القاعدة الأولى : لا ثواب إلا بالنية ما تكون النية فيه شرطا و ما لا تكون
الفن الأول : القواعد الكلية
النوع الأول من هذه القواعد
القاعدة الأولى : لا ثواب إلا بالنية
صرح به المشايخ في مواضع في الفقه :
أولها : في الوضوء سواء قلنا إنها شرط الصحة كما في الصلاة والزكاة والصوم والحج أو لا كما في الوضوء والغسل
وعلى هذا قرروا حديث [ إنما الأعمال بالنيات ] أنه من باب المقتضى إذ لا يصح بدون تقدير لكثرة وجود الأعمال بدونها فقدروا مضافا أي حكم الأعمال
وهو نوعان : أخروي : وهو الثواب واستحقاق العقاب ودنيوي : وهو الصحة و الفساد
وقد أريد الأخروي بالإجماع للاجتماع على أنه لا ثواب ولا عقاب إلا بالنية فانتفى الآخر أن يكون مرادا إما لأنه مشترك ولا عموم له و إما لاندفاع الضرورة به من صحة الكلام به فلا حاجة إلى الآخر (1/29)
دخول النية في العبادات والمعاملات والمخاصمات و المناهي و التروك
والثاني : أوجه لأن الأول لا يسلمه الخصم لأنه قائل بعموم المشترك فحينئذ لا يدل على اشتراطها في الوسائل للصحة ولا على المقاصد أيضا
وفي بعض الكتب أن الوضوء الذي ليس بمنوي ليس بمأمور به ولكنه مفتاح للصلاة أو النية إنما شرطت في العبادات بالإجماع أو بآية { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء }
والأول أوجه ؟ لأن العبادة فيها بمعنى التوحيد بقرينة عطف الصلاة والزكاة فلا تشترط في الوضوء والغسل ومسح الخفين وإزالة النجاسة الخفيفة عن الثوب والبدن والمكان والأواني للصحة
وأما اشتراطها في التيمم فلدلاله آيته عليها لأنه القصد وأما غسل الميت ؟ فقالوا لا تشترط لصحة الصلاة عليه وتحصيل طهارته وإنما هي شرط لإسقاط الفرض عن ذمة المكلفين
وتفرع عليه : أن الغريق يغسل ثلاثا في قول أبي يوسف وفي رواية عن محمد أنه إن نوي عند الإخراج من الماء يغسل مرتين وان لم ينو فثلاثا وعغه يغسل مرة واحدة كما في فتح القدير
واضا في العبادات كلها : فهي شرط صحتها إلا الإسلام ؟ فإنه يصح بدونها بدليل قولهم : إن إسلام المكره صحيح ولا يكون مسلما بمجرد نجة الإسلام بخلاف الكفر كما سنبينه في بحث التروك وأما الكفر : فيشترط له النية لقولهم : إن كفر المكره غير صحيح وأما قولهم : إنه إذا تكلم بكلمة الكفر هازلا يكفر إنما هو باعتبار أن عينه كفر كما علم في الأصول من بحث الهزل
فلا تصح صلاة مطلقا و لو صلاة جنازة إلا بها فرضا أو واجبا أو سنة أو نفلا
و إذا نوى قطعها لا يخرج عنها إلا بمناف و لو نوى الانتقال عنها إلى غيرها فإن كانت الثانية غير الأولى و شرع بالتكبير صار منتقلا و إلا فلا
ولا يصح اقتداء بإمام إلا بنية و تصح الإمامة بدون نيتها خلافا للكرخي و أبي حفص الكبير كما في البناية إلا إذا صتى خلفه نساء فإن اقتداءهن به بلا نية الإمام للإمامة غير صحيح استثنى بعضهم الجمعة و العيدين و هو الصحيح كما في الخلاصة
ولو حلف ألا يؤم أحدا فاقتدى به إنسان صح الاقتداء و هل يحنث قال في الخانية : يحنث قضاء لا ديانة إلا إن أشهد قبل الشروع فلا يحنث قضاء و كذا لو أتم الناس هنا الحالف في صلاة الجمعة صحت و حنث قضاء و لا يحنث اصلا إذا أمهم في صلاة الجنازة و سجدة التلاوة و لو حلف ألا يؤم فلانا فأم الناس ناويا ألا يؤمه و يؤم غيره فاقتدى به فلان حنث و إن لم يعلم به انتهى و لكن لا ثواب له على الإمامة
وسجود التلاوة كالصلاة و كذا سجدة الشكر على قول من يراها مشروعة و المعتمد أن الخلاف في نيتها لا في الجواز و كذا سجود السهو و لا تضره نية عدمه وقت السلام
وأما النية في الخطبة للجمعة : فشرط لصحتها حتى لو عطس بعد صعود المنبر فقال الحمد لله للعطاس غير قاصد لها لم تصح كما في فتح القدير و غيره
وخطبة العيدين كذلك لقولهم : يشترط لها ما يشترط لخطبة الجمعة سوى تقديم الخطبة
وأما الأذان فلا تشترط لصحته و إنما هي شرط للثواب عليه
وأما استقبال القبلة فشرط الجرجاني لصحته النية و الصحيح خلافه كما في المبسوط و حمل بعضهم الأول على ما إذا كان يصلي في الصحراء و الثاني على ما إذا كان يصلي إلى محراب كذا في البناية
و أما ستر العورة فلا تشترط لصحته و لم أر فيه خلافا
ولا تشترط للثواب صحة العبادة بل يثاب على نيته و إن كانت فاسدة بغير تعمده كما لو صلى محدثا على ظن طهارته و سيأتي تحقيقه
وأما الزكاة : فلا يصح أداؤها إلا بالنية و على هذا فما ذكره القاضي الإسبيجابي : أن من امتنع عن أدائها أخذها الإمام كرها و وضعها في أهلها و تجزيه لأن للإمام ولاية أخذها فقام أخذه مقام دفع المالك باختياره فهو ضعيف و المعتمد في المذهب عدم الإجزاء كرها قال في المحيط : و من امتنع عن أداء الزكاة : فالساعي لا يأخذ منه كرها و لو أخذ لا يقع عن الزكاة لكونها بلا اختيار و لكن يجبره بالحبس ليؤدي بنفسه انتهى
وخرج عن اشتراطها لها : ما إذا تصدق بجميع النصاب بلا نية فإن الفرض يسقط واختلفوا في سقوط زكاة البعض إذا تصدق به قالوا : و تشترط نية التجارة في العروض و لا بد أن تكون مقارنة للتجارة فلو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه و لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه العشرية أو الخراجية أو المستأجرة أو المستعارة : لا زكاة عليه و لو قارنت ما ليس بدل مال بمال كالهبة و الصدقة و الخلع والمهر و الوصية لا تصح على الصحيح
وفي السائمة لا بد من قصد إسامتها للدر و النسل أكثر الحول فإن قصد به التجارة ففيها زكاة التجارة إن قارنت الشراء و إن قصد به الحمل أو الركوب أو الأكل فلا زكاة أصلا
وأما النية في الصوم : فشرط صحته لكل يوم و لو علقها بالمشيئة صحت لأنها إنما تبطل الأقوال و النية ليست منها و الفرض و السنة و النفل في أصلها سواء
وأما الحج : فهي شرط صحته أيضا فرضا كان أو نفلا و العمرة كذلك و لا تكون إلا سنة و المنذور كالفرض و لو نذر حجة الإسلام لا يلزمه إلا حجة الإسلام كما لو نذر الأضحية و القضاء في الكل كالأداء من جهة أصل النية
وأما الاعتكاف : فهي شرط صحته واجبا كان أو سنة أو نفلا
وأما الكفارات : فالنية شرط صحتها عتقا أو صياما أو إطعاما
وأما الضحايا : فلا بد فيها من النية لكن عند الشراء لا عند الذبح و تفرع عليها أنه لو اشتراها بنية الأضحية فذبحها غيره بلا إذن : فإن أخذها مذبوحة و لم يضمنه اجزأته و إن ضمنه لا يجزىء كما في أضحية الذخيرة و هنا إذا ذبحها عن نفسه أما إذا ذبحها عن مالكها فلا ضمان عليه
وهل تتعين الأضحية بالنية قالوا : إن كان فقيرا و قد اشتراها بنيتها تعينت فليس له بيعها و إن كان غنيا لم تتعين و الصحيح أنها تتعين مطلقا فيتصدق بها الغني بعد أيامها حية و لكن له أن يقيم غيرها مقامها كما في البدائع من الأضحية
قالوا : و الهدايا كالضحايا
وأما العتق : فعندنا ليس بعبادة وضعا بدليل صحته من الكافر و لا عبادة له فإن نوى وجه الله كان عبادة مثابا عليها و إن أعتق بلا نية صح و لا ثواب له إن كان صريحا
وأما الكتابة : فلا بد لها من النية و إن أعتق للصنم أو للشيطان صح و أثم و إن أعتق لأجل مخلوق صح و كان مباحا لا ثواب و لا إثم و ينبغي أن يخصص بالاعتاق للصنم بما إذا كان المعتق كافرا أما المسلم إذا أعتق له قاصدا تعظيمه كفر كما ينبغي أن يكون الإعتاق لمخلوق مكروها و التدبير و الكتابة كالعتق
وأما الجهاد : فمن أعظم العبادات فلابد من خلوص النية
وأما الوصية : فكالعتق إن قصد التقرب فله الثواب و إلا فهي صحيحة فقط
وأما الوقف : فليس عبادة وضعا بدليل صحته من الكافر فإن نوى القربة فله الثواب وإلا فلا وأما النكاح : فقالوا إنه أقرب إلى العبادات حتى إن الاشتغال به أفضل من التخلي لمحض العبادة وهو عند الاعتدال سنة مؤكدة على الصحيح فيحتاج إلى النية لتحصيل الثواب : وهو أن يقصد إعفاف نفسه وتحصينها وحصول ولد وفسرنا الاعتدال في الشرح الكبير شرح الكنز ولم تكن فيه شرط صحة قالوا : يصح النكاح مع الهزل
لكن قالوا : حتى لو عقد بلفظ لا يعرف معناه ففيه خلاف والفتوى على صحته علم الشهود أو لا كما في البزازية وعلى هذا سائر القرب لا بد فيها من النية بمعنى : توقف حصول الثواب على قصد التقرب بها إلى الله تعالى من نشر العلم تعليما وإفتاء وتصنيفا
وأما القضاء : فقالوا إنه من أشرف العبادات والثواب عليه أي على القضاء متوقف عليها أي على النية وكذا إقامة الحدود و التعازير و كل ما يتعاطاه الحكام والولاة وكذا تحمل الشهادات وأداوها
وأما المباحات : فإنها تختلف صفتها باعتبار ما قصدت لأجله فإذا قصد بها التقوي على الطاعات أو التوصل إليها ؟ كانت عبادة كالأكل والنوم واكتساب المال والوطء
وأما المعاملات فأنواع : فالبيع لا يتوقف عليها وكذا الإقالة والإجارة لكن قالوا : إن عقد بمضارع لم يصدر بسوف أو السين توقف على النية فإن نوى به الإيجاب للحال كان بيعا وإلا لا بخلاف صيغة الماضي فإن البيع بها لا يتوقف على النية وأما المضارع المتمخض للاستقبال فهو كالأمر لا يصح البيع به ولا بالنية وقد أوضحناه في شرح الكنز وقالوا : لا يصخ مع الهزل لعدم الرضى بحكمه معه
وأما الهبة : فلا تتوقف على النية قالوا : لو وهب مازحا صحت كما في البزازية
ولكن لو لقن الهبة ولم يعرفها لم تصح لا لأجل أن النية شرطها وإنما هو لفقد شرطها وهو الرضى ولذا : لو كره عليها لم تصح بخلاف الطلاق والعتاق ؟ فإنهما يقعان بالتلقين ممن لا يعرفهما لأن الرضى ليس بشرطهما ولذا لو كره عليهما يقعان
وأما الطلاق : فصريح وكناية
فالأول : لا يحتاج في وقوعه إليها فلو طلق غافلا أو ساهيا أو مخطئا وقع حتى قالوا : إن الطلاق يقع بالألفاظ المصحفة قضاء ولكن لا بد أن يقصدها باللفظ قالوا لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها ويقول في كل مرة : أنت طالق لم يقع الطلاق بحضرتها ولو كتبت : امرأتي طالق أو أنت طالق وقالت له : اقرأ علي فقرأ عليها : لم يقع لعدم قصده باللفظ
ولا ينافيه قولهم : إن الصريح لا يحتاج إلى النية لا وقالوا : لو قال : أنت طالق ناويا الطلاق من وثاق ؟ لم يقع ديانة ووقع قضاء وفي عبارة بعض الكتب : أن طلاق المخطىء واقع قضاء لا ديانة ؟ فظهر بهذا أن الصريح لا يحتاج إليها قضاء و يحتاج إليها ديانة ولا يرد عليه قولهم : إنه لو طلقها هازلا يقع عليه قضاء وديانة لأن الشارع صلى الله عليه و سلم جعل هزله به جدا وقالوا : لا تصح نية الثلاث في أنت طالق ولا نية البائن ولا تصح نية الثنتين في المصدر : أنت الطلاق إلا أن تكون المرأة أمة وتصح نية الثلاث
وأما كناياته : فلا يقع بها إلا بالنية ديانة سواء كان معها مذاكرة الطلاق أو لا والمذاكرة إنما تقوم مقام النية في القضاء إلا في لفظ الحرام فإنه كناية ولا يحتاج إليها فينصرف إلى الطلاق إذا كان الزوج من قوم يريدون بالحرام الطلاق
وأما تفويض الطلاق والخلع و الإيلاء والظهار : فما كان منه صريحا لا يشترط له النية وما كان كناية اشترطت له وأما الرجعة : فكالنكاح لأنها استدامته لكن ما كان منها صريحا لا يحتاج إليها وكنايتها تحتاج إليها
وأما اليمين بالله : فلا يتوقف عليها فينعقد إذا حلف عامدا أو ساهيا أو مخطئا أو مكرها وكذا إذا فعل المحلوف عليه كذلك
وأما نية تخصيص العام في اليمين : فمقبولة ديانة اتفاقا و قضاء عند الخصاف والفتوى على قوله إن كان الحالف مظلوما
وكذلك اختلفوا هل الاعتبار لنية الحالف أو لنية المستحلف ؟ والفتوى على اعتبار نية الحالف إن كان مظلوما خصوصا لا إن كان ظالما كما في الولوالجية و الخلاصة
وأما الإقرار والوكالة : فيصحان بدونها وكذا الإيداع والإعارة والإجارة وكذا القذف و السرقة
وأما القصاص : فمتوقف على قصد القاتل للقتل لكن قالوا : لما كان القصد أمرا باطنا أقيمت الآلة مقامه فإن قتله بما يفرق الأجزاء عادة كان عمدا و وجب القصاص وإلا فإن قتله بما لا يفرق الأجزاء عادة لكن يقتل غالبا فهو شبه عمد لا قصاص فيه عند الإمام الأعظم وأما الخطأ : فإن يقصد مباحا فيصيب آدميا كما علم في باب الجنايات
وأما قراءة القران : قالوا : إن القرآن يخرج عن كونه قرانا بالقصد فجوزوا للجنب والحائض قراءة ما فيه من الأذكار بقصد الذكر والأدعية بقصد الدعاء لكن أشكل عليه قولهم : لو قرأ بقصد الذكر لا تبطل صلاته وأجبنا عنه في شرح الكنز بأنه في محله فلا يتغير بعزيمته وقالوا : إن المأموم إذا قرأ الفاتحة في صلاة الجنازة بنية الذكر لا تحرم عليه مع أنه تحرم عليه قراءتها في الصلاة
وأما الضمان : فهل يترتب في شيء بمجرد النية من غير فعل ؟ فقالوا في المحرم إذا لبس ثوبا ثم نزعه ومن قصده أن يعود إليه ؟ لا يتعدد الجزاء وإن قصد ألا يعود إليه تعدد الجزاء بلبسه وقالوا في المودع إذا لبس ثوب الوديعة ثم نزعه ومن نيته أن يعود إلى لبسه : لم يبرأ من الضمان
وأما التروك ؟ كترك المنهي عنه فذكروه في الأصول في بحث ما تترك به الحقيقة عند الكلام على حديث إنما الأعمال بالنيات فذكروه في نية الوضوء و حاصله أن ترك المنهي عنه لا يحتاج إلى نية للخروج عن عهدة النهى و أفا لحصول الثواب بأن كان كفا وهو أن تدعوه النفس إليه قادرا على فعله فيكف نفسه عنه خوفا من ربه ؟ فهو مثاب وإلا فلا ثواب على تركه فلا يثاب على ترك الزنا وهو يصلي ولا يثاب العنين على ترك الزنا ولا الأعمى على ترك النظر المحرم وعلى هذا قالوا في الزكاة : لو نوى ما للتجارة أن يكون للخدمة كان للخدمة و إن لم يعمل بخلاف عكسه وهو ما إذا نوى فيما كان للخدمة أن يكون للتجارة لا يكون للتجارة حتى يعمل للتجارة لأن التجارة عمل فلا يتم بمجرد النية والخدمة ترك للتجارة فتتم بها قالوا ونظيره : المقيم والصائم والكافر والمعلوفة و السائمة حيث لا يكون مسافرا ولا مفطرا ولا مسلما ولا سائمة بمجرد النية ويكون مقيما وصائما وكافرا بمجرد النية لأنها ترك العمل كما ذكره الزيلعي
ومن هنا و مما قدمناه في المباحات و مما سنذكره عن المشايخ صح لنا وضع قاعدة للفقه هي الثانية : (1/29)
القاعدة الثانية : الأمور بمقاصدها
القاعدة الثانية : الأمور بمقاصدها
كما علمت في التروك
وذكر قاضي خان في فتاواه أن بيع العصير ممن يتخذه خمرا ؟ إن قصد به التجارة فلا يحرم وإن قصد به لأجل التخمير حرم وكذا غرس الكرم على هذا انتهى
وعلى هذا : عصير العنب بقصد الخلية أو الخمرية
والهجر فوق ثلاث دائر مع القصد ؟ فإن قصد هجر المسلم حرم وإلا لا
والإحداد للمرأة غلى ميت غير زوجها فوق ثلاث دائر مع القصد فإن قصدت ترك الزينة والطيب لأجل الميت : حرم عليها و إلا فلا
وكذا قولهم إن المصلي إذا قرأ آية من القران جوابا لكلام بطلت صلاته
وكذا إذا أخبر المصلي بما يسره فقال : الحمد لله قاصدا الشكر بطلت أو بما يسوءه فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله أو بموت إنسان فقال : إن لله و إنا إليه راجعون قاصدا له بطلت صلاته
وكذا قولهم بكفره إذا قرأ القران في معرض كلام الناس كما إذا اجتمعوا فقرأ { فجمعناهم جمعا } وكذا إذا قرأ { و كأسا دهاقا } عند رؤية كأس
وله نظائر كثيرة في ألفاظ التكفير كلها ترجع إلى قصد الاستخفاف به
وقال قاضي خان : الفقاعي إذا قال عند فتح الفقاع للمشتري : صلى الله على سيدنا محمد قالوا : يكون آثما وكذا الحارس إذا قال في الحراسة : لا إله إلا الله يعني لأجل الإعلام بأنه مستيقظ بخلاف العالم إذا قال في المجلس : صلوا على النبي فإنه يثاب على ذلك وكذا الغازي إذا قال : كبروا لأن الحارس والفقاعي يأخذان بذلك أجرا
رجل جاء إلى بزاز ليشتري منه ثوبا فلما فتح المتاع قال : سبحان الله أو قال اللهم صل على محمد إن أراد بذلك إعلام المشتري جودة ثيابه ومتاعه كره
وفيها أيضا إذا قال المسلم للذمي : أطال الله بقاءك قالوا : إن نوى بقلبه أن يطيل الله بقاءه لعله أن يسلم أو يؤدي الجزية عن ذل وصغار لا بأس به لأن هذا دعاء له إلى الإسلام أو لمنفعة المسلمين انتهى
ثم قال : رجل أمسك المصحف في بيته ولا يقرأ فيه قالوا : إن نوى الخير والبركة لا يأثم ويرجى له الثواب
ثم قال : رجل يذكر الله في مجلس الفسق قالوا : إن نوى أن الفسقة يشتغلون بالفسق وأنا أشتغل بالذكر فهو أفضل وأحسن وإن سبح في السوق ناويا أن الناس يشتغلون بأمور الدنيا وأنا أسبح الله في هذا الموضع فهو أفضل من أن يسبح وحده في غير السوق وإن سبح على وجه الاعتبار يؤجر على ذلك وإن سبح على أن الفاسق يعمل الفسق كان آثما
ثم قال : إن سجد للسلطان فإن كان قصده التعظيم والتحية دون الصلاة لا يكفر
أصله : أمر الملائكة بالسجود لآدم صلوات الله وسلامه عليه وسجود إخوة يوسف عليهم السلام ولو كره على السجود للملك بالقتل فإن أمر به على وجه العبادة فالصبر أفضل كمن كره على الكفر وإن كان للتحية فالأفضل السجود انتهى
وقالوا : الأكل فوق الشبع حرام بقصد الشهوة وإن قصد به التقوى على الصوم أو مؤاكلة الضيف فمستحب
وقالوا : الكافر إذا تترس بالمسلم فإن رماه مسلم فإن قصد قتل المسلم حرم وإن قصد قتل الكافر لا
ولولا خوف الإطالة لأوردنا فروعا كثيرة شاهدة لما استنبطناه من القاعدة وهي الأمور بمقاصدها وقالوا في باب اللقطة : إن أخذها بنية ردها حل له رفعها وإن أخذها بنية نفسه كان غاصبا آثما
وفي التاتارخانية في الحظر والإباحة : إذا توسد الكتاب : فإن قصد الحفظ لا يكره وإلا كره وإن غرس في المسجد فإن قصد الظل لا يكره وإن قصد منفعة أخرى يكره وكتابة اسم الله تعالى على الدراهم : إن كان بقصد العلامة لا يكره وللتهاون يكره
والجلوس على جولؤظ فيه مصحف : إن قصد الحفظ لا يكره وإلا يكره (1/39)
الكلام على النية في عشرة مواضع
ثم اعلم أن هاتين القاعدتين يشملهما الكلام على النية وفيها مباحث عشرة : الأول : في بيان حقيقتها
الثاني : في بيان ما شرعت لأجله
الثالث : في بيان تعيين المنوي وعدم تعيينه
الرابع في بيان التعرض لصفة المنوي من الفرضية والنفلية والأداء والقضاء
الخامس : في بيان الإخلاص فيها
السادس : في بيان الجمع بين عبادتين بنية واحدة
السابع : في بيان وقتها
الثامن : في بيان عدم اشتراط استمرارها وحكمها في كل ركن من الأركان
التاسع : في بيان محلها
العاشر : في بيان شروطها (1/41)
حقيقتها
الأول : بيان حقيقتها :
الأول في اللغة : القصد كما في القاموس : نوى الشيء ينويه نية و تشدد و تخفف : قصده انتهى
وفي الشرع كما في التلويح : قصد الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاد الفعل انتهى
ولا يرد عليه النية في التروك لأنه كما قدمنا لا يتقرب بها إلا إذا صار الترك كفا وهو فعل وهو المكلف به في النهي لا الترك بمعنى العدم لأنه ليس داخلا تحت القدرة للعبد كما في التحرير
وعزفها القاضي البيضاوي بأنها شرعا : الإرادة المتوجهة نحو الفعل ابتغاء لوجه الله تعالى وامتثالا لحكمه ولغة : انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مالا انتهى (1/41)
ما شرعت لأجله
الثاني : بيان ما شرعت لأجله :
قالوا : إن المقصود منها تمييز العبادات من العادات وتمييز بعض العبادات عن بعض كما في البناية و فتح القدير كالإمساك عن المفطرات قد يكون حمية أو تداويا أو لعدم الحاجة إليه والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة ودفع المال قد يكون هبة أو لغرض دنيوي وقد يكون قربة كزكاة أو صدقة والذبح قد يكون للأكل فيكون مباحا أو مندوبا أو للأضحية فيكون عبادة أو لقدوم أمير فيكون حراما أو كفرا على قول ثم التقرب إلى الله تعالى يكون بالفرض والنفل والواجب فشرعت لتمييزها عن بعضها
فيفرع على ذلك : أن ما لا يكون إلا عبادة ولا يلتبس بغيره لا تشترط فيه كالإيمان بالله تعالى كما قدمناه والمعرفة والخوف والرجاء والنية وقراءة القرآن والأذكار لأنها متميزة لا تلتبس بغيرها وما عدا الإيمان لم أره صريحا ولكنه مخرج على الإيمان المصرح به ثم رأيت ابن وهبان في شرح المنظومة قال : إن ما لا يكون إلا عبادة لا يحتاج إلى النية وذكر أيضا أن النية لا تحتاج إلى نية ونقل العيني في شرح البخاري الإجماع على أن التلاوة والأذكار والأذان لا يحتاج إلى نية (1/42)
تعيين المنوي وعدمه
الثالث : بيان تعيين المنوي وعدم تعيينه :
الأصل عندنا أن المنوي ؟ إما أن يكون من العبادات أو لا فإن كان عبادة فإن كان وقتها ظرفا للمؤدى بمعنى أنه يسعه وغيره فلا بد من التعيين كالصلاة كأن ينوي الظهر فإن قرنه باليوم كظهر اليوم صح وإن خرج الوقت أو بالوقت ولم يكن خرج الوقت فإن خرج ونسيه لا يجزئه في الصحيح
وفرض الوقت كظهر الوقت إلا في الجمع فإنها بدل لا أصل إلا أن يكون اعتقاده أنها فرض الوقت فإن نوى الظهر لا غير اختلفوا فيه والأصح الجواز قالوا : وعلامة التعيين للصلاة بحيث يكون لو سئل : أي صلاة يصلي ؟ يمكنه أن يجيب بلا تأمل
وإن كان وقتها معيارا لها بمعنى أنه لا يسع غيرها كالصوم في يوم رمضان كان معيارا فإن التعيين ليس بشرط إن كان الصائم صحيحا مقيما فيصح بمطلق النية وبنية النفل و واجب آخر لأن التعيين في المتعين لغو لران كان مريضا ففيه روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان سواء نوى واجبا آخر أو نفلا وأما المسافر فإن نوى عن واجب آخر وقع عما نواه لا عن رمضان وفي النفل روايتان والصحيح وقوعه عن رمضان
وإن كان وقتها مشكلا كوقت الحج يشبه المعيار باعتبار أنه لا يصح في السنة إلا حجة واحدة
والظرف باعتبار أن أفعاله لا تستغرق وقته فيصاب بمطلق النية نظرا إلى المعيارية
و إن نوى نفلا وقع عما نوى نظرا إلى الظرفية ولا يسقط التعيين في الصلاة بضيق الوقت لأن السعة باقية : بمعنى أنه لو شرع متنفلا صح وإن كان حراما
ولا يتعين جزء من أجزاء الوقت بتعيين العبد محولا وإنما يتعين بفعله كالحانث في اليمين لا يتعين واحد من خصال الكفارة إلا في ضمن فعله هذا في الأداء وأما في القضاء فلا بد من التعيين صلاة أو صوما أو حجا
وأما إذا كثرت الفوائت : اختلفوا في اشتراط التعيين لتمييز الفروض المتحدة من جنس واحد والأصح أنه إن كان عليه قضاء من رمضان واحد فصام يوما ناويا عنه ولكن لم يعين أنه صائم عن يوم كذا فإنه يجوز ولا يجوز في رمضانين ما لم يعين أنه صائم عن رمضان سنة كذا وأما قضاء الصلاة فلا يجوز ما لم يعين الصلاة ويومها بأن يعيق ظهر يوم كذا أو لو نوى أول ظهر عليه أو آخر ظهر عليه جاز وهذا هو المخلص لمن لم يعرف الأوقات الفائتة أو اشتبهت عليه أو أراد التسهيل على نفسه
و ذكر في المحيط أن نية التعيين في الصلاة لم تشترط باعتبار أن الواجب مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجب عليه ولا يمكنه مراعاة الترتيب إلا بنية التعيين حتى لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت يكفيه نية الظهر لا غير وهذا مشكل وما ذكره أصحابنا كقاضي خان وغيره خلافه وهو المعتمد كذا في التبيين
وقالوا في التيمم : لا يجب التمييز بين الحدث والجنابة حتى لو تيمم الجنب يريد به الوضوء جاز خلافا للجصاص لكونه يقع لهما على صفة واحدة فيمتز بالنية كالصلوات المفروضة قالوا : وليس بصحيح لأن الحاجة إليها ليقع طهارة وإذا وقع طهارة جاز أن يؤدي به ما شاء لأن الشروط يراعى وجودها لا غير ألا ترى أنه لو تيمم للعصر جاز له أن يصلي به غيره
ضابط في هذا المبحث :
التعيين لتمييز الأجناس : فنية التعيين في الجنس الواحد لغو لعدم الفائدة والتصرف إذا لم يصادف محله كان لغوا ويعرف اختلاف الجنس باختلاف السبب والصلاة كلها من قبيل المختلف ؟ حتى الظهرين من يومين أو العصرين من يومين بخلاف أيام رمضان فإنه يجمعها شهود الشهر
ويفرع على ذلك : أنه لو كان عليه قضاء يوم بعينه فصامه بغية يوم آخر أو كان عليه قضاء صوم يومين أو أكثر فصام يوما عن قضاء يومين جاز بخلاف ما إذا نوى عن رمضانين حيث لا يجوز لاختلاف السبب كما إذا نوى ظهرين أو ظهرا عن عصر أو نوى ظهر يوم السبت وعليه ظهر يوم الخميس وعلى هذا أداء الكفارات لا يحتاج فيه إلى التعيين في جنس واحد ولو عين لغى وفي الأجناس لا بد منه كما حققناه في الظهار من شرح الكنز ا وأما في الزكاة فقالوا : لو عجل خمسة سودا عن مائتي درهم سود فهلكت السود قبل الحول وعنده نصاب آخر كان المعجل عن الباقي
وفي فتح القدير من الصوم : ولو وجب عليه قضاء يومين من رمضان واحد ؟
فالأولى أن ينوي أول يوم وجب عليه قضاؤه من هذا الرمضان وان لم يعين جاز وكذا لو كانا من رمضانين على المختار حتى لو نوى القضاء لا غير جاز ولو وجبت عليه كفارة وقضاء فطر فصام واحدا وستين يوما عن القضاء والكفارة ولم يعين يوم القضاء جاز
وفي الخانية : لو عجل الزكاة عن أحد المالين فاستحق ما عجل عنه قبل الحول لم يكن المعجل عن الباقي وكذا لو استحق بعد الحول لأن في الاستحقاق عجل عما لم يكن في ملكه فيبطل التعجيل انتهى
وفيها أيضا : لو كان له خمس من الإبل الحوامل يعني الحبالى فعجل شاتين عنها وعما في بطونها ثم نتجت خمسا قبل الحول أجزأه عما عجل وإن عجل عما تحمل في السنة الثانية لا يجوز
هذا كله في الفرائض والواجبات كالمنذور والوتر على قول الإمام والعيد على الصحيح وركعتي الطواف على المختار وينوي الوتر لا الوتر الواجب للاختلاف فيه
وفي صلاة الجنازة ينوي الصلاة لله تعالى والدعاء للميت ولا يلزمه التعيين في سجود التلاوة لأي تلاوة سجد لها كما في القنية وأما النوافل فاتفق أصحابنا أنها تصح بمطلق النية وأما السنن الرواتب فاختلفوا في اشتراط تعيينها والصحيح المعتمد : عدم الاشتراط وأنها تصح بنية النفل وبمطلق النية
وتفزع عليه : لو صلى ركعتين على ظن أنها تهجد لظن بقاء الليل فتبين أنها بعد طلوع الفجر كانت عن السنة على الصحيح فلا يصليها بعده للكراهة وأما من قال إذا صلى ركعة قبل الطلوع وأخرى بعده كانتا عن السنة فيعيد لأن السنة لا بد من الشروع فيها في الوقت ولم يوجد
وقالوا : لو قام إلى الخامسة في الظهر ساهيا بعد ما قعد الأخيرة فإنه يتم سادسة وتكون الركعتان نفلا ولا تكونان عن سنة الظهر على الصحيح
وهذا لا يدل على اشتراط التعيين لأن عدم الإجزاء لكون السنة لم تشرع إلا بتحريمة مبتدأة ولم توجد
واختلف التصحيح في التراويح هل تقع تراويح بمطلق النية ؟ أو لا بد من التعيين ؟ فصحح قاضي خان الاشتراط والمعتمد خلافه كالسنن الرواتب
وتفزع أيضا على اشتراط التعيين للسنن الرواتب وعدمه مسألة أخرى هي : لو صلى بعد الجمعة أربعا في موضع يشك في صحة الجمعة ناويا آخر ظهر عليه أو أوله أدرك وقته ولم يؤده ثم تبتين صحة الجمعة فعلى الصحيح المعتمد : تنوب عن سنة الجمعة حيث لم يكن عليه ظهر فائت وعلى القول الآخر : لا كما في فتح القدير وهو أيضا يتفرع على أن الصلاة إذا بطل وصفها لا يبطل أصلها على قول أبي حنيفة و أبى يوسف خلافا لمحمد وينبغي أن يقال فيها إنها تكون عن السنة إلا على قول محمد وينبغي أن تلحق الصيامات المسنونة بم الصلوات المسنونة ولا يشترط لها التعيين ولم أر من نبه عليه (1/43)
السنن الرواتب في اليوم والليلة
تكميل :
السنن الرواتب في اليوم والليلة اثنتا عشرة ركعة : ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وفي صلاة الجمعة أربع قبلها وأربع بعدها والتراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات بعد العشاء في ليالي رمضان وصلاة الوتر على قولهما وصلاة العيدين في إحدى الروايتين وصلاة الكسوف على الصحيح وقيل : واجبة وصلاة الخسوف والاستسقاء على قولي
وأما المستحب : فأربع قبل العصر وأربع قبل العشاء وركعتان بعد ركعتي الظهر وركعتان بعد ركعتي العشاء وست بعد ركعتي المغرب وسنة الوضوء وتحية المسجد و ينوب عنها كل صلاة أداها عند الدخول وقيل تؤدى بعد القعود وركعتا الإحرام كذلك ينوب عنها كل صلاة فرضا كانت أو نفلا وصلاة الضحى وأقلها أربع وأكثرها اثنتا عشرة ركعة وصلاة الحاجة وصلاة الاستخارة كما في شرح منية المصلى وتمامها مع الكلام على صلاة الرغائب و ليلة البراءة مذكورة فيه لابن أمير حاج الحلبي
ضابط فيما إذا عين و أخطأ :
الخطأ فيما لا يشترط التعيين له لا يضر كتعيين مكان الصلاة وزمانها وعدد الركعات فلو عين عدد ركعات الظهر ثلاثا أو خمسا صح لأن التعيين ليس بشرط فالخطأ فيه لا يضر قال في البناية لا : ونية عدد الركعات والسجدات ليس بشرط ولو نوى الظهر ثلاثا أو خمسا صحت وتلغو نية التعيين وكما إذا عين الإمام من يصلى به فبان غيره
ومنه ما إذا عين الأداء فبان أن الوقت خرج أو القضاء فبان أنه باق وعلى هذا الشاهد إذا ذكر مالا يحتاج إليه فأخطأ فيه لا يضر
قال في البزازية : لو سألهم القاضي عن لون الدابة فذكروا لونا ثم شهدوا عند الدعوى و ذكروا لونا آخر تقبل لأن التناقض فيما لا يحتاج إليه لا يضر انتهى
وأما فيما يشترط فيه التعيين كالخطأ من الصوم إلى الصلاة وعكسه ومن صلاة الظهر إلى العصر فإنه يضر ومن ذلك ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو والأفضل ألا يعين الإمام عند كثرة الجماعة كيلا يظهر كونه غير المعين فلا يجوز فينبغي أن ينوي القائم في المحراب كائنا من كان ولو لم يخطر بباله أنه زيد أو عمرو ؟ جاز اقتداؤه ولو نوى الاقتداء بالإمام القائم وهو يرى أنه زيد وهو عمرو صح اقتداؤه لأن العبرة لما نوى لا لما رأى وهو نوى الاقتداء بالإمام
وفي التاتارخانية : لو صلى الظهر ونوى أن هذا ظهر يوم الثلاثاء فتبين أنه من يوم الأربعاء جاز ظهره والغلط في تعيين الوقت لا يضر انتهى
ومثله في الصوم لو نوى قضاء يوم الخميس فإذا أكان أ عليه غيره لا يجوز ولو نوى قضاء ما عليه من الصوم وهو يظنه يوم الخميس وهو غيره جاز ولو كان يرى شخصه فنوى الاقتداء بهذا الإمام الذي هو زبد فإذا هو خلافه جاز لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية وكذا لو كان آخر الصفوف لا يرى شخصه فنوى الاقتداء بالإمام القائم في المحراب الذي هو زيد فإذا هو غيره جاز أيضا ومثله ما ذكرنا في الخطأ في تعيين الميت فعند الكثرة
ينوى الميت الذي يصلي عليه الإمام كذا في فتح القدير
وفي عمدة الفتاوى : لو قال : اقتديت بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح فإذا قال : اقتديت بهذا الشيخ فإذا هو شاب صح لأن الشاب يدعى شيخا لعلمه بخلاف عكسه انتهى
والإشارة هنا لا تكفي لأنها لم تكن إشارة إلى الإمام إنما هي إلى شاب أو شيخ فتأمل وعلى هذا لو نوى الصلاة على الميت الذكر فتبين أنه أنثى أو عكسه لم يصح ولم أر حكم ما إذا عين عدد الموتى عشرة فبان أنهم أكثر أو أقل وينبغي أن لا يضر إلا إذا بان أنهم أكثر فإن منهم من لا في ي الصلاة عليه وهو الزائد
مسألة :
ليس لنا من ينوي خلاف ما يؤدي إلا على قول محمد في الجمعة فإنه إذا أدرك الإمام في التشهد أو في سجود السهو ونواها جمعة و يصليها ظهرا عنده والمذهب أنه يصليها جمعة فلا استثناء
وأما إذا لم يكن المنوي من العبادات المقصودة وإنما هو من الوسائل كالوضوء والغسل والتيمم قالوا في الضوء لا ينويه لأنه ليس بعبادة واعترض الشارح الزيلعي على الكنز في قوله : ونيته بناء على عود الضمير إلى الوضوء وكذا اعترضوا على القدوري في قوله ينوى الطهارة والمذهب أنه ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة أو رفع الحدث وعند البعض نية الطهارة تكفي وأما في التيمم فقالوا إنه ينوي عبادة مقصودة لا تصح إلا بالطهارة مثل سجدة التلاوة وصلاة الظهر قالوا ولو تيمم لدخول المسجد أو الأذان أو الإقامة لا يؤدي به الصلاة لأنها ليست بعبادة مقصودة وإنما هي إتباع لغيرها وفي التيمم لقراءة القرآن روايتان فعند العامة لا يجوز كما في الخانية وهو محمول على ما إذا كان محدثا أما إذا كان جنبا فتيقم لها جاز له أن يصلي به كما في البدائع وقد أوضحناه في شرح الكنز (1/43)
صفة المنوي من الفريضة والأداء والقضاء
الرابع : في صفة المنوي من الفريضة والنافلة والأداء والقضاء :
وأما الصلاة قال في البناية إنه ينوي الفريضة في الفرض فقال معزيا إلى المجتبى لا بد من نية الصلاة ونية الفرض ونية التعيين حتى لو نوى الفرض يجزئه انتهى والواجبات كالفرائض كما في التاتارخانية وأما النوافل والسنة الراتبة فقدمنا أنها تصح بمطلق النية وبنية مباينة ويفرع على اشتراط نية الفرضية أنه لو لم يعرف الفرائض الخمس إلا أنه يصليها في أوقاتها ؟ لا يجوز وكذا لو اعتقد أن منها فرضا ونفلا ولا يميز ولم ينو الفرض فيها فإن نوى الفرض في الكل جاز ولو ظن الكل فرضا جاز وإن لم يظن ذلك ؟ فكل صلاة صلاها مع الإمام جاز إن نوى صلاة الإمام كذا في فتح القدير
وفي القنية : المصلون ستة :
الأول : من علم - الفروض منها والسنن وعلم معنى الفرض أنه : ما يستحق الثواب بفعله ويعاقب على تركه و السنة ما يستحق الثواب على فعلها ولا يعاقب على تركها فنوى الظهر أو الفجر ؟ أجزأته وأغنت فيه نية الظهر عن نية الفرض
الثاني : من يعلم ذلك وينوي الفرض فرضا ولكن لا يعلم بما فيه من الفرائض والسنن تجزئه
الثالث : ينوي الفرض ولا يعلم معناه : لا تجزئه
الرابع : علم أن فيما يصليه الناس فرائض ونوافل فيصلي كما تصلي الناس ولا يميز الفرائض من النوافل : لا تجزئه ؟ لأن تعيين النية في الفرض شرط وقيل : يجزئه ما صلى في الجماعة ونوى صلاة الإمام
الخامس : اعتقد أن الكل فرض جازت صلاته
السادس : لا يعلم أن لله على عباده صلوات مفروضة ولكنه كان يصليها لأوقاتها : لم تجزئه انتهى
وأما في الصوم : فقد علمت أنه يصح بنية مباينة وبمطلق النية فلا تشترط لصوم رمضان أداء نية الفرضية حتى قالوا : لو نوى ليلة الشك صوم آخر شعبان ثم ظهر بعد الصوم أنه أول رمضان أجزأه
وأما الزكاة : فيشترط لها نية الفرضية لأن الصدقة متنوعة ولم أر حكم نية الزكاة المعجلة وظاهر كلامهم أنه لا بد من نية الفرض لأنه تعجيل بعد أصل الوجوب لأن سببه هو النصاب النامي وقد وجد بخلاف الحول لأنه شرط لوجوب الأداء بخلاف تعجيل الصلاة على وقتها فإنه غير جائز لكون وقتها سببا للوجوب وشرطا لصحة الأداء
وأما الحج : فقدمنا أنه يصح بمطلق النية ولكن عللوه بما يقتضي أنه نوى في نفس الأمر الفرضية قالوا : لأنه لا يتحمل المشاق الكثيرة إلا لأجل الفرض فاستنبط منه المحقق ابن الهمام أنه لو كان الواقع منه أنه لم ينو الفرض لم يجزه لأن صرفه إلى الفرض حملا له عليه عملا بالظاهر وهو حسن جدا فلا بد فيه من نية الفرض لأنه لو نوى النفل فيه وعليه حجة الإسلام كان نفلا
ولا بد من نية الفرض في الكفارات ولذا قالوا : إن صوم الكفارة وقضاء رمضان يحتاج إلى تبييت النية من الليل ؟ لأن الوقت صالح لصوم النفل
وأما الوضوء والغسل : فلا دخل لهما في هذا البحث لعدم اشتراط النية فيهما
وأما التيمم : فلا تشترط له نية الفرضية لأنه من الوسائل وقدمنا أن نية رفع الحدث كافية وعلى هذا الشروط كلها لا يشترط لها نية الفرضية ؟ ليقولهم إنما يراعى حصولها لا تحصيلها وكذا الخطبة لا يشترط لها نية الفرضية وإن شرطنا لها النية لأنها لا يتنفل بها
ولذا ينبغي أن تكون صلاة الجنازة كذلك لأنها لا تكون إلا فرضا كما صرحوا به ولذا لا تعاد نفلا
ولم أر حكم صلاة الصبي في نية الفرضية وينبغي ألا يشترط لكونها غير فرض في حقه لكن ينبغي أن ينوي صلاة كذا التي فرضها الله على المكتف في هذا الوقت ولم أر أيضا حكم نية فرض العين في فرض العين وفرض الكفاية فيه والظاهر عدم الاشتراط
وأما الصلاة المعادة لارتكاب مكروه أو ترك واجب ؟ فلا شك أنها جابرة لا فرض ؟ لقولهم بسقوط الفرض بالأولى فعلى هذا ينوي كونها جابرة لنقص الفرض على أنها نفل تحقيقا وأما على القول بأن الفرض يسقط بها فلا خفاء في اشتراط نية الفرضية وأما نية الأداء والقضاء ففي التاتارخانية : إذا عين الصلاة التي يؤديها صح نوى الأداء أو القضاء وقال فخر الإسلام وغيره في الأصول في بحث الأداء والقضاء : إن أحدهما يستعمل مكان الآخر حتى يجوز الأداء بنية القضاء وبالعكس وبيانه : إن ما لا يوصف بهما لا يشترط له كالعبادة المطلقة عن الوقت ؟ كالزكاة وصدقة الفطر والعشر والخراج و الكفارات وكذا ما لا يوصف بالقضاء كصلاة الجمعة فلا التباس لأنها إذا فاتت مع الإمام تصلى ظهرا وأما ما يوصف بهما كالصلوات الخمس قالوا : لا تشترط أيضا
قال في فتح القدير : لو نوى الأداء على ظن بقاء الوقت فتبين خروجه ؟ أجزأ وكذا عكسه
وفي النهاية : لو نوى فرض الوقت بعد ما خرج الوقت ؟ لا يجوز وإن شك في خروجه فنوى فرض الوقت جاز وفي الجمعة ينويها ولا ينوي فرض الوقت للاختلاف فيه وفي التاتارخانية : كل وقت شك في خروجه فنوى ظهر الوقت مثلا فإذا هو قد خرج المختار : الجواز واختلفوا إن كانت الوقتية تجوز بنية القضاء والمختار الجواز إذا كان في قلبه فرض الوقت وكذا القضاء بنية الأداء هو المختار
وذكر في كشف الأسرار شرح أصول فخر الإسلام ؟ أن الأداء يصح بنية القضاء حقيقة كنية من نوى أداء ظهر اليوم بعد خروج الوقت على ظن أن الوقت باق وكنية الأسير الذي اشتبه عليه شهر رمضان فتحرى شهرا وصامه بنية الأداء فوقع صومه بعد رمضان وعكسه : كنية من نوى قضاء الظهر على ظن أن الوقت خرج ولم يخرج بعد وكنية الأسير الذي صام رمضان بنية القضاء على ظن أنه قد مض والصحة فيه باعتبار أنه أتى بأصل النية ولكنه أخطأ في الظن والخطأ في مثله معفو عنه انتهى
وأما الحج : فينبغي أن لا تشترط فيه نية التمييز بين الأداء والقضاء (1/49)
الإخلاص في النية
الخامس : في بيان الإخلاص :
صرح الزيلعي بان الفصلي يحتاج إلى نية الإخلاص فيها ولم أر من أوضحه لكن صرح في الخلاصة بأنه لا رياء في الفرائض وفي البزازية : من شرع في الصلاة بالإخلاص ثم خالطه الرياء فالعبرة للسابق ولا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب ثم قال : الصلاة لإرضاء الخصوم لا تفيد بل يصلى لوجه الله تعالى فإن كان خصمه لم يعف يؤخذ من حسناته يوم القيامة جاء في بعض الكتب : أنه يؤخذ لدانق ففي الدانق سدس درهم ثواب سبعمائة صلاة بالجماعة فلا فائدة في النية وإن كان عفا فلا يؤخذ به فما الفائدة حينئذ ؟
وقد أفاد البزازي بقوله في حق سقوط الواجب أن الفرائض مع الرياء صحيحة مسقطة للواجب ولكن ذكروا في كتاب الأضحية أن البدنة تجزىء عن سبعة إن كان الكل مريدين القربة وإن اختلفت جهاتها ؟ من أضحية وقران ومتعة قالوا : فلو كان أحدهم مريدا لحما لأهله أو كان نصرانيا لم يجز عن واحد منهم وعللوا بأن البعض إذا لم يقع قربه خرج الكل عن أن يكون قربة لأن الإراقة لا تتجزأ فعلى هذا لو ذبحها أضحية لله تعالى ولغيره لا تجزئه بالأولى وينبغي أن تحرم
وصرح في البزازية من ألفاظ التكفير أن الذبح للقادم من حج أو غزو أو أمير كان أو غيره يجعل المذبوح ميتة واختلفوا في كفر الذابح فالشيخ السفكردي وعبد الواحد الدرقي الجديدي و النسفي و الحاكم على أنه يكفر و الفضلي و إسما عيل الزاهد على أنه لا يكفر انتهى
وفي التاتارخانية : لو افتتح خالصا لله تعالى ثم دخل في قلبه الرياء فهو على ما افتتح والرياء أنه لو خلا عن الناس لا يصلي ولو كان مع الناس يصلي فأما لو صلى مع الناس يحسنها ولو صلى وحده لا يحسن فله ثواب أصل الصلاة دون الإحسان ولا يدخل الرياء في الصوم
وفي الينابيع : قال إبراهيم بن يوسف : لو صلى رياء فلا أجر له وعليه الوزر
وقال بعضهم يكفر وقال بعضهم لا أجر له ولا وزر عليه وهو كأنه لم يصل
وفي الولوالجية : إذا أراد أن يصلي أو يقرأ القرآن فيخاف أن يدخل عليه الرياء فلا ينبغي أن يترك لأنه أمر موهوم انتهى
وصرحوا في كتب السير بأن السوقي لا سهم له لأنه عند المجاوزة لم يقصد إلا التجارة لا إعزاز الدين و إرهاب العدو فإن قاتل استحق لأنه ظهر بالمقاتلة أنه قصد القتال والتجارة تبع فلا تضره كالحاج إذا اتجر في طريق الحاج لا ينقص أجره
ذكره الزيلعي وظاهره أن الحاج إذا خرج تاجرا فلا أجر له وصرحوا بأنه لو طاف طالبا غريمه لا يجزئه ولو - وقف بعرفة طالبا غريمه أجزأه والفرق ظاهر وقالوا : لو فتح المصلي على غير إمامه بطلت صلاته لقصد التعليم ورأيت فرعا في بعض كتب الشافعية رضي الله عنهم حكاه النووي فيمن قال له إنسان : صل الظهر ولك دينار فصلى بهذه النية أنها تجزئه صلاته ولا يستحق الدينار انتهى
ولم أر مثله لأصحابنا وينبغي على قواعدنا أن يكون كذلك أما الإجزاء : فلما قدمنا أن الرياء لا يدخل الفرائض في حق سقوط الواجب وأما عدم استحقاق الدينار : فلأن أداء الفرائض لا يدخل تحت عقد الإجارة ؟ ألا ترى إلى قولهم : لو استأجر الأب ابنه للخدمة لا أجر له ؟ ذكره البزازي لأن الخدمة عليه واجبة بل أفتى المتقدمون بأن العبادات لا تصح لإجارة عليها كالإمامة والأذان وتعليم القرآن والفقه لكن المعتمد ما أفتى به المتأخرون من الجواز
وقدمنا أنه إذا نوى الإعتاق لرجل كان مباحا
ولم أر حكم ما إذا نوى الصوم والحمية ويشملها ما إذا أشرك بين عبادة وغيرها فهل تصح العبادة ؟ وإذا صحت هل يثاب بقدره أو لا ثواب له أصلا ؟ وأما الخشوع فيها بظاهره وباطنه فمستحب وفي القنية : شرع في الفرض وشغله الفكر في التجارة أو المسألة حتى أتم صلاته ؟ لا يستحب إعادته وفي بعض الكتب : لا يعيد وفي بعضها : لا ينقص أجره إذا لم يكن من تقصير منه (1/53)
بيان الجمع بين عبادتين بنية واحدة
السادس : في بيان الجمع بين عبادتين :
و حاصله : إما أن بكون في الوسائل أو في المقاصد فإن كان في الوسائل فإن الكل صحيح : قالوا لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة ؟ ارتفعت جنابته وحصل له ثواب غسل الجمعة وان كان في المقاصد ؟ فإما أن ينوى فرضين أو نفلين أو فرضا ونفلا أما الأول : فلا يخلو إما أن يكون في الصلاة أو في غيرها فإن كان في الصلاة لم تصح واحدة منهما قال في السراج الوهاج : لو نوى صلاقي فرض كالظهر والعصر ؟ لم يصحا اتفاقا ولو نوى في الصوم القضاء والكفارة كان عن القضاء وقال محمد يكون تطوعا وإن نوى كفارة الظهار وكفارة اليمين يجعله لأيهما شاء وقال محمد : يكون تطوعا ولو نوى الزكاة وكفارة الظهار جعله عن أيهما شاء ولو نوى الزكاة وكفارة اليمين فهو عن الزكاة ولو نوى مكتوبة وصلاة جنازة ؟ فهي عن المكتوبه
وقد ظهر بهذا أنه إذا نوى فرضين : فإن كان أحدهما أقوى انصرف إليه فصوم القضاء أقوى من صوم الكفارة وإن استويا في القوة فإن كان في الصوم فله الخيار ككفارة الظهار وكفارة اليمين وكذا الزكاة وكفارة الظهار وأما الزكاة مع كفارة اليمين فالزكاة أقوى وأما في الصلاة فيقدم الأقوى أيضا ولذا قدمنا المكتوبة على صلاة الجنازة ولذا قال في السراج الوهاج : لو نوى مكتوبتين فهي للتي دخل وقتها ولو نوى فائتتين فهي للأولى منهما ولو نوى فائتة و وقتية فهي للفائتة ؟ إلا أن يكون في آخر الوقت ولو نوى الظهر والفجر وعليه الفجر من يومه فإن كان في أول وقت الظهر فهي عن الفجر وإن كان في آخره فهي عن الظهر انتهى
بقي ما إذا كبر ناويا للتحريمة و للركوع وما إذا طاف للفرض والوداع وان نوى فرضا ونفلا فإن نوى الظهر والتطوع ؟ قال أبو يوسف : تجزئه عن المكتوبة ويبطل التطوع وقال محمد : لا تجزئه المكتوبة ولا التطوع وان نوى الزكاة والتطوع يكون عن الزكاة
وعند محمد عن التطوع ولو نوى نافلة وجنازة فهي نافلة كذا في السراج وأما إذا نوى نافلتين كما إذا نوى بركعتي الفجر التحية والسنة أجزأت عنهما ولم أر حكم ما إذا نوى سنتين كما إذا نوى في - يوم الاثنين صومه عنه وعن يوم عرفة إذا وافقه ؟ فإن مسألة التحية إنما كانت ضمنا للسنة لحصول المقصود
وأما التعدد في الحج قال في فتح القدير من باب الإحرام : لو أحرم نذرا ونفلا كان نفلا أو فرضا وتطوعا كان تطوعا عندهما في الأصح ومن باب إضافة الإحرام إلى الإحرام لو أحرم بحجتين معا أو على التعاقب ؟ لزماه عند أبي حنيفة و أبي يوسف وعند محمد في المعية يلزمه إحداهما وفي التعاقب الأولى فقط وإذا لزماه عندهما ارتفضت إحداهما باتفاقهما لكن اختلفا في وقت الرفض ؟ فعند أبي يوسف عند صيرورته محرما بلا مهلة وعند أبي حنيفة إذا شرع في الأعمال وقيل إذا توجه سائرا ونص في المبسوط على أنه ظاهر الرواية
وثمرة الخلاف فيما إذا جنى قبل الشروع فعليه دمان للجناية على إحرامين ودم واحد عند أبي يوسف ولو جامع قبل الشروع فعليه دمان للجماع ودم ثالث للرفض فإنه يرفض أحدهما ويمضي في الآخر ويقضي التي مضى فيها وحجة وعمرة مكان التي رفضها ولو قتل صيدا فعليه قيمتان أو أحصر فدمان وعلى هذا الخلاف إذا أهل بعمرتين معا أو على التعاقب بلا فصل انتهى
وأما إذا نوى عبادة ثم نوى في أثنائها الانتقال عنها إلى غيرها ؟ فإن كبر ناويا الانتقال إلى غيرها صار خارجا عن الأولى وإن نوى ولم يكتر لا يكون خارجا كما إذا نوى تجديد الأولى وكبر وتمامه في مفسدات الصلاة في شرحنا على الكنز
فائدة :
يتفرع على الجمع بين شيئين في النية وإن لم تكن من العبادات ما لو قال لزوجته : أنت علي حرام ناويا الطلاق والظهار أو قال لزوجتيه : أنتما علي حرام ناويا في إحداهما الطلاق وفي الأخرى الظهار وقد كتبناه في باب الإيلاء من شرح الكنز نقلا عن المحيط (1/56)
وقت النية
السابع : في وقتها :
الأصل أن وقتها أول العبادات ولكن الأول حقيقي وحكمي فقالوا في الصلاة : لو نوى قبل الشروع ؟ فعند محمد لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر أو العصر مع الإمام ولم يشتغل بعد النية بما ليس من جنس الصلاة إلا أنه لما انتهى إلى مكان الصلاة لم تحضر النية ؟ جازت صلاته بتلك النية وهكذا روي عن أبي حنيفة و أبي يوسف كذا في الخلاصة
وفي التجنيس : إذا توضأ في منزله ليصلي الظهر ثم حضر المسجد فافتتح الصلاة بتلك النية فإن لم يشتغل بعمل آخر ؟ يكفيه ذلك هكذا قال محمد في الرقيات لأن النية المتقدمة يبقيها إلى وقت الشروع حكما كما في الصوم إذا لم يبدلها بغيرها انتهى
وعن محمد بن سلمة أنه إن كان عند الشروع ج بحيث إنه لو سئل أنه صلاة يصلي ؟ يجيب على البديهة من غير تفكر فهو نية تامة ولو احتاج إلى التأمل لا تجوز وفي فتح القدير : فقد شرطوا عدم ما ليس من جنس الصلاة لصحة تلك النية مع تصريحهم بأنها صحيحة مع العلم بأنه يتخلل بينها وبين الشروع المشي إلى مقام الصلاة وهو ليس من جنسها فلا بد من كون المراد بما ليس من جنسها ما يدك على الإعراض بخلاف ما لو اشتغل بكلام أو أكل أو غيره نقول : عد المشي إليها من أفعالها غير قاطع للنية
وفي الخلاصة : أجمع أصحابنا أن الأفضل أن تكون مقارنة ا للشروع ولا يكون شارعا بمتأخرة لأن ما مض لم يقع عبادة لعدم النية فكذا الباقي لعدم التجزيء ونقل ابن وهبان اختلافا بين المشايخ - خارجا عن المذهب موافقا لما نقل عن الكرخي من جواز التأخير عن التحريمة ؟ فقيل إلى الثناء وقيل إلى التعوذ وقيل إلى الركوع وقيل إلى الرفع
والكل ضعيف والمعتمد أنه لا بد من القران حقيقة أو حكما وفي الجوهرة : ولا يعتبر بقول الكرخي
وأما النية في الوضوء فقال في الجوهرة : إن محلها عند غسل الوجه وينبغي أن تكون في أول السنن عند غسل اليدين إلى الرسغين لينال ثواب السنن المتقدمة على غسل الوجه وقالوا الغسل كالوضوء في السنن وفي التيمم ينوي عند الوضع على الصعيد ولم أر وقت نية الإمامة للثواب وينبغي أن يكون وقت اقتداء أحد به لا قبله كما أنه ينبغي أن يكون وقت نية الجماعة أول صلاة المأموم وان كان في أثناء صلاة الإمام هذا للثواب وأما لصحة الاقتداء بالإمام فقال في فتح القدير و الأفضل أن ينوي الاقتداء عند افتتاح الإمام فإن نوى حين وقف عالما بأنه لم يشرع ؟ جاز وإن نوى ذلك على ظن أنه شرع ولم يشرع ؟ اختلف فيه قيل لا يجوز انتهى
وأما نية التقرب بصيرورة الماء مستعملا ؟ فوقتها عند الاغتراف
وأما وقتها في الزكاة فقال في الهداية : ولا يجوز أداء الزكاة إلا بنية مقارنة للأداء أو مقارنة لعزل مقدار ما وجب لأن الزكاة عبادة فكان من شرطها النية و الأصل فيها الاقتران إلا أن الدفع يتفرق فاكتفي بوجودها حالة العزل تيسيرا كتقديم النية في الصوم اهـ
فقد جوزوا التقديم على الأداء لكن عند العزل وهل تجوز بنية متأخرة على الأداء ؟ قال في شرح المجمع : لو دفعها بلا نية ثم نوى بعده ؟ فإن كان المال قائما في يد الفقير جاز وإلا فلا انتهى
وأما صدقة الفطر : - فكالزكاة نية ومصرفا إلا الذمي فإنه مصرف للفطر دون الزكاة وأما الصوم : فلا يخلو أن يكون فرضا أو نفلا فإن كان فرضا فلا يخلو أن يكون أداء رمضان أو غيره في أن كان أداء رمضان جاز بنيه متقدتي من غروب الشمس وبمقارنة وهو الأصل وبمتأخرة عن الشروع إلى ما قبل نصف النهار الشرعي تيسيرا على الصائمين و إن كان غير أداء رمضان من قضاء أو نذر أو كفارة فيجوز بنية متقدمة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ويجوز بنية مقارنة لطلوع الفجر ؟ لأن الأصل القران كما في فتاوى قاضي خان وان كان نفلا فكرمضان أداء
أما الحج : فالنية فيه سابقة على الأداء عند الإحرام ؟ وهو النية مع التلبية أو ما يقوم مقامها من سوق الهدي ولا يمكن فيه القران والتأخر لأنه لا تصح أفعاله إلا إذا تقدم الإحرام وهو ركن فيه أو شرط على قولين
فائدة :
هل تصح نية عبادة وهو في عبادة أخرى ؟ قال في القنية : نوى في صلاة مكتوبة أو نافلة الصوم تصح نيته ولا تفسد صلاته (1/58)
عدم اشتراط استمرارها وحكمها في كل ركن
الثامن : في بيان عدم اشتراطها في البقاء :
وفيه حكمها في كل ركن من الأركان قالوا في الصلاة ؟ لا تشترط النية في البقاء للحرج كذا في البناية فكذا بقية العبادات
وفي القنية : لا يلزم نية العبادة في كل جزء إنما تلزم في جملة ما يفعله في كل حال انتهى وفي البناية : افتتح المكتوبة ثم ظن أنها تطوع فأتمها على نية التطوع ؟ أجزأته عن المكتوبة
ومن الغريب ما في المجتبى ولا بد من نية العبادة وهي التذلل والخضوع على أبلغ الوجوه ونية الطاعة وهي فعل ما أراده الله منه ونية القربة وهي طلب الثواب بالمشقة في فعلها وينوي أنه يفعلها مصلحة له في دينه بأن تكون أقرب إلى ما وجب عقلا عنده من الفعل وأداء الأمانة وأبعد عما حرم عليه من الظلم وكفران النعمة ثم هذه النيات من أول الصلاة إلى آخرها خصوصا عند الانتقال من ركن إلى ركن فلا بد من نية العبادة في كل ركن و النفل كالفرض فيها إلا في وجه وهو أن ينوي في النوافل أنها لطف في الفرائض وتسهيل لها انتهى
والحاصل : أن المذهب المعتمد أن العبادة ذات الأفعال يكتفى بالنية في أولها ولا يحتاج إليها في كل فعل اكتفاء بانسحابها عليه إلا إذا نوى ببعض الأفعال غير ما وضع له قالوا : لو طاف طالبا الغريم لا يجزئه ولو وقف كذلك بعرفات أجزأه وقدمناه والفرق : أن الطواف قربة مستقلة بخلاف الوقوف وفرق الزيلعي بينهما بفرق آخر وهو : أن النية عند الإحرام تضمنت جميع ما يفعا في الإحرام فلا يحتاج إلى تجض يد النية والطواف يقع بعد التحلل وفي الإحرام من وجه فاشترط فيه أصل النية لا تعيين الجهة انتهى
وقالوا : لو طاف بنية التطوع في أيام النحر وقع عن الفرض ولو طاف بعد ما حل النفر ونوى التطوع أجزأه عن الصدر كما في فتح القدير وهو مبني على أن نية العبادة تنسحب على أركانها واستفيد منه أن نية التطوع في بعض الأركان لا تبطله
وفي القنية : وان تعمد أن لا ينوي العبادة لمحض ما يفعله من الصلاة لا يستحق الثواب ثم إن كان ذلك فعلا لا تتم العبادة بدونه فسدت وإلا فلا وقد أساء (1/61)
محلها
التاسع : بيان محلها :
محلها : القلب في كل موضع وقدمنا حقيقتها
وهنا أصلان :
الأصل الأول :
لا يكفي التلفظ باللسان دونه
وفي القنية و المجتبى : من لا يقدر أن يحضر قلبه لينوي بقلبه أو يشك في النية ؟ يكفيه التكلم بلسانه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } انتهى
ثم قال فيها : ولا يؤاخذ بالنية حال سهوه لأن ما يفعله ش الصلاة فيما يسهو فمعفو عنه وصلاته مجزئة وإن لم يستحق بها ثوابا ومن فروع هذا الأصل :
أنه لو اختلف اللسان والقلب فالمعتبر ما في القلب
وخرج عن هذا الأصل اليمين فلو سبق لسانه إلى لفظ اليمين بلا قصد انعقدت الكفارة أو قصد الحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره هذا في اليمين بالله تعالى وأما في الطلاق والعتاق فيقع قضاء لا ديانة
ومن فروعه : إن قصد بلفظ غير معناه الشرعي وأما إن قصد معنى اخر كلفظ الطلاق أراد به الطلاق من وثاق لم يقبل ويدين
وفي الخانية : لو قال : أنت حر وقال قصدت به من عمل كذا ؟ لم يصدق قضاء وقد حكى في شرح البسيط ا أن بعض الوعاظ طلب من الحاضرين شيئا فلم يعطوه فقال متضجرا منهم : طلقتكم ثلاثا وكانت زوجته فيهم وهو لا يعلم فأفتى إمام الحرمين بوقوع الطلاق ثلاثا قال الغزالي : وفي القلب منه شيء
قلت : يتخرج على ما في فتاوى قاضي خان من العتق قال : ورجل قال : عبيد أهل بلخ أحرارا أو قال : عبيد أهل بغداد أحرار ولم ينو عبده وهو من أهل بغداد أو قال : كل عبيد أهل بلخ أو قال : كل عبيد أهل بغداد أحرار أو قال : كل عبد في الأرض أو قال : كل عبد في الدنيا قال أبو يوسف : لا يعتق عبده وقال محمد : يعتق وعلى هذا الخلاف الطلاق وبقول أبي يوسف أخذ عصام بن يوسف وبقول محمد أخذ شداد والفتوى على قول أبي يوسف
ولو قال : كل عبد في هذه السكة وعبده في السكة أو قال : كل عبد في الجامع حر فهو على هنا الخلاف
ولو قال : كل عبد في هذه الدار حر وعبيده فيها يعتق عبيده في قولهم ولو قال : ولد آدم كلهم أحرار لا يعتق عبيده في قولهم جميعا
فمقتضاه : أن الواعظ إن كان في دار طلقت وإن كان في الجامع أو السكة فعلى الخلاف والأولى تخريجها على مسألة اليمين لو حلف أن لا يكلم زيدا فسئم على جماعة هو فيهم قالوا : يحنث وإن نواهم دونه دين ديانة لا قضاء
فعند عدم نية الواعظ يقع الطلاق عليه فإن في مسألة اليمين لا فرق بين كونه يعلم أن زيدا فيهم أو لا
ويتفرع على هذا فروع :
لو قال لها لا يا طالق لا وهو اسمها ولم يقصد الطلاق لا يقع كـ يا حر وهو اسمه كما في الخانية وفرق المحبوبي في لا التنقيح لا بين الطلاق فلا يقع وبين العتق فيقع وخلاف المشهور ولو نجز الطلاق وقال : أردت به التعليق على كذاله لم يقبل قضاء وبدين ولو قال : كل امرأة لي طالق وقال : أردت غير فلانة لم يقبل كذلك
وفي الكنز : قالت تزوجت علي فقال : كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة
وفي شرح الجامع لقاضي خان : وعن أبي يوسف أنها لا تطلق وبه أخذ مشايخنا وفي المبسوط : وقول أبي يوسف أصح عندي ولو قيل له : ألك امرأة غير هذه ؟ فقال : كل امرأة لي طالق تطلق هذه والفرق بينها وبين مسألة الكنز مذكور في الولوالجية وفي الكنز : كل مملوك لي حر عتق عبيده القن وأمهات أولاده ومدبروه وفي شرحه للزيلعي لو قال : أردت به الرجال دون النساء دين وكذا لو نوى غير المدبر
ولو قال : نويت السود دون البيض لا أو عكسه لا يدين لأن الأول تخصيص العام والثاني تخصيص الوصف ولا عموم لغير اللفظ فلا تعمل فيه نية التخصيص ولو نوى النساء دون الرجال لم يدن
وفي الكنز : إن لبست أو أكلت أو شربت ونوى معينا لم يصدق أصلا ولو زاد
ثوبا أو طعاما أو شرابا دين
وفي المحيط : لو نوى جميع الأطعمة في لا يأكل طعاما وجميع مياه العالم في لا يشرب شرابا يصدق قضاء وفي الكشف الكبير : يصدق ديانة لا قضاء وقيل قضاء أيضا
وفي الكنز : ولو قال لموطوءته : أنت طالق ثلاثا للسنة لا وقع عند كل طهر طلقة
وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند كل شهر واحدة صحت اهـ
وفي شرحه : أنت طالق للسنة ونوى ثلاثا جملة أو متفرقا على الأطهارة صح خلافا لصاحب الهداية في نية الجملة
وفي الخانية : ولو جمع بين منكوحته ورجل فقال : إحداكما طالق له لا يقع الطلاق على امرأته في قول أبي حنيفة وعن أبي يوسف أنه يقع ولو جمع بين امرأته وأجنبية وقال : طلقت إحداكما طلقت امرأته ولو قال : إحداكما طالق لا ولم ينو شيئا لا تطلق امرأته وعنهما أنها تطلق ولو جمع بين امرأته وما ليس بمحل للطلاق كالبهيمة والحجر وقال : إحداكما طالق طلقت امرأته في قول أبي حنيفة و أبي يوسف وقال محمد لا تطلق
ولو جمع بين امرأته الحية والميتة وقال : إحداكما طالق له لا تطلق الحية اهـ
ولا يخفى أنه إذا نوى عدمه فيما قلنا بالوقوع فيه أنه يدين
وفيها : لو قال لها : يا مطلقة إن لم يكن لها زوج طلقها قبله أو كان لها زوج لكن مات وقع الطلاق عليها وإن كان لها زوج طلقها قبله إن لم ينو الإخبار طلقت و إن نوى الإخبار صدق ديانة وقضاء على الصحيح ولو نوى به الشتم دين فقط
الأصل الثاني :
هو أنه لا يشترط مع نية القلب التلفظ في جميع العبادات ولذا قال في المجمع : ولا يعتبر باللسان
وهل يستحب التلفظ أو يسن أو يكره أقوال :
اختار في الهداية الأول لمن لم تجتمع عزيمته
وفي فتح القدير : لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه التلفظ بالنية لا في حديث صحيح ولا ضعيف
وزاد ابن أمير حاج أنه لم ينقل عن الأئمة الأربعة وفي المفيد : كره بعض مشايخنا النطق باللسان ورآه الآخرون سنة
وفي المحيط : الذكر باللسان سنة فينبغي أن يقول : اللهم إني أريد صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني
ونقلوا في كتاب الحج : إن طلب التيسير لم ينقل إلا في الحج بخلاف بقية العبادات وقد حققناه في شرح الكنز
وفي القنية و المجتبى : المختار أنه مستحب
وخرج عن هذا الأصل مسائل :
منها : النشر لا تكفي في إيجابه النية بل لابد من التلفظ به صرحوا به في باب الاعتكاف
ومنها : الوقف ولو مسجدا لا بد من التلفظ الدال عليه
وأما توقف شروعه في الصلاة والإحرام على الذكر فلا تكفي النية لأنه من الشرائط للشروع
وأما الطلاق و العتاق : فلا يقعان بالنية بل لا بد من اللفظ إلا في مسألة في فتاوى قاضي خان : رجل له امرأتان عمرة و زينب فقال : يا زينب لا فأجابته عمرة فقال : أنت طالق ثلاثا وقع الطلاق على التي أجابت إن كانت امرأته وإن لم تكن امرأته بطل لأنه أخرج الجواب جوابا لكلام التي أجابته وإن قال : نويت زينب : طلقت زينب هـ فقد وقع الطلاق على زينب بمجرد النية ومنها : حديث النفس لا يؤاخذ به ما لم يتكلم أو يعمل به كما في حديث مسلم
وحاصل ما قالوه إن الذي يقع في النفس من قصد المعصية أو الطاعة على خمس مراتب : الهاجس وهو : ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو : الخاطر ثم حديث النفس وهو : ما يقع فيها من التردد هل يفعل أو لا ثم الهم وهو : ترجيح قصد الفعل ثم العزم وهو : قوة ذلك القصد والجزم به
فالهاجس : لا يؤاخذ به إجماعا لأنه ليس من فعله و إنما هو شيء ورد عليه لا قدرة له ولا صنع
والخاطر : الشي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس أول وروده ولكنه هو وما بعده من حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح و إذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بالأولى وهذه الثلاثة لو كانت في الحسنات لم يكتب له بها أجر لعدم القصد
وأما الهم فقد بين في الحديث الصحيح أن الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب سيئة وينتظر فإن تركها لله تعالى كتبت حسنة وان فعلها كتبت سيئة واحدة
والأصح في معناه أن يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وإن الهم مرفوع
وأما العزم : فالمحققون على أنه يؤاخذ به ومنهم من جعله من الهم المرفوع وفي البزازية من كتاب الكراهية : هم بمعصية لا يأثم إن لم يصمم عزمه عليها وإن عزم أثم إثم العزم لا إثم العمل بالجوارح إلا أن يكون أمرا يتم بمجرد العزم كالكفر اهـ (1/62)
شروطها وما ينافيها
العاشر : شروط النية
الأول : الإسلام ولذا لم تصح العبادات من كافر و صرحوا به في باب التيمم عند قول صاحب الكنز وغيره فلغا تيمم كافر لا وضوؤه لأن النية شرط التيمم دون الوضوء فيصح وضوؤه وغسله فإذا أسلم بعدهما صلى بهما لكن قالوا إذا انقطع دم الكتابية لأقل من عشرة حل وطؤها بمجرد الانقطاع ولا يتوقف على الغسل لأنها لجست من أهله وإن صح منها لصحة طهارة الكافر قبل إسلامه
فائدة :
قال في الملتقط : قال أبو حنيفة : أعلم النصراني الفقه والقرآن لعله يهتدي ولا يمس المصحف وان اغتسل ثم مس فلا بأس به ولم تصح الكفارة من كافر فلا تنعقد يمينه { إنهم لا أيمان لهم } وقوله تعالى : { و إن نكثوا أيمانهم } أي :
عهودهم الصورية وقد كتبنا في الفوائد أن نية الكافر لا تعتبر إلا في مسألة في البزازية و الخلاصة هي : صبي و نصراني خرجا إلى مسيرة ثلاث فبلغ الصبي في بعض الطريق وأسلم الكافر قصر الكافر لاعتبار قصده لا الصبي في المختار اهـ
الثاني : التمييز فلا تصح عبادة صبي غير مميز ولا مجنون
ومن فروعه : عمد الصبي والمجنون خطأ ولكنه أعم من كون الصبي مميزا أو لا
وينتقض وضوء السكران لعدم تمييزه وتبطل صلاته بالسكر كما في شرح منظومة ابن وهبان
الثالث : العلم بالمنوي فمن جهل فرضية الصلاة لم تصح منه كما قدمناه عن القنية إلا في الحج فإنهم صححوا الإحرام المبهم لأن عليا أحرم بما أحرم به النبي صلى الله عليه و سلم وصححه فإن عين حجا أو عمرة صح إن كان قبل الشروع في الأفعال وإن شرع تعينت عمرة
الرابع : ألا يأتي بمناف بين النية والمنوي قالوا : إن النية المتقدمة على التحريمة جائزة بشرط ألا يأتي بعدا بمناف ليس منها وعلى هذا تبطل العبادة بالارتداد والعياذ بالله تعالى في أثنائها وتبطل صحبة النبي صلى الله عليه و سلم بالردة إذا مات عليها فإن أسلم بعدها فإن كان في حياته عليه الصلاة و السلام فلا مانع من عودها وإلا ففي عودها نظر كما ذكره ا لعرا قي
ومن المنافي نية القطع فإذا نوى قطع الإيمان صار مرتدا للحال ولو نوى قطع الصلاة لم تبطل وكذا سائر العبادات إلا إذا كبر في الصلاة ونوى الدخول في أخرى فالتكبير هو القاطع للأولى لا مجرد النية
وأما الصوم الفرض إذا شرع فيه بعد الفجر ثم نوى قطعه والانتقال إلى صوم نفل فإنه لا يبطل
والفرق : أن الفرض و النفل في الصلاة جنسان مختلفان لا رجحان لأحدهما على الآخر في التحريمة وهما في الصوم والزكاة جنس واحد كذا في المحيط وفي خزانة الأكمل : لو افتتح الصلاة بنية الفرض ثم غير نيته في الصلاة وجعلها تطوعا صارت تطوعا
ولو نوى الأكل أو الجماع في الصوم لم يضره وكذا لو نوى فعلا منافيا في الصلاة لم تبطل ولو نوى الصوم من الليل ثم قطع النية قبل الفجر سقط حكمها بخلاف ما إذا رجع بعد ما أمسك بعد الفجر فإنه لا يبطل كالأكل بعد النية من الليل لا يبطلها
ولو نوى قطع السفر بالإقامة صار مقيما وبطل سفره بخمس شرائط : ترك السير حتى لو نوى الإقامة سائرا لم يصح وصلاحية الموضع للإقامة فلو نواها في بحر أو جزيرة لم تصح واتحاد الموضع والمدة والاستقلال بالرأي
فلا تصح نية التابع كذا في معراج الدراية
وإذا نوى المسافر الإقامة في أثناء صلاته في الوقت تحول فرضه إلى الأربع سواء نواها في أولها أو في وسطها أو في أخرها وسواء كان منفردا أو مقتديا أو مدركا أو مسبوقا أما اللاحق لا يتم بنيتها بعد فراغ إمامه لاستحكام فرضه بفراغ إمامه كذا في الخلاصة
ولو نوى بمال التجارة الخدمة كان للخدمة بالنية ولو كان على عكسه لم تؤثر كما
ذكره الزيلعي
وأما نية الخيانة في الوديعة فلم أرها صريحة لكن في الفتاوى الظهيرية من جنايات الإحرام أن المودع إذا تعدى ثم أزال التعدي ومن نيته أن يعود إليه لا يزول التعدي اهـ
فرع :
وتقرب من نية القطع نية القلب وهي نية نقل الصلاة إلى أخرى قدمنا أنه لا يكون إلا بالشروع بالتحريمة لا بمجرد النية ولا بد أن تكون الثانية غير الأولى كأن يشرع في العصر بعد افتتاح الظهر فيفسد الظهر لا الظهر بعد ركعة الظهر وشرطه ألا يتلفظ بالنية فإن تلفظ بها بطلت الأولى مطلقا وقد ذكرنا تفاريعها في مفسدات الصلاة من شرح الكنز
فصل :
ومن المنافي : التردد وعدم الجزم في أصلها وفي الملتقط : وعن محمد فيمن اشترى خادما للخدمة وهو ينوي إن أصاب ربحا باعه لا زكاة عليه وقالوا : لو نوى يوم الشك : إن كان من شعبان ليس بصائم وإن كان من رمضان كان صائما لم تصح نيته ولو تردد في الوصف بأن نوى إن كان من شعبان فنفل وإلا فمن رمضان صحت نيته كما بيناه في الصوم وينبغي على هذا أنه لو كان عليه فائتة فشك أنه قضاها أو لا فقضاها ثم تبين أنها كانت عليه أن لا تجزيه للشك وعدم الجزم بتعيينها ولو شك في دخول وقت العبادة فأتى بها فبان أنه فعلها في الوقت لم تجزه أخذا من قولهم كما في فتح القدير : لو صلى الفرض وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه دخل لا تجزيه اهـ
وفي خزانة الأكمل : أدرك القوم في الصلاة ولا يدري أنها المكتوبة أو الترويحة : يكبر وينوي المكتوبة على أنها إن لم تكن مكتوبة يقضيها يعني العشاء فإذا هو في العشاء صح وإن كان في الترويحة يقع نفلا اهـ
فرع :
عقب النية بالمشيئة : قدمنا أنه إن كان مما يتعلق بالنيات كالصوم والصلاة لم تبطل وإن كان مما يتعلق بالأقوال كالطلاق و العتاق بطل
تكميل :
النية شرط عندنا في كل العبادات باتفاق الأصحاب لا ركن وإنما وقع الاختلاف بينهم في تكبيرة الإحرام والمعتمد أنها شرط كالنية وقيل بركنيتها (1/67)
قاعدة في اليمين تخصيص العام بالنية هل تدخل المشيئة النية ؟
قاعدة في الأيمان :
تخصيص العام بالنية مقبولة ديانة لا قضاء وعند الخصاف : يصح قضاء أيضا فلو قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثم قال : نويت من بلدة كذا لم يصح في ظاهر المذهب خلافا للخصاف
وكذا من عصب دراهم إنسان فلما حلفه الخصم عاما نوى خاضا وما قاله الخصاف مخلص لمن حلفه ظالم والفتوى على ظاهر الظاهر
فمن وقع في يد الظلمة وأخذ بقول
الخصاف
فلا بأس به كذا ف ي الولوالجية
ولو قال : كل مملوك أملكه فهو حر وقال : عنيت به الرجال دون النساء دين بخلاف ما لو قال : نويت السود دون البيض أو بالعكس لم يصدق ديانة أيضا كقوله : نويت النساء دون الرجال لا والفرق بيناه في الشرح من باب اليمين بالطلاق والعتاق (1/71)
اليمين على نية الحالف أو المستحلف
قاعدة فيها أيضا :
اليمين على نية الحالف إن كان مظلوما وعلى نية المستحلف إن كان ظالما كما في الخلاصة (1/72)
الأيمان مبنية على الألفاظ دون الأغراض
قاعدة فيها أيضا :
الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض فلو اغتاظ من إنسان فحلف أنه لا يشتري له شيئا بفلس فاشترى له شيئا بمائة درهم لم يحنث ولو حلف لا يبيعه بعشرة فباعه بأحد عشر أو بتسعة لم يحنث مع أن غرضه الزيادة لكن لا حنث بلا لفظ ولو حلف لا يشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشرة حنث وتمامه في تلخيص الجامع و شرحه للفارسي (1/72)
فروع في هذه القاعدة و أمثلة لها
فروع :
لو كان اسمها طالقا أو حرة فناداها إن قصد الطلاق أو العتق وقعا أو النداء فلا أو أطلق فالمعتمد عدمه
ولو كرر لفظ الطلاق فإن قصد الاسئناف وقع الكل أو التأكيد فواحدة ديانة والكل قضاء وكذا إذا أطلق
ولو قال : أنت طالق واحدة في ثنتين فإن نوى مع ثنتين فثلاث دخل بها أو لا وإلا فإن نوى و ثنتين فثلاث إن كان دخل بها وإلا فواحدة كما إذا نوى الظرف أو أطلق
ولو نوى الضرب والحساب فكذلك وكذا في الإقرار
ولو قال : أنت علي مثل أمي أو كأمي لا رجع إلى قصده لينكشف حكمه فإن قال : أردت الكرامة فهو كما قال لأن التكريم بالتشبيه فاش في الكلام وإن قال : أردت الظهار فهو ظهار لأنه تشبيه بجميعها وإن قال : أردت الطلاق فهو طلاق بائن وإن لم تكن له نية فليس بشيء عندهما وقال محمد رحمه الله : وهو ظهار
وإن عنى به التحريم لا غير فعند أبي يوسف رحمه الله : إيلاء وعند محمد رحمه الله : ظهار
ولو قال : أنت علي حرام كأمي ونوى ظهارا أو طلاقا فهو على ما نوى وإن لم ينو فعلى قول أبي يوسف رحمه الله إيلاء وعلى قول محمد رحمه الله : ظهار
ومنها لو قرأ الجنب قرآنا : فإن قصد التلاوة حرم وان قصد الذكر فلا ولو قرأ الفاتحة في صلاته على الجنازة إن قصد الدعاء والثناء لم يكره وإن قصد التلاوة كره
عطس الخطيب فقال : الحمد لله إن قصد الخطبة صحت وإن قصد الحمد للعطاس لم تصح
ولو ذبح فعطس وقال : الحمد لله فكذلك
ذكر المصلي آية أو ذكرا وقصد به جواب المتكلم فسدت وإلا فلا (1/72)
تكميل في النيابة في النية
تكميل في النيابة في النية : قال في تيمم القنية : مريض يممه غيره فالنية على المريض دون الميمم انتهى
وفي الزكاة قالوا : المعتبر نية الموكل فلو نواها ودفع الوكيل بلا نية أجزأته كما ذكرناه في الشرح
وفي الحج عن الغير : الاعتبار لنية المأمور وليس هو من باب النيابة فيها لأن الأفعال إنما صرت من المأمور فالمعتبر نيته
تنبيه :
اشتملت قاعدة الأمور بمقاصدها على عدة قواعد كما تبين لك وقد أتينا على عيون مسائلها وإلا فمسائلها لا تحصى وفروعها لا تستقص (1/73)
خاتمة فيها تبين أنها تجري في علم العربية أيضا
خاتمة :
تجري قاعدة : الأمور بمقاصدها في علم العربية أيضا
فأول ما اعتبروا ذلك في الكلام فقال سيبويه : والجمهور باشتراط القصد فيه فلا يسمى كلاما ما نطق به النائم والساهي وما تحكيه الحيوانات المعلمة
وخالف بعضهم فلتم يشترطه وسمى كذلك كلاما واختاره أبو حيان وفرع على ذلك من الفقه ما إذا حلف لا يكلمه فكتمه نائما بحيث يسمع فإنه يحنث وفي بعض روايات المبسوط : شرط أن يوقظه وعليه مشايخنا لأنه إذا لم ينتبه كان كما إذا ناداه من بعيد وهو حيث لا يسمع صوته كذا في الهداية (1/74)
ما يتعلق بالأحكام نحوا و فقها
والحاصل : أنه قد اختلف التصحيح فيها كما بيناه في الشرح ولم أر إلى الآن حكم ما إذا كلمه مغمى عليه أو مجنون أو سكران ولو سمع آية السجدة من حيوان صرحوا بعدم وجوبها على المختار لعدم أهلية القارىء بخلاف ما إذا سمعها من جنب أو حائض والسماع من المجنون لا يوجبها ومن النائم يوجبها على المختار وكذا تجب بسماعها من سكران ومن ذلك المنادى النكرة إن قصد نداء واحد بعينه تعرف و وجب بناؤه على الضم وإلا لم يتعرف وأعرب بالنصب (1/74)
حكم سماع آية السجدة ممن لم يقصد تلاوتها
ومن ذلك العلم المنقول من صفة إن قصد به لمح الصفة المنقول منها أدخل فيه الألف واللام وإلا فلا
وفروع ذلك كثيرة وتجري هذه القاعدة في العروض أيضا فإن الشعر عند أهله كلام موزون مقصود به ذلك أما ما يقع موزونا اتفاقا لا عن قصد من المتكلم فإنه لا يسمى شعرا وعلى ذلك خرج ما وقع في كلام الله كقوله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } أو في كلام رسول الله صلى الله عليه سلم كقوله : [ هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت ] (1/74)
القاعدة الثالثة : اليقين لا يزول بالشك
القاعدة الثالثة : اليقين لا يزول بالشك
ودليلها ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا في فتح القدير من باب الأنجاس ما يوضحها فنسوق عبارته بتمامها :
قوله تطهير النجاسة واجب مقيد بالإمكان وأما إذا لم يتمكن من الإزالة لخفاء خصوص المحل المصاب مع العلم بتنجيس الثوب قيل : الواجب غسل طرف منه فإن غسله بتحر أو بلا تحر طهر وذكر الوجه يبين أن لا أثر للتحري وهو أن يغسل بعضه مع أن الأصل طهارة الثوب وقع الشك في قيام النجاسة لاحتمال كون المغسول محلها فلا يقضي بالنجاسة بالشك كذا أورده
الاسبيجابي
في شرح الجامع الكبير قال : وسمعت الإمام تاج الدين أحمد بن عبد العزيز يقوله ويقيسه على مسألة في السير الكبير هي : إذا فتحنا حصنا وفيهم ذمي لا يعرف لا يجوز قتلهم لقيام المانع بيقين فلو قتل البعض أو أخرج حل قتل الباقي للشك في قيام المحرم كذا هنا
وفي الخلاصة بعد ما ذكره مجردا عن التعليل : فلو صلى معه صلاة ثم ظهرت النجاسة في طرف آخر تجب إعادة ما صلى انتهى
وفي الظهيرية : ثوب فيه نجاسة لا يسرى مكانها يغسل الثوب كله انتهى
وهو الاحتياط وذلك التعليل مشكل عندي فإن غسل طرف يوجب الشك في طهر الثوب بعد اليقين بنجاسته قبله و حاصله أنه شك في الإزالة بعد تيقن قيام النجاسة والشك لا يرفع المتيقن قبله
والحق أن ثبوت الشك في كون الطرف المغسول والرجل المخرج هو مكان النجاسة والمعصوم الدم يوجب البتة الشك في طهر الباقي وإباحة دم الباقين ومن ضرورة صيرورته مشكوكا فيه ارتفاع اليقين عن تنجسه ومعصوميته وإذا صار مشكوكا في نجاسته جازت الصلاة معه إلا أن هذا إن صح لم يبق لكلمتهم المجمع عليها أعني قولهم : اليقين لا يرتفع بالشك معنى فإنه حينئذ يتصور أن يثبت شك في محل ثبوت اليقين ليتصور ثبوت شك فيه لا يرتفع به ذلك اليقين فمن هذا حقق بعض المحققين أن المراد لا يرتفع به حكم اليقين وعلى هذا التقدير يخلص الإشكال في الحكم لا الدليل
فنقول : وإن ثبت الشك في طهارة الباقي ونجاسته لكن لا يرتفع حكم ذلك اليقين السابق بنجاسته وهو عدم جواز الصلاة فلا تصح بعد غسل الطرف لأن الشك الطارىء لا يرفع حكم اليقين السابق على ما حقق من أنه هو المراد من قولهم : اليقين لا يرتفع بالشك فغسل الباقي والحكم بطهارة الباقي مشكل والله أعلم
انتهى كلام فتح القدير ونظيره قولهم القسمة في المثلي من المطهرات يعني أنه لو تنجس بعض البر ثم قسم طهر لوقوع الشك في كل جزء هل هو المتنجس أو لا ؟ قلت يندرج في هذه القاعدة قواعد منها قولهم : (1/75)
الأصل بقاء ما كان على ما كان
الأصل بقاء ما كان على ما كان
وتتفرع عليها مسائل منها :
- من تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث كما في السراجية وغيرها ولكن ذكر عن محمد رحمه الله أنه إذا دخل بيت الخلاء وجلس للاستراحة وشك هل خرج منه شيء أو لا كان محدثا وإن جلس للوضوء ومعه ماء ثم شك هل توضأ أم لا كان متوضئا عملا بالغالب فيهما
وفي خزانة الأكمل : استيقن بالتيمم وشك في الحدث فهو على تيممه ؟ وكذا لو استيقن بالحدث وشك في التيمم أخذ باليقين كما في الوضوء ولو تيقن الطهارة
والحدث وشك في السابق فهو متطهر
وفي البزازية : يعلم أنه لم يغسل عضوا لكنه لا يعلم بعينه غسل رجله اليسرى لأنه آخر العمل
رأى البلة بعد الوضوء سائلة من ذكره يعيد وإن كان يعرض كثيرا ولا يعلم أنه بول أو ماء لا يلتفت إليه وينضح فرجه وإزاره بالماء قطعا للوسوسة وإذا بعد عهده عن الوضوء أو علم أنه بول لا تنفعه الحيلة له انتهى (1/76)
ما تفرع عن هذا الأصل : من الطهارات والعبادات والطلاق
- ومن فروع ذلك : ما لو كان لزيد على عمرو ألف مثلا فبرهن عمرو على الأداء أو الإبراء فبرهن على أن له عليه ألفا لم تقبل حتى يبرهن أنها حادثة بعد الأداء أو الإبراء
- شك في وجود النجس : فالأصل بقاء الطهارة ولذا قال محمد رحمه الله : حوض تملأ منه الصغار والعبيد بالأيدي الدنسة والجرار الوسخة يجوز الوضوء منه ما لم يعلم به نجاسة ولنا أفتوا بطهارة طين الطرقات
وفي الملتقط : فأرة في الكوز لا يسري أنها كانت في الجرة لا يقضى بفساد الجرة بالشك
وفي خزانة الأكمل : رأى في ثوبه قذرا وقد صلى فيه ولا يسرى متى أصابه يعيدها من آخر حدث أحدثه وفي المني من آخر رقدة انتهى يعني احتياطا وعملا بالظاهر
وأكل آخر الليل وشك في طلوع الفجرة صح صومه لأن الأصل بقاء الليل وكذا في الوقوف والأفضل ألا يأكل مع الشك وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه مسيء بالأكل مع الشك إذا كان ببصره علة أو كانت الليلة مقمرة أو متغيمة أو كان في مكان لا يستبين فيه الفجر
وإن غلب على ظنه طلوعه لا يأكل فإن أكل فلم يستبن له شيء لا قضاء عليه في ظاهر الرواية ولو ظهر أنه أكل بعده قضى ولا كفارة عليه
ولو شك في الغروب لم يأكل لأن الأصل بقاء النهار فإن أكل ولم يستبن له شيء قض
وفي الكفارة روايتان وتمامه في الشرح من الصوم
ادعت المرأة عدم وصول النفقة والكسوة المقررتين في مدة مديدة فالقول لها لأن الأصل بقاؤهما في ذمته كالمديون إذا ادعى دفع الدين وأنكر الدائن
ولو اختلف الزوجان في التمكين من الوطء فالقول لمنكره لأن الأصل عدمه ولو اختلفا في السكوت والرد فالقول لها لأن الأصل عدم الرضا ولو اختلفا بعد العدة في الرجعة فيها فالقول لها لأن الأصل عدمها ولو كانت قائمة فالقول له لأنه يملك الإنشاء فيملك الإخبار
ولو اختلف المتبايعان في الطوع فالقول لمن يدعيه لأنه الأصل وإن برهنا فبينة من يدعي الإكراه أولى وعليه الفتوى كما في البزازية
ولو ادعى المشتري أن اللحم لحم ميتة أو ذبيحة مجوسي وأنكر البائع لم أره الآن ومقتض قولهم القول لمدعي البطلان لكونه منكرا ولأن أصل البيع أن يقبل قول المشتري وباعتبار أن الشاة في حال حياتها محرمة فالمشتري متمسك بأصل التحريم إلى أن يتحقق زواله
ادعت المطلقة امتداد الطهر وعدم انقضاء العدة صدقت ولها النفقة لأن الأصل بقاؤها إلا إذا ادعت الحبل فإن لها النفقة إلى سنتين فإن مضتا ثم تبين أن لا حبل فلا رجوع عليها كما في فتح القدير (1/77)
الأصل براءة الذمة
قاعدة : الأصل براءة الذمة : ولذا لم يقبل في شغلها شاهد واحد ولذا كان القول قول المدعى عليه موافقته الأصل والبينة على الدعي لدعواه ما خالف الأصل فإذا اختلفا في قيمة المتلف والمغصوب فالقول قول الغارم لأن الأصل البراءة عما زاد ولو أقر بشيء أو حق قبل تفسيره بما له قيمة فالقول للمقر مع يمينه ولا يرد عليه ما لو أقر بدراهم فإنهم قالوا تلزمه ثلاثة دراهم لأنها أقل الجمع مع أن فيه اختلافا فقيل : أقله اثنان فينبغي أن يحمل عليه لأن الأصل البراءة لأنا نقول المشهور إنه ثلاثة وعليه مبنى الإقرار (1/78)
من شك هل فعل شيئا أم لا
قاعدة : من شك هل فعل شيئا أم لا فالأصل أنه لم يفعل :
وتدخل فيها قاعدة أخرى : من تيقن الفعل وشك في القليل والكثير حمل على القليل لأنه المتيقن إلا أن تشتغل الذمة بالأصل فلا يبرأ إلا باليقين
وهذا الاستثناء راجع إلى قاعدة ثالثة هي : (1/79)
ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين
ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين :
والمراد به غالب الظن ولذا قال في الملتقط ولو لم يفته من الصلاة شيء وأحب أن يقضي صلاة عمره منذ أعرك لا يستحب ذلك إلا إذا كان أكبر ظنه فسادها بسلب الطهارة أو ترك شرط فحينئذ يقضي ما غلب على ظنه وما زاد عليه يكره لورود النهى عنه انتهى (1/79)
الشك في الوضوء و الصلاة إلخ
شك في صلاة هل صلاها أم لا أعاد في الوقت
شك في ركوع أو سجود وهو فيها أعاد وإن كان بعهدها فلا وإن شك أنه كم صلى فإن كان أول مرة استأنف وإن كثرة تحرى وإلا أخذ بالأقل وهنا إذا شك فيها قبل الفراغ فإن كان بعده فلا شيء عليه إلا إذا تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضا وشك في تعيينه قالوا يسجد سجدة واحدة ثم يقعد ثم يقوم فيصلي ركعة بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد للسهو كذا في فتح القدير (1/79)
إذا أخبره عدل بترك شيء إلخ
ولو أخبره عدل بعد السلام أنك صليت الظهر أربعا وشك في صدقه وكذبه فإنه يعيد احتياطا لأن الشك في صدقه شك في الصلاة ولو وقع الاختلاف بين الإمام والقوم : فإن كان الإمام على يقين لا يعيد وإلا أعاد بقولهم كذا في الخلاصة
ولو صلى ركعة بنية الظهر ثم شك في الثانية أنه في العصر ثم شك في الثالثة أنه في التطوع ثم شك في الرابعة أنه في الظهر قالوا يكون في الظهر والشك ليس بشيء
ولو تذكر مصلي العصر أنه ترك سجدة ولم يدر هل تركها من الظهر أو العصر الذي هو فيها تحرى فإن لم يقع تحريه على شيء يتم العصر ويسجد سجدة واحدة ثم يعيد الظهر احتياطا ثم يعيد العصر فإن لم يعد فلا شيء عليه
وفي المجتبى : إذا شك أنه كبر للافتتاح أو لا أو هل أحدث أو لا أو هل أصابت النجاسة ثوبه أو لا أو مسح رأسه أو لا استقبل إن كان أول مرة وإلا فلا اهـ ولو شك أنها تكبيرة الافتتاح أو القنوت لم يصر شارعا وتمامه في الشرح من آخر سجود السهو (1/79)
الشك في أركان الحج
ولو شك في أركان الحج ذكر الجصاص أنه يتحرى كما في الصلاة وقال عامة مشايخنا : يؤدي ثانيا لأن تكرار الركن والزيادة عليه لا يفسد الحج وزيادة الركعة تفسد الصلاة فكان التحري في باب الصلاة أحوط كذا في المحيط
وفي البدائع أنه في الحج يبني على الأقل في ظاهر الرواية
وفي البزازية : شك في القيام في الفجر أنها الأولى أو الثانية رفضه وقعد قدر التشهد ثم صلى ركعتين بفاتحة الكتاب وسورة ثم أتم وسجد للسهو فإن شك في سجدته أنها عن الأولى أم عن الثانية يمضي فيها وإن شك ؟ في السجدة الثانية لأن إتمامها لازم على كل حال وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية قعد ثم قام وصلى ركعة وأتم بسجدة السهو وإن شك في سجدته أنه صلى الفجر ركعتين أو ثلاثا إن كان في السجدة الثانية فسدت صلاته وإن كان في السجدة الأولى يمكن إصلاحها عند محمد رحمه الله لأن تمام الماهية بالرفع عنه فترفع السجدة بالرفض ارتفاعها بالحدث فيقوم ويقعد ويسجد للسهو إلى أن قال : نوع منه : تذكر أنه ترك ركنا قوليا فسدت صلاته وإن ترك فعليا يحمل على ترك الركوع فيسجد ثم يقعد ثم يقوم ويصلي ركعة بسجدتين
صلى صلاة يوم وليلة ثم تذكر أنه ترك القراءة في ركعة ولم يعلم أية صلاة أعاد الفجر والوتر وان تذكر أنه ترك في ركعتين فكذلك وإن تذكر الترك في الأربع فذوات الأربع كلها انتهى
ومنها : شك هل طلق أم لا لم يقع
شك أنه طلق واحدة أو أكثر بنى على الأقل كما ذكره الإسبيجابي إلا أن يستيقن بالأكثر أو يكون أكبر ظنه على خلافه
وإن قال الزوج : عزمت على أنه ثلاث يتركها وإن أخبره عدول حضروا ذلك المجلس بأنها واحدة وصدقهم أخذ بقولهم إن كانوا عدولا وعن الإمام الثاني : حلف بطلاقها ولا يدري أثلاث أم أقل يتحرى وان استويا عمل بأشد ذلك عليه كذا في البزازية (1/80)
شك في الخارج أمني أو مذي و ما تفرع عنه
ومنها : شك في الخارج أمني أو مذي وكان في النوم : فإن تذكر احتلاما وجب الغسل اتفاقا وإلا لم يجب عند أبي يوسف رحمه الله عملا بالأقل وهو المذي ووجب عندهما احتياطا كقولهما بالنقض بالمباشرة الفاحشة وكقول الإمام في الفأرة الميتة إذا وجدت في بئر ولم يسر متى وقعت
وهنا فروع لم أرها الآن :
الأول : لو كان عليه دين وشك في قدره ينبغي لزوم إخراج القدر المتيقن وفي البزازية من القضاء : إذا شك فيما يدعى عليه ينبغي أن يرضي خصمه ولا يحلف احترازا عن الوقوع في الحرام وإن أبى خصمه إلا حلفه : إن كان أكبر رأيه أن المدعي محق لا يحلف وإن كان أكبر رأيه أنه مبطل ساغ له الحلف انتهى
الثاني له إبل وبقر وغنم سائمة وشك في أن عليه زكاة في كلها أو بعضها ينبغي أن تلزمه زكاة الكل
الثالث : شك فيما عليه من الصيام
الراعم : شكت فيما عليها من العدة هل هي عدة طلاق أو وفاة ينيغي أن يلزم الأكثر عليها وعلى الصائم أخذا من قولهم : لو ترك صلاة وشك أنها أية صلاة تلزمه صلاة يوم وليلة عملا بالاحتياط
الخامس : شك في المنذور هل هو صلاة أو صيام أو عتق أو صدقة ينبغي أن تلزمه كفارة يمين أخذا من قولهم : لو قال : علي ندز فعليه كفارة يمين لأن الشك في المنذور كعدم تسميته
السادس : شك هل حلف بالله أو بالطلاق أو بالعتاق ؟ فينبغي أن يكون حلفه باطلا ثم رأيت المسألة في البزازية في شك الأيمان : حلف ونسي أنه بالله تعالى أو بالطلاق أو بالعتاق فحلفه باطل انتهى
وفي اليتيمة : إلا إذا كان يعرف أنه حلف معلقا بالشرط ويعرف الشرط وهو دخول الدار ونحوه إلا أنه لا يسرى أكان بالله أم كان بالطلاق أو بالعتاق فلو وجد الشرط ماذا يجب عليه قال : يحمل على اليمين بالله تعالى إن كان الحالف مسلما قيل له : كم يمين عليك قال : لا اعلم أن علي أيمانا كثيرة غير أني لا أعرف عددها ماذا يصنع ؟ قال : يحمل على الأقل حكما وأما الاحتياط فلا نهاية له انتهى (1/81)
الأصل العدم و ما تفرع عن ذلك الاختلاف في العنين و في ربح المشارك و المضارب
قاعدة : الأصل العدم :
فيها فروع منها أخذا من القاعدة : القول قولها في الوطء لأن الأصل العدم لكن قالوا في العنين : لو ادعى الوطء وأنكرت وقلن بكر خيرت وإن قلن ثيب فالقول له لكونه منكرا استحقاق الفرقة عليه والأصل السلامة من العنة
وفي القنية : افترقا وقالت : افترقنا بعد الدخول وقال الزوج : قبله فالقول قولها لأنها تنكر سقوط نصف المهر انتهى
ومنها : القول قول الشريك والمضارب إن لم يربح لأن الأصل عدمه وكذا لو قال : لم أربح إلا كذا لأن الأصل عدم الزائد
وفي المجمع من الإقرار : وجعلنا القول للمضارب إذا أتى باليقين وقال : هما أصل وربح لا لرب المال انتهى لان الأصل وان كان عدم الربح لكن عارضه أصل آخر وهو أن القول قول القابض في مقدار ما قبضه وكذا في مقدار رأس المال ولو ادعت المرأة النفقة على الزوج بعد فرضها فادعى الوصول إليها و أنكرت فالقول لها كالدائن إذا أنكر وصول الدين
ولو ادعت المرأة نفقة أولادها الصغار بعد فرضها وادعى الأب الإنفاق فالقول له مع اليمين كما في الخانية والثانية خرجت عن القاعدة فليتأمل
وكذا في قدر رأس المال لأن الأصل عدم الزيادة
وكذا في أنه ما نهاه عن شراء نحا لأن الأصل عدم النهي
ولو ادعى المالك أنها قرض والآخذ أنها مضاربة فالقول فيها قول الآخذ لأنهما اتفقا على جواز التصرف له والأصل عدم الضمان ولذا قال في الكنز قال أخذت
منك ألفا وديعة وهلكت وقال أخذتها غصبا فهو ضامن ولو قال أعطيتنيها وديعة وقال غصبتها لا انتهى
وفي البزازية : دفع لآخر عينا ثم اختلفا فقال الدافع : قرض وقال الآخر
هدية فالقول للدافع انتهى لأن مدعي الهبة يدعي الإبراء عن القيمة مع كون العين متقومة بنفسها
ومنها : لو أدخلت المرأة حلمة ثديها في فم الرضيع ولا يسرى أدخل اللبن في حلقه أم لا لا يحرم النكاح لأن في المانع شكا كذا في الولوالجية وسيأتي تمامه في قاعدة أن الأصل في الأبضاع الحرمة
ومنها : لو اختلفا في قبض المبيع والعين المؤجرة فالقول لمنكره كما في إجارة لتهذيب
ومنها : لو ثبت عليه دين بإقرار أو بينة فادعى الأداء أو الإبراء فالقول للدائن لأن الأصل العدم
ومنها : لو اختلفا في قدم العيب : فأنكره البائع فالقول له واختلف في تعليله فقيل لأن الأصل عدمه وقيل لأن الأصل لزوم العقد
ومنها : لو اختلفا في اشتراط الخيارة فقيل القول لمن نفاه عملا بأن الأصل عدمه وقيل لمن ادعاه لأنه ينكر لزوم العقد وقد حكينا القولين في الشرح والمعتمد الأول
ومنها : لو قال غصبت منك ألفا وربحت فيها عشرة آلاف فقال المغصوب منه : بل كنت أمرتك بالتجارة بها فالقول للمالك كما في إقرار البزازية يعني لتمسكه بالأصل وهو عدم الغصب
ومنها : لو اختلفا في رؤية المبيع فالقول للمشتري لأن الأصل عدمها ولو اختلفا في تغيير المبيع بعد رؤبته فالقول للبائع لأن الأصل عدم التغيير (1/82)
الشك في وصول اللبن إلى جوف الرضيع
ومنها : لو أدخلت المرأة حلمة ثديها في فم الرضيع ولا يسرى أدخل اللبن في حلقه أم لا لا يحرم النكاح لأن في المانع شكا كذا في الولوالجية وسيأتي تمامه في قاعدة أن الأصل في الأبضاع الحرمة
ومنها : لو اختلفا في قبض المبيع والعين المؤجرة فالقول لمنكره كما في إجارة لتهذيب
ومنها : لو ثبت عليه دين بإقرار أو بينة فادعى الأداء أو الإبراء فالقول للدائن لأن الأصل العدم
ومنها : لو اختلفا في قدم العيب : فأنكره البائع فالقول له واختلف في تعليله فقيل لأن الأصل عدمه وقيل لأن الأصل لزوم العقد
ومنها : لو اختلفا في اشتراط الخيارة فقيل القول لمن نفاه عملا بأن الأصل عدمه وقيل لمن ادعاه لأنه ينكر لزوم العقد وقد حكينا القولين في الشرح والمعتمد الأول
ومنها : لو قال غصبت منك ألفا وربحت فيها عشرة آلاف فقال المغصوب منه : بل كنت أمرتك بالتجارة بها فالقول للمالك كما في إقرار البزازية يعني لتمسكه بالأصل وهو عدم الغصب
ومنها : لو اختلفا في رؤية المبيع فالقول للمشتري لأن الأصل عدمها ولو اختلفا في تغيير المبيع بعد رؤبته فالقول للبائع لأن الأصل عدم التغيير (1/83)
تنبيه على تقييد هذه القاعدة و بيان ما خرج عنها
تنبيه :
ليس الأصل العدم مطلقا وإنما هو في الصفات العارضة وأما في الصفات الأصلية فالأصل الوجود
وتفرع على ذلك أنه لو اشتراه على أنه خباز أو كاتب وأنكر وجود ذلك الوصف فالقول له لأن الأصل عدمهما لكونهما من الصفات العارضة ولو اشتراها على أنها بكر وأنكر قيام البكارة وادعاه البائع : فالقول للبائع لأن الأصل وجودها لكونها صفة أصلية كذا في فتح القدير من خيار الشرط
وعلى هذا تفرع لو قال كل مملوك لي خباز فهو حر فادعاه عبد وأنكر المولى فالقول للمولى ولو قال : كل جارية بكر لي فهي حرة فادعت جارية أنها بكر وأنكر المولى فالقول لها
وتمام تفريعه في شرحنا على الكنز في تعليق الطلاق عند شرح قوله : وإن اختلفا في وجود الشرط (1/84)
الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته وجود النجاسة في الثوب و البئر الفأرة
قاعدة : الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته
منها ما قدمناه فيما لو رأى في ثوبه نجاسة وقد صلى فيه ولا يسري متى أصابته يعيدها من آخر حدث أحدثه والمني من آخر رقدة يلزمه الغسل في الثانية عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله وإن لم يتذكر احتلاما
وفي البدائع : يعيد من آخر ما احتلم
وقيل في البول يعتبر من آخر ما بال وفي الدم من آخر ما رعف ولو فتق جبة فوجد فيها فأرة ميتة ولم يعلم متى دخلت فيها فإن لم يكن لها ثقب يعيد الصلاة مذ يوم وضع القطن فيها وإن كان فيها نقب يعيدها من ثلاثة أيام ولياليها
وقد عمل الشيخان بهذه القاعدة فحكما بنجاسة البئر إذا وجدت فيها فأرة ميتة من وقت العلم بها من غير إعادة شيء لأن وقوعها حادث فيضاف إلى أقرب أوقاته وخالف الإمام الأعظم رحمه الله فاستحسن إعادة صلاة ثلاثة أيام إن كانت منتفخة أو متفسخة وإلا فمنذ يويم وليلة عملا بالسبب الظاهر دون الموهوم احتياطا كالمجروح إذا لم يزل صاحب فراش حتى مات يحال به على الجرح (1/84)
حكم ما لو اختلف الورثة مع المرأة في إبانتها
ومنها : لو كان في يد رجل عبد : فقال رجل : فقأت عينه وهو في ملك البائع
وقال المشتري : فقأته وهو في ملكي فالقول للمشتري فيأخذا أرشه
ومنها : ادعت أن زوجها أبانها في المرض وصار فارا فترث وقال الورثة : أبانها في صحته لا فلا ترث كان القول قولها فترث (1/85)
ما خرج عن هذا الأصل
وخرج عن هذا الأصل مسألة الكنز من مسائل شتى من القضاء
وإن مات ذمي فقالت زوجته : أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته فالقول لهم مع أن الأصل المذكور يقتضي أن يكون القول قولها وبه قال زفر رحمه الله تعالى وإنما خرجوا عن هذه القاعدة فيها لأجل تحكيم الحال وهو أن سبب الحرمان ثابت في الحال فيثبت فيما مضى
ومما فرعته على الأصل : ما في اليتيمة وغيرها : ولو أقر لوارث ثم مات فقال المقر له أقر في الصحة وقالت الورثة في مرضه فالقول قول الورثة والبينة بينة المقر له وإن لم يقم ببينته وأراد استحلافهم فله ذلك انتهى (1/85)
حكم ما لو اختلفوا في إسلامها بعد موت الزوج أو قبله
ومما فرعته على هذا الأصل : قولهم : لو مات مسلم وتحته نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته وقالت : أسلمت قبل موته وقالت الورثة : أسلمت بعد موته فالقول لهم كما ذكره الزيلعي في مسائل شتى (1/86)
الاختلاف بين القاضي المعزول و غيره
ومما خرج عن هذا الأصل لو قال القاضي بعد عزله لرجل : أخذت منك ألفا ودفعتها إلى زيد قضيت بها عليك فقال الرجل : أخذتها ظلما بعد العزل فالصحيح أن القول للقاضي مع أن الفعل حادث فكان ينبغي أن يضاف إلى أقرب أوقاته وهو وقت العزل وبه قال البعض واختاره السرخسي لكن المعتمد الأول لأن القاضي أسنده إلى حالة منافية للضمان وكذلك إذا زعم المأخوذ منه أنه فعله قبل تقليد القضاء
وخرج أيضا عنه : ما لو قال العبد لغيره بعد العتق : قطعت يسك وأنا عبد وقال المقر له : بل قطعتها وأنت حر كان القول للعبد
وكذا لو قال المولى لعبده وقد أعتقه : أخذت منك غلة شهر خمسة دراهم وأنت عبد فقال المعتق : أخذتها بعد العتق كان القول قول المولى
وكذا الوكيل بالبيع إذا قال : بعت وسلمت قبل العزل وقال الموكل بعد العزل كان القول للوكيل إن كان المبيع مستهلكا وان كان قائما فالقول قول الموكل وكذا في مسألة الغلة لا يصدق في الغلة القائمة
ومما وافق الأصل : ما في النهاية : لو أعتق أمة ثم قال لها : قطعت يدك وأنت أمتي لما فقالت هي : قطعتها وأنا حرة فالقول قولها وكذا في كل شيء أخذه منها عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمه الله ذكره قبيل الشهادات
وتحتاج هذه المسألة إلى نظر دقيق للفرق بينها وفي المجمع من الإقرار : ولو أقر حربي أسلم بأخذ المال قبل الإسلام أو بإتلاف خمر بعده أو مسلم بمال حربي في دار الحرب أو بقطع يد معتقة قبل العتق فكذبوه في الإسناد أفتى بعدم الضمان في الكل انتهى يعني محمد وقالا يضمن
ومما فرع عليه : لو اشترى عبدا ثم ظهر أنه كان مريضا ومات عند المشتري فإنه لا يرجع بالثمن لأن المرض يتزايد فيحصل الموت بالزائد فلا يضاف إلى السابق لكن يرجع بنقصان العيب كما ذكره الزيلعي
وليس من فروعها ما إذا تزوج أمة ثم اشتراها ثم ولدت ولدا يتعمل أن يكون حادثا بعد الشراء أو قبله فإنه لا شك عندنا في كونها أم ولد لا من جهة أنه حادث أضيف إلى أقرب أوقاته لأنها لو ولدت قبل الشراء ثم ملكها تصير أم ولد عندنا (1/86)
هل الأصل في الأشياء الإباحة أو الحظر أو التوقيف ؟
قاعدة : هل الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على عدم الإباحة - وهو مذهب الشافعي رحمه الله - أو التحريم حتى يدل الدليل على الإباحة ونسبه الشافعية إلى أبي حنيفة رحمه الله
وفي البدائع : المختار أن لا حكم للأفعال قبل الشرع والحكم عندنا وان كان أزليا فالمراد به هنا عدم تعلقه بالفعل قبل الشرع فانتفى التعلق لعدم فائدته انتهى
وفي شرح المنار للمصنف : الأصل في الأشياء الإباحة عند بعض الحنفية ومنهم الكرخي و قال بعض أصحاب الحديث : الأصل فيها الحظر وقال أصحابنا : الأصل فيها التوقف بمعنى أنه لا بد لها من حكم لكننا لم نقف عليه بالفعل انتهى
وفي الهداية لا من فصل الحدادة أن الإباحة أصل انتهى (1/87)
ثمرة هذا الاختلاف و أثره
ويظهر أثر هذا الاختلاف في المسكوت عنه ويتخرج عليها ما أشكل حاله :
فمنها : الحيوان المشكل أمره والنبات المجهول سمته
ومنها : إذا لم يعرف حال النهر هل هو مباح أو مملوك
ومنها : لو دخل برجه حمام وشك هل هو مباح أو مملوك
ومنها : مسألة الزرافة فمذهب الشافعي رحمه الله القائل بالإباحة والحل في الكل
وأما مسألة الزرافة فالمختار عندهم حل أكلها وقال السيوطي ولم يذكرها أحذ من المالكية والحنفية وقواعدهم تقتضي حلها والله تعالى أعلم (1/87)
الأصل في الأبضاع التحريم التحري في الفروج و بيان الطلاق المبهم والعتق المبهم و المنسي
قاعدة : الأصل في الأبضاع التحريم :
ولذا قال في كشف الأسرار لما شرح فخر الإسلام : الأصل في النكاح الحظر وأبيح للضرورة انتهى
فإذا تقابل في حل وحرمة غلبت الحرمة ولهذا لا يجوز التحري في الفروج
وفي كافي الحاكم الشهيد من باب التحري : ولو أن رجلا له أربع جواري أعتق واحدة منهن بعينها ثم نسيها فلم يسر أيتهن أعتق لم يسعه أن يتحرى للوطء ولا للبيع ولا يسع الحاكم أن يخلي بينه وبينهن حتى يبين المعتقة من غيرها
وكذلك إذا طلق إحدى نسائه بعينها ثلاثا ثم نسيها
وكذلك إن ميز كلهن إلا واحدة لم يسعه أن يقربها حتى يعلم أنها غير المطلقة
وكذلك يمنعه القاضي عنها حتى يخبر أنها غير المطلقة فإذا أخبر بذلك استحلفه البتة أنه ما طلق هذه بعينها ثلاثا ثم خلى بينهما
فإن كان حلف وهو جاهل بها فلا ينبغي له أن يقربها
فإن باع في المسألة الأولى ثلاثا من الجواري فحكم الحاكم بأن أجاز بيعهن وكان ذلك من رأيه وجعل الباقية هي المعتقة ثم رجع إليه بعض ما باع بشراء أو هبة أو ميراث لم ينبغ له أن يطأها لأن القاضي قضى فيه بغير علم فلا ينبغي له أن يطأ شيئا منهن بالملك إلا أن يتزوجها فحينئذ لا بأس لأنها زوجته أو أمته
ولا يجوز التحري في الفروج لأنه يجوز في كل ما جاز للضرورة والفروج لا تحل بالضرورة انتهى
ثم قال : ولو أعتق جارية من رقيقه ثم نسيها ومات لم يجز للقاضي التحري ولا يقول للورثة : أعتقوا أيتهن شئتم أو أعتقوا التي أكبر ظنكم أنها حرة له ولكنه يسألهم فإن زعموا أن الميت أعتق هذه بعينها أعتقها واستحلفهم على علمهم في الباقيات فإن لم يعرفوا من ذلك شيئا أعتقهن - كلهن و أسقط عنهن قيمة إحداهن وسعين فيما بقي لا انتهى (1/88)
