وقال في "باب الفرق": "وأما قوله: "ومن الخنزير الفنطيسة، ومن السباع الخطم والخرطوم" فإن ذكره هذا مع الشفة غلط، لأن أهل اللغة ذكروا عن العرب أن الفنطيسة مكسورة الفاء أنف الخنزيز، ولم يذكر أحد منهم أنها شفته"(1).
وفسر ثعلب الأكلة بالغداء والعشاء، ولم يرتض أبو سهل هذا التفسير فقال: "الأكلة هي المرة الواحدة من الأكل حتى يشبع في أي وقت كان من النهار والليل"(2).
وبالرغم من نقده هذا، فقد انتصر له في غير موضع من الشرح معللا ومحكما المسموع من كلام العرب، فمن ذلك قوله في الرد على ابن درستويه والجبان اللذين أنكرا على ثعلب أن يكون "أعداء وعدى" بمعنى واحد جمعا لعدو، قال: "والذي ذكره جلة أهل اللغة لقول ثعلب – رحمه الله -، وإن كان بعض الجموع قد خرجت عن القياس، لكن الذي ورد به السماع ما قالوه..."(3).
وقوله: "وروى الرواة كلهم عن ثعلب – رحمه الله – الحرف الأول "ما بها أرم" بفتح الهمزة وكسر الراء، على فعل، مثل حذر، إلا ابن درستويه، فإنه رواه "ما يهم آرم" على فاعل، وقال: هو الذي ينصب الإرم، وهو العلم...
قال أبو سهل: وهذا الذي قاله ابن درستويه وإن كان قياسا صحيحا فإن المسموع من العرب خلافه، لأن أهل اللغة رووا عنهم: "ما بها أرم، على وزن فعل، كما رواه أصحاب ثعلب – رحمه الله – عنه، ومنه قول الشاعر:
دار لأسماء بالغمرين مائة
كالوحي ليس بها من أهلها أرم(4).
ومن مظاهر شخصيته المتميزة تجويز بعض ما منعه العلماء، ومن ذلك قوله: "قال قوم من أهل اللغة والنحو: تلك وتيلك اسمان يشار بهما إلى ما بعد من المؤنث. وقال الجبان: التاء من تلك اسم البعيدة المشار إليها.... وذيك المرأة خطأ، والذال لا مدخل لها في المشار إليها إذا بعدت.
__________
(1) ص 933.
(2) ص 720.
(3) ص 855.
(4) ص 676. وينظر: ص 896.(17/12)
قال أبو سهل: والذي عندي أن تلك باللام، وتيك بالياء، وذيك بالذال والياء، كلها بمعنى واحد، وهي لغات للعرب، وليس ذيك بالذال خطأ، كما زعم ثعلب والجبان وغيرهما،بل هي لغة صحيحة جارية على قياس كلام العرب... والدليل على أن ذيك بالذال، لغة صحيحة وليست بخطأ أنهم إذا حذفوا كاف الخطاب من آخرها بقيت ذي بذال مكسورة، وبعدها ياء، فتكون إشارة إلى مؤنث... وأما قول من قال: إن تلك وتيك اسمان للبعيدة المشار إليها، فليس قولهم شيئا يصح، لأن الله تعالى قد قال: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} فأشار إلى العصا، وخاطب موسى عليه السلام، ولا يكون شيء أقرب مما هو في اليد، وهذا بين واضح"(1).
وكان يناقش أقوال العلماء ويوجهها، ويختار ما يراه صوابا منها، كقوله: "والعامة تقول: "رأس العين، فتزيد فيه الألف واللام، وأنكر أهل العلم بالنحو واللغة ذلك، وقالوا: لا يجوز ذلك، لأنه ههنا اسم علم معرفة لموضع بعينه، فلا بجوز تعريفه بالألف واللام... قال أبو سهل: والذي أراه أن رأس العين اسمان جعلا اسما واحدا، فلا يدخلون في الثاني منهما الألف واللام، كما لم يدخلوهما في بعل بك، وقالي قلا، ورام هرمز، وأشباهها"(2).
وقوله: "وأما وجه قول الفراء في كسر النون فكأنه أراد تثنية شت، وهو المتفرق، ويجوز أن يكون كسرها على أصل التقاء الساكنين"(3).
وقوله: "وقال الجبان: شطب السيف وشطبه: طرائقه. قال: وقيل: فرنده، وقيل: حده الذي يضرب به.... قال أبو سهل: والصحيح من هذه الوجوه أنها الطرائق لا غير"(4).
كما كان كثير التتبع لنسخ الفصيح، فأشار إلى روايتها المختلفة وحكم على بعض هذه الروايات بالصواب أو الخطأ، وقد سبقت أمثلة لذلك(5).
وكان له أيضا موقف متميز من آراء المدرستين البصرية والكوفية، وتمثل هذا الموقف في ثلاث صور:
التحرر من العصبية المذهبية أو ا لحياد.
الموافقة.
المخالفة.
__________
(1) ص 852.
(2) ص 893.
(3) ص 823.
(4) ص 839.
(5) ص 137.(17/13)
وهذا ما سأوضحه في مبحث قادم – إن شاء الله -(1).
حرص على ربط كتابه بعضه ببعض، ليجنبه التكرار ما أمكن، وذلك بالإحالة على ما تقدم شرحه، إذا تكرر نظيره، نحو قوله: "وهو أب لك وأخ لك... وقد تقدم ذكرهما في باب المصادر"(2). وقوله: "وأما الملحفة: فقد تقدم تفسيرها في باب المكسور أوله"(3). وقوله: "والقرط ما يجعل في أسفل أذن الجارية والغلام... ويقال لما يجعل في أعلاها شنف... وقد تقدم ذكره في باب المفتوح أوله"(4).
وأحيانا تكون إحالته على ما تقدم شرحه حالة كطلقة، أي من غير تعيين الباب الذي ورد فيه اللفظ المشروح كقوله: "... وقد تقدم هذا فيما مضى من الكتاب"(5).
قد يعرض عن شرح بعض الألفاظ أو المسائل أو لا يستوفي القول فيها استنادا إلى تفصيل له أوفى وأشمل في غير كتابه هذا، كقوله: "وقد بينت اللغات في هذا وهذه في حال الإفراد والتثنية والجمع للمذكر والمؤنث في شرح الكتاب"(6)، وقوله: "وفيه أربع لغات أذكرها لك – إن شاء الله – في شرح الكتاب"(7). وقوله: "وقد ميزت هذه الفصول التي أوردها محالفة لتراجم الأبواب التي فيها، وفصلتها في الكتاب الذي عملته لك قبل هذا، المترجم لـ"كتاب تهذيب الفصيح"(8). وقوله: "وقد استقصيت هذا الفصل في كتاب المكنى والمبنى"(9). وقوله: "وقد استقصيت ذكر الخال في الكتاب المثلث"(10). وقوله: "وهو مأخوذ من الملحة، وهي البياض، فيها اختلاف، وقد ذكرته في الكتاب المنمق"(11). وقوله: ".... وقد بينت هذا بيانا شافيا في كتاب الأسد"(12).
يستطرد أحيانا في تفسير وتوضيح بعض الألفاظ التي يذكرها في الشرح، أو بعض ما يعرض له من شواهد قرآنية، أو أبيات شعرية.
__________
(1) ينظر: ص 171، 201-203، 213-220.
(2) ص 764.
(3) ص 788.
(4) ص 911.
(5) ص 353، وينظر: ص 391، 938.
(6) ص 311.
(7) ص 660.
(8) ص 391.
(9) ص 511.
(10) ص 513.
(11) ص 761.
(12) ص 937.(17/14)
فمن استطراده في تفسير الألفاظ قوله: "والفلاة: المفازة وجمعها فلا مقصور، وفلوات، والمفازة: واحدة المفاوز، وسميت بذلك على طريق التفاؤل لها بالسلامة والفوز، من فاز يفوز فوزا، إذا نجا، لأنها مهلكة، كما قالوا للديغ: سليم. وقال ابن الأعرابي: سميت مفازة، لأنها مهلكة، من فوََز، إذا هلك"(1). فاستطرد في تفسير المفازة، وهي كلمة عارضة أتى بها لتفسير الفلاة.
ومن استطراده في تفسير الآيات، قوله: "... ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَت} معناه قوله أعلم – تسلو عن ولدها، وتتركه، وتشغل عنه"(2). وقوله: "... وقال الله عز وجل: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أي أمنتم لزوال الخوف"(3).
أما الشواهد الشعرية، فقد عرض لنوعين منها: نوع ورد أصل الفصيح، وقد اهتم أبو سهل بهذا النوع اهتماما بالغا، فكان ينسب الشاهد – في الغالب – إلى قائله، ويشرح معظم ألفاظه، وقد يذكر معه بيتا قبله أو بعده، أو يشير إلى ما فيه من روايات(4).
ونوع آخر استشهد به أبو سهل نفسه، فكان يستطرد في شرح بعض هذه الشواهد، أو ذكر ما فيها من روايات.
فمن استطراده في شرح الشواهد قوله في بيت ابن مقبل:
قربوس السرج من حاركه
بتليل كالهجين المحتزم
قال: "الحارك من الفرس: أعلى كتفيه ومغرز عنقه، والتليل: العنق. والهجين من الناس: الذي أبوه عربي وأمه أمة. فشبه انتصاب القربوس على حاركه بعبد محتزم، وهو الذي قد احتزم بثوبه، وانتصب متهيئا لأمره"(5).
وقوله في بيت سنان بن أبي حارثة المري:
وقد يسرت إذا ما الشول روحها
برد العشي بشفان وصراد
__________
(1) ص 292، وينظر: ص 331، 324، 587، 592.
(2) ص 331.
(3) ص 696. وينظر: 448، 546، 462، 621، 624، 698، 916، 927.
(4) ينظر مثلا: ص 341، 352، 373، 528، 555، 778، 847.
(5) ص 597.(17/15)
قال: "يسرت: أي دخلت مع الأيسار في الجزور، إذا ضربوا عليها بالسهام. والشفان: الريح الباردة. والصراد: غيم وقيق لا ماء فيه"(1).
ومن استطراده في إيراد روايات الأبيات، وهو كثيرا ما يفعل ذلك، قوله في بيت حاتم الطائي:
إيها فدى لكم أمي وما ولدت
حاموا على مجدكم واكفوا من اتكلا
قال: "ويروى: مهلا فدى لكم"(2).
وقوله في بيت أحد الشعراء (قيل: هو جهينة الخمار):
تسائل عن خصيل كل ركب
وعند جهينة الخبر اليقين
قال: ويروى:
تسائل عن أخيها كل ركب
وعند جهينة..
بالهاء"(3).
وقوله في بيت أنشده أبو زيد لأحد الشعراء ولم ينسبه:
ترى الناس أشباها إذا نزلوا معا
وفي الناس زيف مثل زيف الدرهم
قال: "وروى غيره:
ترى القوم أسواء إذا نزلوا معا(4).
بالرغم من نزوعه إلى الاستطراد كما ذكرت ومثلت، إلا أنه كان – مع ذلك – حريصا على الإيجاز والاختصار ما أمكن، لأن الإطالة – كما يعلل – تخرج بالكتاب عن منهجه الذي رسمه لنفسه في المقدمة، وهو "الإيجاز الاقتصار في التفسير". وقد التزم بهذا المنهج وظل يؤكد عليه مرارا في ثنايا الشرح، فمن ذلك قوله: ".... وفيه أقوال أخر غير هذا، تركت ذكرها هنا خوف الإطالة، وقد ذكرتها في الكتاب المنمق"(5).
وقوله: "... وفي هذه الأشياء اختلاف بين أهل اللغة تركت ذكرها خوف الإطالة"(6).
وقوله: "... والقصد في هذا الكتاب الإيجاز والاقتصار، لكني نبهتك هاهنا على موضع السهو لتعلمه، وقد بينت ذلك في "الشرح"، وأنت تراه فيه – إن شاء الله - "(7).
وقوله: ".... وقد استقصيت ذكر هذه الفصول وأبنت اشتقاقها وأصلها في "شرح الكتاب" ولا يحسن ذكرها هاهنا لما شرطته من اقتصار التفسير في هذا الكتاب"(8).
__________
(1) ص 911، وينظر: ص 326، 414، 684، 751، 757، 835.
(2) ص 549.
(3) ص 812.
(4) ص 856. وينظر: ص 338ن 442، 445، 528، 563، 887.
(5) ص 343.
(6) ص 604.
(7) ص 426.
(8) ص 160.(17/16)
عرض من خلال هذا الشرح لعدد من المسائل اللغوية والصرفية والنحوية، سأتحدث - بالتفصيل – عن طريقته في عرضها ومناقشتها في مبحث قادم – إن شاء الله-.
وعرض أيضا لبعض المسائل البلاغية، كالحقيقة والمجاز والتشبيه والاستعارة والكناية، ولم يجاوز في عرضه لها حدود الإشارات العابرة غير المفصلة، وذلك نحو قوله: "وابن بين البنوة: وهو الذي تلده، ومعناه: أنه صحيح الولادة ظاهرها، على الحقيقة، لا على التشبيه والمجاز"(1).
وقوله: "وكذلك وعد الرجل وبرق بغير ألف أيضا: إذا أوعد وتهدد، وهما مستعاران من رعد السحاب وبرقه، لأنهما مخوفان، وقد يقال في هذا: أرعد الرجل وأبرق، على أفعل. ومنه قول الكميت:
أرعد وأبرق يا يزيـ
فما وعيدك لي بضائر(2).
وقوله: "ومسست الشيء أمسه.... إذا لمسته بيدك. ويكنى به عن الجماع"(3).
وكذلك عرض لبعض السائل العروضية، كالإكفاء والإقواء والروي، وعرض لها في موضع واحد فقط، ولكنه فصل في ذلك، فعرف الإكفاء والإقواء، وأشار إلى الخلاف فيهما، ومثل لهما، فقال: "وأكفأت في الشعر بالألف، أكفئ إكفاء، وهو مثل الإقواء.... وذلك إذا خالفت حرف الروي بالرفع والخفض في قوافي الشعر، كقول الحارث بن حلزة:
فملكنا بذلك الناس حتى
ملك المنذر بن ماء السماء
وهو الرب والشهيد على يو
م الحيارين والبلاء بلاء
فأقوى في البيت الأول فخفضه،والقصيدة مرفوعة. والروي: هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة. وقال قوم: الإكفاء في الشعر: هو أن يخالف بين قوافيه بالحروف، فيجعل حرف مكان حرف، وذلك أن تجعل قافية طاء والأخرى ميما، وما أشبه هذا من الحروف التي تشبه بعضها بعضا، وذلك نحو قول الراجز:
إذا نزلت فاجعلاني وسطا
إني شيخ لا أطيق العندا
... وقال آخر:
يا ريها اليوم على مبين
على مبين جرد القصيم(4)
__________
(1) ص 512.
(2) ص 372-373.
(3) ص 349. وينظر: ص 456، 511، 597، 518، 876، 931.
(4) ص 441-443.(17/17)
ولم يدخل الكتاب من إشارات تتصل بخلق الإنسان(1)، وعلم الكتابة(2) والفقه(3)، والعقيدة(4).
وتعرض لشيء مما يتصل بعلوم العرب معارفها ومعتقداتها(5)، وشرح عددا من الأمثال(6)، وعرف بطائفة من الأعلام، والفرق، والجماعات، والبلدان(7).
__________
(1) ينظر: ص 587، 603، 616، 660، 855، 883، 908.
(2) ينظر: ص 313، 480، 817، 902.
(3) ينظر: ص 711، 718.
(4) ينظر: ص 494، 598.
(5) ينظر: ص فهرس الفوائد والمعارف العامة ص 1087.
(6) ينظر: 752، 811، 819، 829.
(7) ينظر: ص 335، 422، 445، 604، 709، 743، 878، 891، 909.(17/18)
الفصل الأول: دراسة حياة أبي سهل الهروي
وفيه المباحث التالية:
المبحث الأول: عصره.
الإنسان ابن بيئته يؤثر فيها ويتأثر بها، ولا يمكن دراسة شخصية عالم من العلماء بمعزل عن بيئته وعصره، لما لأحداث العصر من صلة قوية في تكوين شخصية العالم، وبناء ثقافته وتحديد اتجاهه العلمي، فلذلك كان علينا قبل الدخول في تفاصيل حياة أبي سهل الهروي تقديم لمحة سريعة عن الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية في عصره.
أولا: الحياة السياسية.
في أواخر القرن الرابع، والثلث الأول من القرن الخامس الهجري عاش أبو سهل الهروي(372-433هـ). وفي العصر أخذت خلافة بني العباس تضعف وتتقهقر في مجالات شتى سياسية وإدارية واقتصادية، فمن الناحية السياسية اتسم هذا العصر بكثرة الفتن والحروب، وانقسمت الخلافة إلى ممالك ودويلات كثيرة متنافسة متناحرة، وتتمتع في الوقت نفسه بالسيطرة والنفوذ والاستقلال الفعلي عن الخلافة العباسية، عدا بعض مظاهر الولاء الشكلي كالدعاء للخليفة على المنابر(1).
ففي شرق الخلافة الإسلامية وبلاد فارس وما وراء النهر، كانت هذه الجهات تخضع لسيطرة الفرس السامانيين، والأتراك الغزنويين، ونشأ بين هذين العنصرين نزاع مرير وحروب مستمرة أدت في النهاية إلى القضاء على دويلة بني سامان سنة 387هـ(2).
__________
(1) التاريخ الإسلامي 5/6.
(2) البداية والنهاية 11/345، وتاريخ العرب 2/557.(18/1)
ثم أعقب هذا الصراع صراع آخر بين الغزنويين أنفسهم والسلاجقة انتهى بانتصار السلاجقة على العزنويين انتصارا حاسما عند موضع يقال له "دندانقان"(1) سنة 431هـ، انحسر بعدها المد الغزنوي إلى عزنة، وبعض الأقاليم الهندية، وفي الوقت نفسه امتد النفوذ السلجوقي في بلاد ما وراء النهر، وخراسان، وطبرستان، وجرجان، وأخذ يتقدم نحو الغرب باتجاه بغداد(2).
وفي العراق وما جاورها من بلاد فارس ظهر البويهيون سنة 321هـ وهم من أصل فارسي يرتفع نسبهم فيه إلى ملوك الفرس القدماء(3).
وفي سنة 334هـ دخلوا بغداد، فاستبدوا واستولوا على الخلافة، وعزلوا الخلفاء وولوهم(4)، وأحيوا المذهب الشيعي وأقاموا شعائره وأخصها المناحة في يوم عاشوراء، والاحتفال بيوم الغدير(5)، وظل زمام الخلافة ومقاليهم بأيديهم إلى سنة 448هـ، وهي السنة التي دخل فيها السلاجقة بغداد بقيادة السلطان السلجوقي طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق، فكتب له الخليفة العباسي عهدا بولاية البلاد العباسية، ولقبه بـ"شاهنشاه"ملك الشرق والغرب(6).
__________
(1) بليدة على عشرة فراسخ من مرو، خربها الأتراك المعروفة بالغزية في شوال سنة 557هـ. معجم البلدان 2/477.
(2) تاريخ دولة آل سلجوق 7-11، والفخري في الآداب السلطانية 292، والكامل لابن الأثير 8/19-28.
(3) البداية والنهاية 11/185.
(4) الكامل لابن الأثير 6/314- 316، والبداية والنهاية 11/225- 227، وتاريخ الخلفاء 318.
(5) تاريخ العرب 2/565.
(6) الكامل لابن الأثير 8/70-72، والأولياء في تاريخ الخلفاء 192، وتاريخ دولة آل سلجوق 7-11.(18/2)
ولما دخل السلاجقة بغداد عملوا من فورهم على إحياء المذهب السني، ومقارعة المذهب الشيعي، وحرصوا في كل مناسبة على تأكيد عدة أمور منها إسلامهم، وتمسكهم بمذهب أهل السنة والجماعة، ومنها حرصهم على جهاد الكفار، وأهل المذاهب والملل المنحرفة، والولاء المطلق للخلافة العباسية(1). واستطاعوا أن يوحدوا ما تناثر من أشلاء الخلافة العباسية، ويلموا شعثها بعد تفرق، وخطب لهم وللخلفاء العباسيين من حدود الصين شرقا، إلى أقاصي بلاد الإسلام في الشمال، إلى آخر بلاد اليمن في الجنوب(2).
وفي غرب الخلافة الإسلامية كانت دول بني حمدان تسيطر على معظم بلاد الشام، وهي دولة عربية، يرجع أصلها إلى حمدان بن حمدون من قبيلة تغلب(3)، وكان من أبرز حكامها مؤسسها الفعلي سيف الدولة الحمداني، ممدوح أبي الطيب المتنبي الذي لازمه سنين طويلة يسجل ويصور ملاحمه الحربية ضد الروم البيزنطيين(4). وظلت هذه الدولة تخوض حروبا مستمرة ومضنية ضد هؤلاء البيزنطيين، ثم الفاطميين إلى أن استسلمت لهؤلاء الآخرين سنة 406هـ(5).
__________
(1) راحة الصدور 166-170.
(2) وفيات الأعيان 5/284، وتاريخ العرب 2/572.
(3) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب 221، وتاريخ العرب 2/549.
(4) تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف 6/505، وأبو الطيب المتنبي في مصر والعراقين 70.
(5) تاريخ العرب 2/549، والتاريخ الإسلامي 6/177.(18/3)
وظل الحكم في مصر وشمال أفريقيا وأجزاء من بلاد الشام بيد الدولة الفاطمية، الدولة الشيعية الباطنية التي ناصبت الدولة العباسية العداء مذهبيا وعسكريا(1). وكان ظهور هذه الدولة في سجلماسة ببلاد المغرب على يد أبي عبد الله الشيعي عبيد الله المهدي سنة 296هـ(2)، ووسعت من نفوذها فاستولت على مصر سنة 358هـ بقيادة جوهر الصقلي(3)، وبلغت ذروة مجدها وقوتها على يد العزيز بالله(365- 386هـ) والحاكم بأمر الله(386- 411هـ)(4). واستمر نفوذ هذه الدولة بين مد وجزر حتى انتهت على يد صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله – سنة 567هـ(5).
ولم يكن هذا التمزق وذلك الصراع من سمات هذا العصر وحسب، بل شهد فتنا أخرى، تمثلت في ظهور كثير من بدع الملاحدة والزنادقة وطوائف الفرق الكلامية، وأدت إلى انقسام المسلمين وتفرقهم شيعا وأحزابا يناهض بعضهم بعضا، بل يحاول كل من استطاع القضاء على خصمه الآخر(6).
ثانيا: الحياة الاجتماعية.
