حاشية رد المحتار على الدر المختار ( ابن عابدين )
____________________
(1/1)
كتاب الطهارة قوله ( قدمت العبادات الخ ) اعلم أن مدار أمور الدين على الاعتقادات والآداب والعبادات والمعاملات والعقوبات والأولان ليسا مما نحن بصدده
والعبادات خمسة الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والمعاملات خمسة المعاوضات المالية والمناكحات والمخاصمات والأمانات والتركات
والعقوبات خمسة القصاص وحد السرقة والزنا والقذف والردة
قوله ( اهتماما بشأنها ) وجهه أن العباد لم يخلقوا إلا لها قال الله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }
قوله ( والصلاة الخ ) شروع في بيان وجه تقديم الصلاة على غيرها من العبادات وتقديم الطهارة عليها
قوله ( تالية للإيمان ) أي نصا كقوله تعالى { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة } وكحديث بني الإسلام على خمس بحر
أقول وفعلا غالبا فإن أول واجب بعد الإيمان في الغالب فعل الصلاة لسرعة أسبابها بخلاف الزكاة والصوم والحج
ووجوبا لأن أول ما وجب الشهادتان ثم الصلاة ثم الزكاة كما صرح به ابن حجر في شرح الأربعين
وفضلا كما قال الشرنبلالي إن الإجماع منعقد على أفضليتها بدليل أي الأعمال أفضل بعد الإيمان فقال الصلاة لوقتها
قوله ( والطهارة مفتاحها الخ ) أي وما كان مفتاحا لشيء وشرطا له فهو مقدم عليه طبعا فيقدم وضعا
قوله ( بالنص ) وهو ما رواه السيوطي في الجامع الصغير من قوله مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم وهو حديث حسن
قال الرافعي الطهور بضم الطاء فيما قيده بعضهم ويجوز الفتح لأن الفعل إنما يتأتى بالآلة
قال ابن العربي هذا مجاز ما يفتحها من غلقها وذلك أن الحدث مانع منها فهو كالقفل يوضع على المحدث حتى إذا توضأ انحل القفل وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها إلا النبوة ا هـ من شرحه للعلقمي
قوله ( بها مختص ) الأصل في لفظ الخصوص وما يتفرع منه أن يستعمل بإدخال الباء على المقصور عليه أعني ماله الخاصة فيقال خص المال بزيد أي المال له دون غيره لكن الشائع في الاستعمال إدخالها على المقصور أعني الخاصة كقولك اختص زيد بالمال وما هنا من قبيل الأول إذ لا يخفى أن الخاصة هي اشتراط الطهارة دون الصلاة فالمعنى أنها شرط مختص بالصلاة لا يتجاوزها إلى غيرها من العبادات ولو كان من قبيل الثاني لكان حقه أن يقال تختص الصلاة به فافهم
والمراد أنها شرط صحة فلا يراد أنها تكون واجبة في الطواف لأنه يصح بدونها ولا ترد النية لأنها ليست مختصة بالصلاة بل هي شرط لكل عبادة ولا استقبال القبلة فإنه قد لا يشترط كما في الصلاة على الدابة وحالة العذر من مرض ونحوه
____________________
(1/79)
ومثله ستر العورة
وأما وجوبه في خارجها فليس على سبيل الشرطية
قوله ( لازم لها في كل الأركان ) أقول لم تظهر لي فائدة هذا القيد في كلامه نعم ذكره في البحر بعد التعليل بعدم السقوط أصلا للاحتراز عن النية لأنها لا يشترط استصحابها لكل ركن وقد علمت الاحتراز عن النية بمادة الاختصاص على أنه سيذكر عن الفيض أن الطهارة قد تسقط أصلا فليست شرطا لازما دائما فإن أراد لزومها بدون عذر ورد عليه الاستقبال والستر فإنهما كالطهارة في ذلك
تأمل
قوله ( وما قيل ) قائله الإمام السغناقي صاحب النهاية وهي أول شرح للهداية قوله ( لا يسقط أصلا ) أي لا يسقط بعذر من الأعذار نهاية
قوله ( فاقد الطهورين ) أي الماء والتراب كمن حبس وقيد بحيث لا يصل إليهما
قوله ( كذلك ) أي شرط لا يسقط أصلا
قوله ( مردود كل ذلك ) أي كل من دعوى عدم سقوط الطهارة أصلا وأن فاقد الطهورين يؤخر وأن النية لا تسقط أيضا وأتى برد هذه الثلاثة غير مرتب
قوله ( أما النية ) أي أما وجه الرد في دعوى عدم سقوط النية أصلا وهذا الرد والذي بعده لصاحب النهر
قوله ( ففي القنية وغيرها ) كالمجتبى وهو أيضا للعلامة مختار بن محمود الزاهدي صاحب القنية وكتاب القنية مشهور بضعف الرواية وقد نقل هذا الفرع من شرح الصباغي
قوله ( تكفيه النية بلسانه ) إطلاق النية على اللفظ مجاز ا هـ ح أي لأن النية عمل القلب لا اللسان وإنما الذكر باللسان كلام ومن ثم حكي الإجماع على كونها بالقلب فقد سقطت النية هنا للعذر فسقط القول بعدم سقوطها
بقي أن التلفظ بها للعاجز إن كان غير شرط فلا إشكال ولذا اختار في الهداية أن التلفظ بها مستحب لمن لم تجتمع عزيمته وإن كان شرطا كما هو المتبادر من كلام القنية
ورد عليه ما في الحلية شرح المنية لابن أمير حاج أنه نصب بدل بالرأي وهو ممنوع إلا أن يظهر دليله وأقره في المنح
أقول وما قاله الحموي من أنه حيث كان لا يقدر على نية القلب صار الذكر باللسان أصلا لا بدلا ا هـ دعوى بلا دليل
وأيضا هو مشترك الإلزام فإن نصب الشروط الأصلية لا بد لها من دليل أيضا وهذا كله حيث كان الفرع المذكور من تخريجات بعض المشايخ كما هو ظاهر أما لو كان منقولا عن المجتهد فلا يلزم المقلد طلب دليله
قوله ( وبوجهه جراحة ) قيد به لأنه لو كان سليما مسحه على الجدار بقصد التيمم ط وسكت عن الرأس لأن أكثر الأعضاء جريح والوظيفة حينئذ التيمم ولكنه سقط لفقد آلته وهما اليدان ا هـ ح
قوله ( يصلي بلا وضوء ) أي فسقط قولهم إن الطهارة لا تسقط أصلا ط لكن ذكر الحموي في رسالة أنه قد يقال المراد بعدم السقوط بعذر إنما هو بعد إمكانه في الجملة وما هنا راجح إلى زوال الأهلية لعدم المحلية على أن التخلف في مادة واحدة قلما تقع لا يقدح في الكلية كما لا يخفى على أصحاب الرواية
قوله ( وأما فاقد الطهورين ) هذا رد من الشارح للدعوى الوسطى ط
قوله ( يتشبه ) أي بالمصلين وجوبا فيركع ويسجد إن وجد مكانا يابسا
____________________
(1/80)
وإلا يومىء قائما ثم يعيد كما سيأتي في التيمم
ونقل ط أنه لا يقرأ فيها ثم قال وفيه أن هذا لا يصلح ردا لأن هذه صورة صلاة وليست بصلاة حقيقية لما أنه يطالب بعد ذلك بفعلها ولذا قال ح الأولى المعارضة بالمعذور ا هـ أي إذا توضأ على السيلان وصلى في الوقت فإنه يصدق عليه أنه صلى بغير طهارة وفيه نظر لأن هذه الطهارة من المعذور معتبرة شرعا ا هـ
قوله ( وبه ) أي بما في الظهيرية لأنه الذي ينتج ما ذكره ط
قوله ( غير مكفر ) أشار به إلى الرد على بعض المشايخ حيث قال المختار أنه يكفر بالصلاة بغير طهارة لا بالصلاة بالثوب النجس وإلى غير القبلة لجواز الأخيرتين حالة العذر بخلاف الأولى فإنه لا يؤتى بها بحال فيكفر
قال الصدر الشهيد وبه نأخذ
ذكره في الخلاصة والذخيرة
وبحث فيه في الحلية بوجهين أحدهما ما أشار إليه الشارح
ثانيهما أن الجواز بعذر لا يؤثر في عدم الإكفار بلا عذر لأن الموجب للإكفار في هذه المسائل هو الاستهانة فحيث ثبتت الاستهانة في الكل تساوي الكل في الإكفار وحيث انتفت منها تساوت في عدمه وذلك لأنه ليس حكم الفرض لزوم الكفر بتركه وإلا كان كل تارك لفرض كافرا وإنما حكمه لزوم الكفر بجحده بلا شبهة دارئة ا هـ ملخصا أي والاستخفاف في حكم الجحود
قوله ( كما في الخانية ) حيث قال بعد ذكره الخلاف في مسألة الصلاة بلا طهارة وإن الإكفار رواية النوادر
وفي ظاهر الرواية لا يكون كفرا وإنما اختلفوا إذا صلى لا على وجه الاستخفاف بالدين فإن كان على وجه الاستخفاف ينبغي أن يكون كفرا عند الكل ا هـ
أقول وهذا مؤيد لما بحثه في الحلية لكن بعد اعتبار كونه مستخفا ومستهينا بالدين كما علمت من كلام الخانية وهو بمعنى الاستهزاء والسخرية به أما لو كان بمعنى عد ذلك الفعل خفيفا وهينا من غير استهزاء ولا سخرية بل لمجرد الكسل أو الجهل فينبغي أن لا يكون كفرا عند الكل
تأمل
قوله ( مع العمد ) أي حال كونه مصاحبا للعمد ط
قوله ( خلف ) أي اختلاف بين أهل المذهب والمعتمد عدم التكفير كما هو ظاهر المذهب بل قالوا لو وجد سبعون رواية متفقة على تكفير المؤمن ورواية ولو ضعيفة بعدمه يأخذ المفتي والقاضي بها دون غيرها والخلاف مخصوص بغير فرع الظهيرية أما هو فصلاته واجبة عليه بغير طهارة لأمر الشارع له بذلك ط
قوله ( يسطر ) أي يكتب
قوله ( ثم هو ) أي كتاب الطهارة وثم للترتيب الذكري وقد تأتي للاستئناف ط
قوله ( مبتدأ أو خبر ) أي كتاب الطهارة هذا أو هذا كتاب الطهارة
واختلف في الأولى منهما فقيل الأول لأن المبتدأ هو الركن الأعظم الشديد الحاجة إليه فإبقاؤه أولى ولأن التجوز في آخر الجملة أسهل وقيل الثاني لأن الخبر محط الفائدة
قوله ( لفعل محذوف ) نحو خذ أو اقرأ
قوله ( فإن أريد التعداد ) أي تعداده مع الكتب الآتية بلا قصد إسناد كالأعداد المسرودة
قوله ( بني على السكون ) لشبهه الحرف في الإهمال ط
زاد القهستاني ويجوز الفتح على النقل والضم على الحذف ا هـ
لكن فيه أن نقل حركة الهمزة شرطه كونها للقطع
وقد يجاب بما ذكره الزمخشري في ألم الله من أن ميم في حكم الوقف والهمزة
____________________
(1/81)
في حكم الثابت وإنما حذفت تخفيفا وألقيت حركتها على ما قبلها للدلالة عليها تأمل
والظاهر أنه أراد بالضم حركة الإعراب وبالحذف حذف المبتدأ أو الخبر ويؤيده أنه لم يذكر حكم الإعراب فذكر الشارح له في شرحه على الملتقى مع ذكر حكم الإعراب قبله غير مرضي تأمل
قوله ( وإضافته لامية ) أي على معنى لام الاختصاص أي كتاب للطهارة أي مختص بها
قوله ( لا ميمية ) كذا في كثير من النسخ تبعا للنهر والصواب ما في بعض النسخ لا منية بتخفيف النون وتشديد الياء نسبة إلى من التي هي من حروف الجر
ووجه ما ذكره أن التي بمعنى من البيانية شرطها كون المضاف إليه أصلا للمضاف وصالحا للإخبار به عنه وأن يكون بينه وبين المضاف عموم وخصوص من وجه
وزاد في التسهيل رابعا وهو صحة تقدير من البيانية وكل ذلك مفقود هنا قال في النهر وليست على معنى في ا هـ أي لأن ضابطها كون الثاني ظرفا للأول نحو مكر الليل وخالفه المصنف في المنح واختار كونها بمعناها وقال وهو الأوجه وإن كان قليلا ا هـ
لكن الظرفية حينئذ مجازية وهي كثيرة
أقول ويؤيده أنه قد يصرح بفي فيقال فصل في كذا باب في كذا وهو من ظرفية الدال في المدلول بناء على أن المراد بالكتاب والفصل ونحوهما من التراجم الألفاظ المعينة الدالة على المعاني المخصوصة كما هو مختار سيد المحققين وأن المراد من الطهارة أي من مسائلها المعاني ويجوز العكس فيكون من ظرفية المدلول في الدال
تأمل
قوله ( وهل يتوقف حده لقبا ) أي من جهة كونه لقبا فهو منصوب على التمييز وقدمنا أن المراد بالحد في مثل هذا الرسم وأراد باللقب العلم إذ ليس فيه ما يشعر برفعة المسمى أو بضعته وأتى بالاستفهام لوقوع الخلاف فيه أما توقفه على ذلك من حيث كونه مركبا إضافيا فلا شبهة فيه وكان ينبغي له أن يذكر قبل ذلك حده اللقبي بأن يقول هو علم على جملة من مسائل الطهارة وأما قوله جعل شرعا عنوانا لمسائل مستقلة فهو بيان لمعنى المضاف لا للاسم اللقبي الذي هو مجموع المضاف والمضاف إليه
قوله ( الراجح نعم ) قال الأبي في شرحه على صحيح مسلم في كتاب الإيمان والمركب الإضافي قيل حده لقبا يتوقف على معرفة جزأيه لأن العلم بالمركب بعد العلم بجزأيه وقيل لا يتوقف لأن التسمية سلبت كلا من جزأيه عن معناه الإفرادي وصيرت الجميع اسما لشيء آخر ورجح الأول بأنه أتم فائدة ا هـ واستحسنه في النهر
أقول أما كونه أتم فائدة فلا كلام فيه وأما توقف فهم معناه العلمي على فهم معنى جزأيه ففي حيز المنع فإن فهم المعنى العلمي من امرىء القيس مثلا يتوقف على فهم ما وضع ذلك اللفظ بإزائه وهو الشاعر المشهور وإن جهل معنى كل من مفرديه فالحق القول الثاني ولذا اقتصر في التحرير والتلويح وغيرهما في تعريف أصول الفقه على بيان معنى المفردين من حيث كون مركبا إضافيا فقط
قوله ( فالكتاب ) تفريع على الراجح
قوله ( مصدر بمعنى الجمع ) عدل عن قول البحر والعناية هو جمع الحروف لما أورده عليه أن الكتاب والكتابة لغة الجمع المطلق لأن العرب تقول كتبت الخيل إذا جمعتها ا هـ
وزاد في الدرر احتمال كونه فعالا بني للمفعول كاللباس
____________________
(1/82)
بمعنى الملبوس
قال وعلى التقديرين يكون بمعنى المجموع
قوله ( لغة ) منصوب على نزع الخافض أو على التمييز أو على الحالية ومثله شرعا واصطلاحا وبيان ذلك ما يرد عليه في رسالتنا الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة
قوله ( جعل ) أي الكتاب لا بقيد كونه مضافا للطهارة بل أعم منها ومن الصلاة ونحوها لأنه في صدد بيان المضاف بمفرده كما أشرنا إليه
قوله ( شرعا ) الأولى اصطلاحا لأن التعبير به لا يخص أهل الشرع وإن كان هو الغالب عندهم لكن قيد به نظرا للمقام
أفاده ط
قوله ( عنوانا ) أي عبارة تذكر صدر الكلام
قوله ( لمسائل ) أي لألفاظ مخصوصة دالة على مسائل مجموعة وتمامه في النهر
مطلب في اعتبارات المركب التام وذكر في التلويح أن المركب التام المحتمل للصدق والكذب يسمى من حيث اشتماله على الحكم قضية ومن حيث احتماله الصدق والكذب خبرا ومن حيث يطلب بالدليل مطلوبا ومن حيث يحصل من الدليل نتيجة ومن حيث يقع في العلم ويسأل عنه مسألة فالذات واحدة واختلاف العبارات باختلاف الاعتبارات ا هـ
قوله ( مستقلة ) بمعنى عدم توقف تصورها على شيء قبلها أو بعدها لا بمعنى الأصالة المطلقة لأن هذا الكتاب تابع لكتاب الصلاة المقصود أصالة وعم التعريف ما كان تحته نوع واحد ككتاب اللقطة والآبق والمفقود أو أكثر كالطهارة ونحوها مما تحته أنواع من الأحكام كل نوع يسمى بابا وكل باب مشتمل على صنف من المسائل أو أكثر كل صنف يسمى فصلا وزاد بعضهم مطلقا بعد قوله مستقلة احتراز عن الباب قال لأنه طائفة من المسائل الفقهية اعتبرت مستقلة مع قطع النظر عن تبعيتها للغير أو تبعية الغير لها فإن مسح الخفين تابع للوضوء والوضوء مستتبع له وقد اعتبرا مستقلين فالفرق بين الكتاب والباب أن الكتاب قد يكون تابعا وقد لا يكون بخلاف الباب أي فإنه لا بد وأن يكون تابعا أو مستتبعا ا هـ
وقد يقال إن الملحوظ في الكتاب جنس المسائل لا باعتبار نوعها أو فصلها عما قبلها والحيثية مراعاة في التعريف ولهذا قال بعض العلماء إن المسائل إن اعتبرت بجنسها تصدر بالكتاب لأن الكتاب في اللغة الجمع والجنس يشمل الأنواع غالبا فيكون معنى الجمع مناسبا لمعنى الجنس وإن اعتبرت بنوعها تصدر بالباب لأن الباب في اللغة النوع فيكون ذكره مناسبا لنوع المسائل وإن اعتبرت بفصلها وفرقها عما قبلها تصدر بالفصل لأن الفصل في اللغة الفرق والقطع فيكون ذكره مناسبا للمسائل المنقطعة عما قبلها
قال وأكثر المصنفين من الفقهاء والمحدثين مشوا على هذه الطريقة ا هـ
قوله ( بمعنى المكتوب ) راجع لقوله فالكتاب مصدر فهو مصدر مراد به اسم المفعول كما في النهر ط فالمناسب ذكره قبل قوله جعل شرعا قوله ( والطهارة ) أي بفتح الطاء مصدر وأما بكسرها فهي الآلة وبضمها فضل ما يتطهر به كذا في البحر والنهر
وفي القهستاني أنها بالضم اسم لما يتطهر به من الماء
تأمل
قوله ( بالفتح ) أي فتح الهاء
قوله ( ويضم ) أن وكذا يكسر والفتح أفصح
قهستاني
قوله ( بمعنى النظافة ) أي عن الأدناس حسية كالأنجاس أو معنوية كالعيوب والذنوب فقيل الثاني مجاز وقيل حقيقة وقد استعملت فيهما إذ الحدث دنس حكمي والنجاسة الحقيقية دنس حقيقي وزوالهما طهارة
نهر
قوله ( ولذا أفردها ) أي لكونها مصدرا وهو اسم جنس يشمل جميع أنواعها وأفرادها فلا حاجة إلى الجمع
ولذا قيل المصدر لا يثنى ولا يجمع
قوله ( النظافة عن حدث أو خبث ) شمل طهارة ما لا تعلق له بالصلاة كالآنية والأطعمة
____________________
(1/83)
وأراد بالخبث ما يعم المعنوي كما مر فيشمل أيضا الوضوء على الوضوء بنية القربة لأنه مطهر للذنوب وعدل عن قول البحر زوال حدث أو خبث ليشمل الطهارة الأصلية لأن الزوال يشعر بسبق الوجود وعن قول النهر إزالة ليشمل النظافة بلا قصد كنزول المحدث في الماء للسباحة
واعلم أن أو هنا للتقسيم والتنويع لا للترديد فالقسمان المتخالفان حقيقة متشاركان في مطلق الماهية وليس المراد أن الحد إما هذا على سبيل الشك أو التشكيك لينافي الحد المقصود به بيان الماهية من حيث هي هي على أن ما هنا رسم لا حد كما قدمنا بيانه
قال في السلم ولا يجوز في الحدود ذكر أو وجائز في الرسم فدر ما رووا قوله ( ومن جمع ) أي كصاحب الهداية حيث قال كتاب الطهارات
قوله ( نظر لأنواعها ) أي فإنها متنوعة إلى وضوء وغسل وتيمم وغسل بدن أو ثوب ونحوه
وأورد عليه أن اللام تبطل الجمعية لأنها مجاز عن الجنس
ودفع بأن هذا عند عدم الاستغراق والعهد وانتفاؤهما ها هنا ممتنع ولو سلم فاستواء هذا الجمع والمفرد ممتنع لما في لفظ الجمع من الإشعار بالتعدد وإن بطل معنى الجمعية وتمامه في النهر
والحاصل أن معنى إبطالها الجمعية أن مدخولها صار يصدق على القليل والكثير لا بمعنى أنه لم يبق صالحا للكثير
فإن قيل المصدر لا يثنى ولا يجمع قيل جمعها باعتبار الحاصل بالمصدر وذلك شائع كما يجمع العلم والبيع
قاله في المستصفى
وقدمنا الفرق بين المعنى المصدري والحاصل بالمصدر
قوله ( وحكمها ) بكسر الحاء جمع حكمة أي ما شرعت لأجله
قوله ( شهيرة ) منها تكفير الذنوب ومنع الشيطان عنه ط وتحسين الأعضاء في الدنيا بالتنظيف وفي الآخرة بالتحجيل
إمداد
قوله ( وحكمها ) أي أثرها المترتب عليها
قوله ( استباحة ) السين والتاء زائدتان أو للصيرورة
قال في البحر ولم يذكروا من حكمها الثواب لأنه ليس بلازم فيها لتوقفه على النية وهي ليست شرطا فيها ط
قوله ( أي سبب وجوبها ) قدر المضاف لظهور أن الصلاة مثلا ليست سببا لوجود الطهارة ا هـ ح
قوله ( ما لا يحل ) أي إرادة ما لا يحل وقوله فرضا كان تعميم لقوله فعله وقوله كالصلاة فيه القسمان الفرض وغيرها وقوله ومس المصحف قاصر على غير الفرض ط
قوله ( صاحب البحر قال الخ ) ذكره عقب كلام المصنف يفيد أن كلام المصنف على تقدير مضاف هو الإرادة كما قدمناه إذ لا يمكن تقدير الوجوب
وقد يقال لا تقدير أصلا وأن مراده أن ذات ما لا يحل إلا بها سبب الوجوب فقد ذكر الإتقاني في غاية البيان وغيره أن السبب عندنا الصلاة بدليل الإضافة إليها وهو دليل السببية ا هـ
ونقله في شرح التحرير عن شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام وغيرهما لكن كرم المصنف أشمل لشموله الصلاة وغيرها
تأمل
قوله ( الأقوال ) أي الأربعة الآتية
قوله ( هو الإرادة ) أقول هو ما عليه جمهور الأصوليين
وأورد عليه أن مقتضاده أنه إذا أراد الصلاة ولم يتوضأ أثم ولو لم يصل ولم يقل به أحد وأجاب عنه في البحر بجوابين أحدهما ما يأتي عن الزيلعي والثاني أن السبب هو الإرادة المستلحقة للشروع ا هـ
____________________
(1/84)
أقول يرد عليه أن سبب الشيء متقدم عليه فيلزم أن لا تجب الطهارة قبل الشروع لأن الإرادة المستلحقة له مقارنة له مع أنه لا بد من تقدمها عليه لكونها شرط الصحة
تأمل
قوله ( ذكره الزيليعي ) أي هذا الاستدراك حيث قال إنه إن أراد الصلاة وجبت عليه الطهارة فإذا رجع وترك التنفل سقطت الطهارة لأن وجوبها لأجلها ط
قوله ( في الظهار ) أي في شرح قوله وعوده وعزمه على ترك وطئها ا هـ ح
قوله ( وقال العلامة الخ ) هذا أظهر لأن ما ذكره في البحر يقتضي أن لا يأثم على ترك الوضوء إذا خرج الوقت ولم يرد الصلاة الوقتية فيه بل على تفويت الصلاة فقط وأنه إذا أراد صلاة الظهر مثلا قبل دخول وقتها أن يجب عليه الوضوء قبل الوقت وكلاهما باطل ا هـ ح
أقول فيه أن صلاة الظهر قبل وقتها تنعقد نافلة فتجب الطهارة بإرادتها
تأمل
قوله ( الصحيح الخ ) مشى عليه المحقق في فتح القدير واستوجهه في التحرير وصححه أيضا العلامة السكاكي لكنه لا يشمل غير الصلاة الواجبة فلذا زاد عليه هنا قوله أو إرادة الخ وما مر عن الزيلعي ملاحظ هنا أيضا
قوله ( وجوب الصلاة ) أي لا وجودها لأن وجودها مشروط بها فكان متأخرا عنها والمتأخر لا يكون سببا للمتقدم ا هـ عناية
وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة لكنه وجوب موسع كوجوب الصلاة فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا بحر قوله ( وقيل سببها الحدث ) أي لدورانها معه وجودا وعدما
ودفع بمنع كون الدوران دليلا ولئن سلم فالدوران هنا مفقود لأنه قد يوجد الحدث ولا يوجد وجود الطهارة كما قبل دخول الوقت وفي حق غير البالغ وتمامه في البحر لكن سيأتي ما يؤيده
قوله ( وما قيل ) القائل صاحب البحر في باب الحدث في الصلاة تبعا لصاحب الفتح كما نقل عنه صاحب النهر هناك ثم قال وهو تعريف بالحكم كما ذكره الشارح
قال بعض الفضلاء في كون هذا التعريف تعريفا بالحكم نظر إذ حكم الشيء ما كان أثرا له خارجا عنه مترتبا عليه والمانعية المذكورة ليست كذلك وإنما حكم الحدث عدم صحة الصلاة معه وحرمة مس المصحف ونحو ذلك كما هو ظاهر فالتعريف بالحكم كأن يقال مثلا الحدث هو ما لا تصح الصلاة معه ونحو ذلك فتأمل ا هـ
كذا في حاشية الشيخ خليل الفتال
قوله ( شرعية ) أي اعتبرها الشرع مانعا ط
قوله ( إلى غاية استعمال ) الإضافة للبيان والسين والتاء زائدتان ط
قوله ( فتعريف بالحكم ) علمت ما فيه على أنه مستعمل عند الفقهاء لأن الأحكام محل مواقع أنظارهم
قوله ( وقيل سببها القيام إلى الصلاة ) ذكر في البحر أنه صححه في الخلاصة قال وصرح في غاية البيان بفساده لصحة الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات ما دام متطهرا
وقد يدفع بأنها سبب بشرط الحدث فلا يلزم ما ذكر خصوصا أنه ظاهر الآية ا هـ
أقول هذا الدفع ظاهر وإلا ورد الفساد المذكور على القولين الأولين في كلام الشارح
قوله ( ونسبا ) أي القول بسببية الحدث والخبث والقول بسببية القيام ا هـ ح
قوله ( إلى أهل الظاهر ) هم الآخذون بظواهر النصوص من أصحاب الإمام الجليل أبي سليمان داود الظاهري
واعترض بأن المنسوب إليهم هو الثاني من القولين أما الأول منهما فنسبه الأصوليون إلى أهل الطرد وهم
____________________
(1/85)
المستدلون على علة الحكم بالطرد والعكس ويسمى الدوران كالإمام الرازي وأتباعه
وخالفهم فيه الحنفية ومحققو الأشاعرة
قوله ( وفسادهما ظاهر ) لما علمته مما يرد عليهما لكن علمت الجواب عما يرد على الثاني فكان عليه إفراد الضمير في الموضعين
قوله ( أن أثر الخلاف ) أي فائدة اختلاف في السبب
قوله ( في نحو التعاليق ) أي في التعاليق ونحوها كصدق الإخبار بوجوب الطهارة وكذبه أفاده ط وفيما إذا استشهدت الحائض قبل انقطاع الدم فقد صحح في الهداية أنها تغسل فكان تصحيحا لكون السبب الحدث أعني الحيض أفاده في البحر أي لأن الغسل وجب عليها بالحيض لوجود شرطه وهو انقطاع الدم بالموت وهذا مؤيد لقول أهل الطرد
قوله ( فأنت طالق ) أي فتطلق بإرادة الصلاة على الأول وبوجوبها على الثاني وبالحدث أو الخبث على الثالث وبالقيام على الصلاة على الرابع
قوله ( بالتأخير عن الحديث ) أي أو الخبث أو عن إرادة الصلاة أو القيام إليها ط
قوله ( ذكره في التوشيح ) هو شرح الهداية للعلامة سراج الدين الهندي
قال في غسل البحر وقد نقل الشيخ سراج الدين الهندي الإجماع على أنه لا يجب الوضوء على المحدث والغسل على الجنب والحائض والنفساء قبل وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل به ا هـ
أقول الظاهر أن المراد بالوجوب وجوب الأداء لثبوت الاختلاف في سبب الطهارة ويلزم منه ثبوت الاختلاف في وقت الوجوب كما لا يخفى
ثم رأيت في النهر وفق بذلك بين كلام الهندي وما قدمناه آنفا عن الهداية
قوله ( وبه اندفع ما في السراج الخ ) هو شرح مختصر القدوري للحدادي صاحب الجوهرة وذلك حيث ذكر أن وجوب الغسل من الحيض والنفاس بالانقطاع عند الكرخي وعامة العراقيين وبوجوب الصلاة عند البخاريين وهو المختار ثم قال وفائدة الخلاف فيما إذا انقطع الدم بعد طلوع الشمس وأخرت الغسل إلى وقت الظهر فتأثم على الأول لا على الثاني وعلى هذا الخلاف وجوب الوضوء فعند العراقيين يجب الوضوء للحدث وعند البخاريين للصلاة ا هـ
قوله ( بل وجوبها ) أي الطهارة
قوله ( بدخول ) خبر بعد خبر لقوله وجوبها لا متعلق بقوله موسع
وكون وجوبها بدخول الوقت يؤيد ما قدمه عن العلامة قاسم من أن سبب وجوبها وجوب الصلاة إذ وجوب الصلاة أيضا بدخول الوقت ا هـ ح
قوله ( فيهما ) أي في الطهارة والصلاة
قوله ( وشرائطها ) أي الطهارة
قال في الحلية هو جمع شرط على خلاف المعروف من القاعدة الصرفية إذ لم يحفظ فعائل جمع فعل بل جمعه شروط
قوله ( شرائط وجوبها الخ ) أي الطهارة أعم من الصغرى والكبرى
وشرائط الوجوب هي ما إذا اجتمعت وجبت الطهارة على الشخص وشرائط الصحة ما لا تصح الطهارة إلا بها ولا تلازم بين النوعين بل بينهما عموم وجهي وعدم الحيض والنفاس شرط للوجوب من حيث الخطاب وللصحة من حيث أداء الواجب أفاده ط
قوله ( شرط الوجوب ) مفرد مضاف فيعم وهو مبتدأ خبره العقل الخ ط
قوله ( العقل الخ ) فلا تجب على مجنون ولا على كافر بناء على المشهور من أن الكفار غير مخاطبين بالعبادات ولا على عاجز عن استعمال المطهر ولا على
____________________
(1/86)
فاقد الماء أي والتراب ولا على صبي ولا على متطهر ولا على حائض ولا على نفساء ولا مع سعة الوقت وهذا الأخير شرط لوجوب الأداء وما قبله لأصل الوجوب
قوله ( ماء ) بالرفع والتنوين على إسقاط العاطف وتقدير مضاف أي ووجود ماء مطلق طهور كاف أو ما يقوم مقامه من تراب طاهر
قوله ( وشرط صحة الخ ) الصحة ترتب المقصود من الفعل عليه ففي المعاملات الحل والملك لأنهما المقصودات منها وفي العبادات عند المتكلمين موافقة الأمر مستجمعا ما يتوقف عليه
وعند الفقهاء بزيادة قيد وهو اندفاع وجوب القضاء فصلاة ظان الطهارة مع عدمها صحيحة على الأول لموافقة الأمر على ظنه لا على الثاني لعدم سقوط القضاء وتمامه في التحرير وشرحه
قوله ( عموم البشرة الخ ) أي أن يعم الماء جميع المحل الواجب استعماله فيه
قوله ( في المرة ) بدون همزة مؤنث مرء يقال فيها مرأة ومرة وامرأة ذكر الثلاث في القاموس قوله ( فقد نفاسها وحيضها ) أي وفقد حيضها فهما شرطان
قوله ( وأن يزول كل مانع ) أي من نحو رمص وشمع وهذا الشرط الرابع يغني عنه الأول والأولى ما في البحر حيث جعل الرابع عدم التلبس في حالة التطهير بما ينقضه في حق غير المعذور بذلك
تنبيه جميع الشروط الأول ترجع إلى ستة وهي الإسلام والتكليف وقدرة استعمال المطهر ووجود حدث وفقد المنافي من حيض ونفاس وضيق الوقت
والأخيرة ترجع إلى اثنين تعميم المحل بالمطهر وفقد المنافي من حيض ونفاس وحدث في حق غير المعذور به وقد نظمتها بقولي شرط الوجوب جاء ضمن ست تكليف إسلام وضيق وقت وقدرة الماء الطهور الكافي وحدث مع نتفا المنافي وثنان للصحة تعميم المحل بالماء مع فقد مناف للعمل قوله ( وجعلها ) أي هذه الشروط
وقد نقل هذا التقسيم العلامة البيري عن شرح القدوري للآمدي
قوله ( أربعة ) أي أربعة أنواع ففي الأول ثلاثة وكذا الثاني وفي الثالث أربعة وفي الرابع اثنان
قوله ( وجودها الحسي ) أي الذي تصير به الطهارة موجودة في الحس والمشاهدة أي يصير فعلها موجودا وإلا فهي وصف شرعي لا وجود له في الخارج
ثم لا يخفى أنه ليس الضمير في وجودها للشروط حتى يرد أن القدرة لا وجود لها فافهم
قوله ( وجود المزيل ) أي الماء أو التراب
قوله ( والمزال عنه ) أي الأعضاء
قوله ( مشروع الاستعمال ) أي بأن يكون الماء مطلقا وطاهرا ومطهرا
قوله ( في مثله ) أي مثل المشروط ولو قال مشروع الاستعمال فيها أي الطهارة لكان أولى وخرج به نحو الزيت فإنه مشروع الاستعمال كن في الدهن مثلا ط
أقول وفي بعض النسخ في محله وهو الأولى
قوله ( التكليف ) تحته ثلاثة وهي العقل والبلوغ والإسلام بناء على ما قدمناه من المشهور
قوله ( والحدث ) أي الأصغر والأكبر
قوله ( من أهله ) بأن لا تكون حائضا ولا نفساء وهذا لم يذكره في النظم الآتي
قوله ( في محله ) وهو جميع الجسد في الغسل والأعضاء الأربعة في الوضوء وتقدم أن هذا أيضا من شروط الوجود ويحتمل أنه أراد به تعميم البشرة
قوله ( مع فقد مانعه ) بأن لا يحصل ناقض في خلال الطهارة لغير معذور به
قوله ( ونظمها ) عطف على جعلها وهذا النظم من بحر الطويل وفيه من عيوب القوافي التحريد
____________________
(1/87)
بالحاء المهملة وهو الاختلاف في الأضرب فإن ضرب البيت الأول والبيت الرابع محذوف وزنه فعولن وباقي الأبيات أضربها تامة وزنها مفاعيلن فالمناسب أن يقول في البيت الأول مقسمة في عشرة بعدها اثنان وفي البيت الرابع طهورية أيضا فخذها بإذعان
قوله ( تعلم ) فعل أمر
قوله ( للوضوء ) ومثله الغسل
قوله ( سلامة أعضاء ) إشارة إلى المزال عنه ا هـ ح
أي لأنه من إضافة الصفة إلى موصوفها أي أعضاء سالمة أفاده ط قوله ( وقدرة إمكان ) أي تمكن من الإزالة قوله ( لمستعمل ) صفة قدرة أو إمكان
قوله ( القراح ) كسحاب أي الخالص قاموس
قوله ( وهو ) بضم الهاء وإسكان الواو بعدها للضرورة ( راجع للماء ) قوله ( معا ) ظرف منصوب لقطعه عن الإضافة متعلق بمحذوف خبر هو أصله معهما وإنما نص على انضمامه إليهما لأنه لما ذكر الماء على كونه مضافا إليه فربما يتوهم أنه ليس قسما برأسه وأنه من تتمة المضاف وليس كذلك بل هو بيان لوجود المزيل ا هـ ح
قوله ( وشرط ) بالنصب مفعول لخذ محذوفا فسره قوله الآتي خذها أي الشروط المفهومة من عموم المصدر المضاف وهو أولى من الرفع على الابتداء لأن خبره قوله خذها أو قوله لمطلق فيلزم عليه الإخبار بالجملة الطلبية أو اقتران الخبر بالفاء
قوله ( بإمعان ) أي بتأمل وإتقان ط
قوله ( مطلق ماء ) من إضافة الصفة للموصوف وهو خبر لمبتدأ محذوف والمراد كون الماء مطلقا والظاهر كما قال ط إن هذا الشرط مغن عن الطهارة والطهورية أي لأن غير الطاهر وغير المطهر غير مطلق
قوله ( مع ) بسكون العين
ط
قوله ( وشرط ) بالنصب أيضا لا غير عطف على شرط المنصوب أي وخذ شرط وجوب الخ إذ ليس بعده ما يصح الإخبار به عنه
قوله ( بالغ ) بالإضافة وهو شرط ثان والشرط البلوغ ط أي لا ذات البالغ
قوله ( التمييز ) بحذف العاطف ثم يحتمل أنه معطوف على إسلام فيكون مرفوعا أو على الحدث فيكون مجرورا ط
قوله ( يا عاني ) أي يا قاصد الفوائد وهو أولى من تفسيره بالأسير أفاده ط
قوله ( شرط ) مبتدأ وزوال خبره ط
قوله ( يبعد ) بتشديد العين
قوله ( من أدران ) بنقل حركة الهمزة إلى النون وهو بيان لما والدرن الوسخ
قاموس
قوله ( كشمع ) بسكون الميم لغة قليلة وأنكرها الفراء فقال الفتح كلام العرب والمولدون يسكنونها لكن قال ابن فارس وقد تفتح الميم
قال في المصباح فافهم أن الإسكان أكثر ا هـ
قوله ( ورمص ) بفتح الراء والميم وبالصاد وسخ يجتمع في الموق مما يلي الأنف وسكنت الميم لضرورة النظم ا هـ ح
قوله ( لم يتخلل الوضوء ) اللام من الوضوء آخر الشطر الأول والواو منه أول الشطر الثاني
قوله ( مناف ) كخروج ريح ودم ط أي لغير المعذور بذلك
قوله ( يا عظيم ذوي الشأن ) أي العظم أي يا عظيمهم وفي نسخة ذي وليست بصواب لاختلال النظم ط
أقول والذي رأيته من النسخ يا عظيم الشأن وهو خطأ أيضا
قوله ( وزيد على هذين ) أي شرطي الصحة ط
قوله ( تقاطر ) وأقله قطرتان في الأصح كما يأتي
قوله ( مع الغسلات ) أي المفروضة وأخرج بها المسح فلا يشترط فيه تقاطر
قوله ( ليس هذا الخ ) أي
____________________
(1/88)
ليس هذا الشرط وهو التقاطر بمشترط عند الإمام أبي يوسف يعقوب رضي الله عنه والمعتمد الأول ط
تنبيه يزاد على ما ذكره من شروط الصحة فقد الحيض والنفاس كما مر وهو من شروط الوجود الشرعي أيضا وكذا من شروط الوجوب
والذي يظهر لي أن شروط الوجود الشرعي شروط للصحة وبالعكس إذ لا فرق يظهر فتدبر قوله ( وصفتها ) أي الطهارة قوله ( فرض ) أي قطعي ط
قوله ( للصلاة ) فرضها ونفلها ط
قوله ( وواجب ) الأولى واجبة
قوله ( للقول الخ ) يعني أنه قيل بأنها واجبة لمس المصحف لا فرض للاختلاف في تفسير الآية فلم تكن قطعية الدلالة حتى ثبت الفرضية لأن قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } الواقعة 79 قيل إنه صفة لكتاب مكنون وهو اللوح وقيل صفة لقرآن كريم وهو المصحف
فعلى الأول المراد من المطهرين الملائكة المقربون لأنهم مطهرون عن أدناس الذنوب أي لا يطلع عليه سواهم
وعلى الثاني المراد منهم الناس المطهرون من الأحداث وعليه أكثر المفسرين ويؤيده أن فيه حمل المس على حقيقته والأصل في الكلام الحقيقة واحتمال غيرها بلا دليل لا يقدح في صحة الاستدلال إذ قل أن يوجد دليل بلا احتمال فلا ينافي ذلك القطعية فلذا والله تعالى أعلم أشار الشارح إلى اختيار القول بالفرضية وقواه المحشي الحلبي وهو اختيار الشرنبلالي لكن سيأتي أن الفرض ما قطع بلزومه حتى يكفر جاحده وهذا ليس كذلك لما في الخلاصة أنه لو أنكر الوضوء لغير الصلاة لا يكفر عندنا إلا أن يجاب بأنه من الفرض العملي وهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض فلا يكفر جاحده كما يأتي بيانه وبه يحصل التوفيق بين القولين والله الموفق
قوله ( وسنة للنوم ) كذا في شرح الملتقى لكن عده الشرنبلالي وغيره في المندوبات وجعل الأنواع ثلاثة فليحفظ
ابن عبد الرزاق قوله ( في نيف ) قال في المختار النيف بوزن الهين الزيادة يخفف ويشدد ويقال عشرة ونيف ومائة ونيف وكل ما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني ا هـ قوله ( ذكرتها في الخزائن ) ذكرها في مكروهات الوضوء فمنها عند استيقاظ من نوم ولمداومة عليه وللوضوء على الوضوء إذا تبدل المجلس وغسل ميت وحمله ولوقت كل صلاة وقبل غسل جنابة ولجنب عند أكل وشرب ونوم ووطء ولغضب وقراءة وحديث وروايته ودراسة علم وأذان وإقامة ولخطبة ولو نكاحا وزيارة النبي ووقوف وسعي
شرنبلالي ومس كتب شرعية تعظيما لها إمداد وسيجيء ونظر لمحاسن امرأة
نهر ولمطلق الذكر كما يأتي قبيل المياه وفي ابتداء الغسل كما يأتي في محله ولكل صلاة لو متوضئا لأنه ربما اغتاب أو كذب فإن لم يمكنه تيمم ونوى به رفع الإثم
فتاوي الصوفية
فهي مع السبعة التي هي هنا نيف وثلاثون كما ذكره أفاده ابن عبد الرزاق
قوله ( بعد كذب وغيبة ) لأنهما من النجاسات المعنوية ولذا يخرج من الكاذب نتن يتباعد منه الملك الحافظ كما ورد في الحديث وكذا أخبره عن ريح منتنة بأنها ريح الذين يغتابون الناس والمؤمنين ولإلف ذلك منا وامتلاء أنوفنا منها لا تظهر لنا كالساكن في محله الدباغين وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحظر والإباحة الكلام على الكذب والغيبة وما يرخص منهما
قوله ( وقهقهة ) لأنها لما كانت في الصلاة جناية تنقض الوضوء أوجبت نقصان الطهارة خارجها فكان الوضوء منها مستحبا كما ذكره سيدي عبد الغني النابلسي في نهاية المراد على هداية ابن العماد
قوله ( وشعر ) أي قبيح إمداد وقدمنا بيان القبيح منه وغير القبيح عند الكلام على المقدمة ومن أراد من بيانه نهاية المراد فعليه بنهاية المراد
قوله ( وأكل جزور ) أي أكل لحم جزور أي جمل لقول بعضهم بوجوب
____________________
(1/89)
الوضوء منه وهذا يدخل في عموم قوله بعد وللخروج من خلاف العلماء
أفاده ط
قوله ( وبعد كل خطيئة ) عطف عام على خاص بالنسبة إلى ما ذكره مما هو خطيئة وذلك لما ورد في الأحاديث من تكفير الوضوء للذنوب
قوله ( وللخروج من خلاف العلماء ) كمس ذكره ومس امرأة
قوله ( وركنها ) هو في اللغة الجانب الأقوى
وفي الاصطلاح الجزاء الذاتي الذي تتركب الماهية منه ومن غيره
شرح المنية للحلبي
قوله ( غسل ومسح وزوال نجس ) أي مجموع الثلاثة ففي النجاسة المرئية زوال عين النجس وفي غير المرئية والحدث الأكبر فقط وفي الحدث الأصغر غسل ومسح وأما نحو العصر والتثليث فمن الشروط
قوله ( ونحوهما ) من مائع ودلك وذكاة وغير ذلك مما سيأتي في المطهرات
قوله ( وهي مدنية ) لأنها من المائدة وهي من آخر القرآن نزولا
فائدة المدني ما نزل بعده الهجرة وإن كان في غير المدينة والمكي ما نزل قبلها وإن كان في غير مكة وهو الأصح من أقوال ثلاثة حكاها السيوطي في الإتقان ط
قوله ( وأجمع أهل السير ) جمع سيرة أي المغازي وهذا رد لما يقال يلزم أن تكون الصلاة بلا وضوء إلى وقت نزول آية الوضوء لأنك ذكرت أن آية الوضوء مدنية مع أن الصلاة فرضت بمكة ليلة الإسراء
بل في المواهب عن فتح الباري أنه كان قبل الإسراء يصلي قطعا وكذلك أصحابه ولكن اختلف هل افترض قبل الخمس شيء من الصلاة أم لا فقيل إن الفرض كان صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لقوله تعالى { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } طه 130 ا هـ
قوله ( مع فرض الصلاة ) إن أريد بها الصلوات الخمس أشكل بما قدمناه آنفا أنه كان يصلي قبلها قطعا والظاهر أن المعية للمكان لا للزمان فلا يلزم أن تكون صلاته قبل الافتراض بلا وضوء ولذا عمم بعد بقوله وأنه عليه الصلاة والسلام الخ
مطلب في تعبده عليه الصلاة والسلام بشرع من قبله قوله ( بل هو شريعة من قبلنا ) انتقال إلى جواب آخر وهو مبني على المختار من أنه عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه كان متعبدا بشرع من قبله لأن التكليف لم ينقطع من بعثة آدم ولم يترك الناس سدى قط ولتظافر روايات صلاته وصومه وحجه ولا تكون طاعة بلا شلاع لأن الطاعة موافقة الأمر وكذا بعد مبعثه عليه الصلاة والسلام وبسط ذلك في التحرير وشرحه
وسيأتي أول كتاب الصلاة أن المختار عندنا عدمه وهو قول الجمهور قوله ( بدليل الخ ) أي بدليل الحديث الذي رواه أحمد والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه وفي آخره ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثم قال هذا وضوئي الخ
مطلب ليس أصل الوضوء من خصوصيات هذه الأمة بل الغرة والتحجيل ودفع بأن وجوده في الأنبياء لا يدل على وجوده في أممهم ولهذا قيل إنه من خصائص هذه الأمة بالنسبة إلى بقية الأمم دون أنبيائهم لحديث البخاري إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء
____________________
(1/90)
وأجيب بأن الظاهر منه أن الخاص بهذه الأمة الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء وبأن الأصل أن ما ثبت للأنبياء يثبت لأممهم يؤيده ما في البخاري من قصة سارة مع الملك أنه لما هم بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي ومن قصة جريج الراهب أنه قام فتوضأ قيل يمكن حمل هذا على الوضوء اللغوي
أقول حيث ثبت الوضوء الشرعي للأنبياء بحديث هذا وضوئي الخ فحمل الوضوء الثابت لأمهم بالقصتين المذكورتين على اللغوي لا بد له من دليل لأن الأصل عدم الفرق قوله ( من غير إنكار الخ ) أفاد أنه لا يحتاج إلى قيام الدليل على بقائه أما لو قص علينا مقترنا بالإنكار
فإنه أنكر بقوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي } الأنعام 145 الآية وكتحريم السبت أو ظهر نسخه بعد إقراره كالتوجه إلى بيت المقدس فلا يكون شرعا لنا بخلاف نحو وكتبنا عليهم فيها ( المائدة 45 ) ونحو صوم عاشوراء قوله ( ففائدة نزول الآية الخ ) جواب عما يقال إذا كان الوضوء فرض بمكة مع فرضية الصلاة وهو أيضا شرع من قبلنا فقد ثبتت فرضيته فما فائدة نزول آية المائدة أفاده ط
قوله ( تقرير الحكم الثابت ) أي تثبته فإنه لما لم يكن عبادة مستقلة بل تابعا للصلاة احتمل أن لا تهتم الأمة بشأنه وأن يتساهلوا في شرائطه وأركانه بطول العهد عن زمن الوحي وانتقاص الناقلين يوما فيوما بخلاف ما إذا ثبت بالنص المتواتر الباقي في كل زمان وعلى كل لسان ا هـ درر
قوله ( وتأتي ) مصدر تأتي معطوف على تقرير
قوله ( اختلاف العلماء ) أي المجتهدين في النية والدلك والترتيب ونقضه بالمس وقدر الممسوح
قوله ( على نيف وسبعين حكما ) منها أن المراد بالقيام إرادته واقتضاء اللفظ إيجاب الغسل عقبه لأنه محكم وأن الواجب الإسالة دون المسح بلا اشتراط الدلك ولا النية ولا الترتيب ولا الولاء وجواز مسح الرأس من أي جانب كان ودلالتها على بطلان الجمع بين الغسل والمسح وعلى جواز مسح الخفين وعلى أن الاستنجاء ليس بفرض وعلى تعميم البدن في الغسل وعلى وجوب المضمضة والاستنشاق فيه وعلى وجوب التيمم لمريض خاف الضرر وعلى جوازه في كل وقت وعلى جوازه لخائف سبع وعدوه وعلى جوازه للجنب وعلى أن ناسي الماء يتيمم مع وجوده وعلى أن المتيمم إذا وجد الماء خلال الصلاة يلزمه الوضوء وعلى جواز الوضوء بماء نبيذ التمر ا هـ ملخصا من شرح ابن عبد الرزاق
قال وإنما اقتصرنا على ذلك لاستبعاد بعضها وتقارب بعضها لبعض
قوله ( كلها ) أي الثمانية أي كل واحدة منها فيه شيئان فالجملة ست عشر ط
قوله ( طهارتين ) تثنية طهارة بالمعنى المصدري ط
قوله ( الوضوء والغسل ) أي في قوله تعالى { فاغسلوا وجوهكم } وقوله { وإن كنتم جنبا فاطهروا } قوله ( الماء والصعيد ) أي في قوله { فاغسلوا } لأن الغسل بالماء وقوله { فتيمموا صعيدا } المائدة 6 { النساء }
قوله ( وحكمين ) تثنية حكم بمعنى محكوم به أي مأمور به ط
قوله ( وموجبين ) بكسر الجيم فإنهما موجبان للطهارة ط أي بناء على القول بأن الحدث هو سبب الوجوب
قوله ( الحدث ) أي الأصغر في قوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } المائدة 6 { النساء } والجنابة أي الحدث الأكبر في قوله تعالى { وإن كنتم جنبا } قوله ( ومبيحين ) أي للترخص بالتيمم قوله ( المرض والسفر ) أي في قوله تعالى { وإن كنتم مرضى أو على سفر } المائدة 6 { النساء }
قوله ( والإجمالي ) أي في قوله تعالى
____________________
(1/91)
{ فاطهروا } فإنه لم يفصل فيه مقدار المغسول كما فصل في الوضوء ولذا وقع في مقداره اختلاف المجتهدين
قوله ( وكنايتين ) تثنية كناية ومن معانيها لغة أن تتكلم بشيء وأنت تريد غيره وهنا كذلك فإنه عبر بالغائط وهو المكان المنخفض وأريد به الخارج من الإنسان وعبر بالملامسة المأخوذة من المس باليد وأريد بها الجماع ومنه يقال للزانية لا تمنع كف لامس
قوله ( وكرامتين الخ ) أي نعمتين تفضل بهما تعالى على عباده بقوله { ليطهركم وليتم نعمته عليكم } المائدة 6
قوله ( تطهير الذنوب ) لما رواه مسلم ومالك مرفوعا إذا توضأ لعبد لمسلم أو لمؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع لماء أو مع آخر قطر لماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع لماء أو مع آخر قطر لماء فإذا غسل رجليه خرج كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر لماء حتى يخرج نقيا من لذنوب وفي رواية لمسلم وغيره مرفوعا من توضأ فأحسن لوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفره
قوله ( أي بموته شهيدا ) أقول أو بالغرة والتحجيل يوم القيامة لحديث البخاري المار
قوله ( ليعم الخ ) أي فإنه لو قال آمنتم لاختص بالحاضرين في عصره
ورده في غاية البيان بأن الموصوف بصفة عامة يتعمم
قوله ( وكأنه مبني الخ ) لأن ظاهره أن الأصل التعبير بآمنتم قوله ( التفاتا ) هو التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة أعني التكلم أو الخطاء أو الغيبة بعد التعبير عنه بآخر منها بشرط أن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يقتضيه الظاهر ويترقبه السامع
قوله ( والتحقيق خلافه ) لأن المنادي مخاطب فحق ضميره أن يأتي على طريق الخطاب فيقال يا فلان إذا فعلت ولا يقال إذا فعل وإنما جيء في الصلة بضمير الغائب لعوده على الموصول والموصول من الأسماء الظاهرة وكلها غيب فإذا تم الموصول بصلته العائد ضميرها عليه تمحض الكلام للخاطب الذي اقتضاه النداء فليس حينئذ في الكلام عدول عن طريق إلى طريق آخر ولذا كان جميع ما ورد في القرآن وكلام العرب من أمثال هذا النداء لم يجيء إلا على هذه الطريقة فدعوى العدول في جميع ذلك لا تسمع نعم العائد إلى الموصول قد سمع فيه الخطاب والتكلم قليلا في غير النداء كما في قول علي كرم الله وجهه أنا الذي سمتني أمي حيدرة وقول كثير وأنت التي حببت كل قصيرة إلي وما تدري بذاك القصائر فهو من الالتفات كما قدمناه في أول الخطبة وقدمنا هناك أيضا عن المغني أن القول بالالتفات في الآية سهو ومثله في شرح تلخيص المعاني
قوله ( التحقيقية ) أي الدالة على تحقق مدخولها غالبا وقوله التشكيكية أي الدالة على أنه مشكوك فيه غالبا وقد تستعمل كل منهما مكان الأخرى كما بين في محله
لطيفة إن للشك مع أنها جازمة وإذا للجزم مع أنها لا تجزم وقد ألغز في ذلك الإمام الزمخشري فقال أنا إن شككت وجدتموني جازما وإذا جزمت فإنني لم أجزم
____________________
(1/92)
قوله ( من الأمور اللازمة ) أي الغالبة الوجود بالنظر إلى ديانة المسلم كما في غاية البيان للعلامة الإتقاني
قوله ( والجنابة الخ ) أي لأنها يمكن أن لا تقع أصلا ط
قوله ( في الغسل والتيمم ) أي قوله تعالى { وإن كنتم جنبا } وقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } المائدة 6
قوله ( ليعلم أن الوضوء سنة الخ ) وهو الذي لا يكون عن حدث وهذا يدل على أن قوله تعالى { فاغسلوا } الخ مستعمل في الوجوب والندب والوجوب في الحدث والندب في غيره وهو مخالف لما ذكروه من أن الحدث في الآية مراد
ويؤخذ منه أن التيمم والغسل لا يكونان إلا فرضا للتصريح بالحدث فيهما
وفيه أن الغسل يندب في موضع ويسن في آخر وكذا يقوم التيمم مقام الوضوء لنحو نوم ودخول مسجد فلا يشترط فيهما أن يكونا فرضا ط لكن في النهاية لا يقال إن الغسل سنة للجمعة فيثبت التنوع فيه
لأنا نقول المدعى أنه لا يسن لكل صلاة
أو نقول إن اختيار البزدوي أنه سنة لليوم لا للصلاة
مطلب في حديث الوضوء على الوضوء نور على نور قوله ( والوضوء على الوضوء نور على نور ) هذا لفظ حديث ذكره في الإحياء
وقال الحافظ العراقي في تخريجه لم أقف عليه وسبقه لذلك الحافظ المنذري
وقال الحافظ ابن حجر حديث ضعيف ورواه رزين في مسنده ا هـ
جراحي نعم روى أحمد بإسناد حسن مرفوعا لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء يعني ولو كانوا غير محدثين
وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه مرفوعا من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات ولم يقيد الشارح باختلاف المجلس تبعا لظاهر الحديث وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في سنن الوضوء
قوله ( عبر بالأركان ) أي ولم يعبر بالفرائض كما عبر غيره
قوله ( لأنه ) أي التعبير المأخوذ من عبر ط
قوله ( أفيد ) أي أكثر فائدة
قال في المنح لأن الركن أخص ولينبه على أن مراد من عبر بالفروض الأركان ا هـ
قوله ( مع سلامته الخ ) اعترض بأن الركن كما اعترف به فرض داخل الماهية فهو أخص من مطلق الفرض ولازم الأعم لازم للأخص
وأجيب عنه بأن مفهوم الركن ما كان جزء الماهية وإن لزم هنا أن يكون فرضا لأن المعتبر في الماهيات الاعتبارية ما اعتبره الواضع عند وضع الاسم لها ولم يعتبر في الركن ثبوته بقطعي أو ظني
قوله ( بالربع ) أي ربع الرأس ومثله غسل المرفقين والكعبين فإنه لم يثبت شيء منها بقطعي ولذا لم يكفر المخالف فيها أجماعا كذا في الحلية
قوله ( يرد المغسول ) أي من الأعضاء الثلاثة سوى المرفقين والكعبين زاد في الدر المنتقى وإن أريدا يلزم عموم المشترك أو إرادة الحقيقة والمجاز ا هـ
____________________
(1/93)
مطلب الفرق بين عموم المجاز والجمع بين الحقيقة والمجاز الخ ) أي من أنه من عموم المجاز
والفرق بينه وبين الجمع بين الحقيقة والمجاز أن الحقيقة في الأول تجعل فردا من الأفراد بأن يراد معنى يتحقق في كلا الأفراد بخلاف الثاني فإن الحقيقة يراد بها الوضع الأصلي والمجاز يراد به الوضع الثانوي فهما استعمالان متباينان أو من أن المراد القطعي
ويجاب عن إيراد الممسوح بأن المراد أصل المسح فيه وذلك قطعي لثبوته بالكتاب أو العملي
ويجاب عن إيراد المغسول بأن المراد القدر في الكل ولا شك أنه من هذه الحيثية عملي لخلاف زفر في المرفقين والكعبين وأبي يوسف فيما بين العذر والأذن ط
قال بعض الفضلاء والملخص من ذلك كله أن نقول إطلاق الفرض عليهما حقيقة عرفيه في اصطلاح الفقهاء فيسقط السؤال من أصله ا هـ
أقول وإلى هذا أشار في النهاية حيث أجاب بأن الفرض على نوعين قطعي وظني وهو الفرض على زعم المجتهد كإيجاب الطهارة بالفصد والحجامة فإنهم يقولون يفترض عليه الطهارة عند إرادة الصلاة ا هـ ويأتي بيانه قريبا
قوله ( ثم الركن ) ترتيب إخباري ط
قوله ( ما يكون فرضا ) ومعناه لغة الجانب الأقوى كما قدمناه
قوله ( داخل الماهية ) يعني بأن يكون جزءا منها يتوقف تقومها عليه والماهية ما به الشيء هو هو سميت بها لأنه يسأل عنها بما هو
قوله ( وأما الشرط ) هو في اللغة العلامة
وفي الاصطلاح ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم وقوله فما يكون خارجها بيان للمراد به هنا والمراد ما يجب تقديمه عليها واستمراره فيها حقيقة أو حكما فالشرط والركن متباينان كذا في الحلية
مطلب قد يطلق الفرض على ما ليس بركن ولا شرط قوله ( فالفرض أعم منهما ) وقد يطلق على ما ليس واحدا منهما كترتيب ما شرع غير مكرر في ركعة كترتيب القراءة على القيام والركوع على القراءة والسجود على الركوع والقعدة على السجود فإن هذه التراتيب كلها فروض ليست بأركان ولا شروط كذا في شرح المنية للحلبي
قوله ( وهو ما قطع بلزومه ) مأخوذ من فرض بمعنى قطع تحرير ويسمى فرضا علما وعملا للزوم اعتقاده والعمل به
قوله ( حتى يكفر ) بالبناء للمجهول أي ينسب إلى الكفر من أكفره إذا دعاه كافرا وأما يكفر من التكفير فغير ثابت هنا وإن كان جائزا لغة كما في المغرب والأصل حتى يكفر الشارع جاحده سواء أنكره قولا أو اعتقادا كذا في شرح المنار لابن نجيم
فتال قوله ( كأصل مسح الرأس ) أي مجردا عن التقدير بربع أو غيره
مطلب في فرض القطعي والظني قوله ( وقد يطلق الخ ) قال في البحر والظاهر من كلامهم في الأصول والفروع أن الفرض على نوعين قطعي وظني هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته والمقدار في مسح الرأس من قبيل الثاني
وعند الإطلاق ينصرف إلى الأول لكماله
والفارق بين الظني القوي المثبت للفرض وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام ا هـ
____________________
(1/94)
أقول بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة الأولى قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي
الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة
الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي
الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني
فبالأول يثبت الفرض والحرام وبالثاني والثالث الواجب كراهة التحريم وبالرابع السنة والمستحب
ثم إن المجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريبا عنده من القطعي فما ثبت به يسميه فرضا عمليا لأنه يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل ويسمى واجبا نظرا إلى ظنية دليله فهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض بل قد يصل خبر الواحد عنده إلى حد القطعي ولذا قالوا إنه إذا كان متلقى بالقبول جاز إثبات الركن به حتى ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله لحج عرفة
وفي التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني
والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن تجب سجدة السهو ا هـ
وتمام تحقيق هذا المقام في فصل المشروعات من حواشينا على شرح المنار فراجعه فإنك لا تجده في غيرها
قوله ( فلا يكفر جاحده ) لما في التلويح من أن الواجب لا يلزم اعتقاد حقيقته لثبوته بدليل ظني ومبنى الاعتقاد على اليقين لكن يلزم العمل بموجبه للدلائل الدالة على وجوب اتباع الظن فجاحده لا يكفر وتارك العمل به إن كان مؤولا لا يفسق ولا يضلل لأن التأويل في مظانه من سيرة السلف وإلا فإن كان مستخفا يضلل لأنه رد خبر الواحد والقياس بدعة وإن لم يكن مؤولا ولا مستخفا يفسق لخروجه عن الطاعة بترك ما وجب عليه ا هـ
أقول وما ذكره العلامة الأكمل في العناية من أنا لا نسلم عدم التكفير لجاحد مقدار المسح بلا تأويل لعله مبني على ما ذهب هو إليه كصاحب الهداية من أن الآية مجملة في حق المقدار وأن حديث المغيرة من مسحه عليه الصلاة والسلام بناصيته التحق بيانا لها فيكون ثابتا بقطعي لأن خبر الواحد إذا التحق بيانا للمجمل كان الحكم بعده مضافا للمجمل لا للبيان
وما رد به في البحر على صاحب الهداية أجبت عنه فيما علقته عليه
قوله ( غسل الوجه ) الغسل بفتح الغين لغة إزالة الوسخ عن الشيء بإجراء الماء عليه وبضمها اسم لغسل تمام الجسد وللماء الذي يغسل به وبكسرها ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره
بحر
والمراد الأول وإضافته إلى الوجه من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف أي غسل المتوضىء وجهه لكن يرد عليه أن يكون صفة للفاعل وهو غير مشروط إذ لو أصابه الماء من غير فعل كفى فالأولى جعله مصدرا لمبني المجهول على إرادة الحاصل بالمصدر أي مغسولية الوجه
قال في حواشي المطول المصدر يستعمل في أصل النسبة وفي الهيئة الحاصلة منها للمتعلق معنوية أو حسية كهيئة المتحركية الحاصلة من الحركة وتسمى الحاصل بالمصدر وتلك الهيئة للفاعل فقط في اللازم كالمتحركية والقائمية من الحركة والقيام أو للفاعل والمفعول للمتعدي كالعالمية والمعلومية من العلم واستعمال المصدر بالمعنى الحاصل بالمصدر استعمال الشيء في لازم معناه انتهى أي فهو مجاز مرسل
قوله ( أي إسالة الماء الخ ) قال في البحر واختلف في معناه الشرعي فقال أبو حنيفة ومحمد هو الإسالة مع التقاطر ولو قطرة حتى لو لم يسل الماء بأن استعمله
____________________
(1/95)
استعمال الدهن لم يجز في ظاهر الرواية وكذا لو توضأ بالثلج ولم يقطر منه شيء لم يجز
وعن أبي يوسف هو مجرد بل المحل بالماء سال أو لم يسل ا هـ
واعلم أنه صرح كغيره بذكر التقاطر مع الإسالة وإن كان حد الإسالة أن يتقاطر الماء للتأكيد وزيادة التنبيه على الاحتراز عن هذه الرواية على أنه ذكر في الحلية عن الذخيرة وغيرها أنه قيل في تأويل هذه الرواية إنه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك ا هـ
والظاهر أن معنى لم يتدارك لم يقطر على الفور بأن قطر بعده مهلة فعلى هذا يكون ذكر السيلان المصاحب للتقاطر احتراز عما لا يتدارك فافهم ثم على هذا التأويل يندفع ما أورد على هذه الرواية من أن البل بلا تقاطر مسح فيلزم أن تكون الأعضاء كلها ممسوحة مع أنه تعالى أمر بالغسل والمسح
قوله ( ولو قطرة ) على هذا يكون التقاطر بمعنى أصل الفعل ا هـ
ح
قوله ( أقله قطرتان ) يدل عليه صيغة التفاعل ا هـ
ثم لا يخفى أن هذا بيان للفرض الذي لا يجزى أقل منه لأنه في صدد بيان الغسل المفروض وسيأتي أن التقتير مكروه ولا يمكن حمل التقتير على ما دون القطرتين لأن الوضوء حينئذ لا يصح لما علمت فتعين أنه لا ينتفي التقتير إلا بالزيادة على ذلك بأن يكون التقاطر ظاهرا ليكون غسلا بيقين وبدونها يقرب إلى حد الدهن وربما لا يتيقن بسيلان الماء على جميع أجزاء العضو فلذاكرة فافهم
قوله ( لأن الأمر ) وهو هنا قوله تعالى { فاغسلوا } المائدة 6
قوله ( لا يقتضي التكرار ) أي لا يستلزمه بل ولا يحتمله في التصحيح عندنا وإنما يستفاد من دليل خارجي كتكرر الصلاة لتكرر أوقاتها
مطلب في معنى الاشتقاق وتقسيمه إلى ثلاثة أقسام قوله ( مشتق الخ ) المراد بالاشتقاق الأخذ مجازا علاقته الإطلاق والتقييد إذ ( الاشتقاق في الصرف أخذ واحد من الأشياء العشرة من المصدر وهي الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل واسم الزمان والمكان والآلة والوجه ليس منها ا هـ
لكن في تعريفات السيد الاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة فإن كان بينهما تناسب في الحروف والترتيب كضرب من الضرب فهو اشتقاق صغير أو في اللفظ والمعنى دون الترتيب كجبذ من الجذب فكبير أو في المخرج كنعق من النهق فأكبر ا هـ
ونحوه في شرح التحرير
قال وقد تسمى أصغر وصغيرا وأكبر وقد تسمى أصغر وأوسط وأكبر الأول أشهر وما نحن فيه من القسم الأول فافهم
قوله ( شائع ) خبر اشتقاق وذلك لأن معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فأكثر معنى واحد وفي هذا لا توقيت بأن يكون المشتق منه ثلاثيا فجاز أن يكون المزيد أشهر وأقرب للفهم من الثلاثي لكثرة الاستعمال فصح ذكر الاشتقاق لإيضاح معناه وإن لم يكن المزيد أصلا له
أفاده في النهاية
قوله ( من الارتعاد ) أي الاضطراب أخذ منه الرعد لاضطرابه في السماء أو اضطراب السحاب منه
قوله ( واليم ) وهو البحر من التيمم وهو القصد قال في الكشاف لأن الناس يقصدونه
وقال أيضا واشتقاق البرج من التبرج لظهوره
وقال في الفلق والجن من الاجتنان لاستتارهم عن العيون
قوله ( سطح جبهته ) أي أعلاها ط
قوله ( بقرينة المقام ) وهو كون المتوضىء أو المكلف فاعل المصدر الذي
____________________
(1/96)
هو غسل ا هـ
ط
قوله ( أي منبت أسنانه السفلى ) تفسير للذقن بالتحريك أي إلى أسفل العظم الذي عليه الأسنان السفلى وهو ما تحت العنفقة
قوله ( طولا ) منصوب على التمييز ط
قوله ( كان عليه ) أي على الوجه
( وله شعر ) بالإسكان ويحرك
قاموس
قوله ( عدل عن قولهم ) أي عدل المصنف عن قول بعض الفقهاء في تعريف الوجه طولا كالكنز الملتقي ط
قوله ( قصاص ) بتثليث القاف والضم أعلاها حيث ينتهي نباته في الرأس
نهر
قوله ( الجاري ) صفة لقولهم ط
قوله ( على الغالب ) أي في الأشخاص إذ الغالب فيهم طلوع الشعر من مبدأ سطح الجبهة ومن غير الغالب الأغم وأخواه ط
قوله ( إلى المطرد ) أي العام في جميع الأفراد ط
قوله ( ليعم الأغم الخ ) هو الذي سال شعر رأسه حتى ضيق الجبهة
والأصلع هو الذي انحسر مقدم شعر رأسه
والأنزع هو الذي انحسر شعره من جانبي جبهته ا هـ
ح
عن جامع اللغة
أقول وبقي الأقرع وهو من ذهب شعر رأسه
قاموس
قوله ( شحمتي الأذنين ) أي ما لان منهما والأذن بضم الذال ولك إسكانها تخفيفا أفاده في النهر
وانظر ما وجه التحديد بالشحمتين مع أن الظاهر أن يقال ما بين الأذنين ولعل وجهه أن الشحمتين لما اتصلتا ببعض الوجه وهو البياض الذي خلف العذار صار مظنة أن يجب غسلهما مثلا فجلعوا الحد بهما لدفع ذلك
تأمل
قوله ( وحينئذ ) أي حين إذ علمت حد الوجه طولا وعرضا ط
قوله ( فيجب غسل المياقي ) جمع موق وهو على ما في النسخ بالياء الممدودة بعد الميم والصواب بالهمزة الممدودة فقد ذكر في القاموس في باب القاف عشر لغات في الموق منها مأق بالهمزة وموق ومأقىء بهمزة قبل القاف وهمزة بعدها وهو طرف العين المتصل بالأنف ثم ذكر بعد الكل أربعة جموع آماق وإماق أي بهمزة ممدودة في أوله أو قبل آخره ومواق وماق ولم يذكر المياقي لا في المفردات ولا في الجموع
هذا
وفي البحر لو رمدت عينه فرمصت يجب إيصال الماء تحت الرمص إن بقي خارجا بتغميض العين وإلا فلا ا هـ
هذا وفي بعض النسخ فيجب غسل الملاقي ويغني عنه قول المصنف الآتي وغسل جميع اللحية فرض لأن المراد بالملاقي ما لاقى البشرة منها كما في الدرر
وفي شرحها للشيخ إسماعيل والمرقي هو ما كان غير خارج عن دائرة الوجه وهو احتراز عن المسترسل وهو ما خرج عن دائرة الوجه فإنه لا يجب غسله ولا مسحه بل يسن ا هـ
ويأتي تمام الكلام عليه
قوله ( وما يظهر ) أي يفترض غسله كما صححه في الخلاصة وقيل الشفة تبع للفم
أفاده في البحر
قوله ( عند انضمامها ) أشار بصيغة الانفعال إلى أن المراد ما يظهر عند انضمامها الطبيعي لا عند انضمامها بشدة وتكلف ا هـ
ح
وكذا لو غمض عينيه شديدا لا يجوز
بحر
لكن نقل العلامة المقدسي في شرحه على نظم الكنز أن ظاهر الرواية الجواز وأقره في الشرنبلالية
تأمل
قوله ( ما بين العذار والأذن ) أي ما بينهما من البياض
قوله ( وبه يفتى ) وهو ظاهر المذهب وهو الصحيح وعليه أكثر المشايخ
قال في البدائع وعن أبي يوسف عدمه وظاهر أن مذهبه بخلافه
بحر لأن كلمة عن تفيد أنه رواية عنه والخلاف في الملتحي أما المرأة والأمرد والكوسج فيفترض الغسل اتفاقا
در منتقي
قوله ( لا غسل باطن العينين الخ ) لأنه شحم يضره الماء الحار والبارد ولهذا لو اكتحل بكل نجس لا يجب غسله كذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية
قوله ( والأنف والفم ) معطوفات على العينين أي لا يجب غسل باطنهما أيضا
قوله ( وأصول شعر الحاجبين ) يحمل هذا على ما إذا كانا
____________________
(1/97)
كثيفين أما إذا بدت البشرة فيجب كما يأتي له قريبا عن البرهان وكذا يقال في اللحية والشارب ونقله عن عصام الدين شارح الهداية
ط
قوله ( وونيم ذباب ) أي خرؤه
قال في بحث الغسل ولا يمنع الطهارة ونيم ذباب وبرغوث لم يصل الماء تحته وحناء ولو جرمه به يفتى ودرن ودهن وتراب وطين الخ
قوله ( للحرج ) علة لقوله ( لا غسل الخ ) أي فإن هذه المذكورات وإن كانت داخلة في حد الوجه المذكور إلا أنها لا يجب غسلها للحرج
وعلل في الدرر بأن محل الفرض استتر بالحائل وصار بحال لا يواجه الناظر إليه فسقط الفرض عنه وتحول إلى الحائل
قوله ( أسقط لفظ فرادى ) تعريض بصاحب الدرر حيث قيد به ا هـ
ومعناه غسل كل يد منفردة عن الأخرى ط
قوله ( لعدم الخ ) أي لأنه في صدد بيان فرائض الوضوء فيشعر كلامه بأن الانفراد لازم مع أنه لو غسلهما معا سقط الفرض قوله ( الباديتين ) أي الظاهرتين اللتين لا خف عليهما
قوله ( فإن المجروحتين الخ ) علة للتقييد بالقيدين السابقين على سبيل اللف والنشر المشوش ط
قوله ( وظيفتهما المسح ) لكنه مختلف الكيفية كما يأتي ط
قوله ( لما مر ) أي من أن الأمر لا يقتضي التكرار
قوله ( مع المرفقين ) تثنية مرفق بكسر الميم وفتح الفاء وفيه العكس اسم لملتقى العظمين عظم العضد وعظم الذراع وأشار المصنف إلى أن إلى في الآية بمعنى مع وهو مردود لأنهم قالوا إن اليد من رؤوس الأصابع للمنكب فإذا كانت إلى بمعنى مع وجب الغسل إلى المنكب لأنه كغسل القميص وكمه وغارته أنه كإفراد فرد من العام وذلك لا يخرج غيره
بحر
والجواب أن المراد من اليد في الآية من الأصابع إلى المرفق للإجماع على سقوط ما فوق ذلك وعدل عن التعبير بإلى المحتملة لدخول المرفقين والكعبين وعدمه إلى التعبير بمع الصريحة بالدخول للاحتراز عن القول بعدمه المشار إليه بقول الشارح على المذهب أي خلافا لزفر ومن قال بقوله من أهل الظاهر وهو رواية عن مالك
قوله ( والكعبين ) هما العظمان الناشزان من جانبي القدم أي المرتفعان كذا في المغرب وصححه في الهداية وغيرها
وروى هشام عن محمد أنه في ظهر القدم عند معقد الشراك قالوا هو سهو من هشام لأن محمدا إنما قال ذلك في المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه أسفل من الكعبين وأشار محمد بيده إلى موضع القطع فنقله هشام إلى الطهارة وتمامه في البحروغيره
قوله ( وما ذكروا ) أي في الجواب عما أورد أنه ينبغي غسل يد ورجل لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد
قوله ( بعبارة النص ) أي بصريحه المسوق له ط
قوله ( بدلالته ) أي إنه مفهوم منه بطريق المساواة
قوله ( ومن البحث في إلى ) أي في كونها تدخل الغاية أو لا تدخلها أو الأمر محتمل والمرجح القرائن وغير ذلك مما أطال في البحر ط
قوله ( وفي القراءتين ) أي قراءتي الجر والنصب في { أرجلكم } المائدة 6 من حمل الجر على حالة التخفيف والنصب على غيرها أو أن الجر للجوار لأن المسح غير مغيا بالكعبين إلى آخر ما أطال به في الدرر وغيرها
قوله ( قال في البحر لا طائل تحته ) أي لا فائدة فيه والجملة خبر ما في قوله وما ذكروا أفاده ط
قوله ( بعد انعقاد الإجماع على ذلك ) أي على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين على دخوله المرفقين والكعبين وغسل الرجلين لا مسحهما أفاده ح
أقول من استدل بالآية كالقدوري وغيره من أصحاب المتون يحتاج إلى ذلك ليتم دليله على أن في ثبوت
____________________
(1/98)
الإجماع على دخول المرفقين كلاما لأنه في البحر أخذه من قول الإمام الشافعي لا نعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء
ورده في النهر بأن قول المجتهد لا أعلم مخالفا ليس حكاية للإجماع الذي يكون غيره محجوجا به فقد قال الإمام اللامشي في أصوله لا خلاف أن جميع المجتهدين لو اجتمعوا على حكم واحد ووجد الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن ذلك يكون إجماعا
وقال الشافعي لا أقول إنه إجماع ولكن أقول لا أعلم فيه خلافا
وقال أبو هاشم من المعتزلة لا يكون إجماعا ويكون حجة أيضا ا هـ
وقدمنا أيضا عن شرح المنية أن غسل المرفقين والكعبين ليس بفرض قطعي بل هو فرض عملي كربع الرأس ولذا قال في النهر أيضا لا يحتاج إلى دعوى الإجماع لأن الفروض العملية لا يحتاج في إثباتها إلى القاطع
قوله ( ومسح ربع الرأس ) المسح لغة إمرار اليد على الشيء
وعرفا إصابة الماء العضو
واعلم أن في مقدار فرض المسح روايات أشهرها ما في المتن
الثانية مقدار الناصية واختارها القدوري وفي الهداية وهي الربع
والتحقيق أنها أقل منه
الثالثة مقدار ثلاثة أصابع رواها هشام عن الإمام وقيل هي ظاهر الرواية
وفي البدائع أنها رواية الأصول وصححها في التحفة وغيرها
وفي الظهيرية وعليها الفتوى
وفي المعراج أنها ظاهر المذهب واختيار عامة المحققين لكن نسبها في الخلاصة إلى محمد فيحمل ما في المعراج من أنها ظاهر المذهب على أنها ظاهر الرواية عن محمد توفيقا وتمامه في النهر والبحر
والحاصل أن المعتمد رواية الربع وعليها مشى المتأخرون كابن الهمام وتلميذه ابن أمير حج وصاحب النهر والبحر والمقدسي والمصنف والشرنبلالي وغيرهم
قوله ( فوق الأذنين ) فلو مسح على طرف ذؤابه شدت على رأسه لم يجز
مقدسي
قوله ( أو بلل باق الخ ) هذا إذا لم يأخذه من عضو آخر
مقدسي فلو أخذه من عضو آخر لم يجز مطلقا
بحر أي سواء كان ذلك العضو مغسولا أو ممسوحا
درر
قوله ( على المشهور ) مقابله قول الحاكم بالمنع وخطأه عامة المشايخ وانتصر له المحقق ابن الكمال وقال الصحيح ما قاله الحاكم فقد نص الكرخي في جامعه الكبير على الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذراعيه لم يجز إلا بماء جديد لأنه قد تطهر به مرة ا هـ
وأقره في النهر
قوله ( إلا أن يتقاطر ) كذا ذكره في الغرر لأنه كأخذ ماء جديد
قوله ( ولو مد الخ ) أي مد المسح حتى استوعب قدر الربع
وفي البدائع لو وضع ثلاثة أصابع ولم يمدها جاز على رواية الثلاث أصابع لا الربع ولو مسح بها منصوبة غير موضوعة ولا ممدودة فلا لأنه لم يأت بالقدر المفروض أي وهذا بالإجماع كما النهر فلو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر وكذا الخلاف في الإصبع والإصبعين إذا مدها وبلغ القدر المفروض ا هـ
ملخصا
بقي ما إذا وضع ثلاث أصابع ومدها وبلغ الربع قال في الفتح ولم أر فيه إلا الجواز وتعقبه في النهر بقوله قد وقفت على ما هو المنقول يعني قول البدائع فلو مدها الخ
أقول وفيه نظر لأن الضمير في قول البدائع فلو مدها الخ عائد إلى المنصوبة أي بأن مسح بأطرافها لا الموضوعة على أنه قال في البحر لو مسح بأطراف أصابعه والماء متقاطر جاز وإلا فلا لأنه إذا كان متقاطرا فالماء ينزل من أصابعه إلى أطرافها فإذا مده صار كأنه أخذ ماء جديدا كذا في المحيط وذكر في الخلاصة أنه يجوز مطلقا هو الصحيح ا هـ
قال الشيخ إسماعيل ونحوه في الواقعات والفيض
قوله ( لم يجز ) قيل لأن البلة
____________________
(1/99)
صارت مستعملة وهو مشكل بأن الماء لا يصير مستعملا قبل الانفصال وبأنه يستلزم عدم الجواز بمد الثلاث على رواية الربع
وقيل لأنا مأمورون بالمسح باليد والأصبعان منها لا تسمى يدا بخلاف الثلاث لأنها أكثرها
وفيه أنه يقتضي تعيين الإصابة باليد وهو منتف بمسألة المطر
وقد يقال في العلة إن البلة تتلاشى وتفرغ قبل بلوغ قدر الفرض بخلاف ما لو مد الثلاث وتمامه في فتح القدير
قوله ( إلا أن يكون مع الكف الخ ) لأنهما مع الكف أو مع ما بين الإبهام والسبابة يصيران مقدار ثلاث أصابع أو أكثر فإذا مدهما وبلغ قدر الربع جاز أما بدون مد فيجوز على رواية الثلاث كما صرح به في التاتر خانية
قوله ( أو بمياه ) قال في البحر ولو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات وأعادها إلى الماء في كل مرة جاز في رواية محمد أما عندهما فلا يجوز ا هـ أي على رواية الربع لا يجوز فما في الدر المنتقى من أنه يجوز اتفاقا فيه نظر كذا قيل
وأقول فيه نظر لأن عبارته لو كان بمياه في مواضع مقدار الفرض جاز اتفاقا فقوله مقدار الفرض شامل لرواية الثلاث أصابع ولرواية الربع
وفي البدائع لو مسح بأصبع واحدة ببطنها وظهرها وجانبيها لم يذكر في ظاهر الرواية
واختلف المشايخ فقال بعضهم لا يجوز وقال بعضهم يجوز وهو الصحيح لأن ذلك في معنى المسح بثلاث أصابع ا هـ
قال في البحر ولا يخفى أنه لا يجوز على المذهب من اعتبار الربع وما في شرح المجمع لابن مالك من أنه لا يجوز اتفاقا في الأصح ففيه نظر ا هـ
قوله ( أجزأه ) أي إن أصاب الماء قدر الفرض ط
قوله ( ولم يصر الماء مستعملا ) لأن الماء لا يعطي له الاستعمال إلا بعد الانفصال والذي لاقى الرأس أي وأخويه أي الخف والجبيرة لصق به فطهره وغيره لم يلاقه فلا يستعمل وفيه نظر كذا في الفتح
قوله ( اتفاقا ) أي بين الصاحبين
قوله ( على الصحيح ) قيد للاتفاق ومقابله ما قيل إنه لو نوى لا يجزىء عند محمد
قوله ( جميع اللحية ) بكسر اللام وفتحها
نهر وظاهر كلامهم أن المراد بها الشعر النابت على الخدين من عذار وعارض والذقن
وفي شرح الإرشاد اللحية الشعر النابت بمجتمع الخدين والعارض ما بينهما وبين العذار وهو القدر المحاذي للأذن يتصل من الأعلى بالصدغ ومن الأسفل بالعارض بحر
قوله ( يعني عمليا ) ذكر بعضهم أن التفسير بأي للبيان والتوضيح والتفسير يعني لدفع السؤال وإزالة الوهم كذا في حاشية البحر للخير الرملي وهنا كذلك لأنه دفع ما يتوهم من إطلاق الفرض أنه القطعي مع أن الآية لا تدل دلالة قطعية على انتقال حكم ما تحت اللحية من البشرة إليها
قوله ( أيضا ) أي كما أن مسح ربع الرأس كذلك ط
قوله ( ما عدا هذه الرواية ) أي من رواية مسح الكل أو الربع أو الثلث أو ما يلاقي البشرة أو غسل الربع أو الثلث أو عدم الغسل والمسح فالمجموع ثمانية
قوله ( كما في البدائع ) هذا الكتاب جليل الشأن لم أر له نظيرا في كتبنا وهو للإمام أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني شرح به تحفة الفقهاء لشيخه علاء الدين السمرقندي فلما عرضه عليه زوجه ابنته فاطمة بعد ما خطبها الملوك من أبيها فامتنع وكانت الفتوى تخرج من دارهم وعليها خطها وخط أبيها وزوجها
قوله ( ثم لا خلاف ) أي بين أهل المذهب على جميع الروايات
ط
قوله ( أن المسترسل ) أي الخارج عن دائرة الوجه وفسره ابن حجر في شرح
____________________
(1/100)
المنهاج بما لو مد من جهة نزوله لخرج عن دائرة الوجه وعلى هذا فالنابت على أسفل الذقن لا يجب غسل شيء منه لأنه بمجرد ظهوره يخرج عن حد الوجه لأن ذلك جهة نزوله وإن كان لو مد إلى فوق لا يخرج عن حد الجبهة وكذا النابت على أطراف الحنك من اللحية وأما النابت على الخدين فيجب غسل ما دخل منه في دائرة الوجه دون الزائد عليها ولذا قال في البدائع الصحيح أنه يجب غسل الشعر الذي يلاقي الخدين وظاهر الذقن لا ما استرسل من اللحية عندنا
وعند الشافعي يجب لأن ما استرسل تابع لما اتصل وللتبع حكم الأصل
ولنا أنه إنما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن وجها فلا يجب غسل ا هـ فتأمل
ثم رأيت المصنف في شرحه على زاد الفقير قال ما نصه وفي المجتبى قال البقالي وما نزل من شعر اللحية من الذقن ليس من الوجه عندنا خلافا للشافعي ا هـ
ولا رواية في غسل الذؤابتين إذا جاوزتا القدمين في الجنابة وكذا السلعة إذا تدلت عن الوجه
والصحيح أنه يجب غسلها في الجنابة وغسل السلعة في الوضوء أيضا ا هـ
قوله ( بل يسن ) أي المسح لكونه الأقرب لمرجع الضمير وعبارة المنية صريحة في ذلك كذا في ح
قوله ( التي ترى بشرتها ) قيد بذلك لأنه الذي لا خلاف فيه
وأما في البدائع من أنه إذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء كثيفا كان أو خفيفا لأن ما تحته خرج من أن لا يكون وجها لأنه لا يواجه به ا هـ
فمحمول على ما إذا لم تر بشرتها كما يشير إليه التعليل فالخفيفة قسمان
والفرق بينها بالمعنى الثاني وبين الكثيفة العرف كما هو وجه عند الشافعية
والأصح عندهم أن الخفيفة ما ترى بشرتها في مجلس التخاطب أفاده في الحلية
قوله ( لم يسترها الشعر ) أما المستورة فساقط غسلها للحرج ط
ويستثنى منه ما إذا كان الشارب طويلا يستر حمرة الشفتين لما في السراجية من أن تخليل الشارب الساتر حمرة الشفتين واجب ا هـ
لأنه يمنع ظاهر وصول الماء إلى جميع الشفة أو بعضها ولا يسما إن كان كثيفا وتخليله محقق لوصول الماء إلى جميعها وتمامه في الحلية
قوله ( ولا يعاد الوضوء الخ ) لأن المسح على شعر الرأس ليس بدلا عن المسح عن البشرة لأنه يجوز مع القدرة على مسح البشرة ولو كان بدلا لم يجز ا هـ
بحر
بقي ما إذا كانت اللحية كثيفة فإن ظاهر ما قدمناه عن الدرر عند قوله للحرج إن غسلها بدل عما تحتها ومقتضاه إعادة غسله بحلق الشعر فليراجع لكن قول البحر هنا لأنه يجوز مع القدرة الخ يفيد أنه ليس ببدل لأنه يصح غسل بشرتها
تأمل
قوله ( ولا بل المحل ) عبر بالبل ليشمل المسح والغسل
قوله ( الغسل للمحل الخ ) الأولى تقديم الوضوء لأنه المذكور في كلام المصنف فيعود الضمير عليه بل الأولى عدم ذكر شيء لظهور المراد أفاده ط
قوله ( ظفره ) مثلث الظاء ط
قوله ( قرحة ) أي جراحة ط
قوله ( كالدملة ) مأخوذ من دمل بالفتح بمعنى أصلح يقال دملت بين القوم بمعنى أصلحت كما في الصحاح وصلاحها ببرئها فتسمية القرحة تفاؤلا ببرئها كالقافلة والمفازة ط
قوله ( وإن تألم بالنزع ) في بعض النسخ بدون واو والأصوب وإن لم يتألم كما أفاده
ط
لأنه
____________________
(1/101)
ذكر في التاتر خانية وغيرها أنه إن نزع الجلدة بعد ما برىء بحيث لم يتألم فعليه الغسل وإن قبله بحيث يتألم فلا
والأشبه أنه لا يلزمه الغسل فيهما جميعا وهو المأخوذ به ا هـ
ملخصا فحالة التألم لا خلاف فيها فإذا قال وإن لم يتألم يعلم عدم لزوم الغسل مع التألم بالأولى لأن القاعدة أن نقيض ما بعد إن ولو الوصليتين أولى بالحكم
ويمكن الجواب بأنه أتى بالواو بدون لم لملاحظة التعليل بعدم البدلية لأن انتفاء البدلية عند عدم التألم أولى منه عند التألم
تأمل
وعلى كل فنسخة إن تألم بدون واو غير صحيحة فافهم
قوله ( لعدم البدلية ) علة لعدم الإعادة في المسائل كلها وذلك لأن البدلية تكون عند تعذر الأصل قوله ( بخلاف نزع الخف ) أي فإنه بنزعه يغسل ما تحته لأنه بدل عن الغسل ظاهرا فلما نزعه سرى الحدث إلى القدم ط
قوله ( فصار ) أي ما ذكر من الحلق والقلم والكشط
قوله ( ثم حته أو قشره ) هما بمعنى واحد كما في القاموس أي حت محل المسح منه
قوله ( شقاق ) هو بالضم
وفي التهذيب قال الليث هو تشقق الجلد من برد أو غيره في اليدين والوجه
وقال الأصمعي الشقاق في اليد والرجل من بدن الإنسان والحيوان وأما الشقوق فهي صدوع في الجبال والأرض
وفي التكملة عن يعقوب يقال بيد فلان شقوق ولا يقال شقاق لأن الشقاق في الدواب وهي صدوع في حوافرها وأرساغها
مغرب
قوله ( وإلا تركه ) أي وإن لم يمسحه بأن لم يقدر على المسح تركه قوله ( ولا يقدر على الماء ) أي على استعماله لمانع في اليد الأخرى ولا يقدر على وضع وجهه ورأسه في الماء
قوله ( تيمم ) زاد في الخزائن وصلاته جائزة عنده خلافا لهما ولو كان في رجله فجعل فيه الدواء يكفيه إمرار الماء فوقه ولا يكفيه المسح ولو أمره فسقط إن عن برء يعيده وإلا فلا كما في الصغرى ا هـ
ابن عبد الرزاق
قوله ( ولو قطع الخ ) قال في البحر ولو قطعت يده أو رجله فلم يبق من المرفق والكعب شيء سقط الغسل ولو بقي وجب ا هـ
ط
قوله ( ولو خلق له ) أي من جانب واحد
قوله ( فلو يبطش ) بالضم والكسر كما في القاموس والبطش قاصر على اليدين فلو قال ويمشي بهما نظرا إلى الرجلين لكان حسنا ط
قوله ( ولو بإحداهما الخ ) أي ولو يبطش بإحداهما فهي الأصلية والأخرى زائدة لا يجب غسلها وظاهره ولو كانت تامة
وفي النهر ولم أر حكم ما لو كانتا تامتين متصلتين أو منفصلتين والظاهر وجوب غسلهما في الأول وغسل واحدة في الثاني ا هـ فلم يعتبر البطش والظاهر أنه يعتبر البطش أولا فإن بطش بهما وجب غسلهما وإلا فإن كانتا تامتين متصلتين وجب غسلهما وإن كانتا منفصلتين لا يجب إلا غسل الأصلية التي يبطش بها وهو حسن جمعا بين العبارتين ط
قوله ( كأصبع ) تنظير لا تمثيل لأن الكلام في اليد
قوله ( وسننه الخ ) اعلم أن المشروعات أربعة أقسام فرض وواجب وسنة ونفل فما كان فعله أولى من تركه مع منع الترك إن ثبت بدليل قطعي ففرض أو بظني فواجب وبلا منع الترك إن كان مما واظب عليه الرسول أو الخلفاء الراشدون من بعده فسنة وإلا فمندوب ونفل
____________________
(1/102)
مطلب في السنة وتعريفها وكراهية كالجماعة والأذان والإقامة ونحوها وسنة الزوائد وتركها لا يوجب ذلك كسير النبي عليه الصلاة والسلام في لباسه وقيامه وقعوده
والنفل ومنه المندوب يثاب فاعله ولا يسيء تاركه قيل وهو دون سنن الزوائد
ويرد عليه أن النفل من العبادات وسنن الزوائد من العادات وهل يقول أحد إن نافلة الحج دون التيامن في التنعل والترجل
كذا حققه العلامة ابن الكمال في تغيير التنقيح وشرحه
أقول فلا فرق بين النفل وسنن الزوائد من حيث الحكم لأنه لا يكره ترك كل منهما وإنما الفرق كون الأول من العبادات والثاني من العادات لكن أورد عليه أن الفرق بين العبادة والعادة هو النية المتضمنة للإخلاص كما في الكافي وغيره وجميع أفعاله مشتملة عليها كما بين في محله
وأقول قد مثلوا لسنة الزوائد أيضا بتطويله عليه الصلاة والسلام القراءة والركوع والسجود ولا شك في كون ذلك عبادة وحينئذ فمعنى كون سنة الزوائد عادة أن النبي واظب عليها حتى صارت عادة له ولم يتركها إلا أحيانا لأن السنة هي الطريقة المسلوكة في الدين فهي في نفسها عبادة وسميت عادة لما ذكرنا
ولما لم تكن من مكملات الدين وشعائره سميت سنة الزوائد بخلاف سنة الهدى وهي السنن المؤكدة القريبة من الواجب التي يضلل تاركها لأن تركها استخفاف بالدين وبخلاف النفل فإنه كما قالوا ما شرع لنا زيادة على الفرض والواجب والسنة بنوعيها ولذا جعلوا قسما رابعا وجعلوا منه المندوب والمستحب وهو ما ورد به دليل ندب يخصه كما في التحرير فالنفل ما ورد به دليل ندب عموما أو خصوصا ولم يواظب عليه النبي ولذا كان دون سنة الزوائد كما صرح به في التنقيح
وقد يطلق النفل على ما يشمل السنن الرواتب ومنه قولهم باب الوتر والنوافل ومنه تسمية الحج نافلة لأن النفل الزيادة وهو زائد على الفرض مع أنه من شعائر الدين العامة ولا شك أنه أفضل من تثليث غسل اليدين في الوضوء ومن رفعهما للتحريمة مع أنهما من السنن المؤكدة فتعين ما قلنا وبه اندفع ما أورده ابن الكمال فاغتنم تحقيق هذا المحل فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( أفاد الخ ) حيث ذكر السنن عقب الأركان هنا وفي الغسل ولم يذكر لهما واجبا ولو لم يكن كلامه مفيدا ذلك لقدم ذكر الواجب على السنن لأنه أقوى فمقتضى الصناعة تقديمه
وأراد بالواجب ما كان دون الفرض في العمل وهو أضعف نوعي الواجب لا ما يشمل النوع الآخر وهو ما كان في قوة الفرض في العمل لأن غسل المرفقين والكعبين ومسح ربع الرأس من هذا النوع الثاني وكذا غسل الفم والأنف في الغسل لأن ذلك ليس من الفرض القطعي الذي يكفر جاحده
تأمل
ثم رأيت التصريح بذلك في شرح الدرر للشيخ إسماعيل
واحترز بقوله للوضوء وللغسل عن نفس الوضوء والغسل فإن الوضوء يكون فرضا وواجبا وسنة ونفلا كما قدمه الشارح وكذا الغسل على ما يأتي في محله
قوله ( وجمعها ) أي السنن حيث أتى بها بصيغة الجمع ولم يأت بها مفردة كما قال في الكنز وسنته
قوله ( مستقلة بدليل وحكم ) قال ابن الكمال أما الأول فظاهر عند من تأمل في الهداية وسائر الكتب المطولة وأما الثاني فلأن ما يترتب على فعل السنة وتركها من الثواب والعقاب يترتب على كل فعل منها وتركه منفردة كانت أو مجتمعة مع أخواتها وليس الأمر في الفرض كذلك فإن فرض الوضوء مجموع غسل الأعضاء الثلاثة ومسح
____________________
(1/103)
الرأس لا أن كلا منها فرض مستقل يترتب على فعله وتركه حكم الفرض ولذلك أثر فيه صيغة المفرد ومن لم يتنبه لهذه الدقيقة الأنيقة سلك في الموضعين مسلك الإفراد ا هـ
وعلى هذا فكان الأنسب للمصنف أن يقول فيما مر وركن الوضوء بالإفراد لاتحاد الدليل وهو الآية واتحاد الحكم بدليل فساد البعض بترك البعض
قاله في البحر فافهم
قوله ( ما يؤجر الخ ) ما مصدرية لا موصولة أو موصوفة واقعة على السنة لأن الحكم الثابت لها الأجر واللوم على الفعل والترك وليس الحكم هو الفعل الذي يؤجر عليه إلا أن يقال إنها موصولة أو موصوفة واقعة على الأجر والعائد محذوف أي الأجر الذي يؤجره وعلى كل فالمناسب تأنيث الضمير في فعله وتركه فافهم
قوله ( ويلام ) أي يعاتب بالتاء لا يعاقب كما أفاده في البحر والنهر لكن في التلويح ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام يستحق حرمان الشفاعة لقوله عليه الصلاة والسلام من ترك سنتي لم ينل شفاعتي ا هـ
وفي التحرير أن تاركها يستوجب التضليل واللوم ا هـ
والمراد الترك بلا عذر على سبيل الإصرار كما في شرح التحرير لابن أمير حاج ويؤيده ما سيأتي في سنن الوضوء من أنه لو اكتفى بالغسل مرة إن اعتاد أثم وإلا لا
وفي البحر من باب صفة الصلاة الذي يظهر من كلام أهل المذهب أن الاسم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة على الصحيح لتصريحهم بأن من ترك سنن الصلوات الخمس قيل لا يأثم والصحيح أنه يأثم
ذكره في فتح القدير وتصريحهم بالإثم لمن ترك الجماعة مع أنها سنة مؤكدة على الصحيح وكذا في نظائرة لمن تتبع كلامهم ولا شك أن الإثم مقول بالتشكيك بعضه أشد من بعض فالإثم لتارك السنة المؤكدة أخف من الإثم لتارك الواجب ا هـ
قال في النهر هناك ويؤيده ما في الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير
قوله ( وكثيرا الخ ) مفعول مطلق وما زائدة لتأكيد الكثرة أي ويعرفون بالحكم تعريفا كثيرا
قوله ( لأنه الخ ) المحط موضع الحط مقابل الرفع ومواقع جمع موقع مصدر ميمي بمعنى الوقوع والأنظار جمع نظر بمعنى التأمل والتفكر أي لأن الحكم هو محل وقوع أنظارهم أي إنه المقصود للفقهاء
قوله ( وعرفها الشمني ) أي عرف السنة اصطلاحا أما هي لغة فالطريقة مطلقا ولو قبيحة ط
قوله ( أو بفعله ) ينبغي زيادة أو تقريره إلا أنه داخل في الفعل لأنه عدم النهي يقع بين يديه عليه الصلاة والسلام يعني أنه كف والكف فعل من أفعال النفس ط
قوله ( وليس بواجب ) مراده به ما يعم الفرض ط
قوله ( لكنه تعريف لمطلقها ) أي لمطلق السنة الشامل
لقسميها وهما السنة المؤكدة المسماة سنة الهدى وغير المؤكدة المسماة سنة الزوائد
وأما المستحب المرادف للنفل والمندوب فهو قسيم لها لا قسم منها كما قدمناه فافهم
وأفاد بالاستدراك أن المراد من السنة هنا هو القسم الأول وبه صرح في النهر
تأمل
قوله ( ولو حكما ) كعدم الإنكار على من لم يفعل لأنه ينزل منزلة الترك حقيقة فدخل الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان لأنه عليه الصلاة والسلام وإن واظب عليه من غير ترك ومقتضاها وجوب الاعتكاف لكن لما لم ينكر عليه الصلاة والسلام على من لم يعتكف كان ذلك منزلا منزلة الترك حقيقة والمراد أيضا المواظبة ولو حكما لتدخل التراويح فإنه بين العذر في التخلف عنها وهو خوف أن تفرض علينا ط
عن أبي السعود
ومفاده أن المواظبة بلا ترك تفيد الوجوب
قال في البحر وظاهر الهداية يخالفه فإنه في الاستدلال على سنية المضمضة والاستنشاق
____________________
(1/104)
قال لأنه عليه الصلاة والسلام فعلهما على المواظبة ثم قال في البحر والذي ظهر للعبد الضعيف أن السنة ما واظب عليه النبي لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل السنة المؤكدة وإن كانت مع الترك أحيانا فهي دليل غير المؤكدة وإن اقترنت بالإنكار على من لم يفعله فهي دليل الوجوب فافهم هذا فإن به يحصل التوفيق ا هـ
قال في النهر وينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يكن ذلك الفعل المواظب عليه مما اختص وجوبه به عليه الصلاة والسلام أما إذا كان كصلاة الضحى فإن عدم الإنكار على من لم يفعل لا يصح أن ينزل منزلة الترك ولا بد أن يقيد الترك بكونه لغير عذر كما في التحرير ليخرج المتروك لعذر كالقيام المفروض وكأنه إنما تركه لأن الترك لعذر لا يعد تركا ا هـ
قوله ( وأورد عليه الخ ) أي على تعريف الشمني وحاصله النقض بعدم المنع لأنه إذا كان الأصل في الأشياء التوقف بمعنى عدم العلم بالحكم هل هو الإباحة أو الحظر لا تعلم إباحة المباح إلا بقوله عليه الصلاة والسلام أو فعله فيدخل في تعريف السنة إلا أن يزاد في التعريف ولا مباح
قال ط وكذا يرد المباح على القول بأن الأصل الحظر
قوله ( إلا أن الفقهاء الخ ) جواب عن الإيراد
قال في الصحاح اللهج بالشيء الولوع به
وقد لهج بالكسر يلهج لهجا إذا غرى به ا هـ
والمعنى أنهم ينطقون به كثيرا
ط
مطلب المختار أن الأصل في الأشياء الإباحة أقول وصرح في التحرير بأن المختار أن الأصل الإباحة عند الجمهور من الحنفية والشافعية ا هـ
وتبعه تلميذه العلامة قاسم وجرى عليه في الهداية من فصل الحداد وفي الخانية من أوائل الحظر والإباحة
وقال في شرح التحرير وهو قول معتزلة البصرة وكثير من الشافعية وأكثر الحنفية لا سيما العراقيين قالوا وإليه أشار محمد فيمن هدد بالقتل على أكل الميتة أو شرب الخمر فلم يفعل حتى قتل بقوله خفت أن يكون آثما لأن أكل الميتة وشرب الخمر لم يحرما إلا بالنهي عنهما فجعل الإباحة أصلا والحرمة بعارض النهي ا هـ
ونقل أيضا أنه قول أكثر أصحابنا وأصحاب الشافعي الشيخ أكمل الدين في شرح أصول البزدوي وبه علم أن قول الشارح في باب استيلاء الكفار أن الإباحة رأي المعتزلة فيه نظر فتدبر
قوله ( فالتعريف بناء عليه ) أي على أن الأصل الإباحة
أقول هذا الجواب نافع فيما سكت عنه الشارع وبقي على الإباحة الأصلية أما ما نص على إباحته أو فعله عليه الصلاة والسلام فلا ينفع وقد نص في التحرير على أن المباح يطلق على متعلق الإباحة الأصلية كما يطلق على متعلق الإباحة الشرعية
فالأحسن في الجواب أن يقال المراد بقوله في التعريف ما ثبت ثبوت طلبه لا ثبوت شرعيته والمباح غير مطلوب الفعل وإنما هو مخير فيه
قوله ( البداية ) قيل الصواب البداءة بالهمزة فيه نظر فقد ذكر في القاموس من اليائي بديت بالشيء وبديت ابتدأت ا هـ أي بفتح الدال وكسرها
مطلب الفرق بين النية والقصد والعزم قوله ( بالنية ) بالتشديد وقد تخفف
قهستاني
وهي لغة عزم القلب على الشيء واصطلاحا كما في التلويح قصد الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاد الفعل ودخل فيه المنهيات
فإن المكلف به الفعل الذي هو كف النفس ثم العزم والقصد والنية اسم للإرادة الحادثة لكن العزم المتقدم على الفعل والقصد المقترن به والنية المقترن به مع دخوله تحت العلم بالمنوي وتمامه في البحر
____________________
(1/105)
مطلب الفرق بين الطاعة والقربة والعبادة التعبير بالطاعة ليشمل نحو مس المصحف فقد ذكر شيخ الإسلام زكريا أن الطاعة فعل ما يثاب عليه توقف على نية أو لا عرف من يفعله لأجله أو لا
والقربة فعل ما يثاب عليه بعد معرفة من يتقرب إليه به وإن لم يتوقف على نية
والعبادة ما يثاب على فعله ويتوقف على نية فنحو الصلوات الخمس والصوم والزكاة والحج من كل ما يتوقف على النية قربة وطاعة وعبادة وقراءة القرآن والوقف والعتق والصدقة ونحوها مما لا يتوقف على نية قربة وطاعة لا عبادة والنظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى طاعة لا قربة ولا عبادة ا هـ
وقواعد مذهبنا لا تأباه
حموي
وإنما لم يكن النظر قربة لعدم المعرفة بالمتقرب إليه لأن المعرفة تحصل بعده ولا عبادة لعدم التوقف على النية
قوله ( لا تصح ) الأولى لا تحل كما في الفتح ليشمل مثل مس المصحف والطواف ا هـ
ح
وفيه أنه لو قصد مس المصحف لم يكن آتيا بالسنة كما أنه لو تيمم له لم تجز له الصلاة به فإن النية المسنونة في الوضوء هي المشروطة في التيمم كذا في حاشية شيخ مشايخنا الرحمتي
وبيانه أن الصلاة تصح عندنا بالوضوء ولو لم يكن منويا بخلاف التيمم وإنما تسن النية في الوضوء ليكون عبادة فإنه بدونها لا يسمى عبادة مأمورا بها كما يأتي وإن صحت به بالصلاة بخلاف التيمم فإن النية شرط لصحة الصلاة به فالنية في الوضوء شرط لكونه عبادة وفي التيمم شرط لصحة الصلاة به ولما لم تصح الصلاة بالتيمم المنوي به استباحة مس المصحف علم أن الوضوء المنوي بين ذلك ليس عبادة لكن قد يقال لا يلزم من عدم صحة الصلاة بالتيمم المذكور عدم كون ذلك الوضوء عبادة لأن صحة الصلاة أقوى على أن طهارة التيمم ضرورية فيحتاط في شروطها ولذا شرطوا في التيمم نية عبادة مقصودة وظاهر كلامهم هنا أن كون العبادة مقصودة غير شرط في النية المسنونة للوضوء فيدخل مثل مس المصحف والله تعالى أعلم
قوله ( كوضوء الخ ) فيه أن الوضوء ورفع الحدث ليسا عبادة لعدم توقفهما على النية عندنا بل هما قربة وطاعة كما علمت على أنهما ليسا مما لا يحل إلا بالطهارة كما أفاده ح لأن الوضوء عين الطهارة ورفع الحدث وكذا امتثال الأمر بالوضوء لا زمان من لوازم وجودها فقوله كوضوء ليس تمثيلا للعبادة بل تنظير للمنوي ولا يخفى أن الأصوب أن يقول أو وضوء بالعطف على عبادة وما ذكره من الاكتفاء بنية الوضوء هو ما جزم به في الفتح وأيده في البحر والنهر حيث ذكر أن المستفاد من كلامهم أن نية الطهارة لا تكفي في تحصيل السنة وكأنه لأنها متنوعة إلى إزالة الحدث والخبث فلم ينو خصوص الطهارة الصغرى فعلى هذا لو نوى الوضوء كفى لأنه رفع الحدث سواء بل هو أخص منه لأن رفع الحدث يشمل الغسل فكان الوضوء أولى ا هـ
لا يقال تنوع رفع الحدث إلى الوضوء والغسل يقتضي أن يكون كالطهارة
لأنا نقول تنوعه لا يضر لأن الغسل في ضمنه وضوء فلم يكن ناويا خلاف ما أراد بخلاف تنوع الطهارة فافهم
وقد مشى القدوري في مختصره على الاكتفاء بنية الطهارة ووافقه في السراج لكن ظاهر كلام الزيلعي أنه خلاف المذهب
وفي الأشباه وعند البعض نية الطهارة تكفي
أقول ويؤيده ما في تيمم البدائع عن القدوري الصحيح من المذهب أنه إذا نوى الطهارة أجزأه وحزم به في البحر هناك لكن يفرق بأن الطهارة بالتراب لا تتنوع بخلافها بالماء
وذكر في البحر هناك أيضا أن نية التيمم لا تكفي لصحته على المذهب خلافا لما في النوادر ولا اعتماد عليه بل المعتمد اشتراط نية مخصوصة ا هـ
ولعل الفرق
____________________
(1/106)
بين التيمم والوضوء أن كل وضوء تصح به الصلاة بخلاف التيمم فإن منه ما لا تصح به الصلاة كالتيمم لمس فلذا لم تصح نية التيمم المطلق
تأمل هذا
وأورد في البحر على قوله أو امتثال أمر أنه لا يتأتى قبل دخول الوقت إذ ليس مأمورا به إلا أن يقال إن الوضوء لا يكون نفلا لأنه شرط للصلاة وشرطها فرض ولا يخفى ما فيه ا هـ
وأجاب ط بأنه مأمور به على طريق الندب قبل الوقت وهو إحدى الثلاث التي المندوب فيها أفضل من الفرض ا هـ
أقول على القول بأن سبب وجوبه الحدث يكون مأمورا به قبل الوقت وجوبا موسعا إلى القيام إلى الصلاة كما سبق تقريره
بقي هنا شيء وهو أنه إذا أراد تجديد الوضوء لا ينوي إزالة الحدث ولا إباحة الصلاة
ويمكن دفعه بأن ينوي التحديد فإنه مندوب إليه فيكون عبادة كما في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح البرجندي
أقول فيه إن التجديد ليس عبادة لا تحل إلا بالطهارة فالأحسن أن يقال إنه ينوي الوضوء بناء على أن نيته تكفي أو ينوي امتثال الأمر لأن المندوب مأمور به حقيقة أو مجازا على الخلاف بين الأصوليين
قوله ( وصرحوا بأنه بدونها ) أي الوضوء بدون النية ليس عبادة وذلك كأن دخل الماء مدفوعا أو مختارا لقصد التبرد أو لمجرد إزالة الوسخ كما في الفتح
قال في النهر لا نزاع لأصحابنا أي مع الشافعي في أن الوضوء المأمور به لا يصح بدون النية إنما نزاعهم في توقف الصلاة على الوضوء المأمور به وأشار أبو الحسن الكرخي إلى هذا
وقال الدبوسي في أسراره وكثير من مشايخنا يظنون أن المأمور به من الوضوء يتأدى من غير نية وهذا غلط فإن المأمور به عبادة والوضوء بغير نية ليس بعبادة
وفي مبسوط شيخ الإسلام لا كلام في أن الوضوء المأمور به لا يحصل بدون النية لكن صحة الصلاة لا تتوقف عليه لأن الوضوء المأمور به غير مقصود وإنما المقصود الطهارة وهي تحصل بالمأمور به وغيره لأن الماء مطهر بالطبع ا هـ
قوله ( ويأثم بتركها ) أي إثما يسيرا كما قدمناه عن الكشف والمراد الترك بلا عذر على سبيل الإصرار كما قدمناه أيضا عن شرح التحرير وذلك لأنها سنة مؤكدة لمواظبته عليها كما حققه في الفتح ردا على القدوري حيث جعلها مستحبة
قوله ( وبأنها فرض الخ ) الصواب أن يقال وبأنها شرط في كون الوضوء عبادة لا مفتاحا للصلاة فإن تارك النية لا يعاقب عقاب ترك الفرض وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم والشرط لا يكون فرضا إلا إذا كان شرط الصحة وهذا ليس كذلك بل هو شرط في كون الوضوء عبادة فقط ا هـ
ح
يؤيده أن آية الوضوء لا دلالة لها على اشتراط النية كما حققه العلامة ابن كمال في شرحه على الهداية ونقله عنه الحموي في حاشية الأشباه
وفي البحر وليست النية بشرط في كون الوضوء مفتاحا للصلاة إنما هي شرط في كونه سببا للثواب على الأصح وقيل يثاب بغير نية ا هـ
قوله ( بسؤر حمار ) نقله في البحر عن شرح المجمع والوقاية معزيا للكفاية وفي الفتح واختلفوا في النية بالتوضؤ به والأحوط أن ينوي ا هـ
والظاهر أن المراد أن الأحوط القول بلزوم النية
تأمل
قوله ( ونبيذ تمر ) أي على القول الضعيف بجواز الوضوء به فهو كالتيمم لأنه بدل عن الماء حتى لا يجوز به حال وجود الماء وينتقض به إذا وجد
ذكره القدوري في شرحه عن أصحابنا
فتح
والظاهر أن العلة في سؤر الحمار كذلك لأنه إنما يتوضأ به مع التيمم عند فقد الماء كما يأتي
قوله ( وبأن وقتها ) معطوف على قوله بأنه بدونها
قوله ( ينبغي أن تكون ) أي النية
والذي رأيته في الأشباه يكون بالياء التحتية أي يكون وقتها
____________________
(1/107)
فعلى الأول ينبغي بمعنى بطلب وعلى الثاني هي ما يستعملها العلماء في مقام البحث فيما لا نقل فيه وهو المتبادر من الأشباه
قوله ( قلت لكن الخ ) استدراك على الأشباه بأن ما بحثه منقول كما ذكره الحموي والأظهر أنه استدراك على قوله عند غسل الوجه
قال في ( إمداد الفتاح ) وأما وقتها فعند ابتداء الوضوء حتى قبل الاستنجاء ا هـ أي لأن الاستنجاء من سنن الوضوء بل من أقوى سننه كما صرحوا به ولهذا قيل كان ينبغي ذكره هنا
مطلب بمعنى باقي لا بمعنى جميع قوله ( قبل السنن ) سائر هنا بمعنى باقي لا بمعنى جميع وإلا لكان محلها قبل نفسها ا هـ
ح
وأفاد في القاموس أن استعماله بالمعنى الثاني وهم أو قليل
قوله ( فلا تسن الخ ) حاصله أنه ليس محل سنيتها عندنا هو محل فرضيتها عند الشافعي الذي هو قبيل غسل الوجه
قوله ( لذي الفهم ) أي الإدراك متعلق بقوله أتت أو بقوله تحكي أي تذكر أو بسؤالات أو حال منه ومثله قوله في النية لكن يزيد عليه جواز تعلقه بعالم على أن في بمعنى الباء
قوله ( حقيقة ) قدمنا بيان حقيقتها لغة واصطلاحا
قوله ( حكم ) هو أنها سنة في الوضوء والغسل وشرط في المقاصد من العبادات كالصلاة والزكاة وفي التيمم وفي الوضوء بنبيذ التمر وسؤر الحمار وفي نحو الكفارات وفي صيرورة المنوي بها عبادة
قوله ( محل ) هو القلب فلا يكفي التلفظ باللسان دونه إلا أن لا يقدر أن يحضر قلبه لينوي به أو يشك في النية فيكفيه اللسان
وهل يستحب التلفظ بها أو يسن أو يكره فيه أقوال اختار في الهداية الأول لمن لا تجتمع عزيمته
وفي الفتح لم ينقل عن النبي وأصحابه التلفظ بها لا في حديث صحيح ولا ضعيف وزاد ابن أمير حاج ولا عن الأئمة الأربعة وتمامه في الأشباه في بحث النية
قوله ( زمن ) هو أول العبادات ولو حكما كما لو نوى الصلاة في بيته ثم حضر المسجد وافتتح الصلاة بتلك النية بلا فاصل يمنع البناء وكنية الزكاة عند عزل ما وجب ونية الصوم عند الغروب والحج عند الإحرام كما بسطه في الأشباه
قوله ( وشرطها ) هو الإسلام والتمييز والعلم بالمنوي وأن لا يأتي بمناف بين النية والمنوي وبيانه في الأشباه
قوله ( والقصد ) أي المقصود منها مصدر بمعنى اسم المفعول
قال في الأشباه قالوا المقصود منها تمييز العبادات من العادات وتمييز بعض العبادات عن بعض كالإمساك عن المفطرات قد يكون حمية أو لعدم الحاجة إليه فما لا يكون عادة أو لا يلتبس بغيره لا تشترط كالإيمان بالله تعالى والمعرفة والخوف والرجاء والنية وقراءة القرآن والأذكار والأذان
قوله ( والكيفية ) أي الهيئة وهو منسوب لكيف اسم الاستفهام لأنها من شأنها أن يسأل بها عن حال الأشياء فما يجاب به يقال فيه كيفية فهي الهيئة التي يجاب بها السائل عن حال شيء بقوله كيف هو كقوله كيف زيد فتقول صحيح أو سقيم فيقال هنا ينوي في الوضوء والغسل والتيمم استباحة ما لا يحل إلا بالطهارة أو رفع الحدث مثلا هذا ما ظهر لي ثم رأيت نحوه في الإمداد فافهم
قوله ( قولا ) أشار به إلى أنه لا تنافي بين سنية الابتداء بها وبالنية وبغسل اليدين لأن النية محلها القلب والتسمية محلها اللسان وغسل اليدين بالفعل أفاده ط لكن في الشرنبلالية
____________________
(1/108)
أن مراعاة استحباب التلفظ بالنية يفوت البدء بالتسمية حقيقة فيكون إضافيا ا هـ
قوله ( وتحصل بكل ذكر ) فلو كبر أو هلل أو حمد كان مقيما للسنة يعني لأصلها وكمالها بما يأتي أفاده في النهر
قوله ( لكن الوارد الخ ) قال في الفتح لفظها المنقول عن السلف وقيل عن النبي باسم الله العظيم والحمد لله على الإسلام وقيل الأفضل بسم الله الرحمن الرحيم بعد التعوذ
وفي المجتبى يجمع بينهما ا هـ
وفي شرح الهداية للعيني المروي عن رسول الله باسم الله والحمد لله رواه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة بإسناد حسن ا هـ
قوله ( قبل الاستنجاء ) لأنه من الوضوء والبداءة في الوضوء شرعت بالتسمية حلية وفيها ثم هذا كله أي ما ذكر من ألفاظ التسمية عند ابتداء الوضوء
أما عند الاستنجاء ففي الصحيحين أنه كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وزاد سعيد بن منصور وأبو حاتم وابن السكن في أوله بسم الله
والخبث بضمتين ويجوز تسكين الباء على الأصح جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة قيل المراد بهما ذكران الشياطين وإناثهم وقيل غير ذلك
قوله ( وبعده ) لأنه حال مباشرة الوضوء
درر وفيها أن عند بعض المشايخ تسن قبله وعند بعضهم بعده فالأحوط أن يجمع بينهما ا هـ
واختاره في الهداية وقاضيخان
قوله ( إلا حال انكشاف الخ ) الظاهر أن المراد أنه يسمى قبل رفع ثيابه إن كان في غير المكان المعد لقضاء الحاجة وإلا فقبل دخوله فلو نسي فيها سمي بقلبه ولا يحرك لسانه تعظيما لاسم الله تعالى
قوله ( بل المندوب ) قال في السراج إنه يأتي بها لئلا يخلو وضوءه عنها وقالوا إنها عند غسل كل عضو مندوبة
نهر
قوله ( وأما الأكل الخ ) أي إذا نسيها في ابتدائه
واعلم أن الزيلعي ذكر أنه لا تحصل السنة في الوضوء وقال بخلاف الأكل لأن الوضوء عمل واحد بخلاف الأكل فإن كل لقمة فعل مبتدأ
قال في البحر ولهذا قال في الخانية لو قال كلما أكلت اللحم فلله علي أن أتصدق بدرهم فعليه بكل لقمة درهم لأن كل لقمة أكل ا هـ
وذكر في الفتح أن هذا التعليل يستلزم في الأكل تحصيل السنة في الباقي لا استدراك ما فات
وقال شارح المنية والأولى أنه استدرك لما فات لقوله إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر سم الله على طعامه فليقل بسم الله أوله وآخره رواه أبو داود والترمذي ولا حديث في الوضوء ا هـ
أي فلو لم يكن فيه استدراك لما فات لم يكن لقوله أوله فائدة ولا يمكن الاستدراك في الوضوء بقوله بسم الله أوله وآخره لأن الحديث وارد في الأكل ولا حديث في الوضوء
وقد يقال إذا حصل به الاستدراك في الأكل مع أنه أفعال متعددة يحصل في الوضوء بالأولى لأنه فعل واحد فيستفاد ذلك بدلالة النص لا بالقياس ويؤيده ما نقله العيني في شرح الهداية عن بعض العلماء أنه إذا سمي في أثناء الوضوء أجزأه
قوله ( وليقل بسم الله الخ ) أي إذا أراد تحصيل السنة فيما فات وكان الأولى أن يقول ما لم يقل
تتمة ما ذكره المصنف من أن البداءة بالتسمية سنة هو مختار الطحاوي وكثير من المتأخرين
ورجح في الهداية ندبها قيل وهو ظاهر الرواية نهر
وتعجب صاحب البحر من المحقق ابن الهمام حيث رجح هنا وجوبها ثم ذكر في باب شروط الصلاة أن الحق ما عليه علماؤنا من أنها مستحبة
كيف وقد قال الإمام أحمد لا أعلم فيها
____________________
(1/109)
حديثا ثابتا
قوله ( والبداءة بغسل يديه ) قال ابن الكمال السنة تقديم غسل اليد وأما نفس الغسل ففرض وللإشارة إلى هذا المعنى قال البداءة بغسل يديه ولم يقل غسل يديه ابتداء كما قال غيره ا هـ
قوله ( الطاهرتين ) أما غسل النجستين فواجب
بحر
قوله ( ثلاثا ) لم يكتف بقول المصنف الآتي وتثليث الغسل لأن المتبادر منه أن المراد به غسل الأعضاء الثلاثة فافهم
قال في الحلية والظاهر أنه لو نقص غسلهما عن الثلاث كان آتيا بالسنة تاركا لكمالها على أنه في رواية عند أصحاب السنن الأربع لحديث المستيقظ أنه قال مرتين أو ثلاثا وقال الترمذي حسن صحيح
قوله ( قبل الاستنجاء وبعده ) قال في النهر ولا خفاء أن الابتداء كما يطلق على الحقيقي يطلق على الإضافي أيضا وهما سنتان لا واحدة ا هـ
قوله ( وقيد الاستيقاظ ) أي الواقع في الهداية وغيرها تبعا لحديث الصحيحين إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ولفظ مسلم حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده
قوله ( اتفاقي ) أي غير مقصود الذكر للاحتراز عن غيره
قال في العناية خص المصنف يعني صاحب الهداية بالمستيقظ تبركا بلفظ الحديث والسنة تشمل المستيقظ وغيره وعليه الأكثرون ا هـ
ومنهم من قال إنه مقصود وإن غسلهما لغير المستيقظ أدب كما في السراج
وفي النهر الأصح الذي عليه الأكثر أنه سنة مطلقا لكنه عند توهم لنجاسة مؤكدة كما إذا نام لا عن استنجاء أو كان على بدنه نجاسة وغير مؤكدة عند عدم توهمها كما إذا نام إلا عن شيء من ذلك أو لم يكن مستيقظا عن نوم ا هـ
ونحوه في البحر
قوله ( ولذا ) أي لكون القيد اتفاقيا وأن الغسل سنة مطلقا
قوله ( بوقت الحاجة ) أي إلى إدخالهما الإناء
ابن كمال فيكون مفهومه أنه إذا لم يحتج إلى ذلك بأن كان الإناء صغيرا يمكن رفعه والصب منه لا يسن غسلهما مع أنه يسن مطلقا
قوله ( لأن مفاهيم الكتب حجة ) علة للتوهم أي أنه لو قال ذلك لتوهم ما ذكر لأن الخ
مطلب في دلالة المفهوم والمفاهيم جمع مفهوم وهو دلالة اللفظ على مسكوت عنه
وهو قسمان مفهوم الموافقة وهو أن يكون المسكوت عنه أي غير المذكور موافقا للمنطوق أي المذكور في الحكم كدلالة النهي عن التأفيف على حرمة الضرب وهذا يسمى عندنا دلالة النص وهو معتبر اتفاقا
ومفهوم المخالفة بخلافه وهو أقسام مفهوم الصفة والشرط والغاية والعدد واللقب وهو معتبر عند الشافعي إلا مفهوم اللقب
قال في التحرير والحنفية ينفون مفهوم المخالفة بأقسامه في كلام الشارح فقط ا هـ
فأفاد أنه في الروايات ونحوها معتبر بأقسامه مفهوم اللقب وهو تعليق الحكم بجامد كقولك صلاة الجمعة على الرجال الأحرار فيفهم منه عدم وجوبها على النساء والعبيد
وفي شرح التحرير عن شمس الأئمة الكردري أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه في خطابات الشارع فأما ما في متفاهم الناس وعرفهم وفي المعاملات والعقليات فيدل ا هـ
وتوضيح هذا المحل
____________________
(1/110)
يطلب من حواشينا على شرح المنار
قوله ( بخلاف أكثر مفاهيم النصوص ) كالآيات والأحاديث لكونها من جوامع الكلم فتحتمل فوائد كثيرة تقتضي تخصيص المنطوق بالذكر ولذا ترى الخلف يستفيدون منها ما لم يدركه السلف بخلاف الرواية فإنه قلما يقع فيها تفاوت الأنظار والمراد مفاهيم المخالفة
أما مفاهيم الموافقة فمعتبرة مطلقا كما قدمناه وقيده بالأكثر لأن من النصوص ما يعتبر مفهومه كنص العقوبة كما يأتي
قوله ( وفيه من الحد ) أي في النهر من كتاب الحد عند ذكر الجنايات
قوله ( في الروايات ) أي عن الأئمة والمراد في أكثرها كما يأتي
قوله ( ومنه ) أي من الذي يعبر مفهومه اتفاقا ط
قوله ( تقييده ) أي ما ذكر من اعتبار المفهوم في أقوال الصحابة ط
قوله ( بما يدرك بالرأي ) أي ما للعقل فيه مجال وتصرف ط
قوله ( لا ما لم يدرك به ) أي لأنه في حكم المرفوع والمرفوع نص والنص لا يعتبر مفهومه ط قول ولهذا اتفق أصحابنا على تقليد الصحابة فيما لا يدرك بالرأي كما في أقل الحيض قالوا إنه ثلاثة أيام أخذا بقول عمر رضي الله عنه لتعين جهة السماع
قوله ( كما في قوله تعالى الخ ) لأن أهل السنة ذكروا من جملة الأدلة على جواز رؤيته تعالى في الآخرة هذه الآية حيث جعل الحجب عن الرؤية عقوبة للفجار فيفهم منه أن المؤمنين لا يحجبون وإلا لم يكن ذلك عقوبة للفجار
قوله ( فأكثري لا كلي ) يحمل عليه ما مر عن النهر ومن غير الأكثر ما مر من تقييد الهداية بالمستيقظ
قوله ( إلى الرسغين ) تثنية رسغ بالسين والصاد وبضم فسكون أو بضمتين
أفاده في القاموس
قوله ( مفصل الكف ) على وزن منبر ملتقى العظمين من الجسد
قاموس وهو اسم جنس يصدق على ما فوق الواحد فلذا ساغ تفسير المثنى به تأمل
قوله ( قال ) أي الشاعر وتساهلوا في حذف فاعله لأنه معلوم لأنه لا يقول النظم إلا شاعر ط
قوله ( لخنصره ) أي الشخص المعلوم من المقام ط
قوله ( في الوسط ) في بعض النسخ ما وسط أي ما توسط بينهما
قوله ( فخذ بالعلم ) الباء زائدة أو أصلية والمفعول محذوف أي خذ هذه المسائل بعلم لا بظن لأنه قد يوقع في الغلط أو ضمن خذ معنى الظفر
قوله ( ثم إن لم يمكن الخ ) ثم للترتيب والتراخي في الأخبار لأنه من تتمة أول الكلام
وفي كيفية الغسل تفصيل ذكر الشارح الخفي منه وترك الظاهر
قال في النهر ثم كيفية هذا الغسل أن الإناء إن أمكن رفعه غسل اليمنى ثم اليسرى ثلاثا وإن لم يكن لكن معه إناء صغير فكذلك وإلا أدخل أصابع يده اليسرى مضمومة دون الكف وصب على اليمنى ثم يدخلها ويغسل اليسرى ا هـ
وفي البحر قالوا يكره إدخال اليد في الإناء قبل الغسل للحديث وهي كراهة تنزيه لأن النهي فيه مصروف عن التحريم بقوله فإنه لا يدري أين باتت يده فالنهي محمول على الإناء الصغير أو الكبير إذا كان معه إناء صغير فلا يدخل اليد أصلا وفي
____________________
(1/111)
الكبير على إدخال الكف كذا في المستصفى وغيره
وفي شرح الأقطع يكره الوضوء بالماء الذي أدخل المستيقظ يده فيه لاحتمال النجاسة كالماء الذي أدخل الصبي يده فيه ا هـ
أقول وظاهر التعليل أنه لو نام مستنجيا ولا نجاسة عليه لا يكره إدخال يده ولا الوضوء مما أدخل يده فيه لعدم احتمال النجاسة
تأمل
قوله ( وصب على اليمنى ) أي ثم يدخلها ويغسل اليسرى كما مر
قوله ( لأجل التيامن ) فيه جواب عما قيل لا حاجة إلى الصب على كل واحدة من كفيه على حدة لأنه يمكن غسل الكفين بما صبه على الكف اليمنى كما هو العادة
ورده في الدرر بأن فيه ترجيحا لعادة العوام على عرف الشرع أي لأن عرف الشرع البداءة باليمين وبأن نقل البلة في الوضوء من إحدى اليدين أو الرجلين إلى الأخرى لا يجوز بخلاف الغسل ا هـ
أقول لكن ذكر في الحلية أن ظاهر الأحاديث الجمع بينهما وأنه نص غير علمائنا على أنه لا يستحب التيامن هنا كما في غسل الخدين والمنخرين ومسح الأذنين والخفين إلا إذا تعذر ذلك فحينئذ يقدم اليمين منهما والقواعد لا تنبو عنه ا هـ
ملخصا لكن يشكل عليه مسألة نقل البلة
وقد يجاب بأن نقل البلة يجوز هنا بدليل ظاهر الأحاديث فتكون حينئذ عادة العوام موافقة لعرف الشرع ولذا قال ابن حجر في التحفة ويسن غسلهما معا للاتباع انتهى فليتأمل
قوله ( ولو أدخل الكف الخ ) محترز قوله أدخل أصابع يسراه
قوله ( إن أراد الغسل ) أي غسل الكف
قوله ( صار الماء مستعملا ) أي الماء الملاقي للكف إذا انفصل لا جميع الماء
بحر
وفيه كلام طويل سيأتي في بحث المستعمل
قوله ( لا ) أي لا يصير مستعملا ومثله إذا وقع الكوز في الجب فأدخل يده إلى المرفق
بحر وذلك للحاجة وإن وجدت علة الاستعمال وهي رفع الحدث كما أفاده ح
قوله ( ولو لم يمكنه الاغتراف الخ ) في البحر والنهر عن المضمرات لو يداه نجستان أمر غيره بالاغتراف والصب فإن لم يجد أدخل منديلا فيغسل بما تقاطر منه فإن لم يجد رفع الماء بفيه فإن لم يقدر تيمم وصلى ولا إعادة عليه ا هـ
قال في البحر وفي مسألة رفع الماء بفيه اختلاف
والصحيح أنه يصير مستعملا وهو يزيل الخبث ا هـ أي فيزيل ما على يديه من الخبث ثم يغسلهما للوضوء
أفاده ط
قوله ( وهو سنة ) أراد بها مطلقها الشامل للمؤكدة وغيرها ح أي لأنه عند توهم النجاسة سنة مؤكدة وعند عدمه غير مؤكدة كما قدمناه
قوله ( كما أن الفاتحة ) أي قراءتها واجبة وتنوب عن الفرض
واعلم أن ما ذكره هنا من أنه سنة تنوب عن الفرض هو ما اختاره في الكافي وتبعه في الدرر وهو أحد أقوال ثلاثة لكنه مخالف لما أشار إليه صدر كلامه حيث عبر بالبداءة بغسل يديه فإنه ظاهر في اختيار القول بأنه فرض وتقديمه سنة كما قدمناه عن ابن كمال وهذا ما اختاره في الفتح والمعراج والخبازية والسراج لقول محمد في الأصل بعد غسل الوجه ثم يغسل ذراعيه ولم يقل يديه فلا يجب غسلهما ثانيا
قال في البحر وظاهر كلام المشايخ أنه المذهب
وقال السرخسي الأصح عندي أنه سنة لا تنوب عن الفرض فيعيد غسلهما
واستشكله في الذخيرة بأن المقصود التطهير وقد حصل وأجاب الشيخ إسماعيل النابلسي بأن المراد عدم النيابة من حيث ثواب الفرض لو أتى به مستقلا قصدا إذ السنة لا تؤديه ويؤديه اتفاقهم على سقوط الحدث بلا نية ا هـ
____________________
(1/112)
وحاصله أن الفرض سقط لكن في ضمن الغسل المسنون لا قصدا والفرض إنما يثاب عليه إذا أتى به على قصد الفرضية كمن عليه جنابة قد نسيها واغتسل للجمعة مثلا فإنه يرتفع حدثه ضمنا ولا يثاب ثواب الفرض وهو غسل الجنابة ما لم ينوه لأنه لا ثواب إلا بالنية وحينئذ فيسن أن يعيد غسل اليدين عند غسل الذراعين ليكون آتيا بالفرض قصدا ولا ينوب الغسل الأول منابه من هذه الجهة وإن ناب منابه من حيث إنه لو لم يعده سقط الفرض كما يسقط لو لم ينو أصلا
ويظهر لي على هذا أنه لا مخالفة بين الأقوال الثلاثة لأن القائل بالفرضية أراد أن يجزىء عن الفرض وأن تقديم هذا الغسل المجزىء عن الفرض سنة وهو معنى القول بأنه سنة تنوب عن الفرض
والظاهر أنه على هذين القولين يسن إعادة الغسل لما مر فتتحد الأقوال والله تعالى أعلم
قوله ( ويسن الخ ) نقله في النهر عن الذخائر الأشرفية وفيه تأييد لما ذكرناه آنفا حيث لم يقيده بأحد الأقوال إذ يبعد القول بأن إعادة غسلهما عبث وإسراف فافهم
قوله ( والسواك ) بالكسر بمعنى العود الذي يستاك به وبمعنى المصدر
قال في الدرر هو المراد هاهنا فلا حاجة إلى تقدير استعمال السواك ا هـ
فالمراد الاستياك
قال الشيخ إسماعيل وبه عبر في الفتح وصرح به في الغاية وغيرها ونقله ابن فارس في مقياس اللغة وهو في المصباح المنير أيضا فلا يرد ما قيل إنه لم يوجد في الكتب المعتبرة ا هـ
ونقله نوح أفندي أيضا عن الحافظ ابن حجر والعراقي والكرماني قال وكفى بهم حجة
قوله ( سنة مؤكدة ) خبر لمبتدأ محذوف إن قدر قوله والسواك معطوفا على ما قبله لا مبتدأ وعلى العطف فهل هو مرفوع أو مجرور استظهر في البحر تبعا للزيلعي الثاني ليفيد أن الابتداء به سنة أيضا
واستظهر في النهر الأول لترجيح كونه عند المضمضة
ثم قيل إنه مستحب لأنه ليس من خصائص الوضوء وصححه الزيلعي وغيره
وقال في الفتح إنه الحق لكن في شرح المنية الصغير وقد عده القدوري والأكثرون من السنن وهو الأصح ا هـ
قلت وعليه المتون
قوله ( عند المضمضة ) قال في البحر وعليه الأكثر وهو الأولى لأنه أكمل في الإنفاء
قوله ( وهو للوضوء عندنا ) أي سنة للوضوء
وعند الشافعي للصلاة
قال في البحر وقالوا فائدة الخلاف تظهر فيمن صلى بوضوء واحد صلوات يكفيه عندنا لا عنده
وعلله السراج الهندي في شرح الهداية بأنه إذا استاك للصلاة ربما يخرج دم وهو نجس بالإجماع وإن لم يكن ناقضا عند الشافعي
قوله ( إلا إذا نسيه الخ ) ذكره في الجوهرة ومفاده أنه لو أتى به عند الوضوء لا يسن له أن يأتي به عند الصلاة لكن في الفتح عن الغزنوية ويستحب في خمسة مواضع اصفرار السن وتغيير الرائحة والقيام من النوم والقيام إلى الصلاة وعند الوضوء لكن قال في البحر ينافيه ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء لا للصلاة
ووفق في النهربحمل ما في الغزنوية على ما في الجوهرة أي أنه للوضوء وإذ نسيه يكون مندوبا للصلاة لا للوضوء وهذا ما أشار إليه الشراح لكن قال الشيخ إسماعيل فيه نظر بالنظر إلى تعليل السراج الهندي المتقدم ا هـ
أقول هذا التعليل عليل فقد رد بأن ذاك أمر متوهم مع أنه لمن يثابر عليه لا يدمي
ويظهر لي التوفيق بأن معنى قولهم هو للوضوء عندنا بيان ما تحصل به الفضيلة الواردة فيما رواه أحمد من قوله صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك أي أنها تحصل بالإتيان به عند الوضوء
وعند الشافعي لا تحصل إلا بالإتيان به عند الصلاة
فعندنا كل صلاة صلاها بذلك الوضوء لها هذه الفضيلة خلافا له ولا يلزم
____________________
(1/113)
من هذا نفي استحبابه عندنا لكل صلاة أيضا حتى يحصل التنافي
وكيف لا يستحب للصلاة التي هي مناجاة الرب تعالى مع أنه يستحب للاجتماع بالناس
قال في إمداد الفتاح وليس السواك من خصائص الوضوء فإنه يستحب في حالات منها تغير الفم والقيام من النوم وإلى الصلاة ودخول البيت والاجتماع بالناس وقراءة القرآن لقول أبي حنيفة إن السواك من سنن الدين فتستوي فيه الأحوال كلها ا هـ
وفي القهستاني ولا يختص بالوضوء كما قيل بل سنة على حدة على ما في ظاهر الرواية
وفي حاشية الهداية أنه مستحب في جميع الأوقات ويؤكد استحبابه عند قصد التوضؤ فيسن أو يستحب عند كل صلاة ا هـ
وممن صرح باستحبابه عند الصلاة أيضا الحلبي في شرح المنية الصغير وفي هداية ابن العماد أيضا وفي التاتر خانية عن التتمة ويستحب السواك عندنا عند كل صلاة ووضوء وكل ما يغير الفم وعند اليقظة ا هـ
فاغتنم هذا التحرير الفريد
قوله ( وأقله الخ ) أقول قال في المعراج ولا تقدير فيه بل يستاك إلى أن يطمئن قلبه بزوال النكهة واصفرار السن والمستحب فيه ثلاث بثلاث مياه ا هـ
والظاهر أن المراد لا تقدير فيه من حيث تحصيل السنة وإنما تحصيل باطمئنان القلب فلو حصل بأقل من ثلاث فالمستحب إكمالها كما قالوا في الاستنجاء بالحجر
قوله ( في الأعالي ) ويبدأ من الجانب الأيمن ثم الأيسر وفي الأسافل كذلك
بحر
قوله ( بمياه ثلاثة ) بأن يبله في كل مرة
قوله ( وندب إمساكه بيمناه ) كذا في البحر والنهر قال في الدرر لأنه المنقول المتوارث ا هـ
وظاهره أنه منقول عن النبي لكن قال محشيه العلامة نوح أفندي أقول دعوى النقل تحتاج إلى نقل ولم يوجد
غاية ما يقال إن السواك إن كان من باب التطهير استحب باليمين كالمضمضة وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى والظاهر الثاني كما روي عن مالك
واستدل للأول بما ورد في بعض طرق حديث عائشة أنه كان يعجبه التيامن في ترجله وتنعله وطهوره وسواكه ورد بأن المراد البداءة بالجانب الأيمن من الفم ا هـ
ملخصا
وفي البحر والنهر والسنة في كيفية أخذه أن يجعل الخنصر أسفله والإبهام أسفل رأسه وباقي الأصابع فوقه كما رواه ابن مسعود
قوله ( وكونه لينا ) كذا في الفتح
وفي السراج يستحب أن يكون لا السواك رطبا يلتوي لأنه لا يزيل القلح وهو وسخ الأسنان ولا يابسا يجرح اللثة وهي منبت الأسنان ا هـ
فالمراد أن رأسه الذي هو محل استعماله يكون لينا أي لا في غاية الخشونة ولا غاية النعومة
تأمل
قوله ( بلا عقد ) في شرح درر البحار قليل العقد
قوله ( في غلظ الخنصر ) كذا في المعراج وفي الفتح الأصبع
قوله ( وطول شبر ) الظاهر أنه في ابتداء استعماله فلا يضر نقصه بعد ذلك بالقطع منه لتسويته
تأمل
وهل المراد شبر المستعمل أو المعتاد الظاهر الثاني لأنه محمل الإطلاق غالبا
قوله ( ويستاك عرضا لا طولا ) أي لأنه يخرج لحم الأسنان
وقال الغزنوي طولا وعرضا
والأكثر على الأول
بحر
لكن وفق في الحلية بأنه يستاك عرضا في الأسنان وطولا في اللسان جمعا بين الأحاديث
ثم نقل عن الغزنوي أنه يستاك بالمداراة خارج الأسنان وداخلها أعلاها وأسفلها ورؤوس الأضراس وبين كل سنتين
قوله ( ولا يقبضه ) أي بيده على خلاف الهيئة المسنونة
قوله ( ولا يمصه ) بضم الميم كيخص وأما بلع الريق بلا مص ففي الحلية قال الحكيم
____________________
(1/114)
الترمذي وابلع ريقك أول ما تستاك فإنه ينفع الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ولا تبلع بعده شيئا فإنه يورث الوسوسة
يرويه زياد بن علاقة ا هـ
قوله ( ولا يضعه الخ ) أي لا يلقيه عرضا بل ينصبه طولا
قال القهستاني وموضع سواكه من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب وأسوكة أصحابه خلف آذانهم كما قال الحكيم الترمذي وكان بعضهم يضعه في طي عمامته ا هـ
قوله ( وإلا فخطر الجنون ) فإنه يروي عن سعيد بن جبير قال من وضع سواكه بالأرض فجن من ذلك فلا يلومن إلا نفسه
حلية عن الحكيم الترمذي
قوله ( ويكره بمؤذ ) قال في الحلية وذكر غير واحد من العلماء كراهته بقضبان الرمان والريحان ا هـ
وفي شرح الهداية للعيني روى الحارث في مسنده عن ضمير بن حبيب قال نهى رسول لله عن السواك بعود الريحان وقال إنه يحرك عرق لجذام وفي النهر ويستاك بكل عود إلا الرمان والقصب
وأفضله الأراك ثم الزيتون
روى الطبراني نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي
مطلب في منافع السواك قوله ( ومن منافعه الخ ) في الشرنبلالية عن حاشية صحيح البخاري للفارضي أن منها أنه يبطىء بالشيب ويحد البصر
وأحسنها أنه شفاء لما دون الموت وأنه يسرع في المشي على الصراط ا هـ
ومنها ما في شرح المنية وغيره أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة ومجلاة للبصر ويذهب البخر والحفر ويبيض الأسنان ويشد اللثة ويهضم الطعام ويقطع البلغم ويضاعف الصلاة ويطهر طريق القرآن ويزيد في الفصاحة ويقوي المعدة ويسخط الشيطان ويزيد في الحسنات ويقطع المرة ويسكن عروق الرأس ووجع الأسنان ويطيب النكهة ويسهل خروج الروح
قال في النهر ومنافعه وصلت إلى نيف وثلاثين منفعة أدناها إماطة الأذى وأعلاها تذكير الشهادة عند الموت رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه
قوله ( عنده ) أي عند الموت
قوله ( أو الأصبع ) قال في الحلية ثم بأي أصبع استاك لا بأس به والأفضل أن يستاك بالسبابتين يبدأ بالسبابة اليسرى ثم باليمنى وإن شاء استاك بإبهامه اليمنى والسبابة اليمنى يبدأ بالإبهام من الجانب الأيمن فوق وتحت ثم بالسبابة من الأيسر كذلك
قوله ( كما يقوم العلك مقامه ) أي في الثواب إذا وجدت النية وذلك أن المواظبة عليه تضعف أسنانها فيستحب لها فعله
بحر
وظاهره أنه لا يتقيد بحال المضمضة ط
قوله ( ولذا عبر بالغسل ) أفاد أن الاستيعاب يفاد بالغسل دون المضمضة والاستنشاق وفيه نظر فإنهما كذلك
فالمضمضة اصطلاحا استيعاب الماء جميع الفم
وفي اللغة التحريك
والاستنشاق اصطلاحا إيصال الماء إلى المارن
ولغة من النشق وهو جذب الماء ونحوه بريح الأنف إلى داخله
بحر وأجيب بأن المراد ما قاله الزيلعي وهو أن السنة فيهما المبالغة والغسل أدل على ذلك
وأورد أن المبالغة المذكورة ليست نفس الاستيعاب على أن المبالغة سنة أخرى فالتعبير عنها وعن أصلها
____________________
(1/115)
بعبارة واحدة يوهم أنهما سنة واحدة وليس كذلك
نهر
وأيضا لا يناسب ذلك من صرح بسنية المبالغة كالمصنف
قلت فالأحسن أن يقال إن التعبير بغسل الفم والأنف أدل على الاستيعاب من المضمضة والاستنشاق بالنظر إلى المعنى اللغوي
تأمل
قوله ( أو للاختصار ) أورد عليه أن الاختصار مطلوب ما لم يفوت فائدة مهمة فإن المضمضة إدارة الماء في الفم ثم مجه والغسل لا يدل على ذلك
وأجاب في النهر بأن كون المج شرطا فيها هو رواية عن الثاني
والأصح أنه ليس بشرط لما في الفتح لو شرب الماء عبا أجزأه عن المضمضة وقيل لا ومصا لا يجزيه
هذا وأبدى العيني وجها ثالثا هو التنبيه على حديهما
قوله ( بمياه ) إنما قال بمياه ولم يقل ثلاثا ليدل على أن المسنون التثليث بمياه جديدة
أفاده في المنح ط
قوله ( المارن ) هو ما لان من الأنف
قاموس
قوله ( وهما سنتان مؤكدتان ) فلو تركهما أتم على الصحيح
سراج
قال في الحلية لعله محمول على ما إذا جعل الترك عادة له من غير عذر كما قالوا مثله في ترك التثليث كما يأتي
قوله ( مشتملتان ) أي مشتمل كل منهما على سنن خمس وباعتبارهما تكون السنن اثنتي عشرة سنة فافهم نعم قد يقال الترتيب سنة واحدة فيهما
تأمل
قوله ( والتثليث ) في البحر عن المعراج أن ترك التكرار مع الإمكان لا يكره وأيده في الحلية بأنه ثبت عنه أنه تمضمض وستنشق مرة كما أخرجه أبو داود ثم قال وينبغي تقييده بما إذا لم يجعل الترك عادة له
قوله ( وتجديد الماء ) أي أخذه ماء جديدا في كل مرة فيهما
قوله ( وفعلهما باليمنى ) أي ويمخط ويستنثر باليسرى كما في المنية والمعراج
قوله ( والمبالغة فيهما ) هي السنة الخامسة
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن شرح المنية والظاهر أنها مستحبة
قوله ( بالغرغرة ) أي في المضمضة ومجاوزة المارن في الاستنشاق وقيل المبالغة في المضمضة تكثير الماء حتى يملأ الفم
قال في شرح المنية والأولى أشهر
قوله ( وسر تقديمهما ) أي حكمة تقديمهما على فرائض الوضوء
قوله ( اعتبار أوصاف الماء ) على حذف مضاف أي الوقوف على تمام أوصاف الماء فإن أوصافه اللون والطعم والريح فاللون يرى بالبصر وبهما يحصل تمام الأوصاف التي قد تعرض له فافهم
قوله ( ولو عنده ماء الخ ) في شرح الزاهدي عن الشفاء المضمضة والاستنشاق سنتان مؤكدتان من تركهما يأثم
قال الزاهدي وبهذا تبين أن من عنده ماء للوضوء مرة معهما وثلاثا بدونهما فإنه يتوضأ مرة معهما ا هـ
كذا في الحلية أي لأنهما آكد من التثليث بدليل الإثم بتركهما لكن قدمنا حمل الإثم على اعتياد الترك بلا عذر على أن التثليث كذلك كما يأتي
والأحسن قول ح لأن لنبي ورد عنه ترك لتثليث حيث غسل مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل لله الصلاة إلا به ولم يرد عنه ترك المضمضة والاستنشاق
قوله ( أجزأه ) أي عن أصل المضمضة والاستنشاق وفاته سنية التجديد
قوله ( وعكسه ) أي بأن قدم الاستنشاق لا يجزيه لصيرورة الماء مستعملا
بحر أي لأن ما في الأنف لا يمكن إمساكه بخلاف ما في الفم والمراد لا يجزيه عن المضمضة وإلا فالاستنشاق صح
____________________
(1/116)
وإن فاته الترتيب
تأمل
قوله ( الأولى نعم ) ظاهرة ولو تسوك لاحتمال أن يتحلل من أجزاء السواك شيء أو يبقى أثر طعام لا يخرجه السواك وليحرر
ط
قوله ( وتخليل اللحية ) هو تفريق شعرها من أسفل إلى فوق
بحر
وهو سنة عند أبي يوسف وأبو حنيفة ومحمد يفضلانه
ورجح في المبسوط قول أبي يوسف كما في البرهان
شرنبلالية
وفي شرح المنية والأدلة ترجحه وهو الصحيح ا هـ
قال في الحلية والظاهر أن هذا كله في الكثة أما الخفيفة فيجب إيصال الماء إلى ما تحتها ا هـ
وجزم به الشرنبلالي في متنه
قوله ( لغير المحرم ) أما المحرم فمكروه
نهر
قوله ( بعد التثليث ) أي تثليث غسل الوجه
إمداد
قوله ( ويجعل ظهر كفه إلى عنقه ) نقله العلامة نوح أفندي عن بعض الفضلاء بلفظ وينبغي أن يجعل الخ
وكتب في الهامش إنه الفاضل البرجندي
وقال في المنح وكيفيته على وجه السنة أن يدخل أصابع اليد في فروجها التي بين شعراتها من أسفل إلى فوق بحيث يكون كف اليد الخارج وظهرها إلى المتوضىء ا هـ
أقول لكن روى أبو داود عن أنس كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه فخلل به لحيته وقال بهذا أمرني ربي ذكره في البحر وغيره والمتبادر منه إدخال اليد من أسفل بحيث يكون كف اليد لداخل من جهة العنق وظهرها إلى خارج ليمكن إدخال الماء المأخوذ في خلال الشعر ولا يمكن ذلك على الكيفية المارة فلا يبقى لأخذه فائدة فليتأمل وما في المنح وعزاه إلى الكفاية
والذي رأيته في الكفاية هكذا وكيفيته أن يخلل بعد التثليث من حيث الأسفل إلى فوق ا هـ
ثم اعلم أن هذا التخليل باليد اليمنى كما صرح به في الحلية وهو ظاهر
وقال في الدرر إنه يدخل أصابع يديه في خلال لحيته وهو خلاف ما مر فتدبر
قوله ( وتخليل الأصابع ) هو سنة مؤكدة اتفاقا
سراج
وما في الشرنبلالية من ذكر الخلاف إنما ذكره في تخليل اللحية كما قدمناه فافهم
قال في البحر وقيده في السراج أي التخليل بأن يكون بماء متقاطر في تخليل الأصابع ولم يقيده في تخليل اللحية ا هـ
أقول قد علمت من الحديث المار التقييد في تخليل اللحية بأخذ كف من ماء
وفي البحر ويقوم مقامه أي تخليل الأصابع الإدخال في الماء ولو لم يكن جاريا
وفيه عن الظهيرية أن التخليل إنما يكون بعد التثليث لأنه سنة التثليث ا هـ
قلت لكن ذكر في الحلية عند ذكره استيعاب الأعضاء بالغسل في كل مرة أنه يؤخذ منه استنان تثليثه ثم روي عن الدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح جيد عن عثمان رضي الله عنه أنه توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا وقال رأيت رسول الله فعل كما فعلت
قوله ( اليدين ) أي أصابع اليدين
ط
قوله ( بالتشبيك ) نقله في البحر بصيغة قيل
وكيفيته كما قاله الرحمتي إنه يجعل ظهرا لبطن لئلا يكون أشبه باللعب
قوله ( والرجلين الخ ) ذكر هذه الكيفية في المعراج وغيره وقال بذلك ورد الخبر وكذا ذكرها القدوري مروية مع تقييد التخليل بكونه من أسفل
وتعقب في الفتحورود هذه الكيفية بقوله والله أعلم به ومثله فيما يظهر أمر اتفاقي لا سنة مقصودة
قال تلميذه ابن أمير حاج الحلبي في الحلية شرح المنية لكن الذي في سنن ابن ماجه عن المستورد بن شداد قال رأيت رسول الله توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره وأما كونه بخنصر يده اليسرى
____________________
(1/117)
وكونه من أسفل فالله أعلم به ويشكل كونه بخنصر اليسرى أنه من الطهارة والمستحب في فعلها اليمين ولعل الحكمة في كونه بالخنصر كونها أدق الأصابع فهي بالتخليل أنسب وفي كونه من أسفل أنه أبلغ في إيصال الماء ا هـ
ثم نقل ندب هذه الكيفية عن الشافعي
قلت ويجاب عن قوله ويشكله الخ بأن الرجلين محل الوسخ والقذر ولذا سيذكر الشارح أن من الآداب غسلهما باليسار
قوله ( بادئا ) أي وخاتما بخنصر رجله اليسرى لأن خنصر الرجل اليمنى هي يمنى أصابعها وإبهام اليسرى كذلك أي والتيامن سنة أو مستحب
أفاده في الحلية
قال في البحر وقولهم من أسفل إلى فوق يحتمل شيئين أن يبدأ من أسفل إلى فوق أي من ظهر القدم أو من باطنه كما جزم به في السراج والأول أقرب ا هـ أي فيدخل خنصره من جهة ظهر القدم فيخلل من أسفل صاعدا إلى فوق لا من جهة باطنه
قوله ( وهذا ) أي وكون التخليل سنة
قوله ( فرض ) أي التخليل لأنه حينئذ لا يمكن إيصال الماء إلا به فافهم
قوله ( وتثليث الغسل ) أي جعله ثلاثا فمجموع الثانية والثالثة سنة واحدة قال في الفتح وهو الحق لكن صحيح في السراج أنهما سنتان مؤكدتان
قال في النهر وهو المناسب لاستدلالهم على السنية بأنه عليه الصلاة والسلام لما أن توضأ مرتين مرتين قال هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين ولما أن توضأ ثلاثا قال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم فجعل للثانية جزاء مستقلا وهذا يؤذن باستقلالها لا أنها جزء سنة حتى لا يثاب عليها وحدها ا هـ
وقيد بالغسل إذ لا يطلب تثليث المسح كما يأتي
قوله ( المستوعب ) فلو غسل في المرة الأولى وبقي موضع يابس ثم في المرة الثانية أصاب الماء بعضه ثم في الثالثة أصاب الجميع لا يكون غسلا للأعضاء ثلاثا
حلية عن فتاوي الحجة
قوله ( ولا عبرة للغرفات ) أي الغير المستوعبة
قال في البحر والسنة تكرار الغسلات المستوعبات لا الغرفات ا هـ
بقي إذا لم يستوعب إلا في الثالثة كما قلنا هل يحسب الكل غسلة واحدة فيعيد الغسل مرتين أو يعيد غسل ما لم يصبه الماء فقط والمتبادر من عبارة البحر الأول وليحرر
قوله ( وإن اعتاده أثم ) قال في النهر ولو اقتصر على الأولى ففي إثمه قولان قيل يأثم لترك السنة المشهورة وقيل لأنه قد أتى بما أمر به كذا في السراج واختار في الخلاصة أنه إن اعتاده أثم وإلا لا وينبغي أن يكون هذا القول محمل القولين ا هـ
أقول لكن في الخلاصة لم يصرح بالإثم وإنما قال إن اعتاده كره وهكذا نقله في البحر نعم هو موافق لما قدمناه عن شرح التحرير من حمل اللوم والتضليل لترك السنة المؤكدة على الترك مع الإصرار بلا عذر وقدمنا أيضا تصريح صاحب البحر بأن الظاهر من كلام أهل المذهب أن الإثم منوط بترك الواجب والسنة المؤكدة على الصحيح ولا يخفى أن التثليث حيث كان سنة مؤكدة وأصر على تركه يأثم وإن كان يعتقده سنة
وأما حملهم الوعيد في الحديث على عدم رؤية الثلاث سنة كما يأتي فذلك في الترك ولو مرة بدليل ما قلنا
وبه اندفع ما في البحر من ترجيح القول بعدم الإثم لو اقتصر على مرة بأنه لو أثم بنفس الترك لما احتيج إلى هذا الحمل ا هـ
وأقره في النهر وغيره وذلك لأنه مع عدم الإصرار محتاج إليه فتدبر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يعتده بأن فعله أحيانا أو فعله لعزة الماء أو لعذر البرد أو الحاجة لا يكره
خلاصة
قوله ( ولو زاد الخ ) أشار إلى أن الزيادة مثل النقصان في المنع عنها بلا عذر
قوله ( لطمأنينة القلب ) لأنه أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه وينبغي أن يقيد هذا بغير الموسوس
____________________
(1/118)
أما هو فيلزمه قطع مادة الوسواس عنه وعدم التفاته إلى التشكيك لأنه فعل الشيطان وقد أمرنا بمعاداته ومخالفته
رحمتي
ويؤيده ما سنذكره قبيل فروض الغسل عن التاتر خانية أنه لو شك في بعض وضوئه أعاده إلا إذا كان بعد الفراغ منه أو كان الشك عادة له فإنه لا يعيده ولو قبل الفراغ قطعا للوسوسة عنه ا هـ
مطلب في الوضوء على الوضوء قوله ( أو القصد الوضوء على الوضوء ) أي بعد الفراغ من الأول
بحر
وفي التاتر خانية عن الناطفي لو زاد على الثلاث فهو بدعة وهذا إذا لم يفرغ من الوضوء أما إذا فرغ ثم استأنف الوضوء فلا يكره بالاتفاق ا هـ
ومثله في الخلاصة
وعارض في البحر دعوى الاتفاق بما في السراج من أنه مكروه في مجلس واحد
وأجاب في النهر بأن ما مر فيما إذا أعاده مرة واحدة وما في السراج فيما إذا كرره مرارا ولفظه في السراج لو تكرر الوضوء في مجلس واحد مرارا لم يستحب
بل يكره لما فيه من الإسراف فتدبر ا هـ
قلت لكن يرد ما في شرح المنية الكبير حيث قال وفيه إشكال لإطباقهم على أن الوضوء عبادة غير مقصودة لذاتها فإذا لم يؤد به عمل مما هو المقصود من شرعيته كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف ينبغي أن لا يشرع تكراره قربة لكونه غير مقصود لذاته فيكون إسرافا محضا وقد قالوا في السجدة لما لم تكن مقصودة لم يشرع التقرب بها مستقلة وكانت مكروهة وهذا أولى ا هـ
أقول ويؤيده ما قاله ابن العماد في هديته
قال في شرح المصابيح وإنما يستحب الوضوء إذا صلى بالوضوء الأول صلاة كذا في الشرعة والقنية ا هـ
وكذا ما قاله المناوي في شرح الجامع الصغير للسيوطي عند حديث من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات من أن المراد بالطهر الوضوء الذي صلى به فرضا أو نفلا كما بينه فعل راوي الخبر وهو ابن عمر فمن لم يصل به شيئا لا يسن له تجديده ا هـ
ومقتضى هذا كراهته وإن تبدل المجلس ما لم يؤد به صلاة أو نحوها لكن ذكر سيدي عبد الغني النابلسي أن المفهوم من إطلاق الحديث مشروعيته ولو بلا فصل بصلاة أو مجلس آخر ولا إسراف فيما هو مشروع أما لو كرره ثالثا أو رابعا فيشترط لمشروعيته الفصل بما ذكر وإلا كان إسرافا محضا ا هـ فتأمل
مطلب كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب قوله لا بأس به ) لأنه نور على نور وقد أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه
معراج وفي هذا التعليل لف ونشر مشوش وفيه إشارة إلى أن ذلك مندوب فكلمة لا بأس وإن كان الغالب استعمالها فيما تركه أولى لكنها قد تستعمل في المندوب كما صرح به في البحر من الجنائز والجهاد فافهم
قوله ( وحديث فقد تعدى الخ ) جواب عما يرد على قوله لا بأس به وقد تقدم الحديث في عبارة النهر
قال في البحر واختلف في معنى قوله عليه الصلاة والسلام فمن زاد على هذا على أقوال فقيل على الحد المحدود وهو مردود بقوله عليه الصلاة والسلام من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل والحديث في المصابيح وإطالة الغرة تكون بالزيادة على الحد المحدود وقيل على أعضاء الوضوء وقيل الزيادة على العدد والنقص عنه
والصحيح أنه محمود على الاعتقاد دون نفس
____________________
(1/119)
الفعل حتى لو زاد أو نقص واعتقد أن الثلاث سنة لا يلحقه الوعيد كذا في البدائع واقتصر عليه في الهداية وفي الحديث لف ونشر لأن التعدي يرجع إلى الزيادة والظلم إلى النقصان ا هـ
أقول وصريح ما في البدائع أنه لا كراهة في الزيادة والنقصان مع اعتقاد سنية الثلاث ولذا ذكر في البدائع أيضا أن ترك الإسراف والتقتير مندوب ويوافقه ما في التاتر خانية لا يكره إلا أن يرى السنة في الزيادة وهو مخالف لما مر من أنه لو اكتفى بمرة واعتاده أثم ولما سيأتي بعد ورقة من أن الإسراف مكروه تحريما ومنه الزيادة على الثلاث ولهذا فرع في الفتح وغيره على القول بحمل الوعيد على اعتقاده سنية الزيادة أو النقص بقوله فلو زاد لقصد الوضوء على الوضوء أو لطمأنينة القلب عند الشك أو نقص لحاجة لا بأس به فإن مفاد هذا التفريع أنه لو زاد أو نقص بلا غرض صحيح يكره وإن اعتقد سنية الثلاث وبه صرح في الحلية فقال وهل لو زاد على الثلاث من غير قصد لما ذكر يكره الظاهر نعم لأنه إسراف ا هـ لكن لو كان قصده بالزيادة الوضوء على الوضوء إنما تنتفي الكراهة إذا كان بعد الفراغ من الأول وصلى به أو تبدل المجلس على ما مر وإلا فلا وعلى كل فيحتاج إلى التوفيق بين ما في البدائع وغيره
ويمكن التوفيق بما قدمناه من أنه إذا فعل ذلك مرة لا يكره ما لم يعتقده سنة وإن اعتاده وأصر عليه يكره وإن اعتقد سنية الثلاث إلا إذا كان لغرض صحيح هذا ما ظهر لفهمي القاصر فتدبره
قوله ( ولعل الخ ) جواب عما أورده في البحر من أن قولهم لو نوى الوضوء على الوضوء لا بأس به مخالف لما في السراج من أن تكراره في مجلس مكروه وحمله على اختلاف المجلس بعيد
وحاصل الجواب حمل الكراهة على التنزيهية فلا تنافي قولهم لا بأس به لأن غالب استعمالها فيما تركه أولى
أقول وفي هذا الجواب نظر لما قدمناه من تعليلهم بأنه نور على نور فهي مستعملة في المندوب لا فيما تركه أولى فالأحسن الجواب بما قدمناه عن النهر من أن المكروه وتكراره في مجلس مرارا
قوله ( بل في القهستاني الخ ) ترق في الجواب وهو مخالف لما سيأتي من أن الإسراف مكروه ولو بماء النهر ولذا قال تأمل ويأتي تمام الكلام عليه
مطلب قد يطلق الجائز على ما لا يمتنع شرعا فيشمل المكروه وقد يقال أطلق الجائز وأراد به ما يعم المكروه
ففي الحلية عن أصول ابن الحاجب أنه قد يطلق ويراد به ما لا يمتنع شرعا وهو يشمل المباح والمكروه والمندوب والواجب ا هـ
لكن الظاهر أن المراد المكروه تنزيها لأن المكروه تحريما ممتنع شرعا منعا لازما
مطلب في تصريف قولهم معزيا قوله ( معزيا ) يقال عزوته وعزيته لغة إذا نسبته
صحاح فهو اسم مفعول من اليائي اللام أصله معزوي فقلبت الواو ياء ثم أدغمت ويجوز أخذه من الواو أيضا فإن القياس فيه معزو مثل مغزو لكنه قد تقلب الواوان فيه ياءين وهو فصحيح كما نص عليه التفتازاني في شرح التصريف
قوله ( مرة ) لو قال بدله بماء واحد كما في المنية لكان أولى لما في الفتح
روى الحسن عن أبي حنيفة في المجرد إذا مسح ثلاثا بماء واحد كان مسنونا ا هـ
وعليه
____________________
(1/120)
حمل في الهداية وغيرها ما استدل به الشافعي من رواية التثليث جمعا بين الأحاديث
ولا يقال إن الماء يصير مستعملا بالمرة الأولى فكيف يسن التكرار لما في شرح المنية من أنهم اتفقوا على أن الماء ما دام في العضو لا يكون مستعملا
قوله ( مستوعبة ) هذا سنة أيضا كما جزم به في الفتح ثم نقل عن القنية أنه إذا داوم على ترك الاستيعاب بلا عذر يأثم قال وكأنه لظهور رغبته عن السنة قال الزيلعي وتكلموا في كفيفة المسح
والأظهر أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه ا هـ وما قيل من أنه يجافي المسبحتين والإبهامين ليمسح بهما الأذنين والكفين ليمسح بهما جانبي الرأس خشية الاستعمال فقال في الفتح لا أصل له في السنة لأن الاستعمال لا يثبت قبل الانفصال والأذنان من الرأس
تنبيه لو مسح ثلاثا بمياه قيل يكره وقيل إنه بدعة وقيل لا بأس به
وفي الخانية لا يكره ولا يكون سنة ولا أدبا قال في البحر وهو الأولى إذ لا دليل على الكراهة ا هـ
قلت لكن استوجه في شرح المنية القول بالكراهة وذكرت ما يؤيده فيما علقته على البحر فراجعه وسيأتي في المتن عدة من المنهيات
قوله ( وأذنيه ) أي باطنهما بباطن السبابتين وظاهرهما بباطن الإبهامين
قهستاني
قوله ( معا ) أي فلا تيامن فيهما كما سيذكره
قوله ( ولو بمائة ) قال في الخلاصة لو أخذ للاذنين ماء جديدا فهو حسن وذكره منلا مسكين رواية عن أبي حنيفة
قال في البحر فاستفيد منه أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أنه إذا لم يأخذ ماء جديدا ومسح بالبلة الباقية هل يكون مقيما للسنة فعندنا نعم وعنده لا
أما لو أخذ ماء جديدا مع بقاء البلة فإنه يكون مقيما للسنة اتفاقا
وأقره في النهر
أقول مقتضاه أن مسح الأذنين بماء جديد أولى مراعاة للخلاف ليكون آتيا بالسنة اتفاقا وهو مفاد تعبير الشارح بلو الوصلية تبعا للشرنبلالي وصاحب البرهان وهذا مبني على تلك الرواية لكن تقييد سائر المتون بقولهم بمائة يفيد خلاف ذلك وكذا تقرير شراح الهداية وغيرها واستدلالهم بفعله عليه الصلاة والسلام أنه أخذ غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه وبقوله الأذنان من الرأس وكذا جوابهم عما روي أنه أخذ لأذنيه ماء جديدا بأنه يجب حمله على أنه لفناء البلة قبل الاستيعاب جمعا بين الأحاديث ولو كان أخذ الماء الجديد مقيما للسنة لما احتيج إلى ذلك
وفي المعراج عن الخبازية ولا يسن تجديد الماء في كل بعض من أبعاض الرأس فلا يسن في الأذنين بل أولى لأنه تابع ا هـ
وفي الحلية السنة عندنا وعند أحمد أن يكون بماء الرأس خلافا لمالك والشافعي وأحمد في رواية ا هـ
وفي التاتر خانية ومن السنة مسحهما بماء الرأس ولا يأخذ لهما ماء جديدا ا هـ
وفي الهداية والبدائع
وهو سنة بماء الرأس قال في العناية أي لا بماء جديد ومثله في شرح المجمع
وفي شرح الهداية للعيني استيعاب الرأس بالمسح بماء واحد سنة ولا يتم بدونهما حيث جعلتا من الرأس أي كما في الحديث المار
وفي شرح الدرر للشيخ إسماعيل ولو أفردا بالمسح بماء جديد كما قاله الشافعي لصارا أصلين وذا لا يجوز ا هـ
فقد ظهر لك أن ما مشى عليه الشارح مخالف للرواية المشهور التي مشى عليها أصحاب المتون والشروح الموضوعة لنقل المذهب هذا ما ظهر لي
____________________
(1/121)
ولم أر من نبه على ذلك فتدبره ثم بعد مدة رأيت المصنف نبه عليه في شرحه على زاد الفقير حيث قال بعد ذكره عبارة الخلاصة السابقة ما نصه قلت قوله ولو فعل فحسن مشكل لأنه يكون خلاف السنة
وخلاف السنة كيف يكون حسنا والله أعلم ا هـ
قوله ( لكن الخ ) ذكره في شرح المنية ولعله محمول على ما إذا انعدمت البلة بمس العمامة
قال في الفتح وإذا انعدمت البلة لم يكن بد من الأخذ ا هـ
وقد يقال لا بد من الأخذ مطلقا لأنه بمس العمامة يحصل الانفصال فيحكم على البلة بالاستعمال وعلى هذا ينبغي أن يقال لو مسح رأسه بيديه ثم رفعهما قبل مسح الأذنين فلا بد من أخذ ماء جديد ولو كانت البلة باقية
تأمل
قوله ( المذكور في النص ) أي الترتيب الذكري في آية الوضوء
وفيه إشارة إلى أنه ليس المراد في قول الكنز وغيره والترتيب المنصوص النص الأصولي بل المراد المذكور إذ ليس في الآية ما يفيد الترتيب فلم يكن منصوصا عليه فيها
قوله ( وهو مطالب بالدليل ) أي أنه لا حاجة لنا إلى الدليل على عدم الافتراض لأنه الأصل ومدعيه مطالب به ولم يوجد وقد علم الترتيب من فعله عليه الصلاة والسلام فقلنا بسنيته
أفاده في البحر
قوله ( والولاء ) اسم مصدر والمصدر الموالاة
قال الحموي لا تتحقق الموالاة إلا بعد غسل الوجه ا هـ
وفيه تأمل إذ ما ذكره إنما يتجه أن لو كانت الموالاة معتبرة في جانب فرائض الوضوء فقط وهو خلاف الظاهر ط عن أبي السعود
قوله ( بكسر الواو ) أي مع المد وهو لغة التتابع
قال ط وأما بفتحها فهو صفة توجب لما قامت به التعصيب بمن أعتقه مثلا
قوله ( غسل المتأخر الخ ) عرفه الزيلعي بغسل العضو الثاني قبل جفاف الأول
زاد الحدادي مع اعتدال الهواء والبدن وعدم العذر
وعرفة الأكمل في التقرير بالتتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضوء مع اعتدال الهواء وظاهره أنه لو جف العضو الأول بعد غسل الثاني لم يكن ولاء
وعلى الأول يكون ولاء قال في البحر وهو الأولى
وفي النهر الظاهر لا يكون ولاء لما في المعراج عن الحلواني أن تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين فيه ترك الولاء فيحمل الثاني في كلام الزيلعي على ما بعد الأولى ا هـ أي فيراد بالثاني جميع ما بعد الأول لا ما يليه فقط ولا يخفى بعده لما في السراج حده أن لا يجف الماء عن العضو قبل أن يغسل ما بعده
وفي شرح المنية هو أن يغسل كل عضو على أثر الذي قبله ولا يفضل بينهما بحيث يجف السابق
ولا يخفى أيضا أن ما مر عن الحلواني صادق على التعريفين وأن حمل التعريف الثاني على الأول أقرب من عكسه بأن يراد من قوله من غير أن يتخللها جفاف عضو أي من غير أن يجف عضو قبل غسل ما بعده وكذا قال في غرر الأفكار هو غسل عضو قبل جفاف متقدمة ا هـ
وعليه يحمل كلام الشارح بدليل قوله تبعا لابن كمال أو مسحه فإنه كما يشمل مسح الخف يشمل مسح الرأس فلا يمكن حمل المتأخر في كلامه على جميع ما بعد الأول حقيقة فافهم نعم ما مشى عليه في النهر هو المتبادر من تعريف الدرر
هذا وقد عرفه في البدائع بأن لا يشتغل بين أفعال الوضوء بما ليس منه
ولا يخفى أن هذا أعم من التعريفين السابقين من وجه ثم قال وقيل هو أن لا يمكث في أثنائه مقدار ما يجف فيه العضو
____________________
(1/122)
أقول يمكن جعل هذا توضيحا لما مر بأن يقال المراد جفاف العضو حقيقة أو مقداره وحينئذ فيتجه ذكر المسح فلو مكث بين مسح الجبيرة أو الرأس وبين ما بعده بمقدار ما يجف فيه عضو مغسول كان تاركا للولاء ويؤيده اعتبارهم الولاء في التيمم أيضا كما يأتي قريبا مع أنه لا غسل فيه فاغتنم هذا التحرير
قوله ( حتى لو فني ماؤه الخ ) بيان للعذر
قوله ( لا بأس به ) أي على الصحيح
سراج
قوله ( ومثله الغسل والتيمم ) أي إذا فرق بين أفعالهما لعذر لا بأس به كما في السراج ومفاده اعتبار سنية الموالاة فيهما
قوله ( ومن السنن ) أتى ب من للإشارة إلى أنه بقي غيرها
ففي الفتح ومن السنن الترتيب بين المضمضة والاستنشاق والبداءة من مقدم الرأس ومن رؤوس الأصابع في اليدين والرجلين ا هـ
وذكر في المواهب بدل الأول التيامن ومسح الرقبة ثم قال وقيل الأربعة مستحبة
قوله ( الدلك ) أي بإمرار اليد ونحوها على الأعضاء المغسولة
حلية
وعده في الفتح من المندوبات ولم يتابعه عليه في البحر والنهر نعم تابعه المصنف فيما سيأتي
قوله ( وترك الإسراف ) عدة في الفتح من المندوبات أيضا ولم يتابع أيضا بل صرح في النهر بضعفه وقال إنه سنة مؤكدة لإطلاق النهي عن الإسراف ا هـ
ويأتي تمامه
قوله ( وترك لطم الوجه بالماء ) جعله في الفتح أيضا في المندوبات وسيصرح المصنف كالزيلعي بكراهته
قال في البحر فيكون تركه سنة لا أدبا لكن قال في النهر إنه مكروه تنزيها
قوله ( وغسل فرجها الخارج ) أقول في تقييده بالمرأة نظر فقد عد في المنية الاستنجاء من سنن الوضوء
وفي النهاية أنه من سنن الوضوء بل أقواها لأنه مشروع لإزالة النجاسة الحقيقية وسائر السنن لإزالة الحكمية وجعل في البدائع سنن الوضوء على أنواع نوع يكون قبله ونوع في ابتدائه ونوع في أثنائه وعد من الأول الاستنجاء بالحجر ومن الثاني الاستنجاء بالماء
مطلب لا فرق بين المندوب والمستحب والنفل والتطوع قوله ( ويسمى مندوبا وأدبا ) زاد غيره ونفلا وتطوعا وقد جرى على ما عليه الأصوليون وهو المختار من عدم الفرق بين المستحب والمندوب والأدب كما في حاشية نوح أفندي على الدرر فيسمى مستحبا من حيث إن الشارع يحبه ويؤثره ومندوبا من حيث إنه بين ثوابه وفضيلته من ندب الميت وهو تعديد محاسنه ونفلا من حيث إنه زائد على الفرض والواجب ويزيد به الثواب وتطوعا من حيث إن فاعله يفعله تبرعا من غير أن يؤمر به حتما ا هـ من شرح الشيخ إسماعيل علي البرجندي وقد يطلق عليه اسم السنة وصرح القهستاني بأنه دون سنن الزوائد قال في الإمداد وحكمة الثواب على الفعل وعدم اللوم على الترك ا هـ
مطلب ترك المندوب هل يكره تنزيها وهل يفرق بين التنزيه وخلاف الأولى وهل يكره تنزيها في البحر لا ونازعه في النهر بما في الفتح من الجنائز والشهادات أن مرجع كراهة التنزيه خلاف الأولى
قال ولا شك أن ترك المندوب خلاف الأولى ا هـ
أقول لكن أشار في التحرير إلى أنه قد يفرق بينهما بأن خلاف الأولى ما ليس فيه صيغة نهي كترك صلاة الضحى بخلاف المكروه تنزيها نعم قال في الحلية إن هذا أمر يرجع إلى الاصطلاح والتزامه غير لازم
والظاهر تساويهما كما أشار إليه اللامشي ا هـ
لكن قال الزيلعي في الأكل يوم الأضحى قبل الصلاة المختار أنه
____________________
(1/123)
ليس بمكروه ولكن يستحب أن لا يأكل
وقال في البحر هناك ولا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إذ لا بد لها من دليل خاص ا هـ
أقول وهذا هو الظاهر إذ لا شبهة أن النوافل من الطاعات كالصلاة والصوم ونحوهما فعلها أولى من تركها بلا عارض
ولا يقال إن تركها مكروه تنزيها وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في مكروهات الصلاة
قوله ( وفضيلة ) أي لأن فعله يفضل تركه فهو بمعنى فاضل أو لأنه يصير فاعله ذا فضيله بالثواب ط
قوله ( وهو الخ ) يرد عليه ما رغب فيه عليه الصلاة والسلام ولم يفعله فالأولى ما في التحرير أن ما واظب عليه مع ترك ما بلا عذر سنة وما لم يواظب عليه مندوب ومستحب وإن لم يفعله بعدما رغب فيه ا هـ بحر
قوله ( التيامن ) أي البداءة باليمين لما في الكتب الستة كان عليه الصلاة والسلام يحب التيامن في كل شيء حتى في طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله الطهور هنا بضم الطعاء والترجل مشط الشعر
در منتقى
وحقق في الفتح أنه سنة لثبوت المواظبة
قال في النهر لكن قدمنا أنها تفيد السنية إذا كانت على وجه العبادة لا العادة
سلمنا أنها هنا كانت على وجه العبادة لكن عدم الاختصاص ينافيها كما قاله بعض المتأخرين ا هـ
أي عدم اختصاصها بالوضوء المستفاد من قوله وشأنه كله ينافي كونه سنة له ولو كانت على وجه العبادة فيكون مندوبا فيه كما في التنعل والترجل
قلت يرد عليه المواظبة على النية والسواك بلا اختصاص بالوضوء مع أنهما من سننه
تأمل
قوله ( ولو مسحا ) أي كما في التيمم والجبيرة وأما الخف فلم أر من ذكر التيامن فيه وإنما قالوا في كيفيته أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن وأصابع اليسرى على مقدم خفه الأيسر ويمدهما إلى الساق وظاهره عدم التيامن
تأمل
قوله ( لا الأذنين ) أي فيمسحهما معا إن أمكنه حتى إذا لم يكن له إلا يد واحدة أو بأحدى يديه علة ولا يمكنه مسحهما معا يبدأ بالأذن اليمنى ثم اليسرى ط عن الهندية
قوله ( ومسح الرقبة ) هو الصحيح وقيل إنه سنة كما في البحر وغيره
قوله ( بظهر يديه ) أي لعدم استعمال بلتهما
بحر فقول المنية بماء جديد لا حاجة إليه كما في شرحها الكبير وعبر في المنية بظهر الأصابع ولعله المراد هنا
قوله ( لأنه بدعة ) إذ لم يرد في السنة
قوله ( إلى نيف وستين ) عبارته في الدر المنتقى إلى نيف وسبعين
والنيف بتشديد الياء وقد تخفف ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني
قاموس
مطلب في تتميم مندوبات الوضوء واعلم أن المذكور منها هنا متنا وشرحا نيف وعشرون
ولنذكر ما بقي منها من الفتح والخزائن فمنها كما في الفتح ترك الإسراف والتقتير وترك التمسح بخرقة يمسح بها موضع الاستنجاء واستقاؤه الماء بنفسه والمبادرة إلى ستر العودة بعد الاستنجاء ونزع خاتم عليه اسمه تعالى أو اسم نبيه حال الاستنجاء وكون آنيته من خزف وأن يغسل عروق الإبريق ثلاثا ووضعه على يساره وإن كان إناء يغترف منه فعن يمينه ووضع يده حالة الغسل على عورته لا رأسه وذكر الشهادتين عند كل عضو واستصحاب النية في جميع أفعاله وأن لا يلطم وجهه بالماء
____________________
(1/124)
وملء آنيته استعدادا والامتخاط باليسرى والتأني وإمرار اليد على الأعضاء المغسولة والدلك ا هـ
لكن قدمنا أن الأول والأخير سنة ولعل المراد بما قبله إمرارها عليه مبلولة قبل الغسل
تأمل
زاد في البحر وغسل ما تحت الحاجب والشارب والتوضؤ في مكان طاهر لأن لماء الوضوء حرمة والبدء بأعلى الوجه وأطراف الأصابع ومقدم الرأس لكن قدمنا أن الأخيرين سنة
وزاد في الإمداد ودخوله الخلاء مستور الرأس وعدم التوضؤ بماء مشمس وأن لا يستخلص إناء لنفسه وترك النظر للعورة وإلقاء البصاق والمخاط في الماء وأن لا ينقصه عن مد وغسل الفم والأنف باليمنى وزاد في المنية الوضوء على الوضوء وعدم نفخه في الماء حال غسل الوجه والتشهد عند غسل كل عضو