ما خرج عن هذه القاعدة
وخرج عن هذا الأصل مسألة فتاوى قاضي خان صبية أرضعها قوم كخير من أهل القرية أقلهم أو أكثرهم لا يسري من أرضعها وأراد واحد من أهل تلك القرية أن يتزوجها قال أبو القاسم الصفار : إذا لم تظهر له علامة ولا يشهد أحد له بذلك يجوز نكاحها وهذا من باب الرخصة كيلا ينسد باب النكاح
فلو اختلطت الرضيعة بنساء يحصون لم أره الآن ثم رأيت في الكافي للحاكم الشهيد ما يفيد الحل ولفظه : ولو أن قوما كان لكل منهم جارية فأعتق أحدهم جاريته ولم يعرفوا المعتقة فلكل واحد منهم أن يطأ جاريته حتى يعلم أنها المعتقة بعينها وإن كان أكبر رأي أحدهم أنه هو الذي أعتق فأحب إلي أنه لا يقرب حتى يستيقن ذلك ولو قرب لم يكن ذلك حراما ولو اشتراهن رجل واحد قد علم ذلك لم يحل له أن يقرب واحدة منهن حتى يعرف المعتقة ولو اشتراهن إلا واحدة حل له وطؤهن فإن فعل ثم اشترى الباقية لم يحل له وطء شيء منهن و لا بيعه حتى يعلم المعتقة منهن انتهى
ثم اعلم أن هذه القاعدة إنما هي فيما إذا كان في المرأة سبب محقق للحرمة فلو كان في الحرمة شك لم يعتبر ولنا قالوا : لو أدخلت المرأة حلمة ثديها في فم رضيعة ووقع الشك في وصول اللبن إلى جوفها لم تحرم لأن في المانع شكا كما في الولوالجية
وفي القنية : امرأة كانت تعطي ثديها صبية واشتهر ذلك فيما بينهم ثم تقول لم يكن في ثديي لبن حين ألقمتها ثديي ولم يعلم ذلك إلا من جهتها جاز لابنها أن يتزوج بهذه الصبية انتهى
وفي الخانية : صغير وصغيرة بينهما شبهة الرضاع ولا يعلم ذلك حقيقة قالوا لا بأس بالنكاح بينهما هنا إذا لم يخبر بذلك أحد فإن أخبر به عدل ثقة يؤخذ بقوله ولا يجوز النكاح بينهما وان كان الخبر بعد النكاح وهما كبيران فالأحوط أن يفارقها
ثم اعلم أن البضع وإن كان الأصل فيه الحظر يقبل في حله خبر الواحد قالوا : لو اشترى أمة زيد و قال : بكر وكلني زيد ببيعها يحل وطؤها وكذا لو جاءت أمة و قالت لرجل : إن مولاي بعثني إليك هدية وظن صدقها حل وطؤها
ولم أر حكم ما إذا وكل شخصا في شراء جارية و وصفها فاشترى الوكيل جارية بالصفة ومات قبل أن يسلمها للموكل فمقتضى القاعدة حرمتها على الموكل لاحتمال أنه اشتراها لنفسه لأن الوكيل بشراء غير المعين له أن يشتريه لنفسه وإن كان شراء الوكيل الجارية بالصفات المعينة ظاهرا في الحل ولكن الأصل التحريم ينبغي الرجوع إلى قول الوارث لأنه خليفته وله نظائر في الفقه
ولما كان الأولى الاحتياط في الفروج قال في المضمرات : إذا عقد على أمته متنزها عن وطئها حراما على سبيل الاحتمال فهو حسن لما لاحتمال أن تكون حرة أو معتقة الغير أو محلوفا عليها بعتقها وقد حنث الحالف وكثيرا ما يقع لا سيما إذا تداولتها الأيدي (1/89)
حكم وطء السراري اللاتي يجلبن إلخ
فما وقع لبعض الشافعية من أن وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام إلا أن ينتصب في المغانم من جهة الإمام من يحسن قسمتها فيقسمها من غير حيف ولا ظلم أو تحصل قسمة من محكم أو يتزوج بعد العتق بإذن القاضي أو المعتق والاحتياط اجتنابهن مملوكات وحرائر انتهى ورع لا حكم لازم فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة وإلى إقرارها إن كانت كبيرة وإن علم حالها فلا إشكال
تنبيه :
في معراج السراية من كتاب الحظر والإباحة : أن أصحابنا رحمهم الله احتاطوا في أمر الفروج إلا في مسألة : لو كانت جارية بين شريكين وادعى كل منهما أنه يخاف عليها من شريكه وطلب أن توضع على يد عدل لا يجاب إلى ذلك و إنما تكون عند كل واحد يوما حشمة للملك انتهى (1/90)
الأصل في الكلام الحقيقة و بيان ما فرع عليها
قاعدة : الأصل في الكلام الحقيقة :
وعلى ذلك فروع كثيرة :
منها : النكاح للوطء وعليه حمل قوله تعالى : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } فحرمت مزنية الأب كحليلته ولذا لو قضى شافعي بحلها لم ينفذ لمخالفته الكتاب بخلاف القضاء بحل ممسوسته والفرق مذكور في ظهار شرحنا وحرمة المعقود عليها بلا وطء بالإجماع ولو قال لأمته أو منكوحته : نكحتك فعلى الوطء فلو عقد على الأمة بعد إعتاقها أو على الزوجة بعد إبانتها لم يحنث كما في كشف الأسرار
ومنها : لو وقف على ولده أو أوصى لولد زيد لا يدخل ولد ولده إن كان له ولد لصلبه فإن لم يكن له ولد لصلبه استحقه ولد الابن
واختلف في ولد البنت : فظاهر الرواية عدم الدخول وصحح فإذا ولد للواقف ولد : رجع من ولد الابن إليه لأن اسم الولد حقيقة في ولد الصلب وهذا في المفرد وأما إذا وقف على أولاده دخل النسل كله كذكر الطبقات الثلاث بلفظ الولد كما في فتح القدير وكأنه للعرف فيه و إلا فالولد مفردا أو جمعا حقيقة في الصلب
ومنها : لو حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤجر أو لا يستأجر أو لا يصالح عن مال أو لا يقاسم أو لا يخاصم أو لا يضرب ولده لم يحنث إلا بالمباشرة
أي في باب الظهار من البحر الرائق ولا يحنث بالتوكيل لأنها الحقيقة وهو مجاز إلا أن يكون مثله لا يباشر ذلك الفعل كالقاضي والأمير فحينئذ يحنث بهما و إن كان يباشره مرة ويوكل فيه أخرى فإنه يعتبر
الأغلب
قال في الكنز بعده : وما يحنث بهما النكاح والطلاق والخلع والعتق والكتابة والصلح عن دم عمد والهبة و الصدقة والقرض و الاستقراض وضرب العبد والذبح والبناء والخياطة والإيداع والاستيداع والإعارة والاستعارة وقضاء الدين وقبضه والكسوة والحمل انتهى (1/91)
ما يشمل الصحيح و الفاسد وما يختص بالصحيح
والأفعال والعقود في الأيمان : هل تختص بالصحيح أو تتناول الفاسد فقالوا : الإذن في النكاح والبيع والتوكيل بالبيع يتناول الفاسد والتوكيل بالنكاح لا يتناوله واليمين على النكاح إن كانت على الماضي تتناوله وإن كانت على المستقبل لا
واليمين على الصلاة كاليمين على النكاح وكذا على الحج والصوم كما في الظهيرية
وكذا على البيع كما في المحيط
ومنها : لو حلف لا يصلي اليوم لا يتقيد بالصحيح قياسا ويتقيد به استحسانا ومثله لا يتزوج اليوم كما في المحيط ومنها : لو قال : هذه الدار لزيد كان إقرارا بالملك له حتى لو ادعى أنها مسكنه لم يقبل وفي البزازية : قوله : فلان ساكن هذه الدار له إقرار منه بكونها له بخلاف زرع فلان لا أو غرس أو بناء وادعى أنه فعل ذلك بالأجر فهي للمقر
ومنها : لو حلف لا يأكل من هذه الشاة حنث بلحمها لأنه الحقيقة دون لبنها ونتاجها بخلاف ما إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة حنث بثمرها وطلعها لا بما اتصل به صفة حادثة كالدبس فإن لم يكن لها ثمر حنث بما أكله مما اشتراه بثمنها
ومنها : لا يأكل من هذه الحنطة فإنه يحنث بأكل عينها للإمكان فلا يحنث بأكل خبزها
ومنها : إن حلف لا يشرب من دجلة حنث بالكرع لأنه الحقيقة ولا يحنث بالشرب بيده أو بإناء بخلاف من ماء دجلة
ومنها : أوصى لمواليه وله عتقاء ولهم عتقاء اختصت بالأولين لأنهم مواليه حقيقة
و الآخرون مجازا بالتسبب
ومنها : أوصى لأبناء زيد وله صلبيون و حفدة فالوصية للصلبيين ونقض علينا الأصل المذكور بالمستأمن على أبنائه لدخول الكفدة و بمن حلف لا يضع قدمه في دار زيد يحنث بالدخول مطلقا وبمن أضاف العتق إلى يوم قدوم زيد فقدم ليلا : عتق وبمن حلف لا يسكن دار زيد عمت النسبة للملك وغيره وبأن أبا حنيفة ومحمدا رحمهما الله قالا فيمن قال : للم لله علي صوم رجب لا ناويا لليمين إنه نذر ويمين
وأجيب بأن الأمان لحقن الدم المحتاط فيه فانتهض الإطلاق شبهة تقوم مقام الحقيقة فيه و وضع القدم مجاز عن الدخول فعمم واليوم إذا قرن بفعل لا يمتد كان لمطلق الوقت لقوله تعالى : { ومن يولهم يومئذ دبره } وللنهار إذا امتد لكونه معيارا والقدوم غير ممتدة فاعتبر مطلق الوقت وإضافة الدار نسبة للسكنى وهي عامة والنشر مستفاد من الصيغة واليمين من الموجب فإن إيجاب المباح يمين كتحريمه بالنص ومع الاختلاف لا جمع كنا في البدائع
ومن هنا الأصل : لو حلف لا يصلي صلاة فإنه لا يحنث إلا بركعتين لأنها الحقيقة بخلاف : لا يصلي فإنه لا يحنث حتى يقيسها بسجدة لأنه يكون آتيا بجميع الأركان وهل يحنث بوضع الجبهة أو بالرفع قولان هنا من غير ترجيح وينبغي ترجيح الثاني كما رجحوه في الصلاة ولو حلف لا يصلي الظهر لم يحنث إلا بالأربع ولو حلف لا يصليه جماعة لم يحنث بإدراك ركعة واختلف فيما إذا أتى بالأكثر (1/92)
خاتمة تشتمل على فوائد هذه القاعدة
خاتمة تشتمل على فوائد في قاعدة : اليقين لا يزول بالشك : القاعدة الأولى : تشتمل على مسائل :
- المستحاضة المتحيرة يلزمها الاغتسال للصلاة وهو الصحيح
- إذا وجد بللا ولا يدري أنه مني أو مذي قدمنا إيجاب الغسل مع وجود الشك
- وجد فأرة ميتة ولم يدر متى وقعت وكان قد توضأ منها قدمنا وجوب الإعادة عليه مفصلا مع الشك
قدمنا أنه لو شك : هل كبر للافتتاح أو لا أو أحدث أو لا أو مسح رأسه أو لا وكان أول ما عرض له استقبل
- أصابت ثوبه نجاسة ولا يدري أي موضع أصابته غسل الكل على ما قدمنا عن الظهيرية مع ما فيه من الاختلاف
- رمى صيدا فجرحه ثم تغيب عن بصره ثم وجده ميتا ولا يدري سبب موته يحرم مع وجود الشك لكن شرط في الكنز لحرمته أن يقعد عن طلبه وشرط قاضي خان أن يتوارى عن بصره و إليه يشير ما في الهداية والمعتمد الأول
- لو أكلت الهرة فأرة قالوا : إن شربت على فورها الماء يتنجس كشارب الخمر إذا شرب الماء على فوره ولو مكثت ساعة ثم شربت لا يتنجس عند أبي حنيفة رحمه الله لاحتمال غسلها فمها بلعابها وعند محمد رحمه الله يتنجس بناء على أصله من أنها لا تزول إلا بالمطلق كالحكمية وهنا مسائل تحتاج إلى المراجعة ولم أرها الآن : منها : شك مسافر أوصل بلده أو لا
ومنها : شك مسافر هل نوى الإقامة أو لا وينبغي أن لا يجوز له الترخص بالشك
ثم رأيت في التاتارخانية ولو شك في الصلاة أمقيم أو مسافر صلى أربعا ويقعد على الثانية احتياطا فكذلك إذا شك في نية الإقامة
ومنها : صاحب العذر إذا شك في انقطاعه فصلى بطهارته ينبغي أن لا تصح
ومنها : جاء من قدام الإمام وشك متقدم عليه أم لا
ومنها شك هل سبق الإمام بالتكبير أو لا ثم رأيت في التاتارخانية : وإذا لم يعلم المأموم هل سبق إمامه بالتكبير أو لا : فإن كان أكبر رأيه أنه كبر بعده أجزأه وإن كان أكبر رأيه أنه كبر قبله لم يجزه وان اشترك الظنان أجزأ لأن أمره محمول على السداد حتى يظهر الخطأ انتهى
وينبغي أن يكون كذلك حكم المسألة التي قبلها وهي الشك في التقدم والتأخر
ومنها : من عليه فائتة وشك في قضائها فهي سنة وفي التاتارخانية رجل لا يدري هل في ذمته قضاء الفوائت أم لا : يكره له أن ينوي الفوائت ثم قال : وإذا لم يدر الرجل أنه بقي عليه شيء من الفوائت أو لا الأفضل أن يقرأ في سنة الظهر والعصر والعشاء في الأربع الفاتحة والسورة انتهى (1/93)
1 - ـ ما يستثنى من قولهم : اليقين لا يزول بالشك
- الفائدة الثانية :
الشك : تساوي الطرفين والظن : الطرف الراجح وهو ترجيح جهة الصواب والوهم : رجحان جهة الخطأ وأما : أكبر الرأي وغالب الظن فهو : الطرف الراجح إذا أخذ به القلب وهو المعتبر عند الفقهاء كما ذكره اللامشي في أصوله و حاصله أن الظن عند الفقهاء من قبيل الشك لأنهم يريدون به التردد بين وجود الشيء وعدمه سواء استويا أو ترجح أحدهما وكذا قالوا في كتاب الإقرار : لو قال : له علي ألف درهم في ظني لا يلزمه شيء لأنه للشك انتهى
وغالب الظن عندهم ملحق باليقين وهو الذي تبتنى عليه الأحكام يعرف ذلك من تصفح كلامهم في الأبواب : صرحوا في نواقض الوضوء بأن الغالب كالمتحقق وصرحوا في الطلاق بأنه إذا ظن الوقوع لم يقع وإذا غلب على ظنه وقع (1/93)
2 - ـ بيان الشك والوهم و الظن إلخ
- الفائدة الثالثة : في الاستصحاب وهو كما في التحرير : الحكم ببقاء أمر محقق لم يظن عدمه
واختلف في حجيته فقيل : حجة مطلقا ونفاه كثير مطلقا واختار الفحول الثلاثة :
أبو زيد و شمس الأئمة و فخر الإسلام أنه حجة للدفع لا للاستحقاق وهو المشهور عند الفقهاء والوجه أنه ليس بحجة أصلا لأن الدفع استمرار عدمه الأصلي لأن موجب الوجود ليس موجب بقائه فالحكم ببقائه بلا دليل كذا في التحرير
ومما فرع عليه مسألة الشقص إذا بيع من الدار وطلب الشريك الش فعة فذنكر المشتري ملك الطالب فيما في يده فالقول له ولا شفعة له إلا ببينة
ومنها : المفقود لا يرث عندنا ولا يورث وقدمنا فروعا مبنية عليه في قاعدة أن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته
وفي إقرار البزازية : صب دهنا لإنسان عند الشهود فادعى مالكه الضمان فقال : كانت نجسة لوقوع فأرة فيها فالقول للصاب لإنكاره الضمان والشهود يشهدون على الصب لا عدم النجاسة
وكذا لو أتلف لحم طواف فطولب بالضمان فقال : كانت ميتة فأتلفتها لا يصدق وللشهود أن يشهدوا أنه لحم ذكي بحكم الحال قال القاضي : لا يضمن فاعترض عليه بمسألة كتاب الاستحسان وهي أن رجلا لو قتل رجلا فلما طلب منه القصاص قال : كان مرتدا أو قتل أبي فقتلته قصاصا أو للردة لا : لا يسمع فأجاب وقال لأنه لو قبل
لأدى إلى فتح باب العدوان فإنه يقتل ويقول كان القتل كذلك وأمر الدم عظيم فلا يهمل بخلاف المال فإنه بالنسبة إلى الدم أهون حتى حكم في المال بالنكول و في الدم يحبس حتى يقرأ و يحلف واكتفي بيمين واحدة في المال وبخمسين يمينا في الدم انتهى (1/95)
2 - ـ حد الاستصحاب و حجيته و ما فرع عليه
- الفائدة الثالثة : في الاستصحاب وهو كما في التحرير : الحكم ببقاء أمر محقق لم يظن عدمه
واختلف في حجيته فقيل : حجة مطلقا ونفاه كثير مطلقا واختار الفحول الثلاثة :
أبو زيد و شمس الأئمة و فخر الإسلام أنه حجة للدفع لا للاستحقاق وهو المشهور عند الفقهاء والوجه أنه ليس بحجة أصلا لأن الدفع استمرار عدمه الأصلي لأن موجب الوجود ليس موجب بقائه فالحكم ببقائه بلا دليل كذا في التحرير
ومما فرع عليه مسألة الشقص إذا بيع من الدار وطلب الشريك الش فعة فذنكر المشتري ملك الطالب فيما في يده فالقول له ولا شفعة له إلا ببينة
ومنها : المفقود لا يرث عندنا ولا يورث وقدمنا فروعا مبنية عليه في قاعدة أن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته
وفي إقرار البزازية : صب دهنا لإنسان عند الشهود فادعى مالكه الضمان فقال : كانت نجسة لوقوع فأرة فيها فالقول للصاب لإنكاره الضمان والشهود يشهدون على الصب لا عدم النجاسة
وكذا لو أتلف لحم طواف فطولب بالضمان فقال : كانت ميتة فأتلفتها لا يصدق وللشهود أن يشهدوا أنه لحم ذكي بحكم الحال قال القاضي : لا يضمن فاعترض عليه بمسألة كتاب الاستحسان وهي أن رجلا لو قتل رجلا فلما طلب منه القصاص قال : كان مرتدا أو قتل أبي فقتلته قصاصا أو للردة لا : لا يسمع فأجاب وقال لأنه لو قبل
لأدى إلى فتح باب العدوان فإنه يقتل ويقول كان القتل كذلك وأمر الدم عظيم فلا يهمل بخلاف المال فإنه بالنسبة إلى الدم أهون حتى حكم في المال بالنكول و في الدم يحبس حتى يقرأ و يحلف واكتفي بيمين واحدة في المال وبخمسين يمينا في الدم انتهى (1/95)
القاعدة الرابعة : المشقة تجلب التيسير
القاعدة الرابعة : المشقة تجلب التيسير
والأصل فيها قوله تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } وقوله تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج } وفي حديث : [ أحب الدين إلى الله تعالى الحنيفية السمحة ]
قال العلماء : يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع و تخفيفاته (1/96)
أسباب التخفيف السبعة
واعلم أن أسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعه :
الأول : السفر وهو نوعان :
الأول : ما يختص بالطويل وهو ثلاثة أيام ولياليها وهو : القصر و الفطر والمسح أكثر من يوم وليلة وسقوط الأضحية على ما في غاية البيان
والثاني : ما لا يخص به والمراد به : مطلق الخروج عن المصر وهو : ترك الجمعة والعيدين والجماعة و النفل على الدابة و جواز التيمم و استحباب القرعة بين نسائه و القصر للمسافر عندنا رخصة إسقاط بمعنى العزيمة بمعنى أن الإتمام لم يبق مشروعا حتى أثم به وفسدت لو أتم ولم يقعد على رأس الركعتين إن لم ينو إقامته قبيل سجود الثالثة
- الثاني : المرض ورخصه كثيرة : التيمم عند الخوف على نفسه أو على عضوه أو من زيادة المرض أو بطئه والقعود في صلاة الفرض والاضطجاع فيها والإيماء والتخلف عن الجماعة مع حصول الفضيلة والفطر في رمضان للشيخ الفاني مع وجوب الفدية عليه والانتقال من الصوم إلى الإطعام في كفارة الظهار والفطر في رمضان والخروج من المعتكف و الاستنابة في الحج وفي رمي الجمار و إباحة محظورات الإحرام مع الفدية والتداوي بالنجاسات وبالخمر على أحد القولين واختار قاضي خان عدمه و إساغة اللقمة إذا غص بها اتفاقا و إباحة النظر للطبيب حتى العورة و السوأتين
الثالث : الإكراه
الرابع النسيان
الخامس : الجهل وسيأتي لها مباحث
السادس : العسر وعموم البلوى كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها كما دون ربع الثوب من المخففة وقدر الدرهم من المغلظة ونجاسة المعذور التي تصيب ثيابه وكان كلما غسلها خرجت ودم البراغيث والبق في الثوب و إن كثر وبول ترشش على الثوب قدر رؤوس الإبرة وطين الشوارع وأثر نجاسة عسر زواله وبول سنور في غير أواني الماء وعليه الفتوى ومنهم من أطلق في الهرة والفأرة و خرء حمام وعصفور وإن كثر و خرء الطيور المحرمة في رواية وما لا نفس له سائلة وريق النائم مطلقا على المفتى به وأفواه الصبيان
وغبار السرقين و قليل الدخان النجس ومنفذ الحيوان والعفو عن الريح و الفساء إذا أصاب السراويل المبتلة أو المقعدة على المفتى به وكان الحلواني لا يصلي في سراويله ولا تأويل لفعله إلا التحرز من الخلاف
ومن ذلك : قولنا بأن النار مطهرة للروث و العذرة فقلنا بطهارة رماحهما تيسيرا وإلا لزمت نجاسة الخبز في غالب الأمصار
ومن ذلك : طهارة بول الخفاش و خرئه و البعر إذا وقع في المحلب ورمي قبل التفتت
وتخفيف نجاسة الأرواث عندهما وما يصيب الثوب من بخارات النجاسة على الصحيح وما يصيبه مما سال من الكنيف ما لم يكن أكبر رأيه النجاسة وماء الطابق استحسانا وصورته أحرقت العذرة في بيت فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان وكذا الإصطبل إذا كان حارا وعلى كوته طابق أو بيت بالوعة إذا كان عليه طابق وتقاطر منه وكنا الحمام إذا أهريق فيها النجاسة فعرق حيطانها وكونها وتقاطر منه ونحا لو كان في الإصطبل كوز معلق فيه ماء فترشح في أسفل الكوز والقول بطهارة المسك وإن كان أصله دما و الزباد وإن كان عرق حيوان محرم الأكل والتراب الطاهر إذا جعل طينا بالماء النجس أو عكسه - والفتوى على أن العبرة للطاهر أيهما كان - وما ترشش على الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكن الاحتراز عنه وما رش به السوق إذا ابتل به قدماه و موطىء الكلاب والطين المسرقن و ردغة الطريق ومشروعية الاستنجاء بالحجر مع أنه ليس بمزيل حتى لو نزل المستنجي به في ماء نجسة والقول بأن كل مائع قالع يزيل النجاسة الحقيقية ومس المصحف للصبيان
للتعلم ومسح الخف في الحضر لمشقة نزعه في كل وضوء ومن ثم وجب نزعه للغسل لعدم تكرره وأنه لا يحكم على الماء بالاستعمال ما دام مترددا على العضو و لا بنجاسة الماء إذا لاقى المتنجس ما لم ينفصل عنه وأنه لا يضره التغير بالمكث والطين والطحلب وكل ما يعسر صونه عنه وإباحة المشي و الاستدبار عند سبق الحدث وإباحتهما في صلاة الخوف وإباحة النافلة على السابة خارج المصر بالإيماء (1/97)
ما وسع فيه أبو حنيفة و ما وسع فيه الأئمة
وفيه في رواية عن أبي يوسف رحمه الله : و إباحة القعود فيها بلا نحر و وسع أبو حنيفة رحمه الله في العبادات كلها : فلم يقل إن مس المرأة والذكر ناقض ولم يشترط النية في الطهارة ولا الدلك و وسع في المياه ففوضه إلى رأي المبتلى به ولم يشترط مقارنة النية للتكبير ولم يعين من القرآن شيئا حتى الفاتحة عملا بقوله تعالى : { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } و التعيين بحيث لا يجوز غيره عسر وأسقط القراءة عن المأموم بل منعه منها شفقة على الإمام دفعا للتخليط عنه كما يشاهد بالجامع الأزهر ولم يخص تكبيرة الافتتاح بلفظ وإنما جوزها بكل ما يفيد التعظيم وأسقط نظم القرآن عن المصلي فجوزه بالفارسي تيسيرا على الخاشعين وروي رجوعه عنه وأسقط فرض الطمأنينة في الركوع والسجود تيسيرا وأسقط لزوم التفريق على الأصناف الثمانية في الزكاة وصدقة الفطر
وجوز تأخير النية في الصوم وعدم التعيين لصوم رمضان ولم يجعل للحج إلا ركنين الوقوف وطواف الزيارة ولم يشترط الطهارة له ولا الستر ولم يجعل السبعة كلها أركانا بل الأكثر
ولم يوجب العمرة في العمر كل ذلك للتيسير على المؤمنين ومن ذلك الإبراد بالظهر في شدة الحر ومن ثم لا يستحب الإبراد في الجمعة لاستحباب التبكير إليها على ما قيل ولكن ذكر الاسبيجابي أنها كالظهر في الزمانين وترك الجماعة للمطر والجمعة بالأعذار المعروفة
وكذا أسقط أبو حنيفة رحمه الله عن الأعمى الجمعة والحج وإن وجد قائدا دفعا للمشقة عنه
وعدم وجوب قضاء الصلوات على الحائض لتكررها بخلاف الصوم وبخلاف المستحاضة لندور ذلك وسقوط القضاء عن المغمى عليه إذا زاد على يوم وليلة وعن المريض العاجز عن الإيماء بالرأس كذلك على الصحيح وجواز صلاة الفرض في السفينة قاعدا مع القدرة على القيام لخوف دوران الرأس
وكان الصوم في السنة شهرا والحج في العمر مرة والزكاة ربع العشر تيسيرا ولذا قلنا : إنها وجبت بقدرة ميسرة حتى سقطت بهلاك المال وأكل الميتة وأكل مال الغير مع ضمان البدل إذا اضطر
وأكل الولي والوصي من مال اليتيم بقدر أجرة عمله وجواز تقدم النية على الشروع في الصلاة إذا لم يفصل أجنبي وتقدم النية على الصوم من الليل وتأخرها عن طلوع الفجر إلى ما قبل نصف النهار الشرعي دفعا للمشقة عن جنس الصائمين لأن الحائض تطهر بعده والكافر يسلم والصغير يبالغ كذلك وإباحة التحليل من الحج بالإحصار والفوات
و إباحة أبي يوسف رحمه الله رعي حشيش الحرم للحاج في الموسم تيسيرا ولبس الحرير للحكة والقتال وبيع الموصوف في الذمة كالسلم جوز على خلاف القياس دفعا لحاجة المفاليس والاكتفاء برؤية ظاهر الصبرة والأنموذج ومشروعية خيار الشرط للمشتري دفعا للندم وخيار نقد الثمن دفعا للمماطلة ومن هذا القبيل بيع الأمانة المسمى ببيع الوفاء :
جوزه مشايخ بلخ و بخارى توسعة وبيانه في شرح الكنز من باب خيار الشرط ومن ذلك أفتى المتأخرون بالرد لخيار الغبن الفاحش إما مطلقا أو إذا كان فيه غرر رحمة على المشتري
ومنه : الرد بالعيب والتحالف والإقالة والحوالة والرهن والضمان والإبراء والقرض والشركة والصلح والحجر والوكالة والإجارة والمزارعة و المساقاة على قولهما المفتى به للحاجة والمضاربة والعارية والوديعة للمشقة العظيمة في أن كل واحد لا ينتفع إلا بما هو ملكه ولا يستوفي إلا ممن عليه حقه ولا يأخذه إلا بكماله ولا يتعاطى أموره إلا بنفسه
فسهل الأمر بإباحة الانتفاع بملك الغير بطريق الإجارة والإعارة والقرض وبالاستعانة بالغير وكالة و إيداعا وشركة ومضاربة و مساقاة وبالاستيفاء من غير المديون حوالة والتوثيق على الدين برهن وكفيل ولو بالنفس وبإسقاط بعض الدين صلحا أو كله إبراء ولحاجة افتداء يمينه جوزنا الصلح عن إنكار ولفقد ما شرعت الإجارة له لو جعلت المنافع أجرة عند اتحاد الجنس قلنا لا يجوز وقلنا الإجارة على منفعة غير مقصودة من العين لا تجوز للاستغناء عنها بالعارية كما علم في إجارة البزازية
ومن التخفيف : جواز العقود الجائزة لأن لزومها شاق فتكون سببا لعدم تعاطيها ولزوم اللازمة وإلا لم يستقر بيع ولا غيره و وقفنا عزل الوكيل على علمه دفعا للحرج
عنه وكنا عزل القاضي وصاحب وظيفته
ومنه : إباحة الفطر للطبيب والشاهد وعند الخطبة وللسيد
ومنه : جواز النكاح من غير نظر لما في اشتراطه من المشقة التي لا يتحملها كثير من الناس في بناتهم وأخواتهم ة من نظر كل خاطب فناسب التيسير فلم يكن فيه خيار رؤية
بخلاف البيع فإنه يصح قبل الرؤية وله الخيار لعدم المشقة ومن ثم قلنا إن الأمر إيجاب في النكاح بخلاف البيع ومن هنا وسع فيه أبو حنيفة رحمه الله فجوزه بلا ولي ومن غير اشتراط عدالة الشهود ولم يفسده بالشروط المفسدة ولم يخصه بلفظ النكاح والتزويج بل قال ينعقد بما يفيد ملك العين للحال وصححه بحضور ابني العاقدين وناعسين وسكارى يذكرونه بعد الصحو وبعبارة النساء وجوز شهادتهن فيه فانعقد بحضرة رجل وامرأتين
كل ذلك دفعا لمشقة الزنا وما يترتب عليه ومن هنا قيل : عجبت لحنفي يزني
و منه : إباحة أربع نسوة ة فلم يقتصر على واحدة تيسيرا على الرجل وعلى النساء أيضا لكثرتهن ولم يزد على أربعة لما فيه من المشقة على الرجل في القسم وغره
ومنه : مشروعية الطلاق لما في البقاء على الزوجية من المشقة عند التنافر وكذا مشروعية الخلع والافتداء والرجعة في العدة قبل الثلاث ولم يشرع دائما لما فيه من المشقة على الزوجة
ومنه : وقوع الطلاق على المولى منها بمضي أربعة أشهر دفعا للضرر عنها
ومنه : مشروعية الكفارة في الظهار واليمين تيسيرا على المكلفين وكذا التخيير في كفارة اليمين لتكررها بخلاف بقية الكفارات لندرة وقوعها ومشروعية التخيير في نشر معلق بشرط لا يراد كونه بين كفارة اليمين والوفاء بالمنذور على ما عليه الفتوى وإليه رجع الإمام قبل موته بسبعة أيام
و منه : مشروعية الكتابة ليتخلص العبد من دوام الرق لما فيه من العسر ولم يبطلها بالشروط الفاسدة توسعة
ومنه : مشروعية الوصية عند الموت ليتدارك الإنسان ما فرط منه في حال حياته
وصح له في الثلث دون ما زاد عليه دفعا لضرر الورثة حتى أجزناها بالجميع عند عدم الوارث وأوقفناها على إجازة بقية الورثة إذا كانت لوارث وأبقينا التركة على ملك الميت حكما حتى تقضى حوائجه منها رحمة عليه ووسعنا الأمر في الوصية فجوزناها بالمعدوم ولم نبطلها بالشروط الفاسدة
ومنه : إسقاط الإثم عن المجتهدين في الخطأ والتيسير عليهم بالاكتفاء بالظن ولو كلفوا الأخذ باليقين لشق وعسر الوصول إليه (1/99)
فوائد في هذه القاعدة
و وسع أبو حنيفة رحمه الله في باب القضاء والشهادة تيسيرا : فصحح تولية الفاسق وقال إن فسقه لا يعزله و إنما يستحقه ولم يوجب تزكية الشهود حملا لحال المسلمين على الصلاح ولم يقبل الجرح المجرد في الشاهد
ووسع
أبو يوسف
رحمه الله في القضاء والوقف والفتوى على لموله فيما يتعلق بهما
وجوز للقاضي تلقين الشاهد وجوز كتاب القاضي إلى القاضي من غير سفر ولم يشترط فيه شيئا مما شرطه الإمام وصحح الوقف على النفس وعلى جهة تنقطع و وقف المشاع ولم يشترط التسليم إلى المتولي ولا حكم القاضي وجوز استبداله عند الحاجة إليه بلا شرط وجوزه مع الشرط ترغيبها في الوقف وتيسيرا على المسلمين
فقد بان بهذا : أن هذه القاعدة يرجع إليها غالب أبواب الففه
- السبب السابع : النقص فإنه نوع من المشقة ة فناسب التخفيف
فمن ذلك : عدم تكليف الصبي والمجنون ففوض أمر أموالهما إلى الولي وتربيته وحضانته إلى النساء رحمة عليه ولم يجبرهن على الحضانة تيسيرا عليهن وعدم تكليف النساء بكثير مما وجب على الرجال : كالجماعة والجمعة والجهاد والجزية وتحمل العقل على قول والصحيح خلافه وإباحة لبس الحرير وحلي الشهب وعدم تكليف الأرقاء بكثير مما وجب على الأحرار لكونه على النصف من الحر في الحدود والعدة مما سيأتي في أحكام العبيد وهنه فوائد مهمة نختم بها الكلام على هذه القاعدة (1/102)
المشاق على قسمين
القاعدة الأولى : المشاق على قسمين :
- مشقة لا تنفك عنها العباسة غالبا : كمشقة البرد في الوضوء والغسل ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها ومشقة ألم
الحد ورجم الزناة وقتل الجناة وقتال البغاة فلا أثر لها في إسقاط العباسات في كل الأوقات
وأما جواز التيمم للخوف من شدة البرد للجنابة ة فالمراد من الخوف الخوف من الاغتسال على نفسه أو على عضو من أعضائه أو من حصول مرض ولنا اشترط في البدائع لجوازه من الجنابة أن لا يجد مكانا يأويه ولا ثوبا يتدفأ به ولا ماء مسخنا ولا حماما - والصحيح أنه - لا يجوز للحدث الأصغر كما في الخانية - لعدم اعتبار ذلك الخوف في أعضاء الوضوء
- وأما المشقة التي تنفك عنها العبادات غالبا فعلى مراتب :
الأولى : مشقة عظيمة فادحة كمشقة الخوف على النفوس والأطراف ومنافع الأعضاء ث فهي موجبة للتخفيف وكذلك إذا لم يكن للحج طريق إلا من البحر وكان الغالب عدم السلامة لم يجب
الثانية : مشقة خفيفة : كأدنى وجع في أصبع أو أدنى صداع في الرأس أو سوء مزاج خفيف فهنا لا أثر له ولا التفات إليه لأن تحصيل مصالح العبادات أولى من دفع مثل هذه المفسدة التي لا أثر لها ومن هنا رد على من قال من مشايخنا : إن المريض إذا نوى الصوم في رمضان عن واجب آخرة فإنه يقع عقا نوى إن كان مرضا لا يضر معه الصوم و إلا فيقع عن رمضان بأن ما لا يضر ليس بمرخص للفطر في رمضان وكلامنا في مريض رخص له الفطر (1/103)
تنبيه في الفرق بين مرض الزوج ومرضها
تنبيه : مطلق المرض لم إن لم يضر إن كان بالزوج : مانع من صحة خلوته بها بخلاف مرضها
الثالثة : متوسطة بين هاتين : كمريض في رمضان يخاف من الصوم زيادة المرض أو بطء البرء فيجوز له الفطر وهكشا في المرض المبيح للتيمم واعتبروا في الحج الزاد والراحلة المناسبين للشخص حتى قال في فتح القدير : يعتبر في حق كل إنسان ما يصح معه بدنه وقالوا : لا يكتفى بالعقبة في الراحلة بل لا بد في الحج من شق محمل أو رأس زاملة
ومن المشكل : التيمم فإنهم اشترطوا في المرض المبيح له أن يخاف من الماء على نفسه أو عضوه ذهابا أو منفعة أو حدوث مرض أو بطء برء ولم يبيحوه بمطلق المرض مع أن مشقة السفر دون ذلك بكثير ولم يوجبوا شراء الماء بزيادة فاحشة على قيمته لا اليسيرة (1/103)
تخفيفات الشرع أنواع
الفائدة الثانية : تخفيفات الشرع أنواع :
الأول : تخفيف إسقاط : كإسقاط العبادات عند وجود أعذارها
الثاني : تخفيف تنقيص : كالقصر في السفر على القول بأن الإتمام أصل وأما على قول من قال : القصر أصل والإتمام فرض بعده فلا إلا صورة
الثالث : تخفيف إبدال : كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم والقيام في الصلاة بالقعود والاضطجاع والركوع والسجود بالإيماء والصيام بالإطعام
الرابع : تخفيف تقديم : كالجمع بعرفات وتقديم الزكاة على الحول وزكاة الفطر في رمضان وقبله على الصحيح بعد تملك النصاب في الأول ووجود الرأس بصفة المؤنة والولاية في الثاني
الخامس : تخفيف تأخير : كالجمع بمزدلفة وتأخير رمضان للمريض والمسافر وتأخير الصلاة عن وقتها في حق مشتغل بإنقاذ غرق ونحوه
السادس : تخفيف ترخيص : كصلاة المستجمر مع بقية النجو وشرب الخمر للغصة
السابع : تخفيف تغيير : كتغيير نظم الصلاة للخوف (1/104)
المشقة والحرج إنما يعتبران عند عدم النص
الفائدة الثالثة : المشقة والحرج :
إنما يعتبران في موضع لا نص فيه وأما مع النص بخلافه فلا ولذا قال أبو حنيفة و محمد رحمهما الله بحرمة رعي حشيش الحرم وقطعه إلا الإذخر وجوز أبو يوسف رحمه الله رعيه للحرج
ورد عليه بما ذكرناه وذكره الزيلعي في جنايات الإحرام وقال في الأنجاس إن الإمام يقول بتغليظ نجاسة الأرواث لقوله عليه السلام إنها ركس أي نجس ولا اعتبار عنده بالبلوى في موضع النص كما في بول الآدمي : فإن البلوى فيه أعم انتهى
وفي شرح منية المصلي : من المتأخرين من زاد في تفسير الغليظة على قول أبي حنيفة رحمه الله ولا حرج في اجتنابه كما في الاختيار وفي الغليظة على قولهما ولا بلوى في إصابته كما في الاختيار أيضا وفي المحيط : وهي زيادة حسنة يشهد لها بعض فروع الباب والمراد بقوله : ولا حرج في اجتنابه ولا بلوى في إصابته على اختلاف العبارتين إنما هو بالنسبة إلى جنس المكتفين فيقع الاتفاق على صدق القضية المشهورة وهي : إن ما عمت بليته خفت قضيته انتهى (1/104)
إذا ضاق الأمر اتسع
الفائدة الرابعة :
ذكر بعضهم أن الأمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع ضاق وجمع بينهما بعضهم بقوله : كل ما تجاوز عن حده انعكس إلى ضده لا ونظير هاتين القاعدتين في التعاكس قولهم : يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء وقولهم : يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في البقاء وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر فروعهما (1/105)
القاعدة الخامسة : الضرر يزال
القاعدة الخامسة : الضرر يزال أصلها : قوله عليه الصلاة و السلام : [ لا ضرر ولا ضرار ] أخرجه مالك في الموطأ عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلا وأخرجه الحاكم في المستدرك و البيهقي و الدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري وأخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس و عبادة بن الصامت رضي الله عنهم
وفسره في المغرب بأنه لا يضر الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء انتهى
وذكره أصحابنا رحمهم الله في كتاب الغصب والشفعة وغيرهما (1/105)
ما ابتنى على هذه القاعدة من أبواب الفقه
ويبنى على هذه القاعدة كثير من أبواب الفقه :
فمن ذلك : الرد بالعيب وجميع أنواع الخيارات والحجر بسائر أنواعه على المفتى به والشفعة فإنها للشريك لدفع ضرر القسمة وللجار لدفع ضرر الجار السوء :
( بجيرانها تغلو الديار وترخص )
والقصاص والحدود و الكفارات وضمان المتلفات و الجبر على القسمة بشرطه ونصب الأئمة والقضاة ودفع الصائل وقتال المشركين والبغاة
وفي البزازية من كتاب الكراهية : باع أغصان فرصاد والمشتري إذا ارتقى لقطعها يطلع على عورات الجيران يؤمر بأن يخبرهم وقت الارتقاء ليستتروا مرة أو مرتين
فإن فعل وإلا رفع إلى الحاكم ليمنعه من الارتقاء انتهى
وهذه القاعدة مع التي قبلها متحدة أو متداخلة وتتعلق بها قواعد : (1/106)
الضرورات تبيح المحظورات
الأولى : الضرورات تبيح المحظورات :
ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة و إساغة اللقمة بالخمر والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه وكذا إتلاف المال وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله
وزاد الشافعية على هذه القاعدة : بشرط عدم نقصانها
قالوا : ليخرج ما لو كان الميت نبيا فإنه لا يحل أكله للمضطر : لأن حرمته أعظم في نظر الشرع من مهجة المضطر انتهى
ولكن ذكر أصحابنا رحمهم الله ما يفيده : فإنهم قالوا : لو كره على قتل غيره بقتل لا يرخص له : فإن قتله أثم لأن مفسدة قتل نفسه أخف من مفسدة قتل غيره وقالوا : لو دفن بلا تكفين لا ينبش عليه لأن مفسدة هتك حرمته أشد من عدم تكفينه الذي قام الستر بالتراب مقامه وكنا قالوا : لو دفن بلا غسل وأهيل عليه التراب صلي على قبره ولا يخرج (1/107)
ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها
الثانية : ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها :
ولذا قال في أيمان الظهيرية : إن اليمين الكاذبة لا تباح للضرورة وإنما تباح للتعريض انتهى يعني لاندفاعها بالتعريض
ومن فروعه : المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر سد الرمق
والطعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة لأنه إنما أبيح للضرورة قال في الكنز : وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة وبعد الخروج منها لا وما فضل رد إلى الغنيمة وأفتوا بالعفو عن بول السنور في الثياب دون الأواني لأنه لا ضرورة في الأواني لجريان العادة بتخميرها
وفرق كثير من المشايخ في البعر بين آبار الفلوات فيعفى عن قليله للضرورة لأنه ليس لها رؤوس حاجزة والإبل تبعر حولها وبين آبار الأمصار لعدم الضرورة بخلاف الكثير ولكن المعتمد عدم الفرق بين آبار الفلوات والأمصار وبين الصحيح والمنكسر وبين الرطب واليابس
ويعفى عن ثياب المتوضىء إذا أصابها من الماء المستعمل وعلى رواية النجاسة للضرورة ولا يعفى عما يصيب ثوب غيره لعدمها
ودم الشهيد طاهر في حق نفسه نجس في حق غيره لعدم الضرورة والجبيرة يجب ألا تستر من الصحيح إلا بقدر ما لا بد منه والطبيب إنما ينظر من العورة بقدر الحاجة
وفرع الشافعية عليها : أن المجنون لا يجوز تزويجه أكثر من واحدة لاندفاع الحاجة بها انتهى ولم أره لمشايخنا رحمهم الله
تذنيب : يقرب من هذه القاعدة : ما جاز لعشر بطل بزواله فبطل التيمم إذا قدر على استعمال الماء فإن كان لفقد الماء بطل بالقدرة عليه وإن كان لمرض بطل ببرئه وإن كان لبرد بطل بزواله
وينبغي أن تخرج على هذه القاعدة : الشهادة على الشهادة إذا كان الأصل مريضا فصح بعد الإشهاد أو مسافرا فقدم أن يبطل الإشهاد على القول بأنها لا تجوز إلا لموت الأصل أو مرضه أو سفره (1/107)
الضرر لا يزال بالضرر
الثالثة : الضرر لا يزال بالضرر :
وهي مقيدة لقولهم : الضرر يزال أي : لا بضرر
ومن فروعها : عدم وجوب العمارة على الشريك وإنما يقال لمريدها أنفق واحبس العين إلى استيفاء قيمة البناء أو ما أنفقته فالأول إن كان بغير إذن القاضي والثاني إن كان
بإذنه وهو المعتمد
وكتبنا في شرح الكنز في مسائل شتى من كتاب القضاء أن الشريك يجبر عليها في ثلاث مسائل ولا يجبر السيد على تزويج عبده أو أمته وإن تضرر أو لا يأكل المضطر طعام مضطر آخر ولا شيئا من بدنه (1/108)
ما يتحمل فيه الضرر الخاص لدفع ضرر عام
تنبيه : يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع الضرر العام وهذا مقيد لقولهم : الضرر يزال بمثله (1/109)
ما فرع عن هذا
وعليه فروع كثيرة :
منها : جواز الرمي إلى كفار تترسوا بصبيان المسلمين
ومنها : وجوب نقض حائط مملوك مال إلى طريق العامة على مالكها دفعا للضرر العام
ومنها : جواز الحجر على البالغ العاقل الحر عند أبي حنيفة رحمه الله في ثلاث
المفتي الماجن والطبيب الجاهل والمكاري المفلس دفعا للضرر العام
ومنها : جوازه ا على السفيه عندهما وعليه الفتوى دفعا للضرر العام
ومنها : بيع مال المديون المحبوس عندهما لقضاء دينه دفعا للضرر عن الغرماء وهو المعتمد
ومنها : التسعير عند تعدي أرباب الطعام في بيعه بغبن فاحش
ومنها : بيع طعام المحتكر جبرا عليه عند الحاجة وامتناعه من البيع دفعا للضرر العام
ومنها : منع اتخاذ حانوت للطبخ بين البزازين
وكذا لكل ضرر عام كذا في الكافي وغيره وتمامه في شرح منظومة ابن وهبان من الدعوى
تنبيه آخر : تقييد القاعدة أيضا بما لو كان أحدهما أعظم ضررا من الآخر فإن الأشد يزال بالأخف
فمن ذلك : الإجبار على قضاء الدين والنفقات الواجبات
ومنها : حبس الأب لو امتنع عن الإنفاق على ولده بخلاف الذين
ومنها : لو غصب ساجة أي : خشبة وأدخلها في بنائه فإن كانت قيمة البناء أكثر يملكها صاحبه بالقيمة وإن كانت قيمتها أكثر من قيمته لم ينقطع حق المالك عنها
ومنها : لو غصب أرضا فبنى فيها أو غرس : فإن كانت قيمة الأرض أكثر قلعها وردت وإلا ضمن له قيمتها
ومنها : لو ابتلعت دجاجة لؤلؤة ينظر إلى أكثرهما قيمة فيضمن صاحب الأكثر قيمة الأقل
وعلى هذا لو أدخل فصيل غيره في داره فكبر فيها ولم يمكن إخراجه إلا بهدم الجدار وكذا لو أدخل البقر رأسه في قدر من النحاس فتعذر إخراجه هكذا ذكر أصحابنا رحمهم الله كما ذكره الزيلعي في كتاب الغصب
وفصل الشافعية : فقالوا : إن كان صاحب البهيمة معها فهو مفرط بترك الحفظ فإن كانت غير مأكولة كسرت القدر وعليه أرش النقص أو مأكولة ففي ذبحها وجهان
وإن لم يكن معها فإن فرط صاحب القدر كسرت ولا أرش وإلا فله الأرش
وينبغي أن يلحق بمسألة البقرة ما لو سقط ديناره في محبرة غيره ولم يخرج إلا بكسرها
ومنها : جواز دخول بيت غيره إذا سقط متاعه فيه وخاف صاحبه أنه لو طلبه منه لأخفاه
ومنها : مسألة الظفر بجنس دينه
ومنها : جواز شق بطن الميتة لإخراج الولد إذا كانت ترجى حياته وقد أمر به أبو حنيفة رحمه الله فعاش الولد كما في الملتقط
قالوا : بخلاف ما إذا ابتلع لؤلؤة فمات فإنه لا يشق بطنه لأنه حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال وسوى الشافعية بينهما في جواز الشق
وفي تهذيب القلانسي من الحظر والإباحة : وقيمة الدرة في تركته وإن لم يترك شيئا لا يجب شيء انتهى
ومنها : طلب صاحب الأكثر القسمة وشريكه يتضرر فإن صاحب الكثير يجاب على أحد الأقوال لأن ضرره في عدم القسمة أعظم من ضرر شريكه بها (1/109)
حكم ما إذا تعارض ضرران أو مفسدتان
الرابعة : نشأت من هذه القاعدة قاعدة رابعة وهي : ما إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما
قال الزيلعي في باب شروط الصلاة : ثم الأصل في جنس هذه المسائل أن من ابتلي ببليتين وهما متساويتان يأخذ بأيتهما شاء وإن اختلفتا يختار أهونهما لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة ولا ضرورة في حق الزيادة
مثاله : رجل عليه جرح لو سجد سال جرحه و إن لم يسجد لم يسل فإنه يصلي قاعدا يومىء بالركوع والسجود لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في التطوع على الدابة ومع الحدث لا يجوز بحال
وكذا : شيخ لا يقدر على القراءة قائما ويقدر عليها قاعدا يصلي قاعدا لأنه يجوز حالة الاختيار في النفل ولا يجوز ترك القراءة بحال ولو صلى في الفصلين قائما مع الحدث وترك القراءة لم يجز
ولو كان معه ثوبان نجاسة كل واحد متهما أكثر من قدر الدرهم يتخير ما لم يبلغ أحدهما قدر ربع الثوب لاستوائهما في المنع ولو كان دم أحدهما قدر الربع ودم الآخر أقل يصلي في أقلهما دما ولا يجوز عكسه لأن للربع حكم الكل ولو كان في كل واحد منهما قدر الربع أو كان في أحدهما أكثر لكن لا يبلغ ثلاثة أرباعه وفي الآخر قدر الربع صلى في أيهما شاء لاستوائهما في الحكم والأفضل أن يصلي في أقلهما نجاسة ولو كان ربع أحدهما طاهرا والآخر أقل من الربع يصلي في الذي ربعه طاهر ولا يجوز في العكس
ولو أن امرأة لو صلت قائمة ينكشف من عورتها ما يمنع جواز الصلاة ولو صلت قاعدة لا ينكشف منها شيء فإنها تصلي قاعدة لما ذكرنا أن ترك القيام أهون ولو كان الثوب يغطي جسدها وربع رأسها وتركت تغطية الرأس لا يجوز ولو كان يغطي أقل من الربع لا يضرها تركه لأن للربع حكم الكل وما دونه لا يعطى له حكم الكل والستر أفضل تقليلا للانكشاف انتهى
ومن هذا القبيل ما ذكره في الخلاصة : أنه لو كان إذا خرج للجماعة لا يقدر على القيام ولو صلى في بيته صلى قائما يخرج إليها ويصلي قاعدا وهو الصحيح
ونقل عن شرح منية المصلي تصحيحا آخر أنه يصلي في بيته قائما وهو الأظهر
ومن هذا النوع : لو اضطر وعنده ميتة ومال الغيرة فإنه يأكل الميتة
وعن بعض أصحابنا رحمهم الله : من وجد طعام الغيرة لا تباح له الميتة وعن ابن سماعة الغصب أولى من الميتة وبه أخذ الطحاوي وغيره وخيره الكرخي كذا في البزازية
ولو اضطر المحرم وعنده ميتة وصيد أكلها دونه على المعتمد وفي البزازية :
لو كان الصيد مذبوحا ة فالصيد أولى وفاقا ولو اضطر وعنده صيد ومال الغيرة فالصيد أولى وكذا الصيد أولى من لحم الإنسان وعن محمد : الصيد أولى من لحم خنزير انتهى
وذكر الزيلعي في آخر كتاب الإكراه : لو قال له : لتلقين نفسك في النار أو من الجبل أو لأقتلنك وكان الإلقاء بحيث لا ينجو منه ولكن فيه نوع خفة فله الخيار إن شاء فعل ذلك وإن شاء لم يفعل وصبر حتى يفتل عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه ابتلي ببليتين فيختار ما هو الأهون في زعمه
وعندهما : يصبر ولا يفعل ذلك لأن مباشرة الفعل سعي في إهلاك نفسه فيصبر تحاميا عنه
وأصله أن الحريق إذا وقع في سفينة وعلم أنه لو صبر فيها يحترق ولو وقع في الماء يغرق فعنده يختار أيهما شاء وعندهما : يصبر
ثم إذا ألقى نفسه في النار فاحترق فعلى المكره القصاص بخلاف ما إذا قال له : لتلقين نفسك من رأس الجبل أو لأقتلنك بالسيف فألقى نفسه فمات فعند أبي حنيفة رحمه الله : تجب الدية وهي مسألة القتل بالمثقل انتهى (1/111)
درأ المفاسد أولى من جلب المصالح
الخامسة : ونظير القاعدة الرابعة قاعدة خامسة وهي :
درء للمفاسد أولى من جلب للمصالح :
فإذا تعارضت مفسدة ومصلحة قدم دفع المفسدة غالبا لأن اعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ولذا قال عليه السلام : [ إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ] وروى في الكشف حديثا : [ لترك ذرة مما نهى الله عنه : أفضل من عبادة الثقلين ]
ومن ثم : جاز ترك الواجب دفعا للمشقة ولم يسامح في الإقدام على المنهيات خصوصا الكبائر
ومن ذلك : ما ذكره البزازي في فتاواه : ومن لم يجد سترة ترك الاستنجاء ولو على شط نهر لأن النهي راجح على الأمر حتى استوعب النهي الأزمان ولم يقتض الأمر التكرار انتهى
والمرأة إذا وجب عليها الغسل ولم تجد سترة من الرجال تؤخره بخلاف الرجل إذا لم يجد سترة من الرجال لا يؤخره ويغتسل وفي الاستنجاء إذا لم يجد سترة يتركه
والفرق أن النجاسة الحكمية أقوى والمرأة بين النساء كالرجل بين الرجال كذا في شرح النقاية (1/113)
ما فرع عن هذا
ومن فروع ذلك المبالغة في المضمضة والاستنشاق مسنونة وتكره للصائم وتخليل الشعر سنة في الطهارة ويكره للمحرم
وقد تراعى المصلحة لغلبتها على المفسدة فمن ذلك : الصلاة مع اختلال شرط من شروطها من الطهارة أو الستر أو الاستقبال فإن في كل ذلك مفسدة لما فيه من الإخلال بجلال الله تعالى في أن لا يناجى إلا على أكمل الأحوال ومتى تعذر عليه شيء من ذلك جازت الصلاة بدونه تقديما لمصلحة الصلاة على هذه المفسدة
ومنه : الكذب مفسدة محرمة وهو متى تضمن جلب مصلحة تربو عليه جاز
كالكذب للإصلاح بين الناس وعلى الزوجة لإصلاحها وهذا النوع راجع إلى ارتكاب أخف المفسدتين في الحقيقة (1/114)
الحاجه تنزل منزلة الضرورة
السادسة : الحاجه تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة
ولهذا جوزت الإجارة على خلاف القياس للحاجة ولذا قلنا لا تجوز إجارة بيت بمنافع بيت : لاتحاد جنس المنفعة فلا حاجة بخلاف ما إذا اختلف
ومنها : ضمان الدرك جوز على خلاف القياس
ومن ذلك : جواز السلم على خلاف القياس لكونه بيع المعدوم دفعا لحاجة المفاليس
ومنها جواز الاستصناع للحاجة ودخول الحمام مع جهالة مكثه فيها وما يستعمله من مائها وشربة السقاء
ومنها : الإفتاء بصحة بيع الوفاء حين كثر الدين على أهل بخارى وهكذا بمصر وقد سموه بيع الأمانة والشافعية يسمونه الرهن المعاد وهكذا سماه به في الملتقط وقد ذكرناه في شرح الكنز من باب خيار الشرط وفي القنية للمحتاج الاستقراض بالربح انتهى (1/114)
القاعدة السادسة : العادة محكمة
القاعدة السادسة : العادة محكمة
وأصلها : قوله عليه الصلاة و السلام : [ ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ]
قال العلائي : لم أجده مرفوعا في شيء من كتب الحديث أصلا ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسؤال وإنما هو من قول عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه موقوفا عليه أخرجه أحمد في مسنده
وأعلم أن اعتبار العادة والعرف يرجع إليه في الفقه في مسائل كثيرة حتى جعلوا ذلك أصلا فقالوا في الأصول في باب ما تترك به الحقيقة : تترك الحقيقة بدلالة الاستعمال والعادة
كنا ذكر فخر الإسلام فاختلف في عطف العادة على الاستعمال فقيل : هما مترادفان
وقيل : المراد من الاستعمال نقل اللفظ عن موضوعه الأصلي إلى معناه المجازي شرعا وغلبة استعماله فيه ومن العادة نقله إلى معناه المجازي عرفا وتمامه في الكشف الكبير
وذكر السراج الهندي في شرح المغني : العادة عبارة عما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المقبولة عن الطباع السليمة وهي أنواع ثلاثة : العرفية العامة كوضع القدم والعرفية الخاصة كاصطلاح كل طائفة مخصوصة كالرفع للنحاة والفرق والجمع والنقض للنظار والعرفية الشرعية كالصلاة والزكاة والحج تركت معانيها اللغوية بمعانيها الشرعية انتهى (1/115)
حد الماء الجاري و الماء الكثير و الحيض و النفاس و العمل المفسد للصلاة
فمما فرع على هذه القاعدة : حد الماء الجاري الأصح أنه ما يعذه الناس جاريا
ومنها : وقوع البعر الكثير في البئر : الأصح أن الكثير ما لا يستكثره الناظر
ومنها : حد الماء الكثير الملحق بالجاري الأصح تفويضه إلى رأي المبتلى به لا التقدير بشيء من العشر في العشر ونحوه
ومنها : الحيض والنفاس قالوا لو زاد الدم على أكثر الحيض والنفاس ترد إلى أيام عادتها
ومن ذلك : العمل المفسد للصلاة مفوض إلى العرف لو كان بحيث لو رآه راء يظن أنه خارج الصلاة
ومنها : تناول الثمار الساقطة وفي إجارة الظئر وفيما لا نص فيه من الأموال الربوية يعتبر فيه العرف في كونه كيلتن أو وزنيا وأما المنصوص على كيله أو وزنه فلا اعتبار بالعرف فيه عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله خلافا أبي يوسف رحمه الله وقواه في فتح القدير من باب الربا ولا خصوصية للربا وإنما العرف غير معتبر في المنصوص عليه
قال في الظهيرية من الصلاة : وكان محمد بن الفضل يقول : السرة إلى موضع نبات الشعر من العانة ليست بعورة لتعامل العمال في الإبداء عن ذلك الموضع عند الاتزار وفي النزع عند العادة الظاهرة نوع حرج وهذا ضعيف وبعيدة لأن التعامل بخلاف النص لا يعتبر انتهى بلفظه (1/116)
حكم صوم يوم الشك و يومين قبل رمضان
وفي صوم يوم الشك فلا يكره لمن له عادة وكذا صوم يومين قبله والمذهب عدم كراهية صومه بنية النفل مطلقا (1/117)
قبول الهدية و جواز الأكل من الطعام المقدم إليه بغير إذن صريح
ومنها : قبول الهدية للقاضي ممن له عادة بالإهداء له قبل توليته بشرط ألا يزيد على العادة فإن زاد عليها رد الزائد والأكل من الطعام المقدم له ضيافة بلا صريح الإذن (1/117)
بناء الأيمان و النذور و الوصايا و الأوقاف
ومنها : ألفاظ الواقفين تبتنى على عرفهم كما في وقف فتح القدير وكذا لفظ الناذر والموصي والحالف وكذا الأقارير تبتنى عليه إلا فيما نذكره وسيأتي في مسائل الإيمان وتتعلق بهذه القاعدة مباحث : (1/117)
ما تثبت به العادة
المبحث الأول :
بماذا تثبت العادة وفي ذلك فروع :
الأول : - العادة في باب الحيض اختلف فيها فعند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله : لا تثبت إلا بمرتين وعند أبي يوسف رحمه الله : تثبت بمرة واحدة قالوا وعليه الفتوى
وهل الخلاف في الأصلية ؟ أو في الجعلية ؟ أو فيهما ؟ مستوفى في الخلاصة وغيرها
الثاني : تعليم الكلب الصائد بترك أكله للصيد بأن يصير الترك عادة وذلك بترك الأكل ثلاث مرات
الثالث : لم أر بماذا تثبت العادة والإهداء للقاضي المقتضية للقبول
المبحث الثاني : إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت : ولنا قالوا في البيع : لو باع بدراهم أو دنانير وكانا في بلد اختلف فيه النقود مع الاختلاف في المالية والرواج انصرف البيع إلى الأغلب
قال في الهداية : لأنه هو المتعارف : فينصرف المطلق إليه
ومنها : لو باع لتاجر في السوق شيئا بثمن ولم يصرحا بحلول ولا تأجيل وكان المتعارف فيما بينهم : أن البائع يأخذ كل جمعة قدرا معلوما انصرف إليه بلا بيان قالوا : لأن المعروف كالمشروط ولكن إذا باعه المشتري تولية ولم يبين التقسيط للمشتري هل يكون للمشتري الخيارة فمنهم من أثبته والجمهور على أنه يبيعه مرابحة بلا بيان لكونه حالا بالعقد ذكره الزيلعي في التولية
ومنها : في استجار الكاتب قالوا : الحبر عليه والأقلام والخياط قالوا : الخيط والإبرة عليه عملا بالعرف وينبغي أن يكون الكحل على الكحال للعرف ومن هذا القبيل : طعام العبد فإنه على المستأجر بخلاف علف الدابة : فإنه على المؤجر حتى لو شرط على المستأجر فسدت كما في البزازية بخلاف استجار الظئر بطعامها وكسوتها فإنه جائز وإن كان مجهولا للعرف وتفرع على أن علف الدابة على مالكها دون المستأجرة لأن المستأجر لو تركها بلا علف حتى ماتت جوعا لم يضمن كما في البزازية
ومنها ما في وقف القنية : بعث شمعا في شهر رمضان إلى مسجد فاحترق وبقي منه ثلثه أو دونه ليس للإمام ولا للمؤذن أن يأخذه بغير إذن الدافع ولو كان العرف في ذلك الموضع أن الإمام أو المؤذن يأخذه من غير صريح الإذن في ذلك : كان له ذلك له اهـ (1/117)
حكم البطالة في المدارس و مسامحة الإمام
ومنها : البطالة في المدارس كأيام الأعياد ويوم عاشوراء وشهر رمضان في درس الفقه : لم أرها صريحة في كلامهم والمسألة على وجهين : فإن كانت مشروطة لم يسقط من المعلوم شيء وإلا : فينبغي أن يلحق ببطالة القاضي
وقد اختلفوا في أخذ القاضي ما رتب من بيت المال في يوم بطالته فقال في المحيط : إنه يأخذ في يوم البطالة لأنه يستربح لليوم الثاني وقيل يأخذ انتهى
وفي المنية القاضي يستحق الكفاية من بيت المال في يوم البطالة في الأصح واختاره في منظومة ابن وهبان وقال : إنه الأظهر
فينبغي أن يكون كذلك في المدارس لأن يوم البطالة للاستراحة وفي الحقيقة يكون للمطالعة والتحرير عند في الهمة ولكن تعارف الفقهاء في زماننا بطالة طويلة أدت إلى أن صار الغالب البطالة وأيام التدريس قليلة وبعض المدرسين يتقدم في أخذ العلوم على غيره محتجا بأن المدرس من الشعائر مستدلا بما في الحاوي القدسي مع أن ما في الحاوي القدسي إنما هو المدرس للمدرسة لا في كل درس فخرج مدرس المسجد كما هو في مصر والفرق بينهما أن المدرسة تتعطل إذا غاب المدرس بحيث تتعطل أصلا بخلاف المسجد فإنه لا يتعطل لغيبة المدرس
فائدة : نقل في القنية أن الإمام للمسجد يسامح في كل شهر أسبوعا للاستراحة أو لزيارة أهله وعبارته في باب الإمامة : إمام يترك الإمامة لزيارة أقربائه في الرساتيق أسبوعا أو نحوه أو لمصيبته أو لاستراحته لا بأس به ومثله عفو في العادة والشرع انتهى
ومنها : المدارس الموقوفة على درس الحديث ولا يعلم مراد الواقف فيها : هل يدرس علم الحديث الذي هو معرفة المصطلح كمختصر ابن الصلاح أو يقرأ متن الحديث كالبخاري و مسلم ونحوهما ويتكلم على ما في الحديث من فقه أو عربية أو لغة أو مشكل أو اختلاف كما هو عرف الناس الآن قال الجلال الأسيوطي : وهو شرط المدرسة الشيخونية كما رأيته في شرط واقفها قال : وقد سأل شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن ذلك فأجاب بأن الظاهر اتباع شروط الواقفين
فإنهم يختلفون في الشروط وكذلك اصطلاح كل بلدة فإن أهل الشام يلقون دروس الحديث بالسماع ويتكلم المدرس في بعض الأوقات بخلاف المصريين : فإن العادة جرت بينهم في هذه الأعصار بالجمع بين الأمرين بحسب ما يقرأ فيها من الحديث (1/118)
تعارض العرف مع الشرع و تعارض العرف و اللغة
فصل في تعارض العرف مع الشرع :
فإذا تعارضا قدم عرف الاستعمال خصوصا في الأيمان فإذا حلف لا يجلس على الفراش أو على البساط أو لا يستضيء بالسراج لم يحنث بجلوسه على الأرض ولا بالاستضاءة بالشمس وإن سماها الله تعالى فراشا وبساطا وسمى الشمس سراجا ولو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بأكل لحم السمك وإن سقاه الله تعالى لحما في القرآن ولو حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث وإن سماه الله تعالى دابة ولو حلف لا يجلس تحت سقف فجلس تحت السماء لم يحنث وإن سماها الله تعالى سقفا
ذلك إلا في مسائل فيقدم الشرع على العرف :
الأولى : لو حلف لا يصلي لم يحنث بصلاة الجنازة كما في عامة الكتب
الثانية : لو حلف لا يصوم لم يحنث بمطلق الإمساك وانما يحنث بصوم ساعة بعد طلوع الفجر بنيته من أهله
الثالثة : لو حلف لا ينكح فلانة حنث بالعقد لأنه النكاح الشائع شرعا لا بالوطء كما في كشف الأسرار بخلاف : لا ينكح زوجته فإنه للوطء
الرابعة : لو قال لها : إن رأيت الهلال فأنت طالق فعلمت به من غير رؤية ينبغي أن يقع لكون الشارع استعمل الرؤية فيه بمعنى العلم في قوله عليه الصلاة و السلام [ صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ] فلو كان الشرع يقتضي الخصوص واللفظ يقتضي العموم اعتبرنا خصوص الشرع
قالوا : لو أوصى لأقاربه : لا يدخل الوارث اعتبارا لخصوص الشرع ولا يدخل
الوالدان والولد للعرف
وهنا فرعان مخرجان لم أرهما الآن صريحا : أحدهما : حلف لا يأكل لحما لم يحنث بأكل الميتة
الثاني : حلف لا يطأ لم يحنث بالوطء في الدبر
وأما لو حلف لا يشرب ماء فشرب ماء تغير بغيره فالعبرة للغالب كما صرحوا به في الرضاع
فصل في تعارض العرف مع اللغة : صرح الزيلعي وغيره بأن الأيمان مبنية على العرف لا على الحقائق اللغوية وعليها فروع :
منها : لو حلف لا يأكل الخبز حنث بما يعتاده أهل بلده ففي القاهرة : لا يحنث إلا بخبز البر وفي طبرستان : ينصرف إلى خبز الأرز وفي زبيد : إلى خبز الذرة والدخن
ولو أكل الحالف خلاف ما عندهم من الخبز لم يحنث ولا يحنث بأكل القطائف إلا بالنية
ومنها : الشواء والطبيخ على اللحم فلا يحنث بالباذنجان والجزر المشوي ولا يحنث بالمزورة في الطبيخ ولا بالأرز المطبوخ بالسمن بخلاف المطبوخ بالدهن ولا بقلية يابسة
ومنها : الرأس : ما يباع في مصره فلا يحنث إلا برأس الغنم
ومنها : حلف لا يدخل بيتا فدخل بيعة أو كنيسة أو بيت نار أو الكعبة لم يحنث (1/120)
ما خرج عن قولهم : الأيمان مبنية على العرف
تنبيه : خرجت عن بناء الأيمان على العرف مسائل :
الأولى : حلف لا يأكل لحماة حنث بأكل لحم الخنزير والآدمي على ما في الكنز ولكن الفتوى على خلافه وجواب الزيلعي : بأنه عرف عملي فلا يصلح مقيدا بخلاف العرف اللفظي فقد رده في فتح القدير بقولهم في الأصول الحقيقية : تترك بدلالة العادة إذ ليست العادة إلا عرفا عمليا انتهى
الثانية : حلف لا يركب حيوانا : يحنث بالركوب على الإنسان لتناول اللفظ والعرف العملي وهو أنه لا يركب عادة لا يصلح مقيدا ذكره الزيلعي بخلاف لا يركب دأبه كما قدمناه وقد استمر على ما مهده وقد علمت رده لكن لم يجب ابن الهمام عن هذا الفرع
الثالثة : لو حلف لا يهدم بيتا حنث بهدم بيت العنكبوت بخلاف لا يدخل بيتا
وفرق الزيلعي بينهما بإمكان العمل بحقيقته في الهدم بخلاف الدخول ولو صح هذا المسلك لم يصح بناء الأيمان على العرف إلا عند تعسر العمل بحقيقته اللغوية
الرابعة : حلف لا يأكل لحما حنث بأكل الكبد والكرش على ما في الكنز مع أنه لا يسمى لحما عرفا ولذا قال في المحيط إنه إنما يحنث على عادة أهل الكوفة وأما في عرفنا فلا يحنث لأنه لا يعد لحما انتهى
وهو حسن جدا ومن هنا وأمثاله علم أن العجمي يعتبر عرفه قطعا ومن هنا قال الزيلعي في قول صاحب الكنز : والواقف على السطح داخل إن المختار ألا يحنث في العجم لأنه لا يسمى داخلا عندهم انتهى (1/121)
العادة المطردة هل تنزل منزلة الشرط
المبحث الثالث :
العادة المطردة هل تنزل منزلة الشرط ؟
قال في إجارة الظهيرية : والمعروف عرفا كالمشروط شرعا انتهى
وقالوا في الإجارات : لو دفع ثوبا إلى خياط ليخيطه له أو إلى صباغ ليصبغه له ولم يعين له أجرة ثم اختلفا في الأجر وعدمه وقد جرت العادة بالعمل بالأجرة : فهل ينزل منزلة شرط الأجرة فيه اختلاف قال الإمام الأعظم : لا أجرة له وقال أبو يوسف رحمه الله : إن كان الصابغ حريفا له أي معاملا له فله الأجر وإلا لا وقال محمد رحمه الله : إن كان الصابغ معروفا بهذه الصنعة بالأجر وقيام حاله بها : كان القول قوله وإلا : فلا اعتبارا للظاهر المعتاد وقال الزيلعي : والفتوى على قول محمد رحمه الله انتهى
ولا خصوصية لصابغ بل كل صانع نصب نفسه للعمل بأجرة فإن السكوت كالاشتراط
ومن هذا القبيل : نزول الخان ودخول الحمام والدلال كما في البزازية
ومن هذا القبيل : المعد للاستغلال كما في الملتقط
ولذا قالوا المعروف كالمشروط فعلى المفتى به صارت عادته كالمشروط صريحا
وهنا مسألتان لم أرهما الآن يمكن تخريجهما على أن المعروف كالمشروط وفي البزازية المشروط عرفا كالمشروط شرعا
منها : لو جرت عادة المقترض بود أزيد مما اقترض هل يحرم إقراضه تنزيلا لعادته بمنزلة الشرط ؟
ومنها : لو بارز كافر مسلما واطردت العادة بالأمان للكافر هل يكون بمنزلة اشتراط الأمان له فيحرم على المسلمين إعانة المسلم عليه
وحين تأليف هذا المحل ورد علي سؤال فيمن أجر مطبخا لطبخ السكر وفيه فخار أذن للمستأجر في استعمالها فتلف ذلك وقد جرى العرف في المطابخ بضمانها على المستأجر فأجبت بأن المعروف كالمشروط فصار كأنه صرح بضمانها عليه (1/122)
حكم العارية إذا شرط ضمانها
والعارية إذا اشترط فيها الضمان على المستعير تصير مضمونة عندنا في رواية ذكره الزيلعي في العارية وجزم به في لجوهرة ولم يقل : في رواية لا لكن نقل بعده فرع البزازية عن الينابيع ثم قال : وأما الوديعة والعين المؤجرة فلا يضمنان بحال أهـ
ولكن في البزازية : قال أعرني هذا على أنه إن ضاع فأنا ضامن له فأعاره فضاع يضمن (1/123)
جهاز البنات
ومما تفرع على أن المعروف كالمشروط : لو جهز الأب بنته جهازا ودفعه لها ثم ادعى أنه عارية ولا بينة ففيه اختلاف والفتوى أنه : إن كان العرف مستمرا أن الأب يدفع ذلك الجهاز ملكا لا عارية لم يقبل قوله و إن كان العرف مشتركا فالقول للأب كذا في شرح منظومة ابن وهبان
وقال قاضي خان : وعندي أن الأب إن كان من كرام الناس وأشرافهم لم يقبل قوله وان كان من أوساط الناس كان القول قوله اهـ
وفي الكبرى للخاصي : أن القول للزوج بعد موتها وعلى الأب البينة لأن الظاهر شاهد للزوج كمن دفع ثوبا إلى قصار ليقصره ولم يذكر الأجر فإنه يحمل على الإجارة بشهادة الظاهر
وعلى كل قول : فالمنظور إليه العرف : فالقول المفتى به نظر إلى عرف بلدهما و قاضي خان نظر إلى حال الأب في العرف وما في الكبرى نظر إلى مطلق العرف من أن الأب إنما يجهز ملكا
وفي الملتقط من البيوع وعن أبي القاسم الصفار : الأشياء على ظاهر ما جرت به العادة فإن كان الغالب الحلال في الأسواق : لا يجب السؤال وإن كان الغالب الحرام في وقت أو كان الرجل يأخذ المال من حيث وجده ولا يتأمل في الحلال والحرام فالسؤال عنه حسن اهـ
وفيه أيضا : أن دخول البرذعة والإكاف في بيع الحمار مبني على العرف
وفيه أيضا : أن حمل الأجير الأحمال إلى داخل الباب مبني على التعارف ذكره في الإجارات
وفي إجارات منية المفتي : رجل دفع غلامه إلى حائك مدة معلومة ليتعلم النسج ولم يشترط الأجر على أحد فلما علم العمل طلب الأستاذ الأجر من المولى والمولى من الأستاذ : ينظر إلى عرف تعليم أهل تلك البلدة في ذلك العمل فإن كان العرف يشهد للأستاذ يحكم بأجر مثل تعليم ذلك العمل على المولى وإن كان يشهد للمولى فأجر مثل ذلك الغلام على الأستاذ وكذلك لو دفع ابنه اهـ
ومما بنوه على العرف : أن أكثر أهل السوق إذا استأجروا حراسا وكره الباقون فإن الأجرة تؤخذ من الكل وكذا في منافع القرية وتمامه في منية المفتي وفيها لو دفع غزلا إلى حائك لينسجه بالنصف جوزه مشايخ بخارى و أبو الليث وغيرهم للعرف اهـ (1/123)
حقيقة العرف الذي تحمل عليه الألفاظ
المبحث الرابع :
العرف الذي تحمل عليه الألفاظ : إنما هو المقارن السابق دون المتأخر ولذا قالوا
لا عبرة بالعرف الطارىء
فلذا اعتبر العرف في المعاملات ولم يعتبر في التعليق فيبقى على عمومه ولا يخصصه العرف
وفي آخر المبسوط : إذا أراد الرجل أن يغيب فحلفته امرأته فقال : كل جارية اشتريتها فهي حرة وهو يعني كل سفينة جارية عمل بنيته ولا يقع عليه العتق قال الله تعالى : { له الجوار المنشآت في البحر كالأعلام } والمراد السفن فإذا نوى ذلك عملت نيته لأنها ظالمة في هذا الاستحلاف ونية المظلوم فيما يحلف عليه معتبرة
وإن حلفته بطلاق كل امرأة أتزوجها عليك فليقل : كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق وهو ينوي بذلك : كل امرأة أتزوجها على رقبتك فيعمل بنيته لأنه نوى حقيقة كلامه اهـ
وأما الإقرار فهو إخبار عن وجوب سابق وربما يقدم الوجوب على العرف الغالب
وكذا لو أقر بدراهم ثم فسرها أنها زيوف أو تبهرجة يصدق إن وصل
وإن أقر بألف من ثمن متاع أو قرض لم يصدق عند الإمام إذا قال : هي زيوف وصل أو فصل وصدقاه إن وصل وإن أقر بألف غصبا أو وديعة ثم قال : هي زيوف صدق مطلقا
وكذا الدعوى لا تنزل على العادة لأن الدعوى والإقرار إخبار بما تقدم فلا يقيسه العرف المتأخر بخلاف العقد فإنه باشره للحال فقيده العرف قال في البزازية من الدعوى معزيا إلى اللامشي إذا كانت النقود في البلد مختلفة أحدها أروج لا تصح الدعوى ما لم يبين وكذا لو أقر بعشرة دنانير حمر وفي البلد نقود مختلفة حمر لا تصح بلا بيان بخلاف البيع فإنه ينصرف إلى الأروج انتهى
وقد أوسعنا الكلام على ذلك في شرح الكنز من أول البيع ويمكن أن تخرج عليها مسألتان
إحداهما : مسألة البطالة في المدارس فإذا استمر عرف بها في أشهر مخصوصة حمل عليها ما وقف بعدها لا ما وقف قبلها (1/125)
الواقف إذا شرط لحاكم المسلمين
الثانية : إذا شرط الواقف النظر للحاكم وكان الحاكم إذ ذاك شافعيا ثم صار الآن حنفيا لا قاضي غيره إلا نيابة : هل يكون النظر له لأنه الحاكم أو لا لأنه متأخر فلا يحمل المتقدم عليه فمقتضى القاعدة الثاني ولكن قالوا في الأيمان : لو حلفه والي بلدة ليعلمه بكل داعر دخل البلدة بطلت اليمين بعزل الوالي فلا يحنث إذا لم يعلم الوالي الثاني
ولم أر الآن حكم ما إذا حلف متى رأى منكرا رفعه إلى القاضي هل تعين القاضي حالة اليمين ؟ (1/126)
إذا شرط النظر للقاضي
ومن هذا النوع : لو وقف بلدا على الحرم الشريف وشرط النظر للقاضي : هل ينصرف إلى قاضي الحرم أو قاضي البلدة الموقوفة أو قاضي بلد الواقف ينبغي أن يستخرج من مسألة : ما لو كان اليتيم في بلد وماله في بلد آخر فهل النظر عليه لقاضي بلد اليتيم أو لقاضي بلد ماله صرحوا بالأول فينبغي أن يكون النظر لقاضي الحرم و يمكن أن يقال إن الأرجح كون النظر لقاضي البلد الموقوفة لأنه أعرف بمصالحها فالظاهر أن الواقف قصده وبه تحصل المصلحة
وقد اختلفوا فيما إذا كان العقار لا في ولاية القاضي وتنازعا فيه عند قاضي آخر فمنهم من لم يصحح قضاءه ومنهم من نظر إلى التداعي والترافع واختلف التصحيح في هذه المسألة (1/126)
المعتبر العرف العام لا الخاص
تنبيه :
هل يعتبر في بناء الأحكام العرف العام ؟ أو مطلق العرف ولو كان خاصا المذهب الأول قال في البزازية معزيا إلى الإمام البخاري الني ختم به الفقه :
الحكم العام لا يثبت بالعرف الخاص وقيل يثبت انتهى
ويتفرع على ذلك : لو استقرض ألفا واستأجر المقرض لحفظ مرآة أو معلقة كل شهر بعشرة وقيمتها لا تزيد على الأجر ففيها ثلاثة أقوال : صحة الإجارة بلا كراهة اعتبارا لعرف خواص بخارى والصحة مع الكراهة للاختلاف والفساد لأن صحة الإجارة بالتعارف العام ولم يوجد وقد أفتى الأكابر بفسادها
وفي القنية من باب استئجار المستقرض المقرض : التعارف الذي تثبت به الأحكام لا يثبت بتعارف أهل بلدة واحدة عند البعض وعند البعض : إن كان يثبت ولكن أحدثه بعض أهل بخارى لما فلم يكن متعارفا مطلقا كيف وأن هذا الشيء لم يعرفه عامتهم بل تعارفه خواصهم فلا يثبت التعارف بهذا القدر قال رضي الله عنه : و هو الصواب انتهى
وذكر فيها من كتاب الكراهية قبيل التحري : لو تواضع أهل بلدة على زيادة في سنجاتهم التي توزن بها الدراهم والإبريسم على مخالفة سائر البلدان ليس لهم ذلك انتهى
وفي إجارة البزازية في إجارة الأصل : لا استأجره ليحمل طعامه بقفيز منه فالإجارة فاسدة ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى وكذا إذا دفع إلى حائك غزلا على أن ينسجه بالثلث ومشايخ بلخ و خوارزم أفتوا بجواز إجارة الحائك للعرف وبه أفتى أبو علي النسفي أيضا الفتوى على جواب الكتاب لا الطحان لأنه منصوص عليه فيلزم إبطال النص انتهى
وفيها : من البيع الفاسد في الكلام على بيع الوفاء في القول السادس من أنه صحيح : قالوا لحاجة الناس إليه فرارا من الربا فأهل بلخ اعتادوا الدين والإجارة وهي لا تصح في الكرم وأهل بخارى اعتادوا الإجارة الطويلة ولا يمكن في الأشجار فاضطروا إلى بيعها وفاء وما ضاق على الناس أمر إلا اتسع حكمه لا انتهى
والحاصل : أن المذهب عدم اعتبار العرف الخاص ولكن أفتى كثير من المشايخ باعتباره فأقول على اعتباره : ينبغي أن يفتى بأن ما يقع في بعض أسواق القاهرة من خلو الحوانيت لازم ويصير الخلو في الحانوت حقا له : فلا يملك صاحب الحانوت إخراجه منها ولا إجارتها لغيره ولو كانت وقفا وقد وقع في حوانيت الجملون بالغورية : أن السلطان الغوري لما بناها أسكنها للتجار بالخلو وجعل لكل حانوت قسرا أخذه منهم وكتب ذلك بمكتوب الوقف
وكذا أقول على اعتبار العرف الخاص : قد تعارف الفقهاء بالقاهرة النزول عن الوظائف بمال يعطى لصاحبها وتعارفوا ذلك ة فينبغي الجواز وإنه لو نزل له وقبض منه المبلغ ثم أراد الرجوع عليه لا يملك ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وقد اعتبروا عرف القاهرة في مسائل منها ما في فتح القدير من دخول السلم في البيت المبيع في القاهرة دون غيرها لأن بيوتهم طبقات لا ينتفع بها إلا به
وقد تمت القواعد الكلية وهي ست :
الأولى : لا ثواب إلا بالنية
الثانية : الأمور بمقاصدها
الثالثة : اليقين لا يزول بالشك
الرابعة : المشقة تجلب التيسير
الخامسة : الضرر يزال
السادسة : العادة محكمة
والآن نشرع في النوع الثاني من القواعد في قواعد كلية يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية (1/127)
الاجتهاد لا ينقض إلا بمثله
النوع الثاني من القواعد :
القاعدة الأولى : الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد
ودليلها : الإجماع وقد حكم أبو بكر رضي الله عنه في مسائل وخالفه عمر رضي الله عنه فيها ولم ينقض حكمه
وعلته : بأنه ليس الاجتهاد الثاني بأقوى من الأول وأنه يؤدي إلى أن لا يستقر حكم وفيه مشقة شديدة
وهذا أولى من قوله في الهداية : لأن الاجتهاد الثاني كالاجتهاد الأول وقد ترجح الأول باتصال القضاء به فلا ينقض بما هو دونه انتهى
لأنه يكفي بأن الثاني كالأول ولا حاجة إلى ترجيح الأول بغير السبق مع ما أورده في العناية على قوله : إن الأول ترجح باتصال القضاء بأنه ترجبح للأصل بفرعه لأن الأصل في القضاء رأي المجتهد فكيف يترجح بالقضاء وإن أجاب عنه بأن الشرع يرجح أصله من حيث بقاؤه لا من حيث إنه منه فالشيئان إذا تساويا في القوة وكان لأحدهما فرع فإنه يترجح على ما لا فرع له إلى آخره
ومن فروع ذلك : لو تغير اجتهاده في القبلة عمل بالثاني حتى لو صلى أربع ركعات إلى أربع جهات بالاجتهاد فلا قضاء وإنما اختلفوا فيما لو صلى ركعة بالتحري إلى جهة ثم تغير إلى أخرى ثم عاد إلى الأولى وقد بيناه في الشرح وذكر فيه اختلافا في الخلاصة : منهم من قال لا يستقبل ومنهم من قال يستقبل انتهى (1/129)
إذا رد القاضي شهادة فليس لغيره قبولها
ومنها لو حكم القاضي برد شهادة الفاسق ثم تاب فأعادها لم تقبل وعلله بعضهم بأن قبول شهادته بعد التوبة يتضمن نقض الاجتهاد بالاجتهاد وأصله كما في الخلاصة : من ردت شهادته لعلة ثم زالت ثم أعادها في تلك الحادثة لم تقبل إلا في أربعة : الصبي والعبد والكافر والأعمى انتهى
ومنها : لو كان لرجل ثوبان أحدهما نجس فتحرى بأحدهما وصلى ثم وقع تحزيه على طهارة الآخرة لم يعتبر الثاني
وعلى هنا مسألة في الشهادات : شهدت طائفة بقتله يوم النحر بمكة وطائفة بموته يومه بالكوفة لغتا فإن قضى بأحديهما قبل حضور الأخرى لم تعتبر الثانية لاتصال القضاء بها ومقتضى الأول أنه لو تحرى و ظن طهارة أحد الإناءين فاستعمله وترك الآخر ثم تغير ظنه لا يعمل بالثاني بل يتيمم ولكن هذا مبني على جواز التحري في الإناءين
وفي شرح المجمع قبيل التيمم : لو كانا إناءين يريقهما ويتيمم اتفاقا انتهى
ومنها : لو حكم الحاكم بشيء ثم تغير اجتهاده لا ينقض الأول ويحكم بالمستقبل بما رآه ثانيا
ومنها : حكم القاضي في المسائل الاجتهادية لا ينقض وهو معنى قول أصحابنا في كتاب القضاء : إذا رفع إليه حكم حاكم أمضاه إن لم يخالف الكتاب والسنة والإجماع
وقد بيننا شروط القضاء ومعنى الإمضاء في شرح الكنز وكتبنا المسائل المستثناة في النوع الثاني (1/129)
ما استثني من قولهم : إذا رفع إليه حكم حاكم أمضاه
ثم اعلم أن بعضهم استثنى من هذه القاعدة أعني الاجتهاد ينقض بالاجتهاد مسألتين :
إحداهما : نقض القسمة إذا ظهر فيها غبن فاحش فإنها وقعت بالاجتهاد فكيف ينقض بمثله والجواب : أن نقضها لفوات شرطها في الابتداء وهو المعادلة فظهر أنها لم تكن صحيحة من الابتداء فهو كما لو ظهر خطأ القاضي بفوات شرط فإنه ينقض قضاؤه
والثانية : إذا رأى الإمام شيئا ثم مات أو عزل فللثاني تغييره حيث كان من الأمور العامة والجواب : أن هذا حكم يدور مع المصلحة فإذا رآها الثاني وجب اتباعها (1/130)
حكم ما لو قال الموثق و حكم بموجبه حكما صحيحا مستوفيا شرائطه الشرعية
تنبيهات :
الأول : كثر في زماننا وقبله أن الموثقين يكتبون عقب الواقعة عند القاضي من بيع ونكاح وإجارة ووقف وإقرار وحكم بموجبه فهل يمنع النقض لو رفع إلى آخر فأجبت مرارا بأنه إن كان في حادثة خاصة به ودعوى صحيحة من خصم على خصم يمنعه وإلا فلا يكون حكما صحيحا تمسكا بما ذكره العمادي في فصوله وتبعه في جامع الفصولين و الكرسرفي في فتاوى البزازية والعلامة قاسم في فتاواه : من أن شرط نفاذ القضاء في المجتهدات أن يكون في حادثة ودعوى صحيحة فإن فات هذا الشرط كان فتوى لا حكما وزاد العلامة قاسم : أن الإجماع عليه وقال : لو قضى شافعي بموجب بيع العقار لا يكون قضاء بأنه لا شفعة للجار ولو كان القاضي حنفيا لا يكون قضاء بأن الشفعة للجار إلى آخر من ذكره من الفروع ومشى عليه ابن الغرس وأوضحه بأمثلة
الثاني : لو قال الموثق : وحكم بموجبه حكما صحيحا مستوفيا شرائطه الشرعية فهل يكتفى به فأجبت مرارا بأنه لا يكتفى به ولا بد من بيان تلك الحادثة والدعوى وكيفية الحكم كما في الملتقط من كتاب الشهادات ولو كتب في السجل : ثبت عندي بما تثبت به الحوادث الحكمية أنه كذا لا يصح ما لم يبين الأمر على التفصيل ثم قال : وحكي أنه لما استقضي قاضي عنبسة ببخارى كان يكتب الإمام الحلواني في محاضرهم : لا فأوردوا عليه أجوبته في سجلات كتبت بتلك النسخة بعينها بـ نعم فقال : إنكم لا تفسرون الشهادة وقبلك القاضي علي السغدي وقبله شيخنا أبو علي النسفي وكان لا يخفى عليهما فإما أنت وأمثالك لا تثق بالوقوف على حقيقة ذلك فلا بد من التفسير وعن السيد الإمام أبي شجاع قال : كنا نتساهل في ذلك كمشايخنا حتى طالبتهم بتفسير الشهادة فلم يأتوا بها صحيحة فتحقق عندي أن الصواب هو الاستفسار انتهى
وفي الخلاصة من كتاب المحاضر والسجلات : الأصل في المحاضر والسجلات أن يبالغ في الذكر والبيان بالصريح ولا يكتفي بالإجمال حتى قيل : لا يكتفى في المحاضر بأن يكتب : حضر فلان و أحضر معه فلانا فادعى هذا الذي حضر عليه ولكن يكتب هذا الذي حضر ادعى على هنا الني أحضره إلى أن قال : وكذا لا يكتفى بذكر قوله : فشهد كل واحد منهم بعد الاستشهاد ما لم يذكر عقيب دعوى المدعي هذا إلى أن قال : ويكتب في السجل حكم القاضي ولفظ الشهادة بتمامها ولا يكتفي بما يكتب ثبت عندي على الوجه الني تثب به الحوادث الحكمية إلى آخره وحكى فيها واقعة الحلواني مع قاضي عنبسة إلى أن قال : والمختار في هذا الباب أن يكتفي به في السجلات دون المحاضر لأن السجل لا يرد من مصر إلى آخر فلا يكون في التدارك حرج انتهى
الثالث : أنه لا فرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب باعتبار الاستواء في الشرط السابق فإن وقع التنازع بين خصمين في الصحة : كان الحكم بها صحيحا وإن لم يقع بينهما تنازع فيها فلا وكذا الحكم بالموجب إن وقع التنازع في موجب خاص من مواجب ذلك الشيء الثابت عند القاضي ووقعت الدعوى بشروطها كان حكما بذلك الموجب فقط دون غيره وإلا فلا فإذا أقر بوقف عقاره عند القاضي وشرط فيه شروطا وثبت ملكه لما وقفه وسلمه إلى ناظر ثم تنازعا عند قاض حنفي وحكم بصحة الوقف ولزومه و موجبه لا يكون حكما بالشروط ة فلو وقع التنازع في شيء من الشروط عند مخالف كان له أن يحكم بمقتض مذهبه ولا يمنعه حكم الحاكم الحنفي السابق إذا لم يحكم بمعاني الشروط إنما حكم بأصل الوقف وما تضمنه من صحة الشروط فليس للشافعي الحكم بإبطاله باعتبار اشتراط العلة له أو النظر أو الاستدلال
الرابع : بينا في الشرح حكم ما إذا حكم بقولي ضعيف في مذهبه أو برواية مرجوع عنها وما إذا خالف مذهبه عامدا أو ناسيا
الخامس : مما لا ينفذ القضاء به : ما إذا قضى بشيء مخالف للإجماع وهو ظاهر وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع و إن كان فيه خلاف لغيرهم فقد صرح في التحرير أن الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لانضباط مذاهبهم وانتشارها وكثرة أتباعهم
السادس : القضاء بخلاف شرط الواقف : كالقضاء بخلاف النص لا ينفذ لقول العلماء : شرط الواقف كنص الشارع صرح به في شرحي المجمع للمصنف وابن الملك
وصرح السبكي في فتاواه بأن ما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص وهو حكم لا دليل عليه سواء كان نصه في الوقف نصا أو ظاهرا انتهى (1/131)
فعل القاضي و أمره إنما ينفذ إذا وافق الشرع
ويدل عليه : قول أصحابنا كما في الهداية : أن الحكم إذا كان لا دليل عليه لم ينفذ وعبارته : أو يكون قولا لا دليل عليه وفي بعض نسخ القدوري بأن إلى آخره
ويدل عليه أيضا ما في الذخيرة و الولوالجية وغيرهما : من أن القاضي إذا قرر
فراشا للمسجد بغير شرط الواقف لم يحل له ولا يحل للفراش تناول المعلوم انتهى
بهذا علم حرمة إحداث الوظائف و إحداث المرتبات بالأولى وأن فعل القاضي إن وافق الشرع نفذ و إلا رد جمليه والله سبحانه وتعالى أعلم (1/134)
القاعدة الثانية : إذا اجتمع الحلال و الحرام
القاعدة الثانية : إذا اجتمع الحلال و الحرام غلب الحرام
و بمعناها : ما اجتمع محرم و مبيح إلا غلب المحرم
و العبارة الأولى لفظ حديث أورده جماعة ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال قال العراقي : لا أصل له و ضعفه البيهقي و أخرجه عبد الرزاق موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه
و ذكره الزيلعي شارح الكنز في كتاب الصيد مرفوعا
فمن فروعها : ما إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضي التحريم و الآخر الإباحة قدم التحريم و علله الأصوليون بتقليل النسخ لأنه لو قدم المبيح للزم تكرار النسخ لأن الأصل في الأشياء الإباحة فإذا جعل المبيح متأخرا : كان المحرم ناسخا للإباحة الأصلية ثم يصير منسوخا بالمبيح و لو جعل المحرم متأخرا لكان ناسخا للمبيح و هو لم ينسخ شيئا لكونه على وفق الأصل
و في التحرير : يقدم المحرم تقليلا للنسخ واحتياطا وقد أوضحناه في شرح المنار في باب التعارض و من ثقة قال عثمان رضي الله عنه لما سئل عن الجمع بين أختين بملك اليمين : أحلتهما آية وحرمتهما آية فالتحريم أحب إلينا
و ذكر بعضهم أن من هذا النوع حديث [ لك من الحائض ما فوق الإزار ] وحديث : [ اصنعوا كل شيء إلا النكاح ] فإن الأول : يقتضي تحريم ما بين السرة والركبة و الثاني يقتضي إباحة ما عدا الوطء فرجح التحريم احتياطا وهو قول أبي حنيفة و أبي يوسف و مالك و الشافعي رحمهم الله وخص محمد رحمه الله شعار الدم وبه قال أحمد عملا بالثاني (1/134)
حكم من اشتبه محرمه بأجنبيات
ومنها : لو اشتبه محرمة بأجنبيات محصورات لم يحل كما قدمناه في قاعدة :
الأصل في الأبضاع التحريم (1/135)
حكم ما كان أحد أبويه مأكولا و الأخر غير مأكول
ومنها : من أحد أبويه مأكول والآخر غير مأكول لا يحل أكله على الأصح فإذا نزا كلب على شاة فولدت لا يؤكل الولد وكذا إذا نزا حمار على فرس فولدت بغلا لم يؤكل والأهلي إذا نزا على الوحشي فنتج لا تجوز الأضحية به كذا في الفوائد التاجية (1/135)
حكم ما لو شارك الكلب المعلم غيره
ومنها : لو شارك الكلب المعلم غير المعلم أو كلب مجوسي أو كلب لم يذكر اسم الله تعالى عليه عمدا حرم كما في الهداية (1/135)
حكم ما إذا وضع المجوسي يده على يد المسلم
ومنها : ما في صيد الخانية : مجوسي أخذ بيد مسلم فنبح والسكين في يد المسلم ة لا يحل أكله لاجتماع المحرم والمبيح فيحرم (1/135)
لو عجز المسلم عن مد قوسه فأعانه المجوسي
كما لو عجز مسلم عن مد قوسه بنفسه فأعانه على مده مجوسي لا يحل أكله انتهى (1/135)
حكم وطء الجارية المشتركة
ومنها : عدم جواز وطء الجارية المشتركة (1/135)
إذا كان بعض الشجرة أو الصيد في الحل و بعضها في الحرم
ومنها : لو كان بعض الشجرة في الحل وبعضها في الحرم
ومنها : لو كان بعض الصيد في الحل والبعض في الحرم
والمنقول في الثانية كما ذكره الاسبيجابي أن الاعتبار لقوائمه لا لرأسه حتى لو كان قائما في الحل و رأسه في الحرم فلا شيء بقتله ولا يشترط أن يكون جميع قوائمه في الحرم حتى لو كان بعضها في الحرم وبعضها في الحل : وجب الجزاء بقتله لتغليب الحظر على الإباحة انتهى
وأما المنقول في الأولى ففي الأجناس : الأغصان تابعة لأصلها وذلك على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون أصلها في الحرم والأغصان في الحل فعلى قاطع أغصانها القسمة والثاني : أن يكون أصلها في الحل وأغصانها في الحرم فلا ضمان على القاطع في أصلها وأغصانها
والثالث : أن يكون بعض أصلها في الحل وبعضه في الحرم فعلى القاطع الضمان
سواء كان الغصن من جانب الحل أو من جانب الحرم انتهى (1/135)
إذا اختلطت المذكاة بالميتة و إذا اختلط ودك الميتة بالزيت
ومنها : لو اختلطت مساليخ المذكاة بمساليخ الميتة ولا علامة تميز وكانت الغلبة للميتة أو استويا لم يجز تناول شيء منها ولا بالتحري إلا عند المخمصة وأما إذا كانت الغلبة للمذكاة ة فإنه يجوز التحري
ومنها : لو اختلط ودك الميتة بالزيت ونحوه لم يؤكل إلا عند الضرورة والمسألتان في صلاة الخلاصة من فصل اشتباه القبلة ومقتضى الثانية أنه لو اختلط لبن بقر بلبن أتان أو ماء و بول عدم جواز التناول ولا بالتحري (1/136)
إذا اخلطت زوجته بغيرها
ومنها : لو اختلطت زوجته بغيرها فليس له الوطء ولا بالتحري سواء كن محصورات أو لا كما ذكره أصحابنا رحمهم الله تعالى في الطلاق المبهم وقالوا : لو طلق إحدى زوجتيه مبهما : حرم الوطء قبل التعيين ولهذا كان وطء إحداهما تعيينا لطلاق الأخرى (1/136)
إذا أسلم وتحته خمس
ومن صورها : ما لو أسلم على أكثر من أربع فإنه يحرم عليه الوطء قبل الاختيار على قول من خيره وهو : محمد و الشافعي رحمهما الله تعالى وأما الشيخان فقالا يبطلان النكاح قال في المجمع من فصل نكاح الكافر : لو أسلم وتحته خمس أو أختان أو أم وبنت : بطل النكاح وإن رتب فالأخير وخيره في اختيار أربع مطلقا أو إحدى الأختين والبنت أو الأم انتهى (1/136)
إذا رمى صيدا فوقع في ماء أو سطح ثم على الأرض
ومنها : لو رمى صيدا فوقع في ماء أو على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض حرم للاحتمال والاحتياط : الحرمة بخلاف ما إذا وقع على الأرض ابتداء فإنه يحل لأنه لا يمكن التحرز عنه فسقط اعتباره (1/137)
ما خرج عن هذه القاعدة
وخرجت عن هذه القاعدة مسائل :
الأولى : من أحد أبويه كتابي والآخر مجوسي فإنه يحل نكاحه وذبيحته و يجعل كتابيا وهو يقتضي أن يجعل مجوسيا وبه قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو كان الكتابي الأب في الأظهر عنده تغليبا لجانب التحريم لكن أصحابنا تركوا ذلك نظرا للصغير فإن المجوسي شر من الكتابي فلا يجعل الولد تابعا له
الثانية : الاجتهاد في الأواني إذا كان بعضها طاهرا وبعضها نجسا والأقل نجس فالتحري جائز ويريق ما غلب على ظنه أنه نجس مع أن الاحتياط : أنه يريق الكل ويتيمم كما إذا كان الأقل طاهرا عملا بالأغلب فيهما
الثالثة : الاجتهاد في ثياب مختلطة بعضها نجس وبعضها طاهرة جائز سواء كان الأكثر نجسا أو لا والفرق بين الثياب والأواني أنه لا خلف لها في ستر العورة وللوضوء خلف في التطهير وهو التيمم وهذا كله في حالة الاختيار وأما في حالة في الضرورة فيتحرى للشرب اتفاقا
كذا في شرح المجمع قبيل التيمم
وينبغي أن يلحق بمسألة الأواني الثوب المنسوج لحمته من حرير وغيره فيجل إن كان الحرير أقل وزنا أو استويا بخلاف ما إذا زاد وزنا ولم أره الآن
وفي الخلاصة من التحري في كتاب الصلاة لو اختلطت أوانيه بأواني أصحابه
في السفر وهم غيب أو اختلط رغيفه بأرغفة غيره قال بعضهم : يتحرى وقال بعضهم
لا يتحرى ويتربص حتى يجيء أصحابه وهذا في حالة الاختيار وأما في حالة الاضطرار جاز التحري مطلقا انتهى
وقد جوز أصحابنا رحمهم الله مس كتب التفسير للمحدث ولم يفصلوا بين كون الأكثر تفسيرا أو قرآنا ولو قيل به اعتبارا للغالب لكان حسنا
الرابعة لو سقى شاة خمرا ثم ذبحها من ساعته فإنها تحل بلا كراهة كذا في البزازية ومقتضى القاعدة : التحريم ومقتضى الفرع : أنه لو علفها علفا حراما لم يحرم لبنها ولحمها وإن كان الورع الترك ثم قال في البزازية : بعده ولو بعد ساعة إلى يوم تحل مع الكراهة انتهى
الخامسة : أن يكون - الحرام مستهلكا فلو أكل المحرم شيئا قد استهلك فيه الطيب فلا فدية وقد أوضحناه في شرح الكنز في جنايات الإحرام
السادسة : إذا اختلط مائع طاهر بماء مطلق فالعبرة للغالب فإن غلب الماء جازت الطهارة به وإلا فلا وبينا في الطهارات من شرح الكنز بماذا تعتبر الغلبة
السابعة : لو اختلط لبن المرأة بماء أو بدواء أو بلبن شاة ة فالمعتبر الغالب وتثبت الحرمة إذا استويا احتياطا كما في الغاية واختلف فيما إذا اختلط لبن امرأة بلبن أخرى والصحيح : ثبوت الحرمه فيهما من غير اعتبار الغلبة كما بيناه في الرضاع
الثامنة : إذا كان غالب مال المهدي حلالا لا بأس بقبول هديته وأكل ماله ما لم يتبين أنه من حرام و إن كان غالب ماله الحرام لا يقبلها ولا يأكل إلا إذا قال : إنه حلال لا ورثه أو استقرضه قال الحلواني : وكان الإمام أبو القاسم الحاكم يأخذ جوائز السلطان والحيلة فيه أن يشتري شيئا بمال مطلق ثم ينقده من أي مال شاء كذا رواه الثاني عن الإمام وعن الإمام أن المبتلى بطعام السلطان والظلمة يتحرى فإن وقع في قلبه حله : قبل وأكل و إلا : لا لقوله عليه الصلاة و السلام : [ استفت قلبك ] الحديث وجواب الإمام فيمن فيه ورع وصفاء قلب ينظر بنور الله تعالى ويدرك بالفراسة كذا في البزازية من الكراهة
التاسعة : إذا اختلطت حمامة المملوك بغير المملوك فظاهر كلامهم أنه لا تحرم وإنما يكره قال في البزازية من اللقطة : اتخذ برج حمام في قرية فينبغي أن يحفظها ويعلفها ولا يتركها بلا علف كيلا يتضرر الناس فإن اختلط حمام غير صاحبها لا ينبغي له أن يأخذها ولو أخذها طلب صاحبها كالضالة إلى أخر ما فيها
العاشرة : قال في القنية من الكراهة : غلب على ظنه أن أكثر بيانات أهل السوق لا تخلو من الفساد : فإن كان الغالب هو الحرام : تنزه عن شرائه ولكن مع هذا لو اشتراه يطيب له انتهى
وقدمناه عن الملتقط في المبحث الثالث من قاعدة اعتبار العرف
ثم قال : ولا بأس بشراء جوز الدلال الني يعد الجوز فيأخذ عن كل ألف عشر ة وشراء لحم السلاخين إذا كان المالك راضيا بذلك عادة ولا يجوز شراء بيض المقامرين المكسرة و جوزاتهم إذا عرف أنه أخذها قمارا انتهى
أما مسألة الخلط فمذكورة بأقسامها في البزازية من الوديعة
وأما مسألة : ما إذا اختلط الحلال بالحرام في البلدة فإنه يجوز الشراء والأخذ إلا أن تقوم دلالة على أنه من الحرام كذا في الأصل (1/137)
تتمة : فيما إذا جمع بين حلال و حرام في عقد أو نية دخوله في أبواب النكاح و المهر والبيع و الإجارة إلخ
تتمة : يدخل هذه القاعدة :
ما إذا جمع بين حلال وحرام في عقد أو نية ويدخل ذلك في أبواب :
منها : النكاح قالوا : لو جمع بين من تحل ومن لا تحل كمحرمة ومجوسية ووثنية وخلية ومنكوحة ومعتده و محرمة صح نكاح الحلال اتفاقا وإنما الخلاف بين الإمام وصاحبيه في انقسام المسمى من المهر وعدمه وهي في الهداية وليس منه ما إذا جمع بين خمس أو أختين في عقد واحدث فإنه يبطل في الكل لأن المحرم الجمع لا إحداهن أو أحديهما فقط وكذا لو تزوج أمة وحرة معا في عقدة بطل فيهما
ومنها المهر : فإذا سمى ما يحل وما يحرم كأن تزوجها على عشرة دراهم ودن من خمر فلها العشرة وبطل الخمر
ومنها : الخلع كالمهر ففيهما غلب الحلال الحرام لما أن اشتراطه بمنزلة الشرط الفاسد وهما لا يبطلان به وأما إذا زوج الولي الصغير بأكثر من مهر المثل فإن كان أبل أو جدا صح عليه وإلا فسد النكاح وقيل يصح بمهر المثل
ومنها : البيع فإذا جمع بين حلال وحرام صفقة واحدة فإن كان الحرام ليس بمال كالجمع بين الذكية والميتة والحر والعبدة فإنه يسري البطلان إلى الحلال لقوة بطلان الحرام وكذا إذا جمع بين خل وخمر
وإن كان الحرام ضعيفا كأن يكون مالا في الجملة كما إذا جمع بين المدبر والقن أو بين القن والمكاتب أو أم الولد عبد غيره فإنه لا يسري الفساد إلى القن لضعفه
واختلف فيما إذا جمع بين وقف وملك والأصح : أنه لا يسري الفساد إلى الملك لأن الوقف مال نعم إذا كان مسجدا عامرا فهو كالحر بخلاف الغامر بالمعجمة أي الخراب فكالمدبر ومن هذا القبيل : ما إذا شرط الخيار فيه أكثر من ثلاثة فإنه لا يصح في الثلاثة ويبطل فيما زاد بل يبطل في الكل لكن إذا أسقط الزائد قبل دخوله انقلب البيع صحيحا
ومنها : ما إذا جمع بين مجهول ومعلوم في البيع فإن كان المجهول لا تفضي جهالته إلى المنازعة لا يضر وإلا فسد في الكل كما علم في البيوع
ومنها : الإجارة ة فهي كالبيع لاشتراكهما في أنهما يبطلان بالشرط الفاسد وصرحوا بأنه لو استاجر دارا في كل شهر بكذا فإنه يصح في الشهر الأول فقط
ولم أر الآن حكم ما إذا استأجر نساجا لينسج له ثوبا وطوله كذا وعرضه كذا فخالف بزيادة أو نقصان : هل يستحق بقدره ؟ أو لا يستحق أصلا ؟
ومنها : الكفالة والإبراء وينبغي أن لا يتعدى إلى الجائز وقالوا : لو قال لها : ضمنت لك نفقتك كل شهر فإنه يصح في شهر واحد
ومنها : الهبة وهي لا تبطل بالشرط الفاسد فلا يتعدى إلى الجائز
ومنها : الإهداء قالوا : لو أهدى إلى القاضي من له عادة بالإهداء له قبل القضاء وزاد يرد القاضي الزائد لا الكل كما في فتح القدير فلم يتعد إلى الجائز وظاهر كلامه أنه إن زاد في القسر وأما إذا زاد في المعنى كما إذا كانت عادته : إهداء ثوب كتان فأهدى ثوبا حريرا لم أره الآن لأصحابنا رحمهم الله وينبغي وجوب رد الكل بقدر ما زاد في قيمته لعدم تمييزها من الجائز
ومنها : الوصية ة فلو أوصى لأجنبي و وارثه : فللأجنبي نصفها وبطلت للوارث كما في الكنز وكذا لو أوصى للقاتل وللأجنبي
ومنها الإقرار قال الزيلعي : فيما لو أقر بعين أو دين لوارثه ولأجنبي لم يصح في حق الأجنبي أيضا انتهى
وفي المجمع : من الإقرار : لو أقر لوارث مع أجنبي فتكاذبا الشركة صححه في الأجنبي انتهى
ومنها : باب الشهادة فإذا جمع فيها بين من تجوز شهادته ومن لا تجوز ففي الظهيرية : منها : رجل مات وأوصى لفقراء جيرانه بشيء وأنكرت الورثة وصيته فشهد على الوصية رجلان من جيرانه لهما أولاد محاويج : قال محمد رحمه الله : لا تقبل شهادتهما لأنهما شهدا لأولادهما فيما يخص أولادهما فبطلت شهادتهما في ذلك فإذا بطلت شهادتهما في حق الأولاد بطلت أصلا لأن الشهادة واحدة كما لو شهدا على رجل أنه قذف أمهما وفلانة لا تقبل شهادتهما وذكر محمد رحمه الله في وقف الأصل إذا وقف على فقراء جيرانه فشهد بذلك فقيران من جيرانه جازت شهادتهما قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : ما ذكر في الوقف قول أبي يوسف رحمه الله أما على قياس قول محمد رحمه الله فينبغي ألا تقبل في الوقف أيضا لأن عند أبي يوسف رحمه الله يجوز أن تبطل الشهادة في البعض وتبقى في البعض وعلى قول محمد رحمه الله لا تقبل أصلا ويحتمل أن ما ذكره في الوقف محمول على ما إذا كانوا قليلين يحصون انتهى
وفي القنية : أخ وأخت ادعيا أرضا وشهد زوجها ورجل آخر ترد شهادتهما في حق الأخت والأخ فإن الشهادة متى رد بعضها ترد كلها وفي روضة الفقهاء : إذا شهد لمن لا تجوز له الشهادة ولغيره لا تجوز لمن لا تجوز له الشهادة بالاتفاق واختلف في حق الآخر : فقيل تبطل وقيل لا تبطل انتهى
وكتبنا في شرح الكنز : أن شهادة العدو لا تقبل إذا كانت لأجل الدنيا سواء كانت على عدوه أو غيره بناء على أنها فسق وهو لا يتجزأ
ومن هذا القبيل : اختلاف الشاهدين : مانع من قبولها لأن أحدهما طابق الدعوى والآخر خالفها وكتبنا في الفوائد المسثنى من ذلك
ومنها : القضاء فإذا امتنع القضاء للبعض امتنع للباقين كما في شهادات البزازية
ومنها : باب العبادات فلو نوى صوم جميع الشهر بطل فيما عدا اليوم الأول
وليس منه : ما إذا عجل زكاة سنتين فإنه إن كان بعد ملك النصاب فهو صحيح فيهما
وإلا فلا فيهما وليس منه أيضا : ما إذا نوى حجتين وأحرم بهما معا فإنا نقول بدخوله فيهما لكن اختلفوا في وقت رفضه لإحداهما كما علم في باب : إضافة الإحرام إلى الإحرام وليس منه : ما إذا نوى التيمم لفرضين لأنا نقول يجوز له أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل
ومنها : ما صلى على حي وميت وينبغي أن تصح على الميت
ومنها : ما إذا استنجى للبول بحجر ثم نام فاحتلم فأمنى فأصاب ثوبه لم يطهر بالفرك لأن البول لا يطهر به فلا يطهر به كما صرحوا به ولهذا قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله : مسألة المني مشكلة لأن كل فحل يمذي أولا والمذي لا يطهر بالفرك إلا أن يجعل تبعا له انتهى
وقد يقال : يمكن جعل الباقي بعد الاستجمار تبعا له أيضا وجوابه أن التبعية فيما هو لازم له وهو المذي بخلاف البول ولم أر من نبه عليه
ومنها : باب الطلاق والعتاق فلو طلق زوجته وغيرها أو أعتق عبده وعبد غيره أو طلقها أربعا نفذ فيما يملكه
ومنها : لو استعار شيئا ليرهنه على قدر معين فرهنه بأزيد قال في الكنز : ولو عين قدرا أو جنسا أو بلدا فخالف ضمن المعير المستعير والمرتهن انتهى
واستثنى الشارح ما إذا عين له أكثر من قيمته فرهنه بأقل من ذلك بمثل قيمته أو أكثر فإنه لا يضمن لكونه خلفا إلى خير انتهى
ومنها : لو شرط الواقف ألا يؤجر وقفه أكثر من سنة فزاد الناظر عليها فظاهر كلامهم الفساد في جميع المدة لا فيما زاد على المشروط لأنها كالبيع لا يقبل تفريق الصفقة وصرح به في فتاوى قارىء الهداية ثم قال : والعقد إذا فسد في بعضه فسد في جميعه (1/139)
تنبيه : ما إذا اجتمع في العبادة جانب الحضر والسفر
تنبيه :
وليس من القاعدة : ما إذا اجتمع في العبادات جانب الحضر وجانب السفر فإنا لا نغلب جانب الحضر ومقتضاها تغليبه لأنه اجتمع المبيح والمحرم لأن أصحابنا رحمهم الله قالوا في المسح على الخفين : ولو ابتدأ وهو مقيم فسافر قبل إتمام يوم وليلة انتقلت مدته إلى مدة المسافر فيمسح ثلاثا ولو كان على عكسه انتقلت إلى مدة المقيم
ومقتضاها : اعتبار مدة الإقامة فيهما تغليبا لجانب الحضر وبه قال الشافعي رحمه الله وعنده : لو مسح أحد الخفين حضرا والآخر سفرا فكذلك على الأصح طردا للقاعدة
وأما عندنا : فلا خفاء في أن مدته مدة المسافر وأما لو أحرم قاصرا فبلغت سفينته دار إقامته ة فإنه يتم ولو شرع في الصلاة في دار الإقامة فسارت سفينته فليس له القصر ولم أرهما الآن وعندنا : فائتة السفر إذا قضاها في الحضرة يقضيها ركعتين وعكسه يقضيها أربعا لأن القضاء يحكي الأداء وأما باب الصوم : فإذا صام مقيما فسافر في أثناء النهار أو عكسه حرم الفطر (1/143)
فصل : إذا تعارض المانع والمقتضي
فصل
تدخل في هذه القاعدة : قاعدة : إذا تعارض المانع والمقتضي فإنه يقدم المانع
فلو ضاق الوقت أو الماء عن سنن الطهارة حرم فعلها لو جرحه جرحين عمدا وخطأ أو مضمونا وهدرا ومات بهما فلا قصاص
وخرجت عنها مسائل :
الأولى : لو استشهد الجنب فإنه يغسل عند الإمام ومقتضاها : ألا يغسل كقولهما
الثانية : لو اختلظ موتى المسلمين بموتى الكفار فمقتضاها عدم التغسيل للكل والشافعية قالوا بتغسيل الكل ولم يفصلوا فأصحابنا رحمهم الله فصلوا فقال الحاكم في الكافي من كتاب التحري : وإذا اختلط موتى المسلمين وموتى الكفار ة فمن كانت عليه علامة المسلمين صلي عليه ومن كانت عليه علامة الكفار ترك فإن لم تكن عليهم علامة والمسلمون أكثر غسلوا وكفنوا وصلي عليهم وبنوون بالصلاة والدعاء المسلمين دون الكفار ويدفنون في مقابر المسلمين وإن كان الفريقان سواء : لو كانت الكفار أكثر لم يصل عليهم وبغسلون ويكفنون وبدفنون في مقابر المشركين اهـ