كان المجتمع في هذا العصر يتكون من أجناس متعددة متباينة في طبائعها وأخلاقها ودينها، من العرب والترك والفرس والأكراد والأرمن والبربر وغيرهم(7)، وفيهم السني والشيعي، وقليل منهم من أهل الذمة(8).
ولم يكن كل هؤلاء في طبقة اجتماعية واحدة بل كانت تنازعهم ثلاث طبقات، عليا ووسطى ودنيا.
__________
(1) الدولة الفاطمية والدولة العباسية 37-59.
(2) الكامل لابن الأثير 6/128-133، ووفيات الأعيان 2/192، واتعاظ الحنفاء 1/55.
(3) الكامل لابن الأثير 7/30، ووفيات الأعيان 1/375، واتعاظ الحنفاء 1/97، والنجوم الزاهرة 4/28.
(4) تاريخ الدولة الفاطمية 156-157.
(5) الروضتين 1/200، واتعاظ الحنفاء 3/324.
(6) البداية والنهاية 12/706، وتاريخ الإسلام السياسي 3/1، والتاريخ الإسلامي5/13-22، 6/31-33.
(7) النجوم الزاهرة4/90، والحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي 51.
(8) تاريخ الحضارة الإسلامية188.(18/4)
فالطبقة العليا: هي طبقة الحكام والأمراء وأصحاب المناصب العليا، وقواد الجند، ومعهم الأشراف من البيت العباسي، والعلوي، وكبار التجار، وهؤلاء عدد قليل بالنسبة لسائر أفراد الأمة.
والطبقة الوسطى: وتشمل العلماء والشعراء والجند وأوساط المزارعين أصحاب الملكيات الصغيرة والقائمين على الصناعات.
والطبقة الدنيا: وهي طبقة العامة من الشعب، وتشكل غالبية المجتمع، ومعظم أفرادها من الفلاحين والعمال والصناع وصغار التجار، وكان يتبع هذه الطبقة الرقيق الذي يؤسر في الحروب أو يبيعه النخاسون، وكان أخلاطا من البيزنطيين والأوربيين والإفريقيين(1).
وكانت هذه الطبقة معرضة لأنواع من الظلم والقهر والاستبداد من قبل بعض الحكام والأمراء والإقطاعيين بما يفرضونه عليها من ضرائب وإتاوات باهضة بلا شفقة ولا رحمة لجمع الأموال الطائلة وتبديدها في مسارب اللهو والترف(2).
ولم يقف ما ناله العامة عند هذا الحد، بل كانوا عرضة أيضا للكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات وانقطاع الأمطار، وانتشار الأوبئة والطواعين، فخلفت مجاعات في كثير من البلاد، أكل الناس فيها الميتة من الكلاب والمواشي وبني آدم(3).
كما كان يقع على كاهل هذه الطبقة عبء الخلافات الدينية والمذهبية وما كانت تجره من صراعات وفتن يقتل فيها خلق كثير(4).
هذا كله أدى إلى ظهور فئتين من الناس متناقضتين:
__________
(1) تاريخ الحضارة الإسلامية 187-188، وتاريخ الأدب العربي(عصر الدول والأمارات)6/44، 532.
(2) البداية والنهاية12/10-11، والخطط المقريزية1/416-425، والحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي 47-49.
(3) البداية والنهاية12/13، 35، 38، 73، 75، 76.
(4) السابق 11/361، 371، 12/6، 7، 67، 71.(18/5)
فئة سلكت طريق اللهو والعبث والمجون وتمثل ذلك في شيوع البغاء، وشرب الخمر، وكثرة اللصوص، وقطاع الطريق(1). ولم تكن هذه الفئة أيضا بمنأى عن كثير من العادات السيئة و الأخلاق الذميمة التي ظهرت في المجتمع، كالملق والرياء والرشوة والسعاية(2)، وهي عادات غريبة عن الإسلام وتقاليد العرب، ولكنها ظهرت في مجتمع كان – كما ذكرنا – خليطا من عناصر وجنسيات عديدة.
والفئة الأخرى سلكت طريق الزهد والقناعة والعفاف متسلحة بالإيمان الصادق، صابرة محتسبة، راغبة فيما هو خير وأبقى، ولا ترى شعاع أمل في الحياة إلا من خلال التعبد والتقرب إلى الله.
ومن هذه الفئة من أمعن في الزهد وبالغ فيه، فانقطع عن الدنيا، واعتزل في المساجد و الزوايا ورباطات الصوفية، ولعل هذا التصرف كان ردة فعل قوية للمتناقضات التي كانت تحكم هذا العصر، والتي تتمثل – كما أسلفنا- في الغنى الفاحش عند الخاصة و الفقر المدقع عند العامة. وانتهى الغلو بهذه الفئة إلى اعتناق أفكار ومبادئ مخالفة لعقيدة المسلمين، وأغرى كثيرا من الناس بالاستكانة و الخضوع والقعود عن الجهاد أو الدفاع عن الإسلام، فظهر الضعف والوهن والتمزق في الأمة، وتسلط عليها الأعداء(3).
3- الحياة العلمية.
يعد العصر الذي عاش فيه أبو سهل الهروي من الناحية العلمية من أخصب العصور الإسلامية وأزهاها، إذ امتاز بازدهار الحركة العلمية ازدهارا واسعا، وقد أسهم في ذلك الازدهار عدة أمور، منها:
__________
(1) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 2/165-175، والدولة الفاطمية في مصر172.
(2) الأدب في العصر الأيوبي60.
(3) تاريخ الأدب العربي لعمر فروخ3/127.(18/6)
تشجيع الخلفاء والأمراء، والوزراء، وحكام الدويلات المنقسمة للعلماء والمبالغة في إكرامهم، فإن كان انقسام الدولة العباسية إلى دويلات قد أضعفها سياسيا، فإن ذلك قد أدى إلى ازدهار الحياة العلمية في ظل التنافس بين حكام هذه الدويلات، وظهور مراكز ثقافية أخرى تنافس بغداد في تجميل موطنها بالعلماء و الأدباء وتتفاخر بهم وتغدق عليهم الأموال. فإلى جانب بغداد أصبحت الري وأصبهان، وبخارى، وسمرقند، وهمذان، ونيسابور، وجرجان، وهراة، وقرطبة، وحلب، والقاهرة(1).
ونسب إلى هذه الحواضر، وغيرها علماء كثيرون، مفسرون، ومحدثون، وفقهاء، ولغويون، ونحاة، وأدباء، وغيرهم.
وقد كثر ارتحال العلماء والدباء وتنقلهم في هذه الحواضر، وكان السفر في طلب العلم مفخرة والقعود عنه معرة. وهذا أبو علي الفارسي( ت- 377 هـ) يرحل إلى بلاد كثيرة: شيراز، والبصرة، وبغداد، وحلب، وعسكر مكرم، وهيث، فكان من أثر ذلك مسائله: الشيرازيات: والبصريات، والبغداديات، والحلبيات، والهيثيات(2).
التنافس الشديد بين الفرق الدينية والمذهبية، ساعد على إشعال جدوة الحركة العلمية، لما يستدعيه ذلك التنافس من الاستعانة بأنواع من العلوم كاللغة والنحو والمنطق والفلسفة وغير ذلك(3).
__________
(1) تاريخ الدولة الفاطمية 422- 425، وتاريخ الحضارة الإسلامية 218- 248.
(2) أبو علي الفارسي 42.
(3) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1/351-352، وتاريخ الدولة الفاطمية 421.(18/7)
انتشار دور العلم و التعليم من مساجد ومدارس ومكتبات على مثال بيت الحكمة الذي أنشأه الخليفة المأمون في العصر العباسي الأول، وكان يشتمل على مكتبة ومجمع علمي، ومكتب ترجمة. وفي سنة 383هـ أسس أبو نصر سابور بن أردشير وزير بني بويه دارا للعلم في الكرخ غربي بغداد وأوقفها على الفقهاء، وجعل فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد معظمها بخطوط مؤلفيها. وذكر ابن كثير أن هذه أول مدرسة توقف على الفقهاء(1).
وكذلك تخذ الشريف الرضي(ت 406هـ) نقيب العلويين والشاعر المشهور، دار ببغداد سماها دار العلم، وفتحها لطلبة العلم، وعين لهم جميع ما يحتاجون إليه(2).
على أن أشهر دار للعلم بنيت في بغداد بل في حواضر العالم الإسلامي في ذلك العصر، هي المدرسة النظامية التي بناها نظام الملك الطوسي(ت 486هـ) وزير ملك شاه السلطان السلجوقي، وتولى بناءها سعيد الصوفي سنة 457هـ على شاطئ دجلة، وكتب عليها اسم نظام الملك، وألحق بها مكتبة، وبنى حولها أسواقا تكون محبسة عليها، وابتاع ضياعا وخانات وحمامات وأوقفها عليها(3).
وفي نيسابور أكبر مراكز العلم في خراسان، أنشأ القاضي ابن خلكان(ت354هـ)،وأبو إسحاق الإسفراييني(ت 418هـ)، وابن فورك(ت 406هـ)، وأبو بكر البستي(ت 429هـ) مدارس ألحقوا بها خزائن للكتب، وأجروا عليها أوقافا كثيرة(4) وليس هذا بدعا فأول من حفظ عنه أنه بنى مدرسة في الإسلام أهل نيسابور(5).
__________
(1) البداية والنهاية 11/3311، وينظر: تاريخ التمدن الإسلامي 3/229.
(2) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1/330.
(3) تاريخ التمدن الإسلامي 3/223- 325، وتاريخ الإسلام السياسي 4/425، 246.
(4) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1/329، 336، 337.
(5) الخطط المقريزية 2/363.(18/8)
وأنشأ أبو علي بن سوار الكاتب(ت 372هـ) أحد رجال حاشية عضد الدولة دار كتب في مدينة "رام هرمز"على شاطئ بحر فارس، وأخرى بالبصرة، وجعل فيهما إجراء على من قصدهما، ولزم القراءة والنسخ فيهما(1).
أما ما وراء النهر، فقد أنشأ نوح بن منصور(ت 387هـ) - ملك خراسان وغزنة، وآخر ملوك الدولة السامانية(2) – مكتبة كبيرة كانت كما يقول ابن خلكان -: "عديمة المثل، فيها من كل فن من الكتب المشهورة بأيدي الناس، وغيرها مما لا يوجد في سواها، ولا سمع باسمه فضلا عن معرفته"(3).
وفي الأندلس كان الحكم المستنصر بن الناصر(ت 366هـ) محبا للعلوم مكرما لأهلها، مولعا بجميع الكتب على اختلاف أنواعها بما لم يجمعه أحد من الملوك قبله، فأنشأ في قرطبة مكتبة جمع إليها الكتب من أنحاء العالم، وكان يبعث رجاله إلى المشرق ليشتروا الكتب عند أول ظهورها قبل أن تقع في أيدي بني العباس. وقد بلغ مجموع ما حوته هذه المكتبة أربعمائة ألف مجلد(4).
واقتدى بالحكم رجال دولته، ووجهاء مملكته، فأنشأوا المكتبات في سائر بلاد الأندلس، حتى إن غرناطة وحدها كان فيها سبعون مكتبة من المكتبات العامة(5).
__________
(1) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1/329.
(2) البداية والنهاية 11/345.
(3) وفيات الأعيان 2/158. وينظر: تاريخ التمدن الإسلامي 3/234.
(4) نفح الطيب 1/395.
(5) المصدر السابق 1/578-585. وينظر تاريخ التمدن الإسلامي 3/230.(18/9)
أما مصر فقد اقتدى الفاطميون بخلفاء بني العباس في بغداد، وبني أمية في الأندلس،فمنذ استقر سلطانهم في مصر عملوا على نشر الثقافة العلمية والأدبية فضلا عن الثقافة المذهبية التي تتصل بدعوتهم الإسماعيلية في العقيدة والفقه والتفسير، فاهتموا بإنشاء المكتبات ودور العلم "حتى يتسنى لدعاتهم أن ينهجوا منهجا علميا في نشر المذهب الإسماعيلي وتفنيذ أقوال خصومهم والرد عليها، بأدلة علمية"(1) وأول ما أنشأوا الجامع الأزهر سنة 361هـ، وجعلوا منه مدرسة منظمة، وعينوا به جماعة من العلماء للإقراء والتدريس،وخصصوا لهم مرتبات وأرزاقا، وأنشأوا لهم دارا للسكنى بجوار الأزهر(2).
ثم أنشأ العزيز الفاطمي(ت 386هـ) بالقصر الشرقي الكبير مكتبة ضخمة زودها بأكثر من مليون كتاب في مختلف العلوم والفنون، وتميزت عن غيرها من مكتبات العالم الإسلامي بما تحويه من كتب نادرة(3).
وأنشأ الحاكم بأمر الله في سنة 395هـ دار الحكمة،وألحق بها مكتبة عرفت باسم دار العلم، وكانت دار الحكمة تضم عدة حلقات دينية وعلمية وأدبية، وعين فيها أعلام الأساتذة في كل علم وفن، وجمع لها من خزائن القصر مجموعات عظيمة في مختلف العلوم والفنون، ورصد للإنفاق عليها وعلى أساتذتها وموظفيها أموال طائلة، وهرع إليها الطلاب من كل صوب، واجتذبت بشهرتها مشاهير العلماء من شرق العالم الإسلامي وغربه، من مثل أبي أسامة جنادة بن محمد الهروي، ومحمد بن الحسين بن عمير اليمني(4)، وهما من أشهر مشايخ أبي سهل الهروي، وسيأتي توضيح ذلك في ترجمة شيوخه(5).
__________
(1) تاريخ الحضارة الإسلامية 237.
(2) الخطط المقريزية 2/272، وتاريخ الجامع الأزهر في العصر الفاطمي 43.
(3) الخطط القريزية 1/408، والدولة الفاطمية في مصر 175.
(4) إنباه الرواة 3/112، ووفيات الأعيان 1/372.
(5) ص 80-85.(18/10)
هذا عن المكتبات العامة، أما المكتبات الخاصة فهي كثيرة جدا، ومنها ما لا يقل عن المكتبات الكبرى. وقد حكي عن الصاحب بن عباد(ت 385هـ) أنه جمع من الكتب ما يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر، وكان فهرس كتبه يقع في عشرة مجلدات(1). وكان يعنى بطلب النسخ الصحيحة إلى خزانة كتبه عناية عظيمة، حتى أنه أوفد إلى بغداد من يصحح له كتاب التذكرة على أبي علي نفسه(2).
ولم تقتصر همة السلاطين والوزراء على تشجيع العلم والعلماء وبناء والمدارس وإنشاء المكتبات، بل كان بعضهم عالما بنفسه، فمن سلاطين ابن بويه اشتهر منهم غير واحد بالعلم والأدب، وأشهرهم في ذلك عضد الدولة البويهي(ت 372هـ) فقد كان شغوفا بالعلم، محبا للعلماء، مشاركا في عدة فنون من الأدب، وكان يحث العلماء على الاشتغال بالعلم وتأليف الكتب، وصنف له أبو علي الفارسي كتاب الإيضاح والتكملة، وقصده فحول الشعراء كالمتنبي والسلامي وغيرهما(3).
وكان الصاحب بن عباد المتقدم ذكره وزيرا لمؤيد الدولة البويهي، وكان شاعرا عالما كاتبا، وكان يجتمع عنده من العلماء والشعراء ما لم يجتمع عند أحد غيره(4).
وفي هذا العصر نشطت الدراسات ذات الصلة بالعقيدة وأصول الدين، والدراسات التي تدور حول القرآن الكريم، والحديث الشريف وما يتصل بهما من علوم، والفقه وأصوله.
أما الدراسات اللغوية والأدبية والنحوية فقد نشطت في هذا العصر نشاطا واسعا، ولا سيما الدراسات اللغوية، إذ كثر العلماء الذين تصدوا للمباحث اللغوية، وكان أكبر ما نهضوا به في هذا العصر وضع المعاجم اللغوية، حتى يمكن القول إنه العصر الذهبي لمعاجم اللغة.
__________
(1) معجم الأدباء 2/697.
(2) المصدر السابق 2/815.
(3) وفيات الأعيان 4/50-53.
(4) يتيمة الدهر 3/225، ووفيات الأعيان 1/228-229.(18/11)
وأشهر المعاجم التي ظهرت في هذا العصر: ديوان الأدب لإسحاق بن إبراهيم الفارابي ( ت - 350 هـ)، والبارع لأبي علي إسماعيل بن القاسم القالي( ت- 356 هـ) وتهذيب اللغة لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري(ت- 370 هـ)والمحيط في اللغة للصاحب بن عباد(ت- 385هـ)، وتاج اللغة و صحاح العربية( الصحاح) لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري(ت- 393 هـ)، والمجمل ومقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس( ت- 395 هـ)، والجامع في اللغة لأبي عبد الله محمد بن جعفر التميمي القيرواني، المعروف بالقزاز( ت- 402 هـ)، والمحكم والمخصص لأبي الحسن علي بن إسماعيل المرسي، المعروف بابن سيده( ت- 458 هـ)(1).
إلا أن شهرة الصحاح للجوهري فاقت شهرة هذه المعاجم جميعا، والسبب في ذلك – كما يقول الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار – أنه "كان آية في فن التأليف المعجمي، سبق غيره في هذا السبيل بابتكاره منهجا جديدا لم يسبق إليه، منهجا قرب اللغة إلى الباحثين، ومهد الطريق للشداة ". وهذا المنهج الذي سلكه في تأليف الصحاح هو ترتيبه "على حروف المعجم، واعتبار آخر حرف في الكلمة بدلا من الأول، وجعله الباب للحرف الأخير، والفصل للأول "(2). وذلك بعد تجريد الكلمة من الزوائد.
ويذكر آدم متز أن كل المعاجم التي عملت بعد الجوهري هي أشبه بتوسيع وشرح لمعجمه، وبهذا المعجم ينتهي عهد قديم، ويبدأ عهد جديد بقي أثره قرونا متطاولة(3).
__________
(1) ينظر ما كتب عن هذه المعاجم: المعجم العربي لحسين نصار، والمعاجم لأحمد الشرقاوي إقبال.
(2) مقدمة الصحاح 119-120.
(3) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1/437.(18/12)
وخلال هذا العصر ظهرت "دراسة جدية للاشتقاق اللغوي، وبقيت عصرا طويلا، وكان أستاذ هذه الدراسة ابن جني الموصلي( ت- 392 هـ)... وهو الذي ينسب إليه ابتداع مبحث جديد في علم اللغة، وهو المسمى بالاشتقاق الأكبر... ولم يكن لعلماء اللغة من العرب إنتاج أعظم من هذا "على حد تعبير آدم متز أيضا(1).
ومن الأعلام الذين ظهروا في هذا العصر أيضا فأثروا العربية بآثارهم اللغوية والأدبية: أبو سعيد السيرافي أشهر شراح كتاب سيبويه( ت- 368 هـ)، وابن خالويه(ت- 370 هـ) صاحب كتاب ليس في كلام العرب، والحجة في القراءات السبع، والحسن بن بشر الآمدي( ت- 371 هـ) صاحب كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري، وأبو الحسن الرماني( ت- 384 هـ) صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، وأبو هلال العسكري( ت- 395 هـ) صاحب كتاب الفروق اللغوية، والصناعتين، وجمهرة الأمثال، وشرح الفصيح، وأبو منصور الثعالبي( ت- 429) صاحب كتاب يتيمة الدهر.وغير هؤلاء كثير.
وصفوة القول أن الحياة العلمية بلغت في عصر أبي سهل الهروي درجة كبيرة من الرقي والازدهار، ولم تترك جانبا من جوانب المعرفة إلا وطرقته، وظهر فيه شخصيات علمية بارزة أسهمت بنصيب وافر في إثراء الثقافة العربية والإسلامية.
المبحث الثاني: اسمه ونسبه وكنيته(2)
__________
(1) المصدر السابق 1/437، وينظر: الخصائص 2/133.
(2) ينظر في ترجمته المصادر التالية:
وفيات المصريين 75، ومعجم السفر 463، ومعجم الأدباء(أرشاد الأريب) 6/2579، وإنباه الرواة 3/195، والوافي والوفيات 4/120، تلخيص ابن مكتوم(226)، والمقفى 6/355، وبغية الوعاة 1/190، 195، وكشف الظنون 1/86، 88، 2/1273، والبلغة للقنوجي 336، 337، 406، 407، 434، 520، وإيضاح المكنون 3/320، وهدية العارفين 6/69، ومعجم المطبوعات العربية 1/663، 2/1894، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان 2/211، والأعلام 6/275، ومعجم المؤلفين 11/60، ومعجم الأعلام 752ن ومقدمة تهذيب الصحاح 47ن وتاريخ التراث العربي 8/477.(18/13)
.
هو أسهل محمد بن علي بن محمد الهروي النحوي.
هكذا أورد المؤلف اسمه ونسبه وكنيته بخطه على الورقة الأولى من كتاب "إسفار الفصيح"، ثم أعاده بالصيغة نفسها في مقدمة الكتاب أيضا، كما ورد بهذه الصيغة في مصادر ترجمته بلا خلاف سوى أن بعضها لقبه باللغوي بدل النحوي، وبعضها جمع بين اللقبين.
والهروي: نسبة إلى "هراة"مدينة عظيمة من أمهات مدن خراسان، كثيرة البساتين والمياه والخيرات، افتتحها الأحنف بن قيس صلحا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ينسب إليها علماء كثيرون برعوا في علوم وفنون مختلفة، كانت على عهد أبي سهل تحت سيطرة الدولة السامانية ثم الغزنوية، وهي الآن إحدى مدن شمال غرب أفغانستان(1).
المبحث الثالث: مولده ونشأته ووفاته.
ولد في اليوم السابع من شهر رمضان سنة 372هـ، ولم تذكر لنا مصادر ترجمته البلد الذي ولد فيه، أو تتعرض لنشأته من مولده حتى رحيله إلى مصر، أو تحفظ لنا شيئا يذكر عن حياته الخاصة.
ولكن يمكن القول – اعتمادا على بعض القرائن العامة التي توحي بها تعض مصادر ترجمته – إنه ولد في "هراة"إليها نسب، ونشأ في بيت علم وأدب، إذ كان أبوه من العلماء البارزين، فتلقى على يديه تعليمه المبكر، وبعد بلوغه سن الطلب أخذ يختلف إلى حلقات العلماء، وخاصة علماء اللغة، فأخذ عن أبي عبيد الهروي، وأبي أسامة الهروي، وكلاهما من موطنه هراة، ومن تلاميذ أبي منصور الأزهري أشهر علماء هراة(2).
وذكر القفطي أن أباه من أهل هراة، وأنه قدم مصر واستوطنها(3)، وذكر المقريزي والسيوطي في ترجمة أبي سهل أنه نزيل مصر(4).
