يخاطب بأدائها إذا خرج إلى دارنا خلافا لزفر
بدائع
قوله ( ملك نصاب ) فلا زكاة في سوائم الوقف والخيل المسبلة لعدم الملك ولا فيما أحرزه العدو بدارهم لأنهم ملكوه بالإحراز عندنا خلافا للشافعي بدائع
ولا فيما دون النصاب
مطلب الفرق بين السبب والشرط والعلة ثم اعلم أن هذا جعله في الكنز شرطا
واعترضه في الدرر بأنه سبب
وأجاب عنه في البحر بأنه أطلق على السبب اسم الشرط لاشتراكهما في أن كلا منهما يضاف إليه الوجود لا على وجه التأثير فخرج العلة ويتميز السبب عن الشرط بإضافة الوجوب إليه أيضا دون الشرط كما عرف في الأصول اه
أقول ولا حاجة إلى ذلك فقد ذكر في البدائع من الشروط الملك المطلق
قال وهو الملك يدا ورقبة وقال إن السبب هو المال لأنها وجبت شكرا لنعمة المال ولذا تضاف إليه يقال زكاة المال والإضافة في مثله للسببية كصلاة الظهر وصوم الشهر وحج البيت اه
وعليه فملك النصاب حيث جعل شرطا كما في عبارة الكنز يكون من إضافة المصدر إلى مفعوله وحيث جعل سببا كما في عبارة المصنف يكون من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النصاب المملوك وبه علم أنه لا يصح تفسير عبارة الكنز بهذا خلافا لما فعله في النهر لئلا يحتاج إلى الجواب بما مر عن البحر وأنه لا يصح تفسير عبارة المصنف بما فسرنا به عبارة الكنز فافهم
قوله ( نصاب ) هو ما نصبه الشارع علامة على وجوب الزكاة من المقادير المبينة في الأبواب الآتية وهذا شرط في غير زكاة الزرع والثمار إذ لا يشترط فيها نصاب ولا حولان حول كما سيأتي في باب العشر
قوله ( نسبة للحول ) أي الحول القمري لا الشمسي كما سيأتي متنا قبيل زكاة المال
قوله ( لحولانه عليه ) أي لأن حولان الحول على النصاب شرط لكونه سببا وهذا علة للنسبة وسمي الحول حولا لأن الأحوال تتحول فيه أو لأنه يتحول من فصل إلى فصل من فصوله الأربع
قوله ( خرج مال المكاتب ) أي خرج بالتقييد به لأن المراد التام المملوك رقبة ويدا وملك المكاتب ليس بتام لوجود المنافي ولأنه دائر بينه وبين المولى فإن أدى مال الكتابة سلم له وإن عجز سلم للمولى فكما لا يجب على المولى فيه شيء فكذا المكاتب كما في الشرنبلالية
____________________
(2/259)
قلت وخرج أيضا نحو المال المفقود والساقط في بحر ومغصوب لا بنية عليه ومدفون في برية فلا زكاة عليه إذا عاد إليه كما سيأتي لأنه وإن كان مملوكا له رقبة لكن لا يد له عليه كما أفاده في البدائع وخرج به أيضا كما في البحر المشتري للتجارة قبل القبض والآبق المعد للتجارة
قوله ( أقول الخ ) حاصله أنه لا حاجة إلى قوله تام وفيه نظر لأنه في صدد تعريف سبب الوجوب ولا بد في التعريف من كونه جامعا مانعا فلو أطلق الملك عن قيد التمام لورد عليه ملك المكاتب وذكر الحرية في بيان الشرط لا يخرج تعريف السبب عن كونه ناقصا فحينئذ لا بد من ذكره
تأمل
قوله ( على أن الخ ) زيادة ترق في بيان الاستغناء عن قيد التمام أي ولو فرض أن مال المكاتب لم يخرج باشتراط الحرية وقصد إخراجه وإخراج غيره مما تقدم يخرج بإطلاق الملك لانصرافه إلى الكامل والملك الكامل هو التام فلا حاجة إلى التصريح به لكن لا يخفى أن هذه عناية يعتذر بها عند عدم التصريح بالقيد دفعا لاعتراض المعترض فإن المطلق كثيرا ما يراد منه إطلاقه بل هو الأصل فيه كما في كتب الأصول فالتصريح بالقيد حيث لم يرد الإطلاق أحسن ولا سيما في مقام التفهيم وتعليم الأحكام الشرعية وقصد الاحتراز به عن غيره ولذا ذكر في المتون المبنية على الاختصار كالغرر والملتقى وغيرهما
قوله ( ودخل ) أي في ملك النصاب المذكور
فتح
قوله ( ما ملك يسبب خبيث الخ ) أي على قول الإمام لأن خلط دراهمه بدراهم غير عنده استهلاك أما على قولهما فلا ضمان فلا يثبت الملك لأنه فرع الضمان فلا يورث عنه لأنه مال مشترك وإنما يورث حصة الميت منه
فتح
وفي القهستاني ولا زكاة في المغصوب والمملوك شراء فاسدا اه والمراد بالمغصوب ما لم يخلطه بغيره لعدم الملك
وأما المملوك شراء فاسدا فهو مشكل لأنه قبل قبضه غير مملوك وبعده مملوك ملكا تاما وإن كان مستحق الفسخ فتأمل
وقيد بما إذا كان له غيره الخ لأنه إذا لم يكن له غيره يكون مشغولا بالدين للمغصوب ممنه فلا تلزمه زكاته ما لم يبرئه منه والمراد بالغير ما تجب في الزكاة لما في السراج لا يصرف الدين لملك آخر لا زكاة فيه والتقييد بالانفصال غير لازم وسيأتي تمام الكلام على مسألة الغصب في باب زكاة الغنم
قوله ( فارغ عن دين ) بالجر صفة نصاب وأطلقه فشمل الدين العارض كما يذكره الشارح ويأتي بيانه وهذا إذا كان الدين في ذمته قبل وجوب الزكاة فلو لحقه بعده لم تسقط الزكاة لأنها ثبتت في ذمته فلا يسقطها ما لحق من الدين بعد ثبوتها
جوهرة
قوله ( له مطلب من جهة العباد ) أي طلبا واقعا من جهتهم
قوله ( سواء كان ) أي الدين
قوله ( كزكاة ) فلو كان له نصاب حال عليه حولان ولم يزكه فيهما لا زكاة عليه في الحول الثاني وكذا لو استهلك النصاب بعد الحول ثم استفاد نصابا آخر وحال عليه الحول لا زكاة في المستفاد لاشتغال خمسة منه بدين المستهلك أما لو هلك يزكي المستفاد لسقوط زكاة الأول بالهلاك
بحر
والمطالب هنا السلطان تقديرا لأن الطلب له في زكاة السوائم وكذا في غيرها لكن لما كثرت الأموال في زمن عثمان رضي الله عنه وعلم أن في تتبعها ضررا بأصحابها رأى المصلحة في تفويض الأداء إليهم بإجماع الصحابة فصار أرباب الأموال كالوكلاء عن الإمام ولم يبطل حقه عن الأخذ ولذا قال أصحابنا لو علم من أهل بلدة أنهم لا يؤدون زكاة الأموال الباطنة فإنه يطالبهم وإلا فلا لمخالفته الإجماع
بدائع
____________________
(2/260)
تنبيه ما وقع في صدر الشريعة من أن دين الزكاة لا يمنع سهو كما نبه عليه ابن كمال وغيره
قوله ( وخراج ) في البدائع وقالوا دين الخراج يمنع وجوب الزكاة لأنه يطالب به وكذا إذا صار العشر دينا في الذمة بأن أتلف الطعام العشري صاحبه فأما وجوب العشر فلا يمنع لأنه متعلق بالطعام وهو ليس من مال التجارة
بحر
قوله ( أو للعبد ) معطوف على قوله لله تعالى
قوله ( ولو كفالة ) مبالغة في دين العبد
قال في المحيط لو استقرض ألفا فكفل عنه عشرة ولكل ألف في بيته وحال الحول فلا زكاة على واحد منهم لشغله بدين الكفالة لأن له أن يأخذ من أيهم شاء
بحر
قال في الشرنبلالية وهذا الفرع ظاهر على القول بأن الكفالة ضم دمة إلى ذمة في الدين أما على الصحيح من أنها في المطالبة فقط ففيه تأمل اه
قلت لا شك أيضا على القول بأنها في المطالبة يكون لرب المال أخذ الدين من الكفيل وحبسه إذا امتنع فيكون الكفيل محتاجا إلى ما في يده لقضاء ذلك الدين وإن لم يكن في ذمته دفعا للملازمة أو الحبس عنه وقد عللوا سقوط الزكاة بالدين بأن المديون محتاج إلى هذا المال حاجة أصلية لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية والمال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون مال الزكاة
تأمل
قوله ( أو مؤجلا الخ ) عزاه في المعراج إلى شرح الطحاوي وقال وعن أبي حنيفة لا يمنع
وقال الصدر الشهيد لا رواية فيه ولكل من المنع وعدمه وجه
زاد القهستاني عن الجوهرة والصحيح أنه غير مانع
قوله ( ونفقة ) بالنصب عطفا على كفالة بتقدير مضاف فيهما أي دين كفالة ودين نفقة ط
قوله ( لزمته بقضاء أو رضا ) أي بقضاء القاضي أو تراضيهما على قدر معين لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة وإنما تصير دينا بأحدهما لكن في نفقة الزوجة مطلقا أما في نفقة الأقارب فلا تصير دينا إلا إذا كانت المدة قصيرة دون شهر أو استدان القريب النفقة بإذن القاضي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها
قوله ( بخلاف دين نذر ) كما إذا كان له مائتا درهم ونذر أن يتصدق بمائة منها فإذا حال الحول عليها تلزمه زكاتها ويسقط النذر بقدر درهمين ونصف لأنه استحق بجهة الزكاة فيبطل النذر فيه ويتصدق بباقي المائة ولو تصدق بكلها للنذر وقع عن الزكاة درهمان ونصف لتعيينه بتعيين الله تعالى فلا يبطله تعيينه ولو نذر مائة مطلقه فتصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف للزكاة ويتصدق بمثلها للنذر كما في المعراج عن الجامع
قوله ( وكفارة ) أي بأنواعها ح وكذا لا يمنع دين صدقة الفطر وهدي المتعة والأضحية
بحر
مطلب في زكاة ثمن المبيع وفاء تتمة قالوا ثمن المبيع وفاء إن بقي حولا فزكاته على البائع لأنه ملكه
وقال بعض المشايخ على المشتري لأنه يعده مالا موضوعا عند البائع فيؤاخذ بما عنده
بدائع
وذكر في الذخيرة أن زكاته عليهما للتعليلين المذكورين
قال وليس هذا إيجاب الزكاة على شخصين في مال واحد لأن الدراهم لا تتعين في العقود والفسوخ وهكذا ذكر فخر الدين البزدوي هذه المسألة أيضا في شرح الجامع اه
ومثله في البزازية
قلت ينبغي لزومها على المشتري فقط على القول الذي عليه العمل الآن من أن بيع الوفاء منزل منزلة الرهن وعليه فيكون الثمن دينا على البائع
تأمل
قوله ( ولا يمنع الدين وجوب عشر وخراج ) برفع الدين ونصب وجوب والكلام الآن في موانع الزكاة لكن لما كان كل من العشر والخراج زكاة الزروع والثمار قد يتوهم أن الدين يمنع
____________________
(2/261)
وجوبهما نبه على دفعه وذكر الكفارة استطرادا فافهم
قوله ( لأنها مؤنة الأرض النامية حتى يجب في الأرض الموقوفة وأرض المكاتب ) بدائع
قوله ( وكفارة ) أي إن الدين لا يمنع وجوب التكفير بالمال على الأصح
بحر عن الكشف الكبير
قلت لكن قال صاحب البحر في شرحه على المنار و الأشباه و النظائر إنه صحح في التقرير منع وجوبها بالمال مع الدين كالزكاة اه
ويوافقه ما سيأتي في زكاة الغنم من قصة أمير بلخ
قوله ( وفارغ عن حاجته الأصلية ) أشار إلى أنه معطوف على قوله عن دين
قوله ( وفسره ابن ملك ) أي فسر المشغول بالحاجة الأصلية والأولى فسرها وذلك حيث قال وهي ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد أو تقديرا كالدين فإن المديون محتاج إلى قضائه بما في يده من النصاب دفعا عن نفسه الحبس الذي هو كالهلاك وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن الجهل عندهم كالهلاك فإذا كان له دراهم مستحقة بصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم اه
وظاهر قوله فإذا كان له دراهم الخ أن المراد من قوله وفارغ عن حاجته الأصلية ما كان نصابا من النقدين أو أحدهما فارغا عن الصرف إلى تلك الحوائج لكن كلام الهداية مشهر بأن المراد به نفس الحوائج فإنه قال وليس في دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنازل ودواب الركوب وعبيد الخدمة وسلاح الاستعم ال زكاة لأنها مشغولة بحاجته الأصلية وليست بنامية أيضا اه
وبه يشعر كلام المصنف الآتي أيضا
وأشار كلام الهداية إلى أنه لا يضر كونها غير نامية أيضا إذ لا مانع من خروجها مرتين كما خرج الدين ثانيا بقوله فارغ عن حوائجه الأصلية وخصه بالذكر كما قال القهستاني لما فيه من التفصيل
قلت على أنه لا يعترض بالقيد اللاحق على السابق الأخص فإن الحوائج الأصلية أعم من الدين والنامي أعم منها لأنه يخرج كتب به العلم لغير أهلها وليس من الحوائج الأصلية لكن قد يقال المتون موضوعة للاختصار فما فائدة إخراج الحوائج مرتين نعم تظهر الفائدة في ذكر القيدين على ما قرره ابن ملك من أن المراد بالأول النصاب من أحد النقدين المستحق الصرف إليها فيكون التقييد بالنماء احترازا عن أعيانها والتقييد بالحوائج الأصلية احترازا عن أثمانها فإذا كان معه دراهم أمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية لا تجب الزكاة فيها إذا حال الحول وهي عنده لكن اعترضه في البحر بقوله ويخالفه ما في المعراج في فصل زكاة العروض أن الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة وكذا في البدائع في بحث النماء التقدير اه
قلت وأقره في النهر و الشرنبلالية و شرح المقدسي وسيصرح به الشارح أيضا ونحوه قوله في السراج سواء أمسكه للتجارة أو غيرها وكذا قوله في التاترخانية نوى التجارة أو لا لكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقا لظاهر عبارات المتون كما علمت وقال ح إنه الحق فالأولى التوفيق بحمل ما في البدائع وغيرها على ما إذا أمسكه لينفق منه كل ما يحتاجه فحال الحول وقد بقي معه منه نصاب فإنه يزكي ذلك الباقي وإن كان قصد الإنفاق أيضا في المستقبل لعدم استحقاق صرفه إلى حوائجه الأصلية وقت حولان الحول بخلاف ما إذا حال الحول وهو مستحق الصرف إليها لكن يحتاج إلى الفرق بين هذا وبين ما حال الحول عليه وهو محتاج منه إلى أداء دين
____________________
(2/262)
كفارة أو نذر أو حج فإنه محتاج إليه أيضا لبراءة ذمته وكذا ما سيأتي في الحج من أنه لو كان له مال ويخاف العزوبة يلزمه الحج به إذا خرج أهل بلده قبل أن يتزوج وكذا لو كان يحتاجه لشراء دار أو عبد فليتأمل والله أعلم
قوله ( نام لو تقديرا ) النماء في اللغة بالمد الزيادة والقصر بالهمز خطأ يقال نمى المال ينمي وينمو نموا وأنماه الله تعالى كذا في المغرب
وفي الشرع هو نوعان حقيقي وتقديري فالحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات والتقديري تمكنه من الزيادة بكون المال في يده أو يد نائبه
بحر
قوله ( الاستنماء ) أي طلب النمو
قوله ( فلا زكاة على مكاتب ) أي ولا على سيده كما في الشرنبلالية عن الجوهرة فلو قال فلا زكاة في كسب مكاتب لكان أولى ح
قوله ( لعدم الملك التام ) أي لعدم اليد في حق السيد وعدم ملك الرقبة في حق المكاتب ثم إن رجع المال للمولى بالتعجيز أو للمكاتب بأداء بدل الكتابة لا يزكي عن السنين الماضية بل يستأنف حولا جديدا اه ح
وكان الأولى بالشارح تأخير التعليل إلى آخر المسائل الثلاث التي ذكرها فإنه علة لها أيضا لأن المفقود فيها إما عدم اليد أو عدم ملك الرقبة وقد مر أن المراد بالملك التام المملوك رقبة ويدا
قوله ( ولا في كسب مأذون ) أي لا عليه ولا على سيده ما دام في يده أما إذا أخذه السيد فإنه يزكيه لما مضى من السنين على الصحيح وقيل يلزمه الأداء قبل الأخذ ولا بعده كذا في البحر
وكان على الشارح أن يقول ولا في كسب مأذون قبل قبضه كما قال في المشتري لتجارة بل ربما يتوهم من كلامه أن قوله بعد قبضه المذكور في مسألة الرهن ظرف لمسألة المأذون أيضا ح
قوله ( ولا في مرهون ) أي لا على المرتهن لعدم ملك الرقبة ولا على الراهن لعدم اليد وإذا استرده الراهن لا يزكي عن السنين الماضية وهو معنى قول الشارح بعد قبضه ويدل على قول البحر ومن موانع الوجوب الرهن ح
وظاهره ولو كان الرهن أزيد من الدين ط
قلت لكن أرجع شيخ مشايخنا السائحاني الضمير في قول الشارح بعد قبضه إلى المرتهن كما رأيته بخطه في هامش نسخته ويؤيده أن عبارة البحر هكذا ومن موانع الوحوب الرهن إذا كان في يد المرتهن لعدم ملك اليد اه
وليس فيها ما يدل على أنه لا يزكيه بعد الاسترداد لكن قال في الخانية السائمة إذا غصبها ومنعها عن المالك وهو مقر ثم ردها عليه لا زكاة على المالك فيما مضى وكذا لو رهنها بألف وله مائة ألف فحال الحول على الرهن في يد المرتهن يزكي الراهن ما عنده من المال إلا ألف الدين ولا زكاة في غنم الرهن لأنها كانت مضمونة بالدين فرق بين الدراهم المغصوبة والسائمة فإنه يزكي الدراهم إذا قبضها دون السائمة ولو الغاصب مقرا اه
وظاهره أنه لا فرق في الرهن بين السائمة والدراهم فليتأمل
قوله ( قبل قبضه ) أما بعده فيزكيه عما مضى كما فهمه في البحر من عبارة المحيط فراجعه لكن في الخانية رجل له سائمة اشتراها رجل للسيامة ولم يقبضها حتى حال ثم قبضها لا زكاة على المشتري فيما مضى لأنها كانت مضمونة على البائع بالثمن اه
ومقتضى التعليل عدم الفرق بين ما اشتراها للسيامة أو للتجارة فتأمل
قوله ( ومديون للعبد ) الأولى ومديون بدين يطالبه به العبد ليشمل دين الزكاة والخراج لأن لله تعالى مع أنه يمنع له مطالبا من جهة العباد كما مر ط
قوله ( بقدر دينه ) متعلق بقوله فلا زكاة
قوله ( وعروض الدين ) أي المستغرق في أثناء الحول ومثله المنقص للنصاب ولم يتم آخر الحول وأما الحادث
____________________
(2/263)
بعد الحول فلا يعتبر اتفاقا ط
قوله ( ورجحه في البحر ) وعبارته وعند أبي يوسف لا يمنع بمنزلة نقصانه وتقديمهم قول محمد يشعر بترجيحه وهو كذلك كما لا يخفى
وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أبرأه فعند محمد يستأنف حولا جديدا لا عند أبي يوسف كما في المحيط اه
أقول إن كان مجرد التقديم يقتضي الترجيح فقد قدم في الجوهرة قول أبي يوسف وأشار في المجمع إلى أنه قول أبي حنيفة أيضا وأخر في شرحه دليلهما عن دليل محمد فاقتضى ترجيح قولهما لأن الدليل المتأخر يتضمن الجواب عن المتقدم بل ما عزاه إلى محمد عزاه في البدائع وغيرها إلى زفر
وفي البحر في آخر باب زكاة المال عن المجتبى الدين في خلال الحول لا يقطع حكم الحول وإن كان مستغرقا
وقال زفر يقطع اه
وجزم به الشارح هناك قبيل قول المصنف وقيمة العرض تضم إلى الثمنين فقد ظهر لك ما في ترجيح البحر فتدبر نعم ما في البحر أوجه لأن الدين مانع من ابتداء الحول فيمنع من بقائه بالأولى لأن البقاء أسهل
تأمل
ولعل القول بعدم المنع مبني على ما إذا كان النصاب تاما في آخر الحول أيضا بأن ملك ما يفي الدين من غير النصاب
تأمل
قوله ( ولو له نصب الخ ) كأن يكون عنده دراهم ودنانير وعروض التجارة وسوائم يصرف الدين إلى الدراهم والدنانير ثم إلى العروض ثم إلى السوائم كما في البحر
قوله ( 5 لو أجناسا ) أي ولو كانت السوائم التي عند أجناسا بأن كان له أربعون من الغنم وثلاثون من البقر وخمس من الإبل صرف الدين إلى الغنم أو الإبل دون البقر لأن التبيع فوق الشاة
بحر
ثم قال هكذا أطلقوا وقيده في المبسوط بأن يحضر الساعي وإلا فالخيار لرب المال إن شاء صرف الدين إلى السائمة وأدى الزكاة من الدراهم وإن شاء عكس لأنهما في حقه سواء اه
قوله ( خير ) لأن الواجب في كل منهما شاة واحدة
قال في البحر وقيل يصرف إلى الغنم لتجب الزكاة في الإبل في العام القابل اه أي لأنه دفع من الغنم واحدة يبقى تسعة وثلاثون لا تجب زكاتها في القابل
تتمة بقي ما إذا كان للمديون مال الزكاة وغيره من عبيد الخدمة وثياب البذلة ودور السكنى فيصرف الدين أولا إلى مال الزكاة لا إلى غيره ولو من جنس الدين خلافا لزفر حتى لو تزوج على خادم بغير عينه وله مائتا درهم وخادم صرف دين المهر إلى المائتين دون الخادم عندنا لأن غير مال الزكاة يستحق للحوائج ومال الزكاة فاضل عنها فكان الصرف إليه أيسر وأنظر بأرباب الأموال ولهذا لا يصرف إلى ثياب البذلة وقوته ولو من جنس الدين قال محمد في الأصل أرأيت لو تصدق عليه ألم يكن موضعا للصدقة ومعناه أن مال الزكاة مشغول بالدين فالتحق بالعدم وملك الدار والخادم لا يحرم عليه أخذ الصدقة فكان فقيرا ولا زكاة على الفقير وأما إذا لم يكن له مال زكاة يصرف الدين إلى عروض البذلة ثم إلى العقار لأن الملك مما يستحدث في العروض ساعة فساعة أما العقار فبخلافها غالبا
بدائع
أقول والظاهر أن قوله يصرف الدين إلى عروض البذلة الخ كلام استطرادي مفروض فيما إذا أراد القاضي بيع ما له عليه في قضاء دينه كما صرحوا به في الحجر لا في مسألة الزكاة إذ الفرض أنه ليس له مال زكاة فأي شيء يزكيه
ولو كان له مال زكاة فقد صرح قبله بأن الدين يصرف إلى مال الزكاة دون غيره وعليه فلو استقرض مائتي درهم وحال عليها الحول عنده وليس له إلا ثياب البذلة ونحوها مما ليس مال زكاة لا زكاة عليه ولو كانت الثياب تفي بالدين لأن الدين الذي عليه يصرف إلى الدراهم التي عنده دون الثياب وقد صرح
____________________
(2/264)
في السراج أيضا بأنه لا يصرف الدين لملك آخر لا زكاة فيه
وفي الزيلعي أيضا ولا يتحقق الغنى بالمال المستقرض ما لم يقض
قوله ( المحتاج إليها الخ ) إنما قيد ابن ملك بذلك لأنه أراد بيان الحوائج الأصلية كما قدمناه عنه
أما كلام المصنف هنا فلا حاجة إلى تقييده بذلك وكأن الشارح أراد أن قوله ولا في ثياب البدن محترز قوله عن حاجته الأصلية لتقدمه فقيد بذلك وجعل غير المحتاج إليها من محترزات القيد الذي تعده وهو قوله نام ولو تقديرا مراعاة لترتيب القيود
تأمل
قوله ( وأثاث المنزل ) محترز قوله نام ولو تقديرا وقوله ونحوها أي كثياب البدن الغير المحتاج إليها وكالحوانيت والعقارات
قوله ( وإن لم تكن لأهلها ) أشار إلى أن تقييد الهداية بقوله لأهلها غير معتبر المفهوم هنا لكن قد يقال أراد إخراجها بقوله وعن حاجته الأصلية وجعل التي لغير أهلها خارجة بقوله نام كما قررناه في ثياب البذلة والمراد بأهلها من يحتاج إليها لتدريس وحفظ وتصحيح كما يعلم مما يأتي عن الفتح
قوله ( غير أن الأهل الخ ) استدراك على التعميم المأخوذ من قوله وإن لم تكن لأهلها أي إن الكتب لا زكاة فيها على الأهل وغيرهم من أي علم كانت لكونها غير نامية وإنما الفرق بين الأهل وغيرهم في جواز أخذ الزكاة والمنع عنه فمن كان من أهلها إذا كان محتاجا إليها للتدريس والحفظ والتصحيح فإنه لا يخرج بها عن الفقر فله أخذ الزكاة إن كانت فقها أو حديثا أو تفسيرا ولم يفضل عن حاجته نسخ تساوي نصابا كأن يكون عنده من كل تصنيف نسختان وقيل ثلاث لأن النسختين يحتاج إليهما لتصحيح كل من الأخرى والمختار الأول أي كون الزائد على الواحدة فاضلا عن الحاجة وأما غير الأهل فإنهم يحرمون بالكتب من أخذ الزكاة لتعلق الحرمان بملك قدر نصاب غير محتاج إليه وإن لم يكن ناميا
وأما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقا
ونص في الخلاصة على أن كتب الأدب والمصحف الواحد ككتب الفقه لكن اضطرب كلامه في كتب الأدب فصرح في باب صدقة الفطر بأنها كالتعبير والطب والنجوم
والذي يقتضيه النظر أن نسخة من النحو أو نسختين على الخلاف لا تعتبر من النصاب
وكذا من أصول الفقه والكلام غير المخلوط بالآراء بل مقصور على تحقيق الحق من مذهب أهل السنة إلا أن لا يوجد غير المخلوط لأن هذه من الحوائج الأصلية
أفاده في فتح القدير
قلت والذي يقتضيه النظر أيضا أنه إن أريد بالأدب الظرافة كما في القاموس وذلك ككتب الشعر والعروض والتاريخ ونحوه تمنع الأخذ وإن أريد به آداب النفس كما في المغرب وهو المسمى بعلم الأخلاق كالإحياء للغزالي ونحوه فهو كالفقه لا يمنع وإن كتب الطب لطبيب يحتاج إلى مطالعتها ومراجعتها لا تمنع لأنها من الحوائج الأصلية كآلات المحترفين وإن الأهل إذا كان غير محتاج إليها فهو كغير الأهل كما يعلم مما مر وكذا حافظ قرآن له مصحف لا يحتاجه لأن المناط هو الحاجة
قوله ( أو تزيد على نسختين ) صوابه على نسخة لأن المختار هو كون الزائد على نسخة واحدة فاضلا عن الحاجة كما قدمناه عن الفتح ومثله في النهر
قوله ( وكذلك آلات المحترفين ) أي سواء كانت مما لا تستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو تستهلك لكن هذا منه ما لا يبقى أثر عينه كصابون وجرض الغسال ومنه ما يبقى كعصفر وزعفران لصباغ ودهن وعفص لدباغ فلا زكاة في الأولين لأن ما يأخذه من الأجرة بمقابلة العمل
وفي الأخير الزكاة إذا حال عليه الحول لأن المأخوذ بمقابلة العين كما في الفتح قال وقوارير العطارين ولحم الخيل والحمير المشتراة للتجارة ومقاودها وجلالها إن كان من غرض
____________________
(2/265)
المشتري بيعها بها ففيها الزكاة وإلا فلا
قوله ( كالعصفر ) الأولى كالعفص كما في بعض النسخ لأنه المناسب لقوله لدبغ الجلد
قوله ( وإن حال الحول ) أي ولم ينو بها التجارة بل أمسكه لحرفته
قوله ( فتباع له ) أي يجبره القاضي على بيعها لقضاء الدين وإن أبى باعها عليه
قوله ( ولا في مال مفقود الخ ) شروع في مسألة مال الضمار كما يأتي
قوله ( بعدما ) أي بعد سنين
قوله ( فلو له بينة لما مضى ) أي تجب الزكاة بعد قبضه من الغاصب لما مضى من السنين
قال ح وينبغي أن يجري هنا ما يأتي مصححا عن محمد من أنه لا زكاة فيه لأن البينة قد لا تقبل فيه اه
قال ط والظاهر على القول بالوجوب أن حكمه حكم الدين القول اه أي فتجب عند قبض أربعين درهما
قوله ( فلا تجب ) لعدم تحقق الإسامة ط
قوله ( عند غير معارفه ) أي عند الأجانب فلو عند معرفه تجب الزكاة لتفريطه بالنسيان في غير محله
بحر
قوله ( في حرز ) كداره أو دار غيره
بحر
وقيل إذا كانت الدار عظيمة فلها حكم الصحراء
إسماعيل عن البرجندي
قوله ( واختلف في المدفون الخ ) فقيل بالوجوب لإمكان الوصول وقيل لا لأنها غير حرز
بحر
قوله ( ولا بينة له عليه ) هذا على أحد القولين المصححين كما يأتي
قوله ( ثم صارت ) أي البينة
قوله ( بعدها ) أي السنين
قوله ( وقيده الخ ) أي قيد عدم الوجوب في المجحود عند عدم البينة بما إذا حلفه عند القاضي فحلف إما قبله لاحتمال نكوله وهذا نقله في غرر الأذكار بلفظ وعن أبي يوسف ثم لا يخفى أنه على التصحيح الآتي من عدم الوجوب ولو مع البينة يقتضي أن لا تجب قبل التحليف بالأولى كما أفاده ط عن أبي السعود
قوله ( وما أخذ مصادره ) المصادرة أن يأمره بأن يأتي بالمال والغصب أخذ المال مباشرة على وجه القهر فلا يتكرر هذا مع قوله ومغصوب لا بينة عليه أفاده ح
قوله ( ثم وصل إليه ) أي المال في جميع هذه الصور
قوله ( لعدم النمو ) علة لقوله ولا في مال مفقود الخ أفاد به من محترزات قوله نام ولو تقديرا لأنه غير متمكن من الزيادة لعدم كونه في يده أو يد نائبه
قوله ( حديث علي ) كذا عزاه في الهداية إلى علي وليس بمعروف وإنما ذكره سبط ابن الجوزي في آثار الإنصاف عن عثمان وابن عمر كذا في شرح النقابة لمنلا علي القاري
قوله ( لا زكاة في مال الضمار ) الضمار بالضاد المعجمة بوزن حمار
قال في البحر وهو في اللغة الغائب الذي لا يرجى فإذا رجي فليس بضمار وأصله الإضمار وهو التغييب والإخفاء ومنه أضمر في قلبه شيئا
قوله ( مليء ) فعيل بمعنى فاعل هو الغني ط
وفي المحيط عن المنتقى عن محمد لو كان له دين على وال وهو مقر به إلا أنه لا يعطيه وقد طالبه بباب الخليفة فلم يعطه فلا زكاة فيه ولو هرب غريمه وهو يقدر على طلبه أو التوكيل بذلك فعليه الزكاة وإن لم يقدر على ذلك فلا زكاة عليه اه
قوله ( أو على معسر ) الأصوب إسقاط على لأنه عطف على مليء نعت لمقر أيضا لا مقابل له
____________________
(2/266)
لأنه لو كان غير مقر فهو المسألة المتقدمة
والأخصر قول الدرر على مقر ولو معسرا
قوله ( أي محكوم بإفلاسه ) أفاد أن قوله مفلس مشدد اللام وقيد به لأنه محل الخلاف لأن الحكم به لا يصح عند أبي حنيفة فكان وجوده كعدمه فهو معسر ومر حكمه ولو لم يفلسه القاضي وجبت الزكاة بالاتفاق كما في العناية وغيرها لأن المال غاد ورائح
قوله ( وعن محمد لا زكاة ) أي وإن كان له بينة
بحر
قوله ( وهو الصحيح ) صححه في التحفة كما في غاية البيان وصححه في الخانية أيضا وعزاه إلى السرخسي
بحر
وفي باب المصرف من النهر عن عقد افرائد ينبغي أن يعول عليه
قلت ونقل الباقاني تصحيح الوجوب عن الكافي قال وهو المعتمد وإليه مال فخر الإسلام اه
ولذا جزم به في الهداية و الغرر و الملتقى و المصنف
والحاصل أن فيه اختلاف التصحيح ويأتي تمامه في باب المصرف
قوله ( لأن البينة الخ ) ولأن القاضي قد لا يعدل وقد لا يظفر بالخصومة بين يديه لمانع فيكون أي الدين في حكم الهالك
بحر
قوله ( سيجييء ) أي في كتاب القضاء ط
قوله ( عدم القضاء ) أي عدم صحة قضاء القاضي اعتمادا على علمه فلو علم بالمجحود وقضى به لم يصح ولا يجب أن يزكي لما مضى
قوله ( فوصل إلى ملكه ) أقول من ذلك ما في المحيط له ألف على معسر فاشترى منه بالألف دينارا ثم وهب منه الدينار فعليه زكاة الألف لأنه صار قابضا لها بالدينار اه
ومنه ما في الولوالجية وهب دينه من رجل وولكه بقبضه فوجبت فيه الزكاة ثم قبضه الموهوب له فالزكاة على الواهب لأن القابض وكيل عنه بالقبض له أو لا
وأقول أيضا الوصول إلى ملكه غير قيد لأنه لو أبرأ مديونه الموسر تلزمه الزكاة لأنه استهلاك كما ذكره عند تفصيل الدين قبيل باب العاشر وسيأتي الكلام فيه
قوله ( وسنفصل الدين ) أي إلى قوي ووسط وضعيف والأخير لا يزكيه لما مضى أصلا وفي الأولين تفصيل سيأتي ففيه إشارة إلى أن ما هنا ليس على إطلاقه
قوله ( وسبب الخ ) هذا هو السبب الحقيقي وما تقدم من قوله وسببه ملك نصاب الخ وهوالسبب الظاهري كالزوال للظهر ط
قوله ( توجه الخطاب ) أي الخطاب المتوجه إلى المكلفين بالأمر بالأداء ط
قوله ( وشرطه الخ ) ما تقدم في قول المصنف وشرط افتراضها عقل الخ شروط في رب المال وما هنا شروط في نفس المال المزكى ط
قوله ( وهو في ملكه ) أي والحال أن نصاب المال في ملكه التام كما مر والشرط تمام النصاب في طرفي الحول كما سيأتي وقدمنا أن الحول لا يشترط في زكاة الزروع والثمار
قوله ( ولو للنفقة ) تقدم الكلام في ذلك فلا تغفل
قوله ( بقيدها الآتي ) هو الاكتفاء بالرعي في أكبر السنة بقصد الدر والنسل وأنث الضمير إشارة إلى أن المراد بالسوم الإسامة إذ لا بد فيه من نيتها لأن السائمة تصلح لغير الدر والنسل كالحمل والركوب ولا تعتبر هذه النية ما لم تتصل بفعل الإسامة كما في البحر
قوله ( كما سيجيء ) أي في آخر هذا الباب ويأتي بيانه
قوله ( أو يؤاجر داره الخ ) قال في البحر
____________________
(2/267)
لكن ذكر في البدائع الاختلاف في بدل منافع عين معدة للتجارة
ففي كتاب زكاة الأصل أنه للتجارة بلا نية
وفي الجامع ما يدل على التوقف على النية وصحح مشايخ بلخ رواية الجامع لأن العين وإن كانت للتجارة لكن قد يقصد ببدل منافعها المنفعة فتؤجر الدابة لينفق عليها والدار للعمارة فلا تصير للتجارة مع التردد إلا بالنية اه
وقيد بقوله التي للتجارة إذ لو كانت للسكنى مثلا لا يصير بدلها للتجارة بدون النية فإذا نوى يصح ويكون من قسم الصريح
قوله ( واستثنوا الخ ) ذكر في النهر أنه ينبغي جعله من النية دلالة فلا حاجة إلى الاستثناء
قوله ( مطلقا ) أي وإن لم ينوها أو نوى الشراء للنفقة حتى لو اشترى عبيدا بمال المضاربة ثم اشترى لهم كسوة وطعاما للنفقة كان الكل للتجارة وتجب الزكاة في الكل بدائع
قوله ( لأنه لا يملك بمالها غيرها ) أي بمال التجارة غير التجارة بخلاف المالك إذا اشترى لهم طعاما وثيابا للنفقة لا يكون للتجارة لأنه يملك الشراء لغير التجارة
بدائع
قوله ( ولا تصح نية التجارة الخ ) لأنها لا تصح إلا عند عقد التجارة فلا تصح فيما ملكه بغير عقد كإرث ونحوه كما سيأتي ومثله الخارج من أرضه لأن الملك يثبت فيه بالنيات ولا اختيار له فيه ولذا قال في البحر وخرج أي بقيد العقد ما إذا دخل من أرضه حنطة تبلغ قيمتها نصابا ونوى أن يمسكها ويبيعها فأمسكها حولا لا تجب فيها الزكاة كما في الميراث وكذا لو اشترى بذر التجارة وزرعها في أرض عشر استأجرها كان فيها العشر لا غير كما لو اشترى أرض خراج أو عشر للتجارة لم يكن عليه زكاة التجارة إنما عليه حق الأرض من العشر أو الخراج
قوله ( أو المستأجرة أو المستعارة ) يعني وكانت الأرض عشرية فإن العشر على المستعير اتفاقا وعلى المستأجر على قولهما المأخوذ به وأما إذا كانتا خراجتين فإن الخراج على سب الأرض فإذا نوى المستعير أو المستأجر في الخارج منهما التجارة يصح لعدم اجتماع الحقين أفاده ح
قلت يتعين فرض المسألة فيما إذا اشترى بذرا للتجارة وزرعه ليصح التعليل بعدم اجتماع الحقين أما لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه فقد علمت أنها لا تصح بعدم العقد فلم يصر الخارج مال تجارة فلا زكاة فيه فافهم
قوله ( لئلا يجتمع الحقان ) علمت ما فيه
قوله ( وشرط صحة أدائها الخ ) قد علم اشتراط النية من قوله أولا لله تعالى لكن ذكرت هنا لبيان تفاصيلها أفاده في البحر
قوله ( نية ) أشار إلى أنه لا اعتبار للتسمية فلو سماها هبة أو قرضا تجزيه في الأصح وإلى أنه لو نوى الزكاة والتطوع وقع عنها عند الثاني لأن نية الفرض أقوى وعند الثالث يقع عنه وإلى أنه ليس للفقير أخذها بلا علمه إلا إذا لم يكن في قرابته أو قبيلته منه فيضمن حكما لا ديانة وإلى أن الساعي لو أخذها منه كرها لا يسقط الفرض عنه في الأموال الباطنة بخلاف الظاهرة هو المفتى به وإلى أنها لا تؤخذ من تركته لفقد النية إلا إذا أوصى فتعتبر من الثالث وتمامه في البحر
زاد في الجوهرة أو تبرع ورثته
قلت ولعل وجهه أنهم قائمون مقامه فتكفي نيتهم فتأمل
قوله ( مقارنة ) هو الأصل كما في سائر العبادات وإنما اكتفي بالنية عند العزل كما سيأتي لأن الدفع يتفرق فيتحرج باستحضار النية عند كل دفع فاكتفي بذلك للحرج
بحر والمراد مقارنتها للدفع إلى الفقير وأما المقارنة للدفع إلى الوكيل فهي من الحكمية كما يأتي ط
قوله ( والمال قائم في يد الفقير ) بخلاف ما إذا نوى بعد هلاكه
بحر
وظاهره أن المراد بقيامه في يد الفقير بقاؤه
____________________
(2/268)
في ملكه لا اليد الحقيقية وأن النية تجزيه ما دام في ملك الفقير ولو بعد أيام
قوله ( أو دفعها لذمي ) نبه على الفرق بين الزكاة والحج لأن الزكاة عبادة مالية محضة فتصح فيها إنابة الذمي وإن لم يكن من أهل النية لأن الشرط فيها نية الأمر بخلاف الحج لأنه عبادة مركبة من المال والبدن فتشترط فيه أهلية المأمور للنية
قوله ( لأن المعتبر نية الآمر ) علة للمسألتين
قوله ( ولذا ) أي لكون المعتبر نية الآمر
قوله ( لو قال ) أي عند الدفع إلى الوكيل
قوله ( ثم نواه عن الزكاة ) أي ولم يعلم الوكيل بذلك بل دفع إلى الفقير بنية التطوع أو الكفارة
قوله ( ضمن وكان متبرعا ) لأنه ملكه بالخلط وصار مؤديا مال نفسه
قال في التاترخانية إلا إذا وجد الإذن أو أجاز المالكان اه أي أجاز قبل الدفع إلى الفقير لما في البحر لو أدى زكاة غيره بغير أمره فبلغه فأجاز لم يجز لأنها وجدت نفاذا على المتصدق لأنها ملكه ولم يصر نائبا عن غيره فنفذت عليه اه
لكن قد يقال تجزي عن الآمر مطلقا لبقاء الإذن بالدفع
قال في البحر ولو تصدق عنه بأمره جاز ويرجع بما دفع عند أبي يوسف
وعند محمد لا يرجع إلا بشرط الرجوع اه تأمل
ثم قال في التاترخانية أو وجدت دلالة الإذن بالخلط كما جرت العادة بالإذن من أرباب الحنطة بخلط ثمن الغلات وكذلك المتولي إذا كان في يده أوقات مختلفة وخلط غلاتها ضمن وكذلك إذا خلط الأثمان أو البياع إذا خلط الأمتعة يضمن اه
قال في التجنيس ولا عرف في حق السماسرة والبياعين بخلط ثمن الغلات والأمتعة اه
ويتصل بهذا العالم إذا سأل للفقراء شيئا وخلط يضمن
قلت ومقتضاه أنه لو وجد العرف فلا ضمان لوجود الإذن حينئذ دلالة
والظاهر أنه لا بد من علم المالك بهذا العرف ليكون إذنا منه دلالة
قوله ( إذا وكله الفقراء ) لأنه كلما قبض شيئا ملكوه وصار خالطا مالهم بعضهم ببعض ووقع زكاة عن الدافع لكن بشرط أن لا يبلغ المال الذي بيده الوكيل نصابا فلو بلغه وعلم به الدافع لم يجزه إذا كان الآخذ وكيلا عن الفقير كما في البحر عن الظهيرية
قلت وهذا إذا كان الفقير واحدا فلو كانوا متعددين لا بد أن يبلغ لكل واحد نصابا لأن ما في يد الوكيل مشترك بينهم فإذا كانوا ثلاثة وما في يد الوكيل بلغ نصابين لم يصيروا أغنياء فتجري الزكاة عن الدافع بعده إلى أن يبلغ ثلاثة أنصباء إلا إذا كان وكيلا عن كل واحد بانفراده فحينئذ يعتبر لكل واحد نصابه على حدة وليس له الخلط بلا إذنهم فلو خلط أجزأ عن الدافعين وضمن للموكلين
وأما إذا لم يكن الآخذ وكيلا عنهم فتجزي وإن بلغ المقبوض نصبا كثيرة لأنهم لم يملكوا شيئا مما في يده
قوله ( لولده الفقير ) وإذا كان ولدا صغيرا فلا بد من كونه هو فقيرا أيضا لأن الصغير يعد غنيا بغنى أبيه
أفاده ط عن أبي السعود
وهذا حيث لم يأمره بالدفع إلى معين إذ لو خالف ففيه قولان حكاهما في القنية
وذكر في البحر أن القواعد تشهد للقول بأنه لا يضمن لقولهم لو نذر التصدق على فلان له أن يتصدق على غيره اه
أقول وفيه نظر لأن تعيين الزمان والمكان والدرهم والفقير غير معتبر في النذر لأن الداخل تحته ما هو قربة وهو أصل التصدق دون التعيين فيبطل وتلزم القربة كما صرحوا به وهنا الوكيل إنما يستفيد التصرف من الموكل وقد أمره بالدفع إلى فلان فلا يملك الدفع إلى غيره كما لو أوصى لزيد بكذا ليس للوصي الدفع إلى غيره فتأمل
قوله ( وزوجته ) أي الفقيرة
قوله ( ولو تصدق الخ ) أي الوكيل بدفع الزكاة إذا أمسك دراهم الموكل
____________________
(2/269)
ودفع من ماله ليرجع ببدلها في دارهم الموكل صح بخلاف ما إذا أنفقها أولا على نفسه مثلا ثم دفع من ماله فهو متبرع وعلى هذا التفصيل الوكيل بالإنفاق أو بقضاء الدين أو الشراء كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الوكالة
وفيه إشارة إلى أنه لا يشترط الدفع من عين مال الزكاة ولذا لو أمر غيره بالدفع عنه جاز كما قدمناه لكن اختلف فيما إذا دفع من مال آخر خبيث
قال في البحر وظاهر القنية ترجيح الإجزاء استدلالا بقولهم مسلم له خمر فوكل ذميا فباعها من ذمي فللمسلم صرف ثمنها عن زكاة ماله
فرع للوكيل بدفع الزكاة أن يوكل غيره بلا إذن
بحر عن الخانية
وسيأتي متنا في الوكالة
قوله ( بعزل ما وجب ) في نسخة لعزل باللام وهي أحسن ليوافق المعطوف عليه
قوله ( ولا يخرج عن العهدة بالعزل ) فلو ضاعت لا تسقط عنه الزكاة ولو مات كانت ميراثا عنه بخلاف ما إذا ضاعت في يد الساعي لأن يده كيد الفقراء
بحر عن المحيط
قوله ( أو تصدق بكله ) بالرفع عطفا على قوله نية وأفاد به سقوط الزكاة ولو نوى نفلا أو لم ينو أصلا لأن الواجب جزء منه وإنما تشترط النية لدفع المزاحم فلما أدى الكل زالت المزاحمة
بحر
قوله ( إلا إذا نوى الخ ) في التعبير بالتصدق إيماء إلى هذا الاستثناء كما في النهر
قوله ( فيصح ) أي عما نوى
قوله ( لا تسقط حصته ) أي لا تسقط زكاة ما يصدق به فتجب زكاته وزكاة الباقي
قوله ( خلافا للثالث ) أشار بذلك تبعا لمتن الملتقى إلى اعتماد قول أبي يوسف ولذا قدمه قاضيخان وقد أخره في الهداية مع دليله وعادته تأخير المختار عنده على عكس عادة قاضيخان وصاحب الملتقى فافهم
قوله ( وأطلقه ) أي أطلق التصدق
قوله ( حتى الخ ) تفريع على شموله الدين ح
وقيد بالفقير لأنه لو كان غنيا فوهبه بعد الحول ففيه روايتان أصحهما الضمان
بحر عن المحيط أي ضمان زكاة ما وهبه لأنه استهلكه بعد الوجوب
قوله ( صح وسقط عنه ) أي صح الإبراء وسقط عنه زكاته نوى الزكاة أو لا لما مر ولو أبرأه عن البعض سقط زكاته دون الباقي ولو نوى به الأداء عن الباقي
بحر
قوله ( واعلم الخ ) المراد بالدين ما كان ثابتا في الذمة من مال الزكاة وبالعين ما كان قائما في ملكه من نقود وعروض والقسمة رباعية لأن الزكاة إما أن تكون دينا أو عينا والمال المزكى كذلك لكن الدين إما أن يسقط بالزكاة أو يبقى مستحق القبض بعدها فتصير خمسة فيجوز الأداء في ثلاثة
الأولى أداء الدين عن دين سقط بها كما مثل من إبراء الفقير عن كل النصاب
الثانية أداء العين عن العين كنقد حاضر عن نقد أو عرض حاضر
الثالثة أداء العين عن الدين كنقد حاضر عن نصاب دين
وفي صورتين لا يجوز
____________________
(2/270)
الأولى أداء الدين عن العين كجعله ما في ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر
بخلاف ما إذا أمر فقيرا بقبض دين له على آخر عن زكاة عين عنده فإنه يجوز لأنه عند قبض الفقير يصير عينا فكان عينا عن عين
الثانية أداء دين عن دين سيقبض كما تقدم عن البحر وهو ما لو أبرأ الفقير عن بعض النصاب ناويا به الأداء عن الباقي وعلله بأن الباقي يصير عينا بالقبض فيصير مؤديا بالدين عن العين اه ولذا أطلق الشارح الدين أولا عن التقييد بالسقوط ولقوله بعده سيقبض
قوله ( وحيلة الجواز ) أي فيما إذا كان له دين على معسر وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له على آخر سيقبض
قوله ( أن يعطي مديونه الخ ) قال في الأشباه وهو أفضل من غيره أي لأنه يصير وسيلة إلى براءة ذمة المديون
قوله ( لكونه ظفر بجنس حقه ) نقل العلامة البيري في آخر شرح الأشباه أن الدراهم والدنانير جنس واحد في مسألة الظفر
قوله ( فإن مانع الخ ) والحلية إذا خاف ذلك ما في الأشباه وهو أن يوكل المديون خادم الدائن بقبض الزكاة ثم بقضاء دينه فبقبض الوكيل صار ملكا للموكل ولا يسلم المال للوكيل إلا في غيبة المديون لاحتمال أن يعزله عن وكالة قضاء دينه حال القبض قبل الدفع اه
وفيها وإن كان الدائن شريك في الدين يخاف أن يشاركه في المقبوض فالحيلة أن يتصدق الدائن بالدين ويهب المديون ما قبضه للدائن فلا مشاركة
قوله ( ثم هو ) أي الفقير يكفن
والظاهر له أن يخالف أمره لأنه مقتضى صحة التملك كما سيأتي في باب المصرف بحثا
قوله ( فيكون الثواب لهما ) أي ثواب الزكاة للمزكي وثواب التكفين للفقير
وقد يقال إن ثواب التكفين يثبت للمزكي أيضا لأن الدال على الخيركفاعله وإن اختلف اثواب كما وكيفا ط
قلت وأخرج السيوطي في الجامع الصغير لو مرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدىء من غير أن ينقص من أجره شيء
قوله ( وكذا ) الإشارة إلى الحلية
قوله ( وتمامه الخ ) هو ما قدمناه عن الأشباه
قوله ( وافتراضها عمري ) قال في البدائع وعليه عامة المشايخ ففي أي وقت أدى يكون مؤديا للواجب ويتعين ذلك الوقت للوجوب وإذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب حتى لو لم يؤد حتى مات يأثم واستدل الجصاص له بمن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء أنه لا يضمن ولو كانت على الفور يضمن كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته فإن عليه القضاء
قوله ( وصححه الباقاني وغيره ) نقل تصحيحه في التاترخانية أيضا
قوله ( أي واجب على الفور ) هذا ساقط من بعض النسخ وفيه ركاكة لأنه يؤول إلى قولنا افتراضها واجب على الفور مع أنها فريضة محكمة بالدلائل القطعية
____________________
(2/271)
وقد يقال إن قوله افتراضها على تقدير مضاف أي افتراض أدائها وهو من إضافة الصفة إلى موصوفها فيصير المعنى أداؤها المفترض واجب على الفور أي أن أصل الأداء فرض وكونه على الفور واجب وهذا ما حققه في فتح القدير من أن المختار في الأصول أن مطلق الأمر لا يقتضي الفور ولا التراخي بل مجرد الطلب فيجوز للمكلف كل منهما لكن الأمر هنا معه قرينة الفور الخ ما يأتي
قوله ( فيأثم بتأخيرها الخ ) ظاهره الإثم بالتأخير ولو قل كيوم أو يومين لأنهم فسروا الفور بأول أوقات الإمكان
وقد يقال المراد أن لا يؤخر إلى العام القابل لما في البدائع عن المنتقى ب النون إذا لم يؤد حتى مضى حولان فقد أساء وأثم اه
فتأمل
قوله ( وهي ) أي القرينة أنه أي الأمر بالصرف
قوله ( وهي معجلة ) كذا عبارة الفتح
أي حاجة الفقير معجلة أي حاصلة
قوله ( وتمامه في الفتح ) حيث قال بعد ما مر فتكون الزكاة فريضة وفوريتها واجبة فيلزم بتأخيره من غير ضرورة الإثم كما صرح به الكرخي والحاكم الشهيد في المنتقى وهو عين ما ذكره الإمام أبو جعفر عن أبي حنيفة أنه يكره فإن كراهة التحريم هي المحمل عند أطلاق اسمها وقد ثبت عن أئمتنا الثلاثة وجوب فوريتها وما نقله ابن شجاع عنهم من أنها على التراخي فهو بالنظر إلى دليل الافتراض أي دليل الافتراض لا يوجبها وهو لا ينفي وجود دليل الإيجاب
وعلى هذا قولهم إذا شك هل زكى أو لا يجب عليه أن يزكي لأن وقتها العمر كالشك حينئذ بالشك في الصلاة في الوقت اه ملخصا
تتمة في الفتح أيضا إذا أخر حتى مرض يؤدي سرا من الورثة ولو لم يكن عنده مال فأراد أن يستقرض لأداء الزكاة إن كان أكبر رأيه أنه يقدر على قضائه فالأفضل الاستقراض وإلا فلا لأن خصومة صاحب الدين أشد اه
قوله ( أي عبد ) خصه بالذكر ليناسب قوله فنوى خدمته وأشار بقوله مثلا إلى أن العبد غير قيد لكن الأولى أن يقول بعده فنوى استعماله ليعم مثل الثوب والدابة ولا بد من تخصيصه بما تصح فيه نية التجارة ليخرج ما لو اشترى أرضا خراجية أو عشرية ليتجر فيها فإنها لا تجب فيها زكاة التجارة كما يأتي ونبه عليه في الفتح
قوله ( فنوى بعد ذلك خدمته ) أي وأن لا يبقى للتجارة لما في الخانية عبد التجارة إذا أراد أن يستخدمه سنتين فاستخدمه فهو للتجارة على حاله إلا أن ينوي أن يخرجه من التجارة ويجعله للخدمة اه
قوله ( ما لم يبعه ) أي أو يؤجره كما في النهر وغيره وبدله من قسم الذين الوسط فيعتبر ما مضى أو يعتبر الحول بعد قبضه على الخلاف الآتي في بيان أقسام الديون
قوله ( بجنس ما فيه الزكاة ) فلو دفعه لامرأته في مهرها أو دفعه بصلح عن قود أو دفعته لخلع زوجها لا زكاة لأن هذه الأشياء لم تكن جنس ما فيه الزكاة ط
قوله ( والفرق ) أي بين التجارة حيث لا تتحقق بالفعل وبين عدمها بأن نواه للخدمة حيث تحقق بمجرد النية ط
قوله ( فيتم بها ) لأن التروك كلها يكتفى فيها بالنية ط
ونظير ذلك المقيم والصائم والكافر والعلوفة والسائمة حيث لا يكون مسافرا ولا مفطرا ولا مسلما ولا سائمة ولا علوفة بمجرد النية وتثبت أضدادها بمجرد النية
زيلعي
لكن صرح في النهاية و الفتح بأن العلوفة لا تصير سائمة بمجرد النية بخلاف العكس
ووفق في البحر بحمل الأول على ما إذا نوى أن تكون السائمة علوفة وهي باقية في المرعى إذ لا بد من العمل وهو إخراجها من المرعى لا العلف وحمل الثاني على ما إذا نوى بعد إخراجها منه
قوله ( كان لها الخ ) لأن الشرط في التجارة مقارنتها لعقدها وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو إجارة
____________________
(2/272)
أو استقراض حيث لا مانع على ما يأتي في الشرح مع بيان المحترزات ثم إن نية التجارة قد تكون صريحا وقد تكون دلالة فالأول ما ذكرنا والثاني ما تقدم في الشرح عند قول المصنف أو نية التجار
قوله ( لا ما ورثه ) قال في النهر ويلحق بالإرث ما دخله من حبوب أرضه فنوى إمساكها للتجارة فلا تجب لو باعها بعد حول اه
قوله ( أي ناويا ) قال في النهر يعني نوى وقت البيع مثلا أن يكون بدله للتجارة ولا تكفيه النية السابقة كما هو ظاهر ما في البحر اه
قوله ( فتجب الزكاة ) أي إذا حال الحول على البدل ط
قوله ( نواه أو لا ) أي نوى السوم أو لا لأنها كانت سائمة فبقيت على ما كانت وإن لم ينو
خانية
قوله ( وما ملكه بصنعه الخ ) أي ما كان متوقفا على قبوله وليس مبادلة مال بمال كهذه العقود إذا نوى عند العقد كونه للتجارة لا يصير لها على الأصح لأن الهبة والصدقة والوصية ليست بمبادلة أصلا والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد مبادلة مال بغير مال كما في البدائع
قال في فتح القدير والحاصل أن نية التجارة فيما يشتريه تصح بالإجماع وفيما يرثه لا بالإجماع وفيما يملكه بقبول عقد مما ذكر خلاف اه
قوله ( أو نكاح أو خلع ) أي لو تزوجها على عبد مثلا فنوت كونه للتجارة أو خالعته عليه فنوى كذلك
قوله ( أو صلح عن قود ) أي إذا نوى عند عقد الصلح التجارة بالبدل
وفي الخانية لو كان عبدا للتجارة فقتله عن عمدا فصولح من القصاص على القاتل لم يكن القاتل للتجارة لأنه بدل عن القصاص لا عن المقتول اه
قوله ( كان المدفوع للتجارة ) أي بلا نية ح وذلك لأنه بدل عن المقتول وقد كان المقتول للتجارة فكذا بدله فكان مبادلة مال بمال ومثله فيما يظهر لو اختار سيد الجاني الفداء بعرض لما قلنا ولا ينافيه ما يأتي عن الأشباه فافهم
قوله ( فإنه يكون لها ) لأن حكم البدل حكم الأصل
خانية
وسيأتي تمام الكلام على استبدال مال التجارة في باب زكاة الغنم
قوله ( كما مر ) أي في شرح قوله أو نية التجارة ح
قوله ( والأصح أنه لا يكون لها ) لأن التجارة كسب المال ببدل هو مال والقبول اكتساب بغير بدل أصلا فلم تكن النية مقارنة عمل التجارة
بدائع
قوله ( وفي أول الأشباه ) أتى به تأييدا للأصح ط
قوله ( والجواهر ) كاللؤلؤ والياقوت والزمرد وأمثالها
درر عن الكافي
قوله ( وإن ساوت ألفا ) في نسخة ألوفا
قوله ( ما عدا الحجرين ) هذا علم بالغلبة على الذهب والفضة ط
وقوله والسوائم بالنصب عطفا على الحجرين وما عدا ما ذكر كالجواهر والعقارات والمواشي العلوفة والعبيد والثياب والأمتعة ونحو ذلك من العروض
قوله ( المؤدي إلى الشيء ) هذا وصف في معنى العلة أي لا زكاة فيما نواه للتجارة من نحو أرض عشرية أو خراجية لئلا يؤدي إلى تكرار الزكاة لأن العشر أو الخراج زكاة أيضا والثني بكسر الثاء المثلثة وفتح النون في آخره ألف مقصورة وهو أخذ الصدقة مرتين في عام كما في القاموس ومنه كما في المغرب قوله لا ثني في الصدقة
قوله ( وشرط مقارنتها ) بالجر عطفا على شرط الأول ومن المقارنة ما ورثه ناويا لها ثم تصرف فيه ناويا أيضا لأن المعتبر هو النية المقارنة للتصرف بالبيع
____________________
(2/273)
مثلا كما مر فيكون بدله الذي نوى به التجارة مقارنا لعقد الشراء فافهم
قوله ( أو إجارة ) كأن أجر داره بعروض ناويا بها التجارة ولو كانت الدار للتجارة يصير بدلها للتجارة بلا نية لوجود التجارة دلالة كما مر وفيه خلاف قدمناه
قوله ( أو استقراض ) لأن القرض ينقلب معاوضة المال بالمال في العاقبة وهذا قول بعض المشايخ وإليه أشار في الجامع أن من كان له مائتا درهم لا مال له غيرها فاستقرض من رجل قبل حولان الحول خمسة أقفزة لغير التجارة ولم يستهلك الأقفزة حتى حال الحول لا زكاة عليه ويصرف الدين إلى مال الزكاة دون الجنس الذي ليس بمال الزكاة فقوله لغير التجارة دليل أنه لو استقرض للتجارة يصير لها
وقال بعضهم لا وإن نوى لأن القرض إعارة وهو تبرع ولا تجارة
بدائع
وعلى الأول مشى في البحر و النهر و المنح وتبعهم الشارح لكن ذكر في الذخيرة عن شرح الجامع لشيخ الإسلام أن الأصح الثاني ومن معنى قول محمد في الجامع لغير التجارة أنها كانت عند المقرض لغير التجارة وفائدته أنها إذا ردت عليه عادت لغير التجارة وأنها لو كانت عند التجارة فردت عليه عادت للتجارة اه
والظاهر أن الثاني مبني على قول أبي يوسف إن المستقرض لا يملك ما استقرضه إلا بالتصرف
وعندهما يملكه بالقبض حتى لو كان قائما في يده فباعه من المقرض يصح عنده لا عندهما ولو باعه من أجنبي يصح اتفاقا كما سيأتي تحريره في بابه إن شاء الله تعالى وعلى قولهما فالوجه للأول تأمل
لا يقال يشكل الأول بأن المستقرض صار مديونا بنظير ما استقرضه والمديون لا زكاة عليه بقدر دينه فما فائدة صحة نية التجارة فيه لأنا نقول فائدتها ضم قيمته إلى النصاب الذي معه لما سيأتي من أن قيمة عروض التجارة تضم إلى النقدين فإذا كان له مائتا درهم فقط واستقرض خمسة أقفزة للتجارة قيمتها خمسة دراهم مثلا كان مديونا بقدرها وبقي لها نصاب تام فيزكيه بخلاف ما إذا لم تكن للتجارة فإنه لا زكاة عليه أصلا لأن الدين يصرف إلى مال الزكاة دون غيره كما مر فينقص نصاب الدراهم الذي معه فلا يزكيه ولا يزكي الأقفزة فافهم
قوله ( ولو نوى الخ ) محترز قوله وشرط مقارنتها لعقد التجارة ح
قوله ( كما لو نوى الخ ) خرج باشتراط عقد التجارة وهذا ملحق بالميراث كما مر عن النهر فلا يصح تعليله باجتماع الحقين كما قدمناه فافهم
قوله ( كما مر ) قبيل قوله وشرط صحة أدائها ح
قوله ( وكما لو شرى الخ ) محترز قوله بشرط عدم المانع الخ
قوله ( وزرعها ) قيد للعشرية لتعلق العشر بالخارج بخلاف الخراج إلا إذا كان خراج مقاسمة لا موظفا
ومفهومه أنه إذا لم يزرعها تجب زكاة التجارة فيها لعدم وجوب العشر فلم يوجد المانع أما الخراجية فالمانع موجود وهو الثني وإن عطلت
قوله ( لقيام المانع ) وهو الثني
ومفاد التعليل أنه لو زرع البذر في أرضه المملوكة تجب فيه الزكاة ويخالفه ما في البحر حيث قال في باب زكاة المال لو اشترى بذرا للتجارة وزرعه فإنه لا زكاة فيه وإنما فيه العشر لأن بذره في الأرض أبطل كونه للتجارة فكان ذلك كنية الخدمة في عبد التجارة بل أولى ولو لم يزرعه تجب اه
فإن مفاده سقوط الزكاة عن البذر بالزراعة مطلقا أفاده ط
تنبيه ما ذكره الشارح من عدم وجوب الزكاة في الأرض المشرية للتجارة وإنما فيها العشر أو الخراج
____________________
(2/274)
للمانع المذكور
قال في البدائع هو الرواية المشهور عن أصحابنا
وعن محمد أنه تجب الزكاة أيضا لأن زكاة التجارة تجب في الأرض والعشر يجب في الخارج وهما مختلفان فلا يجتمع الحقان في مال واحد
ووجه ظاهر الرواية أن سبب الوجوب في الكل واحد لأنه يضاف إليها فيقال عشر الأرض وخراجها وزكاتها والكل حق الله تعالى وحقوقه تعالى المتعلقة بالأموال النامية لا يجب فيها حقان منها بسبب مال واحد كزكاة السائمة مع التجارة اه
فافهم
باب السائمة بالإضافة أو بالتنوين على أنه مبتدأ وخبر فهو لبيان حقيقتها وما بعده لبيان حكمها ولذا لم يقدر مضافا أي صدقة السائمة
قال في النهر وبدأ محمد في تفصيل أموال الزكاة بالسوائم اقتداء بكتبه عليه الصلاة والسلام وكانت كذلك لأنها إلى العرب وكان جل أموالهم السوائم والإبل أنفسها عندهم فبدأ بها
قوله ( هي الراعية ) أي لغة يقال سامت الماشية رعت وأسامها ربها إسامة كذا في المغرب سميت بذلك لأنها تسم الأرض أي تعلمها
ومنه { شجر فيه تسيمون } النحل 10 وفي ضياء الحلوم السائمة المال الراعي
نهر
قوله ( وشرعا المكتفية بالرعي الخ ) أطلقها فشمل المتولدة من أهلي ووحشي لكن بعد كون الأم أهلية كالمتولدة من شاة وظبي وبقر وحشي وأهلي فتجب الزكاة بها ويكمل بها النصاب عندنا خلافا للشافعي
بدائع
قوله ( بالرعي ) بفتح الراء مصدر وبكسرها الكلأ نفسه والمناسب الأول إذ لو حمل الكلأ إليها في البيت لا تكون سائمة
بحر
قال في النهر وأقول الكسر هو المتداول على الألسنة ولا يلزم عليه أن تكون سائمة لو حمله إليها إلا لو أطلق الكلأ على المنفصل
ولقائل منعه بل ظاهر قول المغرب الكلأ هو كل ما رعته الدواب من الرطب واليابس يفيد اختصاصه بالقائم في معدنه ولم تكن به سائمة لأنه ملكه بالحوز فتدبره اه
قلت لكن في القاموس الكلأ كجبل العشب رطبه ويابسه فلم يقيده بالمرعى
قوله ( ذكره الشمني ) أي ذكر التقييد بالمباح
قال في البحر و النهر ولا بد منه لأن الكلأ يشمل غير المباح ولا تكون سائمة به لكن قال المقدسي وفيه نظر
قلت لعل وجهه منع شموله لغير المباح لحديث أحمد المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار فهو مباح ولو في أرض مملوكة كما سيأتي في فصل الشرب إن شاء الله تعالى
قوله ( ذكره الزيلعي ) أي ذكر قوله لقصد الدر والنسل تبعا لصاحب النهاية
قوله ( والسمن ) عطف تفسير ط
قوله ( ليعم الذكور ) لأن الدر والنسل لا يظهر فيها ط
قوله ( فقط ) أي الذكور المحضة وليس المراد أنه يعم الذكور ولا يعم غيرها اه ح
وحاصله أنه قيد للذكور لا ليعم
قوله ( لكن في البدائع الخ ) استدراك على ما في المحيط
____________________
(2/275)
من اعتبار السمن
والجواب أن مراد المحيط أن السمن لا لأجل اللحم بل لغرض آخر مثل أن لا تموت في الشتاء من البرد فلا تناقض بين كلامي البدائع و المحيط اه ح
أو يحمل على اختلاف الرواية أوالمشايخ ط
وبه جزم الرحمتي
أقول عبارة البدائع هكذا نصاب السائمة له صفات منها كونه معدا للإسامة للدر والنسل لما ذكرنا أن مال الزكاة هو المال النامي والمال النامي في الحيوان بالإسامة إذ به يحصل النسل فيزداد المال فإن أسيمت للحمل والركوب أو اللحم فلا زكاة فيها اه
فقد أفاد أن الزكاة منوطة بالإسامة لأجل النمو أي الزيادة فيشمل الإسامة لأجل السمن لأنه زيادة فيها ثم تفريعه على ذلك بإخراج ما إذا أسيمت للحمل والركوب أو للحم يعلم منه أنه لم يرد باللحم السمن وإلا كان كلاما متناقضا لأن اللحم زيادة ولا يتوهم أحد أن ذلك مبني على رواية أخرى لأنه في صدد كلام واحد فتعين أن المراد باللحم الأكل أي إذا أسامها لأجل أن يأكل لحمها هو وأضيافه فهو كما لو أسامها للحمل والركوب إذ لا بد من قصد الإسامة للزيادة والنمو هذا ما ظهر لي
ثم رأيت في المعراج ما نصه له غنم للتجارة نوى أن تكون للحم فذبح كل يوم شاة أو سائمة نواها للحمولة فهي للحم والحملة عند محمد اه
وفيه لف ونشر مرتب والله تعالى أعلم
قوله ( كما لو أسامها وللحمل والركوب ) لأنه تصير كثياب البدن وعبيد الخدمة
قوله ( ولعلهم تركوا ذلك ) أي ترك أصحاب المتون من تعريف السائمة ما زاده المصنف تبعا للزيلعي و المحيط لتصريحهم أي تصريح التاركين لذلك بالحكمين أي بحكم ما نوى به التجارة من العروض الشاملة للحيوانات وبحكم المسامة للحمل والركوب وهو وجوب زكاة التجارة في الأول وعدمه في الثاني فلا يرد على تعريفهم بأنها المكتفية بالرعي في أكثر العام أنه تعريف بالأعم أفاده في البحر
وحاصله أن القيدين المذكورين في الزيلعي و المحيط ملحوظان في التعريف المذكور بقرينة التصريح المزبور فلا يكون تعريفا بالأعم على أن التعريف بالأعم إنما لا يصح على رأي المتأخرين من علماء الميزان وإلا فالمتقدمون وأهل اللغة على جوازه وبه اندفع قول النهر إن هذا غير دافع إذ التعريف بالأعم لا يصح ولا ينفع فيه ذكر الحكمين بعده اه
تأمل
قوله ( للشك في الموجب ) بكسر الجيم وهو كونها سائمة فإنه شرط لكونها سببا للوجوب
قال في فتح القدير العلف اليسير لا يزول به اسم السوم المستلزم للحكم وإذا كان مقابله كثيرا بالنسبة كان هو يسيرا والنصف ليس بالنسبة إلى النصف كثيرا ولأنه يقع الشك في ثبوت سبب الإيجاب فافهم
قوله ( مختلفان قدرا وسببا ) لأن القدرة في مال التجارة ربع العشر وفي السوائم ما يأتي بيانه والسبب فيهما هو المال النامي لكن بشرط نية التجارة في الأول ونية الإسامة للدر والنسل في الثاني فالاختلاف في الحقيقة في القدر والشرط لكن لما كانت السببية لا تتم إلا بشرطها جعله من الاختلاف في السبب فافهم
قوله ( فلو اشترى ) تفريع على البطلان
____________________
(2/276)
قوله ( كما لو باع السائمة ) قيد بها لأن عروض التجارة إذا استبدلت لا ينقطع الحول
قلت ومثل العروض الدراهم والدنانير عندنا خلافا للشافعي فلا زكاة على الصيرفي في قياس قوله كما في البدائع
قوله ( في وسط الحول ) بسكون السين وهو أفيد لأنه اسم لجزء مبهم بين طرفي الشيء بخلاف محركها فإنه اسم لجزء تساوى بعده عن طرفي الشيء فيكون جزءا معينا من الحول وليس بمراد اه ح
قوله ( أو قبله ) أي قبل الحول على تقدير مضاف أي قبل انتهائه بيوم والمراد به مطلق الزمان ولو ساعة وهو من عطف الخاص على العام فإنه قد يكون ب أو كما في الحديث ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها وفائدته مع أنه داخل في الوسط التنبيه على بطلان الحول بالبيع وإن مضى معظمه ودفع توهم أن المراد بالوسط الجزء المعين فافهم
قوله ( ولا نقد عنده ) أما لو كان عنده نصابا فإنه يضم إليه ويزكيه معه بلا استقبال حول وكان الأولى أن يقول ولا نصاب عنده ليشمل ما إذا باعها بجنسها أو بغيره ففي الجوهرة ولو باع الماشية قبل الحول بدراهم أو بماشية ضم الثمن إلى جنسه بالإجماع أي يضم الدراهم إلى الدراهم والماشية إلى الماشية
قوله ( المسبلة ) أي المجعولة ليغازي عليها في سبيل الله تعالى بوقف أو وصية وهذا التفصيل عند الإمام أما عندهما فلا شيء في الخيل مطلقا ط
بزيادة
قوله ( ولا في المواشي العمي ) نقل في الظهيرية في العمى روايتين
وعندهما تجب كما لو كان فيها عمى
نهر
وجزم في البحر في الباب الآتي بالوجوب فيها والذي يظهر أنه إن تحقق فيها السوم وجبت وإلافلا بدليل التعليل والله أعلم
باب بالتنوين مبتدأ حذف خبره أو بالعكس ونصاب مبتدأ وخمس خبره والذي في المنح نصاب الإبل بغير باب ط
قوله ( نصاب الإبل ) أطلقه فشمل الذكور والإناث ولو أبوه وحشيا بعد أن كانت الأم أهلية وشمل الصغار بشرط أن لا تكون كلها كذلك لما سيصرح به
فالصغار تبع للكبار وشمل الأعمى والمريض والأعرج لكن لا يؤخذ في الصدقة وشمل السمان والعجاف لكن تجب شاة بقدر العجاف وبيانه في البحر
قوله ( مؤنثه ) قال في ذيل المغرب كل جمع مؤنث إلا ما صح بالواو والنون فيمن يعلم تقول جاء الرجال والنساء وجاءت الرجال والنساء وأسماء الجموع مؤنثه نحو الإبل والذود والخيل والغنم والوحش والعرب والعجم وكذا كل ما يفرق بينه وبين واحدة بالتاء أو ياء النسب كتمر ونخل ورومي وروم وبختي وبخت اه
فافهم
قوله ( بفتح الباء ) كقولهم في النسبة إلى سلمة أي بكسر اللام سلمى بالفتح لتوالي الكسرات مع الياء
بحر
قوله ( لأنها تبول على أفخاذها ) فيه إشارة إلى أن بينهما اشتقاقا أكبر وهو اشتراك الكلمتين في أكثر الحروف مع التناسب في المعنى كما هنا فإن الإبل مهموز و بال أجوف ح
قوله ( وبخت ) بالجر بدل منقوله إلى خمس وعشرين والأولى نصبه على التمييز
ط
____________________
(2/277)
وهو كذلك في بعض النسخ
قوله ( بخنتصر ) بضم الباء وسكون الخاء المعجمة وفتح التاء المثناة فوق والنون والصاد المهملة المشددة في آخره راء علم مركب تركيب مزج على ملك ح
وفي القاموس بخنتصر بالتشديد أصله بوخت ومعناه ابن ونصر كبقم ضم وكان وجد عند الصنم ولو يعرف له أب فنسب إليه خرب القدس اه
قوله ( أو عراب ) جمع عربي للبهائم وللأناسي عرب ففرقوا بينهما في الجمع
بحر
قوله ( شاة ) ذكرا كان أو أنثى
بحر
وفي الشرنبلالية عن الجوهرة قال الخجندي لا يجوز في الزكاة إلا الثني من الغنم فصاعدا وهو ما أتى عليه حول
ولا يؤخذ الجذع وهو الذي أتى عليه ستة أشهر وإن كان يجزىء في الأضحية اه
قوله ( عفو ) مصدر بمعنى اسم المفعول أي عفا الشارع عنه فلم يوجب فيه شيئا ط
قوله ( بنت مخاض ) قيد بها لأنها لا يجوز دفع الذكور فيها إلا بطريق القيمة كما يأتي والواجب في المأخوذ الوسط كما سيجيء في باب الغنم
قوله ( سميت به الخ ) قال في المغرب مخضت الحامل مخضا ومخاضا أخذها وجع الولادة ومنه { فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة } مريم 23 والمخاض أيضا النوق الحوامل الواحدة خلفه ويقال لولدها إذا استكمل سنة ودخل في الثانية ابن مخاض لأن أمه لحقت بالمخاض من النوق اه
ومثله في القاموس فافهم
قوله ( غالبا ) لأنها قد لا تحمل وأشار إلى أن المراد ببنت مخاض وكذا بنت لبون السن لا أن تكون أمها مخاضا أو لبونا فهو مخرج مخرج العادة لا مخرج الشرط كما في البحر عن الزيلعي في فصل محرمات النكاح وهذا مع ما مر عن المغرب يدل على أن هذا معنى لغوي أيضا لا شرعي فقط كما فهمه في البحر من عبارة الزيلعي المذكورة فافهم
قوله ( وهي التي طعنت في الثالثة ) أي ولو بزمن يسير كيوم فلا يخالف ما في القهستاني من أنها التي أتى عليها سنتان
أفاده ط
قوله ( لأخرى ) أي لبنت أخرى ط
قوله ( وحق ركوبها ) بيان لعلة التسمية كما في القاموس
قوله ( كذا كتب رسول الله ) كتب مبتدأ مضاف و كذا خبره وأبي بكر عطف على المضاف إليه ح
وفي عامة النسخ إلى أبي بكر أي الواصلة إليه ففي الفتح عن رواية الزهري أنه قد كتبت الصدقة ولم يخرجها إلا عماله حتى توفي فأخرجها أبو بكر من بعده فعمل بها حتى قبض ثم أخرجها عمر فعمل بها الخ
قلت وإنما ذكر الشارح هذه الجملة ولم يؤخرها إلى آخر الكلام لوقوع الخلاف لاختلاف الروايات فيما بعد المائة والخمسين كما أشار إليه بقوله الآتي عندنا أما ما دونها فلا خلاف فيه إلا ما ورد عن علي أنه قال في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه وتمامه في الزيلعي
قوله ( عندنا ) وقال الشافعي وأحمد إذا زادت على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون إلا مائة وثلاثين ففيها حقه وبنتا لبون ثم في كل أربعين بنت لبون
____________________
(2/278)
وفي كل خمسين حقة
وعن مالك قولان أحدهما كمذهبنا والآخر كمذهب الشافعي
إسماعيل
قوله ( ثم في كل مائة وخمس وأربعين ) الأصول إسقاط كل ليوافق ما في المنح و الدرر وغيرهما ولإيهامه أنه إن تكرر هذا العدد مرتين تكرر هذا الواجب مرتين وإن تكرر ثلاثا فثلاث وليس ذلك بمراد
والأصوب أيضا العطف بالواو بدل ثم لأن هذا ليس استئنافا آخر بل هو من جملة الاستئناف الذي قبله
قوله ( بنت مخاض وحقتان ) فالحقتان في المائة والعشرين وبنت مخاض في الخمسة والعشرين الزائدة عليها
قوله ( ثم في كل مائة وخمسين ) الأصوب إسقاط كل لما مر وعطفه بثم لا بالواو لأن مقتضى الاستئناف فيما بعد المائة والعشرين أن يجب في ست وثلاثين بعدها بنت لبون مع الحقتين لكن ليس في هذا الاستئناف بنت لبون بخلاف الاستئنافين اللذين بعده
قوله ( ثم في كل خمس وعشرين ) أي بعد المائة والخمسين والأصوب أيضا إسقاط كل والعطف فيه وفيما بعده بالواو بدل ثم لما مر
قوله ( أربع حقاق ) منها ثلاث وجبت في المائة والخمسين والرابعة وجبت في الست والأربعين الزائدة عليها وإلى هنا انتهى حكم الاستئناف الثاني فلا تجب فيه جذعة
قوله ( إلى مائتين ) وهو في المائتين بالخيار إن شاء دفع أربع حقاق من كل خمسين حقة أو خمس بنات لبون من كل أربعين بنت لبون كما في المحيط و المبسوط و الخانية
إسماعيل
قوله ( كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين ) قيد به احترازا عن الاستئناف الأول يعني الذي بعد المائة والعشرين إذ ليس فيه إيجاب بنت لبون كما قدمناه ولا إيجاب حقاق لعدم نصابهما لأنه لما زاد خمس وعشرون على المائة والعشرين صار كل النصاب مائة وخمسة وأربعين فهو نصاب بنت المخاض مع الحقتين فلما زاد عليها وصار مائة وخمسين وجب ثلاث حقاق
درر
قوله ( حتى يجب في كل خمسين حقة ) كذا في صدر الشريعة و الدرر والمراد في كل ست وأربعين إلى الخمسين كما عبر به في النقاية
قال في البحر فإذا زاد على المائتين خمس شياه ففيها شاة مع الأربع حقاق أو الخمس بنات لبون وفي عشر شاتان معها وفي خمس عشرة ثلاث شياه معها وفي عشرين أربع معها فإذا بلغت مائتين وخمسا وعشرين ففيها بنت مخاض معها إلى ست وثلاثين فبنت لبون معها إلى ست وأربعين ومائتين ففيها خمس حقاق إلى مائتين وخمسين ثم تستأنف كذلك ففي مائتين وست وتسعين ست حقاق إلى ثلاثمائة وهكذا اه
قوله ( للإناث ) نعت للقيمة أي القيمة الكائنة للإناث ح
قوله ( فإن المالك مخير ) لعدم فضل الأنوثة فيهما على الذكورة ط
باب زكاة البقر قدمت على الغنم لقربها من الإبل في الضخامة حتى شملها اسم البدنة
بحر
قوله ( كالثور الخ ) هو ذكر البقر
____________________
(2/279)
قاموس أي كما سمي الثور ثورا لأنه يثير الأرض أي يحرثها
قال في المغرب { وأثاروا الأرض } الروم 9 حرثوها وزرعوها وسميت البقرة المثيرة لأنها تثير الأرض اه
قوله ( والتاء للوحدة ) أي لا للتأنيث فيشمل الذكر والأنثى كما في البحر
قوله ( والجاموس ) هو نوع من البقر كما في المغرب فهو مثل البقر في الزكاة والأضحية والربا ويكمل به نصاب البقر وتؤخذ الزكاة من أغلبها وعند الاستواء يؤخذ أعلى الأدنى وأدنى الأعلى
نهر
وعلى هذا الحكم البخت والعراب والضأن والمعز
ابن ملك
قوله ( بخلاف عكسه ) أي المتولد من أهلي ووحشية لأن المعتبر الأم
قوله ( ووحشي ) بالجر عطفا على عكسه
قوله ( فإنه لا يعد في النصاب ) لأنه ملحق بخلاف الجنس كالحمار الوحشي وإن ألف فيما بيننا لا يلحق بالأهلي حتى يبقى حلال الأكل
بحر
قوله ( ثلاثون ) ذكورا كانت أو إناثا وكذا الجواميس كما في البرجندي إسماعيل
قوله ( سائمة ) نعت لثلاثون فهو مرفوع ويجوز النصب على التمييز ح
فلو علوفة فلا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة فلا يعتبر فيها العدد بل القيمة
قوله ( غير مشتركة ) فلو مشتركة لا تزكى لنقصان نصيب كل منهما عن النصاب وإن صحت الخلطة فيه كما سيأتي بيانه في باب زكاة المال
قوله ( وفيها تبيع ) نص على الذكر لئلا يتوهم اختصاصه بالأنثى كما في الإبل
قوله ( كاملة ) قيد به ليوافق قول غيره وطعن في الثانية لأنه إذا تمت السنة لزم طعنه في الثانية فلا مخالفة
أفاده الشيخ إسماعيل
قوله ( مسن ) بضم الميم وكسر السين مأخوذ من الأسنان وهو طلوع السن في هذه السنة لا الكبر
قهستاني عن ابن الأثير ط
قوله ( بحسابه ) أي لا يكون عفوا بل يحسب إلى ستين ففي الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة وفي الثنتين نصف عشر مسنة
درر
قوله ( بحر عن الينابيع ) عزاه في البحر إلى الإسبيجابي و تصحيح القدوري وليس فيه ذكر الينابيع
وفي النهر وهي أعدل كما في المحيط وفي جوامع الفقه المختار قولهما وفي الينابيع و الإسبيجابي وعليه الفتوى اه
قوله ( ثم في كل ثلاثين الخ ) فيتغير الواجب بكل عشرة ففي سبعين تبيع ومسنة وفي ثماني مسنتان وفي تسعين ثلاث أتبعة وفي مائة تبيعان ومسنة فعلى ما ذكروه مدار الحساب على الثلاثينات والأربعينات
ط عن القهستاني
قوله ( إلا إذا تداخلا ) أي التبيعات والمسنات بأن كان العدد يصح أن يعطى فيه من هذه أو هذه ط
قوله ( وهكذا ) أي الحكم على هذا المنوال ففي مائتين وأربعين ثمانية أتبعة أو ست مسنات
باب زكاة الغنم الغنم محركة الشاء لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث
قاموس
وفيه الشاة الواحدة من الغنم للذكر والأنثى وتكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش
____________________
(2/280)
والمرأة جمعه شاء وشياه وشواه إلخ
قوله ( مشتق من الغنيمة ) أي بينهما اشتقاق أكبر كما مر في الإبل فافهم وذكر الضمير وإن كانت الغنم مؤنثة كما علمت لأن المراد هنا اللفظ
قوله ( لأنه الخ ) علة مقدمة على معلولها وقوله آلة الدفاع أي الدفع عن نفسها ولا ينافي وجود آلة لها غير دافعة كقرونها ط
قوله ( ضأنا أو معزا ) بسكون الهمزة والعين وفتحهما جمع ضأن كذا في القاموس و الكشاف وهو مذب الأخفش
والصحيح مذهب سيبويه أن كلا منهما اسم جنس يقع على القليل والكثير والذكر والأنثى والضأن ما كان من ذوات الصفوف والمعز من ذوات الشعر
قهستاني ط
قوله ( فإنهما سواء ) لأن النص ورد باسم الشاة والغنم ما يكمله أو بالعكس وجبت فيه الزكاة وكذا لو كان المعز تاما يجب فيه
قوله ( والأضحية ) أي تجزىء منهما إلا أنها يجوز بالجذع وأما أخذه في الزكاة ففيه الخلاف الآتي
قوله ( والربا ) فلا يجوز بيع لحم الضأن بلحم المعز متفاضلا ح
قوله ( لا في أداء الواجب ) لأن النصاب إذا كان ضأنا يؤخذ الواجب من الضأن ولو معزا فمن المعز ولو منهما فمن الغالب ولو سواء فمن أيهما شاء
جوهرة أي فيعطي أدنى الأعلى أو أعلى الأدنى كما قدمناه في الباب السابق
قوله ( والأيمان ) فإن من حلف لا يأكل لحم الضأن لا يحنث بأكل لحم المعز للعرف ح أي فإن الضأن غير المعز في العرف
قوله ( وما بينهما عفو ) أي ما بين كل نصاب ونصاب فوقه عفو لا شيء فيه زائدا فما زاد على أربعين شاة مثلا إلى المائة و العشرين لا شيء فيه إذا اتحد المالك فلو مشتركة بين ثلاثة أثلاثا فعلى كل شاة
قال في البحر ولو كانت لرجل فليس للساعي أن يفرقها ويجعلها أربعين أربعين فيأخذ ثلاث شياه لأنه باتحاد المالك صار الكل نصابا ولو كان بين رجلين أربعون شاة لا تجب على واحد منهما الزكاة وليس للساعي أن يجمعها ويجعلها نصابا ويأخذ الزكاة منها لأن ملك كل واحد منهما قاصر عن النصاب اه
قوله ( وهو ما تمت له سنة ) أي ودخل في الثانية كما في الهداية وسائر كتب الفقه
والمذكور في الصحاح و المغرب وغيرهما من كتب اللغة أنه من الغنم ما دخل في السنة الثالثة كذا في البرجندي ولذا قال الزيلعي هذا على تفسير الفقهاء
وعند أهل اللغة ما طعن في الثالثة
إسماعيل
قوله ( لا الجذع ) بالتحريك
قاموس
قوله ( وهو ما أتى عليه أكثرها ) كذا في الهداية و الكافي و الدرر وقيل ما له ثمانية أشهر وقيل سبعة وذكر الأقطع أنه عند الفقهاء ما تم له ستة أشهر
قال في البحر وهو الظاهر
قوله ( على الظاهر ) راجع إلى قوله لا الجذع فإن عدم إجزائه هو ظاهر الرواية صرح به في البحر ح
قوله ( من الضأن ) قيد به لأن المعز لا خلاف أنه لا يؤخذ فيه إلا الثني
بحر عن الخانية
قوله ( ذكره الكمال ) وأقره في النهر لكن جزم في البحر وغيره بظاهر الرواية وفي الاختيار أنه الصحيح
قوله ( والجذع من البقر الخ ) وأما الجذع من
____________________
(2/281)
المعز فقال في البحر لم أره عند الفقهاء وإنما نقلوا عن الأزهري أنه ما تم له سنة اه
قلت لكن لا يصح أن يكون مراد الفقهاء لأنه بهذا المعنى ثني عندهم كما تقدم في كلام الشارح فالظاهر أنه لا فرق عندهم في الجذع بين الغنم والمعز
قوله ( ولا شيء في خيل سائمة ) في المغرب الخيل اسم جمع للعراب والبراذين ذكورهما وإناثهما اه
وقيد بالسائمة لأنها محل الخلاف أما التي نوى بها التجارة فتجب فيها زكاة التجارة اتفاقا كما يأتي
قوله ( عندهما ) لما في الكتب الستة من قوله عليه الصلاة والسلام ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة زاد مسلم إلا صدقة الفطر
وقال الإمام إن كانت سائمة للدر والنسل ذكورا وإناثا وحال عليها الحول وجب فيها الزكاة غير أنها إن كانت من أفراس العرب خير بين أن يدفع عن كل واحدة دينارا وبين أن يقومها ويعطي عن كل مائتي درهم خمسة دراهم وإن كانت من أفراس غيرهم قومها لا غير وإن كانت ذكورا أو إناثا فروايتان أشهر عدم الوجوب كذا في المحيط
وفي الفتح الراجح في الذكور عدمه وفي الإناث الوجوب وأجمعوا أنها لو كانت للحمل والركوب أو علوفة فلا شيء فيها وأن الإمام لا يأخذها جبرا
نهر
قوله ( وعليه الفتوى ) قال الطحاوي هذا أحب القولين إلينا ورجحه القاضي أبو زيد في الأسرار
وفي الينابيع وعليه الفتوى
وفي الجواهر والفتوى على قولهما
وفي الكافي هو المختار للفتوى وتبعه الزيلعي و البزازي تبعا للخلاصة
وفي الخانية قالوا الفتوى على قولهما
تصحيح العلامة قاسم
قلت وبه جزم في الكنز لكن رجح قول الإمام في الفتح
وأجاب عن دليلهما المار تبعا للهداية بأن المراد فيه فرس الغازي وحقق ذلك بما لا مزيد عليه واستدل للإمام بالأدلة الواضحة ولذا قال تلميذه العلامة قاسم وفي التحفة الصحيح قوله ورجحه الإمام السرخسي في المبسوط و القدوري في التجريد وأجاب عما عساه يورد على دليله وصاحب البدائع وصاحب الهداية وهذا القول أقوى حجة على ما شهد به التجريد و المبسوط وشرح شيخنا اه
قوله ( الأصح لا ) وقيل ثلاث وقيل خمس
قهستاني
قوله ( ليست للتجارة ) أي هذه الثلاثة
قوله ( فلا كلام ) أي لا كلام يتعلق بنفي زكاة التجارة موجود اه ح
قوله ( ولا في عوامل ) أي التي أعدت للعمل كإثارة الأرض بالحراثة وكالسقي ونحوه
زاد في الدر الحوامل وهي التي أعدت لحمل الأثقال وكأن المصنف نظر إلى أن العوامل تشملها
قوله ( وعلوفة ) بالفتح ما يعلف من الغنم وغيرها الواحد والجمع سواء
مغرب
قال في البحر وقدمنا عن القنية أنه لو كان له إبل عوامل يعمل بها في السنة أربعة أشهر ويسميها في الباقي ينبغي أن لا تجب فيها زكاة اه
قوله ( ما لم تكن العلوفة للتجارة ) قيد بالعلوفة لأن العومل لا تكون للتجارة وإن نواها لها كما في النهر أي لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية
قوله ( وحمل وفصيل وعجول ) في النهر الحمل ولد الشاة في السنة الأولى والفصيل ولد الناقة قبل أن يصير ابن مخاض
والعجول ولد البقرة حين تضعه أمه إلى شهر كما في المغرب
قوله ( وصورته الخ ) أي إذا كانت له سوائم كبار وهي نصاب فمضت ستة أشهر مثلا فولدت أولادا ثم ماتت وتم الحول على الصغار لا تجب الزكاة فيها عندهما وعند الثاني تجب واحدة منها والمراد من النصاب خمس وعشرون إبلا وثلاثون بقرا وأربعون غنما وأما ما دون خمس وعشرين إبلا فلا شيء فيه اتفاقا لأن الثاني أوجب
____________________
(2/282)
واحدة منها ولا يتصور فيما دون المقدار وتمامه في الاختيار
وفي القهستاني عن التحفة الصحيح قولهما
قوله ( إلا تبعا لكبير ) قال في النهر والخلاف أي المذكور آنفا مقيد بما إذا لم يكن فيه كبار فإن كان كما إذا له مع تسع وثلاثين حملا مسن وكذلك في الإبل والبقر كانت الصغار تبعاف للكبير ووجب إجماعا كذا في الدراية اه
قوله ( ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا فلو جيدا يلزم الوسط ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها ويجب ذلك الواحد ما لم يكن جيدا فيلزم الوسط وهذه النسخة أحسن
قوله ( وهلاكه يسقطها ) أي لو هلك الكبير بعد الحول بطل الواجب عندهما وعند الثاني يجب في الباقي وثلاثون جزءا من أربعين جزءا من حمل
نهر
ولو هلك الحملان وبقي الكبير يؤخذ جزء من أربعين جزءا منه
بدائع
قوله ( ولو تعدد الواجب الخ ) بيانه إذا كان له مسنتان ومائة وتسعة عشر حملا فإنه يجب مسنتان في قولهم أما لو كان له مسنة ومائة وعشرون حملا وجبت مسنة واحدة عندهما
وقال الثاني مسنة وحمل وعلى هذا لو كان له تسعة وخمسون عجولا وتبيع
نهر عن غاية البيان
قوله ( ولا في عفو ) هذا قولهما وهو أن الواجب في النصاب لا في العفو
وقال محمد وزفر الواجب عن الكل وأثر الخلاف يظهر فيمن ملك تسعا من الإبل فهلك بعد الحول منها أربعة لم يسقط شيء على الأول ويسقط على الثاني أربعة أتساع شاة وكذا لو كان له مائة وعشرون شاة فهلك منها ثمانون يسقط على الثاني ثلثا شاة منها وتمامه في الزيلعي
قوله ( وخصاه بالسوائم ) أي خص الصاحبان العفو بها دون النقود
لأن ما زاد على مائتي درهم لا عفو فيه عندهما بل يجب فيما زاد بحسابه أما عند أبي حنيفة فإن الزائد عليها عفو ما لم يبلغ أربعين درهما ففيها درهم آخر كما سيأتي
قوله ( ولا في هالك الخ ) أي لا تجب الزكاة في نصاب هالك بعد الوجوب أي بعد مضي الحول بل تسقط وإن طلبها الساعي منه فامتنع حتى هلك النصاب على الصحيح
وفي الفتح أنه الأشبه بالفقه لأن للمالك رأيا في اختيار محل الأداء بين العين والقيمة والرأي يستدعي زمانا
قوله ( ومنع الساعي ) عطف على وجوبها ح
قوله ( لتعلقها بالعين ) لأن الواجب جزء من النصاب فيسقط بهلاك محله كدفع العبد بالجناية يسقط بهلاكه
هداية
قوله ( وإن هلك بعضه ) أي بعض النصاب سقط حظه أي حظ الهالك أي سقط من الواجب فيه بقدر ما هلك منه
قوله ( ويصرف الهالك إلى العفو الخ ) أقول أي لو كان عنده ثلاث نصب مثلا وشيء زائد مما لا يبلغ نصابا رابعا فهلك بعض ذلك يصرف الهالك إلى العفو أولا فإن كان الهالك يقدر العفو يبقى الواجب عليه في الثلاث نصب بتمامه وإن زاد يصرف الهالك إلى نصاب يليه أي إلى النصاب الثالث ويزكي عن النصابين فإن زاد الهالك على النصاب الثالث يصرف الزائد إلى النصاب الثاني وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأول ومقتضى ما مر أنه إذا نقص النصاب يسقط عنه حظه ويزكي عن الباقي بقدره
تأمل
ثم إن هذا قول الإمام رضي الله عنه
وعند أبي يوسف يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب شائعا
وعند محمد إلى العفو والنصب لما مر من تعلق الزكاة بهما عنده
قال في الملتقى وشرحه للشارح فلو هلك بعد الحول أربعون من ثمانين شاة تجب شاة كاملة عندهما وعند محمد نصف شاة
ولو هلك خمسة عشر من أربعين بعيرا تجب بنت مخاض لما مر أن الإمام يصرف الهالك إلى العفو ثم إلى نصاب يليه ثم وثم
وعند أبي يوسف خمسة وعشرون جزءا من
____________________
(2/283)
ستة وثلاثين جزءا من بنت مخاض لما مر أنه يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب
وعند محمد نصف بنت لبون وثمنها لما مر أنه يعلق الزكاة بالنصاب والعفو اه
وفي البحر ظاهر الرواية عن أبي يوسف كقول الإمام
قوله ( بخلاف المستهلك ) أي بفعل رب المال مثلا ط
قوله ( بعد الحول ) أما قبله لو استهلكه قبل تمام الحول فلا زكاة عليه لعدم الشرط وإذا فعله حيلة لدفع الوجوب كأن استبدل نصاب السائمة بآخر أو أخرجه عن ملكه ثم أدخله فيه قال أبو يوسف لا يكره لأنه امتناع عن الوجوب لا إبطال حق الغير
وفي المحيط أنه الأصح
وقال محمد يكره واختاره الشيخ حميد الدين الضرير لأن فيه إضرارا بالفقراء وإبطال حقهم مآلا وكذا الخلاف في حيلة دفع الشفعة قبل وجوبها
وقيل الفتوى في الشفعة على قول أبي يوسف وفي الزكاة على قول محمد وهذا تفصيل حسن
شرح درر البحار
قلت وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في كتاب الشفعة وعزاه الشارح هناك إلى الجوهرة وأقره وقال ومثل الزكاة الحج وآية السجدة
قوله ( لوجود التعدي ) علة لقوله بخلاف المستهلك فإنه بمعنى تجب فيه الزكاة
قوله ( ومنه الخ ) أي من الاستهلاك المفهوم من المستهلك
قال في النهر وهو أحد قولين
والقول الآخر أنه لا يضمن لأنه لو فعل ذلك في الوديعة لا يضمن فكذا هنا
والذي يقع في نفسي ترجيح الأول ثم رأيته في البدائع جزم له ولم يحك غيره اه
قلت ومن الاستهلاك ما لو أبرأ مديونه الموسر بخلاف المعسر على ما سيأتي قبيل باب العاشر
قوله ( والتوي ) بالقصر أي الهلاك مبتدأ خبره هلاك
قوله ( بعد القروض والإعارة ) الأصوب الإقراض
قال في الفتح وإقراض النصاب الدراهم بعد الحول ليس باستهلاك فلو ترى المال على المستقرض لا تجب أي الزكاة ومثله إعارة ثوب التجارة اه
والتوى هنا أن يجحد ولا بينة عليه أو يموت المستقرض لا عن تركة
قوله ( واستبدال ) بالجر عطفا على القرض اه ح
لأن المعنى أنه لو استبدل مال التجارة بمال التجارة ثم هلك البدل لا تجب الزكاة لأنه ليس باستهلاك فعلى هذا لا يصح كونه مرفوعا عطفا على التوى لاستلزامه أن يكون نفس الاستبدال هلاكا وليس كذلك لقيام البدل مقام الأصل وما عزي إلى النهر من أنه هلاك لم أره فيه بل المصرح به فيه وفي غيره أنه ليس باستهلاك ولا يلزم منه أن يكون هلاكا
قال في البدائع وإذا حال الحول على مال التجارة فأخرجه عن ملكه بالدراهم أو الدنانير أو بعرض التجارة بمثل قيمته لا يضمن الزكاة لأنه ما أتلف الواجب بل نقله من محل إلى مثله إذ المعتبر في مال التجارة هو المعنى وهو المالية لا الصورة فكان الأول قائما معنى فيبقى الواجب ببقائه ويسقط بهلاكه وأما إذا باعه وحابى بيسير فكذلك لأنه مما لا يمكن التحرز عنه فكان عفوا وإن حابى بما لا يتغابن الناس فيه ضمن قدر زكاة المحاباة وزكاة ما بقي تتحول إلى العين فتبقى ببقائه وتسقط بهلاكه انتهى
والاستبدال قبل الحول كذلك
ففي البدائع أيضا لو استبدل مال التجارة بمال التجارة وهي العروض قبل تمام الحول لا يبطل حكم الحول سواء استبدلها بجنسها أو بخلافه بلا خلاف لتعلق وجوب زكاتها بمعنى المال وهو المالية والقيمة وهو باق
____________________
(2/284)
وكذا الدراهم أو الدنانير إذا باعها بجنسها أو بخلافه كدراهم أو بدنانير
وقال الشافعي ينقطع حكم الحول فعلى قياس قوله لا تجب الزكاة في مال الصيارفة كما إذا باع السائمة بالسائمة
ولنا ما قلنا إن الوجوب في الدراهم تعلق بالمعنى لا بالعين والمعنى قائم بعد الاستبدال فلا يبطل حكم الحول بخلاف استبدال السائمة بالسائمة فإن الحكم فيها يتعلق بالعين فيبطل الحول المنعقد على الأول ويستأنف للثاني حولا اه
فافهم
قوله ( هلاك ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها يعد هلاكا
قوله ( وبغير مال التجارة ) متعلق بمبتدأ محذوف دل عليه المذكور أي واستبدال مال التجارة بغير مال التجارة استهلاك فيضمن زكاته
قال في النهر وقيده في الفتح بما إذا نوى في البدل عدم التجارة عند الاستبدال أما إذا لم ينو وقع البدل للتجارة اه
قلت أي وإذا وقع البدل للتجارة فلا يكون الاستبدال استهلاكا فلا يضمن زكاة الأصل لو كان بعد تمام الحول ولا ينقطع حكم الحول لو كان الاستبدال قبل تمامه بل يتحول الوجوب إلى البدل فيبقى ببقائه ويسقط بهلاكه كما نقلناه صريحا عن البدائع فما قيل من أنه لا تجب زكاة البدل بهذا الاستبدال بل يعتبر له حول جديد خطأ صريح فافهم
تنبيه شمل قوله وبغير مال التجارة ما لو استبدله بعوض ليس بمال أصلا بأن تزوج عليه امرأة أو صالح به عن دم العمد أو اختلعت به المرأة أو بعوض هو مال لكنه ليس مال الزكاة بأن باعه بعبد الخدمة أو ثياب البذلة أو استأجر به عينا فيضمن الزكاة في ذلك كله لأنه استهلاك وكذا لو باع مال التجارة بالسوائم على أن يتركها سائمة لاختلاف الواجب فكان استهلاكا وتمامه في البدائع
تتمة حكم النقود مثل مال التجارة ففي الفتح رجل له ألف حال حولها فاشترى بها عبدا للتجارة فمات أو عروضا للتجارة فهلكت بطلت عنه زكاة الألف ولو كان العبد للخدمة لم تسقط بموته وتمامه فيه
قوله ( والسائمة بالسائمة ) الأول إسقاط قوله بالسائمة ليشمل استبدالها بغير سائمة
قال في فتح القدير واستبدال السائمة استهلاك مطلقا سواء استبدلها بسائمة من جنسها أو من غيره أو بغير سائمة دراهم أو عروض لتلقي الزكاة بالعين أو لا وبالذات وقد تبدلت فإذا هلكت سائمة البدل تجب الزكاة ولا يخفى أن هذا إذا استبدل بها بعد الحول أما إذا باعها قبله فلا حتى لا تجب الزكاة في البدل إلا بحول جديد أو يكون له دراهم وقد باعها بأحد النقدين اه أي فحينئذ يضم ثمنها إلى ما عنده من الدراهم ويزكيه معه بلا استقبال حول جديد وكذا لو باعها بسائمة وعنده سائمة فإنه يضمها إليها كما قدمناه في فصل السائمة عن الجوهرة
قوله ( وجاز دفع القيمة ) أي ولو مع وجود المنصوص عليه
معراج
فلو أدى ثلاث شياه سمان عن أربع وسط أو بعض بنت لبون عن بنت مخاض جاز
وتمامه في الفتح
ثم إن هذا مقيد بغير المثلى فلا تعتبر القيمة في نصاب كيلي أو وزني فإذا أدى أربعة مكاييل أو دراهم جيدة عن خمسة رديئة أو زيوف لا يجوز عند علمائنا الثلاثة إلا عن أربعة وعليه كيل أو درهم آخر خلافا لزفر وهذا إذا أدى من جنسه
وإلا فالمعتبر هو القيمة اتفاقا لتقوم الجودة في المال الربوي عند المقابلة بخلاف جنسه
ثم إن المعتبر عند محمد الأنفع للفقير من القدر والقيمة
وعندهما القدر فإذا أدى خمسة أقفزة رديئة عن خمسة جيدة لم يجز عنده حتى يؤدي تمام قيمة الواجب وجاز عندهما وهذا إذا كان المال جيدا وأدى من جنسه رديئا
____________________
(2/285)
أما إذا أدى من خلاف جنسه فالقيمة معتبرة اتفاقا
وإذا أدى خمسة جيدة عن خمسة رديئة جاز اتفاقا على اختلاف التخريج وتمامه في شرح درر البحار و شرح المجمع
قوله ( في زكاة الخ ) قيد بالمذكورات لأنه لا يجوز دفع القيمة في الضحايا والهدايا والعتق لأن معنى القربة إراقة الدم وفي العتق نفي الرق وذلك لا يتقوم
بحر عن غاية البيانثم قال ولا يخفى أنه مقيد ببقاء أيام النحر أما بعدها فيجوز دفع القيمة كما عرف الأضحية اه
قوله ( وخراج ) ذكره في الشرنبلالية بحثا لكن نقله الشيخ إسماعيل عن الخلاصة
قوله ( ونذر ) كأن نذر أن يتصدق بهذا الدينار فتصدق بقدره دراهم أو بهذا الخبز فتصدق بقيمته جاز عندنا كذا في فتح القدير
وفيه لو نذر أن يهدي شاتين أو يعتق عبدين وسطين فأهدى شاة أو أعتق عبدا يساوي كل منهما وسطين لا يجوز لأن القربة في الإراقة والتحرير وقد التزم إراقتين وتحريرين فلا يخرج عن العهدة بواحد بخلاف النذر بالتصدق بشاتين وسطين فتصدق بشاة بقدرهما جاز لأن المقصود إغناء الفقير وبه تحصل القربة وهو يحصل بالقيمة ولو نذر أن يتصدق بقفيز دقل فتصدق بنصفه جيدا يساوي تمامه لا يجزيه لأن الجودة لا قيمة لها هنا للربوية وللمقابلة بالجنس بخلاف جنس آخر لو تصدق بنصف قفيز منه يساوية جاز اه
قوله ( وكفارة ) بالتنوين وغير الإعتاق نعته ولم يذكر هندا الاستثناء في الهداية و الكنز و التبيين و الكافي وذكره في غاية البيان لما قدمنا معللا بأن معنى القربة فيه إتلاف الملك ونفي الرق وذلك لا يتقوم
شرنبلالية
قلت وينبغي استثناء الكسوة أيضا لما في البحر عن الفتح بخلاف ما لو كان كسوة بأن أدى ثوبا يعدل ثوبين لم يجز إلا عن ثوب واحد لأن المنصوص عليه في الكفارة مطلق الثوب لا بقيد الوسط فكان الأعلى وغيره داخلا تحت النص اه
قوله ( وهو الأصح ) أي كون المعتبر في السوائم يوم الأداء إجماعا هو الأصح فإنه ذكر في البدائع أنه قيل إن المعتبر عنده فيها يوم الوجوب وقيل يوم الأداء اه
وفي المحيط يعتبر يوم الأداء بالإجماع وهو الأصح اه
فهو تصحيح للقول الثاني الموافق لقولهما وعليه فاعتبار يوم الأداء يكون متفقا عليه عنده وعندهما
قوله ( ويقوم في البلد الذي المال فيه ) فلو بعث عبدا للتجارة في بلد آخر يقوم في البلد الذي فيه العبد
بحر
قوله ( ففي أقرب الأمصار إليه ) أي إلى المفازة وذكر الضمير باعتبار الموضع
وعبارة الفتح إلى ذلك الموضع قال في البحر في الباب الآتي وهذا أولى مما في التبيين من أنه إذا كان في المفازة يقوم في المصر الذي يصير إليه
قوله ( والمصدق ) بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة هو الساعي آخذ الصدقة وأما المالك فالمشهور فيه تشديدهما وكسر الدال وقيل بتخفيف الصاد
شرنبلالية عن العناية
قوله ( لا يأخذ إلا الوسط ) أي من السن الذي وجب فلو وجب بنت لبون لا يأخذ خيار بنت لبون ولا رديئها بل يأخذ الوسط لقوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن إياك وكرائم أموالهم رواه الجماعة ولأن في أخذ الوسط نظرا للفقراء ولرب المال
منلا علي القاريء
وفي الخانية بضم الراء المشددة وتشديد الباء مقصورة وهي التي تربي ولدها
مغرب
وفي البدائع قال محمد الربى هي التي تربي ولدها
والأكيلة التي تسمن للأكل
والماخض هي التي في بطنها ولد ومن الناس من طعن
____________________
(2/286)
فيه وزعم أن الربى هي المرباة والأكيلة المأكولة وطعنه مردود عليه وكان عليه تقليد محمد إذ هو إمام في اللغة أيضا واجب التقليد فيا كأبي عبيد والأصمعي والخليل والكسائي والفراء وغيرهم وقد قلده أبو عبيد مع جلالة قدره واحتج بقوله وكذا أبو العباس
مطلب محمد إمام في اللغة واجب القليد فيها من أقران سيبويه وكان ثعلب يقول محمد عندنا من أقران سيبويه فكان قوله حجة في اللغة اه
وتمامه فيها
قوله ( ولو كله جيدا فجيد ) في الظهيرية بل نخيل تمر برني ودقل
قال الإمام يؤخذ من كل نخلة حصتها من التمر
وقال محمد يؤخذ من الوسط إذا كانت أصنافا ثلاثة جيد ووسط ورديء اه
وهذا يقتضي أن أخذ الوسط إنما هو فيما إذا اشتمل المال على جيد ووسط ورديء أو على صنفين منها أما لو كان المال كله جيدا كأربعين شاة أكولة تجب شاة من الكرائم لا شاة وسط عند الإمام خلافا لمحمد كما لا يخفى
بحر
وفي النهر عن المعراج وإن لم يكن فيها وسط يعتبر أفضلها ليكون الواجب بقدره
قوله ( كذا نقله الشافعية ) وعللوه بأن الحامل حيوانان كما في شرح ابن حجر
قوله ( فليراجع ) لا يقال تقدم أنه لا تؤخذ الماخض لأن المراد هنا ما إذا كان النصاب كله كذلك ولا يقال صرحوا بأنه لا زكاة في العوامل والحوامل لأن المراد بها المعدة للحمل على ظهرها والمراد هنا ما في بطنها ولد لكن إذا كان النصاب كله كذلك فما المانع من أخذها وإن كانت حيوانين كما لو كانت كلها أكولة فإنها تؤخذ مع كونها من الكرائم المنهي عن أخذها
وقول البحر المار آنفا تجب شاة من الكرائم يشمل الحامل فتأمل
قوله ( فالقيد اتفاقي ) كذا في البحر و درر البحار وغيرهما لكن ظاهر ما في البحر عن المعراج أنه اتفاقي بالنسبة إلى أداء القيمة فإنه قال وأداء القيمة مع وجود المنصوص عليه جائز عندنا اه فتأمل
قوله ( من ذات سن ) أشار بتقدير المضاف تبعا للنهر إلى أن المراد بالسن معناها الحقيقي واحدة الأسنان لكن قال في المغرب السن هي المعروفة ثم سمي بها صاحبها كالناب للمسنة من النوق ثم استعيرت لغيره كابن المخاض وابن اللبون اه
زاد في الدرر وذلك إنما يكون في الدواب دون الإنسان لأنها تعرف بالسن اه أي سميت بذلك لأن عمرها يعرف بالسن بخلاف الآدمي ومقتضاه أنه مجاز في اللغة من إطلاق اسم البعض على الكل كالرقبة على المملوك فلا حاجة إلى تقدير مضاف إلى أن يريد الإشارة إلى تجويز كونه من مجاز الحذف
تأمل
قوله ( الأدنى ) أي وصفا أو سنا وكذا قوله أو الأعلى
قوله ( مع الفضل ) أي ما يزيد من قيمة الواجب على المدفوع
قوله ( لأنه دفع بالقيمة ) أي لا يبيع حتى ينافي الجبر
قوله ( ورد الفضل ) أي استرده ولم يقدروه عندنا بشيء لأنه يختلف بحسب الأوقات غلاء ورخصا
وقدرة الشافعي بشاتين أو عشرين درهما كما بسطه في العناية وغيرها
إسماعيل
قوله ( بلا جبر ) كذا في الهداية وبه جزم الكمال و الزيلعي
وفي النهر عن الصيرفي أنه الصحيح وقيل الخيار للساعي ذكره محمد في الأصل
____________________
(2/287)
وجرى عليه القدوري واختاره الإسبيجابي وقيل للمالك في الصورتين وهو ظاهر المتن ك الكنز و الدرر و الملتقى وصححه في الاختيار
وذكر في النهاية و المعراج أنه الصواب ومشى عليه في البحر وعزاه إلى المبسوط وانتصر في النهر للأول فلذا جزم به الشارح
قوله ( جاز ) أي بخلاف المثلي كما قدمناه موضحا
قوله ( والمستفاد ) السين والتاء زائدتان أي المال المفاد ط
قوله ( ولو بهبة أو إرث ) أدخل فيه المفاد بشراء أو ميراث أو وصية وما كان حاصلا من الأصل كالأولاد والربح كما في النهر
قوله ( إلى نصاب ) قيد به لأنه لو كان النصاب ناقصا وكمل بالمستفاد فإن الحول ينعقد عليه عند الكمال بخلاف ما لو هلك بعض النصاب في أثناء الحول فاستفاد ما يكمله فإنه يضم عندنا وأشار إلى أنه لا بد من بقاء الأصل حتى لو ضاع استأنف للمستفاد حولا منذ ملكه فإن وجد منه شيئا قبل الحول ولو بيوم ضمه وزكى الكل وكذا لو وهب له ألف فاستفاد مثلها في الحول ثم رجع الواهب بقضاء استأنف حولا للفائدة وشمل كلامه ما لو كان النصاب دينا فاستفاد مائة فإنها تضم إجماعا غير أنه لو تم حول الدين فعند الإمام لا يلزمه الأداء من المستفاد ما لم يقبض أربعين درهما فلو مات المديون مفلسا سقط عنه زكاة المستفاد وعندهما يجب اه من البحر و النهر
قوله ( من جنسه ) سيأتي أن أحد النقدين يضم إلى الآخر وأن عروض التجارة تضم إلى النقدين للجنسية باعتبار قيمتها واحترز عن المستفاد من خلاف جنسه كالإبل مع الشياه فلا تضم
بحر
قوله ( ولو أدى الخ ) هذا بمنزلة الاستثناء مما في المتن كأنه قال يضم المستفاد إلى جنسه ما لم يمنع منه مانع وهو الثني المنفي بقوله عليه الصلاة والسلام لا ثني في الصدقة
قوله ( لا تضم ) أي إلى سائمة عنده من جنس السائمة التي اشتراها بذلك النقد المزكى أي لا يزكيها عند تمام حول السائمة الأصلية عند الإمام للمانع المذكور وعندهما يضم وكذا الخلاف لو باع السائمة المزكاة بنقد بخلاف ما لو أدى عشر طعام أو أرض أو صدقة فطر عبد ثم باع حيث تضم أثمانها إجماعا
والفرق للإمام أن ثمن السائمة بدل مال الزكاة وللبدل حكم المبدل منه فلو ضم لأدى إلى الثني وكذا جعل السائمة علوفة بعد ما زكاها ثم باعها أو جعل عبد التجارة المؤدي زكاته للخدمة ثم باعه ضم لخروجه عن مال الزكاة فصار كمال آخر وتمامه في البحر
قوله ( كثمن سائمة مزكاة ) أي وكالفرع المذكور قبله ففيه لو ورث سائمة من جنس السائمتين تضم إلى أقربهما أيضا
قوله ( ضمت ) أي الألف الموروثة إلى أقربهما أي الأقرب الألفين الأولين حولا
قال في البحر لأنهما استويا في علة الضم وترجح أحدهما باعتبار القرب لأنه أنفع للفقراء
قوله ( وربح كل الخ ) قال في البحر ولو كان المستفاد ربحا أو و لدا ضمه إلى أصله وإن كان أبعد حولا لأنه ترجح باعتبار التفرع والتولد لأنه تبع وحكم التبع لا يقطع عن الأصل
قوله ( أخذ البغاة ) الأخذ ليس قيدا احترازيا حتى لو لم يأخذوا منه ذلك سنين وهو عندهم لم يؤخذ منه شيء أيضا كما في البحر و الشرنبلالية عن الزيلعي
والبغاة قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام الحق بأن ظهروا فأخذوا ذلك
نهر
ويظهر لي أن أهل الحرب لو غلبوا على بلدة من بلادنا كذلك لتعليلهم أصل المسألة بأن الإمام لم يحمهم والجباية بالحماية
____________________
(2/288)
وفي البحر وغيره لو أسلم الحربي في دار الحرب وأقام فيها سنين ثم خرج إلينا لم يأخذ منه الإمام الزكاة لعدم الحماية ونفتيه بأدائها إن كان عالما بوجوبها وإلا فلا زكاة عليه لأن الخطاب لم يبلغه وهو شرط الوجوب اه
وسيأتي متنا في باب العاشر أنه لو مر على عاشر الخوارج فعشروه ثم مر على عاشر أهل العدل أخذ منه ثانيا أي لتقصيره بمروره بهم
قوله ( والخراج ) أي خراج الأرض كما في غاية البيان
والظاهر أن خراج الرؤوس كذلك
نهر
قلت ما استظهره صرح به في المعراج
قوله ( الآتي ذكره ) أي في باب المصرف
قوله ( فعليهم الخ ) أي ديانة كما في بعض النسخ
قال في الهداية وأفتوا بأن يعيدوها دون الخراج اه
لكن هذا فيما أخذه البغاة لتعليلهم بأن البغاة لا يأخذون بطريق الصدقة بل بطريق الاستحلال فلا يصرفونها إلى مصارفها اه
أما السلطان الجائر فله ولاية أخذها وبه يفتي كما نذكره قريبا عن أبي جعفر نعم ذكر في المعراج عن كثير من مشايخ بلخ أنه كالبغاة لأنه لا يصرفه إلى مصارفه
وفي الهداية أنه الأحوط
قوله ( إعادة غير الخراج ) موافق لما نقلناه عن الهداية
قال في الشرنبلالية وعليه اقتصر في الكافي وذكر الزيلعي ما يفيد ضعفه حيث قال وقيل لا نفتيهم بإعادة الخراج
قوله ( لأنهم مصارفه ) علة لمحذوف تقديره أما الخراج فلا يفتون بإعادته لأنهم مصارفه إذ أهل البغي يقاتلون أهل الحرب والخراج حق المقاتلة
شرح الملتقى ط
قوله ( واختلف في الأموال الباطنة ) هي النقود وعروض التجارة إذا لم يمر على العاشر لأنها بالإخراج تلتحق بالأموال الظاهرة كما يأتي في بابه والأموال الظاهرة هي التي يأخذ زكاتها الإمام وهي السوائم وما فيه العشر والخراج وما يمر به على العاشر ويفهم من كلام الشارح أنه لا خلاف في الأموال الظاهرة مع أن فيها خلافا أيضا
مطلب فيما لو صادر السلطان رجلا فنوى بذلك أداء الزكاة إليه قال في التجنيس و الولوالجية السلطان الجائر إذا أخذ الصدقات قيل إن نوى بأدائها إليه الصدقة عليه لا يؤمر بالأداء ثانيا لأنه فقير حقيقة ومنهم من قال الأحوط أن يفتي بالأداء ثانيا كما لو لم ينو لانعدام الاختيار الصحيح وإذا لم ينو منهم من قال يؤمر بالأداء ثانيا وقال أبو جعفر لا لكون السلطان له ولاية الأخذ فيسقط عن أرباب الصدقة فإن لم يضعها موضعها لا يبطل أخذه وبه يفتى وهذا في صدقات الأموال الظاهرة
أما لو أخذ منه السلطان أموالا مصادرة ونوى أداء الزكاة إليه فعلى قول المشايخ المتأخرين يجوز
والصحيح أنه لا يجوز وبه يفتى لأنه ليس للظالم ولاية أخذ الزكاة من الأموال الباطنة اه
أقول يعني وإذا لم يكن له ولاية أخذها لم يصح الدفع إليه وإن نوى الدافع به التصدق عليه لانعدام الاختيار الصحيح بخلاف الأموال الظاهرة لأنه لما كان له ولاية أخذ زكاتها لم يضر انعدام الاختيار ولذا تجزيه سواء نوى التصدق عليه أو لا
هذا وفي مختارات النوازل السلطان الجائر إذا أخذ الخراج يجوز
ولو أخذ الصدقات أو الجبايات أو أخذ مالا مصادرة إن نوى الصدقة عند الدفع قيل يجوز أيضا وبه يفتى وكذا إذا دفع إلى كل جائر بنية الصدقة لأنهم
____________________
(2/289)
بما عليهم من التبعات صاروا فقراء والأحوط الإعادة اه
وهذا موافق لما صححه في المبسوط وتبعه في الفتح فقد اختلف التصحيح والإفتاء في الأموال الباطنة إذا نوى التصدق بها على الجائر وعلمت ما هو الأحوط
قلت وشمل ذلك ما يأخذه المكاس لأنه وإن كان في الأصل هو العاشر الذي ينصبه الإمام لكن اليوم لا ينصب لأخذ الصدقات بل لسلب أموال الناس ظلما بدون حماية فلا تسقط الزكاة بأخذه كما صرح به في البزازية فإذا نوى التصدق عليه كان على الخلاف المذكور
قوله ( لأنهم بما عليهم الخ ) علة لقوله قبله الأصح الصحة وقوله بما عليهم متعلق بقوله فقراء
قوله ( حتى أفتى ) بالبناء للمجهول والمفتي بذلك محمد بن سلمة وأمير بلخ هو موسى بن عيسى بن ماهان والي خراسان سأله عن كفارة يمينه فأفتاه بذلك فجعل يبكي ويقول لحشمه إنهم يقولون لي ما عليك من التبعات فوق مالك من المال فكفارتك كفارة يمين من لا يملك شيئا
قال في الفتح وعلى هذا لو أوصى بثلث ماله للفقراء فدفع إلى السلطان الجائر سقط
ذكره قاضيخان في الجامع الصغير
وعلى هذا فإنكارهم على يحيى بن يحيى تلميذ مالك حيث أفتى بعض ملوك المغاربة في كفارة عليه بالصوم غير لازم لجواز أن يكون للاعتبار المذكور لا لكون الصوم أشق عليه من الإعتاق وكون ما أخذه خلطه بماله بحيث لا يمكن تمييزه فيملكه عند الإمام غير مضر لاشتغال ذمته بمثله والمديون بقدر ما في يده فقير اه ملخصا
قلت وإفتاء ابن سلمة مبني على ما صححه في التقرير من أن الدين لا يمنع التكفير بالمال أما على ما صححه في الكشف الكبير وجرى عليه الشارح فيما مر تبعا للبحر و النهر فلا
قوله ( لم تقع زكاة ) في بعض النسخ لم تصح زكاة وعزا هذا في البحر إلى المحيط
ثم قال وفي مختصر الكرخي إذا أخذها الإمام كرها فوضعها موضعها أجزأ لأن ولاية أخذ الصدقات فقام أخذه مقام دفع المالك
وفي القنية فيه إشكال لأن النية فيه شرط ولم توجد منه اه
قلت قول الكرخي فقام أخذه الخ يصلح للجواب
تأمل
ثم قال في البحر والمفتى به التفصيل إن كان في الأموال الظاهرة يسقط الفرض لأن للسلطان أو نائبه ولاية أخذها وإن لم يضعها موضعها لا يبطل أخذه وإن كان في الباطنة فلا اه
قوله ( وفي التجنيس ) في بعض النسخ لكن بدل الواو وهو استدراك على ما في المبسوط وقد أسمعناك آنفا ما في التجنيس
وقد يدعى عدم المخالفة بينهما بحمل ما في التجنيس على ما إذا دفع إلى السلطان مال المكس أو المصادرة ونوى به كونه زكاة ليصرفه السلطان في مصارفه ولم ينو بذلك التصدق به على السلطان ويؤيد هذا الحمل قوله لأنه ليس له ولاية أخذ الزكاة من الأموال الباطنة فلا ينافي ذلك قول المبسوط الأصح أن ما يأخذه ظلمة زماننا من الجبايات والمصادرات يسقط عن أرباب الأموال إذا نووا عند الدفع التصدق عليهم لأنهم بما عليهم من التبعات فقراء فليتأمل
قوله ( بماله ) متعلق بخلط وأما لو خلطه بمغصوب آخر فلا زكاة فيه كما يذكره في قوله كما لو كان الكل خبيثا
قوله ( لأن الخلط استهلاك ) أي بمنزلته من حيث أن حق يتعلق بالذمة لا بالأعيان ط
قوله ( عند أبي حنيفة ) أما على قولهما فلا ضمان وحينئذ فلا يثبت الملك لأنه فرع الضمان ولا يورث عنه لأنه
____________________
(2/290)
مال مشترك وإنما يورث عنه حصة الميت منه
فتح
قوله ( وهذا الخ ) الإشارة إلى وجوب الزكاة الذي تضمنه قوله فتجب الزكاة فيه
قوله ( منفصل عنه ) الذي في النهر عن الحواشي محل ما ذكروه ما إذا كان له مال غير ما استهلكه بالخلط يفضل عنه فلا يحيط الدين بماله اه أي بفضل عنه بما يبلغ نصابا
قوله ( كما لو كان الكل خبيثا ) في القنية ولو كان الخبيث نصابا لا يلزمه الزكاة لأن الكل واجب التصدق عليه فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه اه
ومثله في البزازية
قوله ( كما في النهر ) أي أول كتاب الزكاة عند قول الكنز وملك نصاب حولي ومثله في الشرنبلالية وذكره في شرح الوهبانية بحثا
وفي الفصل العاشر من التاترخانية عن فتاوى الحجة من ملك أموالا غير طيبة أو غصب أموالا وخلطها ملكها بالخلط ويصير ضامنا وإن لم يكن له سواها نصاب فلا زكاة عليه فيها وإن بلغت نصابا لأنه مديون ومال المديون لا ينعقد سببا لوجوب الزكاة عندنا اه
فأفاد بقوله وإن لم يكن له سواها نصاب الخ أن وجوب الزكاة مقيد بما إذا كان له نصاب سواها وبه يندفع ما استشكله في البحر من أنه وإن ملكه بالخلط فهو مشغول بالدين فينبغي أن لا تجب الزكاة اه
لكن لا يخفى أن الزكاة حينئذ إنما تجب فيما زاد عليها لا فيها
لا يقال يمكن أن يكون له مال سواها مما لا زكاة فيه كدور السكنى وثياب البذلة مما يبلغ مقدار ما عليه أو يزيد فتجب الزكاة فيها من غير أن يكون له نصاب آخر سواها
لأنا نقول إنه لما خلطها ملكها وصار مثلها دينا في ذمته لا عينها وقدمنا أن الدين يصرف أولا إلى مال الزكاة دون غيره حتى لو تزوج على خادم بغير عينه وله مائتا درهم وخدام صرف دين المهر إلى المائتين دون الخادم أي فلو حال الحول على المائتين لا زكاة عليه لاشتغالها بالدين مع وجود ما يفي به من جنسه وهو الخادم وهنا كذلك ما لم يملك نصابا زائدا نعم تظهر الثمرة فيما إذا أبرأه المغصوب منهم كما نقله في البحر عن المبتغى بالغين المعجمة وقال وهو قيد حسن يجب حفظه اه
أو إذا صالح غرماءه على عقار مثلا فيبقى ما غصبه سالما عن الدين فتجب زكاته
وقد يجاب عن الإشكال كما أفاده شيخنا بأن المراد ما إذا لم يعلم أصحاب المال المغصوب لأن الدين إنما يمنع وجوب الزكاة إذا كان له مطالب من جهة العباد ويجهل أصحابه لا يبقى له مطالب فلا يمنع وجوبها
قلت لكن قدمنا عن القنية و البزازية أن ما وجب التصدق بكله لا يفيد التصدق ببعضه لأن المغصوب إن علمت أصحابه أو ورثتهم وجب رده عليهم وإلا وجب التصدق به
وأيضا فقد مر أن الأمراء فقراء بما عليهم من التبعات ولا شك أن غالب غرمائهم مجهولون وتقدم أيضا أن الموصى به للفقراء لو دفعه إلى السلطان الجائر سقط فجواز أخذه الزكاة لفقره ينافي وجوبها عليه وإن جاز أخذه لها مع وجوبها عليه لعلة أخرى كعدم وصوله إلى ماله كابن السبيل ومن له دين مؤجل
تأمل
مطلب في التصدق من المال الحرام قوله ( وفي شر الوهبانية الخ ) فيه دفع لما عسى يورد على قول المتن فتجب الزكاة فيه من أنه مال خبيث فكيف يزكي منه لكن علمت أنه لا تجب زكاته إلا إذا استبرأ من صاحبه أو صالح عنه فيزول خبثه نعم لو أخرج
____________________
(2/291)
زكاة المال الحلال من مال حرام ذكر في الوهبانية أنه يجزىء عند البعض ونقل القولين في القنية
وقال في البزازية ولو نوى في المال الخبيث الذي وجبت صدقته أن يقع عن الزكاة وقع عنها اه أي نوى في الذي وجب التصدق به لجهل أربابه وفيه تقييد لقول الظهيرية رجل دفع إلى فقير من المال الحرام شيئا يرجو به الثواب يكفر ولو علم الفقير بذلك فدعا له وأمن المعطى كفرا جميعا
ونظمه في الوهبانية وفي شرحها ينبغي أن يكون كذلك لو كان المؤمن أجنبيا غير المعطي والقابض وكثير من الناس عنه غافلون ومن الجهال فيه واقعون اه
قلت الدفع إلى الفقير غير قيد بل مثله فيما يظهر لو بنى من الحرام بعينه مسجدا ونحوه مما يرجو به التقرب لأن العلة رجاء الثواب فيما فيه العقاب ولا يكون ذلك إلا باعتقاد حله
قوله ( إذا تصدق بالحرام القطعي ) أي مع رجاء الثواب الناشىء عن استحلاله كما مر فافهم
قوله ( لا يكفر ) اقتصر على نفي الكفر لأن التصرف به قبل أداء بدله لا يحل وإن ملكه بالخلط كما علمته
وفي حاشية الحموي عن الذخيرة سئل الفقيه أبو جعفر عمن اكتسب ماله من أمراء السلطان وجمع المال من أخذ الغرامات المحرمات وغير ذلك هل يحل لمن عرف ذلك أن يأكل من طعامه قال أحب إلي أن لا يأكل منه ويسعه حكما أن يأكله إن كان ذلك الطعام لم يكن في يد المطعم غصبا أو رشوة اه أي إن لم يكن عين الغصب أو الرشوة لأنه لم يملكه فهو نفس الحرام فلا يحل له ولا لغيره
وذكر في البزازية هنا أن من لا يحل له أخذ الصدقة فالأفضل له أن لا يأخذ جائزة السلطان
ثم قال وكان العلامة بخوارزم لا يأكل من طعامهم ويأخذ جوائزهم فقيل له فيه فقال تقديم الطعام يكون إباحة والمباح له يتلفه على ملك المبيح فيكون آكلا طعام الظالم والجائزة تمليك فيتصرف في ملك نفسه اه
قلت ولعله مبني على القول بأن الحرام لا يتعدى إلى ذمتين وسيأتي تحقيق خلافه في البيع الفاسد والحظر والإباحة
قوله ( لأنه ليس بحرام بعينه الخ ) يوهم أنه قبل الخلط حرام لعينه مع أن المصرح به في كتب الأصول أن مال الغير حرام لغيره لا لعينه بخلاف لحم الميتة وإن كانت حرمته قطعية إلا أن يجاب بأن المراد ليس هو نفس الحرام لأنه ملكه بالخلط وإنما الحرام التصرف فيه قبل أداء بدله
ففي البزازية قبيل كتاب الزكاة ما يأخذه من المال ظلما ويخلطه بماله وبمال مظلوم آخر يصير ملكا له وينقطع حق الأول فلا يكون أخذه عندنا حراما محضا نعم لا يباح الانتفاع به قبل أداء البدل في الصحيح من المذهب اه
مطلب استحلال المعصية القطعية كفر لكن في شرح العقائد النسفية استحلال المعصية كفر إذا ثبت كونها معصية بدليل قطعي وعلى هذا تفرع ما ذكر في الفتاوى من أنه إذا اعتقد الحرام حلالا فإن كان حرمته لعينه وقد ثبت بدليل قطعي يكفر وإلا فلا بأن تكون حرمته لغيره أو ثبت بدليل ظني
وبعضهم لم يفرق بين الحرام لعينه ولغيره وقال من استحل حراما قد علم في دين النبي عليه الصلاة والسلام تحريمه كنكاح المحارم فكافر اه
قال شارحه المحقق ابن الغرس وهو التحقيق
وفائدة الخلاف تظهر في أكل مال الغير ظلما فإنه يكفر مستحله على أحد القولين اه
وحاصله أن شرط الكفر على القول الأول شيئان قطعية الدليل وكونه حراما لعينه
وعلى الثاني يشترط
____________________
(2/292)
الشرط الأول فقط وعلمت ترجيحه وما في البزازية مبني عليه
قوله ( ولو عجل ذو نصاب ) قيد بكونه ذا نصاب لأنه لو ملك أقل منه فعجل خمسة عن مائتين ثم تم الحول على مائتين لا يجوز وفيه شرطان آخران أن لا ينقطع النصاب في أثناء الحول فلو عجل خمسة من مائتين ثم هلك ما فيه يده إلا رهما ثم استفاد فتم الحول على مائتين جاز ما عجل بخلاف ما لو هلك الكل
وأن يكون النصاب كاملا في آخر الحول فلو عجل شاة من أربعين وحال الحول وعنده تسعة وثلاثون فإن كان دفعها للفقير وقعت نفلا وإن كانت قائمة في يد الساعي فالمختار كما في الخلاصة وقوعها زكاة وتمامه في النهر و البحر
قوله ( لسنين ) بأن كان له ثلاثمائة درهم دفع منها مائة درهم عن المائتين عشرين سنة وقوله أو لنصب صورته أن يدفع المائة المذكور عن المائتين وعن تسعة عشر نصابا ستحدث فحدثت له في ذلك العام صح وإن حدثت في عام آخر فلا بد لها من زكاة على حدة كما صرح به في البحر ح لكن المائة التي عجلها تقع زكاة عن المائتين عشرين سنة ويكون من المسألة الأولى فقد قال في النهر وعلى هذا تفرع ما في الخانية لو كان له خمس من الإبل الحوامل فعجل شاتين عنها وعما في بطونها ثم نتجت خمسا قبل الحول أجزأه وإن عجل عما تحمل في السنة الثانية لا يجوز اه
وذلك لأنه لما عجل عما تحمله في السنة الثانية لم يوجد المعجل عنه في سنة التعجيل فلم يجز عما نوى التعجيل عنه وهذا أراد لا نفي الجواز مطلقا لأنه يقع عما في ملكه في الحول الثاني فيكون من المسألة الأولى لأن التعيين في الجنس الواحد لغو
وفي الولوالجية لو كان عنده أربعمائة درهم فأدى زكاة خمسمائة ظانا أنها كذلك كان له أن يحسب الزيادة للسنة الثانية لأنه أمكن أن يجعل الزيادة تعجيلا اه
وقيد في البحر بكون الجنس متحدا قال لأنه لو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فعجل شاة عن أحد الصنفين ثم هلك لا يكون عن الآخر ولو كان له عين ودين فعجل عن العين فهلكت قبل الحول جاز عن الدين ولو بعده فلا والدراهم والدنانير وعروض التجارة جنس واحد اه
قوله ( لوجوب السبب ) أي سبب الوجوب وهو ملك النصاب النامي فيجوز التعجيل لسنة وأكثر كما إذا كفر بعد الجرح وكذا النصب لأن النصاب الأول هو الأصل في السببية والزائد عليه تابع له
قال في البحر ولا يخفى أن الأفضل عدم التعجيل للاختلاف فيه عند العلماء ولم أره منقولا
قوله ( وكذا لو عجل ) التشبيه راجع إلى المسألة الأولى وهي التعجيل لسنة أو سنين لأنه إذا ملك نصابا وأخرج زكاته قبل أن يحول الحول كان ذلك تعجيلا بعد وجود السبب لكونه أداء قبل وقت وجوبه وهنا كذلك لأن وقت أداء العشر وقت الإدراك فإذا أدى قبله يكون تعجيلا عن وقت الأداء بعد وجود السبب وهو الأرض النامية بالخارج حقيقة ولا يصح إرجاعه إلى المسألة الثانية لأن صورتها أي يؤدي زكاة نصب ستحدث له في عامه زائدة على ما في ملكه وقت الأداء والمراد هنا أداء عشر ما خرج في ملكه وقت الأداء قبل وقته لا عشر ما سيحدث له بعد الخروج وقوله بعد الخروج قبل الإدراك دليل على ما قلنا وليس في البحر ما يفيد خلاف ذلك فضلا عن التصريح به فافهم
قوله ( بعد الخروج ) أي خروج الزرع أو الثمرة
قوله ( قبل الإدراك ) أي إدراك الزرع أو الثمرة الذي هو وقت أداء العشر لكن ذكر في البحر في باب العشر أن وقته وقت خروج الزرع وظهور الثمرة عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف وقت الإدراك
وعند محمد عند التنقية و الجذاذ اه
وعليه فيتحقق التعجيل على قولهما لا على قول الإمام
ثم رأيت ابن الهمام نبه على ذلك هناك
قوله ( واختلف فيه قبل النبات وخروج الثمرة ) الأخضر أن يقول واختلف فيه قبل
____________________
(2/293)
الخروج أي خروج النبات والثمرة وأفاد أن التعجيل قبل الزرع أو قبل الغرس لا يجوز اتفاقا لأنه قبل وجود السبب كما لو عجل زكاة المال قبل ملك النصاب
قوله ( والأظهر الجواز ) في نسخة عدم الجواز وهي الصواب