وقد رجحوا المانع على المقتضى في مسألة : سفل لرجل وعلو لآخر فإن كلا منهما ممنوع عن التصرف في ملكه لحق الآخر فملكه مطلق له وتعلق حق الآخر به مانع وكذا تصرف الراهن والمؤجر في المرهون والعين المؤجرة منع لحق المرتهن والمستأجر وإنما قدم الحق هنا على الملك لأنه لا يفوت به إلا منفعة بالتأخير وفي تقديم الملك تفويت
عين على الآخر وتمامه في العمادية من مسائل الحيطان (1/144)
القاعدة الثالثة : هل يكره الإيثار بالقرب ؟
القاعدة الثالثة : هل يكره الإيثار بالقرب ؟
لم أرها الآن لأصحابنا رحمهم الله وأرجو من كرم الفتاح أن يفتح بها أو بشيء من مسائلها وهي الإيثار في القرب (1/144)
قول الشافعية في الإيثار
وقال الشافعية : الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب قال الله تعالى
{ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } وقال الشيخ عز الدين : لا إيثار في القربات
فلا إيثار بماء الطهارة ولا بستر العورة ولا بالصف الأول لأن الغرض بالعبادات التعظيم والإجلال فمن آثر به فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه وقال الإمام : لو دخل الوقت ومعه ماء يتوضأ به فوهبه لغيره ليتوضأ به لم يجز لا أعرف فيه خلافا لأن الإيثار إنما يكون فيما يتعلق بالنفوس لا فيما يتعلق بالقرب والعبادات
وقال في شرح المهذب في باب الجمعة : لا يقام أحد من مجلسه ليجلس في موضعه فإن قام باختياره ة لم يكره فإن انتقل إلى أبعد من الإمام كره قال أصحابنا رحمهم الله : لأنه اثر بالقربة
وقال الشيخ أبو محمد في الفروق : من دخل عليه وقت الصلاة ومعه ماء يكفيه لطهارته وهناك من يحتاجه للطهارة لم يجز له الإيثار ولو أراد المضطر إيثار غيره بالطعام لاستبقاء مهجته كان له ذلك وإن خاف فوات مهجته والفرق : أن الحق في الطهارة لله تعالى فلا يسوغ فيه الإيثار والحق في حال المخمصة لنفسه
وكره إيثار الطالب غيره بنوبته في القراءة لأن قراءة العلم والمسارعة إليه قربة والإيثار بالقرب مكروه (1/144)
قول الأحناف في ذلك
قال الأسيوطي : لدمن المشكل على هذه القاعدة : من جاء ولم يجد في الصف الأول فرجة ة فإنه يجر شخصا بعد الإحرام ويندب للمجرور أن يساعده : فهذا يفوت على نفسه قربة وهي أجر الصف الأول انتهى
ثم رأيت في الهبة من منية المفتي : فقير محتاج معه دراهم فأراد أن يؤثر على نفسه : إن علم أنه يصبر على الشدة فالإيثار أفضل والا فالإنفاق على نفسه افضل انتهى (1/145)
القاعدة الرابعة : التابع تابع ما يدخل في هذه القاعدة من قواعد
القاعدة الرابعة : التابع تابع
تدخل فيها قواعد (1/146)
قاعدة لا يفرد بحكم و فروعها حمل الجارية و الشرب والطريق
الأولى : أنه لا يفرد بالحكم
ومن فروعها : الحمل يدخل في بيع الأم تبعا ولا يفرد بالبيع والهبة كالبيع
ومنها : الشرب والطريق يدخلان في بيع الأرض تبعا ولا يفردان بالبيع على الأظهر
ومنها : لا كفارة في قتل الحمل
ومنها : لا لعان بنفيه وخرجت عنها مسائل
منها : يصح إعتاق الحمل دون أمه بشرط أن تلده لأقل من ستة أشهر
ومنها : يصح إفراده بالوصية بالشرط المذكور
ومنها : يصح الإيصاء له ولو حمل دابة
ومنها : يصح الإقرار له إن بين المقر سببا صالحا وولد لأقل من ستة أشهر
ومنها : أنه يرث بشرط ولادته حيا
ومنها : أنه يورث فتقسم الغرة بين ورثة الجنين إذا ضربت بطنها فألقته
ومنها : يصح الإقرار به وإن لم يبين له سببا إذا جاءت به لأقل المدة في الآدمي وفي مدة يتصور عند أهل الخبرة في البهائم
ومنها : صحة تدبيره
ومنها : ثبوت نسبه فقول صاحب الهداية في باب اللعان : إن الاحكام لا تترتب على الحمل قبل وضعه : ليس على إطلاقه : لما علمت من ثبوت الأحكام له قبله فالمراد : بعضها كما أشار إليه في العناية (1/146)
ما خرج عنها من المسائل
وخرج عنها أيضا : ما لو قال المديون : تركت الأجل أو أبطلته أو جعلت المال حالا : فإنه يبطل الأجل كما في الخانية ا وغيرها مع أنه صفة للذين والصفة تابعة لموصوفها : فلا تفرد بحكم
ومما خرج عنها : لو أسقط الجودة فإنه يصح لأنها حقه كما في الأصل
ومما خرج عنها : لو أسقط حقه في حبس الرهن قالوا : صح ذكره العمادي في الفصول
ومنها : الكفيل لو أبرأه الطالب صح مع أن الرهن والكفيل تابعان للذين وهو باق
ووافقنا الشافعية في الرهن والكفيل على الأصح وخالفونا في الأجل والجودة فارقين : بأن شرط القاعدة : ألا يكون الوصف مما يفرد بالعقد فإن أفرد كالرهن والكفيل أفرد بالحكم (1/146)
قاعدة : التابع يسقط بسقوط المتبوع
الثانية : التابع يسقط بسقوط المتبوع
منها : من فاتته صلوات في أيام الجنون وقلنا بعدم القضاء لا يقضي سننها الرواتب
ومنها : من فاته الحج وتحلل بأفعال العمرة لا يأتي بالرمي والمبيت لأنهما تابعان للوقوف وقد سقط
ومنها : لو مات الفارس سقط سهم الفرس لا عكسه
وخرج عنها : من له حق في ديوان الخراج كالمقاتلة والعلماء وطلبتهم والمفتين والفقهاء يفرض لأولادهم تبعا ولا يسقط بموت الأصل ترغيبا وقد أوضحناه في شرح الكنز
ومما خرج عنها : الأخرس يلزمه تحريك اللسان في تكبيرة الافتتاح والتلبية على القول به أما بالقراءة فلا على المختار مع أن المتبوع قد سقط وهو : التلفظ
ومنها إجراء الموسى على رأس الأقرع فإنه واجب على المختار
تنبيه : يقرب من ذلك ما قيل : يسقط الفرع إذا سقط الأصل
ومن فروعه : قولهم : إذا برأ الأصيل برأ الكفيل بخلاف العكس وقد يثبت الفرع وإن لم يثبت الأصل
ومن فروعه : لو قال : لزيد على عمرو ألف و أنا ضامن به فأنكر عمر لزم الكفيل إذا ادعاها زيد دون الأصيل كما في الخانية
ومنها : لو ادعى الزوج الخلع فأنكرت المرأة بانت ولم يثبت المال الذي هو الأصل في الخلع
ومنها : لو قال : بعت عبدي من زيد فأعتقه فأنكر زيد عتق العبد ولم يثبت المال
ومنها : لو قال : بعته من نفسه فأنكر العبد عتق العبد بلا عوض (1/147)
قاعدة التابع لا يتقدم على المتبوع
الثالثة : التابع لا يتقدم على المتبوع
فلا يصح تقدم المأموم على إمامه في تكبيرة الافتتاح ولا في الأركان إن انتقل قبل مشاركة الإمام وفرع عليه قاضي خان في فتاواه ما إذا سبق إمامه في الركوع والسجود في ا لرباعية (1/148)
قاعدة يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيره ما لا يغتفر ضمنا و لا قصدا
الرابعة : يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها
وقريب منها : يغتفر في الشيء ضمنا ما لا يغتفر قصدا
وفي الفصل التاسع والثلاثين من جامع الفصولين فيما يثبت ضمنا وحكما ولا يثبت قصدا منه : قن لهما أعتقه أحدهما وهو موسر فلو شرى المعتق نصيب الساكت لم يجز و لا يمكن الساكت من نقل ملكه إلى أحد لكن لو أدى المعتق الضمان إلى الساكت ملك نصيبه
ومنه : عصب قنا فأبق من يده وضمنه المالك يملكه الغاصب ولو شراه قاصدا لم يجز
ومنه : فضولي زوجه امرأة برضاها ثم الزوج وكله بعده بأن يزوجه امرأة فقال : نقضت ذلك النكاح لم ينتقض و لو لم ينقضه قولا ولكن زوجه إياها بعد ذلك انتقض
النكاح الأول
ومنه : لو شرى كر بر عينا وأمر المشتري البائع بقبضه للمشتري لم يصح ولو دفع إليه غرارة وأمره أن يكيله فيها صح إذ البائع لا يصلح وكيلا عن المشتري في القبض قصدا ويصلح ضمنا وحكما لأجل الغرارة
ومنه : شرى ما لم يره فوكل وكيلا بقبضه فقال الوكيل قد أسقطت الخيار أعني خيار الرؤية لم يسقط خيار الموكل ولو قبضه الوكيل وهو يراه سقط خيار رؤية موكله عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما
وقريب من هذا الجنس من لا تجوز إجازته ابتداء وتجوز انتهاء
ومنه : القاضي إذا استخلف مع أن الإمام لم يفوض له الاستخلاف لم يجز ومع هذا لو حكم خليفته وهو يصلح أن يكون قاضيا و أجاز القاضي أحكامه يجوز
ومنه : أن الوكيل بالبيع لا يملك التوكيل به ويملك إجازة بيع بائعه فضولي
والمعنى فيه : أنه إذا أجاز يحيط علمه بما أتى به خليفته و وكيل الوكيل كذلك فتكون إجازته في الانتهاء عن بصيرة بخلاف الإجازة في الابتداء
ومنه القاضي لو قضى في كل أسبوع يومين بأن كان له ولاية القضاء في يومين من كل أسبوع لا غير فقضى في الأيام التي لم تكن له ولاية القضاء فإذا جاءت نوبته أجاز ما قضى جازت إجازته انتهى
فائدة : ظفرت بمسألتين : يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في البقاء عكس القاعدة المشهورة
الأولى يصح تقليد الفاسق القضاء ابتداء ولو كان عدلا ابتداء ففسق انعزل عند بعض المشايخ وذكر ابن الكمال أن الفتوى عليه
الثانية : لو أبق المأذون انحجر ولو أذن للآبق صح كما في قضاء المعراج
وقيده قاضي خان بما في يده (1/149)
القاعدة الخامسة : تصرف الإمام على الرعية
القاعدة الخامسة : تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة
وقد صرحوا به في مواضع :
منها : في كتاب الصلح في مسألة صلح الإمام عن الظلة المبنية في طريق العامة وصرح به الإمام أبو يوسف رحمه الله في كتاب الخراج في مواضع وصرحوا في كتاب الجنايات : أن السلطان لا يصح عفوه عن قاتل من لا ولي له وإنما له القصاص والصلح
وعلله في الإيضاح بأنه نصب ناظرا وليس من أهل النظر للمستحق العفو وأصلها ما أخرجه [ سعيد بن منصور عن البراء قال : قال عمر رضي الله تعالى عنه : إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة ولي اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته فإن استغنيت استعففت ]
وذكر الإمام أبو يوسف رحمه الله في كتاب الخراج قال : بعث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عمار بن ياسر على الصلاة والحرب وبعث عبد الله بن مسعود على القضاء وبيت المال وبعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرضين وجعل بينهم شاة كل يوم في بيت المال : شطرها وبطنها لعمار و ربعها لعبد الله بن مسعود و ربعها الآخر لعثمان بن خيف وقال : إني أنزلت نفسي وإياكم من هذا المال بمنزلة ولي اليتيم فإن الله تبارك وتعالى قال : { ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف }
والله ما أرى أرضا يؤخذ منها شاة في كل يوم إلا استسرع خرابها
فعلى هذا : لا يجوز له التفضيل و لكن قال في المحيط من كتاب الزكاة و الرأي إلى الإمام من تفضيل وتسوية من غير أن يميل في ذلك إلى هوى ولا يحل لهم إلا ما يكفيهم و يكفي أعوانهم بالمعروف وإن فضل من المال شيء بعد إيصال الحقوق إلى أربابها قسمه بين المسلمين وان قصر في ذلك كان الله عليها حسيبا
وذكر الزيلعي من الخراج بعد أن ذكر أن أموال بيت المال أربعة أنواع قال : وعلى الإمام أن يجعل لكل نوع من هذه الأنواع بيتا يخصه ولا يخلط بعضه ببعض لأن لكل نوع حكما يختص به إلى أن قال : و يجب على الإمام أن يتقي الله تعالى ويصرف إلى كل مستحق قدر حاجته من غير زيادة فإن قصر في ذلك كان الله عليه حسيبا اهـ
وفي كتاب الخراج لـ أبي يوسف رحمه الله : أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه قسم المال بين الناس بالسوية فجاء ناس فقالوا له : يا خليفة رسول الله عليه الصلاة و السلام إنك قسمت هذا المال فسويت به بين الناس ومن الناس : أناس لهم فضل وسوابق وقدم فلو فضلت أهل السوابق والقدم والفضل لفضلهم له فقال : أما ما ذكرتم من السوابق والقدم والفضل فما أعرفني بذلك وإنما ذلك شيء ثوابه على الله تعالى وهذا معاش فالأسوة فيه
خير من الأثرة فلما كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وجاء الفتوح فضل وقال : لا أجعل من قاتل مع غير رسول الله صلى الله عليه و سلم كمن قاتل معه ففرض لأهل السوابق والقدم من المهاجرين والأنصار ممن شهد بدرا أو لم يشهد بدرا أربعة آلاف درهم وفرض لمن كان إسلامه كإسلام أهل بدر دون ذلك أنزلهم على قدر منازلهم من السوابق
وفي القنية من باب ما يحل للمدرس والمتعلم : كان أبو بكر رضي الله عنه يسوي بين الناس في العطاء من بيت المال وكان عمر رضي الله عنه يعطيهم على قدر الحاجة والفقه والفضل والأخذ بما فعله عمر رضي الله عنه في زماننا أحسن فتعتبر الأمور الثلاثه اهـ
وفي البزازية : السلطان إذا ترك العشر لمن هو عليه جاز غنيا كان أو فقيرا لكن إن كان المتروك له فقيرا فلا ضمان على السلطان وإن كان غنيا ضمن السلطان العشر للفقراء من بيت مال الخراج لبيت مال الصدقة اهـ (1/149)
أمر الإمام إنما ينفذ إذا وافق الشرع
تنبيه :
إذا كان فعل الإمام مبنيا على المصلحة فيما يتعلق بالأمور العامة لم ينفذ أمره شرعا إلا إذا وافقه فإن خالفه لم ينفذ ولهذا قال الإمام أبو يوسف رحمه الله في كتاب الخراج من باب إحياء الموات : وليس للإمام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف
وقال قاضي خان في فتاواه من كتاب الوقف : ولو أن سلطانا أذن لقوم أن يجعلوا أرضا من أراضي البلدة حوانيت موقوفة على المسجد أو أمرهم أن يزيدوا في مسجدهم
قالوا : إن كانت البلدة فتحت عنوة وذلك لا يضر بالمار والناس ينفذ أمر السلطان فيها وإن كانت البلدة فتحت صلحا تبقى على ملك ملاكها فلا ينفذ أمر السلطان فيها اهـ
وفي صلح البزازية : رجل له عطاء في الديوان مات عن ابنين فاصطلحا على أن يكتب في الديوان اسم أحدهما ويأخذ العطاء و الآخر لا شيء له من العطاء ويبذل له من كان العطاء له مالا معلوما فالصلح باطل ويرد بدل الصلح و العطاء للذي جعل الإمام العطاء له لأن الاستحقاق للعطاء بإثبات الإمام لا دخل له لرضاء الغير وجعله غير أن السلطان إن منع المستحق فقد ظلم مرتين في قضية حرمان المستحق و إثبات غير المستحق مقامه اهـ (1/151)
تنبيه : على تصرف القاضي في أموال اليتامى و الأوقاف
تنبيه :
آخر تصرف القاضي في ماله و فعله في أموال اليتامى والتركات والأوقاف مقيد بالمصلحة فإن لم يكن مبنيا عليها لم يصح ولهذا قال في شرح تلخيص الجامع من كتاب الوصايا أوصى أن يشترى بالثلث قن و يعتق فبان بعد الائتمار والإيصاء دين يحيط بالثلثين فشراء القاضي عن الموصي كي لا يصير خصما بالعهدة و إعتاقه لغو لتعدي الوصية وهي : الثلث بعد الدين قال الفارسي شارحه : وأما إعتاقه فهو لغو لتعذر تنفيذه باعتبار الولاية العامة لأن ولاية القاضي مقيدة بالنظر ولم يوجد النظر فيلغو اهـ
وفي قضاء الولوالجية : رجل أوصى إلى رجل وأمره أن يتصدق من ماله على فقراء بلدة كذا بمائة دينار وكان الوصي بعيدا من تلك البلدة وله بتلك البلدة غريم له عليه الدراهم ولم يجد الوصي إلى تلك البلدة سبيلا فأمر القاضي الغريم بصرف ما عليه من الدراهم إلى الفقراء : فالدين باق عليه وهو متطوع في ذلك و وصية الميت قائمة
وبهذا اعلم أن أمر القاضي لا ينفذ إلا إذا وافق الشرع وصرح في الذخيرة و الولوالجية وغيرهما : بأن القاضي إذا قرر فراشا للمسجد بغير شرط الواقف لم يحل للقاضي ذلك ولم يحل للفراش تناول المعلوم اهـ (1/152)
إحداث الوظائف بغير شرط الواقف
وبه علم أيضا حرمة إحداث الوظائف بالأوقاف بالطريق الأولى : لأن المسجد مع احتياجه للفراش لم يجز تقريره لإمكان استئجار فراش بلا تقرير فتقرير غيره من الوظائف لا يحل بالأولى
وبه علم أيضا حرمة إحداث المرتبات بالأوقاف بالأولى
و قد سئلت عن تقرير القاضي المرتبات بالأوقات فأجبت : بأنه إن كان من وقف مشروط للفقراء فالتقرير صحيح لكنه ليس بلازم وللناظر الصرف إلى غيره وقطع الأول إلا إذا حكم القاضي بعدم تقرير غيره ة فحينئذ يلزم وهي في أوقاف الخصاف وغيره و إن لم يكن من وقف الفقراء لم يصح ولم يحل وكذا إن كان من وقف الفقراء وقرره لمن يملك نصابا ثم سئلت : لو قرر من فائض وقف سكت الواقف عن مصرف فائضه فهل يصح ؟ فأجبت : بأنه لا يصح أيضا لما في التاتارخانية : إن فائض الوقف لا يصرف للفقراء و إنما يشتري به المتولي مستغلا وصرح في البزازية و تبعه في الدرر والغرر بأنه لا يصرف فائض وقف لوقف آخر اتحد واقفهما أو اختلف اهـ
وكتبنا في شرح الكنز من كتاب القضاء : أن من القضاء الباطل : القضاء بخلاف شرط الواقف لأن مخالفته كمخالفة النص وفي الملتقط : القاضي إذا زوج الصغيرة من غير كفء لم يجز اهـ فعلم أن فعله مقيد بالمصلحة ولهذا صرحوا بأن الحائط إذا مال إلى الطريق فأشهدوا واحدا على مالكها ثم أبرأه القاضي لم يصح كما في التهذيب وكذا لا يصح تأجيل القاضي لأن الحق ليس له كذا في جامع الفصولين (1/153)
القاعدة السادسة : الحدود تدرأ بالشبهات
القاعدة السادسة : الحدود تدرأ بالشبهات
وهو حديث رواه الأسيوطي معزيا إلى ابن عدي من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما و [ أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : ادفعوا الحدود ما استطعتم ] وأخرج الترمذي و الحاكم من [ حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلمين مخرجا فخلوا سبيلهم فإن الإمام لئن يخطىء في العفو خير من أن يخطىء في العقوبة ] و [ أخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه موقوفا : ادرأوا الحدود والقتل عن عباد الله ما استطعتم ]
وفي فتح القدير : أجمع فقهاء الأمصار على أن الحدود تدرأ بالشبهات والحديث المروي في ذلك متفق عليه وتلقته الأمة بالقبول
والشبهة : ما يشبه الثابت وليس بثابت
وأصحابنا رحمهم الله قسموها إلى : شبهة في الفعل وتسمى شبهة الاشتباه وإلى شبهة في المحل فالأولى تتحقق في حق من اشتبه عليه الحل والحرمة فظن غير الدليل دليلا فلا بد من الظن و إلا فلا شبهة أصلا كظنه حل وطء جارية زوجته أو أبيه أو أمه أو جده أو جدته وإن علا و وطء المطلقة ثلاثا في العدة أو بائنا على مال والمختلعة أو أم الولد إذا أعتقها وهي في العدة ووطء العبد جارية مولاه والمرتهن في حق المرهونة في رواية ومستعير الرهن كالمرتهن ففي هذه المواضع : لا حد إذا قال : ظننت أنها تحل لي ولو قال : علمت أنها حرام علي وجب الحد ولو ادعى أحدهما الظن و الآخر لم يدع لا حد عليهما حتى يمرا جميعا بعلمهما بالحرمة
والشبهة في المحل في ستة مواضع : جارية ابنه و المطلقة طلاقا بائنا بالكنايات والجارية المبيعة إذا وطئها البائع قبل تسليمها إلى المشتري والمجعولة مهرا إذا وطئها الزوج قبل تسليمها إلى الزوجة والمشتركة بين الواطىء وغيره والمرهونة إذا وطئها المرتهن في رواية كتاب الرهن وعلمت أنها ليست بالمختارة ففي هذه المواضع لا يجب الحد و إن قال : علمت أنها علي حرام لأن المانع هو الشبهة في نفس الحكم
ويدخل في النوع الثاني : وطء جارية عبده المأذون المديون ومكاتبه و وطء البائع الجارية المبيعة بعد القبض في البيع الفاسد والتي فيها الخيار للمشتري وجاريته التي هي أخته من الرضاع وجاريته قبل الاستبراء والزوجة المحرمة بالردة أو بالمطاوعة لابنه أو بجماعه لأمها انتهى ما في فتح القدير وهنا شبهة ثالثة عند أبي حنيفة وهي : شبهة العقد فلا حد إذا وطىء محرمة بعد العقد عليها وإن كان عالما بالحرمة فلا حد على من وطىء امرأة تزوجها بلا شهود أو بغير إذن مولاها أو مولاه و قالا : يحد في وطء محرمة المعقود عليها إذا قال : علمت أنها حرام والفتوى على قولهما كما في الخلاصة
ومن الشبهة : وطء امرأة اختلف في صحة نكاحها
ومنها : شرب الخمر للتداوي وإن كان المعتمد تحريمه
ومنها : أنه لا يجوز التوكيل باستيفاء الحدود واختلف في التوكيل بإثباتها
ومما بني على أنها تدرأ بها : أنها لا تثبت بشهادة النساء ولا بكتاب القاضي إلى
القاضي ولا بالشهادة على الشهادة ولا تقبل الشهادة بحد متقادم سوى حد القذف إلا إذا كان لبعدهم عن الإمام ولا يصح إقرار السكران بالحدود الخالصة إلا أنه يضمن المال ولا يستحلف فيها لأنه لرجاء النكول و فيه شبهة حتى إذا أنكر القاذف ترك من غير يمين و لا تصح الكفالة بالحدود والقصاص ولو برهن القاذف برجلين أو رجل وامرأتين على إقرار المقذوف بالزنا فلا حد عليه فلو برهن بثلاثة على الزنا حد وحدوا ولا قطع بسرقة مال أصله وإن علا وفرعه وان سفل و أحد الزوجين وسيده وعبده ومن بيت مأذون بدخوله ولا فيما كان أصله مباحا كما علمت تفاريعه في كتاب السرقة ويسقط القطع بدعواه كون المسروق ملكه و إن لم يثبت وهو اللص الظريف وكذا إذا ادعى أن الموطوءة زوجته ولم يعلم ذلك
تنبيه : يقبل قول المترجم في الحدود كغيرها فإن قيل : وجب أن لا يقبل لأن عبارة المترجم بدل عن عبارة العجمي والحدود لا تثبت بالإبدال ألا ترى انه لا تثبت بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي أجيب : بأن كلام المترجم ليس ببدل عن كلام الأعجمي لكن القاضي لا يعرف لسانه ولا يقف عليه وهذا الرجل المترجم يعرفه ويقف عليه فكانت عبارته كعبارة ذلك الرجل لا بطريق البدل بل بطريق الأصالة لأنه يصار إلى الترجمة عند العجز عن معرفة كلامه كالشهادة يصار إليها عند عدم الإقرار كذا في شرح الأدب للصدر الشهيد من الثامن والثلاثين (1/154)
القصاص كالحدود و ما يستثنى من ذلك
تنبيه :
القصاص كالحدود في الدفع بالشبهة فلا يثبت إلا بما تثبت به الحدود
ومما فرع عليه : أنه لو ذبح نائما فقال : ذبحته وهو ميت فلا قصاص و وجبت الدية كما في العمدة
ومنها : لو جن القاتل بعد الحكم عليه بالقصاص فإنه ينقلب دية ولا قصاص بقتل من قال : اقتلني فقتله واختلف في وجوب الدية والأصح عدمه و لا قصاص إذا قال : اقتل عبدي أو أخي أو أبي أو ابني لكن لا شيء في العبد وتجب الدية في غيره واستثنى في خزانة المفتين ما إذا قال : اقتل ابني وهو صغير فإنه يجب القصاص وتمامه في البزازية وينبغي أن لا قصاص بقتل من لا يعلم أنه محقون الدم على التأبيد أو لا وفي الخانية : ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم شهدوا بعد التوبة أن الولي عفا عنا قال الحسن لا تقبل شهادتهم إلا أن يقول اثنان منهم : عفا عنا وعن هذا الواحد ففي هذا الوجه قال أبو يوسف رحمه الله : تقبل في حق الواحد وقال الحسن : أقبل في حق الكل لا انتهى
وكتبنا مسألة العفو في شرح الكنز من الدعوى عند قوله : وقيل لخصمه أعطه كفيلا فليراجع وكتبت في الفوائد أن القصاص كالحدود إلا في سبع مسائل : الأولى : يجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود كما في الخلاصة
الثانية : الحدود لا يورث والقصاص يورث
الثالثة : لا يصح العفو في الحدود ولو كان حد القذف بخلاف القصاص
الرابعة : التقادم لا يمنع من الشهادة بالقتل بخلاف الحدود سوى حد القذف
الخامسة : يثبت بالإشارة والكتابة من الأخرس بخلاف الحدود - كما في الهداية من مسائل شتى -
السادسة : لا تجوز الشفاعة في الحدود وتجوز في القصاص
السابعة : الحدود سوى حد القذف لا تتوقف على الدعوى بخلاف القصاص لا بد فيه من الدعوى
والله سبحانه وتعالى أعلم (1/156)
مخالفة التعزير للقصاص
تنبيه :
التعزير يثبت مع الشبهة ولنا قالوا يثبت بما يثبت به المال ويجري فيه الحلف و يقضى فيه بالنكول و الكفارات تثبت معها أيضا إلا كفارة الفطر في رمضان فإنها تسقطها ولذا لا تجب مع النسيان والخطأ وبإفساد صوم مختلف في صحته كما علم في محله وأما الفدية فهل تسقطها لم أرها الآن
ومن العجب أن الشافعية شرطوا في الشبهة أن تكون قوية قالوا : فلو قتل مسلم ذميا فقتله ولي الذمي فإنه يقتل به وإن كان موافقا لرأي أبي حنيفة رحمه الله ومن شرب النبيذ يحد ولا يراعى خلاف أبي حنيفة رحمه الله (1/157)
القاعدة السابعة : الحر لا يدخل تحت اليد
القاعدة السابعة : الحر لا يدخل تحت اليد فلا يضمن بالغصب ولو صبيا فلو غصب صبيا فمات في يده فجأة أو بحمى لم يضمن ولا يرد ما لو مات بصاعقة أو بنهشة حية أو بنقله إلى أرض مسبعة أو إلى مكان الصواعق أو إلى مكان يغلب فيه الحمى والأمراض فإن ديته على عاقلة الغاصب لأنه ضمان إتلاف لا ضمان غصب والحر يضمن بالإتلاف والعبد يضمن بهما والمكاتب كالحر : لا يضمن بالغصب ولو صغيرا وتمامه في شرح الزيلعي قبيل باب القسامة
وأم الولد كالحر ولم أر الآن حكم ما إذا وطىء حرة بشبهة فأحبلها وماتت بالولادة وينبغي عدم وجوب ديتها بخلاف ما إذا كانت أمة (1/158)
فرع على هذه القاعدة و ما خرج منها
ومن فروع القاعدة : لو طاوعته حرة على الزنا فلا مهر لها كما في الخانية ولو كان الواطىء صبيا فلا حد ولا مهر وهذا مما يقال لنا : وطء خلا عن الحد والعقر بخلاف ما إذا طاوعته أمة لكون المهر حق السيد
وخرج عن هذه القاعدة قول أصحابنا رحمهم الله : إذا تنازع رجلان في امرأة وكانت في بيت أحدهما أو دخل بها أحدهما فهو الأولى لكونه دليلا على سبق عقده والأولى أن يقال : إن الزوجة في يد الزوج لما قدمناه ولقولهم في باب التخالف إن القول قوله فجما يصلح لهما معللين بأنها في يد الزوج فهي وما في يدها : في يده فيقال في أصل القاعدة : الحر لا يدخل تحت يد أحد إلا الزوجة فإنها في يد زوجها والله سبحانه وتعالى أعلم
ثم رأيت في جامع الفصولين لا من التاسع عشر ما نصه : امرأة في دار رجل يدعي أنها امرأته و خارج يدعيها وهي تصدقه : فالقول لرب الدار فقد صرح بأن اليد تثبت على الحرة بحفظ الدار كما في المتاع اهـ (1/158)
القاعدة الثامنة : إذا اجتمع أمران من جنس واحد
القاعدة الثامنة : إذا اجتمع أمران من جنس واحد
ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالبا (1/158)
ما تفرع على هذه القاعدة : من اجتماع الحدين و ما يوجب الجزاء على المحرم
فمن فروعها : إذا اجتمع حدث وجنابة أو جنابة وحيض كفى الغسل الواحد ولو باشر المحرم فيها دون الفرج ولزمته شاة ثم جامع فمقتضاها الاكتفاء بموجب الجماع
ولم أره الآن صريحا
ومنها : لو قص المحرم أظفار يديه و رجليه في مجلس و أحدث فإنه يجب عليه دم واحد اتفاقا وإن كان في مجالس فكذلك عند محمد رحمه الله وعلى قولهما : يجب لكل يد دم ولكل رجل دم إذا وجد ذلك في كل مجلس حتى يجب عليه أربعة دماء إذا وجد في كل مجلس قلم يد أو رجل فجعلناها جناية واحدة معنى لاتحاد المقصود وهو الارتفاق فإذا اتحد المجلس : يعتبر المعنى و إذا اختلف تعتبر جنايات لكونها أعضاء متباينة
وعلى هنا الاختلاف لو جامع مرة بعد أخرى مع امرأة واحدة أو نسوة إلا أن مشايخنا رحمهم الله قالوا في الجماع بعد الوقوف في المرة الأولى : عليه بدنة وفي المرة الثانية : عليه شاة كذا في المبسوط وفي الخانية : فإن جامعها مرة أخرى في غير ذلك المجلس قبل الوقوف بعرفة ولم يقصد به رفض الحجة الفاسدة يلزمه دم آخر بالجماع الثاني في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله ولو نوى بالجماع الثاني رفض الحجة الفاسدة لا يلزمه بالجماع الثاني شيء (1/158)
ما يجزئ عن تحية المسجد و ركعتي الطواف و تلاوة آية السجدة
ومنها : لو دخل المسجد وصلى الفرض أو الراتبة دخلت فيه التحية ولو طاف القادم عن فرض ونذر دخل فيه طواف القدوم بخلاف ما لو طاف للإفاضة لا يدخل فيه طواف الوداع لأن كلا منهما مقصود و مقصودهما مختلف ولو دخل المسجد الحرام فصلى فيه مع الجماعة لا تنوب عن تحية البيت لاختلاف الجنس ولو صلى فريضته عقيب طواف ينبغي ألا يكفيه عن ركعتي الطواف بخلاف تحية المسجد لأن ركعتي
الطواف واجبة فلا تسقط بفعل غيرها بخلاف تحية المسجد ولو تلا آية سجدة فسجد سجدة صلاتية قبل أن يقرأ ثلاث آيات كفت عن التلاوة لحصول المقصود وهو التعظم وكذا لو ركع لها فورا أجزأت قياسا (1/159)
حكم تعدد السهو في الصلاة و الفرق بين جابر الصلاة وجابر الحج
وهذه من المواضع التي يعمل فيها بالقياس كما بيناه في شرح المنار وكذا لو تلا آية وكررها في مجلس واحدث اكتفى بسجدة واحدة ولو تعذر السهو في الصلاة لم يتعدد الجابر بخلاف الجابر في الإحرام فإنه يتعدد بتعدد الجناية إذا اختلف جنسها لأن المقصود بسجود السهو رغم أنف الشيطان وقد حصل بالسجدتين آخر الصلاة والمقصود في الثاني جبر هتك الحرمة فلكل جبر فاختلف المقصود ولو زنى أو شرب أو سرق مرارا كفى حد واحد سواء كان الأول موجبا لما أوجبه الثاني أو لا فلو زنى بكرا ثم ثيبا كفى الرجم ولو قذف مرارا واحدا أو جماعة في مجلس أو مجالس كفى حد واحد بخلاف ما إذا زنى فحد ثم زنى فإنه يحد ثانيا ولو زنى وشرب وسرق أقيم الكل لاختلاف الجنس (1/159)
حكم تعدد جناية المجرم و الوطء بالشبهة
ولو وطىء في نهار رمضان مرارا لم يلزم بالثاني وما بعده شيء ولو في يومين فإن كانا من رمضانين تعددت وإلا فإن كفر للأول تعددت وإلا : اتحدت ولو قتل المحرم صيدا في الحرم فعليه جزاء واحد للإحرام لكونه أقوى ولو لبس المحرم ثوبا مطيبا فعليه فديتان لاختلاف للجنس ولنا قال الزيلعي : - في قول الكنز أو خضب رأسه بحناء هذا إذا كان مائعا وأما إذا كان ملبدا : فعليه دمان : دم للطيب ودم لتغطية الرأس انتهى
ويتعدد الجزاء على القارن فيما على المفرد به دم لكونه محرما بإحرامين عندنا
وقولهم : إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم استثناء منقطع لأنه حالة المجاوزة لم يكن قارنا ولو تكرر الوطء بشبهة واحدة فإن كانت شبهة ملك لم يجب إلا مهر واحد لأن الثاني صادف ملكه وإن كانت شبهة اشتباه وجب لكل وطء مهر لأن كل وطء صادف ملك الغير فالأول : كوطء جارية ابنه أو مكاتبه والمنكوحة فاسدا ومن الثاني : وطء أحد الشريكين الجارية المشتركة ولو وطىء مكاتبة مشتركة مرارا اتحد في نصيبه لها وتعدد في نصيب شريكه والكل لها ولا يتعدد في الجارية المستحقة كذا في الظهيرية (1/160)
حكم من زنى بأمة فقتلها أو حرة كذلك
ومن زنى بأمة فقتلها لزمه الحد والقيمة لاختلافهما ولو زنى بحرة فقتلها وجب الحد مع الدية ولو زنى بكبيرة فأفضاها : فإن كانت مطاوعة من غير دعوى شبهة فعليهما الحد ولا شيء في الإفضاء ولا مهر لها لوجوب الحد وإن كان مع دعوى شبهة فلا حد عليهما ولا شيء في الإفضاء و وجب العقر وإن كانت مكرهة من غير دعوى شبهة فعليه الحد دونها ولا مهر لها فإن لم يستمسك بولها فعليه الدية كاملة وإلا حد وضمن ثلث الدية و إن كان مع دعوى شبهة فلا حد عليهما فإن كان البول يستمسك فعليه ثلث الدية ويجب المهر في ظاهر الرواية وان لم يستمسك البول فعليه دية كاملة ولا يجب المهر عندهما خلإذا لـ محمد وإن كانت صغيرة يجامع مثلها : فهي كالكبيرة إلا في حق سقوط الأرش وإن كانت لا يجامع مثلها : فإن كان يستمسك بولها فعليه ثلث الدية وكمال المهر ولا حد عليه و إلا فالدية فقط كذا في شرح الزيلعي من الحدود (1/160)
حكم تعدد الجناية على واحد
وأما الجناية إذا تعددت بقطع عضوه ثم قتله فإنها لا تتداخل فيها إلا إذا كانا خطأين على واحد ولم يتخللها برء وصورها : ستة عشر لأنه إذا قطع ثم قتل فإما أن يكونا عمدين أو خطأين أو أحدهما عمدا والآخر خطأ وكل من الأربعة : إما على واحد أو اثنين وكل من الثمانية : إما أن يكون الثاني قبل البرء أو بعده وقد أوضحناه في شرح المنار في بحث الأداء و القضاء (1/160)
إذا وطئت المعتدة بشبهة
والمعتدة إذا وطئت بشبهة وجبت أخرى وتداخلتا والمرئي منهما سواء كان الواطىء صاحب العدة الأولى أو غيره لحصول المقصود
وقد علمت ما احترزنا عنه بقولنا : من جنس واحد وبقولنا : ولم يختلف مقصودهما وبقولنا غالبا والله الموفق (1/161)
القاعدة التاسعة : إعمال الكلام أولى من إهماله
القاعدة التاسعة : إعمال الكلام أولى من إهماله
متى أمكن فإن لم يمكن أهمل ولذا اتفق أصحابنا في الأصول على أن الحقيقة إذا كانت متعذرة فإنه يصار إلى المجاز : فلو حلف لا يأكل من هذه النخلة أو هذا الدقيق حنث في الأول بأكل ما يخرج منها وبثمنها إن باعها واشترى به مأكولا وفي الثاني بما يتخذ منه كالخبز ولو أكل عين الشجرة والدقيق لم يحنث على الصحيح
والمهجور شرعا أو عرفا كالمتعذر و إن تعذرت الحقيقة و المجاز أو كان اللفظ مشتركا بلا مرجح : أهمل لعدم الإمكان : فالأول قوله لامرأته المعروف لأبيها : هذه بنتي لم تحرم بذلك أبدا والثاني لو أوصى لمواليه وله معتق بالكسر ومعتق بالفتح بطلت ولو لم يكن له معتق بالكسر وله موال أعتقهم ولهم موال أعتقوهم انصرفت إلى مواليه لأنهم الحقيقة ولا شيء لموالي مواليه لأنهم المجاز ولا يجمع بينهما
ومما فرعته على هذه القاعدة ما في الخانية لما : رجل له امرأتان فقال لإحداهما : أنت طالق أربعا فقالت : الثلاثة تكفيني فقال الزوج : أوقعت الزيادة على فلانة لا يقع على الأخرى شيء وكذا لو قال الزوج : الثلاث لك والباقي لصاحبتك لا تطلق الأخرى انتهى لعدم إمكان العمل فأهمل لأن الشارع حكم ببطلان ما زاد فلا يمكن إيقاعه على أحد (1/161)
الحقيقة إذا تعذرت أو هجرت شرعا أو عرفا لو جمع بين من يقع عليها الطلاق و من لا يقع
ومنها : حكاية الأستاذ الطحاوي حكاها في يتيمة الدهر من الطلاق : ولو جمع بين من يقع الطلاق عليها ومن لا يقع وقال : إحداكما طالق ففي الخانية : ولو جمع بين منكوحته ورجل وقال : إحداكما طالق لا يقع الطلاق على امرأته في قول أبي حنيفة
وعن أبي يوسف أنه يقع ولو جمع بين امرأته وأجنبية وقال : طلقت إحداكما طلقت امرأته ولو قال : إحداكما طالق لا ولم ينو شيئا لا تطلق امرأته وعن أبي يوسف و محمد أنها تطلق و لو جمع بين امرأته وبين ما ليس محلا للطلاق كالبهيمة والحجر وقال : إحداكما طالق طلقت امرأته في قول أبي حنيفة و أبي يوسف
وقال محمد : لا تطلق ولو جمع بين امرأته الحية والميتة وقال : لا إحداكما طالق لا تطلق الحية اهـ (1/162)
إذا جمع بين امرأته و غيرها في الطلاق
ثم قال فيها : ولو جمع بين امرأتين : إحداهما صحيحة النكاح والأخرى فاسدة النكاح وقال : إحداكما طالق لا تطلق صحيحة النكاح كما لو جمع بين منكوحته وأجنبية وقال : لا إحداكما طالق انتهى
وحاصله : أنه لو جمع بين امرأته وغيرها وقال : إحداكما طالق لم يقع على امرأته في جميع الصور إلا إذا جمع بينها وبين جدار أو بهيمة لأن الجدار لما لم يكن أهلا للطلاق أعمل اللفظ في امرأته بخلاف ما إذا كان المفهوم آدميا فإنه صالح في الجملة
إلا أنه يشكل بالرجل : فإنه لا يوصف بالطلاق عليه ولذا لو قال لها : أنا منك طالق لغا وقد يقال : إن الطلاق لإزالة الوصلة وهي مشتركة بينهما
ومما فرعته على القاعدة : قول الإمام الأعظم : إذا قال لعبده الأكبر سنا منه : هذا ابني فإنه أعمله عتقا مجازا عن : هذا حر وهما أهملاه وقال في المنار من بحث الحروف من أو و قالا إذا قال لعبده ودابته هذا حر أو هذا : إنه باطل لأنه اسم لأحدهما غير معين و ذلك غير محل العتق و عنده : هو كذلك لكن على احتمال التعيين حتى لزمه التعيين كما في مسألة العبدين و العمل بالمحتمل أولى من الإهدار فجعل ما و ضع لحقيقته مجازا عما يحتمله و إن استحالت حقيقته وهما ينكران الاستعارة عند استحالة الحكم لا انتهى
قيد بأو لأنه لو قال لعبده ودابته : أحدكما حر عتق بالإجماع كما في لد المحيط و بينا الفرق في شرح المنار (1/162)
بعض مسائل الوقف
ومنها : لو و قف على أولاده و ليس له إلا أولاد أولاد حمل عليهم صونا للفظ عن الإهمال عملا بالمجاز و كذا لو وقف على مواليه و ليس له موال وإنما له موالي موال استحقوا كما في التحرير
وليس منها : ما لو أتى بالشرط و الجواب بلا فاء فإنا لا نقول بالتعليق لعدم إمكانه فيتنجز و لا ينوى خلافا لما روي عن أبي يوسف و كذا : أنت طالق في مكة فيتنجز إلا إذا أراد في دخولك مكة فيدين و إذا دخلت مكة تعليق
وقد جعل الإمام الأسيوطي من فروعها : ما و قع في فتاوى السبكي فنذكر كلامهما بالتمام ثم نذكر ما يسره الله تعالى مما يناسب أصولنا (1/163)
القول بالنقص القسمة وما ذكره السبكي و الخصاف من أمثلة و صور
قال السبكي : لو أن رجلا و قف عليه ثم على أولاده ثم على أولادهم و نسله و عقبه ذكرا و أنثى للذكر مثل حظ الانثيين على أن من توفي منهم عن و لد أو نسل عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على و لده ثم ولد ولده ثم على نسله على الفريضة و على أن من توفي لا عن غير نسل عاد ما كان جاريا عليه على من كان في درجته من أهل الوقف المذكورة يقدم الأقرب إليه فالأقرب و يستوي الأخ الشقيق والأخ من الأب
و من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و ترك و لدا أو أسفل منه استحق ما كان استحقه المتوفى لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف المذكور و قام ولده في الاستحقاق مقام المتوفى فإذا انقرضوا فعلى الفقراء ولو توفي الموقوف عليه وانتقل الوقف إلى ولديه أحمد و عبد القادر ثم توفي عبد القادر و ترك ثلاثة أولاد و هم : علي و عمرو و لطيفة و ولدي ابنه محمد المتوفى حال حياة والده وهما عبد الرحمن و ملكة ثم توفي عمرو عن غير نسل ثم توفيت لطيفة و تركت بنتا تسمى : فاطمة ثم توفي علي و ترك بنتا تسمى : زينب ثم توفيت فاطمة بنت لطيفة عن غير نسل فإلى من ينتقل نصيب فاطمة المذكورة فأجاب : الذي ظهر لي الآن أن نصيب عبد القادر جميعه يقسم من هذا الوقف على ستين جزءا لعبد الرحمن منها : اثنان و عشرون و لملكة : أحد عشر و لزينب : سبعة و عشرون و لا يستمر هذا الحكم في أعقابهم بل كل وقت بحسبه
قال : وبيان ذلك : أن عبد القادر لما توفي انتقل نصيبه إلى أولاده الثلاثة و هم : علي و عمرو و لطيفة للذكر مثل حظ الانثيين فلعلي : خمساه و لعمرو : خمساه و للطيفة : خمسه و هذا هو الظاهر عندنا و يحتمل أنه يقال : يشاركهم عبد الرحمن و ملكة و لدا محمد المتوفى في حياة أبيه و نزلا منزلة أبيهما فيكون لهما : السبعان و لعلي : السبعان ولعمرو : السبعان و للطيفة : السبع و هذا و إن كان محتملا فهو مرجوح عندنا لأن التمكن في مأخذه ثلاثة أمور
أحدها : أن مقصود الواقف ألا يحرم أحد من ذريته و هذا ضعيف لأن المقاصد إذا لم يدل عليها اللفظ لا تعتبر
الثاني : إدخالهم في الحكم و جعل الترتيب بين كل أصل و فرعه لا بين الطبقتين جميعا و هذا محتمل لكنه خلاف الظاهر و قد كنت ملت إليه مرة في و قف للفظ اقتضاه فيه لست أعمه في كل ترتيب
الثالث : الاستناد إلى قول الواقف : إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء قام ولده مقامه وهذا قوي لكن إنما يتم لو صد على المتوفى في حياة والده أنه من أهل الوقف
و هذه مسألة كان و قع مثلها في الشام قبل التسعين و ستمائة هـ و طلبوا فيها نقلا فلم يجدوه فأرسلوا إلى الديار المصرية يسألون عنها و لا أدري ما أجابوهم لكني رأيت بعد ذلك في كلام الأصحاب فيما إذا و قف على أولاده على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أولاده و من مات و لا و لد له انتقل نصيبه إلى الباقين من أهل الوقف فمات واحد من و لده انتقل نصيبه إليه فإذا مات آخر عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه وابن أخيه لأنه صار من أهل الوقف فهذا التعليل يقتضي أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده فيقتضي أن ابن عبد القادر المتوفى في حياة والده ليس من أهل الوقف و أنه إنما يصدق عليه اسم أهل الوقف إذا آل إليه الاستحقاق
قال : و مما يتنبه له : أن بين أهل الوقف و الموقوف عليه عموما و خصوصا من وجه فإذا و قف مثلا على زيد ثم على عمرو ثم على أولده فعمرو موقوف عليه في حياة زيد لأنه معين قصده الواقف بخصوصه و سماه و عينه و ليس من أهل الوقف حتى يوجد شرط استحقاقه وهو موت زيد و أولاده إذا آل إليهم الاستحقاق كل واحد منهم من أهل الوقف و لا يقال في كل واحد إنه موقوف عليه بخصوصه : لأنه لم يعينه الواقف و إنما الموقوف عليه جملة الأولاد كالفقراء
قال : فتبين بذلك أن ابن عبد القادر والد عبد الرحمن لم يكن من أهل الوقف أصلا ولا موقوفا عليه لأن الواقف لم ينص على اسمه قال : و قد يقال إن المتوفى في حياة أبيه يستحق أنه لو مات أبوه جرى عليه الوقف فينتقل هذا الاستحقاق إلى أولاده قال : وهذا قد كنت في وقت أبحته ثم رجعت عنه
فإن قلت : قد قال الواقف : إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء فقد سماه من أهل الوقف مع عدم استحقاق فيدل على أنه أطلق أهل الوقف على من لم يصل إليه الوقف فيدخل محمد والد عبد الرحمن و ملكة في ذلك فيستحقان و نحن إنما نرجع في الأوقاف إلى ما دل عليه لفظ و اقفيها سواء وافق ذلك عرف الفقهاء أم لا
قلت : لا نسلم مخالفة ذلك لما قلناه أما أولا : فلأنه لم يقل : قبل استحقاقه وإنما قال : قبل استحقاقه لشيء فيجوز أن يكون قد استحق شيئا صار به من أهل الوقف ويترقب استحقاقا آخر فيموت قبله فنص الواقف على أن ولده يقوم مقامه في ذلك الشيء الذي لم يصل إليه ولو سلمنا أنه قال : قبل استحقاقه فيحتمل أن يقال إن الموقوف عليه أو البطن الشي بعده وأن وصل إليه الاستحقاق أعني أنه صار من أهل الوقف قد يتأخر استحقاقه إما لأنه مشروط بمدة كقوله : في سنة كذا فيموت في أثنائها أو ما أشبه ذلك فيصح أن يقال : إن هذا من أهل الوقف و إلى الآن ما استحق من الغلة شيئا إما لعدمها وإذا لعدم شرط الاستحقاق بمضي الزمان أو غيره
هنا حكم الوقف بعد موت عبد القادر فلما توفي عمرو عن غير نسل انتقل نصيبه إلى إخوته عملا بشرط الواقف لمن في درجته فيصير نصيب عبد القادر كله بينهما أثلاثا لعلي : الثلثان و للطيفة الثلث و يستمر حرمان عبد الرحمن و ملكة فلما ماتت لطيفة انتقل نصيبها و هو الثلث إلى ابنتها فاطمة ولم ينتقل إلى عبد الرحمن و ملكة شيء لوجود أولاد عبد القادر وهم يحجبونهما لأنهم أولاده و قد قدمهم على أولاد الأولاد الذين هما منهم و لما توفي علي بن عبد القادر و خلف بنته زينب احتمل أن يقال نصيبه كله وهو ثلثا نصيب عبد القادر لها عملا بقول الواقف : من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه لولده و تبقى هي وبنت عمتها مستوعبتين نصيب جدهما لزينب : ثلثاه و لفاطمة : ثلثه و احتمل أن يقال إن نصيب عبد القادر كله يقسم على أولاده الآن عملا بقول الواقف ثم على أولاده ثم على أولاد أولاده فقد أثبت لجميع أولاد الأولاد استحقاقا بعد الأولاد و إنما حجبنا عبد الرحمن و ملكة و هما من أولاد الأولاد بالأولاد فإن انقرض الأولاد زال الحجب فيستحقان و يقسم نصيب عبد القادر بين جميع أولاد أولاده فلا يحصل لزينب جميع نصيب أبيها و ينقص ما كان بيد فاطمة بنت لطيفة
و هذا أمر اقتضاه النزول الحادث بانقراض طبقة الأولاد المستفاد من شرط الواقف أن أولاد الأولاد بعدهم فلا شك أن فيه مخالفة لظاهر قوله : إن من مات فنصيبه لولده له فإن ظاهره يقتضي أن نصيب علي لبنته زينب و استمرار نصيب لطيفة لبنتها فاطمة فخالفناه بهذا العمل فيهما جميعا و لو لم نخالف ذلك لزمنا مخالفة قول الواقف : إن بعد الأولاد يكون لأولاد الأولاد فظاهره يشمل الجميع فهذان الظاهران تعارضا و هو تعارض قوي صعب ليس في هذا الوقف محل أصعب منه و ليس الترجيح فيه بالهين بل هو محل نظر الفقيه و خطر لي فيه طرق :
منها : أن الشرط المقتضي لاستحقاق أولاد الأولاد جميعهم متقدم في كلام الواقف والشرط المقتضي لإخراجهم بقوله : من مات انتقل نصيبه لولده متأخر فالعمل بالمتقدم أولى لأن هذا ليس من باب النسخ حتى يقال العمل بالمتأخر أولى
و منها : أن ترتيب الطبقات أصل و ذكر انتقال نصيب الوالد إلى و لده فرغ و تفصيل لذلك الأصل فكان التمسك بالأصل أولى
ومنها : أن من صيغته عامة بقوله : من مات و له و لد : صالح لكل فرد منهم ولمجموعهم و إنا أريد مجموعهم كان انتقال نصيب مجموعهم إلى مجموع الأولاد من مقتضيات هذا الشرط فكان إعمالا له من وجه مع إعمال الأول وان لم يعمل بذلك كان إلغاء للأول من كل وجه وهو مرجوح
ومنها : إذا تعارض الأمر بين إعطاء بعض الذرية وحرمانهم تعارضا لا ترجيح فيه فالإعطاء أول ى لأنه لا شك أنه أقرب إلى غرض الواقفين
ومنها : إن استحقاق زينب لأقل الأمرين و هو الشي يخضها إذا شرك بينها وبين بقية أولاد الأولاد محقق وجمنا فاطمة و الزائد على المحقق في حقها مشكوك فيه ومشكوك في استحقاق عبد الرحمن و ملكة له فإذا لم يحصل ترجيح في التعارض بين اللفظين يقسم بينهم فيقسم بين عبد الرحمن و ملكة و زينب و فاطمة و هل يقسم للرجل للذكر مثل حظ الانثيين : فيكون لعبد الرحمن خمساه و لكل و احدتن من الإناث خمسه نظرا إليهم دون أصولهم أو ينظر إلى أصولهم فينزلوهم منزلتهم لو كانوا موجودين : فيكون لفاطمة خمسه ولزينب خمساه و لعبد الرحمن و ملكة خمساه ة فيه احتمال و أنا إلى الثاني أميل حتى لا يفضل فخذ على فخذ في المقدار بعد ثبوت الاستحقاق فلما توفيت فاطمة عن غير نسل والباقون من أهل الوقف زينب بنت خالها و عبد الرحمن و ملكة و لدا عمها و كلهم في درجتها و جب قسم نصيبها بينهم : لعبد الرحمن نصفه و لملكة ربعه و لزينب ربعه
ولا نقول هنا : ينظر إلى أصولهم لأن الانتقال من مساويهم و من هو في درجتهم
فكان اعتبارهم بأنفسهم أول ى فاجتمع لعبد الرحمن و ملكة الخمسان حصلا لهما بموت علي و نصف و ربع الخمس الشي لفاطمة بينهما بالفريضة فلعبد الرحمن خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة ثلثا خمس و ربع خمس و اجتمع لزينب الخمسان بموت والدها و ربع خمس فاطمة فاحتجنا إلى عدد يكون له خمس و لخمسه ثلث و ربع وهو : ستون فقسمنا نصيب عبد القادر عليه لزينب : خمساه و ربع خمسه و هو سبعة وعشرون و لعبد الرحمن اثنان و عشرون و هو : خمس و نصف خمس و ثلث خمس ولملكة : أحد عشر و هي ثلثا خمس و ربع خمس فهذا ما ظهر لي و لا أشتهي أحدا من الفقهاء يقلدني بل ينظر لنفسه انتهى كلام السبكي رحمه الله بحمد الله تعالى قائله الأسيوطي
قلت : الذي يظهر اختياره أولا : دخول عبد الرحمن و ملكة بعد موت عبد القادر عملا بقوله : ومن مات من أهل الوقف إلى آخره
و ما ذكره السبكي من أنه لا يطلق عليه أنه من أهل الوقف ة ممنوع و ما ذكره في تأويل قوله : قبل استحقاقه خلاف الظاهر من اللفظ و خلاف المتبادر إلى الأفهام بل صريح كلام الواقف أنه أراد بأهل الوقف : الذي مات قبل استحقاقه الشيء لم يدخل في الاستحقاق بالكلية و لكنه بصدد أن يصير إليه وقوله : لشيء من منافع الوقف دليل قوي لذلك فإنه نكرة في سياق الشرط و في سياق كلام معناه النفي ة فيعم لأن المعنى : ولم يستحق شيئا من منافع الوقف و هذا صريح في رد التأويل الذي قاله و يؤيده أيضا قوله : استحق ما كان يستحقه المتوفى لو بقي حيا إلى أن يصير له شيء من منافع الوقف فهذه الألفاظ كلها صريحة في أنه مات قبل الاستحقاق
وأيضا لو كان المراد ما قاله السبكي لاستغنى عنه بقوله أولا على أن مات عن و لد عاد ما كان جاريا عليه على ولده فإنه يغني عنه و لا ينافي هذا اشتراطه الترتيب في الطبقات بثم لأن ذلك عام خصصه هنا كما خصصه أيضا قوله : على أن من مات عن ولد إلى آخره و أيضا فإنا إذا عملنا بعموم اشتراط الترتيب لزم منه إلغاء هذا الكلام بالكلية وألا يعمل في صورة لأنه على هذا التقدير : إنما يستحق عبد الرحمن و ملكة لما استويا في الدرجة أخذا من قوله : عاد على من في درجته فبقي قوله : من مات قبل استحقاقه إلى آخره مهملا لا يظهر له أثر في صورة بخلاف ما إذا أعملناه و خصصنا به عموم الترتيب فإن فيه إعمالا للكلامين و جمعا بينهما و هذا أمر ينبغي أن يقطع به حينئذ
فنقول : لما مات عبد القادر قسم نصيبه بين أولاده الثلاثة و ولدي ولده أسباعا لعبد الرحمن و ملكة : السبعان أثلاثا فلما مات عمرو عن غير نسل انتقل نصيبه إلى أخويه وولدي أخيه ليصير نصيب عبد القادر كله بينهم : لعلي خمسان و للطيفة خمس ولعبد الرحمن و ملكة خمسان أثلاثا و لما توفيت لطيفة انتقل نصيبها بكماله لبنتها فاطمة و لما مات علي انتقل نصيبه بكماله لبنته زينب و لما توفيت فاطمة بنت لطيفة والباقون في درجتها : زينب و عبد الرحمن و ملكة قسم نصيبها بينهم للذكر مثل حظ الانثيين اعتبارا بهم لا بأصولهم كما ذكره السبكي : لعبد الرحمن نصفه و لكل بنت ربع فاجتمع لعبد الرحمن بموت عمرو : خمس و ثلث و بموت فاطمة : نصف خمس و لملكة بموت عمرو : ثلثا خمس و بموت فاطمة : ربع خمس فيقسم نصيب عبد القادر ستين جزءا : لزينب سبعة و عشرون و هي خمسان و ربع خمس و لعبد الرحمن اثنان و عشرون وهي خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة أحد عشر : و هي ثلثا خمس وربع فصح ما قاله السبكي لكن الفرق بعدم استحقاق عبد الرحمن و ملكة و الجزم حينئذ بصحة هذه القسمة و السبكي تردد فيها و جعلها من باب قسمة المشكوك في استحقاقه و نحن لا نتردد في ذلك
وسئل السبكي أيضا عن رجل و قف و قفا على حمزة ثم أولاده ثم أولادهم وشرط أن من مات أمن أولاده انتقل نصيبه إلى الباقين من إخوته و من مات قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و له ولد استحق ولده ما كان يستحقه المتوفى لو كان حيا فمات
حمزة و خلف ولدين وهما : عماد الدين و خديجة وولد ولد مات أبوه في حياة والده وهو نجم الدين بن مؤيد الدين بن حمزة فأخذ الولدان نصيبهما وولد الوالد نصيب الذي لو كان أبوه حيا لأخذه ثم ماتت خديجة فهل يختص أخوها بالباقي أو يشاركه ولد أخيه نجم الدين ؟
فأجاب : بأنه تعارض فيه اللفظان فيحتمل فيه اللفظان فيحتمل المشاركة و لكن الأرجح اختصاص الأخ و يرجحه أن التنصيص على الإخوة وعلى الباقين منهم كالخاص وقوله : من مات قبل الاستحقاق كالعام فيقدم الخاص على العام انتهى
هذا آخر ما أورده الأسيوطي رحمه الله في هذه المسألة و أنا أذكر حاصل السؤال وحاصل جواب السبكي وحاصل ما خالف فيه الأسيوطي ثم أذكر بعده ما عندي في ذلك و إنما أطلت فيها لكثرة وقوعها و قد أفتيت فيها مرارا
أما حاصل السؤال : إن الواقف وقف على ذريته مرتبا بين البطون بثم للذكر مثل حظ الأنثيين و شرط انتقال نصيب المتوفى عن ولد إليه وعن غير ولد إلى من هو في درجته و أن من مات قبل استحقاقه وله ولد قام ولده مقامه لو بقي حيا فمات الواقف عن ولدين ثم مات أحدهما عن ثلاثة وولدي ابن لم يستحق ثم مات اثنان من الثلاثة عن ولدين ثم مات واحد عن غير نسل ثم مات أحد الولدين عن غير نسل
وحاصل جواب السبكي : أن ما خص المتوفى و هو النصف مقسوم بين أولاده الثلاثة و لا شيء لولدي ابنه المتوفى في حياته و من مات من الثلاثة عن غير نسل رد نصيبه إلى إخوته فيكون النصف بينهما ومن مات عن ولد فنصيبه له ما دام أهل طبقة أبيه ثم من مات بعدهم يقسم نصيبه بين جميع أولاد الأولاد بالسوية فيدخل ولد المتوفى في حياة أبيه فتنتقض القسمة بموت الطبقة الثانية و يزول الحجب عن ولدي المتوفى في حياة أبيه عملا بقوله : ثم على أولاد أولاده و انه إنما يعمل بقوله : من مات عن و لد انتقل نصيبه إلى ولده ما دام البطن الأول فمن مات من أهل البطن الأول انتقل نصيبه إلى ولده ويقسم الربع على هذا فإذا لم يبق أحد من البطن الأول تنتقض القسمة و تكون بينهم بالسوية فمن مات من أهل الثاني عن و لد : انتقل نصيبه إليه إلى أن ينقرض أهل تلك الطبقة فتنتقض القسمة و يقسم بينهم بالسوية و هكذا يفعل في كل بطن
وحاصل مخالفة الأسيوطي له في شيء واحد وهو : أن أولاد المتوفى في حياة أبيه لا يحرمون مع بقاء الطبقة الأولى وأنهم يستحقون معهم و وافقه على انتقاض القسمة قلت : أما مخالفته في أولاد المتوفى في حياة أبيه فواجبة لما ذكره الأسيوطي و أما قوله : تنتقض القسمة بعد انقراض كل بطن فقد أفتى به بعض علماء العصر و عزوا ذلك إلى الخصاف ولم يتنبهوا لما صوره الخصاف و ما صوره السبكي فأنا أذكر حاصل ما ذكره الخصاف بالاختصار و أبين ما بينهما من الفرق فذكر الخصاف صورا :
الأولى : و قف على ذريته بلا ترتيب بين البطون استحق الجميع بالسوية الأعلى والأسفل فتنتقض القسمة في كل سنة بحسب قلتهم و كثرتهم
الثانية : و قف عليهم شارطا تقديم البطن الأعلى ثم و ثم و لم يزد فلا شيء لأهل البطن الثاني ما دام واحد من الأعلى ومن مات عن ولد فلا شيء لولده و يستحق من مات أبوه قبل الاستحقاق مع أهل البطن الثاني لا مع الأول لكونه منهم
الثالثة : و قف على ولده و أولادهم و نسلهم لا يدخل و لد من كان أبوه مات قبل الوقف لكونه خصص أولاد الولد الموقوف عليه فخرج المتوفى قبله
الرابعة : و قف على أولاده و أولاد أولاده و ذريته على أن يبدأ بالبطن الأعلى ثم و ثم قلنا لا شيء للبطن الثاني ما دام واحد من الأعلى فلو مات واحد من البطن الثاني وترك ولدا مع وجود الأعلى ثم انقرض الأعلى فلا مشاركة له مع البطن الثاني لأنه من الثالث فإذا انقرض الثاني شارك الثالث
الخامسة : و قف على أولاده و أولاد أولاده و ذريته و نسله و لم يرتب و شرط أن من مات عن ولد فنصيبه له وحكمه قسمة الغلة بين الولد و ولد الولد بالسوية فما أصاب المتوفى كان لولده فيكون لهذا الولد سهمان سهمه المجعول له معهم بالسوية وما انتقل إليه من والده
السادسة : و قف على ولده لصلبه ذكرا و أنثى و على أولاد الذكور من ولده و أولاد أولادهم و نسلهم و حكمه : قسمة الغلة بين ولده ذكرا و أنثى و أولاد الذكور ذكرا و أنثى بالسوية فيدخل أولاد بنات البنين فلو قال بعده يقدم الأعلى ثم و ثم اختص ولده لصلبه ذكرا و أنثى فإذا انقرضوا صار لولد البنين دون أولاد البنات ثم لأولاد هؤلاء أبدا
السابعة : و قف على بناته و أولاده و أولاد أولادهن فحكمه أن الغلة لبناته و نسلهن فلو قال : يقدم البطن الأعلى : اتبع فإن شرط بعد انقراضهن و نسلهن لولده الذكور ونسلهن : اتبع فإن مات بعض ولده الذكور عن أولاد و بقي البعض ولهم أولاد وحكمه عند عدم الترتيب : أن الغلة لهم سواء فإن رتب فالغلة للباقين من ولده فإذا انقرضوا كانت لولد المتوفى
الثامنة : و قف على ولده و ولد ولده و نسلهم مرتبا شارطا أن من مات عن و لد فنصيبه له و عن غير ولد فراجع إلى الوقف و حكمه أن الغلة للأعلى ثم و ثم فإن قسمت سنين ثم مات بعضهم عن نسل قال : نقسم على عدد أولاد الواقف الموجودين يوم الوقف و على أولاده الحادثين له بعده فما أصاب الأحياء أخذوه و ما أصاب الميت كان لولده وإنما جعل لولد من مات حصة أبيه مع و جود البطن الأعلى مع كون الواقف شرط تقديم الأعلى لكونه قال بعده : إن من مات عن و لد فنصيبه له و كذا لو مات الأعلى إلا واحدا فيجعل سهم الميت لابنه و إن كان من البطن الثالث مع وجود الأعلى
ولو كان عدد البطن الأعلى عشرة فمات اثنان بلا ولد ونسل ثم مات آخران عن ولد لكل ثم مات آخران عن غير ولد فحكمه أن تقسم الغلة على ستة على هؤلاء الأربعة و على الميتين اللذين تركا أولادا فما أصاب الأربعة فهو لهم و ما أصاب الميتين كان لأولدهما و لو مات واحد من العشرة عن ولد ثم مات ثمانية عن غير نسل تقسم على سهمين : سهم للحي و سهم للميت يكون لأولاده فلو قسمناها سنين بين الأعلى و هم عشرة ثم مات اثنان عن غير و لد ثم مات واحد عن أربعة أولاد و واحد عن أولاد ثم مات من الأربعة واحد و ترك ولدا و مات آخر عن غير ولد تقسم الغلة على ثمانية فما أصاب الأحياء أخذوه و ما أصاب الموتى كان لأولادهم لكل سهم أبيه ثم ينظر إلى ما أصاب الأربعة يقسم أرباعا : فيرد سهم من مات عن غير و لد إلى أصل الوقف فتعاد القسمة على ثمانية فما أصاب و الدهم قسم بين الاثنين الباقيين و بين أخيهم الميت الشي مات عن ولد أثلاثا فما أصاب الميت كان لولده فلو لم يمت أحد من البطن الأعلى و مات واحد من الثاني عن ولد أو مات بعض الأعلى ثم من الثاني رجل أو رجلان عن ولد فحكمه أنه لا شيء لولد من مات قبل أبيه ولا لأولاد من مات من الثاني لعدم استحقاقا الأب
ثم أعاد الإمام الخصاف رحمه الله الصورة الثامنة من غير زيادة و لا نقص و فرع أن البطن الأعلى لو كانوا عشرة و كان لهم ابنان ماتا قبل الوقف وترك كل ولدا لا حق لهما ما دام واحد من الأعلى لأنهما من البطن الثاني فلا حق لهما حتى ينقرض الأول فلو مات العشرة و ترك كل ولدا أخذ كل نصيب أبيه و لا شيء لولد من مات قبل الواقف و إن استووا في الطبقة : فإن بقي منهم واحد قسمت على عشرة فما أصاب الحي أخذه و ما أصاب الموتى كان لأولادهم فإن مات العاشر عن ولد انتقلت القسمة لانقراض البطن الأعلى و رجعت إلى البطن الثاني فينظر إلى أولاد العشرة و أولاد الميت قبل الوقف فيقسم بالسوية بينهم و لا يرد نصيب من مات إلى ولده إلا قبل انقراض البطن الأعلى فيقسم على عدد البطن الأعلى : فما أصاب الميت كان لولده فإذا انقرض البطن الأعلى نقضنا القسمة و جعلناها على عدد البطن الثاني
ولم نعمل باشتراط انتقال نصيب الميت إلى ولده هنا : لكون الواقف قال : على ولده وولد ولده فلزم دخول أولاد من مات قبل الوقف فلزم نقض القسمة فلو لم يكن له ولد إلا العشرة فماتوا واحدا بعد واحد وكلما مات واحد ترك أولادا حتى مات العشرة فمنهم من ترك خمسة أولاد و منهم من ترك ثلاثة أولاد و منهم من ترك ستة أولاد ومنهم من ترك واحدا أليس قلت فمن مات كان نصيبه لولده فلما مات العاشر كيف تقسم الغلة قال : أنقض القسمة الأولى وأرد ذلك إلى عدد البطن الثاني فأنظر جماعتهم فأقسمها على عددهم و يبطل قوله : من مات عن ولد : انتقل نصيبه لولده لأن الأمر يؤول إلى قوله : ولد و لدي و كذلك لو مات جميع ولد ولد الصلب ولم يبق منهم أحد فنظرنا إلى البطن الثالث فوجدناهم ثمانية أنفس و كذلك كل بطن يصير لهم فإنما تقسم على عددهم ويبطل ما كان قبل ذلك انتهى
فأخذ بعض العصريين من الصورة الثامنة و بيان حكمها : أن الخصاف قائل بنقض القسمة في مثل مسألة السبكي ولم يتأمل الفرق بين الصورتين فإن في مسألة السبكي وقف على أولاده ثم أولادهم بكلمة ثم بين الطبقتين و في مسألة الخصاف : و قف على ولده و ولد ولده بالواو لا بثم فصدر مسألة المخصاف اقتضى اشتراك البطن الأعلى مع السفلى وصدر مسألة السبكي اقتضى عدم الاشتراك فالقول بنقض القسمة و عدمه مبني على هذا و الدليل عليه : أن الخصاف بعد ما قرر نقض القسمة كما ذكرناه قال : فإن
قلت : فلم كان هذا القول عندك المعمول به و تركت قوله : كلما حدث على أحد منهم الموت كان نصيبه مردودا إلى ولده و ولد ولده و نسله أبدا ما تناسلوا قلت من قبل : إنا وجدنا بعضهم يدخل في الغلة و يجب حقه فيها بنفسه لا بأبيه فعملنا بذلك و قسمنا الغلة على عددهم انتهى
فقد أفاد أن سبب نقضها دخول ولد الولد مع الولد بصدر الكلام فإذا كان صدره لا يتناول ولد الولد مع الولد بل مخرج له كيف يقال بنقض القسمة فإن قلت : قد صدقت أن الخصاف صدرها بالواو و لكن ذكر بعده ما يفيد معنى ثم و هو تقديم البطن الأعلى فاستويا
قلت : نعم لكن هو إخراج بعد الدخول في الأول بخلاف التعبير بثم من أول الكلام فإن البطن الثاني لم يدخل مع البطن الأول فكيف يصح أن يستدل بكلام الخصاف على مسألة السبكي مع أن السبكي بنى القول بنقض القسمة على أن الواقف إذا ذكر شرطين متعارضين يعمل بأولهما قال : و ليس هذا من باب النسخ حتى يعمل بالمتأخر فإن كان هذا رأي السبكي في الشرطين فلا كلام في عدم التعويل عليه و إن كان مذهب الشافعي رحمه الله فهو مشكل على قولهم : إن شرط الواقف كنص الشارع فإنه يقتضي العمل بالمتأخر وحيث كان مبنى كلام السبكي على ذلك لم يصح القول به على مذهبنا فإن مذهبنا : العمل بالمتأخر منهما
قال الإمام الخصاف : إنه لو كتب في أول المكتوب بعد لموقف : لا يباع و لا يوهب و كتب في آخره : على أن لفلان بيع ذلك و الاستبدال بثمنه كان له الاستبدال قال : من قبيل أن الآخر ناسخ للأول و لو كان على عكسه امتنع بيعه انتهى
فالحاصل : أن الواقف إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده وعلى أولاد أولاد أولاد وعلى ذريته و نسله طبقة بعد طبقة وبطنا بعد بطن تحجب الطبقة العليا السفلى على أن من مات عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده و من مات عن غير ولد انتقل نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته وعلى أن من مات قبل دخوله في هذا الوقف و استحقاقه لشيء من منافعه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك استحق ما كان يستحقه أبوه لو كان حيا
هذه الصورة كثيرة الوقوع بالقاهرة و لكن بعضهم يعجز عنها بثم بين الطبقات وبعضهم بالواو فإن كان بالواو : يقسم الوقف بين الطبقة العليا و بين أولاد المتوفى في حياة الواقف قبل دخوله فلهم ما خص أبائهم لو كان حيا مع أخوته فمن مات من أولاد الواقف و له ولد كان نصيبه لولده ومن مات عن غير ولد كان نصيبه لإخوته فيستمر الحال كذلك إلى انقراض البطن الأعلى و هي مسألة الخصاف التي قال فيها بنقض القسمة حيث ذكر بالواو وقد علمته
وإن ذكر بثم فمن مات عن و لد من أهل البطن الأول انتقل نصيبه إلى ولده ويستمر له ولا ينقض أصلا بعده لو انقرض أهل البطن الأول فإذا مات أحد ولدي الواقف عن ولد و الآخر عن عشرة كان النصف لولد من مات وله ولد و النصف الآخر للعشر ة فإذا مات ابنا الواقف استمر النصف للواحد و النصف للعشرة و إن استووا في الطبقة فقوله : على أن من مات و له و لد مخصوص من ترتيب البطون فلا يراعى الترتيب فيه ثم من كان له شيء ينتقل إلى ولده و هكذا إلى آخر البطون حتى لو قدر أن الواقف مات عن ولدين ثم إن أحدهما مات عن عشرة أولاد والثاني عن ولد واحد والولد خلف ولدا واحدا و هكذا إلى البطن العاشر ومن مات عن عشرة وخلف كل أولادا حتى و صلوا إلى المائة في البطن العاشرة يعطى للواحد نصف الوقف و النصف الآخر بين المائة وإن استووا في الدرجة
ثم اعلم أن المراد من قولهم : تحجب الطبقة العليا الطبقة السفلى : أنه إن لم يشترط انتقال نصيب من مات لولده أن كل أصل يحجب فرعه وفرع غيره فلا حق لأهل البطن الثاني ما دام واحد من البطن الأول موجودا و إن اشترط الانتقال إلى الولد فالمراد أن الأصل يحجب فرع نفسه لا فرع غيره لكن يقع في بعض كتب الأوقاف أنهم يقولون : بطنا بعد بطن ثم يقولون : تحجب الطبقة العليا السفلى و لا شك أنه من باب التأكيد و إن حجب العليا للسفلى مستفاد من قوله : طبقة بعد طبقة و بطنا بعد بطن و نسلا بعد نسل ولا شك أنه إذا جمع بين ثم و بين ما ذكرناه كان ما بعد ثم تأكيدا لأن ترتيب الطبقات مستفاد من ثم كما فادة الطرسوسي في أنفع الوسائل
ثم اعلم أن العلامة عبد البر بن الشحنة نقل في شرح المنظومة عن فتاوى السبكي واقعتين غير ما نقله الأسيوطي و ذكر أن بعضهم نسب السبكي إلى التناقض و حكى عنه أنه كتب خطه تحت جواب ابن القماح بشيء ثم تبين له خطأه فرجع عنه و أطال في تقريره ونظم للواقعة أبياتا فمن رام زيادة الإطلاع فليرجع إليه و لم تزل العلماء في سائر الأمصار مختلفين في فهم شروط الواقفين إلا من رحمه الله و الله الموفق و الميسر لكل عسير (1/163)
تنبيه التاسيس خير من التأكيد وما تفرع عنه
تنبيه
يدخل في هذه القاعدة قولهم : التأسيس خير من التأكيد فإذا دار اللفظ بينهما تعين الحمل على التأسيس ولذا قال أصحابنا : لو قال لزوجته : أنت طالق طالق طالق : طلقت ثلاثا فإن قال : أردت به التأكيد صدق ديانة لا قضاء ذكره الزيلعي في الكنايات و في الخلاصة : إذا حلف على أمر ألا يفعله ثم حلف في ذلك المجلس أو في مجلس آخر ألا يفعله أبدا ثم فعله : إن نوى يمينا مبتدأ أو التشديد أو لم ينو شيئا : فعليه كفارة يمينين وإن نوى بالثاني الأول فعليه كفارة واحدة و في التجريد عن أبي حنيفة : إذا حلف بأيمان : فعليه لكل يمين كفارة والمجلس والمجالس فيه سواء ولو قال : عنيت بالثاني الأول لم يستقم ذلك في اليمين بالله تعالى و لو حلف بحجة أو عمرة يستقيم و في الأصل أيضا : لو قال : هو يهودي و هو نصراني إن فعل كذا فهو يمين واحدة و لو قال : هو يهودي إن فعل كذا هو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان
وفي النوازل : قال رجل لآخر : و الله لا أكلمه يوما و الله لا أكلمه شهرا والله لا أكلمه سنة إن كتمه بعد ساعة فعليه ثلاثة أيمان وإن كلمه بعد الغد فعليه يمينان وأن كلمه بعد شهر فعليه يمين واحد و إن كلمه بعد سنة فلا شيء عليه انتهى ما في الخلاصة (1/176)
القاعدة العاشرة : الخراج بالضمان
القاعدة العاشرة : الخراج بالضمان
هو حديث صحيح رواه أحمد و أبو داود و الترمذي النسائي و ابن ماجه و ابن حبان من حديث عائشة رضي الله عنها و في بعض طرقه ذكر السبب : و هو أن رجلا ابتاع عبدا فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ثم و جد به عيبأ فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه و سلم فرده عليه فقال الرجل : يا رسول الله قد استعمل غلامي فقال : الخراج بالضمان (1/176)
معناها وما دخل وما خرج عنها
قال أبو عبيد : الخراج في هذا الحديث غلة العبد يشتريه الرجل فيستعمله زمانا ثم يعثر منه على عيب دلسه البائع فيرده و يأخذ جميع الثمن و يفوز بغلته كلهاة لأنه كان في ضمانه و لو هلك هلك من ماله انتهى
وفي الفائق : كل ما خرج من شيء فهو خراجه : فخراج الشجر ثمره و خراج الحيوان دره و نسله انتهى
وذكر فخر الإسلام في أصوله : أن هذا الحديث من جوامع الكلم لا يجوز نقله بالمعنى
وقال أصحابنا في باب خيار العيب : إن الزيادة المنفصلة غير المتولد من الأصل لا تمنع الرد بالعيب كالكسب و الغلة و تسلم للمشتري و لا يضر حصولها له مجانا لأنها لم تكن جزءا من المبيع فلم يملكها بالثمن و إنما ملكها بالضمان و بمثله يطيب الربح للحديث وهنا سؤالان لم أرهما لأصحابنا
أحدهما : لو كان الخراج في مقابلة الضمان لكانت الزوائد قبل القبض للبائع ثم العقد أو انفسخ لكونه من ضمانه و لا قائل به و أجيب : بأن الخراج يعلل قبل القبض بالملك و بعده به و بالضمان معا و اقتصر في الحديث على التعليل بالضمان لأنه أظهر عند البائع و أقطع لطلبه و استبعاده أن الخراج للمشتري
للثاني : لو كانت الغلة بالضمان لزم أن تكون الزوائد للغاصب لأن ضمانه أشد من ضمان غيره و بهذا احتج أبي حنيفة في قوله : إن الغاصب لا يضمن منافع الغصب
وأجيب بأنه صلى الله عليه و سلم قضى بذلك في ضمان الملك وجعل الخراج لمن هو مالكه : إذا تلف تلف على ملكه و هو المشتري و الغاصب لا يملك المغصوب و بأن الخراج هو المنافع جعلها لمن عليه الضمان و لا خلاف أن الغاصب لا يملك المغصوب بل إذا أتلفها فالخلاف في ضمانها عليه فلا يتناول موضع الخلاف ذكره الأسيوطي
وقال أبو يوسف و محمد فيما إذا دفع الأصيل الدين إلى الكفيل قبل الأداء عنه فربح الكفيل فيه وكان مما يتعين : أن الربح يطيب له و استدل لهما في فتح القدير بالحديث فقال الإمام : يرده على الأصيل في رواية و يتصدق به في رواية : وقالوا في البيع الفاسد إذا فسخ فإنه يطيب للبائع ما ربح لا للمشتري
والحاصل : أن الخبث إن كان الملك فإن الربح لا يطيب كما إذا ربح في المغصوب و الأمانة ولا فرق بين المتعين و غيره و إن كان لفساد الملك طاب فيما لا يتعين لا فيما يتعين ذكره الزيلعي في باب البيع الفاسد
قال الأسيوطي : خرجت عن هذا الأصل مسألة و هي ما لو أعتقت المرأة عبدا : فإن ولاءه يكون لابنها ولو جنى جناية خطا فالعقل على عصبتها دونه و قد يجيء مثله في بعض العصبات يعقل و لا يرث انتهى
وأما منقول مشايخنا فيها فلم أره (1/177)
القاعدة الحادية عشرة : السؤال معاد في الجواب
القاعدة الحادية عشرة : السؤال معاد في الجواب قال البزازي في فتاواه من أواخر الوكالة : وعن الثاني لو قال : امرأة زيد طالق وعبده حر و عليه المشي إلى بيت الله تعالى الحرام إن دخل هذه الدارة فقال زيد : نعم كان زيد حالفا بكله لأن الجواب يتضمن إعادة ما في السؤال و لو قال : أجزت ذلك ا و لم يقل : نعم فهو لم يحلف على شيء و لو قال : أجزت ذلك على إن دخلت الدار و ألزمته نفسي إن دخلت لزم
و إن دخل قبل الإجازة لايقع شيء إلى آخره
و فيها من كتاب الطلاق : قالت له : أنا طالق لا فقال : نعم تطلق ولو قالت : طلقني فقال : نعم لا وإن نوى قيل له : ألست طلقت امرأتك ؟ قال : بلى طلقت لأنه جواب الاستفهام بالإثبات و لو قال : نعم لا لأنه جواب الاستفهام بالنفي كأنه قال : نعم ما طلقت انتهى
و من كتاب الإيمان : قال : فعلت كذا أمس ؟ فقال : نعم فقال السائل : والله فقد فعلتها فقال : نعم فهو حالف انتهى
و في إقرار القنية : قال لآخر : لي عليك كذا فادفعها إلي فقال استهزاء : نعم أحسنت فهو إقرار عليه و يؤاخذ به انتهى
و قد ذكرنا الفرق بين نعم و بلى و ما فرع على ذلك في شرح المنار من فصل الأدلة الفاسدة في شرح قوله : والعام إذا خرج مخرج الجزاء إلى آخره فمن رام الاطلاع فليرجع إليه
و في يتيمة الدهر في فتاوى أهل العصر : قالت لزوجها : احلف علي فقل : أنت طالق ثلاثا إن أخذت هذا الشيء فقال الزوج : لا أنت طالق ثلاثا و لم يزد هل يتضمن الجواب إعادة ما في السؤال فيكون تعليقا أو يكون تنجيزا فقال : بل يكون تنجيزا اهـ (1/178)
القاعدة الثانية عشرة : لا ينسب إلى ساكت قول
القاعدة الثانية عشرة : لا ينسب إلى ساكت قول
فلو رأى أجنبيا يبيع ماله فسكت ولم ينهه لم يكن وكيلا بسكوته و لو رأى القاضي الصبي أو المعتوه أو عبدهما يبيع و يشتري فسكت لا يكون إذنا في التجارة ولو رأى المرتهن الراهن يبيع الرهن فسكت لا يبطل الرهن و لا يكون رضا في رواية ولو رأى غيره يتلف ماله فسكت لا يكون إذنا بإتلافه و لو رأى عبده يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لم يكن إذنا كذا ذكره الزيلعي في المأذون و لو سكت عن و طء أمته لم يسقط المهر وكذا عن قطع عضوه أخذا من سكوته عند إتلاف ماله
و لو رأى المالك رجلا يبيع متاعه و هو حاضر ساكت لا يكون رضا عندنا خلافا لابن أبي ليلى و لو رأى قنه يتزوج فسكت ولم ينهه لا يصير إذنا له في النكاح و لو تزوجت غير كفء فسكوت الولي عن مطالبة التفريق ليس برضا و ان طال ذلك وكذا سكوت امرأة لعنين ليس برضا و لو أقامت معه سنين و هي في جامع الفصول و في عارية الخانية : الإعارة لا تثبت بالسكوت
وخرجت عن هذه القاعدة مسائل كثيرة يكون السكوت فيها كالنطق :
الأولى : سكوت البكر عند استئمار وليها قبل التزويج و بعده
الثانية : سكوتها عند قبض مهرها
الثالثة : سكوتها إذا بلغت بكرا
الرابعة : حلفت ألا تتزوج فزوجها أبوها فسكتت حنثت
الخامسة : سكوت المتصدق عليه : قبول لا الموهوب له
السادسة : سكوت المالك عند قبض الموهوب له أو المتصدق عليه : إذن
السابعة : سكوت الوكيل : قبول و برتد برده
الثامنة : سكوت المقر له : قبول و يرتد برده
التاسعة : سكوت المفوض إليه : قبول التفويض وله رده
العاشرة : سكوت الموقوف عليه : قبول و يرتد برده و قيل لا
الحادية عشرة : سكوت أحد المتبايعين في بيع التلجئة حين قال صاحبه : قد بدا لي أن أجعله بيعا صحيحا
الثانية عشرة : سكوت المالك القديم حين قسمة ماله بين الغانمين : رضا
الثالثة عشرة : سوت المشتري بالخيار حين رأى العبد يبيع و يشتري : مسقط لخياره
الرابعة عشرة : سكوت البائع الذي له حق حبس المبيع حين رأى المشتري قبض المبيع : إذن بقبضه صحيحا كان البيع أم فاسدا
الخامسة عشرة : سكوت الشفيع حين علم بالبيع مسقط للشفعة
السادسة عشرة : سكوت المولى حين رأى عبده يبيع و يشتري : إذن في التجارة
السابعة عشرة : لو حلف المولى لا يأذن له فسكت حنث في ظاهر الرواية
الثامنة عشره : سكوت القن و انقياده عند بيعه أو رهنه أو دفعه بجناية : إقرار برقه إن كان يعقل بخلاف سكوته عند إجارته أو عرضه للبيع أو تزويجه
التاسعة عشرة : لو حلف لا ينزل فلانا في داره و هو نازل في داره فسكت حنث لا لو قال له : أخرج منها فأبى أن يخرج فسكت
العشرون : سكوت الزوج عند ولادة المرأة و تهنئته : إقرار به فلا يملك نفيه
الحادية و العشرون : سكوت المولى عند ولادة أم لولده : إقرار به
الثانية و العشرون : السكوت قبل البيع عند الإخبار بالعيب : رضا بالعيب إن كان المخبر عدلا لا لو كان فاسقا عنده و عندهما : هو رضا و لو كان فاسقا
الثالثة و العشرون : سكوت البكر عند إخبارها بتزويج الولي على هذا الخلاف
الرابعة والعشرون : سكوته عند بيع زوجته أو قريبه عقارا : إقرار بأنه ليس له على ما أفتى به مشايخ سمرقند خلافا لمشايخ بخارى فينظر المفتى فيه
الخامسة و العشرون : رآه يبيع أرضا أو دارا فتصرف فيه المشتري زمانا و هو ساكت : تسقط دعواه
السادسة و العشرون : أحد شريكي العنان قال للآخر : إني أشتري هذه الأمة لنفسي خاصة فسكت الشريك لا تكون لهما
السابعة و العشرون : سكوت الموكل حين قال له الوكيل بشراء معين : إني أريد شراء لنفسي فشراه كان له
الثامنة و العشرون : سكوت و لي الصبي العاقل إذا رآه يبيع و يشتري إذن
التاسعة و العشرون : سكوته عند رؤية غيره يشق زقه حتى سال ما فيه : رضا
الثلاثون : سكوت الحالف لا يستخدم مملوكه إذا خدمه بلا أمره و لم ينهه : حنث
هذه الثلاثون في جامع الفصول و غيره وزدت ثلاثا : اثنتين من القنية : الأولى : دفعت في تجهيزها لبنتها أشياء من أمتعة الأب و هو ساكت فليس له ا لاسترداد
الثانية : أنفقت الأم في جهازها ما هو معتاد فسكت الأب لم تضمن الأم
الثالثة : باع جارية و عليها حلي و قرطان و لم يشترط ذلك للمشتري لكن تسلم المشتري الجارية و ذهب بها و البائع ساكت كان سكوته بمنزلة التسليم فكان الحلي لها كذا في الظهيرية
- ثم زدت أخرى : القراءة على الشيخ و هو ساكت تنزل منزلة نطقه في الأصح
- وأخرى على خلاف فيها : سكوت المدعى عليه و لا عذر به : إنكار و قيل : لا وبحبس و هي في قضاء الخلاصة فهي خمس و ثلاثون
- ثم رأيت أخرى كتبتها في الشرح من الشهادات : سكوت المزكي عند سؤاله عن الشاهد : تعديل
السابعة و الثلاثون : سكوت الراهن عند قبض المرتهن العين المرهونة : إذن كما في القنية انتهى (1/179)
القاعدة الثالثة عشرة : الفرض أفضل من النفل
القاعدة الثالثة عشرة : الفرض أفضل من النفل
إلا في مسائل :
الأولى : إبراء المعسر : مندوب أفضل من إنظاره الواجب
الثانية : الابتداء بالسلام : سنة أفضل من رده الواجب
الثالثة : الوضوء قبل الوقت : مندوب أفضل من الوضوء بعد الوقت و هو الفرض (1/182)
القاعدة الرابعة عشرة : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه
القاعدة الرابعة عشرة : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه
كالربا و مهر البغي و حلوان الكاهن و الرشوة و أجرة النائحة و الزامر إلا في مسائل :
الرشوة لخوف على نفسه أو ماله أو ليسوي أمره عند السلطان أو أمير إلا للقاضي فإنه يحرم الأخذ و الإعطاء كما بيناه في شرح الكنز من القضاء وفك الأسير و إعطاء شيء لمن يخاف هجوه
ولو خاف الوصي أن يستولي غاصب على المال فله أداء شيء ليخلصه كما في الخلاصة
وهل يحل دفع الصدقة لمن سأل ومعه قوت يومه تردد الأكمل في اشرح المشارق فيه فمقتضى أصل القاعدة : الحرمة إلا أن يقال إن الصدقة هنا هبة كالتصدق على الغني (1/182)
تنبيه : ما حرم فعله حرم طلبه وما يستثنى من ذلك
تنبيه
وبقرب من هذا قاعدة : ما حرم فعله حرم طلبه : إلا في مسالتين :
الأولى : ادعى دعوى صادقة فأنكر الغريم فله تحليفه
الثانية : الجزية يجوز طلبها من الذمي مع أنه يحرم عليه إعطاؤها لأنه متمكن من إزالة الكفر بالإسلام فإعطاؤه إياها إنما هو لاستمراره على الكفر و هو حرام
و الأولى منقولة عندنا ولم أر الثانية (1/183)
القاعدة الخامسة عشرة : من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه
القاعدة الخامسة عشرة : من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه
ومن فروعها : حرمان القاتل موروثه عن الإرث
ومنها : ما ذكره الطحاوي في مشكل الآثار أن المكاتب إذا كان له قدرة على الأداء فأخره ليدوم له النظر إلى سيدته لم يجز له ذلك لأنه منع واجبا عليه ليبقى ما يحرم عليه إذا أداه نقله عن السبكي في شرح المنهاج و قال : إنه تخريج حسن لا يبعد من جهة الفقه اهـ
ولم يظهر لي كونها من فروعها و إنما هي من فروع ضدها و هو أنه من أخر الشيء بعد أوانه فليعامل في الحكم فإنه لم يذكر إلا عدم الجواز فلم يعاقب بحرمان شيء
ومن فروعها : لو طلقها ثلاثا بلا رضاها قاصدا حرمانها من الإرث في مرض موته ؟ فإنها ترثه
وخرجت عنها مسائل :
الأولى : لو قتلت أم الولد سيدها عتقت و لا تحرم
الثانية : لو قتل المدبر سيده عتق ولكن يسعى في جميع قيمته لأنه لا وصية لقاتل
الثالثة : لو قتل صاحب الدين المديون حل دينه
الرابعة : أمسك زوجته مسيئا عشرتها لأجل إرثها و رثها
الخامسة : أمسكها كذلك لأجل الخلع نفذ
السادسة : شربت دواء فحاضت لم تقض الصلوات
السابعة : باع مال الزكاة قبل الحول فرارا عنها صح ولم تجب
الثامنة : شرب شيئا ليمرض قبل الفجر فأصبح مريضا جاز له الفطر (1/183)
لطيفة في العربية
لطيفة :
قال السيوطي رحمه الله : رأيت لهذه القاعدة نظيرا في العربية : و هو أن اسم الفاعل يجوز أن ينعت بعد استيفاء معموله فإن نعت قبله ة امتنع عمله من أصله هـ (1/184)
القاعدة السادسة عشرة : الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة
القاعدة السادسة عشرة : الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة
ولهذا قالوا إن القاضي لا يزوج اليتيم و اليتيمة إلا عند عدم و لي لهما في النكاح ولو ذا رحم محرم أو أما أو معتقا و للولي الخاص استيفاء القصاص و الصلح والعفو مجانا والإمام لا يملك العفو و لا يعارضه ما قاله في الكنز : و لأب المعتوه القود و الصلح لا العفو بقتل وليه لأنه فيما إذا قتل ولي المعتوه كابنه قال في الكنز : و القاضي كالأب والوصي يصالح فقط أي : فلا يقتل و لا يعفو (1/184)
ضابط : مراتب الولايات
مراتب الولايات
الولي قد يكون وليا في المال والنكاح وهو الأب والجد وقد يكون وليا في النكاح فقط و هو سائر العصبات والأم و ذوو الأرحام وقد يكون في المال فقط وهو الوصي الأجنبي و ظاهر كلام المشايخ أنها مراتب :
الأولى : ولاية الأب والجد : و هي وصف ذاتي لهما ونقل ابن السبكي الإجماع على أنهما لو عزلا أنفسهما لم ينعزلا
الثانية : السفلى : وهي ولاية الوكيل وهي غير لازمة للموكل عزلة إن علم و للوكيل عزل نفسه بعلم موكله
الثالثة : الوصية : و هي بينهما فلم يجز له أن يعزل نفسه
الرابعة : ناظر الوقف : و اختلف الشيخان : فجوز الثاني للواقف عزلا بلا اشتراط ومنعه الثالث و اختلف التصحيح و المعتمد في الأوقاف و القضاء قول الثاني و أما إذا عزل نفسه فإن أخرجه القاضي خرج كما في القنية و في القنية : لا يملك القاضي التصرف في مال اليتيم مع وجود وصيه و لو كان منصوبه
وفي فتاوى رشيد الدين : أن القاضي لا يملك عزل القيم على الوقف إلا عند ظهور الخيانة منه و على هذا لا يملك القاضي التصرف في الوقف مع وجود ناظر و لو من قبله اهـ (1/184)
القاعدة السابعة عشرة : لا عبرة بالظن البين خطأه
القاعدة السابعة عشرة : لا عبرة بالظن البين خطأه
صرح به أصحابنا في مواضع : منها : في باب قضاء الفوائت قالوا : لو ظن أن وقت الفجر ضاق فصلى الفجر ثم تبين أنه كان في الوقت سعة بطل الفجر فإذا بطل ينظر : فإن كان في الوقت سعة يصلي العشاء ثم يعيد الفجر فإن لم يكن فيه سعة يعيد الفجر فقط و تمامه في شرح الزيلعي (1/185)
أمثلة لهذه القواعد و ما خرج عنها
ومنها : لو ظن الماء نجسا فتوضأ به ثم تبين أنه طاهر جاز وضوؤه كذا في الخلاصة
ومنها : لو ظن المدفوع إليه غير مصرف للزكاة فدفع له ثم تبتن أنه مصرف أجزأه اتفاقا
وخرجت عن هذه القاعدة مسائل :
الأولى : لو ظنه مصرفا للزكاة فدفع له ثم تبين أنه غني أو ابنه أجزأه عندهما خلافا لأبي يوسف و لو تبين أنه عبده أو مكاتبه أو حربي لم يجزه اتفاقا
الثانية : لو صلى في ثوب و عنده أنه نجس فظهر أنه طاهر أعاد
الثالثة : لو صلى و عنده أنه محدث ثم ظهر أنه متوضىء
الرابعة : صلى الفرض و عنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل لم يجزه فيهماة و هي في فتح القدير من الصلاة والثالثة تقتضي أن تحمل مسألة الخلاصة سابقا على ما إذا لم يصل أما إذا صلى ة فإنه يعيد
ففي هذه المسائل الاعتبار لما ظنه المكتف لا لما في نفس الأمر و على عكسه الاعتبار لما في نفس الأمر فلوصلى و عنده أن الثوب طاهر أو أن الوقت قد دخل أو أنه متوضىء فبان خلافه أعاد و ينبغي أنه لو تزوج امرأة و عنده أنها غير محل فتبين أنها محل أو عكسه أن يكون الاعتبار لما في نفس الأمر
وقالوا في الحدود : لو وطىء امرأة وجدها على فراشه ظانا أنها امرأته فإنه يحد و لو كان أعمى إلا إذا ناداها فأجابته
ولو أقر بطلاق زوجته ظانا الوقوع بإفتاء المفتي فتبين عدمه لم يقع كما في القنية
ولو أكل ظنه ليلا فجان أنه بعد الطلوع قضى بلا تكفير
ولو ظن الغروب فأكل ثم تبين بقاء النهار قضى
وقالوا : لو رأوا سوادا فظنوه عدوا فصلوا صلاة الخوف فبان خلافه لم تصح لأن الشرط حضور العدو
و قالوا : لو استناب المريض في حج الفرض ظانا أنه لا يعيش ثم صح ة أداه بنفسه و لو ظن أن عليه دينا فبان خلافه رجع بما أدى و لو خاطب امرأته بالطلاق ظانا أنها أجنبية فبان أنها زوجته طلقت وكذا العتاق (1/185)
القاعدة الثامنة عشرة : ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله أمثلة لهذه القواعد و بيان ما خرج عنها
القاعدة الثامنة عشرة : ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله
فإذا طلق نصف تطليقة وقعت واحدة أو طلق نصف المرأة طلقت
ومنها : العفو عن القصاص إذا عفا عن بعض القاتل كان عفوا عن كله و كذا إذا عفا بعض الأولياء سقط كله و انقلب نصيب الباقين مالا
ومنها : النسك إذا قال : أحرمت بنصف نسك كان محرما و لم أره الآن صريحا
وخرج عن القاعدة : العتق عند أبي حنيفة فإنه إذا أعتق بعض عبده لم يعتق كله ولكن لم يدخل لأنه مما يتجزأ عنده والكلام فيما لا يتجزأ
ضابط : إذا اجتمع المباشر والمتسيب :
لا يزيد البعض على الكل إلا في مسألة واحدة وهي : إذا قال : أنت علي كظهر أمي فإنه صريح و لو قال : كأمي كان كناية (1/186)
القاعدة التاسعة عشرة : إذا اجتمع المباشر و المتسبب
القاعدة التاسعة عشرة : إذا اجتمع المباشر و المتسبب أضيف الحكم إلى المباشر
فلا ضمان على حافر البئر تعديا بما أتلف بإلقاء غيره و لا يضمن من دل سارقا على مال إنسان فسرقه ولا سهم لمن دل على حصن في دار الحرب و لا ضمان على من قال : تزوجها فإنها حرة فظهر بعد الولادة أنها أمة و لا ضمان على من دفع إلى صبي سكينا أو سلاحا ليمسكه فقتل به نفسه (1/187)
أمثلة لهذه القاعدة وبيان ما خرج عنها
وخرجت عنها مسائل :
منها : لو دل المودع السارق على الوديعة فإنه يضمن لترك الحفظ
الثانية : لو قال ولي المرأة : تزوجها فإنها حرة
الثالثة : قال وكيلها ذلك فولدت ثم ظهر أنها أمة الغير رجع المغرور بقيمة الولد
الرابعة : دل محرم حلالا على صيد فقتله وجب الجزاء على الدال بشرطه في محله لإزالة الأمن بخلاف الدلالة على صيد الحرم فإنها لا توجب شيئا لبقاء أمنه بالمكان بعدها
الخامسة : الإفتاء بتضمين الساعي و هو قول المتأخرين لغلبة السعاية
السادسة : لو دفع إلى صبي سكينا ليمسكه له فوقعت عليه فجرحته كان على الدافع
فائدة :
في حفر البئر قال الولي : سقط و قال الحافر : أسقط نفسه فالقول للحافر كذا في التوضيح
تكميل :
يضاف الحكم إلى حفر البئر و شق الزق و قطع حبل القنديل و فتح باب القفص على قول محمد و عندهما : لا ضمان كحل قيد العبد و تمامه في شرحنا على المنار والله سبحانه و تعالى أعلم
وهذا آخر ما كتبناه و حررناه من النوع الأول من الأشباه و النظائر من القواعد الكلية و هو الفن المهم منها وإلى هنا صارت خمسا و عشرين قاعدة كلية ويتلوه الفن الثاني : فن الفوائد إن شاء الله تعالى والحمد لله وحده (1/187)
الفن الثاني : الفوائد
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى
وبعد : فقد كنت ألفت النوع الثاني من الأشباه والنظائر وهو : الفوائد على سبيل التعداد حتى وصلت خمسمائة فائدة ولم أجعل لها أبوابا ثم رأيت أن أرتبها أبوابا على طريق كتب الفقه المشهورة ة كـ الهداية و الكنز ليسهل الرجوع إليها وضممت إليها بعض ضوابط لم تكن في الأول تكثيرا للفوائد وفي الحقيقة هي : الضوابط و الاستثناءات والفرق بين الضابط و القاعدة : أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى و الضابط يجمعها من باب واحد هذا هو الأصل (1/189)
كتاب الطهارة
شرائطها نوعان :
- شروط وجوب وهي تسعة : الإسلام والعقل و البلوغ و وجود الحدث و وجود الماء المطلق المطهر الكافي و القدرة على استعماله وعدم الحيض وعدم النفاس وتنجز خطاب المكلف بضيق الوقت
- وشروط صحة وهي أربعة : مباشرة الماء المطلق الظهور لجميع الأعضاء وانقطاع الحيض وانقطاع النفاس وعدم التلبس في حالة التطهير بما ينقضه في حق غير المعذور بذلك
- والمطهرات للنجاسة خمسة عشر : المائع الطاهر القالع ودلك النعل بالأرض وجفاف الأرض بالشمس ومسح الصقيل ونحت الخشب وفرك المني من الثوب ومسح المحاجم بالخرق المبتلة بالماء والنار وانقلاب العين و الدباغة و التقور في الفأرة إذا ماتت في السمن الجامد و الذكاة إذا كانت من الأهل في المحل ونزح البئر ودخول الماء من جانب وخروجه من جانب آخر وحفر الأرض بقلب الأعلى أسفل
وذكر بعضهم أن قسمة المثلي من المطهرات فلو تنجس بر فقسم : طهر وفي التحقيق لا يطهر و إنما جاز لكل الانتفاع للشك فيها حتى لو جمع عادت
- الثوب يطهر بالفرك من المني إلا في مسألتين قيل أن يكون الثوب جديدا أو أمنى عقب بول لم يزله بالماء وقد ذكرناه في شرح الكنز
- والأبوال كلها نجسة إلا بول الخفاش فإنه طاهر واختلف التصحيح في بول الهرة والفأرة ومرارة كل شيء كبوله وجرة البعير كسرقينه
- الدماء كلها نجسة إلا : دم الشهيد والدم الباقي في اللحم المهزول إذا قطع والباقي في العروق والباقي في الكبد والطحال ودم قلب الشاة وما لم يسل من بدن الإنسان على المختار ودم البق ودم البراغيث ودم القمل ودم السمك فالمستثنى عشرة
- الخرء نجس إلا خرء طير مأكول وغير مأكول على أحد القولين و خرء الفأرة على إحدى الروايتين
- الجزء المنفصل من الحي كميتته كالأذن المقطوعة والسن الساقطة إلا في حق صاحبه فطاهر
- وإن كثر ما لا ينعصر إذا تنجس فلا بد من التجفيف إلا في البدن فتوالي الغسلات تقوم مقامه
- تشترط في الاستنجاء إزالة الرائحة عن موضع الاستنجاء و الأصبع التي استنجى بها إلا إذا عجز والناس عنه غافلون
- توضأ من ماء نجس وهناك من يعلمه : يفترض عليه الإعلام
- رأى في ثوب غيره نجاسة مانعة : إن غلب على ظنه أنه لو أخبره أزالها : وجب و إلا فلا
- المرقة إذا أنتنت لا تتنجس والطعام إذا تغير واشتد تغيره ة تنجس وحرم واللبن والزيت والسمن إذا أنتن لا يحرم أكله
- الدجاجة إذا ذبحت ونتف ريشها و أغليت في الماء قبل شق بطنها صار الماء نجسا وصارت نجسة بحيث لا طريق لأكلها إلا أن تحمل الهرة إليها فتأكلها (1/189)
كتاب الصلاة
- إذا شرع في صلاة وقطعها قبل إكمالها : فإنه يقضيها إلا الفرض والسنن فلا قضاء فيهما وإنما يؤديهما وكذا إذا شرع ظانا أن عليه فرضا ولم يكن عليه
- اقتداء الإنسان بأدنى حالا منه فاسد مطلقا وبالأعلى صحيح مطلقا وبالمماثل صحيح إلا ثلاثة : المستحاضة و الضالة و الخنثى
- القراءة في الفرض الرباعي فرض في ركعتين إلا فيما إذا أحدث الإمام بعد الأوليين ولم يكن قرأ فيهما فاستخلف مسبوقا بهما فإنها فرض عليه في الأربع
- المسبوق منفرد فيما يقضي إلا في أربع لا يقتدي و لا يقتدى به ولو كبر ناويا الاستئناف صح ويتابع إمامه في سجود السهو فإن لم يعد إليه سجد آخرها ويأتي بتكبيرات التشريق إجماعا
- المسبوق لا يكون إماما إلا إذا استخلفه الإمام المحدث كما ذكره ملا خسرو والمسبوق يقضي أول صلاته في حق القراءة و آخرها في حق التشهد وتمامه في البزازية
- لا اعتبار بنية الكافر إلا إذا قصد السفر ثلاثا ثم أسلم في أثناء المدة فإنه يقصر بناء على قصده السابق بخلاف الصبي إذا بلغ كما في الخلاصة
- إذا كرر آية السجدة في مكان متحد كفته واحدة إلا في مسألة : إذا قرأها خارج الصلاة وسجد لها ثم أعادها في مكانه في الصلاة ة فإنه تلزمه أخرى
- لا يكبر جهرا إلا في مسائل : في عيد الأضحى وفي يوم عرفة للتشريق وبإزاء عدو وبإزاء قطاع الطريق وعند وقوع حريق وعند المخاوف كذا في غاية البيان
- النية بالقلب ولا يقوم اللسان مقامه إلا عند التعذر كما في الشرح
- الدعوة المستجابة يوم الجمعة : في وقت العصر عندنا على قول عامة مشايخنا كذا في اليتيمة
- إذا صحت صلاة الإمام صحت صلاة المأموم إلا إذا أحدث الإمام عامدا بعد القعود الأخير وخلفه مسبوق ة فإن صلاة الإمام صحيحة دون صلاة هنا المأموم - إذا فسدت صلاة المأموم لا تفسد صلاة الإمام إلا في مسألة : اقتدى قارىء بأمي فصلاتهما فاسدة والمسألتان في الإيضاح
- إذا أدرك الإمام راكعا فشروعه لتحصيل الركعة في الصف الأخير أفضل من وصل الصف الأول مع فواتها
- شرع متنفلا بثلاث وسلم لزمه قضاء ركعتين
- شرع في الفجر ناسيا سنته مضى ولا يقضيها
- الاشتغال بالسنة عقب الفرض أفضل من الدعاء
- قراءة الفاتحة أفضل من الدعاء المأثور
- كل ذكر فات محله لم يأت به فلا يكمل التسبيحات بعد رفع رأسه ولا يأتي بالتسميع بعد رفع رأسه من الركوع
- صلى مكشوف الرأس لم يكره
- الرباعية المسنونة كالفرض فلا يصلي في القعدة الأولى ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة إلا في حق القراءة فإنها واجبة في جميع ركعاتها يقرأ في كل ركعة الفاتحة والسورة
- الأولى ألا يصلى على منديل الوضوء الني يمسح به
- كل صلاة أديت مع ترك واجب أو فعل مكروه تحريما فإنها تعاد وجوبا في الوقت فإن خرج لا تعاد
- إذا رفع رأسه قبل إمامه فإنه يعود إلى السجود
- من جمع بأهله لا ينال ثواب الجماعة إلا إذا كان لعذر
- دخل المسجد في الفجر فوجد الإمام يصليه : فإنه يأتي بالسنة بعيدا عن الصفوف إلا إذا خاف سلام الإمام
- مسجد المحلة أفضل من الجامع إلا إذا كان إمامه عالما ومسجد المحلة في حق السوقي نهارا : ما كان عند حانوته وليلا : ما كان عند منزله
- يكره ألا يرتب بين السور إلا في النافلة
- تقليل القراءة في سنة الفجر أفضل من تطويلها
- نذره النافلة أفضل - وقيل لا
- التكلم بين السنة والفرض : لا يسقطها ولكن ينقص الثواب
- يكره أن يخصص لصلاته مكانا في المسجد و إن فعله فسبقه غيره لا يزعجه
- يكون شارعا بالتكبير إلا إذا أراد به التعجب دون التعظيم
- إذا تفكر المصلي في غير صلاته كتجارته وحرسه لم تبطل وإن شغله همومه عن خشوعه لم ينقص أجره إن لم يكن عن تقصير ولا تستحب إعادتها لترك الخشوع
- لا ينبغي للمؤذن والإمام انتظار أحد إلا أن يكون شريرا
- يصح اقتداء الرجل بالمصلي وان لم ينو إمامته ولا يصح اقتداء المرأة إلا إذا نوى إمامتها إلا في الجمعة والعيدين وتصح نية إمامتهن في غيبتهن
- خرج الخطيب بعد شروعه متنفلا : قطع على رأس الركعتين إلا إذا كان في سنة الجمعة فإنه يتمها على الصحيح
- لم يجد إلا ثوب حرير يصلي فيه بلا خيار بخلاف الثوب النجس حيث يتخير فإن لم يجد إلا هما صلى في الحرير
فناء المسجد كالمسجد فيصح الاقتداء وإن لم تتصل الصفوف
- المانع من الاقتداء : طريق تمر فيه العجلة أو نهر تجري فيه السفن أو خلاء في الصحراء يسع صفين والخلاء في المسجد لا يمنع وإن وسع صفوفا لأن له حكم بقعة واحدة واختلفوا في الحائل بينهما والأصح : الصحة إذا كان لا يشتبه عليه حال إمامه
- المسافر إذا لم يقعد على رأس الركعتين : فإنها تبطل إذا نوى الإقامة قبل أن يقيد الثالثة بسجدة
- الأسير إذا خلص : يقضي صلاة المقيمين إلا إذا رحل العدو به إلى مكان أراد الإقامة فيه خمسة عشر يوما فيقضيها صلاة المسافرين
- ولمن به شقيقة برأسه الإيماء
- لو كان المريض بحال لو خرج إلى الجماعة لا يقدر على القيام ولو صلى في بيته قسر عليه ة الأصح أنه يخرج ولصلي قاعدا لأن الفرض مقدر بحاله على الاقتداء وعلى اعتباره سقط القيام واختلفوا في مريض إن قام لا يقدر على مراعاة سنة القراءة وإن قعد قسر الأصح أنه يقعد ويراعيها
- قسر المريض على بعض القيام ة قام بقسره
- إذا كرر آية سجدة واحدة في مجلس واحدة فالأفضل الإكتفاء بسجدة واحدة وإذا كرر اسم النبي صلى الله عليه و سلم فالأفضل تكرار الصلاة عليه وإن كفاه واحدة فيهما
- ولا يرفع يديه في سجود التلاوة ولا فدية لسجود التلاوة ولا تجب نية التعيين لها والسنة القيام لها
- إذا قرأ الإمام آية سجدة فالأفضل الركوع لها إن كان في صلاة المخافتة وإلا سجد لها
- يكره ترك السورة في الأخريين من التطوع عمدا وإن سها فعليه السهو ولو ضمها في أخريي الفرض ساهيا لا يسجد وعليه الفتوى
- إذا رفع رأسه قبل إمامه فإنه يعود إلى السجود
- من جمع بأهله : لا ينال ثواب الجماعة إلا إذا كان لعذر
- لا يجوز الاقتداء بالشافعي في الوتر وإن كان لا يقطعه
- القرآن يخرج عن القرآنية بقصد الثناء فلو قرأ الجنب الفاتحة بقصد الثناء لم يحرم
ولو قصد بها الثناء في الجنازة لم يكره إلا إذا قرأ المصلي قاصدا الثناء فإنها تجزيه
- لا رياء في الفرائض في حق سقوطها
- إذا أراد فعل طاعة وخاف الرياء : لا يتركها
- قراءة الفاتحة لأجل المهمات عقب المكتوبة بدعة
- القراءة في الحمام جهرا مكروهة وسرا لا وهو المختار
- ولا يكره للمحدث مس كتب الفقه والحديث على الأصح
- وضع المقلمة على الكتاب : مكروه إلا لأجل الكتابة
- وضع المصحف تحت رأسه : مكروه إلا للحفظ
- لا ينبغي تأقيت الدعاء إلا في الصلاة
- يكره الاقتداء في صلاة الرغائب وصلاة البراءة وليلة القدر إلا إذا قال : نذرت كذا ركعة بهذا الإمام بالجماعة كذا في البزازية - تعذر السهو لا يوجب تعدد السجود إلا في المسبوق
- يكره الأذان قاعدا إلا لنفسه
- الإسفار بالفجر أفضل إلا بمزدلفة للحاج
- تأخير المغرب مكروه إلا في السفر أو على مائدة والله سبحانه وتعالى أعلم (1/191)
كتاب الزكاة
- الفقيه لا يكون غنيا بكتبه المحتاج إليها إلا في دين العبادة فتباع لقضاء الدين كذا في منظومة ابن وهبان
- الاعتبار لوزن مكة سبعة
- من له دين على مفلس مقر فقير على المختار
- المريض مرض الموت : إذا دفع زكاة إلى أخته ثم مات و هي وارثته أجزأته ووقعت موقعها فإن كان له وارث آخر ردت لأنه لا وصية لوارث
- تصدق بطعام الغير عن صدقة فطره : توقف على إجازته فإن أجاز بشرائطها وضمنه جازت
- المأمور بدفع الزكاة إذا تصدق بدراهم نفسه أجزأه إن كان على نية الرجوع وكانت دراهم المأمور قائمة
- نوى الزكاة إلا أنه سماه قرضا : اختلفوا والصحيح الجواز
- عبد الخدمة إذا أذن له في التجارة ة لا يكون للتجارة فتجب صدقة فطره
- عين الناذر مسكينا فله إعطاء غيره إلا إذا لم يعين المنذورة كما لو قال الله علي أن أطعم هذا المسكين شيئا ة فإنه يتعين ولو عين مسكينين له الاقتصار على واحد
- يحبس الممتنع عن أداء الزكاة واختلفوا في أخذها منه جبرا والمعتمد : لا
- حول الزكاة قمري لا شمسي
- كل الصدقات حرام على بني هاشم زكاة أو عمالة فيها أو عشرا أو كفارة أو منذورة إلا : التطوع والوقف
- شك أنه أدى الزكاة أم لا ة فإنه يؤديها لأن وقتها العمر
- أودع مالا ونسيه ثم تذكره ة لم تجب الزكاة إلا إذا كان المودع من المعارف
- دين العباد مانع من وجوبها إلا المهر المؤجل إذا كان الزوج لا يريد أداءه
- يكره إعطاء نصاب لفقير منها إلا إذا كان مديونا أو صاحب عيال لو فرقه عليهم لم يخص كلا منهم نصاب
- يكره نقلها إلا إلى قرابة أو أحوج أو من دار الحرب إلى دار الإسلام أو إلى طالب علم أو إلى الزهاد أو كانت زكاة معجلة
- المختار أنه لا يجوز دفع الزكاة لأهل البدع
- دفعها لأخته المتزوجة إن كان زوجها معسرا جاز وان كان موسرا وكان مهرها أقل من النصاب فكذلك و إن كان المعجل قدره لم يجز وبه يفتى وكذا في لزوم ا لأضحية
- الولد من الزنا لا يثبت نسبه من الزاني في شيء إلا في الشهادة لا تقبل للزاني وفي الزكاة : لا يجوز دفع زكاة الزاني إلى الولد من الزنا إلا إذا كان من امرأة لها زوج معروف كما في جامع الفصولين
الزكاة واجبة بقدرة ميسرة فتسقط بهلاك المال بعد الحول وصدقة الفطر واجبة بقدرة ممكنة فلو افتقر بعد يوم العيد لم تسقط
- أنفق على أقاربه بنية الزكاة جاز إلا إذا حكم عليه بنفقتهم وتحل الصدقة لمن له غلة عقار لا تكفيه وعياله سنة ومن معه ألف وعليه مثلها كره له الأخذ وأجزأ الدافع ولو له قوت سنة يساوي نصابا أو كسوة شتوية لا يحتاج إليها في الصيف فالصحيح حل الأخذ