__________
(1) معجم البلدان 5/396، وآثار البلاد 281، والأمصار ذوات الآثار 209، والبداية والنهاية 7/130، ومراصد الاطلاع 3/1455، وبلدان الخلافة الشرقية 449.
(2) ينظر: ص 83 من هذا الكتاب.
(3) إنباه الرواة 2/311.
(4) المقفى 6/355، وبغية الوعاة 1/190.(18/14)
ولا توجد أسباب مذكورة توضح سبب رحيلهما إلى مصر، ويظهر أن الحال السياسية في هراة وبلاد خراسان ما كانت تغري العلماء – آنذاك – بالبقاء فيها، فهذا أبو أسامة جنادة بن محمد الهروي شيخ أبي سهل يغادر أيضا هراة إلى مصر في وقت قريب من مغادرة أبي سهل إليها.
وربما كان من أسباب تلك الرحلة اتجاه الحكام الفاطميين إلى تشجيع الحركة الثقافية في مصر باستقطاب العلماء وإكرامهم، وإنشاء دور العلم والمكتبات لأغراض سياسية ومذهبية أومأ إلينا في حديثنا عن عصره(1).
ويمكن أن نقدر تاريخ رحيله من هراة بإحدى السنوات الواقعة بين عامي(392-399هـ) وذلك إذا علمنا أن شيخه بمصر أبا أسامة الهروي قتل سنة 399هـ وكان عمر أبي سهل – حينئذ – سبعة وعشرين عاما، وقد أخذ بهراة قبل رحيله عنها عن أبي عبيد الهروي المتوفى سنة 401هـ، والسن التي تسمح للتلميذ بالأخذ عن العلماء تكون – عادة – بعد الخامسة عشرة، فإذا افترضنا – على ضوء ذلك – أنه ظل مقيما بهراة إلى أن ناهز عمره عشرين سنة، فإن ما ذكرناه يكون أقرب إلى الصواب.
ولعله في أثناء قدومه إلى مصر عرج على نيسابور، أو شيراز، أو بغداد، أو حلب، وهي من حواضر العلم المزدهرة في عصره، لكن ليس لدينا ما يثبت ذلك، والثابت لدينا أنه سمع الحديث ببيت المقدس، كما ذكر ذلك أبو سهل عن نفسه فيما رواه عنه الحافظ السلفي في معجم السفر(2)، ولكن لم تذكر لنا المصادر متى كانت رحلته إلى بيت المقدس، هل كانت في أثناء قدومه من هراة إلى مصر، أم بعد أن نزل مصر واستوطنها؟
وقد تمكن بعد وصوله إلى مصر من الالتقاء بعلمائها والأخذ عنهم، ومنهم من كانت له شهرة ذائعة في رواية علوم اللغة وآدابها، ثم تصدر للتدريس والتأليف، فكان له تلامذة يقرأون عليه ويروون عنه(3).
__________
(1) ص 68.
(2) ص 463.
(3) ينظر: ص 78-96 من هذا الكتاب.(18/15)
ثم انتهت إليه رياسة المؤذنين بجامع عمرو بن العاص(1)، ولعله كان يكسب قوته من هذه الوظيفة، ومن بيع الكتب التي ينسخها، وكان العلماء يتنافسون في اقتنائها لتميز خطه بالحسن وجودة الضبط(2).
وبعد هذه الحياة الحافلة انتقل إلى رحمة ربه، وودع هذه الدنيا في يوم الأحد الثالث عشر من المحرم(3) سنة 433هـ(4) عن إحدى وستين سنة، ولم تشر المصادر إلى موضع دفنه، عفا الله عنه ورحمه وأحسن مثواه.
المبحث الرابع: شيوخه.
التقى أبو سهل بعدد العلماء في موطنه "هراة"مسقط رأسه، ثم في مصر البلد الذي حط به عصا الرحيل. ولكن كتب التراجم لم تذكر من الشيوخ الذين أخذ عنهم إلا القليل مع كثرة العلماء المشاهير في عصره.
وقد نص أبو سهل على بعض شيوخه في كتابه إسفار الفصيح، وأجمل ذكرهم في مواضع أخرى كقوله: "هكذا في نسختي التي قرأتها ورويتها عن شيوخي رحمة الله عليهم ورضوانه"(5).
وشيخ أبي سهل الذين أمكن معرفتهم استنادا إلى ما ذكره هو، أو ذكرته كتب التراجم، أو إلى ما ورد في بعض الأسانيد راويا عن أحدهم، هم كما يلي:
والده أبو الحسن علي بن محمد الهروي(6).
ولد في هراة، ولم تذكر مصادر ترجمته سنة ولادته، وحددها محقق كتاب الأزهية(7) عبد المعين الملوحي بسنة 370هـ، وهذا التاريخ خطأ لأمرين:
__________
(1) إنباه الرواة 3/113ن 195، والوافي 4/120، ومعجم الأدباء 6/2579.
(2) إنباه الرواة 3/195.
(3) في معجم الأدباء 6/2579 "في الثالث من المحرم".
(4) في إيضاح المكنون 3/320 "سنة 421هـ". وهو تحريف.
(5) ص 603.
(6) ينظر في ترجمته: معجم الأدباء 5/1923، وإنباه الرواة 2/311، وبغية الوعاة 2/205، وكشف الظنون 1/73، 822، والأعلام 4/327ن ومعجم المؤلفين 7/236، ومقدمة كتاب الأزهية.
(7) الأزهية(مقدمة المحقق) 9.(18/16)
إجماع كتب التراجم على أن أبا الحسن الهروي كان من أبرز تلامذة أبي منصور الأزهري المتوفى سنة 370هـ(1)، وقد ذكر المحقق نفسه أنه كان أيضا من تلاميذه(2).
إجماع مصادر ترجمة أبي سهل على أنه ولد سنة 372هـ.
ولم تذكر المصادر له ابنا غير أبي سهل، ولكنها تكنيه بأبي الحسن، فقد يكون له بهذا الاسم، وقد لا تعني هذه الكنية شيئا، لأن "شيوع أبي الحسن كنية لمن اسمه علي تكاد تطرد وتستمر"(3)، كما كان "من غير الغالب تكنية من اسمه الحسن أو الحسين بغير أبي علي"(4).
قال ياقوت: "كان أبو الحسن هذا عالما بالنحو، إماما في الأدب، جيد القياس، صحيح القريحة، حسن العناية بالآداب، وكان مقيما بالديار المصرية"(5).
وفي إنباه الرواة: كان "من أهل هراة، قدم مصر واستوطنها، روى عن الأزهري. وهو أول من أدخل نسخة من كتاب الصحاح للجوهري مصر – فيما قيل – ووجد خللا ونقصا فهذبه وأصلحه"(6).
من مصنفاته: كتاب الأزهية في علم الحروف(7)، امتلك القفطي منه نسخة بخط ولده أبي سهل، وكتاب اللامات(8)، وكتاب الذخائر في النحو، رآه ياقوت في مصر بخطه، والمرشد في النحو، وكتاب في الأمر، وكتاب في المذكر والمؤنث، وكتاب في الوقف.
__________
(1) وفيات الأعيان 4/335.
(2) الأوهية(مقدمة المحقق) 8.
(3) أبو علي الفارسي 56.
(4) أبو علي الفارسي 56.
(5) معجم الأدباء 5/1923.
(6) إنباه الرواة 2/311. وقد انفرد القفطي بهذا الخبر عن الصحاح، والمشهور عند العلماء أن تهذيب الصحاح وإصلاحه من عمل ابنه أبي سهل. ينظر: ص 112 من هذا الكتاب.
(7) طبع بتحقيق عبد المعين الملوحي، وهو من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1402هـ - 1982م.
(8) طبع هذا الكتاب مرتين، الأولى بتحقيق يحيى علوان، وصدر عن مكتبة دار الفلاح بالكويت سنة 1980م، والأخرى بتحقيق أحمد الرصد، وصدر عن مطبعة حسان بالقاهرة سنو 1404هـ - 1984م.(18/17)
ونقل عنه أبو سهل في إسفار الفصيح في غير موضع، من ذلك قوله: "وقال لي أبي – رحمه الله – أما ويها فهي إغراء، تقول: ويها إذا حثثته على الشيء وأغريته به، وأنشدني للأعشى....."(1).
وتوفي – رحمه الله – في حدود سنة 415هـ.
أبو أسامة جنادة بن محمد بن الحسين الأزدي الهروي(2).
قال عنه ابن خلكان: "كان مكثرا من حفظ اللغة ونقلها، عارفا بوحشيها ومستعملها، لم يكن في زمنه مثله في فنه"(3).
أخذ عن أبي منصور الأزهري،وروى عنه كتبه، وروى عنه كتبه، وروى عن أبي أحمد العسكري. وحضر مجلس الصاحب بن عباد(ت 385هـ) بشيراز، فلما نظر إليه الصاحب احتقره لرثاثة ملابسه، وهم بطرده، فلما رأى غزارة علمه أجله وأجلسه إلى جانبه.
وقدم أبو أسامة مصر مع من قدم من علماء "هراة"والتقى الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأبي الحسن علي بن سليمان المقرئ، فكان بينه وبينهم أنس وألفة، وكانوا يجتمعون في دار العلم بالقاهرة، وتجرى بينهم مذاكرات ومناظرات علمية، ولم يزل ذلك دأبهم حتى قتل الحاكم الفاطمي أبا سلمة أبا الحسن المقرئ في يوم واحد في الثالث عشر من ذي الحجة(4) سنة 399هـ.
__________
(1) ص 550
(2) ينظر في ترجمته: معجم الأدباء 2/800، وإنباه الرواة 3/112، ووفيات الأعيان 1/372، والمقفى 3/73، وبغية الوعاة 1/488.
(3) وفيات الأعيان 1/372.
(4) في وفيات الأعيان 1/372 "في شهر ذي القعدة".(18/18)
وهو أشهر شيوخ أبي سهل(1)، أخذ عنه علوم اللغة، وأكثر الرواية عنه، وورد في بعض كتب اللغة روايات لأبي سهل عنه، جاء في بعضها أنه قرأ عليه الغريب المصنف والجمهرة(2)، وكان واسطته إلى كبار العلماء، أمثال أبي منصور الأزهري، وأبي بكر الإيادي، وشمر بن حمدويه، وأبي أحمد العسكري(3)، وغيرهم.
وصرح أبو سهل في غير موضع من إسفار الفصيح بأخذه عنه، وأنه قرأ عليه فصيح ثعلب وغيره من كتب اللغة(4).
3- أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن إسماعيل النجيرمي(5).
قال عنه الذهبي: "لغوي مصر... من أهل بيت علم وعربية، وكان علامة متقنا، راوية لكتب الآداب، بصيرا بمعانيها"(6). وقال القفطي: "وبنو خرازاذ النجيرميون ناقلة عن البصرة إلى مصر، وارتزاقهم بمصر من التجارة في الخشب، وما فيهم إلا لغوي فاضل كامل، ويوسف أمثلهم.... وللمصريين تنافس في خطه إذا وقع... وأكثر ما تروى الكتب القديمة في اللغة والأشعار العربية المعروفة وأيام العرب في مصر عن طريقه"(7).
أخذ عنه بمصر أبو سهل الهروي(8)، وطاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي، وعبد العزيز بن أحمد بن مغلس(9).
وتوفي – رحمه الله – سنة 423هـ.
__________
(1) معجم الأدباء 6/2579، وتلخيص ابن مكتوم(226) والوافي 4/121،وبغية الوعاة 1/195، 488.
(2) ينظر: نفوذ السهم(32/أ)،(53/أ)،(58/ب)،(88/أ)، والمزهر 1/111، 2/392، والدر اللقيط(24/أ)، واللسان 1/237، 393، والتاج 1/163، 256(ذنب، ثعب).
(3) المزهر 1/111، وبغية الوعاة 1/488.
(4) ينظر ص: 504، 550.
(5) ينظر في ترجمته: معجم الأدباء 4/1645، ومعجم البلدان 5/274، وإنباه الرواة 4/72، ووفيات الأعيان 7/75، وإشارة التعيين 392، وسير أعلام النبلاء 17/441، وبغية الوعاة 2/364.
(6) سير أعلام النبلاء 17/441.
(7) إنباه الرواة 4/72-73.
(8) معجم الأدباء 6/2579، والوافي 4/121، وبغية الوعاة 1/195.
(9) بغية الوعاة 2/98، 364.(18/19)
أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي(1).
أشهر تلاميذ أبي منصور الأزهري، وأكثرهم مصاحبة له، أخذ عنه علم اللغة، وأخذ عن أبي سليمان الخطابي، وأحمد بن محمد بن يونس البزاز الحافظ وغيرهما. اشتهر بكتابه "الغريبين"، وهو تفسير غريب القرآن الكريم والحديث الشريف، وله كتاب آخر في ولاة هراة.
وتوفي – رحمه الله – في رجب سنة 401هـ.
تتلمذ عليه أبو سهل الهروي، وروى عنه كتاب "الغريبين"(2).
وجاء في إحدى نسخ الكتاب الخطية المحفوظة في المكتبة الظاهرية(3) قراءات عدة ينتهي علو الإسناد فيها إلى أبي سهل الهروي عن مصنفه، فمنها ما جاء على الورقة الأولى، وهذا نصها: "قرأ علي هذا الجزء وما قبله الشيخ الفقيه أبو علي حسن بن رملي، وهو روايتي عن الشيخ أبي القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي سماعا، وإجازة عن أبي البر(4) عن أبي سهل محمد بن علي الهروي اللغوي عن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي مؤلفه".
وجاء على الورقة الأولى أيضا: أخبرنا بهذا الكتاب سيدنا... أبو البركات عبد القوي... قال: أخبرنا... ناصر بن الحسين بن إسماعيل الحسني الزيدي، قال: أخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن معروف النحوي اللغوي، وأبو القاسم علي بن جعفر المعروف بابن القطاع اللغوي السعدي، فأما أبو عبد الله بن بركات فأخبر به عن أبي سهل محمد بن علي الهروي عن مصنفه أبي عبيد".
__________
(1) ترجمته في: معجم الأدباء 2/491ن وإنباه الرواة 4/150، ووفيات الأعيان 1/95، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح بتهذيب النووي 1/402، وطبقات الشافعية للسبكي 4/84، والبداية والنهاية 11/368، وسير أعلام النبلاء 17/146، وبغية الوعاة 1/371.
(2) معجم الأدباء 6/2579، وتلخيص ابن مكتوم 226، والوافي 4/120، والمقفى 6/355، وبغية الوعاة 1/195.
(3) ينظر: فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية(علوم اللغة) 116، 117.
(4) كذا، ولعله تحريف، وفي مصادر ترجمته جميعا "ابن البر"ينظر: ص 92 من هذا الكتاب.(18/20)
وقراءة أخرى هذا نصها: "قرأت هذا الجزء من الغريبين من أوله إلى آخره على الشيخ الفقيه أبي محمد بن عبد الله بن الحسن بن عطاف، وهو ينظر في أصله الذي كتبه بخطه. قال: أخبرنا به الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الجبار بن سلامة الهذلي قراءة عليه، قال: وهو روايتي عن الشيخ أبي القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي سماعا منه وإجازة، قال: أخبرنا به ابن أبي البر عن أبي سهل محمد بن علي الهروي اللغوي عن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي مؤلفه".
أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عمير اليمني(1).
رحل إلى الشام، ثم نزل مصر واستوطنها، ورتب له وظيفة في دار العلم بالقاهرة. أخذ عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن علي النحوي، وأحمد بن سلامة الطحاوي، وأبي جعفر النحاس وغيرهم، وتتلمذ عليه بمصر أبو سهل الهروي(2)، وأبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عبد الله القضاعي.
من مصنفاته: كتاب مضاهاة أمثال كليلة ودمنة بما أشبهها من أشعار العرب(3)، وأخبار النحاة وطبقاتهم، وكتاب في الأمثال على أفعل سماه "الغايات"، وله شعر. توفي – رحمه الله – في يوم الجمعة التاسع عشر من شهر ربيع الآخر سنة 400هـ.
أبو محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس الدهان النيسابوري(4).
__________
(1) ترجمته في: إنباه الرواة 2/39، 3/112، وطبقات ابن قاضي شهبة 104، والمقفى 5/594، وبغية الوعاة 1/93، والأعلام 6/98، وتاريخ الأدب العربي لعمر فروخ 3/46.
(2) إنباه الرواة 2/39، 349، 3/113، والمقفى 5/594.
(3) وهو مطبوع، حققه محمد يوسف نجم، وصدر عن دار الثقافة ببيروت سنة 1961م.
(4) ينظر في ترجمته: يتيمة الدهر 4/498، ومعجم الأدباء 2/734، والوافي بالوفيات 9/206، وبغية والوعاة 1/455.(18/21)
قال عنه الثعالبي: "أنفق ماله على الأدب، فتقدم فيه، وبرع في علم اللغة والنحو والعروض، وأخذ عن الجوهري.... واستكثر منه، وحصل كتابه "كتاب الصحاح"في اللغة بخطه، واختص بالأمير أبي الفضل الميكالي، ومدحه وأباه بشعر كثير، ثم آثر الزهد والإعراض عن أعراض الدنيا"(1).
تتلمذ عليه أبو سهل، وروى عنه كتاب الصحاح(2)، وذكر الحاج خليفة(3) عن ابن الحنائي(4) من خطه قال: "شاهدت نسخة من صحاح الجوهري بخط ياقوت الموصلي(5) كاتب نسخ الصحاح... وذكر في آخرها ما هذه صورته: يقول ياقوت: نقلت هذا الكتاب من خط الشيخ أبي سهل محمد بن علي الهروي النحوي رحمه الله تعالى، وذكر أنه نقله من خط المصنف، وشاهدت خط ابن عبدوس على النسخة التي نقلت منها ما هذا حكايته:
قرأ علي الشيخ أبو سهل محمد بن علي بن محمد الهروي أكثر هذا الكتاب وسمع ما فيه من لفظي بقراءتي عليه، فصح له سماع جميعه مني، وروايته عني، وذلك في شهور سنة 421هـ إحدى وعشرين وأربعمائة.
وكتب إسماعيل بن محمد بن عبدوس الدهان النيسابوري".
وهذا النص بتمامه في البلغة في أصول اللغة(6).
وفي المكتبة الظاهرية بدمشق نسخة من الصحاح بها حاشية في آخر الورقة الأخيرة، تفيد أن نسخة الأصل عرضها محمد بن علي الهروي من أولها إلى آخرها مع الشيخ أبي محمد إسماعيل بن محمد الدهان النيسابوري، وهو رواية عن مؤلفه أبي نصر الجوهري، وكان الفراغ من المعارضة في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة(7).
__________
(1) يتيمة الدهر 4/498.
(2) ينظر: معجم الأدباء 6/2437.
(3) كشف الظنون 2/1074.
(4) هو حسن جبلي بن علي بن أمر الله الحنفي، توفي سنة 1012هـ. هدية العارفين5/290.
(5) هو ياقوت بن عبد الله الموصلي، كان خطه في غاية الحسن، وكان مولعا بنسخ الصحاح، ونسخ الكثير من الكتب. توفي بالموصل سنة 618هـ.
وفيات الأعيان 6/119، والنجوم الزاهرة 5/283، والأعلام 8/130.
(6) البلغة 406-407.
(7) ينظر: فهرس اللغة العربية بالظاهرية 11.(18/22)
أبو العباس أحمد بن خلف بن محمد السبحي(1).
من علماء الحديث في بيت المقدس، روى عن أبيه خلف بن محمد، وزكريا بن يحيى المقدسي، وأبي بكر محمد بن عقيل بن محمد المقدسي، وأبي سعد سعيد بن أحمد الأصبهاني، وأبي سعيد الفضل بن مهاجر المقدسي وغيرهم، وأخذ عنه عبد الغني الأزدي وغيره.
ولم تذكر المصادر التي ترجمت له تاريخا لوفاته.
حدث عنه أبو سهل الهروي،وسمع منه الحديث ببيت المقدس، ذكر ذلك أبو سهل نفسه، ونقله عنه أبو طاهر السلفي في معجم السفر فقال: "ناولني ياسين بن عبد العزيز بن ياسين النابلسي المقرئ كتاب أبي سهل محمد بن علي بن محمد الهروي النحوي فقرأت فيه: أنا أبو العباس أحمد بن خلف بن محمد بن معاذ بن إبراهيم السبحي ببيت المقدس،ثنا أبو عمرو أحمد بن علي بن الحسن البصري إملاء، ثنا أبو بكر القاسم بن زاهر بن حرب بن أخي ابن أبي أيوب، ثني هاني، ثني عمرو بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خففت عن خادمك من عملك كان لك أجرا في ميزانك"(2).
__________
(1) ترجمته في الإكمال 4/48، والأنساب للسمعاني 7/27، واللباب 2/99، وتوضيح المشتبه للقيسي 5/28، والمشتبه في الرجال للذهبي 348، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر 2/718، 719، والقاموس 285، والتاج 2/158(سبح). قال السمعاني: "هذه النسبة طني أنها إلى السبحة، وهي الخرز المنظومة التي يسبحون بها ويعدونها عند الذكر ".
(2) أخرجه ابن حبان في صحيحه(4314)، وأبو يعلى في مسنده(1472)، والبيهقي في شعب الإيمان(8589)، وأورده المنذري في الترغيب الترهيب 3/214، والهيثمي في مجمع الزوائد 4/239، وقال: "رواه أبو يعلى، وعمرو هذا قال ابن معين: لم ير النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان كذلك فالحديث مرسل، ورجاله رجال الصحيح".(18/23)
أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري(1).
أصله من فاراب من بلاد الترك شرقي نهر سيحون(2)، وهو من أئمة اللغة والأدب والنحو، وخطه يضرب به المثل في الجودة، رحل إلى جزيرة العرب وشافه الأعراب من ربيعة ومضر، وزار العراق فأخذ عن شيخي العربية أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي وغيرهما.
وصنف كتابا في القوافي، وآخر في العروض سماه عروض الورقة، والصحاح في اللغة، وهو أشهر مصنفاته، وقد تقدمت الإشارة إلى منهج الكتاب ومزاياه(3).
توفي رحمه الله سنة 393هـ، وقيل سنة 396هـ،وقيل في حدود سنة 400هـ. وقالوا في سبب وفاته إنه اعتراه وسواس فصعد سطح الجامع القديم بنيسابور أو سطح منزله، وضم إلى جنبيه مصراعي باب وشدهما بحبل فاندفع في الهواء يزعم أنه يطير، فوقع فمات.