وزاد في الخزائن وترك التكلم حال الاستنجاء وترك استقبال القبلة واستدبارها في الخلاء واستقبال عين الشمس والقمر واستدبارهما وترك مس فرجه بعد فراغه والاستنجاء باليسار ومسحها بعده على نحو حائط وغسلها بعد ذلك
ورش الماء على الفرج وعلى السروال بعد الوضوء والتوضؤ من متوضأ العامة وإفراغ الماء بيمينه فقد بلغت نيفا وسبعين كما قدمناه عن الدر المنتقى وقدمنا أن ترك المندوب مكروه تنزيها فيزاد ترك ما يكره فعله
ولا يخفى أن ما مر منه ما هو من آداب مقدماته وبهذا تزيد على ما ذكر بكثير فإنه بقي للإستنجاء آداب كثيرة ستأتي
قوله ( ودلك أعضائه ) علمت ما فيه وقوله في المرة الأولى عزاه في النهر إلى المنية لكنه لم يذكره في المنية هنا وإنما ذكره في الغسل وعلله في الشرح بقوله ليعم الماء البدن في المرتين الأخيرتين ا هـ
لكن قال في الحلية الظاهر أنه قيد اتفاقي
قوله ( وتقديمه الخ ) لأن فيه انتظار الصلاة ومنتظر الصلاة كمن هو فيها بالحديث الصحيح وقطع طمع الشيطان عن تثبيطه عنها
شرح المنية الكبير
وفي الحلية وعندي أنه من آداب الصلاة لا الوضوء لأنه مقصود لفعل الصلاة ا هـ
قوله ( وهذه ) أي مسألة تقديمه على الوقت
مطلب الفرض أفضل من النفل إلا في مسائل قوله ( المستثناة من قاعدة الفرض أفضل من النفل ) هذا الأصل لا سبيل إلى نقضه بشيء من الصور لأنا إذا حكمنا على ماهية بأنها خير من ماهية أخرى كالرجل خير من المرأة لم يمكن أن تفضلها الأخرى بشيء من تلك الحيثية فإن الرجل إذا فضل المرأة من حيث إنه رجل لم يمكن أن تفضله المرأة من حيث إنها غير الرجل وإلا تتكاذب القضيتان وهذا بديهي نعم قد تفضل المرأة رجلا ما من جهة غير الذكورة والأنوثة ا هـ حموي
أقول فعلى هذا لا استثناء حقيقة لاختلاف جهة الأفضلية
بيان ذلك أن الوضوء للصلاة قبل الوقت يساوي الواقع بعده من حيث امتثال الأمر وسقوط الواجب به وإنما للأول فضيلة التقديم وكذا إنظار المعسر واجب دفعا لأذاه بالمطالبة وفي إبرائه ذلك مع زيادة إسقاط الدين عنه بالكلية فللإبراء زيادة فضيلة الإسقاط وكذلك إفشاء السلام سنة لإظهار التواد بين المسلمين وفي رده ذلك أيضا لكن وجب الرد لما يلزم على تركه من العداوة والتباغض فإفشاؤه أفضل من حيث ابتداء المفشي له بإظهار المودة فله فضيلة التقدم
ففي المسائل الثلاث إنما فضل النفل على الفرض لا من جهة الفرضية بل من جهة أخرى كصوم المسافر في رمضان فإنه أشق من صوم المقيم فهو أفضل مع أنه سنة وكالتكبير إلى
____________________
(1/125)
صلاة الجمعة فإنه أفضل من الذهاب بعد النداء مع أنه سنة والثاني فرض وكمن اضطر إلى شربة ماء أو أكل لقمة فدفعت له أكثر مما اضطر إليه فدفع ما اضطر إليه واجب والزائد نفل ثوابه أكثر من حيث إن نفعه أكثر وإن كان دفع قدر الضرورة أفضل من حيث امتثال الأمر وكذا من وجب عليه درهم فدفع درهمين أو وجبت عليه أضحية فضحى بشاتين وعلى هذا فقد يزاد على المسائل الثلاث من كل ما هو نفل اشتمل على الواجب وزاد لكن تسميته نفلا من حيث تلك الزيادة أما من حيث ما اشتمل عليه من الواجب فهو واجب وثوابه أكثر من حيث تلك الزيادة فلا تنخرم حينئذ القاعدة المأخوذة مما صح عنه كما في صحيح البخاري حكاية عن الله تعالى وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما فترضت عليه ومما ورد في صحيح ابن خزيمة أن الواجب يفضل المندوب بسبعين درجة وإن استشكله في شرح التحرير فاغتنم ذلك فإنه من فيض الفتاح العليم ثم رأيت بعض المحققين من الشافعية نبه على ما قلته ولله الحمد
قوله ( لأن الوضوء الخ ) ومثله التيمم لغير راجي الماء كما سيأتي في محله عن الرملي
قوله ( أفضل من رده ) وقيل أجر الرد أكثر لأنه فرض حموي عن كراهية العلامي
قوله ( ولو ) الواو زائدة أو عاطفة على محذوف تقديره حتى إن جاء بمثله والأول أولى ط
قوله ( منه ) متعلق بأكثر والضمير للفرض أو متلق بجاء والضمير للتطوع ط
قوله ( بأكثر ) جره بالكسرة لأجل الروي
قوله ( وابتداء ) ألف ابتداء من المصراع الأول وهمزته المنونة من المصراع الثاني
قوله ( إبرا ) بالقصر للضرورة
قوله ( ومثله القرط ) أي في الغسل وإلا فلا مدخل له هنا لأنه ما يعلق في الأذن
قاموس
مطلب في مباحث الاستعانة في الوضوء بالغير قوله ( وأما استعانته عليه الصلاة والسلام الخ ) كذا في البزازية ومفاده أن الاستعانة مكروهة حتى احتيج إلى هذا الجواب
وظاهر ما في شرح المنية أنه لا كراهة أصلا إذا كانت بطيب قلب ومحبة من المعين من غير تكليف من المتوضىء وعليه مشى في هدية ابن العماد لكن ذكر في الحلية أحاديث كثيرة من الصحيحين وغيرهما فيها التصريح بصب الماء عليه بطلبه وبدونه ثم قال وفعله في مثل هذا محمول على الجواز الذي لا تجامعه الكراهة لأن الجزم بعدم ارتكابه المكروه من غير معارض واقع في حقه نعم قد يكون الفعل منه بيانا للجواز لكن بعد قيام الدليل المقتضي للكراهة فإذا لم يقم لم يصح أن يقال بالكراهة ثم يعلل ما ورد من الفعل بأنه بيان للجواز ولم يوجد دليل معتبر يفيد الكراهة هنا وإنما ورد في حديث ضعيف أن عمر رضي الله عنه قال إني لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد
وورد أنه كان لا يكل طهوره إلى أحد وهو ضعيف جدا ولو ثبت لا يقوى على معارضة الأحاديث المارة مع احتمال أن المراد أنه هو الذي يباشر
____________________
(1/126)
غسل أعضائه ومسحها بنفسه لأن الظاهر أنه من السنن المؤكدة فيكره للشخص أن يفعل له ذلك غيره بلا عذر ولعل ذلك هو المراد من قول الاختيار يكره أن يستعين في وضوئه بغيره إلا عند العجز ليكون أعظم لثوابه وأخلص لعبادته ا هـ ملخصا
وحاصله أن الاستعانة في الوضوء إن كانت بصب الماء أو استقائه أو إحضاره فلا كراهة بها أصلا ولو بطلبه وإن كانت بالغسل والمسح فتكره بلا عذر ولذا قال في التاتر خانية من الآداب أن يقوم بأمر الوضوء بنفسه ولو استعان بغيره جاز بعد أن لا يكون الغاسل غيره بل يغسل بنفسه
قوله ( تحرزا الخ ) لوقوع الخلاف في نجاسته ولأنه مستقذر ولذاكره شربه والعجن به على القول الصحيح بطهارته
قوله ( أشمل ) أي أعم لأنه قد يكون مستعليا ولا يتحفظ ط
قوله ( هذه ) أي الطريقة التي مشى عليها المصنف حيث جعل التلفظ بالنية مندوبا لا سنة ولا مكروها
قوله ( والتسمية كما مر ) أي من الصيغة الواردة وهي بسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام وزاد في المنية التشهد هنا أيضا تبعا للمحيط وشرح الجامع لقاضيخان
قال في الحلية وعن البراء بن عازب عن النبي قال ما من عبد يقول حين يتوضأ بسم الله ثم يقول بكل عضو أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يقول حين يفرغ للهم اجعلني من لتوابين وجعلني من لمتطهرين إلا فتحت له ثمانية أبواب لجنة يدخل من أيها شاء فإن قام من وقته ذلك فصلى ركعتين يقرأ فيهما ويعلم ما يقول نفتل من صلاته كيوم ولدته أمه ثم يقال له ستأنف لعمل رواه الحافظ المستغفري وقال حديث حسن
قوله ( والدعاء بالوارد ) فيقول بعد التسمية عند المضمضة اللهم أعني على تلاوة القرآن وذكرك وشكرك وحسن عبادتك وعند الاستنشاق اللهم أرحني رائحة الجنة ولا ترحني رائحة النار وعند غسل الوجه اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند غسل يده اليمنى اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا وعند غسل اليسرى اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري وعند مسح رأسه اللهم أظلني تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظل عرشك
وعند مسح أذنيه اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وعند مسح عنقه اللهم أعتق رقبتي من النار وعند غسل رجله اليمنى اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل الأقدام وعند غسل اليسرى اللهم اجعل ذنبي مغفورا وسعيي مشكورا وتجارتي لن تبور
كما في الإمداد والدرر وغيرهما
وثم روايات أخر ذكرها في الحلية وغيرها وسيأتي أنه يصلي على النبي بعد غسل كل عضو فصار مجموع ما يذكر عند كل عضو التسمية والشهادة والدعاء والصلاة على النبي لكن قال صاحب الهداية في مختارات النوازل ويسمي عند غسل كل عضو أو يدعو بالدعاء المأثور فيه أو يذكر كلمة الشهادة أو يصلي على النبي فأتى في الجميع بأو ولكن رأيت في الحلية عن المختارات ويدعو بالواو وبأو في البواقي فليراجع
قوله ( من طرق ) أي يقوي بعضها بعضا فارتقى إلى مرتبة الحسن ط
أقول لكن هذا إذا كان ضعفه لسوء حفظ الراوي الصدوق الأمين أو لإرسال أو تدليس أو جهالة حال
____________________
(1/127)
أما لو كان لفسق الراوي أو كذبه فلا يؤثر فيه موافقة مثله له ولا يرتقي بذلك إلى الحسن كما صرح في التقريب وشرحه فحينئذ يحتاج إلى الكشف عن حال الراوين لهذا الحديث لكن ظاهر عملهم به أنه ليس من القسم الأخير كما يتضح
قوله ( فيعمل به ) أي بهذا الحديث
وعبارة الرملي كما في الشرنبلالية العمل بالحديث الضعيف الخ
قوله ( في فضائل الأعمال ) أي لأجل تحصيل الفضيلة المترتبة على الأعمال
قال ابن حجر في شرح الأربعين لأنه إن كان صحيحا في نفس الأمر فقد أعطي حقه من العمل وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم ولا ضياع حق للغير وفي حديث ضعيف من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره وإن لم أكن قلته أو كما قال ا هـ ط
قال السيوطي ويعمل به أيضا في الأحكام إذا كان فيه احتياط
قوله ( وإن أنكره النووي ) حمل الرملي كما في الشرنبلالية إنكاره له من جهة الصحة قال أما باعتبار وروده من الطرق المتقدمة فلعله لم يثبت عنده ذلك أو لم يستحضره حينئذ
قوله ( فائدة ) إلى قوله وأما الموضوع من كلام الرملي
قوله ( عدم شدة ضعفه ) شديد الضعف هو الذي لا يخلو طريق من طرقه عن كذاب أو متهم بالكذب
قاله ابن حجر
ط
مطلب في بيان ارتقاء الحديث الضعيف إلى مرتبة الحسن قلت مقتضى عملهم بهذا الحديث أنه ليس شديد الضعف فطرقه ترقيه إلى الحسن
قوله ( وأن لا يعتقد سنية ذلك الحديث ) أي سنية العمل به
وعبارة السيوطي في شرح التقريب الثالث أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط وقبل لا يجوز العمل به مطلقا وقيل يجوز مطلقا ا هـ
قوله ( وأما الموضوع ) أي المكذوب على رسول الله وهو محرم إجماعا بل قال بعضهم إنه كفر
قال عليه الصلاة والسلام من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من لنار
ط
قوله ( بحال ) أي ولو في فضائل الأعمال
قال ط أي حيث كان مخالفا لقواعد الشريعة وأما لو كان داخلا في أصل عام فلا مانع منه لا لجعله حديثا بل لدخوله تحت الأصل العام ا هـ
تأمل
قوله ( إلا إذا قرن ) أي ذلك الحديث المروي ببيانه أي بيان وضعه أما الضعيف فتجوز روايته بلا بيان ضعفه لكن إذا أردت روايته بغير إسناد فلا تقل قال رسول الله كذا وما أشبهه من صيغ الجزم بل قل روي كذا وبلغنا كذا أو ورد أو جاء أو نقل عنه وما أشبهه من صيغ التمريض وكذا ما شك في صحته وضعفه كما في التقريب
قوله ( أي بعد الوضوء ) فسر الضمير بذلك مع تبادر ما في الزيلعي لأن المصنف في شرحه فسره بذلك وهو أدرى بمراده
قوله ( وأن يقول بعده ) زاد في المنية وغيرها أو في خلاله لكن قال في الحلية إن الوارد في السنة بعده متصلا بما تقدم من ذكر الشهادتين كما هو في رواية الترمذي ا هـ
وزاد في المنية وأن يقول بعد فراغه سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ناظرا إلى السماء
قوله ( التوابين ) هم الذين كلما أذنبوا تابوا والمتطهرون الذين لا ذنب لهم
____________________
(1/128)
زاد في المنية واجعلني من عبادك الصالحين واجعلني من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
قوله ( وأن يشرب بعده من فضل وضوئه ) بفتح الواو ما يتوضأ به
درر والمراد شرب كله أو بعضه كما في شرح المنية وشرح الشرعة ويقول عقبه كما في المنية اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك واعصمني من الوهل والأمراض والأوجاع
قال في الحلية والوهل هنا بالتحريك الضعف والفزع ولم أقف على هذا الدعاء مأثورا وهو حسن ا هـ
بقي شيء وهو أن الشرب من فضل الوضوء فيما لو توضأ من إناء كإبريق مثلا أما لو توضأ من نحو حوض فهل يسمى ما فيه فضل الوضوء فيشرب منه أو لا فليحرر هذا وفي الذخيرة عن فتاوي أبي الليث الماء الموضوع للشرب لا يتوضأ به ما لم يكن كثيرا والموضوع للوضوء يجوز الشرب منه
ثم نقل عن ابن الفضل أنه كان يقول بالعكس
فعلى هذا هل له الشرب من فضل الوضوء لأنه من توابعه أم لا والظاهر الأول
تأمل
قوله ( كماء زمزم ) التشبيه في الشرب مستقبلا قائما لا في كونه بعد الوضوء فلذا قال ط الأولى تأخيره عن قوله قائما
مطلب في مباحث الشرب قائما قوله ( أو قاعدا ) أفاد أنه مخير في هذين الموضعين وأنه لا كراهة فيهما في الشرب قائما بخلاف غيرهما وأن المندوب هنا هو الشرب من فضل الوضوء لا بقيد كونه قائما خلاف ما اقتضاه كلام المصنف لكن قال في المعراج قائما
وخيره الحلواني بين القيام والقعود
وفي الفتح قيل وإن شاء قاعدا وأقره في البحر واقتصر على ما ذكره المصنف في المواهب والدرر والمنية والنهر وغيرها
وفي السراج ولا يستحب الشرب قائما إلا في هذين الموضعين فاستفيد ضعف ما مشى عليه الشارح كما نبه عليه ح وغيره
قوله ( وفيما عداهما يكره الخ ) أفاد أن المقصود من قوله قائما عدم الكراهة لا دخوله تحت المستحب ولذا زاد قوله أو قاعدا
واعلم أنه ورد في الصحيحين أنه قال لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقيء وفيهما أنه شرب من زمزم قائما وروى البخاري عن علي رضي الله عنه أنه بعد ما توضأ قام فشرب فضل وضوئه وهو قائم ثم قال إن ناسا يكرهون لشرب قائما وإن النبي صنع مثل ما صنعت وأخرج ابن ماجه والترمذي عن كبشة الأنصارية رضي الله عنها أن رسول الله دخل عليها وعندها قربة معلقة فشرب منها وهو قائم فقطعت القربة تبتغي بركة موضع في رسول الله وقال الترمذي حسن صحيح غريب
فلذا اختلف العلماء في الجمع فقيل إن النهي ناسخا للفعل وقيل بالعكس وقيل إن النهي للتنزيه والفعل لبيان الجواز
وقال النووي إنه الصواب
واعترضه في الحلية بحديث علي المار حيث أنكر على القائلين بالكراهة وبما أخرجه الترمذي وغيره وحسنه عن ابن عمر كنا نأكل في عهد رسول الله ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام قال وجنح الطحاوي إلى أنه لا بأس به وأن النهي لخوف الضرر لا غير كما روي عن الشعبي قال إنما كره الشرب قائما لأنه يؤذي
قال في الحلية فالكراهة على ما صوبه النووي شرعية يثاب على تركها وعلى هذا إرشادية لا يثاب على تركها
ثم استشكل ما مر من استثناء الموضعين أي الشرب من ماء زمزم ومن فضل الوضوء وكراهة ما عداهما بأنه لا يتمشى على
____________________
(1/129)
قول من هذه الأقوال نعم على ما جنح إليه الطحاوي يستفاد الجواز مطلقا إن أمن الضرر أما الندب فلا إلا أن يقال يفيد الندب في فضل الوضوء ما أخرجه الترمذي في حديث علي وهو أنه قام بعد ما غسل قدميه فأخذ فضل طهوره فشربه وهو قائم قال أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله وفيه حديث إن فيه شفاء من سبعين داء أدناها البهر لكن قال الحفاظ إنه واه ا هـ ملخصا
والبهر بالضم فسره في الخلاصة بتتابع النفس وفي القاموس إنه انقطاع النفس من الإعياء
والحاصل أن انتفاء الكراهة في الشرب قائما في هذين الموضعين محل كلام فضلا عن استحباب القيام فيهما ولعل الأوجه عدم الكراهة إن لم نقل بالاستحباب لأن ماء زمزم شفاء وكذا فضل الوضوء
وفي شرح هدية ابن العماد لسيدي عبد الغني النابلسي ومما جربته أني إذا أصابني مرض أقصد الاستسقاء بشرب فضل الوضوء فيحصل لي الشفاء وهذا دأبي اعتمادا على قول الصادق في هذا الطب النبوي الصحيح
قوله ( وعن ابن عمر الخ ) أخرجه الطحاوي وأحمد وابن ماجه والترمذي وصححه
حلية
وقصد بذكره بيان حكم الأكل لكن أخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أنس عن النبي أنه نهى أن يشرب الرجل قائما قال قتادة قلت لأنس فالأكل فقال ذلك أشر وأخبث
وفي الجامع الصغير للسيوطي نهى عن الشرب قائما والأكل قائما ولعل النهي لأمر طبي أيضا كما مر في الشرب
وفي الفصل الحادي والثلاثين من فصول العلامي وكره الأكل والشرب في الطريق والأكل نائما وماشيا ولا بأس بالشرب قائما ولا يشرب ماشيا ورخص ذلك للمسافر ا هـ
قوله ( ورخص الخ ) ليس من تتمة الحديث
قوله ( تعاهد موقيه ) تثنية موق هو آخر العين من جهة الأنف أي لاحتمال وجود رمص وقدمنا أنه يجب غسل ما تحته إن بقي خارجا بتغميض العين وإلا فلا
قوله ( وكعبيه الخ ) هما العظمان النائتان في الرجل
والعرقوب العصف الغليظ الذي فوق العقب
والأخمص من باطن القدم ما لم يصب الأرض
قاموس
مطلب في الغرة والتحجيل قوله ( وإطالة غرته وتحجيله ) لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن ستطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل وفي رواية فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله حلية وبه علم أن قول الشارح وتحجيله بالجر عطفا على غرته
وفي البحر وإطالة الغرة تكون بالزيادة على الحد المحدود
وفي الحلية والتحجيل يكون في اليدين والرجلين
وهل له حد لم أقف فيه على شيء لأصحابنا
ونقل النووي اختلاف الشافعية فيه على ثلاثة أقوال الأول أنه يستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين بلا توقيت
الثاني إلى نصف العضد والساق
الثالث إلى المنكب والركبتين
قال والأحاديث تقتضي ذلك كله ا هـ
ونقل ط الثاني عن شرح الشرعة مقتصرا عليه
قوله ( وغسل رجليه بيساره ) لعل المراد به دلكهما باليسار لما قدمناه أنه يندب إفراغ الماء بيمينه ثم رأيت في شرح الشيخ إسماعيل قال يفرغ الماء بيمينه على رجليه ويغسلهما بيساره ا هـ
وأخرج السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه إذا توضأ أحدكم فلا يغسل
____________________
(1/130)
أسفل رجليه بيده ليمنى
قوله ( وبلهما الخ ) أي الرجلين لكن في البحر عند الكلام على غسل الوجه عن خلف بن أيوب أنه قال ينبغي للمتوضىء في الشتاء أن يبل أعضاءه بالماء شبه الدهن ثم يسيل الماء عليها لأن الماء يتجافى عن الأعضاء في الشتاء ا هـ
مطلب التمسح بمنديل قوله ( والتمسح بمنديل ) ذكره صاحب المنية في الغسل وقال في الحلية ولم أر من ذكره غيره وإنما وقع الخلاف في الكراهة ففي الخانية ولا بأس به للمتوضىء والمغتسل
روي عن رسول الله أنه كان يفعله ومنهم من كره ذلك ومنهم من كرهه للمتوضىء دون المغتسل
والصحيح ما قلنا إلا أنه ينبغي أن لا يبالغ ولا يستقصي فيبقى أثر الوضوء على أعضائه ا هـ
وكذا وقع بلفظ لا بأس في خزانة الأكمل وغيرها وعزاه في الخلاصة إلى الأصل ا هـ ما في الحلية
ثم ذكر أدلة الأقوال الثلاثة والقائلين بها من السلف وأطال وأطاب كما هو دأبه رحمه الله تعالى وقدمنا عن الفتح أن من المندوبات ترك التمسح بخرقة يمسح بها موضع الاستنجاء أي التي يمسح بها ماء الاستنجاء لاستقذارها وليس فيه ما يفيد ترك التمسح بغيرها فافهم
قوله ( وعدم نفض يده ) لحديث لا تنقضوا أيديكم في لوضوء فإنها مراوح لشيطان ذكره في المعراج لكنه حديث ضعيف كما ذكره المناوي بل قد ثبت في الصحيحين عن ميمونة رضي الله عنها أنها جاءته بخرقة بعد لغسل فردها وجعل ينفض لماء بيده تأمل
قوله ( وقراءة سور القدر ) لأحاديث وردت فيها ذكرها الفقيه أبو الليث في مقدمته لكن قال في الحلية سأل عنها شيخنا الحافظ ابن حجر العسقلاني فأجاب بأنه لم يثبت منها شيء عن النبي لا من قوله ولا من فعله والعلماء يتساهلون في ذكر الحديث الضعيف والعمل به في فضائل الأعمال ا هـ
قوله ( وصلاة ركعتين ) لما رواه مسلم وأبو داود وغيرهما ما من أحد يتوضأ فيحسن لوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة حلية
قوله ( في غير وقت كراهة ) هي الأوقات الخمسة الطلوع وما قبله والاستواء والغروب وما قبله بعد صلاة العصر وذلك لأن ترك المكروه أولى من فعل المندوب كما في شرح المنية ط
تتمة ينبغي أن يزاد في المندوبات أن لا يتطهر من ماء أو تراب من أرض مغصوب عليها كآبار ثمود فقد نص الشافعية على كراهة التطهير منها بل نص الحنابلة على المنع منه وظاهره أنه لا يصح عندهم ومراعاة الخلاف عندنا مطلوبة وكذا يقال في التطهير بفضل ماء المرأة كما يأتي قريبا في المنهيات والله أعلم
مطلب في تعريف المكروه وأنه قد يطلق على الحرام والمكروه تحريما وتنزيها قوله ( ومكروهه ) هو ضد المحبوب قد يطلق على الحرام كقول القدوري في مختصره ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك
وعلى المكروه تحريما وهو ما كان إلى الحرام أقرب ويسميه محمد حراما ظنيا
وعلى المكروه تنزيها وهو ما كان تركه أولى من فعله ويرادف خلاف الأولى كما قدمناه
____________________
(1/131)
وفي البحر من مكروهات الصلاة المكروه في هذا الباب نوعان أحدهما ما كره تحريما وهو المحمل عند إطلاقهم الكراهة كما في زكاة فتح القدير وذكر أنه في رتبة الواجب لا يثبت إلا بما يثبت به الواجب يعني بالظني الثبوت
ثانيهما المكروه تنزيها ومرجعه إلى ما تركه أولى وكثيرا ما يطلقونه في شرح المنية فحينئذ إذا ذكروا مكروها فلا بد من النظر في دليله فإن كان نهيا ظنيا يحكم بكراهة التحريم إلا لصارف للنهي عن التحريم إلى الندب فإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم فهي تنزيهية ا هـ
قوله ( أو غيره ) أي غير الوجه من الأعضاء كما في الحاوي ولعل المصنف اقتصر على الوجه لما له من مزيد الشرف
قوله ( تنزيها ) لما قدمنا عن الفتح من أن تركه أدب
قال في الحلية لأنه يوجب انتضاح الماء المستعمل على ثيابه وتركه أولى وأيضا هو خلاف التؤدة والوقار فالنهي عنه نهي أدب ا هـ
قوله ( والتقتير ) أي بأن يقرب إلى حد الدهن ويكون التقاطر غير ظاهر بل ينبغي أن يكون ظاهرا ليكون غسلا بيقين في كل مرة من الثلاثة
شرح المنية
مطلب في الإسراف في الوضوء قوله ( والإسراف ) أي بأن يستعمل منه فوق الحاجة الشرعية لما أخرج ابن ماجه وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف فقال أفي الوضوء إسراف فقال نعم وإن كنت على نهر جار حلية
قوله ( ومنه ) أي من الإسراف الزيادة على الثلاث أي في الغسلات مع اعتقاد أن ذلك هو السنة لما قدمناه من أن الصحيح أن النهي محمول على ذلك فإذا لم يعتقد ذلك وقصد الطمأنين عند الشك أو قصد الوضوء على الوضوء بعد الفراغ منه فلا كراهة كما مر تقريره
قوله ( فيه ) أي في الماء
قوله ( تحريما الخ ) نقل ذلك في الحلية عن بعض المتأخرين من الشافعية وتبعه عليه في البحر وغيره وهو مخالف لما قدمناه عن الفتح من عده ترك التقتير والإسراف من المندوبات ومثله في البدائع وغيرها لكن قال في الحلية ذكر الحلواني أنه سنة وعليه مشى قاضي خان وهو وجيه ا هـ
واستوجهه في البحر أيضا وكذا في النهر
قال والمراد بالسنة المؤكدة لإطلاق النهي عن الإسراف وجعل في المنتقى الإسراف من المنهيات فتكون تحريمية لأن إطلاق الكراهة مصروف إلى التحريم وبه يضعف جعله مندوبا
أقول قد تقدم أن النهي عنه في حديث فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم محمول على الاعتقاد عندنا كما صرح به في الهداية وغيرها
وقال في البدائع إنه الصحيح حتى لو زاد أو نقص واعتقد أن الثلاث سنة لا يلحقه الوعيد وقدمنا أنه صريح في عدم كراهة ذلك يعني كراهة تحريم فلا ينافي الكراهة التنزيهية فما مشى عليه هنا في الفتح والبدائع وغيرهما من جعل تركه مندوبا مبني على ذلك التصحيح فيكره تنزيها ولا ينافيه عده من المنهيات كما عد منها لطم الوجه بالماء فإن المكروه تنزيها منهي عنه حقيقة اصطلاحا ومجازا لغة كما في التحرير
وأيضا فقد عده في الخزانة السمرقندية من المنهيات لكن قيده بعدم اعتقاد تمام السنة بالثلاث كما نقله الشيخ إسماعيل وعليه يحمل قول من جعل تركه سنة وليست الكراهة مصروفة إلى التحريم مطلقا كما ذكرناه آنفا على أن الصارف للنهي عن التحريم ظاهر فإن من أسراف في الوضوء بماء النهر مثلا مع عدم اعتقاد سنية ذلك نظير من ملأ إناء من النهر ثم أفرغه فيه وليس في ذلك محذور سوى أنه عبث لا فائدة فيه وهو في الوضوء زائد على المأمور به فلذا سمي في الحديث إسرافا
____________________
(1/132)
قال في القاموس الإسراف التبذير أو ما أنفق في غير طاعة ولا يلزم كونه زائدا على المأمور به وغير طاعة أن يكون حراما نعم إذا اعتقد سنيته يكون قد تعدى وظلم لاعتقاده ما ليس بقربة قربة فلذا حمل علماؤنا النهي على ذلك فحينئذ يكون منهيا عنه ويكون تركه سنة مؤكدة ويؤيده ما قدمه الشارح عن الجواهر من أن الإسراف في الماء الجاري جائز لأنه غير مضيع وقدمنا أن الجائز قد يطلق على ما لا يمتنع شرعا فيشمل المكروه تنزيها وبهذا التقرير تتوافق عباراتهم
وأما ما ذكره الشارح هنا فقد علمت أنه ليس من كلام مشايخ المذهب فلا يعارض ما صرحوا به وصححوه هذا ما ظهر لي في هذا المقام والسلام
قوله ( فحرام ) لأن الزيادة غير مأذون بها لأنه إنما يوقف ويساق لمن يتوضأ الوضوء الشرعي ولم يقصد إباحتها لغير ذلك حلية
وينبغي تقييده بماء ليس بجار كالذي في صهريج أو حوض أو نحو إبريق أما الجاري كماء مدارس دمشق وجوامعها فهو من المباح كماء النهر كما أفاده الرحمتي
قوله ( ومن منهياته ) يشمل المكروه تنزيها فإنه منهي عنه اصطلاحا حقيقة كما قدمناه عن التحرير آنفا فافهم
قوله ( التوضؤ الخ ) قال في السراج ولا يجوز للرجل أن يتوضأ ويغتسل بفضل المرأة ا هـ
ومفاده أنه يكره تحريما
وعند الإمام أحمد إذا اختلت امرأة مكلفة بماء قليل كخلوة نكاح وتطهرت به في خلوتها طهارة كاملة عن حدث لا يصح لرجل أو خنثى أن يرفع به حدثه كما هو مسطور في متون مذهبه وهو أمر تعبدي لما رواه الخمسة أنه نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور لمرأة قال في ( غرر الأفكار شرح درر البحار ) في فصل المياه بعد ما ذكر المسألة ولنا ما روى مسلم أن ميمونة قالت غتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي يغتسل فقلت إني قد غتسلت منه فقال الماء ليس عليه جنابة وما روى أحمد منسوخ بهذا ا هـ
أقول مقتضى النسخ أنه لا يكره تحريما عندنا بل ولا تنزيها وهو مخالف لما مر عن السراج
وفيه أن دعوى النسخ تتوقف على العلم بتأخر الناسخ ولعله مأخوذ من قول ميمونة إني قد اغتسلت فإنه يشعر بعلمها بالنهي قبله فيكون الناسخ متأخرا والله أعلم
وقد صرح الشافعية بالكراهة فينبغي كراهته وإن قلنا بالنسخ مراعاة للخلاف فقد صرحوا بأنه يطلب مراعاة الخلاف وقد علمت أنه لا يجوز التطهير به عند أحمد
تنبيه ينبغي كراهة التطهير أيضا أخذا مما ذكرنا وإن لم أره لأحد من أئمتنا بماء أو تراب من كل أرض غضب عليها إلا بئر الناقة بأرض ثمود فقد صرح الشافعية بكراهته ولا يباح عند أحمد
قال في شرح المنتهى الحنبلي لحديث ابن عمر إن الناس نزلوا مع رسول الله على لحجر أرض ثمود فستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم رسول الله أن يهريقوا ما ستقوا من آبارها ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يسقوا من البئر التي كانت تردها الناقة حديث متفق عليه
قال وظاهره منع الطهارة به وبئر الناقة هي البئر الكبيرة التي يردها الحجاج في هذه الأزمنة ا هـ
قوله ( والامتخاط ) معطوف على إلقاء وقوله في الماء متعلق بأحدهما على التنازع
____________________
(1/133)
مطلب نواقض الوضوء قوله ( وينقضه الخ ) النقض في الجسم غيره إخراجه عن إفادة المقصود منه كاستباحة الصلاة في الوضوء
بحر وأفاد بقوله خروج نجس أن الناقض خروجه لا عينه بشرط الخروج واستظهر في الفتح الثاني بما حاصله أن الطهارة ترتفع بضدها وهي النجاسة القائمة بالخارج لأن الضد هو المؤثر في رفع ضده وبحث فيه شرح المنية الكبير فراجعه
قوله ( كل خارج ) لعل فائدته التعميم من أول الأمر لئلا يتوهم اختصاص النجس بالمعتاد أو الكثر
تأمل
قوله ( بالفتح ويكسر ) أشار إلى أن الفتح أولى لقول صدر الشريعة والرواية النجس بفتح الجيم وهو عين النجاسة وأما بكسرها فما لا يكون طاهرا هذا اصطلاح الفقهاء
وأما في اللغة فيقال نجس الشيء ينجس فهو نجس ونجس ا هـ فهما لغة ما لا يكون طاهرا أي سواء كان نجس العين أو عارض النجاسة كالحصارة الخارجة من الدبر والناقض في الحقيقة النجاسة العارضة لها فكان الفتح أولى من هذه الجهة أيضا وإن قال في البحر إنه بالكسر أعم
تأمل ثم على الفتح يكون بدلا من قوله خارج لا صفة لأنه اسم جامد بخلاف المكسور فإنه بمعنى متنجس
تأمل
قوله ( أي من المتوضىء ) تفسير للضمير أخذا من المقام والمتوضىء من اتصف بالوضوء واحترز بالحي عن الميت فإنه لو خرجت منه نجاسة لم يعد وضوءه بل يغسل موضعها فقط إذ لو كان الخروج حدثا لكان الموت كذلك إذ هو فوقه وتمامه في النهر ( قوله معتادا ) كالبول والغائط أو لا كالدودة والحصاة وهذا تعميم لقوله نجس نبه به على خلاف الإمام مالك حيث قيده بالمعتاد كما نبه بما بعده على خلاف الإمام الشافعي حيث قيده بالخارج من السبيلين
قوله ( أي يلحقه حكم التطهير ) فائدة ذكر الحكم دفع ورود داخل العين وباطن الجرح إذ حقيقة التطهير فيهما ممكنة وإنما الساقط حكمه
نهر وسراج
ويظهر منه أن الكلام في جرح يضره الغسل بالماء فلو لم يضر نقض ما سال فيه لأن حكم التطهير وهو وجوب غسله غير ساقط والمراد بالتطهير ما يعم الغسل والمسح في الغسل أو في الوضوء كما ذكره ابن الكمال ليشمل ما لو سال إلى محل يمكن مسحه دون غسله للعذر كما أشار إليه في الحلية أيضا وزاد في شرح المنية الكبير بعد قوله في الغسل أو في الوضوء قوله أو في إزالة النجاسة الحقيقية لئلا يرد ما لو افتصد وخرج منه دم كثير ولم يتلطخ رأس الجرح فإنه ناقض مع أنه لم يسل إلى ما يلحقه حكم التطهير لأنه سال إلى المكان دون البدن وبزيادة ذلك لا يرد لأن المكان يجب تطهيره في الجملة للصلاة عليه ولهذا عمم في البحر ما يلحقه حكم التطهير بقوله من بدن وثوب ومكان
أقول يرد عليه ما لو سال إلى نهر ونحوه مما لا يصلي عليه
وما لو مص العلق أو القراد الكبير وامتلأ دما فإنه ناقض كما سيأتي متنا فالأحسن ما في النهر عن بعض المتأخرين من أن المراد السيلان ولو بالقوة أي فإن دم الفصد ونحوه سائل إلى ما يلحقه حكم التطهير حكما
تأمل
ثم اعلم أن المراد بالحكم الوجوب كما صرح به غير واحد
زاد في الفتح أو الندب وأيده في الحلية وتبعه في البحر بقولهم إذا نزل الدم إلى قصبة الأنف نقض وليس ذاك إلا لكون المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم مسنونة وحدها أن يصل الماء إلى ما اشتد من الأنف
ورد في النهر بأن المراد بالقصبة ما لان من الأنف ولذا عبر به الزيلعي كالهداية ومعلوم أن ما لان يجب لا يندب فلا حاجة إلى زيادة الندب
____________________
(1/134)
أقول صرح في غاية البيان بأن الرواية مسطورة في كتب أصحابنا بأنه إذا وصل إلى قصبة الأنف ينتقض وإن لم يصل إلى ما لان خلافا لزفر وأن قول الهداية ينتقض إذا وصل إلى ما لان بيان لاتفاق أصحابنا جميعا أي لتكون المسألة على قول زفر أيضا قال لأن عنده لا ينتقض ما لم يصل إلى ما لان لعدم الظهور قبله فهذا صريح في أن المراد بالقصبة ما اشتد فاغتنم هذا التحرير المفرد الملخص مما علقناه على البحر ومن رسالتنا المسماة ب ( الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة )
قوله ( مجرد الظهور ) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الظهور المجردة عن السيلان فلو نزل البول إلى قصبة الذكر لا ينقض لعدم ظهوره بخلاف القلفة فإنه بنزوله إليها ينقض الوضوء وعدم وجوب غسلها للحجر لا لأنها في حكم الباطن كما قاله الكمال ط
قوله ( عين السيلان ) اختلف في تفسيره ففي المحيط عن أبي يوسف أن يعلو وينحدر
وعن محمد إذا انتفخ على رأس الجرح وصار أكثر من رأسه نقض
والصحيح لا ينقض ا هـ
قال في الفتح بعد ما نقله ذلك وفي الدراية جعل قول محمد أصح ومختار السرخسي الأول وهو الأولى ا هـ
أقول وكذا صححه قاضي خان وغيره
وفي البحر تحريف تبعه عليه ط فاجتنبه
قوله ( لما قالوا ) علة للمبالغة ط
قوله ( لو مسح الدم كلما خرج الخ ) وكذا إذا وضع عليه قطنا أو شيئا آخر حتى ينشف ثم وضعه ثانيا وثالثا فإنه يجمع جميع ما نشف فإن كان بحيث لو تركه سال نقض وإنما يعرف هذا بالاجتهاد وغالب الظن وكذا لو ألقى عليه رمادا أو ترابا ثم ظهر ثانيا فتربه ثم وثم فإنه يجمع
قالوا وإنما يجمع إذا كان في مجلس واحد مرة بعد أخرى فلو في مجالس فلا تاتر خانية ومثله في البحر
أقول وعليه فما يخرج من الجرح الذي ينز دائما وليس فيه قوة السيلان ولكنه إذا ترك يتقوى باجتماعه ويسيل عن محله فإذا نشفه أو ربطه بخرقة صار كلما خرج منه شيء تشربته الخرقة ينظر إن كان ما تشربته الخرقة في ذلك المجلس شيئا فشيئا بحيث لو ترك واجتمع أسال بنفسه نقض وإلا لا ولا يجمع ما في مجلس إلى ما في مجلس آخر وفي ذلك توسعة عظيمة لأصحاب القروح ولصاحب كي الحمصة فاغتنم هذه الفائدة وكأنهم قاسوها على القيء ولما لم يكن هنا اختلاف سبب تعين اعتبار المجلس فتنبه
قوله ( كما لو سال ) تشبيه في عدم النقض لأنه في هذه المواضع لا يلحقه حكم التطهير كما قدمناه
قوله ( أو جرح ) بضم الجيم
قاموس
أما بالفتح فهو المصدر
قوله ( ولم يخرج ) أي لم يسل
أقول وفي السراج عن الينابيع الدم السائل على الجراحة إذا لم يتجاوز
قال بعضهم هو طاهر حتى لو صلى رجل بجنبه وأصابه منه أكثر من قدر الدرهم جازت صلاته وبهذا أخذ الكرخي وهو الأظهر
وقال بعضهم نجس وهو قول محمد ا هـ
ومقتضاه أنه غير ناقض لأنه بقي طاهرا بعد الإصابة وإن المعتبر خروجه إلى محل يلحقه حكم التطهير من بدن صاحبه فليتأمل
قوله ( وكدمع ) أي بلا علة كما سيأتي وهو معطوف على قوله كما لو سال
قوله ( على ما سيذكره المصنف ) أي في مسائل شتى آخر الكتاب
قوله ( ولنا فيه كلام ) نقله ح
وحاصله أنه قول ضعيف وتخريج غريب فلا يعول عليه ط
قوله ( وخروج الخ ) عطف على قوله خروج كل خارج
قوله ( مثل ريح ) فإنها تنقض لأنها منبعثة عن محل النجاسة لا لأن عينها نجسة لأن الصحيح أن عينها
____________________
(1/135)
طاهرة حتى لو لبس سراويل مبتلة أو ابتل من أليتيه الموضع الذي تمر به الريح فخرج الريح لا يتنجس وهو قول العامة
وما نقل عن الحلواني من أنه كان لا يصلي بسراويله فورع منه
بحر
قوله ( من دبر ) وكذا من ذكر أو فرج في الدودة والحصاة بالإجماع كما سيذكره الشارح لما عليها من النجاسة كما اختاره الزيلعي أو لتولد الدودة من النجاسة كما في البدائع
وعلى الثاني فعطف أو دودة من عطف الخاص على العام لدخوله تحت قوله خروج نجس إلى ما يطهر وكذا عطفها وعطف الحصاة على التعليل الأول لتحقق خروج الخارج النجس وهو ما عليهما وعلى كل فقوله أو دودة معطوف بالنظر إلى كلام الشارح على قوله وخروج غير نجس لا على ريح فتدبر
قوله ( لا خروج ذلك ) أي المذكور من الثلاثة
قال ح وهو يقتضي أن الريح تخرج من الجرح وهو كذلك كما في القهستاني
وحكم الدودة مكرر مع قول المصنف بعد ودودة من جرح ط
قوله ( أما هي الخ ) أي المفضاة وهي التي اختلط سبيلها أي مسلك البول والغائط فيندب لها الوضوء من الريح
وعن محمد يجب احتياطا
وبه أخذ أبو حفص ورجحه في الفتح بأن الغالب في الريح كونها من الدبر
ومن أحكامها أنه لا يحلها الزوج الثاني للأول ما لم تحبل لاحتمال الوطء في الدبر وأنه لا يحل وطؤها إلا إن أمكن الإتيان في القبل بلا تعد وأما التي اختلط مسلك بولها ووطئها فينبغي أن لا تكون كذلك لأن الصحيح عدم النقض بالريح الخارجة من الفرج ولأنه لا يمكن الوضوء في مسلك البول
أفاده في البحر
قوله ( وقيل لو منتنة ) أي لأن نتنها دليل أنها من الدبر
وعبارة الشيخ إسماعيل وقيل إن كان مسموعا أو ظهر نتنه فهو حدث وإلا فلا
قوله ( وذكر ) لا حاجة إلى ذكره مع شمول القبل إياه كما يشهد له استعمالها ا هـ
قوله ( لأنه اختلاج ) أي ليس بريح حقيقة ولو كان ريحا فليست بمنبعثة عن محل النجاسة فلا تنقض كما قدمناه
قوله ( وهو يعلم ) أي يظن لأن الظن كاف في هذا الباب ح أي الظن الغالب
وقال الرحمتي شرط العلم بعدم كونه من الأعلى فأفاد النقض عند الاشتباه تبعا للحلبي في شرح المنية
وفي المنح عن الخلاصة مناط النقض العلم بكونه من الأعلى فلا نقض مع الاشتباه وهو موافق للفقه والحديث الصحيح حتى يسمع صوتا أو يشم ريحا وبه يعلم أنه من الأعلى
قوله ( منهما ) أي من القبل والذكر
قوله ( لطهارتهما ) أي الدودة واللحم وطهارة اللحم بالنسبة إليه فقد قالوا ما أبين من الحي كميتته إلا في حق نفسه حتى لا تفسد صلاته إذا حمله ط
وفي بعض النسخ بضمير المفردة
قوله ( وهو ) أي السيلان من غير السبيلين مناط النقض أي علته ط
قوله ( والمخرج بعصر ) أي ما أخرج من القرحة بعصرها وكأن لو لم تعصر لا يخرج شيء مساو للخارج بنفسه خلافا لصاحب الهداية وبعض شراحها وغيرهم كصاحب الدرر والملتقى
قوله ( سيان ) تثنية سي وبها استغني عن تثنية سواء كما في المغني
قوله ( في حكم النقض ) الإضافة للبيان ط
قوله ( قال ) أي صاحب البزازية ط
قوله ( لأن في الإخراج خروجا ) جواب عما وجه به القول بعدم النقض بالمخرج من أن الناقض
____________________
(1/136)
خروج النجس وهذا إخراج
والجواب أن الإخراج مستلزم للخروج فقد وجد لكن قال في العناية إن الإخراج ليس بمنصوص عليه وإن كان يسلتزمه فكان ثبوته غير قصدي ولا معتبر به ا هـ
وفيه أنه لا تأثير يظهر للإخراج وعدمه بل كونه خارجا نجسا وذلك يتحقق مع الإخراج كما يتحقق مع عدمه فصار كالفصد كيف وجميع الأدلة الموردة من السنة والقياس تفيد تعليق النقض بالخارج النجس وهو ثابت في المخرج ا هـ
فتح
واستوجهه تلميذه ابن أمير حاج في الحلية وكذا شارح المنية والمقدسي
وارتضى في البحر ما في العناية حيث ضعف به ما في الفتح
ولك أن تجعل ما في الفتح مضعف له كما قررناه بناء على أن الناقض الخارج النجس لا الخروج
وفي حاشية الرملي لا يذهب عنك أن تضعيف العناية لا يصادم قول شمس الأئمة وهو الأصح
قوله ( واعتمده القهستاني ) حيث جعل القول بعدم النقض فاسدا لأنه يلزم منه أنه لو أخرج الريح أو الغائط أو غيرهما من السبيلين لكان غير ناقض ا هـ
قوله ( ومعناه الخ ) نقله في الأشباه عن البزازية وقدمناه في رسم المفتي
قوله ( بالمنصوص رواية ) أي بالذي نص عليه من جهة الرواية للأدلة الموردة من السنة أو بالفروع المروية عن المجتهد
قوله ( والراجح دراية ) بالرفع عطفا على الأشبه أي الراجح في جهة الدراية أي إدراك العقل بالقياس على غيره كمسألة الفصد ومص العلقة فإنها مما لا خلاف فيه وكإخراج الريح ونحوه وهذا التقرير معنى ما قدمناه آنفا عن الفتح فالمراد بالرواية النصوص من السنة أو من المجتهد وبالدراية القياس فافهم
قوله ( فيكون ) تفريع على قوله ومعناه الخ إذ هو من عبارة البزازية فافهم
قوله ( وينقضه قيء ) أفرده بالذكر مع دخوله في خروج نجس لمخالفته له في حد الخروج وأما السيلان في غير السبيلين فمستفاد من الخروج
نهر
قوله ( بأن يضبط ) أي يمسك بتكلف وهذا ما مشى عليه في الهداية والاختيار والكافي والخلاصة وصححه فخر الإسلام وقاضي خان وقيل ما لا يقدر على إمساكه
قال في البدائع وعليه اعتمد الشيخ أبو منصور وهو الصحيح
وفي الحلية الأول الأشبه
قوله ( بالكسر ) أي مع تشديد الراء المهملة وهي أحد الأخلاط الأربعة الدم والمرة السوداء والمرة الصفراء والبلغم ا هـ
غاية البيان
قوله ( أو علق الخ ) العلق لغة دم منعقد كما هو أحد معانيه لكن المراد به هنا سوداء محترقة كما في الهداية وليس بدم حقيقة كما في الكافي ولهذا اعتبر فيه ملء الفم وإلا فخروج الدم ناقض بلا تفصيل بين قليله وكثيره على المختار ا هـ
أخي جلبي وغيره
قوله ( فغير ناقض ) أي اتفاقا كما في شرح المنية
وذكر في الحلية أن الظاهر أن الكثير منه وهو ما ملأ الفم ناقض
والحاصل أنه إما أن يكون من الرأس أو من الجوف علقا أو سائلا فالنازل من الرأس إن علقا لم ينقض اتفاقا وإن سائلا نقض اتفاقا
والصاعد من الجوف إن علقا فلا اتفاقا ما لم يملأ الفم وإن سائلا فعنده ينقض مطلقا
وعند محمد لا ما لم يملإ الفم كذا في المنية وشرحها والتاتر خانية
وذكر في البحر قول أبي يوسف مع الإمام وقال واختلف التصحيح فصحح في البدائع قولهما قال وبه أخذ عامة المشايخ
وقال الزيلعي إنه المختار وصحح في المحيط قول محمد وكذا في السراج معزيا إلى الوجيز ا هـ
____________________
(1/137)
واعلم أنه وقع في عبارة كل من البحر والنهر والزيلعي إيهام وبما نقلناه من الحاصل يتضح المرام
قوله ( وهو نجس مغلظ ) هذا ما صرحوا به في باب الأنجاس وصحح في المجتبى أنه مخفف
قال في الفتح ولا يعرى عن إشكال وتمامه في النهر
قوله ( هو الصحيح ) مقابلة ما في المجتبى عن الحسن أنه لا ينقض لأنه طاهر حيث لم يستحل وإنما اتصل به قليل القيء فلا يكون حدثا
قال في الفتح قيل وهو المختار
ونقل في البحر تصحيحه عن المعراج وغيره
قوله ( ذكره الحلبي ) أي في شرح المنية الكبير حيث قال والصحيح ظاهر الرواية أنه نجس لمخالطته النجاسة وتداخلها فيه بخلاف البلغم ا هـ
أقول وحيث صح القولان فلا يعدل عن ظاهر الرواية ولذا جزم به الشارح
قوله ( ولو هو في المريء ) محترز قوله إذا وصل إلى معدته قال المريء بفتح الميم مهموز الآخر مجرى الطعام والشراب ا هـ
قوله ( لطهارته في نفسه ) أفرد الضمير لأن العطف بأو ط
وينبغي النقض إذا ملأ الفم على القول بنجاسته
بحر ونهر
ولكن سيأتي في باب المياه أن الحية البرية تفسد الماء إذا ماتت فيه ومقتضاه أنها نجسة فلعل ما هنا محمول على ما إذا كانت صغيرة جدا بحيث لا يكون لها دم سائل لأنها حينئذ لا تفسد الماء فتكون طاهرة كالدود
قوله ( في نفسه ) أي وما عليه قليل لا يملأ الفم فلا يعتبر ناقصا
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان من الرأس أو من الجوف أصفر منتنا أو لا
قوله ( به يفتى ) كذا في البحر عن التجنيس أي خلافا لما اختاره أبو نصر من أنه لو صعد من الجوف أصفر منتنا كان كالقيء ولقول أبي يوسف إنه نجس
قوله ( كقيء عين خمر أو بول ) أي بأن شرب خمرا أو بولا ثم قاء نفس الخمر أو البول
قوله ( وإن لم ينقض لقلته الخ ) أي وإن لم يكن ناقضا لأجل قلته لو فرض قليلا فهو أيضا نجس لنجاسته بالأصالة بخلاف قيء نحو طعام فإنه إنما ينجس بالمجاورة إذا كان كثيرا ملأ الفم فلا ينقض القليل منه ولا ينجس
قوله ( لقلته ) علة لقوله لم ينقض وقوله لنجاسته علة لقوله بخلاف
والأولى جعله علة لتشبيهه بماء الميت فافهم
قوله ( أصلا ) أي سواء كان صاعدا من الجوف أو نازلا من الرأس ح خلافا لأبي يوسف في الصاعد من الجوف وإليه أشار بقوله على المعتمد ولو أخره لكان أولى
قوله ( فيعتبر الغالب ) فإن كانت الغلبة للطعام وكان بحال لو انفرد ملأ الفم نقض وإن كانت الغلبة للبلغم وكان بحال لو انفرد ملأ الفم كانت المسألة على الاختلاف ا هـ
تاتر اخانية
قوله ( فكل على حدة ) فإن كان كل منهما ملأ الفم انتقض الوضوء بالطعام اتفاقا وإلا فلا اتفاقا ولا يضم أحدهما إلى الآخر فلا يعتبر ملء الفم منهما جميعا
قوله ( مائع ) احتراز عن العلق وقد مر
قوله ( من جوف أو ) هو ظاهر كلام الشارحين وكذا صرح ابن ملك بأن الخارج من الجوف إذا غلبه البزاق لا ينقض اتفاقا ظاهر كلام الزيلعي أنه ينقض وإن قل ولا يخفى عدم صحته لمخالفته المنقول مع عدم تعقل فرق بين الخارج من الفم والخارج من الجوف المختلطين بالبزاق
بحر
وعبارة النهر هنا مقلوبة فتنبه
ورد الرحمتي ما في البحر بأن كلام ابن ملك لا يعارض كلام الزيلعي لعلو مرتبة الزيلعي وبأن قوله مع عدم
____________________
(1/138)
تعقل فرق الخ يقال عليه هو متعقل واضح لأن المغلوب الخارج من الفم لم يخرج بقوة نفسه بل بقوة البزاق فلم يكن ناقضا كما عللوه بذلك والخارج من الجوف قد خرج بقوة نفسه لأنه لم يختلط بالبزاق إلا بعد خروج من الجوف لأن البزاق لا يخرج من الجوف بل محله الفم انتهى
وحينئذ فإطلاق الشارحين محمول على غير الخارج من الجوف فلا يكون كلام الزيلعي مخالفا للمنقول والله أعلم
قوله ( غلب على بزاق ) بالزاي والسين والصاد كما في شرح المنية وعلامة كون الدم غالبا أو مساويا أن يكون البزاق أحمر وعلامة كونه مغلوبا أن يكون أصفر
بحر ط
قوله ( احتياطا ) أي لاحتمال السيلان وعدمه فرجح الوجود احتياطا بخلاف ما إذا شك في الحدث لأنه لو يوجد إلا مجرد الشك ولا عبرة له مع اليقين
بحر عن المحيط
قوله ( والقيح كالدم ) قال العلامة الشيخ إسماعيل لم أقف لأحد على ذكر علامة الغلبة وعدمها فيه
قوله ( والاختلاط بالمخاط الخ ) وما نقل عن الثاني من نجاسة المخاط فضعيف نعم حكي في البزازية كراهة الصلاة على خرقته عندهما للإخلال بالتعظيم
وفي المنية انتثر فسقط من أنفه كتلة دم لم ينتقض ا هـ أي لما تقدم من أن العلق خرج عن كونه دما باحتراقه وانجماده
شرح
قوله ( علقة ) دويبة في الماء تمص الدم
قاموس
قوله ( وامتلأت ) كذا في الخانية وقال لأنها لو شقت يخرج منها دم سائل ا هـ
والظاهر أن الامتلاء غير مقيد لأن العبرة للسيلان كما أفاده
ط
قوله ( القراد ) كغراب دويبة
قاموس
قوله ( كذلك ) أي بإذن لم تكن العلقة امتلأت بحيث لا يسيل دمها ولم يكن القراء كبيرا
قوله ( وفي القهستاني الخ ) محل ذكر هذه المسألة والتي بعدها عند قوله وينقضه خروج نجس إلى يطهر
قوله ( لا نقض الخ ) أي لو تورم رأس جرح فظهر به قيح ونحوه لا ينتقض ما لم يتجاوز الورم لأنه لا يجب غسل موضع الورم فلم يتجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير ا هـ
فتح عن المبسوط أي إذا كان يضره غسل ذلك المتورم ومسحه وإلا فينبغي أن ينتقض فليتنبه لذلك
حلية
قوله ( ولو شد الخ ) قال في البدائع ولو ألقى على الجرح الرماد أو التراب فتشرب فيه أو ربط عليه رباطا فابتل الرباط ونفذ قالوا يكون حدثا لأنه سائل وكذا لو كان الرباط ذا طاقين فنفذ إلى أحدهما لما قلنا ا هـ
قال في الفتح ويجب أن يكون معناه إذا كان بحيث لولا الربط سال لأن القميص لو تردد على الجرح فابتل لا ينجس ما لم يكن كذلك لأنه ليس بحدث ا هـ أي وإن فحش كما في المنية ويأتي
مطلب في حكم كي الحمصة تنبيه علم مما هنا ومما مر أنه لا فرق بين الخارج والمخرج حكم كي الحمصة وهو أنه إذا كان الخارج منه دما أو قيحا أو صديدا وكان بحيث لو ترك لم يسل وإنما هو مجرد رشح ونداوة لا ينقض وإن عم الثوب وإلا نقض بمجرد ابتلال الرباط ولا تنس ما قدمناه من أنه إنما يجمع إذا كان في مجلس ثم إن كان الخارج ماء صافيا فهو كالدم
وعن الحسن أنه لا ينقض
والصحيح الأول كما ذكره قاضيخان لكن في الثاني توسعة لمن به جدري أو جرب كما قاله الإمام الحلواني ولا بأس بالعمل به هنا عند الضرورة
____________________
(1/139)
وأما ما قيل من أن العصابة ما دامت على الكي لا ينتقض الوضوء وإن امتلأت قيحا ودما لم يسل من أطرافها أو تحل فيوجد فيها ما فيه قوة السيلان لولا الربط فينتقض حين الحل لا قبله لمفارقتها موضع الجراحة فقد أوضحنا ما فيه في رسالتنا ( الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة )
قوله ( ويجمع متفرق القيء الخ ) أي لوقاء متفرقا بحيث لو جمع صار ملء الفم فأبو يوسف يعتبر اتحاد المجلس فإن حصل ملء الفم في مجلس واحد نقض عنده وإن تعدد الغثيان
ومحمد يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان ا هـ
درر
وتفسير اتحاده أن يقيء ثانيا قبل سكون النفس من الغثيان فإن بعد سكونها كان مختلفا
بحر والمسألة رباعية لأنه إما أن يتحد فينقض اتفاقا أو يتعدد فلا اتفاقا أو يتحدد السبب فقط أو المجلس فقط وفيهما الخلاف
قوله ( وهو الغثيان ) أي مثلا فإنه قد يكون بنحو ضرب وتنكيس بعد امتلاء المعدة ا هـ
غنيمي
وضبطه الحموي بفتح الغين المعجمة والثاء المثلثة والياء المثناة التحتية وبضم الغين وسكون الثاء من غثت نفسه هاجت واضطربت صرح به في الصحاح والمراد هنا أمر حادث في مزاج الإنسان منشؤه تغير طبعه من إحساس النتن المكروه ا هـ
ط
عن أبي السعود قوله ( إضافة الأحكام ) كالنقض ووجوب سجود التلاوة
قوله ( إلى أسبابها ) كالغثيان والتلاوة أي لا إلى مكانها لأنه في حكم الشرط والحكم لا يضاف إلى الشرط
قوله ( إلا لمانع ) أي إلا إذا تعذرت إضافتها إلى الأسباب فتضاف إلى المحال كما في سجدة التلاوة إذا تكرر سببها في مجلس واحد إذ لو اعتبر السبب وانتفى التداخل لأن كل تلاوة سبب وتمامه في البحر وهنا كلام نفيس يطلب من شرح الشيخ إسماعيل على الدرر
قوله ( أصلا ) أي في كل وقت فلا يرد الخارج من المحدث ومن أصحاب الأعذار لأن انتفاء الانتقاض يختص بوقت خاص قهستاني أي فهذا ليس بحدث مع أنه نجس فلذا أخرجه بقوله أصلا المستفاد من زيادة الباء التي هي لتأكيد نفي الخبر
وقد يقال المراد ما يخرج من البدن المتطهر وهو المتبادر وأما ما يخرج من بدن المعذور فهو حدث لكن لا يظهر أثره إلا بخروج الوقت كما صرحوا به
قوله ( ليس بنجس ) أي لا يعرف له وصف النجاسة بسبب خروجه بخلاف القليل من قيء عين الخمر أو البول فإنه وإن لم يكن حدثا لقلته لكنه نجس بالأصالة لا بالخروج هذا ما ظهر لي
تأمل
قوله ( وهو الصحيح ) كذا في الهداية والكافي
وفي شرح الوقاية إنه ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة ا هـ
إسماعيل
قوله ( مائعا ) أي كالماء ونحوه أما في الثياب والأبدان فيفتى بقول أبي يوسف
تتمة ما ذكره المصنف قضية سالبة كلية لا مهملة لأن ما للعموم وكل ما دل عليه فهو سور الكلية كما في المطول وغيره فتنعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل نجس حدث لأنه جعل نقيض الثاني أولا ونقيض الأول ثانيا مع بقاء الكيف والصدق بحاله
وما في الدراية من أنها لا تنعكس فلا يقال ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا لأن النوم والجنون والإغماء وغيرها حدث وليس بنجسة ا هـ
يريد به العكس المستوي لأنه جعل الجزء الأول
____________________
(1/140)
ثانيا والثاني أولا مع بقاء الصدق والكيف بحالهما والسالبة الكلية تنعكس فيه سالبة كلية أيضا وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( وينقضه حكما ) نبه على أن هذا شروع في الناقض الحكمي بعد الحقيقي بناء على أن عينه غير ناقض بل ما لا يخلو عنه النائم وقيل ناقض
ورجح الأول في السراج وبه جزم الزيلعي بل حكي في التوشيح الاتفاق عليه
مطلب نوم من به نفلات ريح غير ناقض وأقول ينبغي أن يكون عينه ناقضا اتفاقا فيمن فيه انفلات ريح إذ ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمتوهم أولى
قلت فيه نظر والأحسن ما في فتاوي ابن الشلبي حيث قال سئلت عن شخص به انفلات ريح هل ينقض وضوءه بالنوم فأجبت بعد النقض بناء على ما هو الصحيح من أن النوم نفسه ليس بناقض وإنما الناقض ما يخرج
ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزمه النقض
قوله ( نوم ) هو فترة طبيعية تحدث للإنسان بلا اختيار منه تمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل مع سلامتها واستعمال العقل مع قيامه فيعجز العبد عن أداء الحقوق
بحر قوله ( بحيث ) حيثية تقييد أي كائنا من هذه الجهة وبهذا الاعتبار
مطلب لفظ حيث موضوع للمكان ويستعار لجهة لشيء وفي التلويح لفظ حيث موضوع للمكان استعير لجهة الشيء واعتباره يقال الموجود من حيث إنه موجود أي من هذه الجهة وبهذا الاعتبار ا هـ فالمراد زوال القوة الماسكة من هذه الجهة التي ذكرها بعد وفسرها بقوله وهو النوم الخ فلا يرد أنه قد تزول المقعدة ولا يحصل النقض كالنوم في السجود
قوله ( وهو ) أي ما تزول به المسكة المذكورة
قوله ( أو وركيه ) الورك بالفتح والكسر وككتف ما فوق الفخذ مؤنثة جمعه أوراك
قاموس
ويلزم من الميل على أحد الوركين سواء اعتمد على المرفق أو لا زوال مقعدته عن الأرض وهو المراد بقول الكنز ومتورك حيث عده ناقضا كما في البحر ا هـ
ح
أقول وهو غير المتورك الآتي قريبا
قوله ( على المختار ) نص عليه في الفتح وهو قيد في قوله في الصلاة قال في شرح الوهبانية ظاهر الرواية أن النوم في الصلاة قائما أو قاعدا أو ساجدا لا يكون حدثا سواء غلبه النوم أو تعمده
وفي جوامع الفقه أنه في الركوع والسجود لا ينقض ولو تعمده ولكن تفسد صلاته ا هـ
قوله ( كالنوم ) مثال للنوم الذي لا يزيل المسكة ط
قوله ( لو أزيل لسقط ) أي لو أزيل ذلك الشيء لسقط النائم فالجملة الشرطية صفة لشيء
قوله ( على المذهب ) أي على ظاهر المذهب عن أبي حنيفة وبه أخذ عامة المشايخ وهو الأصح كما في البدائع واختار الطحاوي والقدوري وصاحب الهداية النقض ومشى عليه بعض أصحاب المتون وهذا إذا لم تكن مقعدته زائلة عن الأرض وإلا نقض اتفاقا كما في البحر وغيره
قوله ( وساجدا ) وكذا قائما وراكعا بالأولى والهيئة المسنونة بأن يكون رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه كم في البحر
قال ط وظاهرة أن المراد الهيئة المسنونة في حق الرجل لا المرأة
قوله ( ولو في غير الصلاة ) مبالغة على قوله على الهيئة المسنونة لا على قوله وساجدا يعني أن كونه على الهيئة المسنونة قيد في عدم النقض ولو
____________________
(1/141)
في الصلاة وبهذا التقرير يوافق كلاما ما عزاه إلى الحلبي في شرح المنية كما سيظهر
قوله ( على المعتمد ) اعلم أنه اختلف في النوم ساجدا فقيل لا يكون حدثا في الصلاة وغيرها وصححه في التحفة وذكر في الخلاصة أنه ظاهر المذهب
وقيل يكون حدثا وذكر في الخانية أنه ظاهر الرواية لكن في الذخيرة أن الأول هو المشهور
وقيل إن سجد على غير الهيئة المسنونة كان حدثا وإلا فلا
قال في البدائع وهو أقرب إلى الصواب إلا أنا تركنا هذا القياس في حالة الصلاة للنص كذا في الحلية ملخصا وصحح الزيلعي ما في البدائع فقال إن كان في الصلاة لا ينتقض وضوءه لقوله عليه الصلاة والسلام لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا وإن كان خارجها فكذلك في الصحيح إن كان على هيئة السجود وإلا ينتقض ا هـ
وبه جزم في البحر وكذلك العلامة الحلبي في شرح المنية الكبير ونقل فيه عن الخلاصة أيضا أن سجود السهو والتلاوة وكذا الشكر عندهما كسجود الصلاة قال لإطلاق لفظ ساجدا في الحديث فيترك به القياس فيما هو سجود شرعا ويبقى ما عداه على القياس فينقض إن لم يكن على وجه السنة ا هـ
لكن اعتمد في شرحه الصغير ما عزاه إليه الشارح من اشتراط الهيئة المسنونة في سجود الصلاة وغيرها
وذكر في شرح الوهبانية أنه قيد به في المحيط وقال وهو الصحيح ومشى عليه في نور الإيضاح وأما قوله في النهر إنه لم يوجد في المحيط الرضوي ففيه أن محيط رضي الدين ثلاثة نسخ كبير وصغير وأوسط على أنه قد يكون المراد محيط السرخسي والله أعلم
تتمة لو نام المريض وهو يصلي مضطجعا قيل لا تنقض طهارته كالنوم في السجود والصحيح النقض كما في الفتح وغيره زاد في السراج وبه نأخذ
قوله ( أو متوركا ) بأن يلصق قدميه من جانب ويلصق أليتيه بالأرض
فتح
قوله ( أو محتبيا ) بأن جلس على أليتيه ونصب ركبتيه وشد ساقيه إلى نفسه بيديه أو بشيء يحيط من ظهره عليهما
شرح المنية
قوله ( ورأسه على ركبتيه ) غير قيد وإنما زاده للرد على الاتفاق في غاية البيان حيث فسر الاتكاء الناقض للوضوء بهذه الهيئة
قال في شرح المنية هذه الهيئة لا تعرف في اللغة اتكاء قطعا وإنما تسمى احتباء وإنما سماها الإتقاني بذلك وتبعه فيه من لا خبرة له ولا فقه عنده ا هـ
قوله ( أو شبه المنكب ) أي على وجهه وهو كما في شروح الهداية أن ينام واضعا أليتيه على عقبيه وبطنه على فخذيه ونقل عدم النقض به في الفتح عن الذخيرة أيضا ثم نقل عن غيرها لو نام متربعا ورأسه على فخذيه نقض
قال وهذا يخالف ما في الذخيرة واختار في شرح المنية النقض في مسألة الذخيرة لارتفاع المقعدة وزوال التمكن
وإذا نقض في التربع مع أنه أشد تمكنا فالوجه الصحيح النقض هنا ثم أيده بما في الكفاية عن المبسوطين من أنه لو نام قاعدا ووضع أليتيه على عقبيه وصار شبه المنكب على وجهه
قال أبو يوسف عليه الوضوء
قوله ( أو في محمل ) أي إلا إذا اضطجع فيه
حلية
قوله ( أو إكاف ) بدون ياء برذعة الحمار وهو ككتاب وغراب والمصدر الإيكاف ط عن القاموس
وأفاد الشارح أن النوم في سرج وإكاف لا ينقض حال الصعود وغيره وبه صرح في المنية
قوله ( عريانا ) قال في المغرب فرس عرى لا سرج عليه ولا لبد وجمعه أعراء ولا يقال فرس عريان ا هـ
قلت لكن في القاموس فرس عرى بالضم بلا سرج واعرورى فرسا ركبه عريانا
قوله ( نقض ) لتجافي المقعدة عن ظهر الدابة
حلية
قوله ( وإلا ) بأن كان حال الصعود أو الاستواء
منية
قوله ( حين سقط ) أي عند إصابة الأرض بلا
____________________
(1/142)
فضل
شرح منية وكذا قبل السقوط أو في حال السقوط أما لو استقر ثم انتبه نقض لأنه وجد النوم مضطجعا
حلية
قوله ( به يفتى ) كذا في الخلاصة
وقيل إن ارتفعت مقعدته قبل انتباهه نقض وإن لم يسقط
وفي الخانية عن شمس الأئمة الحلواني أنه ظاهر المذهب وعليه مشى في نور الإيضاح قال في شرح المنية والأول أولى لأنه لا يتم الاسترخاء بعد مزايلة المقعدة حيث انتبه فورا
قوله ( كناعس ) أي إذا كان غير متمكن وقوله يفهم عبر به في البحر معزيا إلى شروح الهداية وعبر في السراج والزيلعي والتاترخانية بيسمع
وفي الخانية النعاس لا ينقض الوضوء وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال عنده
قال الرحمتي ولا ينبغي أن يغتر الإنسان بنفسه لأن ربما يستغرقه النوم ويظن خلافه
قوله ( والعته ) هو آفة توجب الاختلال بالعقل بحيث يصير مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم
بحر
قوله ( لا ينقض ) قال في البحر بعد نقله أقوال الأصوليين في حكم العته وظاهر كلام الكل الاتفاق على صحة أدائه العبادات أما من جعله مكلفا بها فظاهر وكذا من جعله كالصبي العاقل وقد صرحوا بصحة عبادات الصبي فيفهم منه أنه العته لا ينقض الوضوء
مطلب نوم الأنبياء غير ناقض قوله ( كنوم الأنبياء ) قال في البحر صرح في القنية بأنه من خصوصياته ولذا ورد في الصحيحين أن النبي نام حتى نفخ ثم قام إلى لصلاة ولم يتوضأ لما ورد في حديث آخر إن عيني تنامان ولا ينام قلبي
ولا يشكل عليه ما ورد في الصحيح من أنه نام ليلة التعريس حتى طلعت الشمس لأن القلب يقظان يحس بالحدث وغيره مما يتعلق بالبدن ويشعر به القلب وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ولا هو مما يدرك القلب وإنما يدرك بالعين وهي نائمة وهذا هو المشهور في كتب المحدثين والفقهاء كذا في شرح التهذيب ا هـ
وأجاب القاضي عياض في الشفاء بأجوبة أخر منها أن ذلك إخبار عن أغلب أحواله أو أنه لا ينام نوما مستغرقا ناقضا للوضوء
قوله ( ظاهر كلام المبسوط نعم ) كذا في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح الكنز لابن الشلبي
قال بعض الفضلاء فيه أن علة عدم النقض بنومهم هي حفظ قلوبهم منه وهذه العلة موجودة حالة إغمائهم
قال في المواهب اللدنية نبه السبكي على أن إغماءهم يخالف إغماء غيرهم وإنما هو عن غلبة الأوجاع للحواس الظاهرة دون القلب وقد ورد تنام أعينهم لا قلوبهم فإذا حفظت قلوبهم من النوم الذي هو أخف من الإغماء فمنه بالأولى ا هـ
ابن عبد الرزاق
وفي القهستاني لا نقض من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومقتضاه التعميم في كل النواقض لكن نقل ط عن شرح الشفاء لمنلا علي القاري الإجماع على أنه في نواقض الوضوء كالأمة إلا ما صح من استثناء النوم ا هـ
قوله ( وينقضه إغماء ) هو كما في التحرير آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا
نهر
قوله ( ومنه الغشي ) بالضم والسكون تعطل
____________________
(1/143)
القوى المحركة والحساسة لضعف القلب من الجوع أو غيره
قهستاني
زاد في شرح الوهبانية بفتح فسكون وبكسرتين مع تشديد الياء وكونه نوعا من الإغماء موافق لما في القاموس وحدود المتكلمين
قال في النهر إلا أن الفقهاء يفرقون بينهما كالأطباء ا هـ أي بأنه إن كان ذلك التعطل لضعف القلب واجتماع الروح إليه بسبب يخنقه في داخله فلا يجد منفذا فهو الغشي وإن لامتلاء بطون الدماغ من بلغم فهو الإغماء
ثم لما كان سلب الاختيار في الإغماء أشد من النوم كان ناقضا على أي هيئة كان بخلاف النوم
إسماعيل
قوله ( والجنون ) صاحبه مسلوب العقل بخلاف الإغماء فإنه مغلوب والإطلاق دال على أن القليل من كل منهما ناقض لأنه فوق النوم مضطجعا
قهستاني
قوله ( وسكر ) هو حالة تعرض للإنسان من امتلاء دماغه من الأبخرة المتصاعدة من الخمر ونحوه فيتعطل معه العقل المميز بين الأمور الحسنة والقبيحة
إسماعيل عن البرجندي
قوله ( يدخل ) أي به
قال في النهر واختلف في حده هنا وفي الأيمان والحدود فقال الإمام إنه سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض ولا الطول من العرض وخوطب زجرا له
وقالا بل يغلب عليه فيهذي في أكثر كلامه ولا شك أنه إذا وصل إلى هذه الحالة فقد دخل في مشيته اختلال والتقييد بالأكثر يفيد أن النصف من كلامه لو استقام لا يكون سكران وقد رجحوا قولهما في الأبواب الثلاثة
قال في حدود الفتح وأكثر المشايخ على قولهما واختاره للفتوى وفي نواقض المجتبى الصحيح قولهما ا هـ أي فلا يشترط في حده أن يصل إلى أن لا يعرف الأرض من السماء
قوله ( ولو بأكل الحشيشة ) ذكره في النهر بحثا واستدل له بما في شرح الوهبانية من أنهم حكموا بوقوع طلاقه إذا سكر منها زجرا له
قال الشيخ إسماعيل ولا يخفى أن قول البرجندي من الخمر ونحوه شامل له إذا تعطل العقل وقول البحر بمباشرة بعض الأسباب
ا هـ
فرع المصروع إذا أفاق عليه الوضوء
تاترخانية
قوله ( وقهقهة ) قيل إنها من الأحداث وقيل لا وإنما وجب الوضوء بها عقوبة وزجرا
وفائدة الخلاف في مس المصحف يجوز على الثاني لا الأول كما في المعراج
قال في النهر وينبغي أن يظهر أيضا في كتابة القرآن وأما حل الطواف فهذا الوضوء ففيه تردد وإلحاق الطواف بالصلاة يؤذن بأنه لا يجوز فتدبره
ورجح في البحر القول الثاني بموافقته للقياس لأنها ليست خارجا نجسا بل هي صوت كالكلام والبكاء وبموافقته للأحاديث المروية فيها إذ ليس فيها إلا الأمر بإعادة الوضوء والصلاة ولا يلزم منه كونها حدثا ا هـ
وأيده في النهر بقول المصنف وغيره بالغ ولو كانت حدثا لاستوى فيها البالغ وغيره وبترجيحهم عدم النقض بقهقهة النائم أي لعدم الجناية منه كالصبي
أقول ثم لا يخفى أن معنى القول الثاني بطلان الوضوء بالقهقهة في حق الصلاة زجرا كبطلان الإرث بالقتل وإن لم يبطل في حق غيرها لعدم الحدث وليس معناه أن الوضوء لم يبطل وإنما أمر بإعادته زجرا حتى يرد أنه يلزمه أنه لو صلى به صحت الصلاة مع الحرمة ووجوب الإعادة فيكون مخالفا لأصل المذهب فافهم
قوله ( هي ما يسمع جيرانه ) قال في البحر هي في اللغة معروفة وهي أن يقول قه قه
واصطلاحا ما يكون مسموعا له ولجيرانه بدت أسنانه أو لا ا هـ
في المنية وحد القهقهة قال بعضهم ما يظهر القاف والهاء ويكون مسموعا له ولجيرانه
وقال بعضهم إذا بدت نواجذه ومنعه من القراءة ا هـ
لكن قال في الحلية لم أقف على التصريح
____________________
(1/144)
باشتراط إظهار القاف والهاء لأحد بل الذي توارد عليه كثير من المشايخ كصاحب المحيط والهداية والكافي وغيرهم ما يكون مسموعا له ولجيرانه
وظاهره التوسع في إطلاق القهقهة على ما له صوت وإن عري عن ظهور القاف والهاء أو أحدهما ا هـ
واحترز به عن الضحك وهو لغة أعم من القهقهة
واصطلاحا ما كان مسموعا له فقط فلا ينقض الوضوء بل يبطل الصلاة
وعن التبسم وهو ما لا صوت فيه أصلا بل تبدو أسنانه فقط فلا يبطلهما وتمامه في البحر ولم أرد من قدر الجواز بشيء ومقتضى تعريف الضحك بما كان مسموعا له فقط أن القهقهة ما يسمعها غيره من أهل مجلسه فهم جيرانه لا خصوص من عن يمينه أو عن يساره لأن كل ما كان مسموعا له يسمعه من عن يمينه أو يساره
تأمل
قوله ( ولو امرأة ) لأن النساء شقائق الرجال في التكاليف ط ولا يرد أن قوله بالغ صفة للمذكر لأنه لا يقال جارية بالغ كما في القاموس
قوله ( سهوا ) أي ولو سهوا فهو من مدخول المبالغة وكذا النسيان
وذكر في المعراج فيهما روايتين ورجح في البحر رواية النقض وبها جزم الزيلعي في النسيان ولم يذكر السهو فافهم
قوله ( به يفتى ) لما قدمناه من أن النقض للزجر والعقوبة والصبي والنائم ليسا من أهلها وصرحوا بأن القهقهة كلام فتفسد صلاتهما وثم أقوال أخر صحح بعضها مبسوطة في البحر
قوله ( كالباني ) أي من سبقه الحدث في الصلاة فأراد أن يبني على صلاته فقهقة في الطريق بعد الوضوء ينقض وضوءه وهو إحدى روايتين وبه جزم الزيلعي
قال في البحر قيل وهو الأحوط ولا نزاع في بطلان صلاته ا هـ
قوله ( مستقلة ) تصريح بمفهوم قوله صغرى فإنه يفهم أنه ولو كان يصلي بطهارة كبرى وهي الغسل لا ينتقض الوضوء الذي ضمنها فكان الأخضر حذفه إلا أن يقال احترز بصغرى عن نفس طهارة الغسل فلا يلزمه إعادته وبمستقلة عن الصغرى التي في ضمنه فتأمل
قوله ( والفتح والنهر ) لأنه ذكر في الفتح عن المحيط أنه الصحيح وعبر عن مقابله بقبل
وفي النهر ذكر أنه الذي رجحه المتأخرون وحيث لم يتعقبه مع اقتصاره عليه وجزمه به اقتضى ترجيحه له ولذا لم يعز ترجيحه إلى البحر لكونه ذكر القولين حيث قال على قول عامة المشايخ لا تنقض
وصحح المتأخرون كقاضيخان النقض مع اتفاقهم على بطلان ا هـ
قوله ( عقوبة له ) لإساءته في حال مناجاته لربه تعالى
قوله ( وعليه الجمهور ) أي من المتأخرين كما علمت
قوله ( كاملة ) أي ذات ركوع وسجود أو ما يقوم مقامهما من الإيماء لعذر أو راكبا يومىء بالنقل أو بالفرض حيث يجوز فلا تنقض في صلاة جنازة وسجدة تلاوة أي خارج الصلاة لكن يبطلان ولا لو كان راكبا يومىء بالتطوع في المصر أو القرية لعدم جواز الصلاة عنده خلافا للثاني
قوله ( ولو عند السلام ) أي قبله وبعد التشهد
درر وكذا لو في سجود السهو
بحر عن المحيط
قوله ( عمدا ) أي ولو كانت القهقهة عمدا
وفيه رد على صاحب الدرر حيث قال إلا أن يتعمد وسيأتي في باب الحدث في الصلاة التصريف بفساد الوضوء بالقهقهة عمدا بعد القعود قدر التشهد لوجودها في حرمة الصلاة
قوله ( لا الصلاة ) لأنه لم يبق من فرائضها شيء وترك السلام لا يضر في الصحة
إمداد
قوله ( خلافا لزفر ) حيث قال لا تبطل الوضوء كالصلاة
شرنبلالية
قوله ( ولو قهقه إمامه الخ ) أي بعد القعود قدر التشهد
قوله ( ثم قهقه المؤتم ) أما لو قهقه قبل إمامه أو معه بطل وضوءه دون صلاته لوجودها في حرمة الصلاة
____________________
(1/145)
سراج
قوله ( ولو مسبوقا ) رد على الدرر
قوله ( فلا نقض ) أي لوضوء المؤتم لأن قهقهته وقعت بعد بطلان صلاته بقهقهة إمامة خلافا لهما في المسبوق حيث قالا لا تفسد صلاته ويقوم إلى قضاء ما فاته
وفي فساد صلاته اللاحق روايتان عن أبي حنيفة
سراج
قوله ( بخلافهما ) أي بخلاف قهقهة المأموم بعد كلام الإمام عمدا وكذا بعد سلامه عمدا لأنهما قاطعان للصلاة لا مفسدان إذ لم يفوتا شرطها وهو الطهارة فلم يفسد بهما شيء من صلاة المأموم فينتقض وضوءه بقهقهته أما حدثه عمدا وكذا قهقهته عمدا فمفوتان للطهارة فيفسد جزء يلاقيانه فيفسد من صلاة المأموم كذلك فتكون قهقهة المأموم بعد الخروج من الصلاة فلا تنقض وتمامه في حاشية نوح أفندي
قوله ( في الأصح ) مقابله ما في الخلاصة حيث صحح عدم فساد الطهارة بقهقهة المأموم بعد كلام الإمام أو سلامه عمدا
قال في الفتح ولو قهقه بعد كلام الإمام عمدا فسدت كسلامه على الأصح على خلاف ما في الخلاصة ا هـ
أقول وما في الفتح صححه في الخانية أيضا
قوله ( الامتحان ) أي اختبار ذهن الطالب
قوله ( المسح ) أي مسح الخف أو الرأس أو الجبيرة
قال ط وكذا لو نسي غسل بعض أعضائه إذ المسح ليس قيدا على ما يظهر
قوله ( قبل قيامه للصلاة ) أي قبل شروعه فيها كأن قهقه حال رجوعه
قوله ( انتقض ) فإنه في الصلاة حكما وهذا على ما جزم به الزيلعي من إحدى الروايتين من انتقاض طهارة الباني لو قهقه في الطريق كما قدمناه
قوله ( لا بعده ) أي لا ينتقض لو قهقه بعد قيامه لها أي شروعه فيها لأنه لما شرع فيها وهو ذاكر أنه لم يمسح فقد بطلت صلاته فتكون قهقهته بعد خارج الصلاة فلا تنقض
ووجه الامتحان فيها أن يقال أي قهقهة تنقض الوضوء قبل الشروع في الصلاة حقيقة لا بعده
قوله ( ومباشرة ) مأخوذة من البشرة وهي ظاهر الجلد
قوله ( فاحشة ) المراد بالفحش الظهور لا الذي نهى عنه الشارع إذ قد تكون بين الرجل وامرأته أو المعنى فاحشة أن لو كانت مع الأجنبية أو باعتبار أغلب صورها لأنها تكون بين المرأتين والرجل والغلام ثم هي من الناقض الحكمي ط
قوله ( فتماس الفرجين ) أي من غير حائل من جهة القبل أو الدبر
شرح المنية
ثم المنقول أن ظاهر الرواية عدم اشتراطه
وفي الينابيع روى الحسن اشتراط التماس وهو أظهر وصححه الإسبيجابي
وفي الزيلعي أنه الظاهر ا هـ أي من جهة الدراية لا الرواية
أفاده في البحر
ويشترط أن يكون تماس الفرجين من شخصين مشتهيين بدليل ما سيذكره الشارح في الغسل أنه لا يجب الغسل بوطء صغيرة غير مشتهاة ولا ينتقض الوضوء الخ
تأمل
قوله ( مع الانتشار ) هذا في حق نقض وضوئه لا وضوئها فإنه لا يشترط في نقضه انتشار آلة لرجل
قنية
وفي الشرنبلالية زاد الكمال في تفسيرها المعانقة وتبعه صاحب البرهان فقال وهي أن يتجردا معا معانقين متماسي الفرجين قوله ( للجانبين ) فينتقض وضوء المرأة وما في الحلية حيث قال إني لم أقف عليه إلا في المنية وفيه تأمل رده في البحر والنهر
قوله ( على المعتمد ) وهو قولهما لأنها لا تخلو عن خروج مذي غالبا وهو كالمتحقق في مقام وجوب الاحتياط إقامة للسبب الظاهر مقام الأمر الباطن
وقال محمد لا تنقض ما لم يظهر شيء وصححه في الحقائق ورده في البحر والنهر بما نقله في الحلية عن التحفة من أن الصحيح قولهما وهو المذكور في المتون
قلت لكن في الحلية قال بعد ما نقل تصحيح قولهما ولقائل أن يقول الأظهر وجه محمد فقوله أوجه ما لم
____________________
(1/146)
يثبت دليل سمعي يفيد ما قالاه ا هـ في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح البرجندي وأكثر الكتب متضافرة على أن الصحيح المفتى به قول محمد وعدم ذكر صاحب الهداية لها في النواقض يشعر باختياره ا هـ
تأمل
قوله ( لكن يغسل يده ندبا ) لحديث من مس ذكره فليتوضأ أي ليغسل يده جمعا بينه وبين قوله هل هو إلا بضعة منك حين سئل عن الرجل يمس ذكره بعد ما يتوضأ وفي رواية في الصلاة أخرجه الطحاوي وأصحاب السنن إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان
وقال الترمذي إنه أحسن شيء يروى في هذا الباب وأصح ويشهد له ما أخرجه الطحاوي عن مصعب بن سعد قال كنت آخذا على أبي المصحف فاحتككت فأصبت فرجي فقلت نعم فقال قم فاغسل يدك وقد ورد تفسير الوضوء بمثله في الوضوء مما مسته النار وتمامه في الحلية والبحر
أقول ومفاده استحباب غسل اليد مطلقا كما هو مفاد إطلاق المبسوط خلافا لما استفاده في البحر من عبارة البدائع من تقييده بما إذا كان مستنجيا بالحجر كما أوضحه في النهر
مطلب في ندب مراعاة الخلاف إذا لم يرتكب مكروه مذهبه قوله ( لكن يندب الخ ) قال في النهر إلا أن مراتب الندب تختلف بحسب قوة دليل المخالف وضعفه
قوله ( لكن بشرط ) استدراك على ما فهم من الكلام من أن الإمام يراعي مذهب من يقتدي به سواء كان في هذه المسألة أو في غيرها وإلا فالمراعاة في المذكور هنا ليس فيها ارتكاب مكروه مذهبه ا هـ
ح
بقي هل المراد بالكراهة هنا ما يعم التنزيهية توقف فيه ط
والظاهر نعم كالتغليس في صلاة الفجر السنة عند الشافعي مع أن الأفضل عندنا الإسفار فلا يندب مراعاة للخلاف فيه
وكصوم يوم الشك فإنه الأفضل عندنا وعند الشافعي حرام ولم أر من قال يندب عدم صومه مراعاة للخلاف
وكالاعتماد وجلسة الاستراحة السنة عندنا تركهما ولو فعلهما لا بأس كما سيأتي في محله فيكره فعلهما تنزيها مع أنهما سنتان عند الشافعي
قوله ( وصديد ) في المغرب صديد الجرح ماؤه الرقيق المختلط بالدم
قوله ( وعين ) أي وماء عين وهو الدمع وقت الرمد
وفي بعض النسخ وغيره بدل وعين أن غير ماء السرة كماء نفطة وجرح
قوله ( لا بوجع ) تقييد لعدم النقض بخروج ذلك وعدم النقض هو ما مشى عليه الدرر والجوهرة والزيلعي معزيا للحلواني قال في البحر وفيه نظر بل الظاهر إذا كان الخارج قيحا أو صديدا لنقض سواء كان مع وجع أو بدونه لأنهما لا يخرجان إلا عن علة نعم هذا التفصيل حسن فيما إذا كان الخارج ماء ليس غير ا هـ
وأقره في الشرنبلالية وأيده بعبارة الفتح الجرح والنفطة وماء الثدي والسرة والأذن إذا كان لعلة سواء على الأصح ا هـ
فالضمير في كان للماء فقط فهو مؤيد لكلام البحر
وفيه إشارة إلى أن الوضع غير قيد بل وجود العلة كاف وما بحثه في البحر مأخوذ من الحلية واعترضه في النهر بقوله لم لا يجوز أن يكون القيح الخارج من الأذن عن جرح برا وعلامته عدم التألم
____________________
(1/147)
فالحصر ممنوع ا هـ أي الحصر بقوله لا يخرجان إلا عن علة
وأنت خبير بأن الخروج دليل العلة ولو بلا ألم وإنما الألم شرط للماء فقط فإنه لا يعلم كون الماء الخارج من الأذن أو العين أو نحوهما دما متغيرا إلا بالعلة والألم دليلهما بخلاف نحو الدم والقيح ولذا أطلقوا في الخارج من غير السبيلين كالدم والقيح والصديد أنه ينقض الوضوء ولم يشترطوا سوى التجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير ولم يقيدوه في المتون ولا في الشروح بالألم ولا بالعلة فالتقييد بذلك في الخارج من الأذن مشكل لمخالفته لإطلاقهم
قوله ( وعمش ) هو ضعيف الرؤية مع سيلان الدم في أكثر الأوقات
درر وقاموس
قوله ( ناقض الخ ) قال في المنية وعن محمد إذا كان في عينيه رمد وتسيل الدموع منها آمره بالوضوء لوقت كل صلاة لأني أخاف أن يكون ما يسيل منها صديدا
فيكون صاحب العذر ا هـ
قال في الفتح وهذا التعليل يقتضي أنه أمر استحباب فإن الشك والاحتمال لا يوجب الحكم بالنقض إذ اليقين لا يزول بالشك نعم إذا علم بإخبار الأطباء أو بعلامات تغلب ظن المبتلى يجب ا هـ
قال في الحلية ويشهد له قول الزاهدي عقب هذه المسألة وعن هشام في جامعه إن كان قيحا فكالمستحاضة وإلا فكالصحيح ا هـ
ثم قال في الحلية وعلى هذا ينبغي أن يحمل على ما إذا كان الخارج من العين متغيرا ا هـ
أقول الظاهر أن ما استشهد به رواية أخرى لا يمكن حمل ما مر عليها بدليل قول محمد لأني أخاف أن يكون صديدا لأنه إذا كان متغيرا يكون صديدا أو قيحا فلا يناسبه التعليل بالخوف وقد استدرك في البحر على ما في الفتح بقوله لكن صرح في السراج بأنه صاحب عذر فكان الأمر للإيجاب ا هـ
ويشهد له قول المجتبى ينتقض وضوءه
قوله ( مجتبى ) عبارته الدم والقيح والصديد وماء الجرح والنفطة وماء البثرة والثدي والعين والأذن لعلة سواء على الأصح وقولهم والعين والأذن لعلة دليل على أن من رمدت عينه فسال منها ماء بسبب الرمد ينتقض وضوءه وهذه مسألة الناس عنها غافلون ا هـ
وظاهره أن المدار على الخروج لعلة وإن لم يكن معه وجع
تأمل
وفي الخانية الغرب في العين بمنزلة الجرح فيما يسيل منه فهو نجس
قال في المغرب والغرب عرق في مجرى الدمع يسقي فلا ينقطع مثل الباسور
وعن الأصعمي بعينه غرب إذا كانت تسيل ولا تنقطع دموعها
والغرب بالتحريك ورم في المآقي وعلى ذلك صح التحريك والتسكين في الغرب ا هـ
أقول قد سئلت عمن رمد وسال دمعه ثم استمر سائلا بعد زوال الرمد وصار يخرج بلا وجع فأجبت بالنقض أخذا مما مر لأن عروضه مع المرد دليل على أنه لعلة وإن كان الآن بلا رمد ولا وجع خلافا لظاهر كلام الشارح فتدبر
قوله ( إحليله ) بكسر الهمزة مجرى البول من الذكر بحر
قوله ( هذا ) أي النقض بما ذكر ومراده بيان المراد من الطرف الظاهر بأنه ما كان عليا عن رأس الإحليل أو مساويا له أي ما كان خارجا من رأسه زائدا عليه أو محاذيا لرأسه لتحقق خروج النجس بابتلاله بخلاف ما إذا ابتل الطرف وكان متسفلا عن رأس الإحليل أي غائبا فيه لم يحاذه ولم يعل فوقه فإن ابتلاله غير ناقض إذ لم يوجد خروج فهو كابتلال الطرف الآخر
____________________
(1/148)
الذي في داخل القصبة
قوله ( والفرج الداخل ) أما لو احتشت في الفرج الخارج فابتل داخل الحشو انتقض سواء نفذ البلل إلى خارج الحشو أو لا للتيقن بالخروج من الفرج الداخل وهو المعتبر في الانتقاض لأن الفرج الخارج بمنزلة القلفة فكما ينتقض بما يخرج من قصبة الذكر إليها وإن لم يخرج منها كذلك بما يخرج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج وإن لم يخرج من الخارج ا هـ
شرح المنية
قوله ( لا ينتقض ) لعدم الخروج
قوله ( ولو سقطت الخ ) أو لو خرجت القطنة من الإحليل رطبة انتقض لخروج النجاسة وإن قلت وإن لم تكن رطبة أي ليس بها أثر للنجاسة أصلا فلا نقض كما لو أقطر الدهن في إحليله فعاد بخلاف ما يغيب في الدبر فإن خروجه ينقض وإن لم يكن عليه رطوبة لأنه التحق بما في الأمعاء وهي محل القذر بخلاف قصبة الذكر وكذا لو خرج الدهن من الدبر بعد ما احتقن به ينقض بلا خلاف كما يفسد الصوم كما في شرح المنية
قلت لكن فساد الصوم بالاحتقان بالدهن لا بخروجه كما لا يخفى وإن أوهم كلامه خلافه
قوله ( ولم يغيبها ) لكن الصحيح أنه تعتبر البلة أو الرائحة ذكره في المنتقى لأنه ليس بداخل من كل وجه ولهذا لا يفسد صومه فلا ينتقض وضوءه ا هـ
حلية عن شارح الجامع لقاضيخان فإذا وجدت البلة أو الرائحة ينقض
وفي المنية وإن أدخل المحقنة ثم أخرجها وإن لم يكن عليها بلة لم ينقض والأحوط أن يتوضأ ا هـ
وفي شرحها وكذا كل شيء يدخله وطرفه خارج غير الذكر
قوله ( فإن غيبها ) قال في شرح المنية وكل شيء غيبه ثم خرج ينقض وإن لم يكن عليه بلة لأن التحق بما في البطن ولذا يفسد الصوم بخلاف ما إذا كان طرفه خارجا ا هـ
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الينابيع وكل شيء غيبه في دبره ثم أخرجه أو خرج بنفسه ينقض الوضوء والصوم وكل شيء أدخل بعضه وطرفه خارج لا ينقضهما انتهى
أقول على هذا ينبغي أن تكون الأصبع كالمحقنة فيعتبر فيها البلة لأن طرفها يبقى خارجا لاتصالها باليد إلا أن يقال لما كانت عضوا مستقلا فإذا غابت اعتبرت كالمنفصل لكن ما سيأتي في الصوم مطلق
فإنه سيأتي أنه لو أدخل عودا في مقعدته وغاب فسد وإلا فلا وإن أدخل أصبعه فالمختار أنها لو مبتلة فسد وإلا فلا
تأمل
ولذا قال في البدائع هذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرط فساد الصوم
قوله ( بطل وضوءه وصومه ) أي في المسألتين لكن بطلان الصوم في الأولى خلاف المختار إلا أن يفرق بين مجرد إدخال الأصبع وتغييبها ويحتاج إلى نقل صريح فإن ما ذكروه في الصوم مطلق كما علمت ولهذا قال ط إن في كلامه لفا ونشرا مرتبا فبطلان الوضوء يرجع إلى قوله ولو غيبها وقوله وصومه يرجع إلى قوله أو أدخلها عند الاستنجاء
قلت لكن لو أدخلها عند الاستنجاء ينتقض وضوءه أيضا لأنها لا تخلو من البلة إذا خرجت كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الواقعات وكذا في التاترخانية لكن نقل فيها أيضا عن الذخيرة عدم النقض والذي يظهر هو النقض لخروج البلة معها
والحاصل أن الصوم يبطل بالدخول والوضوء بالخروج فإذا أدخل عودا جافا ولم يغيبه لا يفسد الصوم لأنه ليس بداخل من كل وجه ومثله الأصبع وإن غيب العود فسد لتحقق الدخول وكذا لو كان هو أو الأصبع مبتلا لاستقرار البلة في الجوف وإذا أخرج العود بعد ما غاب فسد وضوءه مطلقا وإن لم يغب فإن عليه
____________________
(1/149)
بلة أو فيه رائحة فسد الوضوء وإلا فلا
قوله ( بيده ) أو بخرقة
بحر
قوله ( انتقض ) لأنه يلتزق بيده شيء من النجاسة
بحر أي فيتحقق خروجها
قوله ( لا ) أي لا ينتقض لعدم تحقق الخروج لكن ذكر بعده في البحر عن الحلواني أنه إن تيقن خروج الدبر تنتقض طهارته بخروج النجاسة من الباطن إلى الظاهر ا هـ
وبه جزم في الإمداد
قوله ( وكذا ) أي في عدم النقض وهذا ذكره في البحر عن التوشيح تخريجا على مسألة الباسوري
قوله ( فدخلت ) الأولى حذفه ليكون التشبيه في طرفي الإدخال والدخول ط
قوله ( من لذكره الخ ) فيه إيجاز وأصل العبارة كما في الخانية لو كان بذكر الرجل جرح له رأسان أحدهما يخرج منه الذي يسيل في مجرى البول والثاني ما لا يسيل فيه فالأول بمنزلة الإحليل إذا ظهر البول على رأسه ينقض وإن لم يسل ولا وضوء في الثاني ما لم يسل
قوله ( فرجه الآخر ) أي المحكوم بزيادته على أصل خلقته
قوله ( كالجرح ) أي لا ينقض الوضوء ما يخرج منه ما لم يسل
خانية وبه جزم في الفتح وغيره لكن قال الزيلعي وأكثرهم على إيجاب الوضوء عليه
قال في النهر إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول
قوله ( بكل ) أي بالخارج من كل بمجرد الظهور عملا بالأحوط كما في التوضيح ط
قوله ( منكر الوضوء ) أو وجوبه
قوله ( نعم ) لإنكاره النص القطعي وهو آية { إذا قمتم } المائدة 6 والإجماع
قوله ( ولغيرها لا ) ظاهره ولو لمس المصحف لوقوع الخلاف في تفسير آيته كما مر ط
قوله ( شك في بعض وضوئه ) أي شك في ترك عضو من أعضائه
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن في خلاله بل كان بعد الفراغ منه وإن كان أول ما عرض له الشك أو كان الشك عادة له وإن كان في خلاله فلا يعيد شيئا قطعا للوسوسة عنه كما في التاترخانية وغيرها
قوله ( غسل رجله اليسرى ) قال في الفتح ولا يخفى أن المراد إذا كان الشك بعد الفراغ
وقياسه أنه لو كان في أثناء الوضوء يغسل الأخير كما إذا علم أنه لم يغسل رجليه عينا وعلم أنه ترك فرضا مما قبلهما وشك في أنه ما هو يمسح رأسه
والفرق بين هذه والمسألة التي قبلها أنه لا تيقن بترك شيء هناك أصلا ا هـ
قوله ( ولو أيقن بالطهارة الخ ) حاصله أنه إذا علم سبق الطهارة وشك في عروض الحدث بعدها أو بالعكس أخذ باليقين وهو السابق
قال في الفتح إلا إن تأيد اللاحق فعن محمد علم المتوضىء دخول الخلاء للحاجة وشك في قضائها قبل خروجه عليه الوضوء أو علم جلوسه للوضوء بإناء وشك في إقامته قبل قيامه لا وضوء ا هـ
قوله ( وشك بالحدث ) أي الحقيقي أو الحكمي ليشمل ما لو شك هل نام وهل نام متمكنا أو لا أو زالت إحدى أليتيه وشك هل كان ذلك قبل اليقظة أو بعدها ا هـ
حموي قوله ( فهو متطهر ) لأن الغالب أن الطهارة بعد الحدث ط لكن في حاشية الحموي عن فتح المدبر للعلامة محمد السمديسي من تيقن بالطهارة والحدث وشك في السابق يؤمر بالتذكر فيما قبلهما فإن كان محدثا
____________________
(1/150)
فهو الآن متطهر لأنه تيقن الطهارة بعد ذلك الحدث وشك في انتقاضها لأنه لا يدري هل الحدث الثاني قبلها أو بعدها وإن كان متطهرا فإن كان يعتاد التجديد فهو الآن محدث لأنه متيقن حدثا بعد تلك الطهارة وشك في زواله لأنه لا يدري هل الطهارة الثانية متأخرة عنه أم لا بأن يكون وإلى بين الطهارتين ا هـ
قال الحموي ومنه يعلم ما في كلام المصنف يعني صاحب الأشباه من القصور
قوله ( ولو شك الخ ) في التاترخانية من شك في إنائه أو ثوبه أو بدنه أصابته نجاسة أو لا فهو طاهر ما لم يستيقن وكذا الآبار والحياض والحباب الموضوعة في الطرقات ويستقي منها الصغار والكبار والمسلمون والكفار وكذا ما يتخذه أهل الشرك أو الجهلة من المسلمين كالسمن والخبز والأطعمة والثياب ا هـ
ملخصا
فرع لو شك في السائل من ذكره أماء هو أم بول
إن قرب عهده بالماء أو تكرر مضى وإلا أعاده بخلاف ما لو غلب على ظنه أنه أحدهما
فتح
مطلب في أبحاث الغسل قوله ( وفرض الغسل ) الواو للاستئناف أو للعطف على قوله أركان الوضوء والفرض بمعنى المفروض
والغسل بالضم اسم من الاغتسال وهو تمام غسل الجسد واسم لما يغتسل به أيضا ومنه في حديث ميمونة فوضعت له غسلا مغرب لكن قال النووي إنه بالفتح أفصح وأشهر لغة والضم هو الذي تستعمله الفقهاء
بحر
قوله ( ما يعم العملي ) أي ليشمل المضمضة والاستنشاق فإنهما ليسا قطعيين لقول الشافعي بسنيتهما ا هـ
ح
قوله ( كما مر ) أي في الوضوء وقدمنا هناك بيانه
قوله ( بالغسل المفروض ) أي غسل الجنابة والحيض والنفاس
سراج فأل للعهد
قوله ( يعني الخ ) مأخوذ من المنح
قال ط والمراد بعدم الفرضية أن صحة الغسل المسنون لا تتوقف عليهما وأنه لا يحرم تركهما
وظاهر كلامه أنهما إذا تركا لا يكون آتيا بالغسل المسنون وفيه نظر لأنه من الجائز أن يقال إنه أتى بسنة وترك سنة كما إذا تمضمض وترك الاستنشاق ا هـ
أقول فيه أن الغسل في الاصطلاح غسل البدن واسم البدن يقع على الظاهر والباطن إلا ما يتعذر إيصال الماء إليه أو يتعسر كما في البحر فصار كل من المضمضة والاستنشاق جزءا من مفهومه فلا توجد حقيقة الغسل الشرعية بدونهما ويدل عليه أنه في البدائع ذكر ركن الغسل وهو إسالة الماء على جميع ما يمكن إسالته عليه من البدن من غير حرج ثم قسم صفة الغسل إلى فرض وسنة ومستحب فلو كانت حقيقة الغسل الفرض تخالف غيره لما صح تقسيم الغسل الذي ركنه ما ذكر إلى الأقسام الثلاثة فيتعين كون المراد بعدم الفرضية هنا عدم الإثم كما هو المتبادر من تفسير الشارح لا عدم توقف الصحة عليهما لكن في تعبيره بالشرطية نظر لما علمت من ركنيتهما فتدبر
قوله ( غسل كل فمه الخ ) عبر عن المضمضة والاستنشاق بالغسل لإفادة الاستيعاب أو للاختصار كما قدمه في الوضوء ومر الكلام عليه ولكن على الأول لا حاجة إلى زيادة كل
قوله ( ويكفي الشرب عبا ) أي لا مصا فتح وهو بالعين المهملة والمراد به هنا الشرب بجميع الفم وهذا هو المراد بما في الخلاصة إن شرب على غير وجه السنة يخرج عن الجنابة وإلا فلا وبما قيل إن كان جاهلا جاز وإن كان عالما فلا أي لأن
____________________
(1/151)
الجاهل يعب والعالم يشرب مصا كما هو السنة
قوله ( لأن المج ) أي طرح الماء من الفم ليس بشرط للمضمضة خلافا لما ذكره في الخلاصة نعم هو الأحوط من حيث الخروج عن الخلاف وبلعه إياه مكروه كما في الحلية
قوله ( حتى ما تحت الدرن ) قاله في الفتح والدرن اليابس في الأنف كالخبز الممضوغ والعجين يمنع ا هـ
وهذا غير الدرن الآتي متنا وقيد باليابس لما في شرح الشيخ إسماعيل أن في الرطب اختلاف المشايخ كما في القنية عن المحيط
قوله ( لكن ) استدراك على ظاهر المتن حيث أطلق البدن على الجسد لأن المراد ما يعم الأطرف
والذي في القاموس البدن محرك من الجسد ما سوى الرأس ط
قوله ( في المغرب ) بميم مضمومة فغين معجمة ساكنة اسم كتاب في اللغة للإمام المطرزي تلميذ الإمام الزمخشري ذكر فيه الألفاظ اللغوية الواقعة في كتب فقهائنا وله كتاب أكبر منه سماه المعرب بالعين المهملة
قوله ( خلافا لمالك ) وهو رواية عن أبي يوسف أيضا كما في الفتح
قوله ( أي يفرض ) أي ليس المراد بالواجب المصطلح عليه
قوله ( وشارب وحاجب ) أي بشرة وشعرا وإن كثف بالإجماع كما في النية
قوله ( لما في فاطهروا من المبالغة ) علة لقوله ويجب وكان الأولى تأخيره عن قوله وفرج خارج الخ أي لأنها صيغة مبالغة تقتضي وجوب غسل ما يكون من ظاهر البدن ولو من وجه كالأشياء المذكورة
درر
بيان ذلك أنه أمر من باب التفعيل مصدره اطهر بكسر الهمزة وفتح الطاء وضم الهاء المشددتين أصله تطهر قلبت التاء ثم أدغمت ثم جيء بهمزة الوصل ومجرده طهر بالتخفيف وزيادة البناء تدل على زيادة المعنى ولصاحب البحر هنا كلام خارج عن الانتظام أوضحناه فيما علقناه عليه
قوله ( لا داخل ) أي لا يجب غسل فرج داخل قوله ( ولا تدخل إصبعها ) أي لا يجب ذلك كما في الشرنبلالية ح
أقول وهو مأخوذ من قول الفتح ولا يجب إدخالها الأصبع في قلبها وبه يفتى ا هـ فافهم
وفي التاترخانية ولا تدخل المرأة أصبعها في فرجها عند الغسل
وعن محمد أنه إن لم تدخل الأصبع فليس بتنظيف والمختار هو الأول ا هـ
فقول الشرنبلالية تبعا للفتح لا يجب إدخالها رد لهذه الرواية
وظاهره أن المراد بها الوجوب وهو بعيد تأمل
قوله ( كعين ) لأن في غسلها من الحرج ما لا يخفى لأنها شحم لا تقبل الماء وقد كف بصر من تكلف له من الصحابة كابن عمر وابن عباس
بحر
ومفاده عدم وجوب غسلها على الأعمى خلافا للحانوتي حيث بناه على أن العلة أنه يورث العمى ولهذا نقل أبو السعود عن العلامة سري الدين أن العلة الصحيحة كونه يضر وإن لم يورث العمى فيسقط حتى عن الأعمى ا هـ
قوله ( وإن اكتحل الخ ) الظاهر أنها شرطية وجوابها محذوف تقديره لا يجب غسلها فهو استئناف لبيان مسألة أخرى لأن الغسل المذكور قبل غسل نجاسة حكمية وهذا غسل نجاسة حقيقية فلا يصح جعل إن وصلية
تأمل
قوله ( وثقب انضم ) قال في شرح المنية وإن انضم الثقب بعد نزع القرط وصار بحال إن أمر عليه الماء يدخله وإن غفل فلا بد من إمراره ولا يتكلف لغير الإمرار من إدخال عود ونحوه فإن الحرج مدفوع ا هـ
قوله ( وداخل قلفة ) القلفة والغلفة
____________________
(1/152)
بالقاف والغين الجلدة التي يقطعها الخاتن يجوز فيها فتح القاف وضمها وزاد الأصمعي فتح القاف واللام
حلية
قوله ( فسقط الإشكال ) أي إشكال الزيلعي حيث قال لا يجب لأنه خلقة كقصبة الذكر وهذا مشكل لأنه إذا وصل البول إلى القلفة ينتقض الوضوء فجعلوه كالخارج في هذا الحكم وفي حق الغسل كالداخل ا هـ
وجه السقوط أن علة عدم وجوب غسلها الحرج أي أن الأصل وجوب الغسل إلا أنه سقط للحرج وإنما يرد الإشكال على التعليل بكونها خلقة ولهذا قال في الفتح والأصح الأول أي كون عدم الوجوب للحرج لا لكونه خلقة وقال قبله في نواقض الوضوء بعد ذكره الإشكال لكن في الظهيرية إنما علله بالحرج لا بالخلقة وهو المعتمد فلا يرد الإشكال ا هـ
قوله ( وفي المسعودي الخ ) مشى عليه في الإمداد وبه يحصل التوفيق بين القولين لأنه إذا أمكن فسخها أي بأن أمكن قلبها وظهور الحشفة منها فلا حرج في غسلها فيجب وإلا بأن لم يكن فيها سوى ثقب يخرج منه البول فلا يجب للحرج لكن أورد في الحلية أن هذا الحرج يمكنه إزالته بالختان ثم قال اللهم إلا إذا كان لا يطيقه بأن أسلم وهو شيخ ضعيف
قوله ( ضفيرتها ) المراد الجنس الصادق بجميع الضفائر ط
قوله ( للحرج ) والأصل فيه ما رواه مسلم وغيره عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله إني مرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل لجنابة فقال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليه الماء فتطهرين
ومقتضى هذا الحديث عدم وجوب الإيصال إلى الأصول
فتح
لكن في المبسوط وإنما شرط تبليغ الماء أصول الشعر لحديث حذيفة فإن كان يجلس إلى جنب امرأته إذا اغتسلت فيقول يا هذه أبلغي الماء أصول شعرك وشؤون رأسك وهي مجمع عظام الرأس
ذكره القاضي عياض
بحر
واستفيد من الإطلاق أنه لا يجب غسل ظاهر المسترسل إذا بلغ الماء أصول الشعر وبه صرح في المنية وعزاه في الحلية إلى الجامع الحسامي والخلاصة ثم قال وممن نص أيضا على أن غسل ظاهر المسترسل من ذوائبها موضوع عنها البزدوي والصدر الشهيد وعبر عنه بالصحيح في المحيط البرهاني ومشى عليه في الكافي والذخيرة ا هـ
قوله ( اتفاقا ) كذا في شرح المنية وفيه نظر لأن في المسألة ثلاثة أقوال كما في البحر والحلية
الأول الاكتفاء بالوصول إلى الأصول ولو منقوضا وظاهر الذخيرة أنه ظاهر المذهب ويدل عليه ظاهر الأحاديث الواردة في هذا الباب
الثاني التفصيل المذكور ومشى عليه جماعة منهم صاحب المحيط والبدائع والكافي
الثالث وجوب بل الذوائب مع العصر وصحح وتمام تحقيق هذه الأقوال في الحلية وحال فيها آخرا إلى ترجيح القول الثاني وهو ظاهر المتون
قوله ( ولو لم يبتل أصلها ) بأن كان متلبدا أو غزيرا
إمداد
أو مضفورا ضفرا شديدا لا ينفذ فيه الماء ط
قوله ( مطلقا ) قال ح لم يظهر لي وجه الإطلاق ا هـ
وقال ط أي سواء كان فيه حرج أم لا وقوله هو الصحيح مقابله أنه لا بد من عصر الشعر ثلاثا بعد غسله منقوضا أو معقوصا ا هـ
أقول كان ينبغي للشارح أن يقول يجب غسلها بدل قوله يجب نقضها فقوله مطلقا معناه سواء كان مضفورا أو لا وقوله هو الصحيح احتراز عن القول الأول والثالث من الأقوال الثلاثة فتدبر
تنبيه يؤخذ من مسألة الضفيرة أنه لا يجب غسل عقد الشعر المنعقد بنفسه لأن الاحتراز عنه غير ممكن ولو من شعر الرجل ولم أر من نبه عليه من علمائنا
تأمل وإذا نتف شعرة لم تغسل فالظاهر وجوب غسل محلها
____________________
(1/153)
لانتقال الحكم إليه
تأمل
قوله ( ولا تمنع نفسها ) أي خوفا من وجوب الغسل عليها إذا وطهئا لأنه حقه ولها مندوحة عن غسل رأسها
قوله ( وسيجيء في التيمم ) أي في آخره
قوله ( ولو علويا أو تركيا ) هو الصحيح لعدم الضرورة وللاحتياط
وفي رواية لا يجب نظرا إلى العادة كما في شرح المنية
قوله ( لإمكان حلقه ) أي بخلاف المرأة فإنها منهية عنه بالحديث فلا يمكنها شرعا فافهم
قوله ( ونيم الخ ) ظاهر الصحاح والقاموس أن الونيم مختص بالذباب
نوح أفندي وهذا بالنظر إلى اللغة وإلا فالمراد هنا ما يشمل البرغوث لأنه أولى بالحكم
قوله ( لم يصل الماء تحته ) لأن الاحتراز عنه غير ممكن
حلية
قوله ( به يفتى ) صرح به في المنية عن الذخيرة في مسألة الحناء والطين والدرن معللا بالضرورة
قال في شرحها ولأن الماء ينفذه لتخلله وعدم لزوجته وصلابته والمعتبر في جميع ذلك نفوذ الماء ووصوله إلى البدن ا هـ
لكن يرد عليه أن الواجب الغسل وهو إسالة الماء مع التقاطر كما مر في أركان الوضوء
والظاهر أن هذه الأشياء تمنع الإسالة فالأظهر التعليل بالضرورة ولكن قد يقال أيضا إن الضرورة في درن الأنف أشد منها في الحناء والطين لندورهما بالنسبة إليه مع أنه تقدم أنه يجب غسل ما تحته فينبغي عدم الوجوب فيه أيضا
تأمل
قوله ( عطف تفسير ) لقول القاموس الدرن الوسخ وأشار بهذا إلى أن المراد بالدرن هنا المتولد من الجسد وهو ما يذهب بالدلك في الحمام بخلاف الدرن الذي يكون من مخاط الأنف فإنه لو يابسا يجب إيصال الماء إلى ما تحته كما مر
قوله ( وكذا دهن ) أي كزيت وشيرج بخلاف نحو شحم وسمن جامد
قوله ( ودسومة ) هي أثر الدهن
قال في الشرنبلالية قال المقدسي وفي الفتاوي دهن رجليه ثم توضأ وأمر الماء على رجليه ولم يقبل الماء للدسومة جاز لوجود غسل الرجلين ا هـ
قوله ( في الأصح ) مقابله قول بعضهم يجوز للقروي لأن درنه من التراب والطين فينفذه الماء لا للمدني لأنه من الودك شرح المنية
قوله ( بخلاف نحو عجين ) أي كعلك وشمع وقشر سمك وخبز ممضوغ متلبد
جوهرة
لكن في النهر ولو في أظفاره طين أو عجين فالفتوى على أنه مغتفر قرويا كان أو مدنيا ا هـ
نعم ذكر الخلاف في شرح المنية في العجين واستظهر المنع لأن فيه لزوجة وصلابة تمنع نفوذ الماء
قوله ( به يفتى ) صرح به في الخلاصة وقال لأن الماء شيء لطيف يصل تحته غالبا ا هـ
ويرد عليه ما قدمناه آنفا ومفاده عدم الجواز إذا علم أنه لم يصل الماء تحته
قال في الحلية وهو أثبت
قوله ( إن صلبا ) بضم الصاد له المهملة وسكون اللام وهو الشديد
حلية أي إن كان ممضوغا مضغا متأكدا بحيث تداخلت أجزاؤه وصار لزوجه وعلاكة كالعجين
شرح المنية
قوله ( وهو الأصح ) صرح به في شرح المنية وقال لامتناع نفوذ الماء مع عدم
____________________
(1/154)
الضرورة والحرج ا هـ
ولا يخفى أن هذا التصحيح لا ينافي ما قبله فافهم
قوله ( كقرط ) بالضم ما يعلق في شحمة الأذن
قوله ( ولا يتكلف ) أي بعد الإمرار كما قدمناه عن شرح المنية
قوله ( لعدم صحة شروعه ) أي والنفل إنما تلزم إعادته بعد صحة الشروع فيه قصدا وسكت عن الفرض لظهور أنه يلزمه الإتيان به مطلقا
قوله ( لا يدعه وإن رأوه ) عزاه في القنية إلى الوبري
قال في شرح المنية وهو غير مسلم لأن ترك المنهي مقدم على فعل المأمور وللغسل خلف وهو التيمم فلا يجوز كشف العورة لأجله عند من لا يجوز نظره إليها بخلاف الختان وتمامه فيه وكذا استشكله في الحلية بما في النهاية عن الجامع الصغير للإمام التمرتاشي عن الإمام البقالي لو كان عليه نجاسة لا يمكن غسلها إلا بإظهار عورته يصلي معها لأن إظهارها منهي عنه والغسل مأمور به وإذا اجتمعا كان النهي أولى ا هـ
وأطال في ذلك فراجعه
قوله ( واختلف الخ ) ظاهره يقتضي أن المسألة نصت في المذهب وقد وقع فيها خلاف وليس كذلك كما ستقف عليه ط
قوله ( كما بسطه ابن الشحنة ) أي في شرح الوهبانية حيث نقل عن شرحها لناظمها أنه لم يقف فيها على نقل وأن القياس أن يؤخر الرجل بين النساء أو بين الرجال والنساء وأيده ابن الشحنة بما في المبسوط من أن نظر الجنس إلى الجنس مباح في الضرورة لا في حالة الاختيار وأنه أخف من خلاف الجنس ا هـ
هذا
وقال ح واعلم أنه ينبغي أن لا تكشف الخنثى للاستنجاء ولا للغسل عند أحد أصلا لأنها إن كشفت عند رجل احتمل أنها أنثى وإن عند أنثى احتمل أنها ذكر
فصار الحاصل أن مريد الاغتسال إما ذكر أو أنثى أو خنثى وعلى كل فإنا بين رجال أو نساء أو خناثي أو رجال ونساء أو رجال وخناثى أو نساء وخناثى أو رجال ونساء وخناثى فهو أحد وعشرون يغتسل في صورتين منها وهما رجل بين رجال وامرأة بين نساء ويؤخر في تسع عشرة صورة ا هـ
قوله ( وينبغي لها ) أي للمرأة ومثلها فيما يظهر الرجل حيث قلنا إنه يؤخر أيضا ولا يخفى أن تأخير الغسل لا يقتضي عدم التيمم فإن المبيح له وهو العجز عن الماء قد وجد فافهم
بقي هنا شيء لم يذكره وهو أنه هل تجب إعادة تلك الصلاة في هذه المسألة وفي مسألة النهاية السابقة قال في الحلية فيه تأمل والأشبه الإعادة تفريعا على ظاهر المذهب في الممنوع من إزالة الحديث بصنع العباد إذا تيمم وصلى ا هـ
وسيذكر الشارح في التيمم أن المحبوس إذا صلى بالتيمم إن في المصر أعاد وإلا فلا واستظهر الرحمتي عدم الإعادة قال لأن العذر لم يأت من قبل المخلوق فإن المانع لها الشرع والحياء وهما من الله تعالى كما قالوا لو تيمم لخوف العدو فإن توعده على الوضوء أو الغسل يعيد لأن العذر أتى من غير صاحب الحق ولو خاف بدون توعد من العدو فلا لأن الخوف أوقعه الله تعالى في قلبه فقد جاء العذر من قبل صاحب الحق فلا تلزمه الإعادة ا هـ
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان بين رجال أو نساء أو بينهما ط
قوله ( والفرق لا يخفى ) الفرق صحة الصلاة
____________________
(1/155)
مع الحقيقية فيما إذا تكن أكثر من قدر الدرهم وعدم صحتها مع الحكمية رأسا ا هـ
ح
زاد في شرح الوهبانية أن الغسل فرض فلا يترك لكشف العورة بخلاف الاستنجاء فإنه سنة وتركها أولى من الكشف الحرام
واعترض الحموي الفرق الأول بأن الحكمية قد يعفى عن قليلها أرضا فإن الجبيرة يجوز ترك المسح عليها وإن لم يضر المسح عند الإمام مع أن تحتها حدثا ا هـ
وفيه نظر لأن رفع الحدث لا يتجزأ فيكون غسل باقي الجسد رافعا لجميع الحدث وصار كأنه غسل ما تحتها حكما
نعم الفرق الثاني غير مؤثر لما علمت من أنه لا يجوز كشف العورة لغسل النجاسة مع أنه فرض ومن تقديم النهي على الأمر إذا اجتمعا فالظاهر أن ما في القنية ضعيف والله أعلم
مطلب سنن الغسل قوله ( وسننه ) أفاد أنه لا واجب له ط
وأما المضمضة والاستنشاق فهما بمعنى الفرض لأنه يفوت الجواز بفوتهما فالمراد بالواجب أدنى نوعيه كما قدمناه في الوضوء
قوله ( كسنن الوضوء ) أي من البداءة بالنية والتسمية والسواك والتخليل والدلك والولاء الخ وأخذ ذلك في البحر من قوله ثم يتوضأ
قوله ( سوى الترتيب ) أي المعهود في الوضوء وإلا فالغسل له ترتيب آخر بينه المصنف بقوله بادئا الخ ط عن أبي السعود
أقول ويستثنى الدعاء أيضا فإنه مكروه كما في نور الإيضاح
قوله ( وآدابه كآدابه ) نص عليه في البدائع
قال الشرنبلالي ويستحب أن لا يتكلم بكلام مطلقا أما كلام الناس فلكراهته حال الكشف وأما الدعاء فلأنه في مصب المستعمل ومحل الأقذار والأوحال ا هـ
أقول قد عد التسمية من سنن الغسل فيشكل على ما ذكره
تأمل
واستشكل في الحلية عموم ذلك بما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول دع لي دع لي وفي رواية النسائي يبادرني وأبادره حتى يقول دعي لي وأقول أنا دع لي ثم أجاب بحمله على بيان الجواز أو أن المسنون تركه ما لا مصلحة فيه ظاهرة ا هـ
أقول أو المراد الكراهة حال الكشف فقط كما أفاده التعليل السابق والظاهر من حاله عليه الصلاة والسلام أنه لا يغتسل بلا ساتر
قوله ( مع كشف عورة ) فلو كان متزرا فلا بأس به كما في شرح المنية والإمداد
قوله ( أو حوض كبير أو مطر ) هذا ذكره في البحر بحثا قياسا على الماء الجاري وهو مأخوذ من الحلية لكن في شرح هدية ابن العماد لسيدي عبد الغني النابلسي ما يخالف ذلك حيث قال إن ظاهر التقييد بالجاري أن الراكد ولو كثيرا ليس كذلك باعتبار أن جريان الماء على بدنه قائم مقام التثليث في الصب ولا كذلك الراكد وربما يقال إن انتقل فيه من موضع إلى آخر مقدار الوضوء والغسل فقد أكمل السنة ا
وهو كلام وجيه
والظاهر أن الانتقال غير قيد بل التحرك كاف
ولا يقال إن الحوض الكبير في حكم الجاري فلا فرق
لأنا نقول هو مثله في عدم قبوله النجاسة لا مطلقا
قوله ( قدر الوضوء والغسل ) انظر هل المراد قدر زمنهما لو كان يصب الماء عليه بنفسه أو مقدار ما يتحقق فيه جريان الماء على الأعضاء بلحظات يسيرة يتحقق فيها غسل أعضاء الوضوء مرتبة ثلاثا مع غسل باقي الجسد كذلك لم أره لأئمتنا
____________________
(1/156)
وذكر الشافعية الموجبون ترتيب غسل الأعضاء في الوضوء أن المتوضىء لو غطس في ماء ومكث قدر الترتيب صح وإلا فلا وصحح النووي الصحة بلا مكث لأن الترتيب يحصل في لحظات لطيفة
وقال العلامة ابن حجر في التحفة بعذ ذكره سنن الغسل ويكفي في راكد تحرك جميع البدن ثلاثا وإن لم ينقل قدمه إلى محل آخر على الأوجه لأن كل حركة توجب مماسة ماء لبدنه غير الماء الذي قبلها ا هـ
ملخصا
والذي يظهر لي أنه لو كان في ماء جار يحصل سنة التثليث والترتيب والوضوء بلا مكث ولا تحرك ولو في ماء راكد فلا بد من التحرك أو الانتقال القائم مقام الصب فيحصل به ما ذكرنا وقد صرح في الدرر بأنه لو لم يصب لم يكن الغسل مسنونا ا هـ
قوله ( البداءة بغسل يديه ) ظاهر كلام المصنف كالهداية وغيرها أن هذا الغسل غير الغسل الذي هو الوضوء
قوله ( وفرجه ) أي ثم فرجه بأن يفيض الماء بيده اليمنى عليه فيغسله باليسرى ثم ينقيه والفرج قبل الرجل والمرأة وقد يطلق على الدبر أيضا كما في المطرزي ا هـ
قهستاني أي فيشمل القبل والدبر وهو المراد هنا
قوله ( وإن لم يكن به خبث ) رد على الزيلعي وابن الكمال
قوله ( اتباعا للحديث ) وهو ما روى الجماعة عن ميمونة رضي الله عنها قالت وضعت للنبي ماء يغتسل به فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم دلك يده بالأرض ثم تمضمض وستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثا ثم أفرغ على جسده ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه فتح
قوله ( وخبث بدنه ) أي لو قليلا كما يظهر من التعليل
وأفاد أن السنة نفس البداءة بغسل النجاسة وأما نفس غسلها فلا بد منه ولو قليلة فيما يظهر لتنجس الماء بها فلا يرتفع الحدث عما تحتها ما لم تزل كما بحثه سيدي عبد الغني وقال لم أجد من تعرض له من أئمتنا
أقول ورأيته في شرح والده الشيخ إسماعيل على الدرر والغرر وذكره جازما به لكنه لم يعزه إلى أحد والله تعالى أعلم
قوله ( فانصرف إلى الكامل ) أي بجميع سننه ومندوباته كما في البحر قال ويمسح فيه رأسه وهو الصحيح
وفي البدائع أنه ظاهر الرواية
قوله ( ولو في مجمع الماء ) أي ولو كان واقفا
في محل يجتمع فيه ماء الغسل وهذا القول هو ظاهر إطلاق المتن كالكنز وغيره وهو ظاهر ما أخرجه البخاري من حديث عائشة ثم توضأ وضوءه للصلاة وبه أخذ الشافعي وقيل يؤخر مطلقا وهو ظاهر إطلاق الأكثر وإطلاق حديث ميمونة المتقدم وقيل بالتفصيل إن كان في مجمع الماء فيؤخر وإلا فلا وصححه في المجتبى وجزم به في الهداية والمبسوط والكافي
قال في البحر ووجه التوفيق بين الحديثين والظاهر أن الاختلاف في الأولوية لا في الجواز
قوله ( لما أن الخ ) جواب عن قول المشايخ القائلين بالتأخير إنه لا فائدة في تقديم غسلهما لأنهما يتلوثان بالغسلات بعد فيحتاج إلى غسلهما ثانيا
وحاصل الجواب أنه لا حاجة إلى غسلهما ثانيا لأن المفتي به طهارة الماء المستعمل ولهذا قال الهندي إن هذا إنما يتأتى على رواية نجاسته
قوله ( على أنه الخ ) ترق في الجواب وحاصله منع كون الماء مستعملا لما ذكره الشارح فما دامت رجلاه في الماء لا يحكم عليه بالاستعمال لعدم تحقق الانفصال فإذا خرج من الماء حكم باستعماله ولم يصبه منه شيء بعد خروجه فلا حاجة إلى إعادة غسل الرجلين
____________________
(1/157)
واعلم أنه اختلفت الرواية في تجزي الطهارة وعدمه
وفائدة الاختلاف أنه لو تمضمض الجنب أو غسل يديه هل يحل له القراءة ومس المصحف فعلى رواية التجزي نعم وعلى رواية عدمه لا وهي الصحيحة لأن زوال الجنابة موقوف على غسل الباقي وما ذكره الشارح من أن الماء لا يصير مستعملا إلا بعد الانفصال متفق عليه كما صرح به في البحر فيصح بناؤه على كل من هاتين الروايتين فافهم
ثم اعلم أيضا أن ما ذكره الشارح يصح دفعا للقول بأنه لا فائدة في تقديم غسلهما على رواية نجاسة الماء المستعمل أيضا إذ لا يحكم باستعماله ونجاسته إلا بعد الانفصال فلا حاجة إلى غسلهما ثاينا على هذه الرواية أيضا ولصاحب النهر هنا كلام فيه نظر من وجوه أوضحناها فيما علقناه على البحر
قوله ( إلا إذا كان الخ ) أي فيلزمه إعادة غسلهما للنجاسة فقط
قوله ( ولعل القائلين الخ ) ذكر في البحر بحثا ونقله في الحلية عن القرطبي ثم قال وعلى هذا يغسلهما ثانيا مطلقا سواء أصابهما طين أو كانتا في مجمع الماء أولا ولا
قوله ( لأنه لا يستحب الخ ) قال العلامة نوح أفندي بل ورد ما يدل على كراهته
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله من توضأ بعد لغسل فليس منا ا هـ
تأمل
والظاهر أن عدم استحبابه لو بقي متوضئا إلى فراغ الغسل فلو أحدث قبله ينبغي إعادته
ولم أره فتأمل
قوله ( واختلف المجلس ) كذا في البحر وقدمنا الكلام عليه في بحث الوضوء
قوله ( ثم يفيض ) أتى بثم للإشارة إلى الترتيب وإنما لم يقل ثم يتمضمض ويستنشق ثم يفيض للإشارة إلى أن فعلهما في الوضوء كاف عن فعلهما في الغسل فالسنة نابت مناب الفرض ط
ومعنى يفيض يصب
قال في الدرر حتى لو لم يصب لم يكن الغسل مسنونا وإن زال الحدث ا هـ
وهذا لو كان في ماء راكد أما لو مكث في ماء جار قام الجريان مقام الصب كما علم مما قدمناه قريبا
قوله ( على كل بدنه ) زاد كل لدفع توهم إعادة غسل أعضاء الوضوء لرفع الحدث عنها ط
أقول لم أر من صرح بأنه يسن ذلك وإنما يفهم ذلك من عباراتهم ونظيره ما مر في الوضوء من أنه يسن إعادة غسل اليدين عند غسل الذراعين
قوله ( ثلاثا ) الأولى فرض والثنتان سنتان على الصحيح
سراج
قوله ( مستوعبا ) أي في كل مرة لتحصل سنة التثليث
مطلب في تحرير الصاع والمد والرطل قوله ( وهو ثمانية أرطال ) أي بالبغدادي وهي صاع عراقي وهو أربعة أمداد كل مد رطلان وبه أخذ أبو حنيفة
والصاع الحجازي خمسة أرطال وثلث وبه أخذ الصاحبان والأئمة الثلاثة
فالمد حينئذ رطل وثلث والرطل مائة وثلاثون درهما وقيل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم
وتمامه في الحلية
قلت والصاع العراقي نحو نصف مد دمشقي فإذا توضأ واغتسل به فقد حصل السنة
قوله ( وقيل المقصود الخ ) الأصوب حذف قيل لما في الحلية أنه نقل غير واحد إجماع المسلمين على أن ما يجزىء في الوضوء والغسل غير مقدر بمقدار
وما في ظاهر الرواية من أن أدنى ما يكفي في الغسل صاع وفي الوضوء مد للحديث المتفق عليه
____________________
(1/158)
كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ليس بتقدير لازم بل هو بيان أدنى القدر المسنون ا هـ
قال في البحر حتى إن من أسبغ بدون ذلك أجزأه وإن لم يكفه زاد عليه لأن طباع الناس وأحوالهم مختلفة كذا في البدائع ا هـ
وبه جزم في الإمداد وغيره
قوله ( وفي الجواهر الخ ) قدمنا الكلام عليه في الوضوء مستوفى
قوله ( ثم الأيسر ) أي ثلاثا أيضا وقوله ثم برأسه أي يغسله مع بقية البدن ثلاثا أيضا كما في الحلية وغيرها خلافا لما يفيده كلام المتن من غسله الرأس وحده
قوله ( ثم على بقية بدنه ) أي ثم يفيض على بقية بدنه وإنما قدر الشارح لفظة على ولم يبقه معطوفا على مجرور الباء المتعلقة بقوله بادئا لعدم صحة المعنى لأن ذلك ختام
قوله ( مع دلكه ) قيده في المنية بالمرة الأولى وعلله في الحلية بكونها سابقة في الوجود فهي بالدلك أولى
قوله ( ندبا ) عدة في الإمداد من السنن ويؤيده ما مر في الوضوء
قوله ( وقيل يثني بالرأس ) أي يبدأ بالأيمن ثلاثا ثم بالرأس ثلاثا ثم بالأيسر ثلاثا
حلية
قوله ( وقيل يبدأ بالرأس ) أي ثم بقية البدن
درر قوله ( وظاهر الرواية ) كذا عبر في النهر والذي في البحر وغيره التعبير بظاهر الهداية
قوله ( والأحاديث ) قال الشيخ إسماعيل وفي شرح البرجندي وهو الموافق لعدة أحاديث أوردها البخاري في صحيحه ا هـ فافهم
قوله ( تصحيح الدرر ) هو ما مشى عليه المصنف في متنه هنا
قوله ( وصح نقل بلة ) بكسر الباء أبو السعود
قوله ( إلى عضو آخر ) مفاده أنه لو اتحد العضو صح في الوضوء أيضا كما صرح في القهستاني
قوله ( فيه ) أي في الغسل
قال في القنية فلو وضع الجنب إحدى رجليه على الأخرى في الغسل تطهر السفلى بماء العليا بخلاف الوضوء لأن البدن في الجنابة كعضو واحد ا هـ
قوله ( بشرط التقاطر ) صرح به في فتح القدير
قوله ( لما مر ) أي قريبا في قوله لأنه في الغسل كعضو واحد وهو علة لقوله صح ولقوله لا في الوضوء لأنه يفهم منه أن أعضاء الوضوء ليست كعضو واحد فافهم
قال ط وقدم الشارح أنه يجوز مسح الرأس ببلل باق بعد غسل لا مسح وهو ليس بنقل
قوله ( وفرض الغسل ) الظاهر أنه أراد بالفرض ما يعم العلمي والعملي لأنه عند رؤية مستيقظ بللا ليس مما يثبت بدليل لا شبهة فيه كما نبه عليه في الحلية ولذا خالف فيه أبو يوسف كما سيأتي
قوله ( عند خروج ) لم يقل بخروج لأن السبب هو ما لا يحل مع الجنابة كما اختاره في الفتح وسيذكره الشارح في قوله وعند انقطاع حيض ونفاس ولو قال وبعد خروج لكان أظهر لأنه لا يجب قبل السبب
قوله ( مني ) أي مني الخارج منه بخلاف ما لو خرج من المرأة مني الرجل كما يأتي وشمل ما يكون به بلوغ المراهق على ما سيذكره المصنف
قوله ( من العضو ) هو ذكر الرجل وفرج المرأة الداخل احترازا عن خروجه من مقره ولم يخرج من العضو بأن بقي في قصبة الذكر أو الفرج الداخل أما لو خرج من جرح في الخصية بعد انفصاله عن مقره بشهوة فالظاهر افتراض الغسل وليراجع
قوله ( وترائب المرأة ) أي عظام صدرها كما في الكشاف
قوله ( ومنيه أبيض الخ ) وأيضا منيه خاثر ومنيها رقيق
قوله ( إن منيها ) أي
____________________
(1/159)
يقينا فلو شكت فيه فلا تعيد الغسل اتفاقا للاحتما والأولى الإعادة على قولهما احتياطا
نوح أفندي
قوله ( لا الصلاة ) كما أن الرجل لا يعيد ما صلى إذا خرج منه بقية المني بعد الغسل اتفاقا كما في الفتح لكن في المبتغي بخلاف المرأة يعني أنها تعيد تلك الصلاة وفيه نظر ظاهر والذي يظهر أنها كالرجل كذا في الحلية وتبعه في البحر
وأجاب المقدسي بحمل قوله بخلاف المرأة على أنها لا تعيد أصلا أي لا الغسل ولا الصلاة لأن ما يخرج منها يحتمل أنه ماء الرجل ا هـ
أقول أي إذا لم تعلم أنه ماؤها
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن منيها بل مني الرجل لا تعيد شيئا وعليها الوضوء
رملي عن التاترخانية
قوله ( بشهوة ) متعلق بقوله منفصل احترز به عما لو انفصل بضرب أو حمل ثقيل على ظهره فلا غسل عندنا خلافا للشافعي كما في الدرر
قوله ( كمحتلم ) فإنه لا لذة له يقينا لفقد إدراكه ط فتأمل
وقال الرحمتي أي إذا رأى البلل ولم يدرك اللذة لأنه يمكن أنه أدركها ثم ذهل عنها فجعلت اللذة حاصلة حكما
قوله ( ولم يذكر الدفق ) إشارة إلى الاعتراض على الكنز حيث ذكره فإنه في البحر زيف كلامه وجعله متناقضا وقد أجبنا عنه فيما علقناه على البحر
ولا يخفى أن المتبادر من الدفق هو سرعة الصب من رأس الذكر لا من مقره
وأما ما أجاب به في النهر عن الكنز من أنه يصح كونه دافقا من مقره بناء على قول ابن عطية إن الماء يكون دافقا أي حقيقة لا مجازا لأن بعضه يدفق بعضا فقد قال صاحب النهر نفسه إني لم أر عن عرج عليه فافهم
قوله ( غير ظاهر ) أي لاتساع محله
قوله ( وأما إسناده الخ ) أي إسناد الدفق إلى مني المرأة أيضا أي كإسناده إلى مني الرجل
قوله ( فليحتمل التغليب ) أي تغليب ماء الرجل لأفضليته على ماء المرأة
قوله ( فالمستدل بها ) أي بالآية على أن في منيها دفقا أيضا
قوله ( تأمل ) لعله يشير إلى إمكان الجواب لأن كوف الدفق منها غير ظاهر يشعر بأن فيه دفقا وإن لم يكن كالرجل أفاده ابن عبد الرزاق
قوله ( ولأنه ) معطوف على قوله ليشمل والضمير للدفق بالمعنى الذي ذكرناه فافهم
قوله ( ولذا قال الخ ) أي يكون الدفق ليس شرطا
قال المصنف وإن لم يخرج بها أي بشهوة فإن عدم اشتراط الخروج بها مستلزم لعدم اشتراط الدفق إذ لا يوجد الدفق بدونها
قوله ( وشرطه أبو يوسف ) أي شرط الدفق وأثره الخلاف يظهر فيما لو احتلم أو نظر بشهوة فأمسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم أرسله فأنزل وجب عندهما لا عنده وكذا لو خرج منه بقية المني بعد الغسل قبل النوم أو البول أو المشي الكثير
نهر أي لا بعده لأن النوم والبول والمشي يقطع مادة الزائل عن مكانه بشهوة فيكون الثاني زائلا عن مكانه بلا شهوة فلا يجب الغسل اتفاقا
زيلعي
وأطلق المشي كثير وقيده في المجتبى بالكثير وهو أوجه لأن الخطوة والخطوتين لا يكون منهما ذلك
حلية وبحر
قال المقدسي وفي خاطري أنه عين له أربعون خطوة فلينظر ا هـ
قوله ( خاف ريبة ) أي تهمة
قوله ( وبقول أبي يوسف نأخذ ) أي في الضيف وغيره
وفي الذخيرة أن الفقيه أبا الليث وخلف بن أيوب أخذا بقول أبي يوسف
وفي جامع الفتاوي أن الفتوى على قوله إسماعيل
قوله ( قلت الخ ) ظاهره الميل إلى اختيار ما في النوازل ولكن أكثر الكتب على خلافه حتى البحر والنهر ولا سيما قد ذكروا أن قوله قياس وقولهما استحسان و أنه الأحوط فينبغي الإفتاء بقوله في مواضع الضرورة فقط
تأمل
____________________
(1/160)
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن المنصورية قال الإمام قاضيخان يؤخذ بقول أبي يوسف في صلوات ماضية فلا تعاد وفي مستقبلة لا يصلي ما لم يغتسل ا هـ
تنبيه إذا لم يتدارك مسك ذكره حتى نزل المني صار جنبا بالاتفاق فإذا خشي الريبة يتستر بإيهام أنه يصلي بغير قراءة ونية وتحريمة فيرفع يديه ويقوم ويركع شبه المصلي
إمداد
قوله ( ومحله ) أي ما في الخانية
قال في البحر ويدل عليه تعليله في التجنيس بأن في حالة الانتشار وحد الخروج والانفصال جميعا على وجه الدفق والشهوة ا هـ
وعبارة المحيط كما في الحلية رجل بال فخرج من ذكره مني إن كان منتشرا فعليه الغسل لأن ذلك دلالة خروجه عن شهوة
قوله ( وهو ) أي ما في الخانية
قوله ( تقييد قولهم ) أي فيقال إن عدم وجوب الغسل بخروجه بعد البول اتفاقا إذا لم يكن ذكره منتشرا فلو منتشرا وجب لأنه إنزال جديد وجد معه الدفق والشهوة
أقول وكذا يقيد عدم وجوبه بعدم النوم والمشي الكثير
قوله ( وعند إيلاج ) أي إدخال وهذا أعم من التعبير بالتقاء الختانين لشموله الدبر أيضا
قوله ( هي ما فوق الختان ) كذا في القاموس زاد الزيلعي من رأس الذكر
وفي حاشية نوح أفندي هي رأس الذكر إلى الختان وهو أي الختان موضع قطع جلد القلفة ا هـ
فموضع القطع غير داخل في الحشفة كما في شرح الشيخ إسماعيل ومثله في القهستاني
وفي شرح المنية الحشفة الكمرة
أقول هذا هو المراد بما فوق الختان وأما كون المراد بها من رأس الذكر إلى الختان فالظاهر أنه لا يقول به أحد لأن ذلك نحو نصف الذكر فيلزم عليه أن لا يجب الغسل حتى يغيب نصف الذكر
قوله ( احتراز عن الجني ) ففي المحيط لو قالت معي جني يأتيني مرارا وأجد ما أجد إذا جامعني زوجي لا غسل عليها لانعدام سببه وهو الإيلاج أو الاحتلام
درر
ووقع في البحر والفتح وغيرهما يأتيني في النوم مرارا وظاهر أنه رؤية منام لكن ضبطه الشيخ إسماعيل بالياء المثناة التحتية لا بالنون
أقول يدل عليه قوله في الحلية هذا إذا كان واقعا في اليقظة فلو في المنام فلا شك أن له من التفصيل ما للاحتلام
قوله ( يعني إذا لم تنزل ) قيد به في الفتح حيث قال ولا يخفى أنه مقيد بما إذا لم تر الماء فإن رأته صريحا وجب كأنه احتلام ا هـ
قال في البحر وقد يقال ينبغي وجوب الغسل من غير إنزال لوجوب الإيلاج لأنها تعرف أنه يجامعها كما لا يخفى ا هـ
أقول إن كان هذا مناما فهو غير صحيح وإلا فإن ظهر لها بصورة آدمي فهو البحث الآتي وإلا فهو أصل المسألة والمنقول فيها عدم الوجوب لعدم سببه كما علمت والبحث في غير المنقول غير مقبول
قوله ( وإذا لم يظهر لها الخ ) هو بحث لصاحب البحر وسبقه إليه صاحب الحلية لكنه تردد فيه فقال أما إذا ظهر في صورة آدمي وكذا إذا ظهر للرجل جنية في صورة آدمية فوطئها وجب الغسل لوجود المجانسة الصورية المفيدة لكمال السببية اللهم إلا أن يقال هذا إنما يتم لو لم توجد بينهما مباينة معنوية في الحقيقة ومن ثم علل به بعضهم حرمة التناكح بينهما فينبغي أن لا يجب الغسل إلا بالإنزال كما في البهيمة والميتة نعم لو لم يعلم ما في نفس الأمر إلا بعد الوطء وجب الغسل فيما يظهر لانتفاء ما يفيد قصور السببية
قوله ( من مقطوعها ) أي من ذكر مقطوع الحشفة
____________________
(1/161)
بقي لو كان مقطوع البعض منها هل يناط الحكم بالباقي منها أم يقدر من الذكر قدر ما ذهب منها كما يقدر منه لو كان الذاهب كلها لم أره فتأمل
قوله ( قال في الأشباه الخ ) جواب لو وعبارته في أحكام غيبوبة الحشفة من الفن الثاني وإن لم يبق قدرها لم يتعلق به شيء من الأحكام ويحتاج إلى نقل كونها كلية ولم أره الآن ا هـ
ونقل ط عن المقدسي أنه يفهم من التقييد بقدرها أنه لا يتعلق بذلك حكم ويفتى به عند السؤال ا هـ أي لأن مفاهيم الكتب معتبرة كما تقدم
قوله ( آدمي ) احتراز عن البهيمة كما يأتي وعن الجنية كما مر
قوله ( سيجيء محترزه ) أي محترز ما ذكر من القيود الثلاثة
قوله ( مكلفين ) أي عاقلين بالغين
قوله ( ولو أحدهما الخ ) لكن لو كانت هي المكلفة فلا بد أن يكون الصبي ممن يشتهي وإلا فلا يجب عليها أيضا كما يأتي في الشرح
قوله ( تأديبا ) في الخانية وغيرها يؤمر به اعتيادا وتخلقا كما يؤمر بالصلاة والطهارة
وفي القنية قال محمد وطىء صبية يجامع مثلها يستحب لها أن تغتسل كأنه لم ير جبرها وتأديبها على ذلك
وقال أبو علي الرازي تضرب على الاغتسال وبه نقول وكذا الغلام المراهق يضرب على الصلاة والطهارة ا هـ
قوله ( بالإجماع ) لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله إذا جلس بين شعبها لأربع ثم جهدها فقد وجب لغسل أنزل أو لم ينزل وأما قوله عليه الصلاة والسلام إنما الماء من الماء فمنسوخ بالإجماع ووجوبه على المفعول به في الدبر بالقياس احتياطا وتمامه في شرح المنية
قوله ( يعني الخ ) تقييد لقوله في أحد سبيلي آدمي فإنه شامل لدبر نفس المولج
قوله ( فرجح في النهر الخ ) هو أحد قولين حكاهما في القنية وغيرها
قال في النهر والذي ينبغي أن يعول عليه عدم الوجوب إلا بالإنزال إذ هو أولى من الصغيرة والميتة في قصور الداعي وعرف بهذا عدم الوجوب بإيلاج الإصبع
قوله ( ولا يرد ) أي على إطلاق المصنف الحشفة وأحد السبيلين
قوله ( فإنه لا غسل عليه الخ ) أي لجواز كونه امرأة وهذا الذكر منه زائد فيكون كالإصبع وأن يكون رجلا ففرجه كالجرح فلا يجب بالإيلاج فيه الغسل بمجرده
قلت ويشكل عليه معاملة الخنثى بالأضر في أحواله وعليه يلزمه الغسل فليتأمل ا هـ
إمداد
أقول سيذكر الشارح هذا الإشكال آخر الكتاب في كتاب الخنثى وسنوضح الجواب هناك إن شاء الله تعالى وذكرناه هنا فيما علقناه على البحر
قوله ( ولا على من جامعه ) أي في قبله فلو جامعه رجل في دبره وجب الغسل عليهما كما أفاده ط أي لعدم الإشكال في الدبر وكذا لا إشكال فيما لو جامع وجومع لتحقق جنابته بأحد
____________________
(1/162)
الفعلين
قوله ( لأن الكلام ) علة لقوله ولا يرد
قوله ( وسبيلين ) أي وأحد سبيلين فهو على تقدير مضاف دل عليه كلام المتن السابق ولذها قال محققين أي الحشفة وأحد السبيلين فافهم والأحسن إبدال السبيلين بالقبل كما في البحر لأن السبيل يشمل الدبر وهو من الخنثى محقق
قوله ( وعند رؤية مستيقظ ) أي بفخذه أو ثوبه
بحر
والمراد بالرؤية العلم ليشمل الأعمى والمرأة كالرجل كما في القهستاني
قوله ( خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي ) أي بعد إفاقتهما بحر
والفرق أن النوم مظنة الاحتلام فيحال عليه ثم يحتمل أنه مني رق بالهواء أو للغذاء فاعتبرناه منيا احتياطا ولا كذلك السكران والمغمى عليه لأنه لم يظهر فيهما هذا السبب
بحر
وقوله المذي مفعول رؤية وهما موجودان في بعض النسخ ولا بد منهما لأن برؤية المني يجب الغسل كما صرح به في المنية وغيرها
قال ط وأشار به أي بالتقييد بالمذي إلى أن في مفهوم المستيقظ تفصيلا وما أحسن ما صنع ولا تكلف فيه ا هـ
فافهم
قوله ( منيا أو مذيا ) اعلم أن هذه المسألة على أربعة عشر وجها لأنه إما أنه يعلم أن مني أو مذي أو ودي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة وعلى كل إما أن يتذكر احتلاما أو لا فيجب الغسل اتفاقا في سبع صور منها وهي ما إذا علم أنه مذي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة مع تذكر الاحتلام فيها أو علم أنه مني مطلقا ولا يجب اتفاقا فيما إذا علم أنه ودي مطلقا وفيما إذا علم أنه مذي أو شك في الأخيرين مع عدم تذكر الاحتلام ويجب عندهما فيما إذا شك في الأولين أو في الطرفين أو في الثلاثة احتياطا ولا يجب عند أبي يوسف للشك في وجود الموجب
واعلم أن صاحب البحر ذكر اثنتي عشرة صورة وزدت الشك في الثلاثة تذكر أو لا أخذا من عبارته ا هـ
ح
أقول إذا عرفت هذا فاعلم أن المصنف اقتصر على بعض الصور ولا يلزم أن يكون ما سكت عنه مخالفا في الحكم لما ذكره كما لا يخفى فافهم نعم قوله أو مذيا يقتضي أنه إذا علم أنه مذي ولم يتذكر احتلاما يجب الغسل وقد علمت خلافه
وعبارة النقاية كعبارة المصنف وأشار القهستاني إلى الجواب حيث فسر قوله أو مذيا بقوله أي شيئا شك فيه أنه مني أو مذي لأنا لا نوجب الغسل بالمذي أصلا بل بالمني إلا أنه قد يرق بإطالة الزمان فالمراد ما صورته صورة المذي لا حقيقته كما في الخلاصة ا هـ
فليس فيه مخالفة لما تقدم فافهم
قوله ( وإن لم يتذكر الاحتلام ) من الحلم بالضم والسكون اسم لما يراه النائم ثم غلب على ما يراه من الجماع
نهر
واعلم أنه اختلف في الواو في نظير هذا التركيب فقيل إنها للحال أي والحال أنه إن لم يتذكر الاحتلام يجب الغسل ويفهم وجوبه إذا تذكر بالأولى وقيل للعطف على مقدر أي إن تذكر وإن لم يتذكر
قوله ( إلا إذا علم الخ ) استثناء من قوله أو مذيا مع تقييده بعدم تذكر الاحتلام لأنه هو المنطوق سواء جعلت الواو للحال أو للعطف لكن على جعلها للحال أظهر إذ ليس في الكلام شيء مقدر ولو جعلت للعطف ربما يتوهم أن الاستثناء مفروض مع عدم التذكر المنطوق ومع التذكر المقدر فلا يصح قوله الآتي اتفاقا
ثم اعلم أن الشارح قد أصلح عبارة المصنف فإن قوله أو مذيا يحتمل أن يكون المراد به أنه رأى مذيا حقيقة بأن علم أنه مذي أو أنه رأى مذيا صورة بأن رأى بللا وشك في أنه مذي أو ودي أو شك أو مذي أو مني فاستثنى ما عدا الأخير وصار قوله أو مذيا مفروضا فيما إذا شك أنه مذي أو مني فقط كما قذمناه فهذه الصورة
____________________
(1/163)
يجب فيها الغسل وإن لم يتذكر الاحتلام لكن بقيت هذه صادقة بما إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم أو لا مع أنه إذا كان منتشرا لا يجب الغسل فاستثناه أيضا فصار جملة المستثنيات ثلاث صور لا يجب فيها الغسل اتفاقا مع عدم تذكر الاحتلام كما قلنا وبهذا الحل الذي هو من فيض الفتاح العليم ظهر أن هذه المتعاطفات مرتبطة ببعضها وأن الاستثناء فيها كلها متصل ولله در هذا الشارح الفاضل فكثيرا ما تخفى إشارته على المعترضين وإن كانوا من الماهرين فافهم
قوله ( كالودي ) فإنه لا غسل فيه اتفاقا وإن تذكر كما مر
قوله ( لكن في الجواهر الخ ) استدراك على المسألة الثالثة
وحاصله أنه أطلق عدم الغسل فيها تبعا لكثير وهو مقيد بثلاثة قيود أن يكون نومه قائما أو قاعدا أو أن لا يتيقن أنه مني وأن لا يتذكر حلما فإذا فقد واحد منها بأن نام مضطجعا أو تيقن أو تذكر وجب الغسل
وقد ذكر المسألة في منية المصلي فقال وإن استيقظ فوجد في إحليله بللا ولم يتذكر حلما إن كان ذكره منتشرا قبل النوم فلا غسل عليه وإن كان ساكنا فعليه الغسل هذا إذا نام قائما أو قاعدا أما إذا نام مضطجعا أو تيقن أنه مني فعليه الغسل وهذا مذكور في المحيط والذخيرة
وقال شمس الأئمة الحلواني هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون ا هـ
والحاصل أن الانتشار قبل النوم سبب لخروج المذي فما يراه يحمل عليه ما لم يتذكر حلما ويعلم أنه مني أو يكن نائما مضطجعا لأنه سبب للاسترخاء والاستغراق في النوم الذي هو سبب الاحتلام لكن ذكر في الحلية أنه راجع الذخيرة والمحيط البرهاني فلم ير تقييد عدم الغسل بما إذا نام قائما أو قاعدا ثم بحث وقال إن الفرق بينه وبين النوم مضطجعا غير ظاهر
قوله ( أو تيقن ) عبر به تبعا للمنية ولو عبر بالعلم لكان أولى لأن المراد غلبة الظن والعلم يطلق عليها
وعبارة الخانية في هذه المسألة إلا أن يكون أكبر رأيه أنه مني فيلزمه الغسل ا هـ
قوله ( ولو مع اللذة والإنزال ) أي مع تذكرهما وليس المراد أنه أنزل لأن الموضوع أنه لم ير بللا ط قوله ( وكذا المرأة الخ ) في البحر عن المعراج لو احتلمت المرأة ولم يخرج الماء على ظهر فرجها عن محمد يجب
وفي ظاهر الرواية لا يجب لأن خروج منيها إلى فرجها الخارج شرط لوجوب الغسل عليها وعليه الفتوى
قوله ( ولو وجد الخ ) حاصله أنه لو وجد الزوجان في فراشهما منيا ولم يتذكرا احتلاما فقيل إن كان أبيض غليظا فمني الرجل وإن كان أصفر رقيقا فمني المرأة
وقال في الظهيرية بعد حكايته لهذا القول والأصح أنه يجب عليهما احتياطا وعزا هذا الثاني في الحلية إلى ابن الفضل وقال ومشى عليه في المحيط والخلاصة واستظهر في الفتح الجمع بين القولين فقيد الوجوب عليهما بعدم التذكر وعدم المميز من غلظ ورقة أو بياض وصفرة ثم قال فلا خلاف إذن واستحسنه في الحلية وأقره في البحر لكن في شرح المنية أن المميز يختلف باختلاف المزاج والأغذية فلا عبرة به والاحتياط هو الأول
قوله ( ولا نام قبلهما غيرهما ) ذكره في الحلية بحثا وتبعه في البحر قال فلو كان قد نام عليه غيرهما وكان المني المرئي يابسا فالظاهر أنه لا يجب الغسل على واحد منهما
____________________
(1/164)
تنبيه التقييد بالزوجين صريح في أن غيرهما لا يجب عليه
رملي على البحر
أقول الظاهر أنه اتفاقي جربا على الغالب ولذا قال ط الأجنبي والأجنبية كذلك وكذا لو كانا رجلين أو امرأتين فالظاهر اتحاد الحكم
قوله ( إن وجد لذة الجماع ) أي بأن كانت الخرقة رقيقة بحيث يجد حرارة الفرج واللذة
بحر
قوله ( وإلا لا ) أي ما لم ينزل
قوله ( على الأصح ) وقال بعضهم يجب لأنه يسمى مولجا
وقال بعضهم لا يجب
بحر
وظاهر القولين الإطلاق
قوله ( والأحوط الوجوب ) أي وجوب الغسل في الوجهين
بحر وسراج
أقول والظاهر أنه اختيار للقول الأول من القولين وبه قالت الأئمة الثلاثة كما في شرح الشيخ إسماعيل عن عيون المذاهب وهو ظاهر حديث إذا لتقى لختانان وغابت لحشفة وجب لغسل
قوله ( هذا الخ ) الإشارة إلى إسناد فرضية الغسل إلى الانقطاع لأن المعنى وفرض عند انقطاع حيض ونفاس وأراد بما قبله إسناد الفرضية إلى خروج المني والإيلاج ورؤية المستيقظ وأراد بالإضافة الإسناد والتعليق أي إسناد فرضية الغسل إلى هذه الأشياء وتعليقها عليها مجاز من إسناد الحكم وهو هنا الفرضية إلى الشرط وهو هنا هذه المذكورات وليس من إسناد الحكم إلى سببه كما هو الأصل
قوله ( أي يجب عنده ) أي عند تحقق الانقطاع ونحوه والمراد بعده
قوله ( بل بوجوب الصلاة ) أي عند ضيق الوقت وقوله أو إرادة ما لا يحل أي عند عدم ضيق الوقت
قال في الشرنبلالية واختلف في سبب وجوب الغسل
وعند عامة المشايخ إرادة فعل ما لا يحل فعله مع الجنابة وقيل وجوب ما لا يحل معها
والذي يظهر أنه إرادة فعل ما لا يحل إلا به عند عدم ضيق الوقت أو عند وجوب ما لا يصح معها وذلك عند ضيق الوقت لما قال في الكافي إن سبب وجوب الغسل الصلاة أو إرادة ما لا يحل فعله مع الجنابة والإنزال والالتقاء شرط ا هـ
قوله ( كما مر ) أي في الوضوء وقدمنا الكلام عليه هناك
قوله ( لا عند مذي ) أي لا يفرض الغسل عند خروج مذي كظبي بمعجمة ساكنة وياء مخففة على الأفصح وفيه الكسر مع التخفيف وقيل هما لحن ماء رقيق أبيض يخرج عند الشهوة لا بها وهو في النساء أغلب
قيل هو منهن يسمى القذي بمفتوحتين
نهر
قوله ( أو ودي ) بمهملة ساكنة وياء مخففة عند الجمهور
وحكى الجوهري كسر الدال مع تشديد الياء
قال ابن مكي ليس بصواب
وقال أبو عبيد إن الصواب وإعجام الدال شاذ ماء ثخين أبيض كدر يخرج عقب البول
نهر
قوله ( بل الوضوء منه الخ ) أي بل يجب الوضوء منه أي من الودي ومن البول جميعا وهذا جواب عما يقال إن الوجوب بالبول السابق على الودي فكيف يجب به وبيان الجواب أن وجوبه بالبول لا ينافي الوجوب بالودي بعده حتى لو حلف لا يتوضأ من رعاف فرعف ثم بال أو بالعكس فتوضأ فالوضوء منهما فيحنث وكذا لو حلفت لا تغتسل من جنابة فجومعت وحاضت فاغتسلت فهو منهما وهذا ظاهر الرواية
بحر
وذكر أربعة أجوبة أخر منها أن الودي ما يخرج بعد الاغتسال من الجماع وبعد البول وهو شيء لزج كذا فسره في الخزانة والتبيين فالإشكال إنما يرد على من اقتصر في تفسيره على ما يخرج بعد البول
قوله ( على الظاهر ) أي إن قلنا إن وجوب الوضوء منه ومن البول بناء على ظاهر الرواية من مسألتي اليمين السابقتين
وذكر المحقق في الفتحأن الوضوء من الحدث السابق وأن السبب الثاني لم يوجب شيئا لاستحالة تحصيل الحاصل إلا إذا وقعا معا كأن رعف وبال معا كما قرره الآمدي
قال وهو معقول يجب قبوله هو قول الجرجاني من مشايخنا
____________________
(1/165)
والحق أن لا تنافي بين كون الحدث بالأول فقط وبين الحنث لأنه لا يلزم بناؤه على تعدد الحدث بل على العرف والعرف أن يقال لمن توضأ بعد بول ورعاف توضأ منهما قوله ( غير آدمي ) كجني وقرد وحمار
قوله ( خنثى ) أي مشكل
قوله ( وما يصنع ) أي على صورة الذكر
قوله ( في الدبر ) متعلق بإدخال
قوله ( على المختار ) قال في التجنيس رجل أدخل أصبعه في دبره وهو صائم اختلف في وجوب الغسل والقضاء
والمختار أنه لا يجب الغسل ولا القضاء لأن الأصبع ليس آلة للجماع فصار بمنزلة الخشبة ذكره في الصوم وقيد بالدبر لأن المختار وجوب الغسل في القبل إذا قصدت الاستمتاع لأن الشهوة فيهن غالبة فيقام السبب مقام المسبب دون الدبر لعدمها
نوح أفندي
أقول آخر عبارة التجنيس عند قوله بمنزلة الخشبة وقد راجعتها منه فرأيتها كذلك فقوله وقيد الخ من كلام نوح أفندي وقوله لأن المختار وجوب الغسل الخ بحث منه سبقه إليه شارح المنية حيث قال والأولى أن يجب في القبل الخ
وقد نبه في الإمداد أيضا على أنه بحث من شارح المنية فافهم
قوله ( ولا عند وطء بهيمة الخ ) محترزات قوله في أحد سبيلي آدمي حي يجامع مثله
وفي القنية برمز أجناس الناطفي فرج البهيمة كفيها لا غسل فيه بغير إنزال ويعزر وتذبح البهيمة وتحرق على وجه الاستحباب ولا يحرم أكل لحمها به ا هـ
وسيأتي في الحدود
قوله ( بأن تصير مفضاة ) أي مختلطة السبيلين
وفي المسألة خلاف فقيل يجب الغسل مطلقا وقيل لا مطلقا
والصحيح أنه إذا أمكن الإيلاج في محل الجماع من الصغيرة ولم يفضها فهي ممن تجامع فيجب الغسل
سراج
أقول لا يخفى أن الوجوب مشروط بما إذا زالت البكارة لأنه مشروط في الكبيرة كما يأتي قريبا بالأولى فقوله في البحر قد يقال إن بقاء البكارة دليل على عدم الإيلاج فلا يجب الغسل كما اختاره في النهاية فيه نظر فتدبر
قوله ( قهستاني ) أقول عبارته وطء البهيمة والميتة غير ناقض للوضوء بلا إنزال فلا يلزم إلا غسل الذكر كما في صوم النظم ا هـ
وكأن الشراح قاس الصغيرة عليهما
تأمل
ويؤخذ من هذا أن المباشرة الفاحشة الناقضة للوضوء لا بد أن تكون بين مشتهيين كما قدمناه
قوله ( وسيجيء ) أي في باب الأنجاس
مطلب في رطوبة الفرج قوله ( الفرج ) أي الداخل أما الخارج فرطوبته طاهرة باتفاق بدليل جعلهم غسله سنة في الوضوء ولو كانت نجسة عندهما لفرض غسله ا هـ
ح
أقول قد يقال إن النجاسة ما دامت في محلها لا عبرة لها ولذا كان الاستنجاء سنة للرجال والنساء في غير الغسل مع أن الخارج نجس باتفاق فلا تدل سنية الغسل على الطهارة فتدبر نعم يدل على الاتفاق كونه له حكم خارج البدن فرطوبته كرطوبة الفم والأنف والعرق الخارج من البدن
قوله ( فتنبه ) أشار به إلى أن ما في النظم مبني على قولهما فلا تغفل وتظن من جزمه به أنه متفق عليه
قوله ( لقصور الشهوة ) أي التي أقيمت مقام الإنزال في وجوب الغسل عند الإيلاج لكن يرد عليه لو جامع عجوزا شوهاء لا تشتهي أصلا ويظهر لي الجواب
____________________
(1/166)
بأنها قد ثبت لها وصف الاشتهاء فيما مضى فيبقى حكمه الآن ما دامت حية كما ذكروه في مسألة المحاذاة في الصلاة بخلاف البهيمة والميتة والصغيرة
تأمل
وهذا علة لعدم وجوب الغسل فيما تقدم
قوله ( أما به ) أي أما فعل هذه الأشياء المصاحب للإنزال فيحال وجوب الغسل على الإنزال ط
قوله ( تمنع التقاء الختانين ) أي ختان الرجل وهو موضع القشع وختان المرأة وهو موضع قطع جلدة منها كعرف الديك فوق الفرج فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حاذى ختانه ختانها وتمام بيانه في البحر
قوله ( إلا إذا حبلت ) فيكون دليل إنزالها فيلزمها الغسل
قال أبو السعود وكذا يلزمه لأنه دليل إنزاله أيضا وإن خفي عليه
قوله ( قبل الغسل ) أي لو لم تكن اغتسلت لأنه ظهر أنها صلت بلا طهارة
قوله ( قاله الحلبي ) أي في شرحه الصغير
وقال في الكبير
ولا شك أنه مبني على وجوب الغسل عليها بمجرد انفصال منيها إلى رحمها وهو خلاف الأصح الذي هو ظاهر الرواية
قوله ( أي يفرض ) أشار به إلى أنه ليس المراد بالوجوب هنا المصطلح عليه عندنا فكان الأولى فيه وفيما بعده التعبير بيفرض ا هـ
ح
وممن صرح بالفرضية هنا صاحب الوافي والسروجي وابن الهمام مع نقله الإجماع عليه لكن علل في البحر بأن هذا الذي سموه واجبا يفوت الجواز بفوته
قال الشارح في الخزائن قلت هذا التعليل يفيد أنه فرض عملي لا اعتقادي وهو كذلك لأنه ليس ثابتا بدليل قطعي ولا متفقا عليه فلعلهم عبروا بالواجب للإشعار بانحطاط رتبة هذا عن ذاك فتأمل ا هـ
قلت لكن هذا ظاهر فيما عدا غسل الميت فتأمل
قوله ( كفاية ) أي بحيث لو قام به بعضهم سقط عن باقيهم وإلا أثموا كلهم إن علموا به وهل يشترط لسقوطه عن المكلفين النية استظهر في جنائز الفتح نعم ونقل في البحر عن الخانية وغيرها خلافه
قوله ( إجماعا ) قيد لقوله يفرض قال في البحر وما نقله مسكين من قوله وقيل غسل الميت سنة مؤكدة ففيه نظر بعد نقل الإجماع
قوله ( بالتخفيف ) أي تخفيف السين وهو من الغسل بالفتح
قال في السراج يقال غسل الجمعة وغسل الجنابة بضم الغين وغسل الميت وغسل الثوب بفتحها
وضابطه أنك إذا أضفت إلى المغسول فتحت وإذا أضفت إلى غير المغسول ضممت ا هـ
قوله ( الميت ) بالتخفيف وبالتشديد ضد الحي أو المخفف الذي مات والمشدد الذي لم يمت بعد أفاده في القاموس
قوله ( المسلم ) أما الكافر إذا لم يوجد له إلا وليه المسلم فيسيل عليه الماء كالخرقة النجسة من غير ملاحظة السنة ط
قوله ( فييمم ) وقيل يغسل بثيابه والأول أولى
بحر ونهر
قوله ( كما يجب ) أي يفرض
بحر
قوله ( ولو بعد الانقطاع ) أي انقطاع الحيض والنفاس لكن في دخول ذلك في كلام المصنف نظر لأن الحائض من اتصفت بالحيض وبعد انقطاعه لا تسمى حائضا ولذا قال في الشرنبلالية إن فيه إشارة إلى أنها لو انقطع حيضها ثم أسلمت لا غسل عليها
قوله ( على الأصح ) مقابلة ما قيل إنها لو أسلمت بعد الانقطاع لا غسل عليها بخلاف الجنب والفرق أن صفة الجنابة باقية بعد الإسلام فكأنه أجنب بعده والانقطاع في الحيض هو السبب ولم يتحقق بعد فلذا لو أسلمت قبل الانقطاع لزمها
قوله ( وعلله ) أي علل الأصح
قوله ( ببقاء الحدث الحكمي ) حاصله منع الفرق بين الحيض والجنابة لأن التحقيق أن الانقطاع شرط لوجوب الغسل لا سبب
____________________
(1/167)
ومبنى الفرق على أنه لا يثبت لها بالحيض والنفاس حدث حكمي يستمر مثل الجنابة وهو ممنوع بدليل أن المسافرة لو تيممت بعد الانقطاع خرجت من الحيض فإذا وجدت الماء وجب عليها الغسل فصارت بمنزلة الجنب فقد ثبت لها حدث حكمي بعد الانقطاع هذا خلاصة ما حققه ابن الكمال وقد حقق في الحلية هذا المقام بما لا مزيد عليه
قوله ( بل بإنزال ) عام في الغلام والجارية والحيض قاصر عليها كالولادة ط
وقيل لو بلغ بالإنزال لا يجب عليه بخلاف ما لو بلغت بالحيض كما في البحر
قوله ( أو ولدت ولم تر دما ) هذا قول الإمام وبه أخذ أكثر المشايخ
وعند أبي يوسف وهو رواية عن محمد لا غسل عليها لعدم الدم وصححه في التبيين والبرهان كما بسطه في الشرنبلالية ومشى عليه في نور الإيضاح لكن في السراج أن المختار الوجوب احتياطا وهو الأصح انتهى
قوله ( أو أصاب الخ ) كذا عده بعضهم هنا من الاغتسالات المفروضة
قال في الحلية ولا يخفى أنه ليس مما نحن فيه فعده من ذلك سهوا ا هـ
أي لأن الكلام في النجاسة الحكمية لا الحقيقية
قوله ( راجع للجميع ) فيه نظر فقد ذكر العلامة نوح أفندي الاتفاق على وجوب الغسل على من أسلمت حائضا قبل الانقطاع وعلى من بلغت بالحيض وسيذكر الشارح في باب الأنجاس أن المختار أنه لو خفي محل النجاسة يكفي غسل طرف الثوب أو البدن
هذا وفي بعض النسخ هنا ما نصه وفي التاترخانية معزيا للعتابية والمختار وجوبه على مجنون أفاق
قلت وهو يخالف ما يأتي متنا إلا أن يحمل أنه رأى منيا وهل السكران والمغمى عليه كذلك يراجع ا هـ
قيل وهذا ثابت في نسخة الشارح الأصلية ساقط من النسخة المصححة
أقول ويؤيد هذا الحمل ما في التاترخانية أيضا عن السراجية المجنون إذا أجنب ثم أفاق لا غسل عليه ا هـ
وكأنه مبني على القول بعدم الغسل على من أسلم جنبا لعدم التكليف وقت الجنابة لكن الأصح خلافه كما علمت فلذا كان المجنون كذلك وقوله وهل السكران والمغمى عليه كذلك أي في جريان الخلاف فيهما لو رأيا منيا لعدم التكليف وقال يراجع لعدم رؤيته ذلك
وفي التاترخانية أغشي عليه فأفاق ووجد مذيا أو منيا فلا غسل عليه ا هـ
ومقتضاه جريان الخلاف أيضا إلا أن يقال المراد أن رأى بللا شك أنه مني أو مذي
وقدم الشارح عند قوله ورؤية مستيقظ أنه خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي وقدمنا هناك عن المنية وغيرها أن برؤية المني يجب الغسل
قوله ( بأن أسلم طاهرا ) أي من الجنابة والحيض والنفاس أي بأن كان اغتسل أو أسلم صغيرا
تأمل
قوله ( أو بلغ بالسن ) أي بلا رؤية شيء وسن البلوغ على المفتى به خمس عشرة سنة في الجارية والغلام كما سيأتي في محله
قوله ( وسن الخ ) هو من سنن الزوائد فلا عتاب بتركه كما في القهستاني
وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذه الاغتسالات الأربعة مستحبة أخذا من قول محمد في الأصل إن غسل الجمعة حسن
وذكر في شرح المنية أنه الأصح وقواه في الفتح لكن استظهر تلميذه ابن أمير حاج في الحلية استنانه للجمعة لنقل المواظبة عليه وبسط ذلك
____________________
(1/168)
مع بيان دلائل عدم الوجوب
والجواب عما يخالفها في البحر وغيره
قوله ( هو الصحيح ) أي كونه للصلاة هو الصحيح وهو ظاهر الرواية
ابن كمال
وهو قول أبي يوسف
وقال الحسن بن زياد إنه لليوم ونسب إلى محمد والخلاف المذكور جار في غسل العيد أيضا كما في القهستاني عن التحفة وأثر الخلاف فيمن لا جمعة عليه لو اغتسل وفيمن أحدث بعد الغسل وصلى بالوضوء نال الفضل عند الحسن لا عند الثاني
قال في الكافي وكذا فيمن اغتسل قبل الفجر وصلى به ينال عند الثاني لا عند الحسن لأنه اشترط إيقاعه فيه إظهارا لشرفة ومزيد اختصاصه عن غيره كما في النهر قيل وفيمن اغتسل قبل الغروب واستظهر في البحر ما ذكره الشارح عن الخانية من أنه لا يعتبر إجماعا لأن سبب مشروعيته دفع حصول الأذى من الرائحة عند الاجتماع والحسن وإن قال هو لليوم لكن بشرط تقدمه على الصلاة ولا يضر تخلل الحدث بينه وبين الغسل عنده
وعند أبي يوسف يضر ا هـ
ولسيدي عبد الغني النابلسي هنا بحث نفيس ذكره في شرح هداية ابن العماد حاصله أنهم صرحوا بأن هذه الاغتسالات الأربعة للنظافة لا للطهارة مع أنه لو تخلل الحدث تزداد النظافة بالوضوء ثانيا ولئن كانت للطهارة أيضا فهي حاصلة بالوضوء ثانيا مع بقاء النظافة فالأولى عندي الإجزاء وإن تخلل الحدث لأن مقتضى الأحاديث الواردة في ذلك طلب حصول النظافة فقط ا هـ
أقول ويؤيده طلب التبكير للصلاة وهو في الساعة الأولى أفضل وهي إلى طلوع الشمس فربما يعسر مع ذلك بقاء الوضوء إلى وقت الصلاة ولا سيما في أطول الأيام وإعادة الغسل أعسر
وما جعل عليكم في الدين من حرج
وربما أداه ذلك إلى أن يصلي حاقنا وهو حرام ويؤيده أيضا ما في المعراج لو اغتسل يوم الخميس أو ليلة الجمعة استن بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة ا هـ
قوله ( كما في غرر الأذكار ) هو شرح درر البحار المؤلف في مذاهب الأئمة الأربعة الكبار ومذاهب الصاحبين على طريقة مجمع البحرين مع غاية الإيجاز والاختصار للعلامة القونوي الحنفي وقد ذكر في آخره أنه ألفه في نحو شهر ونصف سنة 746 وعندي شرح عليه للعلامة محمد الشهير بالشيخ البخاري سماه غرر الأفكار وعليه شرح للعلامة قاسم قطلوبغا تلميذ ابن الهمام ولعله الذي نقل عنه الشارح
قوله ( وغيره ) كالهداية وصدر الشريعة والدرر وشروح المجمع والزيلعي
قوله ( اجتمعا مع جنابة ) أقول وكذا لو كان معهما كسوف واستسقاء
وهذا كله إذا نوى ذلك ليحصل له ثواب الكل
تأمل
قوله ( ولأجل إحرام ) أي بحج أو عمرة أو بهما
إمداد
ولا أظن أحدا قال إنه لليوم فقط
نهر
قوله ( وفي جبل عرفة الخ ) أراد بالجبل ما يشمل السهل من كل ما يصح الوقوف عليه وإنما أقحم لفظ جبل إشارة إلى أن الغسل للوقوف نفسه لا لدخول عرفات ولا لليوم
مطلب يوم عرفة أفضل من يوم الجمعة وما في البدائع من أنه يجوز أن يكون على الاختلاف أيضا أي أن يكون للوقوف أو لليوم كما في الجملة رده في الحلية بأن الظاهر أنه للوقوف
قال وما أظن أن أحدا ذهب إلى استنانه ليوم عرفة بلا حضور عرفات ا هـ
____________________
(1/169)
وأقره في البحر والنهر لكن قال المقدسي في شرحه على نظم الكنز أقول لا يستبعد أن يقول أحد بسنيته لليوم لفضيلته حتى لو حلف بطلاق امرأته في أفضل أيام العام تطلق يوم عرفة ذكره ابن ملك في شرح المشارق
وقد وقع السؤال عن ذلك في هذه الأيام ودار بين الأقوام وكتب بعضهم بأفضلية يوم الجمعة والنقل بخلافه ا هـ
قوله ( وهل السكران كذلك ) الظاهر نعم وما قدمه الشارح على ما في بعض النسخ فيما إذا رأى منيا أما هنا فالمراد إذا لم ير منيا كما في المجنون والمغمى عليه فلا تكرار فافهم
قوله ( وعند حجامة ) أي عند الفراغ منها
إمداد
لشبهة الخلاف
بحر
قوله ( وفي ليلة براءة ) هي ليلة النصف من شعبان
قوله ( وعرفة ) أي في ليلتها تاترخانية وقهستاني وظاهر الإطلاق شموله للحاج وغيره
قوله ( إذا رآها ) أي يقينا أو عملا باتباع ما ورد في وقتها لإحيائها
إمداد
قوله ( غداة يوم النحر ) أي صبيحتها
قوله ( لرمي الجمرة ) مفاده أنه لا ينس لنفس دخول مني فلو أخر الرمي إلى اليوم الثاني لم يندب لأجل الدخول وهو خلاف المتبادر من المتن ومخالف لما في شرح الغزنوية حيث جعل غسل الرمي في يوم النحر غير غسل دخول مني يوم النحر
قوله ( وعند دخول مكة ) استظهر في الحلية سنيته لنقل المواظبة
قوله ( لطواف الزيارة ) لم يقيد بذلك في الفتح والبحر بل جعل في شرح درر البحار كلا من دخول مكة والطواف قسما برأسه ونصه وجب للاستسقاء والكسوف ودخول مكة والوقوف بمزدلفة ورمي الجمار والطواف
تنبيه ظهر مما ذكرنا أن الأغسال يوم النحر خمسة وهي الوقوف بمزدلفة ودخول منى ورمي الجمرة ودخول مكة والطواف ويظهر لي أنه ينوب عنها غسل واحد بنيته لها كما ينوب عن الجمعة والعيد وتعدادها لا يقتضي عدم ذلك
تأمل
قوله ( وظلمة ) أي نهارا
إمداد
قوله ( ولحضور مجمع الناس ) عزاه في البحر إلى النووي وقال لم أجده لأئمتنا
أقول وفي معراج الدراية قيل يستحب الاغتسال لصلاة الكسوف وفي الاستسقاء وفي كل ما كان في معنى ذلك كاجتماع الناس
قوله ( ولمن لبس ثوبا جديدا ) عزاه في الخزائن إلى النتف
قوله ( أو غسل ميتا ) للخروج من الخلاف كما في الفتح
قوله ( أو يراد قتله الخ ) عزاه هذه المذكورات في الخزائن إلى الحلبي من خزانة الأكمل
قوله ( ولمستحاضة انقطع دما ) وكذا المحتلم أراد معاودة أهله على ما سيأتي وكذا لمن بلغ بسن أو أسلم طاهرا كما مر فقد بلغت نيفا وثلاثين
قال في الإمداد ويندب غسل جميع بدنه أو ثوبه إذا أصابته نجاسة وخفي مكانها ا هـ
وفيه ما مر مع مخالفته لما قدمه الشارح تبعا للبحر وغيره لكن قدمنا أن الشارح سيذكر في الأنجاس أن المختار أنه يكفي غسل طرف الثوب فيما في الإمداد مبني عليه فتدبر
قوله ( ثمن ماء اغتسالها ) أي من جنابة أو حيض انقطع لعشرة أو أقل
وفصل في السراج بين انقطاع الحيض لعشرة فعليها لاحتياجها إلى الصلاة ولأقل فعليه لاحتياجه إلى الوطء قال في البحر وقد يقال إن ما تحتاج إليه مما لا بد لها منه واجب عليه سواء كان هو محتاجا إليه أو لا فالأوجه الإطلاق ا هـ
قوله ( ولو غنية ) وبه ظهر ضعف ما في الخلاصة من أن ثمن ماء الوضوء عليها لو غنية
____________________
(1/170)
وإلا فإما أن ينقله إليها أو يدعها تنقله بنفسها
بحر من باب النفقة
قوله ( فأجرة الحمام عليه ) ذكره في نفقة البحر بحثا قال لأنه ثمن ماء الاغتسال لكن له منعها من الحمام حيث لم تكن نفساء ا هـ
وما بحثه نقله الرملي عن جامع الفصولين فلذا جزم به الشارح فافهم
قوله ( الشعث والتفث ) محركان والأول انتشار الشعر واغبراره لقلة التعهد والثاني بمعنى الوسخ والدرن وسوى بينهما في القاموس واعترضه الشاهيني في مختصره
قوله ( قال شيخنا ) أي العلامة خير الدين الرملي في حاشيته على المنع
قوله ( الظاهر لا يلزمه ) لأنه لا يكون كماء الشرب حتى يكون له حكم النفقة بل للتزين للزوج فيكون كالطيب
رحمتي
والظاهر أنه لو أمرها بإزالته لا يلزمها إلا إذا دفع لها من ماله
تأمل
قوله ( لا مصلى عيد وجنازة ) فليس لهما حكم المسجد في ذلك وإن كان لهما حكمه في صحة الاقتداء وإن لم تتصل الصفوف ومثلهما فناء المسجد وتمامه في البحر
قوله ( ورباط ) هو خانكاه الصوفية ح وهو متعبدهم
وفي كلام ابن وفا نفعنا الله به ما يفيد أنها بالقاف فإنه قال الخنق في اللغة التضييق والخانق الطريق الضيق ومنه سميت الزاوية التي سكنها صوفيه الروم الخانقاه لتضييقهم على أنفسهم بالشروط التي يلتزمونها في ملازمتها ويقولون فيها أيضا من غاب عن الحضور غاب نصيبه إلا أهل الخوانق ومضايق ا هـ
ط
ووجه تسميتها رباطا أنها من الربط أي الملازمة على الأمر ومنه سمي المقام في تغثر العدو رباطا ومنه قوله تعالى { وصابروا ورابطوا } آل عمران 200 ومعناه انتظار الصلاة بعد الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام فذلكم الرباط أفاده في القاموس
قوله ( لكن الخ ) في هذا الاستدراك نظر لأن كلام القنية في مسجد المدرسة لا في المدرسة نفسها لأنه قال المساجد التي في المدارس مساجد لأنهم لا يمنعون الناس من الصلاة فيهاد وإذا غلقت يكون فيها جماعة من أهلها ا هـ
وفي الخانية دار فيها مسجد لا يمنعون الناس من الصلاة فيها إذا كانت الدار لو أغلقت كان له جماعة ممن فيها فهو مسجد جماعة ثبت له أحكام المسجد من حرمة البيع والدخول وإلا فلا وإن كانوا لا يمنعون الناس من الصلاة فيه
قوله ( ولو للعبور ) أي المرور لما أخرجه أبو داود وغيره عن عائشة قالت جاء رسول الله وبيوت أصحابه شارعة في لمسجد فقال وجهوا هذه البيوت فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب
والمراد بعابري سبيل في الآية المسافرون كما هو منقول عن أهل التفسير فالمسافر مستثنى من النهي عن الصلاة بلا اغتسال ثم بين في الآية أن حكمه التيمم وتمام الأدلة من السنة وغيرها مبسوط في البحر
وفيه وقد علم أن دخوله المسجد جنبا ومكثه فيه من خواصه وكذا هو من خواص علي رضي الله عنه كما ورد من طرق ثقات تدل على أن الحديث صحيح كما ذكره الحافظ ابن حجر
وأما القول بجوازه لأهل البيت وكلبس الحرير لهم فهو اختلاق من الشيعة
قوله ( إلا لضرورة ) قيد به في الدرر وكذا في عيون المذاهب للكاكي شارح الهداية وكذا في شرح درر البحار
قوله ( حيث لا يمكنه غيره ) كأن يكون باب بيته إلى المسجد
درر أي ولا يمكنه تحويله ولا يقدر على السكنى في غيره
بحر
____________________
(1/171)
قلت يدل عليه الحديث المار ومن صوره ما في العناية عن المبسوط مسافر مر بمسجد فيه عين ماء وهو جنب ولا يجد غيره فإنه يتيمم لدخول المسجد عندنا ا هـ
قوله ( تيمم ندبا الخ ) أفاد ذلك في النهر توفيقا بين إطلاق ما بفيد الوجوب وما يفيد الندب
أقول والظاهر أن هذا في الخروج أما في الدخول فيجب كما يفيده ما نقلنا آنفا عن العناية ويحمل عليه أيضا ما في درر البحار من قوله ولا نجيز العبور في المسجد بلا تيمم
ثم رأيت في الحلية عن المحيط ما يؤيده حيث قال ولو أصابته جنابة في المسجد قيل لا يباح له الخروج من غير تيمم اعتبارا بالدخول وقيل يباح ا هـ
فجعل الخلاف في الخروج دون الدخول والوجه فيه ظاهر لا يخفى على الماهر وعليه فالظاهر وجوبه على من كان بابه إلى المسجد وأراد المرور فيه
تأمل
قوله ( ولا يصلي ولا يقرأ ) لأنه لم ينو به عبادة مقصودة وهذا دفع للقول بأن له أن يصلي به كما بسطه في الحلية
تتمة ذكر في الدرر عن التاترخانية أنه يكره دخول المحدث مسجدا من المساجد وطوافه بالكعبة ا هـ