قال في النهر والأظهر أنه لا يجوز في الزرع قبل النبات وكذا قبل طلوع الثمر في ظاهر الرواية اه
قوله ( وكذا لو عجل خراج رأسه ) هذا التشبيه أيضا راجع إلى المسألة الأولى
قال ح فإن من عجل خراج رأسه لسنين صح كما سيأتي في باب الجزية وذلك لوجود السبب وهو رأسه وكذا لو عجل خراج أرضه عن سنين جاز كما ذكره القهستاني في باب العشر والخراج وعلله بوجود السبب وهو الأرض النامية لكن يجب حمل كلامه على الموظف لتعلقه بالقدرة على النماء فيكون سببه الأرض النامية بإمكان النماء لا بحقيقته كالعشر وخراج المقاسمة
تأمل
قوله ( وتمامه في النهر ) حيث قال ولو نذر صوم يوم معين فعجله جاز عند الثاني خلافا لمحمد
وعلى هذا الخلاف الصلاة والاعتكاف ولو نذر حج سنة كذا فأتى به قبلها جاز عندهما خلافا لمحمد كذا في السراج اه ح
قوله ( قبل تمام الحول ) أي أو قبل ملك النصب التي عجل زكاتها في المسألة الثانية كما يؤخذ من التعليل
قوله ( لأن المعتبر كونه مصرفا وقت الصرف إليه ) فصح الأداء إليه ولا ينتقض بهذه العوارض
بحر
قوله ( ولو غرس الخ ) هذه المسألة اسطردها ومحلها العشر والخراج ط
قوله ( فما لم يتم ) أي يثمر وبه عبر في بعض النسخ
قوله ( كان عليه خراج الزرع ) لأن في غرسه الكرم تعطيل الأرض
ومن عطل أرض الخراج يجب عليه خراجها وقد كانت صالحة للزرع فيؤدي خراجه حتى يثمر الكرم فعليه خراج الكرم ويسقط عنه خراج الزرع لوجود خلفه فخراج الزرع صاع ودرهم في كل جريب فيؤديه إلى أن يتم الكرم فيؤدي عشرة دراهم
رحمتي
قوله ( ولا شيء في مال صبي تغلبي ) أي في مال الزكاة بخلاف الخارج في أرضه العشرية من الزروع والثمار ففيه ضعف العشر كما يجب العشر في أرض الصبي المسلم كما يأتي في بابه
قوله ( لبني تغلب ) الأولى حذف بني فإن النسبة لتغلب وهو أبو القبيلة كما في المنح ط
وقد يقال لا مانع من النسبة إلى القبيلة المنسوبة إلى أبيها
قوله ( قوم الخ ) قال في الفتح بنو تغلب عرب نصارى هم عمر رضي الله عنه أن يضرب عليهم الجزية فأبوا وقالوا نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ولكن خذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر لا هذه فرض المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل وتراضى هو وهم أن يضعف عليهم الصدقة
وفي بعض طرقه هي جزية سموها ما شئتم اه
قوله ( ما على الرجل منهم ) وهو نصل العشر ح
قوله ( ويؤخذ الوسط ) مكرر مع قوله فما تقدم والمصدق يأخذ الوسط ح
قوله ( إلا أن يجيز الورثة ) أي إذا أوصى بها وزادت على الثلث يؤخذ الزائد إلا أن يجيز الورثة
فرع لو زادت على الثلث وأراد أن يؤديها في مرضه يؤديها سرا من ورثته وإن لم يكن عنده مال استقرض
____________________
(2/294)
من آخر وأدى الزكاة إن كان أكبر رأيه أنه يقدر على قضائه فإن اجتهد ولم يقدر حتى مات فهو معذور كذا في مختارات النوازل وغيرها
وظاهر قولهم سرا أن الورثة إن علموا بذلك كان لهم أخذ الزائد قضاء وأن ما فعله المورث جائز ديانة لكونه مضطرا إلى أداء الفرض كما علل به في شرح الكافي قائلا وهو الصحيح
قال في شرح الوهبانية ويمكن التوفيق بين القولين بالقضاء والديانة أي بحمل القول باعتبارها من الثلث المقابل للصحيح على أنه في القضاء والأول على الديانة وهو مؤيد لما قلنا
قوله ( وسيجيء الفرق في العنين ) عبارته مع المتن وأجل سنة قمرية بالأهلة على المذهب وهي ثلاثمائة وأربع وخمسون وبعض يوم وقيل شمسية بالأيام وهي أزيد بأحد عشر يوما اه
ثم إن هذا إنما يظهر إذا كان الملك في ابتداء الأهلة فلو ملكه في أثناء الشهر قيل يعتبر بالأيام وقيل يكمل الأول من الأخير ويعتبر ما بينهما بالأهلة نظير ما قالوه في العدة ط
قوله ( لأن وقتها العمر ) قال في البحر عن الواقعات فرق بين هذا وبين ما إذا شك في الصلاة بعد ذهاب الوقت أصلاها أم لا والفرق أن العمر كله وقت لأداء الزكاة فصار هذا بمنزلة شك وقع في أداء الصلاة في وقتها ولو كان كذلك يعيد اه
قال في البحر وقعت حادثة هي أن من شك هل أدى جميع ما عليه من الزكاة أم لا بأن كان يؤدي متفرقا ولا يضبطه هل يلزمه إعادتها ومقتضى ما ذكرنا لزوم الإعادة حيث لم يغلب على ظنه دفع قدر معين لأنه ثابت في ذمته بيقين فلا يخرج عن العهدة بالشك اه
قلت وحاصله أن يتحرى في مقدار المؤدى كما لو شك في عدد الركعات فما غلب على ظنه أنه أداه سقط عنه وأدى الباقي وإن لم يغلب على ظنه شيء أدى الكل والله تعالى أعلم
باب زكاة المال قوله ( أل فيه للمعهود الخ ) جواب عما يقال إن المال اسم لما يتمول فيتناول السوائم أيضا قال في النهر وبهذا الجواب استغني عما قيل المال في عرفنا يتبادر إلى النقد والعروض اه
أقول والجواب الأول ذكره الزيلعي وتبعه في الدرر والثاني ذكره في الفتح وتبعه في البحر ويظهر لي أنه أحسن لأن تبادر الذهن إلى المعهود في العرف أقرب من تبادره إلى المذكور في الحديث
تأمل
قوله ( غير مقدرة به ) أي بربع العشر
قوله ( عشرون مثقالا ) فما دون ذلك لا زكاة فيه ولو كان نقصانا يسيرا يدخل بين الوزنين لأنه وقع الشك في كمال النصاب فلا يحكم بكماله مع الشك بحر عن البدائع
والمثقال لغة ما يوزن به قليلا كان أو كثيرا
وعرفا ما يأتي ط
قوله ( كل عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل ) اعلم أن الدراهم كانت في عهد عمر رضي الله عنه مختلفة فمنها عشرة دراهم على وزن عشرة مثاقيل وعشرة على ستة مثاقيل وعشرة على خمسة مثاقيل فأخذ عمر رضي الله تعالى عنه من كل نوع ثلثا كي لا تظهر الخصومة في الأخذ والعطاء فثلث عشرة ثلاثة وثلث وثلث ستة اثنان وثلث الخمسة درهم وثلثان فالمجموع سبعة وإن شئت فاجمع المجموع فيكون إحدى وعشرين
____________________
(2/295)
فثلث المجموع سبعة ولذا كانت الدراهم العشرة وزن سبعة وهذا يجري في كل شيء حتى في الزكاة ونصاب السرقة والمهر وتقدير الديات
ط عن المنح
لكن قوله تبع للدرر وثلث الخمسة درهم وثلثان صوابه مثقال وثلثان
قوله ( والدينار ) أي الذي هو المثقال كما في الزيلعي وغيره
قال في الفتح والظاهر أن المثقال اسم للمقدار المقدر به والدينار اسم للمقدر به بقيد ذهبيته اه
وحاصله أن الدينار اسم للقطعة من الذهب المضروبة المقدرة بالمثقال فاتحادهما من حيث الوزن
قوله ( والدرهم أربعة عشر قيراطا ) فتكون المائتان ألفي قيراط وثمانمائة قيراط
واعلم أن هذا هو الدرهم الشرعي والدرهم المتعارف ستة قيراطا وزنة الريال الفرنجي بالدراهم المتعارفة تسعة دراهم وقيراط وبالدراهم الشرعية عشرة دراهم وخمسة قراريط وذلك مائة وخمسة وأربعون قيراطا فيكون النصاب من الريال تسعة عشر يالا وثلاثة دراهم وثلاثة قراريط اه ط مع بعض زيادة وتصحيح غلط وقع في عبارته فافهم ومقتضاه أن الدراهم المتعارف أكبر من الشرعي وبه صرح الإمام السروجي في الغاية بقوله درهم مصر أربع وستون حبة وهو أكبر من درهم الزكاة فالنصاب منه مائة وثمانون وحبتان اه
لكن نظر فيه صاحب الفتح بأنه أصغر لا أكبر لأن درهم الزكاة سبعون شعيرة ودرهم مصر لا يزيد على أربعة وستين شعيرة لأن ربعه مقدر بأربع خرانيب والخرنوبة أربع قمحات وسط اه
قلت والظاهر أن كلام السروجي مبني على تقدير القيراط بأربع حبات كما هو المعروف الآن فإذا كان الدرهم الشرعي أربعة عشر قيراطا يكون ستة وخمسين حبة فيكون الدرهم العرفي أكبر منه لكن المعتبر في قيراط الدرهم الشرعي خمس حبات بخلاف قيراط الدرهم العرفي
قال بعض المحشين الدرهم الآن المعروف بمكة والمدينة وأرض الحجاز هو المسمى في عرفنا بالقفلة بالقاف والفاء على وزن تمرة وهو ست عشرة خرنوبة كل خرنوبة أربع شعيرات أو أربع قمحات لأنا اختبرنا الشعيرة المتوسطة مع القمحة المتوسطة فوجدناهما متساويتين والقيراط في عرفنا الآن هو الخرنوبة فيكون الدرهم العرفي أربعا وستين شعيرة وهو ينقص عن الشرعي بست شعيرات والمثقال المعروف الآن أربع وعشرون خرنوبة فهو ست وستعون شعيرة فينقص عن الشرعي بأربع شعيرات فالمائتان من الدراهم الشرعية مائتا قفلة وثلاثة أرباع قفلة وزكاتها خمسة دراهم عرفية وسبعة خرانيب ونصف خرنوبة والعشرون مثقالا الشرعية أحد وعشرون مثقالا عرفية إلا أربع خرانيب وزكاتها اثنتا عشرة خرنوبة ونصف خرنوبة اه
وما ذكره من أن المثقال العرفي ست وتسعون شعيرة موافق لما نقله الشارح في شرح الملتقى عن شرح الترتيب من أنه بمصر الآن درهم ونصف
وذكر الرحمتي عن السيد محمد أسعد مفتي المدينة المنورة أنه وقف على عدة دنانير قديمة منها ما هو مضروب في خلافة بني أمية ومنها في خلافة بني العباس سنة 79 وفي خلافة عبد الملك بن مروان سنة 83 وفي خلافة الرشيد سنة 181 ومنها سنة 173 ومنها في زمن المأمون ودنانير أخر متقدمة ومتأخرة وكلها متساوية الوزن كل دينار درهم وربع بدراهم المدينة المنورة كل درهم منها ستة عشر قيراطا والقيراط أربع حبات حنطة اه
قلت وهذا موافق لما ذكره الشارح من كون الدينار الشرعي عشرين قيراطا لكن يخالفه من حيث اقتضاؤه أن القيراط أربع حبات والمثقال ثمانون حبة والمذكور في كتب الشافعية والحنابلة أن درهم الزكاة
____________________
(2/296)
ستة دوانق والدانق ثمان حبات شعير وخمسا حبة فالدرهم خمسون حبة وخمسا حبة والمثقال اثنان وسبعون شعيرة معتدلة لم تقشر وقطع من طرفيها ما دق وطال وهو لم يتغير جاهلية ولا إسلاما ومتى نقص منه ثلاثة أعشاره كان درهما ومتى زيد على الدرهم ثلاثة أسباعه كان مثقالا اه
قلت وعليه فالدرهم اثنا عشر قيراطا كل قيراط نصف دانق أربع حبات وخمس حبة والمثقال سبعة عشر قيراطا وحبتان وذلك لأن ثلاثة أسباع الدرهم على تقديرهم أحد وعشرون حبة وثلاثة أخماس حبة فإذا زيد ذلك على الدرهم وهو خمسون حبة وخمسا حبة بلغ اثنين وسبعين حبة
وقد ذكر في سكب الأنهر أقوالا كثيرة في تحديد القيراط والدرهم بناء على اختلاف الاصطلاحات والمقصود تحديد الدرهم الشرعي
وقد سمعت ما فيه من الاضطراب والمشهور عندنا ما ذكره الشارح
ثم اعلم أن الدراهم والدنانير المتعامل بها في هذا الزمان أنواع كثيرة مختلفة الوزن والقيمة ويتعامل بها الناس عددا بدون معرفة وزنها ويخرجون زكاتها عددا أيضا لعسر ضبطها بالوزن ولا سيما لمن كان له ديون فإنه إن قدرها بالأثقل وزنا بلغت مقدارا وإن قدرها بالأخف بلغت دونه فيخرجون عن كل أربعين قرشا منها قرشا وعن كل مائتين خمسة وهكذا مع أن الواجب فيها الوزن كما مر ويأتي فينبغي أن يكون ما يخرجه من جنس القروش الثقيلة أو الذهب الثقيل حتى لا ينقص ما يخرجه بالعدد عن ربع الشعر فتبرأ ذمته بيقين بخلاف ما إذا أخرج من الخفيف فقط أو منه ومن الثقيل فإنه قد لا يبلغ ربع عشر ماله إلا إذا كان جميع ماله من جنس الخفيف وغالب أصحاب الأموال عن هذا غافلون فليتنبه له
قوله ( وقيل يفتي في كل بلد بوزنهم ) جزم به في الولوالجية وعزاه في الخلاصة إلى ابن الفضل وبه أخذ السرخسي واختاره في المجتبى و جمع النوازل و العيون و المعراج و الخانية و الفتح وقال بعده إلا أني أقول ينبغي أن يقيد بما إذا كانت لا تنقص عن أقل وزن كان في زمنه وهي ما تكون العشرة وزن خمسة اه بحر ملخصا
زاد في النهر عن السراج إلا أن كون الدرهم أربعة عشر قيراطا عليه الجم الغير والجمهور الكثير وإطباق كتب المتقدمين والمتأخرين
قوله ( وسنحققه الخ ) الذي حققه هناك لا يتعلق بالزكاة بل بالعقود فإذا أطلق اسم الدرهم في العقد انصرف إلى المتعارف وكذلك إذا أطلقه الواقف ح
قوله ( والمعتبر وزنهما أداء ) أي من حيث الأداء يعني يعتبر أن يكون المؤدى قدر الواجب وزنا عند الإمام والثاني
وقال زفر تعتبر القيمة
واعتبر محمد الأنفع للفقراء
فلو أدى عن خمسة جيدة خمسة زيوفا قيمتها أربعة جيدة جاز عندهما وكره
وقال محمد وزفر لا يجوز حتى يؤدي الفضل ولو أربعة جيدة قيمتها خمسة رديئة لم يجز إلا عند زفر
ولو كان له إبريق فضة وزنه مائتان وقيمته ثلاثمائة إن أدى خمسة من عينه فلا كلام أو من غيره جاز عندهما خلافا لمحمد وزفر إلا أن يؤدي الفضل
وأجمعوا أنه لو أدى من خلاف جنسه اعتبرت القيمة حتى لو أدى من الذهب ما تبلغ قيمته خمسة دراهم من غير الإناء لم يجز في قولهم لتقوم الجودة عند المقابلة بخلاف الجنس فإن أدى القيمة وقعت عن القدر المستحق كذا في المعراج
نهر
قوله ( وجوبا ) أي من حيث الوجوب يعني يعتبر في الوجوب أن يبلغ وزنهما نصابا
نهر
حتى لو كان له إبريق ذهب أو فضة وزنه عشرة مثاقيل أو مائة درهم وقيمته لصياغته عشرون أو مائتان لم يجب فيه شيء إجماعا
قهستاني
قوله ( لا قيمتها ) نفي لقول زفر باعتبار القيمة في الأداء وهذا إن لم يؤد من خلاف الجنس
____________________
(2/297)
وإلا اعتبرت القيمة إجماعا كما علمت وكان على الشارح أن يزيد ولا الأنفع نفيا لقول محمد رحمه الله اه ح
قوله ( مضروب كل منهما ) أي ما جعل دراهم يتعامل بها أو دنانير ط
قوله ( ومعموله ) أي ما يعمل من نحو حلية سيف أو منطقة أو لجام أو سرج أو الكواكب في المصاحف والأواني وغيرها إذا كانت تخلص بالإذابة
بحر
قوله ( ولو تبرأ ) التبر الذهب والفضة قبل أن يصاغا
بحر عن ضياء الحلوم
ولذا قال ح لا يصح الإتيان به هنا لأنه لا يصدق عليه المضروب ولا المعمول بل كان عليه أن يقول بعد قوله مطلقا وتبره بخلاف عبارة الكنز حيث قال يجب في مائتي درهم وعشرين دينارا ربع العشر ولم تبرأ فإنه داخل فيما قبله
قوله ( أو حليا ) بضم الحاء وكسرها وتشديد الياء جمع حلي بفتح الحاء وإسكان اللام ما تتحلى به المرأة من ذهب أو فضة
نهر
قلت ولا يتعين ضبط المتن بصيغة الجمع فإنه يحتمل المفرد بل هو الأنسب بقول الشارح مباح الاستعمال حيث ذكر الضمير إلا أن يقال إنه عائد إلى المذكور من المعمول والحلي
قوله ( أو لا ) كخاتم الذهب للرجال والأواني مطلقا ولو من فضة
قوله ( ولو للتجمل ) أي التزين بهما في البيوت من غير استعمال ط
قوله ( والنفقة ) فيه منافاة لقول ابن الملك إذا كانت مشغولة بحوائجه فلا زكاة فيها كما قدمناه في أول كتاب الزكاة فارجع إليه ح
قوله ( وهو هنا ما ليس بنقد ) كذا فسره في المغرب ونقله في البحر عن ضياء الحلوم
وفي الدرر العرض بسكون الراء متاع لا يدخله كيل ولا وزن ولا يكون حيوانا ولا عقارا كذا في الصحاح
وأما بفتحها فمتاع الدنيا ويتناول جميع الأموال ولا وجه له ها هنا لجعله مقابلا للذهب والفضة اه أي مفتوح الراء غير مراد هنا لتناوله جميع الأموال مع أن النقدين غير داخلين فيه هنا بقرينة المقابلة فيتعين إرادة ساكن الراء لكن على ما في الصحاح يخرج عنه الدواب والمكيلات والموزونات مع أنها من عروض التجارة إذا نواها فيها فلذا قال الشارح هو هنا ما ليس بنقد أي إن المناسب للمراد هنا الاقتصار على تفسيره بذلك ليدخل فيه ما ذكر
قوله ( وأما عدم صحة النية الخ ) جواب عما أورده الزيلعي من أن الأرض الخراجية لا يجب فيها الزكاة وإن نوى عند شرائها التجارة مع أنها من العروض والجواب ما تقدم قبيل باب السائمة من قوله والأصل أن ما عدا الحجرين والسوائم إنما يزكى بنية التجارة بشرط عدم المانع المؤدي إلى الثني
قوله ( لا لأن الأرض الخ ) رد على ما في الدرر حيث أجاب عما أورده الزيلعي بأن الأرض ليست من العرض بناء على ما نقله عن الصحاح
قال في البحر وهو مردود لما علمت من أن الصواب تفسيره هنا بما ليس بنقد اه
وقد أورد الزيلعي أيضا ما إذا اشترى أرض عشر وزرعها أو اشترى بدرا للتجارة وزرعه فإنه يجب فيه العشر ولا تجب فيه الزكاة لأنهما لا يجتمعان اه
ويجاب عنه بما ذكره الشارح من قيام المانع
وأجاب في الدرر وتبعه في البحر بأن عدم وجوب الزكاة في البذر إنما حدث بعد الزراعة وذلك لا يضر ون مجرد نية الخدمة إذا أسقط وجوب الزكاة في العبد المشتري للتجارة كما مر فلأن يسقطه التصرف الأقوى من النية أولى اه
قوله ( من ذهب أو ورق ) بيان لقوله نصاب وأشار بأو إلى أنه مخير إن شاء قومها بالفضة وإن شاء بالذهب لأن الثمنين في تقدير قيم الأشياء بهما سواء
بحر
لكن التخيير ليس على إطلاقه كما يأتي
قوله ( فأفاد ) تفريع على تفسير الورق
____________________
(2/298)
بالفضة المضروبة ط
قوله ( قوله بالمسكوك ) بالسين المهملة أي المضروب على السكة وهي حديدة منقوشة يضرب عليها الدراهم
قاموس
ووجه الإفادة ظاهر من الورق أما الذهب فلا كما لا يخفى إلا أن يقال لما اقترن بالمضروب من الفضة كان المراد به المضروب اه ح
قوله ( عملا بالعرف ) فإن العرف التقويم بالمسكوك
بحر
وهو علة لقوله أفاد
قوله ( مقوما بأحدهما ) تكرار مع قوله من ذهب أو ورق لأن معناهما التخيير ومحل التخيير إذا استويا فقط أما إذا اختلفا قوم بالأنفع اه ح
وقدم الشارح عند قوله وجاز دفع القيمة أنها تعتبر يوم الوجوب وقالا يوم الأداء كما في السوائم ويقوم في البلد الذي المال فيه الخ
قوله ( تعين التقويم به ) أي إذا كان يبلغ به نصابا لما في النهر عن الفتح يتعين ما يبلغ نصابا دون ما لا يبلغ فإن بلغ بكل منهما وأحدهما أروج تعين التقويم بالأروج
قوله ( ولو بلغ بأحدهما نصابا وخمسا الخ ) بيانه ما في النهر عن السراج لو كان بحيث لو قومها بالدراهم بلغت مائتين وأربعين وبالدننير فإنه يجب فيه نصف دينار وقيمته خمسة ولو بلغت بالدنانير أربعة وعشرين وبالدراهم مائة وستة وثلاثين قومها بالدنانير اه
وفي الهداية كل دينار عشرة دراهم في الشرع
قال في الفتح أي يقوم في الشرع بعشرة كذا كان في الابتداء
قوله ( وفي كل خمس بحسابه ) أي ما زاد على النصاب عفو إلى أن يبلغ خمس نصاب ثم كل ما زاد على الخمس عفو إلى أن يبلغ خمسا آخر
قوله ( وقالا ما زاد بحسابه ) يظهر أثر الخلاف فيما لو كان له مائتان وخمسة دراهم مضى عليها عامان
قال الإمام يلزمه عشرة
وقالا خمسة لأنه وجب عليه في العام الأول خمسة وثمن فبقي السالم من الدين في الثاني نصاب إلا ثمن
وعنده لا زكاة في الكسور فبقي النصاب في الثاني كاملا وفيما إذا كان له ألف حال عليها ثلاثة أحوال كان عليه في الثاني أربعة وعشرون وفي الثالث ثلاثة وعشرون عنده
وقالا يجب مع الأربعة والعشرين ثلاثة أثمان درهم ومع الثلاثة والعشرين نصف وربع ثمن درهم ولا خلاف أنه يجب في الأول خمسة وعشرون كذا في السراج
نهر
أقول قوله وثمن درهم كذا وجدته أيضا في السراج وصوابه وثمن ثمن درهم كما لا يخفى على الحاسب
تنبيه يظهر أثر الخلاف أيضا فيما ذكره في البحر و النهر عن المحيط من أنه لا تضم إحدى الزيادتين إلى الأخرى أي الزيادة على نصاب الفضة لا تضم إلى الزيادة على نصاب الذهب ليتم أربعين أو أربعة مثاقيل عند الإمام لأنه لا زكاة في الكسور عنده
وعندهما تضم لوجوبها في الكسور اه موضحا لكن توقف الرحمتي في فائدة الضم عندهما بعد قولهما بوجوب الزكاة في الكسور عن هذا والله أعلم
____________________
(2/299)
نقل بعض محشي الكتاب عن شيخه محمد أمين ميرغني أن السروجي نقل عن المحيط الخلاف بالعكس وأن ما في البحر و النهر غلط اه
قلت وقد راجعت المحيط فرأيته مثل ما نقله السروجي وصرح به في البدائع أيضا
قوله ( وهي مسألة الكسور ) أي التي يقال فيها لا زكاة في الكسور عنده ما لم تبلغ الخمس أخذا من حديث لا تأخذ من الكسور شيئا سميت كسورا باعتبار ما يجب فيها
قوله ( وغالب الفضة الخ ) لأن الدراهم لا تخلو عن قليل غش لأنها لا تنطبع إلا به فجعلت الغلبة فاصلة
قوله ( نهر )
ومثلها الذهب ط
قوله ( فضة وذهب ) لف ونشر مرتب أي فتجب زكاتهما لا زكاة العروض وإن أعدها للتجارة كما أفاده في النهر
قوله ( ويشترط فيه النية ) أي تعتبر قيمته إن نوى فيه التجارة
نهر
وتقدم قبيل باب السائمة شرط نية التجارة
قوله ( إلا إذا الخ ) استثناء من اشتراط النية
قوله ( وعنده ما يتم به ) أي من عروض تجارة أو أحد النقدين وهو مرتبط بقوله أو أقل ط
قوله ( وبلغت ) أي بالقيمة كما في البحر
قوله ( من أدنى الخ ) فسر الأدنى في البدائع بالتي يغلب عليها الفضة وقلت ينبغي تفسيرها بالمساوي على ما اختاره المصنف من وجوبها فيه كما يذكره قريبا
قوله ( فتجب ) أي فيما غلب غشه إذا نوى فيه التجارة أو لم ينو ولكن يخلص منه ما يبلغ نصابا أو لم يخلص ولكن كان أثمانا رائجة وبلغت قيمته نصابا وقوله وإلا فلا أي وإن لم يوجد شيء من ذلك فلا تجب الزكاة
وحاصله أن ما يخلص منه نصاب أو كان ثمنا رائجا تجب زكاته سواء نوى التجارة أو لا لأنه إذا كان يخلص منه نصاب تجب زكاة الخالص كما صرح به في الجوهرة وعين النقدين لا يحتاج إلى نية التجارة كما في الشمني وغيره وكذا ما كان ثمنا رائجا فبقي اشتراط النية لما سوى ذلك هذا ما يعطيه كلام الشارح ومثله في البحر و النهر لكن في الزيلعي أن الغالب غشه إن نواه للتجارة تعتبر قيمته مطلقا وإلا فإن كانت فضة تخلص تجب فيها الزكاة إن بلغت نصابا وحدها أو بالضم إلى غيرها اه
ومفاده اعتبار القيمة فيما نواه للتجارة وإن تخلص منه ما يبلغ نصابا ويظهر لي عدم المنافاة لأنه إذا كان يخلص منه ما يبلغ نصابا تجب زكاة ذلك الخالص وحده كما مر عن الجوهرة إلا إذا نوى التجارة فتجب الزكاة فيه كله باعتبار القيمة وإذا تأملت كلام الزيلعي تراه كالصريح فيما ذكرته فافهم
فرع في الشرنبلالية الفلوس إن كانت أثمانا رائجة أو سلعا للتجارة تجب الزكاة في قيمتها وإلا فلا اه
قوله ( والمختار لزومها ) أي الزكاة أي ولو من غير نية التجارة وقيل لا تجب
نهر
قال في الشرنبلالية عن البرهان والأظهر عدم الوجوب لعدم الغلبة المشروطة للوجوب وقيل يجب درهمان ونصف نظرا إلى وجهي الوجوب وعدمه اه
وظاهر الدرر اختيار الأول تبعا للخانية و الخلاصة
قال العلامة نوح وهو اختياري لأن الاحتياط في العبادة واجب كما صرحوا به في كثير من المسائل منها ما إذا استوى الدم والبزاق ينقض الوضوء احتياطا اه
____________________
(2/300)
تأمل
قوله ( ولذا ) أي للاحتياط
وفي نسخة وكذا بالكاف وبها عبر في البحر و المنح وقوله لا تباع إلا وزنا أي للتحرز عن الربا اه ط
قوله ( وأما الذهب الخ ) محترز قوله وغالب الفضة الخ فإن ذلك مفروض فيما إذا كان المخالط غشا ط
قوله ( فإن غلب الذهب الخ ) اعلم أن الذهب إذا خلط بالفضة فإما أن يكون غالبا أو مغلوبا أو مساويا
وعلى كل إما أن يبلغ كل منهما نصابا أو الذهب فقط أو الفضة فقط أو لا ولا فهي اثنتا عشرة صورة منها صورتان غقليتان فقط وهما أن تبلغ الفضة وحدها نصابا والذهب غالب عليها أو مساو لها والعشرة خارجية
إذا عرفت هذا فقوله فإن غلب الذهب فذهب فيه أربع صور بلوغ كل منهما نصابه وعده وبلوغ الذهب فقط وبلوغ الفضة فقط لكن الرابعة ممتنعة كما علمت لأنه متى غلب الذهب على الفضة البالغة نصابا لزم بلوغه نصابا بل نصبا وبين حكم الثلاثة الباقية بقوله فذهب
أما الأولى والثالثة فظاهر لأن الذهب فيهما بلغ بانفراده نصابا فكانت الفضة تبعا له سواء بلغت نصابا أيضا كما في الأولى أو لا كما في الثالثة فتزكى بزكاته وكذلك الثانية لأن الذهب متى غلب كان هو المعتبر لأنه أعز وأغلى كما يأتي فإذا بلغ مجموعها نصابا زكي زكاة الذهب
وقوله وإلا أي وإن لم يغلب الذهب بأن غلبت الفضة أو تساويا فيه ثمانية صور بلوغ كل منهما نصابه وعدمه وبلوغ الذهب فقط أو الفضة فقط مع غلبة الفضة أو التساوي لكن بلوغ الفضة فقط مع التساوي ممتنعة كما علمت فبقي سبعة وتقييده ببلوغ الذهب أو الفضة نصابه مخرج لصورتين منها وهما ما إذا لم يبلغ كل منهما نصابه مع غلبة الفضة أو التساوي وسنذكر حكمهما فبقي خمس صور ثنتان في التساوي وثلاثة في غلبة الفضة
وقوله فإن بلغ الذهب أي بلغ نصابا وحده أو مع الفضة عند غلبة الفضة أو التساوي فهذه أربع صور
وقوله أو الفضة أو بلغت الفضة وحدها نصابا عند غلبتها على الذهب فهذه الخامسة
وقوله وجبت أي زكاة البالغ النصاب فإن بلغه الذهب وجبت زكاة الذهب في الصور الأربع المذكورة لأنه لما بلغ النصاب وجب اعتباره لأنه أعز وأغلى وتصير الفضة تبعا له ولو بلغت نصابا معه وإن كان البالغ هو الفضة الغالبة عليه دونه وجبت زكاة الفضة ترجيحا لها ببلوغ النصاب فيجعل كله فضة لكن على تفصيل فيه سنذكره وقد علم حكم ما ذكرنا في تقرير كلام الشارح في الصور الثلاث الأول والخمس الأخر من عبارة الشمني
وعبارة الزيلعي أما عبارة الشمني فهي قوله ولو سبك الذهب مع الفضة فإن بلغ الذهب نصابا زكي الجميع زكاة الذهب سواء كان غالبا أو مغلوبا لأنه أعز وإن لم يبلغ الذهب نصابه فإن بلغت الفضة نصابها زكي الجميع زكاة الفضة اه
وأما عبارة الزيلعي فهي قوله وللذهب المخلوط بالفضة إن بلغ الذهب نصاب الذهب وجبت فيه زكاة الذهب وإن بلغت الفضة نصاب الفضة وجبت فيه زكاة الفضة وهذا إذا كانت الفضة غالبة وأما إذا كانت مغلوبة فهو كله ذهب لأنه أعز وأغلى قيمة اه
وكل من هاتين العبارتين مؤداهما واحد وما قررناه في كلام الشارح من أحكام الصور السبع يؤخذ منهما فقول الشمني سواء كان غالبا أو مغلوبا يشمل ما إذا بلغت الفضة نصابها أو لا بدليل قوله بعده وإن لم يبلغ الذهب نصابه فإن بلغت الفضة الخ فإنه لم يعتبر زكاة الجميع زكاة الفضة إلا إذا لم يبلغ الذهب نصابه فأفاد أن قوله قبله فإن بلغ الذهب نصابه الخ أنه يجعل الكل ذهبا إذا بلغ الذهب نصابه سواء بلغته أيضا أو لا وكذا قول الزيلعي وإن بلغت الفضة الخ أي ولم يبلغ الذهب نصابه بدليل المقابلة فإنه اعتبر أولا الكل ذهبا حيث بلغ الذهب نصابه وأطلقه فشمل ما إذا بلغت الفضة أيضا نصابا أولا فعلم أنه لا يعتبر الكل فضة إلا إذا لم يبلغ الذهب نصابه
____________________
(2/301)
فإن بلغ كان الكل ذهبا فيزكى زكاة الذهب لأنه أعز وأغلى قيمة وكذا لو غلب الذهب وبلغ بضم الفضة إليه نصابا كما علم من قوله وأما إذا كانت مغلوبة فهو كله ذهب الخ وهذا ما عبر عنه الشارح بقوله فإن غلب الذهب فذهب ودخل في قول الشمني سواء كان غالبا أو مغلوبا حكم المساواة بالأولى وهو مفهوم أيضا من إطلاق الزيلعي قوله إن بلغ الذهب نصاب الذهب الخ فقد ظهر أنه لا تخالف بين العبارتين ولا بينهما وبين عبارة الشارح لكن قول الزيلعي وهذا إذا كانت الفضة غالبة لا حاجة إليه لأن الفضة إذا بلغت وحدها نصابا لا بد أن تكون غالبة على الذهب الذي لم يبلغ نصابا ولذا لم يذكره الشمني وكأن الزيلعي ذكره ليبني عليه قوله وأما إذا كانت مغلوبة هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل والله أعلم فافهم
تنبيه قال في التاترخانية وإذا كانت الفضة غالبة والذهب مغلوبا مثل أن يكون الثلثان فضة أو أكثر لا يجعل كله فضة لأن الذهب أكثر قيمة فلا يجوز جعله تبعا لما هو دونه بخلاف ما إذا كان الذهب غالبا اه
ومفاده أن ما مر من أنه إذا بلغت الفضة نصابا ولم يبلغ الذهب نصابه تجب زكاة الفضة مقيد بما إذا لم يكن الذهب الذي خالطها أكثر قيمة منها وإلا كان الكل ذهبا وهذا التفصيل الموعود بذكره وفي عبارة الزيلعي المارة إشارة إليه
ويؤخذ منه حكم الصورتين الباقيتين من السبع وهما ما إذا لم يبلغ كل منهما نصابه مع غلبة الفضة أو التساوي وعلى هذا فيمكن دخولهما في قول الشارح فإن غلب الذهب فذهب بأن يراد غلبته على ما معه من الفضة وزنا أو قيمة لكن في المحيط و البدائع الدنانير الغالب عليها الذهب كالمحمودية حكمها حكم الذهب والغالب عليها الفضة كالهروية والمروية إن كانت ثمنا رائجا أو للتجارة تعتبر قيمتها وإلا يعتبر قدر ما فيها من الذهب والفضة وزنا لأن كل واحد منهما يخلص بالإذابة اه
وهذا كالصريح في أن الدنانير المسكوكة المخلوطة بالفضة حكمها كحكم الفضة المخلوطة بالغش فإذا كان الذهب فيها غالبا كانت ذهبا كالفضة الغالبة على الغش وإذا كانت الفضة غالبة عليها كانت كالفضة المغلوبة بالغش فتقوم فإن بلغت قيمتها نصابا زكاها إن كانت أثمانا رائجة أو نوى فيها التجارة وإلا اعتبر ما فيها وزنا فإن بلغ ما فيها نصابا أو كان عنده ما تتم به نصابا زكاها وإلا فلا فعلم أن ما ذكره الشارح تبعا ل لزيلعي و الشمني في غير الدنانير المسكوكة أو المسكوكة التي ليست للتجارة ولا أثمانا رائجة أو هو قول آخر فليتأمل والله تعالى أعلم
قوله ( وشرط كمال النصاب الخ ) أي ولو حكما لما في البحر و النهر لو كان له غنم للتجارة تساوي نصابا فماتت قبل الحول فدبغ جلودها وتم الحول عليها كان عليه الزكاة إن بلغت نصابا ولو تخمر عصيره الذي للتجارة قبل الحول ثم صار خلا وتم الحول عليه وهو كذلك لا زكاة عليه لأن النصاب في الأول باق لبقاء الجلد لتقومه بخلافه في الثاني
وروى ابن سماعة أنه عليه الزكاة في الثاني أيضا
قوله ( للانعقاد ) أي انعقاد السبب أي تحققه بتملك النصاب ط
قوله ( للوجوب ) أي لتحقق الوجوب عليه ط
قوله ( فلو هلك كله ) أي في أثناء الحول بطل الحول حتى لو استفاد فيه غيره استأنف له حولا جديدا أو تقدم حكم هلاكه بعد تمام الحول في زكاة الغنم
قال في النهر ومنه أن من الهلاك ما لو جعل السائمة علوفة لأن زوال الوصف كزوال العين
قوله ( وأما الدين الخ ) قدم الشارح عند قول المصنف فلا زكاة على مكاتب ومديون للعبد بقدر دينه أن عروض الدين كالهلاك عند محمد ورجحه في البحر اه
وقدمنا هناك ترجيح ما هنا فراجعه والخلاف في الدين المستغرق للنصاب كما هو صريح ما في الجوهرة فلا يمكن التوفيق بحمل ما في البحر على غير المستغرق
____________________
(2/302)
فافهم
قوله ( وقيمة العرض الخ ) تقدم قريبا تقويم العرض إذا بلغ نصابا وما هنا في بيان ما إذا لم يبلغ
وعنده من الثمنين ما يتم به النصاب
وفي النهر قال الزاهدي وله أن يقوم أحد النقدين ويضمه إلى قيمة العروض عند الإمام
وقالا لا يقوم النقدين بل العروض ويضمها
وفائدته تظهر فيمن له حنطة للتجارة قيمتها مائة درهم وله خمسة دنانير قيمتها مائة تجب الزكاة عنده خلافا لهما
قوله ( وضعا ) راجع للثمنين وقوله وجعلا راجع للعرض
والمعنى أن الله تعالى خلق الثمنين ووضعهما للتجارة والعبد يجعل العرض للتجارة اه ح أي لأنه لا يكون للتجارة إلا إذا نوى به العبد التجارة بخلاف النقود
قوله ( ويضم الخ ) إلى عند الاجتماع
أما عند انفراد أحدهما فلا تعتبر القيمة إجماعا
بدائع
لأن المعتبر وزنه أداء ووجوبا كما مر
وفي البدائع أيضا أن ما ذكر من وجوب الضم إذا لم يكن كل واحد منهما نصابا بأن كان أقل فلو كان كل منهما نصابا تاما بدون زيادة لا يجب الضم بل ينبغي أن يؤدي من كل واحد زكاته فلو ضم حتى يؤدي كله من الذهب أو الفضة فلا بأس به عندنا ولكن يجب أن يكون التقويم بما هو أنفع للفقراء رواجا وإلا يؤدي من كل منهما ربع عشره
قوله ( وعكسه ) وهو ضم الفضة إلى الذهب وكذا يصح العكس في قوله وقيمة العرض تضم إلى الثمنين عند الإمام كما مر عن الزاهدي وصرح به في المحيط أيضا ولو أسقط قوله بجامع الثمنية لصح رجوع الضمير في عكسه إلى المذكور من المسألتين
ويمكن إرجاعه إليه ولا يضره بيان في العلة في أحدهما
قوله ( قيمة ) أي من جهة القيمة فمن له مائة درهم وخمسة مثاقيل قيمتها مائة عليه زكاتها خلافا لهما ولو له إبريق فضة وزنه مائة وقيمته بصياغته مائتان لا تجب الزكاة باعتبار القيمة لأن الجودة والصنعة في أموال الربا لا قيمة لها عند انفرادها ولا عد المقابلة بجنسها ثم لا فرق بين ضم الأقل إلى الأكثر كما مر وعكسه كما لو كان له مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير لا تساوي خمسين درهما تجب على الصحيح عنده ويضم الأكثر إلى الأقل لأن المائة والخمسين بخمسة عشر دينارا وهذا دليل على أنه لا اعتبار بتكامل الأجزاء عنده وإنما يضم أحد النقدين إلى الآخر قيمة ط عن البحر
قلت ومن ضم الأكثر إلى الأقل ما في البدائع أنه روي عن الإمام أنه قال إذا كان لرجل خمسة وتسعون درهما ودينار يساوي خمسة دراهم أنه تجب الزكاة وذلك بأن تقوم الفضة بالذهب كل خمسة منها بدينار
قوله ( وقالا بالإجزاء ) فإن كان من هذا ثلاثة أرباع نصاب ومن الآخر ربع ضم أو النصف من كل أو الثلث من أحدهما والثلثان من الآخر فيخرج من كل جزء بحسابه حتى أنه في صورة الشارح يخرج من كل نصف ربع عشره كما ذكره صاحب البحر
قوله ( وخمسة عندهما ) تبع فيه صاحب النهر
وفيه نظر لأنه إذا اعتبر عندهما الضم بالإجزاء يجب في كل نصف ربع عشره كما مر عن البحر وعزاه إلى المحيط وحينئذ فيخرج عن العشرة الدنانير التي قيمتها مائة وأربعون ربع دينار منها قيمته ثلاثة دراهم ونصف فإذا أراد دفع قيمته يكون الواجب ستة دراهم عندهما أيضا
لا يقال إن اعتبار الضم بالإجزاء أي بالوزن عندهما مبني على أنه لا اعتبار للجودة لعدم تقومها شرعا فلا تعتبر القيمة بل الوزن
والدينار في الشرع بعشر دراهم كما قدمناه وزيادة قيمته هنا للجودة فلا تعتبر
____________________
(2/303)
لأنا نقول إن عدم اعتبار الجودة إنما هو عند المقابلة بالجنس أما عند المقابلة بخلافه فتعتبر اتفاقا كما قدمناه عند قوله والمعتبر وزنهما فتأمل
قوله ( فافهم ) أشار به إلى رد ما قاله صاحب الكافي من أنه عند تكامل الأجزاء كما لو كان له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها أقل من مائة درهم لا تعتبر القيمة عنده ظنا أن إيجاب الزكاة فيها لتكامل الأجزاء لا باعتبار القيمة وليس كما ظن بل الإيجاب باعتبار القيمة من جهة كل من النقدين لا من جهة أحدهما فإنه إن لم يتم باعتبار قيمة الذهب بالفضة يتم باعتبار قيمة الفضة بالذهب والمائة درهم في المسألة مقومة بعشرة دنانير فتجب فيها الزكاة لهذا التقويم ط
وتمام بيانه في البحر و فتح القدير
قوله ( في نصاب مشترك ) المراد أن يكون بلوغه النصاب بسبب الاشتراك وضم أحد المالين إلى الآخر بحيث لا يبلغ مال كل منهما بانفراده نصابا
قوله ( وإن صحت الخلطة فيه ) أي في النصاب المذكور وأشار بذلك إلى خلاف سيدنا الإمام الشافعي رضي الله عنه فإنها تجب عنده إذا صحت الخلطة وصحتها عنده بالشروط التسعة الآتية ولذا قيده الشارح بقوله باتحاد الخ فأفاد أنه إذا لم توجد هذه الشروط لا تجب عندنا بالأولى وسماها أسبابا مع أنها شروط إطلاقا لاسم السبب على الشرط كما أطلق بالعكس وقدمنا وجهه أول الباب عند قوله ملك نصاب فافهم
قوله ( أوص من يشفع ) فالهمزة لأهلية كل منهما لوجوب الزكاة والواو لوجود الاختلاط في أول السنة والصاد لقصد الاختلاط والميم لاتحاد المسرح بأن يكون ذهابهما إلى المرعى من مكان واحد والنون لاتحاد الإناء الذي يحلب فيه والياء لاتحاد الراعي والشين المعجمة لاتحاد المشرع أي موضع الشرب والفاء لاتحاد الفحل والعين لاتحاد المرعى وهذه شروط الخلطة في السائمة
وأما شروطها في مال التجارة فمذكورة في كتب الشافعية منها أن لا يتميز الدكان والحارث ومكان الحفظ كخزانة
قوله ( وإن تعدد النصاب ) أي بحيث يبلغ قبل الضم مال كل واحد بانفراده نصابا فإنه يجب حينئذ على كل منهما زكاة نصابه فإذا أخذ الساعي زكاة النصابين من المالين فإن تساويا فلا رجوع لأحدهما على الآخر كما لو كان ثمانين شاة لكل منهما أربعون وأخذ الساعي منهما شاتين وإلا تراجعا كما يأتي بيانه وهذا مقابل قوله في نصاب
قوله ( وبيانه في الحاوي ) بينه قاضيخان بأتم مما في الحاوي حيث قال صورته أن يكون لهما مائة وثلاثة وعشرون شاة لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث فالواجب شاتان فيأخذ من كل منهما شاة فيرجع صاحب الثلثين بالثلين من الشاة التي دفعها صاحب الثلث ويرجع صاحب الثلث بالثلث من شاة دفعها صاحب الثلثين فيقام ثلثه في مقام الثلث من الثلثين المطالب بهما ويبقى ثلث شاة فيطالب به صاحب ثلثي المال اه ط
وبه ظهر أن التراجع من الجانبين فالتفاعل على بابه فافهم
قوله ( فإن بلغ الخ ) كما لو كانت ثمانون شاة بين رجلين أثلاثا فأخذ المصدق منها شاة لزكاة صاحب الثلثين فلصاحب الثلث أن يرجع عليه بقيمة الثلث لأنه لا زكاة عليه
محيط
قوله ( ولو بينه الخ ) في التجنيس ثمانون شاة بين أربعين رجلا لرجل واحد من كل شاة نصفها والنصف الآخر للباقين ليس على صاحب الأربعين صدقة عند أبي حنيفة وهو قول محمد ولو كانت بين رجلين تجب على كل واحد منهما شاة لأنه مما يقسم في هذه الحالة وفي الأولى لا يقسم اه أي لأن قسمة كل شاة
____________________
(2/304)
بينه وبين من شاركه فيها لا تمكن إلا بإتلافها بخلاف قسمة الثمانين نصفين
قوله ( عند الإمام ) وعندهما الديون كلها سواء تجب زكاتها ويؤدي متى قبض شيئا قليلا أو كثيرا إلا دين الكتابة والسعاية والدية في رواية
بحر
قوله ( إذا تم نصابا ) الضمير في تم يعود للدين المفهوم من الديون والمراد إذا بلغ نصابا بنفسه أو بما عنده مما يتم به النصاب
قوله ( وحال الحول ) أي ولو قبل قبضه في القوي والمتوسط وبعده في الضعيف ط
قوله ( عند قبض أربعين درهما ) قال في المحيط لأن الزكاة لا تجب في الكسور من النصاب الثاني عنده ما لم يبلغ أربعين للحرج فكذلك لا يجب الأداء ما لم يبلغ أربعين للحرج
وذكر في المنتقى رجل له ثلاثمائة درهم دين حال عليها ثلاثة أحوال فقبض مائتين فعند أبي حنيفة يزكي للسنة الأولى خمسة وللثانية والثالثة أربعة أربعة من مائة وستين ولا شيء عليه في الفضل لأنه دون الأربعين اه
مطلب في وجوب الزكاة في دين المرصد قوله ( كقرض ) قلت الظاهر أن منه مال المرصد المشهور في ديارنا لأنه إذا أنفق المستأجر لدار الوقف على عمارتها الضرورية بأمر القاضي للضرورة الداعية إليه يكون بمنزلة استقراض المتولي من المتسأجر فإذا قبض ذلك كله أو أربعين درهما منه ولو باقتطاع ذلك من أجرة الدار تجب زكاته لما مضى من السنين والناس عنه غافلون
قوله ( فكلما قبض أربعين درهما يلزمه درهم ) وهو معنى قول الفتح و البحر ويتراخى الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم وكذا فيما زاد فبحسابه اه أي فيما زاد على الأربعين من أربعين ثانية وثالثة إلى أن يبلغ مائتين ففيها خمسة دراهم ولذا عبر الشارح بقوله فكلما الخ وليس المراد ما زاد على الأربعين من درهم أو أكثر كما توهمه عبارة بعض المحشين حيث زاد بعد عبارة الشارح وفيما زاد بحسابه لأنه يوهم أن المراد مطلق الزيادة في الكسور وهو خلاف مذهب الإمام كما علمته مما نقلناه آنفا عن المحيط فافهم
قوله ( أي من بدل مال لغير تجارة ) أشار إلى أن الضمير في قول المصنف منه عائد إلى بدل وفي لغيرها إلى التجارة ومثل بدل التجارة القرض
قوله ( كثمن سائمة ) جعلها من الدين المتوسط تبعا للفتح والبحر و النهر لتعريفهم له بما هو بدل ما ليس للتجارة وجعلها ابن ملك في شرح المجمع من القوي ومثله في شرح درر البحار وهو مناسب لما في غاية البيان حيث جعل الدين الذي هو بدل عن مال قسمين إما أن يكون ذلك المال لو بقي في يده تجب زكاته أو لا يكون كذلك اه
فبدل القسم الأول هو الدين القوي ويدخل فيه ثمن السائمة لأنها لو بقيت في يده بجب زكاتها وكذا قوله في المحيط الدين القوي ما يملكه بدلا عن مال الزكاة تأمل
قوله ( بحوائجه الأصلية ) قيد به اعتبارا بما هو الأحرى بالعاقل أن لا يكون عنده سوى ما هو مشغول بحوائجه وإلا فما ليس للتجارة يدخل فيه ما لا يحتاج إليه كما أفاده بما بعده
قوله ( وأملاك ) من عطف العام على الخاص لأنه جمع ملك بكسر الميم بمعنى مملوك هذا بالنظر إلى اللغة أما في العرف فخاصة بالعقار فيكون عطف مباين اه ح
وهو معطوف على طعام أو على ما في قوله مما هو
قوله ( ويعتبر ما مضى من الحول ) أي في الدين المتوسط لأن الخلاف فيه أما القوي فلا خلاف فيه لما في المحيط من أنه تجب الزكاة فيه بحول الأصل لكن لا يلزمه الأداء حتى يقبض منه أربعين درهما وأما المتوسط ففيه روايتان في رواية الأصل
____________________
(2/305)
تجب الزكاة فيه ولا يلزمه الأداء حتى يقبض مائتي درهم فيزكيها
وفي رواية ابن سماعة عن أبي حنيفة لا زكاة فيه حتى يقبض ويحول عليه الحول لأنه صار مال الزكاة الآن فصار كالحادث ابتداء
ووجه ظاهر الرواية أنه بالإقدام على البيع صيره للتجارة فصار مال الزكاة قبيل البيع اه
ملخصا
والحاصل أن مبنى الاختلاف في الدين المتوسط على أنه هل يكون مال زكاة بعد القبض أو قبله فعلى الأول لا بد من مضي حول بعد قبض النصاب
وعلى الثاني ابتداء الحول من وقت البيع فلو له ألف من دين متوسط مضى عليها حول ونصف فقبضها يزكيها عن الحول الماضي على رواية الأصل فإذا مضى نصف حول بعد القبض زكاها أيضا
وعلى رواية ابن سماعة لا يزكيها عن الماضي ولا عن الحال إلا بمضي حول جديد بعد القبض
وأما إذا كانت الألف من دين قوي كبدل عروض تجارة فإن ابتداء الحول هو حول الأصل لا من حين البيع ولا من حين القبض فإذا قبض منه نصابا أو أربعين درهما زكاه عما مضى بانيا على حول الأصل فلو ملك عرضا للتجارة ثم بعد نصف حول باعه ثم بعد حول ونصف قبض ثمنه فقد تم عليه حولان فيزكيهما وقت القبض بلا خلاف كما يعلم مما نقلناه عن المحيط وغيره فما وقع للمحشين هنا من التسوية بين الدين القوي والمتوسط وأنه على الرواية الثانية لا يزكي الألف ثانيا إلا إذا مضى حول من وقت القبض فهو خطأ لما علمت من أن الرواية الثانية لا يزكي في المتوسط فقط ولأنه عليها لا يزكي أولا للحول الماضي خلافا لما يفهمه لفظ ثانيا فافهم
قوله ( في الأصح ) قد علمت أنه ظاهر الرواية وعبارة الفتح و البحر
في صحيح الرواية
قلت لكن قال في البدائع إن رواية ابن سماعة أنه لا زكاة فيه حتى يقبض المائتين ويحول الحول من وقت القبض هي الأصح من الروايتين عن أبي حنيفة اه
ومثله في غاية البيان
وعليه فحكمه حكم الدين الضعيف الآتي
قوله ( ومثله ما لو ورث دينا على رجل ) أي مثل الدين المتوسط فيما مر ونصابه من حين ورثه
رحمتي
وروي أنه كالضعيف
فتح و بحر
والأول ظاهر الرواية وشمل ما إذا وجب الدين في حق المورث بدلا عما هو مال التجارة أو بدلا عما ليس لها
تاترخانية
لأن الوارث يقوم مقام المورث في حق الملك لا في حق التجارة فأشبه بدل مال لم يكن للتجارة محيط
وفيه وأما الدين الموصى به فلا يكون نصابا قبل القبض لأن الموصى له ملكه ابتداء من غير عوض ولا قائم مقام الموصى في الملك فصار كما لو ملكه بهبة اه أي فهو كالدين الضعيف
تنبيه مقتضى ما مر أن الدين القوي والمتوسط لا يجب
أداء زكاته إلا بعد القبض أن المورث لو مات بعد سنين قبل قبضه لا يلزمه الإيصار بإخراج زكاته عند قبضه لأنه لم يجب عليه الأداء في حياته ولا على الوارث أيضا لأنه لم يملكه إلا بعد موت مورثه فابتداء حوله من وقت الموت
قوله ( إلا إذا كان عنده ما يضم إلى الدين الضعيف ) استثناء من اشتراط حولان الحول بعد القبض
والأولى أن يقول ما يضم الدين الضعيف إليه كما أفاده ح
والحاصل أنه إذا قبض منه شيئا وعنده نصاب يضم المقبوض إلى النصاب ويزكيه بحوله ولا يشترط له حول بعض القبض
____________________
(2/306)
ثم اعلم أن التقييد بالضعيف عزاه في البحر إلى الولوالجية والظاهر أنه اتفاقي إذ لا فرق يظهر بينه وبين غيره كما يقتضيه إطلاق قولهم والمستفاد في أثناء الحول يضم إلى نصاب من جنسه ويدل على ذلك أنه في البدائع قسم الدين إلى ثلاثة ثم ذكر أنه لا زكاة في المقبوض عند الإمام ما لم يكن أربعين درهما ثم قال وقال الكرخي إن هذا إذا لم يكن له مال سوى الدين وإلا فما قبض منه فهو بمنزلة المستفاد فيضم إلى ما عنده اه
وكذلك في المحيط فإنه ذكر الديون الثلاثة وفرع عليها فروعا آخرها أجرة دار أو عبد للتجارة قال إن فيها روايتين في رواية لا زكاة فيها حتى تقبض ويحول الحول لأن المنفعة ليست بمال حقيقة فصار كالمهر
وفي ظاهر الرواية تجب الزكاة ويجب الأداء إذا قبض نصابا لأن المنافع مال حقيقة لكنها ليست بمحل لوجوب الزكاة لأنها لا تصلح نصابا إذ لا تبقى سنة ثم قال وهذا كله إذا لم يكن له مال غير الدين فإن كان له غير ما قبض فهو كالفائدة فيضم إليه اه
فهذا كالصريح في شموله لأقسام الدين الثلاثة ولعل التقييد بالضعف ليدل على غيره بالأولى لأن المقبوض منه يشترط فيه كونه نصابا مع حولان الحول بعد القبض فإذا كان يضم إلى ما عنده ويسقط اشتراط الحول الجديد فما لا يشترط فيه ذلك يضم بالأولى
تأمل
تنبيه ما ذكرناه عن المحيط صريح في أن أجرة عبد التجارة أو دار التجارة على الرواية الأولى من الدين الضعيف وعلى ظاهر الرواية من المتوسط
ووقع في البحر عن الفتح أنه كالقوي في صحيح الرواية ثم رأيت في الولوالجية التصريح بأن فيه ثلاث روايات
قوله ( كما مر ) أي في قوله والمستفاد في وسط الحول يضم إلى نصاب من جنسه
والمراد أن ما هنا من أراد تلك القاعدة يعلم حكمه منها وإلا فلم يصرح به هناك
قوله ( وقيده ) أي قيد عدم الزكاة فيما إذا أبرأ الدائن المديون ط
قوله ( بالمعسر ) أي بالمديون المعسر فكان الإبراء بمنزلة الهلاك ط
قوله ( فهو استهلاك ) أي فتجب زكاته ط
قوله ( وهذا ظاهر الخ ) أي قول البحر وقيده الخ ظاهر في أن مراده أنه تقييد للإطلاق المذكور في قوله سواء كان الدين قويا أو لا الشامل لأقسام الدين الثلاثة أي أن سقوط الزكاة بإبراء الموسر عنه بعد الحول في الديون الثلاثة مقيد بالمعسر احترازا عن الموسر فإن المديون إذا كان موسرا وأبرأه الدائن لا تسقط الزكاة لأنه استهلاك هذا غير صحيح في الدين الضعيف لأنه لا تجب زكاته إلا بعد قبض نصاب وحولان الحول عليه بعد القبض فقبله لا تجب فيكون إبراؤه استهلاكا قبل الوجوب فلا يضمن زكاته ومثله الدين المتوسط على ما قدمناه من تصحيح البدائع و غاية البيان
وكان الأوضح في التعبير أن يقول وهذا ظاهر في أن إبراء المديون الموسر استهلاك مطلقا وهو غير صحيح الخ
ثم إن عبارة المحيط لا غبار عليها لأنها في الدين القوي
ونصها ولو باع عرض التجارة بعد الحول بالدراهم ثم أبرأه من ثمنه والمشتري موسى يضمن الزكاة لأنه صار مستهلكا وإن كان معسرا أو لا يدري فلا زكاة عليه لأنه صار دينا عليه وهو فقير فصار كأنه وهبه منه ولو وهب الدين ممن عليه وهو فقير تسقط عنه الزكاة اه
وفيه ولو كان له ألف على معسر فاشترى منه بها دينارا ثم وهبه منه فعليه زكاة الألف لأنه صار قابضا لها بالدينار
قوله ( ويجب عليها الخ ) صورتها تزوج امرأة بألف وقبضتها وحال الحول ثم طلقها قبل الدخول فعليها رد نصفها اتفاقا لكن زكاة النصف المردود لا تسقط عنها خلافا لزفر
شرح المجمع
قوله ( من نقد ) هو الذهب أو الفضة
____________________
(2/307)
احترازا كما لو كان المهر سائمة أو عرضا ففي المحيط أنها تزكى النصف لأنه استحق عليها نصف عين النصاب والاستحقاق بمنزلة الهلاك اه
وكان الأولى بالشارح إسقاطه لأنه يغني عنه قول المصنف من ألف
قوله ( من ألف ) متعلق بقوله نصف مهر على أنه صفته وقوله ثم ردت النصف لا حاجة إليه بعد قوله مردود وقوله لطلاق متعلق بقوله مردود نظرا للمتن ط
قوله ( لا تتعين الخ ) أي فلم يجب عليها أن ترد نصف ما قبضته بعينه بل مثله والدين بعد الحول لا يسقط الواجب
و الولوالجية ثم قال ولا يزكي الزوج شيئا لأن ملكه الآن عاد اه
قلت بقي ما إذا لم تقبض المرأة شيئا وحال الحول عليه في يد الزوج ثم طلقها قبل الدخول ولم أر من صرح به والظاهر أن لا زكاة على أحد أما الزوج فلأنه مديون بقدر ما في يده ودين العباد مانع كما مر واستحقاقه لنصفه إنما هو بسبب عارض وهو الطلاق بعد الحول فصار بمنزلة ملك جديد وأما المرأو للأن مهرها على الزوج دين ضعيف وقد استحق الزوج نصفه قبل القبض فلا زكاة عليها ما لم يمض حول جديد بعض القبض للباقي
تأمل
قوله ( في العقود والفسوخ ) أي عقود المعاوضات من بيع وإجازة وعقد النكاح وفي الفسوخ كفسخ النكاح بالطلاق قبل الدخول ونحوه وتمامه في أحكام النقد من الأشباه
قوله ( لورود الاستحقاق الخ ) لأن الرجوع في الهبة فسخ من وجه ولو بغير قضاء والدراهم مما تتعين في الهبة فاستحق عين مال الزكاة من غير اختباره فصار كما لو هلك
و الولوالجية وبه ظهر الفرق بين الهبة والمهر
قوله ( فيد به ) أي بقوله عن موهوب له
قوله ( اتفاقا لعدم الملك ) لأن ملك الواهب انقطع بالهبة وأشار بقوله اتفاقا إلى أن في سقوطها عن الموهوب له خلافا لأن زفر يقول بعدمه إن رجع الواهب بلا قضاء لأنه لما أبطل ملكه باختياره صار ذلك كهبة جديدة وكمستهلك
قلنا بل هو غير مختار لأنه لو امتنع عن الرد أجبر بالقضاء فصار كأنه هلك
شرح درر البحار
قوله ( وهي من الحيل ) أي هذه المسألة من حيل إسقاط الزكاة بأن يهب النصاب قبل الحول بيوم مثلا ثم يرجع في هبته بعد تمام الحول والظاهر أنه لو رجع قبل تمام الحول تسقط عنه الزكاة أيضا لبطلان الحول بزوال الملك
تأمل
وقدمنا الاختلاف في كراهة الحيلة عند قوله ولا في هالك بعد وجوبها بخلاف المستهلك
قوله ( ومنها الخ ) لكن لا يمكنه الرجوع في هذه الهبة لكنها لذي رحم محرم منه نعم إن احتاج إليه فله الإنفاق منه على نفسه بالمعروف والله أعلم باب العاشر
باب ألحقه بالزكاة اتباعا للمبسوط وغيره لأن بعض ما يؤخذ زكاة وليس متحمضا فلذا أخره عما تمحض وقدمه على
____________________
(2/308)
الركاز لما فيه من معنى العبادة مأخوذ من عشرت القوم أعشرهم عشرا بالضم فيهما إذا أخذت عشر أموالهم
نهر
قوله ( ذكره سعدي ) أي في حاشية العناية حيث قال المأخوذ هو ربع العشر لا العشر إلا أن يقال أطلق العشر وأراد به ربعه مجازا من باب الكل وإرادة جزئه أو يقال العشر صار علما لما يأخذه العاشر سواء كان المأخوذ عشرا لغويا أو ربعه أو نصفه فلا حاجة إلى أن يقال العاشر تسمية الشيء باعتبار بعض أحواله كما لا يخفى اه
وفسره الشارح تبعا للنهر بالعلم الجنسي إذ لا شك أنه ليس علم شخص والأقرب كونه اسم جنس شرعي إذ لا دليل على علميته لأن العلماء لما رأوا العرب فرقت بين أسامة وأسد الموضوعين لماهية الحيوان المفترس بإجرائهم أحكام الأعلام على الأول من نحو منع الصرف وجواز مجيء الحال منه وعدم دخول أل عليه حكموا على الأول بالعلمية الجنسية دون الثاني وفرقوا بينهما بقيد الاستحضار عند الوضع وعدمه كما بين في محله وليس هنا ما يقتضي علمية العشر حتى يعدل عن تنكيره الأصلي على أن ادعاء التصرف والنقل في العشر ليس بأولى من ادعائه في العاشر بل المتبادر من قول الكنز وغيره هو من نصبه الإمام ليأخذ الصدقات من التجار وأن العاشر اسم لذلك نقل شرعا إليه إذ لو كان التصرف وقع في العشر لكان حقه بيان معنى العشر المنقول إليه لا بيان العاشر أو يبين كلا منهما فيقول هو من نصبه الإمام ليأخذ العشر الشامل لربعه ونصفه وأيضا فالمتعارف إطلاق العاشر على من يأخذ العشر وغيره دون إطلاق العشر على نصفه وربعه فتأمل
وأجاب في النهاية وتبعه في الفتح و البحر بأنه لما كان يأخذ العشر أو نصفه أو ربعه سمي عاشر الدور إن اسم العشر في متعلق أخذه وهذا مؤيد لما قلنا والله أعلم
مطلب لا يجوز اتخاذ الكافر في ولاية قوله ( هو حر مسلم ) فلا يصح أن يكون عبدا لعدم الولاية ولا يصح أن يكون كافرا لأنه لا يلي على المسلم بالآية
بحر عن الغاية
والمراد بالآية قوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 141
قوله ( بهذا الخ ) أي باشتراط الإسلام للآية المذكورة زاد في البحر ولا شك في حرمة ذلك أيضا اه أي لأن في ذلك تعظيمه وقد نصبوا على حرمة تعظيمه بل قال في الشرنبلالية وما ورد من ذمه أي العاشر فمحمول على من يظلم كزماننا وعلم مما ذكرناه حرمة تولية الفسقة فضلا عن اليهود والكفرة اه
قلت وذكر في شرح السير الكبير أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص ولا تتخذ أحدا من المشركين كاتبا على المسلمين فإنهم يأخذون الرشوة في دينهم ولا رشوة في دين الله تعالى
قال وبه نأخذ فإن الوالي ممنوع من أن يتخذ كاتبا من غير المسلمين لقوله تعالى { لا تتخذوا بطانة من دونكم } آل عمران 118 اه
قوله ( لما فيه من شبهة الزكاة ) أي وهو من جملة المصارف فيعطي كفايته منه نظير عمله ولذا لو هلك ما جمعه لا شيء له كما صرح به في الزيلعي فكان فيه شبه الأجرة وشبه الصدقة
ثم اعلم أن هذا الشرط أعني كونه غير هاشمي عزاه في البحر إلى الغاية ولم أر من ذكره غيره وهو مخالف لما ذكره في النهاية وغيرها في باب المصرف من أنه إذا استعمل الهاشمي على الصدقة لا ينبغي له الأخذ منها ولو عمل ورزق من غيرها فلا بأس به اه
ومراه بلا ينبغي لا يحل كما عبر الزيلعي هناك وهذا كالصريح في جواز نصبه
____________________
(2/309)
عاملا فيحمل ما هنا على أنه شرط لحل أخذه من الصدقة ويدل عليه تعليل صاحب الغاية بقوله لما فيه من شبهة الزكاة فإن مفاده أنه يجوز كونه هاشميا إذا جعل له الإمام شيئا من بيت المال أو كان لا يأخذ شيئا مما يأخذه من المسلمين وسنذكر في باب المصرف تمامه
قوله ( لأن الجباية بالحماية ) أي جباية الإمام هذا المأخوذ بسبب حمايته للأموال ولذا لو غلب الخوارج على مصر أو قرية وأخذوا منهم الصدقات لا شيء عليهم إلا إعادة الخراج كما مر
قوله ( للمسافرين ) أي طريق السفر لأجل الحماية ولذا قال في الشرنبلالية أشار بقوله ليأمنوا من اللصوص إلى قيد لا بد منه
ذكره في المبسوط
وهو أن يأمن به التجارة من اللصوص ويحميهم منه
قوله ( خرج الساعي ) في البحر عن البدائع
والمصدق بتخفيف الصاد وتشديد الدال اسم جنس لهما
قوله ( تغليبا الخ ) دفع لما يقال إن ما يأخذه من الكافر ليس بصدقة
قوله ( الظاهرة والباطنة ) فإن مال الزكاة نوعان ظاهر وهو المواشي وما يمر به التاجر على العاشر وباطن وهو الذهب والفضة وأموال التجارة في مواضعها
بحر
ومراده هنا بالباطنة ما عدا المواشي بقرينة قوله المارين بأموالهم وإلا فكل ما مر به على العاشر فهو من نوع الظاهر وسماها باطنة باعتبار ما كان قبل المرور أما الباطنة التي في بيته لو أخبر بها العاشر فلا يأخذ منها كما سرح به في البحر وسيأتي متنا أيضا وأشار بهذا التعميم إلى رد ما في العناية وغيرها من أن المراد هنا الأموال الباطنة لأن الظاهرة وهي السوائم لا يحتاج العاشر فيها إلى مور صاحب المال عليه فإنه يأخذ عشرها وإن لم يمر صاحب المال عليه اه
فأنه كما في النهر مبني على عدم التفرقة بين العاشر والساعي وقد علمت التفرقة بينهما بما مر وهي مذكورة في البدائع
مطلب ما ورد في ذم العشار قوله ( وما ورد من ذم العشار الخ ) من ذلك ما رواه الطبراني إن الله تعالى يدنو من خلقه فيغفر لمن شاء إلا لبغي بفرجها أو عشار وما رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والحاكم عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أنه سمع رسول الله يقول لا يدخل صاحب مكس الجنة قال يزيد بن هارون يعني العشار
وقال البغوي يريد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا عليه مكسا باسم العشر أي الزكاة
قال الحافظ المنذري أما الآن فإنهم يأخذونه مكسا باسم العشر ومكسا آخر ليس له اسم بل شيء يأخذونه حراما وسحتا ويأكلونه في بطونهم نارا حجتهم فيه داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد كذا في الزواجر لابن حجر
مطلب لا تسقط الزكاة بالدفع إلى العاشر في زماننا ثم قال واعلم أن بعض فسقة التجار يظن أن ما يؤخذ من المكس يحسب عنه إذا نوى به الزكاة وهذا ظن باطل
____________________
(2/310)
لا مستند له في مذهب الشافعي لأن الإمام لا ينصب المكاسين لقبض الزكاة بل لأخذ عشورات مال وجدوه قل أو كثر وجبت فيه الزكاة أو لا اه
وتمامه هناك
قلت على أنه اليوم صار المكاس يقاطع الإمام بشيء يدفعه إليه ويصير يأخذ ما يأخذه لنفسه ظلما وعدوانا ويأخذ ذلك ولو مر التاجر عليه أو على مكاس آخر في العام الواحد مرارا متعددة ولو كان لا تجب عليه الزكاة فعلم أيضا أنه لا يحسب من الزكاة عندنا لأنه ليس هو العاشر الذي ينصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من المارين وقد مر أيضا أنه لا بد من شرط أن يأمن به التجار من اللصوص ويحميهم منهم وهذا يعقد على أبواب البلدة ويؤذي البحار أكثر من اللصوص وقطاع الطريق ويأخذه منهم قهرا ولذا قال في البزازية إذا نوى أن يكون المكس زكاة فالصحيح أنه لا يقع عن الزكاة كذا قال الإمام السرخسي اه
وأشار بالصحيح إلى القول بأنه إذا نوى عند الدفع التصدق على المكاس جاز لأنه فقير بما عليه من التبعات وقد مر الكلام عليه
قوله ( فمن أنكر تمام الحول ) أي على ما في يده وعلى ما في بيته فلو كان في بيته مال آخر قد حال عليه الحول وما مر به لم يحل عليه الحول واتحد الجنس فإن العاشر لا يلتفت إليه لوجوب الضم في متحد الجنس إلا لمانع
بحر
قوله ( أو قال لم أنو التجارة ) أو قال ليس هذا المال لي بل هو وديعة أو بضاعة أو مضاربة أو أنا أجير فيه أو مكاتب أو عبد مأذون
زيلعي
وكذا لو قال ليس في هذا المال صدقة فإنه يصدق مع يمينه كما في المبسوط وإن لم يبين سبب النفي
بحر
قوله ( أو على دين ) أي دين له مطالب من جهة العباد لأنه المانع من وجوب النصاب كما مر
قال في البحر وقدمنا أن منه دين الزكاة
قوله ( لأن ما يأخذه زكاة ) أي فلا فرق في ذلك بين كونه الدين محيطا أو منقصا للنصاب والمراد ما يأخذه منا أما ما يأخذه من الذمي والحربي فيعطى حكم الزكاة هنا وإن كان جزية ويصرف في مصارفها كما يأتي
قوله ( وهو الحق ) أي ما ذكر من تعميم الدين بقوله محيط أو منقص لأن المنقص للنصاب مانع من الوجوب فلا فرق كما في المعراج
بحر
وهو رد على ما في الخبازية و غاية البيان من التقييد ب المحيط والظاهر أنهما أرادا به الاحتراز عما لا يفضل عنه نصاب لا عن المنقص أيضا فلا ينافي إطلاق الكنز كإطلاق المصنف ولا ما صرح به في المعراج من عدم الفرق وما في الشرنبلالية من أن المنطوق لا يعارضه المفهوم فيه نظر لما علمت من التصريح في المعراج بخلاف هذا المنطوق ومن تأويله بما ذكرنا فتدبر
قوله ( محقق ) فلو لم يدر هل هناك عاشر أم لا لم يصدق كما في السراج لأن الأصل عدمه
نهر
والمراد بالعاشر هنا عاشر أهل العدل فلو مر على عاشر الخوارج عشر ثانيا كما سيأتي
قوله ( أو قال أديت إلى الفقراء في المصر ) لأن الأداء كان مفوضا إليه فيه
بحر
قوله ( لا بعد الخروج ) أي لو قال أديت زكاتها بعد ما أخرجتها من المدينة لا يصدق لأنها بالإخراج التحقت بالأموال الظاهرة فكان الأخذ فيها إلى الإمام
زيلعي
وفي شرح الجامع لقاضيخان وإنما تثبت ولاية المطالبة للإمام بعد الإخراج إلى المفازة إذا لم يكن أدى بنفسه فإذا ادعى ذلك فقد أنكر ثبوت حق المطالبة فكان القول قوله مع اليمين اه
قوله ( لما يأتي ) أي قريبا في قوله بعد إخراجها
قوله ( وحلف ) القياس أن لا يمين عليه لأنها عبادة ولا يمين فيها وجه الاستحسان أنه منكر وله مكذب وهو العاشر فهو مدعى عليه معنى لو أقر به لزمه فيحلف لرجاء النكول بخلاف باقي العبادات لأنه لا مكذب له
نهر
قوله ( في الكل ) أي في إنكار تمام الحول وما ذكره بعده
قوله ( في الأصح ) كذا في الكافي
____________________
(2/311)
وهو ظاهر الرواية كما في البدائع وشرط إخراجها رواية الأصل
واختلف في اشتراط اليمين معها كما في المعراج
قوله ( لاشتباه الخط ) لأن الخط يشبه الخط وقد يزور وقد لا يأخذ البراءة غفلة منه وقد تضل بعد الأخذ فلا يمكن أن تجعل حكما فيعتبر قوله مع يمينه
كافي
قوله ( وعدت عدما ) قد يقال إنه دليل كذبه وهو نظير ما لو ذكر الحد الرابع وغلط فيه فإنه لا تسمع الدعوى وإن جاز تركه إلا أن يقال إنها عبادة بخلاف حقوق العباد المحضة
بحر وتمامه في النهر
قوله ( أخذت منه ) لأن حق الأخذ ثابت فلا يسقط باليمين الكاذبة
بحر
وهذا في غير الحربي أما فيه فسيأتي أنه إذا دخل دار الحرب ثم خرج لا يؤخذ منه لما مضى اه ح
قوله ( إلا في السوائم الخ ) استثناء من تصديقه في قوله أديت إلى الفقراء أي فلا يصدق في قوله أديت زكاتها بنفسي إلى الفقراء في المصر لأن حق الأخذ للسلطان فلا يملك إبطاله بخلاف الأموال الباطنة
بحر
قلت ومقتضاه أنه لو ادعى الأداء إلى الساعي يصدق
قوله ( والأموال الباطنة ) أي وإلا في الأموال الباطنة وقوله بعد إخراجها أي إخراج الأموال الباطنة متعلق بأديت المقدر المدلول عليه بالاستثناء
والمعنى لو ادعى أنه أدى زكاة الأموال الباطنة بنفسه بعد إخراجها من البلد لا يصدق ولا يصح تعلقه بالأموال الباطنة تعلقا نحويا كما هو ظاهر ولا معنويا على أنه صفة أو حال لإيهامه أنه لا يصدق بعد إخراجها سواء قال أديت قبل الإخراج أو بعده مع أنه بعد مرور بها على العاشر لو قال أديت إلى الفقراء في المصر يصدق كما مر في المتن فافهم
قوله ( فكان الأخذ فيها للإمام ) كما في الأموال الظاهرة وهي السوائم
قوله ( والأول ينقلب نفلا ) هو الصحيح وقيل الثاني سياسة وهذا لا ينافي انفساخ الأول ووقوع الثاني سياسة بأدنى تأمل
كذا في الفتح
ولو لم يأخذ منه ثانيا لعلمه بأدائه ففي براءة ذمته اختلاف المشايخ
وفي جامع أبي اليسر لو أجاز إعطاءه فلا بأس به لأنه لو أذن له في الدفع جاز وكذا إذا أجاز دفعه
نهر
قوله ( ويأخذها منه بقوله ) أي يأخذ منه العاشر الصدقة بقوله
قال في البحر عن المبسوط إذا أخبر التاجر العاشر أن متاعه مروي أو هروي واتهمه العاشر فيه وفيه ضرر عليه حلفه وأخذ منه الصدقة على قوله لأنه ليس له ولاية إضرار به وقد نقل عن عمر أنه قال لعماله ولا تفتشوا على الناس متاعهم اه
قوله ( لا تنبشوا ) النبش إبراز المستور وكشف الشيء عن الشيء
قاموس
وبابه نصر كذا في جامع اللغة ح
والذي قدمناه عن البحر لا تفتشوا بالفاء وهو قريب منه
قوله ( وكل ما صدق ) في بعض النسخ وكل مال والمناسب هو الأول لأن ما غير واقعة على المال ولذا بينها بقوله مما مر أي من إنكار الحول وما بعده
قوله ( لأن لهم ما لنا ) أي فيراعى في حقهم تلك الشرائط من الحول والنصاب والفراغ من الدين وكونه للتجارة
فإن قيل إذا ألحقوا بالمسلمين وجب أن يؤخذ منهم ربع العشر كالمسلمين
قلنا المأخوذ منا زكاة حقيقة والمأخوذ منهم كالجزية حتى يصرف إلى مصارفها لا زكاة لأنها طهرة وليسوا من أهلها
وتمامه في الكفاية
قوله ( لعدم ولاية ذلك ) فإن ما يؤخذ منه جزية وفيها لا يصدق إذا قال أديتها لأن فقراء
____________________
(2/312)
أهل الذمة ليسوا مصرفا لها وليس له ولاية الصرف إلى مستحقها وهو مصالح المسلمين
زيلعي
وفي البحر أنه ليس بجزية بل في حكمها لصرفه في مصارفها حتى لا تسقط جزية رأسه تلك السنة كما نص عليه الإسبيجابي اه
قلت صرح في شرح درر البحار بأنه جزية حقيقة والظاهر أنه أراد أنها جزية في ماله كما يسمى خراج أرضه جزية
وعليه فالجزية أنواع جزية مال وجزية أرض وجزية رأس ولا يلزم من أخذ بعضها سقوط باقيها كما لا يخفى إلا في بني تغلب لأن المأخوذ في مالهم هو جزية رؤوسهم ولذا قال في البحر إذا أخذ العاشر ما عليهم سقطت عنهم الجزية لأن عمر صالحهم من الجزية على الصدقة المضاعفة
قوله ( لا يصدق حربي ) أي لا يلتفت إلى قوله ولو ثبت صدقه ببينة عادلة
أفاده الكمال ط
قوله ( في شيء ) بيان للمستثنى منه المحذوف
ط عن الحوي أي في شيء مما مر لعدم الفائدة في تصديقه لأنه لو قال لم يتم الحول ففي الأخذ منه لا يعتبر الحول لأن اعتباره لتمام الحماية ليحصل النماء وحماية الحربي تتم بالأمان من السبي إن قال علي دين فما عليه في داره لا يطالب به في دارنا وإن قال المال بضاعة فلا حرمة لصاحبها ولا أمان وإن قال ليس للتجارة كذبه الظاهر وإن قال أديتها أنا كذبه اعتقاده وتمامه في العناية
قوله ( إلا في أم ولده الخ ) فإنه يصدق في دعواه أن الجارية التي معه أم ولده لأن إقراره بنسب من في يده صحيح فكذا بأمومية الولد
نهر
وعبارة الجامع الصغير و الهداية إلا في الجواري يقول هن أمهات أولادي
وفي البحر فلو أقر بتدبير عبده لا يصدق لأن التدبير في دار الحر لا يصح
قوله ( لغلام ) أي ليس بثابت النسب من غيره ولا يكذبه على قياس ما ذكروا في ثبوت النسب ط
قوله ( هذا ولدي ) فلو قال أخي لا يصدق لأنه إقرار بنسبه على الأب وثبوته يتوقف على تصديق الأب فيؤخذ عشره كذا ظهر لي ولم أره صريحا نعم رأيت في شرح السير الكبير لو مر برقيق فقال هؤلاء أحرار لم يعشر لأنه إن كان صادقا فهم أحرار وإلا فقد صاروا أحرارا بقوله
قوله ( لفقد المالية ) علة للمسألتين أي والأخذ لا يجب إلا من المال ط عن النهر
مطلب ما يؤخذ من النصارى لزيارة بيت المقدس حرام قال الخير الرملي أقول منه يعلم حرمه ما يفعله العمال اليوم من الأخذ على رأس الحربي والذمي خارجا عن الجزية حتى يمكن من زيارة بيت المقدس
قوله ( وعشر ) بالتخفيف أي أخذ عشره
قوله ( لأنه أقر بالعتق ) لأن قوله هذا ولدي للأكبر منه سنا مجاز عن هو حر عند أبي حنيفة
قوله ( فلا يصدق في حق غيره ) أي في إبطال حق العاشر وهو أخذ العشر لبقاء المالية في حقه حكما
قوله ( لئلا يؤدي إلى استئصال المال ) علة للاستثناء أي لأنه لو لم يصدق في ذلك لزم أنه كلما مر على عاشر أخذ منه العشر فيؤدي إلى استئصال ماله أي أخذه من أصله
قوله ( جزم به منلا خسرو ) كذا في بعض نسخ البحر بزيادة قوله في شرح الدرر وفي نسخة أخرى منلا شيخ في شرح الدرر وهي الصواب
فإن عبارة منلا خسرو كعبارة الكنز الآتية والعبارة التي ذكرها الشارح للإمام محمد بن محمد بن محمود البخاري الشهير بمنلا شيخ في كتابه المسمى غرر الأذكار و شرح درر البحار للإمام محمد بن يوسف القوني
قوله ( والغاية ) يعني غاية البيان للإتقاني وإلا فالغاية للسروجي وهي شرح الهداية أيضا
قوله ( ورجحه في النهر ) أي بقوله إلا أن كلام أهل المذهب أحق ما إليه يذهب اه أي لأنه هو مقتضى حصر صاحب الكنز
____________________
(2/313)
بقوله لا الحربي إلا في أم ولده وكذا عبارة الدرر و الجامع الصغير لمحرر المذهب الإمام محمد
وعبارة الهداية كما قدمناه فالمراد بأهل المذهب الناقلون لكلام صاحب المذهب وأما السروجي ومن تبعه كالعيني و الزيلعي وشارح درر البحار فقد ذكروا ذلك بطريق البحث كما يشعر به لفظ ينبغي فافهم نعم قد يقال إن ما ذكره السروجي وغيره يعلم حكمه مما ذكره غيرهم أيضا وهو ما سيأتي من أنه إذا أخذ من الحربي مرة لا يؤخذ منه ثانيا الخ وكذا قال الزيلعي فإنه لو لم يصدق فيه يؤدي إلى استئصال المال وهو لا يجوز على ما يجيء اه
فالحصر في كلام الهداية عن الكنز وغيرهما إضافي صرح فيه بأحذ المستثنيين وسكت عن الآخر اعتمادا على ما صرحوا به بعد وكم له من نظير فلم يكن كلام السروجي ومن تبعه مخالفا للمذهب بل هو تحقيق له على ما هو عادة الشراح من تقييد المطلق وبيان المجمل وإظهار الخفي ونحو ذلك
وأما ما ذكره في العناية و غاية البيان فهو جري على ظاهر عبارة الهداية فإن كان صريحه منقولا عن صاحب المذهب فلا كلام وإلا فالتحقيق خلافه فافهم والله تعالى أعلم
قوله ( وأخذ منا الخ ) بالبناء للمجهول كما يدل عليه آخر العبارة ط
والمأخوذ من المسلم زكاة ومن غيره جزية يصرف في مصارفها ولكن تراعى فيه شروط الزكاة من الحول ونحوه كما قدمنا
قوله ( بذلك ) أي بهذه الأقسام الثلاثة أمر عمر سعاته ط
قوله ( لأن ما دونه عفو ) أما في المسلم والذمي فظاهر وأما في الحربي فلعدم احتياجه إلى الحماية لقلته
نهر
قوله ( وبشرط جهلنا الخ ) هذا خاص بالحربي فقط بقرينة قوله ما أخذوا منا أي أهل الحرب كما هو ظاهر فليس في عطفه على ما يعم الثلاثة إبهام أصلا فافهم
قوله ( قدر ما أخذوا منا ) قال البرجندي ظاهر العبارة يدل على أن الأخذ معلوم والمأخوذ مجهول ويفهم من ذلك أنه لو لم يكن أصل الأخذ معلوما لا يؤخذ منه شيء اه
قال الشيخ إسماعيل لكن المفهوم من إناطة صاحب الفتح وغيره عدم الأخذ منهم بمعرفة عدم الأخذ منا أنه يؤخذ منهم عند عدم العلم بأصل الأخذ فليتأمل اه
وهو الظاهر كما يظهر قريبا
قوله ( مجازاة ) أي الأخذ بكمية خاصة بطريق المجازاة لا أصل الأخذ فإنه حق منا وباطل منهم
فالحاصل أن دخوله في الحماية أوجب حق الأخذ منهم ثم إن عرف كمية ما يأخذون منا أخذنا منهم مثله مجازاة إلا إذا عرف أخذهم الكل وإن لم يعرف كمية ما يأخذون فالعشر لأنه قد ثبت حق الأخذ بالحماية وتعذر اعتبار المجازاة فقدر بضعف ما يؤخذ من الذمي لأنه أحوج إلى الحماية منه وتمامه في الفتح
قلت ويعلم من قوله لأنه قد ثبت الخ أنه لو لم يعلم أصل أخذ شيء منا أنه يؤخذ منهم العشر لتحقق سببه ولأن أخذ غيره إنما هو بطريق المجازاة ومع عدم العلم أصلا لا مجازاة ولأن عدم الأخذ منهم أصلا عند العلم بعدم أخذ شيء إنما هو ليستمروا عليه ولأنا أحق بالمكارم كما يأتي وهو في الحقيقة بمعنى المجازاة حيث تركناهم كما تركونا وليس مثله عدم العلم بأصل الأخذ لتحقق سبب أخذ العشر وهو دخوله في الحماية وعدم تحقق المانع بخلاف
____________________
(2/314)
قصد المجازاة فإنه مانع من إيجاب العشر بعد تحقق سببه فقد تأيد ما ذكره الشيخ إسماعيل فتدبر
قوله ( ولا نأخذ منهم شيئا الخ ) تصريح بمفهوم قوله بشرط كون المال نصابا ح
قوله ( لأنه ظلم ) فيه أن جميع ما يأخذونه منا ظلم إلا أن يقال إن الأخذ من القليل ظلم يعرفه كل ذي عقل لأن القليل معد للنفقة غالبا والأخذ منه مخالف لمقتضى الأمان الواجب الوفاء به حتى عندهم مثل ما لو أخذوا الكل
قوله ( ليستمروا عليه ) أي على عدم الأخذ منا ح
قوله ( لا يؤخذ منه ثانيا ) لأن حكم الأمان الأول باق والأخذ في كل مرة استئصال
نهر
قوله ( بلا تجدد حول أو عهد ) لكن لا يمكن من المقام في دارنا حولا كاملا بل يقول له الإمام حين دخوله إن أقمت ضربت عليك الجزية فإن أقام ضربها ثم لا يمكن من العود غير أنه إن مر عليه بعد الحول ولم يكن له علم بمقامه حولا عشرة ثانيا زجرا له ويرده إلى دارنا
فتح
قوله ( حتى دخل دار الحرب ) أي بعد أن دخل دار الإسلام وخرج منها ط
قوله ( بخلاف المسلم والذمي ) أي إذا مرا ولم يعلم بهما العاشر حيث يؤخذ منهما
نهر
قوله ( من قيمة خمر ) بجر خمر بلا تنوين لإضافته إلى كافر على حد قول الشاعر * بين ذراعي وجبهة الأسد * قال في البحر وفي الغاية تعرف قيمة الخمر بقول فاسقين تابا أو ذميين أسلما
وفي الكافي يعرف ذلك بالرجوع إلى أهل الذمة اه
وفي حاشية نوح عن شرح المجمع أن الأول أولى
قوله ( وجلود ميتة كافر ) كذا في المعراج عن المحبوبي أنه ذكره أبو الليث رواية عن الكرخي وعلله بأنه كانت مالا في الابتداء وتصير مالا في الانتهاء بالدبغ فكانت كالخمر اه
ونقله في البحر وأقره
واستشكله ح بأن الجلد قيمي وسيأتي أنأخذ قيمة القيمي كأخذ عينه وكونه مالا في الابتداء ويصير مالا في الانتهاء مما لا تأثير له في الحكم لأنهم لم يجعلوا ذلك علة عشر الخمر وإنما جعلوا العلة كونه مثليا اه
وأجاب الرحمتي بأن الجلد مثلي لا قيمي بدليل جواز السلم فيه فكان كالخنزير لا كالخمر
قلت سيأتي في الغضب التنصيص على أنه قيمي وجواز السلم لا يدل على أنه مثلي لجوازه في غيره
وأجاب ط بأنه في البحر علل للخمر بعلة ثانية وهي أن حق الأخذ منها للحماية فيقال مثله في جلود الميتة
قلت لكن هذا لا يدفع الإشكال بأن أخذ قيمة القيمي كأخذ عينه
وقد يجاب بالفرق بين قيمة مالا يتمول أصلا وهو نجس العين كالخنزير وقيمة ما هو قابل للتمول والانتفاع كجلود الميتة ولذا قالوا فكانت كالخمر
تأمل
قوله ( كذا أقر المصنف متنه في شرحه ) اعلم أن المتن المذكور في شرح المصنف هكذا ويؤخذ نصف عشر من قيمة خمر كافر للتجارة لا من خنزيه فيكون قوله ويؤخذ عشر القيمة من حربي من كلام الشارح وكتابتها بالأحمر في بعض النسخ غلط
ورأيت في متن مجرد ما نصه ويؤخذ نصف عشر من قيمة خمر ذمي وعشر قيمته من حربي للتجارة من خنزيه وكل مما أقره ورجع عنه خطأ أما ما أقره فلأنه بإطلاقه الكافر صريح في أن المأخوذ
____________________
(2/315)
من الذمي والحربي نصف عشر وأنه يشترط نية التجارة في حق كل منهما مع أن المأخوذ من الحربي عشر ولا يشترط في حقه نية التجارة وأما ما رجع عنه فلأنه يقتضي اشتراط نية التجارة في حق الحربي ولذلك حمل الشارح الكافر على الذمي فصار المصنف ساكتا عن الحربي فذكره الشارح بقوله ويؤخذ عشر القيمة من حربي الخ اه ط
قوله ( وبلغ نصابا ) أي وحده أو بالضم إلى مال آخر معه ولكن لما كان ظاهر المتن أنه ليس معه غيره وأنه بعشره مطلقا أطلق العبارة ولم يكتف بما مر من قوله ولا نأخذ منهم شيئا إذا لم يبلغ مالهم نصابا هذا ما ظهر لي
قوله ( لا من خنزيره ) أي الكافر ح
قوله ( مطلقا ) أي سواء مر به وحده أو مع الخمر عندهما
وقال الثاني إن مر بهما عشر فكأنه جعله تبعا للخمر ولم يعكسه لأنها أطهر مالية إذ هي قبل التخمر مال وكذا بعده بتقديره التخلل وليس الخنزير كذلك
نهر
قوله ( فأخذ قيمته كعينه ) أي كأخذ عينه لأن قيمة الحيوان لها حكم عينه ولهذا لو تزوج امرأة على حيوان في الذمة إن شاء دفع عينه وإن شاء دفع قيمته أما قيمة الخمر فليس لها حكم عين الخمر ولهذا لو تزوج الذمي امرأة على خمر فأتاها بقيمتها لا تجبر على القبول فأمكن أخذ العشر من قيمتها لا من عينها لأن المسلم ممنوع عن تملكها شرح الجامع لقاضيخان
قوله ( بخلاف الشفعة الخ ) جواب عما قيل إن القيمة ليس لها كم العين بدليل أن الذمي لو باع داره من ذمي بالخنزير وشفيعها مسلم يأخذها بقيمة الخنزير
وحاصل الجواب أن الجواز هنا ضرورة حق العبد لاحتياجه ولا ضرورة في حق الشرع لاستغنائه كما بسطه في المعراج عن الكافي
وأجاب في النهر نقلا عن العناية بأن القيمة لم تأخذ حكم العين في الإعطاء لأنه موضع إزالة وتبعيد
قلت وحاصله الفرق بين أخذها ودفعها وفيه نظر فإن في دفعها للذمي تمليكها والمسلم منهي عن تملكها وتمليكها
قوله ( في بيته ) الضمير يرجع إلى من مر على العاشر مسلما أو ذميا أو حربيا كما صرح به الشارح في قوله مطلقا ح
قوله ( ولا من مال بضاعة ) هي لغة القطعة من المال
واصطلاحا ما يدفعه المالك لإنسان يبيع فيه ويتجر ليكون الربح للمالك ولا شيء للعامل
بحر عن المغرب
ولو عبر المصنف بالأمانة كصدر الشريعة لأغناه عما بعده
قوله ( إلا أن تكون لحربي ) الأولى تأخير هذا الاستثناء عن المضاربة لقول الزيلعي وإن ادعى بضاعة أو نحوها فلا حرمة لصاحبها ولا أمان وإنما الأمان للذي في يده اه
ويظهر من هذا أن المال لحربي وذو اليد حربي أيضا فيعشر باعتبار الأمان لذي اليد وإن لم يحتجه المالك باعتبار كونه في بلد الحرب
والظاهر أن ذا اليد لو كان مسلما والمالك حربي لا يعشر لأنه لا أمان للمالك ولا لذي اليد ولو كان بالعكس فكذلك فيما يظهر لأن ذا اليد غير مالك وما في يده مال مسلم لا يحتاج لأمان فليتأمل
قوله ( بماله ورقبته )
____________________
(2/316)
إنما قيد به لأنه محل الخلاف بين الإمام وصاحبيه فعنده لا يملك مولاه ما في يده من كسبه وعندهما يملك كما يملك رقبته بلا خلاف فلم ينفذ عتقه عبدا من كسب المأذون عنده وعندهما ينفذ كما سيأتي في كتاب المأذون فإذا مر على العاشر والحالة هذه لا يؤخذ منه سواء كان معه مولاه أو لا أما إذا كان مولاه فلانعدام ملك المولى عنده وللشغل بالدين عندهما كما في البحر وأما إذا لم يكن معه فظاهر اه ح مع تغيير فافهم
قوله ( أو مأذون غير مديون ) أو مديون بغير محيط بل هو أولى أفاده ح
قوله ( ليس معه مولاه ) أما لو كان معه ولم يكن عليه دين أو عليه دين لم يحط بكسبه عشر الفاضل من الدين إذا بلغ نصابا كما في المعراج
والحاصل كما قال ط أن المعأذون إما أن يكون مديونا بمحيط أو بغير محيط أو غير مديون أصلا وفي كل إما أن يكون معه مولاه أو لا ففي الأول لا شيء عليه مطلقا وكذا في الأخيرين إن لم يكن معه مولاه وإن كان عشر حيث بقي بعد وفاء الدين نصاب
قوله ( على الصحيح في الثلاثة ) كذا في البحر وقال في المعراج وذكر فخر الإسلام في جامعه بعد ذكر المضارب والمستبضع والعبد لا يؤخذ من هؤلاء جميعا هو الصحيح لانعدام الملك اه ونحوه في الزيلعي لكنه ذكر أولا أن أبا حنيفة كان يقول بعشر المضاربة وكسب المأذون ثم رجع فيهما على الصحيح لعدم الملك وظاهره أنه لا خلاف في البضاعة
قوله ( لعدم ملكهم ) أي الثلاثة وهم المضارب والمستبضع والعبد
قال في المعراج وفي الإيضاح يشترط للأخذ حضور المالك والملك جميعا فلو مر مالك بلا مال لا يأخذ ولو مر مال بلا مالك لم يأخذ أيضا
قوله ( ولا من عبد ) هذه مسألة المأذون المتقدم
رحمتي
قوله ( ومكاتب )
قوله ( ومكاتب ) لأنه لا ملك له تام إذ يجوز أن يعجز نفسه فيكون ما بيده للمولى ط
قوله ( بخلاف ما لو غلبوا على بلد ) تقدمت المسألة في باب زكاة الغنم والظاهر أن مثله ما لو اضطر إلى المرور عليهم فليراجع
قوله ( مر بنصاب رطاب ) أي مما لا يبقى حولا
قال في الشرنبلالية صورة المسألة أن يشتري بنصاب قرب مضي الحول عليه شيئا من هذه الخضروات للتجارة فتم عليه الحول فعنده لا يأخذ الزكاة لكن يأمر المالك بأدائها بنفسه وقالا يأخذ من جنسه لدخوله تحت حماية الإمام كذا في البرهان
وقال الكمال في تعليل قول الإمام لا يؤخذ منها أنها تفسد بالاستبقاء وليس عند العامل فقراء في البر ليدفع لهم فإذا بقيت ليجدهم فسدت فيفوت المقصود فلو كان عنده أو أخذ ليصرف إلى عمالته كان له ذلك اه
قوله ( نهر بحثا ) ليس في عبارة النهر ما يشعر بأنه بحث على أنه مذكور في كلام الكمال كما علمت وليس في عبارة الكمال أيضا ما يشعر بالبحث على أن ما ذكره الكمال مذكور في شرح المنظومة مع زيادة أنه لو رضي أن يعطيه القيمة أخذها
وفي العناية من باب العشر إذا مر بالخضروات على العاشر وأراد العاشر أن يأخذ من عينها لأجل الفقراء عند إباء المالك عن دفع القيمة لا يأخذ وإنما قلنا لأجل الفقراء لأنه لو أخذ من عينها ليصرف إلى عمالته جاز وإنما قلنا عند إباء المالك عن دفع القيمة لأنه إذا أعطى القيمة لا كلام في جواز أخذه اه
ومثله في النهاية فافهم والله أعلم
____________________
(2/317)
باب الركاز قوله ( ألحقوه الخ ) جواب سؤال تقدير كان أن يذكر في السير لأن المأخوذ فيه ليس زكاة وإنما يصرف مصارف الغنيمة كما في النهر ح
وقدمه على العشر لأن العشر مؤنة فيها معنى القربة والركاز قربة محضة ط
قوله ( منه من الركز ) أي مأخوذ لا مشتق لأن أسماء الأعيان جامدة ط
قوله ( بمعنى المركوز ) خبر بعد خبر للضمير أي هو مشتق من الركز وهو بمعنى المركوز وليس نعتا للإثبات كما لا يخفي ح
قلت ويحتمل كونه حالا من الركز يعني أنه مأخوذ من الركز مرادا به اسم المفعول وهذا أولى بناء على أن الركاز اسم جامد لا مصدر
قوله ( وشرعا الخ ) ظاهره أنه ليس معنى لغويا
وفي المنح عن المغرب هو المعدن أو الكنز لأن كلا منهما مركوز في الأرض إن اختلف الراكز اه
وظاهره أنه حقيقة فيهما مشترك اشتراكا معنويا وليس خاصا بالدفين اه
قال في النهر وعلى هذا فيكون متواطئا وهذا هو الملائم لترجمة المصننف ولا يجوز أن يكون حقيقة في المعدن مجازا في الكنز لامتناع الجمع بينهما بلفظ واحد والباب معقود لهما اه ط
قوله ( فلذا ) أي لأجل عمومه ط
قوله ( من معدن ) بفتح الميم وكسر الدال وفتحها
إسماعيل عن النووي
من العدن وهو الإقامة وأصل المعدن المكان بقيد الاستقرار فيه ثم اشتهر في نفس الأجزاء المستقرة التي ركبها الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض حتى صار الانتقال من اللفظ إليه ابتداء فلا قرينة
فتح
قوله ( خلقي ) بكسر الخاء أو فتحها نسبة إلى الخلقة أو الخلق ح
قوله ( وكنز ) من كنز المال كنزا من باب ضرب جمعه تسمية بالمصدر كما في المغرب
قوله ( لأنه الذي يخمس ) يعني أن الكنز في الأصل اسم للمثبت في الأرض بفعل إنسان كما في الفتح وغيره والإنسان يشمل المؤمن أيضا لكن خصه الشارح بالكافر لأن كنزه هو الذي يخمس أما كنز المسلم فلقطة كما يأتي
قوله ( وجد مسلم أو ذمي ) خرج الحربي وسيأتي حكمه متنا
قوله ( ولو قنا صغيرا أنثى ) لما في النهر وغيره أنه يعم ما إذا كان الواجد حرا أو لا بالغا أو لا ذكرا أو لا مسلما أو لا
قوله ( نقد ) أي ذهب أو فضة
بحر
قوله ( ونحو حديد ) أي حديد ونحوه وهو من عطف العام على الخاص ح
قوله ( وهو ) أي نحو الحديد كل جامد ينطبع أي يلين بالنار
قوله ( ومنه الزيبق ) بالياء وقد تهمز ومنهم حينئذ من يكسر الموحدة بعد الهمزة كذا في الفتح وهو ظاهر في أنها إذا لم تهمز فتحت ثم هذا قول الإمام آخر وقول محمد وكان أولا يقول لا شيء عليه وبه قال الثاني آخرا لأنهم بمنزلة القبر والنفط يعني المياه ولا خمس فيها
ولهما أنه يستخرج بالعلاج عن عينه وينطبع مع غيره فكان كالفضة
نهر أي فإن الفضة لا تنطبع ما لم يخالطها شيء فتح قال في النهر والخلاف في المصاف في معدنه أما الموجود في خزائن الكفار ففيه الخمس اتفاقا
قوله ( فخرج المائع ) أي بالتقييد بجامد وقوله وغير المنطبع أي بالتقييد بينطبع فلا يخمس شيء من هذين القسمين
____________________
(2/318)
وبه ظهر أن المعدن كما في القهستاني وغيره ثلاثة أقسام منطبع كالذهب والفضة والرصاص والنحاس والحديد
ومائع كالماء والملح والقير والنفط
وما ليس شيئا منهما كاللؤلؤ والفيروزج والكحل والزاج وغيرها كما في المبسوط و التحفة وغيرهما
لكن المطرزي خصه بالحجرين والظاهر أنه في الأصل اسم لمركز كل شيء اه
قوله ( كنفط ) بكسر النون وقد تفتح
قاموس
وهو دهن يعلو الماء كما سيذكره الشارح في باب العشر ح
قوله ( وقار ) القار والقير والزفت شيء يطلى به السفن
قوله ( كمعادن الأحجار ) كالجص والنورة والجواهر كاليواقيت والفيروزج والزمرد فلا شيء فيها
بحر
قوله ( في أرض خراجية أو عشرية ) متعلق بوجد وسيأتي بيانهما في باب العشر والخراج من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى
قال ح واعلم أن الأرض على أربعة أقسام مباحة ومملوكة لجميع المسلمين ومملوكة لمعين ووقف
فالأول لا يكون عشريا ولا خراجيا
وكذا الثاني كأراضي مصر الغير الموقوفة فإنها وإن كانت خراجية الأصل إلا أنها آلت إلى بيت المال لموت المالك من غير وارث كما صرح به صاحب البحر في التحفة المرضية في الأراضي المصرية والثالث والرابع إما عشري أو خراجي
ثم إن الخمس في المباحة لبيت المال والباقي للواجد
وأما الثاني وهو المملوكة لغير معين فلم أر حكمه
والذي يظهر لي أن الكل لبيت المال أما الخمس فظاهر وأما الباقي فلوجود المالك وهو جميع المسلمين فيأخذه وكيلهم وهو السلطان وأما الثالث وهو المملوكة لمعين فالخمس فيه لبيت المال والباقي للمالك
وأما الرابع وهو الوقف فالخمس فيه لبيت المال أيضا كما نقله الحموي عن البرجندي ولم يعلم من عبارته حكم باقيه والذي يظهر لي أنه للواجد كما في الأول لعدم المالك فليحرر اه
قلت وفيه بحث من وجوه أما أولا فقوله إن المباح لا يكون عشريا ولا خراجيا فيه نظر لما صرح به في الخانية و الخلاصة وغيرهما من أن أرض الجبل الذي لا يصل إليه الماء عشرية
وأما ثانيا فإن قوله والثالث والرابع إما عشري أو خراجي فيه نظر فقد ذكر الشارح في باب العشر والخراج أن الأرض المشتراة من بيت المال إذا وقفها مشتريها أو لم يوقفها فلا عشر فيها ولا خراج لكن فيه كلام نذكره في الباب الآتي
وأما ثالثا فجعله الموقوفة كالمباحة في كون الباقي عن الخمس للواجد فيه نظر أيضا لأن الوقف هو حبس العين على ملك الواقف عند الإمام أو على حكم ملك الله تعالى عندهما والتصدق بالمنفعة وليس المعدن منفعة بل هو من أجزاء الأرض التي كانت ملكا للواقف ثم حبسها فهو بمنزلة نقض الوقف
وقد صرحوا بأن النقض يصرف إلى عمارة الوقف إن احتاج وإلا حفظه للاحتياج ولا يصرف بين المستحقين لأن حقهم في المنافع لا في العين فإذا لم يكن فيه حق للمستحقين فكيف يملكه الأجنبي إلا أن يدعي الفرق بين المعدن والنقض فليتأمل
وأما رابعا فإن إيجابه الخمس في المملوكة لمعين مخالف لما مشى عليه المصنف من أنه لا شيء في الأرض المملوكة كما يأتي
تنبيه قال في فتح القدير قيد بالخراجية والعشرية ليخرج الدار فإنه لا شيء فيها لكن ورد عليه الأرض التي لا وظيفة فيها كالمفازة إذ يقضي أنه لا شيء في المأخوذ منها وليس كذلك فالصواب أن لا يجعل ذلك لقصد الاحتراز بل للتنصيص على أن وظيفتهما المستمرة لا تمنع الأخذ مما يوجد فيهما اه
وأجاب في النهر بما يشير إليه الشارح وهو أنه يصح جعله للاحتراز عن الدار ويعلم حكم المفازة بالأولى لأنه إذا وجب في الأرض مع الوظيفة فلأن يحب لا في الخالية عنها أولى اه
وأقول يمكن الجواب بأن المراد بالعشرية والخراجية ما تكون وظيفتها العشر أو الخراج سواء كانت بيد
____________________
(2/319)
أحد أو لا فتشمل المفازة وغيرها بدليل ما قدمناه عن الخانية من أن أرض الجبل عشرية فيكون المراد الاحتراز بها عن دار الحرب ويدل عليه أنه في متن درر البحار عبر بمعدن غير الحرب فعلم أنالمراد معدن أرضنا ولهذا قال القهستاني بعد قوله في أرض خراج أو عشر الأخضر في أرضنا سواء كانت جبلا أو سهلا مواتا أو ملكا واحترز به عن داره وأرضه وأرض الحرب اه
ثم رأيع عين ما قلته في شرح الشيخ إسماعيل حيث قال ويحتمل أن يكون احترازا عما وجد في دار الحرب فإن أرضها ليست أرض خراج أو عشر والمراد بأرض الخراج أو العشر أعم من أن تكون مملوكة لأحد أو لا صالحة للزراعة أو لا فيدخل فيه المفاوز وأرض الموات فإنها إذا جعلت صالحة للزراعة كانت عشرية أو خراجية اه
قلت وعلى هذا فيدخل في الخراجية والعشرية جميع أقسام الأرض المارة فإن في معدنها الخمس لكن سيصرح المصنف بإخراج الموجود في داره أو أرضه فإنه لا خمس فيه فافهم
قوله ( خرج الدار لا المفازة الخ ) إشارة إلى ما قدمناه آنفا عن النهر
وعلى ما قررناه لا حاجة إلى دعوى الأولوية ولا إلى التعرض لإخراج الدار لأن المصنف سينبه على إخراجها
على أنه كان عليه حيث تعرض للدار أن يتعرض للأرض فإنها وإن كانت مملوكة تكون خراجية أو عشرية مع أنه لا خمس في معدنها كما يأتي إلا أن يقال تركه لأن فيها روايتين
تأمل
قوله ( خمس ) مبني للمجهول من خمس القوم إذا أخذ خمس أموالهم من باب طلب
بحر عن المغرب
قوله ( مخففا ) لأن التشديد غير سديد إذ لا معنى لكونه يجعله خمسة أخماس فقط
نهر أي لأن المراد أخذ الخمس من المعدن لا مجرد جعله أخماسا
قوله ( لحديث الخ ) أي قوله عليه الصلاة والسلام العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس أخرجه الستة كذا في الفتح
وقال في بيان دلالته على المطلوب إن الركاز يعم المعدن والكنز على ما حققناه فكان إيجابا فيهما ولا يتوهم عدم إرادة المعدن بسبب عطفه عليه بعد إفادة أنه جبار أي هدر لا شيء فيه للتناقض فإن الحكم المعلق بالمعدن ليس هو المعلق به في ضمن الركاز ليختلف بالسلب والإيجاب إذ المراد به أن هلاكه أو الهلاك به للأجير الحافر له غير مضمون لا أنه لا شيء فيه نفسه وإلا لم يجب شيء أصلا وهو خلاف المتفق عليه
فحاصله أنه أثبت للمعدن بخصوصه حكما فنص على خصوص اسمه ثم أثبت له حكما آخر مع غيره فعبر بالاسم الذي يعمهما ليثبت فيهما اه ملخصا
ونقله في النهر أيضا فافهم
قوله ( قوله وباقيه لمالكها الخ ) كذا في الملتقى و الوقاية و النقاية و الدرر و الإصلاح ولم يذكره في الهداية وشروحها ولا في الكنز وشروحه ولا في درر البحار و المواهب و الاختيار و الجامع الصغير وهذا هو الظاهر فإن من ذكر هذه العبارة قال بعدها وفي أرضه روايتان أي في وجوب الخمس فهذا يدل على أن المراد بالخراجية والعشرية غير المملوكة وأغرب من ذلك أن المصنف اقتصر على رواية عدم الوجوب فقال ولا شيء فيه إن وجده في داره وأرضه فناقض أول كلامه آخر فإن أرضه لا تخرج عن كونها عشرية أو خراجية كما يأتي وقد جزم أولا بوجوب الخمس فيها
____________________
(2/320)
والحاصل أن معدن الأرض المملوكة جميعه للمالك سواء كان هو الواجد أو غيره وهذا رواية الأصل الآتية
وفي رواية الجامع يجب فيه الخمس وباقيه للمالك مطلقا فقوله ولا شيء في أرضه ينافي قوله وباقيه لمالكه فلذا قال الرحمتي إن صدر كلامه مبني على إحدى الروايتين وآخره على الأخرى
قلت وذكر نحو القهستاني ورأيت في حاشية السيد محمد أبي السعود أن الصواب حمل المملوكة هنا على المملوكة لغير الواجد فلا ينافي ما بعده لأن المراد به الأرض المملوكة للواجد اه
قلت يؤيد هذا تعبير المصنف كصاحب الكنز بأرضه فإنه يفيد أن المراد أرض الواجد لكن ينافيه أن صاحب البدائع لم يعبر بالخراجية والعشرية بل قال ابتداء فإن وجده في دار الإسلام في أرض غير مملوكة يجب فيه الخمس وإن وجده في دار الإسلام في أرض مملوكة أو دار أو منزل أو حانوت فلا خلاف في أن أربعة الأخماس لصاحب الملك وحده هو أو غيره لأن المعدن من توابع الأرض لأنه من أجزائها وإذا ملكها المختلط له بتمليك الإمام ملكها بجميع أجزائها فتنتقل عنه إلى غيره بتوابعها أيضا
واختلف في وجوب الخمس الخ فقوله فلا خلاف الخ صريح في أنه لا فرق فيه بين المملوكة للواجد أو غيره فإن قوله هو أو غيره يرجع إلى الواجد فكل من الخلاف في وجوب الخمس والاتفاق على أن الباقي للمالك إنما هو في المملوكة للواجد أو غيره ولا وجه لوجوب الخمس إذا كان الواجد غير المالك وعدمه إذا كان هو المالك لاتحاد العلة فيهما وهي كون المالك ملكها بجميع أجزائها ووقع التعبير بقوله هو أو غيره في عبارة البحر أيضا وسنذكر في توجيه الروايتين ما هو كالصريح في عدل الفرق والله تعالى أعلم
قوله ( وإلا كجبل ومفازة ) جعله ذلك مما صدقات الأرض العشرية والخراجية يصح على جوابنا السابق بأنه أراد بها ما تكون وظيفتها العشر أو الخراج إذا استعملت فافهم
قوله ( والمعدن ) قيد به احترازا عن الكنز فإنه يخمس ولو في أرض مملوكة لأحد أو في داره لأنه ليس من أجزائها كما في البدائع ويأتي
قوله ( في داره وحانوته ) أي عند أبي حنيفة خلافا لهما ملتقى
قوله ( في رواية الأصل الخ ) راجع لقوله وأرضه قال في غاية البيان وفي الأرض المملوكة روايتان عن أبي حنيفة فعلى رواية الأصل لا فرق بين الأرض والدار حيث لا شيء فيهما لأن الأرض لما انتقلت إليه انتقلت بجميع أجزائها والمعدن من تربة الأرض فلم يجب فيه الخمس لما ملكه كالغنيمة إذا باعها الإمام من إنسان سقط عنها حق سائر الناس لأنه ملكها ببدل كذا قال في الجصاص
وعلى رواية الجامع الصغير بينهما فرق ووجهه أن الدار لا مؤنة فيها أصلا فلم تخمس فصار الكل للواجد بخلاف الأرض فإن فيها مؤنة الخراج والعشر فتخمس اه
قوله ( واختارها في الكنز ) أي حيث اقتصر عليها كالمصنف وأراد بذلك بيان أنها الأرجح لكن في الهداية قال عن أبي حنيفة روايتان ثم ذكر وجه الفرق بين الأرض والدار على رواية الجامع الصغير ولم يذكر وجه رواية الأصل وربما يشعر هذا باختيار رواية الجامع
وفي حاشية العلامة نوح أن القياس يقتضي ترجيحها لأمرين الأول أن رواية الجامع الصغير تقدم على غيرها عند المعارضة
الثاني أنها موافقة لقول الصاحبين والأخذ بالمتفق عليه في الرواية أولى
والحاصل أن الإمام فرق في وجوب الخمس بين المعدن والكنز وبين المفازة والدار وبين الأرض المباحة والمملوكة وهما لم يفرقا بين ذلك في الوجوب
قوله ( وزمرد ) بالضمات وتشديد الراء وبالذال المعجمة آخره الزبرجد كما في القاموس
قوله ( وفيروزج ) معرب فيروز أجوده الأزرق الصافي اللون لم ير قط في يد قتيل وتمامه في إسماعيل
____________________
(2/321)
قوله ( ونحوها ) أي من الأحجار التي لا تنطبع
قوله ( أي في معادنها ) أي الموجودة فيها بأصل الخلقة فالجبل غير قيد
قوله ( ولو وجدت ) محترز قوله في معادنها وقوله دفين حال بمعنى مدفون واحترز بدفين الجاهلية عن دفين الإسلام
وقوله أي كنز أشار به إلى أن حكمه ما يأتي في الكنوز
قوله ( لكونه غنيمة ) فإنه كان في أيدي الكفار وحوته أيدينا
بحر
قوله ( كيف كان ) أي سواء كان من جنس الأرض أو لا بعد أن كان مالا متقوما
بحر ويستثنى مه كنز البحر كما يأتي
قوله ( إن كان ينطبع ) أما المائع وما لا ينطبع من الأحجار فلا يخمس كما مر
قوله ( هو مطر الربيع ) أي أصله منه قال القهستاني هو وجهر مضيء يخلقه الله تعالى من مطر الربيع الواقع في الصدف الذي قيل إنه حيوان من جنس السمك يخلق الله تعالى اللؤلؤ كما في الكرماني
قوله ( حشيش الخ ) قال الشيخ داود الأنطاكي في تذكرته الصحيح أنه عيون بقعر البحر تقذف دهنية فإذا فارت على وجه الماء جمدت فيلقيها البحر على الساحل اه
قوله ( ولو ذهبا ) لو وصلية وقوله كان كنزا نعت لقوله ذهبا أي ولو كان ما يستخرج من البحر ذهبا مكنوزا بصنع العباد في قعر البحر فإنه لا خمس فيه وكله للواجد والظاهر أن هذا مخصوص فيما ليس عليه علامة الإسلام ولم أره فتأمل
قوله ( لأنه لم يرد عليه القهر الخ ) حاصله أن محل الخمس الغنيمة والغنيمة ما كانت للكفرة ثم تصير للمسلمين بحكم القهر والغلبة وباطن البحر لم يرد عليه هو فلم يكن غنيمة
قاضيخان
قوله ( سمة الإسلام ) بالكسر وهي في الأصل أثر الكي والمراد بها العلامة وذلك كتابة كلمة الشهادة أو نقش آخر معروف للمسلمين
قوله ( نقدا أو غيره ) أي من السلاح والآلات وأثاث المنازل والفصوص والقماش
بحر
قوله ( فلقطة ) لأن مال المسلمين لا يغنم
بدائع
قوله ( سيجيء حكمها ) وهو أنه ينادي عليها في أبواب المساجد والأسواق إلى أن يظن عدم الطلب ثم يصرفها إلى نفسه إن فقيرا وإلا فإلى فقير آخر بشرط الضمان ح
قوله ( سمة الكفر ) كنقش صنم أو اسم ملك من ملوكهم المعروفين
بحر
قوله ( خمس ) أي سواء كان في أرضه أو أرض غيره أو أرض مباحة
كفاية
قال قاضيخان وهذا بلا خلاف لأن الكنز ليس من أجزاء الدار فأمكن إيجاب الخمس فيه بخلاف المعدن
قوله ( أول الفتح ) ظرف للمالك أي المختلط له وهو من خصه الإمام بتمليك الأرض حين فتح البلد
قوله ( على الأوجه ) قال في النهر فإن لم يعرفوا أي الورثة قال السرخسي هو لأقصى مالك للأرض أو لورثته وقال أبو اليسر يوضع في بيت المال قال في الفتح وهذا أوجه للمتأمل اه
وذلك لما في البحر من أن الكنز مودع في الأرض فلما ملكها الأول ملك ما فيها ولايخرج ما فيها عن ملكه ببيعها كالسمكة في جوفها درة
قوله ( وهذا إن ملكت أرضه ) الإشارة إلى قوله وباقية للمالك وهذا قولهما وظاهر الهداية وغيرها ترجيحه لكن في السراج وقال أبو يوسف الباقي للواجد كما في أرض غير مملوكة وعليه الفتوى اه
____________________
(2/322)
قلت وهو حسن في زماننا لعدم انتظام بيت المال بل قال ط إن الظاهر أن يقال أي على قولهما إن للواجد صرفه حينئذ إلى نفسه إن كان فقيرا كما لو قالوا في بنت المعتق إنها تقدم عليه ولو رضاعا ويدل عليه ما في البحر عن المبسوط ومن أصاب ركازا وسعه أن يتصدق بخمسه على المساكين وإذا طلع الإمام على ذلك أمضى له ما صنع لأن الخمس حق للفقراء وقد أوصله إلى مستحقه وهو في إصابة الركاز غير محتاج إلى الحماية فهو كزكاة الأموال الباطنة اه
تنبيه في البحر عن المعراج أن محل الخلاف ما إذا لم يدعه مالك الأرض فإن ادعى أنه ملكه فالقول له اتفاقا
قوله ( وإلا للواجد ) أي وإن لم تكن مملوكة كالجبال والمفازة فهو كالمعدن يجب خمسه وباقيه للواجد مطلقا
بحر
قوله ( لأنهم من أهل الغنيمة ) لأن الإمام يرضخ لهم
رحمتي
قوله ( في المفاوز ) فلو في أرض مملوكة فالباقي للمختلط له على ما مر من الخلاف
أفاده إسماعيل
قوله ( فهو واجد ) ظاهره أنه لا شيء عليه للآخر وهذا ظاهر فيما إذا حفر أحدهما مثلا ثم جاء آخر وأتم الحفر واستخرج الركاز أما لو اشتركا في طلب ذلك فسيذكر في باب الشركة الفاسدة أنها لا تصح في احتشاش واصطياد واستقاء وسائر مباحات كاجتناء ثمار من جبال وطلب معدن من كنز وطبخ آجر من طين مباح لتضمنها الوكالة والتوكيل في أخذ المباح لا يصح وما حصله أحدهما فله وما حصلاه معا فلهما نصفين إن لم يعلم ما لكل وما حصله أحدهما بإعانة صاحبه فله ولصاحبه أجر مثله بالغا عند محمد وعند أبي يوسف لا يجاوز به نصف ثمن ذلك اه
قوله ( فهو للمستأجر ) سيذكر المصنف في باب الإجارة الفاسدة استأجر ليصيد له أو يحتطب فإن وقت لذلك وقتا جاز وإلا لا إلا إذا عين الحطب وهو ملكه اه
وكتب ط هناك على قوله وإلا لا أن الحطب للعامل
قلت ومقتضاه أن الركاز هنا للعامل أيضا إذا لم يوقتا لأنه إذا فسد الاستئجار بقي مجرد التوكيل وعلمت أن التوكيل في أخذ المباح لا يصح بخلاف ما إذا حصله أحدهما بإعانة الآخر كما مر فإن للمعين أجر مثله لأنه عمل له غير متبرع هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( ذكره الزيلعي ) ومثله في الهداية
قوله ( لأنه الغالب ) لأن الكفار هم الذين يحرصون على جمع الدنيا وادخارها ط
قوله ( وقيل كاللقطة ) عبارة الهداية وقيل يجعل إسلاميا في زماننا لتقادم العهد اه أي فالظاهر أنه لم يبق شيء من آثار الجاهلية ويجب البقاء مع الظاهر ما لم يتحقق خلافه والحق منع هذا الظاهر بل دفينهم إلى اليوم يوجد بديارنا مرة أخرى كذا في فتح القدير أي وإذا علم أن دفينهم باق إلى اليوم انتفى ذلك الظاهر
قلت بقي أن كثيرا من النقود التي عليها علامة أهل الحرب يتعامل بها المسلمون والظاهر أنها من قسم المشتبه إلا إذا علم أنها من ضرب الجاهلية الذين كانوا قبل فتح البلدة
تأمل
ثم رأيت في شرح النقاية لمنلا علي القاريء قال وأما مع اختلاط دراهم الكفار مع دراهم المسلمين كالمشخص المستعمل في زماننا فلا ينبغي أن يكون خلاف في كون إسلاميا اه
قوله ( معدنا كان أو كنزا ) وتقييد القدوري بالكنز لكون الخلاف فيه فإن شيخ الإسلام أوجب فيه الخمس فيعلم حكم المعدن بالأولى بعدم الخلاف فيه كما في البحر عن المعراج
قوله ( لأنه كالمتلصص )
____________________
(2/323)
قال في الهداية فهو له لأنه أي ما في صحرائهم ليس في يد أحد على الخصوص فلا يعد غدرا ولا شيء فيه لأنه بمنزلة متلصص
قوله ( ولذا ) الإشارة لما أفهمه
قوله ( لأنه كالمتلصص ) من أنه لا يخمس إلا إذا كان بالقهر والغلبة كما صرح به بعده بقوله لكونه غنيمة
قوله ( وإن وجده الخ ) حاصله أنه إن وجده في أرضهم الغير المملوكة فالكل للواجد بلا فرق بين المستأمن وغيره وهذا ما مر أما لو وجده في المملوكة فإن كان غير مستأمن فالكل له أيضا وإلا وجب رده للمالك
قوله ( أي الركاز ) يعم الكنز والمعدن وما في البرجندي من تقييد بالكنز فكأنه مبني على ما مر عن القدوري
تأمل
قوله ( لكن لا يطيب للمشتري ) بخلاف ما إذا اشترى رجل شيئا شراء فاسدا ثم باعه فإنه يطيب للمشتري الثاني لامتناع الفسخ حينئذ ح عن البحر فليتأمل
قوله ( ولا يخمس ) إلا إذا كانوا جماعة ذوي منعة لكونه غنيمة كما تقدم ويأتي
قوله ( قوله لما مر ) أي من أنه كالمتلصص كما في الدرر عن غاية البيان
قوله ( وما في النقاية ) أي لمحقق صدر الشريعة وكذا في الوقاية لجده تاج الشريعة وعبارة الوقاية وإن وجد ركاز متاعهم في أرض منها لم تملك خمس اه
قال في الدرر إنه غير صحيح لما صرح به شراح الهداية وغيرهم إن الخمس إنما يجب فيما يكون في معنى الغنيمة وهو ما كان في يد أهل الحرب وقع في يد المسلمين بإيجاف الخيل والمذكور في الوقاية ليس كذلك لأن المستأمن كالمتلصص والأرض من دار الحرب لم تقع في أيدي المسلمين فالصواب أن يقطع لفظ وجد عما قبله ويقرأ على البناء للمفعول ويترك لفظ منها وتضاف الأرض إلى المسلمين اه
وأجاب في الشرنبلالية بأن وجد مبني للمفعول ونائب فاعله محذوف أي ذوو منعة لا المستأمن والتقييد بقوله لم تملك يعلم منه المملوكة بالأولى اه
قوله ( إلا أن يحمل الخ ) هذا الحمل صحيح في عبارة قوله ( النقاية ) لأنه ليس فيها لفظة منها أي من دار الحرب بخلاف عبارة الوقاية إلا بما مر عن الشرنبلالية
والحاصل أن المسألة في عبارة الوقاية مفروضة فيما إذا كان المتاع في أرض غير مملوكة من دار الحرب والواجد ذو منعة فيجب الخمس وفي عبارة النقاية فيما إذا كانت الأرض من دار الإسلام والواجد رجل منا ولا يصح أن يكون فاعل وجد المستأمن لأن مستأمنهم لا يستحق شيئا إلا بالشرط كما مر والمسلم لا يكون مستأمنا في دار الإسلام ثم إن هذه المسألة على العبارتين قد علمت مما مر وفائدة ذكرها ما أشار إليه الشارح أولا وصرح به في العناية وغيرها وهو أن وجوب الخمس لا يتفاوت بين أن يكون الركاز من النقدين أو غيرهما كالمتاع وهو كما في اليعقوبية ما يتمتع به في البيت من الرصاص والنحاس وغيرهما
قوله ( لنفسه ) أي إن كان محتاجا ولا تغنيه الأربعة الأخماس بأن كان دون المائتين أما إذا بلغ مائتين فلا يجوز له تنازل الخمس
بحر عن البدائع
قلت لكن فيه أنه قد يبلغ مائتين فأكثر ولا يغنيه كمديون بمائتين مثلا فالأولى الاقتصار على الحاجة
وفي كافي الحاكم ومن أصاب ركازا وسعه أن يتصدق بخمسه على المساكين فإذا اطلع الإمام على ذلك أمضى له ما صنع وإن كان محتاجا إلى جميع ذلك وسعه أن يمسكه لنفسه وإن تصدق بالخمس على أهل الحاجة من آبائه وأولاده جاز ذلك وليس هذا بمنزلة عشر الخارج من الأرض اه
____________________
(2/324)
باب العشر هو واحد الأجزاء العشرة والمراد به هنا ما ينسب لتشمل الترجمة نصف العشر وضعفه حموي وذكره في الزكاة لأنه منها
قال في الفتح قيل إن تسميته زكاة على قولهما لاشتراطهما النصاب والبقاء بخلاف قوله وليس بشيء إذ لا شك أنه زكاة حتى يصرف مصافرها واختلافهم في إثبات بعض شروط لبعض أنواع الزكاة ونفيها لايخرجه عن كونه زكاة اه
واستظهر في النهر قول العناية إن تسميته زكاة مجاز وأيد الشيخ إسماعيل الأول بأنه يجب فيما لا يؤخذ منه سواه ولا يجامع الزكاة وبتسميته في الحديث صدقة واختلافهم في وجوبه على الفور أو التراخي كما في الزكاة اه والكلام هنا في عشرة مواضع بسطها في البحر
قوله ( يجب العشر ) ثبت ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول أي يفترض لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } فإن عامة المفسرين على أنه العشر أو نصفه وهو مجمل بينه قوله ما سقت السماء ففيه العشر وما سقي بغرب أو دالية ففيه نصف العشر واليوم ظرف للحق لا للإيتاء فلا يرد أنه لو كان المراد ذلك فزكاة الحبوب لا تخرج يوم الحصاب بل بعد التنقية والكيل ليظهر مقدارها على أنه عند أبي حنيفة يجب العشر في الخضروات ويخرج حقها يوم الحصاد أي القطع
بدائع ملخصا
قوله ( في عسل ) بغير تنوين فإن قوله وإن قل معترض بين المضاف والمضاف إليه ولا حاجة إليه فإن قوله بلا شرط نصاب مغن عنه كما نبه عليه بقوله راجع للكل ح
وصرح بالعسل إشارة إلى خلاف مالك والشافعي حيث قالا ليس فيه شيء لأنه متولد من حيوان فأشبه الإبريسم ودليلنا مبسوط في الفتح
قوله ( أرض غير الخراج ) أشار إلى أن المانع من وجوبه كون الأرض خراجية لأنه لا يجتمع العشر والخراج فشمل العشرية وما ليست بعشرة ولا خراجية كالجبل والمفازة لكن قدمنا عن الخانية وغيرها أن الجبل عشري وقدمنا أيضا أن المراد أنه لو استعمل فهو عشري هذا وقيد الخير الرملي الأرض الخراجية بالخراج الموظف لأنه المراد عند الإطلاق
قال فلو وجد في أرض خراج المقاسمة ففيه مثل ما في التمر الموجود فيها اه
لكن الكلام هنا في نفي وجوب العشر وهو غير واجب في الخراجية مطلقا كما أفاده الرحمتي
واستفيد أن الخراج قسمان خراج مقاسمة وهو ما وضعه الإمام على أرض فتحها ومن على أهلها بها من نصف الخارج أو ثلثه أو ربعه وخراج وظيفة مثل الذي وظفه عمر رضي الله تعالى عنه على أرض السواد لكل جريب يبلغه الماء صاع بر أو شعير كما سيأتي تفصيله في الجهاد إن شاء الله تعالى ويأتي هنا بعض أحكامها
قوله ( في ثمرة جبل ) يدخل فيه القطن لأن الثمر اسم لشيء متفرع من أصل يصلح للأكل واللباس كما في الكرماني
وفي القاموس إنه اسم لحمل الشجر والمشهور ما في المفردات أنه اسم لكل ما يستطعم من أحمال الشجر ويجب العشر ولو كان الشجر غير مملوك ولم يعالجه أحد وخرج ثمرة شجر في دار رجل ولو بستانا في داره لأنه للدار كذا في الخانية
ط عن القهستاني
قوله ( إن حماه الإمام ) الضمير عائد إلى المذكور وهو العسل والثمرة والظاهر أن المراد الحماية من أهل الحرب والبغاة وقطاع الطريق لا عن كل أحد فإن ثمر الجبال مباح لا يجوز منع المسلمين عنه وقال أبو يوسف لا شيء فيما يوجد في الجبال لأن الأرض ليست مملوكة ولهما أن المقصود من ملكها النماء وقد حصل اه ح
قوله ( لأنه مال مقصود ) أي مقصود للإمام بالحفظ اه ط
أو مقصود بالأخذ فلذا تشترط حمايته حتى يجب فيه
____________________
(2/325)
العشر لأن الجباية بالحماية فهو علة لاشتراط الجباية أو من جنس ما يقصد به استغلال الأرض فهو علة للوجوب
تأمل
قوله ( أي مطر ) سمي بذلك مجازا من تسمية الشيء باسم ما يجاوره أو يحل فيه
بهر
قوله ( وسيح ) بالسين والحاء المهملتين بينهما مثناة تحتية
قال في المغرب ساح الماء سيحا جرى على وجه الأرض ومنه ما سقي سيحا يعني ماء الأنهار والأودية اه
قوله ( بلا شرط نصاب ) فيجب فيما دون النصاب بشرط أن يبلغ صاعا وقيل نصفه وفي الخضروات التي لا تبقى وهذا قول الإمام وهو الصحيح كما في التحفة وقالا لا يجب إلا فيما له ثمرة باقية حولا بشرط أن يبلغ خمسة أوسق إن كان مما يوسق والوسق ستون صاعا كل صاع أربعة أمناء وإلا فحتى يبلغ قيمة نصاب من أدنى الموسوق عند الثاني واعتبر الثالث خمسة أمثال مما يقدر به نوعه ففي القطن خمسة أحمال وفي العسل أفراق وفي السكر أمناء
وتمامه في النهر
قوله ( وحولان حول ) حتى لو أخرجت الأرض مرارا وجب في كل مرة لإطلاق النصوص عن قيد الحول ولأن العشر في الخارج حقيقة فيتكرر بتكرره وكذا خراج المقاسمة لأنه في الخارج فأما خراج الوظيفة فلا يجب في السنة إلا مرة لأنه ليس في الخارج بل في الذمة
بدائع
قوله ( لأن فيه معنى المؤنة ) أي في العشر معنى مؤنة الأرض أي أجرتها فليس بعبادة محضة ط
قوله ( أخذه جبرا ) ويسقط عن صاحب الأرض كما لو أدى بنفسه إلا أنه إذا أدى بنفسه يثاب ثواب العبادة وإذا أخذه الإمام يكون له ثواب ذهاب ما له في وجه الله تعالى
قوله ( وفي أرض صغير ومجنون ومكاتب ) من مدخول العلة فلا يشترط في وجوبه العقل والبلوغ والحرية
قوله ( ووقف ) أفاد أن ملك الأرض ليس بشرط لوجوب العشر وإنما الشرط ملك الخارج لأنه يجب في الخارج لا في الأرض فكان ملكه لها وعدمه سواء
بدائع
مطلب مهم في حكم أراضي مصر والشام السلطانية قلت هذا ظاهر فيما إذا زرعها أهل الوقف أما إذا زرعها غيرهم بالأجرة فيجري فيه الخلاف الآتي في الأرض المستأجرة وفي حكم ذلك أراضي مصر والشام السلطانية فإنها في الأصل كانت خراجية أما الآن فلا فقد صرح في فتح القدير في أرض مصر بأن المأخوذ الآن منها أجرة لا خراج
قال ألا ترى أنها ليست مملوكة للزراع كأنه لموت المالكين بلا وارث فصارت لبيت المال اه
وكذا أراضي الشام كما في جهاد شرح الملتقى لكن في كونها كلها صارت لبيت المال بحث سنذكره في باب العشر والخراج إن شاء الله تعالى وحيث صارت لبيت المال سقط عنها الخراج لعدم من يجب عليه وهل على زراعها عشر أم لا سنتكلم عليه في هذا الباب
ثم اعلم أنه إذا باعها الإمام بشرطه لم يجب على المشتري خراج لأنه بعد أخذ الثمن لبيت المال لا يمكن أن تكون المنفعة كلها له أو بعضها ولأن المسلم لا يجوز وضع الخراج عليه ابتداء وإن جاز بقاء ولأن الساقط لا يعود كذا قاله ابن نجيم في التحفة المرضية وقال أيضا إنه لا يجب فيها العشر أيضا قال لأني لم أر نقلا في ذلك
قلت وفيه نظر لما علمت أن الشرط ملك الخارج لأنه يجب فيه لا في الأرض حتى وجب في الخارج من أرض الصغير والمجنون والمكاتب والوقف ولأن سببه الأرض النامية بالخارج تحقيقا ولا يلزم من سقوط
____________________
(2/326)
الخراج المتعلق بالأرض سقوط العشر المتعلق بالخارج والثمن المأخوذ لبيت المال هو بدل الأرض لا بدل الخارج على أنه قد ينازع في سقوط الخراج حيث كانت من أرض الخراج أو سقيت بمائة بدليل أن الغازي الذي اختط له الإمام دارا لا شيء عليه فيها فإذا جعلها بستانا وسقاها بماء العشر فعليه العشر أو بماء الخراج فعليه الخراج كما يأتي فإن وضع الخراج عليه ابتداء بالتزامه جائز ولا يلزم من سقوطه حين صارت لبيت المال لعدم من يجب عليه أن لا يجب حين وجد التزام المشتري بسقيه ما اشتراه بماء الخراج لأن ذلك بسبب حادث كما آجر داره لرجل مدة ثم انقضت المدة فإن أجرتها تسقط لعدم من تجب عليه فإذا آجرها لآخر تجب الأجرة ثانيا وعلى فرض سقوط الخراج لا يسقط العشر فإن الأرض المعدة للاستغلال لا تخلو من أحدى الوظيفتين لما ذكرنا من مسألة الدار وحيث تحقق السبب والشرط مع قيام ما قدمناه من ثبوته بالكتاب والسنة والإجماع وهو دليل الوجوب الشامل للأرض المشتراة المذكور ومع إطلاق قول الفقهاء يجب العشر في مسقى سماء وسيح ونصفه في مسقى غرب ودالية فلا حاجة إلى نقل في خصوص ذلك حيث تحقق ما ذكرنا فيه بل القول بعدم الوجوب يحتاج إلى نقل صريح
وسيأتي تمام الكلام على ذلك في باب العشر والخراج من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى
قوله ( تقدم الكلام فيه )
قوله ( إلا فيما لا يقصد الخ ) أشار إلى أن ما اقتصر عليه المصنف كالكنز وغيره ليس المراد به ذاته بل لكونه من جنس ما لا يقصد به استغلال الأرض غالبا وأن المدار على القصد حتى لو قصد بذلك وجب العشر كما صرح به بعده ( قوله وقصب ) هو كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا والكعوب العقد والأنبوب ما بين الكعبين واحترز بالفارسي عن قصب السكر وقصب الذريرة وهو قصب السنبل ففيهما العشر كما في الجوهرة
وفي المعراج قصب العسل يجب العشر في عسله دون خشبه
شرنبلالية
قوله ( وتبن ) بالباء الموحدة قال في الفتح غير أنه لو فصله قبل انعقاد الحب وجب العشر فيه لأنه صار هو المقصود وعن محمد في التبن إذا يبس العشر
قوله ( وسعف ) بفتح السين والعين المهملتين ورق جريد النخل الذي يتخذ منه الزنبيل والمراوح وقد يقال للجريد نفسه والواحدة سعفة
مغرب
قوله ( وقطران ) بفتح القاف أو كسرها مع سكون الطاء المهملة وبفتح القاف وكسر الطاء عصارة الأرز ونحوه والأرز بفتح الهمزة وتضم شجر الصنوبر وبالتحريك شجر الأرزن
قاموس
قوله ( وخطمي ) نبت طيب الريح يخرج بالعراق ط
قوله ( وأشنان ) بضم الهمزة وكسرها
قاموس
قوله ( وشجر وقطن ) أما القطن نفسه ففيه العشر كما مر ط
قوله ( وباذنجان ) عطف على قطن فلا يجب في شجره ويجب في الخارج منه ط
قوله ( وبزر بطيخ وقثاء ) أي كل حب لا يصلح للزراعة كبزر البطيخ والقثاء لكونها غير مقصودة في نفسها
بحر أي لأنه لا يقصد زراعة الحب لذاته بل لما يخرج منه وهو الخضروات وفيها العشر كما مر قال في البدائع الخضروات كالبقول والرطاب والخيار والبصل والثوم ونحوها اه
وفي البحر ويجب في العصفر والكتاب وبزره لأن كل واحد منها مقصود فيه
قوله ( وأدوية ) في الخانية ولا يجب العشر فيما كان من الأدوية كالموز والهليلج ولا في الكندر اه
قوله ( كحلبة ) بضم الحاء وشونيز بضم الشين الحبة السوداء
قاموس
قوله ( حتى لو أشغل أرضه بها يجب العشر ) فلو استمنى أرضه بقوائم الخلاف وما أشبهه أو بالقصب أو الحشيش وكان يقطع ذلك ويبيعه كان فيه العشر
غاية البيان ومثله في البدائع وغيرها
قال في الشرنبلالية وبيع ما يقطعه ليس بقيد ولذا أطلقه قاضيخان اه
قال الشيخ إسماعيل ومثل الخلاف الحور بالمهملتين والصفصاف في بلادنا اه
والخلاف ككتاب وتشديده لحن صنف من
____________________
(2/327)
الصفصاف وليس به
قاموس
قوله ( غرب ) بفتح المعجمة وسكون الراء
قوله ( ودالية ) بالدال المهملة
قوله ( أي دولاب ) في المغرب الدولاب بالفتح المنجنون التي تديرها الدابة والناعورة ما يديرها الماء والدالية جذع طويل يركب تركيب مداق الأرز وفي رأسه مغرفة كبيرة يستقي بها اه
وفي القاموس الدالية المنجنون والناعورة شيء يتخذ من خوص يشد في رأس جذع طويل والمنجنون الدولاب يستقى عليه اه
قوله ( لكثرة المؤنة ) علة لوجوب نصف العشر فيما ذكر
قوله ( وقواعدنا لا تأباه ) كذا نقله الباقاني في شرح الملتقى عن شيخه البهنسي لأن العلة في العدول عن العشر إن نصفه في مستقى غرب ودالية هي زيادة الكلفة كما علمت وهي موجودة في شراء الماء ولعلهم لم يذكروا ذلك لأن المعتمد عندا أن شراء الشرب لا يصح وقيل إن تعارفوه صح وهل يقال عدم شرائه يوجب عدم اعتباره أم لا تأمل
نعم لو كان محرزا فإنه يملك فلو اشترى ماء بالقرب أو في حوض ينبغي أن يقال بنصف العشر لأن كلفته ربما تزيد على السقي بغرب أو دالية
قوله ( اعتبر الغالب ) أي أكثر السنة كما مر في السائمة والعلوفة زيلعي أي إذا أسامها في بعض السنة وعلفها في بعضها يعتبر الأكثر