من تلاميذه إسماعيل بن محمد بن عبدوس المذكور آنفا، وأبو إسحاق إبراهيم بن صالح الوراق. وجاء في دائرة المعارف الإسلامية في مقال عن الجوهري أن أبا سهل تتلمذ أيضا عليه، وذيل كاتب المقال مقاله بعدد من المصادر العربية واللاتينية، فرجعت إلى ما أمكنني الرجوع إليه من هذه المصادر، وبحثت فيها بحثا شافيا فلم أجد ما يشير إلى تتلمذ أبي سهل على الجوهري، ولعل ذلك مذكور في واحد من مصادره اللاتينية التي لم أستطع الوصول إليها.
والشيء الذي تأكد لنا هو تتلمذ الهروي على ابن عبدوس تلميذ الجوهري كما تقدم، ولكن لا نستبعد – في الواقع – أن يأخذ أبو سهل عن الجوهري، إذ أن عمره زمن وفاة الجوهري كان في حدود العشرين إلى الثلاثة والعشرين عاما، وهذا العمر – بلا شك – يسمح له بالأخذ عن العلماء والرواية عنهم.
المبحث الخامس: تلاميذه
__________
(1) ترجمته في: يتيمة الدهر 4/468، ونزهة الألباء 252، ومعجم الأدباء 2/656، وإنباه الرواة 1/229، إشارة التعيين 55، وبغية الوعاة 1/446، ودائرة المعارف الإسلامية 7/177.
(2) معجم البلدان 4/225.
(3) ص 65.(18/24)
كان جديرا بأبي سهل الهروي، وهو ممن توجه إلى تحصيل العلم، وانقطع على طلبه على مشاهير علماء عصر الازدهار الثقافي والعلمي للأمة، كان جديرا به أن يكون له تلاميذ إليه يرحلون، وعنه يتلقون، وعليه يتأدبون، وبه يتخرجون، وكل يأخذ حظه سماعا وتلقينا ومدارسة على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم.
وقد ذكر أبو سهل نفسه في مقدمة كتابه "التلويح "(1) أنه ألف كتاب تهذيب الفصيح لبعض أولاد الكتاب في عصره، ثم ألف له أيضا "إسفار الفصيح "ثم اختصره وعلل سبب ذلك بقوله: "ثم إني رأيت جماعة من المبتدئين تضعف قواهم عن الإحاطة بما أودعته فيه من التفسير والشواهد من القرآن والشعر، ويستطيلون حفظه، فاختصرت لهم منه أشياء تكفيهم معرفتها، وتنشطهم في حفظها نزارتها، وأثبتها في هذا الكتاب، وسميته كتاب التلويح في شرح الفصيح ".
ومن هذا النص ندرك أن أبا سهل – رحمه الله – كان معنيا بخدمة طلاب العلم على اختلاف سني أعمارهم، فنراه يهذب لهم الكتب، ويؤلف المطولات، ويختصر المطول بأسلوب سهل، واضح العبارة، مشرق الدلالة، ليتسنى للمبتدئين إدراك فوائدها على غير مؤونة ولا كد ذهن.
و برغم هذه الجهود التي بدلها في التدريس والتأليف فإن كتب التراجم لم تذكر من تلامذته سوى تلميذين إثنين هما:
1- أبو بكر محمد بن علي بن حسن بن البر اللغوي الصقلي التميمي(2).
ولد في صقلية، وارتحل إلى المشرق في طلب العلم، وأخذ عن أبي سهل الهروي(3)، وروى عنه كتاب الصحاح للجوهري، والغريبين لأبي العبيد(4)، وأخذ أيضا عن يوسف النجيرمي، وأبي القاسم بن يوسف وغيرهم.
__________
(1) ص 1.
(2) ينظر في ترجمته: إنباه الرواة 3/190، وتكملة الإكمال 1/288، وتوضيح المشتبه 1/401، وإشارة التعيين 332، وطبقات ابن قاضي شهبة 196، والبلغة 208، وبغية الوعاة 1/178.
(3) المقفى 6/355، وبغية الوعاة 1/178، 191، والتاج( برر) 3/38.
(4) كما ورد في القراءة المدونة على إحدى نسخ الغريبين، وقد نقلتها في ص 84.(18/25)
كان التميمي هذا متبحرا في علوم اللغة والنحو والأدب، جيد الضبط، حسن الخط.
وكان ممن أخذ عنه وأكثر تلميذه علي بن جعفر بن علي السعدي، المعروف بابن القطاع الصقلي، وروى عنه كتاب الصحاح، والغريبين.
وتوفي – رحمه الله – سنة 459 هـ.
أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال بن عبد الواحد بن عبد الله السعيدي(1).
قال عنه الذهبي: "الشيخ العلامة، البارع المعمر، شيخ العربية واللغة"(2).
وأجمعت مصادر ترجمته على أن مولده كان في سنة 420 هـ، فإن صح هذا التاريخ(3)، فهو يعني أنه تتلمذ مبكرا على أبي سهل المتوفي سنة 433 هـ، أي تتلمذ عليه، وهو صبي في الثالثة عشرة من عمره فما دون.
وعلى أي حال فقد ذكر المقريزي(4) أنه أخذ عن أبي سهل الهروي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، وأبي الحسن طاهر بن بابشاذ النحوي، وسمع صحيح البخاري بمكة على كريمة بنت أحمد المروزية.
وأورد له القفطي في إنباه الرواة(5) روايتين عن أبي سهل، وجاء على نسخة من كتاب "الغريبين "محفوظة في الخزانة الظاهرية قراءة ينتهي فيها علو السند إليه عن أبي سهل عن أبي عبيد مصنف الكتاب(6).
وأخذ عنه عدد غفير من طلاب العلم كالحافظ أبي طاهر السلفي، وأبي القاسم البوصيري، والشريف الخطيب بن الحسن الرندي.
وله من المصنفات كتاب الناسخ والمنسوخ، وخطط مصر، وتصانيف أخرى في النحو.
توفي – رحمه الله – في شهر ربيع الآخر سنة 520 هـ، وله من العمر مائة سنة.
__________
(1) ينظر في ترجمته: معجم الأدباء 6/2440، وإنباه الرواة 3/78، والمحمدون من الشعراء 237، وإشارة التعيين 300، وسير أعلام النبلاء 19/455، والمقفى 5/426، وبغية الوعاة 5/426.
(2) سير أعلام النبلاء 19/455.
(3) قال ياقوت: "وقيل: إن مولده في سنة عشرين وأربعمائة "بصيغة التمريض.
(4) المقفى 5/427.
(5) إنباه الرواة 2/39, 349.
(6) ينظر ص 84، 85 من هذا الكتاب.(18/26)
وأمكن معرفة ثلاثة من تلامذة أبي سهل من السماع المدون على الورقة الأولى من إسفار الفصيح بخط أبي سهل نفسه، وعلى الورقة الأخيرة بخط أحد تلامذته، وهؤلاء هم:
شهاب بن علي بن أبي الرجال الشيباني.
أبو القاسم مكي بن خلف البصري.
علي بن خلف اللواتي(1).
ولم أعثر – مع طول بحث تنقيب – لهذين الأخيرين على ترجمة في المظان من كتب التاريخ والتراجم، أما شهاب فلم أعثر له أيضا على ترجمة مستقلة، ولكنه رجل نسيب، يؤول إلى بيت شرف وكرم، فأبوه علي – ويكنى أبا الحسن – من أعيان عصره وأعلامهم، تولى رياسة ديوان الإنشاء في الدولة الصنهاجية، ثم وزر لهم، فكان له تأثير على سير قضايا الأمور، واستطاع أن يقنع المعز بن باديس الصنهاجي بمقارعة المذهب الإسماعيلي الباطني في بلاد المغرب، وقطع الصلات بالدولة الفاطمية في مصر. وكان من ذوي الميل إلى العلوم الرياضية والفلكية، وله كتاب البارع في التنجيم، طبع وترجم إلى عدة لغات، وكان أيضا أديبا ناثرا وشاعرا مفلقا، مصيرا للآداب، يغمر الشعراء والكتاب بإحسانه وعطاياه، وكان من أسرة ذات ثراء وشرف، حتى قال ابن الأبار في ترجمة ابنه محمود بن أبي الرجال: "كان هو وأبوه وأهل بيته برامكة أفريقية "(2).
وقد ألف باسمه ابن رشيق مؤلفات أدبية نفيسة، من أهمها كتاب العمدة، كما قدم له ابن شرف رسائل الانتقاد. وتوفي سنة 426 هـ(3).
__________
(1) نسبة إلى "لواته "اسم موضع بالأندلس، وقبيلة من البربر. معجم البلدان 5/24، والتاج(لوت) 1/583.
(2) أعتاب الكتاب 214.
(3) ترجمته في: البيان المغرب 1/273 وكشف الظنون 1/217، وعنوان الأريب 57، وتراجم المؤلفين التونسيين 2/343، ومعجم المؤلفين 7/92، وتاريخ الأدب العربي لعمر فروخ 4/462.(18/27)
وورث عنه ابنه شهاب الوجاهة والسيادة والكرم، والرغبة في العلم والأدب. فقد ذكر أبو سهل في مقدمة التلويح(1) وإسفار الفصيح(2) أنه هذب فصيح ثعلب من أجله، ثم سأله تفسير ألفاظه فألف له إسفار الفصيح.
وفي السماع الذي دونه على الورقة الأولى من إسفار الفصيح خلع عليه من الألقاب ما يبين عن مكانته وشرفه، وأنه من ذوي الحسب والجاه والرياسة، فقال: "سمع مني هذا الكتاب من أوله إلى آخره بقراءتي عليه السيد الرئيس أبو الأزهر شهاب بن علي بن أبي الرجال الشيباني أيده الله، وهذا الأصل في يده يعارضني به وقت القراءة...".
وفي الورقة الأخيرة كتب السماع بخط مغاير لخط أبي السهل، ويظهر أنه خط شهاب هذا، لأنه نص أنه صاحب الكتاب ومالكه، فقال: "بلغ السماع لصاحبه شهاب بن علي ابن أبي الرجال بقراءة مؤلفه الشيخ أبي سهل محمد بن علي الهروي عليه كله في داره بمصر، لاثنتي عشرة خلون من ذي الحجة سنة سبع و عشرين وأربعمائة، وسمع جميع ذلك أبو القاسم مكي بن خلف البصري، وعلي بن خلف اللواتي. وصلى الله على نبيه محمد ".
المبحث السادس: منزلته العلمية.
سبق القول في حديثنا عن عصر أبي سهل إنه كان – من الناحية العلمية – من أزهى عصور الحضارة الإسلامية تقدما وازدهارا في العلوم كلها، ولا سيما علوم اللغة العربية.
ثم كان من توفيق الله لأبي سهل أنه ولد ونشأ في بيت علم، إذ كان أبوه أحد الراسخين في علوم اللغة العربية، وممن أوتي بسطة في تحصيلها، فحمل الإبن عنه علما كثيرا، ونهل من شرعته أدبا وفيرا.
ثم أخذ عن مشاهير علماء عصره وقرأ عليهم أصول كتب اللغة كالغريب المصنف، والجمهرة، والتهذيب، والصحاح، والغريبين وغيرها.
__________
(1) ص 1.
(2) ص 309.(18/28)
ثم تلى مرحلة التعلم مرحلة أخرى من حياته، وهي مرحلة العطاء بعد أن تم نضجه العلمي، وأصبح كثير الحفظ واسع الرواية، كثير الإطلاع، فالتف حوله طلاب العلم يقرأون عليه، ويروون عنه، ويلتمسون منه وضع المصنفات، وكان بعضهم ممن رحل إليه من أقاصي البلاد، وأصبحوا فيما بعد من العلماء المشاهير، كما سبق في ترجمة تلاميذه.
وقد هيأت له هذه المنزلة العلمية الرفيعة أن يرأس المؤذنين بجامع عمرو بن العاص الذي كان منارة علم وإشعاع، وإليه يفد الطلاب من كل مكان، وفي رحابه تعقد حلقات العلم، وتجرى المناظرات والمحاورات بين جهابذة العلماء(1).
وقد حظي من العلماء بالذكر العطر والثناء الحسن، فقال عنه القفطي: "له خط صحيح يتنافس فيه أهل العلم، كتب الكثير من كتب اللغة و النحو، وكان مفيدا وحدث "(2). وقال أيضا: "وهو أحد الأدباء هو وأبوه "(3). ووصفه المقريزي بالشيخ الجليل، وقرنه في ذلك الوصف بواحد من أكابر العلماء فقال في ترجمة ابن بركات السعيدي: ط ولقي المشايخ الأجلاء كالقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وأبي سهل الهروي"(4). وقال في ترجمة أبي عبد الله اليمني: "روى عنه أبو سهل الهروي المؤذن، وهو أحد الأدباء "(5).
ونعته ابن عبدوس وياقوت الموصلي بالشيخ(6)، وعده الصفدي والزبيدي من أئمة العلماء(7)، وأثنى التادلي على سماحة خلقه مع العلماء، وتورعة عن تغليطهم، ومحاولة إيجاد الأعذار لهم(8).
__________
(1) ينظر: الخطط المقريزية 1/246.
(2) إنباه الرواة 3/195.
(3) المصدر السابق 3/113.
(4) المقفى 5/427.
(5) المصدر السابق 5/594.
(6) كشف الظنون 2/1073، والبلغة 406، 407.
(7) نفوذ السهم ( 35/ أ)، والتاج( بزم) 8/201.
(8) الوشاح( 40/ ب).(18/29)
وهو عند العلماء ثقة ثبت فيما يقوله أو يكتبه أو يرويه، لذلك كانت روايته للصحاح ونسخه التي كان يكتبها بنفسه من أصح وأوثق الطرق التي سلكها الصحاح إلى الناس(1). قال ابن منظور: "ورأيت في حاشية نسخة من الصحاح موثوق بها ما صورته: قال أبو سهل: هكذا وجدته بخط الجوهري الثعبة بتسكين العين. قال: والذي قرأته على شخي في الجمهرة بفتح العين"(2). وقال البغدادي في حاشيته على شرح بانت سعاد لابن هشام: قال الجوهري: قال الفراء: هو الصرى، والصرى للماء يطول استنقاعه.... وقد ضبط الأول بالكسر والثاني بالفتح في نسخة صحيحة مقابلة بنسخة أبي سهل الهروي المصححة بخط الجوهري"(3).
واعتمد الصغاني في تأليف العباب على نسخة من الجمهرة لابن دريد بخط أبي سهل الهروي(4). ونشر عبد الله يوسف الغنيم كتاب النبات للأصمعي معتمدا على ثلاث نسخ للكتاب أعلاها وأوثقها نسخة منقولة من نسخة بخط أبي سهل الهروي ومقابلة بها(5).
وقد ترك أبو سهل آثارا لغوية تشهد بفضله، وغزارة علمه، وسعة حفظه، وتبحره في علوم اللغة، وعلو مقامه فيها، وقدرته الفائقة على الإحاطة والاستقصاء وجمع الأوابد والشوارد من محيط اللغة الواسع، وقد أقر له الصفدي بهذا الفضل، فقال في ترجمته: "وله شرح فصيح ثعلب سماه "الإسفار"استوفي فيه واستقصى، ثم اختصره وسماه "التلويح في شرح الفصيح"، وكتاب "الأسد"مجلد ضخم نحو ثلاثين كراسة، وذكر فيه ستمائة اسم، وكتاب "السيف"ذكر فيه نحو ثمانمائة اسم"(6).
__________
(1) مقدمة الصحاح 150.
(2) اللسان(ثعب) 1/237.
(3) الحاشية 1/555.
(4) العباب(جلخط)، وينظر: التاج 5/116.
(5) النبات(مقدمة المحقق) 15.
(6) الوافي 4/120، 121.(18/30)
وكان لآثاره – رحمه الله – أثر جلي فيمن جاء بعده، فقد نقل العلماء أقواله، واعتمدوا على تحقيقاته، ونقلوا ردوده على كثير من العلماء، كالأصمعي والمهلبي وأبي سعيد السكري، وثعلب الفارابي(صاحب ديوان الأدب) والجوهري، وغيرهم(1). وفي مبحث آثاره سنرى عددا من المصادر اللغوية التي استفادت منه ونقلت من كل مصنفاته تقريبا.
وشرح في إسفار الفصيح بعض الألفاظ الفارسية، وردها إلى أصولها(2). وهذا يدل على اطلاعه ودرايته باللغة بالفارسية، ولا غرو في ذلك، فموطنه الأصلي ومسقط رأسه "هراة"، واللغة الفارسية منتشرة هناك.
ومما تقدم نعلم أن أبا سهل حاز درجة رفيعة من الثقافة، وارتقى منزلة علمية سامية في عصره، وفيما بعد عصره إلى يومنا هذا.
المبحث السابع:آثاره.
ترك أبو سهل عددا من المصنفات الجليلة،ذكر طائفة منها في كتابه "إسفار الفصيح"، وطائفة ذكرتها كتب التراجم، أو من نقل عنه من العلماء.
ولكن جلّ هذه المصنفات سقط- مع الأسف- من يد الزمن، وعفت عليه عواصف المحن والنكبات التي مر بها العالم الإسلامي، فأودت بكثير من تراثه الفكري.
ولا يبعد- وهذا ما نرجوه إن شاء الله – أن يكون هناك طائفة من مصنفاته مغيبة عنّا في خزائن المكتبات العالمية، لم يبلغنا علمها بعد، أو لم تفهرس محتوياتها وتنشر على الباحثين.
ولا شك أن عددا من مصنفاته بقي متداولا في أيدي الناس قرونا طويلة، يشهد بذلك النصوص المنقولة عنه في تصانيف الاحقين.
__________
(1) ينظر مثلا: التنبيه والإيضاح(خنر) 1/195، ونفوذ السهم(35/أ)،(98/أ)،(85/ب)، والمزهر 2/390-392، والدر اللقيط(195/م)، وشرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي 5/291، وحاشيته على شرح بانت سعاد 1/347، واللسان(ذنب) 1/393، والتاج(بزم) 8/201. وينظر ص 105-121 من هذا الكتاب.
(2) ينظر ص 168.(18/31)
والملاحظ على مصنفاته التي نمى إلينا علمها أنها تدور جميعا في فلك اللغة مع أن القريزيّ(1) والسيوطي(2)ذكر أن له تآليف في النحو، لكنهما لم يذكرا اسم شيء منها. كما أن الحبال(3) وياقوت(4) والقفطي(5) ذكروا في سلسلة نسبة أنه "النحوي ". ونص القفطي(6) والمقريزي(7) والسيوطي(8) في أثناء ترجمته أنه "من الحياة ". ولا نذهب بعيدا فأبو سهل – قبل هؤلاء –لقب نفسه بالنحوي، وورد ذلك بخطه على الورقة الأولى من كتابه إسفار الفصيح، وفي مقدمة الكتاب أيضا.
فهل نستدل بذلك على أن أبا سهل كان قد حذق علم النحو واستوعب أصوله وأحاط بفروعه، فكان له مصنفات فيه، كما ذكر السيوطي والمقريزي، أو كما يدل عله انتسابه الصريح إلى علم النحو ؟
لا أقطع بذلك، لأن أحدا ممن ترجم له لم يذكر أسماء هذه المصنفات، ولو أن له مصنفات في هذا الفن لأحال عليها كعادته في الإحالة على أكثر مصنفاته في كتابه إسفار الفصيح، كما أن المصادر التي جاءت بعده لم تنقل عنه شيئا من هذه المصنفات بخلاف مصنفاته اللغوية التي نقلت عنها كثيرا، كما سيتضح لنا عرضها. وهذا والده أبو الحسن الهروي كان من علماء النحو، وله مصنفات مذكورة معروفة، فلذلك كثرت عنه النقول في بطون الكتب النحوية(9).
إذا فما تفسير تلقيبه بالنحوي ؟
الإجابة على ذلك تحتمل واحدا من أربعة أمور:
أن يكون انتقل إليه اللقب عن طريق والده الذي كان يلقب بالنحوي أيضا(10).
أو لعله شارك في تدريس النحو فلقب بذلك.
أو بسبب إشتغاله بنسخ الكثير من كتب النحو(11).
__________
(1) المقفى 6/355. ... ...
(2) بغية الوعاة 1/190.
(3) وفيات المصريين 75.
(4) معجم الأدباء 6/2579.
(5) إنباه الرواة 3/195.
(6) السابق 3/195.
(7) المقفى 6/355.
(8) بغية الوعاة 1/190.
(9) ينظر مثلا: مغني اللبيب 362، 363، 662، وارتشاف الضرب 2/467، 480، 654، والجنى الداني 224، ومصابيح المغاني 183، 314، 421، 456.
(10) إنباه الرواة 2/311.
(11) المصدر السابق 3/195.(18/32)
أو لعل ذلك من باب التوسع في مدلول هذا اللقب، حيث لم تكن تعني كلمة نحوي قديما ما نعنيه اليوم من تخصيص وحصر لهذا المصطلح، ولم يكن أكثر القدماء يفرقون بين النحوي واللغوي والأديب، وكانت هذه المصطلحات تتداخل في وصف معظم علماء اللغة، لأن الواحد منهم كان – في الغالب – ملما بعلوم العربية كلها، فالقفطي – مثلا – قال عن أبي سهل إنه "كان نحويا "(1)، ثم ذكر في مكان آخر من كتابه إنباه الرواة أنه "أحد الأدباء هو وأبوه "(2). وكذلك فعل المقريزي في المقفى(3)، عندما قال في ترجمته أنه نحوي، ثم نعته في مكان آخر من الكتاب بالأديب، وهذا لا يعني بالضرورة أنه كان من الأدباء كما نفهمه نحن اليوم.
وقد سلك أبو سهل في تصانيفه طرقا مختلفة، فكان منها الكتب المختلفة، ومنها الشروح والمختصرات والتعليقات والحواشي.
وقد حاولت في هذا المبحث إحصاء آثاره، والتعريف بمحتويات بعضها، وتتبع ما نقل عنها في مصنفات اللاحقين، وهذا بيانها مرتبة وفق حروف الهجاء:
إسفار الفصيح:
أشهر مؤلفات أبي سهل، وهو موضوع هذه الدراسة، وسيأتي الحديث عنه مفصلا.
التلويح في شرح الفصيح:
__________
(1) إنباه الرواة 3/195.
(2) المصدر السابق 3/113.