وفي القهستاني ولا يدخله من على بدنه نجاسة ثم قال وفي الخزانة وإذا فسا في المسجد لم ير بعضهم به بأسا
وقال بعضهم إذا احتاج إليه يخرجه منه وهو الأصح ا هـ
قوله ( تلاوة قرآن ) أي ولو بعد المضمضة كما يأتي وفي حكمه منسوخ التلاوة على ما سنذكره
قوله ( ولو دون آية ) أي من المركبات لا المفردات لأنه جوز للحائض المعلمة تعليم كلمة كلمة
يعقوب باشا
قوله ( على المختار ) أي من قولين مصححين ثانيهما أنه لا يحرم ما دون آية ورجحه ابن الهمام بأنه لا يعقد قارئا بما دون آية في حق جواز الصلاة فكذا هنا واعترضه في البحر تبعا للحلية بأن الأحاديث لم تفصل بين القليل والكثير والتعليل في مقابلة النص مردودا ا هـ
والأول قول الكرخي والثاني قول الطحاوي
أقول ومحله إذا لم تكن طويلة فلو كانت طويلة كان بعضها كآية لأنها تعدل ثلاث آيات
ذكره في الحلية عن شرح الجامع لفخر الإسلام
قوله ( فلو قصد الدعاء ) قال في العيون لأبي الليث قرأ الفاتحة على وجه الدعاء أو شيئا من الآيات التي فيها معنى الدعاء ولم يرد القراءة لا بأس به
وفي الغاية أنه المختار واختاره الحلواني لكن قال الهندواني لا أفتى به وإن روي عن الإمام واستظهره في البحر تبعا للحلية في نحو الفاتحة لأنه لم يزل قرآنا لفظا ومعنى معجزا متحدي به بخلاف نحو الحمد لله ونازعه في النهر بأن كون قرآنا في الأصل لا يمنع من إخراجه عن القرآنية بالقصد نعم ظاهر التقييد بالآيات التي فيها معنى الدعاء يفهم أن ما ليس كذلك كسورة أبي لهب لا يؤثر فيها قصد غير القرآنية لكن لم أر التصريح به في كلامهم ا هـ
مطلب يطلق الدعاء على ما يشمل الثناء أقول وقد صرحوا بأن مفاهيم الكتب حجة والظاهر أن المراد بالدعاء ما يشمل الثناء لأن الفاتحة نصفها ثناء ونصفها الآخر دعاء فقول الشارح أو الثناء من عطف الخاص على العام
قوله ( أو افتتاح أمر ) كقوله بسم الله لافتتاح العمل تبركا
بدائع
قوله ( أو التعليم ) فرق بعضهم بين الحائض والجنب بأن الحائض مضطرة لأنها لا تقدر على رفع حدثها بخلاف الجنب والمختار أنه لا فرق
نوح
قوله ( ولقن كلمة كلمة ) هو المراد بقول المنية
____________________
(1/172)
حرفا حرفا كما فسره به في شرحها والمراد مع القطع بين كل كلمتين وهذا على قول الكرخي وعلى قول الطحاوي تعلم نصف آية
نهاية وغيرها
ونظر فيه في البحر بأن الكرخي قائل باستواء الآية وما دونها في المنع
وأجاب في النهر بأن مراده بما دونها ما به يسمى قارئا وبالتعليم كلمة كلمة لا يعد قارئا ا هـ
ويؤيده ما قدمناه عن اليعقوبية
بقي ما لو كانت الكلمة آية ك ص و ق نقل نوح أفندي عن بعضهم أنه ينبغي الجواز
أقول وينبغي عدمه في { مدهامتان } الرحمن 64 تأمل
قوله ( حتى لو قصد الخ ) تفريع على مضمون ما قبله من أن القرآن يخرج عن القرآنية بقصد غيره
قوله ( إلا إذا قصد الخ ) استثناء من المضمون المذكور أيضا والمراد المصلي الصلاة الكاملة ذات الركوع والسجود
قوله ( فإنها تجزيه ) الضمائر إلى القراءة المعلومة من المقام أو إلى الفاتحة ط قوله ( فلا يتغير حكمها ) وهو سقوط واجب القراءة بها
قوله ( بقصده ) أي الثناء
قوله ( ومسه ) أي مس القرآن
وكذا سائر الكتب السماوية
قال الشيخ إسماعيل وفي المبتغى ولا يجوز مس التوراة والإنجيل والزبور وكتب التفسير ا هـ
وبه علم أنه لا يجوز مس القرآن المنسوخ تلاوة وإن لم يسمى قرآنا متعبدا بتلاوته خلافا لما بحثه الرملي فإن التوراة ونحوها مما نسخ تلاوته وحكمه معا
فافهم
قوله ( مستدرك ) أي مدرك بالاعتراض
المعنى أنه معترض بما بعده من قول المصنف وبه وبالأصغر مس مصحف فإنه يغني عنه
وفيه أنه لا يعترض بالمتأخر على المتقدم لوقوعه في مركزه ط أي بل بالعكس
قوله ( ساقط ) لم يسقط فيما رأيناه من نسخ الشرح إلا قوله و مسه ح
قوله ( لوجوب الطهارة فيه ) حتى لو لم يكن ثمة مسجد لا يحل فعله بدونها وتمامه في البحر
قال الرحمتي وكان المناسب أن يذكره أي الطواف مع ما بعده لأن كما تجب الطهارة فيه من الحديث الأكبر تجب من الأصغر كما سيأتي وصرح به ابن أمير حاج في عد الواجبات
قال والطهارة فيه من الحدث الأكثر والأصغر ا هـ
قوله ( مس مصحف ) المصحف بتثليث الميم والضم فيه أشهر سمي به لأنه أصحف أي جمع فيه الصحائف
حلية
قوله ( أي ما فيه آية الخ ) أي المراد مطلق ما كتب فيه قرآن مجازا من إطلاق اسم الكل على الجزء أو من باب الإطلاق والتقييد
قال ح لكن لا يحرم في غير المصحف إلا بالمكتوب أي موضع الكتابة كذا في باب الحيض من البحر وقيد بالآية لأنه لو كتب ما دونها لا يكره مسه كما في حيض القهستاني
وينبغي أن يجري هنا ما جري في قراءة ما دون آية من الخلاف والتفصيل المارين هناك بالأولى لأن المس يحرم بالحدث ولو أصغر بخلاف القراءة فكانت دونه
تأمل
قوله ( ظاهر كلامهم لا ) قال في النهر وظاهر استدلالهم بقوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } الواقعة 79 بناء على أن الجملة صفة للقرآن يقتضي اختصاص المنع به ا هـ
لكن قدمنا آنفا عن المبتغى أنه لا يجوز وكذا نقله ح عن القهستاني عن الذخيرة ثم قال وليس بعد النقل إلا الرجوع واستدلالهم بالآية لا ينفيه بل ربما تلحق سائر الكتب السماوية بالقرآن دلالة لاشتراك الجميع في وجوب التعظيم كما لا يخفى نعم ينبغي أن يخص بما لم يبدل كما سيأتي نظيره ا هـ
قوله ( غير مشرز ) أي غير مخيط به وهو تفسير للمتجافي
قال في المغرب
____________________
(1/173)
مصحف مشرز أجزاؤه مشدود بعضها إلى بعض من الشيرازة وليست بعربية ا هـ
فالمراد بالغلاف ما كان منفصلا كالخريطة وهي الكيس ونحوها لأن المتصل بالمصحف منه حتى يدخل في بيعه بلا ذكر
وقيل المراد به الجلد المشرز وصححه في المحيط والكافي وصحح الأول في الهداية وكثير من الكتب وزاد في السراج أن عليه الفتوى
وفي البحر أنه أقرب إلى التعظيم
قال والخلاف فيه جاز في الكم أيضا
ففي المحيط لا يكره عند الجمهور واختاره في الكافي معللا بأن المس اسم للمباشرة باليد بلا حائل
وفي الهداية أنه يكره هو الصحيح لأنه تابع له وعزاه في الخلاصة إلى عامة المشايخ فهو معارض لما في المحيط فكان هو أولى ا هـ
أقول بل هو ظاهر الرواية كما في الخانية والتقييد بالكم اتفاقي فإنه لا يجوز مسه ببعض ثياب البدن غير الكم كما في الفتح عن الفتاوي
وفيه قال لي بعض الإخوان أيجوز بالمنديل الموضوع على العنق قلت لا أعلم فيه نقلا
والذي يظهر أنه إن تحرك طرفه بحركته لا يجوز وإلا جاز لاعتبارهم إياه تبعا له كبدنه في الأول دون الثاني فيما لو صلى وعليه عمامة بطرفها الملقى نجاسة مانعة وأقره في النهر والبحر
قوله ( أو بصرة ) راجع للدرهم والمراد بالصرة ما كانت من غير ثيابه التابعة له
قوله ( وحل قلبه بعود ) أي تقليب أوراق المصحف بعود ونحوه لعدم صدق المس عليه
قوله ( بغير أعضاء الطهارة ) هذا لا يظهر إلا في الأصغر وأما في الأكبر فالأعضاء كلها أعضاء طهارة ط أي فالخلاف إنما هو في المحدث لا في الجنب لأن الحدث يحل جميع أعضائه قوله ( وبما غسل منها ) أي من الأعضاء بناء على الاختلاف في تجزي الطهارة وعدمه في حق غير الصلاة
قوله ( والمنع أصح ) كذا في شرح الزاهدي
وظاهره أن المقابل صحيح يجوز الإفتاء به ط لكن في السراج والصحيح أنه لا يجوز لأن بذلك لا ترتفع جنابته ومثله في البحر فليس أفعل التفضيل على بابه
قوله ( لأن الجنابة لا تحل العين ) تقدم ما يفيد أن الجنابة تحلها وسقط غسلها للحرج ط والأولى أن يعلل بعدم المس كما قال ح لأنه لم يوجد في النظر إلا المحاذاة
قوله ( وإلا ) أي إن لم يكن المراد بالكراهة المنفية كراهة التحريم لا مطلق الكراهة قوله مندوب فقد نص في أذان الهداية على استحباب الوضوء لذكر الله تعالى
قوله ( وهو مرجع كراهة التنزيه ) أي فلذا قيد بقوله أي تحريما وقصد بذلك الرد على قول البحر وترك المستحب لا يوجب الكراهة وقدمنا الكلام على ذلك في مندوبات الوضوء قوله ( ولا يكره مس صبي الخ ) فيه أن الصبي غير مكلف والظاهر أن المراد لا يكره لوليه أن يتركه يمس بخلاف ما لو رآه يشرب خمرا مثلا فإنه لا يحل له تركه
قوله ( ولا بأس بدفعه إليه ) أي لا بأس بأن يدفع البالغ المتطهر المصحف إلى الصبي ولا يتوهم جوازه مع وجود حدث البالغ ح قوله ( للضرورة ) لأن في تكليف الصبيان وأمرهم بالوضوء حرجا بهم وفي تأخيره إلى البلوغ تقليل حفظ القرآن درر قال ط وكلامهم يقتضي منع الدفع والطلب من الصبي إذا لم يكن معلما
قوله ( إذ الحفظ الخ )
____________________
(1/174)
تنوير على دعوى الضرورة المبيحة لتعجيل الدفع قبل الكبر وقوله كالنقش في الحجر أي من حيث الثبات والبقاء
قال الشارح في الخزائن وهذا حديث أخرجه البيهقي في المداخل لكن بلفظ العلم والصغر كالنقش في الحجر
ومما أنشد نفطويه لنفسه أراني أنسى ما تعلمت في الكبر ولست بناس ما تعلمت في الصغر وما العلم إلا بالتعلم في الصبا وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر وما العلم بعد الشيب إلا تعسف إذا كل قلب المرء والسمع والبصر ولو فلق القلب المعلم في الصبا لأبصر فيه العلم كالنقش في الحجر قوله ( خلافا لمحمد ) حيث قال أحب إلي لا يكتب لأنه في حكم الماس للقرآن
حلية عن المحيط
قال في الفتح والأول أقيس لأنه في هذه الحالة ماس بالقلم وهو واسطة منفصلة فكان كثوب منفصل إلا أن يمسه بيده
قوله ( وينبغي الخ ) يؤخذ هذا مما ذكرناه عن الفتح ووفق ط بين القولين بما يرفع الخلاف من أصله بحمل قول الثاني على الكراهية التحريمية وقول الثالث على التنزيهية بدليل قوله أحب إلي الخ
قوله ( على الصحيفة ) قيد بها لأن نحو اللوح لا يعطي حكم الصحيفة لأنه لا يحرم إلا مس المكتوب منه ط قوله ( قاله الحلبي ) هو الشيخ إبراهيم الحلبي صاحب متن المنتقى وشارح المنية
قوله ( ويكره له الخ ) الأولى لهم أي للجنب والحائض والنفساء
هذا وصحح في الخلاصة عدم الكراهة
قال في شرح المنية لكن الصحيح الكراهة لأن ما بدل منه بعض غير معين وما لم يبدل غالب وهو واجب التعظيم والصون
وإذا اجتمع المحرم والمبيح غلب المحرم
وقال عليه الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وبهذا ظهر فساد قول من قال يجوز الاستنجاء بما في أيديهم من التوراة والإنجيل من الشافعية فإنه مجازفة عظيمة لأن الله تعالى لم يخبرنا بأنهم بدلوها عن آخرها وكونه منسوخا لا يخرجه عن كونه كلام الله تعالى كالآيات المنسوخة من القرآن ا هـ
واختار سيدي عبد الغني ما في الخلاصة وأطال في تقريره ثم قال وقد نهينا عن النظر في شيء منها سواء نقلها إليها الكفار أو من أسلم منهم
قوله ( بما لم يبدل ) أما ما علم أنه مبدل لو كتب وحده يجوز مسه كزعمهم أن من التوراة هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض
قال في شرح التحرير وقد ذكر غير واحد أنه قيل أول من اختلقه لليهود ابن الراوندي ليعارض به دعوى نبينا محمد قوله ( لا قراءة قنوت ) هذا ظاهر المذهب
وعن محمد أنه يكره احتياطا لأن له شبهة القرآن لاختلاف الصحابة لأن أبيا جعله سورتين من القرآن من أوله إلى اللهم إياك نعبد سورة ومن هنا إلى آخره أخرى لكن الفتوى على ظاهر الرواية لأنه ليس بقرآن قطعا ويقينا بالإجماع فلا شبهة توجب الاحتياط المذكور نعم يستحب الوضوء لذكر الله تعالى وتمامه في الحلية
قوله ( بعد غسل يد وفم ) أما قبله فلا ينبغي لأنه يصير شاربا للماء المستعمل وهو مكروه تنزيها ويده لا تخلو عن النجاسة فينبغي غسلها ثم يأكل
بدائع
____________________
(1/175)
وفي الخزانة وإن ترك لا يضره
وفي الخانية لا بأس به
وفيها واختلف في الحائض قيل كالجنب وقيل لا يستحب لها لأن الغسل لا يزيل نجاسة الحيض عن الفم واليد وتمامه في الحلية
قوله ( لم يأت أهله ) أي ما لم يغتسل لئلا يشاركه الشيطان كما أفاده ركن الإسلام
وفي البستان قال ابن المقنع يأتي الولد مجنونا أو بخيلا
إسماعيل
قوله ( قال الحلبي الخ ) هو العلامة محمد بن أمير حاج الحلبي شارك المنية والتحرير
الأصولي
قوله ( ظاهر الأحاديث الخ ) يشعر بأنه وردت في الاحتلام أحاديث والحال أنا لم نقف فيه على حديث واحد
والذي ورد دار على نسائه في غسل واحد وورد أنه طاف على نسائه وغتسل عند هذه وعند هذه فقلنا باستحبابه
وأما الاحتلام فلم يرد فيه شيء من القول والفعل على أنه من جهة الفعل محال لأن الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه معصومون عنه غاية ما يقال إنه لما دل الدليل على استحباب الغسل لمن أراد المعاودة علم استحبابه للجنب إذا أراد ذلك سواء كانت الجنابة من الجماع أو الاحتلام ا هـ
نوح أفندي
وهو كلام حسن إلا أن عبارة الحلبي ليس فيها الاستدلال بالأحاديث على الندب وإنما نفي الدليل على الوجوب والشارح تابع صاحب البحر في عزو وهذه العبارة إليه
ونص عبارة الحلبي في الحلية بعد نقله جملة أحاديث فيستفاد من هذه الأحاديث أن المعاودة من غير وضوء ولا غسل بين الجماعين أمر جائز وأن الأفضل أن يتخللها الغسل أو الوضوء ثم قال بعد نقله الفرع المذكور عن المبتغى بالغين المعجمة وهو قوله إلا أذا احتلم لم يأت أهله هذا إن لم يحمل على الندب غريب ثم لا دليل فيها يظهر يدل على الحرمة ا هـ
قوله ( من كلامه ) أي كلام المبتغى وليس في عبارة الشارح ما يرجع إليه هذا الضمير
قوله ( والتفسير كمصحف ) ظاهره حرمة المس كما هو مقتضى التشبيه وفيه نظر إذ لا نص فيه بخلاف المصحف فالمناسب التعبير بالكراهة كما عبر غيره
قوله ( لا الكتب الشرعية ) قال في الخلاصة ويكره مس المصحف كما يكره للجنب وكذا كتب الأحاديث والفقه عندهما
والأصح أنه لا يكره عنده ا هـ
قال في شرح المنية وجه قوله أنه لا يسمى ماسا للقرآن لأن ما فيها منه بمنزلة التابع ا هـ
ومشى في الفتح على الكراهة فقال قالوا يكره مس كتب التفسير والفقه والسنن لأنها لا تخلو عن آيات القرآن وهذا التعليل يمنع من شروح النحو ا هـ
قوله ( لكن في الأشباه الخ ) استدراك على قوله التفسير كمصحف فإن ما في الأشباه صريح في جواز مس التفسير فهو كسائر الكتب الشرعية بل ظاهره أنه قول أصحابنا جميعا وقد صرح بجوازه أيضا في شرح درر البحار
وفي السراج عن الإيضاح أن كتب التفسير لا يجوز مس موضع القرآن وله أن يمس غيره وكذا كتب الفقه إذا كان فيها شيء من القرآن بخلاف المصحف فإن الكل فيه تبع للقرآن ا هـ
والحاصل أنه لا فرق بين التفسير وغيره من الكتب الشرعية على القول بالكراهة وعدمه ولهذا قال في النهر ولا يخفى أن مقتضى ما في الخلاصة عدم الكراهة مطلقا لأن من أثبتها حتى في التفسير نظر إلى ما فيها من الآيات ومن نفاها نظر إلى أن الأكثر ليس كذلك وهذا يعم التفسير أيضا إلا أن يقال إن القرآن فيه أكثر من غيره ا هـ
____________________
(1/176)
أي فيكره مسه دون غيره من الكتب الشرعية كما جرى عليه المصنف تبعا للدرر ومشى عليه في الحاوي القدسي وكذا في المعراج والتحفة فتلخص في المسألة ثلاثة أقوال
قال ط وما في السراج أوفق بالقواعد ا هـ
أقول الأظهر والأحوط القول الثالث أي كراهته في التفسير دون غيره لظهور الفرق فإن القرآن في التفسير أكثر منه في غيره وذكره فيه مقصود استقلالا لا تبعا فشبهه بالمصحف أقرب من شبهه ببقية الكتب
والظاهر أن الخلاف في التفسير الذي كتب فيه القرآن بخلاف غيره كبعض نسخ الكشاف
تأمل
قوله ( ولو قيل به ) أي بهذا التفصيل بأن يقال إن كان التفسير أكثر لا يكره وإن كان القرآن أكثر يكره والأولى إلحاق المساواة بالثاني وهذا التفصيل ربما يشير إليه ما ذكرناه عن النهر وبه يحصل التوفيق بين القولين
قوله ( قلت لكنه إلخ ) استدراك على قوله ولو قيل به الخ
وحاصله أن ما مر في المتن مطلق فتقييد الكراهة بما إذا كان القرآن مخالف له ولا يخفى أن هذا الاستدراك غير الأول لأن الأول كان على كراهة مس التفسير وهذا على تقييد الكراهة فافهم
قوله ( فتدبر ) لعله يشير به إلى أنه يمكن ادعاء تقييد إطلاق المتن بما إذا لم يكن التفسير أكثر فلا ينادي دعوى التفصيل
قوله ( يدفن ) أي يجعل في خرقة طاهرة ويدفن في محل غير ممتهن لا يوطأ
وفي الذخيرة وينبغي أن يلحد لا ولا يشق له لأنه يحتاج إلى إهالة التراب عليه وفي ذلك نوع تحقير إلا إذا جعل فوقه سقفا بحيث لا يصل التراب إليه فهو حسن أيضا ا هـ
وأما غيره من الكتب فسيأتي في الحظر والإباحة أنه يمحى عنها اسم الله تعالى وملائكته ورسله ويحرق الباقي ولا بأنه بأن تلقى في ماء جار كما هي أو تدفن وهو أحسن ا هـ
قوله ( كالمسلم ) فإنه مكرم وإذا مات وعدم نفعه يدفن وكذلك المصحف فليس في دفنه إهانة له بل ذلك إكرام خوفا من الامتهان
قوله ( ويمنع النصراني ) في بعض النسخ الكافر وفي الخانية الحربي أو الذمي
قوله ( من مسه ) أي المصحف بلا قيده السابق
قوله ( وجوزه محمد إذا اغتسل ) جزم به في الخانية بلا حكاية خلاف
قال في البحر وعندهما يمنع مطلقا
قوله ( ويكره وضع المصحف الخ ) وهل التفسير والكتب الشرعية كذلك يحرر ط
أقول الظاهر نعم كما تفيده المسألة التالية ثم رأيته في كراهية العلامي
قوله ( إلا للحفظ ) أي حفظه من سارق ونحوه
تنبيه سئل بعض الشافعية عمن اضطر إلى مأكول ولا يتوصل إليه إلا بوضع المصحف تحت رجله
فأجاب الظاهر الجواز لأن حفظ الروح مقدم ولو من غير الآدمي ولذا لو أشرفت سفينة على الغرق واحتيج إلى الإلقاء ألقي المصحف حفظا للروح والضرورة تمنع كونه امتهانا كما لو اضطر إلى السجود لصنم حفظا لروحه
قوله ( والمقلمة ) أي الدواة
قوله ( إلا للكتابة ) الظاهر أن ذلك عند الحاجة إلى الوضع
قوله ( ويوضع الخ ) أي على سبيل الأولوية رعاية للتعظيم
قوله ( النحو ) أي كتبه واللغة مثله كما في البحر قوله ( ثم التعبير ) أي تعبير الرؤيا كابن سيرين
____________________
(1/177)
وابن شاهين لأفضليته لكونه تفسيرا ما هو جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وهو الرؤيا ط
قوله ( ثم الفقه ) لعل وجهه أن مظعم أدلته من الكتاب والسنة فيكثر فيه ذكر الآيات والأحاديث بخلاف علم الكلام فإن ذلك خاص بالسمعيات منه فقط
تأمل
قوله ( ثم الأخبار والمواعظ ) عبارة البحر عن القنية الأخبار والمواعظ والدعوات المروية ا هـ
والظاهر أن المروية صفة للكل أي المروية عن النبي
قوله ( ثم التفسير ) قال في البحر والتفسير فوق ذلك والتفسير الذي فيه آيات مكتوبة فوق كتب القراءة
زاد الرملي عن الحاوي والمصحف فوق الجميع
قوله ( إلا إذا كسره ) فحينئذ لا يكره كما لا يكره مسه لتفرق الحروف أو لأن الباقي دون آية
قوله ( رقية الخ ) الظاهر أن المراد بها ما يسمونه الآن بالهيكل والحمائل المشتمل على الآيات القرآنية فإذا كان غلافه منفصلا عنه كالمشمع ونحوه جاز دخول الخلاء به ومسه وحمله للكتب ويستفاد منه أن ما كتب من الآيات بنية الدعاء والثناء لا يخرج عن كونه قرآنا بخلاف قراءته بهذه النية فالنية تعمل في تغيير المنطوق المكتوب ا هـ
من شرح سيدي عبد الغني
قوله ( لاحترامه ) أي بسبب ما كتب به من أسماء الله تعالى ونحوها على أن الحروف في ذاتها لها احترام
قوله ( لا يلقى ) أي ما ذكر من الحشيش والكناسة
قوله ( في كاغد ) هو القرطاس معربا
قاموس
وهو بفتح الغين المعجمة كما نقل عن المصباح
قوله ( فيجوز محوه ) المحو إذهاب الأثر كما في القاموس
قال ط وهل إذا طمس الحروف بنحو حبر يعد محوا يحرر
قوله ( ومحو بعض الكتابة ) ظاهره ولو قرآنا وقيد بالبعض لإخراج اسم الله تعالى ط قوله ( وقد ورد النهي الخ ) فهو مكروه تحريما وأما لعقه بلسانه وابتلاعه فالظاهر جوازه ط قوله ( ومن فيهن ) ظاهره يعم النبي والمسألة ذات خلاف والأحوط الوقف وعبر بمن الموضوعة للعاقل لأن غيره تبع له ولعل ذلك الحديث للإشارة إلى أن القرآن يلحق باسم الله تعالى في النهي عن محوه بالبزاق فيخض قوله ومحو بعض الكتابة الخ بغير القرآن أيضا فليتأمل ط
قوله ( مستور ) ظاهره عدم جوازه إذا لم يشترط
أقول وعبارة الخانية ولا بأس بالخلوة والمجامعة في بيت فيه مصحف لأن بيوت المسلمين لا تخلو من ذلك
قوله ( مطلقا ) أي سواء استعمل أو علق
قوله ( وتمامه في البحر ) حيث قال وقيل يكره حتى الحروف
____________________
(1/178)
المفردة
ورأى بعض الأئمة شبانا يرمون إلى هدف كتب فيه أبو جهل لعنه الله فنهاهم عنه ثم مر بهم وقد قطعوا الحروف فنهاهم أيضا وقال إنما نهيتكم في الابتداء لأجل الحروف فإذا يكره مجرد الحروف لكن الأول أحسن وأوسع ا هـ
قال سيدي عبد الغني ولعل وجه ذلك أن حروف الهجاء قرآن نزلت على هود عليه السلام كما صرح بذلك الإمام القسطلاني في كتابه الإشارات في علم القراءات ا هـ
قوله ( قلت وظاهره الخ ) كذا يوجد في بعض النسخ أي ظاهر قوله لا تعليقه للزينة
قوله ( يحرر ) أقول في فتح القدير وتكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدرهم والمحاريب والجدران وما يفرش
والله تعالى أعلم
باب المياه شروع في بيان ما تحصل به الطهارة السابق بيانها
والباب لغة ما يتوصل منه إلى غيره
واصطلاحا اسم لجملة مختصة من العلم مشتملة على فصول وسمائل غالبا
قوله ( جمع ماء ) هو جمع كثرة ويجمع جمع قلة على أمواه
بحر
قوله ( ويقصر ) أشار بتغيير التعبير إلى قلته ولذا قال في النهر وعن بعضهم قصره ط
قوله ( والهاء همزة ) وقد تبقى على حالها فيقال ماء بالهاء كما في القاموس
قوله ( به حياة كل نام ) أي زائد من حيوان أو نبات ولا يراد أن الماء الملح ليس فيه حياة لأن ذلك عارض والأصل فيه العذوبة كما في حاشية أبي السعود أي لأن أصله من ماء السماء كما يأتي
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان أكبر أو أصغر
قوله ( هو ما يتبادر عند الإطلاق ) أي ما يسبق إلى الفهم بمطلق قولنا ماء ولم يقم به خبث ولا معنى يمنع جواز الصلاة فخرج الماء المقيد والماء المتنجس والماء المستعمل
بحر
وظاهره أن المتنجس والمستعمل غير مقيد مع أنه منه لكن عند العالم بالنجاسة والاستعمال ولذا قيد بعض العلماء التبادر بقوله بالنسبة للعالم بحاله
واعلم أن الماء المطلق أخص من مطلق ماء لأخذ الإطلاق فيه قيدا ولذا صح إخراج المقيد به
وأما مطلق ماء فمعناه أي ماء كان فيدخل فيه المقيد المذكور ولا يصح إرادته هنا
قوله ( كماء سماء ) الإضافة للتعريف بخلاف الماء المقيد فإن القيد لازم له لا يطلق الماء عليه بدونه كماء الورد
بحر
قوله ( وأودية ) جمع واد
قوله ( وآبار ) بمد الهمزة وفتح الباء بعدها ألف وبقصر الهمزة وإسكان الباء بعدهما همزة ممدودة بألف جمع
شرح المنية
قوله ( بحيث يتقاطر ) وعن الثاني الجواز مطلقا والأصح قولهما
نهر
قوله ( وبرد وجمد ) أي مذابين أيضا
قوله ( وندا ) بالفتح والقصر
قال في الإمداد هو الطل وهو ماء على الصحيح وقيل نفس دابة ا هـ
أقول وكذا الزلال
قال ابن حجر وهو ما يخرج من جوف صورة توجد في نحو الثلج كالحيوان وليست بحيوان فإن تحقق كان نجسا لأنه قيء ا هـ
نعم لا يكون نجسا عندنا ما لم يعلم كونه حيوانا دمويا أما رفع الحدث به فلا يصح وإن كان غير دموي قوله ( فالكل ) أي كل المياه المذكورة بالنظر إلى ما في نفس الأمر
قوله ( والنكرة ) جواب عما يقال
____________________
(1/179)
إن ماء في الآية نكرة في سياق الإثبات فلا تعم
وبيان الجواب أن النكرة في الإثبات قد تعم لقرينة لفظية كما إذا وصفت بصفة عامة مثل
ولعبد مؤمن خير أو غير لفظية مثل علمت نفس ومثل تمرة خير من جرادة وهنا كذلك فإن السياق للامتنان وهو تعداد النعم من المنعم فيفيد أن المراد أنزل من السماء كل ماء فسلكه ينابيع لا بعض الماء حتى يفيد أن بعض ما في الأرض ليس من السماء لأن كمال الامتنان في العموم ويستدل بالآية أيضا على طهارته إذ لا منه بالنجس
قوله ( بلا كراهة ) أشار بذلك إلى فائدة التصريح به مع دخوله في قوله
فاستفيد منه أن نفي الكراهة خاص في رفع الحديث بخلاف الخبث
قوله ( قصد تشميسه ) قيد اتفاقي لأن المصرح به في كتب الشافعية أنه لو تشمس بنفسه كذلك
قوله ( وكراهته الخ ) أقول المصرح به في شرحي ابن حجر والرملي على المنهاج أنها شرعية تنزيهية لا طبية ثم قال ابن حجر واستعماله يخشى منه البرص كما صح عن عمر رضي الله عنه واعتمده بعض محققي الأطباء لقبض زهومته على مسام البدن فتحبس الدم وذكر شروط كراهته عندهم وهي أن يكون بقطر حار وقت الحر في إناء منطبع غير نقد وأن يستعمل وهو حار
أقول وقدمنا في مندوبات الوضوء عن الإمداد أن منها أن لا يكون بماء مشمس وبه صرح في الحلية مستدلا بما صح عن عمر من النهي عنه ولذا صرح في الفتح بكراهته ومثله في البحر
وقال في معراج الدراية وفي القنية وتكره الطهارة بالمشمس لقوله لعائشة رضي الله عنها حين سخنت الماء بالشمس لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث لبرص وعن عمر مثله
وفي رواية لا يكره وبه قال أحمد ومالك
والشافعي يكره إن قصد تشميسه
وفي الغاية وكره بالمشمس في قطر حار في أوان منطبعة واعتبار القصد ضعيف وعدمه غير مؤثر ا هـ
ما في المعراج
فقد علمت أن المعتمد الكراهة عندنا لصحة الأثر وأن عدمها رواية
والظاهر أنها تنزيهية عندنا أيضاف بدليل عدة في المندوبات فلا فرق حينئذ بين مذهبنا ومذهب الشافعي فاغتنم هذا التحرير
قوله ( لبقاء الأول الخ ) هذا الفرق أبداه صاحب الدرر بعد ما نقل الأولى عن عيون المذاهب والثانية عن الخلاصة واعترضه محشيه العلامة نوح أفندي بأن عبارة الخلاصة ولو توضأ بماء الملح لا يجوز
قال في البزازية لأنه على خلاف طبع الماء لأنه يجمد صيفا ويذوب شتاء
وقال الزيلعي ولا يجوز بماء الملح وهو ما يجمد في الصيف ويذوب في الشتاء عكس الماء وأقره صاحب البحر والعلامة المقدسي ومقتضاه أنه لا يجوز بماء الملح مطلقا أي سواء انعقد ملحا ثم ذاب أو لا وهو الصواب عندي ا هـ
ملخصا
قوله ( أي معتصر ) إشارة إلى أن عصير اسم مفعول
قوله ( من شجر ) ينبغي أن يعمم بما له ساق أو لا ليشمل الريباس وأوراق الهندبا وغير ذلك كما في البرجندي إسماعيل
قوله ( أو ثمر ) بمثلثة نهر كالعنب
____________________
(1/180)
مطلب في حديث لا تسموا العنب الكرم قوله ( من الكرم لا تسموا العنب الكرم زاد في رواية الكرم قلب المؤمن وذلك لأن هذه اللفظة تدل على كثرة الخير والمنافع في المسمى بها وقلب المؤمن هو المستحق لذلك وهل المراد النهي عن تخصيص شجر العنب بهذا اللفظ وأن قلب المؤمن أولى به منه فلا يمنع من تسميته بالكرم أو المراد أو تسميته بها مع اتخاذ الخمر المحرم منه وصف بالكرم والخير لأصل هذا الشراب الخبيث المحرم وذلك ذريعة إلى مدح المحرم وتهييج النفوس إليه محتمل ا هـ
مناوي
وجزم في القاموس بالاحتمال الأول وفي شرح الشرعة بالثاني
قوله ( وهو الأظهر ) وهو المصرح به في كثير من الكتب واقتصر عليه في الخانية والمحيط وصدر به في الكافي وذكر الجواز بقيل
وفي الحلية أنه الأوجه لكمال الامتزاج
بحر ونهر
وقال الرملي في حاشية المنح ومن راجع كتب المذهب وجد أكثرها على عدم الجواز فيكون المعول عليه لما في هذا المتن مرجوح بالنسبة إليه ا هـ
قوله ( والاعتصار الخ ) فالمراد به الخروج ط قوله ( وكذا ماء الدابوغة الخ ) أي كماء الكرم في الخلاف وفي أن الأظهر عدم جواز رفع الحدث بها ولم أجد فيما عندي من كتب اللغة لفظ الدابوغة فليراجع ح
ونقل بعض المحشين عن كتب الطب أن البطيخ الأخضر يقال له الحبحب والدابوغة والدابوقة قال وعلى هذا يتعين حمل البطيخ في كلام الشارح على الأصفر المسمى بالخربز
قوله ( وكذا نبيذ التمر ) أي في أن الأظهر فيه عدم الجواز أيضا وفصله عما قبله لأنه ليس منه بل من قسم المغلوب الذي زال اسمه كما يذكره قريبا
قوله ( ولا بماء مغلوب ) التقييد بالمغلوب بناء على الغالب وإلا فقد يمنع التساوي في بعض الصور كما يأتي
قوله ( الغلبة الخ ) اعلم أن العلماء اتفقوا على جواز رفع الحدث بالماء المطلق وعلى عدمه بالماء المقيد ثم الماء إذا اختلط به طاهر لا يخرجه عن صفة الإطلاق ما لم يغلب عليه وبيان الغلبة اختلفت فيه عبارات فقهائنا
وقد اقتحم الإمام فخر الدين الزيلعي التوفيق بينها بضابط مفيد أقره عليه من بعده من المحققين كابن الهمام وابن أمير حاج وصاحب الدرر والبحر والنهر والمصنف والشارح وغيرهم وهو ما ذكره الشارح بأوجز عبارة وألطف إشارة
قوله ( بتشرب نبات الخ ) بدل من قوله بكمال الامتزاج أو متعلق بمحذوف حالا منه وهذا يشمل ما خرج بعلاج أو لا كما مر
قوله ( بما لا يقصد به التنظيف ) كالمرق وماء الباقلا أي الفول فإنه يصير مقيدا سواء تغير شيء من أوصافه أو لا وسواء بقيت فيه رقة الماء أو لا في المختار كما في البحر
واحترز عما إذا طبخ فيه ما يقصد به المبالغة في النظافة كالأشنان ونحوه فإنه لا يضر ما لم يغلب عليه فيصير كالسويق المخلوط لزوال اسم الماء عنه كما في الهداية
قوله ( وإما بغلبة الخ ) مقال قوله إما بكمال الامتزاج
قوله ( فبثخانة ) أي فالغلبة بثخانة الماء أي بانتفاء رقته وجريانه على الأعضاء
زيلعي
وأفاد في الفتح أن المناسب أن لا يذكر هذا القسم لأن الكلام في الماء وهذا قد زال عنه اسم الماء كما أشار إليه كلام الهداية السابق
قوله ( ما لم يزل الاسم ) أي فإذا زال الاسم لا يعتبر في منع التطهر به الثخانة بل يضر وإن بقي على رقته وسيلانه وهذا زاد في البحر على ما ذكره الزيلعي
أقول لكن يرد عليه ما قدمناه عن الفتح
تأمل
قوله ( كنبيذ تمر ) ومثله الزعفران إذا خالط الماء وصار بحيث يصبغ به فليس بماء مطلق من غير نظر إلى الثخانة وكذا إذا
____________________
(1/181)
طرح فيه زاج أو عفص وصار ينقش به لزوال اسم الماء عنه
أفاده في البحر وسينبه عليه الشارح
قوله ( ولو مائعا ) عطف على قوله فلو جامدا
ثم المائع إما مباين لجميع الأوصاف أعين الطعم واللون والريح كالخل أو موافق في بعض مباين في بعض أو مماثل في الجميع وذكر تفصيله وأحكامه
قوله ( بتغير أكثرها ) أي فالغلبة بتغير أكثرها وهو وصفان فلا يضر ظهور وصف واحد في الماء من أوصاف الخل مثلا
قوله ( كلبن ) فإنه موافق للماء في عدم الرائحة مباين له في الطعم واللون وكماء البطيخ أي بعض أنواعه فإنه موافق له في عدم اللون والرائحة مباين له في الطعم
هذا وفي حاشية الرملي على البحر أن المشاهد في اللبن مخالفته للماء في الرائحة
قوله ( فبأحدها ) أي فغلبته بتغير أحد الأوصاف المذكورة كالطعم أو اللون في اللبن وكالطعم فقط في البطيخ فافهم
قوله ( كمستعمل ) أي على القول بطهارته وكالماء الذي يؤخذ بالتقطير من لسان الثور وماء الورد المنقطع الرائحة
بحر
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن المطلق أكثر بأن كان أقل أو مساويا لا يجوز
قوله ( وهذا ) أي ما ذكر من اعتبار الأجزاء في المستعمل يعم الملقى بالبناء للمفعول أي ما كان مستعملا من خارج ثم أخذ وألقي في الماء المطلق وخلط به والملاقي أي والذي لاقى العضو من الماء المطلق القليل بأن انغمس فيه محدث أو أدخل يده فيه
مطلب في مسألة الوضوء من الفساقي قوله ( ففي الفساقي ) أي الحياض الصغار يجوز التوضؤ منها مع عدم جريانها وهو تفريع على ما ذكره من التعميم ومن جملة الفساقي مغطس الحمام وبرك المساجد ونحوها مما لم يكن جاريا ولم يبلغ عشرا في عشر فعلى هذا القول يجوز فيها الاغتسال والوضوء ما لم يعلم أن الماء الذي لاقى أعضاء المتطهرين سوى المطلق أو غلب عليه
قوله ( على ما حققه في البحر الخ ) حيث استدل على ذلك بإطلاقهم المفيد للعموم كما مر وبقول البدائع الماء القليل إنما يخرج من كونه مطهرا باختلاط غير المطهر به إذا كان غير المطهر غالبا كماء الورد واللبن لا مغلوبا وها هنا الماء المستعمل ما يلاقي البدن ولا شك أنه أقل من غير المستعمل فكيف يخرج به من أن يكون مطهرا
ا هـ
ونحوه في الحلية لابن أمير حاج
وفي فتاوي الشيخ سراج الدين قاري الهداية التي جمعها تلميذه المحقق ابن الهمام سئل عن فسقية صغيرة يتوضأ فيها الناس وينزل فيها الماء المستعمل وفي كل يوم ينزل فيها ماء جديد هل يجوز الوضوء فيها أجاب إذا لم يقع فيها غير الماء المذكور لا يضر ا هـ يعني وأما إذا وقعت فيها نجاسة تنجست لصغرها
وقد استدل في البحر بعبارات أخر لا تدل له كما يظهر للمتأمل لأنها في الملقى والنزاع في الملاقي كما أوضحناه فيما علقناه عليه فلذا اقتصرنا على ما ذكرنا
قوله ( فرق بينهما ) أي بين الملقى والملاقي حيث قال وما ذكر من أن الاستعمال بالجزء الذي يلاقي جسده دون باقي الماء فيصير ذلك الجزء مستهلكا في كثير فهو مردود لسريان الاستعمال في الجميع حكما وليس كالغالب يصب القليل من الماء فيه ا هـ
____________________
(1/182)
وحاصله الرد على ما مر عن البدائع بأن المحدث إذا انغمس أو أدخل يده في الماء صار مستعملا لجميع الماء حكما وإن كان المستعمل حقيقة هو الملاقي للعضو فقط بخلاف ما لو ألقى فيه المستعمل القليل فإنه لا يحكم على الجميع بالاستعمال لأن المحدث لم يستعمل شيئا منه حتى يدعي ذلك وإنما المستعمل حقيقة وحكما هو ذلك الملقى فقط
وملخصه أن الملقى لا يصير به الماء مستعملا إلا بالغلبة بخلاف الملاقي فإن الماء يصير مستعملا كله بمجرد ملاقاة العضو له
ورد ذلك في البحر بأنه لا معنى للفرق المذكور لأن الشيوع والاختلاط في الصورتين سواء بل لقائل أن يقول إلقاء الغسالة من خارج أقوى تأثيرا من غيره لتعين المستعمل فيه ا هـ
ولذلك أمر الشارح بالتأمل
واعلم أن هذه المسألة مما تحيرت فيها أفهام العلماء الأعلام ووقع فيها بينهم النزاع وشاع وذاع وألف فيها العلامة قاسم رسالة ( رفع الاشتباه عن مسألة المياه ) حقق فيها عدم الفرق بين الملقى والملاقي أي فلا يصير الماء مستعملا بمجرد الملاقاة بل تعتبر الغلبة في الملاقي كما تعتبر في الملقى ووافقه بعض أهل عصره وتعقبه غيرهم منهم تلميذه العلامة عبد البر بن الشحنة فرد عليه برسالة سماها ( زهر الروض في مسألة الحوض ) وقال لا تغتر بما ذكره شيخنا العلامة قاسم
ورد عليه أيضا في شرحه على الوهبانية واستدل بما في الخانية وغيرها لو أدخل يده أو رجله في الإناء للتبرد يصير الماء مستعملا لانعدام الضرورة وبما في الأسرار للإمام أبي زيد الدبوسي حيث ذكر ما مر عن البدائع ثم قال إلا أن محمدا يقول لما اغتسل في الماء القليل صار الكل مستعملا حكما ا هـ
ومن هنا نشأ الفرق السابق وبه أفتى العلامة ابن الشلبي وانتصر في البحر للعلامة قاسم وألف رسالة سماها ( الخير الباقي في الوضوء من الفساقي ) وأجاب عما استدل به ابن الشحنة بأنه مبنى على القول الضعيف بنجاسة الماء المستعمل ومعلوم أن النجاسة ولو قليلة تفسد الماء القليل وأقره العلامة الباقاني والشيخ إسماعيل النابلسي وولده سيدي عبد الغني وكذا في النهر والمنح وعلمت أيضا موافقته للمحقق ابن أمير حاج وقارىء الهداية وإليه يميل كلام العلامة نوح أفندي ثم رأيت الشارح في الخزائن مال إلى ترجيحه وقال إنه الذي حرره صاحب البحر بعد إطلاعه على كتب المذهب ونقله عباراتها المضطربة ظاهرا وعلى ما ألف في هذا الخصوص من الرسائل وأقام على هذه الدعوى الصادقة البينة العادلة وقد حررت في ذلك رسالة حافلة كافلة بذلك متضمنة لتحقيق ما هنالك وبلغني أن شيخنا الشيخ شرف الدين الغزي محشي الأشباه مال إلى ذلك كذلك ا هـ
ملخصا
قلت وفي ذلك توسعة عظيمة ولا سيما في زمن انقطاع المياه عن حياض المساجد وغيرها في بلادنا ولكن الاحتياط لا يخفى فينبغي لمن يبتلي بذلك أن لا يغسل أعضاءه في ذلك الحوض الصغير بل يغترف منه ويغسل خارجه وإن وقعت الغسالة فيه ليكون من الملقى لا من الملاقي الذي فيه النزاع فإن هذا المقام فيه للمقال مجال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال
قوله ( ويجوز ) أي يصح وإن لم يحل في نحو الماء المغصوب وهو أولى هنا من إرادة الحل وإن كان الغالب إرادة الأول في العقود والثاني في الأفعال فافهم
قوله ( بما ذكر ) أي في أقسام الماء المطلق
قوله ( غير دموي ) المراد ما لا دم له سائل فما في القهستاني أن المعتبر عدم السيلان لا عدم أصله حتى لو وجد حيوان له دم جامد لا ينجس ا هـ
أقول وكذا دم القملة والبرغوث فإنه غير سائل وخرج الدموي سواء كان دمه من
____________________
(1/183)
نفسه أو مكتسبا بالمص كالعلق فإنه يفسد الماء كما يأتي والمراد الدموي غير المائي بدليل ذكره المائي بعده
قوله ( كزنبور ) بضم الزاي وهو أنواع منها النحل
نهر
قوله ( أي بعوض ) في البحر وغيره أنه كبار البعوض لكن في القاموس البقة البعوضة ودويبة مفرطحة أي عريضة حمراء منتنة
والظاهر أن الثاني هو المراد بقوله وقيل بق الخشب ويؤيده عبارة الحلية وقد يسمى به الفسفس في بعض الجهات وهو حيوان كالقراد شديد النتن
وعبارة السراج وقيل الكتان
وفي القاموس الكتان دويبة حمراء لساعة ا هـ
والظاهر أن الفسفس
قوله ( ومن يعلم الخ ) أصل عبارة المجتبى ومنه يعلم حكم القراد والحلم ا هـ أي يعلم أن الأصح أنه مفسد
وقال في النهر والترجيح في العلق ترجيح في البق إذ الدم فيها مستعار ا هـ أي مكتسب
فأدرج الشارح البق في عبارة المجتبى مع أنه بحث لصاحب النهر وفيه نظر للفرق الظاهر بين البق والعلق لأن دم العلق وإن كان مستعارا لكنه سائل ولذا ينقض الوضوء بخلاف دم البق فإنه لا ينقض كالذباب لعدم الدم المسفوح كما مر في محله وقد علمت أن الدموي المفسد ما له دم سائل وعلى هذا ينبغي تقيد العلق والقراد هنا بالكبير إذ الصغير لا ينقض الوضوء كما مر فينبغي أن لا يفسد الماء أيضا لعدم السيلان
قوله ( وعلق ) كذا في أكثر النسح وفي بعضها وحلم وهي الصواب الموافقة لعبارة المجتبى وهو جمع حلمة بالتحريك
وفي النهر عن المحيط الحلمة ثلاثة أنواع قراد وحنانة وحلم فالقراد أصغر والحنانة أوسطها والحلمة أكبرها ولها دم سائل ا هـ
وذكر في القاموس أنها تطلق على الصغير وعلى الكبير من الأضداد وعلى دودة تقع في جلدة الشاة فإذا دبغ وهي موضعها قوله ( دود القز ) أي الذي يتولد منه الحرير
قوله ( وماؤه ) يحتمل أن يكون المراد به ما يوجد فيما يهلك منه قبل إدراكه وهو شبيه باللبن أو الذي يغلي فيه عند حله حريرا
وعندي أن المراد الأول لما في الصيرفية لو وطىء دود القز فأصاب ثوبه أكثر من قدر الدرهم تجوز صلاته معه ا هـ
من شرح ابن الشحنة
قوله ( وبزره ) أي بيضه الذي فيه الدود
قوله ( وخرؤه ) لم يجزم بطهارته في الوهبانية بل قال وفي خرء دود القز خلاف ومثله في شرحها
قوله ( كدودة الخ ) فإنها طاهرة ولو خرجت من الدبر والنقض إنما هو عليها لا لذاتها ط وقدمنا قولا بنجاستها وعلى الأول فإذا وقعت في الماء لا ينجس لكن لو بعد غسلها كما قيد في البزازية فما في القنية من أنه ينجس محمول على ما قبل الغسل
قوله ( ومائي مولد ) عطف على قوله غير دموي أي ما يكون توالده ومثواه في الماء سواء كانت له نفس سائلة أو لا في ظاهر الرواية
بحر عن السراج أي لأن ذلك ليس بدم حقيقة وعرف في الخلاصة المائي بما لو استخرج من الماء يموت لساعته وإن كان يعيش فهو مائي وبري فجعل بين المائي والبري قسما آخر وهو ما يكون مائيا وبريا لكن لم يذكر له حكما على حدة
والصحيح أنه ملحق بالمائي لعدم الدموية
شرح المنية
أقول والمراد بهذا القسم الآخر ما يكون توالده في الماء لا يموت من ساعته لو أخرج منه كالسرطان
____________________
(1/184)
والضفدع بخلاف ما يتولد في البر ويعيش في الماء كالبط والإوز كما يأتي
قوله ( ولو كلب الماء وخنزيره ) أي بالإجماعة خلاصة وكأنه لم يعتبر القول الضعيف المحكي في المعراج
أفاده في البحر
قوله ( كسمك )
أي بسائر أنواعه ولو طافيا خلافا للطحاوي كما في النهر
قوله ( وسرطان ) بالتحريك ومنافعه كثير بسطها في القاموس
قوله ( وضفدع ) كزبرج وجعفر وجندب ودرهم وهذا أقل أو مردود
قاموس
قوله ( فيفسد في الأصح ) وعليه فما جزم به في الهداية من عدم الإفساد بالضفدع البري وصححه في السراج محمول على ما لا دم له سائل كما في البحر والنهر عن الحلية
قوله ( كحية برية ) أما المائية فلا تفسد مطلقا كما علم مما مر وكالحية البرية الوزغة لو كبيرة لها دم سائل
منية
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن للضفدع البرية والحية البرية دم سائل فلا يفسد
قوله ( ما ذكر ) أي من مائي المولد وغير الدموي ط
قوله ( لحرمة لحمه ) لأنه قد صارت أجزاؤه في الماء فيكره الشرب تحريما كما في البحر
قوله ( القليل ) أما الكثير فيأتي حكمه بعد
قوله ( في الأصح ) أي من الروايتين لأن له نفسا سائلة واتفقت الروايات على الإفساد في غير الماء كذا في شرح الجامع لقاضيخان فما في المجتبى من تصحيح عدم الإفساد به غير ظاهر
نهر
قوله ( كبط وإوز ) فسر في القاموس كلا منهما بالآخر فهما مترادفان والإوز بكسر ففتح وزاي مشددة وقد تحذف الهمزة
مطلب حكم سائر المائعات كالماء في الأصح قوله ( وحكم سائر المائعات الخ ) فكل ما لا يفسد الماء لا يفسد غير الماء وهو الأصح
محيط وتحفة
والأشبه بالفقه بدائع ا هـ
بحر
وفيه من موضع آخر وسائر المائعات كالماء في القلة والكثرة يعني كل مقدار لو كان ماء تنجس فإذا كان غيره ينجس ا هـ
ومثله في الفتح
قوله ( في عصير ) أي في حوض فيه عصير ط
قوله ( لم يفسد ) أي ما لم يظهر أثر النجاسة
قوله ( مع العصير ) أي والعصير يسيل ولم يظهر فيه أثر الدم كما في المنية عن المحيط
قوله ( لا ينجس ) أي ويحل شربه لأنه جعل في حكم الماء فتستهلك فيه النجاسة بخلاف مسألة الضفدع المتقدمة
تأمل
قوله ( خلافا لمحمد ) أفاد أن هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وبه صرح في المنية
قوله ( وبتغير ) عطف على قوله بموت مائي المتعلق بقوله قبله وينجس وقوله بنجس جار ومجرور متعلق بقوله تغير وقوله الكثير فاعل ينجس الذي تعلق به قوله بتغير وقيد بالكثير إصلاحا لعبارة المتن لأن الكلام في القليل ولا يصح إرادته هنا ويوجد في بعض النسخ ينجس الكثير بصيغة المضارع وهو تحريف وكأن المحشين لم تقع لهم نسخة صحيحة فاعترضوا على ما رأوا فافهم
قوله ( خلافا لمالك ) فإن ما هو قليل عندنا لا ينجس عنده ما لم يتغير والقليل عنده ما تغير والكثير بخلافه
وعند الشافعي الكثير ما بلغ القلتين والقليل ما دونه
وأما عندنا فسيأتي الفرق بينهما
____________________
(1/185)
والأدلة مبسوطة في البحر
قوله ( لا لو تغير الخ ) أي لا ينجس لو تغير فهو عطف على قوله وينجس لا على قوله بموت فتأمل ممعنا قوله ( فلو علم الخ ) صرح به لزيادة التوضيح وإلا فهو داخل تحت قول المصنف وبتغير أحد أوصافه ينجس
قوله ( ولو شك الخ ) أي ولا يلزمه السؤال
بحر
وفيه عن المبتغى بالغين وبرؤية آثار أقدام الوحوش عند الماء القليل لا يتوضأ به ولو مر سبع بالركية وغلب على ظنه شربه منها تنجس وإلا فلا ا هـ
وينبغي حمل الأول على ما إذا غلب على ظنه أن الوحوش شربت منه بدليل الفرع الثاني وإلا فمجرد الشك لا يمنع لما في الأصل أنه يتوضأ من الحوض الذي يخاف قذرا ولا يتيقنه وينبغي حمل التيقن المذكور على غلبة الظن والخوف على الشك أو الوهم كما لا يخفى ا هـ
مطلب في أن التوضي من الحوض أفضل رغما للمعتزلة وبيان الجزء الذي لا يتجزأ الجزء الذي لا يتجزأ جوهر ذو وضع لا يقبل الانقسام أصلا لا بحسب الخارج ولا بحسب الوهم ( أو الفرض العقلي تتألف الأجسام من أفراده بانضمام بعضها إلى بعض ا هـ
تعريفات السيد ا هـ
منه )
قوله ( والتوضؤ من الحوض أفضل الخ ) أي لأن المعتزلة لا يجيزونه من الحياض فنرغمهم بالوضوء منها قال في الفتح وهذا إنما يفيد الأفضلية لهذا العارض ففي مكان لا يتحقق يكون النهر أفضل ا هـ
بقي الكلام في وجه منع المعتزلة ذلك ففي المعراج قيل مسألة الحوض بناء على الجزء الذي لا يتجزأ فإنه عند أهل السنة موجود في الخارج فتتصل أجزاء النجاسة إلى جزء لا يمكن تجزئته فيكون باقي الحوض طاهرا
وعند المعتزلة والفلاسفة هو معدوم فيكون كل الماء مجاورا للنجاسة فيكون الحوض نجسا عندهم وفي هذا التقرير نظر ا هـ
أقول وتوضيح ذلك أن الجزء الذي لا يتجزأ عبارة عن الجوهر الفرد الذي لا يقبل الانقسام أصلا وهو ما تتألف الأجسام من أفراده باضمام بعضها إلى بعض وهو ثابت عند أهل السنة فكل جسم يتناهى بالانقسام إليه فإذا وقعت في الحوض الكبير نجاسة وفرضنا انقسامها إلى أجزاء لا تتجزأ وقابلها من الماء الطاهر مثلها يبقى الزائد عليها طاهرا فلا يحكم على الماء كله بالنجاسة
وعند الفلاسفة هو معدوم بمعنى أن كل جسم قابل لانقسامات غير متناهية فكل جزء من النجاسة قابل للقسمة وكذا الماء الطاهر فلا يوجد جزء من الطهارة إلا ويقابله جزء من النجاسة لعدم تناهي القسمة فتتصل أجزاء النجاسة بجميع أجزاء الماء الطاهر فيحكم عليه كله بأنه نجس ولعل وجه النظر في هذا التقرير أنه لو كانت المسألة مبنية على ذلك لزم أن لا يحكم بنجاسة ما دون عشر في عشر أيضا إلا إذا غلبت النجاسة عليه أو ساوته لبقاء الزائد على الطهارة فلا يحكم على الكل بالنجاسة
وأيضا فالتعبير بالنجاسة مبني على خلاف المعتمد من طهارة الماء المستعمل
____________________
(1/186)
على أن المشهور أن الخلاف في مسألة الجزء الذي لا يتجزأ بين المسلمين وحكماء الفلاسفة فنفاه الفلاسفة وبنوا عليه قدم العالم وعدم حشر الأجساد وغير ذلك من أنواع الإلحاد وأثبته المسلمون لرد ذلك لأن مادة العالم إذا تناهت بالانقسام إليه يكون الجزء حادثا محتاجا إلى موجد وهو الله تعالى كما بين ذلك في محله
وأما المعتزلة فلم يخالفوا أهل السنة في شيء من ذلك وإلا لكفروا قطعا مع أنهم من أهل قبلتنا ومقلدون في الفروع لمذهبنا فالأولى ما قيل من بناء المسألة على أن الماء يتنجس عندهم بالمجاورة
وعندنا لا بل بالسريان وذلك يعلم بظهور أثرها فيه فما لم يظهر لا يحكم بالنجاسة بناء على أن المستعمل نجس هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فاغتنمه فإنك لا تكاد تجده موضحا كذلك في غير هذا الكتاب والله أعلم بالصواب
قوله ( بماء ) بالمد والتنوين
قوله ( خالطه طاهر جامد ) أي بدون طبخ كما مر ويأتي
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان المخالط من جنس الأرض كالتراب أو يقصد بخلطه التنظيف كالأشنان والصابون أو يكون شيئا آخر كالزعفران عند الإمام
منح
قوله ( كأشنان ) بالضم والكسر
قاموس
قوله ( لم يجز ) لأن اسم الماء زال عنه نظير النبيذ كما قدمناه
قوله ( وإن غير كل أوصافه ) لأن المنقول عن الأساتذة أنهم كانوا يتوضؤون من الحياض التي تقع فيها الأوراق مع تغيير كل الأوصاف من غير نكير
نهر عن النهاية
قوله ( في الأصح ) مقابلة ما قيل إنه إن ظهر لون الأوراق في الكف لا يتوضأ به لكن يشرب والتقييد بالكف إشارة إلى كثرة التغير لأن الماء قد يرى في محله متغيرا لونه لكن لو رفع منه شخص في كفه لا يراه متغيرا
تأمل
قوله ( لما مر ) أي في قوله فلو جامدا فبثخانة ما لم يزل لاسم
قوله ( وقعت فيه نجاسة ) يشمل المرئية كالجيفة ويأتي قريبا تمامه
قوله ( عرفا ) تمييز أو منصوب بنزع الخافض أي يعد من جهة العرف أو في العرف
تأمل
قوله ( والأول أظهر ) أي وأصح كما في البحر والنهر لتعويله على العرف لجريانه على قاعدة الإمام من النظر إلى المبتلين ط
لكن استشكل بأنه لا يتعين أصلا لتعدده اختلافه بتعدد العادين واختلافهم
قوله ( والثاني أشهر ) لوقوعه في كثير من الكتب حتى المتون
وقال صدر الشريعة وتبعه ابن الكمال إنه الحد الذي ليس في دركه حرج لكن قد علمت أن الأول أصح والعرف الآن أنه متى كان الماء داخلا من جانب وخارجا من جانب آخر يسمى جاريا وإن قل الداخل وبه يظهر الحكم في برك المساجد ومغطس الحمام مع أنه لا يذهب بتبنه والله أعلم
مطلب الأصح أنه لا يشترط في الجريان لمدد قوله ( في الأصح ) نقل تصحيحه في البحر عن السراج الوهاج وعن شرح الهداية للسراج الهندي وقواه بعد ما نقل عن الفتح اختيار خلافه
أقول ويزيده قوه أيضا ما مر من أنه لو سال دم رجله مع العصير لا ينجس خلافا لمحمد
وفي الخزانة إناءان ماء أحدهما طاهر والآخر نجس فصبا من مكان عال فاختلطا في الهواء ثم نزلا طهر كله ولو أجرى ماء الإناءين في الأرض صار بمنزلة ماء جار ا هـ
ونحوه في الخلاصة
ونظم المسألة المصنف في منظومته تحفة الأقران وفي الذخيرة
____________________
(1/187)
لو أصابت الأرض نجاسة فصب عليها الماء فجرى قدر ذراع طهرت الأرض والماء طاهر بمنزلة الماء الجاري ولو أصابها المطر وجرى عليها طهرت ولو كان قليلا لم يجز فلا
قوله ( فلو سد الخ ) تفريع على الأصح وتأييد له
واعلم أن هذه المسائل مبنية على القول بنجاسة الماء المستعمل وكذا نظائرها كما صرح به في الفتح والبحر والحلية وغيرها فالتفريع صحيح لأنه حينئذ من جنس وقوع النجاسة في الماء الجاري فافهم
قوله ( وكذا لو حفر نهرا الخ ) أي وأجرى الماء في ذلك النهر وتوضأ به حال جريانه فاجتمع الماء في مكان فحفر رجل آخر نهرا من ذلك المكان وأجرى الماء فيه وتوضأ به حال جريانه فاجتمع في مكان آخر ففعل ثالث كذلك جاز وضوء الكل إذا كان بين المكانين مسافة وإن قلت ذكر في المحيط وغيره
وحد ذلك أن لا يسقط الماء المستعمل إلا في موضع جريان الماء فيكون تابعا للجاري خارجا من حكم الاستعمال وتمامه في شرح المنية
قوله ( وثم ) الواو داخلة على محذوف معطوف عليه بثم فلم يدخل حرف العطف على مثله أي وجاز توضؤه ثالثا ثم رابعا وخامسا ثم سادسا والقصد التكثير ط قوله ( أي يعلم ) فسره به ليشمل الطعم واللون أيضا ا هـ
ح
قوله ( أثره ) الأولى أثرها أي النجاسة لكنه ذكر ضميرها لتأولها بالواقع وفي شرح هدية ابن العماد لسيدي عبد الغني الظاهر أن المراد بهذه الأوصاف أوصاف النجاسة لا الشيء المتنجس كماء الورد والخل مثلا فلو صب في ماء جار يعتبر أثر النجاسة التي فيه لا أثره نفسه لطاهرة المائع بالغسل إلى أن قال ولم أر من نبه عليه وهو مهم فاحفظه
قوله ( فلو فيه جيفة الخ ) أشار إلى ما قدمناه من شمول النجاسة المرئية وغيرها فيعتبر ظهور الأثر في كل منهما
قوله ( من أسفله ) أي أسفل المكان الذي وقعت فيه الجيفة أو البول ط
قوله ( في الجرية ) بالفتح اسم للمرة من الجري أي الدفعة الواحدة وأما بالكسر فذكر في القاموس أنها مصدر وهو غير مناسب هنا لأن الأثر يظهر في العين لا في الحدث فافهم
قوله ( ظاهره يعم الجيفة وغيرها ) أي ظاهر إطلاق المصنف النجاسة كغيره من المتون وهذا يغني عنه ما قبله فالأولى حذفه والاقتصار على ما بعده
قوله ( وهو ما رجحه الكمال الخ ) وأيده تلميذ العلامة ابن أمير حاج في الحلية وكذا أيده سيدي عبد الغني بما في عمدة المفتي من أن الماء الجاري يطهر بعضه بعضا وبما في الفتح وغيره من أن الماء النجس إذا دخل على ماء الحوض الكبير لا ينجسه ولو كان غالبا على ماء الحوض
قال فالجاري بالأولى وتمامه في شرحه
قوله ( وقيل الخ ) الأول قول أبي يوسف وهذا قولهما كما في السراج ومشى عليه في المنية وقواه شارحها الحلبي
وأجاب عما في الفتح وفي البحر أنه الأوجه وهو المذكور في أكثر الكتب وصححه صاحب الهداية في التجنيس للتيقن بوجود النجاسة فيه بخلاف غير المرئية لأنه إذا لم يظهر أثرها علم أن الماء ذهب بعينها وأيده العلامة نوح أفندي
واعترض على ما في النهر وأطال الكلام وأوضح المرام
والحاصل أنهما قولان مصححان ثانيهما أحوط كما قال الشارح
قال في المنية وعلى هذا ماء المطر إذا جرى
____________________
(1/188)
في الميزاب وعلى السطح عذرت فالماء طاهر وإن كانت العذرة عند الميزاب أو كان الماء كله أو نصفه أو أكثره يلاقي العذرة فهو نجس وإلا فطاهر ا هـ وعلى ما رجحه الكمال قال في الحلية ينبغي أن لا يعتبر في مسألة السطح سوى تغير أحد الأوصاف ا هـ
أقول وعلى هذا الخلاف ما في ديارنا من أنهار المساقط التي تجري بالنجاسات وترسب فيها لكنها في النهار يظهر فيها أثر النجاسة وتتغير ولا كلام في نجاستها حينئذ
وأما في الليل فإنه يزول تغيرها فيجري فيها الخلاف المذكور لجريان الماء فيها فوق النجاسة
قال في خزانة الفتاوي ولو كان جميع بطن النهر نجسا فإن كان الماء كثيرا لا يرى ما تحته فهو طاهر وإلا فلا
وفي الملتقط قال بعض المشايخ الماء طاهر وإن قل إذا كان جاريا ا هـ
تنبيه مهم في طرح لزبل في لقساطل قد اعتيد في بلادنا إلقاء زبل الدواب في مجاري الماء إلى البيوت لسد خلل تلك المجاري المسماة بالقساطل فيرسب فيها الزبل ويجري الماء فوقها فهو مثل مسألة الجيفة وفي ذلك حرج عظيم إذا قلنا بالنجاسة والحرج مدفوع بالنص
وقد تعرض لهذه المسألة العلامة الشيخ عبد الرحمن العمادي مفتي دمشق في كتابه هدية ابن العماد واستأنس لها ببعض فروع وبالقاعدة المشهورة من أن المشقة تجلب التيسير وبما فرعوا عليها كما ذكره في الأشباه
وقد أطال الكلام سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على هذه المسألة بما حاصله أنه إذا رسب الزبل في القساطل ولم يظهر أثر فالماء طاهر وإذا وصل إلى الحياض في البيوت متغيرا ونزل في حوض صغير أو كبير فهو نجس وإن زال تغيره بنفسه لأن الماء النجس لا يطهر بتغيره بنفسه إلا إذا جرى بعد ذلك بماء صاف فإنه حينئذ يطهر فإذا انقطع الجريان بعد ذلك فإن كان الحوض صغيرا والزبل راسب في أسفله تنجس ما لم يصر الزبل حمأة وهي الطين الأسود فإنه إذا جرى بعد ذلك بماء صاف ثم انقطع لا يتنجس وهذا كله بناء على نجاسة الزبل عندنا
وعن زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر
وفي المبتغى بالغين المعجمة الأرواث كلها نجسة إلا رواية عن محمد أنها طاهرة للبلوى وفي هذه الرواية توسعة لأرباب الدواب فقلما يسلمون عن التلطخ بالأرواث والأخثاء فتحفظ هذه الرواية ا هـ
كلام المبتغي
وإذا قلنا بذلك هنا لا يبعد لأن الضرورة داعية إلى ذلك كما أفتوا بقول محمد بطهارة الماء المستعمل للضرورة ونحو ذلك
وفي شرح العباب لابن حجر بناء على قول الإمام الشافعي إذا ضاق الأمر اتسع أنه لا يضر تغير أنهر الشام بما فيها من الزبل ولو قليلة لأنه لا يمكن جريها المضطر إليه الناس إلا به ا هـ
وظاهره أن المعفو عنه عنده أثر الزبل لا عينه ا هـ
ما في شرح الهداية ملخصا موضحا
أقول ولا يخفى أن الضرورة داعية إلى العوف عن العين أيضا فإن كثيرا من المحلات البعيدة عن الماء في بلادنا يكون ماؤها قليلا وفي أغلب الأوقات يستصحب الماء عين والزبل يرسب في أسفل الحياض وكثير ما ينقض الحوض بالاستعمال منه أو ينقطع الماء عنه فلا يبقى جاريا ولا سيما عند كري الأنهر انقطاع الماء بالكلية أياما فإذا منعوا من الانتفاع بتلك الحياض لما فيها من الزبل يلزمهم الحرج الشديد كما هو مشاهد فاحتياجهم إلى التوسعة أشد من احتياج أرباب الدواب
وقال في شرح المنية المعلوم من قواعد أئمتنا التسهيل في مواضع الضرورة والبلوى العامة كما في مسألة آبار الفلوات ونحوها ا هـ أي كالعفو عن نجاسة المعذور وعن طين الشارع الغالب عليه النجاسة وغير ذلك نعم في بعض الأقات يزداد التغيير فينزل الماء إلى الحوض أخضر وفيه عين الزبل فينجس
____________________
(1/189)
الحوض لو صغيرا وإن كان جاريا لأن جريانه بماء نجس ولا ضرورة إلى الاستعمال منه في تلك الحالة فينتظر صفاؤه ثم يعفي عما في القساطل وما في أسفل الحوض لما علمت من الضرورة من أن المشقة تجلب التيسير ومن أنه إذا ضاق الأمر اتسع والله تعالى أعلم
قوله ( وألحقوا بالجاري حوض الحمام ) أي في أنه لا ينجس إلا بظهور أثر النجاسة
أقول وكذا حوض غير الحمام لأنه في الظهيرية ذكر هذا الحكم في حوض أقل من عشر في عشر ثم قال وكذلك حوض الحمام ا هـ
فليحفظ قوله ( والغرف متدارك ) جملة حالية أي متتابع وتفسيره كما في البحر وغيره أن لا يسكن وجه الماء فيما بين الغرفتين
قوله ( ويخرج من آخر ) أي بنفسه أو بغيره لما في التاترخانية لو كان يدخله الماء ولا يخرج منه لكن فيه إنسان يغتسل ويخرج الماء باغتساله من الجانب الآخر متداركا لا ينجس ا هـ
مطلب لو أدخل الماء من أعلى الحوض وخرج من أسفله فليس بجار ثم إن كلامهم ظاهره أن الخروج من أعلاه فلو كان يخرج من ثقب في أسفل الحوض لا يعد جاريا لأن العبرة بوجه الماء بدليل اعتبارهم في الحوض الطول والعرض لا العمق واعتبارهم الكثرة والقلة في أعلاه فقط كما سيذكره الشارح
وفي المنية إذا كان الماء يجري ضعيفا ينبغي أن يتوضأ على الوقار حتى يمر عنه الماء المستعمل ولم أر المسألة صريحا نعم رأيت في شرح سيدي عبد الغني في مسألة خزانة الحمام التي أخبر أبو يوسف برؤية فأرة فيها قال فيه إشارة إلى أن ماء الخزانة إذا كان يدخل من أعلاها ويخرج من أنبوب في أسفلها فليس بجار ا هـ
وفي شرح المنية يظهر الحوض بمجرد ما يدخل الماء من الأنبوب ويفيض من الحوض هو المختار لعدم تيقن بقاء النجاسة فيه وصيرورته جاريا ا هـ
وظاهر التعليل الاكتفاء بالخروج من الأسفل لكنه خلاف قوله ويفيض فتأمل وراجع ( قوله مطلقا ) أي سواء كان أربعا في أربع أو أكثر
قيل أكثر يتنجس لأن الماء المستعمل يستقر فيه إلا أن يتوضأ في موضع الدخول أو الخروج كما في المنية
وظاهر الإطلاق أيضا أنه إذا علم عدم خروج الماء المستعمل لضعف الجري لا يضر وليس كذلك لما في المنية عن الخانية
والأصح أن هذا التقرير غير لازم فإن خرج الماء المستعمل من ساعته لكثرة الماء وقوته يجوز وإلا فلا ا هـ
وأقره الشارحان
وزاد في الحلية قوله ولا شك أنه حسن لكن قال في التاترخانية بعد ما مر وحكي عن الحلواني أنه قال إن كان يتحرك الماء من جريانه يجوز
وأجاب ركن الإسلام السعدي الجواز مطلقا لأنه ماء جار والجاري يجوز التوضؤ به وعليه الفتوى ا هـ
ثم هذا كما في الحلية مبني على نجاسة الماء المستعمل
وأما على الأصح المختار فيجوز الوضوء ما لم يغلب على ظنه أن ما يغترفه أو نصفه فصاعدا ماء مستعمل ا هـ
أقول لكن إذا وقع فيه نجاسة حقيقة كان التفريع على حاله
قوله ( وكعين الخ ) يغني عنه الإطلاق السابق كما أفاده ح قوله ( ينبع الماء منه ) أي من العين وذكر الضمير باعتبار المكان
قوله ( معزيا للتتمة ) فيه أن عبارة القهستاني كما في الزاهدي وغيره
قوله ( وكذا يجوز ) أي رفع الحدث
قوله ( براكد ) الركود
____________________
(1/190)
السكون والثبات
قاموس
قوله ( أي وقع فيه نجس الخ ) شمل ما لو كان النجس غالبا ولذا قال في الخلاصة الماء النجس إذا دخل الحوض الكبير لا ينجس الحوض وإن كان الماء النجس غالبا على ماء الحوض لأنه كلما اتصل الماء بالحوض صار ماء الحوض غالبا عليه ا هـ
قوله ( لم ير أثره ) أي من طعم أو لون أو ريح وهذا القيد لا بد منه وإن لم يذكر في كثير من المسائل الآتية فلا تغفل عنه وقدمنا أن المراد من الأثر أثر النجاسة نفسها دون ما خالطها كخل ونحوه
قوله ( به يفتى ) أي بعدم الفرق بين المرئية وغيرها وعزاه في البحر إلى شرح المنية عن النصاب وأراد بشرح المنية الحلية لابن أمير حاج وقد ذكر عبارة النصاب في مسألة الماء الجاري لا هنا
على أنه يشكل عليه ما في شرح المنية للحلبي عن الخلاصة أنه في المرئية ينجس موضع الوقوع بالإجماع
وأما في غيرها فقيل كذلك وقيل لا ا هـ
ومثله في الحلية وكذا في البدائع لكن عبر بظاهر الرواية بدل الإجماع قال ومعناه أن يترك من موضع النجاسة قدر الحوض الصغير ثم يتوضأ ا هـ
وقدره في الكفاية بأربعة أذرع في مثلها
وقيل يتحرى فإن وقع تحريه أن النجاسة لم تخلص إلى هذا الموضع توضأ منه قال في الحلية قلت وهو الأصح ا هـ
وكذا جزم في الخانية بتنجس موضع المرئية بلا نقل خلاف ثم نقل القولين في غير المرئية وصحح في المبسوط أولهما وصحح في البدائع وغيرهما ثانيهما نعم
قال في الخزائن والفتوى على عدم التنجس مطلقا إلا بالتغير بلا فرق بين المرئية وغيرها لعموم البلوى حتى قالوا يجوز الوضوء من موضع الاستنجاء قبل التحرك كما في المعراج عن المجتبى ا هـ
وقال في الفتح وعن أبي يوسف أنه كالجاري لا يتنجس إلا بالتغير وهو الذي ينبغي تصحيحه فينبغي عدم الفرق بين المرئية وغيرها لأن الدليل إنما يقتضي عند الكثرة عدم التنجس إلا بالتغير من غير فصل ا هـ
فقد ظهر أن ما ذكره الشارح مبني على ظاهر هذه الرواية عن أبي يوسف حيث جعله كالجاري وقدمنا عنه أنه اعتبر في الجاري ظهور الأثر مطلقا وأنه ظاهر المتون وكذا قال في الكنز هنا وهو كالجاري ومثله في الملتقى
وظاهر اختيار هذه الرواية فلذا اختارها في الفتح واستحسنها في الحلية لموافقتها لما مر عنه في الجاري
قال ويشهد له ما في سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال نتهيت إلى غدير فإذا فيه حمار ميت فكففنا عنه حتى نتهى إلينا رسول الله فقال إن الماء لا ينجسه شيء فستقينا وأروينا وحملنا ا هـ
وهذا وارد على نقل الإجماع السابق والله أعلم
قوله ( في مقدار الراكد ) يغني عنه قول المصنف فيه المتعلق بالمعتبر فالأولى ذكره بعد تفسير المرجع الضمير
قوله ( أكبر رأي المبتلى به ) أي غلبة ظنه لأنها في حكم اليقين والأولى حذف أكبر ليظهر التفصيل بعده ط
قوله ( وإلا لا ) صادق بما إذا غلب على ظنه الخلوص أو اشتبه عليه الأمران لكن الثاني غير مراد لما في التاترخانية وإذا اشتبه الخلوص فهو كما إذا لم يخلص ا هـ
فافهم
قوله ( وإليه رجع محمد ) أي بعد ما قال بتقديره بعشر في عشر ثم قال لا أوقت شيئا كما نقله الأئمة الثقات عنه
بحر
قوله ( وهو الأصح ) زاد في الفتح وهو الأليق بأصل أبي حنيفة أعني عدم التحكم بتقدير فيما لم يرد فيه تقدير شرعي والتفويض فيه إلى رأي المبتلى بناء على عدم صحة ثبوت تقديره شرعا ا هـ
وأما تقديره بالقلتين كما قاله الشافعي فحديثه غير ثابت كما قاله ابن المديني وضعفه الحافظ ابن عبد البر وغيره وأطال الكلام عليه في الفتح والبحر
____________________
(1/191)
وغيرهما من المطولات
قوله ( وحقق في البحر أنه المذهب ) أي المروي عن أئمتنا الثلاثة وأكثر من النقول الصريحة في ذلك أي في أن ظاهر الرواية عن أئمتنا الثلاثة تفويض الخلوص إلى رأي المبتلى به بلا تقدير بشيء قال وعلى تقدير عدم رجوع محمد عن تقديره بعشر في عشر لا يستلزم تقديره إلا في نظره وهو لا يلزم غيره لأنه لما وجب كونه ما استكثره المبتلى فاستكثار واحد لا يلزم غيره بل يختلف باختلاف ما يقع في قلب كل وليس هذا من الصور التي يجب فيها على العامي تقليد المجتهد
ذكره الكمال ا هـ
أقول لكن ذكر في الهداية وغيرها أن الغدير العظيم ما لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر
وفي المعراج أنه ظاهر المذهب وفي الزيلعي قيل يعتبر بالتحريك وقيل بالمساحة وظاهر المذهب الأول وهو قول المتقدمين حتى قال في البدائع والمحيط اتفقت الرواية عن أصحابنا المتقدمين أنه يعتبر بالتحريك وهو أن يرتفع وينخفض من ساعته لا بعد المكث ولا يعتبر أصل الحركة
وفي التاترخانية أنه المروي عن أئمتنا الثلاثة في الكتب المشهورة ا هـ
وهل المعتبر حركة الغسل أو الوضوء أو اليد روايات ثانيها أصح لأنه الوسط كما في المحيط والحاوي القدسي وتمامه في الحلية وغيرها
ولا يخفى عليك أن اعتبار الخلوص بغلبة الظن بلا تقدير بشيء مخالف في الظاهر لاعتباره بالتحريك لأن غلبة الظن أمر باطني يختلف باختلاف الظانين وتحرك الطرف الآخر أمر حسي مشاهد لا يختلف مع أن كلا منهما منقول عن الثلاثة في ظاهر الرواية ولم أر من تكلم على ذلك ويظهر لي التوفيق بأن المراد غلبة الظن بأنه لو حرك لوصل إلى الجانب الآخر إذا لم يوجد التحريك بالفعل فليتأمل
قوله ( ورد الخ ) حاصله أن صدر الشريعة بنى تقديره بالعشر على أصل وهو قوله من حفر بئرا فله حولها أربعون ذراعا فيكون له حريمها من كل جانب عشرة فيمنع غيره من حفر بئر في حريمها لئلا ينجذب الماء إليها وينقص ماء الأولى ويمنع أيضا من حفر بالوعة فيه لئلا تسري النجاسة إلى البئر ولا يمنع فيما وراء الحريم وهو عشر في عشر
قال فعلم أن الشرع اعتبر العشر في العشر في عدم سراية النجاسة
ورده في البحر بأن الصحيح في الحريم أنه أربعون من كل جانب وبأن قوام الأرض أضعاف قوام الماء فقياسه عليها في عدم السراية غير مستقيم وبأن المختار المعتمد في البعد بين البئر والبالوعة نفوذ النجاسة وهو يختلف بصلابة الأرض ورخاوتها
قوله ( لكن في النهي الخ ) قد تعرض لهذا في البحر أيضا ثم رده بأنه إنما صح من المذهب لا بفتوى المشايخ والوجه مع صاحب البحر
وإذا اطلعت على كلامهما جزمت بذلك
أفاده ط
أقول وهو الذي حط عليه كلام المحقق ابن الهمام وتلميذه العلامة ابن أمير حاج لكن ذكر بعض المحشين عن شيخ الإسلام العلامة سعد الدين الديري في رسالته ( القول الراقي في حكم ماء الفساقي ) أنه حقق فيها ما اختاره أصحاب المتون من اعتبار العشر ورد فيها على من قال بخلافه ردا بليغا وأورد نحو مائة نقل ناطقه بالصواب إلى أن قال شعر وإذا كنت في المدارك غرا ثم أبصرت حاذقا لا تماري وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه بالأبصار لا يخفى أن المتأخرين الذي أفتوا بالعشر كصاحب الهداية وقاضيخان وغيرهما من أهل الترجيح هم أعلم بالمذهب
____________________
(1/192)
منا فعلينا اتباعهم ويؤيده ما قدمه الشارح في رسم المفتي وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتونا في حياتهم
قوله ( أي في المربع الخ ) أشار إلى أن المراد من اعتبار العشر في العشر ما يكون وجهه مائة ذراع سواء كان مربعا وهو ما يكون كل جانب من جوانبه عشرة وحول الماء أربعون ووجهه مائة أو كان مدورا أو مثلثا فإن كلا من المدور والمثلث إذا كان على الوصف الذي ذكره الشارح يكون وجهه مائة وإذا ربع يكون عشرا في عشر فافهم
قوله ( وفي يالمدور بستة وثلاثين ) أي بأن يكون دوره ستة وثلاثين ذراعا وقطره أحد عشر ذراعا وخمس ذراع ومساحته أن تضرب نصف القطر وهو خمسة ونصف وعشر في نصف الدور وهو ثمانية عشر يكون مائة ذراع وأربعة أخماس ذراع ا هـ
سراج وما ذكره هو أحد أقوال خمسة
وفي الدرر عن الظهيرية هو الصحيح وهو مبرهن عليه عند الحساب
وللعلامة الشرنبلالي رسالة سماها ( الزهر النضير على الحوض المستدير ) أوضح فيها البرهان المذكور مع رد بقية الأقوال ولخص ذلك في حاشيته على الدرر
قوله ( وربعا وخمسا ) في بعض النسخ أو خمسا بأو لا بالواو وهي الأصوب بناء على الاختلاف في التعبير فإن بعضهم كنوح أفندي عبر بالربع وبعضهم كالشرنبلالي في رسالته عبر بالخمس وهو الذي مشى عليه في السراج حيث قال فإن كان مثلثا فإنه يعتبر أن يكون كل جانب منه خمسة عشر ذراعا وخمس ذراع حتى تبلغ مساحته مائة ذراع بأن تضرب أحد جوانبه في نفسه فما صح أخذت ثلثه وعشره فهو مساحته
بيانه أن تضرب خمسة عشر وخمسا في نفسه بكون مائتين وإحدى وثلاثين وجزءا من خمسة وعشرين جزءا من ذراع فثلثه على التقريب سبعة وسبعون ذراعا وعشرة على التقريب ثلاثة وعشرون فذلك مائة ذراع وشيء قليل لا يبلغ عشر ذراع ا هـ
أقول وعلى التعبير بالربع يبلغ الشيء القليل نحو ربع ذراع
فالتعبير بالخمس أولى كما لا يخفى فكان ينبغي للشارح الاقتصار عليه فافهم
قوله ( بذراع الكرباس ) بالكسر أي ثياب القطن ويأتي مقداره
تنبيه لم يذكر مقدار العمق إشارة إلى أنه لا تقدير فيه في ظاهر الرواية وهو الصحيح بدائع وصح في الهداية أن يكون بحال لا ينحسر بالاغتراف أي لا ينكشف وعليه الفتوى
معراج
وفي البحر الأول أوجه لما عرف من أصل أبي حنيفة ا هـ
وقيل أربع أصابع مفتوحة وقيل ما بلغ الكعب وقيل شبر وقيل ذراع وقيل ذراعان
قهستاني
قوله ( لكنه يبلغ الخ ) كأن يكون طول خمسين وعرضه ذراعين مثلا فإنه لو ربع صار عشرا في عشر
قوله ( جاز تيسيرا ) أي جاز الوضوء منه بناء على نجاسة الماء المستعمل أو المراد جاز وإن وقعت فيه نجاسة وهذا أحد قولين وهو المختار كما في الدرر عن عيون المذاهب والظهيرية وصححه في المحيط والاختيار
____________________
(1/193)
وغيرهما واختار في الفتح القول الآخر وصححه تلميذه الشيخ قاسم لأن مدار الكثرة على عدم خلوص النجاسة إلى الجانب الآخر ولا شك في غلبة الخلوص من جهة العرض ومثله لو كان له عمق بلا سعة أي بلا عرض ولا طول لأن الاستعمال من السطح لا من العمق
وأجاب في البحر بأن هذا وإن كان الأوجه إلا أنهم وسعوا الأمر على الناس وقالوا بالضم كما أشار إليه في التنجيس بقوله تيسيرا على المسلمين ا هـ
وعلله بعضهم بأن اعتبار الطول لا ينجسه واعتبار العرض ينجسه فيبقى طاهرا على أصله للشك في تنجسه وتمامه في حاشية نوح أفندي وبه فارق ماله عمق بلا سعة قوله ( حتى يبلغ الأقل ) أي وإذا بلغ الأقل فوقعت فيه نجاسة كما في المنية وتشمل النجاسة الماء المستعمل على القول بنجاسته ولذا قال في البحر وإن نقص حتى صار أقل من عشرة في عشرة لا يتوضأ فيه ولكن يغترف منه ويتوضأ ا هـ
أما على القول بطهارته فهي مسألة التوضؤ في الفساقي وفيها الكلام المار فافهم ثم لو امتلأ بعد وقوع النجاسة بقي نجسا وقيل لا منية
ووجه الثاني غير ظاهر
حلية
قال في شرح المنية فالحاصل أن الماء إذا تنجس حال قلته لا يعود طاهرا بالكثرة وإن كان كثيرا قبل اتصاله بالنجاسة لا ينجس بها ولو نقص بعد سقوطها فيه حتى صار قليلا فالمعتبر قلته وكثرته وقت اتصاله بالنجاسة سواء وردت عليه أو ورد عليها هذا هو المختار ا هـ
وقوله أو ورد عليها يسير إلى ما اختاره في الخلاصة والخانية من أن الماء إن دخل من مكان نجس أو اتصل بالنجاسة شيئا فشيئا فهو نجس وإن دخل من مكان طاهر واجتمع حتى صار عشرا في عشر ثم اتصل بالنجاسة لا ينجس
قوله ( ولو بعكسه ) بأن كان أعلاه لا يبلغ عشرا في عشر وأسفله يبلغها
قوله ( حتى يبلغ العشر ) فإذا بلغها جاز وإن كان ما في أعلاه أكثره مما في أسفله أي مقدارا لا مساحه
وفي البحر عن السراج الهندي أنه الأشبه ا هـ
أقول وكأنهم لم يعتبروا حالة الوقوع هنا لأن ما في الأسفل في حكم حوض آخر بسبب كثرته مساحته وأنه لو وقعت فيه النجاسة ابتداء لم تضره بخلاف المسألة الأولى تدبر
وهذه يلغز فيها فيقال ماء كثير وقعت فيه نجاسة تنجس ثم إذا قل طهر
بقي ما لو وقعت فيه النجاسة ثم نقص في المسألة الأولى أو امتلأ في الثانية قال ح لم أجد حكمه
وأقول هذا عجيب فإنه حيث حكمنا بطهارته ولم يعرض له ما ينجسه هل يتوهم نجاسته نعم لو كانت النجاسة مرئية وكانت باقية فيه أو امتلأ قبل جفاف أعلى الحوض تنجس
أما إذا كانت غير مرئية أو مرئية وأخرجت منه أو امتلأ بعد ما حكم بطهارة جوانب أعلاه بالجفاف فلا إذ لا مقتضى للنجاسة هذا ما ظهر لي
قوله ( ولو جمد ماؤه ) أي ماء الحوض الكبير أي وجه الماء منه
قوله ( فثقب ) أي ولم تبلغ مساحة الثقب عشرا في عشر
قوله ( منفصلا عن الجمد ) أي متسفلا عنه غير متصل به بحيث لو حرك تحرك
قوله ( وإن متصلا لا ) أي لا يجوز الوضوء منه وهو قول نصير والإسكاف
وقال ابن المبارك وأبو حفص الكبير لا بأس به وهذا أوسع والأول أحوط
وقالوا إذا حرك موضع الثقب تحريكا بالغا يعلم عنده أن ما كان راكدا ذهب
وهذا ماء جديد يجوز بلا خلاف ا هـ
بدائع
وفي الخانية إن حرك الماء عند إدخال كل عضو مرة جاز ا هـ
والظاهر أن القول الأول هو الأشبه كما مر عن السراج الهندي ثم رأيته في المنية صرح بأن الفتوى عليه
وفي الحلية أن هذا مبني على نجاسة الماء المستعمل
قوله ( تنجس ) أي
____________________
(1/194)
موضع الثقب دون المستفل فلو ثقب في موضع آخر وأخذ الماء منه وتوضأ جاز كما في التاترخانية
قوله ( لا لو وقع فيه الخ ) أي لا ينجس موضع الثقب لأن الموت يحصل غالبا بعد التسفل ولا ما تحته لكثرته لكن في تصوير المسألة بوقوع الكلب نظر لتنجس الثقب بملاقاة الماء لفمه وأنفه ولذا صورها في المنية بوقوع الشاة
وفي شرحها إذا علم أن الموت حصل في الثقب قبل التسفل منه أو كان الحيوان الواقع متنجسا يتنجس ما في الثقب
مطلب يطهر الحوض بمجرد الجريان قوله ( بمجرد جريانه ) أي بأن يدخل من جانب ويخرج من آخر حال دخوله وإن قل الخارج
بحر
قال ابن الشحنة لأنه صار جاريا حقيقة وبخروج بعضه رفع الشك في بقاء النجاسة فلا تبقى مع الشك ا هـ
وقيل لا يطهر حتى يخرج قدر ما فيه وقيل ثلاثة أمثاله
بحر فلو خرج بلا دخول كأن ثقب منه ثقب فليس بجار ولا يلزم أن يكون الحوض ممتلئا في أول وقت الدخول لأنه إذا كان ناقضا فدخله الماء حتى امتلأ وخرج بعضه طهر أيضا كما لو كان ابتداء ممتلئا ماء نجسا كما حققه في الحلية وذكر فيها أن الخارج من الحوض نجس قبل الحكم عليه بالطهارة ا هـ
أقول هو ظاهر على القولين الأخيرين لأنه قبل خروج المثل أو ثلاثة الأمثال لم يحكم بطهارة الحوض فيظهر كون الخارج نجسا
وأما على القول المختار فقد حكم بالطهارة بمجرد الخروج فيكون الخارج طاهرا
تأمل
ثم رأيته في الظهيرية ونصه والصحيح أنه يطهر وإن لم يخرج مثل ما فيه وإن رفع إنسان من ذلك الماء الذي خرج وتوضأ به جازا ا هـ
فلله الحمد
لكن في الظهيرية أيضا حوض نجس امتلأ ماء وفار ماؤه على جوانبه وجف جوانبه لا يطهر وقيل يطهر ا هـ
وفيها ولو امتلأ فتشرب الماء في جوانبه لا يطهر ما لم يخرج الماء من جانب آخر ا هـ
وفي الخلاصة أنه يطهر وإن لم يخرج مثل ما فيه فلو امتلأ الحوض وخرج من جانب الشط على وجه الجريان حتى بلغ الشجرة يطهر أما قدر ذراع أو ذراعين فلا ا هـ
فليتأمل
قوله ( وكذا البئر وحوض الحمام ) أي يطهران من النجاسة بمجرد الجريان وكذا ما في حكمه من العرف المتدارك كما مر
مطلب في إلحاق نحو القصعة بالحوض تنبيه هل يلحق نحو القصعة بالحوض فإذا كان فيها ماء نجس ثم دخل فيها ماء جار حتى طف من جوانبها هل تطهر هي والماء الذي فيها كالحوض أم لا لعدم الضرورة في غسلها توقفت فيه مدة ثم رأيت في خزانة الفتاوي إذ فسد ماء الحوض فأخذ منه بالقصعة وأمسكها تحت الأنبوب فدخل الماء وسال ماء القصعة فتوضأ به لا يجوز ا هـ
وفي الظهيرية في مسألة الحوض لو خرج من جانب آخر لا يطهر ما لم يخرج مثل ما فيه ثلاث مرات كالقصعة عند بعضهم
والصحيح أنه يطهر وإن لم يخرج مثل ما فيه ا هـ
فالظاهر أن ما في الخزانة مبني على خلاف الصحيح يؤيده ما في البدائع بعد حكايته الأقوال الثلاثة في جريان الحوض حيث قال ما نصه وعلى هذا حوض الحمام أو الأواني إذا تنجس ا هـ
ومقتضاه أن على القول الصحيح تطهر الأواني أيضا بمجرد الجريان وقد علل
____________________
(1/195)
في البدائع هذا القول بأنه صار ماء جاريا ولم نستيقن ببقاء النجاسة فيه فاتضح الحكم ولله الحمد
وبقي شيء آخر سئلت عنه وهو أن دلوا تنجس فأفرغ فيه رجل ماء حتى امتلأ وسال من جوانبه هل يطهر بمجرد ذلك أم لا والذي يظهر لي الطهارة أخذا مما ذكرناه هنا ومما مر من أنه لا يشترط أن يكون الجريان بمدد وما يقال إنه لا يعد في العرف جاريا ممنوع لما مر من أنه لو سال دم رجله مع العصير لا ينجس وكذا ما ذكره الشارح بعده من أنه لو حفر نهرا من حوض صغير أو صب الماء في طرف الميزاب الخ وكذا ما ذكرناه هناك عن الخزانة والذخيرة من المسائل فكل هذا اعتبروه جاريا فكذا هنا
وأخبرني شيخنا حفظه الله تعالى أن بعض أهل عصره في حلب أفتى بذلك حتى في المائعات وأنهم أنكروا عليه ذلك
وأقول مسألة العصير تشهد لما أفتى به وقد مر أن حكم سائر المائعات كالماء في الأصح
فالحاصل أن ذلك له شواهد كثيرة فمن أنكره وادعى خلافه يحتاج إلى إثبات مدعاه بنقل صريح لا بمجرد أنه لو كان ذلك لذكروه في تطهير المائعات كالزيت ونحوه
على أني رأيت بعد ذلك في القهستاني أول فصل النجاسات ما يدل عليه حيث ذكر أن المائع كالماء والدبس وغيرهما طهارته إما بإجرائه مع جنسه مختلطا به كما روي عن محمد كما في التمرتاشي وإما بالخلط مع الماء كما إذا جعل الدهن في الخانية ثم صب فيه ماء مثله وحرك ثم ترك حتى يعلو وثقب أسفلها حتى يخرج الماء هكذا يفعل ثلاثا فإنه يطهر كما في الزاهدي الخ
فهذا صريح بأنه يطهر بالإجراء نظير ما قدمناه عن الخزانة وغيرها من أنه لو أجرى ماء إناءين أحدهما نجس في الأرض أو صبهما من علو فاختلطا طهرا بمنزلة ماء جار نعم على ما قدمناه عن الخلاصة من تخصيص الجريان بأن يكون أكثر من ذراع أو ذراعين يتقيد بذلك هنا لكنه مخالف لإطلاقهم من طهارة الحوض بمجرد الجريان هذا ما ظهر لفكري السقيم { وفوق كل ذي علم عليم } يوسف 76
مطلب في مقدار الذراع وتعيينه قوله ( والمختار ذراع الكرباس ) وفي الهداية أن عليه الفتوى واختاره في الدرر والظهيرية والخلاصة والخزانة
قال في البحر وفي الخانية وغيرها ذراع المساحة وهو سبع قبضات فوق كل قبضة أصبع قائمة
وفي المحيط والكافي أنه يعتبر في كل زمان ومكان ذراعهم
قال في النهر وهو الأنسب
قلت لكن رده في شرح المنية بأن المقصود من هذا التقدير غلبة الظن بعدم خلوص النجاسة
وذلك لا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة
قوله ( وهو سبع قبضات فقط ) أي بلا أصبع قائمة وهذا ما في الولوالجية
وفي البحر أن في كثير من الكتب أنه ست قبضات ليس فوق كل قبضة أصبع قائمة فهو أربع وعشرون أصبعا بعد حروف لا إله إلا الله محمد رسول الله والمراد بالأصبع القائمة ارتفاع الإبهام كما في ( غاية البيان ) ا هـ
والمراد بالقبضة أربع أصابع مضمومة
نوح
أقول وهو قريب من ذراع اليد لأنه ست قبضات وشيء وذلك شبران
قوله ( فيكون ثمانيا في ثمان ) كأنه نقل ذلك عن القهستاني ولم يمتحنه وصوابه فيكون عشرا في ثمان
____________________
(1/196)
وبيان ذلك أن القبضة أربع أصابع وإذا كان ذراع زمانهم ثمان قبضات أصابع يكون خمسا وثلاثين أصبعا وإذا ضربت العشر في ثمان بذلك الذراع تبلغ ثمانين فاضربها في خمس وثلاثين تبلغ ألفين وثمانمائة أصبع وهي مقدار عشر في عشر بذراع الكرباس المقدر بسبع قبضات لأن الذراح حينئذ ثمانية وعشرون أصبعا والعشر في عشر بمائة فإذا ضربت ثمانية وعشرين في مائة تبلغ ذلك المقدار
وأما على ما قاله الشارح فلا تبلغ ذلك لأنك إذا ضربت ثمانيا في ثمان تبلغ أربعا وستين فإذا ضربتها في خمس وثلاثين تبلغ ألفين ومائتين وأربعين أصبعا وذلك ثمانون ذراعا بذراع الكرباس والمطلوب مائة فالصواب ما قلناه فافهم
قوله ( ولو حكما الخ ) تكرار مع قوله ولو له طول لا عرض الخ ط
قوله ( عمقها ) بالفتح وبالضم وبضمتين قعر البئر ونحوها
قاموس
قوله ( في الأصح ) ذكره في المجتبى والتمرتاشي والإيضاح والمبتغى وعزاه في القنية إلى شرح صدر القضاة وجمع التفاريق وهو متوغل في الإغراب مخالف لما أطلقه جمهور الأصحاب كما في شرح الوهبانية
قوله ( وحينئذ ) أي إذا اعتبر العمق بلا سعة
قوله ( بقدر العشر ) أي بقدر المربع الذي هو عشر في عشر
قوله ( وحينئذ ) الأولى حذفه لإغناء ما قبله عنه
قوله ( فعمق الخ ) حاصله أنه إذا كان غدير عشر في عشر عمقه خمس أصابع تقريبا كان ماؤه ثلاثة آلاف الخ وقدمنا الأقوال في مقدار العمق وليس فيها قول بتقديره بخمس أصابع
قوله ( وثلاثمائة ) في بعض النسخ وثمانمائة والموافق لما في القهتساني الأول
قوله ( منا ) قال في القاموس المن كيل أو ميزان أو رطلان كالمنا جمعه أمنان وجمع المنا أمناء والرطل بالفتح والكسر اثنتا عشرة أوقية والأوقية أربعون درهما
قوله ( فعمق خمس أصابع الخ ) الأولى اعتباره بالأربع لأنه المنقول كما قدمناه عن القهستاني ولأنه أسهل وعليه فيبلغ في المربع ما طوله وعرضه وعمقه ذراعان ونصف ذراع وأصبع وثلث أصبع وفي المثلث ما طوله وعرضه ثلاثة أذرع وخمسة أسداد ذراع وعمقه ذراعان ونصف ذراع وأصبع وثلث أصبع وفي المدور ما قطره وعمقه ذراعان وإحدى وعشرون أصبعا وخمسة أسداد أصبع
ووزن ذلك الماء بالقلل سبعة عشر قلة وثلث خمس قلة والقلة مائتان وخمسون رطلا بالعراقي كل رطل مائة وثمانية وعشرون درهما وأربع أسباع درهم وجملة ذلك بالرطل الشامي في زماننا سبعمائة رطل وأحد وستون رطلا وعشر أواق وأحد وخمسون درهما وثلاثة أسباع درهم كل رطل سبعمائة درهم وعشرون درهما
قوله ( زال طبعه ) أي وصفه الذي خلقه الله تعالى عليه ط قوله ( والإنبات ) اقتصر الواني عليه لاستلزامه الإرواء دون العكس فإن الأشربة تروي ولا تنتب والماء الملح طبعه الإنبات لا أنه عدم منه لعارض كالماء الحار ط قوله ( بسبب طبخ ) أي بغيره فمجرد تسخين الماء بدون خلط لا يسمى طبخا
ط عن أبي السعود أي لأن الطبخ هو الإنضاج استواء
قاموس
قوله ( وماء باقلاء ) أي فول وهو مخفف مع المد ومشدد ويخفف مع القصر كما في القاموس ورسم الأول بالألف والثاني بالياء
قوله ( إن بقي رقته ) أما لو صار كالسويق المخلوط فلا لزوال اسم الماء عنه كما قدمناه عن الهداية
____________________
(1/197)
مبحث الماء المستعمل قوله ( أو بما استعمل الخ ) اعلم الماء المستعمل يقع في أربعة مواضع الأول في سببه وقد أشار إليه بقوله لقربة أو رفع حدث
الثاني في وقت ثبوته وقد أشار إليه بقوله إذا استقر في مكان
الثالث في صفته وقد بينها بقوله طاهر
الرابع في حكمه وقد بينه بقوله لا مطهر ا هـ
بحر
مطلب في تفسير القربة والثواب قوله ( أي ثواب ) قدمنا في سنن الوضوء أن القربة فعل ما يثاب عليه بعد معرفة من يتقرب إليه به وإن لم يتوقف على نية كالوقف والعتق
وفي البحر عن شرح النقاية أنها ما تعلق به حكم شرعي وهو استحقاق الثواب ا هـ
وفي شرح الأشباه للبيري قال علماؤنا ثواب العملي في الأخرى عبارة عما أوجبه الله للعبد جزاء لعمله فتفسير الشارح القربة بالثواب من تفسير الشيء بحكمه وهو شائع في كلامهم كما مر وهو المتبادر من تعبير المصنف بلام التعليل أي لأجل نيل قربة نعم لو قال المصنف في قربة لتعين تفسير بالفعل فافهم
قوله ( ولو مع رفع حدث ) يشير به وبقوله الآتي ولو مع قربة إلى أن أو في قوله أو رفع حدث مانعة الخلو لا مانعة الجمع لأن القربة ورفع الحدث قد يجتمعان وقد ينفرد كل منهما عن الآخر كما سيظهر فبينهما عموم وخصوص وجهي
قوله ( أو من مميز ) أي إذا توضأ يريد به التطهير كما في الخانية وهو معلوم من سياق الكلام وظاهره أنه لو لم يرد به ذلك لم يصر مستعملا
تأمل
قوله ( أو حائض الخ ) قال في النهر قالوا بوضوء الحائض يصير مستعملا لأنه يستحب لها الوضوء لك فريضة وأن تجلس في مصلاها قدرها كي لا تنسى عادتها ومقتضى كلامهم اختصاص ذلك بالفريضة وينبغي أنها لو توضأت لتهجد عادي أو صلاة ضحى وجلست في مصلاها أن يصير مستعملا ولم أره لهم
وأقره الرملي وغيره ووجهه ظاهر فلذا جزم به الشارح فأطلق العبادة تبعا لجامع الفتاوي فإنه قال يستحب لها أن تتوضأ في وقت الصلاة وتجلس في مسجدها تسبح وتهلل مقدار أدائها لئلا تزول عادة العبادة
قوله ( أو غسل ميت ) معطوف على رفع حدث وكون غسالته مستعملة هو الأصح وإنما أطلق محمد نجاستها لأنها لا تخلو عن النجاسة غالبا
بحر
أقول قد يقال إنه مبنى على ما هو قول العامة واعتمده في البدائع من أن نجاسة الميت نجاسة خبث لأنه حيوان دموي لا نجاسة حدث وعليه فلا حاجة إلى تأويل كلام محمد وسنوضحه في أول فصل البئر ويجوز عطفه على مميز أي ولو من أجل غسل ميت لأنه يندب الوضوء من غسل الميت كما مر
قوله ( بنية السنة ) قيد به في البحر أخذا من قول المحيط لأنه أقام به قربة لأنه سنة ا هـ
قال في النهر وعليه فينبغي اشتراطه في كل سنة كغسل الفم والأنف ونحوهما وفي ذلك تردد ا هـ
قال الرملي ولا تردد فيه حتى لو لم يكن جنبا وقصد بغسل الفم والأنف ونحوهما مجرد التنظيف لا إقامة القربة لا يصير مستعملا
قوله ( أو لأجل رفع حدث ) مفاد اللام أنه قصد رفع الحدث فيكون قربة أيضا مع أن المراد ما هو أعم كما أفاده الشارح بقوله ولو مع قربة فكان الأولى أن يقول أو في رفع حدث
تأمل
قوله ( كوضوء محدث ) فإنه إن كان منويا اجتمع فيه الأمران وإلا كما لو كان
____________________
(1/198)
للتبرد فرفع الحدث فقط
قوله ( ولو للتبرد ) قيل فيه خلاف محمد بناء على أنه لا يستعمل عنده إلا بإقامة القربة أخذا من قوله فيما لو انغمس في البئر لطلب الدلو بأن الماء طهور
قال السرخسي والصحيح عنده استعماله بإزالة الحدث إلا للضرورة كمسألة البئر
وتمامه في البحر
قوله ( فلو توضأ متوضىء الخ ) محترز قول المصنف لأجل قربة أو رفع حدث لكن أورد أن تعليم الوضوء قربة فينبغي أن يصير الماء مستعملا
وأجاب في البحر وتبعه في النهر وغيره بأن التوضؤ نفسه ليس قربة بل التعليم وهو أمر خارج عنه ولذا يحصل بالقول
قوله ( أو لطين ) أي ونحوه كوسخ لعدم إزالة الحدث وإقامة القربة وكذا لو وصلت شعر آدمي بذؤابتها فغسلته لم يصر مستعملا لأنه لم يبق له حكم البدن بخلاف ما لو غسل رأس مقتول قد بان منه
وتمامه في البحر
فائدة قال سيدي عبد الغني الظاهر أن المحدث تكفيه غسلة واحدة عن الطين ونحوه وعن الحدث بخلاف النجاسة كما قدمناه
قوله ( بلا نية قربة ) بأن أراد الزيادة على الوضوء الأول وفيه اختلاف المشايخ أما لو أراد بها ابتداء الوضوء صار مستعملا بدائع أي إذا كان بعد الفراغ من الوضوء الأول وإلا كان بدعة كما مر في محله فلا يصير الماء مستعملا وهذا أيضا إذا اختلف المجلس وإلا فلا لأنه مكروه
بحر
لكن قدمنا أن المكروه تكراره في مجلس مرارا
قوله ( نحو فخذ ) أي مما ليس من أعضاء الوضوء وهو محدث لا جنب وقيل يصير مستعملا بناء على القول بحلول الحدث الأصغر بكل البدن وغسل الأعضاء رافع عن الكل تخفيفا والراجح خلافه
أفاده في النهر
أفاد سيدي عبد الغني أن الظاهر أن المراد بأعضاء الوضوء ما يشمل المسنونة مع نية فعل السنة
تأمل
قوله ( أو ثوب طاهر ) أي ونحوه من الجامدات كالقدور والقصاع والثمار
قهستاني
قوله ( أو دابة تؤكل ) كذا في البحر عن المبتغى
قال سيدي عبد الغني وتقييده بالمأكولة فيه نظر لأن غيرها كذلك لا تنجس الماء ولا تسلب طهوريته كالحمار والفأرة وسباع البهائم التي لم يصل الماء إلى فمها ا هـ
وذكر الرحمتي نحوه
قوله ( أو لأجل إسقاط فرض ) فيه ما في قوله أو لأجل رفع حدث وهذا سبب ثالث للاستعمال زاده في الفتح أخذا من مسألة الحب المذكورة ومن تعليلها المنقول عن الإمام بسقوط الفرض لأنه ليس بقربة لعدم النية ولا رفع حدث لعدم تجزيه كما يأتي
قوله ( هو الأصل في الاستعمال ) أي هو الأصل الذي بني عليه الحكم بتدنس الماء
قال في الفتح لأن المعلوم من جهة الشارع أن الآلة التي تسقط الفرض وتقام بها القربة تتدنس كمال الزكاة تدنس بإسقاط الفرض حتى جعل من الأوساخ ثم قال بعده والذي نعقله أن كلا من التقرب والإسقاط مؤثر في التغير ألا ترى أنه انفرد وصف التقرب في صدقة التطوع وأثر التغير حتى حرمت على النبي فعرفنا أن كلا أثر تغيرا شرعيا ا هـ
أقول ومقتضاه أن القربة أصل أيضا بخلاف رفع الحدث لأنه لا يتحقق إلا في ضمن القربة أو إسقاط الفرض أو في ضمنهما فكان فرعا وبهذا ظهر أنه يستغني بهما عنه فيكون المؤثر في الاستعمال الأصلين فقط
____________________
(1/199)
فيقال هو ما استعمل في قربة سواء كان معها رفع حدث أو إسقاط فرض أو لا ولا أو في إسقاط فرض سواء كان معه قربة أو رفع حدث أو لا ولا هذا ما ظهر لي من قيص الفتاح العليم فاغتنمه
قوله ( بأن يغسل ) أي المحدث أو الجنب بعض أعضائه أي التي يجب غسلها احتراز عن غسل المحدث نحو الفخذ كما مر
ثم الظاهر أنه أراد الغسل بنية رفع الحدث ليغاير قوله أو يدخل يده الخ
قال في البزازية وإن أدخل الكف للغسل فسد
تأمل
ثم في الخلاصة وغيرها إن كان أصبعا أو أكثر دون الكف لا يضر
قال في الفتح ولا يخلو من حاجته إلى تأمل وجهه
قوله ( في حب ) بالمهملة الجرة أو الضخمة منها
قاموس
قوله ( لغير اغتراف ) بل للتبرد أو غسل يده من طين أو عجين فلو قصد الاغتراف ونحوه كاستخراج كوز لم يصر مستعملا للضرورة
قوله ( فإنه يصير مستعملا ) المراد أن ما اتصل بالعضو وانفصل عنه مستعمل على ما مر ويأتي
قوله ( لسقوط الفرض ) أي فلا يلزمه إعادة غسل ذلك العضو عند غسل بقية الأعضاء وهذا التعليل منقول عن الإمام كما مر فلا يقال إن العلة زوال الحدث زوالا موقوفا كذا في البحر على أن الأصل التعليل بما هو الأصل وقد علمت أن زوال الحدث فرع
قوله ( وإن لم يزل الخ ) كان الأولى إسقاط إن وزيادة أنه لم توجد نية القربة كما فعل في البحر ليكون بيانا لوجه زيادة هذا السبب الثالث وأنه لا يغني عنه ما قبله من السببين كما قدمناه وما في النهر من أنه إنما تتم زيادته بتقدير أن إسقاط الفرض لا ثواب فيه وإلا كان قربة اعترضه ط أن إسقاط الفرض لا يتوقف على النية ولا ثواب بدونها فكيف يمكن أن يكون قربة
قوله ( جنايته ) أي جنابة العضو المغسول في صورة الحدث الأكبر قوله ( ما لم يتم ) أي ما لم يغسل بقية الأعضاء قوله ( على المعتمد ) قال الشيخ قاسم في حواشي المجمع الحدث يقال بمعنيين بمعنى المانعية الشرعية عما لا يحل بدون الطهارة وهذا لا يتجزأ بلا خلاف عند أبي حنيفة وصاحبيه وبمعنى النجاسة الحكمية وهذا يتجزأ ثبوتا وارتفاعا بلا خلاف أيضا وصيرورة الماء مستعملا بإزالة الثانية ا هـ
أقول والظاهر أنه أراد يتجزى الثاني ثبوتا كما في الحدث الأصغر بالنسبة للأكبر فإنه يحل بعض أعضاء البدن وفي عدم تجزي الأول بلا خلاف نظر لما قدمه الشارح من الخلاف في جواز القراءة ومس المصحف بعد غسل الفم واليد
تأمل
قوله ( وينبغي أن يزاد أو سنة ) فيه أن السنة لا تقام إلا بنيتها فيدخل في قوله لأجل قربة وإن قصد بغسل نحو الفم والأنف مجرد التنظيف لم يصر مستعملا كما مر عن الرملي فلم توجد السنة ثم رأيته في حاشية ح ثم قال وكأنه أشار إلى هذا بقوله فتأمل
قوله ( وقيل إذا استقر ) أي بشرط أن يستقر في مكان من أرض أو كف أو ثوب ويسكن عن التحرك وحذفه لأنه أراد بالاستقرار التام منه وهذا قول طائفة من مشايخ بلخ واختاره فخر الإسلام وغيره
وفي الخلاصة أنه المختار إلا أن العامة على الأول وهو الأصح وأثر الخلاف يظهر فيما لو انفصل فسقط على إنسان فأجراه عليه صح على الثاني لا الأول
نهر
قلت وقد مر أن أعضاء الغسل كعضو واحد فلو انفصل منه فسقط على عضو آخر من أعضاء المغتسل فأجراه عليه صح على القولين
قوله ( ورجح للحرج ) لأنه لو قيل باستعماله بالانفصال فقط لتنجس ثوب المتوضىء على القوم بنجاسة الماء المستعمل وفيه حرج عظيم كما في غاية البيان
قوله ( عفوا اتفاقا ) أي لا مؤاخذة فيه حتى عند القائل بالنجاسة للضرورة كما في البدائع وغيرها
قوله ( وهو طاهر الخ ) رواه محمد عن الإمام وهذه الرواية
____________________
(1/200)
هي المشهورة عنه واختارها المحققون قالوا عليها الفتوى لا فرق في ذلك بين الجنب والمحدث
واستثني الجنب في التجنيس إلا أن الإطلاق أولى وعنه التخفيف والتغليظ ومشايخ العراق نفوا الخلاف وقالوا إنه طاهر عند الكل
وقد قال في المجتبى صحت الرواية عن الكل أنه طاهر غير طهور فالاشتغال بتوجيه التغليظ والتخفيف مما لا جدوى له
نهر
وقد أطال في البحر في توجيه هذه الروايات ورجح القول بالنجاسة من جهة الدليل لقوته
قوله ( وهو الظاهر ) كذا في الذخيرة أي ظاهر الرواية ومن صرح بأن رواية الطهارة ظاهر الرواية وعليها الفتوى في الكافي والمصفى كما في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( لكن الخ ) دفع لما قد يتوهم من عدم كراهة شربه على رواية الطهارة ومثل الشرب التوضؤ في المسجد من غير ما أعد له وفي البحر عن الخانية لو توضأ في إناء في المسجد جاز عندهم
قوله ( وعلى ) متعلق بيكره محذوفا معطوف على يكره المذكور
قوله ( تحريما ) قال في البحر ولا يخفى أن الكراهة على رواية الطهارة أما على رواية النجاسة فحرام لقوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف 157 والنجس منها ا هـ
وأجاب الشارح تبعا للنهر وأقره النهر بحمل الكراهة على التحريمية لأن المطلق منها ينصرف إليها
قلت ويؤيده أن نجاسة المستعمل على القول بها غير قطعية ولذا عبروا بالكراهة في لحم الحمار ونحوه
فرع الماء إذا وقعت فيه نجاسة فإن تغير وصفه لم يجز الانتفاع به بحال وإلا جاز كبل الطين وسقي الدواب بحر عن الخلاصة
قوله ( ليس بطهور ) أي ليس بمطهر
قوله ( على الراجح ) مرتبط بقوله بل لخبث أي نجاسة حقيقية فإنه يجوز إزالتها بغير الماء المطلق من المائعات خلافا لمحمد
مطلب مسألة البئر جحط قوله ( فرع الخ ) هذا ما عبر بقوله ومسألة البئر جحط فأشار بالجيم إلى ما قال الإمام إن الرجل والماء نجسان وبالحاء إلى ما قال الثاني إنهما بحالهما وبالطاء إلى ما قال الثالث من طهارتهما
ثم اختلف التصحيح في نجاسة الرجل على الأول فقيل للجنابة فلا يقرأ القرآن وقيل لنجاسة الماء المستعمل فيقرأ إذا غسل فاه واستظهره في الخانية
قلت ومبنى الأول على تنجس الماء لسقوط فرض الغسل عن بعض الأعضاء بأول الملاقاة قبل تمام الانغماس والثاني على أنه بعد الخروج من الجنابة كما يفيده ما في البحر عن الخانية وشروح الهداية
وينبغي على الأول أن تكون النجاسة نجاسة الماء أيضا لا الجنابة فقط
تأمل
ومبنى قول الثاني على اشتراط الصب في الخروج من الجنابة في غير الماء الجاري وما في حكمه
ومبنى قول الثالث على عدم اشتراطه ولم يصر الماء مستعملا للضرورة كذا قرره في البحر وغيره
قوله ( في محدث ) أي حدثا أصغر أو أكبر جنابة أو حيضا أو نفاسا بعد انقطاعهما أما قبل الانقطاع وليس على أعضائهما نجاسة فهما كالطاهر إذا انغمس للتبرد لعدم خروجها من الحيض فلا يصير الماء مستعملا
بحر عن الخانية والخلاصة وتمامه في ح
قوله ( في بئر ) أي دون عشر ح أي وليست جارية
قوله ( لدلو ) أي لاستخراجه وقيد به لأنه لو كان للاغتسال صار مستعملا اتفاقا
قال في النهر أي بين الإمام والثالث لما مر من اشتراط الصب على قول الثاني ا هـ
وذكره في البحر بحثا
____________________
(1/201)
أقول والظاهر أن اشتراط الصب على قول الثاني عند عدم النية لقيامه مقامها كما يدل عليه ما يأتي من تصريحه بقيام التلك مقامها
فتدبر
قوله ( أو تبرد ) تبع في ذكره صاحب البحر والنهر بناء على ما قيل إنه عند محمد لا يصير الماء مستعملا إلا بنية القربة
وقدمنا أن ذلك خلاف الصحيح عنده وأن عدم الاستعمال في مسألة البئر عنده هي الضرورة ولا ضرورة في التبرد فلذا اقتصر في الهداية على قول لطلب الدلو
قوله ( مستنجيا بالماء ) قيد به لأنه لو كان بالأحجار تنجس كل الماء اتفاقا كما في البزازية
نهر
قلت وفي دعوى الاتفاق نظر فقد نقل في التاترخانية اختلاف التصحيح في التنجيس وعدمه أي بناء على أن الحجر مخفف أو مطهر ورجح في الفتح الثاني نعم الذي في أكثر الكتب ترجيح الأول كما أفاده في تنوير الأبصار وتمام الكلام عليه سيأتي في فصل الاستنجاء إن شاء الله تعالى
قوله ( ولا نجس عليه ) عطف عام على خاص فلو كان على بدنه أو ثوبه نجاسة تنجس الماء اتفاقا
قوله ( ولم ينو ) أي الاغتسال فلو نواه صار مستعملا بالاتفاق إلا في قول زفر
سراج
وهذا مؤيد لما قدمناه من أنه عند الثاني مستعمل أيضا والمراد أنه لم ينو بعد انغماسه في الماء فلا ينافي قوله لدلو أفاده ط قوله ( ولم يتدلك ) كذا في المحيط والخلاصة وظاهر أنه لو نزل للدلو وتدلك في الماء صار مستعملا اتفاقا لأن التدلك فعل منه قائم مقام النية فصار كما لو نزل للاغتسال
بحر ونهر فتنبه
وقيده في شرح المنية الصغير بما إذا لم يكن تدلكه لإزالة الوسخ
قوله ( والأصح الخ ) هذا القول غير الأقوال الثلاثة المارة المرموز إليها بجحظ ذكره في الهداية رواية عن الإمام
قال في البحر وعن أبي حنيفة أن الرجل طاهر لأن الماء لا يعطي له حكم الاستعمال قبل الانفصال من العضو
قال الزيلعي والهندي وغيرهما تبعا لصاحب الهداية وهذه الرواية أوفق الروايات أي للقياس
وفي فتح القدير وشرح المجمع أنها الرواية المصححة
ثم قال في البحر فعلم أن المذهب المختار في هذه المسألة أن الرجل طاهر والماء طاهر غير طهور أما كون الرجل طاهرا فقد علمت تصحيحه وأما كون الماء المستعمل كذلك على الصحيح فقد علمته أيضا مما قدمناه ا هـ
ومثله في الحلية وبه علم أن هذا ليس قول محمد لأن عنده لا يصير الماء مستعملا للضرورة كما مر
وأما الإمام فلم يعتبر الضرورة هنا بل حكم باستعماله لسقوط الفرض كما تقدم تقريره ولو اعتبر الضرورة لم يصح الخلاف المرموز له نعم ذكر في البحر عن الجرجاني أنه أنكر الخلاف إذ لا نص فيه وأنه لا يصير مستعملا كما لو اغترف الماء بكفه للضرورة بلا خلاف
أقول وهو خلاف المشهور في كتب المذهب من إثبات الخلاف ومن أن الذي اعتبر الضرورة هو محمد فقط وكأن غيره لم يعتبر هنا لندرة الاحتياج إلى الانغماس بخلاف الاحتياج إلى الاغتراف باليد فافهم
قوله ( والمراد الخ ) صرح به في الحلية والبحر والنهر ورده العلامة المقدسي في شرح نظم الكنز بأنه تأويل بعيد جدا وقوله على ما مر أي من أنه لا فرق بين الملقى والملاقي وهذه مسألة الفساقي وقد علمت ما فيها من المعترك العظيم بين العلماء المتأخرين
____________________
(1/202)
مطلب في أحكام الدباغة قوله ( وكل إهاب الخ ) الإهاب بالكسر اسم للجلد قبل أن يدبغ من مأكول أو غيره جمعه أهب بضمتين ككتاب وكتب فإذا دبغ سمي أديما وصرما وجرابا كما في النهاية
وإنما ذكر المصنف الدباغة في بحث المياه وإن كان المناسب ذكرها في تطهير النجاسات استطرادا إما لصلوح الإهاب بعد دبغه أن يكون وعاء للمياه كما في النهر وغيره وإليه أشار الشارح بقوله ويتوضأ منه أو لأن الدبغ مطهر في الجملة كما في القهستاني أو لأنه في قوة قولنا يجوز الوضوء بما وقع فيه إهاب دبغ كما نقل عن حواشي عصام قوله ( ومثله المثانة والكرش ) المثانية موضع البول والكرش بالكسر وككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان
قاموس ومثله الأمعاء
وفي البحر عن التجنيس أصلح أمعاء شاة ميتة فصلى وهي معه جاز لأنه يتخذ منها الأتار وهو كالدباغ وكذلك لو دبغ المثانة فجعل فيها لبن جاز وكذلك الكرش إن كان يقدر على إصلاحه
قال أبو يوسف في الإملاء إنه لا يطهر لأنه كاللحم ا هـ
قوله ( فالأولى وما دبغ ) أي حيث كان الحكم غير قاصر على الإهاب فالأولى الإتيان بما الدالة على العموم ط
قوله ( دبغ ) الدباغ يمنع النتن والفساد
والذي يمنع على نوعين حقيقي كالقرظ والشب والعفص ونحوه
وحكمي كالترتيب والتشميس والإلقاء في الريح ولو جف ولم يستحل لم يطهر
زيلعي
والقرظ بالظاء المعجمة لا بالضاد ورق شجر السلم بفتحتين
والشب بالباء الموحدة وقيل بالثاء المثلثة وذكر الأزهري أنه تصحيف وهو نبت طيب الرائحة مر الطعم يدبغ به
أفاد في البحر
قوله ( ولو بشمس ) أي ونحوه من الدباغ الحكمي وأشار به إلى خلاف الإمام الشافعي وإلى أنه لا فرق بين نوعي الدباغة في سائر الأحكام قال البحر إلا في حكم واحد وهو أنه لو أصابه الماء بعد الدباغ الحقيقي لا يعود نجسا باتفاق الروايات وبعد الحكمي فيه روايتان ا هـ
والأصح عدم العود
قهستاني عن المضمرات
وقيد الخلاف في مختارات النوازل بما إذا دبغ بالحكمي قبل الغسل بالماء قال فلو بعده لا تعود نجاسته اتفاقا
قوله ( هو يحتملها ) أي الدباغة المأخوذة من دبغ
وأفاد في البحرأنه لا حاجة إلى هذا القيد لأن قوله وكل إهاب لا يتناول ما لا يحتمل الدباغة كما صرح به في الفتح
قوله ( طهر ) بضم الهاء والفتح أفصح
حموي
قوله ( فيصلي به الخ ) أفاد طهارة ظاهرة وباطنة لإطلاق الأحاديث الصحيحة خلافا لمالك لكن إذا كان جلد حيوان ميت مأكول اللحم لا يجوز أكله وهو الصحيح لقوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } المائدة 3 وهذا جزء منها
وقال عليه الصلاة والسلام في شاة ميمونة رضي الله عنها إنما يحرم من الميتة أكلها مع أمره لهم بالدباغ والانتفاع أما إذا كان جلد ما لا يؤكل فإنه لا يجوز أكله إجماعا لأن الدباغ فيه ليس بأقوى من الذكاة وذكاته لا تبيحه فكذا دباغه
بحر عن السراج
قوله ( وعليه ) أي وبناء على ما ذكر من أن ما لا يحتمل الدباغة لا يطهر
قوله ( جلد حية صغيرة ) أي لها دم أما ما لا دم لها فهي طاهرة لما تقدم أنها لو وقعت في الماء لا تفسده
أفاده ح
قوله ( أما قميصها ) أي الحية كما في البحر عن السراج وظاهر ولو كبيرة
قال الرحمتي لأنه لا تحله الحياة فهو كالشعر والعظم
قوله ( وفأرة ) بالهمزة وتبدل ألفا
قوله ( بذكاة ) بالذال المعجمة أي ذبح
____________________
(1/203)
قوله ( لتقيدهما ) أي الذكاة والدباغ بما يحتمله أي يحتمل الدباغ وكان الأولى إفراد الضمير ليعود على الذكاة فقط لأن تقيد الدباغ بذلك مصرح به قبله
وعبارة البحر عن التجنيس لأن الذكاة إنما تقام مقام الدباغ فيما يحتمله
وفي أبي السعود عن خط الشرنبلالي الذي يظهر لي الفرق بين الذكاة والدباغة لخروج الدم المسفوح بالذكاة وإن كان الجلد لا يحتمل الدباغة ا هـ
قلت لكن أكثر الكتب على عدم الفرق كما يأتي
قوله ( خلا جلد خنزير الخ ) قيل إن جلد الآدمي كجلد الخنزير في عدم الطهارة بالدبغ لعدم القابلية لأن لهما جلودا مترادفة بعضها فوق بعض فالاستثناء منقطع
وقيل إن جلد الآدمي إذا دبغ طهر لكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه كما نص عليه في الغاية وحينئذ فلا يصح الاستثناء
وأجاب بأن معنى طهر جاز استعماله والعلاقة السببية والمسببية لا اللزوم كما قيل إذ لا يلزم من الطهارة جواز الانتفاع كما علمته لكن علة عدم الانتفاع بهما مختلفة ففي الخنزير لعدم الطهارة وفي الآدمي لكرامته كما أشار إليه الشارح
قال في النهر وهذا مع ما فيه من العدول عن المعنى الحقيقي أولى ا هـ أي لموافقته المنقول في المذهب وإلى اختياره أشار الشارح بقوله ولو دبغ طهر قال ط وإنما قدر جلد لأن الكلام فيه لا في كل الماهية
قوله ( فلا يطهر ) أي لأن نجس العين بمعنى أن ذاته بجميع أجزائه نجسة حيا وميتا فليست نجاسته لما فيه من الدم كنجاسة غيره من الحيوانات فلذا لم يقبل التطهير في ظاهر الرواية عن أصحابنا إلا في رواية عن أبي يوسف ذكرها في المنية
قوله ( وقدم الخ ) لما كانت البداءة بالشيء وتقديمه على غيره تفيد الاهتمام بشأنه وشرفه على ما بعده بين أن ذلك في غير مقام الإهانة أما فيه فالأشرف يؤخر كقوله تعالى { لهدمت صوامع } الحج 40 الآية لأن الهدم إهانة فقدمت صوامع الصابئة أو الرهبان وبيع النصارى وصلوات اليهود أي كنائسهم وأخرت مساجد المسلمين لشرفها وهنا الحكم بعدم الطهارة إهانة كذا قيل
أقول وإنما تظهر هذه النكتة على أن الاستثناء من الطهارة لا من جواز الاستعمال الثابت للمستثنى منه فإن عدمه الثابت للمستثنى ليس بإهانة
قوله ( وإن حرم استعماله ) أي استعمال جلده أو استعمال الآدمي بمعنى أجزائه وبه يظهر التفريع بعده
قوله ( احتراما ) أي لا نجاسة
قوله ( وأفاد كلامه ) حيث لم يستثن من مطلق الإهاب سوى الخنزير والآدمي
قوله ( وهو المعتمد ) أما في الكلب فبناء على أنه ليس بنجس العين وهو أصح التصحيحين كما يأتي
وأما في الفيل فكذلك كما هو قولهما وهو الأصح خلافا لمحمد فقد روى البيهقي أنه كان يمتشط بمشط من عاج وفسره الجوهري وغيره بعظم الفيل
قال في الحلية وخطىء الخطابي في تفسيره له بالذبل ا هـ
والذبل بالذال المعجمة جلد السلحفاة البحرية أو البرية أو عظم ظهر دابة بحرية
قاموس
وفي الفتح هذا الحديث يبطل قول محمد بنجاسة عين الفيل
قوله ( بدباغ ) بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار فلا يطهر بذكاة ما لا يطهر بالدباغ مما لا يحتمله كما مر فلو صلى ومعه جلد حية مذبوحة أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته كما في المحيط والخانية والولوالجية
وما في الخلاصة من أن الحية والفأرة وكل ما لا يكون سؤره نجسا لو صل بلحمه مذبوحا تجوز مشكل كما في الفتح وتمامه في الحلية
____________________
(1/204)
قلت وعليه فلو صلى ومعه ترياق فيه لحم حية مذبوحة لا تجوز صلاته لو أكثر من درهم وصرح في الوهبانية بأنه لا يؤكل وهو ظاهر فتنبه
وخرج الخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ كما مر فلا يطهر بالذكاة كما في المنية والظاهر أن الآدمي كذلك وإن قلنا بطهارة جلده بالدباغ فلو ذبح ولم تثبت له الشهادة ثم وقع في ماء قليل قبل تغسيله أفسده ولم أر من صرح به نعم رأيت في صيد غرر الأفكار أن الذكاة لا تعمل في الخنزير والآدمي كما لا تعمل الدباغة في جلدهما
تأمل
قوله ( على المذهب ) أي ظاهر المذهب كما في البدائع
بحر لحديث لا تنتفعوا من لميتة بإهاب رواه أصحاب السنن والإهاب ما لم يدبغ
فيدل توقف الانتفاع قبل الدبغ على عدم كونها ميتة أي والذكاة ليست إماتة
أفاده في شرح المنية وقيل إنما يظهر جلده بالذكاة إذا لم يكن سؤره نجسا
قوله ( لا يطهر لحمه ) أي لحم الحيوان ذي الإهاب فالمضير عائد إلى ما على تقدير مضاف أو بدونه والإضافة لأدنى مناسبة
تأمل
قوله ( هذا أصح ما يفتى به ) أفاد أن مقابله مصحح أيضا فقد صححه في الهداية والتحفة والبدائع ومشى عليه المصنف في الذبائح كالكنز والدرر والأول مختار شرح الهداية وغيرهم
وفي المعراج أنه قول المحققين وما ذكره الشارح عبارة مواهب الرحمن
وقال في شرحه المسمى بالبرهان بعد كلام فجاز أن تعتبر الذكاة مطهرة لجلده للاحتياج إليه للصلاة فيه وعليه ولدفع الحر والبرد وستر العورة بلبسه دون لحمه لعدم حل أكله المقصود من طهارته وتمامه في حاشية نوح
والحاصل أن ذكاة الحيوان مطهرة لجلده ولحمه إن كان الحيوان مأكولا وإلا فإن كان نجس العين فلا تطهر شيئا منه وإلا فإن كان جلده لا يحتمل الدباغة فكذلك لأن جلده حينئذ يكون بمنزلة اللحم وإلا فيطهر جلده فقط والآدمي كالخنزير فيما ذكر تعظيما له
قوله ( من الأهل ) هو أن يكون الذابح مسلما حلالا خارج الحرم أو كتابيا
قوله ( في المحل ) أي فيما بين اللبة واللحيين وهذه الذكاة الاختيارية
والظاهر أن مثلها الضرورية في أي موضع اتفق
حلية
وإليه يشير كلام القنية
قهستاني
قوله ( بالتسمية ) أي حقيقة أو حكما بأن تركها ناسيا
قوله ( والأول أظهر ) وهو المذكور في كثير من الكتب
بحر
قوله ( لأن ذبح المجوسي ) أن ومن في معناه ممن لم يكن أهلا كالوثني والمرتد والمحرم
قوله ( كلا ذبح ) لحكم الشرع بأنه ميتة فيما يؤكل
قوله ( وإن صحح الثاني ) يوهم أن الأول لم يصحح مع أنه في القنية نقل تصحيح القولين فكان الأولى أن يزيد أيضا
قوله ( وأقره في البحر ) حيث ذكر أنه في المعراج نقل عن المجتبى والقنية تصحيح الثاني ثم قال وصاحب القنية هو صاحب المجتبى وهو الإمام الزاهدي المشهور علمه وفقهه ويدل على أن هذا هو الأصح أن صاحب النهاية ذكر هذا الشرط أي كون الذكاة شرعية بصيغة قيل معزيا إلى الخانية ا هـ
قوله ( كسنجاب ) بالكسر أي جلده
قوله ( فنجس ) أي فلا تجوز الصلاة فيه ما لم يغسل
منية
قوله ( فغسله أفضل ) لأن الأخذ بما هو الوثيقة في موضع الشك أفضل إذا لم يؤد إلى الحرج ومن هنا قالوا لا بأس بلبس ثياب أهل الذمة والصلاة فيها إلا الإزار والسراويل فإنه تكره الصلاة فيها
____________________
(1/205)
لقربها من موضع الحدث وتجوز لأن الأصل الطهارة وللتوارث بين المسلمين في الصلاة بثياب الغنائم قبل الغسل وتمامه في الحلية
ونقل في القنية أن الجلود التي تدبغ في بلدنا ولا يغسل مذحبها ولا تتوقى النجاسات في دبغها ويلقونها على الأرض النجسة ولا يغسلونها بعد تمام الدبغ فهي طاهرة يجوز اتخاذ الخفاف والمكاعب وغلاف الكتب والمشط والقرب والدلاء رطبا ويابسا ا هـ
أقول ولا يخفى أن هذا عند الشك وعدم العلم بنجاستها
قوله ( وشعر الميتة الخ ) مع ما عطف عليه خبره قوله الآتي طاهر لما مر من حديث الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام في شاة ميمونة إنما حرم أكلها وفي رواية لحمها فدل على أن ما عدا اللحم لا يحرم فدخلت الأجزاء المذكورة وفيها أحاديث أخر صريحة في البحر وغيره ولأن المعهود فيها قبل الموت الطهارة فكذا بعده لأنه لا يحلها
وأما قوله تعالى { من يحيي العظام } يس 78 الآية فجوابه مع تعريف الموت بأنه وجودي أو عدمي أطال فيه صاحب البحر فراجعه وذكر ذلك في بحث المياه لإفادة أنه إذا وقع فيها لا ينجسها
وفي القهستاني الميتة ما زالت روحه بلا تذكية
قوله ( على المذهب ) أي على قول أبي يوسف الذي هو ظاهر الرواية أن شعره نجس وصححه في البدائع ورجحه في الاختيار فلو صلى ومعه منه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز ولو وقع في ماء قليل نجسه وعند محمد لا ينجسه
أفاده في البحر
وذكره في الدرر أنه عند محمد طاهر لضرورة استعماله أي للخرازين
قال العلامة المقدسي وفي زماننا استغنوا عنه أي فلا يجوز استعماله لزوال الضرورة الباعثة للحكم بالطهارة
نوح أفندي
قوله ( على المشهور ) أي من طهارة العصب كما جزم به في الوقاية والدرر وغيرهما بل ذكر في البدائع وتبعه في الفتح أنه لا خلاف فيه لكن تعقبه في البحر بأنه في غاية البيان ذكر في روايتين إحداهما إن طاهر لأنه عظم والأخرى أنه نجس لأن فيه حياة والحس يقع فيه وصحح في السراج الثانية
قوله ( الخالية عن الدسومة ) قيد للجميع كما في القهستاني فخرج الشعر المنتوف وما بعده إذا كان فيه دسومة
قوله ( وكذا كل ما لا تحله الحياة ) وهو ما لا يتألم الحيوان بقطعه كالريش والمنقار والظلف
قوله ( حتى الإنفحة ) بكسر الهمزة وقد تشدد الحاء وقد تكسر الفاء
والمنفحة والبنفحة شيء واحد يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر فيعصر في صوفة فيغلظ به الجبن فإذا أكل الجدي فهو كرش وتفسير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو
قاموس بالحرف فافهم
قوله ( على الراجح ) أي الذي هو قول الإمام ولم أر من صرح بترجيحه ولعله أخذه من تقديم صاحب الملتقى له وتأخيره قولهما كما هو عادته فيما يرجحه
وعبارته مع الشرح وإنفحة الميتة ولو مائعة ولبنها طاهر كالمذكاة خلافا لهما لتنجسهما بنجاسة المحل
قلنا نجاسته لا تؤثر في حال الحياة إذا اللبن الخارج من بين فرث ودم طاهر فكذا بعد الموت ا هـ
ثم اعلم أن الضمير في قول الملتقى ولبنها عائد على الميتة والمراد به اللبن الذي في ضرعها وليس عائدا على الإنفحة كما فهم المحشي حيث فسرها بالجلدة وعزا إلى الملتقى طهارتها لأن قول الشارح ولو مائعة صريح بأن المراد بالإنفحة اللبن الذي في الجلدة وهو الموافق لما مر عن القاموس وقوله لتنجسها الخ صريح في أن جلدتها نجسة وبه صرح في الحلية حيث قال بعد التعليل المار وقد عرف من هذا أن نفس الوعاء نجس بالاتفاق ولدفع هذا الوهم غير العبارة في مواهب الرحمن فقال وكذا لبن الميتة وإنفحتها ونجساها وهو الأظهر إلا أن تكون
____________________
(1/206)
جامدة فتطهر بالغسل ا هـ
وأفاد ترجيح قولهما وأنه لا خلاف في اللبن على خلاف ما في الملتقى والشرح فافهم
قوله ( وشعر الإنسان ) المراد به ما أبين منه حيا وإلا فطهارة ما على الإنسان مستغنية عن البيان وطهارة الميت مدرجة في بيان الميتة كذا نقل عن حواشي عصام والأولى إسقاط حيا
وعن محمد في نجاسة شعر الآدمي وظفره وعظمه روايتان والصحيح الطهارة
سراج
قوله ( غير المنتوف ) أما المنتوف فنجس
بحر
والمراد رؤوسه التي فيها الدسومة
أقول وعليه فما يبقى بين أسنان المشط ينجس الماء القليل إذا بل فيه وقت التسريح لكن يؤخذ من المسألة الآتية كما قال ط إن ما خرج من الجلد مع الشعر إن لم يبلغ مقدار الظفر لا يفسد الماء
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان سنة أو سن غيره من حي أو ميت قدر الدرهم أو أكثر حمله معه أو أثبته مكانه كما يعلم من الحلية والبحر
قوله ( على المذهب ) قال في البحر المصرح به في البدائع والكافي وغيرهما أن سن الآدمي طاهرة على ظاهر المذهب وهو الصحيح لأنه لا دم فيها والمنجس هو الدم
بدائع
وما في الذخيرة وغيرها من أنها نجسة ضعيف ا هـ
قوله ( ففي البدائع نجسة ) فإنه قال ما أبين من الحي إن كان جزءا فيه دم كاليد والأذن والأنف ونحوها فهو نجس بالإجماع وإلا كالشعر والظفر فطاهر عندنا ا هـ
ملخصا
قوله ( وفي الخانية لا ) حيث قال صلى وأذنه في كمه أو أعادها إلى مكانها تجوز صلاته في ظاهر الرواية ا هـ
ملخصا
وعلله في التجنيس بأن ما ليس بلحم لا يحله الموت فلا يتنجس بالموت أي والقطع في حكم الموت
واستشكله في البحر بما مر عن البدائع
وقال في الحلية لا شك أنها مما تحلها الحياة ولا تعرى عن اللحم فلذا أخذ الفقيه أبو الليث بالنجاسة وأقره جماعة من المتأخرين ا هـ
وفي شرح المقدسي قلت والجواب عن الإشكال أن إعادة الأذن وثباتها إنما يكون غالبا بعود الحياة إليها فلا يصدق أنها مما أبين من الحي لأنها بعود الحياة إليها صارت كأنها لم تبن ولو فرضنا شخصا مات ثم أعيدت حياته معجزة أو كرامة لعاد طاهرا ا هـ
أقول إن عادت الحياة إليها فهو مسلم لكن يبقى الإشكال لو صلى وهي في كمه مثلا
والأحسن ما أشار إليه الشارح من الجواب بقوله وفي الأشباه الخ وبه صرح في السراج فما في الخانية من جواز صلاته ولو الأذن في كمه لطهارتها في حقه لأنها أذنه فلا ينافي ما في البدائع بعد تقييده بما في الأشباه
قوله ( المنفصل من الحي ) أي مما تحله الحياة كما مر والمراد الحي حقيقة وحكما احترازا عن الحي بعد الذبح كما سيأتي بيانه آخر كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى
وفي الحلية عن سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه وغيرها وحسنه الترمذي ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت ا هـ
قوله ( ويفسد الماء ) أي القليل
قوله ( من جلده ) أي أو لحمه
مختارات النوازل
زاد في البحر عن الخلاصة وغيرها أو قشره وإن كان قليلا مثل ما يتناثر من شقوق الرجل ونحوه لا يفسد الماء
قوله ( لا بالظفر ) أي لأنه عصب
بحر
وظاهره أنه لو كان فيه دسومة فحكمها كالجلد واللحم
تأمل
( ودم سمك طاهر )
____________________
(1/207)
أولى من قول الكنز إنه معفو عنه لأنه ليس بدم حقيقة بدليل أنه يبيض في الشمس والدم يسود بها
زيلعي
قوله ( ليس الكلب بنجس العين ) بل نجاسته بنجاسة لحمه ودمه ولا يظهر حكمها وهي حي ما دامت في معدتها كنجاسة باطن المصلي فهو كغيره من الحيوانات
قوله ( وعليه الفتوى ) وهو الصحيح والأقرب إلى الصواب
بدائع وهو ظاهر المتون
بحر ومقتضى عموم الأدلة
فتح قوله ( فيباع الخ ) هذه الفروع بعضها ذكرت أحكامها في الكتب هكذا وبعضها بالعكس والتوفيق بالتخريج على القولين كما بسطه في البحر وما في الخانية من تقييد البيع بالمعلم فالظاهر أنه على القول الثاني بدليل أنه ذكر أنه يجوز بيع السنور وسباع الوحش والطير معلما كان أو لا تأمل
قوله ( ويؤجر ) الظاهر تقييده بالمعلم ولو لحراثة بوقوع الإجارة على المنافع ولذا عقبه في عمدة المفتي بقوله والسنور لا يجوز لأنه لا يعلم
قوله ( ويضمن ) أي لو أتلفه إنسان ضمن قيمته لصاحبه
قوله ( ولا الثواب بانتفاضه ) وما في الوالوالجية وغيرها إذا خرج الكلب من الماء وانتفض فأصاب ثوب إنسان أفسده لا لو أصابه ماء المطر لأن المبتل في الأول جلده وهو نجس وفي الثاني شعره وهو طاهر ا هـ
فهو على القول بنجاسة عينه كما في البحر ويأتي تمامه قريبا
قوله ( ولا بعضه ) أي عض الكلب الثوب
قوله ( ما لم ير ريقه ) فالمعتبر رؤية البلة وهو المختار
نهر عن الصيرفية وعلامتها ابتلال يده بأخذه
وقيل لو عض في الرضا نجسه لأنه يأخذ بشفته الرطبة لا في الغضب لأخذه بأسنانه
قوله ( ولا صلاة حاملة الخ ) قال في البدائع قال مشايخنا من صلى وفي كمه جرو تجوز صلاته وقيده الفقيه أبو جعفر الهندواني بكونه مشدود الفم ا هـ
وفي المحيط صلى ومعه جرو كلب أو ما لا يجوز الوضوء بسؤره قيل لم يجز
والأصح أنه إن كان فمه مفتوحا لم يجز لأن لعابه يسيل في كمه فينجس لو أكثر من قدر الدرهم ولو مشدودا بحيث لا يصل لعابه إلى ثوبه جاز لأن ظاهر كل حيوان طاهر لا يتنجس إلا بالموت ونجاسة باطنه في معدته فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلي ا هـ
والأشبه إطلاق الجواز عند أمن سيلان القدر المانع قبل الفراغ من الصلاة كما هو ظاهر ما في البدائع
حلية وأشار الشارح بقوله ولو كبيرا إلى أن التقييد بالجرو لصحة التصوير بكونه في كمه كما في النهر وشرح المقدسي لا لما ظنه في البحر من أن الكبير مأواه النجاسات فلا تصح صلاة حامله فإنه يرد عليه كما قال المقدسي إن الصغير كذلك
ثم الظاهر أن التقييد بالحمل في الكم مثلا لإخراج ما لو جلس الكلب على المصلي فإنه لا يتقيد بربط فمه لما صرح به في الظهيرية من أنه لو جلس على حجره صبي ثوبه نجس وهو يستمسك بنفسه أو وقف على رأسه حمام نجس جازت صلاته ا هـ
تأمل
قوله ( وشرط الحلواني ) صوابه الهندواني كما مر وهو الموجود في البحر والنهر وغيرهما
قوله ( ولا خلاف في نجاسة لحمه ) ولذا اتفقوا على نجاسة سؤرة المتولد من لحمه فمعنى القول بطهارة عينه طهارة ذاته ما دام حيا وطهارة جلده بالدباغ والذكاة وطهارة ما لا تحله الحياة من أجزائه كغيره من السباع
قوله ( وطهارة شعره ) أخذه في البحر من المسألة المارة آنفا عن الولوالجية فإنها مبنية على القول بنجاسة عينه
____________________
(1/208)
وقد صرح فيها بطهارة شعره
ومما في السراج أن جلد الكلب نجس وشعره طاهر هو المختار ا هـ
لأن نجاسة جلده مبنية على نجاسة عينه فقد اتفق القول بنجاسة عينه والقول بعدمها على طهارة شعره
ويفهم من عبارة السراج أن القائلين بنجاسة عينه اختلفوا في طهارة شعره والمختار الطهارة وعليه يبتني ذكر الاتفاق لكن هذا مشكل لأن نجاسة عينه تقتضي نجاسة جميع أجزائه ولعل ما في السراج محمول على ما إذا كان ميتا لكن ينافيه ما مر عن الولوالجية نعم قال في المنح وفي ظاهر الرواية أطلق ولم يفصل أي لو انتفض من الماء فأصاب ثوب إنسان أفسده سواء كان البلل وصل إلى جلده أو لا وهذا يقتضي نجاسة شعره فتأمل
مطلب في المسك والزباد والعنبر قوله ( طاهر حلال ) لأنه وإن كان دما فقد تغير فيصير طاهرا كرماد العذرة
خانية والمراد بالتغير الاستحالة إلى الطيبية وهي من المطهرات عندنا وزاد قول حلال لأنه لا يلزم من الطهارة الحل كما في التراب
منح أي فإن التراب طاهر ولا يحل أكله
قال في الحلية وقد صح عن النبي إن المسك أطيب الطيب كما رواه مسلم وحكى النووي إجماع المسلمين على طهارته وجواز بيعه
قوله ( فيؤكل بكل حال ) أي في الأطعمة والأودية لضرورة أو لا
وفي القاموس أنه مقو للقلب مشجع للسوداوي نافع للخفقان والرياح الغليظة في الأمعاء والسموم والسدد
باهي
قوله ( وكذا نافجته ) بكسر الفاء وفتح الجيم وهي جلدة يجمع فيها المسك معرب نافه ا هـ
شيخ إسماعيل عن بعض الشروح لكن قال في المنح فؤها مفتوحة في أكثر كتب اللغة
قوله ( مطلقا ) أي من غير فرق بين رطبها ويابسها وبين ما انفصل من المذبوحة وغيرها وبين كونها بحال لو أصابها الماء فسدت أو لا ا هـ
إسماعيل عن مفتاح السعادة وبه ظهر أن ما في الدرر من أنها لو كانت رطبة من غير المذبوحة ليست بطاهرة على خلاف الأصح
قوله ( فتح ) وكذا في الزيلعي وصدر الشريعة والبحر
قوله ( وكذا الزباد أشباه ) أي في قاعدة المشقة تجلب التيسير وكذا العنبر كما في الدر المنتقى وذكر في الفتح والحلية طهارة الزباد بحثا ولم يجدا فيه نقلا لكن في شرح الأشباه للعلامة البيري قال في خزانة الروايات ناقلا عن جواهر الفتاوي الزباد طاهر
ولا يقال إنه عرق الهرة وإنه مكروه لأنه وإن كان عرقا إلا أنه تغير وصار طاهرا بلا كراهة
وفي شرح المواهب سمعت جماعة من الثقات من أهل الخبرة بهذا يقولون إنه عرق سنور فعلى هذا يكون طاهرا
وفي المنهاجية من مختصر المسائل المسك طاهر لأنه وإن كان دما لكنه تغير وكذا الزباد طاهر وكذا العنبر
وفي ألغاز ابن الشحنة قيل إن المسك والعنبر ليسا بطاهرين لأن المسك من دابة حية والعنبر خرء دابة في البحر وهذا القول لا يعول عليه ولا يلتفت إليه كما صرح به قاضيخان
وأما العنبر فالصحيح أنه عين في البحر بمنزلة القير وكلاهما طاهر من أطيب الطيب ا هـ
ملخصا
وفي تحفة ابن حجر وليس العنبر روثا خلافا لمن زعمه بل هو نبات في البحر ا هـ
وللعلامة البيري رسالة سماها ( السؤال والمراد في جواز استعمال المسك والعنبر والزباد )
____________________
(1/209)
قوله ( وطهره محمد ) أي لحديث العرنيين الذين رخص لهم رسول الله أن يشربوا من أبوال الإبل لسقم أصابهم وعليه فلا يفسد الماء ما لم يغلب عليه فيخرجه عن الطهورية والمتون على قولهما ولذا قال في الإمداد والفتوى على قولهما
قوله ( لا للتداوي ولا لغيره ) بيان للتعميم في قوله أصلا
قوله ( عند أبي حنيفة ) وأما عند أبي يوسف فإنه وإن وافقه على أنه نجس لحديث استنزهوا من البول إلا أنه أجاز شربه للتداوي لحديث العرنيين
وعند محمد يجوز مطلقا
وأجاب الإمام عن حديث العرنيين بأنه عليه الصلاة والسلام عرف شفاءهم به وحيا ولم يتيقن شفاء غيرهم لأن المرجع فيه الأطباء وقولهم ليس بحجة حتى لو تعين الحرام مدفعا للهلاك يحل كالميتة والخمر عند الضرورة وتمامه في البحر
مطلب في التداوي بالمحرم قوله ( اختلف في التداوي بالمحرم ) ففي النهاية عن الذخيرة يجوز إن علم فيه شفاء ولم يعلم دواء آخر
وفي الخانية في معنى قوله عليه الصلاة والسلام إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم كما رواه البخاري أن ما فيه شفاء لا بأس به كما يحل الخمر للعطشان في الضرورة وكذا اختاره صاحب الهداية في التجنيس فقال لو عرف فكتب الفاتحة بالدم على جبهته وأنفه جاز للاستشفاء وبالبول أيضا إن علم فيه شفاء لا بأس به لكن لم ينقل وهذا لأن الحرمة ساقطة عند الاستشفاء كحل الخمر والميتة للعطشان والجائع ا هـ
من البحر
وأفاد سيدي عبد الغني أنه لا يظهر الاختلاف في كلامهم لاتفاقهم على الجواز للضرورة واشتراط صاحب النهاية العلم لا ينافيه اشتراط من بعده الشفاء ولذا قال والدي في شرح الدرر إن قوله لا للتداوي محمول على المظنون وإلا فجوازه باليقين اتفاق كما صرح به في المصفى ا هـ
أقول وهو ظاهر موافق لما مر في الاستدل لقول الإمام لكن قد علمت أن قول الأطباء لا يحصل به العلم
والظاهر أن التجربة يحصل به العلم
والظاهر أن التجربة يحصل بها غلبة الظن دون اليقين إلا أن يريدوا بالعلم غلبة الظن وهو شائع في كلامهم
تأمل
قوله ( وظاهر المذهب المنع ) محمول على المظنون كما علمته
قوله ( لكن نقل المصنف الخ ) مفعول نقل قوله وقيل يرخص الخ والاستدراك على إطلاق المنح وإذا قيد بالمظنون فلا استدراك
ونص ما في الحاوي القدسي إذا سال الدم من أنف إنسان ولا ينقطع حتى يخشى عليه الموت وقد علم أنه لو كتب فاتحة الكتاب أو الإخلاص بذلك الدم على جبهته ينقطع فلا يرخص له ما فيه وقيل يرخص كما رخص في شرب الخمر للعطشان وأكل الميتة في المخمصة وهو الفتوى ا هـ
قوله ( ولم يعلم دواء آخر ) هذا المصرح به في عبارة النهاية كما مر وليس في عبارة الحاوي إلا أنه يفاد في قوله كما رخص الخ لأن حل الخمر والميتة حيث لم يوجد ما يقوم مقامهما أفاده ط
قال ونقل الحموي أن لحم الخنزير لا يجوز التداوي به وإن تعين والله تعالى أعلم
____________________
(1/210)
فصل في البئر لما ذكر تنجس الماء القليل بوقوع فيه حتى أردفه ببيان مسائل الآبار لأن منها ما يخالف ذلك لابتنائها على متابعة الآثار دون القياس قال في الفتح فإن القياس إما أن لا تطهر أصلا كما قال شر لعدم الإمكان لاختلاط النجاسة بالأوحال والجدران والماء ينبع شيئا فشيئا وإما أن لا تتنجس حيث تعذر الاحتراز أو التطهير كما نقل عن محمد أنه قال اجتمع رأيي ورأي أبي يوسف أن ماء البئر في حكم الجاري لأنه ينبع من أسفل ويؤخذ من أعلاه فلا ينجس كحوض الحمام
قلنا وما علينا أن ننزح منها دلاء أخذا بالآثار ومن الطريق أن يكون الإنسان في يد النبي وأصحابه رضي الله عنهم كالأعمى في يد القائد ا هـ
ثم ذكر بعده الآثار الواردة بأسانيدها فراجعه
وفي البحر عن النووي البئر مؤنثة مهموزة ويجوز تخفيفها من بأرت أي حفرت وجمعها في القلة أبؤر وأبآر بهمزة بعد الباء فيهما ومن العرب من يقلب الهمزة في أبآر وينقلها فيقول آبار وجمعها في الكثرة بئر بكسر فهمزة
قوله ( ليست بحيوان ) قيد بذلك لأن المصنف بين أحكام الحيوان بخصوصه وفصلها
قوله ( ولو مخففة ) لأن أثر التخفيف وهو العفو عما دون الربع لا يظهر في الماء وأفاد ط أنه لو أصاب هذا الماء ثوبا فالظاهر أنه لا تعتبر هذه النجاسة بالمخففة
قوله ( أو قطرة بول ) أي ولو مأكول اللحم كما مر وسيأتي استثناء ما لا يمكن الاحتراز عنه كبول الفأرة
قوله ( لم يشمع ) أي لم يجعل في محل القطع منه الذي لا ينفك عن بلة نجسة ما يمنع إصابة الماء كشمع ونحوه
قوله ( ففيه ما في الفأرة ) نقله في البحر عن السراج أي فالواجب فيه نزح عشرين دلوا ما لم ينتفخ أو يتفسخ
قوله ( على ما مر ) أي من أن المعتبر فيه أكبر رأى المبتلى به أو كان عشرا في عشر
قوله ( على المعتمد ) مقابلة ما مر من أنه لو كان عمقها عشرة في عشرة فهي في حكم الكثير وقدمنا أن تصحيح هذا القول غريب مخالف لما أطلقه الجمهور ولذا قال في البحر لا يخفى أن هذا التصحيح لو ثبت لانهدمت مسائل أصحابنا المذكورة في كتبهم ا هـ
وما قواه به المقدسي رده نوح أفندي
قوله ( ولو فأرة يابسة على المعتمد ) وما في خزانة الفتاوي من أنها لا تنجس البئر لأن اليبس دباغة ضعيف كما في البحر وأوضحه في الحلية
قوله ( النظيف ) أي من نجاسة ودم سائل كما في الحلية وسيأتي في النجاسات أنه يعفي عن دم الشهيد ما دام عليه ومفاده أنه لو كان عليه دم لا ينجس الماء ولذا قال في الخانية ولو وقع الشهيد في الماء القليل لا يفسده إلا إذا سال منه الدم ا هـ
لكن الظاهر أن معناه أنه لو خرج منه دم سائل ينجس الماء احترازا عما إذا كان ما خرج منه ليس فيه قوة السيلان وليس معناه أنه سال منه الدم في الماء
تأمل نعم ينبغي تقييد التنجيس بما عليه مما فيه قوة السيلان بما إذا تحلل في الماء أما لو لم ينفصل عنه فلا ينجس
تأمل
قوله ( والمسلم المغسول ) أما قبل غسله فنصوا على أنه يفسد الماء القليل ولا تصح صلاة حامله وبذلك استدل في المحيط على أن نجاسة الميت نجاسة خبث لأنه حيوان دموي فينجس بالموت كغيره من الحيوانات لا نجاسة حدث وصححه في الكافي ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ كما في جنائز البحر
أقول وهذا يؤيد ما حملنا عليه كلام محمد في الأصل عن أن غسالة الميت نجسة ويضعف ما مر من تصحيح
____________________
(1/211)
أنها مستعملة فافهم
قوله ( مطلقا ) أي غسل أو لا
وفي جنائز البحر واتفقوا على أن الكافر لا يطهر بالغسل وأنه لا تصح صلاة حامله بعده ا هـ
أقول وهذا مؤيد أيضا للقول بأن نجاسة الميت للخبث لا للحدث ومؤيد لما قلناه آنفا فافهم
قوله ( كسقط ) أطلقه تبعا للبحر والقهستاني
وقيده في الخانية بما إذا لم يستهل قال فإنه يفسد الماء القليل وإن غسل أما إذا استهل فحكمه حكم الكبير إن وقع بعد ما غسل لا يفسد ا هـ
وعلى هذا حكم صلاة حامله كما في الخانية أيضا وفيها أيضا البيضة الرطبة أو السخلة إذا وقعت من الدجاجة أو الشاة في الماء لا تفسده ا هـ
فافهم
قوله ( لما مر ) أي في باب المياه من أن غير الدموي كزنبور وعقرب لا يفسد الماء وكذا مائي المولد كسمك وسرطان فهو تعليل للقيدين فافهم
قوله ( وانتفخ ) أي تورم وتغير عن صفة الحيوان
قهستاني
وقوله أو تمعط أي سقط شعره وقوله أو تفسخ أي تفرقت أعضاؤه عضوا عضوا ولا فرق بين الصغير والكبير كالفأرة والآدمي والفيل لأنه تنفصل بلته وهي نجسة مائعة فصارت كقطرة خمر ولهذا لو وقع ذنب فأرة ينزح الماء كله
بحر وبه ظهر أنه لو جرح الحيوان بلا تفسخ ونحوه ينزح الجميع كما في الفتح وإن قطعة منه كتفسخه ولهذا قال في الخانية قطعة من لحم الميتة تفسده
قوله ( ينزح كل مائها ) أي دون الطين لورود الآثار بنزح الماء لكن لا يطين المسجد بطينها احتياطا
بحر
قوله ( الذي كان فيها وقت الوقوع ) فلو زاد بعده قبل النزح لا يجب نزح الزائد وهو أحد قولين وسيأتي اعتبار وقت النزح وعليه فيجب نزح الزائد ويأتي تمامه
بقي لو لم يكن فيها القدر الواجب وقت الوقوع ثم زاد وبلغه هل يعتبر وقت الوقوع أيضا ظاهر كلامه نعم وقد ذكر في البحر أنه لو بلغه بعد النزح لا ينزح منه شيء
قوله ( بعد إخراجه ) إذا النزح قبله لا يفيد لأن الواقع سبب للنجاسة ومع بقائة لا يمكن الحكم بالطهارة
بحر
قوله ( إلا إذا تعذر الخ ) كذا في السراج
واعترضه في البحر بأن هذا إنما يستقيم فيما إذا كان البئر معينا لا تنزح وأخرج منها المقدار المعروف أما إذا كانت غير معين فإنه لا بد من إخراجها لوجوب نزح جميع الماء ا هـ
أقول قدر يتعذر الإخراج وإن كان الواجب نزح الجميع لأن الواجب الإخراج قبل النزح لا بعده كما علمته
قوله ( متنجسة ) نعت لكل من الخشبة والخرقة وإنما أفرده للعطف بأو التي هي لأحد الشيئين وأشار بقوله متنجسة إلى أنه لا بد من إخراج عين النجاسة كلحم ميتة وخنزير ا هـ
ح
قلت فلو تعذر أيضا ففي القهستاني عن الجواهر لو وقع عصفور فيها فعجزوا عن إخراجه فما دام فيها فنجسة فتترك مدة يعلم أنه استحال وصار حمأة وقيل مدة ستة أشهر ا هـ
قوله ( فبنزح ) بالباء الموحدة متعلق بيطهر بعده ط
قوله ( يطهر الكل ) أي من الدلو والرشاء والبكرة ويد المستقي تبعا لأن نجاسة هذه الأشياء بنجاسة البئر فتطهر بطهارتها للحرج كدن الخمر يطهر تبعا إذا صار خلا وكيد المستنجي تطهر بطهارة المحل وكعروة الإبريق إذا كان في يد المستنجي نجاسة رطبة
____________________
(1/212)
فجعل يده عليها كلما صب على اليد فإذا غسل اليد ثلاثا طهرت العروة بطهارة اليد
بحر
قوله ( خلاصة ) ومثله في الخانية وهو مبني على أنه لا يشترط التوالي وهو المختار كما في البحر والقهستاني
قوله ( وليس بنجس العين الخ ) أي بخلاف الخنزير وكذا الكلب على القول الآخر فإنه ينجس البئر مطلقا وبخلاف المحدث فإنه يندب فيه نزح أربعين كما يذكره
وبخلاف ما إذا كان على الحيوان خبث أي نجاسة وعلم بها فإنه ينجس مطلقا
قال في البحر وقيدنا بالعلم لأنهم قالوا في البقر ونحوه يخرج حيا لا يجب نزح شيء وإن كان الظاهر اشتمال بولها على أفخاذها لكن يحتمل طهارتها بأن سقطت عقب دخولها ماء كثيرا مع أن الأصل الطهارة ا هـ
ومثله في الفتح
قوله ( لم ينزح شيء ) أي وجوبا لما في الخانية لو وقعت الشاة وخرجت حية ينزح عشرون دلوا لتسكين القلب لا للتطهير حتى لو لم ينزح وتوضأ جاز وكذا الحمار والبغل لو خرج حيا ولم يصب فمه الماء وكذا ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة ا هـ
ومثله في مختارات النوازل
قوله ( كذا في الخانية ) أقول لم أره في الخانية وإنما الذي فيها أنه ينزح في البغل والحمار جميع الماء إذا أصاب فمه الماء وكذا في البحر معزيا إليها وإلى غيرها ومثله في الدرر وعزاه شارحها إلى المبتغى وكذا في البدائع والقهستاني والإمداد والحاوي القدسي ومختارات النوازل والبزازية وغيرها
وقال في المنية كذا روي عن أبي يوسف وقال شارحها الحلبي ولم يرو عن غيره خلافه ا هـ
وفي الفتح وإن أدخل فمه الماء نزح الكل في النجس وكذا تظافر كلامهم في المشكوك ا هـ
وفي الجوهرة وكذا كل ما سؤره نجس أو مشكوك يجب نزح الكل
وفي السراج وسؤر البغل والحمار ينزح كل الماء لأنه لم يبق طهورا وكذا علله في الحلية بقوله لصيرورة الماء مشكوكا وهو غير محكوم بطهوريته على ما هو الأصح بخلاف المكروه فإنه غير مسلوب الطهورية ومثله في الفتح
لكن في البحر عن المحيط لو وقع سؤر الحمار في الماء يجوز التوضؤ به ما لم يغلب عليه لأنه طاهر غير طهور كالماء المستعمل عند محمد ا هـ
قلت لكنه خلاف ما تظافر عليه كلامهم كما علمت وإن مشى عليه الشارح فيما سيأتي في الأسآر وسننبه عليه
والحاصل أنه إذا أصاب الحمار الماء صار مشكوكا فينزح الكل كالذي سؤره نجس
قال في شرح المنية لاشتراكهما في عدم الطهورية وإن افترقا من حيث الطهارة فإذا لم ينزح ربما يتطهر به أحد والصلاة به وحده غير مجزئة فينزح كله ا هـ
قال في الحلية وهذا بخلاف ما إذا لم يصب فمه الماء فإن الصحيح أنه لا يصير الماء مشكوكا فيه كما في التحفة وإنما ينزح منه عشرون دلوا كالشاة كما في الخانية ا هـ
أقول وبه يظهر أن قول النهر لكن في الخانية الصحيح أنه في البغل والحمار لا يصير مشكوكا فلا يجب نزح شيء نعم يندب نزح عشرة وقيل نزح عشرين منشؤه اشتباه حالة وصول فمه الماء بحالة عدم الوصول وتبعه الشارح فتنبه ثم رأيت شيخ مشايخنا الرحمتي نبه على ذلك كما ذكرته
قوله ( كآدمي محدث ) أي أنه ينزح فيه أربعون كما عزاه في التاترخانية إلى فتاوي الحجة ثم عزا إلى الغيائية أنه ينزح فيه الجميع
وفي شرح الوهبانية والتحقيق النزح للجميع عند الإمام والثاني على القول بنجاسة الماء المستعمل وقيل أربعون عنده
ومذهب محمد أن يسلبه الطهورية وهو الصحيح عند الشيخين فينزح منه عشرون ليصير طهورا وتمامه فيه والمراد بالمحدث ما يشمل الجنب
____________________
(1/213)
واستشكل في البدائع نزح العشرين بأن الماء المستعمل طاهر فلم يضر ما لم يغلب على المطلق كسائر المعائعات ثم قال ويحتمل أن يقال طهارته غير مقطوع بها للخلاف فيها بخلاف سائر المائعات فينزح أدنى ما ورد به الشرع وذلك عشرون احتياطا ا هـ
قلت وهذه المسألة تؤيد القول بعدم الفرق بين الملقى والملاقي في الماء المستعمل وأن المستعمل ما لاقى الأعضاء فقط ولا يشيع في جميع ماء البئر وإلا لوجب نزح الجميع لأنه إذا وجب نزحه في المشكوك في طهوريته ففي المستعمل المحقق عدم طهوريته بالأولى وتؤيد ما قاله صاحب البحر من أن الفروع التي استدل بها القائلون باستعمال كل الماء مبنية على رواية نجاسة الماء المستعمل والله أعلم
تتمة نقل في الذخيرة عن كتاب الصلاة للحسن أن الكافر إذا وقع في البئر وهو حي نزح الماء
وفي البدائع أنه رواية عن الإمام لأنه لا يخلو من نجاسة حقيقية أو حكمية حتى لو اغتسل فوقع فيها من ساعته لا ينزح منها شيء
أقول ولعل نزحها للاحتياط
تأمل
قوله ( لأن في بولها شكا ) وقد مر أنهم لم يعتبروا احتمال النجاسة في الشاة ونحوها ثم هذا الجواب بناء على القول بأن بول الهرة والفأرة ينجس البئر وفيه كلام يأتي
قوله ( وإن تعذر ) كذا عبر في الهداية وغيرها
وقال في شرح المنية أي بحيث لا يمكن إلا بحرج عظيم ا هـ
فالمراد به التعسر وبه عبر في الدرر
قوله ( لكونها معينا ) القياس معينة لأن البئر مؤنث سماعي إلا أنهم ذكروها حملا على اللفظ أو لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث أو على تقدير ذات معين وهو الماء يجري على وجه الأرض ا هـ
حلية وليس المراد أنها جارية لما يأتي بل كما قال في البحر إنهم كلما نزحوا نبع منها مثل ما نزحوا أو أكثر
قوله ( وقت ابتداء النزح قاله الحلبي ) أي في شرح المنية معزيا إلى الكافي وقيل وقت وقوع النجاسة وهو ما قدمه الشارح عن ابن الكمال وعليه جرى ابن الكمال هنا أيضا ومثله في الإمداد ويشير إليه قول الهداية ينزح مقدار ما كان فيها
وفي التاترخانية عن المحيط لو زاد قبل النزح فقيل ينزح مقدار ما كان فيها وقت الوقوع وقيل وقت النزح
قال في الخانية وثمرة ذلك فيما إذا نزح البعض ثم وجده في الغد أكثر مما ترك فقيل ينزح الكل وقيل مقدار ما بقي عند الترك هو الصحيح
قال في شرح المنية هذه الثمرة بناء على اعتبار وقت النزح لا وقت الوقوع فعلم أن الصحيح ما في الكافي ا هـ
أقول فيه بحث بل الثمرة على القولين لأن المراد أنها ثمرة الخلاف فالظاهر أن ما في الخانية تصحيح للقول باعتبار وقت الوقوع لأن حاصل الخلاف أنه هل يجب نزح الزائد على ما كان وقت الوقوع أو لا فالقائل بأن المعتبر وقت النزح أراد أنه يجب نزح ما زاد سواء كانت الزيادة قبل ابتداء النزح أو قبل انتهائه فنبه في الخانية على صورة الزيادة قبل انتهاء النزح لخفائها وصرح بأن الصحيح نزح مقدار ما بقي وقت الترك أي فلا يجب نزح الزائد فهذا تصحيح للقول باعتبار وقت الوقوع وأنه لا يجب نزح ما زاد بعده فعلم أنه تصحيح لخلاف ما في الكافي هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( بقول رجلين الخ ) فإن قالا إن ما فيها ألف دلو مثلا نزح كذا في شرح المنية
قوله ( به يفتى ) وهو الأصح
كافي ودرر وهو الصحيح وعليه الفتوى
ابن كمال وهو المختار
معراج
____________________
(1/214)
وهو الأشبه بالفقه
هداية أي الأشبه بالمعنى المستنبط من الكتاب والسنة لأن الأخذ بقول الغير فيما لم يشتهر من الشرع فيه تقدير
قال تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } الأنبياء 7 كما في إجزاء الصيد والشهادة
عناية
قوله ( وقيل الخ ) جزم به في الكنز والملتقى وهو مروي عن محمد وعليه الفتوى
خلاصة وتاترخانية عن النصاب وهو المختار معراج عن العتابية وجعله في العناية رواية عن الإمام وهو المختار والأيسر كما في الاختيار وأفاد في النهر أن المائتين واجبتان والمائة الثالثة مندوبة فقد اختلف التصحيح والفتوى
وضعف هذا القول في الحلبة وتبعه في البحر بأنه إذا كان الحكم الشرعي نزح الجميع فالاقتصار على عدد مخصوص يتوقف على دليل سمعي يفيده وأين ذلك بل المأثور عن ابن عباس وابن الزبير وخلافه حين أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في بئر زمزم وأسانيد ذلك الأثر مع دفع ما أورد عليها مبسوطة في البحر وغيره
قال في النهر وكأن المشايخ إنما اختاروا ما عن محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا كما مر ا هـ
قلت لكن مروياتي أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار على أنهم قالوا إن محمدا أفتى بما شاهد في آبار بغداد فإنها كثيرة الماء وكذا ما روي عن الإمام من نزح مائة في مثل آبار الكوفة لقلة مائها فيرجع إلى القول الأول لأنه تقدير ممن له بصارة وخبرة بالماء في تلك النواحي لا لكون ذلك لازما في آبار كل جهة
والله أعلم
قوله ( وذاك ) أي ما في المتن أحوط للخروج عن الخلاف ولموافقته للآثار
قوله ( طهرت ) أي إذا لم يظهر أثر النجاسة
قوله ( كما مر ) أي في قوله ويجوز بجار وقعت فيه نجاسة
قوله ( وسيجيء ) أي بعد أسطر
قوله ( فإن أخرج الحيوان ) أي الميت
قوله ( كآدمي ) أي مما عادله في الجثة كالشاة والكلب كما في البحر
قوله ( وكذا سقط الخ ) أفاد أن ما ذكروا فيه نزحا مقدرا لا فرق بين كبيرة وصغيرة لكن قال الشيخ إسماعيل وأما ولد الشاة إذا كان صغيرا فكالسنور كما تشعر به عباراتهم كما في البرجندي ا هـ وكذا قال ولده سيدي عبد الغني الظاهر أن الآدمي إذا خرج من أمنه صغيرا أو كان سقطا فهو كالسنور لأن العبرة بالمقدار في الجثة لا في الاسم ا هـ
قلت لكن ما قدمنا عن الخانية أن السقط إن استهل فحكمه كالكبير إن وقع في الماء بعد ما غسل لا يفسده وإن لم يسهل أفسد وإن غسل وتقدم أيضا أن ذنب الفأرة لو شمع ففيه ما في الفأرة ثم رأيت في القهستاني قال فلو وقع فيها سقط ينزح كل الماء
وعن أبي حنيفة أن الجدي كالشاة
وعنه أنه والسخلة كالدجاجة كما في الزاهدي ا هـ
فعلم أن في الجدي روايتين
والظاهر أن مثله السخلة وهي ولد الشاة وإلحاق السقط بالكبير يؤيد الأولى منهما وتقييد الشارح الإوز بالكبير تبعا للخلاصة وقال فيها أما الصغير فكالحمامة يؤيد الثانية
وفي السراج أن الإوزة عند الإمام كالشاة في رواية وكالسنور في أخرى ا هـ
أقول وهذا المقام يحتاج إلى تحرير وتدبر فاعلم أن المأثور كما ذكره أئمتنا هو نزح الكل في الآدمي والأربعين في الدجاجة والعشرين في الفأرة فلذا كانت المراتب ثلاثة كما سنذكره وعن هذا أورد في المستصفى أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار والنص ورد في الفأرة والدجاجة والآدمي فكيف يقاس ما عدلها بها ثم أجاب بأنه بعد ما استحكم هذا الأصل صار كالذي ثبت على وفق القياس في حق التفريع عليه
واعترضه في البحر بأنه ظاهر
____________________
(1/215)
في أن فيه للرأي مدخلا وليس كذلك وقال فالأولى أن يقال إنه إلحاق بطريق الدلالة لا بالقياس كما اختاره في المعراج ا هـ
إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما ورد بالنص من الثلاثة المذكورة لم يفرق بين صغيرة وكبيرة في ظاهر الرواية وقوفا مع النص ولهذا لم يختلفوا في السقط بخلاف ما ألحق بذلك كالشاة والإوزة فإنه قد يقال إن صغيره ككبيره أيضا تبعا للملحق به
وقد يقال بالفرق اعتبارا للجثة فلذا وقع فيه الاختلاف هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم فاغتنمه
قوله ( كما مر ) أي بأن يقال العشرون للوجوب والزائد للندب
تنبيه ظاهر اقتصار المصنف على ما ذكره يفيد أن المراتب ثلاث لأنها الواردة في النص كما قدمناه
وروى الحسن عن الإمام أن في القراد الكبير والفأرة الصغيرة عشر دلاء وأن في الحمامة ثلاثين بخلاف الهرة فالمراتب خمس لكن الذي في المتون هو الأول وهو ظاهر الرواية كما في البحر والقهستاني
قوله ( وهذا ) أي نزح الأربعين أو العشرين لتطهير البئر
قوله ( بخلاف نحو صهريج وحب الخ ) الصهريج الحوض الكبير يجتمع فيه الماء
قاموس
والحب أي بضم الحاء المهملة الخابية الكبيرة
صحاح
وأراد بذلك الرد على من أفتى بنزح عشرين في فأرة وقعت في صهريج كما نقله في النهر عن بعض أهل عصره متمسكا بما اقتضاه إطلاقهم من عدم الفرق بين المعين وغيرها
ورده في النهر تبعا للبحر بما في البدائع والكافي وغيرهما من أن الفأرة لو وقعت في الحب يهراق الماء كله
قال ووجهه أن الاكتفاء بنزح البعض في الآبار على خلاف القياس بالآثار فلا يلحق بها غيرها ثم قال وهذا الرد إنما يتم بناء على أن الصهريج ليس من مسمى البئر في شيء
ا هـ أي فإذا ادعى دخوله في مسمى البئر لا يكون مخالفا للآثار ويؤيده ما قدمناه من أن البئر مشتقة من بأرت أي حفرت
والصهريج حفرة في الأرض لا تصل اليد إلى مائها بخلاف العين والحب والحوض وإليه مال العلامة المقدسي فقال ما استدل به في البحر لا يخفى بعده وأين الحب من الصهريج لا سيما الذي يسع ألوفا من الدلاء ا هـ
لكنه خلاف ما في النتف
قوله ( يهراق الماء كله ) أقول وهل يطهر بمجرد ذلك أم لا بد من غسله بعده ثلاثا والظاهر الثاني
ثم رأيته في التاترخانية قال ما نصه وفي فتاوي الحجة سئل عبد الله بن المبارك عن الحب المركب في الأرض تنجس قال يغسل ثلاثا ويخرج الماء منه كل مرة فيطهر ولا يقلع الحب ا هـ
قوله ( ونحوه في النتف ) مقول القول أي نحو ما في البحر والنهر قال ابن عبد الرزاق ولم أره في كتاب النتف ا هـ
أقول رأيت في النتف ما نصه وأما البئر فهي التي لها مواد من أسفلها ا هـ
أي لها مياه تمدها وتنبع من أسفلها
ولا يخفى أنه على هذا التعريف يخرج الصهريج والحب والآبار التي تملأ من المطر أو من الأنهار فهو مثل ما في البحر والنهر
قوله ( ونقل ) أي المصنف وهو تأييد لما أفتى به ذلك العصري
قوله ( أن حكم الركية الخ ) الركية على وزن عطية قال ح هي البئر كما في القاموس لكن في العرف هي بئر يجتمع ماؤها من المطر ا ه
____________________
(1/216)
أي فهي بمعنى الصهريج
قوله ( عليه ) أي وبناء على ما نقله عن القنية والفوائد
قوله ( والزير الكبير ) أي الذي هو بمعنى الحب المذكور في الفوائد
قال في القاموس الزير بالكسر الدن
والدن بالفتح الراقود العظيم أو أطول من الحب أو أصغر له عسعس أي ذنب لا يقعد إلا أن يحفر له
قوله ( ينزح منه كالبئر ) أي فيقتصر في الحمامة على أربعين وفي الفأرة على عشرين
أقول وهذا مسلم في الصهريج دون الزير لخروجه عن مسمى البئر وكون أكثره مطمورا أي مدفونا في الأرض لا يدخله فيه لا عرفا ولا لغة كما قدمناه وما في الفوائد معارض بإطلاق ما مر عن البدائع والكافي وغيرهما وفرق ظاهر بينه وبين الصهريج كما قدمناه فافهم
وقال المصنف في منظومته تحفة الأقران مطمورة أكثرها في الأرض كالبئر في النزح وهذا مرضي قال به بعض أولي الأبصار وليس مرضيا لدى الكبار فإن نزح البعض مخصوص بما في البئر عند جمع جل العلما قوله ( وهو دلو تلك البئر ) هذا هو ظاهر الرواية كما في البحر وقيده محشيه الرملي بما إذا لم يكن دلوها المعتاد كبيرا جدا فلا يجب العدد المذكور
قال وهو الذي يقتضيه نظر القنية ا هـ
ثم إن الشارح قد تبع صاحب البحر في تفسيره الوسط بذلك وفيه نظر لأنه قول آخر وبه يشعر كلام الزيلعي وغيره
وفي البدائع اختلف في الدلو فقيل المعتبر دلو كل بئر يستقي به منها صغيرا كان أو كبيرا وروي عن أبي حنيفة أنه قدر صاع وقيل المعتبر هو المتوسط بين الصغير والكبير ا هـ
وقوله صغيرا كان أو كبيرا ربما يخالف ما بحثه الرملي
تأمل
قوله ( فإن لم يكن الخ ) أي هذا إن كان لها دلو فإن لم يكن فالمعتبر دلو يسع صاعا وهذا التفصيل استظهره في البحر وقال هو ظاهر ما في الخلاصة وشرح الطحاوي والسراج
قوله ( وغيره ) أي غير الدلو المذكور بأن كان أصغر أو أكبر يحتسب به فلو نزح القدر الواجب بدلو واحد كبير أجزأ وهو ظاهر المذهب لحصول المقصود
بحر
قوله ( ويكفي ملء أكثر الدلو ) فلو كان منحرفا فإن كان يبقى أكثر ما فيه كفى وإلا لا
بزازية وقهستاني
قوله ( ونزح ما وجد ) أي ويكفي أيضا نزح ما وجد فيها وهو دون القدر الواجب حتى لو زاد بعد النزح لا يجب نزح شيء كما قدمناه عن البحر
قوله ( وجريان بعضه ) أي يكفي أيضا بأن حفر لها منفذ يخرج أسفله في الأصح وإلا عاد كما في البحر عن السراج
قوله ( بطريق الدلالة ) أي دلالة النص وهي دلالة منطوقه على ما سكت عنه بالأولى أو بالمساواة كدلالة حرمة التأفيف وأكل مال اليتيم على حرمة الضرب والإتلاف كما أوضحناه في حواشينا على شرح المنار للشارح وأشار بذلك إلى الجواب عما قدمناه على المستصفى
قوله ( كفأرة مع هرة ) أي فإن ماتتا نزح أربعون وإلا فلا نزح وإن ماتت الفأرة فقط أو جرحت أو بالت فيه نزح الكل
سراج
وبقي من الأقسام موت الهرة فقط ولا شك أن فيه أربعين
نهر
قوله ( ونحو الهرتين ) أي ما كان مقدارهما في الجثة
قوله ( ونحو الفأرتين ) أو ولو كانتا كهيئة الدجاجة إلا في رواية عن محمد أن فيها حينئذ أربعين
بحر
قوله ( على الظاهر )
____________________
(1/217)
أي ظاهر الرواية كما في البحر وهو قول محمد
وعند أبي يوسف الخمس إلى التسع كهرة والعشر كشاة وجزم في المواهب بقول محمد ونفي الثاني فأفاد ضعفه
قوله ( مغلظة ) بيان لصفة النجاسة وقد مر أن التخفيف لا يظهر أثره في الماء
قوله ( من وقت الوقوع ) أي وقوع ما مات فيها
قوله ( إن علم ) أي الوقت أو غلب على الظن
قهستاني
ومنه ما إذا شهد رجلان بوقوعها يوم كذا كما في السراج
قوله ( وإلا ) أي بأن لم يعلم أو لم يغلب على الظن
نهر
قوله ( وهذا ) أي الحكم بنجاسة البئر يوما وليلة ط
قوله ( في حق الوضوء والغسل ) أي من حيث إعادة الصلاة يعني المكتوبة والمنذورة والواجبة وسنة الفجر ا هـ
حلية
وسيأتي أن سنة الفجر إنما تقضي إذا فاتت مع الفرض في يومها قبل الزوال فافهم
قوله ( وما عجن به ) معطوف على الوضوء
قوله ( فيطعم للكلاب ) لأن ما تنجس باختلاط النجاسة به والنجاسة مغلوبة لا يباح أكله ويباح الانتفاع به فيما وراء الأكل كالدهن النجس يستصبح به إذا كان الطاهر غالبا فكذا هذا حلية عن البدائع
ويفهم منه أن العجين ليس بقيد فغيره من الطعام والشراب مثله
تأمل
قوله ( وقيل يباع من شافعي ) لأنه يرى أن الماء لا ينجس إذا بلغ قلتين لكن في الذخيرة وعن أبي يوسف لا يطعم بني آدم ا هـ
ولهذا عبر عنه الشارح بقيل وجزم بالأول كصاحب البدائع ولعل وجهه أنه في إعتقاد الحنفي نجس ولا ينظر إلى إعتقاد غيره ولذا لو استفتاه عنه لا يفتيه إلا بما يعتقده
قوله ( أما في حق غيره ) أي غير ما ذكر من الوضوء والغسل والعجين
قوله ( فيحكم بنجاسته ) الأولى بنجاستها أي البئر كما عبر في البحر وقوله في الحال أي حال وجود الفأرة مثلا لا من يوم وليلة ولا من وقت غسل الثياب ولهذا قال الزيلعي أي من غير إسناد لأنه من باب وجود النجاسة في الثوب حتى إذا كانوا غسلوا الثياب بمائها لم يلزمهم إلا غسلها في الصحيح ا هـ
وعزاه في البحر إلى المحيط أيضا
واعترضه بعض محشي صدر الشريعة بأنه إذا حكم بنجاسة البئر في الحال يلزم أن لا تتنجس الثياب التي غسلت بمائها قبله فلا يلزم غسلها فلا معنى لقوله لا يلزم إلا غسلها ا هـ
وكذا اعترضه في الحلية بما حاصله أنه إذا لزم غسل الثياب لكونه غسلت بماء هذا البئر فكيف لم يحكم على الثياب بالنجاسة مستندا إلى وقت غسلها المتيقن حصوله قبل وجود الفأرة وإنما اقتصر على وقت وجودها مع أنه لا يتجه على قول الإمام لأنه يوجب مع الغسل الإعادة ولا على قولهما لا يوجبان غسل الثوب أصلا ا هـ
وأقره في البحر والنهر وغيرهما
وأقول وبالله تعالى التوفيق ما قاله الزيلعي مخالف لإطلاق المتون قاطبة فإنهم حكموا بالنجاسة ولم يفصلوا بين الوضوء والثوب
وفي الهداية ومختصر القدوري أعادوا صلاة يوم وليلة إذا كانوا توضؤوا منها وغسلوا كل شيء أصابه ماؤها ا هـ
وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان إن كانت منتفخة أعادوا صلاة ثلاثة أيام ولياليها وما أصاب الثوب منه في الثلاثة أفسده وإن عجن منه لم يؤكد خبزه ا هـ
ومثله في المنية وشرحها
ثم رأيت بعض محشي صدر الشريعة نقل ما نقلناه وقال إنه المذكور في أعلام المعتبرات والمشهور في الرواية عن أبي حنيفة ا هـ
فقد ظهر أن الصواب عدم الاقتصار عن الحال وبه يزول الإشكال نعم أشار في الدرر إلى أن ما قاله الزيلعي ملفق من قول الإمام وقولهما حيث قال بعد نقله كلام الزيلعي يؤيده ما قال في معراج الدراية أن الصباغي كان يفتي بهذا انتهى
____________________
(1/218)
أي بهذا التفصيل
قال في البحر كان الصباغي يفتي بقول أبي ح فيما يتعلق بالصلاة وبقولهما فيما سواه كذا في معراج الدراية ا هـ
وأقول لا يخفى أن مقتضى ما أفتى به الصباغي أن تجب إعادة الصلاة ولا يجب غسل الثياب وهذا عكس ما قاله الزيلعي فأين التأييد نعم يظهر هذا التأييد على ما قال بعضهم إن حرف الاستثناء في عبارة الزيلعي زائد
أقول وكذا وجدته ساقطا في نسخة قديمة مصححة وكذا وجدته في نسختي مضروبا عليه وقد ظهر بما قررناه أن ما ذكره الشارح من التفصيل تابع فيه الزيلعي وهو مخالف لما في عامة المعتبرات مع ما فيه من الإشكالات فلا يعول وإن أقره في البحر والمنح ولهذا لم يعرج عليه في فتح القدير فاغتنم هذا التحرير الذي هو من منح العليم الخبير
قوله ( وهذا لو تطهر الخ ) الإشارة في عبارة الجوهرة إلى عبارة القدوري التي قدمناها ثم إن ما ذكره في الجوهرة عزاه إلى شيخه موفق الدين ثم قال والمعنى فيه أن الماء صار مشكوكا في طهارته ونجاسته فإن كانوا محدثين بيقين لم يزل حدثهم بماء مشكوك فيه وإن كانوا متوضئين لا تبطل صلاتهم بماء مشكوك في نجاسته لأن اليقين لا يرتفع بالشك ا هـ
أقول هذا أيضا مخالف لإطلاق عبارات المعتبرات من لزوم إعادة الصلاة وغسل كل شيء أصابه ماؤها في تلك المدة فإنه يشمل الإعادة عن حدث وغيره والغسل لثوب أو بدن من حدث أو نجاسة أو شرب أو غيره