- عجلها عن نصاب عنده فتتم الحول وعنده أقل من النصاب إن دفعها إلى الفقير لا يستردها مطلقا وإلى الساعي يستردها إن كانت قائمة وإن قسمها الساعي بين الفقراء ضمنها من مال الزكاة خلافا لمحمد
- ولو عجل زكاة حمل السوائم بعد رجوعه جاز لا قبله
- وفي الملتقط من الإجارة : المعلم إذا أعطى خليفته شيئا ناويا الزكاة فإن كان بحيث يعمل له لو لم يعطه يصح عنها وإلا فلا (1/195)
كتاب الصوم
- ندر صوم الأبد فأكل لعذرة يفدي لما أكل
- نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم بعد ما نواه تطوعا ينويه عن النذر
- للزوج أن يمنع زوجته عن كل صوم وجب بإيجابها إلا عن صوم وجب بإيجاب الله تعالى وتوقف المشايخ في منعها عن قضاء رمضان إذا أفطرت بغير عذر
- قال بعض أصحابنا : لا بأس بالاعتماد على قول المنجمين وعن محمد بن مقاتل أنه كان يسألهم ويعتمد على قولهم بعد أن يتفق على ذلك جماعة منهم ورده الإمام
السرخسي بالحديث : [ من صدق كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل الله على محمدل ]
- نية الصوم في الصلاة صحيحة ولا تفسدها
- إذا أكل أو شرب ما يتغذى به أو يتداوى به فعليه الكفارة وإلا فلا إلا الدم : إذا شربه فإن عليه الكفارة فإنه طعام لبعض الناس
- الصوم في السفر أفضل إلا إذا خاف على نفسه أو كان له رفقة اشتركوا معه في
الزاد واختاروا الفطر
- صوم يوم الشك مكروه إلا إذا نوى تطوعا أو واجبا آخر على الصحيح والأفضل فطره إلا إذا وافق صوما كان يصومه أو كان مفتيا
- لا يصوم العبد والأمة والمدبر وأم الولد تطوعا إلا بإذن المولى
- لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن الزوج أو كأن مسافرا
- لا يلزم النذر إلا إذا كان طاعة وليس بواجب وكان من جنسه واجب على التعيين
فلا يصح النذر بالمعاصي ولا بالواجبات فلو نذر حجة الإسلام لا تلزمه إلا واحدة ولو ننر صلاة سنة وعنى الفرائض لا شيء عليه وإن عنى مثلهاة لزمته ويكمل المغرب ولو نشر عيادة المريض لم تلزمه في المشهور ولو نشر التسبيحات دبر الصلاة لم تلزمه
- الزوج إذا أذن لزوجته بالاعتكاف ليس له الرجوع ومولى الأمة يصح رجوعه ويكره
- لا يصوم الأجير تطوعا إلا بإذن المستأجر إذا تضرر بالصوم
- إذا دعاه واحد من إخوانه وهو صائم لا يكره له الفطر إلا إذا كان صائما عن قضاء رمضان
- سافر في رمضان ثم رجع إلى أهله لحاجة نسيها فأكل عندهم فعليه القضاء والكفا رة
- رأى صائما يأكل ناسيا يخبره إلا إذا كان يضعف عنه
- المسافر يعطي صدقة فطره عن نفسه حيث هو ويكتب إلى أهله يعطون عن أنفسهم حيث هم وإن أعطى عنهم في موضعه جاز
- قال الإمام الأعظم : إذا شهد واحد بالهلال فصاموا ثلاثين يوما لم يفطروا حتى يصوموا يوما آخر
- رمضان يقطع التتابع في حق المقيم
- لا فرق بين المجنونة والعاقلة في وجوب الكفارة بجماعهما
- الجماع في الدبر يوجب الكفارة اتفاقا على الأصح
- الخباز في نهار رمضان : لا يجوز له أن يعمل عملا يصل به إلى الضف فيخبز نصف النهار ويستريح الباقي وقوله : لا يكفيني كذب وهو باطل بأقصر يوم من أيام الشتاء
- ظن طلوع الفجر فأكل فإذا هو طالع : الأصخ وجوب الكفارة (1/197)
كتاب الحج
- ضمان الفعل يتعدد بتعدد الفاعل وضمان المحل لا فلو اشترك محرمان في قتل صيد تعدد الجزاء ولو حلالان في قتل صيد الحرم لا كضمان حقوق العباد
- جامع مرارا فعليه لكل مرة دم إلا أن يكون في مجلس واحد فيكفيه دم واحد
- لا يؤكل من الهدايا إلا ثلاثة : هدي المتعة والقران والتطوع
- الحج تطوعا أفضل من الصدقة النافله
- يكره الحج على الحمار
- بناء الرباط بحيث ينتفع به المسلمون أفضل من الحجة الثانية
- إذا كان الغالب السلامة على الطريق : فالحج فرض وإلا لا
- الحج الفرض أولى من طاعة الوالدين بخلاف النفل
- إذا لم يكن الأب مستغنيا لم يحل الخروج
- وعن ابن المسيب : كان إذا دخل العشر لا يقلم أظافيره ولا يأخذ من شعررأسه
- وقال
ابن ألمبارك
: السنة لا تؤخر وبه أخذ الفقيه
- معه ألف درهم وهو يخاف العزوبة فعليه الحج ولا يتزوج إذا كان وقت خروج أهل بلده فإن كان قبله جاز له التزوج
- الحاج عن الميت إذا خلط ما دفع إليه بماله جاز فإن أخذ المأمور المال واتجر به وربح وحج عن الميت قال أبو حنيفة وأبو يوسف : لا يجزيه الحج خلافا لمحمد
- المحرم من لا يجوز له نكاحها تأبيدا إلا الصبي والفاسق والمجوسي
- المأمور بالحج له أن يؤخره عن السنة الأولى ثم يحج ولا يضر كما في
التاتارخانية له ولو عين له هذه السنة لأن ذكرها للاستعجال لا للتقييد كما في الخانية والصحيح وقوعه عن الآمر والفاضل من النفقة للآمر ولوارثه إن كان ميتا إلا أن يقول : وكلتك أن تهب الفضل من نفسك وتقبله لنفسك
- وللوصي عند الإطلاق الحج بنفسه إلا إذا قال : أدفع المال لمن يحج عني أو كان الوصي وارث الميت فيتوقف على إجازتهم
- وللمأمور الإنفاق من مال الآمر إلا إذا أقام ببلدة خمسة عشر يوما إلا إذا كان لا يقدر على الخروج قبل القافلة
- وإقامته بمكة بعد الحج إقامة معتادة كسفره وعزمه على الإقامة زيادة على المعتاد مبطل لنفقته إلا إذا عزم بعده على الخروج فإنها تعود إلا إذا اتخذ مكة دارا
- ونفقة خادم المأمور : عليه إلا إذا كان ممن لا يخدم نفسه
- وللمأمور خلط الدراهم مع الرفقة والإيداع وإن ضاع المال بمكة أو بقرب منها فأنفق من مال نفسه رجع به وإن كان بغير قضاء للإذن دلالة
- المأمور إذا أمسك مؤونة الكراء وحج ماشيا : ضمن المال
- ادعى المأمور أنه منع عن الحج وقد أنفق في الرجوع لم يقبل إلا إذا كان أمرا ظاهرا يشهد على صدقه وإذا ادعى أنه حج وكذب فالقول له إلا إذا كان مديون الميت وقد أمر بالإنفاق منه ولا تقبل بينة الوارث أنه كان يوم النحر بالكوفة إلا إذا برهنوا على إقراره أنه لم يحج
- ليس للمأمور بالحج الاعتمار قبله وبعده
- وكل دم وجب على المأمورة فهو من ماله إلا دم الإحصار في قول الإمام
- أوصى الميت بالحج فتبرع الوارث أو الوصي لم يجز ولو حج الوصي بماله ليرجع جاز وله الرجوع وكذا الزكاة والكفارة بخلاف الأجنبي
- ليس للمأمور الأمر بالحج ولو لمرض إلا إذا قال له الآمر اصنع ما شئت فله ذلك مطلقا
- يصح استئجار الحاج عن الغير وله أجر مثله
- والمأمور إذا أمسك البعض وحج بالبقية جاز ويضمن ما خلف وإذا أنفق من ماله ومال الميت فإنه يضمن إلا إذا كان أكثرها من مال الميت وكان مال الميت يكفي للكراء وعامة النفقة كذا في الخانية
- إذا أنفق المأمور بالحج الكل في الذهاب ورجع من ماله ضمن المال
- يبدأ بالحج الفرض قبل زيارة النبي صلى الله عليه و سلم ورجع إن كان تطوعا
- حج الغني أفضل من حج الفقير لأن الفقير يؤدي الفرض من مكة وهو متطوع في ذهابه وفضيلة الفرض أفضل من فضيلة التطوع
- إذا جمع بين الصلاتين بعرفة لا يتنفل بعدهما كما في اليتيمة (1/199)
كتاب النكاح
- المقبوض على سوم النكاح مضمون كذا في جامع الفصولين
- احتاط أصحابنا في الفروج إلا في مسألة ما إذا كانت الجارية بين شريكين فادعى كل الخوف عليها من شريكه وطلب الوضع عند عدل لا يجاب إلى ذلك وإنما تكون عند كل يوما حشمة للملك كذا في كراهية المعراج
- ما ثبت لجماعة فهو بينهم على سبيل الاشتراك إلا في مسائل
الأولى : ولاية الإنكاح للصغير والصغيرة ثابتة للأولياء على سبيل الكمال لكل
الثانية : القصاص الموروث يثبت لكل من الورثة على الكمال حتى قال الإمام : للوارث الكبير استيفاؤه قبل بلوغ الصغير بخلاف ما إذا كان لبالغين فإن الحاضر لا يملكه في غيبة الآخر اتفاقا لاحتمال العفو
الثالثة : ولاية المطالبة بإزالة الضرر العام عن طريق المسلمين تثبت لكل من له حق المرور على الكمال والضابط : أن الحق إذا كان مما لا يتجزأ فإنه يثبت لكل على الكمال فالاستخدام في المملوك مما يتجزأ
- ليس لنا عبادة شرعت من عهدآدم إلى الآن ثم تستمر في الجنة إلا الإيمان والنكاح
- المولى لا يستوجب على عبده دينا فلا مهر إن زوج عبده من أمته ولا ضمان عليه بإتلافه مال سيده ولو قتل العبد مولاه وله ابنان فعفا أحدهماة سقط القصاص ولم يجب شيء لغير العافي عند الإمام
- الفرق ثلاث عشرة فرقة : سبع منها تحتاج إلى القضاء وست لا : فالأولى : الفرقة بالجب والعنة وبخيار البلوغ وبعدم الكفاءة وبنقصان المهر وبإباء الزوج عن الإسلام وباللعان
والثانية : الفرقة بخيار العتق وبالإيلاء وبالردة وتباين الدارين وبملك أحد الزوجين صاحبه وفي النكاح الفاسد
- النكاح يقبل الفسخ قبل التمام لا بعده : فلا تصح إقالته ولا ينفسخ بالجحود إلا في مسألتين : فيقبله بعد رقة أحدهما وملك أحدهما الآخر
- يكمل المهر بأربعة : بالدخول وبالخلوة الصحيحة وبوجوب العدة عليها منه سابقا وبموت أحدهما
- للزوج أن يضرب امرأته على أربع وما بمعناها : على ترك الزينة بعد طلبها وعلى عدم إجابتها إلى فراشه وهي طاهرة من الحيض والنفاس وعلى خروجها من منزله بغير إذنه بغير حق وعلى ترك الصلاة في رواية وقد بينا في شرح الكنز قولهم : ما كان بمعناها
- لها أن تخرج بغير إذنه قبل إيفاء المعجل مطلقا وبعده إذا كان لها حق أو عليها أو كانت قابلة أو غسالة أو لزيارة أبويها كل جمعة مرة أو لزيارة المحارم كل سنة
وفيما عدا ذلك من زيارة الأجانب وعيادتهم والوليمة لا تخرج ولا بإذنه ولو خرجت بإذنه كانا عاصيين واختلفوا في خروجها للحمام والمعتمد : الجواز بشرط عدم التزين وا لتطيب
- ينعقد النكاح بما أفاد ملك العين للحال إلا في لفظ المتعة فإنه يفيد ملك العين لما في هبة
الخانية
لو قال : متعتك بهذا الثوب كان هبة مع أن النكاح لا ينعقد به
- الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن حد أو مهر إلا في مسألتين : تزوج صبي امرأة مكلفة بغير إذن وليه ثم دخل بها طوعا فلا حد ولا مهر كما في الخانية ولو وطىء البائع المبيعة قبل القبض فلا حد ولا مهر ويسقط من الثمن ما قابل البكارة وإلا فلا كما في بيوع لولوالجية ا
- لا يجوز للمرأة قطع شعرها ولو بإذن الزوج ولا يحل لها وصل شعر غيرها بشعرها
- تزوجها على أنها بكر فإذا هي ثيب فعليه كمال المهر والعذرة تنهب بأشياء فليحسن الظن بها كذا في الملتقط
- ولو غلط وكيلها بالنكاح في اسم أبيها ولم تكن حاضرة لا ينعمد النكاح
- تزوج امرأة أخرى وخاف ألا يعدل لا يسعه ذلك إان علم أنه يعدل بينهما في القسم والنفقة وجعل لكل واحدة مسكنا على حدة جاز له أن يفعل فإن لم يفعل فهو مأجور لترك الغم عليها
- وفي زماننا ومكاننا : ينظر إلى معجل مهر مثلها من مثله وأما نصف المسمى فلا يعتد به لأنه قد يمهر خمسين ألف دينار ولا يعجل إلا أقل من ألف ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمتنع وكذا المشروط عادة نحو الخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عرف سمرقند فإن شرطوا ألا يدفع شيئا من ذلك لا يجب وان سكتوا لا يجب إلا ما صدق العرف من غير تردد في الإعطاء بمثلها من مثله والعرف الضيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط كذا في الملتقط
- الفقير لا يكون كفؤا للغنية كبيرة كانت أو صغيرة إلا أن يكون عالما أو شريفا كذا في ل الملتقط
- ادعت بعد الزفاف أنها زوجت بغير رضاها فالقول لها إلا إذا طاوعت في الزفاف ولو زوج بنته وسلمها الأب إلى الزوج فهربت ولا يدرى أين ذهبت لا يلزم الزوج طلبها كذا في الملتقط
- لا ينبغي للقاضي أن يزوج صغيرة إلا إذا كانت مراهقة تطلب ذلك منه أيضا
- يحبس من خدع بنت رجل أو امرأته وأخرجها من منزله إلى أن يأتي بها أو يعلم بموتها كذا في الملتقط
- اختلفا في الصحة والفساد : فالقول لمدعي الصحة كذا في الخانية - الإقرار بالولد من حرة إقرار بنكاحها لا الإقرار بمهرها وقوله : خذي هذا من نفقة عدتك لا يكون إقرارا بطلاقها وقولها : أعطني مهري إقرار بالنكاح كذا في إقرار اليتيمة
- يجوز خلو النكاح عن الصاق والنكاح بأقل من مهر المثل إلا في صغيرة يزوجها غير الأب والجد ومحجورة وموكلة عينته
- النكاح لا يقبل الفسخ بعد التمام هكذا ذكروا وبنوا عليه : أن جحوحه لا يكون فسخا قلت يقبله بعده في ردة أحدهما كما بيناه في الشرح وأما طروء الرضاع عليه والمصاهرة فعندنا يفسده ولا يفسخه كما في الشرح (1/201)
كتاب الطلاق
- السكران كالصاحي إلا في الإقرار بالحدود الخالصة والردة والإشهاد على شهادة نفسه كذا في خلع الخانية
- النداء للإعلام فلا يثبت به حكم إلا في الطلاق بـ يا طالق وفي العتق يا حر وفي الحدود يا زانية وفي التعزير يا سارق فتفرع على الأول : لو قال لجاريته : يا سارقة يا زانية يا مجنونة وباعها فطعن المشتري بقول البائع لا يردها لأنه للإعلام لا للتحقيق ولو قال لزوجته : يا كافرة لم يفرق بينهما كذا في الجامع
- ولد الملاعنة لا ينتفي نسبه في جميع الأحكام من الشهادة والزكاة والمناكحة والعتق بملك القريب إلا في حكمين : الإرث والنفقة كذا في البدائع
- المجنون لا يقع طلاقه إلا في مسائل : إذا علق عاقلا ثم جن فوجد الشرط وفيما إذا كان مجبوبا فإنه يفرقي بينهما بطلبها وهو طلاق وفيما إذا كان عنينا : يؤهل بطلبها فإن لم يصل فرق بينهما بحضور وليه وفيما إذا أسلمت وهو كافر وأبى أبواه الإسلام فإنه يفرق بينهما وهو طلاق
- الصبي لا يقع طلاقه إلا إذا أسلمت فعرض عليه مميزا فأبى وقع الطلاق على الصحيح وفيما إذا كان مجبوبا وفرق بينهما فهو طلاق على الصحيح ويؤجل له لكونه مستحقا عليه كعتق قريبه كذا في عنين المعراج
- المعلق بالشرط لا ينعقد سببا للحال والمضاف منعقد في الطلاق والعتاق والنذر فإذا قال : أنت حر غدا : لم يملك بيعه اليوم وملكه إذا قال : إذا جاء غد ولو قال : الله علي التصدق بدرهم غدا : ملك التعجيل بخلافه : إذا جاء غد إلا في مسألتين فقد سووا بينهما : الأولى : في إبطال خيار الشرط قالوا لا يصح تعليق إبطاله بالشرط وقالوا لو قال : إذا جاء غد فقد أبطلت خياري أو قال : أبطلته غدا فجاء غدة بطل خياره وكذا في خيار الشرط من الخانية
الثانية : قال الفقيه أبو الليث والإسكاف : لو قال : آجرتك غدا أو إذا جاء غد فقد آجرتك صحت مع أن الإجارة لا يصح تعليقها وتصح إضافتها
ومن فروع أصل المسألة : ما في أيمان الجامع : لو حلف لا يحلف ثم قال لها : إذا جاء غد فأنت طالق : حنث بخلاف إن دخلت الدار وفي الخانية : تصح إضافة فسخ الإجارة المضافة ولا يصح تعليقها
- طلب المرأة الخلع حرام إلا إذا علق طلاقها البائن بشرط فشهدوا بوجوده فلم يقض بها فعليها أن تحتاط في طلب الفداء للمفارقة
- القول له إن اختلفا في وجود الشرط فيما لا يعلم من جهتها إلا في مسائل
- لو علقها بعدم وصول نفقتها شهرا فأدعاه وأنكرت فالقول لها في المال والطلاق على الصحيح كما في الخلاصة
- وفيما إذا طلقها للسنة وادعى جماعة في الحيض وأنكرت
- وفيما إذا ادعى المولى قربانها بعد المدة فيها وأنكرت
- وفيما إذا علق عتقه بطلاقها ثم خترها وادعى أنها اختارت بعد المجلس وهي فيه كما في الكافي
- إذا علق بفعلها القلبي تطلق بإخبارها ولو كاذبة إلا إذا قال : إن سررتك فأنت طالق فضربها فقالت : سررت لم يقع كما في الخانية من الطلاق
- إذا علقه بما لا يعلم إلا من جهتها كحيضها فالقول لها في حقها وإذا علق عتقه بما لا يعلم إلا من جهته فالقول له على الأصح كقوله للعبد : إن احتلمت فأنت حر فقال : احتلمت وقع بإخباره كما في المحيط وفرق بينهما في الخانية بإمكان النظر إلى خروج المني بخلاف الدم الخارج من الرحم
- كرر الشرط ثلاثا والجزاء واحدا فوجد الشرط مرة طلقت واحدة ولو تعدد الجزاء تعدد الوقوع كما في الخانية
- لو طلقها ثم عطفها مع أخرى بالواو أو ثم أو الفاء طلقت الأولى ثنتين والأخرى واحدة ولو طلقها ثم أضربه وأثبته لها لا يتعدد إلا بالنية ولو جمع الأولى مع الأخرى في الإضراب تعدد على الأولي وإذا أدخل كلمة أو في الإيقاع على امرأتين وأعقبه بشرط فإن التعيين له بعد وجود الشرط إذا طلق ثم أتى بأو فإن كان ما بعد أو نكذبا وقع بالأول وإلا فلا
- كرر الشرط ثم أعقبه جزاء واحدا : تعدد الشرط لا الجزاء ولو ذكر الجزاء بين شرطين تعدد الشرط
- كل امرأة أتزوجها حنث بالمبانة عندهما خلافا للثاني وبه أخذ الفقيه أبو الليث
- يتكرر الجزاء بتكرر الشرط : كلما دخلت فكذا كلما قعدت عندك فكذ فقعد ساعة طلقت ثلاثا كلما ضربتك فضربها بيديه طلقت ثنتين وإن بكف واحدة فواحدة كلما طلقتك فطلقها وقع ثنتان كلما وقع عليك طلاقي فطلقها طلقت ثلاثا
- وسط الشرط بين طلاقين تنجز الثاني وتعلق الأول
- ذكر منادى بين شرط وجزاء ثم نادى أخرى تعلق طلاق الأولى وينوي في الأخرى ولو بدأ بنداء الواحدة ثم ذكر الشرط والجزاء لم نادى أخرى فإذا وجد الشرط طلقتا
- كلمة كل في التعليق عند عدم إمكان الإحاطة بالإفرادة منصرفة إلى ثلاثة كقولهم : لو قال لها : إن لم أقل عنك لأخيك بكل قببيح في الدنيا فأنت كذا يبر بثلاثة أنواع من القبيح
- إذا عتقه بوصف قائم بها كان على وجوده في المستقبل كقوله للحائض إن حضت وللمريضة : إن مرضت إلا إذا قال لصحيحة إن صححت والضابط أن ما
يمتد فلدوامه حكم الابتداء والا لا
- إن : على التراخي إلا بقرينة الفور ومنه : طلب جماعها فأبت فقال : إن لم تدخلي معي البيت فدخلت بعد سكون شهوته ومنه : طلقني فقال : إن لم أطلقك
- علقه على زناه فشهدا على إقراره به وقع وإن على المعاينة لا كما لو شهد أربعة به فعدل منهم اثنان
- قال للأربعة المدخولات : كل امرأة لم أجامعها منكن الليلة فالأخريات طوالق فجامع واحدة ثم طلع الفجرة طلقت التي جامعها ثلاثا وغيرها ثنتين
- أضافه وعلقه : فإن قدم الجزاء وأخر الشرط ووسط الوقت : تعلق ولغت الإضافة ولو قذم الشرط : تعلق المضاف به ولو ذكر شرطا أولا ثم جزاء ثم عطف عليه بالواو ثم ذكر جزاء آخرة تعلق الأوليان بالأول والثالث بالثاني ولو كان الجزاء واحدا : كان المعلق بالثاني جزاء للأول فلا يقع لو وجد الثاني قبل الأول ثم الأول وهذه المسائل في الصفحتين مع إيضاحها من الخانية
كل من علق على صفة لم يقع دون وجودها إلا إذا قال : أنت طالق أمس كا فإنها تطلق للحال ولم أر الان ما إذا علقه برؤيتها الهلال فرآه غيرها وينبغي الوقوع لأن المراد دخول الشهر
- استثناء الكل من الكل باطل وفرع عليه في النهاية من مسائل شتى من القضاء أنه لو أقر بقبض عشرة دراهم جياد وقال متصلا إلا أنها زيوف لم يصح الاسثناء لأنه اسثناء الكل من الكل كما لو قال : له علي مائة درهم ودينار إلا مائة درهم ودينار لم يصح انتهى وفي الإيضاح قبيل الأيمان : إذا قال : غلاماي حران : سالم وبزيغ إلا بزيغا صح الاستثناء لأنه فصل على سبيل التفسير فانصرف الاستثناء إلى المفسر وقد ذكرهما جملة فصح الاستثناء بخلاف ما لو قال : سالم حر وبزيغ حر إلا بزيغا لأنه أفرد كلا منهما بالذكر فكان هذا الاستثناء بجملة ما تكلم به فلا يصح لما انتهى (1/204)
كتاب العتاق
وتوابعه في إيضاح الكرماني
- رجل له خمس من الرقيق فقال : عشرة من مماليكي أحرار إلا واحدا : أعتق الخمس لأن تقريره : تسعة من مماليكي أحرار و له خمسة : فعتقوا ولو قال : مماليكي العشرة أحرار إلا واحدا : عتق أربعة منهم : لأنه ذكر العشرة على سبيل التفسير وذلك غلط منه فلغا فانصرف ذكر العشرة إلى مماليكه
- إذا وجبت قيمة على إنسان واختلف المقومون فإنه يقضي بالوسط إلا إذا كاتبه على قيمة نفسه فإنه لا يعتق حتى يؤدي الأعلى كما في كتابة الظهيرية
- أحد الشريكين في العبد إذا أعتق نصيبه بلا إذن شريكه وكان موسرا : فإن لشريكه أن يضمنه حصته إلا إذا أعتق في مرضه فلا ضمان عليه عند الإمام خلافا لهما كذا في عتق الظهيرية
- دعوة الاستيلاد تستند والتحرير يقتصر على الحال والأولى أولى وبيانه في الجامع
- معتق البعض كالمكاتب إلا في ثلاث :
الأولى : إذا عجز لا يرد في الرق
الثانية : إذا جمع بينه وبين قن في البيع يتعدى البطلان إلى القن بخلاف المكاتب
الثالثة : إذا قتل ولم يترك وفاء لم يجب القصاص بخلاف المكاتب إذا قتل عن غير وفاء فإن القصاص واجب ذكره الزيلعي في الجنايات والثانية في السراج الوهاج والأولى في المتون
- التوأمان كالولد الواحد فالثاني يتبع الأولى في أحكامه فإذا أعتق ما في بطنها فولدت توأمين الأول لأقل من ستة أشهر والثاني لتمامها فأكثر عتق الثاني تبعا للأول بخلاف ما إذا ولدت الأول لتمامها فإنه لا يعتق واحد منهما إلا في مسألتين :
الأولى : من جنايات المبسوط لو ضرب بطن امرأة فألقت جنينين فخرج أحدهما قبل موتها والآخر بعد موتها وهما ميتان ففي الأول غرة فقط
الثانية نفاس التوأمين : من الأول وما رأته عقب الثاني : لا
- من ملك ولده من الزناة فإنه يعتق عليه ومن ملك أخته لأبيه من الزنا لم تعتق ولو كانت أخته لأمه من الزنا عتقت والفرق في غاية البيان من باب الاستيلاد
- والتدبير وصية : فيعتق المدبر من الثلث إلا في ثلاث : لا يصح الرجوع عنه ويصح عنها وتدبير المكره صحيح لا وصيته و لا يبطله الجنون ويبطل الوصية والثلاث في الظهيرية
- التأقيت إلى مدة لا يعيش الإنسان إليها غالبا تأبيد معني في التدبير على المختار
فيكون مطلقا وفي الإجارة فتفسد إلى نحو مائتي سنة إلا في النكاح فتأقيت فيفسد
- المتكلم بما لا يعلم معناه يلزمه حكمه في الطلاق والعتاق والنكاح والتدبير إلا في مسائل البيع والخلع على الصحيح فلا يلزمها المال والإجارة والهبة والإبراء عن الدين كما في نكاح الخانية
- المعتق لا يصح إقراره بالرق قلت : إلا في مسألة لو كان المعتق مجهول النسب فأقر بالرق لرجل و صدقه المعتق فإنه يبطل إعتاقه كما في إقرار التلخيص
- الولاء لا يحتمل الإبطال قلت : إلا في مسألتين : الأولى وهي المذكورة فإنه بطل الولاء بإقراره والثانية : لو ارتدت العتيقة وسبيت فأعتقها السابي كان الولاء له وبطل الولاء عن الأول كما في إقرار التلخيص
- لو اختلف المولى مع عبده في وجود الشرط فالقول للمولى إلا في مسائل : كل أمة لي حرة إلا أمة خبازة إلا أمة اشتريتها من زيد إلا أمة نكحتها البارحة إلا أمة ثيبا ففي هذه المسائل الأربع إذا أنكرت ذلك الوصف وأدعاه فالقول لها بخلاف ما إذا قال : إلا أمة بكرا أو لم أشترها من فلان أو لم أطأها البارحة أو إلا خراسانية فالقول له وتمامه في أيمان الكافي
- المدبر إذا خرج من الثلث فإنه لا سعاية عليه إلا إذا كان السيد سفيها وقت التدبير فإنه يسعى في قيمته مدبرا كما في الخانية من الحجر وفيما إذا قتل سيده كما في شرحنا - المدبر في زمن سعايته كالمكاتب عنده فلا تقبل شهادته كما في البزازية في العتق في المرض وجنايته جناية المكاتب كما في الكافي وفرعت عليه : لا يجوز نكاحه ما دام يسعى وعندهما : حر مديون في الكل (1/208)
كتاب الأيمان
- المعرفة لا تدخل تحت النكرة إلا المعرفة في الجزاء كذا في أيمان الظهيرية
- يمين اللغو : لا مؤاخذة فيها إلا في ثلاث : الطلاق والعتاق والنشر كما في الخلاصة
- لا يجوز تعميم المشترك إلا في اليمين
- حلف لا يكلم مولاه وله أعلون وأسفلون فأيهم كلم حنث كما في المبسوط
فبطلت الوصية للموالي والحالة هذه ولو وقف عليهم كذلك فهي للفقراء
- لا يكون الجمع للواحد إلا في مسائل : وقف على أولاده وليس له إلا ولد واحد بخلاف بنيه وقف على أقاربه المقيمين في بلد كذا فلم يبق منهم فيها إلا واحد كما في العمدة حلف لا يكلم إخوة فلان وليس له إلا واحد حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الجب وليس فيه إلا واحد كما في الواقعات حلف لا يكلم الفقراء والمساكين والرجال حنث بواحد بخلاف رجالا حلف لا يركب دواب فلان ولا يلبس ثيابه ولا يكلم عبيده ففعل بثلاثة : حنث حلف لا يكلم زوجات فلان وأصدقاءه واخوته لا يحنث إلا بالكل والأطعمة والنساء والثياب مما يحنث فيه بفعل البعض كما في الواقعات
- لا يحنث الحالف بفعل بعض المحلوف عليه إلا في مسانل : حلف لا يأكل هذا الطعام ولا يمكن أكله في مجلس واحد
حلف لا يكلم فلانا وفلانا وناويا أحدهما
كلام هؤلاء القوما أو كلام أهل بغداد علي حرام فكلم واحدا الكل من لواقعات
- الصغيرة امرأة قيحنث بها في قوله إن تزوجت امرأة إلا في مسألة : لا يشتري امراة لم يحنث بالصغيرة
- الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض فلو حلف ليغدينه اليوم بألف فاشترى رغيفا بألف وغداه به بر ولو حلف ليعتقن اليوم مملوكا بألف فاشترى مملوكا بألف لا يساويها فأعتقه بر إلا في مسائل : حلف لا يشتريه بعشرة حنث بأحد عشر ولو حلف البائع لم يحنث به لأن مراد المشتري المطلقة ومراد البائع المفردة ولو اشترى أو باع بتسعة لم يحنث لأن المشتري مستنقص والبائع وان كان مستزيدا لكن لا حنث بالغرض بلا مسمى وتمامه في الجامع من باب المساومة
- حلف لا يحلف حنث بالتعليق إلا في مسائل : أن يعلق بأفعال القلوب أو يعلق بمجيء الشهر في ذوات الأشهر أو بالتطليق أو يقول : إن أديت إلي كذا فأنت حر وان عجزت فإنك رقيق أو إن حضت حيضة أو عشرين حيضة أو بطلوع الشمس كما في الجامع
- الحالف على عقد لا يحنث إلا بالإيجاب والقبول إلا في تسع مسائل فإنه يحنث بالإيجاب وعده : الهبة والوصية والإقرار والإبراء والإباحة والصدقة والإعارة
والقرض والاستقراض والكفالة
- ن تزؤجت النساء أو اشتريت العبيد أو كلمت الناس أو بني ادم أو أكلت الطعام أو طعاما أو شربت الشراب أو شرابا فيحنث بواحد للجنس ولو قال : نساء أو عبيد فبثلاثة للجمع ولو نوى الجنس في الكل صدق للحقيقة
- المعلق يتأخر والمضاف يقارن
قال لأجنبية : أنت طالق قبل أن أتزوجك بشهر أو أطلق لا ينعقد ولو قال إذا تزوجتك فأنت طالق قبل ذلك بشهر فتزؤجها قبل الشهر لا تطلق وبعده تطلق
- النية إنما تعمل في الملفوظ وهي مسألة إن أكلت ونوى طعاما دون طعام إلا إذا قال : إن خرجت ونوى السفر المتنوع وفيما إذا حلف لا يتزوج ونوى حبشية أو عربية
- المعرف لا يدخل تحت المنكر قال : إن دخل داري هذه أحدأو كلم غلامي هذاأو ابني هذا أو أضاف إلى غيره لا يدخل المالك لتعريفه بخلاف النسبة ولو لم يضف يدخل لتنكيره إلا في الأجزاء كاليد والرأس وإن لم يضف للاتصال
- الفعل يتم بفاعله مرة وبمحله أخرى قال : إن شتمته في المسجد او رميت إليه فشرط حنثه كون الفاعل فيه وإن ضربته أو جرحته أو قتلته أو رميته كون المحل فيه
- الشرط متى اعترض على الشرط يقدم المؤخر
- المعلق بشرطين ينزل عند آخرهما وبأحدهما عند الأول والمضاف بالعكس
- مقابلة الجمع بالجمع : تنقسم وبالمفرد لا
- وصف الشرط : كالشرط
- الخبر للصدق وغيره إلا أن يصله بالباء وكذا الكتابة والعلم والبشارة على الصدق
- في للظرفية ويجعل شرطا للتعذر
- صفة المالكية تزول بزوال ملكه وكونه مشتركا لا
- الأول : اسم لفرد سابق والأوسط : فرد بين عددين متساويين والآخر : فرد لاحق
- أو في النفي تعم وفي الإثبات تخص
- الوصف المعتاد معتبر في الغائب لا في العين
- إضافة ما يمتد إلى زمن لاستغراقه بخلاف غيره
- الوقت الموصوف معروف لا شرط (1/211)
كتاب الحدود والتعزير
- إذا صار الشافعي حنفيا ثم عاد إلى مذهبه يعزر عند البعض لانتقاله إلى المذهب الأدون كما في شفعة البزازية
- من آذى غيره بقول أو فعل يعزر كما في التاتارخانية ولو بغمز العين ولو قال لذمي : يا كافر يأثم إن شق عليه كذا في القنية
- وضابط التعزير - : كل معصية ليس فيها حد مقدر ففيه التعزير وظاهر اقتصارهم أنه يعزر على ما فيه الكفارة ولم أره
- مسلم دخل دار الحرب وارتكب ما يوجب الحد والعقوبة ثم رجع إلينا لم يؤاخذ به إلا في القتل فتجب الدية في ماله عمدا أو خطأ
- يعزر على الورع البارد كتعريف نحو تمرة كذا في التاتارخانية
قال له : يا فاسق ثم أراد إثبات فسقه بالبينة لم تقبل لأنه لا يدخل تحت الحكم كما في القنية
- التعزير لا يسقط بالتوبة كالحد كذا في اليتيمة
- من له دعوى على رجل فلم يجده فأمسك أهله بالظلمة بغير كفالة فقيدوهم وحبسوهم وضربوهم وغرموهم بدراهم عزر كذا في اليتيمة
- رجل خدع امرأة إنسان وأخرجها وزوجها من غيره أو صغيرة يحبس إلى أن يحدث توبة أو يموت لأنه ساع في الأرض بالفساد كذا في قضاء الولوالجية
- رجل عتق عتق عبده على زناه فادعى العبد وجود الشرط حلف المولى فإن نكل عتق واختلفوا في كون العبد قاذفا كما في قضاء الولوالججة وفي مناقب ا لكردري
- حرمة اللواطة عقلية فلا وجود لها في الجنة وقيل : سمعية فلها وجود فيها
وقيل يخلق الله تعالى طائفة يكون نصفها الأعلى على صفة الذكور والنصف الأسفل على صفة الإناث والصحيح هو الأولى انتهى
- وفي اليتيمة أن الأب يعزر إذا شتم ولده مع كونه لا يحد له
- واستثنى الشافعي من لزوم التعزير ذوي الهيئات فلا تعزير عليهم واختلفوا في تفسيره فقيل : صاحب الصغيرة فقط وقيل : من إذا أذنب ندم ولم أره لأصحابنا (1/214)
كتاب السير
باب الردة :
- تبجيل الكافر كفر فلو سلم على الذمي تبجيلا : كفر ولو قال لمجوسي : يا أستاذي تبجيلا كفر كذا في صلاة الظهيرية
وفي الصغرى الكفر شيء عظيم فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر
- لا تصح ردة السكران إلا الردة بسب النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يقتل ولا يعفى عنه كذا في البزازية
- كل كافر تاب فتوبته مقبولة في الدنيا والآخرة إلا جماعة : الكافر بسب نبي وبسب الشيخين أو أحدهما و بالسحر ولو امرأة وبالزندقة إذا أخذ قبل توبته
- كل مسلم ارتد فإنه يقتل إن لم يتب إلا : المرأة ومن كان إسلامه تبعا والصبي إذا أسلم والمكره على الإسلام ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين ومن ثبت إسلامه برجلين ثم رجعا كما في شهادات اليتيمة
- حكم الردة : وجوب القتل إن لم يرجع وحبط الأعمال مطلقا لكن إذا أسلم لا يقضيها إلا الحج كالكافر الأصلي إذا أسلم ويبطل ما رواه لغيره من الحديث فلا يجوز للسامع منه أن يرويه عنه بعد ردته كما في شهادات الولوالجية و بينونة امرأته مطلقا
و بطلان وقفه مطلقا واذا مات أو قتل على ردته لم يدفن في مقابر المسلمين ولا أهل ملته وإنما يلقى في حفيرة كالكلب والمرتد أقبح كفرا من الكافر الأصلي
- الإيمان تصديق محمد صلى الله عليه و سلم في جميع ما جاء به من الدين ضرورة والكفر تكذيب محمد صلى الله عليه و سلم في شيء مما جاء من الدين ضرورة ولا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بجحود ما أدخله فيه
و حاصل ما ذكزه أصحابنا في الفتاوى من ألفاظ التكفير يرجع إلى ذلك وفيه بعض اختلاف لكن لا يفتى بما فيه خلاف
- سب الشيخين ولعنهما : كفر و إن فضل عليا عليهما فمبتدع كذا في الخلاصة
وفي مناقب الكردري : يكفر إذا أنكر خلافتهما أو بغضهما لمحبة النبي لهما وإذا أحب عليا أكثر منهما لا يؤاخذ به انتهى
وفي التهديب : ثم إنما يصير مرتدا بإنكار ما وجب الإقرار به أو ذكر الله تعالى أو كلامه أو واحدا من الأنبياء بالاستهزاء انتهى
- يقتل المرتد ولو كان إسلامه بالفعل كالصلاة بجماعة و شهود مناسك الحج مع التلبية
- إنكار الردة توبة فإذا شهدوا على مسلم بالردة وهو منكر لا يتعرض له لا لتكذيب الشهود والعدول بل لأن إنكاره توبة و رجوع كذا في فتح القدير
فإن قلت : قد قال قبله : وتقبل الشهادة بالردة من عدلين فما فائدته ؟ قلث : ثبوت ردته بالشهادة وإنكارها : توبة فتثبت الاحكام التي للمرتد ولو تاب من حبط الأعمال وبطلان الوقف وبينونة الزوجة وقوله : لا يتعرض له إنما هو في مرتد تقبل توبته في الدنيا أما من لا تقبل توبته فإنه يقتل كالردة بسب النبي صلى الله عليه و سلم والشيخين كما قدمناه
- واختلفوا في تكفير معتقد قطع المسافة البعيدة في زمن يسير للولي
- ولا يكفر بقوله : لا أصلي إلا جحودا
- لا يشترط في صحة الإيمان بمحمد عليه الصلاة و السلام معرفة اسم أبيه بل تكفي معرفة اسمه صلى الله عليه و سلم
- وصف الله تعالى بحضرة زوجته فقالت : كنت ظننت أن الله تعالى في السماء كفرت
- ولا يكفر بقوله : أنا فرعون أنا إبليس إلا إذا قال : اعتقادي كاعتقاد فرعون
- واختلفوا في كفر من قال عند الاعتذار : كنت كافرا فأسلمت
- قيل لها : أنت كافرة فقالت : أنا كافرة كفرت
- استحلال اللواطة بزوجته : كفر عند الجمهور
- ويكفر بوضع رجله على المصحف مستخفا والآ : لا
- الاستهزاء بالعلم والعلماء كفر
- ويكفر بإنكار أصل الوتر والأضحية وبترك العبادة تهاونا أي مستخفا وأما إذا تركها متكاسلا أو مؤولا فلا وهي في المجتبى
- ويكفر بادعاء علم الغيب
- وتكفر بقولها : لا أعرف الله تعالى
- الاستهزاء بالأذان : كفر لا بالمؤذن
- قال التاجر : إن الكفار و دار الحرب خير من دار الإسلام والمسلمين لا يكفر
إلا إذا أراد أن دينهم خير
- ولا يكفر بقول المسلم عليه : إن رددت السلام ارتكبت كبيرة عظيمة
- ولا يكفر بقوله : لا تعجب فتهلك فإن موسى عليه السلام أعجب بنفسه فهلك ويستفسر فإن فسره بما يكون كفرا كفر
- قيل له : قل لا إله إلا الله فقال : لا أقول لا يكفر
- ولا يكفر إن قال : امرأتي أحب إلي من الله إن أراد محبة الشهوة وإن أراد محبة الطاعة كفر
- عبادة الصنم : كفر ولا اعتبار بما في قلبه وكذا لو سخر بقوله عليه السلام أو كشف عنده عورته وكذا لو صور عيسى ليسجد له وكذا اتخاذ الصنم لذلك وكذا الاستخفاف بالقران أو المسجد ونحوه مما يعظم
- ولو استعمل نجاسة بقصد الاستخفاف فكذلك وكذا لو تزنر بزنار اليهود والنصارى دخل كنيستهم أو لم يدخل ولو قال كنت أستهزىء بهم ولا أعتقد دينهم صدق ديانة
- ويكفر إذا شك في صدق النبي صلى الله عليه و سلم أو سبه أو نقصه أو صغره
- في قوله : مسيجد خلاف والأصح لا كتمنيه أن لا يكون الله بعثه إن لم يكن عداوة
- ولو ظن الفاجر نبيا فهو كافر لا كنبي
- ويكفر بنسبة الأنبياء إن الفواحش كعزم على الزنا ونحوه في يوسف لأنه استخفاف بهم وقيل : لا ولو قال : لم يعصوا حال النبوة وقبلها كفر لأنه رد النصوص
- إذا لم يعرف أن محمدا آخر الأنبياء فليس بمسلم لأنه من الضروريات (1/215)
كتاب اللقيط واللقطة والآبق والمفقود
- يجعل الجعل لراد الآبق إلا إذا رده من في عيال السيد أو رده أحد الأبوين مطلقا أو الابن إلى أحدهما أو أحد الزوجين للآخر أو وصي اليتيم أو من يعوله أو من استعان به مالكه في رده إليه أو رده السلطان أو الشحنة أو الخفير فالمستثنى : عشرة من إطلاق المتون
- لو أراد الملتقط الانتفاع بها بعد التعريف وكان غنيا لم يحل له وإن كان فقيرا فكذلك إلا بإذن القاضي كما في الخانية
- الصبي في الالتقاط كالبالغ والعبد كالحر
- وان رد العبد الآبق بالجعل لمولاه
إن أشهد راد الآبق أنه أخذه ليرده على مالكه انتفى الضمان عنه واستحق الجعل وإلا فلا فيهما (1/218)
كتاب الشركة
- الفتوى على جوازها بالفلوس
- التبر لا يصلح إلا في موضع يجري فيه مجرى النقود
- للمفاوض العقد مع من لا تقبل شهادته له
- لا تجوز شركة القراء والوعاظ والدلالين والشحاذين وألحقت بهم الشهود في المحاكم وإن شرطا الربح للعامل أكثر من رأس ماله يصح الشرط ويكون مال الدافع عند العامل مضاربة ولو شرطا الربح للدافع أكثر من رأس ماله لم يصح الشرط ويكون مال الدافع عند العامل بضاعة ولكل واحد منهما رأس ماله كما في السراجية
- إذا عمل أحد الشريكين دون الآخر بعشر أو بغيره فالربح بينهما بخلاف ما إذا تقبل ثلاثة عملا من غير عقد شركة فعمل أحدهم كان له ثلث الأجر ولا شيء للآخرين
- ما اشتريت اليوم من أنواع التجارة فهو بيني وبينك فقال : نعم جاز ولو اشترى شيئا فقال : أشركني فيه فقال : أشركتك فيه جاز إلا أن يكون قبل قبضه
- نهى أحدهما شريكه عن الخروج وعن بيع النسيئة جاز
- ليس لأحدهما السفر بغير إذن الآخر فإن فر فهلك : لم يضمن فيما ل حمل له ولا مؤونة والربح بينهما
- تكره الشركة مع الذمي
- اختلف رب المال مع المضارب في التقييد والإطلاق فالقول للمضارب وفي الوكالة : القول للموكل
- ولو اختلف المولى مع غرماء العبد فالقول لهم (1/219)
كتاب الوقف
- لو وقف على المصالح فهي للإمام والخطيب والقيم وشراء الدهن والحصر والمراوح كذا في منظومة ابن وهبان
- كل من بنى في أرض غيره بأمره ة فالبناء لمالكها ولو بنى لنفسه بلا أمره فهو له
وله رفعه إلا أن يضر بالأرض وأما البناء في أرض الوقف : فإن كان الباني المتولي عليه : فإن كان بمال الوقف فهو وقف وإن كان من ماله للوقف أو أطلق فهو وقفى وإن كان لنفسه فهو له وإن لم يكن متوليا : فإن كان أذن المتولي ليرجع به فهو وقف وإلا فإن بنى للوقف فوقف وإن لنفسه أو أطلق له رفعه لو لم يضر وإن أضرة فهو المضيع ماله فليتربص إلى خلاصه وفي بعض الكتب للناظر تملكه بأقل القيمتين للوقف منزوعا وغير منزوع بمال الوقف
- الناظر إذا أجر ثم مات فإن الإجارة لا تنفسخ إلا إذا كان هو الموقوف عليه وكان جمع الريع له : فإنها تنفسخ بموته كما حرره ابن وهبان معزيا إلى عدة كتب ولكن إطلاق المتون يخالفه
- الاستدانة على الوقف لا تجوز إلا إذا احتيج إليها لمصلحة الوقف : كتعمير وشراء بذر فتجوز بشرطين : الأول إذن القاضي الثاني : أن لا يتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها كما حرره ابن وهبان وليس من الضرورة الصرف على المستحقين كما في القنية
- والاستدانة : القرض والشراء بالنسيئة
- وهل يجوز للمتولي أن يشتري متاعا بأكثر من قيمته ويبيعه ويصرفه على العمارة ويكون الربح على الوقف الجواب : نعم كما حرره ابن وهبان
- لا يشترط لصحة الوقف على شيء وجود ذلك الشيء وقته فلو وقف على أولاد زيد ولا ولد له صح وتصرف الغلة إلى الفقراء إلى أن يوجد له ولد واختلفوا فيما إذا وقف على مدرسة أو مسجد وهيأ مكانا لبنائه قبل أن يبنيه والصحيح : الجواز أخذا من السابقة كما في فتح القدير
- إقالة الناظر عقد الإجارة جائزة إلا في مسألتين : الأولى : إذا كان العاقد ناظرا قبله كما فهم من تعليلهم
الثانية : إذا كان الناظر يعجل الأجرة كما في القنية ومشى عليه ابن وهبان
- استبدال الوقف العامر لا يجوز إلا في مسائل : الأولى : لو شرطه الواقف
الثانية : إذا غصبه غاصب وأجرى الماء عليه حتى صار بحرا لا يصلح للزراعة فيضمنه القيم القيمة ويشتري بها أرضا بدلا
الثالثة : أن يجده الغاصب ولا بينة وهي في الخانية
الرابعة : أن يرغب إنسان فيه ببدل أكثر غلة وأحسن وصفاة فيجوز على قول أبي يوسف كما في فتاوى قارىء الهداية
- إجارة الوقف بأقل من أجرة المثل لا تجوز إلا إذا كان لا يرغب أحد في إجارته إلا بالأقل وفيما إذا كان النقصان يسيرا
- شرط الواقف يجب اتباعه لقولهم : شرط الواقف كنص الشارع أي : في وجوب العمل به وفي المفهوم والدلالة كما بيناه في شرح الكنز إلا في مسائل الأولى : شرط أن القاضي لا يعزل الناظر فله عزل غير الأهل
الثانية : شرط أن لا يؤجر وقفه أكثر من سنة والناس لا يرغبون في استئجاره سنة أو كان في الزيادة تقع للفقراء فللقاضي المخالفة دون الناظر
الثالثة : لو شرط أن يقرأ على قبره فالتعيين باطل
الرابعة : شرط أن يتصدق بفاضل الغلة على من يسأل في مسجد كذا كل يوم لم يراع شرطه فللقيم التصدق على سائل غير ذلك المسجد أو خارج المسجد أو على من لا يسأل
الخامسة : لو شرط للمستحقين خبزا أو لحما معينا كل يوم فللقيم أن يدفع القيمة من النقد وفي موضع آخر : لهم طلب العين وأخذ القيمة
السادسة : تجوز الزيادة من القاضي على معلوم الإمام إذا كان لا يكفيه وكان عالما تقيا
السابعة : شرط الواقف عدم الاستبدال فللقاضي الاستبدال إذا كان أصلح
- لا يجوز للقاضي عزل الناظر المشروط له بلا خيانة ولو عزله لا يصير معزولا ولا الثاني متوليا كذا في فصول العمادي ويصح عزل الناظر بلا خيانة إن كان منصوب القاضي إذا عزل القاضي الناظر ثم عزل القاضي فتقدم المخرج إلى الثاني وأخبره أن الأول عزله بلا سبب لا يعيده ولكن يأمره بأن يثبت عنده انه أهل للولاية فإذا أثبت أعاده
- ليس للقاضي عزل الناظر بمجرد شكاية المستحقين حتى يثبتوا عليه خيانة وكذا الوصي الواقف إذا عزل الناظر : فإن شرط له العزل حال الوقف صح اتفاقا وإلا لا عند محمد ويصح عند أبي يوسف ومشايخ بلخ اختاروا قول الثاني والصدر اختار قول محمد
وعلى هذا الاختلاف : لو مات الواقف فلا ولاية للناظر لكونه وكيلا عنه فيملك عزله بلا شرط وتبطل ولايته بموته وعند محمد ليس بوكيل فلا يملك عزله ولا تبطل بموته
والخلاف فيما إذا لم يشترط له الولاية في حياته وبعد مماته وأما لو شرط ذلك لم تبطل بموته اتفاقا هذا حاصل ما في الخلاصة و البزازية والفتوى على قول أبي يوسف كما في الولوالجية وفي العتابيه : لو لم يجعل الواقف له قيما فنصب القاضي له قيما وقضى بقوامته لم يملك الواقف إخراجه انتهى
ولم أر حكم عزل الواقف للمدرس والإمام اللذين ولاهما ولا يمكن إلحاقه بالناظر لتعليلهم لصحة عزله عند الثاني بكونه وكيلا عنه وليس صاحب الوظيفة وكيلا عن الواقف ولا يمكن منعه عن العزل مطلقا لعدم شتراط في أصل الإيقاف لكونهم جعلوا له نصب الإمام والمؤذن بلا شرط لما في البزازية
- الباني أولى بنصيب الإمام والمؤذن وولد الباني وعشيرته أولى من غيرهم
- بني مسجدا في محلة فنازعه بعض أهل المحلة في العمارة فالباني أولى مطلقا
وإن تنازعوا في نصب الإمام والمؤذن مع أهل المحلة : إن كان ما اختاره أهل المحلة أولى من الذي اختاره الباني فما اختاره أهل المحلة أولى وإن كانا سواء فمنصوب الباني أولى اهـ
كثر في زماننا إجارة أرض الوقف مقيلا ومراحا قاصدين بذلك لزوم الأجر وان لم ترو بماء النيل ولا شك في صحة الإجارة لأنها لم تستاجر للزراعة وهما منفعتان مقصودتان لما في إجارة الهداية : الأرض تستأجر للزراعة وغيرها قال في النهاية : أي لغير الزراعة نحو البناء وغرس الأشجار ونصب الفسطاط و نحوهما وفي المعراج و فتح القدير من البيع الفاسد ولا تجوز إجارة المراعي أي : الكلأ والحيلة في ذلك أن يستاجر الأرض ليضرب فيها فسطاطا أو ليجعلها حظيرة لغنمه ثم يستبيح المرعى وذكر الزيلعي الحيلة أن يستأجرها لإيقاف الدواب أو منفعة أخرى هما
- والحاصل : أن المقيل مكان القيلولة وهي : النوم نصف النهارة قال الرازي في تفسير الفرقان : المقيل : زمان القيلولة ومكانها وهو الفردوس في الآية وهي { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } : وفي القاموس : القائلة نصف النهار قال قيلا وقائلة وقيلولة ومقالا ومقيلا اهـ واما المراح فقال في القاموس : لا أروح الإبل ردها إلى المراح بالضم المأوى في المساء وفي الصحاح : أراح إبله ردها إلى المراح وفي المصباح : الرواح : رواح العشي وهو من الزوال إلى الليل والمراح بضم الميم : حيث تأوي الماشية بالليل والمناخ والمأوى مثله وفتح الميم بهذا المعنى خطأ لأنه اسم مكان واسم المكان والزمان والمصدر من أفعل بالألف مفعل بضم الميم على صيغة اسم المفعول وأما المراح بالفتح فاسم الموضع من راحت بغير ألف واسم المكان والزمان من الثلاثي بالفتح والمراح أيضا الموضمع الذي يروح القوم منه أو يروحون إليه اهـ
- فرجع معنى المقيل في الإجارة إلى مكان القيلولة ويدل على صحتها له : قولهم : لو استأجرها لنصب الفسطاط : جاز لأنه للقيلولة ورجع معنى المراح إلى مكان مأوى الإبل ويدل على صحتها : قولهم : لو استأجرها لإيقاف الدواب أو ليجعلها حظيرة لغنمه جاز
- تخلية البعيد باطلة فلو استأجر قرية وهو بالمصرة لم تصح تخليتها على الأصح
كما في الخانية و الظهيرية في البيع والإجارة وهي كثيرة الوقوع في إجارة الأوقاف فينبغي للمتولي أن يذهب إلى القرية مع المستأجر فيخلي بينه وبينها أو يرسل وكيله أو رسوله إحياء لمال الوقف
- أقر الموقوف عليه بأن فلانا يستحق معه كذا أو أنه يستحق الريع دونه وصدقه فلان صح في حق المقر دون غيره من أولاده وذريته ولو كان مكتوب الوقف مخالفا له حملا على أن الواقف رجع على ما شرطه وشرط ما أقر به المقر ذكره الخصاف في باب مستقل وأطال في تقريره
ما شرطه الواقف لاثنين ليس لأحدهما الانفراد إلا إذا شرط الواقف الاستبدال لنفسه وللآخر فإن للواقف الانفراد لا لفلان كما في فتاوى قاضي خان ومقتضاه : لو شرط لهما الإدخال والإخراج ليس لأحدهما ذلك ولو بعد موت الآخر فيبطل ذلك الشرط بموت أحدهما وعلى هذا : لو شرط النظر لهما فمات أحدهما أقام القاضي غيره مقامه وليس للحي الانفراد : إلا إذا أقامه القاضي كما في الإسعاف
- الناظر : وكيل الواقف عند أبي يوسف ووكيل الفقراء عند محمد فينعزل بموت الواقف عند أبي يوسف وله عزله ويبطل ما شرطه له بموته خلافا لمحمد في الكل
- في الدور والحوانيت المسبلة في يد المستأجر يمسكها بغبن فاحشر بنصف أجرة المثل أو نحوه ة لا يعذر أهل المحلة بالسكوت عنه إذ أمكنهم رفعه ويجب على الحاكم أن يأمره بالاستئجار بأجر المثل ووجب عليه تسليم زائد السنين الماضية ولو كان القيم ساكتا مع قدرته على الرفع إلى القاضي لا غرامة عليه وإنما هي على المستأجر وإذا ظفر الناظر بمال الساكن فله أخذ النقصان منه فيصرفه في مصرفه قضاء وديانة كذا في القنية
- عزل القاضي فادعى القيم أنه قد أجرى له كذا مشاهرة أو مسانهة وصدقه المعزول فيه لا يقبل إلا ببينة ثم إن كان ما عينه أجر مثل عمله أو دونه يعطيه الباقي وإلا يحط الزيادة ويعطيه الباقي
- يصح تعليق التقرير في الوظائف أخذا من جواز تعليق القضاء والإمارة بجامع الولاية : فلو مات المعلق بطل التقرير فإذا قال القاضي : لا إن مات فلان أو شغرت وظيفة كذا فقد قررتك فيها صح وقد ذكره في أنفع الوسائل تفقها وهو فقه حسن وفي فوائد صاحب المحيط : للإمام والمؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقط لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل : لا يسقط لأنه كالأجرة اهـ ذكره في الدرر والغرر وجزم في البغية تلخيص القنية بأنه يورث ثم قال : بخلاف رزق القاضي وفي الينبوع للأسيوطي فرع يذكر فيه ما ذكره أصحابنا الفقهاء في الوظائف المتعلقة بالأوقاف :
- أوقاف الأمراء والسلاطين كلها إن كان لها أصل من بيت المال أو ترجع إليه فيجوز لمن كان بصفة الاستحقاق من عالم للعلوم الشرعية أو طالب العلم كذلك وصوفي على طريقة الصوفية من أهل السنة أن يأكل مما وقفوه غير متقيد بما شرطوه ويجوز في هذه الحالة الاستنابة بعشر وغيره ويتناول المعلوم وإن لم يباشر ولا استناب واشتراك الاثنين فأكثر في الوظيفة الواحدة والواحد عشر وظائف ومن لم يكن بصفة الاستحقاق من بيت المال لم يحل له الأكل من هنا الوقف ولو قرره الناظر وباشر الوظيفة لان هذا من بيت المال لا يتحول عن حكمه الشرعي بجعل أحد وما يتوهمه كثير من الناس ممن يقول في ملك الذي وقف فهو توهم فاسد ولا يقبل في باطن الأمر
أما أوقاف أرض ملكوها وأوقفوها : فلها حكم آخر وهي قابلة بالنسبة إلى تلك وإذا عجز الواقف عن الصرف إلى جميع المستحقين
- فإن كان أصله من بيت المال روعي فيه صفة الأحقية من بيت المال فإن كان في أهل الوظائف من هو بصفة الاستحقاق من بيت المال ومن ليس كذلك فقدم الأولون عن غيرهم من العلماء وطلبة العلم وال الرسول صلى الله عليه و سلم وإن كانوا كلهم بصفة الاستحقاق منه ؟ قدم الأحوج فالأحوج فإن استووا في الحاجة قدم الأكبر فالأكبر فيقدم المدرس ثم المؤذن ثم الإمام ثم القيم
- وان كان الوقف ليس مأخوذا من بيت المال اتتع فيه شرط الواقف فإن لم يشترط تقديم أحد لم يقدم فيه أحد بل يقسم على كل منهم بجميع أهل الوقف بالسوية أهل الشعائر وغيرهم انتهى بلفظه - وقد اغتر بذلك كثير من الفقهاء في زماننا فاستباحوا تناول معاليم الوظائف بغير مباشرة أو مع مخالفة الشروط والحال أن ما نقله الأسيوطي عن فقهائهم إنما هو فيما بقي لبيت المال ولم يثبت له ناقل وأما الأراضي التي باعها السلطان وحكم بصحة بيعها ثم وقفها المشتري : فإنه لا بد من مراعاة شرائطه
فإن قلت : هل في مذهبنا لذلك أصل قلت : نعم كما بينته في التحفة المرضية في الأراضي المصرية وقد سئل عن ذلك المحقق ابن الهمام فأجاب بأن للإمام البيع إذا كان بالمسلمين حاجة والعياذ بالله تعالى وبينت في هذه الحالة أنه إذا كان فيه مصلحة صح وان لم يكن لحاجة كبيع عقار اليتيم على قول المتأخرين المفتى به
فإن قلت : هنا في أوقاف الأمراء أما في أوقاف السلاطين فلا قلت : لا فرق بينهما فإن للسلطان الشراء من وكيل بيت المال وهي جواب الواقعة التي أجاب عنها المحقق ابن الهمام في فتح القدير فإنه سئل عن الأشرف برسبائي إذا اشترى من وكيل بيت المال أرضا ثم وقفها فأجاب بما ذكرناه
أما إذا وقف السلطان من بيت المال أرضا للمصلحة العامة فذكر قاضي خان في فتاواه جوازه ولا يراعى ما شرطه دائما
وأما استواء المستحقين عند الضيق : فمخالف لما في مذهبنا لما في الحاوي القدسي
الشي يبدأ به من ارتفاع الوقف عمارته شرط الواقف أم لا ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم قدر كفايتهم ثم السراج والبساط كذلك - انتهى
وظاهره : أن المقدم في الصرف : الإمام والمدرس والوقاد والفراش وما كان بمعناهم لتعبيره بالكاف فما كان بمعناهم الناظر وبنبغي إلحاق الشاد زمن العمارة والكاتب بهم لا في كل زمان وينبغي إلحاق الجابي المباشر للجباية بهم والسواق ملحق بهم أيضا والخطيب ملحق بالإمام بل هو إمام الجمعة ولكن قيد المدرس بمدرس المدرسة وظاهره إخراج مدرس الجامع ولا يخفى ما بينهما من الفرق فإن مدرس المدرسة إذا غاب تعطلت المدرسة فهو أقرب إلى العمارة كمدرسي الروم أما مدرس الجامع كأكثر المدرسين بمصر فلا ولا يكون مدرس المدرسة من الشعائر إلا إذا لازم التدريس على حكم شرط الواقف أما مدرسو زماننا فلا كما لا يخفى وظاهر ما في الحاوي تقديم الإمام والمدرس على بقية الشعائر لتعبيره بثم فإذا علمت ذلك : ظهر لك أن الشاهد والمباشر والشاد في غير زمن العمارة والمزملاتي والشحنة وكاتب الغيبة وخازن الكتب وبقية أرباب الوظائف : ليسوا منهم وينبغي إلحاق المؤذنين بالإمام وكذا الميقاتي لكثرة الاحتياج إليه للمسجد وظاهر ما في الحاوي : تقديم من ذكرناه
ولو شرط الواقف الإستواء عند الضيق لأنه جعلهم كالعمارة ولو شرط استواء العمارة بالمستحقين لم يعتبر شرطه وإنما تقدم عليهم فكذا هم
الجامكية في الأوقاف لها شبه الأجرة وشبه الصلة وشبه الصدقة فيعطى كل شبه ما يناسبه فاعتبرنا شبه الأجرة باعتبار زمن المباشرة وما يقابله من المعلوم والحل للأغنياء وشبه الصلة باعتبار أنه إذا قبض المستحق المعلوم ثم مات أو عزل فإنه لا يسترد منه حصة ما بقي من السنة وشبه الصدقة لتصحيح أصل الوقف فإنه لا يصح على الأغنياء ابتداء فإذا مات المدرس في أثناء السنة مثلا قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وبنظر كم يكون منه للمدرس المنفصل والمتصل فيعطى بحساب مدته ولا يعتبر في حقه اعتبار زمان مجيء الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل كذا حرره الطرسوسي في أنفع الوسائل
ثم اعلم أن اعتبار زمن مجيء الغلة في حق الأولاد في غير الأوقاف المؤجرة على الأقساط الثلاثة كل أربعة أشهر قسط فيجب اعتبار إدراك القسط فكل من كان مخلوقا قبل تمام الشهر الرابع حتى تم وهو مخلوق استحق القسط ومن لا فلا كما في فتح القدير
- لا تنفسخ الإجارة بموت المؤجر للوقف إلا في مسألتين ما إذا آجرها الواقف ثم ارتد ثم مات لبطلان الوقف بردته فانتقلت إلى ورثته وفيما إذا اجر أرضه ثم وقفها على معين ثم مات تنفسخ ذكره ابن وهبان في أخر شرحه
- الناظر إذا آجر إنسانا فهرب ومال الوقف عليه لا يضمن كذا في التاتارخانية
بخلاف ما إذا فرط في خشب الوقف حتى ضاع فإنه يضمنه
- أقر بأرض في يد غيره بأنها وقف وكذبه ثم اشتراها أو ورثها صارت وقفا مؤاخذة له بزعمه وقد كتبنا نظائرها في الإقرار
- وقعت حادثة : وقف الأمير على فلان ثم على أولاده ثم من بعدهم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من الذكور خاصة دون الإناث فإذا انقرض أولاد الذكورة صرف إلى كذا فهل قوله من الذكور خاصة قيد الأباء والأبناء حتى لا تستحق أنثى ولا ولد أنثى أم هو قيد في الأبناء دون الآباء حتى يستحق ولد الذكر ولو كان أنثى ؟ فأجبت : هو قيد في الأباء دون الأبناء لأن الأصل كون الوصف بعد متعاطفين للأخير كما صرحوا به في باب المحرمات في قوله تعالى { من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } بعد قوله تعالى : { وأمهات نسائكم وربائبكم } ولأن الظاهر أن مقصوده حرمان أولاد البنات لكونهم ينسبون إلى آبائهم ذكورا كانوا أو إناثا وتخصيص أولاد الأبناء ولو كانوا إناثا لكونهم ينسبون إليهم وبقرينة قوله بعده : فإذا انقرض أولاد الذكور ولم يقل : أبناء الذكور ولا أبناء الأولاد والله سبحانه وتعالى اعلم
ثم بلغني أن بعض الشافعية جعله قيدا في الآباء والأبناء ووافقه بعض الحنفية فرأيت الإمام الإسنوي في التمهيد نقل أن الوصف بعد الجمع يرجع إلى الجميع عند الشافعية والى الأخير عند الحنفية وأن محل كلام الشافعية فيما إذا كان العطف بالواو
وأما بثم : فيعود إلى الأخير اتفاقا
- الاستدانة على الوقف لمصالح الوقف عند الضرورة : لا تجوز إلا بإذن القاضي وإن كان المتولي يبعد عنه أن يستدين بنفسه كذا في خزانة المفتين
- الناظر إذا فرض النظر لغيره : فإن كان له التفويض بالشرط صح مطلقا وإلا فإن فوض في صحته لم يصح وان فوض في مرض موته صح كذا في القنية و اليتيمة و خزانة المفتين وغيرها
واذا صح التفويض بالشرط لا يملك عزله إلا إذا كان الواقف جعل له التفويض والعزل كما حرره
الطرسوسي في أنفع الوسائل
ولم يذكر ما إذا فوض في مرض موته بلا شرط وقلنا بالصحة و ينبغي أن يكون له العزل والتفويض إلى غيره كالإيصاء
وسئلت عن ناظر معين بالشرط ثم بعد وفاته لحاكم المسلمين فهل إذا فوض النظر لغيره ثم مات ينتقل للحاكم أو لا ؟ فأجبت : بأنه إن فوض في صحته ينتقل للحاكم بموته لعدم صحة التفويض وإن في مرض موته لا ينتقل له ما دام المفوض إليه باقيا لقيامه مقامه
وعن واقف شرط مرتبا لرجل معين ثم من بعده للفقراء ففرغ عنه لغيره ثم مات فهل ينتقل إلى الفقراء فأجبت بالانتقال
ليس للقاضي أن يقرر له وظيفة في الوقف بغير شرط الواقف ولا يحل للمقرر له الأخذ إلا النظر على الوقف ذكر الحسامي في واقعاته
أن للقاضي نصب القيم بغير شرط وليس له نصب خادم للمسجد بغير شرط فاستفدت منها ما ذكرته
- يكره إعطاء فقير من وقف الفقراء مائتي درهم لأنه صدقة فم أشبهت الزكاة إلا إذا أوقف على فقراء قرابته فلا يكره كالوصية كذا في الاختيار
ومن هذا يعلم حكم المرتب الكثير من وقف الفقراء لبعض العلماء الفقراء فليحفظ
- إذا وقف على فقراء قرابته لم يستحق مدعيهما إلا ببينة على القرابة والفقر لا بد من بيان جهة القرابة ولا بد من بيان أنه فقير معدم
ومن له نفقة على غيره ولا مال له : فقير إن كانت لا تجب إلا بالقضاء كذوي الرحم المحرم وان كانت تجب بغير قضاء فليس بفقير كالولد الصغير كذا في الاختيار
- إذا جعل تعمير الوقف في سنة وقطع معلوم المستحقين كلهم أو بعضهم فما قطع لا يبقى لهم دينا على الوقف إذ لا حق لهم في الغلة زمن التعمير بل زمن الاحتياج إليه عمره أو لا وفي الذخيرة ما يفيد أن الناظر إذا صرف لهم مع الحاجة إلى التعمير فإنه يضمن انتهى
وفائدة ما ذكرناه : لو جاءت الغلة في السنة الثانية وفضل شيء بعد صرف معلومهم هذه السنة لا يعطيهم الفاضل عوضا عما قطع وقد استفتيت عما إذا شرط الواقف الفاضل عن المستحقين للعتقاء وقد قطع للمستحقين في سنة شيء بسبب التعمير هل يعطى الفاضل في الثانية لهم أم للعتقاء ؟ فأجبت : للعتقاء لما ذكرناه والله سبحانه وتعالى أعلم
و إذا قلنا بتضمين الناظر إذا صرف لهم مع الحاجة إلى التعمير : هل يرجع عليهم بما دفعه لكونهم قبضوا ما لا يستحقونه أو لا لم أره صريحا لكن نقلوا في باب النفقات أن مودع الغائب إذا أنفق الوديعة على أبوي المودع بغير إذنه وإذن القاضي فإنه يضمن وإذا ضمن لا يرجع عليهما لأنه لما ضمن تبين أن المدفوع ملكه لاستناد ملكه إلى وقت التعدي كما في الهداية وغيرها
وقالوا في كتاب الغصب : إن المضمونات يملكها الضامن مستندا إلى وقت التعدي حتى لو غيب الغاصب العين المغصوبة وضمنه المالك : ملكها مستندا إلى وقت الغصب فنفذ بيعه السابق ولو أعتق العبد المغصوب بعد التضمن : نفذ ولو كان محرمه : عتق عليه كما بيناه في النوع الثالث من بحث الملك ولا يخالفه ما في القنية من باب الشروط في الوقف : لو شرط الواقف قضاء دينه ثم يصرف الفاضل إلى الفقراء فلم يظهر دين في تلك السنة فصرف الفاضل إلى المصرف المذكور ثم ظهر دين على الواقف يسترد ذلك من المدفوع إليهم انتهى
لأن الناظر ليس بمتعد في هذه الصورة لعدم ظهور الدين وقت الدفع فلم يملكه القابض فكان للناظر استرداده بخلاف مسألتنا لأنه متعد لكونه صرف عليهم مع علمه بالحاجة إلى التعمير وكذا لا يرد ما إذا أذنه القاضي بالدفع إلى زوجة الغائب فلما حضر جحد النكاح وحلف فإنه قال في العتابية : إن شاء ضمن المرأة وان شاء ضمن الدافع وبرجع هو على المرأة انتهى
لأنه غير معتد وقت الدفع وإنما ظهر الخطأ في الإذن فإنما دفع بناء على صحة إذن القاضي فكان له الرجوع عليها لأنه وان ملك المدفوع بالضمان فليس بمتبرع
وفي النوازل : سئل أبو بكر عن رجل وقف دارا على مسجد على أن ما فضل من عمارته فهو للفقراء فاجتمعت الغلة والمسجد لا يحتاج إلى العمارة هل تصرف إلى الفقراء قال : لا تصرف إلى الفقراء وان اجتمعت غلة كثيرة لأنه يجوز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل قال الفقيه : سئل أبو جعفر عن هذه المسألة فأجاب هكذا
ولكن الاختيار عندي أنه إذا علم أنه قد اجتمع من الغلة مقدار ما لو احتاج المسجد والدار إلى العمارة أمكن العمارة منها صرف الزيادة على الفقراء على ما شرط الواقف انتهى وبلفظه
فقد استفدنا منه أن الواقف إذا شرط تقديم العمارة ثم الفاضل عنها للمستحقين كما هو الواقع في أوقاف القاهرة فإنه يجب على الناظر إمساك قدر ما يحتاج إليه للعمارة في المستقبل وإن كان الآن لا يحتاج إلى الموقوف إلى العمارة على القول المختار للفقيه
على هذا فيفرق بين اشتراط تقديم العمارة في كل سنة والسكوت عنه فإنه مع السكوت تقدم العمارة عند الحاجة إليها ولا يدخر لها عند عدم الحاجة إليها ومع الاشتراط تقدم عند الحاجة ويدخر لها عند عدمها ثم يفرق الباقي لأن الواقف إنما جعل الفاضل عنها للفقراء
نعم إذا اشترط الواقف تقديمها عند الحاجة إليها لا يدخر لها عند الاستغناء وعلى هذا فيدخر الناظر في كل سنة قدرا للعمارة ولا يقال إنه لا حاجة إليه لأنا نقول قد علله في النوازل بجواز أن يحدث للمسجد حدث والدار بحال لا تغل
و حاصله : جاز خراب المسجد أو بعض الموقوف والموقوف لا غلة له فيؤدي الصرف إلى الفقراء من غير ادخار شيء للتعمير إلى خراب العين المشروط تعميرها أولا
وصي الواقف ناظر على أوقافه كما هو متصرف في أمواله ولو جعل رجلا وصيا بعد جعل الأول : كان الثاني وصيا لا ناظرا كما في العتابية من الوقف ولم يظهر لي وجهه فإن مقتضى ما قالوا في الوصايا أن يكونا وصيين حيث لم يعزل الأول فيكونان ناظرين فليتأمل وليراجع غيره (1/219)
كتاب البيوع
أحكام الحمل ذكرناها هنا لمناسبة أنه لا يجوز بيعه وهو : تابع لأمه في أحكام العتق والتدبير المطلق لا المقيد كما في
الظهيرية والاستيلاء والكتابة والحرية الأصلية والرق والملك بسائر أسبابه وحق المالك القديم يسري إليه وحق الاسترداد في البيع الفاسد وفي الدين فيباع مع أمه للدين وحق الأضحية والرهن فهي اثنتا عشرة مسألة وما زاد على ما في المتون من جامع الفصولين ويتبعها في الرهن فإذا ولدت المرهونة كان رهنا معها بخلاف المستأجرة والكفيلة والمغصوبة والموصى بخدمتها فإنه لا يتبعها كما في الرهن من الزيلعي
ولم أر الآن حكم ما إذا باع جارية وحملها أو مع حملها أو بحملها أو دابة كذلك فإن عللنا قولهم بفساد البيع فيما لو باع جارية إلا حملها بكونه مجهولا استثناء من معلوم فصار الكل مجهولا نقول هنا بفساد البيع لكونه جمعا بين معلوم ومجهول لكن لم أره صريحا وفي
فتح القدير : بعدما أعتق الحمل لا يجوز بيع الأم وتجوز هبتها ولا تجوز هبتها بعد تدبير الحمل على الأصح كذا في المبسوط
ولم أر حكم ما إذا حملت أمة كافرة لكافر من كافر فأسلم : هل يؤمر مالكها ببيعها لصيرورة الحمل مسلما بإسلام أبيه والحال أن سيده كافر
ولم أر الآن حكم الإجارة له وينبغي فيه الصحة لأنها تجوز للمعدوم فالحمل أولى وينبغي أن يصح الوقف عليه كالوصية بل أولى
ولا فرق بين كون الجنين تبعا لأمه بين بني آدم والحيوانات فالولد منها لصاحب الأنثى لا لصاحب الذكر كذا في كراهية البزازية
ولا يتبع أمه في الجناية فلا يدفع معها إلى وليها وكذا لا يتبعها في حق الرجوع في الهبة ولا في حق الفقراء في الزكاة في السائمة ولا في وجوب القصاص على الأم ولا في وجوب الحد عليها فلا تقتل ولا تحد إلا بعد وضعها ولا يتذكى الجنين بذكاة أمه فلا يتبعها في ستة مسائل
ولا يفرد بحكم ما دام متصلا بها فلا يباع ولا يوهب إلا في إحدى عشرة مسألة يفرد بها : في الإعتاق والتدبير والوصية به وله والإقرار به وله بالشرط المذكور في المتون في الوصية والإقرار ويثبت نسبه وتجب نفقته لأمه ويرث ويورث فإن ما يجب فيه من الغرة يكون موروثا بين ورثته ويصح الخلع على ما في بطن جاريتها ويكون الولد له إذا ولدت لأقل من ستة أشهر
ولا يتبع أمه في شيء من الأحكام بعد الوضع إلا في مسألة : وهي ما إذا استحقت الأم ببينة : فإنه يتبعها ولدها وبإقراره لا كما في الكنز
ويمكن أن يقال ثانية : ولد البهيمة يتبع أمه في البيع إن كان معها وقته على القول المفتى به
- رد المبيع بعيب بقضاء فسخ في حق الكل إلا في مسألتين :
إحداهما : لو أحال البائع بالثمن ثم رد المبيع بعيب بقضاء لم تبطل الحوالة
الثانية : لو باعه بعد الرد بعيب بقضاء من غير المشتري وكان منقولا لم يجز ولو كان فسخا لجاز قال الفقيه أبو جعفر : كنا نظن أن بيعه جائز قبل قبضه من المشتري ومن غيره لكونه فسخا في حق الكل قياسا على المبيع بعد الإقالة : حتى رأينا نص محمد رحمه الله على عدم جوازه قبل القبض مطلقا كذا في بيوع الذخيرة
- الاعتبار للمعنى لا للألفاظ صرحوا به في مواضع منها الكفالة فهي بشرط براءة الأصيل حوالة وهي بشرط عدم براءته كفالة ولو قال : بعتك إن شئت أو شاء أبي أو زيد إن ذكر ثلاثة أيام أو أقل كان بيعا بخيار للمعنى وإلا بطل للتعليق وهو لا يحتمله
ولو وهب الدين لمن عليه كان إبراء للمعنى فلا يتوقف على القبول على الصحيح ولو قال : أعتق عبدك عني بألف كان بيعا للمعنى لكنه ضمني اقتضاء فلا تراعى شروطه وإنما تراعى شروط المقتضى فلا بد أن يكون الأمر أهلا للإعتاق ولا يفسد بألف ورطل من خمر ولو راجعها بلفظ النكاح صحت للمعنى ولو نكحها بلفظ الرجعة صح أيضا
ولو قال لعبده : إن أديت إلي ألفا فأنت حر : كان إذنا له بالتجارة وتعلق عتقه
بالأداء نظرا للمعنى لا كتابة فاسدة ولو وقف على ما لا يحصى كبني تميم صح نظرا للمعنى وهو بيان الجهة كالفقراء لا للفظ ليكون تملكا لمجهول
وينعقد البيع بقوله : خذ هذا بكذا فقال أخذت وينعقد بلفظ الهبة مع ذكر البدل وبلفظ الإعطاء والاشتراك والإدخال والرد والإقالة على قول وقد بيناه مفصلا معزوا في شرح الكنز
وتنعقد الإجارة بلفظ الهبة والتمليك كما في الخانية وبلفظ الصلح عن المنافع وبلفظ العارية
وينعقد النكاح بما يدل على ملك العين للحال كالبيع والشراء والهبة والتمليك
وينعقد السلم بلفظ البيع كعكسه
ولو قال لعبده : بعت نفسك منك بألف كان إعتاقا على مال نظرا للمعنى
ولو شرط رب المال للمضارب كل الربح كان المال قرضا ولو شرط لرب المال كان بضاعة
ويقع الطلاق بألفاظ العتق
ولو صالحه عن ألف على نصفه قالوا إنه إسقاط للباقي فمقتضاه عدم اشتراط للقبول كالإبراء وكونه عقد صلح يقتضي القبول لأن الصلح ركنه الإيجاب والقبول
ولو وهب المشتري المبيع من البائع قبل قبضه فقبل كان إقالة
وخرجت عن هذا الأصل مسائل :
- منها : لا تنعقد الهبة بالبيع بلا ثمن ولا العارية بالإجارة بلا أجرة ولا البيع بلفظ النكاح والتزويج
ولا يقع العتق بألفاظ الطلاق وان نوى والطلاق و العتاق تراعى فيهما الألفاظ لا المعنى فقط فلو قال لعبده : إن أديت إلي كذا في كيس أبيض فأنت حر فاداها في كيس أحمر لم يعتق ولو وكله بطلاق زوجته منجزا فعلقه على كائن لم تطلق وفي الهبة بشرط العوض نظروا إلى جانب اللفظ ابتداء فكانت هبة ابتداء والى جانب المعنى كانت بيعا انتهاء فتثبت أحكامه من الخيارات ووجوب الشفعة
- بيع الابق لا يجوز إلا لمن يزعم أنه عنده ولولده الصغير كما في الخانية الشراء إذا وجد نفاذا على المباشر نفذ فلا يتوقف شراء الفضولي ولا شراء الوكيل المخالف ولا إجارة المتولي أجيرا للوقف بدرهم و دانق بل ينفذ عليهم والموصي كالمتولي وقيل تقع الإجارة لليتيم وتبطل الزيادة كما في القنية إلا في مسألة الأمير والقاضي إذا استأجرا أجيرا بأكثر من أجرة المثل فإن الزيادة باطلة ولا تقع الإجارة كما في سير الخانية
- الشرع وصف في المشروع إلا في الدعوى والشهادة كذا في دعوى البزازية
- المقبوض على سوم الشراء : مضمون لا المقبوض على سوم النظر كما في الذخيرة
- تكرار الإيجاب : مبطل للأول إلا في العتق على مال كذا في بيع الذخيرة
- العقود تعتمد في صحتها الفائدة فما لم يفد لم يصح فلا يصح بيع درهم بدرهم استويا وزنا وصفة كما في الذخيرة ولا تصح إجارة ما لا يحتاج إليه كسكنى دار بسكنى دار
- إذا قبض المشتري المبيع بيعا فاسدا ملكه إلا في مسائل :
الأولى : لا يملكه في بيع الهازل كما في الأصول
الثانية : لو اشتراه الأب من ماله لابنه الصغير أو باعه له كذلك فاسدا لا يملكه به بالقبض حتى يستعمله كذا في المحيط
الثالثة : لو كان مقبوضا في يد المشتري أمانة لا يملكه به
الرابعة : المشتري إذا قبض المبيع في الفاسد بإذن بائعه ملكه
وتثبت أحكام الملك كلها إلا في مسائل لا يحل له أكله ولا لبسه ولا وطؤها لو كانت جارية ولو وطئها ضمن عقرها ولا شفعة لجاره لو كانت عقارا
الخامسة : لا يجوز أن يتزوجها البائع من المشتري كما ذكرناه في الشرح
- إذا اختلف المتبايعان في الصحة والبطلان فالقول لمدعي البطلان كما في البزازية
وفي الصحة والفساد فالقول لدعي الصحة كذا في الخانية و الظهيرية إلا في مسألة في إقالة فتح القدير :
لو ادعى المشتري أنه باع المبيع من البائع بأقل من الثمن قبل النقد وادعى البائع الإقالة فالقول للمشتري مع أنه يدعي فساد العقد ولو كان على القلب تحالفا وإذا سمى شيئا وأشار إلى خلاف جنسه كما إذا سمى ياقوتا وأشار إلى زجاج فالبيع باطل لكونه بيع المعدوم واختلفوا فيما إذا سمى هرويا وأشار إلى مروزي : قيل باطل فلا يملك بالقبض وقيل فاسد كذا في الخانية
- كل عقد أعيد وجدد فإن الثاني باطل فالصلح بعد الصلح باطل كما في جامع الفصولين والنكاح بعد النكاح كذلك كما في القنية والحوالة بعد الحوالة باطلة كما في التلقيح إلا في مسائل
الأولى : الشراء بعد الشراء صحيح أطلقه في جامع الفصولين وقيده في القنية بأن يكون الثاني أكثر ثمنا من الأول أو أقل أو بجنس آخر وإلا فلا
الثانية : الكفالة بعد الكفالة صحيحة لزيادة التوثيق بخلاف الحوالة فإنها نقل فلا يجتمعان كما في التلقيح وأما الإجارة بعد الإجارة من المستأجر الأول فالثانية فسخ للأول ى كما في البزازية
- التخلية : تسليم إلا في مسائل :
الأولى : قبض المشتري المبيع قبل النقد بلا إذن البائع ثم خلى بينه وبين البائع لا يكون ردا له
الثانية : في البيع الفاسد على ما صححه العمادي و صحح قاضي خان أنها تسليم
الثالثة : في الهبة الفاسدة اتفاقا
الرابعة : في الهبة الجائزة في رواية
- خيار الشرط يثبت في ثمان : البيع والإجارة والقسمة والصلح عن مال والكتابة والرهن للراهن والخلع لها والإعتاق على مال للقن لا للسيد وللزوج هكذا في فصول العمادي معزيا إلى الاستروشني نقلا عن بعضهم وتبعهما في جامع الفصولين وزدت عليها في الشرح سبعا أخرى فصارت خمس عشرة : الكفالة والحوالة كما في البزازية والإبراء عن الدين كما في أصول فخر الإسلام من بحث الهزل والتسليم للشفعة بعد الطلبين كما ذكره أيضا منه والوقف على قول أبى يوسف رحمه والمزارعة والمعاملة إلحاقا لهما بالإجارة
ولا يدخل الخيار في سبعة : النكاح والطلاق إلا الخلع لها واليمين والنشر والإقرار إلا الإقرار بعقد يقبله والصرف والسلم
- يشترط التقابض قبل الافتراق في الصرف فإن تفزقا قبله بطل العقد إلا فيما إذا استهلك رجل بدل الصرف قبل القبض واختار المشتري اتباع الجابي وتفرق العاقدان قبل قبض القيمة من المتلف فإن الصرف لا يفسد عندهما خلافا لمحمد رحمه الله كما في الجامع
- البيع لا يبطل بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا : شرط رهن وكفيل وإحالة معلومين وإشهاد وخيار ونقد ثمن إلى ثلاثة وتأجيل الثمن إلى معلوم وبراءة من العيوب وقطع الثمار المبيعة وتركها على النخيل بعد إدراكها على المفتى به ووصف مرغوب فيه وعدم تسليم المبيع حتى يتسلم الثمن ورده بغيب وجد وكون الطريق لغير المشتري وعدم خروج المبيع من ملكه في غير الآدمي إطعام المشتري المبيع إلا إذا عين ما يطعم الآدمي وحمل الجارية وكونها مغنية وكونها حلوبا وكون الفرس هملاجا و كون الجارية ما ولدت وإيفاء الثمن في بلد آخر والحمل إلى منزل المشتري فيما له حمل بالفارسية وحذو النعل وخرز الخف وجعل رقعتن على الثوب وهي خياطتها وكون الثوب سداسيا وكون السويق ملتوتا بسمن وكون الصابون متخذا من كذا جرة من الزيت وبيع العبد إلا إذا قال : من فلان وجعلها بيعة والمشتري ذمي بخلاف اشتراط أن يجعلها المسلم مسجدا ويرضى الجيران إذا عينهم في بيع الدار الكل من الخانية
- الجودة في الأموال الربوية هدر إلا في أربع مسائل : في مال المريض تعتبر من الثلث وفي مال اليتيم والوقف وفي القلب - الرهن إذا انكسر ونقصت قيمته فللراهن تضمين المرتهن قيمته ذهبا وتكون رهنا كما ذكره الزيلعي في الرهن
- ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه إلا الوصية بالخدمة : يصح إفرادها دون استثائها
من اشترى ما لم يره وقت العقد وقبله ووقت القبض فله الخيار إذا راه إلا إذا حمله البائع إلى بيت المشتري فلا يرعه إذا رآه إلا إذا أعاده إلى البائع
- بيع الفضولي موقوف إلا في ثلاث فباطل : إذا شرط الخيار فيه للمالك وهي في التلقيح وفيما إذا باع لنفسه وهي في البدائع وفيما إذا باع عرضا من غاصب عرض آخر للمالك به وهي في فتح القدير
- بيع البراءات التي يكتبها الديوان للعمال لا يصح فأورد أن أئمة بخارى جوزوا بيع خطوط الأئمة ففرق بينهما بأن مال الوقف قائم ثمة ولا كذلك هنا كذا في القنية
- بيع المعدوم باطل إلا فيما يستأجره الإنسان من البقال إذا حاسبه على أثمانها بعد استهلاكها فإنها جائزة استحسانا كذا في القنية
- من باع أو اشترى أو آجر ملك الإقالة إلا في مسائل : اشترى الوصي من مديون
الميت دارا بعشرين وقيمتها خمسون لم تصح الإقالة اشترى المأذون غلاما بألف وقيمته ثلاثة لم يصح ولا يملكان الرد بالعيب ويملكانه بخيار شرط أو رؤية والمتولي على الوقف لو اجر الوقف ثم قال : ولا مصلحة لم تجز على الوقف والوكيل بالشراء لا تصح إقالته بخلافه بالبيع تصح ويضمن والوكيل بالسلم على خلاف تصح إقالة الوارث والوصي دون الموصى له وللوارث الرد بالعيب دون الموصى له لا تصح الإجازة بعد هلاك العين إلا في اللقطة وفي إجازة الغرماء بيع المأذون المديون بعد هلاك الثمن الموقوف يبطل بموت الموقوف على إجازته ولا يقوم الوارث مقامه إلا في القسمة كما في قسمة الولوالجية لا يجوز تفريق الصفقة على البائع إلا في الشفعة لها صورتان في شفعة الولوالجية الموقوف عليه العقد إذا أجازه نفذ ولا رجوع له إلا في مسألة واحدة في قسمة الولوالجية إذا أجاز الغريم قسمة الوارث فإن له الرجوع
الحقوق المجردة لا يجوز الاعتياض عنها كحق الشفعة فلو صالح عنه بمال بطلت ورجع به ولو صالح المخيرة بمال لتختاره بطل ولا شيء لها ولو صالح إحدى زوجتيه بمال لتترك نوبتها لم يلزم ولا شيء لها هكذا ذكروه في الشفعة
وعلى هذا لا يجوز الاعتياض عن الوظائف في الأوقاف
وخرج عنها : حق القصاص وسك النكاح وحق الرق فإنه يجوز الاعتياض عنها كما ذكره الزيلعي في الشفعة
- والكفيل بالنفس إذا صالح المكفول له بمال لم يصح ولم يجب وفي بطلانها روايتان
وفي بيع حق المرور في الطريق : روايتان وكذا بجع الشرب والمعتمد : لا إلا تبعا
- العقد الفاسد إذا تعلق به حق العبدة لزم وارتفع الفساد إلا في مسائل آجر فاسدا فاجر المستأجر صحيحا فللأول نقضها المشتري من الكره لو باع صحيحا فللمكره نقضه المشتري فاسدا إذا آجر صحيحا : فللبائع نقضه وكذا إذا زوج
- الغش حرام إلا في مسألتين :
إحداهما : في الولوالجية : اشترى المسلم الأسير من دار الحرب ودفع الثمن دراهم زيوفا وعروضا مغشوشة جاز إن كان حرا وان كان الأسير عبدا لم يجز
الثانية : يجوز إعطاء الزيوف والناقص في الجبايات
- للبائع حق حبس المبيع للثمن الحال إلا في مسائل في البزازية لو اشترى العبد نفسه من مولاه ولو أمر عبدا ليشتري نفسه من مولاه فاشترى للآمر ولو باعه دارا هو ساكنها إذا قبض المشتري المبيع بلا إذن البائع قبل نقد الثمن ثم تصرف فللبائع نقض تصرفه إلا في التدبير والإعتاق والاستيلاء وله إبطال الكتابة كما في البزازية
- شراء الأم لابنها الصغير ما لا يحتاج إليه غير نافذ عليه إلا إذا اشترت من أبيه أو منه ومن أجنبي كما في الولوالجية
- إقالة الإقالة : صحيحة إلا في السلم لكون المسلم فيه دينا سقط والساقط لا يعود كما ذكره الزيلعي في باب التخالف
- للمستأمن بيع مدبره ومكاتبه دون أم ولده ومن باع مال الغائب بطل بيعه إلا الأب المحتاج كذا في نفقات
البزازية
- المقبوض على سوم الشراء مضمون عند بيان الثمن وعلى وجهة النظر ليس بمضمون مطلقا كما بيناه في شرح الكنز
- الحيلة في عدم رجوع المشتري على بائعه بالثمن عند استحقاق المبيع : أن يقرأ المشتري أنه باعه من البائع قبل ذلك فلو رجع عليه لرجع عليه كذا في البزازية
- خيار الشرط في البيع داخل على الحكم لا على البيع فلا يبطله إلا في بيع الفضولي إذا اشترط للمالك فإنه يبطله كما في فروق الكرابيسي وفي دعوى البزازية
- المرافق عند الإمام الثاني المنافع والحقوق : الطريق والمسيل وفي ظاهر الرواية :
المرافق هي الحقوق انتهى
- البيع لا يبطل بموت البائع إلا في الاستصناع فيبطل بموت الصانع
- إذا اختلفا في أصل التأجيل فالقول لنا فيه إلا في السلم
وإن اختلفا في مقداره فلا يخالف إلا في السلم
- رأس المال بعد الإقالة كهو قبلها ة فلا يجوز التصرف فيه بعدها كقبلها إلا في مسألتين : لا تحالف إذا اختلفا فيه بعدها بخلاف ما قبلها ولا يشترط قبضه قبل الافتراق بخلافه قبلها
- بدل الصرف كرأس المال فلا بد من القبض قبل الإفتراق فيهما ولا يجوز التصرف فيهما قبل القبض إلا في مسألة : لا بد من قبضه قبل الافتراق بعد الإقالة كقبلها بخلاف رأس المال والكل في الشرح
- يشترط قيام المبيع عند الاختلاف للتحالف إلا إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري كما في الهداية
- الربا حرام إلا في مسائل بين مسلم وحربي ثمة وبين مسلمين أسلما ثمة ولم يخرجا إلينا وبين المولى وعبده وبين المتفاوضين وشريكي العنان كما في إيضاح الكرماني والله أعلم (1/233)
كتاب الكفالة
- براءة الأصيل موجبة لبراءة الكفيل إلا إذا ضمن له الألف التي له على فلان فبرهن فلان على أنه قضاها قبل ضمان الكفيل فإن الأصيل يبرأ دون الكفيل كذا في الخانية
- التأخير عن الأصيل تأخير عن الكفيل إلا إذا صالح المكاتب عن قتل العمد بمال ثم كفله إنسان ثم عجز المكاتب تأخرت مطالبة المصالح إلى عتق الأصيل وله مطالبة الكفيل الآن كذا في الخانية
- ولو كان الدين مؤجلا فكفل به فمات الكفيل حل بموته عليه فقط فللطالب أخذه من وارث الكفيل ولا رجوع للوارث إن كانت الكفالة بالأمر حتى يحل الأجل عندنا كذا في المجمع
- أداء الكفيل يوجب براءتهما للطالب إلا إذا أحاله الكفيل على مديونه و شرط براءة نفسه خاصة كما في الهداية
- الغرور لا يوجب الرجوع فلو قال : اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه فأخذه اللصوص أو كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله فمات فلا ضمان وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها فظهرت أنها مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر إلا في ثلاث :
الأولى : إذا كان الغرور بالشرط كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت فإنه يرجع على المخبر بما غرمه للمستحق من قيمة الولد
الثانية : أن يكون في ضمن عقد معاوضة فيرجع المشتري على البالع بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد ويرجع بقيمة البناء لو بنى المشتري ثم استحقت الدار بعد أن يسلم البناء له و إذا قال الأب لأهل السوق : بايعوا ابني فقد أذنت له في التجارة فظهر أنه ابن غيره رجعوا عليه للغرور وكذا إذا قال : بايعوا عبدي فقد أذنت له فبايعوه ولحقه دين ثم ظهر أنه عبد الغيرة رجعوا عليه إن كان الأب حرا وإلا فبعد العتق وكذا إذا ظهر حرا أو مدبرا أو مكاتبا ولا بد في الرجوع من إضافته إليه والأمر بمبايعته كذا في مأذون السراج الوهاج
الثالثة : أن يكون في عقد يرجع نفعه إلى الدافع كالوديعة و الإجارة حتى لو هلكت الوديعة أو العين المستاجرة ثم استحقت وضمن المودع والمستأجرة فإنهما يرجعان على الدافع بما ضمناه وكذا من كان بمعناهما وفي العارية والهبة : لا رجوع لأن القبض كان لنفسه وتمامه في الخانية من فصل الغرور من البيوع وقد ذكر في القنية مسائل مهمة من هذا النوع :
منها : لو جعل المالك نفسه دلال فاشتراه بناء على قوله ثم ظهر أنه أزيد من قيمته وقد أتلف المشتري بعضه فإنه يرد مثل ما أتلفه ويرجع بالثمن
ومنها : إذا غر البائع المشتري وقال له : قيمة متاعي كذا فاشتره فاشتراه بناء على قوله ثم ظهر فيه غبن فاحش فإنه يرده وبه يفتى وكذا إذا غر المشتري البائع ويرده المشتري بغرور الدلال وبما قررنا ظهر أن قول الزيلعي في باب ثبوت النسب : إن الغرور بأحد أمرين : بالشرط أو بالمعاوضة قاصر وتفرع على الشرط الثاني مسألتان في باب متفرقات بيوع الكنز اشترني فأنا عبد ارتهني فأنا عبد
لا يلزم أحد إحضار أحد فلا يلزم الزوج إحضار زوجته إلى مجلس القاضي لسماع دعوى عليها ولا يمنعها منه إلا في مسائل :
الأولى : الكفيل بالنفس عند القدرة
الثانية : وفي الأب إذا أمر أجنبيا بضمان ابنه فطلبه الضامن منه فعلى الأب إحضاره لكونه في تدبيره كما في جامع الفصولين
الثالثة : سجان القاضي خلى رجلا من المسجونين حبسه القاضي بدين عليه فلرب الدين أن يطالب السجان بإحضاره كما في القنية
الرابعة : ادعى الأب مهر بنته من الزوج فادعى الزوج أنه دخل بها وطلب من الأب إحضارها : فإن كانت تخرج في حوائجها أمر القاضي الأب بإحضارها وكذا لو ادعى الزوج عليها شيئا آخر وإلا أرسل إليها أمينا من أمنائه ذكره الولوالجي في القضاء
- من قام عن غيره بواجب بأمره فإنه يرجع عليه بما دفع وان لم يشترطه كالأمر بالإنفاق عليه وبقضاء دينة إلا في مسائل : أمره بتعويض عن هبته أو بالإطعام عن كفارته أو بأداء زكاة ماله أو بأن يهب فلانا عني وأصله في وكالة البزازية في كل موضع يملك المدفوع إليه المال المدفوع إليه مقابلا بملك مال فإن المأمور يرجع بلا شرطه وإلا فلا وذكر له أصلا في السراج الوهاج من الوكالة فليراجع
- الكفيل بالنفس مطالب بتسليم الأصيل إلى الطالب مع قدرته إلا إذا كفل بنفس فلان إلى شهر على أن يبرأ بعده لم يصر كفيلا أصلا في ظاهر الرواية وهي الحيلة في كفالة لا تلزم كما في جامع الفصولين - إبراء الأصيل يوجب إبراء الكفيل إلا كفيل النفس كما في جامع الفصولين كفل بنفسه فأقر طالبه أنه لا حق له على المطلوب فله أخذ كفيله بنفسه انتهى
وهكذا في البزازية إلا إذا قال : لا حق لي قبله ولا لموكلي ولا ليتيم أنا وصيه ولا لوقف أنا متوليه فحينئذ يبرأ الكفيل وهو ظاهر في آخر وكالة البدائع : ضمان الغرور في الحقيقة هو ضمان الكفالة انتهى
- للكفيل منع الأصيل من السفر إن كانت كفالته حالة ليخلصه منها إما بالأداء أو الإبراء وفي الكفيل بالنفس يرده إليه كما في
الصغرى وينبغي أن يتقيد بما إذا كانت بأمره
لا تصح الكفالة إلا بدين صحيح وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فلا تصح بغيره كبدل الكتابة : فإنه يسقط بالتعجيز
قلت : إلا في مسألة لم أر من أوضحها : قالوا : لو كفل بالنفقة المقررة الماضية صحت مع أنها تسقط بدونهما بموت أحدهما وكذا لو كفل بنفقة شهر مستقبل وقد قرر لها في كل شهر كذا أو بيوم يأتي وقد قرر لها في كل يوم كما صرحوا به فإنها صحيحة
- القاضي يأخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه إذا برهن المدعي ولم يترك شهوده أو أقام واحدا أو ادعى وقال : شهودي حضور ويأخذ كفيلا بإحضار المدعي ولا يجبر على إعطاء كفيل بالمال ويستثنى من طلب كفيل بنفسه إذا كان المدعى عليه وصيا أو وكيلا ولم يثبت المدعي الوصاية والوكالة وهما في أدب القاضي للخصاف وما إذا ادعى بدل الكتابة على مكاتبه أو دينا غيرها وما إذا ادعى العبد المأذون غير المديون على مولاه دينا بخلاف ما إذا ادعى المكاتب على مولاه أو المأذون المديون فإنه يكفل كذا في كافي الحاكم (1/242)
كتاب القضاء والشهادات والدعاوى
- لا يعتمد على الخط ولا يعمل به فلا يعمل بمكتوب الوقف الشي عليه خطوط القضاة الماضين لأن القاضي لا يقضي إلا بالحجة وهي البينة أو الإقرار أو النكول كما في وقف الخانية ولو أحضر المدعي خط إقرار الدعي عليه لا يحلف أنه ما كتب وإنما يحلف على أصل المال كما في قضاء الخانية وفي بيوع القنية : اشترى حانوتا فوجد بعد القبض على بابه مكتوبا وقف على مسجد كذا لا يرده لأنه علامة لا تبنى الأحكام عليها انتهى
وعلى هذا لا اعتبار بكتابة وقف على كتاب أو مصحف
قلت : إلا في مسألتين :
الأولى : كتاب أهل الحرب بطلب الأمان إلى الإمام : فإنه يعمل به ويثبت الأمان لحامله كما في سير الخانية ويمكن إلحاق البراعة السلطانية با الوظائف في زماننا إن كانت العلة أنه لا يزور وإن كانت العلة الاحتياط في الأمان لحقن الدم فلا
الثانية : يعمل بدفتر السمسار والصراف والبياع كما في قضاء الخانية وتعقبه الطرسوسي بأن مشايخنا رحمهم الله ردوا على مالك في عمله بالخط لكون الخط يشبه الخط فكيف عملوا به هنا ورده ابن وهبان عليه بأنه لا يكتب في دفتره إلا ماله وعليه
وتمامه فيه من الشهادات
وفي إقرار البزازية : لا ادعى مالا فقال المدعى عليه : كل ما يوجد في تذكرة المدعي بخطه فقد التزمته لا يكون إقرارا وكذا لو قال : ما كان في جريدتك فعلي إلا إذا كان في الجريدة شيء معلوم أو ذكر المدعي شيئا معلوما فقال المدعى عليه ما ذكرنا كان تصديقا لأن التصديق لا يلحق بالمجهول وكذا إذا أشار إلى الجريدة وقال : ما فيها فهو علي كذلك يصح ولو لم يكن مشارا إليه لا يصح للجهالة انتهى
من عليه حق إذا امتنع عن قضائه فإنه لا يضرب ولذا قالوا : إن المديون لا يضرب في الحبس ولا يقيد ولا يغل
قلت : إلا في ثلاث مسائل :
إذا امتنع عن الإنفاق على قريبه كما ذكروه في النفقات
و إذا لم يقسم بين نسائه ووعظ فلم يرجع كما في السراج الوهاج من القسم وإذا امتنع من كفارة الظهار مع قدرته كما صرحوا به في بابه
والعلة الجامعة : أن الحق يفوت بالتأخير فبها لأن القسم لا يقضى وكذا نفقة القريب تسقط بمضي الزمان وحقها في الجماع يفوت بالتأخير لا إلى خلف
- لا يحلف القاضي على حق مجهول فلو ادعى على شريكه خيانة مبهمة لم يحلف إلا في مسائل كما في دعوى الخانية :
الأولى : إذا اتهم القاضي وصي اليتيم
الثانية : إذا اتهم متولي الوقف فإنه يحلفهما نظرا لليتيم والوقف
الثالثة : إذا ادعى المودع على المودع خيانة مطلقة فإنه يحلفه كما في القنية
الرابعة : الرهن المجهول
الخامسة : في دعوى الغصب
السادسة : في دعوى السرقة وهي إحدى الثلاث التي تسمع فيها الدعوى بمجهول
فصارت ستا
القضاء يقتصر على المقضي عليه ولا يتعدى إلى غيره إلا في خمس ففي أربع يتعدى إلى كافة الناس فلا تسمع دعوى أحد فيه بعده : في الحرية الأصلية والنسب وولاء العتاقة و النكاح كذا في الفتاوى الصغرى
والقضاء بالوقف يقتصر ولا يتعدى إلى الكافة فتسمع الدعوى بالملك في الوقف المحكوم به كذا في الخانية و جامع الفصولين
وفي واحدة يتعدى إلى من تلقى المقضي عليه الملك منه فلو استحق المبيع من المشتري بالبينة والقضاء كان قضاء عليه وعلى من تلقى الملك منه فلو برهن البائع بعده على الملك لم تقبل ولو استحقت عين من يد وارث بقضاء ببينة ذكرت أنه ورثها كان قضاء على سائر الورثة والميت فلا تسمع ببينة وارث آخر كما في البزازية وفي شرح السرر والغرر لملا خسرو من باب الاستحقاق
- والحكم بالحرية الأصلية حكم على الكافة حتى لا تسمع دعوى الملك من واحد وكذا العتق وفروعه وأما الحكم في الملك المؤرخ فعلى الكافة من التاريخ لا قبله يعني : إذا قال زبد لبكر : إنك عبدي ملكتك منذ خمسة أعوام فقال بكر إني كنت عبد بشر ملكني منذ ستة أعوام فأعتقني وبرهن عليه اندفع دعوى زيد ثم إذا قال عمرو لبكر : إنك عبدي ملكتك منذ سبعة أعوام وأنت ملكي الآن وبرهن عليه تقبل ويفسخ الحكم بحريته ويجعل ملكا لعمرو يدل عليه أن قاضي خان قاله في أول البيوع في شرح الزيادات فصارت مسائل الباب على قسمين :
أحدهما : عتق في ملك مطلق وهو بمنزلة حرية الأصل والقضاء به قضاء على كافة ا لناس
والثاني : القضاء بالعتق في الملك المؤرخ وهو قضاء على كافة الناس من وقت التاريخ ولا يكون قضاء قبله
فليكن هذا على ذكر منك فإن الكتب المشهورة خالية عن هذه الفائدة اهـ
وهنا فائدة أخرى هي : أنه لا فرق في كونه على الكافة بين أن يكون ببينة أو بقوله أنا حر إذا لم يسبق منه إقرار بالرق كما صرح به في المحيط البرهاني
- اختلاف الشاهدين مانع من قبولها ولا بد من التطابق لفظا ومعنى إلا في مسائل :
ا لأولى : في الوقف يقض بأقلهما كما في شهادات فتح القدير معزيا إلى الخصاف
الثانية : في المهر إذا اختلفا في مقداره يقضى بالأقل كما في الجزازية
الثالئة : شهد أحدهما بالهبة والآخر بالعطية تقبل
الرابعة : شهد أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج وهما في شرح الزيلعي
الخامسة : شهد أن له عليه ألفا والآخر أنه أقر له بألف تقبل كما في العمدة السادسة : شهد أحدهما أنه أعتقه بالعربية والآخر بالفارسية تقبل بخلاف الطلاق
والأصح القبول فيهما وهي السابعة
وأجمعوا على أنها لا تقبل في القذف كذا في الصيرفية وذكرت في الشرح ست عشرة أخرى فالمستثنى ثلاث وعشرون ثم رأيت في الخصاف في باب الشهادة بالوكالة مسائل تزاد عليها فلتراجع وقد ذكرت في الشرح أن المستثنى اثنتان وأربعون مسالة وبينتها مفصلة
- يوم الموت لا يدخل تحت القضاء ويوم القتل يدخل كذا في الجزازية و الولوالجية و الفصول وعليها فروع إلا في مسألة في الولوالجية فإن يوم القتل لا يدخل فيه وهي مسألة الزوجة التي معها ولد فإنه تقبل بينتها بتاريخ مناقض لما قضى القاضي به من يوم القتل
وفي القنية من باب الدفع في الدعوى ذكر مسألة الصواب فيها أن يوم الموت يدخل تحت القضاء فارجع إليها إن شئت وذكرت مسائل في خزانة الأكمل في الدعوى في ترجمة الموت فلتراجع وقد أشبعنا الكلام عليها في الشرح في باب دعوى الرجلين
- شاهد الحسبة إذا أخر شهادته لغير عذر لا يقبل لفسقه كما في القنية
- أبى أحد الشريكين العمارة مع شريكه فلا جبر عليه إلا في جدار يتيمين لهما وصيان ويخاف سقوطه وعلم أن في تركه ضررا فإن الآبي من الوصيين يجبر كما في الخانية وينبغي أن يكون في الوقف كذلك
- كذلك الشهادة بالمجهول غير صحيحة إلا في ثلاث : إذا شهدوا أنه كفل بنفس فلان ولا يعرفونه وإذا شهدوا برهن لا يعرفونه أو بغصب شيء مجهول كما في قضاء الخانية
- الشهادة برهن مجهول صحيحة إلا إذا لم يعرفوا قدر ما رهن عليه من الدين كما في القنية
- للقاضي أن يسأل عن سبب الدين احتياطا فإن أبى الخصم لا يجبر كما إذا طلب منه الخصم إخراج دفتر الحساب يأمره بإخراجه ولا يجبره كذا في الخانية
- قضاء القاضي في موضع الاختلاف جائز لا في موضع الخلاف ومحل الأولى فيما إذا كان فيه اختلاف السلف والثاني ليس فيه وإنما هو حادث كذا في التاتارخانية
ومنهم من فرق بينهما بأن للأول دليلا دون الثاني
- كل من قبل قوله فعليه اليمين إلا في مسائل عشر مذكورة في القنية الوصي في دعوى الإنفاق على اليتيم أو رقيقه وفي بيع القاضي مال اليتيم وادعى اشتراط البراءة من كل عيب وإذا ادعى على القاضي إجارة مال وقف أو يتيم وفيما إذا ادعى الموهوب له هلاك العين أو اختلفا في اشتراط العوض وفي قول العبد البائع : أنا مأذون وللأب في مقدار الثمن إذا اشترى لابنه الصغير واختلف مع الشفيع وفيما إذا أنكر الأب شراء لنفسه وادعاه لابنه الصغير وفيما يدعيه المتولي من الصرف المقضي عليه في حادثة لا تسمع دعواه ولا بينته إلا إذا ادعى تلقي الملك من المدعي أو النتاج أو برهن على إبطال القضاء كما ذكره العمادي والدفع بعد القضاء بواحد مما ذكر : صحيح وينقض القضاء فكما يسمع الدفع قبله يسمع جعله لكن بهذه الثلاث وتسمع الدعوى بعد القضاء بالنكول كما في الخانية
- التناقض غير مقبول إلا فيما كان محل الخفاء ومنه : تناقض الوصي والناظر والوارث كما في الخانية
- الشهادة إذا بطلت في البعض بطلت في الكل كما في شهادة الظهيرية إلا إذا كانا عبدين : مسلم ونصراني فشهد نصرانيان عليهما بالعتق فإنها تقبل في حق النصراني فقط كما في العتاق منها
- بينة النفي غير مقبولة إلا في عشر : فيما إذا علق طلاقها على عدم شيء فشهدا بالعدم وفيما إذا شهدا أنه أسلم ولم يستثن وفيما إذا شهدا أنه قال : المسيح ابن الله ولم يقل : قول النصارى وفيما إذا شهدا بنتاج الدابة عنده ولم يزل على ملكه وفيما إذا شهدا بخلع أو طلاق ولم يستثن وفيما إذا أمن الإمام أهل مدينة فشهدا أن هؤلاء لم يكونوا فيها وقت الأمان وفيما إذا شهدا أن الأجل لم يذكر في عقد السلم وفي الإرث إذا قالوا : لا وارث له غيره وفيما إذا شهدا أنها أرضعت الظئر بلبن الشاة لا بلبن نفسها كما في جامع الفصولين
وتقبل بينة النفي المتواتر كما في الظهيرية و البزازية وفي أيمان الهداية : لا فرق بين أن يحيط به عالم الشاهد أو لا في عدم القبول تيسيرا ذكره في قوله : عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق بناء على أنه نفى معنى بمعنى أنه لم يحج
- القضاء محمول على الصحة ما أمكن ولا ينقض بالشك كذا في شهادة الظهيرية
- الفتوى على عدم العمل بعلم القاضي في زماننا كما في جامع الفصولين
- الفتوى على قول أبي يوسف رحمه الله فيما يتعلق بالقضاء كما في القنية و البزازية
- لا يجوز الاحتجاج بالمفهوم في كلام الناس في ظاهر المذهب كالأدلة وما ذكره محمد رحمه الله في السير الكبير من جواز الاحتجاج به فهو خلاف ظاهر المذهب كما في الدعوى من الظهيرية وأما مفهوم الرواية فحجة كما في غاية البيان ا من الحج
- الحق لا يسقط بتقادم الزمان قذفا أو قصاصا أو لعانا أو حقا للعبد كذا في لعان الجوهرة
- إذا سئل المفتي عن شيء فإنه يفتي بالصحة حملا على الكمال وهو وجود الشرائط كذا في صلح البزازية
- المفتي إنما يفتي بما يقع عنده من المصلحة كما في مهر البزازية ويتعين الإفتاء في الوقف بالأنفع له كما في شرح المجمع و الحاوي القدسي
- يقبل قول الواحد العدل في أحد عشر موضعا كما في منظومة ابن وهبان : في
تقويم المتلف وفي الجرح والتعديل والمترجم وفي جودة المسلم فيه ورداءته وفي الإخبار بالتفليس بعد مضي المدة وفي رسول القاضي إلى المزكي وفي إثبات العيب وبرؤية رمضان عند الإعتلال وفي إخبار الشاهد بالموت وفي تقدير أرش المتلف
وزدت أخرى : يقبل قول أمين القاضي إذا أخبره بشهادة شهود على عين تعذر حضورها كما في دعوى القنية بخلاف ما إذا بعثه لتحليف المخدرة فقال : حلفتها لم تقبل إلا بشاهد معه كما في الصغرى
- الناس أحرار بلا بيان إلا في الشهادة والقصاص والحدود والدية
- إذا أخطأ القاضي كان خطأه على المقضي له وإن تعمد كان عليه كذا في سير الخانية وتمامه في قضاء الخلاصة
- لا تسمع الدعوى بعد الإبراء العام نحو : لا حق لي قبله إلا ضمان الدرك فإنه لا يدخل بخلاف الشفعة فإنها تسقط به وأما إذا أبرأ الوارث الوصي إبراء عاما بان أقر أنه قبض تركة والده فلم يبق له حق منها إلا استوفاه ثم ادعى في يد الوصي شيئا من تركة أبيه وبرهن يقبل
وكذا إذا أقر الوارث أنه قبض جميع ما على الناس من تركة أبيه ثم ادعى على رجل دينا تسمع كذا في الخانية وبحث فيه الطرسوسي بحثا رده ابن وهبان
- صالح أحد الورثة وأبرأ عاما ثم ظهر شيء من التركة لم يكن وقت الصلح الأصح جواز دعواه في حصته نحا في صلح البزازية
- الإبراء العام في ضمن عقد فاسد لا يمنع الدعوى كما في دعوى البزازية وقد ذكرنا بعد هذا أن الإبراء عن الربا لا يصح فتسمع الدعوى به وتقبل البينة وفي اليتيمة
لو قال : لا حق لي في هذه الضيعة ثم ادعى أن البذر له : تسمع ثم قال : لو قال لا حق لي في هذه الضيعة ثم ادعى أنها وقفت عليه وعلى أولده ففيه اختلاف المتأخرين
وفي اليتيمة أيضا : مات عن ورثة فاقتسموا التركة بينهم وأبرأ كل واحد منهم صاحبه من جميع الدعاوى ثم إن أحد الورثة ادعى دينا على الميت وعلى تركة الميت تسمع أ هـ
وفي قسمة القنية : قسما أرضا مشتركة وأقر كل واحد منهما أنه لا دعوى له على صاحبه وزرع نصيبه ثم أراد أحدهما الفسخ بالغبن فله ذلك إذا كان الغبن فاحشا عند بعض المشايخ له أهـ
وفي إجارة البزازية أن الإبراء العام إنما يمنع إذا لم يقر بأن العين للمدعي فإن أقر بعده أن العين للمدعي سلمها له ولا يمنعه الإبراء
وفي دعوى القنية : أن الإبراء العام لا يمنع من دعوى الوكالة
وفي الرابع عشر من دعوى البزازية : أبرأه عن الدعاوى ثم ادعى عليه بوكالة أو وصاية صح
- إذا أقر أنه له ثم ادعى شراءه بلا تاريخ يقبل بخلاف ما لو قال : لا حق لي قبله لا ثم ادعى لا تسمع حتى يبرهن أنه حادث بعد الإبراء والفرق في جامع الفصولين
ثم اعلم أن قولهم لا تسمع الدعوى بعد الإبراء العام إلا بحق حادث بعده يفيد جواب حادثة : أقر أن في ذمته لفلان كذا وأبرأه عاما ثم ادعى بعدهما أنه أقر بعدهما أن لا شيء له في ذمته فإنه تسمع دعواه وتقبل بينته ولا يمنعها الإبراء العام لأنه إنما ادعى بما يبطل بعده لا قبله وقول قاضي خان في الصلح انه لو برهن بعده على إقراره قبله بأنه لا حق له : لم يقبل ولو برهن بعده على إقراره بعده انه لا حق له وأنه مبطل فيما ادعى : يقبل له
يدل على ما ذكرناه من أن إقراره بعد الإبراء العام مبطل ولكن في جامع الفصولين من التناقض : كفل عنه بألف لرجل يدعيه فبرهن الكفيل على إقرار المكفول له وهو : يجحد أنها قمار أو ثمن خمرة لا يقبل ولو أقر به الطالب عند القاضي بربا وإنما لا تقبل البينة على الإقرار لأنها تسمع عند صحة الدعوى وقد بطلت هذه هنا للتناقض لأن كفالته إقرار بصحتها أهـ
وانظر ما كتبناه في المداينات من مسألة دعوى الربا بعد الإبراء وآخر ما في الجامع يدل على أن التناقض من الأصيل معفو عنه حيث قال : ويقال له : اطلب خصمك فخاصمه أهـ
- تسمع الشهادة بدون الدعوى في الحد الخالص والوقف وعتق الأمة وحريتها الأصلية وفيما تمحض لله تعالى كرمضان وفي الطلاق والإيلاء والظهار وتمامه في شرح ابن وهبان
- دفع الدعوى صحيح وكذا دفع الدفع وما زاد عليه يصح وهو المختار وكما يصح الدفع قبل إقامة البينة يصح بعدها وكما يصح قبل الحكم يصح بعده إلا في المسألة المخمسة كما كتبناه في الشرح وكما يصح عند الحاكم الأول يصح عند غيره وكما يصح قبل الإشهاد يصح بعده وهو المختار إلا في ثلاث مسائل :
الأولى : إذا قال : لي دفع ولم يبين وجهه : لا يلتفت إليه
الثانية : لو بينه لكن قال : بينتي به غائبة عن البلد يقبل