قوله ( ولو استويا فنصفه ) كذا في القهستاني عن الاختيار لأنه وقع الشك في الزيادة على النصف فلا تجب الزيادة بالشك
قوله ( وقيل ثلاثة أرباعه ) قال في الغابة قال به الأئمة الثلاثة فيؤخذ نصف كل واحد من الوظيفتين ولا نعلم فيه خلافا اه أي لأن نصفه مسقي سيح ونصفه مسقي غرب فيجب نصف العشر ونصف نصفه ورجح الزيلعي الأول قياسا على السائمة إذا علفها نصف الحول فإنه تردد بين الوجوب وعدمه فلا يجب بالشك
قال في اليعقوبية وفيه كلام وهو أن الفرق بينهما ظاهر لأن في الأصل أي المقيس عليه سبب الوجوب ليس بثابت يقينا وهنا سببه ثابت يقينا والشك في نقصان الواجب وزيادته باعتبار كثرة المئنة وقلتها فاعتبر الشبهان شبه القليل وشبه الكثير فليتأمل اه
قلت فيه نظر لأن سبب الوجوب في السائمة موجود أيضا وهو ملك نصابها وإنما الشك في الإسامة وهو شرط الوجوب لا سببه كما مر أول كتاب الزكاة وهنا أيضا وقع الشك في شرط وجوب الزيادة على النصف مع تحقق سبب أصل الوجوب وهو الأرض النامية بالخارج تحقيقا فتدبر
قوله ( بلا رفع مؤن ) أي يجب العشر في الأول ونصفه في الثاني بلا ربع أجرة العمال ونفقة البقر وكرى الأنهار وأجرة الحافظ ونحو ذلك
درر
قال في الفتح يعني لا يقال بعدم وجوب العشر في قدر الخارج الذي بمقابلة المؤنة بل يجب العشر في الكل لأنه عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة ولو رفعت المؤنة كان الواجب واحدا وهو العشر دائما في الباقي لأنه لم ينزل إلى نصفه إلا للمؤنة والباقي بعد رفع المؤنة لا مؤنة فيه فكان الواجب دائما العشر لكن الواجب قد تفاوت شرعا فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج وهو القدر المساوي للمؤنة أصلا اه
وتمامه فيه
قوله ( وبلا إخراج البذر الخ ) قيل هذا زاده صاحب الدرر على ما في المعتبرات وفيه نظر اه
وجوابه أنه داخل في قولهم ونحو ذلك
____________________
(2/328)
الذي تقدم عن الدرر وفي النهر وظاهر قول الكنز ولا ترفع المؤن أنه لا فرق بين كون المؤنة من عين الخارج أو لا
قال الصيرفي ويظهر أنها إذا كانت جزءا من الطعام أن تجعل كالهالك ويجب العشر في الباقي لأنه لا يقدر أن يتولى ذلك بنفسه فهو مضطر إلى إخراجه لكن ظاهر كلامه الإطلاق اه
قوله ( لتصريحهم بالعشر ) أي وبنصفه وضعفه ط
قوله ( ويجب ضعفه ) أي ضعف العشر وهو الخمس
نهر
لأن بني تغلب قوم من العرب نصارى تصالح عمر رضي الله عنه معهم على أن يأخذ منهم ضعف ما يؤخذ منا كما قدمناه قبيل باب زكاة المال
قال ط ولم يفصلوا بين كون الأرض مسقية بغرب أو سيح ومقتضى الصلح الواقع أن يؤخذ منهم ضعف المأخوذ منا مطلقا
قلت ويؤيده قول الإمام قاضيخان في شرحه على الجامع الصغير في تعليل المسألة لأن ما يؤخذ من المسلم يؤخذ من التغلبي ضعفه
قوله ( وإن كان طفلا أو أنثى ) بيان للإطلاق لأن العشر يؤخذ من أراضي أطفالنا ونسائنا فيؤخذ ضعفه من أراضي أطفالهم ونسائهم اه نوح
قال ح وسواء كانت الأرض للتغلبي أصالة أو موروثة أو تداولتها الأيدي من تغلبي إلى تغلبي
قوله ( أو أسلم ) أي التغلبي وفي ملكه أرض تضعيفية فإنها تبقي وظيفتها عندهما وعند أبي يوسف تعود إلى عشر واحد لزوال الداعي إلى التضعيف وهو الكفر اه ح
ومثله يقال فيما إذا ابتاعها منه مسلم ط
قوله ( أو ابتاعها من مسلم ) أي إذا اشترى التغلبي أرضا عشرية من مسلم تصير تضعيفية عندهما وعند محمد تبقى عشرية لأن الوظيفة لا تتغير بتغير المالك اه ح
قوله ( أو ذمي ) أي إذا اشترى الذمي أرضا تضعيفية من التغلبي تبقى تضعيفية اتفاقا ح
تنبيه تخصيص الشراء بالذكر مبني على الغالب وإلا فكل ما فيه انتقال الملك فكذلك في الحكم
إسماعيل عن البرجندي
قوله ( فلا يتبدل ) هذا في الخراج مطلقا اتفاقا وفي التضعيف كذلك إلا عند أبي يوسف فيما إذا اشتراها المسلم أو أسلم فإنها تعود عشرية لفقد الداعي كما قدمناه ح
قوله ( وأخذ الخراج الخ ) حاصل هذه المسائل كما في البحر أن الأرض إما عشرية أو خراجية أو تضعيفية والمشترون مسلم وذمي وتغلبي فالمسلم إذا اشترى العشرية أو الخراجية بقيت على حالها أو التضعيفية فكذلك عندهما وقال أبو يوسف ترجع إلى عشر واحد
وإذا اشترى التغلبي الخراجية بقيت خارجية أو التضعيفية فهي تضعيفية أو العشرية من مسلم ضوعف عليه العشر عندهما خلافا لمحمد
وإذا اشترى ذمي غير تغلبي خراجية أو تضعيفية بقيت على حالها أو عشرية صارت خراجية إن استقرت في ملكه عنده اه ط
قوله ( من ذمي ) أي عندهما أما عند محمد فتبقى عشرية لأن الوظيفة لا تتغير عنده بتغير المالك كما قدمناه ح
قوله ( غير تغلبي ) قيد به لأن العشرية تضعف عليه عندهما خلافا لمحمد ط
قوله ( وقبضها منه ) قيد به لأن الخراج لا يجب إلا بالتمكن من الزراعة وذلك بالقبض
بحر
قوله ( للتنافي ) علة لقوله وأخذ الخراج يعني إنما وجب الخراج لا العشر لأن في العشر معنى العبادة والكفر ينافيها ح
قوله ( لتحول الصفقة إليه ) أي إلى الشفيع فكأنه اشتراها من المسلم
بحر وغيره
واعترض بأنه لو كان كذلك لما رجع الشفيع بالعيب على المشتري إذا قبضها منه
وأجيب بأن الرجوع عليه لوجود القبض منه كما في الوكيل بالبيع حتى لو كان قبضها من البائع يرجع عليه لا على المشتري
إسماعيل
واستشكله
____________________
(2/329)
0 أيضا الخير الرملي بأنهم صرحوا بأن الأخذ بالشفعة شراء من المشتري لولا الأخذ بعد القبض وإلا فمن البائع والكلام هنا بعد القبض فهو شرا من الذمي
قال ويمكن الجواب بما في النهاية عن نوادر زكاة المبسوط لو اشترى كافر عشرية فعلية الخراج في قول الإمام ولكن هذا بعد ما انقطع حق المسلم عنها من كل وجه حتى لو استحقها مسلم أو أخذها مسلم بالشفعة كانت عشرية على حالها ولو وضع عليها الخراج لأنه لم ينقطع حق المسلم عنها اه
قوله ( أو ردت عليه ) معطوف على أخذها أي إذا اشتراها الذمي من مسلم شراء فاسدا فردت عليه لفساد البيع فهي عشرية على حالها قال في البحر لأنه بالرد والفسخ جعل البيع كأن لم يكن لأن حق المسلم وهو البائع لم ينقطع بهذا البيع لكونه مستحق الرد
قوله ( أو بخيار شرط ) أي للبائع كما قيده به قاضيخان في شرح الجامع وقال لأن خيار البائع يمنع زوال ملكه
قوله ( أو رؤية ) لأنه فسخ فصار البيع كأن لم يكن كما مر
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان بقضاء أو لا
وفيه رد على ظاهر عبارة الدرر حيث علق قوله الآتي بقضاء بقوله ردت
قوله ( لأن إقالة ) أي لأن الرد بغير قضاء إقالة وهي فسخ من حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما وهو مستحق الخراج فصار شراء المسلم من الذمي بعد ما صارت خراجية فتبقى على حالها كما في الفتح
قال في البحر واستفيد من وضع المسألة أن للذمي أن يردها بعيب قديم ولا يكون وجوب الخراج عليها عيبا حادثا لأنه يرتفع بالفسخ بالقضاء فلا يمنع الرد
قوله ( جعلت بستانا هو أرض يحوط عليها حائط وفيها إشجار متفرقة كذا في المعراج ) قيد بجعلها بستانا لأنه لو لم يجعلها بستانا وفيها نخل تغل أكرارا لا شيء فيها
بحر
وكذلك ثمر بستان الدار لأنه تابع لها كما في قاضيخان قهستاني
قوله ( مطلقا ) أي سواء سقاها بماء العشر أو الخراج لأنه أهل للخراج لا للعشر
بحر
قوله ( بمائه ) أي ماء الخراج وهو ماء أنهار حفرتها العجم وكذا سيحون وجيحون ودجلة والفرات خلافا لمحمد وماء العشر هو ماء السماء والبئر والعين والبحر الذي لا يدخل تحت ولاية أحد كذا في الملتقى وشرحه
والحاصل أن ماء الخراج ما كان للكفرة يد عليه ثم حويناه قهرا وما سواه عشري لعدم ثبوت اليد عليه فلم يكن غنيمة وأورد أن هذا ظاهر في ماء البحار والأمطار
أما الآبار والعيون فهي خراجية لأنها غنيمة حيث حويناها قهرا منهم
وأجاب في الفتح بأنه لا يلزم ذلك في كل عين وبئر فإن أكثر ما كان من حفر الكفرة قد دثر وما نراه الآن إما معلوم الحدوث بعد الإسلام أو مجهول الحال فيجب الحكم فيه بأنه إسلامي إضافي للحادث إلى أقرب وقتيه الممكنين اه
قوله ( لرضاه ) جواب عما استشكله العتابي من أن فيه وجوب الخراج على المسلم ابتداء حتى نقل في غاية البيان أن الإمام السرخسي ذكر في كتاب الجامع أن عليه العشر بكل حال لأنه أحق بالعشر من الخراج وهو الأظهر اه
وجوابه أن الممنوع وضع الخراج ابتداء جبرا أما باختياره فيجوز وقد اختاره هنا حيث سقاه بماء الخراج فهو كما إذا أحيا أرضا ميتة بإذن الإمام وسقاها بماء الخراج فإنه يجب عليه الخراج
بحر
وأجاب في الفتح بأن المسلم إذا سقى بالماء الخراجي ينتقل الماء بوظيفته إلى الأرض فليس فيه وضع الخراج عليه ابتداء بل هو انتقال ما وظيفته الخراج إليه بوظيفته كما لو اشترى أرضا خراجية اه
وأصله للزيلعي
تنبيه مقتضى تعليقهم الحكم بالماء أنه لا اعتبار بكونها في أرض عشر أو خراج وهو خلاف ما مشى عليه
____________________
(2/330)
في الخانية ومثله لو أحيا أرضا مواتا فإن المعتبر الماء دون الأرض على خلاف فيه سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى في باب العشر والخراج من كتاب الجهاد
قوله ( بمائه ) أي ماء العشر وقوله أو بهما أي بماء العشر والخراج
قال ط ظاهره ولو كان ماء الخراج أكثر
قوله ( لأنه أليق به ) أي لأن العشر أنسب بحال المسلم لما فيه من معنى العبادة
قوله ( ولا شيء في دار ) لأن عمر رضي الله عنه جعل المساكن عفوا وعليه إجماع الصحابة ولأنها لا تستمنى ووجوب الخراج باعتباره وعلى هذا المقابر
زيلعي
وظاهر التعليل أنه لا فرق بين القديمة والحديث لكن صرحوا بأن أرض الخراج لو عطلها صاحبها عليه الخراج
وفي الخانية اشترى أرض خراج فجعلها دارا وبنى فيها بناء كان عليه خراج الأرض كما لو عطلها اه
وذكر مثله في الذخيرة ثم قال وفي فتاوى أبي الليث إذا جعل أرضه الخراجية مقبرة أو خانا للغلة أو مسكنا للفقراء سقط الخراج اه
ويمكن بناء الثاني على أن فيه منفعة عامة فليتأمل
قوله ( ولو لذمي ) دخل المسلم بالأولى وعبر في الهداية بالمجوسي لأنه أبعد من الذمي عن الإسلام لحرمة مناكحته وذبيحته فلو عبر الشارح به لكان أولى
قوله ( ولا في عين قير ) لأنه ليس من إنزال الأرض وإنما هو عين فوارة كعين الماء فلا عشر فيها ولا خراج
بحر
قوله ( ونفط ) بالفتح والكسر وهو أفصح
بحر
وكذا الملح كما في الكافي و النهاية
إسماعيل
قوله ( في حريمها ) حريم الدار ما يضاف إليها من حقوقها ومرافقها
قاموس
قوله ( لا فيها ) أي لا في نفس العين
وقال بعض المشايخ يجب فيها وهو ظاهر الكنز كما في البحر
قوله ( لتعلق الخراج بالتمكن ) علة لقوله الصالح لها وهذا إنما يظهر في الخراج الموظف وأما خراج المقاسمة فحكمه كالعشر ط
قوله ( لتعلقه بالخارج ) فلا يكفي لوجوبه التمكن من الزراعة ط
قوله ( ويؤخذ العشر الخ ) قال في الجوهرة واختلفوا في وقت العشر في الثمار والزرع
فقال أبو حنيفة وزفر يجب عند ظهور الثمرة والأمن عليها من الفساد وإن لم يستحق الحصاد إذا بلغت حدا ينتفع بها
وقال أبو يوسف عند استحقاق الحصاد
وقال محمد إذا حصدت وصارت في الجرين وفائدته فيما إذا أكل منه بعد ما صار جهيشا أو أطعم غيره منه بالمعروف فإنه يضمن عشر ما أكل وأطعم عند أبي حنيفة وزفر
وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن ويحتسب به في تكميل الأوسق ولا يحتسب به في الوجوب يعني إذا بلغ المأكور مع الباقي خمسة أوسق وجب العشر في الباقي لا غير
وإن أكل منها بعد ما بلغت الحصاد قبل أن تحصد ضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف ولم يضمن عند محمد
وإن أكل بعد ما صارت في الجرين ضمن إجماعا وما تلف بغير صنعه بعد حصاده أو سرق وجب العشر في الباقي لا غير اه
والكلام في العشر ومثله فيما يظهر خراج المقاسمة لأنه جزء من الخارج أما خراج الوظيفة فهو في الذمة لا في الخارج فلا يختلف حكمه بالأكل وعدمه
تأمل
قوله ( ولا يحل لصاحب أرض خراجية ) قيل المراد به خراج المقاسمة فقط لأن خراج الوظيفة يجب في الذمة لا تعلق له بالمحل
وقيل إن خراج الوظيفة كذلك لأن للإمام حق حبس الخارج للخراج ففي أكله إبطال حقه كذا في الذخيرة
____________________
(2/331)
فافهم
قال ط وفي الواقعات عن البزازية لا يحل الأكل من الغلة قبل أداء الخراج وكذا قبل أداء العشر إلا إذا كان المالك عازما على أداء العشر اه
وهو تقييد حسن ومنه يعلم أخذ الفريك من الزرع قبل أداء ما عليه فلا يجوز
قوله ( ولا يأكل الخ ) لو قال أو عشرية بعد قوله خراجية لاستغنى عن هذه الجملة فإنه في كل من العشر وخراج المقاسمة لا يحل الأكل ولو أكل ضمن اه ح
وفي شرح الملتقى عن المضمرات إذا أكل قليلا بالمعروف لا شيء عليه
قال الفقيه وبه نأخذ ط
قوله ( للخراج ) أي الموظف لثبوته في الذمة فيستعين على أخذه بإمساك الخارج بخلاف خراج المقاسمة فإنه ثابت في العين كالعشر وإذا كان العشر يؤخذ جبرا كما تقدم أول الباب لما فيه من معنى المؤنة فخراج المقاسمة أولى ح بزيادة
قلت وفي البدائع أن الواجب في الخراج جزء من الخارج لأنه عشر الخارج أو نصف عشره وذلك جزؤه إلا أنه واجب من حيث إن مال لا من حيث إنه جزء عندنا حتى يجوز أداء قيمته اه
والمتبادر منه أن المراد خراج المقاسمة فإذا كان له أداء القيمة لا يكون للإمام الأخذ من عين الخارج جبرا فينبغي تعميم الخراج في عبارة الشارح
قوله ( ومن منع الخراج سنين الخ ) ذكر المسألة المصنف في كتاب الجهاد في باب الجزية أيضا فقال ويسقط الخراج بالتداخل وقيل لا
وقال الشارح هناك وقيل لا يسقط كالعشر وينبغي ترجيح الأول لأن الخراج عقوبة بخلاف العشر
بحر
قال المصنف أي في المنح عزاه في الخانية لصاحب المذهب فكان هو المذهب اه ما ذكره الشارح هناك
وأقول هذا موافق لما ذكره صاحب الخانية في هذا الباب ومثله في الذخيرة وأما ما ذكره في كتاب الجهاد من الخانية في باب خراج الأرض فنصه هكذا فإن اجتمع الخراج فلم يؤد سنين عند أبي حنيفة يؤخذ بخراج هذه السنة ولا يؤخذ بخراج السنة الأولى ويسقط ذلك عنه كما في الجزية ومنهم من قال لا يسقط الخراج بالإجماع بخلاف الجزية وهذا إذا عجز عن الزراعة فإن لم يعجز يؤخذ بالخراج عند الكل اه
أقول جزم بالقول الثاني في الملتقى في باب الجزية والظاهر أن قول الخانية وهذا إذا عجز الخ توفيق بين القولين وجعل الخلاف لفظيا بحمل الأول على ما إذا عجز عن الزراعة والثاني على ما إذا لم يعجز إذ لا يخفي أن الخراج لا يجب إلا بالتمكن من الزراعة كما هو منصوص عليه في بابه فلا يصح إرجاع اسم الإشارة إلى القول الثاني فقط بل هو راجع إلى القولين توفيقا بينهما كما قلنا فقد ظهر أن ما عزاه الشارح هنا إلى الخانية محمول على حالة العجز بدليل عبارة الخانية الثانية هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
وسيأتي تمام تحقيق ذلك في باب الجزية وأن المعتمد عدم السقوط
قوله ( والأول ظاهر الرواية ) أقول قال في الذخيرة ولا يسقط العشر بموت من عليه في ظاهر الرواية
وروى
____________________
(2/332)
ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه يسقط ثم قال بعد ورقتين ويسقط خراج الأرض بموت من عليه إذا كان خراج وظيفة في ظاهر الرواية
وروى ابن المبارك أنه لا يسقط فوقع الفرق بين الخراج والعشر على الروايتين اه
ويظهر من تقييده السقوط بخراج الوظيفة أن خراج المقاسمة لا يسقط كالعشر في ظاهر الرواية فافهم
قوله ( وجب الخراج أي الموظف
أما خراج المقاسمة فلا يجب كما سيذكره المصنف في باب العشر والخراج أي لتعلقه بالخارج كما قدمناه
قوله ( ويسقطان ) أي العشر وخراج المقاسمة لتعلقهما بعين الخارج أما الموظف فإن هلك الخارج قبل الحصار يسقط وبعده لا
ح عن الهندية عن السراج و الخانية
وفي البزازية هلاك الخارج بعد الحصاد لا يسقطه وقبله يسقط لو بآفة لا تدفع كالغرق والحرق وأكل الجراد والحر والبرد أما إذا أكلته الدابة فلا إمكان الحفظ عنها غالبا
هذا إذا هلك الكل أما إذا بقي البعض إن مقدار قفيزين ودرهمن وجب قفيز ودرهم وإن أقل يجب نصفه وإنما يسقط إذا لم يبق من السنة ما يتمكن فيه من زراعة ما اه أي من زراعة أي شيء كان قمحا أو شعيرا أو غيرهما
قوله ( والخراج على الغاصب ) قال في الخانية أرض خراجها وظيفة اغتصبها غاصب جاحدا ولا بينة للمالك إن لم يزعها الغاسب فلا خراج على أحد وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الزراعة فالخراج على الغاصب وإن كان الغاصب مقرا بالغصب أو كان للمالك بينة ولم تنقصها الزراعة فالخراج على رب الأرض اه
قلت وفي الذخيرة قال بعض المشايخ على المالك وقال بعضهم على الغاصب على كل حال اه
ثم قال في الخانية وإن نقصتها الزراعة عند أبي حنيفة على رب الأرض قل النقصان أو كثر كأنه آجرها من الغاصب بضمان النقصان
وعند محمد على الغاصب فإن زاد النقصان على الخراج يدفع الفضل إلى المالك وإن غصب عشرية فزرعها إن لم تنقصها الزراعة فلا عشر على المالك وإن نقصتها فالعشر على المالك كأنه آجرها بالنقصان اه
قا ح وظاهر أن حكم دات خراج المقاسمة كالعشرية
قوله ( في بيع الوفاء ) هو المسمى بيع الطاعة وهو المشروط فيه رجوع المبيع للبائع متى رد الثمن على المشتري وسيأتي مع الأقوال فيه آخر البيوع قبيل كتاب الكفالة إن شاء الله تعالى
قوله ( على البائع إن بقي في يده ) أما إذا قبضه المشتري وزرع فيه وأخذ الغلة فالخراج عليه لأنه في الحقيقة رهن فيصير بالزراعة غاصبا إذ ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن فيكون كمسألة الغصب على السواء ويكون في وجوبه على البائع أو المشتري الخلاف المذكور في الغصب كذا في الذخيرة
وفي البزازية بعد التقابض إن لم تنقصها الزراعة فالعشر على المشتري وإن نقصتها فعلى البائع الخراج والعشر لأنه بمنزلة الرهن والمرتهن لا يملك الزراعة فأشبه الغصب ولا يتفاوت ما إذا كان الخارج أقل أو أكثر كما جاء في الإجارة اه
قوله ( ولو باع الزرع الخ ) الظاهر أن حكم خراج المقاسمة كالعشر كما يعلم مما مر ح
ثم هذا إذا باع الزرع وحده وشمل ما إذا باعه وتركه المشتري بإذن البائع حتى أدرك فعندهما عشره على المشتري وعند أبي يوسف عشر قيمة القصيل على البائع والباقي على المشتري كما في الفتح وبقي ما لو باع الأرض مع الزرع أو بدونه قال في البزازية باع الأرض وسلمها للمشتري إن بقي مدة يتمكن المشتري فيها من الزراعة فالخراج عليه وإلا فعلى البائع والفتوى على تقرير المدة بثلاثة أشهر هذا لو باعها فارغة ولو فيها زرع لم يبلغ فعلى المشتري بكل حال
وقال أبو الليث إن باعها بزرع انعقد حبه وبلغ ولم تبق مدة يتمكن المشتري
____________________
(2/333)
من الزرع فالخراج على البائع ولو باع من آخر والمشتري من آخر وآخر حتى مضى وقت التمكن لا يجب الخراج على أحد اه ملخصا أي بأن لم تبق في يد أحد من المشترين مدة يتمكن فيها من الزراعة قبل دخول السنة الثانية
قوله ( والعشر على المؤجر ) أي لو أجر الأرض العشرية فالعشر عليه من الأجرة كما في التاترخانية وعندهما على المستأجر
قال في فتح القدير لهما أن العشر منوط بالخارج وهو للمستأجر وله أنها كما تستنمي بالزراعة تستنمي بالإجارة فكانت الأجرة مقصودة كالثمرة فكان النماء له معنى مع ملكه فكان أولى بالإيجاب عليه اه
قوله ( كخراج موظف ) فإنه على المؤجر اتفاقا لتعلقه بتمكن الزراعة لا بحقيقة الخارج وأما خراج المقاسمة وهو كون الواجب جزءا شائعا من الخارج كثلث وسدس ونحوهما فعلى الخلاف كذا في شرح درر البحار وكذا الخراج الموظف على المعير
ذخيرة أي اتفاقا
بدائع
أما العشر فعلى المستعير كما يأتي
تنبيه قال في الخانية وإن استأجر أو استعار أرضا تصلح للزراعة فغرس فيها كرما أو فحرر طابا فالخراج على المستأجر والمستعير في قول أبي حنيفة ومحمد لأنها صارت كرما فخراجها على من جعلها كرما اه
قال الرملي مفاده اشتراط كونه ملتف الأشجار بحيث لا يصلح ما بين الأشجار للزراعة فإن صلح فالخراج على المالك اه
والحاصل أنه يجب الخراج على المؤجر والمعير إن بقيت الأرض صالحة للزراعة وإلا فعلى المستأجر والمستعير
قوله ( كمستعير مسلم ) وأوجبه زفر على المعير لأنه لما أقام المستعير مقامه لزمه كالمؤجر
قلنا حصل للمؤجر الأجر الذي هو كالخارج معنى بخلاف المعير وقيد بالمسلم لأنه لو استعارها ذمي فالعشر على المعير اتفاقا لتفويته حق الفقراء بالإعارة من الكافر كذا في شرح درر البحار أي لكونه ليس أهلا للعشر لكن في البدائع لو استعارها كافر فعندهما العشر عليه وعن الإمام روايتان في رواية كذلك وفي رواية عن المالك اه
تأمل
قوله ( وفي الحاوي ) أي القدسي ح
قوله ( وبقولهما نأخذ ) قلت لكن أفتى بقول الإمام جماعة من المتأخرين كالخير الرملي في فتاواه وكذا تلميذ الشارح الشيخ إسماعيل الحائك مفتي دمشق وقال حتى تفسد الإجارة باشتراط خراجها أو عشرها على المتأجر كما في الأشباه وكذا حامد أفندي العمادي وقال في فتاواه قلت عبارة الحاوي القدسي لا تعارض عبارة غيره فإن قاضيخان من أهل الترجيح فإن من عادته تقديم الأظهر والأشهر وقد قدم قول الإمام فكان هو المعتمد وأفتى به غير واحد منهم زكريا أفندي شيخ الإسلام وعطاء الله أفندي شيخ الإسلام وقد اقتصر عليه في الإسعاد والخصاف اه
قلت لكن في زماننا عامة الأوقاف من القرى والمزارع لرضا المستأجر بتحمل غراماتها ومؤنها يستأجرها بدون أجر المثل بحيث لا تفي الأجرة ولاأضعافها بالعشر أو خراج المقاسمة فلا ينبغي العدول عن الإفتاء بقولهما في ذلك لأنهم في زماننا يقدرون أجرة المثل بناء على أن الإجرة سالمة لجهة الوقف ولا شيء عليه من عشر وغيره أما لو اعتبر دفع العشر من جهة الوقف وأن المستأجر ليس عليه سوى الأجرة فإن أجرة المثل تزيد أضعافا كثيرة كما لا يخفى فإن أمكن أخذ الأجرة كاملة يفتى بقول الإمام وإلا فبقولهما لما يلزم عليه من الضرر الواضح الذي لا يقول به أحد والله تعالى أعلم
مطلب هل يجب العشر على المزارعين في الأراضي السلطانية تتمة في التاترخانية السلطان إذا دفع أراضي لا مالك لها وهي التي تسمى الأراضي المملكة إلى قوم ليعطوا الخراج جاز وطريق الجواز أحد شيئين
إما إقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج إو الإجارة بقدر الخراج
____________________
(2/334)
ويكون المأخوذ منهم خراجا في حق الإمام أجرة في حقهم اه
ومن هذا القبيل الأراضي المصرية والشامية كما قدمناه
ويؤخذ من هذا أنه لا عشر على المزارعين في بلادنا إذا كانت أراضيهم غير مملوكة لهم لأن ما يؤخذه منهم نائب السلطان وهو المسمى بالزعيم أو التيماري إن كان عشرا فلا شيء عليهم غيره وإن كان خراجا فكذلك لأنه لا يجتمع مع العشر وإن كان أجرة فكذلك على قول الإمام من أنه لا عشر على المستأجر وأما على قولهما فالظهر أنه كذلك لما علمت من أن المأخوذ ليس أجرة من كل وجه لأنه خراج في حق الإمام
تأمل
قوله ( وفي المزارعة الخ ) قال في النهر ولو دفع الأرض العشرية مزارعة إن البذر من قبل العامل فعلى رب الأرض في قياس قوله لفسادها وقالا في الزرع لصحتها وقد اشتهرأن الفتوى على الصحة وإن من قبل رب الأرض كان عليه إجماعا اه
ومثله في الخانية و الفتح
والحاصل أن العشر عند الإمام على رب الأرض مطلقا وعندهما كذلك لو البذر منه ولو من العامل فعليهما وبه ظهر أن ما ذكره الشارح هو قولهما اقتصر عليه لما علمت من أن الفتوى على قولهما بصحة المزارعة فافهم
لكن ما ذكر من التفصيل يخالفه ما في البحر و المجتبى و المعراج و السراج و الحقائق و الظهيرية وغيرهما من أن العشر على رب الأرض عنده عليهما عندهما من غير ذكر هذا التفصيل وهو الظاهر لما في البدائع من أن المزارعة جائرة عندهما والعشر يجب في الخارج والخارج بينهما فيجب العشر عليهما اه
وفي شرح درر البحار عشر جميع الخارج على رب الأرض عنده لأن المزارعة فاسدة عنده فالخارج له إما تحقيقا أو تقديرا لأن البذر إن كان من قبله فجميع الخارج له وللمزارع أجر مثل عمله وإن كان من قبل الزارع فالخارج له ولرب الأرض أجر مثل أرضه الذي هو بمنزلة الخارج إلا أن عشر حصته في عين الخارج وعشر حصة المزارع في ذمة رب الأرض
وفائدة ذلك السقوط بالهلاك إذا نيط بالعين وعدمه إذا نيط بالذمة وأوجبا ومعهما أحد العشر عليهما بالحصص لسلامة الخارج لهما حقيقة اه
فكان ينبغي للشارح متابعة ما في أكثر الكتب
ثم اعلم أن هذا كله في العشر أما الخراج فعلى رب الأرض إجماعا كما في البدائع
قوله ( ومن له حظ ) أي نصيب في بيت المال في أي بيت من البيوع الأربعة الآتية مع بيان مستحقيها في النظم ط
قلت وهذه المسألة ذكرها المصنف متنا في مسائل شتى آخر الكتاب ونظمها ابن وهبان في منظومته وقال ابن الشحنة في شرحها ومن له الحظ هم القضاة والعمال والعلماء والمقاتلة وذراريهم والقدر الذي يجوز لهم أخذه كفايتهم
قال المصنف وكذلك طالب العلم والواعظ الذي يعظ الناس بالحق والذي علمهم اه
قلت لكن هؤلاء لهم حظ في أحد بيوت المال وهو بيت الخراج والجزية كما يأتي قريبا وظاهر كلامه أن لأحدهم الأخذ من أي شيء وجده وإن لم يكن من مال البيت المعد لهم وهو خلاف الظاهر من كلامهم وإلا لم تبق فائدة لجعل البيوت أربعة نعم يأتي أنه للإمام أن يستقرض من أحد البيوت ليصرفه للآخر ثم يرد ما استقرض فإنه يقتضي جواز الدفع من بيت آخر للضرورة
ففي مسألتنا إن كان يمكنه الوصول إلى حقه ليس له الأخذ من غير بيته الذي يستحق هو منه وإلا كما في زماننا يجوز للضرورة إذ لو لم يجز أخذه إلا من بيته لزم أن لا يبقى حق لأحد في زماننا لعدم إفراز كل بيت على حدة بل يخلطون المال كله ولو لم يأخذ ما ظفر به لا يمكنه الوصول إلى شيء فليتأمل
قوله ( بما هو موجه له ) أي بشيء يتوجه لبيت المال أي يستحق له والذي في شرح الوهبانية عن القنية
____________________
(2/335)
عن الإمام لو بري من له حظ في بيت المال ظفر بمال وجه لبيت المال فله أن يأخذه ديانة وللإمام الخيار في المنع والإعطاء في الحكم أي في القضاء اه
قلت أي في الخيار في إعطاء ذلك للواجد إذا علم به ليعطيه حقه من غيره إذ ليس له الخيار في منع حقه من بيت المال مطلقا كما لا يخفى
قوله ( وللمودع الخ ) قال في شرح الوهبانية وفي البزازية قال الإمام الحلواني إذا كان عنده وديعة فمات المودع بلا وارث له أن يصرف الوديعة إلى نفسه في زماننا هذا لأنه لو أعطاها لبيت المال لضاع لأنهم لا يصرفون مصارفه فإذا كان من أهله صرفه إلى نفسه وإن لم يكن من المصارف صرفه إلى المصرف اه
وقوله وإن لم يكن من المصارف يؤيد ما قلناه آنفا حيث أطلق المصارف ولم يقيدها بمصارف هذا المال فشمل مصارف البيوت الأربعة
تأمل
قوله ( دفع النائبة والظلم عن نفسه أولى الخ ) النائبة ما ينوبه من جهة السلطان من حق أو باطل أو غيره كما في القنية عن البزدوي والمراد دفع ما كانت بغير حق ولذا عطف الظلم تفسيرا وفيها عن شمس الأئمة السرخسي توجه على جماعة جباية بغير حق فلبعضهم دفعها عن نفسه إذا لم يحمل حصته على الباقين وإلا فالأولى أن لا يدفعها عن نفسه ثم نقل صاحب القنية عن شيخه بديع أن فيه إشكالا لأن إعطاءه إعانة للظالم على ظلمه فإن أكثر النوائب في زماننا بطريق الظلم فمن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فذلك خير له اه ملخصا
وعليه مشى ابن وهبان في منظومته وأجاب ابن الشحنة بأن الإشكال مدفوع بما فيه من أنواع الظلم على الضعيف العاجز بواسطة دفعه عن نفسه اه
قلت فيه نظر فإن ما حرم أخذه حرم إعطاءه كما في الأشباه أي إلا لضرورة فإذا كان الظالم لا بد من أخذه المال على كل حال لا يكون العاجز عن الدفع عن نفسه آثما بالإعطاء بخلاف القادر فإنه بإعطائه ما يحرم أخذه يكون معينا على الظلم باختياره
تأمل
قوله ( حصته ) مفعول تحمل وباقيهم فاعله أي باقي جماعته
قوله ( وتصح الكفالة بها ) أي بالنائبة سواء كانت بحق ككرى النهر المشترك للعامة وأجرة الحارس للمحلة المسمى بديار مصر الخفير وما وظف للإمام ليجهز به الجيوش وفداء الأسارى بأن احتاج إلى ذلك ولم يكن في بيت المال شيء فوظف على الناس ذلك والكفالة به جائزة اتفاقا أو كانت بغير حق كجبايات زماننا فإنها في المطالبة كالديون بل فوقها حتى لو أخذت من الأكار فله الرجوع على مالك الأرض وعليه الفتوى
وقيده شمس الأئمة بما إذا أمره به طائعا فلو مكرها في الأمر لم يعتبر أمره بالرجوع
ذكره الشارح وصاحب النهر في الكفالة ط
قلت ومعنى صحة الكفالة بالنائبة التي بغير حق أن الكفيل إذا كفل غيره بها بأمره كان له الرجوع عليه بما أخذه الظالم منه لا بمعنى أنه يثبت للظالم حق المطالبة على الكفيل فلا يرد ما قيل إن الظلم يجب إعدامه فكيف تصح الكفالة به كما سنحققه في محله إن شاء الله تعالى
قوله ( ويؤجر من قام بتوزيعها بالعدل ) أي بالمعادلة كما عبر في القنية أي بأن يحمل كل واحد بقدر طاقته لأنه لو ترك توزيعها إلى الظالم ربما يحمل بعضهم ما لا يطيق فيصير ظلما على ظلم ففي قيام العارف بتوزيعها بالعدل تقليل للظلم فلذا يؤجر وهذا اليوم كالكبريت الأحمر بل هو أندر
قوله ( وهذا يعرف الخ ) المشار إليه غير مذكور في كلامه وأصله في القنية حيث قال وقال أبو جعفر البلخي ما يضر به السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير دينا واجبا وحقا مستحقا كالخراج وقال مشايخنا وكل ما يضر به الإمام
____________________
(2/336)
عليهم لمصلحة لهم فالجواب هكذا حتى أجره الحراسين لحفظ الطريق واللصوص ونصب الدروب وأبواب السكك وهذا يعرف ولا يعرف خوف الفتنة ثم قال فعلى هذا ما يؤخذ في خوارزم من العامة لإصلاح مسناة الجيحون أو الربض ونحوه من مصالح العامة دين واجب لا يجوز الامتناع عنه وليس بظلم ولكن يعلم هذا الجواب للعمل به وكف اللسان عن السلطان وسعاته فيه لا للتشهير حتى لا يتجاسروا في الزيادة على القدر المستحق اه
قلت وينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يوجد في بيت المال ما يكفي لذلك لما سيأتي في الجهاد من أنه يكره الجعل إن وجد فيء
قوله ( يجوز ترك الخراج للمالك الخ ) سيأتي في الجهاد متنا وشرحا ما نصه ترك السلطان أو نائبه الخراج لرب الأرض أو وهبه ولو بشفاعة جاز عند الثاني وحل له لو مصرفا وإلا تصدق به به يفتي
وما في الحاوي من ترجيح حله لغير المصرف خلاف المشهول ولو ترك العشر لا يجوز إجماعا ويخرجه بنفسه للفقراء
سراج
خلافا لما في قاعدة تصرف الإمام منوط بالمصلحة من الأشباه معزيا للبزازية فتنبه اه
قلت والذي في الأشباه عن البزازية إذا ترك العشرش لمن عليه جاز غنيا كان أو فقيرا لكن إن كان المتروك له فقيرا فلا ضمان على السلطان وإن كان غنيا ضمن السلطان العشر للفقراء من بيت مال الخراج لبيت مال الصدقة اه
قلت وما في الأشباه ذكر مثله في الذخيرة عن شيخ الإسلام بقوله لو غنيا كان له جائزة من السلطان ويضمن مثله من بيت الخراج لبيت الصدقة ولو فقيرا كان صدقة عليه فيجوز كما لو أخذه منه ثم صرفه إليه ولذا قالوا بأن السلطان إذا أخذ الزكاة من صاحب المال فافتقر قبل صرفها للفقراء كان له أن يصرفها إليه كما يصرفها إلى غيره
قوله ( ونظمها ابن الشحنة ) هو محمد والد شارح المنظومة عبد البر والنظم من بحر الوافر
مطلب في بيان بيوت المال ومصارفها قوله ( بيوت المال أربعة ) سيأتي في آخر فصل الجزية عن الزيلعي أن على الإمام أن يجعل لك نوع بيتا يخصه وله أن يستقرض من أحدها ليصرفه للآخر ويعطي بقدر الحاجة والفقه والفضل فإن قصر كان الله تعالى عليه حسيبا اه
وقال الشرنبلالي في رسالته ذكروا أنه يجب عليه أن يجعل لكل نوع منها بيتا يخصه ولا يخلط بعضه ببعض وأنه إذا احتاج إلى مصرف خزانة وليس فيها ما يفي به يستقرض من خزانة غيرها ثم إذا حصل للتي استقرض لها مال يرد إلى المستقرض منها إلا أن يكون المصروف من الصدقات أو خمس الغنائم على أهل الخراج وهم فقراء فإنه لا يرد شيئا لاستحقاقهم للصدقات بالفقر وكذا في غيره إذا صرفه إلى المستحق اه
قوله ( لكل مصارف ) أي لكل بيت محلات يصرف إليها
قوله ( فأولها الغنائم الخ ) أي أول الأربعة بيت أموال الغنائم فهو على حذف مضافين وكذا يقال فيما بعده ط
ويسمى هذا بيت مال الخمس أي خمس الغنائم والمعادن والركاز كما في التاترخانية فقوله الركاز وفي نسخة ركاز منونا من عطف العام بحذف حرف العطف
قوله ( وبعدها المتصدقونا ) مبتدأ وخبر والأولى وبعده بالتذكير أي بعد الأول إلا أن يقال إن أولها اكتسب التأنيث من المضاف
____________________
(2/337)
إليه أو أعاد الضمير على الغنائم وما عطف عليها لأنها نفس الأول أي وثاينها بيت أموال المتصدقين أي زكاة السوائم وعشور الأراضي وما أخذه العاشر من تجار المسلمين المارين عليه كما في البدائع
قوله ( وثالثها الخ ) قال في البدائع الثالث خراج الأراضي وجزية الرؤوس وما صولح عليه بنو نجران من الحلل وبنو تغلب من الصدقة المضاعفة وما أخذ العشار من تجار أهل الذمة والمستأمنين من أهل الحرب اه
زاد الشرنبلالي في رسالته عن الزيلعي وهدية أهل الحرب وما أخذ منهم بغير قتال وما صولحوا عليه لترك القتال قبل نزول العسكر بساحتهم فقوله مع عشور المراد به ما يأخذه العاشر من أهل الذمة والمستأمنين فقط بقرينة ذكره مع الخراج لأنه في حكمه أو هو خراج حقيقة كما قدمناه في بابه بخلاف ما يأخذه منا فإنه زكاة حقيقة أدخله في قوله المتصدقون كما مر فافهم وقوله وجالية هم أهل الذمة لأن عمر رضي الله تعالى عنه أجلاهم من أرض العرب كما في القاموس أي أخرجهم منها ثم صار يستعمل حقيقة عرفية في الجزية التي يليها العاملون أي يلي أمرها عمال الإمام وكأن الناظم أدخل فيها ما يؤخذ من بني نجران وبني تغلب وما أخذ من أهل الحرب من هدية أو صلح لأنها في معنى جزية رؤوسهم
قوله ( الضوائع ) جمع ضائعة أي اللقطات وقوله مثل مالا الخ أي مثل تركة لا وارث لها أصلا ولها وارث لا يرد عليه كأحد الزوجين والأظهر جعله معطوفا على الضوائع بإسقاط العاطف لأن من هذا النوع ما نقله الشرنبلالي دية مقتول لا ولي له لكن الدية من جملة تركة المقتول ولذا نقضي منها ديونه كما صرحوا به
تأمل
قوله ( فمصروف الأولين الخ ) بنقل حركة الهمزة إلى اللام لضرورة الوزن أي بيت الخمس وربيت الصدقات والنص في الأول قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم } الأنفال 41 الآية وسيأتي بيانه في الجهاد إن شاء الله تعالى وفي الثاني قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء } التوبة 60 الآية ويأتي بيانه قريبا
قوله ( وثالثها حواه مقاتلونا ) الذي في الهداية وعامة الكتب المعتبرة أنه يصرف في مصالحنا كسد الثغور وبناء القناطر والجسور وكفاية العلماء والقضاة والعمال ورزق المقاتلة وذراريهم اه أي ذراري الجميع كما سيأتي في الجهاد إن شاء الله تعالى
قوله ( ورابعها فمصرفه جهات الخ ) موافق لما نقله ابن الضياء في شرح الغزنوية عن البزدوي من أنه يصرف إلى المرضي والزمني واللقيط وعمارة القناطر والرباطات والثغور والمساجد وما أشبه ذلك اه
ولكنه مخالف لما في الهداية و الزيلعي
أفاده الشرنبلالي أي فإن الذي في الهداية وعامة الكتب أن الذي يصرف في مصالح المسلمين هو الثالث كما مر وأما الرابع فمصرفه المشهور هو اللقيط الفقير والفقراء الذين لا أولياء لهم فيعطي منه نفقتهم وأدويتهم وكفنهم وعقل جنايتهم كما في الزيلعي وغيره
وحاصله أن مصرفه العاجزون الفقراء فلو ذكر الناظم الرابع مكان الثالث ثم قال وثالثها حواه عاجزونا ورابعها فمصرفه الخ لوافق ما في عامة الكتب
قوله ( تساوى ) فعل ماضي والنفع منصوب على التمييز كطبت النفس أي تساوى المسلمون فيها من جهة النفع اه ح
والله تعالى أعلم
____________________
(2/338)
باب المصرف قوله ( أي مصرف الزكاة والعشر ) يشير إلى هنا والمراد بالعشر ما ينسب إليه كما مر فيشمل العشر ونصفه المأخوذين من أرض المسلم وربعه المأخوذ منه إذا مر على العاشر أفاده ح
وهو مصرف أيضا لصدقة الفطر والكفارة والنذر وغير ذلك من الصدقات الواجبة كما في القهستاني
قوله ( وأما خمس المعدن ) بيان لوجه اقتصاره على الزكاة والعشر وأنه لا يناسب ذكره معهما وإن ذكره في العناية و المعراج والأولى كما قال ح وأما خمس الركاز ليشمل الكنز لأنه كالمعدن في المصرف
قوله ( هو فقير ) قدمه تبعا للآية ولأن الفقر شرط في جميع الأصناف إلا العامل والمكاتب وابن السبيل ط
قوله ( قوله أدنى شيء ) المراد بالشيء النصاب النامي وبأدنى ما دونه فأفعل التفضيل ليس على بابه كما أشار إليه الشارح
والأظهر أن يقول من لا يملك نصابا ناميا ليدخل فيه ما ذكره الشارح
وقد يقال إن المراد التمييز بين الفقير والمسكين لرد ما قيل إنهما صنف واحد لا بينهما وبين الغني للعلم بتحقق عدم الغنى فيهما أي عدم ملك النصاب النامي فذكر أن المسكين من لا شيء له أصلا والفقير من يملك شيئا وإن قل فاقتصاره على الأدنى لأنه غاية ما يحصل به التمييز
والحاصل أن المراد هنا الفقير المقابل للمسكين لا للغني
قوله ( أي دون نصاب ) أي نام فاضل عن الدين فلو مديونا فهو مصرف كما يأتي
قوله ( مستغرق في الحاجة ) كدار السكني عبيد الخدمة وثياب البذلة وآلات الحرفة وكتب العلم للمحتاج إليها تدريسا أو حفظا أو تصحيحا كما مر أول الزكاة
والحاصل أن النصاب قسمان موجب للزكاة وهو النامي الخالي عن الدين
وغير موجب لها وهو غيره فإن كان مستغرقا بالحاجة لمالكه أباح أخذها وإلا حرمه وأوجب غيرها من صدقة الفطر والأضحية ونفقة القريب المحرم كما في البحر وغيره
قوله ( من لا شيء له ) فيحتاج إلى المسألة لقوته وما يواري بدنه ويحل له ذلك بخلاف الأول ويحل صرف الزكاة لمن لا تحل له المسألة بعد كونه فقيرا
فتح
قوله ( على المذهب ) من أنه أسوأ حالا من الفقير وقيل على العكس والأول أصح
البحر
وهو قول عامة السلف
إسماعيل
وأفهم بالعطف أنهما صنفان وهو قول الإمام وقال الثاني صنف واحد وأثر الخلاف يظهر فيما إذا أوصى بثلث ماله لزيد والفقراء والمساكين أو وقف كذلك كان لزيد الثلث ولكل صنف ثلث عنده وقال الثاني لزيد النصف ولهما النصف وتمامه في النهر
قوله ( لقوله تعالى { أو مسكينا ذا متربة } البلد 16 ) أي ألصق جلده بالتراب محتفرا حفرة جعلها إزاره لعدم ما يواريه أو ألحصق بطنه من الجوع وتمام الاستدلال به موقوف على أن الصفة كاشفة والأكثر خلافه فيحمل عليه تمامه في الفتح
قوله ( وآية السفينة للترحم ) جواب عما استدل به القائل بأن الفقير أسوأ حالا من المسكين حيث أثبت للمساكين سفينة
والجواب أنه قيل لهم مساكين ترحما
وأجيب أيضا بأنها لم تكن لهم بل هم أجراء فيها أو عارية لهم
فتح أي فاللام في كانت لمساكين للاختصاص لا للملك
قوله ( يعم الساعي ) هو من يسعى في القبائل لجمع صدقة السوائم والعاشر من نصبه الإمام على الطرق ليأخذ العشر ونحوه في المارة
قوله ( لأنه فرغ نفسه ) أي فهو يستحقه عمالة ألا ترى أن
____________________
(2/339)
أصحاب الأموال لو حملوا الزكاة إلى الإمام لا يستحق شيئا ولو هلك ما جمعه من الزكاة لم يستحق شيئا كالمضارب إذا هلك مال المضاربة إلا أن فيه شبهة الصدقة بدليل سقوط الزكاة عن أرباب الأموال فلا تحل للعامل الهاشمي تنزيها لقرابة النبي عن شبهة الوسخ وتحل للغني لأنه لا يوازي الهاشمي في استحقاق الكرامة فلا تعتبر الشبهة في حقه
زيلعي
على أن منع العامل الهاشمي من الأخذ صريح في السنة كما بسطه في الفتح
قال في النهر وفي النهاية استعمل الهاشمي على الصدقة فأجري له منها رزق لا ينبغي له أخذه ولو عمل ورزق من غيرها فلا بأس به
قال في البحر وهذا لا يفيد صحة توليته وأن أخذه منها مكروه لا حرام اه
والمراد كراهة التحريم لقولهم لا يحل لكن ما مر من أن شرائط الساعي أن لا يكون هاشميا يعارضه وهذا الذي ينبغي يعول عليه اه ما في النهر
أقول الظاهر أن الإشارة في قوله وهذا إلى ما ذكر هنا من صحة توليته
ووجهه أن ما ذكروه هنا صريح في عدم حل الأخذ مما جمعه من الصدقة لا من غيره فلا دليل حينئذ على عدم صحة توليته عاملا إذا رزق من غيرها وقدمنا أن اشتراط أن لا يكون هاشميا نقله في البحر عن الغاية ولم أره لغيره على أنه في الغاية علل ذلك بقوله لما فيه من شبهة الزكاة كما عللوا به هنا فعلم أن ذلك شرط لحل الأخذ من الصدقة لا لصحة التولية فلا يعارض ما هنا كما قدمناه هناك والله تعالى أعلم
قوله ( فيحتاج إلى الكفاية ) لكن لا يزاد على نصف ما قبضه كما يأتي ولا يستحق لو هلك ما جمعه لأن ما يستحقه منه أجرة عمالته من وجه كما مر
قال في المعراج لأن عمالته في معنى الأجرة وأنه يتعلق بالمحل الذي عمل فيه
فإذا هلك سقط حقه كالمضارب اه
قلت وهذا مفاد التفريع على قوله لأنه فرغ نفسه لهذا العمل فإنه يفيد أن ما يأخذه ليس صدقة من كل وجه بل في مقابلة عمله فلا ينافي ما مر من أن له شبهين فافهم
قوله ( ما نسب للواقعات ) ذكر المصنف أنه رآه بخط ثقة معزيا إليها
قلت ورأيته في جامع الفتاوى ونصه وفي المبسوط لا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا إلا إلى طالب العلم والغازي ومنقطع الحج لقوله عليه الصلاة والسلام ( يجوز دفع الزكاة لطالب العلم وإن كان له نفقة أربعين سنة ) اه
قوله ( من أن طالب العلم ) أي الشرعي
قوله ( إذا فرغ نفسه ) أي عن الاكتساب
قال ط المراد أنه لا تعلق له بغير ذلك فنحو البطالات المعلومة وما يجلب له النشاط من مذهبات الهموم لا ينافي التفرع بل هو سعي في أسباب التحصيل
قوله ( واستفادته ) لعل الواو بمعنى أو المانعة الخلو ط
قوله ( لعجزه ) علة لجواز الأخذ ط
قوله ( والحاجة داعية الخ ) الواو للحال
والمعنى أن الإنسان يحتاج إلى أشياء لا غنى له عنها فحينئذ إذا لم يجز له قبول الزكاة مع عدم اكتسابه أنفق ما عنده ومكث محتاجا فينقطع عن الإفادة والاستفادة فيضعف الدين لعدم من يتحمله وهذا الفرع مخالف لإطلاقهم الحرمة في الغنى ولم يعتمده أحد
قلت وهو كذلك
والأوجه تقييده بالفقير ويكون طلب العلم مرخصا لجواز سؤاله من الزكاة وغيرها وإن كان قادرا على الكسب إذ بدونه لا يحل له السؤال كما سيأتي
ومذهب الشافعية والحنابلة أن القدرة على
____________________
(2/340)
الاكتساب تمنع الفقر فلا يحل له الأخذ فضلا عن السؤال إلا إذا اشتغل عنه بالعلم الشرعي
قوله ( ما يكفيه وأعوانه ) بيان لقوله بقدر عمله وقدمنا أنه يعطي ما لم يهلك المال وإلا بطلت عمالته ولا يعطي من بيت المال شيئا كما في البحر
وفي البزازية أخذ عمالته قبل الوجوب أو القاضي رزقه قبل المدة جاز والأفضل عدم التعجيل لاحتمال أن لا يعيش إلى المدة اه
قال في النهر ولم أر ما لو هلك المال في يده وقد تعجل عمالته والظاهر أنه لا يسترد
قوله ( بالوسط ) فيحرم أن يتبع شهوته في المأكل والمشرب لأنه إسراف محض وعلى الإمام أن يبعث من يرضى بالوسط
بحر
قوله ( لكن الخ ) أي لو استغرقت كفايته الزكاة لا يزاد عى النصف لأن التنصيف عين الإنصاف
بحر
قوله ( ومكاتب ) هذا هو المعني بقوله تعالى { وفي الرقاب } التوبة 60 في قول أكثر أهل العلم وهو المروي عن الحسن البصري أطلقه فعم مكاتب الغني أيضا وقيده الحدادي بالكبير أما الصغير فلا يجوز وفيه نظر إذ صرحوا بأن المكاتب يملك المدفوع إليه وهذا بإطلاقه يعم الصغير أيضا نهر
قلت قد يجاب بأن مراد الحدادي بالصغير من لا يعقل لأن كتابته استقلالا غير صحيحة أو لأنه لا يصح قبضه
تأمل
ثم قال في النهر وعلى هذا فالعدول فيه وفيما بعده عن اللام إلى في للدلالة على أن الاستحقاق للجهة لا للرقبة أو للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم من غيرهم لا لأنهم لا يملكون شيئا كما ظن إلا أن يراد لا يملكونه ملكا مستقرا وهل يجوز للمكاتب صرف المدفوع إليه في غير ذلك الوجه لم أره لهم اه
والضمير في لهم لأئمتنا وأصل التوقف لصاحب البحر فإنه نقل عن الطيبي من الشافعية ما يفيد أن المكاتب ومن بعده ليس لهم صرف المال في غير الجهة التي أخذوا لأجلها لأنهم لا يملكونه
ثم قال وفي البدائع إنصما جاز دفع الزكاة إلى المكاتب لأنه تمليك وهو ظاهر في أن الملك يقع للمكاتب فبقية الأربعة بالطريق الأولى لكن بقي هل لهم على هذا الصرف إلى غير الجهة اه
قال الخير الرملي والذي يقتضيه نظر الفقيه الجواز اه
قلت وبه جزم العلامة المقدسي في شرح نظم الكنز
فرع ذكر الزيلعي في كتاب المكاتب عند قوله ولو اشترى أباه أو ابنه فكاتب عليه أن للمكاتب كسبا وليس له ملك حقيقة لوجود ما ينافيه وهو الرق ولهذا اشترى زوجته لا يفسد نكاحه ويجوز دفع الزكاة إليه ولو وجد كنزا اه
كذا في شرح الكنز للعلامة ابن الشلبي شيخ صاحب البحر
قلت وهو صريح في جواز دفع الزكاة إليه وإن ملك نصابا زائدا على بدل الكتابة وسنذكر عن القهستاني ما يفيده
قوله ( لغير هاشمي ) لأنه إذا لم يجز دفعها لمعتق الهاشمي الذي صار حرا يدا ورقبة فمكاتبه الذي بقي مملوكا رقبة بالأولى
وفي البحر عن المحيط وقد قالوا إنه لا يجوز لمكاتب هاشمي لأن الملك يقع للمولى من وجه والشبهة ملحقة بالحقيقة في حقهم اه أي إن المكاتب وإن صار حرا يدا حتى يملك ما يدفع إليه لكنه مملوك رقبة ففيه شبهة وقوع الملك لمولاه الهاشمي والشبهة معتبرة في حقه لكرامته بخلاف الغني كما مر في العامل فلذا قيد بقوله في حقهم أي حق بني هاشم
وأنت خبير بأن ما ذكر من التعليل مسوق في كلام البحر لعدم الجواز لمكاتب الهاشمي لا لمنع تصرف المكاتب في المسألة التي توقف في حكمها أو لا بل لا يفيد التعليل المذكور ذلك أصلا فافهم
قوله ( حل لمولاه ) لأنه انتقل إليه بملك حادث بعد ما ملكه المكاتب لأنه حر يدا وتبدل الملك بمنزلة تبدل العين وفي الحديث الصحيح
____________________
(2/341)
هو لها صدقة ولنا هدية
قوله ( كفقير استغنى ) أي وفضل معه شيء مما أخذه حالة الفقر لأن المعتبر في كونه مصرفا هو وقت الدفع وكذا يقال في ابن السبيل
قوله ( وسكت عن المؤلفة قلوبهم ) كانوا ثلاثة أقسام قسم كفار كان عليه الصلاة والسلام يعطيهم ليتألفهم على الإسلام
وقسم كان يعطيهم ليدفع شرهم
وقسم أسلموا وفيهم ضعف في الإسلام فكان يتألفهم ليثبتوا وكان ذلك حكما مشروعا ثابتا بالنص فلا حاجة إلى الجواب عما يقال كيف يجوز صرفها إلى الكفار بأنه كان من جهاد الفقراء في ذلك الوقت أو من الجهاد لأنه تارة بالسنان وتارة بالإحسان
أفاده في الفتح
قوله ( لسقوطهم ) أي في خلافة الصديق لما منعهم عمر رضي الله تعالى عنهما وانعقد عليه إجماع الصحابة نعم على القول بأنه لا إجماع إلا عن مستند يجب علمهم بدليل أفاد نسخ ذلك قبل وفاته أو تقييد الحكم بحياته أو كونه حكما مغيا بانتهاء علته وقد اتفق انتهاؤها بعد وفاته
وتمامه في الفتح لكن لا يجب علمنا نحن بدليل الإجماع كما هو مقرر في محله
قوله ( إما بزوال العلة ) هي إعزاز الدين فهو من قبيل انتهاء الحكم لانتهاء علته الغائية التي كان لأجلها الدفع فإن الدفع كان للإعزاز وقد أعز الله الإسلام وأغنى عنهم
بحر
لكن مجرد التعليل بكونه معللا بعلة انتهت لا يصلح دليلا على نفي الحكم المعلل لأن الحكم لا يحتاج في بقائه إلى بقاء علته لاستغنائه في البقاء عنها لما علم في الرق والاضطباع والرمل فلا بد من دليل يدل على أن هذا الحكم مما شرع مقيدا بقاؤه ببقائها لكن لا يلزمنا تعيينه في محل الإجماع فنحكم بثبوت الدليل وإن لم يظهر لنا على أن الآية التي ذكرها عمر تصلح لذلك وهي قوله تعالى { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } الكهف 29 وتمامه في الفتح
قوله ( أو نسخ بقوله الخ ) أي هو مستند الإجماع فالنسخ في حياته بالحديث المذكور الذي سمعه أهل الإجماع من النبي فكان قطعيا بالنسبة إليهم فيصح نسخه للكتاب
وجعل في البحر مستند الإجماع الآية التي ذكرها عمر رضي الله تعالى عنه وإنما لم يجعل الإجماع ناسخا لأنه خلاف الصحيح لأن النسخ لا يكون إلا في حياته والإجماع لا يكون إلا بعده كما أوضحه المصنف في المنح
قوله ( وردها في فقرائهم ) في نسخة على فقرائهم ولفظ الحديث على ما في الفتح من رواية أصحاب الكتب الستة إنك ستأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم الخ اه
وأما باللفظ الذي ذكر الشارح تبعا للهداية ففي حاشية نوح عن الحافظ ابن حجر أنه لم يره في شيء من المسانيد اه
وضمير فقرائهم للمسلمين فلا تدفع إلى من كان من المؤلفة كافرا أو غنيا وتدفع إلى من كان منهم مسلما فقيرا بوصف الفقر لا لكونه من المؤلفة فالنسخ للعموم أو لخصوص
____________________
(2/342)
الجهة
تأمل
قوله ( ومديون ) هو المراد بالغارم في الآية
وذكر في الفتح ما يقتضي أنه يطلق على رب الدين أيضا فإنه قال والغارم من لزمه دين أو له دين على الناس لا يقدر على أخذه وليس عنده نصاب وفيه نظر لما قال القتبي الغارم من عليه الدين ولا يجد وفاء
وأما في الصحاح من أن الغريم قد يطلق على رب الدين فليس مما الكلام فيه لأن الكلام في الغارم الأخص لا في الغريم
وأما ما زاده في الفتح فإنما جاز الدفع إليه لأنه فقير يدا كابن السبيل كما علل به في المحيط لا لأنه غارم
وأما قول الزيلعي والغارم من لزمه دين ولا يملك نصابا فاضلا عن دينه أو كان له مال على الناس ولا يمكنه أخذه اه
فليس فيه إطلاق الغارم على رب الدين كما لا يخفى لأن قوله أو كان له مال معطوف على قوله ولا يملك نصابا فافهم وكلام النهر هنا غير محرر فتدبر
قوله ( لا يملك نصابا ) قيد به لأن الفقر شرط في الأصناف كلها إلا العامل وابن السبيل إذا كان له في وطنه مال بمنزلة الفقير
بحر
ونقل ط عن الحموي أنه يشترط أن لا يكون هاشميا
قوله ( أولى منه للفقير ) أي أولى من الدفع للفقير الغير المديون لزيادة احتياجه
قوله ( وهو منقطع الغزاة ) أي الذين عجزوا عن اللحوق بجيش الإسلام لفقرهم بهلاك النفقة أو الدابة أو غيرهما فتحل لهم الصدقة وإن كانوا كاسبين إذ الكسب يقعدهم عن الجهاد
قهستاني
قوله ( وقيل الحاج ) أي منقطع الحاج
قال في المغرب الحاج بمعنى الحجاج كالسامر بمعنى السمار في قوله تعالى { سامرا تهجرون } المؤمنون 67 وهذا قول محمد والأول قول أبي يوسف اختاره المصنف تبعا للكنز
قال في النهر وفي غاية البيان إنه الأظهر وفي الإسبيجابي أنه الصحيح
قوله ( وقيل طلبة العلم ) كذا في الظهيرية و المرغيناني واستبعده السروجي بأن الآية نزلت وليس هناك قوم يقال لهم طلبة علم
قال في الشرنبلالية واستبعاده بعيد لأن طلب العلم ليس إلا استفادة الأحكام وهل يبلغ طالب رتبة من لازم صحبة النبي لتلقي الأحكام عنه كأصحاب الصفة فالتفسير بطالب العلم وجيه خصوصا وقد قال في البدائع في سبيل الله جميع القرب فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله وسبيل الخيرات إذا كان محتاجا اه
قوله ( وثمرة الاختلاف الخ ) يشير إلى أن هذا الاختلاف إنما هو في تفسير المراد بالآية لا في الحكم ولذا قال في النهر والخلف لفظي للاتفاق على أن الأصناف كلهم سوى العامل يعطون بشرط الفقر فمنقطع الحاج أي وكذا من ذكر بعده يعطي اتفاقا وعن هذا قال في السراج وغيره فائدة الخلاف تظهر في الوصية يعني ونحوها كالأوقاف والنذور على ما مر اه أي تظهر فيما لو قال الموصي ونحوه في سبيل الله
وفي البحر عن النهاية فإن قلت منقطع الغزاة أو الحج إن لم يكن في وطنه مال فهو فقير وإلا فهو ابن السبيل فكيف تكون الأقسام سبعة قلت هو فقير إلا أنه زاد عليه بالانقطاع في عبادة الله تعالى فكان مغايرا للفقير المطلق الخالي عن هذا القيد
قوله ( وابن السبيل ) هو المسافر سمي به للزومه الطريق
زيلعي
قوله ( من له مال لا معه ) أي واء كان هو في غير وطنه أو في وطنه وله ديون لا يقدر على أخذها كما في النهر عن النقاية لكن الزيلعي جعل الثاني ملحقا به حيث قال وألحق به كل من هو غائب عن ماله وإن كان في بلده لأن الحاجة هي المعتبرة وقد وجدت لأنه فقير يدا وإن كان غنيا ظاهرا اه
وتبعه في الدرر و الفتح وهو ظاهر كلام الشارح
وقال في الفتح أيضا ولا يحل له أي لابن السبيل أن يأخذ أكثر من حاجته والأولى له أن يستقرض إن قدر ولا يلزمه ذلك لجواز عجزه عن الأداء ولا يلزمه التصدق
____________________
(2/343)
بما فضل في يد عند قدرته على ماله كالفقير إذا استغنى والمكاتب إذا عجز
وعندها من مال الزكاة لا يلزمهما التصدق اه
قلت وهذا بخلاف الفقير فإنه يحل له أن يأخذ أكثر من حاجته وبهذا فارق ابن السبيل كما أفاده في الذخيرة
قوله ( ومنه ما لو كان ماله مؤجلا ) أي إذا احتاج إلى النفقة يجوز له أخذ الزكاة قدر كفايته إلى حلول الأجل
نهر عن الخانية
قوله ( أو على غائب ) أي ولو كان حالا لعدم تمكنه من أخذه ط
قوله ( أو معسر ) فيجوز له الأخذ في أصح الأقاويل لأنه بمنزلة ابن السبيل ولو موسرا معترفا لا يجوز كما في الخانية وفي الفتح دفع إلى فقيرة لها مهر دين على زوجها يبلغ نصابا وهو موسر بحيث لو طلبت أعطاها لا يجوز وإن كان لا يعطي لو طلبت جاز
قال في البحر المراد من المهر ما تعورف تعجيله وإلا فهو دين مؤجل لا يمنع وهذا مقيد لعموم ما في الخانية ويكون عدم إعطائه بمنزلة إعساره ويفرق بينه وبين سائر الديون بأن رفع الزوج للقاضي مما لا ينبغي للمرأة بخلاف غيره لكن في البزازية إن موسرا والمعجل قدر النصاب لا يجوز عندهما وبه يفتى احتياطا
وعند الإمام يجوز مطلقا اه
قال السراج والخلاف مبني على أن المهر في الذمة ليس بنصاب عنده وعندهما نصاب اه نهر
قلت ولعل وجه الأول كون دين المهر دينا ضعيفا لأنه ليس بدل مال ولهذا لا تجب زكاته حتى يقبض ويحول عليه حول جديد فهو قبل القبض لم ينعقد نصابا في حق الوجوب فكذا في حق جواز الأخذ لكن يلزم من هذا عدم الفرق بين معجله ومؤجله فتأمل
قوله ( ولو لو بينة في الأصح ) نقل في النهر عن الخانية أنه لو كان جاحدا وللدائن بينة عادلة لا يحل له أخذ الزكاة وكذا إن لم تكن البينة عادلة ما لم يحلفه القاضي ثم قال ولم يجعل في الأصل الدين المجحود ولم يفصل بين ما إذا كان له بينة عادلة أو لا
قال السرخسي والصحيح جواب الكتاب أي الأصل إذ ليس كل قاض يعدل ولا كل بينة تقبل والجثو بين يدي القاضي ذل وكل أحد لا يختار ذلك وينبغي أن يعول على هذا كما في عقد الفرائد اه
قلت وقدمنا أول الزكاة اختلاف التصحيح فيه ومال الرحمتي إلى هذا وقال بل في زماننا يقر المديون بالدين وبملاءته ولا يقدر الدائن عل تخليصه منه فهو بمنزلة العدم
قوله ( لأن أل الجنسية ) أي الدالة على الجنس أي الحقيقة
قال ح وهذا تعليل لجواز الاقتصار على فرد من كل صنف من الأصناف السبعة وأما جواز الاقتصار على بعض الأصناف فعلته أن المراد بالآية بيان الأصناف التي يجوز الدفع إليهم لا تعيين الدفع لهم
بحر اه ط
وبيان الاستدلال على ذلك مبسوط في الفتح وغيره
قوله ( تمليكا ) فلا يكفي فيها الإطعام إلا بطريق التمليك ولو أطعمه عنده ناويا الزكاة لا تكفي ط
وفي التمليك إشارة إلى أنه لا يصرف إلى مجنون وصبي غير مراهق إلا إذا قبض لهما من يجوز له قبضه كالأب والوصي وغيرهما ويصرف إلى مراهق يعقل الأخذ كما في المحيط
قهستاني
وتقدم تمام الكلام على ذلك أو الزكاة
قوله ( كما مر ) أي في أول كتاب الزكاة ط
قوله ( نحو مسجد ) كبناء القناطر والسقايات وإصلاح الطرقات وكرى الأنهار والحج والجهاد وكل ما لا تمليك فيه
زيلعي
قوله ( قوله ولا إلى كفن ميت ) لعدم صحة التمليك منه ألا ترى أنه لو افترسه سبع كان الكفن للمتبرع لا للورثة
نهر
قوله ( وقضاء دينه ) لأن قضاء
____________________
(2/344)
دين الحي لا يقتضي التمليك من الديون بدليل أنهما لو تصادقا أي الدائن والمديون على أن لا دين عليه يسترده الدافع وليس للمديون أن يأخذه
زيلعي أي وقضاء دين الميت بالأولى وإنما يسترد الدافع ما دفعه في مسألة التصادق لأنه ظهر به أن لا دين للدائن فقد قبض ما لا حق له به لأنه قبض عن ذمة مديونه وقوله وليس للمديون أن يأخذه أي لأنه لم يملكه أيضا وقيده في البحر بما إذا كان الدفع بغير أمر المديون فلو بأمره فهو تمليك من المديون فيرجع عليه لا على الدائن اه أي لأن من قضى دين غيره بأمره له أن يرجع عليه بلا شرط الرجوع في الصحيح فيكون تمليكا من المديون على سبيل القرض ثم هذا إذا لم ينو بالدفع الزكاة على المديون وإلا فلا رجوع له على أحد كما نذكر قريبا فافهم
قوله ( فيجوز لو بأمره ) أي يجوز عن الزكاة على أنه تمليك منه والدائن يقبضه لحكم النيابة عنه ثم يصير قابضا لنفسه
فتح
قوله ( فإطلاق الكتاب ) يعني الهداية أو القدوري حيث أطلقا دين الميت عن التقييد بالأمر وأصل البحث لابن الهمام في شرح الهداية حيث قال وفي الغاية عن المحيط و المفيد لو قضى بها دين حي أو ميت بأمره جاز وظاهر الخانية يوافقه لكن ظاهر أطلاق الكتاب يفيد عدم الجواز في الميت مطلقا وهو ظاهر الخلاصة أيضا حيث قال لو قضى دين حي أو ميت بغير إذن الحي لا يجوز فقيد الحي وأطلق الميت اه
قوله ( وهو الوجه ) لأنه لا بد من كونه تمليكا وهو لا يقع عند أمره بل عند أداء المأمور وقبض النائب وحينئذ لم يكن المديون أهلا للتملك لموته وعلى هذا فإطلاق مسألة التصادق السابقة محمول على ما إذا كان الوفاء بغير أمر المديون أما لو كان بأمره فينبغي أن يرجع على المديون إذ غاية الأمر أنه ملك فقيرا على ظن أنه مديون وظهور عدمه لا يؤثر عدم التمليك بعد وقوعه لله تعالى كذا في النهر وهو ملخص من كلام الفتح لكن قوله فينبغي أن يرجع على المديون ليس في عبارة الفتح وهو سبق قلم لأن هذا فيما إذا لم ينو بالدفع الزكاة كما قدمناه والكلام الآن فيما إذا نواها بدليل التعليل وحينئذ لا رجوع له على أحد لوقوعه زكاة نعم ينبغي أن يرجع به المديون على دائنه لأن الدائن قبضه نيابة عنه ثم لنفسه وقد تبين بالتصادق عدم صحة قبضه لنفسه فبقي على ملك المديون ثم رأيت العلامة المقدسي اعترض ما بحثه في الفتح بأن الدفع وقع نيابة عن المديون لوفاء دينه وإذا لم يكن دين لم يعتبر ذلك التوكيل الضمني في القبض لأنه ثبت ضرورة للدين ولا دين فلا قبض فلا ملك للفقير اه
قلت وفيه نظر لأن أمره بالدفع إلى دائنه لم يبطل بظهور عدم الدين كما لو أمره بالدفع إلى أجنبي فيكون وكيلا بالقبض قصدا لا ضمنا
تأمل
قوله ( يعتق ) أي يعتقه الذي اشتراه بزكاة ماله أو يعتق عليه بأن اشترى بها أباه مثلا
قوله ( لعدم التمليك ) علة للجميع
قوله ( وهو الركن ) أي ركن الزكاة بالمعنى المصدري لأنها كما مر تمليك المال من فقير مسلم الخ وتسميته ركنا تبعا للهداية وغيرها ظاهر بخلاف ما في الدرر من تسميته شرطا قوله ( وقدمنا ) أي قبيل قوله وافتراضها عمري
قوله ( إن الحيلة ) أي في الدفع إلى هذه الأشياء مع صحة الزكاة
قوله ( ثم يأمره الخ ) ويكون له ثواب الزكاة وللفقير ثواب هذه القرب
بحر
وفي التعبير بثم إشارة إلى أنه لو أمره أولا لا يجزي لأنه يكون وكيلا عنه في ذلك وفيه نظر لأن المعتبر نية الدافع ولذا جازت وإن سماها قرضا أو هبة في الأصح كما قدمناه فافهم
قوله ( والظاهر نعم ) البحث لصاحب النهر وقال لأنه مقتضى صحة التمليك
قال الرحمتي والظاهر أنه لا شبهة
____________________
(2/345)
فيه لأنه ملكه إياه عن زكاة ماله وشرط عليه شرطا فاسدا والهبة والصدقة لا يفسدان بالشرط الفاسد
قوله ( وإلى من بينهما ولاد ) أي بينه وبين المدفوع إليه لأن منافع الأملاك بينهم متصلة فلا يتحقق التمليك على الكمال
هداية
والولاد بالكسر مصدر ولدت المرأة ولادة وولادا
مغرب أي أصله وإن علا كأبويه وأجداده وجداته من قبلهما وفرعه وإن سفل بفتح الفاء من باب طلب والضم خطأ لأنه من السفالة وهي الخساسة
مغرب
كأولاد الأولاد وشمل الولاد بالنكاح والسفاح فلا يدفع إلى ولده من الزنا ولا إلى من نفاه كما سيأتي وكذا كل صدقة واجبة كالفطرة والنذر والكفارات أما التطوع فيجوز بل هو أولى كما في البدائع وكذا يجوز خمس المعادن لأن له حبسه لنفسه إذا لم تغنه الأربعة الأخماس كما في البحر عن الإسيبجابي وقيد بالولاد لجوازه لبقية الأقارب كالإخوة والأعمام والأخوال الفقراء بل هم أولى لأنه صلة وصدقة
وفي الظهيرية ويبدأ في الصدقات بالأقارب ثم الموالي ثم الجيران ولو دفع زكاته إلى من نفقته واجبة عليه من الأقارب جاز إذا لم يحسبها من النفقة
بحر
وقدمناه موضحا أول الزكاة
ويجوز دفعها لزوجة أبيه وابنه وزوج ابنته
تاترخانية
وفي القنية اختلف في المريض إذا دفع زكاته إلى أخيه وهو وارثه قيل يصح وقيل لا كمن أوصى بالحج ليس للوصي أن يدفعه إلى قريب الميت لأنه وصية وقيل للورثة الرد باعتبارها اه
وظاهر كلامهم يشهد للأول
نهر
وكذا استظهره في البحر
قلت ويظهر لي الأخير وهو أنه يقع زكاة فيما بينه وبين الله تعالى وللورثة إن علموا به الرد باعتبار أنها في حكم الوصية للوارث ويشهد له ما قدممناه قبيل باب زكاة المال عن المختارات وغيرها من أنها لو زادت على الثلث وأراد أن يؤديها في مرضه يؤديها سرا من الورثة وقدمنا أن ظاهر قولهم سرا أن الورثة لو علموا بذلك لهم أخذ ما زاد على الثلث
وقد يفرق بين المسألتين بأن المريض هناك مضطر إلى أداء الزائد على الثلث للخروج عن عهدتها بخلاف أدائه إلى وارثه
تأمل
فرع يكره أن يحتال في صرف الزكاة إلى والديه المعسرين بأن تصدق بها على فقير ثم صرفها الفقير إليهما كما في القنية
قال في شرح الوهبانية وهي شهيرة مذكورة في غالب الكتب
قوله ( ولو مملوكا لفقير ) قد راجعت كثيرا فلم أر من ذكر ذلك وهو مشكل فإن الملك يقع للمولى الفقير ثم رأيت الرحمتي قال حكاه الشلبي في حاشية التبيين بقيل فقال وقيل في الولد الرقيق والزوجة كذلك اه أي لا تدفع لهم الزكاة اه
ثم رأيت عبارة الشلبي بعينها في المعراج ومقتضى التعبير بقيل ضعفه لما قلنا والله أعلم
قوله ( ولو مبانة ) أي في العدة ولو بثلاث
نهر عن معراج الدراية
قوله ( ولا إلى مملوك المزكي ) وكذا مملوك من بينه وبينه قرابة ولاد أو زوجية لما قال في البحر و الفتح إن الدفع لمكاتب الولد غير جائز كالدفع لابنه
شرنبلالية
قوله ( ولو مكاتبا أو مدبرا ) لعدم التمليك في العبد والمدبر ولأن له في كسب مكاتبه حقا
زيلعي
واعترض الشرنبلالي جعله المملوك شاملا للمكاتب بأنهم صرحوا بأنه لو قال كل مملوك لي حر لا يتناول المكاتب لأنه ليس بمملوك مطلقا لأنه مالك يدا
قلت وقد يجاب بأنه لم يتناوله هناك لشبهة انصراف المطلق إلى الكامل فلم يعتق لأن الشبهة تصلح للدفع لا للإثبات ولا مقتضى هنا لمراعاة هذه الشبهة
قوله ( أعتق المزكي بعضه ) اعلم أن حكم معتق البعض عند الإمام أن
____________________
(2/346)
العبد إن كان كله للمعتق عتق بقدر ما أعتق وله استسعاؤه في قيمة الباقي أو تحريره وإن كان مشتركا فإن كان المعتق موسرا فلشريكه استسعاء العبد في قيمة حصته أو تضمين المعتق ويرجع بما ضمن على العبد أو يعتق باقيه وإن كان معسرا استسعى العبد لا غير
وعندهما إن أعتق بعض عبده عتق كله ولا يسعى وإن أعتق بعض المشترك فليس للآخر إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ولا يرجع المعتق على العبد وسيأتي تمام الأحكام في بابه
قوله ( معسرا ) حال من الأب وليس بقيد احترازي
قوله ( لا يدفع له ) ذكره ليعلل له وإلا فيغني عنه قول المصنف ولا إلى عبده ط
قوله ( لأنه مكاتبه أو مكاتب ابنه ) لأنه على تقدير أن يكون كله له أو يكون بينه وبين ابنه وكان موسرا واختار الابن تضمينه ورجع الأب على العبد بما ضمن فهو مكاتبه وإن كان معسرا أو كان موسرا واختار الابن الاستسعاء فهو مكاتب ابنه ومكاتب الابن لا يجوز دفع الزكاة إليه كما لا يجوز دفعها إلى الابن فافهم
وبما قررنا ظهر أن قوله معسرا ليس بقيد احترازي كما قلنا ولعل فائدته رجوع شقى التعليل إلى المسألتين على سبيل اللف والنشر المرتب ثم إنه سماه مكاتبا لأنه يشبهه في السعاية وإن خالفه من بعض الأوجه كعدم الرد إلى الرق
قوله ( وأما المشترك الخ ) قال في البحر ولو كان بين اثنين أجنبيين فأعتق أحدهما حصته وهو معسر واختار الساكت الاستسعاء فللمعتق الدفع لأنه مكاتب لشريكه وليس للساكت الدفع لأنه مكاتبه وإن كان المعتق موسرا واختار الساكت تضمينه فللساكت الدفع إلى العبد لأنه أجنبي عنه وليس للمعتق الدفع إذا اختار بعد تضمينه استسعاءه اه
قوله ( لأنه إما مكاتب نفسه ) أي فيما إذا كان المزكي هو الساكت المستسعى وكان المعتق معسرا أو كان المزكي هو المعتق الموسر واستسعى العبد بعد أن ضمنه الساكت وقوله أو غيره أي فيما إذا كان المزكي هو المعتق في الصورة الأولى أو الساكت في الثانية كما علم مما ذكرناه آنفا عن البحر ففي المسألتين الأوليين لا يجوز الدفع إليه لأنه مكاتب نفسه كما علم من قوله ولا إلى مملوك المزكي ولو مكاتبا وفي الأخيرتين يجوز لأنه مكاتب غيره كما علم من قول المتن سابقا ومكاتب فقوله لأنه الخ تعليل لقوله فحكمه علم مما مر وهو ظاهر فافهم
قال في النهر فإن قلت كيف يتصور دفع الزكاة من المعسر قلت يتصور بأن يكون زكاة مال مستهلك قبل الإعتاق ويكون وقت الإعتاق فقيرا
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان المعتق موسرا أو معسرا والعبد كله له أو مشترك بينه وبين ابنه أو أجنبي
قوله ( لأنه حر كله ) أي غير مديون وهو فيما إذا كان كل العبد للمعتق أو بعضه وهو موسر وضمنه الساكت
قوله ( أو حر مديون ) أي فيما إذا كان المعتق معسرا فإن العبد يسعى للساكت وهو حر
قوله ( فافهم ) أشار به إلى أنه حرر المراد على وجه لا يرد عليه ما أورده في الدرر حر
قوله ( فافهم ) أشار به إلى أنه حرر المراد على وجه لا يرد عليه ما أورده في الدرر على عبارة الهداية وإن تكلف شراحها إلى تأويلها كما يعلم بمراجعة ذلك
قوله ( ولا إلى غني ) استثنى منه القهستاني المكاتب وابن السبيل والعامل ومقتضاه جواز الدفع إلى المكاتب وإن حصل نصابا زائدا على بدل الكتابة وقدمنا نحوه عن شرح ابن الشلبي وأما دفعها إلى السلطان فتقدم الكلام عليه أو الزكاة وكذا لو جمع رجل لفقير زكاة من جماعة
قوله ( فارغ عن حاجته ) قال في البدائع قدر الحاجة هو ما ذكره الكرخي في مختصره لا بأس أن يعطى من الزكاة من له مسكين وما يتأثث به في منزله وخادم وفرس وسلاح وثياب البدن وكتب العلم إن كان من أهله فإن كان له فضل عن ذلك تبلغ قيمته مائتي درهم حرم عليه أخذ الصدقة لما روي عن الحسن البصري قال
____________________
(2/347)
كانوا يعني الصحابة يعطون من الزكاة لمن يملك عشرة آلاف درهم من السلاح والفرس والدار والخدم وهذا لأن هذه الأشياء من الحوائج اللازمة التي لا بد للإنسان منها
وذكر في الفتاوى فيمن له حوانيت ودور للغلة لكن غلتها لا تكفيه وعياله أنه فقير ويحل له أخذ الصدقة عند محمد وعند أبي يوسف لا يحل وكذا لو له كرم لا تكفيه غلته ولو عنده طعام للقوت يساوي مائتي درهم فإن كان كفاية شهر يحل أو كفاية سنة قيل لا يحل وقيل يحل لأنه مستحق الصرف إلى الكفاية فيلحق بالعدم وقد ادخر عليه الصلاة والسلام لنسائه قوت سنة ولو له كسوة الشتاء وهو لا يحتاج إليها في الصيف يحل ذكر هذه الجملة في الفتاوى اه
وظاهر تعليله للقول الثاني في مسألة الطعام اعتماده
وفي التاترخانية عن التهذيب أنه الصحيح وفيها عن الصغرى له دار يسكنها لكن تزيد على حاجته بأن لا يسكن الكل يحل له أخذ الصدقة في الصحيح وفيها سئل محمد عمن له أرض يزرعها أو حانوت يستغلها أو دار غلتها ثلاثة آلاف ولا تكفي لنفقته ونفقة عياله سنة يحل له أخذ الزكاة وإن كانت قيمتها تبلغ ألوفا وعليه الفتوى وعندهما لا يحل اه ملخصا
مطلب في جهاز المرأة هل تصير به غنية قلت وسئلت عن المرأة المرأة هل تصير غنية بالجهاز الذي تزف به إلى بيت زوجها والذي يظهر مما مر أن ما كان من أثاث المنزل وثياب البدن وأواني الاستعمال مما لا بد لأمثالها منه فهو من الحاجة الأصلية وما زاد على ذلك من الحلي والأواني والأمتعة التي يقصد بها الزينة إذا بلغ نصابا تصير به غنية ثم رأيت في التاترخانية في باب صدقة الفطر سئل الحسن بن علي عمن لها جواهر ولآلي تلبسها في الأعياد وتتزين بها للزوج وليست للتجارة هل عليها صدقة الفطر قال نعم إذا بلغت نصابا
وسئل عنها عمر الحافظ فقال لا يجب عليها شيء اه
مطلب في الحوائج الأصلية وحاصله ثبوت الخلاف من أن الحلي غير النقدين من الحوائج الأصلية والله تعالى أعلم
قوله ( كما جزم به في البحر ) حيث قال ودخل تحت النصاب النامي الخمس من الإبل فإن ملكها أو نصابا من السوائم من أي مال كان لا يجوز دفع الزكاة له سواء كان يساوي مائتي دراهم أو لا وقد صرح به شراح الهداية عند قوله من أي مال كان اه
قوله ( ما في الوهبانية ) أي في آخرها عند ذكر الألغاز
قوله ( لكن اعتمد في الشرنبلالية الخ ) حيث قال وما وقع في البحر خلاف هذا فهو وهم فليتنبه له وقد ذكر خلافه في ألغاز الأشباه والنظائر فقد ناقض نفسه ولم أر أحدا من شراح الهداية صرح بما ادعاه بل عبارتهم تفيد خلافه غير أنه قال في العناية ولا يجوز دفع الزكاة إلى من ملك نصابا سواء كان من النقود أو السوائم أوالعروض اه
فأوهم ما في البحر وهو مدفوع لأن قول العناية سواء كان الخ مفيد تقدير النصاب بالقيمة سواء كان من العروض أو السوائم لما أن العروض ليس نصابها إلا ما يبلغ قيمته مائتي درهم وقد صرح بأن المعتبر مقدار النصاب في التبيين وغيره واستدل له في الكافي بقوله من سأل وله ما يغنيه فقد سأل الناس إلحافا قيل وما الذي يغنيه قال مائتا درهم أو عدلها اه
فقد شمل الحديث اعتبار السائمة بالقيمة لإطلاقه وقد نص على اعتبار قيمة السوائم في عدة كتب من غير
____________________
(2/348)
خلاف في الأشباه و السراج و الوهبانية وشرحيها و الذخائر الأشرفية وفي الجوهرة
قال المرغيناني إذا كان له خمس من الإبل قيمتها أقل من مائتي درهم تحل له الزكاة وتجب عليه وبهذا ظهر أن المعتبر نصاب النقد من أي مال كان بلغ نصابا من جنسه أو لم يبلغ اه ما نقله عن المرغيناني اه ما في الشرنبلالية ملخصا
ووفق ط بأنه روي عن محمد روايتان في النصاب المحرم للزكاة هلى المعتبر فيه القيمة أو الوزن ففي المحيط عنه الأول وفي الظهيرية عنه الثاني
وتظهر الثمرة فيمن له تسعة عشر دينارا قيمتها ثلثمائة درهم مثلا فيحرم أخذ الزكاة على الأول لا على الثاني
وتظهر الثمرة فيمن له تسعة عشر دينارا قيمتها ثلثمائة درهم مثلا فيحرم أخذ الزكاة على الأول لا على الثاني
والظاهر أن اعتبار الوزن في الموزون لتأتيه فيه أما لمعدود كالسائمة فيعتبر فيها العدد على الرواية الثانية وعليها يحمل ما في البحر وعلى رواية المحيط من اعتبار القيمة يحمل ما في الشرنبلالية وغيرها وبه يندفع التنافي بين كلامهم اه
أقول وفيه نظر فإن قوله أما لمعدود كالسائمة فيعتبر فيها العدد وهو مسلم في حق وجوب الزكاة أما في حق حرمة أخذها فهو محل النزاع
فقد يقال إذا كان اختلاف الرواية في الموزون يكون المعدود معتبرا بالقيمة بلا اختلاف كما تعتبر القيمة اتفاقا في العروض وقد علمت أن ما ذكره في البحر لم يصرح به شراح الهداية
وإنما صرحوا بما مر عن العناية وقد علمت تأويله مع تصريح المرغيناني بما يزيل الشبهة من أصلها فلم يحصل التنافي بين كلامهم حتى يقتحم التوفيق البعيد وإنما حصل التنافي بين ما فهمه في البحر وبين ما صرح به غيره والواجب الرجوع إلى ما صرحوا به حتى يرى تصريح آخر منهم بخلافه يحصل به التنافي فحينئذ يطلب منه التوفيق فافهم
قوله ( أي الغني ) احترز به عن مملوك الفقير فيجوز دفعها إليه كما في منية المفتي ط
قوله ( ولو مدبرا ) مثله أم الولد كما في البحر
قوله ( أو زمنا الخ ) أي ولا يجد ما ينفقه كما في الذخيرة
قوله ( على المذهب ) أي حيث أطلق فيه العبد وهذا راجع إلى قوله أو زمنا قال في الذخيرة وروى عن أبي يوسف جواز الدفع إليه اه
قال في الفتح وفيه نظر لأنه لا ينتفي وقوع الملك لمولاه بهذا العارض وهو المانع وغاية ما فيه وجوب كفايته على السيد وتأثيمه بتركه واستحباب الصدقة النافلة عليه
وقد يجاب بأنه عند غيبة مولاه الغني وعدم قدرته على الكسب لا ينزل عن حال ابن السبيل اه
قال في البحر وقد يقال إن الملك هنا يقع للمولى وليس بمصرف وأما ابن السبيل فمصرف فالأولى الإطلاق كما هو المذهب اه
قلت مراد صاحب الفتح إلحاقه بابن السبيل في جواز الدفع إليه للعجز مع قيام المانع كما ألحق به من له مال لا يقدر عليه كما مر فإذا جاز فيه مع تحقق غناه ففي العبد العاجز من كل وجه أولى لكن قد ينازع في صحة الإلحاق بأن الزكاة لا بد فيها من التمليك والعبد لا يملك وإن ملك ففي ابن السبيل ونحوه وقع الملك في محل العجز فجاز الدفع والعبد لا يملك وإن ملك ففي ابن السبيل ونحوه ونحوه وقع الملك في محل العجز فجاز الدفع وفي العبد وقع في غير محل العجز لأن الملك يقع للمولى إلا أن يدعي وقوعه للعبد هنا إحياء لمهجته حيث لم يجد متبرعا
قوله ( غير المكاتب ) أي مكاتب الغني
قوله ( بمحيط ) أي بدين محيط أي مستغرق لرقبته ولما في يده
قوله ( فيجوز ) جواب لشرط مقدر أي أما المكاتب والمأذون المذكور فيجوز دفع الزكاة إليها أما المكاتب فقد مر وأما المأذون فلعدم ملك المولى إكسابه في هذه الحالة عند الإمام خلافا لهما كما في البحر
قوله ( قوله ولا إلى طفله ) أي الغني فيصرف إلى البالغ ولو ذكرا صحيحا
قهستاني
فأفاد أن المراد بالطفل غير البالغ ذكرا كان أو أنثى في عيال
____________________
(2/349)
أبيه أو لا على الأصح لما أنه يعد غنيا بغناه
نهر
قوله ( بخلاف ولده الكبير ) أي البالغ كما مر ولو زمنا قبل فرض نفقته إجماعا وبعده عند محمد خلافا للثاني وعلى هذا بقية الأقارب وفي بنت الغني ذات الزوج خلاف
والأصح الجواز وهو قولهما ورواية عن الثاني
نهر
قوله ( وطفل الغنية ) أي ولو لم يكن له أب
بحر عن القنية
قوله ( لانتفاء المانع ) علة للجميع والمانع أن الطفل يعد غنيا بغنى أبيه بخلاف الكبير فإنه لا يعد غنيا بغنى أبيه ولا الأب بغنى ابنه الزوجة بغنى زوجها ولا الطفل بغنى أمه ح عن البحر
قوله ( وبني هاشم الخ ) اعلم أن عبد مناف وهو الأب الرابع للنبي أعقب أربعة وهم هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس
ثم هاشم أعقب أربعة انقطع نسل الكل إلا عبد المطلب فإنه أعقب اثنى عشر تصرف الزكاة إلى أولاد كل إذا كانوا مسلمين فقراء إلا أولاد عباس وحارث وأولاد أبي طالب من علي وجعفر وعقيل
قهستاني
وبه علم أن إطلاق بني هاشم مما لا ينبغي إذ لا تحرم عليهم كلهم بل على بعضهم ولهذا قال في الحواشي السعدية إن آل أبي لهب ينسبون أيضا إلى هاشم وتحل لهم الصدقة اه
وأجاب في النهر بقوله وأقل قال في النافع بعد ذكر بني هاشم إلا من أبطل النص قرابته يعني به قوله لا قرابة بيني وبين أبي لهب فإنه آثر علينا الأفجرين وهذا صريح في انقطاع نسبته عن هاشم وبه ظهر أن في اقتصار المصنف على بني هاشم كفاية فإن من أسلم من أولاد أبي لهب غير داخل لعدم قرابته وهذا حسن جدا لم أر من نحا نحوه فتدبره اه
قوله ( بنو لهب ) في بعض النسخ بنو أبي لهب وهي أصوب
قوله ( فتحل لهم ) هذا ما جرى عليه جمهور الشارحين خلافا لما في غاية البيان كما في البحر و النهر
قوله ( لبني المطلب ) أي لمن أسلم منهم وهو أخو هاشم كما مر
قوله ( إطلاق المنع الخ ) يعني سواء في ذلك كل الأزمان وسواء في ذلك دفع بعضهم لبعض ودفع غيرهم لهم
وروى أبو عصمة عن الإمام أنه يجوز الدفع إلى بني هاشم في زمانه لأن عوضها وهو خمس الخمس لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى مستحقيها
وإذا لم يصل إليهم العوض عادوا إلى المعوض كذا في البحر
وقال في النهر وجوز أبو يوسف دفع بعضهم إلى بعض وهو رواية عن الإمام وقول العيني والهاشمي يجوز له أن يدفع زكاته إلى هاشمي مثله عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف صوابه لا يجزي ولا يصح حمله على اختيار الرواية السابقة عن الإمام لمن تأمل اه
ووجهه أنه لو اختار تلك الرواية ما صح قوله خلافا لأبي يوسف لما علمت من أنه موافق لها وفي اختصار الشارح بعض إيهام اه ح
قوله ( فأرقاؤهم أولى ) أي بالمنع لأن تمليك الرقيق يقع لمولاه بخلاف العتيق
قال في النهر قيد بمواليهم لأن مولى الغني يجوز الدفع إليه
قوله ( لحديث مولى القوم منهم ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بلفظ مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة قال الترمذي حسن صحيح وكذا صححه الحاكم
فتح
وهذا
____________________
(2/350)
في حق حل الصدقة وحرمتها لا في جميع الوجوه ألا ترى أنه ليس بكفء لهم وأن مولى المسلم إذا كان كافرا تؤخذ منه الجزية ومولى التغلبي لا تؤخذ منه المضاعفة بل الجزية
نهر
قلت سيأتي في باب الكفاءة في النكاح أن معتق الوضيع ليس بكفء لمعتقه الشريف
قوله ( لسائر الأنبياء ) أي لباقيهم
قوله ( واعتمد في النهر الخ ) هو اعتماد لثاني القولين الآتي نقلهما عن المبسوط في حواشي مسكين عن الحموي عن شرح البخاري لابن بطال اتفق الفقهاء على أن أزواجه لا يدخلن في الذين حرمت عليهم الصدقة
ثم قال الحموي وفي المغني عن عائشة رضي الله عنها أنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة قال فهذا يدل على تحريمها عليهن اه
تأمل
قوله ( وجازت التطوات الخ ) قيد بها ليخرج بقية الواجبة كالنذر والعشر والكفارات وجزاء الصيد إلا خمس الركاز فإنه يجوز صرفه إليهم كما في النهر عن السراج
قوله ( كما حققه في الفتح ) أقول نقل في البحر عن عدة كتب أن النفل جائز لهم إجماعا وذكر أنه المذهب وأنه لا فرق بين التطوع والوقف كما في المحيط و كافي النسفي وأنالزيلعي أثبت الخلاف على وجه يشعر بحرمة التطوع عليهم وقواه في الفتح من جهة الدليل اه
قلت وذكر في الفتح أن الحق إجراء الوقف مجرى النافلة لأن الواقف متبرع ووجوب الدفع على الناظر لوجوب اتباعه لشرط الواقف لا يصير به واجبا على الواقف ونقل ح عبارته بطولها
وحاصلها ترجيح منع الوقف عليهم كالنافلة وبه يظهر ما في كلام الشارح فإن مفاده أن كلام الفتح في الوقف فقط وأنه يحل لهم لكن وقع في نسخة كتب عليها ح بزيادة وقيل لا مطلقا قبل قوله على ما هو الحق وبها يصح الكلام وسقطت هذه الزيادة وما بعدها في بعض النسخ إلى قوله ولا تدفع إلى ذمي
قوله ( لكن في السراج وغيره ) عزاه في البحر إلى شرح الطحاوي وغيره
قوله ( وجعله محشي الأشباه ) أي الشيخ صالح الغزي ابن المصنف وكذا البيري شارح الأشباه والضمير إلى ما في السراج وغيره ط
قوله ( محمل القولين ) أي محمل القول بالجواز على ما إذا سماهم وبعدمه على ما إذا لم يسمهم كما إذا وقف على الفقراء ولعل وجهه أنه حينئذ يكون صدقة من كل وجه فلا يجوز الدفع إلى فقرائهم بخلاف ما إذا سماهم لأنه يكون تبرعا وصلة لا صدقة فهو كما لو وقف على جماعة أغنياء ثم على الفقراء ويؤيده ما في خزانة المفتين لو قال مالي لأهل بيت النبي وهم يحصون جاز لأن هذه وصية وليست بصدقة ويصرف إلى أولاد فاطمة رضي الله عنها اه
قوله ( ثم نقل عن صاحب البحر الخ ) هذا موجود في بعض النسخ والأصوب إسقاطه لتكرره بقوله المار وهل كانت تحل الخ
قوله ( لحديث معاذ ) أي المار عند قوله ومكاتب إذ لا خلاف أن الضمير في أغنيائهم يرجع للمسلمين فكذا في فقرائهم
معراج
قوله ( غير العشر ) فإنه ملحق بالزكاة ولذا سموه زكاة الزرع وأما الخراج فليس من الصدقات التي الكلام
____________________
(2/351)
فيها ومصرفه مصالح المسلمين كما مر ولذا لم يستثن في الكنز و الهداية إلا الزكاة
قوله ( خلافا للثاني ) حيث قال إن دفع سائر الصدقات الواجبة إليه لا يجوز اعتبارا بالزكاة وصرح في الهداية وغيرها بأن هذا رواية عن الثاني وظاهره أن قوله المشهور كقولهما
قوله ( وبقوله يفتى ) الذي في حاشية الخير الرملي عن الحاوي وبقوله نأخذ
قلت لكن كلام الهداية وغيرها يفيد ترجيح قولهما وعليه المتون
قوله ( وأما الحربي ) محترز الذمي
قوله ( عن الغاية ) أي غاية البيان وقوله وغيرها أي النهاية فافهم
قوله ( لكن جزم الزيلعي بجواز التطوع له ) أي للمستأمن كما تفيده عبارة النهر ثم إن هذا لم أره في الزيلعي وكذا قال أبو السعود وغيره مع أنه مخالف لدعوى الاتفاق لكن رأيت في المحيط من كتاب الكسب ذكر محمد في السير الكبير لا بأس للمسلم أن يعطي كافرا حربيا أو ذميا وأن يقبل الهدية منه لما روي أن النبي بعث خمسمائة دينار إلى مكة حين قحطوا وأمر بدفعها إلى أبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية ليفرقا على فقراء أهل مكة ولأن صلة الرحم محمودة في كل دين والإهداء إلى الغير من مكارم الأخلاق الخ وسنذكر تمام الكلام على ذلك في أول كتاب الوصايا
قوله ( دفع بتحر ) أي اجتهاد وهو لغة الطلب والابتغاء ويرادفه التوخي إلا أن الأول يستعمل في المعاملات والثاني في العبادات
وعرفا طلب الشيء بغالب الظن عند عدم الوقوف على حقيقته
نهر
قوله ( لمن يظنه مصرفا ) أما لو تحرى فدفع لمن ظنه غير مصرف أو شك ولم يتحر لم يجز حتى يظهر أنه مصرف فيجزيه في الصحيح خلافا لمن ظن عدمه وتمامه في النهر
وفيه واعلم أن المدفوع إليه لو كان جالسا في صف الفقراء يصنع صنعهم أو كان عليه زيهم أو سأله فأعطاه كانت هذه الأسباب بمنزلة التحري وكذا في المبسوط حتى لو ظهر غناه لم يعد
قوله ( فبان أنه عبده ) أي ولو مدبرا أو أم ولد
نهر و جوهرة
وهو مفاد من مقابلته بالمكاتب وإنما لم يجز لأنه لم يخرج المدفوع عن ملكه والتمليك ركن
قوله ( أو مكاتبه ) لأن له في كسبه حقا فلم يتم التميك
زيلعي
والمستسعي كالمكاتب عنده وعندهما حر مديون
بحر عن البدائع
قوله ( أو حربي ) قال في البحر وأطلق أي في الكنز الكافر فشمل الذمي والحربي وقد صرح بهما في المبتغى
وفي المحيط في الحربي روايتان والفرق على إحداهما أنه لم توجد صفة القربة أصلا والحق المنع
ففي غاية البيان عن التحفة أجمعوا أنه إذا ظهر أنه حربي ولو مستأممنا لا يجوز وكذا في المعراج معللا بأن صلته لا تكون برا شرعا ولذا لم يجز التطوع إليه فلم يقع قربة اه
أقول ينافيه ما قدمناه قريبا عن المحيط عن السير الكبير من أنه لا بأس أن يعطي حربيا إلا أن يقال إن معناه لا يحرم بل تركه أولى فلا يكون قربة فتأمل
وفي شرح الكنز لابن الشلبي قال في كفاية البيهقي دفع إلى حربي خطأ ثم تبين جاز على رواية الأصل
وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه لا يجوز وهو قوله اه
قال الأقطع وقال أبو يوسف لا يجوز وهو أحد قولي الشافعي وقوله الآخر مثل قول أبي حنيفة
قال في مشكلات جواهر زاده الإجماع منعقد أنه لو كان متسأمنا أو حربيا تجب الإعادة اه
ونص في المختار على الواز وإطلاق الكنز يدل عليه
اه كلام ابن الشلبي
____________________
(2/352)
قلت وكذا إطلاق الهداية و الملتقى الكافر يدل على الجواز وما نقله عن الأقطع يدل على أنه قول إمام المذهب فحكاية الإجماع على خلافه في غير محلها
قوله ( لما مر ) أي في قوله فجميع الصدقات لا تجوز له اتفاقا
قوله ( أو كونه ذميا ) عدل عن تعبير الهداية وغيرها بالكافر بناء على ما مر
قوله ( لا يعيد ) أي خلافا لأبي يوسف
قوله ( لأنه أتى بما في وسعه ) أي أتى بالتمليك الذي هو الركن على قدر وسعه إذ ليس مكلفا إذا دفع في ظلمة مثلا بأن يسأل عن القابض من أنت وبقولنا أتى بالتمليك يندفع ما قد يقال إنه لو دفع إلى عبده أو مكاتبه يكون آتيا بما في وسعه لكن يرد عليه الحربي لحصول التمليك وهذا يؤيد ما مر من عدم وجوب الإعادة فيه والتعليل بعدم وجود صفة القربة محل نظر فتدبر
قوله ( ولو دفع بلا تحر ) أي ولا شك كما في الفتح
وفي القهستاني بأن لم يخطر بباله أنه مصرف أو لا وقوله لم يجز إن أخطأ أي إن تبين له أنه غير مصرف فلو لم يظهر له شيء فهو على الجواز وقدمنا ما لو شك فلم يتحر أو تحرى وغلب على ظنه أنه غير مصرف
تنبيه في القهستاني عن الزاهدي ولا يسترد منه لو ظهر أنه عبد أو حربي
وفي الهاشمي روايتان ولا يسترد في الولد و الغني وهل يطلب له فيه خلاف وإذا لم يطلب قيل يتصدق وقيل يرد على المعطي اه
قوله ( وكره إعطاء فقير نصابا أو أكثر ) وعن أبي يوسف لا بأس بإعطاء قدر النصاب وكره الأكثر لأن جزءا من النصاب مستحق لحاجته للحال والباقي دونه
معراج
وبه ظهر وجه ما في الظهيرية وغيرها عن هشام قال سألت أبا يوسف عن رجل له مائة وتسعة وتسعون درهما فتصدق عليه بدرهمين قال يأخذ واحدا ويرد واحدا اه
فما في البحر و النهر هنا غير محرر فتدبر وبه ظهر أيضا أن دفع ما يكمل النصاب كدفع النصاب
قال في النهر والظاهر أنه لا فرق بين كون النصاب ناميا أو لا حتى لو أعطاه عروضا تبلغ نصابا فكذلك ولا بين كونه من النقود أو من الحيوانات حتى لو أعطاه خمسا من الإبل لم تبلغ قيمتها نصابا كره لما مر اه
وفي بعض النسخ تبلغ بدون لم والأنسب الأول
قوله ( بحيث لو فرقه عليهم ) أي على العيال فهو راجع إلى قوله أو كان صاحب عيال قال في المعراج لأن التصدق عليه في المعنى تصدق على عياله وقوله أو لا يفضل معطوف على قوله لو فرقه وهو راجع إلى قوله مديونا ففيه لف ونشر غير مرتب
وقوله نصاب تنازع فيه يخص ويفضل فافهم
قوله ( وكره نقلها ) أي من بلد إلى بلد آخر لأن فيه رعاية حق الجوار فكان أولى
زيلعي
والمتبادر منه أن الكراهة تنزيهية
تأمل
فلو نقلها جاز لأن المصرف مطلق الفقراء
درر
ويعتبر في الزكاة مكان المال في الروايات كلها
واختلف في صدقة الفطر كما يأتي
قوله ( بل في الظهيرية الخ ) إضراب انتقالي عن عدم كراهة نقلها إلى القرابة إلى تعيين النقل إليهم وهذا نقله في مجمع الفوائد معزيا للأوسط عن أبي هريرة مرفوعا إلى النبي أنه قال يا أمة محمد والذي بعثني بالحق لا يقبل الله صدقة من رجل وله قرابة محتاجون إلى صلته ويصرفها إلى غيرهم والذي نفسي بيده لا ينظر الله إليه يوم القيامة اه رحمتي
والمراد بعدم القبول عدم الإثابة عليها وإن سقط بها الفرض لأن المقصود منها سد خلة المحتاج وفي القريب جمع بين الصلة والصدقة
وفي القهستاني
____________________
(2/353)
والأفضل إخوته وأخواته ثم أولادهم ثم أعمامه وعماته ثم أخواله وخالاته ثم ذوو أرحامه ثم جيرانه ثم أهل سكته ثم أهل بلده كما في النظم اه
قلت ونظم ذلك المقدسي في شرحه
قوله ( أو من دار الحرب الخ ) لأن فقراء المسلمين الذي في دار الإسلام أفضل من فقراء دار الحرب
بحر
قلت ينبغي استثناء أسارى المسلمين إذا كان في دفعها إعانة على فك رقابهم من الأسر
تأمل
قوله ( وفي المعراج الخ ) تمام عبارته وكذا على المديون المحتاج
قوله ( أفضل ) أي من الجاهل الفقير
قهستاني
قوله ( خلاصة ) عبارتها كما في البحر لا يكره أن ينقل زكاة ماله المعجلة قبل الحول لفقير غير أحوج ومديون
قوله ( ولا يجوز صرفها لأهل البدع ) عبارة البزازية ولا يجوز صرفها للكرامية الخ
فالمراد هنا بالبدع المكفرات
تأمل
قوله ( كالكرامية ) بالفت والتشديد وقيل بالتخفيف والأول الصحيح المشهور فرقة من المشبهة نسبت إلى عبد الله محمد بن كرام وهو الذي نص على أن معبوده على العرش استقرارا وأطلق اسم الجوهر عليه تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا
مغرب
قوله ( وكذا المشبهة في الصفات ) هم الذين يجوزون قيام الحوادث به تعالى فيجعلون بعض صفاته حادثة كصفات الحوادث ط
قوله ( لأن مفوت المعرفة الخ ) العبارة مقلوبة وعبارة البزازية وغيرهم أي غير الكرامية من المشبهة في الصفات أقل حالا منهم لأنهم مشبهة في الصفات و المختار أنه لا يجوز الصرف إليهم لأن مفوت المعرفة من جهة الصفة ملحق بمفوت المعرفة من جهة الذات
قوله ( كما لا يجوز دفع زكاة الخ ) مثل الزكاة كل صدقة واجبة إلا خمس الركاز ط حاشية الأشباه لأبي السعود
قوله ( وكذا الذي نفاه ) كولد أم الولد إذا نفاه كذا في البحر ومثله في المنفي باللعان كما يأتي في بابه وهل مثله ولد قنته إذا سكت عنه أو نفاه فليراجع ح
قوله ( احتياطا ) علة لقوله لا يجوز
قوله ( إلا إذا كان الولد الخ ) علله في العمادية بأن النسب يثبت من الناكح
وقد ذكر في الصيرفية جاءت بولد من الزنى يثبت النسب من الزوج لا من الزاني في الصحيح فلو دفع صاحب الفراض زكاته إلى هذا الولد يجوز ولو دفع الزاني لا يجوز عندنا خلافا للشافعي اه
فقد صرح بعدم جواز الدفع إلى ولده من الزنى وإن كان لها زوج معروف رحمتي عن الحموي
وهذا مخالف لما ذكره المصنف
وتصوير المسألة بالزنى مع العلم بأنها ذات زوج ليخرج ما إذا لم يعلم ذلك لكون الوطء حينئذ وطء شبهة لا زنى ولذا قال في البحر وخرج ولد المنعي إليها زوجها إذا تزوجت ثم ولدت ثم جاء الأول حيا فإن على قول الإمام المرجوع عنه الأولاد للأول ومع هذا يجوز دفع زكاته إليهم وشهادتهم له وكذا في المعراج لعدم الفرعية ظاهرا وعليه فينبغي أن لا يجوز ذلك للثاني لوجود الفرعية حقيقة وإن لم يثبت النسب منه لكن المنقول في الولوالجية جواز ذلك له على قول الإمام وروى رجوعه وعليه الفتوى وعليه فللأول الدفع إليهم دون الثاني اه
قوله ( والكل ) أي كل الفروع المذكورة من قوله ولا يجوز دفعها لأهل البدع إلى هنا
قوله ( ولا يحل أن يسأل الخ )
____________________
(2/354)
قيد بالسؤال لأن بدونه لا يحرم
بحر
وقيد بقوله شيئا من القوت لأن له سؤال ما هو محتاج إليه غير القوت كثوب
شرنبلالية
وإذا كان له دار يسكنها ولا يقدر على الكسب قال ظهير الدين لا يحل له السؤال إذا كان يكفيه ما دونها
معراج
ثم نقل ما يدل على الجواز وقال وهو أوسع وبه يفتى
قوله ( كالصحيح المكتسب ) لأنه قادر بصحته واكتسابه على قوت اليوم
بحر
قوله ( ويأثم معطيه الخ ) قال الأكمل في شرح المشارق وأما الدفع إلى مثل هذا السائل عالما بحاله فحكمه في القياس الإثم به لأنه إعانة على الحرم لكنه يجعل هبة وبالهبة للغني أو لمن لا يكون محتاجا إليه لا يكون آثما اه
أي لأن الصدقة على الغني هبة كما أن الهبة للفقير صدقة لكن فيه أن المراد بالغني من يملك نصابا أما الغني بقوت يومه فلا تكون الصدقة عليه هبة بل صدقة فما فر وقع فيه
أفاده في النهر
وقال في البحر لكن يمكن دفع القياس المذكور بأن الدفع ليس إعانة على المحرم لأن الحرمة في الابتداء إنما هي بالسؤال وهو متقدم على الدفع ولا يكون الدفع إعانة إلا لو كان الأخذ هو المحرم فقط فليتأمل اه
قال المقدسي في شرحه وأنت خبير بأن الظاهر أن مرادهم أن الدفع إلى مثل هذا يدعو إلى السؤال على الوجه المذكور وبالمنع ربما يتوب عن مثل ذلك فليتأمل اه
قوله ( للكسوة ) ومثلها أجرة المسكن ومرمة البيت الضرورية لا ما يشترى به بيتا فيما يظهر
قوله ( أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد ) أشار إلى أن له السؤال وإن كان مكتسبا كما صرح به في البحر عن غاية البيان
قوله ( أو طلب العلم ) ذكره في البحر بحثا بقوله وينبغي أن يلحق به أي بالغازي طالب العلم لاشتغاله عن الكسب بالعلم ولهذا قالوا إن نفقته على أبيه وإن كان صحيحا مكتسبا كما لو كان زمنا
قوله ( واعتبار حاله الخ ) أشار إلى أنه ليس المراد دفع ما يغنيه في ذلك اليوم عن سؤال القوت فقط بل عن سؤال جميع ما يحتاجه فيه لنفسه وعياله
وأصل العبارة للشرنبلالي حيث قال قوله وندب دفع ما يغنيه عن سؤال يوم ظاهره تعلق الإغناء بسؤال القوت والأوجه أن ينظر إلى ما يقتضيه الحال في كل فقير من عيال وحاجة أخرى كدهن وثوب وكراء منزل وغير ذلك كما في الفتح اه
وتمامه فيها فافهم
قوله ( والمعتبر في الزكاة فقراء مكان المال ) أي لامكان المزكي حتى لو كان هو في بلد وماله في آخر يفرق في موضع المال
ابن كمال أي في جميع الروايات
بحر
وظاهره أنه لو فرق في مكانه نفسه يكره كما في المسألة نقلها إلى مكان آخر
بقي هنا شيء لم أره وهو أنه لو كان له مال مع مضارب مثلا في بلدة وحال عليه الحول هناك ثم جاء المضارب بالمال إلى بلدة رب المال وكان لم يخرج زكاته فهل يخرجها إلى فقراء بلدته أو إلى فقراء البلدة التي كان فيها المال فليراجع
قوله ( وفي الوصية مكان الموصي ) أقول كذا في الجوهرة عن الفتاوى لكن ذكر في وصايا شرح الوهبانية عن الخلاصة أوصى بأن يتصدق بثلث ماله في فقراء بلخ الأفضل أن يصرف إليهم وإن أعطى غيرهم جاز وهذا قول أبي يوسف وبه يفتى
وقال محمد لا يجوز اه
قوله ( مكان المؤدي ) أي لا مكان الرأس الذي يؤدي عنه
قوله ( وهو الأصح ) بل صرح في النهاية و العناية بأنه ظاهر الرواية كما في الشرنبلالية وهو المذهب كما في البحر فكان أولى مما في الفتح من تصحيح قولهما باعتبار مكان المؤدي عنه
قال الرحمتي
____________________
(2/355)
وقال في المنح في آخر باب صدقة الفطر الأفضل أن يؤدي عن عبيده وأولاده وحشمه حيث هم عند أبي يوسف وعليه الفتوى وعند محمد حيث هو اه تأمل
قلت لكن في التاترخانية يؤدي عنهم حيث هو وعلي الفتوى وهو قول محمد ومثله قول أبي حنيفة وهو الصحيح
قوله ( إلى صبيان أقاربه ) أي العقلاء وإلا فلا يصح إلا بالدفع إلى ولي الصغير
قوله ( برسم عيد ) أي عادة عيد ح
قوله ( أو مهدي الباكورة ) هي الثمرة التي تدرك أولا
قاموس
وقيده في التاترخانية بالتي لا تساوي شيئا ومفهومه أنها لو لها قيمة لم يصح عن الزكاة لأن المهدي لم يدفعها إلا للعوض فلا يجوز إلا بدفع ما يرضى به المهدي والزائد عليه يصح عن الزكاة
ثم رأيت ط ذكر مثله وزاد إلا أن ينزل المهدي منزلة الواهب اه أي لأنه لم يقصد بها أخذ العوض وإنما جعلها وسيلة للصدقة فهو متبرع بما دفع ولذا لا يعد ما يأخذه عوضا عنها بل صدقة لكن الآخذ لو لم يعطه شيئا لا يرضى بتركها له فلا يحل له أخذها والذي يظهر أنه لو نوى بما دفعه الزكاة صحت نيته ولا تبقى ذمته مشغولة بقدر قيمتها أو أكثر إذا كان لها قيمة لأن المهدي وصل إلى غرضه من الهدية سواء كان ما أخذه زكاة أو صدقة نافلة ويكون حينئذ راضيا بترك الهدية فليتأمل
قوله ( إلا إذا نص على التعويض ) ينبغي أن يكون مبنيا على القول بأنه إذا سمى الزكاة قرضا لا تصح وتقدم أن المعتمد خلافة وعليه فينبغي أنه إذا نواها صحت وإن نص على التعويض إلا أن يقال إذا نص على التعويض يصير عقد معاوضة والملحوظ إليه في العقود هو الألفاظ دون النية المجردة والصدقة تسمى قرضا مجازا مشهورا في القرآن العظيم فيصح إطلاقه عليها بخلاف لفظ العوض إذ لا عمل للنية المجردة مع اللفظ الغير الصالح لها ولذا فصل بعضهم فقال إن تأول القرض بالزكاة جاز وإلا فلا
تأمل
قوله ( ولو دفعها لأخته الخ ) قدمنا الكلام عليها عند قوله وابن السبيل
قوله ( وإلا لا ) أي لأن المدفوع يكون بمنزلة العوض ط
وفيه أن المدفوع إلى مهدي الباكورة كذلك فينبغي اعتبار النية ونظيره ما مر في أول في كتاب الزكاة فيما لو دفع إلى من قضى عليه بنفقته من أنه لا يجزيه عن الزكاة إن احتسبه من النفقة وإن احتسبه من الزكاة يجزيه وقيل لا كما في التاترخانية لكن فيها أيضا قال محمد إذا هلكت الوديعة في يد المودع وأدى إلى صاحبها ضمانها ونوى عن زكاة ماله قال إن أدى لدفع الخصومة لا تجزيه عن الزكاة اه فتأمل
وفيها من صدقة الفطر لو دفعها إلى الطبال الذي يوقظهم في السحر يجوز لأن ذلك غير واجب عليه وقد قال مشايخنا الأحوط والأبعد عن الشبهة أن يقدم إليه أولا ما يكون هدية ثم يدفع إليه الحنطة
قوله ( جاز ) ويكون تمليكا لهم والنية سابقة عند العزل وكذا إذا لم ينو ثم نوى بعد انتهابه وهو قائم في يد الفقراء كما تقدم نظيره
قلت وينبغي تقييده بما إذا كان الانتهاب برضاه لاشراط اختياره الدفع في الأموال الباطنة كما مر في مسألة البغاة ويدل عليه المسألة الآتية
قوله ( إن كان يعرفه ) أي يعرف شخصه لئلا يكون تمليكا لمجهول لأنه إذا لم يعرفه بأن جاء إلى موضع المال فلم يجده وأخبره أحد بأنه رفعه فقير لا يعرفه ورضى المالك بذلك لم يصح لأنه يكون إباحة والشرط في الزكاة التمليك
تأمل
قوله ( والمال قائم ) لأنه لو رضي بذلك بعد ما استهلك الفقير المال لم تصح نيته كما مر
____________________
(2/356)
مطلب الأفضل على أن ينوي بالصدقة جميع المؤمنين والمؤمنات خاتمة اعلم أن الصدقة تستحب بفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه وإن تصدق بما ينقص مؤنة من يمونه إثم ومن أراد التصدق بماله كله وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة فله ذلك وإلا فلا يجوز ويكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفقة نفسه عن الكفاية التامة كذا في شرح درر البحار
وفي التاترخانية عن المحيط الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء اه
والله تعالى أعلم
باب صدقة الفطر وجه مناسبتها بالزكاة أن كلا منهما من الوظائف المالية وأوردها في المبسوط بعد الصوم باعتبار ترتيب الوجود وأوردها المصنف هنا رعاية لجانب الصدقة ورجحه لأن المقصود من الكلام المضاف لا المضاف إليه خصوصا إذا كان المضاف إليه شرطا وحقها أن تقدم على العشر لأنه مؤنة فيها معنى العبادة وهذه بالعكس إلا أنه ثبت بالكتاب وهي بخبر الواحد مع أنه من أنواع الزكاة والمراد بالفطر يومه لا الفطر اللغوي لأنه يكون في كل ليلة من رمضان وسميت صدقة وهي العطية التي يراد بها المثوبة من الله تعالى لأنها تظهر صدق الرجل كالصداق يظهر صدق الرجل في المرأة
معراج
قوله ( من إضافة الحكم لشرطه ) المراد بالحكم وجوب الصدقة لأنه الحكم الشرعي فيكون على حذف مضاف والمراد بالوجوب وجوب الأداء لأنه الذي شرطه الفطر لا نفس الوجوب الذي مناطه وجود السبب وهو الرأس ح
وفي البحر والإضافة فيها من إضافة الشيء إلى شرطه وهو مجاز لأن الحقيقة إضافة الحكم إلى سببه وهو الرأس اه أي لأنها على الأول لأدنى مناسبة مثل كوكب الخرقاء وعلى الثاني بمعنى اللام الاختصاصية
قوله ( والفطر لفظ إسلامي ) اصطلح عليه الفقهاء كأنه من الفطرة بمعنى الخلقة كذا في البحر تبعا للزيلعي
والظاهر أن مراده أن الفطر المضاف إليه الصدقة الذي هو اسم لليوم المخصوص لفظ شرعي أي إطلاقه على ذلك اليوم بخصوصه اصطلاح شرعي إذ لا شك أن الفطر الذي هو ضد الصوم لغوي مستعمل قبل الشرع أو مراده لفظ الفطرة بالتاء بقرينة التعليل
ففي النهر عن شرح الوقاية أن لفظ الفطرة الواقع في كلام الفقهاء وغيرهم مولد حتى عده بعضهم من لحن العامة اه أي إن الفطرة المراد بها الصدقة غير لغوية لأنها لم تأت بهذا المعنى وأما ما في القاموس من أن الفطرة بالكسر صدقة الفطر والخلقة فاعترضه بعض المحققين بأن الأول غير صحيح لأن ذلك المخرج لم يعلم إلا من الشارع وقد عد من غلط القاموس ما يقع كثيرا فيه من خلط الحقائق الشرعية باللغوية اه
لكن في المغرب
وأما قوله في المختصر الفطرة نصف صاع من بر فمعناها صدقة الفطر وقد جاءت في عبارات الشافعي وغيره وهي صحيحة من طريق اللغة وإن لم أجدها فيما عندي من الأصول اه
وفي تحرير النووي هي اسم مولد
____________________
(2/357)
ولعلها من الفطرة التي هي الخلقة
قال أبو محمد الأبهري معناها زكاة الخلقة كأنها زكاة البدن اه
وفي المصباح وقولهم تجب الفطرة الأصل تجب زكاة الفطرة وهي البدن فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه واستغنى به في الاستعمال لفهم المعنى اه
ومشى عليه القهستاني ولهذا نقل بعضهم أنها تسمى صدقة الرأس وزكاة البدن
والحاصل أن لفظ الفطرة بالتاء لا شك في لغويته ومعناه الخلقة وإنما الكلام في إطلاقه مرادا به المخرج فإن أطلق عليه بدون تقدير فهو اصطلاح شرعي مولد وأما مع تقدير المضاف فالمراد بها المعنى اللغوي ولعل هذا وجه الصحة الذي أراده صاحب المغرب وأما لفظ الفطر بدون تاء فلا كلام في أنه معنى لغوي وبهذا تعلم ما في كلام الشارح تبعا للنهر فافهم
قوله ( وأمر بها ) أي بإخراجها
وفي حاشية نوح والحاصل أن فرض صيام رمضان في شعبان بعد ما حولت القبلة إلى الكعبة وأمر النبي بزكاة الفطر قبل العيد بيومين وذلك قبل أن تفرض زكاة الأموال وهذا هو الصحيح ولهذا قيل إنها منسوخة بالزكاة وإن كان الصحيح خلافه اه
قوله ( وكان عليه الصلاة والسلام الخ ) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد الله بن ثعلبة قال خطب رسول الله قبل يوم الفطر بيوم أو يومين فقال أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو شعير عن كل حر أو عبد صغير أو كبير فتح
قال ط وبهذا يتقوى ما بحثه صاحب البحر سابقا في باب صلاة العيدين من أنه ينبغي أن يقدم أحكام صدقة الفطر في خطبة قبل يوم العيد لأجل أن يتمكنوا من إخراجها قبل الذهاب إلى المصلى
قوله ( وحديث فرض الخ ) جواب عما استدل به الشافعي رحمه الله على فرضيتها من حديث عمر في الصحيحين أن رسول الله فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى من المسلمين فتح
قوله ( معناه قدر الخ ) أي فإنه أحد معاني الفرض كقوله تعالى { فنصف ما فرضتم } ويقال فرض القاضي النفقة وهذا الجواب ذكره في البدائع
وأجاب في الفتح بأن الثابت بظني يفيد الوجوب وأنه لا خلاف في المعنى لأن الافتراض الذي يثبته الشافعية ليس على وجه يكفر جاحده فهو معنى الوجوب عندنا غاية الأمر أن الفرض في اصطلاحهم أعم من الواجب في عرفنا فأطلقوه على أحد جزأيه والإجماع على الوجوب لا يدل على أن المراد بالفرض ما هو عرفنا أي ما يكفر جاحده لأن ذاك إذا نقل الإجماع تواترا ليكون قطعيا أو كان من ضروريات الدين كالخميس لا إذا كان ظنيا وقد صرحوا بأن منكر وجوبها لا يكفر فكان المتيقن الوجوب بالمعنى العرفي عندنا اه ملخصا
قلت وقد يجاب بأن قول الصحابي فرض يراد به المعنى المصطلح عندنا للقطع به بالنسبة إلى من سمعه من النبي بخلاف غيره ما لم يصل إليه بطريق قطعي فيكون مثله ولهذا قالوا إن الواجب لم يكن
____________________
(2/358)
في عصره صلى الله عليه وسلم كما أوضحناه في حواشي شرح المنار
قوله ( وهو الصحيح ) هو ما عليه المتون بقولهم وصح لو قدم أو أخر
قوله ( مطلق ) أي عن الوقت فتجب في مطلق الوقت وإنما يتعين بتعيينه فعلا أو آخر العمر ففي أي وقت أدى كان مؤديا لا قاضيا كما في سائر الواجبات الموسعة غير أن المستحب قبل الخروج إلى المصلى لقوله عليه الصلاة والسلام أغنوهم عنه المسألة في هذا اليوم بدائع
قوله ( كما مر ) عند قول المتن وافترضها عمري الخ
قوله ( جاز ) في الجوهرة إذا مات من عليه زكاة أو فطرة أو كفارة أو نذر لم تؤخذ من تركته عندنا إلا أن يتبرع ورثته بذلك وهم من أهل التبرع ولم يجبروا عليه وإن أوصى تنفذ من الثلث اه
قوله ( وقيل مضيقا ) مقابل الصحيح وهو قول الحسن بن زياد وقت أدائها يوم الفطر من أوله إلى آخره فإذا لم يؤدها حتى مضى اليوم سقطت كالأضحية
بدائع
ومثله في شروح الهداية وغيرها ورجح المحقق ابن الهمام في التحرير أنها من قبيل المقيد بالموقت لا المطلق لقوله عليه الصلاة والسلام أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة فيعده قضاء وتبعه العلامة ابن نجيم في بحره لكنه قال في شرحه على المنار إنه ترجيح لما قابل الصحيح اه
قلت والظاهر أن هذا قول ثالث خارج عن المذهب لأن وقوعها قضاء بمضي يومها غر القول بسقوطها به
وقد رده العلامة المقدسي بأنهم كانوا يعجلون في زمنه وأنه كان بإذنه وعلمه كما قاله ابن الهمام نفسه فدل ذلك على عدم التقييد باليوم إذ لو تقيد به لم يصح قبله كما في الصلاة وصوم رمضان والأضحية اه
وما قيل في الجواب إنه تعجيل بعد وجوب السبب فيجوز كتعجيل الزكاة بعد ملك النصاب فهو مؤكد للاعتراض لدلالته على جواز التعجيل وعلى عدم التوقيت إذ لو كان مؤقتا لم يجز تعجيله قبل وقته وإن وجد سببه لأن الوقت شرطه كما لا يجوز تعجيل الحج قبل وقته وإن وجد سببه وهو البيت على أن قياس تعجيل الفطرة على الزكاة لا يصح لأن حكم الأصل مخالف للقياس كما سنذكره عن الفتح فافهم
والأمر في حديث أغنوهم محمول على الاستحباب كما يشير إليه ما قدمناه عن البدائع وصرح في الظهيرية بعدم كراهة التأخير أي تحريما كما في النهر وسيأتي لقوله من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات رواه أبو داود وغيره لنقصان ثوابها فصارت كغيرها من الصدقات كما في الفتح
وأفاد أيضا أن هذا لا يدل على قول الحسن بن زياد بسقوطها لأن اعتبار ظاهره يؤدي إلى سقوطها بعد الصلاة وإن كان الأداء في باقي اليوم وليس هذا قوله فهو مصروف عنه عنده أي لأنه يقول بسقوطها بمضي اليوم لا بمضي الصلاة كا مر
قوله ( فبعده يكون قضاء ) قد علمت أن المراد بالتضييق هو قول الحسن بسقوطها بمضي اليوم كما أشار إليه في الهداية وصرح به شراحها وغيرهم وأن هذا قول ثالث لم أر من قال به سوى ابن الهمام وعلمت ما فيه ففي هذا التفريع نظر
قوله ( على كل حر مسلم ) فلا تجب على رقيق لعدم تحقق التمليك منه ولا على كافر لأنها قربة والكفر ينافيها
نهر
ولا تجب على الكافر ولو له عبد مسلم أو ولد مسلم
بحر
قوله ( ولو صغيرا مجنونا ) في بعض النسخ أو مجنونا بالعطف بأو وفي بعضها بالواو وهذا لو كان لهما مال
قال في البدائع وأما العقل والبلوغ فليسا من شرائط الوجوب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف حتى تجب على الصبي والمجنون إذا كان لهما مال
____________________
(2/359)
ويخرجها الولي من مالهما وقال محمد وزفر لا تجب فيضمنها الأب والوصي لو أدياها من مالهما اه
وكما تجب فطرتهما تجب فطرة رقيقهما من مالهما كما في الهندية و البحر عن الظهيرية
قوله ( حتى لو لم يخرجها وليهما ) أي من مالهما
ففي البدائع أن الصبي الغني إذا لم يخرج وليه عنه فعلى أصل أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يلزمه الأداء لأنه يقدر عليه بعد البلوغ اه
قلت فلو كانا فقيرين لم تجب عليهما بل على من يمونهما كما يأتي
والظاهر أنه لو لم يؤدها عنهما من ماله لا يلزمهما الأداء بعد البلوغ والإفاقة لعدم الوجوب عليهما
قوله ( بعد البلوغ ) أي وبعد الإفاقة في المجنون ح
قوله ( وإن لم ينم ) يقال نمى ينمي وينمو كذا في الإسقاطي فهو مجزوم بحذف الياء أو الواو ط
قوله ( كما مر ) أي في قوله وغني يملك قدر نصاب وقدمنا بيانه ثمة
قوله ( تحرم الصدقة ) أي الواجبة أما النافلة فإنما يحرم عليه سؤالها وإذا كان النصاب المذكور مستغرقا بحاجته فلا تحرم عليه الصدقة ولا يجب به ما بعدها
قوله ( كما مر ) أي في قوله أيضا وغنى
قوله ( ونفقة المحارم ) أي الفقراء العاجزين عن الكسب أو الإناث إذا كن فقيرات وقيد بهم لإخراج الأبوين الفقيرين فإن المختار أن يدخلهما في نفقته إذا كان كسوبا
قوله ( هي ما يجب بمجرد التمكن من الفعل ) اعترض بأن هذا تعريف للواجب المشروط بالقدرة الممكنة بكسر الكاف المشددة وعرفها في التوضيح بأدنى ما يتمكن به المأمور من أداء ما لزمه من غير خرج غالبا ثم فسرها بسلامة الأسباب والآلات وقيد بقوله من غير حرج غالبا لأنهم جعلوا منها الزاد والراحلة في الحج فإنهما من الآلات التي هي وسائط في حصول المطلوب مع أنه يتمكن من الحج بدونهما لكن بحرج عظيم في الغالب كما في التلويح وكذا النصاب الغير النامي في الفطرة فإنه يتمكن من إخراجها بدونه لكن بحرج في الغالب
قال في التلويح وهذه القدرة شرط لأداء كل واجب فضلا من الله تعالى لأن القدرة التي يمتنع التكليف بدونها هي ما يكون عند مباشرة الفعل فاشتراط سلامة الأسباب والآلات قبل الفعل يكون فضلا منه تعالى
قوله ( فلا يشترط بقاؤها ) أي بقاء هذه القدرة وهي النصاب هنا حتى لو هلك بعد فجر يوم النحر لا تسقط الفطرة وكذا هلاك المال في الحج كما يأتي
قوله ( لأنها شرط محض ) أي ليس فيه معنى العلة المؤثرة بخلاف القدرة الميسرة كما يأتي
قوله ( ميسرة ) بضم الميم وكسر السين المشددة
قوله ( هي ما يجب الخ ) فيه ما تقدم من الاعتراض وهي كما في التلويح ما يوجب يسر الأداء على العبد ما ثبت الإمكان بالقدرة الممكنة فهي كرامة من الله تعالى في الدرجة الثانية من القدرة الممكنة ولهذا شرطت في أكثر الواجبات المالية التي أداؤها أشق على النفس عند العامة وذلك كالنماء في الزكاة فإن الأداء ممكن بدونه إلا أنه يصير به أيسر حيث لا ينقص أصل المال وإنما يفوت بعض النماء
ثم القدرة الممكنة لما كانت شرطا للتمكن من الفعل وإحداثه كانت شرطا محضا ليس فيه معنى العلة فلم يشترط بقاؤها لبقاء الواجب إذ البقاء غير الوجود وشرط الوجود لا يلزم أن يكون شرطا للبقاء كالشهود في النكاح شرط للانعقاد دون البقاء
بخلاف الميسرة فإنها شرط فيه معنى العلة لأنها غرت صفة الواجب من العسر إلى اليسر إذا جاز أن يجب بمجرد القدرة الممكنة لكن بصفة العسر فأثرت فيه القدرة الميسرة وأوجبته بصفة اليسر فيشترط
____________________
(2/360)
دوامها نظرا إلى معنى العلية لأن هذه العلة مما لا يمكن بقاء الحكم بدونها إذ لا يتصور اليسر بدون القدرة الميسرة والواجب لا يبقى بدون صفة اليسر لأنه لم يشرع إلا بتلك الصفة فلهذا اشترط بقاء القدرة الميسرة دون الممكنة مع أن ظاهر النظر يقتضي أن يكون الأمر بالعكس إذ الفعل لا يتصور بدون الإمكان ويتصور بدون اليسر اه
قوله ( فغيرته الخ ) أي باعتبار أنه كان يجوز أن يجب بصفة العسر أي بمجرد القدرة الممكنة كما مر فلما وجب بالقدرة الميسرة فكأنه تغير من العسر إلى اليسر
قوله ( لأنها شرط في معنى العلة ) أي والحكم يدور مع علته وجودا وعدما ط
قوله ( ثم فرع عليه ) أي على ما ذكر من القدرتين
قوله ( فلا تسقط الفطرة ) لأنها لم تجب بالميسرة بل بالممكنة كما مر
قوله ( وكذا الحج
) لأن شرطه وهو الزاد والراحلة قدرة ممكنة إذ الميسرة لا تحصل إلا بمراكب وأعوان وخدم وليست شرطا بالإجماع ط
قوله ( كما لا يبطل النكاح الخ ) أشار إلى ما قدمناه عن التلويح من أن الممكنة شرط لا للبقاء كالشهود في النكاح فلا يسقط الواجب بزوالها بخلاف الميسرة
قوله ( بخلاف الزكاة ) فإنها تسقط بهلاك المال بعد الحول يعني سواء تمكن من الأداء أم لا لأن الشرع علق الوجوب بقدرة ميسرة والمعلق بقدرة ميسرة لا يبقى بدونها
ط عن الحموي
والقدرة الميسرة هنا هي وصف النماء لا النصاب وقيد بالهلاك لأنها لا تسقط بالاستهلاك وإن انتفت القدرة الميسرة لبقائها تقديرا زجرا له عن التعدي ونظرا للفقراء كما في التلويح
قوله ( والخراج ) أي خراج المقاسمة فهو كالعشر لأن شرطه الأرض النامية تحقيقا بخلاف الخراج الموظف فإنه يجب بمجرد التمكن من الزراعة ولا يهلك بهلاك الخارج لوجوبه في الذمة لا في الخارج بخلافهما كما مر بيانه في بابه
قوله ( لاشتراط بقاء الميسرة ) وهي وصف النماء وهذا علة للثلاثة
قوله ( عن نفسه الخ ) بيان للسبب والأصل فيه رأسه ولا شك أنه يموت ويلي عليه فيلحق به ما هو في معناه ممن يمونه ويلي عليه وتمامه في النهر
قوله ( وإن لم يصم لعذر ) الظاهر أنه قيد به بناء على ما هو حال المسلم من عدم تركه الصوم إلا بعذر كما تقدم نظيره في باب قضاء الفوائت حيث لم يقل المتروكات ظنا بالمسلم خيرا فحينئذ تجب الفطرة وإن أفطر عامدا لوجود السبب وهو الرأس الذي يمونه ويلي عليه ولو لم يصم كالطفل الصغير والعبد الكافر
ثم رأيت في البدائع ما يشعر بذلك حيث قال وكذا وجود الصوم في شهر رمضان ليس بشرط لوجوب الفطرة حتى أن من أفطر لكبر أو مرض أو سفر يلزمه صدقة الفطر لأن الأمر بأدائها مطلق عن هذا الشرط اه فافهم
قوله ( وطفله ) احترز به عن الجنين فإنه لا يسمصأ طفلا كذا في البرجندي إذ الطفل هو الصبي حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم وجارية طفل وطفلة كذا في المغرب
إسماعيل فافهم
وأشار إلى إن الأم لا يجب عليها صدقة أولادها الصغار كما في منية المفتي
قوله ( الفقير ) قيد به لأن الغني تجب صدقة فطره في ماله عل ما مر لعدم وجوب نفقته
نهر
قوله ( والكبير المجنون ) أي الفقير أما الغني ففي ماله عندهما كما مر وفي التاترخانية عن المحيط أن المعتوه والمجنون بمنزلة الصغير سواء كان الجنون أصليا بأن بلغ مجنونا أو عارضا هو الظاهر من المذهب اه
قوله ( ولو تعدد الآباء ) كما لو ادعى رجلان لقيطا أو ولد أمة مشتركة بينهما
قوله ( فعلى كل فطرة ) أي كاملة عند أبي يوسف لأن النبوة ثابتة من كل منهما كملا وثبوت النسب لا يتجزأ وكذا لو مات أحدهما كان ولدا للباقي منهما وقال
____________________
(2/361)