وأيضا يناقضه مسألة العجين فإنه يلزم عليه أن يكون طاهرا حلالا لكونه كان طاهرا فلا تزول طهارته بماء مشكوك فيه مع أنه مخالف لما صرحوا به في عامة كتب المذهب وأيضا فقد رجحوا قول الإمام بحكمه بالنجاسة من يوم أو ثلاثة أيام فإنه الاحتياط في أمر العبادة ولا يخفى أن هذا التفصيل خلاف الاحتياط فكان العمل على ما في كتب المذهب أولى
مطلب مهم في تعريف الاستحسان قوله ( استحسانا ) الاستحسان كما قال الكرخي قطع المسألة عن نظائرها لما هو أقوى وذلك الأقوى هو دليل يقابل القياس الجلي الذي تسبق إليه أفهام المجتهدين نصا كان أو إجماعا أو قياسا خفيا وتمامه في فتاوي العلامة قاسم
قوله ( وقالا الخ ) قولهما هو القياس الجلي وبيان وجه كل في المطولات
قوله ( فلا يلزمهم ) أي أصحاب البئر شيء من إعادة الصلاة أو غسل ما أصابه ماؤها كما صرح به الزيلعي وصاحب البحر والفيض وشارح المنية فقول الدرر بل غسل ما أصابه ماؤها قال في الشرنبلالية لعل الصواب خلافه
قوله ( قبله ) أي قبل العلم بالنجاسة
قوله ( قيل وبه يفتى ) قائله صاحب الجوهرة
وقال العلامة قاسم في تصحيح القدوري قال في فتاوي العتابي قولهما هو المختار
قلت لم يوافق على ذلك فقد اعتمد قول الإمام البرهاني والنسفي والموصلي وصدر الشريعة ورجح دليله في جميع المصنفات وصرح في البدائع بأن قولهما قياس وقوله استحسان وهو الأحوط في العبادات ا هـ
قوله ( أعاد من آخر احتلام الخ ) لف ونشر مرتب
وفي بعض النسخ من آخر نوم وهو المراد بالاحتلام لأن
____________________
(1/219)
النوم سببه كما نقله في البحر
قوله ( ورعاف ) هذا ظاهر إذا وقع له رعاف ولم يبينوا حكم ما إذا لم يقع له ولأجل هذا والله تعالى أعلم
روى ابن رستم أن الدم لا يعيد فيه لأن دم غيره قد يصيبه فالظاهر أن الإصابة لم تتقدم زمان وجوده بخلاف المني فإن مني غيره لا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيتعين وجوده من وقت وجود سبب خروجه حتى لو كان الثوب مما يلبسه هو وغيره يستوي فيه حكم المني والدم
واختار في المحيط ما رواه ابن رستم ذكره في البحر
وقوله فالظاهر أن الإصابة الخ لا يظهر في الجاف ط
وفي السراج لو وجد في ثوبه نجاسة مغلظة أكثر من قدر الدرهم ولم يعلم بالإصابة لم يعد شيئا بالإجماع وهو الأصح ا هـ
قلت وهذا يشمل الدم فيقتضي أن الأصح عدم الإعادة مطلقا
تأمل
قوله ( لو منتفخة أو ناشفة الخ ) ذكره في النهر بحثا فقال بعد قولهم فثلاثة أيام وينبغي على قياس ما سبق تقيي بكونها منتفخة أو ناشفة وإن لم يكن أعاد يوما وليلة ا هـ
قوله ( في بول فأرة في الأصح ) وسيذكر في الأنجاس أن عليه الفتوى وأن خرأها لا يفسد ما لم يظهر أثره وأن بول السنور عفو في غير أواني الماء وعليه الفتوى ا هـ
أقول وفي الخانية أن بول الهرة والفأرة وخرأهما نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب ا هـ
ولعلهم رجحوا القول بالعفو للضرورة
قوله ( بخرء ) يالفتح والضم كما في المغرب
قوله ( حمام وعصفور ) أي ونحوهما مما يؤكل لحمه من الطيور سوى الدجاج والإوز
قوله ( في الأصح ) راجع إلى قوله وكذا سباع طير أي مما لا يؤكل لحمه من الطيور وهذا ما صححه في المبسوط وصحح قاضيخان في جامعه النجاسة
بحر
قوله لتعذر صونها أي البئر عنه أي عن الخرء المذكور
ومفاد التعليل أنه نجس معفو عنه للضرورة وفيه اختلاف المشايخ لكن الذي اختاره في الهداية وكثير من الكتب أنه ليس بنجس عندنا للإجماع العملي على اقتناء الحمامات في المسجد الحرام من غير نكير مع العلم بما يكون منها كما في البحر
قال ولم يذكروا لهذا الخلاف فائدة مع اتفاقهم على سقوط حكم النجاسة ا هـ
قلت يمكن أن تظهر في التعاليق وكذا إذا رماه في الماء قصدا فإنه لا ضرورة في ذلك لكونه بفعله وما في النهر من أنها يمكن أن تظهر فيما لو وجدها على ثوب وعنده ما هو خال عنها لا تجوز الصلاة فيه على العفو لانتفاء الضرورة وتجوز على الطهارة ا هـ
قال ط فيه نظر إذ مقتضاه عدم جوز التطهر فيه بهذا الماء حيث وجد غيره
قوله ( ولا بتقاطر بول الخ ) تبع فيه صاحب الدرر وأشار في الفيض إلى ضعفه وذكر القهستاني في الأنجاس أنه إن وقع في الماء نجسه في الأصح وكذا ذكره الحدادي عن الكفاية معللا بأن طهارة الماء آكدا وبأنه لا حرج في الماء أي بخلاف البدن والثوب وبه جزم الشارح في الأنجاس أيضا فعلم أن كلام المصنف مبني على القول الضعيف كما نبه عليه العلامة نوح أفندي
قوله ( كرؤوس إبر ) ومثل الرؤوس الجهة الأخرى ط وسيأتي إشباع الكلام على هذه المسألة في باب الأنجاس
قوله ( وغبار نجس ) بالإضافة وعدمها وفي الجيم الفتح والكسر ط
____________________
(1/220)
قوله ( وبعرتي إبل وغنم ) أي لا نزح بهما وهذا استحسان قال في الفيض فلا ينجس إلا إذا كان كثيرا سواء كان رطبا أو يابسا صحيحا أو منكسرا
ولا فرق بين أن يكون للبئر حاجز كالمدن أو لا كالفلوات هو الصحيح ا هـ
وفي التاترخانية ولم يذكر محمد في الأصل روث الحمار والخثى
واختلفوا فيه فقيل ينجس ولو قليلا أو يابسا وقيل لو يابسا فلا وأكثرهم على أنه لو فيه ضرورة وبلوى لا ينجس وإلا نجس ا هـ
مطلب في الفرق بين الروث والخثي والبعر والخرء والنجو والعذرة فائدة قال نوح أفندي الروث للفرس والبغل والحمار والخثي بكسر فسكون للبقر والفيل والبعر للإبل والغنم والخرء للطيور والنجو للكلب والعذرة للإنسان
قوله ( في محلب ) بكسر الميم ما يحلب فيه
قاموس
قوله ( وقت الحلب ) فلو وقعت في غير زمان الحلب فهو كوقوعها في سائر الأواني فتنجس في الأصح لأن الضرورة إنما هي زمان الحلب لأن من عادتها أن تبعر ذلك الوقت والاحتراز عنه عسير ولا كذلك غيره ا هـ شارح منية
قوله ( قبل تفتت وتلون ) قال في العناية تبعا للخانية فلو تفتتت أو أخذ اللبن لونها ينجس ا هـ
فتال
قوله ( والتعبير بالبعرتين ) أي في مسألتي البئر والمحلب كما أفاده في الشرنبلالية عن الفيضي
قوله ( اتفاقي ) اعلم أن بعضهم فهم من تقييد محمد في الجامع الصغير بالبعرة أو البعرتين أنه احتراز عن الثلاث بناء على أن مفهوم العدد في الرواية معتبر
قال في البحر وهذا الفهم إنما يتم لو اقتصر محمد على ذلك مع أنه قال لا يفسد ما لم يكن كثيرا فاحشا والثلاث ليس بكثير فاحش كذا نقل عبارة الجامع في المحيط وغيره ا هـ
فأشار الشارح إلى أن قول المصنف وبعرتي إبل وغنم المراد منه القليل لا خصوص الثنتين وحمل قوله وقيل الخ على بيان حد القليل والكثير ليفيد أن ذلك ليس قولا آخر كما قد يتوهم وإنما عبر عنه المصنف بقوله وقيل ليفيد وقوع الخلاف في حده فإن فيه أقوالا صحح منها قولان أرجحها هذا والثاني أن ما لا يخلو دلو عن بعرة فهو كثير صححه في النهاية وعزاه إلى المبسوط فافهم
قوله ( ذكر في الفيض ) لم يصرح في الفيض بهذه العبارة وإنما يفهم من قوله إلا إذا كان كثيرا كما قدمنا
قوله ( وعليه الاعتماد ) وصححه في البدائع والكافي وكثير من الكتب
بحر
وفي الفيض وبه يفتى
قوله ( لا يقدر الخ ) أي إن عادة الإمام رحمه الله تعالى أن ما كان محتاجا إلى تقدير بعدد أو مقدار مخصوص ولم يرد فيه نص لا يقدره بالرأي وإنما يفوضه إلى رأي المبتلى فلذا كان هذا القول أرجح
قوله ( البعد الخ ) اختلف في مقدار البعد المانع من وصول نجاسة البالوعة إلى البئر ففي رواية خمسة أذرع وفي رواية سبعة
وقال الحلواني المعتبر الطعم أو اللون أو الريح فإن لم يتغير جاز وإلا لا ولو كان عشرة أذرع
وفي الخلاصة والخانية والتعويل عليه وصححه في المحيط
بحر
والحاصل أنه يختلف بحسب رخاوة الأرض وصلابتها ومن قدره اعتبر حال أرضه
____________________
(1/221)
مطلب في السؤر قوله ( ويعتبر سؤر بمسئر ) لما فرغ وعدمه باعتبار وقوع نفس الحيوانات فيه ذكرها باعتبار ما يتولد منها
والسؤر بالضم مهموز العين بقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم استعير لبقية الطعام وغيره والجمع الأسار والفعل أسأر أي أبقى مما شرب
بحر وغير
وظاهر القاموس أن السؤر حقيقة في مطلق البقية والمعنى أن السؤر يعتبر بلحم مسئره فإن كان لحم مسئره طاهرا فسؤره طاهر أو نجسا فنجس أو مكروها فمكروه أو مشكوكا فمشكوك
ابن ملك
قوله ( اسم الفاعل من أسأر ) أي مسئر اسم فاعل قياسي مأخوذ من مصدر أسار أو سأر كمنع واسم فاعلهما السماعي سآر كسحار والقياسي جائز كما في القاموس
قوله ( لاختلاطه بلعابه ) علة ليعتبر أي ولعابه متولد من لحمه فاعتبر به طهارة ونجاسة وكراهة وشكا
منح ا هـ
ط
قوله ( ولو جنبا الخ ) بيان لإطلاق
فإن قيل ينبغي أن يتنجس سؤره على القول بنجاسة المستعمل لسقوط الفرض بهذا الشرب على الراجح
قلنا المستعمل هو المشروب لا ما بقي ولو لسم فلا يستعمل للحرج كإدخال اليد في الحب لكوز وتمامه في البحر
قوله ( أو كافرا ) لأن عليه الصلاة والسلام أنزل بعض المشركين في المسجد على ما في الصحيحين فالمراد بقوله تعالى { إنما المشركون نجس } التوبة 28 النجاسة في اعتقادهم بحر
ولا يشكل نزح البئر به لو أخرج حيا لأن ذلك لما عليه في الغالب من النجاسة الحقيقية أو الحكمية كما قدمناه
قوله ( أو امرأة ) أي ولو حائضا أو نفساء لما روى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أشرب وأنا حائض فأناوله لنبي فيضع فاه على موضع في بحر
قوله ( نعم يكره سؤرها الخ ) أي في الشرب لا في الطهارة
بحر
قال الرملي ويجب تقيده بغير الزوجة والمحارم ا هـ
وأورد بعضهم على قول البحر لا في الطهارة ما مر في الوضوء من أنه يكره التوضي بفضل ماء المرأة والمراد به السؤر
أقول المراد به الماء الذي توضأت به في خلوتها كما أوضحناه فيما مر فتدبر
قوله ( للاستلذاذ ) قال شيخنا ويستفاد منه كراهة الحلاق الأمرد إذا وجد المحلوق رأسه من اللذة ما يزيد على ما لو كان ملتحيا ا هـ فكراهة التكبيس وغمز الرجلين واليدين من الأمرد في الحمام بالأولى ط
قوله ( واستعمال ريق الغير ) اعترضه أبو السعود بأنه يشمل سؤر الرجل للرجل والمرأة للمرأة فالظاهر الاقتصار على التعليل الأول كما فعل في النهر ا هـ
أي لأنه كان يشرب ويعطي الإناء لمن عن يمينه ويقول الأيمن فالأيمن نعم عبر في المنح بالأجنبية وفيه نظر أيضا
والذي يظهر أن العلة الاستلذاذ فقط ويفهم منه أنه حيث لا استلذاذ كراهة ولا سيما إذا كان يعافه
قوله ( مجتبى ) أي قبيل كتاب الوصايا وكان المناسب ذكره قبل التعليل لأني لم أره في المجتبى
قوله ( ومأكول لحم ) أي سوى الجلالة منه فإنه مكروه كما يأتي
قوله ( ومنه الفرس في الأصح ) وهو ظاهر الرواية عن الإمام وهو قولهم وكراهة لحمه عنده لاحترامه لأنه آلة الجهاد لا لنجاسته فلا يؤثر في كراهة سؤره
بحر
والفرس اسم جنس كالحمار فيعم الذكر والأنثى ط
قوله ( ومثله ما لا دم له ) أي سائل سواء كان يعيش في الماء أو في غيره ط
____________________
(1/222)
عن البحر
قوله ( قيد للكل ) أي للآدمي ومأكول اللحم ولا دم له ط
قوله ( طاهر ) أي في ذاته طهور أي مطهر لغيره من الأحداث والأخباث ط
قوله ( وسؤر خنزير ) قدر لفظ سؤر إشارة إلى أن لفظ خنزير مجرور بمضاف حذف وأبقي عمله وهو قليل والأولى رفعه لقيامه مقام المضاف
قال الزيلعي ولا يجوز عطفه على المجرور قبله لأنه يلزم منه العطف على معمولي عاملين مختلفين كما أوضحه في البحر
قوله ( وسباع بهائم ) هي ما كان يصطاد بنابه كالأسد والذئب والفهد والنمر والثعلب والفيل والضبع وأشباه ذلك
سراج
قوله ( فور شربها ) أي بخلاف ما إذا مكث ساعة ابتلع ريقه ثلاث مرات بعد لحس شفتيه بلسانه وريقه ثم شرب فإنه لا ينجس ولا بد أن يكون المراد إذا لم يكن في بزاقه الخمر من طعم أو ريح ا هـ
حلية
قوله ( لا يستوعبه اللسان ) أي لا يتمكن أن يعمه بريقه
قوله ( ولو بعد زمان ) أي ولو كان شربه الماء بعد زمان طويل
وفي أنجاس التاترخانية عن الحاوي وقيل إذا كان الإناء مملوءا ينجس الماء والإناء بملاقاة فمه وإلا فلا ا هـ أي أنه إذا لم يكن مملوءا يكون الماء واردا على الشارب فإذا ابتلعه يكون كالجاري
قوله ( فور أكل فأرة ) فإن مكثت ساعة ولحست فمها فمكروه
منية
ولا ينجس عندهما
وقال محمد ينجس لأن النجاسة لا تزول عنده إلا بالماء وينبغي أن لا ينجس على قوله إذا غابت غيبة يجوز معها شربها من ماء كثير
حلية
قوله ( مغلظ ) وفي رواية عن الثاني أن سؤر ما لا يؤكل كبول ما يؤكل والذي يظهر ترجيح الأول
بحر
قوله ( مخلاة ) بتشديد اللام أي مرسلة تخالط النجاسات ويصل منقارها إلى ما تحت قدميها أما التي تحبس في بيت وتعلف فلا يكره سؤرها لأنها لا تجد عذرات غيرها حتى تجول فيها وهي في عذرات نفسها لا تجول بل تلاحظ الحب بينه فتلتقطه كما حققه في الفتح وتمامه في البحر
قوله ( وإبل وبقر جلالة ) أي تأكل النجاسة إذا جهل حالها فإن علم حال فمها طهارة ونجاسة فسؤرها ا هـ
مقدسي
أقول الظاهر أنه أراد بالجلالة غير التي أنتن لحمها من أكل النجاسة إذ لو أنتن فالظاهر الكراهة بلا تفصيل لأنهم صرحوا بأنها لا يضحى بها كما يأتي في الأضحية
قال في شرح الوهبانية وفي المنتقى الجلالة المكروهة التي إذا قربت وجدت منها رائحة فلا تؤكل ولا يشرب لبنها ولا يعمل عليها ويكره بيعها وهبتها وتلك حالها وذكر البقالي أن عرقها نجس ا هـ
وصرح المصنف في الحظر والإباحة أنه يكره لحم الأتان والجلالة
قال الشارح هناك وتحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها
وقدر بثلاثة أيام لدجاجة وأربعة لشاة وعشر لإبل وبقر على الأظهر ولو أكلت النجاسة وغيرها بحيث لم ينتن لحمها حلت ا هـ
وبه علم أن الجلالة التي يكره سؤرها هي التي لا تأكل إلا النجاسة حتى أنتن لحمها لأنها حينئذ غير مأكولة ولذا قال في الجوهرة فإن كانت تخلط أو أكثر علفها علف الدواب لا يكره سؤرها ا هـ
____________________
(1/223)
قلت بقي شيء وهو أن الغالب أن الإبل تجتر كالغنم وجرتها نجسة كسرقينها كما سيأتي ومقتضاه أن يكون سؤرها مكروها وإن لم تكن جلالة ولم أرى من تعرض له وإنما المفهوم من إطلاقهم عدم الكراهة فليتأمل
قوله ( لم يعلم ربها طهارة منقارها ) لما روى الحسن عن أبي حنيفة إن كان هذا الطير لا يتناول الميتة مثل البازي الأهلي ونحوه لا يكره الوضوء وإنما يكره في الذي يتناول الميتة وروي عن أبي يوسف أيضا مثله
حلية
قوله ( وسواكن بيوت ) أي مما له دم سائل كالفأرة والحية والوزغة بخلاف ما لا دم له كالخنفس والصرصر والعقرب فإنه لا يكره كما مر وتمامه في الإمداد
قوله ( طاهر للضرورة ) بيان ذلك أن القياس في الهرة نجاسة سؤرها لأنه مختلط بلعابها المتولد من لحمها النجس لكن سقط حكم النجاسة اتفاقا لعلة الطواف المنصوصة بقوله إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم ولطوافات أخرجه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم
وقال الترمذي حسن صحيح
يعني أنها تدخل المضائق ولازمه شدة المخالطة بحيث يتعذر صون الأواني منها وفي معناها سواكن البيوت للعلة المذكورة فسقط حكم النجاسة للضرورة وبقيت الكراهة لعدم تحاميها النجاسة
وأما المخلاة فلعابها طاهر فسؤرها كذلك لكن لما كانت تأكل العذرة كره سؤرها ولم يحكم بنجاسته للشك حتى لو علمت النجاسة في فمها تنجس ولو علمت الطهارة انتفت الكراهة
وأما سباع الطير فالقياس نجاسة سؤرها كسباع البهائم بجامع حرمة لحمها والاستحسان طهارته لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر بخلاف سباع البهائم لأنها تشرب بلسانها المبتل بلعابها النجس لكن لما كانت تأكل الميتة غالبا أشبهت المخلاة فكره سؤرها حتى لو علم طهارة منقارها انتفت الكراهة هكذا قرروا وبه علم أن طهارة السؤر في بعض هذه المذكورات ليست للضرورة بل على الأصل فتنبه
قوله ( مكروه ) لجواز كونها أكلت نجاسة قبيل شربها
وأفاد في الفتحأنه لو احتمل تطهيرها فمها زالت الكراهة حيث قال ويحمل إصغاؤه الإناء للهرة على زوال ذلك التوهم بأن كانت في مرأى منه في زمان يمكن فيه غسلها فمها بلعابها وأما على قول محمد فيمكن بمشاهدة شربها من ماء كثير أو مشاهدة قدومها عن غيبة يجوز معها ذلك
فيعارض هذا التجويز بتجويز أكلها نجسا قبيل شربها فيسقط فتبقى الطهارة دون كراهة لأن الكراهة ما جاءت إلا من ذلك التجويز وقد سقط وعلى هذا لا ينبغي إطلاق كراهة أكل فضلها والصلاة إذا لحست عضوا قبل غسله كما أطلقه شمس الأئمة وغيره بل يقيد بثبوت ذلك التوهم أما لو كان زائلا بما قلنا فلا ا هـ
وأقره في البحر وشرح المقدسي وهو خلاف ما قدمناه عن المنية
تأمل
قوله ( تنزيها ) قيد به لئلا يتوهم التحريم
مطلب الكراهة حيث أطلقت فالمراد منها التحريم قال في البحر واعلم أن المكروه إذا أطلق في كلامهم فالمراد منه التحريم إلا أن ينص على
____________________
(1/224)
كراهة التنزيه فقد قال المصنف في المصفى لفظ الكراهة عند الإطلاق يراد بها التحريم
قال أبو يوسف قلت لأبي حنيفة إذا قلت في شيء أكرهه فما رأيك فيه قال التحريم ا هـ
قوله ( في الأصح ) الخلاف إنما هو في سؤر الهرة
قال في البحر وأما سؤر الدجاجة المخلاة فلم أرى من ذكر خلافا في المراد من الكراهة بل ظاهر كلامهم أنها كراهة التنزيه بلا خلاف لأنها لا تتحامى النجاسة وكذا في سباع الطير وسواكن البيوت ا هـ
قوله ( كأكله لفقير ) أي أكل سؤرها أي موضع فمها وما سقط منه من الخبز ونحوه من الجامدات لأنه لا يخلو من لعابها وليس المراد أكل ما بقي أي مما لم يخالطه لعابها بخلاف المائع كما أوضحه في الحلية
وأفاد الشارح كراهته لغني لأنه يجد غيره وهذا عند توهم نجاسة فمها كما قدمناه عن الفتح قريبا
فرع تكره الصلاة مع حمل ما سؤره مكروه كالهرة ا هـ
بحر عن التوشيح
قلت وينبغي تقييده بالتوهم أيضا كما علمته مما مر ويظهر منه كراهة الصلاة بثوب أصابه السؤر المكروه كما ذكره في الحلية
مطلب ست تورث النسيان نكتة قيل ست تورث النسيان سؤر الفأرة وإلقاء القملة وهي حية والبول في الماء الراكد وقطع القطار ومضغ العلك وأكل التفاح
ومنهم من ذكره حديثا لكن قال أبو الفرج بن الجوزي إنه حديث موضوع
بحر وحلية
وإطلاق التفاح هنا موافق لما في كتب الطب من أنه كله مورث للنسيان
وذكر بعضهم الحديث مقيدا التفاح بالحامض
تتمة زاد بعضهم مما يورث النسيان أشياء منها العصيان والهموم والأحزان بسبب الدنيا وكثرة الاشتغال بها وأكل الكزبرة الرطبة والنظر إلى المصلوب والحجم في نقرة القفا واللحم والملح والخبز الحامي والأكل من القدر وكثرة المزح والضحك بين المقابر والوضوء في محل الاستنجاء وتوسد السراويل أو العمامة ونظر الجنب إلى السماء وكنس البيت بالخرق ومسح وجهه أو يديه بذيله ونفض الثوب في المسجد ودخوله باليسرى وخروجه باليمنى واللعب بالمذاكير أو الذكر حتى ينزل والنظر إليه وبالبول في الطريق أو تحت شجرة مثمرة أو في الماء الراكد أو في الرماد والنظر إلى الفرج أو في مرآة الحجام والامتشاط بالمشط المكسورة وغير ذلك ولسيدي عبد الغني فيها رسالة قوله ( أهلي ) أما الوحشي فمأكول فلا شك في سؤره ولا كراهة
قوله ( في الأصح ) قاله قاضيخان ومقابله القول بنجاسته لأنه ينجس فمه بشم البول
قال في البدائع وهو غير سديد لأنه أمر موهوم لا يغلب وجوده فلا يؤثر في إزالة الثابت
بحر
قوله ( أمه حمارة ) قاله في القاموس الحمارة بالهاء الأتان فافهم وهذا القيد صرح به غير واحد منهم السروجي في شرح الهداية قال إذا نزا الحمار على الرمكة أي الفرس لا يكره لحم البغل المتولد بينهما فعلى هذا لا يصير سؤره مشكوكا فيه ا هـ والمراد لا يكره لحمه عندهما إلحاقا بالفرس وعنده يكره كالفرس إلا أن سؤره لا يكون مشكوكا اتفاقا كما في الصحيح في سؤر الفرس وكذا البغل الذي أمه بقرة يحل لحمه اتفاقا ولا يكون سؤره مشكوكا لكن ينافي قول صاحب الهداية والبغل من نسل الحمار فيكون بمنزلته فإنه يفيد اعتبار الأب إلا أن الأصل في الحيوانات الإلحاق بالأم كما صرحوا به في غير موضع
شرح المنية ونحوه في النهر
قال في الحلية قلت ويمكن أن يقال ما في الهداية مخرج على مذهب الإمام خاصة فيما إذا كان أبوه حمارا وأمه فرسا تغليبا لجانب التحريم على الإباحة احتياطا
قوله ( فطاهر ) الأولى قول ابن مالك عن الغاية فطهور لأن الولد يتبع الأم ا هـ
قوله ( ولا عبرة بغلبة الشبه ) رد على ما قاله مسكين من أن التبعية للأم محلها ما إذا لم يغلب شبهه بالأب
____________________
(1/225)
قوله ( لتصريحهم الخ ) صرح في الهداية وغيرها في الأضحية بجواز الأضحية به حيث قال والمولود بين الأهلي والحوشي يتبع الأم لأنها الأصل في التبعية حتى إذا نزا الذئب على الشاة يضحى بالولد ا هـ
تأمل
قوله ( اعتبارا للأم ) لأنها الأصل في الولد لانفصاله منها وهو حيوان متقوم ولا ينفصل من الأب إلا ماء مهينا ولهذا يتبعها في الرق والحرية وإنما أضيف الآدمي إلى أبيه تشريفا له وصيانة له عن الضياع وإلا فالأصل إضافته إلى الأم كما في البدائع
قوله ( عن الأشباه ) صوابه عن الفوائد التاجية ط وكذا نقله في الأشباه عنها في قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام
قوله ( عدم الح ) أي عدم حل أكل ذئب ولدته شاة
قوله ( قال شيخنا ) يريد الرملي عند الإطلاق ط
قوله ( إنه غريب ) أي لمخالفته المشهور في كلامهم من إطلاق أن العبرة للأم وقد ذكر القولين المصنف في منظومته تحفة الأقران في الأضحية فقال نتيجة الأهلي والوحشي تلحق بالأم على المرضي ومثله نتيجة المحرم مع لمباح يا أخي فعلم هذا هو المشهور بين لعلما والحظر في هذا حكوه فعلما قوله ( مشكوك في طهوريته ) هذا هو الأصح وهو قول الجمهور ثم قيل سببه تعارض الأخبار في لحمه وقيل اختلاف الصحابة في سؤره
والأصح ما قاله شيخ الإسلام إن الحمار أشبه الهرة لوجوده في الدور والأفنية لكن الضرورة فيه دون الضرورة فيها لدخولها مضائق البيت فأشبه الكلب والسباع فلما ثبتت الضرورة من وجه دون وجه واستوى ما يوجب الطهارة والنجاسة تساقطا للتعارض فصير إلى الأصل وهو هنا شيئان الطهارة في الماء
والنجاسة في اللعان
وليس أحدهما بأولى من الآخر
فبقي الأمر مشكلا نجسا من وجه طاهرا من آخر
وتمامه في البحر
لا يقال كلب الصيد والحراسة كذلك لأنه معارض بالنص كما أفاده في السعدية
قوله ( لا في طهارته ) أي ولا فيهما جميعا كما قيل أيضا هذا مع اتفاقهم أنه على ظاهر الرواية لا ينجس الثوب والبدن والماء ولا يرفع الحدث فلهذا قال في كشف الأسرار إن اختلاف لفظي لأن من قال الشك في طهوريته فقط أراد أن الطاهر لا يتنجس به ووجب الجمع بينه وبين التراب لا أنه ليس في طهارته شك أصلا لأن الشك في طهوريته إنما نشأ من الشك في طهارته ا هـ
بحر
قلت ويؤيده ما مر عن شيخ الإسلام فإنه صريح في أن الشك في الطهارة
قوله ( اعتبر بالأجزاء ) أي كالماء المستعمل عند محمد فيجوز الوضوء بالماء ما لم يغلب عليه
محيط
وكان الوجه أن يقول ما لم يساوه لما علمته في مسألة الفساقي
بحر
هذا وفي السراج بعد ما نقله عن الوجيز واعترض الصيرفي في عليه حيث قال وهذا بعيد لأنه إذا جوز الوضوء بالماء الذي يختلط بالسؤر إذا كان أكثر كان أيضا يجوز الوضوء بالسؤر لأنه أكثر من اللعاب ا هـ
أقول ويؤيده ما قدمناه عن الفتح من أنه تظافر كلامهم على أنه ينزح منه جميع ماء البئر وقدمنا النقول فيه وأن اعتباره بالأجزاء مخالف لذلك وقد صرحوا بأن العمل بما عليه الأكثر وبه يظهر أن ما هنا غير
____________________
(1/226)
معتبر فتدبر
قوله ( قولان ) قد علمت أن الشك في الطهورية ناشيء عن الشك في الطهارة والنجس الثابت بيقين لا يرتفع إلا بطاهر بيقين فافهم وتأمل
قوله ( في صلاة واحدة الخ ) يعني أن الشرط أن لا تخلو الصلاة الواحدة عنهما وإن لم يوجد الجمع بينهما في حالة واحدة حتى لو توضأ به وصلى ثم أحدث وتيمم وصلى تلك الصلاة جاز هو الصحيح لأن المطهر أحدهما لا المجموع فإن كان السؤر صحت ولغت صلاة التيمم أو التيمم فالعكس
نهر
فإن قيل يلزم من هذا أداء الصلاة بلا طهارة في إحدى المرتين وهو مستلزم للكفر فينبغي وجوب الجمع بينهما في أداء واحد
قلنا كل منهما مطهر من وجه دون وجه فلا يكون الأداء بلا طهارة من كل وجه فلا يلزمه الكفر كما لو صلى حنفي بعد نحو الحجامة لا تجوز صلاته ولا يكفر للاختلاف بخلاف ما لو صلى بعد البول بحر عن المعراج
والظاهر أن الأولى الجمع بينهما في أداء واحد للتباعد عن هذه الشبهة ثم رأيت في الشرنبلالية نقل عن شيخه الشمس المحبي أنه لو صلى بالوضوء ثم بالتيمم فإن لم يحدث بينهما كره فعله في الأولى دون الثانية وإن أحدث كره فيهما ووجه ظاهر فتدبر وبه ظهر أن قول النهر فيما مر ثم أحدث غير قيد نعم يفهم أنه لو لم يحدث يصح بالأولى لأن الصلاة الثانية تكون بالطهارتين
وفي النهر عن الفتح واختلف في النية بسؤر الحمار والأحوط أن ينوي ا هـ أي الأحوط القول بوجوبها فقد قدمنا في بحث النية عن البحر عن شرح المجمع والنقاية معزيا إلى الكفاية أنها شرط فيه وفي نبيذ التمر
قوله ( إن فقد ماء مطلقا ) أما إذا وجده تعين المصير إليه ولو وجده بعد ما توضأ بالسؤر وتيمم لا يصلي ما لم يتوضأ به ولو لم يتوضأ به حتى فقده ومعه السؤر أعاد التيمم لا الوضوء بالسؤر
تاترخانية
قوله ( فى الأصح والأفضل تقديم الوضوء رعاية لقول زفر بلزومه )
إمداد
قوله ( ثم أراقه ) أما لو أراقه أولا حتى صار عادما للماء لا يلزمه بل عن نصير بن يحيى أن من لم يجد إلا سؤر الحمار يهريقه ثم يتيمم
قال الصفار وهو قول جيد
بحر عن جامع المحبوبي
قوله ( لاحتمال طهوريته ) أي فيحتمل الصلاة البطلان فتعاد
وفي الزيلعي متيمم رأى سؤر حمار وهو في الصلاة أتمها ثم توضأ به وأعادها لاحتمال البطلان ا هـ
قوله ( ويقدم التيمم على نبيذ التمر ) اعلم أنه روي في النبيذ عن الإمام ثلاث روايات الأولى وهو قوله الأول إنه يتوضأ به ويستحب أن يضيف إليه التيمم
الثانية الجمع بينهما كسؤر الحمار وبه قال محمد ورجحه في غاية البيان
والثالثة التيمم فقط وهو قوله الأخير وقد رجع إليه وبه قال أبو يوسف والأئمة الثلاثة واختاره الطحاوي وهو المذهب المصحح المختار المعتمد عندنا
بحر
إذا علمت ذلك ظهر لك أن ظاهر كلام المصنف مبني على الرواية الثانية وبه تظهر مناسبة ذكره في بحث السؤر لكن ينافيه قوله على المذهب فيتعين حمل قوله ويقدم الخ على التقدم في الرتبة لا في الزمان أي إن التيمم رتبته التقدم على الوضوء بالنبيذ فلا يقتصر على الوضوء به ولا يجمع بينهما مع سبق التيمم
قال في النهر
____________________
(1/227)
ومحل الخلاف ما إذا ألقى في الماء تميرات حتى صار حلوا رقيقا غير مطبوخ ولا مسكر فإن لم يحل فلا خلاف في جواز الوضوء به أو أسكر فلا خلاف في عدم الجواز أو طبخ فكذلك في الصحيح كما في المبسوط
ورجح غيره الجواز إلا أن الأول أولى لموافقته لما مر من الضابط أي المذكور في المياه
قوله ( لأن المجتهد الخ ) علة لكون ما ذكر هو المذهب المفتى به دون غيره فافهم
قوله ( وحكم عرق كسؤر ) أي العرق من كل حيوان حكمه كسؤره لتولد كل منهما من اللحم كذا قالوا
ولا خفاء أن المتولد هو اللعاب أي لا السؤر لكن أطلق عليه للمجاورة
نهر
قوله ( فعرق الحمار الخ ) أفرده بالتنصيص عليه لأن بعضهم كصاحب المنية استثناه فقال إلا أن عرق الحمار طاهر عند أبي حنيفة في الروايات المشهورة كما ذكره القدوري
وقال شمس الأئمة الحلواني نجس إلا أنه جعل عفوا في الثوب والبدن للضرورة
قال في شرح المنية وهذا الاستثناء إنما يصح على القول بأن الشك في الطهارة
فإذا قيل إن سؤر الحمار مشكوك في طهارته ونجاسته وعرق كل شيء كسؤره صح أن يقال إلا أن عرق الحمار طاهر أي من غير شك لأنه ركب الحمار معروريا في حر الحجاز والغالب أنه يعرق ولم يرو أنه عليه الصلاة والسلام غسل بدنه أو ثوبه منه ا هـ
ومعروريا حال من الفاعل ولو كان من المفعول لقيل معروري كذا في المغرب
قلت وليس المعنى أنه عليه الصلاة والسلام ركب وهو عريان كما يوهمه كلام النهر وغيره إذ لا يخفى بعده بل المراد أنه ركب حال كونه معروريا الحمار فهو اسم فاعل من اعرورى المتعدي حذف مفعوله للعلم به يقال اعرورى الفرس ركبه عريا فتنبه
قوله ( صار مشكلا ) يعني صار الماء به مشكلا أي في الظهورية فيجمع بينه وبين التيمم كما في لعابه ويجوز شربه من ذلك الماء كما في السراج
قوله ( وفي المحيط الخ ) هذا مأخوذ من القهستاني ونصه وفي الزبدة أن عرق الجلالة كالحمار والبغل وغيرهما نجس
وفي قاضيخان أن عرقهما طاهر في ظاهر الرواية
وفي المحيط عن الحلواني نجس لكنه عفو في البدن والثوب
وعن أبي حنيفة أن عرق الحمار نجاسة غليظة وعنه أنه خفيفة ا هـ
كلام القهستاني
وحاصله أنه ذكر في عرق الحمار والبغل ثلاث روايات عن الإمام كما صرح به في شرح المنية أنه طاهر وهو ما قال قاضيخان إنه ظاهر الرواية وهي الرواية المشهورة كما قدمناه عن المنية
ونجس مغلظ
ونجس مخفف وكلام الحلواني محتمل للأخيرتين إلا أنه أسقط حكم النجاسة في البدن والثوب وقدمنا عن المنية تعليله بالضرورة أي ضرورة ركوبه
إذا علمت ذلك ظهر لك أن الكلام في عرق الحمار والبغل لا في الجلالة وأن ضمير عرقهما في عبارة القهستاني عن قاضيخان ضمير مثنى راجع إلى البغل والحمار
والظاهر أن نسخة القهستاني التي وقعت للشارح بضمير المفرد لا المثنى فأرجع الضمير إلى الجلالة وليس كذلك
وقد راجعت عبارة قاضيخان فرأيتها بضمير التثنية العائد إلى ما ذكره قبله من البغل والحمار ولم أرى فيها ذكر الجلالة أصلا وكذا ما نقله في المحيط عن الحلواني ليس في الجلالة بل في البغل والحمار بدليل ما قدمناه عن المنية من عبارة الحلواني وهو المتعين في عبارة القهستاني بعد ضمير التثنية وقد ذكرنا أحكام الجلالة عند قوله وابل وبقر جلالة ونقلنا التصريح عن البقالي بأن عرقها
____________________
(1/228)
نجس وبه صرح الشارح في مسائل شتى آخر الكتاب وهو محمول على التي أنتن لحمها كما قدمنا فاغتنم هذا التحرير الذي هو من منح العليم الخبير الحمد لله على نعمائة وتواتر آلائه
باب التيمم قوله ( ثلث به ) أي جعله ثالثا للوضوء والغسل أي ذكره بعدهما اقتداء بالكتاب العزيز أعني قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } المائدة 6 الآية فإنه ثلث به فيها وأيضا فهو خلف عنهما والخلف يتبع الأصل
قوله ( وهو الخ ) دليله قوله أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر
وجعلت لي الأرض وفي رواية ولأمتي مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته لصلاة فليصل
وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي
وأعطيت لشفاعة
وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة رواه الشيخان وغيرهما بل قال السيوطي إنه متواتر فلذا قال الشارح بلا ارتياب وفيه رمز إلى ما في اختصاص هذه الأمة بالوضوء كما قدمناه في محله
قوله ( هو لغة القصد ) أي مطلق القصد ومنه قوله تعالى { ولا تيمموا الخبيث } البقرة 267 بخلاف الحج فإنه القصد إلى معظم كما في البحر
قوله ( وشرعا الخ ) قال في البحر واصطلاحا على ما في شروح الهداية القصد إلى الصعيد الطاهر للتطهير وعلى ما في البدائع وغيره استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة
وزيف الأول بأن القصد شرط لا ركن
والثاني بأنه لا يشترط استعمال جزء من الأرض حتى يجوز بالحجر الأملس فالحق أنه اسم لمسح الوجه واليدين عن الصعيد الطاهر والقصد شرط لأنه النية ا هـ
وهذا ما حققه في الفتح
قوله ( شرط القصد الخ ) بالبناء للمجهول وفيه تورك على المصنف لأن تركيبه يقتضي أن حقيقته القصد فنبه على أنه شرط وكذا الصعيد وكونه مطهرا كما أفاده ح فافهم
قوله ( خرج الخ ) ولذا لم يقل طاهر كما مر عن الشروح والهداية لأن هذه الأرض طاهرة غير مطهرة
قوله ( واستعماله الخ ) هذا هو التعريف الثاني الذي قدمناه عن البدائع وأراد بالصفة المخصوصة ما سيأتي أو ما مر من كونه في عضوين مخصوصين بشراط مخصوصة وقوله لأجل إقامة القربة هو معنى ما مر عن البدائع من قوله على قصد التطهير وقوله الشارح حقيقة أو حكما الخ جواب عن الإيراد المار على هذا التعريف إذ لا يخفى أن الحجر الأملس جزء من الأرض استعمل في العضوين للتطهير إذ ليس المراد بالاستعمال أخذ جزء منها بل جعله آلة للتطهير وعليه فهو استعمال حقيقة وهو ظاهر كلام النهر فلا حاجة إلى قوله أو حكما كما أفاده ط وبما قررناه ظهر لك أن المصنف ذكر التعريفين المنقولين عن المشايخ والظاهر أنه قصد جعلهما تعريفا واحدا إذ لا بد في الألفاظ الاصطلاحية المنقولة عن اللغوية أن يوجد فيها المعنى اللغوي غالبا
ويكون المعنى الاصطلاحي أخص من اللغوي ولذا عرف المشايخ الحج بأنه قصد خاص يزيادة أوصاف مخصوصة وما مر من الإيراد على ذلك بأن القصد شرط يظهر لي أنه غير وارد لأن الشرط هو قصد عبادة مقصودة إلى آخر ما يأتي لا قصد نفس الصعيد على أن المعاني الشرعية لا توجد بدون شروطها فمن صلى بلا طهارة مثلا
____________________
(1/229)
لم توجد منه صلاة شرعا فلا بد من ذكر الشروط حتى يتحقق المعنى الشرعي فلذا قالوا بشرائط مخصوصة كما مر
ولما كان الاستعمال وهو المسح المخصوص للوجه واليدين من تمام الحقيقة الشرعية ذكره مع القصد تتميما للتعريف فاغتنم هذا التحرير المنيف
قوله ( بصفة مخصوصة ) وهي ما في البدائع عن أبي يوسف قال سألت أبا حنيفة عن التيمم فقال التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين فقلت كيف هو فضرب بيديه على الصعيد فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بذلك ظاهر الذارعين وباطنهما إلى المرفقين ثم قال في البدائع وقال بعض مشايخنا ينبغي أن يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الأصابع إلى المرفق ثم يمسح بكفه اليسرى دون الأصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ ثم يمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ثم يفعل باليد اليسرى كذلك وهذا الأقرب إلى الاحتياط لما فيه من الاحتراز عن استعمال التراب المستعمل بالقدر الممكن ا هـ
ملخصا
ومثله في الحلية عن التحفة والمحيط وزاد الفقهاء
قوله ( وهو الأصح الأحوط ) هذا ما ذهب إليه السيد أبو شجاع وصححه الحلواني وفي النصاب وهذا استحسان وبه نأخذ وهو الأحوط
وقيل ليسا بركن وإليه ذهب الإسبيجابي وقاضيخان وإليه مال في البحر والبزازية والإمداد
وقال في الفتح إنه الذي يقتضيه النظر ولأن المأمور به في الآية المسح ليس غير ويحمل قوله لتيمم ضربتان إما على إرادة الضربة أعم من كونها على الأرض أو على العوض مسحا أو أنه خرج مخرج الغالب ا هـ
وأقره في الحلية ورجحه في شرح الوهبانية وقال العلامة ابن الكمال والمراد بيان كفاية الضربتين لا أنه لا بد منهما كيف وقد ذكر في كتاب الصلاة لو كنس دارا أو هدم حائطا أو كال حنطة فأصحاب وجهه وذراعيه غبار لم يجزه ذلك عن التيمم حتى يمر يده عليه ا هـ أي أو يحرك وجهه ويديه بنيته كما سيأتي عن الخلاصة
وقال في النهر المراد الضرب أو ما يقوم مقامه وعليه مشى الشارح فيما سيأتي وتظهر ثمرة الخلاف كما في البحر فيما لو ضرب يديه فقبل أن يمسح أحدث وفيما إذا نوى بعد الضرب وفيما إذا ألقت الريح الغبار على وجهه ويديه فمسح بنية التيمم أجزأه على الثاني دون الأول
قوله ( لأجل إقامة القربة ) أي لأجل عبادة مقصودة لا تصح بدون الطهارة كما سيأتي بيانه
قوله ( فإنه لا يصلي به ) لأن التعليم يحصل بالقول فلا يتوقف على الطهارة
قوله ( والاستيعاب ) الذي يظهر لي أن الركن هو المسح لأنه حقيقة التيمم كما مر والاستيعاب شرط لأنه مكمل له والشارح عكس ذلك ثم رأيت التصريح في كلامهم بما ذكرته
قوله ( وشرطه ستة ) بل تسعة كما سيأتي
قوله ( بثلاث أصابع فأكثر ) معنى قوله في البحر باليد أو بأكثرها فلو مسح بأصبعين لا يجوز ولو كرر حتى استوعب بخلاف مسح الرأس فإنه إذا مسحها مرارا بأصبع أو أصبعين بماء جديد لكل حتى صار قدر ربع الرأس صح ا هـ
إمداد وبحر
قلت لكن في التاترخانية ولو تمعك بالتراب بنية التيمم فأصاب التراب وجهه ويديه أجزأه لأن المقصود قد حصل ا هـ
فعلم أن اشتراط أكثر الأصابع محله حيث مسح بيده
تأمل
قوله ( والصعيد ) كونه شرطا لا ينافي عدم تحقق الحقيقة الشرعية بدون كما علم مما قررناه سابقا فافهم
قوله ( وفقد الماء ) أي ولو حكما ليشمل نحو المرض
____________________
(1/230)
فافهم
قوله ( وسننه ثمانية ) بل ثلاثة عشر كما سنذكره
قوله ( الضرب بباطن كفيه ) أقول ذكر في الذخيرة أنه أشار محمد إلى ذلك ولم يصرح به ثم قال في الذخيرة بعد أسطر والأصح أنه يضرب بباطنهما وظاهرهما على الأرض وهذا يصير رواية أخرى غير ما أشار إليه محمد ا هـ
وقد اقتصر في الحلية على نقل عبارة الذخيرة الأولى واقتصر الشمني على نقل الثانية فظن في البحر المخالفة في النقل عن الذخيرة وكأنه لم يراجع الذخيرة وبه يعلم أن الواو في قوله وظاهرهما على حقيقتها لا بمعنى أو خلافا لما فهمه في البحر ولقوله في النهر إن الجواز حاصل بأيهما كان نعم الضرب بالباطن سنة ا هـ
فإن صريح الذخيرة كون الضرب بكل من الظاهر والباطن هو السنة في الأصح وقد ظهر أن ما ذكره الشارح تبعا للنهر خلاف الأصح فتدبر
قوله ( وإقبالهما وإدبارهما ) أي بعد وضعهما على التراب نهر وكذا يقال في التفريج ط
قوله ( ونفضهما ) أي مرة وروي مرتين وليس باختلاف في المعنى لأن المقصود تناثر التراب إن حصل بمرة فيها وإلا فبمرتين بدائع ولذا قال في الهداية وينفضهما بقدر ما يتناثر التراب كي لا يصير مثله ا هـ
بحر
قال الرملي فعلى هذا إذا لم يحصل بمرتين ينفض ثلاثا وهكذا ا هـ
ويظهر من هذا أنه حيث لا تراب أصلا لا يسن النفض
تأمل
قوله ( وتفريج أصابعه ) تعليلهم سنية التفريج بدخول الغبار أثناء أصابعه يفيد أنه لو ضرب على حجر أملس لا يفرج إلا أن يقال العلة تراعي في الجنس ا هـ
ح
قوله ( وتسمية ) الظاهر أنها على صيغة ما ذكر في الوضوء والعطف بالواو لا يفيد ترتيبا فلا يراد أن التسمية تكون عند الضرب ط
قوله ( وترتيب ) أي كما ذكره في القرآن ط
قوله ( وولاء ) بكسر الواو أي مسح المتأخر عقب المتقدم بحيث لو كان الاستعمال بالماء لا يجف المتقدم ط
قوله ( وزاد ابن وهبان الخ ) فيه أن اشتراط النية يغني عنه لأنها لا تصح من كافر إلا أن يقال صرح به وإن استلزمته النية للتوضيح ا هـ
ح
وقد أسقط ابن وهبان كون المسح بثلاثة أصابع وعددها ستة أيضا حيث قال وعذرك شرط ضربتان ونية ولاسلام والمسح الصعيد المطهر وكأنه أراد بالشرط ما لا بد منه حتى سمى الضربتين شرطا وإلا فهما ركن
قوله ( فزدته ) هذا يقتضي أنه زاد على الستة المتقدمة الإسلام فصار المجموع سبعة مع أنه ترك في البيت من الستة كونه بثلاثة أصابع فأكثر وزاد الضرب والتعميم أي الاستيعاب فصارت ثمانية وأطلق الشرط على الأخيرين بناء على ما قلناه آنفا فافهم
قوله ( وغيرت شطر بيته الأول ) بيته هو ما قدمناه ولا يخفى أن التغيير وقع في الشطرين
قوله ( والإسلام ) بنقل حركة الهمزة إلى اللام للوزن
قوله ( عذر ) بإسقاط التنوين للضرورة
قوله ( سمي ) بإشباع حركة الميم
قوله ( وبطن ) أي اضرب بباطن الكفين على الأرض وقد علمت ما هو الأصح
تتمة زاد في نور الإيضاح في الشروط شرطين آخرين الأول انقطاع ما ينافيه من حيض أو نفاس أو حدث
والثاني زوال ما يمنع المسح على البشرة كشمع وشحم لكن يغني عن الثاني الاستيعاب كما لا يخفى
وزاد في المنية طلب الماء إذا غلب على ظنه أن هناك ماء وسيذكره المصنف بقوله ويطلبه غلوة إن ظن قربه
____________________
(1/231)
وزاد سيدي عبد الغني في السنن ثلاثة الأولى التيامن كما في جامع الفتاوى والمجتبى
الثانية خصوص الضرب على الصعيد لموافقته للحديث
قال في الخانية ذكر في الأصل أنه يضع يديه على الصعيد وفي بعض الروايات يضرب يديه على الصعيد وهذا أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع ا هـ
الثالثة أن يكون المسح بالكيفية المخصوصة التي قدمناها عن البدائع
وفي الفيض ويخلل لحيته وأصابعه ويحرك الخاتم والقرط كالوضوء والغسل ا هـ
قلت لكن في الخانية أن تخليل الأصابع لا بد منه ليتم الاستيعاب
وقال في البحر وكذا نزع الخاتم أو تحريكه ا هـ
فبقي تخليل اللحية من السنن فصار المزيد أربعة ويزاد خامسة وهي كون الضرب بظاهر الكفين أيضا كما علمت تصحيحه ولم أر من ذكر السواك في السنن مع أنهم ذكروه في الوضوء والغسل فينبغي ذكره
تأمل
فالحاصل أن ركن التيمم شيئان الضرب أو ما يقوم قمامه ومسح العضوين
وشرطه تسعة وهي الستة التي في بيت الشارح وكون المسح بأكثر اليد وزوال ما ينافيه وطلب الماء لو ظن قربه
وسننه ثلاثة عشر الثمانية التي نظمها والخمسة التي ذكرناها آنفا وقد نظمت جميع ذلك فقلت ومسح وضرب ركنه العذر شرطه وقصد وإسلام صعيد مطهر وتطلاب ماء ظن تعميم مسحه بأكثر كف فقدها الحيض يذكر وسن خصوص الضرب نفض تيامن وكيفية المسح التي فيه تؤثر وسم ورتب وال بطن وظهرن وخلل وفرج فيه أقبل وتدبر قوله ( من عجز ) العجز على نوعين عجز من حيث الصورة والمعنى وعجز من حيث المعنى فقط فأشار إلى الأول بقوله لبعده وإلى الثاني بقوله أو لمرض أفاده في البحر
وفيه عن المحيط المسافر يطأ جاريته وإن علم أنه لا يجد الماء لأن التراب شرع طهورا حال عدم الماء ولا تكره الجنابة حال وجوده فكذا حالة عدمه ا هـ
قوله ( مبتدأ ) المبتدأ لفظ من فقط لكن لما كان الصلة والموصول كالشيء الواحد تسمح في إطلاق المبتدأ عليهما ط
قوله ( المطلق ) قيد به لأن غيره كالعدم
قوله ( الكافي لطهارته ) أي من الخبث والحدث الأصغر أو الأكبر فلو وجد ماء يكفي لإزالة الحدث أو غسل النجاسة المانعة غسلها وتيمم عند عامة العلماء وإن عكس وصلى في النجس أجزإه وأساء
خانية
ولو تيمم أولا ثم غسلها يعيد التيمم لأنه تيمم وهو قادر على الوضوء
محيط ونظر فيه في البحر بما سنذكره مع جوابه
وفي القهستاني إذا كان للجنب ماء يكفي لبعض أعضائه أو للوضوء تيمم ولم يجب عليه صرفه إليه إلا إذا تيمم للجنابة ثم أحدث فإنه يجب عليه الوضوء لأنه قدر على ماء كاف ولا يجب عليه التيمم لأنه بالتيمم خرج عن الجنابة إلى أن يجد ماء كافيا للغسل كذا في شرح الطحاوي وغيره ا هـ
قوله ( لصلاة ) متعلق بقوله لطهارته أو باستعمال واحترز بها عن النوم ورد السلام ونحوه مما يأتي فإنه لا يشترط له العجز
قوله ( تفوت إلى خلف ) كالصلوات الخمس فإن خلفها قضاؤها
وكالجمعة فإن خلفها الظهر واحترز به عما لا يفوت إلى خلف كصلاة الجنازة والعيد والكسوف والسنن والرواتب فلا يشترط لها العجز كما سيأتي
قوله ( لبعده ) الضمير يرجع إلى من ط وقيد بالبعد لأنه عند عدمه لا يتيمم وإن خاف خروج الوقت في صلاة لها خلف خلافا لزفر وسيذكر الشارح أن الأحوط أن يتيمم ويصلي ثم يعيد
____________________
(1/232)
ويتفرع على هذا الاختلاف ما لو ازدحم جمع على بئر لا يمكن الاستقاء منها إلا بالمناوبة أو كانوا عراة ليس معهم إلا ثوب يتناوبونه وعلم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد الوقت فإنه لا يتيمم ولا يصلي عاريا بل يصبر عندنا وكذا لو اجتمعوا في مكان ضيق ليس فيه إلا موضع يسع أن يصلي قائما فقط يصبر ويصلي قائما بعد الوقت كعاجز عن القيام والوضوء في الوقت ويغلب على ظنه القدرة بعده وكذا من معه ثوب نجس وماء يلزمه غسل الثوب وإن خرج الوقت
بحر ملخصا عن التوشيح
قوله ( ولو مقيما ) لأن الشرط هو العدم فإنما تحقق جاز التيمم نص عليه في الأسرار
بحر
قوله ( ميلا ) هو المختار في المقدار
هداية وهو أقرب الأقوال
بدائع
والمعتبر غلبة الظن في تقديره إمداد وغيره
والميل في كلام العرب منتهى مد البصر وقيل للأعلام المبنية في طريق مكة أميال لأنها بنيت كذلك كما في الصحاح والمغرب والمراد هنا ثلث الفرسخ والفرسخ ربع البريد
قوله ( أربعة آلاف ذراع ) كذا في الزيلعي والنهر والجوهرة
وقال في الحلية إنه المشهور كما نقله غير واحد منهم السروجي في غايته ا هـ
وفي شرح العيني ومسكين والبحر عن الينابيع أنه أربعة آلاف خطوة
قال الرملي والأول هو المعول عليه وما في الشرنبلالية من التوفيق بينهما بأن يراد بالذراع ما فيه أصبع قائمة عند كل قبضة فيبلغ ذراعا ونصفا بذراع العامة ا هـ
فيه نظر لضبطهم الذراع بما ذكره الشارح
قوله ( وهو ) أي الذراع بعدد حروف لا إله إلا الله المرسومة
قوله ( ظهر لبطن ) أي يلصق ظهر كل شعيرة لبطن الأخرى
وفي بعض النسخ ظهرا بالنصب على الحال موافقا لما في كثير من الكتب أي ملصقا
قوله ( يشتد ) أي يريد في ذاته وقوله أو يمتد أي يطول زمنه وكذا لو كان صحيحا خاف حدوث مرض كما في القهستاني وهو معلوم من قول المصنف أو برد
قوله ( بغلبة ظن ) أي عن أمارة أو تجربة
شرح المنية
قوله ( أو قول حاذق مسلم ) أي إخبار طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق وقيل عدالته شرط
شرح المنية
قوله ( ولو بتحرك ) متعلق بيشتد ا هـ
ح ولا مانع من تعلقه بيمتد أيضا لأن التحرك يكون سببا في الامتداد أيضا ط
وفي البحر ولا فرق عندنا بين أن يشتد بالتحرك كالمبطون أو بالاستعمال كالجدري
قوله ( أو لم يجد ) أي أو كان لا يهاف الاشتداد ولا الامتداد لكنه لا يقدر بنفسه ولم يجد من يوضئه
قوله ( كما في البحر ) حاصل ما فيه أنه إن وجد خادما أي من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لا يتيمم اتفاقا وإن وجد غيره ممن لو استعان به أعانه ولو زوجته فظاهر المذهب أنه لا يتيمم أيضا بلا خلاف
وقيل على قول الإمام يتيمم وعلى قولهما لا كالخلاف في مريض لا يقدر على الاستقبال أو التحول من الفراش النجس ووجد من يوجهه أو يحوله لأن عنده لا يعتبر المكلف قادرا بقدرة الغير
والفرق على ظاهر المذهب أن المريض يخاف عليه زيادة الوجع في قيامه لا في الوضوء ا هـ
____________________
(1/233)
أقول حاصل الفرق أن زيادة المرض حاصلة بالأولى لا بالثاني لأن فرض المسألة أنه لا يخاف الاشتداد ولا الامتداد فلم يكن عاجزا حقيقة فيلزمه الاستعانة على وضوئه ولا يجوز له التيمم بخلاف الأول لأنه عاجز حقيقة فلا تلزمه الاستعانة وفيه ظنر فإنه في الثاني وإن لم يخف الزيادة لكنه لا يقدر بنفسه فهو عاجز حقيقة أيضا وليس المبيح للتيمم هو خصوص زيادة المرض
تأمل
وفي البحر وظاهر ما في التجنيس أنه لو له مال يستأجر به أجيرا لا يتيمم قل الأجر أو كثر
وفي المبتغى خلافه والظاهر عدم الجواز ولو قليلا ا هـ والمراد بالقليل أجرة المثل كما بحثه في النهر والحلية وبه جزم الشارح
قوله ( وفيه ) أي البحر حيث قال لما كان على السيد تعاهد العبد في مرضه كان على عبده أن يتعاهده في مرضه والزوجة لما لم يكن عليه أن يتعاهدها في مرضها فيما يتعلق بالصلاة لا يجب عليها ذلك إذا مرض فلا يعد قادرا بفعلها ا هـ
لكن قدمنا أن ظاهر المذهب أنه لا يجوز له التيمم إن كان لو استعان بالزوجة تعينه وإن لم يكن ذلك واجبا عليها
قوله ( توضيء ) بالتاء الفوقية في أوله وفي آخره همزة قبلها ياء ممدودة مصدر وضأ بالتشديد مثل فرح تفريحا
قوله ( يجب ) أي يجب عليه أن يوضىء مملوكه وكذا عكسه وهو ظاهر
قوله ( يهلك الجنب أو يمرضه ) قيد بالجنب لأن المحدث لا يجوز له التيمم للبرد في الصحيح خلافا لبعض المشايخ كما في الخانية والخلاصة وغيرهما
وفي المصفى أنه بالإجماع على الأصح قال في الفتح وكأنه لعدم تحقق ذلك في الوضوء عادة ا هـ
واستشكله الرملي بما صححه في الفتح في مسألة المسح على الخف من أنه لو خاف سقوط رجله من البرد بعد مضي مدته يجوز له التيمم
قال وليس هذا إلا تيمم المحدث لخوفه على عضوه فيتجه ما في الأسرار من اختيار قول بعض المشايخ
أقول المختار في مسألة الخف هو المسح لا التيمم كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى نعم مفاد التعليل بعدم تحقق الضرر في الوضوء عادة أنه لو تحقق جاز فيه أيضا اتفاقا ولذا مشى عليه في الإمداد لأن الحرج مدفوع بالنص وهو ظاهر إطلاق المتون
قوله ( ولو في المصر ) أي خلافا لهما
قوله ( ولا ما يدفئه ) أي من ثوب يلبسه أو مكان يأويه
قال في البحر فصار الأصل أنه متى قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم إجماعا
قوله ( وما قيل الخ ) أي قال بعضهم إن الخلاف مبني على أن أجر الحمام في زمان الإمام كان يؤخذ قبل الدخول أما في زمانهما فإنه يؤخذ بعده فإذا عجز عن الأجرة دخل ثم يتعلل بالعسرة وبعد الإعطاء
قوله ( فمما لم يأذن به الشرع ) فإن الحمامي لو علم حاله لا يرضى بدخوله
ففيه تغرير وهو غير جائز
قال في البحر تبعا للحلية ومن ادعى إباحته فضلا عن تعينه فعليه البيان
قوله ( نعم الخ ) عزاه في البحر إلى الحلية وأقره
قوله ( على نفسه ) متعلق بخوف ط
قوله ( ولو من فاسق ) بأن كان عند الماء وخافت المرأة منه على نفسها
بحر
والأمرد في حكمها كما لا يخفى
قوله ( وحبس غريم ) بأن كان صاحب الدين عند الماء وخاف المديون المفلس من الحبس
بحر
ومفهومه أنه لو لم يكن معسرا لا يجوز لأنه ظالم بالمطل
قوله ( أو ماله ) عطف على نفسه ح ولم أر من قدر المال
____________________
(1/234)
بمقدار وسنذكر عن التاترخانية ما يفيد تقديره بدرهم كما يجوز له قطع الصلاة
قوله ( ولو أمانة ) عد الأمانة ماله باعتبار وضع اليد عليها ط
قوله ( ثم إن نشأ الخوف الخ ) اعلم أن المانع من الوضوء إن كان من قبل العباد كأسير منعه الكفار من الوضوء ومحبوس في السجن ومن قيل له إن توضأت قتلتك جاز له التيمم ويعيد الصلاة إذا زال المانع كذا في الدرر والوقاية أي وأما إذا كان من قبل الله تعالى كالمرض فلا يعيد
ووقع في الخلاصة وغيرها أسير منعه العدو من الوضوء والصلاة يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد فقيد بالإيماء لأنه منع من الصلاة أيضا
فلو منع من الوضوء فقط صلى بركوع وسجود كما هو ظاهر الدرر
أفاده نوح أفندي
ثم اعلم أنه اختلف في الخوف من العدو هل هو من الله تعالى فلا إعادة أو من العبد فتجب ذهب في المعراج إلى الأول وفي النهاية إلى الثاني ووفق في البحر بحمل الثاني على ما إذا حصل وعيد من العبد نشأ منه الخوف فكان من قبل العباد وحمل الأول على ما إذا لم يحصل ذلك أصلا بل حصل خوف مكان من قبل الله تعالى لتجرده عن مباشرة السبب وإن كان الكل منه تعالى خلقا وإرادة
قال ثم رأيت في الحلية صرح بما فهمته وأقره في النهر وغيره وهذا ما أشار إليه الشارح رحمه الله
وقدم الشارح في الغسل أن المرأة بين رجال تتيمم وقدمنا أن الرجل كذلك وأن الظاهر أنه لا إعادة عليه ولا عليها لأن المانع شرعي وهو كشف العورة عند من لا يحل له رؤيتها والمانع منه الحياء وخوف الله تعالى وهما من الله تعالى لا من قبل العباد
فرع في البحر عن المبتغى بالغين المعجمة أجير لا يجد الماء إلا في نصف ميل لا يعذر في التيمم وإن لم يأذن له المستأجر تيمم وأعاد ولو صلى صلاة أخرى وهو يذكر هذه تفسد
قوله ( أو عطش ) معطوف على عدو أي لأنه مشغول بحاجته والمشغول بالحاجة كالمعدوم
بحر
قوله ( ولو لكلبه ) قيده في البحر والنهر بكلب الماشية والصيد ومفاده أنه لو لم يكن كذلك لا يعطي هذا الحكم
والظاهر أن كلب الحراسة للمنزل مثلهما ط قوله ( أو رفيق القافلة ) سواء كان رفيقه المخالط له أو آخر من أهل القافلة
بحر وعطش دابة رفيقه كعطش دابته نوح
قوله ( حالا أو مآلا ) ظرف لعطش أو له ولرفيق على التنازع كما قال ح أي الرفيق في الحال أو من سيحدث له
قال سيدي عبد الغني فمن عنده ماء كثير في طريق الحاج أو غيره وفي الركب من يحتاج إليه من الفقراء يجوز له التيمم بل ربما يقال إذا تحقق احتياجهم يجب بذله إليهم لإحياء مهجهم
قوله ( وكذا العجين ) فلو احتاج إليه لاتخاذ المرقة لا يتيمم لأن حاجة الطبخ دون حاجة العطش
بحر
قوله ( أو إزالة نجس ) أي أكثر من قدر الدرهم كما قدمناه
وفي الفيض لو ماله ما يغسل بعض النجاسة لا يلزمه ا هـ
____________________
(1/235)
قلت وينبغي تقييده بما إذا لم تبلغ أقل من قدر الدرهم فإذا كان في طرفي ثوبه نجاسة وكان إذا أحد الطرفين بقي ما في الطرف الآخر أقل من قدر الدرهم يلزمه فافهم
قوله ( كما سيجيء ) أي
قوله ( بعدم الإناء ) متعلق بتعذر ط
قوله ( للمضطر أخذه ) أي إذا امتنع صاحب الماء من دفعه وهو غير محتاج إليه للعطش وهناك مضطر إليه للعطش كان له أخذه منه قهرا وله أن يقاتله
سراج
قلت وينبغي تقييده بما إذا امتنع من دفعه مجانا أو بالثمن وللمضطر ثمنه وسيأتي في فصل الشرب أن له أن يقاتله بالسلاح
قال الشارح هناك تبعا للمنح والزيلعي هذا في غير المحرز بالأواني وإلا قاتله بغير سلاح إذا كان فيه فضل عن حاجته لملكه له بالإحراز فصار نظير الطعام
وقيل في البئر ونحوها الأولى أن يقاتله بغير صلاح لأنه ارتكب معصية فكان كالتعزير كما في الكافي ا هـ
قوله ( فإن قتل ) بالبناء للمجهول
قوله ( فهدر ) أي لا قصاص فيه ولا دية ولا كفارة
سراج
وينبغي أن يضمن المضطر قيمة الماء
شرنبلالية
قوله ( بقود ) أي بقصاص إن كان القتل عمدا كأن قتله بمحدد
قوله ( أو دية ) أي إن كان شبه عمد أو خطأ أو جرى مجرى الخطأ والدية على العاقلة وعلى القاتل الكفارة
أفاده في البحر ط
قال في السراج وإن كان صاحب الماء محتاجا إليه للعطش فهو أولى به من غيره فإن احتاج إليه الأجنبي للوضوء لم يلزمه بذله ولا يجوز للأجنبي أخذه منه قهرا
قوله ( طاهرة ) أما النجسة فكالعدم
قوله ( ولو شاشا ) أي ونحوه مما يمكن إدلاؤه واستخراج الماء به قليلا وعصره
قوله ( وإن نقص الماء إلى قوله تيمم ) نقله في التوشيح عن كتب الشافعية ثم قال وهذا كله موافق لقواعدنا وأقره في البحر وكذا أقره في النهر وغيره وهو ظاهر ولكن رأيت في التاترخانية ما يخالفه حيث قال قال القاضي الإمام فخر الدين إن نقصت قيمة المنديل قدر درهم تيمم وليس عليه أن يرسله ولو أقل فلا كما لو رأى المصلي من يسرق ماله فإن كان قدر درهم يقطع الصلاة وإلا فلا كذا هنا ا هـ
وأنت خبير بأن ما ذكره الشافعية أقرب إلى القواعد لأنه لو وجد الماء يباع يلزمه شراؤه بثمن المثل ولو كانت قيمته أكثر من درهم ولكن الرجوع إلى المنقول في المذهب بعد الظفر به أولى ولعل وجه الفرق أن الشراء وإن كثر ثمنه لا يسمى إتلافا لأنه مبادلة بعوض بخلاف إتلاف المنديل ونحوه بالإدلاء أو بالشق فإنه إتلاف بلا عوض وهو منهي شرعا
وإذا جاز قطع الصلاة بعد الشروع فيها لأجل درهم علم أن الدرهم قدر معتبر له خطر فلا يجوز إتلافه فيما له عند مندوحة لأنه عادم للماء شرعا فيتيمم
وإذا جاز له التيمم فيما إذا كان نقصان القيمة أكثر من قيمة الماء وجعل عادما للماء مراعاة لحقه يجعل عادما للماء هنا أيضا مراعاة لحقه وحق الشرع في الامتناع عن الإتلاف المنهي عنه هذا ما ظهر لفهمي السقيم والله العليم
قوله ( أو شقه ) أي إذا كان لا يصل إلى الماء بدونه
قوله ( قدر قيمة الماء ) أي وآلة الاستقاء كما ذكره في البحر في صورة الشق والظاهر أن صورة الإدلاء كذلك
تأمل
قوله ( بأجر ) أي أجر المثل فيلزمه ولم يجز التيمم وإلا جاز بلا إعادة
بحر عن التوشيح
قوله ( كلها ) أي كل واحد منها
قوله ( حتى لو تيمم الخ ) أشار بالتفريع المذكور إلى أن كل عذر منها إنما يسمى عذرا ما دام موجودا فلو زال بطل حكمه وإن وجد بعده عذر آخر لما سيأتي أنه ينقضه زوال ما أباحه فافهم
قوله ( ثم مرض الخ ) صادق بثلاث صور أن يكون وجد الماء قبل المرض أو بعده أو بقي عادما له ولا شبهة أنه في الأولى يبطل التيمم وأما الثالثة فالظاهر أنه لا يبطل لعدم زوال ما أباحه ولأن اختلاف السبب لا يظهر إلا إذا زال الأول
والظاهر أن المراد الثانية فقط فإذا تيمم لفقد الماء ثم مرض ثم وجد الماء بعده لا يصلي بالتيمم السابق لأنه كان لفقد الماء والآن هو واجد له فبطل تيممه لزوال ما أباحه وإن
____________________
(1/236)
كان له مبيح آخر في الحال ونظيره ما ذكره في البحر في النواقض بقوله فإذا تيمم للمرض أو للبرد مع وجود الماء ثم فقد الماء ثم زال المرض أو البرد ينتقض لقدرته على استعمال الماء وإن لم يكن الماء موجودا ا هـ
ومثله في النهر
أقول لكن يشكل عليه ما في البدائع لو مر المتيمم على ماء لا يستطيع النزول إليه لخوف عدو أو سبع لا ينتقض تيممه كذا ذكره محمد بن مقاتل الرازي وقال هذا قياس قول أصحابنا لأنه غير واجد للماء معنى فكان ملحقا بالعدم ا هـ
ومثله في المنية إذ لا يخفى أن خوف العدو سبب آخر غير الذي أباح التيمم أولا فإن الظاهر في فرض المسألة أنه تيمم أولا لفقد الماء اللهم إلا أن يجاب بأن السبب الأول هنا باق وفيه بحث فليتأمل
قوله ( لأن اختلاف أسباب الرخصة الخ ) الرخصة هنا التيمم وأسبابها ما تقدم من الأعذار المذكورة وسنحقق هذه القاعدة في باب الإيلاء
قوله ( جامع الفصولين ) هو كتاب معتبر لابن قاضي سماوة جمع فيه بين فصول العمادي وفصول الاستروشني وقد ذكر هذه المسألة فيه في الفصل الرابع والثلاثين في أحكام المرضى
قوله ( مستوعبا ) أي يتيمم تيمما مستوعبا فهو صفة لمصدر محذوف وهو أولى من جعله حالا فيفيد أنه ركن وعلى الحالية يصير شرطا خارجا عن الماهية لأن الأحوال شروط على ما عرف
أفاده في البحر
قوله ( حتى لو ترك شعرة ) قال في الفتح يمسح من وجهه ظاهر البشرة والشعر على الصحيح ا هـ
وكذا العذار والناس عنه غافلون
مجتبى
وما تحت الحاجبين فوق العينين
محيط كذا في البحر
قوله ( أو وترة منخره ) هي التي بين المنخرين
ابن كمال
لكن في القاموس الوترة محركة حرف المنخر والوتيرة حجاب ما بين المنخرين
قوله ( ويديه ) عطف بالواو دون ثم إشارة إلى أن الترتيب فيه ليس بشرط كأصله
بحر
والحكم في اليد الزائدة كالوضوء ط
قوله ( فينتزع الخاتم الخ ) قال في الخانية ولو لم يحرك الخاتم إن كان ضيقا وكذا المرأة السوار لم يجز ا هـ
ومثله في الولوالجية
ووجهه أن التحريك مسح لما تحته إذ الشرط المسح لا وصول التراب فافهم لكن التقييد بالضيق يفهم أنه لو كان واسعا لا يلزم تحريكه
والظاهر أنه يقال فيه ما سنذكره في التخليل
قوله ( به يفتى ) أي بلزوم الاستيعاب كما في شرح الوقاية وهو الصحيح
خانية وغيرها وهو ظاهر الرواية زيلعي ومقابله ما روي أن الأكثر كالكل
قوله ( فيمسحه ) أي المرفق المفهوم من المرفقين ط
قوله ( الأقطع ) أي من المرفق إن بقي شيء منه ولو رأس العضد لأن المرفق مجموع رأسي العظمين
رحمتي
فلو كان القطع فوق المرفقين لا يجب اتفاقا ط
قوله ( بضربتين ) متعلق بتيمم أو بمستوعبا
أفاده في النهر
وإنما آثر عبارة الضرب على عبارة الوضع لكونها مأثورة وإلا فهي ليست بضربة لازب فإن محمدا قد نبه في بعض روايات الأصول على أن الوضع كاف والمراد بيان كفاية الضربتين لا أنه لا بد من التيمم منهما
ابن كمال وقدمناه تمام عبارته ونبه على أن فائدة العدد أنه لا يحتاج إلى ضربة ثالثة كما يأتي
قوله ( ولو من غيره ) فلو أمر غيره بأن ييممه جاز بشرط أن ينوي الآمر
بحر
قال ط ظاهره أنه يكفي من الغير ضربتان وهو خلاف ما يأتي عن القهستاني
قوله ( أو ما يقوم مقامهما ) أي خلافا لأبي شجاع وقدمنا الكلام عليه مع ثمرة الخلاف
قوله ( لما في الخلاصة ) عبارتها كما في البحر ولو أدخل رأسه في موضع الغبار بنية التيمم يجوز ولو
____________________
(1/237)
انهدم الحائط وظهر الغبار فحرك رأسه ونوى التيمم جاز والشرط وجود الفعل منه ا هـ أي الشرط في هذه الصورة وجود الفعل منه وهو المسح أو التحريك وقد وجد فهو دليل على أن الضرب غير لازم كما مر وفعل غيره بأمره قائم مقام فعله فهو منه في المعنى فافهم
قوله ( طهرت لعادتها ) اعلم أنه قال في الظهيرية وكما يجوز التيمم للجنب لصلاة الجنب والعيد كذلك يجوز للحائض إذا طهرت من الحيض إذا كان أيام حيضها عشرا وإن كان أقل فلا ا هـ
وقال في البحر والذي يظهر أن هذا التفصيل غير صحيح بدليل ما اتفقوا عليه من أنه إذا انقطع لأقل من عشرة فتيممت لعدم الماء وصلت جاز للزوج وطؤها الخ
وأجاب في النهر بحمل ما في الظهيرية على ما إذا انقطع لأقل من عادتها لما سيأتي في الحيض من أنه حينئذ لا يحل قربانها وإن اغتسلت فضلا عن التيمم ا هـ
أقول لا يخفى أن قول الظهيرية إذا كان أيام حيضها عشرا ظاهر في أن ذلك عادتها فهذا الحمل بعيد ثم ظهر لي بتوفيق الله تعالى أن كلام الظهيرية صحيح لا إشكال فيه
وبيان ذلك أن التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة أو العيد يصح مع وجود الماء لأنها تفوت لا إلى خلف كما يأتي وهذا في المحدث ظاهر وكذا في الجنب
وأما الحائض فإذا طهرت لتمام العشرة فقد خرجت من الحيض ولم يبق معها سوى الجنابة فهي كالجنب
وأما إذا انقطع دمها لدون العشرة فلا تخرج من الحيض ما لم يحكم عليها بأحكام الطاهرات بأن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو تتيمم بشرطه كما سيأتي في بابه وقولهم أو تتيمم بشرطه أرادوا به التيمم الكامل المبيح لصلاة الفرائض وهو ما يكون عند العجز عن استعمال الماء
وأما التيمم لصلاة جنازة أو عيد خيف فوتها فغير كامل لأنه يكون مع حضور الماء ولهذا لا تصح صلاة الفرض به ولا صلاة جنازة حضرت بعده فعلمنا بذلك أنها لو تيممت لذلك لم تخرج من الحيض لأن ذلك التيمم غير كامل
ولا يصح ذلك التيمم لقيام المنافي بعد وهو الحيض وعدم وجود شرطه وهو فقد الماء نعم لو تيممت لذلك مع فقد الماء حكم عليها بالطهارة وجازت صلاتها به من الفرائض وغيرها لأنه تيمم كامل ومراد الظهيرية التيمم الناقص وهو ما يكون مع وجود الماء فالتفصيل الذي ذكره في الحائض صحيح لا غبار عليه كأنه في البحر ظن أن مراده التيمم الكامل وليس كذلك كما لا يخفى
بقي الكلام في عبارة الشارح فقوله طهرت لعادتها في غير محله لأن قول المصنف ولو جنبا أو حائضا مفروض في التيمم الكامل الذي يكون عند فقد الماء والحائض يصح تيممها عند فقد الماء إذا طهرت لتمام العشرة أو لدونها ويجب عليها أن تغتسل أو تتيمم عند فقد الماء سواء انقطع لتمام عادتها أو لدون عادتها كما سيأتي في بابه ويأتي فيه أنه إذا انقطع لتمام العادة يحل لزوجها قربانها كما لو انقطع لتمام العشرة وإن لدون عادتها لا يحل له قربانها فالتقييد بالعادة في كلام الشارح إنما يفيد بالنظر إلى القربان فقط فكان الواجب إسقاطه لإبهامه أنه لو كان لدون العادة لا يصح تيممها مع أنه يجب عليها إذا فقدت الماء لوجود الصلاة عليها كما علمت
والذي أوقعه عبارة النهر المبنية على ما فهمه صاحب النهر من كلام الظهيرية فافهم
قوله ( بمطهر ) متعلق بتيمم ويجوز أن يتعلق بمستوعبا وجعله العيني صفة لضربتين فهو متعلق بمحذوف أي ملتصقتين بمطر
نهر
____________________
(1/238)
قلت والأخير أولى لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بمتعلق واحد إلا أن نجعل الباء في بضربتين للتعدية وفي بمطهر للملابسة أو بالعكس
تأمل
وتعبيره بمطهر أولى من تعبيرهم بطاهر لإخراج الأرض المتنجسة إذا جفت كما قدمه الشارح
وأما إذا تيمم جماعة من محل واحد فيجوز كما سيأتي في الفروع لأنه لو يصر مستعملا إذ التيمم إنما يتأدى بما التزق بيده لا بما فضل كالماء الفاضل في الإناء بعد وضوء الأول وإذا كان على حجر أملى فيجوز بالأولى
نهر
قوله ( من جنس الأرض ) الفارق بين جنس الأرض وغيره أن كل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالشجر والحشيش أو ينطبع ويلين كالحديد والصفر والذهب والزجاج ونحوها فليس من جنس الأرض
ابن كمال عن التحفة
قوله ( نقع ) بفتح فسكون كما قال تعالى { فأثرن به نقعا } العاديات 4
قوله ( لم يحتج الخ ) أي بل يخلل من غير ضربه وليس المراد أنه لا يخلل أصلا لأن الاستيعاب من تمام الحقيقة
قال الزيلعي ويجب تخليل الأصابع إن لم يدخل بينها غبار
وفي الهندية والصحيح أنه لا يمسح الكف وضربها يكفي
أفاد ط
أقول والظاهر أن ما تحت الخاتم الواسع إن أصابه الغبار لا يلزم تحريكه وإلا لزم كالتخليل المذكور
قوله ( وعن محمد يحتاج إليها ) لأن عنده لا يجوز التيمم بلا غبار فحيث لم يدخل بين الأصابع لا بد منها على قوله
قوله ( وهو ) أي الغير
قوله ( يضرب ثلاثا ) أي لكل واحد من الأعضاء ضربة وهذا نقله القهستاني عن العماني وهو كتاب غريب والمشهور في الكتب المتداولة الإطلاق وهو الموافق للحديث الشريف التيمم ضربتان إلا أن يكون المراد إذا مسح يد المريض بكلتا يديه فحينئذ لا شبهة في أنه يحتاج إلى ضربة ثالثة يمسح بها يده الأخرى
قوله ( وبه مطلقا ) أي ويتيمم بالنقع مطلقا خلافا لأبي يوسف فعنده لا يتيمم به إلا عند العجز
بحر
ولا يجوز عنده إلا التراب والرمل
نهر
وما في الحاوي القدسي من أنه هو المختار غريب مخالف لما اعتمده أصحاب المتون
رملي
قوله ( فلا يجوز بلؤلؤ الخ ) تفريع على قوله من جنس الأرض
قوله ( لتولده من حيوان البحر ) قال الشيخ داود الطبيب في تذكرته أصله دود يخرج في نيسان فاتحا فمه للمطر حتى إذا سقط فيه انطبق وغاص حتى يبلغ آخره
قوله ( ولا بمرجان الخ ) كذا قال في الفتح وجزم في البحر والنهر بأنه سهو وأن الصواب الجواز به كما في عامة الكتب
وقال المصنف في منحه أقول الظاهر أنه ليس بسهو لأنه إنما منع جواز التيمم به لما قام عنده من أنه ينعقد من الماء كاللؤلؤ فإن كان الأمر كذلك فلا خلاف في منع الجواز والقائل بالجواز إنما قال به لما قام عنده من أنه من جملة أجزاء الأرض فإن كان كذلك فلا كلام في الجواز
والذي دل عليه كلام أهل الخبرة بالجواهر أن له شبهين شبها بالنبات وشبها بالمعادن وبه أفصح ابن الجوزي فقال إنه متوسط بين عالمي النبات والجماد فيشبه الجماد بتحجره ويشبه النبات بكونه أسجارا نابتة في قعر البحر ذوات عروق وأغصان خضر متشعبة قائمة ا هـ
____________________
(1/239)
أقول وحاصله الميل إلى ما قاله في الفتح لعدم تحقق كونه من أجزاء الأرض
ومال محشيه الرملي إلى ما في عامة الكتب من الجواز وكان وجهه أن كونه أشجارا في قعر البحر لا ينافي كونه من أجزاء الأرض لأن الأشجار التي لا يجوز التيمم عليها هي التي تترمد بالنار وهذا حجر كباقي الأحجار يخرج في البحر على صورة الأشجار فلهذا جزموا في عامة الكتب بالجواز فيتعين المصير إليه
وأما ما في الفتح فينبغي حمله على معنى آخر وهو ما قاله في القاموس من أن المرجان صغار اللؤلؤ ثم رأيته منقولا عن العلامة المقدسي فقال مراده صغار اللؤلؤ كما فسر به في الآية في سورة الرحمن وهو غير ما أرادوه في عامة الكتب ا هـ
وبه ظهر أن قول الشارح لشبهه للنبات الخ في غير محله بل العلة على ما حررناه تولده من حيوان البحر وأما ما يخرج في قعر البحر فيجوز وإن أشبه النبات فاغتنم هذا التحرير
قوله ( ولا بمنطبع ) هو ما يقطع ويلين كالحديد
منح
قوله ( وزجاج ) أي المتخذ من الرمل وغيره
بحر
قوله ( ومترمد ) أي ما يحترق بالنار فيصير رمادا
بحر
قوله ( إلا رماد الحجر ) كجص وكلس
قوله ( كحجر ) تنظير لا تمثيل قوله ( أو مغسول ) مبالغة في عدم اشتراط التراب
قوله ( غير مدهونة أو مدهونة بصبغ هو من جنس الأرض كما يستفاد من البحر كالمدهونة بالطفل والمغرة ط
قوله ( غير مغلوب بماء ) أما إذا صار مغلوبا بالماء فلا يجوز التيمم به
بحر بل يتوضأ به حيث كان رقيقا سيالا يجري على العضو
رملي
وسيذكر أن المساوي كالمغلوب
قوله ( لكن لا ينبغي الخ ) هذا ما حرره الرملي وصاحب النهر من عبارة الولوالجية خلافا لما فهمه منها في البحر من عدم الجواز قبل خوف خروج الوقت وظاهره أنه أراد به عدم الصحة
وحاصل ما في الولوالجية أنه إذا لم يجد إلا الطين لطخ ثوبه منه فإذا جف تيمم به وإن ذهب الوقت قبل أن يجف لا يتيمم به عند أبي يوسف لأن عنده لا يجوز إلا بالتراب أو الرمل
وعند أبي حنيفة إن خاف ذهاب الوقت تيمم به لأن التيمم بالطين عنده جائز وإلا فلا كي لا يتلطخ بوجهه فيصير مثله ا هـ
وبه يظهر معنى ما ذكره الشارح
قوله ( ومعادن ) جمع معدن كمجلس منب الجواهر من ذهب ونحوه
قاموس
قوله ( في محالها ) أي ما دامت في الأرض لم يصنع منها شيء وبعد السبك لا يجوز
زيلعي
قوله ( فيجوز الخ ) أي إذا كانت الغلبة للتراب كما في الحلية عن المحيط ولعل من أطلق بناه على أنها ما دامت في محالها تكون مغلوبة بالتراب
بخلاف ما إذا أخذت للسبك لأن العادة إخراج التراب منها فافهم
وأفاد أن ذات المعدن لا يجوز التيمم به قال في البحر لأنه ليس بتبع للماء وحده حتى يقوم مقامه ولا للتراب كذلك وإنما هو مركب من العناصر الأربعة فليس له اختصاص بشيء منها حتى يقوم مقامه
قوله ( وقيده الإسبيجابي الخ ) كذا في النهر وظاهره أن الضمير راجع إلى التيمم بالمعادن لكن إذا كانت مغلوبة بالتراب لا يحتاج إلى هذا القيد
وعبارة الإسبيجابي كما في البحر ولو أن الحنطة أو الشيء الذي لا يجوز عليه التيمم إذا كان عليه التراب فضرب يده عليه وتيمم ينظر إن كان يستبين أثره بمده عليه جاز وإلا فلا
قوله ( وكذا الخ ) قال في البحر بعد عبارة الإسبيجابي التي ذكرناها وبهذا يعلم
____________________
(1/240)
حكم التيمم على جوخة أو بساط عليه غبار
فالظاهر عدم الجواز لقلة وجود هذا الشرط في نحو الجوخة فليتنبه له ا هـ
وقال محشيه الرملي بل الظاهر التفصيل إن استبان أثره جاز وإلا فلا لوجود الشرط خصوصا في ثياب ذوي الأشغال ا هـ
وهو حسن فلذا جزم به الشارح
وفي التاترخانية وصورة التيمم بالغبار أن يضرب بيديه ثوبا أو نحوه من الأعيان الطاهرة التي عليها غبار فإذا وقع الغبار على يديه تيمم أو ينفض ثوبه حتى يرتفع غباره فيرفع يديه في الغبار في الهواء فإذا وقع الغبار على يديه تيمم ا هـ
قلت وقيد بالأعيان الطاهرة لما في التاترخانية أيضا إذا تيمم بغبار الثوب النجس لا يجوز إلا إذا وقع الغبار بعد ما جف الثوب
قوله ( ولو مسبوكين ) هذا إنما يظهر إذا كان يمكن سبكهما بترابهما الغالب عليهما والظاهر أنه غير ممكن ولذا قال الزيلعي كما قدمناه إنه بعد السبك لا يجوز التيمم
وفي البحر عن المحيط ولو تيمم بالذهب والفضة إن كان مسبوكا لا يجوز وإن لم يكن مسبوكا وكان مختلطا بالتراب والغلبة للتراب جاز ا هـ
نعم إن كانا مسبوكين وكان عليهما غبار يجوز التيمم بالغبار الذي عليهما كما في الظهيرية أي إن كان يظهر أثره بمده عليه كما مر ولكن لا ينظر فيه إلى الغلبة فكان عليه أن يقول لو غير مسبوكين ليوافق كلامهم
قوله ( وأرض محترقة ) أي احترق ما عليها من النبات واختلط الرماد بترابها فحينئذ يعتبر الغالب
أما إذا أحرق ترابها من غير مخالط له حتى صارت سوداء جاز لأن المتغير لون التراب لا ذاته ط
قوله ( فلو الغلبة الخ ) بيان لقوله والحكم للغالب
قوله ( ومنه ) أي من قوله أي من قوله وإلا لا فإن نفي الغلبة صادق بما إذا كان التراب مغلوبا أو مساويا فافهم
قوله ( وجاز قبل الوقت ) أقول بل هو مندوب كما هو صريح عبارة البحر وقل من صرح به
رملي
قوله ( وجاز لغيره ) أي لغير الفرض
قوله ( لأنه بدل الخ ) أي هو عندنا بدل مطلق عند عدم الماء ويرتفع به الحدث إلى وقت وجود الماء وليس ببدل ضروري مبيح مع قيام الحدث حقيقة كما قال الشافعي فلا يجوز قبل الوقت ولا يصلي به أكثر من فرض عنده لكن اختلف عندنا في وجه البدلية فقالا بين الآلتين أي الماء والتراب
وقال محمد بين الفعلين أي التيمم والوضوء ويتفرع عليه جواز اقتداء المتوضىء بالمتيمم فأجازه ومنعه وسيأتي بيانه في باب الإمامة إن شاء الله تعالى وتمامه في البحر
قوله ( وجاز لخوف فوت صلاة وجنازة ) أي ولو كان الماء قريبا
ثم أعلم أنه اختلف فيمن له حق التقدم فيها فروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجوز للولي لأنه ينتظر ولو صلوا له حق الإعادة وصححه في الهداية والخانية وكافي النسفي
وفي ظاهر الرواية يجوز للولي أيضا لأن الانتظار فيها مكروه وصححه شمس الأئمة الحلواني أي سواء انتظروه أو لا
قال في البرهان إن رواية الحسن هنا أحسن لأن مجرد الكراهة لا يقتضي العجز المقتضي لجواز التيمم لأنها ليست أقوى من فوات الجمعة والوقتية مع عدم جوازه لهما وتبعه شيخ مشايخنا المقدسي في شرح نظم الكنز لابن الفصيح ا هـ
ملخصا من حاشية نوح أفندي
قوله ( أي كل تكبيراتها ) فإن كان يرجو أن يدرك البعض لا يتيمم لأنه يمكنه أداء الباقي وحده
بحر عن البدائع
____________________
(1/241)
والقنية
قوله ( أو حائضا ) وكذا النفساء إذا انقطع دمهما على العادة ط
أقول لا بد في الحائض لانقطاع دمها لأكثر الحيض وإلا فإن لتمام العادة فلا بد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو يكون تيممها كاملا بأن يكون عند فقد الماء
أما التييم لخوف فوت الجنازة أو العيد فغير كامل وقدمنا قريبا تمام تحقيق المسألة فافهم
قوله ( به يفتى ) أي بهذا التفصيل كما في المضمرات وعند محمد يعيد على كل حال
قهستاني
قوله ( أو زوال شمس ) هذا إذا كان إماما أو مأموما
واعلم أنه سيأتي أن صلاة العيد تؤخر لعذر في الفطر الثاني وفي الأضحى للثالث فإذا اجتمع الناس في اليوم الأول قبيل الزوال والإمام بغير وضوء وكانت بحيث لو توضأ زالت الشمس فهل يكون ذلك عذرا ويؤخر ولا يتيمم أم يتيمم ولا يؤخر لكن قول الشارح لأن المناط خوف الفوت لا بد إلى بدل يقتضي التأخير فليراجع ا هـ
ح
أقول سيصرح الشارح هناك بأنها قضاء في اليوم الثاني ولم يجعلوها هنا كالوقتية التي يخلفها القضاء بل صرحوا بمخالفتها لها وبأنها تفوت بزوال الشمس فيعلم منه أنها لا تؤخر لما ذكره هذا ما ظهر لي فتأمله وانظر ما علقناه على البحر
قوله ( ولو كان يبني بناء ) كذا في النهر وفيه إشارة إلى أن قوله بناء مفعول مطلق ويحتمل جعله حالا أي ولو كان تيممه في حال كونه بانيا ويجوز كونه مفعولا لأجله كما تقتضيه عبارة الدرر لكنه مبني على ما ارتضاه المحقق الرضي من أنه لا يلزم فيه أن يكون فعلا قلبيا
قوله ( بعد شروعه متوضئا الخ ) في المسألة تفصيل مبسوط في البحر
وحاصله ما ذكره القهستاني بقوله إن سبق الحدث في المصلي قبل الصلاة فإن رجا إدراك شيء منها بعد الوضوء لا يتيمم وإن شرع فإن خاف زوال الشمس تيمم بالإجماع وإلا فإن رجا إدراكه لا يتيمم وإلا فإن شرع به تيمم إجماعا وإن شرع بالوضوء فكذلك عنده خلافا لهما ا هـ
وهو محمول على ما إذا خاف خروج الوقت إذا وهب يتوضأ وإلا فلا بد من الوضوء لأمن الفوات لأنه يمكنه إكمال صلاته بعد سلام إمامه
تأمل
وقد اقتصروا في تصوير مسألة البناء على صلاة العيد وذكر في الإمداد أنه ليس للاحتراز عن الجنازة لأن العلة فيهما واحدة
قوله ( في الأصح ) يرجع إلى قوله بعد شروعه متوضئا وإلى قوله بلا فرق ومقابل الأصح في الأول قولهما ومقابله في الثاني ما روى الحسن عن الإمام أن الإمام لا يتيمم ط
قوله ( لأن المناط ) أي الذي تعلق به الحكم المذكور وهو التيمم لخوف فوت الصلاة بلا بعد عن الماء
قوله ( فجاز لكسوف الخ ) تفريع على التعليل ومراده به ما يعم الخسوف ط
وهذا إلى قوله وحدها ذكره العلامة ابن أمير حاج الحلبي في الحلية بحثا وأقره في البحر والنهر
قوله ( وسنن رواتب ) كالسنن التي بعد الظهر والمغرب والعشاء والجمعة إذا أخرها بحيث لو توضأ فات وقتها فله التيمم
قال ط والظاهر أن المستحب كذلك لفوته بفوت وقته كما إذا ضاق وقت
____________________
(1/242)
الضحى عنه وعن الوضوء فيتيمم له
قوله ( خاف فوتها وحدها ) أي فيتيمم على قياس قولهما أما على قياس قول محمد فلا لأنها إذا فاتته لاشتغاله بالفريضة مع الجماعة يقضيها بعد ارتفاع الشمس عنده وعندهما لا يقضيها أصلا
بحر
وصورة فوتها وحدها لو وعده شخص بالماء أو أمر غيره بنزحه له من بئر وعلم أنه لو انتظره لا يدرك سوى الفرض يتيمم للسنة ثم يتوضأ للفرض ويصلي قبل الطلوع وصورها شيخنا بما إذا فاتت مع الفرض وأراد قضاءها ولم يبق إلى زوال الشمس مقدار الوضوء وصلاة ركعتين فيتيمم ويصليها قبل الزوال لأنها لا تقضي بعده ثم يتوضأ ويصلي الفرض بعده وذكر لها ط صورتين أخرتين
قوله ( ولنوم الخ ) أي عند وجود الماء لأن الكلام فيه ولما قرره في البحر من أن التيمم عند وجود الماء يجوز لكل عبادة تحل بدون الطهارة ولكن عبادة تفوت لا إلى خلف وبين القاعدتين عموم وجهي يجتمعان في رد السلام مثلا فإنه يحل بدون طهارة ويفوت لا إلى خلف وتنفرد الأولى في مثل دخول المسجد للمحدث فإنه يحل بدون الطهارة من الحدث الأصغر ولا يصدق عليه أنه يفوت لا إلى خلف وتنفرد الثانية في مثل صلاة الجنازة فإنها تفوت لا إلى خلف ولا تحل بدون الطهارة ح لكن القاعدة الأولى محل بحث كما تطلع عليه
قوله ( وإن لم تجز الصلاة به ) أي فيقع طهارة لما نواه له فقط كما في الحلية لأن التيمم له جهتان جهة صحته في ذاته وجهة صحة الصلاة به
فالثانية متوقفة على العجز عن الماء وعلى نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة كما سيأتي بيانه
وأما الأولى فتحصل بنية أي عبادة كانت سواء كانت مقصودة لا تصح إلا بالطهارة كالصلاة وكالقراءة للجنب أو غير مقصودة كذلك كدخول المسجد للجنب أو تحل بدونها كدخوله للمحدث أو مقصوده وتحل بدون طهارة كالقراءة للمحدث فالتيمم في كل هذه الصور صحيح في ذاته كما أوضحه ح
قوله ( وكذا لكل ما لا تشترط له الطهارة ) أي يجوز له التييم مع وجود الماء وهذه إحدى القاعدتين السابقتين وفيها نظر سيظهر
قوله ( لكن في النهر الخ ) استدراك على استدلال البحر بعبارة المبتغى على إحدى القاعدتين المذكورتين وهي جواز التيمم عند وجود الماء لكل عبادة تحل بدون الطهارة
وبيان الاستدراك أن الدليل إنما يتم بناء على إرادة الدخول للمحدث ليكون مما لا تشترط له الطهارة وإذا كان مراده الجنب سقط الدليل لأنه لا يحل له الدخول بدونها لكن كون المراد الجنب نظر فيه العلامة ح بأنه لا يخلو إما أن يكون الماء الموجود خارج المسجد وهو باطل أي لعدم جواز دخوله جنبا معوجود الماء خارجه وإما أن يكون الماء داخله وهو صحيح ولكنه بعيد من عبارته بدليل قوله وللنوم فيه ا هـ
وعليه فالظاهر أن مراد المبتغى دخول المحدث فيتم الدليل
لكن لقائل أن يقول إن مراد المبتغى أن الجنب إذا وجد ماء في المسجد وأراد دخوله للاغتسال يتيمم ويدخل ولو كان نائما فيه فاحتلم والماء خارجه وخشي من الخروج يتيمم وينام فيه إلى أن يمكنه الخروج
قال في المنية وإن احتلم في المسجد تيمم للخروج إذا لم يخف وإن خاف يجلس مع التيمم ولا يصلي ولا يقرأ ا هـ
____________________
(1/243)
ويؤيده ما قلناه إن نفس النوم في المسجد ليس عبادة حتى يتيمم له وإنما هو لأجل مكثه في المسجد أو لأجل مشيه فيه للخروج
قوله ( قلت الخ ) اعتراض على البحر أيضا لأن عبارة المنية شاملة لدخول المسجد للمحدث وهو مما لا تشترط له الطهارة فينافي ما في البحر لكن أجاب ح بتخصيص الدخول بالجنب فلا تنافي
أقول ولا يخفى أنه خلاف المتبادر ولذا علله في شرح المنية بما ذكره الشارح وعلله أيضا بقوله لأن التيمم إنما يجوز ويعتبر في الشرع عند عدم الماء حقيقة أو حكما ولم يوجد واحد منهما فلا يجوز ا هـ
فيفيد أن التيمم لما لم تشترط له الطهارة غير معتبر أصلا مع وجود الماء إلا إذا كان مما يخاف فوته لا إلى بدل فلو تيمم المحدث للنوم أو لدخول المسجد مع قدرته على الماء فهو لغو بخلاف تيممه لرد السلام مثلا لأنه يخاف فوته لأنه على الفور ولذا فعله وهذا الذي ينبغي التعويل عليه
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) استدراك على ما يفهم من كلام البحر من أن ما تشترط له الطهارة لا يتيمم له مع وجود الماء وعلى ما يفهم من كلام المنية من أن كل عبادة لا يخاف فوتها لا يتيمم لها ط
قال ح وهو نقل ضعيف مصادم للقاعدة لأن سجدة التلاوة لا تحل إلا بالطهارة وتفوت إلى خلف ا هـ
أقول بل لا تفوت لأنها لا وقت لها إلا إذا كانت في الصلاة ولهذا نقل القهستاني أيضا عن القدوري في شرحه أنها لا يتيمم لها وعلله في الخلاصة بما قلنا
قوله ( لكن سيجيء ) أي في الفروع وهذا استدراك على الاستدراك وهذا التقييد مذكور في القهستاني أيضا بعد ورقتين نفلا عن شرح الأصل معلللا بعدم الضرورة في الحضر أي لوجود الماء فيه بخلاف السفر فأفاد أن جوازه عند فقد الماء فينافي ما نقله عن المختار من جوازه مع وجود الماء كما لا يخفى فافهم
قوله ( في الشرعة ) أي شرعة الإسلام للعلامة أبي بكر البخاري ط
قوله ( وشروحها ) رأيت ذلك منقولا في شرح الفاضل علي زاده ط
قوله ( قال ) أي في الشرعة وشروحها
قوله ( فظاهر البزازية الخ ) هذا غير ظاهر لأن عبارة البزازية ولو تيمم عند عدم الماء لقراءة قرآن عن ظهر قبل أو من المصحف أو لمسه أو لدخول المسجد أو خروجه أو لدفن أو لزيارة قبر أو الأذان أو الإقامة لا يجوز أن يصلي به عند العامة ولو عند وجود الماء لا خلاف في عدم الجواز ا هـ
فإن قوله لا خلاف في عدم الجواز أي عدم جواز الصلاة به ظاهر في عدم صحته في نفسه عند وجود الماء في هذه المواضع لأن من جملتها التيمم لمس المصحف ولا شبهة في أنه عند وجود الماء لا يصح أصلا ولما مر عن المنية وشرحها من أنه مع وجود الماء ليس بشيء بل هو عدم
والحاصل أن ما بحثه في البحر من صحة التيمم لهذه الأشياء مع وجود الماء لا بد لها من دليل وليس في شيء مما ذكره الشارح ما يدل عليها بل فيه ما يدل على خلافها كما علمت وأما عبارة المبتغى فقد علمت ما فيها فالظاهر عدم الصحة إلا فيما يخاف فوته كما قررناه قبل فتدبر
قوله ( وإن لم تجز الصلاة به ) لأن جوازها به يشترط له فقد الماء أو خوف الفوت لا إلى بدل بعد أن يكون المنوي عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة ولم يوجد ذلك في شيء مما ذكر
قوله ( قلت بل لعشر الخ ) من هنا إلى قوله قلت وظاهره ساقط في بعض النسخ وذكر ابن عبد الرزاق
____________________
(1/244)
أنه من ملحقات الشارح على نسخته الثانية
قوله ( أنه يجوز ) بدل من ما أو من الضابط
قوله ( ولو مع وجود الماء ) غير مسلم كما علمت
قوله ( فلا يجوز ) أي التيمم لمس مصحف سواء كان عن حدث أو عن جنابة
قوله ( فكالأول ) أي كالذي لا تشترط له الطهارة فيتيمم له مع وجود الماء ط
قوله ( فكالثاني ) وهو ما تشترط له الطهارة ط
قوله ( لم تجز الصلاة به ) أي لفقد الشرط وهو أمران كون المنوي عبادة مقصودة وكونها لا تحل إلا بالطهارة
أما في دخول المسجد ففي المحدث فقد الأمران وفي الجنب فقد الأول وأما في القراءة للمحدث فلفقد الثاني ولا يراد الجنب هنا لما تقدم قريبا من قوله أو جنبا فكالثاني أي فتجوز الصلاة به
وأما المس مطلقا فلفقد الأول والكتابة كالمس إلا إذا كتب والصحيفة على الأرض على ما مر فإذا تيمم لذلك كانت العلة فقد الأمرين
والتعليم إن كان من محدث فلفقد الثاني وإن كان من جنب وكان كلمة كلمة فلفقد الثاني أيضا وعارض التعليم لا يخرجه عن كونه قراءة ولا يراد الجنب هنا إذا لم يكن التعليم كلمة كلمة لما مر
وأما زيارة القبور وعيادة المريض ودفن الميت والسلام ورده فلفقد الثاني
وأما الأذان بالنسبة إلى الجنب فلفقد الأول وللمحدث فلفقد الأمرين
وأما الإقامة مطلقا فلفقد الأول
وأما الإسلام فجرى فيه على مذهب أبي يوسف القائل بصحته في ذاته ا هـ
ح
أقول لا يصح عد الإسلام هنا لأنه يوهم صحة تيممه له لكن لا تجوز الصلاة به وليس ذلك قولا لأحد من علمائنا الثلاثة لأنه عند أبي يوسف يصح في ذاته وتجوز الصلاة به عنده كما صرح به في البحر
وأما عندهما فلا يصح أصلا وهو الأصح كما في الإمداد وغيره فافهم
قوله ( بخلاف صلاة جنازة ) أي فإن تيممها تجوز به سائر الصلوات لكن عند فقد الماء وأما عند وجوده إذا خاف فوتها فإنما تجوز به الصلاة عن جنازة أخرى إذا لم يكن بينهما فاصل كما مر ولا يجوز به غيرها من الصلوات أفاده ح
قوله ( أو سجدة تلاوة ) أي فتصح الصلاة بالتيمم لها عند عدم الماء أما عند وجوده فلا يصح التيمم لها لما علمت من أنها تفوت إلى بدل ط
قوله ( وظاهره الخ ) أي ظاهر قوله لم تجز الصلاة به أن التيمم لهذه المذكورات الثلاث عشرة التي لا تشترط لها الطهارة صحيح في نفسه يجوز فعله
ووجه ظهور ذلك أنه لو لم يكن صحيحا في نفسه لكان المناسب أن يقال يصح التيمم لها أو لم يجز لأنه أعم
وأقول إن كان مراده الجواز عند فقد الماء فهو مسلم وإلا فلا والظاهر أن مراده الثاني موافقا لما قدمه عن البحر ولقوله فظاهر البزازية جوازه لتسع مع وجود الماء الخ وقدمنا أنه غير ظاهر وأنه لا بد له من نقل يدل عليه ولم يوجد وأن استدلال البحر بما في المبتغى لا يفيد نعم ما يخاف فوته بلا بدل من هذه المذكورات يجوز مع وجود الماء نظير الجنازة لأنه فاقد للماء حكما فيشمله النص بخلاف ما لا يخاف فواته منها فلا يجوز أصلا لأن النص ورد بمشروعية التيمم عند فقد الماء فلا يشرع عند وجوده حقيقة وحكما ولعله لهذا أمر بالتأمل فافهم
____________________
(1/245)
قوله ( لفواتها ) أي هذه المذكورات إلى بدل فبدل الوقتيات والوتر القضاء وبدل الجمعة الظهر فهو بدلها صورة عند الفوات وإن كان في ظاهر المذهب هو الأصل والجمعة خلف عنه خلافا لزفر كما في البحر
قوله ( وقيل يتيمم الخ ) هو قول زفر
وفي القنية أنه رواية عن مشايخنا
بحر
وقدمنا ثمرة الخلاف
قوله ( قال الحلبي ) أي البرهان إبراهيم الحلبي في شرحه على المنية وذكر مثله العلامة ابن أمير حاج الحلبي في الحلية شرح المنية حيث ذكر فروعا عن المشايخ ثم قال ما حاصله ولعل هذا من هؤلاء المشايخ اختيار لقول زفر لقوة دليله وهو أن التيمم إنما شرع للحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت فيتيمم عند خوف فواته
قال شيخنا ابن الهمام ولم يتجه لهم عليه سوى أن التقصير جاء من قبله فلا يوجب الترخيص عليه وهو إنما يتم إذا أخر لا لعذر ا هـ
وأقول إذا أخر لا لعذر فهو عاص
والمذهب عندنا أنه كالمطيع في الرخص نعم تأخيره إلى هذا الحد عذر جاء من قبل غير صاحب الحق فينبغي أن يقال يتيمم ويصلي ثم يعيد الوضوء كمن عجز بعذر قبل العباد وقد نقل الزاهدي في شرحه هذا الحكم عن الليث بن سعد
وقد ذكر ابن خلكان أنه كان حنفي المذهب وكذا ذكره فيالجواهر المضية في طبقات الحنفية ا هـ
ما في الحلية
قلت وهذا قول متوسط بين القولين وفيه الخروج عن العهدة بيقين فلذا أقره الشارح ثم رأيته منقولا في التاترخانية عن أبي نصر بن سلام وهو من كبار الأئمة الحنفية قطعا فينبغي العمل به احتياطا ولا سيما وكلام ابن الهمام يميل إلى ترجيح قول زفر كما علمته بل قد علمت من كلام القنية أنه رواية عن مشايخنا الثلاثة ونظير هذا مسألة الضيف الذي خاف ريبة فإنهم قالوا يصلي ثم يعيد والله تعالى أعلم
قوله ( ويجب ) أي على المسافر لأن طلب الماء في العمرانات أو في قربها واجب مطلقا
بحر
قوله ( طلبه ) أي الماء
قوله ( ولو برسوله ) وكذا لو أخبره من غير أن يرسله
بحر عن المنية
قوله ( ثلاثمائة ذراع ) أي إلى أربعمائة
درر وكافي وسراج ومبتغى
مطلب في تقدير الغلوة قوله ( ذكره الحلبي ) أي البرهان إبراهيم
وعبارته في شرحيه على المنية الكبير والصغير فيطلب يمينا ويسارا قدر غلوة من كل جانب وهي ثلاثمائة خطوة إلى أربعمائة وقيل قدر رمية سهم ا هـ
وفيه مخالفة لما عزاه إليه الشارح من وجهين الأول تفسير الغلوة بالخطا لا بالأذرع
والثاني الاكتفاء بالطلب يمينا ويسارا وهو الموافق لقول الخانية يفرض الطلب يمينا ويسارا قدر غلوة وظاهره كما في الشيخ إسماعيل عن البرجندي أنه لا يجب في جانب الخلف والقدام نعم في الحقائق ينظر يمينه وشماله وأمامه ووراءه غلوة
قال في البحر وظاهره أنه لا يلزمه المشي بل يكفيه النظر في هذه الجهات وهو في مكانه إذا كان حواليه لا يستتر عنه
____________________
(1/246)
وقال في النهر بل معناه أنه يقسم الغلوة على هذه الجهات فيمشي من كل جانب مائة ذراع إذ الطلب لا يتم بمجرد النظر ا هـ
وفي الشلانبلالية عن البرهان أن قدر الطلب بغلوة من جانب ظنه ا هـ
قلت لكن هذا ظاهر أن ظنه في جانب خاص أما لو ظن أن هناك ماء دون ميل ولم يترجح عنده أحد الجوانب يطلبه فيها كلها حتى جهة خلفه إلا إذا علم أنه لا ماء فيه حين مروره عليه
ولكن هل يقسم الغلوة على الجهات أو لكل جهة غلوة محل تردد
والأقرب الأول كما مر عن النهر وصريح ما مر عن شرح المنية خلافه ولكن الظاهر أنه لا يلزمه المشي إلا إذا لم يمكنه كشف الحال بمجرد النظر فتدبر
قوله ( وفي البدائع الخ ) اعتمده في البحر
قوله ( ورفقته ) الأولى أو رفقته لأن ضرر أحدهما كاف كما هو غير خاف ح
مطلب في الفرق بين الظن وغلبة الظن قوله ( ظنا قويا ) أي غالبا
قال في البحر عن أصول اللامشي إن أحد الطرفين إذا قوي وترجح على الآخر ولم يأخذ القلب ما ترجح به ولم يطرح الآخر فهو الظن وإذا عقد القلب على أحدهما وترك الآخر فهو أكبر الظن وغالب الرأي
قوله ( دون ميل ) ظرف لقوله قربه وقيد به لأن الميل وما فوقه بعيد لا يوجب الطلب
قوله ( بأمارة ) أي علامة كرؤية خضرة أو طير
قوله ( أو إخبار عدل ) قال في شرح المنية ويشترط في المخبر أن يكون مكلفا عدلا وإلا فلا بد معه من غلبة الظن حتى يلزم الطلب لأنه من الديانات
قوله ( وإلا يغلب على ظنه ) بأن شك أو ظن ظنا غير قوي
نهر
قوله ( وإلا لا ) أي إن لم يرج الماء لا يطلبه لعدم الفائدة
بحر عن المبسوط
قوله ( أعاد وإلا لا ) أي وإن لم يخبره بعد ما سأله لا يعيد الصلاة
زيلعي وبدائع
لكن في البحر عن السراج ولو تيمم من غير طلب وكان الطلب واجبا وصلى ثم طلبه فلم يجده وجبت عليه الإعادة عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ
ومفاده أنه تجب الإعادة هنا وإن لم يخبره
قوله ( في حق جواز الصلاة ) أما في حق صحته في نفسه فيكفي فيه نية ما قصده لأجله من أي عبادة كانت عند فقد الماء وعند وجوده يصح لعبادة تفوت لا إلى خلف كما قدمناه
قوله ( نية عبادة ) قدمنا في الوضوء تعريف النية وشروطها
وفي البحر وشرطها أن ينوي عبادة مقصودة الخ أو الطهارة أو استباحة الصلاة أو رفع الحدث أو الجنابة فلا تكفي نية التيمم على المذهب ولا تشترط نية التمييز بين الحدث والجنابة خلافا للجصاص ا هـ
ويأتي تمام الكلام عليه قريبا
قلت وتقدم في الوضوء أنه تكفي نية الوضوء فما الفرق بينه وبين نية التيمم تأمل
ولعل وجه الفرق أنه لما كان بدلا عن الوضوء أو عن آلته على ما مر من الخلاف ولم يكن مطهرا في نفسه إلا بطريق البدلية لم يصح أن يجعل مقصودا بخلاف الوضوء فإنه طهارة أصلية
والأقرب أن يقال إن كل وضوء تستباح به الصلاة
بخلاف التيمم فإنه منه ما لا تستباح به فلا يكفي للصلاة التيمم المطلق ويكفي الوضوء المطلق هذا ما ظهر لي والله أعلم
قوله ( ولو صلاة جنازة ) قال في البحر لا يخفى أن قولهم بجواز الصلاة بالتيمم لصلاة الجنازة محمول على ما إذا لم يكن واجدا للماء كما قيده في الخلاصة
____________________
(1/247)
بالمسافر
أما إذا تيمم لها مع وجوده لخوف الفوت فإن تيممه يبطل بفراغه منها ا هـ
لكن في إطلاق بطلانه نظر بدليل أنه لو حضره جنازة أخرى قبل إمكان إعادة التيمم له أن يصلي عليها به فالأولى أن يقول فإن تيممه لم يصح إلا لما نواه وهو صلاة الجنازة فقط بدليل أنه لا يجوز له أن يصلي به ولا أن يمس المصحف ولا يقرأ القرآن جنبا كذا قرره شيخنا حفظه الله تعالى
قوله ( في الأصح ) هذا بناء على قول الإمام إنها مكروهة أما على قولهما المفتى به إنها مستحبة فينبغي صحته وصحة الصلاة به
أفاده ح
قوله ( مقصودة ) المراد بها ما لا تجب في ضمن شيء آخر بطريق التبعية ولا ينافي هذا ما في كتب الأصول من أن سجدة التلاوة غير مقصودة لأن المراد هنا أنها شرعت ابتداء تقربا إلى الله تعالى لا تبعا لغيرها بخلاف دخول المسجد ومس المصحف والمراد بما في الأصول أن هيئة السجود ليست مقصودة لذاتها عند التلاوة بل لاشتمالها على التواضع وتمامه في البحر
قوله ( خرج دخول مسجد الخ ) أي ولو لجنب بأن كان الماء في المسجد وتيمم لدخوله للغسل فلا يصلي به كما مر وخرج أيضا الأذان والإقامة
ولا يقال دخول المسجد عبادة للاعتكاف لأن العبادة هي الاعتكاف والدخول تبع له فكان عبادة غير مقصودة كما في البحر
قوله ( ليعم قراءة القرآن للجنب ) قيد بالجنب لأن قراءة المحدث تحل بدون الطهارة فلا يجوز أن يصلي بذلك التيمم بخلاف الجنب وهذا التفصيل جعله في البحر هو الحق خلافا لمن أطلق الجواز ولمن أطلق المنع
وأشار الشارح إلى أن القراءة عبادة مقصودة وجعلها في البحر جزء العبادة فزاد في الضابط بعد قوله مقصودة أو جزئها لإدخالها
واعترضه في النهر بأنه لا حاجة إليه لأن وقوع القراءة جزء عبادة من وجه لا ينافي وقوعها عبادة مقصودة من وجه آخر ألا ترى أنهم أدخلوا سجود التلاوة في المقصودة مع أنه جزء من العبادة التي هي الصلاة ا هـ
قوله ( خرج السلام ورده ) أي فلا يصلي بالتيمم لهما ولو عند فقد الماء وكذا قراءة المحدث وزيارة القبور
وأما الإسلام فلا يصح ذكره هنا لأن عند أبي يوسف يصلي به وعندهما لا يصح أصلا كما نبهنا عليه سابقا فمن عده هنا لم يصب
قوله ( فلغا الخ ) تفريع على اشتراط النية أي لما شرطناها فيه ومن شرائط صحتها الإسلام لغا تيمم الكافر سواء نوى عبادة مقصودة لا تصح إلا بالطهارة أو لا وصح وضوءه لعدم اشتراط النية فيه ولما لم يشترطها زفر سوى بينهما
نهر قوله ( بنية الوضوء ) يريد به طهارة الوضوء لما علمت من اشتراط نية التطهير
بحر
وأشار إلى أنه لا تشترط نية التمييز بين الحدثين خلافا للجصاص كما مر فيصح التيمم عن الجنابة بنية رفع الحدث الأصغر كما في العكس
تأمل
لكن رأيت في شرح المصنف على زاد الفقير ما نصه وقال في الوقاية إذا كان به حدثان كالجنابة وحدث يوجب الوضوء ينبغي أن ينوي عنهما فإن نوى عن أحدهما لا يقع عن الآخر لكن يكفي تيمم واحد عنهما ا هـ
فقوله لكن يكفي يعني لو تيمم الجنب عن الوضوء كفى وجازت صلاته ولا يحتاج أن يتيمم للجنابة وكذا عكسه لكن لا يقع تيممه للوضوء عن الجنابة ولهذا قال الرازي وإن وجد ماء يكفي لغسل أعضائه مرة بطل في المختار لأن تيممه للوضوء وقع له لا للجنابة وإن كفى عنهما
فتأمل ا هـ
ما في شرح الزادي
____________________
(1/248)
قوله ( به يفتى ) كذا في الحلية عن النصاب
قوله ( رجاء قويا ) المراد به غلبة الظن ومثله التيقن كما في الخلاصة وإلا فلا يؤخر لأن فائدة الانتظار أداء الصلاة بأكمل الطهارتين
بحر
قوله ( آخر الوقت ) برفع آخر على أنه نائب فاعل ندب وأصله النصب على الظرفية ولا يصح نصبه على أن يكون في ندب ضمير يعود على الصلاة وهو نائب الفاعل لأنه كان يجب تأنيث الضمير نعم هو جائز في الشعر فافهم ولا على أن ضميره عائد على التيمم لأن آخر الوقت محل الوضوء لا التيمم لأنه فرض المسألة
قوله ( المستحب ) هذا هو الأصح وقيل وقت الجواز وقيل إن كان على ثقة من الماء فإلى آخر وقت الجواز وإن على طمع فإلى آخر وقت الاستحباب سراج
وفي البدائع يؤخر إلى مقدار ما لم يجد الماء لأمكنه أن يتيمم ويصلي في الوقت
وفي التاترخانية عن المحيط ولا يفرط في التأخير حتى لا تقع صلاة في وقت مكروه
واختلفوا في تأخير المغرب فقيل لا يؤخر وقيل يؤخر ا هـ
والحاصل أنه إذا رجا الماء يؤخر إلى آخر الوقت المستحب بحيث لا يقع في كراهة وإن كان لا يرجو الماء يصلي في الوقت المستحب كوقت الإسفار في الفجر والإبراد في ظهر الصيف ونحو ذلك على ما بين في محله لكن ذلك شراح الهداية وبعد شراح المبسوط أنه إن كان لا يرجو الماء يصلي في أول الوقت لأن أداء الصلاة فيه أفضل إلا إذا تضمن التأخير فضيلة لا تحصل بدونه كتكثير الجماعة ولا يتأتى هذا في حق من في المفازة فكان التعجيل أولى كما في حق النساء لأنهن لا يصلين بجماعة
وتعقبهم الإتقاني في غاية البيان بأنه سهو منهم بتصريح أئمتنا باستحباب تأخير بعض الصلوات بلا اشترط جماعة
وأجاب في السراج بأن تصريحهم محمول على ما إذا تضمن التأخير فضيلة وإلا لم يكن له فائدة فلا يكون مستحبا وانتصر في البحر للإتقاني بما فيه نظر كما أوضحناه فيما علقناه عليه
والذي يؤيده كلام الشراح أن ما ذكره أئمتنا من استحباب الإسفار بالفجر والإبراد بظهر الصيف معللا بأن فيه تكثير الجماعة وتأخير العصر لاتساع وقت النوافل وتأخير العشاء لما فيه من قطع السمر المنهي عنه وكل هذه العلل مفقودة في حق المسافر لأنه في الغالب يصلي منفردا ولا يتنفل بعد العصر ويباح له السمر بعد العشاء كما سيأتي فكان التعجيل في حقه أفضل وقولهم كتكثير الجماعة مثال للفضيلة لا حصر فيها
تنبيه في المعراج عن المجتبى يتخالج في قلبي فيما إذا كان يعلم أنه إن أخر الصلاة إلى آخر الوقت يقرب من الماء بمسافة أقل من ميل لكن لا يتمكن من الصلاة بالوضوء في الوقت الأولى أن يصلي في أول الوقت مراعاة لحق الوقت وتجنبا عن الخلاف ا هـ
واستحسنه في الحلية
قوله ( من ليس في العمران ) أي سواء كان مسافرا أو مقيما
منح ونوح أفندي عن شرح الجامع لفخر الإسلام
أما من في العمران فتجب عليه الإعادة لأن العمران يغلب فيه وجود الماء فكان عليه طلبه فيه وكذا فيما قرب منه كما قدمناه والظاهر أن الأخبية بمنزلة العمران لأن إقامة الأعراب فيها لا تتأتى بدون الماء فوجوده غالب فيها أيضا
وعليه فيشكل قولهم سواء كان مسافرا
____________________
(1/249)
أو مقيما فليتأمل
قوله ( ونسي الماء ) أو شك كما في السراج
نهر
أقول هو سبق قلم لأن عبارة السراج هكذا قيد بالنسيان احترازا عما إذا شك أو ظن أن ماءه قد فني فصلى ثم وجده فإنه يعيد إجماعا
قوله ( في رحله ) الرحل للبعير كالسرج للدابة ويقال لمنزل الإنسان ومأواه رحل أيضا ومنه نسي الماء في رحله مغرب
لكن قولهم لو كان الماء في مؤخرة الرحل يفيد أن المراد بالرحل الأول
بحر
وأقول الظاهر أن المراد به ما يوضع فيه الماء عادة لأنه مفرد مضاف فيعم كل رحل سواء كان منزلا أو رجل بعير وتخصيصه بأحدهما مما لا برهان عليه نهر
قوله ( وهو مما ينسى عادة ) الجملة حالية ومحترزه قوله كما لو نسيه في عنقه الخ
قوله ( لا إعادة عليه ) أي إذا تذكره بعد ما فرغ من صلاته فلو تذكر فيها يقطع ويعيد إجماعا
سراج وأطلق فيشمل ما لو تذكر في الوقت أو بعده كما في الهداية وغيرها خلافا لما توهمه في المنية وما لو كان الواضع للماء في الرحل هو أو غيره بعلمه بأمره أو بغير أمره خلافا لأبي يوسف أما لو كان غيره بلا علمه فلا إعادة اتفاقا
حلية
قوله ( أعاد اتفاقا ) لأنه كان عالما به وظهر خطأ الظن
حلية وكذا لو شك كما قدمناه عن السراج وهو مفهوم بالأولى
قوله ( في عنقه ) أي عنق نفسه
قوله ( أو في مقدمه الخ ) أي مقدم رحله واحترز به عما لو نسيه في مؤخره راكبا أو مقدمه سائقا فإنه على الاختلاف وكذا إذا كان قائدا مطلقا
بحر
قوله ( أو مع نجس ) بفتح الجيم أي بأن كان حاملا له أو في بدنه وكان أكثر من الدرهم وهو معطوف على قوله أو نسي والظرف متعلق بصلى محذوفا لعلمه من المقام ولا يصح عطفه على عريانا ليتعلق بصلى المذكور المقيد بقوله نسي ثوبه لأن نسيان الثوب هنا لا دخل له
قوله ( ثم ذكر ) أي بعد ما فعل جميع ما ذكر ناسيا
قوله ( أعاد إجماعا ) راجع إلى الكل لكن في الزيلعي أن مسألة الصلاة في ثوب نجس أو عريانا على الاختلاف وهو الأصح ا هـ
قوله ( ويطلبه وجوبا على الظاهر ) أي ظاهر الرواية عن أصحابه الثلاثة كما سيذكره مع تعليله وكونه ظاهر الرواية عنهم أخذه في البحر من قوله المبسوط عليه أن يسأله إلا على قول الحسن بن زياد إن في سؤاله مذلة ورد ما في الهداية وغيرها من أنه يلزمه عندهما لا عنده ووفق في شرح المنية الكبير بأن الحسن رواه عن أبي حنيفة في غير ظاهر الرواية وأخذ هو به فاعتمد في المبسوط ظاهر الرواية واعتمد في الهداية رواية الحسن لكونها أنسب بمذهب أبي حنيفة من عدم اعتبار القدرة بالغير
أقول وبقول الإمام جزم في المجمع والملتقى والوقاية وابن الكمال أيضا وقال هذا على وفق ما في الهداية والإيضاح والتقريب وغيرها
وفي التجريد ذكر محمدا مع أبي حنيفة
وفي الذخيرة عن الجصاص أنه لا خلاف فإن قوله فيما إذا غلب على ظنه منعه إياه وقولهما عند غلبة الظن بعدم المنع ا هـ
أقول وقد مشى على هذا التفصيل في الزيادات والكافي وهو قريب من قول الصفار إنه يجب في موضع لا يعز فيه الماء إذ لا يخفى أنه حينئذ لا يغلب على الظن المنع
وقال في شرح المنية إنه المختار
وفي الحلية إنه الأوجه لأن الماء غير مبذول غالبا في السفر خصوصا في موضع عزته فالعجز متحقق ما لم يظن الدفع ا هـ
____________________
(1/250)
وحيث نص الإمام الجصاص على التوفيق بما ذكر ارتفع الخلاف ولا يبعد حمل ما في المبسوط عليه كما سنشير إليه والله الموفق
قوله ( من رفيقه ) الأولى حذفه وإبقاء المتن على عمومه ط
ولذا قال نوح أفندي وغيره ذكر الرفيق جرى مجرى العادة وإلا فكل من حضر وقت الصلاة فحكمه كذلك رفيقا كان أو غيره ا هـ
وقد يقال أراد بالرفيق من معه من أهل القافلة وهو مفرد مضاف فيعم ثم خصصه بقوله ممن هو معه والظاهر أنه لو كانت القافلة كبيرة يكفيه النداء فيها إذ يعسر الطلب من كل فرد وطلب رسوله كطلبه نظير ما مر
قوله ( ممن هو ) أي الماء الكافي للتطهير
قوله ( بثمن مثله ) أي في ذلك الموضع بدائع
وفي الخانية في أقرب المواضع من الموضع الذي يعز فيه الماء
قال في الحلية والظاهر الأول إلا أن يكون للماء في ذلك الموضع قيمة معلومة كما قالوا في تقويم الصيد
قوله ( ولو ذلك ) أي وفي ملكه ذلك الثمن وقدمنا أنه لو له مال غائب وأمكنه الشراء نسيئة وجب بخلاف ما لو وجد من يقرضه لأن الأجل لازم ولا مطالبة قبل حلوله بخلاف القرض
بحر
قوله ( فاضلا عن حاجته ) أي من زاد ونحوه من الحوائج اللازمة
حلية
قلت ومنها قضاء دينه
تأمل
قوله ( لا يتيمم ) لأن القدرة على البدل قدره على الماء
بحر
قوله ( وهو ضعف قيمته ) هذا ما في النوادر وعليه اقتصر في البدائع والنهاية فكان هو الأولى
بحر لكنه خاص بهذا الباب لما يأتي في شراء الوصي أن الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ا هـ
ح
أقول هو قول هنا أيضا
وفي شرح المنية أنه الأوفق
قوله ( في ذلك المكان ) مبني على ما نقلناه في البدائع
تنبيه لو ملك العاري ثمن الثوب قيل لا يجب شراؤه وقيل يجب كالماء
سراج وجزم بالثاني في المواهب
قوله ( ثمن ذلك ) الأولى حذف ثم لأن اسم الإشارة راجع إليه لا إلى الماء ط
قوله ( وأما للعطش ) أي هذا الحكم في الشراء للوضوء
قوله ( وأما الخ مذكور في الأشباه ) أي في أواخرها وليست مما نحن فيه فلا يلزمنا ذكرها هنا
قوله ( وقبل طلبه الخ ) مفهوم قوله ويطلبه وجوبا الخ ح
وفي النهر اعلم أن الرائي للماء مع رفيقه إما أن يكون في الصلاة أو خارجها وفي كل إما أن يغلب على ظنه الإعطاء أو عدمه أو شك وفي كل إما أن يسأله أو لا وفي كل إما أن يعطيه أو لا
فهي أربعة وعشرون فإن في الصلاة وغلب على ظنه الإعطاء قطع وطلب فإن لم يعطه بقي تيممه فلو أتمها ثم سأل فإن أعطاه استأنف وإلا تمت كما لو أعطاه بعد الإباء وإن غلب على ظنه عدمه أو شك لا يقطع فلو أعطاه بعد ما أتمها بطلت وإلا لا وإن خارجها فإن صلى بالتيمم بلا سؤال فعلى ما سبق فلو سأل بعدها وأعطاه أعاد وإلا لا سواء ظن الإعطاء أو المنع أو شك وإن منعه ثم أعطاه لا وبطل تيممه ولا يتأتى في هذا الفسم ظن ولا شك ا هـ
قوله ( لأنه مبذول عادة ) أي غالبا وفيه إشارة إلى أنه لو كان في موضع يعز فيه ويغلب على الظن منعه وعدم بذله أنه يجوز التيمم لتحقق العجز كما قدمناه فلا ينافي ما قدمناه من التوفيق
ولذا قال في المجتبى الغالب عدم الضنة بالماء حتى لو كان في موضع تجري عليه الضنة لا يجب الطلب منه قوله ( وعليه ) أي بناء على ظاهر الرواية
____________________
(1/251)
فيجب الخ
وقد نقل الوجوب في النهر عن المعراج ثم قال لكن لا يجب كما في الفتح وغيره
وفي ( السراج ) قيل يجب الطلب إجماعا وقيل لا يجب ا هـ
وينبغي أن يكون الأول بناء على الظاهر والثاني على ما في الهداية ا هـ أي من اختيار رواية الحسن كما قدمناه
قلت وهو توفيق حسن فلذا أشار إليه الشارح حيث جعل الوجوب مبنيا على الظاهر لكن يخالفه ما في المعراج فإنه قال ولو كان مع رفيقه دلو يجب أن يسأله بخلاف الماء ا هـ
ومثله في التاترخانية فليتأمل
ثم الأظهر وجوب الطلب كالماء كما في المواهب واقتصر عليه في الفيض الموضوع لنقل الراجح المعتمد كما قال في خطبته وينبغي تقييده بما إذا غلب على ظنه الإعطاء كالماء إلا أن يفرق بأنه ليس مما تشح به النفوس في السفر بخلاف الماء
تأمل
قوله ( وكذا الانتظار ) أي يجب انتظاره للدلو إذا قال الخ لكن هذا قولهما
وعنده لا يجب بل يستحب أن ينتظر إلى آخر الوقت فإن خاف فوت الوقت تيمم وصلى وعلى هذا لو كان مع رفيقه ثوب وهو عريان فقال انتظر حتى أصلي وأدفعه إليه
وأجمعوا أنه إذا قال أبحت لك مالي لتحج به أنه لا يجب عليه الحج
وأجمعوا أنه في الماء ينتظر وإن خرج الوقت
ومنشأ الخلاف أن القدرة على ما سوى الماء هل تثبت بالإباحة فعنده لا وعندهما نعم كذا في الفيض والفتح والتاترخانية وغيرها وجزم في المنية بقول الإمام
وظاهر كلامهم ترجيحه
وفي الحلية والفرق للإمام أن الأصل في الماء الإباحة والحظر فيه عارض فيتعلق الوجوب بالقدرة الثابتة بالإباحة ولا كذلك ما سواه فلا يثبت إلا بالملك كما في الحج ا هـ
فتنبه
قوله ( إن ظن الإعطاء قطع ) أي إن غلب على ظنه
قال في النهر فلا تبطل بل يقطعها فإن لم يفعل فإن أعطاه بعد الفراغ أعاد وإلا لا كما جزم به الزيلعي وغيره فما جزم به من أنها تبطل ففيه نظر نعم ذكر في الخانية عن محمد أنها تبطل بمجرد الظن فمع غلبته أولى وعليه يحمل ما في الفتح ا هـ
قوله ( لكن في القهستاني ) استدراك على المتن كما هو سياق القهستاني فكان الواجب تقديمه ثم الجواب عن المحيط أنه غير ظاهر الرواية ح
قلت وقد علمت التوفيق بما قدمناه عن الجصاص من أنه لا خلاف في الحقيقة فقول المصنف ويطلبه الخ أي إن ظن الإعطاء بأن كان في موضع لا يعز فيه الماء وقدمناه عن شروح المنية أنه المختار وأنه الأوجه فتنبه
مطلب فاقد الطهورين قوله ( فاقد ) بالرفع صفة المحصور واللام فيه للعهد الذهني فيكون في حكم النكرة وبالنصب على الحال كذا رأيته بخط الشارح
قوله ( ولا يمكن إخراج تراب مطهر ) أما لو أمكنه بنقر الأرض أو الحائط بشيء فإنه يستخرج ويصلي بالإجماع
بحر عن الخلاصة
قال ط وفيه أنه يلزم التصرف في مال الغير بلا إذنه
قوله ( يؤخدها عنده ) لقول عليه الصلاة والسلام لا صلاة إلا بطهور سراج
قوله ( وقالا يتشبه بالمصلين ) أي احتراما للوقت
____________________
(1/252)
قال ط ولا يقرأ كما في أبي السعود سواء كان حدثه أصغر أو أكبر ا هـ
قلت وظاهره أنه لا ينوي أيضا لأنه تشبه لا صلاة حقيقية
تأمل
قوله ( إن وجد مكانا يابسا ) أي لأمنه من التلوث لكن في الحلية الصحيح على هذا القول أنه يومىء كيفما كان لأنه لو سجد صار مستعملا للنجاسة
قوله ( كالصوم ) أي في مثل الحائض إذا طهرت في رمضان فإنها تمسك تشبها بالصائم لحرمة الشهر ثم تقضي وكذا المسافر إذا أفطر فأقام
قوله ( مقطوع اليدين ) أي من فوق المرفقين والكعبين وإلا مسح محل القطع كما تقدم لكن سيأتي في آخر صلاة المريض بعد حكاية المصنف ما ذكره هنا وقيل لا صلاة عليه وقيل يلزمه غسل موضع القطع
قوله ( إذا كان بوجهه جراحة ) وإلا مسحه على التراب إن لم يمكنه غسله
قوله ( ولا يعيد على الأصح ) لينظر الفرق بينه وبين فاقد الطهورين لمرض فإنه يؤخر أو يتشبه على الخلاف المذكور آنفا كما علمت مع اشتراكهما في إمكان القضاء بعد البرء وكون عذرهما سماويا
تأمل
قوله ( وبهذا ظهر الخ ) رد لما في الخلاصة وغيرها عن أبي علي السغدي من أنه لو صلى في الثوب النجس أو إلى غير القبلة لا يكفر لأنها جائزة حالة العذر
أما الصلاة بلا وضوء فلا يؤتى بها بحال فيكفر
قال الصدر الشهيد وبه نأخذ ا هـ
وجه الرد أنها جائزة في مسألة المقطوع المذكورة فحيث كانت علة عدم الإكفار الجواز حالة العذر لزم القول به في الصلاة بلا وضوء فافهم
قوله ( وقد مر ) أي في أول كتاب الطهارة وقدمنا هناك عن الحلية البحث في هذه العلة وأن علة الإكفار إنما هي الاستخفاف
قوله ( أعاد ) لأنه مانع من قبل العباد
قوله ( وإلا لا ) عللوه بأن الغالب في السفر عدم الماء
قال في الحلية وهذا يشير إلى أنه لو كان بحضرته أو بقرب منه ماء تجب الإعادة لتمحض كون المنع من العبد
قوله ( إن في السفر نعم ) لما علمت
قوله ( وإلا لا ) لعدم الضرورة
قهستاني عن شرح الأصل
ولعل وجهه أنه إذا فقد الماء وقت التلاوة يجده بعدها لأن الحضر مظنة الماء فلا ضرورة بخلاف السفر فإنه الغلب فيه فقد الماء وبتأخيرها إلى وجوده عرضة نسيانها
تأمل
قوله ( المسبل ) أي الموضوع في الحباب لأبناء السبيل
قوله ( لا يمنع التيمم ) لأنه لم يوضع للوضوء بل للشرب فلا يجوز الوضوء به وإن صح
قوله ( ما لم يكن كثيرا ) قال في المنية الأولى الاعتبار بالعرف لا بالكثرة إلا إذا اشتبه
قوله ( أيضا ) أي كالشرب
قوله ( ويشرب ما للوضوء ) مقابل المسألة الأولى لأنه يفهم منها أن المسبل للشرب لا يتوضأ به فذكر أن ما سبل للوضوء يجوز الشرب منه وكان الفرق أن الشرب أهم لأنه لإحياء النفوس بخلاف الوضوء لأنه له بدلا فيأذن صاحبه بالشرب منه عادة لأنه أنفع
هذا وقد صرح في الذخيرة بالمسألتين كما هنا ثم قال وقال ابن الفضل بالعكس فيهما
قال في شرح المنية والأول أصح
قوله ( الجنب أولى بمباح الخ ) هذا بالإجماع تاترخانية أي وييمم الميت ليصلى عليه وكذا المرأة والمحدث ويقتديان به لأن الجنابة أغلظ من الحدث والمرأة لا تصلح
____________________
(1/253)
إماما لكن في السراج أن الميت أولى لأن غسله يراد للتنظيف وهو لا يحصل بالتراب ا هـ
تأمل
ثم رأيت بخط الشارح عن الظهيرية أن الأول أصح وأنه جزم به صاحب الخلاصة وغيره ا هـ
وفي السراج أيضا لو كان يكفي للمحدث فقط كان أولى به لأنه يرفع حدثه
قوله ( فهو أولى ) لأنه أحق بملكه
سراج
قوله ( ينبغي صرفه للميت ) أي ينبغي لكل منهم أن يصرف نصيبه للميت حيث كان كل واحد لا يكفيه نصيبه ولا يمكن الجنب ولا غيره أن يستقل بالكل لأنه مشغول بحصة الميت وكون الجنابة أغلظ يبيح استعمال حصة الميت فلم يكن الجنب أولى بخلاف ما لو كان الماء مباحا فإنه حيث أمكن به رفع الجنابة كان أولى فافهم
تتمة قال في المعراج والأب أولى من ابنه لجواز تملكه مال ابنه ا هـ
قوله ( جاز ) لأنه لم يصر مستعملا إنما المستعمل ما ينفصل عن العضو بعد المسح قياسا على الماء
شرح المنية ونحوه ما قدمناه عن النهر وهو المذكور في الحلية فافهم
قوله ( ولا يخاف العطش ) إذا لو خافه لا يحتاج إلى حيلة لاشتغاله بحاجته الأصلية
والظاهر أن عطش غيره من أهل القافلة كعشطه وإن كان لا يسقيهم منه إذ لو اضطر أحدهم إليه وجب دفعه له فيما يظهر ولذا جاز له قتاله كما مر
قوله ( بما يغلبه ) أي بشيء يخرجه عن كونه ماء مطلقا كماء ورد أو سكر مثلا
قوله ( أو يهبه ) أي ممن يثق بأنه يرده عليه بعد ذلك فافهم
قوله ( على وجه يمنع الرجوع ) كذا ذكره في شرح المنية لقول قاضيخان إن قولهم الحيلة أن يهبه من غيره ويسلمه ليس بصحيح عندي لأنه إذا تمكن من الرجوع كيف يجوز له التيمم قال في شرح المنية وهو الفقه بعينه والحيلة الصحيحة أن يخلطه الخ
قلت لكن يدفع هذا قوله على وجه يمنع الرجوع أي بأن تكون الهبة بشرط العوض
وأيضا فقد أجاب في الفتح بأن الرجوع في الهبة مكروه وهو مطلوب العدم شرعا فيجوز أن يعتبر الماء معدوما في حقه لذلك وإن قدر عليه
قال في الحلية وهو حسن
أقول على أن الرجوع في الهبة يتوقف على الرضا أو القضاء لكن قد يقال إنه ما وهبه إلا ليسترده والموهوب منه لا يمنعه إذا طلبه الواهب وذلك يمنع التيمم
والجواب أنه يسترده بهبة أو شراء لا بالرجوع فلا يلزم المكروه والموهوب منه إذا علم بالحيلة يمتنع من دفعه للوضوء
تأمل
قوله ( وناقضه ناقض الأصل الخ ) أي ما جعل التيمم بدلا عنه من وضوء أو غسل
واعلم أن كل ما نقض الغسل مثل المني نقض الوضوء ويزيد الوضوء بأنه ينتقض بمثل البول فالتعبير بناقض الوضوء كما في الكنز يشمل ناقض الغسل فيساوي التعبير بناقض الأصل كما في البحر
واعترضه المصنف في منحه بما حاصله أنه وإن نقض تيمم الوضوء كل ما نقض الغسل لكن لا ينقض تيمم الغسل كل ما نقض الوضوء لأنه إذا تيمم عن جنابة ثم بال مثلا فهذا ناقض للوضوء لا ينتقض به تيمم الغسل بل تنتقض طهارة الوضوء التي في ضمنه فتثبت له أحكام الحدث لا أحكام الجنابة فقد وجد ناقض الوضوء ولم ينتقض تيمم الجنابة فظهر أن التعبير بناقض الأصل أولى من ناقض الوضوء لشموله التيمم عن الحدثين فأين المساواة ا هـ
لكن في عبارة المصنف في المنح حذف المضاف من بعض المواضع فذكرناه ليزول الاشتباه فافهم
____________________
(1/254)
قوله ( فلو تيمم الخ ) تفريع صحيح دل عليه كلام المتن لأن منطوق عبارة المتن أنه لو تيمم عن حدث انتقض بناقض أصله وهو الوضوء وذلك كل ما نقض الوضوء والغسل كما مر ولو تيمم عن جنابة انتقض بناقض أصله وهو الغسل ومفهومه أنه لا ينتقض بغير ناقض أصله ففرع على هذا المفهوم كما هو عادته في مواضع لا تحصى أنه إذا تيمم الجنب ثم أحدث لا ينتقض تيممه عن الجنابة لأن الحدث لا ينقض أصله وهو الغسل فلا يصير جنبا وإنما يصير محدثا بهذا الحدث العارض فافهم
قوله ( فيتوضأ الخ ) تفريع على التفريع أي وإذا صار محدثا فيتوضأ حيث وجد ما يكفيه للوضوء فقط ولو مرة مرة ولكن لو كان لبس الخف بعد ذلك التيمم وقبل الحدث ينزعه ويغسل لأن طهارته بالتيمم ناقضة معنى ولا يمسح إلا إذا لبسه على طهارة تامة وهي طهارة الوضوء لا طهارة التيمم على ما سيأتي نعم بعد ما توضأ أو غسل رجليه يمسح لأنه ليس على وضوء كامل والمسح للحدث لا للجنابة إلا إذا مر بالماء الكافي للغسل فحينئذ لا يمسح بل يبطل تيممه من أصله ويعود جنبا على حاله الأول فلو جاوز الماء ولم يغتسل يتيمم للجنابة ثم إذا أحدث ووجد ما يكفيه للوضوء فقط توضأ ونزع الخف وغسل لأن الجنابة لا يمنعها الخف كما سيأتي ثم بعده يمسح ما لم يمر بالماء وهكذا
قوله ( فمع الخ ) تفريع على قوله فيتوضأ حيث أفاد أنه إذا وجد ماء يكفيه للوضوء فقط إنما يتوضأ به إذا أحدث بعد تيممه عن الجنابة أما لو وجده وقت التيمم قبل الحدث لا يلزمه عندنا الوضوء به عن الحدث الذي مع الجنابة لأنه عبث إذ لا بد له من التيمم وعلى هذا فقول صدر الشريعة إذا كان للجنب ماء يكفي للوضوء لا الغسل يجب عليه التيمم لا الوضوء خلافا للشافعي
أما إذا كان مع الجنابة حدث يوجب الوضوء يجب عليه الوضوء فالتيمم للجنابة بالاتفاق ا هـ
مشكل
لأن الجنابة لا تنفك عن حدث يوجب الوضوء وقد قال أولا يجب عليه التيمم لا الوضوء فقوله ثانيا يجب عليه الوضوء تناقض وجوابه كما قال القهستاني إن مع في قوله مع الجنابة بمعنى بعد
ولما كان في هذا التفريع والجواب دقة وخفاء ودفع لاعتراضات المحشين على صدر الشريعة أمر بالتفهم ولله در هذا الشارح على هذه الرموز التي هي مفاتيح الكنوز
قوله ( ولو إباحة ) مفعول مطلق أي ولو أباحه مالكه له إباحة كان قادرا أو تمييز أو حال أي ولو وجدت القدرة من جهة الإباحة أو في حال الإباحة وأطلقه فيشمل ما لو كانوا جماعة والماء المباح يكفي أحدهم فقط فينتقض تيمم الكل لتحقق الإباحة في حق كل منهم بخلاف ما لو وهب لهم فقبضوه لأنه لا يصيب كلا منهم ما يكفيه وتمامه في الفتح
قوله ( في صلاة ) من مدخول المبالغة أي ولو كانت القدرة أو الإباحة في صلاة ينتقض التيمم وتبطل الصلاة التي هو فيها إلا إذا كان الماء سؤر حمار فإنه يمضي فيها ثم يعيدها بسؤر الحمار لما مر أنه لا يلزم الجمع بينهما في فعل واحد فما في المنية من أنها تفسد غير صحيح كما ذكره الشارحان
ولو صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت لا يعيد
منية أي إلا إذا كان العذر المبيح من قبل العباد فيعيد ولو بعد الوقت كما مر فتنبه حلية
قوله ( كاف لطهره ) أي للوضوء لو محدثا وللاغتسال لو جنبا واحترز به عما إذا كان يكفي لبعض أعضائه أو يكفي للوضوء وهو جنب فلا يلزمه استعماله عندنا ابتداء كما مر فلا ينقض كما في الحلية
قوله ( ولو مرة مرة ) فلو غسل به كل عضو مرتين أو ثلاثا فنقص عن إحدى رجليه انتقض تيممه
____________________
(1/255)
هو المختار لأنه لو اقتصر على المرة كفاه بحر عن الخلاصة
قوله ( وغسل نجس مانع ) فلو لم يكفه يلزمه أيضا تقليل النجاسة كما يفهم من تعليلهم في كثير من الشروح لكن في الخلاصة أنه لا يلزمه
بحر أي إلا إذا أمكن أن يبقى أقل من قدر الدرهم كما بحثناه فيما مر فيلزمه ولا ينتقض تيممه
قوله ( ولمعة جنابة ) أي لو اغتسل وبقيت على بدنه لمعة لم يصبها الماء فتيمم لها ثم أحدث فتيمم له ثم وجد ما يكفيها فقط فإنه يغسلها به ولا يبطل تيممه للحدث
ثم اعلم أن هذه المسألة على خمسة أوجه الأول أن يكفيها معا فيغسلها ويتوضأ ويبطل تيممه لهما
الثاني أن لا يكفي واحدا منهما فيبقى تيممه لهما ويغسل به بعض اللمعة لتقليل الجنابة
الثالث أن يكفي اللمعة فقط وقدمناه
الرابع عكسه فيتوضأ به ويبقى تيممه لها على حاله
الخامس أن يكفي أحدهما بمفرده غير معين فيغسل به اللمعة
ولا ينتقض تيمم الحدث عند أبي يوسف وعند محمد ينتقض ويظهر أن الأول أوجه
وهذا إذا وجد الماء بعد ما تيمم للحدث
فلو قبله فعلى خمسة أوجه أيضا ففي الوجه الأول يغسلها ويتوضأ للحدث
وفي الثاني يتيمم للحدث ويغسل به بعض اللمعة إن شاء
وفي الثالث يغسلها ويتيمم للحدث
وفي الرابع يتوضأ ويبقي تيممه لها
وفي الخامس كالثالث لأن الجنابة أغلظ لكن في رواية يلزمها غسلها قبل التيمم للحدث ليصير عادما للماء وفي رواية يخير ا هـ
ملخصا في الحلية وعلى الرواية الأولى اقتصر في المنية
قوله ( لأن المشغول الخ ) ارتكب في التعليل النشر المشوش ط
قوله ( كالمعدوم ) ولذا جاز له التيمم ابتداء
وقد اعترض بهذا في البحر تبعا للحلية على قولهم لو كان بثوبه بنجاسة فتيمم أولا ثم غسلها يعيد التيمم إجماعا لأنه تيمم وهو قادر على الوضوء فقال فيه نظر بل الظاهر جواز التيمم مطلقا لأن المستحق الصرف إلى جهة معدوم حكما كمسألة اللمعة أي على رواية التخيير
قلت لكن فرق في السراج بينهما بأنه هنا قادر على ماء لو توضأ به جاز بخلاف مسألة اللمعة لأنه عاد جنبا برؤية الماء ا هـ
وهو فرق حسن دقيق فتدبره
قوله ( لا تنقضه ردة ) أي فيصلي به إذا أسلم لأن الحاصل بالتيمم صفة الطهارة والكفر لا ينافيها كالوضوء والردة تبطل ثواب العمل لا زوال الحدث
شرح النقاية
قوله ( بطل ببرئه الخ ) أي لقدرته على استعمال الماء وإن لم يكن الماء موجودا
بحر وكذا لو تيمم لعدم الماء ثم مرض كما قدمه عن جامع الفصولين وقدمنا الكلام عليه مع ما في المقام من الإشكال
قوله ( والحاصل ) أراد به التنبيه على أن ذلك قاعدة كلية تغني عن ذكر قدرة الماء الكافي فافهم
قوله ( وما لا يمنع الخ ) وذلك كوجود الماء عند المريض العاجز عن استعماله
قوله ( في الابتداء ) متعلق بوجوده أو بالتيمم
قوله ( بعد ذلك ) متعلق بوجوده واسم الإشارة عائد على التيمم والتيمم بالنصب مفعول ينقض
وعبارة الشارح في الخزائن فلا ينقض وجوده بعده ذلك التيمم وهو أظهر
قوله ( ولو قال ) يعني بعد قوله وناقضه ناقض الأصل
قوله ( فلو تيمم الخ ) ذكره القهستاني بحثا بقوله ينبغي أن ينتقض تيممه لأنه قدر على الماء حكما ويؤيده ما قال الزاهدي إن عدم الماء شرط الابتداء
____________________
(1/256)
فكان شرط البقاء ا هـ
ولظهوره جزم به الشارح
قوله ( فانتقص ) أي البعد عن ميل بسبب السير وهو بالصاد المهملة وقوله انتقض أي التيمم وهو بالضاد المعجمة ففيه جناس
قوله ( ومرور ناعس الخ ) مبتدأ خبره قوله ( كمستيقظ ) منح
والناعس هو الذي يعي أكثر ما يقال عنده ولم تزل قوته الماسكة ط
واعلم أن مرور الناعس على الماء ينقض تيممه سواء كان عن حدث أو عن جنابة متمكنا أو لا
ومرور النائم مثله لكن لو كان غير متمكن مقعدته وكان تيممه عند حدث يكون الناقض النوم لا المرور كما يعلم من البحر وبه يعلم ما في كلام الشارح فكان الصواب أن يقول ومرور ناعس مطلقا أو نائم متيمم عن جنابة أو عن حدث وكان متمكنا فافهم
قوله ( فينتقض ) نتيجة التشبيه بالمستيقظ
قوله ( وأبقيا تيممه ) أي أبقى الصاحبان تيممه لعجزه عن استعمال الماء
قوله ( وهو ) أي قول الصاحبين الرواية المصححة عنه أي عن الإمام وهو متعلق بالرواية
ورأيت بخط الشارح في هامش الخزائن أنه صححها في التجنيس وشرح المنية ونكت العلامة قاسم تبعا للكمال واختارها في البرهان والبحر والنهر وغيرها ا هـ
وجزم به في المنية
وقال في الحلية كذا في غير كتاب من الكتب المذهبية المعتبرة وهو المتجة
قال شيخنا ابن الهمام وإذا كان أبو حنيفة يقول في المستيقظ حقيقة على شاطىء نهر لا يعلم به يجوز تيممه فكيف يقول في النائم حقيقة بانتقاض تيممه ا هـ
ونقل في الشرنبلالية عن البرهان موافقة ابن الهمام ثم أجاب عنه فراجعها في الفتاوي
قوله ( أي أكثر أعضاء الوضوء الخ ) الأولى أن يقول أي أكثر أعضائه في الوضوء الخ لأن الضمير في أكثره عائد على الرجل المتيمم مع تقدير مضاف وهو الأعضاء الصادقة على أعضاء الوضوء وغيرها
تأمل هذا
وقد اختلفوا في حد الكثرة فمنهم من اعتبرها في نفس العضو حتى لو كان أكثر كل عضو من الأعضاء الواجب غسلها جريحا تيمم وإن كان صحيحا يغسل
وقيل في عدد الأعضاء حتى لو كان رأسه ووجه ويداه مجروحة دون رجليه مثلا تيمم وفي العكس لا ا هـ
درر البحار
قال في البحر وفي الحقائق المختار الثاني ولا يخفى أن الخلاف في الوضوء أما في الغسل فالظاهر اعتبار أكثر البدن مساحة ا هـ
وما استظهره أقره عليه أخوه في النهر
ونقله نوح أفندي عن العلامة قاسم فلذا جزم به الشارح
قوله ( جدري ) بضم الجيم وفتحها مع فتح الدال
شرح المنية
قوله ( اعتبارا للأكثر ) علة قوله تيمم ط
قوله ( وبعكسه ) وهو ما لو كان أكثر الأعضاء صحيحا يغسل الخ لكن إذا كان يمكنه غسل الصحيح بدون إصابة الجريح وإلا تيمم
حلية
فلو كانت الجراحة بظهره مثلا وإذا صب الماء سال عليها يكون ما فوقها في حكمها فيضم إليها كما بحثه الشرنبلالي في الإمداد وقال لم أره وما ذكرناه صريح فيه
قوله ( ويمسح الجريح ) أي إن لم يضره وإلا عصبها بخرقة ومسح فوقها
خانية وغيرها
ومفاده كما قال ط إنه يلزمه شد الخرقة إن لم تكن موضوعة
قوله ( وكذا الخ ) فصله بكذا
إشارة إلى أنه هو الذي فيه
____________________
(1/257)
الاختلاف الآتي
قوله ( ولا رواية في الغسل ) أي لا رواية في صورة المساواة عن أئمتنا الثلاثة وإنما فيها اختلاف المشايخ فقيل يتيمم كما لو كان الأكثر جريحا لأن غسل البعض طهارة ناقصة والتيمم طهارة كاملة وقثل يغسل الصحيح ويمسح الجريح كعكس الأولى لأن الغسل طهارة حقيقية بخلاف التيمم
واختلف الترجيح والتصحيح كما في الحلية ورجح في البحر تصحيح الثاني بأنه أحوط وتبعه في المتن
ثم اعلم أني لم أر من خص نفي الرواية في صورة المساواة بالغسل كما فعل الشارح
ثم رأيت في السراج ما نصه وفي العيون عن محمد إذا كان على اليدين قروح لا يقدر على غسلها وبجهه مثل ذلك تيمم وإن كان في يديه خاصة غسل ولا تيمم وهذا يدل على أنه يتيمم مع جراحة النصف انتهى كلام السراج فقد وجدت الرواية عن محمد في الوضوء فقولهم لا رواية أي في الغسل كما قال الشارح لكن يرد على الشارح أنه جعل حكم المساواة في الوضوء الغسل والمسح
والذي في العيون التيمم فتدبر
قوله ( منها ) أي من أعضاء الوضوء بناء على ما قاله وعلمت ما فيه
قوله ( وهو الأصح ) صححه في الخانية والمحيط
بحر
قوله ( وغيره ) كالخلاصة والفتح والزيلعي والاختيار والمواهب
قوله ( لو الجرح بيديه ) أي ولا يمكنه إدخال وجهه ورجليه في الماء فلو أمكنه فعل بلا تيمم كما لا يخفى فلا ينافي ما قدمناه عن العيون
قوله ( وإن وجد من يوضيه ) أي بناء على ما مر من أنه لا يعد قادرا بقدرة غيره عند الإمام لكن عبر عن هذا في القنية والمبتغى بقيل جازما بالتفصيل وهو الموافق لما مر في المريض العاجز من أنه لو وجد من يعينه لا يتيمم في ظاهر الرواية فتنبه لذلك
تتمة لو بأكثر أعضاء الوضوء جراحة يضرها الماء وبأكثر مواضع التيمم جراحة يضرها التيمم لا يصلي وقال أبو يوسف يغسل ما قدر عليه ويصلي ويعيد
زيلعي
قوله ( ولا يجمع بينهما ) لما فيه من الجمع بين البدل والمبدل بخلاف الجمع بين التيمم وسؤر الحمار لأن الفرض يتأدى بأحدهما لا بهما فجمعنا بينهما للشك
بحر
قوله ( وغسل ) بفتح الغين ليعم الطهارتين ح
قوله ( كما لا يجمع ) عدم الجمع في جميع ما يأتي بمعنى المعاقبة من الطرفين أي كلما وجد واحد امتنع وجود آخر وليس المراد عدم الجمع ولو من أحد الطرفين لأن ذلك لا ينحصر في عدد الحيض مع الصلاة أو الصوم أو الحج وكذا العبادات بأسرها مع الكفر ونحو ذلك
قوله ( بين حيض وحبل أو استحاضة أو نفاس ) أي لا يجمع بين الحيض وبين واحد من الثلاثة المعطوفات عليه بل كلما وجد الحيض لا يوجد واحد منها وكلما وجد واحد منها لا يوجد الحيض وكذا يقال فيما بعده وقوله ولا بين نفاس واستحاضة أو حيض قيل كذا في أصل نسخة الشارح
وفي بعض النسخ أو حبل بدل قوله أو حيض وعليه فلا تكرار لكن فيه كما قال ط إن النفاس قد يجتمع مع الحبل في التوأم الثاني لما ذكروه من أن النفاس من الأول
والحاصل أن الاحتمالات ستة ثلاثة فيها الحيض مع غيره واثنان نفاس مع غيره والسادس حبل مع استحاضة
قال ح وتركه الشارح لأن الجمع فيه صحيح
قوله ( ولا زكاة وعشر أو خراج ) لأن كل ما كان الواجب فيه الزكاة لا يجب فيه عشر ولا خراج وهو ظاهر وكذا عكسه كما لو أدى عشر الخارج من الأرض العشرية أو أدى خراج الأرض الخراجية من الخارج منها ونوى بفيما بقي التجارة وحال عليه الحول فلا زكاة فيه
____________________
(1/258)
وكذا لو شرى أرضا خراجية أو عشرية ناويا التجارة بها وحال الحول لما سيذكره الشارح في كتاب الزكاة من أنه لا تصح نية التجارة فيما خرج من أرضه العشرية أو الخراجية لئلا يجتمع الحقان وكذا لو شرى أرضا خراجية ناويا التجارة أو عشرية وزرعها لا تكون للتجارة لقيام المانع ا هـ
قوله ( أو فطرة ) فعبيد الخدمة فيها الفطرة ولا زكاة وعبيد التجارة إذا حال عليها الحول فيها الزكاة ولا فطرة ح
قوله ( ولا عشر مع خراج ) أي إن كانت الأرض عشرية ففيها عشر الخارج وإن خراجية فالخراج
واعلم أن الاحتمالات في هذه الأربعة ستة أيضا ثلاثة في اجتماع الزكاة مع غيرها وواحد في العشر مع الخراج واثنان في الفطرة مع العشر أو مع الخراج تركهما لعدم تصورهما أفاده ح
قوله ( ولا فدية وصوم ) فمن وجب عليه الصوم لا تلزمه فدية ومن وجبت عليه الفدية لا يجب عليه الصوم ما دام عاجزا أما إذا قدر فإنه يصوم لكن لا يبقى ما أداه فدية لأن شرطها العجز الدائم فلا جمع أفاده ط
قوله ( أو قصاص ) أي ولا بين فدية أي كفارة وقصاص فأراد بالفدية ما يشمل الكفارة والأولى التعبير بها كما في البحر فافهم وذلك لأن القصاص في العمد والكفارة في غيره فمتى وجب أحدهما لم يجب الآخر
قوله ( ولا ضمان وقطع ) فإن السارق إذا قطع أولا لا يضمن العين الهالكة أو المستهلكة وإذا ضمن القيمة أولا لم يقطع بعده لملكه مستندا إلى وقت الأخذ نعم يجتمع مع القطع ضمان النقصان فيما إذا شق الثوب قبل إخراجه لكنه ضمان إتلاف لا ضمان مسروق فلم يجب الضمان بما وجب به القطع فافهم
قوله ( أو أجر ) أي ولا ضمان وأجر كما لو استأجر دابة ليركبها ففعل وجب الأجر ولا ضمان وإن عطبت ولو أركبها غيره فعطبت ضمنها ولا أجر عليه
وأما إذا استأجرها لحمل مقدار فحمل أكثر منه ولا تطيق ذلك فعطبت فعليه الأجر لأجل الحمل والضمان لأجل الزيادة
فلم يجب الضمان بما وجب به الأجر بل بغيره
قوله ( ولا جلد مع رجم ) لأن الجلد للبكر والرجم للمحصن
قوله ( أو نفي ) المراد به تغريب عام كما فسره الشافعي
وأما إذا كان بمعنى الحبس فيجمع مع الجلد أفاده ح
والمراد أن البكر إذا جلد لا ينفي ما لم يره الإمام فله فعله سياسة وليس المراد أنه إذا نفي لا يجلد ففي عده هنا نظر
تأمل
قوله ( ولا مهر ومتعة ) فإن المطلقة قبل الدخول إن سمي لها مهر فلها نصفه وإلا فالمتعة حينئذ وهذا في المتعة الواجبة أما المستحبة فتجتمع مع المهر
قوله ( وحد ) أي ولا مهر وحد بل إن كان الوطء زنا فالحد ولا مهر وإلا فالمهر ولا حد ح
قوله ( أو ضمان إفضائها ) أي ولا مهر وضمان إفضائها فيما إذا وطىء زوجته فأفضاها لا يجب ضمان الإفضاء عند أبي حنيفة ومحمد ومثله المهر مع الموت من الوطء ح وهذا لو بالغة مختارة مطيقة لوطئه وإلا لزمه ديتها كاملة كما حرره الشرنبلالي في شرح الوهبانية ثم هذا أيضا في ذكره هنا نظر إذ ليس المراد أنه إذا لزمه الضمان في الزوجة لا يلزمه مهرها فعدم الاجتماع من أحد الطرفين فقط وسيأتي إن شاء الله تعالى في الجنايات قبيل باب الشهادة في القتل ما لو كان ذلك بأجنبية وأنه بإفضائها مكرهة يلزمه الحد وأرش الإفضاء وهو ثلث الدية إن كانت تستمسك بولها وإلا فكل الدية فافهم
قوله ( من جماعه ) أي جماع الزوج لها
قوله ( ولا مهر مثل وتسمية ) لأنه إذا سمى الجنائز من المهر وجب وإن لم يسم أصلا أو سمى ما لا يجوز كخنزير وخمر وجب مهر المثل ط
قوله ( ولا وصية وميراث ) فمن يستحق الوصية لا يستحق الميراث وكذا بالعكس أي فيما إذا كان ممن يرد عليه أما إذا أوصى أحد الزوجين للآخر ولا وارث غيره اجتمعا حينئذ وكذا يجتمعان إذا أجاز بقية الورثة
قوله ( وغيرها مما سيجيء ) ذكر الحموي
____________________
(1/259)
في شرحه على الكنز جملة منها القصاص مع الدية وأجر القسمة مع نصيبه فمن يستحق الأجرة على قسمة الدار المشتركة لا يجوز أن يكون له نصيب منها وبالعكس
والظهر مع الجمعة فمن كان الواجب عليه الظهر كالمسافر لا تجب عليه الجمعة وكذا بالعكس
والشهادة مع اليمين فمتى لزم أحد الخصمين البينة لا يلزم الآخر باليمين وبالعكس
تأمل
وأما من أحد الطرفين فتصور فيما إذا ادعى وأقام البينة فلا يحلف المدعى عليه وكذا لا يحلف الشهود على المعتمد
وفيما إذا أقام شاهدا واحدا وحلف فلا يقبل شاهد ويمين عندنا
ومنها النكاح مع ملك اليمين فمن كان يطأ بالنكاح لا يمكن أن يكون مالكا للرقبة وبالعكس إلا أن يعقد على أمته للاحتياط والأجر مع الشركة في حمل المشترك نظير أجرة القسمة والحد مع قيمة أمة مملوكة زنى بها فقتلها على قول أبي يوسف
وأما عندهما فيجب الحد بالزنا والقيمة بالقتل وهو ما مشى عليه المصنف في الحدود والحد مع قيمة إفضاء أمة مملوكة زنى بها فأفضاها في بعض الصور على ما سيأتي تفصيله في الحدود إن شاء الله تعالى
والظاهر أن هذا إذا لم يكن الوطء بشبهة فلو كان بشبهة لا حد بل تجب القيمة في الصورتين
ومنها القيمة مع الثمن فإن البيع لو صحيحا وجب الثمن ولو فاسدا وتعذر رده على البائع وجبت قيمته والحد مع اللعان وأجر نظر الناظر إذا عمل مع العملة في الدار الموقوفة فإن له أجر العمل لا النظارة ا هـ
موضحا فهذه أحد عشر موضعا والذي في الشرح ثلاثة وعشرون فالمجموع أربعة وثلاثون
أقول وزدت الرهن مع الإجارة فيما إذا رهن شيئا ثم آجره أو بالعكس أو مع الإعارة كذلك والمساقاة مع الشركة
والغسل مع المسح على الخف في إحدى الرجلين والحج مع العمرة للمكي والنكاح مع أجرة الرضاع
ثم رأيت الشرنبلالي زاد في الإمداد القتل مع الوصية أو مع الميراث وخرق خف مع آخر والتتبع ينفي الحصر
قوله ( محدثا ) حال من فاعل يستطيع
قوله ( وأفتى قارىء الهداية الخ ) هو العلامة سراج الدين شيخ المحقق ابن الهمام وما أفتى به نقله في البحر عن الجلابي ونظمه العلامة ابن الشحنة في شرحه على الوهبانية وقال إنها مهمة نظمتها لغرابتها وعدم وجودها في غالب الكتب
قوله ( قولان ) ذكر في النهر عن البدائع ما يفيد ترجيح الوجوب وقال وهو الذي ينبغي التعويل عليه ا هـ
بل قال في البحر والصواب الوجوب ويأتي تمامه في آخر الباب الآتي قوله ( وكذا يسقط غسله ) أي غسل الرأس من الجنابة
قوله ( ولو على جبيرة ) ويجب شدها إن لم تكن مشدودة ط أي إن أمكنه
قوله ( وإلا ) أي بأن ضره المسح عليها والله سبحانه وتعالى أعلم
باب المسح على الخفين ترجم به مع أنه زاد عليه المسح على الجبيرة ولا عيب فيه بل المعيب لو ترجم لشيء ونقص عنه وثني الخف لأنه لا يجوز المسح على خف واحد بلا عذر كما سيأتي
وفي البحر وغيره
إنما سمي خفا لخفة الحكم به من الغسل إلى المسح
____________________
(1/260)
أقول فيه إنه موضوع لغوي قبل ورود الشرع
وقد نقل الرملي أن المسح عليه من خصائص هذه الأمة فكيف يعلل به للوضع السابق عليه إلا أن يجاب بأن الواضع هو الله تعالى كما هو قول الأشعري وهو تعالى عالم بما يشرعه على لسان نبيه
تأمل
قوله ( أخره ) أي عن التيمم لثبوته بالسنة فقط على الصحيح كما سيأتي
والتيمم ثابت بالكتاب كما مر
والنسبة أيضا فكان أولى بالتقديم وإن اشتركا في الترخص بهما
وأيضا التيمم بدل عن الكل وهذا عن البعض
ثم إن إبداء الشارح نكتة التأخير للتذكر وإلا فيكفي ما مر لأنه قد بين وجه تأخير التيمم عما قبله ويعلم منه وجه تأخير المسح عنه فتدبر نعم يحتاج إلى إبداء وجه ذكره عقبه لا فاضل وهو أن كلا منهما شرع رخصة وموقتا ومسحا وبدلا
قوله ( وهو لغة ) الضمير راجع إلى المسح فقط وباعتبار تسلطه على قوله وشرعا راجع إلى المسح المقيد بالجار على طريقة شبه الاستخدام فإن المسح من حيث هو غيره من حيث القيد أفاده ح
قوله ( إصابة البلة ) بكسر الباء أي الندوة
قاموس
وشمل ما لو كانت بيد أو غيرها كمطر
وفي المنية عن المحيط لو توضأ ومسح ببلة بقيت على كفيه بعد الغسل يجوز ولو مسح رأسه ثم مسح خفيه ببلة بقيت بعد المسح لا يجوز ا هـ أي لأن المستعمل في الأولى ما سال على العضو وانفصل وفي الثانية ما أصاب الممسوح وهو باق في الكف
قوله ( لخف مخصوص ) اللام زائدة لتقوية العامل لضعفه بكونه فرعا عن الفعل في العمل والخف المخصوص ما فيه الشروط الآتية
قوله ( في زمن مخصوص ) وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر ويوجد في بعض النسخ زيادة في محل مخصوص والمراد به أن يكون على ظاهرهما ط
قوله ( فأكثر ) أي مما فوقهما من الساق ولا حاجة إليه لأنه خارج عن مسمى الخف الشرعي
تأمل
قوله ( ونحوه ) أي مما اجتمع فيه الشروط الآتية ط
قوله ( شرط مسحه ) أي مسح الخف المفهوم من الخفين وأل فيه للجنس الصادق بالواحد والاثنين ولم يقل مسحهما لأنه قد يكون واحدا لدى رجل واحدة
قوله ( ثلاثة أمور الخ ) زاد الشرنبلالي لبسهما على طهارة وخلو كل منهما عن الخرق المانع واستمساكهما على الرجلين من غير شد ومنعهما وصول الماء إلى الرجل وأن يبقى من القدم قدر ثلاثة أصابع ا هـ
قلت ويزاد كون الطهارة المذكورة غير التيمم وكون الماسح غير جنب وسيأتي بيان جميع ذلك في محاله
قوله ( القدم ) بدل من محل ح
قوله ( أو يكون ) منصوب بأن مقدرة والمنسبك معطوف على كون الأول ط فهو نظير قوله تعالى أو يرسل رسولا قوله ( نقصانه ) أي نقصان الخف الواحد لو كان واحدا أو كل واحد من الاثنين قال ط فلا يعتبر المجتمع منهما قوله ( الخرق ) بالضم الموضع المقطوع وبالفتح المصدر ح
والأظهر إرادة الأول ط
قوله ( فيجوز على الزربول ) بفتح الزاي وسكون الراء هو في عرف أهل الشام ما يسمى مركوبا في عرف أهل مصر ا هـ
ح
وهذا تفريع على ما فهم مما قبله من أن النقصان عن القدر المانع لا يضره ط
قوله ( لو مشدودا ) لأن شده بمنزلة الخياطة وهو مستمسك بنفسه بعد الشك كالخف المخيط بعضه ببعض فافهم
وفي البحر
____________________
(1/261)
عن المعراج ويجوز على الجاروق المشقوق على ظهر القدم وله أزرار يشدها عليه تسده لأنه كغير المشقوق وإن ظهر من ظهر القدم شيء فهو كخروق الخف ا هـ
قلت والظاهر أن الخف الذي يلبسه الأتراك في زماننا
قوله ( وجوز الخ ) في البحر عن الخلاصة المسح على الجاروق إن كان يستر القدم ولا يرى منه ولا من الكعب إلا قدر أصبع أو أصبعين يجوز وإلا يكن كذلك ولكن ستر القدم بجلد إن كان الجلد متصلا بالجاروق بالخرز جاز أيضا وإن شد بشيء فلا ولو ستر القدم باللفافة جوزه مشايخ سمرقند ولم يجوزه مشايخ بخارى ا هـ
قال ح والحق ما عليه مشايخ بخارى لأن المذهب أنه لا يجوز المسح على الخف الذي لا يستر الكعبين إلا إذا خيط به ثخين كجوخ كما ذكره في الإمداد فما ذكره الشارح ضعيف ا هـ
أقول أي لأن المتبادر من اللفافة أنها ما يلف على الرجل غير مخروز بالخف فيكون حكمها حكم الرجل بخلاف ما إذا كانت متصلة بالخف فتكون تبعا له كبطانته
وإذا حمل كلام المسرقنديين على ما إذا كانت متصلة فلا نسلم أنه ضعيف لما في البحر والزيلعي وغيرهما لو انكشفت الظهارة وفي داخلها بطانة من جلد أو خرقة مخروزة بالخف لا يمنع ا هـ
وهذا إذا بلغ قدر ثلاث أصابع وكأنه لم يقيد به للعلم به كذا في الحلية
وفي المجتبى إذا بدا قدر ثلاث أصابع من بطانة الخف دون الرجل قال الفقيه أبو جعفر الأصح أنه يجوز المسح عند الكل لأنه كالجورب المنعل ا هـ
وفي شرح المنية الكبير بعد كلام طويل قال علم من هذا أن ما يعمل من الجوخ يجوز المسح عليه لو كان ثخينا بحيث يمكن أن يمشي معه فرسخا من غير تجليد ولا تنعيل وإن كان رقيقا فمع التجليد أو التنعيل ولو كان كما يزعم بعض الناس أنه لا يجوز المسح عليه ما لم يستوعب الجلد جميع ما يستر القدم إلى الساق لما كان بينه وبين الكرباس فرق وأطال في تحقيق ذلك فراجعه
تنبيه يؤخذ من هذا أن من انفتق عنه الخف من بطانة متصلة به لا يشترط فيها أن تكون ثخينة بدليل ذكرهم الخرقة فإنها لا تكون غالبا إلا رقيقة
ويؤخذ منه أيضا أنه يجوز المسح على المسمى في زماننا بالقلشين إذا خيط فوق جورب رقيق ساتر وإن لم يكن جلد القلشين واصلا إلى الكعبين كما هو صريح ما نقلناه عن شرح المنية
مطلب في المسح على الخف الحنفي القصير عن الكعبين إذا خيط بالشخشير ويعلم أيضا مما نقلناه جواز المسح على الخف الحنفي إذا خيط بما يستر الكعبين كالسروال المسمى بالشخشير كما قاله سيدي عبد الغني وله فيه رسالة
ورأيت رسالة للشارح رحمه الله تعالى رد فيها من قال بالجواز مستندا في ذلك إلى أنهم لم يذكروا جواز المسح على الجوربين إذا كانا رقيقين منعلين لاشتراطهم إمكان السفر ولا يتأتى في الرقيق
والظاهر أنه أراد الرد على سيدي عبد الغني فإنه عاصره فإنه ولد قبل وفاة الشارح بثمانية وثلاثين سنة وأنت خبير بالفرق الواضح بين الجورب الرقيق المنعل أسفله بالجلد وبين الخف القصير عن الكعبين المستورين بما اتصل به من الجوخ الرقيق لأنه يمكن فيه السفر وإن كان قصيرا بخلاف الجورب المذكور
على أن قول شرح
____________________
(1/262)
المنية وإن كان رقيقا فمع التجليد أو التنعيل الخ صريح في الجواز على الرقيق المنعل أو المجلد إذا كان النعل أو الجلد قويا يمكن السفر به
ويعلم منه الجواز في مسألة الخف الحنفي المذكورة بالأولى وقد علمت أن مذهب المسرقنديين إنما يسلم ضعفه لو كانت اللفافة غير مخروزة وإلا فلا يحمل كلام السمرقنديين عليه ويكون حينئذ في المسألة قولان ولم نر من مشايخ المذهب ترجيح أحدهما على الآخر بل وجدنا فروعا تؤيد قول السمرقنديين كما علمت وسنذكر ما يؤيده أيضا
ثم رأيت رسالة أخرى لسيدي عبد الغني رد فيها على رسالة الشارح وسماها ( الرد الوفي على جواب الحصكفي في مسألة الخف الحنفي ) وحقق فيها ما قاله في رسالته الأولى المسماة ( بغية المكتفي في جواز المسح على الخف الحنفي ) وبين فيها أن ما استدل به الشارح في رسالته لا يدل له لأن التنصيص على الشيء لا ينفي ما عداه إلى غير ذلك مما ينبغي مراجعته ولكن لا يخفى أن الورع في الاحتياطي وإنما الكلام في أصل الجواز وعدمه والله تعالى أعلم
قوله ( والثاني كونه ) أي كون الخف والمراد محل المسح منه كما يفيده التفريع الآتي
قوله ( ولم يقدم قدمه إليه لم يجز ) لأنه لما مسح على الموضع الخالي من القدم لم يقع المسح في محله وهو ظهر القدم كما يأتي فلم يمنع سراية الحدث إلى القدم فلو قدم قدمه إليه ومسح جاز كما في الخلاصة
وفيها أيضا ولو أزال رجله من ذلك الموضع أعاد المسح ونقله في التجنيس عن أبي علي الدقاق
ثم قال وفيه نظر ولم يذكر وجهه
قال ح وقد ذكر شيخنا السيد رحمه الله تعالى وجهه بقوله وجه النظر أنهم اعتبروا خروج أكثر القدم من موضع يمكن المسح عليه وها هنا وإن خرجت من موضع مسح عليه لم تخرج من موضع يمكن المسح عليه ا هـ
قوله ( ولا يضر الخ ) الأولى ذكره عند الكلام على الشرط الأول كما فعله في الدرر ونور الإيضاح ليكون إشارة إلى أن المراد ستره للكعبين من الجوانب لا من الأعلى ونبه على ذلك الخلاف الإمام أحمد فيه
قال في درر البحار وعند أحمد إذا كان الخف واسعا بحيث يرى الكعب لا يجوز المسح
قوله ( المشي المعتاد ) بأن لا يكون في غاية السرعة ولا في غاية البط بل يكون وسطا
ونظير ما قالوه في السير المعتاد في مدة السفر لقصر الصلاة
قوله ( فرسخا فأكثر ) تقدم أن الفرسخ ثلاثة أميال اثنا عشر ألف خطوة وعبر في السراج معزيا إلى الإيضاح بمسافة السفر وبه جزم في النقابة
وقال القهستاني أي الشرعي كما هو المتبادر ويدل عليه كلام المحيط ويخالفه كلام حاشية الهداية حيث قال ما يمكن المشي فيه فرسخا فأكثر ا هـ
أقول ويمكن أن يكون محل القولين على اختلاف الحالتين ففي حالة الإقامة يعتبر الفرسخ لأن المقيم لا يزيد مشيه عادة في يوم وليلة على هذا المقدار أي المشي لأجل الحوائج التي تلزم لأغلب الناس وفي حالة السفر يعتبر مدته
ويقرب منه ما اعتبره الشافعية من التقدير بمتابعة المشي للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها اعتبارا بمدة المسح لكن قد يقال لما ثبت أن هذا الخف صالح للمسح عليه للمقيم قطع النظر عن حالة السفر لأن المسافر
____________________
(1/263)
في الغالب يكون راكبا ولا يزيد مشيه غالبا على مقدار الفرسخ فالأظهر اعتبار الفرسخ في حقهما ومحمل قول من قال مسافة السفر على السفر اللغوي دون الشرعي كما يشير إليه كلام القهستاني السابق
تأمل
تنبيه المتبادر من كلامهم أن المراد من صلوحه لقطع المسافة أن يصلح لذلك بنفسه من غير لبس المداس فوقه فإنه قد يرق أسفله ويمشي به فوق المداس أياما وهو بحيث لو مشى به وحده فرسخا تخرق قدر المانع فعلى الشخص أن يتفقده ويعمل به بغلبة ظنه
وقد وقع اضطراب بين بعض العصرين في هذه المسألة والظاهر ما قدمته وهو الأحوط أيضا وقد تأيد ذلك عندي برؤيا رأيت فيها النبي بعد تحرير هذا المحل بأيام فسألته عن ذلك فأجابني بأنه إذا رق الخف قدر ثلاث أصابع منع المسح وكان ذلك في ذي القعدة سنة 1234 ولله الحمد ثم رأيت التصريح بذلك في كتب الشافعية
قوله ( فلم يجز الخ ) وكذا لو لف على رجله خرقة ضعيفة لم يجز المسح لأنه لا تنقطع به مسافة السفر ا هـ
سراج عن الإيضاح
قوله ( فالغسل أفضل ) وجه التفريع أنه لو كان المسح أفضل لكان المناسب أن يقول وهو مستحب فعدوله إلى قوله وهو جائز يفيد أن الغسل أفضل منه لأنه أشق على البدن
قوله ( إلا لتهمة ) أي لنفيها عنه لأن الروافض والخوارج لا يرونه وإنما يرون المسح على الرجل فإذا مسح الخف انتفت التهمة بخلاف ما إذا غسل فإن الروافض قد يغسلون تقية ويجعلون الغسل قائما مقدام المسح فيشتبه الحال في الغسل فيتهم أفاده ح
ثم إن ما ذكره الشارح نقله القهستاني عن الكرماني ثم قال لكن في المضمرات وغيره أن الغسل أفضل وهو الصحيح كما في الزاهدي ا هـ
وفي البحر عن التوشيح وهذا مذهبنا وبه قال الشافعي ومالك وقال الرستغفني من أصحابنا المسح أفضل وهو أصح الروايتين عن أحمد إما لنفي التهمة أو للعمل بقراءة الجر وتمامه فيه
قوله ( بل ينبغي الخ ) أصل البحث لصاحب البحر فإنه نقل ذلك عن كتب الشافعية ثم قال وقواعدنا لا تأباه
قوله ( إلا ما يكفيه ) أي يكفي المسح فقط بأن كان لو غسل به رجليه لا يكفيه للوضوء ولو توضأ به ومسح كفاه
قوله ( أو خاف ) عطف على صلة من
قوله ( أو وقوف ) أي إنه إذا غسل رجليه يدرك الصلاة لكن يخاف فوت الوقوف بعرفة وإذا مسح يدركهما جميعا يجب المسح بل لو كان بحيث لو صلى فاته الوقوف قدم الوقوف للمشقة كما في النهر لكنه أحد قولين حكاهما العمادي في مناسكه
قوله ( رخصه ) هي ما بني على أعذار العباد ويقابلها العزيمة وهي ما كان أصلها غير مبني على أعذار العباد وهو الأصح في تعريفهما
بحر
قوله ( مسقطة للعزيمة ) أي مسقطة لمشروعيتها فلا تبقى العزيمة مشروعة فإذا أراد تحصين العزيمة مع بقاء سبب الرخصة يأثم لكنه قد لا يتأتى له تحصيلها كما إذا نوى الظهر أربعا في السفر فإنه لا يتأتى له جعل الأربعة فرضا بل الفرض الأوليان إذا قعد الأولى وإثمه حينئذ لبناء النفل على الفرض وقد يتأتى له تحصليها كغسل الرجلين ما دام متخففا أفاده ح عن شيخه السيد
ثم قال واحترز بقوله مسقطة عن رخصة الترفيه فإن العزيمة تبقى فيها مشروعة مع بقاء سبب الرخصة كالصوم في السفر
قوله ( ينبغي أن يصير آثما ) أي لما علمت من أن العزيمة لم تبق مشروعة ما دام متخففا
بخلاف ما إذا نزع وغسل لزوال سبب الرخصة
____________________
(1/264)
هذا وقد بحث العلامة الزيلعي في جعلهم المسح رخصة إسقاط بأن المنصوص عليه في عامة الكتب أنه لو خاض ماء بخفه فانغسل أكثر قدميه بطل المسح وكذا لو تكلف غسلهما من غير نزع أجزأه عن الغسل حتى لا يبطل بمضي المدة قال فعلم أن العزيمة مشروعة مع الخف ا هـ
ودفعه في الفتح بمنع صحة هذا الفرع لاتفاقهم على أن الخف اعتبر شرعا مانعا سراية الحدث إلى القدم فتبقى القدم على طهارتها ويحل الحدث بالخف فيزال بالمسح
فيكون غسل الرجل في الخف وعدمه سواء في أنه لم يزل به الحدث لأنه في غير محله
واعترض أيضا الدرر على الزيلعي مع تسليم صحة الفرع المذكور بما أشار إليه الشارح من أن المشروعية في قولهم إن المسح رخصة مسقطة لمشروعية العزيمة ليس المراد بها الصحة كما فهمه الزيلعي فاعترضهم بالفرع المذكور وإنما المراد بها الجواز المترتب عليه الثواب فالمتخفف ما دام متخففا لا يجوز له الغسل حتى إذا تكلف وغسل بلا نزع أثم وإن أجزأه عن الغسل وإذا نزع وزال الترخص صار الغسل مشروعا يثاب عليه وقد انتصر البرهان الحلبي في شرحه على المنية للإمام الزيلعي وأجاب عما في الفتح والدرر وبينا ما في كلامه من النظر فيما علقناه على البحر
والحاصل أن ما ذكره الزيلعي من الفرع المذكور تبعا لعامة الكتب مسلم بل صححه غير واحد كما سيذكره الشارح في النواقض
وما ذكره في الفتح من منع صحته موافق لما نقله الزاهدي وغيره واستظهره في السراج ومشى عليه المصنف فيما سيأتي ويأتي الكلام عليه فافهم
قوله ( بسنة ) متعلق بقوله جائز وهي لغة الطريقة والعادة
واصطلاحا في العبادات النافلة وفي الأدلة وهو المراد هنا ما روى عنه قولا أو فعلا أو تقريرا لأمر عاينه والمسح روي قولا وفعلا
مطلب تعريف الحديث المشهور قوله ( مشهورة ) المشهور في أصول الحديث ما يرويه أكثر من اثنين في كل طبقة من طبقات الرواة ولم يصل إلى حد التواتر
وفي أصول الفقه
ما يكون من الآحاد في العصر الأول أي عصر الصحابة ثم ينقله في العصر الثاني وما بعده قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب فإن كان كذلك في العصر الأول أيضا فهو المتواتر وإن لم يكن كذلك في العصر الثاني أيضا فهو الآحاد
وبه علم أن المشهور عند الأصوليين قسيم للآحاد والمتواتر
وأما عند المحدثين فهو قسم من الآحاد وهو ما لم يبلغ رتبة التواتر
والذي وقع الخلاف في تبديع منكره أو تكفيره هو المشهور المصطلح عند الأصوليين لا عند المحدثين فافهم
قوله ( وعلى رأي الثاني كافر ) أي بناء على جعله المشهور قسما من المتواتر لكن قال في التحرير والحق الاتفاق على عدم الإكفار بإنكار المشهور لآحادية أصله فلم يكن تكذيبا له عليه الصلاة والسلام بل ضلالة لتخطئة المجتهدين
قوله ( وفي التحفة ) أي للإمام محمد السمرقندي التي شرحها تلميذه الكاشاني بشرح عظيم سماه البدائع
قوله ( بالإجماع ) ولا عبرة بخلاف الرافضة
وأما من لم يره كابن عباس وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم فقد صح رجوعه ح
قوله ( بل بالتواتر الخ ) ليس هذا من عبارة التحفة بل عزاه القهستاني إلى ابن حجر
____________________
(1/265)
ثم الظاهر أن هذا بناء على أن ذلك العدد يفيد اليقين والعلم الضروري ويرفع تهمة الكذب بالكلية وكأن الإمام توقف في إفادته ذلك أو لم يثبت عنده هذا العدد ولذا قال أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين لأن الآثار التي جاءت فيه في حيز التواتر
قوله ( رواته ) أي من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
قوله ( وقيل بالكتاب ) أي بقراءة الجر في وأرجلكم بناء على إرادة المسح بها لعطفها على الممسوح جمعا بينها وبين قراءة النصب المراد بها الغسل لعطفها على المغسول
قوله ( فالجر بالجوار ) أي كما في قوله تعالى { عذاب يوم محيط } { وحور عين } المعطوف على ولدان مخلدون لا على أكواب إذ لا يطوف عليهم الولدان بالحور ونظيره في القرآن والشعر كثير فهو في المعنى معطوف على المنصوب وإنماعدل عن النصب للتنبيه على أنه ينبغي أن يقتصد في صب الماء عليهما ويغسلا غسلا خفيفا شبيها بالمسح كما في الدرر وغيره
قوله ( لمحدث ) متعلق بقوله جائز وشمل المرأة كما سيصرح به في غرر الأفكار والمحدث حقيقة عرفية فيمن أصابه حدث يوجب الوضوء
قوله ( ظاهره الخ ) البحث والجواب للقهستاني
وأقول قد يقال إن جوازه المجدد الوضوء تعلم بالأولى لأن ما رفع الحدث الحقيقي يحصل به تجديد الطهارة بالأولى على أن قوله لا لجنب يدل بالمقابلة على أن المحدث احتراز عن الجنب فقط
تأمل
مطلب إعراب قولهم إلا أن يقال قوله ( إلا أن يقال ) استثناء مفرغ من أعم الظروف لأن المصادر قد تقع ظروفا نحو آتيك طلوع الفجر أي وقت طلوعه والمصدر المنسبك هنا من هذا القبيل فالمعنى ظاهره ما ذكر في جميع الأوقات إلا وقت قولنا لما حصل الخ كذا أفاده المحقق صدر الشريعة في أوائل التوضيح
قوله ( والمنفي لا يلزم تصويره ) أي لا يلزم أن يجعل له صورة يمكن حصولها في الذهن
قوله ( وفيه الخ ) البحث للقهستاني
بيانه أن النفي الشرعي أي الذي استفيد من الشرع يتوقف على إمكان تصور ما نفي به عقلا وإلا لم يكن مستفادا من الشرع بل من العقل كقولنا لا تجتمع الحركة مع السكون وصوروا له صورا منها لو تيمم الجنب ثم لبس الخف ثم أحدث ووجد ماء يكفي للوضوء فقط لا يمسح لأن الجنابة سرت إلى القدمين والتيمم ليس طهارة كاملة ومثله الحائض إذا انقطع دمها