(3) المقفى 5/594، 6/355.(18/33)
اختصره من إسفار الفصيح، وذكر في مقدمته الباعث على ذلك الاختصار، والمنهج الذي سلكه فيه فقال: "ثم إني رأيت جماعة من المبتدئين تضعف قواهم عن الإحاطة بما أودعته فيه(1) من التفسير والشواهد من القرآن والشعر، ويستطيلون حفظه، فاختصرت لهم منه أشياء تكفيهم معرفتها، وتنشطهم في حفظها نزارتها، وأثبتها في هذا الكتاب، ووسمته بكتاب "التلويح في شرح الفصيح"، لأنني لوحت بشرح فصوله كلها فقط، ولم أذكر شاهدا على شيء منها، ولا جمعا لاسم، ولا تصريفا لفعل، ولا مصدرا له، ولا اسم فاعل ولا مفعول، إلا ما أثبته أبو العباس رحمه الله تعالى في الأصل، ولم أذكر فيه أيضا شرح الرسالة، ولا الأبيات التي استشهد بها، ولم أنبه على شيء من الفصول التي أثبتها في غير أبوابها، وأحالها عن جهة صوابها، طلبا للتخفيف والإيجار، فإذا حفظوا هذا الكتاب وأتقنوه، وآثروا زيادة في التفسير والبيان على ما فيه، نظره في ذلك الكتاب(2)، إن شاء الله تعالى "(3). وقد التزم بمنهجه هذا إلى حد كبير، فجاء الكتاب متسما بالإيجاز والاختصار، ليكون سهل المأخذ على الناشئة المتأدبين، لذلك نراه يكتفي في أكثر الكتاب بتفسير اللفظ بمرادفه، أو بجملة قصيرة غاية في الإيجاز، واكتفى بإيراد أشياء مختصرة تكفي معرفتها للناشئة المتأدبين، وتنشطهم في حفظها نزارتها كما قال.
ومع ذلك فقد وجدته يورد أشياء كثيرة زائدة عما في الأسفار أو مخالفة له، وقد نبهت عليها أو نقلتها في مواضعها من حواشي التحقيق.
__________
(1) أي في إسفار الفصيح.
(2) يعني كتابه إسفار الفصيح.
(3) التلويح 1-2.(18/34)
وذكر هذا الكتاب عند أكثر مترجميه باسم "التلويح في شرح الفصيح "(1) وذكره آخرون باسم "مختصر شرح الفصيح "(2). ووهم عمر رضا كحالة فجعل التلويح هو الأصل المختصر منه، فقال: "من تصانيفه... شرح الفصيح لثعلب، وسماه التلويح في شرح الفصيح ثم اختصره "(3).
وممن تأثر بهذا الكتاب ونقل عنه البغدادي في الخزانة(4)، وفي حاشيته على بانت سعاد(5)، وسماه "شرح الفصيح "وفي شرح أبيات مغني اللبيب(6)، وسماه "التلويح في شرح الفصيح ".
ومنه نصوص مقارنة بنصوص مناظرة للغويين آخرين، في نصوص في فقه اللغة العربية(7)، ونصوص لتوضيح طريقته ومنهجه في لحن العامة والتطور اللغوي(8)، ومعجم المعاجم(9)، ومقدمة الفصيح(10)، وتصحيح الفصيح(11).
وطرز كثير من محققي كتب التصحيح اللغوي وغيرها حواشي هذه الكتب بنقول كثيرة منه(12).
__________
(1) الوافي 4/121، وكشف الظنون 2/1273، وإيضاح المكنون 3/320، ولف القماط 255، ومعجم المطبوعات العربية 1/663، 2/1894، وبروكلمان 2/211، وتاريخ التراث العربي 8/478.
(2) معجم الأدباء 6/2579، وبغية الوعاة 1/195، وهدية العارفين 6/69، والأعلام 6/275.
(3) معجم المؤلفين 11/60.
(4) 7/530، وينظر: التلويح 34، 81.
(5) 1/544، 3/79، وينظر: التلويح 34، 81.
(6) 4/88، 5/281، وينظر: التلويح 51، 81.
(7) 1/323 – 361.
(8) 173 - 174
(9) ص 81، 82، 83.
(10) ص 172، 173.
(11) ص 181 – 184.
(12) ينظر مثلا: ما تلحن فيه العامة 112، 134، 136، وفصيح ثعلب 290، 291، 315، والفرق لابن فارس 63، وشرح الفصيح لابن الجبان 207، 209، 226، 233، 244، 254، 263، 343، والاقتضاب 2/29، والتثقيف 271، وشرح الفصيح لابن ناقيا 2/269، وتصحيح التصحيف 295، 408، 496.(18/35)
وكما حظي التلويح قديما بشهرة كبيرة، فكان من أكثر الشروح تداولا في أيدي الناس بدليل انتشار نسخه الخطية في مكتبات شتى من أقطار العالم، حظي بهذه الشهرة أيضا حديثا، فكان من أوائل كتب التراث التي عرفت الطباعة الحديثة، وكان أول شرح للفصيح تنشره المطبعة العربية، بل نشر قبل الفصيح نفسه، وظهر في طبعات عديدة هي:
طبعة القاهرة سنة 1285 هـ.
طبعة وادي النيل سنة1289 هـ.
طبعة ليبسيك سنة 1876 م.
طبعة مطبعة السعادة سنة 1325 هـ ضمن مجموعة( كتاب الطرف الأدبية لطلاب العلوم العربية) بإشراف محمد أمين الخانجي، ومحمد بدر الدين النعساني.
طبعة المطبعة النموذجية سنة 1368 هـ، ضمن مجموع يضم ذيل الفصيح لعبد اللطيف البغدادي، وقطعة من أول كتاب الاشتقاق لابن دريد، وكتاب "فعلت وأفعلت"للزجاج، بـ "تحقيق ودراسة"الدكتور: محمد عبد المنعم خفاجي(1).
وهذه الطبعة هي الشائعة والمتداولة اليوم في أيدي الناس، ولي علبها بعض الملحوظات أذكر منها:
وضع المحقق مقدمة للكتاب في عشر صفحات تحدث فيها عن الفصيح، وأشار إلى بعض شروحه، وذكر منها التلويح، ولم يذكر شيئا غير هذا عن التلويح، كما لم يعرف بمصنفه أبي سهل الهروي، ولم يوضح منهجه في التحقيق، ولم يذكر النسخ التي اعتمد عليها في نشر الكتاب.
لم يخرج ما ورد في الكتاب من آيات وأحاديث وأشعار وأقوال وأمثال، ولم يعن بضبط النص.
تكاد حواشي الكتاب تخلو من الهوامش و التعليقات عدا بعض الشروح اللغوية اليسيرة، والتعريف بعدد قليل من الشعراء والبلدان.
__________
(1) ينظر: بروكلمان 2/211، ومعجم المطبوعات العربية 1/663، وتاريخ التراث العربي 8/478، ومعجم المعاجم 28.(18/36)
وقع بالمطبعة كثير من التصحيف والتحريف والخلط، فمن ذلك ما جاء في ص 31 من باب المصادر حين قال: "وغار الماء يغور غورا: إذا نضب، أي وذهب نزل في الأرض وذهب. وغارت عينه غؤرا إذا دخلت نضب، أي نزل في الأرض وذهب في رأسه"! والصواب كما في المخطوطة: "وغار الماء يغور غورا: إذا نضب، أي نزل في الأرض وذهب. وغارت عينه غؤرا: إذا دخلت في رأسه"(1).
في صلب الشرح نصوص غريبة عن الكتاب، وهي حواشي مقحمة يبدأ بعضها بحرب( ط)، وواحدة منها تبدأ بحرف( ٍس) ولم ينبه عليها المحقق، معتقدا أنها من صلب الكتاب، وقد علق عند أول الزيادة التي تبدأ بحرف(س) قائلا: إنها "إشارة إلى أبي سهل لقب الشارح"(2)!
وقد وجدت هذه الزيادات بنصها في النسخة الخطية التي بين يدي، وهي مصورة عن أصل محفوظ في المكتبة المركزية بجامعة الملك سعود بالرياض. ويظهر أنها والنسخة التي اعتمد عليها المحقق في إخراج الكتاب منقولتان عن أصل واحد أقحمت فيه تلك الزيادات.
وقد تبين لي بعد تفحص هذه الزيادات أنها منقولة بالنص أو بتصرف يسير في اللفظ من كتاب الاقتضاب لابن السيد البطليوسي(3)، وكتاب تهذيب إصلاح المنطق، لأبي زكريا التبريزي(4).
وأخبرني الدكتور رمضان عبد التواب أن باحثة تدعى أمل عبد الكريم تعمل على تحقيق كتاب التلويح ودراسته في جامعة عين شمس بالقاهرة تحت إشرافه(5).
تهذيب كتاب الفصيح:
__________
(1) التلويح( 17/ أ).
(2) التلويح 90.
(3) التلويح 77، 81، 91، والاقتضاب 2/102، 185، 238.
(4) التلويح 70، وتهذيب إصلاح المنطق 1/347.
(5) في مكالمة هاتفية تمت يوم 25/8/1416 هـ.(18/37)
أول كتب أبي سهل التي ألفها على الفصيح، ذكره في مقدمة إسفار الفصيح(1)، وذكره أيضا في مقدمة التلويح فقال: "وكنت قد هذبته(2) لبعض أولاد الكتاب، وميزت فصوله، ورتبت أوائلها في أكثر الأبواب على حروف المعجم، في كتاب مفرد معرى من التفسير أيضا، نحوما في الأصل، ووسمته بتهذيب كتاب الفصيح"(3).
حاشية على صحاح الجوهري:
ما إن ظهر معجم الصحاح إلى الوجود حتى طارت شهرته في الآفاق، ورزق من الحظوة والذيوع والقبول عند الناس بما لم يحظ به معجم غيره. ولم يكد يظهر على أقلام الرواة حتى شغل به العلماء قراءة ومدارسة وتحقيقا ونقدا واختصارا وزيادة وتذييلا.
وكان أبو سهل ممن اهتم بكتاب الصحاح، فنسخه من خط الجوهري، وقرأ هذه النسخة على تلميذه ابن عبدوس، وقيد في حواشيها كثيرا من النقد والشروح والاستدراكات، فكان بصنيعه هذا أول وأقدم من تصدى لنقد الصحاح والاستدراك عليه، بخلاف ما ذهب إليه بعض الباحثين المعاصرين(4) من أن ابن بري هو أول من فعل ذلك.
__________
(1) ص 309.
(2) يعني الفصيح.
(3) التلويح1. وذكر بعض مفهرسي المخطوطات كتابا بعنوان "تهذيب الفصيح"لمجهول في جامعة استنبول تحت رقم:(1421). فخطر لي أنه كتاب أبي سهل هذا، وبعد زيارة المكتبة في صيف عام 1415 هـ تبين أنه نسخة من كتاب درة الغواص للحريري.
(4) مصطفى حجازي في المقدمة التي صدر بها تحقيقه لكتاب التنبيه والإيضاح لابن بري 1/48، 49.(18/38)
وانتهت نسخة أبي سهل هذه إلى ياقوت الموصلي، فاتخذها أصلا لنسخ كتاب الصحاح وروايته، وأشار إلى مآخذ أبي سهل واستدراكاته على الجوهري فقال: "نقلت هذا الكتاب من خط الشيخ أبي سهل محمد بن علي الهروي النحوي رحمه الله تعالى، وذكر أنه نقله من خط المصنف... وقد استدرك أبو سهل وبين بعض ما صحفه المصنف... وقد أثبت ذلك في موضعه، ولي أيضا مواضع قد نبهت عليها من سهو المصنف، ومن سهو وقع في خط أبي سهل، على أن الكتب الكبار لا تخلو من ذلك "(1).
واشتهرت حواشي أبي سهل على الصحاح، فكانت استدراكاته وردوده وشروحه عليه زادا لكثير من العلماء الذين ألفوا حول الصحاح، أو نقلوا عنه.
فممن تأثر بها أبو محمد عبد الله بن بري بن عبد الجبار( ت – 582 هـ)(2)، ومحمود ابن أحمد بن محمود الزنجاني( ت – 656 هـ)(3)، وابن منظور محمد بن مكرم بن علي الأنصاري( ت – 711 هـ)(4)، وصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي(ت –
__________
(1) كشف الظنون 2/1074. وينظر: 406، 407.
(2) التنبيه والإيضاح 1/195، 253، 2/118(جرج، صلح، خنر).
(3) تهذيب الصحاح 1/132( عفت).
(4) اللسان 1/237، 393، 2/224، 3/30، 4/259، 7/35، 13/46( ثعلب، ذنب، جرج، شردخ، درص، خنر، بحن).(18/39)
764)(1)، وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي(ت- 911 هـ)(2)، ومحمد بن مصطفى الداودي المعروف بداود زاده(ت – 1017 هـ)(3)، وعبد القادر بن عمر البغدادي(ت – 1093 هـ)(4)، وأبو عبد الله محمد بن الطيب الفاسي( ت - 1170 هـ)(5)، وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد العزيز المغربي التادلي(ت – 1200 هـ)(6)، والسيد المرتضى محمد بن محمد بن عبد الرزاق الزبيدي( ت – 1205 هـ)(7)، وأحمد فارس بن يوسف الشدياق( ت -1304 هـ)(8).
5- شرح الفصيح:
ذكره أبو سهل في مقدمة إسفار الفصيح، وأشار إلى أنه يعمل في تأليفه فقال: "وقد كنت قبل ذلك ابتدأت بشرح الأصل، ثم لما سألتني تفسيره واستعجلتني فيه عملت لك هذا(9)، وقصدت الإيجاز والاقتصار في التفسير، ليقرب عليك حفظه. وإن امتدت بي الحياة تممت – إن شاء الله – شرحه لك. ولنظرائك المتأدبين"(10).
__________
(1) نفوذ السهم(3/أ)،(14/أ)،(31/ب)،(32/أ)،(35/أ)،(37/أ)،(40/ب)،(47/أ)،(50/ب)،(53/أ)،(58/ب)،(62/ب2)،(81/ب2)،(83/ب)،(88/أ)،(95/أ)،( 98/أ).
(2) المزهر 1/111، 550، 2/390-391.
(3) الدر اللقيط(24/أ)،(85/ب)،(112/ب)،(195/أ).
(4) خزانة الأدب 9/197، 351، وشرح أبيات مغني اللبيب 5/291، وحاشيته على شرح بانت سعاد 1/555.
(5) إضاءة الراموس(618، 619)،( نقت).
(6) الوشاح( 40/ ب).
(7) التاج 1/201، 256، 254، 593، 2/15، 105، 259، 264، 3/191، 5/6، 7/95، 9/135،(ذنب، كرب، نقت، جرج، نجج، شردخ، قترد، خنر، درص، أنض، هرق، بزم، بحن).
(8) الجاسوس 332.
(9) يعني إسفار الفصيح.
(10) ص 310.(18/40)
وأحال عليه في مواضع كثيرة من إسفار الفصيح، لكن طريقته في الإحالة اختلفت في النصف الثاني من الكتاب – تقريبا – عن أوله، فعبارات الإحالة في النصف الأول توحي بأنه قد فرغ تماما من شرح المواضع التي أحال عليها، فمن ذلك قوله: "... وقد بينت هذا في شرح الكتاب بيانا شافيا، وأنت تراه فيه – إن شاء الله –"(1). وقوله: "...وقد استقصيت ذكر هذه الفصول وأبنت اشتقاقها وأصلها في شرح الكتاب، ولا يحسن ذكرها هاهنا لما شرطته من اقتصار التفسير في هذا الكتاب"(2).
أما في النصف الثاني من شرحه للكتاب فكانت عباراته في الإحالة توحي بأنه لم يفرغ بعد من شرح ما أحال عليه، ومن ذلك قوله: "... وفيه أربع لغات، أذكرها لك – إن شاء الله – في شرح الكتاب"(3). وقوله: "... وذكر أشياء أخر تركت ذكرها هاهنا خوف الإطالة، وأنا أذكرها – إن شاء الله – في شرح الكتاب، وبالله التوفيق"(4).
فالظاهر من هذا أنه فرغ من شرح نصف الكتاب تقريبا قبل أن ينصرف عنه إلى تأليف إسفار الفصيح، وكان في نيته أن يتم شرح الباقي بعد الانتهاء من تأليف الإسفار.
ويلاحظ على أبي سهل أنه لم يشر إلى هذا الشرح في مقدمة التلويح عندما عدد أعماله على فصيح ثعلب(5)، وإذا كان التلويح هو آخر مصنفاته فيما نعلم(6)، فإن هذا قد يدل على أن أبا سهل عدل عن إتمام هذا الشرح نهائيا، أو لعله ظل يعمل في تأليفه حتى وافاه الأجل قبل أن يتمه، لأننا نعلم أن البعد الزمني بين تأليف الإسفار ووفاته ليس طويلا، ولعل الجزء الذي أنجزه بقي مسودة لم تصل إليه أيدي النساخ حتى أخذته يد الضياع، ولذلك لم نجد لهذا الشرح ذكرا أو أثرا فيمن جاء بعده من العلماء.
__________
(1) إسفار الفصيح 424، 514. وينظر: ص 375، 446.
(2) إسفار الفصيح 424، 514. وينظر: ص 375، 446.
(3) المصدر السابق 265، 271، 272. وينظر: ص 251، 291، 296.
(4) المصدر السابق 265، 271، 272. وينظر: ص 251، 291، 296.
(5) ص 1.
(6) ينظر: ص 131، 132 من هذا الكتاب.(18/41)
6 – الفرق بين الضاد والظاء:
هذا الكتاب لم يذكره أحد ممن ترجم لأبي سهل قديما وحديثا، وقد ذكره ابن مالك في "وفاق المفهوم"ونقل عنه في مواضع متفرقة من الكتاب، منها قوله: "وظأب الرجل وظأنه: سلفه. ذكره أبو سهل محمد بن علي بن محمد الهروي في كتاب الفرق بين الضاد و الظاء"(1).
كما نقل عنه في كتاب( الاعتضاد في الفرق بين الظاء والضاد) في خمسة مواضع(2)،
وكتاب(تحفة الإحظاء في الفرق بين الضاد والظاء) في خمسة عشر موضعا(3).
كما نقل عنه أبو حيان بواسطة ابن مالك في كتابه(الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء) في خمسة مواضع أيضا(4).
7 – كتاب الأسد:
ذكره أبو سهل في إسفار الفصيح، وأحال عليه بقوله: "... وقد بينت هذا بيانا شافيا في كتاب الأسد"(5).
وذكر في معجم الأدباء(6)، والوافي(7)، وبغية الوعاة(8) وكشف الظنون(9)، والبلغة في أصول اللغة(10).
وقال عنه الصفدي: "وكتاب الأسد مجلد ضخم نحو ثلاثين كراسة، وذكر فيه ستمائة اسم"(11).
__________
(1) وفاق المفهوم 54. وينظر نقوله عنه في الصفحات التالية:74، 150، 151، 152، 153، 158، 159، 160.
(2) ص 59، 90، 93، 97، 89.
(3) ذكره الدكتور غنيم الينبعاوي في كتابه: الدراسات اللغوية عند ابن مالك ص 339.
(4) ص 108، 138، 139، 143، 148.
(5) ص 937.
(6) 6/2579.
(7) 4/121.
(8) 1/195.
(9) 1/86.
(10) 336.
(11) الوافي 4/121.(18/42)
وهو من مصادر السيوطي في كتابه "نظام اللسد في أسماء الأسد"، وذكره في المقدمة(1). وفي العباب للصغاني ثلاثة نصوص منقولة عن أبي سهل كلها في صفة الأسد، من هذه النصوص قوله: الجلنبط – مثال جحنفل -: الأسد، وقال أبو سهل الهروي: ذكره ابن خالويه وقطرب في ذكر أسماء الأسد وصفاته، ولم يذكرا تفسيره، قال: ولا أعلم أنا أيضا تفسيره"(2) وقوله: "والخشاف – بالفتح، والتشديد – والخاشف والمخشف: من صفات الأسد. قال أبو سهل الهروي: أما الخشاف فهو الأسد الذي يقشر كل شيء يجده، وهو فعال من الخشف، وهو القشر..."(3)وقوله: "قال أبو سهل الهروي: وأما الأغضف فهو الأسد المتثني الأذن، وهو أخبث له..."(4) والنص الأول و الأخير عن أبي سهل أيضا في التاج(5).
ولا يبعد أن تكون هذه النصوص منقولة عن أبي سهل من كتابه هذا.
كتاب السيف:
ذكره أبو سهل في إسفار الفصيح، وأحال عليه بقوله: "... وقد استقصيت ذكر هذا في كتاب السيف، فتنظره هناك إن شاء الله"(6).
وذكر في معجم الأدباء(7)، والوافي(8)، وبغية الوعاة(9)، وكشف الظنون(10)، والبلغة في أصول اللغة(11).
وقال عنه الصفدي: "وكتاب السيف، ذكر فيه نحو ثمانمائة اسم(12).
كتاب في الحديث:
__________
(1) نظام الأسد(1/أ). وينظر:كشف الظنون 2/1960، والبلغة في أصول اللغة 52.
(2) العباب( جلبط) 33.
(3) العباب( خشف) 141.
(4) العباب( غضف) 473.
(5) التاج 5/115، 6/311( جلط، غضف). وفسر الزبيدي "الجنلبط"بقوله:"قلت: ويجوز أن يكون مركبا منحوتا من جلط ولبط، وهو الذي يقشر صيده، ويضرب به الأرض فتأمل".
(6) ص 839.
(7) 6/2579.
(8) 4/121.
(9) 1/195.
(10) 1/88.
(11) 336.
(12) الوافي 4/121.(18/43)
ذكره أبو طاهر في معجم السفر(1)، ونقل منه حديثا بسنده، ولم يذكر هذا الكتاب أحد ممن ترجم لأبي سهل، إلا أن الحبال والقفطي والبغدادي ذكروا جميعا في ترجمته أنه حدث(2) لكنهم لم يذكروا له كتابا في الحديث.
الكتاب المثلث:
ذكره أبو سهل في إسفار الفصيح، بقوله: "...وقد استقيصيت ذكر الحال في الكتاب المثلث"(3).
وهو من مصادر الصغاني في التكملة(4)، والعباب(5)، وذكر أنه في أربعة مجلدات.
المكنى والمبنى:
ذكره أبو سهل في إسفار الفصيح،وأحال عليه في موضعين قال في أحدهما: ".... وقد استقيصيت هذا الفصل في كتاب المكنى والمبنى"(6).
ويظهر أنه كان أساس كتاب "المرصع"للمبارك بن الأثير الجزري(ت 606هـ) إذ ذكر في مقدمة الكتاب أنه سلك في تأليفه طريقا سهلا، فرتب الكلمات فيه على أوائل الحروف، فإذا ما أراد الإنسان كلمة ظفر بها سريعا من غير تعب، ثم عقب بقوله: "على أني لم أر في هذا الفن كتابا مؤلفا على الحروف، إلا ما جمعه أبو سهل محمد بن علي بن محمد الهوري،فإنه جمع كتابا كبيرا في هذا الفن، وقفاه عل أواخر الأسماء، ولم يلتزم فيه ترتيب الكلمات في مواضعها على التقديم والتأخير، ثم عاد ونقض هذا الالتزام فحصل في طلب الكلمة منه تعب ومشقة"(7).