محمد عليهما صدقة واحدة لأن الولاية لهما والمؤنة فكذا الصدقة لأنها قابلة للتجزي كالمؤنة ولو كان أحدهما معسرا فعلى الموسر صدقة تامة عندهما
فتح
قوله ( قوله ولو زوج طفلته ) أي الفقيرة إذ صدقة الغنية في مالها تزوجت أو لا ح
قوله ( الصالحة لخدمة الزوج ) كذا في النهر عن القنية وفيه عن الخلاصة الصغيرة لو سلمت لزوجها لا تجب فطرتها على أبيها لعدم المؤنة اه
فأفاد تقييد المسألة بقيدين صلاحيتها للخدمة وتسليهما للزوج ولذا قال الشارح في باب النفقة فيمن تجب نفقتها على الزوج وكذا صغيرة تصلح للخدمة أو للاستئناس إن أمسكها في بيته عند الثاني واختاره في التحفة اه
وهو صريح بأنها لو لم تصلح لذلك لا تجب نفقتها على الزوج وظاهره لو أمسكها في بيته فتجب على أبيها فافهم
قوله ( فلا فطرة ) أما عليها فلفقرها وأما على زوجها فلما سيأتي في قوله لا عن زوجته وأما على أبيها فلأنه لا يمونها وإن ولى عليها ح
قوله ( كما اختاره في الاختيار ) هذا رواية الحسن وهو خلاف ظاهر الرواية من أن الجد كالأب إلا في مسائل ستأتي آخر الكتاب منها هذه واختاره أيضا في فتح القدير لتحقق وجود السبب وهو الرأس الذي يمونه ويلي عليه ولاية مطلقة
ورد ما قيل من أن الولاية غير تامة لانتقالها إليه من الأب فكانت كولاية الوصي بأنه غير سديد لأن الوصي لا يمونه من ماله بخلاف الجد إذا لم يكن للصغير مال فإنه يمونه من ماله كالأب ونازعه في البحر بما رده عليه المقدسي وصاحب النهر فلذا اختار الشارح رواية الحسن
قلت لكن في الخانية ليس على الجد أن يؤدي الصدقة عن أولاد ابنه المعسر إذا كان الأب حيا باتفاق الروايات وكذا لو كان الأب ميتا في ظاهر الرواية اه
فعلم أن رواية الحسن فيما إذا كان الأب ميتا لكن مقتضى كلام البدائع أن الخلاف في المسألتين نعم تعليل الفتح لا يظهر إلا في الميت
تأمل
قوله ( وعبده لخدمته ) احتراز عن عبد التجارة فإنها لا تجب كي لا يؤدي إلى الثني
زيلعي أي تعدد الوجوب المالي في مال واحد وفي النهاية له عبد للتجارة لا يساوي نصابا وليس له مال الزكاة لا تجب صدقة فطر العبد وإن لم يؤدى إلى الثنى لأن سبب وجوب الزكاة فيه موجود والمعتبر سبب الحكم لا الحكم
اه بحر
قوله ( ولو مديونا ) أي بدين مستغرق
بدائع
قوله ( أو مستأجرا ) أي آجره للغير
قوله ( إذا كان عنده ) أي الراهن وفاء بالدين أي وفضل بعد الدين نصاب كما في الهندية والمراد نصاب غير العبد لأنه من حوائجه الأصلية حيث كان للخدمة
شرنبلالية إذا لم يكن كذلك لا يلزم أحدا فطرته لأن المرتهن أحق به حتى إذا هلك هلك بدينه والفرق بين المديون والمرهون حيث لا يشترط في المديون أن يكون عند المولى وفاء بالدين أن الدين على العبد وفي المرهون على السيد
ح عن الزيلعي
قوله ( كالعبد العارية والوديعة ) فإن صدقته على المالك
قوله ( والجاني ) أي عمدا أو خطأ لأن ملك المالك إنما يزول بالدفع إلى المجني عليه مقصورا على الحال لا قبله خانية
قوله ( وقول الزيلعي ) راجع إلى قوله وأما الموصى بخدمته وعبارة الزيلعي والعبد الموصى
____________________
(2/362)
برقبته لإنسان لا تجب فطرته اه
ط
قوله ( سبق قلم ) يمكن حمل كلامه على نفي الوجوب عن الإنسان الموصى له بخدمة العبد فلا ينافي الوجوب على مالك الرقبة ثم رأيت ط ذكره وقال وحمله الشلبي محشي الزيلعي على ما إذا مات السيد الموصي ولم يقبل الموصى له ولم يرد اه
تأمل
قوله ( ولو كان عبده كافرا ) المراد بالعبد ما يشمل المدبر ذكرا أو أنثى وأم الولد لصحة استيلاء الكافرة ولو غير كتابية لأن عدم حل وطء المجوسية لا يستلزم عدم صحة استيلادها كالأمة المشتركة فليراجع أفاده ح
قوله ( وهو رأس يمونه ) أي مؤنة واجبة كاملة مطلقة فخرج بالأول مؤنة الأجنبي لوجه الله تعالى وبالثاني العبد المشترك وبالثالث الزوجة فإنه ضرورية لأجل انتظام مصالح النكاح ولهذا لا تجب عليه غير الرواتب نحو الأدوية كما في الزيلعي
أفاده ح
قوله ( ويلي عليه ) أي ولاية مال لا إنكاح فلا يرد ابن العم إذا كان زوجا لأن ولايته ولاية إنكاح اه
ح
قوله ( لا عن زوجته ) لقصور المؤنة والولاية إذ لا يلي عليها في غير حقوق الزوجية ولا يجب عليه أن يمونها في غير الرواتب كالمداواة
نهر
قوله ( وولده الكبير العاقل ) أي ولو زمنا في عياله لانعدام الولاية
جوهرة
واحترز بالعاقل عن المعتوه والمجنون فحكمه كالصغير ولو جنونه عارضا في ظاهر الرواية كما مر خلافا لما عن محمد في العارض بعد البلوغ من أنه كالكبير العاقل لزوال الولاية بالبلوغ وأشار إلى أنها لا تجب أيضا على الابن عن أبيه ولو في عياله إلا إذا كان فقيرا مجنونا كما في البحر و النهر وعبر عنه في الجوهرة بقيل وعزاه في الخانية إلى الشافعي لكن حكى في جامع الصفار الإجماع على الوجوب معللا بوجود الولاية والمؤنة جميعا اه
وهو ظاهر
قوله ( ولو أدى عنهما ) أي عن الزوجة والولد الكبير وقال في البحر وظاهر الظهيرية أنه لو أدى عمن في عياله بغير أمره جاز مطلقا بغير تقييد بالزوجة والولد اه
قوله ( أجزأ استحسانا ) وعليه الفتوى
خانية
وأفاد بقوله للإذن عادة إلى وجود النية حكما وإلا فقد صرح في البدائع بأن الفطرة لا تتأدى بدون النية
تأمل
قوله ( أي لو في عياله ) انظر هل المراد من تلزمه نفقته أو أعم ظاهر ما مر عن البحر الثاني وهو مفاد التعليل أيضا
تأمل
قوله ( وعبده الآبق ) لعدم الولاية القائمة ط قوله ( والمأسور ) لخروجه عن يده وتصرفه فأشبه المكاتب
بحر
قلت ولو كان قنا ملكه أهل الحرب ويخرج عن ملكه بخلاف المدبر وأم الولد
قوله ( إن لم تكن عليه بينة ) مقتضى التصحيح الذي مر في الزكاة أن لا تجب ولو كانت عليه بينة لأنه ليس كل قاض يعدل ولا كل بينة تقبل ط
قوله ( إلا بعد عوده ) راجع إلى الآبق كما في النهر و المنح وإلى المغصوب أيضا كما في البحر
قال ح والظاهر أن المأسور كذلك ولذا قدره الشارح معطيا حكم قرينيه
قلت هذا إذا لم يملكه أهل الحرب
قوله ( فيجب لما مضى ) أي من السنين
قهستاني
قال الرحمتي ولم يوجبوا الزكاة لما مضى في مال الضمار كما تقدم فلينظر الفرق
قوله ( لأن ما في يده لمولاه ) إذ لا ملك له حقيقة لأنه عبد ما بقي عليه درهم والعبد مملوك فلا يكون مالكا
بدائع
قوله ( وعبيد مشتركة ) لقصور الولاية والمؤنة في حق كل واحد من الشريكين وهذا قول الإمام
وقالا على كل واحد ما يخصه من الرؤوس دون الأشقاص كما في الهداية فلو كانوا أربعة أعبد يجب على كل واحد عن اثنين ولو ثلاثة تجب عن اثنين دون الثالث
وفي المحيط ذكر أبا يوسف مع أبي حنيفة وهو الأصح كما في الحقائق و الفتح وفي المصفى هذا في عبيد الخدمة ولا تجب في عبيد التجارة اتفاقا اه إسماعيل أي لئلا يجتمع الحقان في مال واحد
____________________
(2/363)
قوله ( ووجد الوقت ) أي وقت الوجوب وهو طلوع فجر يوم الفطر
قوله ( فتجب في قول ) أي ضعيف كما في بعض النسخ لمخالفته لعموم إطلاق المتون والشروح
رحمتي
قلت وهذا الفرع نقله في شرح المجمع و شرح درر البحار عن الحقائق ووجه ضعفه قصور الولاية بدليل أن أحدهما لا يملك تزويجه وقصور المؤنة أيضا فإن نفقته عليهما وسيأتي في كتاب القسمة لو اتفقا على أن نفقة كل عبد على الذين يخدمه جاز استحسانا بخلاف الكسوة اه أي للمسامحة في الطعام عادة دون الكسوة
قوله ( وتوقف الخ ) لأن الملك والولاية موقوفان فكذا ما يبتني عليهما
بحر
قوله ( بخيار ) أي للبائع أو للمشتري أو لهما لأن الملك متزلزل فإن لم يكن خيار وقبضه بعد يوم الفطر وجبت على المشتري وإن مات قبل القبض لم تجب على أحد وإن رد قبل القبض بخيار عيب أو رؤية فعلى البائع وإن بعده فعلى المشتري
خانية وتمامه في البحر
قوله ( فإذا مر يوم الفطر ) أو رد عليه أن مضيه ليس بلازم بل وجود الخيار وقت طلوع الفجر كاف على ما بين في الكفاية ولذا قال في العناية هذا من قبيل إطلاق الكل وإرادة البعض وما قيل هذا لا يرد على من قال مر بل على من قال مضى كالدرر لأن المضي قتضي الانقضاء بخلاف المرور ففيه نظر لما في القاموس مر أي جاز وذهب
قوله ( على من يصير له ) أي يستقر ملكه ليشمل البائع إذا كان الخيار له واختار الفسخ لأن ملكه لم يزل
قوله ( أو دقيقه أو سويقه ) الأولى أن يراعي فيهما القدر والقيمة احتياطا وإن نص على الدقيق في بعض الأخبار هداية لأن في إسناده سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث فوجب الاحتياط بأن يعطي نصف صاع دقيق بر أو صاع دقيق شعير يساويان نصف صاع بر وصاع شعير لا أقل من نصف يساوي نصف صاع بر أو أقل من صاع يساوي صاع شعير ولا نصف لا يساوي نصف صاع بر أو صاع لا يساوي صاع شعير
فتح
وقوله فوجب الاحتياط مخالف لتعبير الهداية و الكافي بالأولى إلا أن يحمل أحدهما على الآخر
تأمل
قوله ( وجعلاه كالتمر ) أي في أنه يجب صاع منه
قوله ( وهو رواية ) أي أبي حنيفة كما في بعض النسح
قوله ( وصححها البهنسي ) أي في شرحه على الملتقى والمراد عن أنه حكى تصيحها وإلا فهو ليس من أصحاب التصحيح
قال في البحر وصححها أبو اليسر ورجحها المحقق في فتح القدير من جهة الدليل وفي شرح النقاية والأولى أن يراعي في الزبيب القدر والقيمة اه أي بأن يكون نصف الصاع منه يساوي قيمة نصف صاع بر حتى إذا لم يصح من حيث القدر يصح من حيث قيمة البر لكن فيه أن الصاع من الزبيب منصوص عليه في الحديث الصحيح فلا تعتبر فيه القيمة كما تأتي تأمل
قوله ( أو شعير ) ودقيقه وسويقه مثله
نهر
قوله ( ولو رديئا ) قال في البحر وأطلق نصف الصاع والصاع ولم يقيده بالجيد لأنه لو أدى نصف صاع رديء جاز وإن أدى عفنا أو به عيب أدى النقصان وإن أدى قيمة الرديء أدى الفضل كذا في الظهيرية اه
ونقل بعض المحشين عن حاشية الزيلعي عن كفاية الشعبي لو كانت الحنطة مخلوطة بالشعير فلو الغلبة للشعير فعليه صاع ولو بالعكس فنصف صاع
قوله ( وما لم ينص عليه الخ ) قال في البدائع ولا يجوز أداء المنصوص عليه بعضه عن بعض باعتبار القيمة سواء كان الذي أدى عنه من جنسه أو من خلاف جنسه بعد أن كان من المنصوص
____________________
(2/364)
عليه فكما لا يجوز إخراج الحنطة عن الحنطة باعتبار القيمة بأن أدى نصف صاع من حنطة جيدة عن صاع من حنطة وسط لا يجوز إخراج غير الحنطة عن الحنطة باعتبار القيمة بأن أدى نصف صاع تمر تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من حنطة عن الحنطة بل يقع عن نفسه وعليه تكميل الباقي لأن القيمة إنما تعتبر في غير المنصوص عليه اه
تنبيه يجوز عندنا تكميل جنس من جنس آخر من المنصوص عليه
ففي البحر عن النظم لو أدى نصف صاع شعير ونصف صاع تمر أو نصف ساع تمر ومنا واحدا من الحنطة أو نصف صاع شعير وربع صاع حنطة جاز خلافا للشافعي
قوله ( وخبز ) عدم جواز دفعه إلا باعتبار القيمة هو الصحيح لعدم ورود النص به فكان كالذرة وغيرها من الحبوب التي لم يرد بها نص وكالأقط
بحر
مطلب في تحرير الصاع والمد والمن والرطل قوله ( وهو أي الصاع الخ ) اعلم أن الصاع أربعة أمداد والمد رطلان والرطل نصف من والمن بالدراهم مائتان وستون درهما وبالإستار أربعون والإستار بكسر الهمزة بالدراهم ستة ونصف وبالمثاقيل قيل أربعة ونصف كذا في شرح درر البحار
فالمد والمن سواء كل منهما ربع صاع مائة وثلاثون درهما وفي الزيلعي و الفتح اختلف في الصاع فقال الطرفان ثمانية أرطال بالعراقي وقال الثاني خمسة أرطال وثلث وقيل لا خلاف لأن الثاني قدره برطل المدينة لأنه ثلاثون إستارا والعراقي عشرون وإذا قابلت ثمانية بالعراقي بخمسة وثلث بالمديني وجدتهما سواء وهذا هو الأشبه لأن محمدا لم يذكر خلاف أبي يوسف ولو كان لذكره لأنه أعرف بمذهبه اه
وتمامه في الفتح
ثم اعلم أن الدرهم الشرعي أربعة عشر قيراطا والمتعارف الآن ستة عشر فإذا كان الصاع ألفا وأربعين درهما شرعيا يكون بالدرهم المتعارف تسعمائة وعشرة وقد صرح الشارح في شرحه على الملتقى في باب زكاة الخارج بأن الرطل الشامي ستمائة درهم وأن المد الشامي صاعان وعليه فالصاع بالرطل الشامي رطل ونصف والمد ثلاثة أرطال ويكون نصف الصاع من البر ربع مد شامي فالمد الشامي يجزي عن أربع وهكذا رأيته أيضا محررا بخط شيخ مشايخنا إبراهيم السائحاني وشيخ مشايخنا منلا علي التركماني وكفى بهما قدوة لكني حررت نصف الصاع في عام ست وعشرين بعد المائتين فوجدته ثمنية ونحو ثلثي ثمنية فهو تقريبا رد مد ممسوحا من غير تكويم ولا يخالف ذلك ما مر لأن المد في زماننا أكبر من المد السابق وكذا الرطل في زماننا أكبر من المد السابق وكذا الرطل في زماننا فإنه الآن يزيد على سبعمائة درهم وهذا بناء على تقدير الصاع بالماش أو العدس أما على تقديره بالحنطة أو الشعير وهو الأحوط كما يأتي قريبا فيزيد نصف الصاع على ذلك فالأحوط إخراج ربع مد شامي على التمام من الحنطة الجيدة والله تعالى أعلم
قال ط وقدر بعض مشايخي نصف الصاع بقدح وسدس بالمصري وعن الدفري تقديره بقدح وثلث وعليه فالربع المصري يكفي عن ثلاث
قوله ( إنما قدر بهما ) أي قدر الصاع بما يسع الوزن المذكور منهما أي من مجموعها أي من أي نوع منهما لأن كل واحد منهما يتساوى كيله ووزنه إذ لا تختلف أفراده ثقلا وكبرا فإذا ملأت إناء من ماش وزنه ألف وأربعون درهما ثم ملأته من ماش آخر يكون وزنه مثل وزن الأول لعدم التفاوت بين ماش وماش آخر وكذا لو فعلت بالعدس كذلك بخلاف غيرهما كالبر مثلا فإن بعض البر قد يكون أثقل من البعض فيختلف كيله ووزنه فلذا قدر الصاع بالماش أو العدس فيكون مكيالا محررا يكال به ما يراد إخراجه من الأشياء المنصوصة بلا اعتبار
____________________
(2/365)
وزن لأنك لو كلت به شعيرا مثلا ثم وزنته لم يبلغ وزنه ألفا وأربعين درهما ولو اعتبر الوزن لكان ما يسع ألفا وأربعين درهما من الشعير أكبر من الصاع الذي يسع هذا القدر من الماش أو العدس وقد اعتبروا الصاع بهما فعلم أنه لا اعتبار بالوزن أصلا في غيرهما ويدل على ذلك أيضا قول الذخيرة قال الطحاوي الصاع ثمانية أرطال مما يستوي كيله ووزنه ومعناه أن العدس والماش يستوي كيله ووزنه حتى لو وزن من ذلك ثمانية أرطال ووضع في الصاع لا يزيد ولا ينقص وما سوى ذلك تارة يكون الوزن أكثر من الكيل كالشعير وتارة بالعكس كالملح فإذا كان المكيال يسع ثمانية أرطال من العدس والماش فهو الصاع الذي يكال به الشعير والتمر والحنطة اه
وذكر نحوه في الفتح ثم قال وبهذا يرتفع الخلاف دي تقدير الصاع كيلا أو وزنا ومراده بالخلاف ما ذكره قبله حيث قال ثم يعتبر نصف صاع من بر من حيث الوزن عند أبي حنيفة لأنهم لما اختلفوا في أن الصاع ثمانية أرطال أو خمسة وثلث كان إجماعا منهم أنه يعتبر بالوزن
وروى ابن رستم عن محمد أنه إنما يعتبر بالكيل حتى لو دفع أربعة أرطال لا يجزيه لجواز كون الحنطة ثقيلة لا تبلغ نصف صاع اه
وفي ارتفاع الخلاف بما ذكر تأمل فإن المتبادر من اعتبار نصف الصاع بالوزن عند أبي حنيفة اعتبار وزن البر ونحوه مما يريد إخراجه لاعتباره بالماش والعدس
والظاهر أن اعتباره بهما مبني على رواية محمد وأن الخلاف متحقق وعن هذا ذكر صدر الشريعة في شرح الوقاية أن الأحوط تقدير الصاع بثمانية أرطال من الحنطة الجيدة لأنه إن قدر الماش يكون أصغر ولا يسع ثمانية أرطال من الحنطة لأنه أثقل منها وهي أثقل من الشعير فالمكيال الذي يملأ بثمانية أرطال من الماش يملأ بأقل من ثمانية أرطال من الحنطة الجيدة المكتنزة اه
مطلب في مقدار الفطرة بالمد الشامي قلت وبهذا يخرج عن العهدة بيقين على روايتي تقدير الصاع كيلا أو وزنا فلذا كان أحوط ولكن على هذا الأحوط تقديره بالشعير ولهذا نقل بعض المحشين عن حاشية الزيلعي للسيد محمد أمين ميرغني أن الذي عليه مشايخنا بالحرم الشريف المكي ومن قبلهم من مشايخهم وبه كانوا يفتون تقديره بثمانية أرطال من الشعير ولعل ذلك ليحتاطوا في الخروج عن الواجب بيقين لما في مبسوط السرخسي من أن الأخذ بالاحتياط في باب العبادات واجب اه
فإذا قدر بذلك فهو يسع ثمانية أرطال من العدس ومن الحنطة ويزيد عليها ألبتة بخلاف العكس فلذا كان تقدير الصاع بالشعير أحوط اه
ولهذا قدمنا أن الأحوط في زماننا إخراج ربع شامي تام
قوله ( ودفع القيمة ) أطلقها فشمل قيمة الحنطة وغيرها خلافا لمحمد
قال في التاترخانية عن المحيط وإذا أراد أن يعطي قيمة الحنطة أو الشعير أو التمر يؤدي قيمة أي الثلاث شاء عندهما
وقال محمد يؤدي قيمة الحنطة
قوله ( أي الدراهم ) ربما يشعر أنها المرادة بالقيمة مع أن القيمة تكون أيضا من الفلوس والعروض كما في البدائع و الجوهرة ولعله اقتصر على الدراهم تبعا للزيلعي لبيان أنها الأفضل عند إرادة دفع القيمة لأن العلة في أفضلية القيمة كونها أعون على دفع حاجة الفقير لاحتمال أنه يحتاج غير الحنطة مثلا من ثياب ونحوها بخلاف دفع العروض وعلى هذا فالمراد بالدراهم ما يشمل الدنانير
تأمل
قوله ( على المذهب المفتى به ) مقابله ما في المضمرات من أن دفع الحنطة أفضل في الأحوال كلها سواء كانت أيام شدة أم لا لأن في هذا موافقة السنة وعليه الفتوى
منح
فقد اختلف الإفتاء ط
قوله ( وهذا ) أي كون دفع القيمة أفضل
قوله ( كما لا يخفى ) يوهم أنه بحث منه مع أنه عزاه في التاترخانية
____________________
(2/366)
إلى محمد بن سلمة
وقال في النهر وهو حسن
قوله ( بطلوع الفجر ) أي الفجر الثاني وعند الشافعي بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان
بدائع
قوله ( متعلق بيجب ) أي المذكور أول الباب
قوله ( لا تجب عليه ) لأنه وقت الوجوب ليس بأهل
نهر
وكذا لو افتقر قبله أو أيسره بعده كما في الهندية
قوله ( عملا بأمره وفعله عليه الصلاة والسلام ) رواه الحاكم من حديث ابن عمر كما بسطه في الفتح
قوله ( أو أخره ) قدمنا الكلام عليه أول الباب
قوله ( اعتبارا بالزكاة ) أي قياسا عليها
واعترضه في الفتح بأن حكم الأصل على خلاف القياس فلا يقاس عليه لأن التقديم وإن كان بعد السبب هو قبل الوجوب
وأجاب في البحر بأنها كالزكاة بمعنى أنه لا فارق لا أنه قياس اه
وفيه نظر والأولى الاستدلال بحديث البخاري وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين
قال في الفتح وهذا مما لا يخفى على النبي بل لا بد من كونه بإذن سابق فإن الإسقاط قبل الوجوب مما لا يعقل فلم يكونوا يقدموا عليه إلا بسمع اه
قوله ( فكان هو المذهب ) نقل في البحر اختلاف التصحيح ثم قال لكن تأيد التقييد بدخول الشهر بأن الفتوى عليه فليكن العمل عليه وخالفه في النهر بقوله واتباع الهداية أولى
قال في الشرنبلالية قلت ويعضده أن العمل بما عليه الشروح والمتون وقد ذكر مثل تصحيح الهداية في الكافي و التبيين و شروح الهداية
وفي البرهان وابن كمال باشا وفي البزازية الصحيح جواز التعجيل لسنين رواه الحسن عن الإمام اه
وكذا في المحيط اه
قلت وحيث كان في المسألة قولان مصححان تخير المفتي بالعمل بأيهما إلا إذا كان لأحدهما رجح ككونه ظاهر الرواية أو مشى عليه أصحاب المتون والشروح أو أكثر المشايخ كما بسطناه أول الكتاب وقد اجتمعت هذه المرجحات هنا للقول بالإطلاق فلا يعدل عنه فافهم
قوله ( إلى مسكين ) يغني عنه ما بعده لفهمه بالأولى ط
قوله ( فكان هو المذهب ) كذا قال في البحر ردا على ظاهر ما في الزيلعي هنا و الفتح من أن المذهب المنع وأن القائل بالجواز إنما هو الكرخي اه
وكذا رده العلامة نوح بأن الأمر بالعكس فإن المانعين جمع يسير والمجوزين جم غفير والاعتماد على ما عليه الجم الكثير
قوله ( والأمر في حديث أغنوهم ) هو ما خرجه الدارقطني وابن عدي والحاكم في علوم الحديث عن ابن عمر بلفظ أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم نوح
وهذا الجواب عما يقال إن الإغناء لا يحصل إلا بدفعها جملة فيجب عملا بالأمر
والجواب أن الأمر للندب وإلا لم يجز التقديم والتأخير وقد مر الدليل على جوازهما أول الباب وذلك قرينة على أن الأمر هنا للندب فخلافه لا يكره تحريما بل تنزيها
____________________
(2/367)
ويتحصل من هذا الجواب أن الدفع إلى متعدد مكروه تنزيها ككراهة التأخير إلا أن يفرق بأنه لو أخر الناس عن اليوم لم يحصل الإغناء أصلا بخلاف ما لو فرقوا لحصول الإغناء بالمجموع كما علل به الكرخي فلم يكن مخالفا لأمر الندب لأنه أمر للمجموع لا للأفراد بقرينة أن ذا العيال لا يستغني بفطرة شخص واحد ولا يؤمر ذلك الواحد بإغنائه
تأمل
وما في البحر من أن التحقيق أنه بالتأخير يكون قاضيا لا مؤديا فيأثم للحديث تبع فيه صاحب الفتح وقدمنا أول الباب ترجيح خلافه فافهم
قوله ( يعتد به ) تصحيح لنفي المصنف الخلاف تبعبا البحر بأن المراد نفي خلاف خاص لأنه قد صرح في مواهب الرحمن بالخلاف في المسألتين بقوله ويجوز أخذ واحد من جمع ودفع واحدة لجمع على الصحيح فيهما اه
قلت ولعل محل الخلاف هنا ما إذا خلط الجماعة صدقاتهم ودفعوها لواحد أما لو دفع كل واحد بانفراده للواحد فيبعد جريان الخلاف في الجواز وعدمه فليتأمل
قوله ( أمرها زوجها ) أفاد أنها إن أدت عنه بدون إذنه لم يجزه
ط عن أبي السعود
قوله ( بغير إذن الزوج ) أما لو بإذنه لا تملكه بالخلط فيجزىء عنه ط
قوله ( لا عنه ) لأنه أمرها بالدفع من ماله وقد ملكته بالخلط بدون إذنه فكانت متبرعة ولزمها ضمان حنطته
قلت وينبغي تقييده بما إذا لم يجز الزوج ما فعلت أو لم توجد دلالة الإذن لما في الفصل التاسع من زكاة التاترخانية دفع رجلان لرجل دراهم يتصدق بها عن زكاتهما فخلطها ثم دفعها ضمن إلا إذا جدد الإذن أو أجاز المالكن أو وجد دلالة الإذن بالخلط كما جرت العادة بالإذن من أرباب الحنطة بخلط ثمن الغلات وكذا الطحان ضمن إذا خلط حنطة الناس إلا في موضع يكون مأذونا بالخلط عرفا اه ملخصا
قوله ( لما مر ) أي قبيل باب زكاة المال
قوله ( فيجوز إن أجاز الزوج ) أي يجوز عنه أيضا ولا حاجة إلى التقييد بالإجازة بعد قوله أولا أمرها زوجها إلا أن يقال إنه إشارة إلى الجواز وإن لم يوجد الأمر ابتداء لكن لا بد في جواز الإجازة من كون الحنطة قائمة في يد الفقير
ففي التاترخانية سئل البقالي عمن تصدق بطعام الغير عن صدقة الفطر قال توقفت على إجازة المالك فتعتبر شرائطها من قيام العين ونحوه فإن لم يجز ضمن اه
وفيها من الفصل التاسع أيضا عن شرح الطحاوي تصدق بماله عن رجل بلا أمره جاز عن نفسه وإن أجازه الرجل ولو بمال الرجل فإن أجازه والمال قائم جاز عنه ولو هالكا جاز عن المتطوع
قوله ( ولو بالعكس ) بأن أمرته بأداء فطرتها فخلط حنطتها بحنطته ط
وقوله ( مقتضى ما مر ) أي قوله ولو أدى عنها بلا إذن أجزأ استحسانا للإذن عادة فإنه يدل على جواز أدائه عنها من ماله وإذا خلط حنطتها بحنطته في مسألتنا صارت ملكه فيجوز عنه وعنها
ومثله في التاترخانية وغيرها رجل له أولاد وامرأة كال الحنطة لأجل كل واحد منهم حتى يعطي صدقة الفطر ثم جمع ودفع إلى الفقير بنيتهم يجوز عنهم اه
قلت لكن قد يقال إن دفعها الحنطة إليه من مالها قرينة على أنها أرادت أداء الفطر من مالها لتنال فضيلة صدقة وذلك ينافي إذنها له عادة بالدفع من ماله فينبغي عدم الجواز حيث أرادت ذلك
تنبيه ما نقلناه عن التاترخانية دليل على جواز الجمع وأنه لا يلزمه إفراز كل فطرة عن غيرها عند الدفع ولكن لينظر أن الإفراز أولا شرط أم لا بل يكفيه دفع مد شامي مثلا جملة واحدة عن أربعة ويكون قوله كال الحنطة الخ بيانا للواقع لم أه وينبغي الثاني لحصول المقصود ومثله يقال فيما لو أراد دفع قيمة الحنطة وعن عياله والأحوط
____________________
(2/368)
إفراز كل واحدة حتى يرى نقل صريح في المسألة والله أعلم
قوله ( ولا يبعث الخ ) في الحديث الصحيح أنه جعل أبا هريرة على صدقة الفطر فكان يقبل من جاءه بصدقته من غير أن يذهب إليهم
رحمتي
قلت فالمراد أنه لا يبعث عاملا كعامل الزكاة يذهب إلى القبائل بنفسه فلا ينافي ما في الحديث
تأمل
قوله ( في المصارف ) أي المذكورة في آية الصدقات إلا العامل الغني فيما يظهر ولا تصح إلى من بينهما أولاد أو زوجية ولا إلى غني أو هاشمي ونحوهم ممن مر في باب المصرف وقدمنا بيان الأفضل في المتصدق عليه
قوله ( وفي كل حال ) ليس المراد تعميم الأحول مطلقا من كل وجه فإن لكل شروطا ليست للأخرى لأنه يشترط في الزكاة الحول والنصاب النامي والعقل والبلوغ وليس شيء من ذلك شرطا هنا بل المراد في أحوال الدفع إلى المصارف من اشتراط النية واشتراط التمليك فلا تكفي الإباحة كما في البدائع هذا ما ظهر لي
تأمل
فرع قدمنا في المصرف عن التاترخانية لو دفع الفطرة إلى الطبال الذي يوقظهم وقت السحر جاز إلا أن الأحوط والأبعد عن الشبهة أن يقدم إليه قرصات هدية ثم يعطيه الحنطة اه
قوله ( إلا في جواز الدفع إلى الذمي ) في الخانية جاز ويكره وعند الشافعي وإحدى الروايتين عن أبي يوسف لا يجوز تاترخانية
وقدم عن الحاوي أن الفتوى على قول أبي يوسف ومر الكلام فيه
تنبيه ينبغي استثناء العامل كما قلنا آنفا لأنها ليست من عمالته
قوله ( وقد مر ) كل من المسألتين أما الأولى ففي باب المصرف وأما الثانية ففي هذا الباب ح
قوله ( وإن كانت نفقتها عليه ) أي على الدافع باعتبار التزامه بذلك تبرعا وجعله إياها من جملة عياله وإلا فنفقتها على زوجها ولذا لها بيعه بها وقد يقال إنها على السيد حكما لأن العبد ملكه فإذا كان لها بيعه بها صارت كأنها واجبه في ماله ويحتمل إرجاع الضمير إلى العبد ووجه المبالغة أنها إذا كانت نفقتها عليه وهو ملك لسيده ربما يتوهم عدم الجواز فافهم
قوله ( واجبات الإسلام سبعة ) عزاه صاحب الجوهرة إلى الإمام المحبوبي وقد تقرر في الأصول أن العدد لا مفهوم له أو يقال إن واجبات خبر مقدم وسبعة مبتدأ مؤخر
والمعنى أن هذه السبعة من واجبات الإسلام ولعل لها خصوصية اشتركت فيها من بين سائر الواجبات فلا يرد ما في ط من أنه إن أراد المشتهر منها فغير مسلم لأنه فاته صلاة العيدين والجماعة وغيرهما وإن أراد مطلق واجب ففي الصلاة والحج وغيرهما واجبات لا تحصى ومراده بالواجب ما يعم الواجب ديانة كخدمة المرأة لزوجها والفرض العملي كالوتر وعد العمرة منها بناء على القول بوجوبها وسيأتي اختلاف التصحيح فيه والله تعالى أعلم
كتاب الصوم قال في الإيضاح اعلم أن الصوم من أعظم أركان الدين وأوثق قوانين الشرع المتين به قهر النفس الأمارة بالسوء وأنه مركب من أعمال القلب ومن المنع عن المآكل والمشارب والمناكح عامة يومه وهو أجمل الخصال
____________________
(2/369)
غير أنه أشق التكاليف على النفوس فاقتضت الحكمة الإلهية أن يبدأ في التكاليف بالأخف وهو الصلاة تمرينا للمكلف ورياضة له ثم يثني بالوسط هو الزكاة ويثلث بالأشق وهو الصوم وإليه وقعت الإشارة في مقام المدح والترتيب
{ والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات } وفي ذكر مباني الإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان فاقتدت أئمة الشريعة في مصنفاتهم بذلك اه
كذا في شرح ابن الشلبي
قوله ( قيل ) قائله صاحب البحر
قوله ( لما في الظهيرية الخ ) وجه الاستشهاد أن هذا الفرع يدل على أن الصيام جمع أقله ثلاثة أيام كما في الآية فإن فدية اليمين صوم ثلاثة أيام فكان التعبير به أولى لدلالته على التعدد فإن الترجمة لأنواع الصيام الثلاثة أعني الفرض والواجب والنفل
قوله ( وتعقب الخ ) المتعقب صاحب النهر
وحاصل كلام الشارح أن الصوم اسم جنس له أنواع وهي الثلاثة المذكورة فحيث عبر عنه بالصوم أو الصيام يراد منه أنواعه المترجم لها لا ثلاثة أيام فأكثر
قال في المغرب يقالص صام صوما وصياما فهو صائم وهو صوم وصيام اه
فأفاد أن مدلول كل من الصوم والصيام واحد ولا دلالة في واحد منهما على التعدد ولذا قال القاضي في تفسير قوله تعالى { ففدية من صيام } أنه بيان لجنس الفدية وأما قدرها فبينه عليه الصلاة والسلام في حديث كعب اه
نعم يأتي الصيام جمعا لصائم كما علمته لكن لا تصح إرادته هنا ولا في الآية كما لا يخفى ولو سلم أن الصيام جمع لأفراد الصوم فلا أولوية في العدول إليه لأن أل الجنسية تبطل معنى الجمعية فيتساوى التعبير بالصوم وبالصيام هذا تقرير الشارح على وفق ما في النهر فافهم وعلى هذا فيشكل ما مر عن الظهيرية وإن قال في النهر لعل وجهه أنه أريد بلفظ صيام في لسان الشارع ثلاثة أيام فكذا في النذر خروجا عن العهدة بخلاف صوم اه يعني أن لفظ صيام وإن لم يكن جمعا لكنه لما أطلق في آية الفدية مرادا به ثلاثة أيام كما بين إجماله الحديث فيراد في كلام الناذر كذلك احتياطا فتأمل
قوله ( والأصح الخ ) قال بعضهم الصحيح ما رواه محمد عن مجاهد ولم يحك خلافه أنه كره أن يقال جاء رمضان وذهب رمضان لأنه اسم من أسمائه تعالى وعامة المشايخ أنه لا يكره لمجيئه في الأحاديث الصحيحة كقوله من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وعمرة في رمضان تعدل حجة ولم يثبت في المشاهير كونه من أسمائه تعالى ولئن ثبت فهو من الأسماء المشتركة كالحكيم كذا في الدراية
واعلم أنهم أطبقوا على أن العلم في ثلاثة أشهر هو مجموع المضاف والمضاف إليه شهر رمضان وربيع الأول والآخر فحذف شهر هنا من قبيل حذف بعض الكلمة وإلا أنهم جوزوه لأنهم أجروا مثل هذا العلم مجرى المضاف
____________________
(2/370)
والمضاف إليه حيث أعربوا الجزأين كذا في شرح الكشاف للسعد
نهر
ومقتضاه أن رجب ليس منها خلافا للصلاح الصفدي وتبعه من قال ولا تضف شهرا للفظ شهر إلا الذي أوله الرا فادر ولذا زاد بعضهم قوله واستثن من رجبا فيمتنع لأنه فيما رووه ما سمع قوله ( إمساك مطلقا ) أي عن طعام أو كلام وظاهره أنه حقيقة لغوية في الجميع وهو ما يفيده عبارة الصحاح وفي المغرب هو إمساك الإنسان عن الأكل والشرب ومن مجازه صام الفرس إذا لم يعتلف وقول النابغة * خيل صيام وخيل غير صائمة * نهر
قوله ( عن المفطرات الآتية ) أشار بالآتية إلى أن للعهد وأن المراد الأشياء المعدودة المعلومة في باب مفسدات الصوم فلا تتوقف معرفتها على معرفته فلا دور فافهم
قوله ( فإنه ممسك حكما ) لحكم الشارع بعدم اعتبار ذلك الأكل مثلا
قوله ( وهو اليوم ) أي اليوم الشرعي من طلوع الفجر إلى الغروب وهل المراد أول زمان الطلوع أو انتشار الضوء فيه خلاف كالخلاف في الصلاة والأول أحوط والثاني أوسع كما قال الحلواني كما في المحيط والمراد بالغروب زمان غيبوبة جرم الشمس بحيث تظهر الظلمة في جهة الشرق قال إذا أقبل الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم أي إذا وجدت الظلمة حسا في جهة المشرق فقد ظهر وقت الفطر أو صار مفطرا في الحكم لأن الليل ليس ظرفا للصوم وإنما أدى بصورة الخبر ترغيبا في تعجيل الإفطار كما في فتح الباري
قهستاني
قوله ( مسلم الخ ) بيان للشخص المخصوص
قوله ( كائن في دارنا الخ ) أنت خبير بأن الكلام في بيان حقيقة الصوم شرعا أي ما يمكن أن يتحقق به ولا يخفى أن الصوم الذي هو الإمساك عن المفطرات نهارا بنيته يتحقق من المسلم الخالي عن حيض ونفاس سواء كان في دار الإسلام أو دار الحرب علم بالوجوب أولا على أن الكلام في تعريف الصوم فرضا أو غيره والعلم بالوجوب أو الكون في دار الإسلام إنما هو شرط لوجوب رمضان كالعقل والبلوغ لا شرط للصحة فالمناسب الاقتصار على قوله طاهر الخ ثم رأيت الرحمتي ذكر نحو ما قلته فافهم
قوله ( أو عالم بالوجوب ) أي أو كائن في غير دارنا عالم بالوجوب فالكون بدار الإسلام موجب للصوم وإن لم يعلم بوجوبه إذ لا يعذر بالجهل في دار الإسلام بخلاف من أسلم في دار الحرب ولم يعلم به فإنه لا يجب عليه ما لم يعلم فإذا علم ليس عليه قضاء ما مضى إذ لا تكليف بدون العلم ثمة للعذر بالجهل وإنما يحصل له العلم الموجب بإخبار رجلين أو رجل وامرأتين مستورتين أو واحد عدل وعندهما لا تشترط العدالة ولا البلوغ والحرية كما في إمداد الفتاح
قوله ( طاهر عن حيض أو نفاس ) أي خال عنهما وإلا فالطهارة عن حدثهما غير شرط
قوله ( المعهودة ) هي نية الشخص المذكور الصوم في وقتها الآتي بيانه
قوله ( وأما البلوغ والإفاقة الخ ) جواب عما قد يقال لم لم تقيد الشخص المخصوص بالبلوغ والإفاقة من الجنون أو الإغماء أو النوم وبيان الجواب أن الكلام في تعريف الصوم الشرعي وذلك بذكر ركنه وهو الإمساك المذكور وذكر ما تتوقف عليه صحته وهي ثلاثة الإسلام والطهارة عن الحيض والنفاس والنية كما في البدائع ولم يذكر في الفتح
____________________
(2/371)
الإسلام لإغناء النية عنه إذ لا تصح بدونه وليس البلوغ والإفاقة من شروط الصحة لصحته بدونهما كما ذكره نعم هما من شروط وجوب رمضان وهي أربعة ثالثها الإسلام ورابعها العلم بالوجوب أو الكون في دارنا فلا محل للتقييد بهما
على أن الكلام في تعريف مطلق الصوم لا خصوص صوم رمضان كما مر ولذا لم يذكر شروط وجوب أدائه وهي ثلاثة الصحة والإقامة والخلو من حيض ونفاس
قوله ( وحكمه ) أي الأخروي أما حكمه الدنيوي فهو سقوط الواجب إن كان صوما لازما
بحر
قوله ( ولو منهيا عنه ) كصوم الأيام الخمسة إذ النهي لمعنى مجاور وهو الإعراض عن ضيافة الله تعالى وهو يفيد أن في صومها ثوابا كالصلاة في الأرض المغصوبة
ذكر في النهر ردا على البحر قوله إنه لا ثواب في صوم الأيام المنهية فكلام الشارح بحث لصاحب النهر ط
قلت صرح في التلويح بأن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أن النهي يقتضي الصحة عندنا بمعنى استحقاق الثواب وسقوط القضاء وموافقة أمر الشارع ثم نقل عن الطريقة المعينة ما حاصله أن الصوم في هذه الأيام ترك للمفطرات الثلاث وإعراض عن الضيافة فمن حيث الأول يكون عبادة مستحسنة ومن حيث الثاني يكون منهيا لكن الأول بمنزلة الأصل والثاني بمنزلة التابع فبقي مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه اه
لكن بحث محشيه الفنري في إرادة استحقاق الثواب بل المراد ما سواها والصحة لا تقتضي الثواب كالوضوء بلا نية والصلاة مع الرياء اه
قلت ويؤيده وجوب الفطر بعد الشروع وتصريحهم بأنه معصية
قوله ( ويلغو التعيين ) من هذا يؤخذ أنه لو نذر صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع يصح صوم غيرهما عنهما ط
قلت وهذا في غير النذر المعلق لما سيأتي قبيل الاعتككاف من قوله والنذر غير المعلق لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير بخلاف المعلق فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط اه أي لأن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة هناك
قوله ( والكفارات ) أي سبب صومها الحنث والتقل أي قتل النفس خطأ أو قتل الصيد محرما والأولى قول الفتح وسبب صوم الكفارات أسبابها من الحنث والقتل اه
لأن منها العزم على العود في الظاهر والإفطار في فطر رمضان والحلق في حلق المحرم لعذر
قوله ( على المختار ) اختاره السرخسي بحر
قوله ( وغيره ) كالإمام الدبوسي وأبي اليسر
بحر
قوله ( الذي يمكن إنشاء الصوم فيه ) وهو ما كان من طلوع الفجر الصادق إلى قبيل الضحوة الكبرى أما الليل والضحوة وما بعدها فلا يمكن إنشاء الصوم فيهما والموجود في الليل مجرد النية لا إنشاء الصوم ط
لكن صرح في البحر بأن السبب هو الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم فيجب مقارنا إياه اه
وهذا يقتضي أنه الجزء الأول من كل يوم كما صرح به غيره أيضا وصرح به هو في فصل العوارض عند قول الكنز ولو بلغ صبي أو أسلم كافر الخ ودفع ما أورده ابن الهمام من أنه يلزم مقارنة السبب للوجوب أو تقدم الوجوب على السبب بأنه يجوز مقارنته له للضرورة كما لو شرع في الصلاة في أول جزء من الوقت فإنه يسقط اشتراط تقدم السبب على الوجوب المسبب للضرورة كما صرح به في الكشف الكبير وتمام الكلام هناك فتأمل
قوله ( حتى لو أفاق المجنون في ليلة ) أي من أول الشهر أو وسطه ثم جن قبل أن يصبح ومضى الشهر وهو مجنون
بحر
وقوله أو في آخر أيامه بعد الزوال كذا وقع في البحر وغيره والأحسن قول الإمداد وفيما بعد
____________________
(2/372)
الزوال من يوم منه ومثله في شرح التحرير
وفي نور الإيضاح ولا يلزمه قضاؤه بإفاقته ليلا أو نهارا بعد فوات وقت النية في الصحيح
قلت ولعل التقييد بآخر يوم منه مبني على أن المراد الإفاقة التي لم يعقبها جنون فإنها إذا كانت في وسطه لا شك في وجوب القضاء والمراد بما بعد الزوال ما بعد نصف النهار الشرعي أي ما بعد الضحوة الكبرى كما مر آنفا أو هو مبني على قول القدوري كما يأتي تحريره فافهم
تنبيه تفريع هذه المسألة على ما ذكره من الاختلاف في السبب يخالفه ما في الهداية حيث جمع بين القولين بأنه لا منافاة فشهود جزء منه سبب لكله ثم كل يوم سبب وجوب أدائه غاية الأمر أنه تكرر سبب وجوب صوم اليوم باعتبار خصوصه ودخوله في ضمن غيره كما في الفتح ويؤيد ما قلناه قول ابن نجيم في شرح المنار ولم أر من ذكر لهذا الخلاف ثمرة في الفروع اه
تأمل
قوله ( كما في المجتبى ) ونصه ولو أفاق أول ليلة من رمضان ثم أصبح مجنونا واستوعب كل الشهر اختلف أئمة بخارى فيه والفتوى على أنه لا يلزمه القضاء لأن الليلة لا يصام فيها وكذا إن أفاق في ليلة من وسطه أو في آخر يوم من رمضان بعد الزوال وقبل الزوال يلزمه
قوله ( وصححه غير واحد ) كصاحب النهاية و الظهيرية
بحر وقضيخان و العناية شرنبلالية
ومشى عليه الإسبيجابي وحميد الدين الضرير من غير حكاية خلاف شرح التحرير ومشى عليه في نور الإيضاح
قلت وكذا نقل تصحيحه في الذخيرة لكن نقل أيضا تصحيح لزوم القضاء ومشى عليه في الفتح قائلا لا فرق بين إفاقته وقت النية أو بعده وفي شرح الملتقى للبهنسي أنه ظاهر الرواية
قلت ومثله في شرح التحرير عن الكشف وعزاه في البدائع إلى أصحابنا ولم يحك غيره وكذا في السراج وجزم به الزيلعي وهو ظاهر القدوري و الكنز و الهداية حيث أطلقوا لزوم القضاء بإفاقة بعض الشهر وكذا في الجامع الصغير قال وإن أفاق شيئا منه قضاه وعبر في الملتقى بإفاقة ساعة وفي المعراج لو كان مفيقا في أول ليلة منه ثم جن وأصبح مجنونا إلى آخر الشهر قضاه كله بالاتفاق غير يوم تلك الليلة ثم نقل عبارة المجتبى المارة
والحاصل أنهما قولان مصححان وأن المعتمد الثاني لكونه ظاهر الرواية والمتون
قوله ( وهو أقسام ثمانية ) فرض معين وغير معين وواجب كذلك ونفل مسنون أو مستحب ومكروه تتنزيها أو تحريما
قوله ( معين ) أي له وقت خاص
قوله ( لكنه ) أي صوم الكفارات
قوله ( تبعا لابن الكمال ) حيث قال في إيضاح الإصلاح وصوم النذر والكفارة واجب لم ينعقد الإجماع على فرضية واحد منهما بل على وجوبه أي ثبوته عملا لا علما ولهذا لا يكفر جاحده اه
وحاصله أنه وإن ثبت لزوم كل منهما عملا بالكتاب والإجماع لكن لم يثبت لزومهما علما بحيث يكفر جاحد فرضيتهما كما هو شأن الفروض القطعية كرمضان ونحوه وعلى هذا فكان المناسب ذكر الكفارات في قسم الواجب كما فعل ابن الكمال لأن الفرض العملي الذي هو أعلى قسمي الواجب ما يفوت الجواز بفوته كالوتر وهذا ليس منه
قوله ( كالنذر المعين ) أي بوقت خاص كنذر صوم يوم الخميس مثلا وغير المعين كنذر صوم يوم مثلا ومن الواجب صوم التطوع بعد الشروع فيه وصوم قضائه عند الإفساد وصوم الاعتكاف
قوله ( وأما قوله تعالى الخ )
____________________
(2/373)
أي أن مقتضى ثبوت الأمر به في الآية القطعية كونه فرضا والجواب أنه خص منها النذر بالمعصية بالإجماع فصارت ظنية الدلالة فتفيد الوجوب وفيه بحث لصاحب العناية مذكور مع جوابه في النهر
قوله ( قائله الأكمل ) فيه أن الأكمل قرر في العناية الوجوب إلا أن يكون وقع له في غير هذا الموضع والذي في البحر وغيره أن قائله الكمال فلعله سبق قلم الشارح لتشابه اللفظين
أفاده ح
وكلام الكمال في الفتح حاصله أن الفرضية مستفادة من الإجماع على اللزوم لا من الآية لتخصصها كما علمت
قوله ( لكن تعقبه سعدي الخ ) أي في حاشية العناية فإنه نقل عبارة الفتح ثم اعترضه بأنه ليس على ما ينبغي لما في أوائل كتاب السير من المحيط البرهاني و الذخيرة الفرق بين الفريضة والواجب ظاهر نظرا إلى الأحكام حتى إن الصلاة المنذورة لا تؤدي بعد صلاة العصر وتقضي الفوائت بعد صلاة للعصر اه
وحاصله أن ما ذكر صريح في أن المنذور واجب لا فرض
قوله ( يعني عملا ) هذا صلح بما لا يرتضيه الخصمان فإن المستدل على فرضيته بالآية أراد به أنه فرض قطعي كما صرح به في الدرر لا ظني ولذا اعترض في الفتح الاستدلال بالآية بأنها لا تفيد الفرضية لما مر من تخصيصها وعدل عنه كصدر الشريعة إلى الاستدلال بالإجماع
قوله ( كما بسطه خسرو ) أي في الدرر حيث أجاب عن قول صدر الشريعة إن المنذور فرض لأن لزومه ثابت بالإجماع فيكون قطعي الثبوت بأن المراد بالفرض هاهنا الفرض الاعتقادي الذي يكفر جاحده كما تدل عليه عبارة الهداية والفرضية بهذا المعنى لا تثبت بمطلق الإجماع بل بالإجماع على الفرضية المنقول بالتواتر كما في صوم رمضان ولما لم يثبت في المنذور نقل الإجماع على فرضيته بالتواتر بقي في الوجوب فإن الإجماع المنقول بطريق الشهرة أو الآحاد يفيد الوجوب دون الفرضية بهذا المعنى اه
قلت وظاهر كلامه وجود الإجماع على فرضية المنذور لكن لما لم ينقل متواترا بل بطريق الشهرة أو الآحاد أفاد الوجوب والأظهر ما مر عن ابن الكمال من أن الإجماع على ثبوته عملا لا علما
والحاصل أن العلماء أجمعوا على لزوم الكفارات والمنذورات الشرعية ولا يلزم من ذلك الفرضية القطعية اللازمة منها إكفار الجاحد لها
تنبيه في شرح الشيخ إسماعيل عن ذخيرة العقبي اعلم أنه قد اضطرب كلام المؤلفين في كل من النذور والكفارات
فصاحب الهداية و الوقاية فرض و صدر الشريعة واجب و الزيلعي الأول واجب والثاني فرض وابن ملك بالعكس وتوجيه كل ظاهر إلا الأخير
قوله ( ونفل ) أراد به المعنى الغوى وهو الزيادة لا الشرعي وهو زيادة عبادة شرعية لنا لا علينا لأنه أدخل فيه المكروه بقسميه
وقد يقال إن المراد المعنى الشرعي لما قدمناه من أن الصوم في الأيام المكروهة من حيث نفسه عبادة مستحسنة ومن حيث تضمنه الإعراض عن الضيافة يكون منهيا فبقي مشروعا بأصله دون وصفه
تأمل
قوله ( يعم السنة ) قدمنا في بحث سنن الوضوء تحقيق الفرق بين السنة والمندوب
وأن السنة ما واظب عليها النبي أو خلفاؤه من بعده وهي قسمان سنة الهدى وتركها يوجب الإساءة والكراهة كالجماعة والأذان وسنة الزوائد كسير النبي في لباسه وقيامه وقعوده
____________________
(2/374)
ولا يوجب تركها كراهة
والظاهر أن صوم عاشوراء من القسم الثاني بل سماه في الخانية مستحبا فقال ويستحب أن يصوم يوم عاشوراء بصوم يوم قبله أو يوم بعده ليكون مخالفا لأهل الكتاب ونحوه في البدائع بل مقتضى ما ورد من أن صومه كفارة للسنة الماضية وصوم عرفة كفارة للماضية والمستقبلة كون صوم عرفة آكد منه وإلا لزم كون المستحب أفضل من السنة وهو خلاف الأصل
تأمل
قوله ( والمندوب ) بالنصب عطف على السنة ولم يذكر المستحب لعدم الفرق بينه وبين المندوب عند الأصوليين وهو ما لم يواظب عليه وإن لم يفعله بعد ما رغب إليه كما في التحرير
وعند الفقهاء المستحب ما فعله مرة وتركه أخرى والمندوب ما فعله مرة أو مرتين تعليما للجواز وعكس في المحيط
وقول الأصوليين أولى لشموله ما رغب فيه ولم يفعله كما ذكره في البحر من كتاب الطهارة لكنه فرق بينهما هنا فقال ينبغي أن يكون كل صوم رغب فيه الشارع بخصوصه مستحبا وما سواه مما لم تثبت كراهته يكون مندوبا لا نفلا لأن الشارع قد رغب في مطلق الصوم فترتب على فعله الثواب بخلاف النفلية المقابلة للندبية فإن ظاهره يقتضي عدم الثواب فيه وإلا فهو مندوب كما لا يخفى اه
قلت وهذا وارد على ما في الفتح حيث جعل النفل مقابلا للمندوب والمكروه
قوله ( كأيام البيض ) أي أيام الليالي البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر سميت بذلك لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض فيها
قوله ( ويوم الجمعة ولو منفردا ) صرح به في النهر وكذا في البحر فقال إن صومه بانفراده مستحب عند العامة كالاثنين والخميس وكره الكل بعضهم اه
ومثله في المحيط معللا بأن لهذه الأيام فضيلة ولم يكن في صومها تشبه بغير أهل القبلة كما في الأشباه وتبعه في نور الإيضاح من كراهة إفراده بالصوم قول البعض
وفي الخانية ولا بأس بصوم يوم الجمعة عند أبي حنيفة ومحمد لما روي عن ابن عباس أنه كان يصومه ولا يفطر اه
وظاهر الاستشهاد بالأثر أن المراد بلا بأس الاستحباب
وفي التجنيس قال أبو يوسف جاء حديث في كراهته إلا أن يصوم قبله أو بعده فكان الاحتياط أن يضم إليه يوما آخر اه
قال ط قلت ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه والآخر منهما النهي كما أوضحه شراح الجامع الصغير لأن فيه وظائف فلعله إذا صام ضعف عن فعلها
قوله ( لم يضعفه ) صفة لحاج أي إن كان لا يضعفه عن الوقوف بعرفات ولا يخل بالدعوات
محيط
فلو أضعفه كره
قوله ( والمكروه ) بالنصب عطفا على السنة أو بالرفع على الابتداء وخبره قوله كالعيدين وحينئذ لا يحتاج إلى التكلف المار في وجه إدخاله في النفل على أن صوم العيدين مكروه تحريما ولو كان الصوم واجبا
قوله ( كالعيدين ) أي وأيام التشريق
نهر
قوله ( وعاشوراء وحده ) أي مفردا عن التاسع أو عن الحادي عشر
إمداد
لأنه تشبه باليهود
محيط
قوله ( وسبت وحده ) للتشبه باليهود
بحر
وهذه العلة تفيد كراهة التحريم إلا أن يقال إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط
قلت وفي بعض النسخ وأحد بدل قوله وحده وبه صرح في التاترخانية فقال ويكرم صوم النيروز والمهرجان إذا تعمده ولم يوافق يوما كان يصومه قبل ذلك وهكذا قيل في يوم السبت والأحد اه أي يكره تعمد صومه
____________________
(2/375)
إلا إذا وافق يوما كان يصومه قبل كما لو كان يصوم يوما ويفطر يوما أو كان يصوم أول الشهر مثلا فوافق يوما من هذه الأيام
وأفاد قوله وحده أنه لو صام معه يوما آخر فلا كراهة لأن الكراهة في تخصيصه بالصوم للتشبه
وهل إذا صام السبت مع الأحد تزول الكراهة محل تردد لأنه قد يقال إن كل يوم منهما معظم عند طائفة من أهل الكتاب ففي صوم كل واحد منهما تشبه بطائفة منهم
وقد يقال إن صومهما معا ليس فيه تشبه لأنه لم تتفق طائفة منهم على تعظيمهما معا ويظهر لي الثاني بدليل أنه لو صام الأحد مع الاثنين تزول الكراهة لأنه لم يعظم أحد منهم هذين اليومين معا وإن عظمت النصارى الأحد وكذا لو صام مع عاشوراء يوما قبله أو بعده مع أن اليهود تعظمه
ويظهر من هذا أنه لو جاء عاشوراء يوم الأحد أو الجمعة لا يكره صوم السبت معه وكذا لو كان قبله أو بعده يوم المهرجان أو النيروز لعدم تعمد صومه بخصوصه والله تعالى أعلم
قوله ( ونيروز ) بفتح النون وسكون الياء وضم الراء معرب نوروز ومعناه اليوم الجديد فنو معنى الجديد وروز بمعنى اليوم والمراد منه يوم تحل فيه الشمس برج الحمل
ومهرجان معرب مهركان والمراد منه أول حلول الشمس في الميزان وهذان اليومان عيدان للفرس اه ح
قوله ( إن تعمده ) كذا في المحيط ثم قال والمختار أنه إن كان يصوم قبله فالأفضل له أن يصوم وإلا فالأفضل أن لا يصوم لأنه يشبه تعظيم هذا اليوم وأنه حرام
قوله ( وصوم صمت ) وهو أن لا يتكلم فيه لأنه تشبه بالمجوس فإنهم يفعلون هكذا
محيط
قال في الإمداد فعليه أن يتكلم بخير وبحاجة دعت إليه
قوله ( ووصال ) فسره أبو يوسف ومحمد بصوم يومين لا فطر بينهما
بحر
وفسره في الخانية بأن يصوم السنة ولا يفطر في الأيام المنهية
وفي الخلاصة إذا أفطر في الأيام المنهية المختار أنه لا بأس به
قوله ( وإن أفطر الأيام الخمسة ) أي العيدين وأيام التشريق
قوله ( وهذا عند أبي يوسف ) ظاهره أن صاحبيه يقولان بخلافه وظاهر البدائع أن المخالف من غير أهل المذهب فإنه قال وقال بعض الفقهاء من صام سائر الدهر وأفطر يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق لا يدخل تحت نهي الوصال ورد عليه أبو يوسف فقال وليس هذا عندي كما قال هذا قد صام الدهر كأنه أشار إلى أن النهي عن صوم الدهر ليس الصوم هذه الأيام بل لما يضعفه عن الفرائض والواجبات والكسب الذي لا بد له منه اه
قوله ( فهي خمسة عشر ) تفريع على قله يعم السنة والمندوب والمكروه أي فصار جملة ما دخل في قوله ونفل خمسة عشر بجعل العيدين اثنين وجعل يوم الأحد منها على ما في كثير من النسخ فافهم
لكن بقي عليه من المكروه تحريما أيام التشريق وصوم يوم الشك على ما يأتي تفصيله ومن المكروه أيضا صوم المرأة والعبد والأجير بلا إذن الزوج والمولى والمستأجر وسيأتي بيانه قبيل قول المتن ولو نوى مسافر الفطر ومن المندوب صوم الاثنين والخميس وصوم داود عليه السلام والست من شوال على ما يأتي قبيل الاعتكاف
قوله ( وأنواعه ) أي أنواع الصيام اللازم
قوله ( سبعة متتابعة ) عدها في البحر سبعة أيضا لكن أسقط صوم الاعتكاف وذكر بدله صوم اليمين المعين كأن يقول والله لأصومن رجبا مثلا وكأن الشارح أدخله تحت النذر المعين بجامع الإيجاب قولا
ثم قال في البحر ويلحق به النذر المطلق إذا ذكر فيه التتابع أو نواه وذكر أنه إذا أفطر يوما فيما يجب فيه التتابع لا يلزمه الاستقبال إن كان التتابع مأمورا به لأجل الوقت وهو رمضان ووالنذر المعين واليمين بصوم معين وإن كان مأمورا به لأجل الفعل وهو الصوم يلزمه الاستقبال كالستة الباقية
____________________
(2/376)
قلت ومن الأول ما زاده الشارح وهو صوم الاعتكاف
تأمل
قوله ( وستة يخير فيها ) كذا عدها في البحر ستة أيضا لكن أسقط النفل لأن الكلام في أنواع الصيام اللازم وذكر بدله صوم اليمين المطلق مثل والله لأصومن شهرا وكان الشارح أدخله تحت النذر المطلق نظير ما مر
قوله ( وصوم متعة ) أي وقران إذا لم يجد ما يذبح لهما فإنه يصوم ثلاثا قبل الحج وسبعا إذا رجع ط
قوله ( وفدية حلق وجزاء صيد ) أي إذا اختار الصيام فيهما ط
قوله ( ونذر مطلق ) أي عن التقييد بشهر كذا وعن ذكر التتابع أو نيته
قوله ( فيصح أداء صوم رمضان الخ ) قيد بالأداء لأن قضاء رمضان وقضاء النذر المعين أو النفل الذي أفسده يشترطه فيه التبييت والتعيين كما يأتي في قول المصنف والشرط للباقي الخ
قوله ( والندر المعين ) فهو في حكم رمضان لتعين الوقت فيهما
قوله ( والنفل ) المراد به ما عدا الفرض والواجب أعم من أن يكون سنة أو مندوبا أو مكروها
بحر و نهر
قوله ( بنية ) قال في الاختيار النية شرط في الصوم وهي أن يعلم بقلبه أنه يصوم ولا يخلو مسلم عن هذا في ليالي شهر رمضان وليست النية باللسان شرطا ولا خلاف في أول وقتها وهو غروب الشمس واختلفوا في آخره كما يأتي اه
وسيأتي بيان ما يبطلها
وفي البحر عن الظهيرية أن التسحر نية
قوله ( فلا تصح قبل الغروب ) فلو نوى قبل أن تغيب الشمس أن يكون صائما غدا ثم نام أو أغمي عليه أو غفل حتى زالت الشمس من الغد لم يجز وإن نوى بعد غروب الشمس جاز
خانية
وفيها وإن نوى مع طلوع الفجر جاز لأن الواجب قران النية بالصوم لا تقدمها
قوله ( إلى الضحوة الكبرى ) المراد بها نصف النهار الشرعي والنهار الشرعي من استطارة الضوء في أفق المشرق إلى غروب الشمس والغاية غير داخلة في المغيا كما أشار إليه المصنف بقوله لا عندها اه ح
وعدل عن تعبير القدوري و المجمع وغيرهما بالزوال لضعفه لأن الزوال نصف النهار من طلوع الشمس ووقت الصوم من طلوع الفجر كما في البحر عن المبسوط
قال في الهداية وفي الجامع الصغير قبل نصف النهار وهو الأصح لأنه لا بد من وجود النية في أكثر النهار ونصفه من وقت طلوع الفجر إلى وقت الضحوة الكبرى لا وقت الزوال فتشترط النية قبلها لتتحقق في الأكثر اه
وفي شرح الشيخ إسماعيل وممن صرح بأنه الأصح في العتابية و الوقاية وعزاه في المحيط إلى السرخسي وهو الصحيح كما في الكافي والتبيين اه
وتظهر ثمرة الاختلاف فيما إذا نوى عند قرب الزوال كما في التاترخانية المحيط وبه ظهر أن قول البحر والظاهر أن الاختلاف في العبارة لا في الحكم غير ظاهر
تنبيه قد علمت أن النهار الشرعي من طلوع الفجر إلى الغروب
واعلم أن كل قطر نصف نهاره قبل زواله بنصف حصة فجره فمتى كان الباقي للزوال أكثر من هذا النصف صح وإلا فلا تصح النية في مصر والشام قبل الزوال بخمس عشرة درجة لوجود النية في أكثر النهار لأن نصف حصة الفجر لا تزيد على ثلاث عشرة درجة في مصر وأربع عشرة ونصف في الشام فإذا كان الباقي إلى الزوال أكثر من نصف هذه الحصة ولو بنصف درجة صح الصوم كذا حرره شيخ مشايخنا السائحاني رحمه الله تعالى
تتمة قال في السراج وإذا نوى الصوم من النهار ينوي أنه صائم من أوله حتى لو نوى قبل الزوال أنه صائم من حين نوى لا من أوله لا يصير صائما
قوله ( وبمطلق النية ) أي من غير تقييد بوصف الفرض أو الواجب أو السنة
____________________
(2/377)
لأن رمضان معيار لم يشرع فيه صوم آخر فكان متعينا للفرض والمتعين لا يحتاج إلى التعيين والنذر المعين معتبر بإيجاب الله تعالى فيصام كل بمطلق النية
إمداد
قوله ( فأل بدل عن المضاف إليه ) كذا في بعض النسخ قال ط فلا يقال إن مطلق النية يصدق بنية أي عبادة كانت كما توهمه البعض فاعترض
قوله ( لعدم المزاحم ) إشارة إلى ما ذكرناه عن الإمداد
قوله ( وبخطأ في وصف ) كذا وقع في عباراتهم أصولا وفروعا أن رمضان يصح مع الخطأ في الوصف فذهب جماعة من المشايخ إلى أن نية النفل فيه مصورة في يوم الشك بأن شرع بهذه النية ثم ظهر أنه من رمضان ليكون هذا الظن معفوا وإلا يخشى عليه الكفر كذا في التقرير وفي النهاية ما يرده وهو أنه لما لغا نية النفل لم تتحقق نية الإعراض
والحاصل أنه لا ملازمة بين نية النفل واعتقاد عدم الفرضية أو ظنه إلا إذا انضم إليها اعتقادا النفلية فيكفر أو ظنها فيخشى عليه الكفر
بحر ملخصا
وبهذا ظهر لك أن المراد بالخطأ بالوصف وصف رمضان بنية نفل أو واجب آخر خطأ لأنه يبعد من المسلم أن يتعمده وليس المراد به نية الواجب فقط فقول المصنف تبعا للدرر وبنية نفل وبخطأ في وصف فيه نظر فإنه كان عليه الاقتصار على الثاني أو إبداله بواجب آخر لأن فائدة للتعبير بالخطأ في الوصف التباعد عن تعمد نية النفل وبعد التصريح بقوله وبنية نفل لم تبق فائدة للتعبير بالخطأ في الوصف وإن أريد به الواجب كما فسره الشارح هذا ما ظهر لي ولم أر من نبه عليه
قوله ( فقط ) أي دون النفل والنذر المعين فلا يصحان بنية واجب آخر بل يقع عما نوى كما يأتي ط
قوله ( بتعيين الشارع ) أي في قوله عليه الصلاة والسلام إذا انسلخ شعبان فلا صوم إلا رمضان بخلاف النذر فإنما جعل بولاية الناذر وله إبطال صلاحية ماله
ط عن المنح
قوله ( إلا إذا وقعت النية ) أي نية النفل أو الواجب الآخر في رمضان فهو استثناء من قوله بنية نفل وخطأ في وصف
قوله ( حيث يحتاج ) أي المريض أو المسافر وأفرد الضمير للعطف بأو التي لأحد الشيئين أو الضمير للصوم ويؤيده عود الضمير عليه في قوله تعينه وفي يقع
قوله ( لعدم تلينه في حقهما ) لأنه لما سقط عنهما وجوب الأداء صار رمضان في حق الأداء كشعبان
قوله ( من نفل أو واجب ) أما لو أطلقا النية كان عن رمضان على جميع الروايات
ح عن الإمداد
قوله ( على ما عليه الأكثر )
بحر أقول الذي في البحر نسبة ذلك إلى الأكثر في حق المريض وهو أحد ثلاثة أقوال كما يأتي أما في حق المسافر فإن نوى واجبا آخر يقع عنه عند الإمام
وإن نوى النفل أو أطلق فعنه روايتان أصحهما وقوعه عن رمضان لأن فائدة النفل الثواب وهو في فرض الوقت أكثر
وقال وينبغي وقوعه من المريض عن رمضان في النفل على الصحيح كالمسافر اه
وحاصله أن المريض والمسافر لو نويا واجبا آخر وقع عنه ولو نويا نفلا أو أطلقا فعن رمضان نعم في السراج صحح رواية وقوعه عن النفل فيهما وعليه يتمشى كلام المصنف و الدرر
قوله ( الصحيح وقوع الكل عن رمضان الخ ) المراد بالكل هو ما إذا نوى المريض النفل أو أطلق أو نوى واجبا آخر وما إذا نوى المسافر كذلك إلا إذا نوى واجبا آخر فإنه يقع عنه لا عن رمضان لأن المسافر له أن لا يصوم فله أن يصرفه إلى واجب آخر لأن الرخصة متعلقة
____________________
(2/378)
بمظنة العجز وهو السفر وذلك موجود بخلاف المريض فإنها متعلقة بحقيقة العجز فإذا صام تبين أنه غير عاجز
واستشكله صدر الشريعة في التوضيح بأن المرخص هو المرض الذي يزداد بالصوم لا المرض الذي لا يقدر به على الصوم فلا نسلم أنه إذا صام ظهر فوات شرط الرخصة
قال في التلويح وجوابه أن الكلام في المريض لا يطيق الصوم وتتعلق الرخصة بحقيقة العجز وأما الذي يخاف فيه ازدياد المرض فهو كالمسافر بلا خلاف على ما يشعر به كلام شمس الأئمة في المبسوط من أن قول الكرخي بعدم الفرق بين المسافر والمريض سهو أو مؤول بالمريض الذي يطيط الصوم وكان منه ازدياد المرض اه
تنبيه تلخص من كلام البحر أن في المريض ثلاث أقوال أحدها ما في الأشباه المذكور هنا واختار فخر الإسلام وشمس الأئمة وجمع وصححه في المجمع
ثانيها ما مر في المتن أنه يقع عما نوى واختاره في الهداية وأكثر المشايخ وقيل إنه ظاهر الرواية وينبغي وقوعه عن رمضان في النفل كالمسافر كما مر
ثالثها التفصيل بين أن يضره الصوم فتتعلق الرخصة بخوف الزيادة فيصير كالمسافر يقع عما نوى بين أن لا يضره الصوم كفساد الهضم فتتعلق الرخصة بحقيقته فيقع عن فرض الوقت واختاره في الكشف والتحرير اه
وهذا القول هو ما مر عن التلويح وجعله في شرح التحرير محمل القولين وقال إنه تحقيق يحصل به التوفيق بحمل ما اختاره فخر الإسلام وغيره على من لا يضره الصوم وحمل ما اختاره في الهداية على من يضره وتعقب الأكمل في التقرير هذا القول بأن من لا يضره الصوم لا يرخص له الفطر لأنه صحيح وليس الكلام فيه
قلت وأجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله أن الصوم تارة يزداد به المرض مع القدرة عليه كمرض العين مثلا وتارة لا يضره كمريض بفساد الهضم فإن الصوم لا يضره بل ينفعه فالأول تتعلق الرخصة فيه بخوف الزيادة والثاني بحقيقة العجز بأن يصل إلى حالة لا يمكنه معها الصوم فإذا صام ظهر عدم عجزه فيقع عن رمضان وإن نوى غيره لأنه إذا قدر عليه مع كونه لا يضره لا يقول عاقل بأنه يرخص له الفطر هذا ما ظهر لي والله أعلم
قوله ( والنذر المعين الخ ) تصريح بما فهم من قوله في رمضان فقط
قوله ( بنية واجب آخر ) كقضاء رمضان أو الكفارة أما لو نوى النفل فإنه يقع عن النذر المعين
سراج
ثم نقل عن الكرخي أن محمدا قال يقع عن النفل وأبا يوسف عن النذر
قوله ( يقع عن واجب نواه مطلقا ) أي سواء كان صحيحا أو مريضا مقيما أو مسافرا وإذا وقع عما نوى وجب عليه قضاء المنذور في الأصح كما في البحر عن الظهيرية
قوله ( ولو لجهله ) زاد لفظة ولو ليدخل غير الجاهل لكن الأولى إسقاطها لأن العالم تقدم قريبا في قوله وبخطأ في وصف ط
وأفاد أن الصوم واقع في رمضان ولم يذكر ما إذا جهل شهر رمضان كالأسير في دار الحرب فتحرى وصام عنه شهرا وبيانه في البحر
وفيه أيضا لو صام بالتحري سنين كثيرة ثم تبين أنه صام في كل سنة قبل شهر رمضان فهل يجوز صومه في الثانية عن الأولى وفي الثالثة عن الثانية وهكذا قيل يجوز وقيل لا
وصحح في المحيط أنه إن نوى صوم رمضان مبهما يجوز عن القضاء وإن نوى عن السنة الثانية مفسرا لا يجوز اه
قوله ( فلا صوم إلا عن رمضان ) أي لا يتحقق فيه صوم غيره ومحله فيمن تعين عليه فلا يرد المسافر إذا نوى واجبا آخر ط
قوله ( في العادة ) أي عادة الإمساك حمية أو لعذر ط
قوله ( وقال زفر ومالك تكفي نية واحدة ) أي عن الشهر كله
وروي عن زفر أن المقيم لا يحتاج إلى النية ولو مسافرا لم يجز حتى ينوي من الليل
____________________
(2/379)
وعند علمائنا الثلاثة لا يجوز إلا بنية جديدة لكل يوم من الليل أو قبل الزوال مقيما أو مسافرا
سراج
قوله ( قلنا الخ ) أي في جواب قياسه الصوم على الصلاة أن صوم كل يوم عبادة بنفسه بدليل أن فساد البعض لا يوجب فساد الكل بخلاف الصلاة
قوله ( والشرط الباقي من الصيام ) أي من أنواعه أي الباقي منها بعد الثلاثة المتقدمة في المتن وهو قضاء رمضان والنذر المطلق وقضاء النذر المعين والنفل بعد إفساده والكفارات السبع وما أحلق بها من جزاء الصيد والحلق والمتعة
نهر
وقوله السبع صوابه الأربع وهي كفارة الظهار والقتل واليمين والإفطار
قوله ( للفجر ) أي لأول جزء منه ط
قوله ( ولو حكما الخ ) جعل في البحر القران في حكم التبييت وأنت خبير بأن الأنسب ما سلكه الشارح من العكس إذ القران هو الأصل وفي التبييت قران حكما كما في النهر
قوله ( وهو ) الضمير راجع إلى القران الحكمي ح
قوله ( تبييت النية ) فلو نوى تلك الصيامات نهارا كان تطوعا وإتمامه مستحب ولا قضاء بإفطاره والتبييت في الأصل كل فعل دبر ليلا ط عن القهستاني
قوله ( للضرورة ) علة للاكتفاء بالقران الحكمي إذ تحرى وقت الفجر مما يشق والحجر مدفوع اه ح
قوله ( وتعيينها ) هو بالنظر إلى مجرد معطوف على تبييت وبالنظر إلى عبارة الشرح معطوف على قران كما لا يخفى والمراد بتعيينها تعيين المنوي بها فهو مصدر مضاف إلى فاعله المجازي
قوله ( لعدم تعين الوقت ) أي لهذه الصيامات بخلاف أداء رمضان والنذر المعين فإن الوقت فيهما متعين وكذا النفل لأن جميع الأيام سوى شهر رمضان وقت له
قوله ( والشرط فيها الخ ) أي في النية المعينة لا مطلقا لأن ما لا يشترط له التعيين يكفيه أن يعلم بقلبه أن يصوم فلا منافاة بين ما هنا وما قدمناه عن الاختيار
وأفاد ح أن العلم لازم للنية التي هي نوع من الإرادة إذ لا يمكن إرادة شيء إلا بعد العلم به
قوله ( والسنة ) أي سنة المشايخ لا النبي لعدم ورود النطق بها عنه ح
قوله ( أن يتلفظ بها ) فيقول نويت أصوم غدا أو هذا اليوم إن نوى نهارا لله عز وجل من فرض رمضان
سراج
قوله ( ولا تبطل بالمشيئة ) أي استحسانا وهو الصحيح لأنها ليست في معنى حقيقة الاستثناء بل للاستعانة وطلب التوفيق حتى لو أراد حقيقة الاستثناء لا يصير صائما كما في التاترخانية
قوله ( بأن يعز ليلا على الفطر ) فلو عزم عليه ثم أصبح وأمسك ولم ينو الصوم لا يصير صائما تاترخانية
قوله ( ونية الصائم الفطر لغو ) أي نيته ذلك نهارا وهذا تصريح بمفهوم قوله بأن يعزم ليلا وفي التاترخانية نوى القضاء فلما أصبح جعله تطوعا لا يصح
قوله ( لأن الجهل الخ ) جواب عما في الفتح من قوله قيل هذا أي لزوم القضاء إذا علم أن صومه عن القضاء لم تصح نيته من النهار أما إذا لم يعلم فلا يلزم بالشروع كالمظنون
قال في البحر وتبعه في النهر الذي يظهر ترجيح الإطلاق فإن الجهل بالأحكام في دار الإسلام ليس بمعتبر خصوصا أن عدم جواز القضاء بنيته نهارا متفق عليه فيما يظهر فليس كالمظنون اه
وما قدمناه عن القهستاني مبني على هذا القيل
قوله ( فلم يكن كالمظنون ) إذ المظنون أن يظن أنه عليه قضاء يوم فشرع فيه بشروطه ثم تبين أن لا صوم عليه فإنه لا يلزمه إتمامه لأنه شرع فيه مسقطا لا ملتزما وهو معذر بالنسيان فلو أفسده فورا لا قضاء عليه وإن كان الأفضل إتمامه بخلاف ما لو مضى فيه بعد علمه فإنه يصير ملتزما فلا يجوز قطعه فلو قطعه لزمه قضاؤه
____________________
(2/380)
وأما من نوى القضاء بعد الفجر فإن ما نواه عليه لكنه جهل لزوم التبييت فلم يعذر وصح شروعه فلو قطعه لزمه قضاؤه
رحمتي
قوله ( ولا يصام يوم الشك ) هو استواء طرفي الإدراك من النفي والإثبات
بحر
قوله ( هو يوم الثلاثين من شعبان ) الأولى قول نور الإيضاح هو ما يلي التاسع والعشرين من شعبان أي لأنه لا يعلم كونه يوم الثلاثين لاحتمال كونه أول شهر رمضان ويمكن أن يكون المراد أنه يوم الثلاثين من ابتداء شعبان فمن ابتدائية لا تبعيضية
تأمل
مبحث في صوم يوم الشك تنبيه في أن اليوم يوم عرفة أو يوم النحر فالأفضل فيه الصوم فافهم
قوله ( وإن لم يكن علة الخ ) قال في شرحه على الملتقى وبه اندفع كلام القهستاني وغيره اه أي حيث قيده بما إذا غم هلال شعبان فلم يعلم أنه الثلاثون من شعبان أو الحادي والثلاثون أو غم هلال رمضان فلم يعلم أنه الأول منه أو الثلاثون من شعبان أو رآه واحد أو فاسقان فردت شهادتهم فلو كانت السماء مصحية ولم يره أحد فليس بيوم الشك اه
ومثله في المعراج عن المجتبى بزيادة ولا يجوز صومه ابتداء لا فرضا ولا نفلا وكلامهم مبني على القول باعتبار اختلاف المطالع كما أفاده كلام الشارح هنا
قوله ( بعدم اعتبار اختلاف المطالع ) سقط من أكثر النسخ لفظ اعتبار ولا بد من تقديره لأنه لا كلام في اختلاف المطالع وإنما الكلام في اعتباره وعدمه كما يأتي بيانه
قوله ( لجواز الخ ) أي فيلزم البلدة التي لم ير فيها الهلال
قوله ( ولا يصام أصلا ) أي ابتداء لا فرضا ولا نفلا كما قدمناه آنفا عن المجتبى لأنه لا احتياط في صومه للخواص بخلاف يوم الشك نعم لو وافق صوما يعتاده فالأفضل صومه كما أفاده في المجتبى بقوله ابتداء فافهم
قوله ( إلا نفلا ) في نسخة تطوعا
قوله ( ويكره غيره ) أي من فرض أو واجب بنية معينة أو مترددة وكذا إطلاق النية لأن المطلق شامل للمقادير كما في المعراج
قوله ( لواجب آخر ) كنذر وكفارة وقضاء
سراج
قوله ( كره تنزيها ) سنذكر وجهه
قوله ( كره تحريما ) للتشبيه بأهل الكتاب لأنهم زادوا في صومهم وعليه حمل حديث النهي عن التقدم بصوم يوم أو يومين
بحر
قوله ( ويقع عنه ) أي عن الواجب وقيل يكون تطوعا
هداية
قوله ( إن لم تظهر رمضانيته ) في السراج إذا صامه بنية واجب آخر لا يسقط لجواز أن يكون من رمضان فلا يكون قضاء بالشك اه
فأفاد أنه لو لم يظهر الحال لا يكفي عما نوى فكان على المصنف أن يقول كما قال في الهداية إن ظهر أنه من شعبان أجزأه عما نوى في الأصح وإن ظهر أنه في رمضان يجزيه لوجود أصل النية اه
قوله ( فعنه ) أي عن رمضان
قوله ( لو مقيما ) قيد لقوله كره تنزيها ولقوله فعنه قال في السراج ولو كان مسافرا فنوى فيه واجبا آخر لم يكره لأن أداء رمضان غير واجب عليه فلم يشبه صومه الزيادة ويقع عما نوى وإن بان أنه من رمضان وعندهما يكره كالمقيم ويجزى عن رمضان إن بان أنه منه
قوله ( وإن وافق صوما يعتاده ) كما لو كان عادته أن يصوم يوم الخميس أو الاثنين فوافق ذلك يوم الشك سراج
وهل تثبت العادة بمرة كما في الحيض تردد فيه بعض الشافعية
____________________
(2/381)
قلت الظاهر نعم إذا فعل ذلك مرة وعزم على مثله بعدها فوافق يوم الشك لأن الاعتياد يشعر بالتكرار لأنه من العود مرة بعد أخرى وبالعزم المذكور يحصل العود حكما أما بدونه فلا
تأمل
قوله ( لحديث الخ ) هو ما في الكتب الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه قال لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه والمراد به غير التطوع حتى لا يزاد على صوم رمضان كما زاد أهل الكتاب على صومهم توفيقا بينه وبين ما أخرجه الشيخان عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله لرجل هل صمت من سرر شعبان قال لا قال إذا أفطرت فصم يوما مكانه سرر الشهر بفتح السين المهملة وكسرها آخرها كذا قال أبو عبيد وجمهور أهل اللغة لاسترار القمر فيه أي اختفائه وربما كان ليلة أو ليلتين كذا أفاده نوح في حاشية الدرر
واستدل أحمد بحديث السرر على وجوب صوم يوم الشك وهو عندنا محمول على الاستحباب لأنه معارض بحديث التقدم توفيقا بين الأدلة ما أمكن كما أوضحه في الفتح
هذا وقد صرح في الهداية وشروحها وغيرها بأن المنهي عنه هو التقدم على رمضان بصوم رمضان ووجه تخصيصه بيوم أو يومين أن صومه عن رمضان إنما يكون غالبا عند توهم النقصان في شهر أو شهرين فيصوم يوما أو يومين عن رمضان على ظن أن ذلك احتياط كما أفاده في الإمداد و السعدية
وقال في الفتح وعليه فلا يكره صوم واجب آخر في يوم الشك
وقال وهو ظاهر كلام التحفة حيث قال وقد قام الدليل على أن الصوم فيه عن واجب آخر وعن التطوع مطلقا لا يكره فثبت أن المكروه ما قلنا يعني صوم رمضان وهو غير بعيد من كلام الشارحين و الكافي وغيرهم حيث ذكروا أن المراد من حديث التقدم هو التقدم بصوم رمضان قالوا ومقتضاه أن لا يكره واجب آخر أصلا وإنما كره لصورة النهي في حديث العصيان الآتي وتصحيح هذا الكلام أن يكون معناه يترك صومه عن واجب آخر تورعا وإلا فبعد وجوب كون المراد من النهي عن التقدم صوم رمضان كيف يوجب حديث العصيان منع غيره مع أنه يجب أن يحمل على ما حمل عليه حديث التقدم إذ لا فرق بينهما اه ما في الفتح ملخصا
وفي التاترخانية تصحيح عدم الكراهة أي التحريمية فلا ينافي أن التورع تركه تنزيها وفي المحيط كان ينبغي أن لا يكره بنية واجب آخر إلا أنه وصف بنو كراهة احتياطا فلا يؤثر في نقصان الثواب كالصلاة في الأرض المغصوبة اه
قوله ( فلا أصل له ) كذا قال الزيلعي ثم قال ويروى موقوفا على عمار بن ياسر وهو في مثله كالمرفوع اه
قلت وينبغي حمل نفي الأصلية على الرفع كما حمل بعضهم قول النووي في حديث صلاة النهار عجماء إنه لا أصل له على أن المراد لا أصل لرفعه وإلا فقد ورد موقوفا على مجاهد وأبي عبيدة وكذا هذا أورده البخاري معلقا بقوله وقال صلة عن عمار من صام الخ قال في الفتح وأخرجه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم وصححه الترمذي عن صلة بن زفر قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتي بشاة مصلية فتنحى بعض القوم فقال عمار من صام اليوم فقد عصى أبا القاسم
قال في الفتح وكأنه فهم من الرجل المتنحي أنه قصد صومه عن رمضان فلا يعارض ما مر وهذا بعد حمله على السماع من النبي والله سبحانه أعلم
قوله ( وإلا يصومه الخواص ) أي وإن لم يوافق صوما يعتادة ولا صام من آخر شعبان ثلاثة فأكثر استحب صومه للخواص
____________________
(2/382)
قال في الفتح وقيده في التحفة بكونه على وجه لا يعلم ذلك كي لا يعتادوا صومه فيظنه الجهال زيادة على رمضان ويدل عليه قصة أبي يوسف المذكورة في الإمداد وغيره
حاصلها أن أسد بن عمرو سأله هل أنت مفطر فقال له في أذنه أنا صائم
وفي قومه يصومه الخواص إشارة إلى أنهم يصبحون صائمين لا متلومين بخلاف العوام لكن في الظهيرية الأفضل أن يتلوم غير آكل ولا شارب ما لم يتقارب انتصاف النهار فإن تقارب فعامة المشايخ على أنه ينبغي للقضاة والمفتين أن يصوموا تطوعا ويفتوا بذلك خاصتهم ويفتوا العامة الإفطار وهذا يفيد أن التلوم أفضل في حق الكل كما في النهر لكن في الهداية و المحيط والخانية وغيرها أن المختار أن يصوم المفتي بنفسه أخذا بالاحتياط ويفتي العامة بالتلوم إلى وقت الزوال ثم بالإفطار والتلوم الانتظار كما في المغرب
قوله ( بعد الزوال ) في العزمية عن خط بعض العلماء في هامش الهداية إنما لم يقل بعد الضحوة الكبرى مع أنه مختاره سابقا لأن الاحتياط هنا التوسعة
قوله ( نفيا لتهمة النهي ) أي حديث لا تقدموا رمضان في شرحه على الملتقى فهو علة لقوله ويفطر غيرهم
قوله ( والنية الخ ) بيان للكيفية
قوله ( فحكمه مر ) أي في قوله والصوم أحب إن وافق صوما يعتاده
قوله ( ولا يخطر بباله الخ ) معطوف على قوله ينوي وهو تفسير لقوله على سبيل الجزم والمراد أن لا يردد في النية بين كونه نفلا إن كان من شعبان وفرضا إن كان من رمضان بل يجزم بنيته نفلا محضا ولا يضره خطورة احتمال كونه من رمضان بعد جزمه بنية النفل لأنه يصوم احتياطا لذلك الاحتمال قال في غاية البيان وإنما فرق بين المفتي والعامة لأن المفتي يعلم أن الزيادة على رمضان لا تجوز فلذا يصوم احتياطا احترازا عن وقوع الفطر في رمضان بخلاف العامة فإنه قد يقع في وهمهم الزيادة فلذا كان فطرهم أفضل بعد التلوم
قوله ( ذكره أخي زاده ) أي في حاشيته على صدر الشريعة وذكره أيضا المحقق في فتح القدير وكذا في المعراج وغيره
قوله ( وليس بصائم الخ ) تكميل لأقسام المسألة المذكورة في الهداية وهم خمسة تقدم منها ثلاثة وهي الجزم بنية النفل أو بنية واجب أو بنية رمضان وعلمت أحكامها والرابع الإضجاع في أصل النية والخامس الإضجاع في وصفها
قال في المغرب التضجيع في النية هو التردد فيها وأن لا يبيتها من ضجع في الأمر إذ وهن فيه وقصر وأصله من الضجوع
قوله ( لعدم الجزم ) في العزم فقد فات ركن النية لكن هذا إذا لم يجدد النية قبل نصف النهار فإن وجدها عازما على الصوم جاز كما رأيته بخط بعض العلماء على هامش الهداية وهو ظاهر
قوله ( كما أنه الخ ) تنظير لتلك المسألة بهذه وعبارة الهداية فصار كما إذا نوى الخ
قوله ( غداء ) بالغين المعجمة والدال المهملة ممدودا
قوله ( ويصير صائما ) أي لجزمه بنية الصوم وإن ردد في وصفه بين فرض وواجب آخر أوو فرض ونفل
قوله ( مع الكراهة ) أي التنزيهية لأن كراهة التحريم لا تثبت إلا إذا جزم أنه عن رمضان كما أفاده الشارح سابقا ط
قوله ( للتردد الخ ) علة للكراهة في المسألتين على طريق اللف والنشر المرتب ففي الأولى الترديد بين مكروهين وهما الفرض والواجب وفي الثانية بين مكروه وغيره وهما الفرض والنفل
____________________
(2/383)
قوله ( فعنه ) أي فيقع عن رمضان لوجود أصل النية وهو كاف في رمضان لعدم لزوم التعيين فيه بخلاف الواجب الآخر كما مر
قوله ( غير مضمون بالقضاء ) بنصب غير على الحالية أي لا يلزمه قضاؤه لو أفسده
قوله ( لعدم التنفل قصدا ) لأنه قاسد للإسقاط من وجه وهو نية الفرض فصار كالمظنون بجامع أنه شرع فيه مسقطا لا ملتزما كما مر
قوله ( أكل المتلوم ) أي المنتظر إلى نصف النهار في يوم الشك
قوله ( كأكله بعدها ) فلو ظهرت رمضانيته ونوى الصوم بعد الأكل جاز لأن أكل الناسي لا يفطره
وقيل لا يجوز كما في القنية وبه جزم في السراج و الشرنبلالية وسيأتي تمام الكلام عليه في أول الباب الآتي
قوله ( رأى مكلف ) أي مسلم بالغ عاقل ولو فاسقا كما في البحر عن الظهيرية فلا يجب عليه لو صبيا أو مجنونا وشمل ما لو كان الرائي إماما فلا يأمر الناس بالصوم ولا بالفطر إذا رآه وحده ويصوم هو كما في الإمداد وأفاد الخير الرملي أنه لو كانوا جماعة وردت شهادتهم لعدم تكامل الجمع العظيم فالحكم فيهم كذلك
قوله ( بدليل شرعي ) هو إما فسقه أو غلطه
نهر
وفي القهستاني بفسقه لو السماء متغيمة أو تفرده لو كانت مصحية
قوله ( صام ) أي صوما شرعيا لأنه المراد حيث أطلق شرعا ويدل عليه ما بعده وفيه إشارة إلى رد قول الفقيه أبي جعفر إن معناه في هلال الفطر لا يؤكل ولا يشرب ولكن ينبغي أن يفسده لأنه يوم عيد عنده وإلى رد قول بعض مشايخنا من أنه يفطر فيه سرا كما في البحر وإليه أشار الشارح بقوله مطلقا أي في هلال رمضان والفطر
تنبيه لو صام رائي هلال رمضان وأكمل العدة لم يفطر إلا مع الإمام لقوله عليه الصلاة والسلام صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون رواه الترمذي وغيره
والناس لم يفطروا في مثل هذا اليوم فوجب أن لا يفطر
نهر
قوله ( وجوبا وقيل ندبا ) قال في البدائع المحققون قالوا لا رواية في وجوب الصوم عليه
وإنما الرواية أنه يصوم وهو محمول على الندب احتياطا اه
قال في التحفة يجب عليه الصوم
وفي المبسوط عليه صوم ذلك اليوم وهو ظاهر استدلالهم في هلال رمضان بقوله تعالى { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وفي العيد بالاحتياط
نهر
وما في البدائع مخالف لما في أكثر المعتبرات من التصريح بالوجوب
نوح
قلت والظاهر أن المراد بالوجوب المصطلح لا الفرض لأن كونه من رمضان ليس قطعيا ولذا ساغ القول بندب صومه وسقطت الكفارة بفطره ولو كان قطعيا للزم الناس صومه على أن الحسن وابن سيرين وعطاء قالوا لا يصوم إلا مع الإمام كما نقله في البحر فافهم
قوله ( قضى فقط ) أي بلا كفارة
قوله ( لشبهة الرد ) علة لما تضمنه قوله فقط من عدم لزوم الكفارة أي أن القاضي لما رد قوله بدليل شرعي أورث شبهة وهذه الكفارة تندرىء بالشبهات
هداية
ولا يخفى أن هذه علة لسقوط الكفارة في هلال رمضان أما في هلال الفطر فلكونه يوم عيد عنده
كما في النهر وغيره وكأنه تركه لظهوره
قوله ( قبل الرد لشهادته ) وكذا لو لم يشهد عند الإمام وصام
____________________
(2/384)
ثم أفطر كما في السراج
قوله ( لأن ما رآه الخ ) يروى أن عمر رضي الله عنه أمر الذي قال رأيت الهلال أن يمسح حاجبيه بالماء ثم قال له أين الهلال فقال فقدته فقال شعرة قامت بين حاجبيك فحسبتها هلالا
سراج
قال ح وهذا إنما يصلح تعليلا لعدم الكفارة في هلال رمضان أما في هلال شوال فإنما لا يجب لأنه يوم عيد عنده على نسق ما تقدم
قوله ( وأما بعد قبوله ) أي في هلال رمضان ط
قوله ( في الأصح ) لأنه يوم صوم الناس فلو كان عدلا ينبغي أن لا يكون في وجوب الكفارة خلاف لأن وجه نفيها كونه ممن لا يجوز القضاء بشهادت وهو منتف
بحر عن الفتح
وقوله ممن لا يجوز أي لا يحل لأن القضاء بشهادة الفاسق صحيح وإن أثم القاضي
قوله ( وقبل الخ ) هذا أولى من قول الكنز ويثبت رمضان لما في البحر من أن الصوم لا يتوقف على الثبوت وليس يلزم من رؤيته ثبوته لأن مجيئه لا يدخل تحت الحكم
وفي الجوهرة لو شهد عند الحاكم رجل ظاهره العدالة وسمعه رجل وجب عليه الصوم لأنه قد وجد الخبر الصحيح
قلت وأما قوله فيما سيأتي وطريق إثبات رمضان الخ فالمراد إثباته ضمنا لأجل أن يثبت ما علق عليه من الزكاة ولذا يلزم فيه الدعوى والحكم والمنفي دخوله تحت الحكم قصدا وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا كما في بيع الشرب والطريق فليس إثباته لأجل صومه كما وهم
قوله ( لأنه خبر لا شهادة ) قال في الهداية لأنه أمر ديني فأشبه رواية الأخبار
قوله ( خبر عدل ) العدالة ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة والشرط أدناها وهو ترك الكبائر والإصرار على الصغائر وما يخل بالمروءة ويلزم أن يكون مسلما عاقلا بالغا
بحر
قوله ( على ما صححه البزازي ) وكذا صححه في المعارج و التجنيس
وقال في الفتح وهو رواية الحسن وبه أخذ الحلواني ومشى عليه في نور الإيضاح
وأقول إنه ظاهر الرواية أيضا فقد قال الحاكم الشهيد في الكافي الذي هو جمع كلام محمد في كتبه التي هي ظاهر الرواية ما نصه وتقبل شهادة المسلم والمسلمة عدلا كان الشاهد أو غير عدل اه
والمراد بغير العدل المستور كما سيأتي قريبا
قوله ( لا فاسق اتفاقا ) لأن قوله في الديانات غير مقبول أي في التي يتيسر تلقيها من العدول كرواية الأخبار بخلاف الإخبار بطهارة المال ونجاسته ونحوه حيث يتحرى في خبره فيه إذ قد لا يقدر على تلقيها من جهة العدول
وقول الطحاوي أو غير عدل محمول على المستور كما هو رواية الحسن لأن المراد بالعدل من ثبتت عدالته ولا ثبوت في المستور أما مع تبين الفسق فلا قائل به عندنا وعليه تفرع ما لو شهدوا في آخر رمضان برؤية هلاله قبل صومهم بيوم إن كانوا في المصر ردت لتركهم الحسبة وإن جاؤوا من خارج قبلت من الفتح ملخصا
قوله ( وهل له أن يشد الخ ) قال الحلواني يلزم العدل ولو أمة أو مخدرة أن يشهد في ليلته كي لا يصبحوا مفطرين وهي من فروض العين وأما الفاسق إن علم أن الحاكم يميل إلى قول الطحاوي ويقبل قوله يجب عليه وأما المستور ففيه شبهة الروايتين
معراج
قلت وقوله إن علم الخ مبني على ظاهر قول الطحاوي من قبول ظاهر الفسق فإذا كان اعتقاد القاضي ذلك يجب أن يشهد وقول الشارح وهل له يفيد عدم الوجوب بناء على عدم علمه باعتقاد القاضي كما هو مفاد التعليل
____________________
(2/385)
بقوله لأن القاضي ربما قبله تأمل
قوله ( على المذهب ) خلافا للإمام الفضلي حيث قال إنما يقبل الواحد العدل إذا فسر وقال رأيته خارج البلد في الصحراء أو يقول رأيته في البلدة من بين خلل السحاب أما بدون هذا التفسير فلا يقبل كذا في الظهيرية
بحر
قوله ( وتقبل شهادة واحد على آخر ) بخلاف الشهادة على الشهادة في سائر الأحكام حيث لا تقبل ما لم يشهد على شهادة كل رجل رجلان أو رجل وامرأتان ح
قوله ( كعبد وأنثى ) أي كما تقبل شهادة عبد أو أنثى
قوله ( ولو على مثلها ) أفاد بهذا التعميم قول شهادتهما على شهادة حر أو ذكر وهو بحث لصاحب النهر وقال ولم أره
قوله ( ويجب على الجارية المخدرة ) أي التي لا تخالط الرجال وكذا يجب على الحرة أن تخرج بلا إذن زوجها وكذا غير المخدرة والمزوجة بالأولى
قال ط والظاهر أن محل ذلك عند توقف إثبات الرؤية عليها وإلا فلا
قوله ( في ليلتها ) أي لييلة الرؤية
قوله ( مع العلة ) أي من غيم وغبار ودخان
قوله ( نصاب الشهادة ) أي على الأموال وهو رجلان أو رجل وامرأتان
قوله ( لتعلق نفع العبد ) علة لاشتراط ما ذكر في الشهادة على هلال الفطر بخلاف هلال الصوم لأن الصوم أمر ديني فلم يشترط فيه ذلك أما الفطر فهو نفع دنيوي للعباد فأشبه سائر حقوقهم فيشترط فيه ما يشترط فيها
قوله ( لكن لا تشترط الدعوى الخ ) قال في الفتح عن الخانية وأما الدعوى فينبغي أن لا يشترط كما في عتق الأمة وطلاق الحرة عند الكل وعتق العبد في قولهما
وأما على قياس قوله فينبغي أن لا تشترط الدعوى في الهلالين اه أي قياس قول الإمام باشتراط الدعوى في عتق العبد اشتراطها أيضا في الهلالين لكن جزم في الخانية بعدم اشتراطها في هلال رمضان ثم ذكر هذا البحث وفيه نظر لأن اشتراط الدعوى عنده في عتق العبد لأنه حق عبد بخلاف الأمة فإن فيه مع حق العبد حق الله تعالى وهو صيانة فرجها والفطر وإن كان فيه حق عبد لكن فيه حق الله تعالى لحرمة صومه ووجوب صلاة العبد فهو يعتق الأمة أشبه فلا تشترط فيه الدعوى ولذا جزم به الشارح تبعا لغيره
أفاده الرحمتي
قوله ( وطلاق الحرة ) مفهومه أن الزوجة الرقيقة يشترط فيها الدعوى والذي في جامع الفصولين الإطلاق لكنه هنا يتشرط حضور الزوج والسيد في العتق ط
قوله ( ببلدة ) أي أو قرية
قال في السراج ولو تفرد واحد برؤيته في قرية ليس فيها وال ولم يأت مصرا ليشهد وهو ثقة يصومون بقوله اه
قلت والظاهر أنه يلزم أهل القرى الصوم بسماع المدافع أو رؤية القناديل من المصر لأنه علامة ظاهرة تفيد غلبة الظن وغلبة الظن حجة موجبة للعمل كما صرحوا به واحتمال كون ذلك لغير رمضان بعيد إذ لا يفعل مثل ذلك عادة في ليلة إلا لثبوت رمضان
قوله ( لا حاكم فيها ) أي لا قاضي ولا والي كما في الفتح
قوله ( قوله صاموا بقول ثقة ) أي افتراضا لقول المصنف في شرحه وعليهم أن يصوموا بقوله إذا كان عدلا اه ط
قوله ( وأفطروا الخ ) عبارة غيره لا بأس أن يفطروا والظاهر أن المراد به الوجوب أيضا والتعبير بنفي البأس لأنه مظنة الحرمة كما في نفي الجناح في قوله تعالى { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } النساء 101 ومثله كثير في كلامهم فافهم
قوله ( مع العلة )
____________________
(2/386)
قيد لقوله صاموا وأفطروا
قوله ( للضرورة ) أي ضرورة عدم وجود حاكم يشهد عنده
قوله ( بين نصب شاهد ) أي يحمله شهادته أفاده ح
لكن عبارة الجوهرة بين أن ينصب من يشهد عنده الخ
والظاهر أن المعنى أن الحاكم ينصب رجلا نائبا عنه ليشهد عند ذلك النائب كما قالوا فيما لو وقعت للحاكم خصومة مع آخر ينصب نائبا ليتحاكما عنده إذ لا يصح حكمه لنفسه ويدل على ذلك أنه وقع في بعض النسخ نائب بدل شاهد
قوله ( بخلاف العيد ) أي هلال العيد إذ لا يكفي فيه الواحد
مطلب لا عبرة بقول المؤقتين في الصوم قوله ( ولا عبرة بقول المؤقتين ) أي في وجوب الصوم على الناس بل في المعراج لا يعتبر قولهم بالإجماع ولا يجوز للمنجم أن يعمل بحساب نفسه وفي النهر فلا يلزم بقول المؤقتين إنه أي الهلاك يكون في السماء ليلة كذا وإن كانوا عدولا في الصحيح كما في الإيضاح وللإمام السبكي الشافعي تأليف مال فيه إلى اعتماد قولهم لأن الحساب قطعي اه ومثله في شرح الوهبانية
مطلب ما قاله السبكي من الاعتماد على الحساب مردود قلت ما قاله السبكي رده متأخرو أهل مذهبه منهم ابن حجر والرملي في شرحي المنهاج
وفي فتاوى الشهاب الرملي الكبير الشافعي سئل عن قول السبكي لو شهدت بينة برؤية الهلال ليلة الثلاثين من الشهر وقال الحساب بعدم إمكان الرؤية تلك الليلة عمل بقول أهل الحساب لأن الحساب قطعي والشهادة ظنية وأطال في ذلك فهل يعمل بما قاله أم لا وفيما إذا رؤي الهلال نهارا قبل طلوع الشمس يوم التاسع والعشرين من الشهر وشهدت بينة برؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فهل تقبل الشهادة أم لا لأن الهلال إذا كان الشهر كاملا يغيب ليلتين أو ناقصا يغيب ليلة أو غاب الهلال الليلة الثالثة قبل دخول وقت العشاء لأن كان يصلي العشاء لسقوط القمر الثالث هل يعمل بالشهادة أم لا
فأجاب بأن المعمول به في المسائل الثلاث ما شهدت به البينة لأن الشهادة نزلها الشارع منزلة اليقين وما قاله السبكي مردود رده عليه جماعة من المتأخرين وليس في العمل بالبينة مخالفة لصلاته
ووجه ما قلناه أن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية بقوله نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر وهكذا وهكذا وقال ابن دقيق العيد الحساب لا يجوز الاعتماد عليه في الصلاة انتهى
والاحتمالات التي ذكرها السبكي بقوله ولأن الشاهد قد يشتبه عليه الخ لا أثر لها شرعا لإمكان وجودها في غيرها من الشهادات اه
قوله ( وقيل نعم الخ ) يوهم أنه قيل بأنه موجب للعمل وليس كذلك بل الخلاف في جواز الاعتماد عليهم وقد حكي في القنية الأقوال الثلاثة فنقل أولا عن القاضي عبد الجبار وصاحب جمع العلوم أنه لا بأس بالاعتماد على قولهم ونقل عن ابن مقائل أنه كان يسألهم ويعتمد على قولهم إذا اتفق عليه جماعة منهم ثم نقل عن شرح السرخسي أنه بعيد
وعن شمس الأئمة الحلواني أن الشرط في وجوب الصوم والإفطار الرؤية ولا يؤخذ فيه بقولهم ثم نقل عن مجد الأئمة الترجماني أنه اتفق أصحاب أبي حنيفة إلا النادر والشافعي أنه لا اعتماد على قولهم
قوله ( وقيل بلا علة )
____________________
(2/387)
أي إن شرط القبول عند عدم علة في السماء لهلال الصوم أو الفطر أو غيرهما كما في الإمداد وسيأتي تمام الكلام عليه إخبار جمع عظيم فلا يقبل خبر الواحد لأن التفرد من بين الجم الغفير بالرؤية مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه مع فرض عدم المانع وسلامة الأبصار وإن تفاوتت في الحدة ظاهر في غلطه
بحر
قال ح ولا يشترط فيهم الإسلام ولا العدالة كما في إمداد الفتاح ولا الحرية ولا الدعوى كما في القهستاني اه
قلت ما عزاه إلى الإمداد لم أره فيه وفي عدم اشتراط الإسلام نظر لأنه ليس المراد هنا بالجمع العظيم ما يبلغ مبلغ التواتر الموجب للعلم القطعي حتى لا يشترط له ذلك بل ما يوجب غلبة الظن كما يأتي وعدم اشتراط الإسلام له لا بد له من نقل صريح
قوله ( يقع العلم الشرعي ) أي المصطلح عليه في الأصول فيشمل غالب الظن وإلا فالعلم في فن التوحيد أيضا شرعي ولا عبرة بالظن هناك ح
قوله ( وهو غلبة الظن ) لأنه العلم الموجب للعمل لا العلم بمعنى اليقين نص عليه في المنافع و غاية البيان ابن كمال ومثله في البحر عن الفتح وكذا في المعراج
قال القهستاني قلا يشترط خبر اليقين الناشىء من التواتر كما أشير به في المضمرات لكن كلام الشارح مشير إليه اه
ومراده شرح صدر الشريعة فإنه قال الجمع العظيم جمع يقع العلم بخبرهم ويحكم العقل بعدم تواطئهم على الكذب اه
وتبعه في الدرر ورده ابن كمال حيث ذكر في منهواته أخطأ صدر الشريعة حيث زعم أن المعتبر ها هنا العلم بمعنى اليقين
قوله ( وهو مفوض الخ ) قال في السراج لم يقدر لهذا الجمع تقدير في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف خمسون رجلا كالقسامة وقيل أكثر أهل المحلة وقيل من كل مسجد واحد أو اثنان وقال خلف بن أيوب خمسمائة ببلخ قليل والصحيح من هذا كله أنه مفوض إلى رأي الإمام إن وقع في قلبه صحة ما شهدوا به وكثرت الشهود أمره بالصوم اه
وكذا صححه في المواهب وتبعه الشرنبلالي
وفي البحر عن الفتح والحق ما روي عن محمد وأبي يوسف أيضا أن العبرة بمجيء الخبر وتواتره من كل جانب اه
وفي النهر أنه موافق لما صححه في السراج
تأمل
قوله ( واختاره في البحر ) حيث قال وينبغي العمل على هذه الرواية في زماننا لأن الناس تكاسلت عن ترائي الأهلة فانتفى قولهم مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه فكان التفرد غير ظاهر في الغلط ثم أيد ذلك بأن ظاهر الولوالجية و الظهيرية يدل على أن ظاهر الرواية هو اشتراط العدد لا الجمع العظيم والعدد يصدق باثنين اه
وأقره في النهر و المنح ونازعه محشيه الرملي بأن ظاهر المذهب اشتراط الجمع العظيم فيتعين العمل به لغلبة الفسق والاقتراء على الشهر الخ
أقول أنت خبير بأن كثيرا من الأحكام تغيرت لتغير الأزمان ولو اشترط في زماننا الجمع العظيم لزم أن لا يصوم الناس إلا بعد ليلتين أو ثلاث لما هو مشاهد من تكاسل الناس بل كثيرا ما رأيناهم يشتمون من يشهد بالشهر ويؤذونه وحينئذ فليس في شهادة الاثنين تفرد بين الجمع الغفير حتى يظهر غلط الشاهد فانتفت علة ظاهر الرواية فتعين الإفتاء بالرواية الأخرى
قوله ( وصحح في الأقضية الخ ) هو اسم كتاب واعتمده في الفتاوى الصغرى أيضا وهو قول الطحاوي وأشار إليه الإمام محمد في كتاب الاستحسان من الأصل لكن في الخلاصة ظاهر الرواية أنه لا فرق بين المصر وخارجه
معراج غيره
قلت لكن قال في النهاية عند قوله ومن رأى هلال رمضان وحده صام الخ وفي المبسوط وإنما يرد الإمام شهادته إذا كانت السماء مصحية وهو من أهل المصر فأما إذ كانت متغيمة أو جاء من خارج المصر أو كان في موضع مرتفع فإنه يقبل عندنا اه
____________________
(2/388)
فقوله عندنا يدل على أنه قول أئمتنا الثلاثة وقد جزم به في المحيط وعبر عن مقابله بقيل
ثم قال وجه ظاهر الرواية أن الرؤية تختلف باختلاف صفو الهواء وكدرته وباختلاف انهباط المكان وارتفاعه فإن هواء الصحراء أصفى من هواء المصر وقد يرى الهلال من أعلى الأماكن ما لا يرى من الأسفل فلا يكون تفرده بالرؤية خلاف الظاهر بل على موافقة الظاهر اه
ففيه التصريح بأنه ظاهر الرواية وهو كذلك لأن المبسوط من كتب ظاهر الرواية أيضا فقد ثبت أن كلا من الروايتين ظاهر الرواية ثم رأيته أيضا في كافي الحاكم الذي هو جمع كلام محمد في كتبه ظاهر الرواية
ونصه ويقبل شهادة المسلم والمسلمة عدلا كان الشاهد أو غير عدل بعد أن يشهد أنه رأى خارج المصر أو أنه رآه في المصر وفي المصر علة تمنع العامة من التساوي في رؤيته وإن كان ذلك في مصر ولا علة في السماء لم يقبل في ذلك إلا الجماعة اه
ويظهر لي أنه لا منافاة بينهما لأن رواية اشتراط الجمع العظيم التي عليها صحاب المتون محمولة على ما إذا كان الشاهد من المصر في مكان غير مرتفع فتكون الرواية الثانية مقيدة لإطلاق الرواية الأولى بدليل أن الرواية الأولى علل فيها رد الشهادة بأن التفرد ظاهر في الغلط
وعلى ما في الرواية الثانية لم توجد علة الرد ولهذا قال في المحيط فلا يكون تفرده بالرؤية خلاف الظاهر الخ
وعلى هذا فما في الخلاصة وغيرها من أنه لا فرق بين المصر وخارجه مبني على ما هو المتبادر من إطلاق الرواية الأولى والله تعالى أعلم
قوله ( أن يدعي ) بالبناء للمجهول أو للمعلوم وفاعل ضمير المدعي المفهوم من فعله أي بأن يدعي مدع على شخص حاضر بأن فلانا الغائب له عليك كذا من الدين وقد قال لي إذا دخل رمضان فأنت وكيلي يقبض هذا الدين ومثل ذلك ما لو ادعى على آخر بدين له عليه مؤجل إلى دخول رمضان فيقر بالدين وينكر الدخول قوله
قوله ( فيقر ) أي الحاضر بالدين والوكالة
واستشكله الخير الرملي بأن هذا إقرار على الغائب بقبض المدعي دينه فلا ينفذ
وأقول لا إشكال لأن الديون تقضى بأمثالها فقد أقر بثبوت حق القبض له في ملك نفسه بخلاف ما لو كانت الدعوى بعين كوديعة لأن إقراره بها إقرار بثبوت حق القبض للوكيل في ملك الموكل فلا يصح وبخلاف ما لو أقر بالوكالة وجحد الدين فإنه لا يصير خصما بإقراره حتى يقيم الوكيل البينة على وكالته كما في شرح أدب القضاء للخصاف
قوله ( فيقضي عليه به ) أي بثبوت حق القبض
قوله ( ويثبت دخوله الشهر ضمنا ) لأنه من ضروريات صحة الحكم بقبض الدين فقد ثبت في ضمن إثبات حق العبد لا قصدا ولهذا قال في البحر عن الخلاصة بعدما ذكره الشارح هنا لأن إثبات مجيء رمضان لا يدخل تحت الحكم حتى لو أخبر رجل عدل القاضي بمجيء رمضان يقبل ويأمر الناس بالصوم يعني في يوم الغيم ولا يشترط لفظة الشهادة وشرائط القضاء أما في العيد فيشترط لفظ الشهادة وهو يدخل تحت الحكم لأنه من حقوق العباد اه
قلت والحاصل أن رمضان يجب صومه بلا ثبوت بل بمجرد الإخبار لأنه من الديانات ولا يلزم من وجوب صومه ثبوته كما مر وحينئذ ففائدة إثباته على الطريق المذكور عدم توقفه على الجمع العظيم لو كانت السماء مصحية لأن الشهادة هنا على حلول الوكالة بدخول الشهر لا على رؤية الهلال ولا شك أن حلول الوكالة يكتفى فيها بشاهدين لأنها مجرد حق عبد ولا تثبت إلا بثبوت الدخول وإذا ثبت دخوله ضمنا وجب صومه ونظيره ما سنذكره
____________________
(2/389)
فيما لو تم عدد رمضان ولم ير هلال الفطر للعلة يحل الفطر وإن ثبت رمضان بشهادة واحد لثبوت الفطر تبعا وإن كان لا يثبت قصدا إلا بالعدد والعدالة هذا ما ظهر لي
قوله ( شهدوا ) منم إطلاق الجمع على ما فوق الواحد
وفي بعض النسخ شهدا بضمير التثنية وهو أولى
قوله ( شاهدان ) أي بناء على أنه كان بالسماء علة أو كان القاضي يرى ذلك فارتفع بحكمه الخلاف أو على الرواية التي اختارها في البحر كما مر
قوله ( في ليلة كذا ) لا بد منه ليتأتى الإلزام بصوم يومها ط
قوله ( وقضى ) أي وأنه قضى فهو عطف على شهد
قوله ( ووجد استجماع شرائط الدعوى ) هكذا في الذخيرة عن مجموع النوازل وكأنه مبني على ما قدمناه عن الخانية من بحث اشتراط الدعوى على قياس قول الإمام أو ليكون شهادة على القضاء بدليل التعليل بقوله لأن قضاء القاضي حجة لأنه لا يكون قضاء إلا عند ذلك
والظاهر أن المراد من القضاء به القضاء ضمنا كما تقدم طريقه وإلا فقد علمت أن الشهر لا يدخل تحت الحكم
قوله ( أي جاز ) الظاهر أن المراد بالجواز الصحة فلا ينافي الوجوب
تأمل قوله
قوله ( لأنه حكاية ) فإنهم لم يشهدوا بالرؤية ولا على شهادة غيرهم وإنما حكوا رؤية غيرهم كذا في فتح القدير قلت وكذا لو شهدوا برؤية غيرهم وأن قاضي تلك المصر أمر الناس بصوم رمضان لأنه حكاية لفعل القاضي أيضا وليس بحجة بخلاف قضائه ولذا قيد بقوله ووجد استجماع شرائط الدعوى كما قلنا
فتأمل
قوله ( نعم الخ ) في الذخيرة قال شمس الأئمة الحلواني الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخبر إذا استفاض وتحقق فيما بين أهل البلدة الأخرى يلزمهم حكم هذه البلدة اه
ومثله في الشرنبلالية عن المغني
قلت ووجه الاستدراك أن هذه الاستفاضة ليس فيها شهادة على قضاء قاض ولا على شهادة لكن لما كانت بمنزلة الخبر المتواتر وقد ثبت بها أن أهل تلك البلدة صاموا يوم كذا لزم العمل بها لأن البلدة لا تخلو عن حاكم شرعي عادة فلا بد من أن يكون صومهم مبنيا على حكم حاكمهم الشرعي فكانت تلك الاستفاضة بمعنى نقل الحكم المذكور وهي أقوى من الشهادة بأن أهل تلك البلدة رأوا الهلال وصاموا لأنها لا تفيد اليقين فلذا لم تقبل إلا إذا كانت على الحكم أو على شهادة غيرهم لتكون شهادة معتبرة وإلا فهي مجرد إخبار بخلاف الاستفاضة فإنها تفيد اليقين فلا ينافي ما قبله هذا ما ظهر لي
تأمل
تنبيه قال الرحمتي معنى الاستفاضة أن تأتي من تلك البلدة جماعات متعددون كل منهم يخبر عن أهل تلك البلدة أنهم صاموا عن رؤية لا مجرد الشيوع من غير علم بمن أشاعه كما قد تشيع أخبار يتحدث بها سائر أهل البلدة ولا يعلم من أشاعها كما ورد أن في آخر الزمان يجلس الشيطان بين الجماعة فيتكلم بالكلمة فيتحدثون بها ويقولون لا ندري من قالها فمثل هذا لا ينبغي أن يسمع فضلا عن أن يثبت به حكم اه
قلت وهو كلام حسن ويشير إليه قول الذخيرة إذا استفاض وتحقق فإن التحقق لا يوجد بمجرد الشيوع
قوله ( حل الفطر ) أي اتفاقا إن كانت ليلة الحادي والثلاثين متغيمة وكذا لو مصحية على ما صححه في الدراية و الخلاصة و البزازية وصحح عدمه في مجموع النوازل والسيد الإمام الأجل ناصر الدين كما في الإمداد ونقل العلامة
____________________
(2/390)
نوح الاتفاق على حل الفطر في الثانية أيضا عن البدائع و السراج و الجوهرة
قال والمراد اتفاق أئمتنا الثلاثة وما حكي فيها من الخلاف إنما هو لبعض المشايخ
قلت وفي الفيض الفتوى على حل الفطر
ووفق المحقق ابن الهمام كما نقله عنه في الإمداد بأنه لا يبعد لو قال قائل إن قبلهما في الصحو أي في هلال رمضان وتم العدد لا يفطرون وإن قبلهما في غيم أفطروا لتحقق زيادة القوة في الثبوت في الثاني والاشتراك في عدم الثبوت أصلا في الأول فصار كشهادة الواحد اه
قال والحاصل أنه إذا غم شوال أفطروا اتفاقا إذا ثبت رمضان بشهادة عدلين في الغيم أو الصحو وإن لم يغم فقيل يفطرون مطلقا وقيل لا مطلقا وقيل يفطرون إن غم رمضان أيضا وإلا لا
قوله ( حيث يجوز ) حيثية تقييد أي بأن قبله القاضي في الغيم أو في الصحو وهو ممن يرى ذلك فتح أي بأن كان شافيا أو يرى قول الطحاوي بقبول شهادته في الصحو إذا جاء من الصحراء أو كان على مكان مرتفع في المصر وقدمنا ترجيحه وما هنا يرجحه أيضا فقد قال في الفتح في قول الهداية إذا قبل الإمام شهادة الواحد وصاموا الخ هكذا الرواية على الإطلاق
قوله ( وغم هلال الفطر ) الجملة حالية قيد بها لأنها محل الخلاف على ما ذكره المصنف
قوله ( لا يحل ) أي الفطر إذا لم ير الهلال
قال في الدرر ويعزز ذلك الشاهد أي لظهور كذبه
قوله ( لكن الخ ) استدراك على ما ذكره المصنف من أن خلاف محمد فيما إذا غم الفطر بأن المصرح به في الذخيرة وكذا في المعراج عن المجتبى أن حل الفطر هنا محل وفاق وإنما الخلاف فيما إذا لم يغم ولم ير الهلال فعندهما لا يحل الفطر وعند محمد يحل كما قاله شمس الأئمة الحلواني وحرره الشرنبلالي في الإمداد
قال في غاية البيان وجه قول محمد وهو الأصح أن الفطر ما ثبت بقول الواحد ابتداء بل بناء وتبعا فكم من شيء ضمنا ولا يثب قصدا
وسئل عنه محمد فقال ثبت الفطر بحكم القاضي لا بقول الواحد يعني لما حكم في هلال رمضان بقول الواحد ثبت الفطر بناء على ذلك بعد تمام الثلاثين
قال شمس الأئمة في شرح الكافي وهو نظير شهادة القابلة على النسب فإنها تقبل ثم يفضي ذلك إلى استحقاق الميراث والميراث لا يثبت بشهادة القابلة ابتداء اه
قوله ( وفي الزيلعي الخ ) نقله لبيان فائدة لم تعلم من كلام الذخيرة وهي ترجيح عدم حل الفطر إن لم يغم شوال لظهور غلط الشاهد لأنه الأشبه من ألفاظ الترجيح لكنه مخالف لما علمته من تصحيح غاية البيان لقول محمل بالحل نعم حمل في الإمداد ما في غاية البيان على قول محمد بالحل إذا غم شوال بناء على تحقق الخلاف الذي نقله المصنف وقد علمت عدمه وحينئذ فما في غاية البيان في غير محله لأنه ترجيح لما هو متفق عليه
تأمل
قوله ( والأضحى كالفطر ) أي ذو الحجة كشوال فلا يثبت بالغيم إلا برجلين أو رجل وامرأتين وفي الصحو لا بد من زيادة العدد على ما قدمناه وفي النوادر عن الإمام أنه كرمضان وصححه في التحفة والأول ظاهر المذهب وصححه في الهداية وشروحها و التبيين فاختلف التصحيح وتأيد الأول بأنه المذهب
بحر
قوله ( وبقية الأشهر التسعة ) فلا يقبل فيها إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عدول أحرار غير محدودين كما في سائر الأحكام
بحر عن شرح مختصر الطحاوي للإمام الإسبيجابي
وذكر في الإمداد أنها في الصحو كرمضان والفطر أي فلا بد من الجمع العظيم ولم يعزه لأحد لكن قال الخير الرملي الظاهر أنه في الأهلة التسعة لا فرق بين الغيم والصحو في قبول الرجلين لفقد العلة الموجبة لاشتراط الجمع الكثير وهي توجه الكل
____________________
(2/391)
طالبين ويؤيده قوله في سائر الأحكام فلو شهدا في الصحو بهلال شعبان وثبت بشروط الثبوت الشرعي يثبت رمضان بعد ثلاثين يوما من شعبان وإن كان رمضان في الصحو لا يثبت بخبرهما لأن ثبوته حينئذ ضمني ويغتفر في الضمنيات ما لا يغتفر في القصديات اه
مطلب في رؤية الهلال نهارا قوله ( ورؤيته بالنهار لليلة الآتية مطلقا ) أي سواء رئي قبل الزوال أو بعده وقوله على المذهب أي الذي هو قول أبي حنيفة ومحمد
قال في البدائع فلا يكون ذلك اليوم من رمضان عندهما
وقال أبو يوسف إن كان بعد الزوال فكذلك وإن كان قبله فهو لليلة الماضية ويكون اليوم من رمضان وعلى هذا الخلاف هلال شوال فعندهما يكون للمستقبلة مطلقا ويكون اليوم من رمضان وعنده لو قبل الزوال يكون للماضية ويكون اليوم يوم الفطر لأنه لا يرى قبل الزوال عادة إلا أن يكون لليلتين فيجيب في هلال رمضان كون اليوم من رمضان وفي هلال شوال كونه يوم الفطر والأصل عندهما أنه لا تعتبر رؤيته نهارا وإنما العبرة لرؤيته بعد غروب الشمس لقوله صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته أمر بالصوم والفطر بعد الرؤية ففيما قاله أبو يوسف مخالفة النص اه ملخصا
وفي الفتح أوجب الحديث سبق الرؤية عن الصوم والفطر والمفهوم المتبادر منه الرؤية عند عشية آخر كل شهر عند الصحابة والتابعين ومن بعدهم بخلاف ما قبل الزوال من الثلاثين والمختار قولهما اه
قلت والحاصل إذا رئي الهلال يوم الجمعة مثلا قبل الزوال فعند أبي يوسف هو لليلة الماضية بمعنى أنه يعتبر أن الهلال قد وجد في الأفق ليلة الجمعة فغاب ثم ظهر نهارا فظهوره في النهار في حكم ظهوره في ليلة ثانية من ابتداء الشهر لأنه لو لم يكن قبل ليلة لم يمكن رؤيته نهارا لأنه لا يرى قبل الزوال إلا أن يكون لليلتين فلا منافاة بين كونه لليلة الماضية وكونه لليلتين لأن النهار صار بمنزلة ليلة ثانية وإذا كان لليلة الماضية يكون يوم الجمعة المذكور أو الشهر فيجب صومه إن كان رمضان ويجب فطره إن كان شوالا
وأما عندهما فلا يكون للماضية مطلقا بل هو للمستقبلة وليس كونه للمستقبلة ثابتا برؤيته نهارا لأنه لا عبرة عندهما برؤيته نهارا وإنما ثبت بإكمال العدة لأن الخلاف على ما صرح به في البدائع و الفتح إنما هو في رؤيته يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان أو من رمضان
فإذا كان يوم الجمعة المذكور يوم الثلاثين من الشهر ورئي فيه الهلال نهارا فعند أبي يوسف ذلك اليوم أول الشهر وعندهما لا عبرة لهذه الرؤية ويكون أول الشهر يوم السبت سواء وجدت هذه الرؤية أو لا لأن الشهر لا يزيد على الثلاثين فلم تفد هذه الرؤية شيئا وحينئذ فقولهم هو لليلة المستقبلة عندهما بيان للواقع وتصريح بمخالفة القول بأنه للماضية فلا منافاة حينئذ بين قولهم هو للمستقبلة عندهما وقولهم لا عبرة برؤيته نهارا عندهما وإنما كان الخلاف في رؤيته يوم الشك وهو يوم الثلاثين لأن رؤيته يوم التاسع والعشرين لم يقل أحد فيها إنه للماضية لئلا يلزم أن يكون الشهر ثمانية وعشرين كما نص عليه بعض المحققين وشمل قولهم لا عبرة برؤيته نهارا وأما إذا رئي يوم التاسع والعشرين قبل الشمس ثم رئي ليلة الثلاثين بعد الغروب وشهدت بينة شرعية بذلك فإن الحاكم يحكم برؤيته ليلا كما هو نص الحديث ولا يلتفت إلى قول المنجمين إنه لا يمكن رؤيته صباحا ثم مساء في يوم واحد كما قدمناه عن فتاوى شمس الرملي الشافعي
وكذا لو ثبتت رؤيته ليلا ثم زعم زاعم أنه رآه صبيحتها
____________________
(2/392)
فإن القاضي لا يلتفت إلى كلامه
كيف وقد صرحت أئمة المذاهب الأربعة بأن الصحيح أنه لا عبرة برؤية الهلال نهارا وإنما المعتبر رؤيته ليلا وأنه لا عبرة بقول المنجمين
ومن عجائب الدهر ما وقع في زماننا سنة أربعين بعد المائتين والألف وهو أنه ثبت رمضان تلك السنة ليلة الاثنتين التالية لتسع وعشرين من شعبان بشهادة جماعة رأوه من منارة جامع دمشق وكانت السماء متغيمة فأثبت القاضي الشهر بشهادتهم بعد الدعوى الشرعية فزعم بعض الشافعية أن هذا الإثبات مخالف للعقل وأنه غير صحيح لأنه أخبره بعض الناس بأنه رأى الهلال نهار الاثنين المذكور ثم تعاهد جماعة من أهل مذهبه على نقد هذا الحكم فلم يقدروا وأوقعوا التشكيك في قلوب العوام ثم صاموا يوم عيد الناس وعيدوا في اليوم الثاني حتى خطأهم بعض علمائهم وأظهر لهم النقول الصريحة من مذهبهم فاعتذر بعضهم بأنهم فعلوا كذلك مراعاة لمذهب الحنفية وأن الحنفية لم يفهموا مذهبهم ولا يخفى أن هذا العذر أقبح من الذنب فإن فيه الافتراء على أئمة الدين لترويج الخطأ الصريح فعند ذلك بادرت إلى كتابة رسالة سميتها تنبيه الغافل والوسنان على أحكام هلال رمضان جمعت فيها نصوص المذاهب الأربعة الدالة على أن الخطأ الصريح هو الذي ارتكبوه وأن الحق الصحيح هو الذي اجتنبوه
مطلب في اختلاف المطالع قوله ( واختلاف المطالع ) جمع مطلع بكسر اللام موضع الطلوع بحر عن ضياء الحلوم
قوله ( ورؤيته نهارا الخ ) مرفوع عطفا على اختلاف ومعنى عدم اعتبارها أنه لا يثبت بها حكم من وجوب صوم أو فطر فلذا قال في الخانية فلا يصام له ولا يفطر وأعاده وإن علم مما قبله ليفيد أن قوله لليلة الآتية لم يثبت بهذه الرؤية بل ثبت ضرورة إكمال العدة كما قررناه فافهم
قوله ( على ظاهر المذهب ) اعلم أن نفس اختلاف المطالع لا نزاع فيه بمعنى أنه قد يكون بين البلدتين بعد بحيث يطلع الهلال ليلة كذا في إحدى البلدتين دون الأخرى وكذا مطالع الشمس لأن انفصال الهلال عن شعاع الشمس يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم أن تزول في المغرب وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس بل كلما تحركت الشمس درجة فتلك طلوع فجر لقوم وطلوع شمس لآخرين وغروب لبعض ونصف ليل لغيرهم كما في الزيلعي
وقدر البعد الذي تختلف فيه المطالع مسيرة شهر فأكثر على ما في القهستاني عن الجواهر اعتبارا بقصة سليمان عليه السلام فإنه قد انتقل كل غدو ورواح من إقليم إلى إقليم وبينما شهر اه
ولا يخفى ما في هذا الاستدلال وفي شراح المنهاج للرملي وقد نبه التاج التبريزي على أن اختلاف المطالع لا يمكن في أقل من أربعة وعشرين فرسخا وأفتى به الوالد والأوجه أنها تحديدية كما أفتى به أيضا اه
فليحفظ وإنما الخلاف في اعتبار اختلاف المطالع بمعنى أنه هل يجب على كل قوم اعتبار مطلعهم ولا يلزم أحدا العمل بمطلع غيره أم لا يعتبر اختلافها بل يجب العمل بالأسبق رؤية حتى لو رئي في المشرق ليلة الجمعة وفي المغرب ليلة السبت وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق فقيل بالأول واعتمده الزيلعي وصاحب الفيض وهو الصحيح عند الشافعية لأن كل قوم مخاطبون بما عندهم كما في أوقات الصلاة وأيده في الدرر بما مر من عدم وجوب العشاء والوتر على فاقد وقتها وظاهر الرواية الثاني وهو المعتمد عندنا وعند المالكية والحنابلة لتعلق الخطاب عاما بمطلق الرؤية في حديث صوموا لرؤيته بخلاف أوقات الصلوات وتمام تقريره في رسالتنا المذكورة
تنبيه يفهم من كلامهم في كتاب الحج أن اختلاف المطالع فيه معتبر فلا يلزمهم شيء لو ظهر أنه رئي
____________________
(2/393)
في بلدة أخرى قبلهم بيوم وهل يقال كذلك في حق الأضحية لغير الحجاج لم أره والظاهر نعم لأن اختلاف المطالع إنما لم يعتبر في الصوم لتعلقه بمطلق الرؤية
وهذا بخلاف الأضحية فالظاهر أنها كأوقات الصلوات يلزم كل قوم العمل بما عندهم فتجزىء الأضحية في اليوم الثالث عشر وإن كان على رؤيا غيرهم هو الرابع عشر والله أعلم
قوله ( فيلزم ) فاعله ضمير يعود إلى ثبوت الهلال أي هلال الصوم أو الفطر وأهل المشرق مفعوله ح
أو يلزم بضم الياء من الإلزام مبني للمجهول وأهل المشرق نائب الفاعل وبرؤيته متعلق بيلزم
قوله ( بطريق موجب ) كأن يتحمل اثنان الشهادة أو يشهدا على حكم القاضي أو يستفيض الخبر بخلاف ما إذا أخبرا أن أهل بلدة كذا رأوه لأنه حكاية ح
قوله ( كما مر ) أي عند قوله شهد أنه شهد ح
قوله ( يكره ) ظاهره ولو بقصد دلالة من لم يره وظاهر العلة أن الكراهة تنزيهية ط
والله أعلم
باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده المفسد هنا قسمان ما يوجب القضاء فقط أو مع الكفارة وغير المفسد قسمان أيضا ما يباح فعله أو يكره
قوله ( الفساد والبطلان في العبادات سيان ) أما في المعاملات فإن لم يترتب أثر المعاملة عليها فهو البطلان وإن ترتب فإن كان المطلوب التفاسخ شرعا فهو الفساد وإلا فهو الصحة
ح عن البحر
بيانه لو باع ميتة فإن أثر المعاملة هنا وهو الملك غير مترتب عليها ولو باع عبدا بشرط فاسد وسلمه ملكه المشتري فاسدا وهو واجب التفاسخ ولو بدون شرط ملكه صحيحا
قوله ( إذا أكل ) شرط جوابه قوله الآتي لم يفطر كما سينبه عليه الشارح
قوله ( ناسيا ) أي لصومه لأنه ذاكر للأكل والشرب والجماع
معراج
قوله ( في الفرض ) ولو قضاء أو كفارة
قوله ( قبل النية أو بعدها ) قدم الشارح هذه المسألة عن شرح الوهبانية قبيل قوله رأى مكلف هلال رمضان الخ وصوروها في المتلوم تبعا للوهبانية وشرحها لكونه في معنى الصائم إذا ظهرت رمضانية اليوم بعدما أكل ناسيا ثم نوى فيتصور منه النسيان أي نسيان تلومه لأجل الصوم بخلاف المتنفل فإنه لو أكل قبل النية لا يسمى ناسيا وكذا في صوم القضاء والكفارة نعم يتصور النسيان في أداء رمضان والمنذور المعين
قوله ( على الصحيح ) متصل بقوله قبل النية وقد نقل تصحيحه أيضا في التاترخانية عن العتابية وقيل إذا ظهرت رمضانيته لا يجزيه وبه جزم في السراج وتبعه في الشرنبلالية ونظم ابن وهبان القولين مع حكاية التصحيح للأول وأقره في البحر و النهر فكان هو المعتمد فافهم
قوله ( إلا أن يذكر فلم يتذكر ) أي إذا أكل ناسيا فذكره إنسان بالصوم لم يتذكر فأكل فسد صومه
____________________
(2/394)
في الصحيح خلافا لبعضهم
ظهيرية
لأن خبر الواحد في الديانات مقبول فكان يجب أن يلتفت إلى تأمل الحال لوجود المذكر
بحر
قلت لكن لا كفارة عليه وهو المختار كما في التاترخانية عن النصاب وقد نسبوا هذه المسألة إلى أبي يوسف ونسب إليه القهستاني فساد الصوم بالنسيان مطلقا ولم أره لغيره وسيأتي ما يرده
قوله ( ويذكره ) أي لزوما كما في الولوالجية فيكره تركه تحريما
بحر
وقوله لو قويا أي له قوة على إتمام الصوم بلا ضعف وإذا كان يضعف بالصوم ولو أكل يتقوى على سائر الطاعة يسعه أن لا يخبره
فتح
وعبارة غيره الأولى أن لا يخبره وتعبير الزيلعي بالشاب والشيخ جرى على الغالب ثم هذا التفصيل جرى عليه غير واحد
وفي السراج عن الواقعات المختار أنه يذكره مطلقا
نهر
مطلب يكره السهر إذا خاف فوت الصبح قال ح عن شيخه ومثل أكل الناسي النوم عن صلاة لأن كلا منهما معصية في نفسه كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم إلا في حق الضيف عن الصوم مرحمة له اه
قوله ( وليس ) أي النسيان عذرا في حقوق العباد أي من حيث ترتب الحكم على فعله فلو أكل الوديعة ناسيا ضمنها أما من حيث المؤاخذة في الآخرة فهو عذر مسقط للإثم كما في حقوقه تعالى وأما من حيث الحكم في حقوقه تعالى فإن كان في موضع ولا داعي إليه كأكل المصلي لم يسقط لتقصيره فإن حالة المصلي مذكرة وطول الوقت الداعي إلى الأكل غير موجود بخلاف سلامه في القعدة الأولى وأكل الصائم فإنه ساقط لوجود الداعي وهو كون القعدة محل السلام وطول الوقت الداعي إلى الطعام مع عدم المذكر وبخلاف ترك الذابح التسمية فإن حالة الذبح منفرة لا مذكرة مع عدم الداعي فتسقط أيضا
من البحر مع زيادة
قوله ( استحسانا ) وفي القياس يفسد أي بدخول الذباب لوصول المفطر إلى جوفه وإن كان لا يتغذى به كالتراب والحصاة
هداية
قوله ( لعدم إمكان التحرز عنه ) فأشبه الغبار والدخان لدخولهما من الأنف إذا أطبق الفم كما في الفتح وهذا يفيد أنه إذا وجد بدا من تعاطي ما يدخل غباره في حلقه أفسد لو فعل
شرنبلالية
قوله ( ومفاده ) أي مفاد قوله دخل أي بنفسه بلا صنع منه
قوله ( إنه لو أدخل حلقه الدخان ) أي بأي صورة كان الإدخال حتى لو تبخر بخور فآواه إلى نفسه واشتمه ذاكرا لصومه أفطر لإمكان التحرز عنه وهذا مما يغفل عنه كثير من الناس ولا يتوهم أنه كشم الورد ومائه والمسك لوضوح الفرق بين هواء تطيب بريح المسك وشبهه وبين جوهر دخان وصل إلى جوفه بفعله
إمداد
وبه علم حكم شرب الدخان ونظمه الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية بقوله ويمنع من بيع الدخان وشربه وشاربه في الصوم لا شك يفطر ويلزمه التكفير لو ظن نافعا كذا دافعا شهوات بطن فقرروا قوله ( وإن وجد طعمه في حلقه ) أي طعم الكحل أو الدهن كما في السراج وكذا لو بزق فوجد لونه في الأصح
بحر
قال في النهر لأن الموجود في حلقه أثر داخل من المسام الذي هو خلل البدن والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ
____________________
(2/395)
للاتفاق على أن من اغتسل في ماء فوجد برده في باطنه أنه لا يفطر وإنما كره الإمام الدخول في الماء والتلفف بالثوب المبلول لما فيه من إظهار الضجر في إقامة العبادة لا لأنه مفطر اه
وسيأتي أن كلا من الكحل والدهن غير مكروه وكذا الحجامة إلا إذا كانت تضعفه عن الصوم
قوله ( أو بفكر ) عطف على قوله بنظر
قوله ( أو بقي بلل في فيه بعد المضمضة ) جعله في الفتح و البدائع شبيه دخول الدخان والغبار ومقتضاه أن العلة فيه عدم إمكان التحرز عنه وينبغي اشتراط البصق بعد مج الماء لاختلاط الماء بالبصاق فلا يخرج بمجرد المج نعم لا يشترط المبالغة في البصق بعده مجرد بلل ورطوبة لا يمكن التحر منه وعلى ما قلنا ينبغي أن يحمل قوله في البزازية إذا بقي بعد المضمضة ماء فابتلعه بالبزاق لم يفطر لتعذر الاحتراز فتأمل
قوله ( كطعم أدوية ) أي لو دق دواء فوجد طعمه في حلقه زيلعي وغيره
وفي القهستاني طعم الأدوية وريح العطر إذا وجد في حلقه لم يفطر كما في المحيط
قوله ( ومص إهليلج ) أي بأن مضغها فدخل البصاق حلقه ولا يدخل من عينها في جوفه لا يفسد صومه كما في التاترخانية وغيرها
وفي المغرب الهليلج معروف عن الليث وكذا في القانون
وعن أبي عبيد الإهليلجة بكسر اللام الأخيرة ولا تقل هليلجة وكذا قال الفراء اه
قوله ( وإن كان بفعله ) اختاره في الهداية و التبيين وصححه في المحيط
وفي الولوالجية أنه المختار وفصل في الخانية بأنه إن دخل لا يفسد وإن أدخله يفسد في الصحيح لأنه وصل إلى الجوف بفعله فلا يعتبر فيه صلاح البدن ومثله في البزازية واستظهره في الفتح و البرهان
شرنبلالية ملخصا
والحاصل الاتفاق على الفطر بصب الدهن وعلى عدمه بدخول الماء
واختلف التصحيح في إدخاله
نوح
قوله ( كما لو حك أذنه إلخ ) جعله مشبها به لما في البزازية أنه لا يفسد بالإجماع والظاهر أن المراد بإجماع أهل المدهب لأنه عند الشافعية مفسد
قوله ( لأنه تبع لريقه ) عبارة البحر لأنه قليل لا يمكن الاحتراز عنه فجعل بمنزلة الريق
قوله ( كما سيجيء ) أي قبيل قوله وكره له ذوق شيء ويأتي تفاصيل المسألة هناك
قوله ( يعني ولم يصل إلى جوفه ) ظاهر إطلاق المتن أنه لا يفطر وإن كان الدم غالبا على الريق وصححه في الوجيز كما في السراج وقال ووجهه أنه لا يمكن الاحتراز عنه عادة فصار بمنزلة ما بين أسنانه وما يبقى من أثر المضمضة كذا في إيضاح الصيرفي اه
ولما كان هذا القول خلاف ما عليه الأكثر من التفصيل حاول الشارح تبعا للمصنف في شرحه بحمل كلام المتن على ما إذا لم يصل إلى جوفه لئلا يخالف ما عليه الأكثر
قلت ومن هذا يعلم حكم من قلع ضرسه في رمضان ودخل الدم إلى جوفه في النهار ولو نائما فيجب عليه القضاء إلا أن يفرق بعدم إمكان التحرز عنه فيكون كالقيء الذي عاد بنفسه
فليراجع
قوله ( واستحسنه المصنف ) أي تبعا ل شرح الوهبانية حيث قال فيه وفي البزازية قيد عدم الفساد في صورة غلبة البصاق بما إذا لم يجد طعمه وهو حسن اه
قوله ( هو ما عليه الأكثر ) أي ما ذكر من التفصيل بين ما إذا غلب الدم أو تساويا أو غلب البصاق هو ما عليه أكثر المشايخ كما في النهر
قوله ( وسيجيء ) أي ما استحسنه المصنف حيث يقول وأكل مثل سمسمة
____________________
(2/396)
من خارج يفطر إلا إذا مضغ بحيث تلاشت في فمه إلا أن يجد الطعم في حلقه اه
ولا يخفى ما في كلامه من تشتيت الضمائر كما علمت
قوله ( وإن بقي في جوفه ) أي بقي زجه وهذا ما صححه جماعة منهم قاضيخان في شرحه على الجامع الصغير حيث قال وإن بقي الزج في جوفه لم يذكر في الكتاب واختلفوا فيه
قال بعضهم يفسده كما لو أدخل خشبة في دبره وغيبها
قال بعضهم لا يفسد وهو الصحيح لأنه لم يوجد منه الفعل ولم يصل إليه ما فيه صلاحه اه
وحاصله أن الإفساد منوط بما إذا كان بفعله أو فيه بدنه ويشترط أيضا استقراره داخل الجوف فيفسد بالخشبة إذا غيبها لوجود الفعل مع الاستقرار وإن لم يغيبها فلا لعدم الاستقرار ويفسد أيضا فيما لو أوجر مكرها أو نائما كما سيأتي لأن فيه صلاحه
قوله ( كما لو بقي ألقي حجر ) أي ألقاه غيره فلا يفسد لكونه بغير فعله وليس فيه صلاحه بخلاف ما لو داوى الجائفة كما سيأتي
قوله ( ولو بقي النصل في جوفه فسد ) هذا على أحد القولين إذ لا فرق بين نصل السهم ونصل الرمح فقد صرح في فتح القدير بأن الخلاف جاز فيهما وبه علم ما في كلام الشارح حيث جرى أولا على الصحيح وثانيا على مقابله فافهم
قوله ( وإن غيبه ) أي غيب الطرفين أو العود بحيث لم يبق منه شيء في الخارج
قوله ( وكذا لو ابتلع خشبة ) أي عودا من خشب إن غاب في حلقه أفطر وإلا فلا
قوله ( مفاده ) أي مفاد ما ذكر متنا وشرحا وهو أن ما دخل في الجوف إن غاب فيه فسد وهو المراد بالاستقرار وإن لم يغب بل بقي طرف منه في الخارج أو كان متصلا بشيء خارج لا يفسد لعدم استقراره
قوله ( أي دبره أو فرجها ) أشار إلى أن تذكير الضمير العائد إلى المقعدة لكونها في معنى الدبر ونحوه وإلى أن فاعل أدخل ضمير عائد على الشخص الصائم الصادق بالذكر والأنثى
قوله ( ولو مبتلة فسد ) لبقاء شيء من البلة في الداخل وهذا لو أدخل الأصبع إلى موضع المحقنة كما يعلم مما بعده
قال ط ومحله إذا كان ذاكرا للصوم وإلا فلا فساد كما في الهندية عن الزاهدي اه
وفي الفتح خرج سرمه فغسله فإن قام قبل أن ينشفه فسد صومه وإلا فلا لأن الماء اتصل بظاهره ثم زال قبل أن يصل إلى الباطن بعود المقعدة
قوله ( حتى بلغ موضع الحقنة ) هي دواء يجعل في خريطة من أدم يقال لها المحقنة
مغرب
ثم في بعض النسخ المحقنة بالميم وهي أولى
قال في الفتح والحد الذي يتعلق بالوصول إليه لفساد قدر المحقنة اه أي قدر ما يصل إليه رأس المحقنة التي هي آلة الاحتقان
وعلى الأول فالمراد الموضع الذي ينصب منه الدواء إلى الأمعاء
قوله ( عند ذكره ) بالضم ويكسر بمعنى التذكير
قاموس
قوله ( وكذا عند طلوع الفجر ) أي وكذا لا يفطر لو جامع عامدا قبل الفجر ونزع في الحال عند طلوعه
قوله ( ولو مكث ) أي في مسألة التذكر ومسألة الطلوع
قوله ( حتى أمني ) هذا غير شرط في الإفساد وإنما ذكره لبيان حكم الكفارة
إمداد
قوله ( وإن حرك نفسه قضى وكفر ) أي إذا أمنى كما هو فرض المسألة وقد علمت أن تقييده بالإمناء لأجل الكفارة لكن جزم هنا بوجوب الكفارة مع أنه في الفتح وغيره حكي قولين
____________________
(2/397)
بدون ترجيح لأحدهما وقد اعترضه ح بأن وجوبها مخالف لما سيأتي من أنه إذا أكل أو جامع ناسيا فأكل عمدا لا كفارة عليه على المذهب لشبهة خلاف مالك لأنه يقول بفساد الصوم إذا أكل أو جامع ناسيا اه
قلت ووجه المخالفة أنه إذا لم تجب الكفارة في الأكل عمدا بعد الجماع ناسيا يلزم منه أن لا تجب بالأولى فيما إذا جامع ناسيا فتذكر ومكث وحرك نفسه لأن الفساد بالتحريك إنما هو لكون التحريك بمنزلة ابتداء جماع والجماع كالأكل وإذا أكل أو جامع عمدا بعد جماعه ناسيا لا تجب الكفارة فكذا لا تجب إذا حرك نفسه بالأولى لكن هذا لا يخالف مسألة الطلوع نعم يؤيد عدم الوجوب فيها أيضا إطلاق ما في البدائع حيث قال هذا أي عدم الفساد إذا نزع بعد التذكر أو بعد طلوع الفجر أما إذا لم ينزع وبقي فعليه القضاء ولا كفارة عليه في ظاهر الرواية
وروي عن أبي يوسف وجوب الكفارة في الطلوع فقط لأن ابتداء الجماع كان عمدا وهو واحد ابتداء وانتهاء والجماع العمد يوجبها وفي التذكر لا كفارة ووجه الظاهر أن الكفارة إنما تجب بإفساد الصوم وذلك بعد وجوده وبقاؤه في الجماع يمنع وجود الصوم فاستحال إفساده فلا كفارة اه
فهذه يدل على أن عدم وجوبها في التذكر متفق عليه لأن ابتداءه لم يكن عمدا وهو فعل واحد فدخلت في الشبهة ولأن فيه شبهة خلاف مالك كما علمت وإنما الخلاف في الطلوع وما وجه به ظاهر الرواية يدل على عدم الفرق بين تحريك نفسه وعدمه
وهذا وفي نقل الهندية عبارة البدائع سقط
فافهم
قوله ( كما لو نزع ثم أولج ) أي في المسألتين لما في الخلاصة ولو نزع حين تذكر ثم عاد تجب الكفارة وكذا في مسألة الصبح اه
لكن في مسألة التذكر ينبغي عدم الكفارة لما علمت من شبهة خلاف مالك ولعل ما هنا مبني على القول الآخر بعدم اعتبار هذه الشبهة
تأمل
قوله ( وبعده لا ) أي لاستقذارها وهذا هو الأصح كما في شرح الوهبانية عن المحيط وفيه عن الظهيرية إن قبل أن تبرد كفر وبعده لا
وعن ابن الفضل إن كانت لقمة نفسه كفر وإلا فلا اه
مطلب مهم المفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاد ومعرفة بأحوال الناس قلت والتعليل للأصح بالاستقذار يدل على تقييده بأن تبرد فيتحد مع القول الثاني لقولهم إن اللقمة الحارة يخرجها ثم يأكلها عادة ولا يعافها لكن هذا مبني على أن الفداء الموجب للكفارة ما يميل الطبع وتنقضي به شهوة البطن لا ما يعود نفعه إلى صلاح البدن والشارح فيما سيأتي اعتمد الثاني وسيأتي الكلام فيه
وذكر في الفتح فيما لو أكل لحما بين أسنانه قدر الحمصة فأكثر عليه الكفارة عند زفر لا عند أبي يوسف لأنه يعافه الطبع فصار بمنزلة التراب فقال والتحقيق أن المفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاده ومعرفة بأحوال الناس وقد عرف أن الكفارة تفتقر إلى كمال الجناية فينظر في صاحب الواقعة إن كان مما يعاف طبعه ذلك أخذ بقول أبي يوسف وإلا أخذ بقول زفر
قوله ( ولم ينزل ) أما لو أنزل قضى فقط كما سيذكره المصنف أي بلا كفارة
قال في الفتح وعمل المرأتين كعمل الرجال جماع أيضا فيما دون الفرج لا قضاء على واحدة منهما إلا إذا أنزلت ولا كفارة مع الإنزال اه
قوله ( يعني في غير السبيلين ) أشار لما في الفتح حيث قال أراد بالفرج كلا من القبل والدبر فما دونه حينئذ التفخيذ والتبطين اه أي لأن الفرج لا يشمل الدبر لغة وإن شمله حكما
قال في المغرب الفرج قبل الرجل والمرأة باتفاق أهل اللغة ثم قال وقوله الدبر كلاهما فرج يعني في الحكم اه
____________________
(2/398)
مطلب في حكم الاستمناء بالكف قوله ( وكذا الاستمناء بالكف ) كونه لا يفسد لكن هذا إذا لم ينزل أما إذا أنزل فعليه القضاء كما سيصرح به وهو المختار كما يأتي لكن المتبادر من كلامه الإنزال بقرينة ما بعده فيكون على خلاف المختار
قوله ( ولو خاف الزنى الخ ) الظاهر أنه غير قيد بل لو تعين الخلاص من الزنى به وجب لأنه أخف
وعبارة الفتح فإن غلبته الشهوة ففعل إرادة تسكينها به فالرجاء أن لا يعاقب اه
زاد في معراج الدراية وعن أحمد والشافعي في القديم الترخص فيه وفي الجديد يحرم ويجوز أن يستمني زوجته وخادمته اه
وسيذكر الشارح في الحدود عن الجوهرة أنه يكره ولعل المراد به كراهة التنزيه فلا ينافي قول المعراج
تأمل
وفي السراج إن أراد بذلك تسكين الشهوة المفرطة الشاغلة للقلب وكان عزبا لا زوجة له ولا أمة أو كان إلا أنه لا يقدر على الوصول إليها لعذر قال أبو الليث أرجو أن لا وبال عليه وأما إذا فعله لاستحلاب الشهوة فهو آثم اه
بقي هنا شيء وهو أن علة الإثم هل هي كون ذلك استمتاعا بالجزء كما يفيد الحديث وتقييدهم كونه بالكف ويلحق به ما لو أدخل ذكره بين فخذيه مثلا حتى أمنى أم هي سفح الماء وتهييج الشهوة في غير محلها بغير عذر كما يفيده قوله وأما إذا فعله لاستجلاب الشهوة الخ لم أر من صرح بشيء من ذلك والظاهر الأخير لأن فعله بيد زوجته ونحوها فيه سفح الماء لكن بالاستمتاع بجزء مباح كما لو أنزل بتفخيذ أو تبطين بخلاف ما إذا كان بكفه ونحوه وعلى هذا فلو أدخل ذكره في حائط أو نحو حتى أمنى أو استمنى بكفه بحائل يمنع الحرارة يأثم أيضا ويدل أيضا على ما قلنا في الزيلعي حيث استدل على عدم حله بالكف بقوله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون } الآية
وقال فلم يبح الاستمتاع إلا بهما أي بالزوجة والأمة اه
فأفاد عدم حل الاستمتاع أي قضاء الشهوة بغيرهما هذا ما ظهر لي والله سبحانه أعلم
قوله ( من غير إنزال ) أما به فعليه القضاء فقط كما سيأتي
قوله ( أو قبلها ) عطف على مس فهو فعل ماض من التقبيل
قوله ( فأنزل ) وكذا لا يفسد صومه بدون إنزال بالأولى
ونقل في البحر وكذا الزيلعي وغيره الإجماع على عدم الإفساد مع الإنزال واستشكله في الإمداد بمسألة الاستمناء بالكف
قلت والفرق أن هناك إنزالا مع مباشرة بالفرج وهنا بدونها وعلى هذا فالأصل أن الجماع المفسد للصوم هو الجماع صورة وهو ظاهر أو معنى فقط وهو الإنزال عن مباشرة بفرجه لا في فرج أو في فرج غير مشتهى عادة أو عن مباشرة بغير فرجه في محل مشتهى عادة ففي الإنزال بالكف أو بتفخيذ أو تبطين وجدت المباشرة بفرجه لا في فرج وكذا الإنزال بعمل المرأتين فإنها مباشرة فرج بفرج لا في فرج وفي الإنزال بوطء ميتة أو بهيمة وجدت المباشرة بفرجه في فرج غير مشتهى عادة وفي الإنزال بمس آدمي أو تقبيله وجدت المباشرة بغير فرجه في محل مشتهى أما الإنزال بمس أو تقبيل بهيمة فإنه لم يوجد فيه شيء من معنى الجماع فصار كالإنزال بنظر أو تفكر فلذا لم يفسد الصوم إجماعا
هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم
قوله ( على المذهب ) أي قول أبي حنيفة ومحمد معه في الأظهر
وقال أبو يوسف يفطر والاختلاف مبني على أنه هل بين المثانة والجوف منفذ أو لا وهو ليس باختلاف على التحقيق والأظهر أنه لا منفذ له وإنا يجتمع البول فيها بالترشيح كذا يقول الأطباء
زيلعي
وأفاد
____________________
(2/399)
أنه لو بقي في قصبة الذكر لا يفسد اتفاقا ولا شك في ذلك وبه بطل ما نقل عن خزانة الأكمل لو حشا ذكره بقطنه فغيبها أنه يفسد لأن العلة من الجانبين الوصول إلى الجوف وعدمه بناء على وجود المنفذ وعدمه لكن هذا يقتضي عدم الفساد في حشو الدبر وفرجها الداخل ولا مخلص إلا بإثبات أن المدخل فيهما تجذبه الطبيعة فلا يعود إلا مع الخارج المعتاد وتمامه في الفتح
قلت الأقرب التخلص بأن الدبر والفرج الداخل من الجوف إذ لا حاجز بينهما وبينه فهما في حكمه والفم والأنف وإن لم يكن بينهما وبين الجوف حاجز إلا أن الشارع اعتبرهما في الصوم من الخارج وهذا بخلاف قصبة الذكر فإن المثانة لا منفذ لها على قولهما وعلى قول أبي يوسف وإن كان لها منفذ إلى الجوف إلا أن المنفذ الآخر المتصل بالقصبة منطبق لا ينفتح إلا عند خروج البول فلم يعط للقصبة حكم الجوف
تأمل
قوله ( فمفسد إجماعا ) وقيل على الخلاف والأول أصح
فتح عن المبسوط
قوله ( أو دخل أنفه ) الأولى أو نزل إلى أنفه
قوله ( وإن نزل لرأس أنفه ) ذكره في الشرنبلالية أخذا من إطلاقهم ومن قولهم بعدم الفطر ببزاق امتد ولم ينقطع من فمه إلى ذقنه ثم ابتلعه بجذبه ومن قول الظهيرية وكذا المخاط والبزاق يخرج من فيه وأنفه فاستشمه واستنشقه لا يفسد صومه اه
ثم قال لكن يخالفه ما في القنية نزل المخاط إلى رأس أنفه لكن لم يظهر ثم جذبه فوصل إلى جوفه لم يفسد اه
حيث قيد بعدم الظهور
قوله ( فاستنشقه ) الأولى فجذبه لأن الاستمشاق بالأنف
وفي نسخ فاستشفه بتاء فوقية وفاء أي جذبه بشفتيه وهو ظاهر ط
قوله ( فينبغي الاحتياط ) لأن مراعاة الخلاف مندوبة وهذه الفائدة نبه عليها ابن الشحنة ومفاده أنه لو ابتلع البلغم بعد ما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه لا يفطر عندنا
قال في الشرنبلالية ولم أره ولعله كالمخاط
قال ثم وجدتها في التاترخانية سئل إبراهيم عمن ابتلع بلغما قال إن كان أقل من ملء فيه لا ينقض إجماعا وإن كان ملء فيه ينقض صومه عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة لا ينقض اه
وسيذكر الشارح ذلك أيضا في بحث القيء
قوله ( وإن كره ) أي لعذر كما يأتي ط
قوله ( وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا الخ ) يعني إذا أراد فتل الخيط وبله ببزاقه وأدخله في فمه مرارا لا يفسد صومه وإن بقي في الخيط عقد البزاق
وفي النظم للزندويستي أنه يفسد كذا في القنية وحكى الأول في الظهيرية عن شمس الأئمة الحلواني ثم قال وذكر الزندويستي إذا فتل السلكة وبلها بريقه ثم أمرها ثانيا في فيه ثم ابتلع ذلك البزاق فسد صومه اه
ثم لا يخفى أن المحكي عن شمس الأئمة مقيد بما إذا ابتلع البزاق وإلا فلا فائدة في التنبيه على أنه لا يفسد صومه فهو محمول على ما صرح به في النظم فكان مراد صاحب الظهيرية أن ذلك المطلق محمول على هذا المقيد فهما مسألة واحدة خلافا لما استظهره في شرح الوهبانية من أنهما مسألتان بحمل الأولى على ما إذا لم يبتلع البزاق والثاني على ما إذا ابتلعه إذ لا يبقى خلاف حينئذ أصلا كما لا يخفى وهو خلاف المفهوم من القنية و الظهيرية
قوله ( مكرر ) مبتدأ وقوله بالريق متعلق ببل وقوله بإدخاله متعلق بخبر المبتدأ الذي هو قوله لا يتضرر ووجهه أنه بمنزلة الريق
____________________
(2/400)
على فمه إذا لم يتقطع كما في شرح الشرنبلالي ط
قوله ( بعد ذا ) أي بعد تكرار إدخاله في فيه
قوله ( يضر ) أي الصوم ويفسده لأن إخراجه بمنزلة انقطاع البزاق المتدلي كذا في شرح الشرنبلالي ط
قوله ( كصبغ ) أي كما يضر ابتلاع الصبغ وهذا مما لا خلاف فيه
وقوله لونه أي الصبغ وفيه أي الريق متعلق بيظهر ط
قوله ( وإن أفطر خطأ ) شرط جوابه قوله الآتي قضى فقط وهذا شروع في القسم الثاني وهو ما يوجب القضاء دون الكفارة بعد فراغه مما لا يوجب شيئا والمراد بالمخطىء من فسد صومه بفعله المقصود دون قصد الفساد
نهر عن الفتح
قوله ( فسبقه الماء ) أي يفسد صومه إن كان ذاكرا له وإلا فلا لأنه لو شرب حينئذ لم يفسد فهذا أولى
وقيل إن تمضمض ثلاثا لم يفسد وإن زاد فسد
بدائع
قوله ( أو شرب نائما ) فيه أن النائم غير مخطىء لعدم قصده الفعل نعم صرح في النهر بأن المكره والنائم كالمخطىء اه
وليس هو كالناسي لأن النائم أو ذاهب العقل لم تؤكل ذبيحته وتؤكل ذبيحة من نسي التسمية
بحر عن الخانية
قال الرحمتي ومعناه أن النسيان اعتبر عذرا في ترك التسمية بخلاف النوم والجنون فكذا يعتبر عذرا في تناول المفطر لأن النسيان غير نادر الوقوع وأما الذبح وتناول المفطر في حال النوم والجنون فنادر فلم يلحق بالنسيان
قوله ( أو تسحر أو جامع الخ ) أفاد أن الجماع قد يكون خطأ وبه صرح في السراج فقال ولو جامع على ظن أنه بليل ثم علم أنه بعد الفجر فنزع من ساعته فصومه فاسد لأنه مخطىء ولا كفارة عليه لعدم قصد الإفساد اه
وبه يستغنى عن التكلف بتصوير الخطأ في الجماع بما إذا باشرها مباشرة فاحشة فتوارث حشفته
أفاده في النهر فافهم
ومسألة التسحر ستأتي مفصلة
قوله ( أو أوجر مكرها ) أي صب في حلقه شيء والإيجار غير قيد فلو أسقط قوله أوجر وأبقى قول المتن أو مكرها معطوفا على قوله خطأ لكان أولى ليشمل ما لو أكل أو شرب بنفسه مكرها فإنه يفسد صومه خلافا لزفر والشافعي كما في البدائع وليشمل الإفطار بالإكراه على الجماع
قال في الفتح واعلم أن أبا حنيفة كان يقول أولا في المكره على الجماع عليه القضاء والكفارة لأنه لا يكون إلا بانتشار الآلة ذلك أمارة الاختيار ثم رجع وقال لا كفارة عليه وهو قولهما لأن فساد الصوم يتحقق بالإيلاج وهو مكره فيه مع أنه ليس كل من انتشرت آلته يجامع اه أي مثل الصغير والنائم
قوله ( أو نائما ) هو في حكم المكره كما في الفتح وسيأتي ما لو جومعت نائمة أو مجنونة
قوله ( وأما حديث الخ ) وهو قوله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهذا جواب عن استدلال الشافعي على أنه لا يفطر لو كان مخطئا أو مكرها لأن التقدير رفع حكم الخطأ الخ لأن نفس الخطأ لم يرفعه
والحكم نوعان دنيوي وهو الفساد وأخروي وهو الإثم فيتناولهما
والجواب أنه حيث قدر الحكم لتصحيح الكلام كان ذلك مقتضى بالفتح وهو لا عموم له والإثم مراد من الحكم بالإجماع فلا تصح إرادة الآخر وإنما لم تفسد صوم الناسي مع أن القياس أيضا الفساد لوصول المفطر إلى الجوف لقوله من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه وتمام تقريره في المطولات
قوله ( جائزة ) أي عقلا كما في شرح التحرير
قوله فأكل عمدا وكذا لو جامع عمدا كما في نور الإيضاح فالمراد بالأكل الإفطار
قوله ( للشبهة ) علة للكل
قال في البحر وإنما لم تجب الكفارة بإفطاره
____________________
(2/401)
عمدا بعد أكله أو شربه أو جماعه ناسيا لأنه ظن في موضع الاشتباه بالنظير وهو الأكل عمدا لأن الأكل مضاد للصوم ساهيا أو عامدا فأورث شبهة وكذا فبه شبهة اختلاف العلماء فإن مالكا يقول بفساد صوم من أكل ناسيا وأطلقه فشمل ما لو علم أنه لم يفطره بأن بلغه الحديث أو الفتوى أو لا وهو قول أبي حنيفة وهو الصحيح
وكذا لو ذرعه القيء وظن أنه يفطره فأفطر فلا كفارة عليه لوجود شبهة الاشتباه بالنظير فإن القيء والاستقاء متشابهان لأن مخرجهما من الفم
وكذا لو احتلم للتشابه في قضاء الشهوة وإن علم أن ذلك لا يفطره فعليه الكفارة لأنه لو توجد شبهة الاشتباه ولا شبهة الاختلاف اه
قوله ( إلا في مسألة المتن ) وهي ما لو أكل وكذا لو جامع أو شرب لأن عليه عدم الكفارة خلاف مالك وخلافه في الأكل والشرب والجماع كما في الزيلعي و الهداية وغيرهما ح
قوله ( مطلقا ) أي علم عدم فطره أولا
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما عليه الكفارة إذا علم بعدم فطره في مسألة المتن
قلت وهذا يرد ما نقله ح عن القهستاني أول الباب من أن من أفطر ناسيا يفسد صومه إذ لو فسد لم تلزمه الكفارة إذا أكل بعده عامدا ولم أر من ذكر هذا غيره وكذا يردع ما نقلناه عن البدائع عند قوله وإن حرك نفسه نعم نقلوا عن أبي يوسف ما تقدم من أنه لو ذكر فلم يتذكر فسد صومه وكان هذا الوهم فافهم
قوله ( فقيد الظن ) أي في قول المتن فظن أنه أفطر إنما هو لبيان محل الاتفاق على عدم لزوم الكفارة لا للاحتراز عن العلم
قوله ( أو احتقن أو استعط ) كلاهما بالبناء للفاعل من حقن المريض دواءه بالحقنة واحتقن بالضم غير جائز وإنما الصواب حقن أو عولج بالحقنة والسعوط الدواء الذي صب في الأنف وأسعطه إياه ولا يقال استعط مبنيا للمفعول
معراج
وعدم وجوب الكفارة في ذلك هو الأصح لأنها موجب الإفطار صورة ومعنى والصورة الابتلاع كما في الكافي وهي منعدمة والنفع المجرد عنها يوجب القضاء فقط
إمداد
قوله ( وأقطر ) في المغرب قطر الماء صبه تقطيرا وقطره مثله قطرا وأقطره لغة اه
وعلى هذه اللغة يتخرج كلامهم هنا وحينئذ فيصح بناؤه للفاعل وهو الأولى لتتفق الأفعال وتنتظم الضمائر في سلك واحد ويصح بناؤه للمفعول ونائب الفاعل قوله في أذنه نهر
ويتعين الأول في عبارة المصنف على الأفصح المفعول الصريح وهو قوله دهنا منصوبا
قوله ( دهنا ) قيد به لأنه لا خلاف ي فساد الصوم به ولأنه مشى أولا على أن الماء لا يفسد وإن كان يصنعه ومر الكلام عليه
قوله ( أو داوى جائفة أو آمة ) الجائفة الطعنة التي بلغت الجوف أو نفذته والآمة من أممته بالعصا أما من باب طلب إذا ضربت أم رأسه وهي الجلدة التي تجمع الدماغ وقيل لها آمة أي المد ومأمومة على معنى ذات أم كعيشة راضية وليلة مزؤودة وجمعها أو أم ومأمومات مغرب
قوله ( فوصل الدواء حقيقة ) أشار إلى أن ما وقع في ظاهر الرواية من تقييد الإفساد بالدواء الرطب مبني على العادة من أنه يصل وإلا فالمعتبر حقيقة الوصول حتى لو علم وصول اليابس أفسد أو عدم وصول الطري لم يفسد وإنما الخلاف إذا لم يعلم يقينا فأفسد بالطري حكما بالوصول نظرا إلى العادة ونفياه كذا أفاده في الفتح
قلت ولم يقيدوا الاحتقان والاستعاط والإقطار بالوصول إلى الجوف لظهوره فيها وإلا فلا بد منه حتى لو بقي السعوط في الأنف ولم يصل إلى الرأس لا يفطر ويمكن أن يكون الدواء راجعا إلى الكل
تأمل
____________________
(2/402)
قوله ( إلى جوفه ودماغه ) لف ونشر مرتب
قال في البحر والتحقيق أن بين جوف الرأس وجوف المعدة منفذا أصليا
فما وصل إلى جوف الرأس يصل إلى جوف البطن اه ط
قوله ( أو ابتلع حصاة الخ ) أي فيجب القضاء لوجود صورة الفطر ولا كفارة لعدم وجود معناه وهو إيصال ما فيه نفع البدن إلى الجوف سواء كان مما يتغذى به أو يتداوى فقصرت الجناية فانتفت الكفارة وتمامه في النهر وسيأتي الخلاف في معنى التغذي
قوله ( أو يستقذره ) الاستقذار سبب الإعافة فمآلهما واحد ولذا اقتصر في النظم على المستقذر ط
ومنه أكل اللقمة بعد إخراجها على ما هو الأصح كما مر
قوله ( ففي ) الفاء زائدة والجار والمجرور متعلق بقوله يهجر و التفكير مبتدأ ما هو الأصح كما مر
قوله ( ففي ) الفاء زائدة والجار والمجرور متعلق بقوله يهجر و التكفير مبتدأ خبره الجملة بعده والجملة خبر المبتدأ الذي هو مستقذر وجاز الابتداء به مع أنه نكرة لقصد التعميم ويهجر مرادف ليلغى أي لا تجب فيه كفارة ط
قوله ( مع الإمساك ) قيد به ليغاير المسألة التي بعده
قوله ( لشبهة خلاف زفر ) فإن الصوم عنده يتأدى من الصحيح المقيم بمجرد الإمساك ولو بلا نية حتى لو أفطر متعمدا لزمته الكفارة عنده كما صرح به في البدائع وأما عندنا فلا بد من النية لأن الواجب الإمساك بجهة العبادة ولا عبادة بدون نية فلو أمسك بدونها لا يكون صائما ويلزمه القضاء دون الكفارة
أما لزوم القضاء فلعدم تحقق الصوم لفقد شرطه وأما عدم الكفارة فلأنه عند كفر صائم لم يوجد منه ما يفطر فتسقط عنه الكفارة لشبهة الخلاف وإن كان عندنا يسمى مفطرا شرعا والأولى التعليل بعدم تحقق الصوم لأن الكفارة إنما تجب على من أفسد صومه والصوم هنا معدوم وإفساد المعدون مستحيل وإنما يحسن التمسك للشبهة بعد تحقق الأصل كما في المسألة الآتية بل الأولى عدم التعرض للكفارة أصلا ولذا اقتصر في الكنز وغيره على بيان وجوب القضاء كالإغماء والجنون الغير الممتد
هذا وقد استشكل بعض شراح الهداية وجوب القضاء هنا بأن المغمى عليه لا يقضي اليوم الذي حدث الإغماء في ليلته لوجود النية منه ظاهرا فلا بد من التقييد هنا بأن يكون مريضا أو مسافرا لا ينوي شيئا أو متهتكا اعتاد الأكل في رمضان فلم يكن حاله دليلا على عزيمة الصوم
ورده في الفتح بأنه تكلف مستغنى عنه
لأن الكلام عند عدم النية ابتداء لا بأمر يوجب النسيان ولا شك أنه أدرى بحاله بخلاف من أغمي عليه فإن الإغماء قد يوجب نسيانه حال نفسه بعد الإفاقة فبنى الأمر فيه على الظاهر من حاله وهو وجود النية
قوله ( قبل الزوال ) هذا عند أبي حنيفة وعندهما كذلك إن أكل بعد الزوال وإن كان قبل الزوال تجب الكفارة لأنه فوت إمكان التحصيل فصار كغاصب الغاصب
بحر أي لأنه قبل الزوال كان يمكنه إنشاء النية وقد فوته بالأكل بخلاف ما بعد الزوال والأول ظاهر الرواية كما في البدائع ثم المراد بالزوال نصف النهار الشرعي وهو الضحوة الكبرى أو هو على القول الضعيف من اعتبار الزوال كما مر بيانه
قوله ( لشبهة خلاف الشافعي ) فإن الصوم لا يصح عنده بنية النهار كما لا يصح بمطلق النية اه ح
وهذا تعليل لوجوب القضاء دون الكفارة إذا أكل بعد النية أما لو أكل قبلها فالكلام فيه ما علمته في المسألة المارة
قوله ( ومفاده الخ ) نقله في البحر عن الظهيرية بلفظ ينبغي أن لا تلزمه الكفارة لمكان الشبهة ومثل ما ذكر إذا نوى نية مخالفة فيما يظهر ط
قوله ( مطر أو ثلج ) فيفسد في الصحيح ولو بقطرة وقيل لا يفسد في المطر ويفسد في الثلج وقيل بالعكس بزازية
قوله ( بنفسه ) أي بأن سبق إلى حلقه بذاته ولم يبتلعه بصنعه
إمداد
قوله ( والقطرتين )
____________________
(2/403)
معطوف على الغبار أي وبخلاف نحو القطرتين فأكثر مما لا يجد ملوحته في جميع فمه
قوله ( فإن وجد الملوحة في جميع فمه الخ ) بهذا دفع في النهر ما بحثه في الفتح من أن القطرة يجد ملوحتها فالأولى الاعتبار بوجدان الملوحة لصحيح الحس إذ لا ضرورة في أكثر من ذلك ولذا اعتبر في الخانية الوصول إلى الحلق ووجه الدفع ما قاله في النهر من أن كلام الخلاصة ظاهر في تعليق الفطر على وجدان الملوحة في جميع الفم ولا شك أن القطرة والقطرتين ليستا كذلك
وعليه يحمل ما في الخانية اه
وفي الإمداد عن خط المقدسي أن القطرة لقلتها لا يجد طعمها في الحلق لتلاشيها قبل الوصول ويشهد لذلك ما في الواقعات للصدر الشهيد إذا دخل الدمع في الصائم إن كان قليلا نحو القطرة أو القطرتين لا يفسد صومه لأن التحرز عنه غير ممكن وإن كان كثيرا حتى وجد ملوحته في جميع فمه وابتلعه فسد صومه وكذا الجواب في عرق الوجه اه
ملخصا
وبالتعليل بعدم إمكان التحرز يظهر الفرق بين الدمع والمطر كما أشار إليه الشارح فتدبر ثم في التعبير بالقطرة إشارة إلى أن المراد الدمع النازل من ظاهر العين أما الواصل إلى الحلق من المسام فالظاهر أنه مثل الريق فلا يفطر وإن وجد طعمه في جميع فمه
تأمل
قوله ( أو وطىء امرأة الخ ) إنما لم تجب الكفارة فيه وفيما بعده لأن المحل لا بد أن يكون مشتهي على الكمال
بحر
قوله ( أو صغيرة لا تشتهى ) حكي في القنية خلافا في وجوب الكفارة بوطئها وقيل لا تجب بالإجماع وهو الوجه كما في النهر قال الرملي وقالوا في الغسل إن الصحيح أنه متى أمكن وطؤها من غير إفضاء فهو ممن بجامع مثلها وإلا فلا
قوله ( أو قبل ) قيد بكونه قبلها لأنها لو قبلته ووجدت لذة الإنزال ولم تر بللا فسد صومها عند أبي يوسف خلافا لمحمد وكذا في وجوب الغسل
بحر عن المعراج
قوله ( ولو قبلة فاحشة ) ففي غير الفاحشة مع الإنزال لا تجب الكفارة بالأولى
قوله ( بأن يدغدغ ) لعل المراد به عض الشفة ونحوها أو تقبيل الفرج
وفي القاموس الدغدغة حركة وانفعال في نحو الإبط والبضع والأخمص
قوله ( أو لمس ) أي لمس آدميا لما مر أنه لو مس فرج بهيمة فأنزل لا يفسد صومه وقدمنا أنه بالاتفاق
وفي البحر عن المعراج ولو مست زوجها فأنزل لم يفسد صومه وقيل إن تكلف له فسد اه
قال الرملي ينبغي ترجيح هذا لأنه ادعى في سببية الإنزال
تأمل
قوله ( ولو بحائل لا يمنع الحرارة ) نقيض ما بعد لو وهو عدم الحائل المذكور أولى بالحكم وهو وجوب القضاء لكن لا تظهر الأولوية بالنظر إلى عدم الكفارة مع أن الكلام فيما يوجب القضاء دون الكفارة وقيد الحائل بكونه لا يمنع الحرارة لما في البحر لو مسها وراء الثياب فأمنى فإن وجد حرارة جلدها فسد وإلا فلا
قوله ( بكفه ) أو بكف امرأته
سراج
قوله ( أو بمباشرة فاحشة ) هي ما تكون بتماس الفرجين والظاهر أنه غير قيد هنا لأن الإنزال مع المس مطلقا بدون حائل يمنع الحرارة موجب للإفساد كما علمته وإنما يظهر تقييدها بالفاحشة لأجل كراهتها كما يأتي تفصيله تأمل
قوله ( ولو بين المرأتين ) وكذا المجبوب مع المرأة
رملي
قوله ( كما مر ) أي عند قوله أو جامع فيما دون الفرج ولم ينزل الخ
قوله ( أو أفسد ) أي ولو بأكل أو جماع
قوله ( غير صوم رمضان ) صفة لموصوف محذوف دل عليه المقام أي صوما غير صوم رمضان فلا يشمل ما لو أفسد صلاة أو حجا وعبارة الكنز صوم غير رمضان وهي أولى أفاده ح
قوله ( أداء ) حال من صوم وقيد به لإفادة نفي الكفارة بإفساد قضاء رمضان لا لنفي القضاء أيضا بإفساد
قوله ( لاختصاصها ) أي الكفارة وهو علة للتقييد
____________________
(2/404)
بالغيرية وبالأداء وقوله بهتك رمضان أي بخرق حرمة شهر رمضان فلا تجب بإفساد قضائه أو إفساد أو صوم غيره لأن الإفطار في رمضان إبلغ في الجناية فلا يلحق به غيره لورودها فيه على خلاف القياس
قوله ( أو وطئت الخ ) هذا بالنظر إليها وأما الواطىء فعليه القضاء والكفارة إذ لا فرق بين وطئه عاقلة أو غيرها كما في الأشباه وغيرها
قوله ( بأن أصبحت صائمة فجنت ) جواب عن سؤال حاصله أن الجنون ينافي الصوم فلا يصح تصوير هذا الفرع
وحاصل الجواب أن الجنون لا ينافي الصوم إنما ينافي شرطه أعني النية وهي قد وجدت في هذه الصورة ط
قال ح ومثلها ما إذا نوت فجنت بالليل فجامعها نهارا كما في النهر وكذا لو نوت نهارا قبل الضحوة الكبرى فجنت فجامعها اه
قوله ( أو تسحر الخ ) أي يجب عليه القضاء دون الكفارة لأن الجناية قاصرة وهي جناية عدم التثبيت لا جناية الإفطار لأنه لم يقصده ولهذا صرحوا بعدم الإثم عليه كما قالوا في القتل الخطأ لا إثم فيه والمراد إثم القتل وصرحوا بأن فيه إثم ترك العزيمة والمبالغة في التثبيت حالة الرمي
بحر عن الفتح
قلت لكن الظاهر عدم الإثم هنا أصلا بدليل عدم وجوب الكفارة هنا ووجوبها في القتل والخطأ لوجود الإثم فيه لأنها مكفرة للإثم
قوله ( أي الوقت الخ ) إطلاق اليوم على مطلق الوقت الشامل لليل مجاز مشهور مثل ركب يوم يأتي العدو والداعي إليه هنا قوله أو تسحر
قوله ( ليلا ) ليس بقيد لأنه لو ظن الطلوع وأكل مع ذلك ثم تبين صحة ظنه فعليه القضاء ولا كفارة لأنه بنى الأمر على الأصل فلم تكمل الجناية فلو قال ظنه ليلا أو نهارا لكان أولى وليس له أن يأكل لأن غلبة الظن كاليقين
بحر
وأجاب في النهر بأنه قيد بالليل ليطابق قوله أو تسحر اه
قلت مراد البحر أنه غير قيد من حيث الحكم والتسحر وإن كان الأكل في السحر لكن سمي به باعتبار احتمال وقوعه فيه وإلا لزم أن لا يصح التعبير به ولو ظن بقاء الليل لأن فرض المسألة وقوعه بعد الطلوع والأكل بعد الطلوع لا يسمى سحورا فلولا الاعتبار المذكور لم يصح قوله أو تسحر فتدبر
قوله ( لف ونشر ) أي مرتب كما في بعض النسخ
قوله ( ويكفي ) أي لإسقاط الكفارة الشك في الأول أي في التسحر لأن الأصل بقاء الليل فلا يخرج بالشك
إمداد
فكان على المتن أن يعبر هنا بالشك كما قال في نور الإيضاح أو تسحر أو جامع شاكا في طلوع الفجر وهو طالع ثم يقول أو ظن الغروب قال في النهر ولا يصح أن يراد بالظن هنا ما يعم الشك كما زعم في البحر لعدم صحته في الشق الثاني فإنه لا يكفي فيه الشك فالصواب إبقاء الظن على بابه غاية الأمر أن يكون المتن ساكتا عن الشك ولا ضير فيه اه ح
أقول في وجوب الكفارة مع الشك في الغروب اختلاف المشايخ كما نقله في البحر عن شرح الطحاوي ونقل أيضا عن البدائع تصحيح عدم الوجوب فيما إذا غلب على رأيه عدم الغروب لأن احتمال الغروب قائم فكان شبهة والكفارة لا تجب مع الشبهة اه
ولا يخفى أن هذا يقتضي تصحيح القول بعدم الوجوب عند الشك في الغروب بالأولى لكن ذكر في الفتح أن مختار الفقيه أبي جعفر لزوم الكفارة عند الشك لأن الثابت حال غلبة الظن بالغروب شبهة الإباحة لا حقيقتها ففي حال الشك دون ذلك وهو شبهة الشبهة وهي لا تسقط العقوبات ثم قال في الفتح هذا إذا لم يتبين الحال فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة ولا أعلم فيه خلافا اه
____________________
(2/405)
ولا يخفى أن كلامنا في الثاني وبه تأيد ما في النهر ثم إن شبهة الشبهة إذا لم تعتبر عند الشك في الغروب يلزم عدم اعتبارها عند غلبة الظن بعدمه بالأولى وبه يضعف ما في البدائع من تصيح عدم الوجوب ولذا جزم الزيلعي بلزوم القضاء والكفارة وكذا في النهاية
قوله ( عملا بالأصل فيهما ) أي في الأول والثاني فإن الأصل في الأول بقاء الليل فلا تجب الكفارة وفي الثاني بقاء النهار فتجب على إحدى الروايتين كما علمت
قوله ( ولم يتبين الحال ) أي فيما لو ظن بقاء الليل أو شك فتسحر وهذا مقابل قوله والحال أن الفجر طالع فإن المراد به التيقن حتى لو غلب على ظنه أنه أكل بعد طلوع الفجر لا قضاء عليه في أشهر الروايات
بحر
فهذا داخل في عدم التبين
قوله ( لم يقض ) أي في مسألة الظن أو الشك في بقاء الليل لأن الأصل بقاؤه فلا يخرج بالشك
بحر
وأما مسألة الظن أو الشك في الغروب مع التبيين أو عدمه فسنذكرها
قوله ( في ظاهر الرواية ) فيه أنه ذكره الزيلعي وصاحب البحر بلا حكاية خلاف وهذا وهم سرى إليه من مسألة ذكرها الزيلعي وهي ما إذا غلب على ظنه طلوع الفجر فأكل ثم لم يتبين شيء فإنه لا شيء عليه في ظاهر الرواية وقيل يقضي احتياطا
أفاده ح
قوله ( تتفرع إلى ستة وثلاثين ) هذا على ما في النهر قال لأنه إما أن يغلب على ظنه أو يظن أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في وجود المبيح أو قيام المحرم فهي ستة وكل منها على ثلاثة إما أن يتبين له صحة ما بدا له أو بطلانه أو لا ولا وكل من الثمانية عشر إما أن يكون في ابتداء الصوم أو في انتهائه فتلك ستة وثلاثون اه
وفيه نظر لأنه فرق في التقسيم الأول بين الظن وغلبته ولا فائدة له لاتحادهما حكما وإن اختلفا مفهوما فإن مجرد ترجح أحد طرفي الحكم عند العقل هو أصل الظن فإن زاد ذلك الترجح حتى قرب من اليقين سمي غلبة الظن وأكبر الرأي فلذا جعلها في البحر أربعة وعشرين
ويرد عليهما أنه لا وجه لجعل الشك تارة في وجود المبيح وتارة في وجود المحرم لأن الشك في أحدهما شك في الآخر لاستواء الطرفين في الشك بخلاف الظن فإنه إنما صح تعلقه بالمبيح تارة وبالمحرم أخرى لأن له نسبة مخصوصة إلى أحد الطرفين فإذا تعلق الظن بوجود الليل لا يكون متعلقا بوجود النهار وبالعكس
فالحق في التقسيم أن يقال إما أن يظن وجود المبيح أو وجود المحرم أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في ابتداء الصوم أو انتهائه وفي كل من الستة إما أن يتبين وجود المبيح أو وجود المحرم أو لا يتبين فهي ثمانية عشر تسعة في ابتداء الصوم وتسعة في انتهائه ويشهد لذلك أن الزيلعي لم يذكر غير ثمانية عشر وذكر أحكامها وهي أنه إن تسحر على ظن بقاء الليل فإن تبين بقاؤه أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن تبين طلوع الفجر فعليه القضاء فقط ومثله الشك في الطلوع
وإن تسحر على ظن طلوع الفجر فإن تبين الطلوع فعليه القضاء فقط وإن لم يتبين شيء فلا شيء عليه في ظاهر الرواية
وقيل يقضي فقط وإن تبين بقاء الليل فلا شيء عليه فهذه تسعة في الابتداء
وإن ظن غروب الشمس فإن تبين عدمه فعليه القضاء فقط وإن تبين الغروب أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن شك فيه فإن لم يتبين شيء فعليه القضاء
وفي الكفارة روايتان
وإن تبين عدمه فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وإن ظن عدمه فإن تبين عدمه أو لم يتبين شيء فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وهذه تسعة في الانتهاء
والحاصل أنه لا يجب شيء في عشر صور ويجب القضاء فقط في أربع والقضاء والكفارة في أربع
أفاده ح
قوله ( في الصور كلها ) أي المذكور وتحت قوله وإن أفطر خطأ الخ لا صور التفريع
قوله ( فقط ) أي بدون
____________________
(2/406)
كفارة
قوله ( كما لو شهدا الخ ) أي فلا كفارة لعدم الجناية لأنه اعتمد على شهادة الإثبات ط
قوله ( لأن شهادة النفي لا تعارض الإثبات ) لأن البينات للإثبات لا للنفي فتقبل شهادة المثبت لا النافي
بحر أي لأن المثبت معه زيادة علم وإذا لغت النافية بقية المثبتة فتوجب الظن وبه اندفع ما أورد أن تعارضهما يوجب الشك وإذا شك في الغروب ثم ظهر عدمه تجب الكفارة كما مر لكن قال في الفتح وفي النفس منه شيء يظهر بأدنى تأمل
قلت ولعل وجهه أن شهادة النفي إنما لم تقبل في الحقوق لأن الأصل العدم فلم تفد شيئا زائدا بخلاف المثبتة لكن هنا النافية تورث شبهة فينبغي أن تسقط بها الكفارة
وفي البزازية ولو شهد واحد على الطلوع وآخران على عدمه لا كفارة اه
تأمل
مطلب في جواز الإفطار بالتحري تتمة في تعبير المنصف كغيره بالظن إشارة إلى جواز التسحر والإفطار بالتحري وقيل لا يتحرى في الإفطار وإلى أنه يتسحر بقول عدل وكذا بضرب الطبول واختلف في الديك
وأما الإفطار فلا يجوز بقول الواحد بل بالمثنى
وظاهر الجواب أنه لا بأس به إذا كان عدلا صدقه كما في الزاهدي وإلى أنه لو أفطر أهل الرستاق بصوت الطبل يوم الثلاثين ظانين أنه يوم العيد وهو لغيره لم يكفروا كما في المنية
قهستاني
قلت ومقتضى قوله لا بأس بالفطر بقول عد صدقه أنه لا يجوز إذا لم يصدقه ولا بقول المستور مطلقا وبالأولى سماع الطبل أو المدفع الحادث في زماننا لاحتمال كونه لغيره ولأن الغالب كون الضارب غير عدل فلا بد حينئذ من التحري فيجوز لأن ظاهر مذهب أصحابنا جواز الإفطار بالتحري كما نقله في المعراج عن شمس الأئمة السرخسي لأن التحري يفيد غلبة الظن وهي كاليقين كما تقدم فلو لم يتحر لا يحل له الفطر لما في السراج وغيره لو شك في الغروب لا يحل له الفطر لأن الأصل بقاء النهار اه
وفي البحر عن البزازية ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه الغروب وإن أذن المؤذن اه
وقد يقال إن المدفع في زماننا يفيد غلبة الظن وإن كان ضاربه فاسقا لأن العادة أن الموقت يذهب إلى دار الحكم آخر النهار فيعين له وقت ضربه ويعينه أيضا للوزير وغيره وإذا ضربه يكون ذلك بمراقبة الوزير وأعوانه للوقت المعين فيغلب على الظن بهذه القرائن عدم الخطأ وعدم قصد الإفساد وإلا لزم تأثيم الناس وإيجاب قضاء الشهر بتمامه عليهم فإن غالبهم يفطر بمجرد سماع المدفع من غير تحر ولا غلب ظن والله تعالى أعلم
قوله ( مرة بعد أخرى الخ ) ظاهره أنه بالمرة الثانية تجب عليه الكفارة ولو حصل فاصل بأيام وأنه إذا لم يقصد المعصية وهي الإفطار لا تجب ط
قوله ( والأخيران ) أي من تسحر وأفطر يظن الوقت ليلا الخ
وقد تبع المصنف بذلك صاحب الدرر ولا وجه لتخصيصه كما أشار إليه الشارح فيما يأتي
قوله ( قوله على الأصح ) وقيل يتحسب
فتح
وأجمعوا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء والمريض والمسافر وعلى لزومه لمن أفطر خطأ أو عمدا أو يوم الشك ثم تبين أنه رمضان
ذكره قاضيخان شرنبلالية
قوله ( لأن الفطر ) أي تناول صورة المفطر وإلا فالصوم فاسد قبله وأشار إلى قياس من الشكل الأول ذكر فيه مقدمتا القياس وطويت فيه النتيجة وتقريره هكذا الفطر قبيح شرعا
____________________
(2/407)
وكل قبيح شرعا تركه واجب فالفطر تركه واجب فافهم
قوله ( كمسافر أقام ) أي بعد نصف النهار أو قبله بعد الأكل أما قبلهما فيجب عليه الصوم وإن كان نوى الفطر كما سيأتي متنا في الفصل الآتي والأصل في هذه المسائل أن كل من صار في آخر النهار بصفة لو كان في أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الإمساك كما في الخلاصة و النهاية و العناية لكنه غير جامع إذ لا يدخل فيه من أكل في رمضان عمدا لأن الصيرورة للتحول و لو لامتناع ما يليه ولا يتحقق المفاد بهما فيه
نهر أي لأنه لم يتجدد له حالة بعد فطره لم يكن عليها قبله وكذا لا يدخل فيه من أصبح يوم الشك مفطرا أو تسحر على ظن الليل أو أفطر كذلك ولذا ذكر في البدائع الأصل المذكور ثم قال وكذا كل من وجب عليه الصوم لوجود سبب الوجوب والأهلية ثم تعذر عليه المضي بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين طلوعه إنه يجب عليه الإمساك تشبها اه
فقد جعل لوجوب الإمساك أصلين تتفرع عليهما الفروع وقد حاول في في تصحيح الأصل الأول فأبدل صار بتحقق لكنه أتى بلو الامتناعية فلم يتم له ما أراده كما أفاده في البحر و النهر
قوله ( طهرتا ) أي بعد الفجر أو معه
فتح
قوله ( ومجنون أفاق ) أي بعد الأكل أو بعد فوات وقت النية وإلا فإذا نوى صح صومه كما يأتي والظاهر وجوبه عليه كالمسافر
قوله ( ومفطر ) عبر به إشارة إلى أنه لا فرق بين مفطر ومفطر وأنه لا وجه لقول المصنف والأخيران يمسكان كما مر
أفاده ح
قوله ( وإن أفطرا ) أخذه من قول البحر سواء أفطرا في ذلك اليوم أو صاماه لكن لا يخفى أن صوم الكافر لا يصح لفقد شرطه وهو النية المشروطة بالإسلام فالمراد صومه بعد إسلامه إذا أسلم في وقت النية
قوله ( لعدم أهليتهما ) أي لأصل الوجوب بخلاف الحائض فإنها أهل له وإنما سقط عنها وجوب الأداء فلذا وجب عليها القضاء ومثلها المسافر والمريض والمجنون
قوله ( وهو السبب في الصوم ) أي السبب لصوم كل يوم وهذا على خلاف ما اختاره السرخسي ومشى عليه المصنف أول الكتاب من أنه شهود جزء من الشهر من ليل أو نهار وقيد بالصوم لأن السبب في الصلاة الجزء المتصل بالأداء ولهذا لو بلغ أو أسلم في أثناء الوقت وجبت عليه لوجود الأهلية عند السبب وهي معدومة في أول جزء من اليوم فلذا لم يجب صومه خلافا لزفر وأورد في الفتح أنه لو كان السبب فيه هو الجزء الأول لزم أن لا يجب الإمساك فيه لأنه لا بد أن يتقدم السبب على الوجوب وإلا لزم سبق الوجوب على السبب
وأجاب في البحر بأن اشتراط التقدم هنا سقط للضرورة وتمام تحقيقه فيه وقدمنا شيئا منه أول الكتاب
قوله ( لكن لو نويا الخ ) أي الأخيران وهو استدراك على ما فهم من إمساكهما وهو أنه لا يصح صومهما فأفاد أنه لا يصح عن الفرض في ظاهر الرواية خلافا لأبي يوسف ويصح نفلا لو نويا قبل الزوال حتى لو أفسداه وجب قضاؤه وجه ظاهر الرواية ما في الهداية من أن الصوم لا يتجزى وجوبا وأهلية الوجوب معدومة في أوله اه
ثم إن صحة نية النفل خصها في البحر عن الظهيرية بالصبي بخلاف الكافر لأنه ليس أهلا للتطوع والصبي أهل له
وذكر في الفتح أن أكثر المشايخ على هذا الفرق ومثله في النهاية فما هنا قول البعض
قوله ( قبل الزوال )
____________________
(2/408)
المراد به نصف النهار وهذه العبارة وقعت في أغلب الكتب في كثير من المواضع تسامحا أو على القول الضعيف
قوله ( صح عن الفرض ) لأن الجنون الغير المستوعب بمنزلة المرض لا يمنع الوجوب
شرنبلالية
وكل من المسافر والمريض أهل للوجوب في أول الوقت وإن سقط عنهما وجوب الأداء بخلاف من بلغ أو أسلم كما قدمناه
قوله ( ولو نوى الحائض والنفساء ) أي قبل نصف النهار إذا طهرتا فيه
قوله ( لم يصح أصلا ) أي لا فرضا ولا نفلا
شرنبلالية
قوله ( للمنافي الخ ) أي فإن كلا من الحيض والنفاس مناف لصحة الصوم مطلقا لأن فقدهما شرط لصحته ولا صوم عبادة واحدة لا يتجزى فإذا وجد المنافي في أوله تحقق حكمه في باقيه وإنما صح النفل ممن بلغ أو من أسلم على قول بعض المشايخ لأن الصبا غير مناف أصلا للصوم والكفر وإن كان منافيا لكن يمكن رفعه بخلاف الحيض والنفاس
هذا ما ظهر لي وعلى قول أكثر المشايخ لا يحتاج إلى الفرق
قوله ( ويؤمر الصبي ) أي يأمره وليه أو وصيه والظاهر منه الوجوب وكذا ينهى عن المنكرات ليألف الخير ويترك الشر
ط
قوله ( إذا أطاقه ) يقال أطاقه وطاقه طوقا إذا قدر عليه والاسم الطاقة كما في القاموس
قال ط وقدر بسبع والمشاهد في صبيان زماننا عدم إطاقتهم الصوم في هذا السن اه
قلت يختلف ذلك باختلاف الجسم واختلاف الوقت صيفا وشتاء والظاهر أنه يؤمر بقدر الإطاقة إذا لم يطق جميع الشهر
قوله ( ويضرب ) أي بيد لا بخشبة ولا يجاوز الثلاث كما قيل به في الصلاة وفي أحكام الأتسروشني الصبي إذا أفسد صومه لا يقضي لأنه يلحقه في ذلك مشقة بخلاف الصلاة فإنه يؤمر بالإعادة لأنه لا يلحقه مشقة
قوله ( وإن جامع الخ ) شروع في القسم الثالث وهو ما يوجب القضاء والكفارة ووجوبها بما يأتي من كونه عمدا لا مكرها ولم يطرأ مبيح للفطر كحيض ومرض بغير صنعه وبما إذا نوى ليلا
قوله ( المكلف ) خرج الصبي والمجنون لعدم خطابهما
قوله ( آدميا ) خرج الجني أبو السعود والظاهر وجوب القضاء بالإنزال وإلا فلا كما لا يجب الغسل بدونه
قوله ( مشتهى ) أي على الكمال فلا كفارة بجماع بهيمة أو ميتة ولو أنزل
بحر
بل ولا قضاء ما لم ينزل كما مر
وفي الصغير خلاف وقيل لا تجب الكفارة بالإجماع وقدمنا أنه الأوجه
قوله ( في رمضان ) أي نهارا وفيه إشارة إلى أنه لو طلع الفجر وهو مواقع فنزع لم يكفر كما لو جامع ناسيا
وعن أبي يوسف إن بقي بعد الطلوع كفر وإن بقي الذكر لا وعليه القضاء
قسهتاني
وقدمناه مفصلا
قوله ( أداء ) يغني عنه قوله في رمضان لأن المراد به الشهر وكأنه أراد به الصوم ليشمل القضاء ويحتاج إلى إخراجه
تأمل
قوله ( لما مر ) أي من أن الكفارة إنما وجبت لهتك حرمة شهر رمضان فلا تجب بإفساد قضائه ولا بإفساد صوم غيره
قوله ( أو جومع ) يشمل ما لو جامعها زوجها الصغير كما في مقتضى إطلاقهم ولتصريحهم بوجوب الغسل عليها دونه
أفاده الرملي
وفي القهستاني الرجل بجماع المشتهاة يكفر كالمرأة بالصبي والمجنون وفي الصورتين اختلاف المشايخ كما في التمرتاشي اه
قوله ( وتوارت الحشفة ) أي غابت وهذا بيان لحقيقة الجماع لأنه لا يكون إلا بذلك ط
قوله ( في أحد السبيلين ) أي القبل أو الدبر وهو الصحيح في الدبر والمختار أنه بالاتفاق
ولوالجية
لتكامل الجناية لقضاء الشهوة
بحر
قوله ( أنزل أولا ) فإن الإنزال شبع وقضاء الشهوة يتحقق بدونه وقد وجب به الحد وهو عقوبة محضة فالكفارة التي فيها معنى العبادة
____________________
(2/409)
أولى
بحر
قوله ( ما يتغذى به ) أي ما من شأنه ذلك كالحنطة والخبز واللحم وإنما عد الماء منه وهو لا يغذو لبساطته لأنه معين للغذاء
قهستاني
قوله ( وما نقله الشرنبلالي ) حيث قال في حاشيته اختلفوا في معنى التغذي قال بعضهم إن يميل الطبع إلى أكله وتنقضي شهوة البطن به وقال بعضهم هو ما يعود نفعه إلى صلاح البدن وفائدته فيما إذا مضغ لقمة ثم أخرجها ثم ابتلعها فعلى الثاني يكفر لا على الأول وبالعكس في الحشيشة لأنه لا نفع فيها للبدن وربما تنقص عقله ويميل إليها الطبع وتنقضي بها شهوة البطن اه
ملخصا
وقال في النهر إنه بعيد عن التحقيق إذ بتقديره يكون قولهم أو دواء حشوا والذي ذكره المحققون أن معنى الفطر وصول ما فيه صلاح البدن إلى الجوف أعم من كونه غذاء أو دواء يقابل القول الأول هذا هو المناسب في تحقيق محل الخلاف اه
أقول وحاصله أن الخلاف في معنى الفطر لا التغذي لكن ما نقله عن المحققين لا يلزم منه عدم وقوع الخلاف في معنى التغذي ولكن التحقيق أنه لا خلاف فيه ولا في معنى الفطر لأنهم ذكروا أن الكفارة لا تجب إلا بالفطر صورة ومعنى ففي الأكل الفطر صورة هو الابتلاع والمعنى كونه مما يصلح به البدن من غذاء أو دواء فلا تجب في ابتلاع نحو الحصاة لوجود الصورة فقط ولا في نحو الاحتقان لوجود المعنى فقط كما علله في الهداية وغيرها وذكر في البدائع أنها تجب بإيصال ما يقصد به التغذي أو التداوي إلى جوفه من الفم بخلاف غيره فلا تجب في ابتلاع الجوزة أو اللوزة الصحيحة اليابسة لوجود الأكل صورة لا معنى لأنه لا يعتاد أكله فصار كالحصاة والنواة ولا في أكل عجين أو دقيق لأنه لا يقصد به التغذي والتداوي ولو أكل ورق شجر إن كان مما يؤكل عادة وجبت إلا وجب القضاء فقط وكذا لو خرج البزاق من فمه ثم ابتلعه وكذا بزاق غيره لأنه مما يعاف منه ولو بزاق حبيبه أو صديقه وجبت كما ذكره الحلواني لأنه لا يعافه
ولو أخرج لقمة ثم أعادها قال أبو الليث الأصح أنه لا كفارة لأنها صارت بحال يعاف منها اه ملخصا
ويظهر من ذلك أن مرادهم بما يتغذى به ما يكون فيه صلاح البدن بأن كان مما يؤكل عادة على قصد التغذي أو التداوي أو التلذذ فالعجين والدقيق وإن كان فيه صلاح البدن والغذاء لكنه لا يقصد لذلك واللقمة المخرجة كذلك لأنها لعيافتها خرجت عن الصلاحية حكما كما قالوا فيما لو ذرعه القيء وعاد بنفسه لا يفطر لأنه ليس مما يتغذى به عادة لعيافته بخلاف ريق الحبيب لأنه يتلذذ به كما قاله في أواخر الكنز فصار ملحقا بما فيه صلاح البدن ومثله الحشيشة المسكرة ويؤيد ما قلنا أيضا ما في المحيط حيث ذكر أن الأصل أن الكفارة تجب متى أفطر بما يتغذى به لأنها للزجر وإنما يحتاج للزجر عما يؤكل عادة بخلاف غيره لأن الامتناع عنه ثابت طبيعة كشرب الخمر يجب فيه الحد لأنه محتاج إلى الزجر بخلاف شرب البول والدم ثم كل ما يؤكل عادة مقصودا أو تبعا لغيره فهو مما يتغذى به وأما غيره فملحق بما لا يتغذى به وإن كان في نفسه مغذيا والدواء ملحق بما يتغذى به لما فيه من صلاح البدن
ثم ذكر الفروع إلى أن قال في اللقمة وإن أخرجها ثم أعادها فلا كفارة وهو الأصح لأنها صارت بحال تستقذر ويعاف منها فدخل القصور في معنى الغذاء اه ملخصا
ولكن يشكل على ذلك وجوب الكفارة بأكل اللحم النيء ولو من ميتة إلا إذا أنتن ودود فإني لم أر من ذكر فيه خلافا مع أنه أشد عيافة من اللقمة المخرجة اللهم إلا أن يقال اللحم في ذاته مما يقصد به التغذي وصلاح البدن بخلاف اللقمة المذكورة والعجين وبخلاف ما إذا دود لأنه يؤذي البدن فلا يحصل به صلاحه هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المحل والله تعالى أعلم
قوله ( عمدا ) خرج المخطىء والمكره
بحر
____________________
(2/410)
قلت وكذا الناسي لأن المراد تعمد الإفطار والناسي وإن تعمد استعمال المفطر لم يتعمد الإفطار
قوله ( راجع للكل ) أي كل ما ذكر من الجماع والأكل والشرب
قوله ( أي فعل الخ ) أشار إلى أن الحكم ليس قاصرا على الحجامة ط
واحترز به عما لو فعل ما يظن الفطر به كما لو أكل أو جامع ناسيا أو احتلم أو أنزل بنظر أو ذرعه القيء فظن أنه أفطر فأكل عمدا فلا كفارة للشبهة كما مر
قوله ( بلا إنزال ) أما لو أنزل فلا كفارة عليه بأكله عمدا لأنه أكل وهو مفطر ط
قوله ( أو إدخال أصبع ) أي يابسة كما تقدم ح فلو مبتلة فلا كفارة لأكله بعد تحقق الإفطار بالبلة ط
قوله ( ونحو ذلك ) كأكله بعد قبلة بشهوة أو مضاجعة ومباشرة فاحشة بلا إنزال
إمداد
قوله ( في الصور كلها ) أي المذكورة في قوله وإن جامع الخ
قوله ( وكفر ) ترك بيان وقت وجوب القضاء والكفارة إشعارا بأنه على التراخي كما قال محمد
وقال أبو يوسف إنه على الفور
وعن أبي حنيفة روايتان كما في التمرتاشي وقيل بين رمضانين
وقال الكرخي والأول الصحيح وكذا لا يكره نفله كما في الزاهدي وإنما قدم القضاء إشعارا بأنه ينبغي أن يقدمه على الكفارة ويستحب التتابع كما في الهداية
قهستاني
قوله ( لأنه الخ ) علة لقوله أو احتجم الخ
قوله ( حتى الخ ) تفريع على مفهوم قوله لأنه ظن في غير محله أي فلو كان الظن في محله فلا كفارة حتى لو أفتاه الخ ط
قوله ( يعتمد على قوله ) كحنبلي يرى الحجامة مفطرة
إمداد
قال في البحر لأن العامي يجب عليه تقليد العالم إذا كان يعتمد على فتواه ثم قال وقد علم من هذا أن مذهب العامي فتوى مفتية من غير تقييد بمذهب
ولهذا قال في الفتح الحكم في حق العامي فتوى مفتية
وفي النهاية ويشترط أن يكون المفتي ممن يؤخذ منه الفقه ويعتمد على فتواه في البلدة وحينئذ تصير فتواه شبهة ولا معتبر بغيره اه
وبه يظهر أن يعتمد مبني للمجهول فلا يكفي اعتماد المستفتي وحده فافهم
قوله ( أو سمع حديثا ) كقوله أفطر الحاجم والمحجوم وهذا عند محمد لأن قول الرسول أقوى من قول المفتي فأولى أن يورث شبهة وعن أبي يوسف خلافه لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث
زيلعي
قوله ( ولم يعلم تأويله ) أما إن علم تأوله ثم أكل تجب الكفارة لانتفاء الشبهة وقول الأوزاعي إنه يفطر لا يورث شبهة لمخالفته القياس مع فرض علم الآكل كون الحديث مؤولا ثم تأويله أنه منسوخ أو أن اللذين قال فيهما ذلك كانا يغتابان وتمامه في الفتح
وعلى الثاني فالمراد ذهاب الثواب كما يأتي
قوله ( ولم يثبت الأثر ) عطف على أخطأ المفتي أي وإن لم يثبت الأثر اه ح
والمراد غير حديث الحاجم والمحجوم فإنه ثابت صحيح وأما أحاديث فطر المغتاب فكلها مدخولة كما في الفتح
وفيه عن البدائع ولو لمس أو قبل امرأة بشهوة أو ضاجعها ولم ينزل فظن أنه أفطر فأكل عمدا كان عليه كفارة إلا إذا تأول حديثا أو استفتى فقيها فأفطر فلا كفارة عليه وأن أخطأ الفقيه ولم يثبت الحديث لأن ظاهر الفتوى والحديث يعتبر شبهة اه
قوله ( إلا في الأدهان ) استثناء من قوله لم يكفر يعني إن أدهن ثم أكل كفر لأنه معتمد ولم
____________________
(2/411)
يستند إلى دليل شرعي لأنه لا يعتد بفتوى الفقيه أو بتأويله الحديث هنا لأن هذا مما لا يشتبه على من له سمة من الفقه
نقله الكمال عن البدائع
لكن يخالفه ما في الخانية من أن الذي اكتحل ودهن نفسه أو شاربه ثم أكل متعمدا عليه الكفارة إلا إذا كان جاهلا فأفتى له الفطر اه
قال في الإمداد فعلى هذا يكون قولنا إلا إذا أفتاه فقيه شاملا لمسألة دهن الشارب اه
وهو كما ترى مرجح لعدم الاستثناء فالأولى للشارح تركه ح
قلت لكن ما نذكره عن الخانية وغيرها في الغيبة يؤيد ما في البدائع
قوله ( وكذا الغيبة ) لأن الفطرة بها يخالف القياس والحديث وهو قوله ثلاث تفطر الصائم مؤول بالإجماع بذهاب الثواب بخلاف حديث الحجامة فإن بعض العلماء أخذ بظاهره مثل الأوزاعي وأحمد
إمداد
ولم يعتد بخلاف الظاهرية في الغيبة لأنه حدث بعد ما مضى السلف على تأويله بما قلنا
فتح
وفي الخانية قال بعضهم هذا والحجامة سواء
وعامة المشايخ قالوا عليه الكفارة على كل حال لأن العلماء أجمعوا على ترك العمل بظاهر الحديث وقالوا أراد به ثواب الآخرة وليس في هذا قول معتبر فهذا ظن ما استند إلى دليل فلا يورث شبهة اه
ونحوه في السراج وكذا في الفتح عن البدائع وجزم به في الهداية أيضا وشروحها
قال الرحمتي وإذا لم يعد الحديث والفتوى شبهة في الغيبة فعدهن الشارب أولى اه
قلت ولذا سوى بينهما في الفتح عن البدائع وكذا في المعراج عن المبسوط
قوله ( للشبهة ) قد علمت أن ما خالف الإجماع لا يورث شبهة والعمل على ما عليه الأكثر والله تعالى أعلم
مطلب في الكفارة قوله ( ككفارة المظاهر ) مرتبط بقوله وكفر أي مثلها في الترتيب فيعتق أولا فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا لحديث الأعرابي المعروف في الكتب الستة فلو أفطر ولو لعذر استأنف إلا لعذر الحيض وكفارة القتل يشرط في صومها التتابع أيضا وهكذا كل كفارة شرع فيها العتق
نهر
وتمام فروع المسألة في البحر وفيه أيضا ولا فرق في وجوب الكفارة بين الذكر والأنثى والحر والعبد والسلطان وغيره ولهذا صرح في البزازية بالوجوب على الجارية فيما لو أخبرت سيدها بعدم طلوع الفجر عالمة بطلوعه فجامعها مع عدم الوجوب عليه وبأنه إذا لزمت السلطان وهو موسر بماله الحلال وليس عليه تبعة لأحد يفتي بإعتاق الرقبة
وقال أبو نصر محمد بن سلام يفتى بصيام شهرين لأن المقصود من الكفارة الانزجار ويسهل عليه إفطار شهر وإعتاق رقبة فلا يحصل الزجر اه
قوله ( ومن ثم ) أي من أجل ثبوت كفارة الظهار بالكتاب وثبت كفارة الإفطار بالسنة شبهوا الثانية لكونها أدنى حالا بالأولى لقوتها بثبوتها بالكتاب ط
ومقتضاه الإكفار بإنكارها دون الأولى يؤيده أنه في الفتح ذكر أن سعيد بن جبير ذهب إلى أنها منسوخة
تنبيه في التشبيه إشارة إلى أنه لا يلزم كونها مثلها من كل وجه فإن المسيس في أثنائها يقطع التتابع في كفارة الظهار مطلقا عمدا أو نسيانا ليلا أو نهارا للآية بخلاف كفارة الصوم والقتل فيه فإنه لا يقطعه فيهما إلا الفطر بعذر أو بغير عذر فتأمل فقد زلت بعض الأقدام في هذا المقام
رملي ونحوه القهستاني
وأراد بغير العذر ما سوى الحيض
____________________
(2/412)
والحاصل أنه لا يقطع التتابع هنا الوطء ليلا عمدا أو نهارا ناسيا بخلاف كفارة الظهار
قوله ( إن نوى ليلا ) أي بنية معينة لما مر من خلاف الشافعي فيهما فكان شبهة لسقوط الكفارة
قوله ( ولم يكن مكرها ) أي ولو على الجماع كما مر ولو كانت هي المكرهة لزوجها عليه وعليه الفتوى كما في الظهيرية خلافا لما في الاختيار من وجوبها عليهما لو الإكراه منها كما في بعض نسخ البحر
قوله ( ولم يطرأ ) أي بعد إفطاره عمدا مقيما ناويا ليلا فتجب الكفارة لولا المسقط
قوله ( مسقط ) أي سماوي لا صنع له فيه ولا في سببه
رحمتي
قوله ( كمرض ) أي مبيح للإفطار
قوله ( والمعتمد لزومها ) أي بعد ذلك لأنه فعل عبد والأولى أن يقول عدم سقوطها لأنها كانت لازمة والخلاف في سقوطها وقيد بالسفر مكرها إذ لو سافر طائعا بعدما أفطر اتفقت الروايات على عدم سقوطها أما لو أفطر بعدما سافر لم تجب
نهر أي وإن حرم عليه لو سافر بعد الفجر كما يأتي
قوله ( وفي المعتاد ) عطف على قوله فيما وهو اسم مفعول فيه ضمير هو نائب الفاعل عائد على الموصوف أي الشخص العتاد
و حمى بغير تنوين مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ألف التأنيث المقصورة و حيضا معطوف عليه أي واختلف في الشخص الذي اعتاد حمى وحيضا والواو بمعنى أو
وفي بعض النسخ وحيض فيحتمل أنه مرفوع أو مجرور لكن الجر غير جائز لأن إضافة الوصف المفرد إلى معموله المجرد من أل لا تجوز وأما الرفع فعلى إسناد المعتاد إلى الحمى والحيض أي الذي اعتاده حمى وحيض والأصوب النصب
وقوله والمتيقن اسم فاعل مجرور بالعطف على معتاد و قتال مفعول
قوله ( لو أفطر ) أي كل من المعتاد والمتيقن
قوله ( والمعتمد سقوطها ) كذا صححه في البزازية وقاضيخان في شرح الجامع الصغير في المعتاد حمى وحيضا وشبهه بمن أفطر على ظن الغروب ثم ظهر عدمه وعليه مشى الشرنبلالي وهو مخالف لما في البحر حيث قال وإذا أفطرت على ظن أنه يوم حيضها فلم تحض الأظهر وجوب الكفارة كما لو أفطر على ظن أنه يوم مرضه اه
وكتبت فيما علقته عليه جعل الثانية مشبها بها لأنها بالإجماع بخلاف مسألة الحيض فإن فيها اختلاف المشايخ والصحيح الوجوب كما نص على ذلك في التاترخانية اه
ولذا جزم بالوجوب في المسألتين في السراج و الفيض
والحاصل اختلاف التصحيح فيهما ولم أر من ذكر خلافا في سقوطها عمن تيقن قتال عدو والفرق كما في جامع الفضولين أن القتال يحتاج إلى تقديم الإفطار ليتقوى بخلاف المرض
قوله ( ولم يكفر للأول ) أما لو كفر فعليه أخرى في ظاهر الرواية للعلم بأن الزجر لم يحصل بالأولى
بحر
قوله ( وعليه الاعتماد ) نقله في البحر عن الأسرار ونقل قبله عن الجوهرة لو جامع في رمضانين فعليه كفارتان وإن لم يكفر للأولى في ظاهر الرواية وهو الصحيح اه
قلت فقد اختلف الترجيح كما ترى ويتقوى الثاني بأنه ظاهر الرواية
قوله ( إن الفطر ) إن شرطيه ح
قوله ( وإلا لا ) أي وإن كان الفطر المتكرر في يومين بجماع لا تتداخل الكفارة وإن لم يكفر للأول لعظم الجناية ولذا أوجب الشافعي الكفارة به دون الأكل والشرب
قوله ( وتمامه في شرح الوهبانية ) قال في الوهبانية ولو أكل الإنسان عمدا وشهوة ولا عذر فيه قيل بالقتل يؤمر
____________________
(2/413)
قال الشرنبلالي صورتها تعمد من لا عذر له الأكل جهارا يقتل لأنه مستهزىء بالدين أو منكر لما ثبت منه بالضرورة ولا خلاف في حل قتله والأمر به فتعبير المؤلف بقيل ليس بلازم الضعف اه ح
قوله ( وإن ذرعه القيء ) أي غلبه وسبقه
قاموس
والمسألة تتفرع إلى أربع وعشرين صورة لأنه إما أن يقيء أو يستقيء وفي كل إما أن يملأ الفم أو دونه وكل من الأربعة إما إن خرج أو عاد أو أعاده وكل إما ذاكر لصومه أو لا ولا فطر في الكل على الأصح إلا في الإعادة والإستقاء بشرط الملء مع التذكر شرح المنتقى
قوله ( ولو هو ملء الفم ) أتى بلو مع أن ما دون ملء الفم مفهوم بالأولى لأجل التنصيص عليه لأن المعطوف عليه في حكم المذكور فافهم
وأطلق لو ملء الفم فشمل ما لو كان متفرقا في موضع واحد بحيث لو جمع ملأ الفم كما في السراج
قوله ( لا يفسد ) أي عند محمد وهو الصحيح لعدم وجود الصنع ولعدم وجود صورة الفطر وهو الابتلاع وكذا معناه لا يتغذى به بل النفس تعافه بحر
قوله ( وإن أعاده ) أي أعاد ما قاءه الذي هو ملء الفم
قوله ( أو قدر حمصة منه فأكثر ) أشار إلى أنه لا فرق بين إعادة كله أو بعضه إذا كان أصله ملء الفم
قال الحدادي في السراج مبني الخلاف أن أبا يوسف يعتبر ملء الفم ومحمدا يعتبر الصنع ثم ملء الفم له حكم الخارج وما دونه ليس بخارج لأنه يمكن ضبطه
وفائدته تظهر في أربع مسائل إحداها إذا كان أقل من ملء الفم وعاد أو شيء منه قدر الحمصة لم يفطر إجماعا أما عند أبي يوسف فإنه ليس بخارج لأنه أقل من الملء وعند محمد لا صنع له في الإدخال
والثانية إن كان ملء الفم وأعاده أو شيئا منه قدر الحمصة فصاعدا أفطر إجماعا لأنه خارج أدخله جوفه ولوجود الصنع
والثالثة إذا كان أقل من ملء الفم وأعاده أو شيئا منه أفطر عند محمد للصنع لا عند أبي يوسف لعدم الملء
والرابعة إذا كان ملء الفم وعاد بنفسه أو شيء منه كالحمصة فصاعدا أفطر عند أبي يوسف لوجود الملء لا عند محمد لعدم الصنع وهو الصحيح اه
فمسألتنا الإعادة وهما الثانية والثالثة أولاهما إجماعية وهي التي ذكرها المصنف بقوله وإن أعاده الخ والأخرى خلافية وهي التي ذكرها المصنف بقوله وإلا لا ولا فرق فيهما بين إعادة الكل أو البعض فافهم
قوله ( إن ملأ الفم ) قيد لإفطاره إجماعا بالإعادة لكله أو لقدر حمصة منه
قوله ( وإلا لا ) أي وأن لم يملأ القيء الفم وأعاده كله أو بعضه لا يفسد صومه عند أبي يوسف ولا ينافي ما قدمه من أنه لو أعاد قدر حمصة منه أفطر إجماعا لأن ذاك فيما إذا كان القىء ملء الفم لأنه صار في حكم الخارج لأن الفم لا ينضبط عليه وما كان في حكم الخارج لا فرق بين إعادة كله أو بعضه بصنعه بخلاف ما دونه لأنه في حكم الداخل فلا يفسد إلا إذا أعاده ولو قدر الحمصة منه بصنعه وبه علم أن كلام الشارح صواب لا خطأ فيه بوجه من الوجوه فافهم
قوله ( هو المختار ) وفي الخانية هو الصحيح وصححه كثير من العلماء
رملي
قوله ( قوله أي متذكرا لصومه ) أشار به إلى أن الرد على صاحب غاية البيان حيث قال إن ذكر العمد مع الاستقاء تأكيد لأنه لا يكون إلا مع العمد
وحاصل الرد أن المراد بالعمد تذكر الصوم لا تعمد القيء فهو مخرج لما إذا فعل ذلك ناسيا فإنه لا يفطر
أفاده في البحر ط
وحاصله أن ذكر العمد لبيان تعمد الفطر بكونه ذاكرا لصومه والاستقاء لا يفيد ذلك بل يفيد تعمد القيء
____________________
(2/414)
قوله ( مطلقا ) أي سواء عاد أو أعاده أو لا ولا ح
قال في الفتح ولا يتأتى فيه تفريع العود والإعادة لأنه أفطر بمجرد القيء قبلهما
قوله ( وإن أقل لا ) أي إن لم يعد ولم يعده بدليل قوله فإن عاد بنفسه الخ ح
قوله ( وهو الصحيح ) قال في الفتح صححه في شرح الكنز أي للزيلعي وهو قول أبي يوسف
قوله ( لم يفطر ) أي عند أبي يوسف لعدم الخروج فلا يتحقق الدخول
فتح أي لأن ما دون ملء الفم ليس في حكم الخارج كما مر
قوله ( ففيه روايتان ) أي وعن أبي يوسف وعند محمد لا يتأتى التفريع لما مر
تنبيه لو استقاء مرارا في مجلس ملء فمه أفطر لا إن كان في مجالس أو غدوة ثم نصف النهار ثم عشية كذا في الخزانة وتقدم في الطهارة أن محمدا يعتبر اتحاد السبب لا المجلس لكن لا يتأتى هذا على قوله هنا خلافا لما في البحر لأنه يفطر عنده بما دون ملء الفم فما في الخزانة على قول أبي يوسف
أفاده في النهر
قوله ( وهذا كله ) أي التفصيل المتقدم ط
قوله ( أو مرة ) بالكسر والتشديد وهي الصفراء أحد الطبائع الأربع كما مر في الطهارة
قوله ( أو دم ) الظاهر أن المراد به الجامد وإلا فما الفرق بينه وبين الخارج من الأسنان إذا بلعه حيث يفطر لو غلب على البزاق أو ساواه أو وجد طعمه كما مر في أول الباب
قوله ( فإن كان بلغما ) أي صاعدا من الجوف أما إذا كان نازلا من الرأس فلا خلاف في عدم إفساده الصوم كما لا خلاف في عدم نقضه الطهارة
كذا في الشرنبلالية
ومقتضى إطلاقه أنه لا ينقض سواء كان ملء الفم أو دونه وسواء عاد أو أعاده أو لا ولا والله أعلم بصحة هذا الإطلاق وبصحة قياسه على الطهارة فليراجع ح
قوله ( مطلقا ) أي سواء قاء واستقاء وسواء كان ملء الفم أو دونه وسواء عاد أو أعاده أو لا ولا
وفي هذا الإطلاق أيضا تأمل ح
قوله ( خلافا للثاني ) فإنه قال إن استقاء ملء الفم فسد ح
قوله ( واستحسنه الكمال ) حيث قال وقول أبي يوسف هنا أحسن وقولهما بعدم النقض به أحسن لأن الفطر إنما نيط بما يدخل أو بالقيء عمدا من غير نظر إلى طهارة ونجاسة فلا فرق بين البلغم وغيره بخلاف نقض الطهارة اه
وأقره في البحر و النهر و الشرنبلالية وهو مرادالشارح بقوله وغيره فإنهم لما أقروه فقد استحسنوه وقول ابن الهمام لأن الفطر إنما نيط بما يدخل أو بالقيء عمدا الخ يؤيد النظر الذي قدمناه في إطلاق الشرنبلالية وإطلاق الشارح فليتأمل بعد الإحاطة بتعليل الهداية ح
قوله ( إن مثل حمصة ) هذا ما اختاره الصدر الشهيد واختاره الدبوسي تقديره بما يمكن أن يبتلعه من غير استعانة بريق واستحسنه الكمال لأن المانع من الإفطار ما لا يسهل الاحتراز عنه وذلك فيما يجري بنفسه مع الريق لا فيما يتعمد في إدخاله اه
قوله ( لأن النفس تعافه ) فهو كاللقمة المخرجة وقدمنا عن الكمال أن التحقيق تقييد ذلك بكونه ممن يعاف ذلك
قوله ( إلا إذا مضغ الخ ) لأنها تلتصق بأسنانه فلا يصل إلى جوفه شيء ويصير تابعا لريقه
معراج
قوله ( كما مر ) أي عند قوله أو خرج دم بين أسنانه
____________________
(2/415)
قوله ( وهو ) أي وجود الطعم في الحلق
قوله ( في كل قليل ) في بعض النسخ في كل شيء والأولى أولى وهو الموافقة لعبارة الكمال
مطلب فيما يكره للصائم قوله ( وكره الخ ) الظاهر أن الكراهة في هذه الأشياء تنزيهية
رملي
قوله ( قاله العيني ) وتبعه في النهر وقال وجعل الزيلعي قيدا في الثاني فقط والأولى أولى اه
قوله ( قوله ككون زوجها الخ ) بيان للعذر في الأول قال في النهر ومن العذر في الثاني أن لا تجد من يمضغ لصبيها من حائض أو نفساء أو غيرهما ممن لا يصوم ولم تجد طبيخا
قوله ( ووفق في النهر ) عبارته وينبغي حمل الأول أي القول بالكراهة على ما إذا وجد بدا والثاني على ما إذا لم يجده وقد خشي الغبن اه
فقد قيد الكراهة بأن يجد بدا من شرائه أي سواء خاف الغبن أو لا فقول الشارح ولم يخف غبنا مخالف لما في النهر وقوله وإلا لا أي وإن لم يجد بدا وخاف غبنا لا يكره في موافق للنهر فافهم
ومفهومه أنه إذا لم يجد بدا ولم يخف غبنا يكره وهو ظاهر
قوله ( وهذا ) أي الحكم بكراهة الذوق أو المضغ بلا عذر ط
قوله ( وإلا النفل ) لأنه يباح فيه الفطر بالعذر اتفاقا وبلا عذر في رواية الحسن والثاني فالذوق أولى بعدم الكراهة لأنه ليس بإفطار بل يحتمل أن يصير إياه فتح وغيره
قوله ( وفيه كلامه ) أي لصاحب البحر
وحاصله أن الكلام على ظاهر الرواية من عدم حل الفطر عند عدم العذر فما كان تعريضا له للفطر يكره أما على تلك الرواية فمسلم وسيأتي أنها شاذة اه
وأجاب في النهر بأنه يمكن أن يقال إنما لم يكره في النفل وكره في الفرض إظهارا لتفاوت الرتبتين اه
وأجاب الرملي أيضا بأنه يكره في الفرض لقوته فيجب حفظه وعدم تعريضه للفساد فكره فيه ما يخشى منه الإفضاء إليه ولم يكره في النفل وإن لم تخل حقيقة الفطر فيه لأنه في أصله محض تطوع والمتطوع أمير نفسه ابتداء فهبطت مرتبته عن الفرض بعدم كراهة فعل ربما أفضى إلى الظفر من غير غلبة ظن فيه
قال وهذا أولى مما في النهر لأن هذا يبطل العلة المذكورة لهم فتأمل اه
قوله ( وكره مضغ علك ) نص عليه مع دخوله في قوله وكره ذوق شيء ومضغه بلا عذر لأن العذر فيه لا يتضح فذكر مطلقا بلا عذر اهتماما
رملي
قلت ولأن العادة مضغه خصوصا للنساء لأنه سواكهن كما يأتي فكان مظنة عدم الكراهة في الصيام لتوهم أن ذلك عذر
قوله ( أبيض الخ ) قيده بذلك لأن الأسود وغير الممضوغ وغير الملتئم يصل منه شيء إلى الجوف
وأطلق محمد المسألة وحملها الكمال تبعا للمتأخرين على ذلك قال للقطع بأنه معلل بعدم الوصول فإن كان مما يصل
____________________
(2/416)
عادة حكم بالفساد لأنه كالمتيقن
قوله ( وكره للمضطرين ) لأن الدليل أعني التشبه بالنساء يقتضي الكراهة في حقهم خاليا عن المعارض
فتح
وظاهره أنها تحريمية ط
قوله ( إلا في الخلوة بعذر ) كذا في المعراج عن البزودي والمحبوبي
قوله ( وقيل يباح ) هو قول فخر الإسلام حيث قال وفي كلام محمد إشارة إلى أنه لا يكره لغير الصائم ولكن يستحب للرجال تركه إلا لعذر مثل أن يكون في فمه بخر اه
قوله ( لأنه سواكهن ) لأن بنيتهن ضعيفة قد لا تحتمل السواك فيخشى على اللثة والسن منه
فتح
قوله ( وكره قبلة الخ ) جزم في السراج بأن القبلة الفاحشة بأن يمضع شفتيها تكره على الإطلاق أي سواء أمن أو لا
قال في النهر والمعانقة على التفصيل في المشهور وكذا المباشرة الفاحشة في ظاهر الرواية
وعن محمد كراهتها مطلقا وهو رواية الحسن وقيل وهو الصحيح اه
واختار الكراهة في الفتح وجزم بها في الولوالجية بلا ذكر خلاف وهي أن يعانقها وهما متجردان ويمس فرجه فرجها بل قال في الذخيرة إن هذا مكروه بلا خلاف لأنه يفضي إلى الجماع غالبا اه
وبه علم أن رواية محمد بيان لكون ما في ظاهر الرواية من كراهة المباشرة ليس على إطلاقه بل هو محمول على غير الفاحشة ولذا قال في الهداية والمباشرة مثل التقبيل في ظاهر الرواية وعن محمد أنه كره المباشرة الفاحشة اه
وبه ظهر أن ما مر عن النهر من إجراء الخلاف في الفاحشة ليس مما ينبغي ثم رأيت في التاترخانية عن المحيط التصريح بما ذكرته من التوفيق بين الروايتين وأنه لا فرق بينهما ولله الحمد
قوله ( إن لم يأمن المفسد ) أي الإنزال أو الجماع
إمداد
قوله ( وإن أمن لا بأس ) ظاهره أن الأولى عدمها لكن قال في الفتح وفي الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبل ويباشر وهو صائم
وروى أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام سأله رجل عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب اه
قوله ( لا دهن شارب وكحل ) بفتح الفاء مصدرين وبضمها اسمين وعلى الثاني فالمعنى لا يكره استعمالها إلا أن الرواية هو الأول وتمامه في النهر
وذكر في الإمداد أو الباب أنه يؤخذ من هذا أنه لا يكره للصائم شم رائحة المسك والورد ونحوه مما لا يكون جوهرا متصلا كالدخان فإنهم قالوا لا يكره الاكتحال بحال وهو شامل للمطيب وغيره ولم يخصوه بنوع منه وكذا دهن الشارب اه
مطلب في الفرق بين قصد الجمال وقصد الزينة قوله ( إذا لم يقصد الزينة ) اعلم أنه لا تلازم بين قصد الجمال وقصد الزينة فالقصد الأول لدفع الشين وإقامة ما به الوقار النعمة شكرا لا فخرا وهو أثر أدب النفس وشهامتها والثاني أثر ضعفها وقالوا بالخضاب وردت السنة ولم يكن لقصد الزينة ثم بعد ذلك إن حصلت زينة فقد حصلت في ضمن قصد مطلوب فلا يضره إذا لم يكن ملتفتا إليه
فتح
ولهذا قال في الولوالجية لبس الثياب الجميلة مباح إذا كان لا يتكبر لأن التكبر حرام وتفسيره أن يكون معها كما كان قبلها اه
بحر
قوله ( أو تطويل اللحية ) أي بالدهن
قوله ( وصرح في النهاية ) الخ حيث قال ما وراء ذلك يجب قطعه هكذا عن رسول الله أنه كان يأخذ من اللحية من طولها
____________________
(2/417)
وعرضها أورده أبو عيسى يعني الترمذي في جامعه اه
ومثله في المعراج وقد نقله عنها في الفتح وأقره
ال في النهر وسمعت من بعض أعزاء الموالي أن قول النهاية يحب بالحاء المهملة ولا بأس به اه
قال الشيح إسماعيل ولكنه خلاف الظاهر واستعمالهم في مثله يستحب
قوله ( إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت ) يؤيده أن ما استدل به صاحب النهاية لا يدل على الوجوب لما صرح به في البحر وغيره إن كان بفعل لا يقتضي التكرار والدوام ولذا حذف الزيلعي لفظ يجب وقال وما زاد يقص
وفي شرح الشيخ إسماعيل لا بأس بأن يقبض على لحيته فإذا زاد على قبضته شيء جزه كما في المنية وهو سنة كما في المبتغى
وفي المجتبى و الينابيع وغيرهما لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت ولا بنتف الشيب إلا على وجه التزيين ولا بالأخذ من حاجبه وشعر وجهه ما لم يشبه فعل المخنثين ولا يحلق شعر حلقه
وعن أبي يوسف لا بأس به اه
مطلب في الأخذ من اللحية قوله ( وأما الأخذ منها الخ ) بهذا وفق في الفتح بين ما مر وبين ما في الصحيحين عن ابن عمر عنه أحفوا الشوارب واعفوا اللحى قال لأنه صح عن ابن عمر راوي هذا الحديث أنه كان يأخذ الفاضل عن القبضة فإن لم يحمل على النسخ كما هو أصلنا في عمل الراوي على خلاف مرويه مع أنه من غير الراوي وعن النبي يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه جزوا الشورب واعفوا اللحى خالفوا المجوس فهذه الجملة واقعة موقع التعليل وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنثه الرجال فلم يبحه أحد اه ملخصا
مطلب في حديث التوسعة على العيال والاكتحال يوم عاشوراء قوله ( وحديث التوسعة الخ ) وهو من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه السنة كلها قال جابر جربته أربعين عاما فلم يتخلف ط
وحديث الاكتحال هو ما رواه البيهقي وضعفه من كتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من كتحل يوم عاشوراء لم ترحد عينه تلك السنة فتح
قلت ومناسبة ذكر هذا هنا أن صاحب الهداية استدل على عدم كراهة الاكتحال للصائم بأنه عليه الصلاة والسلام قد ندب إليه يوم عاشوراء وإلى الصوم فيه
قال في النهر وتعقبه ابن العز بأنه لم يصح عنه في يوم عاشوراء غير صومه وإنما الروافض لما ابتدعوا إقامة المأتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء لكون الحسين قتل فيه ابتدع جهلة أهل السنة إظهار السرور واتخاذ الحبوب والأطعمة والاكتحال ورووا أحاديث موضوعة في الاكتحال وفي التوسعة فيه على العيال اه
وهو مردود بأن أحاديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كيف وقد خرجها في الفتح
ثم قال فهذه عدة طرق إن لم يحتج بواحد منها فالمجموع يحتج به لتعدد الطرق وأما حديث التوسعة فرواه الثقاة وقد أفرده ابن القرافي في جزء خرجه فيه اه
ما في النهر
وهو مأخوذ من الحواشي السعدية
____________________
(2/418)
لكنه زاد عليه ما ذكره في أحاديث الاكتحال وما ذكره عن الفتح وفيه نظر فإنه في الفتح ذكر أحاديث الاكتحال للصائم من طرق متعددة بعضها مقيد بعاشوراء وهو ما قدمناه عنه وبعضها مطلق فمراده الاحتجاج بمجموع أحاديث الاكتحال للصائم ولا يلزم منه الاحتجاج بحديث الاكتحال يوم عاشوراء كيف وقد جزم بوضعه الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة وتبعه غيره منهم منلا علي القاري في كتاب الموضوعات ونقل السيوطي في الدرر المنتثرة عن الحاكم أنه منكر
وقال الجراحي في كشف الخفا و مزيل الإلباس قال الحاكم أيضا الاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي فيه أثر وهو بدعة نعم حديث التوسعة ثابت صحيح كما قال الحافظ السيوطي في الدرر
قوله ( كما زعمه ابن عبد العزيز ) الذي في النهر والحواشي السعدية ابن العز
قلت وهو صاحب النكت على مشكلات الهداية كما ذكره في السعدية في غير هذا المحل
قوله ( ولا سواك ) بل يسن للصائم كغيره صرح به في النهاية لعموم قوله لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء وعند كل صلاة لتناوله الظهر والعصر والمغرب وقد تقدم أحكامه في الطهارة
بحر
قوله ( ولو عشيا ) أي بعد الزوال
قوله ( على المذهب ) وكره الثاني المبلول بالماء لمافيه من إدخاله فمه من غير ضرورة ورد بأنه ليس بأقوى من المضمضة أما الرطب الأخضر فلا بأس به اتفاقا كذا في الخلاصة
نهر
قوله ( وكذا لا تكره حجامة ) أي الحجامة التي لا تضعفه عن الصوم وينبغي له أن يؤخرها إلى وقت الغروب والفصد كالحجامة وذكر شيخ الإسلام أن شرط الكراهة ضعف يحتاج فيه إلى الفطر كما في التاترخانية
إمداد
وقال قبله وكره له فعل ما ظن أنه يضعفه عن الصوم كالفصد والحجامة والعمل الشاق لما فيه من تعريضه للإفساد اه
قلت ويلحق به إطالة المكث في الحمام في الصيف كما في ظاهر
قوله ( ومضمضة أو استنشاق ) أي لغير وضوء أو اغتسال
نور الإيضاح
قوله ( للتبرد ) راجع لقوله وتلفف وما بعده
قوله ( وبه يفتى ) لأن النبي صب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر
رواه أبو داود
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبل الثوب ويلفه عليه وهو صائم
ولأن هذه الأشياء فيها عيون على العبادة ودفع الضجر الطبيعي وكرهها أبو حنيفة لما فيها من إظهار الضجر في العبادة كما في البرهان
إمداد قوله ( ويستحب السحور ) لما رواه الجماعة إلا أبا داود عن أنس قال قال رسول الله تسحروا فإن السحور بركة قيل المراد بالبركة حصول التقوي على صوم الغد أو زيادة الثواب
وقوله في النهاية إنه على حذف مضاف أي في أكل السحور مبني على ضبطه بالضم جمع سحر والأعرف في الرواية لفتح وهو اسم للمأكول في السحر وهو السدس الأخير من الليل كالوضوء بالفتح ما يتوضأ به وقيل يتعين الضم لأن البركة ونيل الثواب إنما يحصل بالفعل لا بنفس المأكول
فتح ملخصا
قال في البحر ولم أر صريحا في كلامهم أنه يحصل السنة بالماء وحده وظاهر الحديث يفيده وهو ما رواه أحمد السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين
قوله ( وتأخيره ) لأن معنى الاستعانة فيه أبلغ
بدائع
ومحل الاستحباب ما إذا لم يشك في بقاء الليل فإن شك كره الأكل في الصحيح كما في البدائع أيضا
قوله ( وتعجيل الفطر ) أي إلا في يوم غيم
____________________
(2/419)
ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه غروب الشمس وإن أذن المؤذن
بحر عن البزازية
وفيه عن شرح الجامع لقاضيخان التعجيل المستحب قبل اشتباك النجوم
تنبيه قال في الفيض ومن كان على مكان مرتفع كمنارة اسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده ولأهل البلدة الفطر إن غربت عندهم قبله وكذا العبرة في الطلوع في حق صلاة الفجر أو السحور
قوله ( لحديث الخ ) كذا أورد الحديث في الهداية قال في الفتح وهو على هذا الوجه الله أعلم به
والذي في معجم الطبراني ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الأفطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة اه
واستشكل بأنه كيف يكون من أخلاق المرسلين ولم يكن في ملتهم حل أكل السحور وأجيب بمنع أنه لم يكن في ملتهم وإن لم نعلمه ولو سلم فلا يلزم اجتماع الخصال الثلاث فيهم اه من المعراج ملخصا
قوله ( لا يجوز الخ ) عزاه في البحر إلى القنية
وقال في التاترخانية وفي الفتاوى سئل علي بن أحمد عن المحترف إذا كان يعلم أنه لو اشتغل بحرفته مرض يبيح الفطر وهو محتاج للنفقة هل يباح له الأكل قبل أن يمرض فمنع من ذلك أشد المنع وهكذا حكاه عن أستاذه الوبري
وفيها سألت أبا حامد عن خباز يضعف في آخر النهار هل له أن يعمل هذا العمل قال لا ولكن يخبز نصف النهار ويستريح في الباقي فإن قال لا يكفيه كذب بأيام الشتاء فإنها أقصر فما يفعله فيها يفعله اليوم اه ملخصا
وقال الرملي وفي جامع الفتاوى ولو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع اه أي إذا لم يدرك عدة من أيام أخر يمكنه الصوم فيها وإلا وجب عليه القضاء وعلى هذا الحصاد إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بالتأخير لا شك في جواز الفطر والقضاء وكذا الخباز
وقوله كذب الخ فيه نظر فإن طول النهار وقصره لا دخل له في الكفاية فقد يظهر صدقه في قوله لا يكفيني فيفوض إليه حملا لحاله على الصلاح
تأمل اه كلام الرملي أي لأن الحاجة تختلف صيفا وشتاء وغلاء ورخصا وقلة عيال وضدها ولكن ما نقله عن جامع الفتاوى صوره في نور الإيضاح وغيره بمن نذر صوم الأبد ويؤيده إطلاق قوله يفطر ويطعم وكلامنا في صوم رمضان
والذي ينبغي في مسألة المحترف حيث كان الظاهر أن ما مر من تفقهات المشايخ لا من منقول المذهب أن يقال إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر لأنه يحرم عليه السؤال من الناس فالفطر أولى وإلا فله العمل بقدر ما يكفيه ولو أداه إلى الفطر يحل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر وكذا لو خاف هلاك زرعه أو سرقته ولم يجد من يعمل له أجرة المثل وهو يقدر عليها لأن له قطع الصلاة لأقل من ذلك لكن لو كان آجر نفسه في العمل مدة معلومة فجاء رمضان فالظاهر أن له الفطر وإن كان عنده ما يكفيه إذا لم يرض المستأجر بفسخ الإجازة كما في الظئر فإنه يجب عليها الإرضاع بالعقد ويحل لها الإفطار إذا خافت على الولد فيكون خوفه على نفسه أولى
تأمل
هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
قوله ( فإن أجهد الحر الخ ) قال في الوهبانية فإن أجهد الإنسان بالشغل نفسه فأفطر في التكفير قولين سطروا قال الشرنبلالي صورته صائم أتعب نفسه في عمل حتى أجهده العطش فأفطر لزمته الكفارة وقيل لا وبه
____________________
(2/420)
أفتى البقالي وهذا بخلاف الأمة إذا أجهدت نفسها لأنها معذورة تحت قهر المولى ولها أن تمتنع من ذلك وكذا العبد اه ح
وظاهره وهو الذي في الشرنبلالية عن المنتقى ترجيح وجوب الكفارة ط
قلت مقتضى قوله ولها أن تمتنع لزوم الكفارة عليها أيضا لو فعلت مختارة فيكون ما قبله محمولا على ما إذا كان بغير اختيارها بدليل التعليل والله أعلم
فصل في العوارض جمع عارض والمراد به هنا ما يحدث للإنسان مما يبيح له عدم الصوم كما يشير إليه كلام الشارح
قوله ( المبيحة لعدم الصوم ) عدل عن قول البدائع المسقطة لما أورد عليه في النهر من أنه لا يشمل السفر فإنه لا يبيح الفطر وإنما يبيح عدم الشروع في الصوم وكذا إباحة الفطر لعروض الكبر في الصوم فيه ما لا يخفى
قوله ( خمسة ) هي السفر والحبل والإرضاع والمرض والكبر وهي تسع نظمتها بقوله وعوارض الصوم التي قد يغتفر للمرء فيها الفطر تسع تستطر حبل وإرضاع وإكراه سفر مرض جهادق جوعه عطش كبر قوله ( وبقي الأكراه ) ذكر في كتاب الإكراه أنه لو أكره على أكل ميتة أو دم أو لحم خنزير أو شرب خمر بغير ملجىء كحبس أو ضرب أو قيد لم يحل وإن بملجىء كقتل أو قطع عضو أو ضرب مبرح حل فإن صبر فقتل أثم وإن أكره على الكفر بملجىء رخص له إظهاره وقلبه مطمئن بالإيمان ويؤجر لو صبر ومثله سائر حقوقه تعالى كإفساد صوم وصلاة وقتل صيد حرم أو في إحرام وكل ما ثبتت فرضيته بالكتاب اه
وإنما أثم لم صبر في الأول لأن تلك الأشياء مستثناة عن الحرمة في حال الضرورة والاستثناء عن الحرمة حل بخلاف إجراء كلمة الكفر فإن حرمته لم ترتفع وإنما رخص فيه لسقوط الإثم فقط ولهذا نقل هنا في البحر عن البدائع الفرق بين ما إذا كان المكره على الفطر مريضا أو مسافرا وبين ما إذا كان صحيحا مقيما بأنه لو امتنع حتى قتل أثم في الأول دون الثاني
قوله ( وخوف هلاك الخ ) كالأمة إذا ضعفت عن العمل وخشيت الهلاك بالصوم وكذا الذي ذهب به متوكل السلطان إلى العمارة في الأيام الحارة والعمل خثيث إذا خشي الهلاك أو نقصان العقل
وفي الخلاصة الغازي إذا كان يعلم يقينا أنه يقاتل العدو في رمضان ويخاف الضعف إن لم يفطر أفطر
نهر
قوله ( ولسعة حية ) عطف على العطش المتعلق بقوله وخوف هلاك ح أي فله شرب دواء ينفعه
قوله ( لمسافر ) خبر عن قوله الآتي الفطر وأشار باللام إلى أنه مخير ولكن الصوم أفضل إن لم يضره كما سيأتي
قوله ( سفرا شرعيا ) أي مقدرا في الشرع
____________________
(2/421)
لقصر الصلاة ونحوه وهو ثلاثة أيام ولياليها وليس المراد كون السفر مشروعا بأصله ووصفه بقرينة ما بعده
قوله ( ولو بمعصية ) لأن القبح المجاور لا يعدم المشروعية كما قدمه الشارح في صلاة المسافر ط
قوله ( أو حامل ) هي المرأة التي في بطنها حمل بفتح الحاء أي ولد والحاملة التي على ظهرها أو رأسها حمل بكسر الحاء
نهر
قوله ( أو مرضع ) هي التي شأنها الإرضاع وإن لم تباشره والمرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي
نهر عن الكشاف
قوله ( أما إذا كانت أو ظئرا ) أما الظئر فلأن الإرضاع واجب عليها بالعقد وأما الأم فلوجوبه ديانة مطلقا وقضاء إذا كان الأب معسرا أو كان الولد لا يرضع من غيرها وبهذا اندفع ما في الذخيرة من أن المراد بالمرضع الظئر لا الأم فإن الأب يستأجر غيرها
بحر ونحوه في الفتح
وقد رد الزيلعي أيضا ما في الذخيرة بقول القدوري وغيره إذا خافتا على نفسهما أو ولدهما إذ لا ولد للمستأجرة وما قيل إنه ولدها من الرضاع رده في النهر بأنه يتم أن لو أرضعته والحكم أعم من ذلك فإنها بمجرد العقد لو خافت عليه جاز لها الفطر اه
وأفاد أبو السعود أنه يحل لها الإفطار ولو كان العقد في رمضان كما في البرجندي خلافا لما في صدر الشريعة ممن تقييد حله بما إذا صدر العقد قبل رمضان اه
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية ط
قوله ( بغلبة الظن ) يأتي بيانه قريبا
قوله ( أو ولدها ) المتبادر منه كما عرفته أن المراد بالمرضع الأم أنه ولدها حقيقة والإرضاع واجب عليها ديانة كما في الفتح أي عند عدم تعينها وإلا وجب قضاء أيضا كما مر وعليه فيكون شموله للظئر بطريق الإلحاق لوجوبه عليها بالعقد
قوله ( وقيده البهنسي الخ ) هذا مبني على ما مر عن الذخيرة لأن حاصله أن المراد بالمرضع الظئر لوجوبه عليها ومثلها الأم إذا تعينت بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو كان الأب معسرا لأنه حينئذ واجب عليها وقد علمت أن ظاهر الرواية خلافه وأنه يجب عليها ديانة وإن لم تتعين
تأمل
قوله ( خاف الزيادة ) أو إبطاء البرء أو فساد عضو
بحر
أو وجع العين أو جراحة أو صداعا أو غيره ومثله ما إذا كان يمرض المرضى
قهستاني ط أي بأن يعولهم ويلزم من صومه ضياعهم وهلاكهم لضعفه عن القيام بهم إذا صام
قوله ( وصحيح خاف المرض ) أي بغلبة الظن كما يأتي فما في شرح المجمع من أنه لا يفطر محمول على أن المراد بالخوف مجرد الوهم كما في البحر و الشرنبلالية
قوله ( وخادمة ) في القهستاني عن الخزانة ما نصه إن الحر الخادم أو العبد أو الذاهب لسد النهر أو كريه إذا اشتد الحر وخاف الهلاك فله الإفطار كحرة أو أمة ضعفت للطبخ أو غسل الثوب اه
ط
قوله ( بغلبة الظن ) تنازعه خاف الذي في المتن وخاف وخافت اللتان في الشرح ط
قوله ( بأمارة ) أي علامة
قوله ( أو تجربة ) ولو كانت من غير المريض عند اتحاد المرض ط عن أبي السعود
قوله ( حاذق ) أي له معرفة تامة في الطب فلا يجوز تقليد من له أدنى معرفة فيه ط
قوله ( مسلم ) أما الكافر فلا يعتمد على قوله لاحتمال أن غرضه إفساد العبادة كمسلم شرع في الصلاة بالتيمم فوعده بإعطاء الماء فإنه لا يقطع الصلاة لما قلنا
بحر
قوله ( مستور ) وقيل عدالته شرط وجزم به الزيلعي وظاهر ما في البحر و النهر ضعفه ط
قلت وإذا أخذ بقول طبيب ليس فيه هذه الشروط وأفطر فالظاهر لزوم فالظاهر لزوم الكفارة كما لو أفطر بدون أمارة ولا تجربة لعدم غلبة الظن والناس عنه غافلون
قوله ( وأفاد في النهر ) أخذا من تعليل المسألة السابقة باحتمال أن
____________________
(2/422)
يكون غرض الكافر إفساد العبادة
وعبارة البحر وفيه إشارة إلى أن المريض يجوز له أن يتسطب بالكافر فيما عدا إبطال العبادة ط
قوله ( فإني ) أي فكيف يتطبب بهم وهو استفهام بمعنى النفي
قال ح أيد ذلك شيخنا بما نقله عن الدر المنثور للعلامة السيوطي من قوله ما خلا كافر بمسلم إلا عزم على قتله
قوله ( للأمة أن تمتنع ) أي لا يجب عليها امتثال أمره في ذلك كما لو ضاق وقت الصلاة فتقدم طاعة الله تعالى ومقتضى ذلك أنها لو أطاعته حتى أفطرت لزمتها الكفارة ويفيده ما ذكره الشارح من التعليل وقدمنا نحوه قبيل الفصل
قوله ( إلا بالسفر ) استثناء من عموم العذر فإن السفر لا يبيح الفطر يوم العذر
قوله ( كما سيجيء ) أي في قول المتن يجب على مقيم إتمام يوم منه سافر فيه ح
قوله ( وقضوا ) أي من تقدم حتى الحامل والمرضع
وغلب الذكور فأتى بضميرهم ط
قوله ( بلا فدية ) أشار إلى خلاف الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حيث قال بوجوب القضاء والفدية لكل يوم مد حنطة كما في البدائع
قوله ( وبلا ولاء ) بكسر الواو أي موالاة بمعنى المتابعة لإطلاق قوله تعالى { فعدة من أيام أخر } البقرة 184 ولا خلاف في وجوب التتابع في أداء رمضان كما لا خلاف في ندب التتابع فيما لم يشترط فيه وتمامه في النهر
قوله ( لأنه ) أي قضاء الصوم المفهوم من قضوا وهذا علة لما فهم من قوله بلا ولاء من عدم وجوب الفور
قوله ( جاز التطوع قبله ) ولو كان الوجوب على الفور لكره لأنه يكون تأخيرا للواجب عن وقته المضيق
بحر
قوله ( بخلاف قضاء الصلاة ) أي فإنه على الفور لقوله من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لأن جزاء الشرط لا يتأخر عنه
أبو السعود
وظاهره أنه يكره التنفل بالصلاة لمن عليه الفوائت ولم أره
نهر
قلت قدمنا في قضاء الفوائت كراهته إلا في الرواتب والرغائب فليراجع ط
قوله ( قدم الأداء على القضاء ) أي ينبغي له وإلا فلو قدم القضاء وقع عن الأداء كما مر
نهر
قلت بل الظاهر الوجوب لما مر من أول الصوم من أنه لو نوى النفل أو واجبا آخر يخشى عليه الكفر
تأمل
قوله ( لما مر ) أي من أنه على التراخي
قوله ( خلافا للشافعي ) حيث وجب مع القضاء لكل يوم إطعام مسكين ح
قوله ( لا أفعل تفضيل ) لاقتضائه أن الإفطار فيه خير مع أنه مباح
وفيه أنه ورد إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ومحبة الله تعالى ترجع إلى الإثابة فيفيد أن رخصة الإفطار فيها ثواب لكن العزيمة أكثر ثوابا ويمكن حمل الحديث على من أبت نفسه الرخصة ط
قوله ( إن لم يضره ) أي بما ليس فيه خلاف هلاك وإلا وجب الفطر
بحر
قوله ( فإن شق عليه الخ ) أشار إلى أن المراد بالضرر مطلق المشقة لا خصوص ضررالبدن
قوله ( أو على رفيقه ) اسم جنس يشمل الواحد والأكثر
وفي بعض النسخ فقته فإذا كان رفقته أو عامتهم مفطرين والنفقة مشتركة فإن الفطر أفضل كما في الخلاصة وغيرها
قوله ( لموافقة الجماعة ) لأنهم يشق عليهم قسمة حصته من النفقة أو عدم موافقته لهم
قوله ( فإن ماتوا الخ ) ظاهر في رجوعه إلى جميع ما تقدم حتى الحامل والمرضع وقضية
____________________
(2/423)
صنيع غيره من المتون اختصاص هذا الحكم بالمريض والمسافر
وقال في البحر ولم أر من صرح بأن الحامل والمرضع كذلك لكن يتناولهما عموم قوله في البدائع من شرائط القضاء القدرة على القضاء فعلى هذا إذا زال الخوف أياما لزمهما بقدره بل ولا خصوصية فإن كل من أفطر بعذر ومات قبل زواله لا يلزمه شيء فيدخل المكره والأقسام الثمانية اه ملخصا من الرحمتي
قوله ( أي في ذلك العذر ) على تقدير مضاف أي في مدته
قوله ( لعدم إدراكهم الخ ) أي فلم يلزمهم القضاء ووجوب الوصية فرع لزوم القضاء وإنما تجب الوصية إذا كان له مال كما في شرح الملتقى ط
قوله ( بقدر إدراكهم الخ ) ينبغي أن يستثني الأيام المنهية لما سيأتي أن أداء الواجب لم يجز فيها
قهستاني وقد يقال لا حاجة إلى الاستثناء لأنه ليس بقادر فيها على القضاء شرعا بل هو أعجز فيها من أيام السفر والمرض لأنه لو صام فيها أجزأه ولو صام في الأيام المنهية لم يجزه رحمتي
قوله ( فوجوبها عليها بالأولى ) رد لما في القهستاني من أن التقييد بالعذر يفيد عدما لإجزاء لكن ذكر بعده أن في ديباجه المستصفى دلالة على الأجزاء
قلت ووجه الأولوية أنه إذا أفطر لعذر وقد وجبت عليه الوصية ولم يترك هملا فوجوبها عند عدم العذر أولى فافهم
قال الرحمتي ولا يشترط له إدراك زمان يقضي فيه لأنه كان يمكنه الأداء وقد فوته بدون عذر
قوله ( وفدى عنه وليه ) ولم يقل عنهم وليهم وإن كان ظاهر السياق إشارة إلى أن المراد بقوله فإن ماتوا موت أحدهم أيا كان لا موتهم جملة
قوله ( لزوما ) أي فداء لازما فهو مفعول مطلق أي يلزم الولي الفداء عنه من الثلث إذا أوصى وإلا فلا يلزم بل يجوز
قال في السراج وعلى هذا الزكاة لا يلزم الوارث إخراجها عنه إلا إذا أوصى إلا أن يتبرع الوارث بإخراجها
قوله ( الذي يتصرف في ماله ) أشارة به إلى أن المراد ما يشمل الوصي كما في البحر ح
قوله ( قدرا ) أي التشبيه بالفطرة من حيث القدر إذ لا يشترط التمليك هنا بل تكفي الإباحة بخلاف الفطرة وكذا هي مثل الفطرة من حيث الجنس وجواز أداء القيمة وقال القهستاني وإطلاق كلامه يدل على أنه لو دفع إلى فقير جملة جاز ولم يشترط العدد ولا المقدار لكن لو دفع إليه أقل من نصف صاع لم يعتد به وبه يفتى اه أي بخلاف الفطرة على قول كما مر
قوله ( بعد قدرته ) أي الميت وقوله وفوته مصدر معطوف على قدرته والظرف متعلق بقوله وفدى
والمعنى أنه إنما يلزمه الفداء إذا مات بعد قدرته على القضاء وفوته بالموت
قوله ( فلو فاته الخ ) تفريع على قوله بقدر إدراكهم أو على قوله بعد قدرته عليه فإنه يشير إلى أنه إنما يفدي عما أدركه وفوته دون ما لم يدركه وأشار به إلى رد قول الطحاوي إن هذا قول محمد وعندهما تجب الوصية والفداء عن جميع الشهر بالقدرة على يوم فإن الخلاف في النذر فقط كما يأتي بيانه آخر الباب أما هنا فلا خلاف في أن الوجوب بقدر القدرة فقط كما نبه عليه في الهداية وغيرها
قوله ( من الثلث ) أي ثلث ماله بعد تجهيزه وإيفاء ديون العباد فلو زادت الفدية على الثلث لا يجب الزائد إلا بإجازة الوارث
قوله ( وهذا ) أي إخراجها من الثلث فقط لو له وارث لم يرض بالزائد
قوله ( وإلا ) أي بأن لم يكن له وارث فتخرج من كل أي لو بلغت كل المال تخرج من الكل لأن منع الزيادة لحق
____________________
(2/424)
الوارث فحيث لا وارث فلا منع كما لو كان وأجاز وكذا لو كان له وارث ممن لا يرد عليه كأحد الزوجين فتنفذ الزيادة على الثلث بعد أخذ الوارث فرضه كما سيأتي بيانه آخر الكتاب إن شاء الله تعالى
قوله ( جاز ) إن أريد بالجواز أنها صدقة واقعة موقعها فحسن وإن أريد سقوط واجب الإيصاء عن الميت مع موته مصرا على التقصير فلا وجه له والأخبار الواردة فيه مؤولة
إسماعيل عن المجتبى
أقول لا مانع من كون المراد به سقوط المطالبة عن الميت بالصوم في الآخرة وإن بقي عليه إثم التأخير كما لو كان عليه دين عبد وماطله به حتى مات فأوفاه عنه وصيه أو غيره ويؤيده تعليق الجواز بالمشيئة كما نقرره وكذا قول المصنف كغيره وإن صام أو صلى عنه لا فإن معناه لا يجوز قضاء عما على الميت وإلا فلو جعل له ثواب الصوم والصلاة يجوز كما نذكره فعلم أن قوله جاز أي عما على الميت لتحسن المقابلة
قوله ( إن شاء الله ) قيل المشيئة لا ترجع للجواز بل للقبول كسائر العبادات وليس كذلك فقد جزم محمد رحمه الله في فدية الشيح الكبير وعلق بالمشيئة فيمن ألحق به كمن أفطر بعذر أو غيره حتى صار فانيا وكذا من مات وعليه قضاء رمضان وقد أفطر بعذر إلا أنه فرط في القضاء وإنما علق لأن النص لم يرد بهذا كما قاله الإتقاني وكذا علق في فدية الصلاة لذلك قال في الفتح والصلاة كالصوم باستحسان المشايخ
ووجهه أن المماثلة قد ثبتت شرعا بين الصوم والإطعام والمماثلة بين الصلاة والصوم ثابتة ومثل مثل الشيء جاز أن يكون مثلا لذلك الشيء وعلى تقدير ذلك يجب الإطعام وعلى تقدير عدمها لا يجب فالاحتياط في الإيجاب فإن كان الواقع ثبوت المماثلة حصل المقصود الذي هو السقوط وإلا كان برا مبتدأ يصلح ماحيا للسيئات ولذا قال محمد فيه يجزيه إن شاء الله تعالى من غير جزم كما قال في تبرع الوارث بالإطعام بخلاف إيصائه بعن عن الصوم فإنه جزم بالإجزاء اه
قوله ( ويكون الثواب للولي
اختيار ) أقول الذي رأيته في الاختيار هكذا وإن لم يوص لا يجب على الورثة الإطعام لأنها عبادة فلا تؤدى إلا بأمره وإن فعلوا ذلك جاز ويكون له ثواب اه
ولا شبهة في أن الضمير في له للميت وهذا هو الظاهر لأن الوصي إنما تصدق عن الميت لا عن نفسه فيكون الثواب للميت لما صرح به في الهداية من أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها كما سيأتي في باب الحج عن الغير وقدمنا الكلام على ذلك في الجنائز قبيل باب التشهد فتذكره بالمراجعة نعم ذكرنا هناك أنه لو تصدق عن غيره لا ينقص من أجره شيء
قوله ( لحديث النسائي الخ ) هو موقوف على ابن عباس وأما في الصحيحين عن ابن عباس أيضا أنه قال جاء رجل إلى النبي فقال إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها فقال لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها قال نعم قال فدين الله أحق فهو منسوخ لأن فتوى الراوي على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ
وقال مالك ولم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين بالمدينة أن أحدا منهم أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحد وهذا مما يؤيد النسخ وأنه الأمر الذي استقر الشرع عليه وتمامه في الفتح و شرح النقاية للقاري
قوله ( بكفارة يمين أو قتل الخ ) كذا في الزيلعي و الدرر و البحر و النهر
قال في الشرنبلالية أقول لا يصح تبرع الوارث في كفارة القتل بشيء لأن الواجب فيها ابتداء عتق رقبة مؤمنة ولا يصح إعتاق الورث عنه كما ذكره والصوم فيها بدل عن الإعتاق لا تصح فيه الفدية كما سيأتي وليس
____________________
(2/425)
في كفارة القتل إطعام ولا كسوة فجعلها مشاركة لكفارة اليمين فيهما سهو اه
ومثله في العزمية
وأجاب العلامة الأقصرائي كما نقله أبو السعود في حاشية مسكين بأن مرادهم بالقتل قتل الصيد لا قتل النفس لأنه ليس فيه إطعام اه
قلت ويرد عليه أيضا أن الصوم في قتل الصيد ليس أصلا بل هو بدل لأن الواجب فيه أن يشتري بقيمته هدى يذبح في الحرم أو طعام يتصدق به على فقير نصف صاع أو يصوم عن كل نصف صاع يوما فافهم
قلت وقد يفرق بين الفدية في الحياة وبعد الموت بدليل ما في الكافي النسفي عن معسر كفارة يمين أو قتل وعجز عن الصوم لم تجز الفدية كمتمتع عجز عن الدم والصوم لأن الصوم هنا بدل ولا بدل للبدل فإن مات وأوصى بالتكفير صح من ثلثه وصح التبرع في الكسوة والإطعام لأن الاعتاق بلا إيصاء إلزام الولاء على الميت وإلا إلزام في الكسوة والإطعام اه
فقوله فإن مات وأمصى بالتكفير صح ظاهر في الفرق المذكور وبه يتخصص ما سيأتي من أنه لا تصح الفدية عن صوم هو بدل من غيره
ثم إن قوله وأوصى بالتكفير شامل لكفارة اليمين والقتل لصحة الوصية بالإعتاق بخلاف التبرع به ولذا قيد صحة التبرع بالكسوة والإطعام وصرح بعدم صحة الإعتاق فيه وهذا قرينة ظاهرة على أن المراد التبرع بكفارة اليمين فقط لأن كفارة اقتل ليس فيها كسوة ولا إطعام
فتلخص من كلام الكافي أن العاجز عن صوم هو بدل عن غيره كما في كفارة اليمين والقتل لو فدى عن نفسه في حياته بأن كان شيخا فانيا لا يصح في الكفارتين
ولو أوصى بالفدية يصح فيهما ولو تبرع فيه وليه لا يصح في كفارة القتل لأن الواجب فيها العتق ولا يصح التبرع به ويصح في كفارة اليمين لكن في الكسوة والإطعام دون الإعتاق لما قلنا هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام فاغتنمه فقد زلت فيه أقدام الأفهام
قوله ( لما فيه الخ ) أي لأن الولاء لحمة كلحمة النسب على أن ذلك ليس نفعا محضا لأن المولى يصير عاقلة عتيقة وكذا عصباته بعد موته
ولا يرد ما مر عن الهداية من أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله
لغيره وهو شامل للعتق لأن المراد هنا إعاقته على وجه النيابة عن الميت بدلا عن صيامه بخلاف ما لو أعتق عبده وجعل ثوابه للميت فإن الإعتاق يقع عن نفسه أصالة ويكون الولاء له وإنما جعل الثواب للميت وبخلاف التبرع عنه بالكسوة والإطعام فإنه يصح بطريق النيابة لعدم الإلزام
قوله ( كما مر الخ ) تقدم هناك بيان ما إذا لم يكن للميت مال أو كان الثلث لا يفي بما عليه مع بيان كيفية فعلها
قوله ( على المذهب ) وما روي عن محمد بن مقاتل أولا من أنه يطعم عنه لصلوات كل يوم نصف صاع كصومه رجع عنه وقال كل صلاة فرض كصوم قوم وهو الصحيح سراج
قوله ( وكذا الفطرة ) أي فطرة الشهر بتمامه كفدية صوم يوم وفيه أن هذا علم من قوله أولا كالفطرة ويمكن عود التشبيه إلى مسألة التبرع
وقال ح قوله وكذا الفطرة أي يخرجها الولي بوصيته
قوله ( يطعم عنه ) أي من الثلث لزوما إن أوصى وإلا جوازا وكذا يقال فيما بعده
وفي القهستاني أن الزكاة والحج والكفارة من الوارث تجزيه بلا خلاف اه أي ولو بدون وصيته كما
____________________
(2/426)
هو المتبادر من كلامه أما الزكاة فقد نقلناه قبله عن السراج وأما الحج فمقتضي ما سيأتي في كتاب الحج عن الفتح أنه يقع عن الفاعل وللميت الثواب فقط وأما الكفارة فقد مرت متنا
قوله ( والمالية ) الأولى أو مالية وكذا قوله والمركب الأولى أو مركبة
قوله ( وللشيخ الفاني ) أي الذي فنيت قوته أو أشرف على الفناء ولذا عرفوه بأنه الذي كل يوم في نقص إلى أن يموت
نهر
ومثله ما في القهستاني عن الكرماني المريض إذا تحقق اليأس من الصحة فعليه الفدية لكل يوم من المرض اه
وكذا في البحر لو نذر صوم الأبد فضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة له أن يطعم ويفطر لأنه استيقن أنه لا يقدر على القضاء
قوله ( العاجز عن الصوم ) أي عجزا مستمرا كما يأتي أما لو لم يقدر عليه لشدة الحر كان له أن يفطر ويقضيه في الشتاء
فتح
قوله ( ويفدي وجوبا ) لأن عذره ليس بعرضى للزوال حتى يصير إلى القضاء فوجبت الفدية
نهر
ثم عبارة الكنز وهو يفدي إشارة إلى أنه ليس على غيره الفداء لأن نحو المرض والسفر في عرضة الزوال فيجب القضاء وعند العجز بالموت تجب الوصية بالفدية
قوله ( ولو في أول الشهر ) أي يخير بين دفعها في أوله أو آخره كما في البحر
قوله ( وبلا تعدد فقير ) أي بخلاف نحو كفارة اليمين للنص فيها على التعدد فلو أعطي هنا مسكينا صاعا عن يومين جاز لكن في البحر عن القنية أن عن أبي يوسف فيه روايتان وعند أبي حنيفة لا يجزيه كما في كفارة اليمين وعن أبي يوسف لو أعطى نصف صاع من برج عن يوم واحد لمساكين يجوز
قال الحسن وبه نأخذ اه
ومثله في القهستاني
قوله ( لو موسرا ) قيد لقوله يفدي وجوبا
قوله ( وإلا فيستغفر الله ) هذا ذكره في الفتح و البحر عقيب مسألة نذر الأبد إذا اشتغل عن الصوم بالمعيشة فالظاهر أنه راجع إليها دون ما قبلها من مسألة الشيخ الفاني لأنه لا تقصير منه بوجه بخلاف الناذر لأنه باشتغاله بالمعيشة عن الصوم ربما حصل منه نوع تقصير وإن كان اشتغاله بها واجبا لما فيه من ترجيح حظ نفسه فليتأمل
قوله ( هذا ) أي وجوب الفدية على الشيخ الفاني ونحوه
قوله ( أصلا بنفسه ) كرمضان وقضائه والنذر كما مر فيمن نذر صوم الأبد وكذا لو نذر صوما معينا فلم يصم حتى صار فانيا جازت له الفدية
بحر
قوله ( حتى لو لزمه الصوم الخ ) تفريع على مفهوم قوله أصلا بنفسه وقيد بكفارة اليمين والقتل احترازا عن كفارة الظهار والإفطار إذا عجز عن الإعتاق لإعساره وعن الصوم لكبره فله أن يطعم ستين مسكينا لأن هذا صار بدلا عن الصيام بالنص والإطعام في كفارة اليمين ليس ببدل عن الصيام بل الصيام بدل عنه
سراج
وفي البحر عن الخانية و غاية البيان وكذا لو حلق رأسه وهو محرم عن أذى ولم يجد نسكا يذبحه ولا ثلاثة آصع حنطة يفرقها على ستة مساكين وهو فان لا يستطيع الصيام فأطعم عن الصيام لم يجز لأنه بدل
قوله ( لم تجز الفدية ) أي في حال حياته بخلاف ما لو أوصى بها كما مر تحريره
قوله ( ولو كان ) أي العاجز عن الصوم وهذا تفريع على مفهوم قوله وخوطب بأدائه
قوله ( لم يجب الإيصاء ) عبر عنه الشرح بقولهم قيل لم يجب لأن الفاني يخالف غيره في التخفيف لا في التغليظ وذكر في البحر أن الأولى الجزم به لاستفادته من قولهم إن المسافر إذا لم يدرك عدة فلا شيء عليه إذا مات ولعلها ليست صريحة في كلام أهل المذهب فلم يجزموا بها اه
قوله ( ومتى قدر ) أي الفاني الذي أفطر وفدى
قوله ( شرط الخلفية )
____________________
(2/427)
أي في الصوم أي كون الفدية خلفا عنه
قال في البحر وإنما قيدنا بالصوم ليخرج المتيمم إذا قدر على الماء لا تبطل الصلاة المؤداة بالتميمم لأن خلفية مشروطة بمجرد العجز عن الماء لا بقيد دوامه وكذا خلفية الأشهر عن الأقراء في الاعتداد مشروطة بانقطاع الدم مع سن اليأس لا بشرط دوامه حتى لا تبطل الأنكحة الماضية بعود الدم على ما قدمناه في الحيض
قوله ( المشهور نعم ) فإن ما ورد بلفظ الإطعام جاز فيه الإباحة والتمليك بخلاف ما بلفظ الأداء والإيتاء فإنه للتمليك كما في المضمرات وغيره
قهستاني
قوله ( فلا قضاء ) يرد عليه ما لو نوى صوم القضاء نهارا فإنه يصير متنفلا وإن أفطر يلزمه القضاء كما إذا نوى الصوم ابتداء وقدم جوابه قبيل قول المتن ولا يصام يوم الشك فافهم
قوله ( تجنيس ) نص عبارته إذا دخل الرجل في الصوم على ظن أنه عليه ثم تبين أنه ليس عليه فلم يفطر ولكن مضى عليه ساعة ثم أفطر فعليه القضاء لأنه لما مضى عليه ساعة صار كأنه نوى في هذه الساعة فإذا كان قبل الزوال صار شارعا في صوم التطوع فيجب عليه اه
والظاهر أن ضمير مضى للصائم وضمير عليه للصوم وأن ساعة منصوب على الظرفية أي إذا تذكر ومضى هو على صومه ساعة بأن لم يتناول مفطرا ولا عزم على الفطر صار كأنه نوى الصوم فيصير شاعرا إذا كان ذلك في وقت النية ولو كان ساعة بالرفع على أنه فاعل مضى كما هو ظاهر تقرير الشارح يلزم أنه لو مضت الساعة يصير شارعا وإن عزم وقت التذكر على الفطر مع أن عزمه على الفطر ينافي كونه في معنى الناوي للصوم وإن كان لا ينافي الصوم لأن الصائم إذا نوى الفطر لايفطر لكن الكلام في جعله شارعا في صوم مبتدا لا في إبقائه على صومه السابق ولذا اشترط كون ذلك في وقت النية هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم فافهم
قوله ( أي يجب إتمامه ) تفسير لقوله لزم ولقوله أداء ط
قوله ( ولو بعروض حيض ) أي لا فرق في وجوب القضاء بين ما إذا أفسده قصدا ولا خلاف فيه أو بلا قصد في أصح الروايتين كما في النهاية وهذا يعكر على ما في الفتح من نقله عدم الخلاف فيه
قوله ( وجب القضاء ) أي في غير الأيام الخمسة الآتية وهذا راجع إلى قوله قضاء ط
قوله ( فلا يلزم ) أي لا أداء ولا قضاء إذا أفسده
قوله ( فيصير مرتبكا للنهي ) فلا تجب صيانته بل يجب إبطاله ووجوب القضاء ينبني على وجوب الصيانة فلم يجب قضاء كما لم يجب أداء بخلاف ما إذا نذر صيام هذه الأيام فإنه يلزمه ويقضيه في غيرها لأنه لم يصر بنفس النذر مرتكبا للنهي وإنما التزم طاعة الله تعالى والمعصية بالفعل فكانت من ضرورات المباشرة لا من ضرورات إيجاب المباشرة
منح مع زيادة ط
قوله ( أما الصلاة ) جواب عن سؤال
حاصله أنه ينبغي أن لا تجب الصلاة بالشروع في الأوقات المكروهة كما لا يجب الصوم في هذه الأيام
وحاصل الجواب أنا لا نسلم هذا القياس فإنه لا يكون مباشرا للمعصية بمجرد الشروع فيها بل إلى أن يسجد بدليل من حلف أنه لا يصلي فإنه لا يحنث ما لم يسجد بخلاف الصوم في تلك الأيام فيباشر المعصية بمجرد الشروع فيها
منح
وفيه أنهم عدوه شارعا فيها بمجرد الإحرام حتى لو أفسده حينئذ وجب قضاؤه فقد تحققت بمجرد الشروع وأما مسألة اليمين فهي مبنية على العرف ط
____________________
(2/428)
قلت صحة الشروع لا تستلزم تحقيق الحقيقة المركبة من عدة أشياء فقد صرحوا بأن المركب قد يكون جزؤه كالكل في الاسم كالماء وقد لا يكون كالحيوان والصوم من القسم الأول لأنه مركب من إمساكات متفقة الحقيقة كل منها صوم بخلاف الصلاة فإن أبعاضها من القيام والركوع والسجود والقعود لا تسمى صلاة ما لم تجتمع وذلك بأن يسجد لها فما انعقد قبل ذلك طاعة محضة وما بعده له جهتان وتمام تقرير هذا المحل يطلب من التلويح في أول فصل النهي وأما بناء مسألة اليمين على العرف فيحتاج إلى إثبات العرف في ذلك
قوله ( وهي الصحيحة ) وهي ظاهر الرواية كما في المنح وغيرها فلا يحسن أن يعبر عنها برواية بالتنكير لإشعاره بجهالتها وكان حق العبارة أن يقول ألا في رواية فيقرر ظاهر الرواية ثم يحكي غيره بلفظ التنكير كما يفيده قول الكنز وللمتطوع الفطر بغير عذر في رواية فأفاد أن ظاهر الراية غيرها
رحمتي
قوله ( واختارها الكمال ) وقال إن الأدلة تظافرت عليها وهي أوجه
قوله ( وتاج الشريعة ) هو جد صدر الشريعة وقوله وصدرها أي صدر الشريعة معطوف عليه وقوله في الوقاية وشرحها لف ونشر مرتب لأن الوقاية لتاج الشريعة واختصرها صدر الشريعة وسماه
نقاية الوقاية ثم شرحه فالوقاية لجده لا له فافهم والشرح وإن كان للنقاية لكن لما كانت مختصرة من الوقاية صح جعله شرحا لها ثم إن الشارح قد تابع في هذه العبارة صاحب النهر
وقد أورد عليه أن ما نسبه إلى الوقاية وشرحها لم يوجد فيهما فإن الذي في الوقاية ولا يفطر بلا عذر في رواية وقال في شرحها أي إذا شرع في صوم التطوع لا يجوز له الإفطار بلا عذر لأنه إبطال العمل وفي رواية أخرى يجوز لأن القضاء خلفه اه
قلت وقد يجاب بأن قوله في رواية يفهم أن معظم الروايات على خلافها وأنها رواية شاذة وأن مختاره خلافها لإشعار هذا اللفظ بما ذكرنا ولو كانت هي مختارة له لجزم بها ولم يقل في رواية ولما تبعه صدر الشريعة في النقاية على ذلك أيضا وقرر كلامه في الشرح ولم يتعقبه بشيء علم أنه اختارها أيضا
قوله ( والضيافة عذر ) بيان لبعض ما دخل في قوله ( ولا يفطر الشارع ) في نفل بلا عذر وأفاد تقييده بالنفل أنها ليست بعذر في الفرض والواجب
قوله ( للضيف والمضيف ) كذا في البحر عن شرح الوقاية ونقله عن القهستاني أيضا ثم قال لكن لم توجد رواية المضيف
قلت لكن جزم بها في الدرر أيضا ويشهد لها قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه والضيف في الأصل مصدر ضفته أضيفه ضيفا وضيافة والمضيف بضم الميم من أضاف غيره أو بفتحها وأصله مضيوف
قوله ( إن كان صاحبها ) أي صاحب الضيافة وكذا إذا كان الضيف لا يرضى إلا بأكله معه ويتأذى بتقديم الطعام إليه وحده
رحمتي