واعترضه في المجتبى بأن ما ذكر غير صحيح لأن الجنابة لا تعود على الأصح ا هـ
أقول أي لا تعود إلى أعضاء الوضوء ولا غيرها لأنه لم يقدر على الماء الكافي والجنابة لا تتجزأ فهو محدث حقيقة لا جنب وليس الكلام فيه فاعتراض البحر على المجتبى بأنه عاد جنبا برؤية الماء غير وارد كما لا يخفى فالصحيح في تصويره ما في المجتبى فيما إذا توضأ ولبس ثم أجنب ليس له أن يشد خفيه فوق الكعبين ثم يغتسل ويمسح ا هـ
أو يغتسل قاعدا واضعا رجليه على شيء مرتفع ثم يمسح ومثله الحائض
ولكن لا يتأتى إلا على قول أبي يوسف من أن أقل الحيض عنده يومان وأكثر الثالث فإذا كانت المرأة مسافرة وتوضأت ابتداء مدة السفر ولبست الخف ثم حاضت هذا المقدار فقد بقي من المدة نحو خمس ساعات فلا يجوز لها أن تمسح فيها وأما على قولهما فلا يتصور لأن أقل مدة الحيض ثلاثة أيام فتنقضي فيها مدة المسح كما أوضحه في البحر ولم يذكر النفساء
____________________
(1/266)
وصورتها كما في البحر أنها لبست على طهارة ثم نفست وانقطع قبل ثلاثة مسافرة أو قبل يوم وليلة مقيمة
قوله ( ثم ظاهره ) أي ظاهر قوله لا لجنب ثم هذا الكلام الخ للقهستاني
قوله ( وليس كذلك الخ ) عبارة القهستاني وينبغي أن لا يجوز على ما في المبسوط ا هـ
ومفاده أنه في المبسوط ذكره بلفظ ينبغي لا على سبيل الجزم فلذا قواه بقوله ولا يبعد وإلا لم يحتج إلى ذلك
قوله ( ولا يبعد الخ ) أي لا يبعد أن يجعل غسل الجمعة في حكم غسل الجنابة يعني أن كلام المبسوط غير بعيد ا هـ
ح
ووجهه أن ماهية الغسل المسنون هي ماهية غسل الجنابة وهي غسل جميع ما يمكن غسله من البدن فقوله لا لجنب نفي لمشروعية المسح في الغسل سواء كان عن جنابة أو غيرها كما أن إثبات مشروعيته للمحدث هو إثبات لمشروعيته في الوضوء سواء كان عن حدث أو غيره لأن ماهية الوضوء في حقهما واحدة أركانا وسننا كما قلنا في الغسل
قوله ( فالأحسن الخ ) أي الأحسن تعبير المصنف بذلك ليشمل المتوضىء مجدد الوضوء والمغتسل مغتسل الجمعة والعبد بلا تأويل في العبارة
قوله ( والسنة الخ ) أفاد أن إظهار الخطوط ليس بشرط وهو ظاهر الرواية بل هو شرط السنة في المسح
وكيفيته كما ذكره قاضيخان في شرح الجامع الصغير أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن وأصابع يده اليسرى على مقدم خفه الأيسر من قبل الأصابع فإذا تمكنت الأصابع يمدها حتى ينتهي إلى أصل الساق فوق الكعبين لأن الكعبين يلحقهما فرض الغسل ويلحقهما سنة المسح وإن وضع الكفين مع الأصابع كان أحسن هكذا روي عن محمد ا هـ
بحر
أقول وظاهره أن التيامن فيه غير مسنون كما في مسح الأذنين
وفي الحلية والمستحب أن يمسح بباطن اليد لا بظاهرها
قوله ( قليلا ) ذكره في البحر عن الخلاصة
قوله ( ومحله ) زاده على المتن ليعلم أن ذلك شرط
قوله ( على ظاهر خفيه ) قيد به إذ لا يجوز المسح على الباطن والعقب والساق
درر
قوله ( من رؤوس أصابعه ) ظاهره أن الأصابع لها دخل في محل المسح حتى لو مسح عليها صح إن حصل قدر الفرض
وذكر في البحر أنه مفادها ما في الكنز وغيره من المتون والشروح وعلى ما في أكثر الفتاوي لا يجوز لأنهم قالوا وتفسير المسح أن يمسح على ظاهر قدمه ما بين أطراف الأصابع إلى الساق فهذا يفيد أن الأصابع غير داخلة في المحلية وبه صرح في الخانية فليتنبه لذلك ا هـ ملخصا
واعترضه في النهر بأن ما في الفتاوي يفيد دخولها لأن أطرافها أواخرها أي رؤوسها يوافقه قول المبتغى ظهر القدم من رؤوس الأصابع إلى معقد الشراك
أقول وما في النهر هو ما فهمه في الحلية من عبارة الفتاوي فقال إن مؤدي رؤوس الأصابع وما بين أطراف الأصابع واحد لأن أطرافها هي رؤوسها ثم قال نعم في الذخيرة وتفسير المسح على الخفين أن يمسح على ظهر قدميه ما بين الأصابع إلى الساق
وعن الحسن عن أبي حنيفة المسح عى ظهر قدميه من أطراف الأصابع إلى الساق ا هـ
فالأصابع على ما ذكره في الذخيرة أولا غير داخلة في المحلية وعليه ما في شرح الطحاوي لو مسح موضع الأصابع لا يجوز وبه صرح في الخانية وعلى رواية الحسن داخلة ويظهر أنها الأولى ويشهد لها حديث جابر
____________________
(1/267)
المروي في الأوسط للطبراني من أنه مسح من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة وفرج بين أصابعه فلذا مشى عليها أصحاب الفتاوي ا هـ
أقول والحاصل أن في المسألة اختلاف الرواية وحيث كانت رواية الدخول هي المفاد عبارات المتون والشروح وكذا من أكثر الفتاوي كما علمت كان الاعتماد عليها أولى فلذا اختارها الشارح تبعا للنهر والحلية فافهم
قوله ( إلى معقد الشراك ) أي المحل الذي يعقد عليه شراك النعل بالكسر أي سيره فالمراد به المفصل الذي في وسط القدم ويسمى كعبا ومنه قولهم في الإحرام يقطع الخفين أسفل من الكعبين ثم إن قوله من رؤوس أصابعه إلى معقد الشراك هو عبارة المبتغى كما قدمناه والمراد به بيان محل الفرض اللازم وإلا فالسنة أن ينتهي إلى أصل الساق كما قدمناه عن شرح الجامع فلا مخالفة بينهما كما لا يخفى فافهم
قوله ( ويستحب الجمع الخ ) المراد بالباطل أسفل مما يلي الأرض لا ما يلي البشرة كما حققه في شرح المنية خلافا لما في الفتح
هذا وما ذكره الشارح تبع فيه صاحب النهر حيث قال لكن يستحب عندنا الجمع بين الظاهر والباطن في المسح إلا إذا كان على باطنه نجاسة كذا في البدائع ا هـ
وأقول الذي رأيته في نسختي البدائع نقله عن الشافعي فإنه قال وعن الشافعي أنه لو اقتصر على الباطن لا يجوز والمستحب عنده الجمع الخ فضمير الغيبة راجع إلى الشافعي وهكذا رأيته في التاترخانية
وقال في الحلية المذهب عند أصحابنا أن ما سوى ظهر القدم من الخف ليس بمحل للمسح لا فرضا ولا سنة وبه قال أحمد
وقال الشافعي يسن مسحهما
وقال في البحر وفي المحيط ولا يسن مسح باطن الخف مع ظاهره خلافا للشافعي لأن السنة شرعت مكملة للفرائض والإكمال إنما يتحقق في محل الفرض لا في غيره ا هـ وفي غيره نفي الاستحباب وهو المراد ا هـ
كلام البحر أي وفي غير المحيط قال لا يستحب وهو المراد من قول المحيط لا يسن
وفي معراج الدراية السنة عند الشافعي ومالك مسح أعلى الخف وأسفله لما روي أنه مسح أعلى الخف وأسفله وعندنا وأحمد لا مدخل لأسفله في المسح لحديث علي رضي الله عنه لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عليه من ظاهره وقد رأيت رسول الله يمسح على الخفين على ظاهرهما رواه أبو داود وأحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح وما رواه الشافعي شاذ لا يعارض هذا مع أنه ضعفه أهل الحديث ولهذا قيل إنه يحمل على الاستحباب إن ثبت
وعن بعض مشايخنا يستحب الجمع ا هـ
فقد ظهر أن استحباب الجمع قول لبعض مشايخنا لا كما نقله في النهر من أنه المذهب فتنبه لذلك ولله الحمد
قوله ( أو جرموقيه ) بضم الجيم جلد يلبس فوق الخف لحفظه من الطين وغيره على المشهور
قهستاني
ويقال له الموق وليس غيره كما أفاده في البحر
قوله ( ولو فرق خف ) أفاد جواز المسح عليهما منفردين أيضا وهذا لو كانا من جلد فلو من كرباس لا يجوز ولو فوق الخف إلا أن يصل بلل المسح إلى الخف ثم الشرط بأن يكونا بحيث لو انفردا يصح مسحهما حتى لو كان بهما خرق مانع لا يجوز المسح عليهما
سراج وإن يلبسهما قبل أن يمسح على الخفين وقبل أن يحدث فلو كان مسح على الخفين أو أحدث بعد لبسهما ثم لبس الجرموقين لا يجوز المسح عليهما اتفاقا لأنهما حينئذ لا يكونان تبعا للخف صرح بهذا الشرط في السراج وشروح المجمع ومنية المصلي
____________________
(1/268)
وغيرها ومقتضاه أنه لو توضأ ثم لبس الخف ثم جدد الوضوء قبل الحدث ومسح على الخف ثم لبس الجرموق لا يجوز له المسح لاستقرار الحكم على الخف فلا يصير الجرموق تبعا
وعبارة الشارح في الخزائن وهذا إذا كانا صالحين للمسح أو رقيقين ينفذ إلى الخف قدر الفرض ولم يكن أحدث ولا مسح على خفيه قبل ما أحدث ذكره ابن الكمال وابن ملك ا هـ
هذا وفي البحر والخف على الخف كالجرموق عندنا في سائر أحكامه
خلاصة قوله ( أو لفافة ) أي سواء كانت ملفوفة على الرجل تحت الخف أو كانت مخيطة ملبوسة تحته كما أفاده في شرح المنية
قوله ( ولا اعتبار بما في فتاوي الشاذي ) بالذال المعجمة على ما رأيته في النسخ لكن الذي رأيته بخط الشارح في خزائن الأسرار بالدال المهملة ثم الذي في هذه الفتاوي هو ما نقله عنها في شرح المجمع من التفصيل وهو أن ما يلبس من الكرباس المجرد تحت الخف يمنع المسح على الخف لكونه فاصلا وقطعة كرباس تلف على الرجل لا تمنع لأنه غير مقصود باللبس وقد أطال في رده في شرح المنية والدرر والبحر لتمسك جماعة به من فقهاء الروم قال ح وقد اعتنى يعقوب باشا بتحقيق هذه المسألة في كراسة مبينا للجواز لما سأله السلطان سليم خان
قوله ( أو جوربيه ) الجورب لفافة الرجل
قاموس وكأنه تفسير باعتبار اللغة لكن العرف خص اللفافة بما ليس بمخيط والجورب بالمخيط ونحوه الذي يلبس كما يلبس الخف شرح المنية
قوله ( ولو من غزل أو شعر ) دخل فيه الجوخ كما حققه في شرح المنية
وقال وخرج عنه ما كان من كرباس بالكسر وهو الثوب من القطن الأبيض ويلحق بالكرباس كل ما كان من نوع الخيط كالكتان والإبريسم ونحوهما
وتوقف ح في وجه عدم جواز المسح عليه إذا وجد فيه الشروط الأربعة التي ذكرها الشارح
وأقول الظاهر أنه إذا وجدت فيه الشروط يجوز وأنهم أخرجوه لعدم تأتي الشروط فيه غالبا يدل عليه ما في كافي النسفي حيث علل عدم جواز المسح على الجورب من كرباس بأنه لا يمكن تتابع المشي عليه فإنه يفيد أنه لو أمكن جاز ويدل عليه أيضا ما في ط عن الخانية أن كل ما كان في معنى الخف في إدمان المشي عليه وقطع السفر به ولو من لبد رومي يجوز المسح عليه ا هـ
قوله ( على الثخينين ) أي اللذين ليسا مجلدين ولا منعلين نهر
وهذا التقييد مستفاد من عطف ما بعده عليه وبه يعلم أنه نعت للجوربين فقط كما هو صريح عبارة الكنز وأما شروط الخف فقد ذكرها أول الباب ومثله الجرموق ولكونه من الجلد غالبا لم يقيده بالثخانة المفسرة بما ذكره الشارح لأن الجلد الملبوس لا يكون إلا كذلك عادة
قوله ( بحيث يمشي فرسخا ) أي فأكثر كما مر وفاعل يمشي ضمير يعود على الجورب والإسناد إليه مجازي
أو على اللابس له والعائد محذوف أي به
قوله ( بنفسه ) أي من غير شد ط
قوله ( ولا يشف ) بتشديد الفاء من شف الثوب رق حتى رأيت ما وراءه من باب ضرب مغرب
وفي بعض الكتب ينشف بالنون قبل الشين من نشف الثوب العرق كسمع ونصر شربه
قاموس
والثاني أولى هنا لئلا يتكرر مع قوله تبعا للزيلعي ولا يرى ما تحته لكن فسر في الخانية الأول بأن لا يشف الجورب الماء إلى نفسه كالأديم والصرم وفسر الثاني بأن لا يجاوز الماء إلى القدم وكأن تفسيره الأول مأخوذ من قولهم اشتف ما في الإناء شربه كله كما في القاموس وعليه فلا تكرار فافهم
قوله ( إلا أن ينفذ ) أي من البلل وهذا راجع
____________________
(1/269)
إلى الجرموق لا الجورب لأن العادة في الجورب أن يلبس وحده أو تحت الخف لا فوقه
قوله ( مسح الخف والموق الباقي ) أي يمسح الخف البادي ويعيد المسح على الموق الباقي لانتقاض وظيفتهما كنزع أحد الخفين لأن انتقاض المسح لا يتجزأ
بحر
وهذا ظاهر الرواية
وروى الحسن أنه يمسح على الخف البادي لا غير
وعن أبي يوسف ينزع الموق الباقي ويمسح الخفين
خانية
قوله ( لم يجز ) هذا إذا لم يكن في الموقين خرق مانع فلو كان قال في المبتغى له المسح على الخف أو على الجرموق لأنهما كخف واحد لكن بحث في الحلية وتبعه في البحر بأنه ينبغي أن لا يجوز إلا على الخف لما علم أن المنخرق خرقا مانعا وجوده كعدمه فكانت الوظيفة للخف فلا يجوز على غيره وبه صرح في السراج كما قدمناه
قوله ( بسكون النون ) أي من باب الأفعال من أفعل لكن صرح في القاموس بمجيئه من باب التفعيل فقول الصحاح يقال أنعلت خفي ودابتي ولا تقل نعلت أي بالتخفيف بل يقال بالتشديد فيكون من باب التفعيل على وفق ما في القاموس وحينئذ فلا منافاة وقول المغرب أفعل الخف ونعله أي بالتشديد فلا منافاة أيضا خلافا لما في النهر فافهم
قوله ( ما جعل على أسفله ) أي كالنعل للقدم وهذا ظاهر الرواية وفي رواية الحسن ما يكون إلى الكعب
ابن كمال
قوله ( والمجلدين ) المجلد ما جعل الجلد على أعلاه وأسفله
ابن كمال
تنبيه ما ذكره المصنف من جوازه على المجلد والمنعل متفق عليه عندنا أما الثخين فهو قولهما
وعنه أنه يرجع إليه وعليه الفتوى كذا في الهداية وأكثر الكتب بحر
هذا وفي حاشية أخي جلبي على صدر الشريعة أن التقييد بالثخين مخرج لغير الثخين ولو مجلدا ولم يتعرض له أحد
قال والذي تلخص عندي أنه لا يجوز المسح عليه إذا جلد أسفله فقط أو مع مواضع الأصابع بحيث يكون محل الفرض الذي هو ظهر القدم خاليا عن الجلد بالكلية لأن منشأ الاختلاف بين الإمام وصاحبيه اكتفاؤهما بمجرد الثخانية وعدم اكتفائه بها بل لا بد عده مع الثخانة من النعل أو الجلد ا هـ
وقد أطال في ذلك
أقول بل هو مأخوذ من كلام المصنف وكذا من قول الكنز وغيره وعلى الجورب المجلد والمنعل والثخين فإن مفاده أن المجلد لا يتقيد بالثخانة وقدمنا عن شرح المنية أنه لا يشترط استيعاب الجلد جميع ما يستر القدم على خلاف ما يزعمه بعض الناس
وقال في شرح المنية أيضا صرح في الخلاصة بجواز المسح على المجلد من الكرباس ا هـ
ويؤخذ من هذا ومما قبله أنه لو كان محل المسح وهو ظهر القدم مجلدا مع أسفله أنه يجوز المسح عليه كما قدمناه عن سيدي عبد الغني في الخف الحنفي المخيط بالشخشير ولا يعكر عليه اشتراطهم أن يثبت على الساق بنفسه لأن ذاك في الجورب الثخين الغير المجلد والمنعل كما في النهر وغيره
قوله ( مرة ) قيد للمسح المفهوم فلا يسن تكراره كمسح الرأس
بحر
قوله ( ولو امرأة ) تعميم لقوله لمحدث أو لفاعل يبدأ
قوله ( ملبوسين ) حال من قوله خفيه وما عطف عليه ط
قوله ( لا يمسح عليه ) لأنه لم يلبس على طهارة فعليه أن يمسح على الخف لاستقرار
____________________
(1/270)
حكم المسح عليه كما قدمناه
قوله ( خرج الناقص ) أقول وخرج أيضا ما لو توضأ الجنب ثم تخفف ثم أحدث ثم غسل باقي بدنه لا يمسح
أما على الصحيح من عدم تجزي الحدث ثبوتا وزوالا فظاهر
وأما على مقابله فلعدم التمام ولم أر من تعرض لهذه المسألة من أئمتنا
تأمل
وتعلم بالأولى من قوله كلمعة
قوله ( كلمعة ) يعني كطهر بقيت فيه لمعة من الأعضاء لم يصبها الماء قبل لبس الخف
قوله ( كتيمم ) أي أن اللبس لو كان بعد التيمم فوجد بعده الماء لا يجوز المسح على الخف بل يجب الغسل
قوله ( ومعذور ) أي وطهر معذور فهو على تقدير مضاف
قوله ( فإنه الخ ) الضمير للمعذور وهذا بيان لوجه كون طهره ناقصا
ثم إنه لا يخلو إما أن يكون العذر منقطعا وقت الوضوء واللبس معا أو موجودا فيهما أو منقطعا وقت الوضوء موجودا وقت اللبس أو بالعكس فهي رباعية
ففي الأول حكمه كالأصحاء لوجود اللبس على طهارة كاملة فمنع سراية الحدث للقدمين وفي الثلاثة الباقية يمسح في الوقت فقط فإذا خرج نزع وغسل كما في البحر لكن ما ذكره من نقصان طهارة التيمم والمعذور تبع فيه الزيلعي
قال في النهر وعورض بأنه لا نقص فيهما ما بقي شرطهما وإنما لم يمسح المتيمم بعد رؤية الماء والمعذور بعد الوقت لظهور الحدث السابق حينئذ على القدم والمسح إنما يزيل ما حل بالممسوح لا بالقدم ولذا جوزنا لذي العذر المسح في الوقت كلما توضأ لحدث غير الذي ابتلي به إذا كان السيلان مقارنا للوضوء واللبس
قوله ( عند الحدث ) متعلق بقوله تام فيعتبر كون الطهر تاما وقت نزول الحدث
لأن الخف يمنع سراية الحدث إلى القدم فيعتبر تمام الطهر وقت المنع لا وقت اللبس خلافا للشافعي
قوله ( جاز أن يمسح ) لوجود الشرط وهو كونهما ملبوسين على طهر تام وقت الحدث ومثله ما لو غسل رجليه ثم تخفف ثم تمم الوضوء أو غسل رجلا فخففها ثم الأخرى كذلك كما في البحر بخلاف ما لو توضأ ثم أحدث قبل وصول الرجل إلى قدم الخف فإنه لا يمسح كما ذكره الشافعية وهو ظاهر
قوله ( يوما وليلة ) العامل فيهما الضمير في قوله وهو جائز لعوده على المسح أو المسح في قوله شرط مسحه أفاده ط
قوله ( وابتداء المدة ) قدره ليفيد أن من في كلام المصنف ابتدائية أن الجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف هو ذلك المقدار ط
قوله ( من وقت الحدث ) أي لا من وقت المسح الأول كما هو رواية عن أحمد ولا من وقت اللبس كما حكي عن الحسن البصري وتمامه في البحر
وذكر الرملي أن صريح كلام البحر أن المدة تعتبر من أول وقت الحدث لا من آخره كما هو عند الشافعية
وما قلنا أولى لأن وقت عمل الخف ولم أر من ذكر فيه خلاف عندنا ا هـ
وعليه فلو كان حدثه بالنوم فابتداء المدة من أول ما نام لا من حين الاستيقاظ حتى لو نام أو جن أو أغمي عليه مدته بطل مسحه
قوله ( ستا ) صورته لبس الخف على طهارة ثم أحدث وقت الإسفار ثم توضأ ومسح وصلى قبيل الشمس ثم صلى الصبح في اليوم الثاني عقب الفجر ح وقد يصلي سبعا على الاختلاف
بحر أي الاختلاف بين الإمام وصاحبيه بأن أحدث فيما بين المثلين ثم صلى الظهر في اليوم الأولى على قول الإمام بعد المثل والعصر
____________________
(1/271)
أيضا بعد المثلين وفي اليوم الثاني صلى الظهر قبل المثل
قوله ( فلما تشهد أحدث ) فإنه لا يمكنه صلاة الصبح في اليوم الثاني لبطلانها بانقضاء مدة المسح في القعدة كما سيأتي في الاثني عشرية
قوله ( لا على عمامة الخ ) العمامة معروفة وتسمى الشاش في زماننا
والقلنسوة بفتح القاف واللام والواو وسكون النون وضم السين في آخرها هاء التأنيث ما يلبس على الرأس ويتعمم فوقه
والبرقع بضم الباء الموحدة وسكون الراء وضم القاف وفتحها أخرها عين مهلمة ما يلبس على الوجه فيه خرقان للعينين
والقفاز بضم القاف وتشديد الفاء بألف ثم زاي شيء يلبس على اليدين يحشي بقطن ويزر على الساعدين ا هـ
ح
قوله ( لعدم الحرج ) علة لقوله لا يجوز وأيضا ما ورد في ذلك شاذ لا يزاد به على الكتاب العزيز الآمر بالغسل ومسح الرأس
بخلاف ما ورد في الخف
وقال الإمام محمد في موطئه بلغنا أن المسح على العمامة كان ثم ترك كما في الحلية قوله ( عملا ) أي فرضه من جهة العمل لا الاعتقاد وهو أعلى قسمي الواجب كما قدمنا تقريره في الوضوء وسيجيء
قوله ( قدر ثلاث أصابع ) أشار إلى أن الأصابع غير شرط وإنما الشرط قدرها
شرنبلالية
فلو أصاب موضع المسح ماء أو مطر قدر ثلاث أصابع جاز وكذا لو مشى في حشيش مبتل بالمطر وكذا بالطل في الأصح
وقيل لا يجوز لأنه نفس دابة في البحر يجذبه الهواء بحر
قوله ( أصغرها ) بدل من الأصابع ط
أو نعت وأفرده لأن الغالب في أفعل التفضيل المضاف إلى معرفة عدم المطابقة فافهم
قوله ( طولا وعرضا ) كذا في شرح المنية أي فرضه قدر طول الثلاث أصابع وعرضها قال في البحر ما عن البدائع ولو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة ولا ممدودة لا يجوز بلا خلاف بين أصحابنا
قوله ( من كل رجل ) أي فرضه هذا القدر كائنا من كل رجل على حدة قال في الدرر حتى لو مسح على إحدى رجليه مقدار أصبعين وعلى الأخرى مقدار خمس أصابع لم يجز قوله ( لا من الخف ) لما قدمه أنه لو واسعا فمسح على الزائد ولم يقدم قدمه إليه لم يجز ولما يأتي من قوله ولو قطع قدمه الخ
قوله ( فمنعوا الخ ) شروع في التفريع على ما قبله من القيود
قوله ( مد اوصبع ) أي جرها على الخف حتى يبلغ مقدار ثلاث أصابع وظاهره ولو مع بقاء البلة لأنها تصير مستعملة
تأمل
وفي الحلية وكذا الأصبعان بخلاف ما لو مسح بالإبهام والسبابة مفتوحتين مع ما بينهما من الكف أو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات في ثلاثة مواضع وأخذ لكل مرة ماء فيجوز لأنه بمنزلة ثلاث أصابع وكذا لو مسح بجوانبها الأربع في الصحيح والظاهر تقييده بوقوعه في أربعة مواضع اه
قوله ( لم يجز إلا أن يبتل الخ ) كذا في المنية
قال الزاهدي قلت أو كانت تنزل البلة إليها عند المد ا هـ
وهذا هو المراد بكونه متقاطرا
حلية
فأفاد أن الشرط إما الابتلال المذكور أو التقاطر
قال في شرح المنية لأن البلة تصير مستعملة أولا بمجرد الإصابة فتصير مستعملة ثانيا في الفرض بخلاف ما إذا كان متقاطرا لأن التي مسح بها ثانيا غير الأولى وبخلاف إقامة السنة فيما إذا وضع الأصابع ثم مدها ولم يكن متقاطرا لأن النفل يغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض وهو تابع له فيؤدي ببلته تبعا لضرورة عدم شرعية التكرار وتمامه فيه
قوله ( ثم قال الخ ) قد علمت أن الشرط أحد الأمرين فلا منافاة بين النقلين لأن المدار على عدم المسح ببلة مستعملة
قوله ( وإلا لا ) صحح في الخلاصة
____________________
(1/272)
الجواز مطلقا والتفصيل أولى كما في الحلية والبحر
قوله ( من ظهره ) أي القدم وقيد به لأنه محل المسح فلا اعتبار بما يبقى من العقب ط
قوله ( وإلا غسل ) أي غسل المقطوعة والصحيحة أيضا لئلا يلزم الجمع بين الغسل والمسح
قوله ( من كعبه ) أي من المفصل لوجوب غسله كما في المنية فيغسل الرجل الأخرى ولا يمسح
قوله ( رجل واحدة ) بأن كانت الأخرى مقطوعة من فوق الكعب
قوله ( مسحها ) لعدم الجمع
قوله ( خف مغصوب ) المراد به المستعمل على وجه محرم سواء كان غصبا أو سرقة أو اختلاسا ط
قوله ( رجل مغصوبة ) إطلاق الغصب على ذلك مساهلة
وصورته استحق قطع رجله لسرقة أو قصاص فهرب وصار يتوضأ عليها ط
قوله ( والخرق ) بضم الخاء الموضع ولا يصح هنا الفتح لأنه مصدر ولا يلائمه الوصف الكبير
ثم رأيت ط نبه على ذلك أيضا
قافهم ثم المراد به ما كان تحت الكعب فالخرق فوقه لا يمنع لأن الزائد على الكعب لا عبرة به
زيلعي
قوله ( بموحدة أو مثلثة ) أي يجوز قراءة الكبير بالباء الموحدة أي التي لها نقطة واحدة ويجوز أن يقرأ الكثير بالثاء المثلثة التي لها ثلاث نقط وهذا بالنظر إلى أصل الرواية والسماع وإلا فالمرسوم في المتن الأول
وفي النهر وغيره عن شيخ الإسلام خواهر زاده أنه الأصح لأن الكم المنفصل تستعمل فيه الكثرة والقلة وفي المتصل الكبر والصغر ولا شك أن الخف كم متصل
وفي المغرب الكثرة خلاف القلة وتجعل عبارة عن السعة ومنه قولهم الخرق الكثيرة ومفاده استعمال الكثرة في المتصل وكأن الكثير الشائع هو الأول
قوله ( وهو قدر ثلاث أصابع ) يعني طولا وعرضا بأن سقطت جلدة مقدار ثلاث أصابع وعرضها كذا في حاشية يعقوب باشا على صدر الشريعة فليحفظ
قوله ( أصابع القدم الأصاغر ) صححه في الهداية وغيرها واعتبر الأصاغر للاحتياط
وروي عن الإمام اعتبار أصابع اليد
بحر
وأطلق الأصابع لأن في اعتبارها مضمومة أو مفرجة اختلافا
قهستاني
قوله ( بكمالها ) هو الصحيح خلافا لما رجحه السرخسي من المنع بظهور الأنامل وحدها
شرح المنية
والأنامل رؤوس الأصابع وهو صادق بما إذا كانت الأصابع تخرج منه بتمامها لكن لا يبلغ هو قدرها طولا وعرضا
قوله ( بأصابع مماثلة ) أي بأصابع شخص غيره مماثل له في القدم صغرا وكبرا والتقييد بالمماثلة أفاده في النهر
ورد على البحر اختياره القول باعتبار أصابع نفسه لو قائمة على القول باعتبار أصابع غيره لتفاوتها الصغر والكبر بأن تقديم الزيلعي الأول يفيد أن عليه المعول وبأنه بعد اعتبار المماثلة لا تفاوت وبأن الاعتبار الموجود أولى
وأفاد ح
أن ما في النهر يرجع بعد التأمل إلى ما في البحر
قوله ( فيمسح عليه ) أي على الخف الآخر أو الجرموق لأن العبرة للأعلى حيث لم تتقرر الوظيفة على الأسفل
قوله ( وهذا ) أي التقدير بالثلاث الأصاغر
قوله ( فلو عليها الخ ) تفريع على القيود الثلاثة على سبيل النشر المرتب
قوله ( اعتبر الثلاث ) أي التي وقعت في مقابلة الخرق لأن كل أصبع أصل في موضعها فلا تعتبر بغيرها حتى لو انكشف الإبهام مع جارتها وهما قدر ثلاث أصابع من أصغرها يجوز المسح وإن كان مع جاريتها لا يجوز ا هـ
زيلعي ودرر وغيرهما
وصححه في التتمة كما في البحر
____________________
(1/273)
قوله ( ولو عليه ) أي العقب اعتبر بدو أي ظهور أكثره كذا ذكره قاضيخان وغيره وكذا لو كان الخرق تحت القدم اعتبر أكثره كما في الاختيار ونقله الزيلعي عن الغاية بلفظ قيل
قال في البحر وظاهر الفتح اختيار اعتبار ثلاث أصابع مطلقا وهو ظاهر المتون كما لا يخفى حتى في العقب وهو اختيار السرخسي
والقدم من الرجل ما يطأ عليه الإنسان من الرسغ إلى ما دون ذلك وهي مؤنثة
والعقب بكسر القاف مؤخر القدم ا هـ
قوله ( عند المشي ) أي عند رفع القدم كما في شرح المنية الصغير سواء كان لا يرى عند الوضع على الأرض أيضا أو يرى عند الوضع فقط وأما بالعكس فيهما فيمنع أفاده ح وإنما اعتبر حال المشي لا حال الوضع لأن الخف للمشي يلبس
درر
قوله ( كما لو انفتقت الظهارة الخ ) بأن كان من داخلها بطانة من جلد أو خرقة مخروزة بالخف فإنه لا يمنع زيلعي وقدمناه
قوله ( وتجمع الخروق الخ ) اختار في الفتح بحثا عدم الجمع وقواه تلميذه في الحلية بموافقته لما روي عن أبي يوسف من عدم الجمع مطلقا واستظهره في البحر لكن ذكر قبله أن الجمع هو المشهور في المذهب
وقال في النهر إطباق عامة المتون والشروح عليه مؤذن بترجيحه
قوله ( لا فيهما ) أي لو كان في كل واحد من الخفين خروق غير مانعة لكن إذا جمعتها تكون مثل القدر المانع لا تمنع ويصح المسح ا هـ
ح
قوله ( بشرط الخ ) متعلق بصحة المسح التي تضمنها قوله لا فيهما كما قررناه أفاده ح وهذا الشرط استظهار من صاحب الحلية ونقل عبارته في البحر وأقره عليه ولظهور وجهه جزم به الشارح
قوله ( فرضه ) أي فرض المسح وهو قدر ثلاثة أصابع
قوله ( على الخف نفسه ) لأن المسح إنما يجب عليه لا على الرجل ولا ينافيه ما قدمه من قوله من كل رجل لا من الخف لأن معناه أنه لا بد أن يقع المسح بالثلاث على المحل الشاغل للرجل من الخف لا على المحل الخالي عن الرجل الزائد عليها
قوله ( المسح الحالي ) أي الذي يراد وقوعه حالا والاستقبالي أي الذي يراد إيقاعه فيما بعد الزمن الحاضر ط
قوله ( كما ينقض الماضوي ) بأن عرض بعد المسح
قوله ( ومر ) أي في التيمم في قوله كل مانع منع وجوده التيمم نقض وجوده التيمم
قوله ( أن ناقض التيمم ) أي ما يبطله
قوله ( يمنع ويرفع ) أي يمنع وقوعه في الحال أو الاستقبال ويرفع الواقع قبله فالرفع يقتضي الوجود بخلاف المنع
وحاصل المعنى أن مبطل التيمم مثل الخرق المبطل للمسح في أنه يمنعه ابتداء ويرفعه انتهاء
قوله ( كنجاسة ) تنظير لا تمثيل ح
والمعنى أن النجاسة المانعة تمنع الصلاة ابتداء وترفعها عروضا ومثلها الانكشاف ط
قوله ( حتى انعقادها ) أي الصلاة وهو منصوب لكونه معطوفا بحتى على المفعول به المقدر في الكلام تقديره كنجاسة وانكشاف فإنهما يمنعان الصلاة ويرفعانها حتى انعقادها والمراد بانعقادها التحريمة وإنما غيا بالتحريمة لما أنها شرط وينبني على شرطيتها عدم اشتراط الشروط لها لكن الصحيح اشتراط الشروط لها لا لكونها ركنا بل لشدة اتصالها بالأركان كما سيأتي ح وإنما أطلق الانعقاد الذي هو صحة الشروع على التحريمة لأنها شرط فيه أفاده ط
قوله ( كما سيجيء ) أي في باب شروط الصلاة من أنه يشترط للتحريمة ما يشترط للصلاة ط
قوله ( المسلة ) بكسر الميم الإبرة العظيمة
صحاح
قوله ( إلحاقا له ) أي لما دون المسلة بمواضع الخرز التي هي معفوة اتفاقا ط
قوله ( متفرقة )
____________________
(1/274)
أي في خف أو ثوب أو بدن أو مكان أو في المجموع ح
قوله ( وانكشاف عورة ) فإنه إذا تعدد في مواضع منها فإن بلغ ربع أدناها منع كما سيأتي أفاده ح
قوله ( وطيب محرم ) فإنه يجمع في أكثر من عضو بالأجزاء حتى يبلغ عضوا كما سيأتي ح
قوله ( وأعلام ثوب ) أي إذا كان في عرض الثوب أعلام من حرير تجمع فإذا زادت على أربع أصابع تحرم لكن سيذكر الشارح في فصل اللبس من كتاب الحظر والإباحة أن ظاهر المذهب عدم جمع المتفرق فذكر أعلام الثوب هنا مبني على خلاف ظاهر المذهب
قوله ( فإنها ) أي هذه الأربعة تجمع مطلقا أي سواء كان التفرق موضع واحد أو مواضع ح وذلك لوجود القدر المانع
وأما الخرق في الخف فإنما منع لامتناع قطع المسافة معه وهذا المعنى مفقود فيما إذا لم يكن في كل خف مقدار ثلاث أصابع كما أشار إليه في الهداية
قوله ( واختلف الخ ) فقيل تجمع في أذنين حتى تبلغ أكثر أذن واحدة فيمنع
وقيل لا تجمع إلا في أذن واحدة كما في الخف ح
قوله ( وينبغي الخ ) قاله في المنح
مطلب نواقض المسح قوله ( ونزع خف ) أراد به ما يشمل الانتزاع وإنما نقض لسراية الحدث إلى القدم عند زوال المانع
قوله ( ولو واحدا ) لأن الانتقاض لا يتجزأ وإلا لزم الجمع بين الغسل والمسح وأشار إلى أن المراد بالخف الجنس الصادق بالواحد والاثنين
قوله ( ومضي المدة ) للأحاديث الدالة على التوقيت
ثم إن الناقض في هذا والذي قبله حقيقة هو الحدث السابق لكن لظهوره عندهما أضيف النقض إليهما مجازا
بحر
قوله ( وإن لم يمسح ) أي إذا لبس الخف ثم أحدث بعده ثم مضت المدة بعد الحدث ولم يمسح فيها ليس له المسح
قوله ( إن لم يخش الخ ) يعني إذا انقضت مدة المسح وهو مسافر ويخاف ذهاب رجله من البرد لو نزع خفيه جاز المسح كذا في الكافي وعيوان المذاهب ا هـ
درر
قال ح ومفهومه أنه إن خشي لا ينتقض بالمضي بل إن أحدث بعد ذلك فتوضأ يعمهما بالمسح كالجبيرة وعدم الانتفاض بالمضي مع الخوف في هذه نظير عدم بطلان الصلاة الذي هو الأصح في مسألة مضي المدة في الصلاة مع عدم الماء ا هـ
أقول وظاهره أنه إذا مضت المدة ولم يحدث يبقى حكم مسحه السابق فلا يلزمه تجديد المسح ويؤيده مسألة الصلاة الآتية حيث يمشي فيها وكذا ما في السراج عن الوجيز إذا انقضت المدة وهو يخاف الضرر من البرد إذا نزعهما جاز له أن يصلي به فإن ظاهره أنه يصلي بلا مسح جديد لكن في المعراج لو مضت وهو يخاف البرد على رجله يستوعبه بالمسح كالجبائر ويصلي وعليه فعدم الانتقاض المفهوم من المتن معناه عدم لزوم الغسل وجواز المسح بعد ذلك فلا ينافي بطلان حكم المسح السابق وهذا هو المفهوم من عبارة الدرر المارة
فالحاصل أن المسألة مصورة فيما إذا مضت مدة المسح وهو متوضىء وخاف إن نزع الخف لغسل رجليه من البرد وإلا أشكل تصوير المسألة لأنه إذا خاف على رجليه يلزم منه الخوف على بقية الأعضاء فإنها ألطف من الرجلين وإذا خاف ذلك يكون عاجزا عن استعمال الماء فيلزمه العدول إلى التيمم بدلا عن الوضوء بتمامه ولا يحتاج إلى مسح الخف أصلا مع التيمم حيث تحققت الضرورة المبيحة له إلا أن يجاب عن الإشكال بأنهم بنوا ذلك على ما قالوه من أنه لا يصح التيمم لأجل الوضوء وقدمنا ما فيه في بابه فراجعه
____________________
(1/275)
هذا وقال ح أيضا والذي ينبغي أن يفتى به في هذه المسألة انتقاض المسح بالمضي واستئناف مسح آخر يعم الخف كالجبائر وهو الذي حققه في فتح القدير ا هـ
أقول الذي حققه في الفتح بحثا لزوم التيمم دون المسح فإنه بعد ما نقل عن جوامع الفقه والمحيط أنه إن خاف البرد فله أن يمسح مطلقا أي بلا توقيت قال ما نصه فيه نظر فإن خوف البرد لا أثر له في منع السراية كما أن عدم الماء لا يمنعها فغاية الأمر أنه لا ينزع لكن لا يمسح بل يتيمم لخوف البرد ا هـ
وأقره في شرح المنية وأطنب في حسنه وهو صريح من انتقاض المسح لسراية الحدث فلا يصلي به إلا بعد التيمم لا المسح ولكن المنقول هو المسح لا التيمم كما مر عن الكافي وعيون المذاهب والجوامع والمحيط وبه صرح الزيلعي وقاضيخان والقهستاني عن الخلاصة وكذا في التاترخانية والولوالجية والسراج عن المشكل وكذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية وبه صرح أيضا في المعراج والحاوي القدسي بزيادة جعله كالجبيرة وعليه مشى في الإمداد
وقد قال العلامة قاسم لا عبرة بأبحاث شيخنا يعني ابن الهمام إذا خالفت المنقول فافهم
قوله ( للضرورة ) علة لعدم النقض المفهوم من قوله إن لم يخش
قوله ( فيستوعبه ) أي على ما هو الأولى أو أكثره وهذا إنما يتم إذا كان مسمى الجبيرة يصدق عليه ا هـ
فتح
وأجاب في البحر بأن مفاد ما في المعراج الاستيعاب وأنه ملحق بالجبائر لا جبيرة حقيقة ا هـ فالمراد بتشبيهه بالجبيرة في الاستيعاب لمنع كونه مسح خف لا أنه جبيرة حقيقة ليجوز مسح أكثره
قوله ( مضى في الأصح ) كذا في الخانية معللا بأنه لا فائدة في النزع لأنه للغسل ا هـ
وعلى هذا فالمستثنى من النقض بمضي المدة مسألتان وهما إذا خاف البرد أو كان في الصلاة ولا ماء كما في السراج
قوله ( وهو الأشبه ) قال الزيلعي واستظهره في الفتح بأن عدم الماء لا يصح منعا لسراية الحدث بعد تمام المدة فيتيمم مآلا للرجلين بل للكل لأن الحدث لا يتجزأ كمن غسل ابتداء الأعضاء إلا رجليه وفني الماء فيتيمم للحدث القائم به على حاله ما لم يتم الكل وتمامه فيه وهو تحقيق حسن فرع عليه في الفتح ما قاله في المسألة الأولى لكن علمت الفرق بينهما وهو أنه يلزم عليه صحة التيمم في الوضوء لخوف البرد أما هنا فإنه لفقد الماء وهو جائز بخلافه هناك
قوله ( غسل المتوضىء رجليه لا غير ) ينبغي أن يستحب غسل الباقي أيضا مراعاة للولاء المستحب وخروجا من خلاف مالك كما قاله سيدي عبد الغني وسبقه إلى هذا في اليعقوبية ثم رأيته في الدر المنتقى عن الخلاصة مصرحا بأن الأولى إعادته
قوله ( لحلول الحدث السابق ) أورد أنه لا حدث موجود حتى يسري لأن الحدث السابق حل بالخف وبالمسح قد زال فلا يعود إلا بخارج نجس ونحوه وأجيب بجواز أن يعتبر الشارع ارتفاعه بمسح الخف مقيدا بمدة منعه
بحر
قوله ( فيتيمم ) مبني على ما قدمناه عن الفتح وعلمت ما فيه على أن الشارح مشى أولا على خلافه حيث ألحقه بالجبيرة
قوله ( من الخف الشرعي ) أي الذي اعتبره الشرع لازما بحيث لا يجوز المسح على أنقص منه وهو الساتر للكعبين فقط
قال ابن الكمال فالسبق خارج عن حد الخف المعتبر في هذا الباب فخروج القدم إليه خروج عن الخف
قوله ( وكذا إخراجه ) تصريح بما فهم من الخروج بالأولى لأن في الإخراج خروجا مع زيادة هي القصد
____________________
(1/276)
قوله ( في الأصح ) صححه في الهداية وغيرها
وبه جزم في الكنز والمنتقى وعن محمد إن بقي أقل من قدر محل الفرض نقض وإلا لا وعليه أكثر المشايخ
كافي ومعراج وصححه في النصاب
بحر
قوله ( اعتبارا للأكثر ) أي تنزيلا له منزلة الكل
قوله ( وما روي ) أي عن أبي حنيفة
قوله ( بزوال عقبه ) أي خروجه من الخف إلى الساق والمراد أكثر العقب كما صرح به في المنية والبحر وغيرهما وعللوه بأنه حينئذ لا يمكن معه متابعة المشي المعتاد واختاره في البدائع والفتح والحلية والبحر ومشى عليه في الوقاية والنقاية
قوله ( فمقيد الخ ) أي فلا ينافي قوله ولا عبرة بخروج عقبه لأن المراد خروجه بنفسه بلا قصد والمراد من المروي الإخراج
قوله ( أو غيرها ) لعل المراد به ما إذا كان غير واسع لكن أخرجه غيره أو هو في نومه
قوله ( فلا ينقض بالإجماع ) وإلا وقع الناس في الحجر البين
نهاية
قوله ( وكذا القهستاني ) أي وكذا يعلم من القهستاني معزيا للنهاية أيضا
قوله ( لكن باختصار ) نص عبارته هذا كله إذا بدا له أن ينزع الخف فيحركه بنيته وأما إذا زال لسعة أو غيره فلا ينتقض بالإجماع كما في النهاية
قوله ( أنه ) أي القهستاني خرق الإجماع أي بسبب اختصاره ط أي لأنه يوهم النقض بمجرد التحريك بنيته مع أنه لا نقض ما لم يخرج العقب أو أكثره إلى الساق بنيته
وأما إرجاع الضمير في أنه إلى القول بالنقض بخروج العقب من غير نية فلا يناسبه التعبير بالزعم لأنه موافق لقول الشارح فلا ينقض بالإجماع ويلزمه التكرار أيضا
وظاهر كلام الشارح في شرحه على الملتقى أن الضمير راجع إلى ما روي وعليه فقوله حتى زعم بعضهم غاية لقوله فمقيد وعبارته في شرح الملتقى هكذا حتى زعم بعضهم أنه خرق الإجماع وليس كذلك بل هو من الحسن والاحتياط بمكان إذ ملخصه أن خروج أكثر القدم ناقض كإخراجه وإخراج أكثر العقب ناقض لا خروجه فهو على القول به ناقض آخر فتدبر ا هـ أي لأن القول بالنقض بأكثر العقب يلزم منه القول بالنقض بأكثر القدم
قوله ( لو دخل الماء خفه ) في بعض النسخ أدخل ولا فرق بينهما في الحكم كما أفاده ح
وقدمناه
قوله ( وصححه غير واحد ) كصاحب الذخيرة والظهيرية وقدمنا عن الزيلعي أنه المنصوص عليه في عامة الكتب وعليه مشى في نور الإيضاح وشرح المنية
قوله ( وهو الأظهر ) ضعيف تبع فيه البحر وقدمنا رده أول أول الباب ح ونص في الشرنبلالية أيضا على ضعفه وما قيل من أنه مختار أصحاب المتون لأنهم لم يذكروه في النواقض وفيه نظر لأن المتون لا يذكر فيها إلا أصل المذهب وهذه المسألة من تخريجات المشايخ واحتمال كونها من اختلاف الرواية لا يكفي في جعلها في مسائل المتون نعم اختار في الفتح هذا القول لما ذكره الشارح من التعليل وتبعه تلميذه ابن أمير حاج في الحلية وقواه بأنه نظير ما لو ادخل يده تحت الجرموقين ومسح على الخفين فإنه لا يجوز لوقوع المسح في غير محل الحدث
قوله ( فيغسلهما ثانيا ) تفريع على القول الثاني وبيان لثمرة الخلاف وقد علمت اختيار صاحب الفتح لهذا القول لكن وافق القول الأول بعدم لزوم الغسل ثانيا وخالفه في الحلية لأنه عند انقضاء المدة أو النزع يعمل الحدث السابق عمله فيحتاج إلى مزيل لأن
____________________
(1/277)
الغسل السابق لا يعمل في حدث طارىء بعده
وأجيب بأن الغسل السابق وجد بعد حدث حقيقة لكنه إنما لم يعمل للمنع وهو الخف فإذا زال المانع ظهر عمله الآن
تأمل
تنبيه تظهر الثمرة أيضا في أنه إذا توضأ ثم غسل رجليه إلى الكعبين داخل الخفين ولم ينزعهما تحسب له مدة المسح من أول حدث بعد هذا الوضوء على القول الأول وأما على الثاني فتحسب له من أول حدث بعد الوضوء الأول
قوله ( كما مر ) أي أن هذا الغسل حيث لم يقع معتبرا كان لغوا بمنزلة العدم فصار نظير ما تقدم من أنه إذا لم يغسل ونزع أو مضت المدة غسل رجله لا غير أو أن المراد يغسلهما إن لم يخش ذهاب رجله من برد كما مر فافهم
قوله ( وبقي من نواقضه الخرق الخ ) قد علم ذلك من كلامه سابقا حيث قال في الخرق كما ينقض الماضوي وقال في المعذور فإنه يمسح في الوقت فقط لكن ذاك استطراد فلذا أعاد ذكرهما في محلهما لتسهيل ضبط النواقض وأنها بلغت ستة فافهم
نعم أورد سيدي عبد الغني أن خروج الوقت للمعذور ناقض لوضوئه كله لا لمسحه فقط فهو داخل في ناقض الوضوء وقدمنا أن مسألة المعذور رباعية فلا تغفل
تتمة وفي التاترخانية عن الأمالي فيمن أحدث وعلى بعض أعضاء وضوئه جبائر فتوضأ ومسحها ثم تخفف ثم برىء لزمه غسل قدميه ولو لم يحدث بعد لبسه الخف حتى برىء وألقى الجبائر وغسل موضعها ثم أحدث فإنه يتوضأ ويمسح على الخفين
ا هـ أي لأنه في الأولى ظهر حكم الحدث السابق فلم يكن لابس الخف على طهارة بخلاف الثانية وينبغي عد هذا من النواقض فتصير سبعة
قوله ( مسح مقيم ) قيد بمسحه لا للاحتراز عما إذا سافر المقيم قبل المسح فإنه معلوم بالأولى بل للتنبيه على خلاف الشافعي
قوله ( بعد حدثه ) بخلاف ما لو مسح لتجديد الوضوء فإنه لا خلاف فيه
قوله ( فسافر ) بأن جاوز العمران مريدا له
نهر
وفيه مسألة عجيبة فراجعه
قوله ( فلو بعده ) أي بعد التمام نزع وتوضأ إن كان محدثا وإلا غسل رجليه فقط ط
قوله ( مسح ثلاثا ) أي تمم مدة السفر لأن الحكم المؤقت يعتبر فيه آخر الوقت ملقتى وشرحه
قوله ( قرحة ) بمعنى الجراحة
قال في القاموس وقد يرد بها ما يخرج في البدن من بثور وفي القاف الضم والفتح
نهر
قوله ( وموضع ) بالجر عطا على قرحة ط
قوله ( كعصابة جراحة ) العصابة بالكسر ما يعصب به وكأنه خص القرحة بالمعنى الثاني أو أراد بخرقتها ما يوضع عليها كاللزقة فلا تكرار أفاده ط
قوله ( ولو برأسه ) خصه بالذكر لما في المبتغى أنه لا يجب المسح لأنه بدل عن الغسل ولا بدل له ا هـ
والصواب خلافه لأن المسح على الرأس أصل بنفسه لا بدل غير أنه إن بقي من الرأس ما يجوز المسح عليه مسح عليه وإلا فعلى العصابة كما في البدائع أفاده في البحر
أقول قوله والصواب خلافه يفيد أن كلام المبتغى خطأ أي بناء على ما فهمه من معنى البدلية وهو بعيد
والظاهر أن معنى قول المبتغى لأنه بدل الخ أن المسح على الجبيرة بدل عن الغسل وإذا وجب مسح الجبيرة على الرأس الذي وظيفته المسح لزم أن يكون المسح على الجبيرة بدلا عن المسح لا عن الغسل والمسح لا بدل له
____________________
(1/278)
فالمناسب حينئذ قول النهر إن ما في البدائع يفيد ترجيح الوجوب وهو الذي ينبغي التعويل عليه ا هـ أي بناء على منع قوله المسح بدل عن الغسل وقد أوضح منع البدلية في البحر فراجعه
قوله ( فيكون فرضا ) أي حيث لم يضره كما سيأتي
مطلب الفرق بين الفرض العملي والقطعي والواجب قوله ( يعني عمليا ) دفع لما يقتضيه ظاهر التنبيه لأن الغسل فرض قطعي والفرض العملي ما يفوت الجواز بفوته كمسح ربع الرأس وهو أقوى نوعي الواجب فهو فرض من جهلة العمل ويلزم على تركه ما يلزم على ترك الفرض من الفساد لا من جهة العلم والاعتقاد فلا يكفر بجحده كما يكفر بجحد الفرص القطعي بخلاف النوع الآخر من الواجب كقراءة الفاتحة فإنه لا يلزم من تركه الفساد ولا من جحوده الإكفار
قوله ( لثبوته بظني ) وهو ما رواه ابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال نكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله فأمرني أن أمسح على لجبائر وهو ضعيف ويتقوى بعدة طرق ويكفي ما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مسح على العصابة فإنه كالمرفوع لأن الأبدال لا تنصب بالرأي
بحر
قوله ( وإليه رجع الإمام الخ ) اعلم أن صاحب المجمع ذكر في شرحه أنه مستحب عنده واجب عندهما وقيل واجب عنده فرض عندهما وقيل الوجوب متفق عليه وهذا أصح وعليه الفتوى ا هـ
وفي المحيط ولا يجوز تركه ولا الصلاة بدونه عندهما
والصحيح أنه عنده واجب لا فرض فتجوز الصلاة بدونه وكذا صححه في التجريد والغاية والتجنيس وغيرها
ولا يخفى أن صريح ذلك فرض أي عملي عندهما واجب عنده فقد اتفق الإمام وصاحباه على الوجوب بمعنى عدم جواز الترك لكن عندهما يفوت الجواز بفوته فلا تصح الصلاة بدونه أيضا وعنده يأثم بتركه فقط مع صحة الصلاة بدونه ووجوب إعادتها فهو أراد الوجوب الأدنى وهما أرادا الوجوب الأعلى ويدل عليه ما في الخلاصة أن أبا حنيفة رجع إلى قولهما بعد جواز الترك فقيد بعدم جواز الترك لأنه لم يرجع إلى قولهما بعدم صحة الصلاة بتركه أيضا فلا ينافي ما مر تصحيح أنه واجب عنده لا فرض وعليه فقوله في شرح المجمع وقيل الوجوب متفق عليه معناه عدم جواز الترك لرجوع الإمام عن الاستحباب إليه فليس المراد به الاتفاق على الوجوب بمعنى واحد هذا ما ظهر لي
ثم رأيت نوح أفندي نقله عن العلامة قاسم في حواشيه على شرح المجمع بقوله معنى الوجوب مختلف فعنده يصح الوضوء بدونه وعندهما هو فرض عملي يفوت الجواز بفوته ا هـ
ولله الحمد
فاغتنم هذا التحرير الفريد فقد خفي على الشارح والمصنف في المنح وصاحب البحر والنهر وغيرهم فافهم
هذا وقد رجح في الفتح قول الإمام بأنه غاية ما يفيد الوارد في المسح عليها فعدم الفساد بتركه أقعد بالأصول ا هـ
لكن قال تلميذه العلامة قاسم في حواشيه إن قوله أقعد بالأصول وقولهما أحوط
وقال في العيون الفتوى على قولهما ا هـ
قوله ( وقدمنا الخ ) جواب عما في المحيط وغيره من تصحيح أنه واجب عنده لا فرض حتى تجوز الصلاة بدونه أي أن هذا التصحيح لا يعارض لفظ الفتوى لأنه أقوى وهذا مبني على ما فهم تبعا لغيره من اتحاد معنى الوجوب في عبارة شرح المجمع وأن المراد به الفرض العملي عند الكل وقد علمت خلافه وأنه
____________________
(1/279)
لا تعارض بين كلامهم
قوله ( ثم إنه ) أي مسح الجبيرة وثم للتراخي في الذكر
قوله ( ذكر منها ) أفاد أنها أكثر وهو كذلك
قوله ( فلا يتوقف ) أي بوقت معين وإلا فهو مؤقت بالبرء
بحر
قوله ( حتى يؤم الأصحاء ) لأنه ليس بذي عذر ط ولم يظهر لي وجه هذا التفريع هنا ثم رأيته في خزائن الأسرار ذكر التفريع بعد قوله الآتي لا مسح خفها بل خفيه بقوله لأن طهارته كاملة حتى يؤم الأصحاء ا هـ
وهو ظاهر لأن عدم الجمع بين مسح الجبيرة ومسح الخف مبني على أن مسحها كالغسل كما نذكره
قوله ( ولو بدلها الخ ) هذان الوجهان زادهما الشارح على الثلاثة عشر المذكورة في المتن
قوله ( لم يجب ) وعن الثاني أنه يجب المسح على العصابة الباقية
نهر
قوله ( مسح خفها الخ ) أي لا يجمع مسح جبيرة رجل مع مسح خف الأخرى الصحيحة لأن مسح الجبيرة حيث كان كالغسل يلزم منه الجمع بين الغسل والمسح بل لا بد من تخفيف الجريحة أيضا ليمسح على الخفين لكن لو لم يقدر على مسح الجبيرة له المسح على خف الصحيحة صرح به في التاترخانية أي لأنه كذاهب إحدى الرجلين
قوله ( بلا وضوء وغسل ) بضم الغين بقرينة الوضوء وهذا هو الثالث ولا يتكرر على قوله الآتي والمحدث والجنب الخ لأن هذا فيما إذا شدها على الحدث أو الجنابة وذاك فيما إذا أحدث أو أجنب بعد شدها أفاده ح
قوله ( ويترك المسح كالغسل ) أي يترك المسح على الجبيرة كما يترك الغسل لما تحتها وهذا هو الرابع ح
قوله ( إن ضر ) المراد الضرر المعتبر لا مطلقه لأن العمل لا يخلو عن أدنى ضرر وذلك لا يبيح الترك ط
عن شرح المجمع
قوله ( وإلا لا يترك ) أي على الصحيح المفتى به كما مر
قوله ( وهو الخ ) هذا الخامس
قوله ( عن مسح نفس الموضع ) أي وعن غسله وإنما تركه لأن العجز عن المسح يستلزم العجز عن الغسل ح
قوله ( ولو بماء حار ) نص عليه في شرح الجامع لقاضيخان واقتصر عليه في الفتح وقيده بالقدرة عليه
وفي السراج أنه لا يجب والظاهر الأول
بحر
قوله ( نحو مفتصد الخ ) قال في البحر ولا فرق بين الجراحة وغيرها كالكي والكسر لأن الضرورة تشمل الكل
مطلب في لفظة كل إذا دخلت على منكر أو معرف قوله ( على كل عصابة ) أي على كل فرد من أفرادها سواء كانت عصابة تحتها جراحة وهي بقدرها أو زائدة عليها كعصابة المفتصد أو لم يكن تحتها جراحة أصلا بل كسر أو كي وهذا معنى قول الكنز كان تحتها جراحة أولا لكن إذا كانت زائدة على قدر الجراحة فإن ضره الحل والغسل مسح الكل تبعا وإلا فلا بل يغسل ما حول الجراحة ومسح عليها لا على الخرقة ما لم يضره مسحها فيمسح على الخرقة التي عليها ويغسل حواليها وما تحت الخرقة الزائدة لأن الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها كما أوضحه في البحر عن المحيط والفتح
ويحتمل أن يكون مراد المصنف أن المسح يجب على كل العصابة ولا يكفي على أكثرها لكن ينافيه أنه سيصرح بأنه لا يشترط الاستيعاب في الأصح فيتناقض كلامه وأنه كان الأولى حينئذ تعريف العصابة لأن الغالب في كل عند عدم القرينة
____________________
(1/280)
أنها إذا دخلت على منكر أفادت استغراق الأفراد وإذا دخلت على معرف أفادت استغراق الأجزاء ولذا يقال كل رمان مأكول ولا يقال كل الرمان مأكول لأن قشره لا يؤكل ومن غير الغالب مع القرينة كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر كل الطعام كان حلا وحديث كل لطلاق واقع إلا طلاق لمعتوه ولمغلوب على عقله فافهم
قوله ( مع فرجتها في الأصح ) أي الموضع الذي لم تستره العصابة بين العصابة فلا يجب غسله خلافا لما في الخلاصة بل يكفيه المسح كما صححه في الذخيرة وغيرها إذ لو غسل ربما تبتل جميع العصابة وتنفذ البلة إلى موضع الجرح وهذا من الحسن بمكان
نهر
قوله ( إن ضره الماء ) أي الغسل به أو المسح على المحل ط
قوله ( أو أحلها ) أي ولو كان بعد البرء بأن التصقت بالمحل بحيث يعسر نزعها ط لكن حينئذ يمسح على الملتصق ويغسل ما قدر على غسله من الجوانب كما مر ثم المسألة رباعية كما أشار إليه في الخزائن لأنه إن ضره الحل يمسح سواء أضره أيضا المسح على ما تحتها أولا وإن لم يضره الحل فإما أن لا يضره المسح أيضا فيحلها ويغسل ما لا يضره ويمسح ما يضره وإما أن يضره المسح فيحلها ويغسل كذلك ثم يمسح الجرح على العصابة إذ الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها ا هـ
قوله ( ومنه ) أي من الضرر ط
قوله ( ولا يجد من يربطها ) ذكر ذلك في الفتح ولم يذكر في الخانية
قال الشيخ إسماعيل والذي يظهر أن ما في الخانية مبني على قول الإمام إن وسع الغير لا يعد وسعا وما في الفتح هو قولهما ا هـ
قوله ( فجعل عليه دواء ) أي كعلك أو مرهم أو جلدة مرارة
بحر
قوله ( أجرى الماء عليه ) لم يشرطه في الأصل من غير ذكر خلاف وشرطه الحلواني وعزاه في المنح إلى عامة الكتب المعتمدة
قوله ( وإلا مسحه ) هل يكتفي بمسح أكثره لكونه كالجبيرة أم لا بد من الاستيعاب فليراجع ا هـ
قوله ( والمسح يبطله الخ ) هذا هو الوجه السادس لأن سقوط الخف يبطل المسح بلا شرط ط
قوله ( سقوطها ) أي الجبيرة أو الخرقة وكذا سقوط الدواء
خزائن
وعزا الأخير في هامش الخزائن إلى التاترخانية وصدر الشريعة وسيصرح به الشارح هنا أيضا
قوله ( عن برء ) بالفتح عند أهل الحجاز والضم عند غيرهم أي بسبب صحة العضو قهستاني فعن بمعنى الماء مثل وما ينطق عن الهوى أو بمعنى اللام مثل وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك أو بمعنى بعد مثل عما قليل ليصبحن نادمين
قوله ( وإلا لا ) أي بأن سقطت لا عن برء وهذا تصريح بمفهوم كلام المصنف وهو الوجه السابع
قوله ( استأنفها ) أي الصلاة أي بعد غسل الموضع لأنه ظهر حكم الحدث السابق على الشروع فصار كأنه شرع من غير غسل ذلك الموضع وهذا إذا سقطت عن برء قبل القعود قدر التشهد فلو عن غير برء مضى في صلاته أو بعد القعود فهي إحدى المسائل الاثني عشرية الآتية كما في البحر
قوله ( وكذا الحكم ) أي من التفصيل بين السقوط عن برء وعدمه ط
قوله ( أو برأ موضعها ولم تسقط ) هو الثامن بخلاف الخف فإن العبرة فيه للنزع بالفعل
قوله ( فإن ضره ) أي إزالتها لشدة لصوقها به ونحوه
بحر
فرع في جامع الجوامع رجل به رمد فداواه وأمر أن لا يغسل فهو كالجبيرة
شرنبلالية
قوله ( والمحدث والجنب الخ ) هو التاسع
قوله ( عليها ) أي الجبيرة وعلى توابعها كخرقة القرحة وموضع الفصد والكي ط
____________________
(1/281)
قوله ( في الأصح ) قيد لعدم اشتراط الاستيعاب والتكرار أي بخلاف الخف فإنه لا يشترط فيه ذلك بالاتفاق وهذا العاشر والحادي عشر
وأفاد الرحمتي أن قوله وتكرار من قبيل
علفتها تبنا وماء باردا أي ولا يسن تكرار لأن مقابل الأصح أنه يسن تكرار المسح لأنه بدل عن الغسل والغسل يسن تكراره فكذا بدله
قال في المنح ويسن التثليث عند البعض إذا لم تكن على الرأس ا هـ
وهذا بخلاف مسح الخف فلا يسن تكراره إجماعا
قوله ( فيكفي مسح أكثرها ) لما كان نفي الاستيعاب صادقا بمسح النصف وما دونه مع أنه لا يكفي بين ما به الكفاية وهذا بخلاف مسح الخف فهو الوجه الثاني عشر
قوله ( وكذا لا يشترط فيها نية ) هو الثالث عشر
واعلم أن الشارح زاد على هذه الثلاثة عشر وجها وجهين كما قدمناه وزاد في البحر ستة إذا سقطت عن برء لا يجب إلا غسل موضعها إذا كان على وضوء بخلاف الخف فإنه يجب غسل الرجلين
وإذا مسحها ثم شد عليها أخرى جاز المسح على الفوقاني بخلاف الخف إذا مسح عليه لا يجوز المسح على الفوقاني وإذا دخل الماء تحتها لا يبطل المسح وإذا كان الباقي من العضو المعصوب أقل من ثلاث أصابع كاليد المقطوعة جاز المسح عليها بخلاف الخف
الخامس أن مسح الجبيرة ليس ثابتا بالكتاب اتفاقا
السادس أنه يجوز تركه في رواية بخلاف الخف
وزاد في النهر وجها وهو أنه ليس خلفا عن غسل ما تحتها ولا بدلا بخلاف الخف فإنه خلف
والبدل ما لا يجوز عند القدرة على الأصل كالتيمم
والخلف ما يجوز
قال ح وزدت وجها وهو أن مسح الجبيرة ويجوز ولو كانت على غير الرجلين بخلاف الخف ا هـ
وزاد الرحمتي أربعة أخرى أنه يمسح على الجريح وغيره والخف مختص بالقدم وأن المسح على خرق الخف ولو صغيرا لا يكفي والمسح على طرفي الفرجة بين طرفي المنديل يجزىء وأن محل المسح من الخف مكان معين وهو صدر القدم بخلاف الجبيرة وأن المفروض في مسح الخف مقدر بثلاث أصابع لا أكثر ولا جميعه
أقول فالمجموع سبعة وعشرون وجها وزدت عشرة أخرى وهي أن الجبيرة على الرجل لا يشترط فيها إمكان متابعة المشي عليها ولا ثخانتها ولا كونها مجلدة ولا سترها للمحل ولا منعها نفوذ الماء ولا استمساكها بنفسها ولا يبطلها خرق كبيرة وليس غسل ما تحتها أفضل من المسح
وإذا سقطت عن برء وخاف إن غسل رجله أن تسقط من البرد يتيمم بخلاف الخف
والعاشر إذا غمسها في إناء يريد به المسح عليها لم يجز وأفسد الماء بخلاف الخف ومسح الرأس فلا يفسد ويجوز عند الثاني خلافا لمحمد كما في المنظومة وشرحها الحقائق
والفرق للثاني أن المسح يتأدى بالبلة فلا يصير الماء مستعملا ويجوز المسح أما مسح الجبيرة فكالغسل لما تحته والله أعلم
باب الحيض أعلم أن باب الحيض من غوامض الأبواب خصوصا المتحيرة وتفاريعها ولهذا اعتنى به المحققون وأفرده محمد في كتاب مستقل ومعرفة مسائله من أعظم المهمات لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام كالطهارة
____________________
(1/282)
والصلاة والقراءة والصوم والاعتكاف والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة والاستبراء وغير ذلك
وكان من أعظم الواجبات لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها فيجب الاعتناء بمعرفتها وإن كان الكلام فيها طويلا فإن المحصل يتشوق إلى ذلك ولا التفات إلى كراهة أهل البطالة
ثم الكلام فيه في عشرة مواضع في تفسيره لغة وشرعا وسببه وركنه وشرطه وقدره وألوانه وأوانه ووقت ثبوته والأحكام المتعلقة به
بحر
قوله ( عنون به ) أي جعل الحيض عنوانا على ما يذكر في هذا الباب من النفاس والاستحاضة وما يتبعهما ط
قوله ( لكثرته ) أي كثرة وقوعه بالنسبة إلى أخويه
قوله ( وأصالته ) أي ولكونه أصلا في هذا الباب في بيان الأحكام والأصل يطلق على الكثير الغالب
قوله ( وإلا ) أي وإن لم نقل إنه عنون به وحده لما ذكر لكان المناسب ذكر غيره أيضا فإن الدماء المبحوث عنها هنا ثلاثة
قوله ( وإلا فاستحاضة ) أي وإن لم يكن واحدا منهما فهو استحاضة وخص ما عداهما بالاستحاضة للرد على من سمى ما تراه الصغيرة دم فساد لا استحاضة
قوله ( هو لغة السيلان ) ويقال حاض الوادي إذا سال وسمي حيضا لسيلانه في أوقاته
قوله ( بأنه من الأحداث ) أي إن مسماه الحدث الكائن من الدم كالجنابة اسم للحدث الخاص لا للماء الخاص
بحر
قوله ( مانعية شرعية ) أي صفة شرعية مانعة عما تشترط له الطهارة كالصلاة ومس المصحف وعن الصوم ودخول المسجد والقربان بسبب الدم المذكور
قوله ( وعلى القول الخ ) ظاهر المتون اختياره قيل ولا ثمرة لهذا الاختلاف
قوله ( دم ) شمل الدم الحقيقي والحكمي
بحر أي كالطهر المتخلل بين الدمين فلا يرد أنه يلزم عليه أن لا تسمى المرأة حائضا في غير وقت درور الدم فافهم
قوله ( خرج الاستحاضة ) أي بناء على أن المراد بالرحم وعاء الولد لا الفرج خلافا لما في البحر وخرج دم الرعاف والجراحات وما يخرج من دبرها وإن ندب إمساك زوجها عنها واغتسالها منه وإما يخرج من رحم غير الآدمية كالأرنب والضبع والخفاش قالوا ولا يحيض غيرها من الحيوانات
نهر
وكان الأولى للمصنف أن يقول رحم امرأة كما في الكنز لإخراج الأخير
قوله ( ومنه ) أي من الاستحاضة وذكر الضمير نظرا لكونها دما ط
قوله ( صغيرة ) هي كما يأتي من لم تبلغ تسع سنين على المعتمد
قوله ( وآيسة ) سيأتي بيانها متنا وشرحا
قوله ( ومشكل ) أي خنثى مشكل
قال في الظهيرية ما نصه الخنثى المشكل إذا خرج منه المني والدم فالعبرة للمني دون الدم ا هـ
وكأنه لأن المني لا يشتبه بغيره بخلاف الحيض فيشتبه بالاستحاضة ا هـ
ح
وهل اعتباره في زوال الإشكال أو في لزوم الغسل منه فقط لأنه يستوي فيه الذكر والأنثى فلا يدل على الذكورة فليراجع
وعلى الثاني فوجه تسمية الشارح هذا الدم استحاضة ظاهر بخلافه على الأول فتأمل
قوله ( ابتلاء الله لحواء الخ ) أي وبقي في بناتها إلى يوم القيامة وما قيل إنه أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل فقد رده البخاري بقوله
____________________
(1/283)
وحديث النبي أكبر وهو ما رواه عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله في الحيض هذا شيء كتبه الله على بنات آدم قال النووي أي إنه عام في جميع بنات آدم
قوله ( وركنه بروز الدم من الرحم ) أي ظهوره منه إلى خارج الفرج الداخل فلو نزل إلى الفرج الداخل فليس بحيض في ظاهر الرواية وبه بفتى
قهستاني وعن محمد بالإحساس به
وثمرته فيما لو توضأت ووضعت الكرسف ثم أحست بنزول الدم إليه قبل الغروب ثم رفعته بعده تقضي الصوم عنده خلافا لهما يعني إذا لم يحاذ حرف الفرج الداخل فإن حاذته البلة من الكرسف كان حيضا ونفاسا اتفاقا وكذا الحدث بالبول ا هـ
بحر
قوله ( نصاب الطهر ) أي خمسة عشر يوما فأكثر
قوله ( ولو حكما ) كما إذا كانت بين الحيضتين مشغولة بدم الاستحاضة فإنها طاهرة حكما ا هـ
ح
قوله ( وعدم نقصه ) أي الدم عن أقله وهو ثلاثة أيام كما يأتي ط
قوله ( بالبروز ) أي بوجود الركن على ما بيننا
قوله ( فبه ) أي فبالبروز تترك الصلاة وتثبت بقية الأحكام ولكن هذا ما دام مستمرا لما سيأتي من أنه لو انقطع لدون أقله تتوضأ وتصلي الخ
قوله ( ولو مبتدأة ) أي التي لم يسبق لها حيض في سن بلوغها وأقله في المختار تسع وعليه الفتوى أي فإنها تترك الصلاة والصوم عند أكثر مشايخ بخارى
وعن أبي حنيفة لا تترك حتى يستمر ثلاثة أيام
بحر
قوله ( لأن الأصل الصحة ) أي صحة لمرض الجسم والمقتضى للاستحاضة عارض وهذا تعليل لقوله فبه تترك الصلاة الخ ط
قوله ( أقله ) أي مدة أقله أو أقل مدته على طريق الاستخدام
قهستاني أي حيث رجع الضمير إلى الحيض بمعنى المدة ط
أو أقل الحيض وقوله ثلاثة بالرفع على الوجهين الأولين وبالنصب على الظرفية على الثالث فافهم
قوله ( فالإضافة الخ ) أي إن إضافة الليالي إلى ضمير الأيام الثلاث لبيان أن المراد مجرد كونها ثلاثا لا كونها تلك الأيام فلو رأته في أول النهار يكمل كل يوم بالليلة المستقبلة ولذا صرح الشارح بلفظ الثلاث فالتفريع عليه ظاهر فافهم
قوله ( بالساعات ) وهي اثنتان وسبعون ساعة والفلكية هي التي كل ساعة منها خمس عشرة درجة وتسمى المعتدلة أيضا
واحترز به عن الساعات اللغوية ومعناها الزمان القليل وعن الساعات الزمانية وتسمى المعوجة وهي التي كل ساعة منها جزء من اثني عشر جزءا من اليوم الذي هو من طلوع الشمس إلى غروبها أو الليل الذي هو من غروب الشمس إلى طلوعها فتارة تساوي الفلكية كما في يومي الحمل والميزان وتارة تزيد عليها كما في أيام البروج الشمالية وليالي البروج الجنوبية وتارة تنقص عنها كما في ليالي البروج الشمالية وأيام البروج الجنوبية ح
ثم اعلم أنه لا يشترط استمرار الدم فيها بحيث لا ينقطع ساعة لأن ذلك لا يكون إلا نادرا بل انقطاعه ساعة أو ساعتين فصاعدا غير مبطل كذا في المستصفى
بحر أي لأن العبرة لأوله وآخره كما سيأتي
قوله ( كذا رواه الدارقطني وغيره ) الإشارة إلى تقدير الأقل والأكثر وقد روي ذلك عن ستة من الصحابة بطرق متعددة فيها مقال يرتفع بها الضعيف إلى الحسن كما بسط ذلك الكمال والعيني في شرح الهداية ولخصه في البحر
قوله ( والناقص الخ ) أي ولو بيسير
قال القهستاني فلو رأت المبتدأة الدم حين طلع نصف قرص الشمس وانقطع
____________________
(1/284)
في اليوم الرابع حين طلع ربعه كان استحاضة إلى أن يطلع نصفه فحينئذ يكون حيضا
والمعتادة بخمسة مثلا إذا رأت الدم حين طلع نصفه وانقطع في الحادي عشر حين طلع ثلثاه فالزائد على الخمسة استحاضة لأنه زاد على العشرة بقدر السدس ا هـ أي سدس القرص
قوله ( والزائد على أكثره ) أي في حق المبتدأة أما المعتادة فما زاد على عادتها ويجاوز العشرة في الحيض والأربعين في النفاس يكون استحاضة كما أشار إليه بقوله أو على العادة الخ
أما إذا لم يتجاوز الأكثر فيهما فهو انتقال للعادة فيهما فيكون حيضا ونفاسا
رحمتي
قوله ( وآيسة ) هذا إذا لم يكن دما خالصا على ما سيأتي
قوله ( ولو قبل خروج أكثر الولد ) حق العبارة أن يقال ولو بعد خروج أقل الولد
قوله ( استحاضة ) خبر قوله والناقص وما عطف عليه
قوله ( بين الحيضتين الخ ) أي الفاصل بين ذلك ولم يذكر أقل الطهر الفاصل بين النفاسين وذلك نصف حول كما سيأتي
قوله ( أو النفاس والحيض ) هذا إذا لم يكن في مدة النفاس لأن الطهر فيها لا يفصل عند الإمام سواء قل أو كثر فلا يكون الدم الثاني حيضا كما سنذكره
قوله ( وإن استغرق العمر ) صادق بثلاث صور الأولى أن تبلغ بالسن وتبقى بلا دم طول عمرها فتصوم وتصلي ويأتيها زوجها وغير ذلك أبدا وتنقضي عدتها بالأشهر
الثانية أن ترى الدم عند البلوغ أو بعده أقل من ثلاثة أيام ثم يستمر انقطاعه وحكمها كالأولى
الثالثة أن ترى ما يصلح حيضا ثم يستمر انقطاعه وحكمها كالأولى إلا أنها لا تنقضي لها عدة إلا الحيض إن طرأ الحيض عليها قبل سن الإياس وإن لم يطرأ فبالأشهر من ابتداء سن الإياس كما في العدة ا هـ
ح
قوله ( فيحد ) الفاء فصيحة أي إذا علمت أن الطهر لا حد لأكثر إلا في زمن استمرار الدم يحد الخ
ثم اعلم أن تقييده بالعدة خاص بالمحيرة وتقييده بالشهرين خاص بها وبالمعتادة في بعض صورها كما يظهر قريبا
قوله ( به يفتى ) مقابلة أقوال ففي النهاية عن المحيط مبتدأة رأت عشرة دما وسنة طهرا ثم استمر بها الدم
قال أبو عصمة حيضها وطهرها ما رأت حتى أن عدتها تنقضي إذا طلقت بثلاث سنين وثلاثين يوما
وقال الإمام الميداني بتسعة عشر شهرا إلا ثلاث ساعات لجواز وقوع الطلاق في حالة الحيض فتحتاج لثلاثة أطهارة كل ستة أشهر إلا ساعة وكل حيضة عشرة أيام
وقيل طهرها أربعة أشهر إلا ساعة والحاكم الشهيد قدره بشهرين والفتوى عليه لأنه أيسر ا هـ
قلت وفي العناية أن قول الميداني عليه الأكثر
وفي التاترخانية هو المختار ثم لا يخفى أن هذا الخلاف إنما هو في المعتادة لا مطلقا بل في صورة ما إذا كان طهرها ستة أشهر فأكثر ولا في المبتدأة التي استمر بها الدم واحتيج إلى نصف عادة لها فإنه لا خلاف فيها كما يأتي خلافا لما يفيده كلام الشارح
____________________
(1/285)
مبحث في مسائل لمتحيرة قوله ( وعم كلامه المبتدأة الخ ) قال العلامة البركوي في رسالته المؤلفة في الحيض المبتدأة من كانت في أول حيض أو نفاس
والمعتادة من سبق منها دم وطهر صحيحان أو أحدهما والمضلة وتسمى الضالة والمتحيرة من نسيت عادتها
ثم قال في الفصل الرابع في الاستمرار إذا وقع في المبتدأة فحيضها من أول الاستمرار عشرة وطهرها عشرون ثم ذلك دأبها ونفاسها أربعون ثم عشرون طهرها إذ لا يتوالى نفاس وحيض ثم عشرة حيضها في ذلك دأبها وإن وقع في المعتادة فطهرها وحيضها ما اعتادت في جميع الأحكام إن كان طهرها أقل من ستة أشهر وإلا فترد إلى ستة أشهر إلا ساعة وحيضها بحاله
وإن رأت مبتدأة دما وطهرا صحيحين ثم استمر الدم تكون معتادة وعلمت حكمها
مثاله مراهقة رأت خمسة دما وأربعين طهرا ثم استمر الدم خمسة من أول الاستمرار حيض لا تصلي ولا تصوم ولا توطأ وكذا سائر أحكام الحيض ثم الأربعون طهرها تفعل هذا الثلاثة وغيرها من أحكام الطهارات
ثم قال في فصل المتحيرة ولا يقدر طهرها وحيضها إلا في حق العدة في الطلاق فيقدر حيضها بعشرة وطهرها بستة أشهر إلا ساعة فتنقضي عدتها بتسعة عشر شهرا وعشرة أيام غير أربع ساعات ا هـ
والحاصل أن المبتدأة إذا استمر دمها فحيضها في كل عشرة وطهرها عشرون كما في عامة الكتب بل نقل نوح أفندي الاتفاق عليه خلافا لما في الإمداد من أن طهرها خمسة عشر والمعتادة ترد على عادتها في الطهر ما لم يكن ستة أشهر فإنها ترد إلى ستة أشهر غير ساعة كالمتحيرة في حق العدة فقط وهذا على قول الميداني الذي عليه الأكثر كما قدمناه
وأما على قول الحاكم الشهيد فترد إلى شهرين كما ذكره الشارح
وظهر أن التقدير بالشهرين أو بالستة أشهر إلا ساعة خاص بالمتحيرة والمعتادة التي طهرها ستة أشهر
أما المبتدأة والمعتادة التي طهرها دون ذلك فليستا كذلك وأن تقدير الطهر في المتحيرة لأجل العدة فقط
وأما غيرها فلم يقيدوا طهرها بكونه للعدة بل المصرح به في المعتادة أن طهرها عام في جميع الأحكام كما مر وهذا خلاف ما يفيده كلام الشارح
فافهم
تتمة لم أر ما لو رأت المتحيرة في العدد والمكان أقل الطهر ثم استمر بها الدم والظاهر أن حكمها في الاستمرار حكم المبتدأة
قوله ( إما بعدد ) أي عدد أيامها في الحيض مع علمها بمكانها من الشهر أنها في أوله أو آخره مثلا
قال في التاترخانية وإن علمت أنها تطهر في آخر الشهر ولم تدر عدد أيامها توضأت لوقت كل صلاة إلى العشرين لأنها تتيقن الطهر فيها ثم في سبعة بعدها تتوضأ كذلك للشك في الحيض والطهر وتترك الصلاة في الثلاثة الأخيرة لتيقنها بالحيض فيها ثم تغتسل في آخر الشهر لعلمها بالخروج من الحيض فيه وإن علمت أنها ترى الدم إذا جاوز العشرين ولم تدر كم كانت أيامها تدع الصلاة ثلاثة بعد العشرين ثم تصلي بالغسل إلى آخر الشهر ا هـ
ومثله في رسالة البركوي فافهم
قوله ( أو بمكان ) أي علمت عدد أيام حيضها ونسيت مكانها على التعيين والأصل أنها إذا أضلت أيامها في ضعفها أو أكثر فلا تيقن في يوم منها بحيض بخلاف ما إذا أضلت في أقل من الضعف مثلا إذا أضلت ثلاثة في خمسة تتيقن بالحيض في الثالث فإنه أول الحيض أو آخره
____________________
(1/286)
فنقول إن علمت أن أيامها ثلاثة فأضلتها في العشرة الأخيرة من الشهر ولا تدري في أي موضع من العشرة ولا رأي لها في ذلك تصلي ثلاثة أيام من أول العشرة بالوضوء لوقت كل صلاة للتردد بين الطهر والحيض ثم تصلي بعدها إلى آخر الشهر بالغسل لوقت كل صلاة للتردد بين الطهر والخروج من الحيض وإن أربعة في عشرة تصلي أربعة من أول العشرة بالوضوء ثم بالاغتسال إلى آخر العشرة لما قلنا وقس عليه الخمسة وإن ستة في عشرة تتيقن بالحيض في الخامس والسادس فتترك فيهما الصلاة وتصلي في الأربعة التي قبلهما بالوضوء وفي التي بعدهما بالغسل وإن سبعة في عشرة تتيقن بالحيض في أربعة بعد الثلاثة الأول وإن ثمانية فيها تتيقن به في ستة بعد الأولين وإن تسعة فيها تتيقن به في ثمانية بعد الأول فتترك الصلاة في المتيقن وتصلي بالوضوء فيما قبله وبالغسل فيما بعده لما قلناه
بركوي وتاترخانية
قوله ( أو بهما ) أي العدد والمكان بأن لم تعلم عدد أيامها ولا مكانها من الشهر وحكمها ما ذكره بعده
قوله ( وحاصله الخ ) أي حاصل حكم المضلة بأنواعها فقد صرح البركوي بأنه حكم الإضلال العام
قوله ( أنها تتحرى ) أي إن وقع تحريها على طهر تعطي حكم الطاهرات وإن كان على حيض تعطي حكمه ا هـ
ح أي لأن غلبة الظن من الأدلة الشرعية
درر
قوله ( ومتى ترددت ) أي إن لم يغلب ظنها على شيء فعليها الأخذ بالأحوط في الأحكام
بركوي
قوله ( بين حيض الخ ) أي لم يترجح عندها أنها متلبسة بالحيض أو أنها داخلة فيه أو أنها طاهرة بل تساوت الثلاثة في ظنها
والظاهر أن قوله ودخول فيه لا فائدة فيه ولذا لم يذكره في البحر
قوله ( تتوضأ لكل صلاة ) لأنها لما احتمل أنها طاهرة وأنها حائض فقد استوى فعل الصلاة وتركها في الحل والحرمة والباب باب العبادة فيحتاط فيها وتصلي لأنها إن صلتها وليست عليها يكون خيرا من أن تتركها وهي عليها
تاترخانية
ثم إن عبارة البحر والتاترخانية والبركوية تتوضأ لوقت كل صلاة فتنبه
قوله ( وإن بينهما ) أي بين الحيض والطهر كما في البحر وقوله والدخول فيه أي في الطهر وعبر في البحر بالخروج عن الحيض وهو بمعناه
ومثال هذه القاعدة والتي قبلها امرأة تذكر أن حيضها في كل شهر مرة وانقطاعة في النصف الأخير ولا تذكر غير ذلك فإنها في النصف الأول تتردد بين الحيض والطهر وفي الثاني بينهما والدخول في الطهر
وأما إذا لم تذكر شيئا أصلا فهي مرددة في كل زمان بين الطهر والحيض فحكمها حكم التردد بينهما والدخول في الطهر
قوله ( تغتسل لكل صلاة ) لجواز أنه وقت الخروج من الحيض والدخول في الطهر كما في البحر
قال في التاترخانية وعن الفقيه أبي سهل أنها إذا غتسلت في وقت صلاة وصلت ثم اغتسلت في وقت الأخرى أعادت الألى قبل الوقتية وهكذا تصنع في وقت كل صلاة احتياطا ا هـ
لاحتمال حيضها في وقت الأول وطهرها قبل خروجه فيلزمها القضاء احتياطا واختاره البركوي
تنبيه تعبير الشارح بقوله لكل صلاة موافق لما في البحر والفتح وعبر البركوي في رسالته بقوله لوقت كل صلاة
وقال في حواشيه عليها هذا استحسان والقياس أن تغتسل في كل ساعة لأنه ما من ساعة إلا ويحتمل أنه وقت خروجها من الحيض
وقال السرخسي في المحيط والنسفي الصحيح أنها تغتسل لكل صلاة وفيما قالاه حرج بين مع أن الاحتمال باق بما قالاه لجواز الانقطاع في أثناء الصلاة أو بعد الغسل قبل الشروع فيها فاخترنا
____________________
(1/287)
الاستحسان وقد قال به البعض وقدمه برهان الدين في المحيط وتداركنا ذلك الاحتمال باختيار قول أبي سهل إنها تعيد كل صلاة في وقت أخرى قبل الوقتية فتتيقن بالطهارة في إحداهما لو وقعت في طهر ا هـ
أقول وهو تحقيق بالقبول حقيق
قوله ( وتترك غير مؤكدة الخ ) متعلق بقوله وإن بينهما الخ ذكره ح و ط
أقول وهو تخصيص بلا مخصص إذ لا فرق يظهر ويحتاج إلى نقل فليراجع وإنما لا تترك السنن المؤكدة ومثلها الواجب بالأولى لكونها شرعت جبرا لنقصان يمكن في الفرائض فيكون حكمها حكم الفرائض
ثم اعلم أنها تقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة قصيرة وتقرأ في الأخريين من الفرض الفاتحة في الصحيح وتقرأ القنوت وسائر الدعوات
بركوية وغيرها
قوله ( ومسجدا وجماعا ) أي تتركهما بأن لا تدخل المسجد أي إلا لطواف كما يعلم مما بعده ولا تمكن زوجها من جماعها وكذا لا تمس المصحف ولا تصوم تطوعا وإن سمعت سجدة فسجدت للحال سقطت لأنها لو طاهرة صح أداؤها وإلا لم تلزمها وإن أخرتها أعادتها بعد عشرة أيام للتيقن بالأداء في الطهر في إحدى المرتين وإن كانت عليها صلاة فائتة فقضتها فعليها إعادتها بعد عشرة أيام قبل أن تزيد على خمسة عشر وإلا احتمل عود حيضها
تاترخانية وبركويه وبحر
قوله ( ثم تقضي عشرين يوما ) أي لاحتمال أن الحيض عشرة أيام في رمضان وعشرة أيام في العشرين التي قضتها ا هـ
ح
قوله ( إن علمت بدايته ليلا ) لأنه إن بدا ليلا ختم ليلا وبين الليلتين عشرة فلم يفسد من صومها سوى عشرة أيام في رمضان وعشرة في القضاء ح
قوله ( وإلا ) أي وإن علمت بدايته نهارا وذلك لأنه إن بدأ نهارا ختم نهار حادي عشر الأول فيفسد أحد عشر يوما من صومها في رمضان ومثلها في القضاء ح
ومثله ما إذا لم تعلم شيئا كما في الخزائن
ثم اعمل أن هذا إن علمت أنها تحيض في كل شهر مرة وإلا فإن لم تعلم أن ابتداء حيضها بالليل أو بالنهار أو علمت أنه بالنهار وكان رمضان كاملا قضت اثنين وثلاثين إن قضت موصولا برمضان أي في ثاني شوال وإن مفصولا فثمانية وثلاثين وإن كان رمضان ناقصا تقضي في الوصل اثنين وثلاثين وفي الفصل سبعة وثلاثين وإن علمت أن ابتداءه بالليل والشهر كامل تقضي في الوصل والفصل خمسة وعشرين وإن كان ناقصا ففي الوصل عشرين وفي الفصل أربعة وعشرين
وتمام المسائل في البركويه وتوجيهها في شرحنا عليها وكذا في البحر لكن فيه تحريف وسقط فليتنبه له
قوله ( ولصدر ) بالتحريك هو طواف الوداع وهو واجب على غير المكي وسكت عن طواف التحية لأنه سنة فتتركه
قوله ( ولا تعيده ) لأنها إن كانت طاهرة فقد سقط وإلا فلا يجب على الحائض
بحر
قوله ( وتعتد لطلاق ) وقيل لا يقدر لعدتها طهر ولا تنقضي عدتها أبدا
قوله ( على المفتى به ) أي على القول السابق المفتى به من أنه يقدر طهرها للعدة بشهرين فتنقضي بسبعة أشهر لاحتياجها إلى ثلاثة أطهار بستة أشهر وثلاث حيضات بشهر
____________________
(1/288)
وكتب الشارح في هامش الخزائن ما نصه قوله وعليه الفتوى كذا في النهاية والعناية والكفاية وفتح القدير واختاره في البحر وجزم به في النهر ا هـ
لكن في السراج عن الصيرفي إنما تنقضي عدتها بسبعة أشهر وعشرة أيام إلا ساعة لأنه ربما يكون طلقها في أول الحيض فلا يحتسب بتلك الحيضة فتحتاج إلى ثلاثة أطهار وهي ستة أشهر وعشرة أيام إلا ساعة وهي الساعة التي مضت من الحيض الذي وقع فيه الطلاق
قوله ( ككدرة وترابية ) اعلم أن ألوان الدماء ستة هذان والسواد والحمرة والصفرة والخضرة
ثم الكدرة ما هو كالماء الكدر والترابية نوع من الكدرة على لون التراب بتشديد الياء وتخفيفها بغير همزة نسبة إلى التراب بمعنى التراب والصفرة كصفرة القز والتبن أو السن على الاختلاف ثم المعتبر حالة الرؤية لا حالة التغير كما لو رأت بياضا فاصفر باليبس أو رأت حمرة أو صفرة فابيضت باليبس
وأنكر أبو يوسف الكدرة في أول الحيض دون آخره ومنهم من أنكر الخضرة
والصحيح أنها حيض من ذوات الأقراء دون الآيسة
وبعضهم قال فيما عدا السواد والحمرة لو وجدته عجوز على الكرسف فهو حيض إن كانت مدة وضعه قريبة وإلا فلا
مطلب لو أفتى مفت بشيء من هذه الأقوال في مواضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا وفي المعراج عن فخر الأئمة لو أفتى مفت بشيء من هذه الأقوال في مواضع الضرورة طلبا للتيسير كان حسنا ا هـ
وخصه بالضرورة لأن هذه الألوان كلها حيض في أيامه لما في موطأ مالك كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض لتنظر إليه فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيض ا هـ
والدرجة بضم الدال وفتح الجيم خرقة ونحوها تدخلها المرأة في فرجها لتعرف أزال الدم أم لا
والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة الجصة والمعنى أن تخرج الدرجة كأنها قصة لا يخالطها صفرة ولا تربية وهو مجاز عن الانقطاع
وفي شرح الوقاية وضع الكرسف مستحب للبكر في الحيض والثيب في كل حال وموضعه موضع البكارة ويكره في الفرج الداخل ا هـ
وفي غيره أنه سنة للثيب في الحيض مستحب في الطهر ولو صلتا بدونه جاز ا هـ
ملخصا من البحر وغيره
والكرسف بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنة القطن
وفي اصطلاح الفقهاء ما يوضع على الفرج
قوله ( في مدته ) احتراز عما تراه الصغيرة وكذا الآيسة في كل ما تراه مطلقا أو سوى الدم الخالص على ما سيأتي
قوله ( المعتادة ) احتراز عما زاد على العادة وجاوز العشرة فإنه ليس بحيض
قوله ( ولو المرئي طهرا الخ ) مرادهم بالطهر هنا النقاء بالمد أي عدم الدم
ثم اعلم أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان خمسة عشر يوما فأكثر يكون فاصلا بين الدمين في الحيض اتفاقا فما بلغ من كل من الدمين نصابا جعل حيضا وأنه إذا كان أقل من ثلاثة أيام لا يكون فاصلا وإن كان أكثر من الدمين اتفاقا
واختلفوا فيما بين ذلك على ستة أقوال كلها رويت عن الإمام أشهرها ثلاثة
____________________
(1/289)
الأولى قول أبي يوسف إن الطهر المتخلل بين الدمين لا يفصل بل يكون كالدم المتوالي بشرط إحاطة الدم لطرفي الطهر المتخلل فيجوز بداية الحيض بالطهر وختمه به أيضا فلو رأت مبتدأة يوما دما وأربعة عشر طهرا ويوما دما فالعشرة الأولى حيض ولو رأت المعتادة قبل عادتها يوما دما وعشرة طهرا ويوما دما فالعشرة التي لم تر فيها الدم حيض إن كانت عادتها وإلا ردت إلى أيام عادتها
الثانية أن الشرط إحاطة الدم لطرفي مدة الحيض فلا يجوز بداية الحيض بالطهر ولا ختمه به فلو رأت مبتدأة يوما دما وثمانية طهرا ويوما دما فالعشر حيض ولو رأت معتادة قبل عادتها يوما دما وتسعة طهرا ويوما دما لا يكون شيء منه حيضا وكذا النفاس على هذا الاعتبار
الثالثة قول محمد إن الشرط أن يكون الطهر مثل الدمين أو أقل في مدة الحيض فلو كان أكثر فصل لكن ينظر إن كان في كل من الجانبين ما يمكن أن يجعل حيضا فالسابق حيض ولو في أحدهما فهو الحيض والآخر استحاضة وإلا فالكل استحاضة
ولا يجوز بدء الحيض بالطهر ولا ختمه به فلو رأت مبتدأة يوما دما ويومين طهرا ويوما دما فالأربعة حيض لأن الطهر المتخلل دون ثلاث وهو لا يفصل اتفاقا كما مر ولو رأت يوما دما وثلاثة طهرا ويومين دما فالستة حيض للاستواء ولو رأت ثلاثة دما وخمسة طهرا ويوما دما فالثلاثة حيض لغلبة الطهر فصار فاصلا والمتقدم أمكن جعله حيضا
هذا خلاصة ما في شروح الهداية وغيرها
وقد صحح قول محمد في المبسوط والمحيط وعليه الفتوى
وفي الهداية الأخذ بقول أبي يوسف أيسر ا هـ
وكثير من المتأخرين أفتوا به لأنه أسهل على المفتي والمستفتي
سراج
وهو الأولى
فتح
وهو قول أبي حنيفة الآخر
نهاية
وأما الرواية الثانية ففي البحر قد اختارها أصحاب المتون لكن لم تصحح في الشروح
تتمة الطهر المتخلل بين الأربعين في النفاس لا يفصل عند أبي حنيفة سواء كان خمسة عشر أو أقل أو أكثر ويجعل إحاطة الدمين بطرفيه كالدم المتوالي وعليه الفتوى
وعندهما الخمسة عشر تفصل فلو رأت بعد الولادة يوما دما وثمانية وثلاثين طهرا ويوما دما فعنده الأربعون نفاس وعندهما الدم الأول ولو رأت من بلغت بالحبل بعد الولادة خمسة دما ثم خمسة عشر طهرا ثم خمسة دما ثم خمسة عشر طهرا ثم استمر الدم فعنده نفاسها خمسة وعشرون وعندهما نفاسها الخمسة الأولى وحيضها الخمسة الثانية وتمامه في التاترخانيه
قوله ( فيها ) أي في مدة الحيض
قوله ( حيض ) خبر المبتدأ وهو قوله وما تراه
قوله ( وعليه المتون ) أي على أن الشرط في جعل الطهر المتخلل بين الدمين حيضا كون الدمين المحيطين في مدة الحيض لا في مدة الطهر
قوله ( فليحفظ ) أشار إلى أن اختيار أصحاب المتون له ترجيح
أقول لكنه تصحيح التزامي وقد صرح العلامة قاسم بأن التصحيح مقدم على الالتزامي
قوله ( ثم ذكر أحكامه ) أي بعضها وإلا فقد أوصلها في البحر إلى اثنين وعشرين منها أنه يمنع صحة الطهارة إلا التي يقصد بها التنظيف كأغسال الحج ولا يحرمها لقولهم يستحب لها أن تتوضأ كل صلاة وتقعد على مصلاها تسبح وتهلل وتكبر بقدر أدائها كي لا تنس عادتها
وفي رواية يكتب لها ثواب أحسن صلاة كانت تصلي وأنه يمنع الاعتكاف ويمنع صحته ويفسده إذا طرأ عليه ويمنع وجوب طواف الصدر ويحرم الطلاق وتبلغ به الصبية ويتعلق به انقضاء العدة والاستبراء ويوجب الغسل بشرط الانقطاع ولا يقطع التتابع في صوم كفارة القتل والفطر بخلاف كفارة اليمين ونحوها وكل أحكامه تتعلق بالنفاس إلا خمسة أو سبعة على ما سيأتي
قوله ( يمنع ) أي الحيض وكذا النفاس
خزائن
قوله ( صلاة ) أي يمنع صحتها ويحرمها وهل يمنع وجوبها لعدم
____________________
(1/290)
فائدته وهي الأداء أو القضاء أم لا وتسقط للحرج خلافا وعامتهم على الأول وبسطنا الكلام على ذلك فيما علقناه على البحر
قوله ( مطلقا ) أي كلا أو بعضا لأن منع الشيء منع لأبعاضه
نهر
قوله ( ولو سجدة شكر ) أي أو تلاوة فيمنع صحتهما ويحرمهما
بحر
قوله ( وصوما ) أي يحرمه ويمنع صحته لا وجوبه فلذا تقضيه
قوله ( وجماعا ) أي يحرمه وكذا ما في حكمه كما يأتي
قوله ( وتقضيه ) أي الصوم على التراخي في الأصح
خزائن
وعزاه في هامشها إلى منلا مسكين وغيره
قوله ( للحرج ) علة لقوله دونها أي لأن في قضاء الصلاة حرجا بتكررها في كل يوم وتكرر الحيض في كل شهر بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة شهرا واحدا وعليه انعقد الإجماع لحديث عائشة في الكتب الستة وتمامه في البحر
وفيه وهل يكره لها قضاء الصلاة لم أره صريحا وينبغي أن يكون خلاف الأولى
قال في النهر يدل عليه قولهم لو غسل رأسه بدل المسح كره ا هـ
تأمل
وهل يكره لها التشبه بالصوم أم لا مال بعض المحققين إلى الأول لأن الصوم لها حرام فالتشبه به مثله
واعترض بأنه يستحب لها الوضوء والقعود في مصلاها وهو تشبه بالصلاة ا هـ
تأمل
قوله ( ولو شرعت تطوعا فيهما ) أي في الصلاة والصوم أما الفرض ففي الصوم تقضيه دون الصلاة وإن مضى من الوقت ما يمكنها أداؤها فيه لأن العبرة عندنا لآخر الوقت كما في المنبع
قوله ( فحاضت ) أي في أثنائهما
قوله ( قضتهما ) للزومهما بالشروع
قوله ( خلافا لما زعمه صدر الشريعة ) أي من أنه يجب قضاء نفل الصلاة لا نفل الصوم ط
قوله ( بحر ) ذكره في البحر قبيل قول المتن والطهر المتخلل بين الدمين في المدة حيض ونفاس ونقل التسوية بينهما عن الفتح والنهاية والإسبيجابي ثم قال فتبين أن ما في شرح الوقاية من الفرق بينهما غير صحيح ا هـ
قوله ( وبعكسه ) أي عكس التصوير المذكور بأن نامت حائضا وقامت طاهرة أي وضعت الكرسف ونامت فلما أصبحت رأت عليه الطهر لا عكس الحكم لأنه بينه بقوله مذ نامت أي حكم بحيضها من حين نامت فافهم
قوله ( احتياطا ) أي في الصورتين فتقضي العشاء فيهما إن لم تكن صلتها كما في البحر حتى لو نامت قبل انقضاء الوقت ثم انتبهت بعد خروجه حائضا يجب عليها قضاء تلك الصلاة لأنا جعلناها طاهرة في آخر الوقت حيث لم نحكم بحيضها إلا بعد خروجه ولو نامت حائضا وانتبهت طاهرة بعد الوقت يجب عليها قضاء تلك الصلاة التي نامت عنها لأنا جعلناها طاهرة من حين نامت وحيث حكمنا بطهارتها في آخر الوقت وجب القضاء ولأن الدم حادث والأصل فيه أن يضاف إلى أقرب أوقاته فتجعل حائضا مذ قامت والانقطاع عدم وهو الأصل فلا يحكم بخلافه إلا بدليل ولم يعلم درور الدم في نومها فجعلت طاهرة مذ نامت فقد ظهر أن الاحتياط في الوجهين لا في العكس فقط
رحمتي فافهم نعم في قول الشارح وبعكسه مذ نامت إيهام والمراد أنه يحكم بأنها كانت حائضا حين نومها وطهرت قبل خروج الوقت ولو قال حكم بطهرها مذ نامت وكذا في عكسه لكان أوضح
قوله ( ويمنع حل ) قدر لفظة حل هنا وفيما بعده لأن ما قبله المنع فيه من الحل والصحة فلذا أطلق المنع فيه
قوله ( دخول مسجد ) أي ولو مسجد مدرسة أو دار لا يمنع أهلها الناس من الصلاة فيه وكانا لو أغلقا يكون له جماعة منهم وإلا فلا تثبت له أحكام المسجد كما قدمناه في بحث الغسل عن الخانية والقنية
وخرج مصلي العبد والجنازة وإن كان لهما حكم المسجد
____________________
(1/291)
في صحة الاقتداء مع عدم اتصال الصفوف وأفاد منع الدخول ولو للمرور وقدم في الغسل تقييده بعدم الضرورة بأن كان بابه إلى المسجد ولا يمكنه تحويله ولا السكنى في غيره وذكرنا هناك أن الظاهر حينئذ أنه يجب التيمم للمرور أخذا مما في العناية عن المبسوط مسافر مر بمسجد فيه عين ماء وهو جنب ولا يجد غيره فإنه يتيمم لدخول المسجد عندنا ا هـ
وكذا لو مكث في المسجد خوفا من الخروج
بخلاف ما لو احتلم فيه وأمكنه الخروج مسرعا فإنه يندب له التيمم لظهور الفرق بين الدخول والخروج
قوله ( وحل الطواف ) لأن الطهارة له واجبة فيكره تحريما وإن صح كما في البحر وغيره
قوله ( ولو بعد دخولها المسجد ) أي ولو عرض الحيض بعد دخولها المسجد فعدم الحل ذاتي له لا لعلة دخول المسجد ط حتى لو لم يكن في المسجد لا يحل
نهر
قوله ( وقربان ما تحت إزار ) من إضافة المصدر إلى مفعوله والتقدير ويمنع الحيض قربان زوجها ما تحت إزارها كما في البحر
قوله ( يعني ما بين سرة وركبة ) فيجوز الاستمتاع بالسرة وما فوقها والركبة وما تحتها ولو بلا حائل وكذا بما بينهما بحائل بغير الوطء ولو تلطخ دما ولا يكره طبخها ولا استعمال ما مسته من عجين أو ماء أو نحوهما إلا إذا توضأت بقصد القربة كما هو المستحب فإنه يصير مستعملا
وفي الولوالجية ولا ينبغي أن يعزل عن فراشها ذلك يشبه فعل اليهود
بحر
وفي السراج يكره أن يعزلها في موضع لا يخالطها فيه
هذا واعلم أن المصرح به عندنا في كتاب الحظر والإباحة أن الركبة من العورة ومقتضاه كما أفاده الرحمتي حرمة الاستمتاع بالركبة لاستدلالهم هنا بقوله عليه الصلاة والسلام ما دون لإزار ومحله العورة التي يدخل فيها الركبة
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي بشهوة أو لا
قوله ( وهل يحل النظر ) أي بشهوة وهذا كالاستثناء من عموم حل ما عدا القربان وأصل التردد لصاحب البحر حيث ذكر أن بعضهم عبر بالاستمتاع فيشمل النظر وبعضهم بالمباشرة فلا يشمله ومال إلى الثاني ومال أخوه في النهر إلى الأول وانتصر العلامة ح
للأول
وأقول فيه نظر فإن من عبر بالمباشرة أي التقاء بالبشرة ساكت عن النظر ومن عبر بالاستمتاع مانع للنظر فيؤخذ به لتقدمه على المفهوم على أنه نقل في الحقائق في باب الاستحسان عن التحفة والخانية يجتنب الرجل من الحائض ما تحت الإزار عند الإمام
وقال محمد يجتنب شعار الدم يعني الجماع فقط
ثم اختلفوا في تفسير قول الإمام قيل لا يباح الاستمتاع من النظر ونحوه بما دون السرة إلى الركبة ويباح ما وراءه وقيل يباح مع الإزار ا هـ
ولا يخفى أن الأول صريح في عدم حل النظر إلى ما تحت الإزار والثاني قريب منه وليس بعد النقل إلا الرجوع إليه فافهم
قوله ( ومباشرتها له ) سبب تردده في المباشرة تردد البحر فيها حيث قال ولم أر لهم حكم مباشرتها له
ولقائل أن يمنعه بأنه لما حرم تمكينها من استمتاعه بها حرم فعلها به بالأولى
ولقائل أن يجوزه بأن حرمته عليه لكونها حائضا وهو مفقود في حقه فحل لها الاستمتاع به ولأن غاية مسها لذكره أنه استمتاع بكفها وهو جائز قطعا ا هـ
واستظهر في النهر الثاني لكن فيما إذا كانت مباشرتها له بما بين سرته وركبته كما إذا وضعت
____________________
(1/292)
يدها على فرجه كما اقتضاه كلام البحر لا إذا كانت بما بين سرتها وركبتها كما إذا وضعت فرجها على يده فهذا كما ترى تحقيق لكلام البحر لا اعتراض عليه فافهم وهو تحقيق وجيه لأنه يجوز له أن يلمس بجميع بدنه حتى بذكره جميع بدنها إلا ما تحت الإزار فكذا هي لها أن تلمس بجميع بدنها إلا ما تحت الإزار جميع بدنه حتى ذكره وإلا فلو كان لمسها لذكره حراما لحرم عليها تمكينه من لمسه بذكره لما عدا ما تحت الإزار منها وإذا حرم عليه مباشرة ما تحت إزارها حرم عليها تمكينه منها فيحرم عليها مباشرتها له بما تحت إزارها بالأولى
قوله ( وقراءة قرآن ) أي ولو دون آية من المركبات لا المفردات لأنه جوز للحائض المعلمة تعليمه كلمة كلمة كما قدمناه وكالقرآن التوراة والإنجيل والزبور كما قدمه المصنف
قوله ( بقصده ) فلو قرأت الفاتحة على وجه الدعاء أو شيئا من الآيات التي فيها معنى الدعاء ولم ترد القراءة لا بأس به كما قدمناه عن العيون لأبي الليث وأن مفهومه أن ما ليس فيه معنى الدعاء كسورة أبي لهب لا يؤثر فيه قصد غير القرآنية
قوله ( ومسه ) أي القرآن ولو في لوح أو درهم أو حائط لكن لا يمنع إلا من مس المكتوب بخلاف المصحف فلا يجوز مس الجلد وموضع البياض منه
وقال بعضهم يجوز وهذا أقرب إلى القياس والمنع أقرب إلى التعظيم كما في البحر أي والصحيح المنع كما نذكره ومثل القرآن سائر الكتب السماوية كما قدمناه عن القهستاني وغيره وفي التفسير والكتب الشرعية خلاف مر
قوله ( إلا بغلافه المنفصل ) أي كالجراب والخريطة دون المتصل كالجلد المشرز هو الصحيح وعليه الفتوى لأن الجلد تبع له
سراج
وقدمنا أن الخريطة الكيس
أقول ومثلها صندوق الربعة وهل مثلها كرسي المصحف إذا سمر به يراجع
قوله ( وكذا يمنع حمله ) تبع فيه صاحب البحرحيث ذكره عند تعداد أحكام الحيض
وفيه أنه إن أراد به حمله استقلالا أغنى عنه ذكر المس أو تبعا فلا يمنع منه
ففي الحلية عن المحيط لو كان المصحف في صندوق فلا بأس للجنب أن يحمله وفيها قالوا لا بأس بأن يحمل خرجا فيه مصحف
وقال بعضهم يكره وقال آخر يكره أخذ زمام الإبل التي عليها المصحف
قال المحبوبي ولكنه بعيد وهو كما قال ا
هـ
أقول وقد يقال يمكن تصوير الحمل بدون مس وتبعية كحمله مربوطا بخيط مثلا لكن الظاهر جوازه
تأمل
قوله ( فيه آية ) قدي بالآية لأنه لو كتب ما دون الآية لم يكره مسه كما في القهستاني ح
قوله ( ولا بأس ) يشير إلى أن وضوء الجنب لهذه الأشياء مستحب كوضوء المحدث وقد تقدم ح أي لأن ما لا بأس فيه يستحب خلافه لكن استثنى من ذلك ط
الأكل والشرب بعد المضمضة والغسل بدليل قول الشارح وأما قبلهما فيكره
قوله ( بقراءة أدعية الخ ) شمل دعاء القنوت وهو ظاهر المذهب كما قدمناه
قوله ( فيكره لجنب ) لأنه يصير شاربا للماء المستعمل أي وهو مكروه تنزيها ويده لا تخلو عن النجاسة فينبغي غسلها ثم يأكل
بدائع
وظاهر التعليل أن استحباب المضمضة لأجل الشرب وغسل اليد لأجل الأكل فلا يكره الشرب بلا غسل يد ولا الأكل بلا مضمضة وعليه ففي كلام المتن لف ونشر مشوش لكن قال في الخلاصة إذا أراد الجنب أن يأكل
____________________
(1/293)
فالمستحب له أن يغسل يديه ويتمضمض ا هـ
تأمل
وذكر في الحلية عن أبي داود وغيره أنه عليه لصلاة والسلام إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل كفيه وفي رواية مسلم يتوضأ وضوءه للصلاة
قوله ( لا حائض ) في الخانية قيل إنها كالجنب
وقيل لا يستحب لأن الغسل لا يزيل نجاسة الحيض عن الفم واليد بخلاف الجنابة ا هـ
أقول ينبغي أن يستحب لها غسل اليد للأكل بلا خلاف لأنه يستحب للطاهر فهي أولى ولذا قال في الخلاصة إذا أرادت أن تأكل تغسل يديها وفي المضمضة خلاف
قوله ( ما لم تخاطب بغسل ) أي لا يكره لها مدة عدم خطابها التكليفي بالغسل وذا إنما يكون بعد الطهارة من الحيض
قوله ( الكراهة ) أي التحريمية ط
قوله ( وهو أحوط ) وقدمنا عن الخانية أنه ظاهر الرواية وعزاه في الخلاصة إلى عامة المشايخ قال في البحر فكان أولى وقدمنا عن الفتح أن التقييد بالكم اتفاقي فإنه لا يجوز مسه بغير الكم أيضا من بعض ثياب البدن
قوله ( إذا انقطع حيضها لأكثره ) مثله النفاس وحل الوطء بعد الأكثر ليس بمتوقف على انقطاع الدم صرح به في العناية والنهاية وغيرهما وإنما ذكره ليبني عليه ما بعده
قال ط ويؤخذ منه جواز الوطء حال نزول دم الاستحاضة ا هـ
وقدمنا عن البحر أنه يجوز الاستمتاع بما بين السرة والركبة بحائل بغير الوطء ولو تلطخ دما ا هـ
وهذا في الحائض فيدل على جواز وطء المستحاضة وإن تلطخ دما وسيأتي ما يؤيده فافهم
قوله ( وجوبا ) منصوب بعامل محذوف أي بلا غسل يجب وجوبا ومثله قوله بل ندبا
قوله ( بل ندبا ) لأن قراءة
حتى يطهرن
بالتشديد تقتضي حرمة الوطء إلى غاية الاغتسال فحملناها على ما إذا كان أيامها أقل من عشرة دفعا للتعارض بين القراءتين فظاهره يورث شبهة فلهذا لا يستحب
نوح عن الكافي
قوله ( لدون أقله ) أي أقل الحيض وهو ثلاثة أيام
قوله ( في آخر الوقت ) أي وجوبا
بركوي
والمراد آخر الوقت المستحب دون المكروه كما هو ظاهر سياق كلام الدرر وصدر الشريعة
قال ط وأهمل الشارح حكم الجماع ويظهر عدم حله بدليل مسألة الانقطاع على الأقل وهو دون العادة
قلت قد يفرق بين تحقق الحيض وعدمه وانظر ما نذكره قبييل قوله والنفاس لأم التوأمين
قوله ( وإن لأقله ) اللام بمعنى بعد ط
قوله ( لم يحل ) أي الوطء وإن اغتسلت لأن العود في العادة غالب
بحر
قوله ( وتغتسل وتصلي ) أي في آخر الوقت المستحب
وتأخيره إليه واجب هنا أما في صورة الانقطاع لتمام العادة فإنه مستحب كما في النهاية والفتح وغيرهما
قوله ( احتياطا ) علة للأفعال الثلاثة
قوله ( وإن لعادتها ) وكذا لو كانت مبتدأة
درر
قوله ( حل في الحال ) لأنه لا اغتسال عليها لعدم الخطاب فإن أسلمت بعد الانقطاع لا تتغير الأحكام وتمامه في البحر
قوله ( حتى تغتسل ) قد علمت أنه يستحب لها تأخيره إلى آخر الوقت المستحب دون المكروه
قال في المبسوط نص عليه محمد في الأصل قال إذا انقطع في وقت العشاء تؤخر إلى وقت يمكنها أن تغتسل فيه وتصلي قبل انتصاف الليل وما بعد نصف الليل مكروه
بحر
قوله ( بشرطه ) هو فقد الماء والصلاة به على الصحيح كما يعلم من النهر وغيره وبهذا ظهر أن المراد التيمم الكامل المبيح للصلاة مع الصلاة به أيضا ولعل وجه شرطهم
____________________
(1/294)
الصلاة به هو أن من شروط التيمم عدم الحيض فإذا صلت به وحكم الشرعي بصحة صلاتها يكون حكما بصحة تيممها وبأنها تخرج به من الحيض كما يحكم بخروجها من الحيض وبقائها بمنزلة الجنب فيما إذا انقطع لتمام العشرة أو صارت الصلاة دينا في ذمتها لحكم الشرع عليها بحكم من أحكام الطاهرات
ولهذا يحل لزوجها أن يقربها وإن لم تغتسل كما يأتي تقريره
وقد ظهر بما قررناه صحة ما ذكره في الظهيرية من أنه يجوز للحائض التيمم لصلاة الجنازة والعيد إذا طهرت من الحيض إذا كان أيام حيضها عشرة
وإن كان أقل فلا ا هـ
فشرط الجواز تيممها لصلاة الجنازة أو العيد انقطاع الحيض لتمام العشرة لأن المراد بهذا التيمم هو التيمم الناقص الذي يكون عند وجود الماء لخوف فوت صلاة تفوت لا إلى بدل وإنما كان ناقصا لأنه لا يصلي به الفرض بل يبطل بعد الفراغ من تلك الصلاة حتى لو حضرت جنازة أخرى لا يصح الصلاة عليها بهذا التيمم على ما مر تقريره في محله وإذا كان هذا التيمم ناقصا فلا تخرج به الحائض من الحيض لما علمت من اعتبار التيمم بشرطه مع الصلاة معه
وأما إذا انقطع حيضها لتمام العشرة فيجوز تيممها لصلاة الجنازة أو العيد لأنها خرجت من الحيض بالانقطاع المذكور فلو انقطع لأقل من العشرة لا يجوز لها أن تتيمم للجنازة أو العيد مع وجود الماء ولا تصح الصلاة به لأنه ناقض لا تخرج به من الحيض
ومن شروط صحة التيمم عدم المنافي والحيض مناف لصحته
أما إذا انقطع لتمام العشرة فقد خرجت من الحيض وصارت كالجنب فيصح تيممها المذكور كما يصح من الجنب فكلام الظهيرية صحيح لا غبار عليه كما أوضحناه هنا وفي باب التيمم لكن ينبغي تقييد قوله وإلا فلا بما إذا انقطع لدون العشرة ولم تصر الصلاة دينا في ذمتها إذ لو انقطع لدون العشرة ولتمام عادتها ومضى عليها وقت صلاة خرجت من الحيض وجاز لزوجها قربانها
فينبغي صحة تيممها للجنازة
تأمل
قوله ( يسع الغسل ) أي مع مقدماته كالاستقاء وخلع الثوب والتستر عن الأعين
وفي شرح البزدوي ولم يذكروا أن المراد به الغسل المسنون أو الفرض والظاهر الفرض لأنه يثبت به رجحان جانب الطهارة ا هـ
كذا في شرح التحرير لابن أمير حاج
قوله ( والتحريمة ) وهي الله عند أبي حنيفة والله أكبر عند أبي يوسف والفتوى على الأول كما في المضمرات
قهستاني
قوله ( يعني من آخر وقت الصلاة الخ ) اعلم أنه إذا انقطع دم الحائض لأقل من عشرة وكان لتمام عادتها فإنه لا يحل وطؤها إلا بعد الاغتسال أو التيمم بشرطه كما مر لأنها صارت طاهرة حقيقة أو بعد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها وذلك بأن ينقطع ويمضي عليها أدنى وقت صلاة من آخره وهو قدر ما يسع الغسل واللبس والتحريمة سواء كان الانقطاع قبل الوقت أو في أو قبيل آخره بهذا القدر فإذا انقطع قبل الظهر مثلا أو في أول وقته لا يحل وطؤها حتى يدخل وقت العصر
لأنها لما مضى عليها من آخر الوقت ذلك القدر صارت الصلاة دينا في ذمتها لأن المعتبر في الوجوب آخر الوقت وإذا صارت الصلاة دينا في ذمتها صارت طاهرة حكما لأنها لا تجب في الذمة إلا بعد الحكم عليها بالطهارة وكذا لو انقطع في آخره وكان بين الانقطاع وبين وقت العصر ذلك القدر فله وطؤها بعد دخول وقت العصر لما قلنا
أما إذا كان بينهما دون ذلك فلا يحل إلا بعد الغروب لصيرورة صلاة العصر دينا في ذمتها دون صلاة الظهر لأنها لم تدرك من وقتها ما يمكنها الشروع فيه
فإذا علمت ذلك ظهر لك أن عبارة المصنف موهمة وليست على إطلاقها لأنها توهم أنه يحل بمضي ذلك
____________________
(1/295)
القدر سواء كان في وقت صلاة أو في وقت مهملة وهو ما بعد الطلوع إلى الزوال
وسواء كان في أول الوقت أو في آخره مع أنه لا عبرة للوقت المهمل ولا لأول وقت الصلاة كما صرح به ابن الكمال ودل عليه التعليل بوجوبها دينا في ذمتها فإنها لا تجب كذلك إلا بخروج وقتها خلافا لما غلط فيه بعضهم كما نبه عليه في الفتح والبحر فلذا قال الشارح يعني من آخر وقت الصلاة للاحتراز عنهما وأتي بالعناية التي يؤتى بها في موضع الخفاء لما ذكرنا من الإبهام ولو عبر المصنف كما عبر البركوي بقوله أو تصير صلاة دينا في ذمتها لكان أخصر وأظهر ولكنه قصد التنبيه على ما به تصير الصلاة دينا في ذمتها وهو مضي هذا الزمان من آخر الوقت ثم هذا كله إذا لم يتم أكثر المدة قبل الغسل كما في البركويه فلو تم لها عشرة أيام قبل خروج الوقت والغسل لا يحتاج إلى مضي هذا الزمن
تنبيه إنما حل وطؤها بعد الحكم عليها بالطهارة بصيرورة الصلاة دينا في ذمتها لأنها صارت كالجنب وخرجت من الحيض حكما وبه يعلم أنه يجوز لها قراءة القرآن كما نقله ط عن البرجندي بخلاف ما إذا اغتسلت وحيث صارت كالجنب فينبغي أن يجوز لها التيمم لصلاة جنازة أو عيد خافت فوتها كما يجوز ذلك للجنب كما قررناه آنفا
قوله ( الأصح لا ) أي فلو انقطع قبل الصبح في رمضان بقدر ما يسع الغسل فقط لزمها صوم ذلك اليوم ولا يلزمها قضاء العشاء ما لم تدرك قدر تحريمة الصلاة أيضا وهذا ما صححه في المجتبى
ونقل بعده في البحر عن التوشيح والسراج أنه لا يجزيها صوم ذلك اليوم إذا لم يبق من الوقت قدر الاغتسال والتحريمة لأنه لا يحكم بطهارتها إلا بهذا وإن بقي قدرهما يجزيها لأن العشاء صارت دينا عليها وأنه من حكم الطاهرات فحكم بطهارتها ضرورة ا هـ
ونحوه في الزيلعي
وقال في البحر وهذا هو الحق فيما يظهر ا هـ
قال في النهر وفيه نظر ولم يبين وجهه
أقول ولعله أن الصوم يمكن إنشاؤه في النهار فلا يتوقف وجوبه على إدراكها أكثر مما يزيد على قدر الغسل بخلاف الصلاة لكن فيه أنه لو أجزأها الصوم بمجرد إدراك قدر الغسل لزم أن يحكم بطهارتها من الحيض لأن الصوم لا يجزي من الحائض ولزم أن يحل وطؤها لو كانا مسافرين في رمضان مع أنه خلاف ما أطبقوا عليه من أنه لا يحل ما لم تجب الصلاة دينا في ذمتها ولا تجب إلا بإدراك الغسل والتحريمة فالذي يظهر ما قال في البحر أنه الحق
ثم لا يخفى أن لبس الثياب مثل التحريمة إذ لا تجب الصلاة بدونه كما مر لكن هذا على القول باشتراط التحريمة لا على ما صححه الشارح تبعا للمجتبى فافهم
قوله ( وهي ) أي التحريمة أي زمانها من الطهر أي من زمنه
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان الانقطاع لأكثر الحيض أو لدون ذلك ح
قوله ( وكذا الغسل ) أي الغسل مثل التحريمة في أنه من الطهر لولا انقطاع لأكثره ولو لأقله فلا بل هو من الحيض لكن هذا في حق القربان والانقطاع الرجعة وجواز التزوج بآخر لا في حق جميع الأحكام ألا ترى أنها إذا طهرت عقب غيبوبة الشفق ثم اغتسلت عند الفجر الكاذب ثم رأت الدم في الليلة السادسة عشرة بعد زوال الشفق فهو طهر تام وإن لم يتم خمسة عشر من وقت الاغتسال ا هـ
بحر عن المجتبى أي لو انقطع دمها لتمام العشرة حل لزوجها قربانها قبل الغسل لأن زمن الغسل حينئذ من الطهر فصار واطئا في الطهر وكذا تنقطع الرجعة بمجرد طهرها بتمام العشرة في الحيضة الثالثة لو كانت مطلقة طلاقا رجعيا
ويجوز لها التزوج بآخر لأنها بانت من الأول بانقضاء العدة
وأما لو كان الانقطاع لدون العشرة ولتمام عادتها فلا تثبت هذه الأحكام ما لم تغتسل لأن زمن الغسل حينئذ من الحيض فلو وطئها زوجها قبل الغسل كان واطئا في زمن الحيض وكذا لا تنقضي عدتها ما لم تغتسل
____________________
(1/296)
وأما في حق بقية الأحكام فلا يشترط الغسل ففي مثل الصلاة أو الصوم يجب عليها وإن لم تغتسل لكن بشرط إدراك زمن التحريمة
قوله ( فتقضي الخ ) أي إذا علمت أن زمن التحريمة من الطهر مطلقا وأن زمن الغسل من الحيض في الانقطاع لأقله فتقضي الصلاة إن بقي قدر الغسل والتحريمة فلا يكفي إدراك قدر الغسل فقط بل لا بد من إدراك قدر التحريمة أيضا أي ولبس الثياب كما مر
قوله ( ولو لعشرة الخ ) أي ولو انقطع لعشرة فتقضي الصلاة إن بقي قدر التحريمة فقط
والحاصل أن زمن الغسل من الحيض لو انقطع لأقله لأنها إنما تطهر بعد الغسل فإذا أدركت من آخر الوقت قدر ما يسع الغسل فقط لم يجب عليها قضاء تلك الصلاة لأنها لم تخرج من الحيض في الوقت بخلاف ما إذا كان يسع التحريمة أيضا لأن التحريمة من الطهر فيجب القضاء
وأما إذا انقطع لأكثره فإنها تخرج من الحيض بمجرد ذلك فيكون زمن الغسل من الطهر وإلا لزم أن تزيد مدة الحيض على العشرة فإذا أدركت من آخر الوقت قدر التحريمة وجب القضاء وإن لم تتمكن من الغسل لأنها أدركت بعد الخروج من الحيض جزءا من الوقت وإنما حل الوطء في الانقطاع لأكثره مطلقا لتوقفه على الخروج من الحيض وقد وجد بخلاف وجوب الصلاة لتوقفه على إدراك جزء آخر بعده
قوله ( ووطؤها ) أي الحائض
قال في الشرنبلالية ولم أر حكم وطء النفساء من حيث التكفير أما الحرمة فمصرح بها ا هـ
واعترضه الشارح في هامش الخزائن بقوله وأقول قد قدم قبل ذلك أن النفساء كالحائض في الأحكام وقال في الجوهرة والسراج والوهاج والضياء المعنوي وغيرها وحكم النفاس حكم الحيض في كل شيء إلا فيما استثني
وهذا صريح في إفادة هذا الحكم لهذه المسألة لأنها ليس مما استثني كما لا يخفى على المتتبع فتنبه ا هـ
أقول والمستثنيات سبع تأتي
قوله ( كما جزم به غير واحد ) أي جماعة ذوو عدد منهم صاحب المبسوط والاختيار والفتح كما في البحر
قوله ( وكذا مستحل وطء الدبر ) أي دبر الحليلة أما دبر الغلام فالظاهر عدم جريان الخلاف في التكفير وإن كان التعليل الآتي يظهر فيه ط أي قوله لأنه حرام لغيره
أقول وسيأتي في كتاب الإكراه أن اللواطة أشد حرمة من الزنا لأنها لم تبح بطريق ما ولكون قبحها عقليا ولذا لا تكون في الجنة على الصحيح ا هـ
قوله ( خلاصة ) لم يذكر في البحر عن الخلاصة مسألة وط الدبر
قوله ( فلعله يفيد التوفيق ) أي بحمل القول بكفره على استحلال اللواطة بغير المذكورين والقول بعدمه عليهم
قوله ( لأنه حرام لغيره ) أي حرمته لا لعينه بل لأمر راجع إلى شيء خارج عنه وهو الإيذاء
قال في البحر عن الخلاصة من اعتقد الحرام حلالا أو على القلب يكفر إذا كان حراما لعينه وثبتت حرمته بدليل قطعي
أما إذا كان حراما لغيره بدليل قطعي أو حراما لعينه بأخبار الآحاد لا يكفر إذا اعتقده حلالا ا هـ
ومثله في شرح العقائد النسفية
قوله ( ثم هو ) أي وطء الحائض
قوله ( لا جاهلا الخ ) هو على سبيل اللف والنشر المشوش
والظاهر أن الجهل إنما ينفي كونه كبيرة لا أصل الحرمة إذ لا عذر بالجهل بالأحكام في دار الإسلام أفاده ط
____________________
(1/297)
قوله ( ويندب الخ ) لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس مرفوعا في الذي يأتي امرأته ( وهي حائض ) قال يتصدق بدينار أو نصف دينار ثم قيل إن كان الوطء في أول الحيض فبدينار أو آخره فبنصفه وقيل بدينار لو الدم أسود وبنصفه لو أصفر
قال في البحر ويدل له ما رواه أبو داود والحاكم وصححه إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار ا هـ
قوله ( قال في الضياء الخ ) أي الضياء المعنوي شرح مقدمة الغزنوي وأصل البحث للحدادي في السراج ويؤيده ظاهر الأحاديث وظاهرها أيضا أنه لا فرق بين كونه جاهلا بحيضها أو لا
تتمة تثبت الحرمة بإخبارها وإن كذبها
فتح وبركوي
وحرر في البحر أن هذا إذا كانت عفيفة أو غلب على الظن صدقها أما لو فاسقة ولم يغلب صدقها بأن كانت في غير أوان حيضها لا يقبل قولها اتفاقا
قوله ( وقتا كاملا ) ظرف لقوله دائم والأولى عدم ذكر هذا القيد أي قيد الدوام لأنه في حكمه في الدوام وعدمه ط
قوله ( لا يمنع صوما الخ ) أي ولا قراءة ومس مصحف ودخول مسجد وكذا لا تمنع عن الطواف إذا أمنت من اللوث
قهستاني عن الخزانة ط
مطلب في حكم وطء المستحاضة ومن بذكره نجاسة قوله ( وجماعا ) ظاهره جوازه في حال سيلانه وإن لزم منه تلويث وكذا هو ظاهر غيره من المتون والشروح وكذا قولهم يجوز مباشرة الحائض فوق الإزار وإن لزم منه التلطخ بالدم وتمامه في ط
وأما في شرح المنية في الأنجاس من أن التلوث بالنجاسة مكروه فالظاهر حمله على ما إذا كان بلا عذر والوطء عذرا ألا ترى أن يحل على القول بأن رطوبة الفرج نجسة مع أن فيه تلوثا بالنجاسة فتخصيص الحل بوقت عدم السيلان يحتاج إلى نقل صريح ولم يوجد بل قدمنا عن ( شروح الهداية ) التصريح بأن حل الوطء بعد أكثر الحيض غير متوقف على الانقطاع فافهم
تنبيه أفتى بعض الشافعية بحرمة جماع من تنجس ذكره قبل غسله إلا إذا كان به سلس فيحل كوطء المستحاضة مع الجريان ويظهر أنه عندنا كذلك لما فيه من التضمخ بالنجاسة بلا ضرورة لإمكان غسله
بخلاف وطء المستحاضة ووطء السلس
تأمل
وبقي ما لو كان مستنجيا بغير الماء ففي فتاوي ابن حجر أن الصواب التفصيل وهو أنه إذا كان لعدم الماء جاز له الوطء للحاجة وإلا فلا
قال وروى أحمد بسند ضعيف أن رجلا قال يا رسول الله الرجل يغيب لا يقدر على الماء أيجامع أهله قال نعم ا هـ
ملخصا
قوله ( لحديث توضئي ) فإنه ثبت به حكم الصلاة عبارة وحكم الصوم والجماعة دلالة ا هـ
منح ودرر
وإبدال الدلالة بالإشارة لا يخفى ما فيه على من له معرفة بالأصول فافهم
____________________
(1/298)
ثم الحديث المذكور في الهداية وظاهر الفتح أنه لم يجده بهذا اللفظ وذكر عن سنن ابن ماجه أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش جتنبي لصلاة أيام محيضك ثم غتسلي وتوضئي لكل صلاة وإن قطر الدم على لحصير ثم تكلم على سنده ثم قال وهو في البخاري بدون وإن قطر الدم على الحصير
قوله ( والنفاس ) بالكسر
قاموس
( فلو لم تره ) أي بأن خرج الولد جافا بلا دم
قوله ( المعتمد نعم ) وعليه فيعمم في الدم فيقال دم حقيقة أو حكما كما في القهستاني
قوله ( من سرتها ) عبارة البحر من قبل سرتها بأن كان ببطنها جرح فانشقت وخرج الولد منها ا هـ
قوله ( فنفساء ) لأنه وجد خروج الدم من الرحم عقب الولادة
بحر
قوله ( وإلا ) أي بأن سال الدم من السرة
قوله ( وإن ثبت له أحكام الولد ) أي فتنقضي به العدة وتصير الأمة أم ولد ولو علق طلاقها بولادتها وقع لوجود الشرط
بحر عن الظهيرية
قوله ( فتوضأ الخ ) تفريع على قوله لا أقله ط
قوله ( وتومىء بصلاة ) أي إن لم تقدر على الركوع والسجود
قال في البحر عن الظهيرية ولم لم تصل تكون عاصية لربها ثم كيف تصلي قالوا يؤتى بقدر فيجعل القدر تحتها ويحفر لها وتجلس هناك وتصلي كي لا تؤذي ولدها ا هـ
قوله ( فما عذر الصحيح القادر ) استفهام إنكاري أي لا عذر له في الترك أو التأخير
قال في منية المصلي فانظر وتأمل هذه المسألة هل تجد عذرا لتأخير الصلاة واويلاه لتاركها
قوله ( إلا في سبعة ) هي البلوغ والاستبراء والعدة وأنه لا حد لأقله وأن أكثره أربعون وأنه يقطع التتابع في صوم الكفارة وأنه لا يحصل به الفصل بين طلاقي السنة والبدعة ا هـ
ح
فقوله البلوغ الخ لأنه لا يتصور به لأن البلوغ قد حصل بالحبل قبل ذلك
وصورته في الاستبراء إذا اشترى جارية حاملا فقبضها ووضعت عنده ولدا وبقي ولد آخر في بطنها فالدم الذي بين الولدين نفاس ولا يحصل الاستبراء إلا بوضع الولد الثاني
وصورة العدة إذا قال لامرأته إذا ولدت فأنت طالق فولدت ثم قالت مضت عدتي فإنها تحتاج إلى ثلاث حيض ما خلا النفاس كما سيأتي بيانه ا هـ
سراج
قوله ( بخمسة وعشرين ) لأنه لو قدر بأقل لأدى إلى نقض العادة عند عود الدم في الأربعين لأن من أصل الإمام أن الدم إذا كان في الأربعين فالطهر المتخلل لا يفصل طال أو قصر حتى لو رأت ساعة دما وأربعين إلا ساعتين طهرا ثم ساعة دما كان الأربعون كلها نفاسا وعليه الفتوى
____________________
(1/299)
كذا في الخلاصة
نهر أي فلو قدر بأقل من خمس وعشرين ثم كان بعده أقل الطهر خمسة عشر ثم عاد الدم كان نفاسا فيلزم نقض العادة بخلاف ما لو قدر بخمسة وعشرين لأن ما عداه يكون حيضا لكونه بعد تمام الأربعين
قوله ( مع ثلاث حيض ) فأدنى مدة تصدق فيها عنده خمسة وثمانون يوما خمسة وعشرون نفاس وخمسة عشر طهر ثم ثلاث حيض كل حيضة خمسة أيام وطهران بين الحيضتين ثلاثون يوما وهذا رواية محمد عنه
وفي رواية الحسن عنه لا تصدق في أقل من مائة يوم لتقديره كل حيضة بعشرة أيام وتمامه في السراج
قوله ( والثاني بأحد عشر ) أي وقدر أبو يوسف أقل النفاس بأحد عشر يوما ليكون أكثر من أكثر الحيض فأدنى مدة تصدق فيها عنده خمسة وستون يوما أحد عشر نفاس وخمسة عشر طهر وثلاث حيض بتسعة أيام بينهما طهران بثلاثين يوما ح
قوله ( والثالث بساعة ) أي قدره محمد بساعة فتصدق في أربعة وخمسين يوما وساعة خمسة عشر طهر ثم ثلاث حيض بتسعة ثم طهران ثلاثة
قال في المنظومة النسفية أدنى زمان عنده تصدق فيه التي بعد الولاد تطلق هي الثمانون بخمس تقرن ومائة فيما رواه الحسن والخمس والستون عند الثاني وحط إحدى عشرة الشيباني وهذا كله في الحرة النفساء وأما الأمة وغير النفساء فسيأتي حكمها في العدة إن شاء الله تعالى
قوله ( كذا رواه الترمذي وغيره ) أي بالمعنى
قال في الفتح روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أم سلمة قالت كانت لنفساء تقعد على عهد رسول الله أربعين يوما وأثنى البخاري على هذا الحديث
وقال النووي حديث حسن وصححه الحاكم
وروى الدارقطني وابن ماجه عن أنس أنه وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك وروي هذا من عدة طرق لم تخل عن الطعن لكنه يرتفع بكثرتها إلى الحسن
ا هـ
ملخصا
قوله ( ولأن أكثره الخ ) يعني بالإجماع كما في البحر حتى أن من جعل أكثر الحيض خمسة عشر يجعل أكثر النفاس ستين ح
قوله ( لو مبتدأة ) يعني إنما يعتبر الزائد على الأكثر استحاضة في حق المبتدأة التي لم تثبت لها عادة أما المعتادة فترد لعادتها أي ويكون ما زاد على العادة استحاضة لا ما زاد على الأكثر فقط
قوله ( فترد لعادتها ) أطلقه فشمل ما إذا كان ختم عادتها بالدم أو بالطهر وهذا عند أبي يوسف
وعند محمد إن ختم بالدم فكذلك وإن بالطهر فلا
وبيانه ما ذكر في الأصل إذا كان عادتها في النفاس ثلاثين يوما فانقطع دمها على رأس عشرين يوما وطهرت عشرة أيام تمام عادتها فصلت وصامت ثم عاودها الدم فاستمر بها حتى جاوز الأربعين ذكر أنها مستحاضة فيما زاد على الثلاثين ولا يجزيها صومها في العشرة التي صامت فيلزمها القضاء
أما على مذهب محمد فنفاسها عشرون فلا تقضي ما صامت بعدها
بحر عن البدائع
قوله ( وكذا الحيض ) يعني إن زاد على عشرة في المبتدأة فالزائد استحاضة وترد المعتادة لعادتها ط
قوله ( فإن انقطع على أكثرهما ) محترز قوله والزائد ط
قوله ( أو قبله ) أي قبل الأكثر وزاد على العادة
قال في البحر وقيد بكونه زاد على الأكثر لأنه لو زاد على العادة ولم يزد على الأكثر
____________________
(1/300)
فالكل حيض اتفاقا بشرط أن يكون بعده طهر صحيح
قوله ( إن وليه طهر تام ) قال في البحر وإنما قدينا به لأنها لو كانت عادتها خمسة أيام مثلا من أول كل شهر فرأت ستة أيام فإن السادس حيض أيضا فإن طهرت بعد ذلك أربعة عشر يوما ثم رأت الدم فإنها ترد إلى عادتها وهي خمسة واليوم السادس استحاضة فتقضي ما تركت فيه من الصلاة كذا في السراج ا هـ
قال ح وصورته في النفاس كانت عادتها في كل نفاس ثلاثين ثم رأت مرة إحدى وثلاثين ثم طهر أربعة عشر ثم رأت الحيض فإنها ترد إلى عادتها وهي الثلاثون ويحسب اليوم الزائد من الخمسة عشر التي هي طهر
قوله ( وهي تثبت وتنتقل بمرة ) أشار إلى أن ما رأته ثانيا بعد الطهر التام يصير عادة لها وهذا مثال الانتقال بمرة
ومثال الثبوت مبتدأة رأت دما وطهرا صحيحين ثم استمر بها الدم فعادتها في الدم والطهر ما رأت فترد إليها لكن قدمنا عن البركوي تقييده بما إذا كان طهرها أقل من ستة أشهر وإلا فترد إلى ستة أشهر إلا ساعة وحيضها بحاله
قوله ( به يفتى ) هذا قول أبي يوسف خلافا لهما
ثم الخلاف في العادة الأصلية وهي أن ترى دمين متفقين وطهرين متفقين على الولاء أو أكثر لا الجعلية بأن ترى أطهارا مختلفة وماء كذلك فإنها تنقض برؤية المخالف اتفاقا
نهر
وتمام بيان ذلك في الفتح وغيره
وقد نبه البركوي في هامش رسالته على أن بحث انتقال العادة من أهم مباحث الحيض لكثرة وقوعه وصعوبة فهمه وتعسر إجرائه
وذكر في الرسالة أن الأصل فيه أن المخالفة للعادة إن كانت في النفاس فإن جاوز الدم الأربعين فالعادة باقية ترد إليها والباقي استحاضة وإن لم يجاوز انتقلت العادة إلى ما رأته والكل نفاس وإن كانت في الحيض فإن جاوز العشرة فإن لم يقع في زمان العادة نصاب وانتقلت زمانا والعدد بحاله يعتبر من أول ما رأت
وإن وقع فالواقع في زمانها فقط حيض والباقي استحاضة فإن كان الواقع مساويا لعادتها عددا فالعادة باقية وإلا انتقلت العادة عددا إلى ما رأته ناقصا وإن لم يجاوز العشرة فالكل حيض فإن لم يتساويا صار الثاني عادة وإلا فالعدد بحاله
ثم ذكر لذلك أمثلة أوضح بها المقام فراجعها مع شرحنا عليها
قوله ( وتمامه الخ ) ذكر فيه ما قدمناه آنفا عن السراج فالضمير راجع إلى مجموع ما ذكره لا إلى مسألة الانتقال فقط إذ لم يذكر فيها أزيد مما هنا فافهم
تتمة اختلفوا في المعتادة هل تترك الصلاة والصوم بمجرد رؤيتها الزيادة على العادة قبل لا لاحتمال الزيادة على العشرة وقيل نعم استصحابا للأصل وصححه في النهاية والفتح وغيرهما وكذا الحكم في النفاس
واختلفوا في المبتدأة أيضا
والصحيح أنها تترك بمجرد رؤيتها الدم كما في الزيلعي والاحتياط أن لا يأتيها زوجها حتى يتيقن حالها
نوح أفندي
قوله ( والنفاس لأم توأمين ) بفتح التاء وسكون الواو وفتح الهمزة تثنية توأم اسم ولد إذا كان معه آخر في بطن واحد
قهستاني
قوله ( من الأول ) والمرئي عقيب الثاني إن كان في الأربعين فمن نفاس الأول وإلا فاستحاضة
وقيل إذا كان بينهما أربعون يجب عليها نفاس من الثاني
والصحيح هو الأول
____________________
(1/301)
نهاية وبحر ثم ما ذكره المصنف قولهما
وعند محمد وزفر النفاس من الثاني والأول استحاضة
وثمرة الخلاف في النهر
قوله ( وفاقا ) أشار إلى أن في المسألة الأولى خلافا كما ذكرنا
قوله ( لتعلقه بالفراغ ) أي لتعلق انقضاء العدة بفراغ الرحم وهو لا يفرغ إلا بخروج كل ما فيه ط
قوله ( مثلث السين ) أي يجوز فيه تحريكها بالحركات الثلاث قال القهستاني والكسر أكثر
مطلب في أحوال السقط وأحكامه قوله ( أي مسقوط ) الذي في البحر التعبير بالساقط وهو الحق لفظا ومعنى أما لفظا فلأن سقط لازم لا يبني منه اسم المفعول
وأما معنى فلأن المقصود سقوط الولد سواء سقط بنفسه أو أسقطه غيره ح
قوله ( ولا يستبين خلقه الخ ) قال في البحر المراد نفخ الروح وإلا فالمشاهد ظهور خلقه قبلها ا هـ
وكون المراد به ما ذكر ممنوع
وقد وجهه في البدائع وغيرها بأنه يكون أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة
وعبارته في عقد الفرائد قالوا يباح لها أن تعالج في استنزال الدم ما دام الحمل مضغة أو علقة ولم يخلق له عضو وقدروا تلك المدة بمائة وعشرين يوما وإنما أباحوا ذلك لأنه ليس بآدمي ا هـ
كذا في النهر
أقول لكن يشكل على ذلك قول البحر إن المشاهد ظهور خلقه قبل هذه المدة وهو موافق لما في بعض روايات الصحيح إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها وأيضا هو موافق لما ذكره الأطباء
فقد ذكر الشيخ داود في تذكرته أنه يتحول عظاما مخططة في اثنين وثلاثين يوما إلى خمسين ثم يجتذب الغذاء ويكتسي اللحم إلى خمس وسبعين ثم تظهر فيه الغاذية والنامية ويكون كالنبات إلى نحو المائة ثم يكون كالحيوان النائم إلى عشرين بعدها فتنفخ فيه الروح الحقيقية الإنسانية ا هـ
ملخصا
نعم نقل بعضهم أنه اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر أي عقبها كما صرح به جماعة
وعن ابن عباس أنه بعد أربعة أشهر وعشرة أيام وبه أخذ أحمد ولا ينافي ذلك ظهور الخلق قبل ذلك لأن نفخ الروح إنما يكون بعد الخلق وتمام الكلام في ذلك مبسوط في شرح الحديث الرابع من الأربعين النووية فراجعه
قوله ( والأمة أم ولد ) أي إن ادعاه المولى
قهستاني عن شرح الطحاوي
قوله ( ويحنث به في تعليقه ) أي يقع
____________________
(1/302)
المعلق من الطلاق والعتاق وغيرهما بولادته بأن قال إن ولدت فأنت طالق أو حرة
قهستاني
قوله ( فليس بشيء ) قال الرملي في حاشية المنح بعد كلام وحاصله أنه إن لم يظهر من خلقه شيء فلا حكم له من هذه الأحكام وإذا ظهر ولم يتم فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يسمى وتحصل له هذه الأحكام وإذا تم ولم يستهل وقبل أن يخرج أكثر مات فظاهر الرواية لا يغسل أو لا يسمى والمختار خلافه كما في الهداية ولا خلاف في عدم الصلاة عليه وعدم إرثه ويلف في خرقة ويدفن وفاقا
وإذا خرج كله أو أكثره حيا ثم مات فلا خلاف في غسله والصلاة عليه وتسميته ويرث ويورث إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بالآدمي الحي الكامل ا هـ
قلت لكن قوله والمختار خلافه إنما هو فيمن لم يتم خلقه أما من تم فلا خلاف في أنه يغسل كما سيأتي تحريره في الجنائز إن شاء الله تعالى
قوله ( والمرئي ) أي الدم المرئي مع السقط الذي لم يظهر من خلقه شيء
قوله ( وتقدم ) أي وجد قبله بعد حيضها السابق ليصير فاصلا بين الحيضتين
وزاد في النهاية قيدا آخر وهو أن يوافق تمام عادتها ولعله مبني على أن العادة لا تنتقل بمرة والمعتمد خلافه فتأمل
قوله ( وإلا استحاضة ) أي إن لم يدم ثلاثا وتقدمه طهر تام أو دام ثلاثا ولم يتقدمه طهر تام أو لم يدم ثلاثا ولا تقدمه طهر تام ح
قوله ( ولو لم يدر حاله الخ ) أي لا يدري أمستبين هو أم لا بأن أسقطت في المخرج واستمر بها الدم فإذا كان مثلا حيضها عشرة وطهرها عشرين ونفاسها أربعين فإن أسقطت من أول أيام حيضها تترك الصلاة عشرة بيقين لأنها إما حائض أو نفساء ثم تغتسل وتصلي عشرين بالشك لاحتمال كونها نفساء أو طاهرة ثم تترك الصلاة عشرة بيقين لأنها إنما نفساء أو حائض ثم تغتسل وتصلي عشرين بيقين لاستيفاء الأربعين ثم بعد ذلك دأبها حيضها عشرة وطهرها عشرون وإن أسقطت بعد أيام حيضها فإنها تصلي من ذلك الوقت قدر عادتها في الطهر بالشك ثم تترك قدر عادتها في الحيض بيقين
وحاصل هذا كله أن لا حكم للشك ويجب الاحتياط ا هـ
من البحر وغيره
وتمام تفاريع المسألة في التاترخانية ونبه في الفتح على أن في كثير من نسخ الخلاصة غلطا في التصوير من النساخ
قوله ( ولا عدم أيام حملها ) هذا زاده في النهر بقوله وكان ينبغي أن يقال ولم تعلم عدد أيام حملها بانقطاع الحيض عنها
أما لو لم تره مائة وعشرين يوما ثم أسقطته في المخرج كان مستبين الخلق ا هـ
قوله ( تدع الصلاة أيام حيضها بيقين ) أي في الأيام التي لا تتيقن فيها بالطهر فيشمل ما يحتمل المرئي فيها أنه حيض أو نفاس كالعشرة الأولى من الأربعين والعشرة الأخيرة وما تتيقن أنه حيض فقط وقوله ثم تغتسل الخ أي في الأيام التي تتردد فيها بين النفاس والطهر أو تتيقن فيها بالطهر فقط فلله در هذا الشارح فقد أدى جميع ما قدمناه عن البحر وغيره مع زيادة في النهر وأن صلاتها صلاة المعذور بأوجز عبارة فافهم
مطلب في أحكام الآيسة قوله ( ولا يحد إياس بمدة ) هذا رواية عن أبي حنيفة كما في عدة الفتح عن المحيط ح
ثم إن الإياس مأخوذ من اليأس وهو القوط ضد الرجاء
قال المطرزي أصله إيئاس على وزن إفعال من أياسة إذا جعله يائسا منقطع الرجاء فكأن الشرع جعلها منقطعة الرجاء عن رؤية الدم حذفت الهمزة التي
____________________
(1/303)
هي عين الكلمة تخفيفا ا هـ
نوح
قوله ( مثلها ) قال في الفتح في باب العدة يمكن أن يكون المراد المماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال ا هـ
ويقال لا بد أن يعتبر مع ذلك جنسها لما ذكره بعد في الفتح عن محمد أنه قدره في الروميات بخمس وخمسين وفي غيرهن بستين وربما يعتبر القطر أيضا فليحرر
رحمتي
قوله ( فإذا بلغته ) فلو لم تبلغه وانقطع دمها فعدتها بالحيض لأن الطهر لا حد لأكثره
رحمتي
وعليه فالمرضع التي لا ترى الدم في مدة إرضاعها لا تنقضي عدتها إلا بالحيض كما سيأتي التصريح به في باب العدة
وقال في السراج سئل بعض المشايخ عن المرضعة إذا لم ترى حيضا فعالجته حتى رأت صفرة في أيام الحيض قال هو حيض تنقضي به العدة ا هـ
قوله ( وانقطع دمها ) أما لو بلغته والدم يأتيها فليست بآيسة ومعناها إذا رأت الدم على العادة لأنه حينئذ ظاهر في أنه ذلك المعتاد وعود العادة يبطل الإياس ثم فسر بعضهم هذا بأن تراه سائلا كثيرا احترازا عما إذا رأت بلة يسيرة ونحوه وقيدوه بأن يكون أحمر أو أسود فلو أصفر أو أخضر أو تربية لا يكون حيضا ومنهم من لم يتصرف فيه فقال إذا رأته على العادة الجارية وهو يفيد أنها إذا كانت عادتها قبل الإياس أصفر فرأته كذلك أو علقا فرأته كذلك كان حيضا ا هـ
فتح من العدة والذي يظهر هو الثاني
رحمتي
قوله ( حكم بإياسها ) فائدة هذا الحكم الاعتداد بالأشهر إذا لم تر في أثنائها دما الخ ط
قوله ( وحده ) أي المصنف في باب العدة
قال في البحر وهو قول مشايخ بخارى وخوارزم ح وبخط الشارح في هامش الخزائن
قال قاضيخان وغيره وعليه الفتوى
وفي نكت العلامة قاسم عن المفيد أنه المختار ومثله في الفيض وغيره ا هـ
قوله ( أي المدة المذكورة ) وهي الخمسون أو الخمسة والخمسون ط
قوله ( فليس بحيض ) ولا يبطل به الاعتداد بالأشهر ط
قوله ( دما خالصا ) أي كالأسود والأحمر القاضي درر
قال الرحمتي وتقدم عن الفتح أنه لو لم يكن خالصا وكانت عادتها كذلك قبل الإياس يكون حيضا
قوله ( حتى يبطل ) تفريع على الاستثناء
قوله ( لكن قبل تمامها ) أي تمام العدة بالأشهر لا بعده
أي بعد تمام الاعتداد ط
قوله ( وسنحققه في العدة ) عبارته هناك آيسة اعتدت بالأشهر ثم عاد دمها على جاري العادة أو حبلت من زوج آخر بطلت عدتها وفسد نكاحها واستأنفت بالحيض لأن شرط الخليفة تحقق الإياس عن الأصل وذلك بالعجز إلى الموت وهو ظاهر الرواية كما في الغاية واختاره في الهداية فتعين المصير إليه
قاله في البحر بعد حكاية ستة أقوال مصححة وأقره المصنف لكن اختار البهنسي ما اختاره الشهيد أنها إن رأته قبل تمام الأشهر استأنفت لا بعدها
قلت وهو ما اختار صدر الشريعة ومنلا خسرو والباقاني وأقره المصنف في باب الحيض وعليه فالنكاح جائز وتعتد في المستقبل بالحيض كما صححه في الخلاصة وغيرها وفي الجوهرة والمجتبى أنه الصحيح المختار وعليه الفتوى وفي تصحيح القدوري وهذا التصحيح أولى من تصحيح الهداية وفي النهر أنه أعد الروايات ا هـ ح
____________________
(1/304)
مطلب في أحكام المعذور قوله ( وصاحب عذر ) خبر مقدم بول مبتدأ مؤخر لأنه معرفة والأول نكرة فافهم قال في النهر قيل السلس بفتح اللام نفس الخارج وبكسرها من به هذا المرض
قوله ( لا يمكنه إمساكه ) أما إذا أمكنه خرج عن كونه صاحب عذر كما يأتي ط
قوله ( أو استطلاق بطن ) أي جريان ما فيه من الغائط
قوله ( أو انفلات ريح ) هو من لا يملك جمع مقعدته لاسترخاء فيها
نهر
قوله ( أو بعينه رمد ) أي ويسيل منه الدمع ولم يقيد بذلك لأنه الغالب
قوله ( أو بعينه رمد ) أي ويسيل منه الدمع ولم يقيد بذلك لأنه الغالب
قوله ( أو عمش ) ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في أكثر الأوقات ح عن القاموس
قوله ( أو غرب ) قال المطرزي هو عرق في مجرى الدمع يسقى فلا ينقطع مثل الباسور
وعن الأصمعي بعينه غرب إذا كانت تسيل ولا تنقطع دموعها
والغرب بالتحريك ورم في المآقي ا هـ
فافهم
قوله ( وكذا كل ما يخرج بوجع الخ ) ظاهره يعم الأنف إذا زكم ط
لكن صرحوا بأن ماء النائم طاهر ولو منتنا
فتأمل
وعبارة شرح المنية كل ما يخرج بعلة فالوجع غير قيد كما مر
وفي المجتبى الدم والقيح والصديد وماء الجرح والنفطة وماء البثرة والثدي والعين والأذن لعلة سواء على الأصح ا هـ
وقدمنا في نواقض الوضوء على البحر وغيره أن التقييد بالعلة ظاهر فيما إذا كان الخارج من هذه المواضع ماء فقط بخلاف ما إذا كان قيحا أو صديدا وقدمنا هناك أيضا بقية المباحث المتعلقة بالدمع فراجعها
قوله ( مفروضة ) احترز به عن الوقت المهمل كما بين الطلوع والزوال فإنه وقت لصلاة غير مفروضة وهي العيد والضحى كما سيشير إليه فلو استوعبه لا يصير معذورا وكذا لو استوعبه الانقطاع لا يكون برءا أفاده الرحمتي
قوله ( ولو حكما ) أي ولو كان الاستيعاب حكما بأن انقطع العذر في زمن يسير لا يمكنه فيه الوضوء والصلاة فلا يشترط الاستيعاب الحقيقي في حق الابتداء كما حققه في الفتح والدرر خلافا لما فهمه الزيلعي كما بسطه في البحر
قال الرحمتي ثم هل يشترط أن لا يمكنا مع سننهما أو الاقتصار على فرضهما يراجع ا هـ
أقول الظاهر الثاني
تأمل
قوله ( في حق الابتداء ) أي في حق ثبوته ابتداء
قوله ( في جزء من الوقت ) أي من كل وقت بعد ذلك الاستناب
إمداد
قوله ( ولو مرة ) أي ليعلم بها بقاؤه
إمداد
قوله ( وفي حق الزوال ) أي زوال العذر وخروج صاحبه عن كونه معذورا
قوله ( تمام الوقت حقيقة ) أي بأن لا يوجد العذر في جزء منه أصلا فيسقط العذر من أول الانقطاع حتى لو انقطع في أثناء الوضوء أو الصلاة ودام الانقطاع إلى آخر الوقت الثاني يعيد ولو عرض بعد دخول وقت فرض انتظر إلى آخره فإن لم ينقطع يتوضأ ويصلي ثم إن انقطع في أثناء الوقت الثاني يعيد تلك الصلاة وإن استوعب الوقت الثاني لا يعيد لثبوت العذر حينئذ من وقت العروض ا هـ
بركويه ونحوه في الزيلعي والظهيرية
وذكر في البحر عن السراج أنه لو انقطع بعد الفراغ من الصلاة أو بعد القعود قدر التشهد لا يعيد لزوال العذر بعد الفراغ كالمتيمم إذا رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة
قوله ( وحكمه ) أي العذر أو صاحبه
قوله ( الوضوء ) أي مع القدرة عليه وإلا فالتيمم
قوله ( لا غسل ثوبه ) أي إن لم يفد كما يأتي
____________________
(1/305)
متنا
قوله ( ونحوه ) كالبدن والمكان ط
قوله ( اللام للوقت ) أي فالمعنى لوقت كل صلاة بقرينة قوله بعده فإذا خرج الوقت بطل فلا يجب لكل صلاة خلافا للشافعي أخذا من حديث توضئي لكل صلاة قال في الإمداد وفي شرح مختصر الطحاوي
وروى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال لفاطمة بنت أبي حبيش توضئي لوقت كل صلاة ولا شك أنه محكم لأنه لا يحتمل غيره بخلاف حديث لكل صلاة فإن لفظ الصلاة شاع استعماله في لسان الشرع والعرف في وقتها فوجب حمله على المحكم وتمامه فيه
قوله ( ثم يصلي به ) أي بالوضوء فيه أي في الوقت
قوله ( فرضا ) أي أي فرض كان
نهر أي فرض الوقت أو غيره من الفوائت
قوله ( بالأولى ) لأنه إذا جاز له النفل وهو غير مطالب به يجوز له الواجب المطالب به الأولى أفاده ح أو لأنه إذا جاز له الأعلى والأدنى يجوز الأوسط بالأولى
قوله ( فإذا خرج الوقت بطل ) أفاد أن الوضوء إنما يبطل بخروج الوقت فقط لا بدخوله خلافا لزفر ولا بكل منهما خلافا للثاني وتأتي ثمرة الخلاف
قوله ( أي ظهر حدثه السابق ) أي السابق على خروج الوقت وأفاد أنه لا تأثير للخروج في الانتقاض حقيقة وإنما الناقض هو الحدث السابق بشرط الخروج فالحدث محكوم بارتفاعه إلى غاية معلومة فيظهر عندهما مقتصرا لا مستندا كما حققه في الفتح
قوله ( حتى لو توضأ الخ ) تفريع على قوله أي ظهر حدثه السابق فإن معناه أنه يظهر حدثه الذي قارن الوضوء أو الذي طرأ عليه بأن توضأ على السيلان أو وجد السيلان بعده في الوقت أي فأما إذا توضأ على الانقطاع ودام إلى الخروج فلا حدث بل هو طهارة كاملة فلا يبطل بالخروج
قوله ( ما لم يطرأ الخ ) أي فإنه بعد الخروج لو طرأ أي عرض له حدث آخر أو سال حدثه يبطل وضوءه بذلك الحدث فهو كالصحيح في ذلك فتدبر
قوله ( كمسألة مسح خفه ) أي التي قدمها في باب المسح على الخفين بقوله إنه أي المعذور يمسح في الوقت فقط إلا إذا توضأ ولبس على الانقطاع فكالصحيح ا هـ
وقدمنا أنها رباعية لأنه إما أن يتوضأ ويلبس على الانقطاع أو يوجد الحدث مع الوضوء أو مع اللبس أو معهما فهو كالصحيح في الصورة الأولى فقط التي استثناها من المسح في الوقت فقط وهي المرادة هنا فلما كان حكم هذه المسألة معلوما حيث صرح فيها بأنه كالصحيح أي أنه يمسح في الوقت وخارجه إلى انتهاء مدة المسح أراد أن يبين أن من توضأ على الانقطاع ودام إلى خروجه فهو كالصحيح أيضا فإذا خرج الوقت لا يبطل وضوءه ما لم يطرأ حدث آخر فتشبيه مسألة الوضوء بمسألة المسح من حيث إن كلا منهما حكمه كالصحيح وإن كان حكمها مختلفا من حيث إنه في الأولى يبطل وضوءه بطرو الحدث بعد الوقت ولا يبطل مسحه بذلك في مدة المسح بمعنى أنه لا يلزمه نزع الخف والغسل بعد الوقت بخلاف الصور الثلاث من الرباعية فافهم
قوله ( وأفاد ) أي بقوله فإذا خرج الوقت بطل فإن المراد به وقت الفرض لا المهمل
قوله ( لم يبطل إلا بخروج وقت الظهر ) أي خلافا لزفر وأبي يوسف حيث أبطلاه بدخوله وإن توضأ قبل الطلوع بطل أيضا بالطلوع خلافا لزفر فقط لعدم الدخول وإن توضأ قبل العصر له بطل اتفاقا لوجود الخروج والدخول والأصل ما مر
قوله ( هو المختار للفتوى ) وقيل لا يجب غسله أصلا وقيل إن كان مقيدا
____________________
(1/306)
بأن لا يصيبه مرة أخرى يجب وإن كان يصيبه المرة بعد الأخرى فلا واختاره السرخسي
بحر
قلت بل في البدائع أنه اختيار مشايخنا وهو الصحيح ا هـ
فإن لم يمكن التوفيق بحمله على ما في المتن فهو أوسع على المعذورين ويؤيد التوفيق ما في الحلية عن الزاهدي عن البقالي لو علمت المستحاضة أنها لو غسلته يبقى طاهرا إلى أن تصلي يجب الإجماع وإن علمت أنه يعود نجسا غسلته عند أبي يوسف دون محمد ا هـ
لكن فيها عن الزاهدي أيضا عن قاضي صدر أنه لو يبقى طاهرا إلى أن تفرغ من الصلاة ولا يبقى إلى أن يخرج الوقت فعندنا تصلي بدون غسله خلافا للشافعي لأن الرخصة عندنا مقررة بخروج الوقت وعنده بالفراغ من الصلاة ا هـ
لكن هذا قول ابن مقاتل الرازي فإنه يقول يجب غسله في وقت كل صلاة قياسا على الوضوء
وأجاب عنه في البدائع بأن حكم الحدث عرفناه بالنص ونجاسة الثوب ليست في معناه فلا تلحق به
قوله ( وكذا مريض الخ ) في الخلاصة مريض مجروح تحته ثياب نجسة إن كان بحال لا يبسط تحته شيء إلا تنجس من ساعته له أن يصلي على حاله وكذا لو لم يتنجس الثاني إلا أنه يزداد مرضه له أن يصلي فيه
بحر من باب صلاة المريض
والظاهر أن المراد بقوله من ساعته أن يتنجس نجاسة مانعة قبل الفراغ من الصلاة كما أشار إليه الشارح بقوله وكذا
قوله ( والمعذور الخ ) تقييد لما علم مما مر من أن وضوءه يبقى ما دام الوقت باقيا
قوله ( ولم يطرأ ) بالهمز
قال في المغرب وطرأ علينا فلان جاء من بعيد فجأة من باب منع ومصدره الطروء وقولهم طري الجنون والطاري خلاف الأصل فالصواب الهمزة وأما الطريان فخطأ أصلا ا هـ فافهم
قوله ( أما إذا توضأ لحدث آخر ) أي لحدث غير الذي صار به معذورا وكان حدثه منقطعا كما في شرح المنية أما إذا كان حدثه غير منقطع وأحدث حدثا آخر ثم توضأ فلا ينتقض بسيلان عذره كما هو ظاهر التقييد لأن وضوءه وقع لهما ثم إن ما ذكره الشارح محترز قوله إذا توضأ لعذره
ووجه النقض فيه بالعذر أن الوضوء لم يقع له فكان عدما في حقه
بدائع وكذا لو توضأ على الانقطاع ودام إلى خروج الوقت ثم جدد الوضوء في الوقت الثاني ثم سال انتقض لأن تجديد الوضوء وقع من غير حاجة فلا يعتد به
بخلاف ما إذا توضأ بعد السيلان
زيلعي
قوله ( أو توضأ لعذره الخ ) محترز قوله ولم يطرأ عليه حدث آخر
ووجه النقض فيه كما في البدائعأن هذا حدث جديد لم يكن موجودا وقت الطهارة فكان هو والبول والغائط سواء ا هـ
قوله ( بأن سال أحد منخريه ) أم لو سال منهما جميعا ثم انقطع أحدهما فهو على وضوئه ما بقي الوقت لأن طهارته حصلت لهما جميعا والطهارة متى وقعت لعذر لا يضرها السيلان ما بقي الوقت فبقي هو صاحب عذر بالمنخر الآخر وعلى هذا صاحب القروح إذا انقطع السيلان عن بعضها
بدائع
قوله ( ولو من جدري ) بضم الجيم وفتح الدال ط
وبحط الشارح في هامش الخزائن قوله أو قرحتيه يشمل من به جدري سال منها ماء فتوضأ ثم سال منها قرحة أخرى فإنه ينتقض لأن الجدري قروح متعددة فصار بمنزلة جرحين في موضعين من البدن أحدهما لا يرقأ لو توضأ لأجله ثم سال الآخر كما في شرح المنية ا هـ
قوله ( فلا تبقى طهارته ) جواب أما
قوله ( أو تقليله ) أي إن لم يمكنه رده بالكلية
قوله ( ولو بصلاته مومئا ) أي كما إذا سال عند السجود ولم يسل بدونه فيومىء قائما
____________________
(1/307)
أو قاعدا وكذا لو سال عند القيام يصلي قاعدا بخلاف من لو استلقى لم يسل فإنه لا يصلي مستلقيا ا هـ
بركويه
قوله ( وبرده لا يبقى ذا عذر ) قال في البحر ومتى قدر المعذور على رد السيلان برباط أو حشو أو كان جلس لا يسيل ولو قام سال وجب رده وخرج برده عن أن يكون صاحب عذر ويجب أن يصلي جالسا بإيماء إن سال بالميلان لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث ا هـ
واستفيد من هذا أن الصاحب الحمصة غير معذور لإمكان رد الخارج برفعها ط وهذا إذا كان الخارج منه فيه قوة السيلان بنفسه لو ترك وكان إذا رفعها ينقطع سيلانه أو كان يمكنه ربطه بما يمنعه من السيلان والنش كنحو جلد أما إذا كان لا ينقطع في الوقت برفعها ولا يمكنه الربط المذكور فهو معذور وقدمنا بقية الكلام في نواقض الوضوء
قوله ( بخلاف الحائض ) لأن الشرع اعتبر دم الحيض كالخارج حيث جعلها حائضا وكان القياس خلافه لانعدام دم الحيض حسا ا هـ
حلية
وهذا إذا منعته بعد نزوله إلى الفرج الخارج كما أفاده البركوي لما مر أنه لا يثبت الحيض إلا بالبروز لا بالإحساس به خلافا لمحمد فلو أحست به فوضعت الكرسف في الفرج الداخل ومنعته من الخروج فهي طاهرة كما لو حبس المني في القصبة
قوله ( لأن معه حدثا ونجسا ) أي بخلاف المقتدي فإن معه انفلات الريح وهو حدث فقط
وظاهر التعليل جواز عكس هذه الصورة وبه صرح الشارح في باب الإمامة لكن صرح في النهر هناك بعدم الجواز وبأن مجرد اختلاف العذر مانع
أقول ويوافقه ما صرح به في السراج والتبيين والفتح وغيرها من أن اقتداء المعذور بالمعذور صحيح إن اتحد عذرهما وأوضحه في شرح المنية فراجعه وسيأتي تمامه في محله إن شاء الله تعالى وهو سبحانه وتعالى أعلم
باب الانجاس أي باب بيانها وبيان أحكامها وتطهير محالها
وقدم الحكمية لأنها أقوى لكون قليلها يمنع جواز الصلاة اتفاقا ولا يسقط وجوب إزالتها بعذر
بحر عن النهاية
أقول فيه أن الحكمية لا تتجزأ عن الأصح فمن بقيت عليه لمعة فهو محدث فلا توصف بالقلة وقد تسقط بعذر كما مر أول الطهارة فيمن قطعت يداه ورجلاه وبوجهه جراحة فإنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه
قوله ( بفتحتين ) كذا في العناية ثم قال وهل كل مستقذر وهو في الأصل مصدر ثم استعمل اسما ا هـ
لكن الصحيح ما قاله تاج الشريعة إنه جمع نجس بكسر الجيم لما في العباب النجس ضد الطاهر والنجاسة ضد الطهارة وقد نجس ينجس كسمع يسمع وكرم يكرم وإذا قلت رجل نجس بكسر الجيم ثنيت وجمعت وبفتحها لم تثن ولم تجمع وتقول رجل ورجلان ورجال وامرأة ونساء نجس ا هـ
وتمامه في شرح الهداية للعيني
وحاصله أن الأنجاس ليس جمعا لمفتوح الجيم بل لمكسورها
قوله ( يعم الحقيقي والحكمي ) والخبث يخص الأول والحدث الثاني
بحر
____________________
(1/308)
فلو قال المصنف رفع خبث بدل قوله رفع نجاسة حقيقية كان أخصر ا هـ
ح
قوله ( يجوز الخ ) عبر بالجواز لأنه أطلق في قوله عن محلها ولم يقيده ببدن المصلي وثوبه ومكانه كما قيده في الهداية فعبر بالوجوب ولأن المقصود كما قال ابن الكمال بيان جواز الطهارة بما ذكر أي من الماء وكل مائع الخ لا بيان وجوبها حالة الصلاة فإنه من مسائل باب شروط الصلاة ا هـ
على أن الوجوب كما قال في الفتح مقيد بالإمكان وبما إذا لم يرتكب ما هو أشد حتى لو لم يتمكن من إزالتها إلا بإبداء عورته للناس يصلي معها لأن كشف العورة أشد فلو أبداها للإزالة فسق إذ من ابتلي بين محظورين عليه أن يرتكب أهونهما ا هـ
وقدم الشارح في الغسل من الجنابة أنه لا يدعه وإن رآه الناس وقدمنا ما فيه من البحث هناك
قوله ( ولو إناء أو مأكولا ) أي كقصعة وأدهان وهذا حيث أمكن لقوله آخر الباب حنطة طبخت في خمر لا تطهر أبدا
قوله ( أو لا ) كما لو تنجس طرف من ثوبه ونسيه فيغسل طرفا منه ولو بلا تحر كما سيأتي متنا مع ما فيه من الكلام
قوله ( بماء ) يستثنى منه الماء المشكوك على أحد القولين كما مر في الأسآر
قوله ( به يفتى ) أي خلافا لمحمد لأنه لا يجيز إزالة النجاسة الحقيقية إلا بالماء المطلق
بحر
لكن فيه أنهم ذكروا أن الطهارة بانقلاب العين قول محمد
تأمل
قوله ( وبكل مائع ) أي سائل فخرج الجامد كالثلج قبل ذوبه أفاده ط
تنبيه صرح في الحلية في بحث الاستنجاء بأنه تكره إزالة النجاسة بالمائع المذكور لما فيه من إضاعة المال عند عدم الضرورة
قوله ( طاهر )
فبول ما يؤكل لا يطهر محل النجاسة اتفاقا بل ولا يزيل حكم الغليظة في المختار فلو غسل به الدم بقيت نجاسة الدم لأنه ما ازداد الثوب به إلا شرا ولو حلف ما فيه دم أي نجاسة دم يحنث وعلى الضعيف لا وكذا الحكم في الماء المستعمل على القول بنجاسته وتمامه في النهر
قوله ( قالع ) أي مزيل
قوله ( ينعصر بالعصر ) تفسير لقالع لا قيد آخر ا هـ
ح
قوله ( فتطهر أصبع الخ ) عبارة البحر وعلى هذا فرعوا طهارة الثدي إذا قاء عليه الولد ثم رضعه حتى زال أثر القيء وكذا إذا لحس أصبعه من نجاسة حتى ذهب الأثر أو شرب خمرا ثم تردد ريقه في فيه مرارا طهر حتى لو صلى صحت
وعلى قول محمد لا ا هـ
وقدمنا من الأسآر عن الحلية أنه لا بد أن يزول أثر الخمر عن الريق في كل مرة
وفي الفتح صبي ارتضع ثم قاء فأصاب ثياب الأم إن كان ملء الفم فنجس فإذا زاد على قدر الدرهم منع
وروى الحسن على الإمام أنه لا يمنع ما لم يفحش لأنه لم يتغير من كل وجه وهو الصحيح وقدمنا ما يقتضي طهارته
قوله ( مزيل ) لم يقل مطهر لما علمت من أن بول المأكول لا يطهر اتفاقا وإنما الخلاف في إزالته للنجاسة الكائنة
قوله ( فخلاف المختار ) وعلى ضعفه فالمراد باللبن ما لا دسومة فيه
بحر
قوله ( ويطهر خف ونحوه ) احتراز عن الثوب والبدن فلا يطهران بالدلك إلا في المني وتمامه في البحر وأطلقه فشمل ما إذا أصاب النجس موضع الوطء وما فوقه وهو الصحيح كما في حاشية الحموي
قوله ( كنعل ) ومثله الفرو ا هـ
ح عن القهستاني والحموي أي من غير جانب الشعر وقيد النعل في النهر بغير الرقيق ولم أره لغيره
وأما قول البحر قيده أبو يوسف بغير الرقيق فالمراد به النجس ذو الجزم ومثل له في المعراج بالخمر والبول فالضمير في عبارة البحر للنجس لا للنعل
قوله ( بذي جرم ) أي وإن كان رطبا على قول الثاني وعليه
____________________
(1/309)
أكثر المشايخ وهو الأصح المختار وعليه الفتوى لعموم البلوى ولإطلاق حديث أبي داود إذا جاء أحدكم لمسجد فلينظر فإن رأى في نعله أذى أو قذرا فليمسحه وليصل فيهما كما في البحر وغيره
قوله ( هو كل ما يرى بعد الجفاف ) أي على ظاهر الخف كالعذرة والدم وما لا يرى بعد الجفاف فليس بذي جرم
بحر ويأتي تمامه قريبا
قوله ( ولو من غيرها ) أي ولو كان الجرم المرئي من غير النجاسة
قوله ( كخمر وبول الخ ) أي بأن ابتل الخف بخمر فمشى به على رمل أو رماد فاستجسد فمسحه بالأرض حتى تناثر طهر وهو الصحيح
بحر عن الزيلعي
أقول ومفاده أن الخمر والبول ليس بذي جرم مع أنه قد يرى أثره بعد الجفاف فالمراد بذي الجرم ما تكون ذاته مشاهدة بحس البصر وبغيره ما لا تكون كذلك كما سنذكره مع ما فيه من البحث عند قوله وكذا يطهر محل نجاسة مرئية
قوله ( بدلك ) أي بأن يمسحه مسحا قويا ط ومثل الدلك الحك والحت على ما في الجامع الصغير
وفي المغرب الحت القشر باليد أو العود
قوله ( يزول به أثرها ) أي إلا أن يشق زواله
نهر
قوله ( وإلا جرم لها ) أي وإن كانت النجاسة المفهومة من المقام لا جرم لها
قوله ( فيغسل ) أي الخف قال في الذخيرة والمختار أن يغسل ثلاث مرات ويترك في كل مرة حتى ينقطع التقاطر وتذهب التداوة ولا يشترط اللبس
قوله ( صقيل ) احترز به عن نحو الحديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا وبقوله لا مسام له عن الثوب الصقيل فإن له مساما ح عن البحر
قوله ( وآنية مدهونة ) أي كالزبدية الصينية
حلية
( أو خراطي ) بفتح الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها ألف وكسر الطاء المهملة آخره ياء مشددة نسبة إلى الخراط وهو خشب يخرطه الخراط فيصير صقيلا كالمرآة ح
قوله ( بمسح ) متعلق بيطهر وإنما اكتفى بالمسح لأن أصحاب رسول الله كانوا يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون معها ولأنه لا تتداخله النجاسة وما على ظهره يزول بالمسح
بحر
قوله ( مطلقا ) أي سواء أصابه نجس له جرم أو لا رطبا كان أو يابسا على المختار للفتوى
شرنبلالية عن البرهان
قال في الحلية والذي يظهر أنها لو يابسة ذات جرم تطهر بالحت والمسح بما فيه بلل ظاهر من خرقة أو غيرها حتى يذهب أثرها مع عينها ولو يابسة ليست بذات جرم كالبول والخمر فبالمسح بما ذكرناه لا غير ولو رطبة ذات جرم أو لا فبالمسح بخرقة مبتلة أو لا
( تنبيه ) بقي مما يطهر بالمسح موضع الحجامة ففي الظهيرية إذا مسحها بثلاث خرق رطبات نظاف أجزأه عن الغسل وأقره في الفتح وقاس عليه ما حول محل الفصد إذا تلطخ ويخاف من الإسالة السريان إلى الثقب
قال في البرح وهو يقتضي تقييد مسألة المحاجم بما إذا خاف من الإسالة ضررا والمنقول مطلق ا هـ
أقول وقد نقل في القنية عن نجم الأئمة الاكتفاء فيها بالمسح مرة واحدة إذا زال بها الدم لكن في الخانية لو مسح موضع الحجامة بثلاث خرق مبلولة يجوز إن كان الماء متقاطرا ا هـ
والظاهر أن هذا مبني على قول أبي يوسف في المسألة بلزوم الغسل كما نقله عنه في الحلية عن المحيط يدل عليه
____________________
(1/310)
ما في الخانية قبل هذه المسألة عن أبي جعفر على بدنه نجاسة فمسحها بخرقة مبلولة ثلاثا يطهر لو الماء متقاطرا على بدنه ا هـ
فإنه مع التقاطر يكون غسلا لا مسحا لما في الولوالجية أصابه نجاسة قبل يده ثلاثا ومسحها إن كانت البلة من يده متقاطرة جاز لأنه يكون غسلا وإلا فلا
قوله ( بخلاف نحو بساط ) أي وحصير وثوب وبدن مما ليس أرضا ولا متصلا بها اتصال قرار
قوله ( بيبسها ) لما في سنن أبي داود باب طهور الأرض إذا يبست وساق بسنده عن ابن عمر قال كنت أبيت في لمسجد في عهد رسول الله وكنت شابا عزبا وكانت لكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد ولم يكونوا يرشون شيئا من ذلك ا هـ
ولو أريد تطهيرها عاجلا يصب عليها الماء ثلاث مرات وتجفف في كل مرة بخرقة طاهرة وكذا لو صب عليها الماء بكثرة حتى لا يظهر أثر النجاسة
شرح المنية وفتح
وهل الماء في الصورة الثانية نجس أم طاهر يفهم من قول البحر صب عليها الماء كثيرا ثم تركها حتى نشفت طهرت أنه نجس لأنه علق طهارتها بنشافها أي يبسها وبه صرح في التاترخانية عن الحجة حيث قال ويتنجس الموضع الذي انتقل إليه الماء
وفي البدائع ما يدل عليه
والظاهر أن هذا حيث لم يصر الماء جاريا عرفا أما لو جرى بعد انفصاله عن محلها ولم يظهر فيه أثرها فينبغي أن يكون طاهرا لأن الجاري لا يتنجس وإن لم يكن له مدد ما لم يظهر فيه الأثر يدل عليه ما في الذخيرة
وعن الحسن بن أبي مطيع إذا صب عليها الماء فجرى قدر ذراع طهرت الأرض والماء طاهر بمنزلة الماء الجاري
وفي المنتفى أصابها المطر غالبا وجرى عليها فذلك مطهر لها ولو قليلا لم يجر عليها لم تطهر فيغسل قدميه وخفيه يريد به إذا كان المطر قليلا ومشى عليها ا هـ
فهذا نص في المقصود ولله الحمد وسنذكر آخر الفصل تمام ذلك
قوله ( أي جفافها ) المراد به ذهاب الندوة وفسر الشارح به لأن المشروط دون اليبس كما دلت عليه عبارات الفقهاء
قهستاني
وصرح به ابن الكمال عن الذخيرة
قوله ( ولو بريح ) أشار أن تقييد الهداية وغيرها بالشمس اتفاقي فإنه لا فرق بين الجفاف بالشمس أو النار أو الريح كما في الفتح وغيره
قوله ( كلون وريح ) أدخلت الكاف الطعم وبه صرح في البحر والذخيرة وغيرهما
قوله ( وله الطهورية ) لأن الصعيد علم قبل التنجس طاهرا وطهورا وبالتنجس علم زوال الوصفين ثم ثبت بالجفاف شرعا أحدهما أعين التطهير فيبقى الآخر على ما علم من زواله وإن لم يكن طهورا لا يتيمم به ا هـ
فتح
قوله ( مفروش ) أما لو موضوعا غير مثبت فيها ينقل ويحول فلا بد من الغسل لأن الطهارة بالجفاف إنما وردت في الأرض ومثل هذا لا يسمى أرضا عرفا ولذا لا يدخل في بيع الأرض حكما لعدم اتصاله بها على جهة القرار فلا يلحق بها
شارح المنية
زاد في الحلية وإذا قلع المفروش بعد ذلك هل يعود نجسا فيه روايتان
قلت والأشبه عدم العود ا هـ
وفي البحر عن الخلاصة أنه المختار
قوله ( بالخاء ) أي المعجمة المضمومة والصاد المهملة المشددة
قوله ( تحجيرة سطح ) من الحجر بالفتح وهو المنع وفسره في الدرر تبعا لصدر الشريعة بالسترة التي تكون على السطوح أي لأنها تمنع من النظر إلى من هو خلفها وفسره في المغرب والصحاح بالبيت من القصب
قوله ( وكلأ ) بوزن جبل
قال في المغرب هو اسم لما يرعاه الدواب رطبا كان
____________________
(1/311)
أو يابسا
قوله ( وكذا الخ ) ومثله الحصى إذا كان متداخلا في الأرض كما في المنية
وفي التاترخانية أما إذا كان على وجه الأرض لا يطهر ا هـ
والظاهر أن التراب لا يتقيد بذلك وإلا لزم تقييد الأرض التي تطهر باليبس بما لا تراب عليها
تأمل
قوله ( إلا حجرا خشنا الخ ) في الخانية ما نصه الحجر إذا أصابته النجاسة إن كان حجرا يتشرب النجاسة كحجر الرحى يكون يبسه طهارة وإن كان لا يتشرب لا يطهر إلا بالغسل ا هـ
ومثله في البحر
وبحث فيه في شرح المنية فقال هذا بناء على أن النص الوارد في الأرض معقول المعنى لأن الأرض تجذب النجاسة والهواء يجففها فيقاس عليها ما يوجد فيه ذلك المعنى الذي هو الاجتذاب ولكن يلزم يطهر اللبن والآجر بالجفاف وذهاب الأثر وإن كان منفصلا عن الأرض لوجود التشرب والاجتذاب ا هـ
وعن هذا استظهر في الحلية حمل ما في الخانية على الحجر المفروش دون الموضوع وهذا هو المتبادر من عبارة الشرنبلالية لكن يرد عليه أنه لا يظهر فرق حينئذ بين الخشن وغيره فالأولى حمله على المنفصل كما هو المفهوم المتبادر من عبارة الخانية والبحر
ويجاب عما بحثه في شرح المنية بأن اللبن والآجر قد خرجا بالطبخ والصنعة عن ماهيتهما الأصلية بخلاف الحجر فإنه على أصل خلقته فأشبه الأرض بأصله وأشبه غيرها بانفصاله عنها فقلنا إذا كان خشنا فهو في حكم الأرض لأنه يتشرب النجاسة وإن كان أملس فهو في حكم غيرها لأنه لا يتشرب النجاسة والله أعلم
قوله ( بفرك ) هو الحك باليد حتى يتفتت
بحر
قوله ( ولا يضر بقاء أثره ) أي كبقائه بعد الغسل
بحر
قوله ( وإن طهر رأس حشفة ) قيل هو مقيد أيضا بما إذا لم يسبقه مذي فإن سبقه فلا يطهر إلا بالغسل
وعن هذا قال شمس الأئمة الحلواني مسألة المني مشكلة لأن كل فحل يمذي ثم يمني إلا أن يقال إنه مغلوب بالمني مستهلك فيه فيعجل تبعا ا هـ
وهذا ظاهر فإنه إذا كان كل فحل كذلك وقد طهره الشرع بالفرك يابسا يلزم أنه اعتبر مستهلكا للضرورة بخلاف ما إذا بال فلم يستنج بالماء حتى أمنى لعدم الملجىء ا هـ
فتح
وما في البحر من أن ظاهر المتون الإطلاق فإن المذي لم يعف عنه إلا لكونه مستهلكا لا للضرورة فكذا البول رده في النهر بأن الأصل أن لا يجعل النجس تبعا لغيره إلا بدليل وقد قام في المذي دون البول ا هـ
قال الشيخ إسماعيل وهو وجيه كما لا يخفى ا هـ
وقال العلامة نوح والحق أن المذي إنما عفي عنه للضرورة لا للاستهلاك ثم أطال في رد ما في حاشية أخي جلبي من أن اللائق بحال المسلم أن لا يكتفي بالفرك في المني أبدا لأن القيود المعتبرة فيه ما يستحل رعايتها عادة فراجعه
قوله ( كأن كان مستنيجا بماء ) أي بعد البول واحترز عن الاستنجاء بالحجر لأنه مقلل للنجاسة لا قالع لها كما مر في مسألة البئر
قال في شرح المنية ولو بال ولم يستنج بالماء قيل لا يطهر المني الخارج بعده بالفرك قاله أبو إسحاق الحافظ وهكذا روى الحسن عن أصحابنا
وقيل إن لم ينتشر البول على رأس الذكر ولم يجاوز الثقب يطهر به وكذا إن انتشر ولكن خرج المني دفقا لأنه لو يوجد مروره على البول الخارج ولا أثر لمروره عليه في الداخل لعدم الحكم بنجاسة ا هـ
وحاصله كما قال نوح أفندي إما أن ينتشر كل من البول والمني أولا أو لا أو البول فقط أو المني فقط ففي الأول لا يطهر بالفرك وفي الثلاثة الأخيرة يطهر
قوله ( لتلوثه بالنجس ) قد يقال بناء على القول المار آنفا إنه
____________________
(1/312)
إذا خرج المني ولم ينتشر على رأس الذكر لا تلوث فيه
أفاده ط
قوله ( برطوبة الفرج ) أي الداخل بدليل قوله أولج
وأما رطوبة الفرج الخارج فطاهر اتفاقا ا هـ
ح
وفي منهاج الإمام النووي رطوبة الفرج ليست بنجسة في الأصح
قال ابن حجر في شرحه وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق يخرج من باطن الفرج الذي لا يجب غسله بخلاف ما يخرج مما يجب غسله فإنه طاهر قطعا ومن وراء باطن الفرج فإنه نجس قطعا ككل خارج من الباطن كالماء الخارج مع الولد أو قبيله ا هـ
وسنذكر في آخر باب الاستنجاء أن رطوبة الولد طاهرة
وكذا السخلة والبيضة
قوله ( أما عنده ) أي عند الإمام وظاهر كلامه في آخر الفصل الآتي أنه المعتمد
قوله ( أو لا رأسها طاهرا ) أو مانعة الخلو مجوزة الجمع فيصدق بما إذا كان يابسا ورأسها غير طاهر أو رطبا ورأسها طاهر أو لم يكن يابسا ولا رأسها طاهرا
وفي بعض النسخ بالواو بدل أو وهو سهو من الناسخ ا هـ
ح
أقول لا سهو بل غاية ما يلزمه أنه تصريح ببعض الصور وهو صورة الجمع دون صورتي الانفراد فافهم
قوله ( ولو دما عبيطا ) بالعين المهملة أي طريا
مغرب وقاموس أي ولو كانت النجاسة دما عبيطا فإنها لا تطهر إلا بالغسل على المشهور لتصريحهم بأن طهارة الثوب بالفرك إنما هو في المني لا في غيره
بحر
فما في المجتبى لو أصاب الثوب دم عبيط فيبس فحته طهر كالمني فشاذ
نهر وكذا ما في القهستاني عن النوازل أن الثوب يطهر عن العذرة الغليظة بالفرك قياسا على المني ا هـ
نعم لو خرج المني دما عبيطا فالظاهر طهارته بالفرك
قوله ( بلا فرق ) أي فركه في يابسا وغسله طريا
قوله ( ومنيها ) أي المرأة كما صححه في الحانية وهو ظاهر الرواية عندنا كما في مختارات النوازل وجزم في السراج وغيره بخلافه ورجحه في الحلية بما حاصله أن كلامهم متظافر على أن الاكتفاء بالفرك في المني استحسان بالأثر على خلاف القياس فلا يلحق به إلا ما في معناه من كل وجه والنص ورد في مني الرجل ومني المرأة ليس مثله لرقته وغلظ مني الرجل
والفرك إنما يؤثر زوال المفروك أو تقليله وذلك فيما لو جرم والرقيق المائع لا يحصل في فركه هذا الغرض فيدخل مني المرأة إذا كان غليظا ويخرج مني الرجل إذا كان رقيقا لعارض ا هـ
أقول وقد يؤيد ما صححه في الخانية بم صح عن عائشة رضي الله عنها كنت أحك لمني من ثوب رسول الله وهو يصلي ولا خفاء أنه كان من جماع لأن الأنبياء لا تحتلم فيلزم اختلاط مني المرأة به فيدل على طهارة منيها بالفرك بالأثر لا بالإلحاق فتدبر
قوله ( كما بحثه الباقاني ) لعله شرحه على النقاية
وأما في شرحه على الملتقى فلم أجده فيه وسبقه إلى ذلك القهستاني فقال والمني شامل لكل حيوان فينبغي أن يطهر به ا هـ أي بالفرك
وفي حاشية أبي السعود لا فرق بين مني الآدمي وغيره كما في الفيض والقهستاني أيضا خلافا لما نقله الحموي عن السمرقندي من تقييده بمني الآدمي ا هـ