وصرح بالنقل عنه في خمسة مواضع، قال في أحدها: ".... وكل من كان من بني ذهل يقال له: أبو عمرو، ويقال للصقر أيضا: أبو عمرو،حكى ذلك أبو سهل"(8).
وعده الصغاني من مصادره في التكملة(9) والعباب(10). ونقل عنه ياقوت في معجم البلدان(11)، والمحبي في ما يعول عليه(12).
المنمق:
__________
(1) ص 463.
(2) ينظر: وفيات المصريين 75، وإنباه الرواة 3/195، وهدية العارفين 6/69.
(3) ص 513.
(4) 1/8.
(5) 1/29.
(6) ص 511، وينظر: ص 514.
(7) المرصع 19-20.
(8) المصدر السابق، وينظر: ص 111، 121، 138، 222.
(9) 1/8.
(10) 1/29.
(11) رسم(أبو خالد) 1/80، ورسم(أم جحدب) 1/250.
(12) 25/ب)،(26/ب)،(99/ب).(18/44)
ذكره أبو سهل في إسفار الفصيح، وأحال عليه في ثلاثة مواضع، قال في أحدها: "وعنب ملاحي بضم الميم وتخفيف اللام وتشديد الياء: وهو عنب أبيض في حبه طول، وهو مأخوذ من الملحة، هي البياض، وفيها اختلاف، وقد ذكرته في الكتاب المنمق"(1).
وقال في موضع آخر في أثناء حديثه عن الألوان: "وقد عملت في هذا المعنى كتابا، وسميته المنمق، استقصيت فيه هذه الألوان الخمسة وتوابعها وما تفرع منها، وبالله التوفيق"(2).
فالظاهر من هذين النصين أن الكتاب مؤلف في رصد الألوان الخمسة( الأسود، والأبيض، والأصفر، والأحمر، والأخضر) وما يتولد عنها من ألوان مختلفة بالمزج أو الاختلاط، أو ما أشبه ذلك.
وتأليف كتاب يختص بالألوان ويتحث فيها، يظهر لنا اهتمام أبي سهل وعنايته بالألوان في مرحلة زمنية مبكرة من تاريخنا، ولم يسبقه أحد – فيما أعلم – إلى وضع مصنف خاص بالألوان إلا أبا عبد الله الحسين بن علي النمري، المتوفى سنة 385هـ الذي ألف كتابا في ألفاظ الألوان، وسماه "الملمع"(3).
__________
(1) ص 761، 864.
(2) ص 761، 864.
(3) الكتاب مطبوع، وهو من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، بتحقيق وعناية وجيه أحمد السطل سنة 1976م.(18/45)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين حمدا يكافئ نعمه، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
وبعد:
فلقد شرف الله سبحانه وتعالى اللغة العربية وأهلها عندما أنزل بها كتابه العزيز فقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(1)، وكفل لها المحفظ والخلود ما دام هذا القرآن يتلى، فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا...}(2).
وقد أدرك علماء الأمة ارتباط اللغة العربية بكتاب الله تعالى وبدينه الخالد، فشمروا عن سواعد الجد في خدمتها، وتمثل ذلك في جمع ألفاظها، وتدوينها، وشرح غريبها،وترتيب قواعدها، واستيعاب شواهدها، وضبط كلماتها، وموازينها، وبيان الفروق اللغوية بين مفرداتها، وتحقيق المعرب والدخيل والفصيح والملحون في ألفاظها.
__________
(1) سورة يوسف 2.
(2) سورة طه 9.(19/1)
وقد أخذ اللحن يتفشى على ألسنة الناس عندما خرجت الدعوة الإسلامية عن محيط الجزيرة العربية، واعتنق هذا الدين أمم كثيرة لا عهد لها بلغة العرب، وأصبح على كل مسلم مهما كانت لغته أن يعرف العربية وأن يفهم بيانها ليفهم القرآن الكريم ومبادئ الإسلام حتى يكون دينه صحيحا، فكان من نتائج ذلك ظهور أخطاء في اللغة العربية على كافة مستوياتها، وتفشى اللحن في ألسنة الناس حتى العرب الخلص منمهم، ولما أخذ اللحن يزداد ويتسع، وخيف على النص القرآني أن يمتد إليه خطر هذا اللحن قيض الله من علماء هذه الأمة من انبرى للذود عن هذه اللغة الشريفة، فتعقبوا الألفاظ الملحونة، ووضعوا مؤلفات كثيرة تهدف إلى صيانتها عن طريق تقويم الألسنة وتنقيتها من اللحن والخطأ، وأطلق على هذه المؤلفات اسم كتب "لحن العامة" أو "كتب التصحيف"، وكان ممن ساهم في علاج ظاهرة اللحن في اللغة أبو العباس ثعلب – رحمه الله - فألف كتابه الشهير باسم "الفصيح" فلقي من الشهرة وذيوع الصيت ما لم يلقه كتاب آخر ألف لهذا الغرض نفسه، وذلك لصغر حجمه، وسهولة حفظه، وأهمية مادته، وقد انعكست أهميته تلك على جهود العلماء، فتصدوا له ما بين شارح، وناظم، وناقد، ومستدرك، ومنتصر له.
وكان من بين أولئك العلماء أبو سهل الهروي الذي أولى الفصيح جل عنايته، فوضع عليه أربعة مؤلفات أحدها هذا الكتاب الذي قمت بتحقيقه ودراسته.(19/2)
ولما كان إخراج كتب التراث مهمة ملقاة على عاتق المنتسبين إلى العلم من الدارسين والباحثين، وكان ذلك من أجل الأعمال التي يمكن أن يضطلعوا بها، وكان من دواعي الوفاء لعلماء هذه الأمة الأسلاف إعطاء تراثهم حقه من العناية والجهد، إذ إن العبث به أو التسرع في إخراجه بلا ترو وتؤدة أشد وبالا من بقائه دفينا في خزائن المكتبات، وانطلاقا من هذا المبدأ وقع اختياري على كتاب "إسفار الفصيح" لأبي سهل محمد الهروي ليكون موضوع رسالتي للدكتوراه تحقيقا ودراسة، ودعاني إلى ذلك وقوفي على نسخة من هذا الكتاب بخط أبي سهل نفسه في مكتبة الأستاذ عبد القدوس الأنصاري رحمه الله،وقد تمكنت – بفضل الله- من تصويرها، فوجدتها نسخة كاملة تخلو م عيوب المخطوطات العتيقة، وخطها واضح وجميل، ثم تصفحت الكتاب فوجدته غزير المادة تناول فيه مؤلفه قدرا كبيرا من مفردات اللغة وشروحها، وعرض لعدد من المسائل المهمة في اللغة والنحو والصرف، وأورد أقوال عدد من أئمة اللغة وناقش بعض تلك الأقوال، وانفرد ببعض الآراء العلمية في ذلك النقاش، كما وجدت الكتاب غنيا بشواهده من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والأمثال والأقوال.
وكذلك فإن هذا الكتاب مع مختصره المعروف باسم "التلويح في شرح الفصيح"هما الأثران الوحيدان اللذان وصلا إلينا من بين مؤلفات أبي سهل المفقودة، وقد كان لمختصره هذا أهمية كبيرة، وشهرة واسعة عند الباحثين المعاصرين، فهو أول شرح يطبع من شروح الفصيح، بل كان من أوائل كتب التراث التي عرفت الطباعة الحديثة، فضلا عن أن مؤلفه كان عالما جليلا ولغويا ثبتا، روى عددا من كتب اللغة كالصحاح والغريبين والجمهرة وغيرها، وحفلت كتب العربية الأصول بكثير من أقواله، واعتمدت آراءه وترجيحاته وردوده على عدد من العلماء.(19/3)
وفضلا عما سبق فإن في نشر هذا الكتاب إسهاما في إحياء واحد من أهم شروح الفصيح التي أربت عن خمسة وأربعين شرحا لم ينشر منها – فيما أعلم – سوى ثلاثة شروح أحدها نشر ناقصا.
فهذه الأسباب وغيرها دفعتني إلى اختيار هذا الكتاب لتحقيقه ودراسته.
ولما صح العزم على ذلك، شرعت أتتبع فهارس المكتبات ألتمس نسخا أخرى للكتاب، فاهتديت إلى نسختين إحداهما في مكتبة شهيد علي بتركيا، والأخرى في دار الكتب المصرية، فسافرت إلى هذين البلدين للاطلاع عليهما وتصويرها، وحرصت على ذلك – مع وجود نسخة المؤلف – تحسبا لوجود فروق جوهرية قد تقع بين هذه النسخ.
وقد وزعت عملي في هذا الكتاب على قسمين:
الأول: قسم الدراسة.
والثاني: قسم التحقيق.
فأما القسم الأول فقد اشتمل على تمهيد وفصلين، واحتوى التمهيد على مبحثين، عرفت في المبحث الأول بثعلب تعريفا موجزا وتحدثت فيه عن كتاب الفصيح، فعرضت لمنهجه وأهميته، ونقلت بعض أقوال العلماء التي تبرز أهميته تلك، ووضحت أسباب ذلك.
وعرضت في المبحث الثاني لأثر الفصيح في الدرس اللغوي، واستطعت أن أحصي أكثر من سبعين مؤلفا حول الفصيح، وقسمت هذه المؤلفات إلى مجموعات مستقلة بحسب موضوعاتها والهدف من تأليفها، فجعلتها في ست مجموعات هي: الشروح، والمنظومات، والذيول أو الاستدراكات، والتهذيب والترتيب والمحاكاة، والنقد، والانتصار له.
وأشرت في أثناء ذلك إلى ما طبع من هذه المؤلفات، أو ما كان قيد الدراسة والتحقيق، وذكرت أماكن المخطوط منها.
وعقدت الفصل الأول لدراسة حياة أبي سهل الهروي، وقسمته على سبعة مباحث، عرضت في المبحث الأول – باقتضاب – للعصر الذي عاش فيه أبو سهل من النواحي السياسية والاجتماعية والعلمية، وبينت أثر أحداث هذا العصر على حياة أبي سهل وشخصيته ونتاجه العلمي.
ثم عرفت في المبحث الثاني والثالث بأبي سهل الهروي في دراسة مفصلة تحدثت فيها عن اسمه ونسبه وكنيته، وكذلك عن مولده ونشأته ووفاته.(19/4)
وتحدثت في المبحث الرابع عن من عرفت من شيوخه في تراجم موجزة، أتيت فيه على ذكر أسمائهم واتجاهاتهم العلمية، وأهم مؤلفاتهم، وسنين وفياتهم.
وأما المبحث الخامس فقد أفردته لتلاميذه واستطعت أن أعرف أسماء خمسة منهم، وأترجم لثلاثة من هؤلاء الخمسة.
ووضحت في المبحث السادس المكانة العلمية التي بلغها أبو سهل، وأيدت ذلك بنقل أقوال العلماء في تقديره والثناء عليه، وأشرت إلى اعتمادهم على أقواله وآرائه وترجيحاته في مؤلفاتهم اللغوية والنحوية.
أما المبحث السابع والأخير في هذا الفصل فقد وقفته على مؤلفاته، فأحصيت منها اثني عشر مؤلفا، وبينت موضوعاتها، وأشرت في أثناء ذلك إلى من تأثر بها.
أما الفصل الثاني فقد عقدته لدراسة الكتاب، وقسمته على ثمانية مباحث، أتيت في المبحث الأول على ذكر اسم الكتاب، وتوثيقه، وتوثيق نسبته إلى مؤلفه.
وأشرت في المبحث الثاني إلى زمن تأليف الكتاب ودواعي تأليفه.
وضم المبحث الثالث وصفا مفصلا لمنهج أبي سهل في عرض مادة كتابه وظهور شخصيته فيه.
وقصرت المبحث الرابع على مسائل الكتاب وقضاياه اللغوية والصرفية والنحوية، فتحدثت عن أبرز تلك المسائل، ووضحت طريقته في عرضها، وأبنت موقفه من المدرستين البصرية والكوفية من خلال عرضه لهذه المسائل.
وتحدثت في المبحث الخامس عن مصادر الكتاب ووضحت مدى تأثره بهذه المصادر بإحصاء عدد نقوله منها، ورتبتها بحسب وفيات مصنفيها، كما تحدثت في هذا المبحث عن شواهده فأشرت إلى كثرتها وتنوعها.
وإظهارا لمكانة هذا الكتاب بين شروح الفصيح فقد عقدت المبحث السادس للموازنة بينه وبين ثلاثة من تلك الشروح، تمثل على وجه التقريب مناهج وبيئات مختلفة، وهي تصحيح الفصيح لابن درستويه، وشرح الفصيح لابن هشام اللخمي، وموطئة الفصيح لابن الطيب الفاسي.
وكان المبحث السابع خاصا بتقويم الكتاب، فتحدثت فيه عن قيمته وأهميته، وأثره في اللاحقين، ولم يمنعني ذلك من الإشارة إلى بعض المآخذ عليه.(19/5)
أما المبحث الثامن والأخير فقد جعلته لمقدمات التحقيق، حيث احتوى على وصف مستوف لثلاث من نسخ الكتاب، اعتمدت منها اثنتين، وأهملت النسخة الثالثة لأسباب ذكرتها عند وصفها.
أما القسم الثاني فهو يضم نص الكتاب محققا، تليه فهارس شاملة لمحتويات الكتاب، تيسر – بإذن الله – الانتفاع به على أتم وجه.
وبعد...فلا شك أن العمل الذي يريد له صاحبه النجاح لا بد أن يبذل في سبيله الجهد والوقت والصحة والمال، وهاأنذا أقدم هذا العمل ولا أريد أن أبين ما كابدت فيه من مشقة وعناء في سبيل إخراجه وتقديمه بالصورة المرضية، لكن أذكر أني لم أبخل بشيء من أجل الوفاء بحقه، فإن أكن وفقت، فهي نعمة من الله بها علي، وإن تكن الأخرى فحسبي أنني بذلت قصارى جهدي، وأخلصت النية، وما أبرئ نفسي من السهو والغلط.
وأخيرا فإني أشكر الله أولا وآخرا إذ من علي بإنجاز هذا البحث، وهون علي صعوباته، وذلل عقباته.
ثم أتقدم بخالص الشكر و الثناء إلى أستاذي محمد بن حمود الدعجاني رئيس قسم اللغويات بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية الذي تفضل بالإشراف على هذا البحث، وغمرني بحسن الرعاية والاهتمام في كل خطوة من خطوات العمل فيه، ولم يبخل علي بجهد ولا وقت، ووسعني بتوجيهاته المتوالية،ونصائحه المتتالية، وأفادني بخبرته في مجال تحقيق النصوص، فكان عونا لي – بعد الله –على فهم أساليب الكتاب، والتغلب على كثير مما صادفني من مشكلات في أثناء تحقيقه ودراسته، كما فتح لي أبواب بيته ومكتبته بما لم أجده في غيرها، فكان خير أستاذ ومؤدب، علمني بخلقه وصبره وفضله وتواضعه خلق العلماء قبل علمهم، فجزاه الله عني خير الجزاء، وبارك في علمه ونفع به، إنه سميع مجيب.
ثم أتقدم بالشكر الوافر إلى الأستاذ الكريم نبيه بن عبد القدوس الأنصاري الذي استضافني في منزله مرارا، وتلطف بالموافقة على منحي مصورة على نسخة المؤلف لهذا الكتاب من مكتبة والده – رحمه الله.(19/6)
كما لا يفوتني – في هذا المقام – أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أستاذي الفاضلين الدكتور محمد يعقوب التركستاني، والدكتور عبد العزيز بن راجي الصاعدي اللذين ساهما قولا وفعلا في تيسير الحصول على مصورة تلك النسخة النفيسة، فجزاهما الله عن ذلك خير الجزاء.
كما أتقدم بالشكر إلى كل من قدم لي يد العون والمشورة والنصيحة من أساتذتي الفضلاء، وزملائي الكرام، وغيرهم كثير ممن أدين لهم بالوفاء والعرفان، فلهم مني جميعا خالص الدعاء، وجزيل الشكر والثناء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
التمهيد: وفيه مبحثان:
المبحث الأول:
أ- التعريف بثعلب(1):
هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني بالولاء لمعن بن زائدة الشيباني، ولد في تغداد سنة 200هـ، وتفي بها في شهر جمادى الأولى سنة 291 هـ، كان في أيامه إمام الكوفيين في اللغة والنحو والحديث، وأبو العباس المبرد نظيره في البصرة، فوقع بينهما خصومة ومنافرة، وكان ورعا تقيا صدوقا، مشهورا بالحفظ.
أخذ الحديث عن الإمام أحمد بن حنبل، وأخذ علوم العربية عن علماء كثيرين من أشهرهم محمد بن زياد الأعرابي (ت 231هـ)، ومحمد بن سلام الجمحي (ت231هـ) وعلي بن المغيرة الأثرم (ت 232هـ)، وأبي عبد الله بن بكار (ت 256هـ) وسلمة بن عاصم (ت بعد 270هـ) وغيرهم.
__________
(1) ينظر في ترجته: الفهرست 80، ومراتب النحويين 151، 152، وطبقات الوبيدي 141، وتاريخ بغداد 5/204، ونزهة الألباء 173، ومعجم الأدباء 2/536، وإنباه الرواة 1/138، ووفيات الأعيان 1/102، وطبقات الحنابلة 1/83، وتذكرة الحفاظ 2/666، وسير أعلام النبلاء14/5، وطبقات المفسرين للداودي 1/94، والأعلام 1/267.(19/7)
أما تلاميذه فهم كثيرون أيضا، وأشهرهم أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد(ت345هـ) الذي اشتهر بغلام ثعلب، وإبراهيم بن محمد بن عرفة المشهور بنفطويه (ت 323هـ)، وأبو بكر محمد بن القاسم بن محمد الأنباري (ت 328هـ).
وترك ثعلب عددا كبيرا من الآثار، وصل إلى علمنا منها ما يزيد عن ربعين مؤلفا في علوم العربية والقرآن الكريم، وقد عدا الزمن على معظم هذه المؤلفات فلم يبق منها إلا أسماؤها، أما الكتب التي نجت من الضياع فأهمها الفصيح، والمجالس، وقواعد الشعر، وشروح بعض القصائد والدواوين الشعرية، وقد أشار إلى جميع مؤلفاته الأستاذ عبد السلام هارون في مقدمة مجالس ثعلب، والدكتور عاطف مدكور في مقدمة تحقيق كتاب الفصيح، والدكتور محمد محسب وشوان في دراسته لثعلب، وبينوا جميعا المطبوع منها والمخطوط والمفقود، مما أغناني عن إعادة ذكرها هنا.
ب- كتاب الفصيح:
يعد هذا الكتاب من أهم مؤلفات ثعلب، بل من أهم ما ألف في علوم العربية بعامة وكتب لحن العامة بخاصة، وقد شهد له العلماء بهذه الأهمية وبالغوا في وصفه وإطرائه والثناء عليه، فقد كان كتاب الدواوين يرون – كما يقول ابن درستويه -: "أن من حفظ ألفاظ الفصيح فقد بلغ الغاية من البراعة، وجاوز النهاية في التأدب، وأن من لم يحفظه فهو مقصر عن كل غرض منحط عن كل شرف"(1).
وقال أبو سهل الهروي: "كان جمهور الناس الذين يؤدبون أولادهم ومن يعنون بأمرهم يحفظونهم كتاب الفصيح.... قبل غيره من كتب اللغة"(2).
__________
(1) تصحيح الفصيح 103.
(2) التلويح 1.(19/8)
وقال أبو العباس التدميري: "بيد أن بحار اللغة – لعمر الله – قد أصبحت بعيدة الغور عميقة القعر، ولكن كتاب الفصيح على اختصار علمه واستصغار جرمه وحجمه قد أمسى مدخلا إلى لججها، ومركبا إلى معظمها وثبجها(1)، مع أن ذكره قد أغار عند الأدباء وأنجد، بعدما صوب في طريق الاستعمال وصعد، حتى صار مفتاحا لباب الأدب، ومبدأ لتحفظ كلام العرب"(2).
وقال ابن هشام اللخمي: "كتاب الفصيح – أعزك الله – وإن صغر جرمه وقل حجمه ففائدته كبيرة عظيمة، ومنفعته عند أهل العلم خطيرة جسيمة، ومما يقوي الرغبة في مطالعته ويحث على لزوم قراءته ودراسته ما يروى عن أبي الحسن علي بن سليمان بن الفضل الأخفش – رحمه الله – أنه قال: أقمت أربعين سنة أغلط العلماء من كتاب الفصيح... وقال بعض الشعراء ينبه في شعره على جلالة قدره وعظم خطره:
كتاب الفصيح كتاب مليح
يقال لقاريه ما أبلغه
عليك أخي به إنه
لباب اللباب وصفو اللغه(3)
وقدم بلغ من الشهرة وذيوع الصيت وكثرة إقبال الناس عليه أن بعض العلماء كان يتكسب به، ويجعله مصدرا لرزقه، فقد حكى ياقوت عن يحيى بن أحمد الأرزني (ت 415هـ) أنه "كان يخرج في وقت العصر إلى سوق الكتب ببغداد، فلا يقوم من مجلسه حتى يكتب الفصيح لثعلب، يبيعه بنصف دينار"(4).
وروى محمد بن الحسن البناء (ت 510هـ) عن بعض شيوخه قوله: "ثلاثة مختصرات في ثلاثة علوم لا أعرف لها نظيرا: الفصيح لثعلب، واللمع لابن جني، وكتاب الخرقي، ما اشتغل بها أحد وفهمها كما ينبغي إلا أفلح وأنجح"(5).
__________
(1) الثبح: علو وسط البحر إذا تلاقت أمواجه. اللسان (ثبج) 2/220.
(2) شرح غريب الفصيح (2/ب).
(3) شرح الفصيح 46، وينظر المزهر: 1/201.
(4) معجم الأدباء 6/2830.
(5) المنهج الأحمد 2/62.(19/9)
وليس هذا فحسب بل بلغ من سمو المنزلة عند الناس أنه كان أفضل هدية قيمة يقدمها المرء لمن يحب، كما صنع أحمد بن كليب النحوي الأندلسي (ت 415هـ) الذي أهدى نسخة منه إلى أسلم بن أحمد بن سعيد الأندلسي، وكتب عليها:
هذا كتاب الفصيح
بكل لفظ مليح
وهبته لك طوعا
كما وهبتك روحي(1)
أما المعاصرون فليسوا بأقل إعجابا وإشادة به من القدماء، يقول الخونساري: "كان كتاب الفصيح في زمانه بمنزلة كتاب سيبويه المشهور في زمانه مفضلا على جميع أمثاله وأقرانه"(2).
ويقول "يوهان فك" أحد المستشرقين الألمان في أثناء حديثه عن فصيح ثعلب: إنه "من أكثر الكتب الأساسية في مبدأ تنقية اللغة العربية تداولا بين القراء، وكان له تأثير باقي الأثر بعيد الخطر، بعد قرون طويلة"(3).