قوله ( هو الصحيح من المذهب ) وقيل هي عذر قبل الزوال لا بعده وقيل عذر إن وثق من نفسه بالقضاء دفعا للأذى عن أخيه المسلم وإلا فلا
قال شمس الأئمة الحلواني وهو أحسن ما قيل في هذا الباب وفي مسألة اليمين يجب أن يكون الجواب على هذا التفصيل اه بحر
قلت ويتعين تقييد القول الصحيح بهذا الأخير إذ لا شك أنه إذا لم يثق من نفسه بالقضاء يكون منع نفسه عن الوقوع في الإثم أولى من مراعاة جانب صاحبه وأفاد الشارح بقوله الآتي هذا إذا كان قبل الزوال الخ تقييد
____________________
(2/429)
الصحيح بالقول الآخر أيضا وبه حصل الجمع بين الأقوال الثلاثة
تأمل
قوله ( ولو حلف ) بأن قال امرأته طالق إن لم تفطر كذا في السراج وكذا قوله علي الطلاق لتفطرن فإنه في معنى تعليق الطلاق كما سيأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى
قوله ( أفطر ) أي المحذوف عليه ندبا دفعا لتأذي أخيه المسلم
قوله ( ولا يحنثه ) أفاد أنه لو لم يفطر يحنث الحالف ولا يبر بمجرد قوله أفطر سواء كان حلفه بالتعليق كما مر أو بنحو قوله والله لتفطرن وأما ما صرحوا به من التفصيل والفرق بين ما يملك وما لا يملك فذاك فيما إذا قال لا أتركه يفعل كذا كما لو حلف لا يترك فلانا يدخل هذه الدار فإن لم تكن الدار ملك الحالف يبر منعه بالقول ولو ملكه أي متصرفا فيها فلا بد من منعه بالفعل واليمين فيهما على العلم حتى لو لم يعلم لا يحنث مطلقا وأما لو قال إن دخل داري فهو على الدخول علم أو لا تركه أو لا وكذا لو قال إن تركت امرأتي تدخل داري أو دار فلان فهو على العلم فإن علم وتركها حنث وإلا فلا ولو قال إن دخلت فهو على الدخول كما يظهر ذلك لمن يراجع أيمان البحر وغيره نعم وقع في كلام الشارح في أواخر كتاب الأيمان عبارة موهمة خلاف ما صرحوا به كما سيأتي تحريره هناك إن شاء الله تعالى فافهم
قوله ( بزازية ) عبارتها إن نفلا أفطر وإن قضاء لا والاعتماد أنه يفطر فيهما ولا يحنثه اه
وقد نقلها في النهر أيضا بهذا اللفظ فافهم
قوله ( وفي النهر عن الذخيرة الخ ) أقول ذكر في الذخيرة مسألة الضيافة ومسألة الحلف وما فيهما من الأقوال ثم قال وهذا كله إذا كان الإفطار قبل الزوال الخ وبه علم أنه جاز على الأقوال كلها لا قول مخالف لها فتأيد ما قلناه من حصول الجمع فافهم
قوله ( قبل الزوال ) قد ذكرنا أن هذه العبارة واقعة في أكثر الكتب والمراد بها ما قبل نصف النهار أو على أحد القولين فافهم
قوله ( إلى العصر لا بعده ) هذه الغاية عزاها في النهر إلى السراج ولعل وجهها أن قرب وقت الإفطار يرفع ضرر الانتظار وظاهر قوله لا بعده أن الغاية داخلة لكنه في السراج لم يقل لا بعده
قوله ( لو صائما غير قضاء رمضان ) أما هو فيكره فطره لأن له حكم رمضان كما في الظهيرية وظاهر اقتصاره عليه أنه لا يكره له الفطر في صوم الكفارة والنذر بعذر الضيافة وهو رواية عن أبي يوسف لكنه لم يستثن قضاء رمضاء
قال القهستاني عند قول المتن ويفطر في النفل بعذر الضيافة في الكلام إشارة إلى أنه في غير النفل لا يفطر كما في المحيط وعن أبي يوسف أنه في صوم القضاء والكفارة والنذر يفطر اه
فأنت تره لم يستثن قضاء رمضان والظاهر من المصنف أنه جرى على رواية أبي يوسف فكان ينبغي له أن لا يستثنى قضاء رمضان
حموي على الأشباه بتصرف ط
قوله ( ولا تصوم المرأة نفلا الخ ) أي يكره لها ذلك كما في السراج
والظاهر أن لها الإفطار بعد الشروع رفعا للمعصية فهو عذر وبه تظهر مناسبة هذه المسائل هنا تأمل وأطلق النفل فشمل ما أصله نفل ولكن وجب بعارض ولذا قال في البحر عن القنية للزوج أن يمنع زوجته عن كل ما كان الإيجاب من جهتها كالتطوع والنذر واليمين دون ما كان من جهته تعالى كقضاء رمضان وكذا العبد إلا إذا ظاهر من امرأته لا يمنعه من كفارة الظهار بالصوم لتعلق حق المرأة به اه
قوله ( إلا عند عدم الضرر به ) بأن كان مريضا أو مسافرا أو محرما يحج أو عمرة فليس له منعها من صوم التطوع ولها أن تصوم وإن نهاها لأنه إنما يمنعها لاستيفاء حقه في الوطء وأما في هذه الحالة فصومها لا يضره فلا معنى للمنع
سراج
وأطلق في الظهيرية المنع واستظهره في البحر
____________________
(2/430)
لأن الصوم يهزلها وإن لم يكن الزوج يطؤها الآن
قال في النهر وعندي أن إحالة المنع على الضرر وعدمه على عدمه أولى للقطع بأن صوم يوم لا يهزلها فلم يبق إلا منعه عن وطئها وذلك إضرار به فإن انتفى بأن كان مريضا أو مسافرا جاز اه
قوله ( ولو فطرها الخ ) أفاد أن له ذلك كما مر وكذا في العبد
وفي البحر عن الخانية وإن أحرمت المرأة تطوعا أي بالحج بلا إذن الزوج له أن يحللها وكذا في الصلوات
قوله ( أو بعد البينونة ) أي الصغرى أو الكبرى ومفهومه أنها لا تقضي في الرجعى ولو فصل هنا كما فصل في الحداد من كون الرجعة مرجوة أو لا لكان حسنا ط
قوله ( وما في حكمه ) كالأمة والمدبر والمدبرة وأم الولد
بدائع
قوله ( لم يجز ) أي يكره قال في الخانية إلا إذا كان المولى غائبا ولا ضرر له في ذلك اه أي فهو كالمرأة لكن في المحيط وغيره وإن لم يضره لأن منافعهم مملوكة للمولى بخلاف المرأة فإن منافعها غير مملوكة للزوج وإنما له حق الاستمتاع بها اه
واستظهره في البحر لأن العبد لم يبق على أصل الحرية في العبادات إلا في الفرائض وأما في النوافل فلا اه
ولم يذكر الأجير
وفي السراج إن كان صومه يضر بالمستأجر بنقص الخدمة فليس له أن يصوم تطوعا إلا بإذنه وإلا فله لأن حقه في المنفعة فإذا لم تنتقص لم يكن له منعه وأما بنت الرجل وأمه وأخته فيتطوعن بلا إذنه لا حق له في منافعهن اه
قلت وينبغي أن أحد الوالدين إذا نهى الولد عن الصوم خوفا عليه من المرض أن يكون الأفضل إطاعته أخذا من مسألة الحلف عليه بالإفطار فتأمل
قوله ( أو لم ينو ) أشار إلى أن قول المصنف كغيره نوى الفطر غير قيد وإنما هو إشارة إلى أنه لو لم ينو الفطر في وقت النية قبل الأكل فالحكم كذلك بالأولى لأنه إذا صح مع نية المنافي فمع عدمها أولى كما في البحر ولأن نية الإفطار لا عبر بها كما أفاده بقوله الآتي ولو نوى الصائم الفطر الخ
قوله ( قبل الزوال ) أي نصف النهار وقبل الأكل
قوله ( صح ) لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب ولا صحة الشروع
بحر
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان نفلا أو نذرا معينا أو أداء رمضان ح
وبه علم أن محل ذلك في صوم لا يشترط فيه التبييت فلو نوى ما يشترط فيه التبييت وقع نفلا كما تقدم ما يفيده ط
وإن أريد بقوله صح صحة الصوم لا بقيد كونه عما نواه فالمراد بالإطلاق ما يشمل الجميع
قوله ( ويجب عليه الصوم ) أي إنشاؤه حيث صح منه بأن كان في وقت النية ولم يوجد ما ينافيه وإلا وجب عليه الإمساك كحائض طهرت ومجنون أفاق كما مر
قوله ( كما يجب على مقيم الخ ) لما قدمناه أول الفصل أن السفر لا يبيح الفطر وإنما يبيح عدم الشروع في الصوم فلو سافر بعد الفجر لا يحل الفطر
قال في البحر وكذا لو نوى المسافر الصوم ليلا وأصبح من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر ثم أصبح صائما لا يحل فطره في ذلك اليوم ولو أفطر لا كفارة عليه اه
قلت وكذا لا كفارة عليه بالأولى لو نوى نهارا فقوله ليلا غير قيد
قوله ( فيهما ) أي في مسألة المسافر إذ أقام ومسألة المقيم إذا سافر كما في الكافي النسفي وصرح في الاختيار بلزوم الكفارة في الثانية
قال ابن الشلبي في شرح الكنز وينبغي التعويل على ما في الكافي أي من عدمه فيهما
قلت بل عزاه في الشرنبلالية إلى الهداية و العناية و الفتح أيضا
قوله ( للشبهة في أوله وآخره ) أي في أول الوقت في المسألة الأولى وآخره في الثانية فهو لف ونشر مرتب
____________________
(2/431)
مطلب يقدم هنا القياس على الاستحسان قوله ( فإنه يكفر ) لأنه مقيم عند الأكل حيث رفض سفره بالعود إلى منزله وبالقياس نأخذ اه خانية
فتزاد هذه على المسائل التي قدم فيها القياس على الاستحسان
حموي
وقد مر أنه لو أكل المقيم ثم سافر أو سوفر به مكرها لا تسقط الكفارة والظاهر أنه لو أكل بعدما جاوز بيوت مصره ثم رجع فأكل لا كفارة عليه وإن عزم على عدم السفر أصلا بعد أكله وقع في موضع الترخص نعم يجب عليه الإمساك
هذا وفي البدائع من صلاة المسافر لو أحدث في صلاته فلم يجد الماء فنوى أن يدخل مصره وهو قريب صار مقيما من ساعته وإن لم يدخل فلو وجد ماء قبل دخوله صلى أربعا لأنه بالنية صار مقيما اه
قلت ومقتضاه أنه لو أفطر بعد النية قبل الدخول يكفر أيضا
تأمل
تنبيه المسافر إذا نوى الإقامة في مصر أقل من نصف شهر هل يحل له الفطر في هذه المدة كما يحل له قصر الصلاة سئلت عنه ولم أره صريحا وإنما رأيت في البدائع وغيرها لو أراد المسافر دخول مصره أو مصر آخر ينوي فيه الإقامة يكره له أن يفطر في ذلك اليوم وإن كان مسافرا في أوله لأنه اجتمع المحرم للفطر وهو الإقامة والمبيح أو المرخص وهو السفر في يوم واحد فكان الترجيح للمحرم احتياطا وإن كان أكبر رأيه أنه لا يتفق دخوله المصر حتى تغيب الشمس فلا بأس بفطر فيه اه
فتقييده بنية الإقامة يفهم أنه بدونها يباح له الفطر في يوم دخوله ولو كان أول النهار لعدم المحرم وهو الإقامة الشرعية وكذا في اليوم الثاني مثلا
والحاصل أن مقتضى القواعد الجواز ما لم يوجد نقل صريح بخلافه
تأمل
كما مر أي قبيل قوله ولا يصام الشك إلا تطوعا ح
قوله ( قال وفيه خلاف الشافعي ) ضمير قال لابن الشحنة
واستشكل بأن الكلام ناسيا لا يفسد الصلاة عند الشافعي فكيف يفسدها مجرد نية الكلام قلت فرق بين الكلام ناسيا ونية الكلام العمد فإن العمد قاطع للصلاة
ثم رأيت ط أجاب بما ذكرته من الفرق ثم قال والمعتمد من مذهبه عدم الفساد
قوله ( لندرة امتداده ) لأن بقاء الحياة عند امتداده طويلا بل أكل ولا شرب نادر ولا حرج في النوادر كما في الزيلعي
قوله ( فلا يقضيه ) لأن الظاهر من حاله أن ينوي الصوم ليلا حملا على الأكمل ولو حدث له ذلك نهارا أمكن حمله كذلك بالأولى حتى لو كان متهتكا يعتاد الأكل في رمضان أو مسافرا قضى الكل كذا قالوا وينبغي أن يقيد بمسافر يضره الصوم
أما من لا يضره فلا يقضي ذلك اليوم حملا لأمره على الصلاح لما مر أن صومه أفضل وقول بعضهم إن قصد صوم الغد في الليالي من المسافر ليس ظاهر ممنوع فيما إذا كان لا يضره
نهر
قلت هذا المنع غير ظاهر خصوصا فيمن كان يفطر في سفره قبل حدوث الإغماء نعم هو ظاهر فيمن كان يصوم قبله أو كان عادته في أسفاره
تأمل
قوله ( إلا إذا علم الخ ) قال الشمني وهذا إذا لم يذكر أنه نوى أو لا إذا علم أنه نوى فلا شك في الصحة وإن علم أنه لم ينو فلا شك في عدمها وكلامه ظاهر في أن فرض المسألة في رمضان فلو حدث له ذلك في شعبان قضى الكل
نهر أي لأن شعبان لا تصح عنه نية رمضان
قوله ( وفي الجنون ) متعلق
____________________
(2/432)
بقضى الآتي ط
قوله ( لجميع ما يمكنه إنشاء الصوم فيه ) هو ما بين طلوع الفجر إلى نصف النهار من كل يوم فالإفاقة بعد هذا الوقت إلى قبيل طلوع الفجر ولو من كل يوم لا تعتبر ط أي لأنها وإن كانت وقت النية لكن إنشاء الصوم بالفعل لا يصح في الليل ولا بعد نصف النهار ثم هذا خلاف إطلاق المصنف الاستيعاب فإنه يقتضي أنه لو أفاق ساعة منه ولو ليلا أو بعد نصف النهار أنه يقضي وإلا فلا وقدمنا أول كتاب الصوم تحرير الخلاف في ذلك وأنهما قولان مصححان وأن المعتمد الثاني لكونه ظاهر الرواية والمتون
قوله ( على ما مر ) أي عند قوله وسبب صوم رمضان شهود جزء من الشهر ح
قوله ( لا يقضي مطلقا ) أي سواء كان الجنون أصليا أو عارضا بعد البلوغ قيل هذا ظاهر الرواية
وعند محمد أنه فرق بينهما لأنه إذا بلغ مجنونا التحق بالصبي فانعدم الخطاب بخلاف ما إذا بلغ عاقلا فجن وهذا مختار بعض المتأخرين
هداية
قال في العناية منهم أبو عبد الله الجرجاني والإمام الرستغفني والزاهد الصفار اه
وفي الشرنبلالية عن البرهان عن المبسوط ليس على المجنون الأصلي قضاء ما مضى في الأصح اه أي ما مضى من الأيام قبل إفاقته
تنبيه لا يخفى أنه إذا استوعب الجنون الشهر كله لا يقضي بلا خلاف مطلقا وإلا ففيه الخلاف المذكور فقوله مطلقا هنا تبعا للدرر في غير محله وكان عليه أن يذكره عقب قوله إن لم يستوعب قضى ما قضى ليكون إشارة إلى الخلاف المذكور
فتنبه
مطلب في الكلام على النذر قوله ( ولو نذر الخ ) شروع فيما يوجبه العبد على نفسه بعد ذكر ما أوجب الله تعالى عليه
قال في شرح الملتقى والنذر عمل اللسان وشرط صحته أن لا يكون معصية كشرب الخمر ولا واجبا عليه في الحال كأن نذر صوما أو صلاة وجبتا عليه ولا في المآل كصوم وصلاة سيجبان عليه وأن يكون من جنسه واجب لعينه مقصود ولا مدخل فيه لقضاء القاضي اه
وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك مع بقية أبحاث النذر في كتاب الأيمان
قوله ( أو صوم هذه السنة ) أشار به إلى أنه لا فرق بين أن يذكر المنهي عنه صريحا كيوم النحر مثلا أو تبعا كصوم غد فإذا هو يوم النحر أو هذه السنة أو سنة متتابعة أو أبدا كما في ح عن القهستاني
قوله ( صح مطلقا ) أي سواء صرح بذكر المنهي عنه أو لا كما في البحر وهو ما قدمناه عن القهستاني
وسواء قصد ما تلفظ به أو لا ولهذا قال في الولوالجية رجل أراد أن يقول لله علي صوم فجرى على لسانه صوم شهر كان عليه صوم شهر
بحر اه ح
وكذا لو أراد أن يقول كلاما فجرى على لسانه النذر لزمه لأن هزل النذر كالجد كالطلاق
فتح
قوله ( على المختار ) وروى الثاني عن الإمام عدم الصحة وبه قال زفر
وروى الحسن عنه أنه إن عين لم يصح وإن قال غدا فوافق يوم النحر صح قياسا على ما لو نذرت يوم حيضها حيث لا يصح فلو قالت غدا فوافق يوم حيضها صح
وقد صرحوا بأن ظاهر الرواية أنه لا فرق بين أن يصرح بذكر المنهي عنه أو لا
ولا تنافي بين الصحة ليظهر أثرها في وجوب القضاء والحرمة للإعراض عن الضيافة
نهر
قوله ( بأن نفس الشروط معصية ) لأنه يصير صائما بنفس الشروع كما قدمنا تقريره فيجب تركه لكونه معصية فلا يجب قضاؤه وأما نفس النذر فهو طاعة
قوله ( فصح الأولى فلزم لأن هذا
____________________
(2/433)
الفرق بين لزومه بالنذر وعدم لزومه بالشروع أما نفس الصحة فهي ثابتة فيهما ولذا لو صامه فيهما أجزأه ولو لم يصح لم يجزه
أفاده الرحمتي
قوله ( وجوبا ) وقوله في النهاية الأفضل الفطر تساهل
بحر
قوله ( تحاميا عن المعصية ) أي المجاورة وهي الإعراض عن إجابة دعوة الله تعالى ط
قوله ( وقضاها الخ ) روى مسلم من حديث زياد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عمر فقال إني نذرت أن أصوم يوما فوافق يوم أضحى أو أفطر فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهى رسول الله عن صيام هذا اليوم والمعنى أنه يمكن قضاؤه فيخرج به عن عهدة الأمر والنهي
شرح الوقاية للقاري
قوله ( خرج عن العهدة ) لأنه أداه كما التزم
بحر
قوله ( وهذا ) أي قضاء الأيام المنهية في صورة نذر صوم السنة المعينة ط
قوله ( فلو بعدها ) بأن وقع النذر منه ليلة الرابع عشر من ذي الحجة مثلا فافهم
قوله ( باقي السنة ) وهو تمام ذي الحجة
قوله ( على ما هو الصواب ) وهو الذي حققه في الفتح فإن صاحب الغاية لما قال يلزمه ما بقي قال الزيلعي هذا سهو لأن هذه السنة عبارة عن اثني عشر شهرا من وقت النذر إلى وقت النذر
ورده في الفتح بأنه هو السهو لأن المسألة كما في الغاية منقولة في الخلاصة و الخانية في هذه السنة وهذا الشهر وهذا لأن كل سنة عربية معينة عبارة عن مدة معينة فإذا قال هذه فإنما تفيد الإشارة إلى التي هو فيها فحقيقة كلامه أنه نذر المدة الماضية والمستقبلة فيلغو في حق الماضي كما يلغو في قوله لله علي صوم أمس كذا في النهر ح
قوله ( وكذا الحكم ) الإشارة إلى ما في المتن من حكم السنة المعينة
قوله ( فيفطرها ) أي الأيام المنهية قال ح وإن صامها خرج عن العهدة لأنه أداها كما التزمها
قوله ( لكنه يقضيها هنا متتابعة ) أي موصولة بآخر السنة من غير فاضل تحقيقا للتتابع بقدر الإمكان ح عن البحر
وأشار إلى أنه لا يجب عليه قضاء شهر عن رمضان كما لا يجب في المعينة لأنه لما أدركه لم يصح نذره إذ هو مستحق عليه بإيجاب الله تعالى فلم يقدر على صرفه إلى غيره بخلاف ما إذا أوجبه ومات قبل أن يدركه حيث يجب عليه أن يوصي بإطعام شهر لأنه لما لم يدركه صار كإيجاب شهر غيره
سراج
قوله ( ويعيد لو أفطر يوما ) أي يعيد الأيام التي صامها قبل اليوم الذي أفطر فيه ح أي ولو كان آخر الأيام ط
قوله ( بخلاف المعينة ) أي فإنه لا يجب عليه قضاء الأيام المنهية فيها متتابعة لأن التتابع فيها ضرورة تعين الوقت ح ولذا لو أفطر يوما فيها لا يلزمه إلا قضاؤه ط
قوله ( ولو لم يشترط ) أي في المنكرة
قوله ( يقضي خمسة وثلاثين ) هي رمضان والخمسة المنهية ح أي لأن صومه في الخمسة ناقص فلا يجزيه عن الكامل وشهر رمضان لا يكون إلا عنه فيجب القضاء بقدرة
وينبغي أن يصل ذلك بما مضى وإن لم يصل يخرج عن العهدة على الصحيح
بحر
قوله ( في هذه الصورة ) أي بخلاف المعنية أو المنكرة المشروط فيها التتباع لأنها لا تخلو عن الأيام الخمسة فيكون ناذرا صومها أما المنكرة بلا شرط تتابع فإنها اسم لأيام معدودة ويمكن فصل المعدودة عن رمضان وعن تلك الأيام كما أفاده في السراج
قوله ( تحتمل اليمين ) أي مصاحبة للنذر ومنفردة عنه ط
قوله ( بنذره ) أي بالصيغة الدالة عليه ط
قوله ( فقط ) أي من غير تعرض لليمين نفيا وإثباتا وهو المراد بقوله دون اليمين بخلاف
____________________
(2/434)
المسألة التي بعدها فإنه تعرض لنفي اليمين ط
قوله ( عملا بالصيغة ) التي في الوجه الأول وكذا في الثاني والثالث بالأولى لتأكد النذر بالعزيمة ما في الثالث من زيادة نفي غيره
قوله ( عملا بتعيينه ) لأن قوله لله علي كذا يدل على الالتزام وهو صريح في النذر فيحمل عليه بلا نية وكذا معها بالأولى لكنه إذا نوى أن لا يكون نذرا كان يمينا من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم لأنه يلزم من إيجاب ما ليس بواجب تحريم تركه وتحريم المباح يمين
قوله ( عملا بعموم المجاز ) وهو الوجوب وهذا جواب عن قول الثاني أي أبي يوسف أنه يكون نذرا في الأول يمينا في الثاني لأن النذر في هذا اللفظ حقيقة واليمين مجاز حتى لا يتوقف الأول على النية ويتوقف الثاني فلا ينتظمهما ثم المجاز يتعين بنية وعند نيتهما تترجح الحقيقة
ولهما أنه لا تنافي بين الجهتين أي جهتي النذر واليمين لأنهما يقتضيان الوجوب إلا أن النذر يقتضيه لعينه واليمين لغيره أي لصيانة اسمه تعالى فجمعنا بينهما عملا بالدليلين كما جمعنا بين جهتي التبرع والمعاوضة في الهبة بشرط العوض كذا في الهداية وتمام الكلام على هذا الدليل في الفتح وكتب الأصول
مطلب في صوم الستة من شوال قوله ( وندب الخ ) ذكر هذه المسألة بين مسائل النذر غير مناسب وإن تبع فيه صاحب الدرر
قوله ( على المختار ) قال صاحب الهداية في كتابه التجنيس إن صوم الستة بعد الفطر متتابعة منهم من كرهه والمختار أنه لا بأس لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبها بالنصارى والآن زال ذاك المعنى اه
ومثله في كتاب النوازل لأبي الليث و الواقعات للحسام الشهيد و المحيط البرهاني و الذخيرة وفي الغاية عن الحسن بن زياد أنه كان لا يرى بصومها بأسا ويقول كفى بيوم الفطر مفرقا بينهن وبين رمضان اه
وفيها أيضا عامة المتأخرين لم يروا به يأسا
واختلفوا هل الأفضل التفريق أو التتابع اه
وفي الحقائق صومها متصلا بيوم الفطر يكره عند مالك وعندنا لا يكره وإن اختلف مشايخنا في الأفضل
وعن أبي يوسف أنه كرهه متتابعا والمختار لا بأس به اه
وفي الوافي و الكافية و المصفى يكره عند مالك وعندنا لا يكره وتمام ذلك في رسالة تحرير الأقوال في صوم الست من شوال للعلامة قاسم
وقد رد فيها على ما في منظومة التباني وشرحها من عزوه الكراهة مطلقا إلى أبي حنيفة وأنه الأصح بأنه على غير رواية الأصول وأنه صحح ما لم يسبقه أحد إلى تصحيحه وأنه صحح الضعيف وعمد إلى تعطيل ما فيه الثواب الجزيل بدعوى كاذبة بلا دليل ثم ساق كثيرا من نصوص كتب المذهب فراجعها فافهم
قوله ( والاتباع المكروه الخ ) العبارة لصاحب البدائع وهذا تأويل لما روي عن أبي يوسف على خلاف ما فهمه صاحب الحقائق كما في رسالة العلامة قاسم لكن ما مر عن الحسن بن زياد يشير إلى أن المكروه عند أبي يوسف تتابعها وإن فصل بيوم الفطر فهو مؤيد لما فهمه في الحقائق
تأمل
قوله ( ولو نذر صوم شهر الخ ) ويلزمه صومه بالعدد لا هلاليا
والشهر المعين هلالي كما سيجىء عن الفتح من نظائره ط
قوله ( متتابعا ) أفاد لزوم التتابع إن صرح به وكذا إذا نواه أما إذا لم يذكره ولم ينو إن شاء تابع وإن شاء فرق وهذا في المطلق
أما صوم شهر بعينه أو أيام
____________________
(2/435)
بعينها فيلزمه التتابع وإن لم يذكره سراج
وفي البحر لو أوجب على نفسه صوما متتابعا فصامه متفرقا لم يجز وعلى عكسه جاز اه
وفي المنح ولو قال لله علي صوم مثل شهر رمضان إن أراد مثله في الوجوب فله أن يفرق وإن أرادمثله في التتابع فعليه أن يتابع وإن لم يكن له نية فله أن يصوم متفرقا اه ط
قوله ( فأفطر ) عطف على محذوف أي فصامه وأفطر يوما ط
قوله ( لأنه أخل بالوصف ) وهو التتابع ط
قوله ( مع خلو شهر عن أيام نهي ) جواب عما يقال إنه لو كان من الأيام المنهية فالفطر ضروري لوجوبه فينبغي أن لا يستقبل بل يقضيه عقبه كما مر فيما لو نكر السنة وشرط التتابع
والجواب أن السنة لا تخلو عن أيام منهية بخلاف الشهر وعلى هذا مال في السرج من أن المرأة إذا كان طهرها شهرا فأكثر فإنها تصوم في أول طهرها فلو صامت في أثنائه فحاضت استقبلت ولو كان حيضها أقل من شهر تقضي أيام حيضها متصلة
قوله ( لئلا يقع كله في غير الوقت ) لأنه وإن كان لا يتعين بالتعيين كما يأتي إلا أن وقوعه بعد وقته يكون قضاء ولذا يشترط له تبييت النية كما مر والأداء خير من القضاء ثم تقييده بقوله كله إنما يظهر كما قال ط فيما إذا أفطر اليوم الأخير من الشهر أما لو أفطر العاشر منه مثلا فلا أي لأنه لو استقبل الصوم من الحادي عشر وأتم شهرا لزم وقوع بعضه في الوقت وبعضه خارجه
قوله ( ولو معينا ) أي بواحد من الأربعة الآتية فغير المعين لا يختص بواحد منها بالأولى كما لو نذر التصدق بدرهم منكر وأطلق
قوله ( فلو نذر الخ ) مثال للتعيين في الكل على النشر المرتب ط
قوله ( فخالف ) أي في بعضها أو كلها بأن تصدق في غير يوم الجمعة ببلد آخر على شخص آخر وإنما جاز لأن الداخل تحت النذر ما هو قربة وهو أصل التصدق دون التعيين فبطل التعيين ولزمته القربة كما في الدرر وفي المعراج ولو نذر صوم غد فأخره إلى ما بعد الغد جاز فينبغي أن لا يكون مسيئا كمن نذر أن يتصدق بدرهم الساعة فتصدق بعد ساعة اه
تنبيه ذكر العلامة ابن نجيم في رسالته في النذر بالصدقة أنه ذكر في الخانية أنه لو عين التصدق بدراهم فهلكت سقط النذر قال وهذا يدل على أن قولهم وألغينا الدينار والدرهم ليس على إطلاقه فيقال إلا في هذه فإنا لو ألغيناه مطلقا لكان الواجب في ذمته فإن هلك المعنين لم يسقط الواجب وكذا قولهم ألغينا تعيين الفقير ليس على إطلاقه لما في البدائع لو قال لله علي أن أطعم هذا المسكين شيئا سماه ولم يعينه فلا بد أن يعطيه للذي سمى لأنه إذا لم يعين المنذور صار تعيين الفقير مقصودا فلا يجوز أن يعطي غيره اه
هذا وفي الحموي عن العمادية لو أمر رجلا وقال تصدق بهذا المال على مساكين أهل الكوفة فتصدق على مساكين أهل البصرة لم يجز وكان ضامنا وفي المنتقى لو أوصى لفقراء أهل الكوفة بكذا فأعطى الوصي فقراء أهل البصرة جاز عند أبي يوسف وقال محمد يضمن الوصي اه
قلت ووجهه أن الوكيل يضمن بمخالفة الآمر وأن الوصي هل هو بمنزلة الأصيل أو الوكيل تأمل
قوله ( وكذا لو عجل قبله ) هذا داخل تحت قوله فخالف
قوله ( صح ) أي خلافا لمحمد وزفر غير أن محمدا لا يجيز التعجيل مطلقا وزفر إذا كان الزمان المعجل فيه أقل فضيلة كما في الفتح
____________________
(2/436)
فرع نذر صوم رجب فصام قبله تسعة وعشرين يوما وجاء رجب كذلك ينبغي أن لا يجب القضاء وهو الأصح كما في السراج أما لو جاء ثلاثين يقضي يوما
قوله ( أو صلاة ) بالتنوين و يوم منصوب على الظرفية ح
ولو أضافه لزمه مثل صلاة اليوم غير أنه يتم المغرب والوتر أربعا وقد تقدمت ط
قوله ( لأنه تعجيل بعد وجوب السبب ) أي فيجوز كما يجوز في الزكاة خلافا لمحمد وزفر
فتح
قوله ( فيلغو التعيين ) بناء على لزوم المنذور بما هو قربة فقط
فتح
وقدمناه عن الدرر أي لأن التعيين ليس قربة مقصورة حتى يلزم بالنذر
قوله ( بخلاف النذر المعلق ) أي سواء علقه على شرط يريده مثل إن قدم غائبي أو شفي مريضي أو لا يريده مثل إن زينت فلله علي كذا لكن إذ وجد الشرط في الأول وجب أن يوفي بنذره وفي الثاني يخير بينه وبين كفارة يمين على المذهب لأنه نذر بظاهره يمين بمعناه كما سيأتي في الأيمان إن شاء الله تعالى
قوله ( فإنه لا يجوز تعجيله الخ ) لأن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال بل عند وجود شرطه كما تقرر في الأصول فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل وجود سببه فلا يصح ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل أما تأخيره فيصح لانعقاد السبب قبله وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان والدرهم والفقير لأن التعليق إنما أثر في تأخير السببية فقط فامتنع التعجيل أما المكان والدرهم والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين لعدم تأثير التعليق في شيء منها فلذا اقتصر كغيره في بيان وجه المخالفة بين المعلق وغيره على قوله فإنه لا يجوز تعجيله فأفاد صحة التأخير وتبديل المكان والدرهم والفقير كما في غير المعلق وكأنه لظهور ما قررناه لم ينصوا عليه وهذا مما لا شبهة فيه لمن وقف على التوجيه فافهم
قوله ( ولم يصمه ) أما لو صامه فيأتي قريبا
قوله ( على الصحيح ) هو قولهما
وقال محمد لزمه الوصية بقدر ما فاته كما في قضاء رمضان وأوضحه في السراج حيث قال إذا نذر شهرا غير معين ثم أقام بعد النذر يوما أو أكثر يقدر على الصيام فلم يصم فعندهما يلزمه الإيصاء بالإطعام لجميع الشهر ووجهه على طريقة الحاكم أن ما أدركه صالح لصوم كل يوم من أيام النذر فإذا لم يصم جعل كالقادر على الكل فوجب الإيصاء كما لو بقي شهرا صحيحا ولم يصم
وعلى طريقة الفتاوى النذر ملزم في الذمة الساعة ولا يشترط إمكان الأداء
وثمرة الخلاف فيما إذا صام ما أدركه على الأول لا يجب عليه الإيصار بالباقي وعلى الثاني يجب وكذا فيما إذا نذر ليلا ومات في الليلة لا يجب على الأول لعدم الإدراك ويجب على الثاني الإيصاء بالكل اه ملخصا
واقتصر في البدائع وغيره على طريقة الحاكم
ثم اعلم أن هذا كله في النذر المطلق
أما المعين ففي السراج أيضا ولو أوجب على نفسه صوم رجب ثم أقام يوما أو أكثر ومات ومات ولم يصم ففي الكرخي إن مات قبل رجب لا شيء عليه وهو قول محمد خاصة لأن المعين لا يكون سببا قبل وقته وعندهما على طريقة الحاكم يوصي بقدر ما قدر لأن النذر سبب ملزم في الحال إلا أنه لا بد من التمكن وعلى طريق الفتاوى يوصي بالكل لأن النذر ملزم بلا شرط لأن اللزوم إذا لم يظهر في حق الأداء يظهر في خلفه وهو الإطعام
وأما إن صام ما أدركه أو مات عقيب النذر فعلى الأول لا يجب الإيصاء
____________________
(2/437)
بشيء وعلى الثاني يجب الإيصاء بالباقي
ولو دخل رجب وهو مريض ثم صح بعده يوما مثلا فلم يصم ثم مات فعليه الإيصاء بالكل أما على الثاني فظاهر وكذا على الأول لأن بخروج الشهر المعين وصحته بعده يوما مثلا وجب عليه صوم شهر مطلق فإذا لم يصم فيه وجب لإيصاء بالكل كما في النذر المطلق إذا بقي يوما أو أكثر وقدر على الصوم ولم يصم اه ملخصا
قوله ( ومات قبل تمام الشهر ) أي ولم يصم في ذلك
وعبارة غيره ومات بعد يوم وبقي ما إذا صام ما أدركه فهل يلزمه الوصية في الباقي أم لا ينبغي أن يكون على الطريقتين المذكورتين في المريض وصرح باللزوم في بعض نسخ البحر لكن نسخ البحر في هذا المحل مضطربة محرفة تحريفا فاحشا فافهم
قوله ( بخلاف القضاء ) أي فيما إذا فاته رمضان لعذر ثم أدرك بعض العدة ولم يصمه لزمه الإيصاء بقدر ما فاته اتفاقا على الصحيح خلافا لما زعمه الطحاوي أن الخلاف في هذه المسألة ح
قوله ( بخلاف القضاء ) جواب عن قياس محمد النذر على القضاء
وبيانه أن النذر سبب ملزم في الحال كما مر أما القضاء فإن سببه أدراك للعدة ولم يوجد فلا تجب الوصية ألا بقدر ما أدرك
واعترض بأن القضاء يجب بما يجب به الأداء عند المحققين وسبب الأداء شهود الشهر فكذا القضاء
وأجيب بما فيه خفاء فانظر النهر
قوله ( بل إن صام حنث ) لأن المضارع المثبت لا يكون جواب القسم إلا مؤكدا بالنون فإن لم توجد وجب تقدير النفي اه ح
لكن سيذكر في الأيمان عن العلامة المقدسي أن هذا قبل تغير اللغة أما الآن فالعوام لا يفرقون بين الإثبات والنفي إلا بوجود لا وعدمها فهو كاصطلاح لغة الفرس وغيرها في الأيمان
قوله ( كرمضان ) أي بوصل أو فصل
درر
قوله ( أو صوم ) عطف على صوم رجب ح
قوله ( وكفر ) أي فدي
قوله ( كما مر ) أي في الشيخ الفاني من أنه يطعم كالفطرة
قوله ( أو الزوال ) يعني نصف النهار كما مر مرارا
قوله ( قضي عند الثاني ) قلت كذا في الفتح لكن في السراج ولو قال لله علي صوم اليوم الذي يقدم فلان فيه أبدا فقدم في يوم قد أكل فيه لم يلزمه صومه ويلزم صوم كل يوم فيما يستقبل لأن الناذر عند وجود الشرط يصير كالمتكلم بالجواب فيصير كأنه قال لله علي صوم هذا اليوم وقد أكل فيه فلا يلزمه قضاؤه
وقال زفر عليه قضاؤه اه
ونحوه في البحر بلا حكاية خلاف وهو مخالف لما هنا
وأما قوله ويلزمه صوم كل يوم الخ فهو من قوله أبدا
قوله ( خلافا للثالث ) قال في النهر ولو قدم بعد الزوال قال محمد لا شيء عليه ولا رواية فيه عن غيره
قال السرخسي والأظهر التسوية بينهما اه أي بين القدوم بعد الأكل والقدوم بعد الزوال فالشارح جرى في الفرع الثاني على ذلك الاستظهار ط
قوله ( فلا قضاء اتفاقا ) لأنه تبين أن نذره وقع على رمضان ومن نذر رمضان فلا شيء عليه ح أي لا شيء عليه إذا أدركه كما قدمناه عن السراج
قوله ( كفر فقط ) أقول لا وجه له وما قيل في توجيهه لأنه صامه عن رمضان لا عن يمينه لا وجه له أيضا لأن النية في فعل المحلوف عليه غير شرط لما صرحوا به من أن فعله مكرها أو ناسيا سواء والمحلوف عليه الصوم وقد وجد ثم ظهر أن في عبار الشارح اختصارا مخلا تبع فيه النهر
وأصل المسألة ما في الفتح وغيره لو قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان شكرا لله تعالى وأراد
____________________
(2/438)
به اليمين فقدم فلان في يوم رمضان كان عليه كفارة يمين ولا قضاء عليه لأنه لم يوجد شرط البر وهو الصوم بنية الشكر ولو قدم قبل أن ينوي فنوى به الشكر لا عن رمضان بر بالنية وأجزأه عن رمضان ولا قضاء عليه اه
وبه يتضح بقية كلامه فافهم
قوله ( لزمه كاملا ) ويفتتحه متى شاء بالعدد لا هلاليا والشهر المعين هلالي كذا في اعتكاف فتح القدير ح
قوله ( فبقيته ) أي بقية الشهر الذي هو فيه لأنه ذكره معرفا فينصرف إلى المعهود بالحضور فإن نوى شهرا فعلى ما نوى لأنه محتمل كلامه فتح عن التجنيس وتقدم الكلام في ذلك
قوله ( إلا أن ينوي اليوم ) أفاد أن لزوم الأسبوع يكون فيما إذا نوى أيام جمعة أو لم ينو شيئا لأن الجمعة يذكر ويراد به يوم الجمعة وأيام الجمعة لكن الأيام أغلب فانصرف المطلق إليه تجنيس
قال ح وينبغي أنه لو عرف الجمعة أن يلزمه بقيتها على قياس السنة والشهر فإن مبدأها الأحد وآخرها السبت فليراجع اه
قلت في البحر ولو قال صوم أيام الجمعة فعليه سبعة أيام اه
فتأمل
قوله ( بخلاف الأول ) أي فإن السبت يتكرر فيه فأريد المتكرر في العدد المذكور كأنه قال السبت الكائن في ثمانية أيام وهو سبتان
قال في المنح ولا يخفى أن هذا إذا لم تكن له نية أما إذا وجدت لزمه ما نوى اه ط
مطلب في النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام من شمع أو زيت أو نحوه قوله ( تقربا إليهم ) كأن يقول يا سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الذهب أو الفضة أو الطعم أو الشمع أو الزيت كذا بحر
قوله ( باطل وحرام ) لوجوه منها أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون لمخلوق ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك
ومنها أنه إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقاده ذلك كفر اللهم إلا إن قال يا الله إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي أو قضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الإمام الشافعي أو الإمام الليث أو أشتري حصرا لمساجدهم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله عز وجل وذكر الشيخ إنما هو محمل لصرف النذر لمستحقيقه القاطنين برباطه أو مسجد فيجوز بهذا الاعتبار ولا يجوز أن يصرف ذلك لغني ولا لشريف منصب أو ذي نسب أو علم ما لم يكن فقيرا ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للأغنياء للإجماع على حرمة النذر للمخلوق ولا ينعقد ولا تشتغل الذمة به ولأنه حرام بل سحت ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه إلا أن يكون فقيرا أو له عيال فقراء عاجزون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة وأخذه أيضا مكروه ما لم يقصد الناذر التقرب إلى الله تعالى وصرفه إلى الفقراء ويقطع النظر عن نذر الشيخ
بحر ملخصا عن شرح العلامة قاسم
قوله ( ما لم يقصدوا الخ ) أي بأن تكون صيغة النذر لله تعالى للتقرب إليه ويكون ذكر الشيخ مرادا به فقراؤه كما مر ولا يخفى أن له الصرف إلى غيرهم كما مر سابقا ولا بد أن يكون المنذور مما يصح به النذر كالصدقة بالدراهم ونحوها أما لو نذر زيتا لإيقاد قنديل فوق ضريح الشيخ أو في المنارة
____________________
(2/439)
كما يفعل النساء من نذر الزيت لسيدي عبد القادر ويوقد في المنارة جهة المشرق فهو باطل وأقبح منه النذر بقراءة المولد في المناير ومع اشتماله على الغناء واللعب وإيهاب ثواب ذلك إلى حضرة المصطفى
ولا سيما في هذه الأعصار ولا سيما في مولد السيد أحمد البدوي
نهر
قوله ( ولقد قال الخ ) ذكر ذلك هنا في النهر ويخفي على ذوي الأفهام أن مراد الإمام بهذا الكلام إنما هو ذم العوام والتباعد عن نسبتهم إليه بأي وجه يرام ولو بإسقاط الولاء الثابت الانبهام وذلك بسبب جهلهم العام وتغييرهم لكثير من الأحكام وتقربهم بما هو باطل وحرام فهم كالأنعام يتعير بهم الأعلام ويتبرؤون من شنائعهم العظام كما هو أدب الأنبياء الكرام حيث يتبرؤون من الأبعاد والأرحام بمخالفتهم الملك العلام فافهم ما ذكرناه والسلام
باب الاعتكاف قوله ( وجه المناسبة له والتأخير ) أي وجه مناسبة الاعتكاف للصوم حيث ذكر معه ووجه تأخيره عنه أن الصوم شرط في بعض أنواع الاعتكاف وهو الواجب والشرط يتقدم على المشروط وإن الاعتكاف يطلب مؤكدا في العشر الأخير من رمضان فيختم الصوم به فناسب ختم كتاب الصوم بذكر مسائله
قوله ( هو لغة اللبث ) أي المكث في أي موضع كان وحبس النفس فيه
قال في البحر هو لغة افتعال من عكف إذا دام من باب طلب وعكفه حبسه ومنه والهدى معكوفا سمي به هذا النوع من العبادة لأنه إقامة في المسجد مع شرائط
مغرب
وفي النهاية مصدر المتعدي العكف ومنه الاعتكاف في المسجد واللازم العكوف ومنه { يعكفون على أصنام لهم } الأعراف 138
قوله ( ذكر ) قيد به وإن تحقق اعتكاف المرأة في المسجد ميلا إلى تعريف الاعتكاف المطلوب لأن اعتكاف المرأة فيه مكروه كما يأتي بل ظاهر ما في غاية البيان أن ظاهر الرواية عدم صحته لكن صرح في غاية البيان بأنه صحيح بلا خلاف كما في البحر وقد يقال قيد به نظرا إلى شرطية مسجد الجماعة فإنه شرط لاعتكاف الرجل فقط والأول أولى لقوله بعده أو امرأة في مسجد بيتها تأمل
قوله ( ولو مميزا ) فالبلوغ ليس بشرط كما في البحر عن البدائع وشمل العبد فيصح اعتكافه بإذن المولى ولو نذره فللمولى منعه ويقضيه بعد العتق وكذا المرأة لكن ليس له منعها بعد الإذن بخلاف العبد لأنه ليس من أهل الملك وأما المكاتب فليس للمولى منعه ولو تطوعا وتمامه في البحر
قوله ( أديت فيه الخمس أو لا ) صرح بهذا الإطلاق في العناية وكذا في النهر وعزاه الشيخ إسماعيل إلى الفيض و البزازية و خزانة الفتاوي و الخلاصة وغيرها ويفهم أيضا وإن لم يصرح به من تعقيبه بالقول الثاني هنا تبعا للهداية فافهم
قوله ( وصححه بعضهم ) نقل تصحيحه في البحر عن ابن الهمام
قوله ( وصححه السروجي ) وهو اختيار الطحاوي
قال الخير الرملي وهو أيسر خصوصا في زماننا فينبغي أن يعول عليه والله تعالى أعلم
قوله ( وأما الجامع ) لما كان
____________________
(2/440)
المسجد يشمل الخاص كمسجد المحلة العام وهو الجامع كأموي دمشق مثلا أخرجه من عمومه تبعا للكافي وغيره لعدم الخلاف فيه
قوله ( مطلقا ) أي وإن لم يصلوا فيه الصلوات كلها
ح عن البحر
وفي الخلاصة وغيرها وإن لم يكن ثمة جماعة
تنبيه هذا كله لبيان الصحة
قال في النهر و الفتح وأما أفضل الاعتكاف ففي المسجد الحرام ثم في مسجده ثم في المسجد الأقصى ثم في الجامع
قيل إذا كان يصلي فيه بجماعة فإن لم يكن ففي مسجده أفضل لئلا يحتاج إلى الخروج ثم ما كان أهله أكثر اه
قوله ( في مسجد بيتها ) وهو المعد لصلاتها الذي يندب لها ولكل أحد اتخاذه كما في البزازية
نهر
ومقتضاه أنه يندب للرجل أيضا أن يخصص موضعا من بيته لصلاته النافلة
أما الفريضة والاعتكاف فهو في المسجد كما لا يخفى
قال في السراج وليس لزوجها أن يطأها إذا أذن لها لأنه ملكها منافعها فإن منعها بعد الإذن لا يصح منعه ولا ينبغي لها الاعتكاف بلا إذنه وأما الأمة فإن أذن لها كره له الركوع لأنه يخلف وعده وجاز لأنها لا تملك منافعها
قوله ( ويكره في المسجد ) أي تنزيها كما هو ظاهر النهاية
نهر
وصرح في البدائع بأنه خلاف الأفضل
قوله ( كما إذا لم يكن فيه مسجد ) أي مسجد بيت وينبغي أنه لو أعدته للصلاة عن إرادة الاعتكاف أن يصح
قوله ( وهل يصح الخ ) البحث لصاحب النهر ح
قوله ( والظاهر لا ) لأنه على تقدير أنوثته يصح في المسجد مع الكراهة وعلى تقدير ذكورته في البيت بوجه ح
قلت لكن صرحوا بأن ما تردد بين الواجب والبدعة يأتي به احتياطا وما تردد بين السنة والبدعة يتركه ألا أن يقال المراد بالبدعة المكروه تحريما وهذا ليس كذلك ولا سيما إذا كان الاعتكاف منذورا
قوله ( فاللبث هو الركن ) فيه أن هذا حقيقته اللغوية أما حقيقته الشرعية فهي اللبث المخصوص أي في المسجد
تأمل
قوله ( من مسلم عاقل ) لأن النية لا تصح بدون الإسلام والعقل فهما شرطان لها وبه يستغني عن جعلهما شرطين للاعتكاف المشروط بالنية كما أفاده في البحر
قوله ( طاهر من جنابة الخ ) جعل في البدائع الطهارة من هذه الثلاثة شرطا للاعتكاف قال في النهر وينبغي أن يكون اشتراط الطهارة من الحيض والنفاس فيه على رواية اشتراط الصوم في نفله أما على عدمه فينبغي أن يكون من شرائط الحل فقط كالطهارة من الجنابة ولم أر من تعرض لهذا اه
والحاصل أن الطهارة من الثلاثة شرط للحل ومن الأولين شرط للصحة أيضا في المنذور وكذا في النفل على رواية اشتراط الصوم فيه
بخلاف الجنابة لصحة الصوم معها وبحث فيه الرحمتي بما صرحوا به من أن المقصد الأصلي من شرعية الاعتكاف انتظار الصلاة بالجماعة والحائض والنفساء ليسا بأهل للصلاة أي فلا يصح اعتكافهما لخلاف الجنب إذ يمكنه الطهارة والصلاة اه
ويلزمه أن الجنب لو لم يتطهر ويصلي لا يصح منه ويلزمه أيضا أن يكون من شروط صحته الصلاة بالجماعة ولم يقل به أحد
تأمل
قوله ( شرطان ) خبر المبتدأ وهو الكون وما عطف عليه
قوله ( بلسانه ) فلا يكفي لإيجابه النية
منح عن شمس الأئمة
قوله ( وبالشروع ) نقله في البحر عن البدائع ثم قال ولا يخفى أنه مفرع على ضعيف وهو اشتراط زمن للتطوع وأما على المذهب من أن أقل النفل ساعة فلا اه
____________________
(2/441)
وسيأتي قريبا أيضا مع جوابه
قوله ( وبالتعليق ) عطف على قوله بالنذر وهذا قرينة على أنه أراد بالنذر النذر المطلق كما قيد به في البدائع لا يرد أن صورة التعليق نذر أيضا وأن مقتضى العطف خلافه نعم الأظهر أن يقول واجب بالنذر منجزا أو معلقا كما عبر في البحر و الإمداد فافهم
قوله ( أي سنة كفاية ) نظيرها إقامة التراويح بالجماعة فإذا قام بها البعض سقط الطلب عن الباقين فلم يأثموا بالمواظبة على الترك لا عذر ولو كان سنة عين لأثموا بترك السنة المؤكدة إثما دون إثم ترك الواجب كما مر بيانه في كتاب الطهارة
قوله ( لاقترانها الخ ) جواب عما أورد على قوله في الهداية والصحيح أنه سنة مؤكدة لأن النبي واظب عليه في العشر الأواخر من رمضان والمواظبة دليل السنة اه من أن المواظبة بلا ترك دليل الوجوب والجواب كما في العناية أنه عليه الصلاة والسلام لم ينكر على من تركه واجبا لأنكر اه
وحاصله أن المواظبة إنما تفيد الوجوب إذا اقترنت بالإنكار على التارك
قوله ( هو بمعنى غير المؤكدة ) مقتضاه أنه يسمي سنة أيضا ويدل عليه أنه وقع في كلام الهداية في باب الوتر إطلاق السنة على المستحب
قوله ( وشرط الصوم لصحة الأول ) أي النذر حتى لو قال لله علي أن أعتكف شهرا بغير صوم فعليه أن يعتكف ويصوم
بحر عن الظهيرية
قوله ( على المذهب ) راجع لقوله فقط وهو رواية الأصل ومقابله رواية الحسن أنه شرط للتطوع أيضا وهو مبني على اختلاف الرواية في أن التطوع مقدر بيوم أو لا ففي رواية الأصل غير مقدر فلم يكن الصوم شرطا له وعلى رواية تقديره بيوم وهي رواية الحسن أيضا يكون الصوم شرطا له كما في البدائع وغيرها
قلت ومقتضى ذلك أن الصوم شرطا أيضا في الاعتكاف المسنون لأنه مقدر بالعشر الأخير حتى لو اعتكفه بلا صوم لمرض أو سفر ينبغي أن لا يصح عنه بل يكون نفلا فلا تحصل به إقامة سنة الكفاية ويؤيده قول الكنز سن لبث في مسجد بصوم ونية فإنه لا يمكن حمله على المنذور لتصريحه بالسنية ولا على التطوع لقوله بعده وأقله نفلا ساعة فتعين حمله على المسنون سنة مؤكدة فيدل على اشتراط الصوم فيه وقوله في البحر لا يمكن حمله عليه لتصريحهم بأن الصوم إنما هو شرط في المنذور فقط دون غيره فيه نظر لأنهم إنما صرحوا بكونه شرطا في المنذور غير شرط التطوع وسكتوا عن بيان حكم المسنون لظهور أنه لا يكون إلا بالصوم عادة ولهذا قسم في متن الدرر الاعتكاف إلى الأقسام الثلاثة المنذور والمسنون والتطوع ثم قال والصوم شرط لصحة الأول لا الثالث ولم يتعرض للثاني لما قلنا ولو كان مرادهم بالتطوع ما يشمل المسنون لكان عليه أن يقول شرط لصحة الأول فقط كما قال المصنف فعبارة صاحب الدرر أحسن من عبارة المصنف لما علمته هذا ما ظهر لي
قوله ( وإن نوى معها اليوم ) أما لو نذر اعتكاف اليوم ونوى الليلة معه لزماه كما في البحر
قوله ( والفرق لا يخفى ) وهو أنه في الأولى لما جعل اليوم تبعا ليلة وقد بطل نذره في المتبوع وهو الليلة بطل في التابع وهو اليوم وفي الثانية أطلق الليلة وأراد اليوم مجازا مرسلا بمرتبتين حيث استعمل المقيد وهو في الليلة مطلق الزمن ثم استعمل هذا المطلق في المقيد وهو اليوم فكان اليوم مقصودا اه ح
____________________
(2/442)
قلت لكن هذا الفرع مشكل فإن الجائز هو إطلاق النهار على مطلق الزمان دون إطلاق الليل ولو ساغ الإطلاق المذكور بعلاقة الإطلاق والتقييد أو غيرها لساغ إطلاق السماء على الأرض أو النخلة على شيء طويل غير الإنسان مع أن المصرح به في كتب الأصول عدمه وأيضا صرحوا بأنه إذا نوى بالعتق الطلاق صح لأن العتق وضع لإزالة ملك الرقبة والطلاق لإزالة ملك المتعة والأولى سبب للثانية فصح المجاز بخلاف ما لو نوى بالطلاق العتق فإنه لا يصح مع أنه لا يمكن فيه ادعاء الإطلاق والتقييد فليتأمل
قوله ( لأنه يدخل الليل تبعا ) ولا يشترط للتبع ما يشترط للأصل
بحر
قوله ( لا إيجاده للمشروط قصدا ) أي لا يشترط إيقاعه مقصودا لأجل الاعتكاف المشروط كما لا يشترط إيقاع الطهارة قصدا لأجل الصلاة بل إذا حضرت الصلاة وكان متوضئا قبلها لغيرها ولو للتبرد يكفيه لها
قوله ( فلو نذر اعتكاف شهر رمضان ) الظاهر أن مثله ما إذا نذر صوم شهر معين ثم نذر اعتكاف ذلك الشهر أو نذر صوم الأبد ثم نذر اعتكافا فليتأمل ويراجع اه ح
قلت وجه التأمل ما ذكروا من أن الصوم المقصود للاعتكاف إنما سقط في رمضان لشرف الوقت كما يأتي تقريره والشرف غير موجود في الصوم المنذور
قوله ( لكن قالوا الخ ) قال في الفتح ومن التفريعات أنه لو أصبح صائما متطوعا أو غير ناو للصوم ثم قال لله علي أن أعتكف هذا اليوم لا يصح وإن كان في وقت تصح منه نية الصوم لعدم استيعاب النهار
وعند أبي يوسف أقله أكثر النهار فإن كان قاله قبل نصف النهار لزمه فإن لم يعتكفه قضاه اه
وقد ظهر أن علة عدم الصحة عدم استيعاب الاعتكاف للنهار لا تعذر جعل التطوع واجبا وأنه لا محل للاستدراك المفاد بلكن بل هي مسألة مستقلة لا تعلق لها بما في المتن اه ح
قلت ما علل به الشارح علل به في التاترخانية و التجنيس و الولوالجية و المعراج و شرح درر البحار فيكون ذلك علة أخرى لعدم صحة النذر وبه يصح الاستدراك على قوله الشرط وجوده لا إيجاده فإن الشرط هنا وهو الصوم موجود مع أنه لم يصح النذر بالاعتكاف
والحاصل أنه لم يصح لعدم استيعاب النهار بالاعتكاف وعدم استيعابه بالصوم الواجب وبه علم أن الشرط واجب بنذر الاعتكاف أو بغيره كرمضان ويمكن دفع الاستدراك بهذا فافهم
قوله ( قضى شهرا غيره ) أي متتابعا لأنه التزم الاعتكاف في شهر بعينه وقد فاته فيقضيه متتابعا كما إذا أوجب اعتكاف رجب ولم يعتكف فيه
بدائع
قوله ( سوء قضاء رمضان الأول ) أما قضاء رمضان الأول فإنه إن قضاه متتابعا واعتكف فيه جاز لأن الصوم الذي وجب فيه الاعتكاف باق فيقضيهما بصوم شهر متتابعا
بدائع أي لأن القضاء خلف عن الأداء فأعطى حكمه كما أشار إليه الشارح
قوله ( وتحقيقه في الأصول ) وهو أن النذر كان موجبا للصوم المقصود ولكن سقط لشرف الوقت ولما لم يعتكف في الوقت صار ذلك النذر بمنزلة مطلق عن الوقت فعاد شرطه إلى الكمال بأن واجب الاعتكاف بصوم مقصود لزوال المانع وهو رمضان
____________________
(2/443)
فإن قلت على هذا كان ينبغي أن لا يتأدى ذلك الاعتكاف في صوم قضاء ذلك الشهر كما لو نذر مطلقا
قلت العلة الاتصال بصوم الشهر مطلقا وهو موجود
فإن قلت الشرط يراعى وجوده ولا يجب كونه مقصودا كما لو توضأ للتبرد تجوز به الصلاة ورمضان الثاني على هذه الصفة
قلت حدوث صفة الكمال منع الشرط عن مقتضاه فلا بد أن يكون مقصودا اه ح عن شرح المنار لابن ملك
تنبيه في البدائع لو أوجب اعتكاف شهر بعينه فاعتكف شهرا قبله أجزأه عند أبي يوسف لا عند محمد وهو على الاختلاف في النذر بصوم شهر معين فصام قبله اه أي بناء على أن النذر غير المعلق لا يختص بزمان ولا مكان كما مر بخلاف المعلق وقدمنا أن الخلاف في صحة التقديم لا التأخير والظاهر أنه لا فرق بين نذر اعتكاف رمضان أو شهر معين غيره فيصح اعتكافه قبله وبعده في القضاء وغيره سوى رمضان آخر غير أنه إن فعله في غير رمضان الأول أو قضائه لا بد له من صوم مقصود كما هو صريح المتن وليس في كلامهم ما يدل على أنه لا يصح في غيرهما مطلقا وإنما فيه فرق بينهما وبين غيرهما بأنه لو فعله فيهما أغنى عن صوم مقصود للاعتكاف بسبب شرف الوقت وخلفه وفي غيرهما لا بد من صوم مقصود له وهذا ظاهر لا خفاء فيه فافهم
قوله ( ثم قطعه ) الأولى ثم تركه ولكن سماه قطعا نظرا إلى رواية الحسن بتقديره بيوم
قوله ( لأنه لا يشترط له الصوم ) الأولى التعليل بأنه غير مقدر بمدة لما علمته مما مر أن الاختلاف في اشتراط الصوم له وعدمه مبني على الاختلاف في تقديره بيوم وعدمه وكلامه يفيد العكس
تأمل
قوله ( وما في بعض المعتبرات ) كالبدائع وتبعه ابن كمال كما نقله الشارح عنه فيما مر
قوله ( مفرع على الضعيف ) أي على رواية الحسن أنه مقدر بيوم
أقول لكن بعد ما صرح صاحب البدائع بلزومه بالشروع ذكر رواية الحسن ووجهها وهو أن الشروع في التطوع موجب للإتمام على أصل أصحابنا صيانة للمؤدي عن البطلان ثم ذكر رواية الأصل أنه غير مقدر بيوم وأجاب عن وجه رواية الحسن بقوله وقوله الشروع فيه موجب مسلم لكن بقدر ما اتصل به الأداء ولما خرج فما وجب إلا ذلك القدر فلا يلزمه أكثر من ذلك اه
فعلم أن قول البدائع أولا أنه يلزم بالشروع مراده به لزوم ما اتصل به الأداء لا لزوم يوم فهو مفرع على رواية الأصل التي هي ظاهر الرواية فافهم
قوله ( وحرم الخ ) لأنه إبطال للعبادة وهو حرام لقوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } محمد 33 بدائع
قوله ( أما النفل ) أي الشامل للسنة المؤكدة ح
قلت قدمنا ما يفيد اشتراط الصوم فيها بناء على أنها مقدرة بالعشر الأخيرة ومفاد التقدير أيضا اللزوم بالشروع
تأمل
ثم رأيت المحقق ابن الهمام قال ومقتضى النظر لو شرع في المسنون أعني العشر الأواخر بنيته ثم أفسده أن يجب قضاؤه تخريجا على قول أبي يوسف في الشروع في نفل الصلاة ناويا أربعا لا على قولهما اه أي يلزمه قضاء العشر كله لو أفسد بعضه كما يلزمه قضاء أربع لو شرع في نفل ثم أفسد الشفع الأول عند أبي يوسف لكن صحح في الخلاصة أنه لا يقضي إلا ركعتين كقولهما نعم اختار في شرح المنية قضاء الأربع اتفاقا في الراتبة كالأربع قبل الظهر والجمعة وهو اختيار الفضلى وصححه في النصاب وتقدم تمامه في النوافل وظاهر الرواية خلافه وعلى كل فيظهر من بحث ابن الهمام لزوم الاعتكاف
____________________
(2/444)
المسنون بالشروع وإن لزم قضاء جميعه أو باقيه مخرج على قول أبي يوسف أما على قول غيره فيقضي اليوم الذي أفسده لاستقلال كل يوم بنفسه وإنما قلنا أي باقية بناء على أن الشروع ملزم كالنذر وهو لو نذر العشر يلزمه كله متتابعا ولو أفسد بعضه قضى باقيه على ما مر في نذر صوم شهر معين
والحاصل أن الوجه يقتضي لزوم كل يوم شرع فيما عندهما بناء على لزوم صومه بخلاف الباقي لأن كل يوم بمنزلة شفع من النافلة الرباعية وإن كان المسنون هو اعتكاف العشر بتمامه
تأمل
قوله ( لأنه منه ) اسم فاعل من أنهى اه ح أي متمم للنفل
قوله ( كما مر ) أي من قول المصنف وأقله نفلا ساعة
قوله ( الخروج ) أي من معتكفه ولو مسجد البيت في حق المرأة ط
فلو خرجت منه ولو إلى بيتها بطل اعتكافها لو واجبا وانتهى لو نفلا
بحر
قوله ( إلا لحاجة الإنسان الخ ) ولا يمكث بعد فراغه من الطهور ولا يلزمه أن يأتي بيت صديقه القريب
واختلف فيما لو كان له بيتان فأتى البعيد منهما قيل فسد وقيل لا وينبغي أن يخرج على القولين ما لو ترك بيت الخلاء للمسجد القريب وأتى بيته
نهر
ولا يبعد الفرق بين الخلافية وهذه لأن الإنسان قد لا يألف غير بيته
رحمتي أي فإذا كان لا يألف غيره بأن لا يتيسر له إلا في بيته فلا يبعد الجواز بلا خلاف وليس كالمكث بعدها ما لو خرج لها ثم ذهب لعيادة مريض أو صلاة جنازة من غير أن يكون خرج لذلك قصدا فإنه جائز كما في البحر عن البدائع
قوله ( طبيعية ) حال أو خبر لكان محذوفة أي سواء كانت طبيعية أو شرعية وفسر ابن الشلبي الطبيعية بما لا بد منها وما لا يقضى في المسجد
قوله ( وغسل ) عده من الطبيعية تبعا للاختيار و النهر وغيرهما وهو موافق لما علمته من تفسيرها وعن هذا اعترض بعض الشراح تفسير الكنز لها بالبول والغائط بأن الأولى تفسيرها بالطهارة ومقدماتها ليدخل الاستنجاء والوضوء والغسل لمشاركتها لهما في الاحتياج وعدم الجواز في المسجد اه
فافهم
قوله ( ولا يمكنه الخ ) فلو أمكنه من غير أن يتلوث المسجد فلا بأس به
بدائع أي بأن كان فيه بركة ماء أو موضع معد للطهارة أو اغتسل في إناء بحيث لا يصيب المسجد المستعمل قال في البدائع فإن كان بحيث يتلوث بالماء المستعمل يمنع منه لأن تنظيف المسجد واجب اه
والتقييد بعدم الإمكان يفيد أنه لو أمكن كما قلنا فخرج أنه يفسد وهل يجري فيه الخلاف المار فيما لو كان له بيتان فأتى البعيد منهما محل نظر لأن ذاك بعد الخروج وفرق بينه وبين ما قبله بدليل ما مر من أنه بعده له الذهاب لعيادة مريض لكن قول البدائع لا بأس به ربما يفيد الجواز فتأمل
قوله ( أو شرعية ) عطف على طبيعية ولفظة أو من المتن والواو في والجمعة من الشرح اه ح
قوله ( وعيد ) أفاد صحة النذر بالاعتكاف في الأيام الخمسة المنهية وفيه الاختلاف السابق في نذر صومها لأن الصوم من لوازم الاعتكاف الواجب فعلى رواية محمد عن الأمام يصح لكن يقال له اقض في وقت آخر ويكفر اليمين إن أراد وإن اعتكف فيها صح وعلى رواية أبي يوسف عنه لا يصح نذره كالنذر بالصوم فيها
بدائع
قوله ( لو مؤذنا ) هذا قول ضعيف والصحيح أنه لا فرق بين المؤذن وغيره كما في البحر و الإمداد
قوله ( وباب المنارة خارج المسجد ) أما إذا كان داخله فكذلك بالأولى
قال في البحر وصعود المأذنة إن كان بابها في المسجد لا يفسد وإلا فكذلك في ظاهر الرواية اه ولو قال الشارح وأذان ولو غير مؤذن وباب المنارة خارج المسجد لكان أولى ح
____________________
(2/445)
قلت بل ظاهر البدائعأن لأذان أيضا غير شرط فإنه قال ولو صعد المنارة لم يفسد بلا خلاف وإن كان بابها خارج المسجدلأنها منه لأنه يمنع فيها كل ما يمنع فيه من البول ونحوه فأشبه زاوية من زوايا المسجد اه
لكن ينبغي فيما إذا كان بابها خارج المسجد أن يقيد بما إذا خرج للأذان لأن المنارة وإن كانت من المسجد لكن خروجه إلى بابها لا للأذان خروج منه بلا عذر وبهذا لا يكون كلام الشارح مفرعا على الضعيف ويكون قوله وباب المنارة الخ جملة حالية معتبرة المفهوم فافهم
قوله ( مع سنتها ) أي ومع الخطبة كما في البدائع ولم يذكره للعلم به لأن السنة تكون قبل خروج الخطيب ولم يذكر تحية المسجد أيضا مع ذكرهم لها هنا لأنه ضعيف إذ صرحوا بأنه إذا شرع في الفريضة حين دخل المسجد أجزأه عن تحية المسجد لحصولها بذلك فلا حاجة إلى تحية غيرها وكذا لو شرع في السنة كذا في البحر تبعا للفتح لكن نقل الخير الرملي عن خط العلامة المقدسي أنه لا شك أن صلاة التحية بالاستقلال أفضل من الإتيان بها في ضمن الفريضة ولا يخفى أن من يعتكف ويلازم باب الكريم إنما يروم ما يوجب له مزيد التفضيل والتكريم اه
فافهم
قوله ( على الخلاف ) أي أربعا عنده وستا عندهما
بدائع قال في البحر وقد ظهر بهذا أن الأربع التي تصلى بعد الجمعة بنية آخر ظهر عليه لا أصل لها في المذهب لنصهم هنا على أنه لا يصلي إلا السنة البعدية ولأن من اختارها من المتأخرين اختارها للشك في سبق جمعته بناء على عدم جواز تعددها في مصر وقد نص الإمام السرخسي على أن الصحيح من المذهب الجواز فلا ينبغي الإفتاء بها في زماننا لأنهم تطرقوا منها إلى التكاسل عن الجمعة وظن أنها غير فرض وأن الظهر كاف عنها واعتقاد ذلك كفر اه
ملخصا
قلت وفي هذا الظهور خفاء لأن الأصل عدم تعدد الجمعة وليس في كل البلاد فليكن اقتصارهم على بيان السنة مبنيا على ذلك ولأن المعتكف لا يلزم أن يأتي بها في مسجد الجمعة بل يأتي بها في معتكفه
وكون الصحيح جواز التعدد لا ينافي استحباب تلك الأربع خروجا من الخلاف القوي الواقع في مذهبنا ومذهب الغير وقدمنا في باب الجمعة التصريح عن النهر وغيره بأنه لا شك في استحبابها وكون الأولى أن لا يفتى بها في زماننا لما ذكره لا يلزمه منه عدم الإتيان بها ممن لا يخشى منه ذلك كما مر هناك مبسوطا عن المقدسي وغيره فتذكره بالمراجعة فافهم
قوله ( ولو مكث أكثر ) كيوم وليلة أو أتم اعتكافه فيه
سراج
قوله ( لأنه محل له ) أي مسجد الجمعة محل للاعتكاف وفيه إشارة إل الفرق بين هذا وبين ما لو خرج لبول أو غائط ودخل منزله ومكث فيه حيث يفسد كما مر
وفي البدائع وما روي عنه من الرخصة في عيادة المريض وصلاة الجنازة فقد قال أبو يوسف ذلك محمول على اعتكاف التطوع ويجوز حمل الرخصة على ما لو خرج لوجه مباح كحاجة الإنسان أو الجمعة وعاد مريضا أو صلى على جنازة من غير أن يخرج لذلك قصدا وذلك جائز اه
وبه علم أنه بعد الخروج لوجه مباح إنما يضر المكث لو في غير مسجد لغير عيادة
قوله ( لمخالفة ما التزمه ) أي من الاعتكاف في المسجد الأول لأنه لما ابتدأ الاعتكاف فيه فكأنه عينه لذلك فيكره تحوله عنه مع إمكان الإتمام فيه
بدائع
قلت ولعله لم يتعين بناء على أنه لا يتعين الزمان والمكان في النذر كما مر وعدم جواز الخروج منه بلا عذر لا لتعينه بل لأن الخروج مضاد لحقيقة الاعتكاف الذي هو اللبث والإقامة
تتمة لم يذكر جواز خروجه لجماعة وقدمنا عن النهر و الفتح ما يفيده ويأتي في كلامه ما يفيده أيضا وفي البحر عن البدائع لو أحرم بحج أو عمرة أقام في اعتكافه إلى فراغه منه فإن خاف فوت الحج يحج ثم يستقبل الاعتكاف
____________________
(2/446)
لأن الحج أهم وإنما يستقبله لأن هذا الخروج وإن وجب شرعا فإنما وجب بعقده وعقده لم يكن معلوم الوقوع فلا يصير مستثنى في الاعتكاف اه
قوله ( فيقضيه ) أي لو واجبا بالنذر أما التطوع لو قطعه قبل تمام اليوم فلا إلا في رواية الحسن كما مر ويقضي المنذور مع الصوم غير أنه لو كان شهرا معينا يقضي قدر ما فسد وإلا استقبله لأنه لزمه متتابعا ولا فرق بين فساده بصنعه بلا عذر كالجماع مثلا إلا الردة أو لعذر كخروجه لمرض أو بغير صنعه أصلا كحيض وجنون وإغماء طويل
وأما حكمه إذا فات عن وقته المعين فإن فات بعضه قضاه لا غير ولا يجب الاستقبال أو كله قضى الكل متتابعا فإن قدر ولم يقض حتى مات أوصى لكل يوم بطعام مسكين وإن قدر على البعض فكذلك إن كان صحيحا وقت النذر وإلا فإن صح يوما فعلى الاختلاف المار في الصوم وإلا فلا شيء عليه
بدائع ملخصا
قوله ( إلا إذا أفسده بالردة ) لأنها تسقط ما وجب عليه قبلها بإيجاب الله تعالى أو إيجابه والنذر من إيجابه اه ح أي وليس سببه باقيا لأنه النذر وقد قال في الفتح إن نفس النذر بالقربة قربة فيبطل بالردة كسائر القرب اه
وإذا بطل سببه لم يجب قضاؤه بخلاف الحج والصلاة الوقتية لبقاء سببهما
قوله ( قالوا وهو الاستحسان ) لأن في القليل ضرورة كذا في الهداية بدون لفظة قالوا المشعرة بالخلاف والضعف ولكنه أتى بها ميلا إلى ما يحثه الكمال
قوله ( وبحث فيه الكمال ) حيث قال قوله وهو استحسان يقتضي ترجيحه لأنه ليس من المواضع المعدودة التي رجح فيها القياس على الاستحسان ثم منع كونه استحسانا بالضرورة بأن الضرورة التي يناط بها التخفيف هي الضرورة اللازمة أو الغالبة الوقوع مع أنهما أي الإمامين يجيزان الخرووج بغير ضرورة أصلا لأن فرض المسألة في خروجه أقل من نصف يوم لحاجة لا بل للعب وأنا لا أشك في أن خرج المسجد إلى السوق للعب واللهو والقمار إلى ما قبل نصف النهار ثم قال يا رسول الله أنا معتكف قال ما أبعدك عن المعتكفين اه ملخصا
وقد أطال في تحقيق ذلك كما هو دأبه في التحقيق رحمه الله تعالى وبه علم أنه لم يسلم كونه استحسانا حتى يكون مما رجع فيه القياس على الاستحسان كما أفاده الرحمتي فافهم
قوله ( وهو ما مر ) أي من الحاجة الطبيعية والشرعية
قوله ( وإلا لكان النسيان أولى الخ ) لأنه عذر ثبت اعتبارا الصحة معه في بعض الأحكام
فتح أي كما في أكل الصائم ناسيا وصحة الوقتية عند نسيان الفائتة
قوله ( كما حققه الكمال ) حيث قال والذي في الخانية و الخلاصة أنه لو خرج ناسيا أو مكرها أو لبول فحبسه الغريم ساعة أو لمرض فسد عنده وعلل في الخانية المرض بأنه لا يغلب وقوعه فلم يصر مستثنى عن الإيجاب فأفاد الفساد في الكل وعلى هذا يفسد لو لإعادة مريض أو شهود جنازة وإن تعينت عليه إلا أنه لا يأثم كما في المرض بل يجب كما في الجمعة لا يفسد بها لأنها معلوم وقوعها فكانت مستثناة وعلى هذا خرج لإنقاذ غريق أو حريق أو جهاد عم نفيره فسد ولا يأثم وكذا إذا انهدم المسجد ونص عليه في الخانية وغيرها وكذا تفرق أهله وانقطاع الجماعة منه ونص الحاكم في الكافي فقال وأما قول أبي حنيفة فاعتكافه فاسد إذا خرج ساعة لغير غائط أو بول أو جمعة اه ملخصا
قوله ( خلافا لما فصله الزيلعي ) حيث جعل الخروج لعيادة المريض والجنازة وصلاتها وإنجاء الغريق والحريق والجهاد إذا كان النفير عاما وأداء الشهادة مفسدا بخلاف خروجه إلى مسجد آخر بانهدام المسجد أو تفرق
____________________
(2/447)
أهله لعدم صلوات الخمس فيه وإخرج ظالم كرها وخوفا على نفسه أو ماله من المكابرين
ومشى في نور الإيضاح على هذا التفصيل لا على ما يأتي عن النهر فافهم
قوله ( لكن في النهر ) حيث قال صرح في البدائع وغيرها بأن عدم الفساد في الانهدام والإكراه استحسان لأنه مضطر إليه لما بعد الانهدام خرج من أن يكون معتكفا لأنه لا يصلي بالجماعة الصلوات الخمس وهذا يفيد عدم الفساد بتفريق أهله اه
وفي الشرنبلالية إنه نص على الاستحسان في ذلك في المحيط و المبتغى و الجوهرة
قلت وكذا في المجتبى و السراج و التاترخانية وبهذا سقط ما ذكره أبو السعود في محشى مسكين من أن ما في البدائع وغيرها قول الصاحبين وأن الزيلعي ومسكينا والشرنبلالي وغيرهم خلطوا أحد القولين بالآخر وأطال فيه بما لا يجدي إذ لو كان قول الصاحبين فما معنى الاستحسان في بعض الأعذار دون بعض وهما يقولان بعدم الفساد بالخروج أقل من نصف نهار بلا عذر أصلا وأيضا لو كان ذلك قولهما لنقله واحد منهم بل صرح في البدائع في مسألتي الانهدام والإكراه بأنه لا يفسد إذا دخل مسجدا آخر من ساعته استحسانا فقوله من ساعته
صريح في أنه على قول الإمام
والحاصل أن مذهب الإمام الفساد بالخروج إلا لبول أو غائط أو جمعة كما مر التصريح به عن كافي الحاكم وعليه ما مر عن الخانية و الخلاصة و الفتح وأن بعض المشايخ استحسن عدمه في بعض المسائل وكأنه في الخانية لم ير هذا الاستحسان وجيها لأن انهدام المسجد لا يخرجه عن كونه معتكفا بناء على القول بأن إقامة الخمس فيه بالجماعة غير شرط كما مر أول الباب ولأن الخروج لمرض وحيض ونسيان إذا كان مفسدا مع أنه من قبل من له الحق سبحانه وتعالى فيكون للإكراه الذي هو قبل العبد مفسدا بالأول ولعل المحقق ابن الهمام نظر إلى هذا فتبع المنقول في كافي الحاكم الذي هو تلخيص كتب ظاهر الرواية وفي الخانية وغيرها وتبعه صاحب البحر واعتمده صاحب البرهان حيث اقتصر عليه في متنه مواهب الرحمن وتبعهم المصنف أيضا وكذا العلامة المقدسي في شرحه وإن خالف فيه الشرنبلالي فافهم
قوله ( وفي التاترخانية ) ومثله في القهستاني
قوله ( لو شرط ) فيه إيماء إلى عدم الاكتفاء بالنية
أبو السعود
قوله ( جاز ذلك ) قلت يشير إليه قوله في الهداية وغيرها عند قوله ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان لأنه معلوم وقوعها فلا بد من الخروج فيصير مستثنى اه
والحاصل أن ما يغلب وقوعه يصير مستثنى حكما وإن لم يشترطه وما لا فلا إلا إذا شرطه
قوله ( وخص المعتكف بأكل الخ ) أي في المسجد والباء داخلة على المقصور عليه بمعنى أن المعتكف مقصور على الأكل ونحوه في المسجد لا يحل له في غيره ولو كانت داخلة على المقصور كما هو المتبادر يرد عليه أن النكاح والرجعة غير مقصورين عليه لعدم كراهتهما لغيره في المسجد
واعلم أنه كما لا يكره الأكل ونحوه في الاعتكاف الواجب فكذلك في التطوع كما في كراهية جامع الفتاوى ونصه يكره النوم والأكل في المسجد لغير المعتكف وإذا أراد ذلك ينبغي أن ينوي الاعتكاف فيدخل فيذكر الله تعالى بقدر ما نوى أو يصلي ثم يفعل ما شاء اه
قوله ( فلو لتجارة كره ) أي وإن لم يحضر السلعة واختاره قاضيخان ورجحه الزيلعي لأنه منقطع إلى الله تعالى فلا ينبغي له أن يشتغل بأمور الدنيا
بحر
قوله ( ورجعة ) معطوف على
____________________
(2/448)
أكل لا على بيع إلا بتأويل العقد بما يشملها
قوله ( لعدم الضرورة ) أي إلى الخروج حيث جازت في المسجد وفي الظهيرية وقيل يخرج بعد الغروب للأكل والشرب اه
وينبغي حمله على ما إذا لم يجد من يأتي له به فحينئذ يكون من الحوائج الضرورية كالبول
بحر
قوله ( إحضار مبيع فيه ) لأن المسجد محرز عن حقوق العباد وفيه شغله بها ودل تعليلهم أن المبيع لو لم يشغل البقعة لا يكره إحضاره كدراهم يسيرة أو كتاب ونحوه
بحر
لكن مقتضى التعليل الأول الكراهة وإن لم يشتغل
نهر
قلت التعليل واحد ومعناه أنه محرز عن شغله بحقوق العباد وقولهم وفيه شغله بها نتيجة التعليل ولذا أبدله في المعراج بقوله فيكره شغله بها فافهم
وفي البحر وأفاد إطلاقه أن إحضار ما يشتريه ليأكله مكروه وينبغي عدم الكراهة كما لا يخفى اه أي لأن إحضاره ضروري لأجل الأكل ولأنه لا شغل به لأنه يسير
وقال أبو السعود نقل الحموي عن البرجندي أن إحضار الثمن والمبيع الذي لا يشغل المسجد جائز اه
قوله ( مطلقا ) أي سواء احتاج إليه لنفسه أو عياله أو كان للتجارة أحضره أو لا كما يعلم مما قبله ومن الزيلعي و البحر
قوله ( للنهي ) ما رواه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي أن رسول الله نهى عن الشراء والبيع في المسجد وأن ينشد فيه ضالة أو ينشد فيه شعر ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة فتح
قوله ( وكذا أكله ) أي غير المعتكف قوله ( لكن الخ ) استدراك على ما في الأشباه وعبارة ابن الكمال عن جامع الإسبيجابي لغير المعتكف أن ينام في المسجد مقيما كان أو غريبا أو مضطجعا أو متكئا رجلاه إلى القبلة أو إلى غيرها فالمعتكف أولى اه
ونقله أيضا في المعراج وبه يعلم تفسير الإطلاق
قال ط لكن قوله رجلاه إلى القبلة غير مسلم لما نصوا عليه من الكراهة اه
ومفاد كلام الشارح ترجيح هذا الاستدراك والظاهر أن مثل النوم الأكل والشرب إذا لم يشغل المسجد ولم يلوثه لأن تنظيفه واجب كما مر لكن قال في متن الوقاية ويأكل أي المعتكف ويشرب وينام ويبيع ويشتري فيه لا غيره
قال منلا علي في شرحه أي لا يفعل غير المعتكف شيئا من هذه الأمور في المسجد اه
ومثله في القهستاني ثم نقل ما مر عن المجتبى
قوله ( وصمت ) عدل عن السكوت للفرق بينهما وذلك أن السكوت ضم الشفتين فإن طال سمي صمتا
نهر
وإنما كره لأنه ليس في شريعتنا لقوله عليه الصلاة والسلام لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل رواه أبو داود وأسند أبو حنيفة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي نهى عن صوم الوصال وعن صوم الصمت فتح
قوله ( ويجب ) لم يقل يفترض ليشمل الواجب فإن الكلام قد يكون حراما كالغيبة مثلا وقد يكره كإنشاد شعر قبيح وكذا كره لترويج سلعة فالصمت عن الأول فرض وعن الثاني واجب فافهم
قوله ( وتكلم إلا بخير ) فيه التفريع في الإيجاب إلا أن يقال إنه نفى معنى
ط عن الحموي أي لأن كره بمعنى لا يفعل كما قيل في قوله تعالى { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } التوبة 32 وقوله { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } البقرة 45 لأنه بمعنى لا يريد ومعنى لا تسهل كما ذكره ابن هشام في آخر المغني ويحتمل كون إلا بمعنى غير كما في { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } الأنبياء 22 ولم يدخل عليها حرف الجر بل تخطاها لما بعدها لأنها على صورة الحرفية والأولى
____________________
(2/449)
جعل الجار متعلقا بمحذوف والاستثناء من تكلم المذكور
والمعنى وكره تكلم إلا تكلما بخير فحذف المتعلق الخاص للقرينة فيكون الاستثناء من كلام تام موجب
تأمل
قوله ( ومنه المباح الخ ) أي مما لا إثم فيه وهذا ما استظهره في النهر أخذا من العناية وبه رد على ما في البحر من أن الأولى تفسير الخير بما فيه ثواب فيكره للمعتكف التكلم بالمباح بخلاف غيره أي غير المعتكف اه
بأنه لا شك في عدم استغنائه عن المباح عند الحاجة إليه فكيف يكره له مطلقا اه والمراد ما يحتاج إليه من أمر الدنيا إذا لم يقصد به القربة وإلا ففيه ثواب
قوله ( وهو ) أي المباح عند عدم الاحتياج إليه ط
قوله ( إنه مكروه ) أي إذا جلس له كما قيده في الظهيرية ذكره في البحر قبيل الوتر
وفي المعراج عن شرح الإرشاد لا بأس بالحديث في المسجد إذا كان قليلا فأما أن يقصد المسجد للحديث فيه فلا اه
وظاهر الوعيد أن الكراهة فيه تحريمية
قوله ( في فرج ) أي قبل أو دبر
قوله ( ولو كان وطؤه خارج المسجد ) عممه تبعا للدرر إشارة إلى رد ما في العناية وغيرها من أن المعتكف إنما يكون في المسجد فلا يتهيأ له الوطء
ثم قال وأولوه بأنه جاز له الخروج للحاجة الإنسانية فعند ذلك يحرم عليه الوطء
وذكر في شرح التأويلات أنهم كانوا يخرجون ويقضون حاجتهم في الجماع ثم يغتسلون فيرجعون إلى معتكفهم فنزل قوله تعالى { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } البقرة 187 اه
قال الشيخ إسماعيل وفيه نظر لإمكان الوطء في المسجد وإن كان فيه حرمة من جهة أخرى وهي حلول الجنب فيه على أنه يحتمل أن تكون الزوجة معتكفة في مسجد بيتها فيأتيها فيه زوجها فيبطل اعتكافها اه
قوله ( في الأصح ) قال في الشرنبلالية ولم يفسده الشافعي بالوطء ناسيا وهو رواية ابن سماعة عن أصحابنا اعتبارا له بالصوم كذا في البرهان اه
قوله ( حالته مذكرة ) تعليل للأصح ببيان الفرق بينه وبين الصوم بأن المعتكف له حالة تذكره فلا يغتفر نسيانه كالمحرم والمصلي بخلاف الصائم
قوله ( وبطل بإنزال الخ ) لأنه بالإنزال صار في معنى الجماع
نهر
قوله ( لم يبطل لعدم معنى الجماع ) ولذا لم يفسد به الصوم
قوله ( وإن حرم الكل ) أي كل ما ذكر من دواعي الوطء
إذ لا يلزم من عدم البطلان بها حلها لعدم الحرج
قال في شرح المجمع فإن قلت لم لم تحرم الدواعي في الصوم وحالة الحيض كما حرم الوطء قلت لأن الصوم والحيض يكثر وجودهما فلو حرم الدواعي فيهما لوقعوا في الحرج وذلك مدفوع شرعا
قوله ( ولا بأكل ناسيا الخ ) والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو ما منع منه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم لا يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج من المسجد وما كان من محظورات الصوم وهو ما منع منه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والليل والنهار كالأكل والشرب
بدائع
قوله ( وردته ) وإذا بطل بها لم يجب قضاؤه كما تقدم
قوله ( إن داما أياما ) المراد بالأيام أن يفوته صوم بسبب عدم إمكان النية ح
ويقضيه في الإغماء كالجنون ط
قوله ( سنة ) عبارة البدائع وغيرها سنين والمراد المبالغة فيقضي في الأقل بالأولى
قوله ( استحسانا ) والقياس
____________________
(2/450)
لا يقضي كما في صوم رمضان
وجه الاستحسان أن سقوط القضاء في صوم رمضان إنما كان لدفع الحرج لا يتحقق في الاعتكاف
فتح
قوله ( ولزمه الليالي ) أي اعتكافها مع الأيام
قوله ( بلسانه ) فلا يكفي مجرد نية القلب
فتح
وقد مر
قوله ( اعتكاف أيام ) كعشرة مثلا
قوله ( ولاء ) حال من الليالي والأصل أنه متى دخل الليل والنهار في اعتكافه فإنه يلزمه متتابعا ولا يجزيه لو فرق
بحر
وكذا لو نذر اعتكاف شهر غير معين لزمه اعتكاف شهر أي شهر كان متتابعا في الليل والنهار بخلاف ما إذا نذر صوم شهر ولم يذكر التتابع ولا نواه فإنه يخير إن شاء فرق لأن الاعتكاف عبادة دائمة ومبناها على الاتصال لأنه لبث وإقامة والليالي قابلة لذلك بخلاف الصوم
وتمامه في البدائع
قوله ( كعكسه ) وهو نذر اعتكاف الليالي فتلزمه الأيام ط
قوله ( بلفظ الجمع ) كثلاثين يوما أو ليلة وكذا ثلاثة أيام فإنه في حكم الجمع ولذا يتبع به الجمع كرجال ثلاثة وإن أراد بالعددين المعدودين يكون التمييز في المثال الأول في حكم الجمع لوقوعه تمييزا وبيانا لذات الجمع أعني الثلاثين
فافهم
قوله ( وكذا التثنية ) فإنها في حكم الجمع فيلزمه اعتكاف يومين بليلتهما وهذا عندهما
وقال أبو يوسف لا تدخل الليلة الأولى
بدائع
وأفاد أن المفرد لا تدخل فيه الليلة كما يأتي قوله يتناول الآخر أي بحكم العرف والعادة تقول كنا عند فلان ثلاثة أيام وتريد ثلاثة أيام وما بإزائها من الليالي وقال تعالى { ثلاث ليال سويا } مريم 10 و { ثلاثة أيام إلا رمزا } آل عمران 41 فعبر في موضع باسم الليالي وفي موضع باسم الأيام والقصة واحدة فالمراد من كل واحد منهما ما هو بإزاء صاحبه حتى إنه في الموضع الذي لم تكن الأيام فيه على عدد اليالي أفرد كل واحد منهما بالذكر كقوله { سبع ليال وثمانية أيام حسوما } كما في البدائع
قوله ( فلو نوى الخ ) لما ذكر لزوم الليالي تبعا للأيام ولم يقيد ذلك بنيتهما أو عدمها علم أنه لا فرق ثم فرع عليه ما لو نوى أحدهما خاصة حيث كان في الكلام السابق إشارة إلى مخالفة حكمه له فصح التفريع فافهم
قوله ( النهار ) أي جنسه
وفي بعض النسخ النهر بصيغة الجمع وقيل لا يجمع كالعذاب والسراب كما في القاموس
قوله ( صحت نيته ) فيلزمه الأيام بغير ليل وله خيار التفريق لأن القربة تعلقت بالأيام وهي متفرقة فلا يلزمه التتابع إلا بالشرط كما في الصوم ويدخل المسجد كل يوم قبل طلوع الفجر ويخرج بعد غروب الشمس بدائع
قوله ( لنيته الحقيقة ) أي اللغوية أما العرفية فتشمل الليالي كما قدمناه وإذا كان للفظ حقيقة لغوية وحقيقة عرفية ينصرف عند الإطلاق عند أهل العرف إلى العرفية كما نصوا عليه فلذا احتاج إلى النية إذا أريد به الحقيقة اللغوية وبه اندفع ما أورد من أن الحقيقة لا تحتاج إلى قرينة ونية وأفاد في البدائع أن العرف أيضا في استعمال اللغوية باق فصحت نيته اه
فكان العرف مشتركا والظاهر أن الأكثر استعمالا خلاف اللغوي فلذا انصرف إليه عند الإطلاق واحتاج اللغوي إلى النية
قوله ( لا ) أي لا تصح نيته لأنه نوى ما لا يحتمله كلامه
بحر
والحاصل أنه إما أن يأتي بلفظ المفرد أو المثنى أو المجموع وكل من الثلاثة إما أن يكون اليوم أو الليل وكل من السنة إما أن ينوي الحقيقة أو المجاز أو ينويهما أو لم تكن له نية فهي أربعة وعشرون
وعلمت حكم المثنى والمجموع بأقسامهما بقي المفرد فلو نذر اعتكاف يوم لزمه فقط نواه أو لم ينو وإن نوى الليلة معه لزماه ولو نذر
____________________
(2/451)
اعتكاف ليلة لم يصح ما لم ينو بها اليوم كما مر وتمامه في البحر
قوله ( اعتكاف شهر ) أي بأن أتى بلفظة شهر أما لو قال ثلاثين يوما فهو ما مر
قوله ( لما مر ) أي أول الباب من قوله لعدم محليتها ح أي فإن الباقي بعد استثناء الأيام هو الليالي المجردة فلا يصح اعتكاف المنذور فيها لمنافاتها شرطه وهو الصوم
قوله ( واعلم أن الليالي تابعة للأيام ) أي كل ليلة تتبع اليوم الذي بعدها ألا ترى أنه يصلي التراويح في أول ليلة من رمضان دون أول ليلة من شوال فعلى هذا إذا ذكر المثنى أو المجموع يدخل المسجد قبل الغروب ويخرج بعد الغروب من آخر يوم نذره كما صرح به في الخانية وصرح بأنه إذا قال أياما يبدأ بالنهار فيدخل المسجد قبل طلوع الفجر اه
فعلى هذا لا يدخل الليل في نذر الأيام إلا إذا ذكر له عددا معينا
بحر
قوله ( إلا ليلة عرفة الخ ) عبارة البحر عن المحيط إلا في الحج فإنها في حكم الأيام الماضية فليلة عرفة تابعة ليوم التروية وليلة النحر تابعه ليوم عرفة اه
ونقل قبله عن أضحية الولوالجية الليلة في كل وقت تبع لنهار يأتي إلا في أيام الأضحى فتبع لنهار ماض رفقا بالناس اه
قلت وفي حج الولوالجية أيضا الليل في باب المناسك تبع للنهار الذي تقدم ولهذا لو وقف بعرفة ليلة النحر قبل الطلوع أجزأه اه
والحاصل أن ليلة عرفة تابعة لما قبلها في الحكم حتى صح الوقوف فيها وكذا ليلة النحر والتي تليه والتي بعدها حتى صح النحر في الليالي وجاز الرمي فيها والمراد أن الأفعال التي تفعل في النهار من نحر أو وقوف أو نحو ذلك من أفعال المناسك يصح فعلها في الليلة التي تلي ذلك النهار رفقا بالناس وبسبب ذلك أطلق على تلك الليلة أنها تبع لليوم الذي قبلها أي تبع له في الحكم لا حقيقة وإلا فكل ليلة تبع لليوم الذي بعدها ولذا يقال ليلة النحر لليلة التي يليها يوم النحر ولو كانت لليوم الذي قبلها لصارت اسما لليلة عرفة ولا يسوغ ذلك لا لغة ولا شرعا
وحينئذ فلا يصح ما قيل إن اليوم الثالث من أيام النحر لا ليلة له وليوم التروية ليلتان إلا أن يريد من حيث الحكم وإلا لزم أنه لو نذر اعتكاف يوم التروية ويوم عرفة يجب عليه اعتكاف اليومين وثلاث ليال والظاهر أنه لا يقول به أحد فافهم
مطلب في ليلة القدر قوله ( دائرة في رمضان اتفاقا ) أي دائرة معه بمعنى أنها توجد كلما وجد فهي مختصة به عند الإمام وصاحبيه لكنها عندهما في ليلة معينة منه وعنده لا تتعين ويشير إلى ما قلنا في تفسير الدوران ما في البحر عن الكافي ليلة القدر في رمضان دائرة لكنها تتقدم وتتأخر
وعندهما تكون في رمضان ولا تتقدم ولا تتأخر اه
فافهم
قوله ( لجواز كونها في الأول ) أي في رمضان الأول في الأولى أي في الليلة الأولى منه وفي رمضان الآتي في الليلة الأخيرة منه فإذا انسلخ رمضان الأول لا يقع للاحتمال الأول وإذا لم ينسلخ الآتي لا يقع أيضا للاحتمال الثاني فإذا انسلخ
____________________
(2/452)
الآتي تحقق وجودها في أحدهما فحينئذ
قوله ( إذا مضى الخ ) يعني إذا كانت هي الليلة الأولى فقد وقع بأول ليلة من القابل وإن كانت الثانية أو الثالثة الخ فقد وجدت في الماضي فيتحقق عندهما وجودها قطعا بأول ليلة من القابل
رملي
قوله ( لكن قيده الخ ) أي قيد صاحب المحيط الإفتاء بقول الإمام يكون الحالف فقيها أي عالما باختلاف العلماء فيها وإلا فلو كان عاميا فهي ليلة السابع والعشرين لأن يسمونها ليلة القدر فينصرف حلفه إلى ما تعارف عنده كما هو أحد الأقوال فيها وله أدلة من الأحاديث وأجاب عنها الإمام بأن ذلك كان في ذلك العام
تتمة ما ذكره عن الإمام هو قول له وذكر في البحر عن الخانية أن المشهور عن الإمام أنها تدور أي في السنة كلها قد تكون في رمضان وقد تكون في غيره اه
قلت ويؤيده ما ذكره سلطان العارفين سيدي محي الدين بن عربي في فتوحاته المكية بقوله واختلف الناس في ليلة القدر أعني في زمانها فمنهم من قال هي في السنة كلها تدور وبه أول
فإني رأيتها في شعبان وفي شهر ربيع وفي شهر رمضان وأكثر ما رأيتها في شهر رمضان وفي العشر الآخر منه ورأيتها مرة في العشر الوسط من رمضان في غير ليلة وتر وفي الوتر منها فأنا على يقين من أنها تدور في السنة في وتر وشفع من الشهر اه
وفيها للعلماء أقوال أخر بلغت ستة وأربعين
خاتمة قال في معراج الدراية اعلم أن ليلة القدر ليلة فاضلة يستحب طلبها وهي أفضل ليالي السنة وكل عمل خير فيها يعدل ألف عمل في غيرها
وعن ابن المسيب من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ نصيبه منها وعن الشافعي العشاء والصبح ويراها من المؤمنين من شاء الله تعالى
وعن المهلب من المالكية لا تمكن رؤيتها على الحقيقة وهو غلط وينبغي لمن يراها أن يكتمها ويدعو الله تعالى بالإخلاص اه
اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل وحسن الختام عند انتهاء الأجل والعون على الإتمام يا ذا الجلال والإكرام والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الحج لما كان مركبا من المال والبدن وكان واجبا في العمر مرة ومؤخرا في حديث بني الإسلام على خمس أخره وختم به العبادات أي الخالصة وإلا فنحو النكاح والعتاق والوقف يكون عبادة عند النية لكنه لم يشرع لقصد التعبد فقط ولذا صح بلا نية بخلاف أركان الإسلام الأربعة فإنها لا تكون إلا عبادة لاشتراط النية فيها هذا ما ظهر لي
وأورد في النهر على قولهم مركب إنه عبادة بدنية محضة والمال إنما هو شرط في وجوده لا أنه جزء مفهومه اه
وفيه أن كونه عبادة مركبه مما اتفقت عليه كلمتهم أصولا وفروعا حتى أوجبوا الحج عن الميت وإن فات عمل البدن لبقاء الجزء الآخر وهو المال كما سيجيء تقريره وليس قولهم إنه مركب تعريفا له لبيان ماهيته حتى يقال إن المال شرط فيه لا جزء مفهومه بل المراد بيان أن التعبد به لا يتوصل إليه غالبا إلا بأعمال البدن وإنفاق المال
____________________
(2/453)
لأجله والصلاة والصوم وإن كانتا لا بد لهما من مال كثوب يستر عورته وطعام يقيم بنيته فإن ذلك ليس لأجلهما بمعنى أنه لولاهما لم يفعله ولذا لم يجعل المال من شروطهما وجعل من شروطه وأيضا فإن المال فيهما يسير لا مشقة في إنفاقه بخلاف المال في حج الآفاقي فإنه كثير فناسب أن يكون مقصودا في العبادة ولذا وجب دفعه إلى النائب عند العجز الدائم عن الأفعال ولم يجب الحج على الفقير القادر على المشي ووجبت الصلاة والصوم على العاجز عن الساتر والسحور هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( بفتح الحاء وكسرها ) بهما قرىء في السبع وقيل الأول الاسم والثاني المصدر ط على المنح و النهر
قوله ( كما ظنه بعضهم ) هو الزيلعي تبعا لإطلاق كثير منكتب اللغة ونقل في الفتح تقييده بالمعظم عن ابن السكيت وكذا قيده به السيد الشريف في تعريفاته وكذا في الاختيار
قوله ( وشرعا زيارة الخ ) اعلم أنهم عرفوه بأنه قصد البيت لأداء ركن من أركان الدين ففيه معنى اللغة واعترضهم في الفتح بأن أركانه الطواف والوقوف ولا وجود للمتشخص إلا بأجزائه المشخصة وماهيته الكلية منتزعة منها وتعريفه بالقصد لأجل الأعمال مخرج لها عن المفهوم اللهم إلا أن يكون تعريفا اسميا غير حقيقي فهو تعريف لمفهوم الاسم عرفا لكن فيه أن المتبادر من الاسم عند الإطلاق هو الأعمال المخصوصة لا نفس القصد المخرج لها عن المفهوم مع أنه فاسد في نفسه فإنه لا يشمل الحج النفل والتعريف إنما هو للحج مطلقا كتعريف الصلاة والصوم وغيرهما لا للفرض فقط ولأنه حينئذ يخالف سائر أسماء العبادات فإنها أسماء للأفعال كالصلاة للقيام والقراءة الخ والصوم للإمساك الخ والزكاة لأداء المال فليكن الحج أيضا عبارة عن الأفعال الكائنة عند البيت وغيره كعرفة اه
ملخصا
فعدل الشارح عن تفسير الزيلعي الزيارة بالقصد إلى تفسيرها بالطواف والوقوف تبعا للبحر ليكون اسما للأفعال كسائر أسماء العبادات ولما ورد عليه أن يكون قوله بفعل مخصوص حشوا إذ المراد به كما قالوا هو الطواف والوقوف تخلص عنه بتفسيره بأن يكون محرما الخ
قيل ولا يخفى ما فيه لأنه يلزم عليه إدخال الشرط أي الإحرام في التعريف فلو أبقى الزيارة على معناها اللغوي وهو الذهاب وفسر الفعل المخصوص بالطواف والوقوف لكان أولى اه
وفيه أن الزيارة أيضا ليست ماهيته الحقيقية فيرد ما مر في تفسيره بالقصد على أن الإحرام وإن كان شرطا ابتداء فهو في حكم الركن انتهاء كما سيصرح به الشارح ولو سلم فذكر الشرط لا يخل بالتعريف بل لا بد منه لأنه لا يتحقق المعنى الشرعي بدونه كمن صلى بلا طهارة ولذا ذكروا النية في تعريف الزكاة والصوم فافهم
والتحقق أن تفسيره بالقصد لا يخرجه عن نظائره من أسماء العبادة لأن المراد بالقصد هنا الإحرام وهو عمل القلب واللسان بالنية والتلبية أو ما يقوم مقام التلبية من تقليد البدنة مع السوق كما سيأتي فيكون عمل الجوارح أيضا ولأن قوله بفعل مخصوص الباء فيه للملابسة والمراد به الطواف والوقوف فهو قصد مقترن بهذه الأفعال لا مجرد القصد فلم يخرج عن كونه فعلا مخصوصا كسائر أسماء العبادات نعم فرقوا بين الحج وسائر أسماء العبادات حيث جعلوا القصد فيه أصلا والفعل تبعا وعكسوا في غيره لأن الشائع في المعاني الاصطلاحية المنقولة عن المعاني اللغوية أن تكون أخص من اللغوية لا مباينة لها
ولما كان الحج لغة هو مطلق القصد إلى معظم خصصوه بكونه قصدا إلى معظم معين بأفعال معينة ولو جعل اسما للأفعال المعينة أصالة لباين المعنى اللغوي المنقول عنه
____________________
(2/454)
بخلاف نحو الصوم فإنه في اللغة مطلق الإمساك فخصصوه بكونه إمساكا عن المفطرات بنية من الليل
وكذا في الزكاة في اللغة الطهارة وتزكية الشيء تطهيره
وتزكية المال المسماة زكاة شرعا تمليك جزء منه فإنه طهارة له لقوله تعالى { تطهرهم وتزكيهم بها } التوبة 103 فهي تطهير مخصوص بفعل مخصوص وهو التمليك فلهذا جعل القصد أصلا في تعريف الحج شرعا دون غيره وإن كان القصد شرطا في الكل وكذا جعل أصلا في تعريف التيمم فإنه في اللغة مطلق القصد
وعرفوه شرعا بأنه قصد الصعيد الطاهر على وجه مخصوص وهو الضربتان فهو قصد مقترن بفعل فلم يخرج عن كونه اسما لفعل العبد وهذا معنى قول الزيلعي جعل الحج اسما لقصد خاص مع زيادة وصف كالتيمم اسم لمطلق القصد ثم جعل في الشرع اسما لقصد خاص زيادة وصف اه
هذا ما ظهر لي في تحقق هذا المحل
قوله ( سابقا ) أي على الوقوف والطواف أما كونه من الميقات فواجب ط
قوله ( لعذر ) إما لأن الآية نزلت بعد فوات الوقت أو لخوف من المشركين على أهل المدينة أو خوفه على نفسه أو كره مخالطة المشركين في نسكهم إذ كان لهم عهد في ذلك الوقت
زيلعي
وقدم الأول لما في حاشيته للشلبي عن الهدي لابن القيم أن الصحيح أن الحج فرض في أواخر سنة تسع
وأن آية فرضه هي قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت } آل عمران 97 وهي نزلت عام الوفود أواخر سنة تسع وأنه لم يؤخر الحج بعد فرضه عاما واحدا وهذا هو اللائق بهديه وحاله وليس بيد من ادعى تقدم فرض الحج سنة ست أو سبع أوثمان أو تسع دليل واحد وغاية ما احتج به من قال سنة ست أن فيها نزل قوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 وهذا ليس فيه ابتداء فرض الحج وإنما فيه الأمر بإتمامه إذا شرع فيه فأين هذا من وجوب ابتدائه اه
قوله ( مع علمه الخ ) جواب آخر غير متوقف على وجود العذر
وحاصله أن وجوبه على الفور للاحتياط فإن في تأخيره تعريضا للفوات وهو منتف في حقه لأنه كان يعلم بقاء حياته إلى أن يعلم الناس مناسكهم تكميلا للتبليغ لقوله تعالى { لقد صدق الله رسوله الرؤيا } الآية فهذا أرقى في التعليل ولذا جعل الأول تابعا له فهو كقولك أكرم زيدا لأنه محسن إليك مع أنه أبوك
قوله ( لأن سببه البيت ) بدليل الإضافة في قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت } آل عمران 97 فإن الأصل إضافة الأحكام إلى أسبابها كما تقرر في الأصول ولا يتكرر الواجب إذا لم يتكرر سببه ولحديث مسلم يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله اه فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم قال في النهر والآية وإن كانت كافية في الاستدلال على نفي التكرار لأن الأمر لا يحتمله إلا أن إثبات النفي بمقتضى النفي أولى
قوله ( وقد يجب ) أي الحج وهذا عطف على قوله فرض
قوله ( كما إذا جاوز الميقات بلا إحرام ) أي فإنه يجب عليه أن يعود إلى الميقات ويلبي منه وكذا يجب عليه قبل المجاوزة
قال في الهداية ثم الآفاقي إذا انتهى إلى المواقيت على قصد دخول مكة عليه أن يحرم قصد الحج أو العمرة عندنا أو لم يقصد لقوله لا يجاوز أحد الميقات إلا محرما ولو لتجارة ولأن وجوب الإحرام لتعظيم هذه البقعة الشريفة فيستوي فيه التاجر والمعتمر وغيرهما اه
قال ح فتحصل من هذا أن الحج والعمرة لا يكونان نفلا من الآفاقي وإنما يكونان نفلا من البستاني والحرمي اه
____________________
(2/455)
قلت وفيه نظر فإن حرمة مجاوزته بدون إحرام لا تدل على أن الإحرام لا يكون إلا واجبا من الآفاقي لأن الواجب كونه متلبسا بالإحرام وقت المجاوزة سواء كان الإحرام بحج نفل أو غيره لأن الإحرام شرط لحل المجاوزة والشرط لا يلزم تحصيله مقصودا كما مر في الاعتكاف ونظيره أيضا أن الجنب لا يحل له دخول المسجد حتى يغتسل فإذا اغتسل لسنة الجمعة مثلا ثم دخل جاز مع أنه إنما نوى الغسل المسنون وإنما يجب إذا أراد الدخول ولم يغتسل لغيره وهنا إذا أراد مجاوزة الميقات وكان قاصدا للنسك وأحرم بنسك فرض أو منذور أو نفل كفاه لحصول المقصود في تعظيم البقعة فإن لم يكن قاصدا لذلك بأن قصد الدخول لتجارة مثلا فحينئذ يكون إحرامه واجبا ونظيره تحية المسجد تندرج في أي صلاة صلاها فإن لم يصل فلا بد في تحصيل السنة من صلاتها على الخصوص هذا ما ظهر لي وعن هذا والله تعالى أعلم فرض الشارح تبعا للبحر و النهر تصوير الوجوب بما إذا جاوز الميقات بلا إحرام فإنه يجب عليه العود إلى الميقات ويلبي منه ويكون إحرامه حينئذ واجبا إذا كان لأجل المجاوزة أما لو أحرم قبلها بنسك فرض أو نذر أو نفل فهو على ما نوى من فرض أو غيره ولا يجب عليه إحرام خاص لأجل المجاوزة وحينئذ فلا حزازة في عبارته فافهم
قوله ( كما سيجيء ) أي قبيل فصل الإحرام وكذا قبيل فصل الإحصار
قوله ( فإن اختار الحج اتصف بالوجوب ) فيكون من قبيل الواجب المخير أي وإن اختار العمرة اتصفت بالوجوب وإنما تركه لعدم اقتضاء المقام إياه اه ح
مطلب فيمن حج بمال حرام قوله ( كالحج بمال حرام ) كذا في البحر والأولى التمثيل بالحج رياء وسمعة فقد يقال إن الحج نفسه الذي هو زيارة مكان مخصوص الخ ليس حراما بل الحرام هو إنفاق المال الحرام ولا تلازم بينهما كما أن الصلاة في الأرض المغصوبة تقع فرضا وإنما الحرام شغل المكان المغصوب لا من حيث كون الفعل صلاة
لأن الفرض لا يمكن اتصافه بالحرمة وهنا كذلك فإن الحج في نفسه مأمور به وإنما يحرم من حيث الإنفاق وكأنه أطلق عليه الحرمة لأن للمال دخلا فيه فإن الحج عبادة مركبة من عمل البدن والمال كما قدمناه ولذا قال في البحر ويجتهد في تحصيل نفقة حلال فإنه لا يقبل بالنفقة الحرام كما ورد في الحديث مع أنه يسقط عنه معها ولا تنافي بين سقوطه وعدم قبوله فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب عقاب تارك الحج اه
أي لأن عدم الترك يبتني على الصحة وهي الإتيان بالشرائط والأركان والقبول المترتب عليه الثواب يبتني على أشياء كحل المال والإخلاص كما لو صلى مرائيا أو صام واغتاب فإن الفعل صحيح لكنه بلا ثواب والله تعالى أعلم
قوله ( ممن يجب استئذانه ) كأحد أبويه المحتاج إلى خدمته والأجداد والجدات كالأبوين عند فقدهما وكذا الغريم لمديون لا مال له يقضي به والكفيل لو بالإذن فيكره خروجه بلا إذنهم كما في الفتح وظاهره أن الكراهة تحريمية ولذا عبر الشارح بالوجوب وزاد في البحر عن السير وكذا إن كرهت خروجه زوجته ومن عليه نفقته اه
والظاهر أن هذا إذا لم يكن له ما يدفعه للنفقة في غيبته قال في البحر وهذا كله في حج الفرض أما حج النفل فطاعة الوالدين أولى مطلقا كما صرح به الملتقط
قوله ( حتى يلتحي ) وإن كان الطريق مخوفا لا يخرج وإن التحى
بحر عن النوازل
قوله ( على الفور ) هو الإتيان
____________________
(2/456)
به في أول أوقات الإمكان ويقابله قول محمد إنه على التراخي وليس معناه تعين التأخير بل بمعنى عدم لزوم الفور
قوله ( وأصح الروايتين ) لا يصلح عطفه على الثاني فهو خبر مبتدأ محذوف وقوله عند الثاني خبر مبتدأ محذوف أي هذا عند الثاني فقوله وأصح عطف عليه فافهم
قوله ( ومالك وأحمد ) عطف على الإمام فيفيد اختلاف الرواية عنهما أيضا وعبارة شرح درر البحار تفيده أيضا حيث قال وهو أصح الروايات عن أبي حنيفة ومالك وأحمد فافهم
قوله ( أي سنينا الخ ) ذكره في البحر بحثا وأتى بسنين منونا لأنه قد يجري مجرى حين وهو عند قوم مطرد
قوله ( إلا بالإصرار ) أي لكن بالإصرار فهو استثناء منقطع لعدم دخول الإصرار تحت المرة ح
ثم لا يخفى أنه لا يلزم من عدم الفسق عدم الإثم فإنه يأثم ولو بمرة
وفي شرح المنار لابن نجيم عن التقرير للأكمل أن حد الإصرار إن تتكرر منه تكررا يشعر بقلة المبالاة بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك اه
ومقتضاه أنه غير مقدر بعدد بل مفوض إلى الرأي والعرف والظاهر أنه بمرتين لا يكون إصرارا ولذا قال أي سنينا فقوله في شرح الملتقى فيفسق وترد شهادته بالتأخير عن العام الأول بلا عذر غير محرر لأن مقتضاه حصوله بمرة واحدة فضلا عن المرتين فافهم
قوله ( ووجهه الخ ) أي وجه كون التأخير صغيرة أن الفورية واجبة لأنها ظنية لظنية دليلها وهو الاحتياط لأن في تأخيره تعريضا له للفوات وهو غير قطعي فيكون التأخير مكروها تحريما لا حراما لأن الحرمة لا تثبت إلا بقطعي كمقابلها وهو الفرضية وما ذكره مبني على ما قاله صاحب البحر في رسالته المؤلفة في بيان المعاصي أن كل ما كره عندنا تحريما فهو من الصغائر لكنه عد فيها من الصغائر ما هو ثابت بقطعي كوطء المظاهر منها قبل التكفير والبيع عند أذان الجمعة
تأمل
قوله ( كان أداء ) أي ويسقط عنه الإثم اتفاقا كما في البحر قيل المراد إثم تفويت الحج لا إثم التأخير
قلت لا يخفى ما فيه بل الظاهر أن الصواب إثم التأخير إذ بعد الأداء لا تفويت
وفي الفتح ويأثم بالتأخير عن أول سني الإمكان فلو حج بعده ارتفع الإثم اه
وفي القهستاني فيأثم عند الشيخين بالتأخير إلى غيره بلا عذر إلا إذا أدى ولو في آخر عمره فإنه رافع للإثم بلا خلاف
قوله ( وإن أثم بموته قبله ) أي بالإجماع كما في الزيلعي أما على قولهما فظاهر وأما على قول محمد فإنه وإن لم يأثم بالتأخير عنده لكن بشرط الأداء قبل الموت فإذا مات قبله ظهر أنه آثم قيل من السنة الألى وقيل من الأخيرة من سنة رأى في نفسه الضعف وقيل يأثم في الجملة غير محكوم بمعين بل علمه إلى الله تعالى كما في الفتح
قوله ( وسعه أن يستقرض الخ ) أي جاز له ذلك وقيل يلزمه الاستقراض كما في لباب المناسك
قال منلا علي القاري في شرحه عليه وهو رواية عن أبي يوسف وضعفه ظاهر فإن تحمل حقوق الله تعالى أخف من ثقل حقوق العباد اه
قلت وهذا يرد على القول الأول أيضا إن كان المراد بقوله ولو غير قادر على وفائه أن يعلم أنه ليس له جهة وفاء أصلا أما لو علم أنه غير قادر في الحال وغلب على ظنه أنه لو اجتهد قدر على الوفاء فلا يرد
والظاهر أن هذا هو المراد أخذا مما ذكره في الظهيرية أيضا في الزكاة حيث قال إن لم يكن عنده مال وأراد أن يستقرض لأداء الزكاة فإن كان في أكبر رأيه أنه إذا اجتهد بقضاء دينه قدر كان الأفضل أن يستقرض فإن استقرض وأدى ولم
____________________
(2/457)
يقدر على قضائه حتى مات يرجى أن يقضي الله تبارك وتعالى دينه في الآخرة وإن كان أكبر رأيه أنه لو استقرض لا يقدر على قضائه كان الأفضل له عدمه اه
وإذا كان هذا في الزكاة المتعلق بها حق الفقراء ففي الحج أولى
قوله ( على مسلم الخ ) شروع في بيان شروط الحج وجعلها في اللباب أربعة أنواع
الأول شروط الوجوب وهي التي إذا وجدت بتمامها وجب الحج وإلا فلا وهي سبعة الإسلام والعلم بالوجوب لمن في دارا لحرب والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعه والوقت أي القدرة في أشهر الحج أو في وقت خروج أهل بلده على ما يأتي
والنوع الثاني شروط الأداء وهي التي إن وجدت بتمامها مع شروط الوجوب وجب أداؤه بنفسه وإن فقد بعضها مع تحقق شروط الوجوب فلا يجب الأداء بل عليه الإحجاج أو الإيصاء عند الموت وهي خمسة سلامة البدن وأمن الطريق وعدم الحبس
والمحرم أن الزوج للمرأة وعدم العدة لها
النوع الثالث شرائط صحة الأداء وهي تسعة الإسلام والإحرام والزمان والمكان والتمييز والعقل ومباشرة الأفعال إلا بعذر وعدم الجماع والأداء من عام الإحرام
النوع الرابع شرائط وقوع الحج عن الفرض وهي تسعة الإسلام وبقاؤه إلى الموت والعقل والحرية والبلوغ ولأداء بنفسه إن قدر وعدم نية النفل وعدم الإفساد وعدم النية عن الغير
قوله ( على مسلم ) فلو ملك الكافر ما به الاستطاعة ثم أسلم بعد ما افتقر لا يجب عليه شيء بتلك الاستطاعة بخلاف ما لو ملكه مسلما فلم يحج حتى افتقر حيث يتقرر وجوبه دينا في ذمته فتح وهو ظاهر على القول بالفورية لا التراخي
نهر
قلت وفيه نظر لأن على القول بالتراخي يتحقق الوجوب من أول سني الإمكان ولكنه يتخير في أدائه فيه أو بعده كما في الصلاة تجب بأول الوقت موسعا وإلا لزم أن لا يتحقق الوجوب إلا قبيل الموت وأن لا يجب الإحجاج على من كان صحيحا ثم مرض أو عمي وأن لا يأثم المفرط بالتأخير إذا مات قبل الأداء وكل ذلك خلاف الإجماع فتدبر
قوله ( وقد حققناه الخ ) حاصل ما ذكره هناك أن في تكليفه بالعبادات ثلاثة مذاهب مذهب السمرقنديين غير مخاطب بها أداء واعتقادا والبخاريين مخاطب اعتقادا فقط والعراقيين مخاطب بهما فيعاقب عليهما
قال وهو المعتمد كما حرره ابن نجيم لأن ظاهر النصوص يشهد لهم وخلافه تأويل ولم ينقل عن أبي حنيفة وأصحابه شيء ليرجع إليه اه
ولا يخفى أن قوله في حق الأداء يفهم أنه مخاطب بها اعتقادا فقد كما هو مذهب البخاريين وهو ما صححه صاحب المنار لكن ليس في كلام الشارح أن ما هنا هو ما اعتمده هناك وما قيل إن ما هنا خلاف المذهب فيه نظر لما علمت من أنه لا نص عن أصحاب المذهب فافهم
قوله ( حر ) فلا يجب على عبد مدبرا كان أو مكاتبا أو مبعضا أو مؤذونا به ولو بمكة أو كانت أم ولد لعدم أهليته لملك الزاد والراحلة ولذا لم يجب على عبيد أهل مكة بخلاف اشتراط الزاد والراحلة في حق الفقير فإنه للتيسير لا للأهلية فوجب على فقراء مكة
وبهذا التقرير ظهر الفرق بين وجوب الصلاة والصوم على العبد دون الحج
نهر
وهو وجود الأهلية فيهما لا فيه والمراد أهلية الوجوب وإلا فالعبد أهل للأداء فيقع له نفلا كما سيأتي
قوله ( مكلف ) أي بالغ عاقل فلا يجب على صبي ولا مجنون
وفي المعتوه خلاف في الأصول فذهب فخر الإسلام إلى أنه يوضع الخطاب عنه كالصبي فلا يجب
____________________
(2/458)
عليه شيء من العبادات
وذهب الدبوسي إلى أنه مخاطب بها احتياطا بحر
وقدمنا الكلام على المعتوه
في أول الزكاة فراجعه
تنبيه ذكر في البدائع أنه لا يجوز أداء الحج من مجنون وصبي لا يعقل كما لا يجب عليهما اه
ونقل غيره صحة حجمها
ووفق في شرح اللباب بالفرق بين من له بعض إدراك وغيره
قلت وفيه نظر بل التوفيق بحمل الأول على أدائهما بنفسهما والثاني على فعل الولي
ففي الولوالجية وغيرها الصبي يحج به أبوه وكذا المجنون لأن إحرامه عنهما وهما عاجزان كإحرامهما بنفسهما اه
وسيأتي تمامه
قوله ( إما بالكون في دارنا ) سواء سلم بالفرضية أم لا نشأ على الإسلام فيها أم لا
بحر
وقوله أو بإخبار عدل إلخ هذا لمن أسلم في دار الحرب فلا يجب عليه قبل العلم بالوجوب
بقي لو أدى قبله ذكر القطبي في مناسكه بحثا أنه لا يجزيه عن الفرض ونوزع بأن العلم ليس من شروط وقوع الحج عن الفرض كما علم مما مر وبأن الحج يصح بمطلق النية بلا تعيين الفرضية بخلاف الصلاة وبأنه يصح مما نشأ في دارنا وإن لم يعلم بالفرضية علته
قوله ( أو مستورين ) أفاد أن الشرط أحد شطري الشهادة العدد أو العدالة كما في النهر
قوله ( صحيح البدن ) أي سالم عن الآفات المانعة عن القيام بما لا بد منه في السفر فلا يجب على مقعد ومفلوج وشيخ كبير لا يثبت على الراحلة بنفسه وأعمى وإن وجد قائدا ومحبوس وخائف من سلطان لا بأنفسهم ولا بالنيابة في ظاهر المذهب عن الإمام وهو رواية عنهما وظاهر الرواية عنهما وجوب الإحجاج عليهم ويجزيهم إن دام العجز وإن زال أعادوا بأنفسهم
والحاصل أنه من شرائط الوجوب عنده ومن شرائط وجوب الأداء عندهما وثمرة الخلاف تظهر في وجوب الإحجاج والإيصاء كما ذكرنا وهو مقيد بما إذا لم يقدر على الحج وهو صحيح فإن قدر ثم عجز قبل الخروج إلى الحج تقرر دينا في ذمته فيلزمه الإحجاج فلو خرج ومات في الطريق لم يجب الإيصاء لأنه لم يؤخر بعد الإيجاب ولو تكلفوا الحج بأنفسهم سقط عنهم وظاهر التحفة اختيار قولهما وكذا الإسبيجابي وقواه في الفتح ومشى على أن الصحة من شرائط وجوب الأداء اه من البحر و النهر
وحكي في اللباب اختلاف التصحيح وفي شرحه أنه مشى على الأول في النهاية
وقال في البحر العميق إنه المذهب الصحيح وإن الثاني صححه قاضيخان في شرح الجامع واختاره كثير من المشايخ ومنهم ابن الهمام
قوله ( بصير ) فيه الخلاف المار كما علمته
قوله ( غير محبوس ) هذا من شروط الأداء كما مر والظاهر أنه لو كان حبسه لمنعه حقا قادرا على أدائه لا يسقط عنه وجوب الأداء
تنبيه ذكر في شرح اللباب عن شمس الإسلام أن السلطان ومن بمعناه من الأمراء ملحق بالمحبوس فيجب الحج في ماله الخالي عن حقوق العباد وتمامه فيه
ولا يخفى أن هذا إن دام عجزه إلى الموت
وإلا فيجب عليه الحج بنفسه بعد زوال عذره وهو مقيد أيضا بما إذا كان قادرا على الحج ثم عجز وإلا فلا يلزمه الإحجاج على الخلاف المذكور آنفا
قوله ( يمنع منه ) أي من الحج أي الخروج إليه ط
قوله ( ذي زاد وراحلة ) أفاد أنه لا يجب إلا بملك الزاد وملك أجره الراحلة فلا يجب بالإباحة أو العارية كما في البحر وسيشير إليه
قوله ( مختصة به ) فلا يكفي لو قدر على راحلة مشتركة يركبها مع غيره بالمعاقبة
شرح اللباب
قوله ( وهو المسمى بالمقتب ) بضم الميم اسم مفعول أي ذو القتب وهو كما في القاموس الإكاف الصغير حول السنام ح
وذكر ضمير الراحلة باعتبار كونها مركوبا
____________________
(2/459)
قوله ( وإلا ) أي إن لم يقدر على ركوب المقتب
قوله ( على المحارة ) هي شبه الهودج
قاموس أي على شق منها بشرط أن يجد له معادلا كما صرح به في الشافعية وما في البحر من أنه يمكنه أن يضع في الشق الآخر أمتعته رده الخير الرملي وفي شرح اللباب إما بركوب زاملة أي مقتب أو بشق محمل
وأما المحفة فمن مبتدعات المترفهة فليس لها عبرة اه
والظاهر أن المراد بالمحفة التخت المعروف في زماننا المحمول بين جملين أو بغلين لكن اعترضه الشيخ عبد الله العفيف في شرح منسكه بأنه منابذ لما قرروه من أنه يعتبر في كل ما يليق بحاله عادة وعرفا فمن لا يقدر إلا عليها اعتبر في حقه بلا ارتياب وإن قدر بالمحمل أو المقتب فلا يعذر ولو كان شريفا أو ذا ثروة اه
قوله ( للآفاقي ) مرتبط بقوله وراحلة لا بقوله فتشترط لإيهامه أن غير الآفاقي يشترط له المقتب فلا يناسب قوله لا لمكي يستطيع المشي
والحاصل أن الزاد لا بد منه ولو لمكي كما صرح به غير واحد كصاحب الينابيع و السراج وما في الخانية و النهاية من أن المكي يلزمه الحج ولو فقيرا لا زاد له نظر فيه ابن الهمام إلا أنه يراد ما إذا كان يمكنه الاكتساب في الطريق وأما الراحلة فشرط للآفاقي دون المكي القادر على المشي وقيل شرط مطلقا لأن ما بين مكة وعرفات أربع فراسخ ولا يقدر كل أحد على مشيها كما في المحيط وصحح صاحب اللباب في منسكه الكبير الأول ونظر فيه شارحه القاري بأن القادر نادر ومبنى الأحكام على الغالب وحد المكي عندنا من كان داخل المواقيت إلى الحرم كما ذكره الكرماني وهو بعيد جدا بل الظاهر ما في السراج وغيره أنه من بينه وبين مكة أقل من ثلاثة أيام
وفي البحر الزاخر واشترط الراحلة في حق من بينه وبين مكة ثلاثة أيام فصاعدا أما ما دونه فلا إذا كان قادرا على المشي وتمامه في شرح اللباب
تنبيه في اللباب الفقير الآفاقي إذا وصل إلى ميقات فهو كالمكي
قال شارحه أي حيث لا يشترط في حقه إلا الزاد والراحلة إن لم يكن عاجزا عن المشي وينبغي أن يكون الغني الآفاقي كذلك إذا عدم الركوب بعد وصوله إلى أحد المواقيت فالتقييد بالفقير لظهور عجزه عن المركب وليفيد أنه يتعين عليه أن لا ينوي نفلا على زعم أنه لا يجب عليه لفقره لأنه ما كان واجبا وهو آفاقي فلما صار كالمكي وجب عليه فلو نواه نفلا لزمه الحج ثانيا اه ملخصا
ونظيره ما سنذكره في باب الحج عن الغير من أن المأمور بالحج إذا واصل إلى مكة لزمه أن يمكث ليحج حج الفرض عن نفسه لكونه صار قادرا على ما فيه كما ستعلمه إن شاء الله تعالى
قوله ( لشبهه بالسعي إلى الجمعة ) أي في عدم اشتراط الراحلة فيه
قوله ( وأفاد ) أي حيث عبر بالراحلة وهيمن الإبل خاصة وهو الموافق للهداية وشروحها ولما في كتب اللغة من أنها المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى وما في القهستاني ومن تفسيرها بأنها ما يحمله ويحمل ما يحتاجه من طعام وغيره وأنها في الأصل البعير القوي على الأسفار والأحمال اه
لا يخالف ذلك لأن غير البعير لا يحمل الإنسان مع ما يحتاجه في المسافة البعيدة
وقد صرح في المجتبى عن شرح الصباغي بأنه لو ملك كرى حمار
____________________
(2/460)
فهو عاجز عن النفقة اه
والذي ينبغي ما قاله الإمام الأذرعي من الشافعية من اعتبار القدرة على البغل والحمار فيمن بينه وبين مكة مراحل يسيرة دون البعيدة لأن غير الإبل لا يقوى عليها
قال السندي في منسكه الكبير وهو تفصيل حسن جدا ولم أر في كلام أصحابنا ما يخالفه بل ينبغي أن يكون هذا التفصيل مرادهم اه
فافهم
قوله ( وإنما صرحوا بالكراهة ) أي التنزيهية كما استظهره صاحب البحر بدليل أفضلية مقابلة ط
قوله ( به يفتى ) لعل وجهه أن فيه زيادة النفقة وهي مقصودة في الحج ولذا اشترط في الحج عن الغير أن يحج راكبا إذا اتسعت النفقة حتى لو حج ماشيا ولو بأمره ضمن كما صرح به في اللباب لكن سيأتي آخر كتاب الحج أن من نذر حجا ماشيا وجب عليه المشي في الأصح وعليه المتون وعلله في الهداية وغيرها بأنه التزم القربة بصفة الكمال لقوله من حج ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال كل حسنة بسبعمائة ولأنه أشق على البدن فكان أفضل وتمامه في شرح الجامع الخاني
وقال في الفتح إن قيل كره أبو حنيفة الحج ماشيا فكيف يكون صفة كمال قلنا إنما كرهه إذا كان مظنة سوء الخلق كأن يكون صائما مع المشي أو لا يطيقه وإلا فلا شك أن المشي أفضل في نفسه لأنه أقرب إلى التواضع والتذلل ثم ذكر الحديث المار وغيره
قلت وأما مسألة الحج عن الغير فلعل وجهها أن الميت لما عجز عن إحدى المشقتين وهي مشقة البدن ولم يقدر إلا على الأخرى وهي مشقة المال صارت كأنها هي المقصود فلزم الإتيان بها كاملة ولذا وجب الإحجاج من منزل الآمر والإنفاق من ماله ولم يجزه تبرع غيره عنه لعدم حصول مقصوده فليتأمل
قوله ( والمقتب أفضل من المحارة ) لأنه حج كذلك ولأنه أبعد من الرياء والسمعة وأخف على الحيوان
قوله ( وفي إجارة الخلاصة الخ ) قال الخير الرملي نقله في الخلاصة عن الفتاوى الصغرى ولعمري هذا إحجاف على الحمار وإنصاف في حق الجمل فتأمل
وذكر في الجوهرة أن المن ستة وعشرون أوقية والأوقية سبعة مثاقيل وهي عشرة دراهم والمائتان وأربعون منا هي الوسق وهي قنطار دمشقي تقريبا
قوله ( فظاهره أن البغل كالحمار ) كذا في النهر وكأنه أراد الحمار القوي المعد لحمل الأثقال في الأسفار فإنه كالبغل وإلا فأكثر الحمير دون البغال بكثير فافهم
قوله ( ولو وهب الأب لابنه الخ ) وكذا عكسه وحيث لا يجب قبوله مع أنه لا يمن أحدهما على الآخر يعلم حكم الأجنبي بالأولى ومراده إفادة أن القدرة على الزاد والراحلة لا بد فيها من الملك دون الإباحة والعارية كما قدمناه
قوله ( وهذا ) أي المذكور وهو القدرة على الزاد والراحلة
قوله ( خلافا للأصوليين ) حيث قالوا إنها من شروط وجوب الأداء وتمامه في البحر وفيما علقناه عليه
قوله ( كما مر في الزكاة ) أي من بيان ما لا بد منه من الحوائج الأصلية كفرسه وسلاحه وثيابه وعبيد خدمته وآلات حرفته وأثاثه وقضاء ديونه وأصدقته ولو مؤجلة كما في اللباب وغيره والمراد قضاء ديون العباد ولذا قال في اللباب أيضا وإن وجد مالا وعليه حج وزكاة يحج به قيل إلا أن يكون المال من جنيس ما تجب فيه الزكاة فيصرف إليها اه
تنبيه ليس من الحوائج الأصلية ما جرت به العادة المحدثة برسم الهدية للأقارب والأصاب فلا يعذر بترك الحج لعجزه عن ذلك كما نبه عليه العمادي في منسكه وأقره الشيخ إسماعيل وعزاه بعضهم إلى منسك المحقق ابن أمير
____________________
(2/461)
حاج وعزاه السيد أبو السعود إلى مناسك الكرماني
قوله ( ومنه المسكن ) أي الذي يسكنه هو أو من يجب عليه مسكنه بخلاف الفاضل عنه من مسكن أو عبد أو متاع أو كتب شرعية أو آلية كعربية أو نحو الطب والنجوم وأمثالها من الكتب الرياضية فتثبت بها الاستطاعة وإن احتاج إليها كما في شرح اللباب عن التاترخانية
قوله ( فإنه لا يلزمه بيع الزائد ) لأنه لا يعتبر في الحاجة قدر ما لا بد منه ولو كان عنده طعام سنة ولو أكثر لزمه بيع الزائد إن كان فيه وفاء كما في اللباب وشرحه
قوله ( والاكتفاء ) بالجر عطفا على بيع
قوله ( لا يلزمه ) تبع في عزو ذلك إلى الخلاصة ما في البحر و النهر والذي رأيته في الخلاصة هكذا وإن لم يكن له مسكن ولا شيء من ذلك وعنده دراهم تبلغ به الحج وتبلغ ثمن مسكن وخادم وطعام وقوت وجب عليه الحج وإن جعلها في غيره أثم اه
لكن هذا إذا كان وقت خروج أهل بلده كما صرح به في اللباب أما قبله فيشتري به ما شاء لأنه قبل الوجوب كما في مسألة التزوج الآتية وعليه يحمل كلام الشارح فتدبر
قوله ( يشترط بقاء رأس مال لحرفته ) كتاجر ودهقان ومزارع كما في الخلاصة ورأس المال يختلف باختلاف الناس
بحر
قلت والمراد ما يمكنه الاكتساب به قدر كفايته وكفاية عياله لا أكثر لأنه لا نهاية له
قوله ( وفي الأشباه ) المسألة منقولة عن أبي حنيفة في تقديم الحج على التزوج والتفصيل المذكور ذكره صاحب الهداية في التجنيس وذكرها في الهداية مطلقة واستشهد بها على أن الحج على الفور عنده ومقتضاه تقديم الحج على التزوج وإن كان واجبا عند التوقان وهو صريح ما في العناية مع أنه حينئذ من الحوائج الأصلية ولذا اعترضه ابن كمال باشا في شرحه على الهداية بأنه حال التوقان مقدم على الحج اتفاقا لأن في تركه أمرين ترك الفرض والوقوع في الزنا
وجواب أبي حنيفة في غير حال التوقان اه أي في غير حال تحققه الزنا لأنه لو تحققه فرض التزوج أما لو خافه فالتزوج واجب لا فرض فيقدم الحج الفرض عليه فافهم
قوله ( وفضلا عن نفقة عياله ) هذا داخل تحت ما لا بد منه فهو من عطف الخاص على العام اهتماما بشأنه
نهر
والنفقة تشمل الطعام والكسوة والسكنى ويعتبر في نفقته ونفقة عياله الوسط من غير تبذير ولا تقتير
بحر أي الوسط من حاله المعهود ولذا أعقبه من غير تبذير الخ لا ما بين نفقة الغني والفقير فلا يرد ما في البحر من أن اعتبار الوسط في نفقة الزوجة خلاف المفتى به والفتوى على اعتبار حالهما كما سيأتي إن شاء الله تعالى اه
لأن المراد بالوسط هناك المعنى الثاني والمراد هنا الأول فافهم
مطلب في قولهم يقدم حق العبد على حق الشرع قوله ( لتقدم حق العبد ) أي على حق الشرع لا تهاونا بحق الشرع بل لحاجة العبد وعدم حاجة الشرع ألا ترى أنه إذا اجتمعت الحدود وفيها حق العبد يبدأ بحق العبد لما قلنا ولأنه ما من شيء إلا ولله تعالى في حق فلو قدم حق الشرع عند الاجتماع بطل حقوق العباد كذا في شرح الجامع الصغير لقاضيخان
وأما قوله عليه الصلاة والسلام فدين الله أحق فظاهر أنه أحق من جهة التعظيم لا من جهة التقديم ولذا قلنا لا يستقرض ليحج
____________________
(2/462)
إلا إذا قدر على الوفاء كما مر وكذا جاز قطع الصلاة أو تأخيرها لخوفه على نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله كخوف القابلة على الولد والخوف من تردي أعمى وخوف الراعي من الذئب وأمثال ذلك كإفطار الضيف
قوله ( إلى حين عوده ) متعلق بقوله فضلا أو بما لا بد منه لأنه بمعنى ما يحتاج أو بنفقة أي فلا يشترط بقاء نفقة لما بعد عوده وهذا ظاهر الرواية
قوله ( مع أمن الطريق ) أي وقت خروج أهل بلده وإن كان مخيفا في غيره
بحر
وقدمنا عن اللباب أنه من شروط وجوب الأداء وفي شرحه أنه الأصح ورجحه في الفتح
وروي عن الإمام أنه شرط وجوب فعلى الأول تجب الوصية به إذا مات قبل أمن الطريق أما بعده فتجب اتفاقا
بحر
قوله ( بغلبة السلامة ) كذا اختاره الفقيه أبو الليث وعليه الاعتماد
واختلف في سقوطه إذا لم يكن بد من ركوب البحر فقيل يسقط وقال الكرماني إن كان الغالب فيه السلامة من موضع جرت العادة بركوبه يجب وإلا فلا وهو الأصح
بحر قال في الفتح والذي يظهر أنه يعتبر مع غلبة السلامة عدم غلبة الخوف حتى لو غلب لوقوع النهب والغلبة من المحاربين مرارا أو سمعوا أن طائفة تعرضت للطريق ولها شوكة والناس يستضعفون أنفسهم عنهم لا يجب وما أفتى به الرازي من سقوطه عن أهل بغداد وقول الإسكاف في سنة ست وثلاثين وستمائة لا أقول إنه فرض في زماننا وقول الثلجي ليس على أهل خراسان منذ كذا كذا سنة حج إنما كان وقت غلبة النهب والخوف في الطريف ثم زال ولله المنة
قوله ( على ما حققه الكمال ) حيث قال وقول الصفار لا أرى الحج فرضا منذ عشرين سنة من حين خرجت القرامطة لأنه لا يتوصل إليه إلا بإرشائهم فتكون الطاعة سبب المعصية فيه نظر لأن هذا لم يكن من شأنهم إنما شأنهم استحلال قتل الأنفس وأخذ الأموال وكانوا يغلبون على أماكن يترصدون فيها للحجاج وقد هجموا عليهم مرة في مكة فقتلوا خلقا في الحرم وقد سئل الكرخي عمن لا يحج خوفا منهم فقال ما سلمت البادية من الآفات أي لا تخلو عنها لقلة الماء وهيجان السموم وهذا إيجاب منه رحمه الله تعالى ومحمله أنه رأى أن الغالب اندفاع شرهم عن الحاج وبتقديره فالإثم في مثله على الآخذ على ما عرف من تقسيم الرشوة في كتاب القضاء اه