أقول المنقول في البحر والتاترخانية أن مني كل حيوان نجس وأما عدم الفرق بين التطهير فمحتاج إلى نقل وما مر عن السمرقندي متجه ولذا قال ح إن الرخصة وردت في مني الآدمي على خلاف القياس فلا يقاس عليه غيره فإن الحق دلالة يحتاج إلى بيان أن مني غير الآدمي خصوصا مني الخنزير والكلب والفيل الداخل في عموم كلامه في معنى مني الآدمي ودونه خرط القتاد ا هـ
____________________
(1/313)
ورأيت في بعض الهوامش عن شرح النقاية للبرجندي أنه قال قد ذكروا أن الحكمة في تطهير الثوب من المني بالفرك عموم البلوى وعدم تداخله الثوب فبالنظر إلى الأول لا يكون حكم غيره من سائر الحيوانات كذلك ا هـ
( تنبيه ) نجاسة المني عندنا مغلظة سراج
والعلقة والمضغة نجسان كالمني
نهاية وزيلعي وكذا الولد إذا لم يستهل لما في الخانية لو سقط في الماء أفسده وإن غسل وكذا لو حمله المصلي لا تصح صلاته بحر
وأما ما نقله في البحر بعد ذلك عن الفتح من أن العلقة إذا صارت مضغة تطهر فمشكل إلا أن يجاب بحمله على ما إذا نفخت فيها الروح واستمرت الحياة إلى الولادة
تأمل
قوله ( بغير مائع ) أي كالدلك في الخف والجفاف في الأرض والدباغة الحكمية في الجلد وغوران الماء في البئر والمسح في الصقيل
قال في البحر بعد سوق عباراتهم فيها فالحاصل أن التصحيح والاختيار قد اختلف في كل مسألة منها كما ترى فالأولى اعتبار الطهارة في الكل كما يفيده أصحاب المتون حيث صرحوا بالطهارة في كل واختاره في الفتح
ولا يرد المستنجي بالحجر إذا دخل الماء فإنه ينجسه لأن غير المائع لم يعتبر مطهرا في البدن إلا في المني ا هـ أي فالحجر لا يطهر محل الاستنجاء من البدن وإنما هو مقلل فلذا نجس الماء بخلاف الدلك ونحوه فإنه مطهر ومقتضاه أن الخف لو وقع في ماء قليل لا ينجسه
ثم رأيت في التجنيس قال ولو ألقى تراب هذه الأرض بعد ما جف في الماء هل ينجس هو على هاتين الروايتين ا هـ أي فعلى رواية الطهارة لا ينجس وقدمنا أن الآجرة إذا تنجست فجفت ثم قلعت فالمختار عدم العود
قوله ( وقد أنهيت في الخزائن الخ ) ونصها ذكروا أن التطهير يكون بغسل وجري الماء على نحو بساط ودخوله من جانب وخروجه من آخر بحيث يعد جاريا وغسل طرف ثوب نسي محل نجاسته ومسح صقيل ومسح نطع وموضع محجمة وفصد بثلاث خرق وجفاف أرض ودلك خف وفرك مني واستنجاء بنحو حجر ونحو ملح وخشبة وتقور نحو سمن جامد بأن لا يستوي من ساعته وذكاة ودبغ ونار وندف قطن تنجس أقله وقسمة مثلي وغسل وبيع وهبة وأكل لبعضه وانقلاب عين وقلبها بجعل أعلى الأرض أسفل ونزح بئر وغورانها وغوران قدر الواجب وجريانها وتخلل خمر وكذا تخليلها عندنا وغلي اللحم عند الثاني ونضح بول صغير عند الشافعي فهذه نيف وثلاثون وفي بعضها مسامحة ا هـ
ووجه المساحة ما أوضحه في النهر من أنه لا ينبغي عد التقور لأن السمن الجامد لم يتنجس كله بل ما ألقي منه فقط ولا قلب الأرض لبقاء النجاسة في الأسفل وكذا القسمة والأربعة بعدها وإنما يجوز الانتفاع لوقوع الشك في بقاء النجاسة في الموجود وكذا الندف ومن عده شرط كون النجس مقدارا قليلا يذهب بالندف وإلا فلا يطهر كما في البزازية ا هـ
أقول ومثل التقور النحت على أن في كثير من هذه المسائل تداخلا ولا ينبغي ذكر نضح بول الصبي بالماء لأنه ليس مذهبنا
هذا وقد زاد بعضهم نفخ الروح بناء على ما قدمناه آنفا عن الفتح وزاد بعضهم التمويه كالسكين إذا موه أي سقي بماء نجس يموه بماء طاهر ثلاثا فيطهر وكذا لحس اليد ونحوها
قوله ( وغيرت نظم ابن وهبان ) حيث قال في فصل المعاياة ملغزا
____________________
(1/314)
وآخر دون الفرك والندف والجفا ف والنحت قلب العين والغسل يطهر ولا دبغ تخليل ذكاة تخلل ولا المسح والنزح الدخول التغور وزاد شارحها بيتا فقال وأكل وقسم غسل بعض ونحله وندف وغلي بيع بعض تقور ا هـ
وأراد بقوله وآخر الحفر أي ما شيء آخر من المطهرات غير هذا المذكورات
قوله ( وقلب العين ) كانقلاب الخنزير ملحا كما سيأتي متنا
قوله ( الحفر ) أي قلب الأرض بجعل الأعلى أسفل
قوله ( وتخليل ) أي تخليل الخمر بإلقاء شيء فيها وهو كالتخلل بنفسها وهما داخلان في انقلاب العين كما يعلم من البحر
قال في الفتح ولو صب ماء في خمر أو بالعكس ثم صار خلا طهر في الصحيح بخلاف ما لو وقعت فيها فأرة ثم أخرجت بعد ما تخللت في الصحيح لأنها تنجست بعد التخلل بخلاف ما لو أخرجت قبله ا هـ
وكذا لو وقعت في العصير أو ولغ فيه كلب ثم تخمر ثم تخلل لا يطهر هو المختار
بحر عن الخلاصة
وفي الخانية خمر صب في قدر الطعام ثم صب فيه الخل وصار حامضا بحيث لا يمكن أكله لحموضته وحموضه حموضة الخل لا بأس بأكله وعلى هذا كل ما صب فيه الخل وصار خلا وكذا لو وقعت فأرة في خمر واستخرجت قبل التفسخ ثم صارت خلا فلو بعده لا يحل
والخل النجس إذا صب في خمر فصار خلا يكون نجسا لأن النجس لم يتغير وإذا ألقي في الخمر رغيف أو بصل ثم صار الخمر خلا فالصحيح أنه طاهر ا هـ
وسيأتي شيء من ذلك في الفروع آخر الفصل الآتي
قوله ( ذكاة ) أي ذبح حيوان فإنه يطهر الجلد وكذا اللحم ولو من غير مأكول على أحد التصحيحين كما مر في محله
قوله ( والدخول ) أي دخول الماء الطاهر في الحوض الصغير النجس مع خروجه من جانب آخر وإن قل في الصحيح كما مر
قوله ( التغور ) أي غوران ماء البئر قدر ما يجب نزحه منها مطهر لها كالنزح كما تقدم
قوله ( تصرفه في البعض ) أي من نحو حنطة تنجس بعضها والتصرف يعم الأكل والبيع والهبة والصدقة أفاده ح
وهذه المسألة ستأتي متنا وينبغي تقييد التصرف بأن يكون بمقدار ما تنجس منها أو أكثر لا أقل كما يفيده ما قدمناه في الندف عن النهر
قوله ( ونزحها ) أي نزح البئر
قوله ( ونار ) كما لو أحرق موضع الدم من رأس الشاة
بحر
وله نظائر تأتي قريبا ولا تظن أن كل ما دخلته النار يطهر كما بلغني عن بعض الناس أنه توهم ذلك بل المراد أن ما استحالت به النجاسة بالنار أو زال أثرها بها يطهر ولذا قيد ذلك في المنية بقوله في مواضع
قوله ( وغلي ) أي بالنار كغلي الدهن أو اللحم ثلاثا على ما سيأتي بيانه
قوله ( غسل بعض ) أي بعض نحو ثوب تنجس شيء منه كما سيأتي الكلام عليه
قوله ( تقور ) أي تقوير نحو سمن جامد من جوانب النجاسة فهو من استعمال مصدر اللازم في المتعدي كالطهارة بمعنى التطهير كما أفاده الحموي
وخرج بالجامد المائع وهو ما ينضم بعضه إلى بعض فإنه ينجس كله ما لم يبلغ القدر الكثير على ما مر ا هـ
فتح أي بأن كان عشرا في عشر وسيأتي كيفية تطهيره إذا تنجس
قوله ( ويطهر زيت الخ ) قد
____________________
(1/315)
ذكر هذه المسألة العلامة قاسم في فتاواه وكذا ما سيأتي متنا وشرحها من مسائل التطهير بانقلاب العين وذكر الأدلة على ذلك بما لا مزيد عليه وحقق ودقق كما هو دأبه رحمه الله تعالى فليراجع
ثم هذه المسألة قد فرعوها على قول محمد بالطهارة بانقلاب العين الذي عليه الفتوى واختاره أكثر المشايخ خلافا لأبي يوسف كما في شرح المنية والفتح وغيرهما
وعبارة المجتبى جعل الدهن النجس في صابون يفتوى بطهارته لأنه تغير والتغير يطهر عند محمد ويفتى به للبلوى ا هـ
وظاهره أن دهن الميتة كذلك لتعبيره بالنجس دون المتنجس إلا أن يقال هو خاص بالنجس لأن العادة في الصابون وضع الزيت دون بقية الأدهان
تأمل
ثم رأيت في شرح المنية ما يؤيد الأول حيث قال وعليه يتفرع ما لو وقع إنسان أو كلب في قدر الصابون فصار صابونا يكون طاهرا لتبدل الحقيقة ا هـ
ثم اعلم أن العلة عند محمد هي التغير وانقلاب الحقيقة وأنه يفتى به للبلوى كما علم مما مر ومقتضاه عدم اختصاص ذلك الحكم بالصابون فيدخل فيه كل ما كان فيه تغير وانقلاب حقيقة وكان فيه بلوى عامة فيقال كذلك في الدبس المطبوخ إذا كان زبيبه متنجسا ولا سيما أن الفأر يدخله فيبول ويبعر فيه وقد يموت فيه
وفيه بحث كذلك بعض شيوخ مشايخنا فقال وعلى هذا إذا تنجس السمسم ثم صار طحينة يطهر خصوصا وقد عمت به البلوى وقاسه على ما إذا وقع عصفور في بئر حتى صار طينا لا يلزم إخراجه لاستحالته
قلت لكن قد يقال إن الدبس ليس فيه انقلاب حقيقة لأنه عصير جمد بالطبخ وكذا السمسم إذا درس واختلط دهنه بأجزائه ففيه تغير وصف فقط كلبن صار جبنا وبر صار طحينا وطحين صار خبزا بخلاف نحو خمر صار خلا وحمار وقع في مملحة فصار ملحا وكذا دردي خمر صار طرطيرا وعذرة صارت رمادا أو حمأة فإن ذلك كله انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى لا مجرد انقلاب وصف كما سيأتي والله أعلم
قوله ( رش بماء نجس ) أي أو بال فيه صبي أو مسح بخرقة مبتلة نجسة
حلية
قوله ( لا بأس بالخبز فيه ) أي بعد ذهاب البلة النجسة بالنار وإلا تنجس كما في الخانية
قوله ( ذكره الحلبي ) وعلله بقوله لاضمحلال النجاسة بالنار وزوال أثرها
قوله ( وعفا الشارع ) فيه تغيير للفظ المتن لأنه كان مبنيا للمجهول لكنه قصد التنبيه على أن ذلك مروي لا محض قياس فقط
قال في شرح المنية ولنا أن القليل عفو إجماعا إذ الاستنجاء بالحجر كاف بالإجماع وهو لا يستأصل النجاسة والتقدير بالدرهم مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وهو مما لا يعرف بالرأي فيحمل على السماع ا هـ
وفي الحلية التقدير بالدرهم وقع على سبيل الكناية عن موضع خروج الحدث من الدبر كما أفاده إبراهيم النخعي بقوله إنهم استكرهوا ذكر المقاعد في مجالسهم فكنوا عنه بالدرهم ويعضده ما ذكره المشايخ عن عمر أنه سئل عن القليل من النجاسة في الثوب فقال إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة قالوا وظفره كان قريبا من كفنا
قوله ( وإن كره تحريما ) أشار إلى أن العفو عنه بالنسبة إلى صحة الصلاة به فلا ينافي الإثم كما
____________________
(1/316)
استنبطه في البحر من عبارة السراج ونحوه في شرح المنية فإنه ذكر ما ذكره الشارح من التفصيل وقد نقله أيضا في الحلية عن الينابيع لكنه قال بعده والأقرب أن غسل الدرهم وما دونه مستحب مع العلم به والقدر على غسله فتركه حينئذ خلاف الأولى نعم الدرهم غسله آكد مما دونه فتركه أشد كراهة كما يستفاد من غير ما كتاب من مشاهير كتب المذهب
ففي المحيط يكره أن يصلي ومعه قدر درهم أو دونه من النجاسة عالما به لاختلاف الناس فيه
زاد في مختارات النوازل قادرا على إزالته وحديث تعاد لصلاة من قدر لدرهم من الدم لم يثبت ولو ثبت حمل على استحباب الإعادة توفيقا بينه وبين ما دل عليه الإجماع على سقوط غسل المخرج بعد الاستجمار من سقوط قدر الدرهم من النجاسة مطلقا ا هـ
ملخصا
أقول ويؤيده قول في الفتح والصلاة مكروهة مع ما لا يمنع حتى قيل لو علم قليل النجاسة عليه في الصلاة يرفضها ما لم يخف فوت الوقت أو الجماعة ا هـ
ومثله في النهاية والمحيط كما مر في البحر فقد سوى بين الدرهم وما دونه في الكراهة ورفض الصلاة ومعلوم أن ما دونه لا يكره تحريما إذ لا قائل به فالتسوية في أصل الكراهة التنزيهية وإن تفاوتت فيهما ويؤيده تعليل المحيط للكراهة باختلاف الناس فيه إذ لا يستلزم التحريم وفي النتف ما نصه فالواجبه إذا كانت النجاسة أكثر من قدر الدرهم والنافلة إذا كانت مقدار الدرهم وما دونة
وما في الخلاصة من قوله وقدر الدرهم لا يمنع ويكون مسيئا وإن قل فالأفضل أن يغسلها ولا يكون مسيئا ا هـ
لا يدل على كراهة التحريم في الدرهم لقول الأصوليين إن الإساءة دون الكراهة نعم يدل على تأكد إزالته على ما دونه فيوافق ما مر عن الحلية ولا يخالف ما في الفتح كما لا يخفى ويؤيد إطلاق أصحاب المتون قولهم وعفي قدر الدرهم فإنه شامل لعدم الإثم فتقدم هذه النقول على ما مر عن الينابيع والله تعالى أعلم
قوله ( والعبرة لوقت الصلاة ) أي لو أصاب ثوبه دهن نجس أقل من قدر الدرهم ثم انبسط وقت الصلاة فزاد على الدرهم قيل يمنع وبه أخذ الأكثرون كما في البحر عن السراج
وفي المنية وبه يؤخذ وقال شارحها وتحقيقه أن المعتبر في المقدار من النجاسة الرقيقة ليس جوهرة النجاسة بل جوهر المتنجس عكس الكثيفة فليتأمل ا هـ
وقيل لا يمنع اعتبارا لوقت الإصابة
قال القهستاني وهو المختار وبه يفتى وظاهر الفتح اختياره أيضا
وفي الحلية وهو الأشبه عندي وإليه مال سيدي عبد الغني
وقال فلو كانت أزيد من الدرهم وقت الإصابة ثم جفت فخفت فصارت أقل منعت
هذا وفي البحر وغيره ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر لو الثوب واحدا بخلاف ما إذا كان ذا طاقين كدرهم متنجس الوجهين ا هـ
وما في الخانية من أن الصحيح عدم المنع في الدرهم لأنه واحد
وفي الخلاصة أنه المختار
قال في الحلية الحق أن الذي يظهر خلافه لأن نفس ما في أحد الوجهين لا ينفذ إلى الآخر فلم تكن النجاسة متحدة بل متعددة وهو المناط ا هـ
( تتمة ) قال في الفتح وغيره ثم إنما يعتبر المانع مضافا إلى المصلي فلو جلس الصبي أو الحمام المتنجس في حجره جازت صلاته لو الصبي مستمسكا بنفسه لأنه هو الحامل لها بخلاف غير المستمسك كالرضيع الصغير حيث يصير مضافا إليه وبحث فيه في الحلية بأنه لا أثر فيما يظهر للاستمساك لأن المصلي في المعنى حامل للنجاسة ومن ادعاه فعليه البيان
أقول وهو قوي لكن المنقول خلافه وروي بإسناد حسن عن أنس رضي الله تعالى عنه قال رأيت
____________________
(1/317)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي والحسن على ظهره فإذا سجد نحاه ولا يخفى أن الصغير لا يخلو عن النجاسة عادة فهو مؤيد للمنقول
قوله ( وهو مثقال ) هذا هو الصحيح وقيل يعتبر في كل زمان درهمه
برح
وأفاد أن الدرهم هنا غيره في باب الزكاة فإنه هناك ما كان كل عشرة منه وزن سبعة مثاقيل
قوله ( في نجس كثيف ) لما اختلف تفسير محمد للدرهم فتارة فسره بعرض الكف وتارة بالمثقال اختلف المشايخ فيه ووفق الهندواني بينهما بما ذكره المصنف واختاره كثير منهم وصححه الزيلعي والزاهدي وأقره في الفتح أن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى وتمامه في البحر والحلية ومقتضاه أن قدر الدرهم من الكثيفة لو كان منبسطا في الثوب أكثر من عرض الكف لا يمنع كما ذكره سيدي عبد الغني
قوله ( له جرم ) تفسير للكثيف وعد منه في الهداية الدم وعده قاضيخان مما ليس له جرم ووفق في الحلية بحمل الأول على ما إذا كان غليظا والثاني على ما إذا كان رقيقا
قال وينبغي أن يكون المني كذلك ا هـ
فالمراد بذي الجرم ما تشاهد بالبصر ذاته لا أثر كما مر ويأتي
قوله ( وهو داخل مفاصل أصابع اليد ) قالا منلا مسكين وطريق معرفته أن تغرف الماء باليد ثم تبسط فما بقي من الماء فهو مقدار الكف
قوله ( من مغلظة ) متعلق بقوله عفا ط
أو بمحذوف صفة لكثيف ورقيق أي كائنين من نجاسة مغلظة
وقال في الدرر متعلق بقدر الدرهم
ثم اعلم أن المغلظ من النجاسة عند الإمام ما ورد فيه نص لم يعارض بنص آخر فإن عورض بنص آخر فمخفف كبول ما يؤكل لحمه فإن حديث ستنزهوا من البول يدل على نجاسته وحديث العرنيين يدل على طهارته
وعندهما ما اختلف الأئمة في نجاسته فهو مخفف فالروث مغلظ عنده لأنه عليه الصلاة والسلام سماه ركسا ولم يعارضه نص آخر
وعندهما مخفف لقول مالك بطهارته لعموم البلوى وتمام تحقيقه في المطولات
قوله ( كعذرة ) تمثيل للمغلظة
قوله ( وكذا الخ ) يرد عليه الريح فإنه طاهر ط أي على الصحيح
وقد يقال إن الكلام في الكثيف والرقيق والريح ليس منهما فليتأمل أو يقال ما في كل ما واقعة على النجس لأن المراد بيان التغليظ
مطلب في طهارة بوله صلى الله عليه وسلم ( تنبيه ) صحح بعض أئمة الشافعية طهارة بوله وسائر فضلاته وبه قال أبو حنيفة كما نقله في المواهب اللدنية عن شرح البخاري للعيني وصرح به البيري في شرح الأشباه
وقال الحافظ ابن حجر تظافرت الأدلة على ذلك وعد الأئمة ذلك من خصائصه
ونقل بعضهم عن شرح المشكاة لمنلا على القاري أنه قال اختاره كثير من أصحابنا وأطال في تحقيقه في شرحه على الشمائل في باب ما جاء في تعطره عليه الصلاة والسلام
قوله ( مغلظ ) لا حاجة إليه مع قوله كذا ط
قوله ( لم يطعم ) بفتح الياء أي لم يأكل فلا بد من غسله واكتفى الإمام الشافعي بالنضح في بول الصبي ط
والجواب عما استدل به في المطولات
قوله ( إلا بول الخفاش ) بوزن رمان وهو الوطواط سمي به لصغر عينه وضعف بصره
قاموس
وفي البدائع وغيره بول
____________________
(1/318)
الخفافيش وخرؤها ليس بنجس لتعذر صيانة الثوب والأواني عنها لأنها تبول من الهواء وهي فأرة طيارة فلهذا تبول ا هـ
ومقتضاه أن سقوط النجاسة للضرورة وهو متجه على القول بأنه لا يؤكل كما عزاه في الذخيرة إلى بعض المواضع معللا بأن له نابا ومشى عليه في الخانية لكن نظر فيه في غاية البيان بأن ذا الناب إنما ينهى عنه إذا كان يصطاد بنابه أي وهذا ليس كذلك
وفي المبتغى قيل يؤكل وقيل لا
ونقل العبادي من الشافعية عن محمد أنه حلال وعليه فلا إشكال في طهارة بوله وخرئه وتمامه في الحلية
أقول وعليه يتمشى قول الشارح فطاهر وإلا كان الأولى أن يقول فمعفو عنه فافهم
مبحث في بول الفارة وبعرها وبول الهرة قوله ( وكذا بول الفأرة اعلم أنه ذكر في الخانية أن بول الهرة والفأرة وخرأها نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب
ولو طحن بعر الفأرة مع الحنطة ولم يظهر أثره يعفى عنه للضرورة
وفي الخلاصة إذا بالت الهرة في الإناء أو على الثوب تنجس وكذا بول الفأرة وقال الفقيه أبو جعفر ينجس الإناء دون الثوب ا هـ
قال في الفتح وهو حسن لعادة تخمير الأواني وبول الفأرة في رواية لا بأس به والمشايخ على أنه نجس لخفة الضرورة بخلاف خرئها فإن فيه ضرورة في الحنطة ا هـ
والحاصل أن ظاهر الرواية نجاسة الكل لكن الضرورة متحققة في بول الهرة في غير المائعات كالثياب وكذا في خرء الفأرة في نحو الحنطة دون الثياب والمائعات
وأما بول الفأرة فالضرورة في غير متحققة إلا على تلك الرواية المارة التي ذكر الشارح أن عليها الفتوى لكن عبارة التاترخانية بول الفأرة وخرؤها نجس وقيل بولها معفو عنه وعليه الفتوى
وفي الحجة الصحيح أنه نجس ا هـ
ولفظ الفتوى وإن كان آكد من لفظ الصحيح إلا أن القول الثاني هنا تأيد بكون ظاهر الرواية فافهم لكن تقدم في فصل البئر أن الأصح أنه لا ينجسه
وقد يقال إن الضرورة في البئر متحققة بخلاف الأواني لأنها تخمر كما مر فتدبر
قوله ( إلا دم شهيد ) أي ولو مسفوحا كما اقتضاه كلامه وكلام البحر
قوله ( ما دام عليه ) فلو حمله المصلي جازت صلاته إلا إذا أصابه منه لأنه زال عن المكان الذي حكم بطهارته
حموي
ونحوه في الحلية
قوله ( وما بقي في لحم الخ ) يوهم أن هذه الدماء طاهرة ولو كانت مسفوحة وليس بمراد فهي خارجة بقيد المسفوح كما هو صريح كلام البحر وأفاده ح
وفي البزازية وكذا الدم الباقي في عروق المذكاة بعد الذبح
وعن الإمام الثاني أنه يفسد الثوب إذا فحش ولا يفسد القدر للضرورة أو الأثر فإنه كان يرى في برمة عائشة رضي الله عنها صفرة دم العنق والدم الخارج من الكبد لو من غيره فنجس وإن منه فطاهر وكذا الدم الخارج من اللحم المهزول عند القط إن منه فطاهر وإلا فلا وكذا دم مطلق اللحم ودم القلب
وقال القاضي الكبد والطحال طاهران قبل الغسل حتى لو طلي به وجه الخف وصلي به جاز ا هـ
قوله ( وما لم يسل ) أي من بدن الإنسان
بحر لكن في حواشي الحموي أن التقييد بالإنسان اتفاقي لأن الظاهر أن غيره كذلك
قوله ( ودم سمك ) لأنه ليس بدم حقيقة لأنه إذا يبس يبيض والدم يسود وشمل
____________________
(1/319)
السمك الكبير إذا سال منه شيء في ظاهر الرواية
بحر
قوله ( وقمل وبرغوث وبق ) أي وإن كثر
بحر ومنية
وفيه تعريض بما عن بعض الشافعية أنه لا يعفى عن الكثير منه وشمل ما كان في البدن والثوب تعمد إصابته أو لا ا هـ
حلية
وعليه فلو قتل القمل في ثوبه يعفى عنه وتمامه في الحلية
ولو ألقاه في زيت ونحوه لا ينجسه لما مر في كتاب الطهارة من أن موت ما لا نفس له سائلة في الإناء لا ينجسه
وفي الحلية البرغوث بالضم والفتح قليل
قوله ( كرمان ) هو الثمر المعروف
قوله ( دويبة ) بضم ففتح فسكون للياء المثناه وتشديد للباء الموحدة تصغير دابة قوله ( لساعة ) أي شديدة اللسع وهو العض وتمامه في ح
قوله ( وخمر ) هذا ما في عامة المتون
وفي القهستاني عن فتاوي الديناري قال الإمام خواهر زاده الخمر تمنع الصلاة وإن قلت بخلاف سائر النجاسات ا هـ
قوله ( وفي باقي الأشربة ) أي المسكرة ولو نبيذا على قول محمد المفتى به ط
قوله ( وفي النهر الأوسط ) واستدل بما في المنية صلى وفي ثوبه دون الكثير الفاحش من السكر أو المصنف تجزيه في الأصح
قال ح وهو نص في التخفيف فكان هو الحق لأن فيه الرجوع إلى الفرع المنصوص في المذهب
وأما ترجيح صاحب البحر فبحث منه ا هـ
قلت لكن في القهستاني وأما سوى الخمر من الأشربة المحرمة فغليظة في ظاهر الرواية خفيفة على قياس قولهما ا هـ
فأفاد أن التخفيف مبني على قولهما أي لثبوت اختلاف الأئمة فإن السكر والمنصف وهو الباذق قال بحلهما الإمام الأوزاعي
ويظهر لي التوفيق بين الروايات الثلاث بأن رواية التغليظ على قول الإمام ورواية التخفيف على قولهما ورواية الطهارة خاصة بالأشربة المباحة
وينبغي ترجيح التغليظ في الجميع يدل عليه ما في غرر الأفكار من كتاب الأشربة حيث قال وهذه الأشربة عند محمد وموافقيه كخمر بلا تفاوت في الأحكام وبهذا يفتى في زماننا ا هـ
فقوله بلا تفاوت في الأحكام يقتضي أنها مغلظة فتدبر
قوله ( لا بذرق ) بالذال المعجمة أو بالزاي ح عن القاموس
قوله ( كبط أهلي ) أما إن كان يطير ولا يعيش بين الناس فكالحمامة
بحر عن البزازية وجعله كالحمامة موافق لرواية الكرخي كما يأتي
قوله ( ودجاج ) بتثليث الدال يقع على الذكر الأثنى
حلية
قوله ( فإن مأكولا ) كحمام وعصفور
قوله ( فطاهر ) وقيل معفو عنه لو قليلا لعموم البلوى والأول أشبه وهو ظاهر البدائع والخانية
حلية
قوله ( وإلا فمخفف ) أي وإلا يكن مأكولا كالصقر والبازي والحدأة فهو نجس مخفف عنده مغلظ عندهما وهذه رواية الهندواني
وروى الكرخي أنه طاهر عندهما مغلظ عند محمد وتمامه في البحر ويأتي
قوله ( وروث وخثي ) قدمنا في فصل البئر أن الروث للفرس والبغل والحمار والخثي بكسر فسكون للبقر والفيل والبعر للإبل والغنم والخرء للطيور والنجو للكلب والعذرة للإنسان
قوله ( أفاد بهما نجاسة خرء كل حيوان ) أراد بالنجاسة المغلظة لأن الكلام فيها ولانصراف الإطلاق إليها كما يأتي ولقوله وقالا مخففة وأرد بالحيوان ما له روث أو خثي أي سواء كان مأكولا كالفرس والبقر أو لا كالحمام وإلا فخرء الآدمي وسباع البهائم متفق على تغليظه كما في الفتح والبحر وغيرهما فافهم
قوله ( وفي الشرنبلالية الخ ) عزاه فيها إلى مواهب الرحمن لكن في النكت للعلامة قاسم إن قول الإمام بالتغليظ رجحه في المبسوط وغيره ا هـ
ولذا جرى عليه أصحاب المتون
____________________
(1/320)
قوله ( وطهرهما محمد آخرا ) أي في آخر أمره حين دخل الري مع الخليفة ورأى بلوى الناس من امتلاء الطرق والخانات بها وقاس المشايخ على قوله هذا طين بخارى
فتح
قوله ( وبه قال مالك ) فيه أن يقول ما أكل لحمه فبوله ورجيعه طاهر فقط فلا يقول بطهارة روث الحمار ط
قوله ( كما في الظهيرية ) ونصها على ما في البحر وإن أصابه بول الشاة وبول الآدمي تجعل الخفيفة تبعا للغليظة ا هـ
وظاهر ولو الخفيفة أكثر من الغليظة كما قاله ط
قلت لكن في القهستاني تجمع النجاسة المتفرقة فتجعل الخفيفة عليظة إذا كانت نصفا أو أقل من الغليظة كما في المنية ا هـ
ونحوه ما في القنية نصف النجاسة الخفيفة ونصف الغليظة يجمعان ا هـ
ويمكن أن يقال معنى الأول أنه إذا اختلطت الخفيفة بالغليظة جعلت تبعا للغليظة فإذا زادت على الدرهم منعت الصلاة كما لو اختلطت الغليظة بماء طاهر ومعنى الثاني أنه إذا كان منهما في موضع ولم يبلغ كل منهما بانفراده القدر المانع فترجع الغليظة لو كانت أكثر أو مساوية للخفيفة فإذا زاد مجموعهما على الدرهم منع ولو كانت الخفيفة أكثر ترجحت فإذا بلغ مجموعهما ربع الثوب منع
والحاصل أنه إن اختلطا ترجح الغليظة مطلقا وإلا فإن تساويا أو زادت الغليظة فكذلك وإلا ترجح الخفيفة فاغتنم هذا التحرير
قوله ( ثم متى أطلقوا النجاسة الخ ) أي كإطلاقهم النجاسة في الأسآر النجسة وفي جلد الحية وإن كانت مذبوحة لأن جلدها لا يحتمل الدباغة ا هـ
بحر
قوله ( فظاهره التغليظ ) هو لصاحب البحر حيث قال والظاهر أنها مغلظة وأنها المرادة عند إطلاقهم
قوله ( دون ) بالرفع نائب فاعل عفي
قوله ( وثوب ) أي ونحوه كالخف فإنه يعتبر فيه قدر الربع والمراد ربع ما دون الكعبين لا ما فوقهما لأنه زائد على الخف ا هـ
خانية
قوله ( ولو كبيرا الخ ) اعلم أنهم اختلفوا في كيفية اعتبار الربع على ثلاثة أقوال فقيل ربع طرف أصابته النجاسة كالذيل والكم والدخريص إن كان المصاب ثوبا وربع العضو المصاب كاليد والرجل إن كان بدنا وصححه في التحفة والمحيط والمجتبى والسراج
وفي الحقائق وعليه الفتوى وقيل ربع جميع الثوب والبدن وصححه في المبسوط وهو ما ذكره الشارح وقيل ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كالمئزر
قال الأقطع وهذا أصح ما روي فيه ا هـ
لكن قاصر على الثوب فقد اختلف التصحيح كما ترى لكن ترجح الأول بأن الفتوى عليه ووفق في الفتح بين الأخيرين بأن المراد اعتبار ربع الثوب الذي هو عليه سواء كان ساترا لجميع البدن أو أدنى ما يجوز فيه الصلاة ا هـ
وهو حسن جدا
ولم ينقل القول الأول أصلا
بحر
قوله ( ورجحه في النهر ) أي بأنه ظاهر كلام الكنز وبتصحيح المبسوط له وبأن المانع هو الكثير الفاحش ولا شك أن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ا هـ
أقول تصحيح المبسوط معارض بتصحيح غيره والمراد بالكثير الفاحش ما كثر بالنسبة إلى المصاب فربع الثوب كثير بالنسبة إلى الثوب وربع الذيل أو الكم مثلا كثير بالنسبة إلى الذيل أو الكم وكذا ربع أدنى ثوب تجوز فيه الصلاة كثير بالنسبة إليه كما صرح بذلك في الفتح
قوله ( وإن قال الخ ) فيه نظر لأن لفظ الفتوى
____________________
(1/321)
آكد من لفظ الأصح ونحوه
منح
ومفاده ترجيح القول بربع المصاب وهو مفاد ما مر عن البحر لكن اعترضه الحبر الرملي بأن هذا القول يؤدي إلى التشديد لا إلى التخفيف فإنه قد لا يبلغ ربع المصاب الدرهم فيلزم جعله مانعا في المخففة مع أنه معفو عنه في المغلظة إذ لو كان المصاب الأنملة من البدن يلزم القول بمنع ربعها على القول بمنع ربعها على القول بمنع ربع المصاب ا هـ
وفيه نظر لأن مقتضى قولهم كاليد والرجل اعتبار كل من اليد والرجل بتمامه عضوا واحدا فلا يلزم ما قال
تأمل
قوله ( ومنه الفرس ) أي من المأكول وإنما نبه عليه لئلا يتوهم أنه داخل في غير المأكول عند الإمام فيكون مغلظا لأن الإمام إنما كره لحمه تنزيها أو تحريما على اختلاف التصحيح لأنه آلة الجهاد لا لأن لحمه نجس بدليل لأن سؤره طاهر اتفاقا كما في البحر
قوله ( وطهره محمد ) الضمير لبول المأكول الشامل للفرس ح
قوله ( وصحح ) صححه في المبسوط وغيره وهو رواية الكرخي كما مر وروى الهندواني النجاسة وصححه الزيلعي وغيره
قال في البحر والأولى اعتماده لموافقته للمتون ولذا قال في الحلية إنه أوجه
قوله ( ثم الخفة إنما تظهر في غير الماء ) اقتصر في الكافي على ظهورها في الثياب
قال في البحر والبدن كالثياب فلذا عمم الشارح لكن الظاهر من كلام الكافي الاحتراز عن المائعات لا عن خصوص الماء
والحاصل أن المائع متى أصابته نجاسة خفيفة أو غليظة وإن قلت تنجس ولا يعتبر فيه ربع ولا درهم نعم تظهر الخفة فيما إذا أصاب هذا المائع ثوبا أو بدنا فيعتبر فيه الربع كما أفاده الرحمتي واستثنى ح خرء طير لا يؤكل بالنسبة إلى البئر فإنه لا ينجسها لتعذر صونها عنه كما تقدم في البئر
قوله ( وعفي دم سمك ) صرح بالفعل إشارة إلى أن قول المصنف ودم سمك الخ معطوف على قوله دون ربع ثوب
قوله ( والمذهب طهارتها ) إنما قال ذلك لأن المتن يقتضي نجاستها بناء على ما روي عن أبي يوسف من نجاسة دم السمك الكبير نجاسة غليظة وسؤر الحمار والبغل نجاسة خفيفة كما ذكره في هامش الخزائن
والمذهب أن دم السمك طاهر لأنه دم صورة لا حقيقة وأن سؤر هذين طاهر قطعا والشك في طهوريته فيكون لعابهما طاهرا
قوله ( وبول انتضح ) أي ترشش وشمل بوله وبول غيره
بحر
وكالبول الدم على ثوب القصاب
حلية عن الحاوي القدسي
وظاهر التقييد بالقصاب أي اللحام أنه لا يعفى عنه في ثوب غير القصاب لأن العلة الضرورة ولا ضرورة لغيره وتأمله مع قول البحر المار وشمل بوله وبوله غيره
قوله ( كرؤوس إبر ) بكسر الهمزة جمع إبرة احتراز عن المسلة كما في شرح المنية والفتح
قوله ( وكذا جانبها الآخر ) أي خلافا لأبي جعفر الهنداوي حيث منع الجانب الآخر وغيره من المشايخ قالوا لا يعتبر الجانبان واختاره في الكافي
حلية فرؤوس الإبل تمثيل للتقليل كما في القهستاني عن الطلبة لكن فيه أيضا عن الكرماني أن هذا ما لم ير على الثوب وإلا وجب غسله إذا صار بالجمع أكثر من قدر الدرهم ا هـ
وكذا نبه عليه في شرح المنية فقال والتقييد بعدم إدراك الطرف ذكره المعلى في نوادره عن أبي يوسف
مطلب إذا صرح بعض الأئمة بقيد لم يصرح غيره بخلافه وجب تباعه وإذا صرح بعض الأئمة بقيد لم يرد عن غيره منهم تصريح بخلافه يجب أن يعتبر سيما والموضع موضع احتياط ولا حرج في التحرز عن مثله بخلاف ما لا يرى كما في أثر أرجل الذباب فإن في التحرز عنه حرجا ظاهرا ا هـ
أقول والذي يظهر لي هذا التقييد موافق لقول الهنداوي وقد علمت تصريح غيره من المشايخ بخلافه
____________________
(1/322)
لأن مقدار الجانب الآخر من الإبرة يدركه الطرف ثم رأيت في الحلية ذكر أن ما في غاية البيان من أن التقييد برؤوس الإبر احتراز عن رؤوس المسال هو بما عن الهندواني أشبه ولعله المراد بما في نوادر المعلى ا هـ
وهذا عين ما فهمته ولله الحمد
والحاصل أن في المسألة قولين مبنيين على الاختلاف في المراد من قوله محمد كرؤوس الإبر
أحدهما أنه قيد احترز به عن رأسها من الجانب الآخر وعن رؤوس المسال ويؤيده رواية المعلى عن أبي يوسف من التقييد بما لا يدركه الطرف
ثانيهما أنه غير قيد وإنما هو تمثيل للتقليل فيعفى عنه سواء كان مقدار رأسها من جانب الخرز أو من جانب الثقب ومثله ما كان كرأس المسلة
وقد علمت أنه في الكافي اختار القول الثاني ولكن ظاهر المتون والشروح اختيار الأول لأن العلة الضرورة قياسا على ما عمت به البلوى مما على أرجل الذناب فإنه يقع على النجاسة ثم يقع على الثياب
قال في النهاية ولا يستطاع الاحتراز عنه ولا يستحسن لأحد استعداد ثوب لدخول الخلاء
وروي أن محمد بن علي زين العابدين تكلف لبيت الخلاء ثوبا ثم تركه وقال لم يتكلف لهذا من هو خير مني يعني رسول الله والخلفاء رضي الله عنهم ا هـ
وقد يقال إن قول المتون كرؤوس الإبر اتباع لعبارة محمد لا للاحتراز عن الجانب الآخر ولذا لم يجعله للاحتراز إلا الهندواني وخالفه غيره من المشايخ معللين بدفع الحرج ولا شك في وجود الحرج في ذلك فلذا اختاره في الكافي اتباعا لما عليه أكثر المشايخ
وقال في متن مواهب الرحمن وعفي عن رشاش بول كرؤوس الإبر وقيل يعتبره أي أبو يوسف إن رئي أثره فأفاد بقيل ضعف اعتبار ما يدركه الطرف وهو رواية المعلى السابقة وقد ظهر مما قررناه أن الخلاف فيما يرى أثره وهو ما يدركه الطرف وأن الأرجح العفو عنه وعدم اعتباره كما مشى عليه الشارح وظهر أن المراد به ما كان مثل رأس الإبرة من الجانب الآخر لا أكبر من ذلك
وظهر أيضا أن ما لا يدركه الطرف بما كان مثل رؤوس الإبر وأرجل الذباب فإنه لا يدركه الطرف المعتدل ما لم يقرب إليه جدا أي مع مغايرة لون الرشاش للون الثوب وإلا فقد لا يرى أصلا
وينبغي أنه لو شك أنه يدركه بالطرف أم لا أنه يعفى عنه اتفاقا لأن الأصل طهارة الثوب وشك فيما ينجسه وهذا ما ظهر لي في هذا المحل والله أعلم
قوله ( نجسه في الأصح ) قال في الحلية ثم لو وقع هذا الثوب المنتضح عليه البول مثل رؤوس الإبر في الماء القليل هل ينجس ففي الخلاصة عن أبي جعفر لقائل أن يقول ينجس ولقائل أن يقول لا ينجس وهذا فرع مسألة الاستنجاء يعني لو استنجى بغير الماء ثم ابتل ذلك الموضع ثم أصاب من ذلك ثوبه أو بدنه فالمختار أنه يتنجس إن كان أكثر من قدر الدرهم ا هـ
ثم ذكر في الحلية عن الكفاية ما يفيد أن الكلام فيما يرى أثره ثم قال وهو المتجة ا هـ
ويدل عليه ما قدمناه من اختيار أكثر المشايخ عدم اعتبار رؤوس الإبر من الجانبين خلافا للهندواني
وقول الخلاصة المار المختار أنه ينجس إن كان أكثر من قدر الدرهم غير ظاهر لأن الماء ينجسه ما قل وكثر فإذا لم ينجس بأقل من الدرهم لا ينجس بالأكثر منه
ثم اعلم أن وقوع الرشاش في الماء ابتداء مثل وقوع هذا الثوب فيه كما في السراج وغيره وهذا وفي القهستاني عن التمرتاشي إن استبان أثره على الثوب بأن تدركه العين أو على الماء بأن ينفرج أو يتحرك فلا عبرة به وعن الشيخين أنه معتبر ا هـ
وظاهره أن المعتمد عدم اعتبار ما ظهر أثره في الثوب والماء وفي ذلك تأييد لما قدمناه فافهم
____________________
(1/323)
قوله ( جوهرة ) ومثله في القهستاني وقدمناه عن الفيض أيضا خلافا لما مشى عليه المصنف تبعا للدرر في فصل البئر فافهم نعم يؤيده ما نقله القهستاني آنفا عن التمرتاشي والله أعلم
قوله ( لو اتصل وانبسط ) أي ما يصيب الثوب مثل رؤوس الإبر كما هو عبارة القنية ونقلها في البحر فافهم
قوله ( ينبغي أن يكون كالدهن الخ ) أي فيكون مانعا للصلاة
ووجه إلحاقه بالدهن أن كلا منهما كان أولا غير مانع ثم منع بعد زيادته على الدرهم لكن قد يفرق بينهما بأن البول الذي كرؤوس الإبر اعتبر كالعدم للضرورة ولم يعتبروا فيه قدر الدرهم بدليل ما في البحر أنه معفو عنه للضرورة وإن امتلأ الثوب ا هـ
ومعلوم أن يملأ الثوب يزيد على الدرهم وكذا قول الشارح وإن كثر بإصابة الماء فإنه لا فرق بين كثرته بالماء وبين اتصال بعضه ببعض ونظيره ما ليس فيه قوة السيلان من الخارج من الجسد فإنه ساقط الاعتبار وإن كثر وعم الثوب وقد صرح في الحلية بعين ما قلنا فقال ما ليس بكثير من النجاسة منه ما هو مهدر الاعتبار فلا يجمع بحال
وعليه ما في الحاوي القدسي أن ما أصاب من رش البول مثل رؤوس الإبر ونحوه الدم على ثوب القصاب وما لا ينقض الوضوء من بلة الجرح أو القيء معفو عنه وإن كثر
وما في المحيط من أنه لو أصاب موضع ذلك الرش ماء فإنه لا ينجسه ا هـ نعم لو كان الرش مما يدرك بالطرف بأن كان أكبر من رؤوس الإبر من الجانب الآخر على ما مر فإنه يجمع ويمنع وإن كان في مواضع متفرقة كما يعلم مما قدمناه عن القهستاني عن الكرماني
وفي القهستاني أيضا لو أصاب قدر ما يرى من النجاسة أثوابا عمامة وقميصا وسراويل مثلا منع الصلاة إذا كان بحيث إذا جمع صار أكثر من قدر الدرهم ا هـ
لكن كلام القنية صريح في أن الذي يجمع ويمنع ما كان مثل رؤوس الإبر كما قدمناه فيرد عليه ما علمته من أن ما كان كذلك فهو مهدر الاعتبار ولا ينفعه هذا التأويل فافهم واغتنم هذا التحرير
مطلب في العفو عن طين الشارع قوله ( وطين شارع ) مبتدأ خبره قوله عفو والشارع الطريق ط
وفي الفيض طين الشوارع عفو وإن ملأ الثوب للضرورة ولو مختلطا بالعذرات وتجوز الصلاة معه ا هـ
وقدمنا أن هذا قاسه المشايخ على قول محمد بطهارة الروث والخثي ومقتضاه أنه طاهر لكن لم يقبله الإمام الحلواني كما في الخلاصة
قال في الحلية أي لا يقبل كونه طاهرا وهو متجه بل الأشبه المنع بالقدر الفاحش منه إلا لمن ابتلي به بحيث يجيء ويذهب في أيام الأوحال في بلادنا الشامية لعدم انفكاك طرقها من النجاسة غالبا مع عسر الاحتراز بخلاف من لا يمر بها أصلا في هذه الحالة فلا يعفى في حقه حتى أن هذا لا يصلي في ثوب ذاك ا هـ
أقول والعفو مقيد بما إذا لم يظهر فيه أثر النجاسة كما نقله في الفتح عن التجنيس
وقال القهستاني إنه الصحيح لكن حكى في القنية قولين وارتضاهما فحكى عن أبي نصر الدبوسي أنه طاهر إلا إذا رأى عين النجاسة وقال وهو صحيح من حيث الرواية وقريب من حيث المنصوص ثم نقل عن غيره فقال إن غلبت النجاسة لم يجز وإن غلب الطين فطاهر
ثم قال وإنه حسن عند المصنف دون المعاند ا هـ
والقول الثاني مبني على القول بأنه إذا اختلط ماء وتراب وأحدهما نجس فالعبرة للغالب وفيه أقوال ستأتي في الفروع
والحاصل أن الذي ينبغي أنه حيث كان العفو للضرورة وعدم إمكان الاحتراز أن يقال بالعفو وإن غلبت
____________________
(1/324)
النجاسة ما لم ير عينها لو أصابه بلا قصد وكان ممن يذهب ويجيء وإلا فلا ضرورة وقد حكى في القنية أيضا قولين فيما لو ابتلت قدماه مما رش في الأسواق الغالبة النجاسة ثم نقل أنه لو أصاب ثوبه طين السوق أو السكة ثم وقع الثوب في الماء تنجس
قوله ( وبخار نجس ) في الفتح مرت الريح بالعذرات وأصاب الثوب إن وجدت رائحتها تنجس لكن نقل في الحلية أن الصحيح أنه لا ينجس وما يصيب الثوب من بخارات النجاسة قيل ينجسه وقيل لا وهو الصحيح
وفي الحلية استنجى بالماء وخرج منه ريح لا ينجس عند عامة المشايخ وهو الأصح وكذا إذا كان سراويله مبتلا
وفي الخانية ماء الطابق نجس قياسا لا استحسانا
وصورته إذا أحرقت العذرة في بيت فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان لا يفسده استحسانا ما لم يظهر أثر النجاسة فيه وكذا الاصطبل إذا كان حارا وعلى كونه طابق أو كان فيه كوز معلق فيه ماء فترشح وكذا الحمام لو فيها نجاسات فعرق حيطانها وكواتها وتقاطر
قال في الحلية والظاهر العمل بالاستحسان ولذا اقتصر عليه في الخلاصة والطابق الغطاء العظيم من الزجاج أو اللبن ا هـ
مطلب العرقي الذي يستقطر من دردي الخمر نجس حرام بخلاف النوشادر وقال في شرح المنية والظاهر أن وجه الاستحسان فيه الضرورة لتعذر التحرز وعليه فلو استقطرت النجاسة فمائيتها نجسة لانتفاء الضرورة فبقي القياس بلا معارض وبه يعلم أن ما يستقطر من دردي الخمر وهو المسمى بالعرقي في ولاية الروم نجس حرام كسائر أصناف الخمر ا هـ
أقول وأما النوشادر المستجمع من دخان النجاسة فهو طاهر كما يعلم مما مر وأوضحه سيدي عبد الغني في رسالة سماها ( إتحاف من بادر إلى حكم النوشادر )
قوله ( وغبار سرقين ) بكسر السين أي زبل ويقال سرجين كما في القاموس
قال في القنية راقما لا عبرة للغبار النجس إذا وقع في الماء إنما العبرة للتراب ا هـ ونظمه المصنف في أرجوزته وعلله في شرحها بالضرورة
قوله ( ومحل كلاب ) في المنية مشى كلب على الطين فوضع رجل قدمه على ذلك الطين تنجس وكذا إذا مشى على ثلج رطب ولو جامدا فلا ا هـ
قال في شرحها وهذا كله بناء على أن الكلب نجس العين وقد تقدم أن الأصح خلافه ذكره ابن الهمام ا هـ
ومثله في الحلية
قوله ( وانتضاح غسالة الخ ) ذكر المسألة في شرح المنية الصغير عن الخانية وقد رأيتها في الخانية ذكرها في بحث الماء المستعمل لكن غسالة النجاسة كغسالة الحدث بناء على القول بنجاسة الماء المستعمل ويدل لها ما قدمناه عن القهستاني عن التمرتاشي وفي الفتح وما ترشش على الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في علاجه لا ينجسه لعموم البلوى بخلاف الغسلات الثلاث إذا استنقعت في موضع فأصابت شيئا نجسته ا هـ أي بناء على ما عليه العامة من أن نجاسة الميت نجاسة خبث لا حدث كما حررناه في أول فصل البئر واحترز بالثلاث عن الغسالة في المرة الرابعة فإنها طاهرة
قوله ( وماء ) مبتدأ خبره قوله نجس بالكسر ونجس الأول بالفتح
قال القهستاني ويجوز فيه الكسر
قوله ( أي جرى ) فسر الورود به ليتأتي له التفصيل والخلاف اللذان ذكرهما وإلا فالورود أعم لأنه يشمل ما إذا جرى عليها وهي على أرض أو سطح وما إذا صب فوقها في آنية بدون جريان
وأيضا فإن الجريان أبلغ من الصب المذكور فصرح به مع علم حكم الصب منه بالأولى دفعا لتوهم عدم إرادته فافهم نعم كان الأولى إبقاء المتن على ظاهره لأنه إشارة إلى خلاف الشافعي حيث حكم بطهارة الوارد دون المورود
وأيضا فإن الجاري فيه تفصيل
____________________
(1/325)
وهو أنه إذا جرى على نجاسة فأذهبها واستهلكها ولم يظهر أثرها فيه فإنه لا ينجس كما قدمناه في طهارة الأرض المتنجسة وتقدم ما يدل عليه في باب المياه عند الكلام على تعريف الماء الجاري وتقدم هناك أن الجاري لا ينجس ما لم يظهر فيه أثر النجاسة وأنه يسمى جاريا وإن لم يكن له مدد وأنه لو صب ماء في ميزاب فتوضأ به حال جريانه لا ينجس على رواية نجاسة المستعمل وأنه لو سال دم رجله مع العصير لا ينجس خلافا لمحمد
وقدمنا عن الخزانة والخلاصة إناء ماء أحدهما طاهر والآخر نجس فصبا من مكان عال فاختلطا في الهواء ثم نزلا طهر كله ولو أجرى ماء الإناءين في الأرض صار بمنزلة ماء جار ا هـ
وقال في الضياء في فصل الاستنجاء ذكر في الواقعات الحسامية لو أخذ الإناء فصب الماء على يده للاستنجاء فوصلت قطرة بول إلى الماء النازل قبل أن يصلي إلى يده قال بعض المشايخ لا ينجس لأنه جار فلا يتأثر بذلك
قال حسام الدين هذا القول ليس بشيء وإلا لزم أن تكون غسالة الاستنجاء غير نجسة
قال في المضمرات وفيه نظر
والفرق أن الماء على كف المستنجي ليس بجار ولئن سلم فأثر النجاسة يظهر فيه والجاري إذا ظهر فيه أثر النجاسة صار نجسا والماء النازل من الإناء قبل وصوله إلى الكف جار ولا يظهر فيه أثر القطرة فالقياس أن لا يصير نجسا وما قاله حسام الدين احتياط ا هـ
ويؤيده عدم التنجس ما ذكرناه من الفروع والله أعلم
وهذا بخلاف مسألة الجيفة فإن الماء الجاري عليها لم يذهب بالنجاسة ولم يستهلكها بل هي باقية في محلها وعينها قائمة على أن فيها اختلافا ولهذا استدرك الشارح بقوله ولكن قدمنا أن العبرة للأثر فاغتنم تحرير هذه المسألة فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب والحمد الله الملك الوهاب
قوله ( كجيفة في نهر الخ ) أي فإنها إذا ورد عليها كل الماء أو أكثره فهو نجس ولو أقله فطاهر
قوله ( لكن قدمنا الخ ) أي في بحث المياه وقدمنا الكلام في ذلك مستوفى فتذكره بالمراجعة
قوله ( أي إذا وردت النجاسة ) سواء كانت مجردة أو مصحوبة بثوب ح
قوله ( على الماء ) أي القليل
قوله ( إجماعا ) أي منا ومن الشافعي بخلاف المسألة الأولى كما يظهر قريبا
قوله ( لكن الخ ) استدراك عن قوله تنجس فإنه يقتضي تنجس الماء بمجرد وضع الثوب مثلا فيه كما يتنجس بمجرد وقوع العذرة مثلا فاحترز بالمتنجس عن عين النجاسة كالعذرة أفاده ح
قوله ( ما لم ينفصل ) أي الماء أو الشيء المتنجس
قال في البحر اعلم أن القياس يقتضي تنجس الماء بأول الملاقاة للنجاسة لكن سقط للضرورة سواء كان الثوب في إجانة وأورد الماء عليه عليه أو بالعكس عندنا فهو طاهر في المحل نجس إذا انفصل سواء تغير أو لا وهذا في الماءين اتفاقا أما الثالث فهو نجس عنده لأن طهارته في المحل ضرورة تطهيره وقد زالت طاهر عندهما إذا انفصل
والأولى في غسل الثوب النجس وضعه في الإجانة من غير ماء ثم صب الماء عليه لا وضع الماء أو لا خروجا من خلاف الإمام الشافعي فإنه يقول بنجاسة الماء ا هـ
ولا فرق على المعتمد بين الثوب المتنجس والعضو ا هـ
ط
قوله ( قذر ) بفتح القاف والذال المعجمة والمراد به العذرة والروث كما عبر في المنية قوله ( وإلا ) أي وإن لا نقل أنه لا يكون نجسا وظاهره أن العلة الضرورة وصريح الدرر وغيرها أن العلة هي انقلاب العين كما يأتي لكن قدمنا عن المجتبى أن العلة هذه وأن الفتوى على هذا القول للبلوى فمفاده أن عموم البلوى علة اختيار القول بالطهارة المعللة بانقلاب العين فتدبر
قوله ( كان حمارا أو خنزيرا ) أفاد أن الحمار مثال لا قيد احترازي وأشار
____________________
(1/326)
بإطلاقه إلى أنه لا يلزم وقوعه وهو حي فإنه لو وقع في المملحة بعد موته فهو كذلك كما في شرح المنية
قوله ( حمأة ) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح الهمزة وبهاء التأنيث
قال في القاموس الطين الأسود المنتن
ح
قوله ( لانقلاب العين ) علة للكل وهذا قول محمد وذكر معه في الذخيرة والمحيط أبا حنيفة
حلية
قال في الفتح وكثير من المشايخ اختاروه وهو المختار لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل فإن الملح غير العظم واللحم فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح
ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة وتصير مضغة فتطهر والعصير طاهر فيصير خمرا فينجس ويصير خلا فيطهر فعرفنا أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتب عليها ا هـ
( تنبيه ) يجوز أكل ذلك الملح والصلاة على ذلك الرماد كما في المنية وغيرها وما فيها من أنه لو وقع ذلك الرماد في الماء فالصحيح أنه ينجس فليس بصحيح إلا على قول أبي يوسف كما ذكره الشارحان
تنبيه آخر مقتضى ما مر ثبوت انقلاب الشيء عن حقيقته كالنحاس إلى الذهب وقيل إنه غير ثابت لأن قلب الحقائق محال والقدرة لا تتعلق بالمحال والحق الأول بمعنى أنه تعالى يخلق بدل النحاس ذهبا على ما هو رأي المحققين أو بأن يسلب عن أجزاء النحاس الوصف الذي به صار نحاسا ويخلق فيه الوصف الذي يصير به ذهبا على ما هو رأى بعض المتكلمين من تجانس الجواهر واستوائها في قبول الصفات والمحال إنما هو انقلابه ذهبا مع كونه نحاسا لامتناع كون الشيء في الزمن الواحد نحاسا وذهبا ويدل على ثبوته بأحد هذين الاعتبارين كما اتفق عليه أئمة التفسير قوله تعالى { فإذا هي حية تسعى } طه 20 وإلا لبطل الإعجاز
ويبتني على هذا القول أن علم الكيمياء الموصل إلى ذلك القلب يجوز لمن علمه علما يقينا أن يعلمه ويعمل به
أما على القول الثاني فلا لأنه غش وتمامه في تحفة ابن حجر وقدمنا في صدر الكتاب زيادة على ذلك
قوله ( ونسي المحل ) بالبناء للمجهول ثم إن النسيان يقتضي سبق العلم والظاهر أنه غير قيد وأنه لو علم أنه أصاب الثوب نجاسة وجهل محلها فالحكم كذلك ولذا عبر بعضه بقوله واشتبه محلها
تأمل
قوله ( هو المختار ) كذا في الخلاصة والفيض وجزم به في النقاية والوقاية والدرر والملتقى ومقابله القول بالتحري والقول بغسل الكل وعليه مشى في الظهيرية ومنية المفتي واختاره في البدائع احتياطا قال لأن موضع النجاسة غير معلوم وليس البعض أولى من البعض ا هـ
ويؤيده ما نقله نوح أفندي عن المحيط من أن ما قالوه مخالف لما ذكره هشام عن محمد من أنه لا يجوز التحري في ثوب واحد ا هـ
وعللوا القول المختار بوقوع الشك بعد الغسل في بقاء النجاسة وقاسوه على ما في السير الكبير إذا فتحنا حصنا وفيهم ذمي لا يعرف لا يجوز قتلهم لقيام المانع بيقين فلو قتل البعض أو أخرج حل قتل الباقي للشك في قيام المحرم فكذا هنا
واستشكله في الفتح بأن الشك الطارىء لا يرفع حكم اليقين السابق وأطال في تحقيقه
وأجاب عن شرح المنية وأطال في تحقيقه أيضا
ويأتي ملخصه قريبا
قوله ( وفي الظهيرية الخ ) هذا سهو من الشارح تبع فيه النهر
وعبارة البحر هكذا وفي الظهيرية إذا رأى على ثوبه نجاسة ولا يدري متى أصابته ففيه تقاسيم واختلافات
____________________
(1/327)
والمختار عند أبي حنيفة أنه لا يعيد إلا الصلاة التي هو فيها ا هـ
ح
قوله ( حمر ) بضمتين جمع حمار
قوله ( خصها الخ ) أي فيعلم الحكم في غيرها بالدلالة
ابن كمال
قوله ( فقسم الخ ) الظاهر تقييده بما إذا كان الذاهب منه قدر ما تنجس منه إن علم قدره كما قدمناه
قوله ( كما مر ) أي في الأبيات المتقدمة حيث عبر بقوله تصرفه في البعض وهو مطلق ط
قوله ( لاحتمال الخ ) أي أنه يحتمل كل واحد من القسمين أعني الباقي والذاهب أو المغسول أن تكون النجاسة فيه فلم يحكم على أحدهما بعينه ببقاء النجاسة فيه وتحقيقه أن الطهارة كانت ثابتة يقينا لمحل معلوم وهو جميع الثوب مثلا ثم ثبت ضدها وهو النجاسة يقينا لمحل مجهول فإذا غسل بعضه وقع الشك في بقاء ذلك المجهول وعدمه لتساوي احتمالي البقاء وعدمه فوجب العمل بما كان ثابتا للمحل المعلوم لأن اليقين في محل معلوم لا يزول بالشك بخلاف اليقين لمحل مجهول وتمام تحقيقه في شرح المنية الكبير
قوله ( أما عينها ) أشار به إلى فائدة قوله محل حيث زاده على عبارة الكنز
ولا يرد طهارة الخمر بانقلابها خلا والدم بصيروته مسكا لأن عين الشيء حقيقته وحقيقة الخمر والدم ذهبت وخلفتها أخرى وإنما يرد ذلك لو قلنا ببقاء حقيقة الخمر والدم مع الحكم بطهارتها
تأمل
قوله ( بعد جفاف ) ظرف لمرئية لا ليطهر ح وقيد به لأن جميع النجاسات ترى قبله وتقدم أن ما له جرم هو ما يرى بعد الجفاف فهو مساو للمرئية وقد عد منه في الهداية الدم وعده قاضيخان مما لا جرم له وقدمنا عن الحلية التوفيق بحمل الأولى على ما إذا كان غليظا والثاني على ما إذا كان رقيقا
وقال في غاية البيان المرئية ما يكون مرئيا بعد الجفاف كالعذرة والدم وغير المرئية ما لا يكون مرئيا بعد الجفاف كالبول ونحوه ا هـ
وفي تتمة الفتاوي وغيرها المرئية ما لها جرم وغيرها ما لا جرم لها كان لها لون أم لا ا هـ
وبه يظهر أن مراد غاية البيان بالمرئي ما يكون ذاته مشاهدة بحس البصر وبغيره ما لا يكون كذلك فلا يخالف كلام غيره ويرشد إليه أن بعض الأبوال قد يرى له لون بعد الجفاف
أفاده في الحلية ويوافقه التوفيق المار لكن فيه نظر لأنه يلزم عليه أن الدم الرقيق والبول الذي يرى لونه من النجاسة الغير المرئية وأنه يكتفي فيها بالغسل ثلاثا بلا اشتراط زوال الأثر
مع أن المفهوم من كلامهم أن غير المرئية ما لا يرى له أثر أصلا لاكتفائهم فيها بمجرد الغسل بخلاف المرئية المشروط فيها زوال الأثر فالمناسب ما في غاية البيان وأن مراده بالبول ما لا لون له وإلا كان من المرئية
قوله ( بقعلها ) فيه إيماء إلى عدم اشتراط العصر وهو الصحيح على ما يعلم من كلام الزيلعي حيث ذكر بعد الإطلاق أن اشتراط العصر رواية عن محمد وعليه فما يبقى في اليد من البلة بعد زوال عين النجاسة طاهر تبعا لطهارة اليد في الاستنجاء بطهارة المحل وله نظائر كعروة الإبريق تطهر بطهارة اليدين وعلى هذا إذا أصاب خفيه في الاستنجاء من الماء المتنجس فإنهما يطهران بطهارة المحل تبعا حيث لم يكن بهما خرق ا هـ
أبو السعود عن شيخه
قوله ( وأثرها ) يأتي بيانه قريبا
قوله ( ولو بمرة ) يعني إن زال عين النجاسة بمرة واحدة تطهر سواء كانت تلك الغسلة الواحدة في ماء جار أو راكد كثير أو بالصب أو في إجانة أما الثلاثة الأول فظاهر وأما الإجانة فقد نص عليها في الدرر حيث قال غسل المرئية عن الثوب في إجانة حتى زالت طهر ا هـ
ح
قوله ( أو بما فوق ثلاث ) أي إن لم تزل العين والأثر بالثلاث يزيد عليها إلى أن تزول ما لم يشق زوال الأثر
قوله ( في الأصح ) قيد لقوله ولو بمرة قال القهستاني
____________________
(1/328)
وهذا ظاهر الرواية وقيل يغسل بعد زوالها مرة وقيل مرتين وقيل ثلاثا كما في الكافي ا هـ
قوله ( ليعم نحو دلك وفرك ) أي ذلك خف وفرك مني وأراد بنحوه نظائر ذلك مما يزيل العين من المطهرات بدون غسل كدبغ جلد ويبس أرض ومسح سيف لكن يرد عليه ما لو جفت على البدن أو الثوب وذهب أثرها فقد زالت عينها ومع ذلك لا تطهر
وأجيب أنه قد أشار إلى اشتراط المطهر بقوله يطهر ففهم منه أنه لا بد من مطهر كذا في الجوهرة وفيه نظر
قوله ( كلون وريح ) الكاف استقصائية لأن المراد بالأثر هو ما ذكر فقط كما فسره به في البحر والفتح وغيرهما وأما الطعم فلا بد من زواله لأن بقاءه يدل على بقاء العين كما نقل عن الرجندي واقتصر القهستاني على تفسير الأثر بالريح فقط وظاهره أنه يعفى عن الرائحة بعد زوال العين وإن لم يشق زوالها وفي البحر أنه ظاهر ما في غاية البيان
أقول وهو صريح ما نقله نوح أفندي عن المحيط حيث قال لو غسل الثوب عن الخمر ثلاثا ورائحتها باقية طهر وقيل لا ما لم تزل الرائحة
قوله ( لازم ) أي ثابت وهو نعت لأثر
قوله ( حار ) بالحاء المهملة أي مسخن
قوله ( ونحوه ) أي كحرض وأشنان
قوله ( بل يطهر الخ ) إضراب انتقالي ط
قوله ( بنجس ) بكسر الجيم أي متنجس إذ لو كان بعين النجاسة كالدم وجب زوال عينه وطعمه وريحه ولا يضر لونه كما هو ظاهر من مسألة الميتة أفاده ح
مطلب في حكم الصبغ والاختضاب بالصبغ أو الحناء النجسين قوله ( والأولى غسله ) اعلم أنه ذكر في المنية أنه لو أدخل يده في الدهن النجس أو اختضبت المرأة بالحناء النجس أو صبغ بالصبغ النجس ثم غسل كل ثلاثا طهر ثم ذكر عن المحيط أنه يطهر إن غسل الثوب حتى يصفو الماء ويسيل أبيض ا هـ
وفي الخانية إذا وقعت النجاسة في صبغ فإنه يصبغ به الثوب ثم يغسل ثلاثا فيطهر كالمرأة إذا اختضبت بحناء نجس ا هـ
وذكر مسألة الحناء في موضع آخر مطلقة أيضا ثم قال وينبغي أن لا يطهر ما دام يخرج الماء ملونا بلون الحناء فعلم أن اشتراط صفو الماء إما قول ثان كما يشعر به كلام المحيط أو هو تقييد لإطلاق القول الأول وبيان له كما يشعر به قول الخانية وينبغي وعلى كل فكلام المحيط والخانية يشعر باختيار ذلك الشرط ولذا اقتصر على ذكره في الفتح
هذا وقد ذكر سيدي عبد الغني كلاما حسنا سبقه إليه صاحب الحلية وهو أن مسألة الاختضاب أو الصبغ بالحناء أو الصبغ النجسين وغمس اليد في الدهن مبنية في الأصل على أحد قولين إما على أن الأثر الذي يشق زواله لا يضر بقاؤه وإما على ما روي عن أبي يوسف من أن الدهن يطهر بالغسل ثلاثا بأن يجعل في إناء فيصب عليه الماء ثم يرفع ويراق الماء وهكذا ثلاث مرات فإنه يطهر وعليه الفتوى خلافا لمحمد كما في شرح المنية فمن بنى ذلك على الأول اشترط في هذه المسألة صفو الماء ليكون اللون الباقي أثرا شق زواله فيعفى عنه وإن كان ربما نفض على ثوب آخر أو ظهر في الماء عند غسله في وقت آخر والقول باشتراط غسله ثلاثا بعد صفو الماء ضعيف ومن بنى على الثاني اكتفى بالغسل ثلاثا لأن الحناء والصبغ والدهن المتنجسات تصير طاهرة بالغسل ثلاثا فلا يشترط بعد ذلك خروج الماء صافيا ا هـ
وقد أطال في الحلية في تحقيق ذلك كما هو دأبه ثم جنح إلى البناء على الأول وقال إنه الأشبه فليكن التعويل عليه في الفتوى ا هـ
ولا يخفى أنه ترجيح لما في المحيط والخانية والفتح
____________________
(1/329)
فكان على الشارح الجزم به إذ لم نر من رجح خلافه فافهم ثم قال سيدي عبد الغني وهذا بخلاف المصبوغ بالدم كالثياب الحمر التي تجلب في زماننا من ديار بكر فلا تطهر أبدا ما لم يخرج الماء صافيا ويعفى عن اللون ومن هذا القبيل المصبوغ بالدودة فإنها ميتة يتجمد فيها الدم النجس ما لم تكن من دود يتولد في الماء فتكون طاهرة لكن بيعها باطل ولا يضمن متلفها ولا يملك ثمنها بالقبض لأن الميتة ليست بمال ا هـ
ملخصا
أقول الذي يظهر أن هذه الدودة إن كانت غير مائية المولد وكان لها دم سائل فهي نجسة وإلا فطاهرة فلا يحك بنجاستها قبل العلم بحقيقتها
وأما حكم بيعها فينبغي جوازه كما أجازوا بيع السرقين للانتفاع به وكذا بيع دود القز وبيضه لأنه مال يضن به وهو المفتى به وكذا بعي النحل والعلق مع تصريحهم بأنه لا يجوز بيع الهوام وهذه الدودة عند أهل زماننا من أعز الأموال وأنفسها والضنة بها أكثر من دود القز وقد سمعت أن الدودة نوعان نوع منها حيواني يخنق بالخل أو بالخمر ونوع منها نباتي والأجود في الصبغ الأول والله أعلم
مطلب في حكم الوشم تنبيه مهم يستفاد مما مر حكم الوشم في نحو اليد وهو أنه كالاختضاب أو الصبغ بالمتنجس لأنه إذا غرزت اليد أو الشفة مثلا بإبرة ثم حشي محلها بكحل أو نيلة ليخضر تنجس الكحل بالدم فإذا جمد الدم والتأم الجرح بقي محله أخضر فإذا غسل طهر لأنه أثر يشق زواله لأنه إلا بسلخ الجلد أو جرحه فإذا كان لا يكلف بإزالة الأثر الذي يزول بماء حار أو صابون فعدم التكليف هنا أولى وقد صرح به في القنية فقال ولو اتخذ في يده وشما لا يلزمه السلخ ا هـ
لكن في الذخيرة لو أعاد سنه ثانيا ونبت وقوى فإن أمكن قلعه بلا ضرر قلعه وإلا فلا وتنجس فمه ولا يؤم أحدا من الناس ا هـ أي بناء على نجاسة السن وهو خلاف ظاهر المذهب
وقال العلامة البيري ومنه يعلم حكم الوشمة ولا ريب في عدم جواز كونه إماما بجامع النجاسة
ثم نقل عن شرح المشارق للعلامة الأكمل أنه قيل يصير ذلك الموضع نجسا فإن لم يمكن إزالته إلا بالجرح فإن خيف منه الهلاك أو فوات عضو لم تجب وإلا وجبت وبتأخيره يأثم والرجل والمرأة فيه سواء ا هـ
أقول وعليه لو أصاب ماء قليلا أو مائعا نجسه لكن تعبير الأكل بقيل يفيد عدم اعتماده وهو مذهب الشافعية فالظاهر أنه نقله عنهم
والفرق بين الوشمة وبين السن على القول بنجاستها ظاهر فإن السن عين النجاسة والوشمة أثر فإن ادعى أن بقاء الون دليل على بقاء العين رد بأن الصبغ والاختضاب كذلك فيلزم عدم طهارته وإن فرق بأن الوشمة امتزجت باللحم والتأمت معه بخلاف الصبغ نقول إن ما تداخل في اللحم لا يؤمر بغسله كما لو تشربت النجاسة في يده مثلا وما على سطح الجلد مثل الحناء والصبغ وقد صرحوا بأنه لو اكتحل بكحل نجس لا يجب غسله ولما جرح في أحد جاءت فاطمة رضي الله عنها فأحرقت حصيرا وكمدت به حتى التصق بالجرح فاستمسك الدم
وفي مفسدات الصلاة من خزانة الفتاوي كسر عظمه فوصل بعظم الكلب ولا ينزع إلا بضرر جازت الصلاة ثم قال لو في يده تصاوير ويؤم الناس لا تكره إمامته ا هـ
وفي الفتاوي الخيرية من كتاب الصلاة سئل في رجل على يده وشم هل تصح صلاته وإمامته معه أم لا أجاب نعم تصح صلاته وإمامته بلا شبهة والله أعلم ا هـ
قوله ( إلا دهن ودك ميتة ) الأولى أن يقول إلا ودك دهن ميتة لأن الودك الدسم كما في القاموس
قوله ( حتى لا يدبغ به جلد ) أي لا يحل ذلك وإن كان لو دبغ ثم غسل طهر
قال في القنية الكيمخت المدبوغ بدهن الخنزير إذا
____________________
(1/330)
غسل يطهر ولا يضر بقاء الأثر
وفي الخلاصة وإذا دبغ الجلد بالدهن النجس يغسل بالماء ويطهر والتشرب عفو ا هـ
قوله ( بل يستصبح به الخ ) ظاهر ما سيأتي في باب البيع الفاسد أنه لا يحل الانتفاع به أصلا وإنما هذا في الدهن المتنجس فقط يؤيده ما في صحيح البخاري عن جابر أنه سمع رسول الله عام الفتح يقول وهو بمكة إن الله حرم بيع الخمر ولميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم لميتة فإنه يطلى به لسفن ويدهن بها لجلود ويستصبح بها لناس قال لا هو حرام الحديث
قوله ( وإلا فمستعمل ) أي وإن لم يكن الغاسل مكلفا بأن كان صغيرا أو مجنونا يعتبر ظن المستعمل للثوب لأنه هو المحتاج إليه
زيلعي
قوله ( طهارة ) بالنصب مفعول ظن
قوله ( بلا عدد به يفتى ) كذا في المنية
وظاهر أنه لو غلب على ظنه زوالهما بمرة أجزأه وبه صرح الإمام الكرخي في مختصره واختاره الإمام الإسبيجابي وفي غاية البيان أن التقدير بالثلاث ظاهر الرواية
وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين والتقدير بالثلاث مختار البخاريين والظاهر الأول إن لم يكن موسوسا وإن كان موسوسا فالثاني ا هـ
بحر
قال في النهر وهو توفيق حسن ا هـ
وعليه جرى صاحب المختار فإنه اعتبر غلبة الظن إلا في الموسوس وهو لما مشى عليه المصنف واستحسنه في الحلية وقال وقد مشى الجم الغفير عليه في الاستنجاء
أقول وهذا مبني على تحقق الخلاف وهو أن القول بغلبة الظن غير القول بالثلاث
قال في الحلية وهو الحق واستشهد له بكلام الحاوي القدسي والمحيط
أقول وهو خلاف ما في الكافي مما يقتضي أنهما قول واحد وعليه مشى في شرح المنية فقال فعلم بهذا أن المذهب اعتبار غلبة الظن وأنها مقدرة بالثلاث لحصولها به في الغالب وقطعا للوسوسة وأنه من إقامة السبب الظاهر مقام المسبب الذي في الاطلاع على حقيقته عسر كالسفر مقام المشقة ا هـ
وهو مقتضى كلام الهداية وغيرها واقتصر عليه في الإمداد وهو ظاهر المتون حيث صرحوا بالثلاث والله أعلم
قوله ( لموسوس ) قدره اختيارا لما مشى عليه في السراج وغيره بناء على تحقق الخلاف وإلا فكلام المصنف تبعا للدرر كعبارة الكافي والهداية وغيرهما ظاهر في خلافه والموسوس بكسر الواو لأنه محدث بما في ضميره ولا يقال بالفتح ولكن موسوس له أو إليه أي يلقي إليه الوسوسة وهي حديث النفس كما في المغرب
قوله ( ثلاثا ) قيد للغسل والعصر معا على سبيل التنازع أو للعصر فقط
ويفهم منه تثليث الغسل فإنه إذا عصر مرة بحيث لا يبقى التقاطر لا يعصر مرة أخرى إلا بعد أن يغسل ا هـ
نوح
ثم اشتراط العصر ثلاثا هو ظاهر الرواية عن أصحابنا
وعن محمد في غير رواية الأصول يكتفي به في المرة الأخيرة
وعن أبي يوسف أنه ليس بشرط
شرح المنية
قوله ( أو سبعا ) ذكره في الملتقى والاختيار وهذا على جهة الندب خروجا من خلاف الإمام أحمد رحمه الله تعالى
ويندب أن تكون إحداهن بتراب خروجا من خلافه وخلاف الشافعي أيضا لو النجاسة كلبية
قوله ( فيما ينعصر ) أي تقييد الطهارة بالعصر إنما هو فيما ينعصر ويأتي محترزه متنا
قوله ( بحيث لا يقطر ) تصوير للمبالغة في العصر ط
وظاهر إطلاقه أن المبالغة فيه شرط في جميع المرات وجعلها في الدرر شرطا للمرة الثالثة فقط وكذا في الإيضاح لابن الكمال وصدر الشريعة وكافي النسفي
____________________
(1/331)
وعزاه في الحلية إلى فتاوي أبي الليث وغيرها ثم قال وينبغي اشتراطها في كل مرة كما هو ظاهر الخانية حيث قال غسل الثوب ثلاثا وعصره في كل مرة وقوته أكثر من ذلك ولم يبالغ فيه صيانة للثوب لا يجوز ا هـ
تأمل
قوله ( طهر بالنسبة إليه ) لأن كل أحد مكلف بقدرته ووسعه ولا يكلف أن يطلب من هو أقوى ليعصر ثوبه
شرح المنية
قال في البحر خصوصا على قول أبي حنيفة إن قدرة الغير غير معتبرة وعليه الفتوى
قوله ( الأظهر نعم للضرورة ) كذا في النهر عن السراج أي لئلا يلزم إضاعة المال قال في البحر لكن اختار في الخانية عدم الطهارة ا هـ
قلت وبه جزم في الدرر وعليه فالظاهر أنه يعطي حكم ما لا ينعصر من تثليث الجفاف
قوله ( بتثليث جفاف ) أي جفاف كل غسلة من الغسلات الثلاث وهذا شرط في غير البدن ونحوه أما فيه فيقوم مقامه توالي الغسل ثلاثا
قال في الحلية والأظهر أن كلا من التوالي والجفاف ليس بشرط فيه وقد صرح به في النوازل وفي الذخيرة ما يوافقه ا هـ
وأقره في البحر
وفي الخانية إذا جرى ماء الاستنجاء تحت الخف ولم يدخل فيه لا بأس به ويطهر الخف تبعا كما قلنا في عروة الإبريق إذا أخذها بيد نجسة وغسل يده ثلاثا تطهر العروة تبعا لليد
قوله ( أن انقطاع تقاطر ) زاد القهستاني وذهاب النداوة
وفي التاترخانية حد التجفيف أن يصير بحال لا تبتل منه اليد ولا يشترط صيرورته يابسا جدا ا هـ
ثم هل يلزم ذهاب أثر شق زواله ذكر في الحلية أن مفاده ما في المنية عن المحيط نعم بخلاف الثوب وقال والتفرقة بينهما لا تعري عن شيء ا هـ
وأقره في البحر والنهر لكن في شرح المنية تعقب ما في المحيط ثم قال فالحاصل أن زوال الأثر شرط في كل موضع ما لم يشق كيفما كان التطهير وبأي شيء كان فليحفظ ذلك ا هـ
ونحوه في حاشية الواني على الدرر
قوله ( أي غير منعصر ) أي بأن تعذر عصره كالخزف أو تعسر كالبساط أفاده في شرح المنية
قوله ( مما يتشرب النجاسة الخ ) حاصله كما في البدائع أن المتنجس إما أن لا يتشرب فيه أجزاء النجاسة أصلا كالأواني المتخذة من الحجر والنحاس والخزف العتيق أو يتشرب فيه قليلا كالبدن والخف والنعل أو يتشرب كثيرا ففي الأول طهارته بزوال عين النجاسة المرئية أو بالعدد على ما مر وفي الثاني كذلك لأن الماء يستخرج ذلك القليل فيحكم بطهارته وأما في الثالث فإن كان مما يمكن عصره كالثياب فطهارته بالغسل والعصر إلى زوال المرئية وفي غيرها بتثليثهما وإن كان مما لا ينعصر كالحصير المتخذ من البردي ونحوه إن علم أنه لم يتشرب فيه بل أصاب ظاهره يطهر بإزالة العين أو بالغسل ثلاثا بلا عصر وإن علم تشربه كالخزف الجديد والجلد المدبوغ بدهن نجس والحنطة المنتفخة بالنجس فعند محمد لا يطهر أبدا وعند أبي يوسف ينقع في الماء ثلاثا ويجفف كل مرة والأول أقيس والثاني أوسع ا هـ
وبه يفتى
درر
قال في الفتح وينبغي تقييد الخزف العتيق بما إذا تنجس رطبا وإلا فهو كالجديد لأنه يشاهد اجتذابه ا هـ
وقالوا في البساط النجس إذا جعل في نهر ليلة طهر
قال في البحر والتقييد بالليلة لقطع الوسوسة وإلا فالمذكور في المحيط أنه إذا أجري عليه الماء إلى أن يتوهم زوالها طهر لأن إجراء الماء يقوم مقام العصر ا هـ
ولم يقيده بالليلة ا هـ
ومثله في الدر المنتقى عن الشمني وابن الكمال ولو موه الحديد بالماء النجس يموه بالطاهر ثلاثا فيطهر خلافا لمحمد فعنده لا يطهر أبدا وهذا في الحمل في الصلاة أما لو غسل ثلاثا ثم قطع به نحو بطيخ أو وقع في ماء قليل لا ينجسه فالغسل يطهر ظاهره إجماعا وتمامه في شرح المنية
قوله ( وإلا فبقلعها ) المناسب فبغسلها لأن الكلام في غير المرئية أي ما لا يتشرب النجاسة مما لا ينعصر يطهر بالغسل ثلاثا ولو بدفعة بلا تجفيف كالخزف والآجر
____________________
(1/332)
المستعملين كما مر وكالسيف والمرآة ومثله ما يتشرب فيه شيء قليل كالبدن والنعل كما قدمناه آنفا
قوله ( وهذا كله ) أي الغسل والعصر ثلاثا فيما ينعصر وتثليث الجفاف في غيره ط
قوله ( في إجانة ) بالكسر والتشديد إناء تغسل فيه الثياب والجمع أجاجين
مصباح أي إن هذا المذكور إنما هو إذا غسل ثلاثا في إجانة واحدة أو في ثلاث إجانات
قال في الإمداد والمياه الثلاثة متفاوتة في النجاسة فالأولى يطهر ما أصابته بالغسل ثلاثا والثانية بثنتين والثالثة بواحدة وكذا الأواني الثلاثة التي غسل فيها واحدة بعد واحدة وقيل يطهر الإناء الثالث بمجرد الإراقة والثاني بواحدة والأول بثنتين ا هـ
بقي لو غسل في إجانة واحدة قال في الفيض تغسل الإجانة بعد الثلاث مرة ا هـ
وشمل كلامه ما لو غسل العضو في الإجانة فإنه يطهر عندهما
وقال أبو يوسف لا يطهر ما لم يصب عليه الماء وعلى هذا الخلاف لو أدخله في حباب الماء ولو في خوابي خل يخرج من الثالثة طاهرا عند أبي حنيفة خلافا لهما لاشتراط محمد في غسل النجاسة الماء واشتراط أبي يوسف الصب
بدائع
قوله ( أما لو غسل الخ ) نقل هذه الجملة في البحر عن السراج وتابعه من بعده حتى الشرنبلالي وقد صحر في شرح المنية عند قوله روي عن أبي يوسف أن الجنب إذا اتزر في الحمام وصب الماء على جسده ثم على الإزار يحكم بطهارة الإزار وإن لم يعصر
وفي المنتقى شرط العصر على قول أبي يوسف بما نصه تقدم أن هذا ظاهر الرواية على قول الكل ولو غمس الثوب في نهر جار مرة وعصره يطهر وهذا قول أبي يوسف في غير ظاهر الرواية وذكر في الأصل وهو ظاهر الرواية أنه يغسل ثلاثا ويعصر في كل مرة
وعن محمد في غير ظاهر الرواية أنه يغسلها أي النجاسة الغير المرئية ثلاثا ويعصره في المرة الثالثة وقد تقدم أنه غير رواية الأصول
وقال في الفتح لا يخفى أن المروي عن أبي يوسف في الإزار لضرورة ستر العورة فلا يلحق به غيره ولا تترك الروايات الظاهرة فيه ا هـ
أقول لكن قد علمت أن المعتبر في تطهير النجاسة المرئية زوال عينها ولو بغسلة واحدة ولو في إجانة كما مر فلا يشترط فيها تثليث غسل ولا عصر وأن المعتبر غلبة الظن في تطهير غير المرئية بلا عدد على المفتى به أو مع شرط التثليث على ما مر ولا شك أن الغسل بالماء الجاري وما في حكمه من الغدير أو الصب الكثير الذي يذهب بالنجاسة أصلا ويخلفه غيره مرارا بالجريات أقوى من الغسل في الإجانة التي على خلاف القياس لأن النجاسة فيها تلاقي الماء وتسري معه في جميع أجزاء الثوب فيبعد كل البعد التسوية بينهما في اشتراط التثليث وليس اشتراطه حكما تعبديا حتى يلتزم وإن لم يعقل معناه ولهذا قال الإمام الحلواني على قياس قول أبي يوسف في إزار الحمام إنه لو كانت النجاسة دما أو بولا وصب عليه الماء كفاه وقول الفتح إن ذلك لضرورة ستر العورة كما مر رده في البحر بما في السراج وأقره في النهر وغيره
قوله ( في غدير ) أي ماء كثير له حكم الجاري
قوله ( أو صب عليه ماء كثير ) أي بحيث يخرج الماء ويخلفه غيره ثلاثا لأن الجريان بمنزلة التكرار والعصر هو الصحيح
سراج
قوله ( بلا شرط عصر ) أي فيما ينعصر وقوله وتجفيف أي في غيره وهذا بيان للإطلاق
قوله ( هو المختار ) عبارة السراج وأما حكم الغدير فإن غمس الثوب فيه ثلاثا وقلنا بقول البلخيين وهو المختار فقد روي عن أبي حفص الكبير أنه يطهر وإن لم يعصر
وقيل يشترط العصر كل مرة وقيل مرة واحدة ا هـ
وحاصله اشتراط الغمس في الغدير ثلاثا عندهم مع اختلافهم في العصر فتنبه
____________________
(1/333)
مطلب في تطهير الدهن والعسل قوله ( ويطهر لبن وعسل الخ ولو تنجس العسل فتطهيره أن يصب فيه ماء بقدره فيغلي حتى يعود إلى مكانه والدهن يصب عليه الماء فيغلي فيعلو الدهن الماء فيرفع بشيء هكذا ثلاث مرات ا هـ
وهذا عند أبي يوسف خلافا لمحمد وهو أوسع وعليه الفتوى كما في شرح الشيخ إسماعيل عن جامع الفتاوي
وقال في الفتاوي الخيرية ظاهر كلام الخلاصة عدم اشتراط التثليث وهو مبني على أن غلبة الظن مجزئة عن التثليث وفيه اختلاف تصحيح ثم قال إن لفظه فيغلي ذكرت في بعض الكتب والظاهر أنها من زيادة الناسخ فإنا لم نر من شرط لتطهير الدهن الغليان مع كثرة النقل في المسألة والتتبع لها إلا أن يراد به التحريك مجازا فقد صرح في مجمع الرواية وشرح القدوريأنه يصب عليه مثله ماء ويحرك فتأمل ا هـ
أو يحمل على ما إذا جمد الدهن بعد تنجسه
ثم رأيت الشارح صرح بذلك في الخزائن فقال والدهن السائل يلقى فيه الماء والجامد يغلى به حتى يعلو الخ
ثم اشتراط كون الماء مثل العسل أو الدهن موافق لما في شرح المجمع عن الكافي ولم يذكره في الفتح والبحر
وذكر القهستاني عن بعض المفتين الاكتفاء في العسل والدبس بالخمس قال لأن في بعض الروايات قدرا من الماء
قلت يحتمل أن قدرا مصحف عن قدره بالضمير فيوافق ما ذكرناه عن شرح المجمع وبه سقط ما نقله عن بعض المفتين
هذا وفي القنية عن ركن الأئمة الصباغي أنه جرب تطهير العسل بذلك فوجده مرا
وذكر في الخلاصة أنه لو ماتت الفأرة في دن النشا يطهر بالغسل إن تناهي أمره وإلا فلا
قوله ( ولحم طبخ الخ ) في الظهيرية ولو صبت الخمرة في قدر فيها لحم إن كان قبل الغليان يطهر اللحم بالغسل ثلاثا وإن بعده فلا
وقيل يغلى ثلاثا كل مرة بماء طاهر ويجفف في كل مرة وتجفيفه بالتبريد ا هـ
بحر
قلت لكن يأتي قريبا أن المفتى به الأول
وفي الخانية إذا صب الطباخ في القدر مكان الخل خمرا غلطا فالكل نجس لا يطهر أبدا وما روي عن أبي يوسف أنه يغلى ثلاثا لا يؤخذ به وكذا الحنطة إذا طبخت في الخمر لا تطهر أبدا
وعندي إذا صب فيه الخل وترك حتى صار الكل خلا لا بأس به ا هـ
فما مشى عليه الشارح هنا ضعيف
قوله ( وكذا دجاجة الخ ) قال في الفتح إنها لا تطهر أبدا لكن على قول أبي يوسف تطهر والعلة والله أعلم تشربها النجاسة بواسطة الغليان وعليه اشتهر أن اللحم السميط بمصر نجس لكن العلة المذكورة لا تثبت ما لم يمكث اللحم بعد الغليان زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم وكل منهما غير متحقق في السميط حيث لا يصل إلى حد الغليان ولا يترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى ظاهر الجلد لتنحل مسام الصوف بل لو ترك يمنع انقلاع الشعر فالأولى في السميط أن يطهر بالغسل ثلاثا فإنهم لا يتحرسون فيه عن المنجس وقد قال شرف الأئمة بهذا في الدجاجة والكرش والسميط ا هـ
وأقره في البحر
قوله ( وفي التجنيس ) هو اسم كتاب لصاحب الهداية قال فيه إن هذا الكتاب لبيان ما استنبطه المتأخرون ولم ينص عليه المتقدمون وعبارته هنا ولو طبخت الحنطة في الخمر قال أبو يوسف تطبخ ثلاثا بالماء وتجفف في كل مرة وكذلك اللحم
وقال أبو حنيفة إذا طبخت في الخمر لا تطهر أبدا وبه يفتى ا هـ أي إلا إذا جعلها في خل كما نقله بعضهم عن مختصر المحيط وقدمناه عن الخانية فافهم
قوله ( ولو انتفخت من بول الخ ) إن كان هذا قول
____________________
(1/334)
أبي يوسف فظاهر وإن كان قول الإمام فقد يفرق بينه وبين طبخها بالخمر بزيادة التشرب بالطبخ ثم لا يمكن هنا تطهيرها بجعلها في الخل لأن البول لا ينقلب خلا بخلاف الخمر
قوله ( وجففت ) ظاهره أن المراد التجفيف إلى أن يزول الانتفاخ في كل مرة
قوله ( فيطهر ) لانقلاب ما فيه من أجزاء الخمر خلا والله أعلم
فصل الاستنجاء بإضافة فصل إلى الاستنجاء وهو خبر لمبتدأ محذوف وإنما ذكره في الأنجاس مع أنه من سنن الوضوء كما قدمناه لأنه إزالة نجاسة عينيه كما في البحر
قوله ( إزالة نجس الخ ) عرفه في المغرب بأنه مسح موضع النجو وهو ما يخرج من البطن أو غسله
وأورد عليه في البحر أنه يشمل الاستنجاء من الحصاة مع أنه لا يسن كما صرح به في السراج فلذا عدل عنه الشارح
وأيضا فإنه لا يشمل ما لو أصاب المخرج نجاسة أجنبية أكثر من الدرهم مع أنه يطهر بالحجر كما مشى عليه الشارح فيما يأتي وجزم به في الإمداد ويأتي تمام كلامه عليه
قوله ( فلا يسن من ريح ) لأن عينها طاهرة وإنما نقضت لانبعاثها عن موضع النجاسة ا هـ
ح ولأن بخروج الريح لا يكون على السبيل شيء فلا يسن منه بل هو بدعة كما في المجتبى
بحر
قوله ( وحصاة ) لأنه إن لم يكن عليها بلل أو كان ولم يتلوث منه الدبر فهي خارجة بقوله عن سبيل وإن تلوث منها فالاستنجاء حينئذ للنجاسة لا للحصاة ا هـ
ح
قوله ( ونوم ) لأنه ليس بنجس أيضا ا هـ
ح
قوله ( وفصد ) أي الدم الذي على موضع الفصد لأنه وإن كان نجسا لكنه ليس على السبيل ليزال عنه ا هـ
ح
قوله ( وهو سنة مؤكدة ) صرح به في البحر عن النهاية ثم عزاه أيضا إلى الأصل وعلله في الكافي بمواظبته عليه
ونقل في الحلية الأحاديث الدالة على المواظبة وما يصرفها عن الوجوب فراجعه وعليه فيكره تركه كما في الفتح مستدركا على ما في الخلاصة من نفي الكراهة ونحوه في الحلية وأوضح المقام الشيخ إسماعيل في شرحه على الدرر فراجعه ثم رأيته في البدائع صرح بالكراهة
قوله ( مطلقا ) سواء كان الخارج معتادا أم رطبا أم لا
ط وسواء كان بالماء أو بالحجر وسواء كان من محدث أو جنب أو حائض أو نفساء على ما ذكره هنا
قوله ( وما قبل الخ ) دفع لما يخالف الإطلاق المذكور والقائل بذلك صاحب السراج والاختيار وخزانة الفقه والحاوي القدسي والزيلعي وغيرهم وأقرهم في الحلية واعترضهم في البحر بأنه تسامح لأنه من باب إزالة الحدث إن لم يكن على المخرج شيء وإن كان فهو من باب إزالة النجاسة الحقيقية ا هـ
____________________
(1/335)
أقول لا شك أن غسل ما على المخرج في الجنابة يسمى إزالة نجس عن سبيل فقد صدق عليه تعريف الاستنجاء وإن كان فرضا
وأما إذا تجاوزت النجاسة مخرجها فإن كان المراد به غسل المتجاوز إذا زاد على الدرهم فكونه تسامحا ظاهر لأنه لا يصدق عليه التعريف المذكور وإن كان المراد غسل ما على المخرج عند التجاوز بناء على قول محمد الآتي فلا تسامح يدل عليه ما في الاختيار من أن الاستنجاء على خمسة أوجه اثنان واجبان أحدهما غسل نجاسة المخرج في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس كي لا تشيع في بدنه
والثاني إذا تجاوزت مخرجها يجب عند محمد قل أو كثر وهو الأحوط لأنه يزيد على قدر الدرهم وعندهما يجب إذا جاوزت قدر الدرهم لأن ما على المخرج سقط اعتباره والمعتبر ما وراءه
والثالث سنة وهو إذا لم تتجاوز النجاسة مخرجها
والرابع مستحب وهو ما إذا بال ولم يتغوط فيغسل قبله
والخامس بدعة وهو الاستنجاء من الريح ا هـ
قوله ( وأركانه ) قال المصنف في شرحه ولم أسبق إلى بيانها فيما علمت ا هـ
وفيه تسامح لأن هذه الأربعة شروط للوجود في الخارج لا أركان لما في الحلية ركن الشيء جانبه الأقوى
وفي الاصطلاح ماهية الشيء أو جزء منها يتوقف تقومها عليه فالشرط والركن متباينان لاعتبار الخروج عن ماهية المشروط في ماهية الشرط وكون الركن نفس الشيء أو جزأه الداخل فيه ا هـ
قال ح وحقيقة الاستنجاء الذي هو إزالة نجس عن سبيل لا تتقوم ولا بواحد من هذه الأربعة
فإن قلت قد ذكر النجس في التعريف فهو من أجزاء الماهية
قلت أجزاء التعريف لإزالة وإضافتها إلى النجس لا نفس النجس كما صرحوا به في قولهم العمى عدم البصر فإن أجزاء التعريف العدم وإضافته إلى البصر لا نفس البصر ومثله يقال في قوله عن سبيل فإن جزء التعريف الإزالة المتعلقة بالسبيل لا السبيل وإلا لزم أن تكون الذوات أجزاء من المعنى وللزم أن يقال أركان التيمم متيمم متيمم به الخ وكذا في الوضوء وغيره ا هـ
قوله ( ونجس خارج الخ ) أي ولو غير معتاد كدم أو قيح خرج من أحد السبيلين فيطهر بالحجارة على الصحيح
زيلعي
وقيل لا يطهر إلا بالماء وبه جزم في السراج
نهر
قوله ( وكذا لو أصابه من خارج ) أي فيطر بالحجارة
وقيل الصحيح أنه لا يطهر إلا بالغسل
زيلعي
قال في البحر وقد نقلوا هذا التصحيح هنا بصيغة التمريض فالظاهر خلافه ا هـ
قال نوح أفندي ويوهم أنهم نقلوه في جميع الكتب بها مع أن شارح المجمع والنقاية نقلاه عن القنية بدونها ا هـ
أقول يؤيده أن الاكتفاء بالحجارة وارد على خلاف القياس للضرورة والضرورة فيما يكثر لا فيما يندر كهذه الصورة ثم رأيت ما بحثته في الحلية حيث نقل ما في القنية ثم قال وهو حسن لأن ما ورد على خلاف القياس يقتصر فيه على الوارد ا هـ
لكن ذكر المصنف في شرح زاد الفقير أن ما نقله الزيلعي وغيره عن القنية غير موجود فيها وأنه ذكر في الفتاوي الكبرى ومختارات النوازل أن الأصح طهارته بالمسح وبه أخذ الفقيه أبو الليث ا هـ
قوله ( وإن قام ) أي المستنجي من موضعه فإنه يطهر بالحجر أيضا قال في السراج قيل إنما يجزىء الحجر إذا كان الغائط رطبا لم يجف ولم يقم من موضعه أما إذا قام من موضعه أو جف الغائط فلا يجزيه إلا الماء لأنه بقيامه قبل أن يستنجي بالحجر يزول الغائط عن موضعه ويتجاوز مخرجه وبجفافه لا يزيله الحجر فوجب الماء فيه ا هـ
____________________
(1/336)
أقول والتحقيق أنه إن تجاوز عن موضعه بالقيام أكثر من الدرهم أو جف بحيث لا يزيله الحجر فلا بد من الماء إذا أراد إزالته
قوله ( على المعتمد ) كأنه أخذه من جزمه به في البحر وتعبير السراج عن مقابله بقيل
قوله ( مما هو عين طاهرة الخ ) قال في البدائع السنة هو الاستنجاء بالأشياء الطاهرة من الأحجار والأمدار والتراب والخرق البوالي ا هـ
قوله ( لا قيمة لها ) يستثنى منه الماء كما في حاشية أبي السعود
قوله ( كمدر ) بالتحريك قطع الطين اليابس قاموس ومثله الجداد إلا جدار غيره كالوقف ونحوه كما في شرح النقاية للقاري لكن ذكر في البحر هنا جوازه بالجدار مطلقا وذكر في باب ما يجوز من الإجارة أن للمستأجر الاستنجاء بالحائط ولو الدار مسبلة ا هـ
قال شيخنا وتزول المخالفة بحمل الأول على ما إذا لم يكن مستأجرا
أبو السعود
مطلب إذا دخل المستنجي في ماء قليل قوله ( منق ) بتشديد القاف مع فتح النون أو تخفيفها مع سكونها من التنقية أو الإنقاء أي منظف
غرر الأفكار
قال في السراج ولم يرد به حقيقة الإنقاء بل تقليل النجاسة ا هـ
ولذا يتنجس الماء القليل إذا دخله المستنجي
ولقائل منعه لجواز اعتبار الشرع طهارته بالمسح كالنعل وقدمنا حكاية الروايتين في نحو المني إذا فرك ثم أصابه الماء وأن المختار عدم عوده نجسا وقياسه أن يجريا أيضاف هنا وأن لا يتنجس الماء على الراجح
وأجمع المتأخرون على أنه لا يتنجس بالعرق حتى لو سال منه وأصاب الثوب أو البدن أكثر من قدر الدرهم لا يمنع ويدل على اعتبار الشرع طهارته بالحجر ما رواه الدارقطني وصححه أنه نهى أن يستنجي بروث أو عظم وقال إنهما لا يطهران ا هـ
ملخصا من الفتح وتبعه في البحر
قال في النهر وهذا هو المناسب لما في الكتاب
وفي القهستاني وهو الأصح
ونقل في التاترخانية اختلاف التصحيح لكن قدمنا قبيل بحث الدباغة أن المشهور في الكتب تصحيح النجاسة والله تعالى أعلم
قوله ( لأنه المقصود ) أي لأن الإنقاء هو المقصود من الاستنجاء كما في الهداية وغيرها
قوله ( ولا يتقيد الخ ) أي بناء على ما ذكر من أن المقصود هو الإنقاء فليس له كيفية خاصة وهذا عند بعضهم
وقيل كيفيته في المقعدة في الصيف للرجل إدبار الحجر الأول والثالث وإقبال الثاني وفي الشتاء بالعكس وهكذا تفعل المرأة في الزمانين كما في المحيط وله كيفيات أخر في النظم والظهيرية وغيرهما وفي الذكر أن يأخذه بشمال ويمره على حجر أو جدار أو مدر كما في الزاهدي ا هـ
قهستاني
واختار ما ذكره الشارح في المجتبى والفتح والبحر
وقال في الحلية إنه الأوجه
وقال في شرح المنية ولم أر لمشايخنا في حق القبل للمرأة كيفية معينة في الاستنجاء بالأحجار ا هـ
قلت بل صرح في الغزنوية بأنها تفعل كما يفعل الرجل إلا في الاستبراء فإنها لا استبراء عليها بل كما فرغت من البول والغائط تصبر ساعة لطيفة ثم تمسح قبلها ودبرها بالأحجار ثم تستنجي بالماء ا هـ
قوله ( بل مستحب ) أشار إلى أن المراد نفي السنة المؤكدة لا أصلها لما ورد من الأمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار ولم نقل إن الأمر للوجوب كما قال الإمام الشافعي لأن قوله عليه الصلاة والسلام من ستجمر فليوتر فمن فعل فحسن ومن لا فلا حرج دليل على عدم الوجوب فحمل الأمر على الاستحباب توفيقا وتمام الكلام في الحلية وشرح الهداية للعيني
قوله ( والغسل بالماء ) أي المطلق وإن صح عندنا بما في معناه من كل مائع طاهر مزيل فإنه يكره لما فيه من إضاعة الماء بلا ضرورة كما في الحلية
قوله ( إلى أن يقع الخ )
____________________
(1/337)
هذا هو الصحيح
وقيل يشترط الصب ثلاثا وقيل سبعا وقيل عشرا وقيل في الإحليل ثلاثا وفي المقعدة خمسا
خلاصة
قوله ( فيقدر بثلاث ) وقيل بسبع للحديث الوارد في ولوغ الكلب معراج عن المبسوط
قوله ( كما مر ) أي في تطهير النجاسة الغير المرئية قال في المعراج لأن البول غير مرئي والغائط وإن كان مرئيا فالمستنجي لا يراه فكان بمنزلته ا هـ
قوله ( عند أحد ) أي ممن يحرم عليه جماعه ولو أمته المجوسية أو التي زوجها للغير أفاده ح
قوله ( أما معه ) أي مع الكشف المذكور أو مع الأحد
قوله ( فيتركه ) أي الاستنجاء بالماء وإن تجاوزت المخرج وزادت على قدر الدرهم ولم يجد ساترا أو لم يكفوا بصرهم عنه بعد طلبه منهم فحينئذ يقللها بنحو حجر ويصلي
وهل عليه الإعادة الأشبه نعم كما إذا منع عن الاغتسال بصنع عبد فتيمم وصلى كما مر أفاده في الحلية وذكرنا خلافه في بحث الغسل فراجعه
قوله ( كما مر ) أي قبيل سنن الغسل حيث قال وأما الاستنجاء فيتركه مطلقا ا هـ أي سواء كان ذكرا أو أنثى أو خنثى بين رجال أو نساء أو خناثى أو رجال ونساء أو رجال وخناثي أو نساء وخناثي أو رجال ونساء وخناثي فهي إحدى وعشرون صورة ا هـ ح
قوله ( فلو كشف له الخ ) أي للاستنجاء بالماء
قال نوح أفندي لأن كشف العورة حرام ومرتكب الحرام فاسق سواء تجاوز النجس المخرج أو لا وسواء كان المجاوز أكثر من الدرهم أو أقل ومن فهم غير هذا فقد سها لما في شرح المنية عن البزازية أن النهي راجع على الأمر
قوله ( لا لو كشف الخ ) أما التغوط فظاهر لأنه أمر طبيعي ضروري لا انفكاك عنه وأما الاغتسال فقد ذكره قبيل سنن الغسل وبينا هناك أن الصور إحدى وعشرون لا يغتسل فيها إلا في صورتين وهما رجل بين رجال وامرأة بين نساء فيجب حمل كلامه عليهما فقط ا هـ
ح أي لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وقد نقل في البحر لزوم الاغتسال في الصورتين المذكورتين عن شرح النقاية وقدمنا هناك نقله عن القنية وأن شارح المنية قال إنه غير مسلم لأن ترك المنهي مقدم على فعل المأمور وللغسل خلف وهو التيمم وقد مر تمامه فراجعه
قوله ( سنة مطلقا ) أي في زماننا وزمان الصحابة لقوله تعالى { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } التوبة 108 قيل لما نزلت قال رسول الله يا أهل قباء إن الله أثنى عليكم فماذا تصنعون عند لغائط قالوا نتبع لغائط لأحجار ثم نتبع الأحجار لماء فكان الجمع سنة على الإطلاق في كل زمان وهو الصحيح وعليه الفتوى وقيل ذلك في زماننا لأنهم كانوا يبعرون ا هـ إمداد
ثم اعلم أن الجمع بين الماء والحجر أفضل ويليه في الفضل الاقتصار على الماء ويليه الاقتصار على الحجر وتحصل السنة بالكل وإن تفاوت الفضل كما أفاده في الإمداد وغيره
قوله ( ويجب أي يفرض غسله ) أعاد الضمير على الغسل دون الاستنجاء لأن غسل ما عدا المخرج لا يسمى استنجاء وفسر الوجوب بذلك لأن المراد بالمجاوز ما زاد من الدرهم بقرينة ما بعده ولقوله في المجتبى لا يجب الغسل بالماء إلا إذا تجاوز ما على نفس المخرج وما حوله من موضع الشرج وكان المجاوز أكثر من قدر الدرهم ا هـ
ولذا قيد الشارح النجس بقوله مانع
والشرج بالشين المعجمة والجيم مجمع حلقة الدبر الذي ينطبق كما في المصباح
قوله ( إن جاوز المخرج ) يشمل الإحليل ففي التاترخانية وإذا أصاب طرف الإحليل من البول أكثر من الدرهم يجب غسله هو الصحيح
ولو مسحه بالمدر قيل يجزئه قياسا على المقعدة وقيل لا وهو الصحيح ا هـ
____________________
(1/338)
أقول والظاهر أنه لو أصاب قلفة الأقلف القدر المانع فحكمه كذلك
تنبيه مقتضى اقتصارهم على المخرج أي وما حوله من موضع الشرج كما قدمناه آنفا عن المجتبى أنه يجب غسل المجاوز لذلك وإن لم يجاوز الغائط الصفحة وهي ما ينضم من الأليتين عند القيام والبول الحشفة خلافا للشافعية حيث اكتفوا بالحجر إن لم يجاوز ذلك
قوله ( ويعتبر الخ ) أي خلافا لمحمد
والحاصل أن ما جاوز المخرج إن زاد على الدرهم في نفسه يفترض غسله اتفاقا وإن زاد بضم ما على المخرج إليه لا يفرض عندهما بناء على أن ما على المخرج في حكم الباطن عندهما فيسقط اعتباره مطلقا حتى لا يضم إلى ما على بدنه من النجس
وعند محمد يفرض غسله بناء على أن ما على المخرج في حكم الظاهر عنده فلا يسقط اعتباره ويضم لأن العفو عنه لا يستلزم كونه في حكم الباطن بدليل وجوب غسله في الجنابة والحيض وفيما لو أصابه نجس من غيره على الصحيح ا هـ
نوح عن البرهان
والصحيح قولهما
قاسم
قلت وعليه الكنز والمصنف واستوجبه في الحلية قول محمد وأيده بكلام الفتح حيث بحث في دليلهما وبقول الغزنوي في مقدمته قال أصحابنا من استجمر بالأحجار وأصابته نجاسة يسيرة لم تجز صلاته
لأنه إذا جمع زاد على الدرهم ا هـ
وقدمنا عن الاختيار أنه الأحوط وعليه فالواجب ليس غسل المتجاوز بعينه ولا الجميع بل المتجاوز أو ما على المخرج كما حرره في الحلية أي لأنه لو ترك أحدهما وهو درهم أو أقل كان عفوا ثم قال إن قولهم بوجوب غسل قدر الدرهم لقربه من الفرض وهو الزائد على قدر الدرهم الظاهر أنه من تصرفات بعض المشايخ وأنه غير مأثور عن أصحاب المذهب لأن الحكم الشرعي لا يثبت بمجرد الرأي ا هـ
وقدمنا عنه في الأنجاس نحو ذلك
قوله ( لصلاة ) متعلق بالمانع
قوله ( ولهذا الخ ) استدلال على سقوط اعتبار ما على المخرج وفيه أن ترك غسل ما على المخرج إنما لا يكره بعد الاستجمار كما عرفته لا مطلقا فالدليل أخص من المدعي وتمامه في الحلية
قوله ( وكره تحريما الخ ) كذا استظهره في البحر للنهي الوارد في ذلك أي فيما ذكره في الكنز بقوله لا بعظم وروث وطعام ويمين
أقول أما العظم والروث فالنهي ورد فيهما صريحا في صحيح مسلم لما سأله لجن الزاد فقال لكم كل عظم ذكر سم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال النبي فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم وعلل في الهداية للروث بالنجاسة وإليه يشير قوله في حديث آخر إنها ركس لكن الظاهر أن هذا لا يفيد التحريم ومثله يقال في الاستنجاء بحجر استنجى به إلا أن يكون فيه نهي أيضا
قال في الحلية وإذا ثبت النهي في مطعوم الجن وعلف دوابهم ففي مطعوم الإنس وعلف دوابهم بالأولى
وأما اليمين فهو في الصحيحين أيضا إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه ولا يستنجي بيمينه وأما الآجر والخزف فعلله في البحر بأنه يضر المقعدة فإن تيقن الضرر فظاهر وإلا فالظاهر عدم الكراهة التحريمية وقد قال في الحلية لم أقف على نص يفيد النهي عن الاستنجاء بهما
وأما الشيء المحترم فلما ثبت في الصحيحين من النهي عن إضاعة الماء
وأما حق الغير ولو جدار مسجد أو ملك آدمي فلما فيه من التعدي المحرم
وأما الفحم فعلله في البحر بأنه يضر المقعدة كالزجاج والخزف وفيه ما علمته نعم في الحلية روى أبو داود
____________________
(1/339)
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال قدم وفد لجن على النبي فقالوا يا محمد أنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة فإن الله سبحانه وتعالى جعل لنا فيها رزقا قال فنهى لنبي عن ذلك قال أبو عبيد والحمم الفحم ا هـ
تنبيه استفيد من حديث مسلم السابق أنه لو كان عظم ميتة لا يكره الاستنجاء به
تأمل
قوله ( يابس ) قيد به لأنه لما كان لا ينفصل منه شيء صح الاستنجاء به لأنه يجفف ما على البدن من النجاسة الرطبة
بحر أي بخلاف الرطب فإنه لا يجفف فلا يصح به أصلا
قوله ( استنجي به ) بالبناء للمجهول
قوله ( إلا بحرف آخر ) أي لم تصبه النجاسة
قوله ( وآجر ) بالمد الطوب المشوي
قوله ( وخزف ) بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها فاء في القاموس هو ما يعمل من طين يشوى بالنار حتى يكون فخارا
حلية
وفسره في الإمداد بصغار الحصا والظاهر أنه أراد الخذف بالذال المعجمة الساكنة لأنه كان في القاموس الرمي بحصاة أو نواة أو نحوهما بالسبابتين فيكون أطلق المصدر على اسم المفعول
تأمل
قوله ( وشيء محترم ) أي ما له احترام واعتبار شرعا فيدخل فيه كل متقوم إلا الماء كما قدمناه والظاهر أنه يصدق بما يساوي فلسا لكراهة إتلافه كما مر ويدخل فيه جزء الآدمي ولو كافرا أو ميتا ولذا لا يجوز كسر عظمه وصرح بعض الشافعية بأن من المحترم جزء حيوان متصل به
ولو فأرة بخلاف المنفصل عن حيوان غير آدمي ا هـ
وينبغي أن يدخل فيه كناسة مسجد ولذا لا تلقى في محل ممتهن ودخل أيضا ماء زمزم كما قدمناه أول فصل المياه ويدخل أيضا الورق
قال في السراج قيل إنه ورق الكتابة وقيل ورق الشجر وأيهما كان فإنه مكروه ا هـ
وأقره في البحر وغيره وانظر ما العلة في ورق الشجر ولعلها كونه علفا للدواب أو نعومته فيكون ملوثا غير مزيل وكذا ورق الكتابة لصقالته وتقومه وله احترام أيضا لكونه آلة لكتابة العلم ولذا علله في التاترخانية بأن تعظيمه من أدب الدين
وفي كتب الشافعية لا يجوز بما كتب عليه شيء من العلم المحترم كالحديث والفقه وما كان آلة لذلك
أما غير المحترم كفلسفة وتوراة وإنجيل علم تبدلهما وخلوهما عن اسم معظم فيجوز الاستنجاء به ا هـ
ونقل القهستاني الجواز بكتب الحكميات عن الإسنوي من الشافعية وأقره
قلت لكن نقلوا عندنا أن للحروف حرمة ولو مقطعة
وذكر بعض القراء أن حروف الهجاء قرآن أنزلت على هود عليه السلام ومفاده الحرمة بالمكتوب مطلقا وإذا كانت العلة في الأبيض كونه آلة الكتابة كما ذكرناه يؤخذ منها عدم الكراهة فيما لا يصلح لها إذا كان قالعا للنجاسة غير متقوم كما قدمناه من جوازه بالخرق البوالي وهل إذا كان متقوما ثم قطع منه قطعة لا يقيمة لها بعد القطع يكره الاستنجاء بها أم لا الظاهر الثاني لأنه لم يستنج بمتقوم نعم قطعه لذلك الظاهر كراهته لو بلا عذر بأن وجد غيره لأن نفس القطع إتلاف والله تعالى أعمل
تنبيه ينبغي تقييد الكراهة فيما له قيمة بما إذا أدى إلى إتلافه أما لو استنجى به من بول أو مني مثلا وكان يغسل بعده فلا كراهة إلا إذا كان شيئا ثمينا تنقص قيمته بغسله كما يفعل في زماننا بخرقة المني لية العرس
تأمل
قوله ( ولا صابا ) أي لو وجد صابا كخادم وزوجة لا يتركه كما في الإمداد وتقدم في التيمم الكلام على القادر
____________________
(1/340)
بقدرة الغير فراجعه
قوله ( سقط أصلا ) أي بالماء والحجر
قوله ( كمريض الخ ) في التاترخانية الرجل المريض إذا لم تكن له امرأة ولا أمة وله ابن أو أخ وهو لا يقدر على الوضوء قال يوضئه ابنه أو أخوه غير الاستنجاء فإنه لا يمس فرجه ويسقط عنه والمرأة المريضة إذا لم يكن لها زوج وهي لا تقدر على الوضوء ولها بنت أو أخت توضئها ويسقط عنها الاستنجاء ا هـ
ولا يخفى أن هذا التفصيل يجري فيمن شلت يداه لأنه في حكم المريض
قوله ( وحق غيره ) أي كحجره ومائه المحرز لو بلا إذنه ومنه المسبل للشرب فقط وجدار ولو لمسجد أو دار وقف لم يملك منافعها كما مر
قوله ( وكل ما ينتفع به ) أي لإنسي أو جني أو دوابهما وظاهره ولو مما لا يتلف بأن كان يمكن غسله
قوله ( مع الكراهة ) أي التحريمية في المنهي عنه والتنزيهية في غيره كما علم ما قررناه أو لا وما ذكره الزاهدي عن النظم من أنه يستنجي بثلاثة أمدار فإن لم يجد فبالأحجار فإن لم فبثلاثة أكف من تراب لا بما سواها من الخرقة والقطن ونحوهما لأنه روي في الحديث أنه يورث الفقر ا هـ
قال في الحلية إنه غير ظاهر الوجه مع مخالفته لعامة الكتب وكذا قوله لا بما سواها الخ فإن المكروه المتقوم لا مطلقا وما ذكره من الحديث الله أعلم به ا هـ
ملخصا
قوله ( وفيه نظر الخ ) كذا في البحر
وأجاب في النهر بأن المسنون إنما هو الإزالة ونحو الحجر لم يقصد بذاته بل لأنه مزيل غاية الأمر أن الإزالة بهذا الخاص منهي وذا لا ينفي كونه مزيلا
ونظيره لو صلى السنة في أرض مغصوبة كان آتيا بها مع ارتكاب المنهي عنه ا هـ
قلت وأصل الجواب مصرح به في كافي النسفي حيث قال لأن النهي في غيره فلا ينفي مشروعيته كما لو توضأ بماء مغصوب أو استنجى بحجر مغصوب
قلت والظاهر أن أراد بالمشروعية الصحة لكن يقال عليه إن المقصود من السنة الثواب وهو مناف للنهي بخلاف الفرض فإنه مع النهي يحصل به سقوط المطالبة كمن توضأ بماء مغصوب فإنه يسقط به الفرض وإن أثم بخلاف ما إذا جدد به الوضوء فالظاهر أنه وإن صح لم يكن له ثواب
قوله ( استقبال قبله ) أي جهتها كما في الصلاة فيما يظهر
ونص الشافعية على أنه لو استقبلها بصدره وحول ذكره عنها وبال لم يكره بخلاف عكسه ا هـ أي فالمعتبر الاستقبال بالفرج وهو ظاهر قول محمد في الجامع الصغير يكره أن يستقبل القبلة بالفرج من الخلاء وهل يلزمه التحري لو اشتبهت عليه كما في الصلاة الظاهر نعم ولو هبت ريح عن يمين القبلة ويسارها وغلب على ظنه عود النجاسة عليه فالظاهر أنه يتعين عليه استدبار القبلة حيث أمكن لأن الاستقبال أفحش والله أعلم
قوله ( واستدبارها ) هو الصحيح
وروي عن أبي حنيفة أنه يحل الاستدبار
قوله ( لم يكره ) أي تحريما لما في المنية أن تركه أدب ولما مر في الغسل أن من آدابه أن لا يستقبل القبلة لأنه يكون غالبا مع كشف العورة حتى لو كانت مستورة لا بأس به ولقولهم يكره مد الرجلين إلى القبلة في النوم وغيره عمدا وكذا في حال مواقعة أهله
مطلب القول المرجع على الفعل قوله ( لاطلاق النهي ) وهو قوله إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا لقبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا رواه السنة وفيه رد لرواية حل الاستدبار ولقول الشافعي بعدم الكراهة في البنيان أخذا من
____________________
(1/341)
قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت رسول الله يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة رواه الشيخان
ورجح الأول بأنه قول وهذا فعل والقول أولى لأن الفعل يحتمل الخصوصية والعذر وغير ذلك وبأنه محرم وهذا مبيح والمحرم مقدم وتمامه في شرح المنية
قوله ( قبالة ) بضم القاف بمعنى تجاه
قاموس ا هـ
ط
قوله ( فانحرف عنها ) أي بجملته أو بقبله حتى خرج عن جهتها والكلام مع الإمكان فليس في الحديث دلالة على أن المنهي استقبال العين كما لا يخفى فافهم
قوله ( حتى يغفر له ) أي تقصيره في عدم تثبته حتى كفل واستقبلها أو المراد غفران ما شاء الله تعالى من ذنوبه الصغائر
إن الحسنات يذهبن السيئات قوله ( وإلا فلا بأس ) أي وإن لم يمكنه فلا بأس والمراد نهي الكراهة أصلا
ويحتمل أن المعنى وإن لم ينحرف مع الإمكان فلا بأس كما في النهاية وحينئذ فالمراد به خلاف الأولى كما هو الشائع في استعماله وإذا ذلك أشار الشارح أولا بقوله ندبا
قوله ( هذه الخ ) الإشارة إلى الكراهة المذكورة في الأشياء الآتية أي بخلاف كراهة الاستقبال والاستدبار فإنها تحريمية كما نص عليه أولا وأراد دفع ما قد يتوهم أن كل هذه الأشياء الآتية مثلها بمقتضى ظاهر التشبيه
قوله ( إمساك صغير ) هذه الكراهة تحريمية لأنه قد وجد الفعل من المرأة ط
قوله ( وكذا مد رجله ) هي كراهة تنزيهية ط لكن قال الرحمتي سيأتي في كتاب الشهادات أنه يمد الرجل إليها ترد شهادته وهذا يقتضي التحريم فليحرر ا هـ
قوله ( واستقبال شمس وقمر ) لأنهما من آيات الله الباهرة وقيل لأجل الملائكة الذين معهما
سراج
ونقل سيدي عبد الغني عن المفتاح ولا يقعد مستقبلا للشمس والقمر ولا مستدبرا لهما للتعظيم ا هـ
أقول والظاهر أن الكراهة هنا تنزيهية ما لم يرد نهي وهل الكراهة هنا في الصحراء والبنيان كما في القبلة أم في الصحراء فقط وهل استقبال القمر نهارا كذلك لم أره
والذي يظهر أن المراد استقبال عينهما مطلقا لا جهتهما ولا ضوئهما وأنه لو كان ساتر يمنع عن العين ولو سحابا فلا كراهة وأن الكراهة إذا لم يكونا في كبد السماء وإلا فلا استقبال للعين ولم أره أيضا فليحرر نقلا ثم رأيت في نور الإيضاح قال واستقبال عين الشمس والقمر
قوله ( في ماء ولو جاريا الخ ) لما روى جابر بن عبد الله عن النبي أنه نهى أن يبال في لماء لراكد رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وعنه قال نهى رسول الله أن يبال في الماء الجاري رواه الطبراني في الأوسط بسند جيد
والمعنى فيه أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه
وأما الراكد القليل فيحرم البول فيه لأنه ينجسه ويتلف ما ليته ويغر غيره باستعماله والتغوط في الماء أقبح من البول وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء أو بال بقرب النهر فجرى إليه فكله مذموم قبيح منهي عنه
قال النووي في شرح مسلم وأما انغماس المستنجي بحجر في ماء قليل فهو حرام لتنجيس الماء وتلطخه بالنجاسة وإن كان جاريا فلا بأس به وإن كان راكدا فلا تظهر كراهته لأنه ليس في معنى البول ولا يقاربه لكن اجتنابه أحسن ا هـ
كذا في الضياء المعنوي شرح مقدمة الغزنوي
قوله ( وفي البحر الخ ) ذكره في بحث المياه توفيقا بصيغة ينبغي
____________________
(1/342)
تنبيه ينبغي أن يستثنى من ذلك ما إذا كان في سفينة في البحر فلا يكره له البول والتغوط فيه للضرورة ومثله بيوت الخلاء في دمشق ونحوها فإن ماءها يجري دائما ولم يبلغنا عن أحد من السلف منع قضاء الحاجة بها ولعل وجهه أن الماء الجاري بها بعد نزوله من الجرن إلى الأسفل لم تبق له حرمة الماء الجاري لقرب اتصاله بالنجاسة فلا تظهر فيه العلة المارة للكراهة لأنه لم يبق معدا للانتفاع به نعم ذكر سيدي عبد الغني في شرح الطريقة المحمدية أنه يظهر المنع من اتخاذ بيوت الخلاء فوق الأنهار الظاهرة وكذا إجراء مياه الكنف إليها بخلاف إجرائها إلى النهر الذي هو مجمع المياه النجسة وهو المسمى بالمالح والله تعالى أعلم
قوله ( وعلى طرف نهر الخ ) أي وإن لم تصل النجاسة إلى الماء لعموم نهي النبي عن البراز في الموارد ولما فيه من إيذاء المارين بالماء وخوف وصولها إليه كذا في الضياء عن النووي
قوله ( أو تحت شجرة مثمرة ) أي لإتلاف الثمر وتنجيسه إمداد
والمتبادر أن المراد وقت الثمرة ويلحق به ما قبله بحيث لا يأمن زوال النجاسة بمطر أو نحوه كجفاف أرض من بول
ويدخل فيه الثمر المأكول وغيره ولو مشموما لاحترام الكل والانتفاع به ولذا قال في الغزنوية ولا على خضرة ينتفع الناس بها
قوله ( أو في ظل ) لقوله تقوا الملاعن الثلاثة البراز في لموارد وقارعة الطريق والظل رواه أبو داود وابن ماجه
قوله ( ينتفع بالجلوس فيه ) ينبغي تقييده بما إذا لم يكن محلا للاجتماع على محرم أو مكروه وإلا فقد يقال يطلب ذلك لدفعهم عنه ويلحق بالظل في الصيف محل الاجتماع في الشمس في الشتاء
قوله ( وفي مقابر ) لأن الميت يتأذى بما يتأذى به الحي
والظاهر أنها تحريمية لأنهم نصوا على أن المرور في سكة حادثة فيها حرام فهذا أولى ط
قوله ( وبين دواب ) لخشية حصول أذية منها ولو بتنجس بنحو مشيها
قوله ( وفي مهب ريح ) لئلا يرجع الرشاش عليه
قوله ( وجحر ) بتقديم الجيم على المهملة هو ما يحتفره الهوام والسباع لأنفسها
قاموس لقول قتادة رضي الله عنه نهى رسول الله أن يبال في لجحر قالوا لقتادة ما يكره من البول في الحجر قال يقال إنه مساكن لجن رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقد يخرج عليه من الجحر ما يلسعه أو يرد عليه بوله
ونقل أن سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه قتلته الجن لأنه بال في جحر بأرض حوران وتمامه في الضياء
قوله ( وثقب ) الخرق النافذ
قاموس
وهو بالفتح واحد الثقوب وبالضم جمع ثقبة كالثقب بفتح القاف ا هـ
مختار
ثم هذا يغني عنه ما قبله وهذا في غير المعد لذلك كبالوغة فيما يظهر
قوله ( زاد العيني الخ ) أقول ينبغي أن يزاد أيضا البول على ما منع من الاستنجاء به لاحترامه كالعظم ونحوه كما صرح به الشافعية
قوله ( يعبر عليه أحد ) هذا أعم من طريق الناس
قوله ( وبجنب طريق أو قافلة ) قيد ذلك في الغزنوية بقوله والهواء يهب من صوبه إليها
قال في الضياء أي إلى الطريق أو القافلة والواو للحال ا هـ
قوله ( وفي أسفل الأرض الخ ) أي بأن يقعد في أسفلها ويبول إلى أعلاها فيعود الرشاش عليه
قوله ( والتكلم عليهما ) أي على البول والغائط قال لا يخرج لرجلان يضربان لغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله تعالى يمقت على ذلك رواه أبو داود والحاكم وصححه
ويضربان الغائط أي يأتيانه والمقت وهو البغض وإن كان المجموع أي مجموع كشف العورة والتحدث فبعض موجبات المقت مكروه
إمداد
____________________
(1/343)
تنبيه عبارة الغزنوية ولا يتكلم فيه أي في الخلاء
وفي الضياء عن بستان أبي الليث يكره الكلام في الخلاء وظاهره أنه لا يختص بحال قضاء الحاجة وذكر بعض الشافعية أنه المعتمد عندهم وزاد في الإمداد ولا يتنحنح أي إلا بعذر كما إذا خاف دخول أحد عليه ا هـ
ومثله بالأولى ما لو خشي وقوع محذور بغيره
ولو توضأ في الخلاء لعذر هل يأتي بالبسملة ونحوها من أدعيته مراعاة لسنة الوضوء أو يتركها مراعاة للمحل والذي يظهر الثاني لتصريحهم بتقديم النهي عن الأمر
تأمل
قوله ( وأن يبول قائما ) لما ورد من النهي عنه ولقول عائشة رضي الله عنها من حدثكم أن النبي كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا رواه أحمد والترمذي والنسائي وإسناده جيد
قال النووي في شرح مسلم وقد روي في النهي أحاديث لا تثبت ولكن حديث عائشة ثابت فلذا قال العلماء يكره إلا لعذر وهي كراهة تنزيه لا تحريم
وأما بوله في البساطة التي بقرب الدور فقد ذكر عياض أنه لعله طال عليه مجلس حتى حفزه البول فلم يمكنه التباعد ا هـ
أو لما روي أنه بال قائما لجرح بمأبضه بهمزة ساكنة بعد الميم وباء موحدة وهو باطن الركبة أو لوجع كان بصلبه والعرب كانت تستشفي به أو لكونه لم يجد مكانا للقعود أو فعله بيانا للجواز وتمامه في الضياء
قوله ( أو مضطجعا أو مجردا ) لأنهما من عمل اليهود والنصارى
غزنوية
قوله ( بلا عذر ) يرجع إلى جميع ما قبله ط
قوله ( ويتوضأ هو ) قدر هو ليوافق الحديث ويثبت حكم غيره بطريق الدلالة أفاده ح
قوله ( لحديث الخ ) لفظه كما في البرهان عن أبي داود لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل أو يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه والمعنى موضعه الذي يغتسل فيه بالحميم وهو في الأصل الماء الحار ثم قيل للأغتسال بأي مكان استحمام وإنما نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول أو كان المكان صلبا فيوهم المغتسل أنه أصابه منه شيء فيحصل به ( الوسواس ) كما في نهاية ابن الأثير الهمدني
مطلب في الفرق بين الاستبراء والاستنقاء والاستنجاء قوله ( يجب الاستبراء الخ ) هو طلب البراءة من الخارج بشيء مما ذكره الشارح حتى يستيقن بزوال الأثر
وأما الاستنقاء فهو طلب النقاوة وهو أن يدلك المقعدة بالأحجار أو بالأصابع حالة الاستنجاء بالماء
وأما الاستنجاء فهو استعمال الأحجار أو الماء هذا هو الأصح في تفسير هذه الثلاثة كما في الغزنوية
وفيها أن المرأة كالرجل إلا في الاستبراء فإنه لا استبراء عليها بل كما فرغت تصبر ساعة لطيفة ثم تستنجي ومثله في الإمداد
وعبر بالوجوب تبعا للدرر وغيرها وبعضهم عبر بأنه فرض وبعضهم بلفظ ينبغي وعليه فهو مندوب كما صحر به بعض الشافعية ومحله إذا أمن خروج شيء بعده فيندب ذلك مبالغة في الاستبراء أو المراد الاستبراء بخصوص هذه الأشياء من نحو المشي والتنحنح أما نفس الاستبراء حتى يطمئن قلبه بزوال الرشح فهو فرض وهو المراد بالوجوب ولذا قال الشرنبلالي يلزم الرجل الاستبراء حتى يزول أثر البول ويطمئن قلبه
وقال عبرت باللزوم لكونه أقوى من الواجب لأنه هذا يفوت الجواز لفوته فلا يصح له الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال
____________________
(1/344)
الرشح ا هـ
قوله ( أو تنحنح ) لأن العروق ممتدة من الحلق إلى الذكر
وبالتنحنح تتحرك وتقذف ما في مجرى البول ا هـ
ضياء
قوله ( ويختلف الخ ) هذا هو الصحيح فمن وقع في قلبه أنه صار جاز له أن يستنجي لأن كل أحد أعلم بحاله
ضياء
قلت ومن كان بطيء الاستبراء فليفتل نحو ورقة مثل الشعيرة ويحتشي بها في الإحليل فإنها تتشرب ما بقي من أثر الرطوبة التي يخاف خروجها وينبغي أن يغيبها في المحل لئلا تذهب الرطوبة إلى طرفها الخارج وللخروج من خلاف الشافعي وقد جرب ذلك فوجد أنفع من ربط المحل لكن الربط أولى إذا كان صائما لئلا يفسد صومه على قول الإمام الشافعي
قوله ( ومع طهارة المغسول تطهر اليد ) هو مختار الفقيه أبي جعفر وقيل يجب غسلها لأنها تتنجس بالاستنجاء وقيل يسن وهذا هو الصحيح كما مر في سنن الوضوء
نوح
ونقل في القنية أنه لو استنجى بالماء وبيده خيط مشدود لا يطهر بطهارة اليد ما لم يمر اليد بالخيط إمرارا بلغيا
قوله ( ويشترط الخ ) قال في السراج وهل يشترط فيه ذهاب الرائحة قال بعضهم نعم فعلى هذا لا يقدر بالمرات بل يستعمل الماء حتى تذهب العين والرائحة
وقال بعضهم لا يشترط بل يستعمل حتى يغلب على ظنه أنه قد طهر وقدروه بالثلاث ا هـ
والظاهر أن الفرق بين القولين أنه على الأول يلزمه شم يده حتى يعلم زوال الرائحة وعلى الثاني لا يلزمه بل يكفي غلبة الظن
تأمل
قوله ( بأن أرخى الخ ) لعل وجهه أن يخرج بإرخائه نفسه الشرج الداخل وهو لا يخلو عن رطوبة النجاسة ثم رأيته منقولا عن خط البزازي في هامش نسختي البزازية مع التصريح بأن المراد بوجه السنة ما ذكره الشارح من الإرخاء وبه اندفع ما فهمه في الحلية من بناء القول بالنقض على أن المراد بوجه السنة هو إدخال الأصبع في الدبر فرد ذلك بأنه قد نص غير واحد من أعيان المشايخ الكبار على أنه لا يدخل الأصبع في الاستنجاء
تتمة إذا أراد أن يدخل الخلاء ينبغي أن يقوم قبل أن يغلبه الخارج ولا يصحبه شيء عليه اسم معظم ولا حاسر الرأس ولا مع القلنسوة بلا شيء عليها فإذا وصل إلى الباب يبدأ بالتسمية قيل الدعاء هو الصحيح فيقول بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ثم يدخل باليسرى ولا يكشف قبل أن يدنو إلى القعود ثم يوسع بين رجليه ويميل على رجله اليسرى ولا يفكر في أمر الآخرة كالفقه والعلم فقد قيل إنه يمنع منه شيء أعظم منه ولا يرد سلاما ولا يجيب مؤذنا فإن عطس حمد الله تعالى بقلبه ولا ينظر إلى عورته ولا إلى ما يخرج منه ولا يبزق في البول ولا يطيل القعود فإنه يولد الباسور ولا يمتخط ولا يتنحنح ولا يكثر الالتفات ولا يعبث ببدنه ولا يرفع بصره إلى السماء وينكس رأسه حياء مما ابتلى به ويدفن الخارج ويجتهد في الاستفراغ منه فإذا فرغ يعصر ذكره من أسفله إلى الحشفة ثم يمسح بثلاثة أحجار ثم يستر عورته قبل أن يستوي قائما ثم يخرج برجله اليمنى ويقول غفرانك الحمد الله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأمسك علي ما ينفعني ثم يستبرىء فإذا استيقن بانقطاع أثر البول يقعد للاستنجاء بالماء موضعا آخر ويبدأ بغسل يديه ثلاثا ويقول قبل كشف العورة بسم الله العظيم وبحمده والحمد الله على دين الإسلام
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ثم يفيض الماء باليمنى على فرجه ويعلي الإناء ويغسل فرجه باليسرى ويبدأ بالقبل ثم الدبر ويرخي مقعدته ثلاثا ويدلك كل مرة ويبالغ فيه ما لم يكن صائما فينشف بخرقة قبل أن يجمعه
____________________
(1/345)
كي لا يصل الماء إلى جوفه فيفطر ثم يدلك يده على حائط أو أرض طاهرة ثم يغسلها ثلاثا ثم يقوم وينشف فرجه بخرقة نظيفة فإن لم تكن معه يمسح بيديه مرارا حتى لا تبقى إلا بلة يسيرة ويلبس سراويله ويرش فيه الماء أو يحشو بقطنه إن كان يريبه الشيطان ويقول الحمد الله الذي جعل الماء طهورا والإسلام نورا وقائدا ودليلا إلى الله وإلى جنات النعيم
اللهم حصن فرجي وطهر قلبي ومحصن ذنوبي ا هـ
ملخصا من الغزنوية والضياء
قوله ( نام ) أي فعرق وقوله أو مشى أي وقدمه مبتلة
قوله ( على نجاسة ) أي يابسة لما في متن الملتقى لو وضع ثوبا رطبا على ما طين بطين نجس جاف لا ينجس قال الشارح لأن بالجفاف تنجذب رطوبة الثوب من غير عكس بخلاف ما إذا كان الطين رطبا ا هـ
قوله ( إن ظهر عينها ) المراد بالعين ما يشمل الأثر لأنه دليل على وجودها ولو عبر به كما في نور الإيضاح لكان أولى
قوله ( تنجس ) أي فيعتبر فيه القدر المانع كما مر في محله
قوله ( ولو وقعت ) أي النجاسة في نهر أي ماء جار بأن بال فيه حمار فأصاب الرشاش ثوب إنسان اعتبر الأثر بخلاف ما إذا بال في ماء راكد فإنه إذا أصابه من الرشاش أكثر من الدرهم منع كما في الخانية لكن ذكر فيها أنه لو ألقيت عذرة في الماء فأصابه منه اعتبر الأثر فأطلق ولم يفصل بين الجاري وغيره ولعل إطلاقه محمول على ما ذكره في التفصيل ويؤيده أنه المتبادر من كلام صاحب الهداية في مختارات النوازل اللهم إلا أن يفرق بين البول والعذرة بأنه إذا أصاب البول الماء الراكد يترجح الظن بأن الرشاش من البول لصدمه الماء بخلاف ما إذا كان جاريا فإن كلا منهما يصدم الآخر فيحتمل أنه من الماء فلذا اعتبر الأثر
وأما في العذرة فالرشاش المتطاير إنما هو من الماء قطعا سواء كان راكدا أو جاريا ولكنه يحتمل أن يكون من الماء الذي أصاب العذرة أو من غيره تطاير بقوة وقعها فيعتبر فيه الأثر لأن الأصل الطهارة هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
هذا وقد ذكر في المنية وغيرها عن ابن الفضل التنجيس في الجاري وغيره وأن اختيار أبي الليث عدمه
قال في شرح المنية أي في الجاري وغيره وهو الأصح لأن اليقين لا يزول بالشك ولأن الغالب أن الرشاش المتصاعد إنما هو من أجزاء الماء لا من أجزاء الشيء الصادم فيحكم بالغالب ما لم يظهر خلافه ا هـ
فتأمل
فإن كون ذلك هو الغالب محل نظر
بقي شيء وهو أنه هل المراد بالراكد القليل أو الكثير لم أره صريحا
وقال ح الظاهر الأول وإلا لما كان معنى لتفصيل قاضيخان
ويفهم من تعليل شرح المنية للأصح أن الماء القليل لا يتنجس في آن وقوع النجاسة حتى لو أخذ ماء من الجانب الآخر عقب الوقوع بلا فاصل يكون طاهرا لأنهم لم يحكموا بسريان النجاسة إلى الرشاش لعدم زمان تسري فيه مع قربه من النجاسة فعدم نجاسة الطرف المقابل لطرف وقوع النجاسة في آن الوقوع أولى
تأمل تظفر ا هـ
قلت وعلى ما ذكرناه من الفرق يظهر لتفصيل الخانية معنى فلا يدل على أن المراد بالراكد القليل فتأمل
قوله ( لف طاهر الخ ) اعلم أنه إذا لف طاهر جاف في نجس مبتل واكتسب الطاهر منه اختلف فيه المشايخ
____________________
(1/346)
فقيل يتنجس الطاهر
واختار الحلواني أنه لا يتنجس إن كان الطاهر بحيث لا يسيل منه شيء ولا يتقاطر لو عصر وهو الأصح كما في الخلاصة وغيرها وهو المذكور في عامة كتب المذهب متونا وشروحا وفتاوي في بعضها بلا ذكر خلاف وفي بعضها بلفظ الأصح وقيد في شرح المنية بما إذا كان النجس مبلولا بالماء لا بنحو البول وبما إذا لم يظهر في الثوب الطاهر أثر النجاسة وقيده الفتح أيضا بما إذا لم ينبع من الطاهر شيء عند عصره ليكون ما اكتسبه مجرد ندوة لأنه قد يحصل بلي الثوب وعصره نبع رؤوس صغار ليس لها قوة السيلان ثم ترجع إذا حل الثوب ويبعد في مثله الحكم بالطهارة مع وجود المخالطة حقيقة
قال في البرهان بعد نقله ما في الفتح ولا يخفى منه إنه لا يتيقن بأنه مجرد ندوة إلا إذا كان النجس الرطب هو الذي لا يتقاطر بعصره إذ يمكن أن يصيب الثوب الجاف قدر كثير من النجاسة ولا ينبع منه شيء بعصره كما هو مشاهد عنده البداية بغسله
فيتعين أن يفتى بخلاف ما صححه الحلواني ا هـ
وأقره الشرنبلالي
ووجه ظاهر
والحاصل أنه على ما صححه الحلواني العبرة للطاهرة المكتسب إن كان بحيث لو انعصر قطر تنجس وإلا لا سواء كان النجس المبتل يقطر بالعصر أو لا وعلى ما في البرهان العبرة للنجس المبتل إن كان بحيث لو عصر قطر تنجس الطاهر سواء كان الطاهر بهذه الحالة أو لا وإن كان بحيث لم يقطر لم يتنجس الطاهر وهذا هو المفهوم من كلام الزيلعي في مسائل شتى آخر الكتاب مع أن المتبادر من عبارة المصنف هناك كالكنز وغيره خلافه بل كلام الخلاصة والخانية والبزازية وغيرها صريح بخلافه وسيأتي تمام الكلام هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( إن بحيث لو عصر الخ ) المتبادر منه عود الضمائر الثلاث إلى الطاهر فيوافق ما صححه الحلواني ويحتمل عود الضمير في عصر وقطر إلى النجس والضمير في تنجس إلى الطاهر فيوافق ما في البرهان والشرنبلالية والزيلعي فافهم
قوله ( ولو لف الخ ) محترز قوله مبتل بماء وهذا مأخوذ من شرح المنية وقال لأن النداوة حينئذ عين النجاسة وإن لم يقطر بالعصر
أقول أنت خبير بأن الماء المجاور للنجاسة حكمه حكمها من تغليظ أو تخفيف فلا يظهر الفرق بين المبتل ببول أو بماء أصابه بول
تأمل
قوله ( إن متفسخه تنجس ) لأنه بنفصل منها أجزاء بسبب الانتفاخ وانقلاب الخمر خلا لا يوجب انقلاب الأجزاء النجسة طاهرة ا هـ ح
قال في الخانية وكذا الكلب إذا وقع في عصير ثم تخمر ثم تخلل لا يحل أكله لأن لعاب الكلب أقام فيه وأنه لا يصير خلا
قوله ( وإلا لا ) أي لا يتنجس الخل لعدم بقاء شيء بعد التخلل والفأرة وإن كانت نجسة قبل التخلل مثل الخمر لكن النجس لا يؤثر في مثله فإذا ألقيت ثم تخلل الخمر طهر بانقلاب العين بخلاف ما إذا وقعت في بئر فإنها تنجسه لملاقاتها الماء الطاهر فتؤثر فيه ويجب النزح وإن لم تتفسخ
ولا يرد ما إذا تفسخت في الخمر لما علمت من أن ذلك الأثر بعد التخلل لا ينقلب خلا فيؤثر في طهارة الخل فافهم
قوله ( وقع خمر في خل الخ ) وجهه كما في الخانية أنه في الكوز لما زالت الرائحة عرف التغير
____________________
(1/347)
وعرف أنه صار خلا
وأما في القطرة فإنها لا رائحة لها فلا يعرف التغير
ويحتمل أنها باقية في الحال فلا يحكم بحله
قال القاضي الإمام يحكم ظنه إن كان غالب ظنه أنه صار خلا طهر وإلا فلا ا هـ
قوله ( فأرة وجدت الخ ) صورته ملأ جرة من بئر ثم ملأ قمقمة من تلك الجرة ثم وجدت في القمقمة فأرة وفي نهاية الحديث القمقمة ما يسخن فيه الماء من نجاس وغيره ويكون ضيق الرأس ا هـ
قوله ( يحمل على القمقمة ) هذا من باب الحوادث تضاف إلى أقرب الأوقات ا هـ
ح
وفي الفتح أخذ من حب ثم من حب آخر ماء وجعل في إناء ثم وجد في الإناء فأرة فإن غاب ساعة فالنجاسة للإناء وإلا فإن تحرى ووقع تحريه على أحد الحبين عمل به وإن لم يقع على شيء فللحب الأخير وهذا إذا كانا لواحد فلو لاثنين كل منهما يقول ما كانت في حبي فكلاهما طاهر
قوله ( فإن خرج منها الدهن ) أي من جوفها أو المراد مما يلاقي جلدها
قوله ( فقربته ) أي هي النجسة وكذا يقدر فيما بعده
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يخرج منها الدهن فإن بقي ما عليها بحال الجمد بفتح الجيم والميم أي جامدا فهو دليل أنه عسل لأن العسل إذا أصابته الشمس تلاحمت أجزاؤه وتماسك بعضها ببعض بخلاف الدبس فإنه ينقشع بعضه عن بعض بحرارة الشمس أفاده ح
بقي ما إذا لم يظهر الحال بذلك وينبغي أن يفصل فيه كما قدمناه آنفا عن الفتح
قوله ( يعمل بخبر الحرمة الخ ) أي إذا أخبره عدل بأن هذا اللحم ذبيحة مجوسي أو ميتة وعدل آخر أنه ذبيحة مسلم لا يحل لأنه لما تهاتر الخبران بقي على الحرمة الأصلية لا يحل إلا بالذكاة ولو أخبرا عن ماء وتهاترا بقي على الطهارة الأصلية ا هـ
إمداد
وظاهره أنه بعد التهاتر في الصورتين لا يعتبر التحري وسنذكرها ما يخالفه في الحظر والإباحة قبل فصل اللبس عن شراح الهداية وغيرهم فراجعه هناك
قوله ( أقلها طاهر ) كما لو اختلط ثوب طاهر مع ثوبين نجسين وكذا بالعكس بالأولى
قوله ( لا أقلها ) مثله التساوي فإنه لا يتحرى فيه أيضا كما سيذكره الشارح في الحظر والإباحة وذكر هناك أن اختلاط الذبيحة الذكية والميتة كحكم الأواني
ثم الفرق بين الثياب والأواني كما في الإمداد أن الثوب لا خلف له في سترة العورة بخلاف الماء في الوضوء والغسل فإنه يخلفه التيمم
وأما في حق الشرب فيتحرى مطلقا لأنه لا خلف له ولهذا قال إلا لضرورة شرب
ثم اعلم أن ما ذكره الشارح هنا في مسألتي الثياب والأواني موافق لما في نور الإيضاح ومواهب الرحمن ويخالفه ما في الذخيرة وغيرها مما حاصله أنه إن غلب الطاهر في الأواني أو الثياب أو الذبائح تحرى في حالتي الاختيار والاضطرار اعتبارا للغالب وإلا ففي الاختيار لا يتحرى في الكل وفي الاضطرار يتحرى في الكل إلا في الأواني لغير الوضوء والغسل وسيأتي بسطه في الحظر والإباحة إن شاء الله تعالى وهذا بخلاف ما إذا طلق من نسائه امرأة أو أعتق من إمائه أمة فإنه لا يجوز له أن يتحرى لوطء ولا بيع وإن كان الغلبة للحلال وتمامه في الولوالجية وغيرها من كتاب التحري فراجعه
قوله ( يحرم أكل لحم أنتن ) عزاه في التاترخانية إلى مشكل الآثار للطحاوي
____________________
(1/348)
قال ح أي لأنه يضر لا لأنه نجس
وأما نحو اللبن المنتن فلا يضر
ذكره الشرنبلالي في شرح كراهية الوهبانية ا هـ
قلت ونقل في التاترخانية عن صلاة الجلابي أنه إذا اشتد تغيره تنجس ثم نقل التوفيق بحمل الأول على ما إذا لم يشتد ومثله في القنية لكن في الحموي عن النهاية أن الاستحالة إلى فساد لا توجب النجاسة لا محالة ا هـ
وفي التاترخانية دود لحم وقع في مرقة لا ينجس ولا تؤكل المرقة إن تفسخ الدود فيها ا هـ
أي لأنه ميتة وإن كان طاهرا
قلت وبه يعلم حكم الدود في الفواكه والثمار
قوله ( شعير الخ ) في التاترخانية إذا وجد الشعير في بعر الإبل والغنم يغسل ويجفف ثلاثا ويؤكل وفي أخثاء البقر لا يؤكل
قال في الفتح لأنه لا صلابة فيه
ثم نقل في التاترخانية عن الكبرى أن الصحيح التفصيل بالانتفاخ وعدمه ويستوي فيه البعر والخثي ا هـ أي إن انتفخ لا يؤكل فيهما وإلا أكل فيهما وبحث نحوه في شرح المنية وبما ذكرنا علم أن قوله صلب مرفوع صفة ثانية لشعير فافهم
قوله ( مرارة كل حيوان كبوله ) أي فإن كان بوله نجسا مغلظا أو مخففا فهي كذلك خلافا ووفاقا ومن فروعه ما ذكروا لو أدخل في أصبعه مرارة مأكول اللحم يكره عنده لأنه لا يبيح التداوي ببوله لا عند أبي يوسف لأنه يبيحه
وفي الذخيرة والخانية أن الفقيه أبا الليث أخذ بالثاني للحاجة
وفي الخلاصة وعليه الفتوى
قلت وقياس قول محمد لا يكره مطلقا لطهارة بوله عنده ا هـ
حلية
قوله ( وجرته كزبله ) أي كسر قينة وهي بكسر الجيم
وقد تفتح ما يجره أي يخرجه البعير من جوفه إلى فمه فيأكله ثانيا كما في المغرب والقاموس وعلله في التجنيس بأنه واراه جوفه ألا ترى إلى ما يواري جوف الإنسان بأن كان ماء ثم قاءه فحكمه حكم بوله ا هـ
وهو يقتضي أنه كذلك وإن قاء من ساعته لكن قال بعده في الصبي ارتضع ثم قاء فأصاب ثياب الأم إن زاد على الدرهم منع
وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يمنع ما لم يفحش لأنه لم يتغير من كل وجه فكأنه نجاسته دون نجاسة البول لأنها متغيرة من كل وجه وهو الصحيح ا هـ
كذا في فتح القدير
وظاهره الميل إلى إعطاء الجرة حكم هذا القيء أخذا من التعليل
قوله ( حكم العصير حكم الماء ) أي في أنه تزال به النجاسة الحقيقية وأنه إذا كان عشرا في عشر لا ينجس بوقوع النجاسة فيه كما في الماء ا هـ ح
وفي أنه لو عصر العنب وهو يسيل فأدمى رجله ولم يظهر أثر الدم لا ينجس عند أبي حنيفة وأبي يوسف كما في المنية عن المحيط
قوله ( رطوبة الفرج طاهرة ) ولذا نقل في التاترخانية أن رطوبة الولد عند الولادة طاهرة وكذا السخلة إذا خرجت من أمها وكذا البيضة فلا يتنجس بها الثوب ولا الماء إذا وقعت فيه لكن يكره التوضؤ به للاختلاف وكذا الإنفحة هو المختار
وعندهما يتنجس وهو الاحتياط ا هـ
قلت وهذا إذا لم يكن معه دم ولم يخالط رطوبة الفرج مذي أو مني من الرجل أو المرأة
قوله ( العبرة للطاهر الخ ) هذا ما عليه الأكثر فتح وهو قول محمد والفتوى عليه بزازية وقيل العبرة للماء إن كان نجسا فالطين نجس وإلا فطاهر وقيل العبرة للتراب وقيل للغالب وقيل أيهما كان نجسا فالطين نجس واختاره أبو الليث وصححه في الخانية وغيرها وقواه في شرح المنية وحكم بفساد بقية الأقوال
تأمل
وصححه في المحيط أيضا وعلله بأن النجاسة لا تزول عن أحدهما بالاختلاط بخلاف السرقين إذا جعل
____________________
(1/349)
في الطين للتطيين لا ينجس لأن فيه ضرورة إلى إسقاط نجاسته لأنه لا يتهيأ إلا به
حلية
قوله ( مشى في حمام ونحوه ) أي كما لو مشى على ألواح مشرعة بعد مشي من برجله قذر لا يحكم بنجاسة رجله ما لم يعلم أنه وضع رجله على موضعه للضرورة
فتح
وفيه عن التنجيس مشى في طين أو أصابة ولم يغسله وصلى تجزيه ما لم يكن فيه أثر النجاسة لأنه المانع إلا أن يحتاط أما في الحكم فلا يجب
قوله ( لأنه يصير الماء راكدا ) أي لأنه يأخذه له من الأنبوبة يمنع نزوله إلى الحوض فيصير راكدا وربما كان على يده نجاسة أو على يد غيره فأدخلها في الحوض في هذه الحالة فيتنجس فينبغي إذا أراد الأخذ أن يأخذ من الحوض لأن الماء إذا كان نازلا والغرف متدارك فهو في حكم الجاري
قوله ( التكبير إلى الحمام ) أي الدخول إليه أول الغداة بلا ضرورة
قوله ( لأن فيه إظهار مقلوب الكناية ) أراد به النيك أي الجماع ولم يقل مقلوب الكين مع أنه قلب حقيقي لزيادة التباعد عن التصريح به لأنه مما يطلب كتمانه ولذا كان من أسمائه السر كما في القاموس
وعبارة الفيض إذ فيه إبداء ما يجب إخفاؤه
والظاهر أنه يحب بالحاء ولذا قال العلامة الرملي وأما ما نهى عنه فهو السباع أي على وزن كتاب وهو المفاخرة بالجماع وإفشاء الرجل ما يجري بينه وبين زوجته فذاك ليس من هذا القبيل بل النهي يقتضي التحريم ا هـ
قوله ( ثياب الفسقة الخ ) قال في الفتح وقال بعض المشايخ تكره الصلاة في ثياب الفسقة لأنهم لا يتقون الخمور
قال المصنف يعني صاحب الهداية الأصح أنه لا يكره لأنه لم يكره من ثياب أهل الذمة إلا السراويل مع استحلالهم الخمر فهذا أولى ا هـ
قوله ( لجعلهم فيه البول ) إن كان كذلك لا شك أنه نجس
تاترخانية
قوله ( إن غلب على ظنه ) عبارة الخانية إن كان في قلبه
مطلب في الأمر بالمعروف قوله ( فالأمر بالمعروف على هذا ) كذا في الخانية وفي فصول العلامي وإن علم أنه لا يتعظ ولا ينزجر بالقول ولا بالفعل ولو بإعلام سلطان أو زوجه أو والد له قدرة على المنع لا يلزمه ولا يأثم بتركه لكن الأمر والنهي أفضل وإن غلب على ظنه أنه يضر به أو يقتله لأنه يكون شهيدا قال تعالى { أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك } لقمان 17 من حق الأمور ويقال من واجب الأمور ا هـ
وتمامه فيه
مطلب في أول ما يحاسب به العبد قوله ( لما ورد الخ ) أي في قوله تقوا البول فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر رواه الطبراني بإسناد حسن وفي قوله أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته
____________________
(1/350)
قال العراقي في شرح الترمذي ولا يعارضه حديث الصحيح إن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في لدماء لحمل الأول على حق الله تعالى على العبد والثاني على حقوق الآدميين فيما بينهم
فإن قيل أيهما يقدم فالجواب أن هذا أمر توفيقي وظواهر الأحاديث دالة على أن الذي يقع أولا المحاسبة على حقوق الله تعالى قبل حقوق العباد كذا في شرح العلقمي على الجامع الصغير ولا يخفى ما في ذكر الشارح لهذه الجملة قبيل كتاب الصلاة من رعاية التناسب وحسن الختام
كتاب الصلاة قوله ( شروع الخ ) بيان لوجه تأخيرها عن الطهارة وتقدم في الطهارة وجه تقديمها على غيرها
قوله ( ولم تخل عنها شريعة مرسل ) أي عن أصل الصلاة
قيل الصبح صلاة آدم والظهر لداود والعصر لسليمان والمغرب ليعقوب والعشاء ليونس عليهم السلام وجمعت في هذه الأمة وقيل غير ذلك
قوله ( بواسطة الكعبة ) أي بواسطة استقبالها وانظر لماذا خصص هذا الشرط مع أنها لم تصر قربة إلا باجتماع سائر شرائطها ط
وقد يقال المراد أنها صارت قربة بواسطة تعظيم الكعبة فإنه سبحانه أمر باستقبالها تعظيما لها وفي ذلك تعظيم له سبحانه بواسطة تعظيمها أفاده شيخنا حفظه الله تعالى
قوله ( دون الإيمان ) لأنه قربة بلا واسطة
قوله ( لا منه بل من فروعه ) أي باعتبار الفعل وأما بالنظر لحكمها وهو الافتراض فهي منه لأن من متعلق التصديق بما جاء به رسول الله ط وأشار الشارح إلى خلاف من يقول إن الأعمال من الإيمان كالبخاري وغيره
قوله ( وهي لغة الدعاء ) أي حقيقتها ذلك وهو ما عليه الجمهور وجزم به الجوهري وغيره لأنه الشائع في كلامهم قبل ورود الشرع بالأركان المخصوصة وقيل إنها حقيقة في تحرك الصلوين بالسكون العظمان الناتئان في أعالي الفخذين اللذان عليهما الأليتان مجاز لغوي في الأركان المخصوصة لأن المصلي يحركهما في ركوعه وسجوده استعارة تصريحية في المرتبة الثانية في الدعاء تشبيها للداعي في تخشعه بالراكع والساجد وتمامه في النهر
قوله ( فنقلت الخ ) اختلف الأصوليون في الألفاظ الدالة على معان شرعية كالصلاة والصوم أهي منقولة عن معانيها اللغوية إلى حقائق شرعية أي بأن لم يبق المعنى الأصلي مرعيا أم مغيرة أي بأن يبقى ويزاد عليه قيود شرعية
قيل بالأول واستظهره في الغاية معللا بأنها توجد بدون الدعاء في الأمي
وقيل بالثاني وأنه إنما زيد على الدعاء باقي الأركان المخصوصة وأطلق الجزء على الكل كما في النهر
قوله ( وهو الظاهر ) الضمير للنقل المفهوم من نقلت وقوله لوجودها علة الظهور ا هـ
ح وعلله في البحر بأن الدعاء ليس من حقيقتها شرعا أي بناء على أنه خلاف القراءة
قال في النهر وهو ممنوع
قلت فيه نظر لأن الذي من حقيقتها قراءة آية وإن لم تكن دعاء
تأمل
قوله ( هي ) أي الصلاة الكاملة وهي الخمس المكتوبة
قوله ( على كل مكلف ) أي بعينه ولذا سمي فرض
____________________
(1/351)
عين بخلاف فرض الكفاية فإنه يجب على جملة المكلفين كفاية بمعنى أنه لو قام به بعضهم كفى عن الباقين وإلا أثموا كلهم ثم المكلف هو المسلم البالغ العاقل ولو أنثى أو عبدا
قوله ( بالإجماع ) أي وبالكتاب والسنة
قوله ( فرضت في الإسراء ( الخ ) نقله أيضا الشيخ إسماعيل في الإحكام شرح درر الحكام ثم قال وحاصل ما ذكره الشيخ محمد البكري نفعنا الله تعالى ببركاته في الروضة أنهم اختلفوا في أي سنة كان الإسراء بعد اتفاقهم على أنه كان بعد البعثة فجزم جمع بأنه كان قبل الهجرة بسنة ونقل ابن حزم الإجماع عليه وقيل بخمس سنين
ثم اختلفوا في أي الشهور كان فجزم ابن الأثير والنووي في فتاويه بأنه كان في ربيع الأول قال النووي ليلة سبع وعشرين وقيل في ربيع الآخر وقيل في رجب وجزم به النووي في الروضة تبعا للرافعي وقيل في شوال
وجزم الحافظ عبد الغني القدسي في سيرته بأنه ليلة السابع والعشرين من رجب وعليه عمل أهل الأمصار ا هـ
قوله ( وإن وجب الخ ) هذا مبالغة على مفهوم قوله كل مكلف كأنه قال ولا يفترض على غير المكلف وإن وجب أي على الولي ضرب ابن عشر وذلك ليتخلق بفعلها ويعتاده لا افتراضها أفاده ح
وظاهر الحديث أن الأمر لابن سبع واجب كالضرب
والظاهر أيضا أن الوجوب بالمعنى المصطلح عليه لا بمعنى الافتراض لأن الحديث ظني فافهم
قوله ( بيد ) أي ولا يجاوز الثلاث وكذلك المعلم ليس له أن يجاوزها
قال عليه الصلاة والسلام لمرداس المعلم
إياك أن تضرب فوق الثلاث فإنك إذا ضربت فوق الثلاث قتص لله منك ا هـ
إسماعيل عن أحكام الصغار للأستروشني وظاهره أنه لا يضرب بالعصا في غير الصلاة أيضا
قوله ( لا بخشبة ) أي عصا ومقتضى قوله بيد أن يراد بالخشبة ما هو الأعم منها ومن السوط أفاده ط
قوله ( لحديث الخ ) استدلال على الضرب المطلق وأما كونه لا بخشبة فلأن الضرب بها ورد في جناية المكلف ا هـ ح
وتمام الحديث وفرقوا بينهم في المضاجع رواه أبو داود والترمذي ولفظه علموا الصبي الصلاة بن سبع وضربوه عليها بن عشر وقال حسن صحيح وصححه ابن خزيمة والحاكم والبيهقي ا هـ
إسماعيل
والظاهر أن الوجوب بعد استكمال السبع والعشر بأن يكون في أول الثامنة والحادية عشرة كما قالوا في مدة الحضانة
قوله ( قلت الخ ) مراده من هذين النقلين بيان أن الصبي ينبغي أن يؤمر بجميع المأمورات وينهى عن جميع المنهيات ا هـ ح
أقول وقد صرح في أحكام الصغار بأنه يؤمر بالغسل إذا جامع وبإعادة ما صلاه بلا وضوء لا لو أفسد الصوم لمشقته عليه
قوله ( مجانة ) بالتخفيف قال في المغرب الماجن
الذي لا يبالي ما صنع وما قيل له ومصدره المجون والمجانة اسم منه والفعل من باب طلب ا هـ
قوله ( أي تكاسلا ) تفسير مراد ا هـ
ح
قوله ( فحق الحق أحق ) لا يقال إن حقه تعالى مبني على المسامحة لأنه لا تسامح في شيء من أركان الإسلام ا هـ إسماعيل
قوله ( وقيل يضرب ) قائله الإمام المحبوبي ح عن المنح
وظاهر الحلية أنه المذهب فإنه قال وقال أصحابنا في جماعة منهم الزاهدي لا يقتل
____________________
(1/352)
بل يعذر ويحبس حتى يموت أو يتوب قوله ( وعند الشافعي يقتل ) وكذا عند مالك وأحمد وفي رواية عن أحمد وهي المختارة عند جمهور أصحابه أنه يقتل كفرا وبسط ذلك في الحلية
قوله ( ويحكم بإسلام فاعلها الخ ) يعني أن الكافر إذ صلى بجماعة يحكم بإسلامه عندنا خلافا للشافعي لأنها مخصوصة بهذه الأمة بخلاف الصلاة منفردا لوجودها في سائر الأمم قال عليه الصلاة والسلام من صلى صلاتنا وستقبل قبلتنا فهو منا قالوا المراد صلاتنا بالجماعة على الهيئة المخصوصة ا هـ
درر
وهو طرف من حديث طويل أخرجه البخاري وغيره إلا أنه قال فهو المسلم إسماعيل
قوله ( بشروط أربعة ) قيد الإمام الطرسوسي في أنفع الوسائل كون الصلاة في مسجد وعليه فالشروط خمسة لكن قال في شرح درر البحار في مسجد أو غيره
قوله ( في الوقت ) لأنها صلاة المؤمنين الكاملة وظاهره أنه لو أدرك منها ركعة لا يكفي لعدم كونها في الوقت وإن كانت أداء فهي غير كاملة فليس المراد من قوله في الوقت الأداء بل الأخص منه فافهم
قوله ( مؤتما ) تقييد لقوله مع جماعة احتراز عما لو كان إماما قال ط لأن الائتمام يدل على اتباع سبيل المؤمنين
بخلاف ما لو كان إماما فإنه يحتمل نية الانفراد فلا جماعة ا هـ
أقول الاحتمال المذكور موجود في المؤتم أيضا فالأولى أن يقال الإمام متبوع غير تابع والمؤتم تابع لإمامه ملتزم لأحكامه وما قيد به الشارح مأخوذ من النظم الآتي تبعا للمجمع ودرر البحار وصرح بمفهومه في عقد الفرائد فقال صلى إماما يحكم بإسلامه نقله الشيخ إسماعيل
قوله ( متمما ) فلو صلى خلف إمام وكبر ثم أفسد لم يكن إسلاما
شرح الوهبانية عن المنتقى
مطلب فيما يصير الكافر به مسلما من الأفعال قوله ( وكذا لو أذن في الوقت ) لما ذكر مسألة الصلاة أراد تتميم الأفعال التي يصير بها الكافر مسلما فذكر أن منها الأذان في الوقت لأنه من خصائص ديننا وشعار شرعنا ولذا قيده في المنح تبعا للبحر بكون الأذان في المسجد فليس الحكم عليه بالإسلام لإتيانه بالشهادتين في ضمن الأذان ليكون من الإسلام بالقول لأنه لا فرق حينئذ بين أن يكون في الوقت أو خارجه بل هو من الإسلام بالفعل لوذا صرح بان الشحنة بأنه يحكم بإسلامه بالأذان في الوقت وإن كان عيسويا يخصص رسالة نبينا إلى العرب لأنه ما يصير به الكافر مسلما قسمان قول وفعل فالقول مثل كلمتي الشهادتين فصل فيه أئمتنا لكونه محل اشتباه واحتمال بين العيسوي وغيره فقالوا لا بد مع الشهادتين في العيسوي من أن يتبرأ من دينه لأنه يعتقد أنه رسول الله إلى العرب فيحتمل أنه أراد ذلك بخلاف غيره فلا يحتاج إلى التبري وأما الفعل فكلامهم يدل على أنه لا فرق فيه بين العيسوي وغيره كما حققه الإمام الطرسوسي أيضا خلافا لما فهمه ابن وهبان ثم قال ابن الشحنة أيضا وأما الأذان خارج الوقت فلا يكون إسلاما من العيسوي لأنه يكون من الأقوال فلا بد فيه حينئذ من التبري من دينه ا هـ
قلت وكذا لا يكون إسلاما من غير العيسوي أيضا لما نقله قبله عن الغاية وغيرها من أن الكافر لو أذن
____________________
(1/353)
في غير الوقت لا يصير به مسلما لأنه يكون مستهزئا فتحصل من هذا أن الأذان في الوقت من الإسلام بالفعل فلا فرق فيه بين كافر وكافر والأذان خارجه من الإسلام بالقول لكنه لما احتمل الاستهزاء لم يصر به الكافر مسلما مع أنه لو كان عيسويا يزيد أنه فقد شرطه وهو التبري فافهم واغتنم هذا التحرير بقي هل يشترط في الأذان في الوقت المداومة أم يكفي مرة يأتي الكلام فيه
قوله ( أو سجد للتلاوة ) أي عند سماع آية سجدة بزازية أي لأنها من خصائصنا فإنه سبحانه وتعالى أخبر عن الكفار بأنهم إذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون
قوله ( أو زكى السائمة ) قيده الطرسوسي في نظم الفوائد بزكاة الإبل
واعترضه ابن وهبان بأنه لا خصوصية لذلك وبأنه قال في الخانية وإن صام الكافر أو حج أو أدى الزكاة لا يحكم بإسلامه في ظاهر الرواية ا هـ
وأقره ابن الشحنة وصاحب النهر فعلم أن ما ذكره الشارح خلاف ظاهر الرواية أيضا قوله ( لا لو صلى الخ ) محترز القيود السابقة في الصلاة على طريق اللف والنشر المرتب
قوله ( أو منفردا ) لأنه لا يختص بشريعتنا ابن الشحنة عن المنتقى
وفي الذخيرة أن هذا قول أبي حنيفة
ومن مشايخنا من نفى الخلاف بحمل قوله على ما إذا صلى وحده بلا أذان ولا إقامة فلا يحكم بإسلامه اتفاقا وحمل قولهما على ما إذا صلى وحده وأتى بهما فيحكم بإسلامه اتفاقا لأنه مختص بشريعتنا ا هـ
قلت لكن في هذا التوفيق نظر لما نقله ابن الشحنة عن صاحب الكافي من أنه لا بد من وجود العبادة على أكمل الوجوه ليظهر الاختصاص بهذه الشريعة ا هـ
ومعلوم أن الانفراد نقصان
قوله ( أو إماما ) قدمنا وجهه
قوله ( أو فعل بقية العبادات ) قال في البحر في باب التيمم الأصل أن الكافر متى فعل عبادة فإن كانت موجودة في سائر الأديان لا يكون به مسلما كالصلاة منفردا والصوم والحج الذي ليس بكامل والصدقة ومتى فعل ما اختص بشرعنا فلو من الوسائل كالتيمم فكذلك وإن من المقاصد أو من الشعائر كالصلاة بجماعة والحج الكامل والأذان في المسجد وقراءة القرآن يكون به مسلما إليه أشار في المحيط وغيره ا هـ
أقول ذكر في الخانية أنه بالحج لا يحكم بإسلامه في ظاهر الرواية كما مر ثم ذكر أنه روي أنه إن حج على الوجه الذي يفعله المسلمون يكون مسلما وإن لبى ولم يشهد المناسك أو شهد المناسك ولم يلب لم يكن مسلما ا هـ فعلم أن هذه الرواية غير ظاهر الرواية وأشار في الوهبانية إلى ضعفها وإليه يشير إطلاق النظم الآتي وكأن وجهه أن الحج موجود في غير شريعتنا حتى أن الجاهلية كانوا يحجون لكن قد يقال إن الحج على هذه الكيفية الخاصة لم يوجد في غير شريعتنا فصار مثل الصلاة إذا وجدت فيها الشروط الأربعة السابقة لأنها من خواص شريعتنا على وجه الكمال فكذا الحج الكامل وإلا فما الفرق بينهما والظاهر أنه لا تنافي بين ظاهر الرواية وبين الرواية الثانية إذا جعلت الثانية مفسرة لبيان المراد من ظاهر الرواية وهو الحج الغير الكامل فتأمل
وفي فتاوى الشيخ قاسم عن خلاصة النوازل لأبي الليث قال وكذا لو رآه يتعلم القرآن أو يقرؤه لم يكن بذلك مسلما ا هـ
قلت وهذا أظهر مما ذكره في البحر لما قالوا لا يمنع الكافر من تعلم القرآن لعله يهتدي فافهم
قوله ( ونظمها صاحب النهر الخ ) أي قبيل باب قضاء الفوائت
قوله ( صلى باقتداء ) أي بجماعة مقتديا
قوله ( وأذن أيضا ) بإسقاط همزة أيضا للضرورة ح ثم إن الذي رأيته في النهر غير هذا البيت ونصه أو بالأذان معلنا فيه أتى أو قد سجد عند سماع ما أتى أ
____________________
(1/354)
ومعنى أتى الثاني ورد عن الله تعالى وهذا البيت أحسن لما فيه من اشتراط كون الأذان في الوقت لأن ضمير فيه عائد على الوقت المذكور في البيت الأول ومن أن المراد سجود التلاوة ومن إسقاط مسألة الزكاة لما علمت من أنها خلاف ظاهر الرواية وأن صاحب النهر اعترض على الطرسوسي في ذكرها وقال لم أرها لغيره بل المذكور في الخانية أنه لا يحكم بإسلامه بالزكاة في ظاهر الرواية
قوله ( معلنا ) المراد به أن يسمعه من تصح شهادته عليه بالإسلام لا أن يؤذن على صومعة أو سطح يسمعه خلق كثير ولذا لو كان في السفر صح كما في سير البزازية حيث قال وإن شهدوا على الذمي أنه كان يؤذن ويقيم كان مسلما سواء كان في السفر أو الحضر وإن قالوا سمعناه يؤذن في المسجد فلا حتى يقولوا هو مؤذن لأنه يكون ذلك عادة له فيكون مسلما ا هـ
وعزاه في شرح الوهبانية إلى محمد ثم ظاهر هذا يفيد أنه لا بد أن يكون عادة له لكن قال في أذان البحر ينبغي أن يكون ذلك في العيسوية أما غيرهم فينبغي أن يكون مسلما بنفس الأذان ا هـ
قلت لكن قد علمت أن الإسلام بالأفعال لا فرق فيه بين كافر وكافر خلافا لما فهمه ابن وهبان فإما أن يجعل ذلك تقييدا لكون الأذان في الوقت إسلاما أو يكون ذلك رواية محمد فقط تأمل وراجع
قوله ( كأن سجد ) بسكون الدال للضرورة أو للوصل بنية الوقف وأن مصدرية أي كسجوده والمراد سجود التلاوة ح
قوله ( تزكى ) تكملة للوزن وهو حال من ضمير سجد أي كسجوده للتلاوة حال كونه متطهرا عن أرجاس الكفر ح
قوله ( فمسلم ) خبر كافر ح وزيدت الفاء لوقوع المبتدأ نكرة موصوفة بفعل أريد بها العموم لأن المراد أي كافر كان عيسويا أو غيره كما قدمنا تقريره وهذا من المواضع التي يجوز فيها زيادة الفاء في الخير كقولك رجل يسألني فله درهم فافهم
قوله ( منفرد ) بالسكون على لغة ربيعة ح وسكت عن بقية محترزات قيود الصلاة
قوله ( والزكاة ) أي زكاة غير السوائم وعلى إنشاد البيت الثاني على الوجه الذي نقلناه عن النهر فالمراد بالزكاة جميع أنواعها كما هو مقتضى إطلاق الخانية عن ظاهر الرواية قوله ( الحج ) بالنصب مفعول مقدم لقوله زد وتقدم بيانه
قوله ( بدنية محضة ) أي بخلاف الزكا ة فإنها مالية محضة وبخلاف الحج فإنه مركب منهما لما فيه من العمل بالبدن وإنفاق المال
قوله ( فلا نيابة فيه أصلا ) لأن المقصود من العبادة البدنية إتعاب البدن وقهر النفس الأمارة بالسوء ولا يحصل بفعل النائب بخلاف المالية فتجري فيها النيابة مطلقا أي حالة الاختيار والاضطرار لحصول المقصود من إغناء الفقير وتنقيص المال بفعل النائب وبخلاف المركبة فتجري فيها النيابة حالة العجز نظرا إلى معنى المشقة بتنقيص المال لإحالة الاختيار نظرا إلى إتعاب البدن كما قرروه في باب الحج عن الغير
قوله ( أي لا بالنفس الخ ) بيان لتعميم النفي المستفاد من قوله أصلا
قوله ( في الحج ) متعلق بقوله صحت وكذا قوله في الصوم
قوله ( بالفدية ) متعلق بالضمير المستتر في صحت لرجوعه إلى النيابة التي هي مصدر أي كما صحت النيابة بالفدية ويدل عليه تعلق قوله بالنفس بقوله نيابة المذكور في المتن
واعلم أن صحة الفدية في الصوم للفاني مشروطة باستمرار عجزه إلى الموت فلو قدر قبله قضى كما سيأتي في كتاب الصوم ا هـ
ح
قوله ( لأنها ) أي الفدية وقوله لم يوجد أي إذن الشرع بالفدية في الصلاة ح وهذا تعليل
____________________
(1/355)
لعدم جريان النيابة في الصلاة بالمال
وفيه إشارة إلى الفرق بين الصلاة والصوم فإن كلا منهما عبادة بدنية محضة وقد صحت النيابة في الصوم بالفدية للشيخ الفاني دون الصلاة ووجه الفرق أن الفدية في الصوم إنما أثبتناها على خلاف القياس اتباعا للنص ولذا سماها الأصوليون قضاء بمثل غير معقول لأن المعقول قضاء الشيء بمثله ولم نثبتها في الصلاة لعدم النص
فإن قلت قد أوجبتم الفدية في الصلاة عند الإيصاء بها من العاجز عنها فقد أجريتم فيها النيابة بالمال مع عدم النص ولا يمكن أن يكون ذلك بالقياس على الصوم لأن ما خالف القياس فعليه غيره لا يقاس
قلت ثبوت الفدية في الصوم يحتمل أن يكون معللا بالعجز وأن لا يكون فباعتبار تعليله به يصح قياس الصلاة عليه لوجود العلة فيهما وباعتبار عدمه لا يصح فلما حصل الشك في العلة قلنا بوجوب الفدية في الصلاة احتياطا لأنها إن لم تجزه تكون حسنة ما حية لسيئة فالقول بالوجوب أحوط ولذا قال محمد تجزئه إن شاء الله تعالى ولو كان بطريق القياس لما علقه بالمشيئة كما في سائر الأحكام الثابتة بالقياس هذا خلاصة ما أوضحناه في حواشينا على شرح المنار للشارح
قوله ( سببها ترادف النعم الخ ) يعني أن سبب الصلاة الحقيقي هو ترادف النعم على العبد لأن شكر المنعم واجب شرعا وعقلا ولما كانت النعم واقعة في الوقت جعل الوقت سببا بجعل الله تعالى وخطابه حيث جعله سببا للوجوب كقوله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس } الإسراء 78 فكان الوقت هو السبب المتأخر وتمام تحقيق هذه المسألة في المطولات الأصولية
قوله ( أي الجزء الأول الخ ) إذ لو كان السبب هو الكل لزم تقدم المسبب على السبب أو وجوب الأداء بعد وقته فتعين البعض ولا يجوز أن يكون ذلك البعض أول الوقت عينا للزوم عدم الوجوب على من صار أهلا للصلاة في آخر الوقت بقدر ما يسعها ولا آخر الوقت عينا لأنه يلزم أن لا يصح الأداء في أوله لامتناع التقدم على السبب فتعين كونه الجزء الذي يتصل به الأداء ويليه الشروع لأن الأصل في السبب هو الاتصال بالمسبب كما في شرح المنار لابن نجيم
قوله ( وإلا فما يتصل به ) ما هنا عامة شاملة للجزء الأخير فقوله بعد ذلك وإلا فالجزء الأخير تكرار وكذا قوله سببها جزء أول اتصل به الأداء والأخصر أن يقول سببها جزء اتصل به الأداء من الوقت وإلا فجملته ا هـ
ح
وسبقه إليه ابن نجيم في شرح المنار
قوله ( هو الجزء الأخير ) وهو ما يتمكن فيه من عقد التحريمة فقط عندنا وعند زفر ما يتمكن من الأداء فيه وأجمعوا أن خيار التأخير إلى أن لا يسع إلا جميع الصلاة حتى لو أخر عنه يأثم ا هـ
ابن نجيم
قوله ( ولو ناقصا ) أي إذا اتصل الأداء بآخر الوقت كان هو السبب ولو كان ناقصا كوقت اصفرار الشمس فيصح أداء العصر فيه لأنه لما اتصل الأداء فيه صار هو السبب وهو مأمور بأدائه فيكون أداؤه كما وجب بخلاف عصر أمسه كما يأتي
قوله ( حتى تجب ) بالرفع لأنه تفريع على قوله فالسبب هو الجزء الأخير
قوله ( أفاقا ) أي في آخر الوقت ولو بقدر ما يسع التحريمة عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر كما في شرح التحرير لابن أمير حاج أي فيجب عليهما القضاء لاحتياجهما إلى الوضوء لأن الجنون أو الإغماء ينقضه وليس في الوقت ما يسعه وعلم منه أنه لو أفاقا وفي الوقت ما يسع أكثر من التحريمة تجب عليهما صلاته بالأولى وأنه لو لم يبق منه ما يسع التحريمة لم تجب عليهما صلاته كما مر في الحيض إذا انقطع للعشرة
قال ح وهذا إذا زاد الجنون والإغماء على خمس صلوات وإلا وجب عليهما صلاة ذلك الوقت ولو لم يبق منه ما يسع التحريمة بل وما قبله من الصلوات أيضا كما سيأتي
قوله ( طهرتا ) أي ولو كان الباقي من الوقت مقدار ما يسع
____________________
(1/356)
التحريمة إذا كان الانقطاع عى العشرة أو الأربعين فإن كان أقل والباقي قدر الغسل مع مقدماته كالاستقاء وخلع الثوب والتستر عن الأعين والتحريمة فعليهما القضاء وإلا فلا ا هـ شرح التحرير قوله ( وصبي بلغ ) أي وكان بين بلوغه وآخر الوقت ما يسع التحريمة أو أكثر كما يفهم من كلامهم في الحائض التي طهرت على العشرة ح
قوله ( ومرتد أسلم ) أي إذا كان بين إسلامه وآخر الوقت ما يسع التحريمة كما في الحائض المذكورة وحكم الكافر الأصلي حكم المرتد وإنما خصه بالذكر ليصح قوله وإن صليا أول الوقت وصورتها في المرتد أن يكون مسلما أول الوقت فيصلي الفرض ثم يرتد ثم يسلم في آخر الوقت ح
قوله ( وإن صليا في أول الوقت ) يعني أن صلاتهما في أوله لا تسقط عنهما الطلب والحالة هذه
أما في الصبي فلكونها نفلا وأما في المرتد فلحبوطها بالارتداد ح
وفي البحر عن الخلاصة غلام صلى العشاء ثم احتلم ولم ينتبه حتى طلع الفجر عليه إعادة العشاء هو المختار وإن انتبه قبله عليه قضاء العشاء إجماعا وهي واقعة محمد سألها أبا حنيفة فأجابه بما قلنا ا هـ
قوله ( وبعد خروجه ) أي خروج الوقت بلا صلاة
قوله ( ليثبت الواجب الخ ) لأنه لو لم يضف إلى جملة الوقت وقلنا بتعين الجزء الأخير للسببية لزوم ثبوت الواجب بصفة النقص في بعض الصور كما في وقت العصر
قوله ( وأنه الأصل ) الواو للحال وهمزة إن مكسورة ح والضمير يرجع إلى ثبوت الواجب بصفة الكمال المترتب على كون السبب هو جملة الوقت ط
قوله ( حتى يلزمهم ) أي المجنون ومن ذكر بعده وكذا غيرهم ممن خرج عليه الوقت ولم يصل فيه
قوله ( هو الصحيح ) مقابله ما قيل إن المجنون ونحوه لو أفاق أو طهر أو أسلم في ناقص كان ذلك الوقت الناقص هو السبب في حقهم لتعذر إضافة السبب إلى جملة الوقت لعدم أهليتهم للوجوب في جميع أجزائه فيجوز لهم القضاء في ناقص آخر لأنه كذلك وجب والصحيح أنه لا يجوز لأنه لا نقصان في الوقت نفسه وإنما هو في الأداء فيه لما فيه من التشبه بعبدة الشمس كما حققه في التحرير وسيأتي تمامه
قوله ( لأنه لا خلاف في طرفيه ) أي الطرفين الآتيين قال في الحلية نعم في كون العبرة بأول طلوعه أو استطارته أو انتشاره اختلاف المشايخ كما في شرح الزاهدي عن المحيط
وفي خزانة الفتاوى عن شرح السرخسي على الكافي وذكر فيها أن الأول أحوط والثاني أوسع ا هـ
قال في البحر والظاهر الأخير لتعريفهم الفجر الصادق به كما يأتي
ورده في النهر بأن الظاهر الأول لما في حديث جبريل الذي هو أصل الباب ثم صلى بي الفجر يعني في اليوم الأول حين بزق وحرم الطعام على الصائم وبزق بمعنى بزغ وهو أول طلوعه ا هـ
ومثله في الشرنبلالية
وزاد ولا ينافيه التعريف لأن من شأنه الانتشار فلا يتوقف على انتشاره بأن يكون بعد مضي جانب منه بدليل لفظ الحديث
قال ح وأظن أن الاستطارة والانتشار بمعنى واحد كما يفيده كلام الشارح الآتي فهما قولان لا ثلاثة ا هـ
وبما تقرر علم أن المراد أنه لا خلاف في أوله وهو أصل طلوع الفجر الثاني وإنما الخلاف في المراد من الطلوع وأما عدم الخلاف في آخره فلما صرح به الطحاوي وابن المنذر من أن عليه اتفاق المسلمين قال في الحلية فلا يلتفت إلى ما عن الإصطخري من الشافعية مع أنه إذا أسفر الفجر يخرج الوقت وتصير الصلاة بعده إلى الطلوع قضاء ا هـ
وبه يندفع قول القهستاني إن نفي الخلاف في الطرفين من عدم التتبع
قوله ( وأول من صلاه آدم ) أي حين أهبط من الجنة وجن عليه الليل ولم يكن رآه قبل فخاف فلما انشق الفجر صلى ركعتين شكرا لله تعالى
____________________
(1/357)
فلذا قدمه في الذكر عناية
قوله ( وأول الخمس وجوبا ) قال الرحمتي الظاهر أن أولها وجوبا العشاء لأن الوجوب بآخر الوقت والإسراء كان ليلا
قوله ( لأنه أولها ظهورا ) أي أول الخمس بناء على أن إمامة جبريل إنما كانت في الظهر صبيحة الإسراء وأن إقامته له في الصبح كانت في غير صبيحتها والمسألة فيها روايتان أشهرهما البداءة بالظهر كما في أبي السعود
قوله ( ولا يخفى الخ ) جواب سؤال حاصله أن الصبح إذا كان أول الخمس وجوبا فكيف تركه النبي صبيحة الإسراء مع وجوبه عليه ليلا
وبيان الجواب أنه وإن كان واجبا لا يجب الأداء قبل العلم بالكيفية لأن الخطاب بالمجمل قبل البيان يفيد الابتلاء باعتقاد الحقية في الحال وإنما يجب العمل بعد البيان كما ذكره الأصوليون فلا يلزم من الوجوب وجوب الأداء ونظيره يجب الصوم على المعذور بلا وجوب أداء
أما الجواب بأنه كان نائما ولا وجوب على النائم ففي النهر أنه مردود للإجماع على أن المعذور بنوم ونحوه يلزمه القضاء ا هـ
فرع لا يجب انتباه النائم في أول الوقت ويجب إذا ضاق الوقت
نقله البيري في شرح الأشباه عن البدائع من كتب الأصول وقال ولم نره في كتب الفروع فاغتنمه ا هـ
قلت لكن فيه نظر لتصريحهم بأنه لا يجب الأداء على النائم اتفاقا فكيف يجب عليه الانتباه روى مسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة أنه قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى وأصل النسخة التنبيه بدل الانتباه وسنذكر في الأيمان أنه لو حلف أنه ما أخر صلاة عن وقتها وقد نام فقضاها قيل لا يحنث واستظهره الباقاني لكن في البزازية الصحيح أنه إن كان نام قبل دخول الوقت وانتبه بعده لا يحنث وإن كان نام بعد دخوله حنث ا هـ
فهذا يقتضي أنه بنومه قبل الوقت لا يكون مؤخرا وعليه فلا يأثم وإذا لم يأثم لا يجب انتباهه إذ لو وجب لكان مؤخرا لها وآثما بخلاف ما إذا نام بعد دخول الوقت ويمكن حمل ما في البيري عليه
مطلب في تعبده عليه الصلاة والسلام قبل البعثة قوله ( متعبدا ) بكسر الباء
في القاموس تعبد تنسك ا هـ
ح وظاهر قوله في شرح التحرير أي مكلفا أنه بالفتح لكن الأظهر الأول لأنه بالفتح يقتضي الأمر والكلام فيما قبل البعثة
تأمل
قوله ( المختار عندنا لا ) نسبه في التقرير الأكملي إلى محققي أصحابنا قال لأنه عليه الصلاة والسلام قبل الرسالة في مقام النبوة لم يكن من أمة نبي قط الخ وعزاه في النهر أيضا إلى الجمهور واختار المحقق ابن الهمام في التحرير أنه كان متعبدا بما ثبت أنه شرع يعني لا على الخصوص وليس هو من قومهم وقدمنا تمامه في أوائل كتاب الطهارة
قوله ( وصح تبعده في حراء ) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء يصرف ويمنع من الصرف وحكي فيه الفتح والقصر وكذلك حكم قباء ونظمه بعضهم بقوله حرا وقبا ذكر وأنثهما معا ومد أو اقصر واصرفن وامنع الصرفا وهو جبل بينه وبين مكة ثلاثة أميال
قال في المواهب اللدنية وروى ابن إسحاق وغيره أنه عليه الصلاة
____________________
(1/358)
والسلام كان يخرج إلى حراء في كل عام شهرا يتنسك فيه قال وعندي أن هذا التعبد يشتمل على أنواع من الانعزال عن الناس والانقطاع إلى الله والأفكار
وعن بعضهم كانت عبادته عليه الصلاة والسلام في حراء التفكر ا هـ
ملخصا
قوله ( من أول طلوع الخ ) زاد لفظ أول اختيار لما دل عليه الحديث كما قدمناه