فهذه بعض آراء العلماء ومواقفهم من كتاب الفصيح، وهي تدل على أهمية هذا الكتاب، ومدى ذيوعه وشهرته بين الناس عامتهم وخاصتهم،ولعل مرد ذلك كله أنه كان كتابا يغلب عليه الطابع التعليمي، ويهدف إلى تثقيف اللسان، وتقويم المنطق، بأسلوب سهل وواضح يناسب المبتدئين من شداة العلم وطلابه(4)، فلذلك جاء صغير الحجم، لم يتوسع فيه مؤلفه "في اللغات وغريب الكلام، ولكنه جاء مشتملا "على طائفة كبيرة من قوالب اللغة الفصحى التي كانت تهددها إذ ذاك قوالب أقل منها فصاحة، أو قوالب أخرى من لغة العامة"(5).
وقد كانت هذه الشهرة سببا في حقد بعض الناس عليه وادعائهم أنه لغيره، والحق أن تواتر نسبة الكتاب إلى ثعلب ينفي أي شك أو ادعاء أنه لغيره، وقد ناقش عدد من الباحثين هذا الادعاء وفندوا المزاعم حول هذا الموضوع، مما أغناني عن إعادة الخوض فيه(6).
__________
(1) معجم الأدباء 1/425.
(2) روضات الجنات 1/120.
(3) العربية 149.
(4) الفصيح (مقدمة المحقق) 243، وينظر معجم الأدباء 1/227.
(5) العربية 149.
(6) ينظر: الفصيح (مقدمة المحقق) 43-58، وابن درستويه 139-145، وموطئة الفصيح (مقدمة المحقق) 52-55.(19/10)
أما المنهج الذي سلكه ثعلب في تأليفه فقد وضح بعض معالمه في مقدمة الكتاب وخاتمته، كما وضح فيهما الغرض الذي هدف إليه من تأليفه، وهو تصويب الخطأ الذي تفشى في ألسنة الناس وكتبهم من العامة والخاصة، فقال في المقدمة: "هذا كتاب اختيار فصيح الكلام، مما يجري في كلام الناس وكتبهم، فمنه ما فيه لغة واحدة والناس على خلافها، فأخبرنا بصواب ذلك، ومنه ما فيه لغتان وثلاث وأكثر من ذلك فاخترنا أفصحهن، ومنه ما فيه لغتان كثرتا واستعملتا، فلم تكن إحداهما أكثر من الأخرى، فأخبرنا بهما، وألفناه أبوابا من ذلك"(1).
ثم قال في الخاتمة: "هذا كتاب اختصرناه وأقللناه لتخف المؤونة فيه على متعلمه الصغير والكبير، وليعرف به فصيح الكلام، ولكن ألفناه على نحو ما ألف الناس ونسبوه إلى ما تلحن فيه العامة، ولم نكبره بالتوسعة في اللغات وغريب الكلام"(2).
وبين المقدمة والخاتمة نثر من مواد كتابه موزعة على ثلاثين بابا، وقسم هذه الأبواب على قسمين رئيسين: الأول يضم أبواب الأفعال، وتبدأ بباب فعلت بفتح العين، وتنتهي بباب ما يهمز من الفعل، ويبدأ القسم الثاني بباب المصادر وينتهي بباب من الفرق، وقد سلك في ترتيبها النحو التالي:
باب فعلت بفتح العين
باب فعلت بكسر العين
باب فعلت بغير ألف.
باب فعل بضم الفاء.
باب فعلت وفعلت باختلاف المعنى.
باب فعِلت وأفعَلت باختلاف المعنى
باب أفعل.
باب ما يقال بحروف الخفض.
باب ما يهمز من الفعل.
باب المصادر.
باب ما جاء وصفا من المصادر.
باب المفتوح أوله من الأسماء.
باب المكسور أوله.
باب المكسور أوله باختلاف المعنى.
باب المضموم أوله.
باب المضموم أوله المفتوح باختلاف المعنى.
باب المكسور أوله والمضموم باختلاف المعنى.
باب ما يثقل ويخفف باختلاف المعنى.
باب المشدد.
باب المخفف.
باب المهموز.
باب ما يقال للأنثى بغير هاء.
باب ما أدخلت فيه الهاء من وصف المذكر.
__________
(1) الفصيح 260.
(2) الفصيح 260.(19/11)
باب ما يقال للمؤنث والمذكر بالهاء.
باب ما الهاء فيه أصلية.
باب منه آخر.
باب ما جرى مثلا أو كالمثل.
باب ما يقال بلغتين.
باب حروف منفردة.
باب من الفرق.
وكان بإمكاننا أن نجعل القسم الثاني من هذه الأبواب خاصا بالأسماء، ولولا أنه ذكر بعض الأفعال في أبواب هذا القسم، كما حصل في باب المشدد من الأسماء، وباب ما يقال بلغتين،وباب حروف منفرد(1).
كما أنه لم يجر على نظام معين في ترتيب المواد داخل هذه الأبواب كأن يلتزم مثلا الترتيب المعجمي الذي سار عليه الخليل في العين، أو الجوهري في الصحاح، بل كان يضع المادة في داخل الباب كيفما اتفق، وحسب ما تستدعيه الذاكرة، فمثلا "باب فعلت بفتت العين" أثبت فيه المواد على النحو التالي: نمى المال، فسد الشيء، عسيت أن أفعل، دمعت عيني، ورعفت أرعف، وعثرت أعثر، ونفر ينفر، وشتم يشتم...الخ وهي بلا ترتيب، كما ترى، وهذا ينطبق على سائر أبواب الكتاب.
ومن الظواهر الهامة التي اتسم بها منهجه في هذا الكتاب أنه يعمد إلى ذكر الألفاظ في صورتها الصحيحة في اللغة دون إثبات لنطقها الخاطئ – كما هو الحال عند العلماء الذين ألفوا في التصويب اللغوي – إلا في النادر، كقوله: "نظرت يمنة وشأمة ولا تقل شملة" وقوله: "وماء ملح، ولا تقل مالح"، وقوله: وتقول: "وتقول: لقيته لقية ولقاءة، ولا تقل: لقاة فإنه خطأ"، وقوله: "وهو الحائر، لهذا الذي تسميه العامة الحير"، وقوله: "وتقول: أشليت الكلب وغيره، إذا دعوته إليك، وقول الناس: أشليته على الصيد خطأ"(2).
__________
(1) الفصيح 305، 310، 312، 317-321.
(2) الفصيح 318، 320.(19/12)
ويظهر أن ثعلبا أراد من عدم ذكر النطق الملحون أن ينسى، ولا يساعد على استمراره، وحتى لا يثقل على الناس، وخاصة المبتدئين بما لا طائل وراءه من كلمات غير فصيحة، ولكنه بهذا العمل أفقدنا معرفة التطور الصوتي والدلالي الذي سارت فيه بعض الكلمات(1)، لأنه لم يهتم إلا بإيراد الصيغ الصحيحة على العموم.
وأما شواهده في فهي قليلة إذا ما قيست بشواهد ابن السكيت في إصلاح المنطق، وابن قتيبة في أدب الكاتب، فالشواهد القرآنية عنده لم تزد عن أربع آيات، وشواهده من الحديث لم تتجاوز خمسة أحاديث، أما شواهده الشعرية فلم تجاوز أربعين شاهدا.
ويبدو أن ثعلبا قلل شواهد كتابه، لأنه كتاب تعليمي، فاقتضى منه ذلك عدم التوسع فيه، كما ذكر في خاتمته.
المبحث الثاني: أثر الفصيح.
أشرت – فيما سبق – إلى أهمية كتاب الفصيح، وبقي أن أذكر أن تلك الأهمية التي حظي بها عند جمهور الناس دفعت كثيرا من العلماء على مر العصور إلى شرحه، أو نظمه، أو نقده، أو الاستدراك عليه، أو الانتصار له، فخلف بذلك حركة تأليفية كبيرة أثرت الدرس اللغوي، قل أن يدانيه في ذلك كتاب آخر، وذكر الخونساري أن العلماء الذين "أكبوا على شرحه وبيانه وكتبوا عليه شروحا وحواشي، وعلقوا عليه ردودا ونقودا أكثر بكثير مما كتبوا على غيره"(2).
__________
(1) فصيح ثعلب (مقدمة المحقق) 243، 244.
(2) روضات الجنات 1/120.(19/13)
وقد أحصى عدد من الباحثين(1) كثيرا مما ألف حول فصيح ثعلب، ثم إني وقفت على مؤلفات أخرى لم يذكروها، أو ذكروا أن بعض تلك المؤلفات لا يزال مخطوطا، وهو الآن مطبوع، أو قيد الطبع أو التحقيق، فلذلك رأيت أن أحصي من جديد كل ما ألف حول فصيح ثعلب مما وصل إليه علمنا، لينتظم عملي في سلك عمل أولئك الباحثين، ويجتمع شمل تلك المؤلفات في مكان واحد، حتى لا يفتقر قارئ هذا الكتاب إلى غيره إذا رام معرفة المزيد عما ألف حول الفصيح، أو أراد تتبع مسيرة التصحيح اللغوي عبر العصور المختلفة من خلال متن الفصيح.
وسأكتفي في عرضي لهذه المؤلفات باسم الكتاب ومؤلفه، مع الإشارة إلى بعض المصادر التي ذكرته، وأماكن وجوده إن كان مخطوطا، ومحققه أو ناشره إن كان مطبوعا، أو قيد الطبع والتحقيق، وسأذكر هذه المؤلفات في مجموعات مستقلة بحسب موضوعاتها، والأهداف من تأليفها، وذلك في ست مجموعات هي: الشروح، والمنظومات، والتهذيب والترتيب والمحاكاة، والذيول أو الاستدراكات، والنقد، والانتصار له، مع مراعاة الترتيب الزمني داخل كل مجموعة.
شروح الفصيح":
شرح الفصيح لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت 285هـ)، انفرد بذكره الحاج خليفة في كشف الظنون(2)، وهذا الشرح مظنون في أمره، للمنافرة الشديدة التي كانت بين المبرد وثعلب، ولعدم ذكره في المصادر القديمة مع استفاضة ذكر الرجلين فيها.
__________
(1) من بينهم الأستاذ عبد السلام هارون في مقدمة كتاب مجالس ثعلب، والدكتور عاطف مدكور في دراسته لكتاب الفصيح، والدكتور عبد الله الجبوري في كتابه عن ابن درستويه، وعبد الوهاب العدواني في دراسته لكتاب شرح الفصيح لابن ناقيا، والدكتور عبد الرحمن الحجيلي في دراسته لكتاب موطئة الفصيح، والدكتور عبد الكريم عوفي في دراسته لكتاب شرح الفصيح لابن هشام اللخمي.
(2) 2/1272.(19/14)
شرح الفصيح لأبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد المعروف بالمطرز، الملقب بغلام ثعلب (ت 345هـ)، ذكره ابن النديم(1)، والقفط(2)، وياقوت(3)، وبن خلكان(4)، ونقل عنه اللبلي في تحفة المجد الصريح(5)، والفيروز آبادي في الدرر المببثثة(6)، والبعلي في المثلث(7)، وزوائد ثلاثيات الأفعال(8).
تصحيح الفصيح لأبي محمد عبد الله جعفر، المعروف بابن درستويه (ت 347هـ) طبع جزؤه الأول ببغداد سنة 1975م بتحقيق الدكتور عبد الله الجبوري ضمن سلسلة إحياء التراث الإسلامي (الكتاب السادس عشر). وقد فرغ الدكتور محمد بدوي المختون من تحقيقه كاملا على نسختين مختلفتين أصل إحداهما في مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم (79/410) وهي التي اعتمدها عبد الله الجبوري، والأخرى، وهي مخرومة بمقدار النصف من الأول، وأصلها في مكتبة تشستربتي برقم (4145) وقد أوشك على الانتهاء من طبعه في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية، كما أخبرني بذلك الدكتور رمضان عبد التواب.
شرح أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 370هـ) ذكره ابن خير الإشبيلي في فهرسة ما رواه عن شيوخه بإسناد يتصل بؤلفه(9)، وأبو جعفر اللبلي في خطبة تحفة المجد الصريح(10)، وقد حقق هذا الشرح الدكتور حاتم صالح الضامن(11)، على نسخة خطية فريدة برقم (4025 -نحو).
شرح الفصيح لأبي محمد يرسف بن أبي سعيد السيرافي (ت- 385هـ)، نقل عنه العيني في المقاصد النحوية(12)، والبغدادي في الخزانة(13).
__________
(1) الفهرست 83.
(2) إنباه الرواة 3/177.
(3) معجم الأدباء 6/2559.
(4) وفيات الأعيان 4/330.
(5) في مواضع كثيرة، ينظر مثلا: (15/ب)، (27/أ)، (31/ب)، (33/ب)، (49/ب)، (55/ب).
(6) ص 145.
(7) ص 155.
(8) ص 98.
(9) ص 342.
(10) 6/أ).
(11) شرح الفصيح المنسوب للزمخشري (مقدمة المحقق) 17.
(12) 4/485.
(13) 7/406.(19/15)
شرح الفصيح لأبي الفتح عثمان بن جني (ت 392هـ) ذكره ياقوت(1)، والسيوطي(2)، والحاج خليفة(3).
شرح الفصيح لأبي هلال الحسن بن عبد الله العسكري (ت 395هـ)، ذكره أبو هلال نفسه في كتابه جمهرة الأمثال عند شرح المثل "نسيج وحده"(4).
شرح الفصيح لمحمد بن عيسى العطار (ت – نحو سنة 400هـ) ذكره فؤاد سزكين(5).
شرح الفصيح لأبي علي الحسن بن بندار التفليسي (كان حيا سنة 409هـ)(6) نقل عنه الفيروز آبادي في الدرر المبثثة(7).
شرح الفصيح للقزاز (لعله محمد بن جعفر التميمي، ت- 412هـ) نقل عنه ابن حجر في فتح الباري(8).
شرح الفصيح لأبي القاسم يوسف بن عبد الله الزجاجي (ت 415هـ)، ذكره ياقوت(9)، والسيوطي(10)، والحاج خليفة(11)، والقنوجي(12).
شرح الفصيح لأبي منصور بن علي بن عمر الجبان الرازي (كان حيا سنة 416هـ) حققه لنيل درجة الماجستير عبد الجبار جعفر القزاز، وطبع بالمكتبة العلمية في لاهور باكستان 1406هـ - 1986م.
شرح لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي (ت- 421هـ)، منه نسخة في مكتبة كوبريلي باستنبول برقم (1323) وتقع في (197) ورقة، ورأيت في صيف عام 1415هـ نسخة أخرى نفيسة في مكتبة جامعة استنبول برقم (1264)، وتقع في (160) ورقة، وقد أخبرني الدكتور سليمان بن إبراهيم العايد أنه يعمل على تحقيق هذا الكتاب معتمدا على هاتين النسختين.
__________
(1) معجم الأدباء 4/1600.
(2) بغية الوعاة 2/132.
(3) كشف الظنون2/1272.
(4) جمهرة الأمثال 2/241.
(5) تاريخ التراث العربي 8/252.
(6) ينظر: إنباه الرواة 1/325، وذكر أنه صنف كتاب المناقب والمثالب للأمير المظفر أبي الحسن علي جعفر المقتول سنة 409هـ.
(7) ص 107. ونقل عنه أيضا ابن حولان الحنبلي في كتابه المثلث ذو المعنى الواحد (4/ب).
(8) 1/493.
(9) معجم الأدباء 6/2848.
(10) بغية الوعاة 2/358.
(11) كشف الظنون 2/1272.
(12) البلغة في أصول اللغة 434.(19/16)
شرح الفصيح لمحمد بن أحمد بن شكرويه القاضي الأصبهاني (ت 432هـ)، ذكره البغدادي(1)، وعمر رضا كحالة(2).
إسفار الفصيح لأبي سهل محمد بن علي بن محمد الهروي (ت 433هـ) وسيأتي الحديث عنه مفصلا فيما بعد.
التلويح في شرح الفصيح لأبي سهل الهروي السالف الذكر، وسيأتي الحديث عنه فيما بعد.
شرح الفصيح لأبي سهل الهروي السالف الذكر، وسيأتي الحديث عنه أيضا فيما بعد.
شرح الفصيح لتمام بن غالب بن عمر، المعروف بابن التياني (ت 436هـ) نقل عنه الزبيدي في التاج(3).
شرح مكي (كذا مجردا ذكره اللبلي في تحفة المجد الصريح)(4)، ولعله مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437هـ) لأنه كان صاحب تآليف كثيرة(5).
تفسير خطبة الفصيح لأبي العلاء أحمد بن سليمان المعري (ت 449هـ) ذكره القفطي، وهو يسرد مؤلفاته، فقال: "وكتاب يعرف ب"خطبة الفصيح" يتكلم فيه على أبواب الفصيح، مقدار خمس عشرة كراسة، وكتاب آخر يشرح فيه ما جاء في هذا الكتاب من الغريب، يعرف بتفسير خطبة الفصيح"(6).
شرح الفصيح لأبي علي الحسن بن أحمد الإستراباذي (ت قبل سنة 464هـ) ذكره ياقوت(7)، والصفدي(8)، والسيوطي(9)، والحاج خليفة(10)، والقنوجي(11)،وفؤاد سزكين(12)، ونقل عنه البغدادي في شرح أبيات مغني اللبيب(13)، وفي حاشيته على شرح بانت سعاد(14).
__________
(1) هدية العارفين 6/66.
(2) معجم المؤلفين 8/297.
(3) سحح) 2/159، (في موضعين)، (أثر) 3/4، (سمدع) 5/386.
(4) 6/أ)، (14/أ)، (48/أ)، (55/ب)، (63/ب).
(5) مقدمة العدواني لشرح الفصيح لابن ناقيا 59.
(6) إنباه الرواة 1/94، وينظر معجم الأدباء 1/333.
(7) معجم الأدباء 2/825.
(8) الوافي 11/383.
(9) بغية الوعاة 1/499.
(10) كشف الظنون 2/1273.
(11) البلغة في أصول اللغة 435.
(12) تاريخ التراث العربي 8/253.
(13) 4/88
(14) 3/79(19/17)
والتاريخ الذي أثبته لوفاته ذكره فؤاد سزكين، وأرخ الحاج خليفة، وعمر رضا كحالة وفاته سنة 717هـ وهو خطأ، لأن ياقوت قد ترجم له، وكيف يترجم لمن مات بعده بنحو قرن، لو كان ما ذكراه صحيحا!
شرح الفصيح لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي (ت 468هـ) ذكره الواحدي نفسه في كتاب "الوسيط في الأمثال"، وسماه "المنيح في شرح الفصيح"(1).
شرح الفصيح لأبي القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا البغدادي (ت 485هـ)، حققه عبد الوهاب محمد علي العدواني، وقدمه رسالة ماجستير بكلية الآداب بجامعة القاهرة 1393هـ- 1973م.
شرح الفصيح لمجمع بن محمد بن أحمد المكنسي النحوي (من علماء القرن الخامس الهجري) ذكره محمد حسن آغا(2)، وعمر رضا كحالة(3)، وفؤاد سزكين(4).
شرح الفصيح لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي (ت 521هـ) ذكره السيوطي في المزهر(5)، ونقل عنه في أحد عشر موضعا(6)، والحاج خليفة (7)، والقنوجي(8).
شرح الفصيح لجار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت 538هـ)، أورد عنه اللبلي في الجزء الموجود من تحفة المجد الصريح أكثر من خمسين نقلا(9)، وذكره عبد الباقي اليماني(10).
__________
(1) الوسيط 41، 83، 176.
(2) الذريعة 13/386.
(3) معجم المؤلفين 13/416.
(4) تاريخ التراث العربي 8/254.
(5) 1/201.
(6) 1/215، 224، 308، 474، 475، 499، 2/93، 107، 195، 201.
(7) كشف الظنون 2/1273.
(8) البلغة 435.
(9) ينظر مثلا: (15/أ)، (22/أ)، (23/ب)، (61/ب)، (73/أ)، (96/ب)، 97/ب، (123/ب)، (139)، (153/ب).
(10) إشارة التعيين 346.(19/18)
وقد ترجم الدكتور إبراهيم بن عبد الله بن جمهور الغامدي في أثناء تحقيق شرح الفصيح المجهول النسبة، الذي تحتفظ بأصله مكتبة (طوبقو سراي) بتركيا تحت رقم (557)، أقول ترجح له أن هذا الشرح ليس لأبي هلال العسكري – كما نسبه إليه الدكتور عبد الله الجبوري (1)– بل هو شرح الزمخشري هذا، وقد اعتمد في نسبته إليه على أدلة كثيرة، منها أن جميع النقول التي أوردها اللبلي في تحفة المجد الصريح عن شرح الفصيح للزمخشري موجودة بنصها تقريبا في هذا الشرح، ومنها أن بعض الآراء العلمية التي أوردها مؤلف هذا الشرح تناقض تماما آراء أبي هلال العسكري في كتبه الآخرى، وتتفق مع آراء الزمخشري الواردة في الفائق، والمستقصى، والكشاف، والمفصل...الخ(2).
وقد حقق الغامدي هذا الشرح، ونال به درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى، عام 1416هـ.
والذي ينبغي ذكره هنا أن ما نقله البغدادي عن شرح الفصيح للإستراباذي – كما أشرت سابقا – هو بنصه في هذا الشرح أيضا، ويلفت شارحه النظر بأنه كان يصدر كثيرا من أقواله بعبارة: "قال أبو علي"وهذه كنية أبي علي الإستراباذي شارح الفصيح المذكور، ويلاحظ على هذا الشارح أيضا أن آخر من نقل عنه من علماء اللغة المشهورين هو ابن دريد، ولم ينقل عن الأزهري، أو أبي علي الفارسي، أن ابن جني، أو ابن فارس، أو الجوهري،وهذا يخالف منهج الزمخشري الذي نسب إليه هذا الشرح، لأنه اعتاد في كتبه الأخرى أن ينقل عن كل هؤلاء تقريبا.
__________
(1) ابن درستويه 176.
(2) ينظر مقدمة الغامدي في تحقيقه لهذا الشرح 23-72.(19/19)
ويذكر أيضا أن مؤلف هذا الشرح كان ينقل عن أبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري المتوفى سنة 383هـ(1)، ويصدر بعض نقوله عنه بعبارة: "وسمعت أبا أحمد العسكري"، "قال أبو علي: وسمعت أبا أحمد العسكري، قال: سمعت ابن دريد"، "أنشدنا أبو أحمد العسكري"، وأنشدني العسكري"، فأقول: إن هذه القرائن مجتمعة يمكن أن تقدح بقوة في نسبة هذا الشرح إلى الزمخشري، لكنها لا تقوى – حتى الآن – على إسقاط الأدلة الكثيرة التي رجح بها الغامدي تلك النسبة، ما لم تظهر أدلة أخرى جديدة تقطع بنفيه عنه.