ملخصا
واعترضه ابن كمال باشا في شرحه على الهداية بأن ما ذكر في القضاء ليس على إطلاقه بل فيما إذا كان المعطي مضطرا بأن لزمه الإعطاء ضرورة عن نفسه أو ماله أما إذا كان بالالتزام منه فبالإعطاء أيضا يأثم وما نحن فيه من هذا القبيل اه
وأقره في النهر
وأجاب السيد أبو السعود بأنه مضطر لإسقاط الفرض عن نفسه
قلت ويؤيده ما يأتي عن القنية و المجتبى فإن المكس والخفارة رشوة ونقل ح عن البحر أن الرشوة في مقل هذا جائزة ولم أره فيه فليراجع
قوله ( إن قتل بعض الحجاج ) أي في كل عام أو في غالب الأعوام وحينئذ فلا تكون السلامة غالبة اه ح
قلت فيه نظر فإن غلبة السلامة ليس المراد بها لكل أحد بل للمجموع وهي إلا تنتفي إلا بقتل الأكثر أو الكثير أما قتل اللصوص لبعض قليل مع جمع كثير سيما إذا كان بتفريطه بنفسه وخروجه من بينهم فالسلامة فيه غالبة نعم إذا كان القتل بمحاربة القطاع مع الحجاج فهو عذر إذا غلب الخوف لما مر عن الفتح من أنه يشترط عدم غلبة الخوف الخ على أنك قد سمعت آنفا جواب الكرخي في شأن القرامطة المستحلين لقتل الحجاج وأيضا فإن ما يحصل من الموت بقلة الماء وهيجان السموم أكثر مما يحصل بالقتل بأضعاف كثيرة فلو كان عذرا لزم أن
____________________
(2/463)
لا يجب الحج إلا على القريب من مكة في أوقات خاصة مع الله تعالى أوجبه على أهل الآفاق من كل فج عميق مع العلم بأن سفره لا يخلو عما يكون في غيره من الأسفار من موت وقتل وسرقة فافهم
قوله ( من المكس والخفارة ) المكس ما يأخذه العشار والخفارة ما يأخذه الخفير وهوا لمجير ومثله ما يأخذه الأعراب في زماننا من الصر المعين من جهة السلطان نصره الله تعالى لدفع شرهم
قوله ( والمعتمد لا ) وعليه الفتوى شرح اللباب عن المنهاج
قوله ( وعليه ) أي على كون المعتمد عدم كونه عذرا فيحتسب الخ ح
قوله ( كما في مناسك الطرابلسي ) وعزاه في شرح اللباب إلى الكرماني
قوله ( ومع زوج أو محرم ) هذا وقوله ومع عدم عدة عليها شرطان مختصان بالمرأة فلذا قال لا مرأة وما قبلهما من الشروط مشترك والمحرم من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة أو رضاع أو صهرية كما في التحفة وأدخل في الظهيرية بنت موطوءته من الزنى حيث يكون محرما لها وفيه دليل على ثبوتها بالوطء الحرام وبما تثبت به حرمة المصاهرة كذا في الخانية
نهر
لكن قال في شرح اللباب ذكر قوام الدين شارح الهداية أنه إذا كان محرما بالزنى فلا تسافر معه عند بعضهم وإليه ذهب القدوري وبه نأخذ اه
وهو الأحوط في الدين والأبعد عن التهمة اه
قوله ( ولو عبدا ) راجع لكل من الزوج والمحرم
وقوله أو ذميا أو برضاع يختص بالمحرم كما لا يخفى ح
لكن نقل السيد أبو السعود عن نفقات البزازية لا تسافر بأخيها رضاعا في زماننا اه أي لغلبة الفساد
قلت ويؤيده كراهة الخلوة بها كالصهرة الشابة فينبغي استثناء الصهرة الشابة هنا أيضا لأن السفر كالخلوة
قوله ( كما في النهر بحثا ) حيث قال وينبغي أن يشترط في الزوج ما يشترط في المحرم وقد اشترط في المحرم العقل والبلوغ اه
لكن كان على الشارح أن يؤخره عن قوله عاقل وهذا البحث نقله القهستاني عن شرح الطهاوي ح
قوله ( والمراهق كبالغ ) اعتراض بين النعوت ح
قوله ( غير مجوسي ) مختص بالمحرم إذ لا يتصور في زوج الحاجة أن يكون مجوسيا
قوله ( ولا فاسق ) يعم الزوج والمحرم ح وقيده في شرح اللباب بكونه ماجنا لا يبالي
قوله ( لعدم حفظهما ) لمعد لأن المجوسي يخشى عليها منه لاعتقاده حل نكاح محرمه والفاسق الذي لا مروءة له كذلك ولو زوجا وترك المصنف تقييد المحرم بكونه مأمونا لإغناء ما ذكره عنه فافهم
قوله ( مع وجوب النفقة الخ ) أي فيشترط أن تكون قادرة على نفقتها ونفقته
قوله ( لمحرمها ) قيد به لأنه لو خرج معها زوجها فلا نفقة له عليها بل هي لها عليه النفقة وإن لم يخرج معها فكذلك عند أبي يوسف وقال محمد لا نفقة لها لأنها مانعة نفسها بفعلها
سراج
قوله ( لأنه محبوس عليها ) أي حبس نفسه لأجلها ومن حبس نفسه لغيره فنفقته عليه
قوله ( لامرأة ) متعلق بمحذوف صفة لزوج أو محرم أو متعلق بفرض
قوله ( حرة ) مستدرك لأن الكلام فيمن يجب عليه الحج وقد مر اشتراط الحرية فيه لكن أشار به إلى أن ما استفيد من المقام من عدم جواز السفر للمرأة إلا بزوج أو محرم خاص بالحرة فيجوز للأمة والمكاتبة والمدبرة وأم الولد السفر بدونه كما في السراج لكن في شرح اللباب و الفتوى على أنه يكره في زماننا
قوله ( ولو عجوزا ) أي لإطلاق النصوص
بحر
قال الشاعر لكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يوما لها سوق قوله ( في سفر ) هو ثلاثة أيام ولياليها فيباح لها الخروج إلى ما دونه لحاجة بغير محرم
بحر
وروي عن أبي حنيفة
____________________
(2/464)
وأبي يوسف كراهة خروجها وحدها مسيرة يوم واحد وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان
شرح اللباب
ويؤيده حديث الصحيحين لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها وفي لفظ لمسلم مسيرة ليلة وفي لفط يوم لكن قال في الفتح ثم إذا كان المذهب الأول فليس للزوج منعها إذا كان بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام
قوله ( قولان ) هما مبنيان على أن وجود الزوج أو المحرم شرط وجوب أم شرط وجوب أداء والذي اختاره في الفتح أنه مع الصحة وأمن الطريق شرط وجوب الأداء فيجب الإيصاء إن منع المرض وخوف الطريق أو لم يوجد زوج ولا محرم ويجب عليها التزوج عند فقد المحرم وعلى الأول لا يجب شيء من ذلك كما في البحر ح وفي النهر وصحح الأول في البدائع ورجح الثاني في النهاية تبعا لقاضيخان واختاره في الفتح اه
قلت لكن جزم في الباب بأنه لا يجب عليها التزوج مع أنه مشى على جعل المحرم أو الزوج شرط أداء ورجح هذا في الجوهرة وابن أمير حاج في المناسك كما قاله المصنف في منحه قال ووجهه أنه لا يحصل غرضها بالتزوج لأن الزوج له أن يمتنع من الخروج معها بعد أن يملكها ولا تقدر على الخلاص منه وربما لا يوافقها فتتضرر منه بخلاف المحرم فإنه إن وافقها أنفقت عليه وإن امتنع أمسكت نفقتها وتركت الحج اه
فافهم
قوله ( وليس عبدها بمحرم لها ) أي ولو مجبوبا أو خصيا لأنه لا يحرم نكاحها عليه على التأييد بل ما دام مملوكا لها
قوله ( وليس لزوجها منعها ) أي إذا كان معها محرم وإلا فله منعها كما يمنعها من غير حجة الإسلام ولو واجبة بصنعها كالمنذورة والتي أحرمت بها ففاتتها وتحللت منها بعمرة فلا تقضيها إلا بإذنه وكذا لو دخلت مكة بعد مجاوزة الميقات غير محرمة لأن حق الزوج لا تقدر على منعه بفعلها بل بإيجاب الله تعالى في حجة الإسلام
رحمتي
وإذا منعها زوجها فيما يملكه تصير محصرة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
قوله ( مع الكراهة ) أي التحريمية للنهي في حديث الصحيحين لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها محرم زاد مسلم في رواية أو زوج ط
قوله ( ومع عدم عدة الخ ) أي فلا يجب عليها الحج إذا وجدت كما في شرح المجمع و اللباب قال شارحه وهو مشعر بأنه شرط الوجوب وذكر ابن أمير حاج أنه شرط الأداء وهو الأظهر
قوله ( أية عدة كانت ) أي سواء كانت عدة وفاة أو طلاق بائن أو رجعين ح
قوله ( المانعة من سفرها ) أما الواقعة في السفر فإن كان الطلاق رجعيا لا يفارقها زوجها أو بائنا فإن كان إلى كل من بلدها ومكة أقل من مدة السفر تخيرت أو إلى أحدهما سفر دون الآخر تعين أن تصير إلى الآخر أو كل منهما سفر فإن كانت في مصر قرت فيه إلى أن تنقضي عدتها ولا تخرج وإن وجدت محرما خلافا لهما وإن كانت في قرية أو مفازة لا تأمن على نفسها فلها أن تمضي إلى موضع أمن ولا تخرج منه حتى تمضي عدتها وإن وجدت محرما عنده خلافا لهما كذا في فتح القدير
قوله ( وقت ) ظرف متعلق بمحذوف خبر العبرة أي ثابتة وقت خروج أهل بلدها ولو قبل أشهر الحج لبعد المسافة ط
قوله ( وكذا سائر الشرائط ) أي يعتبر وجودها في ذلك الوقت
تتمة ذكر صاحب اللباب في منسكه الكبير أن من الشرائط إمكان السير وهو أن يبقى وقت يمكنه الذهاب فيه إلى الحج على السير المعتادة فإن احتاج إلى أن يقطع كل يوم أو في بعض الأيام أكثر من مرحلة لا يجب الحج اه
____________________
(2/465)
وذكر شاحر اللباب أن منها أن يتمكن من أداء المكتوبات في أوقاتها
قال الكرماني لأنه لا يليق بالحكمة إيجاب فرض على وجه يفوت به فرض آخر اه
وتمامه هناك
قوله ( فلو أحرم صبي الخ ) تفريع على اشتراط البلوغ والحرية
قوله ( أو أحرم عنه أبوه ) المراد من كان أقرب إليه بالنسب فلو اجتمع والد وأخ يحرم الولد كما في الخانية والظاهر أنه شرط الأولوية
لباب وشرحه
قوله ( وينبغي الخ ) قال في اللباب وشرحه وينبغي لولية أن يجنبه من محظورات الإحرام كلبس المخيط والطيب وإن ارتكابها الصبي لا شيء عليهما
قوله ( وظاهره ) أي ظاهر قول المبسوط أو أحرم عنه أبوه بإعادة الضمير إلى الصبي العاقل لكن تأمله مع قول اللباب وكل ما قدر الصبي عليه بنفسه لا تجوز فيه النيابة اه
وكذا ما في جامع الأستروشني عن الذخيرة قال محمد في الأصل والإبي الذي يحج له أبوه يقضي المناسك ويرمي الجمار وأنه على وجهين الأول إذا كان صبيا لا يعقل الأداء بنفسه وفي هذا الوجه إذا أحرم عنه أبوه جاز وإن كان يعقل الأداء بنفسه يقضي المناسك كلها يفعل مثل ما يفعله البائع اه
فهو كالصريح في أن إحرامه عنه إنما يصح إذا كان لا يعقل
قوله ( قبل الوقوف ) وكذا بعده بالأولى وهو راجع لقوله بلغ وعتق
قوله ( لانعقاده نفلا ) وكان القياس أن يصح فرضا لو نوى حجة الإسلام حال وقوفه لأن الإحرام شرط كما أن الصبي إذا تطهر ثم بلغ فإنه يصح أداء فرضه بتلك الطهارة إلا أن الإحرام له شبه بالركن لاشتماله على النية فحيث لم يعده لم يصح كما لو شرع في صلاة ثم بلغ بالسن فإن جدد إحرامها ونوى بها الفرض يقع عنه وإلا فلا
شرح اللباب
قوله ( فلو جدد الخ ) بأن يرجع إلى ميقات من المواقيت ويجدد التلبية بالحج كما في شرح الملتقى
قلت والظاهر أن الرجوع ليس بلازم لأن إنشاء الإحرام من الميقات واجب فقط كما يأتي ط
قوله ( قبل وقوفه بعرفة ) قيل عبارة المبتغى ولو أحرم الصبي أو المجنون أو الكافر ثم بلغ أو أفاق ووقت الحج باق فإن جددوا الإحرام يجزيهم عن حجة الإسلام اه
مقتضاه أن المراد بما قبل الوقوف قبل فوت وقته كما عبر به منلا علي القاري في شرحه على الوقاية و اللباب لكن نقل القاضي عيد في شرحه على اللباب عن شيخه العلامة الشيخ حسن العجيمي المكي أن المراد به الكينونة بعرفة حتى لو وقف بها بعد الزوال لحظة فبلغ ليس له التجديد وإن بقي وقت الوقوف وأيده الشيخ عبد الله العفيف في شرح منسكه بقول من وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقال وقد وقع الاختلاف في هذه المسألة في زماننا فمنهم من أفتى بصحة تجديده الإحرام بعد ابتداء الوقوف ومنهم من أفتى بعدمها ولم نر فيها نصا صريحا اه ملخصا
قلت وظاهر قول المصنف تبعا للدرر قبل وقوفه أن المراد حقيقة الوقوف لا وقته فهو مؤيد لكلام العجيمي
قوله ( لم تجزه ) أي عن حجة الإسلام ط
قوله ( لانعقاده ) أي إحرام العبد نفلا لازما فلا يمكنه الخروج عنه
بحر ط
قوله ( بخلاف الصبي ) لأن إحرامه غير لازم لعدم أهلية اللزوم عليه ولذا لو أحصر وتحلل لا دم عليه ولا قضاء ولا جزاء عليه لارتكاب المحظورات فتح
قوله ( والكافر ) أي لو أحرم فأسلم فجدد الإحرام لحجة الإسلام أجزأه لعدم انعقاد إحرامه الأول لعدم الأهلية ط عن البدائع
قوله ( والمجنون ) أي لو أحرم عنه وليه ثم أفاق فجدد الإحرام قبل الوقوف أجزأه عن حجة الإسلام
شرح اللباب وفي الذخيرة قال في الأصل وكل جواب عرفته في
____________________
(2/466)
الصبي يحرم عنه الأب فهو الجواب في المجنون اه
وفي الولوالجية قبيل الإحصار وكذا الصبي يحج به أبوه وكذا المجنون يقضي المناسك ويرمي الجمار لأن إحرام الأب عنهما وهما عاجزانن كإحرامهما بنفسهما اه
وفي شرح المقدسي عن البحر العميق لا حج على مجنون مسلم ولا يصح منه إذا حجر بنفسه ولكن يحرم عنه وليه اه
فهذه النقول صريحة في أن المجنون يحرم عنه وليه كالصبي وبه اندفع ما في البحر من قوله كيف يتصور إحرام المجنون بنفسه وكون وليه أحرم عنه يحتاج إلى نقل صريح يفيد أنه كالصبي اه
مطلب في فروض الحج وواجباته قوله ( فرضه ) عبر به ليشمل الشرط والركن ط
قوله ( الإحرام ) هو النية والتلبية أو ما يقوم مقامها أي مقام التلبية من الذكر أو تقليد البدنة مع السوق
لباب وشرحه
قوله ( وهو شرط ابتداء حتى صح تقديمه على أشهر الحج وإن كره كما سيأتي ح
قوله ( حتى لم يجز الخ ) تفريع على شبهه بالركن يعني أن فائت الحج لا يجوز له استدامة الإحرام بل عليه التحلل بعمرة والقضاء من قابل كما يأتي ولو كان شرطا محضا لجازت الاستدامة اه ح
ويتفرع عليه أيضا ما في شرح اللباب من أنه لو أحرم ثم ارتد والعياذ بالله تعالى بطل أحرامه وإلا فالردة لا تبطل الشرط الحقيقي كالطهارة للصلاة اه
وكذا ما قدمناه من اشتراط النية فيه والشرط المحض لا يحتاج إلى نية وكذا ما مر من عدم سقوط الفرض عن صبي أو عبد أحرم فبلغ أو عتق ما لم يجدده اصبي
قوله ( ليقضي من قابل ) أي بهذا الإحرام السابق المستدام ط
قوله ( في أوانه ) وهو من زوال يوم عرفة إلى قبيل طلوع فجر النحر ط
قوله ( ومعظم طواف الزيارة ) وهو أربعة أشواط وباقيه واجب كما يأتي ط
قوله ( وهما ركنان ) يشكل عليه ما قالوا إن المأمور بالحج إذا مات بعد الوقوف بعرفة قبل طواف الزيارة فإنه يكون مجزئا بخلاف ما إذا رجع قبله فإنه لا وجود للحج إلا بوجود ركنيه ولم يوجدا فينبغي أن لا يجزى الآمر سواء مات المأمور أو رجع
بحر
قال العلامة المقدسي يمكن الجواب بأن الموت من قبل من له الحق وقد أتى بوسعه وقد ورد الحج عرفة بخلاف من رجع اه
وأما الحاج عن نفسه فسنذكر عن اللباب أنه إذا أوصى بإتمام الحج تجب بدنة
تأمل
تتمة بقي من فرائض الحج نية الطواف والترتيب بين الفرائض الإحرام ثم الوقوف ثم الطواف وأداء كل فرض في وقته
فالوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر والطواف بعده إلى آخر العمر وماكنه أي من أرض عرفات للوقوف ونفس المسجد للطواف وألحق بها ترك الجماع قبل الوقوف
لباب وشرحه
قوله ( وواجبه ) اسم جنس مضاف فيعم وسيأتي حكم الواجب
قوله ( نيف وعشرون ) أي اثنان وعشرون هنا بما زاده الشارح أو أربعة وعشرون إن اعتبر الأخير وهو المحظور ثلاثة وأوصلها في اللباب إلى خمسة وثلاثين فزاد أحد عشر أخر وهي الوقوف بعرفة جزءا من الليل ومتابعة الإمام في الإفاضة أي بأن لا يخرج من أرض عرفة إلا بعد شروع الإمام في الإفاضة وتأخير المغرب والعشاء إلى المزلفة والإتيان بما زاد على الأكثر في طواف الزيارة قيل وبيتوتة جزء من الليل فيها وعدم تأخير رمي كل يوم إلى ثانيه ورمي القارن والمتمتع قبل الذبح والهدي عليهما وذبحهما قبل الحلق وفي أيام النحر قيل وطواف القدوم اه
____________________
(2/467)
قلت لكن واجبات الحج في الحقيقة الخمسة الأول المذكورة في المتن والذبح أما الباقي فهي واجبات له بواسطة لأنها واجبات الطواف ونحوه
قوله ( وقوف جمع ) بفتح فسكون أي الوقوف فيه ولوساعة بعد الفجر كما في شرح اللباب
قوله ( سميت بذلك ) أي بجمع وبمزدلفة فقد يشار بذا إلى ما فوق الواحد كقوله تعالى { عوان بين ذلك } البقرة 68 فافهم
قوله ( لكل من حج ) أي آفاقيا أو غيره قارنا أو متمتعا أو مفردا وهو راجع لجميع ما قبله وإنما ذكره لئلا يتوهم رجوع قوله لآفاقي إلى الجميع وإلا فكثير من الواجبات الآتية لكل من حج
قوله ( وطواف الصدر ) بفتحتين بمعنى الرجوع ومنه قوله تعالى { يومئذ يصدر الناس أشتاتا } ولذا يسمى طواف الوداع بفتح الواو وتكسر لموادعته البيت
شرح اللباب
فقول الشارح أي الوداع على حذف مضاف أي طواف الوداع فهو تفسير لطواف الصدر لا تفسير للصدر إلا باعتبار اللزوم لأن الوداع بمعنى الترك لازم للصدر بمعنى الرجوع
تأمل
قوله ( للآفاقي ) اعترض النووي في التهذيب على الفقهاء في ذلك بأن الآفاق النواحي واحده أفق بضمتين وبإسكان الفاء والنسبة إليه أفقي لأن الجمع إذا لم يسم به فالنسبة إلى واحده
وأجاب في كشف الكشاف بأنه صحيح لأنه أريد به الخارجي أي خارج المواقيت فكان بمنزلة الأنصاري
وتمامه في شرح ابن كمال و القهستاني
قوله ( غير الحائض ) لأن الحائض يسقط عنها كما سيأتي
قوله ( والحلق أو التقصير ) أي أحدهما والحلق أفضل للرجل وفيه أن هذا شرط للخروج من الإحرام والشرط لا يكون ألا فرضا وأجاب في شرح اللباب بأن وجوبه من حيث إيقاعه في الوقت المشروع وهو ما بعد الرمي في الحج وبعد السعي في العمرة
قلت وفيه أن هذا واجب آخر سيأتي فالأحسن الجواب بأنه لا يلزم من توقف الخروج من الإحرام عليه أن يكون فرضا قطعيا فقد يكون واجباكتوقف الخروج الواجب من الصلاة على واجب السلام
تأمل
ثم رأيت في الفتح قال إن الحلق عند الشافعي غير واجب وهو عندنا واجب لأن التحلل الواجب لا يكون إلا به ثم قال بعد كلام غير أن هذا التأويل ظني فيثبت به الوجوب لا القطع
قوله ( من الميقات ) يشمل الحرم المكي ونحوه كمتمتع لم يسق الهدي ط
والتقييد به للاحتراز عما بعده وإلا فيجوز قبله بل هو أفضل بشروطه كما في شرح اللباب
قوله ( إلى الغروب ) لم يقل من الزوال لأن ابتداءه من الزوال غير واجب وإنما الواجب أن يمده بعد تحققه مطلقا إلى الغروب كما أفاده في شرح اللباب
قوله ( إن وقف نهارا ) أما إذا وقف ليلا فلا واجب في حقه حتى لو وقف ساعة لا يلزمه شيء كما في شرح اللباب نعم يكون تاركا واجب الوقوف نهارا إلى الغروب
قوله ( على الأشبه ) ذكر في المطلب الفائق شرح الكنز أن الأصح أنه شرط لكن ظاهر الرواية أنه سنة يكره تركها وعليه عامة المشايخ وصححه في اللباب وذكر ابن الهمام أنه لو قيل إنه واجب لا يبعد لأن المواظبة من غير ترك مرة دليل الوجوب اه
وبه صرح في المنهاج عن الوجيز وهو الأشبه والأعدل فينبغي أن يكون عليه المعول اه من شرح اللباب
قوله ( والتيامن فيه ) وهو أخذ الطائف عن يمين نفسه وجعله البيت عن يساره
لباب
قوله ( في الأصح ) صرح به الجمهور وقيل أنه سنة وقيل فرض شرح اللباب
قوله ( والمشي فيه الخ ) فلو تركه بلا عذر أعاده وإلا فعليه دم لأن المشي واجب
____________________
(2/468)
عندنا على هذا نص المشايخ وهو كلام محمد وما في الخانية من أنه أفضل تساهل أو محمول على النافلة لا يقال بل ينبغي في النافلة أن تجب صدقة لأنه إذا شرع فيه وجب فوجب المشي لأن الفرض أن شروعه لم يكن بصفة المشي والشروع إنما يوجب ما شرع فيه كذا في الفتح قوله ( لزمه ماشيا ) قال صاحب اللباب في منسكه الكبير ثم إن طافه زحفا أعاده كذا في الأصل وذكر القاضي في شرح مختصر الطحاوي أنه يجزيه لأنه أدى ما أوجب على نفسه وتمامه في شرح اللباب
قوله ( فمشيه أفضل ) أشار إلى أن الزحف يجزيه ولا دم عليه لكن يحتاج إلى الفرق بين وجوبه بالشروع ووجوبه بالنذر على رواية الأصل ولعله أن الإيجاب بالقول أقوى منه بالفعل فيجب بالقول كاملا لئلا يكون نذرا بمعصية كما لو نذر اعتكافا بدون صوم لزمه به ويلغو وصفه له بالنقصان والواجب بالشروع هو ما شرع فيه وقد شرع فيه زحفا فلا يجب عليه غيره وإلا وجب بغير موجب
تأمل
قوله ( من النجاسة الحكمية ) أي الحدث الأكبر والأصغر وإن اختلفا في الإثم والكفارة
قوله ( على المذهب ) وهو الصحيح وقال ابن شجاع إنها سنة
شرح اللباب للقاري
قوله ( من ثوب ) الأولى لثوب أو في ثوب ط
قوله ( ومكان طواف ) لم ينقل في شرح اللباب التصريح بالقول بوجوبه وإنما قال وأما طهارة المكان فذكر العز بن جماعة عن صاحب الغاية أنه لو كان في مكان طوافه نجاسة لا يبطل طوافه وهذا يفيد نفي الشرط والفرضية واحتمال ثبوت الوجوب والسنية اه
قوله ( والأكثر على أنه ) أي هذا النوع من الطهارة في الثوب والبدن سنة مؤكدة
شرح اللباب
بل قال في الفتح وما في بعض الكتب من أن بنجاسة الثوب كله يجب الدم لا أصل له في الرواية اه
وفي البدائع إنه سنة فلو طاف وعلى ثوبه نجاسة أكثر من الدرهم لا يلزمه شيء بل يكره لإدخال النجاسة المسجد اه
قوله ( وستر العورة فيه ) أي في الطواف وفائدة عده واجبا هنا مع أنه فرض مطلقا لزوم الدم به كما عد من سنن الخطبة في الجمعة بمعنى أنه لا يلزم بتركه فسادها وإلا فالسنة تباين الفرض لعدم الإثم بتركها مرة هذا ما ظهر لي وقدمناه في الجمعة
قوله ( فأكثر ) أي من الربع فلو أقل لا يمنع ويجمع المتفرق
لباب
قوله ( كما في الصلاة ) أي كما هو القدر المانع في الصلاة
قوله ( يجب الدم ) أي إن لم يعده وإلا سقط وهذا في الطواف الواجب وإلا تجب الصدقة
قوله ( في الأصح ) مقابله ما قاله الكرماني إنه يعتد به لكنه يكره لترك السنة وتستحب إعادة ذلك الشوط لتكون البداءة على وجه السنة ومشى في اللباب على أنه شرط لصحة السعي فعدم الاعتداد بالشوط الأول يتفرع عليه وعلى القول بالوجوب لأن المراد بعدم الاعتداد به لزوم إعادته أو لزوم الجزاء على تقدير عدمها وإنما الفرق من حيث إنه إذا لم يعد الشوط الأول يلزمه الجزاء لترك السعي على القول بالشرطية لأنه لا صحة للمشروط بدون شرطه ولترك الشوط الأول على القول بالوجوب الذي هو الأعدل المختار من حيث الدليل كما في شرح اللباب
وقد يقال إنه إذا لم يعتد بالأول حصل البداءة بالصفا بالثاني فقد وجد الشرط ولا يتصور تركه وإنما يكون تاركا لآخر الأشواط إلا إذا أعاد الأول وكون ذلك شرطا لا ينافي الوجوب إذ لا يلزم من كون الشيء شرطا لآخر تتوقف عليه صحته أن يكون ذلك الشيء فرضا كما قدمناه في الحلق خلافا لما فهمه في شرح اللباب هنا
وفي الحلق ولو كان فرضا لزم فرضية السعي أو فرضية بعضه ووجوب باقيه مع أنه كله واجب
____________________
(2/469)
يجبر بدم وحينئذ تعين القول بالوجوب إذ لا ثمرة تظهر على القول بالشرطية كما نص عليه في المنسك الكبير وإن استغربه القاري في شرح اللباب والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( كما مر ) أي في الطواف
قوله ( قيل نعم ) ضعفه هنا وإن جزم به في شرحه على الملتقى لأنه جزم بخلافه صاحب اللباب فقال ولا تختص أي هذه الصلاة بزمان ولا بمكان أي باعتبار الجواز والصحة ولا تفوت أي إلا بالموت ولو تركها لم تجبر بدم أي إنه لا يجب عليه الإيصار بالكفارة
وذكر شارحه أن المسألة خلافية ففي البحر العميق لا يجب الدم وفي الجوهرة و البحر الزاخر يجب وفي بعض المناسك الأكثر على أنه لا يجب وبه قال في الشافعية وقيل يلزم
قوله ( والترتيب الآتي بيانه الخ ) أي في باب الجنايات حيث قال هناك يجب في يوم النحر أربعة أشياء الرمي ثم الذبح لغير المفرد ثم الحلق ثم الطواف لكن لا شيء على من طاف قبل الرمي والحلق نعم يكره
لباب
كما لا شيء على المفرد إلا إذا حلق قبل الرمي لأن ذبحه لا يجب اه
وبه علم أنه كان ينبغي للمصنف هنا تقديم الذبح على الحلق في الذكر ليوافق ما بينهما من الترتيب في نفس الأمر وأن الطواف لا يلزم تقديمه على الذبح أيضا لأنه إذا جاز تقديمه على الرمي المتقدم على الذبح جاز تقديمه على الذبح بالأولى كما قاله ح
والحاصل أن الطواف لا يجب ترتيبه على شيء من الثلاثة ولذا لم يذكره هنا وإنما يجب ترتيب الثلاثة الرمي ثم الذبح ثم الحلق لكن المفرد لا ذبح عليه فبقي الترتيب بين الرمي والحلق
قوله ( في يوم ) تقدم في الاعتكاف أن الليالي تبع للأيام في المناسك
قوله ( وراء الحطيم ) لأن بعضه من البيت كما يأتي بيانه
قوله ( وكون السعي بعد طواف معتد به ) وهو أن يكون أربعة أشواط فأكثر سواء طافه طاهرا أو محدثا أو جنبا وإعادة الطواف بعد السعي فيما إذا فعله محدثا أو جنبا لجبر النقصان لا لانفساخ الأول
ح عن البحر
ثم إن كون هذا واجبا لا ينافي ما في اللباب من عده شرطا لصحة السعي كما علمته سابقا
قوله ( بالمكان ) أي الحرم ولو في غير منى والزمان أي أيام النحر وهذا في الحاج وأما المعتمر فلا يتوقف حقه بالزمان كما سيأتي في الجنايات
قوله ( وترك المحذور ) قال في شرح اللباب فيه أن الاجتناب عن المحرمات فرض وإنما الواجب هو الاجتناب عن المكروهات التحريمية كما حققه ابن الهمام إلا أن فعل المحظورات وترك الواجبات لما اشتركا في لزوم الجزاء ألحقت بها في هذا المعنى
قوله ( كالجماع بعد الوقوف الخ ) تمثيل للمحظورات وقيد به بعد الوقوف لأنه قبله مفسد والمراد هنا غير المفسد
تأمل
قوله ( والضابط الخ ) لما لم يستوف الواجبات كما علمته مما زدناه عن اللباب ذكر هذا الضابط وليفيد بعكس القضية حكم الواجب لكنها تنعكس عكسا منطقيا لا لغويا فيقال بعض ما هو واجب يجب بتركه دم لا كل ما هو واجب لأن ركعتي الطواف لا يجب بتركهما الدم وكذا ترك الواجب بعذر على ما سنذكره في أول الجنايات لكن في الأول خلاف تقدم فعلى القول بوجوب الدم فيه مع تقييد الترك بلا عذر يصح العكس كليا
قوله ( وغيرها الخ ) فيه أنه لم يستوف الواجبات وإن كان مراده أن غير الفرائض والواجبات سنن وآداب فغير مفيد
____________________
(2/470)
قوله ( كأن يتوسع في النفقة إلخ ) أفاد بالكاف أنه بقي منها أشياء لم يذكرها لأنها ستأتي كطواف القدوم للآفاقي والابتداء من الحجر الأسود على أحد الأقوال والخطب الثلاث والخروج يوم التروية وغيرها مما سيعلم
قوله ( وعلى صون لسانه ) أي عن المباح والمكروه تنزيها وإلا فهو واجب
قوله ( ويستأذن أبويه الخ ) أي إذا لم يكونا محتاجين إليه وإلا فيكره وكذا يكره بلا إذن دائنه وكفيله والظاهر أنها تحريمية لإطلاقهم الكراهة ويدل عليه قوله فيما مر في تمثيله للحج المكروه كالحج بلا إذن مما يجب استئذانه فلا ينبغي عده ذلك من السنن والآداب
قوله ( بفتح القاف وتكسر ) أي مع سكون العين وحكى الفتح مع كسر العين
قوله ( وتفتح ) عزاه الشيخ إسماعيل إلى تحرير الإمام النووي وقال خلافا لما في شرح الشمني من أنه لم يسمع إلا الكسر
قوله ( وعند الشافعي ليس منها يوم النحر ) هو رواية عن أبي يوسف أيضا كما في النهر وغيره وظاهر المتن يوافقه لأنه ذكر العدد فكان المراد عشر ليال لكن إذا حذف التمييز جاز التذكير فيكون المعنى عشرة أيام
أفاده ح عن القهستاني
وقيل إن العشر اسم لهذه الأيام العشرة فليس المراد به اسم العدد حتى يعتبر فيه التذكير مع المؤنث والعكس
تأمل
قوله ( ذو الحجة كله ) مبتدأ محذوف الخبر تقديره منها ح
قوله ( عملا بالآية ) أي قوله تعالى { الحج أشهر معلومات }
قوله ( قلنا اسم الجمع الخ ) الإضافة بيانية أي اسم هو جمع وإلا فأشهر صيغة حقيقة وهذا أحد جوابين للزمخشري
حاصله أنه تجوز في إطلاق صيغة الجمع على ما فوق الواحد لعلاقة معنى الاجتماع والتعدد
ثانيهما أن التجوز في جعل بعض الشهر شهرا فالأشهر على الحقيقة واعترض الأول بأن فيه إخراج العشر عن الإرادة لخروجه عن الشهرين وأجيب بأنه داخل فيما فوق الواحد وهذا كله على تقدير الحج ذو أشهر أما على تقدير الحج في أشهر فلا حاجة إلى التجوز لأن الظرفية لا تقتضي الاستيعاب لكن بين المراد الحديث الوارد في تفسير الآية بأنها شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة
قوله ( وفائدة التأقيت الخ ) جواب عن إشكال تقريره أن التوقيت بها إن اعتبر للفوات أي أن أفعال الحج لو أخرت عن هذا الوقت يفوت الحج لفوته بتأخير الوقوف عن طلوع فجر العاشر يلزم أن لا يصح طواف الركن بعده وإن خصص الفوات بفوات معظم أركانه وهو الوقوف يلزم أن لا يكون العاشر منها كما هو رواية عن أبي يوسف وإن اعتبر التوقيت المذكور لأداء الأركان في الجملة يلزم أن يكون ثاني النحر وثالثه منها لجواز الطواف فيهما وأجاب الشارح تبعا للبحر وغيره بما يفيد اختيار الأخير وذلك بأن فائدته أن شيئا من أفعال الحج لا يجوز إلا فيها حتى لو صام المتمتع أو القارن ثلاثة أيام قبل أشهر الحج لا يجوز وكذا السعي عقب طواف القدوم لا يقع عن سعي الحج إلا فيها حتى لو فعله في رمضان لم يجز ولو اشتبه عليهم يوم عرفة فوقفوا فإذا هو يوم النحر جاز لوقوعه في زمانه ولو ظهر أنه الحادي عشر لم يجز كما في اللباب وغيره
قال القهستاني ولا ينافيه إجزاء الإحرام قبلها ولا إجزاء الرمي والحلق وطواف الزيارة وغيرها بعدها لأن ذلك محرم فيه اه
____________________
(2/471)
قلت فيه نظر لأن طواف الزيارة يجوز في يومين بعد عشر ذي الحجة كما علمته وإن كان في أوله أفضل فالمناسب الجواب عن الإشكال بأن فائدة التوقيت ابتداء عدم جواز الأفعال قبله وانتهاء الفوات بفوت معظم أركانه وهو الوقوف ولا يلزم خروج اليوم العاشر لما علمته من جوازه فيه عند الاشتباه بخلاف الحادي عشر هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( وأنه يكره الإحرام الخ ) عطف على قوله أنه لو فعل وهو ظاهر في أنه أراد بأفعال الحج غير الإحرام فلا ينافي إجزاء الإحرام مع الكراهة فقوله لا يجزيه واقع في محزه فافهم نعم في كون الكراهة فائدة التوقيت خفاء ولعل وجهه كون الإحرام شبيها بالركن
تأمل
قوله ( قبلها ) أفاد أنه لو أحرم فيها بحج ولو لعام قابل لا يكره ولذا قال في الذخيرة لا يكره الإحرام بالحج يوم النحر ويكره قبل أشهر الحج
قال في النهر وينبغي أن يكون مكروها حيث لم يأمن على نفسه وإن كان في أشهر الحج
قوله ( لشبهه بالركن ) علة لقوله يكره أي ولو كان ركنا حقيقة لم يصح قبلها فإذا كان شبيها به كره قبلها لشبهه وقربه من عدم الصحة
بحر
قوله ( كما مر ) أي عند قوله فرضه الإحرام
قوله ( وإطلاقها ) أي الكراهة يفيد التحريم وبه قيدها القهستاني ونقل عن التحفة الإجماع على الكراهة وبه صرح في البحر من غير تفصيل بين خوف الوقوع في محظور أو لا
قال ومن فصل كصاحب الظهيرية قياسا على الميقات المكاني فقد أخطأ لكن نقل القهستاني أيضا عن المحيط التفصيل ثم قال وفي النظم عنه أنه يكره إلا عند أبي يوسف
مطلب أحكام العمرة قوله ( والعمرة في العمر مرة سنة مؤكدة ) أي إذا أتى بها مرة فقد أقام السنة غير مقيد بوقت غير ما ثبت النهي عنها فيه إلا أنها في رمضان أفضل هذا إذا أفردها فلا ينافيه أن القران أفضل لأن ذلك أمر يرجع إلى الحج لا العمرة
فالحاصل أن من أراد الإتيان بالعمرة على وجه أفضل فيه فبأن يقرن معه عمرة
فتح
فلا يكره الإكثار منها خلافا لمالك بل يستحب على ما عليه الجمهور وقد قيل سبع أسابيع من الأطوفة كعمرة
شرح اللباب
قوله ( وصحح في الجوهرة وجوبها ) قال في البحر واختاره في البدائع وقال إنه مذهب أصحابنا ومنهم من أطلق اسم السنة وهذا لا ينافي الوجوب اه
والظاهر من الرواية السنية فإن محمدا نص على أن العمرة تطوع اه
ومال إلى ذلك في الفتح وقال بعد سوق الأدلة تعارض مقتضيات الوجوب والنفل فلا تثبت ويبقى مجرد فعله عليه الصلاة والسلام وأصحابه والتابعين وذلك يوجب السنة فقلنا بها
قوله ( قلنا المأمور الخ ) جواب عن سؤال مقدر أورده في غاية البيان دليلا على الوجوب ثم أجاب عنه بما ذكره الشارح ثم هذا مبني على أن المراد بالإتمام تتميم ذاتهما أي تتميم أفعالهما أما إذا أريد به إكمال الوصف وعليه ما نقله في البحر من أن الصحابة فسرت الإتمام بأن يحرم بهما من دويرة أهله ومن الأماكن القاصية فلا حاجة إلى الجواب للاتفاق على أن الإتمام بهذا المعنى غير واجب فالأمر فيه للندب إجماعا فلا يدل على وجوب العمرة فافهم
قوله ( وحلق أو تقصير ) لم يذكره المصنف
____________________
(2/472)
لأنه محلل مخرج منها
بحر
قوله ( وغيرهما واجب ) أراد بالغير من المذكورات هنا وذلك أقل أشواط الطواف والسعي والحلق أو التقصير وإلا فلها سنن ومحرمات من غير المذكور هنا فافهم وأشار بقوله هو المختار إلى ما في التحفة حيث جعل السعي ركنا كالطواف
قال في شرح اللباب وهو غير مشهور في المذهب
قوله ( ويفعل فيها كفعل الحاج ) قال في اللباب وأحكام إحرامها كإحرام الحج من جميع الوجوه وكذا حكم فرائضها وواجباتها وسننها ومحرماتها ومفسدها ومكروهاتها وإحصارها وجمعها أي بين عمرتين وإضافتها أي إلى غيرها في النية ورفضها كحكمها في الحج وهي لا تخالفه إلا في أمور منها أنها ليست بفرض وأنها لا وقت لها معين ولا تفوت وليس فيها وقوف بعرفة ولا مزدلفة ولا رمي فيها ولا جمع أي بين صلاتين ولا خطبة ولا طواف قدوم ولا صدر ولا تجب بدنة بإفسادها ولا بطوافها جنبا أي بل شاة وأن ميقاتها الحل لجميع الناس بخلاف الحج فإن ميقاته للمكي الحرم اه
قوله ( وجازت ) أي صحت
قوله ( وندبت في رمضان ) أي إذا أفردها كما مر عن الفتح ثم الندب باعتبار الزمان لأنها باعتبار ذاتها سنة مؤكدة أو واجبة كما مر أي إنها فيه أفضل منها في غيره واستدل له في الفتح بما عن ابن عباس عمرة في رمضان تعدل حجة وفي طريق لمسلم تقتضي حجة أو حجة معي
قال وكان السلف رحمنا الله تعالى بهم يسمونها الحج الأصغر وقد اعتمر أربع عمرات كلهن بعد الهجرة في ذي القعدة على ما هو الحق وتمامه فيه
تنبيه نقل بعضهم عن المنلا علي في رسالته المسماة الأدب في رجب أن كون العمرة في رجب سنة بأن فعلها عليه الصلاة والسلام أو أمر بها لم يثبت نعم روي أن ابن الزبير لما فرغ من تجديد بناء الكعبة قبيل سبعة وعشرين من رجب نحر إبلا وذبح قرابين وأمر أهل مكة أن يعتمروا حينئذ شكرا لله تعالى على ذلك ولا شك أن فعل الصحابة حجة وما رآه المسملون حسنا فهو عند الله حسن فهذا وجه تحصيص أهل مكة العمرة بشهر رجب اه ملخصا
قوله ( تحريما ) صرح به في الفتح و اللباب
قوله ( يوم عرفة ) أي قبل الزوال وبعده وهو المذهب خلافا لما مر عن أبي يوسف أنها لا تكره فيه قبل الزوال
بحر
قوله ( وأربعة ) بالنصب والتنوين والأصل أربعة أيام بعدها أي بعد عرفة أي بعد يومها
تنبيه يزاد على الأيام الخمسة ما في اللباب وغيره من كراهة فعلها في أشهر الحج لأهل مكة ومن بمعناهم أي من المقيمين ومن في داخل الميقات لأن الغالب عليهم أن يحجوا في سنتهم فيكونوا متمتعين وهم عن التمتع ممنوعون وإلا فلا منع للمكي عن العمرة المفردة في أشهر الحج إذا لم يحج في تلك السنة ومن خالف فعليه البيان
شرح اللباب ومثله في البحر
وهو رد على ما اختاره في الفتح من كراهتها للمكي وإن لم يحج ونقل عن القاضي عيد في شرح المنسك أن ما في الفتح قال العلامة قاسم إنه ليس بمذهب لعلمائنا ولا للأئمة الأربعة ولا خلاف في عدم كراهتها لأهل مكة اه
قلت وسيأتي تمام الكلام عليه في باب التمتع إن شاء الله تعالى هذا وما نقله ح عن الشرنبلالية من تقييده كراهة العمرة في الأيام الخمسة بقوله أي في حق المحرم أو مريد الحج يقتضي أنه لا يكره في حق غيرهما ولم أر من صرح به فليراجع
قوله ( أي كره إنشاؤها بالإحرام ) أي كره إنشاء الإحرام لها في هذه الأيام ح
قوله ( حتى يلزمه دم وإن كان رفضها ) وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في آخر باب الجناية
قوله ( لا أدواؤها ) عطف على إنشاؤها ح
____________________
(2/473)
قوله ( كقارن فاته الحج ) لو قال كما في المعراج كفائت الحج لشمل المتمتع
قوله ( وعليه ) أي على ما ذكر من أن المكروه الإنشاء لا الأداء بإحرام سابق
قوله ( فاستثناء الخانية الخ ) حيث قال تكره العمرة في خمسة أيام لغير القارن اه
ووجه الانقطاع ما علمته من أن المكروه إنشاء العمر في هذه الأيام والقارن أحرم بها بإحرام سابق على هذه الأيام فهو غير داخل فيما قبله فاستثناؤه منقطع فافهم
قوله ( فلا يختص الخ ) تفريع على قوله منقطع لأن حاصله أنه لما لم يكن منشئا للإحرام فيها لم يكن داخلا فيما تكره عمرته فيها وحينئذ فلا يختص جواز عمرته بيوم عرفة فافهم
قوله ( كما توهمه في البحر ) حيث قال بعد قول الخانية لغير القارن ما نصه وهو تقييد حسن وينبغي أن يكون راجعا إلى يوم عرفة لا إلى الخمسة كما لا يخفى وأن يلحق المتمتع بالقارن اه
قال في النهر هذا ظاهر في أنه فهم أن معنى ما في الخانية من استثناء القارن أنه لا بد له من العمرة ليبني عليها أفعال الحج ومن ثم خصه بيوم عرفة وهو غفلة معن كلامهم فقد قال في السراج وتكره العمرة في هذه الأيام أي يكره إنشاؤها بالإحرام أما إذا أداها بإحرام سابق كما إذا كان قارنا ففاته الحج وأدى العمرة في هذه الأيام لا يكره وعلى هذا فالاستثناء الواقع في الخانية منقطع ولا اختصاص ليوم عرفة اه
أقول لا يخفى عليك أن المتبادر من القارن في كلام الخانية المدرك لا فائت الحج بخلاف ما في السراج وحينئذ فلا شك أن عمرته لا تكون بعد يوم عرفة لأنها تبطل الولي بالوقوف كما سيأتي في بابه وليس في كلام البحر تعرض لمن فاته الحج ولا لأن الاستثناء متصل أو منقطع فمن أين جاءت الغفلة فتنبه وافهم
مطلب في المواقيت قوله ( والمواقيت ) جمع ميقات بمعنى الوقت المحدود واستعير للمكان أعني مكان الإحرام كما استعير للوقت في قوله تعالى { هنالك ابتلي المؤمنون } الأحزاب 11 ولا ينافيه قول الجوهري الميقات موضع الإحرام لأنه ليس من رأيه التفرقة بين الحقيقة والمجاز وكأنه في البحر استند إلى ظاهر ما في الصحاح فزعم أنه مشترك بين الوقت والمكان المعين والمراد هنا الثاني وأعرض عن كلامهم السابق وقد علمت ما هو الواقع
نهر
ثم اعلم أن الميقات المكاني يختلف باختلاف الناس فإنهم ثلاثة أصناف آفاقي وحلي أي من كان داخل المواقيت وحرمي وذكرهم المصنف على هذا الترتيب
قوله ( مريد مكة ) أي ولو لغير نسك كتجارة ونحوها كما يأتي
قوله ( لا محرما ) أي بحج أو عمرة
قوله ( بضم ففتح ) أي وسكون الياء مصغرا لحلقة بالفتح اسم نبت في الماء معروف
قوله ( على ستة أميال من المدينة ) وقيل سبعة وقيل أربعة
قال العلامة القطبي في منسكه والمحرر من ذلك ما قاله السيد نور الدين علي السمهودي في تاريخه قد اختبرت ذلك فكان من عتبة باب المسجد النبوي المعروف بباب السلام إلى عتبة مسجد الشجرة بذي الحليفة تسعة عشر ألف ذراع بتقديم المثناة الفوقية وسبعمائة ذراع بتقديم السين واثنين وثلاثين ذراعا ونصف ذراع بذراع اليد اه
قلت وذلك دون خمسة أميال فإن الميل عندنا أربعة آلاف بذراع الحديد المستعمل الآن والله أعلم اه
قوله ( وعشر مراحل ) أو تسع كما في البحر
قوله ( وهو كذب ) ذكره في البحر عن مناسك المحقق ابن أمير حاج
____________________
(2/474)
الحلبي
قوله ( وذات عرق ) في منسك القطبي سميت بذلك لأن فيها عرقا وهو الجبل وهي قرية قد خربت الآن وعرق هو الجبل المشرف على العقيق والعقيق واد يسيل ماؤه إلى غوري تهامة
قاله الأزهري اه
ولهذا قال في اللباب والأفضل أن يحرم من العقيق وهو قبل ذات عرق بمرحلة أو مرحلتين
قوله ( على مرحلتين ) وقيل ثلاث وجمع بأن الأول نظر إلى المراحل العرفية والثاني إلى الشرعية
قوله ( وجحفة ) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة سميت بذلك لأن السيل نزل بها وجحف أهلها أي استأصلهم واسمها في الأصل مهيعة لكن قيل إنها قد ذهبت أعلامها ولم يبق بها إلا رسوم خفية لا يكاد يعرفها إلا سكان بعض البوادي فلذا والله تعالى أعلم اختار الناس الإحرام احتياطا من المكان المسمى برابض وبعضهم يجعله بالغين لأنه قبل الجحفة بنصف مرحلة أو قريب من ذلك
بحر
وقال القطبي ولقد سأل جماعة ممن له خبرة من عربانها عنها فأوروني أكمة بعدما رحلنا من رابغ إلى مكة على جهة اليمين على مقدار ميل من رابغ تقريبا
قوله ( وقرن ) بفتح القاف وسكون الراء جبل مطل على عرفات لا خلاف في ضبطه بهذا بين رواة الحديث واللغة والفقه وأصحاب الأخبار وغيرهم نهر عن تهذيب الأسماء واللغات
قوله ( وفتح الراء خطأ الخ ) قال في القاموس وغلط الجوهري في تحريكه وفي نسبة أويس القرني إليه لأنه منسوب إلى قرن بن رومان بن ناجية بن مراد أحد أجداده
قوله ( ويلملم ) بفتح المثناة التحتية واللامين وإسكان الميم ويقال لها ألملم بالهمزة وهو الأصل والياء تسهيل لها
قوله ( جبل ) أي من جبال تهامة مشهور في زماننا بالسعدية قاله بعض شراح المناسك
قال في البحر وهذه المواقيت ما عدا ذات عرق ثابتة في الصحيحين وذات عرق في صحيح مسلم و سنن أبي داود
قوله ( والعراقي ) أي أهل البصرة والكوفة وهم أهل العراقين وكذا سائر أهل المشرق وقوله والشامي مثله المصري والمغربي من طريق تبوك
لباب وشرحه
قوله ( الغير المارين بالمدينة ) يعني أن كون ذات عرق للعراقي وجحفة للشامي إذا كانا غير ارين بالمدينة أما لو مرا بها فميقاتهم ميقاتها أعني ذا الحليفة وهذا بيان للأفضل لأنه لا يجب عليهما الإحرام من ذي الحليفة كالمدني كما يأتي تحريره فافهم
قوله ( بقرينة ما يأتي ) أي في قوله وكذا هي لمن مر بها من غير أهلها ح
قوله ( والنجدي ) أي نجد اليمن ونجد الحجاز ونجد تهامة
لباب
قوله ( واليمني ) أي باقي أهل اليمن وتهامة
لباب
قوله ( ويجمعها الخ ) جمعها أيضا الشيخ أبو البقاء في البحر العميق بقوله مواقيت آفاق يمان ونجدة عراق وشام والمدينة فاعلم يلملم قرن ذات عرق وجحفة حليفة ميقات النبي المكرم قوله ( وكذا هي ) أي هذه المواقيت الخمسة
قوله ( قال النووي والشافعي وغيره ) سقطت هذه الجملة من بعض
____________________
(2/475)
النسخ وهو الحق لأن المسألة مصرح بها في كتب المذهب متونا وشروحا فلا معنى لنقلها عن النووي رحمه الله تعالى ح
قوله ( وإجيب بأنه يشير إلى أنها اتفاقية
قوله ( وقالوا ) ) أي علماؤنا الحنفية
قوله ( ولو مر بميقاتين ) كالمدني يمر بذي الحليفة ثم بالجحفة فإحرامه من الأبعد أفضل أي الأبعد عن مكة وهو ذو الحليفة لكن ذكر في شرح اللباب عن ابن أمير حاج أن الأفضل تأخير الإحرام ثم وفق بينهما بأن أفضلية الأول لما فيه من الخروج عن الخلاف وسرعة المسارعة إلى الطاعة والثاني لما فيه من الأمن من قلة الوقوع في المحظورات لفساد الزمان بكثرة العصيان فلا ينافي ما مر ولا ما في البدائع من قوله من جاوز ميقاتا بلا إحرام إلى آخر جاز إلا أن المستحب أن يحرم من الأول كذا روي عن أبي حنيفة أنه قال في غير أهل المدينة إذا مروا بها فجاوزوها إلى الجحفة فلا بأس بذلك وأحب إلي أن يحرموا من ذي الحليفة لأنهم لما وصلوا إلى الميقات الأول لزومهم محافظة حرمته فيكره لهم تركها اه
وذكر مثله القدوري في شرحه إلا أن في قول الإمام في غير أهل المدينة إشارة إلى أن المدني ليس كذلك وبه يجمع بين الروايتين عن الإمام بوجوب الدم وعدمه بحمل رواية الوجوب على المدني وعدمه على غيره اه
قلت لكن نقل في الفتح أن المدني إذا جاوز إلى الجحفة فأحرم عندها فلا بأس به والأفضل أن يحرم ممن ذي الحليفة ونقل قبله عن كافي الحاكم الذي هو جمع كلام محمد في كتب ظاهر الرواية ومن جاوز وقته غير محرم ثم أتى وقتا آخر فأحرم منه أجزأه ولو كان أحرم من وقته كان أحب إلي اه
فالأول صريح والثاني ظاهر في المدني أنه لا شيء عليه
فعلم أن قول الإمام المار في غير أهل المدينة اتفاقي لا احترازي وأنه لا فرق في ظاهر الرواية بين المدني وغيره وأما قول الهداية وفائدة التأقيت أي المواقيت الخمسة المنع عن تأخير الإحرام عنها لأنه يجوز التقديم بالإجماع فاعترضه في الفتح بأنه يلزم عليه أنه لا يجوز تأخير المدني الإحرام عن ذي الحليفة والمسطور خلافه نعم روي عن الإمام أن عليه دما لكن الظاهر عنه هو الأول
قال في النهر والجواب أن المنع من التأخير مقيد بالميقات الأخير وتمامه فيه
قوله ( على المذهب ) مقابلة رواية وجوب الدم
قوله ( وعبارة اللباب سقط عنه الدم ) مقتضاها وجوبه بالمجاوزة ثم سقوطه بالإحرام من الأخير وهو مخالف للمسطور كما علمته والظاهر أنه مبني على الرواية الثانية
قوله ( ولو لم يمر بها الخ ) كذا في الفتح
ومفاده أن وجوب الإحرام بالمحاذاة إنما يعتبر عند عدم المرور على المواقيت أما لو مر عليها فلا يجوز له مجاوزة آخر ما يمر عليه منها وإن كان يحاذي بعده ميقاتا آخر وبذلك أجاب صاحب البحر عما أورده عليه العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي حين اجتماعه به في مكة من أنه ينبغي على مدعاكم أن لا يلزم الشامي والمصري الإحرام من رابغ بل من خليص لمحاذاته لآخر المواقيت وهو قرن المنازل
وأجابه بجواب آخر وهو أن مرادهم المحاذاة القريبة ومحاذاة المارين بقرن بعيدة لأن بينهم وبينه بعض جبال لكن نازعه في النهر بأنه لا فرق بين القريبة والبعيدة
قوله ( تحرى ) أي غلب على ظنه مكان المحاذاة وأحرم منه إن لم يجد عالما به يسأله
قوله ( إذا حاذى أحدهما ) في بعض النسخ إذا حاذاه أحدها
قوله ( وأبعدها ) أي عن مكة
قوله ( فإن لم يكن الخ ) كذا في الفتح لكن الأصوب قول اللباب فإن لم يعلم المحاذاة لما قال شارحه إنه لا يتصور عدم المحاذاة اه
أي لأن المواقيت تعم جهات مكة كلها فلا بد من محاذاة أحدها
قوله ( فعلى مرحلتين ) أي من مكة فتح ووجهه
____________________
(2/476)
أن المرحلتين أوسط المسافات وإلا فالاحتياط الزيادة
مقدسي
قوله ( وحرم الخ ) فعليه العود إلى ميقات منها وإن لم يكن ميقاته ليحرم منه وإلا فعليه دم سيأتي بيانه في الجنايات
قوله ( كلها ) زاده لأجل دفع ما أورد على عبارة الهداية كما قدمناه آنفا
قوله ( أي لآفاقي ) أي ومن ألحق به كالحرمي والحلي إذا خرجا إلى الميقات كما يأتي فتقييده بالآفاقي للاحتراز عما لو بقيا في مكانهما فلا يحرم كما يأتي
قوله ( يعني الحرم ) أي الآتي تحديده قريبا لا خصوص مكة وإنصما قيد بها لأن الغالب قصد دخولها
قوله ( غير الحج ) كمجرد الرؤية والنزهة أو التجارة
فتح
قوله ( أما لو قصد موضعا من الحل ) أي مما بين الميقات والحرم والمعتبر القصد عند المجاوزة لا عند الخروج من بيته كما سيأتي في الجنايات أي قصدا أوليا كي إذا قصده لبيع أو شراء وأنه إذا فرغ يدخل مكة ثانيا إذ لو كان قصده الأولى دخول مكة ومن ضرورته أن يمر في الحل فلا يحل له
قوله ( فله دخول مكة بلا إحرام ) أي ما لم يرد نسكا كما يأتي قريبا
قوله ( وهو الحيلة الخ ) أي القصد المذكور هو الحيلة لمن أراد دخول مكة بلا إحرام لكن لا تتم الحيلة إلا إذا كان قصده لموضع من الحل قصدا أوليا كما قررناه ولم يرد النسك عند دخول مكة كما يأتي قريبا وسيأتي تمام الكلام على ذلك في أواخر الجنايات إن شاء الله تعالى
قوله ( إلا لمأمور بالحج للمخالفة ) ذكره في البحر بحثا بقوله وينبغي أن لا تجوز هذه الحيلة للمأمور بالحج لأنه حينئذ لم يكن سفره للحج ولأنه مأمور بحجة آفاقية وإذا دخل مكة بغير إحرام صارت حجته مكية فكان مخالفا وهذه المسألة يكثر وقوعها فيمن يسافر في البحر الملح وهو مأمور بالحج ويكون ذلك في وسط السنة فهل له أن يقصد البندر المعروف بجدة ليدخل مكة بغير إحرام حتى لا يطول الإحرام عليه لو أحرم بالحج فإن المأمور بالحج ليس له أن يحرم بالعمرة اه أي لأنه إذا اعتمر ثم أحرم بالحج من مكة يصير مخالفا في قولهم كما في التاترخانية عن المحيط وهل مخالفته لكونه جعل سفره لغيرالحج المأمور به أو لكونه لم يجعل حجته آفاقية
وعلى الثاني لو اعتمر أو فعل الحيلة بأن قصد البندر ثم دحل مكة ثم خرج وقت الحج إلى الميقات فأحرم منه لم يكن مخالفا لأن حجته صارت آفاقية أما على الأول فهو مخالف ويحتمل أن المخالفة لكل من العلتين كما يفيده أول عبارة البحر المذكور فتتحقق المخالفة بالعلة الأولى لكن ذكر العلامة القاري في بعض رسائله مسألة اضطرب فيها فقهاء عصره وهي أن الآفاقي الحاج عن الغير إذا جاوز الميقات بلا إحرام للحج ثم عاد إلى الميقات وأحرم هل يصح عن الآمر قيل لا وقيل نعم ومال هو إلى الثاني
قال وأفتى به الشيخ قطب الدين وشيخنا سنان الرومي في منسكه والشيخ علي المقدسي
قلت وهذا يفيد جواز الحيلة المذكورة له إذا عاد إلى الميقات وأحرم والجواب عن قوله لأن سفره حينئذ لم يكن للحج أنه إذا قصد البندر عند المجاوزة ليقيم به أياما لبيع أو شراء مثلا ثم يدخل مكة لم يخرج عن أن يكون سفره للحج كما لو قصد مكانا آخر في طريقه ثم النقلة عنه والله تعالى أعلم فافهم
وأما لو أحرم بالحج من الميقات وأقام بمكة حراما فإنه لا يحتاج إلى هذه الحيلة لكنه يكره تقديم الإحرام على أشهر الحج أي يحرم كما قدمناه قبيل أحكام العمرة
قوله ( بل هو الأفضل ) قدمنا تفسير الصحابة الإتمام بالإحرام من دويرة أهله ومن الأماكن القاصية
____________________
(2/477)
قال في فتح القدير وإنما كان التقديم على المواقيت أفضل لأنه أكثر تعظيما وأوفر مشقة والأجر على قدر المشقة ولذا كانوا يستحبون الإحرام بهما من الأماكن القاصية
روي عن ابن عمر أنه أحرم من بيت المقدس وعمران بن الحصين من البصرة وعن ابن عباس أنه أحرم من الشأم وابن مسعود من القادسية
وقال عليه الصلاة والسلام من أهل من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر الله له ما تقدم من ذنبه رواه أحمد وأبو داود بنحوه اه
قوله ( إن في أشهر الحج ) أما قبلها فيكره وإن أمن على نفسه الوقوع في المحظورات لشبه الإحرام بالركن كما مر
قوله ( وأمن على نفسه ) وإلا فالإحرام من الميقات أفضل بل تأخيره إلى آخر المواقيت على ما اختاره ابن أمير حاج كما قدمناه
قوله ( وحل لأهل داخلها ) شروع في الصنف الثاني من المواقيت والمراد بالداخل غير الخارج فيشمل من فيها نفسها ومن بعدها فإنه لا فرق بينهما في المنصوص من الرواية كما صرح به في الفتح و البحر وغيرهما وينبغي أن يراد داخل جميعها ليخرج من كان بين ميقاتين كمن كان بين ذي الحليفة والجحفة لأنه بالنظر إلى الجحفة خارج الميقات فلا يحل له دخول الحرم بلا إحرام
تأمل
قوله ( يعني لكل الخ ) أشار إلى أن المراد بالأهل ما يشمل من قصدهم من غيرهم كما أفاده قبله بقوله أما لو قصد موضعا من الحل الخ
قوله ( غير محرم ) حال من أهل ولم يجمعه نظرا إلى لفظ أهل فإنه مفرد وإن كان معناه جمعا ح
قوله ( ما لم يرد نسكا ) أما إن أراده وجب عليه الإحرام قبل دخوله أرض الحرم فميقاته كل الحل إلى الحرم
فتح
وعن هذا قال القطبي في منسكه ومما يجب التيقظ له سكان جدة بالجيم وأهل حدة بالمهملة وأهل الأودية القريبة من مكة فإنهم غالبا ما يأتون مكة في سادس أو سابع ذي الحجة بلا إحرام ويحرمون للحج من مكة فعليهم دم لمجاوزة الميقات بلا إحرام لكن بعد توجههم إلى عرفة ينبغي سقوطه عنهم بوصولهم إلى أول الحل ملبين إلا أن يقال إن هذا لا يعد عودا إلى الميقات لعدم قصدهم العود لتلافي ما لزمهم بالمجازة بل قصدوا التوجه إلى عرفة اه
وقال القاضي محمد عيد في شرح منسكه والظاهر السقوط لأن العود إلى الميقات مع التلبية مسقط لدم المجاوزة وإن لم يقصده لحصول المقصود وهو التعظيم
قوله ( للحرج ) علة لقوله وحل الخ
قوله ( كما لو جاوزها الخ ) يحتمل عود الهاء إلى مكة فتكون الكاف للتمثيل لأن المكي إذا خرج إلى الحل الذي في داخل الميقات التحق بأهله كما مر آنفا بشرط أن لا يجاوز ميقات الآفاقي وإلا فهو كالآفاقي لا يحل له دخوله بلا إحرام كما ذكره في البحر ويحتمل عودها إلى المواقيت فالكاف للتنظير للمنفي في قوله ما لم يرد نسكا فإن من أراده من أهل الحل لا يدخل مكة بلا إحرام ونظيره المكي إذا خرج منها وجاوز الواقيت لا يحل له العود بلا إحرام لكن إحرامه من الميقات بخلاف مريد النسك فإنه من الحل كما علمته
قوله ( فهذا ) الإشارة إلى أهل داخلها بالمعنى الذي ذكرناه فالحرم حد في حقه كالميقات للآفاقي فلا يدخل الحرم إن قصد النسك إلا محرما
بحر
قوله ( يعني الخ ) أشار إلى ما في البحر من قوله والمراد بالمكي من كان داخل الحرم سواء كان بمكة أو لا وسواء كان من أهلها أو لا اه
فيشمل الآفاقي المفرد بالعمرة والمتمتع والحلال من أهل الحل إذا دخل الحرم لحاجة كما في اللباب
قوله ( ليتحقق نوع سفر ) لأن أداء الحج في عرفة وهي في الحل فيكون إحرام المكي بالحج من الحرم ليتحقق له نوع سفر بتبدل المكان وأداء العمرة في الحرم فيكون إحرامه بها من الحل ليتحقق له نوع من السفر
شرح النقاية للقارى
فلو عكس فأحرم
____________________
(2/478)
للحج من الحل أو للعمرة من الحرم لزمه دم إلا إذا عاد ملبيا إلى الميقات المشروع له كما في اللباب وغيره
قوله ( والتنعيم أفضله ) هو موضع قريب من مكة عند مسجد عائشة وهو أقرب موضع من الحل ط أي الإحرام منه للعمرة أفضل من الإحرام لها من الجعرانة وغيرها من الحل عندنا وإن كان أحرم منها لأمره عليه الصلاة والسلام عبد الرحمن بأن يذهب بأخته عائشة إلى التنعيم لتحرم منه والدليل القولي مقدم عندنا على الفعلي وعند الشافعي بالعكس
قوله ( ونظم حدود الحرم ابن الملقن ) هو من علماء الشافعية
ونقل عن شرح المهذب للنووي أن ناظم الأبيات المذكور القاضي أبو الفضل النويري أن على الحرم علامات منصوبة في جميع جوانبه نصبها إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وكان جبريل يريه مواضعها ثم أمر النبي بتجديدها ثم عمر ثم عثمان ثم معاوية وهي إلى الآن ثابتة في جميع جوانبه إلا من جهة جدة وجهة الجعرانة فإنها ليس فيها أنصاب اه ملخصا
قوله ( وسبعة أميال الخ ) لو قال * ومن يمن سبع عراق وطائف * لاستوفى واستغنى عن البيت الثالث المذكور في البحر وهو ومن يمن سبع بتقديم سينها وقد كملت فشكر لربك إحسانه أفاده ح عن الشرنبلالية
قوله ( جعرانة ) بكسر العين وتشديد الراء والأفصح إسكان العين وتخفيف الراء وتمامه في ط
فصل في الإحرام مناسبة ذكره بعد ذكر المواقيت التي لا يجوز للإنسان أن يجاوزها إلا محرما واضحة
وهو لغة مصدر أحرم إذا دخل في حرمة لا تنتهك ورجل حرام أي محرم كذا في الصحاح
وشرعا الدخول في حرمات مخصوصة أي التزامها غير أنه لا يتحقق شرعا إلا بالنية مع الذكر أو الخصوصية كذا في الفتح فهما شرطان في تحققه لا جزء ماهيته كما توهمه في البحر حيث عرفه بنية النسك من الحج والعمرة مع الذكر أو الخصوصية
نهر
والمراد بالذكر التلبية ونحوها وبالخصوصية ما يقوم مقامها من سوق الهدي أو تقليد البدن فلا بد من التلبية أو ما يقوم مقامها فلو نوى ولم يلب أو بالعكس لا يصير محرما وهل يصير محرما بالنية والتلبية أو بأحدهما بشرط الآخر المعتمد ما ذكره الحسام الشهيد أنه بالنية لكن عند التلبية كما يصير شارعا في الصلاة بالنية لكن بشرط التكبير لا بالتكبير كما في شرح اللباب ولا يشترط لصحته زمان ولا مكان ولا هيئة ولا حالة فلو أحرم لابسا للمخيط أو مجامعا انعقد في الأول صحيحا وفي الثاني فاسدا كما في اللباب
قوله ( وصفة المفرد بالحج ) أي والأوصاف التي يفعلها الحاج المفرد بعد تحقق دخوله فيه الإحرام فهو عطف مغاير فافهم وقدم الكلام في المفرد على القارن والمتمتع لأنه بمنزلة المفرد من المركب
قوله ( النسك ) أي العبادة ثم غلب على عبادة الحج أو العمرة
____________________
(2/479)
قوله ( كتكبيرة الافتتاح ) المراد بها الذكر الخالي عن الدعاء لأن لفظ التكبير واجب لا شرط
قوله ( فالصلاة الخ ) زاد في التفريع قوله وتحليل لتأكيد المشابهة وتحليل الصلاة بالسلام ونحوه وتحليل الحج بالحلق والطواف على ما سيأتي
قوله ( ثم الحج أقوى ) أي من الصلاة ولم يقل أفضل لما قدمناه أول كتاب الزكاة عن التحرير وشرحه من أن الأفضل الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم العمرة والجهاد والاعتكاف
قوله ( من وجهين الخ ) الأولى تقديم الثاني على الأول كما فعل في البحر
قوله ( ولو مظنونا ) بيان للإطلاق فلو أحرم بالحج على ظن أنه عليه ثم ظهر خلافه وجب المضي فيه والقضاء إن أبطله بخلاف المظنون في الصلاة فإنه لا قضاء لو أفسده
بحر
واختلفوا في وجوب قضائه على المحصر والأصح الوجوب أيضا كما سنذكره في بابه
قوله ( لا يخرج عنه الخ ) بخلاف الصلاة فإنه يخرج عنها بكل ما ينافيها وأنه يحرم عليه المضي في فاسدها
وأما الحج فيجب المضي في فاسده
بجماع قبل الوقوف كصحيحه
قوله ( إلا بعمل ) استثناء من مقدر والأصل لا يخرج عنه في حالة من الأحوال بعمل من الأعمال إلا بعمل الخ
وقوله إلا في الفوات وإلا الإحصار استثناء من حالة القدرة فالاستثناء الأول من أعم الظروف والثاني من أعم الأحوال فافهم
قوله ( فبعمل العمرة ) أي يتحلل عنه بعمرة لفوات الوقت وعليه الحج من قابل
قوله ( فبذبح الهدي ) أي يتحلل عنه بعد ذبح هدي في الحرم
قوله ( وغسله أحب ) لأنه سنة مؤكدة والوضوء يقوم مقامه في حق إقامة السنة المستحبة لا الفضيلة أي لا فضيلة السنة المؤكدة
لباب وشرحه لكن في القهستاني عن الاختيار و المحيط إنهما مستحبان
قوله ( وهو ) أي الغسل كما هو المتبادر وصريح كلام غير واحد
قوله ( فيجب ) أي يطلب استحبابا وهذا يؤيد ما في القهستاني إلا أن يفرق بين الحائض والنفساء وغيرهما أو يكون المراد بيحب يسن لأن المسنون محبوب للشارع
تأمل
قوله ( في حق حائض ونفساء ) أي قبل انقطاع دمهما بقرينة التفريع إذ بعد الانقطاع يكون طهارة ونظافة والمراد من التفريع بيان صورة لا توجد فيها الطهارة ليعلم أنه لم يشرع لأجلها فقط
قوله ( وصبي ) صرح به في الفتح وغيره لكن الصبي إن كان عاقلا يكون غسله طهارة لأنه ليس المراد بها طهارة الجنابة بل طهارة الصلاة فإن غسل الجمعة والعيدين للطهارة والنظافة معا كما في النهر مع أنه يسن لغير الجنب وحينئذ فعطف الصبي على الحائض يوهم أن غسله لا يكون إلا للنظافة فيتعين أن يراد به غير العاقل هنا فيكون ذكره إشارة لقول النهر واعلم أنه ينبغي أن يندب الغسل أيضا لمن أهل عنه رفيقه أو أبوه لصغره لقولهم إن الإحرام قائم بالمغمى عليه والصغير لا بمن أتى به لجوازه مع إحرامه عن نفسه وقد استقر ندبه لكل محرم اه فافهم
قوله ( ليس بمشروع ) جزم به غير واحد كالزيلعي و البحر و النهر و الفتح وفيه رد على ما في مناسك العماد من أنه إن عجز عنهما تيمم إلا أن يحمل ما إذا أراد صلاة الإحرام
قوله ( بخلاف الجمعة والعيد ) قال في البحر يعني أن الغسل فيهما للطهارة لا للتنظيف ولهذا يشرع التيمم لهما عند العجز
قوله ( لكن سوى ) أي في عدم مشروعية التيمم
قوله ( ورجحه في النهر ) حيث قال إنه التحقيق كذا اعترض في البحر علي الزيلعي بأن التيمم لم يشرع لهما عند العجز إذا كان طاهرا عن الجنابة ونحوها
____________________
(2/480)
والكلام فيه لأنه ملوث ومغبر لكن جعل طهارة ضرورة أداء الصلاة ولا ضرورة فيهما ولهذا سوى المصنف في الكافي بين الإحرام وبين الجمعة والعيدين اه
قوله ( وشرط الخ ) بالبناء للمجهول أي لأنه إنما شرع للإحرام حتى لو اغتسل فأحدث ثم أحرم فتوضأ لم ينل فضله كذا في البناية معزيا إلى جوامع الفقه
نهر
قوله ( وكذا يستحب الخ ) أي قبل الغسل كما في القهستاني و اللباب و السراج وفي الزيلعي عقيب الغسل
تأمل
والإزالة شاملة لقص الأظفار والشارب وحلق العانة أو نتفها أو استعمال النورة وكذا نتف الإبط
والعانة الشعر القريب من فرج الرجل والمرأة ومثلها شعر الدبر بل هو أولى بالإزالة لئلا يتعلق به شيء من الخارج عند الاستنجاء بالحجر
قوله ( وحلق رأسه إن اعتاده ) كذا في البحر و النهر وغيرهما خلافا لما في شرح اللباب حيث جعله من فعل العامة
قوله ( ولا مانع ) الواو للحال
قوله ( ولبس إزار ) بالإضافة
وفي بعض نسخ إزارا بالنصب على أن لبس فعل ماضي ثم هذا في حق الرجل
قوله ( من السرة إلى الركبة ) بيان لتفسير الإزار والغاية داخلة لأن الركبة من العورة
قوله ( على ظهره ) بيان لتفسير الرداء
قال في البحر والرداء على الظهر والكتفين والصدر
قوله ( فإن زرره الخ ) وكذا لو شده بحبل ونحوه لشبهه حينئذ بالمخيط من جهة أنه لا يحتاج إلى حفظه بخلاف شد الهميان في وسطه لأنه يشد تحت الإزار عادة
أفاده في فتح القدير أي فلم يكن القصد منه حفظ الإزار وإن شده فوقه
قوله ( ويسن أن يدخله الخ ) هذا يسمى اضطباعا وهو مخالف لقول البحر والرداء على الظهر والكتفين والصدر وما هنا عزاه القهستاني للنهاية وعزاه في شرح اللباب للبرجندي عن الخزانة ثم قال وهو موهم أن الاضطباع يستحب من أول أحوال الإحرام وعليه العوام وليس كذلك فإن محله المسنون قبيل الطواف إلى انتهائه لا غير اه
قال بعض المحشين وفي شرح المرشدي على مناسك الكنز أنه الأصح وأنه السنة ونقله في المنسك الكبير للسندي عن الغاية و مناسك الطرابلسي و الفتح
وقال إن أكثر كتب المذهب ناطقة بأن الاضطجاع يسن في الطواف لا قبله في الإحرام وعليه تدل الأحاديث وبه قال الشافعي اه وكذا نقل القهستاني عن عدة المناسك لصاحب الهداية أن عدمه أولى
قوله ( جديدين ) أشار بتقديمه إلى أفضليته وكونه أبيض أفضل من غيره وفي عدم غسل العتيق ترك المستحب
بحر
قوله ( ككفن الكفاية ) التشبيه في العدد والصفة ط
قوله ( وهذا ) أي لبس الإزار والرداء على هذه الصفة بيان للسنة وإلا فساتر العورة كاف فيجوز في ثوب واحد وأكثر من ثوبين وفي أسودين أو قطع خرق مخيطة أي المسماة مرقعة والأفضل أن لا يكون فيها خياطة
لباب
بل لو لم يتجرد عن المخيط أصلا ينعقد إحرامه كما قدمناه عن اللباب أيضا وإن لزمه دم ولو لعذر إذا مضى عليه يوم وليلة وإلا فصدقة كما يأتي في الجنايات
قوله ( وطيب بدنه ) أي استحبابا عند الإحرام
زيلعي
ولو بما تبقى عينه كالمسك والغالية هو المشهور
نهر
قوله ( إن كان عنده ) أفاد أنه لو لم يكن عنده لا يطلبه كما في العناية وأنه من سنن الزوائد لا الهدي كما في السراج
نهر
قوله ( بما تبقى عينه ) والفرق بين الثواب والبدن أنه اعتبر في البدن تابعا والمتصل بالثوب منفصل عنه وأيضا المقصود من استنانه وهو حصول الارتفاق حالة المنع منه حاصل بما في البدن فأغنى عن تجويزه في الثوب
نهر
قوله ( ندبا )
____________________
(2/481)
وفي الغاية أنها سنة
نهر
وبه جزم في البحر و السراج
قوله ( بعد ذلك ) أي بعد اللبس والتطييب
بحر
قوله ( يعني ركعتين ) يشير إلى أن الأولى التعبير بهما كما فعل في الكنز لأن الشفع يشمل الأربع
قوله ( وتجزيه المكتوبة ) كذا في الزيلعي و الفتح و النهر و اللباب وغيرها وشبهوها بتحية المسجد
وفي شرح اللباب أنه قياس مع الفارق لأن صلاة الإحرام سنة مستقلة كصلاة الاستخارة وغيرها مما لا تنوب الفريضة منابها بخلاف تحية المسجد وشكر الوضوء فإنه ليس لهما صلاة على حدة كما حققه في فتاوي الحجة فتتأدى في ضمن غيرها أيضا اه
ونقل بعضهم أنه رد عليه الشيخ حنيف الدين المرشدي
قوله ( بلسانه مطبقا لجنانه ) أي لقلبه يعني أن دعاءه يطلب التيسير والتقبل لا بد أن يكون مقرونا بصدق التوجه إلى الله تعالى لأن الدعاء بمجرد اللسان عن قلب غافل لا يفيد وليس هذا بنية للحج كما نذكره قريبا فافهم
قوله ( لمشقته الخ ) لأن أداءه في أزمنة متفرقة وأمكنة متباينة فلا يعرى عن المشقة غالبا فيسأل الله تعالى التيسير لأنه الميسر كل عسير
زيلعي
قوله ( لقول إبراهيم وإسماعيل ) عليهما السلام تعليل لقوله تقبله مني لأنهما لما طلبا ذلك في بناء البيت ناسب طلبه في قصده للحج إليه فإن العبادة في المساجد عمارة لها فافهم
قوله ( وكذا المعتمر ) لوجود المشقة في العمرة وإن كانت أدنى من مشقة الحج
قوله ( والقارن ) فيقول اللهم إني أريد الحج والعمرة الخ
قال ح وترك المتمتع لأنه يفرد الإحرام بالحج ويفرده بالعمرة فهو داخل فيما قبله
قوله ( وقيل ) عزاه في التحفة و القنية إلى محمد كما في النهر
قوله ( وما في الهداية أولى ) كذا في النهر
قال الرحمتي ولكن ما أعظم الصلاة وما أصعب أداءها على وجهها وما أحرى طلب تيسيرها من الله تعالى فلذا عممه الزيلعي تبعا لغيره من الأئمة
قوله ( ناويا بها الحج ) قال في النهر فيه إيماء إلى أنها غير حاصلة بقوله اللهم إني أريد الحج الخ لأن النية أمر آخر وراء الإرادة وهو العزم على الشيء كما قال البزازي وقد أفصح عن ذلك ما قاله الراغب إن دواعي الإنسان للفعل على مراتب السانح ثم الخاطر ثم الفكر ثم الإرادة ثم الهمة ثم العزم
ولو قال بلسانه نويت الحج وأحرمت به لبيك الخ كان حسنا ليجتمع القلب واللسان كذا في الزيلعي
قال في الفتح وعلى قياس ما قدمناه في شروط الصلاة إنما يحسن إذا لم تجتمع عزيمته لا إذا اجتمعت ولم نعلم أن أحدا من الرواة لنسكه روى أنه سمعه يقول نويت العمرة ولا الحج ولهذا قال مشايخنا إن الذكر باللسان حسن ليطابق القلب اه
قال في البحر فالحاصل أن التلفظ باللسان بالنية بدعة مطلقا في جميع العبادات اه
لكن اعترضه الرحمتي بما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه سمعتهم يصرخون بهما جميعا
وعنه ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما إلى غير ذلك مما هو مصرح بالنطق بما يفيد معنى النية ولم يقل أحد إن النية تتعين بلفظ مخصوص لا وجوبا ولا ندبا فكيف يقال إنها لم توجد في كلام أحد من الرواة فتأمل اه
قلت قد يجاب بأن المراد نفي التصريح بلفظ نويت الحج وإن ما ورد من الإهلال المذكور هو ما في ضمن الدعاء بالتيسير والتقبل وقد علمت أن هذا ليس بنية وإنما النية في وقت التلبية كما أشار إليه المصنف كغيره بقوله ناويا أو هو ما يذكره في التلبية
ففي اللباب وشرحه ويستحب أن يذكر في إهلاله أي في رفع صوته بالتلبية ما أحرم
____________________
(2/482)
به من حج أو عمرة فيقول لبيك بحجة ومثله في البدائع
تأمل
قوله ( بيان للأكمل ) راجع إلى قوله تنوي بها الحج كما في البحر
قوله ( بمطلق النية ) من إضافة الصفة للموصوف أي بالنية المطلقة عن التقييد بالحج بأن نوى النسك من غير تعيين حج أو عمرة ثم إن عين قبل الطواف فيها وإلا صرف للعمرة كما يأتي
قال في اللباب وتعيين النسك ليس بشرط فصح مبهما وبما أحرم به الغير
ثم قال في موضع آخر ولو أحرم بما أحرم به غيره فهو مبهم فيلزمه حجة أو عمرة وقيده شارحه بما إذا لم يعلم بما أحرم به غيره اه وكذا لو أطلق نية الحج صرف للفرض ويأتي تمامه قريبا قبيل قوله ولو أشعرها
قوله ( ولو بقلبه ) لأن ذكر ما يحرم به في الحج أو العمرة باللسان ليس بشرط كما في الصلاة زيلعي
قوله ( بذكر يقصد به التعظيم ) أي ولو مشوبا بالدعاء على الصحيح
شرح اللباب
وفي الخانية ولو قال اللهم ولم يزد قال الإمام ابن الفضل هو على الاختلاف الذي ذكرناه في الشروع في الصلاة
والحاصل أن اقتران النية بخصوص التلبية ليس بشرط بل هو السنة وإنما الشرط اقترانها بأي ذكر كان وإذا لبى فلا بد أن تكون باللسان
قال في اللباب فلو ذكرها بقلبه لم يعتد بها والأخرس يلزمه تحريك لسانه وقيل لا بل يستحب اه
ومال شارحه إلى الثاني لأن الأصح أنه لا يلزمه التحريك في القراءة للصلاة فهذا أولى لأن الحج أوسع ولأن القراءة فرض قطعي متفق عليه بخلاف التلبية
قوله ( ولو بالفارسية ) أي أو غيرها كالتركية والهندية كما في اللباب وأشار إلى أن العربية أفضل كما في الخانية
قوله ( وإن أحسن العربية والتلبية ) أي بخلاف الصلاة لأن باب الحج أوسع حتى قام غير الذكر مقامه كتقليد البدن
ح عن الشرنبلالية وفيه أن الشروع في الصلاة يتحقق بالفارسية ولو مع القدرة على العربية وقدمه الشارح هناك ونبه على ما وقع للشرنبلالي وغيره من الاشتباه حيث جعلوا الشروع كالقراءة ط
قوله ( وهي لبيك اللهم لبيك ) أي أقمت ببابك إقامة بعد أخرى وأجبت نداءبك إجابة بعد أخرى وجملة اللهم بمعنى يا الله معترضة بين المؤكد والمؤكد
شرح اللباب
فالتثنية لإفادة التكرار كما في { ثم ارجع البصر كرتين } أي كرات كثيرة وتكرار اللفظ لتوكيد ذلك ويوجد في بعض النسخ بعد اللهم لبيك لبيك مرتين وهو الموافق لما في الكنز و الهداية و الجوهرة و اللباب وغيرها فتكون إعادته ثالثا لمبالغة التأكيد قال بعض المحشين وقد استحسن الشافعية الوقف على لبيك الثالثة ولم أره لأئمتنا فراجعه اه
قلت مقتضى ما في القهستاني الوقف على الثانية فإنه تكلم على قوله لبيك اللهم لبيك ثم قال لبيك لا شريك لك استئناف فإن مفاده أن الاستئناف بقوله لبيك الثالثة لا بقوله لا شريك لك وهو مفاد ما في شرح اللباب أيضا
قوله ( بكسر الهمزة وتفتح ) والأول أفضل
قال في المحيط لأنه عليه الصلاة والسلام فعله ورده في البناية بأنه لم يعرف نعم علل أكثرهم الأفضلية بأنه استئناف للثناء فتكون التلبية للذات بخلاف الفتح فإنه تعليل للتلبية أي لبيك لأن الحمد لك والنعمة والملك أو تعليق الإجابة التي لا نهاية لها بالذات أولى منه باعتبار صفة
واعترض بأن الكسر يجوز أن يكون تعليلا مستأنفا أيضا ومنه { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } التوبة 103 { إنه ليس من أهلك } هود 46 ومنه علم ابنك العلم إن العلم نافعه وأجيب بأنه وإن جاز فيه كل منهما إلا أنه يحمل هنا على الاستئناف لأولويته بخلاف الفتح إذ ليس فيه سوى التعليل وحكى الشراح عن الإمام الفتح وعن محمد والكسائي والفراء الكسر
____________________
(2/483)
إلا أن المذكور في الكشاف أن اختيار الإمام الكسر والشافعي الفتح وهو الذي يعطيه ظاهر كلامهم
نهر
قوله ( بالفتح ) الأصوب بالنصب لأنه معرب لا مبني وعبارة النهر بالنصب على المشهور ويجوز الرفع الخ
قوله ( أو مبتدأ ) وخبره لك وعليه فخبر إن محذوف لدلالة ما بعده عليه والأولى جعل لك خبر إن وخبر المتبدإ محذوف كما قرروا الوجهين في قوله تعالى { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن } البقرة 62 الآية فافهم
قوله ( والملك ) بالنصب وجوز الرفع وعلى كل فالخبر محذوف واستحسن الوقف عليه لئلا يتوهم أن ما بعده خبره
شرح اللباب
ونقل بعضهم أنه مستحب عند الأئمة الأربعة
تنبيه في اللباب وشرحه ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية ثم يخفضه ويصلي على النبي ثم يدعو بما شاء ومن المأثور اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من غضبك والنار وفيه أيضا وتكرارها سنة في المجلس الأول وكذا في غيره وعند تغير الحالات مستحب مؤكدا والإكثار مطلقا مندوب ويستحب أن يكررها كلما شرع فيها ثلاثا على الولاء ولا يقطعها بكلام
قوله ( وزد فيها ) ولا تستحب الزيادة من غير المأثور كما في العناية خلافا لما مر في النهر فافهم نعم في شرح اللباب ما وقع مأثورا يستحب بأن يقول لبيك وسعديك والخير كله بيديك والرغباء إليك إله الخلق لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا لبيك إن العيش عيش الآخرة وما ليس مرويا فجائز أو حسن
قوله ( أي عليها ) فالظرف بمعنى على كما أفاده الزيلعي
قال في النهر فافهم لأن الزيادة إنما تكون بعد الإتيان بها لا في خلالها كما في السراج اه
فما مر من لبيك وسعديك الخ ونقله في النهر عن ابن عمر يأتي به بعد التلبية لا في أثنائها فافهم
قوله ( تحريما لقوله إنها مرة شرط ) تبع فيه النهر مخالفا للبحر ولا يخفى ما فيه فإنه إن أراد أن الشرط خصوص الصيغة المارة ففيه أن ظاهر المذهب كما في الفتح أنه يصير محرما بكل ثناء وتسبيح وقد مر وإن أراد بها مطلق الذكر فلا يفيد مدعاه وهو كراهة نقص هذه الصيغة تحريما فالحق ما في البحر من أن خصوص التلبية سنة فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة التنزيه فإذا نقص عنها فكذلك بالأولى وأن قول الكافي النسفي لا يجوز فيه نظر ظاهر وقول من قال إنها شرط مراده ذكر يقصد به التعظيم لا خصوصها اه
قوله ( والزيادة سنة ) أي تكرارها كما قدمناه عن اللباب وأما الزيادة على الصيغة فقد مر أنها مندوبة وهو معنى ما في الكافي وغيره أنها مستحبة فافهم
قوله ( وبترك رفع الصوت بها ) أي بالتلبية ومقتضاه أن الرفع سنة وبه صرح في النهر عن المحيط وهو خلاف ما قدمناه وصرح به في البحر و الفتح من أنه مستحب لكن ذكر في البحر في غير هذا الموضع أن الإساءة دون الكراهة فلا يلزم من قول الشارح تبعا للمحيط أنه يكون مسيئا بتركه أن يكون سنة مؤكدة
تأمل
مطلب فيما يصير به محرما قوله ( وإذا لبى ناويا ) قيل الأولى أن يقول وإذا نوى ملبيا لأن عبارته تفيد أنه يصير شارعا بالتلبية بشرط النية والواقع عكسه اه أي على ما هو قول الحسام الشهيد كما مر أول الباب والجواب كما في الفتح تبعا للزيلعي أن هذه العبارة لا يستفاد منها إلا أنه يصير محرما عند النية والتلبية أما إن الإحرام بهما أو بأحدهما بشرط الآخر فلا فالعبارتان على حد سواء كما ذكره في النهر فافهم
قوله ( نسكا ) أي معينا كحج أو عمرة أو مبهما لما مر
____________________
(2/484)
ويأتي أيضا أن صحة الإحرام لا تتوقف على نية النسك أي على تعيينه وليس المراد أنها لا تتوقف على نية نسك أصلا فافهم
قوله ( أو ساق الهدي الخ ) بيان لما يقوم مقام التلبية من الأفعال كما يأتي لكن لو حذف هذا واقتصر على قوله أو قلد بدنة الخ كما فعل في الكنز لكان أخصر وأظهر لأن الهدى يشمل الغنم بخلاف البدنة فإنها تخص الإبل والبقر وإذا قلد شاة لم يكن محرما وإن ساقها كما صرح به في البحر وسيأتي ولذا اعترض في شرح اللباب على قوله ويقوم تقليد الهدي مقام التلبية كان حقه أن يعبر بالبدنة بدل الهدي
وحاصل المسألة كما في شرح اللباب إن قامة البدن مقام التلبية شرائط
فمنها النية ومنها سوق البدنة والتوجه معها أو الإدراك والسوق إن بعث بها ولم يتوجه معها إلا في بدنة المتعة والقران فلو قلد هديه ولم يسق أو ساق ولم يتوجه معه ثم توجه بعد ذلك يريد النسك فإن كانت البدنة لغير المتعة والقران لا يصير محرما حتى يلحقها فإذا أدركها وساقها صار محرما
قوله ( أي ربط الخ ) وكيفيته أن يفتل خيطا من صوف أو شعر ويربط به نعلا أو عروة مزادة وهي السفرة من جلد أو لحاء شجرة أي قشرها أو نحو ذلك مما يكون علامة على أنه هدي لئلا يتعرض أحد له ولئلا يأكل منه غني إذا عطب وذبح
قوله ( أو في إحرام سابق ) قيد به لأن هذا الإحرام لا يتم شروعه فيه إلا بهذا التقليد ط
قوله ( ونحوه ) أي نحو جزاء الصيد من الدماء الواجبة
قوله ( كجناية ) أي في السنة الماضية
درر
قوله ( وتوجه معها ) أي سائقا لها
قال الكرماني ويستحب أن يكبر عند التوجه مع سوق الهدي ويقول الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد
شرح اللباب
قوله ( يريد الحج ) إذ لا بد مع ذلك من النية على الصواب كما صرح به الأصحاب
شرح اللباب
قوله ( ينبغي نعم ) البحث للشرنبلالي وعبارة شرح اللباب ناويا الإحرام بأحد النسكين صريحة في ذلك
قوله ( أو بعثها ثم توجه ) عطف على قوله وتوجه معها فأفاد أن الشرط أحد الشيئين إما أن يسوقها ويتوجه معها
وإما أن يبعثها ثم يلحقها ويتوجه معها
وهذا الشرط لغير المتعة والقران فلا يشترط فيهما التوجه معها ولا لحاقها كما أفاده بقولهم بعده أو بعثها لمتعة الخ فافهم
قوله ( ولحقها ) اقتصر على ذكر اللحوق لأنه شرط بالاتفاق
وأما السوق بعده فمختلف فيه ففي الجامع الصغير لم يشترطه واشترطه في الأصل فقال يسوقه ويتوجه معه
قال فخر الإسلام ذلك أمر اتفاقي وإنما الشرط أن يلحقه
وفي الكافي قال شمس الأئمة السرخسي في المبسوط اختلف الصحابة في هذه المسألة فمنهم من يقول إذا قلدها صار محرما ومنهم من يقول إذا توجه في أثرها صار محرما ومنهم من يقول إذا أدركها فساقها صار محرما فأخذنا بالمتيقن من ذلك وقلنا إذا أدركها وساقها صار محرما لاتفاق الصحابة على ذلك
شرح اللباب
قوله ( لزمه الإحرام بالتلبية الخ ) لأنه حين وصل إلى الميقات لم يكن محرما بالتقليد لعدم لحاق الهدي ولا يجوز له المجاوزة بدون الإحرام فلزم الإحرام بالتلبية رحمتي
قوله ( أو لقران ) صرح به لزيادة الإيضاح وإلا فقول المصنف لمتعة يشمل التمتع العرفي والقران كما أوضحه في البحر
قوله ( والتوجه ) أشار به إلى أن الأولى للمصنف تأخير قوله في أشهره عن قوله وتوجه بنية الإحرام ط
قوله ( في إشهره الخ ) لأن تقليد الهدى في غير أشهر الحج لا يعتد به لأنه فعل من أفعال المتعة وأفعال المتعة قبل أشهر الحج لا يعتد بها فيكون تطوعا
____________________
(2/485)
وفي هدي التطوع ما لم يدرك أو يسر معه لا يصير محرما كذا في شرح الجامع الصغير لقاضيخان
زيلعي
قوله ( وإلا لم يصر الخ ) أي بأن لم يوجد البعث والتوجه في الأشهر أو وجد التوجه دون البعث وقوله حتى لا يلحقها أي قبل الميقات ط
قوله ( وتوجه بنية الإحرام ) أفاد أن هذه الأشياء إنما قامت مقام الذكر دون النية ط
قوله ( فقد أحرم ) جواب قوله وإذا لبى ناويا الخ
قوله ( مختص بالإحرام ) احترز به عما لو أشعرها أو جللها إلى آخر ما يأتي
قوله ( لا تتوقف على نية نسك ) أي معين
قال في البحر وإذا أبهم الإحرام بأن لم يعين ما أحرم به جاز وعليه التعيين قبل أن يشرع في الأفعال فإن لم يعين وطاف شوطا كان للعمرة وكذا إذا أحصر قبل الأفعال فتحلل بدم تعين للعمرة فيجب قضاؤها لا قضاء حجة وكذا إذا جامع فأفسد وجب المضي في عمرة
قوله ( صرف للعمرة ) أما الحج فلا يصرف إليه إلا إذا عينه قبل أن يشرع في الأفعال كما في البحر لكن في اللباب وشرحه لو وقف بعرفة قبل الطواف تعين إحرامه للحجة ولو لم يقصد الحج في وقوفه
قوله ( ولو أطلق نية الحج ) بأن نوى الحج ولم يعين فرضا ولا نفلا
قوله ( ولو عين نفلا فنفل ) وكذا لو نوى الحج عن الغير أو النذر كان عما نوى وإن لم يحج للفرض كذا ذكره غير واحد وهو الصحيح المعتمد المنقول الصريح عن أبي حنيفة وأبي يوسف من أنه لا يتأدى الفرض بنية النفل
وروي عن الثاني وهو مذهب الشافعي وقوعه عن حجة الإسلام وكأنه قاسه على الصيام لكن الفرق أن رمضان معيار لصوم الفرض بخلاف وقت الحج فإنه موسع إلى آخر العمر ونظيره وقت الصلاة
شرح اللباب نعم وقت الحج له شبه بالمعيار باعتبار عدم صحة حجتين فيه فلذا يتأدى بمطلق النية بخلاف فرض الظهر مثلا فإن وقته ظرف من كل وجه
قوله ( بجرح سنامها ) الباء للتصوير وهو مكروه عند الإمام لأن كل أحد لا يحسنه فيلحق الحيوان به تعذيب ط
وأشار المصنف إلى أن الإشعار خاص بالإبل
قوله ( بوضع الجل ) أي على ظهرها وهو بالضم والفتح ما تلبسه الفرس لتصان به
قاموس
قوله ( لا لمتعة وقران ) وكذا لو لهما قبل أشهر الحج
رحمتي
قوله ( كما مر ) أي لحوقا كاللحوق الذي مر وهو كونه قبل الميقات وهذا محترز قوله ولحقها ط
قوله ( أو قلد شاة ) محترز قوله بدنة ط
قوله ( لعدم اختصاصه بالنسك ) لأن الإشعار قد يكون للمداواة والحل لدفع الحر والبرد والأذى ولأنه إذا لم يكن بين يديه هدي يسوقه عند التوجه لم يوجد إلا مجرد النية وبه لا يصير محرما وتقليد الشاة ليس بمتعارف ولا سنة
رحمتي
قوله ( بلا مهلة ) يشير إلى أن الأصوب أن يقول فيتقي بالفاء كما في القدوري و الكنز
مطلب من حج فلم يرفث الخ أي من وقت الإحرام هذا وفي النهر واعلم أنه يؤخذ ممن كلامه ما قاله بعضهم في قوله من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه إن ذلك من ابتداء الإحرام لأنه لا يسمى حاجا قبله اه
____________________
(2/486)
مطلب فيما يحرم بالإحرام وما لا يحرم قوله ( أي الجماع ) هو قول الجمهور شرح اللباب لقوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } البقرة 187 بحر
قوله ( أو ذكره بحضرة النساء ) هو قول ابن عباس وقيل ذكره ودواعيه مطلقا قيل وهو الأصح
شرح اللباب
وظاهر صنيع غير واحد ترجيح ما عن ابن عباس نهر
قلت والظاهر شمول النساء للحلائل لأنه من دواعي الجماع
تأمل
قوله ( أي الخروج ) إشارة إلى أن الفسوق مصدر لا جمع فسق كعلم وعلوم كما أشعر به تفسيرهم له بالمعاصي واختاره لمناسبته للرفث والجدال لأن المنهي عنه مطلق الفسق مفردا أو جمعا
أفاده في النهر
قوله ( والجدال ) أي الخصومة مع الرفقاء والخدم والمكارين
بحر
وما عن الأعمش أن من تمام الحج ضرب الجمال فقيل في تأويله إنه مصدر مضاف لفاعله لكن في شرح النقاية ورد أن الصديق رضي الله عنه ضرب جماله لتقصيره في الطريق اه
قلت وحينئذ فضربه لا للجدال بل لتأديبه وإرشاده إلى مراعاة الحفظ والعمل الواجب عليه حيث لم ينزجر بالكلام وبذلك يصح كونه من تمام الحج لكونه أمرا بمعروف ونهيا عن منكر
تأمل
قوله ( فإنه ) أي ما ذكر من الثلاثة
وفيه إشارة إلى وجه التنصيص عليها هنا تبعا للآية كلبس الحرير فإنه حرام مطلقا وفي الصلاة أشنع
قوله ( وقتل صيد البر ) أي مصيده إذ لو أريد به المصدر وهو الاصطياد لما صح إسناد القتل إليه
بحر
وعبر بالقتل دون الذبح لاستعماله في المحرم غالبا وهذا كذلك حتى لو ذكاه كان ميتة
قوله ( لا البحر ) ولو غير مأكول لقوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } المائدة 96 الآية
قوله ( والدلالة ) بالكسر في المحسوسات وبالفتح في المعقولات وهو الفصيح
رملي
قوله ( في الغائب ) أفاد به وبقوله في الحاضر الفرق بين الإشارة والدلالة
قلت والفرق أيضا أن الأولى باليد ونحوها والثانية باللسان ونحوه كالذهاب إليه
قوله ( إذا لم يعلم المحرم ) كذا في النهر والمراد به المدلول والأصوب التعبير به
قال في السراج ثم الدلالة إنما تعمل إذا اتصل بها القبض وأن لا يكون المدلول عالما بمكان الصيد وأن يصدقه في دلالته ويتبعه في أثرها أما إذا كذبه ولم يتبع أثره حتى دله آخر وصدقه واتبع أثره فقتله فلا جزاء على الدال اه
تتمة في حكم الدلالة الإعانة عليه كإعارة سكين ومناولة رمح وسوط وكذا تنفيره وكسر بيضه وقوائمه وجناحه وحلبه وبيعه وشراؤه وأكله وقتل القملة ورميها ودفعها لغيره والأمر بقتلها والإشارة إليها إن قتلها المشار إليه وإلقاء ثوبه في الشمس وغسله لهلاكها
لباب
قوله ( وإن لم يقصده ) قيل عليه التطيب معمول لقوله يتبقى ولا معنى لأمر غير غير القاصد بلاتقاء فيجاب بأن المراد غير قاصد للتطيب بل قاصد للتداوى ومع ذلك يكون محظورا عليه فعليه اتقاؤه
رحمتي
قوله ( وكره شمه ) أي فقط فلا شيء عليه به كما في الخانية وبهذا يشير إلى أن المراد بالتطيب استعماله في الثوب والبدن وقالوا لو لبس إزارا مبخرا لا شيء عليه لأنه ليس بمستعمل لجزء من الطيب وإنما حصل مجرد الرائحة ومن ثم قال في الخانية لو دخل بيتا قد بخر فيه واتصل بثوبه شيء منه لم يكن عليه شيء
نهر
قوله ( وقلم الظفر ) أي قطعه ولو واحدا بنفسه أو غيره بأمره أو قلم ظفر غيره إلا إذا انكسر بحيث لا ينمو فلا بأس به
____________________
(2/487)
عن القهستاني
قوله ( كله أو بعضه ) لكن في تغطية كل الوجه أو الرأس يوما أو ليلة دم الربع منهما كالكل وفي الأقل من يوم أو من الربع صدقة كما في اللباب وأطلقه فشمل المرأة لما في البحر عن غاية ممن أنها لا تغطي وجهها إجماعا اه أي وإنما تستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيء متجاف لا يمس الوجه كما سيأتي آخر هذا الباب وأما في شرح الهداية لابن الكمال من أنها لها ستره بملحفة وخمار وإنما المنهي عنه ستره بشيء فصل على قدره كالنقاب والبرقع فهو بحث عجيب أو نقل غريب مخالف لما سمعته من الإجماع ولما في البحر وغيره في آخر هذا الباب ثم رأيت بخط بعض العلماء في هامش ذلك الشرح أن هذا مما انفرد به المؤلف والمحفوظ عن علمائنا خلافه وهو وجوب عدم مماسة شيء لوجهها اه
ثم رأيت نحو ذلك نقلا عن منسك القطبي فافهم
قوله ( نعم في الخانية الخ ) استدراك على قوله أو بعضه لأنه يوهم أن هذا محظور مع أنه عده في اللباب من مباحات الإحرام وأما كلمة لا بأس فإنها لا تدل على الكراهة دائما ومنه قوله الآتي قريبا كره وإلا فلا بأس به فافهم
قوله ( والرأس ) أي رأس الرجل أما المرأة فتستره كما سيأتي
قوله ( بخلاف الميت ) يعني إذا مات محرما حيث يغطي رأسه ووجهه لبطلان إحرامه لموته لقوله إذا مات ابن إدم انقطع عمله إلا من ثلاث والإحرام عمل فهو منقطع ولهذا لا يبني المأمور بالحج على إحرام الميت اتفاقا وأما الأعرابي الذي وقصته ناقته فقال لا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا فهو مخصوص من ذلك بإخبار النبي ببقاء إحرامه وهو مفقود في غيره فقلنا بانقطاعه بالموت
أفاده في البحر وغيره وبه يحصل الجمع بين الحديثين ويؤيده أن قوله فإنه يبعث الخ واقعة حال ولا عموم لها كما تقرر في الأصول فلا يدل على أن غير الأعرابي مثله في ذلك
قوله ( وبقية البدن ) بالجر عطفا على الميت أي وبخلاف ستر بقية البدن سوى الرأس والوجه فإنه لا شيء عليه لو عصبه ويكره إن كان بغير عذر
لباب
وفي شرحه وينبغي استثناء الكفين لمنعه من لبس القفازين
اه
قلت وكذا القدمين مما فوق معقد الشراك لمنعه من لبس الجوربين كما يأتي إلا أن يكون مراده بالستر التغطية بما لا يكون لبسا فستر اليدين أو الرجلين بالقفازين أو الجوربين لبس فتأمل
قوله ( ما لم يمتد يوما وليلة الخ ) الواو بمعنى أو لأن لبس المعتاد يوما أو ليلة موجب للدم فغير المعتاد كذلك موجب للصدقة
ط
قلت لكن لينظر من أين أخذ الشارح ما ذكره فإن الذي رأيته في عدة كتب أنه لو غطى رأسه بغير معتاد كالعدل ونحوه لا يلزمه شيء فقد أطلقوا عدم اللزوم وقد عد ذلك في اللباب من مباحات الإحرام نعم في النهر عن الخانية لو حمل المحرم على رأسه شيئا يلبسه الناس يكون لابسا وإن كان لا يلبسه الناس كالإجانة ونحوها فلا ويكره له تعصيب رأسه ولو فعل ذلك يوما وليلة كان عليه صدقة اه
والظاهر أن الإشارة للتعصيب وكأن الشارح أرجعها للحمل أيضا
تأمل
قوله ( وقالوا الخ ) نص عليه في اللباب وغيره وكذا نص على أنه يكره كب وجهه على وسادة بخلاف خديه
قال شارحه وكذا وضع رأسه عليها فإنه وإن لزم منه تغطية بعض وجهه أو رأسه إلا أنه الهيئة المستحبة في النوم بخلاف الوجه اه
قوله ( كره ) ظاهر إطلاقه إنها تحريمية ط
قوله ( بالخطمي ) بكسر الخاء نبت
نهر
والمراد الغسل بماء مزج فيه كما في القهستاني
قوله ( لأنه طيب الخ ) أشار إلى الخلاف في علة وجوب اتقائه فالوجوب متفق عليه وإنما الخلاف في علته وفي موجبه فيتقيه عند الإمام لأن له رائحة طيبة وإن لم تكن
____________________
(2/488)
زكية وموجبة دم وعندهما لأنه يقتل الهوام ويلين الشعر وموجبه صدقة ومنشأ الخلاف الاشتباه فيه ولذا قال بعضهم لا خلاف في خطمي العراق لأن له رائحة طيبة
أفاده في النهر
قوله ( بخلاف صابون ) في جنايات الفتح لو غسل بالصابون والحرض لا رواية فيه وقالوا لا شيء فيه لأنه ليس بطيب ولا يقتل اه
ومقتضى التعليل عدم وجوب الدم والصدقة اتفاقا ولذا قال في الظهيرية
وأجمعوا أنه لا شيء عليه اه
ومثله في البحر وكذا في القهستاني عن شرح الطحاوي فافهم
قوله ( ودلوك ) بفتح الدال قيل هو نبت بأرض الحجاز معروف كالأشنان غير أنه أسود والأشنان أبيض يرطب البدن ويزيل الحكة والجرب
قوله ( وأشنان ) قيل هو بضم الهمزة وكسره كما في القاموس ويسمى حرضا أيضا
قوله ( وسدر ) هو ورق النبق ح
قوله ( وهو مشكل ) فإن السدر كالخطمي يقتل الهوام ويلين الشعر فكان ينبغي وجوب الصدقة عندهما كما في المنح والصابون والأشنان فيهما ذلك أيضا
رحمتي
زاد غيره أن للصابون طيب رائحة
قلت وفيه نظر فقد علمت الاتفاق على أن لا شيء فيه من دم ولا صدقة لأنه ليس بطيب ولا يقتل فافهم
قوله ( وحلق رأسه ) وكذا رأس غيره ولو حلالا
لباب
قوله ( وإزالة شعر بدنه ) أي بقية بدنه كالشارب والإبط والعانة والرقبة والمحاجم كما في اللباب
قال في البحر والمراد إزالة شعره كيفما كان حلقا وقصا ونتفا وتنورا وإحراقا من أي مكان كان من الرأس والبدن مباشرة أو تمكينا
قوله ( أي كل معمول الخ ) أشار به إلى أن المراد الممنع عن لبس المخيط وإنما خص المذكورات لذكرها في الحديث
وفي البحر عن مناسك ابن أمير حاج الحلبي أن ضابطه لبس كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يحيط به بخياطة أو تلزيق بعضه ببعض أو غيرهما ويستمسك عليه بنفس لبس مثله إلا المكعب اه
قلت فخرج ما خيط بعضه ببعض لا بحيث يحيط بالبدن مثل المرقعة فلا بأس بلبسه كما قدمناه وأفاد قوله أو بعضه حرمة لبس القفازين في ديت الرجل وبه صرح السندي في منسكه الكبير وتبعه القاري في شرح اللباب وأما المرأة فيندب لها عدمه كما في البدائع وتمامه فيما علقناه على البحر
قوله ( كزردية ) هي الدرع الحديد كما يفهم من القاموس وفيه البرنس بالضم قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه أي كالذي يلبسه المغاربة يستر من الرأس إلى القدم
قوله ( وقباء ) بالمد المنفرج من أمام ط
قوله ( ولو لم يدخل الخ ) في اللباب من المكروهات إلقاء القباء والعباء ونحوهما على منكبه من غير إدخال يديه في كميه وفيه من فصل الجنايات ولو ألقى القباء على منكبيه وزره يوما فعليه دم وإن لم يدخل يديه في كميه وكذا لو لم يزره ولكن أدخل يديه في كميه ولو ألقاه ولم يزره ولم يدخل يديه في كميه فلا شيء عليه سوى الكراهة اه
وفي شرحه أن إدخال إحدى اليدين في الكم كاليدين فقول جاز المراد به نفي الجزاء لما علمت من كراهته ويؤيده قوله عندنا أي عند أئمتنا الثلاثة خلافا لزفر حيث قال عليه دم كما في شرح اللباب
واعترض على اللباب حيث ذكره في مباحات الإحرام بعد ما ذكر في مكروهاته وقال فالصواب أن يقول وإلقاء القباء ونحوه على نفسه وهو مضطجع كما ذكره في الكبير اه
والحاصل أن الممنوع عنه لبس المخيط اللبس المعتاد ولعل وجه كراهة إلقاء نحو القباء والعباء على الكتفين
____________________
(2/489)
أنه كثيرا ما يلبس كذلك
تأمل
قوله ( وعمامة ) بالكسر وقلنسوة ما يلبس في الرأس كالعرقية والتاج والطربوش ونحو ذلك
قوله ( وخفين ) أي للرجال فإن المرأة تلبس المخيط والخفين كما في قاضيخان قهستاني
قوله ( إلا أن لا يجد نعلين الخ ) أفاد أنه لو وجدهما لا يقطعه لما فيه من إتلاف المال بغير حاجة أفاده في البحر وما عزي إلى الإمام من وجوب الفدية إذا قطعهما مع وجود النعلين خلاف المذهب كما في شرح اللباب
قوله ( فيقطعهما ) أما لو لبسهما قبل القطع يوما فعليه دم وفي أقل صدقة
لباب
قوله ( أسفل من الكعبين ) الذي في الحديث وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين وهو أفصح مما هنا
ابن كمال
والمراد قطعهما بحيث يصير الكعبان وما فوقهما من الساق مكشوفا لا قطع موضع الكعبين فقط كما لا يخفى والنعل هو المداس بكسر الميم وهو ما يلبسه أهل الحرمين ممن له شراك
قوله ( عند معقد الشراك ) وهو المفصل الذي في وسط القدم كذا روى هشام عن محمد بخلافه في الوضوء فإنه العظم الناتىء أي المرتفع ولم يعين في الحديث أحدهما لكن لما كان الكعب يطلق عليهما حمل على الأول احتياطا لأن الأحوط فيما كان أكثر كشفا
بحر
قوله ( فيجوز الخ ) تفريع على ما فهم مما قبله وهو جواز لبس ما لا يغطي الكعب الذي في وسط القدم
والسرموزة قيل هو المسمى بالبابوج
وذكر ح أن الظاهر أنها التي يقال لها الصرمة
قلت الأظهر الأول لأن الصرمة المعروفة الآن هي التي تشد في الرجل من العقب وتستره والظاهر أنه لا يجوز ستره فيجب إذا لبسها أن لا يشدها من العقب وإذا كان وجهها أو وجه البابوج طويلا بحيث ستر الكعب الذي في وسط القدم يقطع الزائد الساتر أو يحشو في داخله خرقة بحيث تمنع دخول القدم كلها ولا يصل وجهه إلى الكعب وقد فعلت ذلك في وقت الإحرام احترازا عن قطع وجه البابوج لما فيه من الإتلاف
قوله ( وثوب ) بالجر عطف على قميص وفي بعض النسخ ثوبا بالنصب عطفا على محل قميص وأطلقه فشمل المخيط وغيره لكن لبس المخيط المطيب تتعدد فيه الفدية على الرجل كما في اللباب
قوله ( بما له طيب ) أي رائحة طيبة
قوله ( وهو الكركم ) فيه نظر
ففي الصحاح الكركم الزعفران وفيه أيضا والورس نبت أصفر يكون باليمن يتخذ منه الغمرة للوجه
وفي النهاية عن القانون الورس شيء أحمر قاني يشبه سحيق الزعفران وهو مجلوب من اليمن
قوله ( في الأصح ) وقيل بحيث لا يتناثر وهو غير صحيح لأن العبرة للتطيب لا للتناثر ألا ترى أنه لو كان ثوب مصبوغ له رائحة طيبة ولا يتناثر منه شيء فإن المحرم يمنع منه كما في المستصفى و بحر
قوله ( لا ينفي الاستحمام الخ ) شروع في مباحات الإحرام وفي شرح اللباب ويستحب أن لا يزيل الوسخ بأي ماء كان بل يقصد الطهارة أو رفع الغبار والحرارة
قوله ( لحديث البيهقي الخ ) ذكر النووي أنه ضعيف جدا وقال ابن حجر في شرح الشمائل موضوع باتفاق الحفاظ ولم يعرف الحمام ببلادهم إلا بعد موته
قوله ( والاستظلال الخ ) أي قصد الانتفاع بظل بيت من شعر أو مدر ومحمل بفتح الميم الأول أو كسر الثانية أو عكسه
قوله ( كما مر ) أي في شرح قوله وستر الوجه والرأس
قوله ( وشدهميان ) هو شيء يشبه تكة السراويل يشد على الوسط وتوضع فيه الدراهم
شمني
وفي القاموس هو التكة والمنطقة وكيس للنفقة يشد في الوسط اه
ولا فرق بين كون النفقة له أو لغيره كما في شرح اللباب ولا بين شده فوق الإزار أو تحته
____________________
(2/490)
لأنه لم يقصد به حفظ الإزار بخلاف ما إذا شد إزاره بحبل مثلا كما قدمناه
قوله ( ومنطقة ) بكسر الميم وفتح الطاء وتسمى بالفارسية كمر كما في العيني
قوله ( وسيف ) أي وشد سيف أي شد حمائله في وسطه
قوله ( وسلاح ) تعميم بعد تخصيص وهو ما يقاتل به فلا يدخل فيه الدرع لأنه يلبس
قوله ( وتختم واكتحال ) عطف على ما قبله فيصير التقدير ولا يتقي شد تختم واكتحال ولا معنى له إلا أن يراد بالشد الاستعمال من باب ذكر المقيد وإرادة المطلق مجازا مرسلا ولو قال وتختما واكتحالا لسلم من هذا ح
ويمكن تأويله أيضا بالجر على الجوار أو بالرفع على الابتداء وخبره محذوف أي كذلك
قوله ( لعدم التغطية واللبس ) الأول راجع للاستظلال بالبيت والمحمل والثاني لما بعده
قوله ( فعليه صدقة ) المراد بها عند إطلاقهم نصف صاع
بحر
قوله ( ولو كثيرا ) أي ثلاثا فأكثر بقرينة المقابلة واستظهره في شر ح اللباب فالمراد الكثرة في الفعل لا في نفس الطيب المخالط فلا يلزم الدم بمرة واحدة وإن كان الطيب كثيرا في الكحل كما حرره في الفتح من الجنايات
قوله ( وفصدا ) أي وإن لزم تعصيب اليد لما قدمناه من أن تعصيب غير الوجه والرأس إنما يكره لو بغير عذر
قوله ( وحجامة ) أي بلا إزالة شعر
لباب
وإلا فعليه دم كما سيأتي
قوله ( يتصدق بشيء ) أي كتمرة وكسرة خبز
قوله ( وفي الثلاث ) أي من الشعر والقمل وأما الأكثر فسيأتي في الجنايات
قوله ( ولو نفلا ) كذا في البدائع وخصه الطحاوي في المكتوبات دون النوافل والفوائت فأجراها مجرى التكبير في أيام التشريق والتعميم أولى
فتح
وهو الصحيح المعتمد الموافق لظاهر الرواية
شرح اللباب
قوله ( أو علا شرفا ) أي صعد مكانا مرتفعا
قوله ( جمع راكب ) أي اسم جمع وهم أصحاب الإبل في السفر ولا يطلق على دون العشرة
نهر
قوله ( دخل في السحر ) هو السدس الأخير من الليل
قوله ( كالتكبير في الصلاة ) فكما أن التكبير في الصلاة يؤتى به عند الانتقال من حال إلى حال كذلك التلبية ح
ولذا قال في اللباب ويستحب إكثارها قائما وقاعدا راكبا ونازلا واقفا وسائرا طاهرا ومحدثا جنبا وحائضا وعند تغير الأحوال والأزمان وعند إقبال الليل والنهار وعند كل ركوب ونزول وإذا استيقظ من النوم أو استعطف راحلته
وقال أيضا ويستحب تكرارها في كل مرة ثلاثا على الولاء ولا يقطعها بكلام ولو رد السلام في خلالها جاز ويكره لغيره أن يسلم عليه وإذا كانوا جماعة لا يمشي أحد على تلبية الآخر بل كل إنسان يلبي بنفسه ويلبي في مسجد مكة ومنى وعرفات لا في الطواف وسعي العمرة
قوله ( رافعا صوته بها ) إلا أن يكون في مصر أو امرأة
لباب
زاد في شارحه أو في المسجد لئلا يشوش على المصلين والطائفين
قوله ( استنانا ) فإن تركه كان مسيئا ولا شيء عليه
فتح
وقيل استحبابا والمعتمد الأول
شرح اللباب
مطلب في حديث أفضل الحج العج والثج قوله ( بلا جهد ) بفتح الجيم وبالدال أي تعب النفس بغاية رفع الصوت كي لا يتضرر ولا تنافي بين هذا وبين ما جاء أفضل الحج العج والثج أي أفضل أفراد الحج حج يشتمل على هذا لا أفضل أفعاله إذ الطواف والوقوف أفضل
____________________
(2/491)
منهما
والعج رفع الصوت بالتلبية والثج إسالة الدم بالإراقة لأن الإنسان قد يكون جهوري الصوت طبعا فيحصل الرفع العالي مع عدم تعبه به
نهر
قوله ( كما يفعله العوام ) تمثيل للمنفي وهو الجهد لا للنفي ح
مطلب في دخول مكة قوله ( وإذا دخل مكة ) المستحب دخولها نهارا كما في الخانية من باب المعلى ليكون مستقبلا في دخوله باب البيت تعظيما وإذا خرج فمن السفلي
بحر
قوله ( نهارا ) قيد لدخوله مكة كما علمت لكن لما كان دخول المسجد عقب دخول مكة صح كونه قيدا له أيضا
قوله ( ملبيا ) هو قيد لدخول مكة أيضا
قال في اللباب ويكون في دخوله ملبيا داعيا إلى أن يصل باب السلام فيبدأ بالمسجد
قوله ( لدخولها ) أي مكة بدليل تأنيث الضمير وعبارة البحر نص في ذلك ح
قوله ( فيجب ) بالحاء المهملة ح
قوله ( ومعناه الله أكبر من الكعبة ) كذا في غاية البيان والأولى من كل ما سواه
بحر
وكأن الشارح رجح الأول لاقتضاء المقام له كما أن الشارع في شيء إذا سمى الله تعالى يلاحظ التبرك باسمه تعالى فيما شرع فيه
قوله ( وهلل ) عبارة الفتح كبر وهلل ثلاثا وعبارة ابن الشلبي كبر ثلاثا وهلل ثلاثا
قوله ( لئلا يقع نوع شرك ) أي بتوهم الجاهل أن العبادة للبيت
قال في البحر ولم يذكر في المتون الدعاء عند مشاهدة البيت وهي غفلة عما لا يفغل عنه فإنه عندها مستجاب ومحمد رحمه الله تعالى لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لأن التوقيت يذهب بالرقة وإن تبرك بالمنقول منها فحسن كذا في الهداية
وفي الفتح ومن أهم الأدعية طلب الجنة بلا حساب والصلاة على النبي هنا من أهم الأذكار كما ذكره الحلبي في مناسكه اه
تنبيه قال في اللباب ولا يرفع يديه عند رؤية البيت وقيل يرفع
قال القاري في شرحه أي لا يرفع ولو حال دعائه لأنه لم يذكر في المشاهير من كتب أصحابنا بل قال السروجي المذهب تركه وصرح الطحاوي بأنه يكره عند أئمتنا الثلاثة
قوله ( ثم ابتدأ بالطواف ) فإن كان حلالا فطواف التحية أو محرما بالحج فطواف القدوم هذا إذا دخل قبل النحر فإن دخل فيه أغنى طواف الفرض عن التحية أو بالعمرة فطوافها ولا طواف قدوم لها كذا في الفتح نهر
وأفاد أطلاقه أنه لا يكره الطواف في الأوقات التي تكره فيها الصلاة كما صرح به في الفتح
قال إلا أنه لايصلي ركعتيه فيها بل يصير إلى أن يدخل ما لا كراهة فيه
قوله ( لأنه تحية البيت ) أي لمن أراد الطواف بخلاف من لم يرده وأراد أن يجلس فلا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد إلا أن يكون الوقت مكروها للصلاة
شرح اللباب للقاري
وفي شرحه على النقاية فإن لم يكن محرما فطواف تحية لقولهم تحية هذا المسجد الطواف وليس معناه أن من لم يطف لا يصلي تحية المسجد كما فهمه بعض العوام اه
قلت لكن قولهم تحية تحية هذا المسجد الطواف يفيد أنه لو صلى ولم يطف لا يحصل التحية إلا أن يخص بترك الطواف بلا عذر فمع العذر تحصل التحية بالصلاة ثم رأيت في شرح اللباب أيضا ما يدل على ذلك حيث قال في موضع آخر إن تحية هذا المسجد بخصوصه هو الطواف إلا إذا كان له مانع فيصلي تحية المسجد إن لم يكن وقت كراهة اه
قوله ( ما لم يخف الخ ) أي فيقدم كل ذلك على الطواف أي طواف التحية وغيرها
لباب وشرحه
ثم يطوف
____________________
(2/492)
بحر
وهذا يفيد أن هذه الصلوات لا تحصل بها التحية مع أنها تحصل في بقية المساجد وليس ذلك إلا لأن تحيته هي الطواف دون الصلاة بخلاف باقي المساجد ولهذا قال بعض العلماء إن الفرق من وجهين أحدهما أن الصلاة جنس فناب بعضها مناب بعض وليس الطواف من جنسها
والثاني أن صلاة الفرض في المسجد تحية المسجد والطواف تحية البيت لا تحية المسجد
قوله ( فوت المكتوبة ) ينبغي أن يكون المراد فوت وقتها المستحب لأنه يسقط به الترتيب على أحد القولين المصححين فبالأولى ما هنا
تأمل
وزاد في شرح اللباب فوت الجنازة وزاد في البحر و النهر ما إذا دخل في وقت منع الناس من الطواف أو كان عليه فائتة مكتوبة اه
وذكر الأخير في اللباب وقيده شارحه بما إذا كان صاحب ترتيب
قلت والظاهر أن المراد بالفائتة التي فوتها عمدا ووجب قضاؤها فورا وإلا فتقديم الطواف عليها لا يضر إلا إذا خاف فوت المكتوبة الوقتية إذا قدم عليها الطواف وقضاء الفائتة وحينئذ فذكر المكتوبة الوقتية يغني عن ذكر الفائتة فافهم
قوله ( فاستقبل الحجر الخ ) أشار بالفاء إلى أنه ينوي الطواف قبل الاستقبال لما سيذكره من أنه يمر بجميع بدنه على جميع الحجر ولهذا قال في اللباب ثم يقف مستقبل البيت بجانب الحجر الأسود مما يلي الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ويكون منكبه الأيمن عند طرف الحجر فينوي الطواف وهذه الكيفية مستحبة والنية فرض ثم يمشي مارا إلى يمينه حتى يحاذي الحجر فيقف بحياله ويستقبله ويبسمل ويكبر ويحمد ويصلي ويدعو اه
قال شارحه أي يقول بسم الله والله أكبر ولله الحمد والصلاة والسلام على رسول الله اللهم إيمانا بك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد
قوله ( رافعا يديه ) أي عند التكبير لا عند النية فإنه بدعة
لباب
وقال شارحه القاري في موضع آخر بعد كلام والحاصل أن رفع اليدين في غير حالة الاستقبال مكروه وأما الابتداء من غيره فهو حرام أو مكروه تحريما أو تنزيها بناء على الأقوال عندنا من أن الابتداء بالحجر فرض أو واجب أو سنة وإنما المستحب الابتداء بالنية قبيل الحجر للخروج عن الاختلاف
قوله ( كالصلاة ) أي حذاء أذنيه وقدم في كتاب الصلاة أنه في الاستلام وعند الجمرتين يرفع حذاء منكبيه ويجعل باطنهما نحو الحجر والكعبة اه
وعزاه القهستاني إلى شرح الطحاوي وصححه في البدائع وغيرها ومشى في النقاية وغيرها على الأول وصححه في غاية البيان وغيرها فقد اختلف التصحيح
قوله ( واستلمه ) أي بعد أن يرسل يديه كما في النهر عن التحفة قال في اللباب وصفة الاستلام أن يضع كفيه على الحجر ويضع فمه بين كفيه ويقبله
قوله ( قيل نعم ) جزم به اللباب وقال إنه مستحب ويكرره مع التقبيل ثلاثا
قال شارحه وهو موافق لما نقله الشيخ رشيد الدين في شرح الكنز وكذا نقل السجود عن أصحابنا العز بن جماعة لكن قال قوام الدين الكاكي الأولى أن لا يسجد عندنا لعدم الرواية في المشاهير اه
وظاهره ترجيح ما قاله الكاكي في المعراج وهو ظاهر الفتح ولذا اعترض في النهر على قول البحر إنه ضعيف بأن صاحب الدار أدرى أي أن الكاكي من أهل المذهب الماهرين وهو أدرى بالمذهب من غيره فلا ينبغي تضعيف ما نقله
قلت لكن استند الكاكي إلى عدم ذكره في المشاهير وهو لا ينفي ذكره في غيره وقد استند في البحر إلى أنه فعله عليه الصلاة والسلام والفاروق بعده كما رواه الحاكم وصححه واستدرك بذلك منلا علي في شرح
____________________
(2/493)
النقاية على ما مر عن الكاكي وأيد به ما نقله ابن جماعة عن أصحابنا
ثم رأيت نقلا عن غاية السروجي أنه كره مالك وحده السجود على الحجر وقال إنه بدعة وجمهور أهل العلم على استحبابه والحديث حجة عليه اه أي على مالك وبهذا يترجح ما في البحر و اللباب من الاستحباب إذ لا يخفى أن السروجي أيضا من أهل الدار فهو أدرى والأخذ بما قاله موافقا للجمهور والحديث أولى وأحرى فافهم
قوله ( وترك الإيذاء واجب ) أي فلا يترك الواجب لفعل السنة وأما النظر إلى العورة لأجل الختان فليس فيه ترك الواجب لفعل السنة لأن النظر مأذون فيه للضرورة
قوله ( فإن لم يقدر ) أي على تقبيله إلا بالإيذاء أو مطلقا يضع يديه عليه ثم يقلبهما أو يضع إحداهما والأولى أن تكون اليمنى لأنها المستعملة فيما فيه شرف ولما نقل عن البحر العميق من أن الحجر يمين الله يصافح بها عباده والمصافحة باليمنى
قوله ( وإلا يمكنه ذلك ) أي وضع يديه أو إحداهما
قوله ( يمس ) بضم أوله وكسر ثانيه من الإمساس كما يشير إليه كلام الشارح الآتي
قوله ( عنهما ) الأول عنه أي الإمساس لأن العجز عن الاستلام ذكره بقوله وإلا يمس
قوله ( مشيرا إليه بباطن كفيه ) أي بأن يرفع يديه حذاء أذنيه ويجعل باطنهما نحو الحجر مشيرا بهما إليه وظاهرهما نحو وجهه هكذا المأثور
بحر
وفي شرح النقاية للقاري حذاء منكبيه أو أذنيه وكأنه حكاية للقولين المارين
قوله ( ثم يقبل كفيه ) أي بعد الإشارة المذكورة
قال في الفتح ويفعل في كل شوط عند الركن الأسود ما يفعله في الابتداء اه
ويأتي تمامه عند قول المصنف وكلما مر بالحجر فعل ما ذكر
قوله ( فللكعبة ) أو للقبلة كما سيذكره لكن الأول ظاهر الرواية كما سيأتي
قوله ( طواف القدوم ) يسمى أيضا طواف التحية وطواف اللقاء وطواف أول عهد بالبيت وطواف حداث العهد بالبيت وطواف الوارد والورود
شرح اللباب
ويقع هذا الطواف للقدوم من المفرد بالحج وإن لم ينو كونه للقدوم أو نوى غيره لأنه وقع في محله
قال في اللباب ثم إن كان المحرم مفردا بالحج وقع طوافه هذا للقدوم وإن كان مفردا بالعمرة أو متمتعا أو قارنا وقع عن طواف العمرة نواه له أو لغيره وعلى القارن أن يطوف طوافا آخر للقدوم اه أي استحبابا بعد فراغه عن سعي العمرة قاري
وفي اللباب وأول وقته حين دخوله مكة وآخره من وقوفه بعرفة فإذا وقف فقد فات وقته وإن لم يقف فإلى طلوع فجر النحر
قوله ( للآفاقي ) أي لا غير
فتح
فلا يسن للمكي ولا لأهل المواقيت ومن دونها إلى مكة
سراج و شر ح اللباب
إلا أن المكي إذا خرج للآفاق ثم عاد محرما بالحج فعليه طواف القدوم
لباب
فهذا خلاف ما في القهستاني من أنه يسن لأهل المواقيت وداخلها فافهم
قوله ( عن يمينه ) أي يمين الطائف لا الحجر وقوله مما يلي الباب أي باب الكعبة تأكيد له وهذا واجب في الأصل كما مر
قوله ( ولو عكس ) بأن أخذ عن يساره وجعل البيت عن يمينه وكذا لو استقبل البيت بوجهه أو استدبره وطاف معترضا كما في شرح اللباب وغيره
قوله ( فلو رجع ) أي إلى بلده قبل إعادته
قوله ( وكذا لو ابتدأ من غير الحجر ) أي يعيده وإلا فعليه دم وهذا على القول بوجوبه كما أشار إليه بقوله كما مر أي
____________________
(2/494)
في الواجبات
قوله ( قالوا الخ ) قال في البحر ولما كان الابتداء من الحجر واجبا كان الابتداء في الطواف من الجهة التي فيها الركن اليماني قريبا من الحجر الأسود متعينا ليكون مارا بجميع بدنه على جميع الحجر الأسود وكثير من العوام شاهدناهم يبتدئون الطواف وبعض الحجر خارج عن طوافهم فاحذره اه
قلت قدمنا هذه الكيفية عن اللباب وأنها مستحبة لا متعينة وبه صرح في فتح القدير أيضا قائلا في تعليله وتبعه القاري في شرح اللباب للخروج عن خلاف من يشترط المرور على الحجر بجميع بدنه وفي الكرماني أنه الأكمل والأفضل
ثم قال القاري وإلا فلو استقبل الحجر مطلقا ونوى الطواف كفى عندنا في أصل المقصود الذي هو الابتداء من الحجر سواء قلنا إنه سنة أو واجب أو فريضة أو شرط اه
وفي الشرنبلالية بعد ما مر عن البحر وهذا إذا لم يكن في قيامه مسامتا للحجر بأن وقف جهة الملتزم ومال ببعض جسده ليقبل الحجر أما من قام مسامتا بجسده الحجر فقد دخل في ذلك شيء من الركن اليماني لأن الحجر وركنه لا يبلغ عرض جسد المسامت له وبه يحصل الابتداء من الحجر اه
قلت لكن لا يحصل به المرور بجميع البدن على جميع الحجر لكن قد علمت أنه غير لازم عندنا ولعل الشارح أشار إلى ضعفه بلفظ قالوا لما علمته فافهم
قوله ( قبل شروعه ) أي من حين تجرده للإحرام بناء على ما قدمه عند قول المصنف ولبس إزار أو رداء الخ لكن قدمنا تصحي خلافه ولذا قال في الفتح وينبغي أن يضطبع قبل شروعه في الطواف بقليل اه
فلو قال الشارح قبيل شروعه لكان أصوب فافهم
هذا وفي شرح اللباب واعلم أن الاضطباع سنة في جميع أشواط الطواف كما صرح به ابن الضياء فإذا فرغ من الطواف تركه حتى إذا صلى ركعتي الطواف مضطبعا يكره لكشفه منكبه ويأتي الكلام على أنه لا اضطباع في السعي اه
قوله ( استنانا ) أي في كل طواف بعده سعي كطواف القدوم والعمرة وكطواف الزيارة إن كان آخر السعي ولم يكن لابسا بقي من لبس المخيط لعذر هل يسن له التشبه به لم يتعرض له أصحابنا
وقال بعض الشافعية يتعذر في حقه أي على وجه الكمال فلا ينافي ما ذكره بعضهم أنه قد يقال يشرع له وإن كان المنكب مستورا بالمخيط للعذر
قلت والأظهر فعله
شرح اللباب ملخصا
قوله ( وراء الحطيم ) ويسمى حظيرة إسماعيل وهو البقعة التي تحت الميزاب عليها حاجز كنصف دائرة بينها وبين البيت فرجة سمي بالحطيم لأنه حطم من البيت أي كسر وبالحجر لأنه حجر منه أي منع
قوله ( لأن منه ستة أذرع من البيت ) لفظة منه خبر إن مقدم وستة اسمها مؤخر و من البيت صفة ستة والتقدير لأن ستة أذرع كائنة من البيت ثابتة منه أو منه حال من ستة مقدم عليه و من البيت خبر وهو جائز كقوله * لمية موحشا باطل * ط
قلت والثاني أظهر فافهم
قال في الفتح وليس الحجر كله من البيت بل ستة أذرع منه فقط لحديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله قال ستة أذرع من الحجر من البيت وما زاد ليس من البيت رواه مسلم
قوله ( لم يجز ) بفتح أوله وضم ثانيه من الجواز بمعنى الحل لا الصحة أو بضم أوله وسكون ثانيه من الإجزاء أي على وجه الكمال قال القاري في شرح النقاية ولو طاف من الفرجة لا يجزيه في تحق كماله ولا بد من إعادة الطواف كله لتحققه وإن أعاد من الحطيم وحده أجزأه بأن يأخذ على يمينه خارج الحجر حتى ينتهي إلى آخره ثم يدخل إلى الحجر من الفرجة من الجانب الآخر أو لا يدخل الحجر وهو أفضل بأن يرجع ويبتدىء
____________________
(2/495)
من أول الحجر هكذا يفعل سبع مرات ويقضي صفته من رمل وغيره ولو لم يعد صح طوافه ووجب عليه دم اه
قوله ( كاستقباله ) أي فإنه إذا استقبله المصلي لم تصح صلاته لأن فرضية استقبال الكعبة تثبت بالنص القطعي وكون الحطيم من الكعبة ثبت بالآحاد فصار كأنه من الكعبة من وجه دون وجه فكان الاحتياط في وجوب الطواف وراءه وفي عدم صحة استقباله والتشبيه يمكن تصحيحه على الوجهين اللذين ذكرناهما في قوله لم يجز مع قطع النظر عن المفهوم فافهم
قوله ( وبه قبر إسماعيل وهاجر ) عزاه في البحر إلى غاية البيان
وذكر بعضهم أن ابن الجوزي أورد أن قبر إسماعيل فيما بين الميزاب إلى باب الحجر الغربي
تنبيه لم يذكر الشاذروان وهو الإفريز المسنم الخارج عن عرض جدار البيت قدر ثلثي ذراع قيل إنه من البيت بقي منه حين عمرته قريش كالحطيم وهو ليس منه عندنا لكن ينبغي أن يكون طوافه وراءه خروجا من الخلاف كما في الفتح واللباب وغيرهما
قوله ( سبعة أشواط ) من الحجر إلى الحجر شوط
خانية
وهذا بيان للواجب لا للفرض في الطواف لما مر من أن أقل الأشواط السبعة واجبة تجبر بالدم فالركن أكثرها
بحر
لكن الظاهر أن هذا في الفرض والواجب فقد صرحوا بأنه لو ترك أكثر أشواط الصدر لزمه دم وفي الأقل لكل شوط صدقة
مطلب في طواف القدوم وأما القدوم فلم يصرحوا بما يلزمه لو تركه بعد الشروع وبحث السندي في منسكه الكبير أنه كالصدر ونازعه في شرح اللباب بأن الصدر الواجب بأصله فلا يقاس عليه ما يجب بشروعه فالظاهر أنه لا يلزمه بتركه شيء سوى التوبة كصلاة النفل اه ملخصا
وقد يقال وجوبه بالشروع بمعنى وجوب إكماله وقضائه بإهماله ويلزم منه وجوب الإتيان بواجباته كصلاة النافلة حتى لو ترك منها واجبا وجب إعادتها أو الإتيان بما يجبر ما تركه منها كالصلاة الواجبة ابتداء وهنا كذلك لو ترك أقله تجب فيه صدقة ولو ترك أكثره يجب فيه دم لأنه الجابر لترك الواجب في الطواف كسجود السهو في ترك الواجب في النافلة والله تعالى أعلم
قوله ( مع علمه به ) أي بأنه ثامن لكن فعله بناء على الوهم أو الوسوسة لا على قصد دخول طواف آخر فإنه حينئذ يلزم اتفاقا
شرح اللباب
قلت لكن التعليل يفيد أن الخلاف فيما لو قصد الدخول في طواف آخر أيضا
قوله ( لشروعه مسقطا لا ملزما ) أي لأنه شرع فيه لإسقاط الواجب عليه وهو إتمام السبعة لا ملزما نفسه بشوط مستأنف حتى يجب عليه إكماله لما تبين له أنه ثامن
قوله ( بخلاف الحج ) فإنه إذا شرع فيه مسقطا يلزمه إتمامه بخلاف بقية العبادات
بحر
والحاصل أن الطواف كغيره من العبادات مثل الصلاة والصوم لو شرع فيه على وجه الإسقاط بأن ظن أنه عليه ثم تبين خلافه لا يلزمه إتمامه إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه مطلقا كما مر أول الفصل
تنبيه لو شك في عدد الأشواط في طواف الركن أعاده ولا يبني على غالب ظنه بخلاف الصلاة وقيل إذا كان يكثر ذلك يتحرى ولو أخبره عدل بعدد يستحب أن يأخذ بقوله ولو أخبره عدلان وجب العمل بقولهما
لباب
قال شارحه ومفهومه أنه لو شك في أشواط غير الركن لا يعيده بل يبني على غلبة ظنه لأن غير الفرض
____________________
(2/496)
على التوسعة والظاهر أن الواجب في حكم الركن لأنه فرض عملي اه