الثالثة : لو بين دفعا فاسدا ولو كان الدفع صحيحا وقال : بينتي في حاضرة في المصر يمهله إلى المجلس الثاني كذا في جامع الفصولين والإمهال هو المفتى به كما في البزازية
وعلى هذا لو أقر بالدين وادعى إيفاءه أو الإبراء فإن قال بينتي في المصر لا يقضى عليه بالدفع وإلا قضي عليه الدفع بعد الحكم صحيح : إلا في المسألة المخمسة كما ذكرته في الشرح
- أقر بالدين بعد الدعوى ثم ادعى إيفاءه لم يقبل للتناقض إلا إذا ادعى إيفاءه بعد الإقرار به والتفرق عن المجلس كذا في جامع الفصولين
- الدفع من غير المدعى عليه لا يصح إلا إذا كان أحد الورثة
- لا ينتصب أحد خصما عن أحد قصدا بغير وكالة ونيابة وولاية إلا في مسألتين :
الأولى : أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقي
الثانية : أحد الموقوف عليهم ينتصب خصما عن الباقي كذا حرره ابن وهبان عن القنية
- لا يجوز للقاضي تأخير الحكم بعد وجود شرائطه إلا في ثلاث
الأولى : لرجاء الصلح بين الأقارب
الثانية : إذا استمهل المدعي
الثالثة : إذا كان عنده ريبة
- البقاء أسهل من الابتداء إلا في مسألتين
الأولى : إذا فسق القاضي فإنه ينعزل و إذا و لى فاسقا يصح و هو قول البعض وجوابه في النهاية و المعراج
الثانية : الإذن للآبق صحيح و إذا أبق المأذون صار محجورا عليه ذكره الزيلعي في القضاء
- من عمل إقراره قبلت بينته و من لا فلا إلا إذا ادعى إرثا أو نفقة أو حضانة فلو ادعى أنه أخوه أوجده أو ابنه أو ابن ابنه لا تقبل بخلاف الأبوة و البنوة والزوجية و الولاء بنوعيه و كذا معتق أبيه و هو مواليه و تمامه في باب دعوى النسب من الجامع
- لا تقبل شهادة كافر على مسلم إلا تبعا أو ضرورة (1/245)
القسم الثاني من الملف
فالأول : إثبات توكيل كافر كافرا بكافرين بكل حق له بالكوفة على خصم كافر فيتعدى إلى خصم مسلم آخر و كذا شهادتهما على عبد كافر بدين و مولاه مسلم و كذا شهادتهما على و كيل كافر موكله مسلم و هذا بخلاف العكس في المسالتين لكونها شهادة على المسلم قصدا و فيما سبق ضمنا
والثاني في مسألتين : في الإيصاء : شهد كافران على كافر أنه أوصى إلى كافر وأحضر مسلما عليه حق للميت و في النسب شهد أن النصراني ابن الميت فادعى على مسلم بحق و تمامه في شهادات الجامع
- لا يقضي القاضي لنفسه و لا لمن لا تقبل شهادته له إلا في الوصية
لو كان القاضي غريم ميت فأثبت أن فلانا وصيه صح و برىء بالدفع إليه بخلاف ما إذا دفع إليه قبل القضاء امتنع القضاء و بخلاف الوكالة عن غائب فإنه لا يجوز القضاء بها إذا كان القاضي مديون الغائب سواء كان قبل الدفع أو بعده و تمامه في قضاء الجامع
- أمين القاضي كالقاضي لا عهدة عليه بخلاف الوصي فإنه تلحقه العهدة و لو كان وصي القاضي فبين وصي القاضي و أمينه فرق من هذه و من جهة أخرى و هي : أن القاضي محجور عن التصرف في مال اليتيم مع وجود وصي له و لو منصوب القاضي بخلافه مع أمينه وهو : من يقول له القاضي : جعلتك أمينا في بيع هذا العبد و اختلفوا فيما إذا قال :
بع هذا العبد و لم يزد و الأصح : أنه أمينه فلا تلحقه عهدة و قد أوضحناه في شرح الكنز و صحح البزازي من الوكالة أنه تلحقه العهدة فليراجع
- ينصب القاضي و صيا في مواضع إذا كان على الميت دين أو له أو لتنفيذ وصيته وفيما إذا كان للميت ولد صغير و فيما إذا اشترى من مورثه شيئا و أراد رده بعيب بعد موته وفيما إذا كان أب الصغير مسرفا مبذرا فينصبه للحفظ و ذكر في قسمة الولوالجية موضعا آخر ينصبه فيه فليراجع و طريق نصبه : أن يشهدوا عند القاضي أن فلانا مات و لم ينصب وصيا فلو نصبه ثم ظهر للميت وصي فالوصي وصي الميت و لا يلي النصب إلا قاضي القضاة و المأمور بذلك
- لا يقبل القاضي الهدية إلا من قريب محرم أو ممن جرت عادته به قبل القضاء
بشرط أن لا يزيد و لا خصومة لهما و زدت موضعين من تهذيب القلانسي من السلطان و والي البلد و وجهه ظاهر : فإن منعها إنما هو للخوف من مراعاته لأجلها و هو إن راعى الملك و نائبه لم يراع لأجلها
- إذا ثبت إفلاس المحبوس بعد المدة و السؤال فإنه يطلق بلا كفيل إلا في مال اليتيم كما في البزازية و ألحقت به مال الوقف و فيما إذا كان رب الدين غائبا
- لا يجوز قضاء القاضي لمن لا تقبل شهادته له إلا إذا ورد عليه كتاب قاضي لمن لا تقبل شهادته له فإنه يجوز له القضاء به ذكره في السراج الوهاج
- للقاضي أن يفرق بين الشهود إلا في شهادة النساء قال في الملتقط : حكي أن أم بشر شهدت عند الحاكم فقال : فرقوا بينهما فقالت : ليس لك ذلك قال الله تعالى :
{ أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } فسكت الحاكم - شاهد الزور إذا تاب تقبل توبته إلا إذا كان عدلا عند الناس لم تقبل كذا في الملتقط
- قضاء الأمير جائز مع و جود قاضي البلد إلا أن يكون القاضي مولى من الخليفة كذا في الملتقط
- الحاكم كالقاضي إلا في أربع عشرة مسألة ذكرناها في شرح الكنز و فيه أن حكمه لا يتعدى إلا في مسألة و ذكر الخصاف في باب الشهادة بالوكالة مسألة في اختلاف الشاهدين خالف الحكم فيها القاضي
- كل موضع تجرى فيه الوكالة فإن الولي ينتصب خصما عن الصغير فيه و ما لا فلا فانتصب عنه في التفريق بسبب الجب و خيار البلوغ و عدم الكفاءة و لا ينتصب عنه في الفرقة بالإباء عن الإسلام و اللعان و كذا في المحيط
- لا تسمع البينة على مقر إلا في وارث مقر بدين على الميت فتقام البينة للتعدي وفي مدعى عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصي و في مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل دفعا للضرر و قال في جامع الفصولين : فهذا يدل على جواز إقامتها مع الإقرار بها في كل موضع يتوقع الضرر من غير المقر لولاها فيكون هذا أصلا انتهى
ثم رأيت رابعا كتبته في الشرح من الدعوى و هو : الاستحقاق تقبل البين به مع إقرار المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه و لا تسمع على ساكت إلا في مسألة ذكرناها في دعوى الشرح
ثم رأيت خامسا في القنية معزيا إلى جامع البرغري : لو خوصم الأب بحق عن الصبي فأقر لا يخرج عن الخصومة و لكن تقام البينة عليه مع إقراره بخلاف الوصي وأمين القاضي : إذا أقر خرج عن الخصومة انتهى
ثم رأيت سادسا في القنية : لو أقر الوارث للموصى له فإنها تسمع البينة عليه مع ثم رأيت سابعا في إجارة منية المفتي : آجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فأقام الأول البينة : فإن كان الآخر حاضرا تقبل عليه البينة و إن كان يقر بما يدعي هذا المدعي و إن كان غائبا لا تقبل انتهى
- كتمان الشهادة : كبيرة يحرم التأخير بعد الطلب إلا في مسائل : أن يكون عاجزا عن الذهاب و فيما إذا قام الحق بغيره إلا أن يكون أسرع قبولا و أن يكون الحاكم جائرا وأن يخبره عدلان بما يسقط و أن يكون معتقد القاضي خلاف معتقد الشاهد و أن يعلم أن القاضي لا يقبله
- الفاسق إذا تاب تقبل شهادته إلا : المحدود في القذف و المعروف بالكذب وشاهد الزور إذا كان عدلا على ما في المنظومة و في الخانية : القبول
- لا تقبل شهادة الفرع لأصله إلا إذا شهد الجد لابن ابنه على أبيه
- شهادة الفرع على أصله جائزة إلا إذا شهد على أبيه لأمه أو شهد على أبيه بطلاق ضرة أمه و الأم في نكاحه
- إذا تعارضت بينة التطوع مع بينة الإكراه فبينة الإكراه أولى في البيع و الإجارة والصلح و الإقرار و عند عدم البيان فالقول لمدعي التطوع كما إذا اختلفا في صحة بيع وفساده فالقول لمدعي الصحة
- إذا اختلف المتبايعان تحالفا إلا في مسألة ما إذا كان المبيع عبدا فحلف كل بعتقه على صدق دعواه فلا تحالف و لا فسخ ويلزم البيع و لا يعتق العبد و اليمين على المشتري كما في الواقعات
- القضاء يجوز تخصيصه و تقييده بالزمان و المكان و استثناء بعض الخصومات كما في الخلاصة و على هنا لو أمر السلطان بعدم سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا تسمع و يجب عليه عدم سماعها
- الرأي إلى القاضي في مسائل :
في السؤال عن سبب الدين المدعى به و لكن لا جبر على بيانه
وفي طلب المحاسبة بين المدعي و المدعى عليه فإن امتنع لا جبر و هما في الخانية
وفي التفريق بين الشهود
وفي السؤال عن المكان و الزمان
وفي تحليف الشاهد إن رآه جائزا كما في الصيرفية
وفيما إذا باع الأب أو الوصي عقار الصغير فالرأي إلى القاضي في نقضه كما في بيوع الخانية
وفي مدة حبس المديون
وفي تقييد المحبوس إذا خيف فراره
وفي حبس المديون في حبس القاضي أو اللصوص إذا خيف فراره كما في جامع الفصولين
وفي سؤال الشاهد عن الأيمان إذا اتهمه
وفيما إذا تصرف الناظر فيما لا يجوز كبيع الوقف أو رهنه فالرأي إلى القاضي إن شاء عزله و إن شاء ضم إليه ثقة بخلاف العاجز فإنه يضم إليه كما في القنية
- من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه إلا في موضعين :
اشترى عبدا و قبضه ثم ادعى أن البائع باعه قبله من فلان الغائب بكذا و برهن فإنه تقبل
وهب جارية و استولدها الموهوب له ثم ادعى الواهب أنه كان دبرها أو استولدها وبرهن تقبل و يستردها و العقر في بيوع الخلاصة و البزازية
زدت عليها مسائل :
الأولى : باعه ثم ادعى أنه كان أعتقه و في فتح القدير نقلا عن المشايخ التناقض لا يضر في الحرية و فروعها انتهى و ظاهره أن البائع إذا ادعى التدبير أو الاستيلاد تسمع فالهبة في كلام الفتاوى مثال في دعوى البزازية سوى بين دعوى البائع التدبير والإعتاق و ذكر خلافا فيهما
الثانية : اشترى أرضا ثم ادعى أن بائعها كان جعلها مقبرة أو مسجدا
الثالثة : أشترى عبدا ثم ادعى أن البائع كان أعتقه
الرابعة : باع أرضا ثم ادعى أنها وقف و هي في بيوع الخانية و قضائها و فصل في فتح القدير فيه في آخر باب الاستحقاق فلينظر ثمة و فصل في الظهيرية فيه تفصيلا آخر و رجحه و ظاهر ما في العمادي أن المعتمد : القبول مطلقا
الخامسة : باع الأب مال ولده ثم ادعى أنه وقع بغبن فاحش
السادسة : الوصي إذا باع ثم ادعى كذلك
السابعة : المتولي على الوقف كذلك
ذكر الثلاث في دعوى القنية ثم قال : و كذا كل من باع ثم ادعى الفساد و شرط العمادي التوفيق بأنه لم يكن عالما به و ذكر فيها اختلافا
ومن فروع أصل المسألة : لو ادعى البائع أنه فضولي : لم تقبل و منها : لو ضمن الدرك ثم ادعى المبيع لم تقبل
- لا يشترط في صحة الدعوى بيان السبب إلا في دعوى العين كما في البزازية
- لا تثبت اليد في العقار إلا بالبينة أو علم القاضي و لا يكفي التصادق لصحة الدعوى إلا في دعوى الغصب كما في القنية أو الشراء منه كما في البزازية
- الشهادة إن وافقت الدعوى قبلت و إلا لا إلا في مسائل : ادعى دينا بسبب فشهد بالمطلق أو كان المشهود به أقل ادعى أنه تزوجها فشهدا بأنها منكوحة ادعى ملكا مطلقا بلا تاريخ فشهدا به بتاريخ على المختار ادعى إنشاء فعل كغصب و قتل فشهدا بالإقرار به ادعى الكفالة عن فلان فشهدا بها كفالة عن آخر - ادعى ملك عين بالشراء من رجل لم يعينه فشهدا بالمطلق ادعى ملكا مطلقا فشهدا بسبب و قال المدعي : هو لي بذلك السبب ادعى الإيفاء فشهدا بالإبراء أو التحليل دعى الهبة فشهدا بالصدقة كما في التلخيص و ما قبلها من الخلاصة و فتح القدير و قد ذكرنا في الشرح ثلاثا وعشرين مسألة فليراجع
- الإمام يقضي بعلمه في حد القذف و القصاص و التعزير كذا في السراجية و في التهذيب : يقضي القاضي بعلمه إلا في الحدود و القصاص
- القاضي إذا قض في مجتهد فيه نفذ قضاؤه إلا في مسائل نص أصحابنا فيها على عدم النفاذ : لو قض ببطلان الحق بمضي المدة و بالتفريق للعجز عن الإنفاق غالبا على الصحيح لا حاضرا أو بصحة نكاح مزنية أبيه أو ابنه لم ينفذ عند أبي يوسف رحمه الله
أو بصحة نكاح أم مزنيته أو بنتها أو بنكاح المتعة أو بسقوط المهر بالتقادم أو بعدم تأجيل العنين أو بعدم صحة الرجعة بلا رضاها أو بعدم وقوع الثلاث على الحبلى أو
بعدم وقوعها قبل الدخول أو بعدم الوقوع على الحائض أو بعدم وقوع ما زاد على الواحدة أو بعدم وقوع الثلاث بكلمة أو بعدم وقوعه على الموطوءة عقبه أو بنصف الجهاز لمن طلقها قبل الوطء بعد المهر و التجهيز أو بشهادة بخط أبيه أو في قسامة بقتل أو بالتفريق بين الزوجين بشهادة المرضة أو قضى لولده أو رفع إليه حكم صبي أو عبد أو كافر أو الحكم بحجر سفيه أو بصحة بيع نصيب الساكت من قن حرره أحدهما أو ببيع متروك التسمية عمدا أو ببيع أم الولد على الأظهر و قيل ينفذ على الأصح أو ببطلان عفو المرأة عن القود أو بصحة ضمان الخلاص أو بزيادة أهل المحلة في معلوم الإمام من أوقاف المسجد أو بحل المطلقة ثلاثا بمجرد عقد الثاني أو بعدم ملك الكافر مال المسلم بإحرازه بدراهم أو ببيع بدرهم بدرهمين يدا بيد أو بصحة صلاة المحدث أو بقسامة على أهل المحلة بتلف مال أو بحد القذف بالتعريض أو بالقرعة في معتق البعض أو بعدم تصرف المرأة في مالها بغير إذن زوجها لم ينفذ في الكل هذا ما حررته من البزازية و العمادية و الصيرفية و التاتارخانية
- الشاهد إذا ردت شهادته لعلة ثم زالت العلة فشهد في تلك الحادثة لم تقبل إلا أربعة : العبد و الكافر على المسلم و الصبي إذا شهدوا فردت ثم زال المانع فشهدوا تقبل كذا في الخلاصة و سواء شهد عند من رده أو غيره و سواء كان بعد سنين أو لا كما في القنية
- للخصم أن يطعن في الشاهدين بثلاثة : أنهما عبدان أو محدودان أو شريكان في المشهود به كذا في الخلاصة
- القضاء الضمني لا تشترط له الدعوى و الخصومة فإذا شهدا على خصم بحق و ذكرا اسمه و اسم أبيه وجده و قضي بذلك الحق كان قضاء بنسبه ضمنا و إن لم يكن في حادثة النسب و قد ذكر العمادي في فصوله فرعين مختلفين حكما و ذكر أن أحدهما يقاس على الآخر و فرق بينهما في جامع الفصولين فلينظر هو من مهمات مسائل القضاء
وعلى هذا لو شهدا بأن فلانة زوجة فلان و كلت زوجها فلانا في كذا على خصم منكر و قضى بتوكيلها كان قضاء بالزوجية بينهما و هي حادثة الفتوى و نظيره ما في الخلاصة في طريق الحكم بثبوت الرمضانية : أن يعلق رجل وكالة فلان بدخول رمضان ويدعي بحق على آخر و يتنازعان في دخوله فتقام البينة على رؤياه فيثبت رمضان في ضمن ثبوت التوكيل و أصل القضاء الضمني ما ذكره أصحاب المتون من أنه لو ادعى كفالة على رجل بمال بإذنه فأقر بها و أنكر الدين فبرهن على الكفيل بالدين و قضى عليه بها كان قضاء عليه قصدا و على الأصيل الغائب ضمنا و له فروع و تفاصيل ذكرناها في الشرح
- قال في خزانة الفتاوى : إذا مات القاضي انعزل خلفاؤه و لو مات واحد من الولاة انعزل خلفاؤه و لو مات الخليفة لا تنعزل ولاته و قضاته
وفي الخلاصة و في هداية الناطفي : لو مات القاضي : انعزل خلفاؤه و كذا موت أمراء الناحية بخلاف موت الخليفة
- السلطان إذا عزل القاضي انعزل النائب بخلاف موت القاضي و في المحيط
إذا عزل السلطان القاضي انعزل نائبه بخلاف ما إذا مات القاضي حيث لا ينعزل نائبه
هكذا قيل و ينبغي ألا ينعزل النائب بعزل القاضي لأنه نائب السلطان أو نائب العامة ألا ترى أنه لا ينعزل بموت القاضي و عليه كثير من المشايخ رحمهم الله أ هـ
وفي البزازية : مات الخليفة و له أمراء و عمال فالكل على ولايته
وفي المحيط : مات القاضي انعزل خلفاؤه و كذا أمراء الناحية بخلاف موت الخليفة و إذا عزل القاضي ينعزل نائبه و إذا مات لا و الفتوى على أنه لا ينعزل بعزل القاضي لأنه نائب السلطان أو العامة و بعزل نائب القاضي لا ينعزل القاضي ا هـ
وفي العمادية و جامع الفصولين كما في الخلاصة و في فتاوى قاضي خان
إذا مات الخليفة لا ينعزل قضاته و عماله و كذا لو كان القاضي مأذونا بالاستخلاف فاستخلف غيره و مات القاضي أو عزل : لا ينعزل خليفته اهـ
فتحرر من ذلك اختلاف المشايخ في انعزال النائب بعزل القاضي و موته و قول البزازي : الفتوى على أنه لا ينعزل بعزل القاضي يدل على أن الفتوى على أنه لا ينعزل بموته بالأولى لكن علله بأنه نائب السلطان فيدل على أن النواب الآن ينعزلون بعزل القاضي و موته لأنهم نواب القاضي من كل وجه فهو كالوكيل مع الموكل و لا يفهم أحد الآن أنه نائب السلطان و لهذا قال العلامة ابن الغرس : و نائب القاضي في زماننا ينعزل بعزله و موته فإنه نائبه من كل وجه اهـ
فهو كالوكيل مع الموكل لكن جعل في المعراج كونه كوكيل قاضي القضاة :
مذهب الشافعي و أحمد رحمهما الله و عندنا : إنما هو نائب السلطان و في التاتارخانية :
أن القاضي إنما هو رسول عن السلطان في نصب النواب ا هـ
وفي وقف القنية لو مات القاضي أو عزل يبقى ما نصبه على حاله ثم رقم يبقى قيما اهـ
- وفي التهذيب : و في زماننا لما تعذرت التزكية بغلبة الفسق اختار القضاة استحلاف الشهود كما اختاره ابن أبي ليلى لحصول غلبة الظن اهـ
وفي مناقب الكردري في باب أبي يوسف رحمه الله : اعلم أن تحليف المدعي والشاهد أمر منسوخ و العمل بالمنسوخ حرام و قد ذكر في فتاوى القاعدي و خزانة المفتين أن السلطان إذا أمر قضاته بتحليف الشهود يجب على العلماء أن ينصحوا السلطان ويقولوا له : لا تكلف قضاتك أمرا إن أطاعوك يلزم منه سخط الخالق و إن عصوك يلزم منه سخطك إلى آخر ما فيها
- لا يصح رجوع القاضي عن قضائه فلو قال : رجعت عن قضائي أو وقعت في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي لم يصح و القضاء ماض كما في الخانية و قيده في الخلاصة بما إذا كان مع شرائط الصحة و في الكنز بما إذا كان بعد دعوى صحيحة وشهادة مستقيمة إلا في مسائل :
الأولى : إذا كان القضاء بعلمه فله الرجوع عنه كما ذكره ابن وهبان استنباطا من تقييد الخلاصة بالبينة
الثانية : إذا ظهر له خطأه وجب عليه نقضه بخلاف ما إذا تبدل رأي المجتهد
الثالثة : إذا قضى في مجتهد فيه مخالف لمذهبه فله نقضه دون غيره كما في شرح المنظومة
- أمر القاضي حكم كقوله : سلم المحدود إلى المدعي و الأمر بدفع الدين و الأمر بحبسه إلا في مسألة في العمادية و البزازية : وقف على الفقراء فاحتاج بعض قرابة الواقف فأمر القاضي بأن يصرف شيء من الوقف إليه كان بمنزلة الفتوى حتى لو أراد أن يصرفه إلى فقير آخر صح
- فعل القاضي حكم منه فليس له أن يزوج اليتيمة التي لا ولي لها من نفسه و لا من ابنه و لا ممن لا تقبل شهادته له و أما إذا اشترى القاضي مال اليتيم لنفسه من نفسه أو من وصي أقامه فمذكورة في جامع الفصولين من فصل : تصرف الوصي و القاضي في مال اليتيم فقال : لم يجز بيع القاضي ماله من يتيم و كذا عكسه و أما ما شراه من وصيه أو باعه من يتيم و قبله وصيه فإنه يجوز و لو وصيا من جهة القاضي اهـ
- و لو باع القاضي ما وقفه المريض في مرض موته بعد موته لغرمائه ثم ظهر مال آخر للميت لم يبطل البيع و يشتري بالثمن أرضا توقف بخلاف الوارث إذا باع الثلثين عند عدم الإجارة فإنه يشتري بقيمة الثلثين أرضا توقف لأن فعل القاضي حكم بخلاف غيره كما في الظهيرية من الوقف إلا في مسألة ما إذا أعطى فقيرا من وقف الفقراء فإنه ليس بحكم حتى كان له أن يعطي غيره كما في جامع الفصولين و فيما إذا أذن الولي للقاضي في تزويج الصغيرة فزوجها القاضي كان وكيلا فلا يكون فعله حكما حتى لو رفع عقده إلى مخالف كان له نقضه كذا في القاسمية
فالمستثنى مسألتان و قولهم : إن فعله حكم لا يدك على أن الدعوى إنما هي شرط للحكم القولي دون الفعلي فليتنبه له و قد ذكرناه في الشرح
- إذا قال المقر لسامع إقراره : لا تشهد على وسعه أن يشهد عليه كما في الخلاصة إذا قال له المقر له : لا تشهد عليه بما أقر فحينئذ لا يمنعه كما في حيل التاتارخانية من حيل المداينات ثم قال : و اختلفوا فيما إذا رجع المقر له و قال إنما نهيتك لعذر و طلب منه الشهادة قيل : يشهد و قيل : لا
- يحلف القاضي غريم الميت بأن الدين واجب لك على الميت و ما أبرأته منه و لو كان ثابتا بإقرار المريض في مرض موته كذا في التاتارخانية من كتاب الحيل
إنما تجوز إقامة البينة على المسخر إذا لم يعلم القاضي أنه مسخر و إن علم به فلا
- إثبات التوكيل عند القاضي بلا خصم جائز إن كان القاضي عرف الموكل باسمه ونسبه
- لا ينعزل القاضي بالردة و الفسق و لا ينعزل والي الجمعة بالعلم بالعزل حتى يقدم الثاني و اختلف المشايخ رحمهم الله في القاضي إلا أن يكون في المنشور إذا أتاك كتابي فقد عزلتك فلا ينعزل إلا به
- طلب من القاضي كتابة حجة الإبراء في غيبة خصمه لم يكتب له عند أبي يوسف رحمه الله خلافا لمحمد رحمه الله و أجمعوا على أنه يكتب له حجة الاستيفاء و لها حجة الطلاق و قال القاضي قضيت بكذا عليك ببينة أو إقرار
- يقبل إرسال القاضي إلى المخدرة للدعوى و اليمين
- لا يمين على الصبي في الدعاوى لو كان محجورا لا يحضره القاضي لسماعها ويحلف العبد و لو محجورا و يقضى بنكوله و يؤخذ به بعد العتق
- الأصح أنه لا يحلف على الدين للمؤجل قبل حلول الأجل
- لا يقبل قول أمين القاضي أنه حلف المخدرة إلا بشاهدين
- القضاء بتخصص بالزمان و المكان فلو و لاه قاضيا بمكان كذا لا يكون قاضيا في غيره و في الملتقط : و قضاء القاضي في غير مكان ولايته لا يصح و اختلفوا فيما إذا كان العقار لا في ولايته فاختار في الكنز عدم صحة قضائه و صحح في الخلاصة الصحة و اقتصر قاضي خان عليه و الخلاف إنما هو في العقار لا في العين و الدين كما في البزازية و في القنية : قضى في ولايته ثم أشهد على قضائه في غير ولايته لا يصح الإشهاد اهـ
- و لا تقبل شهادة من قال : لا أدري أمؤمن أنا أو لا للشك في الإيمان و كذا إمامته كذا في شهادات الولوالجية
- تقبل الشهادة حسبة بلا دعوى في طلاق المرأة و عتق الأمة و الوقف و هلال رمضان و غيره إلا هلال الفطر و الأضحى و الحدود إلا حد القذف و السرقة و اختلفوا في قبولها بلا دعوى في النسب كما في الظهيرية من النسب و جزم بالقبول ابن وهبان وفي تدبير الأمة و حرمة المصاهرة و الخلع و الإيلاء و الظهار و لا تقبل في عتق العبد بدون دعواه عنده خلافا لهما و اختلفوا على قوله في الحرية الأصلية و المعتمد : لا والنكاح يثبت بدون الدعوى كالطلاق لأن حل الفرج و الحرمة فيه حق الله تعالى فجاز ثبوته من غير دعوى كذا في فروق الكرابيسي
- من النكاح المشهود عليه بشيء إن كان حاضرا كفت الإشارة إليه و إن كان غائبا فلا بد من تعريفه باسم أبيه و جده و لا تكفي النسبة إلى الفخذ و لا إلى الحرفة و لا يكفي الاقتصار على الاسم إلا أن يكون مشهورا و تكفي النسبة إلى الزوج لأن المقصود الإعلام و لا بد من بيان حليتها و يكفي في العبد اسمه و مولاه و أب مولاه و لا بد من النظر إلى وجهها في التعريف و الفتوى على قولهما إنه لا يشترط في المخبر للشاهد باسمه ونسبه أكثر من عدلين لأنه أيسر و القاضي هو الذي ينظر إلى وجه المرأة و يكتب حلاها لا الشاهد الكل من البزازية
- لا اعتبار بالشاهد الواحد إلا إذا أقامه و أراد أن يكتب القاضي إلى آخر فإنه يكتب كما في البزازية و ذكر في القنية من باب ما يبطل دعوى المدعي قال : سمعت شيخ الإسلام القاضي علاء الدين المروزي يقول : يقع عندنا كثيرا أن الرجل يقر على نفسه بمال في صك و يشهد عليه ثم يدعي أن بعض هذا المال قرض و بعضه ربا عليه و نحن نفتي أنه إن أقام على ذلك بينة تقبل و إن كان مناقضا لأنا نعلم أنه مضطر إلى هذا الإقرار ا هـ
وقال في كتاب المداينات : قال أستاذنا : وقعت واقعة في زماننا أن رجلا كان يشتري الذهب الرديء زمانا الدينار بخمسة دوانق ثم تنبه فاستحل منهم فابرأوه عما بقي لهم عليه حال كون ذلك مستهلكا فكتبت أنا و غيري أنه يبرأ و كتب ركن الدين الزنجاني : الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع و قال : به أجاب نجم الدين الحلمي معللا بهذا التعليل و قال : هكذا سمعت عن ظهير الدين المرغيناني قال رضي الله تعالى عنه فقرب من ظني أن الجواب كذلك مع تردد فكنت أطلب الفتوى لأمحو جوابي عنه فعرضت هذه المسألة على علاء الأئمة الخياطي فأجاب أنه يبرأ إن كان الإبراء بعد الهلاك و غضب من جواب غيره أنه لا يبرأ فازداد ظني بصحة جوابي و لم أمحه و يدل على صحته ما ذكره البزدوي في غناء الفقهاء من جملة صور البيع الفاسد : جملة العقود الربوية يملك العوض فيها بالقبض فإذا استهلكه على ملكه ضمن مثله فلو لم يصح الإبراء لرد مثله : فيكون ذلك رد ضمان ما استهلك لا رد عين ما استهلك و برد ضمان ما استهلك لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيدا للملك في فصل الربا فلو لم يكن في رده فائدة نقض عقد الربا ليجب ذلك حقا للشرع و إنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا إن كان قائما لا رد ضمانه اهـ
وقد أفتيت آخذا من الأولى بأن الشهود إذا شهدوا أن البعض لا حقيقة له و إنما فعل مواطأة و حيلة تقبل
- لا يجوز إطلاق المحبوس إلا برضاء خصمه إلا إذا ثبت إعساره أو أحضر الدين للقاضي في غيبة خصمه
تصرف القاضي في الأوقاف مبني على المصلحة فما خرج عنها منه باطل و قد ذكرنا من ذلك أشياء في القواعد و مما يدل عليه : أنه لو عزل ابن الواقف من النظر المشروط له و ولى غيره بلا خيانة لم يصح كما في فصول العمادي من الوقف و جامع
الفصولين من القضاء
- ولو عين للناظر معلوما و عزل نظر الثاني إن كان ما عينه له بقدر أجر مثله أو دونه أجراه الثاني عليه و إلا جعل له أجر المثل و حط الزيادة كما في القنية و غيرها و منها :
حرمة إحداث تقرير فراش المسجد بغير شرط الواقف كما في الذخيرة و غيرها و قد ذكرنا في القاعدة الخامسة أن من اعتمد على أمر القاضي الذي ليس بشرعي لم يخرج عن العهدة و نقلنا هناك فرعا من فتاوى الولوالجية و لا يعارضه ما في القنية طالب القيم أهل المحلة أن يقرض من مال المسجد للإمام فأبى فأمره القاضي به فأقرضه ثم مات الإمام مفلسا لا يضمن القيم لأنه لا يضمن بالإقراض بإذن القاضي لأن للقاضي الإقراض من مال المسجد و في الكافي من الشهادات : الأصح أن القاضي إذا علم أن المحضر مسخر لا يجوز إقامة البينة و لا يجوز إثبات الوكالة و الوصاية بلا خصم حاضر
- لا تقبل شهادة المغفل و يقبل إقراره كما في الولوالجية
- شهدا على أنه مات و هي امرأته و آخران أنه طلقها فالأولى أولى
- تنازعا في ولاء رجل بعد موته فبرهن كل أنه أعتقه و هو يملكه فالميراث بينهما
كما لو برهنا على نسب ولد كان بينهما
- أي بينة سبقت و قضي بها لم تقبل الأخرى
- سئل الشهود بالبيع عن الثمن فقالوا : لا نعلم لا تقبل و بالنكاح عن المهر فقالوا : لا نعلم تقبل كما في الصيرفية
- الأصح أنه لا يفتى بجواز تحمل الشهادة على المتنقبة و أجمعوا على أنه لا يتحملها من وراء جدار كذا في المجتبى
وفي البزازية : شهد بطلاق أو عتاق و قالا : لا ندري أكان في صحة أو مرض فهو على المرض و لو قال الوارث : كان يهذي لا يصدق حتى يشهدوا أنه كان صحيح العقل
وفي الخزانة قالا هو زوج الكبرى لكن لا ندري الكبرى نكلفه إقامة البينة أن الكبرى هذه
شهد أنها زوجت نفسها و لا نعلم هل هي في الحال امرأته أم لا أو شهدا أنه باع منه هذا العين و لا ندري أنه هل هو في ملكه في الحال أم لا يقضى بالنكاح و الملك في الحال بالاستصحاب و الشاهد في العقد شاهد في الحال انتهى
وفي البزازية معزيا إلى الجامع : الشاهد عاين دابة فى تتبع دابه و ترتضع له أن يشهد بالملك و النتاج
- لا يحلف المدعي إذا حلف المدعى عليه إلا في مسألة ذكرناها في الدعوى من الشرح عن المحيط و قال فيه : إنها من خواص هذا الكتاب و غرائبه فيجب حفظها اللعب بالشطرنج لا يسقط العدالة إلا بواحد من خمسة : القمار عليه و كثرة الحلف عليه و إخراج الصلاة عن وقتها بسببه و اللعب به على الطريق و ذكر شيء من الفسق عليه كما بيناه في شرح الكنز
- الدعوى على غير ذي اليد لا تسمع إلا في دعوى الغصب في المنقول و أما في الدور و العقار فلا فرق كما في اليتيمة
- شهادة الزوج على زوجته مقبولة إلا بزناها و قد قذفها كما في حد القذف و فيما إذا شهد على إقرارها بأنها أمة لرجل يدعيها فلا تقبل إلا إذا كان الزوج أعطاها المهر والمدعي يقول أذنت لها في النكاح كما في شهادات الخانية
- تقبل شهادة الذمي على مثله إلا في مسائل :
فيما إذا شهد نصرانيان على نصراني أنه قد أسلم حيا كان أو ميتا فلا يصلى عليه بخلاف ما إذا كانت نصرانية كما في الخلاصة إلا إذا كان ميتا و كان له ولي مسلم يدعيه
فإنها تقبل للإرث و يصلى عليه بقول وليه كما في الخانية
وفيما إذا شهدا على نصراني ميت بدين و هو مديون مسلم
وفيما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم
وفيما إذا شهد أربعة نصارى على نصراني أنه زنى بمسلمة إلا إذا قالوا استكرهها فيحد الرجل وحده كما في الخانية
وفيما إذا ادعى مسلم عبدا في يد كافر فشهد كافران أنه عبده قضى به القاضي المسلم له كما في البدائع
- لا تقبل شهادة الإنسان لنفسه إلا في مسألة القاتل إذا شهد بعفو ولي المقتول وصورته في شهادات الخانية ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم شهدوا بعد التوبة أن الولي قد عفا عنا : قال الحسن : لا تقبل شهادتهم إلا أن يقول اثنان منهم : عفا عنا و عن هذا الواحد ففي هذا الوجه قال أبو يوسف رحمه الله : تقبل في حق الواحد و قال الحسن :
تقبل في حق الكل انتهى
- كتبنا في قاعدة اليقين لا يزول بالشك أن من أتلف لحم إنسان و ادعى أنه ميتة فللشهود أن يشهدوا أنه ذكية بحكم الحال كما في البزازية و على هذا فرعت : لو رأوا شخصا ليس عليه آثار مرض أقر بشيء : لهم أن يشهدوا أنه أقر و هو صحيح و كذا عكسه :
لو رأوه في فراش أو به مرض ظاهرة فلهم أن يشهدوا أنه كان مريضا عملا بالحال لكن لو قال لهم : أنا صحيح هل يشهدون بصحته أو يحكمون قوله فإن ظهر لهم ما يدل على صحته شهدوا بها و إلا حكموا قوله و ينبغي أن يسألهم القاضي هل ظهر عليه ما يدل على مرضه فإن أخبروا به لم يعمل بإخباره أنه صحيح و إلا عمل به و هي حادثة الفتوى
وفي جنايات البزازية : شهدوا على رجل أنه جرحه و لم يزل صاحب فراش حتى مات يحكم به و إن لم يشهدوا أنه مات من جراحته لأنهم لا علم لهم به و كذا لا يشترط في الحائط المائل أن يقولوا : مات من سقوطه لأن إضافة الأحكام إلى السبب الظاهر لا إلى سبب يتوهم ألا ترى أنه لا تجب القسامة في ميت بمحله على رقبته حية ملتوية انتهى
- تقبل شهادة العتيق لمعتقه إلا في مسألة ما إذا شهد بالثمن عند اختلافهما كما في الخلاصة و تقبل عليه إلا في مسألة ذكرناها في الشرح قال في بسيط الأنوار للشافعية من كتاب القضاء ما لفظه : و ذكر جماعة من أصحاب الشافعي و أبي حنيفة رحمهما الله إذا لم يكن للقاضي شيء من بيت المال فله أخذ عشر ما يتولى من أموال اليتامى والأوقاف ثم بالغ في الإنكار و لم أر هذا لأصحابنا رحمهم الله لكن في الخانية ذكر العشر للمتولي في مسألة الطاحونة (1/255)
القسم الثالث من الملف
- لا تحليف مع البرهان إلا في ثلاث ذكرناها في الشرح دعوى دين على ميت وفي استحقاق المبيع و دعوى الآبق
- لا تحليف بلا طلب المدعي إلا في أربع على قول أبي يوسف رحمه الله مذكورة في الخلاصة
- تقبل الشهادة حسبة بلا دعوى في ثمانية مواضع مذكورة في منظومة ابن وهبان :
في الوقف و طلاق الزوجة و تعليق طلاقها و حرية الأمة و تدبيرها و الخلع و هلال رمضان و النسب و زدت خمسة من كلامهم أيضا : حد الزنا و حد الشرب و الإيلاء والظهار و حرمة المصاهرة
والمراد بالوقف : الشهادة بأصله و أما بريعه فلا و على هذا لا تسمع الدعوى من غير من له الحق فلا جواب لها فالدعوى حسبة لا تجوز
- الشهادة حسبة بلا دعوى جائزة في هذه المواضع فلتحفظ ثم زدت سادسة من القنية فصارت أربعة عشر موضعا و هي الشهادة على دعوى مولاه نسبه و لم أره صريحا
- جرح الشاهد حسبة من غير سؤال القاضي و أعلم أن شاهد الحسبة إذا أخر شهادته بلا عذر يفسق و لا تقبل شهادته نصوا عليه في الحدود و طلاق الزوجة و عتق الأمة وظاهر ما في القنية أنه في الكل و هي في الظهيرية و اليتيمة و قد ألفت فيها رسالة
فلنا شاهد حسبة و ليس لنا مدع حسبة إلا في دعوى الموقوف عليه أصل الوقف فإنها تسمع عند البعض و الفتوى على أنها لا تسمع الدعوى إلا من المتولي كذا في البزازية من الوقف فإذا كان الموقوف عليه لا تسمع دعواه فالأجنبي بالأولى و ظاهر كلامهم أنها لا تسمع من غير الموقوف عليه اتفاقا و هل يقبل تجريح الشاهد حسبة ؟ الظاهر : نعم لكونه حقا لله تعالى
- لا يحال بين المولى و عبده قبل ثبوت عتقه إلا في ثلاث مسائل مذكورة في منية المفتي
- و لا يحال بين المنقول و المدعى عليه به إلا في موضعين منها أيضا
- لا يلزم المدعي بيان السبب و تصح بدونه إلا في المثليات و دعوى المرأة الدين على تركة زوجها و الثانية في جامع الفصولين و الأولى في الشرح من الدعوى
- الشهادة بحرية العبد بدون دعواه لا تقبل عند الإمام إلا في مسألتين :
الأولى : إذا شهدوا بحريته الأصلية و أمه حية تقبل لا بعد موتها
الثانية : شهدوا بأنه أوصي له بإعتاقه تقبل و إن لم يدع العبد و هما في آخر العمادية و الأولى مفرعة على الضيف فإن الصحيح عنده اشتراط دعواه في العارضة والأصلية كما قدمنا
ولا تسمع دعوى الإعتاق من غير العبد إلا في مسألة من باب التحالف من المحيط باع عبدا ثم ادعى على المشتري الشراء و الإعتاق و كان في يد البائع تسمع فيهما و إن
كان في يد المشتري تسمع في الشراء فقط
- لا يشترط لصحة دعوى الحرية الأصلية ذكر اسم أمه و لا اسم أب أمه لجواز أن يكون حر الأصل و أمه رقيقة صرح به في آخر العمادية و جامع الفصولين و كذا في الشهادة بحرية الأصل كما في دعوى القنية
- القضاء بعد صدوره صحيحا لا يبطل بإبطال أحد إلا إذا أقر المقضي له ببطلانه فإنه يبطل إلا في المقضي بحريته و فيما إذا ظهر الشهود عبيدا أو محدودين في قذف بالبينة فإنه يبطل القضاء لكونه غير صحيح
- يحلف المنكر إلا في إحدى و ثلاثين مسألة بيناها في شرح الكنز
- إذا ادعى رجلان كل منهما على في اليد استحقاق ما في يده فأقر لأحدهما و أنكر للآخر لم يستحلف المنكر منهما إلا في ثلاث : دعوى الغصب و الإيداع و الإعارة فإنه يستحلف المنكر بعد إقراره لأحدهما كما في الخانية مفصلا و في الخلاصة في كل موضع لو أقر به يلزمه فإذا أنكره : يستحلف إلا في ثلاث ذكرها و الصواب إلا في أربع وثلاثين و قد ذكرتها في الشرح
- يجوز قضاء الأمير الذي يولي القضاء و كذلك الكتابة إلى القاضي إلا أن يكون القاضي من جهة الخليفة فقضاء الأمير لا يجوز كذا في الملتقط
وقد أفتيت بأن تولية باشا مصر قاضيا ليحكم في قضيته بمصر مع وجود قاضيها المولى من السلطان باطلة لأنه لم يفوض إليه ذلك
- ذكر الصدر الشهيد في شرح أدب القضاء أن المولى لا يكون قاضيا قبل وصوله إلى محل ولايته فمقتضاه جواز قبول الهدية قبل الوصول مطلقا و عدم جواز استنابته بإرسال نائب له في محل قضائه و عمل القضاة الآن على إرسال نائب حين التولية في بلد السلطان و الظاهر أنه بإذن السلطان و حينئذ لا كلام فيه
حادثة :
ادعى أنه غرس أثلا في أرض محدودة بكذا من مدة ثماني عشرة سنة على أن الأرض إن ظهر لها مالك دفع أجرتها و أن المدعى عليه تعرضه بغير حق و طالبه بذلك فأجابه المدعى عليه بأن الأثل المذكور غرسه مستأجر الوقف له فأحضر المدعي شاهدين شهدا بأنه غرسه من المدة المذكورة و زاد أحدهما بأنه واضع اليد عليه فحكم القاضي بالملك للمدعي و لم يطلب البينة من المدعى عليه
فسئلت عن الحكم فأجبت : بأنه غير صحيح لأنه المدعي لم يبين فيها أنه خارج أو ذو يد و على كل لا موافقة بين الدعوى و الشهادة و الحاصل : أن القاضي يستأنف الدعوى فإن ذكر المدعي أن المدعى عليه واضع اليد و أنه خارج و صدقه المدعى عليه على و ضع اليد أو برهن عليه ثم برهن على الغرس و شهدا على طبق الدعوى طلب من الناظر البرهان فإن برهن على ما ادعى قدم برهان الخارج لأن الغرس مما يتكرر فليس كالنتاج و إن ذكر المدعي أنه واضع اليد و أن الناظر المدعى عليه يعارضه و برهن فبرهن الناظر على غراس المستأجرة قدم برهان الناظر لكونه خارجا و هل الترجيح لبينة الناظر لكونها تثبت الغرس بحق و الأولى تثبته غصبا ؟ قلت : لا ترجيح بذلك
ثم سئلت : لو أرخا في الغرس فأجبت بتقديم بينة الخارج إلا إذا سبق تاريخ ذي اليد فيقدم لأن الغرس مما يتكرر و قال الزيلعي إنه بمنزلة الملك المطلق و هذا حكمه
ثم رأيت في غصب القنية لو غرس المسلم في أرض مسبلة كانت سبيلا انتهى
فمقتضاه أن يكون الأثل و قفا إذا كانت الأرض و قفا على أبناء السبيل و ظاهر ما في الإسعاف أنه لو غرس في الوقف و لم يغرس له كانت ملكا له لا وقفا و ذكر في خزانة المفتين من الوقف حكم ما إذا غصب أرضا و بنى فيها أو غرس لا تحالف إذا اختلفا في الأجل إلا في أجل السلم
- دعوى دفع التعرض : مسموعة على المفتى به كما في دعوى البزازية و دعوى قطع النزاع : لا كما في فتاوى قارىء الهداية
- اختلاف الشاهدين مانع إلا في إحدى و ثلاثين مسألة ذكرناها في الشرح
- إذا أخبر القاضي بشيء حال قضائه قبل منه إلا إذا أخبر بإقرار رجل بحد وتمامه في شرح أدب القضاء للصدر
- لا تسمع الدعوى بدين على الميت إلا على وارث أو وصي أو موصى له فلا تسمع على غريم له كما في جامع الفصولين إلا إذا وهب جميع ماله لأجنبي و سلمه له فإنها تسمع عليه لكونه ذا يد كما في خزانة المفتين
- المدعى عليه إذا دفع دعوى المدعي الملك من فلان بأن فلانا أودعه إياه اندفعت الدعوى بلا بينة إلا في مسألتين
الأولى : إذا ادعى الإرث عنه فإنها لا تندفع بخلاف دعوى الشراء منه
الثانية : إذا ادعى الشراء و قال : أمرني بالقبض منك لم تندفع و الفرق في فروق الكراببسي
- دعوى القضاء والشهادة عليه من غير تسمية القاضي لا تصح إلا في مسألتين :
الأولى : الشهادة بالوقف : أي : بأن قاضيا من قضاة المسلمين قضى بصحته صحت
الثانية : الشهادة بالإرث أي : بأن قاضيا من القضاة قضى بأن الإرث له صحت
وهما في الخزانة
ودعوى الفعل من غير بيان الفاعل لا تسمع إلا في أربع : مسألتي القاضي
والثالثة الشهادة بأنه اشتراه من وصيه في صغره صحيحة و إن لم يسموه
الرابعة : الشهادة بأن وكيله باعه من غير بيانه و الكل في خزانة المفتين
الخامسة : نسبة فعل إلى متولي وقف من غير بيان من نصبه على التعيين
السادسة : نسبة فعل إلى وصي يتيم كذلك و يمكن رجوع الأخيرتين إلى الأولى
- القضاء بالحرية قضاء على الكافة إلا إذا قضى بعتق من ملك مؤرخ فإنه يكون قضاء على الكافة من ذلك التاريخ فلا تسمع فيه دعوى ملك بعده و تسمع قبله كما ذكره منلا خسرو في شرح الدرر الغرر
- القول لمنكر الأجل إلا في السلم فلمدعيه
- الشراء يمنع دعوى الملك و كذا الاستيداع لا لضرورة كما إذا خاف من الغاصب تلف العين فاشتراها أو أخنها وديعة ذكره العمادي في الفصول و في جامع الفصولين لكن بصيغة ينبغي
- الجهالة في المنكوحة تمنع الصحة و في المهر : إن كانت فاحشة : فمهر المثل
وإلا فالوسط كعبد وفي البيع و في المبيع و الثمن تمنع الصحة إلا إذا ادعى حقا في دار فادعى الآخر عليه حقا في دار أخرى فتبايعا الحقين المجهولين فإنه جائز و في الإجارة تمنع الصحة في العين أو في الأجرة كهذا أو هذا و في الدعوى تمنع الصحة إلا في الغصب و السرقة و في الشهادة كذلك إلا فيهما و في الرهن و في الاستحلاف تمنعه إلا في ست : هذه الثلاثة و دعوى خيانة مبهمة على المودع و تحليف الوصي عن اتهام القاضي له وكذا المتولي و في الإقرار : لا تمنعه إلا في مسألة ذكرناها في بابه و في الوصية لا تمنعها و البيان إلى الموصي أو وارثه و في المنتقى لو قال : كانت قالت أعطوا فلانا شيئا أو جزءا من مالي أعطوه ما شاؤوا و في الوكالة فإن في الموكل فيه وتفاحشت منعت و إلا : فلا و في الوكيل تمنع كهذا أو هذا و قيل : لا و في الطلاق و العتاق لا و عليه البيان و في الحدود تمنع كهذا زان أو هذا
- لا يجوز للمدعى عليه الإنكار و إذا كان عالما بالحق إلا في دعوى العيب فإن للبائع إنكاره ليقيم المشتري البينة عليه ليتمكن من الرد على بائعه و في الوصي إذا علم بالدين ذكرهما في بيوع النوازل
- إذا أقام الخارج بينة على النتائج في ملكه و ذو اليد كذلك قدمت بينة ذي اليد
هكذا أطلقه أصحاب المتون
قلت : إلا في مسألتين ذكرهما في خزانة الأكمل من دعوى النسب
الأولى : لو كان النزاع في عبد فقال الخارج : إنه ولد في ملكي و أعتقته و برهن
وقال ذو اليد : ولد في ملكي فقط بخلاف ما إذا قال الخارج : دبرته أو كاتبته فإنه لا يقدم
الثانية : لو قال الخارج : ولد في ملكي من أمتي هذه و هو ابني قدم على ذي اليد
- إذا برهن الخارج و ذو اليد على نسب صغيرة قدم ذو اليد إلا في مسالتين في
الأولى : لو برهن الخارج على أنه ابنه من امرأته هذه و هما حران و أقام ذو اليد أنه ابنه و لم ينسبه إلى أمه فهو للخارج
الثانية : لو كان ذو اليد ذميا و الخارج مسلما فبرهن الذمي بشهود من الكفار و برهن الخارج قدم الخارج سواء برهن بمسلمين أو بكافرين و لو برهن الكافر بمسلمين قدم على المسلم مطلقا
- لا يقدم المسلم على الكافر ولا الكتابي على المجوسي في الدعاوى إلا في دعوى النسب كما في دعوى خزانة الأكمل
- إذا شهدوا له بأنه وارث فلان من غير بيان سببه لا تقبل إلا إذا شهدوا بأن فلانا القاضي قضى بأنه وارثه فإنها تقبل كما في خزانة الأكمل في آخر الدعاوى
- إذا شهدوا له بقرابة بأنه أخوه أو عمه أو ابن عمه لا بد أن يبينوا أنه لأبيه و أمه أو لأبيه إلا في الابن و البنت و ابن الابن و الأب و الأم كما في الخزانة
- الحجة : بينة عادلة أو إقرار أو نكول عن يمين أو يمس أو قسامة أو علم القاضي بعد توليته أو قرينة قاطعة و قد أوضحناه في الشرح من الدعوى إلا أن الفتوى
على قول محمد رحمه الله
- المرجوع إليه أنه لا اعتبار بعلم القاضي و في جامع الفصولين : و عليه الفتوى
وعليه مشايخنا رحمهم الله كما في البزازية من المسائل المخمسة من الدعوى
- القول قول الأب أنه أنفق على ولده الصغير مع اليمين و لو كانت النفقة مفروضة بالقضاء أو بفرض الأب و لو كذبته الأم كما في نفقات الخانية بخلاف ما لو ادعى الانفاق على الزوجة وأنكرت
وعلى هذا يمكن أن يقال : المديون إذا ادعى الإيفاء لا يقبل قوله إلا في مسألة
إذا تنازع رجلان في عين : ذكر العمادي أنها على ستة و ثلاثين وجها و قلت في الشرح إنها على خمسمائة و اثني عشر
- التصديق : إقرار إلا في الحدود كما في الشرح من دعوى الرجلين
- لا يقضي بالقرينة إلا في مسائل ذكرتها في الشرح من باب التحالف
- القاضي إذا حكم في شيء وكتب في السجل يجعل كل ذي حجة على حجته إذا كانت له و خمس من السجلات لا يجعل القاضي كل ذي حجة على حجته : النسب و الحكم بشهادة القابلة و فسخ النكاح بالعنة وفسخ البيع بالإباق وتفسيق الشاهد كذا في الخلاصة من كتاب المحاضر و السجلات (1/271)
كتاب الوكالة
- الأصل أن الموكل إذا قيد على وكيله فإن كان مفيدا اعتبر مطلقا و إلا لا و إن كان نافعا من وجه ضار من وجه : فإن أكده بالنفي اعتبر و إلا لا و عليه فروع منها : بعه بخيار فباعه بغيره لم ينفذ لأنه مفيد بعه من فلان فباعه من غيره
كذلك و هما في المحيط و من هذا النوع : بعه بكفيل وبعه برهن و بعه نسيئة فباعه نقدا بخلاف : بعه نسيئة له بيعه نقدا ولا تبع إلا نسيئة له بيعه نقدا بعه في سوق كذا فباعه في غيره نفذ لا تبعه إلا في سوق كذا لا و نظير بعه بشهود لا تبعه إلا بشهود فلا مخالفة مع النهى إلا في قوله : لا تبع إلا بالنسيئة و في قوله : لا تسلم حتى تقبض الثمن كما في الصغرى فله المخالفة بخلاف : لا تبع حتى تقبض لأن التسليم من الحقوق وهي راجعة إلى الوكيل فلا يملك النهي
- الوكيل بملك الموقوف كالنافذ فلا ينهيها
و تمامه في نكاح الجامع
- الوكيل مصدق في براءته دون رجوعه فلو دفع إليه ألفا و أمره أن يشتري بها عبدا ويزيد من عنده إلى خمسمائة فاشترى و ادعى الزيادة و كذبه الآمر تحالفا و يقسم الثمن أثلاثا للتعذر بخلاف شراء المعينة حال قيامها و تمامه في الجامع
- لا يصح عزل الوكيل نفسه إلا بعلم الموكل إلا الوكيل بشراء شيء بغير عينه أو ببيع ماله ذكره في وصايا الهداية
قلت : وكذا الوكيل بالنكاح و الطلاق و العتاق فانحصر في الوكيل بشراء معين والخصومة
- لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما و كل فيه لكونه متبرعا إلا في مسائل : إذا وكله في دفع عين و غاب لكن لا يجب عليه الحمل إليه و المغصوب و الأمانة سواء
وفيما إذا وكله ببيع الرهن سواء كانت مشروطة فيه أو بعده و فيما إذا كان وكيلا بالخصومة بطلب المدعي و غاب المدعى عليه
ومن فروع الأصل : لا جبر على الوكيل بالإعتاق و التدبير و الكتابة و الهبة من فلان و البيع منه و طلاق فلانة و قضاء دين فلان إذا غاب الموكل
ولا يجبر الوكيل بغير أجر على تقاضي الثمن و إنما يحيل الموكل
ولا يحبس الوكيل بدين موكله و لو كانت وكالته عامة إلا إن ضمن
- لا يوكل الوكيل إلا بإذن أو تعميم تفويض إلا الوكيل بقبض الدين : له أن يوكل من في عياله بدونهما فيبرأ المديون بالدفع إليه و الوكيل بدفع الزكاة إذا وكل غيره ثم و ثم فدفع الآخر لأجاز و لا يتوقف كما في أضحية الخانية
- الوكيل بالشراء إذا دفع الثمن من ماله فإنه يرجع على موكله به إلا فيما إذا ادعى الدفع و صدقه الموكل و نحب البائع فلا رجوع كما في كفالة الخانية
- و كيل الأب في مال ابنه كالأب إلا في مسألتين من بيوع الولوالجية
إذا باع وكيل الأب من ابنه لم يجز بخلاف الأب إذا باع من ابنه و فيما إذا باع مال أحد الابنين من الآخرة يجوز بخلاف وكيله
- المأمور بالشراء إنا خالف في الجنس نفذ عليه إلا في مسألة من بيوع الولوالجية
- الأسير المسلم في دار الحرب إذا أمر إنسانا بأن يشتري بألف درهم فخالف في الجنس فإنه يرجع عليه بالألف
- الوكيل إذا سمى له الموكل الثمن فاشترى بأكثره نفذ على الوكيل لا الوكيل بشراء الأسير فإنه إذا اشتراه بأكثر لزم الأمر المسمى كما في الواقعات
- الوكالة لا تقتصر على المجلس بخلاف التمليك فإذا قال لرجل : طلقها لا يقتصر و طلقي نفسك لا يقتصر إلا إذا قال : إن شئت فيقتصر و كذا : طلقها إن شاءت كما في الخانية
- الوكيل عامل لغيره فمتى كان عاملا لنفسه بطلت و لذا قال في الكنز : و بطل توكيله الكفيل بمال إلا في مسألة ما إذا و كل المديون بإبراء نفسه فإنه صحيح و لذا لا يتقيد بالمجلس و يصح عزله و إن كان عاملا لنفسه بخلاف ما إذا وكله بقبض الدين من نفسه أو من عبده لم يصح كما في البزازية
- الوكيل إذا أمسك مال الموكل و فعل بمال نفسه فإنه يكون متعديا فلو أمسك دينار الموكل و باع ديناره لم يصح كما في الخلاصة لما إلا في مسائل :
الأولى : الوكيل بالإنفاق على أهله و هي مسألة الكنز
الثانية : الوكيل بالإنفاق على بناء داره كما في الخلاصة
الثالثة : الوكيل بالثراء إذا أمسك المدفوع و نقد من مال نفسه
الرابعة : الوكيل بقضاء الدين كذلك و هما في الخلاصة أيضا وقيد الثالثة فيها بما إذا كان المال قائما و لم يضف الشراء إلى نفسه
الخامسة : الوكيل بإعطاء الزكاة إذا أمسكه و تصدق بماله ناويا الرجوع أجزأه كما في القنية
السادسة : إبراء الوكيل بالبيع المشتري عن الثمن قبل قبضه و هبته : صحيح عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى و أما حط الكل عنه فغير صحيح عندهما خلافا لمحمد رحمه الله تعالى كما في حيل التاتارخانية
ومما خرج عن قولهم : يجوز التوكيل بكل ما يعقده الوكيل لنفسه لمه : الوصي فإن له أن يشتري مال اليتيم لنفسه و النفع ظاهر و لا يجوز أن يكون وكيلا في شرائه للغير كما في بيوع البزازية
- الأمر إذا قيد الفعل بزمان كـ بع هذا غدا أو أعتقه غدا ففعله المأمور بعد غد جاز كذا في حج الخانية
- من ملك التصرف في شيء ملكه في بعضه : فلو وكله في بيع عبده فباع نصفه صح عند الإمام و توقف عندهما أو في شراء عبدين معينين و لم يسم ثمنا فاشترى أحدهما : صح أو في قبض دينه ملك قبض بعضه إلا إذا نصر على أن لا يقبض إلا الكل معا كما في البزازية إذا وكله بشراء عبد فاشترى نصفه توقف ما لم يشتر الباقي كما في الكنز
- الوكيل إذا و كل بغير إذن و تعميم و أجاز ما فعله وكيله نفذ إلا الطلاق و العتاق
- التوكيل بالتوكيل صحيح فإذا وكله أن يوكل فلانا في شراء كذا ففعل و اشترى الوكيل يرجع بالثمن على المأمور و هو على أمره و لا يرجع الوكيل على الآمر كما في فروق الكرابيسي
- الوكيل إذا كانت وكالته عامة مطلقة ملك كل شيء إلا طلاق الزوجة و عتق العبد ووقف البيت و قد كتبت فيها رسالة
- المأمور بالدفع إلى فلان إذا ادعاه و كذبه فلان فالقول له في براءة نفسه إلا إذا كان غاصبا أو مديونا كما في منظومة ابن وهبان
- بعث المديون المال على يد رسول فهلك فإن كان رسول الدائن هلك عليه و إن كان رسول المديون هلك عليه و قول الدائن : ابعث بها مع فلان ليس رسالة له منه
فإذا هلك هلك على المديون بخلاف قوله : ادفعها إلى فلان فإنه إرسال فإذا هلك هلك على الدائن و بيانه في شرح المنظومة
- لا يصح توكيل مجهول إلا لإسقاط عدم الرضا بالتوكيل كما بيناه في مسائل شتى من كتاب القضاء من شرح الكنز و من التوكيل المجهول : قول الدائن لمديونه : من جاءك بعلامة كذا و من أخذ إصبعك أو قال لك كذا فادفع ما لي عليك إليه لم يصح لأنه توكيل مجهول فلا يبرأ بالدفع إليه كما في القنية
- الوكيل يقبل قوله بيمينه فيما يدعيه إلا الوكيل بقبض الذين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبضه في حياته و دفعه له فإنه لا يقبل قوله إلا بالبينة كما في الولوالجية من الوكالة و قد ذكرناه في الأمانات و فيما إذا ادعى بعد موت الموكل أنه اشترى لنفسه وكان الثمن منقودا و فيما إذا قال بعد عزله : بعته أمس و كذبه الموكل و فيما إذا قال بعد موت الموكل : بعته من فلان بألف درهم و قبضتها و هلكت و كذبته الورثة في البيع فإنه لا يصدق إذا كان المبيع قائما بعينه بخلاف ما إذا كان مستهلكا الكل من الولوالجية من الفصل الرابع في اختلاف الوكيل مع الموكل و في جامع الفصولين كما ذكرناه في الأولى :
قال : فلو قال : كنت قبضت في حياة الموكل و دفعته إليه لم يصدق إذا أخبر عما لا يملك إنشاءه و كان متهما و قد بحث بأنه ينبغي أن يكون الوكيل بقبض الوديعة كذلك و لم يتنبه بما فرق الولوالجي بينهما : بأن الوكيل بقبض الدين يريد إيجاب الضمان على الميت إذ الديون تقضى بأمثالها بخلاف الوكيل بقبض العين فإنه يريد نفي الضمان عن نفسه له اهـ
وكتبنا في شرح الكنز في باب التوكيل بالخصومة و القبض مسألة لا يقبل فيها قول الوكيل بالقبض أنه قيض
وفي الواقعات الحسامية : الوكيل بقبض القرض إذا قال : قبضته و صدقه المقرض و كذبه الموكل فالقول للموكل
- إنا مات الموكل بطلت الوكالة إلا في التوكيل بالبيع وفاء كما في بيوع البزازية
- إذا قبض الموكل الثمن من المشتري صح استحسانا إلا في الصرف كما في منية المفتي
- الوكيل إذا أجاز فعل الفضولي أو وكل بلا إذن و تعميم و حضره فإنه ينفذ على الموكل لأن المقصود حضور رأيه إلا في الوكيل بالطلاق و العتاق لأن المقصود عبارته
والخلع و الكتابة كالبيع كما في منية المفتي
- الشيء المفوض إلى اثنين : يملكه أحدهما كالوكيلين و الوصيين و الناظرين والقاضيين و الحكمين و المودعين و المشروط لهما الاستبدال و الإدخال و الإخراج إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف النظر له أو الاستبسال مع فلان فإن للواقف الانفراد دون فلان كما في الخانية من الوقف
- الوكيل لا يكون وكيلا قبل العلم بالوكالة إلا في مسألة علم المشتري بالوكالة و لم يعلم الوكيل البائع بكونه وكيلا كما في البزازية و في مسألة ما إذا أمر المودع المودع بدفعها إلى فلان فدفعها له و لم يعلم بكونه وكيلا و هي في الخانية بخلاف ما إذا وكل رجلا بقبضها و لم يعلم المودع و الوكيل بالوكالة فدفعها له فإن المالك مخير في تضمين أيهما شاء إذا هلكت و هي في الخانية أيضا (1/278)
كتاب الإقرار
المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره إلا في الإقرار بالحرية و النسب و ولاء العتاقة كما في شرح المجمع معللا بأنها لا تحتمل النقض و يزاد الوقف فإن المقر له إذا رده ثم صدقه صح كما في الإسعاف و الطلاق و النسب و الرق كما في البزازية
- الإقرار لا يجامع البينة لأنها لا تقام إلا على منكر إلا في أربع : في الوكالة والوصاية و في إثبات دين على الميت و في استحقاق العين من المشتري كما في وكالة الخانية
- الإقرار للمجهول باطل إلا في مسألة ما إذا رد المشتري المبيع بعيب فبرهن البائع على إقراره أنه باعه من رجل و لم يعينه قبل و سقط حق الرد كذا في بيوع الذخيرة
- الاستئجار : إقرار بعدم الملك له على أحد القولين إلا إذا استأجر المولى عبده من نفسه لم يكن إقرارا بحريته كما في القنية
- إذا أقر بشيء ثم ادعى الخطأ لم تقبل كما في الخانية إلا إذا أقر بالطلاق بناء على ما أفتى به المفتي ثم تبين عدم الوقوع فإنه لا يقع كما في جامع الفصولين و القنية
- إقرار المكره باطل إلا إذا أقر السارق مكرها فقد أفتى بعض المتأخرين بصحته كما في سرقة الظهيرية
- الإقرار : إخبار لا إنشاء فلا يطيب له لو كان كاذبا إلا في مسائل : فإنشاء يرتد بالرد و لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة و لو أقر ثم أنكر يحلف على أنه ما أقر بناء على أنه إنشاء ملك لكن الصحيح تحليفه على أصل المال
- من ملك الإنشاء ملك الإخبار كالوصي و المولى و المراجع و الوكيل بالبيع و من له الخيار و تفاريعه في أيمان الجامع قلت في الشرح : إلا في مسألة استدانة الوصي على اليتيم فإنه يملك إنشاءها دون الإخبار بها
- المقر له إذا رد الإقرار ثم عاد إلى التصديق فلا شيء له إلا في الموقف كما في الإسعاف من باب الإقرار بالوقف
- الاختلاف في المقر به يمنع الصحة و في سببه لا
- أقر له بعين وديعة أو مضاربة أو أمانة فقال : ليس لي وديعة لكن لي عليك ألف من ثمن مبيع أو قرض فلا شيء له إلا أن يعود إلى تصديقه و هو مصر عليه و لو قال : أقرضتك فله أخذها لاتفاقهما على ملكه إلا إذا صدقه خلافا لأبي يوسف رحمه الله ولو أقر أنها غصب فله مثلها للرد في حق العين كذا في الجامع الكبير
- المقر إذا صار مكذبا شرعا بطل إقراره فلو ادعى المشتري الشراء بألف و البائع بألفين و أقام البينة فإن الشفيع يأخذها بألفين لأن القاضي كذب المشتري في إقراره
وكذا إذا أقر المشتري بأن المبيع للبائع ثم استحق من يد المشتري بالبينة بالقضاء له الرجوع بالثمن على بائعه و إن أقر أنه للبائع كذا في قضاء الخلاصة و منه ما في الجامع : ادعى عليه كفالة معينة فأنكر فبرهن المدعي و قضى على الكفيل كان له الرجوع على المديون إذا كان بأمره
وخرجت من هنا الأصل مسألتان في قضاء الخلاصة يجمعهما أن القاضي إذاقضى باستصحاب الحال لا يكون تكذيبا له
الأولى : لو أقر المشتري أن البائع أعتق العبد قبل البيع و كذبه البائع فقضى بالثمن على المشتري لم يبطل إقراره بالعتق حتى يعتق عليه
الثانية : إذا ادعى المديون الإيفاء أو الإبرار على رب الدين فجحد و حلف و قضي له بالدين لم يصر الغريم مكذبا حتى لو و جدت بينة تقبل
وزدت مسائل :
الأولى : أقر المشتري بالملك للبائع صريحا ثم استحق بينة و رجع بالثمن لم يبطل إقراره فلو عاد إليه يوما من الدهر فإنه يؤمر بالتسليم إليه
الثانية : ولدت و زوجها غائب و فطم بعد المدة وفرض القاضي له النفقة و لها بينة ثم حضر الأب و نفاه لاعن و قطع النسب و لها أختان في تلخيص الجامع من الشهادة
وعلى هذا لو أقر بحرية عبد ثم اشتراه عتق عليه و لا يرجع بالثمن أو بوقفية دار ثم اشتراها كما لا يخفى ومسالة الوقف مذكورة في الإسعاف قال أقر بأرض في يد غيره أنها و قف ثم اشتراها أو و رثها صارت و قفا مؤاخذة له بزعمه انتهى
وقد ذكر في البزازية من الوكالة طرفا من مسائل المقر إذا صار مكذبا شرعا و ذكر في خزانة الأكمل مسألة في الوصية في كتاب الدعوى و هي : رجل مات عن ثلاثة أعبد وله ابن فقط فادعى رجل أن الميت أوصى له بعبد يقال له سالم فأنكر الابن و أقر أنه أوصى له بعبد يقال له بزيغ فبرهن المدعي قضي بسالم و لا يبطل إقرار الوارث ببزيغ فلو اشتراه الوارث ببزيغ صح وغرم قيمته للموصي له ثم ذكر بعدها مسألة تخالفها فلتراجع قبل قوله : ولد
- الإقرار حجة قاصرة على المقر و لا يتعدى إلى غيره فلو أقر المؤجر أن الدار لغيره لا تنفسخ الإجارة إلا في مسائل : لو أقرت الزوجة بدين فللدائن حبسها و إن تضرر الزوج و لو أقر المؤجر بدين لا و فاء له إلا من ثمن العين فله بيعها لقضائه وإن تضرر المستأجر و لو أقرت مجهولة النسب بأنها بنت أب زوجها و صدقها الأب انفسخ النكاح بينهما بخلاف ما إذا أقرت بالرق و لو طلقها اثنتين بعد الإقرار بالرق لم يملك الرجعة و إذا ادعى و لد أمته المبيعة وله أخ ثبت نسبه و تعدى إلى حرمان الأخ من الميراث لكونه للابن وكنا المكاتب إذا ادعى نسب و لد حرة في حياة أخيه صحت وميراثه لولده دون أخيه كما في الجامع باع المبيع ثم أقر أن البيع كان في التلجئة وصدقه المشتري فله الرد على بائعه بالعيب كما في الجامع
- الإقرار بشيء محال باطل كما لو أقر له بأرض يده التي قطعها خمسمائة درهم ويداه صحيحتان لم يلزمه شيء كما في التاتارخانية من كتاب الحيل و على هنا أفتيت ببطلان إقرار إنسان بقسر من السهام لوارث و هو أزيد من الفريضة الشرعية لكونه محالا شرعا مثلا : لو مات عن ابن و بنت فأقر الابن أن التركة بينهما نصفان بالسوية فالإقرار باطل لما ذكرنا و لكن لا بد من كونه محالا من كل وجه وإلا فقد ذكر في التاتارخانية من كتاب الحيل أنه لو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرض أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعنيه صح الإقرار مع أن الصبي ليس من أهل المبيع و القرض و لا يتصوران منه لكن إنما يصح باعتبار أن هذا المقر محل لثبوت الدين للصغير عليه في الجملة انتهى
وانظر إلى قولهم إن الإقرار للحمل صحيح إن بين سببا صالحا كالميراث و الوصية وإن بين ما لا يصلح كالبيع و القرض بطل لكونه محالا
- يملك الإقرار ما لا يملك الإنشاء فلو أراد أحد الدائنين تأجيل حصته في الدين المشترك و أبى الآخرة لم يجز ولو أقر أنه حين وجب وجب مؤجلا صح إقراره ولا يملك المقذوف العفو عن القاذف و لو قال المقذوف : كنت مبطلا في دعواي سقط الحد كذا في حيل التاتارخانية من حيل المداينات
وفرعت على هنا : لو أقر المشروط له الربع أنه يستحقه فلان دونه صح و لو جعله لغيره لم يصح و كذا المشروط له النظر و على هنا لو قال المريض في مرض الموت : لا حق لي على فلان لوارث لم تسمع الدعوى عليه من و ارث آخر و هي الحيلة في إبراء المريض و ارثه في مرض موته بخلاف ما إذا قال أبرأته فإنه يتوقف كما في حيل الحاوي القدسي
وعلى هذا لو أقر المريض بذلك لأجنبي لم تسمع الدعوى عليه بشيء من الوارث
فكذا إذا أقر لبعض و رثته كما في البزازية وعلى هذا يقع كثيرا أن البنت في مرض موتها تقر بأن الأمتعة الفلانية ملك أبيها لا حق لها فيها و قد أجبت فيها مرارا بالصحة و لا تسمع دعوى زوجها فيها مستندا لما في التاتارخانية من باب إقرار المريض معزيا إلى العيون ادعى على رجل مالا و أثبته و أبرأه لا تجوز براءته إن كان عليه دين و كذا لو أبرأ الوارث لا يجوز سواء كان عليه دين أو لا ولو أنه قال : لم يكن لي على هذا المطلوب شيء ثم مات جاز إقراره في القضاء انتهى
وفي البزازية معزيا إلى حيل الخصاف : قالت فيه : ليس لي على زوجي مهر أو قال فيه : لم يكن لي على فلان شيء يبرأ عندنا خلافا للشافعي رحمه الله انتهى
وفيها قبله : و إبراء الوارث لا يجوز فيه قال فيه : لم يكن لي عليه شيء ليس لورثته أن يدعوا عليه شيئا في القضاء و في الديانة لا يجوز هذا الإقرار في الجامع : إقرار الابن فيه أنه ليس له على والده شيء من تركة أمه صح بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه و كذا لو أقر بقبض ماله منه انتهى
فهذا صريح فيما قلنا ولا ينافيه ما في البزازية معزيا إلى الذخيرة : قولها فيه : لا مهر لي عليه أو لا شيء لي عليه أو لم يكن لي عليه مهر قيل : لا يصح وقيل يصح والصحيح : أنه لا يصح انتهى لأنه هذا في خصوص المهر لظهور أنه عليه غالبا
وكلامنا في غير المهر
ولا ينافيه ما ذكره في البزازية أيضا بعده : ادعى عليه مالا وديونا ووديعة فصالح مع الطالب على شيء يسير سرا و أقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء وكان ذلك في مرض المدعي ثم مات ة لير لورثته أن يدعوا على المدعى عليه
وإن برهنوا أنه كان لمورثنا عليه أموال لكنه بهذا الإقرار قصد حرماننا لا تسمع و إن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرناه فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار وكان عليه أموال تسمع انتهى لكونه متهما في هذا الإقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير والكلام عند عدم قرينة على التهمة
ولا ينافيه أيضا ما في البزازية : لا أقر فيه بعبد لامرأته ثم أعتقه فإن صدقه الوارث فيه فالعتق باطل وإن كذبه فالعتق من الثلث انتهى لأن كلامنا فيما إذا نفاه من أصله وبقوله : لم يكن لي أو لا حق لي وأما مجرد الإقرار للوارث فموقوف على الإجازة سواء كان بعين أو دين أو قبض دين منه أو إبراء إلا في ثلاث : لو أقر بإتلاف وديعة معروفة أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه كنا في تلخيص الجامع وينبغي بأن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها ولو مال الشركة أو العارية
والمعنى في الكل : أنه ليس فيه إيثار البعض فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب
وقد ظن كثير ممن لا خبرة له بنقل كلامهم وفهمه أن النفي من قبيل الإقرار للوارث وهو خطأ كما سمعته وقد ظهر لي أن الإقرار ههنا بأن الشيء الفلاني ملك أبي أو أمي وأنه عندي عارية بمنزلة قولها : لا حق لي فيه فيصح وليس من قبيل الإقرار بالعين للوارث لأنه فيما إذا قال : هذا لفلان فليتأمل وليراجع المنقول في جنايات البزازية
ذكر : بكر أشهد المجروح أن فلانا لم يجرحه ومات المجروح منه : إن كان جرحه معروفا عند الحاكم والناس لا يصح إشهاده وإن لم يكن معروفا عند الحاكم والناس يصح إشهاده لاحتمال الصدق فإن برهن الوارث في هذه الصورة أن فلانا كان جرحه ومات منه لا يقبل لأن القصاص حق الميت إلى آخره ثم قال : ونظيره ما إذا قال المقدوف : لم يقذفني فلان إن لم يكن قذف فلان معروفا : يسمع إقراره وإلا لا - الفعل في المرض أحط رتبة من الفعل في الصحة إلا في مسألة إسناد الناظر النظر لغيره بلا شرط فإنه في مرض الموت صحيح لا الصحة كما في اليتيمة وغيرها وفي كافي الحاكم من باب الإقرار في المضاربة : لو أقر المضارب بربح ألف درهم في المال ثم قال : غلطت إنها خمسمائة لم يصدق وهو ضامن لما أقر به انتهى
- اختلفا في كون الإقرار للوارث في الصحة أو في المرض فالقول لمن ادعى أنه في المرض أو في كونه في الصغر أو البلوغ فالقول لمدعي الصغر كذا في إقرار البزازية
وكذا لو طلق أو عتق ثم قال : كنت صغيرا فالقول له وإن أسند إلى حال الجنون فإن كان معهودا قبل و إلا فلا
- مات المقر له فبرهن وارثه على الإقرار ولم يشهدوا أن المقر له صدق المقر أو كذبه تقبل كما في القنية
- أقر في مرض موته بشيء وقال : كنت فعلته في الصحة كان بمنزلة الإقرار في المرض من غير إسناد إلى زمن الصحة قال في الخلاصة : لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري فإنه يصدق في البيع ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث وفي العمادية : لا يصدق على استيفاء الثمن إلا أن يكون العبد قد مات قبل مرضه انتهى وتمامه في شرح ابن وهبان له
- مجهول النسب إذا أقر بالرق لإنسان وصدقه المقر له صح وصار عبده إن كان قبل تأكد حريته بالقضاء أما بعد قضاء القاضي عليه بحد كامل أو بالقصاص في الأطراف لا يصح إقراره بالرق بعد ذلك وإذا صح إقراره بالرق فأحكامه بعده في الجنايات والحدود أحكام العبيد وتمامه في شرح المنظومة وفي المنتقى : يصدق إلا في خمسة زوجته ومكاتبه ومدبره وأم وله ومولى
- أقر بالرق ثم ادعى الحرية لا تقبل إلا ببرهان كذا في البزازية و ظاهر كلامهم أن القاضي لو قضى بكونه مملوكا ثم برهن على أنه حر : فإنه يقبل لأن القضاء بالملك يقبل النقض لعدم تعديه كما في البزازية بخلاف ما لو حكم بالنسب فإنه لا تسمع دعوى أحد فيه لغير المحكوم له ولا برهانه كما في البزازية لما قدمنا أن القضاء بالنسب مما يتعدى فعلى هذا لو أقر عبد لمجهول أنه ابنه وصدقه و مثله يولد لمثله وحكم به لم تصح دعواه بعد ذلك - أنه ابن لغير العبد المقر وهي تصلح حيلة لدفع دعوى النسب وشرط في التهذيب تصديق المولى
وفي اليتيمة من الدعوى سئل علي بن أحمد عن رجل مات وترك مالا
فاقتسمه الوارثون ثم جاء رجل وادعى أن هذا الميت كان أبي وأثبت النسب عند القاضي بالشهود وأن أباه أقر أنه ابنه وقضى القاضي له بثبوت النسب فيقول له الوارثون بين أن هذا الرجل الذي مات نكح أمك هل يكون هذا دفعا فقال : إن قضى القاضي بثبوت نسبه
ثبت نسبه وبنوته ولا حاجة إلى الزيادة انتهى
- جهالة المقر تمنع صحة الإقرار إلا في مسألة ما إذا قال : لك على أحدنا ألفدرهم وجمع بين نفسه وعبده إلا في مسألتين : فلا يصح أن يكون العبد مديونا أو مكاتبا كذا في الملتقط
- الإقرار بالمجهول صحيح إلا إذا قال على عبد أو دار فإنه غير صحيح كما في البزازية ثم قال : علي من شاة إلى بقرة لا يلزمه شيء سواء كان بعينه أو لا انتهى
- إذا أقر بمجهول لزمه بيانه إلا إذا قال : لا أدري علي له سدس أو ربع ؟ فإنه يلزمه الأقل كما في البزازية
إذا تعذر الإقرار بموضعين : لزمه الشيئان إلا في الإقرار بالقتل : لو قال : قتلت ابن فلان له ثم قال : قتلت ابن فلان وكان له ابنان وكذا في العبد وكذا في التزويج وكذا الإقرار بالجراحة فهي ثلاث كما في إقرار منية المفتي
- إذا أقر بالدين بعد الإبراء منه لم يلزمه كما في التاتارخانية إلا إذا أقر لزوجته بمهر بعد هبتها له المهر على ما هو المختار عند الفقيه وبجعل زيادة وإن قبلت الأشبه خلافه لعدم قصدها كما في مهر البزازية و إذا أقر بأن في ذمته لها كسوة ماضية ففي فتاوى قارىء الهداية أنها تلزمه ولكن ينبغي للقاضي أن يستفسرها إذا ادعت : فإن ادعتها بلا قضاء ولا رضاء لم يسمعها للسقوط و إلا سمعها ولا يستفسر المقر انتهى
يعني فيما إذا أقر بأنها في ذمته حمل على أنها بقضاء أو رضاء فتلزمه اللهم إلا إذا صدقت المرأة أنها بغير قضاء ورضاء بعد إقراره المطلق فينبغي ألا تلزمه (1/283)
كتاب الصلح
الصلح عن إقرار بيع إلا في مسألتين كما في المستصفى :
الأولى : ما إذا صالح من الدين على عبد وقبضه ليس له أن يبيعه مرابحة بلا بيان
الثانية : لو تصادقا على أن لا دين بطل الصلح وفي الشراء بالذين انتهى
ويزاد ما في المجمع : لو صالحه عن شاة على صوفها يجزه يجيزه أبو يوسف رحمه الله ومنعه محمد رحمه الله والمنع رواية وعلى صوف غيرها لا يجوز اتفاقا كما في الشرح مع أن بيع الصوف على ظهر الغنم لا يجوز
- الحق إذا أجله صاحبه فإنه لا يلزم وله الرجوع في ثلاث مسائل في شفعة الولوالجية أجل الشفيع المشتري بعد الطلبين للأخذ : صح وله الرجوع أجلت امرأة العنين زوجها بعد الحلول صح ولها الرجوع استمهل المدعى عليه فأمهله المدعي صح وله الرجوع
- الصلح عقد يرفع النزاع فلا يصح مع المودع بعد دعوى الهلاك إذ لا نزاع
ويصح بعد حلف المدعى عليه رفعا للنزاع بإقامة البينة و لو برهن المدعي بعده على أصل الدعوى لم يقبل إلا في صلح الوصي عن مال اليتيم على إنكار إذا صالح على بعضه ثم وجد البينة فإنها تقبل و لو بلغ الصبي فأقامها تقبل و لو طلب يمينه يحلف كما في القنية
الثانية : إذا ادعى دينا فأقر به و ادعى الإيفاء أو الإبراء فأنكر فصالحه ثم برهن عليه تقبل لأن الصلح هنا ليس لافتداء اليمين كذا في العمادية من العاشر و لو برهن المدعى عليه على إقرار المدعي أنه مبطل في الدعوى فإن برهن على إقراره قبل الصلح لم تقبل و إن بعده تقبل و لو برهن على صلح قبله بطل الثاني : إذ الصلح بعد الصلح باطل كما في العمادية
الصلح على إنكار بعد دعوى فاسدة فاسد كما في القنية
و لكن في الهداية في مسائل شتى من القضاء : أن الصلح على إنكار جائز بعد دعوى مجهولة فليحفظ ويحمل على فسادها بسبب مناقضة المدعي لترك شرط الدعوى كما ذكره في القنية له وهو توفيق و اجب فيقال : إلا في كذا و الله سبحانه أعلم
صلح الوارث مع الموصى له بالمنفعة صحيح بيعه و صلح الوارث مع الموصى له بجنين الأمة صحيح و ان كان يجوز بيعه و بيانه في حيل التاتارخانية
طلب الصلح و الإبراء عن الدعوى يكون إقرارا و طلب الصلح و الإبراء عن المال يكون إقرارا
الصلح على إنكار على شيء إنما يرفع النزاع في الدنيا في العقبى إلا إذا قال صالحتك على كذا و أبرأتك عن الباقي
الصلح إذا كان عن مال بمنفعة كان إجارة و لو كان على خدمة العبد المدعي به
إلا إذا صالحه على غلته أو غلة الدار فإنه غير جائز كثمرة النخل كما في الخلاصة
إذا استحق المصالح عليه رجع إلى الدعوى إلا إذا كان مما يقبل النقض فإنه يرجع بقيمته كالقصاص و العتق و النكاح و الخلع كما في الجامع الكبير
الصلح جائز عن دعوى المنافع إلا دعوى الإجارة كما في المستصفى
لا يصح الصلح عن الحد و يسقط به إلا حد القذف إذا كان قبل المرافعة كما في الخانية
صالح المحبوس ثم ادعى أنه كان مكرها لم تقبل إلا إذا كان في حبس الوالي لأن الغالب حبسه ظلما كما في البزازية
الصلح يقبل الإقالة و النقض إلا إذا صالح عن العشرة على خمسة كما في القنية
ادعى فأنكر فصالحه ثم ظهر بعده أن شيء عليه بطل الصلح كما في العمادية من العاشر (1/290)
كتاب المضاربة
إذا فسدت كان ضارب أجر مثله إن عمل إلا في الوصي يأخذ مال اليتيم مضاربة فاسدة فلا شيء له إذا عمل كذا في أحكام الصفار
إذا ادعى المضارب فسادها فالقول لرب المال أو عكسه ضارب فالقول لمدعي الصحة إلا إذا قال رب المال شرطت لك الثلث و زيادة عشرة و قال المضارب
الثلث فالقول ضارب كما في الذخيرة من البيوع
للمضارب الشراء إلا الأخذ بالشفعة فلا يملكه إلا بالنص كما في البزازية و ضارب البيع بالنسيئة إلا إلى أجل : لا يبيع إليه التجار و يملك البيع الفاسد لا الباطل
يتجاوز المضارب ما عينه له رب المال إلا إذا قيد عليه بسوق بخلاف التقييد بالبلد و إلا إذا قيد بأهل بلد كأهل الكوفة فلا يتقيد بهم بخلاف المعين منهم
المضاربة تقبل التقييد بالوقت فتبطل بمضيه تصرف أو كما في الهداية
يصح نهي رب المال مضاربه إلا إذا صار المال عروضأ
إذا قال له : اعمل برأيك ثم قال له : لا تعمل برأيك صح نهيه إلا إذا كان بعد العمل
أطلقها ثم نهاه عن السفر عمل نهيه إلا إذا كان بعد الشراء (1/292)
كتاب الهبة
هبه المشغول تجوز إلا في مسألة ما إذا و هب الأب لولده الصغير كما في الذخيرة
قبول الصبي العاقل الهبة صحيح إلا إذا و هب له ما نفع له و تلحقه مؤنته فإن قبوله باطل و يرد إلى الواهب كما في الذخيرة
تميلك الدين من غير من عليه الدين باطل إلا إذا سلطه على قبضه و منه لو وهبت من ابنها ما على أبيه لها فالمعتمد الصحة للتسليط
ويتفرع على هنا الأصل : لو قض دين غيره على أن يكون الدين له لم يجز و لو كان و كيلا بالبيع كما في جامع الفصولين له و ليس منه : ما إذا أقر الدائن أن الدين لفلان وأن اسمه عارية فيه فهو صحيح لكونه إخبارا تمليكا و يكون قر له و لاية قبضه كما في البزازية
الهبة تكون مجازا عن الإقالة في البيع و الإجارة كما في إجارة الولوالجية
جبر على الصلاة إلا في مسائل منها :
الأولى : نفقة الزوجة
والثانية : العين الموصى بها يجب على الوارث دفعها إلى الموصى له بعد موت الموصي مع أنها صلة
الثالثة : الشفعة : يجب على المشتري تسليم العقار إلى الشفيع مع أنها صلة شرعية ولذا لو مات الشفيع بطلت الشفعة كذا في شرح أدب القاضي للصدر الشهيد من النفقات
قلت الرابعة : مال الوقف يجب على الناظر تسليمه وقوف عليه مع أنه صلة محضة إن لم يكن في مقابلة عمل و إلا : ففيه شائبتها (1/293)
كتاب المداينات
وفيه مسائل الإبراء عن الدين :
إذا قال الطالب لمطلوبه : لا تعلق لي عليك له كان إبراء عاما كقوله لا حق لي قبله إلا إذا طالب الدائن الكفيل فصال له : طالب الأصيل فقال : لا تعلق لي عليه لا لم يبرأ الأصيل و هو المختار كما في القنية
الإبراء يرتد بالرد إلا في مسائل :
الأولى : إذا أبرأ المحتال المحتال عليه فرده لم يرتد كما ذكرناه في شرح الكنز
الثانية : إذا قال المدين أبرئني فأبرأ فرده لا يرتد كما في البزازية
الثالثة : إذا أبرأ الطالب الكفيل فرده لم يرتد كما ذكره في الكفالة و قيل يرتد
الرابعة : إذا قبله ثم رده لم يرتد كما ذكره الزيلعي في مسائل شتى من القضاء
الإبراء يتوقف على القبول إلا في الإبراء في بدل الصرف و السلم كما في البدائع
الإبراء بعد قضاء الدين صحيح لأن الساقط بالقضاء المطالبة لا أصل لدين فيرجع المديون بما أذاه إذا أبرأه براءة إسقاط و إذا أبرأه براءة استيفاء فلا رجوع و اختلفوا فيما إذا أطلقها كذا في الذخيرة من البيوع و صرح به ابن و هبان في شرح المنظومة من الهبة و على هذا لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لهاة يبطل التعليق
فإذا أبرأته براءة إسقاط و قع و رجع عليها و حكى في المجمع خلافا في صحة إبراء
المحتال المحيل بعد الحوالة : فأبطله أبو يوسف رحمه الله بناء على أنها نقل الدين وصححه محمد رحمه الله بناء على أنها نقل المطالبة فقط و في مداينات القنية : تجرع بقضاء دين عن إنسان ثم أبرأ الطالب المطلوب على و جه الإسقاط : ف تبرع أن يرجع بما تبرع به انتهى
وتفرع على أن الديون تقض بأمثالها مسائل منها :
لو هلك الرهن بعد الإبراء من الدين فإنه يكون مضمونا بخلاف هلاكه بعد الإيفاء ذكره الزيلعي
ومنها : الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبضه في حياته ودفعه له فإنه لايقبل قوله إلا ببينة لأنه يريد إيجاب الضمان على المين مت بخلاف الوكيل بقبض العين كما في وكالة الولوالجية
هبة الدين كالإبراء منه إلا في مسائل :
منها : لو و هب المحتال الدين من المحتال عليه رجع به على المحيل و لو أبرأه لم يرجع
ومنها : في الكفالة كذلك
ومنها : توقفها على القبول على قول بخلاف الإبراء
ومنها : لو شهد أحدهما بالإبراء و الآخر بالهبة ففيه قولان : قيل تقبل و بيانه في العشرين من جامع الفصولين
الإبراء عن الدين فيه معنى التمليك و معنى الإسقاط فلا يصح تعليقه بصريح الشرط للأول نحو : إن أديت إلي غدا كذا فأنت بريء من الباقي و إذا و متى كان و يصح تعليقه بمعنى الشرط للثاني نحو قوله : أنت بريء من كذا على أن تؤدي إلي غدا كذا و تمام تفريعه في كتاب الصلح من باب الصلح عن الدين
وللأول يرتد بالرد و للثاني يتوقف على القبول و يصح الإبراء عن المجهول للثاني
ولو قال الدائن لمديونيه : أبرأت أحدكما لم يصح للثاني ذكره في فتح القدير من خيار العيب و لو أبرأ الوارث مديون مورثه غير عالم بموته ثم بان ميتا فبالنظر إلى أنه إسقاط يصح و كذا بالنظر إلى كونه تمليكا لأن الوارث لو باع عينا قبل العلم بموت المورث ثم ظهر موته صح كما صرحوا به فهنا بالطريق الأولى و لو و كل المديون بإبراء نفسه قالوا : صح التوكيل نظرا إلى جانب الإسقاط و لو نظر إلى جانب
التمليك لم يصح كما لو و كله بأن يبيع من نفسه و استشكل بأنه عامل منه لنفسه و هو براءة نفسه و الوكيل من يعمل لغيره و أجبنا عنه في شرح الكنز من باب تفويض الطلاق
كل قرض جر نفعا حرام فكره للمرتهن سكنى المرهونة بإذن الراهن كما في الظهيرية و ما روي عن الإمام أنه كان يقف في ظل جدار مديونه فذلك لم يثبت كذا في كراهتها القول لك في جهة التمليك فلو كان عليه دينان من جنس واحد فدفع شيئا فالتعيين للدافع إلا إذا كان من جنسين لم يصح تعيينه من خلاف جنسه و لو كان واحدا فأدى شيئا و قال : هذا من نصفه : فإن كان التعيين مفيدا بأن كان أحدهما
حالا أو به رهن أو كفيل و الآخر صح و إلا فلا و لو ادعى المشتري أن المدفوع من الثمن و قال الدلال : من الأجرة فالقول للمشتري و لو ادعى الزوج أن المدفوع من المهر و قالت : هدية فالقول له إلا في المهيأ للآكل كذا في جامع ا لفصولين
كل دين أجله صاحبه فإنه يلزمه تأجيله إلا في سبع الأولى : القرض الثانية :
الثمن عند الإقالة الثمالة : الثمن بعد الإقالة و هما في القنية الرابعة : إذا مات المديون المستقرض فأجل الدائن الوارث الخامسة : الشفيع إذا أخذ السار بالشفعة و كان الثمن حالا فأجله المشتري السادسة : بدل الصرف السابعة : رأس مال السلم
آخر الدينين قضاء للأول
عليه ألف قرض فباع من مقرضه شيئا بألف مؤجلة ثم حلت في مرضه و عليه دين تقع المقاصة و المقرض أسوة للغرماء كذا في الجامع
القرض يلزم تأجيله إلا في و صية كما ذكروه قبيل الربا و فيما إذا كان مجحودا فإنه يلزم تأجيله كما في صرف الظهيرية و فيما إذا حكم مالكي بلزومه بعد ثبوت أصل الدين عنه و فيما إذا حال المقرض به على إنسان فأجله المستقرض كذا في مداينات القنية
الوكيل بالإبراء إذا أبرأ و لم يضف إلى موكله لم يصح كذا في خزانة الفتاوى
الإبراء العام يمنع الدعوى بحق قضاء ديانة إن كان بحيث لو علم بماله من الحق لم يبرئه كما في شفعة الولوالجية لكن في خزانة الفتاوى : الفتوى على أنه يبرأ قضاء و ديانة و إن لم يعلم به و في مداينات القنية : أحالت إنسانا على لزوج على أن يؤدي من المهر ثم و هبت المهر من الزوج قبل الدفع تصح قال أستاذنا : و له ثلاث حيل : إحداها : شراء شيء ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة و الثانية : صلح إنسان معها عن المهر بشيء ملفوف قبل الهبة و الثالثة : هبة المرأة المهر لابن صغير لها قبل الهبة انتهى و في الأخيرة نظر نذكره في أحكام الدين من الجمع و الفرق
الدين المؤجل إذا قضاه قبل حلول الأجل يجبر الطالب على تسليمه لأن الأجل حق المديون فله أن يسقطه هكذا ذكر الزيلعي في الكفالة و هي أيضا في الخانية و النهاية و قد و قعت حادثة : عليه بر مشروط تسليمه في بولاق فلقيه الدائن بالصعيد وطلب تسليمه فيه مسقطا عنه مؤنة الحمل إلى بولاق فمقتضى مسألة الدين : أن يجبر على تسليمه بالصعيد و لكن نقل في القنية قولين في السلمم ظاهرهما ترجيح أنه جبر إلا للضرورة بأن يقيم المديون بتلك البلدة و قد أفتيت به في الحادثة المذكورة لأنه و إن
أسقط عنه مؤنة الحمل إلى بولاق فقد يتيسر له بر بالصعيد إذا أقر بأن دينه لفلان صح و حمل على أنه كان و كيلا عنه و لهذا كان حق القبض قر و يبرأ المديون بالدفع إلى أيهما كما في الخلاصة و البزازية إلا في مسألة هي : ما إذا قالت المرأة : المهر الذي لي على زوجي لفلان أو لولدي فإنه لا يصح كما في شرح المنظومة و القنية و هو ظاهر لعدم إمكان حمله على أنها و كيلة في سبب المهر كما يخفى و الحيلة في أن المقر يصح قبضه و إبراؤه منه بعد إقراره مذكورة في فن الحيل منه و في و كالة البزازية
للزوج عليها دين و طلبت النفقة : تقع المقاصة بدين النفقة بلا رضاء الزوج بخلاف سائر الديون لأن دين النفقة أضعف فصار كاختلاف الجنس فشابه ما إذا كان أحد الحقين جيدا و الآخر رديئا
لا يقع التقاص بلا تراض
عند رجل و ديعة وللمودوع عليه دين من جنس الوديعة لم تصر قصاصا بالدين حتى يجتمعا و بعد الاجتماع تصير قصاصا ما لم يحدث فيه قبضا و إن في يده يكفي الاجتماع بلا تجديد قبض و تقع المقاصة و حكم المغصوب عند قيامه في يد رب الدين كالوديعة انتهى
إذا تعارضت بينة الدين و بينة البراءة و لم يعلم التاريخ قدمت بينة البراءة و إذا تعارضت بينة البيع و بينة البراءة قدمت بينة البيع كذا في المحيط من باب دعوى الرجلين (1/293)
كتاب الإجارات
في إيضاح الكرماني من باب الاستصناع : و الإجارة عندنا تتوقف على الإجازة
فإن أجازها المالك قبل استيفاء المعقود عليه فالأجرة له و إن كان بعده فلا و إن كان بعد قبض البعض فالكل للمالك عند أبي يوسف رحمه الله و قال محمد رحمه الله : الماضي للغاصب و المستقبل للمالك انتهى
الغصب يسقط الأجرة عن المستأجر إلا إذا أمكن إخراج الغاصب بشفاعة أو بحماية كما في التاتارخانية و القنية
التمكن من الانتفاع يوجب الأجر إلا في مسائل :
الأولى : إذا كانت الإجارة فاسدة فلا تجب إلا بحقيقة الانتفاع كما في الفصول العمادية و ظاهر ما في الإسعاف : إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسدة بالتمكن
الثانية : إذا استأجر دابة للركوب خارج المصر فحبسها عنده و لم يركبها فلا أجر له كما في الخانية بخلاف ما إذا استأجرها للركوب في المصر فحبسها و لم يركبها
الثالثة : إذا استأجر ثوبا كل يوم بدانق فأمسكه سنين من غير لبس لم يجب أجر ما بعد المدة التي لو لبسه لتخرق كما في الخلاصة
وتفرع على الثانية أنها لو هلكت في زمان إمساكها عنده يضمنها لأنه لم يجب الأجرة لم يكن مأذونا في إمساكها بخلاف ما إذا استأجرها للركوب في المصر فهلكت بعد إمساكها كما في فروق الكرابيسي
الزيادة في الأجرة من المستأجر من غير أن يزيد عليه أحد فإن بعد مضي المدة لم تصح و الحط و الزيادة في المدة جائز و إن زيد على المستأجر : فإن كان في الملك لم تقبل مطلقا كما لو رخصت و هو شامل لمال اليتيم بعمومه و إن كانت العين و قفا : فإن كانت الإجارة فاسدة أجرها الناظر بلا عوض على الأول إذ حق له لكن الأصل وقوعها صحيحة بأجرة المثل فإذا ادعى رجل أنها بغبن فاحش : رجع القاضي إلى أهل البصر و الأمانة فإن أخبروا أنها كذلك فسخها و الواحد يكفي عندهما خلافا لمحمد رحمه الله كما في وصايا الخانية و أنفع الوسائل
وتقبل الزيادة و لو شهدوا وقت العقد أنها بأجرة المثل كما في أنفع الوسائل و إلا فإن كان إضرارا و تعنتا لم تقبل و إن كانت لزيادة أجرة المثل فالمختار قبولها فيفسخها المتولي و يمضيه القاضي و إن امتنع المتولي فسخها القاضي كما حرره في أنفع الوسائل له ثم يؤجرها ممن زاد فإن كانت دارا أو حانوتا عرضها على المستأجر فإن قبلها فهو الأحق و كان عليه الزيادة من وقت قبلها من أول المدة و إن أنكر زيادة أجر المثل و ادعى أنها إضرار فلا بد من البرهان عليه و إن لم يقبلها آجرها المتولي و إن كانت أرضا فإن كانت فارغة عن الزرع فكالدار و إن كانت مشغولة لم تصح إجارتها لغير صاحب الزرع لكن تضم الزيادة من وقتها على المستأجر و أما الزيادة على المستأجر بعد ما بنى أو غرس : فإن كان استأجرها مشاهرة فإنها تؤجر لغيره إذا فرغ الشهر إن لم يقبلها و البناء يتملكه الناظر بقيمته مستحق القلع للوقف أو يصبر حتى يتخلص بناؤه فإن كانت المدة باقية لم تؤجر لغيره و إنما تضم عليه الزيادة كالزيادة و بها زرع و أما إذا زاد أجر المثل في نفسه من غير أن يزيد أحدث ف تولي فسخها و عليه الفتوى و ما لم يفسخ كان على المستأجر المسمى كما في الصغرى
هذا ما حررته في هذه المسألة من كلام مشايخنا رحمهم الله
إذا فسخ العقد بعد تعجيل البدل صحيحا كان العقد أو فاسدا فللمعجل حبس المبدل حتى يستوفي البدل ذكره الزيلعي في البيع الفاسد مصرحا بأن ستأجر حبس العين حتى يستوفي ما عجله و يخالفه ما في آخر إجارات الولوالججة لأنه فيما إذا كانت العين في يد المؤجر و ما ذكره الزيلعي : إنما هو فيما إذا كانت في يد المستأجر و قد صرح به في الإجارة الفاسدة من جامع الفصولين
الإجارة عقد لازم لا تنفسخ بغير عذر إلا إذا وقعت على استهلاك عين كالاستكتاب فلصاحب الورق فسخها بلا عذر و أصله في المزارعة
لرب البذر الفسخ دون العامل و من أعذارها المجوزة لفسخها الدين على المؤجر و وفاء له إلا من ثمنها فله فسخها ضمن بيعها إلا إذا كانت الأجرة المعجلة تستغرق قيمتها
لايصح الاستئجار لمن تعين عليه الفعل كغسل الميت و حمله و دفنه و إلا جاز
صح استئجار قلم ببيان الأجر و المدة
آجر الغاصب ثم ملك نفذت
استأجر أرضا لوضع شبكة الصيد جاز و كذا استئجار طريق للمرور إن بين المدة
استأجر مشغولا و فارغا صح في الفارغ فقط
أجرها المستأجر من المؤجر لم يصح
استأجر نصراني مس للخدمة لم يجز و لغيرها جاز كالاستئجار لكتابة أو لغناء أو لبناء بيعة أوكنيسة
استأجره ليصيد له أو ليحتطب جاز إن وقت
استأجرت زوجها لغمز رجلها لم يجز
استأجر شاة لإرضاع و لده أو جدية لم يجز
استأجر إلى مائتي سنة لم يجز
إضافة الإجارة إلى منافع الدار : جائزة
دفع داره إلى آخر ليرمها و أجر عليه فهي عارية المستأجر فاسدا : إذا آجر صحيحا جازت و قيل : لا استأجر دراهم ليعمل فيها كل شهر بكذا فهي فاسدة و أجر و يضمنها و لو ليزين بها ؟ جازت إن وقت
ولا تجوز إجارة الشجر و الكرم باجر على أن يكون الثمر له و كذا ألبان الغنم وصوفها و لو استأجر الشجر مطلقا قال خواهر زاده : لقائل أن يقول بالجواز و ينصرف إلى شد الثياب عليها أو الدابة و بعدمه لأن المنفعة المقصودة منها الثمرة
دفع غزلا إلى حائك لينسجه له بالنصف فسدت كاستئجار الكتاب للقراءة مطلقا
يفسدها الشرط كاشتراط طعام العبد و علف الدابة و تطيين الدار و مرمتها وتغليق الباب وإدخال جذع في سقفها على المستأجر
لا يجوز الاستئجار لاستيفاء الحدود و القصاص
استعان برجل في السوق ليبيع متاعه فطلب منه أجرا فالعبرة لعادتهم و كذا لو أدخل رجلا في حانوته ليعمل له
استأجر شيئا لينتفع به خارج المصر فانتفع به في المصر : فإن كان ثوبا و جب الأجر و إن كان دابة : لا
استأجر دابة فساقها و لم يركبها فعليه الأجر إلا لعذر بها
الأجير الكاتب إذا أخطأ في البعض فإن كان الخطأ في كل و رقة خير إن شاء أخذه و أعطاه أجر مثله و إن شاء تركه عليه و أخذ منه القيمة و إن كان في البعض فقط أعطاه بحسابه من المسمى
استخدمه بعد جحدها و جب الأجر و قيمته
لو هلك حمل أحد الأجيرين فقط فإن كانا شريكين و جب لهما كله و إلا فللحامل النصف
قصر الثوب المجحود : فإن قبله فله الأجر و إلا فلا و كذا الصباغ و النساج
لا يستحق الخياط أجر التفصيل بلا خياطة
الصيرفي بأجر إذا ظهرت الزيافة في الكل استرد الأجرة و في البعض بحسابه
دفع المؤجر له المفتاح فلم يقدر على الفتح لصناعة إن أمكنه الفتح بلا كلفة وجب الأجر و إلا فلا
آجرت دارها من زوجها ثم سكنا فيها فلا أجر
من دلني على كذا فله كذا فهو باطل و لا أجر لمن دله
إن دللتني على كذا : فلك كذا فدله فله أجر المثل للمشي لأجله و في السير الكبير : قال أمير السرية : من دلنا على موضع كذا فله كذا يصح و يتعين الأجر بالدلالة فيجب الأجر كذا في البزازية و ظاهره و جوب المسمى و الظاهر : وجوب أجر المثل إذ عقد إجارة هنا و هنا مخصص لمسألة الدلالة على العموم لكونه بين ا لموضع
إجارة المنادي و السمسار و الحمامي و نحوها جائزة للحاجة
السكوت في الإجارة ؟ رضاء و قبول
قال الراعي : لا أرضى بالمسمى و إنما أرضى بكذا فسكط المالك فرعى لزمته و كذا لو قال للساكن : اسكن بكذا إلا فانتقل فسكن لزمه ما سمى
الأجرة للأرض كالخراج على المعتمد فإذا استأجرها للزراعة فاصطلم الزرع آفة وجب منه قبل الإصطلام و سقط ما بعده
لا يلزم المكاري الذهاب معها و لا إرسال غلام معها و إنما يلزم الآجر بتخليتها
استأجره لحفر حوض عشرة في عشرة و بين العمق فحفر خمسة في خمسة كان له ربع الأجر لأن العشرة في العشرة : مائة و الخمسة في الخمسة : خمسة و عشرون فكان له ربع العمل
استأجره لحفر قبر فحفره فدفن فيه غير ميت المستأجرة فلا أجر له
بعه لي بكذا و لك كذا فباع له فله أجر المثل
متى و جب أجر المثل و جب الوسط منه
اشتراها بمثل ما يتكارى الناس : إن متفاوتا لم تصح و إلا : صحت
داري لك هبة إجارة أو إجارة هبة فهي إجارة
آجرتك بغير شيء فاسدة عارية
أجير القصار : أمين يضمن إلا بالتعدي و القصار على الاختلاف في المشترك ومحله عند عدم اشتراط الضمان عليه أما معه فيضمن اتفاقا
المستآجر إذا بنى فيها بلا إذن : فإن بلبن فله رفعه و ان بترابها فلا
لا ضمان على الحمامي و الثيابي إلا بما يضمن به المودعع
تفسد إجارة الحمام لطعام المعين ببيان المدة و كذا بشرط الورق على الكاتب
شرط الحمامي إن أجر زمن التعطيل محطوط عنه صحيح أن يحط كذا وتفسد بشرط كون مؤنة الرد على المستأجر و باشتراط خراجها أو عشرها على المستأجر وبردها مكروبة
أجرة حمال حنطة القرض : على من استأجره إلا إذا استأجره المقرض بإذن المستقرض
امتنع الأجير عن العمل في اليوم الثاني أجبر
أجر نزح بيت الخلاء لا يجب على المؤجر و لكن يخير الساكن للعيب و كذا إصلاح الميزاب و تطيين السطح و نحوهما لأن المالك يجبر على إصلاح ملكه
وإخراج تراب المستأجر عليه و كناسته و رماحه لا تفريغ البالوعة
رد المستأجر على المؤجر و اجب في مكان الإجارة
الصحيح : أن الإجارة الأولى إذا انفسخت انفسخت الثانية
الإجارة من المستأجر أو مستأجره للمؤجر تصح و لا تنقض الأولى
النقصان عن أجر المثل في الوقف إذا كان يسيرا جائز
آجرها ثم أجرها من غيره فالثانية موقوفة على إجازة الأول فإن ردها بطلت و إن أجازها فالأجرة له
استأجره لعمل سنة فمضى نصفها بلا عمل فله الفسخ
تنفسخ الإجارة بموت المؤجر العاقد لنفسه إلا لضرورة كموته في طريق مكة و لا قاضي في الطريق و سلطان فتبقى إلى مكة فيرفع الأمر إلى القاضي ليفعل الأصلح للميت و الورثة فيؤجرها له إن كان أمينا أو يبيعها بالقيمة فإن برهن المستأجر على قبض الأجرة للإياب رد عليه حصته من الثمن و تقبل البينة هنا بلا خصم لأنه يريد الأخذ من ثمن ما في يسر و إذا أعتق الأجير في أثناء المدة يخير فإن فسخها فللمولى أجر ما مضى و إن أجازها فالأجر كله للمولى و لو بلغ اليتيم في أثنائها لم يكن له فسخ إجارة الوصي إلا إذا أجر اليتيم فله فسخها
آجر العبد نفسه بلا إذن ثم أعتق : نفذت و ما عمل في رقه فلمولاه و في عتقه له
ولو مات في خدمته قبل عتقه ضمنه
مرض العبد و إباقه و سرقته : عشر ستأجر في فسخها و كذا إذا كان عمله فاسدا
لا عدم حذقه
ادعى نازل الخان و داخل الحمام و ساكن المعد للاستغلال الغصب لم يصدق إلا إن أتى ببينة و الأجر واجب
اختلف صاحب الطعام و الملاح في مقداره فالقول لصاحبه و يأخذ الأجر بحسابه حيث يكون الأجر مسلم له
اختلفا في كونها مشغولة أو فارغة : حكم الحال إذا اختلفا في صحتها و فسادها فالقول لمدعي الصحة قال الفضلي رحمه الله : إلا إذا ادعى المؤجر بأنها كانت مشغولة بالزرع و ادعى المستأجر أنها كانت فارغة فالقول المؤجر كما في آخر إجارة البزازية
أجرها المستأجر بأكثر مما استأجر لا تطيب الزيادة له و يتصدق بها إلا في مسألتين : أن يؤجرها بخلاف جنس ما استأجر و أن يعمل بها عملا كبناء كما في البزازية
اختلفا في الخشب و الآجز و الغلق و الميزاب : فالقول لصاحب الدار إلا في اللبن الموضوع و الباب و الآجر و الجص و الجذع الموضوع فإنه للمستأجر و الله أعلم بالصواب (1/298)
كتاب الأمانات من الوديعة و العارية و غيرهما
الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث : الناظر إذا مات مجهلا غلات الوقف و القاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى عند من أودعها و السلطان إذا أودع بعض الغنيمة عند الغازي ثم مات و لم يبين عند من أودعها هكذا في فتاوى قاضي خان من الوقف و في الخلاصة من الوديعة و ذكرها الولوالجي و ذكر من الثلاثة : أحد المتفاوضين إذا مات و لم يبين حال المال الذي في يده و لم يذكر للقاضي فصار المستثنى بالتلفيق أربعا و زدت عليها مسائل :
الأولى : الوصي إذا مات مجهلا و ضعه مالكه فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين
الثانية : الأب إذا مات مجهلا مال ابنه ذكره فيها أيضا
الثالثة : إذا مات الوارث مجهلا ما أودع عند مورثه
الرابعة : إذا مات مجهلا لما ألقته الريح في بيته
الخامسة : إذا مات مجهلا و ضعه مالكه في بيته بغير علمه
السادسة : إذا مات الصبي مجهلا أودع عنده محجورا و هذه الثلاث في تلخيص الجامع الكبير - للخلاطي فصار المستثنى : عشرا
وقيد بتجهيل الغلة لأن الناظر إذا مات مجهلا البدل فإنه يضمنه كما في الخانية و معنى موته مجهلا : ألا يبين حال الأمانة و كان يعلم أن و ارثه يعلمها فإن بينها و قال في حياته رددتها فلا تجهيل إن برهن الوارث على مقالته و إلا لم يقبل قوله و إن كان يعلم أن و ارثه يعلمها فلا تجهيل و لذا قال في البزازية : والمودع إنما يضمن بالتجهيل إذا لم يعرف الوارث الوديعة أما إذا علم الوارث الوديعة و المودع يعلم أنه يعلم و مات و لم يبين لم يضمن و لو قال الوارث : أنا علمتها و أنكر الطالب إن فسرها وقال : هي كذا و كذا و هلكت : صدق انتهى
ومعنى ضمانها : صيرورتها دينا في تركته و كذا لو ادعى الطالب التجهيل و ادعى الوارث أنها كانت قائمة يوم مات و كانت معروفة ثم هلكت فالقول للطالب في الصحيح كذا في البزازية
تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه و وضعها ثم باع المعير الجدار فإن المشتري لا يتمكن من رفعها و قيل : لا بد من شرط ذلك وقت البيع كذا في القنية
إذا تعدى الأمين ثم أزاله يزول الضمان كالمستعير و المستأجر إلا في الوكيل بالبيع أو بالحفظ أو بالإجارة أو بالاستئجار و المضارب و المستبضع و الشريك عنانا أو مفاوضة و المودع و مستعير الرهن و هي في الفصول إلا الأخيرة فهي في المبسوط
الوديعة : لا تودع و لا تعار و لا تؤجر و لا ترهن و المستأجر : يؤجر و يعار و لا يرهن و العارية تعار و تؤجر قيل : يودع المستأجر و العارية : إذ تصح إعارتهما و هي أقوى من الإيداع و قيل : لا لأن الأمين يسلمها إلى غير عياله و إنما جازت الإعارة لإذن المعير و المؤجرة للإطلاق في الانتفاع و هو معدوم في الإيداع فإن قيل : إذا أعار فقد أودع قلنا : ضمني لا قصدي
و الرهن كالوديعة لا يودع و لا يعار و لا يؤتجر و أما الوصي فيملك الإيداع و الإجارة دون الإعارة كما في و صايا الخلاصة و كذا المتولي على الوقف
الوكيل بقبض الدين بعده مودع فلا يملك الثلاثة كما في جامع الفصولين
العامل لغيره أمانة أجر له إلا الوصي و الناظر : فيستحقان بقسر أجرة المثل إذا عملا إلا إذا شرط الواقف للناظر شيئا و يستحقان إلا بالعمل فلو كان الوقف طاحونة والموقوف عليه يستغلها فلا أجر للناظر كما في الخانية و من هنا يعلم أنه أجر للناظر في المسقف إذا أحيل عليه المستحقون و أجر للوكيل إلا بالشرط و في جامع الفصولين : الوكيل بقبض الوديعة إذا سمى له أجرا ليأتي بها جاز بخلاف الوكيل بقبض الدين يصح استئجاره إلا إذا وقت له وقتا
وفي البزازية : لو جعل للكفيل أجرا : لم يصح و ذكر الزيلعي أن الوديعة بأجر مضمونة و في الصيرفية من أحكام الوديعة : إذا استأجر المودع المودع صح بخلاف الراهن إذا استأجر المرتهن
كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله : كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل و الناظر إذا ادعى الصرف إلى الموقوف عليهم و سواء كان في حيا مستحقها أو بعد موته إلا في الوكيل بقبض الذين إذا ادعى بعد موت الموكل انه قبضه و دفعه في حياته لم تقبل إلا ببينة بخلاف الوكيل بقبض العين و الفرق في الولوالجية
القول للأمين مع اليمين إلا إذا كن الظاهر فلا يقبل قول الوصي في نفقة زائدة خالفت الظاهر و كذا المتولي الأمين إذا خلط بعض أموال الناس ببعض أو الأمانة بماله فإنه ضامن فالمودع إذا خلطها بماله بحيث لا يتميز ضمنها و لو أنفق بعضها فرده و خلط بها ضمنها و العامل إذا سأل للفقراء شيئا و خلط الأموال ثم دفعها ضمنها لأربابها و لا تجزيهم عن الزكاة إلا أن يأمره الفقراء أولا بالأخذ و المتولي إذا خلط أموال أوقاف مختلفة يضمن إلا إذا كان بإذن القاضي و السمسار إذا خلط أموال الناس و أثمان ما باعه ضمن إلا في موضع جرت العادة بالإذن بالخلط و الوصي إذا خلط مال اليتيم ضمنه إلا في مسائل : يضمن الأمين بالخلط القاضي إذا خلط ماله بمال غيره أو مال رجل بمال آخر و المتولي إذا خلط مال الوقف بمال نفسه و قيل : يضمن و لو أتلف المتولي مال الوقف ثم و ضع مثله لم يبرأ و حيلة براءته إنفاقه في التعمير أو أن يرفع الأمر إلى القاضي فينصب القاضي من يأخذه منه فيبرأ ثم يرده عليه