قوله ( وهو البياض الخ ) لحديث مسلم والترمذي واللفظ له لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير فالمعتبر الفجر الصادق وهو الفجر المستطير في الأفق أي الذي ينتشر ضوءه في أطراف السماء لا الكاذب وهو المستطيل الذي يبدو طويلا في السماء كذنب السرحان أي الذئب ثم يعقبه ظلمة
فائدة ذكر العلامة المرحوم الشيخ خليل الكاملي في حاشيته على رسالة الاسطرلاب لشيخ مشايخنا العلامة المحقق علي أفندي الداغستاني أن التفاوت بين الفجرين وكذا بين الشفقين الأحمر والأبيض إنما هو بثلاث درج ا هـ
قوله ( إلى قبيل ) كذا أقحمه في النهر والظاهر أنه مبني على دخول الغاية لكن التحقيق عدمه لكونها غاية مد كما سبق فلا حاجة إلى ذلك ا هـ
إسماعيل
قوله ( بالضم ) أي وبالمد كما في القاموس ح
قوله ( من زواله ) الأولى من زوالها ط
قوله ( عن كبد السماء ) أي وسطها بحسب ما يظهر لنا ط
قوله ( إلى بلوغ الظل مثليه ) هذا ظاهر الرواية عن الإمام
نهاية وهو الصحيح
بدائع ومحيط وينابيع وهو المختار
غياثية
واختاره الإمام المحبوبي وعول عليه النسفي وصدر الشريعة
تصحيح قاسم
واختاره أصحاب المتون وارتضاه الشارحون فقول الطحاوي وبقولهما نأخذ لا يدل على أنه المذهب وما في الفيض من أنه يفتى بقولهما في العصر والعشاء مسلم في العشاء فقط على ما فيه وتمامه في البحر
قوله ( وعنه ) أي عن الإمام ح
وفي رواية عنه أيضا أنه بالمثل يخرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر إلا بالمثلين ذكرها الزيلعي وغيره وعليها فما بين المثل والمثلين وقت مهمل
قوله ( مثله ) منصوب ببلوغ المقدر والتقدير
وعن الإمام إلى بلوغ الظل مثله ح
قوله ( وهو نص في الباب ) فيه أن الأدلة تكافأت ولم يظهر ضعف دليل الإمام بل أدلته قوية أيضا كما يعلم من مراجعة المطولات وشرح المنية
وقد قال في البحر لا يعدل عن قول الإمام إلى قولهما أو قول أحدهما إلا لضرورة من ضعف دليل أو تعامل بخلافه كالمزارعة وإن صرح المشايخ بأن الفتوى على قولهما كما هنا
قوله ( وعليه عمل الناس اليوم ) أي في كثير من البلاد والأحسن ما في السراج عن شيخ الإسلام أن الا حتياط أن لا يؤخر الظهر إلى المثل وأن لا يصلي العصر حتى يبلغ المثلين ليكون مأديا للصلاتين في وقتهما بالإجماع وانظر هل إذا لزم من تأخيره العصر إلى المثلين فوت الجماعة يكون الأولى التأخير أم لا والظاهر الأول بل يلزم لمن اعتقد رجحان قول الإمام
تأمل
ثم رأيت في آخر شرح المنية ناقلا عن بعض الفتاوى أنه لو كان إمام محلته يصلي العشاء قبل غياب الشفق الأبيض فالأفضل أن يصليها وحده بعد البياض
قوله ( سوى فيء ) بوزن شيء وهو الظل بعد الزوال سمي به لأنه فاء أي رجع من جهة المغرب إلى المشرق وما قبل الزوال إنما يسمى ظلا وقد يسمى به ما بعده أيضا ولا يسمى
____________________
(1/359)
ما قبل الزوال فيئا أصلا
سراج ونهر قوله ( يكون للأشياء قبيل الزوال ) أشار إلى أن إضافة الفيء إلى الزوال لأدنى ملابسة لحصوله عند الزوال فلا تعد إضافته إليه تسامحا
درر أي خلافا لشرح المجمع من أنها تسامح وتبعه في النهر لأن التسامح كما قال بعض المحققين استعمال اللفظ في غير ما وضع له لا لعلاقة وهذه الإضافة مجاز في الإسناد لأن الفيء إنما يسند حقيقة للأشياء كالشاخص ونحوه لا للزوال
قلت لكن يرد أن الظل لا يسمى فيئا إلا بعد الزوال كما علمت وبه اعترض الزيلعي على التعبير بفيء الزوال أي فهو مجاز لغوي عن الظل وإسناده إلى الزوال مجاز عقلي كما علمت لا لغوي أيضا
ولا تسامح لأنه ليس فيه استعمال كلمة في غير ما وضعت له والظاهر أنه مراد القهستاني حيث جعل في الكلام مجازين فافهم
قوله ( ويختلف باختلاف الزمان والمكان ) أي طولا وقصرا وانعداما بالكلية كما أوضحه ح
قوله ( ولو لم يجد ما يغرز ) أشار إلى أنه إن وجد خشبة يغرزها في الأرض قبل الزوال وينتظر الظل ما دام متراجعا إلى الخشبة فإذا أخذ في الزيادة حفظ الظل الذي قبلها فهو ظل الزوال ح
وعن محمد يقوم مستقبل القبلة فما دامت الشمس على حاجبه الأيسر فالشمس لم تزل وإن صارت على حاجبه الأيمن فقد زالت وعزاه في المفتاح إلى الإيضاح قائلا إنه أيسر مما سبق عن المبسوط من غرز الخشبة إسماعيل
قوله ( اعتبر بقامته ) أي بأن يقف معتدلا في أرض مستوية حاسرا عن رأسه خالعا نعليه مستقبلا للشمس أو لظله ويحفظ ظل الزوال كما مر ثم يقف في آخر الوقت ويأمر من يعلم له على منتهى ظله علامة فإذا بلغ الظل طول القامة مرتين أو مرة سوى ظل الزوال فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر وإن لم يعلم علامة يكيل بدلها ستة أقدام ونصفا بقدمه وقيل سبعة
قوله ( من طرف إبهامه ) حال من قوله بقدمه أشار به إلى الجمع بين القولين لأنه قيل إن قامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه
وقال الطحاوي وعامة المشايخ سبعة أقدام
قال الزاهدي ويمكن الجمع بينهما بأن يعتبر سبعة أقدام من طرف سمت الساق وستة ونصف من طرف الإبهام وإليه أشار البقالي ا هـ
حلية
أقول بيانه إذا وقف الواقف على رجله اليسرى ثم نقل اليمنى ووضع عقبها عند طرف إبهام اليسرى ثم نقل اليسرى كذلك وهكذا ست مرات فإن بدأ بالاعتبار من طرف سمت الساق يعني من طرف عقب اليسرى التي كان واقفا عليها أولا كان سبعة أقدام وإن بدأ بالاعتبار من طرف إبهامها كان ستة أقدام ونصف قدم
ووجه ذلك أن المطلوب أخذ طول ارتفاع القامة ومبدأ ارتفاعها من جهة الوجه عند نصف القدم ومن جهة القفا عند طرف العقب فمن لاحظ الأول اعتبر نصف القدم التي كان واقفا عليها وقدر القامة بستة أقدام ونصف ومن لاحظ الثاني اعتبر القدم المذكورة بتمامها وقدر بسبعة وعلى كل فالمراد واحد وهذا الذي قررناه هو الموافق لما رأيته في بعض كتب الميقات
وحاصله إن حسب كل القدم التي كان واقفا عليها سبعة أقدام وإن حسب نصفها كان ستة أقدام ونصفا فافهم
قوله ( منه ) أي من بلوغ الظل مثليه على رواية المتن
مطلب لو وردت الشمس بعد غروبها قوله ( بالظاهر نعم ) بحث لصاحب النهر حيث قال ذكر الشافعي أن الوقت يعود لأنه عليه الصلام والسلام نام في حجر علي رضي الله عنه حتى غربت الشمس فلما استيقظ ذكر له أنه فاتته العصر فقال اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه فردت حتى صلى العصر وكان ذلك بخيبر والحديث صححه الطحاوي
____________________
(1/360)
وعياض وأخرجه جماعة منهم الطبراني بسند حسن وأخطأ من جعله موضوعا كابن الجوزي وقواعدنا لا تأباه
لا تأباه آه قال ح كأنه نظير الميت إذا أحياه الله تعالى فإنه يأخذ ما بقي من ماله في أيدي ورثته فيعطى له حكم الأحياء وانظر هل هذا شامل لطلوع الشمس من مغربها الذي هو من العلامات الكبرى للساعة ا هـ
قال ط والظاهر أنه لا يعطى هذا الحكم لأنه إنما يثبت إذا أعيدت في آن غروبها كما هو واقعة الحديث أما طلوعها من مغربها فهو بعد مضي الليل بتمامه ا هـ
قلت على أن الشيخ إسماعيل رد ما بحثه في النهر تبعا للشافعية بأن صلاة العصربغيبوبة الشفق تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداء وما في الحديث خصوصية لعلي كما يعطيه قوله عليه الصلاة والسلام إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك ا هـ
قلت ويلزم على الأول بطلان صوم من أفطر قبل ردها وبطلان صلاته المغرب لو سلمنا عود الوقت بعودها للكل والله تعالى أعلم
مطلب في الصلاة الوسطى قوله ( وهي الوسطى على المذهب ) أي المنقول عن أئمتنا الثلاثة
وقال الترمذي وغيره إنه قول أكثر العلماء من أصحاب النبي وغيرهم وسميت وسطى لأنها بين صلاتين من صلاة الليل وصلاتين من صلاة النهار وتمام الاستدلال على هذا القول من الأحاديث الصحيحة مبسوط في أول الحلية
قال ح وهذا قول من ثلاثة وعشرين قولا مذكروة في الوهبانية وشرحها
قوله ( وإليه رجع الإمام ) أي إلى قولهما الذي هو رواية عنه أيضا
وصرح في المجمع بأن عليها الفتوى ورده المحقق في الفتح بأنه لا يساعده رواية ولا دراية الخ
وقال تلميذه العلامة قاسم في تصحيح القدوري إن رجوعه لم يثبت لما نقله الكافة من لدن الأئمة الثلاثة إلى اليوم من حكاية القولين ودعوى عمل عامة الصحابة بخلافة خلاف المنقول
قال في الاختيار الشفق البياض وهو مذهب الصديق ومعاذ بن جبل وعائشة رضي الله عنهم
قلت ورواه عبد الرزاق عن عن أبي هريرة وعن عمر بن عبد العزيز ولم يرو البيهقي الشفق الأحمر إلا عن ابن عمر وتمامه فيه
وإذا تعارضت الأخبار والآثار فلا يخرج وقت المغرب بالشك كما في الهداية وغيرها
قال العلامة قاسم فثبت أن قول الإمام هو الأصح ومشى عليه في البحر مؤيدا له بما قدمناه عنه من أنه لا يعدل عن قول الإمام إلا لضرورة من ضعف دليل أو تعامل بخلافه كالمزارعة لكن تعامل الناس اليوم في عامة البلاد على قولهما وقد أيده في النهر تبعا للنقاية والوقاية والدرر والإصلاح ودرر البحار والإمداد والمواهب وشرحه البرهان وغيرهم مصرحين بأن عليه الفتوى
وفي السراج قولهما أوسع وقوله أحوط والله أعلم
تنبيه قدمنا قريبا أن التفاوت بين الشفقين بثلاث درج كما بين الفجرين فليحفظ
قوله ( منه ) أي من غروب الشفق على الخلاف فيه
بحر
قوله ( ولكن الخ ) جواب عن سؤال مقدر تقديره لم لا يجوز تقديمه بعد دخول وقته أجاب بأنه إنما لا يجوز للترتيب لا لكون الوقت لم يدخل وهذا على قوله وعلى قولهما لأنه تبع للعشاء وأثر الخلاف يظهر فيما لو قدم الوتر عليها ناسيا أو تذكر أنه صلاها فقط على غير وضوء لا يعيده عنده
____________________
(1/361)
وعندهما عيد
نهر
ولم يتعرض للمسقط الثالث وهو كون الفوائت ستا فليراجع
رحمتي
قوله ( لوجوب الترتيب ) أي لزومه فإنه فرض عملي
ط
قوله ( لأنهما فرضان عند الإمام ) لكن العشاء قطعي والوتر عملي وهذا تعليل للحكمين المذكورين في المتن الأول كون ما بين غيبوبة الشفق والفجر وقتا لهما معا
الثاني لو صلاه قبلها فإن ناسيا سقط الترتيب وإن عامدا فهو باطل موقوف على ما سيأتي تفصيله في قضاء الفوائت ح
مطلب في فاقد وقت العشاء كأهل بلغار قوله ( كبلغار ) بضم الباء الموحدة فسكون اللام وألف بين الغين المعجمة والراء لكن ضبطه في القاموس بلا ألف
وقال والعامة تقول بلغار وهي مدينة الصقالبة ضاربة في الشمال شديدة البرد ا هـ
قوله ( فإن فيها يطلع الفجر قبل غروب الشفق ) مقتضاه أنه فقد وقت العشاء والوتر فقط وليس كذلك بل فقد وقت الفجر أيضا لأن ابتداء وقت الصبح طلوع الفجر وطلوع الفجر يستدعي سبق الظلام ولا ظلام مع بقاء الشفق أفاده ح
أقول الخلاف المنقول بين مشايخ المذهب إنما هو في وجوب العشاء والوتر فقط ولم نر أحدا منهم تعرض لقضاء الفجر في هذه الصورة وإنما الواقع في كلامهم تسميته فجرا لأن الفجر عندهم اسم للبياض المنتشر في الأفق موافقا للحديث الصحيح كما مر بلا تقييد بسبق ظلام
على أنا لا نسلم عدم الظلام هنا ثم رأيت ط ذكر نحوه
قوله ( في أربعينية الشتاء ) صوابه في أربعينة الصيف كما في الباقاني وعبارة البحر وغيره في أقصر ليالي السنة وإتمامه في ح
وقول النهر في أقصر أيام السنة سبق قلم وهو الذي أوقع الشارح
قوله ( فيقدر لهما ) هذا موجود في نسخ المتن المجردة ساقط من المنح ولم أر من سبقه إليه سوى صاحب الفيض حيث قال ولو كانوا في بلدة يطلع فيها الفجر قبل غيبوبة الشفق لا يجب عليهم صلاة العشاء لعدم السبب وقيل يجب ويقدر الوقت ا هـ
بقي الكلام في معنى التقدير والذي يظهر من عبارة الفيض أن المراد أنه يجب قضاء العشاء بأن يقدر أن الوقت أعني سبب الوجوب قد وجد كما يقدر وجوده في أيام الدجال على ما يأتي لأنه لا يجب بدون السبب فيكون قوله ويقدر الوقت جوابا عن قوله في الأول لعدم السبب
وحاصله أنا لا نسلم لزوم وجود السبب حقيقة بل يكفي تقديره كما في أيام الدجال
ويحتمل أن المراد بالتقدير المذكور هو ما قاله الشافعية من أنه يكون وقت العشاء في حقهم بقدر ما يغيب فيه الشفق في أقرب البلاد إليهم والمعنى الأول أظهر كما يظهر لك من كلام الفتح الآتي حيث ألحق هذه المسألة بمسألة أيام الدجال ولأن هذه المسألة نقلوا فيها الاختلاف بين ثلاثة من مشايخنا وهم البقالي والحلواني والبرهان الكبير فأفتى البقالي بعدم الوجوب وكان الحلواني يفتي بوجوب القضاء ثم وافق البقالي لما أرسل إليه الحلواني من يسأله عمن أسقط صلاة من الخمس أيكفر فأجاب السائل بقوله من قطعت يداه أو رجلاه كم فروض وضوئه فقال له ثلاث لفوات المحل قال فكذلك الصلاة فبلغ الحلواني ذلك فاستحسنه ورجع إلى قول البقالي بعدم الوجوب
وأما البرهان الكبير فقال بالوجوب لكن قال في الظهيرية غيرها لا ينوي القضاء في الصحيح لفقد وقت الأداء
واعترضه الزيلعي بأن الوجوب بدون السبب لا يعقل وبأنه إذا لم ينو القضاء يكون أداء ضرورة وهو
____________________
(1/362)
أي الأداء فرض الوقت ولم يقل به أحد إذ لا يبقى وقت العشاء بعد طلوع الفجر إجماعا ا هـ وأيضا فإن من جملة بلادهم ما يطلع فيها الفجر كما غربت الشمس كما في الزيلعي وغيره فلم يوجد وقت قبل الفجر يمكن فيه الأداء
إذا علمت ذلك ظهر لك أن من قال بالوجوب يقول به على سبيل القضاء لا الأداء ولو كان الاعتبار بأقرب البلاد إليهم لزم أن يكون الوقت الذي اعتبرناه لهم وقت للعشاء حقيقة بحيث تكون العشاء فيه أداء مع أن القائلين عندنا بالوجوب صرحوا بأنها قضاء وبفقد وقت الأداء وأيضا لو فرض أن فجرهم يطلع بقدر ما يغيب الشفق في أقرب البلاد إليهم لزم اتحاد وقتي العشاء والصبح في حقهم أو أن الصبح لا يدخل بطلوع الفجر
إن قلنا إن الوقت للعشاء فقط ولزم أن تكون العشاء نهارية لا يدخل وقتها إلا بعد طلوع الفجر وقد يؤدي أيضا إلى أن الصبح إنما يدخل وقته بعد طلوع شمسهم وكل ذلك لا يعقل فتعين ما قلنا في معنى التقدير ما لم يوجد نقل صريح بخلافه
وأما مذهب الشافعية فلا يقضي على مذهبنا ثم رأيت في الحلية ذكر ما ذكره الشافعية ثم اعترضه بأن ظاهر حديث الدجال يفيد التقدير في خصوص ذلك البلد لأن الوقت يختلف باختلاف كثير من الأقطار وهذا مؤيد لما قلنا ولله الحمد فافهم
قوله ( ولا ينوي القضاء الخ ) قد علمت ما أورده الزيلعي عليه من أنه يلزم من عدم نية القضاء أن يكون أداء ضرورة الخ فيتعين أن يحمل كلام البرهان الكبير على وجوب القضاء كما كان يقول به الحلواني
وقد يقال لا مانع من كونها لا أداء ولا قضاء كما سمى بعضهم ما وقع بعضها في الوقت أداء وقضاء لكن المنقول عن المحيط وغيره أن الصلاة الواقع بعضها في الوقت وبعضها خارجه يسمى ما وقع منها الوقت أداء وما وقع خارجه يسمى قضاء اعتبارا لكل جزء بزمانه فافهم
قوله ( فزعم المصنف الخ ) أي حيث جزم به وعبر عن مقابله بقيل ولذا نسبه في الإمداد إلى الوهم
قوله ( وأوسعا المقال ) أي كل من الشرنبلالي والبرهان الحلبي لكن الشرنبلالي نقل كلام البرهان الحلبي برمته فلذا نسب إليه الإيساع
قوله ( ومنعا ما ذكره الكمال ) أما الذي ذكره الكمال فهو قوله ومن لا يوجد عندهم وقت العشاء أفتى البقالي بعدم الوجوب عليهم لعدم السبب كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من المرفقين ولا يرتاب متأمل في ثبوت الفرق بين عدم محل الفرض وبين عدم سببه الجعلي الذي جعل علامة على الوجوب الخفي الثابت في نفس الأمر وجواز تعداد المعرفات للشيء فانتفاء الوقت انتفاء المعرف وانتفاء الدليل على الشيء لا يستلزم انتفاءه لجواز دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت عليه أخبار الإسراء من فرض الله تعالى الصلوات خمسا بعد ما أمر أولا بخمسين ثم استقر الأمر على
____________________
(1/363)
الخمس شرعا عاما لأهل الآفاق لا تفصيل بين قطر وقطر وما روي أنه ذكر الدجال قلنا ما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا قدروا له رواه مسلم فقد أوجب أكثر من ثلاثمائة عصر قبل صيرورة الظل مثلا أو مثلين وقس عليه فاستفدنا أن الواجب في نفس الأمر خمس على العموم غير أن توزيعها على تلك الأوقات عند وجودها ولا يسقط بعدمها الوجوب وكذا قال خمس صلوات كتبهن الله على العباد ا هـ
وأما الذي ذكره البرهان الحلبي في شرح المنية فهو قوله والجواب أن يقال كما استقر الأمر على أن الصلوات خمس فكذا استقر الأمر على أن للوجوب أسبابا وشروطا لا يوجد بدونها وقولك شرعا عاما الخ إن أردت أنه عام على كل من وجد في حقه شروط الوجوب وأسبابه سلمناه ولا يفيدك لعدم بعض ذلك في حق من ذكر وإن أردت أنه عام لكل فرد من أفراد المكلفين في كل فرد من أفراد الأيام مطلقا فهو ظاهر البطلان فإن الحائض لو طهرت بعد طلوع الشمس لم يكن الواجب عليها في ذلك اليوم إلا أربع صلوات وبعد خروج وقت الظهر لم يجب عليها في ذلك اليوم إلا ثلاث صلوات وهكذا ولم يقل أحد إنه إذا طهرت في بعض اليوم أو في أكثره مثلا يجب عليها تمام صلوات اليوم والليلة لأجل أن الصلوات فرضت على كل مكلف
فإن قلت تخلف الوجوب في حقها لفقد شرطه وهو الطهارة من الحيض
قلنا لك كذلك تخلف الوجوب في حق هؤلاء لفقد شرطه وسببه وهو الوقت وأظهر من ذلك الكافر إذا أسلم بعد فوات وقت أو أكثر من اليوم مع أن عدم الشرط وهو الإسلام في حقه مضاف إليه لتقصيره بخلاف هؤلاء ولم يقل أحد يجب عليه تمام صلوات ذلك اليوم لافتراض الصلوات خمسا على كل مكلف في كل يوم وليلة والقياس على ما في حديث الدجال غير صحيح لأنه لا مدخل للقياس في وضع الأسباب ولئن سلم فإنما هو فيما لا يكون على خلاف القياس والحديث ورد على خلاف القياس فقد نقل الشيخ أكمل الدين في شرح المشارق عن القاضي عياض أنه قال هذا حكم مخصوص بذلك الزمان شرعه لنا صاحب الشرع ولو وكلنا فيه لاجتهادنا لكانت الصلاة فيه عند الأوقات المعروفة واكتفينا بالصلوات الخمس ا هـ
ولئن سلم القياس فلا بد من المساواة ولا مساواة فإن ما نحن فيه لم يوجد زمان يقدر للعشاء فيه وقت خاص
والمفاد من الحديث أنه يقدر لكل صلاة وقت خاص بها ليس هو وقتا لصلاة أخرى بل لا يدخل وقت ما بعدها قبل مضي وقتها المقدر لها وإذا مضى صارت قضاء كما في سائر الأيام فكأن الزوال وصيرورة الظل مثلا أو مثلين وغروب الشمس وغيبوبة الشفق وطلوع الفجر موجودة في أجزاء ذلك الزمان تقديرا بحكم الشرع ولا كذلك هنا إذ الزمان الموجود إما وقت للمغرب في حقهم أو وقت للفجر بالإجماع فكيف يصح القياس وعلم بما ذكرنا عدم الفرق بين من قطعت يداه أو رجلاه من المرفقين والكعبين وبين هذه المسألة كما ذكره البقالي ولذا سلمه الإمام الحلواني ورجع إليه مع أنه الخصم فيه إنصافا منه وذلك لأن الغسل سقط ثم لعدم شرطه لأن المحال شروط فكذا هنا سقطت الصلاة لعدم شرطها بل وسببها أيضا وكما لم يقم هناك دليل بجعل ما وراء المرفق إلى الإبط وما فوق الكعب بمقدار القدم خلفا عنه في وجوب الغسل كذلك لم يرد دليل يجعل جزءا من وقت المغرب أو من وقت الفجر أو منهما خلفا عن وقت العشاء وكما أن الصلوات خمس بالإجماع على المكلفين كذا فرائض الوضوء على المكلفين لا تنقص عن أربع بالإجماع لكن لا بد من وجود جميع أسباب
____________________
(1/364)
الوجوب وشرائطه في جميع ذلك فليتأمل المنصف والله سبحانه وتعالى الموفق ا هـ
كلام البرهان الحلبي
وقد كر عليه الفاضل المحشي بالنقض
وانتصر للمحقق بما يطول فمن جملة ذلك أنه قال إن ما فعلناه ليس من باب القياس بل من باب الإلحاق دلالة وقول البرهان الحلبي إن ما نحن فيه لم يوجد زمان يقدر للعشاء فيه وقت خاص ممنوع وذلك لأن من يقدر يجعل لكل صلاة وقتا يختص بها لا يشاركها فيه غيرها ا هـ
أقول لا يخفى أن القائلين بالوجوب عندنا لم يجعلوا لتلك الصلاة وقتا خاصا بها بحيث يكون فعلها فيه أداء وخارجها قضاء كما هو في أيام الدجال لأن الحلواني قال بوجوبها قضاء والبرهان الكبير قال لا ينوي القضاء لعدم وقت الأداء وبه صرح في الفتح أيضا فأين الإلحاق دلالة مع عدم المساواة فلو كان بطريق الإلحاق أو القياس لجعلوا لها وقتا خاصا بها تكون فيه أداء وإنما قدروه موجودا لإيجاب فعلها بعد الفجر وليس معنى التقدير ما قاله الشافعية كما علمت وإلا لزم كونها فيه أداء وقد علمت قول الزيلعي إنه لم يقل به أحد أي بكونها أداء لأنه لا يبقى وقت العشاء بعد الفجر
والأحسن في الجواب عن المحقق الكمال ابن الهمام أنه لم يذكر حديث الدجال ليقيس عليه مسألتنا أو يلحقها به دلالة وإنما ذكره دليلا على افتراض الصلوات الخمس وإن لم يوجد السبب افتراضا عاما لأن قوله وما روى معطوف على قوله ما تواطأت عليه أخبار الإسراء وما أورده عليه من عدم الافتراض على الحائض والكافر يجاب عنه بما قاله المحشي من ورود النص بإخراجهما من العموم
هذا وقد أقر ما ذكره المحقق تلميذاه العلامتان المحققان ابن أمير حاج والشيخ قاسم
والحاصل أنهما قولان مصححان ويتأيد القول بالوجوب بأنه قال به إمام مجتهد وهو الإمام الشافعي كما نقله في الحلية عن المتولي عنه
قوله ( ولا يساعده ) الضمير راجع إلى ما ذكره الكمال ح
قوله ( حديث الدجال ) هو ما قدمناه في كلام الكمال
قال الإسنوي فيستثنى هذا اليوم مما ذكره في المواقيت ويقاس اليومان التاليان له قال الرملي في شرح المنهاج ويجري ذلك فيما لو مكثت الشمس عند قوم مدة ا هـ
ح
قال في إمداد الفتاح قلت وكذلك يقدر لجميع الآجال كالصوم والزكاة والحج والعدة وآجال البيع والسلم والإجارة وينظر ابتداء اليوم فيقدر كل فصل من الفصول الأربعة بحسب ما يكون كل يوم من الزيادة والنقص كذا في كتب الأئمة الشافعية ونحن نقول بمثله إذ أصل التقدير مقول به إجماعا في الصلوات ا هـ
مطلب في طلوع من مغربها تنبيه ورد في حديث مرفوع أن الشمس إذا طلعت من مغربها تسير إلى وسط السماء ثم ترجع ثم بعد ذلك تطلع من المشرق كعادتها
قال الرملي الشافعي في شرح المنهاج وبه يعلم أنه يدخل وقت الظهر برجوعها لأنه بمنزلة زوالها ووقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله والمغرب بغروبها
وفي هذا الحديث أن ليلة طلوعها من مغربها تطول بقدر ثلاث ليال لكن ذلك لا يعرف إلا بعد مضيها لانبهامها على الناس فحينئذ قياس ما مر أنه يلزم قضاء الخمس لأن الزائد ليلتان فيقدران عن يوم وليلة وواجبهما الخمس ا هـ
قوله ( لأنه وإن وجب ) علة لعدم المساعدة ح
قوله ( أكثر من ثلاثمائة ظهر الخ ) فيه أن الوارد أن اليوم كسنة فما قبل الزوال نحو نصف سنة ولا يتكرر فيه الظهر هذا العدد فالمناسب تعبير الكمال بما مر من قوله فقد وجب أكثر من ثلاثمائة عصر قبل صيرورة الظل مثلا أو مثلين لكنه ظاهر في المثلين لأنه قريب فمن خمسة أسداس النهار بخلاف المثل والأظهر قوله
____________________
(1/365)
في الشرنبلالية وإن وجب أكثر من ثلاثمائة عشاء مثلا قبل طلوع الفجر
قوله ( مثلا ) أي إن الصبح والعصر والمغرب والعشاء والوتر كذلك ح
قوله ( فيه ) أي في حديث الدجال
قوله ( وأما فيها ) أي في مسألتنا
وفي بعض النسخ فيهما أي في العشاء والوتر
قوله ( فقد فقد الأمران ) أي العلامة وهي غيبوبة الشفق قبل الفجر والزمان المعلم وهو ما تقع الصلاة فيه أداء ضرورة أن الزمان الموجود قبل الفجر هو زمان المغرب وبعده زمان الصبح فلم يوجد الزمان الخاص بالعشاء وليس المراد فقد أصل الزمان كما لا يخفى نعم إذا قلنا بالتقدير هنا يكون الزمان موجودا تقديرا كما في يوم الدجال فلا يرد على المحقق والله تعالى أعلم
تتمة لم أر من تعرض عندنا لحكم صومهم فيما إذا كا ن يطلع الفجر عندهم كما تغيب الشمس أو بعده بزمان لا يقدر فيها لصائم على أكل ما يقيم بنيته ولا يمكن أن يقال بوجوب موالاة الصوم عليهم لأنه يؤدي إلى الهلاك
فإن قلنا بوجوب الصوم يلزم القول بالتقدير وهل يقدر ليلهم بأقرب البلاد إليهم كما قاله الشافعية هنا أيضا أم يقدر لهم بما يسع الأكل والشرب أم يجب عليهم القضاء فقط دون الأداء كل محتمل فليتأمل ولا يمكن القول هنا بعدم الوجوب أصلا كالعشاء عند القائل به فيها لأن علة عدم الوجوب فيها عند القائل به عدم السبب وفي الصوم قد وجد السبب وهو شهود جزء من الشهر وطلوع فجر كل يوم هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
قوله ( للرجل ) يأتي محترزه
قوله ( الفجر ) أي صلاة الفرض
وفي صلاة السنة قولان كما يأتي للشارح ط
قوله ( بإسفار ) أي في وقت ظهور النور وانكشاف الظلمة سمي به لأنه يسفر أي يكشف عن الأشياء خلافا للأئمة الثلاثة لقوله عليه الصلاة والسلام أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر رواه الترمذي وحسنه وروى الطحاوي بإسناد صحيح ما اجتمع
أصحاب رسول الله على شيء ما اجتمعوا على التنوير بالفجر وتمامه في شرح المنية وغيرها
قوله ( أربعين آية ) أي إلى ستين
قوله ( ثم يعيد بطهارة ) أي يعيد الفجر أي صلاته مع ترتيل القراءة المذكورة ويعيد الطهارة لو فسد بفسادها أو ظهر فساده بعدمها ناسيا
والحاصل أن حد الإسفار أن يمكنه إعادة الطهارة ولو من حدث أكبر كما في النهر والقهستاني وإعادة الصلاة على الحالة الأولى قبل الشمس
قوله ( وقيل يؤخر جدا ) قال في البحر وهو ظاهر إطلاق الكتاب أي الكنز لكن لا يؤخرها بحيث يقع الشك في طلوع الشمس ا هـ
لكن في القهستاني الأصح الأول ح
قوله ( مطلقا ) أي ولو في غير مزدلفة لبناء حالهن على الستر وهو في الظلام أتم
قوله ( وتأخير ظهر الصيف ) سيذكر أنه يلحق به الخريف وسنذكر ما يخالفه
قوله ( بحيث يمشي في الظل ) عبارة البحر والنهر وغيرهما وحده أن يصلي قبل المثل وهي أولى لما أن مثل حيطان مصر يحدث الظل فيها سريعا لعلوها ح
وقد يقال إن اعتبار المشي في الظل بيان لأول ذلك الوقت المستحب وما في البحر وغيره بيان لمنتهاه
وفي ط عن الحموي عن الخزانة الوقت المكروه في الظهر أن يدخل في حد الاختلاف وإذا أخره حتى صار ظل كل شيء مثله فقد دخل في حد الاختلاف
قوله ( أي بلا اشتراط الخ ) تفسير للإطلاق وعبارة ابن ملك في شرح المجمع أي سواء كان يصلي الظهر وحده
____________________
(1/366)
أو بجماعة ا هـ أي لرواية البخاري كان إذا شتد البرد بكر بالصلاة وإذا شتد الحر أبرد بالصلاة والمراد الظهر وقوله إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا شتد فأبردوا بالصلاة متفق عليه وليس فيه تفصيل وتمامه في الزيلعي وغيره
قوله ( وما في الجوهرة وغيرها ) كالسراج حيث قال فيهما وإنما يستحب الإبراد بثلاثة شرائط أن يصلي بجماعة في مسجد جماعة وأن يكون في البلاد الحارة وأن يكون في شدة الحر
وقال الشافعي إن صلى في بيته قدمها وإن في المسجد بجماعة أخرها ا هـ
قوله ( منظور فيه ) تبع في التنظير فيه صاحب البحر اعتمادا على الإطلاق
وأورده المحشي عليه ما لو كان في موضع تقام الجماعة فيه في أول الوقت فقط فإنه لو قلنا يستحب له التأخير يلزم ترك الجماعة التي يعاقب على تركها على المشهور لأجل المستحب والقواعد تأباه ويدل له كراهتهم تأخير العشاء إلى ما زاد على النصف وعللوه بتقليل الجماعة ففي مسألتنا ينبغي أن يكون التأخير حراما حيث تحقق فوت الجماعة ا هـ
ونقل بعضهم مثله عن شرح نظم الكنز للشيخ موسى الطرابلسي وقال على أنه صرح صاحب البحر فيما تقدم أنه لو شرع في الصلاة مع نجاسة قدر الدرهم وخشي فوت الجماعة يمضي على صلاته ا هـ أي مع أن إزالتها مسنونة أو واجبة ولم تترك الجماعة لأجلها
أقول قد يجاب بأن قول البحر لا فرق بين أن يصلي بجماعة أو لا معناه أنه يندب له التأخير سواء أراد أن يصلي بجماعة أو مفردا بأن كان لا تتيسر له الجماعة وليس فيه ما يقتضي أنه يؤخر وإن لزم فوت الجماعة كما لا يخفى فالتنظير في كلام الجوهرة والسراج في محله لأن ما ذكراه من الشروط الثلاثة هي مذهب الشافعية صرحوا بها في كتبهم نعم ذكر شراح الهداية وغيرهم في باب التيمم أن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل إلا إذا تضمن التأخير فضيلة لا تحصل بدونه كتكثير الجماعة ولهذا كان أولى للنساء أن يصلين في أول الوقت لأنهن لا يخرجن إلى الجماعة كذا في مبسوطي شمس الأئمة وفخر الإسلام ا هـ
والمتبادر منه أنه إذا لم يقصد الصلاة بالجماعة لا يستحب له التأخير هنا إذ ليس فيه فضيلة لكن اعترضهم هناك صاحب غاية البيان بأن أئمتنا صرحوا باستحباب تأخير بعض الصلوات بلا اشتراط جماعة وأن ما ذكروه في التيمم مفهوم والصريح مقدم عليه وقدمنا الكلام عليه ثم فراجعه
قوله ( أصلا ) أي من جهة أصل وقت الجواز وما وقع في آخره من الخلاف
قوله ( واستحبابا في الزمانين ) أي الشتاء والصيف ح لكن جزم في الأشباه من فن الأحكام أنه لا يسن لها الإبراد
وفي جامع الفتاوى لقارىء الهداية قيل إنه مشروع لأنها تؤدي في وقت الظهر وتقوم مقامه
وقال الجمهور ليس بمشروع لأنها تقام بجمع عظيم فتأخيرها مفض إلى الحرج ولا كذلك الظهر وموافقة الخلف لأصله من كل وجه ليس بشرط ا هـ
قوله ( لأنها خلفه ) علمت جوابه
على أن القول الثاني وهو المشهور أنها فرض مستقل آكد من الظهر
قوله ( توسعة للنوافل ) أي لكراهتها بعد صلاة العصر
وقال الإمام الطحاوي بعد ذكره ما روي في التأخير والتعجيل لم نجد في هذه الآثار مما صححت إلا ما يدل على تأخير العصر ولم نجد ما يدل منها على التعجيل إلا ما عارضه غيره فاستحببنا التأخير ولو خلينا النظر لكان تعجيل الصلوات كلها أفضل ولكن اتباع ما روي عن رسول الله مما تواترت به الأحبار أولى وقد روي عن أصحابه ما يدل عليه ثم ساق ذلك وتمامه في الحلية
قوله ( في الأصح ) صححه في الهداية وغيرها
وفي الظهيرية إن أمكنه إطالة النظر فقد تغيرت وعليه
____________________
(1/367)
الفتوى
وفي النصاب وغيره وبه نأخذ وهو قول أئمتنا الثلاثة ومشايخ بلخ وغيرهم كذا في الفتاوى الصوفية وفيها وينبغي أن لا يؤخر تأخيرا لا يمكن المسبوق قضاء ما فاته ا هـ
وقيل حد التغير أن يبقى للغروب أقل من رمح وقيل أن يتغير الشعاع على الحيطان كما في الجوهرة
ابن عبد الرزاق
قوله ( وتأخير عشاء ) أطلقه وظاهر ما في الهداية التقييد بعدم فوت الجماعة ويؤخذ من كلام المصنف في مسألة يوم الغيم
شرنبلالية
قوله ( إلى ثلث الليل ) كذا في الكنز والمختار والخلاصة وغيرها
وعبارة القدوري إلى ما قبل ثلث الليل وهما روايتان كما في الشرنبلالية عن البرهان فلا حاجة إلى التوفيق بما في البحر ولا بما في الدرر
قوله ( قيده في الخانية الخ ) وفي الهداية وقيل في الصيف يعجل كي لا تتقلل الجماعة
قوله ( كره ) أي تحريما كما يأتي تقييده في المتن أو تنزيها وهو الأظهر كما نذكره عن الحلية
قوله ( لتقليل الجماعة ) يفيد أن المصلي في بيته يؤخرها لعدم الجماعة في حقه
تأمل رملي أي لو أخرها لا يكره
قوله ( أما إليه فمباح ) أي أما تأخيرها إلى النصف فمباح لتعارض دليل الندب وهو قطع السمر المنهي ودليل الكراهة وهو تقليل الجماعة فثبتت الإباحة كما أفاده في الهداية وغيرها
قلت لكن نقل في الحلية عن خزانة الأكمل استحباب التأخير إلى النصف وقال إنه الأوجه دليلا للأحاديث الصحيحة وساقها وقال اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي والتابعين وغيرهم كما ذكره الترمذي ا هـ
( تنبيه ) أشرنا إلى أن علة استحباب التأخير في العشاء هي قطع السمر المنهي عنه وهو الكلام بعدها قال في البرهان ويكره النوم قبلها والحديث بعدها لنهي النبي عنهما إلا حديثا في خير لقوله لا سمر بعد الصلاة يعني العشاء الأخيرة إلا لأحد رجلين مصل أو مسافر وفي رواية أو عرس ا هـ
وقال الطحاوي إنما كره النوم قبلها لمن خشي عليه فوت وقتها أو فوت الجماعة فيها أما من وكل نفسه إلى من يوقظه فيباح له النوم ا هـ
وقال الزيلعي وإنما كره الحديث بعدها لأنه ربما يؤدي إلى اللغو أو إلى تفويت الصبح أو قيام الليل لمن له عادة به وإذا كان لحاجة مهمة فلا بأس وكذا قراءة القرآن والذكر وحكايات الصالحين والفقه والحديث مع الضيف ا هـ والمعنى فيه أن يكون اختتام الصحيفة بالعبادة كما جعل ابتداؤها بها ليمحى ما بينهما من الزلات ولذكره الكلام قبل صلاة الفجر وتمامه في الإمداد
ويؤخذ من كلام الزيلعي أنه لو كان لحاجة لا يكره وإن خشي فوت الصبح لأنه ليس في النوم تفريط وإنما التفريط على من أخرج الصلاة عن وقتها كما في حديث مسلم نعم لو غلب على ظنه تفويت الصبح لا يحل لأنه يكون تفريطا
تأمل
قوله ( وأخر العصر ) معطوف على فعل الشرط والمراد باصفرار ذكاء تغيرها بالمعنى السابق
قوله ( فيه ) أي في العصر بمعنى صلاته
قوله ( لا يكره ) لأن الاحتراز عن الكراهة مع الإقبال على الصلاة متعذر فجعل عفوا
بحر
قوله ( إلى اشتباك النجوم ) هو الأصح
وفي رواية لا يكره ما لم يغب الشفق
بحر أي الشفق الأحمر لأنه وقت مختلف فيه فيقع في الشك وفي الحلية بعد كلام والظاهر أن السنة فعل المغرب فورا وبعده مباح إلى اشتباك النجوم فيكره بلا عذر ا هـ
قلت أي يكره تحريما والظاهر أنه أرد بالمباح ما لا يمنع فلا ينافي كراهة التنزيه ويأتي تمامه قريبا
قوله ( أي كثرتها ) قال في الحلية واشتباكها أن يظهر صغارها وكبارها حتى لا يخفى منها شيء فهو عبارة عن كثرتها وانضمام بعضها إلى بعض ا هـ
قوله ( كره ) يرجع إلى المسائل الثلاثة قبله ط
____________________
(1/368)
قوله ( أي التأخير لا الفعل ) فيه كلام يأتي
قوله ( تحريما ) كذا في البحر عن القنية لكن في الحلية أن كلام الطحاوي يشير إلى أن الكراهة في تأخير العشاء تنزيهيا وهو الأظهر ا هـ
قوله ( إلا بعذر الخ ) ظاهره رجوعه إلى الثلاثة أيضا لكن ذكر في الإمداد في تأخير العصر إلى الاصفرار عن المعراج أنه لا يباح التأخير لمرض وسفر ا هـ
ومثله في الحلية واقتصر في الإمداد وغيره على ذكره الاستثناء في المغرب وعبارته إلا من عذر كسفر ومرض وحضور مائدة أو غيم ا هـ
قلت وينبغي عدم الكراهة في تأخير العشاء لمن هو في ركب الحاج ثم إن للمسافر والمريض تأخير المغرب للجمع بينها وبين العشاء فعلا كما في الحلية وغيرها أي بأن تصلي في آخر وقتها والعشاء في أول وقتها وهو محمل ما روي من جمعه بينهما سفرا كما يأتي
قوله ( وكونه على أكل ) أي لكراهة الصلاة مع حضور طعام تميل إليه نفسه ولحديث إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فبدؤوا بالعشاء رواه الشيخان
قوله ( وتأخير الوتر الخ ) أي يستحب تأخيره لقوله من خاف أن لا يوتر من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل رواه مسلم والترمذي وغيرهما وتمامه في الحلية
وفي الصحيحين جعلوا آخر صلاتكم وترا والأمر للندب بدليل ما قبله
بحر
قوله ( فإن فاق الخ ) أي إذا أوتر قبل النوم ثم استيقظ يصلي ما كتب له ولا كراهة فيه بل هو مندوب ولا يعيد الوتر لكن فاته الأفضل المفاد بحديث الصحيحين
إمداد
ولا يقال إن من لم يثق بالانتباه فالتعجيل في حقه أفضل كما في الخانية فإذا انتبه بعد ما عجل يتنفل ولا تفوته الأفضلية
لأنا نقول المراد بالأفضلية في الحديث السابق هي المترتبة على ختم الصلاة بالوتر وقد فاتت والتي حصلها هي أفضلية التعجيل عند خوف الفوات على التأخير فافهم وتأمل
قوله ( يلحق به الربيع الخ ) قاله في البحر بحثا
وقال لم أره
وتعقبه في الإمداد بما في مجمع الروايات من أنه كذلك في الربيع والخريف يعجل بها إذا زالت الشمس فبحث البحر مخالف للمنقول
قوله ( يوم غيم ) أي لئلا يقع العصر في التغير وتقل الجماعة في العشاء على احتمال المطر والطين
وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يندب التأخير في كل الأوقات واختاره الإتقاني وفي شرح المجمع ودرر البحار والضياء أنه الأحوط لجواز الأداء بعد الوقت لا قبله أي وفي تعجيله احتمال وقوعه قبله
وقد يجاب بأن المراد بالتعجيل تأخيرهما قليلا بعد العلم بدخول الوقت ولهذا قال في الحلية المستحب تقديمهما يوم غيم على وقتهما المستحب يوم غيره
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي شتاء وصيفا وليس المراد من الإطلاق يوم غيم ألا وإن أوهمته عبارته لأنه غير المنصوص عليه ط
قوله ( يكره تنزيها ) أفاد أن المراد بالتعجيل أن لا يفصل بين الأذان والإقامة بغير جلسة أو سكتة على الخلاف وأن ما في القنية من استثناء التأخير القليل محمول على ما دون الركعتين وأن الزائد على القليل إلى اشتباك النجوم مكروه تنزيها وما بعده تحريما إلا بعذر كما مر قال في شرح المنية والذي اقتضته الأخبار كراهة التأخير إلى ظهور النجم وما قبله مسكوت عنه
____________________
(1/369)
فهو على الإباحة وإن كان المستحب التعجيل ا هـ
ونحوه ما قدمناه عن الحلية وما في النهر من أن ما في الحلية مبني على خلاف الأصح أي المذكور في المبتغى بقوله يكره تأخير المغرب في رواية
وفي أخرى لا ما لم يغب الشفق
والأصح الأول إلا لعذر ا هـ
فيه نظر لأن الظاهر أن المراد بالأصح التأخير إلى ظهور النجم أو إلى غيبوبة الشفق فلا ينافي أنه إلى ما قبل ذلك مكروه تنزيها لترك المستحب وهو التعجيل
تأمل
قوله ( وتأخير غيرهما فيه ) أي في يوم غيم يؤخر الفجر كباقي الأيام ويؤخر الظهر و المغرب بحيث يتيقن وقوعهما بعد الوقت قبل مجيء الوقت المكروه كما في الإمداد
قال في النهر أما الفجر فلتكثير الجماعة وأما غيره فلمخافة الوقوع قبل الوقت
قوله ( هذا ) أي ما ذكر من التعجيل في يوم غيم والتأخير فيه
قوله ( ويقل رعاية أوقاتها ) أي بعدم ظهور الشمس أو التوقيت بالساعات الفلكية ونحو ذلك ط
قوله ( فيراعى الحكم الأول ) أي المتقدم وهو تأخير العصر مطلقا والعشاء إلى ثلث الليل وتعجيل ظهر الشتاء الخ
قال أبو السعود وهذا البحث للعيني وأقره صاحب النهر ط
مطلب يشترط العلم بدخول الوقت تتمة يشترط لصحة الصلاة دخول الوقت واعتماد دخوله كما في نور الإيضاح وغيره فلو شك في دخول وقت العبادة فأتى بها فبان أنه فعلها في الوقت لم يجزه كما في الأشباه في بحث النية ويكفي في ذلك أذان الواحد لو عدلا وإلا تحرى وبنى على غالب ظنه لما صرح به أئمتنا من أنه يقبل قول العدل في الديانات كالإخبار بجهة القبلة والطهار والنجاسة والحل والحرمة حتى لو أخبره ثقة ولو عبدا أو أمة أو محدودا في قذف بنجاسة الماء أو حل الطعام وحرمته قبل ولو فاسقا أو مستورا يحكم رأيه في صدقه أو كذبه ويعمل به لأن غالب الرأي بمنزلة اليقين بخلاف خبر الذمي حيث لا يقبل ا هـ
ومثله الصبي والمعتوه العاقلان في الأصح ولا يخفى أن الإخبار عن دخول الوقت من العبادات فيجري فيه هذا التفصيل والله تعالى أعلم
ثم رأيت في كتاب القول من (
) عن معين الحكام ما نصه المؤذن يكفي إخباره بدخول الوقت إذا كان بالغا عاقلا عالما بالأوقات مسلما ذكرا ويعتمد على قوله ا هـ
وفي صيام القهستاني وأما الإفطار فلا يجوز بقول واحد بل بالمثنى
وظاهر الجواب أنه لا بأس به إذا كان عدلا صدقه الخ
قوله ( وحكم الأذان كالصلاة الخ ) لأنه سنة لها فيتبعها
قوله ( وكره الخ ) أورد أن بعض الصلوات لا تنعقد في هذه الأوقات فلا يناسبه التعبير بالكراهة
وأجاب عنه في شرح المنية تبعا للفتح بجوابين حيث قال استعمل الكراهة هنا بالمعنى اللغوي فيشمل عدم الجواز وغيره مما هو مطلوب العدم أو هو بالمعنى العرفي
والمراد كراهة التحريم لما عرف من أن النهي الظني الثبوت غير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم وإن كان قطعي الثبوت فالتحريم وهو في مقابلة الفرض في الرتبة وكراهة التحريم في رتبة الواجب والتنزيه في رتبة المندوب والنهي الوارد هنا من الأول فكان الثابت به كراهة التحريم وهي إن كانت لنقصان في الوقت منعت الصحة فيما سببه كامل وإلا أفادت الصحة مع الإساءة ا هـ
وقد أشار الشارح إلى الجوابين مقدما الثاني منهما على الأول
قوله ( مطلقا ) فسره بما بعده
قوله ( أو على جنازة ) أي إذا حضرت في ذلك الوقت وكذا قوله وسجدة تلاوة أي إذا تليت فيه وإلا فلا كراهة كما سيذكره الشارح
قوله ( وسجدة تلاوة ) منصوب
____________________
(1/370)
عطفا على الجار والمجرور الذي هو خبر كان المقدرة ح
والأحسن رفعه عطفا على صلاة نائب فاعل كره ليكون مقابلا للصلاة لأن سجدة التلاوة ليست صلاة حقيقية فافهم
قوله ( وسهو ) حتى لو سها في صلاة الصبح أو في قضاء فائتة بعد العصر فطلعت الشمس أو احمرت عقب السلام سقط عنه سجود السهو لأنه لجبر النقصان المتمكن في الصلاة فجرى مجرى القضاء وقد وجب كاملا فلا يتأدى في ناقص
حلية
قوله ( لا شكر
قنية ) هذا مذكور في غير محله والمناسب ذكره عقب قوله الآتي وسجدة تلاوة لأن عبارة القنية يكره أن يسجد شكرا بعد الصلاة في الوقت الذي يكره فيه النفل ولا يكره في غيره ا هـ
وفي النهر أن سجدة الشكر لنعمة سابقة ينبغي أن تصح أخذا من قولهم لأنها وجبت كاملة وهذه لم تجب ا هـ
فتحصل من كلام النهر مع كلام القنية أنها تصح مع الكراهة أي لأنها في حكم النافلة
ثم قال في النهر عن المعراج وأما ما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أو سنة ا هـ أي وكل جائز أدى إلى اعتقاد ذلك كره
قوله ( مع شروق ) وما دامت العين لا تحار فيها فهي في حكم الشروق كما تقدم في الغروب أنه الأصح كما في البحر ح
أقول ينبغي تصحيح ما نقلوه عن الأصل للإمام محمد من أنه ما لم ترتفع الشمس قدر رمح فهي في حكم الطلوع لأن أصحاب المتون مشوا عليه في صلاة العيد حيث جعلوا أول وقتها من الارتفاع ولذا جزم به هنا في الفيض ونور الإيضاح
قوله ( فلا يمنعون من فعلها ) أفاد أن المستثنى المنع لا الحكم بعدم الصحة عندنا فالاستثناء منقطع والضمير للصلاة والمراد بها صلاة الصبح
قوله ( عند البعض ) أي بعض المجتهدين كالإمام الشافعي هنا
قوله ( كما في القنية وغيرها ) وعزاه صاحب المصفى إلى الإمام حميد الدين عن شيخه الإمام المحبوبي وإلى شمس الأئمة الحلواني وعزاه في القنية إلى الحلواني والنسفي فسقط ما قيل إن صاحب القنية بناه على مذهب المعتزلة من أن العامي له الخيار من كل مذهب ما يهواه
والصحيح عندنا أن الحق واحد وأن تتبع الرخص فسق ا هـ
قوله ( واستواء ) التعبير به أولى من التعبير بوقت الزوال لأن وقت الزوال لا تكره فيه الصلاة إجماعا
بحر عن الحلية أي لأنه يدخل به وقت الظهر كما مر
وفي شرح النقاية للبرجندي وقد وقع في عبارات الفقهاء أن الوقت المكروه هو عند انتصاف النهار إلى أن تزول الشمس ولا يخفى أن زوال الشمس إنما هو عقيب انتصاف النهار بلا فصل وفي هذا القدر من الزمان لا يمكن أداء صلاة فيه فلعل المراد أنه لا تجوز الصلاة بحيث يقع جزء منها في هذا الزمان أو المراد بالنهار الشرعي وهو من أول طلوع الصبح إلى غروب الشمس وعلى هذا يكون نصف النهار قبل الزوال بزمان يعتد به ا هـ
إسماعيل ونوح وحموي
وفي القنية واختلف في وقت الكراهة عند الزوال فقيل من نصف النهار إلى الزوال لرواية أبي سعيد عن النبي أنه نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس
قال ركن الدين الصباغي وما أحسن هذا لأن النهي عن الصلاة فيه يعتمد تصورها فيها هـ
وعزا في القهستاني القول بأن المراد انتصاف النهار العرفي إلى أئمة ما رواه النهر وبأن المراد انتصاف النهر الشرعي وهو الضحوة الكبرى إلى الزوال إلى أئمة خوارزم
قوله ( إلا يوم الجمعة ) لما رواه الشافعي في مسنده نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة
____________________
(1/371)
قال الحافظ ابن حجر في إسناده انقطاع وذكر البيهقي له شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي ا هـ
قوله ( المصحح المعتمد ) اعترض بأن المتون والشروح على خلافه
قوله ( ونقل الحلبي ) أي صاحب الحلية العلامة المحقق ابن أمير حاج عن الحاوي أي الحاوي القدسي كما رأيته فيه لكن شراح الهداية انتصروا لقول الإمام
وأجابوا عن الحديث المذكور بأحاديث النهي عن الصلاة وقت الاستواء فإنها محرمة وأجاب في الفتح بحمل المطلق على المقيد وظاهره ترجيح قول أبي يوسف ووافقه في الحلية كما في البحر لكن لم يعول عليه في شرح المنية والإمداد على أن هذا ليس من المواضع التي يحمل فيها المطلق على المقيد كما يعلم من كتب الأصول
وأيضا فإن حديث النهي صحيح رواه مسلم وغيره فيقدم بصحته واتفاق الأئمة على العمل به وكونه حاظرا ولذا منع علماؤنا عن سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الطواف ونحو ذلك فإن الحاظر مقدم على المبيح
تنبيه علم مما قررناه المنع عندنا وإن لم أره مما ذكره الشافعية من إباحة الصلاة في الأوقات المكروهة في حرم مكة استدلالا بالحديث الصحيح يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار فهو مقيد عندنا بغير أوقات الكراهة لما علمته من منع علمائنا عن ركعتي الطواف فيها وإن جوزوا نفس الطواف فيها خلافا لمالك كما صرح به في شرحه اللباب والله أعلم
ثم رأيت المسألة عندنا قال في الضياء ما نصه وقد قال أصحابنا إن الصلاة في هذه الأوقات ممنوع منها بمكة وغيرها ا هـ
ورأيت في البدائع أيضا ما نصه وما ورد من النهي إلا بمكة شاذ لا يقبل في معارضة المشهور وكذا رواية استثناء يوم الجمعة غريب فلا يجوز تخصيص المشهور به ا هـ
ولله الحمد
قوله ( وغروب ) أراد به التغير كما صرح به في الخانية حيث قال عند احمرار الشمس إلى أن تغيب
بحر وقهستاني
قوله ( إلا عصر يومه ) قيد به لأن عصر أمسه لا يجوز وقت التغير لثبوته في الذمة كاملا لاستناد السببية فيه إلى جميع الوقت كما مر
قوله ( فلا يكره فعله ) لأنه لا يستقيم إثبات الكراهة للشيء مع الأمر به وقيل الأداء أيضا مكروه ا هـ
كافي النسفي
والحاصل أنهم اختلفوا في أن الكراهة في التأخير فقط دون الأداء أو فيهما فقيل بالأول ونسبه في المحيط والإيضاح إلى مشايخنا وقيل بالثاني وعليه مشى الطحاوي والتحفة والبدائع والحاوي وغيرها على أنه المذهب بلا حكاية خلاف وهو الأوجه لحديث مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ا هـ
حلية وتبعه في البحر
ولا يخفى أن كلام الشارح ماش على الأول لا الثاني فافهم
قال في القنية ويستوفي سنة القراءة لأن الكراهة في التأخير لا في الوقت ا هـ
قوله ( لأدائه كما وجب ) لأن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء وهو هنا ناقص فقد وجب ناقصا فيؤدي كذلك
وأما عصر أمسه فقد وجب كاملا لأن السبب فيه جميع الوقت حيث لم يحصل الأداء في جزء منه لكن الصحيح الذي عليه المحققون أنه لا نقصان في ذلك الجزء نفسه بل في الأداء فيه لما فيه من التشبه بعبدة الشمس ولما كان الأداء واجبا فيه تحمل ذلك النقصان أما إذا لم يؤد فيه والحال أنه لا نقص في الوقت أصلا وجب الكامل ولهذا كان الصحيح وجوب القضاء في كامل على من بلغ أو أسلم في ناقص ولم يصل فيه كما تقدم
والحاصل كما في الفتح أن معنى نقصان الوقت نقصان ما اتصل به من فعل الأركان المستلزم للتشبه بالكفار
____________________
(1/372)
فالوقت لا نقص فيه بل هو كغيره من الأوقات إنما النقص في الأركان فلا يتأدى بها ما وجب كاملا وهذا أيضا مؤيد للقول بأن الكراهة في التأخير والأداء خلاف ما مشى عليه الشارح وما ذكره في النهر بحثا لبعض الطلبة مذكور مع جوابه في شرح المنية وغيره وأوضحاه فيما علقناه على البحر
قوله ( بخلاف الفجر الخ ) أي فإنه لا يؤدي فجر يومه وقت الطلوع لأن وقت الفجر كله كامل فوجبت كاملة فتبطل بطرو الطلوع الذي هو وقت فساد
قال في البحر فإن قيل روى الجماعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أجيب بأن التعارض لما وقع بينه وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر وحكم النهي في صلاة الفجر كذا في شرح النقاية ا هـ
على أن الإمام الطحاوي قال إن الحديث منسوخ بالنصوص الناهية وادعى أن العصر يبطل أيضا كالفجر وإلا لزم العمل ببعض الحديث وترك بعضه بمجرد قولنا طرأ ناقص على كامل في الفجر بخلاف عصر يومه مع أن النقص قارن العصر ابتداء والفجر بقاء فيبطل فيهما
وأجاب في البرهان بأن هذا الوقت سبب لوجوب العصر حتى يجب على من أسلم أو بلغ فيه ويستحيل أن يكون سببا للوجوب ولا يصح الأداء فيه وتمامه في حاشية نوح
قوله ( وينعقد نفل الخ ) لما كان قوله وكره شاملا للمكروه حقيقة والممنوع أتى بهذه الجملة بيانا لما أجمله ط
واعلم أن ما يسمى صلاة ولو توسعا إما فرض أو واجب أو نفل والأول عملي وقطعي فالعملي الوتر والقطعي كفاية وعين فالكفاية صلاة الجنازة والعين المكتوبات الخمس والجمعة والسجدة الصلبية والواجب إما لعينه وهو ما لا يتوقف وجوبه على فعل العبد أو لغيره وهو ما يتوقف عليه فالأول الوتر فإنه يسمى واجبا كما يسمى فرضا عمليا وصلاة العيدين وسجدة التلاوة والثاني سجدتا السهو وركعتا الطواف وقضاء نفل أفسده والمنذور والنفل سنة مؤكدة وغير مؤكدة
واعلم أن الأوقات المكروهة نوعان الأول الشروق والاستواء والغروب
والثاني ما بين الفجر والشمس وما بين صلاة العصر إلى الاصفرار فالنوع الأول لا ينعقد فيه شيء من الصلوات التي ذكرناها إذا شرع بها فيه وتبطل إن طرأ عليها إلا صلاة جنازة حضرت فيها وسجدة تليت آيتها فيها وعصر يومه والنفل والنذر المقيد بها وقضاء ما شرع به فيها ثم أفسده فتنعقد هذه الستة بلا كراهة أصلا في الأولى منها ومع الكراهة التنزيهية في الثانية والتحريمية في الثالثة وكذا في البواقي لكن مع وجوب القطع والقضاء في وقت غير مكروه
والنوع الثاني ينعقد فيه جميع الصلوات التي ذكرناها من غير كراهة إلا النفل الواجب لغيره فإنه ينعقد مع الكراهة فيجب القطع والقضاء في وقت غير مكروه ا هـ
ح
مع بعض تغيير
قوله ( لا ينعقد الفرض ) أشار إلى ما في الخانية من نواقض الوضوء حيث قال لو شرع في فريضة عند الطلوع أو الغروب سوى عصر يومه لم يكن داخلا في الصلاة فلا تنتقض طهارته بالقهقهة بخلاف ما لو شرع في التطوع ا هـ
قوله ( كواجب ) عبارة القهستاني كالفرائض والواجبات الفائتة فقيد بالفائتة احترازا عما وجب فيها كالتلاوة والجنازة
بقي لو شرع في صلاة العيد هل يكون
____________________
(1/373)
داخلا في الصلاة نفلا أم لا تنعقد أصلا الظاهر الأول وسيصرح به في بابها لأن وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح فقبل وقتها لم تجب فتكون نفلا
تأمل
قوله ( لعينه ) هذا التقييد غير صحيح فإنه يقتضي أن الواجب لغيره ينعقد في هذه الأوقات وليس كذلك كما صرح به في البحر والقهستاني والنهر خلافا لما في نور الإيضاح
أفاده ح
قوله ( وسجدة تلاوة الخ ) معطوف على وتر في عبارة الشارح وأصله الرفع في عبارة المتن عطفا على الفرض
قال الشارح في الخزائن وسجود السهو كالتلاوة فيتركه لو دخل وقت الكراهة ا هـ
وقدمناه
قوله ( وصلاة جنازة ) فيه أنها تصح مع الكراهة كما في البحر عن الإسبيجابي وأقره في النهر ا هـ
ح
قلت لكن ما مشى عليه المصنف هو الموافق لما قدمناه عن ح في الضابط وللتعليل الآتي وهو ظاهر الكنز والملتقى والزيلعي وبه صرح في الوافي وشرح المجمع والنقاية وغيرها
قوله ( فلو وجبتا فيها ) أي بأن تليت الآية في تلك الأوقات أو حضرت فيها الجنازة
قوله ( أو تحريما ) أفاد ثبوت الكراهة التنزيهية
قوله ( وفي التحفة الخ ) هو كالاستدراك على مفهوم قوله أي تحريما فإنه إذا كان الأفضل عدم التأخير في الجنازة فلا كراهة أصلا وما في التحفة أقره في البحر والنهر والفتح والمعراج لحديث ثلاث لا يؤخرن منها الجنازة إذا حضرت وقال في شرح المنية والفرق بينها وبين سجدة التلاوة ظاهر لأن التعجيل فيها مطلوب مطلقا إلا لمانع وحضورها في وقت مباح مانع من الصلاة عليها في وقت مكروه بخلاف حضورها في وقت مكروه وبخلاف سجدة التلاوة لأن التعجيل لا يستحب فيها مطلقا ا هـ أي بل يستحب في وقت مباح فقط فثبتت كراهة التنزيه في سجدة التلاوة دون صلاة الجنازة
قوله ( وصح تطوع بدأ به فيها ) تكرار محض من قوله وينعقد نفل بشروع فيها ا هـ
ح وقد يجاب بأن المراد أنه يصح أداؤه فيها ويخرج به عن العهدة مع الكراهة وما مر بيان لأصل الانعقاد وصحة الشروع فيه بحيث لو قهقه انتقض وضوءه بخلاف الفرض كما قدمناه عن الخانية تأمل
قوله ( وقد نذره فيها ) أي والحال أنه قد نذر إيقاعه فيها أي في هذه الأوقات الثلاثة أي في أحدها أما لو نذره مطلقا فلا يصح أداؤه فيها
قوله ( لوجوبه ) أي ما ذكره من المسائل الثلاثة
قوله ( كما في البحر ) وقال أيضا وقول الزيلعي والأفضل أن يصلي في غيره ضعيف قوله ( عن البغية ) بضم الباء الموحدة وكسرها الشيء المبتغى أي المطلوب وهو هنا علم كتاب هو مختصر القنية ذكره في البحر في باب شروط الصلاة ح
قوله ( الصلاة فيها ) أي في الأوقات الثلاثة وكالصلاة الدعاء والتسبيح كما هو في البحر عن البغية
قوله ( وكأنه الخ ) من كلام البحر
قوله ( فالأولى ) أي فالأفضل ليوافق كلام البغية فإن مفاده أنه لا كراهة أصلا لأن ترك الفاضل لا كراهة فيه
قوله ( وكره نفل الخ ) شروع في النوع الثاني من نوعي الأوقات المكروهة وفيما يكره فيها والكراهة هنا تحريمية أيضا كما صرح به في الحلية ولذا عبر في الخانية والخلاصة بعدم الجواز والمراد عدم الحل لا عدم الصحة كما لا يخفى
قوله ( قصدا ) احترز به عما لو صلى تطوعا في آخر الليل فلما صلى ركعة طلع الفجر فإن الأفضل إتمامها لأن وقوعه في التطوع بعد الفجر لا عن قصد
____________________
(1/374)
ولا ينوبان عن سنة الفجر على الأصل
قوله ( ولو تحية مسجد ) أشار به إلى أنه لا فرق بين ما له سبب أو لا كما في البحر خلافا للشافعي فيما له سبب كالرواتب وتحية المسجد ط
قوله ( وكل ما كان واجبا الخ ) أي كان ملحقا بالنفل بأن ثبت وجوبه بعارض بعد ما كان نفلا
قوله ( على فعله ) أي فعل العبد والأولى إظهاره مثلا المنذور يتوقف على النذر وركعتا الطواف على الطواف وسجدتا السهو على ترك الواجب الذي هو من جهته ا هـ ط
ويرد عليه سجود التلاوة فإنه يتوقف وجوبه على التلاوة
وأجاب في الفتح بأن وجوبه في التحقيق معلق بالسماع لا بالاستماع ولا بالتلاوة وذلك ليس فعلا من المكلف بل وصف خلقي فيه بخلاف النذر والطواف والشروع فإنها فعله ولولاه كانت الصلاة نفلا ا هـ
قال في شرح المنية لكن الصحيح أن سبب الوجوب في حق التالي التلاوة دون السماع وإلا لزم عدم الوجوب على الأصم بتلاوته ا هـ
ونحوه في البحر
وقد يجاب بأنه وإن كان بفعله لكنه ليس أصله نفلا لأن التنفل بالسجدة غير مشروع فكانت واجبة بإيجاب الله تعالى لا بالتزام العبد وتمامه في شرح المنية
قوله ( وركعتي طواف ) ظاهره ولو كان الطواف في ذلك الوقت المكروه ولم أره صريحا ويدل عليه ما أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن معاذ بن عفراء أنه طاف بعد العصر أو بعد صلاة الصبح ولم يصل فسئل عن ذلك
فقال نهى رسول الله عن صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ثم رأيته مصرحا به في الحلية وشرح اللباب
قوله ( وسجدتي سهو ) أقول تبع فيه صاحب المجتبى ولم يظهر لي معناه هل هو على إطلاقه أو مقيد ببعض الصلوات فإنه لا وجه لكراهة سجود السهو فيما لو صلى الفجر أو العصر وسها فيهما وكذا لو قضى بعدهما فائتة وسها فيها فإنه إذا حل له أداء تلك الصلاة كيف لا يحل له سجود السهو الواجب فيها ولعله اشتبه النوع الثاني من الأوقات بالنوع الأول فإن ذكر سجود السهو نحو النوع الأول صحيح وقد مر بخلاف ذكره هنا إلا أن يقال إنه مقيد ببعض الصلوات وهي التي تكره في هذا النوع كالنفل والواجب لغيره فكما يكره فعلها يكره سجود السهو فيها ثم رأيت الرحمتي جزم بأن ذلك سهو فتأمل وراجع
قوله ( ولو سنة الفجر ) أي ولو كان الذي شرع فيه ثم أفسده سنة الفجر فإنه لا يجوز على الأصح وما قيل من الحيل مردود كما سيأتي
قوله ( بعد صلاة فجر وعصر ) متعلق بقوله وكره أي وكره نفل الخ بعد صلاة فجر وعصر أي إلى ما قبيل الطلوع والتغير بقرينة قوله السابق لا ينعقد الفرض الخ ولذا قال الزيلعي هنا المراد بما بعد العصر قبل تغير الشمس وأما بعده فلا يجوز فيه القضاء أيضا وإن كان قبل أن يصلي العصر ا هـ
قوله ( ولو المجموعة بعرفة ) عزاه في المعراج إلى المجتبى
وفي القنية إلى مجد الأئمة الترجماني وظهير الدين المرغيناني وذكره في الحلية بحثا وقال لم أره صريحا وتبعه في البحر
قوله ( ولو وترا ) لأنه على قوله واجب يفوت الجواز بفوته وهو معنى الفرض العملي وعلى قولهما سنة مخالفة لغيرها من السنن ولذا قالا لا تصح من قعود وعن هذا قال في القنية الوتر يقضى بعد الفجر بالإجماع بخلاف سائر السنن
قوله ( أو سجدة تلاوة ) لوجوبها بإيجابه تعالى لا بفعل العبد كما علمته فلم تكن في معنى النفل
قوله ( لشغل الوقت به ) أي بالفجر أي بصلاته ففي العبارة استخدام ط أي لأن المراد بالفجر الزمن لا الصلاة
____________________
(1/375)
ثم هذا علة لقوله وكره وفيه جواب عما أورده من أن قوله لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس رواه الشيخان يعم النفل وغيره وجوابه أن النهي هنا لنقصان في الوقت بل ليصير الوقت كالمشغول بالفرض فلم يجز النفل ولا ما ألحق به مما ثبت وجوبه بعارض بعد ما كان نفلا دون الفرائض وما في معناها بخلاف النهي عن الأوقات الثلاثة فإنه لمعنى في الوقت وهو كونه منسوبا للشيطان فيؤثر في الفرائض والنوافل وتمامه في شروح الهدابة
قوله ( حتى لو نوى الخ ) تفريع على ما ذكره من التعليل أي وإذا كان المقصود كون الوقت مشغولا بالفرض تقديرا وسنته تابعة له فإذا تطوع انصرف تطوعه إلى سنته لئلا يكون آتيا بالمنهي عنه
فتأمل
قوله ( بلا تعيين ) لأن الصحيح المعتمد عدم اشتراطه في السنن الرواتب وأنها تصح بنية النفل وبمطلق النية فلو تهجد بركعتين يظن بقاء الليل فتبين أنهما بعد الفجر كانتا عن السنة على الصحيح فلا يصليها بعده للكراهة
أشباه
قوله ( وقبل صلاة مغرب ) عليه أكثر أهل العلم منهم أصحابنا ومالك وأحد الوجهين عن الشافعي لما ثبت في الصحيحين وغيرهما مما يفيد أنه كان يواظب على صلاة المغرب بأصحابه عقب الغروب ولقول ابن عمر رضي الله عنهما ما رأيت أحدا على عهد رسول الله يصليهما رواه أبو داود وسكت عنه والمنذري في مختصره وإسناده حسن وروى محمد عن أبي حنيفة عن حماد أنه سأل إبراهيم النخعي عن الصلاة قبل المغرب قال فنهى عنها وقال إن رسول الله وأبا بكر وعمر لم يكونوا يصلونها وقال القاضي أبو بكر بن العربي اختلف الصحابة في ذلك ولم يفعله أحد بعدهم فهذا يعارض ما روي من فعل الصحابة ومن أمره بصلاتهما لأنه إذا اتفق الناس على ترك العمل بالحديث المرفوع لا يجوز العمل به لأنه دليل ضعفه على ما عرف في موضعه ولو كان ذلك مشتهرا بين الصحابة لما خفي على ابن عمر أو يحمل ذلك على أنه كان قبل الأمر بتعجيل المغرب وتمامه في شرحي المنية وغيرهما
قوله ( لكراهة تأخيره ) الأولى تأخيرها أي الصلاة وقوله إلا يسيرا أفاد أنه ما دون صلاة ركعتين بقدر جلسة وقدمنا أن الزائد عليه مكروه تنزيها ما لم تشتبك النجوم وأفاد في الفتح وأقره في الحلية والبحر أن صلاة ركعتين إذا تجوز فيها لا تزيد على اليسير فيباح فعلهما وقد أطال في تحقيق ذلك في الفتح في باب الوتر والنوافل
تنبيه يجوز قضاء الفائتة وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة في هذا الوقت بلا كراهة ويبدأ بصلاة المغرب ثم بالجنازة ثم بالسنة ولعله لبيان الأفضلية
وفي الحلية الفتوى على تأخير صلاة الجنازة عن سنة الجمعة فعلى هذا تؤخر عن سنة المغرب لأنها آكد ا هـ
بحر
وصرح في الحاوي القدسي بكراهة المنذورة وقضاء ما أفسده والفائتة لغير صاحب ترتيب وهو تقييد حسن وبقي ركعتا الطواف فتكره أيضا كما صرح به في الحلية ويفهم من كلام المصنف أيضا فإن قوله وقبل صلاة مغرب معطوف على قوله بعد طلوع فجر فيكره في الثاني جميع ما يكره في الأول نعم صرح في شرح اللباب أنه لو طاف بعد صلاة العصر يصلي ركعتيه قبل سنة المغرب كالجنازة
قوله ( وعند خروج إمام ) لحديث الصحيحين وغيرهما إذا قلت لصاحبك انصت والإمام يخطب فقد لغوت فإذا نهي عن الأمر بالمعروف وهو فرض فما ظنك بالنفل وهذا قول الجمهور من أهل العلم كما قاله ابن بطال منهم أصحابنا ومالك وذكره ابن أبي شيبة عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وغيرهم من التابعين فما روي مما
____________________
(1/376)
يدل على الجواز كان قبل التحريم فلا يعارض أدلة المنع وتمام الأدلة في شرحي المنية وغيرهما ثم هذا معطوف على ما قبله فيكره فيه ما يكره فيه كما بينا
قوله ( لخطبة ما ) أتى ب ما لتعميم الخطبة وشمل ما إذا كان ذلك قبلها وبعدها سواء أمسك الخطيب عنها أم لا
بحر
قوله ( وسيجيء أنها عشر ) أي في باب العيدين وهي خطبة جمعة وفطر وأضحى وثلاث خطب الحج وختم ونكاح واستسقاء وكسوف والمراد تعداد الخطب المشروعة في الجملة وإلا فخطبة الكسوف مذهب الشافعي والظاهر عدم كراهة التنفل فيها عند الإمام لعدم مشروعيتها عنده وبه صرح في الحلية وكذا خطبة الاستسقاء مذهب الصاحبين فيقال فيها كذلك وقد يجاب بما في القهستاني حيث نقل رواية عن الإمام بمشروعية خطبة الكسوف ولعل من ذكرها كالخانية وغيرها جنح إلى هذه الرواية فصح كونها عشرا عندنا ولا يخفى أن قوله خروج إمام من الحجرة وقيامه للصلاة قيد فيما يناسبه منها وهو ما عدا خطبة النكاح وخطبة ختم القرآن فافهم
وعلة الكراهة في الجميع تفويت لاستماع الواجب فيها كما صرح به في المجتبى
قوله ( وقيدها ) أي قيد الفائتة التي لا تكره حال الخطبة ط
قوله ( بين كلامي النهاية والصدر ) فإن صدر الشريعة يقول تكره الفائتة وصاحب النهاية يقول لا تكره كما في شرح المصنف ح
قوله ( عند إقامة صلاة مكتوبة ) أطلقها مع أنه قيدها في الخانية والخلاصة وأقره في الفتح وغيره من الشراح بيوم الجمعة وتبعهم في شرح المنية وقال وأما في غير الجمعة فلا يكره بمجرد الأخذ بالإقامة ما لم يشرع الإمام في الصلاة ويعلم أنه يدركه في الركعة الأولى وكان غير مخالط للصف بلا حائل
والفرق أنه في الجمعة لكثرة الاجتماع لا يمكن غالبا بلا مخالطة للصف ا هـ
ملخصا
وسيأتي في باب إدراك الفريضة
مطلب في تكرار الجماعة والاقتداء بالمخالف قوله ( أي إقامة إمام مذهبه ) قال الشارح في هامش الخزائن نص على هذا مولانا منلا علي شيخ القراء بالمسجد الحرام في شرحه على لباب المناسك ا هـ
وهو مبني على أنه لا يكره تكرار الجماعة في مسجد واحد وسيذكر في الأذان وكذا في باب الإمامة ما يخالفه وقد ألف جماعة من العلماء رسائل في كراهة ما يفعل في الحرمين الشريفين وغيرهما من تعداد الأئمة والجماعات وصرحوا بأن الصلاة مع أول إمام أفضل ومنهم صاحب المنسك المشهور العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام
فقد نقل عن العلامة الخير الرملي في باب الإمامة أن بعض مشايخنا سنة إحدى وخمسين وخمسمائة أنكر ذلك منهم الشريف الغزنوي وأن بعض المالكية في سنة خمسين وخمسمائة أفتى بمنع ذلك على المذاهب الأربعة ونقل عن جماعة من علماء المذاهب إنكار ذلك أيضا ا هـ
لكن ألف العلامة الشيخ إبراهيم البيري شارح الأشباه رسالة سماها الأقوال المرضية ) أثبت فيها الجواز وكراهة الاقتداء بالمخالف لأنه وإن راعى مواضع الخلاف لا يترك ما يلزم من تركه مكروه مذهب كالجهر بالبسملة والتأمين ورفع اليدين وجلسة الاستراحة والصلاة على النبي في القعدة الأولى ورؤيته السلام الثاني سنة وغير ذلك مما تجب فيه الإعادة عندنا أو تستحب وكذا ألف العلامة الشيخ علي القاري رسالة سماها ( الاهتداء في الاقتداء ) أثبت فيها الجواز لكن
____________________
(1/377)
نفى فيها كراهة الاقتداء بالمخالف إذا راعى في الشروط والأركان فقط وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في باب الإمامة
قوله ( لحديث الخ ) رواه مسلم وغيره
قال ط ويستثنى من عمومه الفائتة واجبة الترتيب فإنها تصلى مع الإقامة
قوله ( إلا سنة فجر ) لما روى الطحاوي وغيره عن ابن مسعود أنه دخل المسجد وأقيمت الصلاة فصلى ركعتي الفجر في المسجد إلى أسطوانة وذلك بمحضر حذيفة وأبي موسى ومثله عن عمر وأبي الدرداء وابن عباس وابن عمر كما أسنده الحافظ الطحاوي في شرح الآثار ومثله عن الحسن ومسروق والشعبي
شرح المنية
قوله ( ولو بإدراك شهدها ) مشى في هذا على ما اعتمده المصنف والشرنبلالي تبعا للبحر لكن ضعفه في النهر واختار ظاهر المذهب من أنه لا يصلي السنة إلا إذا علم أنه يدرك ركعة وسيأتي في باب إدراك الفريضة ح
قلت وسنذكر هناك تقوية ما اعتمده المصنف عن ابن الهمام وغيره
قوله ( تركها أصلا ) أي لا يقضيها قبل الطلوع ولا بعده لأنها لا تقضى إلا مع الفرض إذا فات وقضى قبل زوال يومها ح
قوله ( وما ذكر من الحيل ) وهي أن يشرع فيها فيقطعها قبل الطلوع أو يشرع فيها ثم يشرع في الفرض من غير قطعها ثم يقضيها قبل الطلوع
ورده من وجهين الأول أن الأمر بالشروع للقطع قبيح شرعا وفي كل منهما قطع
والثاني أن فيه فعل الواجب لغيره في وقت الفجر وأنه مكروه كما تقدم ح
قوله ( وكذا يكره غير المكتوبة ) أل فيه للعهد أي المكتوبة الوقتية فشملت الكراهة النفل والواجب والفائتة ولو كان بينها وبين الوقتية ترتيب وكذلك أل في الوقت للعهد أي الوقت المعهود الكامل وهو المستحب لما سيأتي في باب قضاء الفوائت من أن الترتيب يسقط بضيق الوقت المستحب ولو قال وكذا يكره غير الوقتية عند ضيق الوقت المستحب لكان أولى أفاده ح
تنبيه رأيت بخط الشارح في هامش الخزائن ولو تنفل ظانا سعة الوقت ثم ظهر أنه إن أتم شفعا يفوت الفرض لا يقطع كما لو تنفل ثم خرج الخطيب كذا في آخر شرح المنية ا هـ
فتأمل
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان في المسجد أو في البيت بقرينة التفصيل في مقابله ح
قوله ( في الأصح ) رد على من يقول لا يكره في البيت مطلقا سواء كان قبلها أو بعدها وعلى من يقول لا يكره بعدها مطلقا سواء كان في المسجد أو في البيت ح
قوله ( وبين صلاتي الجمع ) أي جمع العصر مع الظهر تقديما في عرفة وجمع المغرب مع العشاء تأخيرا في مزدلفة
قوله ( وكذا بعدهما ) ضمير التثنية راجع إلى صلاتي الجمع الكائن بعرفة فقط لا بمزدلفة أيضا وإن أوهمه كلامه لعدم كراهة النفل بعد صلاتي الجمع بمزدلفة ويدل على أن هذا مراده قوله كما مر أي قريبا في قوله ولو المجموعة بعرفة فلو قدم قوله وكذا بعدهما كما مر على قوله ومزدلفة لسلم من الإيهام ولو أسقطه أصلا لسلم من التكرار ح
وذكر الرحمتي ما يفيد ثبوت الخلاف عندنا في كراهة التنفل بعد صلاتي المغرب والعشاء في المزدلفة لكن الذي جزم به في شرح اللباب أنه يصلي سنة المغرب والعشاء والوتر بعدهما وقال كما صرح به مولانا عبد الرحمن الجامي في منسكه
تأمل
قوله ( تاقت نفسه إليه ) إي اشتقات ح عن القاموس
وافهم أنه إذا لم تشتق إليه لا كراهة وهو ظاهر ط
قوله ( ما يشغل باله ) بفتح الغين المعجمة
والبال القلب وهذا من عطف العام على الخاص
____________________
(1/378)
لشموله للمدافعة وحضور الطعام وإنما نص عليهما لوقوع التنصيص عليهما بخصوصهما في الأحاديث أفاده في الحلية فافهم
قوله ( ويخل بخشوعها ) عطف لازم على ملزوم فافهم
قال ط ومحل الخشوع القلب وهو فرض عند أهل الله تعالى وورد في الحديث أن الإنسان ليس له من صلاته إلا بقدر ما استحضر فيها فتارة يكون له عشرها أو أقل أو أكثر
مطلب في إعراب كائنا ما كان قوله ( كائنا ما كان ) في هذا التركيب أعاريب ذكرتها في رسالتي المسماة ب الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة أظهرها أن كائنا مصدر الناقصة حال وفيه ضمير يعود على الشاغل هو اسمها وما خبرها وهي نكرة موصوفة بكان التامة أي حال كون الشاغل شيئا متصفا بصفة الوجود والمعنى تعليق الكراهة على أي شاغل وجد لا بقيد زائد على قيد الوجود
قوله ( فهذه نيف وثلاثون وقتا ) بفتح النون وكسر التحتية مشددة وقد تخفف وفي آخره فاء ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني كما في القاموس والمراد هنا ثلاثة وثلاثون على ما يظهر وهي الشروق الاستواء الغروب بعد صلاة فجر أو عصر قبل صلاة فجر أو مغرب عند الخطب العشرة عند إقامة مكتوبة وضيق وقتها قبل صلاة عيد فطر وبعدها في مسجد وقبل صلاة عيد أضحى وبعدها في مسجد بين صلاتي جمع عرفة وبعدهما بين جمع مزدلفة عند مدافعة بول أو غائط أو كل منهما أو ريح عند طعام يتوقه عند كل ما يشغل البال وما بعد نصف الليل لأداء العشاء لا غير عند اشتباك نجوم لأداء المغرب فقط
واعلم أنا قدمنا أن النهي في الثلاثة الأول لمعنى في الوقت ولهذا أثر في الفرض والنفل وفي البواقي لمعنى في غيره ولهذا أثر في النوافل دون الفرائض وما في معناها وبه صرح في العناية وغيرها لكن كون النهي في البواقي مؤثرا في النوافل إنما يظهر إذا لم يتعلق بخصوص صلاة الوقت كما في الأخيرين فإن المكروه فيهما الصلاة الوقتية فقط دون غيرها فإن في تأخير العشاء إلى ما بعد النصف تقليل الجماعة وفي تأخير المغرب إلى الاشتباك تشبها باليهود كما صرحوا به وذلك خاص بهما وقدمنا أن الصحيح أنه لا كراهة في الوقت نفسه وأن الأوجه كما حققه في البحر تبعا للحلية كون الكراهة في كل من التأخير والأداء لا في التأخير فقط فافهم
قوله ( وكذا تكره الخ ) لما ذكر الكراهة في الزمان استطرد ذكر الكراهة في المكان وإلا فمحل ذلك مكروهات الصلاة
قوله ( كفوق كعبة الخ ) أي لما فيه من ترك تعظيمها المأمور به وقوله وفي طريق لأن فيه منع الناس من المرور وشغله بما ليس له لأنها حق العامة للمرور ولما رواه ابن ماجة والترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام
____________________
(1/379)
ومعاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله ا هـ
ومعاطن الإبل مباركها جمع معطن اسم مكان والمزبلة بفتح الميم مع فتح الباء وضمها ملقى الزبل والمجزرة بفتح الميم مع فتح الزاي وضمها أيضا موضع الجزارة أي فعل الجزار أي القصاب
إمداد
قوله ( ومقبرة ) مثلث الباء ح
واختلف في علته فقيل لأن فيها عظام الموتى وصديدهم وهو نجس وفيه نظر وقيل لأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد وقيل لأنه تشبه باليهود
وعليه مشى في الخانية
ولا بأس بالصلاة فيها إذا كان فيها موضع أعد للصلاة وليس فيه قبر ولا نجاسة كما في الخانية ولا قبلته إلى قبر
حلية
قوله ( ومغتسل ) أي موضع الاغتسال في بيته
تأمل
قوله ( حمام ) لمعنيين أحدهما أنه مصب الغسالات
والثاني أنه بيت الشياطين فعلى الأول إذا غسل منه موضعا لا تكره وعلى الثاني تكره وهو الأولى لإطلاق الحديث إلا لخوف فوت الوقت ونحوه
إمداد لكن في الفيض أن المفتى به عدم الكراهة
وأما الصلاة خارجة أي موضع جلوس الحمامي ففي الخانية لا بأس بها وفي الحلية أنه يتفرع على المعنى الثاني الكراهة خارجه أيضا وفيها أيضا لو هجر الحمام قيل يحتمل بقاء الكراهة استصحابا لما كان ويحتمل زوالها لأن الشيطان كان يألفه لما فيه من كشف العورات ونحو ذلك والأول أشبه ولن لم يسق إليه الماء ولم يستعمل فالأشبه عدمها لأنه مشتق من الحميم وهو الماء الحار ولم يوجد فيه
وعليه لو اتخذ دارا للسكن كهيئة الحمام لم تكره الصلاة أيضا ا هـ
مطلب تكره الصلاة في الكنيسة تنبيه يؤخذ من التعليل بأنه محل الشياطين كراهة الصلاة في معابد الكفار لأنها مأوى الشياطين كما صرح به الشافعية ويأخذ مما ذكروه عندنا ففي البحر من كتاب الدعوى عند قول الكنز ولا يحلفون في بيت عباداتهم
في التاترخانية يكره للمسلم الدخول في البيعة والكنيسة وإنما يكره من حيث إنه مجمع الشياطين لا من حيث إنه ليس له حق الدخول ا هـ
قال في البحر والظاهر أنها تحريمية لأنها المرادة عند إطلاقهم وقد أفتيت بتعزير مسلم لازم الكنيسة مع اليهود ا هـ
فإذا حرم الدخول فالصلاة أولى وبه ظهر جهل من يدخلها لأجل الصلاة فيها
قوله ( وبطن واد ) أي ما انخفض من الأرض فإن الغالب احتواؤه على نجاسة يحملها إليه السيل أو تلقى فيه ط
قوله ( ومعاطن إبل وغنم ) كذا في الأحكام للشيخ إسماعيل عن الخزانة السمرقندية ثم نقل عن الملتقط أنها لا تكره في مرابض الغنم إذا كان بعيدا من النجاسة
وفي الحلية قال صلوا في مرابض الغنم لا تصلوا في أعطان الإبل رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وأخرج أبو داود سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل فقال لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صلوا فيها فإنها خلقت من بركة وأخرجه مسلم مختصرا
ومعاطن الإبل وطنها ثم غلب على مبركها حول الماء
والأولى الإطلاق كما هو ظاهر الحديث
ومرابض الغنم مواضع مبيتها ا هـ
والظاهر أن معنى كون الإبل من الشياطين أنها خلفت على صفة تشبههم من النفور والإيذاء فلا يأمن المصلي من أن تنفر وتقطع عليه صلاته كما قاله بعض الشافعية أي فيبقى باله مشغولا حال سجوده وبهذا فارقت الغنم
ويظهر من التعليل أنه لا كراهة في معاطن الإبل الطاهرة حال غيبتها
____________________
(1/380)
تنبيه استشكل بعضهم التعليل بأنها خلقت من الشياطين بما ثبت أن المصطفى كان يصلي النافلة على بعيره
وفرق بعضهم بين الواحد وكونها مجتمعة بما طبعت عليه من النفار المفضي إلى تشويش القلب بخلاف الصلاة على المركوب منها ا هـ شبراملسي على شرح المنهاج للرملي
قوله ( وبقر ) لم أر من ذكره عندنا نعم ذكر بعض الشافعية أن نحو البقر كالغنم وخالفه بعضهم
قوله ( ومرابط دواب الخ ) ذكر هذه السبعة في الحاوي القدسي
قوله ( وإصطبل ) موضع الخيل وعطفه على ما قبله من عطف الخاص على العام ط
قوله ( وطاحون ) لعل وجهه شغل البال بصوتها تأمل
قوله ( وسطوحها ) يحتمل عود الضمير على الأربعة المذكورة أو على الكنيف وحده وأنثه باعتبار البقعة المعدة لقضاء الحاجة ولعل وجهه أن السطوح له حكم ما تحته من بعض الجهات كسطوح المسجد
قوله ( ومسيل واد ) يغني عنه قوله وبطن واد لأن المسيل يكون في بطن الوادي غالبا ط
مطلب في الصلاة في الأرض المغصوبة ودخول البساتين وبناء المسجد في أرض الغصب قوله ( وأرض مغصوبة أو للغير ) لا حاجة إلى قوله أو للغير إذ الغصب يستلزمه اللهم إلا أن يراد الصلاة بغير الإذن وإن كان غير غاصب أفاده أبو السعود ط
وعبارة الحاوي القدسي والأرض المغصوبة فإن اضطر بين أرض مسلم وكافر يصلي في أرض المسلم إذا لم تكن مزروعة فلو مزروعة أو لكافر يصلي في الطريق ا هـ أي لأن له في الطريق حقا كما في مختارات النوازل وفيها تكره في أرض الغير لو مزروعة أو مكروبة إلا إذا كانت بينهما صداقة أو رأى صاحبها لا يكرهه فلا بأس ا هـ
تنبيه نقل سيدي عبد الغني عن الأحكام لوالده الشيخ إسماعيل أن النزول في أرض الغير إن كان لها حائط أو حائل يمنع منه وإلا فلا والمعتبر فيه العرف ا هـ
قال يعني عرف الناس بالرضا وعدمه فلا يجوز الدخول في أيام الربيع إلى بساتين الوادي بدمشق إلا بإذن أصحابها فما يفعله العامة من هدم الجدران وخرج السياج فهو أمر منكر حرام
ثم قال وفي شرح المنية للحلبي بنى مسجدا في أرض غصب لا بأس بالصلاة فيه
وفي الواقعات بنى مسجدا على سور المدينة لا ينبغي أن يصلي فيه لأنه حق العامة فلم يخلص لله تعالى كالمبني في أرض مغصوبة ا هـ
ثم قال ومدرسة السليمانية في دمشق مبنية في أرض المرجة التي وقفها السلطان نور الدين الشهيد على أبناء السبيل بشهادة عامة أهل دمشق والوقف يثبت بالشهرة فتلك المدرسة خولف في بنائها شرط وقف الأرض الذي هو كنص الشارع فالصلاة فيها مكروهة تحريما في قول وغير صحيحة له في قول آخر كما نقله في جامع الفتاوى وكذا ماؤها مأخوذ من نهر مملوك ومن هذا القبيل حجرة اليمانيين في الجامع الأموي ولا حول ولا قوة إلا بالله ا هـ
قوله ( فلا سترة لمار ) أي ساتر يستر المار عن المصلي وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في باب ما يفسد الصلاة وما يكره ح
قوله ( ويكره النوم إلخ ) قدمنا الكلام عليه
قوله ( إلى ارتفاعها ) أي قدر رمح أو رمحين
قوله ( وما رواه ) أي من الأحاديث الدالة على التأخير كحديث أن أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء وعن ابن مسعود مثله
____________________
(1/381)
ومن الأحاديث الدالة على التقديم وليس فيها صريح سوى حديث أبي الطفيل عن معاذ أنه عليه الصلاة والسلام كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر فيصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر ثم سار وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب
قوله ( محمول إلخ ) أي ما رواه مما يدل على التأخير محمول على الجمع فعلا لا وقتا أي فعل الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها ويحمل تصريح الراوي بخروج وقت الأولى على التجوز كقوله تعالى فإذا بلغن أجلهن أي قاربن بلوغ الأجل أو على أنه ظن ويدل على هذا التأويل ما صح عن ابن عمر أنه نزل في آخر الشفق فصلى المغرب ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير صنع هكذا وفي رواية ثم نتظر حتى غاب الشفق وصلى العشاء كيف وقد قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط في ليقظة بأن تؤخر صلاة إلى وقت لأخرى رواه مسلم وهذا قاله وهو في السفر
وروى مسلم أيضا عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر لئلا يحرج أمته وفي رواية ولا سفر والشافعي لا يرى الجمع بلا عذر فما كان جوابه عن هذا الحديث فهو جوابنا وأما حديث أبي الطفيل الدال على التقديم فقال الترمذي فيه إنه غريب وقال الحاكم إنه موضوع وقال أبو داود ليس في تقديم الوقت حديث قائم وقد أنكرت عائشة على من يقول بالجمع في وقت واحد
وفي الصحيحين عن ابن مسعود والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع ويكفي في ذلك النصوص الواردة بتعيين الأوقات من الآيات والأخبار وتمام ذلك في المطولات كالزيلعي وشرح المنية
وقال سلطان العرافين سيدي محيي الدين نفعنا الله به والذي أذهب إليه أنه لا يجوز الجمع في غير عرفة ومزدلفة لأن أوقات الصلاة قد تثبت بلا خلاف ولا يجوز إخراج صلاة عن وقتها إلا بنص محتمل إذ لا ينبغي أن يخرج عن أمر ثابت بأمر محتمل هذا لا يقول به من شم رائحة العلم وكل حديث ورد في ذلك فمحتمل أنه يتكلم فيه مع احتمال أنه صحيح لكنه ليس بنص ا هـ
كذا نقله عنه سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه ( الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر )
قوله ( فإن جمع إلخ ) تفصيل أجمله أولا بقوله ولا جمع الصادق بالفساد أو الحرمة فقط ط
قوله ( إلا لحاج ) استثناء من قوله ولا جمع ط
قوله ( بعرفة ) بشرط الإحرام والسلطان أو نائبه والجماعة في الصلاتين ولا يشترط كل ذلك في جمع المزدلفة ط
قلت إلا الإحرام على أحد القولين فيه
قوله ( عند الضرورة ) ظاهره أنه عند عدمها لا يجوز وهو أحد قولين
والمختار جوازه مطلقا ولو بعد الوقوع كما قدمناه في الخطبة ط
وأيضا عند الضرورة لا حاجة إلى التقليد كما قال بعضهم مستندا لما في المضمرات المسافر إذا خاف اللصوص أو قطاع الطريق ولا ينتظر الرفقة جاز له تأخير الصلاة لأنه يعذر ولو صلى بهذا العذر بالإيماء وهو يسير جاز ا هـ
لكن الظاهر أنه أراد بالضرورة ما فيه نوع مشقة
تأمل
قوله ( لكن بشرط إلخ ) فقد شرط الشافعي لجمع التقديم ثلاثة شروط تقديم الأولى ونية الجمع قبل الفراغ منها وعدم الفصل بينهما بما يعد فاصلا عرفا ولم يشترط في جمع التأخير سوى نية الجمع قبل خروج الأولى
نهر
ويشترط
____________________
(1/382)
أيضا أن يقرأ الفاتحة في الصلاة ولو مقتديا وأن يعيد الوضوء من مس فرجه أو أجنبية ذلك من الشروط والأركان المتعلقة بذلك الفعل والله تعالى أعلم
باب الأذان لما كان الوقت سببا كما مر قدمه وذكر الأذان بعده لأنه إعلام بدخوله
قوله ( هو لغة الإعلام ) قال في القاموس آذنه الأمر وبه أعلمه وأذن تأذينا أكثر الإعلام ا هـ
فالأذان اسم مصدر لأن الماضي هنا أذن المضاعف ومصدره التأذين ح
قوله ( وشرعا إعلام مخصوص ) أي إعلام بالصلاة
قال في الدرر ويطلق على الألفاظ المخصوصة ا هـ أي التي يحصل بها الإعلام من إطلاق اسم المسبب على السبب
إسماعيل وإنما لم يعرفه بالألفاظ المخصوصة لأن المراد الأذان للصلاة ولو عرف بها لدخل الأذان للمولود ونحوه على ما يأتي
قوله ( ليعم الفائتة الخ ) أي ليعم الأذان أذان الفائتة والأذان بين يدي الخطيب وليعلم أيضا الأذان في آخر ظهر الصيف أفاده ح أي لأن العلم بالوقت فيها سابق عليه
ولقائل أن يقول لو صرح كغيره بالوقت لم يرد ما ذكر لأن الأصل في مشروعية الأذان الإعلام بدخول الوقت كما يعلم مما يأتي فيكون التعريف بناء على ما هو الأصل فيه وإلا لزم أنه لو أذن لنفسه أو بين جماعة مخصوصين أرادوا الصلاة عالمين بدخول الوقت لا يسمى أذانا شرعا لعدم الإعلام أصلا مع أنه مشروع فتدبر
قوله ( على وجه مخصوص ) أي من الترسل والاستدارة والالتفاف وعدم الترجيع واللحن ونحو ذلك من أحكامه الآتية
قوله ( بألفاظ كذلك ) أشار إلى أنه لا يصح بالفارسية وإن علم أنه أذان وهو الأظهر
والأصح كما في السراج
قوله ( أذان جبريل الخ ) في حاشية الشبراملسي على شرح المنهاج للرملي عن شرح البخاري لابن حجر أنه وردت أحاديث تدل على أن الأذان شرع بمكة قبل الهجرة منها للطبراني أنه لما أسري بالنبي أوحي إليه الأذان فنزل به فعلمه بلالا وللدارقطني في الأفراد من حديث أنس أن جبريل أمر النبي بالأذان حين فرضت الصلاة وللبزار وغيره من حديث علي قال لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها البراق فركبها فقال الله أكبر الله أكبر وفي آخره ثم أخذ الملك بيده فأم أهل السماء
والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث ا هـ
وذكر في فتح القدير حديث البزار ثم قال وهو غريب ومعارض للخبر الصحيح أن بدء الأذان كان بالمدينة على ما في مسلم كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون ويتحينون الصلاة وليس ينادي لها أحد فتكلموا في ذلك فقال بعضهم ننصب راية الحديث قوله ( ثم رؤيا عبد الله بن زيد الخ ) ذكر القصة بتمامها ح عن السراج وساقها في الفتح بأسانيدها
وفي هذه القصة أن عمر رضي الله عنه رأى تلك الليلة مثل ما رأى عبد الله بن زيد
واستشكل إثباته بالرؤيا بأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي
وأجيب باحتمال مقارنة الوحي
____________________
(1/383)
لذلك
قال في حاشية المنهاج عن الحافظ ابن حجر ويؤيده ما رواه عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له النبي سبقك بذلك الوحي ثم قال وعلى تقدير صحة حديث إن جبريل حين أراد أن يعلمه الأذان أتاه بالبراق الخ فيمكن أنه علمه ليأتي له في ذلك الموطن ولا يلزم مشروعيته لأهل الأرض ا هـ
وأجاب ح بأنه ظن أنه من خصوصيات تلك الصلاة وهو قريب من الأول
قوله ( وسببه بقاء ) تمييز محول عن المضاف إليه أي سبب بقائه واستمراره ط أي الذي يتجدد طلب الأذان عند تجدده
قوله ( للرجال ) أما النساء فيكره لهن الأذان وكذا الإقامة لما روي عن أنس وابن عمر من كراهتهما لهن ولأن مبنى حالهن على الستر ورفع صوتهن حرام
إمداد
ثم الظاهر أنه يسن للصبي إذا أراد الصلاة كما يسن للبالغ وإن كان في كراهة أذانه لغيره كلام كما سيأتي فافهم
قوله ( في مكان عال ) في القنية ويسن الأذان في موضع عال والإقامة على الأرض وفي أذان المغرب اختلاف المشايخ والظاهر أنه يسن المكان العالي في المغرب أيضا كما سيأتي
وفي السراج وينبغي للمؤذن أن يؤذن في موضع يكون أسمع للجيران ويرفع صوته ولا يجهد نفسه لأنه يتضرر ا هـ بحر
قلت والظاهر أن هذا في مؤذن الحي أما من أذن لنفسه أو لجماعة حاضرين فالظاهر أنه لا يسن له المكان العالي لعدم الحاجة
تأمل
قوله ( هي كالواجب ) بل أطلق بعضهم اسم الواجب عليه لقول محمد لو اجتمع أهل بلدة على تركه قاتلتهم عليه ولو تركه واحد ضربته وحبسته
وعامة المشايخ على الأول والقتال عليه لما أنه من أعلام الدين في تركه استخفاف ظاهر به
قال في المعراج وغيره والقولان متقاربان لأن المؤكدة في حكم الواجب في لحوق الإثم بالترك يعني وإن كان مقولا بالتشكيك
نهر
واستدل في الفتح على الوجوب بأن عدم الترك مرة دليل الوجوب
قال ولا يظهر كونه على الكفاية وإلا لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على تركه إذا قام به غيرهم أي من أهل بلدة أخرى
واستظهر في البحر كونه سنة على الكفاية بالنسبة إلى كل أهل بلدة بمعنى أنه إذا فعل في بلدة سقطت المقاتلة عن أهلها
قال ولو لم يكن على الكفاية بهذا المعنى لكان سنة في حق كل أحد وليس كذلك إذ أذان الحي يكفينا كما سيأتي ا هـ
قال في النهر ولم أر حكم البلدة الواحدة إذا اتسعت أطرافها كمصر
والظاهر أن أهل كل محلة سمعوا الأذان ولو من محلة أخرى يسقط عنهم لا إن لم يسمعوا ا هـ
قوله ( للفرائض الخمس الخ ) دخلت الجمعة
بحر
وشمل حالة السفر والحضر والانفراد والجماعة
قال في مواهب الرحمن ونور الإيضاح ولو منفردا أداء أو قضاء سفرا أو حضرا ا هـ
لكن لا يكره تركه لمصلي في بيته في المصر لأن أذان الحي يكفيه كما سيأتي
وفي الإمداد أنه يأتي به ندبا
وسيأتي تمامه فافهم ويستثنى ظهر يوم الجمعة في المصر لمعذور وما يقضى من الفوائت في مسجد كما سيذكره
قوله ( ولو قضاء ) قال في الدرر لأنه وقت القضاء وإن فات وقت الأداء لقوله فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها أي وقت قضائها ا هـ
وهذا إذا لم يقضها في المسجد على ما سيأتي
قوله ( لأنه الخ ) تعليل لشمول القضاء ويظهر منه أن المراد من وقتها وقت فعلها وبه صرح القهستاني لكن في التاترخانية ينبغي أن يؤذن في أول الوقت ويقيم في وسطه حتى يفر المتوضىء من وضوئه والمصلي من صلاته والمعتصر من قضاء حاجته ا هـ
والظاهر أنه أراد أول الوقت المستحب لما يأتي قريبا
قوله ( حتى يبرد به ) بالبناء للمجهول وأشمل منه قوله المار في الأوقات وحكم الأذان كالصلاة تعجيلا وتأخيرا
____________________
(1/384)
قال نوح أفندي وفي المجتبى عن المجرد قال أبو حنيفة ويؤذن للفجر بعد طلوعه وفي الظهر في الشتاء حين تزول الشمس وفي الصيف يبرد وفي العصر يؤخر ما لم يخف تغير الشمس وفي العشاء يؤخر قليلا بعد ذهاب البياض ا هـ
قال القهستاني بعده ولعل المراد بيان الاستحباب وإلا فوقت الجواز جميع الوقت ا هـ
وحاصله أنه لا يلزم الموالاة بين الأذان والصلاة بل هي الأفضل فلو أذن أوله وصلى آخره أتى بالسنة
تأمل
مطلب في المواضع التي يندب لها الأذان في غير الصلاة قوله ( لا يسن لغيرها ) أي في الصلوات وإلا فيندب للمولود
وفي حاشية البحر للخير الرملي رأيت في كتب الشافعية أنه قد يسن الأذان لغير الصلاة كما في أذن المولود والمهموم والمصروع والغضبان ومن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة وعند مزدحم الجيش وعند الحريق قيل وعند إنزال الميت القبر قياسا على أول خروجه للدنيا لكن رده ابن حجر في شرح العباب وعند تغول الغيلان أي عند تمرد الجن لخبر صحيح فيه
أقول ولا بعد فيه عندنا ا هـ أي لأن ما صح فيه الخبر بلا معارض فهو مذهب للمجتهد وإن لم ينص عليه لما قدمناه في الخطبة عن الحافظ ابن عبد البر والعارف الشعراني عن كل من الأئمة الأربعة أنه قال إذا صح الحديث فهو مذهبي على أنه في فضائل الأعمال يجوز العمل بالحديث الضعيف كما مر أول كتاب الطهارة هذا وزاد ابن حجر في التحفة الأذان والإقامة خلف المسافر
قال المدني أقول وزاد في شرعة الإسلام لمن ضل الطريق في أرض قفر أي خالية من الناس
وقال المنلا علي في شرح المشكاة قالوا يسن للمهموم أن يأمر غيره أن يؤذن في أذنه فإنه يزيل الهم كذا عن علي رضي الله عنه ونقل الأحاديث الواردة في ذلك فراجعه ا هـ
قوله ( كعيد ) أي ووتر وجنازة وكسوف واستسقاء وتراويح وسنن روا تب لأنها اتباع للفرائض والوتر وإن كان واجبا عنده لكنه يؤدى في وقت العشاء فاكتفى بأذانه لا لكون الأذان لهما على الصحيح كما ذكره الزيلعي ا هـ بحر فافهم
لكن في التعليل قصور لاقتضائه سنية الأذان لما ليس تبعا الفرائض كالعيد ونحوه فالمناسب التعليل بعدم وروده في السنة
تأمل
قوله ( وقع بعضه ) وكذا كله بالأولى ولو لم يذكر البعض لتوهم خروجه فقصد بذكره التعميم لا التخصيص
قوله ( كالإقامة ) أي في أنها تعاد إذا وقعت قبل الوقت أما بعده فلا تعاد ما لم يبطل الفصل أو يوجد قاطع كأكل على ما سيذكره في الفروع
قوله ( خلافا للثاني ) هذا راجع إلى الأذان فقط فإن أبا يوسف يجوز الأذان قبل الفجر بعد نصف الليل ح
قوله ( وعن الثاني ثنتين ) أي روي عن أبي يوسف أنه يكبر في ابتدائه تكبيرتين كبقية كلماته فيكون الأذان عنده ثلاث عشرة كلمة وهي رواية عن محمد والحسن
قهستاني عن الزاهدي ونقل عن مالك أيضا
قوله ( وبفتح راء أكبر إلى قوله ولا ترجيع ) نقل أنه ملحق بخط الشارح على
____________________
(1/385)
هامش نسخته الأولى وفي مجموعة الحفيد الهروي ما نصه فائدة في روضة العلماء قال ابن الأنباري عوام الناس يضمون الراء في أكبر وكان المبرد يقول الأذان سمع موقوفا في مقاطيعه والأصل في أكبر تسكين الراء فحولت حركة ألف اسم الله إلى الراء كما في الم الله وفي المغني حركة الراء فتحة وإن وصل بنية الوقف ثم قيل هي حركة الساكنين ولم يكسر حفظا لتفخيم الله وقيل نقلت حركة الهمزة وكل هذا خروج عن الظاهر والصواب أن حركة الراء ضمة إعراب وليس لهمزة الوصل ثبوت في الدرج فتنقل حركتها وبالجملة الفرق بين الأذان وبين الم الله ظاهر فإنه ليس ل ألم الله حركة إعراب أصلا وقد كانت لكلمات الأذان إعرابا إلا أنه سمعت موقوفة ا هـ
مطلب في الكلام على حديث الأذان جزم وفي الإمداد ويجزم الراء أي يسكنها في التكبير قال الزيلعي يعني على الوقف لكن في الأذان حقيقة وفي الإقامة ينوي الوقف ا هـ أي للحدر
وروي ذلك عن النخعي موقوفا عليه ومرفوعا إلى النبي قال لأذان جزم والإقالة جزم والتكبير جزم ا هـ
قلت والحاصل أن التكبيرة الثانية في الأذان ساكنة الراء للوقف حقيقة ورفعها خطأ وأما التكبيرة الأولى من كل تكبيرتين منه وجميع تكبيرات الإقامة فقيل محركة الراء بالفتحة على نية الوقف وقيل بالضمة إعرابا وقيل ساكنة بلا حركة على ما هو ظاهر كلام الإمداد والزيلعي والبدائع وجماعة من الشافعية والذي يظهر الإعراب لما ذكره الشارح عن الطلبة ولما قدمناه ولما في الأحاديث المشتهرة للجراحي أنه سئل السيوطي عن هذا الحديث فقال هو غير ثابت كما قال الحافظ ابن حجر وإنما هو من قول إبراهيم النخعي ومعناه كما قال جماعة منهم الرافعي وابن الأثير إنه لا يمد
وأغرب المحب الطبري فقال معناه لا يمد ولا يعرب آخره وهذا الثاني مردود بوجوه أحدها مخالفته لتفسير الراوي عن النخعي والرجوع إلى تفسيره أولى كما تقرر في الأصول
ثانيها مخالفته لما فسره به أهل الحديث والفقه
ثالثها إطلاق الجزم على حذف الحركة الإعرابية ولم يكن معهودا في الصدر الأول وإنما هو اصطلاح حادث فلا يصح الحمل عليه ا هـ
وتمام الكلام عليه هناك فراجعه على أن الجزم في الاصطلاح الحادث عند النحويين حذف حركة الإعراب للجازم فقط لا مطلقا ثم رأيت لسيدي عبد الغني رسالة في هذه المسألة سماها ( تصديق من أخبر بفتح راء الله أكبر ) أكثر فيها النقل
وحاصلها أن السنة أن يسكن الراء من الله أكبر الأول أو يصلها بالله أكبر الثانية فإن سكنها كفى وإن وصلها نوى السكون فحرك الراء بالفتحة فإن ضمها خالف السنة لأن طلب الوقف على أكبر الأول صيره كالساكن أصالة فحرك بالفتح
قوله ( ولا ترجيع ) الترجيع أن يخفض صوته بالشهادتين ثم يرجع فيرفعه بهما لاتفاق الروايات على أن بلالا لم يكن يرجع وما قيل إنه رجع لم يصح ولأنه ليس في أذان الملك النازل بجميع طرقه ولما في أبي داود عن ابن عمر قال إنما كان الأذان على عهد رسول الله مرتين والإقامة مرة مرة الحديث
ورواه ابن خزيمة وابن حبان
قال ابن الجوزي وإسناده صحيح
وما روي من الترجيع في أذان أبي محذورة يعارضه ما رواه الطبراني عنه أنه قال ألقى علي رسول الله الأذان حرفا حرفا الله أكبر
____________________
(1/386)
الله أكبر الخ ولم يذكر ترجيعا وبقي ما قدمناه بلا معارض وتمامه في الفتح وغيره
قوله ( فإنه مكروه ملتقى ) ومثله في القهستاني خلافا لما في البحر من أن ظاهر كلامهم أنه مباح لا سنة ولا مكروه
قال في النهر ويظهر أنه خلاف الأولى
وأما الترجيع بمعنى التغني فلا يحل فيه ا هـ
وحينئذ فالكراهة المذكورة تنزيهية
قوله ( أي تغني ) لا يجوز أن يكون مبنيا على الفتح لأن ما بعد أي التفسيرية عطف بيان وعطف البيان لا يجوز بناؤه على الفتح تركيبا مع اسم لا بل يجوز فيه الرفع اتباعا لمحل لا مع اسمها والنصب اتباعا لمحل اسمها لكن يمنع هنا من النصب مانع وهو عدم رسمه بالألف فتعين الرفع مع ما فيه من إثبات الياء الذي هو مرجوح فإن المنقوص المجرد عن أل يترجح حذف يائه في الرسم كالوقف إذا كان مرفوعا أو مجرورا وفي المحلى بها بالعكس ا هـ ح
قلت ويمنع أيضا من بنائه على الفتح وجود الفاصل وهو أي وقد عللوا امتناع الفتح في عطف النسق في نحو لا رجل وامرأة بوجود الفاصل وهو الواو فافهم
قوله ( بغير كلماته ) أي بزيادة حركة أو حرف أو مد أو غيرها في الأوائل والأواخر
قهستاني
قوله ( وبلا تغيير حسن ) أي والتغني بلا تغيير حسن فإن تحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما بحر وفتح
قوله ( وقيل ) أي قال الحلواني لا بأس بإدخال المد في الحيعلتين لأنهما غير ذكر وتعبيره بلا بأس يدل على أن الأولى عدمه
قوله ( ويترسل ) أي يتمهل
قوله ( بسكتة ) أي تسع الإجابة مدني عن منلا علي القاري وهذه السكتة بعد كل تكبيرتين لا بينهما كما أفاده في الإمداد أخذا من الحديث وبه صرح في التاترخانية قوله ( وتندب إعادته ) أي لو ترك الترسل
قوله ( ويلتفت ) أي يحول وجهه لا صدره
قهستاني
ولا قدميه نهر
قوله ( وكذا فيها مطلقا ) أي في الإقامة سواء كان المحل متسعا أو لا
قوله ( لئلا يستدبر ) تعليل لقوله فقط أي انته عن القول بالالتفات خلفا لئلا يستدبر المؤذن أو المقيم القبلة ح
قوله ( بصلاة وفلاح ) لف ونشر مرتب يعني يلتفت فيهما يمينا بالصلاة ويسارا بالفلاح وهو الأصح كما في القهستاني عن المنية وهو الصحيح كما في البحر والتبيين
وقال مشايخ مرو يمنة ويسرة في كل كذا في القهستاني ح
قال في الفتح والثاني أوجه
ورده الرملي بأنه خلاف الصحيح المنقول عن السلف
قوله ( ولو وحده الخ ) أشار به إلى رد قول الحلواني إنه لا يلتفت لعدم الحاجة إليه ح
وفي البحر عن السراج أنه من سنن الأذان فلا يخل المنفرد بشيء منها حتى قالوا في الذي يؤذن للمولود ينبغي أن يحول
قوله ( مطلقا ) للمنفرد وغيره المولود وغيره ط
قوله ( ويستدير في المنارة ) يعني إن لم يتم الإعلام بتحويل وجهه مع ثبات قدميه ولم تكن في زمنه مئذنة
بحر
مطلب في أول من بنى المنائر للأذان قلت وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الأوائل للسيوطي أن أول من رقي منارة مصر للأذان شرحبيل بن عامر المرادي وبنى سلمة المنابر للأذان بأمر معاوية ولم تكن قبل ذلك
وقال ابن سعد بالسند إلى أم زيد بن ثابت كان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله مسجده فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره
قوله ( ويخرج رأسه منها ) أي من
____________________
(1/387)
كوتها اليمنى آتيا بالصلاة ثم يذهب ويخرج رأسه من الكوة اليسرى آتيا بالفلاح
درر وغيرها
وهذا إذا كانت بكوات أما منارات الروم ونحوها فالجانب كالكوة
إسماعيل
قوله ( بعد فلاح الخ ) فيه رد على من يقول إن محله بعد الأذان بتمامه وهو اختيار الفضلي
بحر عن المستصفى
قوله ( الصلاة خير من النوم ) إنما كان النوم مشاركا للصلاة في أصل الخيرية لأنه قد يكون عبادة كما إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية أو لأن النوم راحة في الدنيا والصلاة راحة في الآخرة فتكون أفضل
بحر
قوله ( لأنه وقت نوم ) أي فخص بزيادة إعلام دون العشاء فإن النوم قبلها مكروه ونادر ط
قوله ( ويجعل أصبعيه الخ ) لقوله لبلال رضي الله عنه جعل أصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك وإن جعل يديه على أذنيه فحسن لأن أبا محذورة رضي الله عنه ضم أصابعه الأربعة ووضعها على أذنيه وكذا إحدى يديه على ما روي عن الإمام
إمداد وقهستاني عن التحفة قوله ( فأذانه ) تفريع على قوله ندبا قال في البحر والأمر أي في الحديث المذكور للندب بقرينة التعليل فلذا لو لم يفعل كان حسنا
فإن قيل ترك السنة كيف يكون حسنا قلنا إن الأذان معه أحسن فإذا تركه بقي الأذان حسنا كذا في الكافي ا هـ فافهم
قوله ( فيما مر ) قيد به لئلا يرد عليه أن ترك الإقامة يكره للمسافر دون الأذان وأن المرأة تقيم ولا تؤذن وأن الأذان آكد في السنية منها كما يأتي وأراد بما مر أحكام الأذان العشرة المذكورة في المتن وهي أنه سنة للفرائض وأنه يعاد إن قدم على الوقت وأنه يبدأ بأربع تكبيرات وعدم الترجيع وعدم اللحن والترسل والالتفات والاستدارة وزيادة الصلاة خير من النوم في أذان الفجر وجعل أصبعيه في أذنيه ثم استثنى من العشرة ثلاثة أحكام لا تكون في الإقامة فأبدل الترسل بالحدر والصلاة خير من النوم بقد قامت الصلاة
وذكر أنه لا يضع أصبعيه في أذنيه فبقيت الأحكام السبعة مشتركة
ويرد عليه الاستدارة في المنارة فإنها لا تكون في المنارة فكان عليه أن يتعرض لذلك ا هـ ح
والحاصل أن الإقامة تخالف الأذان في الأربعة مما مر وتخالفه أيضا في مواضع ستأتي مفرقة قوله ( لكن هي أفضل منه ) نقله في البحر عن الخلاصة بلا ذكر خلاف
وذكر في الفتح أيضا أنه صرح ظهير الدين في الحواشي نقلا عن المبسوط بأنها آكد من الأذان أي لأنه يسقط في مواضع دون الإقامة كما في حق المسافر وما بعد أولى الفوائت وثانية الصلاتين بعرفة وقوله وكذا الإمامة علله في الفتح بقوله لمواظبته وكذا الخلفاء الراشدون وقول عمر لولا الخليفي لأذنت لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المؤذن وهذا مذهبنا وعليه كان أبو حنيفة ا هـ
أقول وهو أحد قولين مصححين عند الشافعية والثاني أن الأذان أفضل وبقي قول بتساويهما وقد حكى الثلاثة في السراج ثم إن ما استدل به على أفضلية الإمامة على الأذان يدل على أفضليتها أيضا على الإقامة لأن السنة أن يقيم المؤذن فافهم
تنبيه مقتضى أفضلية الإقامة على الأذان كونها واجبة عند من يقول بوجوبه ولم أر من صرح به إلا أن يقال إن القول بوجوبه لما أنه من الشعائر بخلافها على أن السنة قد تفضل الواجب كما مر أول كتاب الطهارة
____________________
(1/388)
فتأمل
ثم رأيت صاحب البدائع عد من واجبات الصلاة الأذان والإقامة
قوله ( المقيم ) أي الذي يقيم الصلاة
قوله ( لم يعدها في الأصح ) بخلاف ما لو حدر في الأذان حيث تندب إعادته كما مر لأن تكرار الأذان مشروع أي كما في يوم الجمعة بخلاف الإقامة
وعليه فما في الخانية من أنه يعيد الإقامة مبني على خلاف الأصح وتمامه في النهر
قوله ( مرتين ) راجع إلى قد قامت وإلى الفلاح ط
قوله ( وعند الثلاثة هي فرادى ) أي الإقامة والأولى ذكره عند قوله وهي كالأذان ح
ودليل الأئمة الثلاثة ما رواه البخاري أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وهو محمول عندنا على إيتار صوتها بأن يحدر فيها توفيقا بينه وبين النصوص الغير المحتملة
وقد قال الطحاوي تواترت الآثار عن بلال أنه كان يثني الإقامة حتى مات وتمامه في البحر وغيره
قوله ( غير الراكب ) عبارة الإمداد إلا أن يكون راكبا مسافرا لضرورة السير لأن بلالا أذن وهو راكب ثم نزل وأقام على الأرض
ويكره الأذان راكبا في الحضر في ظاهر الرواية
وعن أبي يوسف لا بأس به كما في البدائع ا هـ
قوله ( بهما ) أي بالأذان والإقامة لكن مع الالتفات بصلاة وفلاح كما مر
قوله ( تنزيها ) لقول المحيط الأحسن أن يستقبل
بحر ونهر
قوله ( أعاد ما قدم فقط ) كما لو قدم الفلاح على الصلاة يعيده فقط أي ولا يستأنف الأذان من أوله
قوله ( ولو رد سلام ) أو تشميت عاطس أو نحوهما لا في نفسه ولا بعد الفراغ على الصحيح
سراج وغيره
قال في النهر ومنه التنحنح إلا لتحسين صوته
قوله ( استأنفه ) إلا إذا كان الكلام يسيرا
خانية
قوله ( ويثوب ) التثويب العود إلى الإعلام بعد الإعلام
درر
وقيد بتثويب المؤذن لما في القنية عن الملتقط لا ينبغي لأحد أن يقول لمن فوقه في العلم والجاه حان وقت الصلاة سوى المؤذن لأنه استفضال لنفسه ا هـ بحر
قلت وهذا خاص بالتثويب للأمير ونحوه على قول أبي يوسف فافهم
قوله ( بين الأذان والإقامة ) فسره في رواية الحسن بأن يمكث بعد الأذان قدر عشرين آية ثم يثوب ثم يمكث كذلك ثم يقيم
بحر
قوله ( في الكل ) أي كل الصلوات لظهور التواني في الأمور الدينية
قال في العناية أحدث المتأخرون التثويب بين الأذان والإقامة على حسب ما تعارفوه في جميع الصلوات سوى المغرب مع إبقاء الأول يعني الأصل وهو تثويب الفجر وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ا هـ
قوله ( للكل ) أي كل أحد وخصه أبو يوسف بمن يشتغل بمصالح العامة كالقاضي والمفتي والمدرس واختاره قاضيخان وغيره
نهر
قوله ( بما تعارفوه ) كتنحنح أو قامت قامت أو الصلاة الصلاة ولو أحدثوا إعلاما مخالفا لذلك جاز
نهر عن المجتبى
قوله ( ويجلس بينهما ) لو قدمه على التثويب لكان أولى لئلا يوهم أن الجلوس بعده
نهر
قوله ( إلا في المغرب ) قال في الدرر هذا استثناء من يثوب ويجلس لأن التثويب لإعلام الجماعة وهم في المغرب حاضرون لضيق الوقت ا هـ
واعترضه في النهر بأنه مناف لقول الكل في الكل
قال الشيخ إسماعيل وليس كذلك لما مر عن العناية من استثناء المغرب في التثويب وبه جزم في غرر الأذكار والنهاية والبرجندي وابن ملك وغيرها ا هـ
قلت قد يقال ما في الدرر مبني على رواية الحسن من أنه يمكث قدر عشرين آية ثم يثوب كما قدمناه
____________________
(1/389)
أما لو ثوب في المغرب بلا فاصل فالظاهر أنه لا مانع منه وعليه يحمل ما في النهر فتدبر
قوله ( فيسكت قائما ) هذا عنده وعندهما يفصل بجلسة كجلسة الخطيب والخلاف في الأفضلية فلو جلس لا يكره عنده ويستحب التحول للإقامة إلى غير موضع الأذان وهو متفق عليه وتمامه في البحر
قوله ( سنة 781 ) كذا في النهر عن حسن المحاضرة للسيوطي
ثم نقل عن القول البديع للسخاوي أنه في سنة 791 وأن ابتداؤه كان في أيام السلطان الناصر صلاح الدين بأمره
قوله ( ثم فيها مرتين ) أي في المغرب كما صرح به الخزائن لكن لم ينقله في النهر ولم أره في غيره وكأن ذلك كان موجودا في زمن الشارح أو المراد به ما يفعل عقب أذان المغرب ثم بعده بين العشاءين ليلة الجمعة والاثنين وهو المسمى في دمشق تذكيرا كالذي يفعل قبل أذان الظهر يوم الجمعة ولم أر من ذكره أيضا
قوله ( وهو بدعة حسنة ) قال في النهر عن القول البديع والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة
وحكى بعض المالكية الخلاف أيضا في تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل وأن بعضهم منع من ذلك وفيه نظر ا هـ ملخصا
مطلب في الجوق فائدة أخرى ذكر السيوطي أن أول من أحدث أذان اثنين معا بنو أمية ا هـ
قال الرملي في حاشية البحر ولم أر نصا صريحا في جماعة الأذان المسمى في ديارنا بأذان الجوق هل هو بدعة حسنة أو سيئة وذكره الشافعية بين يدي الخطيب
واختلفوا في استحبابه وكراهيته
وأما الأذان الأول فقد صرح في النهاية بأنه المتوارث حيث قال في شرح قوله وإذا أذن المؤذنون الأذان الأول ترك الناس البيع ذكر المؤذنين بلفظ الجمع إخراجا للكلام مخرج العادة لأن المتوارث فيه اجتماعهم لتبلغ أصواتهم إلى أطراف المصر الجامع ا هـ
ففيه دليل على أنه غير مكروه لأن المتوارث لا يكون مكروها وكذلك نقول في الأذان بين يدي الخطيب فيكون بدعة حسنة إذ ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن ا هـ ملخصا
أقول وقد ذكر سيدي عبد الغني المسألة كذلك أخذا من كلام النهاية المذكور ثم قال ولا خصوصية للجمعة إذ الفروض الخمسة تحتاج للإعلام
قوله ( لو بجماعة الخ ) أي في غير المسجد بقرينة ما يذكره قريبا من أنه لا يؤذن فيه للفائتة ثم هذا قيد لقوله رافعا صوته وقد ذكره في البحر بحثا وقال ولم أره في كلام ائمتنا
واستدل لرفع المنفرد في الصحراء بحديث الصحيح إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فرفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة ا هـ وأقره في النهر
أقول يخالفه ما في القهستاني من أنه يجب يعني يلزم الجهر بالأذان لإعلام الناس فلو أذن لنفسه خافت لأنه الأصل في الشرع كما في كشف المنار ا هـ
على أن ما استدل به يفيد رفع الصوت للمنفرد في بيته أيضا لتكثير الشهود يوم القيامة إلا أن يقال المراد المبالغة في رفع الصوت والمؤذن في بيته يرفع دون ذلك فوق ما يسمع نفسه وعليه يحمل ما في القهستاني فليتأمل
قوله ) لا لفاسدة ) أي إذا أعيدت في الوقت وإلا كانت فائتة ط
____________________
(1/390)
وفي المجتبى قوم ذكروا فساد صلاة صلوها في المسجد في الوقت قضوها بجماعة فيه ولا يعيدون الأذان والإقامة وإن قضوها بعد الوقت قضوها في غير ذلك المسجد بأذان وإقامة ا هـ
لكن سيأتي أن الإقامة تعاد لو طال الفصل
قوله ( فيه ) أي في الأذان
قوله ( لو في مجلس ) أما لو في مجالس فإن صلى في مجلس أكثر من واحدة فكذلك وإلا أذن وأقام لها
قوله ( وفعله أولى ) لأنه اختلفت الروايات في قضائه ما فاته يوم الخندق ففي بعضها أنه أمر بلالا فأذن وأقام للكل وفي بعضها أنه اقتصر على الإقامة فيما بعد الأولى فالأخذ بالزيادة أولى خصوصا في باب العبادات وتمامه في الإمداد
قوله ( ويقيم للكل ) أي لا يخير في الإقامة للباقي بل يكره تركها كما في نور الإيضاح
تتمة يأتي في صلاتي الجمع بعرفة بأذان واحد وإقامتين وبمزدلفة بأذان وإقامة واختار الطحاوي أنه كعرفة ورجحه ابن الهمام كما سيأتي في بابه إن شاء الله وبقي لو جمع بين فائتة ومؤداة لم أره ويظهر لي أنه يأتي بأذانين وإقامتين والفرق بينه وبين الجمع بمزدلفة لا يخفى
قوله ( ولا يسن ذلك ) أي الأذان والإقامة وأفرد الضمير على تأويل المذكور ح وأراد ينفي السنية الكراهة في المواضع الثلاثة المذكورة كما يعلم من الإمداد
قوله ( ولو جماعة ) أخذه من قول الفتح لأن عائشة أمتهن بغير أذان ولا إقامة حين كانت جماعتهن مشروعة وهذا يقتضي أن المنفردة أيضا كذلك لأن تركهما لما كان هو السنة حال شرعية الجماعة كان حال الانفراد أولى ا هـ
قلت وهو ظاهر ما في السراج أيضا وكان الأولى للشارح أن يقول ولو منفردة لأن جماعتهن الآن غير مشروعة فتفطن
قوله ( كجماعة صبيان وعبيد ) لأنها غير مشروعة فلا يشرعان فيها كتكبير التشريق عقبها بحر عن الزيلعي
قوله ( في مصر ) شمل المعذور وغيره
زيلعي
وفي القرى لا يكره بكل حال
ظهيرية أي لا قبل أداء الجمعة في غيرها ولا بعده لقوله وقيل بعد أداء الجمعة لا يكره في المصر
قوله ( لأن فيه تشويشا الخ ) إنما يظهر أن لو كان الأذان لجماعة أما إذا كان منفردا ويؤذن بقدر ما يسمع نفسه فلا ط
وفي الإمداد أنه إذا كان التفويت لأمر عام فالأذان في المسجد لا يكره لانتفاء العلة كفعله ليلة التعريس ا هـ لكن ليلة التعريس كانت في الصحراء لا في المسجد
قوله ( لأن التأخير معصية ) إنما يظهر أيضا في الجماعة لا المنفرد
ط أي لأن المنفرد يخافت في أذانه كما قدمناه عن القهستاني على أنه إذا كان التفويت لأمر عام لا يكره ذلك للجماعة أيضا لأن هذا التأخير غير معصية
هذا ويظهر من التعليل أن المكروه قضاؤها مع الاطلاع عليها ولو في غير المسجد كما أفاده في المنح في باب قضاء الفوات
قوله ( بلا كراهة ) أي تحريمية لأن التنزيهية ثابتة لما في البحر عن الخلاصة أن غيرهم أولى منهم ا هـ ح
أقول وقدمنا أول كتاب الطهارة الكلام في أن خلاف الأولى مكروه أو لا فراجعه
قوله ( صبي مراهق ) المراد به العاقل وإن لم يراهق كما هو ظا هر البحر وغيره وقيل يكره لكنه خلاف ظاهر الرواية كما في الإمداد وغيره وعلى هذا يصح تقريره في وظيفة الأذان
بحر
قوله ( وعبد وأعمى الخ ) إنما لم يكره أذانهم لأن قولهم مقبول في الأمور الدينية فيكون ملزما فيحصل به الإعلام بخلاف الفاسق ا هـ
زيلعي
قلت يرد عليه الصبي
____________________
(1/391)
فإن قوله غير مقبول في الأمور الدينية في الأصر كما قدمناه قبل الباب ومقتضاه أن لا يحصل به الإعلام كالفاسق تأمل
ويأتي
تمام الكلام في ذلك
قوله ( ولا يحل إلا بإذن ) ذكره في البحر بحثا فقال وينبغي أن العبد إن أذن لنفسه لا يحتاج إلى إذن سيده وإن أراد أن يكون مؤذنا للجماعة لم يجز إلا بإذن سيده لأن فيه إضرارا بخدمته لأنه يحتاج إلى مراعاة الأوقات ولم أره في كلامهم ا هـ
قوله ( كأجير خاص ) هو بحث لصاحب النهر حيث قال وينبغي أن يكون الأجير الخاص كذلك لا يحل أذانه إلا بإذن مستأجره ا هـ
قلت بل صرحوا بأنه ليس له أن يؤدي النوافل اتفاقا
واختلفوا في السنن كما سنذكره في الإجارات إن شاء الله تعالى وهذا مؤيد لبحث البحر أيضا فإن العبد مملوك المنافع والرقبة أيضا بخلاف الأجير
قوله ( وأعمى ) لا يرد عليه أذان ابن أم مكتوم الأعمى فإنه كان معه من يحفظ عليه أوقات الصلاة ومتى كان ذلك يكون تأذينه وتأذين البصير سواء ذكره شيخ الإسلام
معراج
وهذا بناء على ثبوت الكراهة فيه وقد مر الكلام فيه وإلا فلا ورود
قوله ( عالما بالسنة والأوقات ) أي سنة الأذان وأوقاته المطلوبة على ما مر بيانه
مطلب في المؤذن إذا كان غير محتسب في أذانه قوله ( ولو غير محتسب ) رد على ما في الفتح حيث قال لو لم يكن عالما بأوقات الصلاة لم يستحق ثواب المؤذنين كما في الخانية ففي أخذ الأجرة أولى ورده في النهر تبعا للبحر بأن في أذان الجاهل جهالة موقعة في الغرر بخلاف غير المحتسب على أن عدم حل أخذ الأجرة على الأذان والإمامة رأي المتقدمين والمتأخرون يجوزون ذلك على ما سيأتي في الإجارات ا هـ
أقول لا يلزم من حل الأجرة المعلل بالضرورة حصول الثواب ولا سيما إذا كان لولا الأجرة لا يؤذن فإنه يكون عمله للدنيا وهو رياء لأنه لم يحتسب عمله لوجه الله تعالى فهو كمهاجر أم قيس وإذا كان الجاهل المحتسب لا ينال ذلك الأجر فهذا بالأولى
كيف وقد ورد في عدة أحاديث التقييد بالمحتسب منها ما رواه الطبراني في الكبير كما في الفتح ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع الأكبر ولا يفزعون حين يفزع الناس رجل علم القرآن فقام به يطلب وجه الله وما عنده ومملوك لم يمنعه رق الدنيا عن طاعة ربه نعم قد يقال إن كان قصده وجه الله تعالى لكنه بمراعاته للأوقات والاشتغال به يقل اكتسابه عما يكفيه لنفسه وعياله فيأخذ الأجرة لئلا ليمنعه الاكتساب عن إقامة هذه الوظيفة الشريفة ولولا ذلك لم يأخذ أجرا فله الثواب المذكور بل يكون جمع بين عبادتين وهما الأذان والسعي على العيال وإنما الأعمال بالنيات
قوله ( ويكره أذان جنب ) لأنه يصير داعيا إلى ما لا يجيب إليه وإقامته أولى بالكراهة
وصرح في الخانية بأنه تجب الطهارة فيه عن أغلظ الحدثين
وظاهره أن الكراهة تحريمية
بحر
قوله ( على المذهب ) راجع لقوله وإقامة محدث لا أذانه وأما الجنب فيكرهان منه رواية واحدة كما في البحر ح
قوله ( بإمامة وأذان ) الأول منصوص عليه والثاني ألحقه به في النهر بحثا
قوله ( من جاهل تقي ) أي حيث لم يوجد عالم تقي
قوله ( ولو بمباح )
____________________
(1/392)
كشربه الخمر لإساغة لقمة وأشار إلى أنه لا يلزم من السكر الفسق فلا تكرار قوله ( كمعتوه ) ومثله المجنون ح
قوله ( ويعاد أذان جنب الخ ) زاد القهستاني والفاجر والراكب والقاعد والماشي والمنحرف عن القبلة
وعلل الوجوب في الكل بأنه غير معتد به والندب بأنه معتد به إلا أنه ناقص قال وهو الأصح كما في التمرتاشي
قوله ( لما مر ) أي من قوله المشروعية تكراره
قوله ( لموت مؤذن ) لم يقل ومقيم لأن المؤذن هو المقيم شرعا كما يأتي فافهم قوله ( وغشيه ) بضم الغين وسكون الشين المعجمتين تعطل القوى المحركة والحاسة لضعف القلب من الجوع وغيره كما قدمناه في الوضوء عن القهستاني ح
قوله ( وحصره ) مصدر من باب فرح العي في المنطق ح عن القاموس
قوله ( ولا ملقن ) الواو للحال ح
قوله ( وذهابه للوضوء ) لكن الأولى أن يتممهما ثم يتوضأ لأن ابتداءهما مع الحدث جائز فالبناء أولى
بدائع
قوله ( خلاصة ) ونحوه في الخانية
قال في الفتح فإن حمل الوجوب على ظاهره احتيج إلى الفرق بين نفس الأذان فإنه سنة وبين استقباله بعد الشروع فيه
وقد يقال فيه إذا شرع فيه ثم قطع تبادر إلى ظن السامعين أن قطعه للخطأ فينتظرون الأذان الحق وقد تفوت بذلك الصلاة إلا أن هذا يقتضي وجوب الإعادة فيمن مر أنه يعاد أذانهم إلا الجنب أي لعدم الاعتماد على قولهم ولو قال قائل فيهم إن علم الناس حالهم وجبت وإلا استحبت ليقع فعل الأذان معتبرا وعلى وجه السنة لم يبعد وعكسه في الخمسة المذكورة في الخلاصة ا هـ
أقول يظهر لي أن المراد بالوجوب اللزوم في تحصيل سنة الأذان وأن المراد أنه إذا عرض للمؤذن ما يمنعه عن الإتمام وأراد آخر أن يؤذن يلزمه استقبال الأذان من أوله إن أراد إقامة سنة الأذان فلو بنى على ما مضى من أذان الأول لم يصح فلذا قال في الخانية لو عجز عن الإتمام استقبل غيره ا هـ أي لئلا يكون آتيا ببعض الأذان
قوله ( وجزم المصنف الخ ) أي حيث قال فيما مر قيدنا بالمراهق لأن أذان الصبي الذي لا يعقل غير صحيح كالمجنون والمعتوه ا هـ فافهم وهذا ذكره في البحر بحثا فترجح عند المصنف فجزم به ويؤيده ما في شرح المنية من أنه يجب إعادة أذان السكران والمجنون والصبي غير العاقل لعدم حصول المقصود لعدم الاعتماد على قولهم ا هـ
قوله ( قلت وكافر وفاسق ) ذكر الفاسق هنا غير مناسب لأن صاحب البحر جعل العقل والإسلام شرط صحة والعدالة والذكورة والطهارة شرط كمال
وقال فأذان الفاسق والمرأة والجنب صحيح ثم قال وينبغي أن لا يصح أذان الفاسق بالنسبة إلى قبول خبره والاعتماد عليه أي لأنه لا يقبل قوله في الأمور الدينية فلم يوجد الإعلام كما ذكره الزيلعي
وحاصله أنه يصح أذان الفاسق وإن لم يحصل به الإعلام أي الاعتماد على قبول قوله في دخول الوقت بخلاف الكافر وغير العاقل فلا يصح أصلا فتسوية الشارح بين الكافر والفاسق غير مناسبة
ثم اعلم أنه ذكر في الحاوي القدسي من سنن المؤذن كونه رجلا عاقلا صالحا عالما بالسنن والأوقات مواظبا عليه محتسبا ثقة متطهرا مستقبلا وذكر نحوه في الإمداد ومقتضاه أن العقل غير شرط لصحة الأذان
____________________
(1/393)
فيصح أذان غير العاقل كالمجنون والمعتوه والسكران كما يصح أذان الفاسق والمرأة والجنب ويدل عليه ما في البدائع من أنه يكره أذان المجنون والسكران وأن الأحب إعادته في ظاهر الرواية وأنه يكره أذان المرأة والصبي العاقل ويجزي حتى لا يعاد لحصول المقصود وهو الإعلام وروي عن الإمام أنه تستحب إعادة أذان المرأة ا هـ
وعلى هذه الرواية مشى الزيلعي
وذكر في البدائع أيضا أن أذان الصبي الذي لا يعقل لا يجزي ويعاد لأن ما يصدر لا عن عقل لا يعتد به كصوت الطيور ا هـ
فحصلت المنافاة بين ما جزم به المصنف تبعا للبحر وكذا ما قدمناه عن شرح المنية من عدم صحة أذان غير العاقل كالمجنون والمعتوه والسكران وبين ما في الحاوي والبدائع من صحة أذان الكل سوى صبي لا يعقل
والذي يظهر لي في التوفيق هو أن المقصود الأصلي من الأذان في الشرع الإعلام بدخول أوقات الصلاة ثم صار من شعار الإسلام في كل بلدة أو ناحية من البلاد الواسعة على ما مر فمن حيث الإعلام بدخول الوقت وقبول قوله لا بد من الإسلام والعقل والبلوغ والعدالة وقدمنا قبل هذا الباب عن ( معين الحكام ) ما نصه المؤذن يكفي إخباره بدخول الوقت إذا كان بالغا عاقلا عالما بالأوقات مسلما ذكرا ويعتمد على قوله ا هـ
والظاهر أن قوله ذكرا غير قيد لقبول خير المرأة
فحينئذ يقال إذا اتصف المؤذن بهذه الصفات يصح أذانه وإلا فلا يصح من حيث الاعتماد عليه في دخول الوقت وقدمنا أيضا قبل هذا الباب أنه في الفاسق والمستور يحكم رأيه في صدقه وكذبه ويعمل به بخلاف الكافر والصبي والمعتوه فإنه لا يقبل أصلا
وأما من حيث إقامة الشعار النافية للإثم عن أهل البلدة فيصح أذان الكل سوى الصبي الذي لا يعقل لأن من سمعه لا يعلم أنه مؤذن بل يظن يلعب بخلاف الصبي العاقل لأنه قريب من الرجال ولذا عبر عنه الشارح بالمراهق وكذا المرأة فإن بعض الرجال قد يشبه صوته صوت المراهق والمرأة فإذا أذن المراهق أو المرأة وسمعه السامع يعتد به
وكذا المجنون أو المعتوه أو السكران فإنه رجل من الرجال فإذا أذن على الكيفية المشروعة قامت به الشعيرة لأنه إذا سمعه غير العالم بحاله يعده مؤذنا وكذا الكافر فباعتبار هذه الحيثية صارت الشروط المذكورة كلها شروط كمال لأن المؤذن الكامل هو الذي تقام بأذانه الشعيرة ويحصل به الإعلام فيعاد أذان الكل ندبا على الأصح كما قدمناه عن القهستاني
ثم الظاهر أن الإعادة إنما هي في المؤذن الراتب أما لو حضر جماعة عالمون بدخول الوقت وأذن لهم فاسق أو صبي يعقل لا يكره ولا يعاد أصلا لحصول المقصود
تأمل
تنبيه يؤخذ مما قدمناه من أنه لا يحصل الإعلام من غير العدل ولا يقبل قوله
أنه لا يجوز الاعتماد على المبلغ الفاسق خلف الإمام كما نبه عليه بعض الشافعية فتنبه لهذه الدقيقة والله أعلم
قوله ( لمسافر ) أي سفرا لغويا أو شرعيا كما في أبي السعود ط
قوله ( ولو منفردا ) لأنه إن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه رواه عبد الرزاق
وبهذا ونحوه عرف أن المقصود من الأذان لم ينحصر في الإعلام بل كل منه ومن الإعلان بهذا الذكر نشرا لذكر الله ودينه في أرضه وتذكيرا لعباده من الجن والإنس الذين لا يرى شخصهم في الفلوات
فتح
وفي تعبير الشارح بالمنفرد إشارة إلى أنه لا يعطى له حكم الإمام من كل وجه ولذا قال في التاتخرانية عن الفتاوى والعتابية ولو أذن وأقام في الصحراء وهو منفرد فحكمه حكم المنفرد في أنه يجمع بين التسميع والتحميد وكذا في الجهر والمخافتة ا هـ
قوله ( لا تركه ) الظاهر أن المراد نفي الكراهة الموجبة للإساءة وإلا فقد صرح في الكنز بعد ذلك بندبه للمسافر وللمصلي في بيته في المصر قال في البحر ليكون الأداء على هيئة الجماعة ا هـ
ولما علمت
____________________
(1/394)
من أنه ليس المقصود منه الإعلام فقط قوله ( لحضور الرفقة ) أي إن كان ثم جماعة وإلا فالأمر أظهر
قوله ( ولو بجماعة ) وعن أبي حنيفة لو اكتفوا بأذان الناس أجزأهم وقد أساؤوا ففرق بين الواحد والجماعة في هذه الرواية
بحر
قوله ( في بيته ) أي فيما يتعلق بالبلد من الدار والكرم وغيرهما
قهستاني
وفي التفاريق وإن كان في كرم أو ضيعة يكتفي بأذان القرية أو البلدة إن كان قريبا وإلا فلا
وحد القرب أن يبلغ الأذان إليه منها ا هـ إسماعيل
والظاهر أنه لا يشترط سماعه بالفعل
تأمل قوله ( لها مسجد ) أي فيه أذان وإقامة وإلا فحكمه كالمسافر
صدر الشريعة
قوله ( إذ أذان الحي يكفيه ) لأن أذان المحلة وإقامتها كأذانه وإقامته لأن المؤذن نائب أهل المصر كلهم كما يشير إليه ابن مسعود حين صلى بعلقمة والأسود بغير أذان ولا إقامة حيث قال أذان الحي يكفينا وممن رواه سبط ابن الجوزي
فتح أي فيكون قد صلى بهما حكما بخلاف المسافر فإنه صلى بدونهما حقيقة وحكما لأن المكان الذي هو فيه لم يأذن فيه أصلا لتلك الصلاة
كافي
وظاهره أنه يكفيه أذان الحي وإقامته وإن كانت صلاته في آخر الوقت تأمل
وقد علمت تصريح الكنز بندبه للمسافر وللمصلي في بيته في المصر فالمقصود من كفاية أذان الحي نفي الكراهة المؤثمة
قال في البحر ومفهومه أنه لو لم يؤذنوا في الحي يكره تركهما للمصلي في بيته وبه صرح في المجتبى وأنه لو أذن بعض المسافرين سقط عن الباقين كما لا يخفى قوله ( وتكرار الجماعة ) لما روى عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من بيته ليصلح بين الأنصار فرجع وقد صلى في المسجد بجماعة فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل بعض أهله فجمع أهله فصلى بهم جماعة ولو لم يكره تكرار الجماعة في المسجد لصلى فيه
وروي عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا فاتتهم الجماعة في المسجد صلوا في المسجد فرادى ولأن التكرار يؤدي إلى تقليل الجماعة لأن الناس إذا علموا أنهم تفوتهم الجماعة يتعجلون فتكثر وإلا تأخروا ا هـ بدائع
وحينئذ فلو دخل جماعة المسجد بعدما صلى أهله فيه فإنهم يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية
ظهيرية
وفي آخر شرح المنية وعن أبي حنيفة لو كانت الجماعة أكثر من ثلاثة يكره التكرار وإلا فلا
وعن أبي يوسف إذا لم تكن على الهيئة الأولى لا تكره وإلا تكره وهو الصحيح وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة كذا في البزازية ا هـ
وفي التاترخانية عن الولوالجية وبه نأخذ وسيأتي في باب الإمامة إن شاء الله تعالى لهذه المسألة زيادة كلام
قوله ( إلا في مسجد على طريق ) هو ما ليس له إمام ومؤذن راتب فلا يكره التكرار فيه بأذان وإقامة بل هو الأفضل
خانية
قوله ( فلا بأس بذلك ) الأولى حذفه لما علمت أنه الأفضل فافهم
قوله ( جوهرة ) لم أره فيها وإنما ذكره في السراج
قوله ( مطلقا ) أي لحقه وحشة أو لا قوله ( كره إن لحقه وحشة ) أي بأن لم يرض به وهذا اختيار خواهر زاده ومشى عليه في الدرر والخانية لكن في الخلاصة إن لم يرض به يكره وجواب الرواية أنه لا بأس به مطلقا ا هـ
قلت وبه صرح الإمام الطحاوي في مجمع الآثار معزيا إلى أئمتنا الثلاثة
وقال في البحر ويدل عليه إطلاق قول المجمع ولا نكرهها من غيره فما في شرحه لابن ملك من أنه لو حضر ولم يرض يكره اتفاقا فيه نظر ا هـ
وكذا يدل عليه إطلاق الكافي معللا بأن كل واحد ذكر فلا بأس بأن يأتي بكل واحد رجل آخر ولكن
____________________
(1/395)
الأفضل أن يكون المؤذن هو المقيم ا هـ أي لحديث من أذن فهو يقيم وتمامه في حاشية نوح
قوله ( كما كره الخ ) ذكره في روضة الناطفي
واختلفوا عند إتمامها أي عند قد قامت الصلاة فقيل يتمها ماشيا وقيل في مكانه إماما كان المؤذن أو غيره وهو الأصح كما في البدائع
وقصر في السراج الخلاف على ما إذا كان إماما فلو غيره يتمها في موضع البداءة بلا خلاف
نهر
قوله ( وقال الحلواني ندبا الخ ) أي قال الحلواني إن الإجابة باللسان مندوبة والواجبة هي الإجابة بالقدم
قال في النهر وقوله بوجوب الإجابة بالقدم مشكل لأنه يلزم عليه وجوب الأداء في أول الوقت وفي المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وما في شهادات المجتبى سمع الأذان وانتظر الإقامة في بيته لا تقبل شهادته مخرج على قوله كما لا يخفى وقد سألت شيخنا الأخ عن هذا فلم يبد جوابا ا هـ
مطلب في كراهة تكرار الجماعة في المسجد أقول وبالله التوفيق ما قاله الإمام الحلواني مبني على ما كان في زمن السلف من صلاة الجماعة مرة واحدة وعدم تكرارها كما هو في زمنه وزمن الخلفاء بعده وقد علمت أن تكرارها مكروه في ظاهر الرواية إلا في رواية عن الإمام ورواية عن أبي يوسف كما قدمناه قريبا وسيأتي أن الراجح عند أهل المذهب وجوب الجماعة وأنه يأثم بتفويتها اتفاقا
وحينئذ يجب السعي بالقدم لا لأجل الأداء في أول الوقت أو في المسجد بل لأجل إقامة الجماعة وإلا لزم فوتها أصلا أو تكرارها في مسجد إن وجد جماعة أخرى وكل منهما مكروه فلذا قال بوجوب الإجابة بالقدم
لا يقال يمكنه أن يجمع بأهله في بيته فلا يلزم شيء من المحذورين
لأنا نقول إن مذهب الإمام الحلواني أنه بذلك لا ينال ثواب الجماعة وأنه يكون بدعة ومكروها بلا عذر نعم قد علمت أن الصحيح أنه لا يكره تكرار الجماعة إذا لم تكن على الهيئة الأولى وسيأتي في الإمامة أن الأصح أنه لو جمع بأهله لا يكره وينال فضيلة الجماعة لكن جماعة المسجد أفضل فاغتنم هذا التحرير الفريد ويأتي له قريبا بعض مزيد
قوله ( من سمع الأذان ) يفهم منه أنه لو لم يسمع لصمم أو لبعد أنه لا يجيب وهو ظاهر الحديث الآتي إذا سمعتم الأذان حيث علق على السماع وقد صرح بعض الشافعية بأنه الظاهر وبأنه يجيب في جميعه إذا لم يسمع إلا بعضه
قوله ( ولو جنبا ) لأن إجابة المؤذن ليست بأذان
بحر عن الخلاصة
قوله ( لا حائضا ونفساء ) لأنهما ليسا من أهل الإجابة بالفعل فكذا بالقول إمداد أي بخلاف الجنب فإنه مخاطب بالصلاة ولأن حدثه أخف من الحيض والنفاس لإمكان إزالته سريعا
قوله ( وسامع خطبة ) أي خطبة كانت ط وهذا وما بعده معطوف على قوله حائضا
قوله ( وفي صلاة جنازة ) سقط من بعض النسخ لفظ صلاة موافقا لما في البحر عن المجتبى وعبارة الإمداد وصلاة ولو جنازة
قوله ( ومستراح ) أي بيت الخلاء
قوله ( وتعليم علم ) أي شرعي فيما يظهر ولذا عبر في الجوهرة بقراءة الفقه
قوله ( بخلاف قرآن ) لأنه لا يفوت
جوهرة
ولعله لأن تكرار القراءة إنما هو للأجر فلا يفوت بالإجابة بخلاف التعلم فعلى هذا لو يقرأ تعليما أو تعلما لا يقطع
سائحاني
____________________
(1/396)
تنبيه هل يجيب بعد الفراغ من هذه المذكورات أم لا ينبغي أنه إن لم يطل الفصل فنعم وإن طال فلا أخذا مما يأتي لكن صرح في الفيض بأنه لو سلم على المؤذن أو المصلي أو القارىء أو الخطيب فعن أبي حنيفة لا يلزمه الرد بعد الفراغ بل يرد في نفسه
وعن محمد يرد بعده
وعن أبي يوسف لا يرد مطلقا هو الصحيح
وأجمعوا أن المتغوط لا يلزمه مطلقا ا هـ تأمل
قوله ( كمقالته ) أي مثلها في القول لا في الصفة من رفع صوت ونحوه
قوله ( إن سمع المسنون منه ) الظاهر أن المراد ما كان مسنونا جميعه ف من لبيان الجنس لا للتبعيض فلو كان بعض كلماته غير عربي أو ملحونا لا تجب عليه الإجابة في الباقي لأنه حينئذ ليس أذانا مسنونا كما لو كان كله كذلك أو كان قبل الوقت أو من جنب أو امرأة
ويحتمل أن المراد ما كان مسنونا من أفراد كلماته فيجيب المسنون منها دون غيره وهو بعيد
تأمل
لأنه يستلزم استماعه والإصغاء إليه
وقد ذكر في البحر أنهم صرحوا بأنه لا يحل سماع المؤذن إذا لحن كالقارىء وقدمنا أنه لا يصح بالفارسية وإن علم أنه أذان في الأصح
بقي هل يجيب أذان غير الصلاة كالأذان للمولود لم أره لأئمتنا والظاهر نعم ولذا يلتفت في حيعلتيه كما مر وهو ظاهر الحديث إلا أن يقال إن أل فيه للعهد وهل يجيب الترجيع إذا سمعه من شافعي بناء على اعتقاده أنه سنة محل تردد كما تردد بعض الشافعية فيمن سمع الإقامة من حنفي يثنيها واستوجه بعضهم أنه لا يجيب في الزيادة كما لو زاد في الأذان تكبيرا لكن قياسه على الزيادة فيه نظر لأنه لا قائل بها بخلاف ما نحن فيه فإنه مجتهد فيه
تأمل
قوله ( ولو تكرر ) أي بأن أذن واحد بعد واحد أما لو سمعهم في آن واحد من جهات فسيأتي
قوله ( أجاب الأول ) سواء كان مؤذن مسجده أو غيره
بحر عن الفتح بحثا
ويفيده ما في البحر أيضا عن التفاريق إذا كان في المسجد أكثر من مؤذن أذنوا واحدا بعد واحد فالحرمة للأول ا هـ
لكنه يحتمل أن يكون مبنيا على أن الإجابة بالقدم أو على أن تكراره في مسجد واحد يوجب أن يكون الثاني غير مسنون بخلاف ما إذا كان من محلات مختلفة
تأمل
ويظهر لي إجابة الكل بالقول لتعدد السبب وهو السماع كما اعتمده بعض الشافعية
قوله ( فيحوقل ) أي يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وزاد في عمدة المفتي ما شاء الله كان وخير بينهما في الكافي
وفصل في المحيط بأن يأتي بالحوقلة مكان الصلاة وبالمشيئة مكان الفلاح
إسماعيل
والمختار الأول نوح أفندي
ثم إن الإتيان بالحوقلة وإن خالف ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام فقولوا مثل ما يقول لكنه ورد فيه حديث مفسر لذلك رواه مسلم واختار في الفتح الجمع بينهما عملا بالأحاديث قال فإنه ورد في بعضها صريحا إذا قال حي على الصلاة قال حي على الصلاة إلخ وقولهم إنه يشبه الاستهزاء لا يتم إذ لا مانع من اعتباره مجيبا بهما داعيا نفسه مخاطبا لها وقد رأينا من مشايخ السلوك من كان يجمع بينهما فيدعو نفسه ثم يتبرأ من الحول والقوة ليعمل بالحديثين وقد أطال في ذلك وأقره في البحر والنهر وغيرهما
قلت وهو مذهب سلطان العارفين سيدي محيي الدين نص عليه في الفتوحات المكية
( فيقول صدقت وبررت ) بكسر الراء الأولى وحكي فتحها أي صرت دابر أي خير كثير قيل يقوله للمناسبة ولورود خبر فيه
ورد بأنه غير معروف
وأجيب بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ
ونقل الشيخ إسماعيل عن شرح الطحاوي زيادة وبالحق نطقت
قوله ( بزازية ) كذا نقله في النهر ولم أره فيها
فلتراجع نسخة أخرى نعم رأيت فيها سمع وهو يمشي فالأفضل أن يقف للإجابة ليكون في مكان واحد ا هـ
قوله ( ولم يذكر الخ ) هو لصاحب النهر
____________________
(1/397)
قلت ويحتمل أن يرد بالقيام الإجابة بالقدم
وقد أخرج السيوطي عن أبي نعيم في الحلية بسند فيه مقال إذا سمعتم النداء فقوموا فإنها عزمة من الله قال شارحه المناوي أي اسعوا إلى الصلاة أو المراد بالنداء الإقامة
والعزمة بالفتح الأمر
قوله ( لم أره الخ ) البحث لصاحب البحر وصرح به ابن حجر في شرح المنهاج حيث قال فلو سكت حتى فرغ كل الأذان ثم أجاب قبل فاصل طويل كفى في أصل سنة الإجابة كما هو ظاهر ا هـ
واستفيد من هذا أن المجيب لا يسبق المؤذن بل يعقب كل جملة منه بجملة منه
قال في الفتح وفي حديث عمر بن أبي أمامة التنصيص على ذلك ا هـ
قلت وظاهره أنه لا تكفي المقارنة لأن الجواب يعقب الكلام بخلاف متابعة المقتدي للإمام الخ
قوله ( ويدعو إلخ ) أي بعد أن يصلي على النبي لما رواه مسلم وغيره إذا سمعتم لمؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشر ثم سلوا لي لوسيلة فإنها منزلة في لجنة لا تبتغى إلا لعبد مؤمن من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة
وروى البخاري وغيره من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه لدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وبعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة وزاد البيهقي في آخره إنك لا تخلف لميعاد وتمامه في الإمداد والفتح
قال ابن حجر في شرح المنهاج وزيادة والدرجة الرفيعة وختمه بيا أرحم الراحمين لا أصل لهما ا هـ
تتمة يستحب أن يقال عند سماع الأولى من الشهادة صلى الله عليك يا رسول الله وعند الثانية منها قرت عيني بك يا رسول الله ثم يقول اللهم متعني بالسمع والبصر بعد وضع ظفري الإبهامين على العينين فإنه عليه السلام يكون قائدا له إلى الجنة كذا في كنز العباد ا هـ قهستاني ونحوه في الفتاوى الصوفية
وفي كتاب الفردوس من قبل ظفري إبهامه عند سماع أشهد أن محمدا رسول الله في الأذان أنا قائده ومدخله في صفوف الجنة وتمامه في حواشي البحر للرملي عن المقاصد الحسنة للسخاوي وذكر ذلك الجراحي وأطال ثم قال ولم يصح في المرفوع من كل هذا شيء
ونقل بعضهم أن القهستاني كتب على هامش نسخته أن هذا مختص بالأذان وأما في الإقامة فلم يوجد بعد الاستقصاء التام والتتبع
قوله ( ولو كان في المسجد الخ ) هو مقابل قوله بأن يقول كمقالته ط
قوله ( أجاب بالمشي إليه ) أي لئلا تفوته الجماعة فيأثم كما قررناه آنفا
فافهم قوله ( وهذا ) راجع إلى قوله ولو كان في المسجد الخ ح
قوله ( المطلوبة ) أي طلب إيجاب كما قدمه
قوله ( لا بلسانه ) أي لأن الإجابة به مندوبة على هذا القول كما مر
قوله ( فيقطع قراءة القرآن ) الظاهر أن المراد المسارعة للإجابة وعدم القعود لأجل القراءة لإخلال القعود بالسعي الواجب وإلا فلا مانع من القراءة ماشيا إلا أن يراد يقطعها ندبا للإجابة باللسان أيضا لكن لا يناسبه التفريع ولا قوله ولو بمسجد لا لما علمت من أن الحلواني قائل بندبها باللسان فافهم قوله ( ويجيب ) أي بالقدم
قوله ( ولو أذان مسجده كما يأتي ) أي عن التاترخانية وهذا ساقط من بعض النسخ
قوله ( ولو بمسجد لا )
____________________
(1/398)
أي لا يجيب قطعها بالمعنى الذي ذكرناه آنفا فلا ينافي ما قدمه من أن إجابة اللسان مندوبة عند الحلواني فافهم
قوله ( وهذا متفرع على قول الحلواني ) تكرار محض مع قوله وعليه فيقطع الخ ط
قوله ( والظاهر وجوبها باللسان الخ ) كذا قاله في فتح القدير معللا بأنه لم تظهر قرينة تصرف الأمر عن الوجوب
ونازعه في شرح المنية بما في آخر الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام ثم صلوا لي فإن من صلى علي الخ لأن مثله من الترغيبات في الثواب يستعمل في المستحب غالبا ا هـ
أقول فيه نظر لأن ما ذكر إنما هو للصلاة وسؤال الوسيلة لإجابة المدعي وجوبها والقرآن في النظم لا يوجد القرآن في الحكم كما تقرر في الأصول نعم أخرج الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتاب ( شرح الآثار ) بسنده إلى عبد الله رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فسمع مناديا وهو يقول الله أكبر الله أكبر فقال صلى الله عليه وسلم على الفطرة فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه فإذا صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها قال أبو جعفر فهذا رسول الله قال غير ما قال المنادي فدل أن الأمر للاستحباب والندب كأمره بالدعاء في أدبار الصلوات ونحوه ا هـ
فهذه قرينة صارفة للأمر عن الوجوب وبه تأيد ما صرح به جماعة من أصحابنا من عدم وجوب الإجابة باللسان وأنها مستحبة
وهذا ظاهر في ترجيح قول الحلواني وعليه مشى في الخانية والفيض وبدل عليه قوله إذا سمعت النداء فأجب داعي الله وفي رواية فأجب وعليك السكينة ويكفي في ترجيحه الأدلة على وجوب الجماعة فإنك علمت أن قول الحلواني مبني على أن الإجابة لقصد الجماعة
والذي ينبغي تحريره في هذا المحل أن الإجابة باللسان مستحبة وأن الإجابة بالقدم واجبة إن لزم من تركها تفويت الجماعة وإلا بأن أمكنه إقامتها بجماعة ثانية في المسجد أو بيته لا تجب بل تستحب مراعاة لأول الوقت والجماعة الكثيرة في المسجد بلا تكرار هذا ما ظهر لي
قوله ( بأنه ) متعلق بقواه ولو قال وفرع عليه في النهر بأنه على الأول الخ لكان أولى ط
أقول نعم قواه في النهر بما أورده على قول الحلواني من الإشكال بلزوم الأداء في أول الوقت وفي المسجد وقد علمت اندفاعه
قوله ( على الأول ) أي القول بوجوب الإجابة باللسان
قوله ( لا يرد السلام ) لم أره في النهر وإنما رأيته في البحر
وقال في المعراج وفي التحفة وينبغي للسامع أن لا يتكلم ولا يشتغل بشيء في حالة الأذان والإقامة ولا يرد السلام أيضا لأن الكل يخل بالنظم ا هـ
أقول يظهر من هذا أن قوله لا يرد السلام ليس للوجوب وأنه يتفرع على القولين وإلا لزم وجوب ذلك في الإقامة مع أن أصل إجابة الإقامة مستحبة كما يأتي فضلا عن وجوب ما ذكر فيها لأنه لا ينافي الإجابة فإنه يمكن أن يجيب ثم يرد السلام أو يسلم مثلا عند سكتات المؤذن لكنه لا ينبغي لأنه يخل بالنظم لأن المشروع
____________________
(1/399)
إجابة لا حشو فيها ولعله إنما لم يجب رد السلام وإن قلنا إنه لا ينافي الإجابة أو قلنا بعدم وجوبها لأن السلام عليه في هذه الحالة غير مشروع كالسلام على القارىء والمؤذن فلذا لم يجب رده كما قدمناه
قوله ( قال ) أي في النهر
قوله ( إنما يجيب أذان مسجده ) أي بالقدم وهو متفرع على قول الحلواني كما أشار إليه الشارح سابقا بقوله كما يأتي ط
قوله ( قال إجابة أذان مسجده بالفعل ) قال في الفتح وهذا ليس مما نحن فيه إذ مقصود السائل أي مؤذن يجيب باللسان استحبابا أو وجوبا والذي ينبغي إجابة الأول سواء كان مؤذن مسجده أو غيره فإن سمعهم معا أجاب معتبرا كون إجابته لمؤذن مسجده ولو لم يعتبر ذلك جاز وإنما فيه مخالفة الأولى ا هـ ملخصا
أقول والظاهر أن عدول الإمام ظهير الدين إلى ما قال من باب أسلوب الحكيم ميلا منه إلى مذهب الحلواني ثم رأيت الرحمتي أجاب بذلك
قوله ( إجماعا ) قيد لقوله ندبا أي إن القائلين بإجابتها أجمعوا على الندب ولم يقل أحد منهم بالوجوب كما قيل في الأذان فلا ينافي قوله وقيل لا فافهم
قوله ( ويقول الخ ) أي كما رواه أبو داود بزيادة ما دامت السموات والأرض وجعلني من صالحي أهلها
قوله ( وبه جزم الشمني ) حيث قال ومن سمع الإمامة لا يجيب ولا بأس أن يشتغل بالدعاء ا هـ
ويمكن حمله على نفي الوجوب بدليل قول الخلاصة ليس عليه جواب الإقامة أو المراد إذا سمع قد قامت الصلاة لا يجيب بلفظها أفاده الشيخ إسماعيل
قوله ( وينبغي ) البحث لصاحب النهر
أقول قال في آخر شرح المنية أقام المؤذن ولم يصل الإمام ركعتي الفجر يصليهما ولا تعاد الإقامة لأن تكرارها غير مشروع إذا لم يقطعها قاطع من كلام كثير أو عمل كثير مما يقطع المجلس في سجدة التلاوة ا هـ
قوله ( قعد ) ويكره له الانتظار قائما ولكن يقعد ثم يقوم إذا بلغ المؤذن حي على الفلاح انتهى هندية عن المضمرات
قوله ( في مسجدين ) لأنه إذا صلى في المسجد الأول يكون متنفلا بالأذان في المسجد الثاني والتنفل بالأذان غير مشروع ولأن الأذان للمكتوبة وهو في المسجد الثاني يصلي النافلة فلا ينبغي أن يدعو الناس إلى المكتوبة وهو لا يساعدهم فيها ا هـ بدائع
قوله ( مطلقا ) أي عدلا أو لا
وفي الأشباه ولد الباني وعشيرته أولى من غيرهم ا هـ وسيجيء في الوقف أن القوم إذا عينوا مؤذنا وإماما وكان أصلح مما نصبه الباني فهو أولى وذكره في الفتح عن النوازل وأقره ا هـ مدني
____________________
(1/400)
مطلب هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه قوله الخ ) أي لقول عمر رضي الله عنه لولا الخليفي لأذنت أي مع الإمامة كما قدمناه
وفي السراج أن أبا حنيفة كان يباشر الأذان والإقامة بنفسه
قوله ( وقد حققناه في الخزائن ) حيث قال بعد ما هنا هذا وفي شرح البخاري لابن حجر ومما يكثر السؤال عنه هل باشر النبي الأذان بنفسه وقد أخرج الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام أذن في سفر وصلى بأصحابه وجزم به النووي وقواه ولكن وجد في مسند أحمد من هذا الوجه فأمر بلالا فأذن فعلم أن في رواية الترمذي اختصارا وأن معنى قوله أذن أمر بلالا كما يقال أعطى الخليفة العالم الفلاني كذا وأنما باشر العطاء غيره ا هـ
باب شروط الصلاة أي شروط جوازها وصحتها لا شروط الوجوب كالتكليف والقدرة والوقت ولا شرط الوجود كالقدرة المقارنة للفعل والمراد أيضا الشروط الشرعية لا العقلية كالحياة للعلم ولا الجعلية كدخول الدار المعلق به الطلاق قوله ( هي ثلاثة أنواع الخ ) كذا قرره في السراج
وبيان ذلك أن شرط الانعقاد ما يشترط وجوده في ابتداء الصلاة متقدما عليها أو مقارنا لها سواء استمر إلى آخرها أم لا فالوقت والخطبة متقدمان عليها والنية والتحريمة مقارنان لها
وأما شرط الدوام فهو ما يشترط وجوده في ابتداء الصلاة مستمرا إلى آخرها
وأما شرط البقاء فقد فسره في السراج بما يشترط وجوده حالة البقاء ولا يشترط فيه التقدم ولا المقارنة ا هـ أي فقد يوجد فيه التقدم والمقارنة وقد لا يوجد
ولا يخفى أن هذه الأقسام متداخلة وبينها عموم وخصوص مطلق تجتمع في الطهارة والستر والاستقبال فإنها من حيث اشتراط وجودها في ابتداء الصلاة شرط انعقاد ومن حيث اشتراط دوامها أيضا شرط دام ومن حيث اشتراط وجودها في حالة البقاء شرط بقاء وتجتمع أيضا في الوقت بالنسبة إلى صلاة الصبح والجمعة والعيدين فإنه يشترط في ابتدائها وانتهائها وحالة البقاء حتى لو خرج قبل تمامها بطلت
وينفرد شرط الانعقاد عن شرط الدوام وعن شرط البقاء في الوقت بالنسبة إلى بقية الصلوات فإنه شرط انعقاد فقط إذ لا يشترط دوامه ولا وجوده حالة البقاء وينفرد شرط البقاء في القراءة فإنه يحدث في أثنائها ويستمر إلى انتهائها ومثلها رعاية الترتيب في فعل غير مكرر كالقعدة الأخيرة حتى لو تذكر سجدة صلبية أو تلاوية فأتى بها بعد القعدة لزمه إعادتها
قوله ( فإنه ركن في نفسه الخ ) كذا في القهستاني
واعترض بأن الركن ما كان داخل الماهية
والشرط ما كان خارجها عنها وبينهما تناف ولا وجه لتخصيص كونه شرطا في غيره بسبب وجوده في كل الأركان تقديرا لأن كل
____________________
(1/401)
ركن كذلك نعم قسموا الركن إلى أصلي وزائد وهو ما قد يسقط بلا ضرورة ومثلوا له بالقراءة فإنها تسقط عن المقتدي فسميت ركنا في حالة وزائدا في حالة أخرى لأن الصلاة ماهية اعتبارية فيجوز أن يعتبرها الشارع تارة بأركان أخرى بأقل منها
قوله ( لوجوده ) أي القراءة وذكر باعتبار الشرط وهو علة لكونه شرطا ط
قوله ( لم يجز استخلاف الأمي ) أي ولو في التشهد لعدم وجود الشرط فيه
ولا يقال إنه مفقود في المأموم لأنه موجود حكما لأن قراءة الإمام له قراءة ط
قوله ( ثم الشرط الخ ) أي بالسكون وجمعه شروط وأما بالفتح فجمعه أشراط ومنه
فقد جاء أشراطها
وقد فسر الأول في القاموس بإلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه والثاني بالعلامة ومقتضاه أن الأول لا يفسر لغة بالعلامة وهو ظاهر الصحاح أيضا والمنقول في كتب الفقه عن اللغة خلافه ولعل الفقهاء وقفوا على تفسيره بذلك وبعضهم عبر بالشرائط واعترض بأنه جمع شريطة وهي مشقوقة الأذن
ووقع في النهر هنا وهم فاجتنبه
قوله ( ولا يدخل فيه ) اعلم أن المتعلق بالشيء إما أن يكون داخلا في ماهيته فيسمى ركنا كالركوع في الصلاة أو خارجا عنه فإما أن يؤثر فيه كعقد النكاح للحل فيسمى علة أو لا يؤثر فإما أن يكون موصلا إليه في الجملة كالوقت فيسمى سببا أو لا يوصل إليه فإما أن يتوقف الشيء عليه كالوضوء للصلاة فيسمى شرطا أو لا يتوقف كالأذان فيسمى علامة كما بسطه البرجندي فكان عليه أن يزيد ولا يؤثر فيه ولا يوصل إليه في الجملة
إسماعيل
قوله ( هي ستة ) ذكر القهستاني أنها أكثر من عشرة فإن منها القراءة على ما مر وتقديمها على الركوع والركوع على السجود ومراعاة مقام الإمام والمقتدي وعدم تذكر الفائتة لذي ترتيب وعدم محاذاة امرأة ا هـ
قلت وكذا منها الوقت كما مر
قال في الإمداد وقد ترك ذكره في عدة من المعتبرات كالقدوري والمختار والهداية والكنز مع ذكرهم له أول كتاب الصلاة وكان ينبغي لهم ذكره هنا ليتنبه المتعلم على أنه من الشروط كما في مقدمة أبي الليث ومنية المصلي وكذا يشترط اعتقاد دخوله فلو شك لم تصح صلاته وإن ظهر أنه قد دخل ا هـ
قوله ( لدخول الأطراف الخ ) علة لتفسير البدن بالجسد تفسير مراد لأن البدن اسم لما سوى الرأس والأطراف كاليدين والرجلين
قوله ( لأنه أغلظ ) لأنه ليس له قليل يعفي عنه بخلاف الخبث
قال ط وإنما صرف الماء الكافي لأحدهما للخبث لأجل تحصيل الطهارتين المائية في الخبث والترابية في الحدث
قوله ( كذلك ) أي بنوعيه وهما الغليظة والخفيفة ح
قوله ( وثوبه ) أراد ما لابس البدن فدخل القلنسوة والخف والنعل ط عن الحموي
قوله ( وكذا ما ) أي شيء متصل به يتحرك بحركته كمنديل طرفه على عنقه وفي الآخر نجاسة مانعة إن تحرك موضع النجاسة بحركات الصلاة منع وإلا لا بخلاف ما لم يتصل كبساط طرفه نجس وموضع الوقوف والجبهة فلا يمنع مطلقا فأفاده ح عن الشرنبلالي
قوله ( كصبي ) أي وكسقف وظلة وخيمة نجسة تصيب رأسه إذا وقف
قوله ( إن لم يستمسك ) الأولى حذف إن وجوابها لأنه تمثيل للمحمول فحق التعبير أن يقول كصبي عليه نجس لا يستمسك بنفسه ط
قوله ( وإلا لا ) أي
____________________
(1/402)
وإن كان يستمسك بنفسه لا يمنع لأن حمل النجاسة حينئذ ينسب إليه لا إلى المصلي
قوله ( كجنب ) تنظير لا تمثيل أي فإن الجنابة أيضا تنسب إلى المحمول لا إلى المصلي ولو كان تمثيلا للزم اشتراط أن يكون الجنب مستمسكا بنفسه بأن لا يكون زمنا مثلا مع أنه غير نجس حقيقة فلو حمل المصلي جنبا لا يمنع صلاته مطلقا لأن نجاسته حكمية فافهم
قوله ( وكلب إن شد فمه ) لو قال وكلب إن لم يسل منه ما يمنع الصلاة لكان أولى لأن لو علم عدم السيلان أو سال منه دون القدر المانع لا يبطل الصلاة وإن لم يشد فمه أفاده ح وقدمنا نحوه قبيل فصل البئر عن الحلية ويؤيد ما في البحر عن الظهيرية لو جلس على المصلى صبي ثوبه نجس وهو يستمسك بنفسه أو حمام نجس جازت صلاته لأن الذي على المصلى مستعمل للنجس فلم يصر المصلي حاملا النجاسة ا هـ
أقول والظاهر أن مسألة الكلب مبنية على أرجح التصحيحين من أنه ليس بنجس العين بل هو طاهر الظاهر كغيره من الحيوانات سوى الخنزير فلا ينجس إلا بالموت ونجاسة باطنه في معدنها فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلي كما لو صلى حاملا بيضة مذرة صار محها دما جاز لأنه في معدنه والشيء ما دام في معدنه لا يعطى له حكم النجاسة بخلاف ما لو حمل قارورة مضمومة فيها بول فلا تجوز صلاته لأنه في غير معدنه كما في البحر عن المحيط
قوله ( في الأصح ) رد لمن يقول بمنع الصلاة مطلقا كما في البحر وكأنه مبني على نجاسة عينه ا هـ ح
قوله ( ومكانه ) فلا تمنع النجاسة في طرف البساط ولو صغيرا في الأصح ولو كان رقيقا وبسطه على موضع نجس إن صلح ساترا للعورة تجوز الصلاة كما في البحر عن الخلاصة
وفي القنية لو صلى على زجاج يصف ما تحته قالوا جميعا يجوز ا هـ
وأما لو صلى على لبنة أو آجرة أو خشبة غليظة أو ثوب مخيط مضرب أو غير مضرب فسيأتي الكلام عليه في باب مفسدات الصلاة إن شاء الله تعالى
قوله ( أي موضع قدميه ) هذا باتفاق الروايات
بحر
وأفاد أنه لو كانت تقع ثيابه على أرض نجسة عند السجود لا يضر
قوله ( إن رفع الأخرى ) أي التي تحتها نجاسة مانعة
قوله ( اتفاقا في الأصح ) وفي رواية عن الإمام لا يشترط طهارة موضع السجود ا هـ
ح أي بناء على رواية جواز الاقتصار على الأنف في السجود فلا يشترط طهارة موضع الأنف لأنه أقل من الدرهم كما في شرح المنية لكن لو سجد على نجس
فعندهما تفسد الصلاة وعند أبي يوسف تفسد السجدة فإذا أعادها على طاهر صحت عنده لا عندهما والأولى ظاهر الرواية كما في الحلية
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية كما في البحر لكن قال في منية المصلي قال في العيون هذه رواية شاذة ا هـ
وفي البحر واختار أبو الليث أن صلاته تفسد وصححه في العيون ا هـ
وفي النهر وهو المناسب لإطلاق عامة المتون وأيده بكلام الخانية
قلت وصححه في متن المواهب ونور الإيضاح والمنية وغيرها فكان عليه المعول
وقال في شرح المنية وهو الصحيح لأن اتصال العضو بالنجاسة بمنزلة حملها وإن كان وضع ذلك العضو ليس بفرض
قوله ( إلا إذا سجد على كفه ) فيشترط طهارة ما تحته لأنه موضع يده بل لأنه موضع السجود ط أي كما إذا سجد على كمه وتحته نجاسة
قوله ( كما سيجيء ) أي في سنن الصلاة ح
قوله ( من الثاني ) زيادة توضيح
قال في النهر ولم يذكره
____________________
(1/403)
في الكنز لأن طهارة الثوب والمكان من حدث لا يخطر ببال ولذا قدم قوله من حدث وخبث إذ لو أخره لاقتضى أن يكون قيدا في الكل ا هـ
قوله ( لأنهما ألزم ) أي أشد ملازمة للمصلي من الثوب لأنه يمكن أن يصلي بدونه
مطلب في ستر العورة قوله ( والرابع ستر عورته ) أي ولو بما لا يحل لبسه كثوب حرير وإن أثم بلا عذر كالصلاة في الأرض المغصوبة وسيذكر شروط الستر والساتر
قوله ( ووجوبه عام ) أي في الصلاة وخارجها
قوله ( ولو في الخلوة ) أي إذا كان خارج الصلاة يجب الستر بحضرة الناس إجماعا وفي الخلوة على الصحيح
وأما لو صلى في الخلوة عريانا ولو في بيت مظلم وله ثوب طاهر لا يجوز إجماعا كما في البحر
ثم إن الظاهر أن المراد بما يجب ستره في الخلوة خارج الصلاة هو ما بين السرة والركبة فقط حتى أن المرأة لا يجب عليها ستر ما عدا ذلك وإن كان عورة يدل عليه ما في باب الكراهية من القنية حيث قال وفي غريب الرواية يرخص للمرأة كشف الرأس في منزلها وحدها فأولى لها لبس خمار رقيق يصف ما تحته عند محارمها ا هـ
لكن هذا ظاهر فيما يحل نظره للمحارم أما غيره كبطنها وظهرها هل يجب ستره في الخلوة محل نظر وظاهر الإطلاق نعم فتأمل
قوله ( على الصحيح ) لأنه تعالى وإن كان يرى المستور كما يرى المكشوف لكنه يرى المكشوف تاركا للأدب والمستور متأدبا وهذا الأدب واجب مراعاته عند القدرة عليه
هذا وما ذكره الزيلعي من أن عامتهم لم يشترطوا الستر عن نفسه فذاك في الصلاة كما يأتي بيانه عند ذكر المصنف له فليس فيه تصحيح لخلاف ما هنا فافهم
قوله ( إلا لغرض صحيح ) كتغوط واستنجاء
وحكي في القنية أقوالا إلا في تجرده للاغتسال منفردا منها أنه يكره ومنها أنه يعذر إن شاء الله ومنها لا بأس به ومنها يجوز في المدة اليسيرة ومنها يجوز في بيت الحمام الصغير
قوله ( وله لبس ثوب نجس إلخ ) نقله في البحر عن المبسوط ثم ذكر أنه في البغية تلخيص القنية ذكر فيه خلافا
قال ط ولم يتعرض لحكم تلويثه بالنجاسة
والظاهر أنه مكروه لأنه اشتغال بما لا يفيد وإذا كان مفسدا للثوب حرم وما في ح لا يعول عليه ا هـ
وقد مر في الاستنجاء كراهته بخرقة متقومة فبالثوب أولى فتلويثه بلا حاجة أشد في الأولوية
قوله ( للرجل ) احتراز عن المرأة الأمة والحرة وعن الصبي كما سيأتي
قوله ( ما تحت سرته ) هو ما تحت الخط الذي يمر بالسرة ويدور على محيط بدنه بحيث يكون بعده عن مواقعه في جميع جوانبه على السواء كذا في البرجندي ا هـ
إسماعيل فالسرة ليست من العورة
درر
قوله ( إلى ما تحت ركبته ) نادما لما قيل إن تحت من الظروف التي لا تتصرف حموي فالركبة من العورة لرواية الدارقطني ما تحت السرة إلى الركبة من العورة لكنه محتمل والاحتياط في دخول الركبة ولحديث علي رضي الله عنه قال قال رسول الله لركبة من لعورة وتمامه في شرح المينة
قوله ( وشرط أحمد إلخ ) هو شرط عنده في صلاة الفرض لرواية الصحيحين لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء وعندنا ستر المنكبين مستحب
قوله ( ولو خنثى ) قال في النهر الخنثى المشكل الرقيق كالأمة والحر كالحرة
قوله ( أو مكاتبة ) ومثلها المستسعاة التي أعتق بعضها عند الإمام ح
قوله ( مع ظهرها وبطنها ) البطن ما لان من القدم والظهر ما يقابله من المؤخر كذا في الخزائن
وقال الرحمتي الظهر ما قابل البطن من تحت الصدر إلى السرة
جوهرة أي فما حاذى الصدر ليس من الظهر
____________________
(1/404)
الذي هو عورة ا هـ
ومقتضى هذا أن الصدر وما قابله من الخلف ليس من العورة وأن الثدي أيضا غير عورة وسيأتي في الحظر والإباحة أنه يجوز أن ينظر من أمة غيره ما ينظر من محرمة ولا شبهة أنه يجوز النظر إلى صدر محرمة وثديها فلا يكون عورة منها ولا من الأمة ومقتضى ذلك أنه لا يكون عورة في الصلاة أيضا لكن في التاترخانية لو صلت الأمة ورأسها مكشوف جازت بالاتفاق ولو صلت وصدرها وثديها مكشوف لا يجوز عند أكثر مشايخنا ا هـ وقد يقال إن صدر الأمة عورة في الصلاة لا خارجها لكنه مخالف للمذكور في عامة الكتب من الاقتصار على ذكر البطن والظهر