قوله ( مكان ) بالنصب على أنه اسم إن فهو اسم مكان لا ظرف مكان لأن ظرف المكان لا يقع اسم إن لأن اسمها مبتدأ في الأصل وقوله داخل بالرفع على أنه خبرها وقوله لا خارجه عطف عليه ويجوز فيهما النصب على الظرفية والمتعلق خبر إن فيكون من ظرفية الأخص في الأعم فافهم
قوله ( ولو وراء زمزم ) أو المقام أوالسواري أو على سطحه ولو مرتفعا على البيت
لباب
قوله ( لا بالبيت ) لأن حيطان المسجد تحول بينه وبين البيت
بحر عن المحيط
ومفهومه أنه لو كانت الحيطان متهدمة يصح وحقق في الفتح أن هذا المفهوم غير معتبر أخذا من تعليل المبسوط
قوله ( بنى ) أي على ما كان طافه ولا يلزمه الاستقبال
فتح
قلت ظاهره أنه لو استقبل لا شيء عليه فلا يلزمه إتمام الأول لأن هذا الاستقبال
للإكمال بالموالاة بين الأشواط ثم رأيت في اللباب ما يدل عليه حيث قال في فصل مستحبات الطواف ومنها استئناف الطواف لو قطعه أو فعله على وجه مكروه
قال شارحه لو قطعه أي ولو بعذر والظاهر أنه مقيد بما قبل إتيان أكثره اه
بقي ما إذا حضرت الجنازة أو المكتوبة في أثناء الشوط هل يتممه أو لا لم أر من صرح به عندنا وينبغي عدم الإتمام إذا خاف فوت الركعة مع الإمام وإذا عاد للبناء هل يبني من محل انصرافه أو يبتدىء الشوط من الحجر والظاهر الأول قياسا على من سبقه الحدث في الصلاة
ثم رأيت بعضهم نقله عن صحيح البخاري عن عطاء بن أبي رباح التابعي وهو ظاهر قول الفتح بنى على ما كان طافه والله أعلم
تنبيه إذا خرج لغير حاجة كره ولا يبطل فقد قال في اللباب ولا مفسد للطواف وعد من مكروهاته تفريقه أي الفصل بين أشواطه تفريقا كثيرا وكذا قال في السعي بل ذكر في منسكه الكبير لو فرق السعي تفريقا كثيرا كأن سعى كل يوم شوطا أو أقل لم يبطل سعيه ويستحب أن يستأنف
قوله ( وجاز فيهما أكل وبيع ) المصرح به في اللباب كراهة البيع فيهما وكراهة الأكل في الطواف لا السعي ومثل البيع والشراء وعد الشرب فيهما من المباحات
قوله ( لكن الذكر أفضل منها ) أي من القراءة في الطواف وهذا ما نقله في الفتح عن التجنيس وقال وفي الكافي للحاكم الذي هو جمع كلام محمد يكره أن يرفع صوته بالقراءة فيه ولا بأس بقراءته في نفسه وفي المنتقى عن أبي حنيفة لا ينبغي للرجل أن يقرأ في طوافه ولا بأس بذكر الله تعالى ولا ينبو ما ذكره في التجنيس عما ذكره الحاكم لأن لا بأس في الأكثر لخلاف الأولى اه أي ومن غير الأكثر قول المنتقى ولا بأس بذكر الله تعالى
ثم قال في الفتح والحاصل أن هدى النبي هو الأفضل ولم يثبت عنه في الطواف قراءة بل الذكر وهو المتوارث من السلف والمجمع عليه فكان أولى اه
قوله ( فليراجع ) أقول الحاصل من هذه النقول التي ذكرناها آنفا أن القراءة خلاف الأولى وأن الذكر أفضل منها مأثورا أو لا كما هو مقتضى الإطلاق إلا أن يراد به الكامل وهو المأثور فيوافق ما نقله الشارح عن النووي واستحسنه في شرح اللباب لكن كون القراءة أفضل من غير المأثور ينبو عنه قول المنتقى لا ينبغي أن يقرأ في طوافه فإنه يشعر بالمنع عن القراءة تنزيها والظاهر عدم المنع عن ذكر غير مأثور يدل عليه ما أسلفناه عن الهداية من أن محمدا رحمه الله لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لأن التوقيت يذهب بالرقة وإن تبرك بالمنقول منها فحسن اه
وهذا يفيد أن المراد بالذكر هنا مطلقه كما هو قضية إطلاقهم على خلاف ما فصله النووي فليتأمل
____________________
(2/497)
تنبيه ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال بين الركنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ ولا ينافي ما مر لأن الظاهر أن المراد المنع عن قراءة ما ليس فيه ذكر أو قاله على قصد الذكر أو لبيان الجواز
تأمل
قوله ( ورمل ) أي في كل طواف بعده سعي وإلا فلا كالاضطباع
بدائع
قال النهر وفي الغاية لو كان قارنا وقد رمل في طواف العمرة لا يرمل في طواف القدوم وفي المحيط لو طاف للتحية محدثا وسعى بعده كان عليه أن يرمل في طواف الزيارة ويسعى بعده لحصول الأول بعد طواف ناقص وإن لم يعده فلا شيء عليه
قوله ( وهز كتفيه ) مصدر مجرور معطوف على تقارب وهو أقرب من جعله فعلا معطوفا على مشى
قوله ( استنانا ) ففي مسلم وأبي داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رمل رسول الله من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا فتح
وقال ابن عباس لا يسن وبه أخذ بعض المشايخ كما في مناسك الكرماني
نهر
قوله ( ولو في الثلاثة الخ ) قال في الفتح ولو مشى شوطا ثم تذكر لا يرمل إلا في شوطين وإن لم يذكر في الثلاثة لا يرمل بعد ذلك اه أي لأن ترك الرمل في الأربعة سنة فلو رمل فيها كان تاركا للسنتين وترك إحداهما أسهل
بحر
ولو رمل في الكل لا يلزمه شيء ولوالجية وينبغي أن يكره تنزيها لمخالفة السنة
بحر
قوله ( وقف ) وفي شرح الطحاوي يمشي حتى يجد الرمل وهو الأظهر لأن وقوفه مخالف السنة
قاري على النقاية وفي شرحه على اللباب لأن الموالاة بين الأشواط وأجزاء الطواف سنة متفق عليها بل قيل واجبة فلا يتركها لسنة مختلف فيها اه
قلت ينبغي التفصيل جمعا بين القولين بأنه إن كانت الزحمة قبل الشروع وقف لأن المبادرة إلى الطواف مستحبة فيتركها لسنة الرمل المؤكدة وإن حصلت في الأثناء فلا يقف لئلا تفوت الموالاة
قوله ( لأن له بدلا ) وهو الإشارة إلى الحجر والرمل لا بدل له
قوله ( من الحجر إلى الحجر ) لا إلى الركن اليماني كما قيل
قوله ( في كل شوط ) أي من الثلاثة
قوله ( وكلما مر ) أي في الأشواط السبعة
قوله ( من الاستلام ) فهو سنة بين كل شوطين كما في غاية البيان
وذكر في المحيط و الولوالجية أنه في الابتداء والانتهاء سنة وفيما بين ذلك أدب
بحر
ووفق في شرح اللباب بأنه في الطرفين آكد مما بينهما
قال وكذا يسن بين الطواف والسعي اه
وفي الهداية وإن لم يستطع الاستلام استقبل وكبر وهلل على ما ذكرنا
قال في الفتح ولم يذكر المصنف رفع اليدين في كل تكبير يستقبل به في كل مبدإ شوط واعتقادي أن عدم الرفع هو الصواب ولم أر عنه عليه الصلاة والسلام خلافه
قوله ( واستلم الركن اليماني ) أي في كل شوط والمراد بالاستلام هنا لمسه بمفيه أو بيمينه دون يساره بدون تقبيل وسجود عليه ولا نيابة عنه بالإشارة عند العجز عن لمسه للزحمة
شرح اللباب
قوله ( والدلائل تؤيده ) أي تؤيد قوله بكونه سنة وبأنه يقبله لكن في شرح اللباب أن ظاهر الرواية الأول كما في الكافي و الهداية وغيرهما وفي الكرماني وهو الصحيح وفي النخبة ما عن محمد ضعيف جدا وفي البدائع لا خلاف في أن تقبيله ليس سنة وفي السراجية ولا يقبله في أصح الأقاويل
قوله ( ويكره استلام غيرهما ) وهو الركن العراقي والشامي لأنهما ليسا ركنين حقيقة بل من وسط البيت لأن بعض الحطيم من البيت
بدائع
والكراهة تنزيهية كما في البحر
قوله ( ثم صلى شفعا ) أي ركعتين يقرأ فيهما الكافرون
____________________
(2/498)
والإخلاص اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام
نهر
ويستحب أن يدعو بعدهما بدعاء آدم عليه السلام ولو صلى أكثر من ركعتين جاز ولا تجزىء المكتوبة ولا المنذورة عنهما ولا يجوز اقتداء مصليهما بمثله لأن طواف هذا غير طواف الآخر ولو طاف بصبي لا يصلي عنه
لباب
قوله ( في وقت مباح ) قيد للصلاة فقط فتكره في وقت الكراهة بخلاف الطواف والسنة والموالاة وبين الطواف فيكره تأخيرها عنه إلا في وقت مكروه ولو طاف بعد العصر يصلي المغرب ثم ركعتي الطواف ثم سنة المغرب ولو صلاها في وقت مكروه قيل صحت مع الكراهة ويجب قطعها فإن مضى فيها فالأحب أن يعيدها
لباب
وفي إطلاقه نظر لما مر في أوقات الصلاة من أن الواجب ولو لغيره كركعتي الطواف والنذر لا تنعقد في ثلاثة من الأوقات المنهية أعني الطلوع والاستواء والغروب بخلاف ما بعد الفجر وصلاة العصر فإنها تنعقد مع الكراهة فيهما
قوله ( على الصحيح ) وقيل يسن
قهستاني
قوله ( بعد كل أسبوع ) أي على التراخي ما لم يرد أن يطوف أسبوعا آخر فعلى الفور
بحر
وفي السراج يكره عندهما الجمع بين أسبوعين أو أكثر بلا صلاة بينهما وإن انصرف عن وتر
وقال أبو يوسف لا يكره إذا انصرف عن وتر كثلاثة أسابيع أو خمسة أو سبعة والخلاف في غير وقت الكراهة أما فيه فلا يكره إجماعا ويؤخر الصلاة إلى وقت مباح اه
وإذا زال وقت الكراهة هل يكره الطواف قبل الصلاة لكل أسبوع ركعتين قال في البحر لم أره وينبغي الكراهة لأن الأسابيع حينئذ صارت كأسبوع واحد اه
ولو تذكر ركعتي الطواف بعد شروعه في آخر فإن قبل تمام شوط رفضه وإلا أتم الطواف وعليه لكل أسبوع ركعتان
لباب وأطلق الأسبوع فشمل طواف الفرض والواجب والسنة والنفل خلافا لمن قيد وجوب الصلاة بالواجب
قال في الفتح وهو ليس بشيء لإطلاق الأدلة اه
والظاهر أن المراد بالأسبوع الطواف لا العدد حتى لو ترك أقل الأشواط لعذر مثلا وجبت الركعتان وعليه موجب ما ترك فليراجع
وأما قوله في شرح اللباب تجب بعد كل طواف ولو أدى ناقصا فيحتمل نقصان العدد ونقصان الوصف كالطواف مع الحدث والجنابة والظاهر أن مراده الثاني
قوله ( عند المقام ) عبارة اللباب خلف المقام قال والمراد به ما يصدق عليه ذلك عادة وعرفا مع القرب وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه إذا أراد أن يركع خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفا أو صفين أو رجلا أو رجلين
رواه عبد الرزاق اه
قوله ( حجارة الخ ) ذكره في البحر عن تفسير القاضي لكن عبر بحجر بالإفراد وأنه الموضع الذي كان فيه حين قام عليه ودعا الناس إلى الحج وحرر بعض العلماء الأعلام أن الحجر الذي في المقام ارتفاعه من الأرض نصف ذراع وربع وثمن وأعلاه مربع من كل جانب نصف ذراع وربع وعمق غوص القدمين سبع قراريط ونصف
قوله ( قولان ) لم أر من حكى القولين سوى ما توهمه عبارة النهر وفيها نظر والمشهور في عامة الكتب أن صلاتها في المسجد أفضل من غيره
وفي اللباب ولا تختص بزمان ولا مكان ولا تفوت فلو تركها لم تجبر بدم ولو صلاها خارج الحرم ولو بعد الرجوع إلى وطنه جاز ويكره ويستحب مؤكدا أداؤها خلف المقام ثم في الكعبة ثم في الحجر تحت الميزاب ثم كل ما قرب من الحجر ثم باقي الحجر ثم ما قرب من البيت ثم المسجد ثم الحرم ثم لا فضيلة بعد الحرم بل الإساءة اه
قوله ( ثم التزم المتزم الخ ) هو ما بين الحجر الأسود إلى الباب
هذا وفي الفتح ويستحب أن يأتي زمزم بعد الركعتين ثم يأتي الملتزم قبل الخروج إلى الصفا وقيل يأتي الملتزم ثم يصلي ثم يأتي زمزم ثم يعود إلى الحجر
____________________
(2/499)
ذكره السروجي اه
والثاني هو الأسهل والأفضل وعليه العمل
شرح اللباب وما ذكره الشارح مخالف للقولين ظاهرا لكن الواو لا تقتضي الترتيب فيحمل على القول الأول وقد ذكر في شرح اللباب في طواف الصدر أنه هو المشهور من الروايات وهو الأصح كما صرح به الكرماني والزيلعي اه
وقال هنا ولم يذكر في كثير من الكتب إتيان زمزم والملتزم فيما بين الصلاة والتوجه إلى الصفا ولعله لعدم تأكده
مطلب في السعي بين الصفا والمروة قوله ( إن أراد السعي ) أفاد أن العود إلى الحجر إنما يستحب لمن أراد السعي بعده وإلا فلا كما في البحر وغيره وكذا الرمل والاضباع تابعا لطواف بعده سعي كما قدمناه وأشار إلى ما في النهر من أن السعي بعد طواف القدوم رخصة لاشتغاله يوم النحر بطواف الفرض والذبح والرمي وإلا فالأفضل تأخيره إلى ما بعد طواف الفرض لأنه واجب فجعله تبعا للفرض أولى كذا في التحفة وغيرها اه
لكن ذكر في اللباب خلافا في الأفضلية ثم قال والخلاف في غير القارن أما القارن فالأفضل له تقديم السعي أو يسن اه
وأشار أيضا إلى أن السعي بعد الطواف فلو عكس أعاد السعي لأنه تبع له
وصرح في المحيط بأن تقديم الطواف شوط لصحة السعي وبه علم أن تأخير السعي واجب وإلى أنه لا يجب بعده فورا والسنة الاتصال به
بحر فإن أخره لعذر أو ليستريح من تعبه فلا بأس وإلا فقد أساء ولا شيء عليه
لباب
قوله ( من باب الصفا ندبا ) كذا في السراج لخروجه منه عليه الصلاة والسلام
وفي الهداية أن خروجه منه عليه الصلاة والسلام لأنه كان أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة
قوله ( فصعد الصفا الخ ) هذا الصعود وما بعده سنة فيكره أن لا يصعد عليهما
بحر عن المحيط أي إذا كان ماشيا بخلاف الراكب كما في شرح المرشدي
واعلم أن كثيرا من درجات الصفا دفنت تحت الأرض بارتفاعها حتى أن من وقف على أول درجة من درجاتها الموجودة أمكنه أن يرى البيت فلا يحتاج إلى الصعود وما يفعله بعض أهل البدعة والجهلة من الصعود حتى يلتصقوا بالجدار فخلاف طريقة أهل السنة والجماعة
شرح اللباب
قوله ( وكبر الخ ) في اللباب فيحمد الله تعالى ويثني عليه ويكبر ثلاثا ويهلل ويصلي على النبي ثم يدعو للمسلمين ولنفسه بما شاء ويكرر الذكر مع التكبير ثلاثا ويطيل المقام عليه اه أي قدر ما يقرأ سورة من المفصل كما في شرحه عن العدة لصاحب الهداية
قوله ( بصوت مرتفع ) اقتصر في الخانية على ذكر التكبير والتهليل وقال يرفع صوته بهما اه
وأما الصلاة على النبي فقد قدمنا في دعاء التلبية أنه يخفض صوته بها فيحتمل أن يكون هنا كذلك
تأمل
تنبيه في اللباب ويلبي في السعي الحاج لا المعتمر زاد شارحه ولا اضطباع فيه مطلقا عندنا كما حققناه في رسالة خلافا للشافعية
قوله ( ورفع يديه ) أي حذاء منكبيه
لباب و بحر
قوله ( لختمه العبادة ) قال السراج وإنما ذكر الدعاء ها هنا ولم يذكره عند استلام الحجر لأن الاستلام حالة ابتداء العبادة وهذا حالة ختمها لأن ختم الطواف بالسعي والدعاء يكون عند الفراغ منها لا عند ابتدائها كما في الصلاة اه
وفيه أن هذا ابتداء السعي لا ختم الطواف إلا أن يقال إن السعي إنما يتحقق عند النزول عن الصفا أما الصعود عليها فقد تحقق عنده ختم الطواف لقصده الانتقال عنه إلى عبادة أخرى تابعة له فتأمل
قوله ( لأنه يذهب برقة القلب ) أي لأنه بسبب حفظه له يجري على لسانه
____________________
(2/500)
بلا حضور قلب وهذا بخلاف الدعاء في الصلاة فإنه ينبغي الدعاء فيها بما يحفظه لئلا يجري على لسانه ما يشبه كلام الناس فتفسد صلاته كما نقله ط عن الولوالجية
قوله ( وإن تبرك بالمأثور فحسن ) أي في هذا الموضع وغيره من مناسك الحج وقد ذكرت ذلك في رسالتي بغية الناسك في أدعية المناسك
قوله ( ثم مشى نحو المروة ) قال في اللباب ثم يهبط نحو المروة ساعيا ذاكرا ماشيا على هينته حتى إذا كان دون الميل المعلق في ركن المسجد قبل بنحو ستة أذرع سعيا شديدا في بطن الوادي حتى يجاوز الميلين ثم يمشي على هينته حتى يأتي المروة ويستحب أن يكون السعي بين الميلين فوق الرمل دون العدو وهو في كل شوط أي بخلاف الرمل في الطواف فإنه مختص بالثلاثة الأول خلافا لمن جعله مثله فلو تركه أو هرول في جميع السعي فقد أساء ولا شيء عليه وإن عجز عنه صبر حتى يجد فرجة وإلا تشبه بالساعي في حركته وإن كان على دابة حركها من غير أن يؤذي أحدا اه
وقوله قيل بنحو ستة أذرع قال شارحه هو منسوب للشافعي وذكر أيضا في بعض المناسك لأصحابنا اه
قلت ونقله في المعراج عن شرح الوجيز وقال إن الميل كان على متن الطريق في الموضع الذي يبتدأ منه السعي فكان يهدمه السيل فرفعوه إلى أعلى ركن المسجد ولذا سمي معلقا فوقع متأخرا عن ابتداء السعي بستة أذرع لأنه لم يكن موضع أليق منه
والميل الثاني متصل بدار العباس اه
ونقله في الشرنبلالية أيضا وأقره ونقله بعض المحشين عن منسك ابن العجمي والطرابلسي والبحر العميق وغيرهم
قلت ولا ينافيه قول المتون ساعيا بين الميلين لأنه باعتبار الأصل
قوله ( المتخذين ) في نسخة المنحوتين
قوله ( وصعد عليها ) أي باعتبار الزمن الأول أما الآن فمن وقف على الدرجة الأولى بل على أرضها يصدق أنه طلع عليها
شرح اللباب
قوله ( وفعل ما فعله على الصفا ) أي من الاستقبال بأن يميل إلى يمينه أدنى ميل ليتوجه إلى البيت وإلا فالبيت لا يبدو اليوم لحجبه بالبنيان ومن التكبير والذكر والدعاء المشتمل على الصلاة والثناء
شرح اللباب
قوله ( يبدأ بالصفا الخ ) فيه إشارة إلى أن الذهاب إلى المروة شوط والعود منها إلى الصفا شوط وهو الصحيح
وقال الطحاوي إن الذهاب والعود شرط واحد كالطواف فإنه من الحجر إلى الحجر شوط وتمامه في الفتح وغيره
قوله ( فلو بدأ بالمروة الخ ) قدمنا الكلام عليه في الواجبات
قوله ( وندب الخ ) ذكره في الخانية وغيرها وقوله كختم الطواف ليكون ختم السعي كختم الطواف كما أن مبدأهما بالاستلام
قال في الفتح ولا حاجة إلى هذا القياس إذ فيه نص وهو ما روى المطلب بن أبي وداعة قال رأيت رسول الله حين فرغ من سعيه جاء حتى إذا حاذى الركن فصلى ركعتين في حاشية المطاف وليس بينه وبين الطائفين أحد رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان وقال في روايته رأيت رسول الله يصلي حذو الركن الأسود والرجال والنساء يمرون بين يديه ما بينهم وبينه سترة وتمامه فيه
مطلب في عدم منع المار بين يدي المصلي عند الكعبة تنبيه قال العلامة قطب الدين في منسكه رأيت بخط بعض تلامذة الكمال بن الهمام في حاشية الفتح إذا صلى في المسجد الحرام ينبغي أن لا يمنع المار لهذا الحديث وهو محمول على الطائفين لأن الطواف صلاة فصار كمن
____________________
(2/501)
بين يديه صفوف من المصلين اه
وقال ثم رأيت في البحر العميق حكى عز الدين بن جماعة عن مشكلات الآثار للطحاوي أن المرور بين يدي المصلي بحضرة الكعبة يجوز اه
قلت وهذا فرع غريب فليحفظ
قوله ( ثم سكن بمكة محرما ) إنما عبر بالسكنى دون الإقامة لإيهامها الإقامة الشرعية وهي لا تصح لما في البحر من باب صلاة المسافر إذا دخل الحاج مكة في أيام العشر ونوى الإقامة نصف شهر لا يصح لأنه لا بد له من الخروج إلى عرفات فلا يتحقق اتحاد الموضع الذي هو شرط نية الإقامة ط
قوله ( بالحج ) إنما ذكره وإن كان القارن والمتمتع الذي ساق الهدي كذلك لأن الباب معقود للمفرد ط
قوله ( ولا يجوز الخ ) الأولى التفريع بالفاء على قوله محرما بالحج كما فعل في البحر أي لا يجوز أن يفسخ نية الحج بعد ما أحرم به ويقطع أفعاله ويجعل إحرامه وأفعاله للعمرة
لباب وأما أمره عليه الصلاة والسلام بذلك أصحابه إلا من ساق الهدي فمخصوص بهم أو منسوخ
نهر وقد أوضح المقام المحقق ابن الهمام
قوله ( بلا رمل وسعي ) لأن الرمل وكذا الاضطباع تابعان لطواف بعده سعي والسعي من واجبات الحج والعمرة فقط وهذا الطواف تطوع فلا سعي بعده
قال في الشرنبلالية عن الكافي لأن التنفل بالسعي غير مشروع
قوله ( وهو ) أي الطواف
قوله ( ينبغي تقييده ) أي تقييد كون الصلاة النافلة أفضل من طواف التطوع في حق المكي بزمن الموسم لأجل التوسعة على الغرباء
وقوله مطلقا أي للمكي والآفاقي في غير الموسم وقد أقره على هذا البحث في النهر
قلت لكن يخالفه ما في الولوالجية ونصه الصلاة بمكة أفضل لأهلها من الطواف وللغرباء الطواف أفضل لأن الصلاة في نفسها أفضل من الطواف لأن النبي شبه الطواف بالبيت بالصلاة لكن الغرباء لو اشتغلوا بها لفاتهم الطواف من غير إمكان التدارك فكان الاشتغال بما لا يمكن تداركه أولى اه
مطلب الصلاة أفضل من الطواف وهو أفضل من العمرة تنبيه في شرح المرشدي على الكنز قولهم إن الصلاة أفضل من الطواف ليس مرادهم أن صلاة ركعتين مثلا أفضل من أداء أسبوع لأن الأسبوع مشتمل على ركعتين مع زيادة بل مرادهم به أن الزمن الذي يؤدى فيه أسبوعا هل الأفضل فيه أن يصرفه للطواف أم يشغله بالصلاة اه
ونظيره ما أجاب به العلامة القاضي إبراهيم بن ظهيرة المكي حيث سئل هل الأفضل الطواف أو العمرة من أن الأرجح تفضيل الطواف على العمرة إذا شغل به مقدار زمن العمرة إلا إذا قيل إنها لا تقع إلا فرض كفاية فلا يكون الحكم كذلك
تتمة سكت المصنف عن دخول البيت ولا شك أنه مندوب إذا لم يشتمل على إيذاء نفسه أو غيره وهذا مع الزحمة قلما يكون
نهر
مطلب في دخول البيت الشريف قلت وكذا إذا لم يشتمل على دفع الرشوة التي يأخذها الحجبة كما أشار إليه منلا علي وسيأتي تمام الكلام على الدخول عند ذكر الشارح له في الفروع آخر الحج
قوله ( أولى خطب الحج الثلاث ) ثانيها بعرفة قبل الجمع بين الصلاتين ثالثها بمنى في اليوم الحادي عشر فيفصل بين كل خطبة بيوم وكلها خطبة واحدة بلا جلسة في وسطها
____________________
(2/502)
إلا خطبة يوم عرفة وكلها بعد ما صلى الظهر إلا بعرفة وكلها سنة
لباب
ولم يذكر المصنف ولا الشارح الخطبة الثالثة في موضعها
قوله ( وكره قبله ) أي قبل الزوال
سراج
مطلب في الرواح إلى عرفات قوله ( وعلم فيها المناسك ) أي التي يحتاج إليها يوم عرفة من كيفية الإحرام والخروج إلى منى والمبيت بها والرواح منها إلى عرفة والصلاة بها والوقوف فيها والإفاضة منها وغير ذلك أو جميع ما يحتاج إليه الحاج إلى تمام حجه وإن كان بعدها خطب لأن التأكيد خبر
قوله ( فإذا صلى بمكة الفجر الخ ) كذا في الهداية وقال الكمال ظاهر هذا الترتيب إعقاب صلاة الفجر بالخروج إلى منى وهو خلاف السنة واستسحن في المحيط كونه بعد الزوال وليس بشيء
وقال المرغيناني بعد طلوع الشمس وهو الصحيح
قوله ( يوم التروية ) سمي به لأنهم كانوا يروون إبلهم فيه استعدادا للوقوف يوم عرفة إذ لم يكن في عرفات ماء جار كزماننا شرح اللباب
فائدة في مناسك النووي يوم التروية هو الثامن واليوم التاسع عرفة والعاشر النحر والحادي عشر القر بفتح القاف وتشديد الراء لأنهم يقرون فيه بمنى والثاني عشر يوم النفر الأولى والثالث عشر النفر الثاني
قوله ( ومكث بها إلى فجر عرفة ) أفاد طلب المبيت بها فإنه سنة كما في المحيط وفي المبسوط يستحب أن يصلي الظهر يوم التروية بمنى ويقيم بها إلى صبيحة عرفة اه
ويصلي الفجر بها لوقتها المختار وهو زمان الإسفار وفي الخانية بغلس فكأنه قاسه على فجر مزدلفة والأكثر على الأول فهو الأفضل
شرح اللباب
وفي مناسك النووي وأما ما يفعله الناس في هذه الأزمان من دخولهم أرض عرفات في اليوم الثامن فخطأ مخالف للسنة ويفوتهم بسببه سنن كثيرة منها الصلوات بمنى والمبيت بها والتوجه منها إلى نمرة والنزول بها والخطبة والصلاة قبل دخول عرفات وغير ذلك اه
وقوله والتوجه منها إلى نمرة والنزول بها فيه عندنا كلام يأتي قريبا
قوله ( ثم بعد طلوع الشمس ) لما كانت عبارة المصنف موهمة كعبارة الكنز خلاف المراد قيدها بذلك تبعا للفتح وغيره من شروح الهداية
قال في غاية البيان صرح به في شرح الطحاوي و شرح الكرخي و الإيضاح وغيرها
قال في الإيضاح وإذا طلعت الشمس يوم عرفة خرج إلى عرفات لأنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك ثم قال وإن دفع قبله جاز والأول أولى اه
ومثله في السراج فافهم
قوله ( راح إلى عرفات ) قال في المعراج وينزل بعرفات في أي موضع شاء إلا الطريق وقرب جبل الرحمة أفضل
قال الأئمة الثلاثة في نمرة أفضل لنزوله عليه الصلاة والسلام فيه
قلنا نمرة من عرفة ونزوله عليه الصلاة والسلام فيه لم يكن عن قصد اه
وهذا مخالف لما في الفتح من أن السنة أن ينزل الإمام بنمرة ولما نقلوه عن الإمام رشيد الدين من أنه ينبغي أن لا يدخل عرفة حتى ينزل بنمرة قريبا من المسجد إلى زوال الشمس ووفق شرح اللباب بأن هذا بالنسبة إلى الإمام لا غيره أو بأن النزول أولا بنمرة ثم بقرب جبل الرحمة
تأمل
قوله ( على طريق ضب ) بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة وهو اسم للجبل الذي يلي مسجد الخيف
شرح اللباب
قوله ( كلها موقف ) بكسر القاف أي موضع وقوف
نهر
قوله ( إلا بطن عرنة ) فلا يصح الوقوف بها على المشهور كما سيأتي
قوله ( بفتح الراء ) أي مع ضم العين كهمزة
قاموس
قوله ( فبعد الزوال خطب الخ ) أي فإذا وصل إلى
____________________
(2/503)
عرفة ومكث بها داعيا مصليا ذاكرا ملبيا فإذا زالت الشمس اغتسل أو توضأ والغسل أفضل ثم سار إلى المسجد أي مسجد نمرة بلا تأخير فإذا بلغه صعد الإمام الأعظم أو نائبه المنبر ويجلس عليه ويؤذن المؤذن بين يديه فإذا فرغ قام الإمام فخطب خطبتين فيحمد الله تعالى ويثني عليه ويلبي ويلهل ويكبر ويصلي على النبي ويعظ الناس ويأمرهم وينهاهم ويعلمهم المناسك كالوقوف بعرفة والمزدلفة والجمع بهما والرمي والذبح والحلق والطواف وسائر المناسك التي إلى الخطبة الثالثة ثم يدعو الله تعالى وينزل
لباب
فإن ترك الخطبة أو خطب قبل الزوال أجزأه وقد أساء
جوهرة
وقول الزيلعي جاز أي صح مع الكراهة
شرنبلالية
قوله ( وبعد الخطبة صلى بهم ) فظاهره عدم تأخير الصلاة وهو صريح قول البدائع فإذا زالت الشمس صعد الإمام المنبر فإذا فرغ من الخطبة أقام المؤذنون ويصلي الإمام الخ ونحوه في اللباب وفي البحر عن المعراج أنه يؤخر هذا الجمع إلى آخر وقت الظهر ونحوه في شرح قاضيخان على الجامع الصغير
قال في شرح اللباب وفيه أنه يلزمه منه تأخير الوقوف وينافي حديث جابر رضي الله عنه حتى إذا زاغت الشمس فإن ظاهره أن الخطبة كانت في أول الزوال فلا تقع الصلاة في آخره
قوله ( بأذان ) أي واحد لأنه للإعلام بدخول الوقت وهو واحد وقوله وإقامتين أي يقيم للظهر ثم يصليها ثم يقيم للعصر لأن الإقامة لبيان الشروع في الصلاة
قوله ( وقراءة سرية ) لأنهما صلاتا نهار كسائر الأيام
سراج
قوله ( ولم يصل بينهما شيئا ) أي ولا السنة الراتبة
قال في اللباب وإن أخر الإمام صلاة العصر لا يكره للمأموم التطوع بينهما إلى أن يدخل الإمام في العصر
قوله ( على المذهب ) وهو ظاهر الرواية
شرنبلالية وهو الصحيح فلو فعل كره وأعاد الأذان للعصر لانقطاع فوره فصار كالاشتغال بينهما بفعل آخر
بحر أي كأكل وشرب فإنه يعيد الأذان
سراج
وما في الذخيرة و المحيط و الكافي من استثناء سنة الظهر فخلاف الحديث وإطلاق المشايخ
فتح
تنبيه أخذ من هذا العلامة السيد محمد صادق بن أحمد بادشاه أنه يترك تكبير التشريق هنا وفي المزدلفة بين المغرب والعشاء لمراعاة الفورية الواردة في الحديث كما نقله عنه الكازروني في فتاواه
قلت وفيه نظر فإن الوارد في الحديث أنه صلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ففيه التصريح بترك الصلاة بينهما ولا يلزم منه ترك التكبير ولا يقاس على الصلاة لوجوبه دونها ولأن مدته يسيرة حتى لم يعد فاضلا بين الفريضة والراتبة
والحاصل أن التكبير بعد ثبوت وجوبه عندنا لا يسقط هنا إلا بدليل وما ذكر لا يصلح للدلالة كما علمته هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
قوله ( ولا بعد أداء العصر في وقت الظهر ) سقطت هذه الجملة من بعض النسخ وعزاها في الشرنبلالية إلى شرح الوهبانية لابن الشحنة
مطلب في شروط الجمع بين الصلاتين بعرفة قوله ( وشرط لصحة هذا الجمع الخ ) اختلف في هذا الجمع هل هو سنة أو مستحب وما قيل إن تقديم العصر عند الإمام واجب لصيانة الجماعة ينبغي حمله على معنى ثبت
شرح اللباب
____________________
(2/504)
تنبيه اقتصر من الشروط على الإمام الإحرام
وزاد في اللباب تقديم الظهر على العصر حتى لو تبين للإمام وقوع الظهر قبل الزوال أو بغير وضوء والعصر بعده أو بوضوء أعادهما جميعا والزمان وهو يوم عرفة والمكان وهو عرفة وما قرب منها والجماعة فالشروط ستة
قلت لكن الأخير داخل في الأول فإن معنى اشتراط الإمام اشتراط صلاته بهم لا وجوده فيهم على أنه في البحر قال إن الجماعة غير شرط حتى لو لحق الناس فزع فصلى الإمام وحده الصلاتين جاز بالإجماع على الصحيح كذا في الوجيز ثم نقل عن البدائع أن الجماعة شرط الجمع عند أبي حنيفة لكن في حق غير الإمام لا في حق الإمام ثم قال فما في النقاية و الجوهرة و المجمع من اشتراط الجماعة ضعيف واعترضه في النهر بأنه نقله غير واحد وصححه الإسبيجابي وبأن الجواز في مسألة الفزع للضرورة اه
قلت ما مر عن البدائع يصلح توفيقا بين الكلامين والتصحيحين فتدبر ثم يكفي إدراك جزء من الصلاتين مع الإمام حتى لو أدرك بعض الظهر ثم قام يقضي ما فاته ثم أدرك جزءا من العصر معه يكفي كما أفاده في البحر و اللباب
قوله ( الإمام الأعظم ) أي الخليفة
بحر
وقوله أو نائبه أي ولو بعد موت الإمام فإنه يجمع نائبه أو صاحب شرطه لأن النواب لا ينعزلون بموت الخليفة
بحر
وأطلق الإمام فشمل المقيم والمسافر لكن لو كان مقيما كإمام صلى بهم صلاة المقيمين ولا يجوز له القصر ولا للحجاج الاقتداء به
قال الإمام الحلواني كان الإمام النسفي يقول العجب من أهل الموقف يتابعون إمام مكة في القصر فأنى يستجاب لهم أو يرجى لهم الخير وصلاتهم غير جائزة
قال شمس الأئمة كنت مع أهل الموقف فاعتزلت وصليت كل صلاة في وقتها وأوصيت بذلك أصحابي وقد سمعنا أنه يتكلف ويخرج مسيرة سفر ثم يأتي عرفات فلو كان هكذا فالقصر جائز وإلا لا فيجب الاحتياط اه ملخصا من التاترخانية عن المحيط
قوله ( وإلا صلوا وحدانا ) يوهم جواز صلاة العصر في وقت الظهر وعدم جواز الجماعة لو صليت العصر في وقتها وليس بمراد فالأصوب قول الزيلعي صلوا كل واحدة منهما في وقتها
أفاده ح
ويمكن الجواب بأن وحدانا حال من مفعول صلوا لا من فاعله أي صلوا الصلاتين وحدانا أي غير مجموعات بل كل واحدة في وقتها غايته أن فيه إطلاق الجمع على ما فوق الواحد فافهم
قوله ( والإحرام بالحج فيهما ) احترز به عما لو أحرم بالعمرة فلا يجوز الجمع ولو أحرم بالحج قبل صلاة العصر كما لو لم يكن محرما وإشار إلى أن الشرط حصوله عند أداء الصلاتين ولو أحرم بعد الزوال في الأصح وفي رواية لا بد من وجوده قبل الزوال كما في النهر وقوله فيهما متعلق بقوله الإمام وقوله الإحرام ولذا فرع عليه المصنف بقوله فلا تجوز وقوله ولا لمن صلى الخ على طريق اللف والنشر المرتب
قوله ( لم يصل العصر مع الإمام ) أي بل يصليها في وقتها ومثله ما لو صلى الظهر فقط مع الإمام لا يصلي العصر إلا في وقتها ح
قوله ( قبل إحرام الحج ) بأن لم يحرم أصلا أو أحرم بالعمرة فقط كما مر
قوله ( ثم أحرم ) أي بالحج قبل أداء العصر ح
قوله ( إلا في وقته ) أي العصر
ط
قوله ( إلا الإحرام ) فهو شرط متفق عليه عندنا والحصر بالإضافة إلى المذكور هنا أي فلا يشترط عندهما الاقتداء بالإمام أو نائبه وإلا فاشتراط الزمان
____________________
(2/505)
والمكان وتقديم الظهر على العصر متفق عليه عندنا كما أفاده في شرح اللباب
قوله ( وهو الأظهر ) لعله من جهة الدليل وإلا بالمتون على قول الإمام وصححه في البدائع وغيرها ونقل تصحيحه العلامة قاسم عن الإسبيجابي وقال واعتمده برهان الشريعة و النسفي
قوله ( ثم ذهب ) أي الإمام مع القوم من مسجد نمرة إلى الموقف أي مكان الوقوف بعرفة
قوله ( بغسل ) متعلق بقوله صلى وقوله ذهب قال القهستاني أي جمع بين الصلاتين وذهب إليه حال كونه مغتسلا في وقت الجمع والذهاب فيكون حالا من فاعل جمع وذهب والأول في خزانة المفتين والثاني في الكافي اه
وقوله سن بالبناء للمجهول صفة غسل
قوله ( ووقف الإمام على ناقته ) في الخانية والأفضل للإمام أن يقف راكبا ولغيره أن يقف عنده اه
وظاهره أن الركوب للإمام فقط وهو مفهوم كلام المصنف كالهداية و البدائع وغيرها ويؤيده قول السراج لأنه يدعو ويدعو الناس بدعائه فإن كان على راحلته فهو أبلغ في مشاهدتهم له اه
لكن في القهستاني الأفضل أن يكون راكبا قريبا من الإمام اه
ومثله في منن الملتقى
ونقل بعضهم عن السراج عن منسك ابن العجمي يكره الوقوف على ظهر الدابة إلا في حال الوقوف بعرفة بل هو الأفضل للإمام وغيره اه
ولم أره في السراج
قوله ( بقرب جبل الرحمة ) أي الذي في وسط عرفات ويقال له الإل كهلال وأما صعوده كما يفعله العوام فلم يذكر أحد ممن يعتد به في فضيلة بل حكمه حكم سائر أراضي عرفات وادعى الطبري والماوردي أنه مستحب ورده النووي بأنه لا أصل له لأنه لم يرد فيه خبر صحيح ولا ضعيف
نهر
قوله ( عند الصخرات الكبار ) أي الحجرات السود المفروشة فإنها مظنة موقفه
شرح اللباب
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن منسك الفارسي قال قاضي القضاة بدر الدين وقد اجتهدت على تعيين موقفه ووافقني عليه بعض من يعتمد عليه من محدثي مكة وعلمائها حتى حصل الظن بتعيينه وأنه الفجوة المستعلية المشرفة على الموقف التي عن يمينها وورائها صخرة متصلة بصخرات الجبل وهذه الفجوة بين الجبل والبناء المربع عن يساره وهي إلى الجبل أقرب بقليل بحيث يكون الجبل قبالتك بيمين إذا استقبلت القبلة والبناء المربع عن يسارك بقليل وراءه اه
ونقله في اللباب أيضا باختصار
قال القاضي محمد عيد والبناء المربع هو المعروف بمطبخ آدم ويعرف بحذائه صخرة مخروقة تتبع هي وما حولها من تلك الصخرات المفروشة وما ورائها من الصخار السود المتصلة بالجبل
قوله ( والقيام والنية ) مبتدأ ومعطوف عليه وقوله فيه متعلق بكل من القيام والنية وقوله ليست بشرط خبر المبتدأ والأولى أن يقول ليسا بالتثنية وتغليب المذكر على المؤنث فكل من القيام والنية مستحب كما في اللباب وإنما كانت النية شرطا في الطواف دون الوقوف لأن النية عند الإحرام تضمنت جميع ما يفعل فيه والوقوف يفعل فيه من كل وجه فاكتفى فيه بتلك النية والطواف يفعل فيه من وجه دون وجه لأنه يفعل بعد التحلل فاشترط فيه أصل النية دون تعيينها عملا بالشرطين
شرح النقاية للقاري
لكن هذا الفرق لا يشمل طواف العمرة لأنه يفعل قبل التحلل وسيذكر آخر الباب فرق آخر
قوله ( لأن الشرط الكينونة فيه ) أي في محل الوقوف المعلوم من المقام
قال في شرح اللباب والظاهر أن هذا ركن لعدم تصور الوقوف بدونه نعم الوقت شرط اه
أي مع الإحرام
قلت ولعله أراد بالشرط ما لا بد منه فيشمل الركن
تأمل
والمراد بالكينونة الحصول فيه على أي وجه كان ولو نائما أو جاهلا بكونه عرفة أو غير صاح أو مكرها أو جنبا أو مارا مسرعا
قوله ( مجتاز ) أي مار غير واقف
____________________
(2/506)
قوله ( ودعا جهرا ) ولا يفرط في الجهر بصوته
لباب أي بحيث يتعب نفسه لكن قيد شارحه الجهر بكونه في التلبية وقال وأما الأدعية والأذكار فبالخفية أولى اه
قلت ويؤيده قوله في السراج ويجتهد في الدعاء
والسنة أن يخفي صوته لقوله تعالى { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } الأعراف 55 اه
قوله ( بجهد ) متعلق بدعا أي باجتهاد وإلحاح في المسألة وقد ورد خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رواه مالك والترمذي وأحمد وغيرهم
شرح النقاية للقاري
مطلب الثناء على الكريم دعاء وقيل لابن عيينة هذا ثناء فلم سماه رسول الله دعاء فقال الثناء على الكريم دعاء لأنه يعرف حاجته
فتح
قلت يشير بهذا إلى خبر من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ومنه قول أمية بن أبي الصلت في مدح بعض الملوك أأذكر حاجتي أم قد كفاني ثناؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضك الثناء مطلب في إجابة الدعاء قوله ( وهو ) أي هذا الموقف من مواضع الإجابة أي المواضع التي تكون الإجابة أرجى فيها من غيرها كما أفاده في النهر
قوله ( وهي بمكة ) أي وما قرب منها لأن الموقفين ومنى والجمار ليست في مكة
قوله ( وهي خمسة عشر موضعا الخ ) كذا ذكرها في الفتح عن رسالة الحسن البصري
قال ابن حجر المكي والحسن البصري تابعي جليل اجتمع بجمع من الصحابة فلا يقول ذلك إلا عن توقيف اه
ونقلها بعضهم عن النقاش المفسر في مسكه مقيده بأوقات خاصة والحسن أطلقها وذكر ذلك بعضهم نظما نقله ح عن الشرنبلالية فراجعهما
قوله ( بكعبة ) أي فيها
قوله ( والموقفين ) أي عرفة والمشعر الحرام في المزدلفة
قوله ( طواف ) أي مكانه والأولى أن يقول المطاف وهو ما كان في زمنه مسجدا وإلا فالمسجد الحرام كله مطاف بمعنى أنه يجوز فيه الطواف
شرح اللباب قوله ( وسعى ) أي بين الصفاء والمروة لا سيما فيما بين الميلين
شرح اللباب
قوله ( مروتين ) أي الصفا والمروة ففيه تغليب ولعله غلب المؤنث على المذكر بناء على أحد القولين للعلماء وهو أن المروة أفضل من الصفا
قوله ( مقام ) أي خلفه كما في اللباب
قوله ( جمارك ) أي الثلاث فبذلك بلغت خمسة عشر لكن اعترض بأنه لا دعاء في جمرة العقبة بل في الأولى والوسطى
قوله ( زاد في اللباب الخ ) أي لباب المناسك للشيخ رحمة الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام اختصره
____________________
(2/507)
من منسكه الكبير واختصره أيضا بمنسك أصغر منه فافهم
قوله ( وعند السدرة ) فيه أنه لم يذكرها في اللباب بل ذكرها في الشرنبلالية وهي سدرة كانت بعرفة وهي الآن غير معروفة
ذكره بعض المحشين عن تاريخ مكة للعلامة القطبي وكذا عزاه بعض مشايخ مشايخنا لابن ظهيرة الحنفي المكي في فضائل مكة
قوله ( وفي الحجر ) فيه أن هذا هو تحت الميزاب كما في الشرنبلالية عن الفتح
قوله ( ليلة البدر ) وهي ليلة الرابع عشر من ذي الحجة التي ينزلون فيها الآن
ط
قلت وقد ألحقت هذه الخمسة نظما بنظم صاحب النهر فقلت ورؤية بيت ثم حجر وسدرة وركن يمان مع منى ليلة القمر قوله ( وإذا غربت الشمس الخ ) بيان للواجب حتى لو دفع قبل الغروب فإن جاوز حدود عرفة لزمه دم إلا أن يعود قبله ويدفع بعده فيسقط خلافا لزفر بخلاف ما لو عاد بعده ولو مكث بعد ما أفاض الإمام كثيرا بلا عذر أساء ولو أبطأ الإمام ولم يفض حتى ظهر الليل أفاضوا لأنه أخطأ السنة
من البحر و النهر
قوله ( أتى ) أي أفاض الإمام والناس وعليهم السكينة والوقار فإذا وجد فرجة أسرع المشي بلا إيذاء وقيل لا يسن الإيضاع أي لا يسن في زماننا لكثرة الإيذاء
لباب وشرحه
قوله ( على طريق المأزمين ) لا على طريق ضب والمأزم بهمزة بعد الميم الأولى ويجوز تركها كما في رأس وزاي مكسورة وأصله المضيق بين جبلين ومراد الفقهاء الطريق الذي بين جبلين وهما جبلان بين عرفات ومزدلفة
إسماعيل
وعزاه بعضهم إلى العز بن جماعة وأنه نقله عن المحب الطبري ورد به قول النووي إن المراد به ما بين العلمين اللذين هما حد الحرم وقال إنه غريب ويحمل العوام على الزحمة بين العلمين وليس لذلك أصل
قوله ( ماشيا ) أي إذا قرب منها يدخلها ماشيا تأدبا وتواضعا لأنها من الحرم المحترم
شرح اللباب
قوله ( إلا وادي محسر ) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة وبالراء والاستثناء منقطع لأنه ليس من منى كما أشار إليه الشارح
قوله ( ليس من منى ) صوابه ليس من مزدلفة لأنها محل الوقوف اه
قوله ( أو ببطن عرنة ) أي الذي قرب عرفات كما مر
قوله ( لم يجز ) أي لم يصح الأول عن وقوف مزدلفة الواجب ولا الثاني عن وقوف عرفات الركن
قوله ( على المشهور ) أي خلافا لما في البدائع من جوازه فيهما
فتح
قوله ( والأصح أنه المشعر الحرام ) وقيل هو مزدلفة كلها
قوله ( وعليه مقيدة ) قيل هي أسطوانة من حجارة مدورة تدويرها أربعة وعشرون ذراعا وطولها اثنا عشر وفيها خمسة وعشرون درجة وهي على خشبة مرتفعة كان يوقد عليها في خلافة هارون الرشيد الشمع ليلة مزدلفة وكان قبله يوقد بالحطب وبعده بمصابيح كبار
قوله ( وصلى العشاءين الخ ) أي في أول وقت العشاء الأخيرة
قهستاني
وينبغي أن يصلي قبل حط رحاله بل ينيخ جماله ويعقلها وأشار إلى أنه لا تطوع بينهما ولو سنة مؤكدة على الصحيح ولو تطوع أعاد الإقامة كما لو اشتغل بينهما بعمل آخر
بحر
قال في شرح اللباب ويصلي سنة المغرب والعشاء والوتر بعدها كما صرح به مولانا عبد الرحمن
____________________
(2/508)
الجامي قدس الله سره السامي في منسكه اه
وأما قول الشارح قبيل باب الأذان يكره التنفل بعد صلاتي الجمعين ففيه كلام قدمناه هناك
قوله ( لأن العشاء في وقتها الخ ) علة للاقتصار هنا على إقامة واحدة بخلاف الجمع في عرفة فإنه بإقامتين لأن الصلاة الثانية هنا تؤدي في غير وقتها فتقع الحاجة إلى إقامة أخرى للإعلام بالشروع فيها أما الثانية هنا ففي وقتها فتستغني عن تجديد الإعلام كالوتر مع العشاء
بدائع
قوله ( كما لا احتياج هنا للإمام ) فلو صلاهما منفردا جاز خلافا لما في شرح النقاية للبرجندي فإنه خلاف المشهور في المذهب
شر ح اللباب
وذكر في اللباب أن الجماعة سنة في هذا الجمع ثم قال وشرائط هذا الجمع الإحرام بالحج وتقديم الوقوف عليه والزمان والمكان والوقت الخ
قال شارحه فلا يجوز هذا الجمع لغير المحرم بالحج وأما ما ذكره المحبوبي من أن الإحرام غير شرط فيه فغير صحيح لتصريحهم بأن هذا الجمع جمع نسك ولا يكون نسكا إلا بالإحرام بالحج اه
وبه ظهر صحة ما بحثه في النهر بقوله وينبغي اشتراطه لكونه في المغرب مؤديا اه
وظهر أن ما في النهاية و الهندية من عدم اشتراطه مبني على قول المحبوبي فافهم
قوله ( ولو صلى المغرب والعشاء ) في بعض النسخ أو العشاء بأو وفي بعضها الاقتصار على المغرب موافقا في الكنز وغيره وهو أولى لأن المراد التنبيه على وجوب تأخير المغرب عن وقتها المعتاد ويفهم منه بالأولى وجوب تأخير العشاء إلى المزدلفة نعم عبارة اللباب ولو صلى الصلاتين أو إحداهما
قوله ( أعاده ) أي أعاد ما صلى قال العلامة الشهاوي في منسكه هذا فيما إذا ذهب إلى المزدلفة من طريقها أما إذا ذهب إلى مكة من غير طريق المزدلفة جاز له أن يصلي المغرب في الطريق بلا توقف في ذلك ولم أجد أحدا صرح بذلك سوى صاحب النهاية و العناية
ذكراه في باب قضاء الفوائت وكلام شارح الكنز أيضا يدل على ذلك وهي فائدة جليلة اه
وكذا صرح به البناية الباب المذكور أيضا اه
ذكره بعض المحشين عن خط بعض العلماء
قلت ويؤخذ هذا من اشتراط المكان لصحة هذا الجمع كما مر ويأتي فإنه يفيد أنه لو لم يمر على المزدلفة لزم صلاة المغرب في الطريق في وقتها لعدم الشرط وكذا لو بات في عرفات فتنبه
قوله ( الصلاة أمامك ) الجملة في محل جر بدل من الحديث وخاطب به أسامة لما نزل عليه الصلاة والسلام بالشعب فبال وتوضأ فقال أسامة الصلاة يا رسول الله ومعنى الحديث وقتها الجائز أو مكانها ط
قوله ( ليلة النحر ) سماها بذلك جريا على الحقيقة اللغوية والشرعية
وأما ما مر في آخر الاعتكاف من تبعيتها لليوم الذي قبلها فذاك بالنظر إلى الحكم كما حققناه هناك فافهم
قوله ( والمكان مزدلفة ) يرد عليه ما في البحر عن المحيط لو صلاهما بعد ما جاوز المزدلفة جاز اه
وعزاه في شرح اللباب إلى المنتقى لكن قال بعده وهو خلاف ما عليه الجمهور
قوله ( والوقت ) الفرق بينه وبين الزمان هنا أن الثاني أعم
قوله ( فتصلح لغزا من وجوه ) أي تصلح هذه المسألة فيقال أي فرض لا تطلب له الإقامة فالجواب عشاء المزدلفة إذا لم يفصل بينها وبين المغرب بفاصل
ويقال أي صلاة تصلى في غير وقتها وهي أداء وأي صلاة إذا صليت في وقتها وجبت إعادتها فالجواب مغرب المزدلفة
وأي صلاة يجب أن تفعل في مكان مخصوص فالجواب المغرب والعشاء في المزدلفة فتأمل
واستخرج غيرها ح
زاد ط وأي عشاء
____________________
(2/509)
أديت قبل المغرب من صاحب ترتيب وصحت فالجواب عشاء المزدلفة
وزاد الرحمتي وأي صلاة يختلف وقتها في زمان دون زمان وهي مغرب المزدلفة وقتها ليلة العيد غير وقتها في بقية الأيام
وأي صلاة يختلف وقتها في حالة دون حالة هي هذه يختلف في حالة الإحرام بالحج وأي صلاة فاسدة إذا خرج وقت التي بعدها انقلبت صحيحة وأي صلاة يكره الإتيان بسنتها هي هذه
قوله ( فيعود إلى الجواز ) أي المغرب أو ما صلاه من مغرب وعشاء في الوقت قبل المزدلفة ومفهومه أنه قبل طلوع الفجر لم يجزه وهذا قولهما
وقال أبو يوسف يجزيه وقد أساء
هداية أي لأن المغرب التي صلاها في الطريق إن وقعت صحيحة فلا تجب إعادتها لا في الوقت ولا بعده وإن لم تقع صحيحة وجبت فيه وبعده أي إن لم يؤدها فيه وجب قضاؤها بعده لأن ما وقع فاسدا لا ينقلب صحيحا بمضي الوقت
وأجيب بأن الفساد موقوف يظهر أثره في ثاني الحال كما مر في مسألة الترتيب كذا في العناية
قلت هذا صريح في أن المراد بعدم الجواز عدم الصحة لا عدم الحل خلافا لما فهمه من البحر وتمام الكلام فيما علقناه عليه
قوله ( وهذا ) أي عدم جواز ما صلاه في طريق المزدلفة المفهوم من قوله أعاده ما لم يطلع الفجر فافهم
قوله ( صلاهما ) لأنه لو لم يصلهما صارتا قضاء
قوله ( عاد العشاء إلى الجواز ) قال في الظهيرية وهذه المسألة لا بد من معرفتها وهذا كما قال أبو حنيفة فيمن ترك صلاة الظهر ثم صلى بعدها خمسا وهو ذاكر للمتروكة لم يجز فإن صلى السادسة عاد إلى الجواز اه
واستشكل حكم المسألة الخير الرملي بأن فيه تفويت الترتيب وهو فرض يفوت الجواز بفوته كترتيب الوتر على العشاء قال إلا أن يحمل على ساقط الترتيب أو على عودها إلى الجواز إذا صلى خمسا بعدها اه
وهو تأويل بعيد بل الظاهر سقوط الترتيب هنا بقرينة التنظير بقوله في الظهيرية وهذا كما قال أبو حنيفة الخ وعن هذا قال السيد محمد أبو السعود لا فرق في هذا بين أن يكون صاحب ترتيب أو لا فتزاد هذه على مسقطات وجوب الترتيب اه
قوله ( وينوي المغرب أداء ) كذا في النهر عن السراج
وفيه رد على قول البحر إنها قضاء مع أنه صرح بعده بأن وقتها وقت العشاء
قوله ( ويترك سنتها ) الموافق لما قدمناه عن الجامي أن يقول ويؤخر سنتها
قوله ( ويحييها ) يعني ليلة العيد بأن يشتغل فيها أو في معظمها بالعبادة من صلاة أو قراءة أو ذكر أن دراسة علم شرعي ونحو ذلك
وقوله فإنها أفضل الخ قال ح أي في حد ذاتها لا في حق من كان بمزدلفة
قوله ( كما أفتى به صاحب النهر وغيره ) عبارة النهر وقد وقع السؤال في شرفها على ليلة الجمعة وكنت ممن مال إلى ذلك ثم رأيت في الجوهرة أنها أفضل ليالي السنة اه
وكلامه كما ترى في تفضيلها على ليلة الجمعة لا على ليلة القدر نعم ما في الجوهرة شامل ليلة القدر لكن هذا القدر لا يسوغ أن يقال أفتى به صاحب النهر اه ح
مطلب في المفاضلة بين ليلة العيد وليلة الجمعة وعشر ذي الحجة وعشر رمضان قوله ( وجزم الخ ) تأييد لما قبله من حيث إن الأكثر على أن ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان فإذا كان عشر ذي الحجة أفضل منه لزم تفضيله على ليلة القدر وليلة العيد أفضل الليالي العشر فتكون أفضل من ليلة القدر
____________________
(2/510)
قال ط وذكر المناوي في شرحه الصغير في حديث أفضل أيام الدنيا أيام العشر ما نصه لاجتماع أمهات العبادات فيه وهي الأيام التي أقسم الله تعالى بها بقوله { والفجر وليال عشر } الفجر 1 2 فهي أفضل من أيام العشر الأخير من رمضان على ما اقتضاه هذا الخبر وأخذ به بعضهم لكن الجمهور على خلافه
وقال في شرحه الكبير وثمرة الخلاف تظهر فيما لو علق نحو طلاق أو نذر بأفضل الأعشار أو الأيام
قال ابن القيم والصواب أن ليالي العشر الأخير من رمضان أفضل من ليالي ذي الحجة لأنه إنما فضل ليومي النحر وعرفة وعشر رمضان إنما فضل بلية القدر اه
قلت ونقل الرحمتي عن بعضهم ما يفيد التوفيق وهو أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان وليالي الثاني أفضل من ليالي الأول لأن أفضل ما في الثاني ليلة القدر وبها ازداد شرفه وازدياد شرف الأول بيوم عرفة اه
وهذا مع ما مر عن ابن القيم كالصريح في أفضلية ليلة القدر على ليلة النحر ويلزم منه تفضيلها على ليلة الجمعة لما مر عن النهر من تفضيل ليلة النحر على ليلة الجمعة
ولا يرد على هذا حديث مسلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة لأن الكلام في ليلتها لا في يومها وقد ذكر الشارح في آخر باب الجمعة عن التاترخانية أن يومها أفضل من ليلتها أي لأن فضيلة ليلتها لصلاة الجمعة وهي في اليوم
تنبيه في المعراج وقد صح عن رسول الله أنه قال أفضل الأيام يوم عرفة أذا وافق يوم جمعة وهو أفضل من سبعين حجة ذكره في تجريد الصحاح بعلامة الموطأ اه
وسيأتي الكلام عليه آخر الحج
ونقل ط عن بعض الشافعية أن أفضل الليالي ليلة مولده ثم ليلة القدر ثم ليلة الإسراء والمعراج ثم ليلة عرفة ثم ليلة الجمعة ثم ليلة النصف من شعبان ثم ليلة العيد
قوله ( وصلى الفجر بغلس ) أي ظلمة في أول وقتها ولا يسن ذلك عندنا إلا هنا وكذا يوم عرفة في منى على ما مر عن الخانية وقدمنا أن الأكثر على خلافه
قوله ( لأجل الوقوف ) أي لأجل امتداد
مطلب في الوقوف بمزدلفة قوله ( ثم وقف ) هذا الوقف واجب عندنا لا سنة والبيتوتة بمزدلفة سنة مؤكدة إلى الفجر لا واجبة خلافا للشافعي فيهما كما في اللباب وشرحه
قوله ( ووقته الخ ) أي وقت جوازه
قال في اللباب أول وقته طلوع الفجر الثاني من يوم النحر وآخره طلوع الشمس منه فمن وقف بها قبل طلوع الفجر أو بعد ثلوع الشمس لا يعتد به وقدر الواجب منه ساعة ولو لطيفة وقدر السنة امتداد الوقوف إلى الإسفار جدا وأما ركنه فكينونته بمزدلفة سواء كان بفعل نفسه أو فعل غيره بأن يكون محمولا بأمره أو بغير أمره وهو نائم مغمى عليه أو مجنون أو سكران نواه أو لم ينو علم بها أو لم يعلم
لباب
قوله ( كرحمة ) عبارة اللباب إلا إذا كان لعلة أو ضعف أو يكون امرأة تخاف ازحام فلا شيء عليه اه لكن قال في البحر ولم يقيد في المحيط خوف الزحام بالمرأة بل أطلقه فشمل الرجل اه
قلت وهو شامل لخوف الزحمة عند الرومي فمقتضاه أنه لو دفع ليلا ليرمي قبل دفع الناس وزحمتهم لا شيء عليه لكن لا شك أن الزحمة عند الرمي وفي الطريق قبل الوصول إليه أمر محقق في زماننا فيلزم منه سقوط
____________________
(2/511)
واجب الوقوف بمزلفة فالأولى تقييد خوف الزحمة بالمرأة ويحمل أطلاق المحيط عليه لكون ذلك عذرا ظاهرا في حقها يسقط به الواجب بخلاف الرجل أو يحمل على ما إذا خاف الزحمة لنحو مرض ولذا قال في السراج إلا إذا كانت به علة أو مرض أو ضعف فخاف الزحام فدفع ليلا فلا شيء عليه اه
لكن قد يقال إن غيره من مناسك الحج لا يخلو من الزحمة وقد صرحوا بأنه لو أفاض من عرفات لخوف الزحام وجاوز حدودها قبل الغروب لزمه دم ما لم يعد قبله وكذا لو ند بعيره فتبعه كما صرح به في الفتح على أنه يمكنه الاحتراز عن الزحمة بالوقف بعد الفجر لحظة فيحصل الواجب ويدفع قبل دفع الناس وفيه ترك مد الوقوف المسنون لخوف الزحمة وهو أسهل من ترك الواجب الذي قيل بأنه ركن
وقد يجاب بأن خوف الزحام لنحو عجز ومرض إنما جعلوه عذرا هنا لحديث أنه قدم ضعفة أهله بليل ولم يجعل عذرا في عرفات لما فيه من إظهار مخالفة المشركين فإنهم كانوا يدفعون قبل الغروب فليتأمل
قوله ( لا شيء عليه ) وكذا كل واجب إذا تركه بعذر لا شيء عليه كما في البحر أي بخلاف فعل المحظور لعذر كلبس المخيط ونحوه فإن العذر لا يسقط كما سيأتي في الجنايات وبه سقط ما أورده في الشرنبلالية بقوله لكن يرد عليه ما نص الشارع بقوله { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية } البقرة 196 اه
نعم يرد ما قدمناه آنفا ن الفتح من أنه لو جاوز عرفات قبل الغروب لند بعيره أو لخوف الزحمة لزمه دم وقد يجاب بما سيأتي عن شرح اللباب في الجنايات عند قول اللباب
ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم من أن هذا عذر من جانب المخلوق فلا يؤثر اه
لكن يرد عليه جعلهم خوف الزحمة هنا عذرا في ترك الوقوف بمزدلفة وعلمت جوابه فتأمل
قوله ( ودعا ) رافعا يديه إلى السماء
ط عن الهندية
قوله ( وإذا أسفر جدا ) فاعل أسفر اليوم أو الصبح وفاعله مما لا يذكر
ذكره قرا حصاري
قال الحموي ولم أقف على أنه مما لا يذكر في شيء من كتب النحو واللغة وفسر الإمام الإسفار بحيث لا يبقى إلى طلوع الشمس إلا مقدار ما يصلي ركعتين وإن دفع بعد طلوع الشمس أو قبل أن يصلي الناس الفجر فقد أساء ولا شيء عليه
هندية ط
وما وقع في نسخ القدوري وإذا طلعت الشمس أفاض الإمام قال في الهداية إنه غلط لأن النبي دفع قبل طلوع الشمس وتمامه في الشرنبلالية
قوله ( فإذا بلغ بطن محسر ) أي أول واديه
شرح اللباب
وفي البحر وادي محسر موضع فاضل بين منى ومزدلفة ليس من واحدة منهما
قال الأزرقي وهو خمسمائة ذراع وخمس وأربعون ذراعا اه
قوله ( لأنه موقف النصارى ) هم أصحاب الفيل
ح عن الشرنبلالية
مطلب في رمي جمرة العقبة قوله ( ورمي جمرة العقبة ) هي ثالث الجمرات على حد منى من جهة مكة وليست من منى ويقال لها الجمرة الكبرى والجمرة الأخيرة
قهستاني ولا يرمي يومئذ غيرها ولا يقوم عندها حتى يأتي منزله
ولوالجية
قوله ( ويكره تنزيها من فوق ) أي فيجزيه لأن ما حولها موضع النسك كذا في الهداية إلا أنه خلاف السنة ففعله عليه الصلاة والسلام من أسفلها سنة لا لأنه المتعين ولذا ثبت رمي خلق كثير في زمن الصحابة من أعلاها ولم يأمروهم بالإعادة وكأن وجه اختياره عليه الصلاة والسلام لذلك هو وجه اختياره حصى الحذف فإنه يتوقع الأذى إذا رموها من أعلاها
____________________
(2/512)
لمن أسفلها فإنه لا يخلو من مرور الناس فيصيبهم بخلاف الرمي من أسفل مع المارين من فوقها إن كان كذا في الفتح
ومقتضاه أن المراد الرمي من فوق إلى أسفل لا في موضع وقوف الرامي فوق ومقتضى تعليل الهداية بأن ما حولها موضع نسك أن المراد الثاني إلا أن يؤول كما أفاد الفضلاء بأن المراد موضع وقوف الناسك لا موضع وقوع الحصى
قوله ( سبعا ) أي سبع رميات بسبع حصيات فلو رماها دفعة واحدة كان عن واحدة
نهر
قوله ( خذفا ) نصب على المصدر
شرنبلالية
فهو مفعول مطلق لبيان النوع لأن الحذف نوع من الرمي وهو رمي الحصاة بالأصابع كما أشار إليه الشارح
قوله ( بمعجمتين ) يقال الحذف بالعصا والحذف بالحصى فالأول بالحاء المهملة والثاني بالمعجمة
شرح النقاية للقاري
قوله ( أي برؤوس الأصابع ) قيل كيفية الرمي أن يضع طرف إبهامه اليمنى على وسط السبابة ويضع الحصاة على ظاهر الإبهام كأنه عاقد سبعين فيرميها وقيل أن يلحق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه كأنه عاقد عشرة
وقيل يأخذها بطرفي إبهامه وسبابته وهذا هو الأصح لأنه الأسر المعتاد
فتح
وكذا صححه في النهاية و الوالوجية وهو مراد الشارح
فافهم
والخلاف في الأولوية والمختار فافهم أنها مقدار الباقلاء
لباب أي قدر الفولة وقيل قدر الحمصة أو النواة أو الأنملة
قال في النهر وهذا بيان المندوب
وأما الجواز فيكون ولو بالأكبر مع الكراهة
قوله ( ويكون بينهما ) أي بين الرمي والجمرة ويجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره
لباب
قوله ( خمسة أذرع ) أي أوأكثر ويكره الأقل
لباب
لأن ما دونه وضع فلا يجوز أو طرح فيجوز لكنه مسيء لمخالفته السنة
قهستاني
قوله ( وإلا ) أي وإن لم تقع من على ظهره بنفسها بل بحرك الرحل أو الجمل أو وقعت بنفسها لكن بعيدا من الجمرة ح
قوله ( لا ) قال في الهداية لأنه لم يعرف قربة إلا في مكان مخصوص اه
وفي اللباب ولو وقعت على الشاخص أي أطراف الميل الذي هو علامة للجمرة أجزأه ولو على قبة الشاخص ولم تنزل عنه أنه لا يجزيه للبعد وإن لم يدر أنها وقعت في المرمى بنفسها أو بنفض من وقعت عليه وتحريكه ففيه اختلاف والاحتياط أن يعيده وكذا لو رمى وشك في وقوعها موقعها فالاحتياط أن يعيد
قوله ( وثلاثة أذرع الخ ) أي بين الحصاة والجمرة وهذا بيان لما أجمله بقوله بقرب الجمرة لكن قدر القرب في الفتح بذراع ونحوه
قال ومنهم من لم يقدره اعتمادا على اعتبار القرب عرفا وضده البعد
قوله ( وكبر بكل حصاة ) ظاهر الرواية الاقتصار على الله أكبر غير أنه روى عن الحسن بن زياد أنه يقول الله أكبر رغما للشيطان وحزبه وقيل يقول أيضا اللهم اجعل حجي مبرورا وسعيي مشكورا وذنبي مغفورا
فتح
قوله ( وقطع التلبية بأولها ) أي في الحج الصحيح والفاسد مفردا أو متمتعا أو قارنا وقيل لا يقطعها إلا بعد الزوال ولو حلق قبل الرمي أو طاف قبل الرمي والحلق والذبح قطعها وإن لم يرم حتى زالت الشمس لم يقطعها حتى يرمي إلا أن تغيب الشمس
ولو ذبح قبل الرمي فإن كان قارنا أو متمتعا قطع ولو مفردا لا
لباب وقيد بالمحرم بالحج لأن المعتمر يقطع التلبية إذا استلم الحجر لأن الطواف ركن العمرة فيقطع التلبية قبل الشروع فيها وكذا فائت الحج لأنه يتحلل بعمرة فصار كالمعتمر والمحصر يقطعها إذا ذبح هديه لأن الذبح للتحلل والقارن إذا فاته الحج يقطع حين يأخذ بالطواف الثاني لأنه يتحلل بعده
بحر
قوله ( جاز ) أي ويكره
لباب
قوله ( لا لو رمى بالأقل ) لأنه إذا ترك أكثر السبع لزمه دم كما لو لم يرم أصلا وإن ترك أقل منه كثلاث فما دونها فعليه لكل حصاة صدقة كما سيأتي في الجنايات
____________________
(2/513)
تنبيه لا يشترط الموالاة بين الرميات بل يسن فيكره تركها
لباب
قوله ( بكل ما كان من جنس الأرض ) كذا في الهداية
واعترضه الشراع بالفيروزج والياقوت فإنهما من أجزاء الأرض حتى جاز التيمم بهما ومع ذلك لا يجوز الرمي بهما وأجاب في العناية تبعا للنهاية بأن الجواز مشروط بالاستهانة برميه وذلك لا يحصل برميهما اه
وحاصله أن هذا الشرط مخصص لعموم كلام الهداية فيخرج منه نحو الفيروزج والياقوت لكن قال في التاترخانية إن هذه الرواية أي رواية اشتراط الاستهانة مخالفة لما ذكر في المحيط وكذا قال في الفتح وأجازه بعضهم بناء على نفي ذلك الاشتراط وممن ذكر جوازه الفارسي في مناسكه اه
ومفاد كلامه ترجيح الجواز وإبقاء كلام الهداية على عمومه ولذا اعترض في السعدية على ما في العناية بما في غاية السروجي و شرح الزيلعي من أنه يجوز الرمي بكل ما كان من أجزاء الأرض كالحجر والمدر والطين والمغرة والنورة والزرنيخ والأحجار النفيسة كالياقوت والزمرد والبلخش ونحوها والملح الجبلي والكحل أو قبضة من تراب وبالزبرجد والبلور والعقيق والفيروزج بخلاف الخشب والعنبر واللؤلؤ والذهب والفضة والجواهر أما الخشب واللؤلؤ والجواهر وهي كبار اللؤلؤ والعنبر فإنها ليست من أجزاء الأرض
وأما الذهب والفضة فإن فعلهما يسمى نثارا لا رميا اه
قوله ( والمدر ) أي قطع الطين اليابس
قوله ( والمغرة ) طين أحمر يصبغ به
قوله ( ولؤلؤ كبار ) قيد به تبعا للنهر لأن الكبار هي التي يتأتى بها الرمي وإلا فالصغار لا يجوز بها الرمي أيضا لتعليلهم بأنها ليست من أجزاء الأرض
أفاده أبو السعود
قوله ( وجواهر ) علمت مما مر عن الغاية أنها كبار اللؤلؤ وعليه كان المناسب أسقاط قوله كبار ويكون كلام المصنف جاريا على ما في الهداية و المحيط من جواز الرمي بالفيروزج والياقوت لكن لا يناسبه تعليل الشارح فالأولى تفسير الجواهر بالأحجار النفيسة ليوافق تقييد المصف اللؤلؤ بالكبار وتعليل الشارح
وقوله وقيل يجوز إشارة إلى ما مر عن الهداية و المحيط وقد علمت أن السروجي والزيلعي والفارسي مشوا عليه
قوله ( لأنه يسمى نثارا لا رميا ) قال في الفتح فلم يجز لانتفاء اسم الرمي ولا يخفى أنه يصدق عليه اسم الرمي مع كونه يسمى نثارا فغاية ما فيه أنه رمي خص باسم آخر باعتبار خصوص متعلقه ولا تأثير لذلك في سقوط اسم الرمي عنه ولا صورته
ثم قال والحاصل أنه إما أن يلاحظ مجرد الرمي أو مع الاستهانة أو خصوصما وقع منه والأول يستلزم الجواز بالجواهر والثاني بالعبرة والخشبة التي لا قيمة لها والثالث بالحجر خصوصا فليكن هذا أعم لكونه أسلم اه
قلت قد يجاب بأن المأثور كون الرمي لرغم الشيطان وما وقع منه من الرمي بالحصا أفاد بطريق الدلالة جوازه بكل ما كان من جنس الأرض فاعتبر كل من الثاني والثالث معا دون الأول فلم يجز بالبعرة والخشبة ولا بالفضة والذهب لكن هذا يستلزم عدم الجواز بالفيروزج والياقوت أيضا وبه يترجح قول الآخر فتدبر
قوله ( خلاف المذهب ) ولذا قال في المبسوط وبعض المتقشفة يقولون لو رمى بالبعرة أجزأه لأن
____________________
(2/514)
المقصود إهانة الشيطان وذا يحصل بالبعرة ولسنا نقول بهذا
شرح لباب
قال في الفتح على أن أكثر المحققين على أنها أمور تعبدية لا يشتغل بالمعنى فيها
قوله ( ويكره أخذها من عند الجمرة ) وما هي إلا كراهة تنزيه
فتح
أشار إلى أنه يجوز أخذه من أي موضع سواه
وفي اللباب يستحب أن يرفع من مزدلفة سبع حصيات ويرمي بها جمرة العقبة وإن رفع من المزدلفة سبعين أو من الطريق فهو جائز وقيل مستحب اه
قال شارحه لكن قال الكرماني وهذا خلاف السنة وليس مذهبنا وأما ما في البدائع وغيرها من أنه يأخذ حصى الجمار من المزدلفة أو من الطريق فينبغي حمله على الجمار السبعة وكذا ما في الظهيرية من أنه يستحب التقاطها من قوارع الطريق اه
والحاصل أن التقاط ما عدا السبعة ليس له محل مخصوص عندنا
قوله ( لأنها مردودة ) أي فيتشاءهم بها
سراج
قوله ( لحديث الخ ) أي ما رواه الدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله هذه الجمار التي نرمي بها كل عام فنحسب أنها تنقص فقال إن ما يقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال شرح النقاية للقاري
في الفتح عن سعيد بن جبير قلت لابن عباس ما بال الجمار ترمى من وقت الخليل عليه السلام ولم تصر هضابا أي تلالا تسد الأفق فقال أما علمت أن من يقبل حجه يرفع حصاه اه
قال في السعدية لك أن تقول أهل الجاهلية كانوا على الإشراك ولا يقبل عمل لمشرك اه
وأجيب بأن الكفار قد تقبل عبادتهم ليجازوا عليها في الدنيا
قال ط ويؤيده ما رواه أحمد ومسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال أن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة يعطى عليها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا اه
قلت لكن قد يدعي تخصيص ذلك بأفعال البر دون العبادات المشروطة بالنية فإن النية شرطها الإسلام إلا أن يقال إن هذا شرط في شريعتنا فقط
تأمل
قوله ( بيقين ) أما بدون تيقن فلا يكره لأن الأصل الطهارة لكن يندب غسلها لتكون طهارتها متيقنة كما ذكره في البحر وغيره
قوله ( ووقته ) أي وقت جوازه أداء من الفجر أي فجر النحر إلى فجر اليوم الثاني
قال في البحر حتى لو أخره حتى طلع الفجر في اليوم الثاني لزمه دم عنده خلافا لهما ولو رمى قبل طلوع فجر النحر لم يصح اتفاقا
قوله ( ويسن ) كذا عبر في مجمع الروايات عن المحيط ووافقه في النهر وعبر العين بالاستحباب
رملي
قوله ( ذكاء ) من أسماء الشمس
قوله ( ويباح لغروبها ) أي من الزوال إلى الغروب وجعله في الظهيرية من المكروه والأكثرون على الأول
بحر
قوله ( ويكره للفجر ) أي من الغروب إلى الفجر وكذا يكره قبل طلوع الشمس
بحر
وهذا عدم العذر فلا إساءة برمي الضعفة قبل الشمس ولا برمي الرعاة ليلا كما في الفتح
قوله ( لأنه مفرد ) تعليل لما استفيد من التخيير بقوله أن شاء الله والذبح له أفضل ويجب على القارن والمتمتع ط
وأما الأضحية فإن كان مسافرا فلا يجب عليه وإلا كالمكي فتجب كما في البحر
قوله ( ثم قصر ) أي أو حلق كما دل عليه قوله وحلقه أفضل
قال في اللباب ويستحب بعده أي بعد الحلق أو التقصير أخذ الشارب وقص الظفر ولو قص أظفاره أو شاربه أو لحيته أو طيب قبل الحلق عليه موجب جنايته وتمام تحقيقه في شرحه
قوله ( بأن يأخذ الخ ) قال في البحر والمراد بالتقصير أن يأخذ الرجل والمرأة من رؤوس شعر ربع الرأس مدار
____________________
(2/515)
الأنملة كذا ذكره الزيلعي ومراده أن يأخذ منكل شعرة مقدار الأنملة كما صرح به في المحيط
وفي البدائع قالوا يجب أن يزيد في التقصير على قدر الأنملة حتى يستوفى قدر الأنملة من كل شعرة برأسه لأن أطراف الشعر غير متساوية عادة
قال الحلبي في مناسكه وهو حسن اه
وفي الشرنبلالية يظهر لي أن المراد بكل شعرة أي من شعر الربع على وجه اللزوم ومن الكل على سبيل الأولوية فلا مخالفة في الإجزاء لأن الربع كالكل كما في الحلق اه
فقول الشارح من كل شعرة أي من الربع لا من الكل وإلا ناقض ما بعده وقوله وجوبا قيد لقدر الأنملة فلا يتكرر مع قوله والربع واجب والأنملة بفتح الهمزة والميم وضم الميم لغة مشهورة ومن خطأ راويها فقط أخطأ واحدة الأنامل
بحر
وفي تهذيب اللغات للنووي الأنامل أطراف الأصابع وقال أبو عمر الشيباني والسجستاني والجرمي كل أصبع ثلاث إنملات
قوله ( ويجب إجراء الموسى على الأقرع ) هو المختار كما في الزيلعي و البحر و اللباب وغيرها وقيل استحبابا
قال في شرح اللباب وقيل استنانا وهو الأظهر اه
قوله ( وإلا سقط ) أي وإن لم يمكن إجراء الموسى عليه ولا يصل إلى تقصيره سقط عنه وحل بمنزلة من حلق والأحسن له أن يؤخر الإحلال إلى آخر الوقت من أيام النحر ولا شيء عليه إن لم يؤخر ولو لم يكن به قروح لكنه خرج إلى البادية فلم يجد آلة أو من يحلقه لا يجزئه إلا الحلق أو التقصير وليس هذا بعذر
فتح
لأن إصابة الآلة مرجوة في كل ساعة بخلاف برء القروح ولأن الإزالة لا تختص بالموسى
أفاده في البحر
قوله ( ومتى تعذر أحدهما ) أي الحلق والتقصير
قال ط والأحسن تأخير هذه الجملة عن قوله وحلقه أفضل اه
قوله ( فلو لبده الخ ) مثال لتعذر التقصير ومثله ما لو كان الشعر قصيرا فيتعين الحلق وكذا لو كان معقوصا أو مضفورا كما عزى إلى المبسوط
ووجهه أنه إذا نقضه تناثر بعض الشعر فيكون جناية على إحرامه قبل أن يحل منه فيتعين الحلق لكن قد يقال إن هذا التناثر غير جناية لأنه في وقت جواز إزالة الشعر بحلق أو غيره ولو نتفا منه أو من غيره كما يأتي فبقي ما في المبسوط مشكلا
تأمل
ومثال تعذر الحلق يمنع إمكان التقصير أن يفقد آلة الحلق أو من يحلقه أو يضره الحلق لنحو صداع أو قروح برأسه وتقدم مثال تعذرهما جميعا في الأقرع وذي قروح شعره قصير
قوله ( وحلقه أفضل ) أي هو مسنون وهذا في حق الرجل ويكره للمرأة لأنه مثله في حقها كحلق الرجل لحيته وأشار إلى أنه لو اقتصر على حلق الربع جاز كما في التقصير لكن مع الكراهة لتركه السنة فإن السنة حلق جميع الرأسه أوتقصير جميعه كما في شرح اللباب و القهستاني
قال في النهر وإطلاقه أي إطلاق قول الكنز والحلق أحب يفيد أن حلق النصف أولى من التقصير ولم أره اه
قلت إن أراد أولى من تقصير الكل فهو ممنوع لما علمت أو من تقصير النصف أو الربع فهو ممكن
تنبيه هذا في غير المحصر أما المحصر فلا حق عليه كما سيأتي
بدائع
قوله ( بنحو نورة ) كحلق ونتف وكذا لو قاتل غيره فنتفه أجزأ عن الحلق قصدا
فتح
تنبيه قالوا يندب البداءة بيمين الحالق لا المحلوق إلا أن ما في الصحيحين يفيد العكس وذلك أنه قال للحلاق خذ وأشار إلى الجنب الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس قال في الفتح وهو الصواب وإن كان خلاف المذهب اه
وأقول يوافقه ما في الملتقط عن الإمام حلقت رأسي فخطأني الحلاق في ثلاثة أشياء لما أن جلست قال استقبل
____________________
(2/516)
القبلة وناولته الجانب الأيسر فقال ابدأ بالأيمن فلما أردت أن أذهب قال ادفن شعرك فرجعت ودفنته اه
نهر
أي فهذا يفيد رجوع الإمام إلى قول الحجام ولذا قال في اللباب هو المختار
قال في شارحه كما في منسك ابن العجمي و البحر وقال في النخبة وهوالصحيح وقد روى رجوع الإمام عما نقل عنه الأصحاب فصح تصحيح قوله الأخير واندفع ما هو المشهور عنه عند المشايخ وقال السروجي وعند الشافعي يبدأ بيمين المحلوق وذكر كذلك بعض أصحابنا ولم يعزه إلى أحد والسنة أولى وقد صح بداءة رسول الله بشق رأسه الكريم من الجانب الأيمن وليس لأحد بعده كلام وقد أخذ الإمام بقول الحجام ولم ينكره ولو كان مذهبه خلافه لما وافقه اه ملخصا ومثله في المعراج و غاية البيان
قوله ( وحل له كل شيء ) أي من محظورات الإحرام كلبس المخيط وقص الأظفار ط
وأفاد أنه لا يحل له بالرمي قبل الحلق شيء وهو المذهب عندنا كما في شرح اللباب للقاري عن الفارسي وفي شرحه على النقاية والرمي غير محلل من الإحرام عندنا في المشهور ومحلل عند مالك والشافعي وفي غير المشهور عندنا فقد نص على التحلل بالرمي عندنا في شرح المبسوط لخواهر زاده
وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان بقوله وبعد الرمي قبل الحلق حل له كل شيء إلا النساء والطيب
وعن أبي يوسف أنه يحل له الطيب أيضا اه
قوله ( إلا النساء ) أي جماعهن ودواعيه
قوله ( قيل والطيب والصيد ) تبع في ذلك صاحب النهر فقد عزا إلى الخانية استثناء النساء والطيب وإلى أبي الليث استثناء الصيد وهو غير صحيح فإن قاضيخان قال في فتاواه فإذا حلق أو قصر حل له كل شيء إلا النساء وبعد الرمي قبل الحلق يحل له كل شيء إلا الطيب والنساء الخ ومثله ما قدمناه عنه في شرحه على الجامع الصغير فقد استثنى الطيب من الإحلال بالرمي لا من الإحلال بالحلق وهو مبني على خلاف المشهور كما علمته آنفا وقد ذكر الشرنبلالي عبارة الخانية ثم قال وبهذا يعلم بطلان ما ينسب لقاضيخان من أن الحلق لا يحل به الطيب اه
قلت ويؤيده قوله في البدائع وأما حكم الحلق فهو صيرورته حلالا يباح له جميع ما حظر عليه إلا النساء وهذا قول أصحابنا
وقال مالك إلا النساء والطيب
وقال الليث إلا النساء والصيد اه
ومثله في المعراج و السراج و غاية البيان فقد عزوا الأول إلى الإمام مالك فقط والثاني إلى الليث بن سعد أحد الأئمة المجتهدين فما في النهر من عزوه إلى أبي الليث وهو السمرقندي أحد مشايخ مذهبنا فهو تصحيف فافهم
مطلب في طواف الزيارة في قوله ( ثم طاف للزيارة ) أي لفعل طواف الزيارة الذي هو ثاني ركني الحج
قال في السراج ويسمى الإفاضة وطواف يوم النحر والطواف المفروض اه
وشرائط صحته الإسلام وتقديم الإحرام والوقوف والنية وإتيان أكثره والزمان وهو يوم النحر وما بعده والمكان وهو حول البيت داخل المسجد وكونه بنفسه ولو محمولا فلا تجوز النيابة إلا لمغمى عليه
وواجباته المشي للقادر والتيامن وإتمام السبعة والطهارة عن الحدث وستر العورة وفعله في أيام النحر
وأما الترتيب بينه وبين الرمي والحلق فسنة ولا مفسد له ولا فوات قبل الممات ولا يجزي عنه البدل إلا إذا مات بعد الوقوف بعرفة وأوصى بإتمام الحج تجب البدنة لطواف الزيارة وجاز حجه
لباب
قوله ( سبعة ) أي سبعة أشواط كما مر بيانه
____________________
(2/517)
قوله ( بيان للأكمل ) أي الطواف الكامل المشتمل على الركن والواجب نبه على ذلك لئلا يتوهم أن السبعة ركن كما يقوله الأئمة الثلاثة وإن واقهم المحقق ابن الهمام بحثا فإنه خلاف المذهب فلا يتابع عليه
قوله ( إن كان سعى قبل ) لم يقل إن كان رمل وسعى قبل إشارة إلى أنه لو كان سعى قبل ولم يرمل لا يرمل هنا لأن الرمل إنما يشرع في طواف بعده سعي كما مر ولا سعي ها هنا كما في العناية وكذا في اللباب وفيه وأما الاضطباع فساقط مطلقا في هذا الطواف اه
سواء سعى قبله أو لا
قوله ( وإلا فعلهما ) أي وإن لم يكن سعى قبل رمل وسعى وإن رمل قهستاني أي لأن رمله السابق بلا سعي غير مشروع كما علمته فلا يعتبر
تنبيه قال الخير الرملي ولو لم يفعلهما في طواف القدوم وطواف الزيارة فعلهما في طواف الصدر لأن السعي غير مؤقت كما سيصرح به في الجنايات وصرحوا بأن الرمل بعد كل طواف يعقبه سعي فيه يعلم أنه يأتي بهما في الصدر لو لم يقدمهما ولم أره صريحا وإن علم من إطلاقهم
قوله ( لأن تكرارهما ) علة لقوله بلا رمل وسعي الخ ط
تنبيه قال في الشرنبلالية قدمنا أن الأفضل تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة وكذلك الرمل ليصيرا تبعا للفرض دون السنة كما في البحر وقدمنا أيضا أنه لا يعتد بالسعي بعد طواف القدوم إلا أن يكون في أشهر الحج فليتنبه له فإنه مهم اه
قلت وكذا لا يعتد بالسعي إلا بعد طواف كامل فلو طاف للقدوم جنبا أو محدثا ورمل فيه وسعى بعده فعليه إعادتهما في الحدث ندبا وفي الجنابة إعادة السعي حتما والرمل سنة
لباب
قوله ( بعد طلوع الفجر ) فلا يصح قبله
لباب
قوله ( ويمتد وقته ) أي وقت صحته إلى آخر العمر فلو مات قبل فعله فقد ذكر بعض المحثين عن شرح اللباب للقاضي محمد عيد عن البحر العميق أنهم قالوا إن عليه الوصية ببدنة لأنه جاء العذر من قبل من له الحق وإن كان آثما بالتأخير اه تأمل
قوله ( وحل له النساء ) أي بعد الركن منه وهو أربعة أشواط
بحر
ولو لم يطف أصلا لا يحل له النساء وإن طال ومضت سنون بإجماع كذا في الهندية ط
قوله ( بالحلق السابق ) أي لا بالطواف لأن الحلق هو المحلل دون الطواف غير أنه أخر عمله في حق النساء إلى ما بعد الطواف فإذا طاف عمل الحلق عمله كالطلاق الرجعي آخر عمله الإبانة إلى انقضاء العدة لحاجته إلى الاسترداد
زيلعي
فتسمية بعضهم الطواف محللا آخر مجاز باعتبار أنه شرط فافهم
قوله ( قبل الحلق ) أي ولو بعد الرمي على المشهور عندنا كما مر تقريره
قوله ( كان جناية ) أي ولو قصد به التحليل ط
قوله ( لأنه لا يخرج الخ ) تصريح بما فهم من التفريع لقصد الرد على القول بأن الرمي محلل كما مر
قوله ( ولياليها منها ) مبتدأ وخبر والمراد بليلة كل يوم من أيام النحر الليلة التي تعقب ذلك اليوم في الوجود كما أن ليلة يوم عرفة الليلة التي تعقبه في الوجود ح
قلت وهذا على إطلاقه ظاهر في حق الرمي فإنه إذا لم يرم نهارا من أيام النحر يرمي في الليلة التي تعقب ذلك ويقع أداء بخلاف ما إذا أخره إلى النهار الثاني فإنه يقع قضاء ويلزمه دم كما سنذكره وأما في حق الطواف فالمراد به
____________________
(2/518)
الليالي المتخللة بين أيام النحر لأنه إذا غربت الشمس من اليوم الثالث الذي هو آخر أيام النحر ولم يطف لزمه دم كما يأتي في مسألة الحائض فالليلة التي تعقب الثالث ليست تابعة له في حق الطواف وإلا لكان فيها أداء بلا لزوم دم كما في الرمي فتدبر
قوله ( كره تحريما الخ ) أي ولو أخره إلى اليوم الرابع الذي هو آخر أيام التشريق وهو الصحيح كما في الغاية وإيضاح الطريق
وفي بعض الحواشي وبه يفتي وهو المذكور في المبسوط وقاضيخان و الكافي و البدائع وغيرها خلافا لما ذكره القدوري في شرح مختصر الكرخي من أن آخره آخر أيام التشريق وتبعه الكرماني وصاحب المنافع و المستصفى
شرح اللباب
تنبيه في السراج وكذلك إن أخر الحلق عن أيام النحر لزمه دم أيضا عند أبي حنيفة لأن الحلق يختص عنده بزمان وهو أيام النحر وبمكان وهو الحرم
قوله ( وهذا ) أي الكراهة ووجوب الدم بالتأخير ط
قوله ( إن قدر أربعة أشواط ) أي إن بقي إلى غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام النحر ما يسع طواف أربعة أشواط والظاهر أنه يشترط مع ذلك زمن يسع خلع ثيابها واغتسالها ويراجع اه ح
وعلى قياس بحثه ينبغي أن يشترط زمن قطع المسافة إن لو كانت في بيتها ط
قلت وبالأخير صرح في شرح اللباب وذلك كله مفهوم من قول البحر عن المحيط إذا ظهرت في آخر أيام النحر فإن أمكنها الطواف قبل الغروب ولم تفعل فعليها دم للتأخير وإن لم يمكنها طواف أربعة أشواط فلا شيء عليها اه
فإن إمكان الطواف لا يكون إلا بعد الاغتسال وقطع المسافة
وفي البحر أيضا ولو حاضت بعد ما قدرت على الطواف فلم تطف حتى مضى الوقت لزمها الدم لأنها مقصرة بتفريطها اه أي بعد ما قدرت على أربعة أشواط زاد في اللباب فقولهم لا شيء عليها لتأخير الطواف مقيد بما إذا حاضت في وقت لم تقدر على أكثر الطواف أو حاضت قبل أيام النحر ولم تظهر إلا بعد مضيها لكن إيجاب الدم فيما لو حاضت في وقته ما قدرت عليه مشكل
لأنه لا يلزمها فعله في أول الوقت نعم يظهر ذلك فيما لو علمت وقت حيضها فأخرته عنه
تأمل
تنبيه نقل بعض المحشين عن منسك ابن أمير حاج لو هم الركب على القفول ولم تطهر فاستفتت هل تطوف أم لا قالوا يقال لها لا يحل لك دخول المسجد وإن دخلت وطفت أثمت وصح طوافك وعليك ذبح بدنة
وهذه مسألة كثيرة الوقوع يتحير فيها النساء اه
وتقدم حكم طواف المتحيرة في باب الحيض فراجعه
قوله ( ثم أتى منى ) أي بعد ما صلى ركعتي الطواف وكان ينبغي التصريح به كما فعل صاحب الهداية وابن الكمال
شرنبلالية
تنبيه ذكر في اللباب أنه يصلي الظهر بعد ما يرجع إلى منى وهو مروي في صحيح مسلم لكن في الكتب الستة أنه صلى الظهر بمكة ومال إليه في الفتح
وقال في شرح اللباب إنه أظهر نقلا وعقلا وتمامه فيه
وأما صلاة الجمعة فقال في اللباب ويجمع بمنى إذا كان فيه أمير مكة أو الحجاز أو الخليفة وأما أمير الموسم فليس له ذلك إلا إذا استعمل على مكة اه
وأما صلاة العيد ففي شرح مناسك الكنز للمرشدي عن المحيط و الذخيرة وغيرهما أنه لا يصليها بها بخلاف الجمعة وفي شرح المنية للحلبي أنه لا يصليها بها اتفاقا للاشتغال فيه بأمور الحج اه أي لأن وقت
____________________
(2/519)
العيد وقت معظم أفعال الحج بخلاف وقت الجمعة ولأن الجمعة لا تقع في ذلك اليوم إلا نادرا بخلاف العيد
قال في شرح اللباب وأراد بالاتفاق الإجماع إذ لا خلاف في المسألة بين علماء الأمة اه
مطلب في حكم صلاة العيد والجمعة في منى وفي شرح الأشباه للبيري من كتاب الصيد أن منى موضع تجوز فيه صلاة العيد إلا أنها سقطت عن الحاج ولم نر في ذلك نقلا مع كثرة المراجعة ولا صلاة العيد بمكة يوم الأضحى لأنا ومن أدركناه من المشايخ لم نصلها بمكة والله تعالى أعلم ما السبب في ذلك اه
قلت أما عدم صلاتها بمنى فقد علمت نقله وأما بمكة فلعل سببه أن من له إقامة العيد يكون بمنى حاجا والله تعالى أعلم
قوله ( فيبيت بها للرمي ) أي ليالي أيام الرمي هو السنة فلو بات بغيرها كره ولا يلزمه شيء
لباب
قوله ( وبعد زوال ثاني النحر ) قال في اللباب ثم إذا كان اليوم الحادي عشر وهو ثاني أيام النحر خطب الإمام خطبة واحدة بعد صلاة الظهر لا يجلس فيها كخطبة اليوم السابع يعلم الناس أحكام الرمي وما بقي من أمور المناسك وهذه الخطبة سنة وتركها غفلة عظيمة اه
مطلب في رمي الجمرات الثلات قوله ( يبدأ استنانا الخ ) حاصله أن هذا الترتيب مسنون لا متعين وبه صرح في المجمع وغيره واختاره في الفتح
وقال في اللباب والأكثر على أنه سنة وعزاه شارحه إلى البدائع والكرماني و المحيط و السراجية
ونقل في البحر كلام المحيط ثم قال وهو صريح في الخلاف وفي اختيار السنية اه وكذا اختاره أصحاب المتون في مسائل منثورة آخر الحج كما سيأتي وما في النهر من أن صريح ما في المحيط اختيار التعيين فيه نظر بل جعل التعيين رواية عن محمد فتدبر
قال في اللباب فلو بدأ بجمرة العقبة ثم بالوسطى ثم بالأولى ثم تذكر ذلك في يومه فإنه يعيد الوسطى والعقبة حتما أو سنة وكذا لو ترك الأولى ورمى الأخيرتين فإنه يرمي الأولى ويستقبل الباقي ولو رمى كل جمرة بثلاث أتم الأولى بأربع ثم أعاد الوسطى بسبع ثم القصوى بسبع وإن رمى كل واحدة بأربع أتم كل واحدة بثلاث ثلاث ولا يعيد اه أي لأن للأكثر حكم الكل فكأنه رمى الثانية والثالثة بعد الأولى
قوله ( بما يلي مسجد الخيف ) وحدها من باب مسجد الخيف الكبير إليها بذراع الحديث عدد 1254 وسدس ذراع منها إلى الجمرة الوسطى عدد 875 ومن الوسطى إلى جمرة العقبة عدد 208 كما نقله القسطلاني في شرح البخاري عن القرافي المالكي ونحوه في كتب الشافعية فما في القهستاني سبق قلم فافهم
قوله ( الوسطى ) بدل من ما ح
قوله ( ويكبر بكل حصاة ) أي قائلا باسم الله الله أكبر كما مر
قوله ( قدر قراءة البقرة ) زاد في اللباب أو ثلاثة أحزاب أي ثلاثة أرباع من الجزء أو عشرين آية
قال شارحه وهو أقل المواقيت واختاره صاحب الحاوي و المضمرات
قوله ( بعد تمام كل رمي )
____________________
(2/520)
لا عند كل حصاة
لباب
قوله ( فلا يقف بعد الثالثة ) أي جمرة العقبة لأنها ليس بعدها رمي في كل يوم
قال في اللباب والوقوف عند الأولين سنة في الأيام كلها وقوله ولا بعد رمي يوم النحر أتى فيه بالواو عطفا على ما ذكره في التفريع إشارة إلى ما في عبارة المتن من القصور
قوله ( ودعا ) أتى فيه بالواو حذفا على ما ذكره في التفريع إشارة إلى ما في عبارة المتن من القصور
قوله ( ودعا ) عطف على قوله ووقف حامدا
قوله ( نحو السماء أو القبلة ) حكاية لقولين قال في شرح اللباب يرفع يديه حذو منكبيه ويجعل باطن كفيه نحو القبلة في ظاهر الرواية
وعن أبي يوسف نحوالسماء واختاره قاضيخان وغيره والظاهر الأول اه
قوله ( ثم رمى غدا ) أي في اليوم الثالث من أيام النحر وهو الملقب بيوم النفر الأول فإنه يجوز له أن ينفر فيه بعد الرمي واليوم الرابع آخر أيام التشريق يسمى يوم النفر الثاني
فتح
قوله ( كذلك ) أي مثل الرمي في اليوم الذي قبله بمراعاة جميع ما ذكر فيه
قوله ( إن مكث ) قيد في قوله ثم بعده كذلك فقط لا في قوله ثم غدا كذلك أيضا اه ح
قال في النهر أي إن مكث إلى طلوع فجر الرابع في الظاهر عن الإمام وعنه إلى الغروب من اليوم الثالث
قوله ( وهو أحب ) اقتداء به عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } الآية فالتخيير بين الفاضل والأفضل كالمسافر في رمضان حيث خير بين الصوم والإفطار والأول أفضل إن لم يضره اتفاقا
نهر
قوله ( جاز ) أي صح عند الإمام استحسانا مع الكراهة التنزيهية وقال لا يصح اعتبارا بسائر الأيام
نهر
قوله ( فإن وقت الرمي فيه ) أي في الويم الرابع من الفجر للغروب أي غروب شمسه ولا يتبعه ما بعده من الليل بخلاف ما قبله من الأيام والمراد وقت جوازه في الجملة فإن ما قبل الزوال وقت مكروه وما بعده مسنون وبغروب الشمس من هذا اليوم يفوت وقت الأداء والقضاء اتفاقا
شرح اللباب
قوله ( فمن الزوال لطلوع ذكاء ) أي إلى طلوع الشمس من اليوم الرابع والمراد أنه وقت الجواز في الجملة قال في اللباب وقت رمي الجمار الثلاث في اليوم الثاني والثالث من أيام النحر بعد الزوال فلا يجوز قبله في المشهور
وقيل يجوز والوقت المسنون فيما يمتد من الزوال إلى غروب الشمس ومن الغروب إلى الطلوع وقت مكروه وإذا طلع الفجر أي فجر الرابع فقد فات وقت الأداء وبقي وقت القضاء إلى آخر أيام التشريق فلو أخره عن وقته أي المعين له في كل يوم فعليه القضاء والجزاء ويفوت وقت القضاء بغروب الشمس في الرابع اه
ثم قال ولو لم يرم يوم النحر أو الثاني أو الثالث رماه في الليلة المقبلة أي الآتية لكل من الأيام الماضية ولا شيء عليه سوى الإساءة ما لم يركن بعذر ولو رمى ليلة الحادي عشر أو غيرها عن غدها لم يصح لأن الليالي في الحج في حكم الأيام الماضية لا المستقبلة ولو لم يرم في الليل رماه في النهار قضاء وعليه الكفارة ولو أخر رمي الأيام كلها إلى الرابع مثلا قضاها كلها فيه وعليه الجزاء وإن لم يقض حتى غربت الشمس منه فات وقت القضاء وليست هذه الليلة تابعة لما قبلها اه
والحاصل أنه لو أخر الرمي في غير اليوم الرابع يرمى في الليلة التي تلي ذلك اليوم أخر رمية وكان أداء لأنها تابعة له وكره لتركه السنة وإن أخره إلى اليوم الثاني كان قضاء ولزمه الجزاء وكذا لو أخر الكل إلى الربع ما لم تغرب شمسه فلو غربت سقط الرمي ولزمه دم وقد ظهر بما قررناه أن ما ذكره الشارح تبعا للبحر
____________________
(2/521)
وغيره من أن انتهاءه إلى طلوع الشمس ليس بيانا لوقت الأداء فقط بل يشمل وقت القضاء لأن ما بعد فجر الرابع وقت لرمي الرابع أداء ولرمي غيره من الأيام الثلاثة قضاء فافهم
قوله ( وله النفر ) بسكون الفاء أي الرجوع
سراج
قوله ( قبل طلوع فجر الرابع ) ولكن ينفر قبل غروب الشمس أي شمس الثالث فإن لم ينفر حتى غربت الشمس يكره له أن ينفر حتى يرمي في الرابع ولو نفر من الليل قبل فجر الرابع لا شيء عليه وقد أساء وقيل ليس له أن ينفر بعد الغروب فإن نفر لزمه دم ولو نفر بعد طلوع الفجر قبل الرمي لزمه الدم اتفاقا
لباب
ولا فرق في ذلك بين المكي والآفاقي كما في البحر
قوله ( وجاز الرمي راكب الخ ) عبارة الملتقى أخصر وهي وجازالرمي راكبا وغير راكب أفضل في جمرة العقبة اه
وفي اللباب والأفضل أن يرمي جمرة العقبة راكبا وغيرها ماشيا في جميع أيام الرمي اه
وقوله لأنه يقف أي للدعاء بعد رمي الأوليين في الأيام الثلاثة بخلاف العقبة في اليوم الأول وفي الثلاثة بعده فإنه لا دعاء بعدها والضابط أن كل رمي يقف بعده فإنه يرميه ماشيا وهو كل رمي بده رمي كما مر وما لا فلا ثم هذا التفصيل قول أبي يوسف وله حكاية مشهورة ذكرها ط وغيره وهو مختار كثير من المشايخ كصاحب الهداية و الكافي و البدائع وغيرهم
وأما قولهما فذكر في البحر أن الأفضل الركوب في الكل على ما في الخانية والمشي في الكل على ما في الظهيرية وقال فتحصل أن في المسألة ثلاثة أقوال
قوله ( ورجحه الكمال ) أي بأن أداها ماشيا أقرب إلى التواضع والخشوع وخصوصا في هذا الزمان فإن عامة المسلمين مشاة في جميع الرمي فلا يؤمن من الأذى بالركوب بينهم بالزحمة ورميه عليه الصلاة والسلام راكبا إنما هو ليظهر فعله ليقتدي به كطوافه راكبا اه
قال في البحر ولو قيل بأنه ماشيا أفضل اإلا في رمي جمرة العقبة في اليوم الأخير لكان له وجه لأنه ذاهب إلى مكة في هذه الساعة كما و العادة وغالب الناس راكب فلا إيذاء في ركوبه مع تحصيل فضيلة الاتباع له عليه الصلاة والسلام اه
قلت لكن في هذا الزمان يعسر ركوبه بعد رمي العقبة وربما ضل عنه محمله لكثرة الزحام فلو قيل إنه في اليوم الأخير يرمي الكل راكبا له وجه أيضا مع تحصيل فضيلة الاتباع في الكل بلا ضرر عليه ولا على غيره لأن العادة أن الكل يركبون من منازلهم سائرين إلى مكة وأما في غير اليوم الأخير فيرمي الكل ماشيا
قوله ( بفتحتين الخ ) وبكسر الثاء وفتح القاف المصدر وبسكونها واحد الأثقال
نهر
قوله ( أو ذهب لعرفة ) وفي بعض النسخ بالواو بدل أو وهو تحريف والأوضح أن يقول أو تركه فيها وذهب لعرفة إذ لا يصلح تسليط قدم هنا إلا بتأويل
قوله ( كره ) لأثر ابن شيبة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من قدم ثقله قبل النفر فلا حج له أي كاملا ولأنه يوجب شغل قلبه وهو في العبادة فيكره والظاهر أنها تنزيهية
بحر
واعترضه في النهر بأن عمر رضي الله عنه كان يمنع منه ويؤدب عليه وهذا يؤذن بأنها تحريمية وفيه نظر فإن كان يؤدب عى ترك خلاف الأولى
تأمل
قوله ( لا إن أمن ) بحث لصاحب البحر وتبعه أخو أخذا من مفهوم التعليل بشغل القلب ط
قوله ( وكذا الخ ) قال في السراج وكذا يكره للإنسان أن يجعل شيئا من حوائجه
____________________
(2/522)
خلفه ويصلي مثل النعل وشبهه لأنه يشغل خاطره لا يتفرغ للعبادة على وجهها اه
قوله ( ولو ساعة ) يقف فيه على راحلته يدعو
سراج فيحصل بذلك أصل السنة
وأما الكمال فما ذكره الكمال من أنه يصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعه ثم يدخل مكة
بحر
وفي شرح النقاية للقاري والأظهر أن يقال إنه سنة كفاية لأن ذلك الموضع لا يسع الحاج جميعهم وينبي لأمراء الحج وكذا غيرهم أن ينزلوا فيه ولو ساعة إظهارا للطاعة
قوله ( الأبطح ) ويقال له أيضا البطحاء والخيف
قاري
قال في الفتح وهو فناء مكة حده ما بين الجبلين المتصلين بالمقابر إلى الجبال المقابلة لذلك مصعدا
في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى مرتفعا عن بطن الوادي
قوله ( ثم إذا أراد السفر ) أتى بثم وما بعدها إشارة إلى ما في النهر وغيره من أن أول وقته بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر حتى لو طاف كذلك ثم أطال الإقامة بمكة ولم يتخذها دارا جاز طوافه ولا آخر له وهو مقيم بل لو أقام عاما لا ينوي الإقامة فله أن يطوف ويقع أداء نعم المستحب إيقاعه عند إرادة السفر اه
وفي اللباب أنه لا يسقط بنية الإقامة ولو سنين ويسقط بنية الاستيطان بمكة أو بما حولها قبل حل النفر الأول أي قبل ثالث أيام النحر ولو نوى الاستيطان بعده لا يسقط وإن نواه قبل النفر ثم بدا له الخروج لم يجب كالمكي إذا خرج اه
مطلب في طواف الصدر قوله ( أي الوداع ) بفتح الواو وهو اسم لهذا الطواف أيضا ويسمى أيضا طواف آخر العهد وأما الصدر فهو بفتحتين رجوع المسافر من مقصده والشارب من مورده كما في القهستاني
قوله ( بلا رمل وسعي ) أي إن كان فعلهما في طواف القدوم أو الصدر كما مر عن الخير الرملي
قوله ( وهو واجب ) فلو نفر ولم يطف وجب عليه الرجوع ليطوف ما لم يجاوز الميقات فيخير بين إراقة الدم والرجوع بإحرام جديد بعمرة مبتدئا بطوافها ثم بالصدر ولا شيء عليه لتأخيره والأول أولى تيسيرا عليه ونفعا للفقراء
نهر و لباب
قوله ( إلا على أهل مكة ) أفاد وجوبه على كل حاج آفاقي مفرد أو متمتع أو قارن بشرط كونه مدركا مكلفا غير معذور فلا يجب على المكي ولا على المعتمر مطلقا وفائت الحج والمحصر والمجنون والصبي والحائض والنفساء كما في اللباب وغيره
قوله ( ومن في حكمهم ) أي ممن كان داخل المواقيت وكذا من نوى الاستيطان قبل حل النفر كما مر
قوله ( فلا يجب الخ ) قال في النهر والمنفى عنهم إنما هو وجوبه لا ندبه
وقد قال الثاني أحب إلي أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج وهذا المعنى موجود في حقهم
قوله ( كمن مكث بعده ) لأن المستحب إيقاعه عند إرادة السفر كما مر
قوله ( فلو طاف ) أي دار حول البيت ولم تحضره النية أصلا
قوله ( أو طالبا ) أي لغريم ونحوه
قوله ( لكن يكفي أصلها ) أي أصل نية الطواف بلا لزوم تعيين كونه للمصدر أو غيره ولا تعيين وجوب أو فرضية
قوله ( فلو طاف الخ ) الحاصل كما في الفتح وغيره أن من طاف طوافا في وقته وقع عنه نواه بعينه أو لا أو نوى طوافا آخر ومن فروعه لو قدم معتمرا وطاف وقع عن العمرة أو حاجا وطاف قبل يوم النحر وقع للقدوم أو قارنا وطاف طوافين وقع الأول عن العمرة أو حاجا وطاف قبل يوم النحر وقع القدوم أو قارنا وطاف طوافين وقع الأول عن العمرة والثاني للقدوم ولو كان في يوم النحر وقع للزيارة
____________________
(2/523)
أو بعد ما حل النفر بعد ما طاف للزيارة فهو للصدر وإن نواه للتطوع فلا تعمل النية في التقديم والتأخير إلا إذا كان الثاني أقوى كما لو ترك طواف الصدر ثم عاد بإحرام عمرة فيبدأ بطواف العمرة ثم الصدر وتمامه في اللباب
قوله ( ثم بعد ركعتيه ) أي بعد صلاة ركعتي الطواف وتقدم الكلام عليهما وتقدم أيضا أنه قيل إنه يلتزم المتلزم أولا ثم يصلي الركعتين ثم يأتي زمزم وأنه الأسهل والأفضل وعليه العمل وأن ما ذكره هنا من الترتيب هو الأصح المشهور ومشى عليه في الفتح هناك
وعبر عن الآخر بقيل لكن جزم بالقيل هنا
قوله ( شرب من ماء زمزم ) أي قائما مستقبلا القبلة متضلعا منه متنفسا فيه مرارا ناظرا في كل مرة إلى البيت ماسحا به وجهه ورأسه وجسده صابا منه على جسده إن أمكن كما في البحر وغيره وقد عقد في الفتح لذلك فصلا مستقلا فارجع إليه وسيأتي بعض الكلام على زمزم آخر الحج
قوله ( وقبل العتبة ) أي ثم العتبة المرتفعة عن الأرض
قهستاني
قوله ( ووضع ) أي ثم وضع
قهستاني
قوله ( ووجهه ) أي خده الأيمن ويرفع يده اليمنى إلى عتبة الباب
قوله ( وتشبث ) أي تعلق كما عبد ذليل بطرف ثوب لمولى جليل
قهستاني
قوله ( ودعا ) أي حال تشبثه بالأستار متضرعا متخشعا مكبرا مهللا مصليا على النبي
قوله ( ويرجع قهقرى ) كذا في الهداية و المجمع و النقاية وغيرها
وفي مناسك النووي أن ذلك مكروه لأنه ليس فيه سنة مروية ولا أثر محكي وما لا أثر له لا يعرج عليه اه
وتبعه ابن الكمال والطرابلسي في مناسكه لكنه قال وقد فعله الأصحاب يعني أصحاب مذهبنا
وقال الزيلعي والعادة به جارية في تعظيم الأكابر والمنكر لذلك مكابر
قال في البحر لكنه يفعله على وجه لا يحصل منه صدم أو وطء لأحد
مطلب في حكم المجاورة بمكة والمدينة تنبيه في كلامه إشارة إلى أنه لا يجاور بمكة ولهذا قال في المجمع ثم يعود إلى أهله والمجاورة بمكة مكروهة أي عنده خلافا لهما وبقوله قال الخائفون المحتاطون من العلماء كما في الإحياء قال ولا يظن أن كراهة القيام تناقض فضل البقعة لأن هذه الكراهة علتها ضعف الخلق وقصورهم عن القيام بحق الموضع
قال في الفتح وعلى هذا فيجب كون الجوار في المدينة المشرفة كذلك يعني مكروها عنده فإن تضاعف السيئات أو تعاظمها إن فقد فمخافة السآمة وقلة الأدب المفضي إلى الإخلال بوجوب التوقير والإجلال قائم اه نهر
مطلب في مضاعفة الصلاة بمكة تتمة قال السيد الفاسي في شفاء الغرام يتحصل من طرق حديث ابن الزبير ثلاث روايات إحداها أن الصلاة في المسجد الحرام تفضل على الصلاة بمسجد المدينة بمائة صلاة
الثانية بألف صلاة
الثالثة بمائة ألف صلاة كما في مسند الطيالسي وإتحاف ابن عساكر
وعلى الثالثة حسب النقاش المفسر بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة فيه عمر مائتي سنة وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة والصلوات الخمس عمر مائتي سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال
____________________
(2/524)
قال السيد ورأيت لشيخنا بدر الدين بن الصاحب المصري أن الصلاة فيه فرادى بمائة ألف وجماعة بألفي ألف وسبعمائة ألف والصلوات الخمس فيه بثلاثة عشر ألف ألف وخمسمائة صلاة وصلاة الرجل منفردا في وطنه غير المسجدين المعظمين كل مائة سنة شمسية مائة ألف وثمانين ألف صلاة وكل ألف سنة بألف ألف صلاة وثمانمائة ألف صلاة
فتلخص أن صلاة واحدة جماعة في المسجد الحرام يفضل ثوابها على ثواب من صلى في بلدة فرادى حتى بلغ عمر نوح عليه السلام بنحو الضعف اه
ثم ذكر للعلماء خلافا في هذا الفضل هل يعم الفرض والنفل أو يختص بالفرض وهو مقتضى مشهور مذهبنا أي المالكية ومذهب الحنفية والتعميم مذهب الشافعية
واختلف في المراد بالمسجد الحرام قيل مسجد الجماعة وأيده المحب الطبري وقيل الحرم كله وقيل الكعبة خاصة
وجاءت أحاديث تدل على تفضيل ثواب الصوم وغيره من القربات بمكة ألا أنها في الثبوت ليست كأحاديث الصلاة فيها اه باختصار
وذكر ابن حجر في التحفة أنه صح في الأحاديث بتكرار الألف ثلاثا كذا كتبه بعض المحشين
وذكر البيري في شرح الأشباه في أحكام المسجد أن المشهور عند أصحابنا أن التضعيف يعم جميع مكة بل جميع حرم مكة الذي يحرم صيده كما صححه النووي
قوله ( وسقط طواف القدوم الخ ) هذه مسائل شتى عنون لها في الهداية و الكنز بفصل
وذكر في البحر أن حقيقة السقوط لا تكون إلا في اللازم فهو هنا مجاز عن عدم سنيته في حقه
إما لأنه ما شرع إلا في ابتداء الأفعال فلا يكون سنة عند التأخر ولا شيء عليه بتركه لأنه سنة وإما لأن طواف الزيارة أغنى عنه كالفرض يغنى عن تحية المسجد ولذا لم يكن للعمرة طواف قدوم لأن طوافها أغنى عنه قيد بطواف القدوم لأن القارن إذا لم يدخل مكة وقف بعرفات صار رافضا لعمرته فيلزمه دم لرفضها وقضاؤها كما سيأتي في آخر القران اه
قوله ( وأساء ) أي لتركه السنة وقدمنا أن الإساءة دون الكراهة أي التحريمية
قوله ( عرفية ) أي في عرف اللغة والأوضح أن يقول لغوية أو شرعية كما عبر في شرح اللباب
قوله ( وهو اليسير ) ذكر الضمير مراعاة لتذكير الخبر
قوله ( من زوال الخ ) متعلق بمحذوف صفة لساعة لا بوقف لفساد المعنى باعتبار الغاية فتدبر
قوله ( أو اجتاز ) أي مر وقوله مسرعا حال أشار به إلى أن هذه الساعة اليسيرة يكفي منها هذا المقدار من الوقوف فإن المسرع لا يخلو عن وقوف يسير على قدم عند القدم الأخرى ولذا صح اعتكافه كما مر في بابه
قوله ( أو نائما أو مغمى عليه ) يشير إلى أن الوقوف بعرفة يصح بلا نية كما سيصرح به بخلاف الطواف
قال في البحر والفرق أن الطواف عبادة مقصودة ولهذا يتنفل به فلا بد من اشتراط أصل النية وإن كان غير محتاج إلى تعيينه كما مر وأما الوقوف فليس بعبادة مقصودة ولذا لا يتنفل به فوجود النية في أصل العبادة وهو الإحرام يغني عن اشتراطه في الوقوف اه
لكن أورد عليه في النهر القراءة في الصلاة فإنها عبادة مستقلة بدليل أنه يتنفل بها مع أنه لا يشترط لها النية
قال ولم أره لأحد ولم يظهر لي عنه جواب
قلت قد يمنع كون القراءة عبادة مستقلة والتنفل بها لا يدل على ذلك كالوضوء فإنه يتنفل به مع كونه ليس عبادة مستقلة ولذا لم يصح نذره وكذا القراءة
في القهستاني من الاعتكاف أن النذر بها لا يصح لأنها فرضت
____________________
(2/525)
تبعا للصلاة لا لعينها فتأمل
قوله ( وكذا لو أهل عنه رفيقه ) أي عن المغمى عليه أو النائم المريض كما في شرح اللباب لأن الإحرام شرط عندنا كالوضوء في الصلاة فصحت النيابة بعد وجود نية العبادة منه وهو خروجه للحج
معراج
وفي النهر ومعنى الإهلال عنه أن ينوي عنه ويلبي فيصير المغمى عليه محرما لانتقال إحرام الرفيق إليه وليس معناه أن يجرده وأن يلبسه الإزار لأن هذا كف عن بعض محظورات الإحرام لا عين الإحرام لما مر اه
ويجزيه ذلك عن حجة الإسلام
ولو ارتكب محظورا لزمه موجبه لا الرفيق
لباب ويصح إحرامه عنه سواء أحرم عن نفسه أولا ولا يلزمه التجرد عن المخيط لأجل إحرامه عنه ولو أحرم عنه وعن نفسه وارتكب محظورا لزمه جزاء واحد بخلاف القارن لأنه محرم بإحرامين
بحر
ولا يشترط كون الإحرام عنه بأمره كما في اللباب أي خلافا لهما حيث اشترطا الأمر وقيده في البحر بالمغمى عليه أما النائم فيشترط منه صريح الإذن لما في المحيط أن المريض الذي لا يستطيع الطواف إذا طاف به رفيقه وهو نائم إن كان بأمره جاز وإلا فلا اه
قلت وقيد الجواز في اللباب في فصل طواف المغمى عليه والنائم بالفور حيث قال ولو طافوا بمريض وهو نائم من غير إغماء إن كان بأمره وحملوه على فوره يجوز وإلا فلا
وفي الفتح بعد كلام والحاصل الفرق بين النائم والمغمى عليه في اشتراط صريح الإذن وعدمه
قال شارح اللباب وقد أطلقوا الإجزاء بين حالتي النوم والإغماء في الوقوف ولعل الفرق أن النية شرط في الطواف عند الجمهور بخلاف الوقوف اه ملخصا
قلت والكلام في الإحرام عن النائم لكن إذا كان الطواف عنه لا يجوز إلا بأمره فالإحرام بالأولى
قوله ( وكذا غير رفيقه ) هذا أحد قولين وبه جزم في السراج ورجحه في الفتح و البحر لوجود الإذن للكل دلالة كما لو ذبح أضحية غيره في أيامها بلا إذنه وتمامه في البحر
قوله ( أي بالحج ) قال في البحر وشمل إحرام الرفيق عنه ما إذا أحرم عنه رفيقه بحجة أو عمرة أو بهما من الميقات أو بمكة ولم أره صريحا اه
قال في الشرنبلالية وفيه تأمل لأن المسافر من بلاد بعيدة ولم يكن حج الفرض كيف يصح أن يحرم عنه بعمرة وليست واجبة عليه وقد يمتد الإغماء ولا يحصل إحرامه عنه بالحج فيفوت مقصده ظاهرا اه
وظاهر الفتح يدل على أنه لا بد من العلم بقصده وحينئذ فإن علم فلا كلام وإلا فينبغي تعيين الحج
قوله ( مع إحرامه عن نفسه ) أو بدونه كما قدمناه
قوله ( إذا انتبه أو أفاق ) الأول للنائم والثاني للمغمى عليه
قوله ( جاز ) لأنه تبين أن عجزه كان في الإحرام فقط فصحت النيابة فيه ثم يجري هو على موجبه
بحر أي موجب إحرام الرفيق عنه وفيه إشارة إلى لزوم إتيان الأفعال بنفسه لعدم العجز وبه صرح في اللباب
قوله ( إن الإغماء بعد إحرامه ) أي بنفسه وفيه أن فرض المسألة في إحرام الرفيق عنه فكان الأظهر والأخصر أن يقول ولو بقي الإغماء اكتفى بمباشرتهم ولو الإغماء بعد إحرامه طيف به المناسك أي أحضر المشاهد من وقوف وطواف ونحوهما قال في البحر
وتشترط نيتهم الطواف إذا حملوه كما تشترط نيته
قوله ( اكتفى بمباشرتهم ) أي من غير أن يشهدوا به المشاهد من الطواف
____________________
(2/526)
والسعي والوقوف وهو الأصح نعم ذلك أولى
نهر
وانظر هل يكتفي المباشر بطواف واحد عنه وعن المغمى عليه كما لو حمله وطاف به أولا لم أره
أبو السعود
قلت الظاهر الثاني لأنه إذا أحضر الموقف كان هو الواقف وإذا طيف به كان بمنزلة الطائف راكبا كما صرحوا به فلا يقاس عليه ما إذا لم يحضر فلا بد من نية وقوف عنه وإنشاء طواف وسعي عنه غير ما يفعله المباشر عن نفسه
تأمل قوله ولم أر ما لو جن قبل الإحرام البحث لصاحب النهر
وقدمنا قبيل فروض الحج أن صاحب البحر توقف فيه وقال إن إحرام وليه عنه يحتاج إلى نقل وقدمنا هناك عن شرح المقدسي عن البحر العميق أنه لا حج على مجنون مسلم ولا يصح منه إذا حج بنفسه ولكن يحرم عنه وليه اه
فمن خرج عاقلا يريد الحج ثم جن قبل إحرامه يحرم عنه وليه بالأول ولعل التوقف في إحرام رفيقه عنه وكلام الفتح هو ما نقله عن المنتقى عن محمد أحرم وهو صحيح ثم أصابه عته فقضى به أصحابه المناسك ووقفوا به فمكث كذلك سنين ثم أفاق أجزأه ذلك عن حجة الإسلام اه
قال في النهر وهذا ربما يومىء إلى الجواز اه
وإنما قال يومىء إلى الجواز لا من حيث إن كلام الفتح في المعتوه وكلامنا في المجنون بل من حيث إن كلام الفتح فيما لو أحرم عن نفسه ثم أصابه العته وكلامنا فيما إذا جن قبل أن يحرم عن نفسه وإيماء الفتح إلى الجواز في ذلك في غاية الخفاء فافهم
فرع الصبي الغير المميز لا يصح إحرامه ولا أداؤه بل يصحان من وليه له فيحرم عنه من كان أقرب إليه فلو اجتمع والد وأخ يحرم الوالد ومثله المجنون إلا أنه إذا جن بعد الإحرام يلزمه الجزاء ويصح منه الأداء وتمامه في اللباب
قوله ( لحديث الحج عرفة ) أي معظم ركنيه الوقوف بها باعتبار الأمن من البطلان عند فعله لا من كل وجه فلا ينافي أن الطواف أفضل ط
قوله ( فطاف الخ ) عطف تحلل على طاف و سعى عطف تفسير والأولى الإتيان في الثلاثة بصيغة المضارع بل الأولى قول الكنز في باب الفوات فليحلل بعمرة ليفيد الوجوب وبه صرح في البدائع لكن المراد أنه يفعل مثل أفعال العمرة لأن ذلك ليس بعمرة حقيقة كما صرح به في باب الفوات من اللباب وغيره
وفي الكلام إشارة إلى أن إحرام الحج باق وهذا عندهما
وقال الثاني انقلب إحرامه إحرام عمرة
وثمرة الخلاف تظهر فيما لو أحرم بحجة أخرى صح عن الإمام ويرفضها لئلا يصير جامعا بين إحرامي حج وعليه دم وحجتان وعمرة من قابل
وقال الثاني يمضي فيها لانقلاب إحرام الأولى
وقال محمد لا يصح أحرامه أصلا
قوله ( ولو حجه نذرا أو تطوعا ) وكذا لو فاسدا سواء طرأ فساده أو انعقد فاسدا كما إذا أحرم مجامعا
نهر
قوله ( فيما مر ) أي من أحكام الحج ط
قوله ( لكنها تكشف وجهها لا رأسها ) كذا عبر في الكنز
واعترضه الزيلعي بأنه تطويل بلا فائدة لأنها لا تخالف الرجل في كشف الوجه فلو اقتصر على قوله لا تكشف رأسها لكان أولى
وأجاب في البحر بأنه لما كان كشف وجهها خفيا لأن المتبادر إلى الفهم أنها لا تكشفه لأنه محل الفتنة نص عليه وإن كانا سواء فيه والمراد بكشف الوجه عدم مماسة شيء له فلذلك يكره لها أن تلبس البرقع لأن ذلك يماس وجهها كذا في المبسوط اه
قلت لو عطف قوله والمراد ب أو لكان جوابا آخر أحسن
____________________
(2/527)
من الأول
تأمل
قوله ( وجافته ) أي باعدته عنه
قال في الفتح وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه ويسدل من فوقها الثواب اه
قوله ( جاز ) أي من حيث الإحرام بمعنى أنه لم يكن محظورا لأنه ليس بستر
وقوله بل يندب أي خوفا من رؤية الأجانب
وعبر في الفتح بالاستحباب لكن صرح في النهاية بالوجوب
وفي المحيط ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة لأنها منهية عن تغطيته لحق النسك لولا ذلك وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة اه
ونحوه في الخانية
ووفق في البحر بما حاصله أن محمل الاستحباب عند عدم الأجانب
وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان وعند عدمه يجب على الأجانب عض البصر ثم استدرك على ذلك بأن النووي نقل أن العلماء قالوا لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها بل يجب على الرجال الغض
قال وظاهره نقل الإجماع
واعترضه في النهر بأن المراد علماء مذهبه
قلت يؤيده ما سمعته من تصريح علمائنا بالوجوب والنهي
تنبيه علمت مما تقرر عدم صحة ما في شرح الهداية لابن الكمال من أن المرأة غير منهية عن ستر الوجه مطلقا إلا بشيء فصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع كما قدمناه أول الباب
قوله ( دفعا للفتنة ) أي فتنة الرجال بسماع صوتها
قوله ( وما قيل ) رد على العيني
قوله ( ولا ترمل الخ ) لأن أصل مشروعيته لإظهار الجلد وهو للرجال ولأنه يخل بالستر وكذا السعي أي الهرولة بين الميلين في المسعى والاضطباع سنة الرمل
قوله ( ولا تحلق ) لأنه مثله كحلق الرجل لحيته
بحر
قوله ( من ربع شعرها ) أي كالرجل والكل أفضل
قهستاني
خلافا لما قيل لا يتقدر في حقها بالربع بخلاف الرجل
قوله ( كما مر ) أي عند قوله ثم قصر من بيان قدره وكيفيته
قوله ( وتلبس المخيط ) أي المحرم على الرجال غير المصبوغ بورس أو زعفران أو عصفر إلا أن يكون غسيلا لا ينفض شرح اللباب
قوله ( والخفين ) زاد في البحر وغيره والقفازين
قال في البدائع لأن لبس القفازين ليس إلا تغطية يديها وأنها غير ممنوعة عن ذلك وقوله عليه الصلاة والسلام ولا تلبس القفازين نهى ندب حملناه عليه جمعا بين الأدلة
شرح اللباب
قوله ( ولا تقرب الحجر في الزحام الخ ) أشار إلى ما في اللباب من أنها عند الزحمة لا تصعد الصفا ولا تصلي عند المقام
قوله ( لا يمنع نسكا ) أي شيئا من أعمال الحج
قوله ( إلا الطواف ) فهو حرام من وجهين دخولها المسجد وترك واجب الطهارة
تنبيه قدمنا عن المحيط أن تقديم الطواف شرط صحة السعي فعن هذا قال القهستاني فلو حاضت قبل الإحرام اغتسلت وأحرمت وشهدت جميع المناسك إلا الطوف والسعي اه أي لأن سعيها بدون طواف غير صحيح فافهم
قوله ( فلو طهرت فيها الخ ) تقدمت المسألة قبيل قوله ثم أتى منى
قوله ( وهو ) أي الحيض بعد حصول ركنيه أي ركني الحج وهو وإن كان فيه تشتيت الضمائر لكنه ظاهر
قوله ( يسقط طواف الصدر ) أي يسقط وجوبه عنها كما قدمناه ولا دم عليها كما في اللباب
قوله ( والبدن الخ ) ذكره في الكنز هنا لمناسبة قوله ومن قلد
____________________
(2/528)
بدنة تطوع أو نذر أو جزاء صيد ثم توجه معه يريد لحج فقد أحرم الخ
وقد ذكر المصنف مسألة التقليد أول باب الإحرام لأنه محلها فكان الأولى له ذكر هذه المسألة هناك أيضا
قوله ( كما سيجيء ) أي في باب الهدي والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب
باب القران أخره عن الإفراد وإن كان أفضل لتوقف معرفته على معرفة الإفراد
قوله ( هو أفضل ) أي من التمتع وكذا من الإفراد بالأولى وهذا عند الطرفين
وعند الثاني هو والتمتع سواء
قهستاني
والكلام في الآفاقي
وإلا فالإفراد أفضل كما سيأتي
وعند مالك التمتع أفضل
وعند الشافعي الإفراد أي إفراد كل واحد من الحج والعمرة بإحرام على حدة كما جزم به في النهاية و العناية و الفتح خلافا للزيلعي
قال في الفتح أما مع الاقتصار على أحدهما فلا شك أن القران أفضل بلا خلاف
وفي البحر وما روي عن محمد أنه قال حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندي من القران فليس بموافق لمذهب الشافعي فإنه يفضل الإفراد مطلقا ومحمد إنما فضله إذا اشتمل على سفرين خلافا لما فهمه الزيلعي من أنه موافق للشافعي ثم منشأ الخلاف اختلاف الصحابة في حجته عليه الصلاة والسلام
قال في البحر وقد أكثر الناس الكلام وأوسعهم نفسا في ذلك الإمام الطحاوي فإنه تكلم في ذلك زيادة على ألف ورقة اه
ورجح علماؤنا أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنا إذ بتقديره يمكن الجمع بين الروايات بأن من روى الإفراد سمعه يلبي بالحج وحده ومن روى التمتع سمعه يلبي بالعمرة وحدها ومن روى القران سمعه يلبي بهما والأمر الآتي له عليه الصلاة والسلام فإنه لا بد له من امتثال ما أمر به الذي هو وحي وقد أطال في الفتح في بيان تقديم أحاديث القران فارجع إليه
تنبيه اختار العلامة الشيخ عبد الرحمن العمادي في منسكه التمتع لأنه أفضل من الإفراد وأسهل من القران لما على القارن من المشقة في أداء النسكين لما يلزمه بالجناية من الدمين وهو أحرى لأمثالنا لإمكان المحافظة على صيانة إحرام الحج من الرفث ونحوه فيرجى دخوله في الحج المبرور المفسر بما لا رفث ولا فسوق ولا جدال فيه وذلك لأن القارن والمفرد يبقيان محرمين أكثر من عشرة أيام وقلما يقدر الإنسان على الاحتراز فيها من هذه المحظورات سيما الجدال مع الخدم والجمال والمتمتع إنما يحرم بالحج يوم التروية من الحرم فيمكنه الاحتراز في ذينك اليومين فيسلم حجة إن شاء الله تعالى
قال شيخ مشايخنا الشهاب أحمد المنيني في مناسكه وهو كلام نفيس يريد به أن القران في حد ذاته أفضل من التمتع لكن قد يقترن به ما يجعله مرجوحا فإذا دار الأمر بين أن يقرن ولا يسلم عن المحظورات وبين أن يتمتع ويسلم عنها فالأولى التمتع ليسلم حجه ويكون مبرورا لأنه وظيفة العمر اه
قلت ونظيره ما قدمناه عن المحقق ابن أمير حاج من تفضيله تأخير الإحرام إلى آخر المواقيت لمثل هذه العلة وهذا كله بناء على أن المراد من حديث من حج فلم يرفث الخ من ابتداء الإحرام لأنه قبله لا يكون حاجا
____________________
(2/529)
كما قدمنا التصريح به عن النهر عن قوله فاتق الرفث والله تعالى أعلم
قوله ( لحديث الخ ) لم أر من ذكر الحديث بهذا اللفظ نعم قال في الهداية ولنا قوله عليه الصلاة والسلام يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا وأسنده في الفتح إلى الطحاوي في شرح الآثار
وقال وروى أحمد من حديث أم سلمة قالت سمعت رسول الله يقول أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج وفي صحيح البخاري عن عمر قال سمعت رسول الله بوادي العقيق يقول أتاني الليلة آت من ربي عز وجل فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل حجة في عمرة
قلت وهو في شرح الآثار كذلك فإن كان ما ذكره الشارح مخرجا فيها وإلا فهو ملفق من هذين الحديثين وضمير فقال يعود إلى النبي لا إلى الآتي
قوله ( ولأنه أشق ) لكونه أدوم إحراما وأسرع إلى العبادة وفيه جمع بين النسكين
ط عن المنح
قوله ( والصواب الخ ) نقله في البحر عن النووي في شرح المهذب ط
قوله ( لبيان الجواز ) إنما قال ذلك لأنه مكروه كما يأتي ط
وكذا هو مكروه عند الشافعية كما في البحر عن النووي
قوله ( ثم التمتع ) أي بقسيمه أي سواء ساق الهدى أم لا ط
قوله ( ثم الإفراد ) أي بالحج أفضل من العمرة وحدها كذا في النهر ط
قوله ( لغة الجمع بين شيئين ) أي بين حج وعمرة أو غيرهما
قال في الصحاح قرن بين الحج والعمرة قرانا بالكسر وقرنت البعيرين أقرنهما قرانا إذا جمعتهما في حبل واحد وذلك الحبل يسمى القران وقرنت الشيء بالشيء وصلته وقرنته صاحبته ومنه قران الكواكب
قوله ( أي يرفع صوته بالتلبية ) تفسير لحقيقة الإهلال وإلا فالمراد هنا التلبية مع النية وإنما عبر عن ذلك بالإهلال للإشارة إلى أن رفع الصوت بها مستحب
بحر
قوله ( معا حقيقة ) بأن يجمع بينهما إحراما في زمان واحد أو حكما بأن يؤخر إحرام إحداهما عن إحرام الأخرى ويجمع بينهما أفعالا فهو قران بين الإحرامين حكما
وقد عد في اللباب للقران سبعة شروط
الأول أن يحرم بالحج قبل طواف العمرة كله أو أكثره فلو أحرم به بعد أكثر طوافها لم يكن قارنا
الثاني أن يحرم بالحج قبل إفساد العمرة
الثالث أن يطوف للعمرة كله أو أكثره قبل الوقوف بعرفة فلو لم يطف لها حتى وقف بعرفة بعد الزوال ارتفعت عمرته وبطل قرانه وسقط عنه دمه ولو طاف أكثره ثم وقف أتم الباقي منه قبل طواف الزيارة
الرابع أن يصونهما عن الفساد فلو جامع قبل الوقوف وقبل أكثر طواف العمرة بطل قرانه وسقط عنه الدم وإن ساقه معه يصنع به ما شاء
الخامس أن يطوف العمرة كله أو أكثره في أشهر الحج فإن طاف الأكثر قبل الأشهر لم يصر قارنا
السادس أن يكون آفاقيا ولو حكما فلا قران لمكي إلا إذا خرج إلى الآفاق قبل أشهر الحج
السابع عدم فوات الحج فلو فاته لم يكن قارنا وسقط الدم ولا يشترط لصحة القران عدم الإلمام بأهله فيصح من كوفي رجع إلى أهله بعد طواف العمرة وتمامه فيه
قوله ( قبل أن يطوف لها أربعة أشواط ) فلو طاف
____________________
(2/530)
الأربعة ثم أحرم بالحج لم يكن قارنا كما ذكرناه بل يكون متمتعا إن كان طوافه في أشهر الحج فلو قبلها لا يكون قارنا ولا متمتعا كما في شرح اللباب
قوله ( وإن أساء ) وعليه دم شكر لقلة إساءته ولعدم وجوب رفض عمرته
شرح اللباب
قوله ( أو بعده ) أي بعد ما شرع فيه ولو قليلا أو بعد إتمامه سواء كان الإدخال قبل الحق أو بعده ولو في أيام التشريف ولو بعد الطواف لأنه بقي عليه بعض واجبات الحج فيكون جامعا بينهما فعلا
والأصح وجوب رفضها وعليه الدم والقضاء وإن لم يرفض فدم جبر لجمعه بينهما كما في شر ح اللباب وسيأتي تفصيل المسألة في آخر الجنايات
قوله ( إذ القارن لا يكون إلا آفاقيا ) أي والآفاقي إنما يحرم من الميقات أو قبله ولا تحل مجاوزته بغير إحرام حتى لو جاوزه ثم أحرم لزمه دم ما لم يعد إليه محرما كما سيأتي في باب مجاوزه الميقات بغير إحرام
ح
والحاصل أنه يصح من الميقات وقبله و بعده لكن قيد به لبيان أن القارن لا يكون إلا آفاقيا
قال في البحر وهذا أحسن مما في الزيلعي من أن التقييد بالميقات اتفاقي
قوله ( أو قبله ) أي ولو من دويرة أهله وهو الأفضل لمن قدر عليه وإلا فيكره كما مر وقوله أو قبلها أي قبل أشهر الحج لكن تقديمه على الميقات الزماني مكروه مطلقا كما مر أيضا وهذا في الإحرام وأما الأفعال فلا بد من أدائها في أشهر الحج كما قدمناه آنفا بأن يؤدي أكثر طواف العمرة وجميع سعيها وسعى الحج فيها لكن ذكر في المحيط أنه لا يشترط في القران فعل أ