الأمين إذا هلكت الأمانة عنده لم يضمن إلا إذا سقط من يده شيء عليها فهلكت كذا في الولوالجية و في البزازية له : الرقيق إذا اكتسب و اشترى شيئا من كسبه أودعه و هلك عند المودع فإنه يضمنه لكونه مال المولى مع أن للعبد يدا معتبرة حتى لو أودع شيئا و غاب فليس ولى أخذه
المأذون له في شيء كإذنه أمانة و ضمانا و رجوعا و عدم رجوع و خرجت عنه مسألتان :
الأولى : المودع إذا أذن إنسانا في دفع الوديعة إلى المودع فدفعها له ثم استحقت ببينة بعد الهلاك فلا ضمان على المودع و للمستحق تضمين الدافع كما في جامع الفصولين
الثانية : حمام مشترك بين اثنين : أجر كل و احد منهما حصته لرجل ثم أذن أحدهما مستأجره بالعمارة فعمر لا رجوع للمستأجر على الشريك الساكت و لو عمر أحد الشريكين الحمام بلا إذن شريكه فإنه يرجع على شريكه بحصته كذا في إجارة الولوالجية
لا يجوز للمودع المنع بعد الطلب إلا في مسائل : لو كانت سيفا فطلبه ليضرب به ظلما أو كانت كتابا فيه إقرار بمال لغيره أو قبض كما في الخانية
المودع إذا أزال التعدي زال الضمان إلا إذا كان الإيداع موقتا فتعدى بعد ثم أزاله لم يزل الضمان كما في جامع الفصولين
المودع إذا جحدها : ضمنها إلا إذا هلكت قبل النقل كما في الأجناس
الوديعة أمانة إلا إذا كانت بأجر فمضمونة ذكره الزيلعي و تقدمت
للمعير أن يسترد العارية متى شاء إلا في مسائل : لو استعار أمة لإرضاع و لده وصار يأخذ إلا ثديها له الرجوع لا الرد فله أجر المثل إلى الفطام و لو رجع في فرس الغازي قبل المدة في مكان لا يقدر على الشراء و الكراءة فله أجر المثل و هما في الخانية و فيما إذا استعار أرضا للزراعة و زرعها لم تؤخذ منه حتى يحصده و لو لم يوقت و تترك بأجر المثل
مؤنة رد العارية على المستعير إلا في عارية الرهن كما في المبسوط
تحليف الأمين عند دعوى الرد أو الهلاك قيل لنفي التهمة و قيل لإنكاره الضمان ولا يثبت الرد بيمينه حتى لو ادعى الرد على الوصي و حلف لم يضمن الوصي كذا في وديعة
المبسوط
لو رد الوديعة إلى عبد ربها لم يبرأ سواء كان يقوم عليها أو و هو الصحيح واختلف الإفتاء فيما إذا ردها إلى بيت مالكها أو إلى من في عياله و لو دفعها المودع إلى الوارث بلا أمر القاضي ضمن إن كانت مستغرقة بالدين و لم يكن مؤتمنا و الإرث فلا إلا إذا دفع لبعضهم و لو قض المودع بها دين المودع ضمن على الصحيح و لا يبرأ مديون الميت بدفع الدين إلى الوارث و على الميت دين
ادعى المودع دفعها إلى مأذون مالكها و كذباه فالقول له في براءته في و جوب الضمان عليه
المأذون له بالدفع إذا ادعاه و كذباه : فإن كانت أمانة فالقول له و إن كان مضمونا كالغصب و الدين كما في فتاوى قارى الهداية
ومن الثاني : ما إذا أذن المؤجر للمستأجر بالتعمير من الأجر فلا بد من البيان و هي في أحكام العمارة من العمادي
استأجر بعيرا إلى مكة فهو على الشهاب دون المجيء و لو استعار بعيرا فهو عليهما نحا في إجارة الولوالجية
وفي و كالة البزازية : المستبضع يملك الإبضاع و الإيداع و الأبضاع المطلقة كالوكالة المقرونة بالمشيئة حتى إذا دفع إليه ثوبا و قال : اشتر لي به ثوبا صح كما إذا قال : اشتر لي به أي ثوب شئت و كذلك لو دفع إليه بضاعة و أمره أن يشتري له ثوبا صح و البضاعة كالمضاربة إلا أن المضارب يملك البيع و المستبضع له إلا إذا كان في قصده ما يعلم أنه قصد الاسترباح أو نص على ذلك انتهى
الإعارة كالإجارة : تنفسخ بموت أحدهما كما في المنية
القول للمودوع في دعوى الرد و الهلاك إلا إذا قال : أمرتني بدفعها إلى فلان فدفعتها إليه و كذبه ربها في الأمر فالقول لربها و المودع ضامن عند أصحابنا رحمهم الله خلافا لابن أبي ليلى كذا في آخر الوديعة من الأصل لمحمد رحمه الله
المودع إذا قال : لا أدري أيكما استودعني و ادعاها رجلان و أبى أن يحلف أحدهما و لا بينة يعطيها لهما نصفين و يضمن مثلها بينهما لأنه أتلف ما استودع بجهله
مات رجل و عليه دين و عنده و ديعة بغير عينها : وصاحب الوديعة بالحصص كذا في لأصل أيضا
فجميع ما تركه بين الغرماء (1/304)
كتاب الحجر و المأذون
المحجور عليه بالسفه على قولهما المفتى به كالصغير في جميع أحكامه إلا في : النكاح و الطلاق و العتاق و الاستيلاء و التدبير و وجوب الزكاة و الحج والعبادات و زوال ولاية أبيه و جده و في صحة إقراره بالعقوبات و في الإنفاق و في صحة وصاياه بالقرب من الثلث فهو كالبالغ في هذه و حكمه كالعبد في الكفارة فلا يكفر إلا بالصوم حتى لو أعتق عن كفارة ظهاره صح و يجزيه عنها و يصوم لها و تمامه في شرح ابن و هبان و أما إقراره ففي التاتارخانية : أنه صحيح عند أبي حنيفة رحمه الله
لا عندهما انتهى يعني بناء على الحجر بالسفه
الصبي المحجور عليه مؤاخذ بأفعاله فيضمن ما أتلفه من المال و إذا قتل فالدية على عاقلته إلا في مسائل لو أتلف ما اقترضه و ما أودع عنده بلا إذن و ليه و ما أعير له وما بيع منه بلا إذن و يستستثنى من إيداعه ما إذا أودع صبي محجوز مثله و هي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع أو الآخذ قال في جامع الفصولين : و هي من مشكلات إيداع الصبي قلت : إشكال لأنه إنما يضمنها الصبي للتسليط من مالكها و هنا لم يوجد كما لا يخفى
الإذن في الإجارة : إذن في التجارة و عكسه كذا في السراجية
لا يصح الإذن للآبق و المغصوب المحجور و بينة و يصير محجورا بهما على الصحيح
أذن لعبده و لم يعلم يكون إذنا إلا إذا قال : بايعوا عبدي فإني قد أذنت له في التجارة فبايعوه و هو يعلم بخلاف ما إذا قال : بايعوا ابني
إذا قال له : آجر نفسك و لم يقل : من فلان أو بع ثوبي و لم يقل : من فلان كان إذنا بالتجارة كما في الخانية و الأمر بالشراء كذلك كما في الولوالجية
فلو قال : اشتر لي ثوبا و لم يقل : من فلان ول اللبس كان إذنا و هي حادثة للفتوى فليحفظه
الإذن بالتجارة يقبل التخصجص إلا إذا كان الآذن مضاربا في نوع و احد فأذن لعبد المضاربة : فإنه يكون مأذونا في ذلك النوع خاصة و قال السرخسي رحمه الله الأصح عندي التعميم كما في الظهيرية
إذا رأى المولى عبده يبيع و يشتري فسكت كان مأذونا إلا إذا كان المولى قاضيا كما في الظهيرية
السفيهة إذا زوجت نفسها من كفء صح فإن قصرت عن مهر مثلها كان للولي الاعتراض و لو اختلعت من زوجها على مال و قع و لا يلزمها
ولا يصح إقرار السفيه و الإشهاد عليه و لو دفع الوصي ا لمال إلى اليتيم بعد بلوغه سفيها ضمنه و لو لم يحجرعليه
ولو حجر القاضي على سفيه فأطلقه آخر جاز إطلاقه لأن الحجر ليس بقضاء ولا يجوز للثالث تنفيذ الحجر الأول خلافا للخصاف و وقف المحجور عليه بالسفه : باطل و اختلفوا فيما إذا و قف بإذن القاضي : فصححه البلخي و أبطله أبو القاسم و لا يصير السفيه محجورا عليه بالسفه عند الثاني و بد من حجر القاضي و ل يرتفع عنه الحجر بالرشد
ولا بد من إطلاق القاضي خلافا لمحمد رحمه الله فيهما و تشترط حضرته لصحة الحجر عليه كما في خزانة المفتين
ووقعت حادثة : حجر القاضي على سفيه ثم ادعى الرشد و ادعى خصمه بقاءه على السفه و برهنا فلم أر فيها نقلا صريحا و بنبغي تقديم بينة البقاء على السفه في المحيط من الحجر : الظاهر زوال السفه لأن عقله يمنعه عند ذكره في دليل أبي يوسف رحمه الله على أن السفيه ينحجر إلا بحجر القاضي وقال الزيلعي و غيره في باب التحالف : إذا اختلف الزوجان في المهر قضى لمن برهن فإن برهنا فمن شهد له مهر المثل لم تقبل بينته لأنها للإثبات فكل بينة شهد لها الظاهرة لم تقبل و هنا بينة زوال السفه شهد لها الظاهرة فلم تقبل
المأذون إذا لحقه دين يتعلق بكسبه و رقبته إلا إذا كان أجيرا في البيع و الشراء كما في إجارة منية المفتي
العبد المأذون المديون إذا أوصى به سيده لرجل ثم مات و لم يجز الغريم كان ملكا وصى له إذا كان يخرج من الثلث و يملكه كما يملكه الوارث و الدين في رقبته ولو و هبه في حياته فللغريم إبطالها و ببيعه القاضي فما فضل من ثمنه فللواهب كذا في خزانة المتقين من الوصايا
ا ذون يكون مأذونا قبل العلم به إلا في مسألة ما إذا قال المولى لأهل السوق : بايعوا عبدي و لم يعلم العبد (1/309)
كتاب الشفعة
هي بيع في جميع الأحكام إلا في ضمان الغرر للجبر فإذا استحق المبيع بعد البناء فلا رجوع للمشتري على الشفيع كالموهوب له و المالك القديم و استيلاد الأب
بخلاف البائع فرؤية المشتري و رضاه بالعيب يظهر في حق الشفيع كالأجل و بردها على البائع تسلم للمشتري و دلت المسألة على الفسخ دون التحول قال الاسبيجابي :
و التحول أصح و إلا بطلت به
المعلوم لا يؤخر للموهوم فلو قلع عيني رجلين فحضر أحدهما اقتص له وللآخر نصف الدية فلو حضر أحد الشفيعين قضى له بكلها كذا في جنايات شرح المجمع
باع ما في إجارة الغير و هو شفيعها فإن أجاز البيع أخذها بالشفعة و إلا بطلت الإجارة إن ردها كذا في الولوالجية
الأب إذا اشترى دارا لابنه الصغير و كان شفيعها كان له الأخذ بها و الوصي كالأب
إذا كانت دار الشفيع ملازقة لبعض المبيع كان له الشفعة فيما لازقه فقط و إن كان فيه تفريق الصفقة
الفتوى على جواز بيع دور مكة و وجوب الشفعة فيها
يصح الطلب من الوكيل بالشراء إن لم يسلم إلى موكله فإن سلم له لم يصح وبطلت و هو المختار و التسليم من الشفيع له : صحيح مطلقا
سمع بالبيع في طريق مكة : يطلب طلب المواثبة ثم يشهد إن قسر و إلا و كل أو كتب كتابا و أرسله و إلا : بطلت
تسليم الجار مع الشريك صحيح حتى لو سلم الشريك لم يأخذ الجار
سلام الشفيع على المشتري يبطلها و هو المختار
الإبراء العام من الشفيع ث يبطلها قضاء مطلقا و يبطلها ديانة إن لم يعلم بها
إذا صبغ المشتري البناء فجاء الشفيع فهو مخير إن شاء أعطاه ما زاد الصبغ وإن شاء ترك كذا في الولوالجية و فيه نظر
أخر الشفيع الجار الطلب لكون القاضي يراها فهو معذور و كذا لو طلب من القاضي إحضاره فامتنع فأخر
اليهوعي إذا سمع بالبيع يوم السبت فلم يطلب لم يكن عذرا
تعليق إبطالها بالشرط : جائز
أنكر المشتري طلب الشفيع حين علم فالقول له مع يمينه على نفي العلم
ادعى الشفيع على المشتري أنه احتال لإبطالها : يحلف فإن نكل فله الشفعة في منظومة ابن و هبان خلافه
اشترى الأب لابنه الصغير ثم اختلف مع الشفيع في مقدار الثمن فالقول قول الأب بلا يمين
هبة بعض الثمن تظهر في حق الشفيع إلا إذا كانت بعد القبض
حط الوكيل بالبيع يلتحق فلا يظهر في حق الشفيع له دعوى في رقبة الدار وشفعة فيها
يقول هذه الدار داري و أنا أدعيها فإن و صلت إلي و إلا فأنا على شفعتي فيها استولى الشفيع عليها بلا قضاء فإن اعتمد قول عالم لا يكون ظالما و إلا كان ظالما
وفي جنايات
الملتقط : و عن أبي حنيفة رحمه الله أشياء على عدد الرؤوس العقل والشفعة و أجرة القسام و الطريق إذا اختلفوا فيه انتهى (1/312)
كتاب القسمة
الغرامات إذا كانت لحفظ الأملاك فالقسمة على قسر الملك و إن كانت لحفظ الأنفس فهي على عدد الرؤوس
وفرع عليها الولوالجي في القسمة : ما إذا غرم السلطان أهل قرية فإنها تقسم على هذا و هي في كفالة التاتارخانية و في فتاوى قارىء الهداية : إذا خيف الغرق فاتفقوا على إلقاء بعض الأمتعة منها فألقوا فالغرم بعدد الرؤوس لأنها لحفظ الأنفس انتهى
القسمة الفاسدة لا تفيد الملك بالقبض و هي تبطل بالشروط الفاسدة يجوز بناء المسجد في الطريق العام إن كان و اسعا لا يضز و كذا لأهل المحلة أن يدخلوا شيئا من الطريق في محلتهم و دورهم إن لم يضر و له بناء ظلة في هواء طريق إن لم يضر لكن إن خوصم قبل البناء منع منه و بعده هدم
المشترك : أذا انهدم فآبي أحدهما العمارة فإن احتمل القسمة لا جبر و قسم و إلا بنى ثم اجبره ليرجع
بنى أحدهما بغير إذن الآخر فطلب رفع بنائه قسم فإن و قع في نصيب الباني فيها و إلا هدم
له التصرف في ملكه و إن تأذى جاره في ظاهر الرواية فله أن يجعل تنورا وحماما و يضمن ما تلف به
تنتقض القسمة بظهور دين أو و صية إلا إذا قضى الورثة الدين و نفذوا الوصية و لا بد من رضاء الموصى له بالثلث و هنا إذا كانت بالتراضي أما بقضاء القاضي تنتقص بظهور وارث و اختلفوا في ظهور الموصى له (1/313)
كتاب الإكراه
بيع المكره يخالف البيع الفاسد في أربع : يجوز بالإجازة بخلاف الفاسد و ينتقص تصرف المشتري منه و تعتبر القيمة وقت الإعتاق دون القبض و الثمن و المثمن أمانة في يد المكره مضمون في يد غيره كذا في المجتبى
أمر السلطان إكراه و إن لم يتوعده و أمر غيره إلا أن يعلم بدلالة الحال أنه لو لم يمتثل : أمره بقتله أو بقطع يده أو بضربه ضربا يخاف على نفسه أو تلف عضوه كما في منية المفتي
أجرى الكفر على لسانه لوعيد حبس أو قيد كفر و بانت امرأته
أكره بالقتل على القطع لم يسعه
أكره المحرم على قتل صيد فأبى حتى قتل كان مأجورا
أكره على العفو عن دم العمدة لم يضمن المكره
أكره على الإعتاق فله تضمين المكره إلا إذا أكره على شراء من يعتق عليه باليمين أو بالقرابة
إذا تصرف المشتري من المكره فإنه يفسخ تصرفه من كتابة أو إجارة إلا التدبير والاستيلاد و الإعتاق
أكره على الطلاق و قع إلا إذا أكره على التوكيل به فوكل
أكره على النكاح بأكثر من مهر المثل و جب قسره و بطلت الزيادة و رجوع على المكره بشيء انتهى (1/314)
كتاب الغصب
المغصوب منه مخير بين تضمين الغاصب و غاصب الغاصب إلا في الوقف
المغصوب إذا غصب و قيمته أكثر و كان الثاني أملأ من الأول : فإن المتولي إنما يضمن الثاني كذا في و قف الخانية
إذا تصرف في ملك غيره ثم ادعى أنه كان بإذنه فالقول للمالك إلا إذا تصرف في مال امرأته فماتت و ادعى أنه كان بإذنها و أنكر الوارث فالقول للزوج كذا في القنية
من هدم حائط غيره فإنه يضمن نقصانها و يؤمر بعمارتها إلا في حائط المسجد كما في كراهية الخانية
الإجازة تلحق الإتلاف فلو أتلف مال غيره تعديا فقال المالك : أجزت أو رضيت أو أمضيت لم يبرأ من الضمان كذا في دعوى البزازية
الأمر يضمن بالأمر إلا في خمس :
الأولى : إذا كان الآمر سلطانا
الثانية : إذا كان مولى أمور
الثالثة : إذا كان المأمور عند الغير كأمره عبد الغير بالإباق أو بقتل نفسه فإن الآمر يضمن إلا إذا أمره بإتلاف مال سيده فلا ضمان على الآمر بخلاف مال غير سيده فإن الضمان الني يغرمه المولى يرجع به على سيده
الرابعة : إذا كان المأمور صبيا كما إذا أمر صبيا بإتلاف مال الغير فأتلفه ضمن الصبي و لرجع به على الأمر
الخامسة : إذا أمر ؟ بحفر باب في حائط الغير فحفرة فالضمان على الحافر و يرجع به على الآمر و تمامه في جامع الفصولين
يجوز التصرف في مال غيره بغير إذنه و ولاية إلا في مسألة في السراجية
الأولى : يجوز للولد و الوالد الشراء من مال المريض ما يحتاج إليه بغير إذنه
الثالث : إذا أنفق المودع على أبوي المودع بغير إذنه و كان في مكان يمكن استطلاع رأي القاضي : لم يضمن استحسانا
الثالثة : إذا مات بعض الرفقة في السفر فباعوا قماشه و عدته و جهزوه بثمنه و ردوا البقية إلى الورثة أو أغمي عليه فأنفقوا عليه من ماله لم يضمنوا استحسانا و هي و اقعة أصحاب محمد رحمه الله ذكره الزيلعي في آخر النفقات
ومن هذا النوع : المسائل الاستحسانية :
ذبح شاة قصاب شدها لم يضمن
ذبح أضحية غيره بلا إذنه في أيامها لم يضمن أطلقه في الأصل و قيده بعضهم بما إذا أضجعها للذبح
وكذا لو و ضع قدرا على كانون فيه لحم و وضع الحطب فأوقد غيره و طبخه
وكذا لو طحن برا جعله في دورق و ربط الحمار فساقه
وكذا لو حمل حمله الساقط في طريق فتلف
وكذا لو أعانه في رفع الجرة فانكسرت
وكذا لو فتح فوهة الطريق فسقاها حين سدها صاحبها
ومنها : إحرام رفيقه لإغمائه و سقي أرضه بعد بذر المزارع
وليس منها : سلخ الشاة بعد تعليقها للتفاوت و الكل من كتاب المرضى من جامع الفصولين
المباشر : ضامن و إن لم يتعمد و المتسبب : إلا إذا كان متعمدا : فلو رمى سهما من ملكه فأصاب إنسانا ضمنه و لو حفر بئرا في ملكه فوقع فيها إنسان لم يضمنه
وفي غير ملكه يضمنه و لو أرضعت الكبيرة الصغيرة لم تضمن نصف مهر الصغيرة إلا بتعمد الإفساد بأن تعلم بالنكاح و أن يكون الإرضاع مفسدا له و أن يكون لغير حاجة
والجهل عندنا معتبر لدفع الفساد كما في إرضاع الهداية
العقار يضمن إلا في مسائل : إذا جحده المودع و إذا باعه الغاصب و سلمه
وإذا رجع الشاهد به بعد القضاء كما في جامع الفصولين
منافع الغصب تضمن إلا في ثلاث : مال اليتيم و مال الوقف و المعد للاستغلال
منافع المعد للاستغلال مضمونة إلا إذا سكن بتأويل ملك أو عقد كبيت سكنه أحد الشريكين في الملك أما الوقف إذا سكنه أحدهما بالغلبة بدون إذن الآخر سواء كان موقوفا للسكنى أو للاستغلال فإنه يجب الأجر
ويستثنى من مال اليتيم مسألة : سكنت أمه مع زوجها في داره بلا أجر ليس لهما ذلك و أجر عليهما كذا في و صايا القنية
تصير الدار معدة له بإجارتها إنما تصير معدة إذا بناها لذلك أو اشتراها له
وبإعداد البائع تصير معدة في حق المشتري الغاصب إذا اجر ما منافعه مضمونة من مال وقف أو يتيم أو معد للاستغلال فعلى المستأجر المسمى أجر المثل و لا يلزم الغاصب أجر المثل إنما يرد ما قبضه من المستأجر
السكنى بتأويل عقد كسكنى المرتهن لو استأجرها سنة بأجر معلوم فسكنها سنتين ودفع أجرتها ليس له الاسترداد و التخريج على الأصول يقتضي أن له ذلك إن لم تكن معدة لكونه دفع ما ليس بواجب فيسترده إلا إذا دفع على وجه الهبة فاستهلكه المؤجر
اجر الفضولي دارا موقوفة و قبض الأجر خرج المستأجر عن العهدة إذا كان ذلك أجر المثل و برده إلى الوقف
آجرها الغاصب و رد أجرتها إلى المالك تطيب له لأن أخذ الأجرة إجازة
اللحم قيمي
قال للغاصب : ضح بها فإن هلكت قبل التضحية ضمنها و إن بعده لا
الآجر قيمي و كذا الفحم
أمره أن ينظر إلى خابيته فنظر إليها فسال الدم فيها من أنفه ضمن نقصان الخل
الخشب إذا كسره الغاصب فاحشا يملكه و لو كسره الموهوب له لم ينقطع الرجوع
عثر في زق إنسان و ضعه في الطريق ضمنه إلا إذا و ضعه بغير ضرورة
الآمر لا ضمان عليه بالأمر إلا في ثلاث : ما إذا كان الآمر سلطانا أو مولى المأمور أو كان المأمور عبدا لغيره بإتلاف مال غيره فأتلفه كان الضمان على العبد ويرجع به على آمره كما في جامع الفصولين و زدت رابعة : ما إذا أمر الأب ابنه كما في القنية
لا يجوز دخول بيت إنسان إلا بإذنه إلا في الغزو كما في منية المفتي لمه و فيما إذا سقط ثوبه في بيت غيره و خاف لو أعلمه أخذه كما في الوديعة
حفر قبرا فدفن فيه آخر ميتا فهو على ثلاثة أوجه
فإن كان في أرض مملوكة للحافر فللمالك النبش عليه و إخراجه و له التسوية و الزرع فوقها
وان كان في أرض مباحة ضمن الحافر قيمة حفره ممن دفن فيه (1/315)
كتاب الصيد و الذبائح و الأضحية
- الصيد مباح إلا للتلهي أو حرفة كذا في البزازية و على هذا فاتخاذه حرفة كصيادي السمك حرام
- و أسباب الملك ثلاثة : مثبت للملك من أصله و هو : الاستيلاء على المباح وناقل بالبيع و الهبة و نحوهما وخلافه : كملك الوارث
فالأول شرطه : خلو المحل عن الملك فلو استولى على حطب جمعه غيه من المفازة لم يملكه و لا يحل للمقلش ما يجده بلا تعريف و لو أرسل إنسان ملكه وقال : من أخذه فهو له لا يملك بالاستيلاء فلصاحبه أخذه بعده حتى قشور الرمان الملقاة في الطريق لكن المختار : أنه يملك قشور الرمان و لو ألقى بهيمة ميتة فجاء رجل وسلخها و أخذ جلدها فلمالكها أخذه فلو دبغه رد له ما زاد الدباغ إن كان بما له قيمة
والاستيلاء قسمان : حقيقي وحكمي فالأول : بوضع اليد والثاني : بالتهيئة فإذا نصب الشبكة للصيد ملك ما تعقل بخلاف ما إذا نصبها للجفاف و إذا نصب الفسطاط فتعقل الصيد به ملكه و لو نصبها له فتعقل بها فأخذه غيره فإن كان الأول بحيث لو مد يده أخذه ملكه فيأخذه من الثاني و إلا : فلا و لو حفر بئرا لصيد الذئاب وغاب فقدم آخر ميتة لصيدها فوقع الذئب في البئر فهو لحافره و ما تعسل في أرضه فهو له و إن لم يهيئها لأنه من إنزالها بخلاف النحل و الظبي إذا تكنسن أو باض الصيد فإنه لا يكون لصاحبها إلا بالتهيئة ما لم يكن قريبا منه بحيث لو مد يده لأخذه و لو و قع في جحره رد من النثار شيء فأخذه غيره فهو للآخذ إلا أن يهيء جحره له و أما الثاني فشرطه وجود الملك في المحل فلا يجوز بيع ضربة القانص و الغائص لعدم الملك
- لا تحل ذبيحة الجبري إن كان أبوه سنيا و إن كان جبرا حلت
- سمكة في سمكة : فإن كانت صحيحة حلتا و إلا لا لأنها مستقذرة و إن و جد فيها درة ملكها حلالا و أن و جد خاتما أو دينارا مضروبا ل ا وهو لقطة له أن يصرفها على نفسه بعد التعريف إن كان محتاجا وكذا إذا كان غنيا عندنا
- أرسلت السمكة في الماء النجس فكبرت فيه لا بأس بأكلها للحال ويحل أكلها إذا كانت مجروحة طافية
- اشترى سمكة مشدودة بالشبكة في الماء وقبضها كذلك فجاءت سمكة فابتلعتها فالمبتلعة للبائع والمشدودة للمشتري فإن كانت المبتلعة هي المشدودة فهما للمشتري قبضها أو لا
- ذبح لقدوم الأمير أو لواحد من العظماء يحرم و لو ذكر الله تعالى و للضيف : لا
- النثر على الأمير لا يجوز و كذا التقاطه و في العرس : جائز
- العضو المنفصل من الحي كميتته إلا من مذبوح قبل موته فيحل أكله من المأكول كما في منية المفتي (1/319)
كتاب الحظر و الإباحة
- ليس زماننا زمان اجتناب الشبهات كما فيه من الخانية و التجنيس
- الغش حرام فلا يجوز إعطاء الزيوف لدائن و لا بيع العروض المغشوشة بلا بيان إلا في شراء الأسير من دار الحرب والثانية في إعطاء الجعل يجوز له إعطاء الزيوف والستوقة و هما في واقعات الحسامي من شراء الأسير
- الفتوى في حق الجاهل بمنزلة الاجتهاد في حق المجتهد كذا في قضاء الخانية
- الحرمة تتعدى في الأموال مع العلم إلا في حق الوارث فإن مال مورثه حلال له وإن علم بحرمته منه من الخانية و قيده في الظهيرية بألا يعلم أرباب الأموال
- من قبل يد غيره فسق إلا إذا كان ذا علم و شرف كذا في مكفرات الظهيرية
ويدخل السلطان العادل و الأمير تحت ذي الشرف
- يكره معاشرة من لا يصلي ولو كانت زوجته إلا إذا كان الزوج لا يصلي لم يكره للمرأة معاشرته كذا في نفقات الظهيرية
- الخلف في الوعد حرام كذا في أضحية الذخيرة و في القنية : و عده أن يأتيه فلم يأته لا يأثم ولا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقا كما في كفالة البزازية و في بيع الوفاء كما ذكره الزيلعي
- استخدام اليتيم بلا أجرة حرام و لو لأخيه و معلمه إلا لأمه و فيما إذا أرسله المعلم لإحضار شريكه كما في القنية
- لبس الحرير الخالص حرام على الرجل إلا لدفع قمل أو حكة كما في الحدادي من غاية البيان و لا يجوز الخالص في الحرب عنده
- ما حرم على البالغ فعله حرم عليه فعله لولده الصغير فلا يجوز أن يسقيه خمرا ولا أن يلبسه حريرا و لا أن خضب يسه بحناء أو رجله و لا إجلاس الصغير لغائط أو بولي مستقبلا أو مستدبرا
- الخلوة بالأجنبية حرام إلا لملازمة مديونة هربت و دخلت خربة وفيما إذا كانت عجوزا شوهاء و فيما إذا كان بينهما حائل في بيت
- الخلوة بالمحرم مباحة إلا لأخت من الرضاعة و الصهرة الشابة
- من مات على الكفر أبيح لعنه إلا والدي رسول الله صلى الله عليه و سلم لثبوت أن الله تعالى أحياهما له حتى آمنا به كذا في مناقب الكردري
- استماع القران أثوب من قراءته كنا في منظومة ابن و هبان (1/320)
كتاب الرهن
- ما قبل البيع قبل الرهن إلا في أربعة : بيع المشاع جائز لا رهنه بيع المشغول جائز لا رهنه بيع المتصل بغيره جائز لا رهنه بيع المعتق عتقه بشرط قبل و جوده في غير المدبر جائز لا رهنه كذا في شرح الأقطع
- لا يجوز رهن البناء بدون الأرض فإذا آجره المرتهن لا يطيب له الأجر
- أذن الراهن للمرتهن في الإجارة فآجره خرج عن الرهن و لا يعود الآجر
- إذا رهن العين عند المستأجر على دين له صح و انفسخت
- أباح الراهن للمرتهن أكل الثمار فأكلها لم يضمن
- باع الراهن من زيد ثم باعه من المرتهن انفسخ الأول
- يكره للمرتهن الانتفاع بالرهن بإذن الراهن و إذا أذن له في السكنى فلا رجوع له بالأجرة
- رهنه على دين موعود فدفع له البعض و امتنع لا جبر
- لا يبيع القاضي الرهن بغيبة الراهن
- المقبوض على سوم الرهن إذا لم يبين المقدار ليس بمضمون في الأصح
- الأجل في الرهن يفسد الوارث إذا عرف الرهن لا الراهن
- لا يكون لقطة بل يحفظه إلى ظهور المالك
- القول لمنكره مع اليمين و في تعيين الرهن و في مقدار ما رهن به
- اختلف الراهن و المرتهن فيما باع به العدل الرهن فالقول للمرتهن و إن صدق العدل الراهن كما لو اختلف في قيمة الرهن بعد هلاكه و لو مات في يد العدل فالقول للراهن و لو كان رهنا بمثل الدين فباعه العدل و ادعى المرتهن أنه باعه بأقل من قيمته وكذبه الراهن فالقول للراهن بالنسبة إلى المرتهن لا العدل
- ما جازت الكفالة به جاز الرهن به إلا في حرك المبيع وتجوز الكفالة به دون الرهن و تجوز الكفالة بما هو على الكفيل والرهن و في الكفالة المعلقة : يجوز أخذ الكفيل قبل و جود الشرط دون الرهن ذكرهما في إيضاح الكرماني (1/322)
كتاب الجنايات
- العاقلة لا تعقل العمد إلا في مسألة ما إذا عفا بعض الأولياء أو صالح فإن نصيب الباقين ينقلب مالا و تتحمله العاقلة كما في شرح المجمع
- وصلح الأولياء وعفوهم عن القاتل : يسقط حقهم في القصاص و الدية لا حق للمقتول كذا في المنية
- الواجب لا يتقيد بوصف السلامة والمباح يتقيد به فلا ضمان
- لو سرى قطع القاضي إلى النفس وكذا إذا مات المعزر وكذا إذا سرى القصد إلى النفس و لم يجاوز المعتاد لوجوبه بالعقد لو قطع المقطوع يده يد قاطعه فسرت ضمن الدية لأنه مباح فيتقيد و ضمن لو عزر زوجته فماتت
ومنه : المرور في الطريق مقيد بها و منه : ضرب الأب ابنه أو الإمام أو الوصي تأديبا و من الأول : ضرب الأب ابنه أو الإمام أو الوصي أو المعلم بإذن الأب تعليما فمات لا ضمان فضرب التأديب مقيد لكونه مباحا و ضرب التعليم لا لكونه واجبا
ومحله في الضرب المعتادة أما غيره فموجب للضمان في الكل
وخرج عن الأصل الثاني : ما إذا وطىء زوجته فأفضاها و ماتت فلا ضمان عليه مع كونه مباحا لكون الوطء أخذ موجبه و هو المهر فلم يجب به آخر وتمامه في التعزير من ا لزيلعي
- الجنايتان على شخص واحد في النفس وفيما دونها : لا تتداخلان إلا إذا كانا خطأ ولم يتخللهما ما برء فتجب دية واحدة ذكره الزيلعي
- القصاص يجب للميت ابتداء ثم ينتقل إلى الوارث فلو قتل العبد مولاه و له ابنان فعفا أحدهما سقط القصاص و لا شيء لغير العافي عند الإمام وصح عفو المجروح وتقضى ديونه منه
- لو انقلب مالا و هو موروث على فرائض الله تعالى فيرثه الزوجان كالأموال - الاعتبار في ضمان النفس بعدد الجناة لا لعدد الجنايات و عليه فرع الولوالجي في الإجارة :
- لو أمره أن يضرب عبده عشرة أسواط فضربه أحد عشر فمات رفع عنه ما نقصته العشرة وضمن ما نقصه الأخير فيضمنه مضروبا بعشرة أسواط ونصف قيمته
- دية القتل خطأ أو شبه عمد على العاقلة إلا إذا اثبت بإقراره أو كان القتل في دار ا لحرب
- الإسلام في دار الحرب لا يوجب عصمة الدم فلا قصاص و لا دية على عاقلته
- هبة القصاص لغير القاتل لا تجوز لأنه لا يجري فيه التمليك كما في إجارة الولوالجية
- لا تجب على المكره دية المكره على القتل
- إذا قتله الآخر دفعا عن نفسه لكل واحد التعرض على من شرع جناحا في الطريق ولا يأثمون بالسكوت عنه
- يضمن المباشر و إن لم يكن متعديا فيضمن الحداد إذا طرق الحديدة ففقأ عينا والقصار إذا دق في حانوته فانهدم حانوت جاره
- لا اعتبار برضاء أهل المحلة بالسكة النافذة
- حفر بئرا في برية في غير ممر الناس لم يضمن ما و قع فيها
- قطع الحجام لحما من عينه وكان غير حاذق فعميت فعليه نصف الدية
- و منصب الأصوليين : أن الإمام شرط لاستيفاء القصاص كالحدود ومذهب الفقهاء : الفرق
- القصاص كالحدود إلا في خمس ذكرناها في قاعدة أن الحدود تدرأ بالشبهات
- عفو الولي عن القاتل أفضل من القصاص و كذا عفو المجروح وعفو الولي يوجب براءة القاتل في الدنيا و لا يبرأ عن قتله كالوارث إذا أبرأ المديون برىء ولا يبرأ عن ظلم المورث و مطله
- إذا قال المجروح : اقتلني فلان ثم مات لم يقبل قوله في حق فلان و لا ببينة الوارث أن فلانا آخر قتله بخلاف ما إذا قال : جرحني فلان ثم مات فبرهن ابنه أن فلانا آخر جرحه تقبل كما في شرح المنظومة
- يصخ عفو المجروح والوارث قبل موته لانعقاد السبب لهما كما في البزازية
- الحدود تدرا بالشبهات ولا تثبت معها إلا في الترجمة فإنها تدخل في الحدود مع أن فيها شبهة كما في شرح أدب القضاء (1/323)
كتاب الوصايا
- لا يجوز للوصي بيع عقار اليتيم عند المتقدمين و منعه المتأخرون أيضا إلا في ثلاثة كما ذكره الزيلعي : إذا بيع بضعف قيمته وفيما إذا احتاج اليتيم إلى النفقة ولا مال له سواه و فيما إذا كان على الميت دين لا و فاء له إلا منه و زدت أربعا فصار المستثنى سبعا ثلاث من الظهيرية : فيما إذا كان في التركة وصية مرسلة لا نفاذ لها إلا منه و فيما إذا كانت غلاته لا تزيد على مؤنته وفيما إذا كان حانوتا أو دارا يخشى عليه النقصان انتهى
والرابعة من بيوع الخانية : فيما إذا كان العقار في يد متغلب وخاف الوصي عليه فله بيعه انتهى
وفي المجمع : ويضم القاضي إلى العاجز من يعينه فإن شكى إليه ذلك لا يجيبه حتى يتحققه فإن ظهر عجزه استبدل به وإن شكى منه الورثة لا يعزله حتى تظهر له خيانة انتهى
وفيه : وبيع الوصي من اليتيم أو شراؤه لنفسه وفيه نفع للصبي جائز انتهى
- واختلفوا في تفسير النفع فقيل : نقصان النصف في البيع و في الشراء : بزيادة نصف القيمة و قيل : درهمان في العشرة نقصانا و زيادة و تمامه في وصايا الخانية
- وقسمة الوصي مالا مشتركا بينه و بين الصغيرة تجوز إن كان فيها نفع ظاهر عند الإمام خلافا محمد رحمه الله تعالى كذا في قسمة القنية
وفي جامع الفصولين : قضى وصيه دينا بغير أمر القاضي فلما كبر اليتيم أنكر دينا على أبيه ضمن وصيه ما دفعه لو لم يجد بينة إذا أقر بسبب الضمان وهو الدفع إلى الأجنبي فلو ظهر غريم آخر يغرم له حصته لدفعه باختياره بعض حقه إلى غيره فلو لم تكن للغريم الأول بينة على الدين يضمن الوصي كل ما دفعه إليه لوقوعه بغير حجة
وصي أدى دينا فأنكرت الورثة تقبل بينته ولو : لا بينة فله تحليف الورثة انتهى
فقد علم أن الوصي لا يقبل قوله في قضاء دين على الميت سواء كان المنازع له اليتيم بعد بلوغه أو لا إلا في مهر المرأة فإنه لا ضمان عليه إذا دفعه بلا بينة كما في خزانة المفتين و قيده في جامع الفصولين على قول بالمؤجل عرفا و في بيع القنية : و لو باع القاضي من وصي الميت شيئا من التركة بثمن لا ينفذ لأنه محجور به و الوصي لا يملك الشراء لنفسه و لو اشتراه القاضي لنفسه من الوصي الشي نصبه عن الميت جاز انتهى
وفي الملتقط : أنفق الوصي على الموصي في حياته و هو معتقل اللسان يضمن و لو أنفق الوكيل لا يضمن و لو ادعى الوصي بعد بلوغ اليتيم أنه كان باع عبده و أنفق ثمنه صدق إن كان هالكا و إلا لا كذا في دعوى خزانة الأكمل
ويقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق بلا بينة إلا في ثلاث في واحدة اتفاقا وهي فيما إذا فرض القاضي نفقة في الرحم المحرم على اليتيم فادعى الوصي الدفع كذا في شرح المجمع معللا بأن هذا ليس من حوائج اليتيم وإنما يقبل قوله فيما إذا كان من حوا ئجه انتهى
فينبغي أن تكون نفقة زوجته كذلك لأنها من حوائجه و لا يشكل عمله قبول قول الناظر فيما يدعيه من الصرف على المستحقين بلا بينة لأن هذا من جملة عمله في الوقت
وفي ثنتين اختلاف : لو قال : أديت خراج أرضه أو جعل عبده الآبق قال أبو يوسف رحمه الله : لا بيان عليه و قال محمد رحمه الله : عليه البيان كما في المجمع
والحاصل : أن الوصي يقبل قوله فيما يدعيه إلا في مسائل :
الأولى ادعى قضاء دين الميت
الثانية : ادعى أن اليتيم استهلك مال آخر فدفع ضمانه
الثالثة : ادعى أنه أسى جعل عبده الآبق من غير إجارة
الرابعة : ادعى أنه أدى خراج أرضه في وقت لا تصلح للزراعة
الخامسة : ادعى الإنفاق على محرم اليتيم
السادسة : ادعى أنه أذن لليتيم في الإجارة و أنه ركبته ديون فقضاها عنه
السابعة : ادعى الإنفاق عليه من مال نفسه حال غيبة ماله و أراد الرجوع
الثامنة : ادعى الإنفاق على رقيقه الذين ماتوا
التاسعة : اتجر و ربح ثم ادعى أنه كان مضاربا
العاشرة : ادعى فداء عبده الجاني
الحادية عشرة : ادعى قضاء دين الميت من ماله بعد بيع التركة قبل قبض ثمنها
الثانية عشرة : ادعى أنه زوج اليتيم امرأة ودفع مهرها من ماله و هي ميتة
الكل في فتاوى العتابي من الوصايا و ذكر ضابطا و هو : أن كل شيء كان مسلطا عليه فإنه يصدق فيه و ما لا فلا
- وصي القاضي كوصي الميت إلا في مسائل :
الأولى : أوصى الميت أن يبيع من نفسه و يشتري لنفسه إذا كان فيه نفع ظاهر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافا لهما و أما وصي القاضي فليس له ذلك اتفاقا لأنه كالوكيل و هو لا يعقد لنفسه كذا في شرح المجمع من الوصايا
الثانية : إذا خصه القاضي تخصص بخلاف وصي الميت
الثالثة : إذا باع ممن لا تقبل شهادته له لم يصح بخلاف وصي الميت و هما في الخلاصة و ذكر في تلخيص الجامع استواءهما في رواية في الأولى
الرابعة : أوصى الميت أن يؤاجر الصغير بخياطة الشهب و سائر الأعمال بخلاف وصي القاضي كذا في القنية
الخامسة : ليس للقاضي أن يعزل وصي الميت العدل الكافي و له عزل وصي القاضي كما في القنية خلافا لما في اليتيمة
السادسة : لا يملك وصي القاضي القبض إلا بإذن مبتدأ من القاضي بعد الإيصاء
بخلاف وصي الميت كذا في الخلاصة من المحاضر و السجلات
السابعة : يعمل نهي القاضي عن بعض التصرفات و لا يعمل نهي الميت كما في البزازية و هي راجعة إلى قبول التخصيص و عدمه
الثامنة : وصي القاضي إذا جعل وصيا عند موته لا يصير الثاني وصيا بخلاف وصي الميت كذا في اليتيمة و في الخزانة : و وصي وصي القاضي كوصيه إذا كانت الوصية
عامة انتهى و به يحصل التوفيق
- تبرع المريض في مرض موته إنما ينفذ من الثلث عند عدم الإجازة إلا في تبرعه بالمنافع فإنه نافذ من جميع المال كذا في وصايا الفتاوى الصغرى و ظاهر ما في تلخيص الجامع الكبير من الوصايا يخالفه و صورها الزيلعي في كتاب الغصب بأن المريض أعار من أجنبي و المنصوص عليه أنه إذا اجر بأقل من اجر المثل : فإنه ينفذ من الجميع و قال الطرسوسي : إنها خالفت القواعد و ليس كما قال فإن الإعارة و الإجارة تبطلان بموته فلا إضرار على الورثة بعد موته للانفساخ وفي حياته لا ملك لهم فافهم
- إذا أبرأ الوصي من مال اليتيم ولم يجب بعقده لم يصح و إلا : صح وضمن إلا في مسألة لو كاتب الوصي عبد اليتيم ثم أبرأ من البدل لم يصح كما في الخانية
المتولي على الوقف كالوصي كما في جامع الفصولين
- الإشارة من الناطق باطلة في وصية و غيرها إلا في الإفتاء و الإقرار بالنسب و الإسلام والكفر كذا في التلقيح و اختلفوا في وصية معتقل اللسان كما في المجمع و الفتوى على صحتها إن دامت العقلة إلى الموت و إلا بطلت
- ليس للقاضي عزل الوصي العدل الكافي فإن عزله كان جائرا آثما كما في المحيط و اختلفوا في صحة عزله و الأكثر على الصحة كما ذكره ابن الشحنة لكن يجب الإفتاء بعدم صحته كما في جامع الفصولين و أما عزل الخائن : فواجب و أما العاجز : فيضم إليه آخر كما قدمناه و العدل الكافي لا يملك عزل نفسه و الحيلة فيه شيئان : أحدهما : أن يجعله الميت وصيا على أن يعزل نفسه متى شاء الثاني : أن يدعي دينا على الميت فيتهمه القاضي فيخرجه كنا في الولوالجية و في الخانية : القاضي إذا اتهم الوصي لا يخرجه على قول أبي حنيفة رحمه الله وإنما يضم إليه آخر و قال أبو يوسف رحمه الله : يخرجه و عليه الفتوى
- المعتق في مرض الموت كالمكاتب في زمن سعايته فلو أعتق عبده فيه فقتل مولاه خطأ فعليه قيمتان يسعى فيهما واحدة للإعتاق فيه لكونه وصين و لا وصية للقاتل وأخرى : و هي الأقل من قيمته و من دية المقتول لجنايته كالمكاتب إذا جنى خطأ و لو شهد في زمن السعاية لم تقبل كما في شهادات الصغرى
والمدبر بعد موت مولاه كالمعتق في زمن المرض فلو قتل في زمن سعايته خطأ كان عليه الأقل وعندهما : الدية على عاقلته و هي من جنايات المجمع
وصرح أيضا في الكافي قبيل القسامة : بأن المدبر في زمن سعايته كالمكاتب عنده وحر مديون عندهما وكذا لو مات و ترك مدبر الآمال له غير فقتل هذا المدبر رجلا خطأ فعليه أن يسعى في قيمته لولي القتيل عنده : كالمكاتب و عندهما : عليه الدية انتهى
وعلى هنا ليس للمدبرة أن تزوج نفسها زمن سعايتها لأن المكاتبة لا تزوج نفسها وعندهما : لها ذلك لأنها حرة و قد أفتيت به
- القاضي لا يعزل وصي الميت إلا في ثلاث فيما إذا ظهرت خيانته أو تصرف في ما لا يجوز عالما مختارا أو ادعى دينا على الميت و عجز عن إثباته و لكن في هذه يقول له : لا إما أن تبرىء الميت أو عزلتك و لا ينصب وصيا غيره مع و جوده إلا إذا غاب غيبة منقطعة أو أقر لمدعي الدين كما في الخزانة
- لا يملك الوصي بيع شيء بأقل من ثمن المثل إلا في مسألة ما إذا أوصى ببيع عبده من فلان فلم يرض الموصى له بثمن المثل فله الحظ
- الوارث إذا تصدق بالثلث للموصى به للفقراء و هناك وصي لم يجز و يأخذ الوصي الثلث مرة أخرى و يتصدق به كما في القنية
الوصي يملك الإيصاء سواء كان وصي القاضي أو الميت فيها كما في الخانية
- الوصي إذا خلط مال الصغير بماله لم يضمن منها أيضا
- للوصي إطلاق غريم اليتيم من الحبس إن كان معسرا لا إن كان موسرا
- لا يملك القاضي التصرف في مال اليتيم مع وجود وصية و لو كان منصوبه كما في بيوع القنية
- لا يضمن الوصي ما أنفقه على وليمة ختان اليتيم إذا كان متعارفا لا سرف فيه ومنهم من شرط إذن القاضي و قيل يضمن مطلقا كذا في غصب اليتيمة
- القاضي إذا أقام قيما لعجز الوصي لا ينعزل الوصي وإن أقامه مقام الأول : انعزل كذا في قسمة الولوالجية إذا مات أحد الوصيين أقام القاضي الحي وصين أو ضم إليه آخر و لا تبطل إلا إذا أوصى لهما بالتصدق بالثلث فيضعانه حيث شاء ا كذا في الخزانة و في الثاني خلاف
- الوصي إذا أبرأ عما و جب بعقده صح و يضمن إلا إذا أبرأ من كاتبه عن بدل
الكتابة و كذا الوكيل و الأب كما في الخانية
- الغلام إذا لم يكن أبوه حائكا فليس لمن هو في حجره تعليمه الحياكة لأنه يعير بها و للأم ولاية إجارة ابنها و لو كان في حجر عمته
- قال القاضي : جعلتك وكيلا في تركة فلان كان وكيلا بالحفظ لا غير و لو زاد : تشتري و تبيع كان وكيلا فيهما ولو قال : جعلتك وصيا في تركة فلان كان وصيا في الكل
- إذا مات الموصي خرج الموصى به عن ملكه و لم يدخل في ملك أحد حتى يقبل الموصى له فيدخل في ملكه أو يرد فيدخل في ملك الورثة كنا في التهذيب
- أوصى إلى رجل ثم إلى آخر فهما شريكان في كله كذا في التهذيب
- قضى الوصي الدين ثم ظهرآخر ضمن له حصته إلا إذا قضى بأمر القاضي
- أنفق الوصي على اليتيم من مال نفسه ثم أراد الرجوع لم يقبل إلا ببينة (1/325)
كتاب الفرائض
- الميت لا يملك بعد الموت
إلا إذا نصب شبكة للصيد ثم مات فتعقل الصيد فيها بعد الموت : فإنه يملكه و يورث عنه كذا ذكره الزيلعي من المكاتب
- العطاء لا يورث كذا في صلح البزازية
- ذكر الزيلعي من آخر كتاب الولاء : أن بنت المعتق ترث المعتق في زماننا وكذا ما فضل بعد فرض أحد الزوجين يرد عليه و كذا المال يكون للبنت رضاعا وعزاه إلى النهاية بناء على أنه ليس في زماننا بيت مال لأنهم لا يضعونه موضعه
كل إنسان يرث و يورث إلا ثلاثة : الأنبياء عليهم السلام لا يرثون و لا يورثون و ما قيل إنه عليه السلام ورث خديجة : لم يصح وإنما وهبت مالها له عليه السلام في صحتها
والمرتد لا يرث و ترثه ورثته المسلمون الجنين يرث ولا يورث كذا في آخر اليتيمة
وفي الثالث نظر يعلم مما قدمناه في البيوع
- و اختلفوا في وقت الإرث فقال مشايخ العراق رحمهم الله تعالى : في آخر جزء من أجزاء حياة المورث و قال مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى : عند الموت
وفائدة الاختلاف فيما لو قال الوارث لجارية مورثه : إذا مات مولاك فأنت حرة فعلى الأول : تعتق لا على الثاني كذا في اليتيمة
- الإرث يجري قي الأعيان و أما الحقوق فمنها ما لا يجري فيه كحق الشفعة وخيار الشرط و حد القذف و النكاح لا يورث و حبس المبيع و الرهن يورث و الوكالات والعواري و الودائع لا تورث و اختلفوا في خيار العيب فمنهم من قال يورث و منها من أثبته للوارث ابتداء و الدية تورث اتفاقا و اختلفوا في القصاص فذكر في الأصل أنه يورث و منهم من جعله للورثة ابتداء و يجوز أن يقال لا يورث عنده خافا لهما أخذا من مسألة ما لو برهن أحد الورثة على القصاص و الباقي غيب : فلا بد من إعادته إذا حضروا عنده خلافا لهما كذا في آخر اليتيمة
وأما خيار التعيين فاتفقوا أنه يثبت للوارث ابتداء
- الجد كالأب إلا في إحدى عشرة مسألة : خمس في الفرائض وست غيرها
أما الخمس : فالأولى : الجدة أم الأب لا إرث لها مع الأب و لا تحجب بالجد
الثانية : الإخوة لأبوين أو لأب يسقطون بالأب و لا يسقطون بالجد على قولهما ويسقطون به كالأب على قول الإمام و ليه الفتوى فالمخالفة على قولهما خاصة
الثالثة : للأم ثلث ما بقي مع أحد الزوجين و الأب و لو كان مكان الأب جد فللأم ثلث جميع المال عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله خلفا أبي يوسف رحمه الله
الرابعة : لو مات المعتق عن أب معتقه و ابن معتقه فللأب السدس و الباقي للابن في رواية و لو كان مكان الأب جد فالكل للابن في الروايات كلها على قول الإمام
الخامسة : لو ترك جد معتقه وأخاه قال أبو حنيفة رحمه الله يختص الجد بالولاء
وقالا : الولاء بينهما و لو كان مكان الجد أب في فالميراث كله له اتفاقا
وأما المسائل الست : فأربع في الكتب المشهورة :
الأولى : لو أوصى لأقرباء فلان لا يدخل الأب و بدخل الجد في ظاهر الرواية
الثانية : و في صدقة الفطرة تجب صدقة فطر الولد على أبيه الغني دون جده
الثالثة : و لو أعتق الأب جرى ولاء ولده إلى مواليه دون الجد
الرابعة : و يصير الصغير مسلما بإسلام أبيه دون جده
الخامسة : لو مات وترك أولادا صغارا و مالا فالولاية للأب فهو كوصي الميت
بخلاف الجد
السادسة : في ولاية الإنكاح لو كان للصغير أخ وجدة فعلى قول أبي يوسف رحمه الله : يشتركان وعلى قول الإمام رحمه الله : يختص الجد
و لو كان مكانه أب اختص اتفاقا
ثم زدت أخرى وهي : أنه إذا مات أبوه صار يتيما و لا يقوم الجد مقام الأب لإزالة اليتم عنه فهي اثنتا عشرة مسألة
ثم رأيت أخرى في نفقات الخانية لو مات و ترك أولادا صغارا و لا مال له و لهم أم و جد أب الأب فالنفقة عليهما أثلاثا الثلث على الأم والثلثان على الجد انتهى
و لو كان الأب كانت كلها عليه و لا تشاركه الأم في نفقتهم فهي ثلاث عشرة
- الجد الفاسد : من ذوي الأرحام و ليس كأب الأب فلا يلي النكاح مع العصبات ولا يملك التصرف في مال الصغير و لو ادعى نسب ولد جارية ابن بنته لم يثبت بلا تصديق و في الميراث : من ذوي الأرحام إلا مسالة ما إذا قتل ولد بنته فإنه لا يقتل به كأب الأب كما ذكره الزيلعي و الحداسي من الجنايات
- وصي الميت : كالأب إلا في مسائل :
الأولى : يجوز إقراضه اتفاقا و يجوز إقراض الأب في رواية
الثانية : يبيع و يشتري لنفسه بشرط الخيرية لليتيم و للأب ذلك بشرط ألا ضرر
الثالثة : للأب أن يقضي دينه من مال ولده بخلاف الوصي
الرابعة : للأب الأكل من مال ولده عند الحاجة و للوصي بقدر عمله
الخامسة : للأب أن يرهن مال ولده على دينه بخلاف الوصي
السادسة : لا تقوم عبارته مقام عبارتين فإذا باع أو اشترى لنفسه بالشرط فلا بد من قوله : قبلت بعد الإيجاب بخلاف الأب
السابعة : لا يلي الإنكاح بخلاف الأب
الثامنة : لا يمونه بخلاف الأب
التاسعة : لا يؤدي من ماله صدقة فطره بخلاف الأب
العاشرة : لا يستخدمه بخلاف الأب
الحادية عشرة : لا حضانة له بخلاف الأب
- الميت لا يرث إلا في مسألة ما إذا ضرب بطن امرأة فألقته ميتا فإن الغرة يرثها الجنين لتورث عنه كما في جنايات المبسوط و لا يملك الميت إلا في مسألة ذكرناها في الصيد و لا يضمن إلا في مسألة ما إذا حفر بئرا تعديا ثم مات فوقع فيها إنسان بعد موته كانت الدية على عاقلته و لو حفر عبد بئرا تعديا فأعتقه مولاه ثم مات العبد فوقع إنسان فيها فالدية على عاقلته كما في الجامع
- لو مات المستأمن في دارنا عن مال و رثته في دار الحرب وقف ماله حتى يقدموا فإذا قدموا فلا بد من بنية و لو أهل ذمة ولا بد أن يقولوا : لا نعلم له وارثا غيرهم ويؤخذ منهم كفيل و لا يقبل كتاب ملكهم و لو ثبت أنه كتابه كذا في مستأمن فتح القدير قال الشيخ عبد القادر في الطبقات في باب الهمز في أحمد : قال الجرجاني في الخزانة : قال أبو العباس الناطفي : رأيت بخط بعض مشايخنا رحمه الله : في رجل جعل لأحد بنيه دارا بنصيبه على أن لا يكون له بعد موت الأب ميراث جاز و أفتى به الفقيه أبو جعفر محمد بن اليمان أحد أصحاب محمد بن شجاع البلخي و حكى ذلك أصحاب أحمد بن أبي الحارث و أبو عمر و الطبري انتهى و الله سبحانه و تعالى أعلم
تم الفن الثاني من الأشباه و النظائر وبليه الفن الثالث من الأشباه و النظائر و هو : فن الجمع و الفرق (1/331)
الفن الثالث : الجمع والفرق
الحمد لله على ما أنعم و ألهم وفتح من دقائق الحقائق وفهم و صلى الله على رسوله محمد و آله و صحبه و سلم و بعدة
فهذا هو الفن الثالث من الأشباه و النظائر و هو فن الجمع و الفرق و نبهت فيه على أحكام يكثر دورها و يقبح بالفقيه جهلها هي : أحكام الناسي و الجاهل و المكره و أحكام الصبيان و العبيد و السكارى و الأعمى و أحكام الحمل و قد كتبناها في الفوائد من كتاب البيوع و الأحكام الأربعة : الاقتصار و الاستناد و التبيين و الانقلاب و حكم النقود : مما يتعين و ما لا يتعين و بيان جريان أحدهما مكان الآخر و بيان حكم الساقط هل يعود أم لا ؟ وما فرع على ذلك و بيان أن النائب يملك ما لا يملكه الأصيل و بيان ما يقبل الإسقاط من الحقوق و ما لا يقبله و بيان أن الزيوف كالجياد في بعض دون بعض و أحكام النائم و أحكام المجنون و المعتوه و بيان ما يعتبر فيه المعنى دون اللفظ و عكسه و أحكام الأنثى و أحكام
الجن و أحكام الذمي و أحكام المحارم و أحكام غيبوبة الحشفة و أحكام العقود و أحكام الفسوخ والقول في الملك و القول في الدين و أحكامه و القول في ثمن المثل و أجرة المثل و مهر المثل و القول في الشرط و التعليق و القول في السفر و في أحكام المسجد وفي الحرم و يوم الجمعة (1/335)
أحكام الناسي
وحد النسيان في التحرير بأنه : عدم تذكر الشيء وقت حاجته إليه و اختلفوا في الفرق بين السهو و النسيان و المعتمد : أنهما مترادفان و اتفق العلماء على أنه مسقط للإثم مطلقا للحديث الحسن : [ إن الله تعالى و ضع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ]
قال الأصوليون : إنه من باب ترك الحقيقة بدلالة محل الكلام لأن عين الخطأ وأخويه غير مرفوع فالمراد حكمها و هو نوعان : أخروي و هو المأثم ودنيوي و هو الفساد و الحكمان مختلفان فصار الحكم بعد كونه مجازا مشتركا فلا يعم
أما عندنا : فلأن المشترك لا عموم له و أما عند الشافعي رحمه الله فلأن المجاز لا عموم له فإذا ثبت الأخروي إجماعا لم يثبت الآخر كذا في التنقيح و تمامه في شرحنا على المنار
وأما الحكم الدنيوي : فإن و قع في ترك مأمورة لم يسقط بل يجب تداركه و لا يحصل الثواب المترتب عليه أو فعل منهي عنه فإن أوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها
فمن نسي صلاة أو صوما أو حجا أو زكاة أو كفارة أو نذرا و جب عليه قضاؤه بلا خلاف و كذا الوقوف بغير عرفة غلطا يجب القضاء اتفاقا و منها : من صلى بنجاسة مانعة ناسيا أو نسي ركنا من أركان الصلاة أو تيقن الخطأ في الاجتهاد في الماء و الثوب وقت الصلاة و الصوم أو نسي نية الصوم أو تكلم في الصلاة ناسيا
ومما يسقط حكمه في النسيان : لو أكل أو شرب ناسيا في الصوم أو جامع لم يبطل أو أكل ناسيا في الصلاة تبطل و لو سلم ناسيا في الصلاة الرباعية على رأس الركعتين و الناسي والعامد في اليمين سواء وكذا في الطلاق لو قال : زوجتي طالق ناسيا أن له زوجة وكذا في العتاق وكذا في محظورات الإحرام
وقد جعل له أصلا في التحرير فقال : إن كان معه مذكر و لا داعية له كأكل المصلي لم يسقط لتقصيره بخلاف سلامه في القعدة أو : لا معه مع داع كأكل الصائم سقط أو : لا ولا فأولى كترك الذابح التسمية لا انتهى
ومن مسائل النسيان لو نسي المديون الدين حتى مات فإن كان ثمن مبيع أو قرض لم يؤاخذ به و إن كان غصبا يؤاخذ به كذا في الخانية
ومنها : لو علم الوصي بأن الموصي أوصى بوصايا لكنه نسي مقدارها و حكمه في وصايا خزانة المفتين
وأما الجهل فحقيقته : عدم العلم عما من شأنه العلم : فإن قارن اعتقاد النقيض فهو مركب و هو المراد بالشعور بالشيء على خلاف ما هو به و إلا فبسيط و هو المراد بعدم الشعور
وأقسامه على ما ذكره الأصوليون كما في المنار أربعة :
الأول : جهل باطل لا يصلح عذرا في الآخرة كجهل الكافر بصفات الله تعالى وأحكام الآخرة و جهل صاحب الهوى و جهل الباغي حتى يضمن مال العدل إذا أتلفه وجهل من خالف في اجتهاده الكتاب أو السنة المشهورة و الإجماع كالفتوى ببيع أمهات الأولاد
الثاني : الجهل في موضع الاجتهاد الصحيح أو في موضع الشبهة و أنه يصلح عذرا وشبهة كالمحتجم إذا أفطر على ظن أنها فطرته وكمن زنى بجارية والده أو زوجته على ظن أنها تحل له
والثالث : الجهل في دار الحرب من مسلم لم يهاجر و أنه يكون عذرا و يلحق به
الرابع : و هو جهل الشفيع وجهل الأمة بالإعتاق وجهل البكر بنكاح الولي و جهل الوكيل و المأذون بالإطلاق و ضده انتهى
ومما فرقوا فيه بين العلم و الجهل : لو قال : إن لم أقتل فلانا فكذا وهو ميت : إن علم به حنث و إلا : لا كذا في الكنز و قالوا : لو لم تعلم الأمة بأن لها خيار العتق لا يبطل بسكوتها و لو لم يعلم الصغير خيار البلوغ بطل
وقالوا : لو استام جارية متنقبة أو ثوبا ملفوفا فظهر أنه ملكه بعد الكشف قيل : يعذر إذا ادعاه للجهل في موضع الخفاء و قيل : لا و المعتمد : الأول
وقالوا : يعذر الوارث و الوصي و المتولي بالتناقض للجهل
وقالوا : إذا قبلت الخلع ثم ادعت الثلاثة قبله تسمع فإذا برهنت استردت البدل
للجهل في محله و لو قبل الكتابة و ادعى البدل ثم ادعى الإعتاق قبله تسمع و يسترد البدل إذا برهن
وقالوا : إذا باع الوصي أو الأب ثم ادعى أنه و قع بغبن فاحش و قال : لم أعلم وقالوا : في باب الرضاع و لا يضر التناقض في الحرية و النسب و الطلاق كما أوضحناه في البحر من باب المتفرقات : أن الجهل معتبر عندنا لدفع الفساد فلا ضمان على الكبيرة لو جهلت أن الإرضاع مفسد كما في الهداية و في الخلاصة : إذا تكلم بكلمة الكفر جاهلا قال بعضهم : لا يكفر و عامتهم على أنه يكفر و لا يعذر انتهى
وفي آخر اليتيمة ظن لجهله أن ما فعله من المحظورات حلال له : فإن كان مما يعلم من دين النبي صلى الله عليه و سلم ضرورة كفر و إلا فلا و قالوا في باب خيار الرؤية : لو اشترى ما كان راه و لم يتغير فلا خيار له إلا إذا كان لا يعلم أنه مرئيه لعدم الرضاء به كذا في الهداية و قالوا : في كتاب الغصب : إن الجهل بكونه مال الغير يدفع الإثم لا ا لضمان
وفي إقرار ليتيمة : سئل علي بن أحمد عن رجل أقر أن عليه لفلان حنطة من سلم عقداه بينهما ثم إنه بعد ذلك قال : سألت الفقهاء عن العقد فقالوا : هو فاسد : فلا يجب على شيء و المقر معروف بالجهل هل يؤاخذ بإقراره فقال : يسقط عنه الحق بدعوى الجهل انتهى و قال قبله : إذا أقر بالطلاق الثلاث على ظن ملق المفتي بالوقوع ثم تبين خطأه فإفتاء الأهل لم يقع ديانة و لا يصدق في الحكم و لو باع الوكيل قبل العلم بالوكالة لم يجز البيع و لو باع الوصي قبل العلم بالإيصاء جاز و لو باع ملك أبيه و لم يعلم بموته ثم علم جاز وكذا لو باع الجد مال ابنه ولم يعلم بموته نفذ على الصغير
ومقتض بيع الوارث : أنه لو زوج أمة ابنه ثم بان ميتا نفذ ولو باعه على أنه آبق فبان راجعا ينبغي أن ينفذ
ومما فرقوا فيه بين العلم و الجهل : ما في و كالة الخانية : الوكيل بقضاء الدين إذا دفعه إلى الطالب بعد ما و هب الدين من المديون قالوا : إن علم الوكيل بالهبة ضمن والا فلا و لو دفع إلى الطالب بعد ردته : قالوا : إن علم الوكيل بطريق الفقه أن الدفع إلى الطالب بعد ردته لا يجوز ضمن ما دفعه و إلا : فلا و لو دفع بعد ما دفع الموكل : فعن أبي يوسف رحمه الله الفرق بين العلم و الجهل و المذهب : الضمان مطلقا كالمتفاوضين إذا أذن كل منهما لصاحبه بأداء الزكاة فادى أحدهما عن نفسه و عن صاحبه ثم أدى الثاني عن نفسه و عن صاحبه فإنه يضمن مطلقا و المأمور بقضاء الدين إذا أدى الأمر بنفسه ثم قضى المأمورة فإنه لا يضمن إذا لم يعلم بقضاء الموكل قالوا : هذا على قولهما أما على قوله فيضمن على كل حال انتهى
ولو أجاز الورثة الوصية و لم يعلموا ما أوصى به لم تصح إجازتهم كذا في وصايا الخانية
وفي وكالة المنية : أمر رجلا ببيع غلامه بمائة دينار فباعه بألف درهم ولم يعلم الموكل بما باعه فقال المأمور : بعت الغلام فقال : أجزت جاز البيع و كذا في النكاح و إن قال : قد أجزت ما أمرتك به ا لم يجز انتهى
وفي وكالة الولوالجية : إذا عفا بعض الورثة عن القاتل عمدا ثم قتله الباقي إن علم أن عفو البعض يسقط القصاص اقتص منه و إلا فلا لأن هذا مما يشكل على الناس انتهى
وفي ا جامع الفصولين ا : وكله بقبض دينه فقبضه بعد إبراء الطالب و لم يعلم فهلك في يده : لم يضمن و للدافع تضمين الموكل و لو وكله ببيع عبده فباعه بعد موته غير عالم وقبض الثمن وهلك في يده لم يضمن والضمان على الموكل انتهى
وأما أحكام الإكراه فمذكورة في آخر المنار وهي شهيرة في الفروع تركناها قصدا (1/335)
أحكام الصبيان
هو جنين ما دام في بطن أمه فإذا انفصل ذكرا فصبي و يسمى رجلا كما في آية المواريث إلى البلوغ فغلام إلى تسع عشرة فشاب إلى أربع و ثلاثين فكهل إلى إحدى وخسمين فشيخ إلى آخر عمره هكذا في اللغة
وفي الشرع : يسمى غلاما إلى البلوغ و بعده شابا وفتى إلى ثلاثين فكهل إلى خمسين فشيخ وتمامه في أيمان البزازية
فلا تكليف عليه بشيء من العبادات حتى الزكاة عندنا و لا بشيء من المنهيات فلا حد عليه لو فعل أسبابها و لا قصاص عليه و عمده خطا
وأما الإيمان بالله تعالى ففي التحرير : و استثنى فخر الإسلام من العبادات الإيمان فأثبت أصل وجوبه في الصبي العاقل بسببية حدوث العالم لا الأداء فإذا أسلم عاقلات وقع فرضا فلا يجب تجديده بالغا كتعجيل الزكاة بعد السبب و نفاه
شمس الأئمة لعدم حكمه و لو أداه وقع فرضا لأن عدم الوجوب كان لعدم حكمه فإذا وجد و جب و الأول أوجه انتهى
واختلفوا في وجوب صدقة الفطر في ماله و الأضحية و المعتمد : الوجوب فيؤديها الولي ويذبحها و لا يتصدق بشيء من لحمها فيطعمه منه ويبتاع له بالباقي ما تبقت عينه
واتفقوا على وجوب العشر و الخراج في أرضه و على وجوب نفقة زوجته و عياله وقرابته كالبالغ و على بطلان عبادته بفعل ما يفسدها من نحو كلام في الصلاة وأكل وشرب في الصوم و جماع في الحج قبل الوقوف بعرفة لكن لا دم عليه في فعل محظور في إحرامه و لا تنتقض طهارته بالقهقهة في صلاته و إن أبطلت الصلاة و تصح عباداته و إن لم تجب عليه و اختلفوا في ثوابها و المعتمد : أنه له و للمعلم ثواب التعليم و كذا جميع حسناته و لا تصح إمامته و اختلفوا في صحتها في التراويح و المعتمد : عدمها وتجب سجدة التلاوة على سامعها من صبي و قيل : لا بد من عقله و تحصل فضيلة الجماعة بصلاته مع واحد إلا في الجمعة فلا تصح بثلاثة هو منهم
وليس هو من أهل الولايات فلا يلي الإنكاح و لا القضاء و لا الشهادة مطلقا لكن لو خطب بإذن السلطان و صلى بالغ جاز
وتصح سلطنته ظاهرا قال في البزازية : مات السلطان و اتفقت الرعية على سلطنة ابن صغير له : ينبغي أن يفوض أمور التقليد على و ال و يعد هذا الوالي نفسه تبعا لابن السلطان لشرفه و السلطان في الرسم هو الابن و في الحقيقة هو الوالي لعدم صحة الإذن بالقضاء و الجمعة ممن لا ولاية له انتهى
ويصلح وصيا و ناظرا و بقيم القاضي مكانه بالغا إلى بلوغه كما في منظومة ابن وهبان من الوصايا و في الإسعاف و الملتقط : و لا تصح خصومة الصبي إلا أن يكون مأذونا في الخصومة
وهو كالبالغ في نواقض الوضوء إلا القهقهة و يصح أذانه مع الكراهة كما في المجمع لكن في السراج الوهاج أنه لا كراهة في أذان الصبي العاقل في ظاهر الرواية وإن كان البالغ أفضل و على هذا يصح تقريره في وظيفة الأذان و أما قيامه في صلاة الفريضة : فظاهر كلامهم أنه لا بد منه للحكم بصحتها و إن كانت أركانها و شرائطها لا توصف بالوجوب في حقه و أما فرض الكفاية فهل يسقط بفعله فقالوا : بسقوطه وتقبل روايته و تصح الإجازة له و يقبل قوله في الهدية و الإذن و يمنع من مس المصحف وتمنع الصبية المطلقة أو المتوفى عنها زوجها من التزوج إلى انقضاء العدة و لا نقول بوجوبها عليها على المعتمد و يصح أمانه و لا يداوى إلا بإذن و ليه
وثقب أذن البنت الطفل مكروه قياسا و لا بأس به استحسانا كما في الملتقط
وإذا أهي للصبي شيء و علم أنه له : فليس للوالدين الأكل منه بغير حاجة كما في الملتقط و يصح توكيله إذا كان يعقد العقد و يقصده و لو محجورا و لا ترجع الحقوق إليه في نحو بيع بل لموكله و كذا في دفع الزكاة و الاعتبار لنية الموكل و يعمل بقول المميز في المعاملات كهدية و نحوها و في الملتقط : و لا تصح الخصومة من الصبي إلا أن يكون مأذونا اهـ
ويحصل بوطئه التحليل للطلقة ثلاثا إذا كان مراهقا تتحرك آلته و يشتهي النساء
ويملك المال بالاستيلاء على المباح كالبالغ و التقاطه كالتقاط البالغ و يجب رد سلامه ويصح إسلامه و ردته و لا يقتل لو ارتد بعد إسلامه صغيرا أو تبعا تحل ذبيحته بشرط أن يعقل التسمية و يضبطها بأن يعلم أن الحل لا يحصل إلا بها كذا في الكافي
ويؤكل الصيد برميه إذا سمى و ليس كالبالغ في النظر إلى الأجنبية و الخلوة بها فيجوز له الدخول على النساء إلى خمس عشرة سنة كما في الملتقط و لا يقع طلاقه و لا عتقه إلا حكما في مسائل ذكرناها في النوع الثاني من الفوائد في الطلاق و الحجر عليه في الأقوال كلها لا في الأفعال فيضمن ما أتلفه إلا في مسائل ذكرناها في النوع الثاني من الفوائد في الحجر و تثبت حرمة المصاهرة بوطئه إن كان مممن يشتهي النساء و إلا : فلا
وتثبت أيضا بوطء الصبية المشتهاة و هي بنت تسع على المختار و لا يدخل الصبي في القسامة و العاقلة و إن و جد قتيل في داره فالدية على عاقلته كما في الصغرى و لا جزية عليه و لا يدخل في الغرامات السلطانية كما في قسمة الولوالجية و لا يؤخذ صبيان أهل الذمة بالتمييز عن صبيان المسلمين كما في الخانية و لا شيء على صبيان بني تغلب
ولا يقتل و لد الحربي إذا لم يقاتل و لو قتله مجاهد بعد قول الإمام : من قتل قتيلا فله سلبه لم يستحق السلب إلا إذا قاتل و يدخل الصبي تحت قوله : من قتل قتيلا فله سلبه فإذا قتل الصبي استحق سلب مقتوله لقول الزيلعي : ويدخل فيه كل من يستحق الغنيمة سهما أو رضخا انتهى
و في الكنز : أن الصبي مما يرضخ له إذا قاتل
ولو قال السلطان لصبي : لدإذا أدركت فصل بالناس الجمعة جاز و في البزازية لا السلطان أو الوالي إذا كان غير بالغ فبلغ يحتاج إلى تقليد جديد انتهى
ولا تنعقد يمينه و لو كان مأذونا فباع فوجد المشتري به عيبا لا يحلفه حتى يدرك كما في العمدة و لو ادعى على صبي محجور و لا بينة له لا يحضره إلى باب القاضي لأنه لو حلف فنكل : لا يقضي عليه كذا في العمدة و يقام التعزير عليه تأديبا وتتوقف عقوده المترددة بين النفع و الضرر على إجازة وليه و يصح قبضه للهبة و لا يتوقف من أقواله ما تمحض ضررا
ومنه : إقراضه و استقراضه لو كان محجورا لا لو كان مأذونا وكفالته باطلة و لو عن أبيه و صحت له و عنه مطلقا
وقد جمع العمادي في فصوله أحكام الصبيان فمن أراد الاطلاع على كثرة فروعنا وحسن تقريرنا و استيعابنا و على نعم الله تعالى علينا فيما نقصده من جمع المتفرق : فلينظر ما ذكره العمادي وقد ذكر العمادي : ما يكون به بالغا و ما يتعلق به تركناه قصدا لتصريحهم به في كتاب الحجر و كتابنا هذا إن شاء الله تعالى كتاب المفردات الملتقطات
- الصبية التي لا تشتهي يجوز السفر بها بغير محرم
- ولا يضمن الصبي بالغصب فلو غصب صبي فمات عنده لم يضمنه إلا إذا نقله إلا - أرض مسبعة أو مكان الوباء أو الحمى وقد سئلت عمن أخذ ابن إنسان صغيرا و أخرجه من البلد : هل يلزمه إحضاره إلى أبيه فأجبت بما في الخانية : رجل غصب صبيا حرا فغاب الصبي عن يدي فإن الغاصب يحبس حتى يجيء بالصبي أو يعلم أنه مات انتهى و لو خدعه حتى أخذه برضاه لم يضمن كما في الخانية لأنه ما غصبه لأنه الأخذ قهرا
وفي الملتقط من النكاح : وعن محمد رحمه الله تعالى فيمن خدع بنت رجل أو امرأته و أخرجها من منزله قال : أحبسه أبدا حتى يأتي بها أو يعلم موتها انتهى
ولو قطع طرف صبي لم تعلم صحته ففيه حكومة عدل لا دية و لو دفع السكين إلى صبي فقتل نفسه لم يضمن الدافع وإن فتل غيره فالدية على عاقلة الصبي و يرجعون بها على الدافع و كذا لو أمر صبيا بقتل إنسان فقتله
ولو أمر صبيا بالوقوع من شجرة فوقع ضمن ديته
ولو أرسله في حاجة فعطب ضمنه و كذا لو أمره بصعود شجرة لنقض ثمارها فوقع و كذا لو أمره بكسر الحطب كذا في الخانية
وفيها أيضا : صبي ابن تسع سنين سقط من سطح أو غرق في ماء : قال بعضهم : لا شيء على الوالدين لأنه ممن يحفظ نفسه و إن كان لا يعقل أو كان أصغر سنا قالوا : يكون على الوالدين أو على من كان الصبي في حجره الكفارة لترك الحفظ وقال بعضهم : ليس على الوالدين شيء إلا الاستغفار و هو ا لصحيح إلا أن يسقط من يده فعليه الكفارة و لو حمل صبيا على دابة و قال : امسكها لي و هي واقفة فسقط ومات كان على عاقلة الشي حمله الدية مطلقا وإن سير الصبي الدابة فوطأت إنسانا فقتلته فالدية على عاقلة الصبي إلا أن يكون الصبي لا يستمسك عليها فهدر و لو كان الرجل راكبا فحمل صبيا معه فقتلت الدابة إنسانا فإن كان الصبي لا يستمسك فالدية على عاقلة الرجل فقط وإلا فعلى عاقلتهما انتهى
ولو ملأ صبي كوزا من حوض ثم صبه فيه لم يحل لأحد أن يشرب منه
ولا يجوز للولي إلباسه الحرير و الذهب و لا أن يسقيه الخمر و لا أن يجلسه للبول والغائط مستقبلا أو مستدبرا و لا أن يخضب يده أو رجله بالحناء و في الملتقط زوج ابنته من رجل وذهبت و لا تدرى لا يجبر زوجها على الطلب انتهى (1/339)
أحكام السكران
هو مكلف لقوله تعالى : { لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى } خاطبهم تعالى ونهاهم حال سكرهم
فإن كان السكر من محرم فالسكران منه هو المكلف و إن كان من مباح فلا
فهو : كالمغمى عليه لا يقع طلاقه واختلف التصحيح فيما إذا سكر مكرها أو مضطرا فطلق و قدمنا في الفوائد أنه من محرم كالصاحي إلا في ثلاث : الردة و الإقرار بالحدود الخالصة و الإشهاد على شهادة نفسه و زدت على الثلاث مسائل :
الأولى : تزويج الصغير و الصغيرة بأقل من مهر المثل أو بأكثر فإنه لا ينفذ
الثانية : الوكيل بالطلاق صاحيا إذا سكر فطلق لم يقع
الثالثة : الوكيل بالبيع لو سكر فباع لم ينفذ على موكله
الرابعة : غصب من صاح و رده عليه و هو سكران و هي في فصول العمادي
فهو كالصاحي إلا في سبع فيؤاخذ بأقواله و أفعاله
واختلف التصحيح فيما إذا سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب أو العسل و الفتوى على أنه إن سكر من محرم فيقع طلاقه و عتاقه و لو زال عقله بالبنج لم يقع و عن الإمام أنه إن كان يعلم أنه بنج حين شربه يقع و إلا فلا
وصرحوا بكراهة أذان السكران و استحباب إعادته و ينبغي ألا يصح أذانه كالمجنون و أما صومه في رمضان فلا إشكال أنه إن صحا قبل خروج وقت النية أنه يصح منه إذا نوى لأنا لا نشترط التبييت فيها وإذا خرج وقتها قبل صحوه أتم وقضى و لا يبطل الاعتكاف بسكره و يصح و قوفه بعرفات كالمغمى عليه لعدم اشتراط النية فيه واختلف في حد السكران فقيل : من لا يعرف الأرض من السماء و الرجل من المرأة و به قال الإمام الأعظم رحمه الله و قيل من في كلامه اختلاط و هذيان و هو قولهما و به أخذ كثير من المشايخ و المعتبر في القدح المسكر في حق الحرمة : ما قالاه احتياطا في المحرمات و الخلاف في الحد و الفتوى على قولهما في انتقاض الطهارة به وفي يمينيه ألا يسكر كما بيناه في شرح الكنز
تنبيه
قولهم إن السكر من مباح : كالإغماء يستثنى منه سقوط القضاء فإنه لا يسقط عنه وإن كان أكثر من يوم وليلة لأنه بصنعه كذا في المحيط (1/344)
أحكام العبيد
لا جمعة عليه و لا عيد و لا تشريق و لا أذان و لا إقامة و لا حج و لا عمرة وعورتها كالرجل و يزاد البطن و الظهر و يحرم نظر غير المحرم إلى عورتها فقط و ما عداها : إن اشتهى و لا يجوز كونه شاهدا و لا مزكيا علانية و لا عاشرا و لا قاسما و لا مقوما و لا كاتب حكم و لا أمينا لحاكم و لا إماما أعظم و لا قاضيا و لا وليا في نكاح أو قود و لا يلي أمرا عاما إلا نيابة عن الإمام الأعظم فله نصب القاضي نيابة عن السلطان و لو حكم بنفسه لم يصح و لو أذن لعبده بالقضاء فقضى بعد عتقه جاز بلا تجديد إذن و لا وصيا إلا إذا كان عبد الموصي و الورثة صغار عند الإمام الأعظم و لا يملك وإن ملكه سيده ولا زكاة عليه و لا فطرة وإنما هي على مولاه إن كان للخدمة و لا أضحية و لا هدي عليه و لا يكفر إلا بالصوم و لا يصوم غير فرض إلا بإذن السيد و لا فرضا و جب بإيجابه وكذا الاعتكاف و الحج و العمرة
ولا ينفذ إقراره بمال مأذونا كان أو مكاتبا إلا بإذن مولاه إلا إذا أقر المأذون بما في يده و لو بعد حجره وكنا إقراره بجناية موجبة للدفع أو الفداء : غير صحيح بخلافه بحد أو قود و لا ينفرد بتزويج نفسه و يجبر عليه و يجعل صداقا و يكون نشرا و رهنا و لا يرث و لا يورث و لا تصح كفالته حالة إلا بإذن سيده و لا دية في قتله و قيمته قائمة مقامها كلا و بعضا و لا تبلغها و لا عاقلة له و لا هو منهم و حده النصف و لا إحصان له وجنايته متعلقة برقبته كديته و لا سهم له من الغنية بل يرضخ له إن قاتل و يباع في دينه ويدفع في جنايته إن لم يفده سديه و ينكح اثنتين و لا تسري له مطلقا
وطلاقها ثنتان وعذتها حيضتان و نصف المقدر و لا لعان بقذفها و لا تنكح على حرة
ويصح عتقه عن الكفارات و لا يدذ قاذفه و إنما يعزر
وقسمها على النصف من قسم الحرة و مهرها كغيرها و لا يلحق و لدها مولاها إلا بدعوته منه و لو أقر بوطئها و إيلاء الأمة المنكوحة : شهران و لا خادم لها و لو جميلة و لا تجب نفقتها إلا بالتبوئة و لا توطأ إلا بعد الاستبراء بخلاف الحرة و لا حصر لعدد السراري ويجوز جمعهن في مسكن واحد بدون الرضاء و لا ظهار و لا إيلاء من أمته و لا مطالبة لها إذا كان مولاها عنينا
ولا حضانة لأقاربه بل لسيده و لا قصاص بينه و بين الحر في الأطراف بخلاف النفس و تجب الحكومة بحلق لحيته و دواؤه مريضا : على مولاه بخلاف الحر و لو زوجة و إذا لم يقدر على الوضوء إلا بمعين فعلى السيد أن يوضيه بخلاف الحر و لا يتزوج إلا بإذن مولاه و مهره متعلق برقبته كالدين و يباع في نفقة زوجته و لا تجب عليه نفقة ولده و لا نفقة لها إلا بالتبوئة و لا تسمع الدعوى و الشهادة عليه إلا بحضور سيده و لا يحبس في دين و يملكه الكفار بالاستيلاء
ولا يصح تصادق العبد و الأمة على النكاح إلا في المسبيين قبل القسمة بخلاف الحرين كما في التاتارخانية و إعتاقه باطل و لو معلقا بما يملكه بعد عتقه و كذا وصتته وهبته وصدقته و تبرعه إلا إهداء اليسير من المأذون و المحاباة اليسيرة منه و الإذن في العزل : إلى مولاها و هو المطالب لزوجها العنين و المجبوب بالتفريق و ليس مصرفا للصدقات الواجبة إلا إذا كان مولاه فقيرا أو كان مكاتبا و لا يتحمل عنه مولاه مؤنة إلا دم إحصاره عن إحرام مأذون فيه و لا ترجع الحقوق إليه لو وكيلا محجورا و لا جزية عليه و لا يدخل في القسامة و وطء إحدى الأمتين ليس بيانا للعتق المبهم بخلاف وطء إحدى المرأتين لا يكون بيانا في الطلاق المبهم و أمره عبده بإتلاف شيء موجب لضمانه و أمر عبد الغير بإتلاف مال غير مولاه موجب للضمان على الآمر مطلقا : بخلاف الحر إلا إذا كان سلطانا و يضمن بالغصب بخلاف الحر و لو صغيرا و لا يصح وقفه وعقده موقوف على إجازة مولاه
وتخرج الأمة في العدة و يحل سفرها بغير محرم
ولا حق له في بيت المال و لا يؤخذ بالتمييز عنا لو كان عبد ذمي
ولا يصح الوقف على عبد نفسه أو أمته عند محمد رحمه الله إلا المدبر و أم الولد ولم أر حكم التقاطه أو استيلائه على المباح و بنبغي في الثاني أن يملكه مولاه أخذا من قولهم : لو رد آبقا فالجعل لمولاه
ويعزره مولاه على الصحيح و لا يحده عندنا
ومن نعم الله على عبده تيسير جمعها من محالها ولم أرها مجموعة و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم افتح لنا من رحمتك و ألهمنا رشدنا (1/345)
أحكام الأعمى
هو كالبصير إلا في مسائل :
منها : لا جهاد عليه و لا جمعة و لا جماعة و لا حج و إن و جد قائدا و لا يصلح للشهادة مطلقا على المعتمد و القضاء و الإمامة العظمى ولا دية في عينه و إنما الواجب الحكومة و تكره إمامته إلا أن يكون أعلم القوم و لا يصح عتقه عن كفارة و لم أر حكم ذبحه و صيده و حضانته و رؤيته لما اشتراه : بالوصف و ينبغي أن يكره ذبحه و أما حضانته : فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلا و إلا فلا و يصلح ناظرا أو وصيا والثانية في منظومة ابن و هبان و الأولى في أوقاف هلال كما في الإسعاف (1/347)
الأحكام الأربعة
قال في المستصفى : الأحكام تثبت بطرق أربعة :
- الاقتصار : كما إذا أنشأ الطلاق أو العتاق و له نظائر جمة
- و الانقلاب : و هو انقلاب ما ليس بعلة علة كما إذا عتق الطلاق أو العتاق بالشرط فعند وجوب الشرط ينقلب ما ليس بعلة علة
- والاستناد : و هو أن يثبت في الحال ثم يستند و هو دائر بين التبيين و الاقتصار وذلك كالمضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب وكالنصاب فإنه تجب الزكاة عند تمام الحول مستندا إلى وقت وجوده وكطهارة المستحاضة و المتيمم تنتقض عند خروج الوقت و روية الماء مستندا إلى وقت الحدث ولهذا قلنا : لا يجوز المسح لهما
والتبيين : و هو أن يظهر في الحال أن الحكم كان ثابتا من قبل مثل أن يقول في اليوم : إن كان زيد في الدار فأنت طالق و تبين في الغد وجوده فيها يقع الطلاق في اليوم و يعتبر ابتداء العدة منه و كما إذا قال لامراته : إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم لا يقضي بوقوع الطلاق ما لم يمتد ثلاثة أيام فإذا تم ثلاثة أيام حكمنا بوقوع الطلاق من حين حاضت
والفرق بين التبيين و الاستناد : أن في التبيين : يمكن أن يطلع عليه العباد و في الاستناد : لا يمكن و في الحيض : يمكن الاطلاع عليه بشق البطن فيعلم انه من الرحم
وكذا تشترط المحلية في الاستناد دون التبيين
وكذا الاستناد : يظهر أثره في القائم دون المتلاشي و أثر التبيين : يظهر فيهما فلو قال : أنت طالق قبل موت فلان لما بشهر : لم تطلق حتى يموت فلان بعد اليمين بشهر فإن مات لتمام الشهر طلقت مستندا إلى أول الشهر فتعتبر العدة أوله و لو وطئها في الشهر صار مراجعا لو كان الطلاق رجعيا و غرم العقر لو كان بائنا و يرد الزوج بدل الخلع إليها لو خالعها في خلاله ثم مات فلان و لو مات فلان بعد العدة بأن كانت بالوضع أو لم تجب العدة لكونه قبل الدخول لا يقع الطلاق لعدم المحل و بهذا تبين أنه فيها بطريق الاستناد لا بطريق التبيين و هو الصحيح و لو قال : أنت طالق قبل قدوم فلان ا بشهر
يقع مقتصرا على القدوم مستندا انتهى
والفرق بينهما في المستصفى و قد فرع الكرابيسي في الفروق على الاستناد تسع مسائل فلتراجع فيها (1/348)
أحكام النقد : ما يتعين فيه و ما لا يتعين
لا يتعين في المعاوضات وفي تعيينه في العقد الفاسد روايتان و رجح بعضهم تفصيلا : بأن ما فسد من أصله يتعتن فيه لا فيما انتقض بعد صحته و الصحيح تعيينه في الصرف بعد فساده و بعد هلاك المبيع و في الذين المشترك فيؤمر برد نصف ما قبض على شريكه و فيما إذا تبين بطلان القضاء فلو ادعى على آخر مالا و أخذه ثم أقر أنه لم يكن له على خصمه حق فعلى المدعي رد عين ما قبض ما دام قائما
ولا يتعين في المهر و لو بعد الطلاق قبل الدخول فترد مثل نصفه و لذا لزمها زكاته لو نصابا حوليا عندها
ولا يتعين في النشر و الوكالة قبل التسليم و أما جعله فالعاضة كذلك
ويتعين في الأمانات و الهبة و الصدقة و الشركة و المضاربة و الغصب
وتمامه في فصول العمادي و كتبنا في بيوع الشرح جريان الدراهم مجرى الدنانير في ثمانية و في وكالة النهاية : اعلم أن عدم تعين الدراهم و الدنانير في حق الاستحقاق لا غير فإنهما يتعينان جنسا و قدرا و وصفا بالاتفاق و به صرح الإمام العتابي في شرح الجامع الصغير (1/349)
ما يقبل الإسقاط من الحقوق و ما لا يقبله و بيان أن الساقط لا يعود
لو قال الوارث : تركت حقي لم يبطل حقه إذ الملك لا يبطل بالترك و الحق يبطل به حتى لو أن أحدا من الغانمين قال قبل القسمة : تركت حقي بطل حقه و كذا لو قال المرتهن : تركت حقي في حبس الرهن بطل
كذا في جامع الفصولين و فصول العمادي و ظاهره : أن كل حق يسقط بالإسقاط و هو أيضا ظاهر ما في الخانية من الشرب و لفظها : رجل له مسيل ماج في دار غيره فباع صاحب الدار داره مع المسيل و رضي به صاحب المسيل كان لصاحب المسيل أن يضرب بذلك في الثمن وإن كان له حق إجراء الماء دون الرقبة لا شيء له من الثمر و لا سببل له على المسيل بعد ذلك كرجل أوصى لرجل بسكنى داره فمات الموصي و باع الوارث الدار و رضي به الموصى له جاز البيع و بطل سكناه و لو لم يبع صاحب الدار داره و لكن قال صاحب المسيل : أبطلت حقي في المسيل فإن كان له حق إجراء الماء دون الرقبة : بطل حقه قياسا على حق السكنى و إن كان له رقبة المسيل لا يبطل ذلك بالإبطال و ذكر في الكتاب : إذا أوصى لرجل بثلث ماله و مات الموصي فصالح الوارث الموصى له من الثلث على السدس جاز الصلح و ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أن حق الموصى له وحق الوارث قبل القسمة غير متأكد يحتمل السقوط بالإسقاط انتهى
فقد علم أن حق الغنائم قبل القسمة و حق حبس الرهن و حق المسيل المجرد وحق الموصى له بالسكنى و حق الموصى له بالثلث قبل القسمة و حق الوارث قبل القسمة و على قول خواهر زاده يسقط بالإسقاط و صرحوا أن حق الشفعة يسقط بالإسقاط وقالوا : حق الرجوع في الهبة لا يسقط كما في هبة البزازية
وأما الحق في الوقف فقال قاضي خان في فتاواه من الشهادات في الشهادة بوقف المدرسة : إن من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بالإبطال فإنه لو قال : أبطلت حقي كان له أن يطلب و يأخذ بعد ذلك انتهى
وقد كتبنا في شرح الكنز من الشهادات ما فهمه الطرسوسي من عبارة قاضي خان وما رده عليه ابن و هبان و ما حررناه فيها (1/350)
بيان أن الساقط لا يعود
فلا يعود الترتيب بعد سقوطه بقلة الفوائت بخلاف ما إذا سقط بالنسيان فإنه يعود بالتذكر لأن النسيان كان مانعا لا مسقطا فهو من باب زوال المانع
ولا تعود النجاسة بعد الحكم بزوالها فلو دبغ الجلد بالتشميس ونحوه وفرك الثوب من المني وجفت الأرض بالشمس ثم أصابها ماء لا تعود النجاسة في الأصح وكذا البئر إذا غار ماؤها ثم عاد ومنه : عدم صحة الإقالة للإقالة في السلم لأنه دين سقط فلا يعود وأما عود النفقة بعد سقوطها بالنشوز بالرجوع فهو من باب زوال المانع لا من باب عود الساقط
وعلى هذا اختلف المشايخ في بعض مسائل في الخيارات من البيوع فمنهم من قال : يعود الخيار نظرا إلى أنه مانع زال فعمل المقتضى ومنهم من قال : لا يعود نظرا إلى أنه ساقط لا يعود وقد ذكرناه في الشرح
والأصل : أن المقتضي للحكم إن كان موجودا والحكم معدوم فهو من باب المانع وإن عدم المقتضى فهو من باب الساقط
وقد وقعت حادثة الفتوى : أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرأ منه عاما : فهل يعود بعد سقوط كله ؟ فأجبت : بأنه لا يعود لما في جامع الفصولين : برهن أنه أبرأني من هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي فلو قال المدعي عليه : أبرأني وقبلت الإبراء أو قال : صدقت لا يصح هذا الدفع يعني دعوى الإقرار ولو لم يقبله يصح الدفع لاحتمال الرد والإبراء يرتد بالردة فبقي المال عليه انتهى
وفي التاتارخانية من كتاب الإقرار : لو قال : لا حق لي عليك فاشهد لي عليك بألف درهم فقال : نعم لا حق لك علي ثم أشهد أن له عليه ألف درهم والشهود يسمعون ذلك كله فهذا باطل ولا يلزمه شيء ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه انتهى
وفرعت على قولهم : الساقط لا يعود قولهم : إذا حكم القاضي برد شهادة الشاهد مع وجود الأهلية لفسق أو لتهمة فإنه لا يقبل بعد ذلك في تلك الحادثة (1/352)
الدراهم الزيوف كالجياد
بيان أن الدراهم الزيوف كالجياد :
مسائل ذكرتها في شرح الكنز من البيوع (1/353)
النائم كالمستيقظ في بعض المسائل
بيان أن النائم كالمستيقظ في بعض المسائل :
قال الولوالجي في آخر فتاواه : النائم كالمستيقظ في خمس وعشرين مسألة
الأولى : إذا نام الصائم على قفاه وفوه مفتوح : فقطر قطرة من ماء المطر في فيه فسد صومه وكذا لو قطر أحد قطرة من الماء في فيه وبلغ ذلك جوفه
الثانية : إذا جامعها زوجها وهي نائمة يفسد صومها
الثالثة لو كانت محرمة فجامعها زوجها وهي نائمة فعليها الكفارة
الرابعة : المحرم إذا نام فجاء رجل فحلق رأسه وجب الجزاء عليه
الخامسة : المحرم إذا نام فانقلب على صيد فقتله وجب عليه الجزاء
السادسة : إذا نام المحرم على بعير ودخل في عرفات فقد أدرك الحج
السابعة : الصيد المرمي إليه بالسهم إذا وقع عند نائم فمات من تلك الرمية يكون حراما كما إذا وقع عند يقظان وهو قادر على ذكاته
الثامنة : إذا انقلب النائم على متاع وكسره وجب الضمان
التاسعة : الأب إذا نام تحت جدار فوقع الابن عليه من سطح وهو نائم فمات الابن يحرم عن الميراث على قول البعض وهو الصحيح
العاشرة : من رفع النائم ووضعه تحت جدار فسقط عليه الجدار ومات لا يلزمه الضمان
الحادية عشرة : رجل خلا بامرأته وثمة أجنبي نائم لا تصح الخلوة
الثانية عشرة : رجل نام في بيت فجاءت امرأته ومكثت عنده ساعة صحت الخلوة
الثالثة عشرة : لو كانت المرأة نائمة في بيت ودخل عليها زوجها ومكث عندها ساعة صحت الخلوة
الرابعة عشرة : امرأة نامت فجاء رضيع فارتضع من ثديها تثبت حرمة الرضاع
الخامسة عشرة : المتيمم إذا مرت دابته على ماء يمكن استعماله وهو عليها نائم انتقض تيممه
السادسة عشرة : المصلي إذا نام وتكلم في حالة النوم تفسد صلاته
السابعة عشرة : المصلي إذا نام وقرأ في حالة نومه تعتبر تلك القراءة في رواية
الثامنة عشرة : إذا تلا آية السجدة في نومه فسمعها رجل تلزمه السجدة كما لو سمع من اليقظان
التاسعة عشرة : إذا استيقظ هذا النائم فأخبره رجل بذلك كان شمس الأئمة يفتي بأنه لا تجب عليه سجدة التلاوة وتجب في بعض الأقوال وعلى هذا لو قرأ رجل عند نائم فانتبه فاخبر فهو على هذا
العشرون : رجل حلف ألا يكلم فلانا فجاء الحالف إلى المحلوف عليه وهو نائم وقال له : قم فلم يستيقظ النائم قال بعضهم : لا يحنث والأصح أنه يحنث
الحادية والعشرون : رجل طلق امرأته طلاقا رجعيا فجاء الرجل ومسها بشهوة وهي نائمة صار مراجعا
الثانية والعشرون : لو كان الزوج نائما فجاءت المرأة وقبلته بشهوة يصير مراجعا عند أبي يوسف رحمه الله خلافا لمحمد رحمه الله
الثالثة والعشرون : الرجل إذا نام وجاءت المرأة وأدخلت فرجها في فرجه وعلم الرجل بفعلها تثبت حرمة المصاهرة
الرابعة والعشرون : إذا جاءت امرأة إلى نائم وقبلته بشهوة واتفقا على أن ذلك كان بشهوة تثبت حرمة المصاهرة
الخامسة والعشرون : المصلي إذا نام في صلاته واحتلم يجب الغسل ولا يمكنه البناء وكذلك إذا بقي نائما يوما وليلة أو يومين وليلتين صارت الصلاة دينا في ذمته (1/353)
أحكام المعتوه و المجنون
أحكام المعتوه
أحكامه : أحكام الصبي العاقل فتصح العبادات منه ولا تجب وقيل هو كالمجنون وقيل : هو كالبالغ العاقل وقد ذكرناه في النواقص من شرح الكنز
أحكام المجنون
ذكرها الأصوليون في بحث العوارض فلينظرها من رامها (1/355)
هل الاعتبار للمعنى أم اللفظ ؟
بيان أن الاعتبار للمعنى أو اللفظ
ذكرناه في كتاب البيوع من النوع الثاني (1/355)
أحكام الخنثى المشكل
أحكام الخنثى المشكل
ذكر النسفي في الكنز حقيقته وذكر من أحكامه : وقوفه في الصف وحكم ميراثه وختانه وذكر مولانا محمد رحمه الله أحكامه في الأصل من كتاب المفقود وأنا أذكر ما ذكره هناك باختصار
ييمم إذا مات ويسجى قبره ولا يدفنه إلا محرم ويكفن كفن المرأة ولا يلبس حريرا ولا حليا في حياته واذا قبله رجل بشهوة حرم عليه أصوله وفروعه فإن زوجه أبوه رجلا فوصل إليه جاز وإلا فلا علم لي بذلك أو امرأة فبلغ فوصل إليها جاز وإلا أجل كالعنين ويلبس لباس المرأة في الإحرام ولا يصلي إلا بقناع ويقوم أمام النساء خلف الرجال وان وقف في صف النساء أعادها وإن وقف في صف الرجال لا يعيدها ويعيدها من عن يمينه ويساره وخلفه محاذيا له ويوضع في الجنازة خلف الرجال والمرأة خلفه ويجعل خلف الرجل في القبر لو دفنا لضرورة مع حاجز بينهما من الصعيد ولا حد على قاذفه ولا عليه بقذفه بمنزلة المجبوب وتقطع يده للسرقة ويقطع سارق ماله ويقعد في صلاته كالمرأة ولا قصاص على قاطع يده ولو عمدا ولو كان القاطع امرأة ولا تقطع يده إذا قطع يده غيره عمدا أو على عاقلته أرشها ولا يخلو به رجل ولا امرأة ولا يخلو برجل ولا امرأة ولا يسافر ثلاثة أيام إلا بمحرم
وإذا أوصى رجل لما في بطن امرأة بألف إن كان غلاما وبخمسمائة إن كان أنثى فولدت خنثى مشكلا فالوصية موقوفة في الخمسمائة الزائدة إلى أن يستبين أمره ولو قال لامرأته : إن كان أول ولد تلدينه غلاما فأنت طالق أو قال كذلك لأمته : فأنت حرة فولدت خنثى مشكلا لم تطلق ولم تعتق
ولا سهم له مع المقاتلة وإنما يرضخ له ولا يقتل لو أسيرا أو مرتدا بعد الإسلام
ولا خراج على رأسه لو كان ذميا ولا يدخل تحت قول المولى : كل عبد لي حر أو كل أمة لي حرة إلا إذا قالهما فيعتق ولو قال الزوج : إن ملكت عبدا : فأنت طالق فاشترى خنثى لم تطلق وكذلك لو قال إن ملكت أمة ولو قالهما معا طلقت
ولو قال المشكل : أنا ذكر أو أنثى : لم يقبل قوله
واذا قتل خطأ وجبت دية المرأة ويوقف الباقي إلى التبيين وكذا فيما دون النفس ويصح إعتاقه عن الكفارة
ولو تزوج مشكل مثله لم يجز حتى يتبين فلا يتوارثان بالموت ولو شهد شهود أنه ذكر وشهود أنه أنثى : فإن كان يطلب ميراثا قضيت بشهادة من شهد أنه غلام وأبطلت الأخرى وإن كان رجل يدعي أنه امرأته قضيت بشهادة من شهد أنه أنثى وأبطلت الأخرى فإن كانت امرأة تدعي أنه زوجها : اوقفت الأمر إلى أن يستبين فإن لم يطلب الخنثى شيئا ولا يطلب منه شيء لا تقبل واحدة منها حتى يستبين
وأما ميراثه والميراث منه فقال : فإن مات أبوه فله ميراث أنثى منه وتمامه فيه
حاصله : أنه كالأنثى في جميع الأحكام إلا في مسائل لا يلبس حريرا ولا ذهبا ولا فضة ولا يتزوج من رجل ولا يقف في صف النساء ولا حد بقذفه ولا يخلو بامرأة ولا يقع عتق وطلاق علقا على ولادتها أنثى به ولا يدخل تحت قوله : كل أمة (1/355)
أحكام الأنثى
أحكام الأنثى
تخالف الرجل في أن السنة في عانتها النتف ولا يسن ختانها و إنما هو مكرمة
ويسن حلق لحيتها لو نبتت وتمنع عن حلق رأسها ومنيها لا يطهر بالفرك على قول
وتزيد في أسباب البلوغ بالحيض والحمل ويكره أذانها وإقامتها وبدنها كله عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها على المعتمد وذراعيها على المرجوح وصوتها عورة في قول ويكره لها دخول الحمام في قول وقيل : يكره إلا أن تكون مريضة أو نفساء والمعتمد لا كراهة مطلقا ولا ترفع يديها حذاء أذنيها ولا تجهر بقراءتها وتضم في ركوعها وسجودها ولا تفرج أصابعها في الركوع وإذا نابها شيء في صلاتها صفقت ولا تسبح وتكره جماعتهن ويقف الإمام وسطهن
ولا تصلح إماما للرجال ويكره حضورها الجماعة وصلاتها في بيتها أفضل وتضع يمينها على شمالها تحت ثديها وتضع يديها في التشهد على ركبتيها وتتورك ولا جمعة عليها ولكن تنعقد بها ولا عيد ولا تكبير تشريق ولا تسافر إلا بزوج أو محرم ولا يجب الحج عليها إلا بأحدهما ولا تلبي جهرا ولا تنزع المخيط ولا تكشف رأسها ولا تسعى بين الميلين الأخضرين ولا تحلق وإنما تقصر ولا ترمل والتباعد في طوافها عن البيت أفضل ولا تخطب مطلقا وتقف في حاشية المواقف لا عند الصحرات وتكون قاعدة وهو راكب وتلبس في إحرامها الخفين وتترك طواف الصدر لعذر الحيض وتؤخر طواف الزيارة لعذر الحيض وتكفن في خمسة أثواب ولا تؤم في الجنازة ولو فعلت سقط الفرض بصلاتها ولا تحمل الجنازة وان كان الميت أنثى ويندب لها نحو القبة في التابوت ولا سهم لها وانما يرضخ لها إن قاتلت ولا تقتل المرتدة والمشركة
ولا تقبل شهادتها في الحدود والقصاص وتعتكف في بيتها ويباح لها خضب يديها ورجليها بخلاف الرجل إلا لضرورة
والتضحية بالذكر أفضل منها وهي على النصف من الرجل : فى الإرث والشهادة والدية نفسا أو بعضا ونفقة القريب
ولا ينبغي أن تولى القضاء وان صح منها في غير الحدود والقصاص وبضعها مقابل بالمهر دون الرجل وتجبر الأمة على النكاح دون العبد في رواية والمعتمد عدم الفرق بينهما في الجبر وتخير الأمة إذا عتقت بخلاف العبد ولو كان زوجها حرا ولبنها محرم في الرضاع دونه
وتقدم على الرجال في : الحضانة والنفقة على الولد الصغير وفي النفر من مزدلفة
إلى منى وفي الإنصراف من الصلاة
وتؤخر في جماعة الرجال والموقف وفي اجتماع الجنازة عند الإمام فتجعل عند القبلة والرجل عند الإمام وكذا في اللحد
وتجب الدية بقطع ثديها أو حلمته بخلافه من الرجل فإن فيه الحكومة ولا قصاص بقطع طرفها بخلافه ولا قسامة عليها ولا تدخل مع العاقلة فلا شيء عليها من الدية لو قتلت خطأ بخلاف الرجل فإن القاتل كأحدهم ويحفر لها في الرجم إن ثبت زناها بالبينة وتجلد جالسة والرجل قائما ولا تنفى سياسة وينفى هو عاما بعد الجلد سياسة لا حدا ولا تكلف الحضور للدعوى إذا كانت مخدرة ولا لليمين بل يحضر إليها القاضي أو يبعث إليها نائبه يحلفها بحضرة شاهدين ويقبل توكيلها بلا رضاء الخصم إذا كانت مخدرة اتفاقا ولا تبتدىء الشابة بسلام وتعزية ولا تجاب ولا تشمت وتحرم الخلوة بالأجنبية
ويكره الكلام معها
واختلفوا في جواز كونها نبية واختار في المسايرة جواز كونها نبية لا رسولة لأن الرسالة مبنية على الاشتهار ومبنى حالهن على الستر بخلاف النبوة والتمام فيها ولا تدخل النساء في الغرامات السلطانية كما في الولوالجية من القسمة (1/357)
أحكام الذمي
أحكام الذمي
حكمه حكم المسلمين إلا أنه لا يؤمر بالعبادات ولا تصح منه ولا يصح تيممه ويصح وضوؤه وغسله فلو أسلم جازت صلاته به ولا يأثم على ترك العبادات على قول ويأثم على ترك اعتقادها إجماعا ولا يمنع من دخول المسجد جنبا بخلاف المسلم ولا يتوقف جواز دخوله على إذن مسلم عندنا ولو كان المسجد الحرام ولا يصح نذره ولا سهم له من الغنيمة ويرضخ له إن قاتل أو دل على الطريق
ولا يحد بشرب الخمر ولا تراق عليه بل ترد عليه إذا غصبت منه ويضمن متلفها له إلا أن يظهر بيعها بين المسلمين : فلا ضمان في إراقتها أو يكون المتلف إماما يرى ذلك بخلاف إتلاف خمر المسلم فإنه لا يوجب الضمان ولو كان المتلف ذميا وينبغي أن يكون إظهاره شراءها كإظهاره بيعها ولم أره الآن
ولا يمنع من لبس الحرير والشهب ولا يعترض لهم لو تناكحوا فاسدا أو تبايعوا كذلك ثم أسلموا
وفي الكنز : ويقبل قول الكافر في الحل والحرمة وتعقبه الزيلعي بأنه سهو ولا يقبل قوله فيهما وجوابه أنه يقبل فيهما ضمن المعاملات لا مقصودا وهو مراده كما أفصح به في الكافي
ويؤخذ الذمي بالتميز عنا في المركب والملبس فيركبون بالأكف ولا يلبسون الطيالسة والأردية ولا ثياب أهل العلم والشرف وتجعل على دورهم علامة ولا يحدثون بيعة ولا كنيسة في مصر واختلفت الرواية في سكناهم بين المسلمين في المصر والمعتمد : الجواز في محلة خاصة واختلف المشايخ رحمهم الله : هل يلزم تمييزهم بجمع العلامات ؟ أو تكفي واحدة ؟ والمعتمد أنهم لا يركبون مطلقا ولا يلبسون العمائم
وان ركب الحمار لضرورة نزل في المجامع ويضيق عليه في المرور
ولا يرجم وانما يجلد والحاصل أنه تقام الحدود كلها عليه إلا حد شرب الخمر
ولا يبدأ الذمي بسلام إلا لحاجة ولا يزاد في الجواب على : وعليك وتكره مصافحته
ويحرم تعظيمه ويكره للمسلم أن يؤجر نفسه من كافر لعصر العنب وفي الملتقط : كل شيء امتنع منه المسلم : امتنع منه الذمي إلا الخمر والخنزير
ولا تكره عيادة جاره الذمي ولا تكره ضيافته ولا تعتبر الكفاءة بين أهل الذمة إلا إذا كانت بنت ملك خدعها حائك أو كناس فيفرق لتسكين الفتنة كذا في البزازية (1/359)
تنبيه : الإسلام يجب ما قبله من حقوق الله تعالى دون حقوق الآدميين
تنبيه
الإسلام يجب ما قبله من حقوق الله تعالى دون حقوق الآدميين كالقصاص وضمان الأموال إلا في مسائل : لو أجنب الكافر ثم أسلم لم تسقط ومنها : لو زنى ثم أسلم وكان زناه ثابتا ببينة مسلمين لم يسقط الحد بإسلامه وإلا : سقط (1/360)
اشتراك اليهود والنصارى في : وضع الجزية إلخ
تنبيه آخر :
اشتراك اليهود والنصارى في : وضع الجزية وحل المناكحة والذبائح وفي الدية
وفي البزازية : شاركهم المجوسي في الجزية والدية دون الآخرين واستوى أهل الذمة فيما ذكر وقتل المسلم بالذمي ودية الكافر والمسلم سواء ولا يقتل المسلم والذمي بمستأمن (1/360)
لا توارث بين المسلم والكافر
تنبيه آخر :
لا توارث بين المسلم والكافر ويجري الإرث بين اليهود والنصارى والمجوس والكفر كله عندنا ملة واحدة بشرط اتحاد الدار والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم وخرج المرتد فإنه يرث كسب إسلامه ورثته المسلمون مع عدم الاتحاد (1/360)
أحكام الجان
أحكام الجان
قل من تعرض لها وقد ألف فيها من أصحابنا القاضي بدر الدين الشبلي في كتابه آكام المرجان في أحكام الجان لكني لم أطلع عليه الآن وما نقلته عنه فإنما هو بواسطة نقل الأسيوطي رحمه الله
ولا خلاف في أنهم مكلفون مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار وإنما اختلفوا في ثواب الطائعين ففي البزازية معزيا إلى الأجناس عن الإمام : ليس للجن ثواب
وفي التفاسير : توقف الإمام في ثواب الجن لأنه جاء في القرآن فيهم { يغفر لكم من ذنوبكم } والمغفرة لا تستلزم الإثابة لأنه ستر ومنه : المغفر للبيضة والإثابة بالوعد فضل قالت المعتزلة : أوعد ظالمهم فيستحق العقاب ويستحق الثواب صالحهم قال الله تعالى : { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا }
قلنا : الثواب فضل من الله تعالى لا بالاستحقاق فإن قيل : قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } بعد عد نعيم الجنة خطابا للثقلين يرد ما ذكرت قلنا : ذكروا أن المراد بالتوقف : التوقف في المأكل والمشرب والملاذ لا الدخول فيه كدخول الملائكة للسلام والزيارة والخدمة { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام } انتهى
فمنها النكاح قال في السراجية : لا تجوز المناكحة بين بني آدم والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس انتهى وتبعه في منية المفتي و الفيض وفي القنية سئل الحسن البصري رضي الله عنه عن التزويج بجنية فقال : يجوز بلا شهود ثم رقم آخر فقال : لا يجوز ثم رقم آخر : يصفع السائل لحماقته انتهى
وفي يتيمة الدهر في فتاوى أهل العصر : سئل علي بن أحمد عن التزويج بامرأة مسلمة من الجن هل يجوز إذا تصور ذلك أم يختص الجواز بالآدميين ؟ فقال يصفع هذا السائل لحماقته وجهله
قلت : وهذا لا يدل على حماقة السائل ولو كان لا يتصور ألا ترى أن أبا الليث رحمه الله ذكر في فتاواه أن الكفار لو تترسوا بنبي من الأنبياء هل يرمى ؟ فقال : يسأل ذلك النبي ولا يتصور ذلك بعد رسولنا صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن أجاب على تقدير التصور كذا هذا وسئل عنها أبو حامد رحمه الله فقال : لا يجوز انتهى
وقد استدل بعضهم على تحريم نكاح الجنيات بقوله تعالى في سورة النحل :
{ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم كما قال الله تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي : من الآدميين انتهى
وبعضهم استدل بما رواه حرب الكرماني في مسائله عن أحمد و اسحاق قال : [ حدثنا محمدبن يحيى القطيعي حدثنا بشربن عمربن لهيعة عن يونس بن يزيد عن الزهري قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح الجن ] وهو و إن كان مرسلا فقد اعتضد بأقوال العلماء فروي المنع عن الحسن البصري و قتادة و الحاكم و ابن قتيبة و إسحاق بن راهويه و عقبة بن الأصم رضي الله عنهم
فإذا تقرر المنع من نكاح الإنسي الجنية فالمنع من نكاح الجني الإنسية من باب أولى ويدل عليه قوله في السراجية : لا تجوز المناكحة وهو شامل لهما لكن روى أبو عثمان بن سعيد بن العباس الرازي في كتاب الإلهام والوسوسة فقال : حدثنا مقاتل عن سعيد بن داود الزبيدي قال : كتب قوم من أهل اليمن إلى مالك يسألونه عن نكاح الجن وقالوا : إن هنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال : ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجد أمرأة حاملا قيل لها : من زوجك قالت : من الجن فيكثر الفساد في الإسلام بذلك انتهى
ومنها : لو وطىء الجني إنسية فهل يجب عليها الغسل ؟ قال قاضي خان في فتاواه : امرأة قالت : معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد لو جامعني زوجي لا غسل عليها انتهى وقيده الكمال بما إذا لم تنزل أما إذا أنزلت وجب كأنه احتلام
ومنها : انعقاد الجماعة بالجن ذكره الأسيوطي عن صاحب آكام المرجان من أصحابنا مستدلا بحديث أحمد بن مسعود رضي الله عنه في قصة الجن وفيه : فلما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي أدركه شخصان منهم فقالا : يا رسول الله إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا قال : فصفهما خلفه ثم صلى بهما ثم انصرف ونظير ذلك : ما ذكره السبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة وفرع على ذلك لو صلى في فضاء بأذان وإقامة منفردا ثم حلف انه صلى الجماعة لم يحنث
ومنها : صحة الصلاة خلف الجني : ذكره في آكام المرجان
ومنها : إذا مر الجني بين يدي المصلي يقاتل كما يقاتل الإنسي
ومنها : لا يجوز قتل الجني بغير حق كالإنسي قال الزيلعي : قالوا : ينبغي ألا تقتل الحية البيضاء التي تمشي مستوية لأنها من الجان لقوله عليه السلام [ اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر وإياكم والحية البيضاء فإنها من الجن ] وقال الطحاوي : لا بأس بقتل الكل لأنه صلى الله عليه و سلم عاهد الجن أن لا يدخلوا بيوت أمته ولا يظهروا أنفسهم فإذا خالفوا فقد نقضوا عهدهم فلا حرمة لهم والأولى : هو الإنذار والإعذار فيقال لها : ارجعي بإذن الله تعالى أو خلي طريق المسلمين فإن أبت قتلها والإنذار إنما يكون خارج الصلاة انتهى
وقد روي عن ابن أبي الدنيا أن عائشة رضي الله تعالى عنها رأت في بيتها حية فأمرت بقتلها فقتلت فأتيت في تلك الليلة فقيل لها : إنها من النفر الذين يستمعون الوحي من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسلت إلى اليمن فابتيع لها أربعون رأسا فأعتقتهم ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وفيه : فلما أصبحت أمرت بإثني عشر ألف درهم ففرقت على المساكين
ومنها : قبول رواية الجني ذكره صاحب اكام المرجان وذكر الأسيوطي أنه لا شك في جواز روايتهم عن الإنس ما سمعوه سواء علم الإنسي بهم أو لا واذا أجاز الشيخ من حضر دخل الجن كما في نظيره من الإنس وأما رواية الإنس عنهم فالظاهر منعها لعدم حصول الثقة بعد التهم