شرح غريب الفصيح لأبي العباس أحمد بن عبد الجليل بن عبد الله التدميري (ت 555هـ)، ذكره عبد الباقي اليماني(2)، والفيروز آبادي(3)، والسيوطي(4)، والحاج خليفة(5)، والقنوجي(6)، منه نسخة في مكتبة نور عثمانية برقم (3992)، وهي مكتوبة بخط نسخي مقروء من القرن السابع تقريبا، وتقع في (97) ورقة، وفي مكتبتي مصورتها. وأخرى تحتفظ بها خزانة ابن يوسف في مراكش ضمن مجموع يحمل رقم (593)(7).
شرح الفصيح لابن الدهان، ولعله أبو محمد سعيد بن المبارك بن الدهان (ت 569هـ) نقل عنه اللبلي في تحفة المجد الصريح (8)، والبعلي في زوائد ثلاثيات الأفعال(9).
شرح الفصيح لأبي حفص عمر بن محمد بن أحمد القضاعي (ت 570هـ)، ذكر السيوطي(10)، والحاج خليفة(11)، والقنوجي(12).
__________
(1) هو صاحب كتاب شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، والمصون في الأدب، وتصحيفات المحدثين، وينظر في ترجمته: إنباه الرواة 1/310، ومعجم الأدباء 2/911، ووفيات الأعيان 2/83.
(2) إشارة التعيين 32.
(3) البلغة 56.
(4) بغية الوعاة 1/321.
(5) كشف الظنون 2/1273.
(6) البلغة في أصول اللغة 437.
(7) مجلة كلية الدعوة الإسلامية 410.
(8) ينظر مثلا: (9/ب)ن (71/أ)، (113/أ).
(9) ص 131.
(10) بغية الوعاة 2/223.
(11) كشف الظنون 2/1273.
(12) البلغة في أصول اللغة 435.(19/20)
شرح الفصيح لأبي عبد الله محمد بن هشام اللخمي (ت 577هـ)، حققه الدكتور مهدي عبيد جاسم، وطبع بمطبعة وزارة الثقافة والإعلام في العراق سنة 1409هـ - 1988م، وحققه أيضا الدكتور عبد الكريم عوفي وتقدم به إلى جامعة الجزائر لنيل درجة الدكتوراه في عام 1993م(1).
شرح الفصيح لأبي بكر محمد بن خلف بن محمد بن عبد الله بن صاف (ت 585هـ)، ذكره عبد الباقي اليماني(2)، والذهبي(3)، والصفدي(4)، والفيروزآبادي(5)، والسيوطي(6)، ونقل عنه اللبلي في تحفة المجد الصريح(7).
شرح الفصيح لأحمد بن علي بن المأمون النحوي (ت 586هـ) ذكره ياقوت (8)، والصفدي(9)، والسيوطي(10)، والحاج خليفة(11)، والقنوجي(12).
شرح الفصيح لأبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (ت 656هـ)، ذكره ياقوت(13)، وعبد الباقي اليماني(14)، والذهبي(15)، والصفدي(16)، والفيروز آبادي(17)، والسيوطي(18)، والحاج خليفة(19)، والقنوجي(20).
شرح الفصيح لأبي بكر محمد بن طلحة بن محمد الإشبيلي (ت 618هـ)، نقل عنه اللبلي في تحفة المجد الصريح(21)، والبعلي في المثلث(22)، وزوائد ثلاثيات الأفعال(23)، والفيروزآبادي في الدرر المبثثة(24).
__________
(1) مجلة كلية الدعوة الإسلامية 406.
(2) إشارة التعيين 310.
(3) معرفة القراء الكبار 2/555.
(4) الوافي 3/46.
(5) البلغة 196.
(6) بغية الوعاة1/100.
(7) 148/أ).
(8) معجم الأدباء 1/448.
(9) الوافي 7/213.
(10) بغية الوعاة 1/349.
(11) كشف الظنون 2/1273.
(12) البلغة في أصول اللغة 436.
(13) معجم الأدباء 4/1516.
(14) إشارة التعيين 163.
(15) سير إعلام النبلاء 22/93.
(16) نكت الهميان 179.
(17) البلغة 122.
(18) بغية الوعاة 2/39.
(19) كشف الظنون 2/1273.
(20) البلغة في أصول اللغة 435.
(21) في مواضع كثيرة، ينظر مثلا: (6/أ)، (20/أ)، (73/ب)، (81/ب)، (125/ب)، (143/ب).
(22) ص 134، 143.
(23) ص 119، 127، 128، 143.
(24) ص 175.(19/21)
شرح الفصيح لعلي بن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري (ت 618هـ)، ذكره المراكشي(1).
جهد الفصيح وحظ المنيح من مساجلة أبي العلاء المعري في خطبة الفصيح، لأبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي (ت 634هـ)، حققه الدكتورة ثريا لهى، ونالت به درجة الدكتوراه من كلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1991م(2).
التبيين والتنقيح لما ورد من الغريب في كتاب الفصيح، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد الفهري (ت 651هـ)، ذكره ابن الأبار(3)، والزركلي(4)، وعمر رضا كحالة (5).
تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح، لأبي جعفر أحمد بن يوسف بن علي الفهري اللبلي (ت 691هـ) ذكر السيوطي أنه أحد شرحين ألفهما على الفصيح(6)، وذكره عبد الباقي اليماني(7)، والفيروز آبادي(8)، والحاج خليفة(9)، والقنوجي(10)، ونقل عنه البعلي في زوائد ثلاثيات الأفعال(11)، والمثلث(12)، والبغدادي في الخزانة(13)، والزبيدي في التاج(14). ومنه نسخة ناقصة بدار الكتب المصرية برقم (20ش - لغة)، وتقع في (168) صفحة، وهي تشتمل على شرح أربعة أبواب من أول كتاب الفصيح، والباب الرابع ليس كاملا.
__________
(1) الذيل والتكملة 5/231، ولم يصرح بالعنوان المذكور "شرح الفصيح" وإنما ذكر أن له مؤلفا على الفصيح.
(2) مجلة الدعوة الإسلامية 407.
(3) التكملة لكتاب الصلة 1/172.
(4) الأعلام 1/51.
(5) معجم المؤلفين 1/63.
(6) بغية الوعاة 1/403.
(7) إشارة التعيين 53.
(8) البلغة 66.
(9) كشف الظنون 2/1273.
(10) البلغة في أصول اللغة 434.
(11) ص 97، 104، 119، 121، 123، 125، 126، 132، 134، 142، 145.
(12) ص 156، 157، 160، 162.
(13) 1/25، 6/280، 281، 7/527، 530، 531، 9/131.
(14) في مواضع كثيرة ينظر مثلا: (لبأ) 1/114، (لكأ) 1/128، (كلب) 1/461، (لغب) 1/472، (نسب) 1/483، (بهت) 1/529، (شتت) 1/557.(19/22)
ومنه نسخة أخرى ناقصة أيضا في المكتبة الحمزاوية بالمغرب برقم (131)، وتقع في (222) صفحة، وخطها مغربي تصعب قراءته، وقد سجل الباحث عبد الملك الثبيتي الجزء الموجود من هذا الكتاب للحصول درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى، وأخبرني مشرفه الدكتور محمد بن أحمد العمري أنه أوشك على الانتهاء منه(1).
وقد اطلع الميمني في حجته سنة 1376هـ على نسخة مغربية كاملة من هذا الكتاب، وقال: إنها "في مجلدتين ضخمين، أولاهما في (241ص) متينة، والأخرى مثلها، ولعلها بخط اللبلي نفسه في (247ص) وعليهما خط المؤلف. وأنا مزمع على بث سره ونشر خبيئة أمره لكل من استوثق منه بنشره وإحيائه إن شاء الله"(2). ولقد مات – عفا الله عنه – ومات سره معه، ولا يعرف عن هذه النسخة النفيسة شيء إلى الآن،ولعلها تظهر في مستقبل الأيام بإذن الله تعالى.
لباب تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح، اختصره اللبلي من كتابه السابق، ولعله أحد الشرحين اللذين أشار إليهما السيوطي، ومنه نسخة في الخزانة العامة بالرباط برقم (100/ج)، وتقع في (122) ورقة بخط مغربي، ومصورتها بمركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى برقم (628- لغة).
شرح الفصيح لأبي علي عبد الكريم بن الحسن بن الحسين بن علان السكري (من علماء القرن السابع الهجري)(3)، ذكره الحاج خليفة (4)،والقنوجي(5).
شرح الفصيح (في أرجوزة) لأبي بكر محمد بن محمد بن إدريس القضاعي (ت 707هـ) ذكره ابن الخطيب(6)، وابن فرحون(7)، والحاج خليفة(8)، والقنوجي(9)، وعمر رضا كحالة(10).
__________
(1) نوقش الباحث في يوم الأربعاء الموافق 19/1/1417هـ.
(2) مجلة المجمع العلمي بدمشق، المجلد السابع والثلاثون، ص 521.
(3) تاريخ التراث العربي 8/256.
(4) كشف الظنون 2/1273.
(5) البلغة في أصول اللغة 435.
(6) الإحاطة 3/76.
(7) الديباج المذهبر302.
(8) كشف الظنون 2/1273.
(9) البلغة في أصول اللغة 437.
(10) معجم المؤلفين 9/34، 35.(19/23)
شرح الفصيح لمحمد بن أحمد بن إدريس الأصطبوني (ت 707هـ) ذكره السيوطي(1).
شرح الفصيح لتاج الدين أبي محمد بن عبد القادر بن مكتوم القيسي (ت 749هـ) ذكره السيوطي(2)، والداودي(3)، وابن العماد الحنبلي(4)، والحاج خليفة(5)، والقنوجي(6).
موطئة الفصيح لموطأة الفصيح لأبي عبد الله محمد بن الطيب بن محمد الفاسي (ت 1173هـ)، وهو شرح على نظم الفصيح لابن المرحل، ويعد هذا الكتاب من شروح الفصيح المطولة، حقق منه الدكتور محمد عزت القناوي جزءا ينتهي بنهاية "باب ما جاء وصفا من المصادر"، ونال به درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1405هـ - 1985م، وحقق الدكتور عبد الرحمن بن محمد الحجيلي جزءا منه أيضا ينتهي بنهاية "باب فعلت بغير ألف" ونال به درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1407هـ(7).
شرح نظم الفصيح لابن المرحل، لأبي حفص حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السلمي الفاسي (ت 1232هـ)،وقد ذكره له ابنه محمد الطالب بن الحاج (ت 1275هـ) في كناشته المخطوطة، في جملة مؤلفاته، وقال عنه إنه لم يكمل(8).
__________
(1) بغية الوعاة 1/220.
(2) المصدرالسابق 1/327.
(3) طبقات المفسرين 1/52.
(4) شذرات الذهب 6/159.
(5) كشف الظنون 2/1273.
(6) البلغة في أصول اللغة 436.
(7) أشار الدكتور عبد الكريم عوفي في مجلة الدعوة الإسلامية ص 412 أن الدكتور عبد العلي الود غيري قد أنجز عملا علميا حول ابن الطيب نال به درجة الدكتوراه في جامعة محمد الخامس بالرباط، تناول فيه هذا الشرح بالدراسة والتحليل، وقد نشر قسما منه في مجلة اللسان العربي (العدد 29/ عام 1987م) ثم نشره كاملا بعنوان "قضايا المعجم العربي في كتابات ابن الطيب الشرقي" في الرباط عام 1989م.
(8) مجلة الدعوة الإسلامية 416 نقلا عن قضايا المعجم العربي في كتابات ابن الطيب 16، 17.(19/24)
شرح الفصيح لأبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن بن ثعلب الأصفهاني (ت ؟)، ذكره بوركلمان(1)، وفؤاد سزكين(2)، ومنه نسخة في مكتبة رضا برامبور تحت رقم (38- لغة)، وأخرى في خزانة الشيخ عبد العزيز الميمني(3).
شرح الفصيح ثعلب للحضرمي (ت ؟) ذكره اللبلي في تحفة المجد الصريح(4) ولم يسمه.
شرح الفصيح لأبي بكر بن حيان (ت ؟) كذا ذكره السيوطي(5)، ولم يتضح لي أمره.
الجامع المهذب في شرح مشكل فصيح ثعلب، منظومة لمؤلف مجهول، منه نسخة في المتحف العراقي ببغداد برقم (883/6)(6).
منظومات الفصيح:
نظم فصيح ثعلب وشرحه لعلي بن محمد المرادي (كان حيا سنة 567هـ) وهي السنة التي انتهى فيها من تأليفه، ذكره المراكشي(7).
نظم الفصيح لموفق الدين أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (ت 629هـ)، ذكره الحاج خليفة(8)، والقنوجي(9).
نظم الفصيح لأبي حامد عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد (ت 655هـ)، ذكره ابن شاكر الكتبي(10)، والحاج خليفة،(11)، والقنوجي(12). ونشره الدكتور محمد بدوي المختون في مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد الخامس والعشرون عام 1979م.
نظم الفصيح شهاب الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الخليل الخويي (ت 693هـ)، ذكره الصفدي(13)، وابن شاكر الكتبي(14)، والسيوطي(15)، والحاج خليفة(16)، والقنوجي(17).
__________
(1) تاريخ الأدب العربي 2/212.
(2) تاريخ التراث العربي 8/256.
(3) مجلة المجمع العلمي بدمشق، المجلد التاسع ص 615.
(4) ينظر مثلا: (41/ب)، (137/ب).
(5) المزهر 1/201.
(6) تاريخ التراث الإسلامي 8/259.
(7) الذيل والتكملة 5/404.
(8) كشف الظنون 2/1274.
(9) البلغة في أصول اللغة 438.
(10) فوات الوفيات 2/259.
(11) كشف الظنون 2/1273.
(12) البلغة في أصول اللغة 437، 438.
(13) الوافي بالوفيات 2/138.
(14) فوات الوفيات 3/313.
(15) بغية الوعاة 1/24.
(16) كشف الظنون 2/1273.
(17) البلغة في أصول اللغة437.(19/25)
موطأة الفصيح، وهي منظومة الفصيح لمالك بن عبد الرحمن بن المرحل (ت 699هـ)، ذكرها السيوطي(1)، ومنها نسخ كثيرة في مكتبات شتى، ذكرها فؤاد سزكين(2)، وطبعت بفاس ضمن مجموع المتون العلمية(3).
الصبيح في نظم الفصيح لابن المرحل السالف الذكر، منه نسخة في مكتبة نور عثمانية باصطنبول برقم (4485) كتبت في القرن الثاني عشر، وتقع في (24) ورقة(4).
نظم الفصيح لأبي عبد الله محمد بن محمد بن جعفر الأسلمي المري، المعروف بالبلياني (ت 764هـ، ذكره السيوطي(5)، والحاج خليفة(6)، والقنوجي(7).
حلية الفصيح لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي الأندلسي، المعروف بابن جابر الأعمى (ت780هـ) ذكره ابن حجر(8)، والسيوطي(9)، وابن العماد الحنبلي(10)، والحاج خليفة(11)، والقنوجي(12)، منه نسخ كثيرة في مكتبات شتى ذكرها بروكلمان(13)، وفؤاد سزكين(14)، وذكر عبد السلام هارون أن الكتاب طبع في بيروت عام 1321هـ(15).
نظم فصيح ثعلب وشرحه لأبي بكر الشريف الحسن الإدريسي السبتي (ت 809هـ) منه نسخة في الخزانة العامة بالرباط(16).
ج- التهذيب والترتيب والحاكاة:
1- تهذيب الفصيح لأبي سهل محمد بن علي الهروي (ت 433هـ) وسيأتي الحديث عنه فيما بعد.
__________
(1) بغية الوعاة 2/271.
(2) تاريخ التراث العربي 8/258.
(3) مجلة كلية الدعوة الإسلامية 421.
(4) نوادر المخطوطات في مكتبات تركيا 1/179.
(5) بغية الوعاة 1/221.
(6) كشف الظنون 2/1273.
(7) البلغة في أصول اللغة 438.
(8) الدرر الكامنة 3/429.
(9) بغية الوعاة 1/35.
(10) شذرات الذهب 6/268.
(11) كشف الظنون 2/1274.
(12) البلغة في أصول اللغة 438.
(13) تاريخ الأدب العربي 2/212.
(14) تاريخ التراث العربي 8/259.
(15) مجالس ثعلب (المقدمة) 1/21.
(16) مجلة كلية الدعوة الإسلامية 423 نقلا عن قضايا المعجم العربي في كتابات ابن الطيب 17.(19/26)
وفي مكتبة جامعة إصطنبول بعنوان "تهذيب الفصيح" لمجهول، وتحمل رقم (1421) وتقع في (93) ورقة، وبعد اطلاعي على هذه المخطوطة تبين لي أنها نسخة من كتاب درة الغواص للحريري، مخرومة من أولها وآخرها.
2- ترتيب فصيح اللغة العربية، وهو ترتيب لمحتوى كتاب الفصيح على حروف المعجم، لأحمد حسن ستي (من علماء النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري) وهو بخط المؤلف في دار الكتب المصرية برقم (4819هـ)(1).
3- قلائد الذهب في فصيح كلام العرب، لمحمد أفندي دياب، أحد مفتشي نظارة المعرف بمصر في أواخر القرن الماضي، رتبه على حروف المعجم، وأكثر الاستشهاد فيه، قال العدواني: "وقد وقفت على جزئه الأول الذي نشرته المطبعة الأميرية ببولاق سنة 1311هـ، فوجدته يشبه في طبيعة مادته كتاب الفصيح،وإن كان مؤلفه لم يصرح بأنه يقلده ويحاكيه"(2).
د- ذيول الفصيح:
1- زيادات الفصيح لمحمد بن عثمان الجعد الشيباني (ت – نحو سنة 320هـ) منه نسخة في برنستون،جاريت (يهودا – 461) في ثلاث ورقات، مكتوبة في القرن الحادي عشر الهجري(3).
2- فائت الفصيح لأبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد، الملقب بغلام ثعلب (ت 345هـ)، ذكره ابن النديم(4)، والقفطي(5)، وياقوت(6)، والسيوطي(7)، حققه الدكتور عبد العزيز مطر، وطبع في جامعة عين شمس بالقاهرة 1976م، وذكر العدواني أنه أعده للنشر أيضا على نسختين(8).
__________
(1) فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية (نشرة بالمخطوطات التي اقتنتها الدار من سنة 1936-1955) 1/152. وينظر: تايخ التراث العربي 8/256.
(2) شرح الفصيح لابن ناقيا (مقدمة المحقق) 65.
(3) تاريخ التراث العربي 8/313.
(4) الفهرست 83.
(5) إنباه الرواة 3/177.
(6) معجم الأدباء 6/2559.
(7) بغية الوعاة 1/166.
(8) شرح الفصيح لابن ناقيا (مقدمة المحقق) 62.(19/27)
3- تمام الفصيح لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (ت 395هـ) حققه الدكتور مصطفى جواد ويوسف يعقوب مسكوني، مع كتاب الحدود في النحو للرماني، وكتاب منازل الحروف للرماني أيضا، بعنوان رسائل في النحو واللغة، ونشراه في بغداد سنة 1388هـ - 1969م في سلسلة كتب التراث التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام العراقية. وحققه أيضا الدكتور إبراهيم السامرائي ونشره في مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد الحادي والعشرون 1391هـ - 1971م.
4- ذيل فصيح الكلام، ويسمى أيضا "فسيح الكلام" لأبي الفوائد محمد بن علي الغزنوي (كان حيا سنة 442هـ)، منه نسخة في مكتبة لاله لي برقم (3614)، وأخرى في مكتبة أغا برقم (193).
5- ذيل الفصيح لموفق الدين أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (ت 629هـ) طبع مرتين، الأولى في مطبعة السعادة بمصر سنة 1325هـ ضمن مجموعة كتاب (الطرف الأدبية لطلاب اللغة العربية) والتي تضم كتاب التلويح لأبي سهل الهروي، وذيل البغدادي، وكتاب فعلت وأفعلت للزجاج، بإشراف محمد أمين الخانجي، ومحمد بدر الدين النعساني.
والثانية في المطبعة النموذجية بمصر سنة 1368هـ ضمن مجموع يضم التلويح، وذيل البغدادي، وقطعة من أول كتاب الاشتقاق لابن دريد، وكتاب فعلت وأفعلت للزجاج، بـ"تحقيق ودراسة" الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
د- نقد الفصيح:
1- خطأ فصيح ثعلب للزجاج وعرف أيضا باسم "استدراك الزجاج على الفصيح"، ونقله ياقوت في معجم الأدباء (1)، والسيوطي في المزهر(2)، والأشباه والنظائر(3)، ونشره الدكتور عبد المنعم أحمد صالح، وصبيح حمود الشاتي، في جامعة السليمانية بالعراق 1979م، ضمن انتصار الجواليقي لثعلب، وسمياه "الرد على الزجاج في رسائل أخذها على ثعلب، صنعة الجواليقي".
__________
(1) 1/55-58.
(2) 1/202-*207.
(3) 4/123-126.(19/28)
2- التنبيه على ما في الفصيح من الغلط، لأبي القاسم علي بن حمزة البصري (ت 375هـ) نشره لأول مرة المستشرق البريطاني "ريشارد بل" في المجلة البريطانية عام 1904م(1)، ثم أعاد نشره عبد العزيز الميمني ضمن كتاب "التنبيهات على أغاليط الرواة" مع كتاب "المنقوص والممدود للفراء" بدار المعارف بمصر سنة 1387هـ - 1967م.
هـ - الانتصار للفصيح:
انتصار أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه (ت 375هـ)، وقد حفظه لنا كاملا السيوطي في الأشباه والنظائر(2)، ونقل عنه ابن ناقيا كثيرا في شرح الفصيح(3).
انتصار أبي الحسين أحمد بن فارس (ت 395هـ)، ذكره السيوطي(4)، والداودي(5)، وطاش كبري زاده(6)، والحاج خليفة(7)، والبغدادي(8).
انتصار أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي (ت450هـ) وقد ورد ضمن "الرد على الزجاج في مسائل أخذها على ثعلب" وقد تقدم ذكره.
__________
(1) ابن درستويه 161.
(2) 4/127- 130.
(3) ينظر مثلا: ص 3، 137، 188ن 211، 223، 386.
(4) بغية الوعاة 1/352.
(5) طبقات المفسرين 1/60.
(6) مفتاح السعادة 1/110.
(7) كشف الظنون 1/173.
(8) هدية العارفين 1/68.(19/29)