وقد مر تفسيرهما ولا يخفى أن الصدر غيرهما فينبغي أن يكون المعتمد أنه ليس بعورة مطلقا
قوله ( وأما جنبها ) مجرور في المتن فجعله الشارح بإدخال أما مرفوعا على أنه مبتدأ وحينئذ فهو مفرد لا مثنى كما في بعض النسخ وإلا لقال الشارح وأما جنباها ا هـ ح
قوله ( فتبع لهما ) قال في القنية الجنب تبع البطن ثم رمز وقال الأوجه أن ما يلي البطن تبع له وما يلي الظهر تبع له ا هـ
وقصد الشارح إصلاح عبارة المتن فإن ظاهرها يشعر بأن الجنب عضو مستقل مع أنه تبع لغيره وتظهر ثمرة ذلك فيما يأتي لكن ذكر في القنية أيضا قبل ما مر لو رفعت يديها للشروع في الصلاة فانكشف من كميها ربع بطنها أو جنبها لا يصح شروعها ا هـ
ومقتضاه أن الجنب عضو مستقل فهو قول آخر إلا أن تكون أو بمعنى الواو
تأمل
قوله ( كما قدرت ) أي فورا قبل أداء ركن بعمل قليل وقيد بالقدرة إذ لو عجزت عن الستر لم تبطل صلاتها كما في البحر
قوله ( وإلا ) بأن سترت بعمل كثير أو بعد ركن لا تصح صلاتها
بحر
قوله ( على المذهب ) رد على الزيلعي تبعا للظهيرية حيث قيد الفساد بأداء ركن بعد العلم بالعتق فإن كثيرا من فروع المذهب من نظائر هذه المسألة تدل على عدم اشتراط العلم كما بسطه في البحر
قوله ( ينبغي الخ ) أصل البحث لصاحب البحر وأقره عليه أخوه صاحب النهر
قوله ( كما رجحوه في الطلاق الدوري ) وهو أن يقول لامرأته إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا فإذا نجز عليها طلاقا فقد وجد الشرط فيقع الثلاث قبله ووقوعها قبله يقتضي عدم وقوعه فالقول بوقوعه باطل فإذا ألغينا القبلية صار كأنه قال إن طلقتك فأنت طالق ثلاثا فإذا طلق وقع عليها واحدة بتنجيزه وثنتان من الثلاث بتعليقه ح
قوله ( حتى شعرها ) بالرفع عطفا على جميع ح
قوله ( النازل ) أي عن الرأس بأن جاوز الأذن وقيد به إذ لا خلاف فيما على الرأس
قوله ( في الأصح ) صححه في الهداية والمحيط والكافي وغيرها وصحح في الخانية خلافه مع تصحيحه لحرمة النظر إليه وهو رواية المنتقى واختاره الصدر الشهيد والأول أصح وأحوط كما في الحلية عن شرح الجامع لفخر الإسلام وعليه الفتوى كما في المعراج
قوله ( فظهر الكف عورة ) قال في معراج الدراية ما نصه اعترض بأن استثناء الكف لا يدل على أن ظهر الكف عورة لأن الكف لغة يتناول الظاهر والباطن ولهذا يقال ظهر الكف وأجيب بأن الكف عرفا واستعمالا لا يتناول ظهره ا هـ فظهر أن التفريع مبني على الاستعمال العرفي لا اللغوي فافهم
قوله ( على المذهب ) أي ظاهر الرواية
وفي مخلفات قاضيخان
____________________
(1/405)
وغيرها أنه ليس بعورة
وأيده في شرح المنية بثلاثة أوجه وقال فكان هو الأصح وإن كان غير ظاهر الرواية
وكذا أيده في الحلية وقال مشى عليه في المحيط وشرح الجامع لقاضيخان ا هـ
واعتمده الشرنبلالي في الإمداد قوله ( على المعتمد ) أي من أقوال ثلاثة مصححة ثانيها عورة مطلقا ثالثها عورة خارج الصلاة لا فيها
أقول ولم يتعرض لظهر القدم
وفي القهستاني عن الخلاصة اختلفت الروايات في بطن القدم ا هـ
وظاهره أنه لا خلاف في ظاهره
ثم رأيت في مقدمة المحقق ابن الهمام المسماة بزاد الفقير قال بعد تصحيح إن انكشاف ربع القدم مانع ولو انكشف ظهر قدمها لم تفسد وعزاه المصنف التمرتاشي في شرحه المسمى إعانة الحقير إلى الخلاصة
ثم نقل عن الخلاصة عن المحيط أن في باطن القدم روايتين وأن الأصح أنه عورة ثم قال أقول فاستفيد من كلام الخلاصة أن الخلاف إنما هو في باطن القدم وأما ظاهره فليس بعورة بلا خلاف ولهذا جزم المصنف بعدم الفساد بانكشافه لكن في كلام العلامة قاسم إشارة إلى أن الخلاف ثابت فيه أيضا فإنه قال بعد نقله إن الصحيح أن انكشاف ربع القدم يمنع الصلاة قال لأن ظهر القدم محل الزينة المنهي عن إبدائها قال تعالى { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } النور 31 ا هـ كلام المصنف
قوله ( وصوتها ) معطوف على المستثنى يعني أنه ليس بعورة ح
قوله ( على الراجح ) عبارة البحر عن الحلية أنه الأشبه
وفي النهر وهو الذي ينبغي اعتماده
ومقابله ما في النوال نغمة المرأة عورة وتعلمها القرآن من المرأة أحب
قال عليه الصلاة والسلام التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فلا يحسن أن يسمعها الرجل ا هـ
وفي الكافي ولا تلبي جهرا لأن صوتها عورة ومشى عليه في المحيط في باب الأذان
بحر
قال في الفتح وعلى هذا لو قيل إذا جهرت بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها ولهذا منعها عليه الصلاة والسلام من التسبيح بالصوت لإعلام الإمام بسهوه إلى التصفيق ا هـ
وأقره البرهان الحلبي في شرح المنية الكبير وكذا في الإمداد ثم نقل عن خط العلامة المقدسي ذكر الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه في السماع ولا يظن من لا فطنة عنده أنا إذا قلنا صوت المرأة عورة أنا نريد بذلك كلامها لأن ذلك ليس بصحيح فإنا نجيز الكلام مع النساء للأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك ولا نجيز لهن رفع أصواتهن ولا تمطيطها ولا تليينها وتقطيعها لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن وتحريك الشهوات منهم ومن هذا لم يجز أن تؤذن المرأة ا هـ
قلت ويشير إلى هذا تعبير النوازل بالنغمة
قوله ( وذراعيها ) معطوف على المستثنى ح
قوله ( على المرجوح ) قال في المعراج عن المبسوط وفي الذراع روايتان والأصح أنها عورة ا هـ
قال في البحر وصحح بعضهم أنه عورة في الصلاة لا خارجها والمذهب ما في المتون لأنه ظاهر الرواية
قوله ( وتمنع المرأة الخ ) أي تنهى عنه وإن لم يكن عورة
قوله ( بل لخوف الفتنة ) أي الفجور بها
قاموس
أو الشهوة
والمعنى تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة
قوله ( كمسه ) أي كما يمنع الرجل من مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة الخ
قال الشارح في الحظر والإباحة وهذا في الشابة أما العجوز التي لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها إن أمن ا هـ
ثم كان المناسب في التعبير ذكر مسألة المس بعد مسألة النظر بأن يقول ولا يجوز النظر إليه بشهوة كمسه وإن أمن الشهوة الخ لأن كلا من النظر والمس مما يمنع الرجل عنه والكلام فيما تمنع هي عنه
قوله ( لأنه أغلظ ) أي من النظر وهو علة لمنع المس عند أمن الشهوة أي بخلاف النظر فإنه عند الأمن لا يمنع ط
قوله ( ثبت به )
____________________
(1/406)
أي بالمس المقارن الشهوة بخلاف النظر لغير الفرج الداخل فلا تثبت به حرمة المصاهرة مطلقا ط
قوله ( ولا يجوز النظر إليه بشهوة ) أي إلا لحاجة كقاض أو شاهد بحكم أو يشهد عليها لا لتحتمل الشهادة وكخاطب يريد نكاحها فينظر ولو عن شهوة بنية السنة لا قضاء الشهوة وكذا مريد شرائها أو مداواتها إلى موضع المرض بقدر الضرورة كما سيأتي في الحظر والتقييد بالشهوة يفيد جوازه بدونها لكن سيأتي في الحظر تقييده بالضرورة وظاهره الكراهة بلا حاجة داعية
قال في التاترخانية وفي شرح الكرخي النظر إلى وجه الأجنبية الحرة ليس بحرام ولكنه يكره لغير حاجة ا هـ
قوله ( بشهوة ) لم أر تفسيرها هنا والمذكور في المصاهرة أنه فيمن ينتشر بالانتشار أو زيادته إن كان موجودا وفي المرأة والفاني بميل القلب
والذي تفيده عبارة مسكين في الحظر أنها ميل القلب مطلقا ولعله الأنسب هنا ا هـ
قلت يؤيده ما في القول المعتبر في بيان النظر لسيدي عبد الغني بيان الشهوة التي هنا مناط الحرمة أن يتحرك قلب الإنسان ويميل بطبعه إلى اللذة وربما انتشرت آلته إن كثر ذلك الميلان وعدم الشهوة أن لا يتحرك قلبه إلى شيء من ذلك بمنزلة من نظر إلى ابنة الصبيح الوجه وابنته الحسناء ا هـ
وسيأتي تمام الكلام على ذلك في كتاب الحظر والإباحة
مطلب في النظر إلى وجه الأمرد قوله ( كوجه أمرد ) هو الشاب الذي طر شاربه ولم تنبت لحيته
قاموس
قال في الملتقط الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحا فحكمه حكم الرجال وإن كان صبيحا فحكمه حكم النساء وهو عورة من فرقه إلى قدمه
قال السيد الإمام أبو القاسم يعني لا يحل النظر إليه عن شهوة وأما الخلوة والنظر إليه لا عن شهوة لا بأس به ولهذا لم يؤمر بالنقاب ا هـ
أقول وهذا شامل لمن نبت عذاره بل بعض الفسقة يفضله على الأمرد خالي العذار والظاهر أن طرور الشارب وبلوغه مبلغ الرجال غير قيد بل هو بيان لغايته وأن ابتداءه من حين بلوغه سنا تشتهيه النساء أو لو كان صغيرة لاشتهيت فيه للرجال والمراد من كونه صبيحا أن يكون جميلا بحسب طبع الناظر ولو كان أسود لأن الحسن يختلف باختلاف الطبائع
ويستفاد من تشبيه وجه المرأة بوجه الأمرد أن حرمة النظر إليه بشهوة أعظم إثما لأن خشية الفتنة به أعظم منها ولأنه لا يحل بحال بخلاف المرأة كما قالوا في الزنى واللواطة ولذا بالغ السلف في التنفير منهم وسموهم الأنتان لاستقذارهم شرعا
قال بعضهم قال ابن القطان أجمعوا على أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي بقصد التلذذ بالنظر وتمتع البصر بمحاسنه وأجمعوا على جوازه بغير قصد اللذة والناظر مع ذلك آمن الفتنة
قوله ( فإنه يحرم إلخ ) أتى بالفاء لأنه دليل على المتن لأنه إذا حرم مع الشك في وجودها ففي وجودها بالفعل أولى ح
قوله ( كما اعتمده الكمال ) أي بناء على ما يظهر من عبارته المنقولة عقب هذا بقوله قال إلخ وكان المناسب أن يقول حيث قال
قوله ( لا عورة للصغير جدا ) وكذا الصغيرة كما في السراج فيباح النظر والمس كما في المعراج
قال ح وفسره شيخنا بابن أربع فما دونها ولم أدر لمن عزاه ا هـ
____________________
(1/407)
أقول قد يؤخذ مما في جنائز الشرنبلالية ونصه وإذا لم يبلغ الصغير والصغيرة حد الشهوة يغسلهما الرجال والنساء وقدره في الأصل بأن يكون قبل أن يتكلم ا هـ
قوله ( ثم تغلظ ) قيل المراد أنه يعتبر الدبر وما حوله من الأليتين والقبل وما حوله يعني أنه يعتبر في عورته ما غلظ من الكبير ويحتمل أنهما قبل ذلك من المخفف فالنظر إليهما عند عدم الاشتهاء أخف إليهما من النظر بعد وليحرر
ط
قوله ( ثم كبالغ ) أي عورته تكون بعد العشرة كعورة البالغين
وفي النهر كان ينبغي اعتبار السبع لأمرهما بالصلاة إذا بلغا هذا السن ا هـ ط
أقول سيأتي في الحظر أن الأمة إذا بلغت حد الشهوة لا تعرض على البيع في إزار واحد يستر ما بين السرة والركبة لأن ظهرها وبطنها عورة ا هـ
فقد أعطوها حكم البالغة من حين بلوغ حد الشهوة
واختلفوا في تقدير حد الشهوة فقيل سبع وقيل تسع وسيأتي في باب الإمامة تصحيح عدم اعتباره بالسن بل المعتبر أن تصلح للجماع بأن تكون عبلة ضخمة وهذا هو المناسب اعتباره هنا فتدبر
قوله ( إلى خمسة عشر ) صوابه خمس عشرة لأن المعدود مؤنث مذكور ا هـ ح
ولا يخفى أن الغاية غير داخلة وإلا فهو بالغ بالسن فلا يحل له النظر والدخول لأنه مكلف كما لو بلغ بالاحتلام ولو فيما قبل ذلك
تتمة سيأتي في الحظر أن الذمية كالرجل الأجنبي في الأصح فلا تنظر إلى بدن المسلمة وإن كل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال لا يجوز بعده كشعر عانته وشعر رأسها وعظم ذراع حرة ميتة وساقها وقلامة ظفر رجلها دون يدها وأن النظر إلى ملاءة الأجنبية بشهوة حرام وسيأتي تمام الفوائد المتعلقة بذلك هناك
قوله ( ويمنع إلخ ) هذا تفصيل ما أجمله بقوله وستر عورته ح
قوله ( حتى انعقادها ) منصوب عطفا على محذوف أي ويمنع صحة الصلاة حتى انعقادها
والحاصل أنه يمنع الصلاة في الابتداء ويرفعها في البقاء ح
قوله ( قدر أداء ركن ) أي بسنته منية
قال شارحها وذلك قدر ثلاث تسبيحات ا هـ
وكأنه قيد بذلك حملا للركن على القصير منه للاحتياط وإلا فالقعود الأخير والقيام المشتمل على القراءة المسنونة أكثر من ذلك ثم ما ذكره الشارح قول أبي يوسف
واعتبر محمد أداء الركن حقيقة والأول المختار للاحتياط كما في شرح المنية واحترز عما إذا انكشف ربع عضو أقل من قدر أداء ركن فلا يفسد اتفاقا لأن الانكشاف الكثير من الزمان القليل عفو كالانكشاف القليل في الزمن الكثير وعما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد اتفاقا قال ح واعلم أن هذا التفصيل في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها مطلقا اتفاقا بعد أن يكون المكشوف ربع العضو وكلام الشارح يوهم أن قوله قدر أداء ركن قيد في منع الانعقاد أيضا ا هـ
قوله ( بلا صنعه ) فلو به فسدت في الحال عندهم قنية
قال ح أي وإن كان أقل من أداء ركن ا هـ
وفي الخانية إذا طرح المقتدي في الزحمة أمام الإمام أو في صف النساء أو مكان نجس أو حولوه عن القبلة أو طرحوا إزاره أو سقط عنه ثوبه أو انكشفت عورته ففيما إذا تعمد ذلك فسدت صلاته وإن قل وإلا فإن أدى ركنا فكذلك وإلا فإن مكث بعذر لا تفسد في قولهم وإلا ففي ظاهر الرواية عن محمد تفسد ا هـ
لكن في الخانية أيضا ما يدل على عدم اشتراط قوله بلا صنع فإنه قال لو تحول إلى مكان نجس إن لم يمكث على النجاسة قدر أدنى ركن جازت صلاته وإلا فلا وكذا في منية المصلي
قال وكذا إن رفع نعليه وعليهما قذر مانع إن أدى معهما ركنا فسدت وذكر نحو ذلك في الحلية عن الذخيرة والبدائع وغيرهما
ثم قال والأشبه الفساد مع التعمد إلا لحاجة كرفع نعله
____________________
(1/408)
لخوف الضياع ما لم يؤد ركنا كما في الخلاصة وتمامه فيما علقناه على البحر
قوله ( على المعتمد ) رد على الكرخي حيث قال المانع في الغليظ ما زاد على الدرهم قياسا على النجاسة المغلظة كذا في البحر
قوله ( على المعتمد ) رد على الكرخي حيث قال المانع في الغليظة ما زاد على الدرهم قياسا على النجاسة المغلظة كذا في البحر
قوله ( والغليظة إلخ ) لا يظهر فرق بينها وبين الخفيفة إلا من حيث إن حرمة النظر إليها أشد
وفي الظهيرية حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ فلو رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه إن لج
وفي الفخذ بعنف ولا يضربه إن لج
وفي السوأة يؤدبه على ذلك إن لج ا هـ
قال في البحر وهو يفيد أن لكل مسلم التعزير بالضرب فإنه لم يقيده بالقاضي
قوله ( ما عدا ذلك ) أفرد اسم الإشارة وإن تعدد المشار إليه بتأويل المذكور
تتمة أعضاء عورة الرجل ثمانية الأول الذكر وما حوله
الثاني الأنثيان وما حولهما
الثالث الدبر وما حوله
الرابع والخامس الأليتان
السادس والسابع الفخذان مع الركبتين
الثامن ما بين السرة إلى العانة مع ما يحاذي ذلك من الجنبين والظهر والبطن
وفي الأمة ثمانية أيضا الفخذان مع الركبتين والأليتان والقبل مع ما حوله والدبر كذلك والبطن والظهر مع ما يليهما من الجنبين
وفي الحرة هذه الثمانية ويزاد فيها ستة عشر الساقان مع الكعبين والثديان المنكسران والأذنان والعضدان مع المرفقين والذراعان مع الرسغين والصدر والرأس والشعر والعنق وظهر الكفين وينبغي أن يزاد فيها أيضا الكتفان ولا يجعلان مع الظهر عضوا واحدا بدليل أنهم جعلوا ظهر الأمة عورة دون كتفيها وكذلك بطنا القدمين عورة في رواية أي وهي الأصح كما قدمناه عن إعانة الحقير للمصنف فتصير ثمانية وعشرين كذا حرره ح
قلت وقدمنا عن التاترخانية أن صدر الأمة وثدييها عورة وقدمنا أيضا عن القنية أن جنبيها عورة مستقلة على أحد قولين وعليه فتزاد الأمة خمسة على الثمانية المارة فتصير أعضاؤها ثلاثة عشر والله تعالى أعلم
قوله ( بالأجزاء ) المراد بها الكسور المصطلح عليها في الحساب وهي النصف والربع والثلث الخ
مثاله انكشف ثمن فخذه من موضع وثمن ذلك الفخذ من موضع آخر يجمع الثمن إلى الثمن حسابا فيكون ربعا فيمنع ولو انكشف ثمن من موضع من فخذه ونصف ثمن ذلك الفخذ من موضع آخر لا يمنع ح
قوله ( وإلا فبالقدر ) أي المساحة فإن بلغ المجموع بالمساح ربع أدناها أي أدنى الأعضاء المنكشف بعضها كما لو انكشف نصف ثمن الفخذ ونصف ثمن الأذن من المرأة فإن مجموعهما بالمساحة أكثر من ربع الأذن التي هي أدنى العضوين المنكشفين وهذا التفصيل ذكره ابن ملك في شرح المجمع موافقا لما في الزيادات وقوله في البحر إنه تفصيل لا دليل عليه ممنوع كما حققه في النهر ح
قلت وعلى هذا التفصيل أعني اعتبار ربع أدنى الأعضاء المنكشفة لا ربع مجموعها مشى في القنية والحلية وشرح الوهبانية والإمداد وشرح زاد الفقير للمصنف
خلافا للزيلعي وإن تبعه في الفتح والبحر فتدبر وقد أوضحنا ذلك فيما علقناه على البحر
قوله ( عن غيره ) أي عن رؤية غيره من الجوانب لا من الأسفل وقوله ولو حكما أي ولو كانت الرؤية حكمية كما في المكان المظلم أو المكان الخالي فإن العورة فيها مرئية حكما فيشترط فيها سترها فيه ولا يصح كون المعنى ولو كان الستر حكما لأنه يصير المعنى يشترط ستر العورة ولو كان
____________________
(1/409)
ذلك الستر المشروط حكما وإذا ستر العورة في الظلمة بثوب كان ذلك سترا حقيقة وحكما لا في حكم الشرع فقط فافهم
قوله ( به يفتى ) لأنه روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف نصا أنه لا تفسد صلاته كما في المنية وغيرها
قوله ( فلو رآها من زيقه ) أي ولو حكما بأن كان بحيث لو نظر رآها كما في البحر
وزيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه
قاموس
قوله ( وإن كره ) لقوله في السراج فعليه أن يزره لما روى عن سلمة بن الأكوع قال كنت يا رسول الله أصلي في قميص واحد فقال زره عليك ولو بشوكة بحر
ومفاده الوجوب المستلزم تركه للكراهة ولا ينافيه ما مر من نصهما على أنها لا تفسد فكان هذا هو المختار كما في شرح المنية وتمامه فيما علقناه على البحر
قوله ( لا يصف ما تحته ) بأن لا يرى منه لون البشرة احترازا عن الرقيق ونحو الزجاج
قوله ( ولا يضر التصاقه ) أي بالألية مثلا وقوله وتشكله من عطف المسيب على السبب وعبارة شرح المنية أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة لحصول الستر ا هـ
قال ط وانظر هل يحرم النظر إلى ذلك المتشكل مطلقا أو حيث وجدت الشهوة ا هـ
قلت سنتكلم على ذلك في كتاب الحظر والذي يظهر من كلامهم هناك هو الأول
قوله ( ولو حريرا ) تعميم للساتر
قال في الإمداد لأن فرض الستر أقوى من منع لبس الحرير في هذه الحالة
قوله ( أو ماء كدرا ) أي بحيث لا ترى منه العورة
قوله ( إن وجد غيره ) قيد في عدم إجزاء الستر بالصافي ومفهومه أنه إن لم يجد غيره وجب الستر به وكأنه لأن فيه تقليل الانكشاف ا هـ ح
قلت ومفهومه أيضا كما اقتضاه سياق الكلام في عادم الساتر أنه لا يجوز في الماء الكدر إذا وجد ساترا مع أن كلام السراج والبحر يفيد الجواز مطلقا ثم رأيت صاحب النهر صرح بذلك حيث قال إن الفرق بين الصافي وغيره يؤذن بأن له ثوبا إذ العادم له يستوي في حقه الصافي وغيره ا هـ
لكن قوله يستوي فيه الصافي وغيره وفيه نظر لأنه إذا جاز الستر بالماء الكدر مع القدرة على ساتر غيره صار ساترا حقيقة فيتعين عن العجز عن ساتر غيره لأن الماء الصافي غير ساتر وإلا لجاز عند عدم العجز
هذا وذكر في البحر أنه لا يصح تصوير الصلاة في الماء إلا في صلاة الجنازة وعلله في النهر بأنه إذا كان له ثوب وصلى في الماء الكدر لا يجوز له الإيماء للفرض أي لقدرته على أن يصلي خارج الماء بالثوب بركوع وسجود لكن قال الشيخ إسماعيل ولي في الكلامين نظر لإمكان تصوير ركوعه وسجوده في الماء الكدر بحيث لا يظهر من بدنه شيء إذا سد منافذه بل ما يفعله الغطاس في استخراج الغريق أبلغ من ذلك ا هـ
أقول إن فرض إمكان ذلك فقد يقال لا يبقى ذلك ساترا لأنه حين سجوده وارتفاع الماء فوقه لا يصير مستورا ويصير كما لو صلى عريانا تحت خيمة مستورة الجوانب كلها أو في مكان مظلم أو كما لو دخل في كيس مثلا وصلى فيه فإن الظاهر أنه لا تصح صلاته بخلاف ما لو أخرج رأسه من الكيس وصلى لأنه يصير مستورا كما لو وقف في الماء الكدر ورأسه خارج وصلى على الجنازة
ثم رأيت في الحاوي والزاهدي من كتاب الكراهية والاستحسان ما نصه والمريض إذا لم يخرج رأسه من اللحاف لا تجوز صلاته لأنه كالعاري ا هـ أي إذا صلى تحت اللحاف وهو مكشوف العورة بالإيماء لا تصح لأنه غير مستور العورة وهذا يؤيد ما بحثناه في مسألة الكيس ولله الحمد
____________________
(1/410)
والحاصل أن الشرط هو ستر عورة المصلي لا ستر ذات المصلي فمن اختفى في خلوة أو ظلمة أو خيمة وهو عريان فذاته مستورة وعورته مكشوفة وذلك لا يسمى ساترا ومثله لو غطس في ماء كدر فتأمل
قوله ( وهل تكفيه الظلمة الخ ) لا يظهر لهذا الكلام ثمرة لأنه حيث فقد الساتر صلى كيف كان أي في ظلمة أو في ضوء ولعل مراده ما ذكره في البحر
وعبارته والأفضل أن يصلي قاعدا ببيت أو صحراء في ليل أو نهار
قال ومن المشايخ من خصه بالنهار أما بالليل فيصلي قائما لأن ظلمة الليل تستر عورته ورد بأنه لا عبرة بها
ورد بالفرق بين حالة الاختيار والاضطرار ا هـ ط
قوله ( في مجمع الأنهر ) هو شرح الملتقى لشيخي زاده ح
قوله ( كما في الصلاة ) كذا قاله في منية المصلي
قال في البحر فعليه يختلف في الرجل والمرأة فهو يفترش وهي تتورك
قوله ( وقيل مادا رجليه ) أي ويضع يديه على عورته الغليظة والأول أولى لأنه أكثر سترا مع ما في هذا من مد الرجلين إلى القبلة
بحر وحلية
لكن في شرح المنية الكبير أن الثاني أولى لزيادة الستر فيه وهو المذكور في شروح الهداية وغيرها ا هـ
قلت وهو الصواب لأن من جعل مقعدته على رجليه كما في تشهد الصلاة تظهر عورته الغليظة حالة الإيماء للركوع والسجود أكثر ممن جعل مقعدته على الأرض كما هو محسوس مشاهد ولو جلس متربعا يظهر منه القبل فلذا اغتفروا مد رجليه نحو القبلة فلا جرم أنه مشى عليه شراح الهداية وغيرهم كصاحب الذخيرة والسراج والدرر والتبيين ونور الإيضاح والخلاف في الأولوية كما لا يخفى ونبه عليه في النهر
قوله ( وقائما بإيماء ) كذا في القهستاني عن الزاهدي ونقله في البحر عن ملتقى البحار
وقال وظاهر الهداية أنه لا يجوز ثم ذكر بعد نحو ورقة بحثا رجح به ما في الهداية والبحث مأخوذ من الحلية فراجعه
وقال في البحر أيضا وينبغي أن يكون هذا دون الرابع في الفضل أي دون القيام بركوع وسجود للاختلاف في صحته وإن كان ستر العورة في الرابع أكثر ا هـ
قلت فكان الأولى للشارح تأخيره عن الرابع ليكون الذكر في الأربعة على وفق الترتيب في الأفضلية
قوله ( لأن الستر أهم الخ ) أي لأنه فرض في الصلاة وخارجها والأركان فرائض الصلاة لا غير وقد أتى ببدلها وإنما جاز القيام لأنه وإن ترك فرض الستر فقد كمل الأركان الثلاثة
بدائع
وأراد بالأركان الثلاثة القيام والركوع والسجود وظاهره أنه لا يجوز الإيماء قائما لأن فيه ترك فرض الستر بلا تكميل للثلاثة ومن هنا نشأ ترجيح صاحب البحر والحلية لظاهر ما مر عن الهداية
قوله ( ولو أبيح له ثوب الخ ) في التاترخانية ولو كان بحضرته من له ثوب يسأله فإن لم يعطه صلى عريانا ولو وجد في خلال صلاته ثوبا استقبل ا هـ
وظاهره لزوم السؤال لكن ينبغي تقييده بما إذا غلب على ظنه عدم المنع كما في المتيمم
قوله ( هو الأظهر ) كذا في شرح المنية الصغير وقدمنا في التيمم عن الفتح وغيره أنه لو وعد بدلو أو ثوب يستحب له التأخير ما لم يخف فوت الوقت عنده
وعندهما يجب وإن خاف فوته كما لو وعد بالماء فإنه ينتظر اتفاقا وقدمنا أن ظاهر كلامهم ترجيح قول الإمام وبه جزم في المنية وتقدم أيضا أنه يندب لراجي الماء أن يؤخر إلى آخر الوقت المستحب
قوله ( كراجي ماء ) أي كمن رجا حصول الماء فإنه يندب له أن يؤخر إلى آخر الوقت المستحب كما مر في التيمم وهذا تنظير لا قياس
____________________
(1/411)
حتى يرد أن الظاهر قياس مسألة الثوب على الماء الموعود فيجب الانتظار وإن فات الوقت فافهم
قوله ( وثوب ومكان ) فإنه إذا رجا وجود الثوب يؤخر ما لم يخلف فوت الوقت كطهارة المكان
قنية أي كما إذا كان محبوسا مثلا في مكا ن نجس ويرجو رجاء قويا الخروج منه فإنه يؤخر ما لم يخف الفوت والظاهر أن هذا التأخير مستحب أيضا كنظائره المارة قوله ( وينبغي ذلك ) أي قياسا على الماء والبحث للبحر وتبعه في النهر وقال ولم يذكروه
وأقول قدمنا المسألة منقولة عن السراج وأن فيها قولين
وفي تيمم مواهب الرحمن ويجب أن يشتري الماء والثوب بمثل الثمن إن فضل عن نفقته لا بزيادة غبن فاحش ولله الحمد
قوله ( ليس بأصلي الخ ) أي ليس بأصلي النجاسة وإنما المراد ما نجاسته عارضة كالبول والدم كما في النهر لكن في كون جلد الميتة نجس الأصل نظر لأن نجاسته عارضة بالموت
تأمل
قوله ( فإنه لا يستر به فيها ) لأن نجاسته أغلظ لعدم زوالها بالماء
بحر
قوله ( بل خارجها ) ظاهره وجوب الستر به حيث لم يجد غيره وقد مر أول الباب أن له لبس ثوب نجس في غير صلاة
قوله ( ندب صلاته فيه ) أي بالقيام والركوع والسجود ح
قوله ( وجاز الإيماء كما مر ) أي عاريا بأن فعل إحدى الصور الأربع السابقة ولو قال وجاز أن يفعل كما مر لكان أولى ط أي لأن بعض تلك الصور لا إيماء فيها
قوله ( واستحسنه في الأسرار ) لكن نازعه في الفتح
قوله ( إذ الربع كالكل ) أي يقوم مقامه في موضع كما في حلق المحرم ربع رأسه وكما في كشف العورة
قوله ( وهذا إذا لم يجد الخ ) فإن وجد في الصورتين وجب استعماله كما في البحر
قوله ( فيتحتم لبس أقل ثوبيه نجاسة ) تبع فيه صاحب النهر وليس على إطلاقه لما في الحلية إن كانت النجاسة في كل منهما غليظة فقالوا إن لم تبلغ في كل منهما الربع تخير والمستحب الصلاة في أقلهما نجاسة وإن بلغت الربع في أحدهما فقط تعين الآخر وإن زاد عليه في كل منهما ولم تبلغ ثلاثة أرباع تخير وإن بلغتها في أحدهما واستوعبت الآخر تعين ما ربعه طاهر وإن كانت النجاسة خفيفة لم أره ومقضتى التخريج على ما مر أن يتخير ما لم تزد في أحدهما على ثلاثة أرباعه أو تستوعبه وإلا تعين ما ربعه فصاعدا طاهر ا هـ
وذكر نحوه ح عن الهندية والزيلعي والخلاصة
قوله ( ببليتين ) أي بفعل إحداهما غير عين لا بفعلهما معا قوله ( فإن تساويا ) أي من حيث المنع من الصلاة بلا مرجح معتبر وإن لم يستويا في قدر النجاسة وقوله أو اختلفا أي بأن كان ما في أحدهما مانعا دون ما في الآخر أو كان ما في كل منهما مانعا لكن وجد في أحدهما مرجح يقيمه مقام الكل كطهارة الربع أو نجاسته وبهذا التقرير ينطبق الضابط على ما ذكرناه من الفروع فإذا كانت النجاسة في كل منهما أكثر من قدر الدرهم لكن لم تبلغ الربع تخير وإن كانت في أحدهما أكثر من الآخر لتساويها في المنع بلا مرجح بخلاف ما إذا بلغت ربع أحدهما لترجحه بإقامتهم الربع مقام الكل وتقرير الباقي ظاهر مما قلنا فافهم
قوله ( اختار الأخف ) نظيره جريح لو سجد سال جرحه وإلا لا فإنه يصلي قاعدا موميا لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث لجواز تركه اختيارا في التنفل
____________________
(1/412)
على الدابة زيلعي
قوله ( لأنه لما سقط الخ ) الأولى التعليل بقوله عليه الصلاة والسلام لا تصلي حائض بغير قناع لأن تعليله يفهم أن كل ما سقط ستره بعذر الرق كالكتفين والساقين يسقط بالصبا وليس كذلك أفاده ح تأمل
وفي أحكام الصغار للأسروشني وجواز صلاة الصغيرة بغير قناع استحسان لأنه لا خطاب مع الصبا
والأحسن أن تصلي بقناع لأنها إنما تؤمر بالصلاة للتعود فتؤمر على وجه يجوز أداؤها بعد البلوغ ثم قال المراهقة إذا صلت بغير قناع لا تؤمر بالإعادة استحسانا وإن صلت بغير وضوء تؤمر ولو صلت عريانة تعيد وفي كل موضع تعيد البالغة الصلاة فهي تعيد على سبيل الاعتياد ا هـ
قوله ( لا يجب ) لأن ما دون الربع لا يعطى له حكم الكل والستر أفضل تقليلا للانكشاف
زيلعي
ومثله في الحلية عن المحيط والخلاصة والكافي
قوله ( زاد الحلبي ) أي في شرحه الصغير ح
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان يستر الربع أو الأقل ط
قوله ( فتأمل ) أشار إلى إمكان الجواب بحمل كلام الكمال على غير الرأس لأنه أخف بدليل صحة صلاة المراهقة مع كشف الرأس غيره أفاده ح
أقول والأحسن الجواب بحمل أل في العورة على جنس الأفراد لا جنس الأجزاء أي إذا وجد ما يستر بعض أفراد العورة بأن كان يستر أصغرها كالقبل أو الدبر دون أكبرها وجب استعماله بدليل قوله بعده ويستر القبل والدبر وقوله في المعراج ولو وجد ما يستر به بعض العورة ستر القبل والدبر بالاتفاق ا هـ
وهو معنى ما في البحر عن المبتغى إن كان عنده قطعة يستر بها أصغر العورات فسدت وإلا فلا ا هـ وحينئذ فلا منافاة بين كلامهم إذ ليس فيه على هذا الحمل ما يقتضي وجوب ستر ما دون ربع عضو من العورة حتى يخالف ما قدمناه عن الزيلعي والمحيط والخلاصة والكافي من أن ما دون الربع لا يعطى له حكم الكل وأما قول الحلبي وإن قل فيحتاج لنقل وإلا فلا يعارض كلام أئمة المذهب اللهم إلا أن يراد ما يستر عضوا كاملا كالدبر مثلا وإلا فلو وجدت المرأة ما ستر ما بين السرة والركبة وعندها خرقة قدر الظفر مثلا يبعد كل البعد إلزامها بالستر بها هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم
قوله ( وقيل القبل ) لأنه يستقبل به القبلة ولأنه لا يستر بغيره والدبر يستر بالأليتين
بحر عن السراج
قوله ( والتعليل ) أي للقول الأول بأنه أفحش الخ وهو مراد صاحب النهر بقوله والتعليل الثاني لأن ما ذكره الشارح أولا ذكره في النهر ثانيا فافهم
قوله ( بالإيماء ) عبارة النهر قاعدا بالإيماء
قوله ( تعين ستر القبل ) لعدم العلة وهي زيادة الفحش في الركوع والسجود
أقول وهذا إنما يظهر لو قعد متربعا أما لو قعد مادا رجليه إلى القبلة أو قعد كالمتشهد كما مشى عليه فيما مر يتعين ستر الدبر لأنه يمكنه جعل الذكر والخصيتين تحت الفخذين
وأما الدبر فإنه ينكشف حالة الإيماء فيتعين ستره تأمل
قوله ( ثم فخذه ) بالنصب عطفا على قول المتن القبل والدبر وعبارة شرح المنية ويقدم في الستر
____________________
(1/413)
ما هو أغلظ كالسوأتين ثم الفخذ ثم الركبة
وفي المرأة بعد الفخذ البطن والظهر ثم الركبة ثم الباقي على السواء ا هـ
وأفاده بقوله كالسوأتين إن ستر نحو الألية والعانة مثلهما فيقدم على الفخذ فافهم قوله ( أو يقللها ) كذا في شرح المنية والظاهر تقييده بما يقللها عن الدرهم أو عن ربع الثوب وإلا فلو كانت أكثر من الدرهم ودون الربع وإذا قللها تبقى أكثر من الدرهم لا يجب التقليل لما مر عن الحلية وغيرها من أنه لو له ثوبان لم تبلغ نجاسة كل الربع يتخير فتدبر
قوله ( لبعده ميلا ) صرح به في السراج وأشار به إلى أن عدم الوجود يكون حقيقة وحكما
قوله ( أو لعطش ) أي خوفه حالا أو مآلا على نفسه أو على من تلزمه مؤنته فإنه لا يلزمه إزالة تلك النجاسة
شراح المنية
ومثله خوف العدو وعدم وجود ثمنه ونحو ذلك كما في الأحكام عن البرجندي
قوله ( صلى معها أو عاريا ) أي إن كان الطاهر أقل من ربع الثوب وإلا تعينت صلاته به كا مر
قوله ( ولا إعادة عليه ) أي إذا وجد المزيل وإن بقي الوقت
قهستاني
قوله ( وينبغي ) البحث لصاحب الحلية وقال ولعلهم لم يذكروه هنا للعلم به مما مر في التيمم وتبعه في البحر وغيره فافهم
قوله ( عن مزيل ) أي للنجاسة في مسألتنا وقول وعن ساتر أي للعورة في المسألة التي قبلها
قوله ( كما مر ) أي نظير ما مر في باب التيمم مما ذكروه من التفصيل في عدم القدرة على الماء فافهم
قوله ( ثم هذا للمسافر ) الأولى أن يقول وقيدنا بالمسافر وكأنه يشير بهذا إلى رد ما في شرح المنية من أن التقييد بالمسافر باعتبار الغالب إذ لا فرق بينه وبين غيره
قوله ( لأن للمقيم الخ ) اسم أن ضمير الشأن محذوف وللمقيم يتعلق بيشترط والجملة خبر أن وضمير يملكه للساتر
وعبارة القهستاني هكذا والتقييد بالمسافر لأن للمقيم اشتراط طهارة ما يستر العورة وإن لم يملكه كما في النظم وغيره ا هـ ح
قلت فأسقط الشارح لفظ طهارة
وحاصل المعنى أنه لا يصح صلاة المقيم بساتر نجس وإن لم يملك الطاهر بناء على أن المقيم لا يتحقق عجزه عن الماء أو غيره من المائعات المزيلة لأن المصر ونحوه مظنة وجود ذلك ولذا لم يجز له التيمم في المصر لكن هذا قولهما والمفتى به قوله حيث تحقق العجز كما مر ومقتضاه أن يكون هنا كذلك فافهم
بحث النية قوله ( بالإجماع ) أي لا بقوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } البينة 5 فإن المراد بالعبادة هنا التوحيد ولا بقوله عليه الصلاة والسلام إنما الأعمال بالنيات لأن المراد ثوابها ولا تعرض فيه للصحة وتمامه في ح
قوله ( وهي الإرادة ) النية لغة العزم والعزم وهو الإرادة الجازمة القاطعة والإرادة صفة توجب تخصيص المفعول بوقت وحال دون غيرهما أي ترجح أحد المستويين وتخصصه بوقت وحال أي كيفية وحالة مخصوصة وبه علم أن النية ليست مطلق الإرادة بل هي الإرادة الجازمة
قوله ( المرجحة ) نعت للإرادة قصد به تفسيرها ح
قوله ( أي إرادة الصلاة الخ ) لما عرف مطلق النية بين المعنى المراد بها هنا الذي هو من شروط الصلاة وإلا فالنية غير خاصة بالصلاة قال ط والمراد بقوله على الخلوص الإخلاص لله تعالى على معنى أنه لا يشرك معه غيره في العبادة ا هـ
____________________
(1/414)
أقول هذا يوهم أنها لا تصح مع الرياء مع أن الإخلاص شرط للثواب لا للصحة كما سيأتي في الفروع أنه لو قيل لشخص صل الظهر ولك دينار فصلى بهذه النية ينبغي أن يجزيه وأنه لا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب فهذا يقتضي صحة الشروع مع عدم الإخلاص فليتأمل
ثم رأيت الحموي في حواشي الأشباه اعترضه بقوله فيه أن هذا إنما يستقيم في عبادة يترتب عليها ثواب لا المنهيات المترتب عليها عقاب ا هـ
قوله ( لا مطلق العلم الخ ) أي ليست النية مطلق العلم بالمنوي أي سواء كان مع قصد وإرادة جازمة أو لا وهذا رد على ما عن محمد بن سلمة من أنه إذا علم عند الشروع أي صلاة يصلي فهذا القدر نية وكذا في الصوم كما أوضحه في الدرر
قال في الأحكام لكن في المفتاح وشرح ابن ملك أن مراد ذلك القائل أن من قصد صلاة فعلم أنها ظهر أو عصر أو نفل أو قضاء يكون ذلك نية فلا يحتاج إلى نية أخرى للتعيين إذا وصلها بالتحريمة وفيما أورده لم يوجد قصد إلى الكفر وهذا القائل لم يدع أن مطلق العلم بشيء يكون نية فلا يرد عليه الاعتراض ا هـ
قلت وحاصله أن النية التي هي الإرادة الجازمة لما كانت لا تتحقق إلا بتصور المراد وعلمه وكان ذلك شرطا لصحتها شرعا ولازما لها لغة اقتصر عليه
قوله ( والمعتبر فيها عمل القلب ) أي أن الشرط الذي تتحقق به النية ويعتبر فيها شرعا العلم بالشيء بداهة الناشىء ذلك العلم عن الإرادة الجازمة لا مطلق العلم ولا مجرد القول باللسان
والحاصل أن معنى النية المعتبر في الشرع هو العلم المذكور وهذا معنى ما نقل عن ابن سلمة كما قدمناه وأما قولهم لا يصح تفسير النية بالعلم فالمراد به مطلق العلم الخالي عن القصد بقرينة الاعتراض المار فافهم لكن في جعله العلم من أعمال القلب مسامحة لأن العلم من الكيفيات النفسانية كما حقق في موضعه
قوله ( إن خالف القلب ) فلو قصد الظهر وتلفظ بالعصر سهوا أجزأه كما في الزاهدي
قهستاني
قوله ( فيكفيه اللسان ) أي بدلا عن النية
واعترضه في الحلية بأنه يلزم عليه نصب الإبدال بالرأي لأنه إذا سقط الشرط للعجز فقد يسقط إلى بدل ما في التيمم أو بلا بدل كستر العورة وقد يسقط المشروط كما في العاجز عن الطهورين فإثبات أحد هذه الاحتمالات لا بد له من دليل وأين هو هنا فلا يجوز ا هـ موضحا وأقره في البحر
ويؤيده ما سيأتي في الفصل الآتي من أن العاجز عن النطق لا يلزمه تحريك لسانه للتكبير أو القراءة في الصحيح لتعذر الأصل فلا يلزم غيره إلا بدليل ا هـ
وأجاب الحموي بأنه صار أصلا لا بدلا
وأقول نصب الأصل أبلغ من البدل فلا يجوز بالرأي بالأولى ولا يبعد القول بسقوط الأداء عمن وصل إلى هذه الحالة فإن من لا يمكنه معرفة أي صلاة يصلي بمنزلة المجنون وسيذكر المصنف في باب صلاة المريض أنه لو اشتبه على المريض أعداد الركعات أو السجدات لنعاس يلحقه لا يلزمه الأداء
قوله ( أن يعلم عند الإرادة الخ ) قال الزيلعي وأدناه أن يصير بحيث لو سئل عنها أمكنه أن يجيب من غير فكر ا هـ
واعترضه في البحر بأن هذا قول ابن سلمة ومقتضاه لزوم الاستحضار في أثناء الصلاة وعند الشروع
والمذهب جوازها بنية متقدمة بشرطها المتقدم وإن لم يقدر على الجواب بلا تفكر ا هـ
أقول أنت خبير بما قدمناه بأن قول ابن سلمة هو لزوم الاستحضار عند الشروع وليس في كلام الزيلعي اشتراط ذلك بل هو بيان لأدنى العلم المعتبر في النية اللازم لها سواء تقدمت أو قارنت الشروع ولدفع هذا
____________________
(1/415)
التوهم قال الشارح عند الإرادة أي النية ثم رأيت ط نبه على ذلك
قوله ( وتكون بلفظ الماضي ) مثل نويت صلاة كذا
قوله ( لأنه ) أي الماضي
قوله ( في الإنشاءات ) كالعقود والفسوخ ط
قوله ( وتصح بالحال ) أي المضارع المنوي به الحال مثل أصلي صلاة كذا
قوله ( وقيل سنة ) عزاه في التحفة والاختيار إلى محمد وصرح في البدائع بأنه لم يذكره محمد في الصلاة بل في الحج فحملوا الصلاة على الحج واعترضهم في الحلية بما ذكره جماعة من مشايخنا من أن الحج لما كان مما يمتد وتقع فيه العوارض والموانع ويحصل بأفعال شاقة استحب فيه طلب التيسير والتسهيل ولم يشرع مثله في الصلاة لأن وقتها يسير ا هـ
فهذه صريح في نفي قياس الصلاة على الحج ا هـ
وأقره في البحر وغيره قوله ( يعني الخ ) أشار به للاعتراض على المصنف بأن معنى القولين واحد سمي مستحبا باعتبار أنه أحبه علماؤنا وسنة باعتبار أنه طريقة حسنة لهم لا طريقة للنبي كما حرره في البحر ح
قوله ( إذ لم ينقل الخ ) في الفتح عن بعض الحفاظ لم يثبت عنه من طريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين زاد في الحلية ولا عن الأئمة الأربع بل المنقول أنه كان إذا قام إلى الصلاة كبر
قوله ( بل قيل بدعة ) نقله في الفتح
وقال في الحلية ولعل الأشبه أنه بدعة حسنة عند قصد جميع العزيمة لأن الإنسان قد يغلب عليه تفرق خاطره وقد استفاض ظهور العمل به في كثير من الأعصار في عامة الأمصار فلا جرم أنه ذهب في المبسوط والهداية والكافي إلى أنه إن فعله ليجمع عزيمة قلبه فحسن فيندفع ما قيل إنه يكره ا هـ
قوله ( وفي المحيط يقول الخ ) هذا مقابل قوله ويكون بلفظ الماضي الخ وأشار بقوله كما سيجيء في الحج أي من أنه يقول فيه اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني إلى أن ذلك مقيس عليه وفيه ما علمت
وقال في الحلية ولو سلم أن ذلك يفيد استنانها في الصلاة فإنما يفيد كونها بهذا اللفظ لا بنحو نويت أو أنوي كما عليه عامة الملتفظين بها ما بين عامي وغيره ا هـ
وحاصله أنه خلاف المستفيض فلا يقبل
قوله ( ولو قبل الوقت ) ذكر في الحلية عن ابن هبيرة أنه قال أبو حنيفة وأحمد يجوز تقديم النية للصلاة بعد دخول الوقت وقبل التكبير ما لم يقطعها بعمل ا هـ
ثم قال ولم أقف على التصريح باشتراط الوقت وهو إن صح مشكل فإن المذهب أن النية شرط لا يشترط مقارنتها فلا يضر إيجادها قبل الوقت واستصحابها إلى وقت الشروع بعد دخوله كغيرها من الشروط ا هـ
وتبعه في البحر والنهر
أقول إن كان المراد باستصحابها عدم عزوبها عن قلبه إلى وقت الشروع كما اقتضاه قوله واستصحابها إلى وقت الشروع ففيه أن هذه نية مقارنة والكلام في النية المتقدمة بلا اشتراط استصحابها إلى وقت الشروع كما اقتضاه ما نقله الشارح عن البدائع وهذه لا تصح إذا عزبت عنه قبل الوقت لأن النية وإن لم تشترط مقارنتها للشروع يشترط عدم المنافي لها ولا يخفى أن عدم دخول الوقت مناف لنية فرض الوقت لأنه لا يفرض قبل دخول وقته فليتأمل
قوله ( جاز ) وأما اشتراطهم عدم الفاصل بين النية والتكبير فالمراد به ما كان من أعمال الدنيا كما في التاترخانية
وفي البحر المراد به الفاصل الأجنبي وهو ما لا يليق بالصلاة كالأكل والشرب والكلام لأن هذه الأفعال تبطل الصلاة فتبطل النية وأما المشي والوضوء فليس بأجنبي ألا ترى أن من أحدث في صلاته له
____________________
(1/416)
أن يفعل ذلك ولا يمنعه من البناء ا هـ
قوله ( ومفاده ) أي مفاد ما في البدائع جواز تقديم نية الاقتداء على الوقت كنية الصلاة أو المراد تقديمها على شروع الإمام ويأتي تمام الكلام على ذلك
ثم إن هذا المفاد ذكره في النهر بحثا وقال ولم أر فيه غير ما علمت أي لم ير فيه نقلا صريحا غير ما يفيده كلام البدائع
قوله ( بينهما ) أي بين النية والتكبيرة
قوله ( وهو كل ما يمنع البناء ) أي يمنع الذي سبقه الحدث من البناء على ما صلى احترازا عن المشي والوضوء لكن في هذه الكلية نظر لأن القراءة تمنع البناء أيضا والظاهر أنها لا تفصل بين النية والتكبيرة فالأولى ذكر منع البناء على سبيل الاستيضاح كما نقلناه عن البحر آنفا
قوله ( وشرط الشافعي قرانها ) أي جمعها مع التكبير وبه قال الطحاوي ومحمد بن سلمة
مطلب في حضور القلب والخشوع وفي شرح المقدمة الكيدانية للعلامة القهستاني يجب حضور القلب عند التحريمة فلو اشتغل قلبه بتفكر مسألة مثلا في أثناء الأركان فلا تستحب الإعادة
وقال البقالي لم ينقص أجره إلا إذا قصر وقيل يلزم في كل ركن ولا يؤاخذ بالسهو لأنه معفو عنه لكنه لم يستحق ثوابا كما في المنية ولم يعتبر قول من قال لا قيمة لصلاة من لم يكن قلبه فيها معه كما في الملتقط والخزانة والسراجية وغيرها
واعلم أن حضور القلب فراغه عن غير ما هو ملابس له وهو ها هنا العلم بالعمل بالفعل والقول الصادرين عن المصلي وهو غير التفهم فإن العلم بنفس اللفظ غير العلم بمعنى اللفظ ا هـ
قوله ( ولا عبرة بنية متأخرة ) لأن الجزء الخالي عن النية لا يقع عبادة فلا ينبني الباقي عليه وفي الصوم جوزت للضرورة بهنسي
حتى لو نوى عند قوله الله قبل أكبر لا يجوز لأن الشروع يصح بقوله الله فكأنه نوى بعد التكبير حلية عن البدائع
قوله ( إلى الركوع ) فيه أن الكرخي لم ينص على الركوع ولا غيره وإنما اختلفوا في التخريج على قوله في أنه ينتهي إلى الثناء أو الركوع أو الرفع منه أو القعود أفاده ح
قوله ( وكفى الخ ) أي بأن يقصد الصلاة بلا قيد نفل أو سنة أو عدد
قوله ( لنفل ) هذا بالاتفاق
قوله ( وسنة ) ولو سنة فجر حتى لو تهجد بركعتين ثم تبين أنها بعد الفجر نابتا عن السنة وكذا لو صلى أربعا ووقعت الأخريان بعد الفجر وبه يفتى
خلاصة
وكذا الأربع المنوي بها آخر ظهر أدركته عند الشك في صحة الجمعة فإذا تبين صحتها ولا ظهر عليه نابت عن سنة الجمعة على قول الجمهور لأنه يلغو الوصف ويبقى الأصل وبه تتأدى السنة كما بسطه في الفتح وأقره في البحر والنهر وهذا بخلاف ما لو قام في الظهر للخامسة فضم سادسة لا تنوبان عن سنة الظهر لعدم كون الشروع مقصودا
قوله ( على المعتمد ) أي من قولين مصححين وإنما اعتمد هذا لما في البحر من أنه ظاهر الرواية وجعله في المحيط قول عامة المشايخ ورجحه في الفتح ونسبه إلى المحققين
قوله ( أو تعيينها الخ ) لأن السنة ما واظب عليها النبي في محل مخصوص فإذا أوقعها المصلي فيه فقد فعل الفعل المسمى سنة والنبي لم يكن ينوي السنة بل الصلاة لله تعالى
____________________
(1/417)
وتمام تحقيقه في الفتح قوله ( والتعيين ) أي بالنية أحوط أي لاختلاف الصحيح
بحر
قوله ( ولا بد من التعيين الخ ) فلو فاتته عصر فصلى أربع ركعات عما عليه وهو يرى أن عليه الظهر لم يجز كما لو صلاها قضاء عما عليه وقد جهله ولذا قال أبو حنيفة فيمن فاتته صلاة واشتبهت عليه إنه يصلي الخمس ليتيقن ا هـ
فتح أي لأنه لا يمكنه تعيين هذه الفائتة إلا بذلك
وفي الأشباه ولا يسقط التعيين بضيق الوقت لأنه لو شرع فيه منتقلا صح وإن كان حراما ا هـ
قوله ( عند النية ) أي سواء تقدمت على الشروع أو قارنته فلو نوى فرضا معينا وشرع فيه نسي فظنه تطوعا فأتمه على ظنه فهو على ما نوى كما في البحر
قوله ( فلو جهل الفرضية ) أي فرضية الخمس إلا أنه كان يصليها في مواقيتها لم يجز وعليه قضاؤها لأنه لم ينو الفرض إلا إذا صلى مع الإمام ونوى صلاة الإمام
بحر عن الظهيرية
قوله ( ولو علم الخ ) أي علم فرضية الخمس لكنه لا يميز الفرض من السنة والواجب
قوله ( جاز ) أي صح فعله
قوله ( وكذا لو أم غيره الخ ) يعني أن من لا يميز الفرض من غيره إذا نوى الفرض في الكل جاز كونه إماما أيضا فيصح الاقتداء به لكن في صلاة لا سنة قبلها أي في صلاة لم يصل قبلها مثلها في عدد الركعات لأنه لو صلى قبلها مثلها سقط عنه الفرض وصار ما بعده نفلا فلا يصح اقتداء المفترض به
قوله ( لفرض ) متعلق بالتعيين قال في الأشباه ولم أر حكم نية الفرض العين في فرض العين وفرض الكفاية في فرض الكفاية وأما المعادة لترك واجب فلا شك أنها جابرة لا فرض فعليه ينوي كونها جابرة
وأما على القول بأن الفرض لا يسقط إلا بها فلا خفاء في اشتراط نية الفرضية ا هـ
ونقل البيري عن الإمام السرخسي أن الأصح القول الثاني
قوله ( أنه ظهر ) بفتح الهمزة مفعول التعيين أو على حذف الجار أي بأنه
قوله ( قرنه باليوم أو الوقت أو لا ) أي لم يقرنه بشيء منهما وشمل إطلاقه في هذه الثلاثة ما إذا كان ذلك في الوقت أو خارجه مع علمه بخروجه أو مع الجهل فالمسائل تسع من ضرب ثلاثة في ثلاثة أما إن قرنه باليوم بأن نوى ظهر اليوم فيصح في الصور الثلاث كما سيذكره الشارح
وأما إن قرنه بالوقت بأن نوى ظهر الوقت فإن كان في الوقت صح قولا واحدا وإن كان خارجه مع العلم بخروجه فيصح أيضا على ما فهمه الشرنبلالي من عبارة الدرر في حاشيته عليها لأن وقت العصر ليس له ظهر فيراد به الظه رالذي يقضى في هذا الوقت وإن كان خارجه مع الجهل فلا يصح كما في الفتح والخانية والخلاصة وغيرها وبه جزم المصنف والشارح فيما سيأتي وهو الذي فهمه في النهر من عبارة الزيلعي خلافا لما فهمه منها في البحر وهو ما اقتضاه إطلاق الشارح هنا من أنه يصح ونقل في المنية عن المحيط أنه المختار لكن رده في شرح المنية بل قال في الحلية إنه غلط والصواب ما في المشاهير من أنه لا يصح
وأما إذا لم يقرنه بشيء بأن نوى الظاهر وأطلق فإن كان في الوقت ففيه قولان مصححان قيل لا يصح لقبول الوقت ظهر يوم آخر وقيل يصح لتعين الوقت له ومشى عليه في الفتح والمعراج والأشباه واستظهره في العناية
ثم قال وأقول الشرط المتقدم وهو أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي يحسم مادة هذه المقالات وغيره فإن العمدة عليه لحصول التمييز به وهو المقصود ا هـ
وإن كان خارجه مع الجهل بخروجه
ففي النهر أن ظاهر ما في الظهيرية أنه يجوز على الأرجح
____________________
(1/418)
وإن كان مع العلم به فبحث ح أنه لا يصح وخالفه ط
قلت وهو الأظهر لما مر عن العناية وأما إذا نوى فرض اليوم أو فرض الوقت فسيأتي بأقسامه التسع فافهم
قوله ( هو الأصح ) قيد لقوله أولا أي إذا نوى الظهر ولم يقرنه باليوم أو الوقت وكان في الوقت فالأصح الصحة كما في الظهيرية وكذا في الفتح وغيره كما قدمناه وهو رد على ما في الخلاصة من أنه لا يصح كما نقله في البحر والنهر لا على ما في الظهيرية فافهم
قوله ( لكنه يعين الخ ) أي يعين الصلاة ويومها أشباه وهذا عند وجود المزاحم أما عند عدمه فلا كما لو كان في ذمته ظهر واحد فائت فإنه يكفيه أن ينوي ما في ذمته من الظهر الفائت وإن لم يعلم أنه من أي يوم
حلية فافهم
قوله ( على المعتمد ) مقابله ما في المحيط من أنه إذا سقط الترتيب بكثرة الفوائت تكفيه نية الظهر لا غير ا هـ أي لا يلزم تعيين اليوم قياسا على الصوم
قوله ( والأسهل الخ ) أي فيما إذا وجد المزاحم كظهرين من يومين جعل تعيينهما
قوله لا يشترط ذلك ) أي نية أول ظهر أو آخره بل تكفيه نية الظهر لا غير كما مر عن المحيط
قوله ( وسيجيء ) أي ما صححه القهستاني في آخر الكتاب في مسائل شتى متنا تبعا لمتن الكنز ونقل الشارح هناك عن الأشباه أنه مشكل ومخالف لما ذكره أصحابنا كقاضيخان وغيره والأصح الاشتراط
قلت وكذا صححه في متن الملتقى هناك فقد اختلف التصحيح والاشتراط أحوط وبه جزم في الفتح هنا
قوله ( وواجب ) بالجر عطفا على قوله لفرض وقد عد منه في البحر قضاء ما أفسده من النفل والعيدين وركعتي الطواف وزاد في الدرر الجنازة لكن في الأشباه والخطبة لا يشترط لها نية الفرضية وإن شرطنا لها النية لأنه لا يتنفل بها وينبغي أن تكون صلاة الجنازة كذلك لأنها لا تكون إلا فرضا كما صرحوا به ولذا لا تعاد نفلا ا هـ
ويؤيده نصهم على أنه ينوي فيها الصلاة لله تعالى والدعاء للميت ولم يذكروا تعيين الفرضية
قوله ( أنه وتر ) أشار إلى أنه لا ينوي فيه أنه واجب للاختلاف فيه زيلعي أي لا يلزمه تعيين الوجوب وليس المراد منعه من أن ينوي وجوبه لأنه إن كان حنفيا ينبغي أن ينويه ليطابق اعتقاده وإن كان غيره لا تضره تلك ذكره في البحر في باب الوتر
ثم اعلم أن ما في شرح العيني من قوله وأما الوتر فالأصح أنه يكفيه مطلق النية مشكل لأن ظاهره أن يكفيه نية مطلق الصلاة كالنفل إلا أن يحمل على ما ذكرناه عن الزيلعي من إطلاق نية الوتر ولذا قال يكفيه مطلق النية ولم يقل مطلق نية الصلاة وبينهما فرق دقيق ففيه إشارة خفية إلى ما قلنا فتدبر
قوله ( أو نذر ) هو قد يكون منجزا أو معلقا على نحو شفاء مريض أو قدوم غائب فالظاهر أنه لا بد من تعيينه بذلك لاختلاف أسبابه واختلاف أنواع ماعلق عليه بدليل عدم الاكتفاء في الفرض بدون تخصيصه بنحو الظهر أفاده ح
قلت هذا إنما يظهر عند وجود المزاحم كما لو كان عليه نذر منجز ومعلق أو نذران علقا على أمرين وإلا فلا كما قدمناه آنفا عن الحلية في قضاء الفائتة فافهم
قوله ( أو سجود تلاوة ) إلا إذا تلاها في الصلاة وسجدها فورا ولا يجب تعيين السجدات التلاوية لو تكررت التلاوة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
قوله ( وكذا شكر بخلاف سهو ) الذي رأيته في النهر بحثا عكس ما ذكره الشارح ولعل الأوجه ما هنا بالنسبة إلى سجود الشكر فقط لأن السجود قد يكون لسبب كالتلاوة والشكر وقد يكون بدونه كما يفعله العوام بعد الصلاة وهو مكروه كما نص عليه الزاهدي فلما وجد المزاحم لا بد من التعيين لبيان السبب وإلا كان مكروها اتفاقا
ويبتنى على ذلك ما لو نام في ذلك السجود أو تيمم
____________________
(1/419)
لأجله فإن كان سجودا مشروعا تنتقض طهارته وتصح صلاته بذلك التيمم وإلا فلا كما ذكره في ثمرة الاختلاف بين الإمام وصاحبيه في مشروعية سجدة الشكر وعدمها فظهر أنه لا بد من تعيينها ليتميز المشروع عن غيره
لا يقال إن النفل لا يشترط فيه التعيين كما مر وسجدة الشكر على القول بمشروعيتها نفل فلا يشترط تعيينها أيضا
لأنا نقول هذا خارج عن هذا الحكم بدليل أن الصلاة عبادة في ذاتها ولا تنتفي عنها المشروعية إلا بسبب عارض بخلاف السجود خارج الصلاة فإنه ليس عبادة في نفسه بل بعارض شكر أو تلاوة مثلا فمطلق الصلاة ينصرف إلى النفل المشروع فلذا لم يشترط تعيينه بخلاف مطلق السجود فإنه ينصرف إلى غير المشروع لأنه لم يشرع إلا بسبب فلا بد من تعيين ذلك السبب ليكون مشروعا وليتميز عن غيره من المزاحمات له في المشروعية من تلاوة وسهو فافهم هذا ما ظهر لفهمي القاصر
وأما سجود السهو فأفاد ح أنه لما كان جابرا لنقص واجب في الصلاة كان بدله ولا يشترط نية أبعاض الصلاة فكذلك بدله ا هـ
ثم رأيت في الأشباه قال ولا تصح صلاة مطلقا إلا بنية ثم قال وسجود التلاوة كالصلاة وكذا سجدة الشكر وسجود السهو ا هـ
ولعل هذا هو الأظهر
تتمة لم يذكر السجدة الصلبية وحكمها أن يجب نيتها إذا فصل بينها وبين محلها بركعة فلو بأقل فلا كما في الفتاوى الهندية فتأمل
قوله ( فلا يضر الخطأ في عددها ) الظاهر أن الخطأ غير قيد
وفي الأشباه الخطأ فيما لا يشترط له التعيين لا يضر كتعيين مكان الصلاة وزمانها وعدد الركعات ومنه إذا عين الأداء فبان أن الوقت قد خرج أو القضاء فبان أنه باق ا هـ
ونقل في جامع الفتاوى ظن الخانية أن الأفضل أن ينوي أعداد الركعات ثم قال وقيل يكره التلفظ بالعدد لأنه عبث لا حاجة إليه ا هـ
ولا يخلو القول الثاني عن تأمل
قوله ( وينوي المقتدي ) أما الإمام فلا يحتاج إلى نية الإمامة كما سيأتي
قوله ( لم يقل أيضا ) أي كما في الكنز والملتقى وغيرهما
قوله ( صح في الأصح ) كذا نقله الزيلعي وغيره بحر
قلت لكن ذكر المسألة الأولى في الخانية وقال لا يجوز لأن الاقتداء بالإمام كما يكون في الفرض يكون في النفل
وقال بعضهم يجوز ا هـ
قال في شرح المنية فظهر أن الجواز قول البعض وعدمه هو المختار
أقول يؤيده قول المتون ينوي المتابعة أيضا وكذا قول الهداية ينوي الصلاة ومتابعة الإمام ومثله في المجمع وكثير من الكتب بل قال في المنبع إنه بالإجماع
وأما المسألة الثانية فلا تخالف ما في المتون لأن فيها التعيين مع المتابعة ولهذا قال في الخانية أنه لما نوى الشروع في صلاة الإمام صار كأنه نوى فرض الإمام مقتديا به ا هـ فتدبر
ومقتضاه أنه صح شروعه وصار مقتديا وإن لم يصرح بنية الاقتداء لكن في الفتح إذا نوى الشروع في صلاة الإمام قال ظهير الدين ينبغي أن يزيد على هذا واقتديت به
قوله ( وإن لم يعلم بها ) أي بصلاة الإمام
قوله ( تبعا لصلاة الإمام ) الأولى تبعا للإمام كما عبر الزيلعي
قوله ( لعدم نية الاقتداء ) علة لقوله بخلاف الخ
أما في الأول فلأنه إنما عين الصلاة فقط ولا يلزم منه نية الاقتداء
وأما الثاني فلأن الانتظار قد يكون للاقتداء وقد يكون بحكم العادة فلا يصير مقتديا بالشك كما في البدائع
وقيل إذا انتظر ثم كبر صح واستحسنه في شرح المنية لقيامه مقام النية
____________________
(1/420)
قلت لا يخفى أن الكلام عن عدم خطور الاقتداء في قلبه وقصده له وإلا كانت النية موجودة حقيقية
قوله ( إلا في جمعة ) استثناء من المتن أي فيكفيه التعيين عن نية الاقتداء أو من قوله بخلاف ما لو نوى صلاة الإمام
قوله ( وجنازة وعيد ) نقلهما في الأحكام عن عمدة المفتي
قوله ( لاختصاصها ) أي الثلاثة المذكورة بالجماعة فتكون نيتها متضمنة لنية الاقتداء
قال في الأحكام لكن في صلاة الجنازة بحث إلا أن يقال لما كانت لا تتكرر وكان الحق للولي في الإمامة لم تكن إلا مع الإمام ا هـ
فعلى هذا يقيد ذلك بغير الولي فلو أم بها من لا ولاية له ثم حضر الولي لا بد له مع التعيين من نية الاقتداء بذلك الإمام وإلا كان شارعا في صلاة نفسه لأن له الإعادة ولو منفردا فلا اختصاص في حقه
قوله ( ولو نوى فرض الوقت الخ ) اعلم أنه يتأتى هنا تسع مسائل أيضا كما ذكرناه سابقا لأنه إما أن يقرن الفرض بالوقت أو باليوم أو يطلق وفي كل إما أن يكون في الوقت أو خارجه مع العلم بخروجه أو مع عدمه فإن قرنه باليوم بأن نوى فرض اليوم لا يصح بأقسامه الثلاث لأن فرض اليوم متنوع ومثله ما لو أطلق وإن قرنه بالوقت فإن في الوقت جاز وهو ما ذكره المصنف وإن خارجه مع العلم بخروجه فقال ح لا يجوز
قلت وهو المتبادر من قول الأشباه عن البناية لو نوى فرض الوقت بعد ما خرج الوقت لا يجوز وإن شك في خروجه جاز ا هـ
لكنه خلاف ما يفهم من قول الزيلعي الآتي وهو لا يعلمه فليتأمل وإن كان مع عدم العلم بخروجه لا يجوز لقول الزيلعي يكفيه أن ينوي ظهر لوقت مثلا أو فرض الوقت والوقت باق لوجود التعيين ولو كان الوقت قد خرج وهو لا يعلمه لا يجوز لأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر ا هـ
وفي التاترخانية وإن صلى بعد خروج الوقت وهو لا يعلمه فنوى فرض الوقت لا يجوز وهو الصحيح لكن يخالفه قول الأشباه المار آنفا وإن شك في خروجه جاز
وقد يجاب بأنه مبني على خلاف الصحيح وأما الجواب بالتفرقة بين الشك وعدم العلم ففيه نظر لأن من لم يعلم خروج وقت الظهر مثلا ونوى فرض الوقت يكون مراده وقت الظهر لأنه يظن بقاءه ومع هذا قلنا الصحيح أنه لا يجوز فمن شك في بقائه وخروجه يكون أولى بعدم الجواز فافهم
قوله ( لأنها بدل ) أو لأن فرض الوقت عندنا الظهر لا الجمعة ولكن قد أمر بالجمعة لإسقاط الظهر ولذا لو صلى الظهر قبل أن تفوته الجمعة صحت عندنا خلافا لزفر والثلاثة وإن حرم الاقتصار عليها
شرح المنية لكن سيأتي في الجمعة اعتمادا أنها أصل لا بدل وهو ضعيف كما سنوضحه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( في اعتقاده ) تفسير لقوله عنده فهو على حذف أي ط
قوله ( ولو في الجمعة ) كذا في الشرنبلالية ولم يظهر لي وجهه ا هـ ح
أقول لعل المراد أنه لو نوى المعذور ظهر الوقت يوم الجمعة جاز أي بلا فرق بين أن يكون اعتقاده أنها فرض الوقت أولا فتظهر فائدة ذكره هنا
وأما نية الظهر في صلاة الجمعة فلا تصح كما في الأحكام عن النافع
وفيه عن فيض الغفار شرح المختار لو نوى ظهر الوقت في غير الجمعة إن في الوقت جاز على الصحيح فقوله
____________________
(1/421)
في غير الجمعة احتراز عن الجمعة
قوله ( وهو لا يعلمه ) أي لا يعلم خروجه ومفهومه أنه لو علمه يصح كما قدمناه عن الشرنبلالية
قوله ( لا يصح في الأصح ) بل قدمنا عن الحلية أنه هو الصواب خلافا لما فهمه في البحر وإن رجحه المحشي
قوله ( ومثله فرض الوقت ) أي مثل ظهر الوقت في أنه بعد خروج الوقت وهو لا يعلمه لا يصح في الأصح كما قدمناه آنفا عن التاترخانية والزيلعي خلافا لما في الأشباه فإنه خلاف الأصح كما علمت فافهم قوله ( لجوازه مطلقا ) أي وإن كان الوقت قد خرج لأنه نوى ما عليه وهو مخلص لمن يشك في خروج الوقت ا هـ زيلعي أي بخلاف ظهر الوقت لأن الظهر لا يخرج عن كونه ظهر اليوم بخروج الوقت ويخرج عن كونه ظهر لوقت بخروجه لصحة تسميته ظهر اليوم لا ظهر الوقت لأن الوقت ليس له إذ اللام للعهد لا للجنس فلا يضاف إليه ا هـ شرح المنية
مطلب يصح القضاء بنية الأداء وعكسه قوله ( لصحة القضاء بنية الأداء الخ ) هذا التعليل إنما يظهر إذا نوى الأداء أما إذا تجردت نيته فلا ا هـ
ط والمناسب ما في الأشباه عن الفتح لو نوى الأداء على ظن بقاء الوقت فتبين خروجه أجزأه وكذا عكسه ثم مثل له ناقلا عن كشف الأسرار بقوله كنية من نوى أداء ظهر اليوم بعد خروج الوقت على ظن أن الوقت باق وكنية الأسير الذي اشتبه عليه رمضان فتحرى شهرا وصامه بنية الأداء فوقع صومه بعد رمضان عكسه كنية من نوى قضاء الظهر على ظن أن الوقت قد خرج ولم يخرج بعد وكنية الأسير الذي صام رمضان بنية القضاء على ظن أنه قد مضى والصحة فيه باعتبار أنه أتى بأصل النية ولكن أخطأ في الظن والخطأ في مثله معفو عنه ا هـ
أقول ومعنى كونه أتى بأصل النية أنه قد عين في قلبه ظهر اليوم الذي يريد صلاته فلا يضر وصفه له بكونه أداء أو قضاء بخلاف ما إذا نوى صلاة الظهر قضاء وهو في وقت الظهر ولم ينو صلاة هذا اليوم لا يصح عن الوقتية لأنه بنية القضاء صرفه عن هذا اليوم ولم توجد منه نية الوقتية حتى يلغو وصفه بالقضاء فلم يوجد التعيين وكذا لو نواه أداء وكانت عليه ظهر فائتة لا يصح عنها وإن كان قد صلى لوقتية لما قلنا
مطلب مضى عليه سنوات وهو يصلي الظهر قبل وقتها وبهذا ظهر الجواب عن مسألة ذكرها بعض الشافعية وهي لو مضى عليه سنوات وهو يصلي الظهر قبل وقتها فهل عليه قضاء ظهر واحدة أو الكل فأجاب بعضهم بالأول بناء على أنه لا تشترط نية القضاء فتكون صلاة كل يوم قضاء لما قبله وخالفه غيره
ووافق بعض المحققين منهم بأنه إن نوى كل يوم صلاة ظهر مفروضة عليه بلا تقييد بالتي ظن دخول وقتها الآن تعين ما قاله الأول وإن نواها عن التي ظن دخول وقتها الآن وعبر عنها بالأداء أو لا تعين الثاني لصرفه لها عن الفائتة بقصده الوقتية ا هـ
ولا يخفى أن هذا التفصيل موافق لقواعد مذهبنا أما الأول فلما قدمناه عن الزيلعي فيمن نوى ظهر اليوم بعد خروجه من أنه يصح لأنه نوى ما عليه ولم يوجد المزاحم هنا حتى يلزمه تعيين يوم الفائتة فيكفيه نية ما في ذمته كما مر عن الحلية وأما الثاني فلما قررناه آنفا
ثم رأيت التصريح بذلك عندنا في الصوم وهو ما لو صام الأسير بالتحري سنين ثم تبين أنه صام في كل سنة قبل شهر رمضان فقيل يجوز صومه في كل سنة عما قبلها وقيل
____________________
(1/422)
لا
قال في البحر وصحح في المحيط أنه إن نوى صوم رمضان مبهما يجوز عن القضاء وإن نوى عن السنة مفسرا فلا ا هـ
قال في البدائع ومثل له أبو جعفر بمن اقتدى بالإمام على ظن أنه زيد فإذا هو عمرو صح ولو اقتدى بزيد فإذا هو عمرو لم يصح لأنه في الأول اقتدى بالإمام إلا أنه أخطأ في ظنه فلا يقدح وفي الثاني اقتدى بزيد فإذا لم يكن زيدا تبين أنه لم يقتد بأحد فكذا هنا إذا نوى صوم كل سنة عن الواجب عليه تعلقت نية الواجب بما عليه لا بالأولى والثانية إلا أنه ظن أنه للثانية فأخطأ في ظنه فيقع عن الواجب عليه لا عما ظن انتهى
وحاصله أنه إذا نوى الصوم الواجب عليه لا بقيد كونه عن سنة مخصوصة صح عن السنة الماضية وإن كان يظن أنه لما بعدها فاغتنم هذا التحرير
قوله ( ومصلي الجنازة ) شروع في بيان التعيين في صلاة الجنازة ط
قوله ( ينوي الصلاة لله الخ ) كذا في المنية
قال في الحلية وفي المحيط الرضوي والتحفة والبدائع ينبغي أن ينوي صلاة الجمعة وصلاة العيدين وصلاة الجنازة وصلاة الوتر لأن التعيين يحصل بهذا ا هـ
وأما ما ذكره المصنف فليس بضربة لازب
ويمكن أن يكون إشارة إلى أنه لا ينوي الدعاء للميت فقط نظرا إلى أنه لا ركوع فيها ولا سجود ولا قراءة ولا تشهد ا هـ
أقول وهذا أظهر مما في جامع الفتاوى من أنه لا بد مما ذكره المصنف وأنه لو كان الميت ذكرا فلا بد من نيته في الصلاة وكذلك الأنثى والصبي والصبية ومن لم يعرف أنه ذكر أو أنثى يقول نويت أن أصلي الصلاة على الميت الذي يصلي عليه الإمام ا هـ فليتأمل
ويأتي قريبا ما يؤيد الأول
هذا وذكر ح
بحثا أنه لا بد من تعيين السبب وهو الميت أو الأكثر فإن أراد الصلاة على جنازتين نواهما معا أو على إحداهما فلا بد من تعيينها ويؤيده ما يذكره الشارح عن الأشباه
قوله ( لأنه الواجب عليه ) كذا قاله الزيلعي وتبعه في البحر والنهر ووجهه ما ذهب إليه المحقق ابن الهمام حيث قالوا المفهوم من كلامهم أن أركانها الدعاء والقيام والتكبير لقولهم إن حقيقتها هي الدعاء وهو المقصود منها ا هـ
وفي النتف هي في قول أبي حنيفة وأصحابه دعاء على الحقيقة وليس بصلاة لأنه لا قراءة فيها ولا ركوع ولا سجود ا هـ
فحيث كان حقيقتها الدعاء كان وجوبها باعتبار الدعاء فيها
وإن قلنا إنه ليس بركن فيها على ما اختاره في البحر وغيره كما سيأتي في الجنائز وحينئذ فالضمير في قوله لأنه الواجب يعود على الدعاء
أما على القول بالركنية فظاهر وإنما خص من بين سائر أركانها لأنه المقصود منها وأما على القول بالسنية فلأن المراد بالدعاء ماهية الصلاة لا نفس الدعاء الموجود فيها لما علمت من أن حقيقتها الدعاء لأن المصلي شافع للميت فهو داع له بنفس هذه الصلاة وإن لم يتلفظ بالدعاء فكأنه قيل لأن الصلاة هي الواجبة عليه هكذا ينبغي حل هذا المحل فافهم
قوله ( فيقول الخ ) بيان للنية الكاملة ا هـ ح
قلت وفي جنائز الفتاوى الهندية عن المضمرات أن الإمام والقوم ينوون ويقولون نويت أداء هذه الفريضة عبادة لله تعالى متوجها إلى الكعبة مقتديا بالإمام ولو تفكر الإمام بالقلب أن يؤدي صلاة الجنازة يصح ولو قال المقتدي اقتديت بالإمام يجوز ا هـ
وبه ظهر أن الصيغة التي ذكرها المصنف غير لازمة في نيتها بل يكفي مجرد نيته في قلبه أداء صلاة الجنازة كما قدمناه عن الحلية وأنه لا يلزمه تعيين الميت أنه ذكر أو أنثى خلافا لما مر عن جامع الفتاوى
قوله ( لم يجز ) لأن الميت كالإمام فالخطأ في تعيينه كالخطأ في تعيين الإمام ا هـ ح أي لأنه لما عين
____________________
(1/423)
لزم ما عينه وإن كان أصل التعين غير لازم على ما عرفته آنفا
في ط عن البحر ولو نوى الصلاة عليه يظنه فلانا فإذا هو غيره يصح ولو نوى الصلاة على فلان فإذا هو غيره لا يصح ولو على هذا الميت الذي هو فلان فإذا هو غيره جاز لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية ا هـ
وعليه فينبغي تقييد عدم الجواز في مسألتنا بما إذا لم يشر إليه
تأمل
قوله ( وأنه لا يضر الخ ) أي إذا عين عددهم لا يضره التعيين المذكور في حالة من الأحوال سواء وافق ما عين أو خالفه إلا إذا كانوا أكثر مما عين وهذا معنى صحيح لهذا التركيب لا شيء فيه سوى التغيير في وجوه الحسان فافهم
قوله ( إلا إذا بان الخ ) هذا ظاهر إذا كان إماما فلو مقتديا وقال أصلي على ما صلى عليه الإمام وهم عشرة فظهر أنهم أكثر لا يضر وينبغي أن يقيد عدم الإجزاء بما إذا قال أي الإمام أصلي على العشرة الموتى مثلا أما إذا قال أصلي على هؤلاء العشرة فبان أنهم أكثر فلا كلام في الجواز لوجود الإشارة ا هـ
بيري
قوله ( لعدم نية الزائد ) لا يقال مقتضاه أن تصح الصلاة على القدر الذي عينه عددا
لأنا نقول لما كان كل يوصف بكونه زائدا على المعين بطلت ط
قوله ( والإمام ينوي صلاته فقط الخ ) لأنه منفرد في حق نفسه
بحر أي فيشترط في حقه ما يشترط في حق المنفرد من نية صلاته على الوجه المار بلا شيء زائد بخلاف المقتدي فالمقصود دفع ما قد يتوهم من أنه كالمقتدي يشترط له نية الإمامة كما يشترط للمقتدي نية الاقتداء لاشتراكهما في الصلاة الواحدة
والفرق أن المقتدي يلزمه الفساد من جهة إمامه فلا بد من التزامه كما يشترط للإمام نية إمامة النساء لذلك كما يأتي
والحاصل ما قاله في الأشباه من أنه لا يصح الاقتداء إلا بنيته وتصح الإمامة بدون نيتها خلافا للكرخي وأبي حفص الكبير ا هـ لكن يستثنى من كانت إمامته بطريق الاستخلاف فإنه لا يصير إماما ما لم ينو الإمامة بالاتفاق كما نص عليه في المعراج في باب الاستخلاف وسيأتي هناك
قوله ( بل لنيل الثواب ) معطوف على قوله ( لصحة الاقتداء ) أي بل يشترط نية إمامة المقتدي لنيل الإمام ثواب الجماعة وقوله ( عند اقتداء أحد به ) متعلق بنيته التي هي نائب فاعل يشترط المقدر بعد بل وقوله لا قبله معطوف عليه أي لا يشترط لنيله الثواب نية الإمامة قبل الاقتداء بل يحصل بالنية عنده أو قبله فقوله لا قبله نفي لاشتراط نيل الثواب بوجود النية قبله لا نفي للجواز ولا يخفى أن نفي الاشتراط لا ينافي الجواز فافهم
قوله ( لو أم رجالا قيد لقوله ولا يشترط الخ
قوله ( فلا يحنث الخ ) تفريع على قوله ولا يشترط قال في البحر لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد ما لم ينوها ا هـ
لكن قال في الأشباه ولو حلف أن لا يؤم أحدا فاقتدى به إنسان صح الاقتداء وهل يحنث قال في الخانية يحنث قضاء لا ديانة إلا إذا أشهد قبل الشروع فلا حنث قضاء وكذا لو أم الناس هذا الحالف في صلاة الجمعة صحت وحنث قضاء ولا يحنث أصلا إذا أمهم في صلاة الجنازة وسجد سجدة التلاوة ولو حلف أن لا يؤم فلانا فأم الناس ناويا أن لا يؤمه ويؤم غيره فاقتدى به فلان وحنث وإن لم يعلم به ا هـ أي لأنه إذا كان إماما لغيره كان إماما له أيضا إلا إن نوى إذا أن يؤم الرجال دون النساء فلا يجزيهن كما في النتف
بقي وجه حنثه قضاء في الصورة الأولى أن الإمامة تصح بدون نية كما قدمناه ولذا صحت منه الجمعة مع أن شرطها الجماعة لكن لما كان لا يلزمه الحنث بدون التزامه لم يحنث ديانة إلا بنية الإمامة كذا ظهر لي فتأمل
____________________
(1/424)
قوله ( في غير صلاة جنازة ) أما فيها فلا يشترط نية إمامتها إجماعا كما يذكره
قوله ( لصحة صلاتها ) الأنسب بالمقام لصحة اقتدائها
قوله ( من نية إماميتها ) أي وقت الشروع لا بعده كما سيذكره في باب الإمامة
ويشترط حضورها عند النية في رواية وفي أخرى لا واستظهرها في البحر
قوله ( لئلا يلزم الخ ) حاصله أنه لو صح اقتداؤه بلا نية لزم عليه إفساد صلاته إذا حاذته بدون التزامه وذلك لا يجوز والتزامه إنما هو بنية إمامتها
قوله ( بالمحاذاة ) أي عند وجود شرائطها الآتية في باب الإمامة
قوله ( كجنازة ) فإنه لا يشترط لصحة اقتداء المرأة فيها نية إمامتها إجماعا لأن المحاذاة فيها لا تفسدها
قوله ( على الأصح ) حكوا مقابله عن الجمهور
قوله ( وعليه ) أي على القول بأنه لا يشترط لصحة اقتدائها نية إمامتها فيصح اقتداؤها لكن إن لم تتقدم بعد ولم تحاذ أحدا من إمام أو مأموم بقي اقتداؤها وتمت صلاتها وإلا أي وإن تقدمت وحاذت أحدا لا يبقى اقتداؤها ولا تتم صلاتها كما في الحلية فليس ذلك شرطا في الجمعة والعيد فقط فافهم
قوله ( مطلقا ) أي للقريب المشاهد وغيره لأن إصابة الجهة تحصل بلا نية العين وهي شرط فلا يشترط لها النية كباقي الشرائط
قوله ( على الراجح ) مقابله ما قيل إن الفرض إصابة العين للقريب والبعيد ولا يمكن ذلك للبعيد إلا من حيث النية فانتقل ذلك إليها
قوله ( لم يجز ) لأن المراد بالكعبة العرصة لا البناء والمحراب علامة عليها والمقام هو الحجر الذي كان يقوم عليه الخليل عليه الصلاة والسلام عند بناء البيت
قوله ( مفرع على المرجوح ) كذا في البحر عن الحلية وهو ظاهر لأن من اشترط نية الكعبة لا يجوز الصلاة بدونها فإذا نوى غيرها لا تجوز الصلاة عنده بالأولى وقد علمت أن الكعبة اسم للعرصة فإذا نوى البناء أو المحراب أو المقام فقد نوى غير الكعبة أما على القول الراجح من أنه لا تشترط نيتها فلا يضره نية غيرها بعد وجود الاستقبال الذي هو الشرط لكن اعترضه الشيخ إسماعيل بأنه غير مسلم لما في البدائع من أن الأفضل أن لا ينوي الكعبة لاحتمال أن لا تحاذي هذه الجهة الكعبة فلا تجوز صلاته ا هـ
فإن مفهومه أنه إذا استقبل غير ما نوى لا تجوز صلاته لكن لا يخفى أنه ليس فيه دلالة على أنه إذا نوى البناء ونحوه لا تجوز صلاته بل يدل على أن الأفضل عدم ذلك فما ذكره الشارح تبعا للبحر والحلية صحيح فافهم نعم ذكر في شرح المنية أن نية القبلة وإن لم تشترط لكن عدم نية الإعراض عنها شرط ا هـ وعليه فهو مفرع على الراجح
قوله ( صح ) لأنه نوى الاقتداء بالإمام الموجود فلا يضره ظنه بخلاف اسمه قال في الحلية لأن العبرة لما نوى لا لما يرى ا هـ
ويظهر منه أن مثله ما لو اعتقد أنه زيد لأنه جازم بالاقتداء بهذا الإمام فافهم
مطلب إذا اجتمعت الإشارة والتسمية قوله ( إلا إذا عينه باسمه أي لم ينو الاقتداء بالإمام الموجود وإنما نوى الاقتداء بزيد سواء تلفظ باسمه أو لا لما في المنية إلا إذا قال اقتديت بزيد أو نوى الاقتداء بزيد ا هـ
فإذا ظهر أنه عمرو لا يصح الاقتداء لأن العبرة لما نوى
حلية أي وهو قد نوى الاقتداء بغير هذا الإمام الحاضر
قوله ( إلا إذا عرفه ) استثناء من عدم الصحة التي تضمنها الاستثناء الأول
قوله ( كالقائم في المحراب ) أي نوى الاقتداء بالإمام القائم في المحراب الذي
____________________
(1/425)
هو زيد فإذا هو غيره جاز
أشباه لأن أل يشار بها إلى الموجود في الخارج أو الذهن وعلى كل فقد نوى الاقتداء بالإمام الموجود فلغت التسمية
قوله ( أو إشارة ) أي باسمها الموضوع لها حقيقة وإنما جاز لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية كما في الخانية وغيرها
قوله ( إلا إذا أشار الخ ) إستثناء من قوله أو إشارة
قوله ( فلا يصح ) أو رد عليه أن في هذه الصورة اجتمعت الإشارة مع التسمية فكان ينبغي أن تلغو التسمية كما لغت في هذا الإمام الذي هو زيد وفي هذا الشيخ
والجواب أن إلغاء التسمية ليس مطلقا قال في الهداية من باب المهر الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه لأن المسمى موجود في المشار ذاتا والوصف يتبعه وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى لأن المسمى مثل المشار إليه وليس بتابع له والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ا هـ
قال الشارحون هذا الأصل متفق عليه في النكاح والبيع والإجارة وسائر العقود ا هـ
إذا عرفت ذلك فاعلم أن زيدا وعمرا جنس واحد من حيث الذات وإن اختلفا من حيث الأوصاف والمشخصات لأن الملحوظ إليه في العلم هو الذات ففي قوله هذا الإمام الذي هو زيد فظهر أن المشار إليه عمرو يكون قد اختلف المسمى والمشار إليه فلغت التسمية وبقيت الإشارة معتبرة لكونهما من جنس واحد فصح الاقتداء وأما الشيخ والشاب فهما من الأوصاف الملحوظ فيها الصفات دون الذات ومعلوم أن صفة الشيخوخة تباني صفة الشباب فكانا جنسين فإذا قال هذا الشاب فظهر أنه شيخ لا يصح الاقتداء لأنه وصفه بصفة خاصة لا يوصف بها من بلغ سن الشيخوخة فقد خالفت الإشارة التسمية مع اختلاف الجنس فلغت الإشارة واعتبرت التسمية بالشاب فيكون قد اقتدى بغير موجود كمن اقتدى بزيد فبان غيره
وأما إذا قال هذا الشيخ فظهر أنه شاب فإنه يصح لأن الشيخ صفة مشتركة في الاستعمال بين الكبير وفي السن الكبير في القدر كالعالم وبالنظر إلى المعنى الثاني يصح أن يسمى الشاب شيخا فقد اجتمعت الصفتان في المشار إليه لعدم تخالفهما فلم يبلغ أحدهما فيصح الاقتداء
ونظيره لو قال هذه الكلبة طالق أو هذا الحمار حر تطلق المرأة ويعتق العبد كما صرحوا به مع أن المشار إليه وهو المرأة والعبد من غير جنس المسمى وهو الكلبة والحمار لكن لما كان في مقام الشتم يطلق الكلب والحمار على الإنسان مجازا لم يحصل اختلاف الجنس فلم تلغ الإشارة هذا ما ظهر لفهمي السقيم من فيض الفتاح العليم قوله ( وفي المجتبى الخ ) وجهه أنه لما نوى الاقتداء بإمام مذهبه فإذا هو غيره فقد نوى الاقتداء بمعدوم كما قدمناه عن المنية فيما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو غيره
مطلب ما زيد في المسجد النبوي هل يأخذ حكمه قوله ( فائدة لما كان الخ ) استنبط هذه الفائدة من مسألة الاقتداء شيخ الإسلام العيني في شرح البخاري كما في أحكام الإشارة من الأشباه
وأصل ذلك قوله في الحديث الصحيح صلاة في مسجدي
____________________
(1/426)
هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ومعلوم أنه قد زيد في المسجد النبوي فقد زاد فيه عمر ثم عثمان ثم الوليد ثم المهدي والإشارة بهذا إلى المسجد المضاف المنسوب إليه ولا شك أن جميع المسجد الموجود الآن يسمى مسجده فقد اتفقت الإشارة والتسمية على شيء واحد فلم تلغ التسمية فتحصل المضاعفة المذكورة في الحديث فيما زيد فيه
وخصها الإمام النووي بما كان في زمنه عملا بالإشارة وأما حديث لو مد مسجدي هذا إلى صنعاء كان مسجدي فقد اشتده ضعف طرقه فلا يعمل به في فضائل الأعمال كما ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة وكان وجهه أنه جعل الإشارة لخصوص البقعة الموجودة يومئذ فلم تدخل فيها الزيادة ولا بد في دخولها من دليل
قلت ويؤيده ما سيأتي في الأيمان من باب اليمين بالدخول عن البدائع لو قال لا أدخل هذا المسجد فزيد فيه حصة فدخلها لم يحنث ما لم يقل مسجد بني فلان فيحنث وكذا الدار لأنه عقد يمينه على الإضافة وذلك موجود في الزيادة
وقد يجاب بأن ما نحن فيه من قبيل الثاني ويؤيده أن في بعض طرق الحديث بدون اسم الإشارة وعلى ذكرها فهي لا لتخصيص البقعة بل لدفع أن يتوهم دخول غير المسجد المدني من بقية المساجد التي تنسب إليه التي ذكرها أصحاب السير والله تعالى أعلم
مبحث في استقبال القبلة قوله ( المشرفة وليس منها الحجر بالكسرة والشاذروان لأن ثبوتهما منها ظني وهو لا يكتفى به في القبلة احتياطا وإن صح الطواف فيه مع الحرمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج
قوله ( كعاجز ) أي كاستقبال عاجز عنها لمرض أو خوف عدو أو اشتباه فجهة قدرته أو تحريه قبلة له حكما
قوله ( والشرط حصوله لا تحصيله ) أشار إلى أن السين والتاء فيه ليست للطلب لأن الشرط هو المقابلة لا طلبها إلا إذا توقف حصولها عليه كما في الحلبة
قوله ( وهو شرط زائد ) أي ليس مقصودا لأن المسجود له هو الله تعالى ط أو المراد أنه قد يسقط بلا ضرورة كما في الصلاة على الدابة خارج المصر ونظيره ما مر في تفسير الركن الزائد كالقراءة فكان المناسب للشارح أن يقول قد يسقط بلا عجز بدل قوله يسقط للعجز وإلا فكل الشروط كذلك
قوله ( للابتلاء ) علة لمحذوف أي شرطه الله تعالى لاختبار المكلفين لأن فطرة المكلف المعتقد استحالة الجهة عليه تعالى تقتضي عدم التوجه في الصلاة إلى جهة مخصوصة فأمرهم على خلاف ما تقتضيه فطرتهم اختبارا لهم هل يطيعون أو لا كما في البحر ح
قلت وهذا كما ابتلى الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم حيث جعله قبلة لسجودهم
قوله ( حتى لو سجد الخ ) تفريع على كون الاستقبال شرطا زائدا يعني لما كان المسجود له هو الله تعالى والتوجه إلى الكعبة مأمورا به كما تقدم كان السجود لنفس الكعبة كفرا ح
قوله ( فللمكي ) أي فالشرط له أي لصلاته
____________________
(1/427)
8 وكذا قوله ولغيره أو اللام فيهما بمعنى على أي فالواجب عليه
قوله ( لثبوت قبلتها ) أي قبلة المدينة المنورة المفهومة من قوله وكذا المدني
وأورد أنه لا يلزم من ثبوتها بالوحي أن تكون على عين الكعبة لاحتمال كونها على الجهة
قوله ( يعم المعاين وغيره ) أي المكي المشاهد للكعبة والذي بينه وبينها حائل كجدار ونحوه فيشترط إصابة العين بحيث لو رفع الحائل وقع استقباله على عين الكعبة
قوله ( وأقره المصنف ) أي في المنح لكن قال في شرحه على زاد الفقير إطلاق المتون والشروح والفتاوى يدل على أن المذهب الراجح عدم الفرق بين ما إذا كان بينهما حائل أو لا ا هـ
وفي الفتح وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده إشكال لأن المصير إلى الدليل الظنى وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز وقد قال في الهداية والاستخبار فوق التحري
فإذا امتنع المصير إلى ظني لإمكان ظني أقوى منه فكيف يترك اليقين مع الظن ا هـ
قوله ( بأن يبقى الخ ) في كلامه إيجاز لا يفهم منه المراد فاعلم أولا أن السطح في اصطلاح علماء الهندسة ما له طول وعرض لا عمق والزاوية القائمة هي إحدى الزاويتين المتساويتين الحادثتين عن جنبي خط مستقيم قام على خط مستقيم هكذا قائمة قائمة وكلتاهما قائمتان ويسمى الخط القائم على الآخر عمودا فإن لم تتساويا فما كانت أصغر من القائمة تسمى زاوية حادة وما كانت أكبر تسمى زاوية منفرجة هكذا حادة منفرجة
ثم اعلم أنه ذكر في المعراج عن شيخه أن جهة الكعبة هي الجانب الذي إذا توجه إليه الإنسان يكون مسامتا للكعبة أو هوائها تحقيقا أو تقريبا ومعنى التحقيق أنه لو فرض خط من تلقاء وجهه على زاوية قائمة إلى الأفق يكون مارا على الكعبة أو هوائها ط ومعنى التقريب أن يكون منحرفا عنها أو عن هوائها بما لا تزول به المقابلة بالكلية بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا لها أو لهوائها
وبيانه أن المقابلة في مسافة قريبة تزول بانتقال قليل من اليمين أو الشمال مناسب لها وفي البعيدة لا تزول إلا بانتقال كثير مناسب لها فإنه لو قابل إنسان آخر من مسافة ذراع مثلا تزول تلك المقابلة بانتقال أحدهما يمينا بذراع وإذا وقعت بقدر ميل أو فرسخ لا تزول إلا بمائة ذراع أو نحوها ولما بعدت مكة عن ديارنا بعدا مفرطا تتحقق المقابلة إليها في مواضع كثيرة في مسافة بعيدة فلو فرضنا خطا من تلقاء وجه مستقبل الكعبة على التحقيق في هذه البلاد ثم فرضنا خطا آخر يقطعه على زاويتين قائمتين من جانب يمين المستقبل وشماله لا تزول تلك المقابلة والتوجه بالانتقال إلى اليمين والشمال على ذلك الخط بفراسخ كثيرة فلذا وضع العلماء القبلة في بلاد قريبة على سمت واحد ا هـ
ونقله في الفتح والبحر وغيرهما وشروح المنية وغيرها وذكره ابن الهمام في زاد الفقير
وعبارة الدرر هكذا وجهتها أن يصل الخط الخارج من جبين المصلي إلى الخط المار بالكعبة على استقامة بحيث يحصل قائمتان
أو نقول هو أن تقع الكعبة فيما بين خطين يلتقيان في الدماغ فيخرجان إلى العينين كساقي مثلث كذا قال النحرير التفتازاني في شرح الكشاف فيعلم منه أنه لو انحرف عن العين انحرافا لا تزول منه المقابلة بالكلية جاز ويؤيده ما قال في الظهيرية إذا تيامن أو تياسر تجوز لأن وجه الإنسان مقوس لأن عند التيامن أو التياسر يكون أحد جوانبه إلى القبلة ا هـ كلام الدرر
وقوله في الدرر على استقامة متعلق بقوله يصل لأنه لو وصل إليه معوجا لم تحصل قائمتان بل تكون إحداهما حادة والأخرى منفرجة كما بينا
ثم إن الطريقة
____________________
(1/428)
التي في المعراج هي الطريقة الأولى التي في الدرر إلا أنه في المعراج جعل الخط الثاني مارا على المصلى على ما هو المتبادر من عبارته وفي الدرر جعله مارا على الكعبة وتصوير الكيفيات الثلاث على الترتيب هكذا قوله ( منح ) فيه أن عبارة المنح هي حاصل ما قدمناه عن المعراج وليس فيها قوله مارا على الكعبة بل هو المذكور في صورة الدرر
ويمكن أن يراد أن مار عليها طولا لا عرضا فيكون هو الخط الخارج من جبين المصلي والخط الآخر الذي يقطعه هو المار عرضا على المصلى أو على الكعبة فيصدق بما صورناه أولا وثانيا
ثم إن اقتصاره على بعض عبارة المنح أدى إلى قصر بيانه على المسامتة تحقيقا وهي استقبال العين دون المسامتة تقديرا وهي استقبال الجهة مع أن المقصود الثانية فكان عليه أن يحذف قوله من تلقاء وجه مستقبلها حقيقة في بعض البلاد
قوله ( قلت الخ ) قد علمت أنه لو فرض شخص مستقبلا من بلده لعين الكعبة حقيقة بأن يفرض الخط الخارج من جبينه واقعا على عين الكعبة فهذا مسامت لها تحقيقا ولو أنه انتقل إلى جهة يمينه أو شماله بفراسخ كثيرة وفرضنا خطا مارا على الكعبة من المشرق إلى المغرب وكان الخط الخارج من جبين المصلي يصل على استقامة إلى هذا الخط المار على الكعبة فإنه بهذا الانتقال لا تزول المقابلة بالكلية لأن وجه الإنسان مقوس فمهما تأخر يمينا أو يسارا عن عين الكعبة يبقى شيء من جوانب وجهه مقابلا لها ولا شك أن هذا عند زيادة البعد أما عند القرب فلا يعتبر كما مر فقول الشارح هذا معنى التيامن والتياسر أي إن ما ذكره من قوله بأنه يبقى شيء من سطح الوجه الخ مع فرض الخط على الوجه الذي قررناه هو المراد بما في الدرر عن الظهيرية من التيامن والتياسر أي ليس المراد منه أن يجعل الكعبة عن يمينه أو يساره إذ لا شك حينئذ في خروجه عن الجهة بالكلية بل المفهوم مما قدمناه عن المعراج والدرر من التقييد بحصول زاويتين قائمتين عند انتقال المستقبل لعين الكعبة يمينا أو يسارا أنه لا يصح أو كانت إحداهما حادة والأخرى منفرجة بهذه الصورة
والحاصل أن المراد بالتيامن والتياسر الانتقال عن عين الكعبة إلى جهة اليمين أو اليسار لا الانحراف لكن وقع في كلامهم ما يدل على أن الانحراف لا يضر ففي القهستاني ولا بأس بالانحراف انحرافا لا تزول به المقابلة بالكلية بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة ا هـ
____________________
(1/429)
وقال في شرح زاد الفقير وفي بعض الكتب المعتمدة في استقبال القبلة إلى الجهة أقاويل كثيرة وأقربها إلى الصواب قولان الأول أن ينظر من مغرب الصيف في أوطل أيامه ومغرب الشتاء في أقصر أيامه فليدع الثلثين في الجانب الأيمن والثلث في الأيسر والقبلة عند ذلك ولو لم يفعل هكذا وصلى فيما بين المغربين يجوز وإذا وقع خارجا منها لا يجوز بالاتفاق ا هـ ملخصا
وفي منية المصلي عن أمالي الفتاوى حد القبلة في بلادنا يعني سمرقند ما بين المغربين مغرب الشتاء ومغرب الصيف فإنه صلى إلى جهة خرجت من المغربين فسدت صلاته ا هـ
وسيأتي في المتن في مفسدات الصلاة أنها تفسد بتحويل صدره عن القبلة بغير عذر فعلم أن الانحراف اليسير لا يضر وهو الذي يبقى معه الوجه أو شيء من جوانبه مسامتا لعين الكعبة أو لهوائها بأن يخرج الخط من الوجه أو من بعض جوانبه ويمر على الكعبة أو هوائها مستقيما ولا يلزم أن يكون الخط الخارج على استقامة خارجا من جهة المصلى بل منها أو من جوانبها كما دل عليه قول الدرر من جبين المصلي فإن الجبين طرف الجبهة وهما جبينان وعلى ما قررناه يحمل ما في الفتح والبحر عن الفتاوى من أن الانحراف المفسد أن يجاوز المشارق إلى المغارب ا هـ
فهذا غاية ما ظهر لي في هذا المحل والله تعالى أعلم
قوله ( فتبصر ) أشار إلى دقة ملحظه الذي قررناه وإلى عدم الاستعجال بالاعتراض ومع هذا نسبوه إلى عدم الفهم فافهم
قوله ( محاريب الصحابة والتابعين ) فلا يجوز التحري معها
زيلعي
بل علينا اتباعهم
خانية
ولا يعتمد على قول الفلكي العالم البصير الثقة إن فيها انحرافا خلافا للشافعية في جميع ذلك كما بسطه في الفتاوى الخيرية فإياك أن تنظر إلى ما يقال إن قبلة أموي دمشق وأكثر مساجدها المبنية على سمت قبلته فيها بعض انحراف وإن أصح قبلة فيها قبلة جامع الحنابلة الذي في سفح الجبل إذ لا شك أن قبلة الأموي من حين فتح الصحابة ومن صلى منهم إليها وكذا من بعدهم أعلم وأوثق وأدرى من فلكي لا ندري هل أصاب أم أخطأ بل ذلك يرجح خطأه وكل خير في اتباع من سلف
قوله ( كالقطب ) هو أقوى الأدلة وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي إذا جعله الواقف خلف أذنه اليمنى كان مستقبلا القبلة إن كان بناحية الكوفة وبغداد وهمدان ويجعله من بمصر على عاتقه الأيسر ومن بالعراق على كتفه الأيمن ومن باليمن قباله مما يلي جانبه الأيسر ومن بالشام وراءه
بحر
قال ابن حجر وقيل ينحرف بدمشق وما قاربها إلى الشرق قليلا ا هـ
وذكر الشراح للقبلة علامات أخر غالبها مبنية على سمت بلادهم منها ما قدمناه عن شرح زاد الفقير والمنية فإنها علامة لقبلة سمرقند وما كان على سمتها وفي حاشية الفتال قال البرجندي ولا يخفى أن القبلة تختلف باختلاف البقاع وما ذكروه يصح بالنسبة إلى بقعة معينة وأمر القبلة إنما يتحقق بقواعد الهندسة والحساب بأن يعرف بعد مكة عن خط الاستواء وعن طرف المغرب ثم بعد البلد المفروض كذلك ثم يقاس بتلك القواعد ليتحقق سمت القبلة ا هـ
لكن قال القهستاني ومنهم من بناه على بعض العلوم الحكمية إلا أن العلامة البخاري قال في الكشف إن أصحابنا لم يعتبروه ا هـ
وأفاد في النهر أن دلائل النجوم معتبرة عند قوم وعند آخرين ليست بمعتبرة قال وعليه إطلاق عامة المتون ا هـ
أقول لم أر في المتون ما يدل على عدم اعتبارها ولنا تعلم ما نهتدي به على القبلة من النجوم
وقال تعالى
____________________
(1/430)
{ النجوم لتهتدوا بها } الأنعام 97 على أن محاريب الدنيا كلها نصبت بالتحري حتى منى كما نقله في البحر ولا يخفى أن أقوى الأدلة النجوم
والظاهر أن الخلاف في عدم اعتبارها إنما هو عند وجود المحاريب القديمة إذ لا يجوز التحري معها كما قدمناه لئلا يلزم تخطئة السلف الصالح وجماهير المسلمين بخلاف ما إذا كان في المفازة فينبغي وجوب اعتبار النجوم ونحوها في المفازة لتصريح علمائنا وغيرهم بكونها علامة معتبرة فينبغي الاعتماد في أوقات الصلاة وفي القبلة على ما ذكره العلماء الثقات في كتب المواقيت وعلى ما وضعوه لها من الآلات كالربع والاصطرلاب فإنها إن لم تفد اليقين تفد غلبة الظن للعالم بها وغلبة الظن كافية في ذلك
ولا يرد على ذلك ما صرح به علماؤنا من عدم الاعتماد على قول أهل النجوم في دخول رمضان لأن ذاك مبني على أن وجوب الصوم معلق برؤية الهلال لحديث صوموا لرؤيته وتوليد الهلال ليس مبنيا على الرؤية بل على قواعد فلكية وهي وإن كانت صحيحة في نفسها لكن إذا كانت ولادته في ليلة كذا فقد يرى فيها الهلال وقد لا يرى والشارع علق الوجوب على الرؤية بالقبلة لا على الولادة هذا ما ظهر لي والله أعلم
قوله ( وإلا فمن الأهل ) أي وإن لم يكن ثمة محاريب قديمة فيسأل من يعلم بالقبلة ممن تقبل شهادته من أهل ذلك المكان ممن يكن بحضرته بأن يكون بحيث لو صاح به سمعه أما غير العالم بها فلا فائدة في سؤاله وأما غير مقبول الشهادة كالكافر والفاسق والصبي فلعدم الاعتداد بإخباره فيما هو من أمور الديانات ما لم يغلب على الظن صدقه كما في القهستاني ويقبل فيها قول الواحد العدل كما في النهاية وأما إذا لم يكن من أهل ذلك المكان فلأنه يخبر عن اجتهاد فلا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وأما إذا لم يكن بحضرته من أهل المسجد أحد فإنه يتحرى ولا يجب عليه قرع الأبواب كما سيأتي وظاهر التقييد بالأهل أن وجوب السؤال خاص بالحضر فلو في مفازة لا يجب
وفي البدائع ما يخالفه حيث قال فإن كان عاجزا بالاشتباه وهو أن يكون في المفازة في ليلة مظلمة ولا علم له بالأمارات الدالة على القبلة فإن كان بحضرته من يسأله عنها لا يجوز له أن يتحرى بل يجب أن يسأل لما قلنا أي من أن السؤال أقوى من التحري ا هـ
وشرط في الذخيرة كون المخبر في المفازة عالما حيث نقل عن الفقيه أبي بكر أنه سئل عمن في المفازة فأخبره رجلان أن القبلة في جانب ووقع تحريه إلى جانب آخر فقال إن كان في رأيه أنهما يعلمان ذلك يأخذ بقولهما لا محالة وإلا فلا ا هـ
وشرط في الخانية والتجنيس كونهما من أهل ذلك الموضع حيث قال فإن لم يكونا من أهل ذلك الموضع وهما مسافران مثله لا يلتفت إلى قولهما لأنهما يقولان بالاجتهاد فلا يترك اجتهاده باجتهاد غيره ا هـ
والظاهر أن المراد من اشتراط كونهما من أهل ذلك الموضع كونهما عالمين بالقبلة لأن الكلام في المفازة ولا أهل لها إلا أن يراد كونهما من أهل الأخبية فهما من أهله والأهل له علم أكثر من غيره فلا ينافي ما مر عن الذخيرة حتى لو كانا من أهله ولا علم لهما لا يلتفت إلى قولهما فالمناط إنما هو العلم فقد يكونان مسافرين مثله ولكن لهما معرفة بالقبلة في ذلك المكان بكثرة التكرار أو بطريق آخر من طرق العلم مما يفوق على تحري المتحري
ثم اعلم أن ما نقلناه آنفا عن البدائع من قوله في ليلة مظلمة الخ يقتضي أن الاستدلال بالنجوم في المفازة مقدم على السؤال المقدم على التحري فصار الحاصل أن الاستدلال على القبلة في الحضر إنما يكون بالمحاريب القديمة فإن لم توجد فبالسؤال من أهل ذلك المكان وفي المفازة بالنجوم فإن لم يكن لوجود غيم أو لعدم معرفته بها فبالسؤال من العالم بها فإن لم يكن فيتحرى وكذا يتحرى لو سأله عنها فلم يخبره حتى لو أخبره بعد ما صلى
____________________
(1/431)
لا يعيد كما في المنية
وفيها لو لم يسأله وتحرى إن أصاب جاز وإلا لا وذا الأعمى ا هـ
ومسائل التحري ستأتي
ورجح في البحر ما في الظهيرية من أنه لو صلى في المفازة بالتحري والسماء مصحية لكنه لا يعرف النجوم فتبين أنه أخطأ لا يجوز لأنه لا عذر لأحد في الجهل بالأدلة الظاهرة كالشمس والقمر وغيرهما
أما دقائق علم الهيئة وصور النجوم الثوابت فهو معذور في الجهل بها ا هـ
وقوله ( والمعتبر في القبلة الخ ) أي إن الذي يجب استقباله أو استقبال جهته هو العرصة وهي لغة كل بقعة بين الدور واسعة لا بناء فيها كما في الصحاح وغيره والمراد بها هنا تلك البقعة الشريفة
قوله ( لا البناء ) أي ليس المراد بالقبلة الكعبة التي هي البناء المرتفع على الأرض ولذا لو نقل البناء على موضع آخر وصلى إليه لم يجز بل تجب الصلاة إلى أرضها كما في الفتاوى الصوفية عن الجامع الصغير
مطلب كرامات الأولياء ثابتة وفي البحر عن عدة الفتاوى الكعبة إذا رفعت عن مكانها لزيارة أصحاب الكرامة ففي تلك الحالة جازت الصلاة إلى أرضها ا هـ
وفي المجتبى وقد رفع البناء في عهد ابن الزبير على قواعد الخليل وفي عهد الحجاج ليعيدها على الحالة الأولى والناس يصلون ا هـ فتال وما ذكره في البحر نقله في التاترخانية عن الفتاوى العتابية قال الخير الرملي وهذا صريح في كرامات الأولياء فيرد به على من نسب إمامنا إلى القول بعدمها وسيأتي تمام الكلام على ذلك في باب ثبوت النسب
قوله ( فهي من الأرض السابعة إلى العرش ) صرح بذلك في الفتاوى الصوفية معزيا للحجنة ثم قال فلو صلى في الجبال العالية والآبار العميقة السافلة جاز كما جاز على سطحها وفي جوفها
فتال فلو كان المعتبر البناء لا العرصة لم يجز ذلك فالتفريع صحيح فافهم
قوله ( عند الإمام ) لأن القادر بقدرة الغير عاجز عنده لأن العبد يكلف بقدرة نفسه لا بقدرة غيره خلافا لهما فيلزمه عندهما التوجه إن وجد موجها وبقولهما جزم في المنية والمنح والدرر والفتح بلا حكاية خلاف وهذا بخلاف ما لو عجز عن الوضوء ووجد من يوضئه حيث يلزمه ولا يجوز له التيمم اتفاقا في ظاهر المذهب وقيل على الخلاف أيضا وقدمنا الفرق في باب التيمم فراجعه
وإذا كان له مال ووجد أجيرا بأجرة مثله هل يلزمه أن يستأجره عندهما كما قالوه في التيمم أم لا لم أر من ذكره وينبغي اللزوم ثم رأيته في شرح الشيخ إسماعيل عن الروضة لكن بتقييد كون الأجرة دون نصف درهم فلو طلب نصف درهم أو أكثر لا يلزمه والظاهر أن المراد به أجر المثل كما فسروه بذلك في التيمم كما قدمناه هناك
قوله ( أو خوف مال ) أي خوف ذهابه بسرقة أو غيرها إن استقبل وسواء كان المال ملكا له أو أمانة قليلا أو كثيرا ط ولم يعزه إلى أحد فليراجع نعم سيأتي في مفسدات الصلاة أنه يجوز قطع الصلاة لضياع ما قيمته درهم له أو لغيره
قوله ( وكذا كل من سقط عنه الأركان ) أي تكون قبلته جهة قدرته أيضا
فقال في البحر ويشمل أي العذر ما إذا كان على لوح في السفينة يخالف الغرق إذا انحرف إليها وما إذا كان في طين وردغة لا يجد على الأرض مكانا يابسا أو كانت الدابة جموحا لو نزل لا يمكنه الركوب إلا بمعين أو كان شيخا كبيرا لا يمكنه أن يركب إلا بمعين ولا يجده فكما تجوز له الصلاة على الدابة ولو كانت فرضا وتسقط عنه الأركان كذلك يسقط عنه التوجه إلى القبلة إذا لم يمكنه ولا إعادة عليه إذا قدر ا هـ
فيشترط في جميع ذلك عدم إمكان الاستقبال ويشترط في الصلاة على الدابة إيقافها إن قدر وإلا بأن خاف الضرر كأن تذهب القافلة وينقطع فلا يلزمه إيقافها
____________________
(1/432)
ولا استقبال القبلة كما في الخلاصة وأوضحه في شرح المنية الكبير والحلية وقيد في الحلية مسألة الصلاة على الدابة للطين بما إذا عجز عن النزول فإن قدر نزل وصلى واقفا بالإيماء زاد الزيلعي وإن قدر على القعود دون السجود أومأ قاعدا وأنه لو كانت الأرض ندية مبتلة بحيث لا يغيب وجهه في الطين صلى على الأرض وسجد وسيأتي تمام الكلام على الصلاة على الدابة في باب الوتر والنوافل إن شاء الله تعالى
قوله ( ولو مضطجعا الخ ) تعميم لقدرة أي يتوجه العاجز إلى أي جهة قدر لو كان مضطجعا
قال الزيلعي ويستوي فيه أي في العجز الخوف من عدو أو سبع أو لص حتى إذا خاف أن يراه إن توجه إلى القبلة جاز له أن يتوجه إلى أي جهة قدر ولو خاف أن يراه العدو إن قعد صلى مضطجعا بالإيماء وكذا الهارب من العدو راكبا يصلي على دابته ا هـ
قوله ( ولم يعد ) لأن هذه الأعذار سماوية حتى الخوف من عدو لأن الخوف لم يحصل بمباشرة أحد بخلاف المقيد إذا صلى قاعدا فإنه يعيد عندهما لا عند أبي يوسف كما في شرح المنية ومر تحقيق ذلك في التيمم فينبغي أن يعيد هنا أيضا إذ لا فرق بين صلاته قاعدا أو إلى غير القبلة لأن القيد عذر من جهة العبد لأنه بمباشرة المخلوق
تأمل
مطلب مسائل التحري في القبلة قوله ( هو ) أي التحري المفهوم من فعله
قوله ( بما مر ) متعلق بمعرفة والذي مر هو الاستدلال بالمحاريب والنجوم والسؤال من العالم بها فأفاد أنه لا يتحرى مع القدرة على أحد هذه حتى لو كان بحضرته من يسأله فتحرى ولم يسأله إن أصاب القبلة جاز لحصول المقصود وإلا فلا لأن قبلة التحري مبنية على مجرد شهادة القلب من غير أمارة وأهل البلد لهم علم بجهة القبلة المبنية على الأمارات الدالة عليها من النجوم وغيرها فكان فوق الثابت بالتحري وكذا إذا وجد المحاريب المنصوبة في البلدة أو كان في المفازة والسماء مصحية وله علم بالاستدلال بالنجوم لا يجوز له التحري لأن ذلك فوقه وتمامه في الحلية وغيرها
واستفيد مما ذكر أنه بعد العجز عن الأدلة المارة عليه أن يتحرى ولا يقلد مثله لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا وإذا لم يقع تحريه على شيء فهل له أن يقلد لم أره
قوله ( فإن ظهر خطؤه ) أي بعد ما صلى
قوله ( لما مر ) وهو كون الطاعة بحسب الطاقة
قوله ( وإن علم به ) أي بخطئه فافهم
قوله ( أو تحول رأيه ) أي بأن غلب على ظنه أن الصواب في جهة أخرى فلا بد أن يكون اجتهاده الثاني أرجح إذ الأضعف كالعدم وكذا المساوي فيما يظهر ترجيحا للأول بالعمل عليه
تأمل
قوله ( استدار وبنى ) أي على ما بقي من صلاته لما روي أن أهل قباء كانوا متوجهين إلى بيت المقدس في صلاة الفجر فأخبروا بتحويل القبلة فاستداروا إلى القبلة وأقرهم النبي على ذلك وأما إذا تحول رأيه فلأن الاجتهاد المتجدد لا ينسخ حكم ما قبله في حق ما مضى
شرح المنية
وينبغي لزوم الاستدارة على الفور حتى لو مكث قدر ركن فسدت
قوله ( ولو بمكة ) بأن كان محبوسا ولم يكن بحضرته من يسأل فصلى بالتحري ثم تبين أنه أخطأ
بحر
وهذا هو الأوجه وعليه اختصر في الخانية
حلية
قوله ( ولا يلزمه قرع أبواب ) في الخلاصة إذا لم يكن في المسجد
____________________
(1/433)
قوم والمسجد في مصر في ليلة مظلمة قال الإمام النسفي في فتاواه جاز ا هـ
وفي الكافي ولا يستخرجهم من منازلهم
قال ابن الهمام والأوجه أنه إذا علم أن للمسجد قوما من أهله مقيمين غير أنهم ليسوا حاضرين فيه وقت دخوله وهم حوله في القرية وجب طلبهم ليسألهم قبل التحري لا التحري معلق بالعجز عن تعرف القبلة بغيره ا هـ
ولا منافاة بين هذا وبين ما مر عن الخلاصة والكافي لأن المراد إذا لم يكونوا داخل المنازل ولم يلزم الحرج من طلبهم بتعسف الظلمة والمطر ونحوه
شرح المنية
وقوله ( ومس جدران ) لأن الحائط لو كانت منقوشة لا يمكنه تمييز المحراب من غيره وعسى أن يكون ثم هامة مؤذية فجاز له التحري
بحر عن الخانية وهذا إنما يصح في بعض المساجد فأما في الأكثر فيمكن تمييز المحراب من غيره في الظلمة بلا إيذاء فلا يجوز لتحري
إسماعيل عن المفتاح
قوله ( ولو أعمى الخ ) قال في شرح المنية ولو صلى الأعمى ركعة إلى غير القبلة فجاء رجل فسواه إلى القبلة واقتدى به إن وجد الأعمى وقت الشروع من يسأله فلم يسأله لم تجز صلاتهما وإلا جازت صلاة الأعمى دون المقتدي لأن عنده أن إمامه بان صلاته على الفاسد وهو الركعة الأولى ا هـ
ومثله في الفيض والسراج ومفاده أن الأعمى لا يلزمه إمساس المحراب إذا لم يجد من يسأله وأنه لو ترك السؤال مع إمكانه وأصاب القبلة جازت صلاته وإلا فلا كما قدمناه عن المنية
قوله ( ولا بمتجر ) تحول أي إلى القبلة مع علم المقتدي بحالته الأولى
وعبارته في الخزائن
كمن تحرى فأخطأ ثم على فتحول لم يقتد به من علم بحاله ا هـ أي لعلمه بأن الإمام كان على الخطأ في أول الصلاة
بحر
ومفاده أنه لو تحول بالتحري أيضا إلى جهة ظنها القبلة جاز للآخر الاقتداء به إن تحرى مثله وإلا فهي المسألة الآتية
تأمل
قوله ( بمتحر ) متعلق بائتم وقوله لا تحر متعلق بمحذوف حال من فاعل ائتم
قوله ( لم يجز ) أي اقتداؤه إن ظهر أن الإمام مخطىء لأن الصلاة عند الاشتباه من غير تحر إنما تجوز عند ظهور الإصابة كما مر ويأتي وأما صلاة الإمام فهي صحيحة لتحريه وإن أصاب الإمام جازت صلاتهما كما في شرح المنية
وقوله ( استدار المسبوق الخ ) لأنه منفرد فيما يقضيه بخلاف اللاحق لأنه مقتد فيما يقضيه والمقتدي إذا ظهر له وهو وراء الإمام أن القبلة غير الجهة التي يصلي إليها الإمام لا يمكنه إصلاح صلاته لأنه إن استدار خالف إمامه في الجهة قصدا وهو مفسد وإلا كان متما صلاته إلى ما هو غير القبلة عنده وهو مفسد أيضا فكذلك اللاحق
شرح المنية
بقي ما إذا كان لاحقا ومسبوقا
وحكمه أنه إن قضى ما لحق به أولا ثم ما سبق به فإن تحول رأيه في قضاء ما لحق به استأنف وإن تحول في قضاء ما سبق به استدار وأما إن قضى ما سبق به أولا ثم ما لحق به فإن تحول رأيه فيما لحق به استأنف وإن تحول فيما سبق به فإن استمر على رأيه إلى شروعه فيما لحق به استأنف وهذا كله ظاهر وأما إن لم يستمر إلى شروعه فيما لحق به بأن تحول رأيه قبل قضاء ما لحق به إلى جهة إمامه ففيه تردد
والظاهر أنه يستدبر
تأمل ح
وأقره ط والرحمتي
قوله ( ومن لم يقع تحريه الخ ) في البحر والحلية وغيرهما عن فتاوى العتاب تحري فلم يقع تحريه على شيء قيل يؤخر وقيل يصلي إلى أربع جهات وقيل يخير ا هـ
ورجح في زاد الفقير الأول حيث جزم به وعبر عن الأخيرين بقيل واختار في شرح المنية الوسط وقال إنه الأحوط ونقل ح عن الهندية عن المضمرات أنه الأصوب فلهذا اختاره الشارح
وظاهر كلام القهستاني ترجيح الأخير وهو الذي يظهر لي فإنه قال لو تحرى ولم يتيقن بشيء فصلى إلى جهة شاء كانت جائزة ولو أخطأ فيه وقيل إن لم يقع تحريه على شيء أخر الصلاة وقيل يصلي إلى الجهات الأربع كما في الظهيرية ا هـ ومفاده أن معنى التخيير أنه يصلي
____________________
(1/434)
مرة واحدة إلى أي جهة أراد من الجهات الأربع وبه صرح الشافعية والحنابلة
وأما ما في شرح المنية الكبيرة من تفسيره بقوله وقيل يخير إن شاء أخر وإن شاء صلى الصلاة أربع مرات إلى أربع جهات فالظاهر أنه من عنده لأن عبارة فتاوى العتابي السابقة ليس فيها هذه الزيادة
ويرد عليه أنه إذا صلى الأربع يلزم عليه الصلاة ثلاث مرات إلى غير القبلة يقينا وهو منهي عنه وترك المنهي مقدم على فعل المأمور ولذا يصلي بالنجاسة إذا لزم من غسلها كشف العورة عند الأجانب على أن المأمور به هنا ساقط لأن التوجه إلى القبلة إنما يؤمر به عند القدرة عليه وقبلة المتحري هي جهة تحريه
ولما لم يقع تحريه على شي استوت في حقه الجهات الأربع فيختار واحدة منها ويصلي إليها وتصح صلاته وإن ظهر خطؤه فيها لأن أتى بما في وسعه
وهذا الوجه يقوي القول الأخير وهو التخيير على المعنى الذي ذكرناه عن القهستاني ويضعف ما اختاره الشارح وادعى أنه الاحتياط فتدبر ذلك بإنصاف
وللقول الأول الذي اختاره الكمال في زاد الفقير وجه ظاهر أيضا
وهو أنه لما كانت القبلة عند عدم الدليل عليها هي جهة التحري ولم يقع تحريه على شيء صار فاقد الشرط صحة الصلاة فيؤخرها كفاقد الطهورين
لكن القول الأخير وهو وجوب الصلاة في الوقت مع التخيير إلى أي جهة شاء أحوط كما لو وجد ثوبا أقل من ربعه طاهر ولعموم قوله تعالى { فأينما تولوا فثم وجه الله } البقرة 115 فإنه قيل نزل في مسألة اشتباه القبلة وظاهر ما قدمناه عن القهستاني اختياره وبه يشعر كلام البحر وهو مذهب الشافعية والحنابلة كما مر
مطلب إذا ذكر في مسألة ثلاثة أقوال فالأرجح الأول أو الثالث لا الوسط وقدمناه أول الكتاب عن المستصفى أنه إذا ذكر في مسألة ثلاثة أقوال فالأرجح الأول أو الثالث لا الوسط والله أعلم
قوله ( استدار ) قال في شرح المنية واختلف المتأخرون فيما إذا تحول رأيه في الثالثة أو الرابعة إلى الجهة الأولى قيل يتم الصلاة وقيل يستقبل كذا في الخلاصة والأول أوجه ا هـ ولذا قدمه في الخانية لأنه يقدم الأشهر وجزم به القهستاني وتبعه الشارح
قوله ( استأنف ) لأنه إن سجدها إلى الجهة الثانية فقد سجدها إلى غير قبلة لأنها جزء من الركعة الأولى والجهة الثانية ليست قبلة للركعة الأولى بجميع أجزائها وإن سجدها إلى الجهة الأولى فقد انحرف عما هو قبلته الآن ا هـ ح
قوله ( وإن شرع ) الضمير راجع إلى العاجز أي إذا اشتبهت عليه القبلة وعجز عن معرفتها بالأدلة المارة فقبلته جهة تحريه فلو شرع بلا تحر لم تجز صلاته ما لم يتيقن بعد فراغه أنه أصاب القبلة لأن الأصل عدم الاستقبال استصحابا للحال فإذا تبين يقينا أنه أصاب ثبت الجواز من الابتداء وبطل الاستصحاب حتى لو كان أكبر رأيه أنه أصاب فالصحيح أنه لا يجوز كما في الحلية عن الخانية ولو تيقن في أثناء صلاته لا يجوز خلافا لأبي يوسف لأن حاله بعد العلم أقوى وبناء القوي على الضعيف لا يجوز
قوله ( بخلاف الخ ) أي لو وقع تحريه على جهة وصلى إلى غيرها فإنه يستأنف مطلقا أي سواء علم أنه أصاب أو أخطأ في الصلاة أو بعدها أو لم يظهر شيء
وعن
____________________
(1/435)
أبي حنيفة أنه يخشى عليه الكفر
وعن الثاني يجزيه إن أصاب وبالأول يفتى
فيض
والفرق لهما أن ما فرض لغيره يشترط حصوله لا تحصيله لكن مع عدم اعتقاد الفساد وعدم الدليل عليه ومخالفة جهة تحريه اقتضت اعتقاد فساد صلاته فصار كما لو صلى
وعنده أنه محدث أو أن ثوبه نجس أو أن الوقت لم يدخل فبان بخلاف ذلك لا يجزيه في ذلك كله لأن عنده أن ما فعله غير جائز بخلاف صورة عدم التحري فإنه لم يعتقد الفساد بل هو شاك فيه وفي عدمه فإذا ظهرت إصابته بعد التمام أزال أحد الاحتمالين وتقرر الآخر بلا لوم بناء القوي على الضعيف بخلاف ما إذا علم الإصابة قبل التمام كما في شرح المنية
قوله ( أو ثوبه ) بالنصب عطفا على اسم إن ومثله الوقت ح
قوله ( فلو لم تشتبه الخ ) ذكره هنا استطرادا وكان ينبغي ذكره عند قول المصنف وإن شرع بلا تحر لأنه مفروض فيما إذا اشتبهت عليه القبلة كما قدمناه فيكون قوله فلو لم تشتبه بيانا لمفهومه
ثم إن مسائل التحري تنقسم باعتبار القسمة العقلية إلى عشرين قسما لأنه إما أن لا يشك ولا يتحرى أو شك وتحرى أو لم يتحر أو تحرى بلا شك
وكل وجه على خمسة لأنه إما أن يظهر صوابه أو خطؤه في الصلاة أو خارجها أو لا يظهر أما الأول فإن ظهر خطؤه فسدت مطلقا أو صوابه قبل الفراغ قيل هو كذلك لأنه قوي حاله والأصح لا ولو بعده أو لم يظهر أو كان أكبر رأيه الإصابة فكذلك لا تفسد
وحكم الثاني الصحة في الوجوه كلها
وحكم الثالث الفساد في الوجوه كلها أو لو أكبر رأيه أنه أصاب على الأصح إلا إذا علم يقينا بالإصابة بعد الفراغ
والرابع لا وجود له خارجا كذا في النهر
وقد ذكر المصنف الثاني بقوله ويتحرى عاجز والثالث بقوله وإن شعر بلا تحر وذكر الشارح الأول بقوله فلو لم تشتبه الخ لكن كان عليه أن يقول إن ظهر خطؤه فسدت وإلا فلا وقد حذف الرابع لعدم وجوده هذا هو الصواب في تقرير هذا المحل فافهم
قوله ( مع إمام ) أما لو صلوا منفردين صحت صلاة الكل ولا يتأتى فيه التفصيل
قوله ( فمن تيقن منهم ) التيقن غير قيد بل غلبة الظن كافية يدل عليه ما في الفيض حيث قال وإن صلوا بجماعة تجزيهم إلا صلاة من تقدم على إمامه أو علم بمخالفة إمامه في صلاته وكذا لو كان عنده أنه تقدم على الإمام أو صلى إلى جانب آخر غير ما صلى إليه إمامه ا هـ
قوله ( حالة الأداء ) ظرف لقوله تيقن مخالفة إمامه في الجهة مع قطعا لنظر عن قوله أو تقدمه عليه لأنه إذا تقدم على إمامه لم يجز سواء علم بذلك حالة الأداء أو بعده بخلاف مخالفته لإمامه في الجهة فإنه لا يضر إلا إذا علم بها حالة الأداء كما دلت عليه عبارة الفيض التي ذكرناها آنفا ومثلها قوله في الملتقى جازت صلاة من لم يتقدمه بخلاف من تقدمه أو علم حاله وخالفه ا هـ
وفي متن الغرر إن لم يعلم مخالفة إمامه ولم يتقدمه جاز وإلا فلا
قوله ( لاعتقاده الخ ) نشر مرتب ح
قوله ( كما لو لم يتعين الإمام الخ ) تبع في ذلك النهر عن المعراج
ونص عبارة المعراج وقال بعض أصحابه أي الشافعي عليهم الإعادة لأن فعل الإمام في اعتقادهم متردد بين الخطأ والصواب ولو لم يتعين الإمام بأن رأى رجلين يصليان فنوى الاقتداء بواحد لا بعينه لا يجوز فكذا إذا لم يتعين فعل الإمام ا هـ
وبه ظهر أن المناسب حذف هذه المسألة بالكلية إذ لا مدخل لها هنا إلا على قول بعض الشافعية القائلين بأنه لا تصح صلاة من جهل حال إمامه قياسا على ما لو جهل عينه فافهم
____________________
(1/436)
فروع في النية قوله ( فروع ) كان المناسب ذكر هذه الفروع عند الكلام على النية قبيل استقبال القبلة كما فعل في الخزائن
قوله ( النية عندنا شرط مطلقا ) أي في كل العبادات باتفاق الأصحاب لا ركن وإنما وقع الاختلاف بينهم في تكبيرة الإحرام والمعتمد أنها شرط كالنية وقيل بركنيتها أشباه وإنما قال مطلقا ليشمل صلاة الجنازة بخلاف تكبيرة الإحرام فإنها ركن فيها اتفاقا كما سيأتي في بابه ح
واستثنى في الأشباه من العبادات الإيمان والتلاوة والأذكار والأذان فإنها لا تحتاج إلى نية كما في شرح البخاري للعيني وكل ما لا يكون إلا عبادة لا يحتاج إلى النية كما في شرح ابن وهبان قال وكذا النية لا تحتاج إلى نية ا هـ
ويستثنى أيضا ما كان شرطا للعبادة إلا التيمم وإلا استقبال القبلة على قول الكرخي المشترط نيته والمعتمد خلافه وكذا ما كان جزء عبادة كمسح الخف والرأس وغير ذلك
قوله ( فلو مما يتعلق ) أي فلو كان هو أي المنوي المدلول عليه بالنية مما يتعلق بالأقوال كقوله أنت طالق وأنت حر إن شاء الله بطل لأن الطلاق أو العتق لا يتعلق بالنية بل بالقول حتى لو نوى طلاقها أوعتقه لا يصح بدون لفظ
قال ح فإن قلت وقوع الطلاق متعلق بلفظ أنت طالق ولا عبرة بالنية لأنه صريح
قلت هذا مسلم في القضاء
وأما في الديانة فهي معتبرة حتى إذا نوى به الطلاق من وثاق لا يقع ديانة ا هـ
أقول وكذا صرح بذلك في البحر والأشباه وعليه فالفرق بين الصريح والكناية أن الأول لا يحتاج إلى النية في القضاء فقط ويحتاج إليها ديانة والثاني يحتاج إليها فيهما لكن احتياج الأول إلى النية ديانة معناه أن لا ينوي به غير معناه العرفي فلو نوى الطلاق من الوثاق أي القيد لا يقع لصرفه اللفظ عن معناه
أما إذا قصد التلفظ بأنت طالق مخاطبا به زوجته ولم يقصد به الطلاق ولا غيره فالظاهر الوقوع قضاء ديانة لأن اللفظ حقيقة فيه وبدليل أنه لو صرح العدد لا يدين كما لو نوى الطلاق عن العمل فيقع قضاء وديانة
قوله ( وإلا لا ) أي وإلا يكن المنوي مما يتعلق بالأقوال كالصوم لا يبطل بالمشيئة لأنه يتعلق بمجرد النية القلبية بدون قول فلو نوى الصوم وقال إن شاء الله لا يبطل
قال في الأشباه ولو علقها أي نية الصوم بالمشيئة صحت لأنها إنما تبطل الأقوال والنية ليست منها ا هـ
قوله ( إلا على قول محمد في الجمعة ) فعنده لا يدرك الجمعة إلا بإدراك ركعة مع الإمام فلو اقتدى بعد ما رفع الإمام رأسه من ركوع الثانية ينوي جمعة ويتمها ظهرا عنده فقد نوى الجمعة ولم يؤدها وأدى الظهر ولم ينوه وهو مذهب الشافعي
وعندنا يتمها جمعة متى صح اقتداؤه بالإمام ولو في سجود السهو على القول بفعله فيها
ونقض الحموي الحصر بمسائل ينوي فيها خلاف ما يؤدي منها ما لو طاف بنية التطوع في أيام النحر وقع عن الفرض وما لو صام يوم الشك تطوعا فظهر أنه من رمضان كان منه وما لو تهجد بركعتين فظهر أن الفجر طالع ينوبان عن سنة الفجر
وما لو صام عن كفارة ظهار أو إفطار فقد على العتق يمضي في صوم النفل
وما لو نذر صوم يوم بعينه فصامه بنية النفل يقع عن النذر كما في جامع التمرتاشي ا هـ
أقول قد يجاب بأن المراد النية التي هي شرط الصحة فالمعنى ليس لنا من يلزمه أن ينوي خلاف ما يؤدي إلا في مسألة على أن أكثر هذه المسائل ليس فيها المخالفة بين المنوي والمؤدي إلا من حيث الصفة بخلاف الجمعة
____________________
(1/437)
فإنها مخالفة للظهر ذاتا وصفة فتدبر
قوله ( المعتمد أن العبادة الخ ) مقابله ما في الأشباه عن المجتبى من أنه لا بد من نية العبادة في كل ركن فافهم
واحترز بذات الأفعال عما هي فعل واحد كالصوم فإنه لا خلاف في الاكتفاء بالنية في أوله
ويرد عليه الحج فإنه ذو أفعال منها طواف الإفاضة لا بد فيه من أصل نية الطواف وإن لم يعينه عن الفرض حتى لو طاف نفلا في أيامه وقع عنه
والجواب أن الطواف عبادة مستقلة في ذاته كما هو ركن للحج فباعتبار ركنيته يندرج في نية الحج فلا يشترط تعيينه وباعتبار استقلاله اشترط فيه أصل نية الطواف حتى لو طاف هاربا أو طالبا لغريم لا يصح بخلاف الوقوف بعرفة فإنه ليس بعبادة إلا في ضمن الحج فيدخل في نيته وعلى هذا الرمي والحلق والسعي
وأيضا فإن طواف الإفاضة يقع بعد التحلل بالحلق حتى أنه يحل له سوى النساء وبذلك يخرج من الحج من وجه دون وجه فاعتبر فيه الشبهان
قوله ( اعتبر السابق ) لعل وجهه أن الصلاة عبادة واحدة غير متجزئة فالنظر فيها إلى ابتدائها فإذا شرع فيها خالصا ثم عرض عليه الرياء فهي باقية لله تعالى على الخلوص وإلا لزم أن يكون بعضها له وبعضها لغيره مع أنها واحدة
نعم لو حسن بعضها رياء فالتحسين وصف زائد لا يثاب به ويؤخذ مما ذكرنا أنه لو افتتحها مرائيا ثم أخلص اعتبر السابق
وهذا بخلاف ما لو كان عبادة يمكن تجزئتها كقراءة واعتكاف فإن الجزء الذي دخله الرياء له حكمه والخالص له حكمه
قوله ( والرياء أنه الخ ) أي الرياء الكامل المحبط للثواب عن أصل العبادة أو لتضعيفه وإلا فالتحسين لأجل الناس رياء أيضا بدليل أنه لا يثاب عليه وإنما يثاب على أصل العبادة
وسيأتي في فصل إذا أراد الشروع في الصلاة أنه لو أطال الركوع لإدراك الجائي قال أبو حنيفة أخاف عليه أمرا عظيما يعني الشرك الخفي وهو الرياء كما سيأتي تحقيقه وقوله ولا يترك الخ أي لو أراد أن يصلي أو يقرأ فخاف أن يدخل عليه الرياء فلا ينبغي أن يترك لأنه أمر موهوم
أشباه عن الولواجية
وقد سئل العارف المحقق شهاب الدين بن السهروردي عما نصه يا سيدي إن تركت العمل أخلدت إلى البطالة وإن عملت داخلني العجب فأيهما أولى فكتب جوابه اعمل واستغفر الله من العجب ا هـ
فتأمل
قوله ( لا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب ) أي إن الرياء لا يبطل الفرض وإن كان الإخلاص من جملة الفرائض
قال في مختارات النوازل وإذا صلى رياء وسمعة تجوز صلاته في الحكم لوجود شرائطه وأركانه ولكن لا يستحق الثواب والذي في الذخيرة خلافه قال الفقيه أبو الليث في النوازل قال بعض مشايخنا الرياء لا يدخل في شيء من الفرائض وهذا هو المذهب المستقيم أن الرياء لا يفوت أصل الثواب وإنما يفوت تضاعف الثواب ا هـ بيري على الأشباه
وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة في كتاب الحظر والإباحة
قوله ( قيل لشخص الخ ) قال في الأشباه وهذه المسألة ليست منصوصة في مذهبنا وصرح بها النووي وقواعدنا لا تأباها أما الإجزاء فلأنه لا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب وأما عدم استحقاق الدينار فلأنه استئجار على واجب ولا يستحق به الأجرة كالأب
____________________
(1/438)
إذا استأجر ابنه للخدمة لا يستحق عليه الأجرة لأن خدمته واجبة عليه ا هـ ح
قوله ( الصلاة لإرضاء الخصوم لا تفيد الخ ) لم يتعرض لكون ذلك جائزا وظاهر مختارات النوازل أن ذلك لا يجوز حيث قال ينبغي أن لا يفعل ذلك ولعل ذلك من إلقاء المبطلين ا هـ
وفي الولواجية إذا صلى لوجه الله تعالى فإن كان له خصم لم يجز بينه وبينه عفو أخذ من حسناته ودفع إليه في الآخرة نوى أو لم ينو وإن لم يكن له خصم أو كان وجرى بينهما عفو لم يدفع إليه من حسناته شيء نوى أو لم ينو ا هـ بيري
وعلى هذا فالمراد بالصلاة المذكورة أن ينوي الصلاة لله تعالى لأجل أن يرضى عنه أخصامه وعدم جوازه لكونه بدعة بخلاف الصلاة لتحية المسجد أو نحوها من المندوبات وأما لو صلى ووهب ثوابها للخصوم فإنه يصح لأن العامل له أن يجعل ثواب عمله لغيره عندنا كما سيأتي في باب الحج عن الغير إن شاء الله تعالى
قوله ( جاء ) أي في بعض الكتب أشباه عن البزازية ولعل المراد بها الكتب السماوية أو يكون ذلك حديثا نقله العلماء في كتبهم
والدانق بفتح النون وكسرها سدس الدرهم وهو قيراطان والقيراط خمس شعيرات ويجمع على دوانق ودوانيق
كذا في الأختري حموي
قوله ( ثواب سبعمائة صلاة بالجماعة ) أي من الفرائض لأن الجماعة فيها والذي في المواهب عن القشيري سبعمائة صلاة مقبولة ولم يقيد بالجماعة
قال شارح المواهب ما حاصله هذا لا ينافي أن الله تعالى يعفو عن الظالم ويدخله الجنة برحمته ط ملخصا
قوله ( وإلا تقع نفلا ) أي غير نائب في حقه عن ركعتين من التراويح لوقوعها قبل صلاة العشاء ووقت التراويح بعد صلاة العشاء على المعتمد ط
قوله ( فللمكتوبة ) أي لقوتها لفرضيتها عينا ولكونها صلاة حقيقة والجنازة كفاية وليست بصلاة مطلقة
قوله ( ولو مكتوبتين ) أي إحداهما وقتية والأخرى لم يدخل وقتها كما لو نوى في وقت الظهر ظهر هذا اليوم وعصره كذ في شرح المنية وشرح الأشباه للبيري
ويدل عليه قوله الآتي ولو فائتة ووقتية الخ
قوله ( فللوقتية ) علل له في المحيط بأن الوقتية واجبة للحال وغيرها لا ا هـ
وهو يفيد أنه ليس بصاحب ترتيب وإلا فالفائتة أولى كما لا يخفى
بحر
أقول هذه الإفادة إنما تتم لو أريد بالمكتوبتين ما يشمل الوقتية مع الفائتة وليس كذلك بل المراد بهما الوقتية مع التي لم يدخل وقتها كما علمت
قوله ( ولو فائتتين فللأولى ) وكذا لو وقتيتين كالظهر والعصر في عرفة كما بحثه البيري
وقال ح لأن العصر وإن صحت في وقت الظهر في ذلك اليوم إلا أن الظهر واجبة التقديم عليها للترتيب فكانتا بمنزلة فائتتين لم يسقط الترتيب بينهما كما هو ظاهر
قوله ( لو من أهل الترتيب الخ ) تبع في البحر أخذا من تعليل المحيط للمسألة بأن الثانية لا تجوز إلا بعد قضاء الأول
قال في البحر وهو إنما يتم فيما إذا كان الترتيب بينهما واجبا ا هـ
أقول ما ذكره في البحر مأخوذ من الحلية لكنه في الحلية قال بعده بقي ما لو لم يكن الترتيب بينهما واجبا ويمكن أيضا أن يقال إنها للأولى لأن تقديمها أولى ا هـ
وجزم بذلك الحلبي في شرحه الصغير حيث قال فللأولى منهما لترجحها بالسبق وإن لم يكن صاحب ترتيب ا هـ فافهم
قوله ( فللفائتة لو الوقت متسعا ) وأما إذا خاف ذهاب وقت الحاضرة فإنه يجزيه عنها حتى يكون عليه قضاء الفائتة كما في الأجناس
بيري
هذا وقال ح بعد قوله لو الوقت
____________________
(1/439)
متسعا أي وكان بينهما ترتيب إذ لو كان متسعا ولم يكن بينهما ترتيب لغت نيته كما صرح به في البحر ا هـ
وأقول لم يصرح بذلك في البحر في هذه المسألة نعم صرح به في شرح المنية بحثا وبحث في الحلية خلافه فافهم
ثم اعلم أن ما ذكره الشارح من قوله فللفائتة الخ عزاه في الفتح إلى المنتقى ومثله في السراج وعزاه في البحر إلى المنية وذكر قبله أنه لا يصير شارعا في واحدة منهما ثم قال وأفاد في الظهيرية أن فيها روايتين ا هـ
أقول وكذا ذكر أولا في الخلاصة عن الجامع الكبير أنه لا يصير شارعا في واحدة منهما ثم قال وفي المنتقى يصير شارعا في الأولى ا هـ
فتكون رواية
وقال الإمام الفارسي في شرحه على تلخيص الجامع الكبير للخلاطي حيث قال في شرح قوله ناوي الفرضين معا لاغ في الصلاة إلحاقا للدفع بالرفع في التنافي متنفل في غيرها الخ أي نية الفرضين معا إن كانت في الصلاة كانت لغوا عندهما وهو رواية الحسن عن الإمام
وصورته لو كبر ينوي ظهرا عليه من يوم أو يومين عالما بأولهما أو لا فلا يصير شارعا في واحد منهما للتنافي بدليل أنه لو طرأ أحدهما على الآخر رفعه وأبطله أصلا حتى لو شرع في الظهر ينوي عصرا عليه بطلت الظهر وصح شروعه في العصر فإذا كان لكل منهما قوة رفع الأخرى بعد ثبوتها يكون لها قوة دفعها عن المحل قبل استقرارها بالأولى لأن الدفع أسهل من الرفع وهذا على أصل محمد وكذا على أصل أبي يوسف لأن الترجيح عنده إما بالحاجة إلى التعيين وإما بالقوة وقد استويا في الأمرين ثم إطلاق الفرضين يتناول ما وجب بإيجاب الله تعالى كالمكتوبة أو بإيجاب العبد كالمنذور أداء وقضاء وما ألحق به كفاسد النفل سواء كانا من جنس واحد كالظهرين والجنازتين والمنذورتين أو من جنسين كالظهر مع العصر أو مع النذر أو مع الجنازة وقيل إن ناوي الفرضين في الصلاة متنفل عندهما خلافا لمحمد وإن كانت نية الفرضين في غير الصلاة كالزكاة والصوم والحج والكفارة كانت معتبرة ويكون متنفلا إلا في كفارتين من جنس واحد فيكون مفترضا ا هـ ملخصا وتمامه فيما علقناه على البحر
فعلم أن رواية الجامع الكبير مخالفة لرواية المنتقى فلا يصير شارعا في الصلاة أصلا إذا جمع في النية بين فرضين كل منهما قضاء أو أحدهما أداء والآخر قضاء
أو لم يدخل وقته أو جنازة أو منذور أو غيره من الواجبات وقيل يصير متنفلا فلم تعتبر القوة على رواية الجامع إلا فيما إذا جمع بين فرض وتطوع فإنه يكون مفترضا عندهما لقوته
وقال محمد إن كانت في الصلاة تلغو فلا يصير شارعا فيهما وإن كانت في صوم أو زكاة أو حج نذر مع تطوع يكون متنفلا بخلاف حجة الإسلام والتطوع فإنه مفترض اتفاقا كما أوضحه الفارسي في شرحه والله أعلم
قوله ( فللفرض ) أي خلافا لمحمد كما علمته آنفا
قوله ( ولو نافلتين ) قد تطلق النافلة على ما يشمل السنة وهو المراد هنا قوله ( فعنهما ) ذكره في الأشباه ثم قال ولم أر حكم ما إذا نوى سنتين كما إذا نوى في يوم الاثنين صومه عنه وعن يوم عرفة إذا وافقه فإن مسألة التحية إنما كانت ضمنا للسنة لحصول المقصود
ا هـ أي فكذا الصوم عن اليومين وأيده العلامة البيري بأنه يجزيه الصوم في الواجبين ففي غيرهما أولى لما في خزانة الأكمل لو قال لله علي أن أصوم رجب ثم صام عن كفارة ظهار شهرين متتابعين أحدهما رجب أجزأه بخلاف ما لو كان أحدهما رمضان ولو نذر صوم جميع عمره ثم وجب صوم شهرين عن ظهار أو أوجب صوم شهر بعينه ثم قضى فيه صوم رمضان جاز من غير أن يلحقه شيء ا هـ
لكن ليس في هذا جمع بين نيتين بل هو نية واحدة أجزأت عن صومين ولم يذكر الشارح هذه المسألة لأن كلامه في الصلاة ولا تتأتى فيها
ويمكن تصويره فيما لو نوى سنة العشاء والتهجد بناء على ما رجحه ابن الهمام من أن التهجد في حقنا سنة
____________________
(1/440)
لا مستحب
قوله ( فنافلة ) لأنها صلاة مطلقة وتلك دعاء
قوله ( ولا تبطل بنية القطع ) وكذا بنية الانتقال إلى غيرها ط
قوله ( ما لم يكبر بنية مغايرة ) بأن يكبر ناويا النفل بعد شروع الفرض وعكسه أو الفائتة بعد الوقتية وعكسه أو الاقتداء بعد الانفراد وعكسه
وأما إذا كبر بنية موافقة كأن نوى الظهر بعد ركعة الظهر من غير تلفظ بالنية فإن النية الأولى لا تبطل ويبنى عليها
ولو بنى على الثانية فسدت الصلاة ط
قوله ( الصوم ) ونحوه الاعتكاف ولكن الأولى عدم الاشتغال بغير ما هو فيه ط والله أعلم
باب صفة الصلاة قوله ( شروع في المشورط ) هذا يفيد أن المراد بالصفة الأوصاف النفسية للصلاة وهي الأجزاء العقلية التي هي أجزاء الهوية من القيام والركوع والسجود لأن ذلك هو المشروط وسيأتي أن الأولى خلافه ط
قوله ( هي لغة مصدر ) يقال وصف الشيء وصفا وصفة نعته والصفة كالعلم والسواد
قاموس
وفي تعريفات السيد الوصف عبارة عما دل على الذات باعتبار معنى هو المقصود من جوهر حروفه ويدل على الذات بصيغته كأحمر فإنه بجوهر حروفه يدل على معنى مقصود وهو الحمرة فالوصف والصفة مصدران كالوعد والعدة
والمتكلمون فرقوا بينهما فقالوا الوصف يقوم بالواصف والصفة تقوم بالموصوف ا هـ
لكن كلام القاموس يدل على إطلاق الصفة على ما قام بالموصوف لغة أيضا فالصفة تكون مصدرا واسما والوصف مصدر فقط
قال في الفتح والبحر
ولا ينكر أنه قد يطلق الوصف ويراد الصفة وبهذا لا يلزم الاتحاد لغة إذ لا شك في أن الوصف مصدر ا هـ
وظاهره أن الوصف قد يستعمل اسما بمعنى الصفة مجازا لا لغة فلا يلزم اتحادهما خلافا لما قيل إنهما في اللغة بمعنى واحد
قوله ( وعرفا كيفية الخ ) مبني على عرف المتكلمين وإلا فقد علمت أن الصفة تكون في اللغة مصدرا واسما وهذا تعريف لصفة أجزاء الصلاة خاصة لا لمطلق الصفة
قال ح فيكون على حذف مضاف تقديره صفة أجزاء الصلاة فبعض الأجزاء صفته الفرضية كالقيام وبعضها الوجوب كالشتهد وبعضها السنية كالثناء وبعضها الندب كنظره إلى موضع سجوده في القيام وإنما قدرنا المضاف لأن المقام مقام بيان صفة الأجزاء لا صفة نفس الصلاة ا هـ
وهذا أولى مما في الفتح من أن المراد بالصفة هنا الأوصاف النفسية لها وهي الأجزاء العقلية التي هي أجزاء الهوية الخارجية من القيام الجزئي والركوع والسجود كذا في النهر
قال ط ووجه الأولوية أنه لا يشمل الواجبات والسنن والمندوبات ا هـ
وفيه نظر فإن الواجبات وغيرها مما يطلب من المصلي فعله أجزاء الصلاة إذ ليس المراد بالأجزاء ما يتوقف عليه صحتها ولعل وجه الأولوية أن الصفة ما قام بالموصوف والأجزاء هي التي قامت بها صفة الفرضية والوجوب ونحوهما فليست هي الصفة بل الموصوف
وقد يجاب بأن المراد أن هذه الأجزاء هي أوصاف المصلي وتنسب إلى الصلاة لكونها أجزاء الهوية الخارجية التي صارت بها الصلاة في الخارج هي هي وعليه فالإضافة في صفة الصلاة بيانية أو المراد بالصفة الجزء مجازا لقيامه بالكل ويدل عليه قوله في الكفاية والمعراج إن الإضافة فيه من إضافة الجزء إلى الكل لأن كل صفة مما يأتي جزء الصلاة إلخ فهذا مؤيد لما قاله في الفتح ويدل عليه أيضا أن المراد من هذا الباب بيان هذه الأجزاء
____________________
(1/441)
المتنوعة إلى فرض وواجب وسنة لا بيان نفس الفرضية والوجوب والسنية التي هي صفات هذه الأجزاء إذ بيانها في كتب الأصول لا الفروع
تأمل
مطلب قد يطلق الفرض على ما يقابل الركن وعلى ما ليس بركن ولا شرط قوله ( من فرائضها ) جمع فريضة أعم من الركن الداخل الماهية والشرط الخارج عنها فيصدق على التحريمة والقعدة الأخيرة والخروج بصنعه على ما سيأتي وكثيرا ما يطلقون الفرض على ما يقابل الركن كالتحريمة والقعدة وقدمنا في أوائل كتاب الطهارة عن شرح المنية أنه قد يطلق الفرض على ما ليس بركن ولا شرط كترتيب القيام والركوع والسجود والقعدة وأشار بمن التبعيضية إلى أن لها فرائض أخر كما سيأتي في قول الشارح وبقي من الفروض الخ أفاده ح
قوله ( التي لا تصح بدونها ) صفة كاشفة إذ لا شيء من الفروض ما تصح الصلاة بدونه بلا عذر
وقوله ( التحريمة ) المراد بها جملة ذكر خالص مثل الله أكبر كما سيأتي مع بيان شروطها العشرين نظما
والتحريم جعل الشيء محرما سميت بها لتحريمها الأشياء المباحة قبل الشروع بخلاف سائر التكبيرات والتاء فيها للمبالغة
قهستاني
وهو الأظهر برجندي
وقيل للوحدة وقيل للنقل من الوصفية إلى الاسمية
قوله ( قائما ) هو أحد شروطها العشرين الآتية وسيذكره المصنف في الفصل الآتي
قوله ( وهي شرط ) وإنما لم يذكرها مع الشروط المارة لاتصالها بها بمنزلة الباب للدار
أفاده في السراج
قوله ( في غير جنازة ) أما فيها فهي ركن اتفاقا كبقية تكبيراتها كما سيأتي في بابه ح
قوله ( على القادر ) متعلق بشرط لتضمنه معنى الفرض أي وهي شرط مفترض عليه ح
أما الأمي والأخرس لو افتتحا بالنية جاز لأنهما أتيا بأقصى ما في وسعهما
بحر عن المحيط وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الفصل الآتي
قوله ( به يفتى ) الضمير راجع إلى الحكم عليها بالشرطية وهو مضمون النسبة الإيقاعية في قوله وهي شرط
قوله ( فيجوز بناء النفل على النفل ) تفريع على كون التحريمة شرطا لكن كونها شرطا يقتضي صحة بناء أي صلاة على تحريمة أي صلاة كما يجوز بناء أي صلاة على طهارة أي صلاة وكذا بقية الشروط لكن منعنا بناء الفرض على غيره لا لأن التحريمة ركن بل لأن المطلوب في الفرض تعيينه وتمييزه عن غيره بأخص أوصافه وجميع أفعال وأن يكون عبادة على حدة ولو بنى على غيره لكان مع ذلك الغير عبادة واحدة كما في بناء النفل على النفل
قال في البحر فإنه يكون صلاة واحدة بدليل أن القعود لا يفترض إلا في آخرها على الصحيح وقولهم إن كل ركعتين من النفل صلاة لا يعارضه لأنه في أحكام دون أخرى ا هـ ح
قوله ( وعلى الفرض ) لأن الفرض أقوى فيستتبع النفل لضعفه ط
قوله ( وإن كره ) يعني أنه مع صحته مكروه لأن فيه تأخير السلام وعدم كون النفل بتحريمة مبتدأة ح وهذا في العمد إذ لو سها بعد قعدة الفرض فزاد خامسة يضم سادسة بلا كراهة
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر المذهب خلافا لصدر الإسلام حيث قال بالجواز فيهما كما في البحر لكن ذكر في النهاية بعد عزوه الجواز في بناء الفرض على مثله إلى صدر الإسلام أن بناء الفرض على النفل لم نجد فيه رواية ثم قال ولكن يجب أن لا يجوز حتى على قول صدر الإسلام لأنه جوز بناء المثل فلا يجوز بناء الأقوى على الأدنى ولأن الشيء يستتبع مثله أو دونه لا ما هو أقوى إلى آخر ما أطال به وتبعه في المعراج والعناية وبهذا ظهر عدم صحة قول النهر
ولا خلاف في جواز بناء النفل على النفل والفرض عليه فتنبه
قوله ( ولاتصالها الخ ) علة مقدمة على المعلول وهو قوله روعي لها الشروط وهذا حاصل عبارة البرهان الآتية وهو جواب عن
____________________
(1/442)
سؤال مقدر وهو أنها إذا كانت شرطا فلم روعي لها الشروط والشروط تراعى للأركان
والجواب إنما روعيت الشروط لها من الطهارة والاستقبال ونحوهما لا لكونها ركنا للصلاة بل لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة
قوله ( وقد منعه الزيلعي ) أي منع ما ذكر من قوله روعي لها الشروط حيث قال في الرد على الشافعي القائل بركنية التحريمة وقوله يشترط لها ما يشترط للصلاة ممنوع فإنه لو أحرم حاملا للنجاسة فألقاها عند فراغه منها أو مكشوف العورة فسترها عند فراغه من التكبير بعمل يسير أو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال مثلا ثم ظهر عند فراغه منها أو منحرفا عن القبلة فاستقبلها عند الفراغ منها جاز ولئن سلم فإنما يشترط لما يتصل به من الأداء لا لأن التحريمة من الصلاة ا هـ
قوله ( ثم رجع إليه ) أي إلى القول بمراعاة الشروط لها بقوله ولئن سلم الخ فإنه وإن كان على سبيل التنزل مع الخصم لكن قوله فإنما يشترط لما يتصل به من الأداء الخ صريح في لزوم مراعاة الشروط وقتها لا لها بل لاتصالها بالقيام الذي هو ركن اتفاقا ونظير ذلك قولك لا نسلم أن الحركة تجتمع مع السكون ولئن سلم يلزم اجتماع الضدين فقولك ولئن سلم كلام فرضي قصد به ما بعده فعلم أن الزيلعي أراد بهذا الكلام لزوم مراعاة الشروط وقت التحريمة لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة وعليه فلو أحرم حاملا للنجاسة فألقاها عند فراغه من التحريمة لا تصح صلاته لاتصال النجاسة بجزء من القيام وكذا بقية المسائل المارة في عبارة الزيلعي ولو لم يكن مراده ذلك لم يصح تفريعه على فرض التسليم المذكور فثبت أن ما منعه أو رجع إليه ثانيا
فافهم
قوله ( نعم ) تصديق لما فعله الزيلعي من تقديم المنع على التسليم جريا على قواعد علماء المناظرة وقوله في التلويح الخ تأييد له وقصد بذلك الرد على من قدم التسليم على المنع عكس ما فعله الزيلعي كما يعلم من كلام البحر فراجعه فافهم
قوله ( لكن نقول الخ ) استدراك على المنع وتأييد لما رجع إليه الزيلعي بأنه الاحتياط وقوله وعبارة البرهان الخ تقوية للاستدراك لأن قول البرهان وإنما اشترط لها الخ صريح في مراعاة الشروط لها وإن لم تكن ركنا لاتصالها بالقيام الذي هو ركن الصلاة وقال الشارح في خزائن الأسرار ظاهر كلام الهداية والكافي وشروح المجمع وغيرها صريح في اشتراط وجود شروط الصلاة حين التحريمة لكونها ركنا بها لاتصالها بالأركان وقد منع الزيلعي الاشتراط أولا الخ
بحث القيام وحاصل كلام الشارح اختيار مراعاة الشروط وقت التحريمة وإن لم تكن ركنا لقولهم في الجواب عن استدلال الشافعي على ركنيتها بمراعاة الشروط لها إن هذه الشروط لم تراع لأجلها بل لما اتصل بها من القيام فإن ظاهره أنهم سلموا لزوم المراعاة وقتها لكن منعوا أن تكون المراعاة لأجلها وعليه فلا يصح الشروع في الصلاة لو شرع بالتحريمة حاملا لنجاسة فألقاها قبل الفراغ منها وكذا في بقية الفروع المارة
وأقول هذا خلاف ما دل عليه كلام الشارحين من تصريحهم بصحة الشروع في هذه الفروع حتى أن العلامة الكاكي صرح في معراج الدراية بأن ثمرة الخلاف بيننا وبين الشافعي في التحريمة تظهر في جواز بناء النفل على الفرض وتظهر أيضا فيما إذا كبر وفي يده نجاسة فألقاها عند فراغه منها إلى آخر الفروع المار وقال في آخرها لا تفسد صلاته عندنا ونحوه في السراج لكنه جعل الخلاف بين الإمامين ومحمد ولعله رواية عن محمد فإن المشهور أن لقائل بركنية
____________________
(1/443)
التحريمة هو الشافعي وبعض أصحابنا
وعبارة فتح القدير هكذا قوله ومراعاة الشرائط الخ يتضمن منع قوله يشترط لها فيقال لا نسلم أنه يشترط لها بل هو لما يتصل بها من الأركان لا لنفسها ولذا قلنا لو تحرم حامل نجاسة أو مكشوف العورة أو قبل ظهور الزوال أو منحرفا فألقاها واستتر بعمل يسير وظهر الزوال واستقبل مع آخر جزء من التحريمة جاز
وذكر في الكافي أنها عند بعض أصحابنا ركن ا هـ
وهو ظاهر كلام الطحاوي فيجب على قول هؤلاء أن لا تصح هذه الفروع ا هـ كلام الفتح
فانظر كيف فهم أن مراد صاحب الهداية تسليم صحة هذه الفروع وأنه لا يشترط وجود شروط الصلاة وقت التحريمة وأن عدم صحتها إنما هو على القول بركنيتها ونحن لا نقول به وهذا خلاف ما فهمه الشارح من كلام الهداية والكافي وغيرهما كما قدمناه عن الخزائن وكذا كلام البحر والنهر صريح في صحة هذه الفروع فحيث كان هذا هو المنقول فليس لنا عنه عدول وحينئذ فمعنى قولهم في الجواب إن مراعاة الشروط ليست لها بل لما اتصل بها من القيام أن شروط الصلاة من الطهارة وغيرها لا تجب للتحريمة أصلا وإنما تجب للقيام المتصل بها أي المتصل بآخرها عند انتهاء التلفظ بها لا للقيام المتصل بابتدائها إلى انتهائها حتى يلزم مراعاة الشروط لها في ضمن القيام المذكور كما فهمه الشارح من قول البرهان وإنما اشترط لها فإن قوله لها يفيد ما ذكره الشارح لكنه غير مراد بدليل صحة الفروع المذكورة عندنا أو يقال معناه أن الشروط التي يراعيها المصلي وقت التحريمة ليست لها بل لما اتصل بها من الأركان
وحاصله أنه لما كان الغالب من حال المصلي مراعاة الشروط وقتها صار منشأ لتوهم أن ذلك للتحريمة فبينوا أولا أن ذلك للقيام المتصل بها ثم حققوا ذلك بأن ذكروا صورا يمكن فيها عدم اقتران التحريمة بالشروط
وعبارة الهداية ومراعاة الشرائط لما يتصل بها من القيام
قال في الكفاية والدليل أن من وقع في البحر ولم يصل الماء إلى أعضاء وضوئه فكبر وغمس في الماء ورفع وصلى بالإيماء تجوز صلاته وإن كان حال التكبير غير متوضىء ا هـ
فهذا أيضا صريح في أن الشروط إنما تجب مراعاتها مع الفراغ منها عند أول جزء من القيام المتصل بآخر التحريمة فالشروط تراعى له في وقته لا لها تبعا له
ويمكن حمل كلام الزيلعي المار على هذا أيضا بأن يجعل قوله لما يتصل متعلقا بقوله يشترط صلة له لا علة حتى يكون المعنى يشترط في التحريمة لأجل ما يتصل الخ وحينئذ فيتوافق كلامهم ويتضح مرامهم هذا ما ظهر لي في تحقيق هذا المقام والسلام
قوله ( ومنها القيام ) يشمل التام منه وهو الانتصاب مع الاعتدال وغير التام وهو الانحناء القليل بحيث لا تنال يداه ركبتيه وقوله بحيث الخ صادق بالصورتين
أفاده ط
ويكره القيام على أحد القدمين في الصلاة بلا عذر وينبغي أن يكون بينهما مقدار أربع أصابع اليد لأنه أقرب إلى الخشوع هكذا روي عن أبي نصر الدبوسي أنه كان يفعله كذا في الكبرى وما روي أنهم ألصقوا الكعاب بالكعاب أريد به الجماعة أي قام كل واحد بجانب الآخر كذا في فتاوى سمرقند ولو قام على أصابع رجليه أو عقبيه بلا عذر يجوز وقيل لا حكي القولين في القنية وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( بقدر القراءة فيه ) ذكره في الشرنبلالية بحثا لكن عزاه في الخزائن إلى الحاوي وحينئذ فهو بقدر آية فرض وبقدر الفاتحة وسورة واجب وبطوال المفصل وأوساطه وقصاره في محالها مسنون والزيادة على ذلك في نحو تهجد مندوب لكن في أواخر الفن الثالث من الأشباه
قال أصحابنا لو قرأ القرآن كله في الصلاة وقع فرضا ولو أطال الركوع والسجود فيها وقع فرضا ا هـ
ومقتضاه أنه لو أطال القيام يقع فرضا أيضا فينافي هذا التقدير وقد يجاب بأن هذا
____________________
(1/444)
قبل إيقاعه أما بعده فالكل فرض كما أن القراءة قبل إيقاعها نوعت إلى فرض وواجب وسنة وبعده يكون الكل فرضا وتظهر ثمرة ذلك في الثواب والعقاب فإذا قرأ أكثر من آية يثاب ثواب الفرض وإذا ترك القراءة لا يعاقب على ترك الزائد على الآية هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( فركع ) أي وقرأ في هويه قدر الفرض أو كان أخرس أو مقتديا أو أخر القراءة
قوله ( إلى أن يبلغ الركوع ) أي يبلغ أقل الركوع بحيث تنال يداه ركبتيه وعبارته في الخزائن عن القنية إلى أن يصير أقرب إلى الركوع
قوله ( كنذر ) أطلقه فشمل النذر المطلق وهو الذي لم يعين فيه القيام ولا القعود وهذا أحد قولين والثاني التخيير ط وأبدل النذر في الخزائن بالواجب ويدخل فيه قضاء ما أفسده من النوافل فهل يفترض فيه القيام لوجوبه أم لا إلحاقا له بأصله توقف فيه ط والرحمتي
قوله ( وسنة فجر في الأصح ) أما على القول بوجوبها فظاهر وأما على القول بسنيتها فمراعاة للقول بالوجوب
ونقل في مراقي الفلاح أن الأصح جوازها من قعود ط
أقول لكن في الحلية عند الكلام على صلاة التراويح لو صلى التراويح قاعدا بلا عذر قيل لا يجوز قياسا على سنة الفجر فإن كلا منهما سنة مؤكدة وسنة الفجر لا تجوز قاعدا من غير عذر بإجماعهم كما هو رواية الحسن عن أبي حنيفة كما صرح به في الخلاصة فكذا التراويح وقيل يجوز والقياس على سنة الفجر غير تام فإن التراويح دونها في التأكيد فلا تجوز التسوية بينهما في ذلك
قال قاضيخان وهو الصحيح ا هـ
قوله ( القادر عليه ) فلو عجز حقيقة وهو ظاهر أو حكما كما لو حصل له به ألم شديد أو خاف زيادة المرض وكالمسائل الآتية في قوله وقد يتحتم القعود الخ فإنه يسقط وقد يسقط مع القدرة عليه فيما لو عجز عن السجود كما اقتصر عليه الشارح تبعا للبحر
ويزاد مسألة أخرى وهي الصلاة في السفينة الجارية فإنه يصلي فيها قاعدا مع القدرة على القيام عند الإمام
قوله ( فلو قدر عليه ) أي على القيام وحده أو مع الركوع كما في المنية
قوله ( ندب إيماؤه قاعدا ) أي لقربه من السجود وجاز إيماؤه قائما كما في البحر وأوجب الثاني زفر والأئمة الثلاثة لأن القيام ركن فلا يترك مع القدرة عليه
ولنا أن القيام وسيلة إلى السجود للخرور والسجود أصل لأنه شرع عبادة بلا قيام كسجدة التلاوة والقيام لم يشرع عبادة وحده حتى لو سجد لغير الله تعالى يكفر بخلاف القيام
وإذا عجز عن الأصل سقطت الوسيلة كالوضوء مع الصلاة والسعي مع الجمعة
وما أورده ابن الهمام أجاب عنه في شرح المنية ثم قال ولو قيل إن الإيماء أفضل للخروج من الخلاف لكان موجها ولكن لم أر من ذكره
قوله ( وكذا ) أي يندب إيماؤه قاعدا مع جواز إيمائه قائما لعجزه عن السجود حكما لأنه لو سجد لزم فوات الطهارة بلا خلاف ولو أومأ كان الإيماء خلفا عن السجود قوله ( وقد يتحتم القعود الخ ) أي يلزمه الإيماء قاعدا لخلفيته عن القيام الذي عجز عنه حكما إذ لو قام لزم فوت الطهارة أو الستر أو القراءة أو الصوم بلا خلاف حتى لو لم يقدر على الإيماء قاعدا كما لو كان بحال لو صلى قاعدا يسيل بوله أو جرحه ولو صلى مستلقيا لا يسيل منه شيء فإنه يصلي قائما بركوع وسجود كما نص عليه في المنية
قال شارحها لأن الصلاة بالاستلقاء لا تجوز بلا عذر كالصلاة مع الحدث فيترجح ما فيه الإتيان بالأركان
وعن محمد أنه يصلي مضطجعا ولا إعادة في شيء مما تقدم إجماعا ا هـ
قوله ( أو يسلس ) من باب
____________________
(1/445)
تعب ط
قوله ( أصلا ) أما لو قدر على بعض القراءة إذا قام فإنه يلزمه أن يقرأ مقدار قدرته والباقي قاعدا
شرح المنية
قوله ( الخروج لجماعة ) أي في المسجد وهو محمول على ما إذا لم تتيسر له الجماعة في بيته أفاده أبو السعود ط
قوله ( به يفتى ) وجهه أن القيام فرض بخلاف الجماعة وبه قال مالك والشافعي خلافا لأحمد بناء على أن الجماعة فرض عنده وقيل يصلي مع الإمام قاعدا عندنا لأنه عاجز إذ ذاك ذكره في المحيط وصححه الزاهدي
شرح المنية وثم قول ثالث مشي عليه في المنية وهو أنه يشرع مع الإمام قائما ثم يقعد فإذا جاء وقت الركوع يقوم ويركع أي إن قدر وما مشى عليه الشارح تبعا للنهر جعله في الخلاصة أصح وبه يفتى
قال في الحلية ولعله أشبه لأن القيام فرض فلا يجوز تركه للجماعة التي هي سنة بل يعد هذا عذرا في تركها ا هـ
وتبعه في البحر
مبحث القراءة قوله ( ومنها القراءة ) أي قراءة آية من القرآن فرض عملي في جميع ركعات النفل والوتر وفي ركعتين من الفرض كما سيأتي متنا في باب الوتر والنوافل وأما تعيين القراءة في الأوليين من الفرض فهو واجب وقيل سنة لا فرض كما سنحققه في الواجبات وأما قراءة الفاتحة والسورة أو ثلاث آيات فهي واجبة أيضا كما سيأتي
فرع قد تفرض القراءة في جميع ركعات الفرض الرباعي كما لو استخلف مسبوقا بركعتين وأشار له أنه لم يقرأ في الأوليين كما سيأتي في باب الاستخلاف
قوله ( كما سيجيء ) أي في الفصل الآتي مع بيان حكم القراءة بغير العربية أو بالشواذ أو بالتوراة والإنجيل
مبحث الركن الأصلي والركن الزائد قوله بلا خلف ) في هذا التعليل إشارة إلى ما ذكره في البحر من أن الركن الزائد هو ما يسقط في بعض الصور من غير تحقق ضرورة والركن الأصلي ما لا يسقط إلا لضرورة
وأورد على تسمية الركن زائدا أن الركن ما كان داخل الماهية فكيف يوصف بالزيادة وأجيب بأنه ركن من حيث قيام ذلك الشيء به في حالة وانتفاؤه بانتفائه وزائد من حيث قيامه بدونه في حالة أخرى فالصلاة ماهية اعتبارية فيجوز أن يعتبرها الشارع تارة بأركان وأخرى بأقل منها
وأورد على تفسير الركن الزائد بما مر أنه يلزم عليه تسمية غسل الرجل ركنا زائدا في الوضوء
وأجيب بأن الزائد ما إذا سقط لا يخلفه بدل والمسح بدل الغسل ومثله بقية أركان الصلاة فإنها تسقط إلى خلف فليست بزوائد بخلاف القراءة
وأورد أن قراءة الإمام خلف عن قراءة المقتدي لقوله من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة وأجاب ح بأن المراد بالخلف خلف يأتي به من فاته الأصل وها هنا ليس كذلك ا هـ
وهو أحسن مما في ط من أنه ليس المراد في الحديث الخلفية بل المراد أن الشارع منعه عن القراءة واكتفى بقراءة الإمام عنه ا هـ
قال في النهر ولقائل أن يقول لا نسلم سقوط القراءة بلا ضرورة ليلزم كونها زائدا إذ سقوطها لضرورة الاقتداء ومن هنا ادعى ابن ملك أنه ركن أصلي ا هـ
أقول ولقائل أن يقول لا نسلم أن الاقتداء ضرورة إذ الضرورة العجز المبيح لترك أداء الركن والمقتدي قادر على القراءة غير أنه ممنوع عنها شرعا والمنع لا يسمى عجزا إلا بتأويل
وقد خالف ابن ملك الجم الغفير في ذلك كما قاله في البحر فلا تعتبر مخالفته والله تعالى أعلم
____________________
(1/446)
بحث الركوع والسجود قوله ( بحيث لو مد يديه الخ ) كذا في السراج
وفي شرح المنية هو طأطأة الرأس أي خفضه لكن مع انحناء الظهر لأنه هو المفهوم من موضوع اللغة فيصدق عليه قوله تعالى { اركعوا } الحج 77 وأما كماله فبانحناء الصلب حتى يستوي الرأس بالعجز وهو حد الاعتدال فيه ا هـ
لكن ضعفه في شرح المختار حيث قال الركوع يتحقق بما ينطلق عليه الاسم لأنه عبارة عن الانحناء وقيل إن كان إلى حال القيام أقرب لا يجوز وإن كان إلى حال الركوع أقرب جاز ا هـ
وتمامه في الإمداد وما اختاره في شرح المختار هو الموافق لما قرره علماؤنا في كتب الأصول
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن المحيط وإن طأطأ رأسه في الركوع قليلا ولم يعتدل فظاهر الجواب عن أبي حنيفة أنه يجوز
وروى الحسن أنه إن كان إلى الركوع أقرب يجوز وإن كان إلى القيام أقرب لا يجوز ا هـ
وفي حاشية الفتال عن البرجندي ولو كان يصلي قاعدا ينبغي أن يحاذي جبهته قدام ركبتيه ليحصل الركوع ا هـ
قلت ولعله محمول على تمام الركوع وإلا فقد علمت حصوله بأصل طأطأة الرأس أي مع انحناء الظهر
تأمل
قوله ( ومنها السجود ) هو لغة الخضوع
قاموس
وفسره في المغرب بوضع الجبهة في الأرض
وفي البحر حقيقة السجود وضع بعض الوجه على الأرض مما لا سخرية فيه فدخل الأنف وخرج الخد والذقن وأما إذا رفع قدميه في السجود فإنه مع رفع القدمين بالتلاعب أشبه منه بالتعظيم والإجلال ا هـ
وتمامه فيما علقناه عليه
قوله ( بجبهته ) أي حيث لا عذر بها
وأما جواز الاقتصار على الأنف فشرطه العذر على الراجح كما سيأتي
قال ح ثم إن اقتصر على الجبهة فوضع جزءا منها وإن قل فرض ووضع أكثرها واجب
قوله ( وقدميه ) يجب إسقاطه لأن أصبع واحدة منهما يكفي كما ذكره بعد ح
وأفاد أنه لو لم يضع شيئا من القدمين لم يصح السجود وهو مقتضى ما قدمناه آنفا عن البحر وفيه خلاف سنذكره في الفصل الآتي
قوله ( وتكراره تعبد ) أي تكرار السجود أمر تعبدي أي لم يعقل معناه على قول أكثر المشايخ تحقيقا للابتلاء وقيل ثني ترغيما للشيطان حيث لم يسجد مرة فنحن نسجد مرتين وتمامه في البحر
مطلب هل الأمر التعبدي أفضل أو المعقول المعنى فائدة سئل المصنف في آخر فتاواه التمرتاشية هل التعبدي أفضل أو معقول المعنى أجاب لم أقف عليه لعلمائنا سوى قولهم في الأصول الأصل في النصوص التعليل فإنه يشير إلى أفضلية المعقول ووقفت على ذلك في فتاوى ابن حجر
قال قضية كلام ابن عبد السلام أن التعبدي أفضل لأنه بمحض الانقياد بخلاف فما ظهرت علته فإن ملابسه قد يفعله لتحصيل فائدته خالفه البلقيني فقال لا شك أن معقول المعنى من حيث الجملة أفضل لأن أكثر الشريعة كذلك وبالنظر للجزئيات قد يكون التعبدي أفضل كالوضوء وغسل الجنابة فإن الوضوء أفضل وقد يكون المعقول أفضل كالطواف والرمي فإن الطواف أفضل ا هـ
وفي الحلية عند الكلام على فرائض الوضوء وقد اختلف العلماء في أن الأمور التعبدية هل شرعت لحكمة عند الله تعالى وخفيت علينا أو لا والأكثرون على الأول وهو المتجه لدلالة استقراء عادة الله تعالى على كونه سبحانه جالبا للمصالح دارئا للمفاسد فما شرعه إن ظهرت حكمته لنا قلنا إنه معقول وإلا قلنا إنه تعبدي والله سبحانه العليم الحكيم
قوله ( ثابت بالسنة ) أي وبالإجماع بحر
وهذا لأن الأمر بالسجود في الآية لا يدل على تكراره
____________________
(1/447)
قوله ( ومنها القعود الأخير ) عبر بالأخير دون الثاني ليشمل قعدة الفجر وقعدة المسافر لأنها أخيرة وليست ثانية كذا في الدراية والمراد وصفه بأنه واقع آخر الصلاة وإلا فالأخير يقتضي سبق غيره
وعليه لو قال آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا لم يعتق فليتأمل
إمداد
بحث القعود الأخير قوله ( والذي يظهر الخ ) اختلف في القعدة الأخيرة قال بعضهم هي ركن أصلي
وفي كشف البزدوي أنها واجبة لا فرض لكن الواجب هنا في قوة الفرض في العمل كالوتر
وفي الخزانة أنها فرض وليست بركن أصلي بل هي شرط للتحليل وجزم بأنها فرض في الفتح والتبيين
وفي الينابيع أنه الصحيح وأشار إلى الفرضية الإمام المحبوبي في مناسك الجامع الصغير ولذلك من حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود دون توقف على القعدة فهي فرض لا ركن إذ الركن هو الداخل في الماهية وماهية الصلاة تتم بدون القعدة ثم قال فعلم أنه إنما شرعت لأجل الاستراحة والفرض أدنى حالا من الركن لأن الركن يتكرر فعدم التكرار دليل على عدم الركنية والفقه فيه أن الصلاة أفعال موضوعة للتعظيم وأصل التعظيم بالقيام ويزاد بالركوع ويتناهى بالسجود فكانت القعدة مرادة للخروج من الصلاة فكانت لغيرها لا لعينها فلم تكن من الركن وتمامه في شرح الدرر للشيخ إسماعيل
قال في البحر ولم أر من تعرض لثمرة الخلاف أي في أنها ركن أو لا وبين في الإمداد الثمرة بأنه لو أتى بالقعدة نائما تعتبر على القول بشرطيتها لا ركنيتها وعزاه إلى التحقيق والأصح عدم اعتبارها كما في شرح المنية
قلت وهذا يؤيد القول بأنها ركن زائد لا شرط خلافا لما مشى عليه الشارح تبعا للنهر
قوله ( لأنه شرع للخروج ) فيه أن ما شرع لغيره قد يكون ركنا كالقيام فإنه شرع وسيلة للركوع والسجود حتى لو عجز عنهما يومىء قاعدا وإن قدر على القيام
قوله ( لحنث من حلف الخ ) فيه أن القراءة ركن زائد مع أنه لو حلف لا يصلي وصلى ركعة بلا قراءة لا يحنث فلا دلالة في ذلك على أن القعدة ركن زائد بل يدل على أنها شرط فالمناسب للشارح أن يعكس بأن يذكر هذا دليلا للشرطية ويذكر ما قبله هنا دليلا للركنية
تأمل
قوله ( لا يكفر منكره ) الظاهر أن المراد منكر فرضيته لأنه قيل بوجوبه كما في القهستاني وأما منكر أصل مشروعيته فينبغي أن يكفر لثبوته بالإجماع بل معلوم من الدين بالضرورة
أفاده ح ويؤيده ما قالوا في السنن الرواتب من لم يرها حقا كفر
قوله ( قدر أدنى قراءة التشهد ) أي أدنى زمن يقرأ فيه بأن يكون قدر أسرع ما يكون من التلفظ به مع تصحيح الألفاظ وليس المراد أن له في نفسه أدنى وأعلى ط
وقوله ( إلى عبده ورسوله ) أشار به إلى أن المراد به التشهد الواجب بتمامه
قال في شرح المنية والمراد من التشهد التحيات إلى عبده ورسوله هو الصحيح لا ما زعم البعض أنه لفظ الشهادتين فقط ا هـ
قوله ( وعدم فاصل ) عطف تفسير على ما قبله
بحث الخروج بصنعه قوله ( ومنها الخروج بصنعه الخ ) أي بصنع المصلي أي فعله الاختيار بأي وجه كان من قول أو فعل ينافي الصلاة بعد تمامها كما في البحر وذلك بأن يبني على صلاته صلاة ما فرضا أو نفلا أو يضحك قهقهة أو يحدث
____________________
(1/448)
عمدا أو يتكلم أو يذهب أو يسلم تاترخانية ومنه ما لو حاذته امرأة لأن المحاذاة مفاعلة فكان الفعل موجودا من الرجل بصنعه كوجوده من المرأة وإن لم يكن للرجل فيه اختيار وتمامه في النهاية واحترز بصنعه عما لو كان سماويا كأن سبقه الحدث
قوله ( كفعله المنافي لها ) الأولى التعبير بالباء بدل الكاف ليكون تفسيرا لقوله بصنعه إلا أن يقال أراد بالخروج بصنعه الخروج بلفظ السلام حملا للمطلق على الكمال لأنه الواجب وبقوله كفعله الخ ما عداه ويدل عليه قوله وإن كره تحريما فإنه لا يكره إلا فيما عدا السلام فافهم واحترز بالمنافي عن نحو قراءة وتسبيح
قوله ( بعد تمامها ) أي بعد قعوده الأخير قدر التشهد وقيد به لأن إتيانه بالمنافي قبله يبطلها اتفاقا ح
قوله ( والصحيح الخ ) اعلم أن كون الخروج بصنعه فرضا غير منصوص عن الإمام وإنما استنبطه البردعي عن المسائل الاثني عشرية الآتية قبيل باب مفسدات الصلاة فإن الإمام لما قال فيها بالبطلان مع أن أركان الصلاة تمت ولم يبق إلا الخروج دل على أنه فرض وصاحباه لما قالا فيها بالصحة كان الخروج بالصنع ليس فرضا عندهما
ورده الكرخي بأنه لا خلاف بينهم في أنه ليس بفرض وأن هذا الاستنباط غلط من البردعي لأنه لو كان فرضا كما زعمه لاختص بما هو قربة وهو السلام وإنما حكم الإمام بالبطلان في الاثني عشرية لمعنى آخر وهو أن العوارض فيها مغيرة للفرض فاستوى في حدوثها أول الصلاة وآخرها فإن رؤية المتيمم بعد القعدة الماء مغيرة للفرض لأنه كان فرضه التيمم فتغير فرضه إلى الوضوء وكذا بقية المسائل بخلاف الكلام فإنه قاطع لا مغير والحدث العمد والقهقهة ونحوهما مبطلة لا مغيرة وتمامه في ح
هذا وقد انتصر العلامة الشرنبلالي للبردعي في رسالة المسائل البهية الزكية على الاثني عشرية بأنه قد مشى على افتراض الخروج بصنعه صاحب الهداية وتبعه الشراح وعامة المشايخ وأكثر المحققين والإمام النسفي في الواقي والكافي والكنز وشروحه وإمام أهل السنة الشيخ أبو منصور الماتريدي
قول ( وعليه ) أي على الصحيح الذي هو قول الكرخي المقابل لقول البردعي
وفائدة الخلاف بينهما تظهر فيما إذا سبقه حدث بعد قعوده قدر التشهد إذا لم يتوضأ ويبن ويخرج بصنعه بطلت على تخريج البردعي وصحت على تخريج الكرخي ط
قوله ( تمييز المفروض ) فسره ط بأ