ومنها : لا يجوز الاستنجاء بزاد الجن وهو : العظم كما ثبت في الحديث
ومنها : أن ذبيحته لا تحل قال في الملتقط : [ وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن ذبائح الجن ] انتهى
وقد ذكر الإمام الكردري في مناقبه في فضل قراءة الإمام شيئا من أحكام الجان وأولاد الشيطان وبنات الغول والكلام على جماعهم وأكلهم (1/360)
فوائد في أحكام الجان
فوائد : (1/364)
هل يكون من الجن نبي
الأولى : الجمهور على أنه لم يكن من الجن نبي وأما قوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } فتاؤلوه على أنهم رسل عن الرسل سمعوا كلامهم فأنذروا قومهم لا عن الله تعالى وذهب الضحاك و ابن حزم إلى أنه كان منهم نبي تمسكا بحديث [ وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ] قال : وليس الجن من قومه ولا شك أنهم أنذروا فصح أنهم جاءهم أنبياء منهم
الثانية : قال البغوي في تفسير الأحقاف : وفيه دليل على أنه عليه السلام كان مبعوثا إلى الإنس والجن جميعا قال مقاتل رحمه الله : لم يبعث قبله نبي إلى الإنس والجن (1/364)
اختلاف العلماء في حكم مؤمني الجن من حيث الثواب
واختلف العلماء في حكم مؤمني الجن فقال قوم : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار وإليه ذهب أبو حنيفة رحمه الله وعن الليث : ثوابهم أن يجاروا من النار ثم يقال لهم : كونوا ترابا كالبهائم وعن أبي الزناد كذلك وقال آخرون : يثابون كما يعاقبون وبه قال مالك و ابن أبي ليلى رحمهما الله وعن الضحاك أنهم يلهمون التسبيح والذكر فيصيبون من لذته ما يصيبه بنو ادم من نعيم الجنة وقال عمر بن عبد العزيز : إن مؤمني الجن حول الجنة في ربضها وليسوا فيها انتهى (1/365)
هل يرى المؤمنون الجن الذين يدخلون الجنة
الثالثة : ذهب الحارث المحاسبي إلى أن الجن الذين يدخلون الجنة يكونون يوم القيامة نراهم ولا يروننا عكس ما كانوا عليه في الدنيا (1/365)
هل يرى الملائكة و الجن الله تعالى في الجنة
الرابعة : صرح ابن عبد السلام بأن الملائكة في الجنة لا يرون الله تعالى قال : لأن الله تعالى قال : { لا تدركه الأبصار } وقد استثنى منه مؤمني البشر فبقي على عمومه في الملائكة قال في آكام المرجان ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه لأن الآية باقية على العموم فيهم أيضا انتهى ولم يتعقبه الأسيوطي رحمه الله وفي الاستدلال على عدم رؤية الملائكة والجن بالآية نظر لأنها لا تدل على عدم رؤية المؤمنين أصلا فلا استثناء قال القاضي البيضاوي : لا تدركه أي : لا تحيط به واستدلت المعتزلة على امتناع الرؤية وهو ضعيف إذ ليس الإدراك مطلق الرؤية ولا النفي في الآية عاما في الأوقات فلعله مخصوص ببعض الحالات ولا في الأشخاص فإنه في قوة قولنا : كل
بصر لا يدركه مع أن النفي لا يوجب الامتناع انتهى (1/365)
أحكام المحارم
المحرم عندنا : من حرم نكاحه على التأبيد بنسب أو مصاهرة أو رضاع ولو بوطء حرام فخرج بالأول : ولد العمومة والخؤولة وبالثاني : أخت الزوجة وعمتها أو خالتها وشمل أم المزني بها وبنتها وآباء الزاني وابنه
وأحكامه : تحريم النكاح وجواز النظر والخلوة والمسافرة إلا المحرم من الرضاع فإن الخلوة بها مكروهة وكذا بالصهرة الشابة
وحرمة النكاح على التأبيد لا مشاركة للمحرم فيها فإن الملاعنة تحل إذا أكذب نفسه أو خرج عن أهلية الشهادة والمجوسية تحل بالإسلام أو بتهودها أو تنصرها
والمطلقة ثلاثا بدخول الثاني وانقضاء عدته ومنكوحة الغير بطلاقها وانقضاء عدتها ومعتدة الغير بانقضاء عدتها
وكذا لا مشاركة للمحرم في جواز النظر والخلوة والسفر وأما عبدها فكالأجنبي على المعتمد لكن الزوج يشارك المحرم في هذه الثلاثة والنساء الثقات لا يقمن مقام الزوج والمحرم في السفر
واختص المحرم النسبي بأحكام
منها : عتقه على قريبه لو ملكه ولا يختص بالأصل والفرع
ومنها : وجوب نفقة الفقير العاجز على قريبه الغني فلا بد من كونه رحما محرما من جهة القرابة فابن العم والأخ من الرضاع لا يعتق ولا تجب نفقته ويغسل المحرم قريبته
ومنها : أنه لا يجوز التفريق بين صغير ومحرم ببيع أو هبة إلا في عشر مسائل ذكرناها في شرح الكنز فإن فرق صح البيع
ومنها : أن المحرمية مانعة من الرجوع في الهبة
وتختص الأصول والفروع من بين سائر المحارم بأحكام
منها : أنه لا يقطع أحدهما بسرقة مال الآخر
ومنها : لا يقضي ولا يشهد أحدهما للآخر
ومنها : تحريم موطوءة كل منهما على الآخر ولو بزنا
ومنها : تحريم منكوحة كل منهما على الآخر بمجرد العقد
ومنها : لا يدخلون في الوصية للأقارب
وتختص الأصول بأحكام :
منها : لا يجوز له قتل أصله الحربي إلا دفعا عن نفسه وإن خاف رجوعه ضيق عليه وألجأه ليقتله غيره وله قتل فرعه الحربي كمحرمه
ومنها : لا يقتل الأصل بفرعه ويقتل الفرع بأصله
ومنها : لا يحد الأصل بقذف فرعه ويحد الفرع بقذف أصله
ومنها : لا تجوز مسافرة الفرع إلا بإذن أصله دون عكسه
ومنها : لو ادعى الأصل ولد جارية ابنه : ثبت نسبه والجد أب الأب كالأب عند عدمه ولو حكما : لعدم الأهلية بخلاف الفرع إذا ادعى ولد جارية أصله لم يصح إلا بتصديق الأصل
ومنها : لا يجوز الجهاد إلا بإذنهم بخلاف الأصول لا يتوقف جهادهم على إذن الفروع
ومنها : لا تجوز المسافرة إلا بإذنهم إن كان الطريق مخوفا وإلا فإن لم يكن ملتجئا فكذلك وإلا فلا
ومنها : إذا دعاه أحد أبويه في الصلاة وجبت إجابته إلا أن يكون عالما بكونه فيها ولم أر حكم الأجداد والجدات وينبغي الإلحاق
ومنها : كراهة حجه بدون إذن من كرهه من أبويه إن احتاج إلى خدمته
ومنها : جواز تأديب الأصل فرعه والظاهر عدم الاختصاص بالأب فالأم والأجداد والجدات كذلك ولم أره الآن
ومنها : تبعية الفرع للأصل في الإسلام وكتبنا مسائل الجد وما يقوم مقام الأب فيه في فن الفوائد
ومنها : لا يحبسون بدين الفرع والأجداد والجدات كذلك
واختص الأصول الذكور بوجوب الإعفاف
واختص الأب والجد بأحكام :
منها : ولاية المال فلا ولاية للأم في مال الصغير إلا الحفظ وشراء ما لا بد منه للصغير
و منها : تولي طرفي العقد فلو باع الأب ماله من ابنه أو اشترى وليس فيه غبن فاحش انعقد بكلام واحد
ومنها : عدم خيار البلوغ في تزويج الأب والجد فقط وأما ولاية الإنكاح فلا تختص بهما فيثبت لكل ولي سواء كان عصبة أو من ذوي الأرحام وكذا الصلاة في الجنازة لا تختص بهما وفي الملتقط من النكاح : لو ضرب المعلم الولد بإذن الأب فهلك لم يغرم إلا أن يضرب ضربا لا يضرب مثله ولو ضرب بإذن الأم غرم الدية إذا هلك
والجد كالأب عند فقده إلا في اثنتي عشرة مسألة ذكرناها في الفوائد من كتاب الفرائض وذكرنا ما خالف فيه الجد الصحيح الفاسد (1/365)
فائدة فيما يترتب على النسب من أحكام
يترتب على النسب اثنا عشر حكما : توريث المال والولاء وعدم صحة الوصية عند المزاحمة ويلحق بها : الإقرار بالدين في مرض موته وتحمل الدية وولاية التزويج وولاية غسل الميت والصلاة عليه وولاية المال وولاية الحضانة وطلب الحد وسقوط القصاص (1/367)
أحكام غيبوبة الحشفة
أحكام غيبوبة الحشفة
يترتب عليها أحكام : وجوب الغسل وتحريم الصلاة والسجود والخطبة والطواف وقراءة القرآن وحمل المصحف ومسه وكتابته ودخول المسجد وكراهة الأكل والشرب قبل الغسل ووجوب نزع الخف والكفارة وجوبا أو ندبا في أول الحيض بدينار وفي آخره بنصف دينار وفساد الصوم ووجوب قضائه والتعزير والكفارة وعدم انعقاده إذا طلع الفجر مخالطا وقطع التتابع المشروط فيه وفي الاعتكاف وفساد الاعتكاف والحج قبل الوقوف والعمرة قبل طواف الأكثر ووجوب المضي في فاسدهما وقضائهما ووجوب الدم وبطلان خيار الشرط لمن له وسقوط الرد بعيب إذا فعله المشتري بعد الاطلاع عليه مطلقا وقبله إن كانت بكرا أو نقصها الوطء ووجوب مهر المثل بالوطء بشبهة أو بنكاح فاسد وثبوت الرجعة به وبيع العبد في مهرها إذا نكح بإذن سيده وتحريم الربيبة وتحريم أصل الموطوءة وفرعها عليه وتحريم أصله وفرعه عليها وحلها للزوج الأول ولسيدها الذي طلقها ثلاثا قبل ملكها وتحريم وطء أختها إذا كانت أمة وزوال العنة
وإبطال خيار العتيقة وإبطال خيار البلوغ إذا كانت بكرا وكمال المسمى و وجوب مهر المثل للمفوضة وإسقاط حبسها نفسها لاستيفاء مهر معجل من مهرها على قولهما ووقوع الطلاق المعلق به وثبوت السنة والبدعة في طلاقها وكونه تعيينا في الطلاق المبهم وثبوت الفيء في الإيلاء ووجوب كفارة اليمين لو كان بالله تعالى و وجوب العدة ومنع تزويجها قبل الاستبراء على قول محمد رحمه الله المفتى به ووجوب النفقة والسكنى للمطلقة بعده ووجوب الحد لو كان زنا أو لواطة على قولهما وذبح البهيمة المفعول بها ثم حرقها ووجوب التعزير إن كانت في ميتة أو مشتركة أو موصى بمنفعتهاأو محرم مملوكة أو لواطة بزوجته وثبوت الإحصان وثبوت النسب و وقوع العتق المعلق به واستحقاق العزل عن القضاء والولاية والوصاية ورد الشهادة لو كان زنا والله أعلم (1/368)
فوائد
الأولى : لا فرق في الإيلاج بين أن يكون بحائل أو لا : لكن بشرط أن تصل الحرارة معه هكذا ذكروه في التحليل فتجري في سائر الأبواب (1/369)
ما ثبت للحشفة من الأحكام يثبت لمقطوعها
الثانية : ما ثبت للحشفة من الأحكام ثبت لمقطوعها إن بقي منه قدرها وإن لم يبق منه قدرها لم يتعلق به شيء من الأحكام ويحتاج إلى نقل لكونها كلية ولم أره (1/369)
الوطء في الدبر كالوطء في القبل
الثالثة : الوطء في الدبر كالوطء في القبل فيجب به الغسل ويحرم به ما يحرم بالوطء في القبل : ويفسد الصوم به اتفاقا واختلفوا في وجوب الكفارة والأصح وجوبها ويفسد الحج به قبل الوقوف على قولهما واختلفت الرواية على قوله والأصح فساده به كما في فتح القدير ويفسد به الاعتكاف وتثبت به الرجعة على المفتى به كما في التبيين إلا في مسائل لا تثبت به حرمة المصاهرة ولا يجب الحد به عند الإمام إلا إذا تكرر فيقتل على المفتى به ولا يثبت به الإحصان ولا التحليل للزوج الأول ولا فيء للمولي ولا يخرج به عن العنة ولا تخرج به عن كونها بكرا فيكتفى بسكوتها ولا يحل بحال والوطء في القبل حلال في الزوجة والأمة عند عدم مانع وينبغي أن يسقط به خيار الشرط والعيب لقولهم بسقوطه بالتقبيل والمس بشهوة فهذا أولى للدلالة على الرضا وفي جامع الفصولين : جامعها في دبرها بنكاح فاسد لا يجب المهر والعدة انتهى فعلى هذا الوطء في الدبر لا يوجب كمال المهر في النكاح الصحيح ولا تجب به العدة لو
طلقها بعده من غير خلوة (1/369)
الوطء بنكاح فاسد كالوطء بنكاح صحيح و ما يستثنى من ذلك ؟
الرابعة : الوطء بنكاح فاسد كالوطء بنكاح صحيح إلا في مسائل :
1 - وجوب مهر المثل ولا يزاد على المسمى وفي الصحيح : يجب المسمى
2 - الحرمة
3 - عدم الحل للأول
4 - عدم الإحصان به (1/370)
للوطء بملك اليمين أحكام الوطء بنكاح
5 - للوطء بملك اليمين أحكام كأحكام الوطء بنكاح فيوجب تحريمها على أصوله وفروعه وتحريم أصولها وفروعها عليه ووجوب الاستبراء وحرمة ضم أختها إليها ويخالف الوطء بالنكاح في مسائل : لا يثبت به التحليل ولا الإحصان (1/370)
كل حكم تعلق بالوطء لا يعتبر فيه الإنزال
السادسة : كل حكم تعلق بالوطء لا يعتبر فيه الإنزال لكونه تبعا (1/370)
لا يخلو الوطء بغير ملك اليمين عن مهر أو حد وبيان ما يستثنى من ذلك
السابعة : لا يخلو الوطء بغير ملك اليمين عن مهر أو حد إلا في مسائل :
1 - الذمية إذا نكحت بغير مهر مثلا ثم أسلما : وكانوا يدينون أن لا مهر فلا مهر
2 - نكح صبي بالغة حرة بغير إذن وليه ووطئها طائعة فلا حد ولا مهر
3 - زوج أمته من عبده فالأصح أن لا مهر
4 - وطىء العبد سيدته بشبهة فلا مهر أخذا من قولهم في الثالثة أن المولى لا يستوجب على عبده دينا
5 - لو وطىء حربية فلا مهر لها ولم أره الآن
6 - الموقوف عليه إذا وطىء الموقوفة : ينبغي أن لا مهر ولم أره الآن
7 - البائع لو وطىء الجارية قبل التسليم إلى المشتري وهي في حفظي منقولة كذلك (1/370)
حكم ما أذن الراهن للمرتهن في الوطء
الثامنة : أذن الراهن للمرتهن في الوطء فوطىء ظانا الحل ينبغي ألا مهر ولم أره الآن (1/371)
ذكر ما يحرم على الرجل وطء زوجته مع بقاء النكاح
التاسعة : الذي يحرم على الرجل وطء زوجته مع بقاء النكاح : الحيض والنفاس والصوم الواجب وضيق وقت الصلاة والاعتكاف والإحرام و الإيلاء و الظهار قبل التكفير وعدة وطء الشبهة وإذا صارت مفضاة اختلط قبلها ودبرها فإنه لا يحل له إتيانها حتى يتحقق وقوعه في قبلها و فيما إذا كانت لا تحتمله لصغر أو مرض أو سمنة وعند امتناعها لقبض معجل مهرها لم يحل كرها
وفي بعض كتب الشافعية أنه يحرم وطء من وجب عليها قصاص وليس بها حبل ظاهر لئلا يحدث حلم يمنع من استيفاء ما وجب عليها (1/371)
إذا حرم الوطء حرمت دواعيه و ما يستثنى من ذلك
العاشرة : إذا حرم الوطء حرمت دواعيه إلا في : الحيض والنفاس والصوم لمن أمن فتحرم في الاعتكاف والإحرام مطلقا والظهار والاستبراء (1/371)
إذا اختلف الزوجان في الوطء
الحادية عشرة : إذا اختلف الزوجان في الوطء فالقول لنا فيه إلا في مسائل :
ا - ادعى العنين الإصابة وأنكرت وقلن : ثيب فالقول له مع يمينه إلا إن كانت بكرا ولا فرق في ذلك بين أن يكون قبل التأجيل أو بعده
2 - المولى إذا ادعى الوصول إليها قبل مضي المدة قبل قوله بيمينه لا بعد مضيها
3 - لو قالت : طلقتني بعد الدخول ولي كمال المهر وقال قبله ولك نصفه فالقول لها لوجوب العدة عليها وله في المهر والنفقة والسكنى في العدة وفي حل بنتها وأربع سواها وأختها للحال فلو جاءت بولد لزمن تحتمله ثبت نسبه ويرجع إلى قولها في تكميل المهر فإن لاعن بنفيه عدنا إلى تصديقه هكذا فهمته من كلامهم ولم أره الآن صريحا
4 - ادعت المطلقة ثلاثا أن الثاني دخل بها فالقول لها لحلها للمطلق لا لكمال المهر
5 - لو علقه بعدم وطئه اليوم فادعت عدمه وادعاه فالقول له لإنكاره وجود الشرط
قال في الكنز : وإن اختلفا في وجود الشرط : فالقول له (1/371)
أحكام العقود وبيان أقسامها
أحكام العقود
هي أقسام : - لازم من الجانبين : البيع والصرف والسلم والتولية والمرابحة والوضيعة والتشريك والصلح والحوالة إلا في مسألتين ذكرناهما في الفوائد منها والإجارة إلا في مسألة ذكرناها في الفوائد منها والهبة بعض القبض ووجود مانع من الموانع السبعة
والصداق والخلع بعوض والنكاح الخالي من الخيارين أي خيار البلوغ والعتق والأولى أن يقال : ونكاح البالغ العاقل الحر امرأة كذلك
- وجائز من الجانبين : الشركة والوكالة والمضاربة والوصية والعارية والإيداع والقرض والقضاء وسائر الولايات إلا الإمامة العظمى
- وجائز من أحد الجانبين فقط : الرهن : جائز من جانب المرتهن ولازم من جانب الراهن بعد القبض والكتابة : جائزة من جانب العبد لازمة من جانب السيد والكفالة : جائزة من الطالب لازمة من جانب الكفيل وعقد الأمان : جائز من قبل الحربي لازم من جانب المسلم
تنبيه : من الجائز من الجانبين : تولية القضاء فللسطان عزله ولو بلا جنحة كما في الخلاصة وله عزل نفسه وأما الولاية على مال اليتيم بالوصاية : فإن كان وصي الميت فهي لازمة بعد موت الموصي فلا يملك القاضي عزله إلا بخيانة أو عجز ظاهر ومن جانب الوصي فلا يملك الوصي عزل نفسه إلا في مسألتين ذكرناهما في وصايا الفوائد
وإن كان وصي القاضي فلا لأن للقاضي عزله كما في القنية وله عزل نفسه بحضرة القاضي وقد ذكرنا التولية على الأوقاف في وقف الفوائد (1/372)
تقسيم في العقود
تقسيم :
في العقود البيع : نافذ وموقوف ولازم وغير لازم وفاسد وباطل وضبط الموقوف في الخلاصة في خمسة عشر وزدت عليها ثمانية (1/371)
تكميل في الباطل والفاسد و آراء العلماء
تكميل :
الباطل والفاسد عندنا في العبادات مترادفان وفي النكاح كذلك لكن قالوا : نكاح المحارم فاسد عند أبي حنيفة رحمه الله فلا حد وباطل عندهما رحمهما الله فيحد وفي جامع الفصولين : نكاح المحارم قيل : باطل وسقط الحد لشبهة الاشتباه وقيل : فاسد وسقط الحد لشبهة العقد انتهى
وأما في البيع فمتباينان فباطله : ما لا يكون مشروعا بأصله ووصفه وفاسده : ما كان مشروعا بأصله دون وصفه وحكم الاول : أنه لا يملك بالقبض وحكم الثاني : أنه يملك به
وأما في الإجارة فمتباينان قالوا : لا يجب الأجر في الباطلة كما إذا استأجر أحد الشريكين شريكه لحمل طعام مشترك ويجب أجر المثل في الفاسدة
وأما في الرهن : فقال في جامع الفصولين : فاسده يتعلق به الضمان وباطله لا يتعلق به الضمان بالإجماع ويملك الحبس للدين في فاسده دون باطله ومن الباطل : لو رهن شيئا بأجر نائحة أو مغنية
وأما في الصلح فقالوا : من الفاسد الصلح على إنكار بعد دعوى فاسدة والصلح الباطل : الصلح عن الكفالة والشفعة وخيار العتق وقسم المرأة وخيار الشرط وخيار البلوغ ففيها يبطل الصلح ويرجع الدافع بما دفع كذا في جامع الفصولين
وأما في الكفالة فقال في جامع الفصولين : إذا ادعى بحكم كفالة فاسدة رجع بما أدى فالكفالة بالأمانات باطلة انتهى ولم يتضح الفرق بين الفاسد والباطل في الرهن والكفالة بما ذكرنا فليرجع إلى الكتب المطولة
وأما الكتابة : ففرقوا فيها بين الفاسد والباطل فيعتق بأداء العين في فاسدها كالكتابة على خمر أو خنزير ولا يعتق في باطلها كالكتابة على ميتة أو دم كما ذكره الزيلعي وأما الشركة فظاهر كلامهم : الفرق بينهما فالشركة في المباح : باطلة وفي غيره إذا فقد شرط : فاسدة
فائدة : الباطل والفاسد عند الشافعية مترادفان إلا في الكتابة والخلع والعارية والوكالة
والشركة والقرض وفي العبادات في الحج ذكره الأسيوطي رحمه الله (1/371)
أحكام الفسوخ
أحكام الفسوخ :
وحقيقته : حل ارتباط العقد
إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد أشياء : خيار الشرط وخيار عدم النقد إلى ثلاثة أيام وخيار الرؤية وخيار العيب وخيار الاستحقاق وخيار الغبن وخيار الكمية وخيار كشف الحال وخيار فوات الوصف المرغوب فيه وخيار هلاك بعض المبيع قبل القبض وبالإقالة والتحالف وهلاك المبيع قبل القبض وخيار التغرير الفعلي
كالتصرية على إحدى الروايتين وخيار الخيانة في المرابحة والتولية وظهور المبيع مستأجرا أو مرهونا فهذه ثمانية عشر سببا وكلها يباشرها العاقد إلا التحالف فإنه لا ينفسخ به وإنما يفسخه القاضي وكلها يحتاج إلى الفسخ ولا ينفسخ فيها بنفسه وقدمنا فرق النكاح في قسم الفوائد (1/374)
خاتمة : جحود ما عدا النكاح
خاتمة :
جحود ما عدا النكاح : فسخ له إذا ساعده صاحبه عليه واختلفوا في جحود الموصي للوصية بالفسخ هل يرفع العقد من أصله أو فيما يستقبل ؟ قال شيخ الإسلام : إنه يجعل العقد كأن لم يكن في المستقبل لا فيما مضى وفائدته مذكورة في أحكام شروح الهداية وذكرها الزيلعي أيضا في خيار العيب (1/374)
أحكام الكتابة
يصح البيع بها قال في الهداية : والكتاب كالخطاب وكذا الإرسال حتى اعتبروا مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة انتهى
وفي فتح القدير : وصورة الكتاب أن يكتب : أما بعد فقد بعت عبدي منك بكذا فلما بلغه وفهم ما فيه قال : قبلت في المجلس وما في المبسوط من تصويره بقوله
يعني بكذا فقال : بعته يتم فليس مراده إلا الفرق بين البيع والنكاح في شرط الشهود وقيل بل يفرق بين الحاضر والغائب فبعني من الحاضر : استيام ومن الغائب : إيجاب انتهى
ويصح النكاح بها قال في فتح القدير : وصورته أن يكتب إليها يخطبها فإذا بلغها الكتاب أحضرت الشهود وقرأته عليهم وقالت : زوجت نفسي منه أو تقول : إن فلانا كتب إلي يخطبني فاشهدوا أني قد زوجت نفسي منه أما لو لم تقل بحضرتهم سوى : زوجت نفسي من فلان لا ينعقد لأن سماع الشطرين شرط وبإسماعهم الكتاب أو التعبير عنه منها قد سمعوا الشطرين بخلاف ما إذا انتفيا
ومعنى الكتاب بالخطبة : أن يكتب : زوجيني نفسك فإني رغبت فيك ونحوه ولو جاء الزوج بالكتاب إلى الشهود مختوما فقال : هذا كتابي إلى فلانة فاشهدوا علي بذلك لم يجز في قول أبي حنيفة رحمه الله حتى يعلم الشهود ما فيه وجوزه أبو يوسف رحمه الله من غير شرط إعلام الشهود بما فيه وأصله : كتاب القاضي إلى القاضي قال في المستصفى : هذا إذا كان بلفظ التزويج أما إذا كان بلفظ الأمر كقوله : زوجي نفسك مني لا يشترط إعلامها الشهود بما في الكتاب لأنها تتولى طرفي العقد بحكم الوكالة
ونقله من الكامل قال : وفائدة الخلاف فيما إذا جحد الزوج الكتاب بعدما أشهدهم عليه من غير قراءته عليهم وإعلامهم بما فيه وقد قرأ المكتوب إليه الكتاب عليهم وقبل العقد بحضرتهم فشهدوا أن هذا كتابه ولم يشهدوا بما فيه لا تقبل هذه الشهادة عندهما ولا يقضى بالنكاح وعنده : تقبل ويقضى به أما الكتاب فصحيح بلا إشهاد وهذا الإشهاد لهذا وهو أن تتمكن المرأة من إثبات الكتاب عند جحود الزوج الكتاب له انتهى
وأما وقوع الطلاق والعتاق بها فقال في البزازية : الكتابة من الصحيح والأخرس على ثلاثة أوجه : إن كتب على وجه الرسالة مصدرا معنونا وثبت ذلك بإقرار أو بالبينة فكالخطاب وإن قال : لم أنو به الخطاب لم يصدق قضاء وديانة وفي المنتقى أنه يدين ولو كتب على شيء يستبين عليه امرأته أو عبده كذا إن نوى صح وإلا فلا ولو كتب على الهواء أو الماء لم يقع شيء وإن نوى وإن كتب : امرأته طالق فهي طالق بعث إليها أو لا وإن قال : المكتوب إذا وصل إليك : فأنت كذا فما لم يصل لا تطلق وإن ندم ومحا من الكتاب ذكر الطلاق وترك ما سواه وبعث إليها فهي طالق إذا وصل ومحوه الطلاق كرجوعه عن التعليق و إنما يقع إذا بقي ما يسمى كتابة أو رسالة فإن لم يبق هذا القدر لا يقع وان محا الخطوط كلها وبعث إليها البياض لا تطلق لأن
ما وصل إليها ليس بكتاب ولو جحد الزوج الكتاب وأقامت البينة عليه أنه كتبه بيده فرق بينهما في القضاء انتهى
وذكر الزيلعي من مسائل شتى في الكتابة لا على الرسم أن الإشهاد عليه أو الإملاء على الغير يقوم مقام النية وفي القنية : كتبت : أنت طالق ثم قالت لزوجها : اقرأ علي فقرأ لا تطلق ما لم يقصد خطابها انتهى
وقد سئلت عن رجل كتب أيمانا ئم قال لآخر : اقرأها فقرأها هل تلزمه ؟ فأجبت بأنها لا تلزمه إن كانت بطلاق حيث لم يقصد وإن كانت بالله تعالى فقالوا : الناسي والمخطىء والذاهل كالعامد
وأما الإقرار بها ففي إقرار البزازية : كتب كتابا فيه إقرار بين يدي الشهود فهذا على أقسام
الأول : أن يكتب ولا يقول شيئا وأنه لا يكون إقرارا فلا تحل الشهادة بأنه أقر قال القاضي النسفي : إن كتب مصدرا مرسوما وعلم الشاهد حل له الشهادة على إقراره كما لو أقر كذلك وان لم يقل : اشهد علي به فعلى هذا إذا كتب للغائب على وجه الرسالة : أما بعد فلك علي كذا يكون إقرارا لأن الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر فيكون متكلما والعامة على خلافه لأن الكتابة قد تكون للتجربة وفي حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا مصدرا وإن لم يكن إلى الغائب
الثاني : كتب وقرأ عند الشهود لهم أن يشهدوا به وإن لم يقل اشهدوا علي
الثالث : أن يقرأ هذا عندهم غيره فيقول الكاتب اشهدوا علي به
الرابع : أن يكتب عندهم ويقول : اشهدوا علي بما فيه إن علموا ما فيه كان إقرارا والا : فلا وذكر القاضي : ادعى عليه مالا وأخرج خطا وقال : إنه خط المدعى عليه بهذا المال فأنكر أن يكون خطه فاستكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة دالة على أنهما خط كاتب واحد لا يحكم عليه بالمال في الصحيح لأنه لا يزيد على أن يقول : هذا خطي وأنا حررته لكن ليس علي هذا المال وثمة لا يجب كذا هنا إلا في العامة والصراف والسمسار انتهى
وكتبنا في القضاء من الفوائد أنه يعمل بدفتر البياع والسمسار والصراف والخط فيه حجة وفي كتاب ملك الكفار بالاستئمان حتى لو وجد حربي في دارنا وقال : أنا رسول الملك لم يصدق إلا إذا كان معه كتابه كما في سير الخانية فيعمل بها
وأما اعتماد الراوي على ما في كتابه والشاهد على خطه والقاضي على علامته عند عدم التذكر فغير جائز عند الإمام وجوزه أبو يوسف رحمه الله تعالى للراوي والقاضي دون الشاهد وجوزه محمد رحمه الله تعالى للكل إن تيقن به وإن لم يتذكر توسعة على الناس وفي الخلاصة : قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله : ينبغي أن يفتى بقول محمد رحمه الله تعالى هكذا في الأجناس انتهى
وفي إجارات البزازية : أمر الصكاك بكتابة الإجارة وأشهد ولم يجر العقد لا ينعقد بخلاف صك الإقرار والمهرانتهى
واختلفوا فيما لو أمر الزوج بكتابة الصك بطلاقها فقيل : يقع وهو إقرار به
وقيل : هو توكيل فلا يقع حتى يكتب وبه يفتى وهو الصحيح في زماننا كذا في القنية وفيها بعده : وقيل لا يقع وإن كتب إلا إذا نوى الطلاق وفي المبتغى - بالمعجمة - : من رأى خطه وعرفه : وسعه أن يشهد إذا كان في حرزه وبه نأخذ انتهى
وبجوز الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة قال في فتح القدير من القضاء : وطريق نقل المفتي في زماننا عن المجتهد أحد أمرين إما أن يكون له سند فيه إليه أو يأخذه من كتاب معروف تداولته الأيدي نحو كتب محمد بن الحسن رحمه الله ونحوها من التصانيف المشهورة انتهى
ونقل الأسيوطي عن أبي إسحاق الإسفراييني : الإجماع على جواز النقل من الكتب المعتمدة ولا يشترط اتصال السند إلى مصنفيها انتهى
ويجوز الاعتماد على خط المفتي أخذا من قولهم : يجوز الاعتماد على إشارته بالكتابة أولى
وأما الدعوى من الكتاب والشهادة من نسخة في يده فقال في الخانية : ولو ادعى من الكتاب تسمع دعواه لأنه عسى لا يقدر على الدعوى لكن لا بد من الإشارة في موضعها وفي اليتيمة : سئل وكيل عن جماعة بالدعوى لأشياء عن نسخة يقرأها بعض الموكلين هل يسمعها القاضي ؟ قال : إذا تلقنها الوكيل من لسان الموكل صح دعواه وإلا لا انتهى
وفي شهادة البزازية : شهد أحدهما عن النسخة وقرأه بلسانه وقرأ غير الشاهد الثاني منهما وقرأ الشاهد أيضا معه مقارنا لقراءته لا يصح لأنه لا يتبين القارىء من الشاهد وذكر القاضي : ادعى المدعي من الكتاب تسمع إذا أشار إلى مواضعها انتهى
وفي الصيرفية : شهدا بالكتابة فطلب القاضي أن يشهدا باللسان : لا تجب وهذا اصطلاح القضاء وفي اليتيمة : سئل علي بن أحمد عن الشاهد إذا كان يصف حدود المدعى به حين ينظر في الصك واذا لم ينظر فيه لا يقدر هل تقبل شهادته ؟ فقال : إذا كان بنظره ينقله ويحفظه عن النظر فلا تقبل فأما إذا كان يستعين به نوع استعانة كقارىء القرآن من المصحف فلا بأس به انتهى
وأما الحوالة بالكتاب فذكرها في كفالة الواقعات الحسامية في فصل السفتجة وفصل فيها تفصيلا حسنا فليراجعه من رامه
وأما الوصية بالكتابة فقال في شهادات المجتبى : كتب صكا بخط يده إقرارا بمال أو وصية ثم قال لآخر : اشهد علي من غير أن يقرأ له وسعه أن يشهد انتهى وفي الخانية من الشهادات : رجل كتب صك وصية وقال للشهود : اشهدوا بما فيه ولم يقرأ وصيته عليهم قال علماؤنا : لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه وقال بعضهم : يسعهم أن يشهدوا والصحيح : أنه لا يسعهم وإنما يحل لهم أن يشهدوا بأحد معان ثلاثة : إما أن يقرأ الكتاب عليهم أو كتب الكتاب غيره وقرأ عليه بين يدي الشهود ويقول لهم : اشهدوا علي بما فيه أو يكتب هو بين يدي الشاهد والشاهد يعلم بما فيه ويقول هو : اشهدوا علي بما فيه وتمامه فيها (1/374)
أحكام ا لإشارة
الإشارة من الأخرس : معتبرة وقائمة مقام العبارة في كل شيء : من بيع وإجارة وهبة ورهن ونكاح وطلاق وعتاق وإبراء وإقرار وقصاص إلا في الحدود ولو حد قذف وهذا مما خالف فيه القصاص الحدود وفي رواية أن القصاص كالحدود هنا فلا يثبت بالإشارة وتمامه في الهداية
وقد اقتصر في الهداية وغيرها على استثناء الحدود ويزاد عليها الشهادة فلا تقبل شهادته كما في التهذيب وأما يمينه في الدعاوى ففي أيمان خزانة الفتاوى : وتحليف الأخرس : أن يقال له : عليك عهد الله تعالى وميثاقه إن كان كذا ؟ فيشير به نعم ولو حلف بالله كانت إشارته إقرارا بالله تعالى وظاهر إقتصار المشايخ على استثناء الحدود فقط : صحة إسلامه بالإشارة ولم أر الآن فيها نقلا صريحا
كتابة الأخرس : كإشارته واختلفوا في أن عدم القدرة على الكتابة شرط للعمل بالإشارة أو لا والمعتمد : لا ولذا ذكره في الكنز : بأو ولا بد في إشارة الأخرس من أن تكون معهودة وإلا لا تعتبر وفي فتح القدير من الطلاق : ولا يخفى أن المراد بالإشارة التي يقع بها طلاقه : الإشارة المقرونة بتصويت منه لأن العادة منه ذلك فكانت بيانا لما أجمله الأخرس انتهى
وأما إشارة غير الأخرس : فإن كان معتقل اللسان ففيه اختلاف والفتوى على أنه إن دامت العقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة والإشهاد عليه ومنهم من قدر الامتداد بسنة وهو ضعيف وان لم يكن معتقل اللسان لم تعتبر إشارته مطلقا إلا في أربع : الكفر والإسلام والنسب والإفتاء كذا في تلقيح المحبوبي ويزاد أخذا من مسألة الإفتاء بالرأس : إشارة الشيخ في رواية الحديث وأمان الكافر أخذا من النسب لأنه يحتاط فيه لحقن الدم ولذا ثبت بكتاب الإمام كما قدمناه أو أخذا من الكتاب والطلاق إذا كان تفسيرا لمبهم كما لو قال : أنت طالق هكذا وأشار بثلاث وقعت بخلاف ما إذا قال : أنت طالق وأشار بثلاث لم تقع إلا واحدة كما علم في الطلاق ولم أر الآن حكم : أنت هكذا مشيرا بأصابعه ولم يقل : طالق وتزاد أيضا : الإشارة من المحرم إلى صيد فقتله يجب الجزاء على المشير
وهنا فروع لم أرها الآن :
الأول : إشارة الأخرس بالقراءة وهو جنب ينبغي أن تحرم عليه أخذا من قولهم إن الأخرس يجب عليه تحريك لسانه فجعلوا التحريك قراءة
الثاني : علق الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة وينبغي الوقوع لوجود الشرط
الثالث : لو علق بمشيئة رجل ناطق فخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع والله أعلم
قاعدة :
فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة وأصحابنا يقولون : إذا اجتمعت الإشارة والتسمية فقال في الهداية من باب المهر : الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه لأن المسمى موجود في المشار إليه ذاتا والوصف يتبعه و إن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى لأن بالمسمى مثل المشار إليه وليس بتابع له والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ألا ترى أن من اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج لا ينعقد العقد لاختلاف الجنس ولو اشترى على أنه ياقوت أحمر فإذا هو أخضر انعقد العقد لاتحاد الجنس انتهى
قال الشارحون : إن هذا الأصل متفق عليه في النكاح والبيع والإجارة وسائر العقود ولكن أبا حنيفة رحمه لله جعل الخمر والخل جنسا والحر والعبد جنسا واحدا فتعلق بالمشار إليه فوجب مهر المثل فيما لو تزوجها على هذا الدن من الخل وأشار إلى خمر أو على هذا العبد وأشار إلى حر ولو سمى حراما و أشار إلى حلال فلها الحلال في الأصح ولو سقى في البيع شيئا وأشار إلى خلافه فإن كان من خلاف جنسه بطل البيع كما إذا سمى ياقوتا وأشار إلى زجاج لكونه بيع المعدوم ولو سمى ثوبا هرويا وأشار إلى مروزي اختلفوا في بطلانه أو فساده هكذا في الخانية في البيع
الباطل ذكر الاختلاف في الثوب دون الفص ونظير الفص : الذكر و الأنثى من بنى آدم : جنسان بخلافهما من الحيوان : جنس واحد فله الخيار إذا كان الجنس متحدا والفائت الوصف
وفي باب الاقتداء قالوا : لو نوى الاقتداء بهذا الإمام زيد فبان عمرا لم يصح الاقتداء ولو نوى الاقتداء بالإمام القائم في المحراب على ظن أنه زيد فبان أنه عمرو يصح ولو نوى الاقتداء بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح الاقتداء به ولو بهذا الشيخ فإذا هو شاب يصح لأن الشاب يدعى شيخا لعلمه وقياس الأول : أنه لو صلى على جنازة على أنه رجل فبان أنه إمرأة لم تصح واستنبط من مسألة الاقتداء شيخ الإسلام العيني في شرح البخاري عند الكلام على الحديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه : أن الاعتبار بالتسمية عند أصحابنا رحمهم الله فلا يختص الثواب بما كان في زمنه صلى الله عليه و سلم إلى آخر ما قاله
وأما في النكاح فقال في الخانية : رجل له بنت واحدة اسمها عائشة فقال الأب وقت العقد : زوجت منك بنتي فاطمة لا ينعقد النكاح ولو كانت المرأة حاضرة فقال الأب : زوجتك بنتي فاطمة هذه وأشار إلى عائشة وغلط في اسمها فقال الزوج : قبلت جاز انتهى ومقتضاه أنه لو قال : زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته : الصحة تعويلا على الإشارة وكذا لو قال : زوجتك هذه العربية فكانت أعجمية
أوهذه العجوز فكانت شابة أوهذه البيضاء فكانت سوداء أو عكسه وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب والصفات والعلو والنزول
وأما في باب الايمان فقالوا : لو حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ حنث ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعد ما صار كبشا حنث
لأن في الأول : وصف الصبا وإن كان داعيا إلى اليمين لكنه منهى عنه شرعا وفي الثاني : وصف الصغر ليس بداع إليها فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش ولو حلف لا يكلم عبد فلان هذا أو امرأته هذه أو صديقه هذا فزالت الإضافة فكلمه لم يحنث في العبد وحنث في المرأة والصديق وإن حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه حنث (1/379)
قاعدة : فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة
فيما إذا اجتمعت الإشارة والعبارة وأصحابنا يقولون : إذا اجتمعت الإشارة والتسمية فقال في الهداية من باب المهر : الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه لأن المسمى موجود في المشار إليه ذاتا والوصف يتبعه و إن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى لأن بالمسمى مثل المشار إليه وليس بتابع له والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ألا ترى أن من اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج لا ينعقد العقد لاختلاف الجنس ولو اشترى على أنه ياقوت أحمر فإذا هو أخضر انعقد العقد لاتحاد الجنس انتهى
قال الشارحون : إن هذا الأصل متفق عليه في النكاح والبيع والإجارة وسائر العقود ولكن أبا حنيفة رحمه لله جعل الخمر والخل جنسا والحر والعبد جنسا واحدا فتعلق بالمشار إليه فوجب مهر المثل فيما لو تزوجها على هذا الدن من الخل وأشار إلى خمر أو على هذا العبد وأشار إلى حر ولو سمى حراما و أشار إلى حلال فلها الحلال في الأصح ولو سقى في البيع شيئا وأشار إلى خلافه فإن كان من خلاف جنسه بطل البيع كما إذا سمى ياقوتا وأشار إلى زجاج لكونه بيع المعدوم ولو سمى ثوبا هرويا وأشار إلى مروزي اختلفوا في بطلانه أو فساده هكذا في الخانية في البيع
الباطل ذكر الاختلاف في الثوب دون الفص ونظير الفص : الذكر و الأنثى من بنى آدم : جنسان بخلافهما من الحيوان : جنس واحد فله الخيار إذا كان الجنس متحدا والفائت الوصف
وفي باب الاقتداء قالوا : لو نوى الاقتداء بهذا الإمام زيد فبان عمرا لم يصح الاقتداء ولو نوى الاقتداء بالإمام القائم في المحراب على ظن أنه زيد فبان أنه عمرو يصح ولو نوى الاقتداء بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح الاقتداء به ولو بهذا الشيخ فإذا هو شاب يصح لأن الشاب يدعى شيخا لعلمه وقياس الأول : أنه لو صلى على جنازة على أنه رجل فبان أنه إمرأة لم تصح واستنبط من مسألة الاقتداء شيخ الإسلام العيني في شرح البخاري عند الكلام على الحديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه : أن الاعتبار بالتسمية عند أصحابنا رحمهم الله فلا يختص الثواب بما كان في زمنه صلى الله عليه و سلم إلى آخر ما قاله
وأما في النكاح فقال في الخانية : رجل له بنت واحدة اسمها عائشة فقال الأب وقت العقد : زوجت منك بنتي فاطمة لا ينعقد النكاح ولو كانت المرأة حاضرة فقال الأب : زوجتك بنتي فاطمة هذه وأشار إلى عائشة وغلط في اسمها فقال الزوج : قبلت جاز انتهى ومقتضاه أنه لو قال : زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته : الصحة تعويلا على الإشارة وكذا لو قال : زوجتك هذه العربية فكانت أعجمية
أوهذه العجوز فكانت شابة أوهذه البيضاء فكانت سوداء أو عكسه وكذا المخالفة في جميع وجوه النسب والصفات والعلو والنزول
وأما في باب الايمان فقالوا : لو حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ حنث ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعد ما صار كبشا حنث
لأن في الأول : وصف الصبا وإن كان داعيا إلى اليمين لكنه منهى عنه شرعا وفي الثاني : وصف الصغر ليس بداع إليها فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش ولو حلف لا يكلم عبد فلان هذا أو امرأته هذه أو صديقه هذا فزالت الإضافة فكلمه لم يحنث في العبد وحنث في المرأة والصديق وإن حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه حنث (1/380)
القول في الملك
قال في فتح القدير : الملك قدرة يثبتها الشارع ابتداء على التصرف فخرج نحو الوكيل انتهى وينبغي أن يقال : إلا لمانع كالمحجور عليه : فإنه مالك ولا قدرة له على التصرف والمبيع المنقول مملوك للمشتري ولا قدرة له على بيعه قبل قبضه
وعرفه في الحاوي القدسي بأنه : الاختصاص الحاجز وأنه حكم الاستيلاء لأنه به يثبت لا غير إذ المملوك لا يملك كالمكسور لا ينكسر لأن اجتماع الملكين في محل واحد محال فلا بد وأن يكون المحل الذي ثبت الملك فيه خاليا عن الملك والخالي عن الملك هو المباح والمثبن للملك في المال المباح الاستيلاء لا غير إلى آخره وفيه مسائل (1/382)
أسباب التملك
الأولى : أسباب التملك : المعاوضات المالية والأمهار والخلع والميراث والهبات والصدقات والوصايا والوقف والغنيمة والاستيلاء على المباح والإحياء وتملك اللقطة بشرطه ودية القتيل يملكها أولا ثم تنقل إلى الورثة ومنها : الغرة يملكها الجنين فتورث عنه والغاصب إذا فعل بالمغصوب شيئا أزال به اسمه وعظم منافعه ملكه وإذا خلط المثلي بمثلي بحيث لايتميز ملكه (1/382)
لا يدخل في ملك الإنسان شيء بغير اختياره إلا الإرث
- الثانية : لا يدخل في ملك الإنسان شيء بغير اختياره إلا الإرث اتفاقا وكذا الوصية في مسألة وهي أن يموت الموصى له بعد موت الموصي قبل قبوله قال الزيلعي : وكذا إذا أوصى للجنين يدخل في ملكه من غير قبول استحسانا لعدم من يلي عليه حتى يقبل عنه انتهى
وزدت : ما وهب للعبد وقبله بغير إذن السيد يملكه السيد بلا اختياره وغلة الوقف يملكها الموقوف عليه وان لم يقبل ونصف الصداق بالطلاق قبل الدخول لكن يستحقه الزوج إن كان قبل القبض مطلقا وبعده لا يملكه إلا بقضاء أو رضاء كما في فتح القدير والمعيب إذا رد على البائع به لكن إن كان قبل القبض انفسخ البيع مطلقا وإن كان بعده فلا بد من القضاء أو الرضاء كالموهوب إذا رجع الواهب فيه وأرش الجنايات والشفيع إذا تملك بالشفعة دخل الثمن في ملك المأخوذ منه جبرا كالمبيع إذا هلك في يد البائع فإن الثمن يدخل في ملك المشتري وكذا نماء ملكه من الولد والثمار والماء النابع في ملكه وما كان من إنزال الأرض إلا الكلأ والحشيش والصيد الذي باض في أرضه (1/382)
المبيع يملكه المشتري بالإيجاب والقبول وما يستثنى من ذلك
الثالثة : المبيع يملكه المشتري بالإيجاب والقبول إلا إذا كان فيه خيار الشرط فإن
كان للبائع لم يملكه المشتري اتفاقا وإن كان للمشتري فكذلك عند الإمام خلافا لهما وفي التحقيق : الأمر موقوف فإن تم كان للمشتري فتكون الزوائد له من حينه وإن فسخ فهو للبائع فالزوائد له ويقرب منه : ملك المرتد فإنه يزول عنه زوالا مراعى فإن أسلم تبين أنه لم يزل وان مات أو قتل بان أنه زال من وقتها (1/383)
الموصى له يملك الموصى به بالقبول وما يستثنى من ذلك
الرابعة : الموصى له يملك الموصى به بالقبول إلا في مسألة قدمناها فلا يحتاج إليها فلها شبهان : شبة بالهبة فلا بد من القبول وشبة بالميراث فلا يتوقف الملك على القبض واذا وقع اليأس من القبول اعتبرت ميراثا فلا تتوقف على القبول وإذا قبلها ثم ردها على الورثة : إن قبلوها انفسخ ملكه وإلا لم يجبروا كما في الولوالجية والملك بقبوله يستند إلى وقت موت الموصي بدليل ما في الولوالجية : رجل أوصى بعبد لإنسان والموصى له غائب فنفقته في مال الموصي فإن حضر الغائب : إن قبل رجع عليه بالنفقة إن فعل ذلك بأمر القاضي وإن لم يقبل فهو ملك الورثة انتهى (1/383)
بماذا يملك المؤجر الأجرة
الخامسة : لا يملك المؤجر الأجرة بنفس العقد و إنما يملكها بالاستيفاء أو بالتمكن منه أو بالتعجيل أو بشرطه فلو كانت عبدا فأعتقه المؤتجر قبل وجود واحد مما ذكرناه لم ينفذ عتقه لعدم الملك وعلى هذا لا يملك المستأجر المنافع بالعقد لأنها تحدث شيئا فشيئا وبهذا فارقت البيع فإن المبيع عين موجودة فما لم تحدث فهو على ملك المؤجر و لذا قلنا : إن المستأجر لا تصح إجارته من المؤجر (1/383)
ذكر الاختلاف في القرض
السادسة : اختلفوا في القرض : هل يملكه المستقرض بالقبض ؟ أو بالتصرف وفائدته : ما في البزازية باع المقرض من المستقرض الكر المستقرض الذي هو في يد المستقرض قبل الاستهلاك يجوز لأنه صار ملكا للمستقرض وعند الثاني لا يجوز لأنه لا يملك المستقرض قبل الاستهلاك وبيع المستقرض يجوز إجماعا فيه دليل على أنه يملك بنفس القرض وإن كان مما لا يتعين كالنقدين يجوز بيع ما في الذمة وإن كان قائما في يد المستقرض ويجوز للمقترض التصرف في الكر المستقرض بعد القبض قبل الكيل بخلاف البيع انتهى وليتأمل في مناسبة التعليل للحكم (1/383)
دية القتل : كيف تثبت للمقتول
السابعة : دية القتل تثبت للمقتول ابتداء ثم تنتقل إلى ورثته فهي كسائر أمواله
فتقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه ولو أوصى بثلث ماله دخلت
وعندنا : القصاص بدل عنها : فيورث كسائر أمواله ولهذا لو انقلب مالا تقضى به ديونه وتنفذ وصاياه ذكره الزيلعي في باب القصاص فيما دون النفس
وفرعت على ذلك ولم أر من فرعه : لو قال اقتلني فقتله قلنا : لا قصاص باتفاق الروايات عن الإمام فلا دية أيضا لأنها تثبت للمقتول وقد أذن في قتله وهي إحدى الروايتين وينبغي ترجيحها لما ذكرنا ثم رأيت في البزازية أن الأصح : عدم وجوبها فظهر ما رجحته بحثا مرجحا نقلا ولله الحمد والمنة
ولو جنى المرهون على وارث السيد قتلا لم أره الآن ومقتضى ثبوتها للمجني عليه ابتداء أن يكون الحكم مخالفا لما إذا جنى على الراهن (1/384)
رقبة الوقف
الثامنة : في رقبة الوقف الصحيح عندنا : أن الملك يزول عن المالك لا إلى مالك وأنه لا يدخل في ملك الموقوف عليه ولو كان معينا (1/384)
وقت ملك الوارث
التاسعة : اختلفوا في وقت ملك الوارث : قيل في آخر جزء من أجزاء حياة المورث وقيل : بموته وقد ذكرناه مع فائدة الاختلاف في الفرائض من الفوائد
والدين المستغرق للتركة يمنع ملك الوارث قال في جامع الفصولين من الفصل الثامن والعشرين : لو استغرقها دين لا يملكها بإرث إلا إذا أبرأ الميت غريمه أو أداه وارثه بشرط التبرع وقت الأداء أما لو أداه من مال نفسه مطلقا بشرط التبرع أو الرجوع يجب له دين على الميت فتصير مشغولة بدين فلا يملكها فلو ترك ابنا وقنا و دينه مستغرق فأداه وارثه ثم أذن للقن في المتاجرة أو كاتبه لم يصح إذا لم يملكه ولا ينفذ بيع الوارث التركة المستغرقة بالدين وانما يبيعه القاضي والدين المستغرق يمنع جواز
الصلح والقسمة فإن لم يستغرق لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه ولو فعلوا جاز ولو اقتسموها ثم ظهر دين محيط أو لا ردت القسمة وللوارث استخلاص التركة بقضاء الدين ولو مستغرقا
وهنا مسألة : لو كان الدين للوارث والمال منحصر فيه فهل يسقط الدين ؟ وما يأخذه ميراث أو لا ؟ وما يأخذه دينه ؟ قال في آخر البزازية : استغراق التركة بدين الوارث إذا كان هو الوارث لا غير لا يمنع الإرث انتهى
ثم اعلم أن ملك الوارث بطريق الخلافة عن الميت فهو قائم مقامه كأنه حي فيرد المبيع بعيب ويرد عليه ويصير مغرورا بالجارية التي اشتراها الميت ويصح إثبات دين الميت عليه ويتصرف وصي الميت بالبيع في التركة مع وجوده
وأما ملك الموصى له فليس خلافة عنه بل بعقد تملكه ابتداء فانعكست الأحكام المذكورة في حقه كذا ذكره الصدر الشهيد رحمه الله في شرح أدب القضاء للخصاف
وذكر في التلخيص ما ذكرناه وزاد عليه أنه يصح شراؤه ما باع الميت بأقل مما باع قبل نقد الثمن بخلاف الوارث (1/384)
بماذا يملك الصداق
العاشرة : يملك الصداق بالعقد فالزوائد لها قبل القبض وإنما الكلام في تنصيف الزيادة مع الأصل بالطلاق قبل الدخول وقد ذكرنا تفاصيلها في شرح الكنز وقدمنا أن النصف يعود إلى ملك الزوج بالطلاق قبل الدخول قبل القبض مطلقا وبعده بقضاء أو رضاء وفائدته في الزوائد (1/385)
استقرار الملك
الحادية عشرة : في استقرار الملك فيستقر في البيع الخالي عن الخيار بالقبض ويستقر الصداق بالدخول أو الخلوة أو الموت أو وجوب العدة عليها منه قبل النكاح كما أوضحناه في الشرح والأخير : من زياداتي أخذا من كلامهم والمراد من الاستقرار في البيع : الأمن من انفساخه بالهلاك وفي الصداق : الأمن من تشطيره بالطلاق وسقوطه بالردة وتقبيل ابن الزوج قبل الدخول ولا يتوقف استقراره على القبض لأنه لو هلك لم ينفسخ النكاح ولا فرق بين الدين والعين وجميع الديون بعد لزومها مستقرة إلا دين السلم لقبوله الفسخ بالانقطاع بخلاف ثمن المبيع فإنه لا يقبله بالانقطاع لجواز الاعتياض عنه
وأما الملك في المغصوب والمستهلك فمستند عندنا إلى وقت الغصب والاستهلاك
فإذا عيب المغصوب وضمن قيمته ملكه عندنا مستندا إلى وقت الغصب
وفائدته : تملك الاكتساب و وجوب الكفن ونفوذ البيع ولا يكون الولد له
والتحقيق عندنا : أن الملك يثبت للغاصب بشرط القضاء بالقيمة لا حكما ثابتا بالغصب مقصودا ولذا لا يملك الولد بخلاف الزيادة المتصلة كذا في الكشف في باب النهي وفي الهداية من النفقة : لو أنفق المودع على أبوي المودع بلا إذنه وإذن القاضي ضمنها ثم إذا ضمن لم يرجع عليهما لأنه لما ضمن وملكه بالضمان فظهر أنه كان متبرعا وذكر الزيلعي : أنه بالضمان استند ملكه إلى وقت التعدي فتبين أنه تبرع بملكه فصار كما إذا قضى دين المودع بها انتهى
وفي شرح الزيادات لقاضي خان من أول كتاب الغصب الأصل الأول : إن زوال المغصوب عن ملك المالك عند أداء الضمان عندنا يستند إلى وقت الغصب في حق المالك والغاصب وفي حق غيرهما يقتصر على التضمين إلا إذا تعلق بالاستناد حكم شرعي يمنعنا من أن نجعل الزوال مقصورا على الحال فحينئذ يستند في حق الكل لأن الزوال في حق المالك والغاصب استند لا لكون الغصب سببا للملك وضعا حتى يستند في حق الكل بل ضرورة وجوب الضمان من وقت الغصب فلا يظهر ذلك في حق غيرهما إلا إذا اتصل بالاستناد حكم شرعي لأن الحكم الشرعي يظهر في حق الكل فيظهر الاستناد في حق الكل
ثم ذكر فروعا كثيرة على هذا الأصل :
منها : الغاصب إذا أودع العين ثم هلكت عند المودع ثم ضمن المالك الغاصب فلا رجوع له على المودع لأنه ملكها بالضمان فصار مودعا مال نفسه
وفيه : إذا غصب جارية فأودعها فأبقت فضمنه المالك قيمتها ملكها الغاصب فلو أعتقها الغاصب صح ولو ضمنها المودع فأعتقها لم يجز ولو كانت محرما من الغاصب عتقت عليه لا على المودع إذا ضمنا لأن قرار الضمان على الغاصب لأن المودع وإن جاز تضمينه فله الرجوع بما ضمن على الغاصب وهو المودع لكونه عاملا له فهو كوكيل الشراء ولو اختار المودع بعد تضمينه أخذها بعد عودها ولا يرجع على الغاصب لم يكن له ذلك وان هلكت في يده بعد العود من الإباق كانت أمانة وله الرجوع على الغاصب بما ضمن
وكذا إذا ذهبت عينها وللمودع حبسها عن الغاصب حتى يعطيه ما ضمنه المالك فإن هلكت بعد الحبس هلكت بالقيمة وان ذهبت عينها بعد الحبس لم يضمنها كالوكيل بالشراء لأن الفائت وصف وهو لا يقابله شيء ولكن يتخير الغاصب : إن شاء أخذها وأدى جميع القيمة وإن شاء ترك كما في الوكيل بالشراء ولو كان الناصب آجرها أو رهنها فهو والوديعة سواء وإن أعارها أو وهبها فإن ضمن الغاصب كان الملك له وان ضمن المستعير أو الموهوب له كان الملك لهما لأنهما لا يستوجبان الرجوع على الغاصب فكان قرار الضمان عليهما وكان الملك لهما ولو كان مكانهما مشتر فضمن
سلمت الجارية له وكذا غاصب الغاصب إذا ضمن ملكها لأنه لا يرجع على الأول فتعتق عليه لوكانت محرمة منه
ولو كانت أجنبية فللأول الرجوع بما ضمن على الثاني لأنه ملكها فيصير الثاني غاصبا ملك الأول وكذا لو أبرأه المالك بعد التضمين أو وهبها له كان له الرجوع على الثاني وإذا ضمن المالك الأول ولم يضمن الأول الثاني حتى ظهرت الجارية كانت ملكا للأول فإن قال : أنا أسلمها للثاني وأرجع عليه لم يكن له ذلك لأن الثاني قدر على رد العين فلا يجوز تضمينه وإن رجع الأول على الثاني ثم ظهرت كانت للثاني وتمام التفريعات فيه (1/385)
الملك إما للعين والمنفعة معا
الثانية عشرة : الملك إما : للعين والمنفعة معا وهو الغالب أو للعين فقط أو للمنفعة فقط كالعبد الموصى بمنفعته أبدا رقبته للوارث وليس له شيء من منافعه ومنفعته للموصى له فإذا مات الموصى له عادت المنفعة إلى المالك والولد والغلة والكسب للمالك وليس للموصى له الإجارة ولا إخراجه من بلد الموصي إلا أن يكون أهله في غيرها ويخرج العبد من الثلث ولا يملك استخدامه إلا في وطنه وعند أهله ويصح الصلح مع الموصى له على شيء وتبطل الوصية وجاز بيع الوارث الرقبة من الموصى له ولو جنى العبد فالفداء على المخدوم فإن مات رجع ورثته بالفداء على صاحب الرقبة فإن أبى بيع العبد أو أبى المخدوم الفداء فداه المالك أو يدفعه وبطلت الوصية وأرش الجناية عليه : للمالك كالموهوب له وكسبه إن لم تنقص الخدمة فإن نقصتها اشتري بالأرش خادم إن بلغ و إلا بيع الأول وضم إلى الأرش واشتري به خادم ولا قصاص على قاتله عمدا ما لم يجتمعا على قتله فإن اختلفا ضمن القاتل قيمته يشترى بها آخر فلو أعتقه المالك نفذ وضمن قيمته يشترى بها خادم هكذا في وصايا المحيط
وأما نفقته : فإن كان صغيرا لم يبلغ الخدمة فنفقته على المالك وإن بلغها فعلى الموصى له إلا أن يمرض مرضا يمنعه من الخدمة فهي على المالك فإن تطاول المرض باعه القاضي إن رأى ذلك واشترى بثمنه عبدا يقوم مقامه كذا في نفقات المحيط
وأما صدقة فطره فعلى المالك كما في الظهيرية وأما ما في الزيلعي من أنه لا تجب صدقة فطره فسبق قلم كما في فتح القدير ويمكن حمله على أن المراد : لا تجب على الموصى له بخلاف نفقته
وأما بيعه من غير الموصى له فلا يجوز إلا برضاه فإن بيع برضاه لم ينتقل حقه إلى الثمن إلا بالتراضي ذكره في السراج الوهاج من الجنايات بخلاف ما إذا قتل خطأ وأخذت قيمته يشترى بها عبد وينتقل حقه فيه من غير تجديد كالوقف إذا استبدل انتقل الوقف إلى بدله ذكره قاضي خان من الوقف وكالمدبر إذا قتل خطا يشترى بقيمته عبد ويكون به مدبرا من غير تدبير ذكره الزيلعي من الجنايات ولم أر حكم كتابته من المالك وينبغي أن تكون كإعتاقه : لا تصح إلا بالتراضي وحكم إعتاقه عن الكفارة وينبغي ألا يجوز لأنه عادم المنفعة للمالك ولم أر حكم وطء المالك وينبغي أن يحل له لأنه تابع لملك الرقبة وقيده الشافعية بأن تكون ممن لا تحل و إلا : فلا (1/387)
تملك الهبة والصدقة بالقبض
الثالثة عشرة : تملك الهبة والصدقة بالقبض ويستقر الملك في الهبة بوجود مانع من الرجوع من سبعة معلومة في الفقه وفي الصدقة بما ذكرناه في أصل الملك
الرابعة عشرة : تملك العقار للشفيع بالأخذ بالتراضي أو قضاء القاضي فقبلهما لا ملك له فلا تورث عنه لو مات وتبطل إذا باع ما يشفع به
تنبيه :
قد علمت أن الموصى له وإن ملك المنفعة لا يؤجر وينبغي أن له الإعارة وأما المستأجر فيؤجر ويعير ما لا يختلف باختلاف المستعمل والموقوف عليه السكنى لا يؤجر ويعير والشافعية جعلوا لذلك أصلا وهو : أن من ملك المنفعة ملك الإجارة والإعارة ومن ملك الانتفاع ملك الإعارة لا الإجارة ويجعلون المستعير والموصى له بالمنفعة مالكا للانتفاع فقط وهذا يتخرج على قول الكرخي من أن الإعارة إباحة المنافع لا تمليكها
والمذهب عندنا أنها تمليك المنافع بغير عوض فهي كالإجارة : تمليك المنافع وإنما لا يملك المستعير الإجارة لأنه ملك المنفعة بغير عوض فلا يملك أن يملكها بعوض ولأنه لو ملك الإجارة لملك أكثر مما ملك فإنه ملك المنفعة بلا عوض فيملكها نظير ملك
ولأنه لو ملكها للزم أحد الامرين غير الجائزين : لزوم العارية أو عدم لزوم الإجارة
وهذان التعليلان يشملان الموقوف عليه والمستعير وهما سواء على الراجح فيملك الموقوف عليه السكنى المنفعة كالمستعير وقيل : إن ما أبيح له الانتفاع - وهو ضعيف - كان له الإعارة وتمامه في فتح القدير من الوقف
وأما إجارة المقطع ما أقطعه الإمام فأفتى العلامة قاسم بن قطلوبغا بصحتها قال
ولا أثر لجواز إخراج الإمام له في أثناء المدة كما لا أثر لجواز موت المؤجر في أثنائها ولا لكونه ملك منفعة لا في مقابلة مال فهو نظير المستأجر لأنه ملك منفعة الإقطاع بمقابلة استعداده لما أعد له لا نظير المستعير لما قلنا وإذا مات المؤجر أو أخرج الإمام الأرض عين المقطع تنفسخ الإجارة لانتقال الملك إلى غير المؤاجر كما لو انتقل الملك في النظائر التي خرج عليها إجارة الإقطاع وهي : إجارة المستاجر و إجارة العبد الذي صولح على خدمته مدة معلومة وإجارة الموقوف عليه الغلة وإجارة العبد المأذون ما يجوز عليه عقد الإجارة من مال التجارة وإجارة أم الولد انتهى
وقد ألفت رسالة في الاقطاعات و أخرى سميتها : التحفة المرضية في الأراضي المصرية وفيما أفتى به العلامة قاسم : التصريح بأن للإمام أن يخرج الإقطاع عن المقطع متى شاء وهو محمول على ما إذا أقطعه أرضا عامرة من بيت المال أما إذا قطعه مواتا من بيت المال فأحياها ليس له إخراجه عنه لأنه صار مالكا للرقبة كما ذكره أبو يوسف رحمه الله في كتاب الخراج (1/388)
القول في الدين تعريفه و ما تفرع عليه
وعرفه في الحاوي القدسي بأنه : عبارة عن مال حكمي يحدث في الذمة ببيع أو استهلاك أو غيرهما
و إيفاؤه واستيفاؤه لا يكون إلا بطريق المقاصة عند أبي حنيفة رحمه الله مثاله : إذا اشترى ثوبا بعشرة دراهم صار الثوب ملكا له وحدث بالشراء في ذمته عشرة دراهم ملكا للبائع فإذا دفع المشتري عشرة إلى البائع وجب مثلها في ذمة البائع دينا وقد وجب للبائع على المشتري عشرة بدلا عن الثوب ووجب للمشتري على البائع مثلها بدلا عن المدفوعة إليه فالتقيا قصاصا انتهى
وتفرع على أن طريق إيفائه إنما هو المقاصة : أنه لو أبرأه عنه بعد قضائه صح ورجع المديون على الدائن بما دفعه وقد ذكرناه في المداينات من قسم الفوائد (1/389)
ما اختص به الدين من أحكام
واختص الدين بأحكام :
منها : جواز الكفالة به إذا كان دينا صحيحا وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء
فلا يجوز ببدل الكتابة : لأنه يسقط بدونهما بالتعجيز
ومنها : جواز الرهن به فلا تجوز الكفالة والرهن بالأعيان الأمانة والمضمونة بغيرها كالمبيع وأما المضمونة بنفسها كالمغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد والمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء فتصح الكفالة والرهن بها لأنها ملحقة بالديون قاله الأسيوطي رحمه الله معزيا إلى السبكي في تكملة شرح المهذب (1/390)
فرع : حادثة حدثت في الأعصار القريبة
فرع : حدث في الأعصار القريبة : وقف كتب اشترط الواقف ألا تعار إلا برهن أو لا تخرج من مكان تحبيسها إلا برهن أو لا تخرج أصلا
والذي أقول في هذا : إن الرهن لا يصح بها لأنها غير مضمونة في يد الموقوف عليه ولا يقال لها عارية أيضا بل الآخذ لها : إن كان من أهل الوقف استحق الانتفاع ويده عليها يد أمانة فشرط أخذ الرهن عليها فاسد وان أعطاه كان رهنا فاسدا ويكون في يد خازن الكتب أمانة لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها والرهن أمانة
هذا إذا أريد الرهن الشرعي وإن أريد مدلوله لغة وأن يكون تذكرة فيصح الشرط لأنه غرض صحيح وإذا لم يعرف مراد الوقف فيحتمل أن يقال بالبطلان في الشرط المذكور حملا على المعنى الشرعي ويحتمل أن يقال بالصحة حملا على المعنى اللغوي وهو الأقرب تصحيحا للكلام ما أمكن وحينئذ لا يجوز إخراجها بدونه وان قلنا ببطلانه لم يجز إخراجها به لتعذره ولا بدونه إما : لأنه خلاف لشرط الواقف وإما : لفساد الاستثناء فكأنه قال : لا تخرج مطلقا ولو قال ذلك صح لأنه شرط فيه غرض صحيح لأن إخراجها مظنة ضياعها بل يجب على ناظر الوقف إن يمكن كل من يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها
وفي بعض الأوقاف يقول : لا تخرج إلا بتذكرة وهذا لا بأس به ولا وجه لبطلانه وهو كما حملنا عليه قوله : إلا برهن في المدلول اللغوي فيصح ويكون المقصود أن
تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرج به مشروط بأن يضع في خزانة الوقف ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن مطالبته فينبغي أن يصح هذا ومتى أخذه على غير هذا الوجه الذي شرطه الواقف يمتنع ولا نقول بأن تلك التذكرة تبقى رهنا بل له أن ياخذها فإذا أخذها طالبه الخازن برد الكتاب ويجب عليه أن يرده أيضا بغير طلب ولا يبعد أن يحمل قول الواقف الرهن على هذا المعنى حتى يصح إذا ذكره بلفظ الرهن تنزيلا للفظ على الصحة ما أمكن وحينئذ : يجوز إخراجه بالشرط المذكور ويمتنع لغيره لكن لا تثبت له أحكام الرهن ولا يستحق بيعه ولا بدل الكتاب الموقوف إذا تلف بغير تفريط ولو تلف بتفريط ضمنه ولكن لا يتعين ذلك المرهون لوفائه ولا يمتنع على صاحبه التصرف فيه انتهى
وقول أصحابنا : لا يصح الرهن بالأمانات شامل للكتب الموقوفة والرهن بالأمانات : باطل فإذا هلك : لا يجب شيء بخلاف الرهن الفاسد فإنه مضمون كالصحيح وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد
ومنها : صحة الإبراء عنه فلا يصح الإبراء عن الأعيان والإبراء عن دعواها صحيح
فلو قال : أبرأتك عن دعوى هذه العين صح الإبراء فلا تسمع دعواه بها بعده ولو قال برئت من هذه الدارأو من دعوى هذه لم تسمع دعواه وبينته ولو قال : أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فهو باطل وله أن يخاصم وإنما أبرأه عن ضمانه كذا في النهاية من الصلح وفي كافي الحاكم من الإقرار : لا حق لي قبله يبرأ من العين والدين والكفالة والإجارة والحد والقصاص انتهى
وبه علم أنه يبرأ من الأعيان في الإبراء العام لكن في مداينات القنية : افترق الزوجان وأبرأ كل واحد منهما صاحبه عن جميع الدعاوى وكان للزوج بذر في أرضها وأعيان قائمة فالحصاد والأعيان القائمة لا تدخل في الإبراء عن جميع الدعاوى انتهى
وتدخل في الإبراء العام الشفعة فهو مسقط لها قضاء لا ديانة إن لم يقصدها كما في الولوالجية وفي الخزانة : الإبراء عن العين المغصوبة : إبراء عن ضمانها وتصير أمانة في يد الغاصب وقال زفر رحمه الله : لا يصح الإبراء وتبقى مضمونة ولو كانت العين مستهلكة صح الإبراء وبرىء من قيمتها انتهى
فقولهم : الإبراء عن الأعيان باطل معناه : أنها لا تكون ملكا له بالإبراء وإلا فالإبراء عنها لسقوط الضمان صحيح أو يحمل على الأمانة
الثالث : قبول الأجل فلا يصح تأجيل الأعيان لأن الأجل شرع رفقا للتحصيل والعين حاصلة (1/390)
فوائد : ما لا يكون إلا حالا من الديون
فوائد : الأولى : ليس في الشرع دين لا يكون إلا حالا إلا : رأس مال السلم وبدل الصرف والقرض والثمن بعد الإقالة ودين الميت وما أخذ به الشفيع العقار كما كتبناه في شرح الكنز عند قوله : وصح تأجيل كل دين إلا القرض
وليس فيه دين لا يكون إلا مؤجلا إلا الدية والمسلم فيه وأما بدل الكتابة فيصبح عندنا حالا ومؤجلا (1/392)
ما في الذمة لا يتعين إلا بالقبض
الثانية : ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض ولهذا لو كان لهما دين بسبب واحد فقبض أحدهما نصيبه فإن لشريكه أن يشاركه ويصح تفريعه على : إن ما في الذمة لا تصح قسمته (1/392)
الأجل لا يحل قبل وقته و ما يستثنى من ذلك
الثالثة : الأجل لا يحل قبل وقته إلا بموت المديون ولو حكما باللحاق مرتدا بدار الحرب ولا يحل بموت الدائن وأما الحربي إذا استرق وله دين مؤجل فنقول بسقوط الدين مطلقا لا بسقوط الأجل فقط كما قال الشافعي رحمه الله وأما الجنون فظاهر كلامهم أنه لا يوجب الحلول لإمكان التحصيل بوليه (1/392)
الحيلة في لزوم تأجيل القرض
الرابعة : الحال يقبل التأجيل إلا ما قدمناه والحيلة في لزوم تأجيل القرض شيئان : حكم المالكي بلزومه بعد ما ثبت عنده أصل الدين أو أن يحيل المستقرض صاحب المال على رجل إلى سنة أو سنتين فيصح ويكون المال على المحتال عليه إلى ذلك الوقت
وعند الشافعية : الحال لا يقبله بعد اللزوم إلا إذا نذر ألا يطالبه به إلا بعد شهر أو أوصى بذلك
وشرط التأجيل : القبول وإلا فلا يصح والمال حال وشرطه أيضا : ألا يكون مجهولا جهالة متفاحشة فلا يصح التأجيل إلى مهب الريح ومجيء المطر ويصح إلى الحصاد والدياس وان كان البيع لا يجوز بثمن مؤجل إليهما كذا في القنية
تنبيه :
قال الدائن للمديون : اذهب وأعطني كل شهر كذا فليس بتأجيل لأنه أمر بالإعطاء (1/393)
لا يصح تمليكه من غير من هو عليه و ما يستثنى من ذلك
الخامسة : لا يصح تمليكه من غير من هو عليه إلا إذا سلطه على قبضه فيكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفسه ومقتضاه : صحة عزله عن التسليط قبل القبض وفي وكالة الواقعات الحسامية : لو قال : وهبت منك الدراهم التي لي على فلان فاقبضها منه فقبض مكانها دنانير جاز لأنه صار الحق للموهوب له فيملك الاستبدال انتهى
وهو مقتض لعدم صحة الرجوع عن التسلط
وفي منية المفتي من الزكاة : لو تصدق بالدين الذي على فلان على زيد بنية الزكاة وأمره بقبضه فقبضه أجزأه ذلك
ومن هبة البزازية : وهب له دينا على الرجل وأمره بقبضه جاز استحسانا وإن لم يأمره لا وبيع الدين لا يجوز ولو باعه من المديون أو وهبه جاز والبنت لو وهبت مهرها من أبيها أو ابنها الصغير من هذا الزوج إن أمرت بالقبض صحت وإلا لا لأنه هبة الدين من غير من عليه الدين انتهى
وفي مداينات القنية : قضى دين غيره ليكون له ما على المطلوب فرضي جاز
ثم رقم الآخر بخلافه : ولو أعطى الوكيل بالبيع للآمر الثمن من ماله قضاء عن المشتري على أن يكون الثمن له كان القضاء على هذا فاسدا ويرجع البائع على الآمر بما أعطاه وكان الثمن على المشتري على حاله انتهى ثم قال فيها : لو قالت : المهر الذي لي على زوجي لوالدي لا يجوز إقرارها به انتهى
وخرج عن تمليك الدين لغير من هو عليه : الحوالة فإنها كذلك مع صحتها كما أشار إليه الزيلعي منها
وخرج أيضا الوصية به لغير من هو عليه فإنها جائزة كما في وصايا البزازية
فالمستثنى ثلاث
وفرع الإمام الأعظم رحمه الله على عدم صحة تمليكه من غير من عليه : أنه لو وكله بشراء عبد بما عليه ولم يعين المبيع والبائع : لم يصح التوكيل وصح إن عين أحدهما
وأجمعوا على أنه لو وكل مديونه بأن يتصدق بما عليه فإنه يصح مطلقا ولو وكل المستأجر بأن يعمر العين من الأجرة صح وقد أوضحناه في وكالة البحر (1/393)
لا تجب الزكاة فيه إذا كان المديون جاحدا
السادسة : لا تجب الزكاة فيه إذا كان المديون جاحدا : ولو له بينة عليه فلو كان على مقر وجبت إلا إذا كان مفلسا : فإذا قبض أربعين مما أصله بدل تجارة وجب عليه درهم وقد بيناه في كتاب الزكاة شرح الكنز (1/394)
أنواع الديون
أنواع الديون :
- ما يمنع الدين وجوبه وما لا يمنع : الأول : الماء في الطهارة يمنع الدين وجوب شرائه لقول الزيلعي في آخر باب التيمم : والمراد بالثمن : الفاضل عن حاجته
الثاني : السترة كذلك فيما ينبغي ولم أره
الثالث : الزكاة : والمراد به فيما ماله مطالب من العباد لا يمنع دين النذر والكفارات ودين الزكاة مانع
الرابع : واختلف في منعه وجوبها والصحيح : أنه يمنعه بالمال كما في شرحنا على المنار من بحث الأمر
الخامس : صدقة الفطر واتفقوا على منعه وجوبها
دين العبد لا يمنع وجوب صدقة فطره ويمنع وجوب زكاته لو كان للتجارة كما بيناه فيه من ذلك المحل
السادس : الحج يمنعه اتفاقا
السابع : نفقة القريب وينبغي أن يمنعها لأن الفتوى على عدم وجوبها ألا يملك نصاب حرمان الصدقة الثامن : ضمان سراية الإعتاق ولا يمنعه لأن الدين لا يمنع دينا آخر
التاسع : الدية لا يمنع وجوبها
العاشر : الأضحية يمنعها كصدقة الفطر
تتمة :
قدمنا أنه لا يمنع ملك الوارث للتركة إن لم يكن مستغرقا ويمنعه إن كان مستغرقا ويمنع نفاذ الوصية والتبرع من المريض ويبيح أخذ الزكاة والدفع إلى المديون أفضل (1/394)
ما يثبت في ذمة المعسر وما لا يثبت
- ما يثبت في ذمة المعسر وما لا يثبت :
إذا هلك المال في الزكاة بعد وجوبها لا تبقى في ذمته ولو بعد التمكن من دفعها وطلب الساعي بخلاف ما إذا استهلكه
وصدقة الفطر لا تسقط بعد وجوبها بهلاك المال وكذا الحج بخلاف ما إذا كان معسرا وقت الوجوب ثم أيسر بعده فإنهما لا يجبان
وما يخير فيه بين الصوم وغيره فلا فرق فيه بين الغني والفقير كجزاء الصيد وفدية الحلق واللباس والطيب لعذر وكفارة اليمين وما يكون الصوم مشروطا بإعساره ككفارة الفطر في رمضان وكفارة الظهار وكفارة القتل ودم التمتع والقران فيفرق فيه بينهما فالاعتبار لإعساره وقت تكفيره بالصوم وكذا يفرق في فدية الشيخ الفاني : فلا وجوب على الفقير فإذا أيسر لا يلزمه الإخراج (1/395)
ما يقدم على الدين وما يؤخر عنه
- ما يقدم على الدين وما يؤخر عنه :
أما حقوق الله تعالى كالزكاة وصدقة الفطرة فتسقط بالموت وانما الكلام في حقوق العباد فإن وقت التركة بالكل فلا كلام وإلا قدم المتعلق بالعين كالرهن على ما تعلق بالذمة وإذا أوصى بحقوق الله تعالى قدمت الفرائض وإن أخرها كالحج والزكاة والكفارات وإن تساوت في القوة بدأ بما بدأ به وإذا اجتمعت الوصايا لا يقدم البعض على البعض إلا العتق والمحاباة ولا معتبر بالتقديم والتأخير ما لم ينص عليه وتمامه في وصايا الزيلعي (1/396)
تذنيب : فيما يقدم عند الاجتماع من غير الديون
تذنيب :
فيما يقدم عند الاجتماع من غير الديون : ثلاثة في السفر : جنب وحائض وميت وثمة ماء يكفي لأحدهم فإن كان الماء ملكا لأحدهم فهو أولى به وإن كان لهم جميعا لا يصرف لأحدهم ويجوز التيمم للكل وإن كان الماء مباحا كان الجنب أولى به لأن غسله فريضة وغسل الميت سنة والرجل يصلح إماما للمرأة فيغتسل الجنب وتتيمم المرأة وتييمم الميت
ولو كان الماء بين الأب والابن فالأب أولى به لأن له حق تملك مال الابن ولو وهب لهم قدر ما يكفي لأحدهم قالوا : الرجل أولى به لأن الميت ليس من أهل قبول الهبة والمرأة لا تصلح لإمامة الرجل
قال مولانا : وهذا الجواب إنما يستقيم على قول من يقول إن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تقيد الملك وإن اتصل به القبض كذا في فتاوى قاضي خان ومراده من قوله : إن غسل الميت سنة : أن وجوبه بها بخلاف غسل الجنب فإنه في القرآن
وينبغي أن يلحق بما إذا كان مباحا : إذا أوصى به لأحوج الناس ولا يكفي إلا لأحدهم
وأما من به نجاسة وهو محدث ووجد ماء يكفي لأحدهما : فإنه يجب صرفه إلى النجاسة كما في فتح القدير من الأنجاس وعلى هذا لو كان مع الثلاثة ذو نجاسة يقدم عليهم ولم أره
اجتمعت جنازة وسنة وقتية قدمت الجنازة وأما إذا اجتمع كسوف وجمعة أو فرض وقت لم أره وينبغي تقديم الفرض إن ضاق الوقت إلا الكسوف لأنه يخشى فواته بالانجلاء ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة ينبغي تقديم الجنازة وكذا لو اجتمعت مع جمعة وفرض ولم يخف خروج وقته وينبغي أيضا تقديم الخسوف على الوتر والتراويح
وأما الحدود إذا اجتمعت ففي المحيط : واذا اجتمع حدان وقدر على درء أحدهما : درىء وإن كان من أجناس مختلفة بأن اجتمع حد الزنا والسرقة والشرب والقذف و الفقء بدأ بالفقء فإذا برىء حد للقذف فإذا برىء إن شاء بدأ بالقطع وإن شاء بدأ بحد الزنا وحد الشرب آخرها لثبوته بالإجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم وإن كان محصنا يبدأ بالفقء ثم بحد القذف ثم بالرجم ويلغي غيرها انتهى
ولو اجتمع التعزير وإلحدود قدم التعزير على الحدود في الاستيفاء لتمحضه حقا للعبد كذا في الظهيرية و لم أر الآن ما إذا اجتمع قتل القصاص والردة والزنا وينبغي تقديم القصاص قطعا لحق العبد وما إذا اجتمع قتل الزنا والردة وينبغي تقديم الرجم لأن به يحصل مقصودهما بخلاف ما إذا قدم قتل الردة فإنه يفوت الرجم وإذا قدم قتل القصاص وهو القتل بالسيف حصل مقصود القصاص والردة وإن فات الرجم
فرع : (1/396)
اجتماع الفضيلة والنقيصة
تقرب من هذه المسائل مسائل اجتماع الفضيلة والنقيصة
فمنها : الصلاة أول الوقت بالتيمم وآخره بالوضوء فعندنا : يستحب التأخير إن كان طمعا في وجود الماء آخره وإلا فالتقديم أفضل ولم أر لأصحابنا رحمهم الله أنه يتيمم في أوله ويصلي فإذا وجده أخره توضأ وصلى ثانيا ولا يبعد القول بأفضليته وقال الشافعية : إنه النهاية في تحصيل الفضيلة
ومنها : لو صلى منفردا : صلى في الوقت المستحب وان أخر عنه صلى مع الجماعة فالأفضل التأخير
و منها : لو كان بحيث لو أسبغ الوضوء تفوته الجماعة ولو اقتصر على مرة أدركها فينبغي تفضيل الاقتصار لإدراكها
ومنها : غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين لمن يرى جوازه وإلا فهو أفضل وكذا بحضرة من لا يراه ومنها : التوضي من الحوض أفضل من النهر بحضرة من لا يراه وإلا لا
ومنها : لو خاف فوت الركعة لو مشى إلى الصف ففي اليتيمة : الأفضل إدراكه في الركوع وقول النووي في شرح المهذب : لم أر فيه لأصحابنا ولا لغيرهم شيئا : فقصور
ومنها : لو كان بحيث لو صلى في بيته صلى قائما ولو صلى في المسجد لم يقدر عليه : ففي الخلاصة : يخرج إلى المسجد ويصلي قاعدا ومنها لو كان بحيث لو صلى قاعدا : قدر على سنة القراءة وإن صلى قائما : لا قعد وقرأها
ومنها : لو ضاق الوقت عن سنن الطهارة أو الصلاة تركها وجوبا ولو ضاق الوقت المستحب عن استيعاب السنن فينبغي تقديم المؤكدة ثم الصلاة في المستحب
ومنها : تقديم الدين المقر به في الصحة وما كان معلوم السبب على الدين المقر به في المرض
ومنها : باب الإمامة يقدم الأعلم ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأصبح وجها ثم الأحسن خلقا ثم الأحسن زوجة ثم من له جاه ثم الأنظف ثوبا ثم المقيم على المسافر ثم الحر الأصلي على المعتق ثم المتيمم عن الحدث على المتيمم عن الجنابة وتمامه في الشرح
ويقرب من هذه المسائل : بعض خصال الكفاءة يقابل البعض فالعالم العجمي : كفؤ للعربية ولو شريفة وعلمه يقابل نسبها وكذا شرفه (1/397)
خاتمة لا يقدم أحد في التزاحم على الحقوق إلا بمرجح
خاتمة :
لا يقدم أحد في التزاحم على الحقوق إلا بمرجح ومنه : السبق كالازدحام في الدعوى والإفتاء والدرس فإن استووا في المجيء أقرع بينهم (1/398)
القول في ثمن المثل
القول في ثمن المثل وأجرة المثل ومهر المثل وتوابعها
أما ثمن المثل : فذكروه في مواضع : منها : باب التيمم قال في الكنزلا : ولو لم يعطه إلا بثمن المثل وله ثمنه لا يتيمم وإلا يتيمم وفسره في العناية بمثل القيمة في أقرب موضع يعز فيه الماء أو بغبن يسير وفسره الزيلعي بالقيمة في ذلك المكان لكن لم يبين أنه في وقت عزته أو في أغلب الأوقات والظاهر : الأول فإن الاعتبار للقيمة حالة التقويم ويتعين ألا يعتبر ثمن المثل عند الحاجة لسد الرمق وخوف الهلاك وربما تصل الشربة إلى دنانير فيجب شراؤها على القادر بأضعاف قيمتها إحياء لنفسه
ومنها : باب الحج فثمن المثل للزاد والماء : القدر اللائق به وكذا الراحلة كما في فتح القدير
ومنها - على قول محمد رحمه الله : - إذا اختلف المتبايعان تحالفا وتفاسخا وكان المبيع هالكا فإن البيع يفسخ على قيمة الهالك وهل تعتبر قيمة يوم التلف ؟ أو القبض ؟ أو أقلها ؟ ومنها : إذا وجب الرجوع بنقصان العيب عند تعذر رده كيف يرجع به ؟ قال 4قاضي خان : وطريق معرفة النقصان : أن يقوم صحيحا لا عيب به ويقوم وبه العيب فإن كان ذلك العيب ينقص عشر القيمة : كان حصة النقصان : عشر الثمن انتهى ولم يذكر اعتبارها يوم البيع أو يوم القبض وكذا لم يذكره الزيلعي و ابن الهمام وينبغي اعتبارها يوم البيع
ومنها : المقبوض على سوم الشراء المضمون بتسمية الثمن إذا كان قيميا فالاعتبار لقيمته يوم القبض أو يوم التلف
ومنها : المغصوب القيمي إذا هلك فالمعتبر قيمته يوم غصبه اتفاقا
ومنها : المغصوب المثلي إذا انقطع قال أبو حنيفة رحمه الله : تعتبر قيمته يوم الخصومة وقال أبو يوسف رحمه الله : يوم الغصب وقال محمد رحمه الله : يوم الإنقطاع
ومنها : المتلف بلا غصب تعتبر قيمته يوم التلف ولا خلاف فيه
ومنها : المقبوض بعقد فاسد تعتبر قيمته يوم القبض لأنه به دخل في ضمانه وعند محمد رحمه الله : تعتبر قيمته يوم التلف لأنه به يتقرر عليه ذكره الزيلعي في البيع الفاسد
ومنها : العبد المجنى عليه تعتبر قيمته يوم الجناية
ومنها : العبد إذا جنى فأعتقه السيد غير عالم بها وقلنا يضمن الأقل من قيمته ومن أرشه هل المعتبر يوم الجناية ؟ أو قيمته يوم إعتاقه ؟ ومنها : الرهن إذا هلك بالأقل من قيمته ومن الدين فالمعتبر قيمته يوم الهلاك
لقولهم : أن يده يد أمانة فيه حتى كانت نفقته على الراهن في حياته وكفنه عليه إذا مات كما ذكره الزيلعي
ومنها : لو أخذ من الأرز والعدس وما أشبه ذلك وقد كان دفع إليه دينارا مثلا لينفق عليه ثم اختصما بعد ذلك في قيمة المأخوذ هل تعتبر قيمته يوم الأخذ أو يوم الخصومة ؟ قال في اليتيمة : تعتبر قيمته يوم الأخذ قيل له : لو لم يكن دفع إليه شيئا بل كان يأخذ منه على أن يدفع إليه ثمن ما يجتمع عنده قال : يعتبر وقت الأخذ لأنه سوم حين ذكر الثمن انتهى
ومنها : ضمان عتق العبد المشترك إذا أعتقه أحدهما وكان موسرا واختار الساكت تضمينه فالمعتبر القيمة يوم الإعتاق كما اعتبر حاله من اليسار والإعسار فيه كما ذكره الزيلعي
ومنها : قيمة ولد المغرور الحر ففي الخلاصة : تعتبر قيمته يوم الخصومة واقتصر عليه وحكاه في النهاية ثم حكى عن الأسبيجابي أنه يعتبر يوم القضاء والظاهر : أن لا خلاف في اعتبار يوم الخصومة ومن اعتبر يوم القضاء فإنما اعتبره بناء على أن القضاء لا يتراخى عنها ولهذا ذكر الزيلعي أولا اعتبار يوم الخصومة وثانيا اعتبار يوم القضاء ولم أر من اعتبر يوم وضعه
ومنها : ضمان جنين الأمة قالوا : لو كان ذكرا وجب على الضارب نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته لو كان أنثى كذا في الكنز وفي الخانية وهما في القدر سواء وظاهر كلامهم : اعتبار يوم الوضع
ومنها : قيمة الصيد المتلف في الحرم أو الإحرام ففي الكنز في الثاني : بتقويم عدلين في مقتله أو أقرب موضع منه ولم يذكر الزمان والظاهر فيهما يوم قتله كما في المتلف
ومنها : قيمة اللقطة إذا تصدق بها أو انتفع بها بعد التعريف ولم يجز مالكها فالمعتبر قيمتها يوم التصدق لقولهم : إن سبب الضمان تصرفه في مال غيره بغير إذنه ولم أره صريحا
ومنها : قيمة جارية الإبن إذا أحبلها الأب وادعاه والظاهر من كلامهم أن الاعتبار بقيمتها قبيل العلوق لقولهم : إن الملك يثبت شرطآ للاستيلاد عندنا لا حكما
ومنها : قيمة الصداق إذا انتصف بالطلاق قبل المسيس وكان هالكا ولم أره صريحا وينبغي أن يعتبر يوم القضاء به أو التراضي لما قدمناه أنه لا يعود إلى ملك الزوج النصف إلا بأحدهما إذا كان بعد القبض فهذه تسعة عشر موضعا فاغتنمها (1/401)
الكلام في أجرة المثل
تجب في مواضع أحدها : الإجارة في صور منها الفاسدة
ومنها : لو قال له المؤاجر بعد انقضاء المدة : إن فرغتها اليوم وإلا فعليك كل شهر كذا وقيل يجب المسمى
ومنها : لو قال مشتري العين لأجير : اعمل كما كنت ولم يعلم بالأجر بخلاف ما إذا علم فإنه يجب
ومنها : لو عمل له شيئا ولم يستأجره وكان الصانع معروفا بتلك الصنيعة وجب أجر المثل على قول محمد رحمه الله وبه يفتى
ومنها : في غصب المنافع إذا كان المغصوب مال يتيم أو وقفا أو معدا للاستغلال على المفتى به وليس منها : ما إذا خالف المستأجر المؤجر إلى شرط بأن عمل أكثر من المشروط : فإنه لا يجب أجر ما زاد لأن الضمان والأجر لا يجتمعان
ومنها : إذا فسدت المساقاة والمزارعة كان للعامل أجر مثله
ومنها : إذا انقضت مدة الإجارة وفي الأرض زرع فإنه يترك بأجر المثل إلى أن يستحصده
ومنها : إذا فسدت المضاربة فللعامل أجر مثله إلا في مسألة ذكرناها في ا لفوائد
ومنها : عامل الزكاة يستحق أجر مثل عمله بقدر ما يكفيه ويكفي أعوانه
وفائدته : أن المأخوذ أجرة أنه لو لم يعمل بأن حمل أرباب الأموال أموالهم إلى الإمام فلا أجر له
ومنها : الناظر على الوقف إذا لم يشترط له الواقف : فله أجر مثل عمله حتى لو كان الوقف طاحونة يستغلها الموقف عليهم فلا أجر له فيها كما في الخانية وهذا إذا عين القاضي له أجرا فإن لم يعين له وسعى فيه سنة فلا شيء له كذا في القنية ثم ذكر بعده : أنه يستحق وإن لم يشترط له القاضي ولا يجتمع له أجر النظر والعمالة لو عمل مع العملة انتهى
ومنها : الوصي إذا نصبه القاضي وعين له أجرا بقدر أجرة مثله : جاز وأما وصي الميت فلا أجر له على الصحيح كما في القنية
ومنها : القسام لو لم يستأجر بمعين فإنه يستحق أجر المثل
ومنها : يستحق القاضي على كتابة المحاضر والسجلات أجرة مثله
تنبيهات :
الأول : قولهم في الزرع بعد انقضاء مدة الإجارة يترك بأجر المثل معناه : بالقضاء أو الرضا وإلا فلا أجر له كما في القنية
الثاني : إذا وجب أجر المثل وكان هناك مسمى في عقد فاسد : فإن كان معلوما لا يزاد عليه وينقص منه وإن كان مجهولا وجب بالغا ما بلغ
الثالث : يجب أجرة المثل من جنس الدراهم والدنانير
الرابع : إذا وجب أجرة المثل وكان متفاوتا منهم من يستقصي ومنهم من يتساهل في الاجر يجب الوسط حتى لو كان أجر المثل اثني عشر عند بعضهم وعند البعض عشرة وعند البعض أحد عشرة وجب أحد عشر بخلاف التقويم لو اختلف المقومون في مستهلك فشهد اثنان أن قيمته عشرة وشهد اثنان أن قيمته أقل وجب الأخذ بالأكثر ذكره الأقطع في باب السرقة
الخامس : أجر المثل في الإجارة الفاسدة : يطيب وإن كان السبب حراما
والكل من القنية قسمنا حكم زيادة أجر المثل في الفوائد (1/401)
القول في مهر المثل
الكلام في مهر المثل :
الأصل في اعتباره حديث يروع بنت واشق وبينا في شرح الكنز ما هو وبمن يعتبر وإنما الكلام هنا في المواضع التي يجب فيها فيجب في النكاح الصحيح عند عدم التسمية أو تسمية ما لا يصلح مهرا كالخمر والخنزير والحر والقرآن وخدمة زوج حر ونكاح آخر - وهو نكاح الشغار - ومجهول الجنس والتسمية التي على خطر وفوات ما شرطه لها من المنافع بشرط الدخول في الكل أو الموت وأما إذا طلقها قبله فالمتعة ولا يتنصف وفي النكاح الفاسد بعد الدخول وفي الوطء بشبهة إن لم يقدر الملك سابقا على الوطء كما في أمة ابنه إذا أحبلها فلا مهر عليه (1/403)
بيان ما يتعدد فيه المهر بتعدد الوطء وما لا يتعدد
بيان ما يتعدد فيه المهر بتعدد الوطء وما لا يتعدد :
أما في النكاح الصحيح فجعله أبو حنيفة رحمه الله تعالى منقسما على عدد الوطئات تقديرا فلا يتعدد فيه كما لا يتعدد بوطء الأب جارية ابنه إذا لم تحبل وكذا بوطء السيد مكاتبته وفي النكاح الفاسد
ويتعدد بوطء الابن جارية أبيه أو الزوج جارية امرأته وأفتى والد الصدر الشهيد بالتعدد في الجارية المشتركة وتمامه في شرحنا على الكنز
- تنبيه : يجب مهران فيما إذا زنى بامرأة ثم تزوجها وهو مخالط لها : مهر المثل بالأول والمسمى بالعقد ومهران ونصف فيما لو قال : كلما تزوجتك فأنت طالق فتزوجها في يوم واحد ثلاث مرات ولو زاد : بائن ودخل بها في كل مرة فعليه خمسة مهور ونصف وبيانه في فتاوى قاضي خان (1/403)
القول في الشرط والتعليق
القول في الشرط والتعليق
التعليق : ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون أخرى وفسر الشرط في التلويح بأنه : تعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة انتهى
وشرط صحة التعليق كون الشرط معدوما على خطر الوجود فالتعليق بكائن تنجيز
وبالمستحيل باطل ووجود رابط حيث كان الجزاء مؤخرا وإلا يتنجز و عدم فاصل أجنبي بين الشرط والجزاء
وركنه : أداة شرط وفعله وجزاء صالح فلو اقتصر على الأداة لا يتعلق واختلفوا في تنجيزه لو قدم الجزاء والفتوى على بطلانه كما بيناه في شرح الكنز (1/404)
ما يقبل التعليق وما لا يقبله
ما يقبل التعليق وما لا يقبله :
تعليق التمليكات والتقييدات بالشرط باطل كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار والهبة والصدقة والنكاح وا لإقرار وا لإبراء وعزل الوكيل وحجر المأذون و الرجعة والتحكيم والكتابة والكفالة بغير الملائم والوقف - في رواية - والهبة بغير المتعارف
وما جاز تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد : كطلاق وعتاق وحوالة وكفالة
ويبطل الشرط ولا يبطل الرهن والإقالة بالشرط الفاسد
وتعليق البيع بكلمة إن باطل إلا إذا قال بعت إن رضي أبي
ووقته كخيار الشرط وبكلمةعلى صحيح إن كان مما يقتضيه العقد أو ملائما له أو جرى العرف به أو ورد الشرع به أو كان لا منفعة فيه لأحدهما وقد ذكرنا في مداينات الفوائد ما خرج عن قولهم : لا يصح تعليق الإبراء بالشرط وفي البيوع ثلاثين مسألة يجوز تعليقه فيها وجملة ما لا يصح تعليقه
ويبطل بفاسده ثلاثة عشر : البيع والقسمة والإجارة والرجعة والصلح عن مال والإبراء والحجر وعزل الوكيل في رواية وإيجاب الاعتكاف والمزار عة و المعاملة والإقرار والوقف في رواية
وما لا يبطل بالشرط الفاسد : الطلاق والخلع والرهن والقرض والهبة والصدقة و الوصاية والوصية والشركة والمضاربة و القضاء و الإمارة و الكفا لة والحوالة والإقالة والغصب والكتابة وأمان القن ودعوة الولد والصلح عن القصاص وجناية غصب وعهد ذمة ووديعة وعارية إذا ضمنها رجل وشرط فيها كفالة أو حوالة وتعليق الرد بعيب أو بخيار شرط وعزل قاض والتحكيم عند محمد رحمه الله تعالى
وتمامه في جامع الفصولين و البزازية (1/404)
فائدة : من ملك التنجيز ملك التعليق
فائدة :
من ملك التنجيز ملك التعليق إلا الوكيل بالطلاق يملك التنجيز ولا يملك التعليق
ومن لا يملك التنجيز لا يملك التعليق إلا إذا علقه بالملك أو سببه
الثانية : العبد والمكاتب لو قال : كل مملوك أملكه فهو حر بعد عتقي صح بخلاف الصبي وتمامه في الجامع للصدر سليمان من باب اليمين في ملك العبد والمكاتب (1/405)
القول في أحكام السفر
رخصة القصر والفطر والمسح ثلاثة أيام بلياليها وأما التنقل على الدابة فحكم خارج المصر لا السفر
ومنها : سقوط الجمعة والعيدين والأضحية وتكبير التشريق وأما صحة الجمعة فمن أحكام المصر
ومن أحكام السفر : حرمته على المرأة بغير زوج أو محرم ولو كان واجبا ومن ثم كان وجود أحدهما شرطا لوجوب الحج عليها واختلفوا في وجوب نفقته عليها إذا امتنع المحرم إلا بها والمعتمد : الوجوب عليها بناء على أنه شرط وجوب الأداء ويستثنى من حرمة خروجها إلا بأحدهما : هجرتها من دار الحرب إلى دار الإسلام
ومن أحكامه : منع الولد منه إلا برضاء أبويه إلا في الحج إذا استغنيا عنه
وتحريمه على المديون إلا بإذن الدائن إلا إذا كان مؤجلا
ويختص ركوب البحر بأحكام :
منها : سقوط الحج إذا غلبه الهلاك وتحريم السفر فيه وضمان المودع لو سافر بها في البحر وكذا الوصي ويستويان في بقية الأحكام
منها : فيما إذا غزا في البحر ومعه فرس فإنه يستحق سهم الفارس كما في الخانية (1/405)
القول في أحكام الحرم
لا يدخله أحد إلا محرما وتكره المجاورة به ولا يقتل ولا يقطع من فعل خارجه والتجأ به ويحرم التعرض لصيده ويجب الجزاء بقتله ويحرم قطع شجره ورعي حشيشه إلا الإذخر ويسن الغسل لدخوله وتضاعف فيه الصلاة وحسناته كسيئاته ويؤاخذ فيه بالهم
ولا يسكن فيه كافر وله الدخول فيه ولا تمتع ولا قران لمكي وتختص الهدايا به ويكره إخراج حجارته وترابه وهو مساو لغيره عندنا في اللقطة والدية على القاتل فيه خطأ
ولا حرم للمدينة عندنا فلا تثبت هنه الأحكام إلا استنان الغسل لدخولها وكراهة المجاورة بها والله سبحانه وتعالى أعلم (1/406)
القول في أحكام المسجد
هي كثيرة جدا وقد ذكرها أصحاب الفتاوى في كتاب الصلاة في باب على حدة
فمنها : تحريم دخوله على الجنب والحائض والنفساء ولو على وجه العبور وإدخال نجاسة فيه يخاف منها التلويث ومنع إدخال الميت فيه والصحيح أن المنع لصلاة الجنازة وإن لم يكن الميت فيه إلا لعذر مطر ونحوه واختلفوا في علته فمنهم من علل بخوف التلويث ومنهم من علله بأنه لم يبن لها وعلى الأول : هي تحريمية وعلى الثاني : هي تنزيهية ورجح الأول العلامة قاسم رحمه الله تعالى ولم يعلله أحد منا بنجاسة الميت لإجماعهم على طهارته بالغسل إن كان مسلما
ومنها : صحة الاعتكاف فيه
ومنها : حرمة إدخال الصبيان والمجانين حيث غلب تنجيسهم وإلا فيكره
ومنها : منع إلقاء القملة بعدقتلها فيه
ومنها : تحريم البول فيه ولو في إناء واما الفصد فيه في إناء فلم أره وينبغي أن لا فرق
ومنها : منع أخذ شيء من أجزائه قالوا في ترابه إن كان مجتمعا جاز الأخذ منه ومسح الرجل عليه وإلا : لا
ومنها : حرمة البصاق فيه وإلقاء النخامة فوق الحصير أخف من وضعها تحته فإن اضطر إليه دفنه وتكره المضمضة والوضوء فيه إلا أن يكون ثمة موضع أعد لذلك لا يصلى فيه أو في إناء ويكره مسح الرجل من الطين على عموده والبزاق على حيطانه
ولا يحفر فيه بئر ماء وتترك القديمة ويكره غرس الأشجار فيه إلا لمنفعة ليقل النزول ولا يجوز اتخاذ طريق فيه للمرور إلا لعذر وتكره الصناعة فيه من خياطة وكتابة بأجر وتعليم صبيان بأجر لا بغيره إلا لحفظ المسجد في رواية
ويكره الجلوس فيه للمصيبة وتستحب التحية لداخله فإن كان ممن يتكرر دخوله كفته ركعتان كل يوم ويستحب عقد النكاح فيه وجلوس القاضي فيه ويحرم الوطء فيه وفوقه كالتخلي ويكره دخوله لمن أكل ذا ريح كريهة ويمنع منه وكذا كل مؤذ فيه ولو بلسانه ومن البيع والشراء وكل عقد لغير المعتكف ويجوز له بقدر حاجته إن لم يحضر السلعة
وإنشاد الضالة والأشعار والأكل والنوم لغير غريب ومعتكف والكلام المباح وفي فتح القدير : أنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ورفع الصوت بالذكر إلا للمتفقهة وإخراج الريح فيه من الدبر والخصومة
ويسن كنسه وتنظيفه وتطييبه وفرشه وإيقاده وتقديم اليمنى على اليسرى عند دخوله وعكسه عند خروجه
ومن اعتاد المرور فيه يأثم ويفسق ويكره تخصيص مكان فيه لصلاته ولا يتعين بالملازمة فلا يزعج غيره لو سبقه إليه
ولأهل المحلة جعل المسجد الواحد مسجدين والأولى أن يكون لكل طائفة مؤذن ولهم جعل المسجدين واحدا
ولا تجوز إعارة أدواته لمسجد آخر ولا يشغل المسجد بالمتاع إلا للخوف في الفتنة العامة (1/406)
خاتمة : أعظم المساجد حرمة
خاتمة :
أعظم المساجد حرمة : المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع ثم مساجد البيوت (1/408)
القول في أحكام يوم الجمعة
اختص بأحكام : لزوم صلاة الجمعة واشتراط الجماعة لها وكونها ثلاثة سوى الإمام والخطبة لها وكونها قبلها شرط وقراءة السورة المخصوصة وتحريم السفر قبلها بشرطه واستنان الغسل لها والطيب ولبس الأحسن وتقليم الأظفار وحلق الشعر ولكن بعدها أفضل والبخور في المسجد والتبكير لها والاشتغال بالعبادة إلى خروج الخطيب
ولا يسن الإبراد بها ويكره إفراده بالصوم وإفراد ليلته بالقيام وقراءة سورة الكهف فيه
ونفي كراهة النافلة وقت الاستواء على قول أبي يوسف رحمه الله المصحح المعتمد
وهو خير أيام الاسبوع ويوم عيد وفيه ساعة إجابة وتجتمع فيه الأرواح وتزار فيه القبور ويأمن الميت فيه من عذاب القبر ومن مات فيه أو في ليلته أمن من فتنة القبر وعذابه ولا تسجر فيه جهنم وفيه خلق آدم وفيه أخرج من الجنة وفيه تقوم الساعة وفيه يزور أهل الجنة ربهم سبحانه وتعالى
وهذا آخر ما أوردناه من فن الجمع والفرق مما يكثر دوره ويقبح بالفقيه جهله ولله الحمد والمنة وله الحول والقوة : ثم الآن نشرع بحول الله تعالى وقوته في الفرق : (1/408)
ما افترق فيه الوضوء والغسل
ويسن تجديد الوضوء عند اختلاف المجلس ويكره تجديد الغسل مطلقا يمسح فيه الخف وينزع للغسل يسن فيه الترتيب بخلاف الغسل تسن المضمضة والاستنشاق فيه بخلاف الغسل ففريضة تمسح الرأس فيه بخلاف الغسل على قول (1/408)
ما افترق فيه مسح الخف وغسل الرجل
يتأقت المسح دونه ورأيت في بعض كتب الشافعية : يجوز غسل الرجل المغصوبة بلا خلاف ولا يجوز مسح الخف المغصوب وصورة الرجل المغصوبة : أن يستحق قطع رجله فلا يمكن منها يسن تثليث الغسل دون المسح يجب تعميم الرجل دون الخف لا تنقضه الجنابة بخلاف المسح هو أفضل من المسح لمن رآه (1/409)
ما اختلف فيه مسح الرأس والخف
ما افترق فيه مسح الرأس والخف :
يسن استيعاب الرأس دون الخف لو ثلث مسح الرأس لم يكره و إن لم يندب ويكره تثليث مسح الخف (1/409)
ما افترق فيه الوضوء والتيمم
كونه في الوجه واليدين فقط ولا يجوز إلا لعذر ولا يمسح فيه الخف ويفتقر إلى النية ولا يسن تجديده ولا تثليثه ويسن فيه النفض ويستوي فيه الحدث الأصغر و الأكبر (1/409)
ما افترق فيه مسح الجبيرة ومسح الخف
لا يشترط شدها على وضوء : ويشترط لبسه على كمال الطهارة وتجمع مع الغسل بخلاف مسح الخف ويجب تعميمها أو أكثرها بخلاف الخف وتصح الصلاة بدونه في رواية - وهو المعتمد - بخلاف المسح على الخف إن لم يغسلهما ولا يقدر بمدة بخلافه ولا ينتقض إذا سقطت من غير برء فلا تجب إعادته بخلاف الخف إذا سقط لا تنزع للجنابة بخلاف الخف وإذا كان على عضو جبيرتان فسقطت إحداهما : أعادها بلا إعادة مسحها بخلاف نزع أحد الخفين (1/409)
ما افترق فيه الحيض والنفاس
أقل الحيض محدود ولا حد لأقل النفاس وأكثره عشرة وأكثر النفاس أربعون
ويكون به البلوغ و الاستبراء دون النفاس والحيض لا يقطع التتابع في صوم الكفارة بخلاف النفاس وتنقضي العدة به دون النفاس ويحصل به الفصل بين طلاقي السنة والبدعة بخلاف النفاس
فهي : سبعة فما في النهاية من الافتراق بأربعة قصور (1/409)
ما افترق فيه الأذان والإقامة
يجوز تراخي الصلاة عن الأذان دون الإقامة يسن التمهيل فيه والإسراع فيها تكره إقامة المحدث لا أذانه ويكره التكرار فيها لا فيه (1/410)
ما افترق فيه سجود السهو والتلاوة
هو سجدتان وهي : واحدة هو : في آخر صلاته بعد السلام وهي : فيها وهو لا يتكرر بخلافها لا يقوم له ويقوم لها يتشهد له ويسلم بخلافها الذكر المشروع في سجود التلاوة لا يشرع فيه (1/410)
ما افترق فيه سجود التلاوة والشكر
سجود الشكر لا يدخل الصلاة بخلافها واتفقوا على وجوب سجدة التلاوة بخلاف سجدة الشكر فإنها جائزة عند أبي حنيفة رحمه الله لا واجبة وهو معنى ما روي عنه أنها ليست مشروعة أي : وجوبا (1/410)
ما افترق فيه الإمام والمأموم
نية الإئتمام واجبة على المأموم دون الإمام إلا لصحة صلاة النساء خلفه أو لحصول الفضيلة ولا تبطل صلاة الإمام إذا بطلت صلاة المأموم بخلاف عكسه إذا عين الإمام وأخطأ لم يصح اقتداؤه بخلاف الإمام إذا عين المأموم وأخطأ (1/410)
ما افترق فيه الجمعة والعيد
الجمعة فرض والعيد واجب وقتها : وقت الظهر ووقته : بعد طلوع الشمس إلى زوالها وشرطها : الخطبة وكونها قبلها بخلافه فيهما وأن لا تتعدد في مصر على قول مرجوح بخلافه ويستحب في عيد الفطر أن يطعم قبل خروجه إلى المصلى بخلافها (1/410)
ما افترق فيه غسل الميت والحي
تستحب البداية بغسل وجه الميت بخلاف الحي : فإنه يبدأ بغسل يديه ولا يمضمض ولا يستنشق بخلاف الحي ولا يؤخر غسل رجليه بخلاف الحي إن كان في مستنقع الماء ولا يمسح رأسه في وضوء الغسل بخلاف الحي في رواية (1/410)
ما افترق فيه الزكاة وصدقة الفطر
يشترط في نصاب الزكاة النمو ولو تقديرا بخلافه نصابها ولا يجوز دفعها لذمي بخلافها ولا وقت لها ولصدقة الفطر وقت محدود يأثم بالتأخير عن اليوم الأول ولا يجوز تعجيلها قبل ملك النصاب بخلافها بعد وجود الرأس (1/411)
ما افترق فيه التمتع والقران
يتحلل من العمرة بعد الفراغ منها إن لم يسق الهدي بخلاف يحرم بالعمرة وحدها من الميقات ويأتى بأفعالها ثم يحرم بالحج من الحرم بخلاف القارن فإنه يحرم بهما معا من الميقات (1/411)
ما افترق فيه الهبة والإبراء
يشترط لها القبول بخلافه وله الرجوع فيها عند عدم المانع بخلافه مطلقا (1/411)
ما افترق فيه الإجارة والبيع
التأقيت يفسده ويصححها ويملك العوض فيه بالعقد وفيها لا إلا بواحد من أربعة وتفسخ بالأعذار بخلافه وتنفسخ بعيب حادث بخلافه وتنفسخ بموت أحدهما إذا عقدها لنفسه بخلافه وإذا هلك الثمن قبل قبضه لا يبطل البيع وإذا هلكت الأجرة العين قبله انفسخت (1/411)
ما افترق فيه الزوجة والأمة
لا قسم للأمة بخلافها ولا حصر لعدد الإماء بخلاف الزوجات ولا تقدر نفقتها بخلاف الزوجة فإنها بحسب حالها ولا يسقطها النشوز بخلاف الزوجة ولا صداق لها بخلاف الزوجة (1/411)
ما افترق فيه نفقة الزوجة والقريب
نفقتها مقدرة بحالهما : ونفقته بالكفاية ونفقتها لا تسقط بمضي الزمان بعد التقدير أو الاصطلاح بخلاف نفقته وشرط نفقته إعساره وزمانته ويسار المنفق بخلاف نفقتها (1/411)
ما افترق فيه المرتد والكافر الأصلي
لا يقر المرتد ولو بجزية ولا يصح نكاحه ولا تحل ذبيحته ويهدر دمه ويوقف ملكه وتصرفاته ولا يسبي ولا يفادي ولا يمن عليه ولا يرث ولا يورث ولا يدفن في مقابر أهل ملة ولا يتبعه ولده فيها (1/412)
ما افترق فيه العتق والطلاق
يقع الطلاق بألفاظ العتق دون عكسه وهو أبغض المباحات إلى الله تعالى دون العتق ويكون بدعيا في بعض الأحوال دون العتق (1/412)
ما افترق فيه العتق والوقف
العتق يقبل التعليق بخلاف الوقف ولا يرتد بالرد بخلاف الوقف على معين (1/412)
ما افترق فيه المدبر وأم الولد
ثلاثة عشر كما في فروق الكرابيسي : لا تضمن بالغصب وبالإعتاق والبيع الفاسد
ولا يجوز القضاء ببيعها بخلافه وتعتق من جميع المال وهو من الثلث وقيمتها ثلث قيمتها لو كانت قنة وهو : النصف في رواية والثلثان في أخرى والجميع في أخرى وعليها العدة إذا أعتقت أو مات السيد لا على المدبرة ولو استولد أم ولد مشترك : لا يملك نصيب صاحبه بالضمان بخلاف المدبر ويثبت نسب ولدها بالسكوت دون ولد المدبر ولا تعطى لدين المولى بعد موته بخلافه ولا يصح تدبيرها ويصح استيلاد المدبرة ولا يملك الحربي بيعها وله بيعه ولو استولد جارية ولده صح ولو صغيرا ولو دبر عبده لا (1/412)
ما افترق فيه البيع الفاسد والصحيح
يصح إعتاق البائع بعد قبض المشتري بتكرير لفظ العتق بخلافه في الصحيح ولو أمره المشتري بإعتاقه عنه ففعل عتق على البائع بخلافه في الصحيح ولو أمره المشتري بطحن الحنطة ففعل كان للبائع بخلافه في الصحيح ولو أمره بذبح الشاة ففعل كانت للبائع بخلافه في الصحيح ولو ابرأه عن القيمة بعد فسخ الفاسد ثم هلك المبيع فعليه القيمة وفي الصحيح لا شيء عليه ولا شفعة فيه بخلاف الصحيح (1/412)
ما افترق فيه الإمامة العظمى والقضاء
يشترط في الإمام أن يكون قرشيا بخلاف القاضي ولا يجوز تعدده في عصر واحد وجاز تعدد القاضي ولو في مصر واحد ولا ينعزل الإمام بالفسق بخلاف القاضي على قول (1/413)
ما افترق فيه القضاء والحسبة
للقاضي سماع الدعوى عموما وللمحتسب فيما يتعلق بنجس أو تنظيف أو غش ولا يسمع البينة ولا يحلف (1/413)
ما افترق فيه الشهادة والرواية
يشترط العدد فيها دون الرواية لا تشترط الذكورة في الرواية مطلقا وتشترط في الشهادة بالحدود والقصاص تشترط الحرية فيها دون الرواية ولا تقبل الشهادة لأصله وفرعه ورقيقه بخلاف الرواية للعالم الحكم بعلمه في الجرح والتعديل في الرواية اتفاقا بخلاف القضاء بعلمه ففيه اختلاف الأصح قبول الجرح المبهم من العالم به بخلافه في الشهادة لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا عند تعذر الأصل بخلاف الرواية إذا روى شيئا ثم رجع عنه لا يعمل به بخلاف الرجوع عن الشهادة قبل الحكم لا تقبل شهادة المحدود في قذف بعد التوبة وتقبل روايته (1/413)
ما افترق فيه حبس الرهن والمبيع
لو كان المبيع غائبا لا يلزم المشتري تسليم الثمن مطلقا والرهن إذا كان غائبا عن المصر وتلحق المرتهن مؤنة في إحضاره لم يلزمه إحضاره قبل أخذ الدين والمرتهن إذا أعار الرهن من الراهن لم يبطل حقه في الحبس فله رده بخلاف البائع إذا أعار المبيع أو أودعه من المشتري سقط حقه فلا يملك رده وهما في بيوع السراج الوهاج والبائع إذا قبض الثمن وسلم المبيع للمشتري ثم وجد فيه زيوفا أو بهرجة وردها ليس له استرداد المبيع وفي الرهن يسترده ولو قبضه المشتري بإذن البائع بعد نقد الثمن وتصرف فيه ببيع أو هبة ثم وجد البائع الثمن زيوفا ليس له إبطال تصرف المشتري بخلاف الرهن ذكره الاسبيجابي في البيوع و قاضي خان في الرهن (1/413)
ما افترق فيه الوكيل بالبيع والوكيل بقبض الدين
صح إبراء الأول من الثمن وحطه وضمن ولا يصح من الثاني صح من الأول قبول الحوالة لا من الثاني وصح من الأول أخذ الرهن لا من الثاني وصح منهما أخذ الكفيل وصح ضمان الوكيل بالقبض المديون فيه ولا يصح ضمان الوكيل في المبيع المشترى في الثمن وتقبل شهادة الوكيل بالقبض بالدين لا الوكيل بالبيع به وللمشتري مطالبة الوكيل بما دفعه له إذا سلمه للموكل بعد فسخ البيع بخيار بخلاف الوكيل بالقبض للثمن ولا يصح نهي الموكل المشتري عن الدفع إلى الوكيل بالبيع بخلاف الوكيل بالقبض للثمن (1/414)
ما افترق فيه النكاح والرجعة
لا يصح إلا بشهود بخلافها لا بد فيه من رضاها بخلافها لا مهر فيها بخلافه
لا تصح إلا للمعتدة بخلافه (1/414)
ما افترق فيه الوكيل والوصي
يملك الوكيل عزل نفسه لا الوصي بعد القبول لا يشترط القبول في الوكالة ويشترط في الوصاية ويتقيد الوكيل بما قيده الموكل ولا يتقيد الوصي ولا يستحق الوكيل أجرة على عمله بخلاف الوصي ولا تصح الوكالة بعد الموت والوصاية تصح وتصح الوصاية وان لم يعلم بها الوصي بخلاف الوكالة ويشرط في الوصي الإسلام والحرية والبلوغ والعقل ولا يشترط في الوكيل إلا العقل وإذا مات الوصي قبل تمام المقصود نصب القاضي غيره بخلاف موت الوكيل لا ينصب غيره إلا عن مفقود للحفظ وفي أن القاضي يعزل وصي الميت لخيانة أو تهمة بخلاف الوكيل وفي أن الوصي إذا باع شيئا من التركة فادعى المشتري أنه معيب ولا بينة فإنه يحلف على البتات بخلاف الوكيل فإنه يحلف على نفي العلم وهي في القنية
ولو أوصى لفقراء أهل بلخ فالأفضل للوصي ألا يجاوز بلخ فإن أعطى في كورة أخرى جاز على الأصح ولو أوصى بالتصدق على فقراء الحاج يجوز أن يتصدق على غيرهم من الفقراء ولو خص فقال : لفقراء هذه السكة لم يجز كذا في وصايا خزانة المفتين وفي الخانية : لو قال : لله تعالى علي أن أتصدق على جنس فتصدق على غيره لو فعل ذلك بنفسه جاز ولو أمر غيره بالتصدق ففعل المأمور ذلك ضمن المأمور انتهى
فهذا مما خالف فيه الوصي الوكيل ولو استأجر الموصي الوصي لتنفيذ الوصية كانت وصية له بشرط العمل وهي في الخانية ولو استأجر الموكل الوكيل فإن كان على عمل معلوم صحت وإلا : لا
ويجتمعان في أن كلا منهما أمين مقبول القول مع اليمين ويصح إبراؤهما عما وجب بعقدهما ويضمنان وكذا يصح حطهما وتأجيلهما ولا يصح ذلك منهما فيما لم يجب بعقدهما (1/414)
افترق فيه الوصي والوارث
اعلم أن الوصي والوارث يشتركان في الخلافة عن الميت في التصرف والوارث أقوى لملكه العين فلو أوصى بعتق عبد معين فلكل منهما إعتاقه لكن يملك الوارث إعتاقه تنجيزا وتعليقا وتدبيرا وكتابة ولا يملك الوصي إلا التنجيز وهي في التلخيص
ولا يملك الوارث بيع التركة لقضاء الدين وتنفيذ الوصية ولو في غيبة الوصي إلا بأمر القاضي وهي في الخانية
وصي القاضي كوصي الميت ويفترقان في أحكام ذكرناها في وصايا الفوائد
أمين القاضي كوصيه ويفترقان في أن الأمين لا تلحقه عهدة كالقاضي ووصيه تلحقه كوصي الميت
الحمد لله رب العالمين ولنختم هذا الفن بقواعد شتى من أبواب متفرقة وفوائد لم تذكر فيما سبق (1/415)
قاعدة : إذا أتى بالواجب وزاد عليه
قاعدة :
إذا أتى بالواجب وزاد عليه هل يقع الكل واجبا أم لا ؟
قال أصحابنا رحمهم الله تعالى : لو قرأ القرآن كله في الصلاة وقع فرضا ولو أطال الركوع والسجود فيها وقع فرضا
واختلفوا فيما إذا مسح جميع رأسه فقيل : يقع الكل فرضا والمعتمد : وقوع الربع فرضا والباقي سنة
واختلفوا في تكرار الغسل فقيل : يقع الكل فرضا والمعتمد : أن الأولى فرض والثانية مع الثالثة سنة مؤكدة
ولم أر الآن ما إذا أخرج بعيرا عن خمسة من الإبل هل يقع فرضا أو خمسة ؟ وأما إذا نذر ذبح شاة فذبح بدنة ولعل فائدته في النية : هل ينوي في الكل الوجوب أو لا ؟ وفي الثواب : هل يثاب على الكل ثواب الواجب ؟ أو ثواب النفل فيما زاد ؟ وفي مسألة الزكاة : لو استحق الاسترداد من العامل هل يرجع بقدر الواجب أو الكل ؟ ثم رأيتهم قالوا في الأضحية كما ذكره ابن وهبان معزيا إلى الخلاصة : الغني إذا ضحى بشاتين وقعت واحدة منهما فرضا والأخرى تطوعا : وقيل : الأخرى لحما انتهى
ولم أر حكم ما إذا وقف بعرفات أزيد من القدر الواجب أو زاد على حالهما في نفقة الزوجة أو كشف عورته في الخلاء زائدا على القدر المحتاج إليه هل يأثم على الجميع أو لا ؟ (1/415)
فائدة : في أقسام العلوم وحكم كل قسم
فائدة :
تعلم العمل يكون فرض عين : وهو بقدر ما يحتاج إليه لدينه وفرض كفاية : وهو ما زاد عليه لنفع غيره ومندوبا وهو التبحر في الفقه وعلم القلب وحراما : وهو علم الفلسفة والشعبذة والتنجيم والرمل وعلم الطبيعيين والسحر ودخل في الفلسفة : المنطق ومن هذا القسم : علم الحرف والموسيقى ومكروها : وهو أشعار المولدين من الغزل والبطالة
ومباحا : كأشعارهم التي لا سخف فيها
وكذا النكاح تدخله الأحكام الخمسة كما بيناه في شرح الكنز منه وكذا الطلاق تدخله وكذا القتل (1/416)
فائدة : عن الإمام البخاري فيما ينبغي لطالب العلم
فائدة
ذكر البزازي في المناقب عن الإمام البخاري : الرجل لا يصير محدثا كاملا إلا أن يكتسب أربعا مع أربع كأربع مع أربع في أربع عند أربع بأربع على أربع عن أربع لأربع وهذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلي بأربع فإذا صبر : أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع وأثابه في الآخرة بأربع
- أما الأولى : فأخبار الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وشرائعه وأخبار الصحابة ومقاديرهم والتابعين وأحوالهم وسائر العلماء وتواريخهم
- مع أربع : أسماء رجالهم وكناهم وأمكنتهم وأزمنتهم
- كأربع : التحميد مع الخطب والدعاء مع الترسل والتسمية مع السورة والتكبير مع الصلوات
- مع أربع : المسندات والمرسلات والموقوفات والمقطوعات
- في أربع : في صغره في إدراكه في شبابه وفي كهولته
- عند أربع : عند شغله عند فراغه عند فقره عند غناه
- بأربع : بالجبال بالبحار بالبراري بالبلدان
- على أربع : على الحجارة على الأخزاف على الجلود على الأكتاف إلى الوقت الذي يمكن نقلها إلى الأوراق
- عن أربع : عمن هو فوقه ودونه ومثله وعن كتاب أبيه إذا علم أنه خطه
- لأربع : لوجه الله تعالى ورضاه وللعمل به إن وافق كتاب الله تعالى ولنشرها بين طالبيها ولإحياء ذكره بعد موته
- ثم لا تتم له هذه الأشياء إلا بأربع من كسب العبد وهي : معرفة الكتابة واللغة والصرف والنحو
- مع أربع من عطاء الله تعالى : الصحة والقدرة والحرص والحفظ
- فإذا تمت له هذه الأشياء هانت عليه أربع : الأهل والولد والمال والوطن
- وابتلي بأربع : بشماتة الأعداء وملامة الأصدقاء وطعن الجهال وحسد العلماء
- فإذا صبر أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع : بعز القناعة وهيبة النفس ولذة العلم وحياة الأبد
وأثابه في الآخرة بأربع : بالشفاعة لمن أراد من إخوانه وبظل العرش حيث لا ظل إلا ظله والشرب من الكوثر وجوار النبيين في أعلى عليين
فإن لم يطق احتمال هذه المشاق فعليه بالفقه الذي يمكنه تعلمه وهو في بيته قار ساكن لا يحتاج إلى بعد أسفار وطي ديار وركوب بحار وهو مع ذلك ثمرة الحديث وليس ثواب الفقيه وعزه أقل من ثواب المحدث وعزه انتهى (1/416)
فائدة : في اعتقاد الإنسان في مذهبه و مذهب غيره
فائدة :
قال في آخر المستصفى : إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفينا في الفروع يجب علينا أن نجيب : بان مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل الصواب لأنك لو قطعت القول لم يصح قولنا : إن المجتهد يخطىء ويصيب وإذا سألنا عن معتقدنا ومعتقد خصومنا في العقائد يجب علينا أن نقول : الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا وهكذا نقل عن المشايخ رحمهم الله تعالى انتهى (1/418)
قاعدة : المفرد المضاف يعم في مسائل و لا يعم في أخرى
قاعدة :
المفرد المضاف إلى معرفة : للعموم صرحوا به في الاستدلال على أن الأمر للوجوب في قوله تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } أي : كل أمر لله تعالى
ومن فروعه الفقهية : لو أوصى لولد زيد أو وقف على ولده وكان له أولاد ذكور وإناث : كان للكل ذكره في فتح القدير من الوقف وقد فرعته على القاعدة
ومن فروعها : لو قال لامرأته : إن كان حملك ذكرا فأنت طالق واحدة وإن كان أنثى فثنتين فولدت ذكرا وأنثى قالوا : لا تطلق لأن الحمل اسم للكل فما لم يكن الكل غلاما أو جارية لم يوجد الشرط ذكره الزيلعي من باب التعليق وهو موافق للقاعدة ففرعته عليها ولو قلنا بعدم العموم للزم وقوع الثلاث
وخرج عن القاعدة : لو قال : زوجتي طالق أو عبدي حر طلقت واحدة وعتق واحد والتعيين إليه ومقتضاها طلاق الكل وعتق الجميع وفي البزازية من الأيمان : إن فعلت كذا فامرأته طالق : وله امرأتان فأكثر طلقت واحدة والبيان إليه انتهى وكأنه إنما خرج هذا الفرع عن الأصل لكونه من باب الأيمان المبنية على العرف كما لا يخفى (1/418)
فائدة : العلوم ثلاثة
فائدة :
قال بعض المشايخ : العلوم ثلاثة : علم نضج وما احترق وهو علم النحو وعلم الأصول وعلم لا نضج ولا احترق وهو علم البيان والتفسير وعلم نضج واحترق وهو علم الفقه والحديث (1/419)
ثلاثة من الدناءة
فائدة :
من الجوهرة : قال محمد رحمه الله تعالى : ثلاثة من الدناءة استقراض الخبز
والجلوس على باب الحمام والنظر في مرآة الحجام (1/419)
فائدة : ليس من الحيوان من يدخل الجنة إلا خمسة
فائدة :
من المستطرف : ليس من الحيوان من يدخل الجنة إلا خمسة : كلب أصحاب الكهف وكبش إسماعيل وناقة صالح وحمار عزير وبراق النبي صلى الله عليه و سلم (1/419)
فائدة : المؤمن يقطعه خمسة
فائدة :
منه : المؤمن يقطعه خمسة : ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى (1/419)
فائدة : في الدعاء لرفع الطاعون
فائدة :
في الدعاء برفع الطاعون : سئلت عنه في طاعون سنة تسع وستين وتسعمائة بالقاهرة فأجبت بأني لم أره صريحا ولكن صرح في الغاية وعزاه الشمني إليها إذا نزل بالمسلمين نازلة : قنت الإمام في صلاة الفجر وهو قول الثوري و أحمد وقال جمهور أهل الحديث : القنوت عند النوازل مشروع في الصلاة كلها انتهى وفي فتح القدير أن مشروعية القنوت للنازلة مستمر لم ينسخ وبه قال جماعة من أهل الحديث وحملوا عليه حديث [ أبي جعفر عن أنس رضي الله عنهما ما زال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقنت حتى فارق الدنيا ] أي عند النوازل وما ذكرنا من أخبار الخلفاء يفيد تقرره لفعلهم ذلك بعده صلى الله عليه و سلم وقد قنت الصديق رضي الله عنه في محاربة الصحابة رضي الله عنهم مسيلمة الكذاب وعند محاربة أهل الكتاب وكذلك قنت عمر رضي الله عنه وكذلك قنت علي رضي الله عنه في محاربة معاوية وقنت معاوية في محاربته انتهى
فالقنوت عندنا في النازلة ثابت وهو : الدعاء برفعها ولا شك أن الطاعون من أشد النوازل قال في المصباح : النازلة : المصيبة الشديدة تنزل بالناس انتهى وفي القاموس النازلة : الشديدة انتهى وفي الصحاح : النازلة : الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس انتهى وذكر في السراج الوهاج : قال الطحاوي : ولا يقنت في الفجر عندنا من غير بلية فإن وقعت بلية فلا بأس به كما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنه قنت شهرا فيها يدعو على رعل و ذكوان و بني لحيان ثم تركه كذا في الملتقط انتهى
فإن قلت هل له صلاة ؟ قلت : هو كالخسوف لما في منية المفتي قبيل الزكاة :
في الخسوف والظلمة في النهار واشتداد الريح والمطر والثلج والإفزاع وعموم المرض يصلى وحدانا انتهى ولا شك أن الطاعون من قبيل عموم المرض فتسن له ركعتان فرادى وذكر الزيلعي في خسوف القمر أنه يتضرع كل واحد لنفسه وكذا في الظلمة الهائلة بالنهار والريح الشديدة والزلازل والصواعق وانتشار الكواكب والضوء الهائل بالليل والثلج والأمطار الدائمة وعموم الأمراض والخوف الغالب من العدو ونحو ذلك من الأفزاع والأهوال : لأن كل ذلك من الآيات المخوفة انتهى
فإن قلت : هل يشرع الاجتماع للدعاء برفعه كما يفعله الناس بالقاهرة بالجبل ؟ قلت :
هو كخسوف القمر وقد قال في خزانة المفتين : والصلاة في خسوف القمر تؤدى فرادى وكذلك في الظلمة والريح والفزع لا بأس بأن يصلى فرادى ويدعون ويتضرعون إلى أن يزول ذلك انتهى فظاهره أنهم يجتمعون للدعاء والتضرع لأنه أقرب إلى الإجابة وإن كانت الصلاة فرادى
وفي المجتبى في خسوف القمر : وقيل الجماعة جائزة عندنا لكنها ليست سنة انتهى
وفي السراج الوهاج : يصلي كل واحد لنفسه في خسوف القمر وكذا في غير الخسوف من الأفزاع : كالريح الشديد والظلمة الهائلة والخوف من العدو والأمطار الدائمة والأفزاع الغالبة وحكمها : حكم خسوف القمر كذا في الوجيز وحاصله : أن العبد ينبغي له ان يفزع إلى الصلاة عند كل حادثة فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا حزبه أمر صلى انتهى
وذكر شيخ الإسلام العيني رحمه الله في شرح الهداية : الريح الشديدة والظلمة الهائلة بالنهار والثلج والأمطار الدائمة والصواعق والزلازل وانتشار الكواكب والضوء الهائل بالليل وعموم الأمراض وغير ذلك من النوازل والأهوال والأفزاع إذا وقعن صلوا وحدانا وسألوا وتضرعوا وكذا في الخوف الغالب من العدو انتهى
فقد صرحوا بالاجتماع والدعاء بعموم الأمراض وقد صرح شارحو البخاري و مسلم والمتكلمون على الطاعون كابن حجر بأن الوباء اسم لكل مرض عام وأن كل طاعون وباء وليس كل وباء طاعونا انتهى
فتصريح أصحابنا بالمرض العام بمنزلة تصريحهم بالوباء وقد علمت أنه يشمل الطاعون وبه علم جواز الاجتماع للدعاء برفعه لكن يصلون فرادى ركعتين بنية ركعتي رفع الطاعون وصرح ابن حجر بان الاجتماع للدعاء برفعه بدعة وأطال الكلام فيه
وقد ذكر شيخ الإسلام العيني رحمه الله تعالى في شرح البخاري سببه وحكم من مات به ومن أقام في بلده صابرا محتسبا ومن خرج من بلد هو فيها ومن دخلها وبذلك علم أن أصحابنا رحمهم الله لم يهملوا الكلام على الطاعون وقد أوسع الكلام فيه الإمام الشبلي رحمه الله تعالى قاضي القضاة من الحنفية كما ذكره شيخ الإسلام ابن حجر في كتابه المسمى بذل الماعون في فوائد فصل الطاعون وقد طالعته في تلك السنة من أوله إلى آخره وقد ذكر فيه أن المرجح عند متأخري الشافعية : أن الطاعون إذا ظهر في بلد أنه مخوف إلى أن يزول عنها : فتعتبر تصرفاته من الثلث كالمريض وعند المالكية :
روايتان والمرجح منهما عندهم : أن حكمه حكم الصحيح وأما الحنفية فلم ينصوا على خصوص المسألة ولكن قواعدهم تقتضي أن يكون الحكم كما هو المصحح عند المالكية وهكذا قال لي جماعة من علمائهم انتهى
قلت : إنما كانت قواعدنا أنه في حكم الصحيح لأنهم قالوا في باب طلاق المريض :
لو طلق الزوج وهو محصور أو في صف القتال لا يكون في حكم المريض فلا ميراث لزوجته لأن الغالب السلامة بخلاف من بارز رجلا أو قدم ليقتل بقود أو رجم فإنه في حكم المريض لأن الغالب الهلاك انتهى
وغاية الأمر في الطاعون : أن يكون من نزل ببلدهم كالواقفين في صف القتال : فلذا قال جماعة من علمائنا لابن حجر : إن قواعدنا تقتضي أن يكون كالصحيح يعني : قبل نزوله بواحد أما إذا طعن واحد فهو مريض حقيقة وليس الكلام فيه إنما هو فيمن لم يطعن من أهل البلد الني نزل بهم الطاعون
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن حجر رحمه الله تعالى في ذلك الكتاب : المسألة الثالثة تستنبط من أحد الأوجه في النهى عن الدخول إلى بلد الطاعون وهو منع التعرض إلى البلاء
ومن الأدلة الدالة على مشروعية الدواء : التحرز في أيام الوباء من أمور أوصى بها حذاق الأطباء مثل : إخراج الرطوبات الفضلية وتقليل الغذاء وترك الرياضة والمكث في الحمام وملازمة السكون والدعة وأن لا يكثر من استنشاق الهواء الذي هو عفن وصرح الرئيس أبو علي ابن سينا بأن أول شيء يبدأ به في علاج الطاعون : الشرطة إن أمكن فيسيل ما فيه ولا يترك حتى يجمد فتزداد سميته فإن احتيج إلى مصه بالمحجمة فليفعل بلطف وقال أيضا : يعالج الطاعون بما يقبض ويبرد وبأسفنجة مغموسة في خل وماء أو دهن ورد أو دهن تفاح أو دهن آس ويعالج بالاستفراغ بالفصد بما يحتمله الوقت أو يؤجر ما يخرج الخلط ثم يقبل على القلب بالحفظ والتقوية بالمبردات والمعطرات ويجعل على القلب من أدوية أصحاب الخفقان الجائر
قلت : وقد أغفل الأطباء في عصرنا وما قبله هذا التدبير فوقع التفريط الشديد من تواطئهم على عدم التعرض لصاحب الطاعون بإخراج الدم حتى شاع ذلك فيهم وذاع بحيث صار عامتهم تعتقد تحريم ذلك وهذا النقل عن رئيسهم يخالف ما اعتمدوه والعقل يوافقه كما تقدم أن الطعن يثير الدم الكائن فيهيج في البدن فيصل إلى مكان منه ثم يصل أثر ضرره إلى القلب فيقتل ولذلك قال ابن سينا لما ذكر العلاج بالشرطة والفصد : إنه واجب انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله
وفي البزازية : إذا تزلزلت الأرض وهو في بيته يستحب له الفرار إلى الصحراء لقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وفيه قيل : الفرار مما لا يطاق : من سنن المرسلين انتهى وهو يفيد جواز الفرار من الطاعون إذا نزل ببلدة
والحديث في الصحيحين بخلافه [ وروى العلائي في فتاواه أنه صلى الله عليه و سلم مر بهدف مائل فأسرع المشي فقيل له : أتفر من قضاء الله تعالى ؟ فقال عليه الصلاة و السلام : فراري إلى قضاء الله تعالى أيضا ] انتهى (1/419)
فائدة : في الكنائس إذا هدمت
فائدة :
نقل الإمام السبكي رحمه الله الإجماع على أن الكنيسة إذا هدمت ولو بغير وجه لا يجوز إعادتها كما ذكره الأسيوطي في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة عند ذكر الأمراء
قلت : يستنبط من ذلك أنها إذا قفلت ولو بغير وجه لا تفتح كما وقع ذلك في عصرنا بالقاهرة في كنيسة بحارة زويلة قفلها الشيخ محمد بن إلياس قاضي القضاة رحمه الله فلم تفتح إلى الآن حتى ورد عليه الأمر السلطاني بفتحها فلم يتجاسر حاكم على فتحها ولا ينافي ما نقله السبكي من الإجماع قول أصحابنا رحمهم الله : ويعاد المنهدم لأن الكلام فيما هدمه الإمام لا فيما انهدم فليتأمل
فائدة : (1/423)
هل يمنع أهلية الشهادة و القضاء و الإمارة وغير ذلك
الفسق لا يمنع أهلية الشهادة والقضاء والإمرة والسلطنة والإمامة والولاية في مال الولد و التولية على الأوقاف ولا تحل توليته كما كتبناه في الشرح وإذا فسق لا ينعزل وإنما يستحقه بمعنى : أنه يجب عزله أو يحسن عزله إلا الأب السفيه فإنه لا ولاية له في مال ولده كما في وصايا الخانية
وقست عليه النظرة فلا نظر له في الوقف وإن كان ابن الواقف المشروط له لأن
تصرفه لنفسه لا ينفذ فكيف يتصرف في غير ملكه ولا يؤتمن على ماله ولذا لا يدفع الزكاة بنفسه ولا ينفق على نفسه كما ذكروه في محله فكيف يؤتمن على مال الوقف ؟
وفي فتح القدير : الصالح للنظر : من لم يسأل الولاية للوقف وليس فيه فسق يعرف ثم قال : وصرح بأنه مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشرب الخمر ونحوه انتهى
والظاهر : أن يخرج مبني لما لم يسم فاعله فيخرجه القاضي لا أنه ينعزل به لما عرف في القاضي
ثم أعلم أن السفه لا يستلزم الفسق لما في الذخيرة من حجر السفيه المبذر المضيع لماله سواء كان في الشر : بأن جمع أهل الشراب والفسقة في داره ويطعمهم ويسقيهم ويسرف في النفقة ويفتح باب الجائزة والعطاء عليهم أو في الخيرة بأن يصرف ماله في بناء المساجد وأشباه ذلك فيحجر عليه القاضي صيانة لماله انتهى
وذكر الزيلعي أن السفيه من عادته التبذير والإسراف في النفقة وأن يتصرف تصرفا لا لغرض أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا مثل : دفع المال إلى المغني واللعاب وشراء الحمام الطيارة بثمن غال والغبن في التجارات من غير محمدة وأصل المسامحات في التصرفات والبر والإحسان مشروع والإسراف حرام كالإسراف في الطعام و الشراب انتهى
والغفلة من أسباب الحجر عندهما أيضا والغافل ليس بمفسد ولا يقصده لكنه لا يهتدي إلى التصرفات الرابحة فيغبن في البياعات لسلامة قلبه ذكره الزيلعي أيضا ولم أر حكم شهادة السفيه ولا شك أنه إن كان مضيعا لماله في الشر فهو فاسق لا تقبل شهادته وإن كان في الخير فتقبل وإن كان مغفلا لا تقبل شهادته
لكن هل المراد بالمغفل في الشهادة : المغفل في الحجر ؟ قال في الخانية : ومن اشتدت غفلته : لا تقبل شهادته انتهى وفي المغرب : رجل مغفل على اسم المفعول : من التغفيل وهو الذي لا فطنة له انتهى وفي المصباح : الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له انتهى
والظاهر : أن المغفل في الحجر غيره في الشهادة وهو أنه في الحجر : من لا يهتدي إلى التصرف الرابح وفي الشهادة : من لا يتذكر ما رآه أو سمعه فلا قدرة له على ضبط المشهود به (1/423)
فائدة : في الصلاة على ميت موضوع على دكان
فائدة :
لا تكره الصلاة على ميت موضوع على دكان ولا ينافيه قولهم : إن له حكم الإمام وهو يكره انفراده على الدكان لأنه معلل بالتشبيه بأهل الكتاب وهو مفقود هنا والأصل عدم الكراهة و به أفتيت (1/425)
فائدة : الفرق بين علم القضاء وفقه القضاء
فائدة :
ذكر الأبي من القضاء في شرح مسلم : الفرق بين علم القضاء وفقه القضاء فرق ما بين الأخص والأعم ففقه القضاء أعم : لأنه العلم بالأحكام الكلية وعلم القضاء
الفقه بالأحكام الكلية مع العلم بكيفية تنزيلها على النوازل الواقعة
ومن هذا المعنى ما ذكره ابن الدقيق : أن أمير إفريقية استفتى أسد بن الفرات في دخوله الحمام مع جواريه دون ساتر له ولهن فأفتاه بالجواز لأنهن ملكه وأجاب أبو محرز بمنع ذلك وقال له : إن جاز للملك النظر إليهن وجاز لهن النظر إليه لم يجز لهن نظر بعضهن إلى بعض
فأهمل أسد إعمال النظر في هذه الصورة الجزئية فلم يعتبرها لهن فيما بينهن واعتبرها أبو محرز رحمه الله والفرق المذكور هو أيضا الفرق بين علم الفتيا وفقه الفتيا ففقه الفتيا هو : العلم بالأحكام الكلية وعلمها هو : العلم بتلك الأحكام مع ترتيبها على النوازل
ولما ولي الشيخ الفقيه الصالح أبو عبد الله بن شعيب رحمه الله قضاء القيروان - ومحل تحصيله في الفقه وأصوله شهيرة - فلما جلس الخصوم إليه وفصل بينهم دخل منزله مقبوضا فقالت له زوجته : ما شأنك ؟ فقال لها : عسر علي علم القضاء فقالت له :
رأيت الفتيا عليك سهلة اجعل الخصمين كمستفتيين سألاك قال : فاعتبرت ذلك فسهل علي انتهى (1/425)
فائدة : شروط الإمامة : المتفق عليها و المختلف فيها
فائدة :
ذكر الآمدي أن شروط الإمامة المتفق عليها ثمانية : الاجتهاد في الأحكام الشرعية وأن يكون بصيرا بأمر الحروف وتدبير الجيوش وأن تكون له قوة بحيث لا تهوله إقامة الحدود وضرب الرقاب وإنصاف المظلوم من الظالم وأن يكون عدلا ورعا بالغا ذكرا حرا نافذ الحكم مطاعا قادرا على من خرج عن طاعته
وأما المختلف فيها فكونه : قرشيا وهاشميا ومعصوما وأفضل أهل زمانه ذكره الأبي من كتاب الإمامة (1/426)
فائدة : كل إنسان غير الأنبياء لم يعلم ما أراد الله به
فائدة :
كل إنسان غير الأنبياء لم يعلم ما أراد الله تعالى له وبه لأن إرادته غيب عنا إلا الفقهاء فإنهم علموا إرادته تعالى بهم بخبر الصادق المصدوق [ لقوله صلى الله عليه و سلم : من يرد الله تعالى به خيرا يفقهه في الدين ] كذا في أول شرح البهجة للعراقي (1/426)
فائدة : إذا ولى السلطان مدرسا ليس بأهل
فائدة :
إذا ولى السلطان مدرسا ليس بأهل لم تصح توليته لما قدمناه من أن فعله مقيد بالمصلحة ولا مصلحة في تولية غير الأهل : خصوصا أنا نعلم من سلطان زماننا أنه إنما يولي المدرس على اعتقاد الأهلية فكأنها كالمشروطة وقد قالوا في كتاب القضاء : لو ولى السلطان قاضيا عدلا ففسق انعزل لأنه لما اعتمد عدالته صارت كأنها مشروطة وقت التولية قال ابن الكمال : وعليه الفتوى فكذلك يقال إن السلطان اعتمد أهليته
فإذا لم تكن موجودة لم يصح تقريره خصوصا إن كان المقرر عن مدرس أهل فإن الأهل لم ينعزل وصرح البزازي في الصلح أن السلطان إذا أعطى غير المستحق فقد ظلم مرتين : بمنع المستحق و إعطاء غير المستحق وقد قدمنا عن رسالة أبي يوسف رحمه الله إلى هرون الرشيد أن الإمام ليس له أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف وعن فتاوى قاضي خان : أن أمر السلطان إنما ينفذ إذا وافق الشرع وإلا فلا ينفذ وفي مفيد النعم ومبيد النقم المدرس إذا لم يكن صالحا للتدريس لم يحل له تناول المعلوم ولا يستحق الفقهاء المنزلون معلوما لأن مدرستهم شاغرة من مدرس انتهى
وهذا كله مع قطع النظر عن شرط الواقف في المدرس أما إذا علم شرطه ولم يكن المقرر متصفا به لم يصح تقريره وأن كان أهلا للتدريس لوجوب اتباع شرطه
والأهلية للتدريس لا تخفى على من له بصيرة والذي يظهر أنها بمعرفة منطوق الكلام ومفهومه وبمعرفة المفاهيم وأن يكون له سابقة اشتغال على المشايخ رحمهم الله بحيث صار يعرف الاصطلاحات ويقدر على أخذ المسائل من الكتب وأن يكون له قدرة على أن يسأل ويجيب إذا سئل ويتوقف ذلك على سابقة اشتغال في النحو والصرف بحيث صار يعرف الفاعل من المفعول إلى غير ذلك واذا قرأ لا يلحن وإذا لحن قارىء بحضرته رد عليه (1/427)
فائدة : ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم
فائدة :
ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم : رجل له امرأة سيئة الخلق فلا يطلقها ورجل أعطى مالا سفيها ورجل داين رجلا ولم يشهد كذا في حجر المحيط (1/428)
فائدة : كل شيء يسأل عنه العبد يوم القيامة إلا العلم
فائدة :
كل شيء يسأل عنه العبد يوم القيامة إلا العلم فإن الله تعالى لا يسأل عنه لأنه طلب من نبيه أن يطلب الزيادة منه قال الله تعالى { وقل رب زدني علما } فكيف يسأله عنه ذكره في الفصوص (1/428)
فائدة : هل يجوز وضع خزانة في المسجد
فائدة :
سئلت عن مدرسة بها صفة لا يصلي فيها أحد ولا يدرس والقاضي جالس فيها للحكم فهل له وضع الخزانة فيها لحفظ المحاضر والسجلات للنفع العام ؟ أو لا ؟ فأجبت بالجواز أخذا من قولهم : لو ضاق الطريق على المارة والمسجد واسع فلهم أن يوسعوا الطريق من المسجد ومن قولهم : لو وضع أثاث بيته ومتاعه في المسجد للخوف في الفتنة العامة جاز ولو كان الحبوب ومن قولهم بأن القضاء في الجامع أولى وقالوا :
للناظر أن يؤجر فناءه للتجار ليتجروا فيه لمصلحة المسجد وله وضع السرير بالإجارة في فنائه ولا شك أن هذه الصفة من الفناء وحفظ السجلات من النفع العام
فهم جوزوا جعل بعض المسجد طريقا دفعا للضرر العام وجوزوا اشتغاله بالحبوب والأثاث والمتاع دفعا للضرر الخاص وجوزوا وضع النعل على رفه وصرحوا بأن القضاء بالجامع أولى من القضاء في بيته وصرحوا بأن القاضي يضع قمطره عن يمينه إذا جلس فيه للقضاء وهو : ما فيه السجلات والمحاضر والوثائق : فجوزوا اشتغال بعضه بها فإذا كثرت وتعذر حملها كل يوم من بيت القاضي إلى الجامع دعت الضرورة إلى حفظها به (1/428)
فائدة : معنى قول العلماء الأشبه به ؟
فائدة :
معنى قولهم : الأشبه : أنه أشبه بالمنصوص رواية والراجح دراية فيكون الفتوى عليه كذا في قضاء البزازية (1/429)
فائدة : إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه إلا في مسائل
فائدة :
إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه وهو معنى قولهم : إذا بطل المتضمن بالكسر بطل المتضمن بالفتح
قالوا : لو أبرأه أو أقر له ضمن عقد فاسد فسد الإبراء كما في البزازية
وقالوا : التعاطي ضمن عقد فاسد أو باطل لا ينعقد به البيع كما في الخلاصة
وقالوا : لو قال : بعتك دمي بألف فقتله وجب القصاص كما في خزانة المفتين ولا يعتبر ما في ضمنه من الإذن بقتله فإنه لو قال : اقتلني فقتله لا قصاص عليه لبطلانه فبطل ما في ضمنه
وقالوا كما في الخزانة : لو آجر الموقوف عليه ولم يكن ناظرا لم تصح وإن أذن للمستأجر في العمارة فأنفق لم يرجع على أحد وكان متطوعا فقلت لأن الإجارة لما لم تصح لم يصح ما في ضمنها
وقالوا : لو جدد النكاح لمنكوحته بمهر لم يلزمه فقلت : لأن النكاح الثاني لم يصح فلم يلزم ما في ضمنه من المهر وقد استثنى في القنية مسألتين يلزم فيهما : لو جدد للزيادة لا للاحتياط ولو قال لها : أبرئيني فإني أمهرك مهرا جديدا فأبرأته فجدد لها في هذه الصورة وقعت حادثة : اشترى جامعا مع أوقافه ووقفه وضمه إلى وقف آخر وشرط له شروطا فأفتيت ببطلان شروطه لبطلان المتضمن وهو : شراء الجامع ووقفه فبطل ما في ضمنه وقالوا : لو اشترى يمينه بمال لم يجز وكان له أن يستحلفه انتهى قلت : لأن الشراء لما بطل بطل ما في ضمنه من إسقاط اليمين ثم قلت :
يمكن أن يفرع عليه : لو باع وظيفته في الوقف لم يصح ولا يسقط حقه منها تخريجا على هذه
وخرج عنها ما ذكره في البيوع : لو باعه الثمار وآجره الأشجار طاب له تركها مع بطلان الإجارة فمقتضى القاعدة : ألا يطيب لثبوت الإذن في ضمن الإجارة
وما ذكروه في المكاتب : لو أبرأه المولى عن بدل الكتابة فلم يقبل عتق وبقي البدل مع أن الإبراء متضمن للعتق وقد بطل المتضمن بالرد ولم يبطل ما في ضمنه من العتق
وما ذكروه في الشفعة : لو صولح الشفيع بمال لم يصح لكن كان إسقاطا للشفعة مع أن المتضمن للإسقاط صلحه وقد بطل ولم يبطل ما في ضمنه
وقالوا : لو باع شفعته بمال لم يصح وسقطت فقد بطل المتضمن ولم يبطل المتضمن
وقالوا : لو قال العنين لامرأته أو المخير للمخيرة : اختاري ترك الفسخ بألف فاختارت لم يلزم المال وسقط خيارها فقد بطل التزام المال لا ما في ضمنه
وقالوا : الكفالة بالنفس بمنزلة الشفعة على الصحيح فلا يجب المال وتسقط (1/429)
فائدة : المبني على الفاسد فاسد إلا في مسائل
يقرب من هذه القاعدة قولهم : المبني على الفاسد فاسد ويستثنى منها مسألة : الدفع الصحيح للدعوى الفاسدة صحيح على المختار وقيل : لا لأن البناء على الفاسد فاسد
ذكره البزازي في الدعوى وقد بينت في الشرح فائدة صحته بعد فسادها في المسألة المخمسة (1/430)
فائدة : إذا اجتمع الحقان ما يقدم منهما
فائدة :
إذا اجتمع الحقان قدم حق العبد لاحتياجه على حق الله تعالى لغناه بإذنه إلا فيما إذا أحرم وفي ملكه صيد وجب إرساله حقا لله تعالى ومنهم من يقول إنه من باب الجمع بينهما لا الترجيح ولذا يرسله على وجه لا يضيع والله سبحانه وتعالى أعلم
تم الفن الثالث من الأشباه والنظانر ويليه الفن الرابع وهذا آخر ما رأيناه (1/430)
الفن الرابع : الألغاز
الحمد لله أولا و آخرا والصلاة والسلام على من كملت محاسنه باطنا وظاهرا
وبعد :
فهذا هو الفن الرابع من الأشباه والنظائر وهو : فن الألغاز - جمع لغز -
قال في الصحاح : ألغز في كلامه إذا عمى مراده والاسم : اللغز والجمع الألغاز
مثل : رطب وأرطاب وأصل اللغز : جحر اليربوع بين القاصعاء والنافقاء يحفر مستقيما إلى أسفل ثم يعدل عن يمينه وشماله عروضا يعترضها فيخفي مكانه بتلك الألغاز انتهى
وقد طالعت قديما حيرة الفقهاء و العمدة فرأيتهما اشتملا على كثير من ذلك ثم رأيت قريبا الذخائر الأشرفية في الألغاز للسادة الحنفية لشيخ الإسلام عبد البر بن الشحنة فانتخبت منها أحسنها باختصار تاركا لما فرع على قول ضعيف أو كان ظاهرا (1/431)
كتاب الطهارة
- ما أفضل المياه ؟ فقل : ما نبع من أصابعه صلى الله عليه و سلم
- أي حوض صغير لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه ؟ فقل حوض الحمام إذا كان الغرف منه متداركا
- أي حيوان إذا خرج من البئر حيا نزح الجميع وإن مات لا ؟ فقل : الفأرة إن كانت هاربة من الهرة فينزح كله و إلا لا
- أي بئر يجب نزح دلو واحد منها ؟ فقل : بئر صب فيها الدلو الأخير من بئر تنجست بموت نحو فأرة
- أي ماء كثير لا يجوز الوضوء به وان نقص ؟ فقل : هو ماء حوض أعلاه ضيق وأسفله عشر في عشر
- أي ماء طهور يجوز الوضوء به ولا يجوز شربه ؟ فقل : ماء مات فيه ضفدع بحري وتفتت (1/431)
كتاب الصلاة
- أي تكبير لا يكون به شارعا فيها ؟ فقل : تكبير التعجب دون التعظيم
- أي مكلف لا يجب عليه العشاء والوتر ؟ فقل : من كان في بلد إذا غربت الشمس فيه طلعت
- أي مصل تفسد صلاته بقراءة القرآن ؟ فقل : من سبقه الحدث فقرأ في ذهابه
- أي صلاة قراءة بعض السورة فيها أفضل من سورة ؟ فقل : التراويح لاستحباب الختم في رمضان فإذا قرأ بعض سورة كان أفضل من قراءة سورة الإخلاص ويمكن أن يقال في غيرها أيضا لأن البعض إذا كان أكثر آيات كان أفضل
- أي صلاة أفسدت خمسا ؟ وأي صلاة صححت خمسا ؟ فقل : رجل ترك صلاة وصلى بعدها خمسا ذاكرا للفائتة فإن قضى الفائتة فسدت الخمس وإن صلى السادسة قبل قضائها صحت الخمس و لي فيه كلام في شرح الكنز
- أي صلاة فسدت أصلحها الحدث ؟ فقل : مصلي الأربع إذا قام إلى الخامسة قبل القعود قدر التشهد فوضع جبهته فأحدث قبل الرفع تمت ولو رفع قبل الحدث فسد وصف الفريضة وفيه قال أبو يوسف رحمه الله تعالى : هذه صلاة فسدت أصلحها الحدث
تعجبا من قول محمد رحمه الله تعالى به
- أي مصل قال : نعم ولم تفسد صلاته ؟ فقل : من اعتادها في كلامه
- أي مصل متوضىء إذا رأى الماء فسدت صلاته ؟ فقل المقتدي بإمام متيمم إذا رآه دون إمامه
- أي امرأة تصلح لإمامة الرجال ؟ فقل : إذا قرأت آية سجدة سجدت وتبعها السامعون
- أي فريضة يجب أداؤها ويحرم قضاؤها ؟ فقل : الجمعة وإنما يقضى الظهر
- أي رجل كرر آية سجدة في مجلس واحد وتكرر الوجوب عليه ؟ فقل : إذا تلاها خارج الصلاة وسجد لها ثم أعادها في الصلاة (1/432)
كتاب الزكاة
- أي مال وجبت فيه زكاته ثم سقطت بعد الحول ولم يهلك ؟ فقل : الموهوب إذا رجع الواهب فيه بعد الحول ولا زكاة على الواهب أيضا
- أي نصاب حولي فارغ عن الدين ولا زكاة فيه ؟ فقل : المهر قبل القبض أو مال الضمار
- أي رجل يزكي ويحل له أخذها ؟ فقل : من يملك نصاب سائمة لا تساوي مائتي درهم
- أي رجل ملك نصابا من النقد وحلت له ؟ فقل : من له ديون لم يقبضها
- أي رجل ينبغي له إخفاء إخراجها عن بعض دون بعض ؟ فقل : المريض إذا خاف من ورثته يخرجها سرا عنهم
- أي رجل يستحب له إخفاؤها ؟ فقل : الخائف من الظلمة لئلا يعلموا كثرة ماله
- أي رجل غني عند الإمام فلا تحل له فقير عند محمد رحمه الله ؟ فتحل له ؟ فقل : من له دور يستغلها ولا يملك نصابا (1/433)
كتاب الصوم
- أي رجل أفطر بلا عذر ولا كفارة عليه ؟ فقل : من رآه وحده ورد القاضي شهادته
ولك أن تقول : من كان في صحة صومه اختلاف
- أي رجل نوى رمضان في وقت النية ووقع نفلا ؟ فقل : من بلغ بعد الطلوع
- أي صائم ابتلع ريق غيره وعليه الكفارة ؟ فقل : من ابتلع ريق حبيبه
- أي صائم أفطر ولا قضاء عليه ؟ فقل : من شرع فيه مظنونا كمن شرع بنية القضاء فتبين أن لا قضاء عليه
- أي رجل نوى التطوع في وقته ولم يصح ؟ فقل : الكافر إذا أسلم قبل الزوال ونواه (1/434)
كتاب الحج
- أي قارن لا دم عليه ؟ فقل : من أحرم بهما قبل وقته ثم أتى بأفعالهما في وقته
- أي فقير يلزمه الاستقراض للحج ؟ فقل : من كان غنيا ووجب عليه ثم استهلكه
- أي آفاقي جاوز الميقات بلا إحرام ولا دم عليه ؟ فقل : من لم يقصد دخوله مكة أو من جاوز أول المواقيت (1/434)
كتاب النكاح
- أي أب زوج ابنته من كفء ولم ينفذ عند الإمام رحمه الله ؟ فقل : الأب السكران إذا زوجها بأقل من مهر مثلها
- أي امرأة أخذت ثلاثة مهور من ثلاثة أزواج في يوم واحد ؟ فقل : امرأة حامل طلقت ثم وضعت فلها كمال المهر ثم تزوجت وطلقت قبل الدخول ثم تزوجت فمات
- أي رجل مات عن أربع نسوة واحدة منهن : تطلب المهر والميراث والثانية : لا مهر لها ولا ميراث والثالثة : لها المهر دون الميراث والرابعة : لها الميراث دون المهر ؟ فقل : هو عبد زوجه مولاه أمته ثم أعتقه ثم تزوج حرة ونصرانية
- أي صغير توقف النكاح على إجازته ؟ فقل : المكاتب الصغير إذا زوجه مولاه
- أي أب زوج بنته فلم يرض الولي فبطل ؟ فقل : العبد
- أي جماع لا يوجب حرمة المصاهرة ؟ فقل : جماع الصغيرة والميتة
- أي مطلقة ثلاثا دخل بها الثاني ولم تحل ؟ فقل : إذا كان العقد فاسدا
- أي معتدة امتنعت رجعتها ولم تحل لغيره ؟ فقل : إذا اغتسلت وبقيت لمعة بلا غسل (1/434)
كتاب الطلاق
أي رجل طلق ولم يقع ؟ فقل : إذا قال : عنيت الإخبار كاذبا
- أي رجل قال : كل امرأة أتزوجها حتى تقوم الساعة فهي طالق فتزوج ولم يقع ؟ فقل : إذا كان قصد تلك الساعة التي هو فيها وهذا إذا سكن
- أي رجل له امرأتان أرضعت إحداهما صبيا ؟ حرمت الأخرى عليه وحدها ؟ فقل :
رجل زوج ابنه الصغير أمة فأعتقت فاختارت نفسها فتزوجت بآخر وله زوجة فأرضعت الصبي الذي كان زوج ضرتها بلبن هذا الرجل حرمت ضرتها على زوجها لأنه صار ابنه من الرضاع فصار متزوجا حليلة ابنه فلا يجوز (1/435)
كتاب العتاق
- أي عبد عتق بلا إعتاق وصار مولاه ملكا له ؟ فقل : حربي دخل دارنا مع عبده بلا أمان والعبد مسلم عتق واستولى على سيده ملكه ويسأل بوجه آخر : أي رجل صار مملوكا لعبده وصار العبد حرا
- أي زوجين مملوكين تولد منهما ولد حرة فقل : الزوج عبد تزوج بالإذن أمة أبيه بإذنه فالولد ملك للأب وهو حر : لأنه ابن ابنه
- أي رجل أعتق عبده وباعه وجاز ؟ فقل : إذا ارتد العبد بعد عتقه فسباه سيده وباعه
- أي عبد علق عتقه على شرط ووجد ولم يعتق ؟ فقل : إذا قال له : إن صليت ركعة فأنت حر فصلاها ثم تكلم ولو صلى ركعتين عتق فالركعة لا بد من ضم أخرى إليها لتكون جائزة
- أي رجل أقر بعتق عبده ولم يعتق ؟ فقل : إذا أسنده إلى حال صباه (1/435)
كتاب الأيمان
- قال لامرأته : إن خرجت من هذا الماء فأنت طالق فما الحيلة ؟ فقل : تخرج ولا يحنث لأن الماء الذي كانت فيه زال بالجريان
- رجل أتى إلى امرأته بكيس فقال : إن حللته فأنت طالق وإن قصصته فأنت طالق وإن لم تخرجي ما فيه فأنت طالق فأخرجت ما في الكيس ولم يقع فقل : إن الكيس كان فيه سكر أو ملح فوضعته في الماء فذاب ما فيه
- امرأة تزينت بالحرير فقال لها زوجها : إن لم أجامعك في هذه الثياب فأنت طالق فنزعتها وأبت لبسها فما الخلاص ؟ فقل : أن يلبسها هو ويجامعها فلا يحنث
- إن لم أطأك مع هذه المقنعة فأنت طالق وان وطئتك معها فأنت طالق فما الخلاص ؟ فقل : له أن يطأها بغيرها ولا يحنث ما دامت المقنعة باقية وهما حيان
- حلف لا يطأ سواها وأراده فما الخلاص ؟ فقل : أن ينوي الوطء برجله فيصدق ديانة
- له ثلاث نسوة وله ثوبان فقال : إن لم تلبس كل واحدة منكن ثوبا منهما في هذا الشهر عشرين يوما وإلا فأنتن طوالق كيف الخلاص ؟ فقل : تلبس اثنتان منهن كل ثوبا ثم تلبس إحداهن ثوبا عشرة وتنزعه فتلبسه الأخرى بقية الشهر
- حلف أنه يشبعها من الجماع اليوم إن لم يفارقها حتى أنزلت فقد أشبعها
- إن وطئتك عاريا فكذا ولابسا فكذا فما الخلاص ؟ فقل : يطأها ونصفه مكشوف والنصف مستور (1/435)
كتاب الحدود
- أي رجل سرق مائة من حرز ولا قطع ؟ فقل : إذا سرقها على دفعات و كل مرة أقل من عشرة
- أي رجل سرق من مال أبيه وقطع ؟ فقل : إذا كان من الرضاعة
- أي رجل قال : إن شربت الخمر طائعا فعبدي حر فشربها طائعا بالبينة وعتق العبد ولم يحد فقل : إذا كانت رجلا وامرأتين (1/436)
كتاب السير
- أي رجل أمن ألفا فقتل هو ولم يقتلوا ؟ فقل : حربي طلب الأمان لألف فعدها ولم يعد نفسه
- أي مرتد لا يقتل ؟ فقل : من كان إسلامه تبعا أو فيه شبهة
- أي حصن لا يجوز قتل أهله ولا أمان لهم ؟ فقل : إذا كان فيهم ذمي لا يعرف فلو خرج البعض حل قتل الباقي
- أي رضيع يحكم بإسلامه بلا تبعية ؟ فقل : لقيط في دار الإسلام (1/436)
كتاب المفقود
- أي رجل يعد ميتا وهو حي ينعم ؟ فقل : المفقود (1/437)
كتاب الوقف
- أي شيء إذا فعله بنفسه لا يجوز وإذا وكل به جاز ؟ فقل : الوقف إذا قبضه الواقف لا يجوز و إذا قبضه وكيله جاز
- أي وقف آجره إنسان ثم مات فانفسخت ؟ فقل : الواقف إذا آجره ثم ارتد والعياذ بالله فمات فإنه يصير ملكا لورثته وتنفسخ بموته (1/437)
كتاب البيع
- أي بيع إذا عقده الملك : لا يجوز وإذا عقده من قام مقامه : جاز ؟ فقل : بيع المريض بمحاباة يسيرة لا يجوز ومن وصية جاز
- أي رجل باع أباه وصح حلالا له ؟ فقل : أذن لعبده أن يتزوج حرة ففعل فولدت ابنا وماتت فورثها ابنها فطالب الابن مالك أبيه بمهر أمه فوكلها المولى في بيع أبيه واستيفاء المهر من ثمنه ففعل جاز
- أي رجل اشترى أمة ولا تحل له ؟ فقل إذا كانت موطوءة أبيه أو ابنه أو مجوسية أو أخته من الرضاع أو مطلقته بثنتين
- أي خبز لا يجوز بيعه إلا من الشافعية ؟ فقل : ما عجن بماء نجس قليل لم يجز بيعه من اليهود والنصارى لأنه إذا أعلمهم لا يشترونه ولم يجز بغير إعلامهم بخلاف الشافعية : فإنه عندهم طاهر فيجوز بيعه منهم بلا إعلامهم (1/437)
كتاب الكفالة
- أي كفيل بالأمر لم يرجع ؟ فقل : عبد كفل سيده بأمره فأدى بعد عتقه (1/438)
كتاب القضاء
- أي بيع يجبر القاضي عليه ؟ فقل : بيع العبد المسلم لكافر والمصحف المملوك لكافر - أي قوم وجبت عليهم يمين فلما حلف واحد سقطت اليمين على الباقي ؟ فقل :
رجل اشترى دارا بابها في سكة نافذة وقد كان قديما في سكة غير نافذة فجحد الجيران ولا بينة له فحلفوا فإن نكلوا قضي له بفتح الباب وإن حلف واحد فلا يمين على الباقين لأن فائدته النكول وقد امتنع الحكم به بحلف البعض ذكره العمادي عن فتاوى أبي الليث رحمه الله (1/438)
كتاب الشهادات
- أي شهود شهدوا على شريكين فقبلت على أحدهما دون الآخر ؟ فقل : شهود نصارى شهدوا على نصراني ومسلم بعتق عبد مشترك
- أي شهود تقبل شهادتهم ولا يعرفون المشهود عليه ؟ فقل : في الشهادة على ا لشهادة
- أي شاهد جاز له الكتمان ؟ فقل : إذا كان الحق يقوم بغيره أو كان القاضي فاسقا أو كان يعلم أنه لا يقبل
- أي مسلمين لم تقبل بشيء شهادتهما وشهد نصرانيان بضده فقبلت ؟ فقل : نصراني مات له ابنان مسلمان شهد ابناه أنه مات نصرانيا ونصرانيان شهدا أنه مات مسلما : قبل النصرانيان (1/438)
كتاب الإقرار
- أي إقرار لا بد من تكراره ؟ فقل : الإقرار بالزنا والإقرار بالدين على غير ظاهر الرواية ذكره ابن الشحنة والثاني من أغرب ما يكون والظاهر أنه لا وجود لتلك الرواية (1/438)
كتاب الصلح
- أي صلح لو وقع : فإنه يبطل حق المصالح ويرد الخصم البدل إليه ؟ فقل : الصلح عن الشفعة (1/439)
كتاب المضاربة
- أي مضارب يغرم ما أنفقه من عنده ؟ فقل : إذا لم يبق في يده من مالها شيء (1/439)
كتاب الهبة
- أي أب وهب لابنه وله الرجوع ؟ فقل : إذا كان الابن مملوكا لأجنبي
- أي موهوب وجب دفع ثمنه إلى الواهب ؟ فقل : المسلم فيه إذا وهبه رب السلم إلى المسلم إليه وجب عليه رد رأس المال (1/439)
كتاب الإجارة
خاف المستأجر من فسخ الإجارة بإقرار المؤجر بدين ما الحيلة ؟ فقل : أن يجعل للسنة الأولى قليلا من الأجرة ويجعل للأخيرة أكثر (1/439)
كتاب الوديعة
- أي رجل ادعى وديعة فصدقه المدعى عليه ولم يأمره القاضي بالتسليم إليه ؟ فقل :
إذا أقر الوارث بأن المتروك وديعة وعلى الميت دين لم يصح إقراره ولو صدقه الغرماء فيقضي القاضي دين الميت ويرجع المدعي على الغرماء لتصديقهم وكذا في الإجارة والمضاربة والعارية والرهن (1/439)
كتاب العارية
- أي مستعير ملك المنع بعد الطلب ؟ فقل : إذا طلب السفينة في لجة البحر أو السيف ليقتل به ظلما أو الظئر بعد ما صار الصبي لا يأخذ إلا ثديها أو فرس الغازي في دار الحرب أو عارية الرهن قبل قضاء الدين
- أي مودع ضمن بالهلاك ؟ فقل : إذا ظهرت مستحقة
- أي مودع لم يخالف وضمن ؟ فقل : إذا أمره بدفعها إلى بعض ورثته فدفعها إليه بعد موته (1/439)
كتاب المكاتب
- أي كتابة ينقضها غير المتعاقدين ؟ فقل : إذا كان المكاتب مديونا للغرماء نقضها
- أي مكاتب ومدبر جاز بيعه ؟ فقل : إذا كاتبه حربي في دار الحرب أو دبره ثم أخرجه إلى دار الإسلام أو لحقا بدار الحرب مرتدين فيأسرهما المولى (1/440)
كتاب المأذون
- أي عبد لا يثبت إذنه بالسكوت إذا رآه مولاه يبيع ويشتري ؟ فقل : عبد القاضي (1/440)
كتاب الغصب
- أي رجل استهلك شيئا فلزمه شيئان ؟ فقل : إذا استهلك أحد مصراعي الباب أو زوجي خف
- أي غاصب لا يبرأ بالرد على المالك ؟ فقل : إذا كان المالك لا يعقل
- أي مودع يضمن بلا تعدي ؟ فقل : هو مودع الغاصب (1/440)
كتاب الشفعة
- أي مشتر سلم له الشفيع ولم تبطل ؟ فقل : هو الوكيل بالشراء (1/440)
كتاب القسمة
- أي شركاء فيما يمكن قسمته إذا طلبوها لم يقسم ؟ فقل : السكة غير النافذة ليس لهم أن يقتسموها وان أجمعوا على ذلك (1/440)
كتاب الأضحية
- أي مسلم عاقل ذبح وسمى ولم تحل ؟ فقل : إذا سمى ولم يرد بها التسمية على الذبيحة
- أي رجل ذبح شاة غيره متعديا ولم يضمن ؟ فقل : شاة الأضحية في أيامها أو قصاب شدها للذبح (1/440)
كتاب الكراهية
- أي إناء من غير النقدين يحرم استعماله ؟ فقل : المتخذ من أجزاء الآدمي
- أي إناء مباح الاستعمال يكره الوضوء منه ؟ فقل : ما خصه لنفسه
- أي مكان في المسجد تكره الصلاة فيه ؟ فقل : ما عينه لصلاته دون غيره
- أي ماء مسيل لا يجوز الشرب منه ؟ فقل : ماء وضع الصبي فيه كوزا من ماء
- أي رجل هدم دار غيره بغير إذنه ولم يضمنها ؟ فقل : إذا وقع الحريق في محلة فهدمها لإطفائه بإذن السلطان (1/441)
كتاب الجنايات
- أي جان إذا مات المجني عليه فعليه نصف الدية و إذا عاش فالدية ؟ فقل
الختان إذا قطع حشفة الصبي خطأ بإذن أبيه
- أي رجل قطع أذن إنسان وجب عليه خمسمائة دينار وإن قطع رأسه فعليه خمسون دينارا ؟ فقل : إذا خرج رأس المولود فقطع إنسان أذنه ولم يمت فعليه ديتها وإن قطع رأسه فعليه الغرة
- أي شيء في الإنسان تجب بإتلافه دية وثلاثة أخماسها ؟ فقل : الأسنان (1/441)
كتاب الفرائض
- ما أول ميراث قسم في الإسلام ؟ فقل : ميراث سعد بن الربيع كذا في المحيط
- أي رجل قيل له : أوص فقال : بم أوصي إنما ترثني عمتاك وخالتاك وجدتاك وأختاك وزوجتاك ؟ فقل : صحيح تزوج بجدتي رجل مريض أم أمه وأم أبيه والمريض متزوج بجدتي الصحيح كذلك فولدت كل من جدتي الصحيح من المريض بنتين فالبنتان من جدتي الصحيح أم أمه : خالتاه واللتان من أم أبيه : عمتاه وقد كان أبو المريض متزوجا أم الصحيح فولدت بنتين فهما : أختا الصحيح لأمه والمريض لأبيه فإذا مات المريض فلامرأتيه الثمن وهما جدتا الصحيح ولبناته : الثلثان وهن عمتا الصحيح وخالتاه ولجدتيه السدس وهما امرأتا الصحيح ولأختيه لأبيه : ما بقي وهما أختا الصحيح لأمه والمسألة تصح من ثمانية وأربعين انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
تم الفن الرابع من الأشباه والنظائر ويتلوه الفن الخامس منه وهو : فن الحيل (1/441)
الفن الخامس : الحيل
الحمد لله الذي يعلم دقائق الأمور من غير التباس ويحكم بمقتضى علمه وإن جهل الناس والصلاة والسلام على أفضل من اعتمد عليه وفوض الأمور كلها إليه وبعد : فهذا هو النوع الخامس من الأشباه والنظائر وهو فن الحيل - جمع حيلة - وهي :
الحذق في تدبير الأمور وهي تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود وأصلها : الواو واحتال : طلب الحيلة : كذا في المصباح
واختلف مشايخنا رحمهم الله تعالى في التعبير عن ذلك فاختار كثير التعبير بكتاب الحيل واختار كثير كتاب المخارج واختاره في الملتقط وقال أبو سليمان : كذبوا على محمد رحمه الله تعالى ليس له كتاب الحيل وإنما هو : الهرب من الحرام والتخلص منه حسن قال الله تعالى : { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } وذكر في الخبر [ أن رجلا اشترى صاعا من تمر بصاعين فقال صلى الله عليه و سلم : أربيت هلا بعت تمرك بالسلعة ثم ابتعت بسلعتك تمرا ] وهذا كله إذا لم يؤد إلى الضرر بأحد انتهى وفيه فصول : (1/443)
في الصلاة وفي الصوم وفي الزكاة
الأول : في الصلاة : إذا صلى الظهر أربعا فأقيمت في المسجد فالحيلة ألا يجلس على رأس الرابعة حتى تنقلب هذه الصلاة نفلا ويصلي مع الإمام
الثاني : في الصوم : التزم صوم شهرين متتابعين وصل رجب وشعبان فإذا شعبان نقص يوما فالحيلة : أن يسافر مدة السفر فينوي اليوم الأول من شهر رمضان عما التزم ولو حلف لا يصوم رمضان هذا يسافر ويفطر
الثالث : في الزكاة : من له نصاب أراد منع الوجوب عنه فالحيلة أن يتصدق بدرهم منه قبل التمام أو يهب النصاب لابنه الصغير قبل التمام بيوم واختلفوا في الكراهة ومشايخنا رحمهم الله تعالى أخذوا بقول محمد رحمه الله تعالى دفعا للضرر عن الفقراء
ومن له على فقير دين وأراد جعله عن زكاة العين فالحيلة : أن يتصدق عليه ثم يأخذه منه عن دينه وهو أفضل من غيره ولو امتنع المديون من دفعه له مد يده ويأخذه منه لكونه ظفر بجنس حقه فإن مانعه رفعه إلى القاضي فيكلفه قضاء الدين أو يوكل المديون خادم الدائن بقبض الزكاة ثم بقضاء دينه فبقبض الوكيل صار ملكا للموكل ونظر فيه بإمكان عزله فيدافعه ويأتي ما تقدم ودفعه بأن يوكله ويغيب فلا يسلم المال إلى الوكيل إلا في غيبته ومنهم من اختار أن يقول : كلما عزلتك فأنت وكيلي ودفع بأن في صحة هذا التوكيل اختلافا
فإن كان للطالب شريك في الدين يخاف أن يشاركه فى المقبوض فالحيلة : أن يتصدق الدائن ويهب المديون ما قبضه للدائن فلا مشاركة
والحيلة في التكفين بها : التصدق بها على فقير ثم هو يكفن فيكون الثواب لهما وكذا في تعمير المساجد (1/443)
في الفدية وفي الحج و في النكاح
الرابع : في الفدية : أراد الفدية عن صوم أبيه أو صلاته وهو فقير : يعطى منوين من الحنطة فقيرا ثم يستوهبه ثم يعطيه وهكذا إلى أن يتم
الخامس : في الحج : إذا أراد الآفاقي دخول مكة بغير إحرام من الميقات قصد مكانا آخر داخل المواقيت كبستان بني عامر إذا أراد أن يكون لبنته محرم في السفر :
يزوجها من عبده بعلمها فقط
السادس : في النكاح : ادعت امرأة نكاحه فأنكر ولا بينة ولا يمين عند الإمام عليه فلا يمكنها التزوج ولا يؤمر بتطليقها لأنه يصير مقرا بالنكاح فالحيلة : أن يأمره القاضي أن يقول : إن كنت امرأتي فأنت طالق ثلاثا ولو ادعى نكاحها فأنكرت فالحيلة في دفع اليمين عنها على قولهما أن تتزوج بآخر واختلف في صحة إقرارها بنكاح غائب
والحيلة في صحة هبة الأب شيئا من مهر بنته للزوج أنها إن كانت كبيرة فإنه يهب له كذا بإذنها على أنها إن أنكرت الإذن فأنا ضامن فيصح وإن كانت صغيرة يحيل الزوج البنت بذلك القدر على الأب إن كان مليا فيصح ويبرأ الزوج وإذا أراد أن يزوج عبده على أن يكون الأمر له يزوجه على أن أمرها بيد المولى يطلقها المولى كلما أراد وإذا خافت المرأة الإخراج من بلدها تتزوجه على مهر كذا على ألا يخرجها فإذا أخرجها كان لها تمام مهر مثلها أو يقر لأبيها أو لولدها بدين فإذا أراد إخراجها منعها المقر له فإن خاف المقر له أن يحلفه الزوج أن له عليها كذا باعها بذلك المال ثيابا فإذا حلف لا يأثم
والأولى أن تشتري شيئا ممن تثق به أو تكفل له ليكون على قول الكل فإن محمدا رحمه الله خالف في الإقرار
أراد أن يتزوجها وخيف من أوليائها توكله أن يزوجها من نفسه ثم يقول : بحضرة الشهود تزوجت المرأة التي جعلت أمرها إلي بصداق كذا جوزه الخصاف إن كان كفؤا
وذكر الحلواني رحمه الله أن الخصاف رجل كبير في العلم يصح الاقتداء به
ولو ادعت عليه مهرها وكان قد دفعه إلى أبيها وخاف إنكارهما ينكر أصل النكاح وجاز له الحلف أنه ما تزوجها على كذا قاصدا اليوم والاعتبار لنيته حيث كان مظلوما
حلف لا يتزوج فالحيلة : أن يزوجه فضولي ويجيزه بالفعل وكذا لا تتزوج ولو حلف لا يزوج ابنته فزوجها فضولي وأجازه الأب لم يحنث (1/444)
في الطلاق
السابع : في الطلاق : كتب إلى امرأة : كل امرأة إلا غيرك وغير فلانة طالق ثم محا
ذكر فلانة وبعث بالكتاب لها لم تطلق فلانة وهذه حيلة جيدة
والحيلة للمطلقة ثلاثا أن يقول المحلل قبل العقد : إن تزوجتك وجامعتك فأنت طالق ثلاثا أو بائنة فيقع بالجماع مرة فإن خافت من إمساكه بلا جماع يقول : إن تزوجتك و أمسكتك فوق ثلاثة أيام ولم أجامعك فيما بين ذلك فأنت طالق ثلاثا أو بائنا والأحسن أن تتزوجه على أن أمرها بيدها في الطلاق بشرط بدايتها بذلك ثم قبوله أما إذا بدأ المحلل فقال : تزوجتك على أن أمرك بيدك فقبلت لم يصر أمرها بيدها إلا إذا قال :
على أن أمرك بيدك بعد ما أتزوجك فقبلت وإذا خافت ظهور أمرها في التحليل تهب لمن تثق به مالا يشتري به مملوكا مراهقا يجامع مثله ثم يزوجها منه فإذا دخل بها وهبه منها وتقبضه فينفسخ النكاح ثم تبعث به إلى بلد يباع ونظر فيها بأن العبد ليس بكفؤ ويمكن حمله على رضا الولي أو أنها لا ولي لها
حلف ليطلقنها اليوم فالحيلة : أن يقول لها : أنت طالق إن شاء الله تعالى أو على ألف فلم تقبل
حلف لا يطلقها فخلعها أجنبي ودفع له بدله لم يحنث ولو قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج فإذا حكما شافعيا فحكم ببطلان اليمين صح ولو قال : إن لم أطلقك اليوم فأنت طالق ثلاثا فالحيلة : أن يقول لها : أنت طالق على ألف درهم ولم تقبل لم يقع وعليه الفتوى
أنكر طلاقها فالحيلة : أن تدخل بيتا ثم يقال له : ألك امرأة في هذا البيت ؟ فيقول : لا لعدم علمه فيقال : كل امرأة لك فيه فهي بائن ؟ فيجيب بذلك فتظهر عليه فيشهدون عليه
إن لم تطبخ قدرا نصفها حلال ونصفها حرام فهي طالق فالحيلة أن تجعل الخمر في القدر ثم تطبخ البيض فيه
حلف لا يدخل دار فلان الحيلة : حمله لها
في فيه لقمة فقال : إن أكلتها فهي طالق وان طرحتها فهي طالق فالحيلة أن يأكل النصف ويطرح النصف أو يأخذها من فيه إنسان بغير أمره (1/445)
الخلع وفي الأيمان
الثامن : في الخلع : سئل أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن رجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إن سألتني الخلع ولم أخلعك وحلفت هي بالعتق إن لم تسأله الخلع قبل الليل فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى للمرأة : سليه الخلع فسألته فقال له قل : خلعتك على ألف فقال لها قولي : لا أقبل فقالت فقال : قومي واذهبي مع زوجك فقد بر كل منكما وحيلة أخرى : أن تبيع المرأة جميع مماليكها ممن تثق به قبل مضي اليوم ثم تسترده بعده
التاسع : في الأيمان : لا يتزوج بالكوفة يعقد خارجها ولو في سوادها إما بنفسه أو بوكيله : لا يزوج عبده من أمته ثم أراده : فالحيلة أن يبيعهما من ثقة فيزوجهما ثم يستردهما
لا يطلقها ببخارى يخرج منها ثم يطلقها أو يوكل فيطلقها خارجها
حلف لا يتزوجها يعقد مرتين
قال : إن تزوجتها فهي طالق فتزوجها الأولى أن يطلقها لتحل لغيره بيقين
حلفته امرأته بأن كل جارية تشتريها فهي حرة ة فقال : نعم ناويا جارية بعينها صحت نيته و لو نوى بالجارية السفينة صحت نيته ولو قال : كل امرأة أتزوجها عليك لا ناويا على رقبتك صحت
عرض على غيره يمينا فقال : نعم لا يكفي و لا يصير حالفا و هو الصحيح كذا في التاتارخانية و على هذا فما يقع من التعاليق في المحاكم أن الشاهد يقول للزوج تعليقا فيقول : نعم لا يصح على الصحيح
لا إن فعلت كذا فعبدي حرة يبيعه ثم يفعل ثم يسترده الحيلة فيه ببيع مدبر يعتق بموت سيده : أن يقول : إذا مت و أنت في ملكي فأنت حر
انتقض البيع بإقالة أو خيار ثم ادعى به فالحيلة : أن يحلف المدعي عليه ناويا مكانا غير مكانه أو زمانا غير زمانه
حلف لا يشتريه باثني عشر درهما يشتريه بأحد عشر و شيء آخر غير الدراهم
لا يبيع الثوب من فلان بثمن أبدا فالحيلة : يبيع الثوب منه و من آخر أو يبيعه منه بعرض أو يبيعه البعض ويهبه البعض أو يوكله ببيعه منه أو يبيعه فضولي منه و يجيز البيع لا يشتريه يشتريه بالخيار وفيه نظر أو يشتريه مع آخر أو يشتريه إلا سهما ثم يشتري السهم لابنه الصغير
عبده حر إن أخذ دينه متفرقا يأخذه إلا درهما
حلف ليأخذن من فلان حقه أو ليقبضنه ثم أراد ألا يأخذ منه فالحيلة : أن يأخذ من وكيل المحلوف عليه أو من كفيله أو من حويله وقيل يحنث
إن أكلت من هذا الخبز يدقه ويلقيه في عصيدة و يطبخه حتى يصير هالكا فيأكله
لا يأكل طعاما لفلان يبيعه له أو يهديه فيأكله إن صعدت فكذا و إن نزلت فكذا يحملها و ينزل بها
لا ينفق عليها يهبها مالا فتنفقه أو يبينها فتبطل اليمين إذا انقضت عدتها أو تستأجر زوجها كل سنة بكذا على أن يتجر لها فحينئذ الكسب لها و إن كان صانعا تستأجره لنفس العمل
طلبت أن يطلق ضرتها فالحيلة : أن يتزوج أخرى : اسمها على اسم الضرة ثم يقول : طلقت امرأتي فلانة ناويا الجديدة أو يكتب اسم الضرة في كفه اليسرى ثم يقول : طلقت فلانة مشيرا باليمنى إلى ما في كفه اليسرى
حلفه السراق ألا يخبر بأسمائهم تعد عليه الأسماء فمن ليس بسارق يقول : لا والسارق يسكت عن اسمه فيعلم الوالي السراق ولا يحنث الحالف
لا يسكنها وشق عليه نقل الأمتعة يبيعه ممن يثق به و يخرج
إن لم آخذ منك حقي وقال الآخر إن أعطيتك فالحيلة لهما الأخذ جبرا (1/446)
في الإعتاق وتوابعه و في الوقف والصدقة
العاشر : في الإعتاق وتوابعه : الحيلة للشريكين في تدبير العبد وكتابته لهما : أن يوكلا من يغفل ذلك بكلمة واحدة
الحيلة في عتق العبد في المرض بلا سعاية أن يبيعه من نفسه و يقبض البدل منه فإن لم يكن للعبد مال دفع المولى له ليقبضه منه بحضرة الشهود و اختلفوا في صحة إقرار المولى له بالقبض
أعتقه ولم يشهد حتى مرض فإن أقر اعتبر من الثلث فالحيلة : أن يقر بالعبد لرجل ثم الرجل يعتقه
إذا أراد أن يطأ جارية ولا يمتنع بيعها لو ولدت يهبها لابنه الصغير ثم يتزوجها
فإذا ولدت فالأولاد أحرار و لا تكون أم ولد
الحادي عشر : في الوقف والصدقة : أراد الوقف في مرض موته وخاف عدم إجازة الورثة يقر أنها وقف رجل و إن لم يسمه وأنه متوليها وهي في يده
أراد وقف داره وقفا صحيحا اتفاقا : يجعلها صدقة موقوفة على المساكين ويسلمها إلى المتولي ثم يتنازعان فيحكم القاضي باللزوم أو يقول : إن قاضيا حكم بصحته فيلزم أو يقول : إن أبطله قاض كان صدقة (1/448)
في الشركة و في الهبة و في البيع والشراء
الثاني عشر : في الشركة : الحيلة في جوازها في العروض : أن يبيع كل نصف متاعه بنصف متاع الآخر ثم يعقدانها و هي معروفة
الثالث عشر : في الهبة : أرادت هبة المهر من الزوج على أنها إن خلصت من الولادة يعود المهر عليه فالحيلة : أن يبيعها شيئا مستورا بمقدار المهر فإذا ولدت تنظر إليه فترده بخيار الرؤبة وإن ماتت فقد برىء الزوج وهكذا فيمن له دين و أراد السفر على أنه إن مات يبرأ المديون و إلا فهو على حاله يفعل ذلك
قال لها : إن لم تهبيني صداقك اليوم فأنت طالق فالحيلة فيه : أن تشتري منه ثوبا ملفوفا بمهرها ثم ترده بعد اليوم فيبقى المهر و لا حنث
الرابع عشر : في البيع و الشراء : أراد بيع داره على أنه إن أمكنه سلمها و إلا رد الثمن فالحيلة : أن يقر المشتري أن البائع باعها وهي في يد ظالم يقر بالغصب ولم تكن في يد البائع ولولا ذلك لكان للمشتري حبس البائع على تسليمها
هكذا ذكر الخصاف رحمه الله وعابوا عليه تعليم الكذب وكذلك عيب على الإمام الأعظم رحمه الله في قوله : إذا باع حبلى وخاف المشتري من البائع أن يدعي حبلها وينقض البيع قال : فالحيلة أن يأمر البائع بأن يقر بأن الحبل من عبده أو من فلان حتى لو ادعاه لم تسمع وأجيب عنهما بأنه ليس أمرا بالكذب وإنما المعنى أنه لو فعل كذا لكان حكمه كذا
أراد شراء شيء و خاف أن يكون البائع قد باعه فأراد المشتري أنه إن استحق يرجع على البائع بضعف الثمن ولكون حلالا له فالحيلة : أن يبيع له بضعف الثمن ثوبا كمائة دينار مثلا ثم يشتري الدار بمائة دينار وبدفع الثوب له بالمائة فإذا استحقت رجع بالمائتين
ولو أراد البيع بشرط البراءة من كل عيب وخاف من شافعي باع من رجل غريب ثم الغريب يبيع من المشتري
الحيلة في بيع جارية : يعتقها المشتري : أن يقول : إن اشتريتها فهي حرة فإذا اشتراها عتقت وإذا أراد المشتري أن تخدمه زاد : بعد موتي فتكون مدبرة
أراد شراء إناء ذهب بألف وليس معه إلا النصف : ينقده ما معه ثم يستقرضه منه ثم ينقده فلا يفسد بالتفرق بعد ذلك
لم يرغب في القرض إلا بربح فالحيلة : أن يشتري منه شيئا قليلا بقدر مراده من الربح ثم يستقرض
إذا أراد البائع ألا يخاصمه المشتري بعيب : يأمره البائع أن يقول : إن خاصمتك في عيب فهو صدقة
وإن أراد البائع ألا يرجع عليه المشتري إذا استحق ة فالحيلة : أن يقر المشتري بأنه باعه من البائع (1/448)
في الاستبراء و في المداينات
الخامس عشر : في الاستبراء : الحيلة في عدم لزومه : أن يزوجها البائع أولا ممن ليس تحته حرة ثم يبيعها و يقبضها ثم يطلقها قبل الدخول بها و لو طلقها قبل القبض وجب على الأصح أو يزوجها لمشتر قبل القبض كذلك ثم يقبضها فيطلقها و لو خاف ألا يطلقها يجعل أمرها بيده كلما شاء وإنما قلنا كلما شاء : لئلا يقتصر على المجلس أو يتزوجها المشتري قبله ثم يشتريها و يقبضها و اختلفوا في كراهية الحيلة لإسقاط الاستبراء
السادس عشر : في المداينات : الحيلة في إبراء المديون إبراء باطلا أو تأجيله كذلك أو صلحه كذلك أن يقر الدائن لرجل يثق به ويشهد أن اسمه كان عارية ويوكله بقبضه ثم ينهبا إلى القاضي ويقول المقر له : إنه كان لي باسم هذا الرجل على فلان كذا و كذا فيقر له بذلك فيقول المقر له للقاضي : امنع هذا المقر من قبض المال و أن يحدث فيه حدثا أو احجر عليه في ذلك فيحجر القاضي عليه و يمنعه من قبضه فإذا فعل ذلك ثم أبرأ أو أجل أو صالح كان باطلا و إنما احتيج إلى حجر القاضي لأن المقر هو الذي يملك القبض فلا تفيد الحيلة فتنبه فإنه يغفل عنه ثم قال الخصاف رحمه الله تعالى بعده : و قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : يجوز قبض الذي كان باسمه المال بعد إقراره وتأجيله و إبرائه و هبته لأنه لا يرى الحجر جائزا
الحيلة في تحول الدين لغير الطالب إما الإقرار كما سبق و إما الحوالة أو أن يبيع رجل من الطالب شيئا بماله على فلان أو يصالح عما على المطلوب بعبده فيكون الدين لصاحب العبد
إذا أراد المديون التأجيل وخاف أن الدائن إن أجله يكون وكيلا في البيع فلم يصح تأجيله بعد العقدة فالحيلة : أن يقر أن المال حين وجب كان مؤجلا إلى وقت كذا
إذا أراد أحد الشريكين في دين أن يؤجل نصيبه وأبى الآخرة لم يجز إلا رضاه فالحيلة : أن يقر أن حصته من الدين حين وجب كان مؤجلا إلى كذا
وإذا أراد المديون التأجيل وخاف أن يكون الطالب أقر بالدين لغيره وأخرج نفسه من قبضه فالحيلة : أن يضمن الطالب المطلوب ما يدركه من درك ما قبله من إقرار تلجئة وهبة و توكيل وتمليك وحدث أحدثه يبطل به التأجيل الذي استحقه فهو ضامن حتى يخلصه من ذلك أو يرد عليه ما يلزمه فإذا احتال بهذا ثم ظهر أنه أقر بالمال قبل التأجيل وأخذ المال منه كان له حق الرجوع على الطالب فيكون عليه إلى أجله
وحيلة أخرى أن يقر الطالب بقبض الدين بتاريخ معين ثم يقر المطلوب بده بيويم بمثل الدين للطالب مؤجلا فإذا خاف كل من صاحبه أحضر الشهود وقال : لا تشهدوا علينا إلا بعد قراءة الكتابين فإذا أقر أحدنا وامتنع الآخر لا تشهدوا على المقر و نظر فيه فإن للشاهد أن يشهد وإن قال له المقر : لا تشهد وجوابه : أن محله فيما إذا لم يقل له المقر له : لا تشهد على المقر أما إذا قال له لا تسعه الشهادة
الحيلة في تأجيل الدين بعد موت من عليه الدين فإنه لا يصح اتفاقا على الأصح - أن يصر الوارث بأنه ضمن ما على الميت في حياته مؤجلا إلى كذا و يصدقه الطالب أنه كان مؤجلا عليهما ويقر الطالب بأن الميت لم يترك شيئا وإلا فقد حل الدين بموته فيؤمر الوارث بالبيع لقضاء الدين و هذا على ظاهر الرواية من أن الدين إذا حل بموت المديون لا يحل على كفيله (1/450)
في الإجارات
السابع عشر : في الإجارات : اشتراط المرمة على المستأجر يفسدها و الحيلة أن ينظر إلى قدر ما يحتاج إليه فيضم إلى الأجرة ثم يأمره المؤجر بصرفه إليها فيكون المستأجر وكيلا بالاتفاق فإن ادعى المستأجر الإنفاق لم يقبل منه إلا بحجة و لو أشهد له المؤجر أن قوله مقبول بلا حجة لم تقبل إلا بها و الحيلة : أن يعجل المستأجر له قسر المرمة ويدفعه إلى المؤجر ثم المؤجر يدفعه إلى المستأجر و يأمره بالإنفاق في المرمة فيقبل بلا بيان أو يجعل قدرها في يد عدل
ولو استأجر عرصة بأجرة معينة و أذن له رب العين بالبناء فيها من الأجر جاز و إذا أنفق في البناء استوجب عليه قدر ما أنفق فيلتقيان قصاصا و يترادان الفضل إن كان و البناء للمؤجر و لو أمره بالبناء فقط فبنى : اختلفوا قيل : للآجر و قيل : للمستأجر الحيلة في جواز إجارة الأرض المشغولة بالزرع : أن يبيع الزرع من المستأجر أولا ثم يؤاجره و قيده بعضهم بما إذا كان بيع هزل و تلجئة فلا لبقائه على ملك البائع وعلامة الرغبة : أن يكون بقيمته أو بأكثر أو بنقصان يسير
اشتراط خراج الأرض على المستأجر غير جائز كاشتراط المرمة والحيلة : أن يزيد في الأجرة بقدره ثم يأذنه بصرفه و فيه ما تقدم في المرمة
اشتراط العلف أو طعام الغلام على المستأجر غير جائز و الحيلة : ما تقدم في المرمة
الإجارة تنفسخ بموت أحدهما و إذا أراد المستأجر ألا تنفسخ بموت المؤجر يقر المؤجر بأنها للمستأجر عشر سنين يزرع فيها ما شاء و ما خرج فهو له أو يقر بأنه آجرها لرجل من المسلمين أو يقمر المستأجر بأنه استأجرها لرجل من المسلمين فلا تبطل بموت أحدهما وإذا كان في الأرض عين نفط أو قير فأراد أن يكون للمستأجرة يقرر بها أنها للمستأجر عشر سنين وله حق الانتفاع عشر سنة فيجوز
إذا آجر أرضه وفيها نخل فأراد أن يسلم التمر للمستأجر يدفع النخيل إلى المستأجر معاملة على أن يكون لرب المال جزء من ألف من التمر و الباقي للمستأجر (1/451)
في منع الدعوى و في الوكالة و في الشفعة
الثامن عشر : في منع الدعوى : إذا ادعى عليه شيئا باطلا فالحيلة لمنع اليمين : أن يقر به لابنه الصغير أو لأجنبي وفي الثاني اختلاف أو يعيره لغيره خفية فيعرضه المستعير للبيع فيساومه المدعي فتبطل دعواه ولو ادعى عدم العلم به ولو صبغ الثوب فساومه بطلت و لو قال : لم أعلم أو يبيع المدعى عليه ممن يثق به ثم يهبه للمدعي ثم يستحقه المشتري بالبينة
التاسع عشر : في الوكالة : الحيلة في جواز شراء الوكيل بالمعين لنفسه : أن يشتريه بخلاف جنس ما أمر به أو بأكثر مما أمر به أو يصرح بالشراء لنفسه بحضرة موكله أو يوكل في شرائه
الحيلة في صحة إبراء الوكيل عن الثمن اتفاقا : أن يدفع له الوكيل قدر الثمن ثم يدفع المشتري الثمن له
أراد الوكيل انه إذا أرسل المتاع للموكل لا يضمن : فالحيلة : أن يأذن له في بعثه وكذا لو أراد الإيداع : يستأذنه أو يرسله الوكيل مع أجير له لأن الأجير الواحد من عياله أو يرفع الوكيل الأمر إلى القاضي فأذنه في إرسالها
العشرون : في الشفعة : الحيلة : أن يهب الدار من المشتري ثم هو يوهبه قدر الثمن وكذا الصدقة أو يقر لمن أراد شراءها بها ثم يقر الآخر له بقدر ثمنها أو يتصدق عليه بجزء مما يلي دار الجار بطريقه ثم يبيعه الباقي (1/452)
في الصلح و في الوكالة و الحوالة و في الرهن
الحادي و العشرون : في الصلح : مات و ترك ابنا و زوجة و دارا فادعى رجل الدار فصالحاه على مال : فإن صالحاه على غير إقرار فالمال عليهما أثمانا والدار بينهما أثمانا وإلا فالمال عليهما نصفان كالدارة فالحيلة في جعل الإقرار لغيره : أن يصالح أجنبي عنهما على إقرار على أن يسلم لها الثمن و له سبعة أو يقر المدعي بأن لها الثمن و الباقي للابن
الثاني و العشرون : في الكفالة : و الثالث و العشرون في الحوالة : الحيلة في عدم الرجوع إذا أفلس المحال عليه أو مات مفلسا : أن يكتب أن الحوالة على فلان مجهول والحيلة في عدم براءة المحيل : أن يضمن المحال عليه
الرابع و العشرون : في الرهن : الحيلة في جواز رهن المشاع : أن يبيع منه النصف بالخيار ثم يرهنه النصف ثم يفسخ البيع
الحيلة في جواز انتفاع المرتهن بالرهن أن يستعيره بعد الرهن فلا يبطل بالعارية ويبطل بالإجارة لكن يخرج عن الضمان ما دام مستعملا له فإذا فرغ عاد الضمان
الحيلة في إثبات الرهن عند القاضي في غيبة الراهن : أن يدعيه إنسان فيدفعه بأنه رهن عنده ويثبت فيقضي القاضي بالرهنية و دفع الخصومة (1/452)
في الوصايا
الخامس و العشرون : في الوصايا : الوصية لا تقبل التخصيص بنوع و مكان و زمان فإذا خصص زبدا بمصر و عمرا بالشام و أراد أن ينفرد كل فالحيلة : أن يشترط لكل أن يوكل ويعمل برأيه أو يشترط له الانفراد
الحيلة في أن يملك الوصي عزل نفسه متى شاء أن يشترطه الموصي وقت ا لإيصاء
الحيلة في أن القاضي يعزل وصي الميت : أن يدعي دينا على الميت فيخرجه القاضي إن لم يبرأ منه و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب
تم الفن الخامس من الأشباه و النظائر و يتلوه الفن السادس منه و هو : فن الفروق (1/453)
الفن السادس : الفروق
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى و بعد :
فهذا هو الفن السادس من كتاب الأشباه و النظائر و هو : فن الفروق ذكرت فيها من كل باب شيئا جمعتها من فروق الإمام الكرابيسي المسمى بتلقيح المحبوبي (1/455)
كتاب الصلاة و فيها بعض مسائل الطهارة
البعرة إن سقطت في البئر لا تنجس الماء ونصفها ينخسه والفرق : أن البعرة إذا سقطت في البئر و عليها جلدة تمنع من الشيوع ولا كذلك النصف و في المحلب على هذا القياس :
لا يجب عليه أن يوضىء امرأته المريضة ة بخلاف عبده و أمته والفرق : أن العبد ملكه فيجب عليه إصلاحه لا المرأة
لا ينزح ماء البئر كله بالفأرة و ينزح من ذنبها و الفرق : أن الدم يخرج من ذنبها فينزح الكل له
ولو نظر المصلي إلى المصحف وقرأ منه فسدت صلاته لا إلى فرج امرأة بشهوة لان الأول تعليم و تعلم فيها لا الثاني
قال الإمام بعد شهر : كنت مجوسيا فلا إعادة عليهم ولو قال : صليت بلا وضوء أو في ثوب نجس أعادوا إن كان متيقنا و الفرق : أن إخباره الأول مستنكر بعيد والثاني محتمل
أقيمت بعد شروعه متنفلا لا يقطعها و مفترضا يقطعها و لا يأثم و الفرق : أن الثاني لإصلاحها لا الأول
سؤر الفارة نجس لا بولها للضرورة
وجد ميتا في دار الحرب معه زنار و في حجره مصحف يصلى عليه و في دار الإسلام لا لأنه في دار الحرب قد لا يجد أمانا إلا به بخلافه في دار الإسلام (1/455)
كتاب الزكاة
يجوز تعجيلها عن نصب بعد ملك مصاب و قبل الحول ولا يجوز تعجيل العشر بعد الزرع قبل النبات والفرق : أنه فيها تعجيل بعد وجوب السبب وفيه قبله
الوكيل يدفعها له دفعها لقرابته و نفسه و بالبيع لا يجوز والفرق : أن مبنى الصدقة على المسامحة و المعاوضة على المضايقة
شك في أدائها بعد الحول أداها و في أداء الصلاة بعد الوقت لا و الفرق : أن جميع العمر وقتها فهي كالصلاة إذا شك في أدائها في الوقت
اشترى زعفرانا لجعله على كعك التجارة ة لا زكاة فيه و لو كان سمسما وجبت والفرق : أن الأول مستهلك دون الثاني والملح والحطب للطباخ و الحرض و الصابون للقصار و الشب و القرظ للدباغ : كالزعفران و العصفر و الزعفران للصباغ : كالسمسم والفرق ظاهر (1/456)
كتاب الصوم
نذر صوم يومين في يوم لا يلزمه إلا واحد و لو نذر حجتين في سنة لزمتاه
والفرق : إمكان حجتين فيها بنفسه و بالنائب بخلافه
ذاق في رمضان من الملح قليلا كفر و لو كثيرا لا لأن قليله نافع و كثيره مضر وقضى وكفر بابتلاع سمسمة من خارج لا إن مضغها : لأنها تتلاشى بالمضغ دون الابتلاع (1/456)
كتاب الحج
لو رمى الجمرة بالبعر جاز و بالجواهرة لأن في الأول : استخفافا بالشيطان وفي الثاني إعزازه
لو دل المحرم على قتل صيد لزمه الجزاء و لو دل على قتل مسلم لا و الفرق أن الأول محظور إحرامه والثاني محظور بكل حال
ولو غلطوا في وقت الوقوف لا إعادة وفي الصوم و الأضحية أعادوا و الفرق : أن تداركه في الحج متعذر و في غيره متيسر
أعتق العبد بعد حجه حج الإسلام و لو استغنى الفقير كفاه و الفرق : انعقاد السبب في حق الفقير دون العبد والصبي كالعبد والأعمى والزمن و المرأة بلا محرم كالفقير (1/456)
كتاب النكاح
النكاح : يثبت بدون الدعوى كالطلاق و الملك بالبيع و نحوه : لا و الفرق أن النكاح فيه حق الله تعالى لأن الحل و الحرمة حقه سبحانه وتعالى بخلاف الملك لأنه حق العبد
للأب قبض صداقها قبل الدخول و هي بكر بالغة : لا
قبض ما وهبه الزوج لها و لو قبض لها كان له الاسترداد و الفرق أنها تستحي من قبض صداقها فكان إذنا دلالة بخلافها في الموهوب
لو مس امرأة بشهوة حرم أصولها و فروعها إن لم ينزل و إن أنزل : لا لأن الأول داع للجماع : فأقيم مقامه بخلافه في الثاني
مس الدبر يوجب حرمة المصاهرة لا جماعه لأن الأول : داع إلى الولد لا الثاني
تزوج أمة على أن كل ولد تلده حر صح النكاح و الشرط و لو اشتراها كذلك فسد لأن الثاني : يفسد الشرط لا الأول (1/457)
كتاب الطلاق
قال : لست امرأتي وقع إن نوى و لو زاد : و الله لا و إن نوى لاحتمال الأول الإنشاء و في الثاني تمحض للإخبار
يحل و طء المطلقة رجعيا لا السفر بها و الفرق أن الوطء رجعة بخلاف المسافرة
تقبيل ابن الزوج المعتدة عن بائن لا يحرمها و لها النفقة وحال قيام النكاح :
بخلافه لعدم مصادفته النكاح في الأول بخلافه في الثاني
أنت طالق إن دخلت الدار عشرا فدخلت لا يقع شيء حتى تدخل عشرا و لو قال : أنت طالق إن دخلت الدار ثلاثا فدخلت مرة وقع الثلاث لأن العدد في الأول لا يصلح للطلاق و يصلح للدخول بخلافه في الثاني
للموكل عزل وكيله بالطلاق ولو وكلها بطلاقها : لا لأنه تمليك لها
يقع الطلاق و العتاق و الإبراء و التدبير و النكاح وإن لم يعلم المعنى بالتلقين بخلاف البيع والهبة والإجارة والإقالة والفرق : أن تلك متعلقة بالألفاظ بلا رضى بخلاف الثانية (1/457)
كتاب العتاق
لو أضافه إلى فرجه عتق لا إلى ذكره لأن الأول يعبر به عن الكل بخلاف الثاني
ولو قال : عتقك علي و اجب لا يعتق بخلاف طلاقك علي و اجب لأن الأول يوصف به دون الثاني
ولو قال : كل عبد أشتريه فهو حر فاشتراه فاسدا ثم صحيحا لا يعتق وفي النكاح تطلق لانحلال اليمين في الأول بالفاسد بخلاف الثاني
أعتق أحد عبديه ثم قال : لم أعن هذا يعتق الآخر و كذا في الطلاق
بخلافه في الإقرار فإنه لا يتعين الآخر لأن البيان واجب فيهما فكان متعينا إقامة له والله أعلم بالصواب
تم الفن السادس من الأشباه و النظائر ويتلوه الفن السابع وهو : فن الحكايات والمراسلات (1/458)
الفن السابع : الحكايات و المراسلات
الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى
و بعد : فهذا هو الفن السابع من الأشباه و النظائر و به تمامه وهو : فن الحكايات والمراسلات و هو فن واسع قد كنت طالعت فيه أواخر كتب الفتاوى و طالعت مناقب الكردري مرارا و طبقات عبد القادر لكني اختصرت في هذا الكراس منها الزبدة مقتصرا غالبا على ما اشتمل على أحكام (1/459)
اختيار الإمام أبي يوسف عندما جلس والمسائل الخمس التي امتحن بها
- لما جلس أبو يوسف رحمه الله تعالى للتدريس من غير إعلام أبي حنيفة رحمه الله فأرسل إليه أبو حنيفة رحمه الله رجلا فسأله عن خمس مسائل : الأولى : قصار جحد الثوب و جاء به مقصورا هل يستحق الأجرة أم لا ؟ فأجاب أبو يوسف رحمه الله : لايستحق الأجر فقال له الرجل : أخطأت فقال : لا يستحق فقال : أخطأت ثم قال له الرجل : إن كانت القصار قبل الجحود استحق وإلا لا
الثانية : هل الدخول في الصلاة بالفرض أم بالسنة فقال : بالفرض فقال :
أخطأت فقال : بالسنة فقال : لا أخطأت لا فتحير أبو يوسف رحمه الله فقال الرجل : بهما لأن التكبير فرض ورفع اليدين سنة
الثالثة : طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق : هل يأكلان ؟ أم لا ؟ فقال : يؤكل فخطأه فقال : لا يؤكل فخطأه ثم قال : إن كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا و بؤكل و ترمى المرقة وإلا يرمى الكل له
الرابعة : مسلم له زوجة ذمية ماتت وهي حامل منه تدفن في أي المقابر فقال أبو يوسف رحمه الله : في مقابر المسلمين فخطأه فقال : في مقابر أهل الذمة فخطأه فتحتر أبو يوسف
فقال الرجل : تدفن في مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد إلى القبلة لأن الولد في البطن يكون وجهه إلى ظهر أمه
الخامسة : أم ولد لرجل تزوجت بغير إذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال : تجب فخطأه ثم قال : لا تجب فخطأه ثم قال الرجل : إن كان الزوج دخل بها : لا تجب و إلا : وجبت فعلم أبو يوسف تقصيره فعاد إلى أبي حنيفة رحمه الله فقال : تزببت قبل أن تحصرم كذا في إجارات الفيض
وفي مناقب الكردري : أن سبب انفراده أنه مرض مرضا شديدا فعاده الإمام و قال : لقد كنت آملك بعدي للمسلمين ولئن أصبت ليموتن علم كثير فلما برأ أعجب بنفسه وعقد له مجلس الأمالي و قال له حين جاء : ما جاء بك إلا مسألة القصار سبحان الله من رجل يتكلم في دين الله و يعقد مجلسا لا يحسن مسألة في الإجارة : ثم قال : من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه انتهى (1/459)
حكاية ما جرى بين سفيان و بشر في العقود
- وقال في آخر الحاوي الحصيري مسألة جليلة في أن المبيع يملك مع البيع أو بعده قال أبو القاسم الصفار رحمه الله : جرى الكلام بين سفيان و بشر في العقود متى يملك المالك بها معها أو بعدها قال : آل الأمر إلى أن قال سفيان : أرأيت لو أن زجاجة سقطت فانكسرت أكان الكسر مع ملاقاتها الأرض أو قبلها أو بعدها أو أن الله تعالى خلق نارا في قطنة فاحترقت أمع الخلق احترقت أو قبله أو بعده وقد قال غير سفيان وهو الصحيح عند أكثر أصحابنا : إن الملك في المبيع يقع معه لا بعده فيقع البيع والملك جميعا من غير تقدم ولا تأخر : لأن البيع عقد مبادلة و معاوضة : فيجب أن يقع الملك في الطرفين معا وكذا الكلام في سائر العقود من النكاح و الخلع و غيرهما من عقود المبادلات إلى آخر ما ذكره (1/460)
قول الإمام الأعظم رحمه الله : خدعتني امرأة و فقهتني امرأة و زهدتني امرأة
- وفي مناقب الكردري : قال الإمام الأعظم رحمه الله : خدعتني امرأة و فقهتني امرأة و زهدتني امرأة
أما الأولى : قال : كنت مجتازا فأشارت إلي امرأة إلى شيء مطروح في الطريق فتوهمت أنها خرساء وأن الشيء لها فلما رفعته إليها قالت : احفظه حتى تسلمه لصاحبه
الثانية : سألتني امرأة عن مسألة في الحيض فلم أعرفها فقالت قولا تعلمت الفقه من أجله
الثالثة : مررت ببعض الطرقات فقالت امرأة : هذا الذي يصل الفجر بوضوء العشاء فتعمدت ذلك حتى صار دأبي (1/460)
حكاية من قال : لا أرجو الجنة ولا أخاف النار الخ
- وسئل الإمام رحمه الله تعالى عمن قال : أرجو الجنة و لا أخاف النار و لا أخاف الله تعالى و آكل الميتة و أصلي بلا قراءة و بلا ركوع و سجود وأشهد بما لم أره وأبغض الحق و أحب الفتنة فقال أصحابه : أمر هذا الرجل مشكل
فقال الإمام : هذا الرجل يرجو الله لا الجنة و يخاف الله لا النار و لا يخاف الظلم من الله تعالى في عذابه و يأكل السمك و الجراد و يصلي على الجنازة و يشهد بالتوحيد ويبغض الموت وهو حق ويحب المال والولد وهما فتنة له
فقام السائل وقبل رأسه و قال : أشهد أنك للعلم وعاء انتهى (1/461)
حكاية الإمام مع قتادة : في امرأة المفقود
- وفي آخر فتاوى الظهيرية : سئل الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل عمن يقول : لا أنا لا أخاف النار و لا أرجو الجنة وإنما أخاف الله تعالى و أرجوه فقال : قوله إني لا أخاف النار و أرجو الحنة : غلط فإن الله تعالى خوف عباده بالنار بقوله تعالى : { واتقوا النار التي أعدت للكافرين } ومن قيل له : خف مما خوفك الله تعالى فقال : لا أخاف ردا لذلك كفر انتهى (1/461)
حكاية الإمام وحماد والأعمش : التيمم في أول الوقت وآخره
- وفي مناقب الكردري : قدم قتادة الكوفة فاجتمع عليه الناس فقال : سلوني عن الفقه فقال الإمام : ما تقول في امرأة المفقودة فقال : قول عمر رضي الله تعالى عنه تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة و تتزوج بما شاءت له قال : فإن جاء زوجها الأول وقال : تزوجت و أنا حي وقال الثاني : تزوجتني ولك زوج أيهما يلاعن ؟ فغضب قتادة وقال : لا أجيبكم بشيء
- قال الإمام : خرجنا مع حماد نشيع لأعمش و أعوز الماء لصلاة المغرب فأفتى حماد بالتيمم لأول الوقت فقلت : يؤخر إلى آخر الوقت فإن وجد الماء وإلا يتيمم ففعلت فوجد في آخر الوقت و هذه أول مسألة خالف فيها أستاذه (1/462)
حكاية السيدة والغلام
- وكان للإمام جارة لها غلام أصاب منها دون الفرج فحبلت فقال أهلها له : كيف تلد و هي بكر فقال : هل لها أحد تثق به قالوا : عمتها فقال : تهب الغلام منها ثم تزوجها منه فإذا أزال عذرتها ردت الغلام إليها فيبطل النكاح (1/462)
حكاية النسوة يغنين
- وخرج الإمام إلى بستان فلما رجع مع أصحابه إذ هو بابن أبي ليلى راكبا على بغلته فتسايرا فمرا على نسوة يغنين فسكتن فقال الإمام : أحسنتن فنظر ابن أبي ليلى في قمطره فوجد قضية فيها شهادته فدعاه ليشهد في تلك القضية فلما شهد أسقط شهادته و قال : قلت للمغنيات : أحسنتن فقال : متى قلت ذلك حين سكتن أم حين كن يغنين قال : حين سكتن قال : أردت بذلك : أحسنتن بالسكوت فأمضى شهادته (1/462)
حكاية الأختين والأخوين وإفتاء الإمام وإعجاب سفيان بذلك
- و كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى في وليمة في الكوفة و فيها العلماء و الأشراف و قد زوج صاحبها ابنيه من أختين فغلطت النساء فزفت كل بنت إلى غير زوجها و دخل بها فأفتى سفيان بقضاء علي رضي الله عنه : على كل منهما المهر و ترجع كل إلى زوجها فسئل الإمام فقال : علي بالغلامين فأتي بهما فقال : أيحب كل منكما أن يكون المصاب عنده قالا : نعم فقال لكل منهما : طلق التي عند أخيك ففعل ثم أمر بتجديد النكاح فقام سفيان فقبله بين عينيه (1/462)
حكاية كلب الروم والمسائل الثلاث
- وحكى الخطيب الخوارزمي أن كلب الروم أرسل إلى الخليفة مالا جزيلا على يد رسوله و أمره أن يسأل العلماء عن ثلاث مسائل فإن هم أجابوك : أبذل لهم المال و إن لم يجيبوك فاطلب من المسلمين الخراج فسأل العلماء فلم يأت أحد بما فيه مقنع وكان الإمام إذ ذاك صبيا حاضرا مع أبيه فاستأذنه في جواب الرومي فلم يأذن له فقام و استأذن من الخليفة فأذن له وكان الرومي على المنبر فقال له : أسائل أنت ؟ قال : نعم
قال : أنزل مكانك الأرض و مكاني المنبر فنزل الرومي وصعد أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقال : سل فقال : أي شيء كان قبل الله تعالى قال : هل تعرف العدد قال : نعم قال : ما قبل الواحد قال : هو الأول ليس قبله شيء قال : إذا لم يكن قبل الواحد المجازي اللفظ شيء فكيف يكون قبل الواحد الحقيقي فقال الرومي : في أي جهة وجه الله تعالى ؟ قال : إذا أوقدت السراج فإلى أي وجه نوره قال : ذاك نور يستوي فيه الجهات الأربع فقال : إذا كان النور المجازي المستفاد الزائل لا وجه له إلى جهة فنور خالق السموات والأرض الباقي الدائم المفيض كيف يكون له جهة ؟ قال الرومي : بماذا يشتغل وجه الله تعالى قال : إذا كان على المنبر مشبه مثلك نزله و إذا كان على الأرض موحد مثلي رفعه كل يوم هو في شأن فترك المال وعاد إلى الروم (1/462)
حكاية قربة الماء وتصرف الإمام الأعظم
- احتاج الإمام إلى الماء في طريق الحاج فساوم أعرابيا قربة ماء فلم يبعه إلا بخمسة دراهم فاشتراه بها ثم قال له : كيف أنت بالسويق فقال : أريده فوضعه بين يديه فأكل ما أراد وعطش فطلب الماء فلم يعطه حتى اشترى منه شربة بخمسة دراهم (1/463)
وصية الإمام الأعظم لأبي يوسف رحمه الله
- وصية الإمام الأعظم أبي يوسف رحمه الله بعد أن ظهر له منه الرشد و حسن السيرة والإقبال على الناس فقال له : يا يعقوب وقر السلطان وعظم منزلته و إياك و الكذب بين يديه والدخول عليه في كل وقت ما لم يدعك لحاجة علمية فإنك إذا أكثرت إليه الاختلاف تهاون بك وصغرت منزلتك عنده فكن منه كما أنت من النار تنتفع وتتباعد ولا تدن منها فإن السلطان لا يرى لأحد ما يرى لنفسه و إياك وكثرة الكلام بين يديه ة فإنه يأخذ عليك ما قلته ليرى من نفسه بين يدي حاشيته أنه أعلم منك وإنه يخطئك فتصغر في أعين قومه و لتكن إذا دخلت عليه تعرف قدرك و قدر غيرك
ولا تدخل عليه و عنده من أهل العلم من لا تعرفه فإنك إن كنت أدون حالا منه لعلك تترفع عليه فيضرك و إن كنت أعلم منه لعلك تنحط عنه فتسقط بذلك من عين السلطان و إذا عرض عليك شيئا من أعماله فلا تقبل منه إلا بعد أن تعلم أنه يرضاك و يرضى مذهبك في العلم و القضايا كيلا تحتاج إلى ارتكاب مذهب غيرك في الحكومات و لا تواصل أولياء السلطان و حاشيته بل تقرب إليه فقط و تباعد عن حاشيته ليكون مجدك وجاهك باقيا
ولا تتكلم بين يدي العامة إلا بما تسأل عنه و إياك و الكلام في العامة و التجار إلا بما يرجع إلى العلم كيلا يوقف على حبك و رغبتك في المال فإنهم يسيئون الظن بك ويعتقدون ميلك إلى أخذ الرشوة منهم و لا تضحك و لا تتبسم بين يدي العامة
ولا تكثر الخروج إلى الأسواق و لا تكلم المراهقين فإنهم فتنة و لا بأس أن تكلم الأطفال و تمسح رؤوسهم ولا تمش في قارعة الطريق مع المشايخ و العامة فإنك إن قدمتهم ازدرى ذلك بعلمك و إن أخرتهم ازدرى بك من حيث إنه أسن منك فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من لم يرحم صغيرنا و لم يوقر كبيرنا فليس منا ] و لا تقعد على قوارع الطريق فإذا دعاك ذلك فاقعد في المسجد و لا تأكل في الأسواق و المساجد و لا تشرب من السقايات و لا من أيدي السقائين و لا تقعد على الحوانيت و لا تلبس الديباج و الحلي وأنواع الإبريسم فإن ذلك يفضي إلى الرعونة
ولا تكثر الكلام في بيتك مع امرأتك في الفراش إلا وقت حاجتك إليها بقدر ذلك
ولا تكثر لمسها و مسها و لا تقربها إلا بذكر الله تعالى و لا تتكلم بأمر نساء الغير بين يديها ولا بأمر الجواري فإنها تنبسط إليك في كلامك و لعلك إذا تكلمت عن غيرها تكلمت عن الرجال الأجانب
ولا تتزوج امرأة كان لها بعل أو أب أو أم أو بنت إن قدرت إلا بشرط ألا يدخل عليها أحد من أقاربها فإن المرأة إذا كانت ذات مال يدعي أبوها أن جميع مالها له و أنه عارية في يدها و لا تدخل بيت أبيها ما قدرت
و إياك أن ترضى أن تزف في بيت أبويها فإنهم يأخذون أموالك و يطمعون فيها غاية الطمع و إياك و أن تتزوج بذات البنين و البنات فإنها تدخر جميع المال لهم و تسرق من مالك و تنفق عليهم فإن الولد أعز عليها منك
ولا تجمع بين امرأتين في دار واحدة و لا تتزوج إلا بعد أن تعلم أنك تقدر على القيام بجميع حوائجها
واطلب العلم أولا ثم أجمع المال من الحلال ثم تزوج فإنك إن طلبت المال في وقت التعلم عجزت عن طلب العلم و دعاك المال إلى شراء الجواري و الغلمان و تشتغل بالدنيا و النساء قبل تحصيل العلم فيضيع وقتك و يجتمع عليك الولد و يكثر عيالك فتحتاج إلى القيام بمصالحهم وتترك العلم و أشتغل بالعلم في عنفوان شبابك وقت فراغ قلبك وخاطرك ثم اشتغل بالمال ليجتمع عندك فإن كثرة الولد و العيال يشوش البال فإذا جمعت المال ة فتزوج
وعليك بتقوى الله تعال و أداء الأمانة و النصيحة لجميع الخاصة و العامة و لا تستخف بالناس و وقر نفسك و وقرهم و لا تكثر معاشرتهم إلا بعد أن يعاشروك وقابل معاشرتهم بذكر المسائل فإنه إن كان من أهله اشتغل بالعلم و إن لم يكن من أهله أحبك
وإياك و أن تكلم العامة بأمر الدين في الكلام فإنهم قوم يقلدونك فيشتغلون بذلك ومن جاءك يستفتيك في المسائل فلا تجب إلا عن سؤاله و لا تضم إليه غيره فإنه يشو ش عليك جواب سؤاله
وإن بقيت عشر سنين بلا كسب و لا قوت فلا تعرض عن العلم فإنك إذا أعرضت عنه كانت معيشتك ضنكا و أقبل على متفقهيك كأنك اتخذت كل واحد منهم ابنا و ولدا لتزيدهم رغبة في العلم و من ناقشك من العامة و السوقة فلا تناقشه فإنه يذهب ماء وجهك ولا تحتشم من أحد عند ذكر الحق و إن كان سلطانا و لا ترض لنفسك من العبادات إلا بأكثر مما يفعله غيرك و يتعاطاها فالعامة إذا لم يروا منك الإقبال عليها بأكثر مما يفعلون اعتقدوا فيك قلة الرغبة و اعتقدوا أن علمك لا ينفعك إلا ما نفعهم الجهل الذي هم فيه
وإذا دخلت بلدة فيها أهل العلم : فلا تتخذها لنفسك بل كن كواحد من أهلهم ليعلموا أنك لا تقصد جاههم و إلا يخرجون عليك بأجمعهم و يطعنون في مذهبك و العامة يخرجون عليك و ينظرون إليك بأعينهم فتصير مطعونا عندهم بلا فائدة وإن استفتوك في المسائل فلا تناقشهم في المناظرة و المطارحات و لا تذكر لهم شيئا إلا عن دليل واضح ولا تطعن في أساتذتهم فإنهم يطعنون فيك
وكن من الناس على حذر و كن لله تعالى في سرك كما أنت له في علانيتك و لا يصلح أمر العلم إلا بعد أن تجعل سره كعلانيته و إذا أولاك السلطان عملا لا يصلح لك فلا تقبل ذلك منه إلا بعد أن تعلم أنه إنما لا يوليك ذلك إلا لعلمك و إياك و أن تتكلم في مجلس النظر على خوف فإن ذلك يورث الخلل في الإحاطة و الكلل في اللسان
وإياك أن تكثر الضحك فإنه يميت القلب و لا تمس إلا على طمأنينة و لا تكن عجولا في الأمور و من دعاك من خلفك فلا تجبه فإن البهائم تنادى من خلفها و إذا تكلمت فلا تكثر صياحك و لا ترفع صوتك و اتخذ لنفسك السكون وقلة الحركة عادة كي يتحقق عند الناس ثباتك
وأكثر ذكر الله تعالى فيما بين الناس ليتعلموا ذلك منك و اتخذ لنفسك أورادا خلف الصلاة ة تقرأ فيها القرآن و تذكر الله تعالى و تشكره على ما أودعك من الصبر و أولاك من النعم و اتخذ لنفسك أياما معدودة من كل شهر تصوم فيها ليقتدي غيرك بك
وراقب نفسك و حافظ على الغير لتنتفع من دنياك و آخرتك بعلمك و لا تشتر بنفسك و لا تبع بل اتخذ لك غلاما مصلحا يقوم بأشغالك و تعتمد عليه في أمورك و لا تطمئن إلى دنياك و إلى ما أنت فيه فإن الله تعالى سائلك عن جميع ذلك
ولا تشتر الغلمان المردان و لا تظهر من نفسك التقرب إلى السلطان و إن قربك فإنه ترفع إليك الحوائج فإن قمت أهانك و إن لم تقم أعابك
ولا تتبع الناس في خطئهم بل اتبع في صوابهم وإذا عرفت إنسانا بالشر فلا تذكره به بل اطلب منه خيرا فاذكره به إلا في باب الدين فإنك إن عرفت في دينه ذلك فاذكره للناس كيلا يتبعوه ويحذروه وقال عليه السلام : [ اذكروا الفاجر بما فيه حتى يحذره الناس و إن كان ذا جاه و منزلة ] و الذي ترى منه الخلل في الدين فاذكر ذلك و لا تبال من جاهه فإن الله تعالى معينك و ناصرك و ناصر الدين فإذا فعلت ذلك مرة ة هابوك و لم يتجاسر أحد على إظهار البدعة في الدين
وإذا رأيت من سلطانك ما لا يوافق العلم فاذكر ذلك مع طاعتك إياه فإن يده أقوى من يسك تقول له : أنا مطيع لك في الشيء أنت فيه سلطان و مسلط علي غير أني أذكر من سيرتك ما لا يوافق العلم فإذا فعلت مع السلطان مرة كفاك لأنك إذا واظبت عليه ودمت لعلهم يقهرونك فيكون في ذلك قمع للدين فإذا فعل ذلك مرة أو مرتين ليعرف منك الجهد في الدين و الحرص في الأمر بالمعروف فإذا فعل ذلك مرة أخرى فادخل عليه وحدك في داره و انصحه في الدين و ناظره إن كان مبتدعا و إن كان سلطانا فاذكر له ما يحضرك من كتاب الله تعالى و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن قبل منك وإلا فاسأل الله تعالى أن حفظك منه
واذكر الموت و استغفر للأستاذ و من أخذت عنهم العلم و داوم على التلاوة و أكثر من زيارة القبور و المشايخ و المواضع المباركة و اقبل من العامة ما يعرضون عليك من رؤياهم في النبي صلى الله عليه و سلم و في رؤيا الصالحين في المساجد و المنازل و المقابر و لا تجالس أحدا من أهل الأهواء إلا على سبيل الدعوة إلى الدين و لا تكثر اللعب و الشتم و إذا أذن المؤذن فتأهب لدخول المسجد كيلا تتقدم عليك العامة
ولا تتخذ دارك في جوار السلطان و ما رأيت على جارك فاستره عليه فإنه أمانة ولا تظهر أسرار الناس و من استشارك في شيء فأشر عليه بما تعلم أنه يقربك إلى الله تعالى
وأقبل و صيتي هذه فإنك تنتفع بها في أولاك و أخراك إن شاء الله تعالى
وإياك و البخل فإنه يبغض به المرء و لا تك طماعا و لا كثابا و لا صاحب تخليط بل احفظ مروءتك في الأمور كلها
وألبس من الثياب البيض في الأحوال كلها و أظهر غنى القلب مظهرا من نفسك قلة الحرص و الرغبة في الدنيا و أظهر من نفسك الغناء و لا تظهر الفقر و إن كنت فقيرا وكن ذا همة فإن من ضعفت همته ضعفت منزلته
وإذا مشيت في الطريق فلا تلتفت يمينا و لا شمالا بل داوم النظر إلى الأرض و إذا دخلت الحمام فلا تساو الناس في أجرة الحمام و المجلس بل ارجح على ما تعطي العامة لتظهر مروءتك بينهم فيعظمونك و لا تسلم الأمتعة إلى الحائك و سائر الصناع بل اتخذ لنفسك ثقة يفعل ذلك و لا تماكس بالحبات و الدوانيق و لا تزن الدراهم بل اعتمد على غيرك
وحقر الدنيا المحقرة عند أهل العلم فإن ما عند الله خير منها و ول أمورك غيرك ليمكنك الإقبال على العلم فإن ذلك أحفظ لحاجتك
وإياك إن تكلم المجانين و من لا يعرف المناظرة و الحجة من أهل العلم و الذين يطلبون الجاه و يستغرقون بذكر المسائل فيما بين الناس فإنهم يطلبون تخجيلك و لا يبالون منك و إن عرفوك على الحق
وإذا دخلت على قوم كبارة فلا ترتفع عليهم ما لم يرفعوك كيلا يلحق بك منهم أذية وإذا كنت في قوم تتقدم عليهم في الصلاة ما لم يقدموك على وجه التعظيم
ولا تدخل الحمام وقت الظهيرة والغداة و لا تخرج إلى النظارات و لا تحضر مظالم السلاطين إلا إذا عرفت أنك إذا قلت شيئا ينزلون على قولك بالحق فإنهم إن فعلوا ما لا يحل و أنت عندهم ربما لا تملك منعهم و يظن الناس أن ذلك حق لسكوتك فيما بينهم وقت الإقدام عليه
وإياك و الغضب في مجلس العلم و لا تقص على العامة فإن القاص لا بد له أن يكذب و إذا أردت اتخاذ مجلس لأحد من أهل العلم فإن كان مجلس فقه فاحضر بنفسك و اذكر فيه ما تعلمه و إلا فلا كيلا يغتر الناس بحضورك فيظنون أنه على صفة من العلم وليس هو على تلك الصفة و إن كان يصلح للفتوى فاذكر منه ذلك و إلا فلا و لا تقعد ليدرس الآخر بين يديك بل أترك عنده من أصحابك ليخبرك بكيفية كلامه و كمية علمه و لا تحضر مجالس الذكر أو من يتخذ مجلس و عظ بجاهك و تزكيتك له بل وجه أهل محلتك و عامتك الذين تعتمد عليهم مع واحد من أصحابك
وفوض أمر المناكح إلى خطيب ناحيتك و كذا صلاة الجنازة و العيدين
ولا تنسني من صالح دعائك و اقبل هذه الموعظة مني و إنما أوصيك لمصلحتك ومصلحة المسلمين انتهى
- وفي آخر تلقيح المحبوبي : قال الحاكم الجليل : نظرت في ثلاثمائة جزء مثل الأمالي و نوادر ابن سماعة حتى انتقيت كتاب المنتقى
وقال حين ابتلي بمحنة القتل بمرو من جهة الأتراك هذا جزاء من آثر الدنيا على الآخرة و العالم متى أخفى علمه و ترك حقه خيف عليه أن يمتحن بما يسوؤه
وقيل : كان سبب ذلك : أنه لما رأى في كتب محمد مكررات و تطويلات خلعها وحذف مكررها فرأى محمدا رحمه الله تعالى في منامه فقال : لم فعلت هذا بكتبي فقال : لأن في الفقهاء كسالى فحذفت المكرر و ذكرت المقرر تسهيلا فغضب و قال قطعك الله كما قطعت كتبي فابتلي بالأتراك حتى جعلوه على رأس شجرتين فتقطع نصفين رحمه الله تعالى
تم الكتاب و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وله الفضل و المنة في الأولى و الآخرة (1/463)